التلخيص الحبير ط العلمية - كِتَابُ النكاح
مدخل
...
كتاب النِّكَاحِ2.
1434 - قَوْلُهُ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "تَنَاكَحُوا
تَكْثُرُوا أُبَاهِي بِكُمْ" أَخْرَجَهُ صَاحِبُ
__________
2 النكاح في اللغة: الضم والتداخل، ومنه: نكحت البر في
الأرض، إذا حرثتها وبذرت فيها، ونكح المطر الأرض إذا خلط
ثراها، ونكحت الحصى أخفاف الإبل إذا دخلت فيها، ويكون
التداخل حسيا، كما ذكر، ومعنويا كنكح النعاس العين.
ويطلق في اللغة على الوطء حقيقة وعلى العقد مجازا. قال
المطرزي والأرهري: هو الوطء حقيقة، ومنه قول الفرزدق البحر
البسيط:
إذا سقى الله قوما صوب عادية ... فلا سقى الله أرض الكوفة
المطرا
التاركين على طهر نساءهمو ... والناكحين بشطي دجلة البقرا
وهو مجاز في العقد لأن العقد فيه ضم والنكاح هو الضم
حقيقة.
قال الشاعر لطويل:
ضممت إلى صدري معطر صدرها ... كما نكحت أم الغلام حبيبها
أي كما ضمت؛ أو لأنه سببه، فجازت الاستعارة لذلك.
وقيل: إنه حقيقة في العقد، مجاز في الوطء.
وقيل: هومشترك بين العقد والوطء اشتراكا لفظيا، ويتعين
المقصود بالقرائن، فإذا قالوا: نكح فلان بنت فلان أو أخته،
أرادوا تزوحها، وعقد عليها، وإذا قالوا: نكح امرأته أو
زوجته لم يريدوا إلا الوطء لأنه بذكر المرأة أو الزوجة
يستغنى عن العقد، ومن هنا نشأ الاختلاف بين الفقهاء هل
النكاح حقيقة في الوطء، والعقد أو هو حقيقة في أحدهما مجاز
في الآخر.
فذهب جماعة إلى القول بأن لفظ النكاح مشترك بين الوطء
والعقد، فيكون حقيقة فيهما.
ودليلهم على هذا: أنه شاع الاستعمال في الوطء تارة، وفي
العقد تارة أخرى بدون قرينة، والأصل في كل ما استعمل في
شيء أن يكون حقيقة فيه، إما بالوضع الأصلي، أو بعرف
الاستعمال، فالقول بالمجازية فيهما، أو في أحدهما خلاف
الأصل.
وقد قال بعض الحنابلة: الأشبه بأصلنا أن النكاح حقيقة في
الوطء والعقد جميعا، لقولنا بتحريم موطوءة الأب من غير
تزويج، لدخولها في قوله تعالى: {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم
من النساء} النساء 22.
وذهب الشافعية والمالكية، وجمهور الفقهاء إلى القول بأن
النكاح حقيقة في العقد، مجاز في الوطء، وذهب الحنفية إلى
العكس.
والقول بأن النكاح حقيقة في أحدهما مجاز في الآخر أولى من
الذهاب إلى الاشتراك اللفظي وذلك لما هو متقرر في كتب
الأصول، من أنه إذا دار لفظ بين الاشتراك والمجاز، فالمجاز
أولى، لأنه أبلغ وأغلب والمشترك يخل بالأفهام عند خفاء
القرينة عند من لا يجيز حمله على معانيه، بخلاف المجاز،
فإنه عند خفاء القرينة يحمل على الحقيقة، فكونه حقيقة في
أحدهما، مجازا في الآخر أولى.==
(3/250)
مُسْنَدِ الْفِرْدَوْسِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْبَيْلَمَانِيِّ عَنْ أَبِيهِ
__________
=ثم الظاهر مذهب الجمهور القائل بأن النكاح حقيقة في العقد، مجاز في
الوطء، وذلك أولا: لكثرة استعمال لفظ النكاح بإزاء العقد في الكتاب
والسنة، حتى قيل: إنه لم يرد في القرآن إلا في للعقد، ولا يرد قول الله
تعالى: {فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره} البقرة 230،
لأن شرط الوطء في التحليل إنما ثبت بالسنة.
وذلك الحديث المتفق عليه في قصة امرأة رفاعة لما بت طلاقها، وتزوجها
عبد الرحمن بن الزبير، فقال لها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: "أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة، لا حتى تذوقي عسيلته، ويذوق
عسيلتك" فيكون معنى قوله تعالى: {حتى تنكح} حتى تتزوج.
ثانيا: أنه يصح نفي النكاح عن الوطء، فيقال: هذا الوطء ليس نكاحا، ولو
كان النكاح حقيقة في الوطء لما صح نفيه عنه.
وتظهر ثمرة الخلاف بين الحنفية والجمهور في حرمة موطوءة الأب من الزنا،
فلما كان النكاح عند الحنفية حقيقة في الوطء الشامل للوطء الحلال
والحرام، قالوا: بحرمة موطوءة الأب من الزنا، ولما كان عند الجمهور
حقيقة في العقد قالوا: لا تحرم موطوءة الأب من الزنا.
عرفه الشافعية بقولهم: عقد يتضمن إباحة وطء بلفظ الإنكاح والتزويج، وما
اشتق منهما – فقولهم: عقد: جنس في التعريف، وقولهم: يتضمن إباحة وطء
خرج به ما لا يتضمن إباحة الوطء كالإجارة وغيرها، وقولهم: بلفظ الإنكاح
والتزويج خرج به ما لم يكن بهذا اللفظ كالهبة والتمليك.
وعرفه العلامة الدردير رحمه الله في أقرب المسالك حيث قال: هو عقد لحل
تمتع بأنثى غير محرم ومجوسية وأمة كتابية بصيغة.
فالعقد مصدر: عقد، أي: تمسك وتوثق، والمراد هنا ارتباط كلام الزوج
بكلام ولي الزوجة، على وجه يسمى باعتباره عقدا شرعيا يستعقب أحكامه.
وقوله: عقد جنس في التعريف يشمل النكاح وغيره من العقود.
وقوله: لحل تمتع الخ. علة باعثة على العقد، وهو فصل مخرج لكل عقد ليس
لذلك، ومنه شراء الأمة للتلذذ بها؛ إذ ليس الأصل فيه حل التمتع بخصوصه
بل الانتفاع العام وملك الرقبة.
وخرج بقوله: غير محرم ومجوسية وأمة كتابية، المحرم بنسب أو رضاع أو
صهر، والمجوسيات والإيماء الكتابيات، فلا يصح العقد على واحدة منهن،
ولا يقال: إن هذا التعريف غير مانع؛ لأنه يدخل فيه الملاعنة والمبتوتة،
والمعتدة من الغير والمحرمة بحج أو عمرة؛ لأنه قصد بما ذكره إخراج من
قام به مانع أصلي، وأما الملاعنة، وما عطف عليها فمانعهن عرضي طارئ بعد
الحل بخلاف المحرم والمجوسية والأمة الكتابية، فإن مانعهن ذاتي لا
عرضي. وقوله: الصيغة متعلق بعقد، وهو من تمام التعريف؛ لأن الصيغة أحد
أركان النكاح وقد عرفه الكمال بن الهمام بن الحنفية بقوله: عقد وضع
لتملك المتعة بالأنثى قصدا، فقوله: عقد جنس في التعريف بمثل سائر
العقود.
وقوله: وضع لتملك المتعة بالأنثى يخرج به العقد على المنافع كما في
البيع والهبة، لأن المقصود فيهما ملك الرقبة، ويدخل ملك المتعة فيهما
ضمنا إذا لم يوجد ما يمنعه.
عرفه الحنفية بأنه: عقد يفيد ملك المتعة قصدا.
عرفه الحنابلة بأنه: عقد التزويج، فهو حقيقة في العقد، مجاز في الوطء
على الصحيح.==
(3/251)
عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "حُجُّوا تَسْتَغْنُوا وَسَافِرُوا تَصِحُّوا
وَتَنَاكَحُوا تَكْثُرُوا فَإِنِّي أُبَاهِي بِكُمْ الْأُمَمَ" 1،
وَالْمُحَمَّدَانِ ضَعِيفَانِ وَذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ
الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ ذَكَرَهُ بَلَاغًا وَزَادَ فِي آخِرِهِ حَتَّى
بِالسَّقْطِ2، وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَخْرَجَهُ
الْبَيْهَقِيُّ بِلَفْظِ تَزَوَّجُوا فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ
الْأُمَمَ وَلَا تَكُونُوا كَرَهْبَانِيَّةِ النَّصَارَى3، وَفِيهِ
مُحَمَّدُ بْنُ ثَابِتٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَعَنْ أَنَسٍ صَحَّحَهُ ابْنُ
حِبَّانَ بِلَفْظِ تَزَوَّجُوا الْوَلُودَ الْوَدُودَ فَإِنِّي
مُكَاثِرٌ بِكُمْ الْأَنْبِيَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ4، وَعَنْ
حَرْمَلَةَ بْنِ النُّعْمَانِ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي
الْمُؤْتَلِفِ وَابْنُ قَانِعٍ فِي الصَّحَابَةِ بِلَفْظِ "امْرَأَةٌ
وَلُودٌ أَحَبُّ إلَى اللَّهِ مِنْ امْرَأَةٍ حَسْنَاءَ لَا تَلِدُ
إنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ
__________
=ينظر: الصحاح 1/413، لسان العرب 2/625، المصباح المنير 2/965،
والقاموس المحيط 1/263، معجم مقاييس اللغة 5/475، المطلع 318.
وينظر: تبيين الحقائق 2/94، بدائع الصنائع 3/1324، مغني المحتاج 3/123،
منح الجليل 2/3، الفواكه الدواني 2/21، الكافي 2/519، الإنصاف 8/24،
المغني 7/3.
1 ينظر: مسند الفردوس 2/130، برقم: 2663.
وأخرجه عبد الرزاق في مصنفه 5/11، برقم 8819، عن الأسلمي عن صفوان بن
سليم.
2 ينظر: معرفة السنن والآثار 5/219، 220، كتاب النكاح، قال: قال
الشافعي: وبلغنا أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
"تناكحوا تكثروا ..." فذكره.
3 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 7/78، كتاب النكاح: باب الرغبة في
النكاح، وأخرجه ابن عدي في الكامل 6/2147، وذكره المتقي الهندي في كنزل
العمال 16/275، رقم 44432، من طريق محمد بن ثابت البصري عن أبي غالب عن
أبي أمامة بهذا اللفظ.
ومحمد بن ثابت البصري:
قال البخاري: يخالف في بعض حديثه.
وقال أيضا: لمحمد بن ثابت عجائب.
وقال العجلي: بصري، ثقة.
وقال النسائي: يروي عن نافع، ليس بالقوي.
وقال الحافظ في التقريب 2/148: ضعيف.
ينظر: التاريخ الكبير للبخاري 1/105، التاريخ الصغير له 2/194، الثقات
1227، الضعفاء والمتروكين 544، وينظر: ميزان الاعتدال 6/84، 85، ترجمة
7299، بتحقيقنا، الجامع في الجرح والتعديل 2/456، ترجمة 3817.
4 أخرجه أحمد 3/158، 245، وسعيد بن منصور 1/164، رقم 490، وابن حبان
1228- موارد، والبيهقي 7/81-82، كتاب النكاح: باب استحباب التزوج
بالودود، والقضاعي في مسند الشهاب رقم 675، وأبو نعيم في الحلية 4/219،
من حديث أنس بلفظ: "تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأنبياء" .
وصححه ابن حبان، والحديث ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 4/261، وقال:
رواه أحمد والطبراني في الأوسط وإسناده حسن.
(3/252)
الْأُمَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ1 وَفِي مُسْنَدِ ابْنِ مَسْعُودٍ مِنْ
عِلَلِ الدَّارَقُطْنِيِّ نَحْوُهُ2، وَعَنْ عِيَاضِ بْنِ غَنْمٍ
أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ بِلَفْظِ لَا تَزَوَّجُنَّ عَاقِرًا وَلَا
عَجُوزًا فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ3، وَعَنْ
مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ كَمَا يَأْتِي فِي بَابِ صِفَةِ الْمَخْطُوبَةِ
وَعَنْ عَائِشَةَ وَسَيَأْتِي قَرِيبًا.
1435 - حَدِيثُ "النِّكَاحُ سُنَّتِي فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي
فَلَيْسَ مِنِّي" ابْنُ مَاجَهْ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "النِّكَاحُ مِنْ سُنَّتِي
فَمَنْ لَمْ يَعْمَلْ بِسُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي وَتَزَوَّجُوا
فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ الْأُمَمَ وَمَنْ كَانَ ذَا طَوْلٍ
فَلْيَنْكِحْ وَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّ
الصَّوْمَ وِجَاءٌ لَهُ" 4، وَفِي إسْنَادِهِ عِيسَى بْنُ مَيْمُونٍ
وَهُوَ ضَعِيفٌ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ حَدِيثُ أَنَسٍ فِي ضِمْنِ حَدِيثِ لَكِنِّي
أَصُومُ وَأُفْطِرُ وَأُصَلِّي وَأَنَامُ وَأَتَزَوَّجُ فَمَنْ رَغِبَ
عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي5، قَوْلُهُ وَنَحْوُهُمَا مِنْ
الْأَخْبَارِ فَمِنْهَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ قَالَ لِي
ابْنُ عَبَّاسٍ تَزَوَّجْت قُلْتُ لَا قَالَ تَزَوَّجْ فَإِنَّ خَيْرَ
هَذِهِ الْأُمَّةِ كَانَ أَكْثَرَهُمْ نِسَاءً يَعْنِي النَّبِيَّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ6، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَعَنْ
عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ مَرْفُوعًا "الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَخَيْرُ
مَتَاعِهَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ" 7، رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَعَنْ
أَنَسٍ مَرْفُوعًا "حُبِّبَ إلَيَّ مِنْ
__________
1 أخرجه ابن قانع كما عزاه له المتقي الهندي في كنز العمال 16/292،
293، برقم 44540.
2 ينظر: علل الدار قطني 5/73، المسألة 717، من حديث زرعة ابن مسعود جاء
رجل فقال: يا رسول الله: إن ابنة عمي تعجبني، وهي عاقر، قال: "لامرأة
سوداء ولود ودود أحب إلي منها" ، إني مكاثر يوم القيامة، ويقال للسقط:
ادخل الجنة فيظل محبنطئا.... الحديث.
3 أخرجه الحاكم في المستدرك 3/290، 291، كتاب معرفة الصحابة، ذكر عياض
بن غنم الأشعري رضي الله عنه، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم
يخرجاه، أخرجه من طريق معاوية بن يحيى الصدفي عن يحيى بن جابر عن جبير
بن نفير عن عياض بن غنم، قال: قال لي رسول الله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فذكره وتعقبه الذهبي فقال: معاوية ضعيف.
وذكره المتقي الهندي في كنز العمال 16/296، برقم 44565، وعزاه للطبراني
وللحاكم عن عياض بن غنم.
4 أخرجه ابن ماجة 1/592، كتاب النكاح: باب ما جاء في فضل النكاح، حديث
1846، من طريق عيسى بن ميمون عن القاسم عن عائشة به.
قال البوصيري في الزوائد 2/65: هذا إسناد ضعيف، لضعف يحيى بن ميمون.
5 أخرجه البخاري في الصحيح 10/130 – فتح الباري كتاب النكاح: باب
الترغيب في النكاح، حديث 5063، ومسلم 5/186- نووي كتاب النكاح: باب
استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه، حديث 5/1401، والنسائي 6/60، كتاب
النكاح: باب النهي عن التبتل، حديث 3217، وأخرجه أحمد 3/241، وعبد بن
حميد ص 392، حديث 1318، من حديث أنس به.
6 أخرجه البخاري 10/141- فتح الباري، كتاب النكاح: باب كثرة النساء،
حديث 5069.
7 أخرجه مسلم 5/313- نووي، كتاب الرضاع: باب خير متاع الدنيا المرأة
الصالحة، حديث 59/1467، والنسائي 6/69، كتاب النكاح: باب المرأة
الصالحة، حديث 3232، وابن ماجة 1/596، كتاب النكاح: باب أفضل النساء،
حديث 1855، وأبو نعيم في الحلية 3/310،==
(3/253)
الدُّنْيَا النِّسَاءُ وَالطِّيبُ وَجُعِلَ قُرَّةُ عَيْنِي فِي
الصَّلَاةِ1" ، رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ وَرَوَاهُ
الطَّبَرَانِيُّ وَزَادَ فِي أَوَّلِهِ إنَّمَا وَقَدْ اُشْتُهِرَ
عَلَى الألسنة بِزِيَادَةِ ثَلَاثٌ وَشَرَحَهُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرِ
بْنُ فُورَكٍ فِي جُزْءٍ مُفْرَدٍ عَلَى ذَلِكَ وَكَذَلِكَ ذَكَرَهُ
الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ وَلَمْ نَجِدْ لَفْظَ ثَلَاثٌ فِي
شَيْءٌ مِنْ طُرُقِهِ الْمُسْنَدَةِ وَعَنْ أَبِي أَيُّوبَ مَرْفُوعًا
أَرْبَعٌ مِنْ سُنَنِ الْمُرْسَلِينَ فَذَكَرَ مِنْهَا النِّكَاحَ
رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الطَّهَارَةِ وَعَنْ
الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ التَّبَتُّلِ2، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ
مَاجَهْ وَعَنْ عَائِشَةَ3، مِثْلُهُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ
وَالنَّسَائِيُّ وَعَنْهَا مَرْفُوعًا تَزَوَّجُوا النِّسَاءَ
فَإِنَّهُنَّ يَأْتِينَكُمْ بِالْمَالِ4، رَوَاهُ الْحَاكِمُ موصولا من
طريق سلم بْنِ جُنَادَةَ وَقَالَ إنَّهُ تَفَرَّدَ بِوَصْلِهِ
وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيلِ5 فِي ذِكْرِ عَائِشَةَ
وَرَجَّحَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَلَى الْمَوْصُولِ وَعَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ رَفْعُهُ ثَلَاثَةٌ حُقَّ عَلَى اللَّهِ إعَانَتُهُمْ
الْمُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالنَّاكِحُ يُرِيدُ أَنْ
يَسْتَعِفَّ وَالْمُكَاتَبُ يُرِيدُ الْأَدَاءَ6، رَوَاهُ
النَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَصَحَّحَهُ
الْحَاكِمُ وعن أنس "رفع مَنْ رَزَقَهُ اللَّهُ
__________
= والبغوي في شرح السنة 5/9، رقم 2234، من طريق شرحبيل بن شريك عن أبي
عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو، فذكره.
1 أخرجه النسائي 7/72، كتاب عشرة النساء: باب حب النساء، حديث 3949،
والبيهقي في السنن الكبرى 7/78، كتاب النكاح: باب الرغبة في النكاح، من
طريق سلام أبي المنذر عن ثابت عن أنس به.
2 أخرجه أحمد 5/17، والترمذي 3/384، كتاب النكاح: باب ما جاء في النهي
عن التبتل، حديث 1082، والنسائي 6/59، كتاب النكاح: باب النهي عن
التبتل حديث 1849، من طريق قتادة عن الحسن عن سمرة بن جندب، فذكره.
قال أبو عيسى الترمذي: حديث سمرة حديث حسن غريب.
3 أخرجه الترمذي 3/383، كتاب النكاح: باب النهي عن التبتل، تحت رقم
1082، والنسائي 6/59، كتاب النكاح: باب النهي عن التبتل، حديث 3213، من
طريق الحسن عن سعد بن هشام عن عائشة به.
وقال أبو عيسى بعد حديث سمرة، وعائشة، ويقال: كلا الحديثين صحيح.
4 أخرجه الحاكم في المستدرك 2/161، كتاب النكاح: وذكره الهيثمي في مجمع
الزوائد 4/258، وعزاه للبزار وقال ورجاله رجال الصحيح خلا سلم بن جياد
وهو ثقة.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، لتفرد سلم بن
جنادة بسنده، وسمل ثقة مأمون، ووافقه الذهبي.
5 أخرجه أبو داود في المراسيل ص 180، رقم 203، من طريق هشام بن عروة عن
أبيه، فذكره.
6 أخرجه الترمذي 4/157، كتاب فضائل الجهاد: باب ما جاء في المجاهد
والناكح والمكاتب، حديث 1655، والنسائي 6/61، كتاب النكاح: باب معونة
الله الناكح الذي يريد العفاف، حديث 3218، وابن ماجة 2/841، كتاب
العتق: باب المكاتب، حديث 2518، والحاكم 2/160، كتاب النكاح: باب لم ير
للمتحابين مثل التزوج، والدار قطني في العلل 10/350، 351، مسألة 2046،
وابن حبان 9/339- الإحسان، رقم 4030، البيهقي في السنن الكبرى 7/78،==
(3/254)
امْرَأَةً صَالِحَةً فَقَدْ أَعَانَهُ عَلَى شَطْرِ دِينِهِ
فَلْيَتَّقِ اللَّهَ فِي الشَّطْرِ الثَّانِي1" ، رَوَاهُ الْحَاكِمُ
وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ وَعَنْهُ رَفْعُهُ "مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً
فَقَدْ أُعْطِيَ نِصْفَ الْعِبَادَةِ2" ، إسْنَادُهُ ضَعِيفٌ فِيهِ
زَيْدٌ الْعَمِّيُّ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَفْعُهُ "أَلَا
أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ مَا يُكْنَزُ الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ إذا نظر
عليها سَرَّتْهُ وَإِذَا غَابَ عَنْهَا حَفِظَتْهُ وَإِذَا أَمَرَهَا
أَطَاعَتْهُ" 3، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَعَنْ ثَوْبَانَ
نَحْوُهُ4، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَرِجَالُهُ
ثِقَاتٌ إلَّا أَنَّ فِيهِ انْقِطَاعًا.
وَعَنْ أَبِي نَجِيحٍ رَفْعُهُ "من كان موسرا فلم يَنْكِحَ فَلَيْسَ
مِنَّا" 5، رَوَاهُ الْبَغَوِيّ فِي مُعْجَمِ الصَّحَابَةِ
وَالْبَيْهَقِيُّ وَقَالَ هُوَ مُرْسَلٌ وَكَذَا جَزَمَ بِهِ أَبُو
دَاوُد وَالدُّولَابِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَفْعُهُ
لَمْ يُرَ لِلْمُتَحَابِّينَ مِثْلُ التَّزْوِيجِ6، رَوَاهُ ابْنُ
مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ وَعَنْهُ رَفْعُهُ لَا صَرُورَةَ فِي
__________
= كتاب النكاح: باب الرغبة في النكاح، والبغوي في شرح السنة 5/6 –
بتحقيقنا رقم 2232، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن.
وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي.
وصححه ابن حبان.
وقال الدار قطني في العلل، ورفعه صحيح.
1 أخرجه الحاكم في المستدرك 2/161، كتاب النكاح، من طريق عبد الرحمن بن
زيد عن أنس بن مالك به.
قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وعبد الرحمن هو ابن زيد بن عقبة
الأزرق، مدني ثقة مأمون، ووافقه الذهبي.
2 أخرجه أبو يعلى في مسنده 7/310، رقم 4349، وذكره الهيثمي في مجمع
الزوائد 4/255، وعزاه لأبي يعلى، قال: وفيه عبد الرحيم بن زيد العمي،
وهو متروك.
3 أخرجه أبو داود 2/126، كتاب الزكاة: باب في حقوق المال، حديث 1664،
والحاكم في المستدرك 2/333، كتاب التفسير: باب خير ما يكنز المرء
المرأة الصالحة.
وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
4 أخرجه الترمذي 5/277، كتاب تفسير القرآن: باب ومن سورة التوبة، حديث
3094، من طريق منصور عن سالم بن أبي الجعد عن ثوبان قال: لما نزلت:
{والذين يكنزون الذهب والفضة} التوبة: 34. قال: كنا مع النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بعض أسفاره، فقال بعض أصحابه: أنزل في
الذهب والفضة، ما أنزل، ول علمنا أي المال خير فنتخذه؟ فقال: أفضله
لسان ذاكر، وقلب شاكر وزوجه مؤمنة تعينه على إيمانه.
قال الترمذي: هذا حديث حسن.
سألت محمد بن إسماعيل فقلت له: سالم بن أبي الجعد سمع من ثوبان؟ فقال:
لا فقلت له: من سمع من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟
قال: سمع من جابر بن عبد الله وأنس بن مالك.
وذكر غير واحد من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
5 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 7/78، كتاب النكاح: باب الرغبة في
النكاح، وقال: هذا مرسل، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 4/254، وقال:
رواه الطبراني في الأوسط والكبير، وإسناده مرسل حسن، كما قال ابن معين،
من حديث أبي نجيح.
6 أخرجه ابن ماجة 1/593، كتاب النكاح: باب ما جاء في فضل النكاح، حديث
1847، والحاكم 2/160، كتاب النكاح: باب لم ير للمتحابين مثل التزوج،
والبيهقي في السنن الكبرى 7/78،==
(3/255)
الْإِسْلَامِ1 رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ
وَالطَّبَرَانِيُّ وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ عَطَاءٍ عَنْ عِكْرِمَةَ
عَنْهُ وَلَمْ يَقَعْ مَنْسُوبًا فَقَالَ ابْنُ طَاهِرٍ هُوَ ابْنُ
وَرَازٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ لَكِنْ فِي رواية الطبراني ابْنُ أَبِي
الْخَوَّارِ وَهُوَ مُوَثَّقٌ.
__________
= كتاب النكاح: باب الرغبة في النكاح، من طريق إبراهيم بن ميسرة عن
طاوس عن ابن عباس، فذكره.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه، لأن سفيان بن
عيينة، ومعمر بن راشد أوقفاه عن إبراهيم بن ميسرة على ابن عباس.
وقال البوصيري في الزوائد 2/65: هذا إسناد صحيح رجاله ثقات، رواه أبو
يعلى الموصلي عن زهير عن سفيان بن عيينة عن إبراهيم بن ميسرة، فذكره
مثل حديث ابن ماجة.
1 أخرجه أحمد 19/312، وأبو داود 2/141، كتاب الحج: باب لا صرورة في
الإسلام، حديث 1729، والحاكم 1/448، كتاب المناسك، والطبراني في الكبير
11/234، 235، رقم 11595، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 3/237، وقال:
رجاله ثقات، وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
(3/256)
بَابُ الْخَصَائِصِ فِي النِّكَاحِ وَغَيْرِهِ
وَذُكِرَتْ فِي النِّكَاحِ لِكَوْنِهَا فِيهِ أَكْثَرَ وَقَدْ
نَبَّهْتُ عَلَى جَمِيعِ مَا ذَكَرَهُ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ لَهُ
خَبَرًا خَاصًّا لِأَنَّ مُضَمَّنَهَا النَّقْلُ الْمَحْضُ إذْ لَا
مَجَالَ لِلِاجْتِهَادِ فِي ذَلِكَ فَمَا وَجَدْت لَهُ دَلِيلًا مِنْ
النَّقْلِ الْحَدِيثِيِّ ذَكَرْتُهُ وَمَا ذَكَرَهُ هُوَ مِنْ
أَدِلَّةِ الْقُرْآنِ لَمْ أَتَعَرَّضْ لَهُ إلَّا إنْ وَجَدْتُ مِنْ
الْمُفَسِّرِينَ مَا يُخَالِفُهُ فَأُشِيرُ إلَى ذلك ومالم أَجِدْ لَهُ
دَلِيلًا قُلْتُ لَمْ أَجِدْ عَلَى ذَلِكَ دَلِيلًا.
(3/256)
بَابُ الْوَاجِبَاتِ
1436 - قَوْلُهُ وَالْحِكْمَةُ فِيهِ زِيَادَةُ الزُّلْفَى فَلَمْ
يَتَقَرَّبْ الْمُتَقَرِّبُونَ إلَى اللَّهِ بِمِثْلِ أَدَاءِ مَا
افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ هَذَا طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ أَخْرَجَهُ
الْبُخَارِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا "إنَّ اللَّهَ قَالَ مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا
فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ وَمَا تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ
أَحَبَّ إلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ" الْحَدِيثَ2.
__________
2 أخرجه البخاري 13/142- الفتح، كتاب الرقاق: باب التواضع، حديث 6502،
وأبو نعيم في الحلية 1/524، والبغوي في شرح السنة 3/68، كتاب الدعوات:
باب التقرب إلى الله سبحانه وتعالى بالنوافل والذكر، حديث 1241، وابن
حبان في صحيحه 2/58، حديث 347- الإحسان، من طريق خالد بن مخلد عن
سليمان بن بلال عن شريك بن أبي نمر عن عطاء عن أبي هريرة، قال: قال
الحافظ الذهبي في الميزان 2/427، ترجمة: خالد بن مخلد، فهذا حديث غريب
جدا، لولا هيبة الجامع الصحيح لعدوه من منكرات خالد بن مخلد، وذلك
لغرابة لفظه، ولأنه مما ينفرد به شريك، وليس بالحافظ، ولم يرو هذا
المتن إلا بهذا الإسناد، ولا خرجه من عدا البخاري؛ ولا أظنه من مسند
أحمد، وقد اختلف في عطاء فقيل: هو ابن أبي رباح، والصحيح أنه عطاء بن
يسار.
قال الحافظ في الفتح بعد أن نقل كلام الحافظ الذهبي.==
(3/256)
فَائِدَةٌ: نَقَلَ النَّوَوِيُّ فِي زِيَادَاتِ الرَّوْضَةِ عَنْ
إمَامِ الْحَرَمَيْنِ عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ ثَوَابَ
الْفَرِيضَةِ يَزِيدُ عَلَى ثَوَابِ النَّافِلَةِ بِسَبْعِينَ
دَرَجَةً.
قَالَ النَّوَوِيُّ وَاسْتَأْنَسُوا فِيهِ بِحَدِيثٍ انْتَهَى
وَالْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ ذَكَرَهُ الْإِمَامُ فِي نِهَايَتِهِ وَهُوَ
حَدِيثُ سَلْمَانَ مَرْفُوعًا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ مَنْ تَقَرَّبَ
فِيهِ بِخَصْلَةٍ مِنْ خِصَالِ الْخَيْرِ كَانَ كَمَنْ أَدَّى
فَرِيضَةً فِيمَا سِوَاهُ وَمَنْ أَدَّى فَرِيضَةً فِيهِ كَانَ كَمَنْ
أَدَّى سَبْعِينَ فَرِيضَةً فِي غَيْرِهِ1، انْتَهَى وَهُوَ حَدِيثٌ
ضَعِيفٌ أَخْرَجَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَعَلَّقَ الْقَوْلَ بِصِحَّتِهِ
وَاعْتَرَضَ عَلَى اسْتِدْلَالِ الْإِمَامِ بِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ
ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِ رَمَضَانَ وَلِهَذَا قَالَ النَّوَوِيُّ
اسْتَأْنَسُوا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
1437 - قَوْلُهُ فَمِنْهَا صَلَاةُ الضُّحَى رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كُتِبَ عَلَيَّ رَكْعَتَا الضُّحَى
وَهُمَا لَكُمْ سُنَّةٌ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ إسْرَائِيلَ عَنْ
جَابِرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ بِلَفْظِ "أُمِرْتُ
بِرَكْعَتَيْ الضُّحَى وَلَمْ تُؤْمَرُوا بِهَا وَأُمِرْتُ
بِالْأَضْحَى وَلَمْ تُكْتَبْ" 2، وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ مِنْ أَجْلِ
جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ وَرَوَاهُ أَبُو يَعْلَى مِنْ طَرِيقِ شَرِيكٍ
بِلَفْظِ "كُتِبَ عَلَيَّ النَّحْرُ وَلَمْ يُكْتَبْ عَلَيْكُمْ
وَأُمِرْتُ بِصَلَاةِ الضُّحَى وَلَمْ تُؤْمَرُوا بِهَا" وَرَوَاهُ
الْبَزَّارُ بِلَفْظِ "أُمِرْتُ بِرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَالْوِتْرِ
وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ" 3، وَمِنْ طريق أبي جناب الْكَلْبِيِّ عَنْ
عِكْرِمَةَ عَنْهُ بِلَفْظِ "ثَلَاثٌ هُنَّ عَلَيَّ فَرَائِضُ وَلَكُمْ
تَطَوُّعٌ النَّحْرُ وَالْوِتْرُ وَرَكْعَتَا الضُّحَى" 4، وَرَوَاهُ
الْحَاكِمُ وَابْنُ عَدِيٍّ مِنْ هَذَا
__________
=قلت: أي الحافظ بن حجر: ليس هو في مسند أحمد جزما، وإطلاق أنه لم يرو
هذا المتن إلا بهذا الإسناد مردود، ومع ذلك فشريك شيخ شيخ خالد فيه
مقال أيضا، ثم ذكر الحافظ كلاما وقال بعد ذلك: ولكن للحديث طرق أخرى
يدل بمجموعها على أن له أصلا.
1 أخرجه ابن خزيمة في صحيحه 3/191، 192، حديث 1887، وعلق تصحيحه فقال:
إنه صحيح الخبر، والبيهقي في شعب الإيمان 3/305، رقم 3608، وعزاه
المنذري في الترغيب والترهيب 2/23، 24، رقم 1461، وأبي الشيخ ابن حيان
في الثواب باختصار عنهما، من طريق علي بن زيد بن جدعان، ضعيف، وقد
تقدمت ترجمته.
2 أخرجه أحمد في المسند 1/317، وذكره الهيثمي في المجمع 8/267، كتاب
علامات النبوة: باب ما جاء في الخصائص، بألفاظ مختلفة ثم قال: رواه كله
أحمد بأسانيد، والبزار بنحوه باختصار، والطبراني في الكبير والأوسط وفي
إسناده ثلاث هن فرائض – الذي سيأتي-: أبو جباب الكلبي، وهو مدلس، وبقية
رجالها عند أحمد رجال الصحيح، وفي بقية أسانيدها جابر الجعفي، وهو
ضعيف.
3 أخرجه البزار كما في كشف الأستار رقم 2434، وكما عزاه له الهيثمي في
مجمع الزوائد 8/267.
4 أخرجه الحاكم في المستدرك 1/300، كتاب الوتر، وابن عدي في الكامل
7/213، وأخرجه أحمد 1/231، والدار قطني 2/21، كتاب الوتر، حديث 1،
والبيهقي في السنن الكبرى 2/468، كتاب الصلاة: باب جماع أبواب صلاة
التطوع وقيام شهر رمضان قال الذهبي: وتكلم الحاكم عليه، وهو غريب
منكر،==
(3/257)
الْوَجْهِ وَلَفْظُهُ الْأَضْحَى بدل النحر وركعتا الْفَجْرِ بَدَلُ
الضُّحَى" وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ
وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الضُّعَفَاءِ وَابْنُ شَاهِينَ فِي
نَاسِخِهِ مِنْ طَرِيقِ وَضَّاحِ بْنِ يَحْيَى عَنْ مِنْدَلٍ عَنْ يحيى
سَعِيدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْهُ بِلَفْظِ ثَلَاثٌ عَلَيَّ فَرِيضَةٌ
وَهُنَّ لَكُمْ تَطَوُّعٌ الْوِتْرُ وَرَكْعَتَا الْفَجْرِ وَرَكْعَتَا
الضُّحَى1، وَالْوَضَّاحُ ضَعِيفٌ فَتَلَخَّصَ ضَعْفُ الْحَدِيثِ مِنْ
جَمِيعِ طُرُقِهِ وَيَلْزَمُ مَنْ قَالَ بِهِ أَنْ يَقُولَ بِوُجُوبِ
رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ عَلَيْهِ وَلَمْ يَقُولُوا بِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ
قَدْ نُقِلَ ذَلِكَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ وَوَقَعَ فِي كَلَامِ
الْآمِدِيِّ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَقَدْ وَرَدَ مَا يُعَارِضُهُ فَرَوَى
الدَّارَقُطْنِيُّ وَابْنُ شَاهِينَ فِي نَاسِخِهِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ مُحَرَّرٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا
أُمِرْتُ بِالْوِتْرِ وَالْأَضْحَى وَلَمْ يُعْزَمْ عَلَيَّ2، وَلَفْظُ
ابْنِ شَاهِينِ وَلَمْ يُفْرَضْ عَلَيَّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ
مُحَرَّرٍ مَتْرُوكٌ.
فَائِدَةٌ: اخْتَارَ شَيْخُنَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْقَوْلَ بِعَدَمِ
وُجُوبِ الضُّحَى وَأَدِلَّتُهُ ظَاهِرَةٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْهَا
لِمُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ لَا يُصَلِّي الضُّحَى إلَّا أَنْ يَجِيءَ مِنْ مَغِيبِهِ3،
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهَا مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي سُبْحَةَ الضُّحَى قَطُّ وَإِنِّي
لَأُسَبِّحُهَا4، وَلِلْبُخَارِيِّ عَنْ
__________
= ويحيى بن أبي حيدر- وهو أبو خباب الكلبي- ضعفه النسائي، والدار قطني.
وقال البيهقي: وكان يزيد بن هارون يصدقه ويرميه بالتدليس.
1 أخرجه من هذا الطريق ابن شاهين في الناسخ والمنسوخ، ص 134، رقم 197،
وابن الجوزي في العلل المتناهية 1/449، رقم 770، من طريق الوضاح بن
يحيى عن مندل عن يحيى بن سعيد عن عكرمة عن ابن عباس بهذا اللفظ.
قال ابن حبان في الضعفاء 3/85، ترجمة الوضاح: يروي عن العراقيين، روى
عنه أهل بغداد، منكر الحديث.
يروي عن الثقات الأشياء المقلوبات التي كأنها معمولة، لا يجوز الاحتجاج
به إذا انفرد لسوء حفظه وغ، اعتبر معتبر بما وافق الثقات من حديثه فلا
ضير.
2 أخرجه الدار قطني في السنن 2/21، كتاب الوتر: باب صفة الوتر، وأنه
ليس بفرض، وأنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يوتر على
البعير، حديث 2، وابن شاهين في الناسخ والمنسوخ ص 134، رقم 198، من
حديث عبد الله بن محرز عن قتادة عن أنس مرفوعا، وعبد الله بن محرز قال
أحمد: ترك الناس حديثه، وقال الجوزجاني: هالك، وقال الدار قطني وجماعة:
متروك. كما في التعليق المغني للطيب آبادي.
3 أخرجه مسلم 3/246- نووي، كتاب صلاة المسافرين وقصرها: باب استحباب
صلاة الضحى... حديث 75/717، وأبو داود 2/28، كتاب الصلاة: باب صلاة
الضحى، حديث 1292، والنسائي 4/152، كتاب الصيام: باب التقدم قبل رمضان،
حدث 2184، 2185، من طريق عبد الله بن شقيق عن عائشة فذكرته.
4 أخرجه البخاري 3/373- فتح الباري، كتاب التهجد: باب من لم يصل الضحى
ورآه واسعا، حديث 1177، ومسلم 3/247- نووي، كتاب صلاة المسافرين
وقصرها: باب استحباب صلاة الضحى، حديث 77-718، وأبو داود 2/28، كتاب
الصلاة: باب صلاة الضحى، حديث==
(3/258)
ابْنِ عُمَرَ نَحْوُهُ1، وَلَهُ عَنْ أَنَسٍ وَقِيلَ لَهُ هَلْ كَانَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الضُّحَى
قَالَ مَا رَأَيْتُهُ صَلَّاهَا غَيْرَ هَذَا الْيَوْمِ2،
وَلِلتِّرْمِذِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الضُّحَى حَتَّى نَقُولَ لَا يَدَعُهَا
وَيَدَعُهَا حَتَّى نَقُولَ لَا يُصَلِّيهَا3، وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ
وَلِأَبِي دَاوُد عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ
مَا أَخْبَرَنَا أَحَدٌ أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الضُّحَى غَيْرَ أُمُّ هَانِئٍ فَإِنَّهَا
أَخْبَرَتْ بِهَا ثُمَّ أُبِيحَ وَلَمْ يَرَهُ أَحَدٌ صَلَّاهُنَّ
بَعْدُ4، وَهَذَا يَرُدُّ عَلَى الْمَاوَرْدِيِّ دَعْوَاهُ أَنَّهُ
وَاظَبَ عَلَيْهَا بَعْدَ يَوْمِ الْفَتْحِ إلَى أَنْ مَاتَ وَذَكَرَ
النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ
أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يُدَاوِمُ عَلَى
صَلَاةِ الضُّحَى مَخَافَةَ أَنْ تُفْرَضَ عَلَى الْأُمَّةِ
فَيَعْجِزُوا عَنْهَا وَكَانَ يَفْعَلُهَا فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ
وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ إظْهَارَهَا فِي وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ
لِيَجْمَعَ بَيْنَ كَلَامَيْهِ.
قَوْلُهُ وَمِنْهَا الْأُضْحِيَّةُ رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ثَلَاثٌ كُتِبَتْ عَلَيَّ وَلَمْ تُكْتَبْ
عَلَيْكُمْ السِّوَاكُ وَالْوِتْرُ وَالْأُضْحِيَّةُ لَمْ أَجِدْهُ
هَكَذَا وَالْمُخْتَصُّ بِالْأُضْحِيَّةِ يُوجَدُ مِنْ الْحَدِيثِ
الَّذِي قَبْلَهُ مِنْ طُرُقٍ فِيهَا ذِكْرُ الْأَضْحَى وَالنَّحْرِ
وَنَحْوِ ذَلِكَ وَأَمَّا الْوِتْرُ وَالسِّوَاكُ فَسَيَأْتِي فِي
الْحَدِيثِ الَّذِي بَعْدَهُ.
فَائِدَةٌ: نَقَلَ الْمُصَنِّفُ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ الرُّويَانِيِّ
أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً عَلَيْهِ.
1438 - قَوْلُهُ وَمِنْهَا الْوِتْرُ وَالتَّهَجُّدُ قَالَ اللَّهُ
سُبْحَانَهُ وَمِنْ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَك أَيْ
زِيَادَةً عَلَى الْفَرَائِضِ وَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "ثَلَاثٌ هُنَّ عَلَيَّ
فَرِيضَةٌ وَلَكُمْ سُنَّةٌ الْوِتْرُ وَالسِّوَاكُ وَقِيَامُ
اللَّيْلِ" 5، أَمَّا احْتِجَاجُهُ بِالْآيَةِ فَسَبَقَهُ إلَيْهِ
الْبَيْهَقِيّ
__________
= 1293، من طريق ابن شهاب عن عروة عن عائشة به. ==
1 أخرجه البخاري 3/368- الفتح كتاب التهجد: باب صلاة الضحى في السفر،
حديث 1175، عن مورق قال: قلت لابن عمر رضي الله عنهما: أتصلي الضحى؟
قال: لا، قلت: فعمر؟ قال: لا، قلت: فأبو بكر؟ قال: لا، قلت: فالنبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: "لا إخاله" .
2 أخرجه البخاري 3/374- فتح الباري، كتاب التهجد: باب صلاة الضحى في
الحضر، حديث 1179، من طريق علي بن الجعد عن أنس بن سيرين عن أنس بن
مالك به.
3 أخرجه أحمد 3/21، والترمذي 2/342، كتاب أبواب الصلاة: باب ما جاء في
صلاة الضحى، حديث 477، وأخرجه عبد بن حميد ص 280، حديث 891، من طريق
فضل بن مرزوق عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري به.
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب.
4 أخرجه أبو داود في السنن 2/28، كتاب الصلاة: باب صلاة الضحى، حديث
1291، عن عمرو بن مرة عن ابن أبي ليلى فذكره.
5 أخرجه بهذا اللفظ الطبراني في الأوسط 4/165، 166، برقم 3290، وذكره
الهيثمي في مجمع الزوائد 8/267، وقال: رواه الطبراني في الأوسط وفيه
موسى بن عبد الرحمن الصنعاني، وهو كذاب.==
(3/259)
وَوَجْهُهُ أَنَّ النَّافِلَةَ لُغَةً الزِّيَادَةُ وَظَاهِرُ
الْأَمْرِ بِالتَّهَجُّدِ الْوُجُوبُ.
قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فَإِنْ قِيلَ النَّافِلَةُ هِيَ السُّنَّةُ
قُلْنَا بَلْ النَّافِلَةُ هُنَا هِيَ الزِّيَادَةُ وَقَدْ قِيلَ مَا
يَزِيدُهُ الْعَبْدُ مِنْ تَطَوُّعَاتِهِ يُجْبِرُ بِهِ نُقْصَانَ
مَفْرُوضَاتِهِ وَصَلَاتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مَعْصُومَةٌ فَكَانَ تَهَجُّدُهُ زَائِدًا عَلَى مَفْرُوضَاتِهِ
وَهَكَذَا قَالَ الْبَغَوِيّ فِي تَفْسِيرِهِ نَحْوَهُ لَكِنْ
يَتَعَقَّبُ ذَلِكَ بِأَنَّ مُقْتَضَاهُ أَنَّ الرَّوَاتِبَ الَّتِي
وَاظَبَ عَلَيْهَا كَانَتْ وَاجِبَةً فِي حَقِّهِ وَلَا قَائِلَ
بِذَلِكَ وَحَكَى النَّوَوِيُّ فِي زِيَادَاتِهِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي
حَامِدٍ أَنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ عَلَى أَنَّهُ نُسِخَ وُجُوبُهُ فِي
حَقِّهِ كَمَا نُسِخَ فِي حَقِّ غَيْرِهِ قَالَ وَهَذَا هُوَ
الْأَصَحُّ أَوْ الصَّحِيحُ وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مَا يَدُلُّ
عَلَيْهِ انْتَهَى وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي احْتَجُّوا بِهِ فَهُوَ
ضَعِيفٌ جِدًّا لِأَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ الصَّنْعَانِيِّ1، عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ
عَائِشَةَ مِثْلَهُ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ
وَالْبَيْهَقِيُّ وَقَدْ قَالَ الطَّبَرَانِيُّ إنَّ مُوسَى تَفَرَّدَ
بِهِ وَأَشَارَ النَّوَوِيُّ إلَى مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي قِصَّةِ
قِيَامِ اللَّيْلِ فَصَارَ قِيَامُ اللَّيْلِ تَطَوُّعًا بَعْدَ
فَرْضِهِ وَفِي سِيَاقِهِ أَيْضًا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ حِينَ
وَجَبَ لَمْ يَكُنْ مِنْ خَصَائِصِهِ.
وَاسْتَدَلَّ غَيْرُهُ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ أَيْضًا بِحَدِيثِ
جَابِرٍ الطَّوِيلِ فِي مُسْلِمٍ فِي صِفَةِ الْحَجِّ فَفِيهِ ثُمَّ
أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ فَصَلَّى بِهَا الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ
بِأَذَانٍ وإقامتين ولم يسبح بيهما شَيْئًا ثُمَّ اضْطَجَعَ حَتَّى
طَلَعَ الْفَجْرُ فَصَلَّى حِينَ تَيَسَّرَ لَهُ الصُّبْحَ2، وَقَدْ
نَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّ السُّنَّةَ تَرْكُ
التَّنَفُّلِ بَعْدَ الْعِشَاءِ لِلْبَائِتِ بِمُزْدَلِفَةَ وَصَرَّحَ
بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ.
وَاسْتَدَلَّ أَيْضًا بِأَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي التَّطَوُّعَ فِي
اللَّيْلِ عَلَى الرَّاحِلَةِ فِي السَّفَرِ وَيُصَلِّيهِ فِي
الْحَضَرِ جَالِسًا وَقَدْ اسْتَدَلَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى عَدَمِ
وُجُوبِ الْوِتْرِ عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَقِيلَ كَانَ ذَلِكَ وَاجِبًا
عَلَيْهِ فِي حَالِ الْحَضَرِ وَفِي حَالِ عَدَمِ الْمَشَقَّةِ وَهَذَا
يَحْتَاجُ إلَى نَقْلٍ خَاصٍّ وَإِنْ كَانَ الْحَلِيمِيُّ وَابْنُ
عَبْدِ السَّلَامِ وَالْغَزَالِيُّ قَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْوِتْرَ
كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِ فِي الْحَضَرِ دُونَ السَّفَرِ وَذَكَرَ
النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِأَنَّ مِنْ خَصَائِصِهِ فِعْلَ
هَذَا الْوَاجِبِ مِنْ الْوِتْرِ وَالتَّهَجُّدِ عَلَى الرَّاحِلَةِ.
__________
=وذكره في مجمع الزوائد 6/155، 156، برقم 3525، من طريق عبد الغني بن
سعيد الثقفي عن موسى بن عبد الرحمن الصنعاني عن هشام بن عروة عن أبيه
عن عائشة به.
1 تقدم تخريج الحديث قريبا.
وموسى بن عبد الرحمن الصنعاني، قال الذهبي في المنزان: معروف ليس بثقة.
وقال ابن حبان فيه: دجال، وضع على ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس كتاب
التفسير.
وقال ابن عدي: منكر الحديث.
وقال عن بعض مروياته: هذه الأحاديث بواطيل.
ينظر: ميزان الاعتدال 6/549- بتحقيقنا، ترجمة 8898، المغني 2/684،
الكشف الحثيث 793.
2 تقدم في كتاب الحج.
(3/260)
1439 - قَوْلُهُ وَمِنْهَا السِّوَاكُ كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِ
لِلْخَبَرِ يَعْنِي بِهِ الْخَبَرَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ عَائِشَةَ
قَبْلَهُ وهو واهي جِدًّا لَا يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ وَيُمْكِنُ
أَنْ يُسْتَدَلَّ لِوُجُوبِهِ بِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
حَنْظَلَةَ أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر
بالوضوء لِكُلِّ صَلَاةٍ طَاهِرًا وَغَيْرَ طَاهِرٍ فَلَمَّا شَقَّ
عَلَيْهِ ذَلِكَ أَمَرَ بِالسِّوَاكِ لِكُلِّ صَلَاةٍ1، وَفِي لَفْظٍ
"وُضِعَ عَنْهُ الْوُضُوءِ إلَّا مِنْ حَدَثٍ" وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ
وَوَجْهُ التَّمَسُّكِ بِهِ أَنَّ الْأَمْرَ لِلْوُجُوبِ
وَالْمَشَقَّةَ إنَّمَا تَلْزَمُ عَنْ الْوَاجِبِ فَكَانَ الْوُضُوءُ
وَاجِبًا عَلَيْهِ أَوَّلًا ثُمَّ نُسِخَ إلَى السِّوَاكِ وَالْوَجْهُ
الَّذِي حَكَاهُ أَوْضَحُ وَقَدْ ورى ابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِي
أُمَامَةَ مَرْفُوعًا "مَا جَاءَنِي جِبْرِيلُ إلَّا أَوْصَانِي
بِالسِّوَاكِ حَتَّى لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يُفْرَضَ عَلَيَّ وَعَلَى
أُمَّتِي" 2، وَفِيهِ ضَعْفٌ وَلِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ وَاثِلَةَ
مَرْفُوعًا "أُمِرْتُ بِالسِّوَاكِ حَتَّى خَشِيتُ أَنْ يُكْتَبَ
عَلَيَّ" 3.
قَوْلُهُ كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ إذَا رَأَى مُنْكَرًا أَنْ يُنْكِرَ
عَلَيْهِ وَيُغَيِّرَهُ أَوْ يَعْتَرِضَ بِأَنَّ كُلَّ مُكَلَّفٍ إذَا
تَمَكَّنَ مِنْ إزَالَةِ الْمُنْكَرِ لَزِمَهُ تَغْيِيرُهُ وَيُمْكِنُ
أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ لِلْخَوْفِ لِثُبُوتِ
الْعِصْمَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاَللَّهُ يَعْصِمُك مِنْ النَّاسِ}
بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَلَوْ أَقَرَّ عَلَى الْمُنْكَرِ لَاسْتُفِيدَ
مِنْ تَقْرِيرِهِ أَنَّهُ جَائِزٌ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ
الصَّبَّاغِ.
1440 - قَوْلُهُ لِأَنَّ اللَّهَ وَعَدَهُ بِالْعِصْمَةِ يُشِيرُ إلَى
الْآيَةِ الَّتِي فِي الْمَائِدَةِ أَوْ إلَى مَا رَوَاهُ
التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ عَنْ عَائِشَةَ كَانَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحْرَسُ حَتَّى
نَزَلَتْ {وَاَللَّهُ يَعْصِمُك مِنْ النَّاسِ} فَأَخْرَجَ رَأْسَهُ
مِنْ الْقُبَّةِ فَقَالَ لَهُمْ أَيُّهَا النَّاسُ انْصَرِفُوا فَقَدْ
عَصَمَنِي اللَّهُ4، وَاحْتَجَّ الْبَيْهَقِيّ لِلْمَسْأَلَةِ بِمَا
فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إلَّا اخْتَارَ
أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ إثْمًا فَإِذَا كَانَ إثْمًا كَانَ
أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ وَمَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللَّهِ لِنَفْسِهِ
إلَّا أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللَّهِ فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ5.
__________
1 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 7/49، كتاب النكاح: باب ما روي عنه من
قوله: أمرت بالسواك، من حديث عبد الله بن حنظلة بن أبي عامر، فذكره
بهذا اللفظ.
2 أخرجه ابن ماجة 1/106، كتاب الطهارة وسننها: باب السواك، حديث 289،
من طريق علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة به.
قال البوصيري في الزوائد 1/121: هذا إسناد ضعيف.
3 أخرجه أحمد في المسند 3/490.
4 أخرجه الترمذي 5/251، كتاب تفسير القرآن: باب ومن سورة المائدة، حديث
3046، وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/529، وعزاه للترمذي، وزاد نسبته
لعبد بن حميد، وابن جرير وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ
والحاكم وأبي نعيم، والبيهقي كلاهما في الدلائل، وابن مردويه، عن عائشة
به.
قال الترمذي: هذا حديث غريب.
5 أخرجه مالك 2/902، 903، كتاب حسن الخلق: باب ما جاء في حسن الخلق 2،
والبخاري 6/654، كتاب المناقب: باب صفة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، حديث 3560، ومسلم 4/1813،كتاب==
(3/261)
1441 - قَوْلُهُ كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ مُصَابَرَةُ الْعَدُوِّ وَإِنْ
كَثُرَ عَدَدُهُمْ لَمْ يُبَوِّبْ لَهُ الْبَيْهَقِيّ وَكَأَنَّهُ
يُشِيرُ إلَى مَا وَقَعَ فِي يَوْمِ أُحُدٍ فَإِنَّهُ أُفْرِدَ فِي
اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا كَمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَفِي يَوْمِ
حُنَيْنٍ فَإِنَّهُ أُفْرِدَ فِي عَشَرَةٍ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ
أَيْضًا.
قَوْلُهُ كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ دَيْنِ مَنْ مَاتَ مُعْسِرًا
مِنْ الْمُسْلِمِينَ تَقَدَّمَ فِي آخِرِ بَابِ الضَّمَانِ.[ 1442 ]
قَوْلُهُ وَقِيلَ كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ إذَا رَأَى شَيْئًا يُعْجِبُهُ
أَنْ يَقُولَ لَبَّيْكَ إنَّ الْعَيْشَ عَيْشُ الْآخِرَةِ1، هَذَا
بَوَّبَ عَلَيْهِ الْبَيْهَقِيّ فِي الْخَصَائِصِ وَقَدْ رَوَى
الشَّافِعِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ
حُمَيْدٍ الْأَعْرَجِ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُظْهِرُ مِنْ التَّلْبِيَةِ فَذَكَرَ
الْحَدِيثَ حَتَّى إذَا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ وَالنَّاسُ يُصْرَفُونَ
عَنْهُ فَكَأَنَّهُ أَعْجَبَهُ مَا هُوَ فِيهِ فَزَادَ فِيهَا
لَبَّيْكَ إنَّ الْعَيْشَ عَيْشُ الْآخِرَةِ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ
وَأَحْسِبُ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ يَوْمَ عَرَفَةَ قُلْت وَلَيْسَ فِي
ذَلِكَ مَا يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ.
تَتِمَّةٌ مِمَّا لَمْ يَذْكُرْهُ الرَّافِعِيُّ مِمَّا ادَّعَى
بَعْضُهُمْ وُجُوبَهُ عَلَيْهِ كَانَ عَلَيْهِ إذَا فَرَضَ الصَّلَاةَ
كَامِلَةً لَا خَلَلَ فِيهَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَكَانَ يَجِبُ
عَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَكَاهُ ابْنُ
الْقَاصِّ2، وَكَذَا مَا بَعْدَهُ.
قَالَ وَمِنْهَا أَنَّهُ كُلِّفَ مِنْ الْعِلْمِ وَحْدَهُ بِمَا
كُلِّفَ بِهِ النَّاسُ بِأَجْمَعِهِمْ وَمِنْهَا أَنَّهُ كَانَ يُغَانُ
عَلَى قَلْبِهِ فَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَيَتُوبُ إلَيْهِ فِي
الْيَوْمِ سَبْعِينَ مَرَّةً3، وَمِنْهَا أَنَّهُ كَانَ يُؤْخَذُ عَنْ
الدُّنْيَا عِنْدَ
__________
= الفضائل: باب مباعدته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حديث
77-2327، وأبو داود 2/664، كتاب الأدب: باب في التجاوز في الأمر، حديث
4785، وأحمد 6/116، 182، 189، 262، وأبو يعلى 4382، والحميدي 1/125،
حديث 258، من حديث الزهري عن عروة عن عائشة به.
1 أخرجه الشافعي 1/304-305، كتاب الحج، حديث 792، من طريق ابن جريج عن
حميد الأعرج عن مجاهد مرسلا، ومن طريق الشافعي أخرجه البيهقي 5/45،
كتاب الحج: باب كيف التلبية.
أخرجه ابن خزيمة 4/260، كتاب الحج باب إباحة الزيادة على التلبية في
الموقف بعرفة، من حديث عكرمة عن ابن عباس: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقف بعرفات، فلما قال: "لبيك اللهم لبيك" قال:
"إنما الخير خير الآخرة" والحاكم 1/465.
وقال: قد احتج البخاري بعكرمة، واحتج مسلم بداود، وهذا الحديث صحيح ولم
يخرجاه اهـ.
2 أبو عبد الله محمد بن خفيف، الضبي، الشيرازي، كان شيخ المشايخ في
وقته، عالما بعلوم الظاهر والحقائق، مفيدا في كل نوع من العلوم، أخذ عن
ابن سريج، ورحل إلى الشيخ أبي الحسن الأشعري وأخذ عنه، وانتفع به جماعة
حتى صاروا أئمة يقتدى بهم، مات سنة 371.
انظر: ط، ابن قاضي شهبة 1/147، والبداية والنهاية 11/299، الأنساب
8/221.
3 أخرجه أحمد 4/211، 260، ومسلم 9/28، 29- نووي، كتاب الذكر: باب
استحباب الاستغفار والاستكثار منه، حديث 41/2702، وأبو داود 2/84، 85،
كتاب الصلاة: باب في الاستغفار، حديث 1515، والنسائي في السنن الكبرى
6/116، كتاب عمل اليوم والليلة:باب ==
(3/262)
نُزُولِ الْوَحْيِ وَهُوَ مُطَالَبٌ بِأَحْكَامِهَا عِنْدَ الْأَخْذِ
عَنْهَا وَمِنْهَا أَنَّهُ كَانَ مُطَالَبًا بِرُؤْيَةِ مُشَاهَدَةِ
الْحَقِّ مَعَ مُعَاشَرَةِ النَّاسِ بِالنَّفْسِ وَالْكَلَامِ انْتَهَى
وَهَذِهِ الْأُمُورُ تَحْتَاجُ دَعْوَى وُجُوبِهَا إلَى أَدِلَّةٍ
وَكَيْفَ بِهَا فَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.
وَمِنْ خَصَائِصِهِ فِي وَاجِبَاتِ النِّكَاحِ
وُجُوبُ تَخْيِيرِ نِسَائِهِ لِلْآيَةِ وَاخْتُلِفَ فِي سَبَبِ
نُزُولِهَا عَلَى أَقْوَالٍ:
أَحَدُهَا مَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ الله خيره بين
الغناء وَالْفَقْرِ فَاخْتَارَ الْفَقْرَ فَأَمَرَهُ اللَّهُ
بِتَخْيِيرِ نِسَائِهِ لِتَكُونَ مَنْ اخْتَارَتْهُ مِنْهُنَّ
مُوَافِقَةً لِاخْتِيَارِهِ وَهَذَا يُعَكَّرُ عَلَيْهِ أَنَّ
الْأَكْثَرَ مِنْ أَهْلِ العلم بالمغازي أن إيلاءه مِنْ نِسَائِهِ
كَانَ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَنَّ تَخْيِيرَهُنَّ وَقَعَ بَعْدَ ذَلِكَ
وَقَدْ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي آخِرِ عُمْرِهِ
قَدْ وُسِّعَ لَهُ فِي الْعَيْشِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا كَانَ فِيهِ
قَبْلَ ذَلِكَ قَالَتْ عَائِشَةُ مَا شَبِعْنَا مِنْ التَّمْرِ حَتَّى
فُتِحَتْ خَيْبَرُ1.
ثَانِيهَا أَنَّهُنَّ تَغَايَرْنَ عَلَيْهِ فَحَلَفَ أن لا
يُكَلِّمَهُنَّ شَهْرًا ثُمَّ أُمِرَ بِأَنْ يُخَيِّرَهُنَّ حَكَاهُ
الْغَزَالِيُّ.
ثَالِثُهَا أَنَّهُنَّ طَالَبْنَهُ مِنْ الْحُلِيِّ وَالثِّيَابِ بِمَا
لَيْسَ عِنْدَهُ فَتَأَذَّى بِذَلِكَ فَأُمِرَ بِتَخْيِيرِهِنَّ
وَقِيلَ إنَّ ذَلِكَ كَانَ بِسَبَبِ طَلَبِ بَعْضِهِنَّ مِنْهُ
خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ فَأَعَدَّ لَهَا خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ
وَصَفَّرَهُ بِالزَّعْفَرَانِ فَتَسَخَّطَتْ.
رَابِعُهَا أَنَّ اللَّهَ امْتَحَنَهُنَّ بِالتَّخْيِيرِ لِيَكُونَ
لِرَسُولِهِ خِيرَةُ النِّسَاءِ.
خَامِسُهَا أَنَّ سَبَبَ نُزُولِهَا قِصَّةُ مَارِيَةَ فِي بَيْتِ
حَفْصَةَ أَوْ قِصَّةُ الْعَسَلِ الَّذِي شَرِبَهُ فِي بَيْتِ زَيْنَبَ
بِنْتِ جَحْشٍ وَهَذَا يَقْرُبُ مِنْ الثَّانِي.
1443 - قَوْلُهُ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آثَرَ
لِنَفْسِهِ الْفَقْرَ وَالصَّبْرَ عَلَيْهِ وَأَعَادَهُ بَعْدُ فِي
الْكَلَامِ عَلَى أَنَّ الْيَسَارَ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي الْكَفَاءَةِ
وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ
عَبَّاسٍ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَيَّرَهُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا
نَبِيًّا وبين أين يَكُونَ مَلِكًا فَاخْتَارَ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا
نَبِيًّا2،
__________
= باب كم يستغفر في اليوم ويتوب؟ حديث 10276، وعبد بن حميد ص 142، حديث
364، من حديث أبي بردة عن الأغر المزني، وكانت له صحبة، فذكره.
1 أخرجه البخاري 8/280- فتح الباري، كتاب المغازي: باب غزوة خيبر، حديث
4242، من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: لما فتحت خيبر قلنا: الآن
نشبع من التمر، وله شاهد عند البخاري أيضا عن ابن عمر رضي الله عنهما
قال: ما شبعنا حتى فتحنا خيبر، برقم 4243، وذكره القاري في مشكاة
المصابيح 9/118- مرقاة المفاتيح برقم 5267، عن ابن عمر، بهذا اللفظ: ما
شبعنا من تمر حتى فتحنا خيبر.
وقال: رواه البخاري.
2 أخرجه النسائي في الكبرى 4/171، كتاب آداب الأكل: باب الأكل متكئا،
حديث 6743، عن محمد بن عبد الله بن عباس قال: كان ابن عباس يحدث: أن
الله تبارك وتعالى أرسل إلى نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ==
(3/263)
وَلِمُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ
وَهُوَ مُضْطَجِعٌ عَلَى حَصِيرٍ فَجَلَسْتُ فَإِذَا عَلَيْهِ إزَارُهُ
وَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ وَإِذَا الْحَصِيرُ قَدْ أَثَّرَ فِي
جَنْبِهِ فَنَظَرْتُ فِي جِرَابِهِ وَإِذَا بِقَبْضَةٍ مِنْ شَعِيرٍ
نَحْوَ الصَّاعِ وَمِثْلُهَا قُرْطٌ فِي نَاحِيَةِ الْغَرْفَةِ
فَابْتَدَرَتْ عَيْنَايَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ أَلَا تَرْضَى أَنْ
تَكُونَ لَنَا الْآخِرَةُ وَلَهُمْ الدُّنْيَا1، وَأَخْرَجَاهُ مِنْ
طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ وَفِيهِ أُولَئِكَ
عُجِّلَتْ لَهُمْ طَيِّبَاتُهُمْ2، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ
عَائِشَةَ كَانَ فِرَاشُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ مِنْ أَدَمٍ وَحَشْوُهُ لِيفٌ3، وَمِنْ حَدِيثِهَا مَا
شَبِعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَةَ
أَيَّامٍ تِبَاعًا حَتَّى مَضَى لِسَبِيلِهِ4، وَفِي رِوَايَةٍ مُنْذُ
قَدِمَ الْمَدِينَةَ مِنْ طَعَامِ بُرٍّ حَتَّى قُبِضَ5،
__________
= ملكا، فذكره.
وكذا أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 7/49، كتاب النكاح: باب ما روي عنه
في قوله: أما أنا فلا آكل متكئا.
1 أخرجه مسلم 5/339، 340 – نووي، كتاب الطلاق: باب في الإيلاء واعتزال
النساء وتخييرهن حديث 30- 1479، والترمذي 5/420-423، كتاب تفسير
القرآن: باب ومن سورة التحريم، حديث 3368، وابن ماجة 2/1390، 1391،
كتاب الزهد: باب ضجاع آل محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حديث
4153، وأخرجه أحمد 1/33، 48، من حديث ابن عباس عن عمر رضي الله عنهما،
فذكرهما.
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، قد روي من غير وجه عن ابن عباس.
2 أخرجه البخاري 5/407-409 – فتح الباري كتاب المظالم: باب الغرفة
–والعلية المشرفة وغير المشرفة في السطوح وغيرها، حديث 2468، ومسلم
5/339-340 –نووي، حديث 1489 وقد تقدم قريبا.
وأخرجه بهذا اللفظ أيضا البغوي في شرح السنة 7/308 – بتحقيقنا، حديث
3965.
3 أخرجه البخاري 13/68 –فتح الباري، كتاب الرقاق: باب كيف كان يعيش
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه وتخليهم عن الدنيا،
حديث 6456، ومسلم 7/ 307، نووي، كتاب اللباس والزينة: باب التواضع في
اللباس، حديث 38/ 2082، وأبو داود 4/71، كتاب اللباس: باب في الفرش
حديث 4146، 4147، والترمذي 4/237، كتاب اللباس: باب ما جاء في فراش
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حديث 1761، وابن ماجة
2/1390، كتاب الزهد: باب ضجاع آل محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، حديث 4151.
وأخرجه أحمد 6/48، 56، 73، وعبد بن حميد ص 436، حديث 1506، من حديث
هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة.
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
4 أخرجه أحمد بهذا اللفظ 6/255، ومسلم 9/328- نووي، حديث 21/2980.
5 أخرجه البخاري 10/689 – فتح الباري، كتاب الأطعمة: باب ما كان النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه يأكلون حديث 5416، ومسلم
9/328 – نووي، كتاب الزهد والرقائق، حديث 20/2970، وابن ماجة 2/1110،
كتاب الأطعمة: باب خبر البر، حديث 3344، والترمذي نحوه 4/579، كتاب
الزهد: باب ما جاء في معيشة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وأهله، حديث 2357، وفي الشمائل المحمدية ص 129، حديث 150، وأخرجه أحمد
في المسند 6/42، 156، والبغوي في شرح السنة 7/309 –بتحقيقنا، حديث
39678، 3968، من طريق إبراهيم عن الأسود بن يزيد عن عائشة به.==
(3/264)
وَفِيهِمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اللَّهُمَّ اجْعَلْ رِزْقَ آلِ
مُحَمَّدٍ قُوتًا1، فَإِنْ قِيلَ فَمَا وَجْهُ اسْتِعَاذَتِهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْفَقْرِ كَمَا تَقَدَّمَ الْحَدِيثُ
فِي قَسْمِ الصَّدَقَاتِ فَالْجَوَابُ أَنَّ الَّذِي اسْتَعَاذَ مِنْهُ
وَكَرِهَهُ فَقْرَ الْقَلْبِ وَاَلَّذِي اخْتَارَهُ وَارْتَضَاهُ
طَرْحَ الْمَالِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ الَّذِي اسْتَعَاذَ
مِنْهُ هُوَ الَّذِي لَا يُدْرَكُ مَعَهُ الْقُوتُ وَالْكَفَافُ وَلَا
يَسْتَقِرُّ مَعَهُ فِي النَّفْسِ غِنًى لِأَنَّ الْغِنَى عنده صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غنى النفس وقد قَالَ تَعَالَى {وَوَجَدَك
عَائِلًا فَأَغْنَى} وَلَمْ يَكُنْ غِنَاهُ أَكْثَرَ مِنْ ادِّخَارِهِ
قُوتَ سَنَةٍ لِنَفْسِهِ وَعِيَالِهِ وَكَانَ الْغِنَى مَحَلُّهُ فِي
قَلْبِهِ ثِقَةً بِرَبِّهِ وَكَانَ يَسْتَعِيذُ من فقر منسي وغنى مطغي
وفيه دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لِلْغِنَى وَالْفَقْرِ طَرَفَيْنِ
مَذْمُومَيْنِ وَبِهَذَا تَجْتَمِعُ الْأَخْبَارُ فِي هَذَا الْمَعْنَى
1444 - حَدِيثُ عَائِشَةَ مَا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أُحِلَّ لَهُ النِّسَاءُ اللَّاتِي حُظِرْنَ
عَلَيْهِ كَذَا وَقَعَ فِيهِ وَقَوْلُهُ اللَّاتِي حُظِرْنَ عَلَيْهِ
مُدْرَجٌ فِي الْحَدِيثِ قَالَ الشَّافِعِيُّ أَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ
عَنْ عَمْرٍو عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ مَا مَاتَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أُحِلَّ لَهُ
النِّسَاءُ2، قال الشافعي كأنها يعني اللَّاتِي حُظِرْنَ فِي قَوْله
تَعَالَى {لَا يَحِلُّ لَك النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ} الْآيَةَ وَهَكَذَا
سَاقَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَأَخْرَجَهُ
أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ
دُونَ الزِّيَادَةِ3، وَرَوَاهُ الدَّارِمِيُّ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وابن
حبان والحاكم والنسائي مِنْ طَرِيقِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ
عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَائِشَةَ بِلَفْظِ مَا تُوُفِّيَ رَسُولُ
اللَّهِ حَتَّى أَحَلَّ اللَّهُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ مِنْ النِّسَاءِ
مَا شَاءَ4، وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ
__________
=وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
1 أخرجه البخاري 13/68 – الفتح، كتاب الرقاق: باب كيف عيش النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه، حديث 6460، ومسلم 4/157 – نووي،
كتاب الزكاة: باب إعطاء الكفاف والقناعة، حديث 126-1055، والترمذي
4/580، كتاب الزهد: باب ما جاء في معيشة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وأهله، حديث 2361، وابن ماجة 2/1387، كتاب الزهد: باب
القناعة، حديث 4139، من حديث أبي هريرة.
2 أخرجه الشافعي في الأم 2/140، والبيهقي في معرفة السنن والآثار
5/213، كتاب النكاح: باب ما جاء في أمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أوزواجه، رقم 4047، وفي السنن الكبرى 7/54، كتاب
النكاح: باب كان لا يجوز له أن يبدل من أزواجه أحدا ثم سنخ.
3 أخرجه أحمد 6/41، والترمذي 5/356، كتاب تفسير القرآن: باب ومن سورة
الأحزاب حديث 3216.
وقال: هذا حديث حسن.
والنسائي 6/56، كتاب النكاح: باب ما افترض الله عز وجل على رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حديث 3204، والبيهقي في معرفة
السنن والآثار 5/213، رقم 4047، وفي السنن الكبرى 7/54، من طريق سفيان
عن عمرو عن عطاء عن عائشة به.
4 أخرجه أحمد 6/180، والنسائي 6/56، رقم 3205، والدارمي 2/154، كتاب
النكاح: باب لا يحل لك النساء من بعد، وابن حبان في صحيحه 14/281 –
الإحسان، رقم 6366،==
(3/265)
شَهْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ نُهِيَ رَسُولُ اللَّهِ عَنْ
أَصْنَافِ النِّسَاءِ إلَّا مَا كَانَ مِنْ الْمُؤْمِنَاتِ
الْمُهَاجِرَاتِ فَقَالَ {لَا يَحِلُّ لَك النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ}
الْآيَةَ فَأَحَلَّ اللَّهُ فَتَيَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ وَامْرَأَةً
مُؤْمِنَةً إنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ وَحَرَّمَ كُلَّ ذَاتِ
دِينٍ غَيْرِ الْإِسْلَامِ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إنَّا
أَحْلَلْنَا لَك أَزْوَاجَك إلَى قَوْلِهِ خَالِصَةً لَك وَحَرَّمَ مَا
سِوَى ذَلِكَ مِنْ أَصْنَافِ النِّسَاءِ1، قَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ.
1445 - حَدِيثٌ لَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ التَّخْيِيرِ بَدَأَ بِعَائِشَةَ
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَمَّا أُمِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَخْيِيرِهِ أَزْوَاجَهُ بَدَأَ بِي وَقَالَ
إنِّي ذَاكِرٌ لَكِ أَمْرًا فَلَا عَلَيْكِ أَلَّا تَعْجَلِي
الْحَدِيثَ وَفِيهِ ثُمَّ قَالَ إنَّ اللَّهَ قَالَ يَا أَيُّهَا
النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ
الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا الْآيَةَ وَفِيهِ فَإِنِّي أُرِيدُ اللَّهَ
وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ2، وَاتَّفَقَا عَلَى طَرِيقِ
مَسْرُوقٍ عَنْهَا خَيَّرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَاخْتَرْنَاهُ فَلَمْ يَعْدُدْهَا عَلَيْنَا وَفِي رواية
فلم يعد ذَلِكَ طَلَاقًا3، وَلِمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ نَحْوُ
الْأَوَّلِ وَزَادَ فِي آخِرِهِ وَأَسْأَلُكَ لَا تُخْبِرُ امْرَأَةً
مِنْ نِسَائِكَ بِاَلَّذِي قُلْتُ قَالَ لَا تَسْأَلُنِي امْرَأَةٌ
مِنْهُنَّ إلَّا أَخْبَرْتُهَا4، وَفِي بَعْضِ طُرُقِهِ أَنَّ هَذَا
الْكَلَامَ مُنْقَطِعٌ فَإِنَّ فِيهِ قَالَ مَعْمَرٌ وَأَخْبَرَنِي
أَيُّوبُ
__________
= والحاكم في المستدرك 2/437، كتاب التفسير، وقال: صحيح على شرط
الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
1 أخرجه الترمذي 5/355، 356، كتاب تفسير القرآن: باب ومن سورة الأحزاب،
حديث 3215، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
وقال: هذا حديث حسن، إنما نعرفه من حديث عبد الحميد بن بهرام، قال:
سمعت أحمد بن الحسن يقول: قال أحمد بن حنبل: لا بأس بحديث عبد الحميد
بن بهرام عن شهر بن حوشب.
2 أخرجه البخاري 9/473- فتح الباري، كتاب التفسير: باب {يا أيها النبي
قل لأزواجك إن كنتن} ، حديث 4785، ومسلم 5/335، 336 – نووي، كتاب
الطلاق: باب بيان أن تخيير امرأته لا يكون طلاقا إلا بالنية، حديث 22-
1475، والترمذي 5/350، 351، كتاب تفسير القرآن: باب ومن سورة الأحزاب،
حديث 3204، والنسائي 6/55، كتاب النكاح: باب ما افترض الله عز وجل على
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حديث 3201، وأخرجه أحمد
في المسند 6/77، 152، من حديث عائشة.
3 أخرجه البخاري 10/461- فتح، كتاب الطلاق: باب من خير أزواجه، حديث
5262، ومسلم في الصحيح 5/336، 337- نووي، كتاب الطلاق: باب بيان أن
تخيير امرأته لا يكون طلاقا، حديث 24- 1477، والترمذي 3/474، كتاب
الطلاق: باب ما جاء في الخيار، حديث 1179، والنسائي 6/56، كتاب النكاح:
باب ما افترض الله عز وجل على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ حديث 3203، وأخرجه أحمد 6/170، والبيهقي في السنن الكبرى
7/345، كتاب الطلاق باب ما جاء في التخيير، من طريق الشعبي عن مسروق عن
عائشة به.
4 أخرجه مسلم 5/337، 338، نووي، كتاب الطلاق: باب بيان أن تخيير امرأته
لا يكون طلاقا، حديث 29- 1478، من حديث جابر.
(3/266)
قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ لَا تَقُلْ إنِّي أَخْبَرْتُكَ1.
تَنْبِيهٌ: اُحْتُجَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ جَوَابَهُنَّ
لَيْسَ الْفَوْرَ وَاعْتَرَضَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ بِأَنَّهُ
صَرَّحَ لِعَائِشَةَ بِالْإِمْهَالِ إلَى مُرَاجَعَةِ الْأَبَوَيْنِ
قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَفِي طَرْدِ ذَلِكَ فِي بَقِيَّةِ
أَزْوَاجِهِ نَظَرٌ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ خَاصًّا
بِعَائِشَةَ لِمَيْلِهِ إلَيْهَا وَصِغَرِ سِنِّهَا فَكَأَنَّهُ قَالَ
لَهَا لَا تُبَادِرِي بِالْجَوَابِ خَشْيَةَ أَنْ تَبْتَدِرَ
فَتَخْتَارَ الدُّنْيَا وَعَلَى هَذَا فَلَا يَطَّرِدُ ذَلِكَ فِي
غَيْرِهَا انْتَهَى وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ.
قَوْلُهُ وَهَلْ حَرُمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ طَلَاقُهُنَّ بَعْدَمَا اخْتَرْنَهُ كَمَا لَوْ رَغِبَتْ
عَنْهُ امْرَأَةٌ حَرُمَ عَلَيْهِ إمْسَاكُهَا قُلْت وَهَذَا يَحْتَاجُ
إلَى دَلِيلٍ خَاصٍّ.
قَوْلُهُ الْقِسْمُ الثَّانِي الْمُحَرَّمَاتُ الزَّكَاةُ
وَالصَّدَقَةُ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي قَسْمِ الصَّدَقَاتِ.
1446 - قَوْلُهُ مَا كَانَ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ الْبَصَلَ وَالثُّومَ
وَالْكُرَّاثَ وَهَلْ كَانَ حَرَامًا عَلَيْهِ فِيهِ وَجْهَانِ
أَشْبَهُهُمَا لَا وَقَوْلُهُ وَالْأَشْبَهُ إلَى آخِرِهِ يُؤْخَذُ
مِمَّا رَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُ مِنْ طَرِيقِ جَابِرِ بْنِ
سَمُرَةَ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ نَحْوُ مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَزَادَ
إنِّي أَسْتَحِي مِنْ مَلَائِكَةِ اللَّهِ وَلَيْسَ بِمُحَرَّمٍ2،
وَلِلْحَاكِمِ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ بْنِ وَهْبٍ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ
أَنَّهُ أُرْسِلَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ بِطَعَامٍ مِنْ خَضِرَةٍ فِيهِ بَصَلٌ أَوْ كُرَّاثٌ فَلَمْ
يَرَ فِيهِ أَثَرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَأَبَى أَنْ يَأْكُلَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ إنِّي أَسْتَحِي مِنْ
مَلَائِكَةِ اللَّهِ وَلَيْسَ بِمُحَرَّمٍ3، وَلِابْنِ خُزَيْمَةَ مِنْ
حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ لَمْ يَعُدْ أَنْ فُتِحَتْ خَيْبَرُ وَقَعْنَا
فِي تِلْكَ الْبَقْلَةِ الثُّومِ فَأَكَلْنَا أَكْلًا شَدِيدًا قَالَ
وَنَاسٌ جِيَاعٌ ثُمَّ قُمْنَا إلَى الْمَسْجِدِ فَوَجَدَ رَسُولُ
اللَّهِ الرِّيحَ فَقَالَ مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ
الْخَبِيثَةِ فَلَا يَقْرَبْنَا فِي مَسْجِدِنَا فَقَالَ النَّاسُ
حُرِّمَتْ حُرِّمَتْ فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنَّهُ لَيْسَ لِي
تَحْرِيمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ وَلَكِنَّهَا شَجَرَةٌ أَكْرَهُ
رِيحَهَا وَإِنَّهُ يَأْتِينِي أَنْحَاءٌ4، مِنْ الْمَلَائِكَةِ
فَأَكْرَهُ أَنْ يَشُمُّوا رِيحَهَا5، وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ تَدُلُّ
عَلَى أَنَّ النَّهْيَ الْمُطْلَقَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ الَّذِي
أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
نَهَى يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ أَكْلِ الثُّومِ6 مَحْمُولٌ
__________
1 أخرجه مسلم 5/346- نووي، كتاب الطلاق: باب الإيلاء واعتزال النساء
وتخييرهن، حديث 35-1475.
2 أخرجه ابن خزيمة في صحيحه 3/85، 86، حديث 1670، من حديث أبي أيوب.
3 أخرجه الحاكم في المستدرك 4/135، كتاب الأطعمة، وقال: صحيح على شرط
الشيخين، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
4 أنحاء: أي ضروب منهم، واحدهم: نحو يعني: أن الملائكة كانوا يزورونه،
سوى جبريل عليه السلام.
ينظر: النهاية لابن الأثير 5/30.
5 أخرجه ابن خزيمة 3/84، حديث 1667، من طريق أبي نضرة عن أبي سعيد،
فذكره.
6 أخرجه البخاري 2/610- الفتح، كتاب الأذان: باب ما جاء في الثوم النيء
والبصل والكراث حديث 853، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
(3/267)
عَلَى مَنْ أَرَادَ حُضُورَ الْمَسْجِدِ وَقَدْ زَادَ يَزِيدُ بْنُ
الْهَادِ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كان يأكله إذا طبح وَظَاهِرُ
الْأَحَادِيثِ أَنَّ أَكْلَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ بِحَرَامٍ عَلَيْهِ
عَلَى الْإِطْلَاقِ بَلْ فِي أَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيِّ مِنْ
حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّ آخِرَ طَعَامٍ أَكَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَعَامٌ فِيهِ بَصَلٌ1، زَادَ
الْبَيْهَقِيُّ أَنَّهُ كَانَ مَشْوِيًّا فِي قِدْرٍ2، وَيُؤَيِّدُهُ
حَدِيثُ عُمَرَ عِنْدَ مُسْلِمٍ فَمَنْ كَانَ آكِلَهُمَا وَلَا بُدَّ
فَلْيُمِتْهُمَا طَبْخًا3، وَلِأَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ عَنْ
عَلِيٍّ نَهَى عَنْ أَكْلِ الثُّومِ إلَّا مَطْبُوخًا4.
1447 - حَدِيثٌ أَنَّهُ أُتِيَ بِقِدْرٍ فِيهِ بُقُولٌ فَوَجَدَ لَهَا
رِيحًا فَقَرَّبَهَا إلَى بَعْضِ أَصْحَابِهِ وَقَالَ كُلْ فَإِنِّي
أُنَاجِي مَنْ لَا تُنَاجِي مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ5.
1448 - حَدِيثٌ كَانَ لَا يَأْكُلُ مُتَّكِئًا الْبُخَارِيُّ
وَأَصْحَابُ السُّنَنِ عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا آكُلُ مُتَّكِئًا6.
__________
1 أخرجه أبو داود 3/361، 362، كتاب الأطعمة: باب من أكل الثوم، حديث
3829، والنسائي في السنن الكبرى 4/158، كتاب أبواب الأطعمة: باب الرخصة
في أكل البصل والثوم المطبوخ، حديث 6680، وأخرجه أحمد في المسند 6/89،
من حديث عائشة به.
2 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 3/78، كتاب الصلاة: باب الدليل على أن
أكل ذلك ليس حرام.
3 أخرجه مسلم 3/55- نووي، كتاب المساجد ومواضع الصلاة: باب نهى من أكل
ثوما أو بصلا، حديث 78-567، والنسائي 2/43، كتاب المساجد: باب من يخرج
من المسجد، حديث 708، وابن ماجة 2/1116، كتاب الأطعمة: باب أكل الثوم
والبصل والكراث، حديث 3363، والبيهقي في السنن الكبرى 3/78، كتاب
الصلاة: باب ما يؤمر به من أكل شيئا من ذلك أن يميته طبخا.
4 أخرجه أبو داود 3/361، كتاب الأطعمة: باب في أكل الثوم، حديث 3828،
والترمذي 4/262، كتاب الأطعمة: باب ما جاء في الرخصة في الثوم مطبوخا،
حدث 1808، والبيهقي في السنن الكبرى 3/78، كتاب الصلاة: باب ما يؤمر به
من أكل شيئا من ذلك أن يميته طبخا، من طريق أبي إسحاق عن شريك عن علي
به.
قال أبو داود: شريك هو ابن حنبل.
5 أخرجه البخاري 2/610- فتح الباري، كتاب الأذان: باب ما جاء في الثوم
النيء والبصل والكراث، حديث 855، ومسلم 3/54- نووي، كتاب المساجد: باب
نهى من أكل ثوما أو بصلا، حديث 73-565، وأبو داود 3/360، كتاب الأطعمة:
باب في أكل الثوم، حديث 3822، والترمذي 4/261، كتاب الأطعمة: باب ما
جاء في كراهية أكل الثوم والبصل، حديث 1806، والنسائي 2/43، حديث 707.
وأخرجه أحمد 3/380، وابن خزيمة 3/83، حديث 1665.
6 أخرجه البخاري 10/678 – الفتح، كتاب الأطعمة: باب الأكل متكئا، حديث
5398، وأبو داود 3/348، كتاب الأطعمة: باب ما جاء في الأكل متكئا، حديث
3769، والترمذي 4/273، كتاب الأطعمة: باب ما جاء كراهية الأكل متكئا،
حديث 1830، والنسائي في الكبرى 4/171، كتاب آداب الأكل: باب الأكل
متكئا، حدث 6742، وابن ماجة 2/1086، كتاب الأطعمة: باب الأكل متكئا،
حديث 3262، وأخرجه أحمد 4/308، والحميدي 2/395،==
(3/268)
1449 - حَدِيثٌ إنَّمَا آكُلُ كَمَا يَأْكُلُ الْعَبْدُ وَأَجْلِسُ
كَمَا يَجْلِسُ الْعَبْدُ الْبَيْهَقِيّ فِي الشُّعَبِ مِنْ طَرِيقِ
يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ مُرْسَلًا وَهُوَ فِي مُصَنَّفِ عَبْدِ
الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ يَحْيَى وَلَفْظُهُ أَنَّ النَّبِيَّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "آكُلُ كَمَا يَأْكُلُ
الْعَبْدُ وَأَجْلِسُ كَمَا يَجْلِسُ الْعَبْدُ فَإِنَّمَا أَنَا
عَبْدٌ" 1، وَقَالَ الْبَزَّارُ نَا أَحْمَدُ بْنُ الْمُعَلَّى
الْآدَمِيُّ نَا حَفْصُ بْنُ عَمَّارٍ الطَّاحِيُّ نَا مُبَارَكُ بْنُ
فَضَالَةَ عَنْ عبيد الله عن نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ بِلَفْظِ
إنَّمَا أَنَا عَبْدٌ آكُلُ كَمَا يَأْكُلُ الْعَبْدُ2، وَقَالَ لَا
نَعْلَمُ يُرْوَى بِإِسْنَادٍ مُتَّصِلٍ إلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ
وَلَا نَعْلَمُ رَوَاهُ إلَّا ابْنُ عُمَرَ وَلَا عَنْ عُبَيْدِ
اللَّهِ إلَّا مُبَارَكٌ وَلَا عَنْ مُبَارَكٍ إلَّا حَفْصٌ وَلَا
يُتَابَعُ عَلَيْهِ قُلْت وَحَفْصٌ فِيهِ مَقَالٌ وَوَصَلَهُ ابْنُ
شَاهِينِ فِي نَاسِخِهِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ وَفِيهِ قِصَّةٌ3،
وَلِأَبِي الشَّيْخِ فِي كِتَابِ أَخْلَاقِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ نَحْوُهُ4 وَمِنْ حَدِيثِ
عَائِشَةَ5، وَإِسْنَادُهُمَا ضَعِيفٌ وَلِابْنِ شَاهِينِ مِنْ طَرِيقِ
عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ مُرْسَلًا نَحْوُهُ6، وَفِي ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ
مِنْ حَدِيثِ مُجَاهِدٍ مُرْسَلًا أَيْضًا قَالَ مَا أَكَلَ رَسُولُ
اللَّهِ مُتَّكِئًا قَطُّ إلَّا مَرَّةً وَقَالَ اللَّهُمَّ إنِّي
عَبْدُك وَرَسُولُك7، وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ أَنَا أَبُو النَّضْرِ
أَنَا أَبُو مَعْشَرٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا يَا عَائِشَةُ لَوْ
شِئْتُ لَسَارَتْ مَعِي جِبَالُ الذَّهَبِ أتاني ملك إن حجزته
لَتُسَاوِي الْكَعْبَةَ فَقَالَ إنَّ رَبَّك يُقْرِئُكَ السَّلَامَ
وَيَقُولُ لَك إنْ شِئْتَ كُنْتَ نَبِيًّا مَلِكًا وَإِنْ شِئْتَ
عَبْدًا فَأَشَارَ إلَيَّ جِبْرِيلُ أَنْ ضَعْ نَفْسَك فَقُلْتُ نبيا
عبدا فكن بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَأْكُلُ مُتَّكِئًا وَيَقُولُ آكُلُ كَمَا
يَأْكُلُ الْعَبْدُ وَأَجْلِسُ كَمَا يَجْلِسُ الْعَبْدُ8
وَلِلْبَيْهَقِيِّ فِي الشُّعَبِ وَالدَّلَائِلِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ
عَبَّاسٍ فِي قِصَّةٍ قَالَ فِيهَا فَمَا أَكَلَ
__________
= حديث 891، والدارمي 2/106، كتاب الأطعمة: باب الأكل متكئا، والبغوي
فلي شرح السنة 6/69، حديث 2832، كتاب الأطعمة: باب كراهية الأكل متكئا،
عن أبي جحيفة، فذكره.
1 أخرجه عبد الرزاق في مصنفه 10/417، رقم 1955، والبيهقي في شعب
الإيمان 5/107، رقم 5975، عن يحيى ابن أبي كثير مرسلا.
2 أخرجه البزار كما في كشف الأستار برقم 2469، وكما عزاه له الهيثمي في
مجمع الزوائد 9/24، كتاب علامات النبوة: باب في تواضعه صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقال: رواه البزار، وفيه حفص بن عمارة الطاهر ولم أعرفه، وبقية رجاله
وثقوا.
3 أخرجه ابن شاهين في الناسخ والمنسوخ من الحديث ص 278، 279- بتحقيقنا،
رقم 612، وأخرجه ابن عدي في الكامل 5/1971، من طريق عبد الحكم عن أنس
بن مالك، فذكره.
4 أخرجه أبو الشيخ في أخلاق النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وآدابه ص 212، في ذكر تواضعه في أكله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ.
5 ينظر: أخلاق النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 213.
6 أخرجه ابن شاهين في الناسخ والمنسوخ ص 78، رقم 611.
7 أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه 5/140، كتاب العقيقة: باب من كان يأكل
متكئا، حديث 24516.
8 أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى 1/288، ذكر صفته في مأكله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ص 213، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 9/22، كتاب
علامات النبوة: باب في==
(3/269)
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ تِلْكَ الْكَلِمَةِ طَعَامًا
مُتَّكِئًا حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ1 وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ بِلَفْظِ
قَطُّ بَدَلَ حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ فَإِنَّهُ
مِنْ رِوَايَةِ بَقِيَّةَ عَنْ الزُّبَيْدِيِّ وَقَدْ صَرَّحَ
وَوَافَقَهُ مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ
أَيْضًا2.
فَائِدَةٌ لَمْ يَثْبُتْ دَلِيلُ الْخُصُوصِيَّةِ فِي ذَلِكَ
وَإِنَّمَا هُوَ أَدَبٌ مِنْ الْآدَابِ وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِأَنَّهُ
كَانَ غَيْرَ مُحَرَّمٍ عَلَيْهِ ابْنُ شَاهِينِ فِي نَاسِخِهِ3.
تَنْبِيهٌ: قَالَ الْخَطَّابِيُّ الْمُتَّكِئُ هُوَ الْجَالِسُ
مُعْتَمِدًا عَلَى وِطَاءٍ4، وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ الْمُرَادُ
بِالِاتِّكَاءِ عَلَى أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ.
1450 - قَوْلُهُ وَمِمَّا عُدَّ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ الْخَطُّ
وَالشِّعْرُ وإنما يتجه القول بتحريمها مِمَّنْ يَقُولُ إنَّهُ كَانَ
يُحْسِنُهُمَا ثُمَّ اسْتَدَلَّ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى وَمَا
كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ
بِيَمِينِكَ وَبِقَوْلِهِ وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا
يَنْبَغِي لَهُ وَفِي الِاسْتِدْلَالِ بِالْآيَةِ الْأُولَى عَلَى
ذَلِكَ نَظَرٌ وَاسْتَدَلَّ غَيْرُهُ بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ
الْمُخَرَّجِ فِي الصَّحِيحِ بِلَفْظِ إنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ لَا
نَكْتُبُ وَلَا نَحْسُبُ5 الْحَدِيثَ.
وَقَالَ الْبَغَوِيّ فِي التَّهْذِيبِ قِيلَ كَانَ يُحْسِنُ الْخَطَّ
وَلَا يَكْتُبُ وَيُحْسِنُ الشِّعْرَ وَلَا يَقُولُهُ وَالْأَصَحُّ
أَنَّهُ كَانَ لَا يُحْسِنُهُمَا وَلَكِنْ كَانَ يُمَيِّزُ بَيْنَ
جَيِّدِ الشِّعْرِ ورديه انْتَهَى وَادَّعَى بَعْضُهُمْ أَنَّهُ صَارَ
يَعْلَمُ الْكِتَابَةَ بَعْدَ أَنْ كَانَ لَا يَعْلَمُهَا وَأَنَّ
عَدَمَ مَعْرِفَتِهِ كَانَ بِسَبَبِ الْمُعْجِزَةِ6، لِقَوْلِهِ
تَعَالَى وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا
تَخُطُّهُ بِيَمِينِك إِذا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ فَلَمَّا نَزَلَ
الْقُرْآنُ وَاشْتَهَرَ الْإِسْلَامُ وَكَثُرَ الْمُسْلِمُونَ
وَظَهَرَتْ الْمُعْجِزَةُ وَأُمِنَ الِارْتِيَابُ
__________
= تواضعه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقال: رواه أبو يعلى
وإسناده حسن.
1 أخرجه البيهقي في شعب الإيمان 5/107، رقم 5971، وفي الدلائل النبوة
1/334، باب ذكر أخبار رويت في زهده في الدنيا، وأخرجه النسائي في السنن
الكبرى 4/171، كتاب آداب الأكل: باب الأكل متكئا، حديث 6743، موصولا.
2 أخرجه عبد الرزاق في مصنفه 10/417، رقم 19551.
3 ينظر: الناسخ والمنسوخ لابن شاهين ص 279، تحت رقم 613 – بتحقيقنا.
4 ينظر: معالم السنن للخطابي 4/243.
5 أخرجه البخاري 4/623 – الفتح، كتاب الصوم: باب قول النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تكتب ولا تحسب" ، حديث 1913، ومسلم
4/204- نووي، كتاب الصيام: باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال، حديث 15-
1080، وأبو داود 2/296، كتاب الصوم: باب الشهر يكون تسعا وعشرين، حديث
2319، والنسائي 4/139، كتاب الصيام: باب كم الشهر؟ حديث 2140، وأخرجه
أحمد 2/43، والبيهقي في السنن الكبرى 4/250، كتاب الصيام: باب الشهر
يخرج تسعا وعشرين فيكمل صيامهم من حديث ابن عمر.
6 ينظر: رسالة تحقيق المذهب لأبي الوليد الباجي ص 198-214.
(3/270)
فِي ذَلِكَ عَرَفَ حِينَئِذٍ الْكِتَابَةَ وَقَدْ رَوَى ابْنُ أَبِي
شَيْبَةَ وَغَيْرُهُ مِنْ طَرِيقِ مُجَالِدٍ عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ
اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ مَا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى كَتَبَ وَقَرَأَ1، قَالَ مُجَالِدٌ
فَذَكَرْت ذَلِكَ لِلشَّعْبِيِّ فَقَالَ صَدَقَ قَدْ سَمِعْت
أَقْوَامًا يَذْكُرُونَ ذَلِكَ انْتَهَى قَالَ وَلَيْسَ فِي الْآيَةِ
مَا يُنَافِي ذَلِكَ وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُ عَنْ أَنَسٍ
قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
رَأَيْت لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ مَكْتُوبًا
الصَّدَقَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا وَالْقَرْضُ بِثَمَانِيَةَ عَشْرَ2،
قَالَ وَالْقُدْرَةُ عَلَى قِرَاءَةِ الْمَكْتُوبِ فَرْعُ مَعْرِفَةِ
الْكِتَابَةِ وَأُجِيبَ بِاحْتِمَالِ أَقْدَارِ اللَّهِ لَهُ عَلَى
ذَلِكَ بِغَيْرِ تَقَدُّمَةِ مَعْرِفَةِ الْكِتَابَةِ وَهُوَ أَبْلَغُ
فِي الْمُعْجِزَةِ وَبِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ حُذِفَ مِنْهُ شَيْءٌ
وَالتَّقْدِيرُ فَسَأَلْتُ عَنْ الْمَكْتُوبِ فَقِيلَ لِي هُوَ كَذَا
وَمِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُهَاجِرِ عَنْ يُونُسَ بْنِ
مَيْسَرَةَ عَنْ أَبِي كَبْشَةَ السَّلُولِيِّ عَنْ سَهْلِ بن الخظلية
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَمَرَ
مُعَاوِيَةَ أَنْ يَكْتُبَ لِلْأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ وَعُيَيْنَةَ
بْنِ حِصْنٍ قَالَ عُيَيْنَةُ أَتَرَانِي أَذْهَبُ إلَى قَوْمِي
بِصَحِيفَةٍ كَصَحِيفَةِ الْمُلْتَمِسِ فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّحِيفَةَ فَنَظَرَ فِيهَا
فَقَالَ قَدْ كَتَبَ لَك بِمَا أُمِرَ فِيهَا3، قَالَ يُونُسُ بْنُ
مَيْسَرَةَ أَحَدُ رُوَاتِهِ فَيَرَى أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كتب بعدما أُنْزِلَ عَلَيْهِ وَمِنْ
الْحُجَّةِ في ذلك ظاهرا مَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي قِصَّةِ
صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ فَأَخَذَ الْكِتَابَ
فَكَتَبَ هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ
الْحَدِيثَ4، وَكَذَا أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فِي
مُسْتَخْرَجِهِ وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ بْنُ دِحْيَةَ صَارَ بَعْضُ
النَّاسِ إلَى أَنَّ
__________
1 ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 8/274، كتاب علامات النبوة.
وقال: رواه الطبراني، وقال: هذا حديث منكر، وأبو عقيل ضعيف، وهذا معارض
لكتاب الله تعالى، وإن معناه: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ لم يتوف حتى قرأ عبد الله بن عتبة، وكتب، يعني أنه كان يعقل
في وفاته والله أعلم.
والحديث ذكره الألباني في الضعيفة 1/349، رقم 343، وقال: موضوع.
2 أخرجه ابن ماجة 2/812، كتاب الصدقات: باب القرض، حديث 2431، من طريق
خالد بن يزيد بن أبي مالك عن أبيه عن أنس بن مالك فذكره.
قال البوصيري في الزوائد 2/252: هذا إسناد ضعيف، خالد بن أبي يزيد بن
عبد الرحمن بن مالك أبو هشام الهمداني الدمشقي، ضعفه أحمد وابن معين
وأبو داود والنسائي وأبو زرعة وابن الجارود والساجي والعقيلي والدار
قطني وغيرهم.
ووثقه أحمد بن صالح المصري، وأبو زرعة الدمشقي، وقال ابن حبان: هو من
فقهاء الشام كان صدوقا في الرواية، ولكن كان يخطئ كثيرا وأبوه فقيه
دمشق ومفتيهم.
3 ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 3/98، كتاب الزكاة: باب ما جاء في
السؤال، من حديث سهل بن الحنظلية الأنصاري.
وقال: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.
4 أخرجه البخاري 5/643 – فتح الباري، كتاب الصلح: باب كيف يكتب: هذا من
صالح فلان بن فلان .... حديث 2799، وأخرجه أحمد 4/289، ومسلم 6/376-
نووي، كتاب الجهاد والسير: باب صلح الحديبية، حديث 92-1783، وأبو داود
2/167، كتاب المناسك الحج: باب المحرم يحمل السلاح، حديث 1832، من حديث
البراء بن عازب.
(3/271)
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ مِنْهُمْ أَبُو
ذَرٍّ الْهَرَوِيُّ وَأَبُو الْفَتْحِ النَّيْسَابُورِيُّ وَأَبُو
الْوَلِيدِ الْبَاجِيُّ وَصَنَّفَ فِيهِ كِتَابًا قَالَ وَسَبَقَ إلَى
ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ فِي كِتَابِ الْكِتَابِ لَهُ فَإِنَّهُ
قَالَ فِيهِ كَتَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بِيَدِهِ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ
الْعَرَبِيِّ فِي سِرَاجِهِ لَمَّا قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ ذَلِكَ
طَعَنُوا عَلَيْهِ وَرَمَوْهُ بِالزَّنْدَقَةِ وَكَانَ الْأَمِيرُ
مُتَثَبِّتًا فَأَحْضَرَهُمْ لِلْمُنَاظَرَةِ فَاسْتَظْهَرَ
الْبَاجِيُّ بِبَعْضِ الْحُجَّةِ وَطَعَنَ عَلَى مَنْ خَالَفَهُ
وَنَسَبَهُمْ إلَى عَدَمِ مَعْرِفَةِ الْأُصُولِ وَقَالَ اُكْتُبْ إلَى
الْعُلَمَاءِ بِالْآفَاقِ فَكَتَبَ إلَى إفْرِيقِيَّةَ وَصِقِلِّيَةَ
وَغَيْرِهِمَا فَجَاءَتْ الْأَجْوِبَةُ بِمُوَافَقَةِ الْبَاجِيِّ
وَمُحَصَّلُ مَا تَوَارَدُوا عَلَيْهِ أَنَّ مَعْرِفَتَهُ الْكِتَابَةَ
بَعْدَ أُمِّيَّتِهِ لَا يُنَافِي الْمُعْجِزَةَ بَلْ تَكُونُ
مُعْجِزَةً أُخْرَى لِأَنَّهُمْ بَعْدَ أَنْ تَحَقَّقُوا أُمِّيَّتَهُ
وَعَرَفُوا مُعْجِزَتَهُ بِذَلِكَ وَعَلَيْهِ تُنَزَّلُ الْآيَةُ
السَّابِقَةُ صَارَ بَعْدَ ذَلِكَ يَعْلَمُ الْكِتَابَةَ بِغَيْرِ
تَقَدُّمِ تَعْلِيمٍ فَكَانَتْ مُعْجِزَةً أُخْرَى وَعَلَيْهِ
يُنَزَّلُ حَدِيثُ الْبَرَاءِ انْتَهَى وَقَدْ رَدَّ أَبُو مُحَمَّدِ
بْنُ مُعْوَرٍ عَلَى أَبِي الْوَلِيدِ الْبَاجِيِّ وَبَيَّنَ خَطَأَهُ
فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي تَصْنِيفٍ مُفْرَدٍ وَوَقَعَ لِأَبِي
مُحَمَّدٍ الْهَوَّارِيِّ مَعَهُ قِصَّةٌ فِي مَنَامٍ رَآهُ
مُلَخَّصُهُ أَنَّهُ كَانَ يَرَى مِمَّا قَالَ الْبَاجِيُّ فَرَأَى فِي
النَّوْمِ قَبْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَنْشَقُّ وَيَمِيدُ وَلَا يَسْتَقِرُّ فَانْدَهَشَ لِذَلِكَ وَقَالَ
فِي نَفْسِهِ لَعَلَّ هَذَا بِسَبَبِ اعْتِقَادِي ثُمَّ عَقَدْت
التَّوْبَةَ مَعَ نَفْسِي فَسَكَنَ وَاسْتَقَرَّ فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ
قَصَّ الرُّؤْيَا عَلَى ابْنِ مُعْوَرٍ فَعَبَّرَهَا لَهُ كَذَلِكَ
وَاسْتَظْهَرَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {تَكَادُ السماوات يَتَفَطَّرْنَ
مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا} الْآيَاتِ
وَمُحَصَّلُ مَا أَجَابَ بِهِ الْبَاجِيُّ عَنْ ظَاهِرِ حَدِيثِ
الْبَرَاءِ أَنَّ الْقِصَّةَ وَاحِدَةٌ وَالْكَاتِبَ فِيهَا كَانَ
عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى
لِلْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ أَيْضًا بِلَفْظِ لَمَّا
صَالَحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْلَ
الْحُدَيْبِيَةِ كَتَبَ عَلِيٌّ بَيْنَهُمْ كِتَابًا فَكَتَبَ
مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ1، فَتُحْمَلُ الرِّوَايَةُ الْأُولَى عَلَى
أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ فَكَتَبَ أَيْ فَأَمَرَ الْكَاتِبَ وَيَدُلُّ
عَلَيْهِ رِوَايَةُ الْمِسْوَرِ فِي الصَّحِيحِ أَيْضًا فِي هَذِهِ
الْقِصَّةِ فَفِيهَا وَاَللَّهِ وَإِنِّي لَرَسُولُ اللَّهِ وَإِنْ
كَذَّبْتُمُونِي اُكْتُبْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ2، وَقَدْ
وَرَدَ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحَادِيثِ فِي الصَّحِيحِ وَغَيْرِهِ
إطْلَاقُ لَفْظِ كَتَبَ بِمَعْنَى أَمَرَ مِنْهَا حَدِيثُ ابْنِ
عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ
إلَى قَيْصَرَ3، وَحَدِيثُهُ كَتَبَ إلَى النَّجَاشِيِّ
__________
1 أخرجه البخاري في الصحيح 5/643 –الفتح، كتاب الصلح: باب كيف يكتب،
حديث 2698، وأخرجه مسلم أيضا 6/376 –نووي، كتاب الجهاد والسير: باب صلح
الحديبية في الحديبية حديث 90-1783.
2 أخرجه البخاري 5/675-677 –الفتح، كتاب الشروط: باب الشروط في الجهاد،
والمصالحة من أهل الحرب وكتاب الشروط، حديث 2731، 2732.
3 أخرجه البخاري 6/209 –الفتح، كتاب الجهاد والسير: باب دعاء النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الناس إلى الإسلام والنبوة، حديث
2940، وأخرجه أحمد 1/262، 263، من حديث ابن عباس أن رسول الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كتب إلى قيصر يدعوه إلى الإسلام، وبعث
بكتابه إليه مع دحية الكلبي ... فذكره.
(3/272)
وَحَدِيثُهُ كَتَبَ إلَى كَسْرَى1، وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
عُكَيْمٍ كَتَبَ إلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ2، وَغَيْرُ هَذِهِ
الْأَحَادِيثِ كُلِّهَا مَحْمُولَةٌ عَلَى أَنَّهُ أَمَرَ الْكَاتِبَ
وَيُشْعِرُ بِذَلِكَ هُنَا قَوْلُهُ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ لَمَّا
امْتَنَعَ الْكَاتِبُ أَنْ يَمْحُوَ لَفْظَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ
قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرِنِي
فَمَحَاهُ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ يَعْرِفُ الْكِتَابَةَ
لَمَا احْتَاجَ إلَى قَوْلِهِ أَرِنِي فَكَأَنَّهُ أَرَاهُ الْمَوْضِعَ
الَّذِي أَبَى أَنْ يَمْحُوَهُ فَمَحَاهُ هُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ بِيَدِهِ ثُمَّ نَاوَلَهُ لِعَلِيٍّ فَكَتَبَ بِأَمْرِهِ
ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بَدَلَ رَسُولُ اللَّهِ وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ
عَلَى تَقْدِيرِ حَمْلِهِ عَلَى ظَاهِرِهِ أَنَّهُ كَتَبَ ذَلِكَ
الْيَوْمَ غَيْرَ عَالِمٍ بِالْكِتَابَةِ وَلَا بِتَمْيِيزِ حُرُوفِهَا
لَكِنَّهُ أَخَذَ الْقَلَمَ بِيَدِهِ فحط بِهِ فَإِذَا هُوَ كِتَابَةٌ
ظَاهِرَةٌ عَلَى حَسْبِ الْمُرَادِ وَذَهَبَ إلَى هَذَا الْقَاضِي
أَبُو جَعْفَرٍ السَّمْنَانِيُّ وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ لَيْسَ
فِي ظَاهِرِ الْحَدِيثِ إلَّا أَنَّهُ كَتَبَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ وَهَذَا لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكْتُبَهُ الْأُمِّيُّ كَمَا
يَكْتُبُ الْمُلُوكُ عَلَامَتَهُمْ وَهُمْ أُمِّيُّونَ.
1451 - فَصْلٌ وَأَمَّا الشِّعْرُ فَكَانَ نَظْمُهُ مُحَرَّمًا
عَلَيْهِ بِاتِّفَاقٍ لَكِنْ فَرَّقَ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ بَيْنَ
الرَّجَزِ وَغَيْرِهِ من البحور فقالوا يَجُوزُ لَهُ الرَّجَزُ دُونَ
غَيْرِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْأَكْثَرَ عَلَى أَنَّ الرَّجَزَ
ضَرْبٌ مِنْ الشِّعْرِ وَإِنَّمَا ادَّعَى أَنَّهُ لَيْسَ بِشِعْرٍ
الْأَخْفَشُ وَأَنْكَرَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ وَغَيْرُهُ وَإِنَّمَا
جَرَى الْبَيْهَقِيُّ لِذَلِكَ ثُبُوتُ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ حُنَيْنٍ أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ أَنَا
ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ3، فَإِنَّهُ مِنْ بُحُورِ الرجز ولا حائز
أَنْ يَكُونَ مِمَّا تَمَثَّلَ بِهِ كَمَا سَيَأْتِي لِأَنَّ غَيْرَهُ
لَا يَقُولُ أَنَا النَّبِيُّ وَيُزِيلُ
__________
1 أخرجه البخاري 6/208 –الفتح، كتاب الجهاد والسير: باب دعوة اليهود
والنصارى، وما كتب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى كسرى
وقيصر، حديث 2939، وأخرجه أحمد 1/243، من حديث ابن عباس أن رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعث بكتابه إلى كسرى فأمره أن يدفعه
إلى عظيم البحرين فيدفعه عظيم البحرين إلى كسرى ... فذكره.
2 حديث عبد الله بن عكيم الجهني. أخرجه الترمذي 4/403، كتاب الطب: باب
ما جاء في كراهية التعليق، حديث 2072، وأخرجه أحمد في المسند 4/310، عن
عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى.
قال دخلت على عبد الله بن عكيم أبي معبد الجهني أعوده وبه حمرة، فقلنا:
ألا تعلق شيئا؟ قال: الموت أقرب من ذلك. قال النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من تعلق شيئا وكل إليه" .
قال الترمذي: وعبد الله بن عكيم لم يسمع من النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان في زمن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يقول: كتب إلينا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ.
3 أخرجه البخاري 6/160 –الفتح، كتاب الجهاد والسير: باب من قاد دابة
غيره في الحرب، حديث 2864، ومسلم 6/356، 358 –نووي، كتاب الجهاد
والسير: باب من في غزوة حنين، حديث 78-1776، والترمذي 4/199، 200، كتاب
الجهاد: باب ما جاء في الثبات عند القتال، حديث 1688، وأخرجه أحمد في
المسند 4/281، والبيهقي في السنن الكبرى 9/155، كتاب السير: باب الترجل
عند شدة البأس، وفي دلائل النبوة 1/13، وأخرجه ابن سعد في الطبقات
الكبرى 1/22، من حديث البراء بن عازب.
(3/273)
عَنْهُ الْإِشْكَالَ أَحَدُ أَمْرَيْنِ إمَّا أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ
الشِّعْرَ فَخَرَجَ مَوْزُونًا وَقَدْ ادَّعَى ابْنُ القطاع
وَأَقَرَّهُ النَّوَوِيُّ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ شَرْطَ تَسْمِيَةِ
الْكَلَامِ شِعْرًا أَنْ يَقْصِدَ لَهُ قَائِلُهُ وَعَلَى ذَلِكَ
يُحْمَلُ مَا وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَإِمَّا أَنْ
يَكُونَ الْقَائِلُ الْأَوَّلُ قَالَ أَنْتَ النَّبِيُّ لَا كَذِبَ
فَلَمَّا تَمَثَّلَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
غَيَّرَهُ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى هَذَا كُلِّهِ فِي إنْشَائِهِ
وَيَتَأَيَّدُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْبَيْهَقِيُّ بِمَا أَخْرَجَهُ
ابْنُ سَعْدٍ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ
لَمْ يَقُلْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا
مِنْ الشِّعْرِ قِيلَ قَبْلَهُ أَوْ يُرْوَى عَنْ غَيْرِهِ إلَّا هَذَا
وَهَذَا يُعَارِضُ مَا فِي الصَّحِيحِ1، عَنْ الزُّهْرِيِّ أَيْضًا
لَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
تَمَثَّلَ بِبَيْتِ شِعْرٍ تَامٍّ غَيْرِ هَذِهِ الْأَبْيَاتِ زَادَ
ابْنُ عَائِذٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ الزُّهْرِيِّ إلَّا الْأَبْيَاتُ
الَّتِي كَانَ يَرْتَجِزُ بِهِنَّ وَهُوَ يَنْقُلُ اللَّبِنَ لِبِنَاءِ
الْمَسْجِدِ وَأَمَّا إنْشَادُهُ مُتَمَثِّلًا فَجَائِزٌ وَيَدُلُّ
عَلَيْهِ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا أُبَالِي شَرِبْت تِرْيَاقًا
أَوْ تَعَلَّقْت بِتَمِيمَةٍ أَوْ قُلْت الشِّعْرَ مِنْ قِبَلِ نَفْسِي
أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ2، فَقَوْلُهُ مِنْ قِبَلِ نَفْسِي
احْتِرَازٌ عَمَّا إذَا أَنْشَدَهُ مُتَمَثِّلًا وَقَدْ وَقَعَ فِي
الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ مِنْ ذَلِكَ كَقَوْلِهِ أَصْدَقُ كَلِمَةٍ
قَالَهَا الشَّاعِرُ قَوْلُ لَبِيدٍ
أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلَا اللَّهَ بَاطِلٌ
..............................3
__________
1 ينظر: صحيح البخاري 7/649- فتح الباري، كتاب مناقت الأنصار: باب هجرة
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه إلى المدينة، تحت رقم
3906.
2 أخرجه أبو داود 4/6، كتاب الطب: باب في الترياق، حديث 3869، وأخرجه
أحمد في المسند 2/167، من حديث عبد الله بن عمرو.
3 صدر بيت وعجزه:
............................... وكل نعيم لا محالة زائل.
ينظر: ديوانه ص 256، وجواهر الأدب ص 382، وخزانة الأدب 2/255-257،
وديوان المعاني 1/118، وسمط اللآلي ص 253، وشرح الأشموني 1/11، وشرح
التصريح 1/29، وشرح شذور الذهب، ص 339، وشرح شواهد المغني 1/150، 153،
154، 392، وشرح المفصل 2/78، والعقد الفريد 5/273، ولسان العرب 5/351،
رجز، والمقاصد النحوية 1/ 5، 7، 291، ومغني اللبيب 1/133، وهمع الهوامع
1/3، وبلا نسبة في أسرار العربية ص 211، وأوضح المسالك 2/289، والدرر
3/166، ورصف المباني ص 269، وشرح شواهد المغني 2/531، وشرح عمدة الحافظ
ص 263، ص 363، وشرح قطر الندى ص 248، واللمع ص 154، وهمع الهوامع
1/226.
واستشهد النحاة بقوله: ما خلا الله حديث ورد بنصب لفظ الجلالة بعد خلا
فدل ذلك على أن الاسم الواقع بعد ما خلا يكون منصوبا، وذلك لأن ما هذه
مصدرية، وما المصدرية لا يكون بعدها إلا فعل، ولذلك يجب نصب ما بعدها
على أنه مفعول به، وإنما يجوز جره إذا كانت حرفا، وهي لا تكون حرفا معى
سبقها الحرف المصدري.
واستشهدوا به أيضا على توسط المستثنى بين جزأي الكلام في قوله: ألا كل
شيء ما خلا الله باطل، يريد ألا كل شيء باطل ما خلا الله.
(3/274)
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ1، وَحَدِيثِ
عَائِشَةَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَتَمَثَّلُ بِشِعْرِ ابْنِ رَوَاحَةَ وَحَدِيثُهَا كَانَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا اسْتَرَابَ الْخَبَرَ
يَتَمَثَّلُ بِقَوْلِ طَرَفَةَ2
........................................ وَيَأْتِيك بِالْأَخْبَارِ
مَنْ لَمْ تُزَوِّدْ3
صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ4، وَأَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا5، وَأَمَّا مَا أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ
وَغَيْرُهُ مِنْ مُرْسَلِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَمَثَّلُ بِهَذَا الْبَيْتِ كَفَى
بِالْإِسْلَامِ وَالشَّيْبِ نَاهِيًا فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ كَفَى
الشَّيْبُ وَالْإِسْلَامُ لِلْمَرْءِ نَاهِيًا فَأَعَادَهَا
كَالْأَوَّلِ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنَّك رَسُولُ اللَّهِ وَمَا
عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ فَهُوَ مَعَ إرْسَالِهِ
فِيهِ ضَعْفٌ وَهُوَ رَاوِيهِ عَنْ الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ
جدعان6، وأما رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ أَنَّهُ
__________
1 أخرجه البخاري 7/183، كتاب مناقب الأنصار: باب أيام الجاهلية، حديث
3841، 10/537، وكتاب الأدب: باب ما يجوز من الشعر، حديث 6147،
11/328-329، كتاب الرقاق: باب الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله، حديث
6489، ومسلم 4/1768، كتاب الشعر حديث 3/2256، والترمذي 5/128، كتاب
الأدب: باب ما جاء في إنشاد الشعر، حديث 2849، وابن ماجة 2/1236، كتاب
الأدب: باب الشعر، حديث 3758، وأحمد 2/248، 393، 444، 470، 480، 481،
والحميدي 2/454، رقم 1053، وأبو يعلى 10/409، رقم 6015، والبيهقي
10/237، كتاب الشهادات: باب شهادة الشعراء، والبغوي في شرح السنة 6/412
– بتحقيقنا، كلهم من طريق عبد الملك بن عمير عن أبي سلمة عن أبي هريرة
به.
وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
2 طرفة بن العبد بن سفيان بن سعد البكري الوالي شاعر جاهلي قتل شابا
وهو ابن عشرين عاما وقيل: ابن ست وعشرين عاما. ينظر: الأعلام 3/225.
3 ينظر: البيت في ديوانه ص 41، ولسان العرب 2/8، تبت، 2/157، ريث، وبلا
نسبة في شرح قطر الندى ص 108، ولسان العرب 13/259، ضمن.
واستشهد النحاة بقوله: ماكنت جاهلا، والتقدير: الذي كنت جاهله.
واستشهدوا ايضا على حذف العائد، وذلك في قوله: من لم تزود حيث
حذفالعائد على الموصول من وذلك العائد منصوب بالفعل تزود، والتقدير:
يأتيك بالأخبار الذي لم تزوده.
4 أخرجه البخاري في الأدب المفرد ص 254، رقم 875، باب الشعر حسنه كحسن
الكلام ومنه قبيح، وأخرجه أحمد 6/138، والترمذي 5/139، كتاب الأدب: باب
ما جاء في إنشاد الشعر، حديث 2848، والنسائي في السنن الكبرى 6/248،
كتاب عمل اليوم والليلة: باب ما يقول إذا استراث الخبر، حديث 10835، من
حديث عائشة.
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
5 أخرجه البزار كما في كشف الأستار رقم 2106، وذكره الهيثمي في مجمع
الزوائد 8/131، كتاب الأدب: باب جواز الشعر والاستماع له، وقال: رواه
البزار والطبراني في أثناء حديث ورجالهما رجال الصحيح.
6 أخرجه ابن أبي حاتم كما عزاه له السيوطي في الدر المنثور 5/505، وزاد
نسبته لابن سعد والمرزباني في معجم الشعراء.
==
(3/275)
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلْعَبَّاسِ بْنِ
مِرْدَاسٍ1: أَنْتَ الْقَائِلُ أَتَجْعَلُ نَهْبِي وَنَهْبَ الْعَبِيدِ
بَيْنَ الْأَقْرَعِ وَعُيَيْنَةَ فَقَالَ إنَّمَا هُوَ بَيْنَ
عُيَيْنَةَ وَالْأَقْرَعِ فَقَالَ هُمَا سَوَاءٌ2، فَإِنَّ
السُّهَيْلِيَّ قَالَ فِي الرَّوْضِ إنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَدَّمَ الْأَقْرَعَ عَلَى عُيَيْنَةَ لِأَنَّ عُيَيْنَةَ
وَقَعَ لَهُ أَنَّهُ ارْتَدَّ وَلَمْ يَقَعْ ذَلِكَ لِلْأَقْرَعِ3،
وَرَوَى الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ وَالْخَطِيبُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ النَّحْوِيِّ مُؤَدِّبِ الْقَاسِمِ بْنِ عُبَيْدِ
اللَّهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيِّ عَنْ ابْنِ
عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ
مَا جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْتَ
شِعْرٍ قَطُّ إلَّا بَيْتًا وَاحِدًا
تفال بما تهوى تكن فَلَقَلَّ مَا ... يُقَالُ لِشَيْءٍ كان إلا تحققا
قَالَتْ عَائِشَةُ لَمْ يَقُلْ تَحَقَّقَا لِئَلَّا يُعْرِبَهُ
فَيَصِيرَ شِعْرًا قَالَ الْبَيْهَقِيُّ لَمْ أَكْتُبْ إلَّا بِهَذَا
الْإِسْنَادِ وَفِيهِ مَنْ يُجْهَلُ حَالُهُ.
وَقَالَ الْخَطِيبُ غَرِيبٌ جِدًّا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ4.
1452 - قَوْلُهُ كَانَ يَحْرُمُ عَلَيْهِ إذَا لَبِسَ لَأْمَتَهُ أَنْ
يَنْزِعَهَا حَتَّى يَلْقَى الْعَدُوَّ عَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ
مُخْتَصَرًا5، وَوَصَلَهُ أَحْمَدُ وَالدَّارِمِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ
حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّهُ لَيْسَ لِنَبِيٍّ إذَا لَبِسَ لَأْمَتَهُ أَنْ
يَضَعَهَا حَتَّى يُقَاتِلَ وَفِيهِ قِصَّةٌ6، وَأَخْرَجَهَا أَصْحَابُ
الْمَغَازِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ وَابْنُ
إِسْحَاقَ عَنْ شُيُوخِهِ وَأَبُو الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ وَفِيهِ
مِنْ الزِّيَادَةِ لَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ
__________
=وأخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى 1/290: ذكره محاسن أخلاقه صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
1 العباس بن مرداس بن أبي عامر السلمي من مصر شاعر فارس من سادات قومه
أمه الخنساء الشاعرة أدرك الجاهلية والإسلام وأسلم عام الفتح وجاهد مع
المسلمين إلى أن توفي في خلافه عمر.
ينظر: الإصابة ت 4502، الطبقات الكبرى 4/15.
2 أخرجه البيهقي في دلائل النبوة 5/181، 182، وذكره السيوطي في الدر
المنثور 5/505، وعزاه لابن سعد عن عبد الرحمن بن أبي الزنا، رضي الله
عنه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال للعباس بن مرداس
... فذكره.
3 ينظر: الروض الأنف للسهيلي 4/168.
4 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 7/43، كتاب النكاح: باب لم يكن له أن
يتعلم شعرا ولا يكتب، والخطيب في تاريخ بغداد 10/180، ترجمة عبد الله
بن مالك النحوي 5323، وذكره السيوطي في الدر المنثور 5/506، وعزاه
للبيهقي في سننه وقال: أخرجه البيهقي في سننه بسند فيه من يجهل حاله عن
عائشة رضي الله عنها ... فذكره.
5 علقه البخاري 15/273 –الفتح، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة: باب قوله
تعالى: وأمرهم شورى بينهم، قال: وشاور النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أصحابه يوم أحد في المقام والخروج فرأوا له الخروج، فلما لبس
لأمته وعزم قالوا: أقم، فلم يمل إليهم بعد العزم، وقال: "لا ينبغي لنبي
يلبس لأمته فيضعها حتى يحكم الله" .
6 أخرجه أحمد في المسند 3/351، والدارمي في سننه 2/129، 130، كتاب
الرؤيا: باب في القمص والبئر واللبن والعسل والسمن والتمر وغير ذلك في
النوم.
(3/276)
إذَا أَخَذَ لَأْمَةَ الْحَرْبِ وَاكْتَفَى النَّاسُ بِالْخُرُوجِ إلَى
الْعَدُوِّ أَنْ يَرْجِعَ حَتَّى يُقَاتِلَ1، وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى
بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عِنْدَ الْبَيْهَقِيّ وَالْحَاكِمِ مِنْ حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ2.
فَائِدَةٌ: اللَّأْمَةُ مَهْمُوزَةٌ سَاكِنَةٌ الدِّرْعُ وَالْجَمْعُ
لَأْمٌ كَتَمْرَةٍ وَتَمْرٍ3.
1453 - حَدِيثٌ مَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ خَائِنَةُ الْأَعْيُنِ أَبُو
دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَالْبَزَّارُ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ
مِنْ حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ فِي قِصَّةِ الَّذِينَ أَمَرَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِهِمْ يَوْمَ
فَتْحِ مَكَّةَ وَفِيهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي
سَرْحٍ مِنْهُمْ وَأَنَّ عُثْمَانَ اسْتَأْمَنَ لَهُ النَّبِيَّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَبَى أَنْ يُبَايِعَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ
بَايَعَهُ ثُمَّ قَالَ لِأَصْحَابِهِ أَمَا كَانَ فِيكُمْ رَجُلٌ
رَشِيدٌ يَقُومُ إلَى هَذَا حَيْثُ رَآنِي كَفَفْت يَدَيَّ عَنْهُ
فَيَقْتُلُهُ قَالُوا وَمَا يُدْرِينَا مَا فِي نَفْسِك يَا رَسُولَ
اللَّهِ هَلَّا أَوْمَأْت إلَيْنَا بِعَيْنِك قَالَ إنَّهُ لَا
يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ أَنْ تَكُونَ لَهُ خَائِنَةُ الْأَعْيُنِ
إسْنَادُهُ صَالِحٌ4، وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ
وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ أَنَسٍ قَالَ غَزَوْت مَعَ
رَسُولِ اللَّهِ فَحَمَلَ عَلَيْنَا الْمُشْرِكُونَ حَتَّى رَأَيْنَا
خَيْلَنَا وَرَاءَ ظُهُورِنَا وَفِي الْقَوْمِ رَجُلٌ يَحْمِلُ
عَلَيْنَا فَيَدُقُّنَا وَيَحْطِمُنَا فَهَزَمَهُمْ اللَّهُ فَقَالَ
رَجُلٌ إنَّ عَلَيَّ نَذْرًا إنْ جَاءَ اللَّهُ بِالرَّجُلِ أَنْ
أَضْرِبَ عُنُقَهُ فَجَاءَ الرَّجُلُ ثَانِيًا فَأَمْسَكَ رَسُولُ
اللَّهِ لَا يُبَايِعُهُ فَجَعَلَ الرَّجُلُ الَّذِي حَلَفَ يَتَصَدَّى
لَهُ وَيَهَابُهُ أَنْ يَقْتُلَ الرَّجُلَ فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ
اللَّهِ أَنَّهُ لَا يَصْنَعُ شَيْئًا بَايَعَهُ فَقَالَ الرَّجُلُ
نَذْرِي فَقَالَ إنِّي لَمْ أُمْسِكْ عَنْهُ مُنْذُ الْيَوْمِ إلَّا
لِتُوفِيَ بِنَذْرِك فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا أَوْمَضْت
إلَيَّ فَقَالَ إنَّهُ لَيْسَ لِنَبِيٍّ أَنْ يُومِضَ5، وَرَوَى ابْنُ
__________
1 أخرجه بهذا اللفظ وهذه القصة البيهقي في السنن الكبرى 7/40، 41، كتاب
النكاح: باب لم يكن له إذا لبس لأمته أن ينزعها، من طريق ابن لهيعة عن
أبي الأسود عن عروة.
قال البيهقي: وهكذا ذكره موسى بن عقبة عن الزهري، وكذلك ذكره محمد بن
إسحاق بن يسار عن شيوخه من أهل المغازي، وهو عام في أهل المغازي وإن
كان منقطعا، وكتبناه موصولا بإسناد حسن.
2 أخرجه الحاكم في المستدرك 2/129، كتاب قسم الفيء، والبيهقي في السنن
الكبرى 7/41، كتاب النكاح: باب لم يكن له إذا لبس لأمته أن ينزعها حتى
يلقى العدو ولو بنفسه، من طريق عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن
عباس رضي الله عنهما.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
3 ينظر: النهاية لابن الأثير 4/220، الأم.
4 أخرجه أبو داود 3/59، كتاب الجهاد: باب قتل الأسير ولا يعرض عليه
الإسلام، حديث 2683، كتاب الحدود: باب الحكم فيمن ارتد 4/128، حديث
4359، والنسائي 7/105، 106، كتاب تحريم الدم: باب الحكم في المرتد،
حديث 4067، والحاكم في المستدرك 3/45، كتاب المغازي، والبيهقي في السنن
الكبرى 7/40، كتاب النكاح: باب ما حرم عليه من خائنة الأعين، وذكره
الهيثمي في مجمع الزوائد 6/172، كتاب المغازي: باب غزوة الفتح، وقال:
رواه أبو يعلى والبزار، ورجالهما ثقات.
وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
5 أخرجه أبو داود 3/208، 209، كتاب الجنائز: باب أين يقوم الإمام من
الميت إذا صلى، حديث 3194، والترمذي مختصرا 3/343، كتاب الجنائز: باب
ما جاء أن يقوم الإمام، حديث 1034، ==
(3/277)
سَعْدٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ
الْمُسَيِّبِ قَالَ أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ بِقَتْلِ ابْنِ أَبِي سَرْحٍ وَابْنِ الزِّبَعْرِي وَابْنِ
خَطَلٍ فَذَكَرَ الْقِصَّةَ قَالَ وَكَانَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ
نَذَرَ إنْ رَأَى ابْنَ أَبِي سَرْحٍ أَنْ يَقْتُلَهُ فَذَكَرَ قِصَّةَ
اسْتِيمَانِ عُثْمَانَ لَهُ وَكَانَ أَخَاهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ ثُمَّ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
لِلْأَنْصَارِيِّ هَلَّا وَفَّيْت بِنَذْرِك قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ
اسْتَنْظَرْتُك فَلَمْ تُومِضْ لِي فَقَالَ الْإِيمَاءُ خِيَانَةٌ
وَلَيْسَ لِنَبِيٍّ أن يومي1.
فَائِدَةٌ: حَكَى سِبْطُ بْنُ الْجَوْزِيِّ فِي مِرْآةِ الزَّمَانِ
أَنَّ الْأَنْصَارِيَّ عَبَّادُ بْنَ بِشْرٍ.
قَوْلُهُ وَقِيلَ بِنَاءً عَلَيْهِ إنَّهُ كَانَ لَا يَبْتَدِي
مُتَطَوِّعًا إلَّا لَزِمَهُ إتْمَامُهُ قُلْت لَمْ أَرَ لِهَذَا
دَلِيلًا إلَّا أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ حَدِيثِ صَلَاتِهِ الرَّكْعَتَيْنِ
بَعْدَ الْعَصْرِ وَقَوْلُ عَائِشَةَ كَانَ إذَا عَمِلَ عَمَلًا
أَثْبَتَهُ2، وَفِي الِاسْتِدْلَالِ بِذَلِكَ نَظَرٌ.
1454 - حَدِيثٌ كَانَ إذا أراد سفرا وروى بِغَيْرِهِ3، مُتَّفَقٌ
عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ.
1455 - قَوْلُهُ عَنْ صَاحِبِ التَّلْخِيصِ إنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ
أَنْ يَخْدَعَ فِي الْحَرْبِ مَرْدُودٌ بِمَا اتَّفَقَ الشَّيْخَانِ
عليه من حديث أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
الْحَرْبُ خُدْعَةٌ4.
__________
=وابن ماجة مختصر دون ذكر لشاهد 1/479، حديث 1494، وأخرجه أحمد 3/118،
والبيهقي في السنن الكبرى 10/85، كتاب النذور: باب من نذر ضرب عنق مشرك
إن ظفر به فأسلم.
1 أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى 2/107: غزوة رسول الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عام الفتح، عن ابن المسيب.
2 أخرجه الإمام مسلم 3/282 –نووي، كتاب صلاة المسافرين وقصرها: باب
جامع صلاة الليل ومن نام عنه، حديث 141-746، وأبو داود 2/48، كتاب
الصلاة: باب ما يؤمر به من القصر في الصلاة، حديث 1368، والنسائي 2/68،
69، كتاب القبلة: باب المصلي يكون بينه وبين الإمام سترة، حديث 762،
وأخرجه أحمد 6/40، 61، والحميدي 1/ 95، 96، حديث 183، وابن خزيمة نحوه
2/2264، 265، حديث 1283، والبيهقي 2/485، كتاب الصلاة: باب من أجاز
قضاء النوافل علم الإطلاق.
3 أخرجه البخاري 6/213، فتح الباري، كتاب الجهاد والسير: باب من أراد
غزوة فورى بغيرها، حديث 2947، ومسلم 9/100، نووي، كتاب التوبة: باب
حديث توبة كعب بن مالك وصاحبيه، حديث 53- 2769، وأبو داود 3/43، كتاب
الجهاد: باب المكر في الحرب حديث 2637، والترمذي 5/281، 283، كتاب
تفسير القرآن: باب ومن سورة التوبة، حديث 3102، دون موضع الشاهد،
والدارمي في سننه 2/119، كتاب السير: باب الحرب خدعة، وأحمد 3/456،
457، والبيهقي في السنن الكبرى 7/40، كتاب النكاح: باب ما حرم عليه من
خائنة الأعين، من حديث كعب بن مالك.
4 أخرجه البخاري 6/268 –الفتح، كتاب الجهاد والسير: باب الحرب خدعة،
حديث 303، ومسلم 6/287، 228، نووي، كتاب الجهاد والسير: باب جواز
الخداع في الحرب، حديث 17/1739، وأبو داود 3/43، كتاب الجهاد: باب
المكر في الحرب، حديث 2636، والترمذي 4/193، 194، كتاب الجهاد: باب ما
جاء في الرخصة في الكذب، والخديعة في الحرب،==
(3/278)
1456 - قَوْلُهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ
دَيْنٌ مُطْلَقًا أَوْ مَعَ وُجُودِ الضَّامِنِ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي
زِيَادَاتِهِ الصَّوَابُ الْجَزْمُ بِجَوَازِهِ مَعَ الضَّامِنِ ثُمَّ
نُسِخَ التَّحْرِيمُ مُطْلَقًا إلَى أَنْ قَالَ وَالْأَحَادِيثُ
مُصَرِّحَةٌ بِذَلِكَ انْتَهَى.
وَكَذَا قَالَ الْبَيْهَقِيُّ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
لَا يُصَلِّي عَلَى مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَا وَفَاءَ لَهُ ثُمَّ
نُسِخَ وَاحْتَجَّ بِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ
يُؤْتَى بِالْمُتَوَفَّى عَلَيْهِ الدَّيْنُ فَيَسْأَلُ هَلْ تَرَكَ
لِدَيْنِهِ مِنْ قَضَاءٍ فَإِنْ قِيلَ إنَّهُ تَرَكَ وَفَاءً صَلَّى
عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْفُتُوحَ
قَامَ فقال أنا أولى المؤمنين مِنْ أَنْفُسِهِمْ فَمَنْ تُوُفِّيَ
وَتَرَكَ دَيْنًا فَعَلَيَّ وَفَاؤُهُ وَمَنْ تَرَكَ مَالًا
فَلِوَرَثَتِهِ1.
وَفِي الْبَابِ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ2
وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ فِي أَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ3، وَعَنْ
ابْنِ عُمَرَ فِي الطَّبَرَانِيِّ الْأَوْسَطِ4، وَعَنْ أَبِي
أُمَامَةَ5، وَأَسْمَاءَ فِي
__________
= حديث 1675، وأخرجه أحمد 3/308، والحميدي 2/519، حديث 1237، وابن ماجة
11/78، 79، الإحسان، رقم 4763، والبيهقي في السنن الكبرى 7/40، كتاب
النكاح: باب ما حرم عليه من خائنة الأعين، دون المكيدة في الحرب، من
حديث جابر.
1 أخرجه البخاري 4/477، كتاب الكفالة: باب الدين، حديث 2298، ومسلم
3/1237، كتاب الفرائض: باب من ترك مالا فلورثته، حديث 14/1619،
والترمذي 3/382، كتاب الجنائز: باب ما جاء في الصلاة على المديون، حديث
1070، والنسائي 4/66، كتاب الجنائز: باب الصلاة على من عليه دين، وابن
ماجة 2/807، كتاب الصدقات: باب من ترك دينا أو ضياعا فعلى الله وعلى
رسوله، حديث 2415، من طريق الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة.
قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وأخرجه مسلم 3/1237، كتاب الفرائض: باب من ترك مالا فلورثته، حديث
15/1619، وأحمد 2/464، والدارمي 2/263، كتاب البيوع: باب الرخصة في
الصلاة عليه، من طريق أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة.
وأخرجه مسلم 15م1619، وعبد الرزاق 8/291، رقم 15261، وأحمد 2/318، من
طريق معمر عن همام بن المنبه عن أبي هريرة.
أخرجه البخاري 4781، من طريق عبد الرحمن بن أبي عمرة عن أبي هريرة،
وأخرجه 6745، من طريق أبي صالح عن أبي هريرة.
وأخرجه 2398، 6763، من طريق أبي حازم عن أبي هريرة، ومن طريق أبي حازم
أخرجه مسلم أيضا 17/1619.
2 تقدم تخريجه في كتاب الضمان.
3 تقدم تخريجه في كتاب الضمان.
4 أخرجه الطبراني في الأوسط 4/279، رقم 3493، وذكره الهيثمي في المجمع
3/43، وعزاه للطبراني في الأوسط.
وقال: وفيه حكيم بن نافع، وثقه ابن معين وضعفه أبو زرعة، وبقية رجاله
ثقات، وفي مجمع البحرين 2/417، رقم 1281.
5 أخرجه الطبراني في الكبير 8/125، رقم 7508، وذكره الهيثمي في مجمع
الزوائد 3/43، وعزاه له، قال: وفيه أبو عتبة الكندي ولم أعرفه.
(3/279)
الْكَبِيرِ1، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي النَّاسِخِ لِلْحَازِمِيِّ2،
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ الْبَيْهَقِيّ3.
وَفِي حَدِيثِ سَلَمَةَ أَنَّ الضَّامِنَ كَانَ قَتَادَةَ وَفِي
حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ الضَّامِنَ كَانَ عَلِيًّا وَيُحْمَلُ
عَلَى تَعَدُّدِ الْقِصَّةِ وَاخْتُلِفَ فِي الْحِكْمَةِ فِي ذَلِكَ
فَقِيلَ كَانَ تَأْدِيبًا لِلْأَحْيَاءِ لِئَلَّا يَسْتَأْكِلُوا
أَمْوَالَ النَّاسِ وَقِيلَ لِأَنَّ صَلَاتَهُ تَطْهِيرٌ لِلْمَيِّتِ
وَحَقُّ الْآدَمِيِّ ثَابِتٌ فَلَا تَطْهِيرَ مِنْهُ فَيَتَنَافَيَانِ
وَقِيلَ كَانَتْ عُقُوبَةً فِي أَمْرِ الدَّيْنِ أَصْلُهَا الْمَالُ
ثُمَّ نُسِخَ التَّأْدِيبُ بِالْمَالِ وَمَا تَفَرَّعَ عَنْهُ.
قَوْلُهُ قَالَ الْمُفَسِّرُونَ ذَاكَ خَاصٌّ بِالنَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْنِي تَحْرِيمَ الْمَنِّ لِيَسْتَكْثِرَ
قُلْت هُوَ قَوْلُ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ4، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي
حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ رَجُلٍ
عَنْهُ قَالَ هِيَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
خَاصَّةً وَلِلنَّاسِ مُوَسَّعٌ عَلَيْهِمْ قَالَ وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ
عَبَّاسٍ وَعَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ وَطَاوُسٍ وَأَبِي الْأَحْوَصِ
وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَقَتَادَةَ وَالسُّدِّيِّ وَمَطَرٍ
وَالضَّحَّاكِ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ أن المارد لَا
يُهْدِي الْهَدِيَّةَ فَيَنْتَظِرَ بِمِثْلِهَا ثُمَّ سَاقَ عَنْ
غَيْرِهِمْ أَقْوَالًا مُخْتَلِفَةً فِي الْمُرَادِ بِذَلِكَ5.
وَمِنْ خَصَائِصِهِ فِي مُحَرَّمَاتِ النِّكَاحِ
1457 - إمْسَاكُ مَنْ كَرِهَتْ نِكَاحَهُ وَاسْتُشْهِدَ لَهُ بِأَنَّ
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَكَحَ امْرَأَةً ذَاتَ
جَمَالٍ فَلُقِّنَتْ أَنْ تَقُولَ لَهُ أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْك
فَلَمَّا قَالَتْ ذَلِكَ قَالَ لَقَدْ اسْتَعَذْتِ بِمَعَاذٍ الْحَقِي
بِأَهْلِك6، انْتَهَى قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي مُشْكِلِهِ هَذَا
الْحَدِيثُ أَصْلُهُ فِي الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ أبي سعيد
السَّاعِدِيِّ دُونَ مَا فِيهِ أَنَّ نِسَاءَهُ عَلَّمْنَهَا ذَلِكَ
قَالَ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ بَاطِلَةٌ
__________
1 أخرجه الطبراني في الكبير 24/184، 185، رقم 466، وذكره الهيثمي في
مجمع الزوائد 3/43، من حديث أسماء بنت يزيد، وعزاه للطبراني في الكبير
قال: ورجاله ثقات.
2 أخرجه الحازمي في الاعتبار في اللآلي الناسخ والمنسوخ من الآثار ص
326، باب ترك الصلاة على من عليه دين ونسخ ذلك.
وقال: هذا الحديث بهذا السياق غير محفوظ، وهو جيد في باب المتابعات، من
حديث عكرمة عن ابن عباس يرفعه.
3 تقدم تخريجه في كتاب الضمان.
4 ينظر: الدر المنثور للسيوطي 6/452، عزاه لعبد بن حميد عن الضحاك.
5 ينظر: تفسير الطبري 12/301، 302، والدر المنثور 6/452.
6 أخرجه البخاري 10/447 –فتح الباري، كتاب الطلاق: باب من طلق، وهل
يواجه الرجل امرأته بالطلاق؟ حديث 5254، من حديث عائشة، 5255، من حديث
أبي أسيد، ومن طريق عائشة أخرجه النسائي 6/150، كتاب الطلاق: باب
مواجهة الرجل المرأة بالطلاق، حديث 3417، وابن ماجة 1/661، كتاب
الطلاق: باب ما يقع به الطلاق من الكلام، حديث 2050 عائشة.
(3/280)
وَقَدْ رَوَاهَا ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ1،
انْتَهَى.
قُلْت فِيهِ الْوَاقِدِيُّ وَهُوَ مَعْرُوفٌ بِالضَّعْفِ وَمِنْ
الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ وَلَفْظُهُ عَنْ
حَمْزَةَ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ تَزَوَّجَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْمَاءَ بِنْتَ
النُّعْمَانِ الْجَوْنِيَّةَ فَأَرْسَلَنِي فَجِئْت بِهَا فَقَالَتْ
حَفْصَةُ لِعَائِشَةَ اخْضِبِيهَا أَنْتِ وَأَنَا أَمْشُطُهَا
فَفَعَلَتَا ثُمَّ قَالَتْ لَهَا إحْدَاهُمَا إنَّ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْجِبُهُ مِنْ الْمَرْأَةِ إذَا
دَخَلَتْ عَلَيْهِ أَنْ تَقُولَ أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْك فَلَمَّا
دَخَلَتْ عَلَيْهِ أَغْلَقَ الْبَابَ وَأَرْخَى السِّتْرَ ثُمَّ مَدَّ
يَدَهُ إلَيْهَا فَقَالَتْ أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْك فَقَالَ بِكُمِّهِ
عَلَى وَجْهِهِ فَاسْتَتَرَ بِهِ وَقَالَ عُذْت بِمَعَاذٍ ثُمَّ خَرَجَ
عَلَيَّ فَقَالَ يَا أَبَا أُسَيْدٍ أَلْحِقْهَا بأهلها ومتعها
بِرَازِقِيَّيْنِ فَكَانَتْ تَقُولُ اُدْعُونِي الشَّقِيَّةَ2.
وَفِي رِوَايَةٍ لِلْوَاقِدِيِّ أَيْضًا مُنْقَطِعَةٍ أَنَّهُ دَخَلَ
عليها دَاخِلٌ مِنْ النِّسَاءِ وَكَانَتْ مِنْ أَجْمَلِ النِّسَاءِ
فَقَالَتْ إنَّك مِنْ الْمُلُوكِ فَإِنْ كُنْت تُرِيدِينَ أَنْ
تَحْظَيْ عِنْدَهُ فَاسْتَعِيذِي مِنْهُ الْحَدِيثَ وَأَصْلُ حَدِيثِ
أَبِي أُسَيْدٍ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ كَمَا قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ
وَعِنْدَهُ وَعِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ
نَحْوُهُ3، وَسَمَّاهَا أُمَيْمَةَ بِنْتَ النُّعْمَانِ بْنِ
شَرَاحِيلَ وَفِي ظَاهِرِ سِيَاقِهِ مُخَالَفَةٌ لِسِيَاقِ أَبِي
أُسَيْدٍ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا وَهُوَ أَوْلَى مِنْ
دَعْوَى التَّعَدُّدِ فِي الْجَوْنِيَّةِ وَلِلشَّيْخَيْنِ أَيْضًا
مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّ ابْنَةَ الْجَوْنِ لَمَّا دَخَلَتْ عَلَى
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَنَا مِنْهَا
قَالَتْ أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْك4، وَسَمَّاهَا ابْنُ مَاجَهْ مِنْ
هَذَا الْوَجْهِ عَمْرَةَ وَرَجَّحَ ابْنُ مَنْدَهْ أُمَيْمَةَ وَقِيلَ
اسْمُهَا الْعَالِيَةُ وَقِيلَ فاطمة ووقع نحو هَذِهِ الْقِصَّةِ فِي
النَّسَائِيّ وَقَالَ إنَّهَا مِنْ كَلْبٍ وَالْحَقُّ أَنَّهَا
غَيْرُهَا لِأَنَّ الْجَوْنِيَّةَ كِنْدِيَّةٌ بِلَا خِلَافٍ وَأَمَّا
الْكَلْبِيَّةُ فَهِيَ سَنَاءُ بِنْتُ سُفْيَانَ بْنِ عَوْفِ بْنِ
كَعْبِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ كِلَابٍ حَكَاهُ
الْحَاكِمُ وَغَيْرُهُ.
1458 - حَدِيثٌ زَوْجَاتِي فِي الدُّنْيَا زَوْجَاتِي فِي الْآخِرَةِ
لَمْ أَجِدْهُ بِهَذَا اللَّفْظِ وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنْ عَمَّارٍ
أَنَّهُ ذَكَرَ عَائِشَةَ فَقَالَ إنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّهَا زَوْجَةُ
نَبِيِّكُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ5، وَأَخْرَجَهُ أَبُو
__________
1 أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى 8/114، في ذكر من تزوج رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من النساء فلم يجمعهن.
2 أخرجه الحاكم في المستدرك 4/37، كتاب معرفة الصحابة: باب ذكر
الكلابية أو الكندية.
قال الذهبي: سنده واه.
3 أخرجه البخاري 10/448 –فتح الباري، كتاب الطلاق: باب من طلق، وهل
يواجه الرجل امرأته بالطلاق؟، حديث 5256، 5257، ومسل 7/193، 194، نووي،
كتاب الأشربة: باب إباحة النبيذ لم يشتد، حديث 88- 2007، وأخرجه أحمد
3/498، من حديث سهل بن سعد.
4 تقدم قريبا.
5 أخرجه البخاري 7/478، كتاب فضائل أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: باب فضل عائشة رضي الله عنها، حديث 3772، والترمذي
5/707، كتاب المناقب: باب فضل عائشة رضي الله عنها، حديث ==
(3/281)
الشَّيْخِ فِي كِتَابِ السُّنَّةِ مِنْ حَدِيثِهِ مَرْفُوعًا وَفِي
الْبَيْهَقِيّ عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ سَرَّك
أَنْ تَكُونِي زَوْجَتِي فِي الْجَنَّةِ فَلَا تَتَزَوَّجِي بَعْدِي
فَإِنَّ الْمَرْأَةَ لِآخِرِ أَزْوَاجِهَا فِي الدُّنْيَا فَلِذَلِكَ
حَرُمَ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أَنْ يَنْكِحْنَ بَعْدَهُ لِأَنَّهُنَّ زَوْجَاتُهُ فِي الْجَنَّةِ1.
وَفِي الْمُسْتَدْرَكِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى
مَرْفُوعًا سألت ربي أن لا أُزَوِّجَ أَحَدًا مِنْ أُمَّتِي وَلَا
أَتَزَوَّجَ إلَيْهِ إلَّا كَانَ مَعِي فِي الْجَنَّةِ فَأَعْطَانِي2،
أَخْرَجَهُ فِي تَرْجَمَةِ عَلِيٍّ وَفِي الطَّبَرَانِيِّ فِي
الْأَوْسَطِ مِنْ طَرِيقِ عُرْوَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ
مِثْلُهُ3، وَفِي مُلَاقَاتِهِ لِحَدِيثِ الْبَابِ تَكَلُّفٌ.
الْقِسْمُ الثَّالِثُ: الْمُبَاحَاتُ
قَوْلُهُ فَمِنْهُ الْوِصَالُ قُلْت سَبَقَ حَدِيثُهُ فِي الصِّيَامِ
وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَأَبِي سَعِيدٍ
وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَعَائِشَةَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِخُصُوصِيَّتِهِ
بِإِبَاحَتِهِ مُطْلَقَ الْوِصَالِ لِأَنَّ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ
فَأَيُّكُمْ أَرَادَ فَلْيُوَاصِلْ إلَى السَّحَرِ وَلَا يَنْتَهِضُ
دَلِيلُ تَحْرِيمِ الْوِصَالِ أَيْضًا وَإِنَّمَا حَرْفُ الْمَسْأَلَةِ
أَنَّهُ كَانَ لَهُ أَنْ يَتَقَرَّبَ بِهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
1459 - قَوْلُهُ وَمِنْهُ اصْطِفَاءُ مَا يَخْتَارُهُ مِنْ
الْغَنِيمَةِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ مِنْ جَارِيَةٍ وَغَيْرِهَا إلَى أَنْ
قَالَ وَمِنْ صَفَايَاهُ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ اصْطَفَاهَا
وَأَعْتَقَهَا فَتَزَوَّجَهَا وَذُو الْفَقَارِ انْتَهَى.
أَمَّا الْأَوَّلُ فَرَوَى أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ
عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ مُرْسَلًا قَالَ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَهْمٌ يُدْعَى الصَّفِيَّ إنْ شَاءَ
عَبْدًا وَإِنْ شَاءَ أَمَةً وَإِنْ شَاءَ فَرَسًا يَخْتَارُهُ قَبْلَ
__________
=3889، وقال: هذا حديث حسن.
1 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 7/69، 70، كتاب النكاح: باب ما خص به
من أن أزواجه أمهات المؤمنين وأنه يحرم نكاحهن من بعده على جميع
العالمين.
2 أخرجه الحاكم في المستدرك 3/137، كتاب معرفة الصحابة، من حديث
إسماعيل بن أبي خالد عن ابن أبي أوفى، به.
وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
ووافقه الذهبي.
3 أخرجه الطبراني في الأوسط كما في مجمع الزوائد 10/20، وفي مجمع
البحرين 7/21، رقم 3961، عن عبد الله بن عمرو.
قال: وفيه يزيد بن الكميث وهو ضعيف.
وذكره الحافظ في المطالب العالية 4/79، رقم 4018، قال: عن عبد الله بن
عمر – أو عبد الله بن عمرو. رفه.
وقد وقع هنا عن عبد الله بن عمر.
وفي المجمع، ومجمع البحرين: عبد الله بن عمرو.
وجمع الحافظ ابن حجر الاثنين في المطالب العالية.
(3/282)
الْخُمُسِ1.
وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ عَوْنٍ سَأَلْت ابْنَ سِيرِينَ عَنْ سَهْمِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَهْمِ الصَّفِيِّ قَالَ
كَانَ يُضْرَبُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بِسَهْمٍ مَعَ الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ وَالصَّفِيُّ
يُؤْخَذُ لَهُ رَأْسٌ مِنْ الْخُمُسِ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ2، وَهَذَا
مُرْسَلٌ أَيْضًا.
وَأَمَّا الثَّانِي فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ سَهْمُ الصَّفِيِّ
مَشْهُورٌ فِي صَحِيحِ الْآثَارِ مَعْرُوفٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ
وَلَا يَخْتَلِفُ أَهْلُ السِّيَرِ فِي أَنَّ صَفِيَّةَ مِنْهُ
وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ خَاصٌّ بِهِ انْتَهَى.
وَنَقَلَ الْقُرْطُبِيُّ عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ لِلْإِمَامِ
بَعْدَهُ.
وَرَوَى أَبُو دَاوُد مِنْ طَرِيقِ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ
عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَتْ صَفِيَّةُ مِنْ الصَّفِيِّ3، وَأَخْرَجَهُ
ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ.
وَفِي الحصيحين عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أَعْتَقَ صَفِيَّةَ وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا4.
وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو عَنْ أَنَسٍ فِي
قِصَّةٍ قَالَ فَاصْطَفَاهَا لِنَفْسِهِ5.
__________
1 أخرجه أبو داود 3/152، كتاب الخراج والإمارة والفيء: باب ما جاء في
سهم الصفي، حديث 2991، والنسائي 7/133، كتاب قسم الفيء، حديث 4156،
والبيهقي 6/304، كتاب الفيء والغنيمة والطحاوي في شرح معاني الآثار
3/302.
2 أخرجه أبو داود 3/152، حديث 2992، عن ابن عون، قال: سألت محمدا – أي
ابن سيرين- عن سهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والصفي،
... فذكره مرسلا.
3 أخرجه أبو داود 3/152، كتاب الخراج: باب ما جاء في سهم الصفي، حديث
2994، وابن حبان 11/151، 152، الإحسان، حديث 4822، والحاكم في المستدرك
2/128، كتاب قسم الفيء، والبيهقي في السنن الكبرى 6/304، كتاب قسم
الفيء والغنيمة: باب سهم الصفي، من حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة
به.
قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
4 أخرجه البخاري 9/129، كتاب النكاح: باب من جعل عنق الأمة صداقها،
حديث 5086، ومسلم 2/1045، كتاب النكاح: باب فضيلة إعتاقه أمة ثم
يتزوجها، الحديث 85/1365، وأبو داود 2/ 543، 545، كتاب النكاح: باب في
الرجل يعتق أمته ثم يتزوجها، الحديث 2054، والترمذي 3/423، كتاب
النكاح: باب في الرجل يعتق الأمة ثم يتزوجها الحديث 1115، والنسائي
6/114، كتاب النكاح: باب التزويج على العتق، وابن ماجة 1/629، كتاب
النكاح: باب الرجل يعتق أمته ثم يتزوجها الحديث 1957، وأحمد 3/181،
والدارمي 2/154، كتاب النكاح: باب في الأمة يجعل عتقها صداقها،
والطيالسي 1/307 – منحة، رقم 1564، وعبد الرزاق 13107، وأبو يعلى
5/388، رقم 3050، والطبراني في الصغير 2/16، والبيهقي 7/128، كتاب
النكاح: باب الرجل يعتق أمته ثم يتزوجها.
5 أخرجه البخاري 5/175 –فتح الباري، كتاب البيوع: باب هل يسافر
بالجارية قبل أن يستبرئها؟ حديث 2235، من حديث عمرو بن أبي عمرو عن
أنس.
(3/283)
وَمِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ كَانَتْ
صَفِيَّةُ فِي السَّبْيِ فَصَارَتْ إلَى دِحْيَةَ ثُمَّ صَارَتْ إلَى
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1.
وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ فِي قِصَّةِ خَيْبَرَ
وَأَخَذَ دِحْيَةُ صَفِيَّةَ فَجَاءَ رَجُلٌ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ
فَدَعَاهَا فَقَالَ لِدِحْيَةَ خُذْ جَارِيَةً مِنْ السَّبْيِ
غَيْرَهَا2.
وَفِي مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ
أَنَسٍ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ دِحْيَةَ بِسَبْعَةِ أَرْؤُسٍ3،
وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِهِ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ اصْطَفَاهَا
لِنَفْسِهِ بَعْدَ مَا صَارَتْ لِدِحْيَةَ جَمْعًا بَيْنَ
الْأَحَادِيثِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ كَانَتْ صَفِيَّةُ
فَيْئًا لِأَنَّهَا كَانَتْ زَوْجَ كِنَانَةَ بْنِ الرَّبِيعِ
وَكَانُوا صَالَحُوا رَسُولَ اللَّهِ وشرط عليهم أن لا يَكْتُمُوهُ
عَنَّا فَإِنْ كَتَمُوهُ فَلَا ذِمَّةَ لَهُمْ ثُمَّ غِيرَ عَلَيْهِمْ
فَاسْتَبَاحَهُمْ وَسَبَاهُمْ ذَكَرَ ذَلِكَ أَبُو عُبَيْدٍ وَغَيْرُهُ
قَالَ وَصْفِيَّةُ مِمَّنْ سُبِيَ مِنْ نِسَائِهِمْ بِلَا شَكٍّ
وَمِمَّنْ دَخَلَ أَوَّلًا فِي صُلْحِهِمْ فَقَدْ صَارَتْ فَيْئًا لَا
يُخَمَّسُ4، وَلِلْإِمَامِ وَضْعُهُ حَيْثُ أَرَاهُ اللَّهُ وَأَمَّا
ذُو الْفَقَارِ فَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ
وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَنَفَّلَ سَيْفَهُ ذَا الْفَقَارِ يَوْمَ بَدْرٍ
وَهُوَ الَّذِي رَأَى فِيهِ الرُّؤْيَا يَوْمَ أُحُدٍ5،
__________
1 أخرجه البخاري 5/170 –فتح الباري، كتاب البيوع: باب بيع العبد
والحيوان بالحيوان نسيئة حديث 2228، من حديث حماد بن زيد عن ثابت عن
أنس به.
2 أخرجه البخاري 2/31- فتح الباري، كتاب الصلاة: باب ما يذكر في الفخذ،
حديث 371، ومسلم 5/235، 236، نووي، كتاب النكاح: باب فضيلة إعتاقه أمته
ثم يتزوجها، حديث 84، 1365.
وأخرجه أحمد 3/186، وابن ماجة 1/629، كتاب النكاح: باب الرجل يعتق أمته
ثم يتزوجها حديث 1957، من طريق عبد العزيز بن صهيب البناني عن أنس بن
مالك، رضي الله عنه، فذكره.
3 أخرجه مسلم 5/237، نووي، كتاب النكاح: باب فضيلة إعتاقه أمته، ثم
يتزوجها، حديث 87، 1365، وأخرجه أحمد 3/123، 246، وأبو داود 3/153،
كتاب الخراج: باب ما جاء في سهم الصفي، حديث 2997، وابن ماجة 2/763،
كتاب التجارات: باب الحيوان بالحيوان متفاضلا، يدا بيد حديث 2272،
واليبهقي في السنن الكبرى 6/304، كتاب قسم الفيء والغنيمة: باب سهام
الصفي، من طريق حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس فذكره.
4 ينظر: شرح مسلم للنووي 5/240.
5 أخرجه أحمد في المسند 1/271، والترمذي 4/130، كتاب السير: باب في
النفل، حديث 1561، وابن ماجة 2/939، كتاب الجهاد: باب السلاح، حديث
2808، والحاكم في المستدرك 2/129، كتاب قسم الفيء: تنفل رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سيفه ذا الفقار يوم بدر.
قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.
وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
(3/284)
وَفِي الطَّبَرَانِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الْحَجَّاجَ بْنَ
عُكَاظٍ أَهْدَى لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
ذَا الْفَقَارِ1، إسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَاعْتُرِضَ عَلَى الرَّافِعِيِّ
هُنَا بِأَنَّهُ يَرَى أَنَّ غَنِيمَةَ بَدْرٍ كَانَتْ كُلُّهَا
لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْسِمُهَا
بِرَأْيِهِ فَكَيْفَ يَلْتَئِمُ مَعَ قَوْلِهِ إنَّ ذَا الْفَقَارِ
كَانَ مِنْ صَفَايَاهُ وَالْكَلَامُ فِي الصَّفِيِّ إنَّمَا هُوَ
بَعْدَ فَرْضِ الْخُمُسِ وَعَلَى هَذَا فَيُحْمَلُ قَوْلُ ابْنِ
عَبَّاسٍ تَنَفَّلَ بِمَعْنَى أَنَّهُ أَخَّرَهُ لِنَفْسِهِ وَلَمْ
يُعْطِهِ أَحَدًا.
قَوْلُهُ وَمِنْهُ خُمُسُ الْخُمُسِ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الِاسْتِبْدَادُ بِهِ وَأَرْبَعَةُ
أَخْمَاسِ الْفَيْءِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي قَسْمِ الْفَيْءِ او
الغنيمة.
قَوْلُهُ دُخُولُ مَكَّةَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ تَقَدَّمَ فِي بَابِ
دُخُولِ مَكَّةَ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ دُخُولَهَا إذْ ذَاكَ
كَانَ لِلْحَرْبِ فَلَا يَعُدْ ذَلِكَ مِنْ الْخَصَائِصِ نَعَمْ
يُعَدُّ مِنْ خَصَائِصِهِ الْقِتَالُ فِيهَا كَقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ
الصَّحِيحِ فَقُولُوا إنَّ اللَّهَ أَذِنَ لِرَسُولِهِ وَلَمْ يَأْذَنْ
لَكُمْ2.
قَوْلُهُ رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
إنَّا مَعْشَرَ3، الْأَنْبِيَاءِ لَا نُورَثُ تَقَدَّمَ فِي بَابِ
الْقِسْمَةِ وَالْغَنِيمَةِ وَهَذَا اللَّفْظُ أَيْضًا
لِلطَّبَرَانِيِّ فِي الْأَوْسَطِ.
وَقَالَ الْحُمَيْدِيُّ فِي مُسْنَدِهِ نَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ
عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّا
مَعْشَرَ الْأَنْبِيَاءِ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا فَهُوَ صَدَقَةٌ.
فَائِدَةٌ نَقَلَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ
الْبَصْرَةِ مِنْهُمْ إبْرَاهِيمُ بْنُ عُلَيَّةَ أَنَّ هَذَا مِنْ
خَصَائِصِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّحِيحُ
أَنَّهُ عام في جمع الْأَنْبِيَاءِ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَتَمَسَّكَ
الْمَذْكُورُونَ بِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ
دَاوُد وَبِقَوْلِهِ حِكَايَةً عَنْ يَعْقُوبَ فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْك
وَلِيًّا يَرِثُنِي وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى وِرَاثَةِ
النُّبُوَّةِ وَالْعِلْمِ وَالدِّينِ لَا فِي الْمَالِ4، وَاَللَّهُ
أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ كَانَ لَهُ أَنْ يَقْضِيَ بِعِلْمِ نَفْسِهِ اسْتَدَلَّ لَهُ
الْبَيْهَقِيّ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ هِنْدِ بِنْتِ عُتْبَةَ
وَقَوْلُهُ لها خذي ن مَالِهِ مَا يَكْفِيك5 وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ
عَلَيْهِ فِي بَابِ الْقَضَاءِ عَلَى
__________
1 أخرجه الطبراني كما في مجمع الزوائد 4/156، قال الهيثمي: رواه
الطبراني في الكبير، وفيه إبراهيم بن عثمان أبو شعبة، وهو متروك.
2 تقدم تخريجه في كتاب الحج: من حديث أبي شريح العدوي، وفي بدايته: إن
مكة حرمها الله ولم يحرمها الناس.
3 في الأصل: معاشر.
4 ينظر: الاستذكار لابن عبد البر 27/387، رقم 41579، 41580.
5 تقدم في البيوع.
(3/285)
الْغَائِبِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
قَوْلُهُ وَأَنْ يَحْكُمَ لِنَفْسِهِ وَلِوَلَدِهِ وَأَنْ يَشْهَدَ
لِنَفْسِهِ وَلِوَلَدِهِ اسْتَدَلُّوا لَهُ بِعُمُومِ الْعِصْمَةِ
وَيَلْتَحِقُ بِذَلِكَ حُكْمُهُ وَفَتْوَاهُ فِي حَالِ الْغَضَبِ
وَقَدْ ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَيُمْكِنُ أَنْ
يُؤْخَذَ الْحُكْمُ مِنْ حَدِيثِ خُزَيْمَةَ الْآتِي قَرِيبًا.
قَوْلُهُ وَأَنْ يَقْبَلَ شَهَادَةَ مَنْ يَشْهَدُ لَهُ وَلِوَلَدِهِ
اسْتَدَلُّوا لِذَلِكَ بِقِصَّةِ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ1، وَهِيَ
شَهِيرَةٌ أَخْرَجَهَا أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَأَعَلَّهَا ابْنُ
حَزْمٍ وَأَغْرَبَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَزَعَمَ أَنَّهَا مَشْهُورَةٌ
وَأَنَّهَا فِي الصَّحِيحِ وَكَأَنَّ مُرَادَهُ بِذَلِكَ مَا وَقَعَ
فِي الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ
فَوَجَدْتهَا مع خزمية الَّذِي جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهَادَتَهُ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ ذَكَرَهَا فِي
تَفْسِيرِ الْأَحْزَابِ2.
قَوْلُهُ وَكَانَ لَهُ أَنْ يَحْمِيَ لِنَفْسِهِ وَالْأَئِمَّةُ
بَعْدَهُ لَا يَحْمُونَ لِأَنْفُسِهِمْ كَمَا سَبَقَ فِي إحْيَاءِ
الْمَوَاتِ.
قُلْت أَمَّا حِمَاهُ لِنَفْسِهِ فَلَمْ أَرَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ
الْأَحَادِيثِ.
قَوْلُهُ وَأَنْ يَأْخُذَ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ مِنْ الْمَالِكِ
وَإِنْ احْتَاجَ إلَيْهِمَا وَعَلَيْهِ البذل وَيَفْدِي بِمُهْجَتِهِ
مُهْجَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ
أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ.
قُلْت لَمْ أَرَ وقوع في ذلك شَيْءٍ مِنْ الْأَحَادِيثِ صَرِيحًا
وَيُمْكِنُ أَنْ يَسْتَأْنِسَ لَهُ بِأَنَّ طَلْحَةَ وَقَاهُ
بِنَفْسِهِ يَوْمَ أُحُدٍ3، وَبِأَنَّ أَبَا طَلْحَةَ كَانَ يَتَّقِي
بِتُرْسِهِ دُونَهُ4، وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ الْأَحَادِيثِ.
1460 - قَوْلُهُ وَكَانَ لَا يُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ بِالنَّوْمِ يَدُلُّ
عَلَيْهِ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا إنَّ
عَيْنِي تَنَامَانِ وَلَا يَنَامُ قَلْبِي5، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ
أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَامَ حَتَّى نَفَخَ ثُمَّ
قَامَ
__________
1 أخرجه أبو داود 3/308، كتاب الأقضية: باب إذا علم الحاكم صدق الشاهد
الواحد يجوز له أن يحكم به، حديث 3607، والحاكم في المستدرك 2/17، 18.
وقال: صحيح الإسناد، ورجاله ثقات باتفاق الشيخين ولم يخرجاه.
2 أخرجه البخاري 9/471، 472، كتاب التفسير: باب سورة الأحزاب، قوله:
{فمنهم من قضى نحبه ...} الأحزاب 23، الآية، حديث 4784، من حديث زيد بن
ثابت، قال: فوجدتها مع خزيمة ... فذكره.
3 أخرجه البخاري 7/448، كتاب فضائل أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: باب ذكر طلحة بن عبيد الله، حديث 3722-4724.
4 أخرجه البخاري 7/506، 507، كتاب مناقب أبي طلحة رضي الله عنه، حديث
3811، من حديث أنس رضي الله عنه.
5 أخرجه البخاري 3/343- فتح الباري، كتاب التهجد: باب قيام النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالليل في رمضان وغيره، حديث 1147ن
ومسلم 3/270، 271، كتاب صلاة المسافرين وقصرها: باب صلاة الليل وعدد
ركعات النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حديث 125، 738، وأخرجه
مالك في الموطأ 1/120، كتاب صلاة==
(3/286)
فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ1، وَفِي الْبُخَارِيِّ فِي حديث الإسراء م
طَرِيقِ شَرِيكٍ عَنْ أَنَسٍ وَكَذَلِكَ الْأَنْبِيَاءُ تَنَامُ
أَعْيُنُهُمْ وَلَا تَنَامُ قُلُوبُهُمْ2.
1461 - قَوْلُهُ وَفِي انْتِقَاضِ وُضُوئِهِ بِاللَّمْسِ وَجْهَانِ
قَالَ النَّوَوِيُّ فِي زِيَادَاتِهِ الْمَذْهَبُ الْجَزْمُ
بِانْتِقَاضِهِ.
قُلْت أَجَابَ بِهِ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ عَلَى مَا أَوْرَدَهُ
عَلَيْهِمْ الْحَنَفِيَّةُ فِي أَنَّ اللَّمْسَ لَا يُنْقِضُ مُطْلَقًا
بِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِهِ لِأَنَّ الْحَنَفِيَّةَ احْتَجُّوا
بِأَحَادِيثَ مِنْهَا فِي السُّنَنِ الْكُبْرَى بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ
عَنْ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ إنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيُصَلِّي وَإِنِّي لَمُعْتَرِضَةٌ
بَيْنَ يَدَيْهِ اعْتِرَاضَ الْجِنَازَةِ حَتَّى إذَا أَرَادَ أَنْ
يُوتِرَ مَسَّنِي بِرِجْلِهِ3.
وَفِي الْبَزَّارِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ عَنْ
عَطَاءٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ كَانَ يُقَبِّلُ بَعْضَ نِسَائِهِ ثُمَّ يَخْرُجُ إلَى
الصَّلَاةِ وَلَا يَتَوَضَّأُ4، وَإِسْنَادُهُ قَوِيٌّ نَعَمْ احْتَجَّ
بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ وُضُوءَ
الْمَلْمُوسِ لَا يُنْقَضُ وَهُوَ قَوْلٌ قَوِيٌّ فِي الْمَذْهَبِ.
1462 - قَوْلُهُ وَفِيمَا حَكَى صَاحِبُ التَّلْخِيصِ أَنَّهُ كَانَ
يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ جُنُبًا قَالَ وَلَمْ
يُسَلِّمْهُ الْقَفَّالُ وَقَالَ لَا أَخَالُهُ صَحِيحًا انْتَهَى.
اسْتَدَلَّ لَهُ النَّوَوِيُّ بِمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ
وَحَسَّنَهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِعَلِيٍّ لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ
يُجْنِبُ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ غَيْرِي وَغَيْرِك5، وَحَكَى عَنْ
ضِرَارِ بْنِ صُرَدٍ أَنَّ مَعْنَاهُ لَا يَسْتَطْرِقُهُ جُنُبًا
غَيْرِي وَغَيْرُك وَتَعَقَّبَ بِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَكُونُ فِيهِ
اخْتِصَاصٌ فَإِنَّ الْأُمَّةَ كَذَلِكَ بِنَصِّ الْكِتَابِ.
قُلْت وَيُمْكِنُ أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ بِمَسْجِدِهِ
فَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَسْتَطْرِقَهُ جُنُبًا وَلَا
__________
= الليل، حديث 9، كتاب الصلاة: باب في صلاة الليل، حديث 1341، والترمذي
2/302، 303، كتاب أبواب الصلاة: باب ما جاء في وصف صلاة النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالليل، حديث 439، والنسائي 3/234، كتاب
قيام الليل وتطوع النهار: باب كيف الوتر بثلاث، حديث 1697.
1 تقدم في كتاب الصلاة.
2 أخرجه البخاري 7/276، 277، كتاب المناقب: باب كان النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تنام عينه ولا ينام قلبه، حديث 3570، ومسلم
1/488، نووي، كتاب الإيمان: باب الإسراء برسول الله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حديث 262-162.
3 أخرجه النسائي في السنن الكبرى 1/98، كتاب الطهارة: باب ترك الوضوء
من مس الرجل امرأته لغير شهوة، حديث 157.
4 وأخرجه النسائي في الكبرى 1/97، 98، كتاب الطهارة: باب ترك الوضوء من
القبلة، رقم 155، من طريق أبي روق عن إبراهيم التيمي عن عائشة، بهذا
اللفظ.
5 أخرجه الترمذي 5/639، 640، كتاب المناقب: باب 21، حديث 3727، وقال:
حسن غريب، من طريق سالم بن أبي حفص عن عطية عن أبي سعيد الخدري، فذكره.
(3/287)
حَائِضًا إلَّا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَكَذَلِكَ عَلِيٌّ لِأَنَّ بَيْتَهُ كَانَ مَعَ بُيُوتِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ
ابْنِ عُمَرَ فِي الصَّحِيحِ للذي سَأَلَهُ عَنْ عَلِيٍّ اُنْظُرْ إلَى
بَيْتِهِ1، وَرَوَى النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي
فَضَائِلِ عَلِيٍّ قَالَ وَكَانَ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ وَهُوَ جُنُبٌ
وَهُوَ طَرِيقُهُ لَيْسَ لَهُ طَرِيقٌ غَيْرُهُ2، وَضَعَّفَ بَعْضُهُمْ
حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ بِأَنَّ رَاوِيَهُ عَنْهُ عَطِيَّةُ وَهُوَ
ضَعِيفٌ وَفِيهِ سَالِمُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ أَيْضًا.
وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يَقْوَى بِشَوَاهِدِهِ فَفِي مُسْنَدِ الْبَزَّارِ
مِنْ حَدِيثِ خَارِجَةَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ مَا يَشْهَدُ لَهُ3،
وَفِي ابْنِ مَاجَهْ وَالطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ
مَرْفُوعًا إنَّ هَذَا الْمَسْجِدَ لَا يَحِلُّ لِجُنُبٍ وَلَا
حَائِضٍ4، وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ بِلَفْظِ إنَّ مَسْجِدِي
حَرَامٌ عَلَى كُلِّ حَائِضٍ مِنْ النِّسَاءِ وَجُنُبٍ مِنْ الرِّجَالِ
إلَّا عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ5.
قَوْلُهُ كَانَ يَجُوزُ لَهُ الْقَتْلُ بَعْدَ الْأَمَانِ قُلْت لَمْ
أَرَ لِذَلِكَ دَلِيلًا.
1463 - حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ اللَّهُمَّ إنِّي اتَّخَذْت عِنْدَك
عَهْدًا لَنْ تَخْلُفَنِيهِ فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ فَأَيُّ
الْمُؤْمِنِينَ آذَيْته أَوْ شَتَمْته أَوْ لَعَنْته فَاجْعَلْهَا
صَلَاةً وَصَدَقَةً وَزَكَاةً وَقُرْبَةً تُقَرِّبُهُ بِهَا إلَيْك
يَوْمَ الْقِيَامَةِ6، انْتَهَى وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ
مُسْلِمٌ هَكَذَا مِنْ طَرِيقِ الْأَعْرَجِ عَنْهُ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ طَرِيقِ سعيد بن السميب عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ اللَّهُمَّ فَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ سَبَبْته
فَاجْعَلْ ذَلِكَ لَهُ قُرْبَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ7.
__________
1 أخرجه البخاري 7/433 –الفتح، كتاب فضائل أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: باب مناقب علي رضي الله عنه، حديث 3704.
2 أخرجه النسائي في السنن الكبرى 5/113، كتاب الخصائص: باب ذكر خصائص
أمير المؤمنين علي رضي الله عنه، رقم 8409.
وأخرجه أحمد 1/330، 373، والترمذي مختصرا 5/641، رقم 3732، من حديث
عمرو بن ميمون عن ابن عباس فذكره.
وقال الترمذي: غريب لا نعرفه عن شعبة بهذا الإسناد إلا من هذا الوجه.
3 ينظر: مسند البزار 4/36، رقم 1197.
4 أخرجه ابن ماجة 1/212، كتاب الطهارة وسننها: باب ما جاء في اجتناب
الحائض المسجد، حديث 645، والطبراني 23/373، 374، رقم 883، من حديث أم
سلمة.
قال في الزوائد: إسناده ضعيف.
5 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 7/65، كتاب النكاح: باب دخول المسجد
جنبا، من حديث أم سلمة بهذا اللفظ.
6 أخرجه مسلم 8/397- النووي، كتاب البر والصلة والآداب: باب من لعنه
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حديث 90- 2601، وأخرجه أحمد
2/449، والحميدي 2/450، رقم 1041، من طريق الأعرج عن أبي هريرة فذكره.
7 أخرجه البخاري 12/463، الفتح، كتاب الدعوات: باب قول النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومن آذيته، حديث 6361، ومسلم 8/398،
النووي، كتاب البر والصلة والآداب: باب من لعنه النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حديث 92- 2601.
(3/288)
وَفِي الْبَابِ عَنْ جَابِرٍ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ بِلَفْظِ إنَّمَا
أَنَا بَشَرٌ وَإِنِّي اشْتَرَطْت عَلَى رَبِّي أَيُّ عَبْدٍ مِنْ
الْمُسْلِمِينَ سَبَبْته أَوْ شَتَمْته أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لَهُ
زَكَاةً وَأَجْرًا1. وَفِي رِوَايَةٍ وَرَحْمَةً بَدَلَ وَأَجْرًا
وَعَنْ عَائِشَةَ2، وَأَنَسٍ3 أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا وَعَنْ
أَبِي سَعِيدٍ4، عِنْدَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ.
1464 - قَوْلُهُ وَهَذَا قَرِيبٌ مِنْ جَعْلِ الْحُدُودِ كَفَّارَاتٍ
لِأَهْلِهَا فِيهِ حَدِيثُ عُبَادَةَ فَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ
شَيْئًا فَعُوقِبَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ5، مُخَرَّجٌ فِي
الصَّحِيحَيْنِ.
وَعِنْدَ أَبِي دَاوُد مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا لَا
أَدْرِي الْحُدُودُ كَفَّارَاتٌ لِأَهْلِهَا أَمْ لَا6، وَأُجِيبَ
عَنْهُ بِأَنَّهُ عَلِمَ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ كَانَ لَا يَعْلَمُهُ
فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ أَبُو هُرَيْرَةَ أَرْسَلَهُ وَإِمَّا أَنْ
يَكُونَ حَدِيثُ عُبَادَةَ مُتَأَخِّرًا وَقَدْ بَيَّنْت ذَلِكَ فِي
شَرْحِ الْبُخَارِيِّ7.
__________
1 أخرجه مسلم 8/398، النووي كتاب البر والصلة والآداب: باب من لعنه
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حديث 94-2602، من حديث جابر.
2 أخرجه مسلم 8/396، النووي كتاب البر والصلة والآداب: باب من لعنه
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حديث 88-260، من حديث عائشة
به.
3 أخرجه مسلم 8/399، نووي كتاب البر والصلة والآداب: باب من لعنه النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حديث 95- 2603، من حديث أنس به.
4 أخرجه أحمد بن حنبل في مسنده 3/33.
5 أخرجه البخاري 1/91- الفتح، كتاب الإيمان: باب 11، حديث 81، ومسلم
6/238، 239، نووي، كتاب الحدود: باب الحدود وكفارات لأهلها، حديث
41-1709.
وأخرجه الترمذي 4/45، كتاب الحدود: باب ما جاء في أن الحدود كفارة
لأهلها، حديث 1439، من حديث عبادة بن الصامت.
6 الحديث ذكره الحافظ في فتح الباري 1/94، وقال: أخرجه الحاكم في
المستدرك والبزار من رواية معمر عن ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن أبي
هريرة، وهو صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجه أحمد عن عبد الرزاق عن
معمر، وذكر الدار قطني أن عبد الرزاق تفرد بوصله ... وذكر كلاما، ولم
يعزه لأبي داود كما ذكر هنا.
7 ينظر: فتح الباري شرح صحيح البخاري 1/94.
(3/289)
فَصْلٌ فِي التَّخْفِيفِ فِي النِّكَاحِ
قَوْلُهُ مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
عَنْ تِسْعِ نِسْوَةٍ8، قُلْت هُوَ أَمْرٌ مَشْهُورٌ لَا يَحْتَاجُ
إلَى
__________
8 الحكمة في تعدد زوجات النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أكثر
مما أباحه القرآن للمسلمين، كذا القيل والقال، في أمر تعدد زوجات
الرسول عليه السلام، وتساءل الناس كيف ساغ للرسول أن يتزوج تسعا. وقد
حرمت الشريعة ما زاد على الأربع.
(3/289)
تَكَلُّفِ تَخْرِيجِ الْأَحَادِيثِ فِيهِ وَهُنَّ عَائِشَةُ ثُمَّ
سَوْدَةُ ثُمَّ حَفْصَةُ ثُمَّ أُمُّ سَلَمَةَ ثُمَّ زَيْنَبُ بِنْتُ
__________
=وهكذا تطاولوا على ذلك المقام المقدس مقام النبوة. كل شبهتهم تنحصر في
أن من على القانون يختلجه الشك والريب إذا رأى أن المشرع قد اختص بما
لم يبحه لغيره.
وكيف يتزوج الرسول تسعا ويمنع غيره مما زاد على الأربع. وسنن الأنبياء
تأبي ذلك ألم تر إلى ما حكى الله عن شعيب: {وما أريد أن أخالفكم إلى ما
أنهاكم عنه إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت} هود 88، وها هنا المخالفة
واضحة.
واستعصى عليه فهم جواز مخالفة القانون ولو بحجة الخصوصية.
وها نحن نذكر ما فيه الكفاية والرد والشبهة وإزالة الإلباس وبيان
الحكمة بدليل مقنع وحجة واضحة.
تعادل المساواة بين ما أبيح للرسول وما أبيح لسائر المؤمنين.
حرم الله على الرسول أن يتزوج غير ما أبيح له الجمع منهن وأن يستبدل
بهن من أزواج، وكان للمسلم من الأربعة غيرها بحيث يتزوج غيرها ويطلقها
والرسول محرم عليه ذلك قال تعالى: {لا يحل لك النساء من بعد ولا أن
تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن إلا ما ملكت يمينك} الأحزاب: 52.
قال البيضاوي: لا يحل لك النساء بعد اليوم حتى لو ماتت إحداهن لم يحل
له نكاح أخرى.
وقال ابن عباس إن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما خيرهن
فاخترن اله ورسوله شكر لهن ذلك وحرم عليه النساء سواهن ونهاه عن
تطليقهن وعن الاستبدال بهن، فتبين منه أن القانون قد اشتدت وطأته على
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فجعل لهن أن يأمن الطلاق
والاستبدال وسواهن لا يأمن طلاقا أو استبدالا.
فكثرة العدد له صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تقابل الحصر والمنع،
وقلة العدد عند المسلمين مقرونة بالتوسعة استبدالا وطلاقا، فلئن ضيق
على المسلمين في الكم فقد ضيق عليه في الكيف، ولكن وسع عليه في الحكم
فقد وسع عليكم في الكيف فالمساواة متعادلة ضيقا وسعة، وإذا نظرنا إلى
ما تقدم أمكننا أن نحكم بأن هناك مساواة حقيقية بين ما أبيح للرسول وما
أبيح لسائر المؤمنين، بل أكثر من هذا يمكن القول بأن ما أبيح لغيره
أوسع دائرة مما أبيح له عليه السلام.
وكيف وقد روينا فيما تقدم أن سيدنا الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله
عنهما تزوج بطريق الاستبدال أكثر من مائتي امرأة والله يقول في حق
الرسول: {لا يحل لك النساء} الآية.
ولنا أن نقول إن إباحة الجمع له صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من
قبيل الخصوصية وإنه راعى المصلحة في اختيار كل زوجة من أزواجه عليهم
الرضوان في التشريع والتأديب فجذب إليه كبار القبائل بمصاهرتهم وعلم
أتباعه احترام النساء وإكرام كرائمهن والعدل بينهن وقرر الأحكام بذلك
وترك من هذه بعده أمهات للمؤمنين يعلمن نساءهم من الأحكام ما يليق بهن
مما ينبغي أن يتعلمنه من النساء دون الرجال ومما سنذكره من الحكمة
الخاصة والعامة بتعدد زوجات الرسول يتبين أنه لم يكن يريد بالتعدد ما
أراده الملوك والأمراء من التمتع بالحلال والجري وراء الشهوة ولو كان
يريد ذلك لاختار حسان الأبكار على أولئك الثياب المكتهلات كما قال لمن
اختار ثيبا: "هلا بكرا تلاعبها وتلاعبك" .
الحكمة من اختيار كل زوجة من أمهات المؤمنين.
السيدة خديجة: تزوجه لها جاء على مقتضى الفطرة فالحكمة في اختيارها
ظاهرة ...
السيدة سودة بنت زمعة: تزوجها الرسول بعد وفاة السيدة خديجة والحكمة في
اختيارها أن زوجها توفي بعد الرجوع من هجرة الحبشة الثانية وكانت رضي
الله عنها من المؤمنات المهاجرات الهاجرات لأهلهن خوف الفتنة ولو عادت
لأهلها، بعد وفاة زوجها وكان ابن عمها لعذبوها وفتنوها فكفلها صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكافأها بهذه المنة العظيمة...==
(3/290)
جَحْشٍ ثُمَّ صَفِيَّةُ ثُمَّ جُوَيْرِيَةُ ثُمَّ أُمُّ حَبِيبَةَ
ثُمَّ مَيْمُونَةُ.
__________
=السيدة عائشة: تزوجها بعد شهر من زواجه من السيدة زمعة والحكمة في
اختيارها هي إكرام صاحبه وزيره ورفيقه في الغار أبي بكر الصديق وإقراره
عينه بهذا السرور العظيم...
السيدة حفصة: وتزوجها الرسول بعد وفاة زوجها جتيث بن حذافة ببدر
والحكمة في اختيارها كالحكمة في اختياره للسيدة عائشة وهي إكرام عمر بن
الخطاب رضي الله عنه ومنزلته في الإسلام غير خافية والذي بلغه مرة أن
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طلقها فحثى التراب على رأسه
وقال: ما يعبأ الله بعمر وابنته بعدها.
السيدة زينب بنت جحش: تزوجها بعد طلاق زيد إياها، والحكمة في اختيارها
تعلو كل حكمة وهي إبطال تلك البدع الجاهلية التي كانت لاحقة ببدعة
التبني كتحريم التزوج بزوجة المتبنى بعده وغير ذلك.
السيدة زينب بنت خزيمة: كانت متزوجة بعبد الله بن جحش الذي قتل في
واقعة أحد والحكمة في تزوجها ن هذه المرأة كانت من فضليات النساء في
الجاهلية حتى كانوا يدعونها أم المساكين لبرها بهم وعنايتها بنسائهم
فكافأها صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على فضائلها بعد مصابها في
زوجها بذلك فلم يدعها أرملة تقاسي الذل الذي كانت تجير منه الناس وقد
ماتت في حياته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
السيدة أم سلمة: واسمها هند وهي زوج أبي سلمة عبد الله بن عبد الأسد
ابن عمة الرسول برة بنت عبد المطلب، وأخوه من الرضاعة، وكانت هي وزوجها
أول من هاجر إلى الحبشة. مات أبو سلمة ومعها أربع بنات هي برة وسلمة
وعمرة ودرة فآواها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد أن
اعتذرت إليه وقالت: إني امرأة مسنة وأم أيتام وإني شديدة الغيرة
فأجابها على لسان رسوله بقوله: "الأيتام أضمهم إلي وأدعو الله أن يذهب
عن قلبك الغيرة" ولم يعبأ بالسن، بل كانت تلك المزهدات والعقبات من
أقوى الدواعي للإسراع في طلبها عطفا عليها ورحمة ببناتها وصلة لرحمها
ومعرفة بحق أخيه من الرضاعة ويواءه لصغاره من بعده.
السيدة أم حبيبة: وهي رملة بنت أبي سفيان بن حرب نبذت دين أبيها وأمها
وهاجرت مع زوجها عبد الله بن جحش إلى أرض الحبشة الهجرة الثانية فولدت
له حبيبة وبها تكنى فتنصر زوجها هناك.
أما هي فقد ثبتت على الإسلام فانظر إلى إسلام امرأة يكافح أبوها النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ويتنصر زوجها وهي معه في هجرة معروف
سببها، أمن الحكمة أن تضيع هذه المؤمنة بين فتنتين أم من الحكمة أن
يكفلها من تصلح له وهو أصلح لها...
السيدة صفية: وهي بنت حيي بن أخطب سيد بن النضير وقد قتل أبوها مع بني
قريظة وقتل زوجها يوم خيبر وكان أخذها دحية الكلبي من سبي خيبر، فقال
الصحابة: يا رسول الله إنها سيدة بني قريظة والنضير لا تصلح إلا لك.
فاستحسن رأيهم وأبى أن تذل هذه السيدة بأن تكون أسيرة عند من تراه
دونها واصطفاها وأعتقها وتزوجها.
السيدة جويرية: وهي بنت الحارث سيد قومه بني المصطلق والحكمة في تزوجها
هي: أن المسلمين أسروا من قومها مئتي بيت بالنساء والذراري فأراد
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن تعتق المسلمون هؤلاء الأسرى
فتزوج بسيدتهم فقال الصحابة عليهم الرضوان: أصهار رسول الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا ينبغي أسرهم وأعتقوهم فأسلم بني المصطلق
لذلك أجمعون وصاروا عونا للمسلمين بعد أن كانوا محاربين لهم وعونا
عليهم وكان لذلك أثر حسن في سائر العرب.==
(3/291)
وَاخْتُلِفَ فِي رَيْحَانَةَ هَلْ كَانَتْ زَوْجَةً أَوْ سُرِّيَّةً
وَهَلْ مَاتَتْ فِي حَيَاتِهِ أَوْ بَعْدَهُ وَدَخَلَ أَيْضًا
بِخَدِيجَةَ وَلَمْ يَتَزَوَّجْ عَلَيْهَا حَتَّى مَاتَتْ وَبِزَيْنَبِ
أُمِّ الْمَسَاكِينِ وَمَاتَتْ فِي حَيَاتِهِ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَ
صَفِيَّةَ وَمَنْ بَعْدَهَا وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ أَنَّهُ تَزَوَّجَ
خَمْسَ عَشْرَةَ وَدَخَلَ مِنْهُنَّ بِإِحْدَى عَشْرَةَ وَمَاتَ عَنْ
تِسْعٍ فَقَدْ قَوَّاهُ أَيْضًا فِي الْمُخْتَارَةِ وَفِي بَعْضِهِ
مُغَايِرَةٌ لِمَا تَقَدَّمَ.
وَأَمَّا مَنْ عَقَدَ عَلَيْهَا وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا أَوْ خَطَبَهَا
وَلَمْ يَعْقِدْ عَلَيْهَا فَضَبَطْنَا مِنْهُنَّ نَحْوًا مِنْ
ثَلَاثِينَ امْرَأَةً وَقَدْ حَرَّرْت ذَلِكَ فِي كِتَابِي فِي
الصَّحَابَةِ.
قَوْلُهُ الْأَصَحُّ جَوَازُ الزِّيَادَةِ عَلَى التِّسْعِ لِأَنَّهُ
مَأْمُونُ الْجَوْرِ.
قُلْت إنْ ثَبَتَ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي رَيْحَانَةَ كَانَ دَلِيلًا
عَلَى الْوُقُوعِ.
فَائِدَةٌ: ذُكِرَ فِي حِكْمَةِ تَكْثِيرِ نِسَائِهِ وَحُبِّهِ
فِيهِنَّ أَشْيَاءُ:
الْأَوَّلُ زِيَادَةٌ فِي التَّكْلِيفِ حَتَّى لَا يَلْهُوَ بِمَا
حُبِّبَ إلَيْهِ مِنْهُنَّ عَنْ التَّبْلِيغِ.
__________
=السيدة ميمونة: واسمها برة فسماها صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
ميمونة وهي بنت الحارث الهلالية والذي زوجها له عمه العباس رضي الله
تعالى عنه، وكانت جعلت أخرها إليه بعد وفاة زوجها الثاني أبي رهم بن
عبد العزى وهي خالة عبد الله بن عباس وخالد بن الوليد ولعل الحكمة في
تزوجه بها تشعب قرابتها في بني هاشم وبني مخزوم.
الحكمة في استكثاره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من النساء
ذكر العلماء في الحكمة الإجمالية لتعدد زوجات الرسول عشرة أوجه:
1- أن يكثر من يشاهد أحواله الباطنة فينتفي عنه ما يظن به المشركون من
أنه ساحر وغير ذلك.
2- لتتشرف به قبائل العرب بمصاهرته فيهم.
3- للزيادة في تآلفهم.
4- للزيادة في التكليف حيث كلف ألا يشغله ما حبب إليه منهن عن المبالغة
في التبليغ.
5- لتكثر عشيرته من جهة نسائه فتزاد أعوانه على من يحاربه.
6- نقل الأحكام الشرعية التي لا يطلع عليها الرجال لأن أكثر ما يقع مع
الزوجة مما شأنه أن يختفي مثله.
7- الاطلاع على محاسن أخلاقه الباطنة فقد تزوج أم حبيبة وأبوها إذ ذاك
يعاديه والسيدة صفية بعد قتل أبيها وعمها وزوجها فلو لم يكن أكمل الخلق
في خلقه لنفرت منه بل الذي وقع أنه كان أحب إليهن من جميع أهلهن.
8- خرق العادة له عليه السلام في كثرة الجماع مع التقليل في المأكل
والمشرب وكثرة الصيام وقد أمر من لم يقدر على مؤن النكاح بالصوم وأشار
إلى أن كثرته تكسو شهوته فانخرقت هذه العادة في حقه عليه السلام.
9، 10- تحصينهن والقيام بحقوقهن.
هذا ما ظهر لنا من حكمة التعدد وما خفي علينا أكثر، وصدق الله حيث
يقول: {وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} الإسراء 85.
فكيف ولم نعط من القليل إلى القليل.
ينظر: تعدد الزوجات لشيخنا زكريا مكاوي.
(3/292)
الثَّانِي لِيَكُونَ مَعَ مَنْ يُشَاهِدُهَا فَيَزُولَ عَنْهُ مَا
يَرْمِيهِ بِهِ الْمُشْرِكُونَ مِنْ كَوْنِهِ سَاحِرًا.
الثَّالِثُ الْحَثُّ لِأُمَّتِهِ عَلَى تَكْثِيرِ النَّسْلِ.
الرَّابِعُ لِتَشْرُفَ بِهِ قَبَائِلُ الْعَرَبِ بِمُصَاهَرَتِهِ
فِيهِمْ.
الْخَامِسُ لِكَثْرَةِ الْعَشِيرَةِ مِنْ جِهَةِ نِسَائِهِ عَوْنًا
عَلَى أَعْدَائِهِ.
السَّادِسُ نَقْلُ الشَّرِيعَةِ الَّتِي لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهَا
الرِّجَالُ.
السَّابِعُ نَقْلُ مَحَاسِنِهِ الْبَاطِنَةِ فَقَدْ تَزَوَّجَ أُمَّ
حَبِيبَةَ وَأَبُوهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ عَدُوُّهُ وَصْفِيَّةَ
بَعْدَ قَتْلِ أَبِيهَا تَزَوَّجَهَا1، فَلَوْ لَمْ تَطَّلِعْ2، مِنْ
بَاطِنِهِ عَلَى أَنَّهُ أَكْمَلُ الْخَلْقِ لَنَفَرْنَ مِنْهُ.
قَوْلُهُ فِي انْعِقَادِ نِكَاحِهِ بِلَفْظِ الْهِبَةِ لِظَاهِرِ
الْآيَةِ وَهَلْ يَجِبُ الْمَهْرُ وَجْهَانِ حَكَى الْحَنَّاطِيُّ3،
الْوُجُوبَ قَالَ وَخَاصِّيَّةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ هِيَ الِانْعِقَادُ بِلَفْظِ الْهِبَةِ قُلْت قَدْ ذَكَرَ
الرَّافِعِيُّ فِي أَوَاخِرِ الْكَلَامِ أَنَّ أَكْثَرَ الْمَسَائِلِ
الَّتِي ذَكَرَهَا4 هُنَا مُخَرَّجَةٌ عَلَى أَصْلٍ وَهُوَ أَنَّ
النِّكَاحَ فِي حَقِّهِ هَلْ هُوَ كَالتَّسَرِّي فِي حَقِّنَا.
إنْ قُلْنَا نَعَمْ لَمْ يَنْحَصِرْ عَدَدُ مَنْكُوحَاتِهِ إلَى آخِرِ
كَلَامِهِ.
قُلْت وَدَلِيلُ هَذَا الْأَصْلِ وُقُوعُ الْجَوَازِ فِي الزِّيَادَةِ
عَلَى الْأَرْبَعِ والباقي ذكروه إلحاق وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
فَائِدَةٌ: اُخْتُلِفَ فِي الْوَاهِبَةِ فَقِيلَ خَوْلَةُ بِنْتُ
حَكِيمٍ وَقَعَ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ الْمُؤَدِّبِ عَنْ
هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ5، أَخْرَجَهُ
الْبَيْهَقِيُّ وَابْنُ مَرْدُوَيْهِ وَعَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ وَلَمْ
يَسُقْ لَفْظُهُ وَبِهِ قَالَ عُرْوَةُ6 وَغَيْرُهُ.
__________
1 في الأصل: وزوجها.
2 في ط: تطلع.
3 الحسين بن محمد بن الحسين، أبو عبد الله بن أبي جعفر الطبري الحناطي
أخذ الفقه من أبيه عن ابن القاص وأبي إسحاق المروزي. روى عنه القاضي
أبو الطيب وقال في تعليقه: كان حافظا لكتب الشافعي وكتب أبي العباس.
ذكره الشيخ أبو إسحاق وقال: من أئمة طبرستان. ذكره المطوعي في المذهب
وأثنى عليه وقال: كان إمام عصره بطبرستان حقا وواحد دهره علما وفقها
ووفاته –فيما يظهر- بعد الأربعمائة بقليل.
ينظر: تاريخ بغداد 8/103، طبقات الشافعية للأسنوي ص 141، طبقات الفقهاء
للشيرازي ص 105، طبقات ابن السبكي 3/160، طبقات ابن قاضي شهبة 1/179.
4 في الأصل: ذكرت.
5 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 7/55، كتاب النكاح: باب مما أبيح له
من الموهوبة، وابن مردويه كما في الدر المنثور للسيوطي 5/394، وزاد
نسبته لابن أبي حاتم، وعلقه البخاري 10/205، الفتح، كتاب النكاح: باب
هل للمرأة أن تهب نفسها لأحد؟ رقم 5113.
6 ذكره في الدر المنثور 5/394، وعزاه لعبد الرزاق وابن سعد وابن أبي
شيبة وعبد بن حميد والبخاري وابن جرير وابن المنذر والبيهقي وابن أبي
حاتم وابن مردويه عن عروة رضي الله عنه.
(3/293)
وَقِيلَ أُمُّ شَرِيكٍ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ
بْنِ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أُمِّ شَرِيكٍ1، وَبِهِ
قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ وَالضَّحَّاكُ وَمُقَاتِلٌ وَقِيلَ
هِيَ زَيْنَبُ بِنْتُ خُزَيْمَةَ أُمُّ الْمَسَاكِينِ قَالَهُ
الشَّعْبِيُّ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُرْوَةَ أَيْضًا وَقِيلَ
مَيْمُونَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ
وَقَتَادَةَ2.
قَوْلُهُ اُسْتُشْهِدَ بِقِصَّةِ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ حِينَ طَلَّقَ
زَيْدٌ زَوْجَتَهُ وَتَزَوَّجَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ3، الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ مُطَوَّلًا
وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ مُخْتَصَرًا.
قَوْلُهُ كَانَ يَجُوزُ لَهُ تَزْوِيجُ الْمَرْأَةِ مِمَّنْ شَاءَ
بِغَيْرِ إذْنِهَا وَإِذْنِ وَلِيِّهَا فِيهِ قِصَّةُ زَيْنَبَ بِنْتِ
جَحْشٍ.
حَدِيثٌ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَ
مَيْمُونَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ
عَبَّاسٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ.
1465 - حَدِيثٌ أَنَّهُ كَانَ يُطَافُ بِهِ فِي الْمَرَضِ عَلَى
نِسَائِهِ الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أسلمة فِي مُسْنَدِهِ عَنْ مُحَمَّدِ
بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ عِيَاضٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ
عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
كَانَ يُحْمَلُ فِي ثَوْبٍ يُطَافُ بِهِ عَلَى نِسَائِهِ وَهُوَ
مَرِيضٌ يَقْسِمُ لَهُنَّ4، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ إلَّا أَنَّهُ
مُنْقَطِعٌ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ لَمَا ثَقُلَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَأْذَنَ أزواجه أن يُمَرَّضُ
فِي بَيْتِي5.
وَفِي رواية لمسلم إنه لم كَانَ فِي مَرَضِهِ جَعَلَ يَدُورُ فِي
نِسَائِهِ وَيَقُولُ أَيْنَ أَنَا غَدًا أَيْنَ أَنَا غَدًا حِرْصًا
عَلَى بَيْتِ عَائِشَةَ6.
__________
1 أخرجه النسائي في السنن الكبرى 5/294، كتاب عشرة النساء: باب قوله
تعالى: {ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء} الأحزاب 51، رقم 8928،
من حديث أم شريك.
2 ينظر: الدر المنثور للسيوطي 5/394.
3 أخرجه البخاري 12/285، الفتح، كتاب الاستئذان: باب آية الحجاب، حديث
6238، 6239، ومسلم 5/243، 244- النووي، كتاب النكاح: باب زواج زينب بنت
جحش، حديث 89-1428، من حديث أنس به.
4 وأخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى 2/178، ذكر قسم رسول الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين نسائه في مرضه من نفسه.
وذكره الحافظ في المطالب العالية 2/8، رقم 1516، عن جعفر بن محمد عن
أبيه به.
5 أخرجه البخاري 1/404 –فتح الباري، كتاب الوضوء: باب الغسل والوضوء في
المخضب والقدح والخشب والحجارة، حديث 198، ومسلم 2/س372، 373 –نووي،
كتاب الصلاة: باب استخلاف الإمام إذا عرض له عذر، حديث 91-418، من طريق
عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن عائشة به.
6 أخرجه مسلم 8/220 –نووي، كتاب الفضائل: باب في فضل عائشة، حديث
84-2443، وهو عند البخاري أيضا، حديث 3774.
(3/294)
وَفِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ عَنْهَا أَنَّهُ لَمَّا اشْتَكَى قُلْنَ
لَهُ اُنْظُرْ حَيْثُ تُحِبُّ أَنْ تَكُونَ فَنَحْنُ نَأْتِيك
فَانْتَقَلَ إلَى عَائِشَةَ1.
1466 - حَدِيثٌ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ "اللَّهُمَّ هَذَا قَسْمِي
فِيمَا أَمْلِكُ فَلَا تَلُمْنِي فِيمَا تَمْلِكُ وَلَا أَمْلِكُ2" ،
أَحْمَدُ وَالدَّارِمِيُّ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ وَابْنُ حِبَّانَ
وَالْحَاكِمُ عَنْ عَائِشَةَ وَأَعَلَّهُ النَّسَائِيُّ
وَالتِّرْمِذِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ بِالْإِرْسَالِ.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا تَابَعَ حَمَّادَ بْنَ
سَلَمَةَ عَلَى وَصْلِهِ.
حَدِيثٌ أَنَّهُ أَعْتَقَ صَفِيَّةَ وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ عَنْ أَنَسٍ وَقَدْ مَضَى.
قَوْلُهُ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ أَعْتَقَهَا عَلَى شَرْطِ أَنْ ينكحها
فلزمها الْوَفَاءُ بِهِ بِخِلَافِ بَاقِي الْأُمَّةِ قُلْت هُوَ
ظَاهِرُ حَدِيثِ أَنَسٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ فِي قَوْلِهِ أَصْدَقَهَا
نَفْسَهَا لَكِنْ لَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ مِنْ خَصَائِصِهِ.
الْقِسْمُ الرَّابِعُ فِي الْخَصَائِصِ3 وَالْكَرَامَاتِ
1467 - قَوْلُهُ رُوِيَ أَنَّهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَرَأَى
بِكَشْحِهَا4 بَيَاضًا فَقَالَ الْحَقِي بِأَهْلِك5، الْحَاكِمُ فِي
الْمُسْتَدْرَكِ مِنْ حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ وَفِيهِ أَنَّهَا
مِنْ بَنِي غِفَارٍ وَفِي إسْنَادِهِ جَمِيلُ بْنُ زَيْدٍ وَقَدْ
اضْطَرَبَ فِيهِ وَهُوَ ضَعِيفٌ فَقِيلَ عَنْهُ هَكَذَا وَقِيلَ عَنْ
ابْنِ عُمَرَ وَقِيلَ عَنْ زَيْدِ بْنِ كَعْبٍ6، أَوْ كَعْبِ بْنِ
زَيْدٍ.
__________
1 أخرجه ابن حبان في صحيحه 14/582- الإحسان، كتاب التاريخ: باب وفاته
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حديث 6614، من طريق أبي العنبس عن
أبيه عن عائشة به.
2 أخرجه أحمد في المسند 6/144، وأخرجه البخاري 2/144، كتاب النكاح: باب
في القسمة بين النساء، وأبو داود 2/601، كتاب النكاح: باب القسم بين
النساء، الحديث 2134، والترمذي 3/446، كتاب النكاح: باب التسوية بين
الضرائر، الحديث 1140، والنسائي 7/64، كتاب عشرة النساء: باب ميل الرجل
إلى بعض نسائه دون بعض، وابن ماجة 1/633، كتاب النكاح: باب القسمة بين
النساء، الحديث 1971، وابن أبي شيبة 4/386- 387، وابن حبان 1305،
موارد، والحاكم 2/187، كتاب النكاح: باب التشديد في العدل بين النساء،
والبيهقي 7/298، كتاب القسم والنشوز: باب لن تستطيعوا أن تعدلوا بين
النساء، من حديث عائشة، قالت: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يقسم فيعدل ويقول: "اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما
تملك ولا أملك" .
وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
3 في الأصل: الفضائل.
4 قال ابن الأثير في النهاية 4/175، الكشح: الخصر.
5 أخرجه الحاكم في المستدرك 4/34، كتاب معرفة الصحابة: باب ذكر
العالية، وابن عدي في الكامل 2/171، والبيهقي في السنن الكبرى 7/214.
6 قال الذهبي في التلخيص بهامش المستدرك: قال ابن معين: زيد ليس
بثقة.==
(3/295)
وَأَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ وَالْبَيْهَقِيُّ.
وَقَالَ الْحَاكِمُ اسْمُهَا أَسْمَاءُ بِنْتُ النُّعْمَانَ.
وَقُلْت وَالْحَقُّ أَنَّهَا غَيْرُهَا فَإِنَّ بِنْتَ النُّعْمَانِ
هِيَ الْجَوْنِيَّةِ كَمَا مَضَى.
حَدِيثُ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ أَنَّهُ نَكَحَ الْمُسْتَعِيذَةَ فِي
زَمَانِ1 عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَأَمَرَ بِرَجْمِهَا فَأُخْبِرَ
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَارَقَهَا قَبْلَ
أَنْ يَمَسَّهَا2، فَخَلَّاهُمَا هَذَا الْحَدِيثُ تَبِعَ فِي
إيرَادِهِ هَكَذَا الْمَاوَرْدِيُّ وَالْغَزَالِيُّ وَإِمَامُ
الْحَرَمَيْنِ وَالْقَاضِي الْحُسَيْنُ وَلَا أَصْلَ لَهُ فِي كُتُبِ
الْحَدِيثِ نَعَمْ رَوَى أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمَعْرِفَةِ فِي
تَرْجَمَةِ قُتَيْلَةَ مِنْ حَدِيثِ دَاوُد عَنْ الشَّعْبِيِّ
مُرْسَلًا وَأَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ دَاوُد
عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَوْصُولًا وَصَحَّحَهُ ابْنُ
خُزَيْمَةَ وَالضِّيَاءُ مِنْ طَرِيقِهِ في المختارة أَنَّ النَّبِيَّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَلَّقَ قُتَيْلَةَ بِنْتَ قَيْسٍ
أُخْتَ الْأَشْعَثِ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَتَزَوَّجَهَا
عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ
فَقَالَ لَهُ عُمَرُ يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ إنَّهَا لَيْسَتْ
مِنْ نِسَائِهِ لَمْ يَحُزْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَقَدْ بَرَّأَهَا اللَّهُ مِنْهُ بِالرِّدَّةِ وَكَانَتْ
قَدْ ارْتَدَّتْ مَعَ قَوْمِهَا ثُمَّ أَسْلَمَتْ فَسَكَنَ أَبُو
بَكْرٍ.
وَرَوَى الْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ هِشَامِ بْنِ الْكَلْبِيِّ عَنْ
أَبِيهِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ خَلَفَ عَلَى
أسماء بنت النعمان المهاجرين أَبِي أُمَيَّةَ فَأَرَادَ عُمَرُ أن
يعاقبها فقالت ولله مَا ضَرَبَ عَلَيَّ الْحِجَابَ وَلَا سُمِّيت أُمَّ
الْمُؤْمِنِينَ فَكَفَّ عَنْهَا3.
وَرَوَى الْحَاكِمُ بِسَنَدِهِ إلَى أَبِي عُبَيْدَةَ مَعْمَرِ بْنِ
الْمُثَنَّى أَنَّهُ تَزَوَّجَ حِينَ قَدِمَ عَلَيْهِ وَفْدُ كِنْدَةَ
قُتَيْلَةَ بِنْتَ قَيْسٍ أُخْتَ الْأَشْعَثِ وَلَمْ تَدْخُلْ عَلَيْهِ
فَقِيلَ إنَّهُ أَوْصَى أَنْ تُخَيَّرَ فَاخْتَارَتْ النِّكَاحَ
فَتَزَوَّجَهَا عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ بِحَضْرَمَوْتَ فَبَلَغَ
ذَلِكَ أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ لَقَدْ هَمَمْت بِأَنْ أُحَرِّقَ
عَلَيْهِمَا فَقَالَ عُمَرُ مَا هِيَ مِنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ
وَلَا دَخَلَ بِهَا وَلَا ضَرَبَ4 عَلَيْهَا الْحِجَابَ فَسَكَنَ5.
__________
=وقال البيهقي في السنن 7/214.
وقال أبو أحمد: وجميل بن زيد تفرد بهذا الحديث واضطرب الرواة عنه بهذا
لحديث.
1 في الأصل: زمن.
2 في الأصل: ينكحها.
3 أخرجه الحاكم في المستدرك 4/37، كتاب معرفة الصحابة: باب ذكر
الكلابية أو الكندية.
4 ضرب عليها: فرض وألزم عليها.
ينظر: المعجم الوسيط 1/538.
5 أخرجه الحاكم في المستدرك 4/38، كتاب معرفة الصحابة: باب قتيلة بنت
قيس.==
(3/296)
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادِهِ إلَى الزُّهْرِيِّ قَالَ
بَلَغَنَا أَنَّ الْعَالِيَةَ بِنْتَ ظَبْيَانَ الَّتِي طَلَّقَهَا
تَزَوَّجَتْ قَبْلَ أَنْ يُحَرِّمَ اللَّهُ نِسَاءَهُ فَنَكَحَتْ ابْنَ
عَمٍّ لَهَا وَوَلَدَتْ فِيهِمْ1.
قَوْلُهُ وَلَا يُقَالُ لِبَنَاتِهِنَّ أَخَوَاتُ الْمُؤْمِنِينَ وَلَا
لِأَخَوَاتِهِنَّ خَالَاتُ الْمُؤْمِنِينَ.
قُلْت فِيهِ أَثَرٌ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ أَنَا أُمُّ رِجَالِكُمْ
وَلَسْت أُمُّ نِسَائِكُمْ2 أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ قَوْلُهُ
وَأَمَّا غَيْرُهُنَّ فَيَجُوزُ أَنْ يُسْأَلْنَ مُشَافَهَةً
بِخِلَافِهِنَّ.
قُلْت إنْ كَانَ الْمُرَادُ السُّؤَالَ عَنْ الْعِلْمِ3، فَمَرْدُودٌ
فَإِنَّهُ ثَابِتٌ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَسْأَلُونَ
عَائِشَةَ عَنْ الْأَحْكَامِ وَالْأَحَادِيثِ مُشَافَهَةً أَوْ
لَعَلَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ مُشَافَهَةً مُوَاجِهَةً فَيُتَّجَهُ
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ وَنُصِرَ بِالرُّعْبِ عَلَى مَسِيرَةِ شَهْرٍ هُوَ فِي
حَدِيثِ جَابِرٍ وَغَيْرِهِ فِي الصَّحِيحَيْنِ4، وَفِي
الطَّبَرَانِيِّ مَسِيرَةَ شَهْرَيْنِ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِمَا
وَرَدَ فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ شَهْرًا وَرَاءَهُ وَشَهْرًا أَمَامَهُ
وَكَذَا قَوْلُهُ وَجُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا لَكِنَّ قَوْلَهُ
وَتُرَابُهَا طَهُورًا5، مِنْ أَفْرَادِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ
حُذَيْفَةَ.
قَوْلُهُ وَأُحِلَّتْ لَهُ الْغَنَائِمُ هُوَ فِي الْأَحَادِيثِ
الْمَذْكُورَةِ وَفِيهَا6 وَلَمْ تُحَلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي.
1468 - قَوْلُهُ وَيَشْفَعُ فِي أَهْلِ الْكَبَائِرِ فِيهِ حَدِيثُ
أَنَسٍ "شَفَاعَتِي لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي" 7،
أَخْرَجَهُ أبو داود والترمذي فرواه مُسْلِمٌ بِدُونِ ذِكْرِ
الْكَبَائِرِ وَعَلَقَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ
التَّيْمِيِّ8 عَنْهُ.
__________
=أخرجه البيقهي في السنن كما في الدر المنثور للسيوطي 5/404، وزاد
نسبته لعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر، عن ابن شهاب رضي الله
عنه.
1 سقط في الأصل.
2 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 7/70، كتاب النكاح: باب ما خص به من
أن أزواجه أمهات المؤمنين وأنه يحرم نكاحهن من بعده على جميع العالمين.
3 في الأصل: علم.
4 تقدم تخريجه.
5 تقدم.
6 في الأصل: ومنها.
7 أخرجه أبو داود 4/236، كتاب السنة: باب في الشفاعة، حديث 4739،
والترمذي 4/625، كتاب صفة القيامة: باب 11، حديث 2435، وأخرجه أحمد
3/213، وابن حبان في صحيحه 14/387، الإحسان، رقم 6468، والحاكم في
المستدرك 1/69، كتاب الإيمان من حديث أنس.
8 أخرجه مسلم 2/76، نووي كتاب الإيمان: باب اختباء النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دعوة الشفاعة لأمته، حديث 341-200،
والبخاري تعليقا 12/373- الفتح، كتاب الدعوات: باب لكل نبي دعوة
مستجابة، دعا بها فاستجيبت، فجعلت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة.
(3/297)
وَفِي الْبَابِ عَنْ1 جَابِرٍ فِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ
وَشَوَاهِدُهُ كَثِيرَةٌ.
قَوْلُهُ وَبُعِثَ إلَى النَّاسِ عَامَّةً هُوَ فِي الْأَحَادِيثِ
الْمَذْكُورَةِ.
1469 - قَوْلُهُ "وَهُوَ سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ" 2، هُوَ فِي
الصَّحِيحَيْنِ فِي حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ الطَّوِيلِ.
1470 - قَوْلُهُ "وَأَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ" 3،
رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ فَرُّوخَ عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ وَرَوَاهُ الشَّيْخَانِ4 مِنْ وَجْهٍ آخَرَ.
__________
1 أخرجه ابن حبان في صحيحه 14/386- الإحسان، برقم 6467، والترمذي
4/625، برقم 2436، والحاكم في المستدرك 1/69، من طريق جعفر بن محمد عن
أبيه عن جابر بلفظ حديث أنس، قال الترمذي: حسن غريب.
وله شاهد عند مسلم 5/77- نووي، رقم 345، 201، بلفظ: لكل نبي دعوة قد
دعا بها ... الحديث، من طريق ابن الزبير عن جابر به.
2 أخرجه البخاري 13/237- فتح الباري، كتاب الرقاق: باب صلة الجنة
والنار، حديث 6565، ومسلم 2/51- نووي، كتاب الإيمان: باب أدنى أهل
الجنة منزلة فيها، حديث 322-193، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.
3 ورد ذلك من حديث جماعة من الصحابة منهم أبو هريرة، وأبو سعيد الخدري،
وأنس بن مالك وعبد الله بن سلام.
فأما حديث أبي هريرة فرواه مسلم 4/1782، في الفضائل: باب تفضيل نبينا
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على جميع الخلائق 3- 2278، وأبو
داود 2/63، في السنة: باب في التخيير بين الأنبياء عليه الصلاة والسلام
4673، وأحمد 2/540، والبغوي في شرح السنة 7/11، برقم 3519، عنه مرفوعا:
"أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، وأول من ينشق عنه القبر، وأول شافع وأول
مشفع" .
وأما حديث أبي سعيد الخدري فرواه الترمذي 5/288، في التفسير: باب ومن
سورة بني إسرائيل 3048، وفي المناقب: باب في فضل النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 3615، وابن ماجة 2/1440، في الزهد: باب ذكر الشفاعة
4308، عنه مرفوعا: "أنا سيد ولد آدم ولا فخر ... فذكره بنحو حديث أبي
هريرة، ورواه الترمذي في الموضع الأول مطولا.
وقال في الموضعين: هذا الحديث حسن صحيح.
وأما حديث أنس فرواه أحمد 3/144-145، والدارمي 1/27-28، في المقدمة:
باب ما أعطي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الفضل، وأبو
يعلى واللفظ له 4305، عنه مرفوعا: "أنا سيد ولد آدم ولا فخر وأنا أول
من تنشق عنه الأرض ولا فخر، وأنا أول من يأخذ بحلقة باب الجنة ولا فخر،
ولواء الحميد بيدي ولا فخر" .
وأما حديث عبد الله بن سلام فرواه أبو يعلى 7493، وابن حبان 2127
–موارد، من طريق عمرو الناقد حدثنا عمرو بن عثمان الكلابي حدثنا موسى
بن أعين عن معمر بن راشد عن محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب عن بشر بن
شغاف عنه مرفوعا.
وذكره الهيثمي في المجمع 8/57، وقال: رواه أبو يعلى والطبراني وفيه
عمرو بن عثمان الكلابي وثقه ابن حبان على ضعفه، وبقية رجاله ثقات.
4 أخرجه البخاري 13/174 –فتح الباري، كتاب الرقاق: باب نفخ الصور، حديث
6517، 6518، ومسلم 4/1843، 1844، كتاب الفضائل: باب من فضائل موسى عليه
السلام، حديث==
(3/298)
1471 - قَوْلُهُ "وَأَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ" هُوَ فِي
الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ عِنْدَ مُسْلِمٍ.
1472 - قَوْلُهُ "وَهُوَ أَكْثَرُ الْأَنْبِيَاءِ تَبَعًا" 1،رَوَاهُ
مُسْلِمٌ أَيْضًا وَلِلدَّارَقُطْنِيِّ فِي الْأَفْرَادِ مِنْ حَدِيثِ
عُمَرَ مَرْفُوعًا إنَّ الْجَنَّةَ حُرِّمَتْ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ
حَتَّى أَدْخُلَهَا وَحُرِّمَتْ عَلَى الْأُمَمِ حَتَّى يَدْخُلَهَا
أُمَّتِي2.
1473 - قَوْلُهُ "وَأَوَّلُ مَنْ يَقْرَعُ بَابَ الْجَنَّةِ" 3،
رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ.
1474 - وَأُمَّتُهُ مَعْصُومَةٌ لَا تَجْتَمِعُ عَلَى الضَّلَالَةِ
هَذَا فِي حَدِيثٍ مَشْهُورٍ لَهُ طُرُقٌ كَثِيرَةٌ لَا يَخْلُو
وَاحِدٌ مِنْهَا4 مِنْ مَقَالٍ مِنْهَا لِأَبِي دَاوُد عَنْ أَبِي
مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ مَرْفُوعًا "إنَّ اللَّهَ أَجَارَكُمْ من ثلاث
خلال أن لا يَدْعُوَ عَلَيْكُمْ نَبِيُّكُمْ لِتَهْلَكُوا جَمِيعًا
وَأَلَّا يَظْهَرَ أَهْلُ الْبَاطِلِ عَلَى أَهْلِ الْحَقِّ وأن لا
يَجْتَمِعُوا عَلَى ضَلَالَةٍ" 5، وَفِي إسْنَادِهِ انْقِطَاعٌ.
وَلِلتِّرْمِذِيِّ وَالْحَاكِمِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا "لَا
تَجْتَمِعُ هَذِهِ الْأُمَّةُ عَلَى ضَلَالٍ أَبَدًا" 6، وَفِيهِ
سُلَيْمَانُ بْنُ شَعْبَانَ الْمَدَنِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَأَخْرَجَ
الْحَاكِمُ لَهُ شَوَاهِدَ7.
وَيُمْكِنُ الِاسْتِدْلَال لَهُ بِحَدِيثِ مُعَاوِيَةَ مَرْفُوعًا "لَا
يَزَالُ مِنْ أُمَّتِي أُمَّةٌ قَائِمَةٌ بِأَمْرِ اللَّهِ لَا
يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ وَلَا مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ
أَمْرُ اللَّهِ" 8 أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ.
__________
= 159-2373، وفيه: "ثم ينفخ فيه أخرى فأكون أول من بعث أو من أول من
بعث، فإذا موسى عليه السلام آخذ بالعريش .. فذكره، من حديث أبي هريرة
رضي الله عنه به.
1 أخرجه مسلم 2/74- نووي، كتاب الإيمان: باب أنا أول الناس يشفع في
الجنة، حديث 330-196، وأخرجه أحمد 3/140، والدارمي مختصرا 1/27.
2 وأخرجه ابن أبي حاتم في علل الحديث 2/227، رقم 2167، وذكره المتقي
الهندي في كنز العمال 11/416ن رقم 31953، وعزاه لابن النجار عن عمر.
قال أبو زرعة: هذا حديث منكر، لا أدري كيف هو.
3 تقدم قريبا.
4 في الأصل: عن.
5 أخرجه أبو داود 4/98، كتاب الفتن والملاحم: باب ذكر الفتن ودلائلها،
حديث 4253، من حديث أبي مالك الأشعري، فذكره.
6 أخرجه الترمذي 4/466، 467، كتاب الفتن: باب ما جاء في لزوم الجماعة،
حديث 2167، والحاكم في المستدرك 1/115، كتاب العلم.
قال أبو عيسى: هذا حديث غريب من هذا الوجه.
7 ينظر: المستدرك للحاكم 1/115-116.
8 أخرجه البخاري 6/731، كتاب المناقب: باب سؤال المشركين، حديث 3641،
ومسلم 3/1524، كتاب الإمارة: باب قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: "لا تزال طائفة من أمتي" حديث 174/1037، وأحمد ==
(3/299)
وَفِي الْبَابِ عَنْ سَعْدٍ1 وَثَوْبَانَ2 فِي مُسْلِمٍ وَعَنْ قُرَّةَ
بْنِ إيَاسٍ3 فِي التِّرْمِذِيِّ وَابْنِ مَاجَهْ وَعَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ4 فِي ابْنِ مَاجَهْ وَعَنْ عِمْرَانَ5 فِي أَبِي دَاوُد
وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ6 عِنْدَ أَحْمَدَ.
وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ مِنْهُ أَنَّ بِوُجُودِ هَذِهِ الطَّائِفَةِ
الْقَائِمَةِ بِالْحَقِّ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا يَحْصُلُ
الِاجْتِمَاعُ عَلَى الضَّلَالَةِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ نَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ
عَنْ الْمُسَيِّبِ بْنِ رَافِعٍ عَنْ يَسِيرِ7 بْنِ عَمْرٍو قَالَ
شيعنا ابن8 مَسْعُودٍ حِينَ خَرَجَ فَنَزَلَ فِي طَرِيقِ
الْقَادِسِيَّةِ فَدَخَلَ بُسْتَانًا فَقَضَى حَاجَتَهُ ثُمَّ
تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى جَوْرَبَيْهِ ثُمَّ خَرَجَ وَإِنَّ
لِحْيَتَهُ لِيَقْطُرَ مِنْهَا الْمَاءُ فَقُلْنَا لَهُ أَعْهِدْ
إلَيْنَا فَإِنَّ النَّاسَ قَدْ وَقَعُوا فِي الْفِتَنِ وَلَا نَدْرِي
هَلْ نَلْقَاك أَمْ لَا قَالَ "اتَّقُوا اللَّهَ وَاصْبِرُوا
__________
=4/101، عن معاوية بلفظ: "لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله لا
يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك" .
1 أخرجه مسلم 3/1525، كتاب الإمارة: باب قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: "لا تزال طائفة من أمتي..." ، حديث 177-1925، من حديث سعد.
2 أخرجه مسلم 3/1523، كتاب الإمارة: باب قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: "لا تزال طائفة من أمتي" ، حديث 170/1920، وأبو داود
2/499-500، كتاب الفتن والملاحم: باب ذكر الفتن ودلائلها، حديث 4252،
والترمذي 4/437-438، كتاب الفتن: باب ما جاء في الأئمة المضلين، حديث
2229، وابن ماجة 1/ 5-6، المقدمة: باب اتباع سنة رسول الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حديث 10، وأحمد 5/278-279، من حديث ثوبان
قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تزال طائفة
من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم
كذلك" .
3 أخرجه الترمذي 4/485، كتاب الفتن: باب ما جاء في الشام، حديث 2192،
وابن ماجة 1/524، كتاب المقدمة، حديث 6، من حديث قرة بن إياس به.
قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
4 أخرجه ابن ماجة 1/5، المقدمة، حديث 7، من طريق كثير بن مرة الحضرمي،
وعمير بن الأسود عن أبي هريرة به.
5 أخرجه أبو داود ¾، كتاب الجهاد: باب في دوام الجهاد، حديث 2484،
والرامهرمزي في المحدث الفاضل ص 6، من حديث عمران بن حصين.
6 أخرجه أحمد 4/369، وفي الباب عن المغيرة بن شعبة.
أخرجه البخاري 13/451، كتاب التوحيد: باب قوله الله تعالى: {إنما قولنا
لشيء إن أردناه} حديث 7459، ومسلم 3/1523، كتاب الإمارة: باب قوله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على
الحق" ، حديث 171/1921، من حديث المغيرة بن شعبة قال: سمعت رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "لن يزال قوم من أمتي ظاهرين
على الناس حتى يأتهم أمر الله وهم ظاهرون" .
وعن أبي أمامة: أخرجه أحمد 5/269.
7 في الأصل: بشير، والصحيح ما أثبتناه.
8 في ط: أيا، والصحيح ما أثبتناه، فإن يسير بن عمر من أصحاب عبد الله
بن مسعود، ينظر: الجامع في الجرح والتعديل 3/329، ت 5054.
(3/300)
حَتَّى يَسْتَرِيحَ بَرٌّ أَوْ يُسْتَرَاحَ مِنْ فَاجِرٍ وَعَلَيْكُمْ
بِالْجَمَاعَةِ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَجْمَعُ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ عَلَى
ضَلَالَةٍ" 1، إسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَمِثْلُهُ لَا يُقَالُ مِنْ قِبَلِ
الرَّأْيِ.
وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى عِنْدَهُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ عَنْ
التَّيْمِيِّ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ أَنَّ أَبَا مَسْعُودٍ
خَرَجَ مِنْ الكوفة فقال "عليكم بِالْجَمَاعَةِ فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ
يَكُنْ لِيَجْمَعَ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ عَلَى ضَلَالٍ" 2.
قَوْلُهُ وَصُفُوفُهُمْ كَصُفُوفِ الْأَنْبِيَاءِ هُوَ فِي حَدِيثِ
حُذَيْفَةَ الْمُتَقَدِّمِ مِنْ عِنْدِ مُسْلِمٍ لَكِنْ بِلَفْظِ
الْمَلَائِكَةِ.
قَوْلُهُ وَكَانَ لَا يَنَامُ قَلْبُهُ تَقَدَّمَ قَرِيبًا.
قَوْلُهُ وَيَرَى مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ كَمَا يَرَى مِنْ قُدَّامِهِ3
هُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ وَغَيْرِهِ
وَالْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِي ذَلِكَ مُقَيَّدَةٌ بِحَالَةِ
الصَّلَاةِ وَبِذَلِكَ يُجْمَعُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ لَا
أَعْلَمُ مَا وَرَاءَ جِدَارِي هَذَا.
1475 - قَوْلُهُ وَتَطَوُّعُهُ بِالصَّلَاةِ قَاعِدًا كَتَطَوُّعِهِ
قَائِمًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ فِيهِ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَهُوَ فِي الصَّحِيحِ وَلِمُسْلِمٍ
بِلَفْظِ أَتَيْت رَسُولَ اللَّهِ فَوَجَدْته يُصَلِّي جَالِسًا
فَقُلْت حُدِّثْت أَنَّك قُلْت صَلَاةُ الرَّجُلِ قَاعِدًا عَلَى
نِصْفِ الصَّلَاةِ وَأَنْتَ تُصَلِّي قَاعِدًا قَالَ "أجل ولكني4 لَسْت
كَأَحَدِكُمْ" 5.
قَوْلُهُ وَمُخَاطَبَةُ الْمُصَلِّي لَهُ بِقَوْلِهِ السَّلَامُ
عَلَيْك أَيُّهَا النَّبِيُّ يَعْنِي فِي التَّشَهُّدِ وَوَجْهُ
الدَّلَالَةِ أَنَّهُ مُنِعَ مِنْ مُخَاطَبَةِ الْآدَمِيِّ بِقَوْلِهِ
إنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ
النَّاسِ6 أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.
قَوْلُهُ وَيَجِبُ عَلَى الْمُصَلِّي إذَا دَعَاهُ أَنْ يُجِيبَهُ
وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ تَقَدَّمَ فِي الصَّلَاةِ وَيَلْتَحِقُ
__________
1 أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف 7/457، كتاب الفتن، باب من كره الخروج
في الفتن وتعوذ عنها، رقم 37192، من حديث بشير بن عمرو بن ابن مسعود.
تنبيه: وقع في المصنف نشير وهو يسير بن عمرو كما تقدم.
2 أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه 7/508، رقم 37615.
3 تقدم في كتاب الصلاة.
4 في ط: ولكن.
5 أخرجه مسلم 3/266 –نووي، كتاب صلاة المسافرين وقصرها: باب جواز
النافلة قائما وقاعدا، حديث 120-735، وأبو داود 2/250، كتاب الصلاة:
باب في صلاة القاعد، حديث 1658، والبغوي في شرح السنة 2/505، بتحقيقنا،
رقم 979، من حديث عبد الله بن عمرو، فذكره.
6 تقدم في كتاب الصلاة: باب شروط الصلاة.
(3/301)
بِدُعَائِهِ الشَّخْصَ الْمُصَلِّيَ وَوُجُوبُ إجَابَتِهِ مَا إذَا
سَأَلَ مُصَلِّيًا عَنْ شَيْءٍ فَإِنَّهُ تَجِبُ عَلَيْهِ إجَابَتُهُ
ولا تبطل صلاته وهنا فَرْعٌ حَسَنٌ وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ كَلَّمَهُ
مُصَلٍّ ابْتِدَاءً هَلْ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ أَوْ لَا مَحَلُّ نَظَرٍ.
قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ رَفْعُ صَوْتِهِ فَوْقَ صَوْتِهِ
لِقَوْلِهِ تعالى: {يأيها الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا
أَصْوَاتَكُمْ...} وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّهُ تَوَعَّدَ عَلَى ذَلِكَ
بِإِحْبَاطِ الْعَمَلِ فَدَلَّ عَلَى التَّحْرِيمِ بَلْ عَلَى أَنَّهُ
مِنْ أَغْلَظِ التَّحْرِيمِ وَفِي الصَّحِيحِ أَنَّ عُمَرَ قَالَ لَهُ
لَا أُكَلِّمُك بَعْدَ هَذَا إلَّا كَأَخِي السِّرَارِ1 وَفِيهِ
قِصَّةُ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ2 وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ
وَجَابِرٍ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ نِسْوَةً كُنَّ يُكَلِّمْنَهُ
عَالِيَةً أَصْوَاتُهُنَّ3 فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ قَبْلَ النَّهْيِ.
قَوْلُهُ وَأَنْ يُنَادِيَهُ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ دَلِيلُهُ
الْآيَةُ أَيْضًا وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْ قَوْلِهِ بِأَنَّهُمْ لَا
يَعْقِلُونَ أَيْ الْأَحْكَامَ الشَّرْعِيَّةَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ
مِنْ الأحكام الشرعية أن لا يفعل ذلك أهمل التَّقَدُّمُ بَيْنَ
يَدَيْهِ وَالْجَهْرُ لَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمَا مُسْتَفَادَانِ مِنْ
الْآيَةِ أَيْضًا.
قَوْلُهُ وَأَنْ يُنَادِيَهُ بِاسْمِهِ دَلِيلُهُ آيَةُ النُّورِ {لَا
تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ
بَعْضًا...} وَعَلَى هَذَا فَلَا يُنَادِيهِ بِكُنْيَتِهِ.
وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي ذَلِكَ لِبَعْضِ الصَّحَابَةِ فَإِمَّا أَنْ
يكون قبل أن يسلم الْقَائِلُ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ قَبْلَ نُزُولِ
الْآيَةِ.
قَوْلُهُ وَكَانَ يُسْتَشْفَى وَيُتَبَرَّكُ بِبَوْلِهِ وَدَمِهِ
تَقَدَّمَ ذَلِكَ مَبْسُوطًا فِي الطَّهَارَةِ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي قِصَّةِ أُمِّ أَيْمَنَ مِنْ الْفِقْهِ أَنَّ
بَوْلَهُ وَدَمَهُ يُخَالِفَانِ غَيْرَهُمَا فِي التَّحْرِيمِ
لِأَنَّهُ لَمْ يُنْكَرْ ذَلِكَ وَكَانَ السِّرُّ فِي ذَلِكَ مَا
تَقَدَّمَ مِنْ صَنِيعِ الْمَلَكَيْنِ حِينَ غَسَلَا جوفه.
__________
1 كأخي السرار: قال ابن الأثير في النهاية 2/360: السرار: المساررة: أي
كصاحب السرار، أو كمثل المساررة لخفض صوته، والكاف صفة لمصدر محذوف.
2 أخرجه البخاري 15/206، الفتح، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة: باب ما
يكره من التعمق، حديث 7303، وأخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره 11/380،
رقم 31673، وزاد نسبته السيوطي في الدر المنثور 6/86 لابن المنذر
والطبراني، عن ابن أبي مليكة قال: كاد الخيران أي: يهلكا أبو بكر، وعمر
... فذكره.
3 أخرجه البخاري 9/566- الفتح، كتاب التفسير: باب {لا ترفعوا أصواتكم
فوق صوت النبي} الحجرات 2 ..الآية. حديث 4846، ومسلم 1/410، 411 –
نووي، كتاب الإيمان مخافة المؤمن أن يحبط عمله، حديث 187-119، وأخرجه
أحمد 3/145، وعبد بن حميد ص 363، رقم 1209، من حديث أنس بن مالك رضي
الله عنه، وذكره السيوطي في الدر المنثور 6/87، وزاد نسبته لأبي يعلى
والبغوي في معجم الصحابة، وابن المنذر، والطبراني وابن مردوي والبيهقي
في الدلائل عن أنس به.
(3/302)
قَوْلُهُ ومن زنا بِحَضْرَتِهِ أَوْ اسْتَهَانَ بِهِ كَفَرَ أَمَّا
الِاسْتِهَانَةُ فَبِالْإِجْمَاعِ وَأَمَّا الزِّنَا فَإِنْ أُرِيدَ
بِهِ أَنَّهُ يَقَعُ بِحَيْثُ يُشَاهِدُهُ فَمُمْكِنٌ لِأَنَّهُ
يَلْتَحِقُ بِالِاسْتِهَانَةِ وَإِنْ أُرِيدَ بِحَضْرَتِهِ أَنْ يَقَعَ
فِي زَمَانِهِ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ لِقِصَّةِ مَاعِزٍ
وَالْغَامِدِيَّةِ.
1476 - قَوْلُهُ وَأَنَّ أَوْلَادَ بَنَاتِهِ يَنْتَسِبُونَ إلَيْهِ
فِيهِ حَدِيثُ أَبِي بَكْرَةَ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ "إنَّ
ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ" 1 يَعْنِي الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ أَخْرَجَهُ
الْبُخَارِيُّ.
وَفِي مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ لِأَبِي نُعَيْمٍ فِي تَرْجَمَةِ عُمَرَ
مِنْ طَرِيقِ شُبَيْبِ بْنِ غَرْقَدَةَ عَنْ الْمُسْتَظِلِّ بْنِ
حُصَيْنٍ عَنْ عُمَرَ فِي أَثْنَاءِ حَدِيثِ وَكُلُّ وَلَدِ آدَمَ
فَإِنَّ عَصَبَتَهُمْ لِأَبِيهِمْ مَا خَلَا وَلَدَ فَاطِمَةَ فَإِنِّي
أَنَا أَبُوهُمْ وَعَصَبَتُهُمْ2.
1477 - حَدِيثٌ "كُلُّ سَبَبٍ وَنَسَبٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَنْقَطِعُ
إلَّا سَبَبِي وَنَسَبِي" 3.
الْبَزَّارُ والحكم وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ رَوَاهُ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ
جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عُمَرَ.
__________
1 أخرجه البخاري 5/360، في الصلح: باب قول النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للحسن بن علي رضي الله عنهما: "ابني هذا سيد ..."
2704، و6/727، في المناقب: باب علامات النبوة في الإسلام 3629، 7/118،
في فضائل الصحابة، باب مناقب الحسن والحسين رضي الله عنهما 3746،
13/66، في الفتن: باب قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
للحسن بن علي: "إن ابني هذا لسيد ... 7109، وأبو داود 2/627، 628، في
السنة: باب ما يدل على ترك الكلام في الفتنة 4662، والترمذي 5/616، في
المناقب: باب مناقب الحسن والحسين عليهما السلام 3773، والنسائي 3/107،
في الجمعة: باب مخاطبة الإمام رعيته 1410، وأحمد 37، 44، 47، 49، 51،
والطيالسي 2684 –منحة، والطبراني 2591-2595، والبيهقي 6/165، من طرق عن
الحسن البصري عن أبي بكرة قال: سمعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ على المنبر والحسن إلى جنبه، ينظر إلى الناس مرة وإليه مرة
ويقول: "إن ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من
المسلمين" .
وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
وفي الباب عن جابر أخرجه الطبري في الكبير 2597، وقال الهيثمي 9/181،
رواه الطبراني في الأوسط والكبير والبزار وفيه عبد الرحمن بن مغراء
وثقه غير واحد، وفيه ضعف، وبقية رجال البزار رجال الصحيح، وقال 7/250،
رواه الطبراني ورجاله ثقات.
2 وأخرجه بنحوه الطبراني في الكبير 3/35، 36، رقم 2631، 2632، بلفظ:
"كل بني أنثى فإن عصبتهم لأبيهم ما خلا ولد فاطمة، فإني أنا عصبتهم
وأنا أبوهم" وذكره الهيثمي في المجمع 9/176، وقال فيه: شيبة بن نعامة،
ولا يجوز الاحتجاج به.
3 أخرجه البزار كما في كشف الأستار رقم 2445، والحاكم في المستدرك
3/142، كتاب معرفة الصحابة، والطبراني في الكبير 3/36، 37، رقم 2633،
2634، وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبي فقال:
منقطع.
(3/303)
وَخَالَفَهُ الثَّوْرِيُّ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَغَيْرُهُمَا عَنْ
جَعْفَرٍ لَمْ يَذْكُرُوا عَنْ جَدِّهِ وهو منقطع1 انتهى ورواه
الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ
عَنْ جَابِرٍ سَمِعْت عُمَرَ2.
وَرَوَاهُ ابْنُ السَّكَنِ فِي صِحَاحِهِ مِنْ طَرِيقِ حَسَنِ بْنِ
حَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ فِي قِصَّةِ خِطْبَتِهِ
أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ عَلِيٍّ وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا3.
وَرَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ مِنْ حَدِيثِ يُونُسَ بْنِ
أَبِي يَعْفُورٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ4.
وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ الْمِسْوَرِ بْنِ
مَخْرَمَةَ رَفَعَهُ إنَّ الْأَسْبَابَ تَنْقَطِعُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
غَيْرُ نَسَبِي وسببي وَصِهْرِي5 وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي
الْكَبِيرِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ6 وَرَوَاهُ فِي الْأَوْسَطِ
مِنْ طَرِيقِ إبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ الْخُوزِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ
بْنِ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ سَمِعْت عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ
يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
"كُلُّ نَسَبٍ وَصِهْرٍ مُنْقَطِعٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إلَّا نَسَبِي
وَصِهْرِي" 7، وَإِبْرَاهِيمُ ضَعِيفٌ وَرَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
أَحْمَدَ فِي زِيَادَاتِ الْمُسْنَدِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ.
1478 - حَدِيثٌ "تَسَمَّوْا بِاسْمِي وَلَا تَكَنَّوْا بِكُنْيَتِي"
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ8 وَأَبِي هُرَيْرَةَ9
وَأَنَسٍ10.
__________
1 ينظر: علل الدار قطني 2/190، مسألة 211.
2 أخرجه الطبراني في الكبير 3/37، رقم 2635، وذكره الهيثمي في مجمع
الزوائد 9/176، وقال: رواه الطبراني في الأوسط والكبير باختصار،
ورجالهما رجال الصحيح غير الحسن بن سهل وهو ثقة.
3 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 7/114، كتاب النكاح: باب ما جاء في
نكاح الآباء والأبكار.
4 أخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء 2/34، رقم 131، معاوية بن الحكم
السلمي.
5 أخرجه أحمد 4م323، 332، والحاكم في مجمع الزوائد 9/176، 177، وقال:
رواه الطبراني وفيه إبراهيم بن زكريا العبسي ولم أعرفه.
قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
6 أخرجه الطبراني في الكبير 11/243، رقم 11621، وذكره في المجمع 9/176،
وقال: رجاله ثقات.
7 أخرجه الطبراني في الأوسط 5/80، رقم 4144، وذكره الهيثمي في مجمع
الزوائد 7/22، رقم 3963، وفي مجمع الزوائد 10/20، وقال: فيه إبراهيم بن
يزيد الخوزي وهو متروك.
8 أخرجه البخاري 12/212، الفتح، كتاب الأدب: باب فسموا باسمي ولا تكنوا
بكنيتي، حديث 6187، ورقم 6196، ومسلم 7/365، نووي، كتاب الآداب: باب
النهي عن التكني بأبي القاسم، وبيان ما يستحب من الأسماء، حديث 3-2133،
من حديث جابر.
9 أخرجه البخاري 12/212- الفتح، رقم 8-2134، وأخرجه أحمد 2/277، وابن
حبان 13/129، 130- الإحسان، رقم 5812.
10 أخرجه البخاري 5/69، وكتاب البيوع: باب ما ذكر في الأسواق، حديث
2120، 2121، ومسلم 7/365 –نووي، كتاب الآداب، رقم 1- 213، وابن حبان
رقم 5813.
(3/304)
وَفِي الْبَابِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ1 رَوَاهُ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ
وَفِي إسْنَادِهِ إسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ وهو ضعيف.
قوله فعن رِوَايَةِ الرَّبِيعِ عَنْ الشَّافِعِيِّ قُلْت أَخْرَجَهُ
الْبَيْهَقِيُّ عَنْ الْحَاكِمِ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ مُحَمَّدِ بْنِ
يَعْقُوبَ عَنْ الرَّبِيعِ2 عَنْهُ.
وَهَكَذَا رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ
مُحَمَّدٍ الْعُثْمَانِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ بِهِ وَكَذَا
قَالَ طَاوُسٌ وَابْنُ سِيرِينَ.
تَنْبِيهٌ: وَأَمَّا مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ صَفِيَّةَ
بنت شيبة عن عائششة قَالَتْ جَاءَتْ امْرَأَةٌ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي قَدْ
وَلَدْت غُلَامًا فَسَمَّيْته مُحَمَّدًا وَكَنَّيْته أَبَا الْقَاسِمِ
فَذُكِرَ لِي أَنَّك تَكْرَهُ ذَلِكَ فَقَالَ "مَا الَّذِي أَحَلَّ
اسْمِي وحرم كنيتي وأما الَّذِي حَرَّمَ كُنْيَتِي وَأَحَلَّ اسْمِي" 3
فَيُشْبِهُ إنْ صَحَّ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ النَّهْيِ لِأَنَّ
أَحَادِيثَ النَّهْيِ أَصَحُّ.
قَوْلُهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ على كَرَاهَةِ الْجَمْعِ قُلْت
وَبِذَلِكَ جَزَمَ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ4 وَرَوَى أَبُو دَاوُد
عَنْ مُسْلِمِ بْنِ إبْرَاهِيمَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ
عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا " مَنْ تَسَمَّى بِاسْمِي فَلَا يَكْتَنِي
بِكُنْيَتِي وَمَنْ اكْتَنَى بِكُنْيَتِي فَلَا يَتَسَمَّى بِاسْمِي"
5.
وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ عَنْ
أَبِي الزُّبَيْرِ بِهِ6، وَحَسَّنَهُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ
وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ7 عِنْدَ الْبَزَّارِ فِي
مُسْنَدِهِ.
فَائِدَةٌ وَقِيلَ إنَّ النَّهْيَ مَخْصُوصٌ بِحَيَاتِهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ أَبُو
دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ فِطْرٍ عَنْ مُنْذِرٍ
الثَّوْرِيِّ عَنْ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ عَنْ عَلِيٍّ قُلْت يَا
رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْت إنْ وُلِدَ لِي بعدك أسميه مُحَمَّدًا
وَأُكَنِّيهِ بِكُنْيَتِك قَالَ "نَعَمْ
__________
1 وذكره المتقي الهندي في كنز العمال 16/421، رقم 45216، وعزاه
للطبراني عن ابن عباس.
2 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 9/309، كتاب الضحايا: باب ما يكره أن
يتكنى به.
3 أخرجه أبو داود 4/292، كتاب الآداب: باب في الرخصة في الجمع بينهما،
حديث 4968، بهذا اللفظ، وبهذا الإسناد.
4 ينظر: صحيح ابن حبان 13/132 –الإحسان.
5 أخرجه أبو داود 4/292، رقم 4966.
6 أخرجه الترمذي 5/136، كتاب الآداب: باب 68، حديث 2842، وأحمد 3/313،
وابن حبان 13/133 –الإحسان، رقم 5816، والبيهقي 9/309، وقال الترمذي:
حسن غريب.
7 أخرجه البزار كما في كشف الأستار، رقم 1990، وذكره الهيثمي في مجمع
الزوائد 8/51، كتاب الأدب: باب ما جاء في اسم النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكنيته، وقال: رواه البزار وفيه أبو بكر بن أبي
سبرة، وهو متروك. من حديث أبي حميد.
(3/305)
قَالَ فَكَانَتْ لِي رُخْصَةٌ1، صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ
وَالْحَاكِمُ.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ سَمِعَ النَّهْيَ
فَسَأَلَ الرُّخْصَةَ لَهُ وَحْدَهُ.
وقال حُمَيْدُ بْنُ زَنْجُوَيْهِ سَأَلْت ابْنَ أَبِي أُوَيْسٍ مَا
كَانَ مَالِكٌ يَقُولُ فِي الرَّجُلِ يَجْمَعُ بَيْنَ كُنْيَةِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْمِهِ فَأَشَارَ
إلَى شَيْخٍ جَالِسٍ مَعَنَا فَقَالَ هَذَا مُحَمَّدُ بْنُ مَالِكٍ
سَمَّاهُ أَبُوهُ مُحَمَّدًا وَكَنَّاهُ أبو الْقَاسِمِ وَكَانَ
مَالِكٌ يَقُولُ إنَّمَا نُهِيَ عَنْ ذَلِكَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَرَاهِيَةَ أَنْ يُدْعَى أَحَدٌ
بِاسْمِهِ أَوْ كُنْيَتِهِ فَيَلْتَفِتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَّا الْيَوْمَ فَلَا2، وَهَذَا كَأَنَّهُ
اسْتَنْبَطَهُ مِنْ سِيَاقِ الْحَدِيثِ الَّذِي فِي الصَّحِيحِ فِي
سَبَبِ النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
__________
1 أخرجه أبو داود 4/292، كتاب الأدب: باب الرخصة في الجمع بينهما، حديث
4967، والترمذي 5/137، كتاب الأدب: باب ما جاء في أسماء النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حديث 2843، من حديث علي بن أبي طالب رضي
الله عنه، والبيهقي في السنن الكبرى 9/309ن كتاب الضحايا: باب الرخصة
في الجمع بينهما.
قال الترمذي: حديث صحيح.
2 ينظر: السنن الكبرى للبيهقي 9/310.
(3/306)
بَابُ مَا جَاءَ فِي اسْتِحْبَابِ النِّكَاحِ وَصِفَةُ الْمَخْطُوبَةِ
وَغَيْرِ ذَلِكَ
1479 - حَدِيثٌ "يَا مَعْشَرَ الشاب مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ
الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ" الْحَدِيثُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ
حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ3، زَادَ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَةٍ فَلَمْ
أَلْبَثْ حَتَّى تَزَوَّجْت.
__________
3 أخرجه البخاري 4/142، كتاب الصوم: باب الصوم لمن خاف على نفسه
العزوبة، حديث 1905، 9/8، كتاب النكاح: باب قول النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من استطاع منكم الباءة فليتزوج" حديث 5065، ومسلم
2/1018، كتاب النكاح: باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ... حديث
1/1400، وأبو داود 1/624، كتاب النكاح: باب التحريض على النكاح، حديث
2046، والنسائي 4/171، كتاب الصوم: باب فضل الصيان، 6/56، كتاب النكاح:
باب الحث على النكاح، وابن ماجة 1/592، كتاب النكاح: باب ما جاء في فضل
النكاح، حديث 1845، والدارمي 2/132، كتاب النكاح: باب لحث على التزويج،
وفي شعب الإيمان 4/380، رقم 5476، والخطيب في تاريخ بغداد 3/156، كلهم
من طريق إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود مرفوعا.
وأخرجه البخاري 9/12، كتاب النكاح: باب من لم يستطع الباءة فليصم، حديث
5066، ومسل 2/1019، كتاب النكاح: باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه
إليه حديث 403/1400، والترمذي 3/392، كتاب النكاح: باب ما جاء في فضل
التزويج والحث عليه، حديث 1081، والنسائي 4/169-170، كتاب الصيام: باب
فضل الصيام، 6/57-58، كتاب النكاح: باب==
(3/306)
وَزَادَ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ بَعْدَ قَوْلِهِ فَإِنَّهُ لَهُ
وِجَاءٌ1 وَهُوَ الْإِخْصَاءُ وَهُوَ مُدْرَجٌ وَالْوِجَاءُ بِكَسْرِ
الْوَاوِ وَالْمَدِّ رَضُّ الْخُصْيَتَيْنِ وَإِنْ نُزِعَا نَزْعًا
فَهُوَ الْإِخْصَاءُ فِي الْحُكْمِ.
وَفِي الْبَابِ عَنْ أَنَسٍ رَوَاهُ الْبَزَّارُ مِنْ طَرِيقِ
سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ ثَابِتٍ عَنْهُ2 وَالطَّبَرَانِيُّ
فِي الْأَوْسَطِ مِنْ طَرِيقِ بَقِيَّةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ الْحَسَنِ
عَنْهُ3.
1480 - حَدِيثٌ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
لِجَابِرٍ "هَلَّا تَزَوَّجْت بِكْرًا تُلَاعِبُهَا وَتُلَاعِبُك"
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ4 زَادَ فِي رِوَايَةٍ
لِمُسْلِمٍ "وَتُضَاحِكُهَا وَتُضَاحِكُك" وَفِي رواية "مالك
وَلِلْعَذَارَى وَلِعَابِهَا" .
تَنْبِيهٌ: قَالَ الْقَاضِي عِيَاض الرِّوَايَةُ وَلِعَابِهَا بِكَسْرِ
اللَّامِ لَا غَيْرُ وَهُوَ مِنْ اللَّعِبِ كَذَا قَالَ وَقَدْ ثَبَتَ
لِبَعْضِ رُوَاةِ الْبُخَارِيِّ بِضَمِّ اللَّامِ أَيْ رِيقِهَا
وَلِابْنِ أَبِي خَيْثَمَةَ مِنْ حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ أَنَّهُ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِرَجُلٍ فَذَكَرَ نَحْوَهُ
وَفِيهِ فَهَلَّا بِكْرًا تَعَضُّهَا وَتَعَضُّك5 وَفِي الْبَابِ عَنْ
عُوَيْمِ بن ساعدة وابن مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيِّ بِلَفْظِ "عَلَيْكُمْ
بِالْأَبْكَارِ فَإِنَّهُنَّ أَعْذَبُ أَفْوَاهًا وَأَنْتَقُ
أَرْحَامًا وَأَرْضَى بِالْيَسِيرِ" 6.
__________
= الحث على النكاح، والدارمي 2/132، كتاب النكاح: باب الحث على
التزويج، وأحمد 1/424، 425، 432، وعبد الرزاق 6/169، رقم 10380،
والحميدي 1/63، رقم 115، وابن حبان 4034، والبيهقي 7/77، كتاب النكاح:
باب الرغبة في النكاح، والبغوي في شرح السنة 5/3 –بتحقيقنا، كلهم من
طريق الأعمش عن عمارة بن عمير عن عبد الرحمن بن يزيد عن ابن مسعود
مرفوعا.
وقال الترمذي: حديث صحيح.
1 قال ابن الأثير في النهاية 5/152، الوجاء: أن ترض أنثيا الفحل رضا
شديدا يذهب شهوة الجماع، ويتنزل في قطعة منزله الخصي، وقيل: هو أن توجأ
العروق، والخصيتان بحالهما، أراد: أن الصوم يقلع النكاح كما يقطعه
الوجاء.
2 أخرجه البزار كما في كشف الأستار رقم 1398، 1399، وذكره الهيثمي في
مجمع الزوائد 4/255، وعزاه له، وللطبراني في الأوسط.
وقال: رجال الطبراني ثقات.
3 ينظر السابق.
4 أخرجه البخاري 5/45 –الفتح، كتاب البيوع: باب شراء الدواب والحمير،
حديث 2097، ومسلم 5/308، نووي، كتاب الرضاع: باب استحباب نكاح البكر،
حديث 54-715، وأخرجه ابن حبان في صحيحه 6/431، 432 –الإحسان، رقم 2717.
5 وأورده الهيثمي في المجمع 4/262، وعزاه للطبراني، عن الربيع بن كعب
بن عجرة عن أبيه، وقال: ولم أجد من ترجم الربيع، وبقية رجاله ثقات، وفي
بعضهم ضعف.
6 أخرجه ابن ماجة 1/598، كتاب النكاح: باب تزويج الأبكار، حديث 1861،
والبيهقي 7/81، كتاب النكاح: باب استحباب التزويج بالأبكار، من طريق
محمد بن طلحة التيمي عن عبد الرحمن بن سالم بن عتبة بن عويمر بن ساعدة
الأنصاري عن أبيه عن جده.==
(3/307)
وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ نحوه وزاد وأسخن إقْبَالًا1، رَوَاهُ أَبُو
نُعَيْمٍ فِي الطِّبِّ وَفِيهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ
أَسْلَمَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.
حَدِيثٌ تَزَوَّجُوا الْوَلُودَ الْوَدُودَ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ
الْأُمَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ مَعْقِلِ بْنِ
يَسَارٍ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ طُرُقُهُ أَيْضًا فِي بَابِ فَضْلِ
النِّكَاحِ.
1481 - حَدِيثٌ رُوِيَ أَنَّهُ قَالَ "إيَّاكُمْ وَخَضِرَ الدِّمَنِ"
قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا خَضِرُ الدِّمَنِ قَالَ
"الْمَرْأَةُ الْحَسْنَاءُ فِي الْمَنْبَتِ السُّوءِ" 2،
الرامَهُرْمُزِي وَالْعَسْكَرِيُّ فِي الْأَمْثَالِ وَابْنُ عَدِيٍّ
فِي الْكَامِلِ وَالْقُضَاعِيُّ فِي مُسْنَدِ الشِّهَابِ وَالْخَطِيبُ
فِي إيضَاحِ الْمُلْتَبِسِ كُلُّهُمْ مِنْ طَرِيقِ الْوَاقِدِيِّ عَنْ
يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي وَجْزَةَ يَزِيدَ بْنِ
عُبَيْدٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ تَفَرَّدَ بِهِ الْوَاقِدِيُّ وَذَكَرَهُ أَبُو
عُبَيْدٍ فِي الْغَرِيبِ فَقَالَ يُرْوَى عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ
بْنِ دِينَارٍ.
قَالَ ابْنُ طَاهِرٍ وَابْنُ الصَّلَاحِ يُعَدُّ فِي أَفْرَادِ
الْوَاقِدِيِّ وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ لَا يَصِحُّ مِنْ وَجْهٍ.
تَنْبِيهٌ: الدِّمَنُ الْبَعْرُ تَجْمَعُهُ الرِّيحُ ثُمَّ يَرْكَبُهُ
الساقي فَإِذَا أَصَابَهُ الْمَطَرُ يَنْبُتُ نَبْتًا نَاعِمًا
يَهْتَزُّ وَتَحْتَهُ الدِّمَنُ3 الْخَبِيثُ وَالْمَعْنَى لَا
تَنْكِحُوا الْمَرْأَةَ لِجَمَالِهَا وَهِيَ خَبِيثَةُ الْأَصْلِ
لِأَنَّ عِرْقَ السُّوءِ لَا يُنْجِبُ قَالَ الشَّاعِرُ:
وَقَدْ يَنْبُتُ الْمَرْعَى عَلَى دِمَنِ الثَّرَى ... وتبقى حزازات
النفوس كما هيا4.
تَنْبِيه: الرَّافِعِيُّ احْتَجَّ بِهِ عَلَى اسْتِحْبَابِ
النِّسْبِيَّةِ وَأَوْلَى مِنْهُ مَا أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ
__________
=قال البوصيري في الزوائد 2/72: هذا إسناد فيه محمد بن طلحة. قال أبو
حاتم: لا يحتج به.
قلت: والكلام للبوصيري: رواه الحاكم في المستدرك من طريق الفيض بن وثيق
عن محمد بن طلحة فذكره بالإسناد والمتن.
ورواه البيهقي في الكبرى عن الحاكم به.
وقال ابن حبان في الثقات: ربما أخطأ.
وعبد الرحمن بن سالم بن عتبة، قال البخاري: لم يصح حديثه، وله شاهد في
الصحيحين، وغيرهما من حديث جابر رضي الله عنه.
1 أخرجه أبو نعيم في الطب كما في كنز العمال 16/294، رقم 44549، وزاد
نسبته لابن السني، عن ابن عمر.
2 أورده المتقي الهندي في كنز العمال 16/300، رقم 44587، وقال: رواه
الرامرمزي في الأمثلا، والدار قطني في الأفراد والديلمي عن أبي سعيد
به.
3 وقال ابن الأثير في النهاية 2/134، الدمن: جمع دمنة، وهي ما تدمنه
الإبل والغنم بأبوالها وأبعارها، أي: تلبده في مرابضها، فربما نبت فيها
النبات الحسن النضير.
4 البيت لزفر بن الحارث الكلابي في ديوايه ص 171، ولسان العرب 4/248،
خضر 5/335، حزز، 13/158، دمن، 14/12، أبي؛ وتهذيب اللغة 3/413، وتاج
العروس==
(3/308)
وَالدَّارَقُطْنِيّ عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا "تَخَيَّرُوا
لِنُطَفِكُمْ وَانْكِحُوا الْأَكْفَاءَ وَانْكِحُوا إلَيْهِمْ" 1،
ومَدَارُهُ عَلَى أُنَاسٍ ضُعَفَاءَ رَوَوْهُ عَنْ هِشَامٍ
أَمْثَلُهُمْ صَالِحُ بْنُ مُوسَى الطَّلْحِيُّ وَالْحَارِثُ بْنُ
عِمْرَانَ الْجَعْفَرِيُّ وَهُوَ حَسَنٌ.
حَدِيثٌ "لَا تَنْكِحُوا الْقَرَابَةَ الْقَرِيبَةَ فَإِنَّ الْوَلَدَ
يحلق ضَاوِيًا" 2، هَذَا الْحَدِيثُ تَبِعَ فِي إيرَادِهِ إمَامَ
الْحَرَمَيْنِ هُوَ وَالْقَاضِي الْحُسَيْنُ.
وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ لَمْ أَجِدْ لَهُ أَصْلًا مُعْتَمَدًا
انْتَهَى.
وَقَدْ وَقَعَ فِي غَرِيبِ الْحَدِيثِ لِابْنِ قُتَيْبَةَ قَالَ جَاءَ
فِي الْحَدِيثِ "اُغْرُبُوا لَا تَضْوُوا" 3، وَفَسَّرَهُ فَقَالَ هو
من الضاوي وَهُوَ النَّحِيفُ الْجِسْمِ يُقَالُ أَضْوَتْ الْمَرْأَةُ
إذَا أَتَتْ بِوَلَدٍ ضَاوٍ وَالْمُرَادُ "انْكِحُوا فِي الْغُرَبَاءِ
وَلَا تَنْكِحُوا فِي الْقَرِيبَةِ" .
وَرَوَى ابْنُ يُونُسَ فِي تَارِيخِ الْغُرَبَاءِ فِي تَرْجَمَةِ
الشَّافِعِيِّ عَنْ شَيْخٍ لَهُ عَنْ الْمُزَنِيِّ عَنْ الشَّافِعِيِّ
قَالَ أَيُّمَا أَهْلِ بَيْتٍ لَمْ تَخْرُجْ نِسَاؤُهُمْ إلَى رِجَالٍ
غَيْرِهِمْ كَانَ فِي أَوْلَادِهِمْ حُمْقٌ.
وَرَوَى إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ فِي غَرِيبِ الْحَدِيثِ عَنْ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ الْمُؤَمَّلِ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ قَالَ
عُمَرُ لِآلِ السَّائِبِ قَدْ أَضْوَأْتُمْ فَانْكِحُوا فِي
النَّوَابِغِ.
قَالَ الْحَرْبِيُّ يَعْنِي تَزَوَّجُوا الْغَرَائِبَ.
1482 - حَدِيثٌ "الْمَرْأَةُ تُنْكَحُ لِأَرْبَعٍ لِمَالِهَا
وَلِحَسَبِهَا وَلِجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ
تَرِبَتْ يَدَاك" 4، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ سَعِيدٍ عَنْ
أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
__________
= 15/106 حزز، دمن، وبلا نسبة في أساس البلاغة حزز.
1 أخرجه ابن ماجه 1/633، كتاب النكاح: باب الأكفاء، حديث 1968، والدار
قطني في سننه 3/299، كتاب النكاح: باب المهر، حديث 198، من حديث عائشة
به.
قال البوصيري في الزوائد 2/109: هذا إسناد فيه الحارث بن عمران المدني.
قال فيه أبو حاتم: ليس بالقوي، والحديث الذي رواه لا أصل له، يعني هذا
الحديث.
وقال ابن عدي: والضعف على رواياته بين.
وقال الدار قطني: متروك.
قال: ورواه الدار قطني في سننه والحاكم في المستدرك من طريق شيخ ابن
ماجة ومن طريق آخر، ورواه البيهقي عن الحاكم من الطريقين. وقال
البيهقي: ورواه أمين بن يعلى عن هشام بن عروة به.
وله شاهد من حديث أبي هريرة رواه الترمذي وابن ماجة.
2 وذكره ابن الأثير في النهاية في غريب الحديث والأثر 3/106.
3 ينظر: المصدر السابق.
4 أخرجه البخاري 29/132، كتاب النكاح: باب الأكفاء في الدين، حديث
5090، ومسلم 2/1086، كتاب الرضاع: باب استحباب نكاح ذات الدين، حديث
53/1466، وأحمد 2/428، والدارمي 2/133-134، كتاب النكاح: باب تنكح
المرأة على أربع، وأبو داود 2/539، كتاب النكاح: باب ما يؤمر به من
تزويج ذات الدين، حديث 2047، وابن ماجة 1/597، كتاب النكاح:==
(3/309)
وَلِمُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ "إنَّ الْمَرْأَةَ تُنْكَحُ عَلَى دِينِهَا
وَمَالِهَا وَجَمَالِهَا فَعَلَيْك بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاك"
1.
وَلِلْحَاكِمِ وَابْنِ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ تُنْكَحُ
الْمَرْأَةُ عَلَى إحْدَى ثَلَاثِ خِصَالٍ جَمَالِهَا وَدِينِهَا
وَخُلُقِهَا فَعَلَيْك بِذَاتِ الدِّينِ وَالْخُلُقِ2.
وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ وَالْبَزَّارُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو مَرْفُوعًا "لَا تَنْكِحُوا النِّسَاءَ
لِحُسْنِهِنَّ فعله يُرْدِيهِنَّ وَلَا لِمَالِهِنَّ فَلَعَلَّهُ
يطغيهن وأنكحوهن لدين ولأمة سوداء حرقاء ذَاتُ دِينٍ أَفْضَلُ" 3.
وَرَوَى النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ قَالَ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النِّسَاءِ خَيْرٌ
قَالَ "الَّتِي تَسُرُّهُ إذَا نَظَرَ وَتُطِيعُهُ إذَا أَمَرَ وَلَا
تُخَالِفُهُ فِي نَفْسِهَا وَمَالِهَا بِمَا يَكْرَهُ4" .
1483 - حَدِيثٌ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
لِلْمُغِيرَةِ وَقَدْ خَطَبَ امْرَأَةً اُنْظُرْ إلَيْهَا فَإِنَّهُ
أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ
__________
= باب تزويج ذات الدين، حديث 1858، وأبو يعلى 11/451، رقم 6578، وابن
حبان 4044- الإحسان، وأبو نعيم في الحلية 8/383، والدار قطني
3/302-303، كتاب النكاح: باب المهر، حديث 212، والبيهقي 7/79-80، كتاب
النكاح: باب استحباب التزويج بذات الدين من حديث أبي هريرة.
1 أخرجه أحمد 3/302، ومسلم 2/1087، كتاب الرضاع: باب استحباب نكاح ذات
الدين، حديث 54/715، والترمذي 3/396، كتاب النكاح: باب ما جاء إن
المرأة تنكح على ثلاث خصال، حديث 1086، والنسائي 6/65، كتاب النكاح:
باب على ما تنكح المرأة من حديث جابر بلفظ " أن المرأة تنكح على دينها
ومالها وجمالها فعليك بذات الدين تربت يداك".
وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
2 أخرجه ابن أبي شيبة 4/310-311، وأحمد 3/80، وأبو يعلى 2/292، رقم
1012، والبزار 2/150 –كشف، رقم 1403، وابن حبان 1231 –موارد، كتاب
النكاح، حديث 213، والحاكم 2/161، من طريق محمد بن موسى الخدري قال:
قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تنكح المرأة على
إحدى خصال لجمالها ومالها وخلقها فعليك بذات الدين والخلق تربت يمينك"
.
قال البزار: لا نعلم أحدا روى في الخلق شيئا إلا أبو سعيد بهذا
الإسناد.
والحديث صححه ابن حبان.
وقال المنذري في الترغيب والترهيب 2/664: رواه أحمد بإسناد صحيح.
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 4/257: رواه أحمد وأبو يعلى والبزار
ورجاله ثقات.
3 أخرجه ابن ماجة 1/597، كتاب النكاح: باب تزويج ذات الدين، حديث 1859،
والبيهقي 7/80، كتاب النكاح: باب استحباب التزويج بذات الدين وذكره
المتقي الهندي في كنز العمال 16/304، رقم 44607، وعزاه للطبراني
والبيهقي، ورقم 44608، وعزاه لسعيد بن منصور في سننه، عن ابن عمرو،
وذكر البوصيري في الزوائد 71، أن فيه ضعف، وهو الإفريقي –عبد الرحمن بن
زياد بن أنعم.
4 أخرجه النسائي في سننه 6/68، كتاب النكاح: باب أي النساء خير؟ حديث
3231، من حديث أبي هريرة به.
(3/310)
بَيْنَكُمَا1 النَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ
وَالدَّارِمِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ.
وَذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ وَذَكَرَ الْخِلَافَ فِيهِ
وَأَثْبَتَ سَمَاعَ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ عن
الْمُغِيرَةِ.
وَقَوْلُهُ يُؤْدَمُ بَيْنَكُمَا2، أَيْ تَدُومُ الْمَوَدَّةُ.
وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ3، عِنْدَ مُسْلِمٍ وَأَنَسٍ
وَجَابِرٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ وَأَبِي حُمَيْدٍ فَحَدِيثُ
أَنَسٍ4 صَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِمُ
وَأَبُو عَوَانَةَ وَهُوَ فِي قِصَّةِ الْمُغِيرَةِ أَيْضًا.
__________
1 حديث المغيرة:
أخرجه أحمد 4/244-245، والدارمي 2/134، كتاب النكاح: باب الرخصة في
النظر للمرأة عند الخطبة، وابن حبان 1236 –موارد، والترمذي 3م397، كتاب
النكاح: باب ما جاء في النظر إلى المخطوبة، حديث 1087، والنسائي 6/69،
كتاب النكاح: باب إباحة النظر قبل التزويج، وابن ماجة 1/600، كتاب
النكاح: باب النظر إلى المرأة إذا أراد أن يتزوجها، حديث 1866، وعبد
الرزاق 1335، وسعيد بن منصور رقم 551-518، وابن الجارود ص 226، كتاب
النكاح حديث 675، والطحاوي في شرح معاني الآثار 3/14، كتاب النكاح: باب
الرجل يريد تزوج المرأة هل يحل له النظر إليها أم لا؟ والدار قطني
3/252، كتاب النكاح: باب نظر الرجل إلى المرأة يريد أن يتزوجها،
والخطيب في التاريخ 7/344، والبغوي في شرح السنة 5/14 –بتحقيقنا، من
طريق عاصم الأحول عن بكر بن عبد الله المزني عن المغيرة قال: خطبت
امرأة فذكرتها لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال لي:
هل نظرت إليها؟ فقلت: لا. قال: "فانظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما"
.
2 وقال ابن الأثير في النهاية 1/32: أي: تكون بينكما المحبة والاتفاق.
3 أما حديث أبي هريرة فرواه أحمد 2/286، 299، ومسلم 2/1040، كتاب
النكاح: باب ندب النظر إلى وجه المرأة وكفيها لمن يريد تزوجها، حديث
75/1424، والنسائي 6/69-70، كتاب النكاح: باب إباحة النظر قبل التزويج،
والطحاوي في شرح معاني الآثار 3/14، كتاب النكاح: باب الرجل يريد تزوج
المرأة هل يحل له النظر إليها أم لا؟، والدار قطني 3/253، كتاب النكاح:
باب المهر، حديث 34، والبيهقي 7/84، كتاب النكاح: باب نظر الرجل إلى
المرأة يريد أن يتزوجها، عنه قال: كنت عند النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأتاه رجل فأخبره أنه تزوج امرأة من الأنصار، فقال
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أنظرت إليها؟ قال: لا
قال: فاذهب فانظر إليها فإن في أعين الأنصار شيئا" .
4 أخرجه ابن ماجة 1/599، كتاب النكاح: باب النظر إلى المرأة إذا أراد
أن يتزوجها، حديث 1865، وابن حبان 1236 –موارد، والدار قطني 3/253،
كتاب النكاح: باب المهر، حديث 32، وعبد بن حميد في المنتخب من المسند ص
375، رقم 1245، وأبو يعلى 6/158-159، رقم 3438، وابن الجارود رقم 676،
والحاكم 2/165، والبيهقي 7/84، كتاب النكاح: باب نظر الرجل إلى المرأة
يريد أن يتزوجها، كلهم من طريق عبد الرزاق عن معمر عن ثابت عن أنس أن
المغيرة بن شعبة خطب امرأة فقال له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: "اذهب فانظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما" قال: فذهب
فنظر إليها فذكر من موافقتها.
وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاهخ.
وقال البوصيري في الزوائد 2/75: هذا إسناد صحيح ورجاله ثقات.
(3/311)
وَحَدِيثُ جَابِرٍ1 يَأْتِي.
وَحَدِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ2 رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ
حِبَّانَ.
وَحَدِيثُ أَبِي حُمَيْدٍ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ
وَالْبَزَّارُ وَلَفْظُهُ إذَا خَطَبَ أَحَدُكُمْ امْرَأَةً فَلَا
جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَنْظُرَ إلَيْهَا إذَا كَانَ إنَّمَا يَنْظُرُ
إلَيْهَا لِلْخِطْبَةِ3.
__________
1 أخرجه الشافعي كما في معرفة السنن والآثار للبيهقي 5/224، كتاب
النكاح: باب الترغيب في النكاح، بعد رقم 4059ن ورواه أحمد 3/334، وأبو
داود 2/565، كتاب النكاح: باب في الرجل ينظر إلى المرأة وهو يريد أن
يتزوجها، عنه قال: سمعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:
"إذا خطب أحدكم المرأة فقدر أن يرى منها بعض ما يدعوه إلى نكاحها
فليفعل" . وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم.
2 أخرجه ابن أبي شيبة 4/256-257، وابن ماجة 1/599ن كتاب النكاح: باب
النظر إلى المرأة إذا أراد أن يتزوجها، حديث 1864، وسعيد بن منصور
1/172، رقم 519، والطحاوي في شرح معاني الآثار 3/13-14، كتاب النكاح:
باب الرجل يريد تزوج المرأة والطبراني في الكبير 19/224، رقم 500، من
طريق الحجاج بن أرطاه عن سهل بن محمد بن أبي حثمة عن عمه سهل بن أبي
حثمة عن محمد بن مسلمة قال: خطبت امرأة فجعلت أتخبأ لها حتى نظرت إليها
في نخل لها فقيل له: أتفعل هذا وأنت صاحب رسول الله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يقول: "إذا ألقى الله في قلب امرء خطبة امرأة فلا بأس أن
ينظر إليها" .
قال الحافظ البوصيري في الزوائد 2/74: هذا إسناد فيه حجاج وهو ابن
أرطأة الكوفي ضعيف ومدلس وقد رواه بالعنعنة اهـ.
وقد توبع تابعه محمد بن خازم عند ابن حبان.
أخرجه ابن حبان 1235 –موارد من طريق محمد بن خازم عن سهل بن محمد بن
أبي حثمة عن عمه سليمان بن حثمة عن محمد بن مسلمة به بنحوه.
وللحديث طريقين آخرين عن محمد بن مسلمة.
الطريق الأول:
أخرجه الحاكم 3/434، والطبراني في الكبير 19/225، رقم 502، من طريق
إبراهيم بن صرمة عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد بن سليمان بن أبي
حثمة به.
قال الحاكم: هذا حديث غريب وإبراهيم بن صرمة ليس من شرط هذا الكتاب
وقال الذهبي: ضعفه الدار قطني وقال أبو حاتم: شيخ.
الطريق الثاني:
أخرجه أحمد 4/226، ثنا وكيع عن ثور عن رجل من أهل البصرة عن محمد بن
سلمة به.
وهذا سند ضعيف لجهالة الرجل من أهل البصرة.
3 حديث أبي حميد:
أخرجه أحمد 5/428، والطحاوي في شرح معاني الآثار 3/14، كتاب النكاح:
باب الرجل يريد تزوج المرأة هل يحل له النظر إليها أم لا؟ والبزار
2/159 –كشف، رقم 1418، من طريق عبد الله بن عيسى عن موسى بن عبد الله
عن أبي حميد قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"لا حرج أن ينظر الرجل إلى المرأة إذا أراد أن يتزوجها من حيث لا تعلم"
.
قال البزار: قد روي من وجوه ولا نعلم لأبي حميد غير هذا الطريق ولفظه
مخالف لبقية الأحاديث وموسى هو ابن عبد الله بن يزيد مشهور.==
(3/312)
1484 - حَدِيثُ جَابِرٍ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ "إذَا خَطَبَ أَحَدُكُمْ الْمَرْأَةَ فَإِنْ
اسْتَطَاعَ أَنْ يَنْظُرَ إلَى مَا يَدْعُوهُ إلَى نِكَاحِهَا
فَلْيَفْعَلْ" قَالَ فَخَطَبْتُ جَارِيَةً فَكُنْت أَتَخَبَّأُ لَهَا
حَتَّى رَأَيْت مِنْهَا مَا دَعَانِي إلَى نِكَاحِهَا
فَتَزَوَّجْتُهَا1، الشَّافِعِيُّ وَأَبُو دَاوُد وَالْبَزَّارُ
وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنْ دَاوُد بْنِ
الْحُصَيْنِ عَنْ وَاقِدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْهُ.
وَرَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَفِيهِ أَنَّهَا مِنْ بَنِي
سَلَمَةَ وَأَعَلَّهُ ابْنُ الْقَطَّانِ بِوَاقِدِ بْنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ وَقَالَ الْمَعْرُوفُ وَاقِدُ بْنُ عَمْرٍو.
قُلْت رِوَايَةُ الْحَاكِمِ فِيهَا عَنْ وَاقِدِ بْنِ عَمْرٍو وَكَذَا
هُوَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ.
فَائِدَةٌ: رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَابْنُ
أَبِي عَمْرٍو عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ عُمَرَ خَطَبَ إلَى
عَلِيٍّ ابْنَتَهُ أُمَّ كُلْثُومٍ فَذَكَرَ لَهُ صِغَرَهَا فَقَالَ
أَبْعَثُ بِهَا إلَيْك فَإِنْ رَضِيت فَهِيَ امْرَأَتُك فَأَرْسَلَ
بِهَا إلَيْهِ فَكَشَفَ عَنْ سَاقِهَا فَقَالَتْ لَوْلَا أَنَّك
أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ لَصَكَكْت عَيْنَك2 وَهَذَا يُشْكَلُ عَلَى
مَنْ قَالَ إنَّهُ لَا يَنْظُرُ غَيْرَ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ.
1485 - حَدِيثٌ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ
أُمَّ سُلَيْمٍ إلَى امْرَأَةٍ فَقَالَ "اُنْظُرِي إلَى عُرْقُوبِهَا
وَشُمِّي مَعَاطِفَهَا" 3 أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ وَالْحَاكِمُ
وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ وَاسْتَنْكَرَهُ أَحْمَدُ
وَالْمَشْهُورُ فِيهِ طَرِيقُ عُمَارَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْهُ.
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيلِ عَنْ مُوسَى بْنِ
إسْمَاعِيلَ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ ثَابِتٍ4، وَوَصَلَهُ الْحَاكِمُ مِنْ
هَذَا الْوَجْهِ بِذِكْرِ أَنَسٍ فِيهِ5 وَتَعَقَّبَهُ الْبَيْهَقِيّ
بِأَنَّ ذِكْرَ أَنَسٍ فِيهِ وَهْمٌ قَالَ وَرَوَاهُ أَبُو
النُّعْمَانِ عَنْ حَمَّادٍ مُرْسَلًا قَالَ وَرَوَاهُ ابْنُ كَثِيرٍ
الصَّنْعَانِيُّ عَنْ حَمَّادٍ مَوْصُولًا6.
__________
=والحديث ذكره الهيثمي 4/279، وقال رواه أحمد إلا أن زهيرا شك فقال عن
أبي حميد أو أبي حميدة، والبزار من غير شك، والطبراني في الأوسط
والكبير ورجال أحمد رجال الصحيح.
1 تقدم قريبا.
2 أخرجه عبد الرزاق في المصنف 6/163، رقم 10352، 1353، وسعيد بن منصور
في سننه 1/173، رقم 521، عن سفيان عن عمرو بن دينار عن أبي جعفر قال:
خطب عمرو رضي الله عنه ابن علي رضي الله عنهما ... فذكره.
3 أخرجه أحمد 3/231، والحاكم في المستدرك 2/166، كتاب النكاح، والبيهقي
في السنن الكبرى 7/87، كتاب النكاح: باب من بعث بامرأة لتنظر إليها،
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 4/279، كتاب النكاح: باب الإرسال في
الخطبة والنظر، وقال: رواه أحمد والبزار، ورجال أحمد ثقات. وقال
الحاكم: صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
4 أخرجه أبو داود في المراسيل ص 186، رقم 216: باب النظر عند التزويج،
عن موسى بن إسماعيل عن حماد عن ثابت أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أراد أن يخطب امرأة ... فذكره.
5 أخرجه الحاكم موصولا في المستدرك 2/166.
6 ينظر: السنن الكبرى للبيهقي 7/87.
(3/313)
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ وَشُمِّي مَعَاطِفَهَا فِي رِوَايَةِ
الطَّبَرَانِيِّ وَفِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ شُمِّي
عَوَارِضَهَا.
1486 - حَدِيثٌ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أَتَى فَاطِمَةَ بِعَبْدٍ قَدْ وَهَبَهُ لَهَا وَعَلَى فَاطِمَةَ
ثَوْبٌ إذَا قَنَعَتْ بِهِ رَأْسَهَا لَمْ يَبْلُغْ رِجْلَيْهَا1
الْحَدِيثَ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ وَفِيهِ سَالِمُ بْنُ
دِينَارٍ أَبُو جُمَيْعٍ2 مُخْتَلَفٌ فِيهِ.
فَائِدَةٌ حَمَلَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ هَذَا عَلَى أَنَّهُ كَانَ
صَغِيرًا لِإِطْلَاقِ لَفْظِ الْغُلَامِ وَلِأَنَّهَا وَاقِعَةُ حَالٍ
وَاحْتَجَّ مَنْ أَجَازَ ذَلِكَ أَيْضًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى أَوْ مَا
مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَتَعَقَّبَ بِمَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي
شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ طَارِقٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ
لَا يَغُرَّنَّكُمْ هَذِهِ الْآيَةُ إنَّمَا يَعْنِي بِهَا الْإِمَاءَ
لَا الْعَبِيدَ3، لَكِنْ يُشْكَلُ عَلَى ذَلِكَ مَا رَوَاهُ أَصْحَابُ
السُّنَنِ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ عَنْ نَبْهَانَ مُكَاتَبِ أُمِّ
سَلَمَةَ عَنْهَا قَالَ لي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ إذ كَانَ لِإِحْدَاكُنَّ مُكَاتَبٌ وَكَانَ عِنْدَهُ مَا
يُؤَدِّي فَلْتَحْتَجِبْ مِنْهُ4 انْتَهَى وَمَفْهُومُهُ أَنَّهَا لَا
تَحْتَجِبُ مِنْهُ قَبْلَ ذَلِكَ.
1487 - حَدِيثٌ5 أَنَّ وَفْدًا قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُمْ غُلَامٌ حَسَنُ الْوَجْهِ
فَأَجْلَسَهُ مِنْ وَرَائِهِ وَقَالَ أَنَا أَخْشَى مَا أَصَابَ أَخِي
دَاوُد قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ ضَعِيفٌ لَا أَصْلَ لَهُ.
وَرَوَاهُ ابْنُ شَاهِينَ فِي الْأَفْرَادِ مِنْ طَرِيقِ مُجَالِدٍ
عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ عَلَى رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهِمْ غُلَامٌ أَمْرَدُ
ظَاهِرُ الْوَضَاءَةِ فَأَجْلَسَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَرَاءَ ظَهْرِهِ وَقَالَ كَانَ خَطِيَّةُ6 دَاوُد
النَّظَرَ7، ذَكَرَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِ أَحْكَامِ
النَّظَرِ وَضَعَّفَهُ.
__________
1 أخرجه أبو داود 4/62، كتاب اللباس: باب في العبد ينظر إلى شعر
مولاته، حديث 4106، من حديث أنس.
2 قال الذهبي في ميزان الاعتدال 7/351 –بتحقيقنا، ترجمة 1007-5441،
يقال فيه ضعف ما.
3 أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه 4/11، كتاب النكاح: باب ما قالوا في
الرجل المملوك، له أن يرى شعر مولاته؟ برقم 17274.
4 أخرجه أبو داود 2/21، كتاب العتق: باب في المكاتب يؤدي بعض كتابته
فيعجز، أو يموت، حديث 3928، والترمذي 3/553، كتاب البيوع: باب ما جاء
في المكاتب إذا كان عنده ما يؤدي، حديث 1261، وابن ماجة 2/842، كتاب
العتق: باب المكاتب، حديث 2520، والنسائي في الكبرى 3/198، رقم 5029،
وأخرجه أحمد 6/289، والحميدي 1/138، رقم 289 من حديث أم سلمة.
قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
5 في الأصل: قوله.
6 في ط: خطية.
7 أورده المتقي الهندي في كنز العمال 5/330، رقم 13081، وعزاه للديلمي
عن سمرة.
(3/314)
وَرَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ نُبَيْطِ
بْنِ شَرِيطٍ فِي نُسْخَتِهِ وَمِنْ طَرِيقِهِ أَبُو مُوسَى فِي
التَّرْهِيبِ وَإِسْنَادُهُ وَاهٍ.
1488 - حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ كُنْت مَعَ مَيْمُونَةَ عِنْدَ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذْ أَقْبَلَ ابْنُ
أُمِّ مَكْتُومٍ فَقَالَ احْتَجِبَا مِنْهُ فَقُلْت يَا رَسُولَ
اللَّهِ أَلَيْسَ هُوَ أَعْمَى لَا يُبْصِرُ قَالَ أَفَعَمْيَاوَانِ
أَنْتُمَا أَلَسْتُمَا تُبْصِرَانِهِ1 أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ
وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَلَيْسَ فِي إسْنَادِهِ سِوَى
نَبْهَانَ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ شَيْخِ الزُّهْرِيِّ وَقَدْ وُثِّقَ.
وَعِنْدَ مَالِكٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا احْتَجَبَتْ مِنْ أَعْمَى
فَقِيلَ لَهَا إنَّهُ لَا يَنْظُرُ إلَيْك قَالَتْ لَكِنِّي أَنْظُرُ
إلَيْهِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ حَدِيثُ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ
يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ نَظَرِ الْمَرْأَةِ إلَى الْأَعْمَى وَهُوَ
أَصَحُّ مِنْ هَذَا2.
وَقَالَ أَبُو دَاوُد هَذَا لِأَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً بِدَلِيلِ حَدِيثِ فَاطِمَةَ3، قُلْت
وَهَذَا جَمْعٌ حَسَنٌ وَبِهِ جَمَعَ الْمُنْذِرِيُّ فِي حَوَاشِيهِ
وَاسْتَحْسَنَهُ شَيْخُنَا.
تَنْبِيهٌ لَمَّا ذَكَرَ الْإِمَامُ تَبَعًا لِلْقَاضِي الْحُسَيْنِ
حَدِيثَ الْبَابِ جَعَلَ الْقِصَّةَ لِعَائِشَةَ وَحَفْصَةَ
وَتَعَقَّبَهُ شَيْخُنَا فِي تَصْحِيحِ الْمِنْهَاجِ بِأَنَّ ذَلِكَ
لَا يُعْرَفُ لَكِنْ وُجِدَ فِي الْغَيْلَانِيَّاتِ مِنْ حَدِيثِ
أُسَامَةَ عَلَى وَفْقِ مَا نَقَلَهُ الْقَاضِي وَالْإِمَامُ فَأَمَّا
أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّ الرَّاوِيَ قَلَبَهُ لِأَنَّ ابْنَ حِبَّانَ
وَصَفَ رَاوِيَهُ بِأَنَّهُ كَانَ شَيْخًا مُغَفَّلًا يُقَلِّبُ
الْأَخْبَارَ وَهُوَ وَهْبُ بْنُ حَفْصٍ الْحَرَّانِيُّ وَإِمَّا أَنْ
يُحْمَلَ عَلَى التَّعَدُّدِ وَيُؤَيِّدُهُ أَثَرُ عَائِشَةَ الَّذِي
قَدَّمْته.
__________
1 أخرجه أبو داود 2/462، كتاب اللباس: باب قول الله تعالى: {وقل
للمؤمنات يغضضن من أبصارهن} النور: 31، حديث 4112، والترمذي 5/94، كتاب
الأدب: باب ما جاء في احتجاب النساء من الرجال، حديث 2778، وأحمد
6/296، والنسائي في الكبرى 5/393، كتاب عشرة النساء: باب نظر النساء
إلى الأعمى، حديث 9241، 9242، والطحاوي في مشكل الآثار 1/116، وأبو
يعلى 12/353، رقم 6922ن وابن حبان 1968، موارد، والفسوي في المعرفة
والتاريخ 1/416، والبيهقي 7/91-92، وابن سعد في الطبقات 8/126، كلهم من
طريق الزهري عن نبهان مولى أم سلمة عن أم سلمة به بالرواية عن نبهانة
وليست بعلة قادحة فإن من يعرفه الزهري ويصفه بأنه مكاتب أم سلمة ولم
يخرجه أحد لا ترد روايته اهـ.
2 ينظر: الاستذكار لابن عبد البر 18/79، رقم 26912.
3 ينظر: سنن أبي داود 4/64.
(3/315)
1489 - قَوْلُهُ رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ "النَّظَرُ فِي الْفَرْجِ يُورِثُ الطَّمْسَ" 1، رَوَاهُ ابْنُ
حِبَّانَ فِي الضُّعَفَاءِ مِنْ طَرِيقِ بَقِيَّةَ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ
عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ بِلَفْظِ إذَا جَامَعَ الرَّجُلُ
زَوْجَتَهُ فَلَا يَنْظُرْ إلَى فَرْجِهَا فَإِنَّ ذَلِكَ يُورِثُ
الْعَشَا قَالَ وَهَذَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ بَقِيَّةُ سَمِعَهُ مِنْ
بَعْضِ شُيُوخِهِ الضُّعَفَاءِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ فَدَلَّسَهُ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ سَأَلْت أَبِي عَنْهُ
فَقَالَ مَوْضُوعٌ وَبَقِيَّةُ مُدَلِّسٌ2.
وَذَكَرَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِ أَحْكَامِ النَّظَرِ أَنَّ
بَقِيَّ بْنَ مَخْلَدٍ رَوَاهُ عَنْ هِشَامِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ
بَقِيَّةَ قَالَ نَا ابْنُ جُرَيْجٍ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ
عَنْ ابْنِ قُتَيْبَةَ عَنْ هِشَامٍ فَمَا بَقِيَ فِيهِ إلَّا
التَّسْوِيَةُ وَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ
وَخَالَفَ ابْنُ الصَّلَاحِ فَقَالَ إنَّهُ جَيِّدُ الْإِسْنَادِ كَذَا
قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ رَفَعَهُ
إذَا زَوَّجَ أَحَدُكُمْ عَبْدَهُ جَارِيَتَهُ أَوْ أَجِيرَهُ فَلَا
يَنْظُرْ إلَى مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ تَقَدَّمَ فِي شروط
الصلاة.
1490 - حديث "ا يُفْضِي الرَّجُلُ إلَى الرَّجُلِ فِي الثَّوْبِ
الْوَاحِدِ وَلَا تُفْضِي الْمَرْأَةُ إلَى الْمَرْأَةِ في
الثوبالواحد" 3 مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَأَحْمَدُ
وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ بِلَفْظِ لَا تُبَاشِرْ4.
وَأَحْمَدُ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ
عَبَّاسٍ5 مِثْلَهُ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ
أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ6.
__________
1 أخرجه ابن حبان في المجروحين 1/202، وابن عدي في الكامل 2/507، ومن
طريق ابن عدي أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات 2/271، وتبعه ابن دقيق
العيد صاحب الإمام كما في خلاصة البدر المنير 2/181، من حديث ابن عباس
به.
2 ينظر علل الحديث 2/295، رقم 2394.
3 أخرجه مسلم 2/265 –نووي، كتاب الحيض: باب تحريم النظر إلى العورات،
حديث 74، 338، واخرجه الترمذي 5/109، كتاب الأدب: باب في كراهية مباشرة
الرجال الرجال والمرأة المرأة، حديث 2793، والبيهقي في السنن الكبرى
7/98، كتاب النكاح: باب ما جاء في الرجل ينظر إلى عورة الرجل، وابن
حبان 12/385، 386، الإحسان، رقم 5574، من حديث أبي سعيد الخدري.
4 أخرجه أحمد 3/356، 389، والحاكم في المستدرك 4/287، كتاب الأدب: باب
النهي عن مباشرة الرجل الرجل والمرأة المرأة في ثوب واحد، وقال: صحيح
على شرط مسلم ولم يخرجاه.
5 أخرجه أحمد 1/304، وابن حبان 12/395 –الإحسان، رقم 5582، والحاكم في
المستدرك 4/288، كتاب الأدب، وقال: صحيح على شرط البخاري، فقد أجمعا
على صحة هذا الحديث، ووافقه الذهبي.
6 أخرجه الطبراني في الأوسط 5/92، رقم 4169، وذكره الهيثمي في مجمع
الزوائد 8/105، وفي مجمع البحرين 5/336، 337، رقم 3175، وقال الهيثمي:
رواه الطبراني في الكبير==
(3/316)
وَرَوَى الْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ سَمُرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَنْهَى النِّسَاءَ أَنْ
يَضْطَجِعَ بَعْضُهُنَّ مَعَ بَعْضٍ إلَّا وَبَيْنَهُمَا ثَوْبٌ وَلَا
يَضْطَجِعُ الرَّجُلُ مَعَ صَاحِبِهِ إلَّا وَبَيْنَهُمَا ثَوْبٌ1.
حَدِيثٌ "مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعٍ
وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ وَفَرِّقُوا
بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ" تَقَدَّمَ فِي الصَّلَاةِ.
1491 - حَدِيثٌ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ
الرَّجُلِ يَلْقَى أَخَاهُ أَوْ صَدِيقَهُ أَيَنْحَنِي لَهُ قَالَ "لَا
" قِيلَ أَفَيَلْتَزِمُهُ وَيُقَبِّلُهُ قَالَ "لَا" قِيلَ
أَفَيَأْخُذُ بِيَدِهِ وَيُصَافِحُهُ قَالَ "نَعَمْ" 2 أَحْمَدُ
وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ
أَنَسٍ وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ وَاسْتَنْكَرَهُ أَحْمَدُ لِأَنَّهُ
مِنْ رِوَايَةِ السَّدُوسِيِّ وَقَدْ اخْتَلَطَ وَتَرَكَهُ يَحْيَى
الْقَطَّانُ.
فَائِدَةٌ: سَيَأْتِي فِي السِّيَرِ حَدِيثٌ لِأَبِي ذَرٍّ يُعَارِضُ
هَذَا الْحَدِيثَ فِي مَسْأَلَةِ الْمُعَانَقَةِ3.
حَدِيثُ عُمَرَ يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَنْظُرَ إلَى الرَّجُلِ
فَإِنَّهُ يُعْجِبُهَا مَا يُعْجِبُهُ مِنْهَا لَمْ أَجِدْهُ.
قَوْلُهُ فِي قَوْله تعالى: {لا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلَّا مَا ظهر
منها} ومفسر بِالْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ انْتَهَى.
رَوَى الْبَيْهَقِيّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ
هُرْمُزٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ في قوله {لا
ما ظهر منها} الْوَجْهُ وَالْكَفَّانِ4.
وَمِنْ طَرِيقِ عَطَاءٍ عَنْ عَائِشَةَ نَحْوُهُ5 وَرَوَى الطَّبَرِيُّ
مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ الْأَعْوَرِ عَنْ
__________
= والأوسط، عن شيخه علي بن سعيد الرازي، وفيه لين، وبقية رجاله ثقات.
1 أخرجه البزار كما في كشف الأستار رقم 2073، وذكره الهيثمي في مجمع
الزوائد 8/105، وقال: رواه الطبراني وفيه من لم أعرفهم، ورواه البزار
وفيه يوسف بن خالد السمتي، وهو ضعيف.
2 أخرجه أحمد 3/198، والترمذي 5/75، كتاب الاستئذان: باب ما جاء في
المصافحة، حديث 2728، وابن ماجة 2/1220، كتاب الأدب: باب المصافحة،
حديث 3702، والبيهقي في السنن الكبرى 7/100، كتاب النكاح: باب ما جاء
في معانقة الرجل الرجل، من حديث أنس به.
3 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 7/100، كتاب النكاح: باب ما جاء في
معانقة الرجل الرجل، عن رجل من عترة أنه قال لأبي ذر رضي الله عنه حيث
سير من الشام: إني أريد أن أسألك عن حديث ... فذكره.
وقال في آخره: فأتيته وهو على سريره فالتزمني، فكانت تلك الحالة أجود
وأجود.
4 أخرجه البيهقي 2/225، كتاب الصلاة: باب عورة المرأة الحرة، من طريق
مسلم بن هرمز عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، به، وأخرج ابن جرير الطبري
في تفسيره 9/304، رقم 25963، 25964، عن مسلم بن هرمز عن سعيد.
5 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 2/226، كتاب الصلاة: باب عورة المرأة
الحرة، عن عطاء عن عائشة به.
(3/317)
سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ هِيَ الْكُحْلُ1
وَتَابَعَهُ خُصَيْفٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ
الْبَيْهَقِيّ2.
تَنْبِيهٌ: احْتَجَّ الرَّافِعِيُّ بِهَذَا عَلَى مَنْعِ الْبَالِغِ
مِنْ النَّظَرِ إلَى الْأَجْنَبِيَّةِ وَأَوْلَى مِنْهُ مَا رَوَاهُ
الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَرْدَفَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْفَضْلَ بْنَ عَبَّاسٍ
يَوْمَ النَّحْرِ خَلْفَهُ الْحَدِيثَ3 وَفِيهِ قِصَّةُ الْمَرْأَةِ
الْوَضِيَّةِ الْخَثْعَمِيَّةِ فَطَفِقَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إلَيْهَا
فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ فَأَخَذَ بِذَقَنِ الْفَضْلِ فَعَدَلَ وَجْهَهُ
عَنْ النَّظَرِ إلَيْهَا.
وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ نَحْوَهُ وَزَادَ
فَقَالَ الْعَبَّاسُ لَوَيْت عُنُقَ ابْنِ عَمِّك فَقَالَ رَأَيْت
شَابًّا وَشَابَّةً فَلَمْ آمَنْ عَلَيْهِمَا الشَّيْطَانَ4، صَحَّحَهُ
التِّرْمِذِيُّ وَاسْتَنْبَطَ مِنْهُ ابْنُ الْقَطَّانِ جَوَازَ
النَّظَرِ عِنْدَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَمْ
يَأْمُرْهَا بِتَغْطِيَةِ وَجْهِهَا وَلَوْ لَمْ يَفْهَمْ الْعَبَّاسُ
أَنَّ النَّظَرَ جَائِزٌ مَا سَأَلَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَا فَهِمَهُ
جَائِزًا لَمَا أَقَرَّهُ عَلَيْهِ.
فَائِدَةٌ: اخْتَارَ النَّوَوِيُّ أَنَّ الْأَمَةَ كَالْحُرَّةِ فِي
تَحْرِيمِ النَّظَرِ إلَيْهَا لَكِنْ يُعَكِّرُ عَلَيْهِ مَا فِي
الصَّحِيحَيْنِ فِي قِصَّةِ صَفِيَّةَ فَقُلْنَا إنْ حَجَبَهَا فَهِيَ
زَوْجَتُهُ وَإِنْ لَمْ يَحْجُبْهَا فَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ كَذَا
اعْتَرَضَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى
أَنَّ الْأَمَةَ تُخَالِفُ الْحُرَّةَ فِيمَا تُبْدِيهِ أَكْثَرَ
مِمَّا تُبْدِيهِ الْحُرَّةُ وَلَيْسَ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى جَوَازِ
النظر إليها مطلقا.
__________
1 أخرجه ابن جرير في تفسيره 9/304، رقم 25960، والبيهقي في السنن
الكبرى 2/225.
2 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 2/225، كتاب الصلاة: باب عورة المرأة
الحرة.
3 أخرجه البخاري 4/152 –الفتح، كتاب الحج: باب وجوب الحج وفضله، حديث
1513، ومسلم 5/107 –نووي، كتاب الحج: باب الحج عن العاجز لزمانة وهرم
ونحوهما، أو للموت حديث 407-1334، من طريق ابن شهاب عن سليمان بن يسار
عن ابن عباس، فذكره.
4 أخرجه الترمذي 3/223، 224، كتاب الحج: باب ما جاء أن عرفة كلها موقف،
حديث 885، من حديث علي رضي الله عنه.
قال الترمذي: حسن صحيح.
(3/318)
|