التلخيص الحبير ط العلمية - بَابُ النَّهْيِ عَنْ الْخِطْبَةِ عَلَى
الخطبة
مدخل
...
كتاب النهي عن الخطبة على الْخِطْبَةِ
قَوْلُهُ الْخِطْبَةُ مُسْتَحَبَّةٌ يُمْكِنُ أَنْ
يُحْتَجَّ لَهُ بِفِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْتَهَى هُوَ مَوْجُودٌ فِي
الْأَحَادِيثِ وَسَيَأْتِي.
1492 - حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ "لَا يَخْطُبُ عَلَى خِطْبَةِ
أَخِيهِ إلَّا بِإِذْنِهِ" 5مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
وَاللَّفْظُ
__________
5 أخرجه مالك 2/523، كتاب النكاح: باب ما جاء في الخطبة،
حديث 1، 2، وأحمد 2/122، 124، 126، والبخاري 9/198، كتاب
النكاح: باب لا يخطب على خطبة أخيه حتى ينكح أو يدع، حديث
5142، ومسلم 2/1032، 1033، كتاب النكاح: باب تحريم الخطبة
على خطبة أخيه، حديث 49/1412، وأبو داود 2/228، كتاب
النكاح: باب في كراهية أن يخطب الرجل على خطبة أخيه، حديث
2081، والترمذي 3/587، كتاب البيوع: باب ما جاء في النهي
عن==
(3/318)
لِمُسْلِمٍ إلَّا أَنَّ فِي آخِرِهِ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ.
تَنْبِيهٌ: زَعَمَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ أَنَّ مُسْلِمًا تَفَرَّدَ
بِذِكْرِ الْإِذْنِ فِيهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ لِلْبُخَارِيِّ
أَيْضًا.
وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بِلَفْظِ لَا
يَخْطُبُ أَحَدُكُمْ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ زَادَ الْبُخَارِيُّ
حَتَّى يَتْرُكَ أَوْ يَنْكِحَ1، وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ عِنْدَ
مُسْلِمٍ بِلَفْظِ الْمُؤْمِنُ أَخُو الْمُؤْمِنِ فَلَا يَحِلُّ لَهُ
أَنْ يَبْتَاعَ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ وَلَا يَخْطُبَ عَلَى خِطْبَةِ
أَخِيهِ حَتَّى يَذَرَ2 وَهَذَا أَدَلُّ عَلَى التَّحْرِيمِ.
وَعَنْ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يَخْطُبَ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ
أَخِيهِ أَوْ يَبْتَاعَ عَلَى بَيْعِهِ3 رَوَاهُ أَحْمَدُ.
__________
= البيع على بيع أخيه، حديث 1292، وابن ماجة 1/600، كتاب النكاح: باب
لا يخطب الرجل على خطبة أخيه، حديث 1868، والدارمي 2/135، كتاب النكاح:
باب النهي عن خطبة الرجل على خطبة أخيه، والنسائي 6/71، كتاب النكاح:
باب خطبة الرجل إذا ترك الخاطب أو أذن له، واحمد 2/42، والبيهقي 7/179،
والبغوي في شرح السنة 5/69، بتحقيقنا، من حديث ابن عمر.
وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
1 أخرجه البخاري 9/6، كتاب النكاح: باب لا يخطب على خطبة أخيه حتى ينكح
أو يدع، حديث 5143، من طريق الأعرج عن أبي هريرة.
وأخرجه مسلم 2/1033، كتاب النكاح: باب تحريم الخطبة على خطبة أخيه،
حديث 51/1413، وأبو داود 2/228، كتاب النكاح: باب كراهية أن يخطب الرجل
على خطبة أخيه، حديث 2080، والنسائي 6/73، كتاب النكاح: باب النهي أن
يخطب الرجل على خطبة أخيه، وابن ماجة 1/600، كتاب النكاح: باب لا يخطب
الرجل على خطبة أخيه من طريق الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن بيع حاضر لباد، أو
يتناجشوا أو يخطب الرجل على خطبة أخيه... وهذا لفظ مسلم.
وأخرجه مسلم 2/1034، رقم 55/1413، والدارمي 2/135، من طريق سهيل بن أبي
صالح عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أن يخطب الرجل على خطبة أخيه.
2 أخرجه مسلم 2/1034، كتاب النكاح: باب تحريم الخطبة على خطبة أخيه،
حديث 56، 1414، وأحمد 4/147، والدارمي 2/250، كتاب البيوع: باب لا يبيع
على بيع أخيه وأبو يعلى 3/3، والبيهقي 7/180، كتاب النكاح: باب لا يخطب
الرجل على خطبة أخيه، من طريق يزيد بن أبي حبيب عن عبد الرحمن بن شماسة
عن عقبة بن عامر قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يقول: "المؤمن أخو المؤمن فلا يحل للمؤمن من أن يبتاع على
بيع أخيه ولا يخطب على خطبة أخيه حتى يذر".
أخرجه أحمد 5/11، والبزار 2/159-160، كشف، رقم 1420، من طريق عمران
القطان عن قتادة عن الحسن عن سمرة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا يخطب الرجل على خطبة ولا يبع على
بيع.أخيه"
(3/319)
1493 - حَدِيثُ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا
فَبَتَّ طَلَاقَهَا فَأَمَرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ وَقَالَ
لَهَا إذَا حَلَلْت فَآذِنِينِي فَلَمَّا حَلَّتْ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ
مُعَاوِيَةَ وَأَبَا جَهْمٍ خَطَبَاهَا1، الْحَدِيثَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ
مِنْ حَدِيثِهَا وَلَهُ طُرُقٌ وَأَلْفَاظٌ2.
__________
قال البزار: لا نعلم رواه عن قتادة إلا عمران القطان وقال الهيثمي في
المجمع 4/280: رواه البزار والطبراني وفيه عمران القطان وثقه أحمد وابن
حبان وفيه ضعف.
1 أخرجه مالك 2/580-581، كتاب الطلاق: باب ما جاء في نفقة المطلقة،
حديث 67، ومن طريقه أحمد 6/411، 412، وسمل 3/1114، كتاب الطلاق: باب
المطلقة ثلاثا لا نفقة لها، حديث 36/411، 412، وأبو داود 2/712-713،
كتاب الطلاق: باب في نفقة المبتوتة، حديث 2284، والنسائي 6/75-76، كتاب
النكاح: باب إذا استشارت المرأة رجلا فيمن يخطبها هل يخبرها بما يعلم،
والبيهقي 7/180-181، كتاب النكاح: باب من أباح الخطبة على خطبة أخيه،
وابن الجارود رقم 760، وابن حبان 4276، الإحسان، والطحاوي في شرح معاني
الآثار 3/65، وابن سعد في الطبقات 8/213-214، عن عبد الله بن يزيد مولى
الأسود بن سفيان عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن فاطمة بنت قيس به.
2 أخرجه مسلم 2/1119، كتاب الطلاق: باب المطلقة ثلاثا لا نفقة لها،
حديث 47/1480، والترمذي 3/442، كتاب النكاح: باب ما جاء أن لا يخطب
الرجل على خطبة أخيه، وابن ماجة 1/601، كتاب النكاح: باب لا يخطب الرجل
على خطبة أخيه، 1869، من طريق وكيع ثنا سفيان عن أبي بكر بن أبي الجهم
بن صخير العدوي قال: سمعت فاطمة بنت قيس تقول: قال لي رسول الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذا تحللت فآذنيني فآذنته فخطبني معاوية
وأبو الجهم بن صخير وأسامة بن زيد فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أما معاوية فرجل ترب لا مال له وأما أبو الجهم
فرجل ضراب للنساء ولكن أسامة بن زيد فقال بيدها هكذا أسامة أسامة، فقال
لها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طاعة الله وطاعة
رسوله خير لك فتزوجته فاغتبطت" .
وأخرجه مسلم 2/1119، من طريق عبد الرحمن عن سفيان به.
وأخرجه مسلم 2/1120، كتاب الطلاق: باب المطلقة ثلاثا لا نفقة لها، حديث
50، 1480، والترمذي 3/441-442، كتاب النكاح: باب ما جاء لا يخطب الرجل
على خطبة أخيه، حديث 1135، من طريق شعبة عن أبي بكر بن أبي الجهم قال:
دخلت أنا وأبو سلمة بن عبد الرحمن على فاطمة بنت قيس، فحدثتنا أن زوجها
طلقها ثلاثا، ولم يجعل لها سكنى ولا نفقة، قالت: ووضع لي عشرة أقفزة
عند ابن عم له: خمسة شعيرا وخمسة برا، قالت: فأتيت رسول الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فذكرت ذلك له. قالت: فقال: صدق، قالت:
فأمرني أن أعتد في بيت أم شريك. ثم قال لي رسول الله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إن بيت أم شريك بيت يغشاه المهاجرون، ولكن اعتدي
في بيت أم مكتوم. فعسى أن تلقى ثيابك ولا يراك، فإذا انقضت عدتك فجاء
أحد يخطبك، فآذنيني" .
فلما انقضت عدتي، خطبني أبو جهم ومعاوية. قالت: فأتيت رسول الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فذكرت ذلك له، فقال: "أما معاوية فرجل لا
مال له، وأما أبو جهم، فرجل شديد على النساء" .
قالت: فخطبني أسامة بن زيد، فتزوجني، فبارك الله لي في أسامة.
وقال الترمذي: هذا حديث صحيح وقد رواه سفيان الثوري عن أبي بكر بن أبي
الجهم نحو هذا الحديث اهـ.
وهو الحديث السالف.==
(3/320)
قَوْلُهُ اُخْتُلِفَ فِي مُعَاوِيَةَ هَذَا هَلْ هُوَ ابْنُ أَبِي
سُفْيَانَ أَوْ غَيْرُهُ قُلْت هُوَ هُوَ فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ
التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ.
قَوْلُهُ اُخْتُلِفَ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ عَنْ أَبِي جَهْمٍ إنَّهُ
لَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ.
قُلْت قَدْ صَرَّحَ مُسْلِمٌ بِالْمَعْنَى فِي رِوَايَةٍ لَهُ قَالَ
فِيهَا وَأَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَضَرَّابٌ لِلنِّسَاءِ.
قَوْلُهُ رُوِيَ أَنَّهُ قَالَ إذَا اسْتَنْصَحَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ
فَلْيَنْصَحْ لَهُ1 الْبَيْهَقِيّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ
جَابِرٍ بِسَنَدٍ حَسَنٍ.
وَفِي الْبَابِ عَنْ حَكِيمِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ عَنْ أَبِيهِ2 عِنْدَ
أَحْمَدَ وَالْحَاكِمِ وَالْبَيْهَقِيِّ وَعِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ مِنْ
طُرُقٍ3، وَمَدَارُهُ عَلَى عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ وَقَدْ قِيلَ
عَنْهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ وَهُوَ غَلَطٌ بَيَّنْتُهُ فِي
تَعْلِيقِ التَّعْلِيقِ وَفِي مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ.
وَعَنْ أَبِي طِيبَةَ الْحَجَّامِ رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي
الْمَعْرِفَةِ فِي حَرْفِ الْمِيمِ فِي تَرْجَمَةِ مَيْسَرَةَ وَرَوَى
مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ حَقُّ الْمُسْلِمِ على
المسلم بستة فَذَكَرَهَا وَفِيهَا وَإِذَا اسْتَنْصَحَك فَانْصَحْ
لَهُ4.
__________
=وأخرجه النسائي 6/207-208، كتاب الطلاق: باب الرخصة في خروج المبتوتة
من بيتها في عدتها لسكناها، وأحمد 6/414، والحاكم 4/55، من طريق ابن
جريج عن عطاء أخبرني عبد الرحمن بن عاصم: أن فاطمة بنت قيس أخبرته
وكانت عند رجل من بني مخزوم أنه طلقها ثلاثا وخرج وأمر وكيله أن يعطيها
بعض النفقة فتقالتها فانطلقت إلى بعض نساء النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فدخل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وهي عندها فقالت: يا رسول الله هذه فاطمة بنت قيس طلقها فلان فأرسل
إليها ببعض النفقة فردتها وزعم أنه تطول به قال صدق قال النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فانتقلي إلى أم كلثوم فاعتدي عندها ثم قال
إن أم كلثوم امرأة يكثر عوادها فانتقلي إلى عبد الله بن أم مكتوم فإنه
أعمى فانتقلت إلى عبد الله فاعتدت عنده حتى انقضت عدتها ثم خطبها أبو
الجهم ومعاوية بن أبي سفيان فجاءت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ تستأمره فيهما فقال أما أبو الجهم فرجل أخاف عليك قسقاسته
للعصا، وأما معاوية فرجل أملق من المال، فتزوجت أسامة بن زيد بعد ذلك.
1 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 5/347، كتاب البيوع: باب الرخصة في
معونته ونصيحته إذا استنصحه، من حديث أبي الزبير عن جابر به.
2 أخرجه أبحمد 3/418، 419، والبيهقي في السنن الكبرى 5/347، كتاب
البيوع: باب الرخصة في معونته ونصيحته إذا استنصحه، وذكره الهيثمي في
مجمع الزوائد 4/86، وعزاه لأحمد وللطبراني في الكبير، وقال: فيه عطاء
بن السائب وقد اختلط.
3 أخرجه الطبراني في الكبير 19/303، رقم 676، وذكره الهيثمي في مجمع
الزوائد 4/86، وعزاه له، وفيه عطاء بن السائب أيضا.
4 أخرجه أحمد 2/372-412، وأخرجه مسلم 4/1705، كتاب الأدب: باب من حق
المسلم للمسلم رد السلام 2162/5، والترمذي 5/75، كتاب الأدب: باب ما
جاء في تشميت العاطس 2737، والنسائي 4/53، كتاب الجنائز: باب النهي عن
سب الأموات، والبيهقي في السنن 5/347، كتاب البيوع: باب الرخصة في
معونته ونصيحته إذا استنصحه، 10/108، كتاب آداب==
(3/321)
بَابُ اسْتِحْبَابِ خُطْبَةِ النِّكَاحِ
1494 - حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ كُلُّ كَلَامٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ
بِالْحَمْدِ فَهُوَ أَجْذَمُ1 أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ
__________
= القاضي: باب القاضي يأتي الوليمة إذا دعي لها، والبغوي في شرح السنة
3/171، 172، الجنائز: باب عبادة المريض وثوابه، وابن حبان 1/477، 242.
والبخاري في الأدب المفرد 925، كلهم عن أبي هريرة بلفظ: أن رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "حق المسلم على المسلم ست"
قيل: ما هن؟ يا رسول الله، قال: "إذا لقيه فسلم عليه، وإذا دعاك فأجبه
وإذا استنصحك فانصح له وإذا عطس فحمد الله فشمته وإذا مرض فعده، وإذا
مات فاتبعه" وهذا لفظ مسلم. ورواه البخاري 3/135، كتاب الجنائز: باب
الأمر باتباع الجنائز، 1240، ومسلم 4/4-17، كتاب السلام: باب من حق
المسلم على المسلم رد السلام، 2162/4، وأبو داود 2/726، كتاب الأدب:
باب في العطاس 5030، وابن ماجة 1/461-462، كتاب الجنائز: باب ما جاء في
عيادة المريض 1435، والبغوي في شرح السنة 3/171، 1398- بتحقيقنا.
1 أخرجه أبو داود 4/261، كتاب الأدب: باب الهدى في الكلام، حديث 4840،
وابن ماجة 1/610، كتاب النكاح: باب خطبة النكاح، حديث 1894، وأحمد
2/359، والنسائي في عمل اليوم والليلة، رقم 494، والدار قطني 1/229،
رقم 1، وابن حبان 578- موارد، وبرقم 1، 2- الإحسان، والبيهقي
3/208-209، كتاب الجمعة: باب ما يستدل به على وجوب التحميد في خطبة
الجمعة، كلهم من طريق الأوزاعي عن قرة عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي
هريرة به.
قال أبو داود: رواه يونس وعقيل وشعيب وسعيد بن عبد العزيز عن الزهري عن
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسلا اهـ.
وكذا قال البيهقي.
وقال الدار قطني: تفرد به قرة عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة
وأرسله غيره عن الزهري عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وقرة ليس بقوي في الحديث، والمرسل هو الصواب.
ورجح المرسل أيضا الدار قطني في العلل 8/29-30، فقال: يرويه الأوزاعي
واختلف عنه فرواه عبيد الله بن موسى وابن أبي العشرين والوليد بن مسلم
وابن المبارك وأبو المغيرة عن الأوزاعي عن الزهري كذلك لم يذكر قرة
ورواه وكيع عن الأوزاعي عن قرة عن الزهري، قال رسول الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسلا. ورواه محمد بن سعيد يقال له الوصيف
عن الزهري عن ابن كعب بن مالك عن أبيه، والصحيح عن الزهري، المرسل،
اهـ.
أما الحاكم رحمه الله فقد صحح لقرة بن عبد الرحمن على شرط مسلم حديث:
"حذف السلام سنة" ، ووافقه الذهبي.
قلت: وهذا من أوهامهما رحمهما الله فإن قرة بن عبد الرحمن لم يرو له
مسلم احتجاجا ولكن روي له في المتابعات فلا نستطيع مثلا أن نصحح لقطن
بن نسير أو غيره ممن روى له مسلم في المتابعات، على شرط مسلم.
والعجب من الذهبي في موافقته للحاكم أكثر لأنه أورد قرة بن عبد الرحمن
في ميزانه 5/470- بتحقيقنا، وقال: خرج له مسلم في الشواهد اهـ.
قلت: ومدار الحديث على قرة بن عبد الرحمن فإليك أقوال الأئمة فيه.
قال أبو حاتم: ليس بقوي، وقال أبو زرعة: الأحاديث التي يرويها مناكير،
وقال أحمد: منكر الحديث جدا.==
(3/322)
وَابْنُ مَاجَهْ وَأَبُو عَوَانَةَ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَابْنُ
حِبَّانَ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي
سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وَاخْتُلِفَ فِي وَصْلِهِ وَإِرْسَالِهِ فَرَجَّحَ النَّسَائِيُّ
وَالدَّارَقُطْنِيّ الْإِرْسَالَ قَوْلُهُ وَيُرْوَى كُلُّ أَمْرٍ ذِي
بَالٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِحَمْدِ اللَّهِ فَهُوَ أَبْتَرُ هُوَ
عِنْدَ أَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيِّ كَالْأَوَّلِ وَعِنْدَ ابْنِ
مَاجَهْ كَالثَّانِي لَكِنْ قَالَ أَقْطَعُ بَدَلَ أَبْتَرُ.
وَكَذَا عِنْدَ ابْنِ حِبَّانَ وَلَهُ أَلْفَاظٌ أُخَرُ أَوْرَدَهَا
الْحَافِظُ عَبْدُ الْقَادِرِ الرَّهَاوِيُّ فِي أَوَّلِ
الْأَرْبَعِينَ الْبُلْدَانِيَّةِ لَهُ.
1495 - حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ مَوْقُوفًا وَمَرْفُوعًا إذَا أَرَادَ
أَحَدُكُمْ أَنْ يَخْطُبَ لِحَاجَةٍ مِنْ النِّكَاحِ أَوْ غَيْرِهِ
فَلْيَقُلْ الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ1 الْحَدِيثَ
وَفِيهِ الْآيَاتُ الْبَيْهَقِيّ مِنْ حَدِيثِ
__________
=وقال ابن معين: ليس بقوي الحديث.
وقال العجلي: يكتب حديثه.
وقال ابن شاهين عن يحيى: ليس به بأس عندي وقال الفسوي ثقة.
وقال ابن عدي: أرجو أنه أنه لا بأس به، وقد لخص الحافظ هذه الأقوال:
فقال: صدوق له مناكير.
ينظر: الجرح والتعديل 7/132، وأحوال الرجال ص 165، سؤالات ابن طهمان
639، وثقات العجلي 1385، وثقات ابن شاهين 1163، والمعرفة والتاريخ
2/460، والكامل 6/2077، والتقريب 2/125.
قلت: وعلى افتراض أن قرة ثقة فقد خالفه الأكثرون من أصحاب الزهري وهم
يونس وعقيل وشعيب وسعيد بن عبد العزيز، وهم بلا شك أكثر وأثق من قرة بن
عبد الرحمن.
وهذا الذي رجحه الدار قطني وأبو داود والبيهقي ثم إن قرة قد اضطرب في
لفظ هذا الحديث فمرة يرويه بلفظ: أبتر، ومرة بلفظ: أجذم، ومرة بلفظ:
أقطع.
ومع كل ما تقدم فقد حكم النووي في المجموع 1/73، بأنه حديث حسن وكذلك
ابن الصلاح فليما نقله عنه السبكي في طبقات الشافعية الكبرى 1/9، وقد
حكم السبكي أيضا بصحته تبعا لابن حبان.
ولهذا الحديث إسناد آخر أشار إليه الدار قطني في السنن 1/229، فقال:
ورواه صدقة عن محمد بن سعيد عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن
أبي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وأشار إليه أيضا في العلل 8/30، فقال: ورواه محمد بن سعيد يقال له:
الوصيف عن الزهري عن ابن كعب بن مالك عن أبيه.
وأخرجه الطبراني في الكبير 19/72، رقم 141، من طريق صدقة بن عبد الله
عن محمد بن الوليد الزبيري عن الزهري عن عبد الله بن كعب عن أبيه عن
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ به.
ومن طريقه السبكي في طبقات الشافعية 1/14، وصدقة بن عبد الله ضعيف.
والحديث ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 2/191، وقال: وفيه صدقة بن عبد
الله ضعفه أحمد والبخاري ومسلم وغيرهم ووثقه أبو حاتم ودحيم في رواية.
1 أخرجه أبو داود الطيالسي ص 45، حديث 338، مسند عبد الله بن مسعود،
وأحمد 1/392، 393، 432، والدارمي 2/142، كتاب النكاح: باب في خطبة
النكاح، وأبو داود 2/591==
(3/323)
أَبِي دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ عَنْ شُعْبَةَ نَا أَبُو إِسْحَاقَ
سَمِعْت أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ
قَالَ عَلَّمَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
خُطْبَةَ الْحَاجَةِ الْحَمْدُ لِلَّهِ أَوْ إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ
نَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ فَذَكَرَهُ وَفِي آخِرِهِ قَالَ
شُعْبَةُ قُلْت لِأَبِي إِسْحَاقَ هَذِهِ1 فِي خُطْبَةِ النِّكَاحِ أو
في غَيْرِهَا قَالَ فِي كُلِّ حَاجَةٍ وَلَفْظُ ابْنِ مَاجَهْ في أول
هذا الْحَدِيثِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُوتِيَ جَوَامِعَ الْخَيْرِ
وَخَوَاتِيمَهُ فَعَلَّمَنَا خُطْبَةَ الصَّلَاةِ وَخُطْبَةَ
الْحَاجَةِ فَذَكَرَ خُطْبَةَ الصَّلَاةِ ثُمَّ خُطْبَةَ الْحَاجَةِ
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ
وَأَبُو عُبَيْدَةَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ إلَّا أَنَّ الْحَاكِمَ
رَوَاهُ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ عَنْ
أَبِي عِيَاضٍ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَلَيْسَ فِيهِ الْآيَاتُ
وَرَوَاهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ إسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ
أَبِي الْأَحْوَصِ وَأَبِي عُبَيْدَةَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ قَالَ
فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ مِنْ حَدِيثِ وَاصِلٍ
الْأَحْدَبِ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ بِتَمَامِهِ.
تَنْبِيهٌ: الرِّوَايَةُ الْمَوْقُوفَةُ رَوَاهَا أَبُو دَاوُد
وَالنَّسَائِيُّ أَيْضًا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.
( فَائِدَةٌ ) : أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد مِنْ طَرِيقِ إسْمَاعِيلَ بْنِ
إبْرَاهِيمَ ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ ، قَالَ : خَطَبْت إلَى
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَامَةَ بِنْتَ عَبْدِ
الْمُطَّلِبِ فَأَنْكَحَنِي مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَشَهَّدَ2، وَذَكَرَهُ
الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ وَقَالَ إسْنَادٌ مَجْهُولٌ وَوَقَعَ
عِنْدَهُ فِي رِوَايَتِهِ أُمَامَةُ بِنْتُ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ
بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَكَأَنَّهَا نسبت إلى جهدها الْأَعْلَى.
حَدِيثُ تَنَاكَحُوا تَكَاثَرُوا وَحَدِيثُ النِّكَاحُ سُنَّتِي
تَقَدَّمَا فِي أَوَائِلِ النِّكَاحِ.
1496 - قَوْلُهُ رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
كَانَ يَقُولُ لِلْإِنْسَانِ "إذَا تَزَوَّجَ بَارَكَ اللَّهُ لَك
وَبَارَكَ عَلَيْك
__________
=-592، كتاب النكاح: باب في خطبة النكاح، حديث 2118، والترمذي 3/413،
كتاب النكاح: باب ما جاء في خطبة النكاح، حديث 1105، والنسائي 6/89،
كتاب النكاح: باب ما يستحب من الكلام عند النكاح، حديث 3277، وابن ماجة
1/609، كتاب النكاح، حديث 1892، وابن الجارود في المنتقى ص 227، كتاب
النكاح، حديث 679، والحاكم 2/182-183، والبيهقي 7/146، كتاب النكاح:
باب ما جاء في خطبة النكاح، من حديث ابن مسعود قال: كان رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعلمنا خطبة الحاجة، "الحمد لله أو
أن الحمد لله نحمده ونسعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن
سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن
لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله" ، ثم تصل
خطبتك بثلاث آثات من كتاب الله، {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق
تقاته} [آل عمران: 102] إلى آخر الآية، {اتقوا الله الذي تساءلون به
والأرحام} [النساء:1] إلى آخر الآية. {اتقوا الله وقولوا قولا سديدا
يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم} [الأحزاب:71] إلى آخر الآية.
زاد الطيالسي عن شعبة قال: قلت لأبي إسحاق، هذه في خطبة النكاح، وفي
غيرها: قال: في كل حاجة.
1 في الأصل: هذا.
2 أخرجه أبو داود 2/239، كتاب النكاح: باب خطبة النكاح، حديث 2120،
وذكره البخاري في التاريخ الكبير 1/343-345، رقم 1086.
(3/324)
وَجَمَعَ بَيْنَكُمَا فِي خَيْرٍ1، أَحْمَدُ وَالدَّارِمِيُّ
وَأَصْحَابُ السُّنَنِ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ
أَبِي هُرَيْرَةَ وَصَحَّحَهُ أَيْضًا أَبُو الْفَتْحِ فِي
الِاقْتِرَاحِ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ.
وَفِي الْبَابِ عَنْ عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ
وَابْنُ السُّنِّيِّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ قَالَ
تَزَوَّجَ عَقِيلُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ امرأة من بني حشم فقيل له
بالرفاه وَالْبَنِينَ فَقَالَ قُولُوا كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
"بَارَكَ اللَّهُ فِيكُمْ وَبَارَكَ لَكُمْ" 2 وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى
الْحَسَنِ أخرجه بقي بْنُ مَخْلَدٍ مِنْ طَرِيقِ غَالِبٍ عَنْهُ عَنْ
رَجُلٍ من بني تميم قل كُنَّا نَقُولُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ بالرفاه
وَالْبَنِينَ3 فَعَلَّمَنَا نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَقَالَ قُولُوا فَذَكَرَهُ.
1497 - حَدِيثُ جَابِرٍ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجْت قُلْت نَعَمْ قَالَ "بَارَكَ اللَّهُ
لَك4" رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَفِي الْبَابِ حَدِيثُ أَنَسٍ فِي قِصَّةِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ5.
__________
1 أخرجه أحمد 2/381، والدارمي 2/134، كتاب النكاح: باب إذا تزوج الرجل
ما يقال له، وأبو داود 2/241، كتاب النكاح: باب ما يقال للمتزوج، حديث
2130، والترمذي 3/391، كتاب النكاح: باب ما جاء فيما يقال للمتزوج،
حديث 1091، والنسائي في الكبرى 6/73، كتاب عمل اليوم والليلة: باب ما
يقال له إذا تزوج، رقم 10089، وابن ماجة 1/614، كتاب النكاح: باب تهنئة
النكاح، حديث 1905، وابن حبان 9/359- الإحسان، رقم 4052، والحاكم
2/183، والبيهقي 7/148، كتاب النكاح: باب ما يقال للمتزوج، من حديث أبي
هريرة.
قال الترمذي: حسن صحيح، وصححه الحاكم على شرط مسلم، ووافقه الذهبي.
2 أخرجه الدارمي في سننه 2/134، كتاب النكاح: باب الرجل إذا تزوج ما
يقال له، والنسائي في الكبرى 6/74، كتاب عمل اليوم والليلة: باب ما
يقال له إذا تزوج، رقم 10092، وابن ماجة 1/624، 615، كتاب النكاح: باب
تهنئة النكاح، حديث 1906، والبيهقي في السنن الكبرى 7/148، كتاب
النكاح: باب ما يقال للمتزوج، من حديث الحسن عن عقيل، فذكره.
3 قال ابن الأثير في النهاية 2/240، الرفاء: الالتئام والاتفاق،
والبركة والنماء، وهو من قولهم: رفأت الثوب رفأ ورفوتة رفوا، وإنما نهى
عنه؛ لأنه كان من عادتهم، ولهذا سن فيه غيره.
4 أخرجه مسلم 5/309-نووي، كتاب الرضاع: باب استحباب نكاح البكر، حديث
56-715، من حديث جابر.
5 أخرجه البخاري 10/277 –فتح الباري، كتاب النكاح: باب كيف يدعى
للمتزوج، حديث 5155، ومسلم 5/229، 230 –نووي، كتاب النكاح: باب الصداق
وجواز كونه تعليم القرآن، حديث 79-1427، وأخرجه أحمد 3/226، والترمذي
3/393، كتاب النكاح: باب ما جاء في الوليمة، حديث 1094، والنسائي
6/128، كتاب النكاح: باب دعاء من لم يشهد التزويج، حديث 3372، وفي
الكبرى رقم 10090، وابن ماجة 1/615، كتاب النكاح: باب الوليمة حديث
1907، والبيهقي في السنن الكبرى 7/148، من حديث أنس رضي الله عنه
فذكره.
(3/325)
بَابُ أَرْكَانِ النِّكَاحِ
1498 - قَوْلُهُ إنَّ الْأَعْرَابِيَّ الَّذِي خَطَبَ الْوَاهِبَةَ
قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَوِّجْنِيهَا
فَقَالَبَابُ أَرْكَانِ النِّكَاحِ
[ 1498 ] قَوْلُهُ إنَّ الْأَعْرَابِيَّ الَّذِي خَطَبَ الْوَاهِبَةَ
قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَوِّجْنِيهَا
فَقَالَ
(3/325)
زَوَّجْتُكهَا1، وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ قَبِلْت
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ وَعِنْدَ
غَيْرِهِمَا بِأَلْفَاظٍ كَثِيرَةٍ وَهُوَ كَمَا قَالَ لَيْسَ فِي
شَيْءٍ مِنْ الطُّرُقِ أَنَّهُ قَالَ قَبِلْت.
فَائِدَةٌ: جَاءَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ { مَلَّكْتُكَهَا } وَ {
مَلَّكْنَاكَهَا } وَ { أَمْكَنَّاكَهَا } وَ { أَنْكَحْنَاكَهَا } وَ
{ زَوَّجْنَاكَهَا } وَ { أَبَحْنَاكَهَا } وَغَيْرُ ذَلِكَ وَاحْتَجَّ
بِهِ مَنْ أَبَاحَهُ بِغَيْرِ لَفْظِ النِّكَاحِ وَالتَّزْوِيجِ
وَرَدَّهُ الْبَغَوِيّ بِأَنَّهُ اخْتِلَافٌ مِنْ الرُّوَاةِ فِي
قِصَّةٍ وَاحِدَةٍ وَلَمْ يقع التعدد فيه فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مَنْ
رَوَى بِخِلَافِ لَفْظِ التَّزْوِيجِ لَمْ يُرَاعِ اللَّفْظَ
الْوَاقِعَ فِي الْعَقْدِ وَلَفْظُ التَّزْوِيجِ رِوَايَةُ الْأَكْثَرِ
وَالْأَحْفَظُ فَهِيَ المعتمد، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
1499 - حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فِي النَّهْيِ عَنْ نِكَاحِ الشِّغَارِ2،
وَالشِّغَارُ3 أَنْ يُزَوِّجَ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ عَلَى أَنْ
يُزَوِّجَهُ الْآخَرُ ابْنَتَهُ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا صَدَاقٌ
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ نَافِعٍ عَنْهُ وَفِي رِوَايَةٍ
لَهُمَا عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قُلْت لِنَافِعٍ مَا
الشِّغَارُ.
قَوْلُهُ وَيُرْوَى وَبُضْعُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مَهْرُ
الْأُخْرَى لَمْ أَجِدْ هَذَا فِي الْحَدِيثِ وَإِنَّمَا هُوَ
تَفْسِيرُ ابْنِ جُرَيْجٍ كَمَا بَيَّنَ ذَلِكَ الْبَيْهَقِيّ قَوْلُهُ
وَوَرَدَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ نَهَى عَنْ الشِّغَارِ
وَهُوَ أَنْ يُزَوِّجَ الرَّجُلُ ابنته على أ يُزَوِّجَهُ صَاحِبُهُ
ابْنَتَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ أَنَّ بُضْعَ كُلِّ وَاحِدَةٍ
مِنْهُمَا
__________
1 أخرجه البخاري 10/163، 164 –الفتح، كتاب النكاح: باب تزويج المعسر،
حديث 5087، ومسلم 5/228 –نووي، كتاب النكاح: باب الصداق وجواز كونه
تعليم قرآن، حديث 76-1425، وأخرجه مالك في الموطأ 2/526، كتاب النكاح:
باب ما جاء في الصداق والحباء حديث 8، وأحمد 5/330، وأبو داود 2/236،
كتاب النكاح: باب التزويج على العمل يعمل، حديث 2111، والترمذي 3/412،
413، كتاب النكاح: باب منه 23 حديث 1114، والنسائي 6/54، 55، كتاب
النكاح: باب ذكر أمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في
النكاح وما أباح الله له، حديث 3200، وابن ماجة 1/608، كتاب النكاح:
باب صداق النساء، حديث 1889، والبغوي في شرح السنة 5/90 –بتحقيقنا، رقم
2295، من حديث سهل بن سعد، به.
2 أخرجه مالك في الموطأ 2/535، كتاب النكاح: باب ما لا يجوز من النكاح،
الحديث 24، وأحمد 2/62، والبخاري 9/162، كتاب النكاح: باب الشغار،
الحديث 5112، ومسلم 2/1034، كتاب النكاح: باب تحريم نكاح الشغار،
الحديث 57/1415، والدارمي 2/136، كتاب النكاح: باب النهي عن الشغار،
وأبو داود 2/560، كتاب النكاح: باب الشغار، الحديث 2074، والترمذي
3/43، 432، كتاب النكاح: باب النهي عن نكاح الشغار الحديث 1124،
والنسائي 6/110، كتاب النكاح: باب الشغار، وابن ماجة 1/606، كتاب
النكاح: باب النهي عن الشغار، الحديث 1883، وعبد الرزاق 6/184، رقم
10433، والشافعي في الأم 5/76، كتاب الشغار، وابن الجارود 719، 720،
وأبو يعلى 10/169، رقم 5795، وابن حبان 4160 –الإحسان، وأبو نعيم في
الحلية 6/351، والبيهقي 7/99، كتاب النكاح: باب الشغار كلهم من طريق
نافع عن ابن عمر، فذكره.
3 ينظر: النهاية لابن الأثير 2/482.
(3/326)
صَدَاقًا لِلْأُخْرَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ1
بِنَحْوِ مَا قَالَ.
وَفِي الْبَابِ عَنْ جَابِرٍ2 رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَعَنْ أَنَسٍ3 رَوَاهُ
أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وصححه والنسائي وَعَنْ مُعَاوِيَةَ4 رَوَاهُ
أَبُو دَاوُد قَوْلُهُ قَالَ الْأَئِمَّةُ وَتَفْسِيرُ الشِّغَارِ
يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَرْفُوعًا وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ قَوْلِ
ابْنِ عُمَرَ هُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ وَفِي
كَلَامِهِ زِيَادَةٌ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ لَا أَدْرِي تَفْسِيرَ الشِّغَارِ مِنْ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ مِنْ ابْنِ عُمَرَ أَوْ مِنْ
نَافِعٍ أَوْ مِنْ مَالِكٍ انْتَهَى.
قَالَ الْخَطِيبُ فِي الْمُدْرَجِ هُوَ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ بَيَّنَهُ
وَفَصَّلَهُ الْقَعْنَبِيُّ وَابْنُ مَهْدِيٍّ وَمُحْرِزُ بْنُ عَوْنٍ
عَنْهُ.
قُلْت وَمَالِكٌ إنَّمَا تَلَقَّاهُ مِنْ نَافِعٍ بِدَلِيلِ مَا فِي
الصَّحِيحَيْنِ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قُلْت
لِنَافِعٍ مَا الشِّغَارُ فَذَكَرَهُ.
وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي الْمُفْهِمِ التَّفْسِيرُ فِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ جَاءَ مِنْ قَوْلِ نَافِعٍ وَمِنْ قَوْلِ مَالِكٍ
وَأَمَّا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَهُوَ عَلَى الِاحْتِمَالِ
وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَإِنْ كَانَ مِنْ تَفْسِيرِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَهُوَ
مَقْبُولٌ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِمَا سَمِعَ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ
اللِّسَانِ.
قُلْت وَفِي الطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ
مَرْفُوعًا لَا شِغَارَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا
__________
1 أخرجه أحمد 2/439، ومسلم 2/1035، كتاب النكاح: باب تحريم نكاح
الشغار، الحديث 61/1416، والنسائي 6/112، كتاب النكاح: باب تفسير
الشغار، وابن ماجة 1/606، كتاب النكاح: باب النهي عن الشغار، الحديث
1884، والبيهقي 7/200، كتاب النكاح: باب الشغار، عنه قال: نهى رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الشغار، والشغار أن يقول
الرجل: زوجني ابنتك وأزوجك ابنتي أو زوجني أختك وأزوجك أختي، ولفظ
النسائي: نهى عن الشغار.
قال عبيد الله: والشغار كان الرجل يزوج ابنته على أن يزوجه أخته.
2 أخرجه مسلم 2/1035، كتاب النكاح: باب تحريم نكاح الشغار وبطلانه،
الحديث 62/1417، والبيهقي 7/200، كتاب النكاح: باب الشغار، وأحمد
3/321، 339، قال: نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن
الشغار.
3 أخرجه عبد الرزاق 6/184، الحديث 10434، وأحمد 3/165، والنسائي 6/111،
كتاب النكاح: باب الشغار، وابن ماجة 1/606، كتاب النكاح: باب النهي عن
الشغار، الحديث 1885، 7/200، كتاب النكاح: باب الشغار، وابن حبان 1269
–موارد، بلفظ لا شغار في الإسلام.
4 أحمد 4/94، وأبو داود 2/561، كتاب النكاح: باب في الشغار، الحديث
2075، والبيهقي 7/200، كتاب النكاح: باب الشغار، من طريق محمد بن
إسحاق، ثنا عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، أن العباس بن عبد الله بن عباس
أنكح عبد الرحمن بن الحكم ابنته وأنكحه عبد الرحمن ابنته وقد كانا
جعلاه صداقا فكتب معاوية إلى مروان بن الحكم يأمره بالتفريق بينهما،
وقال في كتابه هذا الشغار الذي نهى عنه رسول الله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(3/327)
الشِّغَارُ قَالَ نِكَاحُ الْمَرْأَةِ بِالْمَرْأَةِ لَا صَدَاقَ
بَيْنَهُمَا1 وَإِسْنَادُهُ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا لَكِنَّهُ
يُسْتَأْنَسُ بِهِ فِي هَذَا الْمَقَامِ2.
__________
1 أخرجه الطبراني في الصغير 1/158، من طريق يوسف بن خالد السمتي عن
موسى بن عقبة عن إسحاق بن يحيى بن الوليد بن عبادة بن الصامت عن أبي بن
كعب قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا شغار
في الإسلام" قالوا: يا رسول الله: وما الشغار؟ قال: "نكاح المرأة
بالمرأة لا صداق بينهما" .
وقال الطبراني: لم يروه عن موسى بن عقبة إلا يوسف ولا يروى عن أبي بن
كعب إلا بهذا الإسناد.
وذكره الهيثمي في المجمع 4/269، وقال: رواه الطبراني في الصغير والأوسط
وفيه يوسف بن خالد السمتي ضعيف والسند أيضا منقطع اهـ.
ويوسف بن خالد السمتي كذاب.
حديث عبد الله بن عمرو بن العاص:
أخرجه أحمد 2/215، من طريق ابن إسحاق حدثني عبد الرحمن بن الحارث عن
عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، قال قضى رسول الله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا شغار في الإسلام.
قال الهيثمي في المجمع 4/269: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح، خلا ابن
إسحاق وقد صرح بالتحديث.
وحديث سمرة:
أخرجه البزار 2/166 –كشف، رقم 1439، ثنا خالد بن يوسف ثني أبي يوسف،
يوسف بن خالد ثنا جعفر بن سعد بن سمرة، ثنا خبيب بن سليمان عن أبيه
سليمان بن سمرة عن سمرة بن جندب فذكر أحاديث بهذا ثم قال وبإسناده: أن
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان ينهى عن الشغار بين
النساء، وقال الهيثمي في المجمع 4/269، رواه البزار والطبراني
وإسنادهما ضعيف.
وحديث وائل بن حجر:
أخرجه البزار 2/166 –كشف، رقم 1440، من طريق سعيد بن عبد الجبار بن
وائل بن حجر عن أبيه عن أمه عن وائل بن حجر أن النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن الشغار.
وقال الهيثمي في المجمع 4/269، رواه البزار وفيه سعيد بن عبد الجبار،
ضعفه النسائي.
وحديث ابن عباس:
أخرجه الطبراني كما في المجمع 4/270، قال: كان رسول الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: ليس منا من ينتهب ولا شغار في
الإسلام والشغار: أن تنكح المرأتان إحداهما بالأخرى بغير صداق.
وقال الهيثمي: رواه الطبراني وفيه أبو الصباح عبد الغفور وهو متروك.
وحديث عمران بن حصين:
أحمد 4/443، والترمذي 3/431، كتاب النكاح: باب النهي عن نكاح الشغار،
الحديث 1123، والنسائي 6/111، كتاب النكاح: باب في الشغار، وابن حبان
1270 –موارد بلفظ: لا جلب ولا جنب ولا شغار في الإسلام ومن انتهب نهبة
فليس منا.
وقال الترمذي: حسن صحيح.
2 الشغار في اللغة: الرفع من قولهم شغر البلد عن السلطان، إذا خلا عنه
لخلوه عن الصداق، أو لخلوه عن بعض الشرائط، وقيل: مأخوذ من قولهم: شغر
الكلب برجله إذا رفعها ليبول، كأن كلا من الوليين يقول للآخر: لا ترفع
رجل ابنتي، حتى أرفع رجل ابنتك، وفي التشبيه بهذه الهيئة القبيحة تقبيح
للشغار، وتغليظ على فاعله.==
(3/328)
.......................................................................................
__________
=وأما معناه شرعا: فهو أن يزوج الرجل موليته على أن يزوجه الآخر موليته
ليس بينهما صداق وقد قال عياض عن بعض العلماء: كان الشغار من نكاح
الجاهلية يقول: شاغر في وليتي بوليتك، أن: عاوضني جماعا بجماع.
وقد قسم العلماء الشغار إلى ثلاثة أقسام:
الأول: صريح الشغار وهو أن يقول الرجل لصاحبه: زوجني ابنتك مثلا على أن
أزوجك ابنتي مثلا من غير صداق.
الثاني: وجه الشغار وهو أن يقول له زوجني ابنتك بمائة على أن أزوجك
ابنتي بمائة.
الثالث: المركب منهما، وهو أن يقول له: زوجني ابنتك بلا شيء على أن
أزوجك ابنتي بمائة، فالصريح هو الخالي من الصداق ومن الجانبين، والوجه
هو المسمى فيه الصداق من الجانبين، والمركب هو المسمى فيه لواحدة دون
الثانية.
ويحرم الإقدام عليه بجميع أنواعه لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: "لا شغار في الإسلام" .
ولما كان المالكية قد قسموا الشغار إلى الأقسام الثلاثة المتقدمة تبين
الحكم عندهم في هذه الأقسام أما صريح الشغار فقالوا: يفسخ مطلقا قبل
الدخول، وبعده، ولو ولدت الأولاد، ولا شيء للمرأة، ويثبت بعده بالأكثر
من المسمى، وصداق المثل، وأما المركب منهما: فيفسخ قبل الدخول في كل،
ولا شيء فيه للمرأة، ويثبت نكاح المسمى لها بعد الدخول بالأكثر من
المسمى، وصداق المثل، ويفسخ نكاح من لم يسم لها، ولها صداق المثل.
وقد اختلف الفقهاء في نكاح الشغار هل هو صحيح أو فاسد، ونستطيع أن نحصر
الخلاف بينهم في مسألتين:
إذا لم يسميا صداقا لواحدة منهما، بل يجعلان بضع كل صداقا للأخرى، وهو
المسمى بصريح الشغار وقد اختلف الفقهاء في صحة هذا النكاح وفساده.
فتذهب المالكية والحنابلة، والظاهرية والشافعية إلى القول بفساد النكاح
في هذه الحالة، إلا أن الشافعية كما يفهم مما جاء في كتبهم يقولون: أن
محل فساد النكاح في هذه الحالة إذا جعل بضع كل واحدة منهما صداقا
للأخرى، وأما إذا لم يجعل بضع كل منهما صداقا للأخرى، فالأصح عندهم
الصحة للنكاحين.
وذهب الحنفية إلى القول بصحة النكاح، وأنه يجب لكل واحدة منهما مهر
مثلها، وحكي هذا عن عطاء وعمرو بن دينار، ومكحول، والزهري، والثوري..
استدل الحنفية، ومن معهم بما يأتي: قالوا: لما جعلا بضع كل منهما صداقا
للأخرى، فقد سميا ما لا يصلح صداقا، والنكاح لا تبطله الشروط الفاسدة،
وإذا كان الأمر كذلك صح النكاح، ووجب مهر المثل، كما لو سميا خمرا، أو
خنزيرا، فيكون حاصل هذا الدليل أن فساده من جهة المهر، وفساد المهر لا
يوجب فساد العقد.
ويرد هذا الدليل بأن الفساد هنا ليس من جهة المهر، بل فساده من جهة أنه
أوقفه على شرط فاسد يوجب فساد العقد، إذ فيه التشريك في البضع لأن كل
واحد منهما جعل بضع موليته مورد للنكاح، وصداق للأخرى، فأشبه تزويجها
من رجلين وهو باطل، فكذلك ما هنا على أن هذا معقول في مقابلة النص، وهو
باطل.
واستدل المالكية، ومن معهم بالسنة والمعقول:==
(3/329)
.......................................................................................
__________
= أما السنة : فأولا: ما روي عن أبي الزناد، وعن الأعرج، عن أبي هريرة
رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن
الشغار، ووجه الدلالة من هذا الحديث أن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ نهى عن الشغار، والنهي يدل على فساد المنهي عنه، فوجب أن
يكون الشغار فاسدا، وهذا الذي روي عن أبي هريرة روي مثله أيضا صحيحا
مسند عن ابن عمر، فقد روي عنه أنه قال: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن الشغار، متفق عليه، وروي أيضا من طريق جابر،
وأنس.
ثانيا: ما روي أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا
شغار في الإسلام" وهذا يحتمل أمرين: نفي وجود الشغار في الإسلام، ونفي
صحته، ولا شك أن وجوده في الإسلام واقع، فتعين حمل الكلام على نفي
الصحة.
وأما المعقول: فقد قالوا فيه: إن كل واحد منهما جعل بضع موليته مورد
للنكاح، وصداقا للأخرى، وذلك يوجب فساد العقد، كما لو زوج موليته من
رجلين، وقد قيل للمالكية، ومن معهم في الأحاديث ما يأتي: أولا: إن
النهي عن نكاح الشغار، ونكاح الشغار هو النكاح الخالي عن العوض، وما
هنا نكاح بعوض وهو مهر المثل، فلا يكون شغارا، وترد هذه المناقشة بأن
القول بأن هذا نةكاح بعوض وهو مهر المثل غير مستقيم، فإن مهر المثل
إنما أوجبتموه أنتم لتصحيح مذهبكم، وذلك أن الواقع في العقد إنما هو
جعل بضع كل منهما في مقابلة بضع الآخرى.
وثانيا: أن النهي يحمل على الكراهة، ويرد هذا بأن الأصل في النهي أن
يكون للتحريم، ولا يحمل على الكراهة إلا الدليل، ولا دليل هنا، لا سيما
أن الشغار كان من أنكحة الجاهلية، فرفعه الإسلام، ولذلك قال الرسول
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا شغار في الإسلام" وأما تفرقة
الشافعية بين ما إذا جعل بضع كل منهما صداقا للأخرى، وبين ما إذا لم
يجعل بضع كل منهما صداقا للأخرى، حيث حكموا بالفساد في الصورة الأولى،
دون الثانية، فتفرقة غير ظاهرة فإن نفي الصداق معناه جعل بضع كل منهما
صداقا للأخرى، ولم لم يصرحا بذلك.
المسألة الثانية: إذا سميا لكل واحدة منهما صداقا وهو المسمى بوجه
الشغار، أو سميا لواحدة منهما دون الأخرى، وهو المركب منهما.
اختلف الفقهاء في صحة النكاح وفساده في هذه الحالة أيضا:
فتذهب المالكية، والظاهرية إلى القول بالفساد في هذه الحالة أيضا، وهو
الصحيح من مذهب الحنابلة، قال ابن شهاب الدين الرملي: ولو سميا أو
أحدهما مالا مع جعل البضع صداقا كأن قال: وبضع كل وألف صداق الأخرى بطل
في الأصح لبقاء معنى التشريك، والثاني: يصح، لأنه ليس على صورة تفسير
الشغار، لأنه لم يخل عن المهر.
وذهب الحنابلة إلى التفصيل، فقالوا: إذا سميا لكل واحدة صح النكاح،
ولهم في المهر روايتان فقيل: تفسد التسمية، ويجب مهر المثل، لأن كل
واحد منهما لم يرض بالمسمى، إلا بشرط أن يزوج فبطل، وعند بطلان المسمى
يرجع إلى مهر المثل، والرواية الثانية: أنه يجب المسمى لأنه ذكر قدرا
معلوما يصح أن يكون مهر فصح.
وأما إن سميا صداقا لواحدة دون الأخرى، فقيل: يفسد النكاح فيهما، وقيل:
يفسد في التي لم يسم لها صداق، ويصح في التي سمي لها مهر.==
(3/330)
1500 - حَدِيثُ عَلِيٍّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ1 مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
قَوْلُهُ كَانَ
__________
=استدل الحنابلة، ومن وافقهم على القول بصحة النكاح، وإذا سميا لكل
واحدة منهما مهرا، لما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن الشغار، والشغار أن يزوج
الرجل ابنته على أن يزوجه ابنته ليس بينهما صداق.
ووجه الدلالة من هذا أنهم قالوا: إن الشغار المنهي عنه هو أن يزوج
الرجل ابنته على أن يزوجه ابنته ليس بينهما صداق، وأما إذا وجد فيه
صداق كما هنا فليس هو من الشغار المنهي عنه، وإذا لم يكن كذلك فيكون
صحيحا.
ويرد هذا الدليل بأن تفسير الشغار الواقع في الحديث ليس هو من كلام
الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإنما هو من قول مالك وصل
بالمتن المرفوع، وقيل: هو من قول نافع، فقد روى الإسماعيلي من حديث
محرز بن عون، ومعن بن عيسى، عن مالك عن نافع عن ابن عمر، أن رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن الشغار، قال محرز: قال مالك:
والشغار هو أن يزوج الرجل ابنته إلى آخره: وقال في صحيح مسلم من غير
طريق مالك أن تفسير الشغار من قول نافع. وإذا ثبت أن تفسير الشغار ليس
من قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلا يكون فيه حجة.
وأما المالكية، ومن وافقهم فقد استدلوا بما روي عن الأعرج، أن العباس
بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب أنكح ابنته عبد الرحمن بن الحكم
بن أبي العاص بن أمية، وأنكحه عبد الرحمن ابنته، وكانا جعلا صداقا،
فكتب معاوية إلى مروان يأمره أن يفرق بيهما، وقال معاوية في كتابه: هذا
الشغار الذي نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ووجه الدلالة من هذا أن معاوية أمر بفسخ هذا النكاح، مع أنه سمي فيه
الصداق لكل واحدة منما. وكان ذلك بمحضر من الصحابة، ولم يعرف له منهم
مخالف، فدل ذلك على فساده، وإلا لما أمر معاوية بفسخه، ولما أقر عليه.
فإن قال قائل: إن هذا اجتهاد من معاوية: وعدم إنكار من حضر من الصحابة
لا يدل على الرضى، والموافقة، فإن السكوت في المسائل الاجتهادية لا
يكون دليلا على الرضى، يجاب عن هذا بأن معاوية قال في كتابه: إن هذا هو
الشغار الذي نهى عنه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقد
نسبه إلى الرسول لا إلى اجتهاده، وعلى ذلك يحمل سكوت من حضر من الصحابة
على موافقتهم له بأن هذا من الشغار الذي نهى عنه رسول الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وأما وجه قول الحنابلة فيما إذا سميا لأحدهما مهرا دون الأخرى، على
رواية أن النكاح يفسد فيهما فقد قالوا: إن فسد في إحداهما فوجب أن يفسد
في الأخرى، لأن نكاح كل واحدة منهما متوقف على نكاح الأخرى.
وأما على رواية فساد نكاح التي لم يسم لها مهر دون الأخرى فذلك لأن
نكاح التي لم يسم لها خلا من المهر بخلاف نكاح الأخرى فيفسد، وأما
الثانية: فيصح نكاحها، لأن فيه تسمية وشرطا، فأشبه ما لو سمى لكل واحد
منهما.
ويروى هذا بأن الأولى فساد نكاحهما معا لتوقف نكاح كل على نكا الأخرى،
كما هو القول الأول.
ينظر: الأنكحة الفاسدة لشيخنا الأمين الجزائري.
1 أخرجه مالك 2/542، كتاب النكاح: باب نكاح المتعة، 41، والبخاري
7/481، كتاب المغازي: باب غزوة خيبر، حديث 4216، وبرقم 5115، كتاب
النكاح: باب نكاح المتعة، حديث 29-32/1407، والنسائي 6/125-126، كتاب
النكاح: باب تحريم المتعة، والترمذي 3/429، كتاب النكاح: باب تحريم
نكاح المتعة، حديث 1121، وابن ماجة 1/630، كتاب النكاح: باب النهي عن
نكاح المتعة، حديث 1961، والشافعي 2/14، كتاب==
(3/331)
ذَلِكَ جَائِزًا فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ نُسِخَ رَوَى
الشَّيْخَانِ مِنْ حَدِيثِ سَلَمَةَ1 إبَاحَةَ ذَلِكَ ثُمَّ نَسَخَهُ.
وَرَوَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ عَنْ2 أَبِيهِ
نَحْوُ ذَلِكَ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ بَيَّنَ عَلِيٌّ
__________
= النكاح: باب الترغيب في التزويج، حديث 35، وأحمد 1/79، والطيالسي
1/18، حديث 111، والدارمي 2/140، كتاب النكاح: باب النهي عن متعة
النساء والحميدي 1/22، رقم 37، وابن الجارود 697، وأبو يعلى 1/434،
برقم 576، والطبراني في المعجم الصغير 1/133، والطحاوي في شرح معاني
الآثار 3/24، والدار قطني 3/257-258، كتاب النكاح: باب المهر، حديث 51،
وأبو نعيم في الحلية 3/177، والبيهقي 7/201-202، كتاب النكاح: باب نكاح
المتعة، والخطيب في تاريخ بغداد 6/102، والبغوي في شرح السنة 5/77
–بتحقيقنا، من طريق عن الزهري عن عبد الله والحسن ابني محمد بن علي عن
أبيهما عن علي بن أبي طالب أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ نهى عن متعة النساء يوم خيبر وعن أكل لحوم الحمر الأنسية.
قال الترمذي: حديث علي حديث حسن صحيح.
وقال أبو نعيم: هذا حديث صحيح متفق عليه.
وقال البغوي: هذا حديث متفق على صحته.
والحديث أخرجه الخطيب في تاريخ بغداد 8/461، من طريق مالك عن الزهري عن
عبد الله وحده دون ذكر الحسن، عن أبيه عن علي بن أبي طالب به.
وللحديث طريق آخر عن علي:
أخرجه الدار قطني 3/259، كتاب النكاح: باب المهر، حديث 55، ومن طريقه
الحازمي في الاعتبار ص 171، من طريق ابن لهيعة عن موسى بن أيوب عن إياس
بن عامر عن علي بن أبي طالب قال: نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن المتعة قال: وإنما كانت لمن لم يجد فلما أنزل
النكاح والطلاق والعدة والنكاح والميراث بين الزوج والمرأة نسخت.
وقال الحازمي: غريب من هذا الوجه وقد روي من طرق تقوي بعضها بعضا.
وقال الزيلعي في نصب الراية 3/180: وضعفه ابن القطان في كتابه اهـ
وقد جاء النهي عن علي موقوفا، أخرجه عبد الرزاق 7/505، رقم 14046، عنه
قال: نسخ رمضان كل صوم ونسخت الزكاة كل صدقة ونسخ المتعة الطلاق والعدة
والميراث.
قلت: وسنده ضعيف.
1 أخرجه أحمد 4/55، ومسلم 2/1022، كتاب النكاح: باب نكاح المتعة، حديث
18/1405، والدار قطني 3/258، كتاب النكاح: باب نكاح المتعة، كلهم من
طريق عبد الواحد بن زياد حدثني أبو عميس عن إياس بن سلمة عن أبيه أن
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رخص في متعة النساء عام أوطاس
ثلاثة أيام ثم نهى عنها.
2 أخرجه مسلم 2/1026، كتاب النكاح: باب نكاح المتعة، حديث 24/1406،
وأبو داود 2/558-559، كتاب النكاح: باب في نكاح المتعة، حديث 2072،
2073، والنسائي 6/126-127، كتاب النكاح: باب تحريم المتعة، وابن ماجة
1/631، كتاب النكاح: باب النهي عن نكاح المتعة، حديث 1962، والشافعي
2/14، كتاب النكاح: باب الترغيب في النكاح، حديث 33/34، والحميدي 2/374
رقم 846، 847، وأحمد 3/404، والدارمي 2/140، وابن الجارود 698، 699،
وأبو يعلى 2/238، رقم 938، 939، والطحاوي في شرح معاني الآثار 3/25-26،
والبيهقي 7/203، 204، كتاب النكاح: باب نكاح المتعة، وأبو نعيم==
(3/332)
عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ.
وَفِي ابْنِ مَاجَهْ عَنْ عُمَرَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ أَنَّهُ خَطَبَ
فَقَالَ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أَذِنَ لَنَا فِي الْمُتْعَةِ ثَلَاثًا ثُمَّ حَرَّمَهَا وَاَللَّهِ
لَا أَعْلَمُ أَحَدًا تَمَتَّعَ وَهُوَ مُحْصَنٌ إلَّا رَجَمْته
بِالْحِجَارَةِ1.
وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ طَرِيقِ إِسْحَاقَ بْنِ
رَاشِدٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ أَتَى ابْنُ عُمَرَ فَقِيلَ
لَهُ إنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ يَأْمُرُ بِنِكَاحِ الْمُتْعَةِ فَقَالَ
مَعَاذَ اللَّهِ مَا أَظُنُّ ابْنَ عَبَّاسٍ يَفْعَلُ هَذَا فَقِيلَ
بَلَى قَالَ وَهَلْ كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ
إلَّا غُلَامًا صَغِيرًا ثُمَّ قَالَ ابْنُ عُمَرَ نَهَانَا عَنْهَا
رَسُولُ اللَّهِ وَمَا كُنَّا مسافحين2 إسْنَادُهُ قَوِيٌّ.
وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ هَدَمَ الْمُتْعَةَ
الطَّلَاقُ وَالْعِدَّةُ وَالْمِيرَاثُ3، إسْنَادُهُ حَسَنٌ.
__________
= في الحلية 5/336، والخطيب في تاريخ بغداد 4/328، من طريق الربيع بن
سرة بن معبد عن أبيه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى
عن نكاح المتعة.
1 أخرجه ابن ماجة 1/631، كتاب النكاح: باب النهي عن نكاح المتعة، حديث
1963، من طريق أبان بن أبي حازم عن أبي بكر بن حفص عن ابن عمر قال: لما
ولي عمر بن الخطاب خطب الناس فقال: إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أذن لنا في المتعة ثلاثا ثم حرمها والله لا أعلم
أحدا يتمتع وهو محصن إلا رجمته بالحجارة إلا أن يأتي بأربعة يشهدون أن
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحلها بعد إذ حرمها.
قال البوصيري في الزوائد 2/108، هذا إسناد فيه مقال أبو بكر بن حفص
ذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن أبي حاتم عن أبيه: كتبت عنه وعن
أبيه وكان أبوه يكذب قلت: لا بأس به، قال: لا يمكنني أن أقول: لا بأس
به انتهى ... وأبان بن أبي حازم مختلف فيه، انتهى كلام البوصيري. وأبان
هو ابن عبد الله بن أبي حازم البجلي الأحمسي.
قال البخاري: صدوق الحديث علل الترمذي ص 95، وقال أحمد: صالح الحديث،
العلل ومعرفة الرجال 2201، وقال العجلي: ثقة الثقات 10، وقال ابن حبان
في المجروحين 1/99: كان ممن فحش خطؤه وانفرد بالمناكير.
وضعفه النسائي فقال: ليس بالقوي وكذا الدارقطني. ينظر التهذيب رقم 172.
وقال الحافظ في التقريب: 1/31، رقم 162، صدوق في حفظه لين.
2 أخرجه الطبراني في الأوسط كما في مجمع الزوائد 4/268، وبهذا اللفظ
والإسناد، وأخرجه البيهقي 7/206، من طريق عبد الله بن عمر عن نافع عن
ابن عمر به.
3 أخرجه أبو يعلى 11/503-504، رقم 6625، وابن حبان 1267-موارد، والدار
قطني 3/259، كتاب النكاح: باب المهر 54، والبيهقي 7/207، كتاب النكاح:
باب نكاح المتعة، كلهم من طريق مؤمل بن إسماعيل حدثنا عكرمة بن عمار
قال: أخبرني سعيد المقبري عن أبي هريرة قال: خرجنا مع رسول الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في غزوة تبوك فنزلنا ثنية الوداع، فرأى
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مصابيح ورأى نساء يبكين
فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "حرم" أو قال: "هدم
المتعة النكاح، والطلاق والعدة الميراث" .
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 4/267، وقال: رواه أبو يعلى وفيه مؤمل
بن إسماعيل وثقه ابن معين وابن حبان وضعفه البخاري وغيره وبقية رجاله
رجال الصحيح.==
(3/333)
فَائِدَةٌ: حَكَى الْعَبَّادِيُّ فِي طَبَقَاتِهِ عَنْ الشَّافِعِيِّ
قَالَ لَيْسَ فِي الْإِسْلَامِ شَيْءٌ أُحِلَّ ثُمَّ حُرِّمَ ثُمَّ
أُحِلَّ ثُمَّ حُرِّمَ إلَّا الْمُتْعَةُ1.
__________
=وذكره الحافظ في المطالب العالية 2/70، رقم 1679، وعزاه إلى أبي يعلى.
وقد خالف مؤمل في هذا الحديث بشر بن عمر الزهراني.
وأخرجه الحارث بن أبي أسامة 477- بغية الباحث، ثنا بشر بن عمر
الزهراني، ثنا عكرمة بن عمار، حدثني عبد الله بن سعيد المقبري قال رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تهدم المتعة النكاح والطلاق
والعدة والميراث" هكذا مرسل.
وذكر الحافظ في المطالب العالية 2/70، رقم 1678، وعزاه للحارث وقال:
هكذا قال بشر بن عمر.
1 أصل المتعة في اللغة: الانتفاع، يقال: تمتعت بكذا، واستمتعت بمعنى،
والاسم المتعة، قال الجوهري: ومنه متعة النكاح، ومتعة الطلاق، ومتعة
الحج، لأنه انتفاع. والمراد بالمتعة هنا أن يتزوج الرجل المرأة مدة من
الزمن سواء أكانت المدة معلومة، مثل أن يقول: زوجتك ابنتي مثلا شهرا،
أو مجهولا مثل أن يقول: زوجتك ابنتي إلى قدوم زيد الغائب، فإذا انقضت
المدة، فقد بطل حكم النكاح، وإنما سمي النكاح لأجل بذلك لانتفاعها بما
يعطيها، وانتفاعه بقضاء شهوته، فكان الغرض منها مجرد التمتع دون
التوالد، وغير من أغراض النكاح.
وقد كانت المتعة منتشرة عند العرب في الجاهلية، فكان الرجل يتزوج
المرأة مدة ثم يتركها من غير أن يرى العرب في ذلك غضاضة.
فلما جاء الإسلام أقرهم على ذلك في أول الأمر، ولم نعلم أن النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن المتعة إلا في غزوة خيبر في
السنة السابعة من الهجرة، فقد روي عن علي رضي الله عنه أن رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن متعة النساء يوم خيبر وعن
أكل لحوم الحمر الإنسية، واستمر الأمر على ذلك، حتى فتح مكة حيث ثبت أن
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أباحها ثلاثة أيام، وفي بعض
الروايات أنه أباحها يوم أوطاس، ولكن الحقيقة أن ذلك كان في يوم الفتح،
ومن قال: يوم أوطاس فذلك لاتصالها بها، ثم حرمها رسول الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد ذلك إلى يوم القيامة.
فيعلم من هذا أن المتعة كانت مباحة قبل خيبر، ثم حرمت في خيبر، ثم
أبيحت يوم الفتح، ثم حرمت بعد ذلك إلى يوم القيامة، فتكون المتعة مما
تناولها التحريم والإباحة مرتين.
وقد نشأ من هذا الاختلاف في المتعة بين الصحابة، فمنهم من يرى أن إباحة
المتعة قبل خيبر كانت للضرورة، وللحاجة، ثم لما ارتفعت الحاجة نهى
عنها، وعليه فتكون المتعة مباحة عند الحاجة، وبهذا كان يقول ابن عباس
رضي الله عنهما إلا أنه رجع عنه كما سيأتي بيانه.
ومنهم من يرى أن نهي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن
المتعة يوم خيبر كان نسخا لها، ثم رفع النسخ في يوم الفتح ثلاثة أيام،
ثم نسخت بعد ذلك إلى يوم القيامة وإلى هذا ذهب الجمهور.
وقد اختلف الفقهاء بعد ذلك في المتعة، هل هي محرمة فتكون من الأنكحة
الفاسدة، أو مباحة فتكون من الأنكحة الصحيحة.
فذهب الجمهور إلى القول بتحريمها، وإنها من الأنكحة الفاسد التي تفسخ
مطلقا قبل الدخول وبعده، وهو مذهب الأئمة الأربعة.
وذهب الإمامية من الشيعة إلى القول بإباحة نكاح المتعة إلى يوم
القيامة، بل منهم من تغالى في ذلك، وقال: إنها قربة، وعليه فالخلاف في
المتعة بين الجمهور والإمامية، ولما لم أجد كتابا من كتب الإمامية==
(3/334)
وَقَالَ بَعْضُهُمْ نُسِخَتْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَقِيلَ أَكْثَرَ
وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ اخْتِلَافُ الرِّوَايَاتِ فِي
__________
= أثق به لأستطيع استيفاء الكلام على مذهبهم في المتعة رأيت أن أكتفي
بما قاله شرف الدين الصنعاني، وهو من علماء الشيعة، فإنه بعد أن ذكر
الحديث عن علي قال ما نصه: والحديث يدل على تحريم نكاح المتعة للنهي
عنه، وهو النكاح المؤقت إلى أمد مجهول أو معلوم، وغيته إلى خمسة
وأربعين يوما ويرتفع النكاح بانقضاء الوقت المذكور في المنقطعة الحيض،
والحائض بحيضتين، والمتوفى عنها بأربعة أشهر وعشر، ولا يثبت لها مهر
ولا نفقة، ولا توارث ولا عدة إلا الاستبراء بما ذكر ولا نسب يثبت به،
إلا أن يشترط وتحرم المصاهرة بسببه هكذا ذكره في بعض كتب الإمامية،
وأنا اذكر دليل الإمامية والرد عليه.
استتدل الإمامية على القول بإباحة المتعة بالكتاب، والأثر والمعقول
والإجماع.
أما الكتاب: فقول الله تعالى: {فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن}
[النساء: 24] فإنهم حملوا الاستمتاع في الآية على المتعة، وقالوا:
المراد بقوله تعالى: {فآتوهن أجورهن} [النساء: 24] أجر المتعة، ومما
يؤيد أن الآية في المتعة قراءة أبي وابن عباس { فما استمتعتم به منهن}
إلى أجل فهي صريحة في المتعة.
وأما الأثر، فأولا: ما روي أن ابن عباس كان يفتي بالمتعة، ووجه الدلالة
من هذا أنهم قالوا: لو لم تكن المتعة مباحة لما أفتى بها ابن عباس إذ
لا يليق بمثله أن يفتي بها مع أنها محرمة.
وثانيا: بما روي عن جابر رضي الله عنه قال: تمتعنا على عهد رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبي بكر وصدر من خلافة عمر ثم
نهانا عمر، ووجه الدلالة من هذا أن جابرا رضي الله عنه أخبر أنهم
استمتعوا في زمن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفي خلافة
أبي بكر، وفي صدر من خلافة عمر وهذا يدل على أن المتعة مباحة، وإنما
نهى عنها عمر من باب السياسة الشرعية.
وأما المعقول: فقد قالوا: إنها منفعة خالية من جهات القبح، ولا نعلم
فيها ضررا عاجلا، ولا آجلا، وكل ما هذا شأنه فهو مباح، فالمتعة مباحة.
وأما الإجماع: فإنهم قالوا: أجمع أهل البيت على إباحتها.
وتناقش هذه الأدلة التي تمسك بها الإمامية بما يأتي:
أما الآية فيقال لهم فيها أنها بمعزل عن الدلالة لكم، إذ هي محمولة على
النكاح الدائم، وما يجب للمرأة من المهر كاملا إذا استمتع بها الزوج،
ويؤيد هذا أنها وردت في سياق الكلام على النكاح بالعقد المعروف بعد
الكلام على أجناس يحرم التزوج بها، وتسمية المهر أجرا لا يدل على أنه
أجر المتعة، فقد سمي المهر أجرا في غير هذا الموضع كقوله تعالى: {يا
أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن} [الأحزاب: 50]،
أي: مهورهن، وكقوله تعالى: {فانكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن}
[النساء:25] أي مهورهن، وأما قراءة أبي وابن عباس، فهي شاذة، والقراءة
الشاذة لا تعارض القطعي وهي الآية الدالة على التحريم، وهي قوله تعالى:
{إلا على أزواجهن أو ما ملكت أيمانهم} [المؤمنون:6] مع أن الدليلين إن
تساويا في القوة وتعارضا في الحل والحرمة قدم دليل الحرمة منهما، ويقال
لهم فيما روي عن ابن عباس: أنه ثبت رجوعه عنه، وقد كان يفتي بها أولا،
لأنه فهم منه نهي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عنها يوم
خيبر، ثم إباحتها يوم الفتح ثم نهيه عنها بعد ذلك، أن الإباحة كانت
للضرورة، والنهي عند ارتفاعها، يؤيد ذلك ما روي عن شعبة عن أبي جمرة:
قال: سمعت ابن عباس سئل عن متعة النساء فرخص فيها، فقال له مولى له:
إنما ذلك في الحال الشديد، وفي النساء قلة، فقال ابن عباس: نعم فإنه
يعلم من هذا أن ابن عباس كان يتأول في إباحة نكاح المتعة لمضطر إليه،
ثم توقف بعد ذلك لما ثبت له النسخ.==
(3/335)
وَقْتِ تَحْرِيمِهَا وَإِذَا صَحَّتْ كُلُّهَا فَطَرِيقُ الْجَمْعِ
بَيْنَهُمَا الْحَمْلُ عَلَى التَّعَدُّدِ وَالْأَجْوَدُ فِي الْجَمْعِ
__________
==ومما يؤيد رجوع ابن عباس ما أخرجه الترمذي، أن ابن عباس قال: إنما
كانت المتعة في أول الإسلام كان الرجل يقدم البلدة ليس له بها معرفة،
فيتزوج المرأة بقدر ما يرى أنه يقيم فتحفظ له متاعه، وتصلح له شأنه،
حتى نزلت: {إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم} [المؤمنون:6]، فقال
ابن عباس، فكل فرج سواهما حرام.
وقد روى رجوعه أيضا البيهقي وأبو عوانة في صحيحه، وروي عنه أنه قال عند
موته: اللهم إني أتوب إليك. من قوله في المتعة والصرف، وعليه فلا يصح
الاحتجاج بفتوى ابن عباس وقد رجع عنها.
ويقال لهم في أثر جابر أن قوله: تمتعن الخ. يحمل على أن من تمتع لم
يبلغه النسخ، حتى نهى عنهات عمر، أو يكون جابر رضي الله عنه قال ذلك
لفعلهم في زمن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم لم
يبلغه النسخ، حتى نهى عنها عمر، فاعتقد أن الناس باقون على ذلك لعدم
الناقل عنده، والقول بأن عمر هو الذي نهى عنها وأن ذلك من قبيل السياسة
الشرعية، بل أنه نهى عنها لما علم نهي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ما روي من طريق سالم بن عبد الله عن أبيه عن عمر قال: صعد
عمر المنبر فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال: ما بال رجال ينكحون هذه
المتعة وقد نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عنها، لا
أوتي بأحد نكحها إلا رجمته.
ويقال لهم في المعقول: لا نسلم أنها منفعة خالية من جهات القبح، ولا
ضرر فيها في الآجل ولا في العاجل، بل الضرر متحقق فيها، فإن فيها
امتهان المرأة وضياع الأنساب، فإن مما لا شك فيه أن المرأة التي تنصب
نفسها، ليستمتع بها كل من يريد تصبح محتقرة في أعين الناس، وأيضا فهو
معقول في مقابلة النص وهو باطل.
ويقال لهم في الإجماع، أولا: أن إجماع أهل البيت على فرض إجماعهم ليس
بحجة، فما بالك والإجماع لهم لم يصح عنهم، فهذا زيد بن علي، وهو من
أعلمهم يوافق الجمهور، ثم إن الإمام عليا رضي الله عنه وهو رأس الأئمة
عندهم يقول بتحريمها فقد روى من طريق جويرية عن مالك بن أنس عن أبيهما
أنه سمع عليا بن أبي طالب يقول لابن عباس: إنك رجل تائه، أي: مائل، ان
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن المتعة.
وأما الجمهور فقد استدلوا على تحريم نكاح المتعة بالكتاب، والسنة
والمعقول، والإجماع.
أما الكتاب: فقول الله تعالى: {والذين هم لفروجهم حافظون إلا على
أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم ملومين} [المؤمنون: 5-6] ووجه
الدلالة من هذه الآية الكريمة، إنها أفادت أن الوطء لا يحل إلا في
الزوجة، والمملوكة، وامرأة المتعة لا شك أنها ليست مملوكة، ولا زوجة.
أما أنها ليست مملوكة فواضح، وأما أنها ليست زوجة فلأنها لو كانت زوجة
لحصل التوارث بينهما، لقوله تعالى: {ولكم نصف ما ترك أزواجكم ...}
[النساء: 12] الآية، وبالاتفاق لا توارث بينهما.
وثانيا: لثبت النسب، لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الولد
للفراش وللعاهر الحجر" ، وبالاتفاق لا يثبت النسب.
وثالثا: لوجبت العدة عليها، لقوله تعالى: {والذين يتوفون منكم ...}
[البقرة: 234] الآية.
وأما السنة: فأولا: ما روى مالك، عن ابن شهاب، عن عبد الله والحسن ابني
محمد بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، عن أبيهما، عن علي بن أبي طالب
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ==
(3/336)
مَا ذَهَبَ إلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّهَا لَمْ
تَحِلَّ قَطُّ فِي حَالِ الْحَضَرِ وَالرَّفَاهِيَةِ بَلْ فِي حَالِ
__________
= نهى عن متعة النساء يوم خيبر، وعن لحوم الحمر الإنسية.
ووجه الدلالة من الحديث أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
نهى عن المتعة، والنهي يدل على فساد المنهي عنه، فيكون نكاح المتعة
فاسدا.
والحديث يدل على نسخ ما تقدم من إباحتها.
ثانيا: ما روي عن سبرة الجهني: أنه غزا مع النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم فتح مكة، قال: فأقمنا بها خمسة عشر فأذن لنا
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في متعة النساء، وذكر
الحديث إلى أن قال: فلم أخرج منها حتى حرمها رسول الله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وفي رواية: أنه كان مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال:
"يا أيها الناس إني كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء وإن الله قد
حرم ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهن شيء فليخل سبيله ولا
تأخذوا مما آتيتموهن شيئا" رواه أحمد ومسلم.
ووجه الدلالة من الحديث أنه يدل برواياته على تحريم نكاح المتعة، وقد
جاء في الرواية الثانية التصريح بتحريمها إلى يوم القيامة، فيكون ذلك
نسخا لإباحتها، وإذا ثبت ذلك فهي من الأنكحة الفاسدة.
وأما المعقول: فقد قالوا: أن النكاح لم يشرع لقضاء الشهوة بل شرع
لأغراض ومقاصد يتوسل به إليها، واقتضاء الشهورة بالمتعة لا يقع وسيلة
إلى المقاصد التي من أجلها شرع النكاح، فلا يكون مشروعا.
وأما الإجماع: فقد قالوا: أن الأمة امتنعت عن العمل بالمتعة، مع ظهور
الحاجة إلى ذلك وما ذلك إلا لعلمهم بنسخها.
وقد نوقشت أدلة الجمهور بما يأتي:
أما حديث علي فقد قيل لهم فيه: إنه وقع فيه الكلام، حتى زعم ابن عبد
البر أن ذكر النهي يوم خيبر غلط، وقال السهلي: ويتصل بهذا الحديث تنبيه
على إشكال لأن فيه النهي عن نكاح المتعة يوم خيبر، وهذا شيء لا يعرفه
أهل السير، ورواة الآثار، والذي يظهر أنه وقع تقديم وتأخير في لفظ
الزهري.
وقد أشار ابن القيم إلى تقرير هذا التقديم والتأخير، فقال: وأما نكاح
المتعة فثبت عنه أنه أحلها عام الفتح، وثبت عنه أنه نهى عنها عام
الفتح، واختلف هل نهى عنها يوم خيبر على قولين، والصحيح أن النهي، إنما
كان عام الفتح، وأن النهي يوم خيبر إنما كان عن الحمر الأهلية، وإنما
قال علي لابن عباس: إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
نهى يوم خيبر عن متعة النساء، ونهى عن الحمر الأهلية، محتجا عليه في
المسألتين، فظن بعض الرواة أن التقييد بيوم خيبر راجع إلى الفعلين،
فرواه بالمعنى، ثم أفرد بعضهم أحد الفعلين وقيده بيوم خيبر، وترد هذه
المناقشة بأن أصحاب الزهري قد اتفقوا على نهي النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن المتعة يوم خيبر، وهم حفاظ وثقات، وزيادة الحافظ
الثقة تقبل، ولهذا قال عياض: تحريمها يوم خيبر صحيح لا شك فيه.
والقول بأنه وقع في لفظ الزهري تقديم وتأخير يخالف ظاهر الحديث فإن
ظاهره أن عام خيبر ظرف لتحريم نكاح المتعة.
ومما يؤيد هذا الظاهر حديث ابن عمر، الذي أخرجه البيهقي بإسناد قوي، أن
رجلا سأل عبد الله بن عمر عن المتعة، فقال حرام، قال: فإن فلانا يقول
فيها، فقال: والله لقد علم أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ حرمها يوم خيبر وما كنا مسافحين والذي يظهر لي أن القائلين
بأن النهي يوم خيبر إنما كان عن لحوم الحمر الأهلية، يحاولون بذلك
استبعاد أن تكون المتعة قد نسخت مرتين، لأنه ثبت النهي عنها يوم الفتح،
ومعلوم أن يوم الفتح بعد خيبر، إذ أن خيبر في السنة السابعة من الهجرة،
وغزوة الفتح في السنة الثامنة==
(3/337)
السَّفَرِ وَالْحَاجَةِ وَالْأَحَادِيثُ ظَاهِرَةٌ فِي ذَلِكَ
وَيُبَيِّنُ ذَلِكَ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ كُنَّا نَغْزُو وَلَيْسَ
لَنَا
__________
= فيلزم من ذلك نسخها مرتين.
ونحن نرى أن لا داعي لهذه المحاولة، ما دام الحديث ظاهرا في أن يوم
خيبر ظرف لتحريم نكاح المتعة، ولا مانع من نسخها مرتين، ولها نظير في
الشعريعة الإسلامية وهو مسألة القبلة فقد نسخت مرتين، وذلك أن النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصلي بمكة إلى الكعبة، ثم أمر
بالصلاة إلى بيت المقدس بعد الهجرة، تأليفا لليهود، وامتحانا للمسلمين
الذين اتبعوه بمكة، ثم حول إلى الكعبة ثانيا، وقيل لهم في حديث سبرة
الجهني أن القول بأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حرمها
إلى يوم القيامة معارض بما روي عنه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ نهى عن المتعة في حجة الوداع، كما عند أبي داود.
وترد هذه المناقشة بأن هذا اختلف فيه عن سبرة، والرواية عنه بأنها في
الفتح أصح، لأنهم في فتح مكة شكوا للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ العزوية، فرخص لهم فيها مدة، ثم نسخها، وعلى تسليم صحة النهي
في حجة الوداع. فنقول: إن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أعاد النهي في حجة الوداع، ليسمعه من لم يكن سمعه قبل، فأكد ذلك حتى لا
تبقى شبهة لأحد يدعي تحليلها.
ويقال لهم في الإجماع إنه غير مسلم، فقد ثبت الجواز عن ابن عباس، لما
ثبت عن جماعة من التابعين، ويجاب عن هذا بأن ابن عباس صح عنه أنه رجع
عن القول بحل المتعة كما قدمنا فانعقد الإجماع على تحريمها، واما خلاف
بعض التابعين فإنه إن صح عنهم لم يضر بعد تقرر التحريم قبل حدوثهم.
يتبين لنا من بيان الأدلة ومناقشاتها رجحان مذهب الجمهور، ومن أن
المتعة حرام وهي من الأنكحة الفاسدة، لقوة أدلتهم، وأن لا عبرة بمخالفة
الإمامية، لما تبين من بطلان ما تمسكوا به من الأدلة.
قال صاحب الهداية من الحنفية: ونكاح المتعة باطل، وهو أن يقول لامرأة:
أتمتع بك كذا مدة كذا من المال. وقال مالك رحمه الله: هو جائز.
وهذه النسبة باطلة، فإن مالكا رضي الله عنه لم يقل بإباحة نكاح المتعة،
ولا قال به أحد من المالكية، فإنهم جميعا اتفقوا على تحريم نكاح
المتعة.
ولأجل مخالفة هذه النسبة لمذهب المالكية نجد بعض علماء الحنفية أنكرها
على صاحب الهداية قال ابن نجيم في البحر الرائق: وما في الهداية من
نسبته إلى مالك فغلط، كما ذكره الشارحون، والموجود في كتب المالكية
إنما هو فيمن نكح نكاحا مطلقا، ونيته أن لا يمكث معها إلا مدة نواها،
فقالوا: إن ذلك جائز، وليس هو بنكاح متعة، ولو علمت المرأة بنيته.
وهذا لم ينفرد به المالكية، بل قال به الجمهور، إلا ما روي عن الأوزاعي
فقد قال: هذا نكاح متعة، ولا خير فيه.
وقد قال الإمام مالك: ليس هذا من الجميل، ولا من أخلاق الناس.
فإن قيل: ما الفرق بين هذا النكاح الذي نوى فيه الرجل الإقامة معها مدة
نواها، وبين نكاح المتعة الذي قالت به الإمامية، وقلتم ببطلانه – نقول
الفرق بينهما واضح، وهو أن نكاح المتعة الذي قلنا ببطلانه والذي قالت
به الإمامية دخلا فيه على تحديده بمدة معينة أو غير معينة، وأيضا فهو
نكاح لا تترتب عليه أحكام النكاح من التوارث، ولحوق النسب، ووجوب
العدة، بخلاف هذا، فإنه وإن نوى الإقامة معها مدة، إلا أنهما لم يدخلا
على ذلك، وهو نكاح تترتب عليه آثاره، ففرق بينهما غاية الأمر أنه نوى
الإقامة معها مدة نواها، وهذا لا يضر، لأن الرجل بيده الطلاق، فله أن
يطلق في أي وقت شاء.
النكاح المؤقت: فرق زفر من الحنفية بين نكاح المتعة والنكاح المؤقت
فقال: المتعة باطلة وأما النكاح المؤقت فهو صحيح ويلغى فيه الشرط، وقد
ذكر في العناية فرقا بينهما بأن النكاح==
(3/338)
نِسَاءٌ فَرَخَّصَ لَنَا أَنْ نَنْكِحَ [المرأة بالثوب إلى أجل، وهو
متفق عليه]1 فَعَلَى هَذَا كُلُّ مَا وَرَدَ مِنْ التَّحْرِيمِ فِي
الْمَوَاطِنِ الْمُتَعَدِّدَةِ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ
بِتَحْرِيمِهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَنَّ الْحَاجَةَ انْقَضَتْ وقع
الْعَزْمُ عَلَى الرُّجُوعِ إلَى الْوَطَنِ فَلَا يَكُونُ فِي ذل
تَحْرِيمٌ أَبَدًا إلَّا الَّذِي وَقَعَ أَخِرًا وَقَدْ اجْتَمَعَ مِنْ
الْأَحَادِيثِ فِي وَقْتِ تَحْرِيمِهَا أَقْوَالٌ سِتَّةٌ أَوْ
سَبْعَةٌ نَذْكُرُهَا عَلَى التَّرْتِيبِ الزَّمَانِيِّ:
الْأَوَّلُ عُمْرَةُ الْقَضَاءِ قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي
مُصَنَّفِهِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ عَمْرٍو عَنْ الْحَسَنِ قَالَ مَا
حَلَّتْ الْمُتْعَةُ قَطُّ إلَّا ثَلَاثًا فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ مَا
حَلَّتْ قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا2، وَشَاهِدُهُ مَا رَوَاهُ ابْنُ
حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ سَبْرَةَ بْنِ مَعْبَدٍ قَالَ
خَرَجْنَا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيا
قَضَيْنَا عُمْرَتَنَا قَالَ لَنَا أَلَا تَسْتَمْتِعُوا مِنْ هَذِهِ
النِّسَاءِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ3.
الثَّانِي خَيْبَرُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ عَنْ عَلِيٍّ بِلَفْظِ نُهِيَ
عَنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ يَوْمَ خَيْبَرَ4.
وَاسْتَشْكَلَهُ السُّهَيْلِيُّ وَغَيْرُهُ وَلَا إشْكَالَ وَقَدْ
وَقَعَ فِي مُسْنَدِ ابْنِ وَهْبٍ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مِثْلُهُ5
وَإِسْنَادُهُ قَوِيٌّ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ.
الثَّالِثُ عَامُ الْفَتْحِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ سَبْرَةَ
بْنِ مَعْبَدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ نَهَى فِي يَوْمِ الْفَتْحِ عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ وَفِي
لَفْظٍ لَهُ أُمِرْنَا بِالْمُتْعَةِ عَامَ الْفَتْحِ حِينَ دَخَلْنَا
مَكَّةَ ثُمَّ لَمْ يَخْرُجْ حَتَّى
__________
= المؤقت يكون بحضرة شهود ويذكر فيه مدة معينة مثل أن يقول: أتزوجك
عشرة أيام ونحو ذلك. بخلاف المتعة فإنه لو قال: أتمتع بك ولم يذكر مدة
كان متعة. وخالف ذلك أبو حنفية وأبو يوسف ومحمد، فإنهم قالوا: لا فرق
بينهما والكل نكاح متعة. ووجه قول زفر: أن النكاح المؤقت صحيح أنه قال:
ذكر النكاح وشرط فيه شرط فاسد. والنكاح لا تبطله الشروط الفاسدة، وذلك
كما لو شرط أن لا يتزوج عليها ولا يسافر بها فيبطل الشرط ويبقى النكاح
صحيحا، ولكن يرد هذا بأن قوله: أتى بالنكاح ثم أدخل عليه شرطا فاسدا
ممنوع بل هو أتى بنكاح مؤقت فيه شرط مانع من بقاء النكاح، والنكاح
المؤقت نكاح متعة فإن معنى المتعة العقد بانتهائها أو غير معينة بمعنى
بقاء العقد ما دام معها، فالنكاح المؤقت نكاح متعة وقد بينا أن المتعة
منسوخة فلا وجه حينئذ لتفرقة زفر بين المتعة والنكاح المؤقت.
ينظر: الأنكحة الفاسدة لشيخنا الأمين الجزائري.
1 أخرجه البخاري 9/158 –الفتح، كتاب التفسير: باب قوله تعالى: {يا أيها
الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم} [المائدة: 87]، حديث
4615، ومسلم 5/193، نووي كتاب النكاح: باب نكاح المتعة، حديث
11-1404-الإحسان، حديث 4141، والبيهقي في السنن الكبرى 7/79، كتاب
النكاح: باب النهي عن التبتل والإخصاء، من حديث ابن مسعود، والحديث سقط
في ط.
2 أخرجه عبد الرزاق في مصنفه 7/503-504، رقم 1040، عن الحسن.
3 أخرجه ابن حبان في صحيحه 9/454، 455 – الإحسان، رقم 4147.
4 تقدم تقريبا.
5 تقدم تخريجه.
(3/339)
نَهَانَا عَنْهَا.
وَفِي لَفْظٍ لَهُ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ
إنِّي كُنْت أَذِنْت لَكُمْ فِي الِاسْتِمْتَاعِ مِنْ النِّسَاءِ
وَإِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ ذَلِكَ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ1.
الرَّابِعُ يَوْمُ حُنَيْنٍ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ
عَلِيٍّ وَالظَّاهِرُ أنه تصحيف من خيب.ر
وَذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ أَنَّ عَبْدَ الوهاب الثقفي تفرد به2 عَنْ
يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكٍ بِقَوْلِهِ حُنَيْنٍ3.
فِي رِوَايَةٍ لِسَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ4 أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي
عَامِ أَوْطَاسٍ.
قَالَ السُّهَيْلِيُّ هِيَ مُوَافِقَةٌ لِرِوَايَةِ مَنْ رَوَى عَامَ
الْفَتْحِ وَأَنَّهُمَا كَانَا فِي عَامٍ وَاحِدٍ.
الْخَامِسُ غَزْوَةُ تَبُوكِ رَوَاهُ الْحَازِمِيُّ مِنْ طَرِيقِ
عَبَّادِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ ابْنِ عَقِيلٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ
خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ إلَى غَزْوَةِ تَبُوكَ حَتَّى إذَا
كُنَّا عِنْدَ الثَّنِيَّةِ مِمَّا يَلِي الشَّامَ جَاءَتْنَا نِسْوَةٌ
تَمَتَّعْنَا بِهِنَّ يَطُفْنَ بِرِجَالِنَا فَسَأَلْنَا رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُنَّ وَأَخْبَرْنَاهُ
فَغَضِبَ وَقَامَ فِينَا خَطِيبًا فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ
وَنَهَى عَنْ الْمُتْعَةِ فَتَوَادَعْنَا يَوْمَئِذٍ وَلَمْ نَعُدْ
وَلَا نَعُودُ فِيهَا أَبَدًا فَبِهَا سُمِّيَتْ يَوْمَئِذٍ ثَنِيَّةُ
الْوَدَاعِ5 وَهَذَا إسناد ضعفيف لَكِنْ عِنْدَ ابْنِ حِبَّانَ فِي
صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ6 مَا يَشْهَدُ لَهُ.
وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ الطَّرِيقِ الْمَذْكُورَةِ بِلَفْظِ
خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي
غَزْوَةِ تَبُوكَ فَنَزَلْنَا ثَنِيَّةَ الْوَدَاعِ فَذَكَرَهُ7
وَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ
يَبْلُغْهُ النَّهْيُ الَّذِي وَقَعَ يَوْمَ الْفَتْحِ وَلِأَجْلِ
ذَلِكَ غَضِبَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
السَّادِسُ حَجَّةُ الْوَدَاعِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ طَرِيقِ
الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ قَالَ أَشْهَدُ عَلَى أَبِي أَنَّهُ حَدَّثَ
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ نَهَى عَنْهَا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ8.
__________
1 تقدم قريبا.
2 سقط في ط.
3 في الأصل: خيبر.
4 تقدم حديث سلمة.
5 أخرجه الطبراني في الأوسط كما في مجمع الزوائد 4/267، والحازمي في
الاعتبار في الناسخ والمنسوخ ص 179، قال الهيثمي: فيه صدقة بن عبد الله
وثقه أبو حاتم وغيره، وضعفه أحمد وجماعة، وبقية رجاله رجال الصحيح.
6 تقدم تخريج حديث أبي هريرة وهو عند ابن حبان رقم 4149، الإحسان.
7 تقدم تخريجه، وهو عند البيهقي في السنن الكبرى 7/207.
8 تقدم حديث سبرة.
(3/340)
وَيُجَابُ عَنْهُ بِجَوَابَيْنِ:
أَحَدُهُمَا أَنَّ الْمُرَادَ بِذِكْرِ ذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ
إشَاعَةُ النَّهْيِ وَالتَّحْرِيمِ لِكَثْرَةِ مَنْ حَضَرَهَا مِنْ
الْخَلَائِقِ.
والثاني احْتِمَالُ أَنْ يَكُونَ انْتَقَلَ ذِهْنُ أَحَدِ رُوَاتِهِ
مِنْ فَتْحِ مَكَّةَ إلَى حَجَّةِ الْوَدَاعِ لِأَنَّ أَكْثَرَ
الرُّوَاةِ عَنْ سَبْرَةَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي الْفَتْحِ وَاَللَّهُ
أَعْلَمُ.
1501 - حَدِيثُ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ
وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ1، أَحْمَدُ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالطَّبَرَانِيُّ
وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ الْحَسَنِ عَنْهُ وَفِي إسْنَادِهِ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحْرِزٍ وَهُوَ مَتْرُوكٌ.
وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ الْحَسَنِ مُرْسَلًا
وَقَالَ وَهَذَا وَإِنْ كَانَ مُنْقَطِعًا فَإِنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ
الْعِلْمِ يَقُولُونَ2 بِهِ.
1502 - حَدِيثُ أَبِي مُوسَى لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ3 أَحْمَدُ
وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ
__________
1 وأخرجه عبد الرزاق 6/196، رقم 10473، والدار قطني 3/225، كتاب
النكاح، والبيهقي 7/125، كتاب النكاح: باب لا نكاح إلا بشاهدين عدلين،
كلهم من طريق عبد الله بن محرر عن قتادة عن الحسن عن عمران بن الحصين
مرفوعا بلفظ: "لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل"
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 4/289، وقال: رواه الطبراني في الكبير
وفيه عبد الله بن محرر وهو متروك وهو في الكبير 18/142، رقم 299.
2 ينظر: السنن الكبرى للبيهقي 7/125.
3 أخرجه أبو داود 1/635، كتاب النكاح: باب في الولي، حديث 2085،
والترمذي 3/407، كتاب النكاح: باب ما جاء لا نكاح إلا بولي، حديث 1101،
والدارمي 2/137، كتاب النكاح: باب النهي عن النكاح بغير ولي، وأحمد
4/394، 413، والطيالسي 1/305 –منحة، رقم 1554، وابن ماجة 1/605، كتاب
النكاح: باب لا نكاح إلا بولي، حديث 81، وابن الجارود في المنتقى رقم
701، 702، 703، 704، وأبو يعلى 13/195-196، رقم 7227، وابن حبان 1243
–موارد، والدار قطني 3/218-219، كتاب النكاح، والحاكم 2/170، والبيهقي
7/107، وابن حزم في المحلى 9/452، والخطيب في تاريخ بغداد 2/214، 6/41،
13/86، والبغوي في شرح السنة 5/32 –بتحقيقنا، من طريق أبي إسحاق عن أبي
بردة بن أبي موسى عن أبيه مرفوعا.
وقال الترمذي: هذا حديث حسن.
وصححه ابن حبان.
وقد اختلف في وصل هذا الحديث وإرساله.
قال الترمذي 3/408-409: وحديث أبي موسى حديث فيه اختلاف، رواه إسرائيل
وشريك بن عبد الله وأبو عوانة وزهير بن معاوية، وقيس بن الربيع عن أبي
إسحاق، عن أبي بردة، عن أبي موسى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ.
وروى أصباط بن محمد وزيد بن حباب عن يونس بن أبي إسحاق، عن أبي إسحاق
عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ.==
(3/341)
وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَأَطَالَ فِي تَخْرِيجِ طُرُقِهِ.
وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي وَصْلِهِ وَإِرْسَالِهِ قَالَ الْحَاكِمُ وَقَدْ
صَحَّتْ الرِّوَايَةُ فِيهِ عَنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَائِشَةُ وَأُمُّ سَلَمَةَ وَزَيْنَبُ بِنْتُ
جَحْشٍ قَالَ وَفِي الْبَابِ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ1 ثُمَّ
سَرَدَ تَمَامَ ثَلَاثِينَ صَحَابِيًّا وَقَدْ جَمَعَ طُرُقَهُ
الدِّمْيَاطِيُّ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ.
1503 - حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ2 أَحْمَدُ
وَابْنُ مَاجَهْ وَالطَّبَرَانِيُّ وَفِيهِ
__________
=وروى أبو عبيدة الحداد عن يونس بن إبي إسحاق، عن أبي بردة عن أبي
موسى، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نحوه، ولم يذكر فيه
عن أبي إسحاق.
وقد روي عن يونس بن أبي إسحاق، عن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن أبي
موسى، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وروى شعبة والثوري، عن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا نكاح إلا بولي" .
وقد ذكر بعض أصحاب سفيان عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن أبي
موسى، ولا يصح رواية هؤلاء الذين رووا عن أبي إسحاق، عن أبي بردة عن
أبي موسى، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا نكاح إلا
بولي" عندي أصح، لأن سماعهم من إسحاق، في أوقات مختلفة، وإن كان شعبة
والثوري أحفظ وأثبت من جميع هؤلاء الذين رووا عن أبي إسحاق هذا الحديث.
فإن رواية هؤلاء عندي أشبه، لأن شعبة والثوري سمعا هذا الحديث من أبي
إسحاق في مجلس واحد. ومما يدل على ذلك ما حدثنا محمود بن غيلان قال:
حدثنا أبو داود قال: أنبأنا شعبة قال: سمعت سفيان الثوري يسأل أبا
إسحاق: أسمعت أبا بردة يقول: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: "لا نكاح إلا بولي" ؟ فقال: نعم.
فدل هذا الحديث على أن سماع شعبة والثوري عن مكحول هذا الحديث في وقت
واحد، وإسرائيل هو ثقة ثبت في أبي إسحاق.
سمعت محمد بن المثنى يقول: سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: ما فاتني من
حديث الثوري عن أبي إسحاق الذي فاتني إلا لما اتكلت به على إسرائيل،
لأنه كان يأتي به أتم.
1 حديث علي بن أبي طالب:
أخرجه ابن عدي في الكامل 1/197، من طريق أحمد بن عبد الله للجلاج عن
إبراهيم بن الجراح عن أبي يوسف عن أبي حنيفة عن خصيف عن جابر بن عقيل
عن علي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا نكاح إلا بولي
وشاهدين من نكح بغير ولي وشاهدين فنكاحه باطل" .
قال ابن عدي: لم يحدث به إلا أحمد بن عبد الله هذا وهو باطل.
وحديث ابن عباس سيأتي.
2 أخرجه أحمد في المسند 1/250.
وأخرجه ابن ماجة 1/605، كتاب النكاح: باب لا نكاح إلا بولي، حديث 1880،
وأبو يعلى 4/386، رقم 2507، والبيهقي 7/106، 107، كتاب النكاح: باب لا
نكاح إلا بولي، من طريق حجاج عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا بلفظ: "لا
نكاح إلا بولي" .
قال البوصيري في الزوائد 2/82، هذا إسناد ضعيف حجاج هو ابن أرطأة مدلس
وقد رواه بالعنعنة وأيضا لم يسمع حجاج من عكرمة إنما يحدث عن داود بن
الحصين عن عكرمة قاله الإمام أحمد اهـ.
وأخرجه الدار قطني 3/221، 222، كتاب النكاح: حديث 11، والبيهقي 7/124،
كتاب النكاح: باب لا نكاح إلا بولي مرشد، كلاهما من طريق عدي بن الفضل
عن عبيد الله بن عثمان بن خثيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا نكاح إلا بولي
وشاهدي عدل ،==
(3/342)
الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَمَدَارُهُ عَلَيْهِ
وَغَلِطَ بَعْضُ الرُّوَاةِ فَرَوَاهُ عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ
خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ عِكْرِمَةَ وَالصَّوَابُ الْحَجَّاجُ بَدَلَ
خَالِدٍ.
1504 - حَدِيثُ عَائِشَةَ أَيُّمَا امْرَأَةٍ أَنْكَحَتْ نَفْسَهَا
بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ
فَنِكَاحُهَا باطل فإن دخل بها فَلَهَا الْمَهْرُ لِمَا اسْتَحَلَّ من
فرجها فن استجروا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ1
الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وأبو داودوالترمذي وابن ماجة وأبوعوانة
وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ
سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْهَا
وَأُعِلَّ بِالْإِرْسَالِ.
قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ
بَعْضُهُمْ مِنْ جِهَةِ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ قَالَ ثُمَّ لَقِيت
الزُّهْرِيَّ فَسَأَلْته عنه فأنكره قال فعض الْحَدِيثَ مِنْ أَجْلِ
هَذَا لَكِنْ ذُكِرَ عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ أَنَّهُ قَالَ لَمْ
يَذْكُرْ هَذَا عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ غَيْرُ ابْنِ عُلَيَّةَ وَضَعَّفَ
يَحْيَى رِوَايَةَ ابْنِ عُلَيَّةَ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ انْتَهَى.
وَحِكَايَةُ ابْنِ جُرَيْجٍ هَذِهِ وَصَلَهَا الطَّحَاوِيُّ عن ابنأبي
عمر عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ عَنْ
__________
= وأيما امرأة أنكحها ولي مسخوط عليه فنكاحها باطل" .
قال الدار قطني: رفعه عدي بن الفضل ولم يرفعه غيره. وقال البيهقي: كذا
رواه عدي بن الفضل، وهو ضعيف والصحيح موقوف.
قلت: ولم ينفرد عدي بن الفضل برفعه فقد تابعه سفيان.
أخرجه الطبراني في الكبير 11/155، رقم 11343، من طريق الربيع بن بدر
ثنا النهاس بن قهم عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس مرفوعا بلفظ: لا
يكون نكاح إلا بولي وشاهدين ومهر ما كان قل أم كثر.
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 4/127، وقال: رواه الطبراني في الكببير،
ورواه في الأوسط، فقال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: "البغايا التي يزوجن أنفسهن لا يجوز نكاح إلا بولي وشاهدين
ومهر ما قل أو كثر" .
وأخرجه الطبراني في الكبير أيضا 11/142، رقم 11298، من طريق معمر بن
سليمان الدقي عن حجاج عن عطاء عن ابن عباس أن النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا نكاح إلا بولي والسلطان ولي من لا ولي
له".
1 أخرجه الشافعي في مسنده 2/11، رقم 19، وأحمد 6/47، 165، 166، وأبو
داود 2/229، كتاب النكاح: باب في الولي، حديث 2083، والترمذي 3/398،
كتاب النكاح: باب ما جاء لا نكاح إلا بولي، حديث 1102، وابن ماجة
1/605، كتاب النكاح: باب لا نكاح إلا بولي، حديث 1879، وابن حبان في
صحيحه 9/384 –الإحسان رقم 4074، والحاكم في المستدرك 2/168، والبيهقي
في السنن الكبرى 7/105، كتاب النكاح: باب لا نكاح إلا بولي، والبغوي في
شرح السنة 5/33، بتحقيقنا، من حديث عائشة.
قال الترمذي: هذا حديث حسن، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، وصححه
ابن حبان.
(3/343)
ابْنِ عُلَيَّةَ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ1.
وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ منطريق عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ
سَمِعْت سُلَيْمَانَ سَمِعْت الزُّهْرِيَّ وَعُدَّ أَبُو الْقَاسِمِ
بْنُ مَنْدَهْ عِدَّةَ مَنْ رَوَاهُ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ فَبَلَغُوا
عِشْرِينَ رَجُلًا وَذَكَرَ أَنَّ مَعْمَرًا وَعُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ
زُحَرَ تَابَعَا ابْنَ جُرَيْجٍ عَلَى رِوَايَتِهِ إيَّاهُ عَنْ
سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى وَأَنَّ قُرَّةَ وَمُوسَى بْنَ عُقْبَةَ
وَمُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ وَأَيُّوبَ بْنَ مُوسَى وَهِشَامَ بْنَ
سَعْدٍ وَجَمَاعَةً تَابَعُوا سُلَيْمَانَ بْنَ مُوسَى عَنْ
الزُّهْرِيِّ قَالَ وَرَوَاهُ أَبُو مَالِكٍ الْجَنْبِيُّ وَنُوحُ بْنُ
دَرَّاجٍ وَمِنْدَلُ وَجَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ وَجَمَاعَةٌ عَنْ
هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ.
وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ عَنْ ابْنِ عُلَيَّةَ عَنْ
ابْنِ جُرَيْجٍ وَقَالَ فِي آخِرِهِ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٌ فَلَقِيت
الزُّهْرِيَّ فَسَأَلْته عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَلَمْ يَعْرِفْهُ
وَسَأَلْته عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى فَأَثْنَى عَلَيْهِ2 قَالَ
وَقَالَ بن معني سَمَاعُ ابْنِ عُلَيَّةَ مِنْ ابْنِ جُرَيْجٍ لَيْسَ
بِذَاكَ قَالَ وَلَيْسَ أَحَدٌ يَقُولُ فِيهِ هَذِهِ الزِّيَادَةَ
غَيْرُ ابْنِ عُلَيَّةَ وَأَعَلَّ ابْنُ حِبَّانَ وَابْنُ عَدِيٍّ
وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَالْحَاكِمُ وَغَيْرُهُمْ الْحِكَايَةَ عَنْ
ابْنِ جُرَيْجٍ وَأَجَابُوا عَنْهَا عَلَى تَقْدِيرِ الصِّحَّةِ
بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ نِسْيَانِ الزُّهْرِيِّ لَهُ أَنْ يَكُونَ
سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى وَهَمَ فِيهِ وَقَدْ تكلم عليه أيضا الدارقطي
فِي جُزْءٍ مِنْ حَدَثَ وَنَسِيَ وَالْخَطِيبُ بَعْدَهُ وَأَطَالَ فِي
الْكَلَامِ عَلَيْهِ الْبَيْهَقِيُّ فِي السُّنَنِ وَفِي
الْخِلَافِيَّاتِ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّحْقِيقِ وَأَطَالَ
الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْحَاوِي3 فِي ذِكْرِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ هَذَا
الْحَدِيثُ مِنْ الْأَحْكَامِ نَصًّا وَاسْتِنْبَاطًا فَأَفَادَ.
1505 - قوله روي أهه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا
تُنْكِحُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ وَلَا نَفْسَهَا إنَّمَا
الزَّانِيَةُ الَّتِي تُنْكِحُ نَفْسَهَا4 ابْنُ مَاجَهْ
وَالدَّارَقُطْنِيّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
وَفِي لَفْظٍ وَكُنَّا نَقُولُ إنَّ الَّتِي تُزَوِّجُ نَفْسَهَا هِيَ
الزَّانِيَةُ وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ أَيْضًا مِنْ طَرِيقٍ
أُخْرَى إلَى ابْنِ سِيرِينَ فَبَيَّنَ أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ مِنْ
قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ5 وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ
عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْهُ بِهَا مَوْقُوفًا
وَمِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ عَنْ هِشَامٍ مَرْفُوعًا
قَالَ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ عَبْدُ السَّلَامِ
__________
1 أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار 3/8، كتاب النكاح: باب النكاح
بغير ولي عصبة.
2 ينظر: المستدرك للحاكم 2/169.
3 ينظر: الحاوي للماوردي 9/45-47 بتحقيقنا.
4 أخرجه ابن ماجة 1/605-606، كتاب النكاح: باب لا نكاح إلا بولي، حديث
1882.
5 أخرجه الدار قطني في المصدر السابق، رقم 28.
(3/344)
حَفِظَهُ فَإِنَّهُ مَيَّزَ الْمَرْفُوعَ مِنْ الْمَوْقُوفِ1.
تَنْبِيهٌ: قَوْلُ الرَّافِعِيِّ وَلِهَذَا قَالَ الزَّانِيَةُ هِيَ
الَّتِي تُنْكِحُ نَفْسَهَا وَلَمْ يَقُلْ الَّتِي تُنْكِحُ نَفْسَهَا
هِيَ الزَّانِيَةُ يُعَكَّرُ عَلَيْهِ أَنَّهُ وَقَعَ عِنْدَ
الدَّارَقُطْنِيِّ بِلَفْظِ إنَّ الَّتِي تُنْكِحُ نَفْسَهَا هِيَ
الزَّانِيَةُ.
1506 - حَدِيثُ بن عبسا أَنَّهُ كَانَ يُجَوِّزُ نِكَاحَ الْمُتْعَةِ
ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ2 رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَعَقَدَ لَهُ بَابًا
مُفْرَدًا وَفِي إسْنَادِهِ مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ الرَّبَذِيُّ
وَهُوَ ضَعِيفٌ.
وَأَغْرَبَ الْمَجْدُ بْنُ تَيْمِيَّةَ فَذَكَرَ عَنْ أَبِي جَمْرَةَ
الضُّبَعِيِّ أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ
فَرَخَّصَ فِيهِ فَقَالَ لَهُ إنَّمَا ذَلِكَ فِي الْحَالِ الشَّدِيدِ
وَفِي النِّسَاءِ قِلَّةٌ فَقَالَ نَعَمْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ
انْتَهَى.
وَلَيْسَ هَذَا فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ بَلْ اسْتَغْرَبَهُ ابْنُ
الْأَثِيرِ فِي جَامِعِ الْأُصُولِ فَعَزَاهُ إلَى رَزِينٍ وَحْدَهُ.
قُلْت قَدْ ذَكَرَهُ الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ فِي تَرْجَمَةِ
أَبِي جَمْرَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَزَاهُ إلَى الْبُخَارِيِّ فِي
النِّكَاحِ بِاللَّفْظِ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ سَوَاءٌ
ثُمَّ رَاجَعْته مِنْ الْأَصْلِ فَوَجَدْته فِي بَابِ النَّهْيُ عَنْ
نِكَاحِ الْمُتْعَةِ أَخِيرًا سَاقَهُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ
وَالْمَتْنِ فَاعْلَمْ ذَلِكَ.
وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فِي مُسْتَخْرَجِهِ بِلَفْظِ
الْجِهَادِ بَدَلَ الْحَالِ الشَّدِيدِ وَيَا عَجَبًا مِنْ
الْمُصَنِّفِ كَيْفَ لَمْ يُرَاجِعْ الْأَطْرَافَ وَهِيَ عِنْدَهُ إنْ
كَانَ خَفِيَ عَلَيْهِ مَوْضِعَهُ مِنْ الْأَصْلِ.
وَرَوَيْنَا فِي كِتَابِ الْغَرَرِ مِنْ الْأَخْبَارِ لِمُحَمَّدِ بْنِ
خَلَفٍ الْقَاضِي الْمَعْرُوفِ بِوَكِيعٍ نَا عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ
نَا أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ نَا حَوِيلٌ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ
عَنْ دَاوُد بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ قُلْت
لِابْنِ عَبَّاسٍ مَا تَقُولُ فِي الْمُتْعَةِ فَقَدْ أَكْثَرَ
النَّاسُ فِيهَا حَتَّى قَالَ فِيهَا الشَّاعِرُ قَالَ وَمَا قَالَ
الشَّاعِرُ قُلْت قَالَ
قَدْ قُلْت لِلشَّيْخِ لَمَّا طَالَ مَحْبِسُهُ ... يَا صَاحِ هَلْ لَك
فِي فَتْوَى ابْنِ عَبَّاسِ
هَلْ لَك فِي رُخْصَةِ الْأَطْرَافِ آنِسَةٌ ... تَكُونُ مَثْوَاك
حَتَّى مَصْدَرِ النَّاسِ
قَالَ وَقَدْ قَالَ فِيهَا الشَّاعِرُ قُلْت نَعَمْ قَالَ فَكَرِهَهَا
أَوْ نَهَى عَنْهَا.
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ نَا ابْنُ السِّمَاكِ نَا الْحَسَنُ بْنُ
سَلَّامٍ نَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ نَا عَبْدُ السَّلَامِ عَنْ
الْحَجَّاجِ عَنْ أَبِي خَالِدٍ عَنْ الْمِنْهَالِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ
جُبَيْرٍ قَالَ قُلْت لِابْنِ عَبَّاسٍ لَقَدْ
__________
1 ينظر: السنن الكبرى للبهقي 7/110.
2 أخرجه الترمذي 3/421، كتاب النكاح: باب ما جاء في تحريم نكاح المتعة،
حديث 1622، والبيقهي في السنن الكبرى 7/204، 205، كتاب النكاح: باب
نكاح المتعة.
(3/345)
سَارَتْ بِفُتْيَاك الرُّكْبَانُ وَقَالَتْ فِيهَا الشُّعَرَاءُ قَالَ
وَمَا قَالُوا فَذَكَرَ الْبَيْتَيْنِ قَالَ فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ
وَاَللَّهِ مَا بِهَذَا أَفْتَيْت وَمَا هِيَ إلَّا كَالْمَيْتَةِ لَا
تَحِلُّ إلَّا لِلْمُضْطَرِّ1.
وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ قَالَ مَا مَاتَ
ابْنُ عَبَّاسٍ حَتَّى رَجَعَ عَنْ هَذِهِ الْفُتْيَا وَذَكَرَهُ أَبُو
عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ أَيْضًا وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي
مُصَنَّفِهِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ
كَانَ يَرَاهَا حَلَالًا وَيَقْرَأُ {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ
مِنْهُنَّ} قَالَ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي حَرْفِ أُبَيِّ بْنِ
كَعْبٍ إلَى أجل مسمى2، وقال وَكَانَ يَقُولُ يَرْحَمُ اللَّهُ عُمَرَ
مَا كَانَتْ الْمُتْعَةُ إلَّا رَحْمَةً مِنْ اللَّهِ رَحِمَ بِهَا
عِبَادَهُ وَلَوْلَا نَهْيُ عُمَرَ مَا اُحْتِيجَ إلَى الزِّنَا
أَبَدًا.
وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ بكير
بن الأشح عَنْ عَمَّارٍ مَوْلَى الشَّرِيدِ سَأَلْت ابْنَ عَبَّاسٍ
عَنْ الْمُتْعَةِ أَسِفَاحٌ هِيَ أَمْ نِكَاحٌ قَالَ لَا سِفَاحَ وَلَا
نِكَاحَ قُلْت فَمَا هِيَ قَالَ الْمُتْعَةُ كَمَا قَالَ اللَّهُ قُلْت
هَلْ عَلَيْهَا حَيْضَةٌ قَالَ نَعَمْ قُلْت يَتَوَارَثَانِ قَالَ
لَا3.
فَائِدَةٌ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ يُوهِمُ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ
انْفَرَدَ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ بِتَجْوِيزِ الْمُتْعَةِ
لِقَوْلِهِ إنْ صَحَّ رُجُوعُهُ وَجَبَ الْحَدُّ لِلْإِجْمَاعِ وَلَمْ
يَنْفَرِدْ ابْنُ عَبَّاسٍ بِذَلِكَ بَلْ هُوَ مَنْقُولٌ عَنْ
جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ غَيْرِهِ.
قَالَ ابْنُ حَزْمٍ فِي الْمُحَلَّى مَسْأَلَةٌ وَلَا يَجُوزُ نِكَاحُ
الْمُتْعَةِ وَهِيَ النِّكَاحُ إلَى أَجَلٍ وَقَدْ كَانَ ذَلِكَ
حَلَالًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ثُمَّ نَسَخَهَا اللَّهُ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ
عَلَيْهِ السَّلَامُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ اُحْتُجَّ
بِحَدِيثِ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ عَنْ أَبِيهِ وَفِيهِ سَمِعْت
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ
يَخْطُبُ وَيَقُولُ "مَنْ كَانَ تَزَوَّجَ امْرَأَةً إلَى أَجَلٍ
فَلْيُعْطِهَا مَا سَمَّى لَهَا وَلَا يَسْتَرْجِعْ مِمَّا أَعْطَاهَا
شَيْئًا وَيُفَارِقْهَا فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ حَرَّمَهَا
عَلَيْكُمْ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ" 4.
قَالَ ابْنُ حَزْمٍ وَمَا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَيْنَا إلَى يَوْمِ
الْقِيَامَةِ فَقَدْ أَمَّنَّا نَسْخَهُ قَالَ وَقَدْ ثَبَتَ عَلَى
تَحْلِيلِهَا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ جَمَاعَةٌ مِنْ السَّلَفِ مِنْهُمْ مِنْ الصَّحَابَةِ
أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَابْنُ
مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَمُعَاوِيَةُ وَعَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ
وَأَبُو سَعِيدٍ وَسَلَمَةُ ومعبد ابنا أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ قَالَ
وروا جَابِرٌ عَنْ الصَّحَابَةِ مُدَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمُدَّةَ أَبِي بَكْرٍ وَمُدَّةَ عُمَرَ
إلَى قُرْبِ آخِرِ خِلَافَتِهِ قَالَ وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ
إنَّمَا أَنْكَرَهَا إذَا لَمْ يَشْهَدْ عَلَيْهَا عَدْلَانِ فَقَطْ
وَقَالَ بِهِ مِنْ التَّابِعِينَ طَاوُسٌ وَعَطَاءٌ وَسَعِيدُ بْنُ
جُبَيْرٍ وَسَائِرُ فُقَهَاءِ
__________
1 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 7/م205، كتاب النكاح: باب نكاح
المتعة.
2 أخرجه عبد الرزاق في مصنفه 7/498، رقم 14022، عن ابن عباس به.
3 ينظر: التمهيد لابن عبد البر 10/115-116.
4 تقدم تخريجه.
(3/346)
مَكَّةَ قَالَ : وَقَدْ تَقَصَّيْنَا الْآثَارَ بِذَلِكَ فِي كِتَابِ
الْإِيصَالِ انْتَهَى كَلَامُهُ.
فَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ عَنْ أَسْمَاءَ فَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ
طَرِيقِ مُسْلِمٍ الْقَرِّيِّ قَالَ دَخَلْت عَلَى أمساء بِنْتِ أَبِي
بَكْرٍ فَسَأَلْنَاهَا عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ فَقَالَتْ
فَعَلْنَاهَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ1.
وَأَمَّا جَابِرٌ فَفِي مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي نَضْرَةَ عَنْهُ
فَعَلْنَاهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ثُمَّ نَهَانَا عَنْهَا عُمَرُ
فَلَمْ نَعُدْ لَهَا2.
وَأَمَّا ابْنُ مَسْعُودٍ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهُ قَالَ رَخَّصَ
لَنَا رَسُولُ اللَّهِ أَنْ نَنْكِحَ الْمَرْأَةَ إلَى أَجَلٍ
بِالشَّيْءِ ثُمَّ قَرَأَ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا
تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أحل الله لكم} 3 [المائدة:87] وَأَمَّا
ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَدْ تَقَدَّمَ وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَلَمْ أَرَ
ذَلِكَ عَنْهُ إلَى الْآنَ ثُمَّ وَجَدْته فِي مُصَنَّفِ عَبْدِ
الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ أَوَّلُ مَنْ
سَمِعْت مِنْهُ الْمُتْعَةَ صَفْوَانُ بْنُ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ
قَالَ أَخْبَرَنِي يَعْلَى أَنَّ مُعَاوِيَةَ اسْتَمْتَعَ بِامْرَأَةٍ
فِي الطَّائِفِ فَأَنْكَرْت ذَلِكَ عَلَيْهِ فَدَخَلْنَا عَلَى ابْنِ
عَبَّاسٍ فَذَكَرْنَا لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ نَعَمْ4.
وَأَمَّا عَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ فَوَقَعَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ
فِيمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ أبي الزبير سمعت جابر يَقُولُ
كُنَّا نَسْتَمْتِعُ بِالْقَبْضَةِ مِنْ الدَّقِيقِ وَالتَّمْرِ
الْأَيَّامَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ حَتَّى نَهَى عَنْهَا عُمَرُ فِي شَأْنِ
عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ5.
وَأَمَّا مَعْبَدُ وَسَلَمَةُ ابْنَا أُمَيَّةَ فذكر عمر بن شبة فِي
أَخْبَارِ الْمَدِينَةِ بِإِسْنَادِهِ أَنَّ سَلَمَةَ بْنَ أُمَيَّةَ
بْنِ خَلَفٍ اسْتَمْتَعَ بِامْرَأَةٍ فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرُ
فَتَوَعَّدَهُ عَلَى ذَلِكَ.
وَأَمَّا قِصَّةُ أيخه مَعْبَدٍ فَلَمْ أَرَهَا وَكَذَلِكَ قِصَّةُ
عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ مَشْرُوحَةٌ.
وَأَمَّا رِوَايَةُ جَابِرٍ عَنْ الصَّحَابَةِ فَلَمْ أَرَهَا صَرِيحًا
وَإِنَّمَا جَاءَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ تَمَتَّعْنَا عَلَى عَهْدِ
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ
وَصَدْرًا مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ وَفِي رِوَايَةٍ فَلَمَّا كَانَ فِي
آخِرِ خِلَافَةِ عُمَرَ وَفِي رِوَايَةٍ تَمَتَّعْنَا عَلَى عَهْدِ
رَسُولِ اللَّهِ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَكُلُّ ذَلِكَ فِي مُسْلِمٍ
وَمُصَنَّفِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ6.
__________
1 أخرجه النسائي في السنن الكبرى 3/326، 327، كتاب النكاح: باب المتعة،
حديث 5540، من طريق شعبة عن مسلم القري عن أسماء بنت أبي بكر.
2 أخرجه مسلم 5/194 –النووي، كتاب النكاح: باب نكاح المتعة، حديث
17-1405، من طريق أبي نضرة عن جابر، فذكره بهذا اللفظ.
3 تقدم تخريجه قريبا.
4 أخرجه عبد الرزاق في المصنف 7/496، 497، رقم 14021.
5 أخرجه مسلم 5/194 –نووي، كتاب النكاح: باب نكاح المتعة، حديث
16-1405، وعبد الرزاق في المصنف 7/500، رقم 14028، من حديث جابر.
6 ينظر السابق.
(3/347)
وَمِنْ الْمَشْهُورِينَ بِإِبَاحَتِهَا ابْنُ جُرَيْجٍ فَقِيهُ مَكَّةَ
وَلِهَذَا قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ فِيمَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي
عُلُومِ الْحَدِيثِ يُتْرَكُ مِنْ قَوْلِ أَهْلِ الْحِجَازِ خَمْسٌ
فَذَكَرَ فِيهَا مُتْعَةَ النِّسَاءِ مِنْ قَوْلِ أَهْلِ مَكَّةَ
وَإِتْيَانَ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ مِنْ قَوْلِ أَهْلِ
الْمَدِينَةِ وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ رَوَى أَبُو عَوَانَةَ فِي
صَحِيحِهِ عن بن جريج أهه قَالَ لَهُمْ بِالْبَصْرَةِ اشْهَدُوا أَنِّي
قَدْ رَجَعْت عَنْهَا بَعْدَ أَنْ حَدَّثَهُمْ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ
حَدِيثًا أَنَّهَا لَا بَأْسَ بِهَا.
قَوْلُهُ رُوِيَ أَنَّ امْرَأَةً كَانَتْ فِي رَكْبٍ فَجَعَلَتْ
أَمْرَهَا إلَى رَجُلٍ فَزَوَّجَهَا فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ فَجَلَدَ
النَّاكِحَ وَالْمُنْكِحَ1 الشَّافِعِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ
وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ
عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ بِهِ وَفِيهِ انْقِطَاعٌ لِأَنَّ
عِكْرِمَةَ لَمْ يُدْرِكْ ذَلِكَ.
__________
1 أخرجه الشافعي في الأم 5/22، وعنه البيهقي في معرفة السنن والآثار
5/236، رقم 4072، وفي السنن الكبرى 7/111، كتاب النكاح: باب لا نكاح
إلا بولي، والدار قطني في سننه 3/225، كتاب النكاح، حديث 20، وابن أبي
شيبة في مصنفه 3/456، رقم 15942.
(3/348)
بَابُ الْأَوْلِيَاءِ وَأَحْكَامِهِمْ
1507 - حَدِيثُ الثَّيِّبُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا
وَالْبِكْرُ بزوجها أَبُوهَا2 الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ
__________
2 أخرجه مالك 2/524، كتاب النكاح: باب استئذان البكر والأيم في
أنفسهما، حديث 4، ومن طريق مالك رواه أحمد 1/241-243، 345، والدارمي
2/138، كتاب النكاح: باب استئمار البكر والثيب، ومسلم 2/1037، كتاب
النكاح: باب استئذان الثيب في النكاح، حديث 66/1421، وأبو داود 2/577،
كتاب النكاح: باب في الثيب، حديث 2098، والترمذي 3/416، كتاب النكاح:
باب ما جاء في استئمار البكر والثيب، حديث 1108، والنسائي 6/84، كتاب
النكاح: باب استئذان البكر في نفسها، وابن ماجة 1/601، كتاب النكاح:
باب استئمار البكر والثيب، حديث 1870، وابن الجارود ص 238، كتاب
النكاح، حديث 709، والشافعي 2/12، كتاب النكاح: باب فيما جاء في الولي،
حديث 24، وعبد الرزاق 6/142، رقم 10283، والدارمي 2/138، كتاب النكاح:
باب استئمار البكر والثيب، وسعيد بن منصور 1/181-182، رقم 556،
والطحاوي في شرح معاني الآثار 4/366، والدار قطني 3/238، 239، كتاب
النكاح، والبيهقي 7/115، كتاب النكاح: باب ما جاء في النكاح، والخطيب
في تاريخ بغداد 5/376، والبغوي في شرح السنة 5/25 –بتحقيقنا، عن عبد
الله بن الفضل عن نافع جبير بن مطعم عن ابن عباس قال: قال رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الأيم أحق بنفسها من وليها،
والبكر تستأمر في نفسها وإذنها صماتها" .
وأخرجه أحمد 1/219، ومسلم 2/1037، كتاب النكاح: باب استئذان الثيب في
النكاح، حديث 67/1421، وأبو داود 2/577-578، كتاب النكاح: باب في
الثيب، حديث 2099، والنسائي 6/85، كتاب النكاح: باب استئمار الأب البكر
في نفسها، والحميدي 1/2239، رقم 517، من طريق زياد بن سعد عن عبد الله
بن الفضل عن نافع عن جبير عن ابن عباس به بلفظ الثيب بدل الأيم.==
(3/348)
حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِهَذَا اللَّفْظِ لَكِنْ قَالَ
يَسْتَأْمِرُهَا بَدَلَ يُزَوِّجُهَا.
وَحَكَى الْبَيْهَقِيّ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّ ابْنَ عُيَيْنَةَ
زَادَ وَالْبِكْرُ يُزَوِّجُهَا أَبُوهَا.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا وَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ
وَهُوَ فِي مُسْلِمٍ بِأَلْفَاظٍ مِنْهَا الثَّيِّبُ أَحَقُّ
بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا وَالْبِكْرُ يَسْتَأْذِنُهَا أَبُوهَا فِي
نَفْسِهَا.
وَقَالَ أَبُو دَاوُد بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَهُ بِلَفْظِ وَالْبِكْرُ
يَسْتَأْمِرُهَا أَبُوهَا وَأَبُوهَا غَيْرُ مَحْفُوظٍ هُوَ مِنْ
قَوْلِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ.
فَائِدَةٌ: يُعَارِضُ الْحَدِيثُ مَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ
عَنْ حُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ أَيُّوبَ
عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ جَارِيَةً بِكْرًا أَتَتْ
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَتْ أَنَّ
أَبَاهَا زَوَّجَهَا وَهِيَ كَارِهَةٌ فخيرها النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1 رحاله ثِقَاتٌ وَأُعِلَّ بِالْإِرْسَالِ
وَتَفَرَّدَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ أَيُّوبَ وَتَفَرَّدَ حُسَيْنٌ
عَنْ جَرِيرٍ وَأَيُّوبَ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ أَيُّوبَ بْنَ سُوَيْد رَوَاهُ عَنْ الثَّوْرِيِّ
عَنْ أَيُّوبَ مَوْصُولًا وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مَعْمَرُ بْنُ جُدْعَانَ
الرَّقِّيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ حِبَّانَ عَنْ أَيُّوبَ مَوْصُولًا.
وَإِذَا اُخْتُلِفَ فِي وَصْلِ الْحَدِيثِ وَإِرْسَالِهِ حُكِمَ لِمَنْ
وَصَلَهُ عَلَى طَرِيقَةِ الْفُقَهَاءِ.
وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ جَرِيرًا تُوبِعَ عَنْ أَيُّوبَ كَمَا تَرَى.
وَعَنْ الثَّالِثِ بِأَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ حَرْبٍ تَابَعَ حُسَيْنَ
بْنَ مُحَمَّدٍ عَنْ جَرِيرٍ وَانْفَصَلَ الْبَيْهَقِيّ عَنْ ذَلِكَ
بِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ زَوَّجَهَا مِنْ غَيْرِ كُفُؤٍ
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَفِي الْبَابِ عَنْ جابر2 عند السنائي وَعَنْ عَائِشَةَ عِنْدَهُ3
أَيْضًا.
__________
=وأخرجه أبو داود 2/578، كتاب النكاح: باب في الثيب، 2100، والنسائي
6/84، كتاب النكاح: باب استئمار الأب البكر في نفسها، وأحمد 1/261، من
طريق صالح بن كيسان عن عبد الله بن الفضل به.
وأخرجه عبد الرزاق 6/142، رقم 10282، من طريق سفيان الثوري عن عبد الله
بن الفضل به.
1 وأخرجه الدار قطني في سننه 3/234، 235، كتاب النكاح، رقم 56،
والبيهقي في السنن الكبرى 7/117، كتاب النكاح: باب لا نكاح إلا بولي.
2 أخرجه النسائي في الكبرى 3/283، كتاب النكاح: باب البكر يزوجها
أبوها، وهي كارهة، رقم 5384، وأخرجه الدار قطني في سننه 3/233، رقم 51،
والبيهقي في السنن الكبرى 7/117، من حديث جابر.
3 أخرجه النسائي في الكبرى 3/284، كتاب النكاح: باب البكر يزوجها أبوها
وهي كارهة، رقم 5390، وأخرجه الدار قطني 3/232، رقم 45، 46، 47،
والبيهقي في السنن الكبرى 7/118، وابن أبي شيبة في مصنفه 3/459، 460،
رقم 15981، عن عائشة.
(3/349)
1508 - حَدِيثٌ "لَيْسَ لِلْوَلِيِّ مَعَ الثَّيِّبِ أَمْرٌ" 1 أَبُو
دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ مَعْمَرٍ عَنْ
صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ نَافِعِ بْنِ حبيب عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ
وَزَادَ وَالْيَتِيمَةُ تُسْتَأْمَرُ وَإِذْنُهَا إقْرَارُهَا
وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ قَالَهُ أَبُو الْفَتْحِ الْقُشَيْرِيُّ وَيُقَالُ
أَنَّ مَعْمَرًا أَخْطَأَ فِيهِ يَعْنِي أَنَّ صَالِحًا إنَّمَا
حَمَلَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الفضيل2 عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ
وَهُوَ قَوْلُ الدَّارَقُطْنِيِّ.
حَدِيثُ عَلِيٍّ ثَلَاثٌ لَا تُؤَخَّرُ الصَّلَاةُ إذَا أَتَتْ
وَالْجِنَازَةُ إذَا حَضَرَتْ وَالْأَيِّمُ إذَا وجدت لها كفؤا
تَقَدَّمَ فِي الصَّلَاةِ وَأَنَّهُ في الترمذي.
1509 - حديث "لا تَنْكِحُوا الْيَتَامَى حَتَّى تَسْتَأْمِرُوهُنَّ" 3
الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَزَادَ فَإِنْ
سَكَتْنَ فَهُوَ إذْنُهُنَّ وَفِي الْحَدِيثِ قِصَّةٌ
وَالدَّارَقُطْنِيّ أَتَمُّ مِنْهُ وَبَيَّنَ أَنَّ الَّذِي زَوَّجَهَا
عَمُّهَا.
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ
حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ
"الْيَتِيمَةُ تُسْتَأْمَرُ فِي نَفْسِهَا فَإِنْ صَمَتَتْ فَهُوَ
إذْنُهَا فان أَبَتْ فَلَا جَوَازَ عَلَيْهَا" 4.
وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد فَإِنْ بَكَتْ أَوْ سَكَتَتْ فَهُوَ
رِضَاهَا قَالَ أَبُو دَاوُد وَهُمْ إدْرِيسُ الْأَوْدِيُّ فِي قِصَّةٍ
بَكَتْ وَلَيْسَتْ بِمَحْفُوظَةٍ.
وَرَوَى ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى
الْأَشْعَرِيِّ بِلَفْظِ تُسْتَأْمَرُ الْيَتِيمَةُ فِي نَفْسِهَا
فَإِنْ سَكَتَتْ فَهُوَ رِضَاهَا وَإِنْ كَرِهَتْ فَلَا كُرْهَ
عَلَيْهَا5.
__________
1 أخرجه أبو داود 2/578 – 579، كتاب النكاح: باب في الثيب، حديث 2100،
والنسائي 6/85، كتاب النكاح: باب استئذان البكر في نفسها، حديث 3263،
وابن حبان 9م399، الإحسان، رقم 4089، والدار قطني 3/239، رقم 66،
والبيهقي 7/118.
2 في ط: الفضيل.
3 أخرجه الدار قطني 3/299، 230ن كتاب النكاح، حديث 35، 36، 37، 40،
والحاكم 2/167، كتاب النكاح: باب لا تنكحوا النساء حتى تستأمروهن،
والبيهقي 7/121، كتاب النكاح: باب ما جاء في نكاح اليتيمة، من حديث ابن
عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تنكح
المرأة اليتيمة إلا بإذنها" لفظ الدار قطني، وهي رواية للدار قطني
والبيهقي: "لا تنكحوا اليتامى حتى تستأمروهن، فإذا سكتن فهو إذنهن" .
وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.
4 أخرجه أبو داود 2/573-574، كتاب النكاح: باب في الاستئمار، حديث
2094، والترمذي 3/417، كتاب النكاح: باب ما جاء في إكراه اليتيمة على
التزويج، حديث 1109، والنسائي 6/87، كتاب النكاح: باب البكر يزوجها
أبوها وهي كارهة، والبيهقي 7/120، كتاب النكاح: باب ما جاء في إنكاح
اليتيمة، من حديث أبي هريرة.
وقال الترمذي: حديث حسن.
5 أخرجه ابن حبان 9/396، 397، الإحسان، رقم 4085، وأخرجه الحاكم 2/166،
167، كتاب النكاح: باب تستأمر اليتيمة في نفسها، والبيهقي 7/120، كتاب
النكاح: باب ما جاء==
(3/350)
تَنْبِيهٌ: قَالَ الرَّافِعِيُّ بَعْدَ سِيَاقِهِ الْحَدِيثَ الَّذِي
أَوْرَدْنَا لَفْظَهُ مِنْ عِنْدِ الْحَاكِمِ هَذَا وَنَحْوُهُ مِنْ
الْأَخْبَارِ فَلِهَذَا حَسُنَ إيرَادُ حَدِيثَيْ أَبِي هُرَيْرَةَ
وَأَبِي مُوسَى مَعَهُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ أَشَارَ إلَيْهِمَا.
وَفِي الْبَابِ عَنْ عَائِشَةَ بِلَفْظِ تُسْتَأْمَرُ النِّسَاءُ فِي
أَبْضَاعِهِنَّ1 الْحَدِيثَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.
1510 - حَدِيثٌ "الثَّيِّبُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا
وَالْبِكْرُ تُسْتَأْذَنُ وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا" مُسْلِمٌ بِهَذَا
اللَّفْظِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ.
وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ لَا تُنْكَحُ الْبِكْرُ
حَتَّى تُسْتَأْذَنَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ إذْنُهَا
قَالَ أَنْ تَسْكُتَ2 مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَعِنْدَهُمَا عَنْ عَائِشَةَ
قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ الْبِكْرَ تَسْتَحِي قَالَ "إذْنُهَا
صَمْتُهَا" 3.
حَدِيثُ الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ4 الشَّافِعِيُّ
وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي يُوسُفَ الْقَاضِي
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَسَيَأْتِي فِي
بَابِ الْوَلَاءِ إنْ شَاءَ اللَّهُ.
حَدِيثُ السُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ الشَّافِعِيُّ
وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُمْ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ
فِي آخِرِ حَدِيثٍ تَقَدَّمَ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ.
1511 - حَدِيثٌ أَنَّ شُعَيْبًا عَلَيْهِ السَّلَامُ زُوِّجَ وَهُوَ
مَكْفُوفُ الْبَصَرِ الْحَاكِمُ فِي
__________
= في إنكاح اليتيمة، من حديث أبي موسى الأشعري قال: سمعت النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "تستأمر اليتيمة في نفسها فإن سكت
فهو رضاها وإن كرهت فلا كره عليها" .
قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين.
1 أخرجه مسلم 5/219 –نووي، كتاب النكاح: باب استئذان الثيب في النكاح
بالنطق، حديث 65-1420.
وبهذا اللفظ: أخرجه البخاري 14/330، الفتح، كتاب الإكراه: باب لا يجوز
نكاح المكره، حديث 6946، والنسائي 6/85، 86، كتاب النكاح: باب إذن
البكر، حديث 3266، وابن حبان 9/393، 394- الإحسان، رقم 4080، 4081،
والبيهقي في السنن الكبرى 7/119، كتاب النكاح: باب ما جاء في نكاح
الثيب، من حديث عائشة به.
2 أخرجه البخاري 10/240 –الفتح، كتاب النكاح: باب لا ينكح الأب وغيره
البكر والثيب إلا برضاهما، حديث 5136، ومسلم 5/218، 219 –نووي، كتاب
النكاح: باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق، والبكر بالسكوت، حديث 64
– 1419، والنسائي 6/85، كتاب النكاح: باب استئمار الأب البكر في نفسها،
حديث 3264، وابن حبان في صحيحه 9/392 –الإحسان، رقم 4079، والبيهقي في
السنن الكبرى 7/122، كتاب النكاح: باب إذن البكر الصمت، وإذن الثيب
الكلام، عن أبي هريرة به.
3 أخرجه البخاري في الصحيح 10/240 –الفتح، كتاب النكاح: باب لا ينكح
الأب وغيره البكر والثيب إلا برضاهما، حديث 5137، ومسلم برقم 1420، وقد
تقدم.
4 سيأتي تخريجه إن شاء الله في باب الولاء.
(3/351)
الْمُسْتَدْرَكِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِإِسْنَادٍ لَا بَأْسَ
بِهِ أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا
ضَعِيفًا} قَالَ كَانَ مَكْفُوفَ الْبَصَرِ1.
وَذَكَرَ الرُّويَانِيُّ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ مِنْ الْبَحْرِ
إنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَعْمَى وَإِنَّمَا طَرَأَ عَلَيْهِ ذَلِكَ بَعْدَ
النُّبُوَّةِ وَأَدَاءِ الرِّسَالَةِ وَفَرَاغِهَا وَمَالَ إلَى هَذَا
شَيْخُ شُيُوخِنَا تَقِيُّ الدِّينِ السُّبْكِيُّ وَنَصَرَهُ وَرَدَّ
مَا يُخَالِفُهُ وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ الَّذِي أَوْرَدْنَاهُ
يَرُدُّ عَلَيْهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي الَّذِي زَوَّجَ مُوسَى وَاسْتَأْجَرَهُ هَلْ
هُوَ شُعَيْبٌ أَوْ غَيْرُهُ فَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّهُ شُعَيْبٌ
وَعَنْ ابْنِ عباس هو يترى صَاحِبُ مَدْيَنَ2 رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ
وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ إلَّا شَيْخَهُ سُفْيَانَ بْنَ وَكِيعٍ وَعَنْ
الْحَسَنِ هُوَ سَيِّدُ أَهْلِ مَدْيَنَ.
وَعَنْ ابْنِ إِسْحَاقَ أَنَّهُ حَبْرُ أَهْلِ مَدْيَنَ وَكَاهِنُهُمْ.
وَعَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ أَنَّهُ يَتْرُونَ ابْنُ أَخِي شُعَيْبٍ3.
وَفِي مُسْنَدِ الدَّارِمِيِّ وَالْحِلْيَةِ عَنْ أَبِي حَازِمٍ
سَلَمَةَ بْنِ دِينَارٍ التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ شُعَيْبٌ النَّبِيُّ
عَلَيْهِ السَّلَامُ4.
فَائِدَةٌ: اسْمُ ابْنَةِ شُعَيْبٍ الَّتِي تَزَوَّجَهَا مُوسَى
صُفُورَا وَأُخْتُهَا شَرْقَاءُ5 رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي
الْمُسْتَدْرَكِ أَيْضًا.
1512 - حَدِيثٌ ابْنِ عَبَّاسٍ لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ مُرْشِدٍ
وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ6 الشَّافِعِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ
ابْنِ خُثَيْمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْهُ مَوْقُوفًا.
وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ بَعْدَ أَنْ رَوَاهُ من طريق أُخْرَى عَنْ ابْنِ
خُثَيْمٍ بِسَنَدِهِ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ "لَا نكاح إلا بولي بِإِذْنِ
وَلِيٍّ مُرْشِدٍ أَوْ سُلْطَانٍ" قَالَ وَالْمَحْفُوظُ الْمَوْقُوفُ
ثُمَّ رَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ الثَّوْرِيِّ عَنْ ابْنِ
__________
1 أخرجه الحاكم في المستدرك 2/568، كتاب التاريخ: باب ذكر شعيب النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وزاد نسبته السيوطي في الدر
المنثور 3/629، لابن أبي حاتم والخطيب وابن عساكر عن ابن عباس، وأخرجه
ابن جرير في تفسيره، عن سعيد بن جبير به في 7/103، رقم 18520، 18521.
وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي.
2 أخرجه ابن جرير في تفسيره 10/60، رقم 27372، 27373، 27374.
3 أخرجه ابن جرير في تفسيره 10/60، رقم 27370، 27371.
4 أخرجه أبو نعيم في الحلية 3/236، وذكره السيوطي في الدر المنثور
5/238، وعزاه لابن عساكر عن أبي حازم.
5 أخرجه الحاكم في المستدرك 2/407، كتاب التفسير: سورة القصص، وقال:
صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
6 أخرجه الشافعي في الأم 5/35، كتاب النكاح: باب بالشهود، والدار قطني
في سننه 3/221، 222، كتاب النكاح، حديث 11، والبيهقي في السنن الكبرى
7/124، كتاب النكاح: باب لا نكاح إلا بولي مرشد.
(3/352)
خُثَيْمٍ بِهِ وَمِنْ طَرِيقِ عَدِيِّ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ ابْنِ
خُثَيْمٍ بِسَنَدِهِ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ "لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ
وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ فَإِنْ أَنْكَحَهَا وَلِيٌّ مَسْخُوطٌ عَلَيْهِ
فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ" 1 وَعَدِيٌّ ضَعِيفٌ.
1513 - حَدِيثُ عُثْمَانَ "لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ وَلَا يُنْكِحُ" 2
مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ عُثْمَانَ وَفِيهِ
قِصَّةٌ وَزَادَ وَلَا يَخْطُبُ وَابْنُ حِبَّانَ وَزَادَ وَلَا
يُخْطَبُ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ وَلَا يَشْهَدُ.
قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ قَالَ الْأَصْحَابُ هَذِهِ
الرِّوَايَةُ غَيْرُ ثَابِتَةٍ وَبِهَذَا جَزَمَ ابْنُ الرِّفْعَةِ
وَالظَّاهِرُ أَنَّ الَّذِي زَادَهَا مِنْ الْفُقَهَاءِ أَخَذَهَا
اسْتِنْبَاطًا مِنْ فِعْلِ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ لَمَّا امْتَنَعَ
مِنْ حُضُورِ الْعَقْدِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
__________
1 ينظر: السنن الكبرى للبيهقي 7/124.
2 أخرجه مالك 1/348، كتاب الحج: باب نكاح المحرم، حديث 70، ومسلم
2/1030ن كتاب النكاح: باب تحريم نكاح المحرم، وكراهية خطبته، حديث
41/1409، وأبو داود 2/421، كتاب المناسك: باب المحرم يتزوج، حديث 1841،
والترمذي 3/199، 200، كتاب الحج: باب النهي عن ذلك [نكاح المحرم] وابن
ماجة 1/632، كتاب النكاح: باب المحرم يتزوج، حديث 1966، وابن الجارود ص
156، باب المناسك، حديث 444، والطحاوي في شرح معاني الآثار 2/268، كتاب
مناسك الحج: باب نكاح المحرم، والدار قطني 2/267ن كتاب الحج: باب
المواقيت، حديث 141ن والبيهقي 5/65، كتاب الحج: باب المحرم لا ينكح ولا
ينكح، والشافعي 1/316، كتاب الحج: باب فيما يباح للمحرم، وما يحرم وما
يترتب على ارتكابه من المحرمات من الجنايات، حديث 821، وأحمد 1/69،
والدارمي 2/141، كتاب النكاح: باب في نكاح المحرم، والطيالسي 1/213،
كتاب الحج والعمرة: باب في نكاح المحرم، حديث 1030ن وابن خزيمة 4/183،
رقم 2649، وابن حبان 6/168، ورقم 4111، والحميدي 1/20، رقم 33، وابن
شاهين في الناسخ والمنسوخ، ص 242 –بتحقيقنا، والبغوي في شرح السنة
4/149 –بتحقيقنا، من طريق أبان بن عثمان عن عثمان بن عفان أن رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا ينكح المرحم ولا ينكح" .
وقال الترمذي: حسن صحيح.
وللحديث شاهد من حديث ابن عمر:
أخرجه الدار قطني 3/261، كتاب النكاح: باب المهر، حديث 60، والطبراني
في الأوسط كما في مجمع الزوائد 4/271، بلفظ: أن رسول الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب
ولا يخطب على غيره" .
وقال الهيثمي: رواه الطبراني في الأوسط عن أحمد بن القاسم فإن كان أحمد
بن القاسم بن عطية فهو ثقة وإن كان غيره فلم أعرفه وبقية رجاله لم
يتكلم فيهم أحد.
وله شاهد أيضا من حديث أنس:
أخرجه الدار قطني 3/261، كتاب النكاح: باب المهر، حديث 61، من طريق
محمد بن إبراهيم الطاحي عن أبان عن أنس قال: قال رسول الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا يتزوج المحرم ولا يزوج" . قال أبو
الطيب آبادي: في التعليق المغني 3/261: محمد بن دينار الطاحي بمهملة
قال النسائي وأبو زرعة: لا بأس به واختلف كلام ابن معين فيه.
(3/353)
1514 - حَدِيثٌ "لَا نِكَاحَ إلَّا بِأَرْبَعَةٍ خَاطِبٍ وَوَلِيٍّ
وَشَاهِدَيْنِ" 1 رُوِيَ مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا الْبَيْهَقِيّ مِنْ
حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا وَفِي إسْنَادِهِ الْمُغِيرَةُ
بْنُ مُوسَى الْبَصْرِيُّ.
قَالَ الْبُخَارِيُّ إنَّهُ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ وَرَوَاهُ
الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ بِلَفْظِ "لَا بُدَّ فِي
النِّكَاحِ مِنْ أَرْبَعَةٍ الْوَلِيِّ وَالزَّوْجِ وَالشَّاهِدَيْنِ"
2 وَفِي إسْنَادِهِ أَبُو الْخَصِيبِ نَافِعُ بْنُ مَيْسَرَةَ
مَجْهُولٌ.
وَأَمَّا الْمَوْقُوفُ فَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي الْخِلَافِيَّاتِ
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَصَحَّحَهُ وَهُوَ عِنْدَ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ
نَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي يَحْيَى عَنْ
الْحَكَمِ بْنِ مُثَنَّى عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَدْنَى مَا
يَكُونُ فِي النِّكَاحِ أَرْبَعَةٌ الَّذِي يُزَوِّجُ وَاَلَّذِي
يَتَزَوَّجُ وَشَاهِدَانِ3.
قَوْلُهُ رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
لِعَلِيٍّ لَا تُؤَخِّرُ أَرْبَعًا فَذَكَرَ مِنْهَا تَزْوِيجَ
الْبِكْرِ إذَا وَجَدْت لَهَا كُفُؤًا تَقَدَّمَ لَكِنْ بِلَفْظِ
ثَلَاثًا فَيُنْظَرُ فِي الرَّابِعَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا سَبْقُ
قَلَمٍ.
حَدِيثٌ نَحْنُ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ شَيْءٌ وَاحِدٌ تَقَدَّمَ فِي
قَسْمِ الصَّدَقَاتِ.
1515 - قَوْلُهُ رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ: "إنَّ اللَّهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ بَنِي إسْمَاعِيلَ
وَاصْطَفَى مِنْ بَنِي كِنَانَةَ قُرَيْشًا وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ
بَنِي هَاشِمٍ" 4 مُسْلِمٌ وَالْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ
وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ.
وَفِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ وَهِيَ لِأَحْمَدَ إنَّ اللَّهَ
اصْطَفَى مِنْ وَلَدِ إبْرَاهِيمَ إسْمَاعِيلَ وَمِنْ وَلَدِ
إسْمَاعِيلَ كِنَانَةَ الْحَدِيثَ.
قُلْت وَلَهُ طُرُقٌ جَمَعَهَا شَيْخُنَا الْعِرَاقِيُّ فِي كِتَابِ
مَحَجَّةُ الْقُرَبِ فِي مَحَبَّةِ الْعَرَبِ.
تَنْبِيهٌ: لَا يُعَارِضُ هَذَا مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا لَيَنْتَهِيَن أَقْوَامٌ
__________
1 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 7/143، كتاب النكاح: باب لا يزوج نفسه
امرأة هو وليها.
وقال البيهقي: ضعيف.
2 أخرجه الدار قطني في سننه 3/225، كتاب النكاح، رقم 19، عن أبي
الخصيب، عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة.
3 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 7/142، 143، كتاب النكاح: باب لا يزوج
نفسه امرأة هو وليها، وابن أبي شيبة في مصنفه 3/456، رقم 15938.
4 أخرجه مسلم 4/1783، كتاب الفضائل: باب فضل نسب النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتسليم الحجر عليه قبل النبوة، حديث 1، 2276،
والبخاري في التاريخ الصغير 1/35، والترمذي 5/544، كتاب المناقب: باب
فضل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حديث 3605، 3606، وأحمد
4/107، وأبو يعلى 13/469-470، رقم 7485، والبيهقي في دلائل النبوة
1/166، والخطيب في تاريخ بغداد 13/64، والبغوي في شرح السنة 7/3
–بتحقيقنا، كلهم من طريق أبي عمار عن واثلة بن الأسقع مرفوعا.
وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
(3/354)
يَفْتَخِرُونَ بِآبَائِهِمْ الذيم موتوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ1
الْحَدِيثَ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُفَاخَرَةِ الْمُفْضِيَةِ
إلَى احْتِقَارِ الْمُسْلِمِ وَعَلَى البطر وغمض النَّاسِ وَحَدِيثُ
وَاثِلَةَ تُسْتَفَادُ مِنْهُ الْكَفَاءَةُ وَيُذْكَرُ عَلَى سبيل
الشكر الْمُنْعِمِ.
1516 - قَوْلُهُ رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ: "الْعَرَبُ أَكْفَاءٌ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ قَبِيلَةٌ
لِقَبِيلَةٍ وَحَيٌّ لِحَيٍّ وَرَجُلٌ لِرَجُلٍ إلَّا حَائِكٌ أَوْ
حَجَّامٌ" 2 الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ ابْنِ أَبِي
مُلَيْكَةَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ بِهِ وَالرَّاوِي عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ
لَمْ يُسَمَّ وَقَدْ سَأَلَ ابْنُ أَبِي حَاتِمِ عَنْهُ أَبَاهُ
فَقَالَ هَذَا كَذِبٌ لَا أَصْلَ لَهُ3.
وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بَاطِلٌ.
وَرَوَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ مِنْ طَرِيقِ
بَقِيَّةَ عَنْ زُرْعَةَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي الْفَضْلِ عَنْ
نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ4.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ لَا يَصِحُّ.
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ عِمْرَانُ بْنُ أَبِي الْفَضْلِ يَرْوِي
الْمَوْضُوعَاتِ عَنْ الثِّقَاتِ5.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ سَأَلْت أَبِي عَنْهُ فَقَالَ مُنْكَرٌ
وَقَدْ حَدَّثَ بِهِ هِشَامُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الرَّازِيّ فَزَادَ
فِيهِ بَعْدَ أَوْ حَجَّامٌ أَوْ دَبَّاغٌ قَالَ فَاجْتَمَعَ عَلَيْهِ
الدَّبَّاغُونَ وَهَمُّوا بِهِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ هَذَا
مُنْكَرٌ مَوْضُوعٌ.
وَذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْعِلَلِ الْمُتَنَاهِيَةِ مِنْ
طَرِيقَيْنِ إلَى ابْنِ عُمَرَ6.
فِي أَحَدِهِمَا عَلِيُّ بْنُ عُرْوَةَ وَقَدْ رَمَاهُ ابْنُ حِبَّانَ
بِالْوَضْعِ.
وَفِي الْآخَرِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ عَطِيَّةَ وَهُوَ متروك
والول فِي ابْنِ عَدِيٍّ وَالثَّانِي فِي الدَّارَقُطْنِيِّ وَلَهُ
طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْ غَيْرِ ابْنِ عُمَرَ رَوَاهُ الْبَزَّارُ فِي
مُسْنَدِهِ مِنْ حَدِيثِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ،
__________
1 أخرجه الترمذي 5/734، كتاب المناقب: باب في فضل الشام واليمن، حديث
3955، من طريق أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة به.
قال الترمذي: حديث حسن غريب.
2 أخرجه الحاكم 2/162، من طريق شجاع بن الوليد ثنا بعض إخواننا عن ابن
جريج عن ابن أبي مليكة عن ابن عمر به، وأخرجه البيهقي 7/135، كتاب
النكاح: باب اعتبار الصنعة في الكفاءة.
وقال الحاكم: هذا حديث غريب صحيح.
وقال صاحب التنقيح كما في نصب الراية 3/197: هذا منقطع إذ لم يسم شجاع
بن الوليد بعض أصحابه.
3 ينظر: علل الحديث لابن أبي حاتم 1/412، رقم 1236.
4 ينظر: التمهيد لابن عبد البر 19/165.
5 ينظر: المجروحين لابن حبان 1/118.
6 أخرجه ابن الجوزي في العلل المتناهية 2/618، رقم 1018، 1019.
(3/355)
رَفَعَهُ الْعَرَبُ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ أَكْفَاءٌ وَالْمَوَالِي
بَعْضُهَا لِبَعْضٍ أَكْفَاءٌ1 وَفِيهِ سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي
الْجَوْنِ.
قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ لَا يُعْرَفُ ثُمَّ هُوَ مِنْ رِوَايَةِ
خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عن مُعَاذٍ وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ.
تَنْبِيهٌ: رَوَى أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ
بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا
"يَا بَنِي بَيَاضَةَ أَنْكِحُوا أَبَا هِنْدٍ وَأَنْكِحُوا عَلَيْهِ"
2 قَالَ وَكَانَ حَجَّامًا إسْنَادُهُ حَسَنٌ.
حَدِيثُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اخْتَارَ الْفَقْرَ
عَلَى الْغِنَى هَذَا الِاخْتِيَارُ3 لَا أَصْلَ لَهُ لَكِنْ
يُسْتَأْنَسُ لَهُ بِمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ أَتَى
بِمَفَاتِيحِ كُنُوزِ الْأَرْضِ فَرَدَّهَا4 لَكِنَّهُ لَا يَنْفِي
مُطْلَقَ الْغِنَى الْمَذْكُورِ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَوَجَدَك
عَائِلًا فَأَغْنَى} وَقَدْ ثَبَتَ فِي السِّيَرِ كُلِّهَا أَنَّهُ
لَمَّا مَاتَ كَانَ مَكْفِيًّا وَثَبَتَ أَنَّهُ اسْتَعَاذَ مِنْ
الْفَقْرِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ وَقَدْ
ذَكَرْنَا شَيْئًا مِنْ هَذَا أَيْضًا فِي الْخَصَائِصِ.
فَائِدَةٌ: قَالَ الشَّافِعِيُّ أَصْلُ الْكَفَاءَةِ فِي النِّكَاحِ
حَدِيثُ بَرِيرَةَ لَمَّا خُيِّرَتْ لِأَنَّهَا إنَّمَا خُيِّرَتْ
لِأَنَّ زَوْجَهَا لَمْ يَكُنْ كُفُؤًا انْتَهَى.
وَقَدْ اخْتَلَفَ السَّلَفُ هَلْ كَانَ عَبْدًا أَوْ حُرًّا وَذَكَرَ
البخاري في الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ كَانَ عَبْدًا
وَسَيَأْتِي.
__________
1 أخرجه البزار كما في نصب الراية 3/198، حدثنا محمد بن المثنى ثنا
سليمان بن أبي الجون ثنا ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن معاذ بن جبل
قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "العرب بعضهم
أكفاء لبعض والموالي بعضهم أكفاء لبعض" .
وقال الزيلعي: ذكره عبد الحق في أحكامه من جهة البزار وقال: إنه منقطع
فإن خالد بن معدان لم يسمع من معاذ. وقال ابن القطان فلي كتابه: وهو
كما قال، وسليمان بن أبي الجون لم أجد له ذكرا اهـ.
والحديث ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 4/278، وقال: رواه البزار
وسليمان بن أبي الجون لم أجد من ذكره.
2 أخرجه أبو داود 2/233، كتاب النكاح: باب في الأكفاء، حدث 2102،
والحاكم في المستدرك 2/164، كتاب النكاح.
قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه.
3 في الأصل: التخيير.
4 أخرجه البخاري في الصحيح 13/296 –الفتح، كتاب الرقاق: باب في الحوض،
حديث 6590، ومسلم 8/61 –نووي، كتاب الفضائل: باب إثبات حوض نبينا
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وصفائه، حديث 30 –2296، من حديث
عقبة بن عامر، وفيه: "وإني قد أعطيت مفاتيح خزائن الأرض، أو مفاتيح
الأرض ..." الحديث.
(3/356)
1517 - حَدِيثُ "الْعُلَمَاءُ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ" 1 أَحْمَدُ
وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حبان عن حَدِيثِ أَبِي
الدَّرْدَاءِ وَضَعَّفَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ وَهُوَ
مُضْطَرِبُ الْإِسْنَادِ قَالَهُ الْمُنْذِرِيُّ وَقَدْ ذَكَرَهُ
الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ بِغَيْرِ إسْنَادٍ.
حَدِيثٌ أَنَّهُ قَالَ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ أَنْكِحِي أُسَامَةَ
فَنَكَحَتْهُ وَهُوَ مَوْلًى وَهِيَ قُرَشِيَّةٌ مُسْلِمٌ مِنْ
حَدِيثِهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ النَّهْيِ أَنْ يَخْطُبَ
الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ.
1518 - حَدِيثٌ "إذَا أَنْكَحَ الْوَلِيَّانِ فَالْأَوَّلُ أَحَقُّ" 2
وَيُرْوَى أَيُّمَا امْرَأَةٍ زَوَّجَهَا وَلِيَّانِ فَهِيَ
لِلْأَوَّلِ مِنْهُمَا أَحْمَدُ وَالدَّارِمِيُّ وَأَبُو دَاوُد
وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ قَتَادَةَ عَنْ
الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ بِاللَّفْظِ الثَّانِي حَسَّنَهُ
التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ أَبُو زُرْعَةَ وَأَبُو حَاتِمٍ
وَالْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ وَذَكَرَهُ فِي النِّكَاحِ
بِأَلْفَاظٍ تُوَافِقُ اللَّفْظَ الْأَوَّلَ وَصِحَّتُهُ مُتَوَقِّفَةٌ
عَلَى ثُبُوتِ سَمَاعِ الْحَسَنِ مِنْ سَمُرَةَ فَإِنَّ رِجَالَهُ
ثِقَاتٌ لَكِنْ قَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى الْحَسَنِ وَرَوَاهُ
الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ
أَيْضًا عَنْ الْحَسَنِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ3.
__________
1 أخرجه أبو داود 1/341، كتاب العلم: باب الحث على طلب العلم، حديث
3641، وابن ماجة 1/81، المقدمة: باب فضل العلماء، والحث على طلب العلم،
وأحمد 223، والدارمي 1/98، باب فضل العلم والعالم، وأحمد 5/196، وابن
حبان 80 –موارد، والبيهقي في الآداب 1188، والطحاوي في مشكل الآثار
1/429، والخطيب في الرحلة في طلب الحديث، رقم 5، والبزار 1/83 –كشف،
رقم 136، وابن عبد البر في جامع بيان العلم، ص 39 – 40، والبغوي في شرح
السنة 1/223 –بتحقيقنا، كلهم من طريق عاصم بن رجاء بن حيوة عن داود بن
جميل عن كثير بن قيس عن أبي الدرداء به، ولفظ البزار: العلماء خلفاء
الأنبياء.
وأخرجه الترمذي 5/48-49، كتاب العلم: باب ما جاء في فضل الفقه على
العبادة، حديث 2682، حدثنا محمود بن خداش البغدادي ثنا محمد بن يزيد
الواسطي ثنا عاصم بن رجاء بن حيوة عن قيس بن كثير عن أبي الدرداء به.
وقال الترمذي: ولا نعرف هذا الحديث إلا من حديث عاصم بن رجاء بن حيوة
وليس هو عندي بمتصل هكذ حدثنا محمود بن خداش بهذا الإسناد وإنما يروى
هذا الحديث عن عاصم بن رجاء بن حيوة عن الوليد بن جميل عن كثير بن قيس
عن أبي الدرداء عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهذا أصح
من حديث محمود بن خداش ورأى محمد بن إسماعيل هذا أصح اهـ.
2 أخرجه أحمد في المسند 5/8، 11، والدارمي 2/139، كتاب النكاح: باب
المرأة يزوجها الوليان، وأبو داود 2/230، كتاب النكاح: باب إذا أنكح
الوليان، حديث 2088، والترمذي 3/409، كتاب النكاح: باب ما جاء في
الوليين يزوجان، حديث 1110، والنسائي 7/314، كتاب البيوع: باب الرجل
يبيع السلعة فيستحقها مستحق، حديث 4682، والحاكم في المستدرك 2/175،
كتاب النكاح، والبيهقي في السنن الكبرى 7/141، كتاب النكاح: باب إنكاح
الوليين، وابن أبي شيبة في مصنفه 3/461، رقم 15994، عن سمرة.
قال الترمذي: حديث حسن.
3 أخرجه الشافعي في الأم 5/26، كتاب النكاح: باب إنكاح الوليين،
والوكالة في النكاح، وأحمد 4/149، والنسائي في الكبرى 4/57، كتاب
البيوع: باب الرجل يبيع السلعة من رجل ثم يبيعها.==
(3/357)
قَالَ التِّرْمِذِيُّ الْحَسَنُ عَنْ سَمُرَةَ فِي هَذَا أَصَحُّ
وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ لَمْ يَسْمَعْ الْحَسَنُ مِنْ عُقْبَةَ
شَيْئًا وَأَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ
قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ أَوْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ1.
1519 - حَدِيثٌ "أَيُّمَا مَمْلُوكٍ أَنْكَحَ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهُ
فَهُوَ عَاهِرٌ" 2 وَيُرْوَى فَنِكَاحُهُ بَاطِلٌ أَحْمَدُ وَأَبُو
دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ مِنْ
حَدِيثِ ابْنِ عَقِيلٍ عَنْ جَابِرٍ بِاللَّفْظِ الْأَوَّلِ.
وَأَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عَقِيلٍ عَنْ ابْنِ
عُمَرَ3.
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ لَا يَصِحُّ إنَّمَا هُوَ عَنْ جَابِرٍ وَأَبُو
دَاوُد مِنْ حَدِيثِ الْعُمَرِيِّ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ
بِاللَّفْظِ الثَّانِي وَتَعَقَّبَهُ بِالتَّضْعِيفِ وَبِتَصْوِيبٍ
وَقَفَهُ4.
وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ بِلَفْظٍ ثَالِثٍ
أَيُّمَا عَبْدٍ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ مَوَالِيهِ فَهُوَ زَانٍ5،
وَفِيهِ مِنْدَلُ بْنُ عَلِيٍّ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ
حَنْبَلٍ هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ.
__________
= بعينها، رقم 6279، والبيهقي في السنن الكبرى 7/140، وابن أبي شيبة في
مصنفه 3/460-461، رقم 15993، عن عقبة بن عامر.
1 أخرجه ابن ماجة 2/738، كتاب التجارات: باب إذا باع المجيزان فهو
للأول، حديث 2180ن عن سعيد عن قتادة عن الحسن عن قبة بن عامر أو سمرة
بن جندب عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "أيما رجل
باع بيعا من رجلين فهو للأول منهما" ولم يذكر موضع الشاهد هنا.
وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى 7/141، فذكره كاملا.
2 أخرجه أحمد 3/301، 382، وأبو داود 2/228، كتاب النكاح: باب في نكاح
العبد بغير إذن سيده، حديث 2078، والترمذي 3/140، كتاب النكاح: باب ما
جاء في نكاح العبد بغير إذن سيده، حديث 1111، والحاكم في المستدرك
7/194، كتاب النكاح، من حديث محمد بن عقيل عن جابر بن عبد الله، فذكره.
قال الترمذي: حسن.
وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
3 أخرجه ابن ماجة 1/630، كتاب النكاح: باب تزويج العبد بغير إذن سيده،
حديث 1959، من هذا الطريق، عن ابن عمر.د
قال البوصيري في الزوائد 2/107: هذا إسناد حسن رواه أبو داود والترمذي،
من حديث جابر بن عبد الله.
4 أخرجه أبو داود 2/228، كتاب النكاح: باب في نكاح العبد بغير إذن
سيده، حديث 2079، عن عبد الله بن عمر [هو العمري] عن نافع عن ابن عمر،
به.
5 أخرجه ابن ماجة 1/630، كتاب النكاح: باب تزيج العبد بغير إذن سيده،
حديث 1960، من طريق مندل عن ابن جريج عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن
عمر، به
قال البوصيري في الزوائد 2/107: هذا إسناد فيه مندل بن علي، وو ضعيف.
(3/358)
وَصَوَّبَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ وَقْفَ هَذَا الْمَتْنِ
عَلَى ابْنِ عُمَرَ وَلَفْظُ الْمَوْقُوفِ أَخْرَجَهُ عَبْدُ
الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ
عُمَرَ أَنَّهُ وَجَدَ1 عَبْدًا لَهُ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِهِ
فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَأَبْطَلَ صَدَاقَهُ وَضَرَبَهُ حَدًّا2.
1520 - حَدِيثٌ أَنَّ بِلَالًا نَكَحَ هَالَةَ بِنْتَ عَوْفٍ أُخْتَ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ
حَنْظَلَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ أُمِّهِ قَالَتْ رَأَيْت أُخْتَ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ تَحْتَ بِلَالٍ3 وَفِي الْبَابِ عَنْ
زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ4 فِي مَرَاسِيلِ أَبِي دَاوُد.
قَوْلُهُ فِي شَرَفِ النَّسَبِ وَمِنْهُ الِانْتِمَاءُ إلَى شَجَرَةِ
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ بَنَى
عُمَرَ دِيوَانَ الْمُرْتَزِقَةِ الشَّافِعِيُّ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي
قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ وَسَبَقَ حَدِيثُ كُلُّ نَسَبٍ
وَسَبَبٍ مُنْقَطِعٌ إلَّا سَبَبِي وَنَسَبِي5.
__________
1 في الأصل: أخذ.
2 أخرجه عبد الرزاق في المصنف 7/243، رقم 12981.
3 أخرجه الدار قطني 3/301، 302، كتاب النكاح، من حديث 207.
4 أخرجه أبو داود في المراسيل ص 194، رقم 229.
5 تقدم تخريجه.
(3/359)
بَابُ موانع النكاح [وأنكحة الكفار]6
1521 - حَدِيثٌ "يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ
الْوِلَادَةِ وَيُرْوَى مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ" 7
__________
6 سقط في ط.
7 أخرجه مالك 2/601، كتاب الرضاع: باب رضاعة الصغير، حديث 1، والبخاري
5/300، كتاب الشهادات: باب الشهادة على الأنساب والرضاع المستفييض،
حديث 2644، ومسلم 2/1068، كتاب الرضاع: باب يحرم من الرضاعة ما يحرم من
الولادة، حديث 2/1444، والنسائي 6/102-103، كتاب النكاح: باب لبن
الفحل، والدارمي 2/155-156، كتاب النكاح: باب ما يحرم من الرضاع، وعبد
الرزاق 7/476، رقم 13952، وأحمد 6/178، وابن الجارود 687، وأبو يعلى
7/338، رقم 4374، والبيهقي 7/159، كتاب النكاح: باب ما يحرم من نكاح
القرابة والرضاع... كلهم من طريق عبد الله بن أبي بكر عن عمرة بنت عبد
الرحمن عن عائشة قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: "يحرم من الرضاع ما يحرم من الولادة" وله لفظ آخر مطولا.
وللحديث طريق آخر عن عائشة:
أخرجه مالك 2/607، كتاب الرضاع: باب جامع ما جاء في الرضاعة، حديث 15،
والشافعي 2/19-20، كتاب النكاح: باب ماء في الرضاع، حديث 59، وعبد
الرزاق 7/477، رقم 13954، وأحمد 6/44، 51، وأبو داود 2/545-546، كتاب
النكاح: باب يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب، حديث 2055، والترمذي
3/453، كتاب الرضاع: باب ما جاء يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، حديث
1147، وابن ماجة 1/623، كتاب النكاح: باب يحرم من الرضاع ما يحرم من
النسب، حديث 1937، والنسائي 6/99، والدارمي 2/156،==
(3/359)
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ بِاللَّفْظِ الْأَوَّلِ.
وَلِلْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِهَا "حَرِّمُوا مِنْ الرَّضَاعَةِ مَا
يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ" .
وَفِي لَفْظٍ لِلنَّسَائِيِّ "مَا حَرَّمَتْهُ الْوِلَادَةُ حَرَّمَهُ
الرَّضَاعُ" .
وَفِي الْبَابِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قِصَّةِ بِنْتِ حَمْزَةَ
فَقَالَ وَإِنَّهُ يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ
النَّسَبِ1 مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ الرَّحِمِ.
1522 - قَوْلُهُ فِي حِلِّ زوحة مَنْ تَبَنَّى أَجْنَبِيًّا لِأَنَّهُ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وزج زَيْدًا زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ
وَكَانَ تَبَنَّاهُ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا.أ
ما قِصَّةُ تَزْوِيجِ زَيْنَبَ فَتَقَدَّمَتْ.
وَأَمَّا كَوْنُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ تَبَنَّى
زَيْدًا2 فَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي تَرْجَمَةِ زَيْدٍ مِنْ
مُسْتَدْرَكِهِ.
1523 - حديث بن عمرو3 "مَنْ نَكَحَ امْرَأَةً ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ
أَنْ يَدْخُلَ بِهَا حَرُمَتْ عَلَيْهِ أُمَّهَاتُهَا وَلَمْ تَحْرُمْ
عَلَيْهِ بِنْتُهَا" 4 التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ
شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ بِمَعْنَاهُ وَقَالَ لَا يَصِحُّ
وَإِنَّمَا رَوَاهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ الْمُثَنَّى بْنُ
الصَّبَّاحِ وَابْنُ لَهِيعَةَ وَهُمَا ضَعِيفَانِ وَقَالَ غَيْرُهُ
يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ ابْنُ لَهِيعَةَ أَخَذَهُ عَنْ الْمُثَنَّى
ثُمَّ أَسْقَطَهُ فَإِنَّ أَبَا حَاتِمٍ قَدْ قَالَ لَمْ يَسْمَعْ
ابْنُ لَهِيعَةَ مِنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ.
تَنْبِيهٌ: تَبَيَّنَ أَنَّ قَوْلَ الرَّافِعِيِّ ابْنُ عُمَرَ فِيهِ
تَحْرِيفٌ لَعَلَّهُ مِنْ النَّاسِخِ وَالصَّوَابُ ابْنُ عَمْرٍو
بِزِيَادَةِ وَاوٍ5.
__________
= كتاب النكاح: باب ما يحرم من الرضاع وسعيد بن منصور 1/273، رقم 953،
وابن حبان 4209 –الإحسان، ومحمد بن نصر المروزي في السنة ص 86، رقم
304، والبيهقي 7/159، كتاب النكاح: باب ما يحرم من نكاح القرابة
والرضاع، والخطيب في تاريخ بغداد 6/333، من طرق عن عروة عن عائشة
مرفوعا، بلفظ يحرم من الرضاعة ما يحرم من الولادة.
وقال الترمذي: حسن صحيح.
1 أخرجه البخاري 10/174 –الفتح، كتاب النكاح: باب {وأمهاتكم اللاتي
أرضعنكم} [النساء: 23] ويحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، حديث 5100،
ومسلم 5/278 –نووي، كتاب الرضاع: باب تحريم ابنة الأخ من الرضاعة، حديث
12/1447، وأخرجه النسائي 6/100، كتاب النكاح: باب تحريم بنت الأخ من
الرضاعة، حديث 3306، وابن ماجة 1/623، كتاب النكاح: باب يحرم من الرضاع
ما يحرم من النسب، حديث 1938، من حديث جابر بن زيد عن ابن عباس، فذكره.
2 أخرجه الحاكم في المستدرك 3/213، كتاب معرفة الصحابة: باب مناقب زيد
بن حارثة.
3 في ط: ابن عمر.
4 أخرجه الترمذي 3/416، كتاب النكاح: باب ما جاء فيمن يتزوج المرأة ثم
يطلقها قبل أن يدخل بها، رقم 1117، عن ابن عمرو، به.
5 وهو ما أثبتناه عاليه.
(3/360)
وَفِي الْبَابِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ قَوْلِهِ أَخْرَجَهُ ابْنُ
أَبِي حَاتِمٍ فِي تَفْسِيرِهِ بِإِسْنَادٍ قَوِيٍّ إلَيْهِ أَنَّهُ
كَانَ يَقُولُ إذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَةً قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ
بِهَا وَمَاتَتْ لَمْ تَحِلَّ لَهُ أُمُّهَا1.
وَنَقَلَ الطَّبَرَانِيُّ فِيهِ الْإِجْمَاعَ لَكِنْ فِي ابْنِ أَبِي
شَيْبَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ كَانَ لا يرى بأسا غذا
طَلَّقَهَا وَيُكْرَهُ إذَا مَاتَتْ عَنْهُ2.
وَرَوَى مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْهُ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ
رَجُلٍ تزوج امرأة3 ثُمَّ مَاتَتْ قَبْلَ أَنْ يُصِيبَهَا هَلْ تَحِلُّ
لَهُ أُمُّهَا قَالَ لَا الْأُمُّ مُبْهَمَةٌ وَإِنَّمَا الشَّرْطُ فِي
الرَّبَائِبِ4.
1524 - قَوْلُهُ رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ: "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا
يَجْمَعْ مَاءَهُ فِي رَحِمِ أُخْتَيْنِ" 5 وَيُرْوَى "مَلْعُونٌ مَنْ
جَمَعَ مَاءً فِي رَحِمِ أُخْتَيْنِ" 6 لَا أَصْلَ لَهُ
بِاللَّفْظَيْنِ وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ اللَّفْظَ
الثَّانِيَ وَلَمْ يَعْزُهُ إلَى كِتَابٍ مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ [وإما
عزاه إلى أصحابه من الفقهاء ويغني عنه حديث فيروز الديلمي]7 وَقَالَ
ابْنُ عَبْدِ الْهَادِي لَمْ أَجِدْ لَهُ سَنَدًا بَعْدَ أَنْ فَتَّشْت
عَلَيْهِ فِي كُتُبٍ كَثِيرَةٍ.
وَفِي الْبَابِ حَدِيثُ أُمِّ حَبِيبَةَ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهَا
قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْكِحْ أُخْتِي قَالَ "لَا تَحِلُّ لِي"
الْحَدِيثَ8 وَلِأَبِي دَاوُد مِنْ حَدِيثِ فَيْرُوزَ الدَّيْلَمِيِّ
قَالَ قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي أَسْلَمْت وَتَحْتِي أُخْتَانِ
فقَالَ لَهُ 9: "طلق أيهما شئت" وللترمذي فِي رِوَايَتِهِ "اخْتَرْ
أَيَّهُمَا
__________
1 أخرجه ابن أبي حاتم كما في الدر المنثور 2/242، وزاد نسبته لابن أبي
شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر والبيهقي في سننه عن ابن عباس.
2 أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه 3/484، رقم 16268، عن زيد بن ثابت به.
3 سقط في ط.
4 أخرجه مالك في الموطأ 2/533، كتاب النكاح: باب ما لا يجوز من نكاح
الرجل أم امرأته، حديث 22، عن يحيى بن سعيد عن زيد بن ثابت، به.
5 ذكره الزيلعي في نصب الراية 3/168، كتاب النكاح: باب فصل في بيان
المحرمات، بهذا اللفظ وقال: حديث غريب.
6 لم أجده بهذا اللفظ.
وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/245، عن وهب به منبه، أنه سئله عن وطء
الأختين الأمتين؟ فقال: أشهد أنه فيما أنزل الله على موسى عليه السلام:
إنه ملعون من جمع بين الأختين.
وعزاه لابن أبي شيبة، وابن المنذر، عن وهب بن منبه.
7 سقط في ط.
8 أخرجه البخاري 10/199-200، كتاب النكاح: باب {وأن تجمعوا بين الأختين
إلا ما قد سلف} [النساء: 23] حديث 5107، ومسلم 5/280 –نووي، كتاب
الرضاع: باب تحريم الربيبتين وأخت المرأة، حديث 15- 1449، والنسائي
6م94، رقم 3284، وابن ماجة 1/623، 624، رقم 1939، عن أم حبيبة.
9 في ط: قال.
(3/361)
شِئْت وَسَيَأْتِي فِي بَابِ نِكَاحِ الْمُشْرِكِ.
حَدِيثُ عَلِيٍّ فِي الْأُخْتَيْنِ سَيَأْتِي أَوَاخِرَ الْبَابِ.
1525 - حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ "لَا تنكح المرأة علىعمتها وَلَا
الْعَمَّةُ عَلَى بِنْتِ أَخِيهَا وَلَا الْمَرْأَةُ عَلَى خَالَتِهَا
وَلَا الْخَالَةُ عَلَى بِنْتِ أُخْتِهَا لَا الْكُبْرَى عَلَى
الصُّغْرَى وَلَا الصُّغْرَى عَلَى الْكُبْرَى" 1 أَبُو دَاوُد
وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ دَاوُد بْنِ أَبِي
هِنْدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْهُ وَلَيْسَ فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيّ
لَا تُنْكَحُ الْكُبْرَى عَلَى الصُّغْرَى إلَى آخِرِهِ.
وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَصْلُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ
طَرِيقِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ لَا يُجْمَعُ
بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا وَلَا بَيْنَ الْمَرْأَةِ
وَخَالَتِهَا2.
وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ قَبِيصَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ
لَا تُنْكَحُ الْعَمَّةُ عَلَى بِنْتِ الْأَخِ وَلَا ابْنَةُ الْأُخْتِ
عَلَى الْخَالَةِ3.
__________
1 علقه البخاري 9/160، كتاب النكاح: باب لا تنكح المرأة على عمتها،
حديث 5108، ووصله أبو داود 2/553، كتاب النكاح: باب ما يكره أن يجمع
بينهن من النساء، حديث 2065، والترمذي 3/433، كتاب النكاح: باب ما جاء
لا تنكح المرأة على عمتها ولا خالتها، حديث 1126ن والنسائي 6/98، كتاب
النكاح: باب تحريم الجمع بين المرأة وخالتها، والدارمي 2/136، كتاب
النكاح: باب الحال التي يجوز للرجل أن يخطب فيها، وأحمد 2/426، وعبد
الرزاق 6/262، رقم 10758، وابن أبي شيبة 4/246، وسعيد بن منصور 1/208،
رقم 652، وابن الجارود رقم 685، ومحمد بن نصر المروزي في السنة ص
78-79، رقم 6641، والسهمي في تاريخ جرجان ص 392، والبيهقي 7/166، كتاب
النكاح: باب ما جاء في الجمع بين المرأة وعمتها وبينها وبين خالتها،
كلهم من طريق داود بن أبي هند عن الشعبي عن أبي هريرة أن رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى أن تنكح المرأة على عمتها أو
على خالتها.
وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، وأخرجه الطبراني في الصغير 1/225-226، من
طريق ابن بزيع عن سليم مولى الشعبي عن الشعبي عن أبي هريرة به.
2 أخرجه مالك 2/532، كتاب النكاح: باب ما لا يجمع بينه من النساء، حديث
20، والبخاري 9/160، كتاب النكاح: باب لا تنكح المرأة على عمتها، حديث
5109، ومسلم 2/1028، كتاب النكاح: باب تحريم الجمع بين المرأة وعمتها
أو خالتها، حديث 33/1408، والشافعي في مسنده 2/18، كتاب النكاح: باب
الترغيب في التزويج، 50، والنسائي 6/96، كتاب النكاح: باب الجمع بين
المرأة وعمتها، والدارمي 2/136، كتاب النكاح: باب الحال التي يجوز
للرجل أن يخطب فيها، وأحمد 2/465، وسعيد بن منصور 1/209 رقم 654، ومحمد
بن نصر في السنة ص 78، رقم 270، 271، والبيهقي 7/165، كتاب النكاح: باب
ما جاء في الجمع بين المرأة وعمتها وبينها وبين خالتها، من طريق أبي
الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة.
3 أخرجه البخاري 9/160، كتاب النكاح: باب لا تنكح المرأة على عمتها،
5110، ومسلم 2/1028، كتاب النكاح: باب تحريم الجمع بين المرأة وعمتها
أو خالتها في النكاح، حديث 35/1408، وأبو داود 2/554، كتاب النكاح: باب
ما يكره أن يجمع بينهن من النساء، حديث 2066، والنسائي 6/96-97، كتاب
النكاح: باب الجمع بين المرأة وعمتها، حديث 3289،==
(3/362)
وَلَهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْهُ "لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ
عَلَى عَمَّتِهَا وَلَا عَلَى خَالَتِهَا" 1.
__________
= واحمد 2/401، 452، 518، ومحمد بن نصر المروزي في السنة ص 78، برقم
272، والبيهقي 7/165، كتاب النكاح: باب ما جاء في الجمع بين المرأة
وعمتها وبينها وبين خالتها من طريق قبيصة بن ذؤيب أنه سمع أبا هريرة
... فذكره.
1 أخرجه مسلم 2/1029، كتاب النكاح: باب تحريم الجمع بين المرأة وعمتها
أو خالتها في النكاح، حديث 37/ 1408، والنسائي 6/97، كتاب النكاح: باب
الجمع بين المرأة وعمتها وسعيد بن منصور 1/208، رقم 650، وأحمد 2/229،
423، وعبد الرزاق 6/261، رقم 10755، ومحمد بن نصر المروزي في السنة ص
78، رقم 269، من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة.
وللحديث طرق أخرى عن أبي هريرة منها:
طريق ابن سيرين:
أخرجه مسلم 2/1029، كتاب النكاح: باب تحريم الجمع بين المرأة وعمتها أو
خالتها، حديث 38/1408، والترمذي 3/433، كتاب النكاح: باب ما جاء لا
تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها، 1125، والنسائي 6/98، كتاب
النكاح: باب تحريم الجمع بين المرأة وعمتها وابن ماجة 1/621، كتاب
النكاح: باب لا تنكح المرأة على عمتها، حديث 1929، وأحمد 1/474، وعبد
الرزاق 6/261، رقم 10753، والطبراني في المعجم الصغير 1/88، وابن عدي
في الكامل 1/416، وأبو نعيم في الحلية 6/307، والبيهقي 7/165، كتاب
النكاح: باب الجمع بين المرأة وعمتها كلهم من طريق محمد بن سيرين عن
أبي هريرة.
وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
طريق عراك بن مالك:
أخرجه مسلم 2/1028، كتاب النكاح: باب تحريم الجمع بين المرأة وعمتها،
حديث 34/1408، والنسائي 6/97، كتاب النكاح: باب الجمع بين المرأة
وعمتها، والبيهقي 7/165، كتاب النكاح: باب الجمع بين المرأة وعمتها.
من طريق عراك بن مالك عن أبي هريرة.
طريق عروة بن الزبير وعبيد الله بن عبد الله:
أخرجه ابن نصر في السنة ص 78، رقم 272، من طريق عقيل عن الزهري عنهما
عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أنه نهى أن
تنكح على عمتها أو على خالتها.
طريق عبد الملك بن يسار:
أخرجه النسائي 6/97، كتاب النكاح: باب الجمع بين المرأة وعمتها، ومحمد
بن نصر المروزي في السنة ص 79، رقم 278، من طريق بكير بن عبد الله
الأشج عن سليمان بن يسار عن عبد الملك بن يسار عن أبي هريرة عن رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا تنكح المرأة على
عمتها ولا على خالتها" .
طريق إبراهيم:
أخرجه سعيد بن منصور 1/208، رقم 653، ثنا هشيم، أنا المغيرة عن إبراهيم
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها، ولا تسأل المرأة طلاق أختها
لتكفئ ما في صحفتها ولتتوج فإنما لها ما كتب لها" .
طريق سعيد بن المسيب وأبي العالية:==
(3/363)
وَفِي رِوَايَةٍ لَا يُجْمَعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا وَلَا
الْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا.
وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ بِنَحْوِهِ عَنْ جَابِرٍ1 وَقِيلَ إنَّ راويه
عاصم2 عَنْ الشَّعْبِيِّ أَخْطَأَ فِي قَوْلِهِ عَنْ جَابِرٍ
وَإِنَّمَا هُوَ أَبُو هُرَيْرَةَ لَكِنْ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ
مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَيْضًا.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ طُرُقُ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ
مُتَوَاتِرَةٌ عَنْهُ وَزَعَمَ قَوْمٌ أَنَّهُ تَفَرَّدَ بِهِ وَلَيْسَ
كَذَلِكَ ثُمَّ سَاقَ لَهُ طُرُقًا عَنْ غَيْرِهِ وَفِي الْبَابِ عَنْ
ابْنِ عَبَّاسٍ3 رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد
__________
=ذكره ابن أبي حاتم في العلل 1/419-420، رقم 1263، قال: سمعت أبي يقول:
حدثنا هارون بن محمد بن بكار عن أبيه عن سعيد بن بشير عن قتادة عن سعيد
بن المسيب وأبي العالية عن أبي هريرة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى أن يتزوج الرجل على عمتها أو على خالتها قال
ابي: يروي هذا الحديث ابن أبي عروبة عن قتادة عن أبي العالية وسعيد بن
المسيب عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسلا قالا: بلغنا
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا تنكح وهو أشبه
وابن أبي عروبة أحفظ" اهـ.
وطريق ابن أبي عروبة، أخرجه العقيلي في الضعفاء 4/37، وقال: المراسيل
في هذا الحديث أولى وقد اختلف على قتادة في هذا الحديث.
فأخرجه العقيلي 4/37، من طريق أبي عاصم ثنا همام عن قتادة عن سعيد بن
المسيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: "لا تنكح المرأة على عمتها وعلى خالتها" .
قال العقيلي، وقد قيل عن أبي عاصم عن همام عن قتادة عن سعيد عن النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسل، اهـ.
1 أخرجه البخاري 9/160، كتاب النكاح: باب لا تنكح المرأة على عمتها،
حديث 5108، والنسائي 6/98، كتاب النكاح: باب تحريم الجمع بين المرأة
وخالتها، وأحمد 3/338ن والطيالسي 1/308، منحة، رقم 1567، وعبد الرزاق
6/262، رقم 10759، ومحمد بن نصر المروزي في السنة ص 79، رقم 273، وأبو
يعلى في مسنده 3/408، رقم 1890، وابن عدي في الكامل 2/660، والبيهقي
7/166، كتاب النكاح: باب الجمع بين المرأة وعمتها، من طريق عاصم بن
سليمان عن الشعبي عن جابر قال: " نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن تنكح المرأة على عمتها أو على خالتها " .
وقد خالفه داود بن أبي هند فرواه عن الشعبي عن أبي هريرة –وقد مر
تخريجه- قال البيهقي: الحفاظ يرون رواية عاصم خطأ. وقد رده الحافظ في
الفتح 9/60، فقال: وهذا الاختلاف لم يقدح عند البخاري لأن الشعبي أشهر
بجابر منه بأبي هريرة وللحديث طرق أخرى عن جابر بشرط الصحيح أخرجها
النسائي من طريق ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر، والحديث محفوظ أيضا
من أوجه عن أبي هريرة لكل من الطريقين ما يعضده اهـ.
وقد تابع أبو الزبير الشعبي على هذا الحديث.
أخرجه النسائي 6/98، كتاب النكاح: باب تحريم الجمع بين المرأة وخالتها،
وابن جميع في معجم الشيوخ، ص 118-119، رقم 69، وص 252-253، رقم 212، من
طريقين عن أبي الزبير عن جابر به.
2 سقط في ط.
3 أخرجه أحمد 1/372، وأبو داود 2/544، كتاب النكاح: باب ما يكره أن
يجمع من النساء، حديث 2067، والترمذي 3/432، كتاب النكاح: باب لا تنكح
المرأة على عمتها ومحمد بن نصر المروزي ص 80، رقم 284، وابن حبان 1275
–موارد، من طريق عكرمة عن ابن عباس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أنه كره أن يجمع بين العمة والخالة وبين الخالتين والعمين.
واللفظ لأبي داود،==
(3/364)
وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ1 رَوَاهُ
ابْنُ مَاجَهْ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ وَعَنْ عَلِيٍّ2 رَوَاهُ الْبَزَّارُ
وَعَنْ ابْنِ3 عُمَرَ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَفِيهِ أَيْضًا عَنْ
سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ4 وَزَيْنَبَ امْرَأَةِ ابْنِ
__________
= وزاد ابن حبان قال: إنكم إذا فعلتم ذلك قطعتم أرحامكم.
وقال الترمذي: حسن صحيح. وصححه ابن حبان.
1 أخرجه أحمد 3/67، وابن ماجة 1/621، كتاب النكاح: باب لا تنكح المرأة
على عمتها ولا على خالتها، حديث 1930، ومحمد بن نصر المروزي في السنة ص
79، رقم 277، من طريق محمد بن إسحاق حدثني يعقوب بن عبد الله بن عتبة
عن سليمان بن يسار عن أبي سعيد قال:سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "ينهى عن نكاحين أن يجمع الرجل بين المرأة وعمتها
وبين المرأة وخالتها " .
قال الحافظ البوصيري فيه نظر لأن ابن إسحاق صرح بالتحديث عند المروزي
في السنة فالسند حسن.
وللحديث طريق آخر:
فأخرجه أبو محمد البخاري في مسند أبي حنيفة كما في جامع المسانيد
للخوارزمي 2/103، بسنده عن أبي حنيفة عن عطية العوفي عن أبي سعيد
الخدري عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: "لا تتزوج
المرأة على عمتها ولا على خالتها" ومن هذا الوجه أخرجه الطبراني في
الأوسط كما في مجمع الزوائد 4/166.
وقال الهيثمي: رواه الطبراني في الأوسط وفيه عطية وهو ضعيف وقد وثق
وفيه ضعيف آخر لا يذكر.
2 أخرجه أحمد 1/77-78، وأبو يعلى 1/297، رقم 360، ومحمد بن نصر المروزي
في السنة ص 80، رقم 283، والبزار 2/164 –كشف، رقم 1434، من طريق ابن
لهيعة ثنا عبد الله بن هبرة عن عبد الله بن زرير عن علي بن أبي طالب أن
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى أن تنكح المرأة على عمتها
أو على خالتها.
قال البزار: لا نعلمه عن علي إلا بهذا الإسناد: والحديث ذكره الهيثمي
في مجمع الزوائد 4/266، وقال: رواه أحمد وأبو يعلى وفيه ابن لهيعة
وحديثه حسن وبقية رجاله ثقات.
3 أخرجه ابن حبان في صحيحه 13/340 –الإحسان، رقم 5996، من حديث طويل،
عن ابن عمر قال: كانت خزاعة حلفاء لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ... فذكره/ من طريق طلحة بن مصرف بن مجاهد عن ابن عمر.
وأخرجه البزار 2/165 –كشف، رقم 1436، ومحمد بن نصر المروزي في السنة ص
80، رقم 284، من طريق كثير بن هشام عن جعفر بن برقان عن الزهري عن سالم
عن أبيه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى أن يجمع بين
المرأة وعمتها وخالتها.
قال البزار: لا نعلم رواه عن الزهري هكذا إلا جعفر ولا عنه إلا كثير.
وقال الهيثمي في المجمع 4/266: رواه الطبراني في الأوسط والبزار ...
رجالهما رجال الصحيح.
وقد أعل هذا الحديث أبو حاتم في العلل 1/4092، 403، برقم 1205.
4 أخرجه ابن عدي في الكامل 3/21، من طريق مؤمل بن إسماعيل ثنا الثوري
عن خالد بن سلمة المخزومي عن سعيد بن المسيب عن سعد قال: قال رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تنكح المرأة على عمتها ولا على
خالتها" .
قال ابن عدي: كذا قال لنا فليه ابن صاعد عن سعيد بن المسيب، وقال غيره:
عن محمد بن ميمون عن عيسى بن طلحة عن سعد هكذا رواه عن ابن ميمون
إبراهيم بن موسى التوزي. وحدثناه أحمد بن==
(3/365)
مَسْعُودٍ1 وَأَبِي أُمَامَةَ وَعَائِشَةَ2 وَأَبِي مُوسَى3 وَسَمُرَةَ
بْنِ جُنْدُبٍ4.
تَنْبِيهٌ قَالَ الشَّافِعِيُّ لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ
وَجْهٍ يُثْبِتُهُ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ إلَّا عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ قَدْ رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ
إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ5.
قُلْت قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الْبُخَارِيَّ أَخْرَجَهُ عَنْ جَابِرٍ.
1526 - قَوْلُهُ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَشَارَ إلَى عِلَّةِ النَّهْيِ فَقَالَ إنَّكُمْ
إذَا فَعَلْتُمْ ذلك
__________
= محمد بن سعيد عن عبد الله بن أبي سعد الوراق عن ابن ميمون ذلك. وهذا
الحديث عن عيسى بن طلحة عن سعد أشبه من سعيد بن المسيب عن سعد لأنه قد
روي عن عيسى بن طلحة عن سعد موقوفا ومرسلا اهـ.
وقد خولف مؤمل في هذا الحديث خالفه عبد الرزاق وأبو عامر فروياه عن
الثوري عن خالد بن سلمة المخزومي عن عيسى بن طلحة قال: نهى رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن تنكح المرأة على قرابتها مخافة
القطيعة.
أخرجه عبد الرزاق 6/263، رقم 10767، وأبو داود في المراسيل ص 182، رقم
208.
1 أخرجه الطبراني في المعجم الكبير 10/9801، والبزار 2/165 –كشف، رقم
1435، من طريق المنهال بن خليفة عن خالد بن سلمة عن عمرو بن الحارث عن
زينب امرأة عبد الله عن ابن مسعود مرفوعا، بلفظ: "لا تنكح المرأة على
عمتها ولا على خالتها، ولا تسأل المرأة طلاق أختها لتكفئ ما في صحفتها"
.
قال البزار: لا نعلمه عن عبد الله عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ إلا بهذا الإسناد.
وقال الهيثمي في المجمع 4/266: رواه الطبراني في الكبير وإسناده منقطع
بين المنهال بن خليفة وعمرو بن الحارث بن أبي ضرار ورجالهما ثقات اهـ.
وهذا الكلام فيه نظر فإن المنهال لم يروه هنا عن عمرو بن الحارث إنما
رواه عن خالد بن سلمة عن عمرو بن الحارث.
2 أخرجه أبو يعلى 8/197-198، رقم 4757، ومحمد بن نصر المروزي في السنة
ص 80، رقم 282، من طريق عبيد الله بن عبد الرحمن بن موهب قال: سمعت
مالك بن محمد بن عبد الرحمن قال: سمعت عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة
قالت: وجد في قائم سيف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
كتابان في أحدهما: "ولا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها" .
ولفظ أبي يعلى مطولا:
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 6/295، وقال: رواه أبو يعلى ورجاله رجال
الصحيح، غير مالك بن أبي الرجال وقد وثقه ابن حبان ولم يضعفه أحد.
3 أخرجه ابن ماجة 1/621،كتاب النكاح: باب لا تنكح المرأة على عمتها ولا
على خالتها، حديث 1931، حدثنا جبارة بن المغلس ثنا أبو بكر النهشلي
حدثني أبو بكر بن أبي موسى عن أبيه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها" .
4 أورده الهيثمي في مجمع الزوائد 4/266، كتاب النكاح: باب ما نهى عن
الجمع بينهن من النساء، وقال: رواه البزار والطبراني في الكبير والأوسط
ورجال البزار ثقات.
5 ينظر: السنن الكبرى للبيهقي 7/166.
(3/366)
قَطَعْتُمْ أرحامكم1،2 ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَابْنُ عَدِيٍّ
مِنْ حَدِيثِ أَبِي حُرَيْزٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ
بِنَحْوِ مَا تَقَدَّمَ وَزَادَ فِي آخِرِهِ هَذِهِ الزِّيَادَةَ
وَرَوَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ مِنْ هَذَا
الْوَجْهِ3 وَأَبُو حُرَيْزٍ بِالْمُهْمَلَةِ وَالرَّاءِ ثُمَّ
الزَّايِ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُسَيْنٍ عَلَّقَ لَهُ
الْبُخَارِيُّ وَوَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَأَبُو زُرْعَةَ وَضَعَّفَهُ
جَمَاعَةٌ فَهُوَ حَسَنُ الْحَدِيثِ.
وَفِي الْبَابِ مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيلِ عَنْ
عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ عَنْ أَنْ تُنْكَحَ
الْمَرْأَةُ عَلَى قَرَابَتِهَا مَخَافَةَ الْقَطِيعَةِ4.
تَنْبِيهٌ: رِوَايَةُ ابْنِ حِبَّانَ بِالنُّونِ بِلَفْظِ الْخَطَّابِ
لِلنِّسَاءِ فِي الْمَوَاضِعِ كُلِّهَا إنَّكُنَّ إذا فعلتن ذلك قطعتن
أرحامكن.
وَرِوَايَةُ ابْنِ عَدِيٍّ بِلَفْظِ الْخَطَّابِ لِلرِّجَالِ
وَبِالْمِيمِ فِي الْمَوَاضِعِ كُلِّهَا وَمَا أَوْرَدَهُ الْمُصَنِّفُ
لَا يُوَافِقُ وَاحِدًا مِنْهُمَا.
قَوْلُهُ5 لَا يُحَرِّمُ الْحَرَامُ الْحَلَالَ هُوَ لَفْظُ حَدِيثٍ
أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَقَدْ تَقَدَّمَ.
1527 - حَدِيثٌ "أَنَّ غَيْلَانَ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ عَشْرُ نِسْوَةٍ
فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اخْتَرْ"
أَرْبَعًا وَفَارَقَ سَائِرَهُنَّ6 الشَّافِعِيُّ عَنْ الثِّقَةِ عَنْ
مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ نَحْوُهُ.
وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ بِهَذَا اللَّفْظِ وَبِأَلْفَاظٍ أُخَرَ
وَرَوَاهُ أَيْضًا التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ كُلُّهُمْ مِنْ
طُرُقٍ
__________
1 في ط: أرحامهن.
2 أخرجه ابن حبان في صحيحه 9/426 –الإحسان، رقم 4116، وابن عدي في
الكامل 4/159، ترجمة أبي حريز، من طريق عن عكرمة عن ابن عباس به. وقد
تقدم.
قال ابن حبان في صحيحه.
قال أبو حاتم: أبو حريز: اسمه عبد الله بن الحسين قاضي سجستان، وأبو
حريز مولى الزهري ضعيف واهي: اسمه سليم، وجميعا يرويان عن الزهري.
3 رواه ابن عبد البر في التمهيد 18/277، 278، عن أبي حريز عن عكرمة عن
ابن عباس به.
4 أخرجه أبو داود في المراسيل ص 182، رقم 208، عن خالد بن سلمة
المخزومي عن عيسى بن طلحة فذكره.
5 في الأصل: حديث.
6 أخرجه الشافعي في الأم 5/53، كتاب النكاح: باب الرجل يسلم وعنده أكثر
من أربع نسوة، وأحمد 2/13، والترمذي 3/435، كتاب النكاح: باب ما جاء في
الرجل يسلم وعنده أكثر من أربع نسوة، حديث 1128، وابن ماجة 1/628، كتاب
النكاح: باب الرجل يسلم وعنده أكثر من أربع نسوة، حديث 1953، وابن حبان
1277 –موارد، وأبو يعلى 9/325، رقم 5437، والدار قطني 3/269، كتاب
النكاح: باب المهر، حديث 95، والحاكم 2/193، كتاب النكاح، والبيهقي
7/181، كتاب النكاح: باب من يسلم وعنده أكثر من أربع نسوة. من طريق
معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه.
(3/367)
عَنْ مَعْمَرٍ مِنْهُمْ ابْنُ عُلَيَّةَ وَغُنْدَرٌ وَيَزِيدُ بْنُ
زُرَيْعٍ وَسَعِيدٌ وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ وَكُلُّهُمْ مِنْ أَهْلِ
الْبَصْرَةِ.
قَالَ الْبَزَّارُ جَوَّدَهُ مَعْمَرٌ بِالْبَصْرَةِ وَأَفْسَدَهُ
بِالْيَمَنِ فَأَرْسَلَهُ.
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ الْبُخَارِيُّ هَذَا الْحَدِيثُ غَيْرُ
مَحْفُوظٍ وَالْمَحْفُوظُ مَا رَوَاهُ شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ
قَالَ حَدَّثْت عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوَيْد الثَّقَفِيِّ أَنَّ
غَيْلَانَ أَسْلَمَ الحديث.
قال البخاري وأما1 حَدِيثَ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ
فَإِنَّمَا هُوَ أَنَّ رَجُلًا مِنْ ثَقِيفٍ طَلَّقَ نِسَاءَهُ فَقَالَ
لَهُ عُمَرُ لِتُرْجِعَن نِسَاءَك أَوْ لَأَرْجُمَنك وَحَكَمَ مُسْلِمٌ
فِي التمييز عَلَى مَعْمَرٍ بِالْوَهْمِ فِيهِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِيهِ وَأَبِي زُرْعَةَ
الْمُرْسَلُ أَصَحُّ2 وَحَكَى الْحَاكِمُ عَنْ مُسْلِمٍ أَنَّ هَذَا
الْحَدِيثَ مِمَّا وَهَمَ فِيهِ مَعْمَرٌ بِالْبَصْرَةِ قَالَ فَإِنْ
رَوَاهُ عَنْهُ ثِقَةٌ خَارِجَ الْبَصْرَةِ حَكَمْنَا لَهُ
بِالصِّحَّةِ وَقَدْ أَخَذَ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ
وَالْبَيْهَقِيُّ بِظَاهِرِ هَذَا الْحُكْمِ فَأَخْرَجُوهُ مِنْ طُرُقٍ
عَنْ مَعْمَرٍ مِنْ حَدِيثِ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَأَهْلِ خُرَاسَانَ
وَأَهْلِ الْيَمَامَةِ عَنْهُ قُلْت وَلَا يُفِيدُ ذَلِكَ شَيْئًا
فَإِنَّ هَؤُلَاءِ كُلَّهُمْ إنَّمَا سَمِعُوا مِنْهُ بِالْبَصْرَةِ
وَإِنْ كَانُوا مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا وَعَلَى تَقْدِيرِ تَسْلِيمِ
أَنَّهُمْ سَمِعُوا3 مِنْهُ بِغَيْرِهَا فَحَدِيثُهُ الَّذِي حَدَّثَ
بِهِ فِي غَيْرِ بَلَدِهِ مُضْطَرِبٌ لِأَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ فِي
بَلَدِهِ مِنْ كُتُبِهِ عَلَى الصِّحَّةِ وأما إذ رَحَلَ فَحَدَّثَ
مِنْ حِفْظِهِ بِأَشْيَاءَ وَهَمَ فِيهَا اتَّفَقَ عَلَى ذَلِكَ أَهْلُ
الْعِلْمِ بِهِ كَابْنِ الْمَدِينِيِّ وَالْبُخَارِيِّ وَأَبِي حَاتِمٍ
وَيَعْقُوبَ بْنِ شَيْبَةَ وَغَيْرِهِمْ وَقَدْ قَالَ الْأَثْرَمُ عَنْ
أَحْمَدَ هَذَا الْحَدِيثُ لَيْسَ بِصَحِيحٍ وَالْعَمَلُ عليه
وَأَعَلَّهُ بِتَفَرُّدِ مَعْمَرٍ بِوَصْلِهِ وَتَحْدِيثِهِ بِهِ فِي
غَيْرِ بَلَدِهِ هَكَذَا.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ طُرُقُهُ كُلُّهَا مَعْلُولَةٌ4 وَقَدْ
أَطَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ تَخْرِيجَ طُرُقِهِ وَرَوَاهُ
ابْنُ عُيَيْنَةَ وَمَالِكٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ مُرْسَلًا وَكَذَا
رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ5 وَقَدْ وَافَقَ مَعْمَرًا
عَلَى وَصْلِهِ بَحْرُ بْنُ كَثِيرٍ السَّقَّا عَنْ الزُّهْرِيِّ
لَكِنْ بَحْرٌ ضَعِيفٌ وَكَذَا وَصَلَهُ يَحْيَى بْنُ سَلَّامٍ عَنْ
مَالِكٍ وَيَحْيَى ضَعِيفٌ.
فَائِدَةٌ قَالَ النَّسَائِيُّ أَنَا أَبُو بَرِيدٍ عَمْرُو بْنُ
يَزِيدَ الْجَرْمِيُّ أَنَا سَيْفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ سَرَّارِ
بْنِ مُجَشِّرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ وَسَالِمٍ عَنْ ابْنِ
عُمَرَ أَنَّ غَيْلَانَ بْنَ سَلَمَةَ الثَّقَفِيَّ أَسْلَمَ
وَعِنْدَهُ عَشْرُ نِسْوَةٍ الْحَدِيثَ وَفِيهِ فَأَسْلَمَ
وَأَسْلَمْنَ مَعَهُ وَفِيهِ فَلَمَّا
__________
1 في ط: وإن.
2 ينظر: علل الحديث لابن أبي حاتم 1/400، 401، رقم 1199.
3 في الأصل: سمعوه.
4 ينظر: التمهيد 12/58.
5 أخرجه عبد الرزاق في مصنفه 7/162، رقم 12621.
(3/368)
كَانَ زَمَنُ عُمَرَ طَلَّقَهُنَّ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ رَاجِعْهُنَّ1
وَرِجَالُ إسْنَادِهِ ثِقَاتٌ وَمِنْ هَذَا الْوَجْهِ أَخْرَجَهُ
الدَّارَقُطْنِيُّ وَاسْتَدَلَّ بِهِ ابْنُ الْقَطَّانِ عَلَى صِحَّةِ
حَدِيثِ مَعْمَرٍ.
قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ وَإِنَّمَا اتَّجَهَتْ تَخْطِئَتُهُمْ حَدِيثَ
مَعْمَرٍ لِأَنَّ أَصْحَابَ الزُّهْرِيِّ اخْتَلَفُوا عَلَيْهِ فَقَالَ
مَالِكٌ وَجَمَاعَةٌ عَنْهُ بَلَغَنِي فَذَكَرَهُ وَقَالَ يُونُسُ
عَنْهُ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سُوَيْد وَقِيلَ عَنْ
يُونُسَ عَنْهُ بَلَغَنِي عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سُوَيْد وَقَالَ
شُعَيْبٌ عَنْهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سُوَيْد وَمِنْهُمْ مَنْ
رَوَاهُ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَسْلَمَ غَيْلَانُ فَلَمْ يَذْكُرْ
وَاسِطَهُ قَالَ فَاسْتَبْعَدُوا أَنْ يَكُونَ عِنْدَ الزُّهْرِيِّ
عَنْ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا ثُمَّ يُحَدِّثُ بِهِ عَلَى
تِلْكَ الْوُجُوهِ الْوَاهِيَةِ وَهَذَا عِنْدِي غَيْرُ مُسْتَبْعَدٍ
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قُلْت وَمِمَّا يُقَوِّي نَظَرَ ابْنِ الْقَطَّانِ أَنَّ الْإِمَامَ
أَحْمَدَ أَخْرَجَهُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ ابْنِ عُلَيَّةَ وَمُحَمَّدِ
بْنِ جَعْفَرٍ جَمِيعًا عَنْ مَعْمَرٍ بِالْحَدِيثَيْنِ مَعًا
حَدِيثُهُ الْمَرْفُوعُ وَحَدِيثُهُ الْمَوْقُوفُ عَلَى عُمَرَ
وَلَفْظُهُ أَنَّ ابْنَ سَلَمَةَ الثَّقَفِيَّ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ
عَشْرُ نِسْوَةٍ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ اخْتَرْ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا فَلَمَّا كَانَ فِي عَهْدِ
عُمَرَ طَلَّقَ نِسَاءَهُ وَقَسَمَ مَالَهُ بَيْنَ بَنِيهِ فَبَلَغَ
ذَلِكَ عُمَرَ فَقَالَ إنِّي لَأَظُنُّ الشَّيْطَانَ مِمَّا يَسْتَرِقُ
مِنْ السَّمْعِ سَمِعَ بِمَوْتِك فَقَذَفَهُ فِي نَفْسِك وَأَعْلَمَك
أَنَّك لَا تَمْكُثُ إلَّا قَلِيلًا وَأَيْمُ اللَّهِ لَتُرَاجِعَن
نِسَاءَك وَلْتُرْجِعَن مَالَك أَوْ لِأُوَرِّثَهُنَّ مِنْك وَلَآمُرَن
بِقَبْرِك فَيُرْجَمَ كَمَا رُجِمَ قَبْرُ أَبِي رِغَالٍ2.
قُلْت وَالْمَوْقُوفُ عَلَى عُمَرَ هُوَ الَّذِي حَكَمَ الْبُخَارِيُّ
بِصِحَّتِهِ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ بِخِلَافِ
أَوَّلِ الْقِصَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَفِي الْبَابِ عَنْ قَيْسِ بْنِ الْحَارِثِ أَوْ الْحَارِثِ بْنِ
قَيْسٍ3 عِنْدَ أَبِي دَاوُد وَابْنِ مَاجَهْ وَعَنْ عُرْوَةَ بْنِ
مَسْعُودٍ4 وَصَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ5 ذَكَرَهُمَا الْبَيْهَقِيّ.
تَنْبِيهٌ وَقَعَ عِنْدَ الْغَزَالِيِّ فِي كُتُبِهِ تَبَعًا
لِشَيْخِهِ فِي النِّهَايَةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ ابْنَ
__________
1 أخرجه الدار قطني في سننه 3/271-273، كتاب النكاح: باب المهر، حديث
104، بهذا الطريق وهذا اللفظ، وكذا البيهقي في السنن الكبرى 7/183.
2 أخرجه أحمد في المسند 2/14.
3 أخرجه أبو داود 2/272، كتاب الطلاق: باب في من أسلم وعنده نساء أكثر
من أربع، حديث 2241، وابن ماجة 1/628، كتاب النكاح: باب الرجل يسلم
وعنده أكثر من أربع نسوة، رقم 1952، عن قيس بن الحارث.
4 أخرجهما البيهقي في السنن الكبرى 7/183، 184، كتاب النكاح: باب من
يسلم وعنده أكثر من أربع نسوة.
5 التخريج السابق.
(3/369)
غَيْلَانَ وَهُوَ خَطَأٌ.
1528 - حَدِيثٌ أَنَّ نَوْفَلَ بْنَ مُعَاوِيَةَ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ
خَمْسُ نِسْوَةٍ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ "أَمْسِكْ أَرْبَعًا وَفَارِقْ الْأُخْرَى" الشَّافِعِيُّ
أَنَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ عَبْدِ
الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيْلٍ عَنْ عَوْفِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ نَوْفَلِ
بْنِ مُعَاوِيَةَ قَالَ أَسْلَمْت فَذَكَرَهُ وَفِي آخِرِهِ قَالَ
فَعَمَدْت إلَى أَقْدَمِهِنَّ صُحْبَةً عجوز عاقل مَعِي مُنْذُ
سِتِّينَ سَنَةً فَطَلَّقْتهَا1.
1529 - حَدِيثُ عَائِشَةَ جَاءَتْ امْرَأَةُ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ
إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ
إنِّي كُنْت عِنْدَ رِفَاعَةَ فَطَلَّقَنِي فَبَتَّ طَلَاقِي2
الْحَدِيثَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ قَالَتْ
عَائِشَةُ
__________
1 أخرجه الشافعي في الأم 5/77، كتاب النكاح: باب الرجل يسلم وعنده أكثر
من أربع نسوة، وفي المسند 2/16، رقم 44، وأخرجه البيهقي في السنن
الكبرى 7/184، كتاب النكاح: باب من يسلم وعنده أكثر من أربع نسوة.
2 أخرجه أحمد 6/226، والبخاري 5/249، كتاب الشهادات: باب شهادة
المختبئ، حديث 2639، ومسلم 2/1055-1056، كتاب النكاح: باب لا تحل
المطلقة ثلاثا لمطلقها حتى تنكح زوجا غيره، حديث 111/1433، والترمذي
2/293، كتاب النكاح: باب ما جاء فيمن يطلق امرأته ثلاثا، حديث 1118،
والنسائي 6/148، كتاب الطلاق، باب إحلال المطلقة ثلاثا، وابن ماجة
1/621-622، كتاب النكاح: باب الرجل يطلق امرأته ثلاثا، حديث 1932،
والدارمي 2/161، كتاب الطلاق: باب ما يحل المرأة لزوجها الذي طلقها....
والشافعي 2/34، 35، كتاب الطلاق، حديث 110، والحميدي 1/111، رقم 226،
وعبد الرزاق 6/346، 347، رقم 11131، والطيالسي 1/314-315، رقم 1612،
1613، وسعيد بن منصور 2/73-74، رقم 1985، وأبو يعلى 7/397، رقم 4423،
وابن حبان 4199 –الإحسان، والبيهقي 7/373-374، والبغوي في شرح السنة
5/169، بتحقيقنا، من طريق الزهري عن عروة عن عائشة قالت: جاءت امرأة
رفاعة القرظي إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالت: كنت
عند رفاعة فطلقني فبت طلاقي فتزوجت بعده عبد الرحمن بن الزبير وإنما
معه مثل هدبة الثوب، فقال: "أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ لا: حتى تذوقي
عسيلته ويذوق عسيلتك" .
وقال الترمذي: حسن صحيح.
وللحديث طرق أخرى عن عائشة:
فأخرجه البخاري 9/284، كتاب الطلاق: باب من قال لامرأته أنت علي حرام،
حديث 5265، ومسلم 2/1057، كتاب النكاح: باب لا تحل المطلقة ثلاثا
لمطلقها حتى تنكح زوجا غيره، حديث 114/1433، وأحمد 6/229، والدارمي
2/162، من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة به.
وأخرجه مسلم 2/1057، كتاب النكاح: باب لا تحل المطلقة ثلاثا لمطلقها
حتى تنكح زوجا غيره، حديث 115/1433، وأحمد 6/193، وأبو يعلى 8/373-374،
رقم 4964، من طريق القاسم بن محمد عن عائشة.
وأخرجه أبو داود 1/705، كتاب الطلاق: باب في المبتوتة لا يرجع إليها
زوجها حتى تنكح زوجا غيره، حديث 2309، وأحمد 6/42، من طريق الأسود عن
عائشة.==
(3/370)
.......................................................................................
__________
=وأخرجه البخاري 10/293، من طريق عبد الوهاب عن أيوب عن عكرمة أن رفاعة
طلق امرأته فتزوجها عبد الرحمن بن الزبير القرظي، قالت عائشة: وعليها
خمار أخضر، فشكت إليها، وأرتها خضرة بجلدها، فلما جاء رسول الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والنساء ينصر بعضهن بعضا، قالت عائشة: ما
رأيت مثل ما يلقى المؤمنات لجلدها أشد خضرة من ثوبها. قال: وسمع أنها
قد أتت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فجاءه ومعه هدية
من ثوبها، فقال: كذبن والله يا رسول الله، إني لأنفضها نفض الأديم،
ولكنها ناشز تريد رفاعة، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: "فإن كان ذلك لم تحلي له أو تصلحي له حتى يذوق من عسيلتك"
قال: وأبصر معه ابنين له فقال: بنزك هؤلاء؟ قال: نعم. قال: "هذا الذي
تزعمين ما تزعمين؟ فوالله لهم أشبه به من الغراب بالغراب"
وفي الباب عن ابن عمر وعبيد الله بن عباس وأنس بن مالك والفضل بن عباس.
حديث ابن عمر:
أخرجه أحمد 2/85، والنسائي 6/148-149، كتاب النكاح، وابن ماجة 1/622،
كتاب النكاح: باب الرجل يطلق امرأته ثلاثا فيتزوج فيطلقها 1933، من
طريق محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن علقمة بن مرشد، سمعت سالم بن رزين
يحدث عن سالم بن عبد الله بن عمر عن سعيد بن المسيب عن ابن عمر به.
وأخرجه أحمد 2/62، والنسائي 6/149، والبيهقي 7/375، من طريق سفيان عن
علقمة بن مرشد عن رزين بن سليمان عن ابن عمر.
قال النسائي: هذا أولى بالصواب.
وأخرجه أبو يعلى 1/214، والنسائي 6/148، كتاب الطلاق: باب إحلال
المطلقة ثلاثا عه إن الغميصاء أو الرميصاء أتت النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تشتكي زوجها أنه لا يصل إليها، فلم يلبث أن جاء
زوجها فقال: يا رسول الله، كاذبة، وهو يصل إليها ولكنها تريد أن ترجع
إلى زوجها الأول، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"ليس ذلك حتى تذوقي عسيلته" .
وأخرجه أبو يعلى 12/85-86، رقم 6718، عن عبيد الله بن عباس والفضل بن
عباس به.
قال الهيثمي في المجمع 4/343، رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح.
حديث أنس بن مالك:
أخرجه أحمد 3/284، والبزار 2/195 –كشف، رقم 1505، وأبو يعلى 7/207، رقم
4199، عنه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن رجل طلق
امرأته ثلاثا فتزوجت زوجا فمات عنها قبل أن يدخل بها هل يتزوجها الأول؟
قال: "لا حتى يذوق علسيلتها" .
قال الهيثمي في المجمع 4/343، وقال: رواه أحمد والبزار وأبو يعلى
والطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح خلا محمد بن دينار الطاحي وقد
وثقه أبو حاتم وأبو زرعة وابن حبان وفيه كلام لا يضر.
حديث الفضل بن عباس، انظر حديث عبيد الله بن العباس.
(3/371)
فَصَارَ ذَلِكَ سُنَّةً بَعْدَهُ وَلِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ
مَرْفُوعًا الْعُسَيْلَةُ1 هِيَ الْجِمَاعُ وَبِهَذَا قَالَ أَكْثَرُ
أَهْلِ الْعِلْمِ وَعَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ هِيَ الْإِنْزَالُ.
1530 - حَدِيثٌ "لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ" 2
التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ
وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ وَابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ عَلَى شَرْطِ
الْبُخَارِيِّ.
وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى أَخْرَجَهَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ معمر عن
العمش عن عبد اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ الْحَارِثِ عَنْ ابْنِ
مَسْعُودٍ وَأُخْرَى أَخْرَجَهَا إِسْحَاقُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ
زَكَرِيَّا بْنِ عدي عن عبيد اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَعَنْ عَبْدِ
الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ عَنْ أَبِي الْوَاصِلِ عَنْهُ3.
وَفِي الْبَابِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ4 أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ وَفِي
إسْنَادِهِ زَمْعَةُ بْنُ صَالِحٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ.
وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ
مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ5 وَفِي إسْنَادِهِ مُجَالِدٌ وَفِيهِ ضَعْفٌ
وَقَدْ صَحَّحَهُ ابْنُ السَّكَنِ وَأَعَلَّهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ
رُوِيَ عَنْ مُجَالِدٍ عَنْ الشعبي عن جابر عن علي6 وَهُوَ وَهْمٌ.
وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَالْبَيْهَقِيُّ وَالْبَزَّارُ
وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ وَالتِّرْمِذِيُّ فِي الْعِلَلِ
مِنْ
__________
1 قال ابن الأثير في النهاية 3/237: شبه لذة الجماع بذوق العسل فاستعار
لها ذوقا، وإنما أنث لأنه أراد قطعة من العسل.
2 أخرجه أحمد 1/448، والترمذي 3/428-429، كتاب النكاح: باب المحل
والمحلل له، حديث 1120، والنسائي والدارمي 2/158، كتاب النكاح: باب في
النهي عن التحليل، والبيهقي 7/208، كتاب النكاح: باب ما جاء في نكاح
المحلل من طرق عن سفيان بن مسعود قال: لعن رسول الله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المحلل والمحلل له.
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
3 وأخرجه أحمد 1/450-451، وأبو يعلى 8/468، رقم 5054، والبغوي في شرح
السنة 5/78، بتحقيقنا، من طريق عبد الكريم الجزري عن أبي واصل عن ابن
مسعود به.
4 أخرجه ابن ماجة 1/622، كتاب النكاح: باب المحل والمحلل له، حديث
1934، حدثنا محمد بن بشار ثنا أبو عامر عن زمعة بن صالح عن سلمة بن
وهرام عن عكرمة عن ابن عباس قال: لعن رسول الله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المحلل والمحلل له، قال البوصيري في الزوائد 2/102،
هذا إسناد ضعيف، بضعف زمعة بن صالح.
رواه أبو يعلى في مسنده حدثنا أبو هشام حدثنا أبو عامر حدثنا زمعة
فذكره بزيادة في آخره.
5 أخرجه أحمد 1/87، 107، 121، 133، 150، 158، وأبو داود 2/562، كتاب
النكاح: باب في التحليل، حديث 2076، والترمذي 3/427، كتاب النكاح: باب
المحل والمحلل له، حديث 1119، وابن ماجة 1/622، كتاب النكاح: باب
المحلل والمحلل له، حديث 1935، وأبو يعلى 1/323، 324، رقم 402،
والبيهقي 7/208، كتاب النكاح: باب في نكاح المحلل، كلهم من طريق عامر
الشعبي عن الحارث عن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لعن الله المحلل والمحلل له" .
6 سقط في ط.
(3/372)
حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ1 وَحَسَّنَهُ الْبُخَارِيُّ وَرَوَاهُ ابْنُ
مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ اللَّيْثِ عَنْ مِشْرَحِ بْنِ
هَاعَانَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ2 وَأَعَلَّهُ أَبُو زُرْعَةَ
وَأَبُو حَاتِمٍ بِأَنَّ الصَّوَابَ رِوَايَةُ اللَّيْثِ عَنْ
سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُرْسَلًا.
وَحَكَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ اسْتَنْكَرَهُ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ ذَكَرْته لِيَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ فَأَنْكَرَهُ
إنْكَارًا شَدِيدًا وَقَالَ إنَّمَا حَدَّثَنَا بِهِ اللَّيْثُ عَنْ
سُلَيْمَانَ وَلَمْ يَسْمَعْ اللَّيْثُ مِنْ مِشْرَحٍ شَيْئًا قُلْت
وَوَقَعَ التَّصْرِيحُ بِسَمَاعِهِ فِي رِوَايَةِ الْحَاكِمِ وَفِي
رِوَايَةِ ابْنِ مَاجَهْ مِنْ اللَّيْثِ قَالَ لِي مِشْرَحٌ وَرَوَاهُ
ابْنُ قَانِعٍ فِي مُعْجَمِ الصَّحَابَةِ مِنْ رِوَايَةِ عُبَيْدِ بْنِ
عُمَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ.
فَائِدَةٌ: اسْتَدَلُّوا بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى بُطْلَانِ
النِّكَاحِ إذَا شَرَطَ الزَّوْجُ أَنَّهُ إذَا نَكَحَهَا بَانَتْ
مِنْهُ أَوْ شَرَطَ أَنَّهُ يُطَلِّقُهَا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ
وَحَمَلُوا الْحَدِيثَ عَلَى ذَلِكَ وَلَا شَكَّ أَنَّ إطْلَاقَهُ
يَشْمَلُ هَذِهِ الصُّورَةَ وَغَيْرَهَا لَكِنْ رَوَى الْحَاكِمُ
وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي غَسَّانَ عَنْ
عُمَرَ بْنِ نَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إلَى ابْنِ
عُمَرَ فَسَأَلَهُ عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثَةً
فَتَزَوَّجَهَا أَخٌ لَهُ عَنْ غَيْرِ مُؤَامَرَةٍ لِيُحِلَّهَا
لِأَخِيهِ هَلْ يَحِلُّ لِلْأَوَّلِ قَالَ لَا إلَّا بِنِكَاحِ
رَغْبَةٍ كُنَّا نَعُدُّ هَذَا سِفَاحًا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ3.
__________
1 أخرجه أحمد 2/323، وابن الجارود 684، والبزار 2/167 –كشف، رقم 1442،
وابن أبي حاتم في العلل 1/413، رقم 1237، والبيهقي 7/208، من طريق عبد
الله بن جعفر المخرمي عن عثمان بن محمد عن المقبري عن أبي هريرة قال:
قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لعن الله المحلل
والمحلل له" .
2 أخرجه ابن ماجة 1/623، كتاب النكاح: باب المحلل والمحلل له، حديث
1936، والدار قطني 3/251، كتاب النكاح، حديث 28، والحاكم 2/199،
والبيهقي 7/208، كتاب النكاح: باب نكاح المحلل، وابن الجوزي في العلل
المتناهية 2/646، من طريق الليث عن مشرح بن هاعان عن عقبة بن عامر قال:
قال رسول الله صلى عليه وسلم: "ألا أخبركم بالتيس المستعار وهو المحل
والمحلل له لعن الله المحلل والمحلل له" .
وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي وقال: وقد ذكر أبو
صالح كاتب الليث عن ليث سماعه من مشرح.
ثم ساقه من طريقه عن الليث قال: سمعت مشرح به ثم قال: صحيح الإسناد
ووافقه الذهبي. وقد أعل أبو زرعة هذا الحديث بعدم سماع الليث من مشرح
في العلل 1/411، رقم 1232.
3 أخرجه الحاكم في المستدرك 2/199، كتاب الطلاق، والطبراني في الأوسط
7/136، 137، رقم 6242، والبيهقي في السنن الكبرى 7/208، كتاب النكاح:
باب ما جاء في نكاح المحلل، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 4/270،
وعزاه للطبراني في الأوسط قال: ورجاله رجال الصحيح، وصححه الحاكم.
(3/373)
وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ لَيْسَ الْحَدِيثُ عَلَى عُمُومِهِ فِي كُلِّ
مُحَلِّلٍ إذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَدَخَلَ فِيهِ كُلُّ وَاهِبٍ
وَبَائِعٍ وَمُزَوِّجٍ فَصَحَّ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ بَعْضُ
الْمُحَلِّلِينَ وَهُوَ مَنْ أَحَلَّ حَرَامًا لِغَيْرِهِ بِلَا
حُجَّةٍ فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِيمَنْ شَرَطَ ذَلِكَ
لِأَنَّهُمْ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا لَمْ يَنْوِ
تَحْلِيلَهَا لِلْأَوَّلِ ونونه هِيَ أَنَّهَا لَا تَدْخُلُ فِي
اللَّعْنِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الشَّرْطُ وَاَللَّهُ
أَعْلَمُ.
1531 - قَوْلُهُ رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى
أن تنكح المة عَلَى الْحُرَّةِ1 سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي السُّنَنِ
عَنْ ابْنِ عُلَيَّةَ عَمَّنْ سَمِعَ الْحَسَنَ بِهَذَا مُرْسَلًا.
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَالطَّبَرِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ بِسَنَدٍ
مُتَّصِلٍ إلَى الْحَسَنِ2 وَاسْتَغْرَبَهُ مِنْ حَدِيثِ عَامِرٍ
الْأَحْوَلِ عَنْهُ وَإِنَّمَا الْمَعْرُوفُ رِوَايَةُ عَمْرِو3 بْنِ
عُبَيْدٍ عَنْ الْحَسَنِ وَهُوَ الْمُبْهَمُ فِي رِوَايَةِ سَعِيدِ
بْنِ مَنْصُورٍ قَوْلُهُ وَيُرْوَى عَنْ عَلِيٍّ وَجَابِرٍ مَوْقُوفًا
مِثْلَهُ.
أَمَّا عَلَيَّ فَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ
عَلِيٍّ أَنَّ الْأَمَةَ لَا يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تَزَوَّجَ4 عَلَى
الْحُرَّةِ5 الْحَدِيثُ مَوْقُوفٌ وَسَنَدُهُ حَسَنٌ وَفِي لَفْظِ لَا
تُنْكَحُ الْأَمَةُ عَلَى الْحُرَّةِ.
وَأَمَّا جَابِرٌ فَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي
الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا يَقُولُ لَا تُنْكَحُ الْأَمَةُ
عَلَى الْحُرَّةِ وَتُنْكَحُ الْحُرَّةُ عَلَى الْأَمَةِ6
وَلِلْبَيْهَقِيِّ نَحْوُهُ وَزَادَ وَمَنْ وَجَدَ صَدَاقَ حُرَّةٍ
فَلَا7 يَنْكِحْنَ أَمَةً أَبَدًا8 وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَهُوَ
عِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ أيضا مفردا9.
1532 - حديث "سنوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ" يَعْنِي
الْمَجُوسَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَالشَّافِعِيُّ عَنْهُ عَنْ
جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ مَا أَدْرِي مَا
أَصْنَعُ فِي أَمْرِهِمْ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ
أَشْهَدُ لَسَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَقُولُ سنوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ10
__________
1 أخرجه سعيد بن منصور في سننه 1/229، رقم 741، والبيهقي في السنن
الكبرى 7/175، كتاب النكاح: باب لا تنكح أمة على حرة، وتنكح الحرة على
الأمة، عن الحسن مرسلا.
2 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 7/175، كتاب النكاح: باب لا تنكح أمة
على حرة، والطبري ي تفسيره 4/19، رقم 9069، من طريق عاصم الأحول عن
الحسن موصولا.
3 في ط: عامر.
4 في الأصل: تتزوج.
5 أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف 3/467، رقم 16074، والبيهقي في السنن
الكبرى 7/175، كتاب النكاح: باب لا تنكح أمة على حرة وتنكح الحرة على
الأمة.
6 أخرجه عبد الرزاق في المصنف 7/265، رقم 13089، من حديث جابر.
7 في الأصل: ينكح.
8 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 7/175، كتاب النكاح: باب لا تنكح أمة
على حرة، وتنكح الحرة على الأمة، بهذه الزيادة، وبهذا الإسناد عن جابر.
9 أخرجه عبد الرزاق 7/264، رقم 13082.
10 أخرجه مالك 1/278، كتاب الزكاة: باب جزية أهل الكتاب والمجوس، حديث
42، والشافعي 2/130، كتاب الجهاد: باب ما جاء في الجزية، حديث 430،
وعبد الرزاق 6/68-69،==
(3/374)
قَالَ مَالِكٌ يَعْنِي فِي الْجِزْيَةِ وكذ رَوَاهُ يَحْيَى
الْقَطَّانُ عَنْ جَعْفَرٍ أَخْرَجَهُ أَبُو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ
الْأَمْوَالِ وَهُوَ مُنْقَطِعٌ لِأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ لَمْ
يَلْقَ عُمَرَ وَلَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو عَلِيٍّ
الْحَنَفِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ.
قَالَ الْخَطِيبُ فِي الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ تَفَرَّدَ بِقَوْلِهِ
عَنْ جَدِّهِ أَبُو عَلِيٍّ.
قُلْت وَسَبَقَهُ إلَى ذَلِكَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي غَرَائِبِ مَالِكٍ
وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ مُنْقَطِعٌ لِأَنَّ عَلَيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ لَمْ
يَلْقَ عُمَرَ وَلَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ
فِي جَدِّهِ يَعُودُ عَلَى مُحَمَّدٍ فَجَدُّهُ حُسَيْنٌ سَمِعَ
مِنْهُمَا لَكِنْ فِي سَمَاعِ مُحَمَّدٍ مِنْ حُسَيْنٍ نَظَرٌ كَبِيرٌ.
وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ بِسَنَدٍ حَسَنٍ
قَالَ نَا إبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ نَا أَبُو رَجَاءٍ جَارٌ
لِحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ نَا الْأَعْمَشُ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ
قَالَ كُنْت عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَذَكَرَ مَنْ عِنْدَهُ
الْمَجُوسَ فَوَثَبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فَقَالَ أَشْهَدُ
بِاَللَّهِ على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لسمعته
يَقُولُ إنَّمَا الْمَجُوسُ طَائِفَةٌ من أهل الكتاب فاحمولهم عَلَى
مَا تَحْمِلُونَ عَلَيْهِ أَهْلَ الْكِتَابِ.
1533 - قَوْلُهُ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّ
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "سُنُّوا بِهِمْ
سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ غَيْرُ نَاكِحِي نِسَائِهِمْ وَآكِلِي
ذَبَائِحِهِمْ" تَقَدَّمَ دُونَ الِاسْتِثْنَاءِ لَكِنْ رَوَى عَبْدُ
الرَّزَّاقِ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ
الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ كَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى مَجُوسِ هَجَرَ يَعْرِضُ
عَلَيْهِمْ الْإِسْلَامَ فَمَنْ أَسْلَمَ قُبِلَ وَمَنْ أَصَرَّ
ضُرِبْت عليه الجزية على أن لا تُؤْكَلَ لَهُمْ ذَبِيحَةٌ وَلَا
تُنْكَحُ لَهُمْ امْرَأَةٌ1.
وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ غَيْرُ نَاكِحِي نِسَائِهِمْ وَلَا
آكِلِي ذَبَائِحِهِمْ وَهُوَ مُرْسَلٌ وَفِي إسْنَادِهِ قَيْسُ بْنُ
الرَّبِيعِ وَهُوَ ضَعِيفٌ.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَإِجْمَاعُ أَكْثَرِ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِ
يُؤَكِّدهُ.
تَنْبِيهٌ: تَبَيَّنَّ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ فِي حَدِيثِ عَبْد
الرَّحْمَنِ مَدْرَجٌ وَنَقَلَ الْحَرْبِيُّ الْإِجْمَاعَ
__________
= كتاب أهل الكتاب: باب أخذ الجزية من المجوس، حديث 10025، وابن أبي
شيبة 12/243، كتاب الجهاد: باب ما قالوا في المجوس تكون عليهم جزية،
حديث 12696، وأبو عبيد في الأموال ص 40، حديث 78، والبيهقي 9/189-190،
كتاب الجزية: باب المجوس أهل الكتاب والجزية تؤخذ منهم، وأبو يعلى
2/168، رقم 862، كلهم من حديث جعفر بن محمد عن أبيه، أن عمر بن الخطاب
ذكر المجوس فقال: ما أدري كيف أصنع في أمرهم، فقال عبد الرحمن بن عوف
أشهد سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "سنوا
بهم سنة أهل الكتاب" وفي تنوير الحوالك 1/207، قال ابن عبد البر: هذا
حديث منقطع فإن محمد بن علي لم يلق عمر ولا عبد الرحمن بن عوف.
1 أخرجه عبد الرزاق في مصنفه 6/69، 70، رقم 10028، وابن أبي شيبة
6/429، كتاب الجهاد: باب ما قالوا في المجوس تكون عليهم جزية، رقم
32645، والبيهقي في السنن الكبرى 9/192، كتاب الجزية: باب الفرق بين
نكاح نساء من يؤخذ منه الجزية وذبائحهم.
(3/375)
عَلَى الْمَنْعِ إلَّا عَنْ أَبِي ثَوْرٍ وَرَدَّهُ ابْنُ حَزْمٍ
بِأَنَّ الْجَوَازَ ثَبَتَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَيْضًا
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِهِ جَوَازُ التَّسَرِّي
مِنْ الْمَجُوسِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ1 وَعَنْ عَطَاءٍ وَطَاوُسٍ
وَعَمْرِو بْنِ دِينَارِ كَذَلِكَ.
قَوْلُهُ فِيمَا إذَا اسْتَبْهَمَ الْحَالَ يُؤْخَذُ فِي نِكَاحِهِمْ
بِالِاحْتِيَاطِ وَتَقْرِيرُ2 الْجِزْيَةِ تَغْلِيبًا لِلْحَقِّ
وَبِذَلِكَ حَكَمَتْ الصَّحَابَةُ فِي نَصَارَى الْعَرَبِ وَهُمْ
بُهْرًا وَتَنُوخَ وَتَغْلِبَ كَذَا قَالَ وَالْمَنْقُولُ عَنْ كَثِيرٍ
مِنْ الصَّحَابَةِ خِلَافُ ذَلِكَ.
قَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ نَا عَفَّانُ نَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ
عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسِ
قَالَ كُلُوا ذَبَائِحَ بَنِي ثَعْلَبَ وَتَزَوَّجُوا نِسَاءَهُمْ
فَإِنَّ اللَّهُ تَعَالَى يَقُول {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا
تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَّارِي أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ
أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} فَلَوْ لَمْ يَكُونُوا مِنْهُمْ إلَّا
بِالْوِلَايَةِ لَكَانُوا مِنْهُمْ3.
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ قَالَ الزُّهْرِيُّ لَا بَأْسَ بِذَبِيحَةِ
نَصَارَى الْعَرَبِ وَإِنْ سَمِعْته يُسَمِّي لِغَيْرِ اللَّهِ فَلَا
تَأْكُلْ وَإِنْ لَمْ تَسْمَعْهُ فَقَدْ أَحَلَّهُ اللَّهُ لَك
وَعُلِمَ كُفْرُهُمْ انْتَهَى وَهَذَا وَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ4
نَعَمْ فِيهِ مِنْ طَرِيقِ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ عَنْ عَلِيٍّ
أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ ذَبَائِحَ نَصَارَى بَنِي ثَعْلَبَ
وَنِسَاءَهُمْ وَيَقُولُ هُمْ مِنْ الْعَرَبِ5 وَعَنْ جَابِرِ بْنِ
زَيْدٍ أَحَدِ التَّابِعِينَ نَحْوِهِ6.
وَرَوَى الشَّافِعِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ لَا
تَأْكُلُوا ذَبَائِحَ نَصَارَى بَنِي ثَعْلَبَ7 نَعَمْ أَخَذَ
الصَّحَابَةُ الْجِزْيَةَ مِنْ نَصَارَى بَنِي ثَعْلَبَ وَغَيْرِهِمْ
كَمَا سَيَأْتِي فِي الْجِزْيَةِ وَإِنَّمَا تَكَلَّمْنَا عَلَى
التَّفْصِيلِ الَّذِي ذَكَرَهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُمْ أَخَذُوا
مِنْهُمْ الْجِزْيَةَ وَمُنِعُوا مِنْ ذَبَائِحِهِمْ وَفِيهِ مَا
ذَكَرْنَا8.
__________
1 أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه 6/431، كتاب الجهاد: باب ما قالوا في
المجوس تسبى وتوطأ رقم 32663، عن الثقفي عن مثنى عن عمرو بن شعيب عن
سعيد بن المسيب قال: لا بأس أن يشتري الرجل الجارية المجوسية فيتسراها.
2 في الأصل: وتقرر.
3 أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه 3/477، كتاب النكاح: باب في الرجل يتزوج
المرأة على صداق عاجل أو آجل، رقم 16197، عن 10037.
4 ينظر: المصنف لعبد الرزاق 6/73، رقم 10037.
5 أخرج نحوه عبد الرزاق في "مصنفه" 6/72، 73، رقم 10033-10036، عن
عبيدة السلماني عن علي، وكذا البيهقي في السنن الكبرى من هذا الطريق
9/217.
6 أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه 3/477، رقم 16195، عن جابر بن زيد به.
7 أخرجه الشافعي في مسنده 2/174، كتاب الصيد والذبائح، رقم 613، عن
عبيدة السلماني عن علي، وقد تقدم عند عبد الرزاق والبيهقي.
8 في الأصل: ذكرناه.
(3/376)
1534 - حَدِيثٌ "مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ" 1 الْبُخَارِيُّ
فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قِصَّةٍ.
حَدِيثُ الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ أَجْمَعَ الصَّحَابَةُ عَلَى أن لا
يَنْكِحُ الْعَبْدُ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَتَيْنِ2 ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ
وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ.
وَرَوَى الشَّافِعِيُّ عَنْ عُمَرَ قَالَ يَنْكِحُ الْعَبْدُ
امْرَأَتَيْنِ3 وَرَوَاهُ عَنْ عَلِيٍّ4 وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ
عَوْفٍ5 قَالَ الشَّافِعِيُّ وَلَا يُعْرَفُ لَهُمْ مِنْ الصَّحَابَةِ
مُخَالِفُ وَأَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَطَاءٍ
وَالشَّعْبِيِّ وَالْحَسَنِ وَغَيْرِهِمْ6.
حَدِيثُ عَلِيٍّ مَنْ وَطِئَ إحْدَى الْأُخْتَيْنِ فَلَا يَطَأُ
الْأُخْرَى حَتَّى يُخْرِجَ الْمَوْطُوءَةَ عَنْ مِلْكِهِ مَوْقُوفٌ
ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ نَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ مُوسَى بْنُ
أَيُّوبَ عَنْ عَمِّهِ إيَاسِ بْنِ عَامِرٍ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ
سَأَلْته عَنْ رَجُلٍ لَهُ أَمَتَانِ أُخْتَانِ وَطِئَ إحْدَاهُمَا
ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَطَأَ الْأُخْرَى قَالَ لَا حَتَّى يُخْرِجَهَا
عَنْ مِلْكِهِ قُلْت فَإِنَّ زَوْجَهَا عَبْدُهُ قَالَ لَا حَتَّى
يُخْرِجَهَا عَنْ مِلْكِهِ7 زَادَ ابْنُ عَبْدُ الْبَرِّ فِي
الِاسْتِذْكَارِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِي
عَنْ مُوسَى أَرَأَيْت إنْ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا
أَلَيْسَ تَرْجِعُ إلَيْك لَأَنْ تُعْتِقُهَا أَسْلَمَ لَك قَالَ ثُمَّ
أَخَذَ عَلِيٌّ بِيَدِي فَقَالَ إنَّهُ يُحَرَّمُ عَلَيْك مِمَّا
مَلَكَتْ يَمِينُك مَا يُحَرَّمُ عَلَيْك مِنْ الْحَرَائِرِ إلَّا
الْعَدَدَ8 وَرُوِيَ
__________
1 أخرجه البخاري 6/258 –فتح الباري، كتاب الجهاد والسير: باب لا يعذب
بعذاب الله، حديث 3017، وأخرجه أحمد 1/217، 282، وأبو داود 4/126، كتاب
الحدود: باب الحكم فيمن ارتد، حديث 4351، والترمذي 4/59، كتاب الحدود:
باب ما جاء في المرتد، حديث 1458، والنسائي ، /104، كتاب تحريم الدم:
باب الحكم في المرتد، رقم 4060، وابن ماجة 2/848، حديث 2535، وعبد
الرزاق في مصنفه رقم 28706، من حديث ابن عباس.
2 أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه 3/465، كتا بالنكاح: باب في المملوك، كم
يتزوج من النساء؟ رقم 16044، والبيهقي في السنن الكبرى 7/158، كتاب
النكاح: باب نكاح العبد وطلاقه، عن ليث عن الحكم به.
3 أخرجه الشافعي في الأم 5/67، كتاب النكاح: باب نكاح العدد ونكاح
العبيد، والبيهقي من طريق في السنن الكبرى 7/158، كتاب النكاح: باب
نكاح العبد وطلاقه، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
4 أخرجه الشافعي كما في معرفة السنن والآثار 5/281، 282، وفي السنن
الكبرى للبيهقي 7/158، عن علي.
5 أخرجه كما في معرفة السنن والآثار 5/282، رقم 4146، عن عبد الرحمن بن
عوف.
6 أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه 3/464، كتاب النكاح: باب في المملوك، كم
يتزوج من النساء؟، أرقام: 16037، 16038، 16040.
7 أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه 3/482، كتاب النكاح: باب في الرجل يكون
عنده الأختان مملوكتان فيطأهما جميعا، رقم 16252، عن علي به.
8 أخرجه ابن عبد البر في الاستذكار 16/252، رقم 24314، عن علي به.
(3/377)
عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ أَحَلَّتْهُمَا
آيَةٌ1 وَحَرَّمَتْهُمَا آيَةٌ أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ وَابْنُ أَبِي
شَيْبَةَ أَيْضًا وَابْنِ مَرْدُوَيْهِ من طرق عنه والمشهود أَنَّ
الْمُتَوَقِّفَ فِيهِ عُثْمَانُ أَخْرَجَهُ مَالِكٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ
عَنْ قَبِيصَةَ عَنْهُ وَفِيهِ أَنَّهُ لَقِيَ رَجُلًا فَقَالَ لَوْ
كَانَ لِي مِنْ الْأَمْرِ شَيْءٌ لَجَعَلَتْهُ نَكَالًا2 قال الزهري3
أُرَاهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ.
وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ
عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ سَأَلَ رَجُلٌ عُثْمَانَ فَذَكَرَهُ وَصَرَّحَ
بِهِ عَلِيٌّ4.
وَفِي الْبَابِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ
مِنْ طَرِيقِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْهُ قَالَ يُحَرَّمُ مِنْ الْإِمَاءِ
مَا يُحَرَّمُ مِنْ الْحَرَائِرِ إلَّا الْعَدَدَ5 وَإِسْنَادُهُ
مُنْقَطِعٌ وَفِيهِ أَيْضًا عَبْدَةُ بن عَمَّارٍ وَعَنْ النُّعْمَانَ
بْنِ بَشِيرٍ وَابْنِ عُمَرَ وَجَمَاعَةٍ مِنْ التَّابِعِينَ.
حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ6 فِي قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ
مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ}
الْآيَةَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ فِي التَّفْسِيرِ مِنْ
طَرِيقِ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ
عَنْهُ.
حَدِيثٌ أَنَّ الصَّحَابَةَ تَزَوَّجُوا الْكِتَابِيَّاتِ وَلَمْ
يَبْحَثُوا الْبَيْهَقِيّ عَنْ عُثْمَانَ أَنَّهُ نَكَحَ ابْنَةَ
الْفُرَافِصَةَ الْكَلْبِيَّةَ وَهِيَ نَصْرَانِيَّةٌ عَلَى نِسَائِهِ
ثُمَّ أَسْلَمَتْ عَلَى يَدَيْهِ7.
__________
1 أخرجه البزار في المسند 2/304، رقم 730ن وابن أبي شيبة في مصنفه
3/482، رقم 16253، والبيهقي في السنن الكبرى 7/164، عن علي.
2 أخرجه مالك في الموطأ ف/538، 589، كتاب النكاح: باب ما جاء في كراهية
إصابة الأختين بملك اليمين، والمرأة وابنتها، رقم 34، وأخرجه عبد
الرزاق في المصنف 7/189، رقم 12728، وابن أبي شيبة في مصنفه 3/483، رقم
16264، والبيهقي في السنن الكبرى 7/163، 164، كتاب النكاح: باب ما جاء
في تحريم الجمع بين الأختين، وبين المرأة وابنتها في الوطء بملك
اليمين، وابن عبد البر في الاستذكار 16/249، 250، رقم 1095، من طريق
ابن شهاب عن قبيصة بن ذؤيب عن عثمان بن عفان رضي الله عنه، فذكره.
3 في ط: الترمذي، والصحيح ما أثبتناه.
4 ينظر السابق.
5 أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه 3/483، رقم 16263، والبيهقي في السنن
الكبرى 7/163، من طريق ابن سيرين عن عبد الله بن عتبة عن عبد الله بن
مسعود به.
6 أخرجه ابن أبي حاتم في الدر المنثور 2/253، والبيهقي في السنن الكبرى
7/173، كتاب النكاح: باب ما جاء في نكاح إماء المسلمين، وزاد نسبته
السيوطي في الدر المنثور لابن جرير وابن المنذر من طريق معاوية بن صالح
عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، يقول: "من لم يكن له سعة أن ينكح
الحرائر فلينكح إماء المسلمين" ... فذكره.
7 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 7/172، كتاب النكاح: باب نكاح حرائر
أهل الكتاب وإمائهم وإماء المسلمين.
(3/378)
وَلَهُ عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ تَزَوَّجَ كِتَابِيَّةَ1 وَفِي
رِوَايَةٍ لَهُ أَنَّ عُمَرَ أَمَرَهُ أَنْ يُفَارِقَهَا2 وَفِي
رِوَايَةٍ لَهُ أَنَّ حُذَيْفَةَ كَتَبَ إلَيْهِ أَحَرَامٌ هُوَ قَالَ
لَا3.
وَرَوَى الشَّافِعِيُّ عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ
فَقَالَ تَزَوَّجْنَاهُنَّ فِي زَمَنِ الْفَتْحِ بِالْكُوفَةِ مَعَ
سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ فَذَكَرَ قِصَّةً وَفِيهَا نِسَاؤُهُمْ
لَنَا حِلٌّ وَنِسَاؤُنَا عَلَيْهِمْ حَرَامٌ4 وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي
شَيْبَةَ نَحْوَهُ.
وَرَوَى الْبَيْهَقِيّ مِنْ حَدِيثِ هُبَيْرَةَ عَنْ عَلِيٍّ تَزَوَّجَ
طَلْحَةُ يَهُودِيَّةً5 وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ بِلَفْظِ
تَزَوَّجَ رَجُلٌ مِنْ الصَّحَابَةِ نحوه6، وَرُوِيَ أَيْضًا بِسَنَدٍ
لَا بَأْسَ بِهِ عَنْ شَقِيقٍ قَالَ تَزَوَّجَ حُذَيْفَةُ امْرَأَةً
يَهُودِيَّةً فَكَتَبَ إلَيْهِ عُمَرُ خَلِّ سَبِيلَهَا فَكَتَبَ
إلَيْهِ إنْ كَانَتْ حَرَامًا فَعَلْت فَكَتَبَ عُمَرُ إنِّي لَا
أَزْعُمُ أَنَّهَا حَرَامٌ لَكِنْ أَخَافُ أَنْ تَكُونَ مُومِسَةً7
وَفِي الْبَيْهَقِيّ عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ أَنَّ طَلْحَةُ نَكَحَ
امْرَأَةً مِنْ كَلْبٍ نَصْرَانِيَّةً8.
فَائِدَةٌ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ نِكَاحُ الْكِتَابِيَّاتِ جَائِزٌ
بِالْإِجْمَاعِ إلَّا عَنْ ابْنِ عُمَرَ.
حَدِيثُ عَلِيٍّ أَنَّهُ كَانَ لِلْمَجُوسِ كِتَابٌ فَأَصْبَحُوا
وَقَدْ أُسْرِيَ بِهِ الشَّافِعِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ سَعِيدِ بْن
الْمَرْزُبَانَ عَنْ نَصْرِ بْنِ عَاصِمٍ قَالَ قَالَ فَرْوَةُ بن نوفل
على م تُؤْخَذُ الْجِزْيَةُ مِنْ الْمَجُوسِ وَلَيْسُوا بِأَهْلِ
كِتَابٍ فَذَكَرَ الْقِصَّةَ فِي إنْكَارِ الْمُسْتَوْرَد عَلَيْهِ
ذَلِكَ وَفِيهَا فَقَالَ عَلِيٌّ أَنَا أَعْلَمُ النَّاسِ بِالْمَجُوسِ
كَانَ لَهُمْ عِلْمٌ يُعَلِّمُونَهُ وَكِتَابٌ يُدَرِّسُونَهُ وَإِنَّ
مَلِكَهُمْ سَكِرَ فَوَقَعَ عَلَى ابْنَتِهِ أَوْ أُخْتِهِ فَاطَّلَعَ
عَلَيْهِ بَعْضُ أَهْلِ مَمْلَكَتِهِ فَلَمَّا أَصْبَحَ جَاءُوا
لِيُقِيمُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ فَامْتَنَعَ مِنْهُمْ فَدَعَا أَهْلَ
مَمْلَكَتِهِ فَقَالَ تَعْلَمُونَ دِينًا خَيْرًا مِنْ دِينِ آدَمَ
قَدْ كَانَ آدَم يَنْكِحُ بَنِيهِ مِنْ بَنَاتِهِ فَأَنَا عَلَى دِينِ
آدَمَ وَمَا نَرْغَبُ بِكُمْ عَنْ دِينِهِ فَبَايَعُوهُ عَلَى ذَلِكَ
وَقَاتَلُوا مَنْ خَالَفَهُمْ فَأَصْبَحُوا وَقَدْ أُسْرِيَ عَلَى
كِتَابِهِمْ فَرُفِعَ مِنْ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ وَذَهَبَ الْعِلْمُ
الَّذِي فِي صُدُورِهِمْ وَهُمْ أَهْلُ كِتَابٍ وَقَدْ أَخَذَ رَسُولُ
اللَّهِ مِنْهُمْ الْجِزْيَةَ9.
__________
1 ينظر المصدر السابق.
2 ينظر المصدر السابق.
3 ينظر المصدر السابق.
4 أخرجه الشافعي في الأم 5/10، كتاب النكاح: باب نكاح حرائر أهل
الكتاب، ومن طريق البيهقي في السنن الكبرى 7/172، وبنحوه أخرجه ابن أبي
شيبة في مصنفه 3/475، رقم 16169، عن جابر.
5 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 7/172، كتاب النكاح: باب نكاح حرائر
أهل الكتاب وإمائهم وإما المسلمين، وابن أبي شيبة في مصنفه 3/475، رقم
16167، عن هبيرة عن علي به.
6 سقط في ط.
7 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 7/172، وابن أبي شيبة في مصنفه 3/474،
475، رقم 16163.
8 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 7/172.
9 أخرجه الشافعي في الأم 4/245، كتاب الجزية: باب من يلحق بأهل الكتاب،
والبيهقي في السنن الكبرى 9/188، 189، كتاب الجزية: باب المجوس أهل
كتاب والجزية تؤخذ منهم، وذكره السيوطي في الدر المنثور 3/412، وعزاه
لعبد الرزاق في المصنف، عن علي.
(3/379)
قَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَهِمَ فِيهِ ابْنُ عُيَيْنَةَ فَقَالَ نَصْرُ
بْنُ عَاصِمٍ وَإِنَّمَا هُوَ عِيسَى بْنُ عَاصِمٍ قَالَ وَكُنْت
أَظُنُّ أَنَّ الْخَطَأَ مِنْ الشَّافِعِيِّ إلَى أَنْ وَجَدْت
غَيْرَهُ تَابَعَهُ عَلَيْهِ وَقَدْ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ فَضْلٍ
وَالْفَضْلُ بْنُ مُوسَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمَرْزُبَانَ عَنْ عِيسَى
بْنِ عَاصِمٍ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَحَدِيثُ عَلِيٌّ هَذَا مُتَّصِلٌ
وَبِهِ نَأْخُذُ وَهَذَا كَالتَّوْثِيقِ مِنْهُ لِسَعِيدِ بْنِ
الْمَرْزُبَانَ1 وَهُوَ أَبُو سَعْدٍ الْبَقَّالِ وَقَدْ ضَعَّفَهُ
الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ.
وَقَالَ يَحْيَى الْقَطَّانِ لَا أَسْتَحِلُّ الرِّوَايَةَ عَنْهُ
ثُمَّ هُوَ بَعْدَ ذَلِكَ مُنْقَطِعٌ لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ ظَنَّ
أَنَّ الرِّوَايَةَ مُتْقَنَةٌ وَأَنَّهَا عَنْ نَصْرِ بْنِ عَاصِمٍ
وَقَدْ سَمِعَ مِنْ عَلِيٍّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا هِيَ عَنْ
عِيسَى بْنِ عَاصِمٍ كَمَا بَيِّنَاهُ وَهُوَ لَمْ يَلْقَ عَلِيًّا
وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ وَلَا مِمَّنْ دُونَهُ كَابْنِ عَبَّاسٍ
وَابْنِ عُمَرَ نَعَمْ لَهُ شَاهِدٌ يُعْتَضَدُ بِهِ أَخْرَجَهُ عَبْدُ
بْنُ حُمَيْدٍ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ الْحَسَنِ الأشيب عن يعقوب العمى
عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ
أَبْزَى قَالَ قَالَ عَلِيٌّ كَانَ الْمَجُوسُ أَهْلَ كِتَابٍ
وَكَانُوا مُتَمَسِّكِينَ بِهِ فَذَكَرَ الْقِصَّةَ وَهَذَا إسْنَادٌ
حَسَنٌ وَحَكَى ابْنُ عَبْدُ الْبَرِّ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ أَنَّهُ
قَالَ لَا أَرَى هَذَا الْأَثَرَ مَحْفُوظًا.
قَالَ ابْنُ عَبْدُ الْبَرِّ وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ يَأْبَوْنَ
ذَلِكَ وَلَا يُصَحِّحُونَ هَذَا الْحَدِيثَ2 وَالْحُجَّةُ لَهُمْ
قَوْله تَعَالَى: {أَنْ تَقُولُوا إنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى
طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا} الْآيَةَ قُلْت قَدْ [صح حديث، أن
الصحابة أخذوا الجزية من نصارى العرب، وهم تنوخ وبهرا وبنو تغلب، هذا
صحيح، وقد ذكره الشافعي]3.
__________
1 هو سعيد بن المرزبان، أبو سعد البقال الأعور، مولى حذيفة بن اليمان،
كوفي مشهور.
قال الذهبي: تركه الفلاس.
وقال ابن معين: لا يكتب حديثه.
وقال أبو زرعة: صدوق مدلس.
وقال البخاري: منكر الحديث.
وقال النسائي: ضعيف.
وقال ابن عدي: هو من جملة الضعفاء الذين يجمع حديثهم.
ينظر: ميزان الاعتدال 3/228، 229، بتحقيقنا، رقم 3274، تقريب التهذيب
1/305، تاريخ البخاري الكبير 3/515، ضعفاء النسائي ترجمة 270، المغني
ترجمة 2453، تاريخ يحيى 2/207، أبو زرعة الرازي 622.
2 وينظر: الاستذكار لابن عبد البر 16/268، رقم 23498.
3 سقط في ط.
(3/380)
بَابُ نِكَاحِ الْمُشْرِكَاتِ
1535 - حَدِيثٌ أَنَّ عِكْرِمَةَ بْنَ أَبِي جَهْلٍ وَصَفْوَانَ بْنَ
أُمَيَّةَ هَرَبَا كَافِرَيْنِ إلَى السَّاحِلِ حِينَبَابُ نِكَاحِ
الْمُشْرِكَاتِ
[ 1535 ] حَدِيثٌ أَنَّ عِكْرِمَةَ بْنَ أَبِي جَهْلٍ وَصَفْوَانَ بْنَ
أُمَيَّةَ هَرَبَا كَافِرَيْنِ إلَى السَّاحِلِ حِينَ
(3/380)
فَتْحِ مَكَّةَ وَأَسْلَمَتْ امْرَأَتَاهُمَا بِمَكَّةَ وأخذتا1
الْأَمَانَ لِزَوْجَيْهِمَا فَقَدِمَا وَأَسْلَمَا فَرَدَّ النَّبِيُّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَتَيْهِمَا2 مَالِكٌ فِي
الْمُوَطَّأِ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ نِسَاءً فِي
عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ
مُطَوَّلًا لَكِنْ لَيْسَ فِيهِ أَنَّ امْرَأَةَ صَفْوَانَ هِيَ
الَّتِي أَخَذَتْ لَهُ الْأَمَانَ نَعَمْ رَوَى ابْنُ سَعْدٍ فِي
الطَّبَقَاتِ عَنْ مَعْنِ بْنِ عِيسَى نَا مَالِكٌ عَنْ الزُّهْرِيُّ
أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ أَسْلَمَتْ امْرَأَتَهُ ابْنَةَ
الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةَ زَمَنَ الْفَتْحِ فَلَمْ يُفَرَّقْ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمَا3
وَاسْتَقَرَّتْ4 عِنْدَهُ حَتَّى أَسْلَمَ صَفْوَانَ وَكَانَ بَيْنَ
إسْلَامَيْهِمَا نحو مِنْ شَهْرٍ وَبِهَذَا السَّنَدِ أَنَّ أُمَّ
حَكِيمِ بِنْتِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ كَانَتْ تَحْتَ عِكْرِمَةَ
بْنَ أَبِي جَهْلِ فَأَسْلَمَتْ يَوْمَ الْفَتْحِ بِمَكَّةَ وَهَرَبَ
زَوْجُهَا عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ حَتَّى قَدِمَ الْيَمَنَ
فَرَحَلَتْ إلَيْهِ امْرَأَتُهُ وَدَعَتْهُ إلَى الْإِسْلَامِ
فَأَسْلَمَ وَقَدِمَ وَبَايَعَ وَثَبَتَا عَلَى نِكَاحِهِمَا5.
وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ كَانَ الْمُشْرِكُونَ
عَلَى مَنْزِلَتَيْنِ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَالْمُؤْمِنِينَ كَانُوا مُشْرِكِي أَهْلِ حَرْبُ
يُقَاتِلُهُمْ وَيُقَاتِلُونَهُ وَمُشْرِكِي أَهْلِ عَهْدٍ لَا
يُقَاتِلُهُمْ وَلَا يُقَاتِلُونَهُ فَكَانَ إذَا هَاجَرَتْ امْرَأَةٌ
مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ لَمْ بخطب حَتَّى تَحِيضَ وَتَطْهُرَ فَإِذَا
طَهُرَتْ حَلَّ لَهَا النِّكَاحُ فَإِنْ هَاجَرَ زَوْجُهَا قَبْلَ أَنْ
تُنْكَحَ رُدَّتْ إلَيْهِ6.
حَدِيثٌ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ وَحَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ أَسْلَمَا
بِمَرِّ الظَّهْرَانِ وَهُوَ مُعَسْكَرُ الْمُسْلِمِينَ
وَامْرَأَتَاهُمَا بِمَكَّةَ وَهِيَ يَوْمئِذٍ دَارُ حَرْبٍ ثُمَّ
أَسْلَمَا بَعْدُ وَأَقَرَّ النِّكَاحَ الْبَيْهَقِيّ عَنْ
الشَّافِعِيِّ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ قُرَيْشٍ
وَأَهْلِ الْمَغَازِي وَغَيْرِهِمْ عَنْ عَدَدٍ مِثْلِهِمْ أَنَّ أَبَا
سُفْيَانَ أَسْلَمَ بِمَرِّ الظَّهْرَانِ وَامْرَأَتُهُ هِنْدُ بِنْتُ
عُتْبَةَ كَافِرَةٌ بِمَكَّةَ وَمَكَّةُ يَوْمئِذٍ دَارُ حَرْبٍ
وَكَذَلِكَ حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ7 وَرَوَاهُ الْمُزَنِيّ عَنْ
الشَّافِعِيِّ بِنَحْوِهِ فِي السُّنَنِ.
__________
1 في ط: وأخذا.
2 أخرجه مالك في الموطأ 2/543، 544، كتاب النكاح: باب نكاح المشرك إذا
أسلمت زوجته، حديث 44، والبيهقي في السنن الكبرى 7/186، كتاب النكاح:
باب من قال لا ينفسخ النكاح بينهما بإسلام أحدهما إذا كانت مدخولا بها
حتى تنقضي عدتها قبل إسلام المتخلف منهما.
3 أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى 8/230، رقم 4254، مختصرا، والبيهقي
في السنن الكبرى 7/186، 187.
4 ي الأصل: واستمرت.
5 أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى مختصرا 8/205، 206، رقم 4204،
والبيهقي في السنن الكبرى 7/187.
6 أخرجه البخاري 10/ 523 –الفتح، كتاب الطلاق: باب من أسلم من المشركات
وعدتهن، حديث 5286، والبيهقي في السنن الكبرى 7/187، كتاب النكاح: باب
من قال: لا ينفسخ النكاح بينهما بإسلام أحدهما.
7 أخرجه الشافعي في الأم 5/71، كتاب النكاح: باب فسخ نكاح الزوجين يسلم
أحدهما، والبيهقي في السنن الكبرى 7/186، كتاب النكاح: باب من قال: لا
ينفسخ النكاح بينهما بإسلام أحدهما.
(3/381)
1536 - حَدِيثٌ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
لِفَيْرُوزَ الدَّيْلَمِيِّ وَقَدْ أَسْلَمَ عَلَى أُخْتَيْنِ اخْتَرْ
إحْدَاهُمَا1 الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد
وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِهِ
وَصَحَّحَهُ الْبَيْهَقِيّ وَأَعَلَّهُ الْعُقَيْلِيُّ وَغَيْرُهُ.
1537 - قَوْلُهُ رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ: "وُلِدْت مِنْ نِكَاحٍ لَا مِنْ سِفَاحٍ" 2 الطَّبَرَانِيُّ
وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْحُوَيْرِثِ عَنْ ابْنِ
عَبَّاسٍ وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ وَرَوَاهُ الْحَارِثُ بْنُ أَبِي
أُسَامَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ مِنْ طَرِيقِ عَائِشَةَ3 وَفِيهِ
الْوَاقِدِيُّ وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ
عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ مُرْسَلًا بِلَفْظِ "إنِّي
خَرَجْت مِنْ نِكَاحٍ وَلَمْ أَخْرُجْ مِنْ سِفَاحٍ" 4 وَوَصَلَهُ
ابْنُ عَدِيٍّ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ
بْنِ أَبِي طَالِبٍ5 وَفِي إسْنَادِهِ نَظَرٌ وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ
مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ6 وَإِسْنَادِهِ ضَعِيفٌ.
تَنْبِيهٌ: ذَكَرَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ وَغَيْرُهُ أَنَّ
كِنَانَةَ بْنَ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةَ خَلَفَ عَلَى زَوْجَةِ
__________
1 أخرجه الشافعي في الأم 5/77، كتاب النكاح: باب الرجل يسلم وعنده أكثر
من أربع نسوة.
وأخرجه أحمد 4/232، وأبو داود كتاب الطلاق: باب في من أسلم وعنده نساء
أكثر من أربع، أو أختان، الحديث 2243، والترمذي 3/436، كتاب النكاح:
باب ما جاء في الرجل يسلم وعنده أختان الحديث 1129، و1130، وابن ماجة
1/627، كتاب النكاح: باب الرجل يسلم وعنده أختان، الحديث 1951، والدار
قطني 3/273، كتاب النكاح: باب المهر، الحديث 105، والبيهقي 7/184، كتاب
النكاح: باب من يسلم وعنده أكثر من أربع نسوة.
2 أخرجه الطبراني في الكبير 10/399، رقم 10812، والبيهقي في السنن
الكبرى 7/190، كتاب النكاح: باب نكاح أهل الشرك وطلاقهم، وأورده
الهيثمي في مجمع الزوائد 8/217، كتاب علامات النبوة: باب في كرامة أصله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقال: رواه الطبراني عن المديني عن
أبي الحويرث، ولم أعرف المديني ولا شيخه وبقية رجاله وثقوا.
3 أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى 1/51، ذكر أمهات رسول الله عليه
الصلاة والسلام، وذكره السيوطي في الدر المنثور 3/525، وزاد نسبته لابن
عساكر، عن عائشة به.
4 أخرجه عبد الرزاق في المصنف كما في الدر المنثور 3/524، وزاد نسبته
السيوطي لابن جرير وابن أبي حاتم، والبيهقي في سننه، وأبي الشيخ عن
جعفر بن محمد، عن أبيه، وذكره المتقي الهندي في كنز العمال 11/429، رقم
32016، وعزاه لعبد الرزاق.
5 أخرجه ابن عدي كما في كنز العمال 11/402، رقم 31871، وزاد نسبته
للمدني في مسنده، والبيهقي في شعب الإيمان، وأخرجه الطبراني في الأوسط
كا في مجمع الزوائد 8/217، وذكره السيوطي في الدر المنثور 3/525، وعزاه
للعدني والطبراني وأبي نعيم في دلائل النبوة، وابن عساكر، عن علي.
قال الهيثمي: وفيه محمد بن جعفر بن محمد بن علي، صحح له الحاكم في
المستدرك، وقد تكلم فيه، وبقية رجاله ثقات.
6 أخرجه البيهقي في دلائل النبوة 1/174، ذكر شرف أصل رسول الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ونسبه وابن عساكر كما في الدر المنثور
للسيوطي 3/525، وذكره المتقي الهندي في كنز العمال 11/401، رقم 31867،
وعزاه للبيهقي في الدلائل عن أنس.
(3/382)
أَبِيهِ خُزَيْمَةَ بَعْدَ مَوْتِهِ فَوَلَدَتْ لَهُ ابْنَهُ النَّضْرَ
وَاسْمُهَا بُرَّةُ بِنْتُ أَدِّ بْنِ طَابِخَةَ1 فَحَكَى
السُّهَيْلِيُّ عَنْ ابْنِ الْعَرَبِيِّ أَنَّ هَذَا كَانَ جَائِزًا
قَبْلَ الْإِسْلَامِ وَهُوَ نِكَاحِ الْمَقْتِ كَنِكَاحِ الأختين2
مَعًا انْتَهَى وَلَيْسَ هَذَا بِرَافِعٍ لِلْإِشْكَالِ عَلَى
الْحَدِيثِ السَّابِقِ.
وَادَّعَى الْجَاحِظُ أَنَّ بُرَّةَ لَمْ تَلِدْ لِكِنَانَةٍ ذَكَرًا
وَلَا أُنْثَى وَأَنَّ ابْنَةَ النَّضْرِ مِنْ بُرَّةِ بِنْتِ مَرَّ
بْنِ أَدِّ وَهِيَ بِنْتُ أَخِي بُرَّةِ بِنْتِ أَدِّ قَالَ وَمِنْ
ثَمَّ اشْتَبَهَ عَلَى النَّاسِ ذَلِكَ قُلْت فَإِنَّ صَحَّ مَا
ذَكَرَهُ أَزَالَ الْإِشْكَالَ.
حَدِيثٌ أَنَّ غَيْلَانَ أَسْلَمَ عَلَى عَشْرِ نِسْوَةٍ فَقَالَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْسِكْ أَرْبَعًا
مِنْهُنَّ وَفَارِقْ سَائِرَهُنَّ تَقَدَّمَ.
حَدِيثُ نَوْفَلُ بْنُ مُعَاوِيَةَ فِي هذا3 الْمَعْنَى تَقَدَّمَ
أَيْضًا.
قَوْلُهُ رُوِيَ فِي قِصَّةِ فَيْرُوزَ الدَّيْلَمِيِّ أَنَّ
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ طَلِّقْ
أَيَّتَهمَا شِئْت تَقَدَّمَ وَهُوَ لَفْظُ أَبِي دَاوُد وَابْنِ
حِبَّانَ وَغَيْرِهِمَا، والله أعلم4.
__________
1 في الأصل: طليحة.
2 في ط: الأجنبيين.
3 سقط في ط.
4 سقط في ط.
(3/383)
بَابُ مُثْبِتَاتِ الْخِيَارِ
1538 - حَدِيثٌ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تزود
بِامْرَأَةٍ فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَيْهِ رَأَى بِكَشْحِهَا وَضَحًا
فَرَدَّهَا إلى أهلها قوال دَلَّسْتُمْ عَلَيَّ أَبُو نُعَيْمٍ فِي
الطِّبِّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ بِهَذَا
اللَّفْظِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْخَصَائِصِ وَفِيهِ اضْطِرَابٌ
كَثِيرٌ على جميل بْنِ زَيْدٍ رَاوِيهِ.
قَوْلُهُ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَيُّمَا رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً
وَبِهَا جُنُونٌ أَوْ جُذَامٌ أَوْ بَرَصٌ فَمَسَّهَا فَلَهَا
صَدَاقُهَا وذلك لزوجها غرم على وليها5 سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ
هُشَيْمٍ عَنْ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْهُ
نَحْوِهِ وَهُوَ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ يَحْيَى وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ
عَنْ مَالِكٍ وَعِنْدَ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ ابْنِ إدْرِيسَ عَنْ
يَحْيَى وَفِي الْبَابِ عَنْ عَلِيٍّ أَخْرَجَهُ سَعِيدٌ أَيْضًا.
1539 - حَدِيثٌ أن بريرة أعتقت وكان زوجها عبدا6، فَخَيَّرَهَا
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا
وَلَوْ كَانَ حُرًّا لَمْ يُخَيِّرْهَا7 النَّسَائِيُّ وَابْنُ
حِبَّانَ وَالطَّحَاوِيُّ وَابْنُ حَزْمٍ مِنْ حَدِيثِ
__________
5 أخرجه سعيد بن منصور في سننه 1/245، رقم 818، ومالك في الموطأ 2/526،
رقم 9، والشافعي في الأم 5/123، كتاب الشغار: باب في العيب بالمنكوحة،
والبيهقي 7/214، وابن أبي شيبة في مصنفه 3/486، رقم 16295، عن عمر بن
الخطاب رضي الله عنه.
6 سقط في ط.
7 تقدم في البيوع.
(3/383)
عَائِشَةَ بِهَذَا.
قَالَ الطَّحَاوِيُّ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ كَلَامِ عُرْوَةَ
قُلْت وَقَعَ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ فِي سُنَنِ النَّسَائِيّ.
وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ كَلَامِ عَائِشَةَ
أَوْ مَنْ دُونَهَا وَالتَّخْيِيرُ ثَابِتٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ
حَدِيثِ عَائِشَةَ أَيْضًا مِنْ طُرُقٍ.
وَفِي الطَّبَقَاتِ لِابْنِ سَعْدِ عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ
عَطَاءٍ عَنْ دَاوُد بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ عَامِرِ الشَّعْبِيِّ
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لبريرة لما
عتقت قد عَتَقَ بِضْعُك مَعَك فَاخْتَارِي هَذَا مُرْسَلٌ وَوَصَلَهُ
الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبَانَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ هِشَامٍ
عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ.
قَوْلُهُ وَكَانَ زَوْجُهَا عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَة وَابْنِ
عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسَ عَبْدًا أَمَّا رِوَايَةُ عَائِشَةَ
فَرَوَاهَا مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ
عَنْ أَبِيهِ عَنْهَا.
وَعِنْدَهُ وَعِنْدَ النَّسَائِيّ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ
عَنْ عُرْوَةَ عَنْهَا كَانَ زَوْجُ بَرِيرَةَ عَبْدًا وَقَدْ
اُخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى عَائِشَةَ فَرَوَى الْأَسْوَدُ بنيزيد عَنْهَا
أَنَّهُ كَانَ حُرًّا قَالَ إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ خَالَفَ
الْأَسْوَدُ النَّاسَ.
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ هُوَ مِنْ قَوْلِ الْحَكَمِ وَقَوْلِ ابْنِ
عَبَّاسٍ إنَّهُ كَانَ عَبْدًا أَصَحّ.
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ رَوَيْنَا عَنْ الْقَاسِمِ وَعُرْوَةَ
وَمُجَاهِدٍ وَعَمْرَةَ كُلِّهِمْ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُ كَانَ
عَبْدًا.
وَرَوَى شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ
قَالَ مَا أَدْرِي أَحُرٌّ أَمْ عَبْدٌ وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ
سِمَاكٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ فَقَالَ كَانَ
عَبْدًا1، وَكَذَا رَوَاهُ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ الْقَاسِمِ عَنْ
عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
لَهَا إنْ شِئْت أَنْ تَثْوِيَ تَحْتَ الْعَبْدِ2.
قَالَ الْمُنْذِرِيِّ رُوِيَ عَنْ الْأَسْوَدِ أَنَّهُ قَالَ كَانَ
عَبْدًا فَاخْتُلِفَ فِيهِ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّ بَعْضَهُمْ يَقُولُ
قَوْلَهُ كَانَ حُرًّا مِنْ قَوْلِ إبْرَاهِيمَ وَقِيلَ مِنْ قَوْلِ
الْحَكَمِ وَأَمَّا رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ فَرَوَاهَا
الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ
عُمَر قَالَ كَانَ زَوْجُ بَرِيرَةَ عَبْدًا3 وَفِي إسْنَادِهِ ابْنُ
أَبِي لَيْلَى.
وَقَدْ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ رِوَايَةِ نَافِعٍ عَنْ صَفِيَّةَ
بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ4 وَإِسْنَادُهُ أَصَحُّ وَهُوَ فِي
__________
1 ينظر سنن البيهقي الكبرى 7/220.
2 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 7/220، كتاب النكاح: باب الأمة تحتق
وزوجها عبد.
3 أخرجه الدار قطني في سننه 3/293، كتاب النكاح، رقم 178، والبيهقي في
السنن الكبرى 7/222، كتاب النكاح: باب الأمة تعتق وزوجها عبد، حديث ابن
عمر.
4 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 7/222، وهو عند الدار قطني أيضا
3/293، رقم 179، والنسائي في السنن الكبرى 3/366، كتاب الطلاق: باب
خيار الأمة تعتق وزوجها مملوك ==
(3/384)
النَّسَائِيّ أَيْضًا.
وَأَمَّا رِوَايَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ فَرَوَاهَا الْبُخَارِيُّ مِنْ
رِوَايَةِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْهُ أَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ
كَانَ عَبْدًا يُقَالُ لَهُ مُغِيثٌ كَأَنِّي أَنْظُرُ إلَيْهِ يَطُوفُ
خَلْفَهَا يَبْكِي1 الْحَدِيثَ.
وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ
وَفِي رِوَايَةٍ الترمذي أَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ عبدا أسود
لِبَنِي الْمُغِيرَةِ يَوْمَ أُعْتِقَتْ.
حَدِيثٌ أَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ يَطُوفُ خَلْفَهَا وَيَبْكِي
الْحَدِيثَ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ
عَبَّاسٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ.
1540 - حَدِيثٌ أَنَّهُ قَالَ لَبَرِيرَةَ "إنْ كَانَ قَرُبَك فَلَا
خِيَارَ لَك" 2، أَبُو دَاوُد عَنْ عَائِشَةَ بِهَذَا وَالْبَزَّارُ
مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْهَا قَوْلُهُ وَعَنْ حَفْصَةَ مِثْلُ ذَلِكَ
مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ
مَوْلَاةً لِبَنِي عَدِيٍّ يُقَال لَهَا زَبْرَاءُ أَخْبَرَتْهُ
أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ عَبْدٍ وَهِيَ أَمَةٌ نُوبِيَّةٌ فَعَتَقَتْ
قَالَتْ فَأَرْسَلَتْ إلَيَّ حَفْصَةُ زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَعَتْنِي فَقَالَتْ إنِّي مُخْبِرَتُك
خَبَرًا وَلَا أُحِبُّ أَنْ تَصْنَعِي شَيْئًا إنَّ أَمْرَك بِيَدِك
مَا لَمْ يَمَسَّك زَوْجُك قَالَتْ فَفَارَقْتُهُ3.
حَدِيثٌ أَنَّ عُمَرَ أَجَّلَ البنين سَنَةً الْبَيْهَقِيُّ مِنْ
رِوَايَةِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْهُ4 قَوْلُهُ وَتَابَعَهُ
الْعُلَمَاءُ عَلَيْهِ نَقَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَلِيٍّ
وَالْمُغِيرَةِ وَغَيْرِهِمَا5 وَكَذَا أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي
شَيْبَةَ عَنْهُمَا6 وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ7.
__________
=رقم 5646.
1 أخرجه البخاري 10/511 –فتح الباري، كتاب الطلاق: باب خيار الأمة، رقم
5282، وأخرجه أحمد في المسند 1/215، وأبو داود 2/270، كتاب الطلاق: باب
في المملوكة تعتق وهي تحت حر أو عبد، رقم 2231، والترمذي 3/453، كتاب
الرضاع: باب ما جاء في المرأة تعتق ولها زوج، حديث 1556، والطبراني
11/3089، رقم 11826، والدار قطني في السنن 3/293، رقم 182.
2 أخرجه أبو داود 2/271، كتاب الطلاق: باب حتى متى يكون لها الخيار،
رقم 2236، والدار قطني في سننه 3/294، رقم 185، والبيهقي في السنن
الكبرى 7/225، كتاب النكاح: باب ما جاء في وقت الخيار، من طريق هشام بن
عروة عن أبيه عن عائشة به.
3 أخرجه مالك 2/563، كتاب الطلاق: باب ما جاء في الخيار، حديث 27.
4 أخرجه البيهقي 7/226، كتاب النكاح: باب أجل العنين.
5 ينظر المصدر السابق.
6 أخرجه ابن أبي شيبة 3/503، كتاب النكاح: باب كم يؤجل العنين، حديث
16489، من حديث علي رضي الله عنه، برقم 16491، من حديث المغيرة رضي
الله عنه.
7 أخرجه ابن أبي شيبة في المصدر السابق برقم 16490، وقد أخرجه أيضا عن
عمر وغيره من الصحابة والتابعين فلينظر الباب.
(3/385)
الْفَصْلُ الْخَامِسُ.
1541 - قَوْلُهُ وَالْإِتْيَانُ فِي الدُّبُرِ حَرَامٌ لِمَا رُوِيَ
أَنَّهُ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ "فِي أَيِّ الْخَرِبَتَيْنِ أَمِنْ دُبُرِهَا فِي
قُبُلِهَا فَنَعَمْ أَوْ مِنْ دُبُرِهَا فِي دُبُرِهَا فَلَا إن الله
لا يستحيي مِنْ الْحَقِّ لَا تَأْتُوا النِّسَاءَ فِي أَدْبَارِهِنَّ"
قَالَ وَالْخُرْبَةُ الثُّقْبَةُ الشَّافِعِيُّ مِنْ حَدِيثِ
خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ إتْيَانِ النِّسَاءِ فِي
أَدْبَارِهِنَّ أَوْ إتْيَانِ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا
فَقَالَ حَلَالٌ فَلَمَّا وَلَّى دَعَاهُ أَوْ أَمَرَ بِهِ فَدُعِيَ
فَقَالَ "كَيْفَ قُلْت فِي أَيِّ الْخَرِبَتَيْنِ أَوْ فِي أَيِّ
الْخَرَزَتَيْنِ أَوْ فِي أَيِّ الْخَصْفَتَيْنِ أَمِنْ دُبُرِهَا فِي
قُبُلِهَا فَنَعَمْ أَمْ مِنْ دُبُرِهَا فِي دُبُرِهَا فَلَا إنَّ
اللَّهَ لَا يستحيي مِنْ الْحَقِّ لَا تَأْتُوا النِّسَاءَ فِي
أَدْبَارِهِنَّ" 1.
تَنْبِيهٌ: الْخَرِبَتَيْنِ تَثْنِيَةُ خُرْبَةٍ بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ
وَسُكُونِ الرَّاءِ بَعْدَهَا موحدة والخربتين تثنية خربة بِوَزْنِ
الْأَوَّلِ لَكِنْ بِزَايٍ بَدَلَ الْمُوَحَّدَةِ وَالْخَصْفَتَيْنِ
تَثْنِيَةُ خَصَفَةٍ بِفَتَحَاتٍ وَالْخَاءُ مُعْجَمَةٌ أَيْضًا
وَالصَّادُ مُهْمَلَةٌ بَعْدَهَا فَاءٌ2، وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ كُلُّ
ثَقْبٍ مُسْتَدِيرَةٍ خُرْبَةٌ وَالْجَمْعُ خُرَبٌ بِضَمَّةٍ ثُمَّ
فَتْحٍ وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ أَرَادَ بِالْخَرِبَتَيْنِ
الْمَسْلَكَيْنِ3 وَقَالَ ابْنُ دَاوُد خُرْبُ الْفَاسِ ثُقْبُهُ
الَّذِي فِيهِ النِّصَابُ وَالْخَرَزَتَيْنِ تَثْنِيَةُ خَرَزَةٍ
وَهِيَ الثُّقْبُ الَّذِي يَثْقُبُهُ الْخَرَّازُ لِيَخْرُزَ كَنَّى
بِهِ عَنْ الْمَأْتِيِّ وَالْخَصْفَتَيْنِ تَثْنِيَةُ خَصَفَةٍ مِنْ
قَوْلِك خَصَفْت الْجِلْدَ عَلَى الْجِلْدِ
__________
1 أخرجه الشافعي 2/29، 90 بهذا، وأخرجه أحمد 5/213، 214، 215، والنسائي
في الكبرى 5/316، 319، كتاب عشرة النساء: باب ذكر اختلاف الناقلين لخبر
خزيمة بن ثابت في إتيان النساء في أعجازهن، حديث 8982-8988، وابن ماجة
1/619، كتاب النكاح: باب النهي عن إتيان النساء في أدبارهن، حديث 1924،
والدارمي 2/145، كتاب النكاح: باب النهي عن إتيان النساء في أعجازهن،
وابن حبان 1299-1300 –موارد، وابن الجارود في المنتقى 728، والبيهقي
7/196، كتاب النكاح: باب إتيان النساء في أدبارهن، والبخاري في التاريخ
الكبير 8/256، والطحاوي في شرح معاني الآثار 3/43، كتاب النكاح: باب
وطء النساء في أدبارهن.
كلهم من حديث خزيمة بن ثابت رضي الله عنه مختصرا.
قال ابن أبي حاتم في العلل 1/403: رواه ابن عيينة عن ابن الهاد عن
عمارة بن خزيمة عن أبيه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قال: "لا تأتوا النساء في أدبارهن" قال أبي: هذا أخطأ فيه ابن عيينة
إنما هو ابن الهاد عن علي بن عبد الله بن السائب عن عبيد الله بن محمد
عن هرمز عن خزيمة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قال البيهقي 7/197: مدار هذا الحديث على هرمى بن عبد الله وليس لعمارة
بن خزيمة فيه أصل إلا من حديث ابن عيينة، وأهل العلم بالحديث يرونه خطأ
والله أعلم.
2 ينظر: النهاية لابن الأثير 2/18.
3 ينظر المصدر السابق.
(3/386)
إذَا خَرَزْته مُطَابِقًا وَفِي هَذَا الْإِسْنَادِ عَمْرُو بْنُ
أُحَيْحَةَ1 وَهُوَ مَجْهُولُ الْحَالِ وَاخْتُلِفَ فِي إسْنَادِهِ
اخْتِلَافًا كَثِيرًا وَقَدْ أَطْنَبَ النَّسَائِيُّ فِي تَخْرِيجِ
طُرُقِهِ وَذَكَرَ الِاخْتِلَافَ فِيهِ وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ السَّائِبِ يَرْوِيهِ عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ
عَلِيِّ بْنِ شَافِعٍ وَرَوَاهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ
الشَّافِعِيُّ الْإِمَامُ وَابْنُ عَمِّهِ إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ
بْنِ الْعَبَّاسِ وَقَدْ رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ فِي فَوَائِدِ أَبِي
الطَّاهِرِ الذُّهْلِيِّ مِنْ طَرِيقِ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ
هَذَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إلَى مُحَمَّدِ
بْنِ كَعْبٍ فَسَأَلَهُ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ هَذَا
شَيْخُ قُرَيْشٍ فَاسْأَلْهُ يَعْنِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَلِيِّ بْنِ
السَّائِبِ فَسَأَلَهُ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ اللَّهُمَّ قَذِرًا
وَلَوْ كَانَ حَلَالًا انْتَهَى وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ السَّائِبِ.
فَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ
أَبِي هِلَالٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ السَّائِبِ عَنْ
حُصَيْنِ بْنِ مِحْصَنٍ عَنْ هَرَمِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ
خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ2.
وَمِنْ طَرِيقِ هَرَمِيٍّ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ
حِبَّانَ3 وَهَرَمِيُّ لَا يُعْرَفُ حَالُهُ أَيْضًا4.
وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ غَلِطَ ابْنُ عُيَيْنَةَ فِي إسْنَادِ حديث
خزيمة عيني حَيْثُ رَوَاهُ.
وَقَالَ الْبَزَّارُ لَا أَعْلَمُ فِي الْبَابِ حَدِيثًا صَحِيحًا لَا
فِي الْحَظْرِ وَلَا فِي الْإِطْلَاقِ وكلما رُوِيَ
__________
1 اختلف في صحبته فقد ذكره ابن أبي حاتم عن أبيه. فيمن روى عن النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنكر ذلك ابن عبد البر على أن
أحيحة أخو عبد المطلب بن هاشم لأمه... ثم قال: ومحال أن يروي عن خزيمة
بن ثابت من كان في السن الزمن اللذين وصفت وعساه أن يكون حفيدا لعمرو
بن أحيحة يسمى عمرا فنسب إلى جده، وإلا فما ذكره ابن أبي حاتم وهم لا
شك فيه اهـ. تهذيب الكمال 21/541.
وقال ابن حجر بعد أن ذكر الاختلاف فيه: ويحتمل أن لا يكون بينه وبين
أحيحة بن الجلاح الذي تزوج سلمى –يعني بعد موت هاشم بن عبد مناف- نسب،
بل وافق اسمه واسم أبيه اسمه واشتركا في التسمية بعمرو الإصابة 4/493،
ونقل في المصدر نفسه عن المرزبان في معجم الشعراء أنه قال فيه: إنه
مخضرم.
وأنشد له شعر من الحسن بن علي لما خطب عند صلحه مع معاوية، وإذا كان
كذلك فهو صحابي، لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين مات
لم يبق من الأنصار إلا من يظهر الإسلام اهـ. من الإصابة، وقد ذكره أيضا
في التهذيب 8/3.
ووهم في التقريب من زعم أن له صحبة، وقال: فكأن الصحابي جد جد وافق هو
اسمه واسم أبيه التقريب 2/65.
2 أخرجه النسائي 5/318، برقم 8989.
3 أخرجه أحمد 5/214، والنسائي في الكبرى 5/318، برقم 8990، 8991، وابن
حبان 9/515، كتاب النكاح: باب النهي عن إتيان النساء في أعجازهن، حديث
4200، والطبراني 4/88-90، برقم 3733-3743.
4 قال عنه في التقريب 2/317، مستور.
(3/387)
فِيهِ عَنْ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ مِنْ طَرِيقٍ فِيهِ فَغَيْرُ
صَحِيحٍ1 انْتَهَى.
وَكَذَا رَوَى الْحَاكِمُ عَنْ الْحَافِظِ أَبِي عَلِيٍّ
النَّيْسَابُورِيِّ وَمِثْلُهُ عَنْ النَّسَائِيّ وَقَالَهُ
قَبْلَهُمَا الْبُخَارِيُّ.
1542 - قَوْلُهُ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَلْعُونٌ مَنْ أَتَى امْرَأَةً
فِي دُبُرِهَا" أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَبَقِيَّةُ أَصْحَابِ
السُّنَنِ مِنْ طَرِيقِ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ الْحَارِثِ
بْنِ مَخْلَدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا2 لَفْظُ أَبِي دَاوُد
وَالنَّسَائِيِّ وَابْنِ مَاجَهْ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ إلَى رَجُلٍ أَتَى امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا
وَأَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ وَقَالَ الْحَارِثُ بْنُ مَخْلَدٍ3 لَيْسَ
بِمَشْهُورٍ وقاب ابْنُ الْقَطَّانِ لَا يُعْرَفُ حَالُهُ وَقَدْ
اُخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى سُهَيْلٍ فَرَوَاهُ إسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ
عَنْهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ أَخْرَجَهُ
الدَّارَقُطْنِيُّ وَابْنُ شَاهِينَ وَرَوَاهُ عُمَرُ مَوْلَى غَفْرَةَ
عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ أَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ
وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَلِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ طَرِيقٌ أُخْرَى
أَخْرَجَهَا أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ
سَلَمَةَ عَنْ حَكِيمٍ الْأَثْرَمَ عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ مَنْ أَتَى حَائِضًا أَوْ امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا
أَوْ كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ فِيمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا
أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ4 قَالَ التِّرْمِذِيُّ غَرِيبٌ لَا
نَعْرِفُهُ إلَّا مِنْ حَدِيثِ حَكِيمٍ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ لَا
يُعْرَفُ لِأَبِي تَمِيمَةَ سَمَاعٌ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ5.
__________
1 كشف الأستار 2/173، دون قول لا في الحظر ولا في الإطلاق ... إلى ألخ.
2 أخرجه أحمد 2/444، وأبو داود 2/249، كتاب النكاح: باب في جامع
النكاح، حديث 2162، والنسائي 5/323، كتاب عشرة النساء: باب ذكر اختلاف
ألفاظ الناقلين لخبر أبي هريرة في ذلك، حديث 9014، 9015، وابن ماجة
1/619، كتاب النكاح: باب النهي عن إتيان النساء في أدبارهن، حديث 1923.
قال البوصيري في الزوائد 2/97: هذا إسناد صحيح رجاله ثقات.
3 قال في التقريب 1/144: مجهول الحال، أخطأ من زعم أنه صحابي.
4 أخرجه أحمد 2/408، والترمذي 3/242-243، كتاب الطهارة: باب ما جاء في
كراهية إتيان الحائض، حديث 135.
قال الترمذي: لا نعرف هذا الحديث إلا من حديث حكيم الأثرم، عن أبي
تميمة الهجيمي عن أبي هريرة. إنما معنى هذا عند أهل العلم على التغليط.
وقد روي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من أتى
حائضا فليتصدق بدينار" ، فلو كان إتيان الحائض كفر لم يؤمر فيه بكفارة.
وضعف محمد هذا الحديث من قبل إسناده. وأبو تميمة الهجيمي اسمه طريف بن
مجالد اهـ.
5 نقله عنه العلائي في جامع التحصيل ص 201، وقال البخاري عنه: سمع أبو
موسى، وعن أبي هريرة روى عنه قتادة وحكم الأثرم، وقال ابن يحيى عن علي
أن أبا تميمة طريف بن مجالد السلي من بني سلان فلا أدري أيهما المحفوظ
التاريخ الكبير 4/355-356.
وقال الترمذي في العلل الكبير ص 59: سألت محمدا عن هذا الحديث –يعني
حديث: "من أتى حائضا" ، فلم يعرفه إلا من هذا الوجه، وضعف هذا الحديث
جدا.
(3/388)
وَقَالَ الْبَزَّارُ هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ وَحَكِيمٌ1 لَا يُحْتَجُّ
بِهِ وَمَا انْفَرَدَ بِهِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ وَلَهُ طَرِيقٌ ثَالِثٌ
أَخْرَجَهَا النَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي
سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ2 قَالَ حَمْزَةُ الْكِنَانِيُّ
الرَّاوِي عَنْ النَّسَائِيّ هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ وَلَعَلَّ عَبْدَ
الْمَلِكِ بْنَ مُحَمَّدٍ الصَّنْعَانِيَّ سَمِعَهُ مِنْ سَعِيدِ بْنِ
عَبْدِ الْعَزِيزِ بَعْدَ اخْتِلَاطِهِ قَالَ وَهُوَ بَاطِلٌ مِنْ
حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ وَالْمَحْفُوظُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي
سَلَمَةَ أَنَّهُ كَانَ يَنْهَى عَنْ ذَلِكَ انْتَهَى.
وَعَبْدُ الْمَلِكِ قَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ دُحَيْمٌ وَأَبُو حَاتِمٍ
وَغَيْرُهُمَا وَلَهُ طَرِيقٌ رَابِعَةٌ أَخْرَجَهَا النَّسَائِيُّ
أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ بَكْرِ بْنِ خُنَيْسٍ عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ مَنْ أَتَى شَيْئًا مِنْ الرِّجَالِ
أَوْ النِّسَاءِ فِي الْأَدْبَارِ فَقَدْ كَفَرَ3 وَبَكْرٌ4 وَلَيْثٌ5
ضَعِيفَانِ وَقَدْ رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ عَنْ لَيْثٍ بِهَذَا السَّنَدِ
مَوْقُوفًا وَلَفْظُهُ "إتْيَانُ الرجال النساء في أدبارهم" كُفْرٌ
وَكَذَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ عَنْ إسْمَاعِيلَ عَنْ لَيْثٍ
وَالْهَيْثَمُ بْنُ خَلَفٍ فِي كِتَابِ ذَمِّ اللِّوَاطِ مِنْ طَرِيقِ
مُحَمَّدِ بْنِ فُضَيْلٍ عَنْ لَيْثٍ وَفِي رِوَايَةٍ "مَنْ أَتَى
امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا فَتِلْكَ كَفْرَةٌ" 6.
وَلَهُ طَرِيقٌ خَامِسَةٌ رَوَاهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ
أَبَانَ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ خَالِدٍ الزَّنْجِيِّ عَنْ الْعَلَاءِ عَنْ
أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظٍ "مَلْعُونٌ مَنْ أَتَى
النِّسَاءَ فِي أَدْبَارِهِنَّ" وَمُسْلِمٌ فِيهِ ضَعْفٌ وَقَدْ
رَوَاهُ يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ عَنْهُ مَوْقُوفًا.
وَفِي الْبَابِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ
وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَأَحْمَدُ وَالْبَزَّارُ مِنْ ريق
كُرَيْبٍ7 عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ الْبَزَّارُ لَا نَعْلَمَهُ
يَرْوِي عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ بِإِسْنَادٍ أَحْسَنَ مِنْ هَذَا
تَفَرَّدَ
__________
1 قال في التقريب 1/195: فيه لين.
2 أخرجه النسائي في الكبرى 5/322، برقم 9010.
3 أخرجه السنائي في الكبرى 5/323-324، كتاب عشرة السناء: باب ذكر
اختلاف ألفاظ الناقلين لخبر أبي هريرة في ذلك. حديث 9018، 9019، من
طريق ليست موقوفا على أبي هريرة.
4 قال في التقريب 1/105: صدوق له أغلاط، أفرط فيه ابن حبان.
5 ليث وهو ابن أبي سليم بن زنيم: صدوق، اختلط أخيرا، ولم يتميز حديثه
فترك.
6 أخرجه النسائي 5/324، كتاب عشرة النساء: باب ذكر اختلاف ألفاظ
الناقلين لخبر أبي هريرة في ذلك، حديث 9020.
7 أخرجه الترمذي 3/460، كتاب الرضاع: باب ما جاء في كراهية إتيان
النساء في أدبارهن، حديث 1165، والنسائي في الكبرى 5/322، كتاب عشرة
النساء: باب ذكر حديث عبد الله بن عباس فيه، واختلاف ألفاظ الناقلين
عليه، حديث 9001، وأبو يعلى 4/266، برقم 2378، وابن حبان 9/517، كتاب
النكاح: باب النهي عن إتيان النساء في أعجازهن، حديث 4203، وأخرجه أيضا
4204، 4418، كلهم من طريق أبو الأحمر عن الضحاك بن عثمان عن مخرمة بن
سليمان عن كريب عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا ينظر الله إلى رجل أتى امرأة في
دبرها" .
قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.
(3/389)
بِهِ أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ
مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ كُرَيْبٍ وَكَذَا قَالَ ابْنُ
عَدِيٍّ وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ عَنْ هَنَّادٍ عَنْ وَكِيعٍ عَنْ
الضَّحَّاكِ مَوْقُوفًا وَهُوَ أَصَحُّ عِنْدَهُمْ مِنْ الْمَرْفُوعِ1.
وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ طَرِيقٌ أُخْرَى مَوْقُوفَةٌ رَوَاهَا عَبْدُ
الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ "أَنَّ
رَجُلًا سَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ إتْيَانِ الْمَرْأَةِ فِي
دُبُرِهَا فَقَالَ تَسْأَلُنِي عَنْ الْكُفْرِ" 2 وَأَخْرَجَهُ
النَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ مَعْمَرٍ3
وَإِسْنَادُهُ قَوِيٌّ.
وَسَيَأْتِي لَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى بَعْدَ قَلِيلٍ.
وَفِي الْبَابِ أَيْضًا عَنْ عَلِيِّ بْنِ طَلْقٍ أَخْرَجَهُ
التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ بِلَفْظٍ إن الله لا
يستحيي مِنْ الْحَقِّ لَا تَأْتُوا النِّسَاءَ فِي أَعْجَازِهِنَّ4
وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَخْرَجَهُ
أَحْمَدُ بِلَفْظِ "سُئِلَ عَنْ الرَّجُلِ يَأْتِي الْمَرْأَةَ فِي
دُبُرِهَا فَقَالَ هِيَ اللُّوطِيَّةُ الصُّغْرَى" 5.
__________
1 أورد ابن عدي في الكامل 3/1109، من طريق سليمان بن أبي سليمان الزهري
عن يحيى بن أبي كثير عن طاووس عن ابن عباس.
وقال: وسليمان لم يتكلم فيه وهذا منكر، وأورده من ترجمة أبي خالد
الأحمر 3/1130، من طريقه، وقال: ولا أعلم رواه عن الضحاك غير أبي خالد.
2 أخرجه عبد الرزاق في مصنفه 11/442، كتاب الجامع: باب إتيان المرأة في
دبرها، حديث 20952.
3 أخرجه النسائي 5/321 –كبرى، كتاب عشرة النساء: باب ذكر حديث ابن عباس
فيه، واختلاف ألفاظ الناقلين عليه، حديث 9004.
4 أخرجه الترمذي 3/459، 460، كتاب الرضاع: باب ما جاء في كراهية إتيان
النساء في أدبارهن، حديث 1164، 1166، والنسائي في الكبرى 5/324، 325،
كتاب عشرة النساء: باب ذكر حديث علي بن طلق في إتيان النساء في
أدبارهن، حديث 9023-9026، والدارمي 1/260، كتاب الصلاة والطهارة: باب
من أتى امرأته في دبرها، وابن حبان 9/514، كتاب النكاح: باب النهي عن
إتيان النساء في أعجازهن، حديث 4199.
قال الترمذي: حديث علي بن طلق، حديث حسن، وسمعت محمدا يقول: لا أعرف
لعلي بن طلق عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غير هذا
الحديث، ولا أعرف هذا الحديث من حديث طلق بن علي السحيمي.
5 أخرجه أحمد 2/182، والنسائي في الكبرى 5/320، كتاب عشرة النساء: باب
ذكر حديث عبد الله بن عمرو فيه، حديث 8997، والبزار 2/173، كتاب
النكاح: باب النهي عن إتيان النساء في أدبارهن، حديث 1455.==
(3/390)
وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ أَيْضًا وَأَعَلَّهُ وَالْمَحْفُوظُ عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْن عَمْرٍو مِنْ قَوْلِهِ كَذَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ
الرَّزَّاقِ وَغَيْرُهُ1.
وَعَنْ أَنَسٍ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فِي مُعْجَمِهِ وَفِيهِ
يَزِيدُ الرَّقَاشِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.
وَعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فِي جُزْءِ الْحَسَنِ بْنِ عَرَفَةَ
بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ جِدًّا.
وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ عِنْدَ ابْنِ عَدِيٍّ2 بِإِسْنَادٍ وَاهٍ.
وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ عِنْدَ أَحْمَدَ3 وَفِيهِ ابْنُ
لَهِيعَةَ.
وَعَنْ عُمَرَ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَالْبَزَّارُ مِنْ طَرِيقِ
زَمْعَةَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ
الْهَادِ عَنْ عُمَرَ4 وَزَمْعَةَ ضَعِيفٌ وَقَدْ اُخْتُلِفَ عَلَيْهِ
فِي وَقْفِهِ وَرَفْعِهِ.
قَوْلُهُ وَحَكَى ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ
قَالَ لَمْ يَصِحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فِي تَحْرِيمِهِ وَلَا فِي تَحْلِيلِهِ شَيْءٌ وَالْقِيَاسُ
أَنَّهُ حَلَالٌ.
قُلْت هَذَا سَمِعَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ مُحَمَّدٍ وَكَذَلِكَ
الطَّحَاوِيُّ وَأَخْرَجَهُ عَنْهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي مَنَاقِبِ
الشَّافِعِيِّ لَهُ5، وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي مَنَاقِبِ
الشَّافِعِيِّ عَنْ الْأَصَمِّ عَنْهُ وَأَخْرَجَهُ الْخَطِيبُ عَنْ
أَبِي سَعِيدِ بْنِ مُوسَى عَنْ الْأَصَمِّ وَرَوَى الْحَاكِمُ عَنْ
نَصْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُعَدَّلِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ
بْنِ شَعْبَانَ الْفَقِيهِ قَالَ ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عِيَاضٍ
وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَمَّادٍ قَالَا نَا مُحَمَّدُ بْنُ
عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِيَانِ ابْنَ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ قَالَ
الشَّافِعِيُّ كَلَامًا كَلَّمَ بِهِ
__________
=قال الهيثمي في مجمع الزوائد 4/301، رواه أحمد والبزار والطبراني في
الأوسط ورجال أحمد والبزار رجال الصحيح.
1 أخرجه عبد الرزاق 11/443، كتاب الجامع: باب إتيان المرأة في دبرها،
حديث 20956، والنسائي 5/ 320، كبرى، كتاب عشرة النساء: باب ذكر حديث
عبد الله بن عمرو فيه.
2 أخرجه ابن عدي في الكامل 3/206.
3 أخرجه العقيلي في الضعفاء الكبير 3/84، والطبراني في الأوسط كما في
مجمع البحرين 4/188-189، برقم 2309، كلاهما من طريق عبد الصمد بن الفضل
بن خالد الربعي، ثنا عبد الله بن وهب، أخذ ابن لهيعة عن مسرح بن هاعان
عن عقبة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: "لعن الله الذين يأتون النساء في محاشهن" .
قال الطبراني: لم يروه عند ابن لهيعة إلا عبد الله بن وهب تفرد عنه عبد
الصمد.
قال العقيلي: عبد الصمد: لا يتابع على حديثه ولا يعرف إلا به.
4 أخرجه النسائي 5/321، 322، كتاب عشرة النساء: باب حديث عمر بن الخطاب
فيه، حديث 9008، 9009، والبزار 2/173، كتاب النكاح: باب النهي عن إتيان
الساء في أدبارهن، حديث 1456.
قال الهيثمي في المجمع 4/301-302، رواه أبو يعلى والطبراني والبزار
ورجال أبي يعلى رجال الصحيح خلا يعلى بن اليمان وهو ثقة.
5 ينظر: مناقب الشافعي لابن أبي حاتم ص 217.
(3/391)
مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ فِي مَسْأَلَةِ إتْيَانِ الْمَرْأَةِ فِي
دُبُرِهَا قَالَ سَأَلَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فَقُلْت لَهُ إنْ
كُنْت تُرِيدُ الْمُكَابَرَةَ وَتَصْحِيحَ الرِّوَايَاتِ وَإِنْ لَمْ
تَصِحَّ فَأَنْتَ أَعْلَمُ وَإِنْ تَكَلَّمْتَ بِالْمُنَاصَفَةِ
كَلَّمْتُك قَالَ عَلَى الْمُنَاصَفَةِ قُلْت فَبِأَيِّ شَيْءٍ
حَرَّمْته قَالَ بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {فَأْتُوهُنَّ مِنْ
حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّهُ} وَقَالَ: {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى
شِئْتُمْ} وَالْحَرْثُ لَا يَكُونُ إلَّا فِي الْفَرْجِ قُلْت
أَفَيَكُونُ ذَلِكَ مُحَرِّمًا لِمَا سِوَاهُ قَالَ نَعَمْ قُلْت فَمَا
تَقُولُ لَوْ وَطِئَهَا بَيْنَ سَاقَيْهَا أَوْ فِي أَعْكَانِهَا أَوْ
تَحْتَ إبْطِهَا أَوْ أَخَذَتْ ذَكَرَهُ بِيَدِهَا أَفِي ذَلِكَ حَرْثٌ
قَالَ لَا قُلْت أَفَيُحَرَّمُ ذَلِكَ قَالَ لَا قُلْت فلم تحتج بمالا
حُجَّةَ فِيهِ قَالَ فَإِنَّ اللَّهَ قَالَ {وَاَلَّذِينَ هُمْ
لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ الْآيَةَ} قَالَ فَقُلْت لَهُ إنَّ هَذَا
مِمَّا يَحْتَجُّونَ بِهِ لِلْجَوَازِ إنَّ اللَّهَ أَثْنَى عَلَى مَنْ
حَفِظَ فَرْجَهُ مِنْ غَيْرِ زَوْجَتِهِ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُهُ
فَقُلْت أَنْتَ تَتَحَفَّظُ مِنْ زَوْجَتِهِ وَمِمَّا مَلَكَتْ
يَمِينُهُ قَالَ الْحَاكِمُ لَعَلَّ الشَّافِعِيَّ كَانَ يَقُولُ
بِذَلِكَ فِي الْقَدِيمِ فَأَمَّا فِي الْجَدِيدِ فَالْمَشْهُورُ
أَنَّهُ حَرَّمَهُ قَوْلُهُ قَالَ الرَّبِيعُ كَذَبَ وَاَللَّهِ
الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ قَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى
تَحْرِيمِهِ فِي سِتَّةِ كُتُبٍ هَذَا سَمِعَهُ أَبُو الْعَبَّاسِ
الْأَصَمُّ مِنْ الرَّبِيعِ وَحَكَاهُ عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ
الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْحَاوِي وَأَبُو نَصْرِ بْنُ الصَّبَّاغِ فِي
الشَّامِلِ وَغَيْرُهُمَا وَتَكْذِيبُ الرَّبِيعِ لِمُحَمَّدٍ لَا
مَعْنَى لَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْفَرِدْ بِذَلِكَ فَقَدْ تَابَعَهُ
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَخُوهُ عَنْ الشَّافِعِيِّ
أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ بْنُ أُسَامَةَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي
السَّمْحِ الْمِصْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْت عَبْدَ الرَّحْمَنِ
فَذَكَرَ نَحْوَهُ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ عَنْ
الْأَصَمِّ عَنْ الرَّبِيعِ قَالَ قَالَ الشَّافِعِيُّ قَالَ اللَّهُ
{نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}
احْتَمَلَتْ الْآيَةُ مَعْنَيَيْنِ أَحَدَهُمَا أَنْ تُؤْتَى
الْمَرْأَةُ مِنْ حَيْثُ شَاءَ زَوْجُهَا لِأَنَّ أَنَّى شِئْتُمْ
يَأْتِي بِمَعْنَى أَيْنَ شِئْتُمْ ثَانِيَهُمَا أَنَّ الْحَرْثَ
إنَّمَا يُرَادُ بِهِ النَّبَاتُ فِي مَوْضِعِهِ دُونَ مَا سِوَاهُ
فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي ذَلِكَ وَأَحْسِبُ كُلًّا مِنْ
الْفَرِيقَيْنِ تَأَوَّلُوا مَا وَصَفْت مِنْ احْتِمَالِ الْآيَةِ
قَالَ فَطَلَبْنَا الدَّلَالَةَ مِنْ السُّنَّةِ فَوَجَدْنَا
حَدِيثَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ أَحَدُهُمَا ثَابِتٌ وَهُوَ حَدِيثُ
خُزَيْمَةَ فِي التَّحْرِيمِ قَالَ فَأَخَذْنَا بِهِ قَوْلُهُ وَفِي
مُخْتَصَرِ الْجُوَيْنِيِّ أَنَّ بَعْضَهُمْ أَقَامَ مَا رَوَاهُ أَيْ
ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ قَوْلًا انْتَهَى وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ
قَوْلٌ قَدِيمٌ وَقَدْ رَجَعَ عَنْهُ الشَّافِعِيُّ كَمَا قَالَ
الرَّبِيعُ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ إطْلَاقِ الرَّبِيعِ تَكْذِيبَ
مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ فَإِنَّهُ لَا
خِلَافَ فِي ثِقَتِهِ وَأَمَانَتِهِ وَإِنَّمَا اغْتَرَّ مُحَمَّدٌ
بِكَوْنِ الشَّافِعِيِّ قَصَّ لَهُ الْقِصَّةَ الَّتِي وَقَعَتْ لَهُ
بِطَرِيقِ الْمُنَاظَرَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ
وَلَا شَكَّ أَنَّ الْعَالِمَ فِي الْمُنَاظَرَةِ يَتَقَذَّرُ
الْقَوْلَ وَهُوَ لَا يَخْتَارُهُ فَيَذْكُرُ أَدِلَّتَهُ إلَى أَنْ
يَنْقَطِعَ خَصْمُهُ وَذَلِكَ غَيْرُ مُسْتَنْكَرٍ فِي الْمُنَاظَرَةِ
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
قَوْلُهُ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ وَيُعْلَمُ
قَوْلُهُ الْإِتْيَانُ فِي الدُّبُرِ بِالْمِيمِ لِمَا رُوِيَ عَنْ
(3/392)
مَالِكٍ قَالَ وَأَصْحَابُهُ الْعِرَاقِيُّونَ لَمْ يُثْبِتُوا
الرِّوَايَةَ انْتَهَى قَرَأْت فِي رِحْلَةِ ابْنِ الصَّلَاحِ أَنَّهُ
نَقَلَ ذَلِكَ مِنْ كِتَابِ الْمُحِيطِ لِلشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ
الْجُوَيْنِيِّ قَالَ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَقَدْ رَجَعَ متأخروا
أَصْحَابِهِ عَنْ ذَلِكَ وَأَفْتَوْا بِتَحْرِيمِهِ إلَّا أَنَّ
مَذْهَبَهُ أَنَّهُ حَلَالٌ قَالَ وَكَانَ عِنْدَنَا قَاضٍ يُقَالُ
لَهُ أبو واثلة وَكَانَ يَرَى بِجَوَازِهِ فَرُفِعَتْ إلَيْهِ
امْرَأَةٌ وَزَوْجُهَا وَاشْتَكَتْ مِنْهُ أَنَّهُ يَطْلُبُ مِنْهَا
ذَلِكَ فَقَالَ قَدْ اُبْتُلِيت وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ
فِي تَعْلِيقِهِ نُصَّ فِي كِتَابِ السِّرِّ عَنْ مَالِكٍ عَلَى
إبَاحَتِهِ وَرَوَاهُ عَنْهُ أَهْلُ مِصْرَ وَأَهْلُ الْمَغْرِبِ قُلْت
وَكِتَابُ السِّرِّ وَقَفْت عَلَيْهِ فِي كُرَّاسَةٍ لَطِيفَةٍ مِنْ
رِوَايَةِ الْحَارِثِ بْنِ مِسْكِينٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ
الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ وَهُوَ يَشْتَمِلُ عَلَى نَوَادِرَ مِنْ
الْمَسَائِلِ وَفِيهَا كَثِيرٌ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْخُلَفَاءِ
وَلِأَجْلِ هَذَا سُمِّيَ كِتَابُ السِّرِّ وَفِيهِ هَذِهِ
الْمَسْأَلَةُ وَقَدْ رَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ أُسَامَةَ التُّجِيبِيُّ
وَهَذَّبَهُ وَرَتَّبَهُ عَلَى الْأَبْوَابِ وَأَخْرَجَ لَهُ
أَشْبَاهًا وَنَظَائِرَ فِي كُلِّ بَابٍ وَرَوَى فِيهِ مِنْ طَرِيقِ
مَعْنِ بْنِ عِيسَى سَأَلْت مَالِكًا عَنْهُ فَقَالَ مَا أَعْلَمُ
فِيهِ تَحْرِيمًا وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي كِتَابِ الْبَيَانِ
وَالتَّحْصِيلِ فِي شَرْحِ الْعُتْبِيَّةِ رَوَى الْعُتْبِيُّ عَنْ
ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ لَهُ وَقَدْ سَأَلَهُ
عَنْ ذَلِكَ مُخَلِّيًا بِهِ فَقَالَ حَلَالٌ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ قَالَ
ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَمْ أُدْرِك أَحَدًا اُقْتُدِيَ بِهِ فِي دِينٍ
يَشُكُّ فِيهِ وَالْمَدَنِيُّونَ يَرْوُونَ الرُّخْصَةَ عَنْ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُشِيرُ بذلك غلى مَا
رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَأَبِي سَعِيدٍ أَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ
فَلَهُ طُرُقٌ رَوَاهُ عَنْهُ نَافِعٌ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ وَسَعِيدُ بْنُ يَسَارٍ
وَغَيْرُهُمْ أَمَّا نَافِعٌ فَاشْتُهِرَ عَنْهُ مِنْ طُرُقٍ كَثِيرَةٍ
جِدًّا مِنْهَا رِوَايَةُ مَالِكٍ وَأَيُّوبَ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ
عُمَرَ الْعُمْرِيِّ وَابْنِ أَبِي ذِئْبٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ
عَوْنٍ وَهِشَامِ بْنِ سَعْدٍ وَعُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ
وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعٍ وَأَبَانَ بْنِ صَالِحٍ وَإِسْحَاقَ
بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْن أَبِي فَرْوَةَ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي
أَحَادِيثِ مَالِكٍ الَّتِي رَوَاهَا خَارِجَ الْمُوَطَّأِ نَا أَبُو
جَعْفَرٍ الْأُسْوَانِيُّ الْمَالِكِيُّ بِمِصْرٍ نَا مُحَمَّدُ بْنُ
أَحْمَدَ بْنِ حَمَّادٍ نَا أَبُو الْحَارِثِ أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ
الْفِهْرِيُّ ثنا أَبُو ثَابِتٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ
حَدَّثَنِي الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ
حَفْصٍ عَنْ نَافِعٍ قَالَ قَالَ لِي ابْنُ عُمَرَ أَمْسِكْ عَلَيَّ
الْمُصْحَفَ يَا نَافِعُ فَقَرَأَ حَتَّى أَتَى عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ
{نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} فَقَالَ تَدْرِي يَا نَافِعُ فِيمَنْ
أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ قَالَ قُلْت لَا قَالَ فَقَالَ لِي فِي
رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ أَصَابَ امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا
فَأَعْظَمَ النَّاسُ ذَلِكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {نِسَاؤُكُمْ
حَرْثٌ لَكُمْ} الْآيَةَ قَالَ نَافِعٌ فَقُلْت لِابْنِ عُمَرَ مِنْ
دُبُرِهَا فِي قُبُلِهَا قَالَ لَا إلَّا فِي دُبُرِهَا قَالَ أَبُو
ثَابِتٍ وَحَدَّثَنِي بِهِ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ مَالِكٍ وَابْنِ
أَبِي ذِئْبٍ وَفِيهِمَا عَنْ نَافِعٍ مِثْلُهُ وَفِي تَفْسِيرِ
الْبَقَرَةِ مِنْ صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ نَا إِسْحَاقُ أَنَا النَّضْرُ
أَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ نَافِعٍ قَالَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ إذَا قَرَأَ
الْقُرْآنَ لَمْ يَتَكَلَّمْ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهُ قَالَ فَأَخَذْت
عَلَيْهِ يَوْمًا فَقَرَأَ سُورَةَ
(3/393)
الْبَقَرَةِ حَتَّى انْتَهَى إلَى مَكَان فَقَالَ تَدْرِي فِيمَ
أُنْزِلَتْ فَقُلْت لَا قَالَ نَزَلَتْ فِي كَذَا وَكَذَا ثُمَّ مَضَى
وَعَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ حَدَّثَنِي أَبِي يَعْنِي عَبْدَ الْوَارِثِ
حَدَّثَنِي أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ فِي قَوْله
تَعَالَى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} قَالَ يَأْتِيهَا فِي.
قَالَ وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ
عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ
هَكَذَا وَقَعَ عِنْدَهُ وَالرِّوَايَةُ الْأُولَى فِي تَفْسِيرِ
إِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ مِثْلُ مَا سَاقَ لَكِنَّ عَيْنَ الْآيَةِ
وَهِيَ {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} وَغَيْرُ قَوْلِهِ كَذَا وَكَذَا
فَقَالَ نَزَلَتْ فِي إتْيَانِ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ.
وَكَذَا رَوَاهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عُلَيَّةَ عَنْ ابْنِ
عَوْنٍ1، وَأَمَّا رِوَايَةُ عَبْدِ الصَّمَدِ فهي في تَفْسِيرُ
إِسْحَاقَ أَيْضًا عَنْهُ وَقَالَ فِيهِ يَأْتِيهَا فِي الدُّبُرِ
وَأَمَّا رِوَايَةُ مُحَمَّدٍ فَأَخْرَجَهَا الطَّبَرَانِيُّ فِي
الْأَوْسَطِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْأَعْيَنِ
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ بِلَفْظِ إنَّمَا نَزَلَتْ
{نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} رُخْصَةً فِي إتْيَانِ الدُّبُرِ2،
وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي تَارِيخِهِ مِنْ طَرِيقِ عِيسَى بْنِ
مَثْرُودٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ وَمِنْ طَرِيقِ
سَهْلِ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعٍ وَرَوَاهُ
الدَّارَقُطْنِيُّ فِي غَرَائِبِ مَالِكٍ مِنْ طَرِيقِ زَكَرِيَّا
السَّاجِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِ الْمَدَنِيِّ عَنْ أَبِي
مُصْعَبٍ وَرَوَاهُ الْخَطِيبُ فِي الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ مِنْ
طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ الْحَكَمِ الْعَبْدِيِّ وَرَوَاهُ أَبُو
إِسْحَاقَ الثَّعْلَبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ وَالدَّارَقُطْنِيُّ أَيْضًا
مِنْ طَرِيقِ إِسْحَاقَ بْنِ مُحَمَّدِ الْفَرْوِيِّ وَرَوَاهُ أَبُو
نُعَيْمٍ فِي تَارِيخِ أَصْبَهَانَ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ
صَدَقَةَ الْفَدَكِيِّ كُلُّهُمْ عَنْ مَالِكٍ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ
هَذَا ثَابِتٌ عَنْ مَالِكٍ.
وَأَمَّا زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ فَرَوَى النَّسَائِيُّ وَالطَّبَرِيُّ
مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ
بِلَالٍ عَنْهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَجُلًا أَتَى امْرَأَتَهُ فِي
دُبُرِهَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَوَجَدَ مِنْ ذَلِكَ وَجْدًا شَدِيدًا فَأَنْزَلَ اللَّهُ
عَزَّ وَجَلَّ {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ
__________
1 أخرجه الطبري 2/407، برقم 4329، 4/44 –طبعة شاكر، برقم 4326، وأخرجه
الطبري من نفس المصدر قبل هذا الحديث من طريق يعقوب قال: حدثنا هشيم،
قال: أخبرنا ابن عون عن نافع قال.... فذكره.
قال أحمد شاكر في تعليقه على هذا الإسناد: صحيح جدا.
ثم أخرج الطبري بعده الحديث من طريق آخر عن ابن عون برقم 4327 –شاكر.
قال أحمد شاكر: وهذا الأحاديث الثلاثة صحيحة ثابتة عن ابن عمر.
2 أخرجه الطبراني في الأوسط كما في مجمع البحرين 6/10-11، برقم 3297.
تنبيه: قال الحافظ في الفتح 9/49: وذهب جماعة من أئمة الحديث –كالبخاري
والذهلي والبزار والنسائي وأبي علي النيسابوري إلى أنه لا يثبت فيه شيء
–أي تحريم الإتيان من الدبر- قلت: لكن طرقها كثيرة فمجموعها صالح
للاحتجاج به. ويؤيد القول بالتحريم أنا لو قدمنا أحاديث الإباحة للزم
أنه أبيح بعد أن حرم والأصل عدمه اهـ.
(3/394)
لَكُمْ} 1 الْآيَةَ.
وَأَمَّا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَرَوَى
النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ عَنْهُ أَنَّ ابْنَ
عُمَرَ كان لا بِهِ بَأْسًا2، مَوْقُوفٌ.
وَأَمَّا سَعِيدُ بْنُ يَسَارٍ فَرَوَى النَّسَائِيُّ وَالطَّحَاوِيُّ
وَالطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ قَالَ
قُلْت لِمَالِكٍ إنَّ عِنْدَنَا بِمِصْرٍ اللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ
يُحَدِّثْ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ يَعْقُوبَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ
قَالَ قُلْت لِابْنِ عُمَرَ إنَّا تشتري الْجَوَارِيَ فَنُحَمِّضُ
لَهُنَّ وَالتَّحْمِيضُ الْإِتْيَانُ فِي الدُّبُرِ فَقَالَ أُفٍّ أَوَ
يَفْعَلُ هَذَا مُسْلِمٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَقَالَ لِي مَالِكٌ
أَشْهَدُ عَلَى رَبِيعَةَ لَحَدَّثَنِي عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ
أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ عَنْهُ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِهِ3.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ فَرَوَى أَبُو يَعْلَى وَابْنُ
مَرْدُوَيْهِ فِي تَفْسِيرِهِ وَالطَّبَرِيُّ وَالطَّحَاوِيُّ مِنْ
طُرُقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ
عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي
سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَجُلًا أَصَابَ امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا
فَأَنْكَرَ النَّاسُ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَقَالُوا ثَفَّرَهَا فَأَنْزَلَ
اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ
أَنَّى شِئْتُمْ} وَرَوَاهُ أُسَامَةُ بْنُ أَحْمَدَ التُّجِيبِيُّ
مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ
وَلَفْظُهُ كُنَّا نَأْتِي النِّسَاءَ فِي أَدْبَارِهِنَّ وَيُسَمَّى
ذَلِكَ الْإِثْفَارُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ الْآيَةَ4.
وَرَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ مَعْنِ بْنِ عِيسَى عَنْ هِشَامٍ وَلَمْ
يُسَمِّ أَبَا سَعِيدٍ قَالَ كَانَ رِجَالٌ مِنْ الْأَنْصَارِ قُلْت
وَقَدْ أَثْبَتَ ابْنُ عَبَّاسٍ الرِّوَايَةَ فِي ذَلِكَ عَنْ ابْنِ
عُمَرَ وَأَنْكَرَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ وَبَيَّنَ أَنَّهُ أَخْطَأَ فِي
تَأْوِيلِ الْآيَةِ فَرَوَى أَبُو دَاوُد مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ
إِسْحَاقَ عَنْ أَبَانَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ
عَبَّاسٍ قَالَ إنَّ ابْنَ عُمَرَ وَاَللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ أَوْهَمَ
إنَّمَا كَانَ هَذَا الْحَيُّ مِنْ الْأَنْصَارِ وَهُمْ أَهْلُ وَثَنٍ
مَعَ هَذَا الْحَيِّ مِنْ يَهُودَ وَهُمْ أَهْلُ كِتَابٍ وَكَانُوا
__________
1 أخرجه النسائي 5/316، كتاب عشرة النساء: باب تأويل قول الله جل ثناؤه
–هذه الآية على وجه آخر، حديث 8981، والطبري 4/407 –شاكر، برقم 4333.
2 أخرجه النسائي 5/315-316، برقم 8980.
3 أخرجه النسائي 5/315-316، في الكتاب والباب برقم 8979، والطحاوي
3/41، كتاب النكاح: باب وطء النساء في أدبارهن، والطبري 4/405، ط شاكر،
برقم 4329.
4 أخرجه أبو يعلى 2/354-355، برقم 1103، والطحاوي 3/40، كتاب النكاح:
باب وطء النساء في أدبارهن، والطبري 4/408، شاكر، برقم 4334، مرسلا عن
عطاء.
وقوله: أثغرها: من الثغر، بفتح الثاء المثلثة والغين، وهو يوضع للدابة
تحت ذنبها يشد به السرج، شبه ذلك الفعل بوضع الثغر على دبر الدابة.
أحمد شاكر في تعليقه على الحديث.
والحديث ذكره الهيثمي في المجمع 6/232: رواه أبو يعلى عن شيخه الحارث
بن سريج القفال وهو ضعيف كذاب.
(3/395)
يَرَوْنَ لَهُمْ فَضْلًا عَلَيْهِمْ مِنْ الْعِلْمِ فَكَانُوا
يَقْتَدُونَ بِكَثِيرٍ مِنْ فِعْلِهِمْ وَكَانَ مِنْ أَمْرِ أَهْلِ
الْكِتَابِ لَا يَأْتُونَ النِّسَاءَ إلَّا عَلَى حَرْفٍ وَذَلِكَ
أَسْتَرُ مَا تَكُونُ الْمَرْأَةُ فَكَانَ هَذَا الْحَيُّ مِنْ
الْأَنْصَارِ قَدْ أَخَذُوا بِذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِمْ وَكَانَ هَذَا
الْحَيُّ مِنْ قُرَيْشٍ يُشَرِّحُونَ النِّسَاءَ شَرْحًا مُنْكَرًا
وَيَتَلَذَّذُونَ مِنْهُنَّ مُقْبِلَاتٍ وَمُدْبِرَاتٍ
وَمُسْتَلْقِيَاتٍ فَلَمَّا قَدِمَ الْمُهَاجِرُونَ الْمَدِينَةَ
تَزَوَّجَ رَجُلٌ امْرَأَةً مِنْ الْأَنْصَارِ فَذَهَبَ يَصْنَعُ بِهَا
ذَلِكَ فَأَنْكَرَتْهُ عَلَيْهِ وَقَالَتْ إنَّمَا كُنَّا نُؤْتَى
عَلَى حَرْفٍ فَاصْنَعْ ذَلِكَ إلا فَاجْتَنِبْنِي فَسَرَى أَمْرُهُمَا
حَتَّى بَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فأنزل الله {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ
أَنَّى شِئْتُمْ} أَيْ مُقْبِلَاتٍ وَمُدْبِرَاتٍ وَمُسْتَلْقِيَاتٍ
يَعْنِي بِذَلِكَ مَوْضِعَ الْوَلَدِ1.
وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ
نَا عَفَّانُ نَا وُهَيْبٌ نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ
خُثَيْمٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ قَالَ دَخَلْت عَلَى
حَفْصَةَ ابْنَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقُلْت إنِّي سَائِلُك عَنْ
أَمْرٍ وأنا أستحيي أَنْ أَسْأَلُك قَالَتْ فَلَا تستحيي يَا ابْنَ
أَخِي قَالَ عَنْ إتْيَانِ النِّسَاءِ وَكَانَتْ الْيَهُودُ تَقُولُ
إنَّهُ مَنْ جَبَّى امْرَأَتَهُ كَانَ وَلَدُهُ أَحْوَلَ فَلَمَّا
قَدِمَ الْمُهَاجِرُونَ الْمَدِينَةَ نَكَحُوا فِي نِسَاءِ
الْأَنْصَارِ فَجَبُّوهُنَّ فَأَبَتْ امْرَأَةٌ أَنْ تُطِيعَ زَوْجَهَا
وَقَالَتْ لن نفعل ذَلِكَ حَتَّى آتِيَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَخَلَتْ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَذَكَرَتْ لَهَا
ذَلِكَ فَقَالَتْ اجْلِسِي حَتَّى يَأْتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَحْيَتْ الْأَنْصَارِيَّةُ أَنْ
تَسْأَلَهُ فَخَرَجَتْ فَحَدَّثَتْ أُمُّ سَلَمَةَ رَسُولَ اللَّهِ
فقال ادع الْأَنْصَارِيَّةَ فَدُعِيَتْ فَتَلَا عَلَيْهَا هَذِهِ
الْآيَةَ {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى
شِئْتُمْ} صِمَامًا وَاحِدًا2.
تَنْبِيهٌ: رَوَى النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ بَكْرِ بْنِ مُضَرَ عَنْ
يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ عَنْ
الْمَرْأَةِ تُؤْتَى فِي دُبُرِهَا فَقَالَ إنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ
يَقُولُ اسْقِ حَرْثَك مِنْ حَيْثُ نَبَاتُهُ3 كَذَا فِي بَعْضِ
النُّسَخِ وَفِي بَعْضِهَا مِنْ حَيْثُ شئت وكذا رواه أبو الْفَضْلُ
بْنُ حِنْزَابَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى الْمَأْمُونِيِّ عَنْ
النَّسَائِيّ وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ بِمَذْهَبِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَرَوَى جَابِرٌ أَنَّ سَبَبَ نُزُولِ الْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّ
الْيَهُودَ كانت تقول إذ أَتَى الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ مِنْ خَلْفِهَا
فِي قُبُلِهَا جَاءَ الولد أحول فأنزلها اللَّهُ تَعَالَى أَخْرَجَهُ
الشَّيْخَانِ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا4.
__________
1 أخرجه أبو داود 2/249-250، كتاب النكاح: باب في جامع النكاح، حديث
2164.
2 أخرجه أحمد 6/305.
3 أخرجه النسائي في الكبرى 5/321، كتاب عشرة النساء: باب ذكر حديث ابن
عباس فيه واختلاف ألفاظ الناقلين عليه.
4 أخرجه البخاري 8/37، كتاب التفسير: باب {نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم
أنى شئتم وقدموا لأنفسكم} [البقرة: 223]، حديث 4528، ومسلم
2/1058-1059، كتاب النكاح: باب==
(3/396)
وَفِي رِوَايَة آدَمَ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ
سَمِعْت جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ
وَجَلَّ {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} قَالَ قَالَتْ
الْيَهُودُ إذَا أَتَى الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ بَارِكَةً كَانَ
الْوَلَدُ أَحْوَلَ فَأَكْذَبَهُمْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَأَنْزَلَ
{نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}
يَقُولُ كَيْفَ شِئْتُمْ فِي الْفَرْجِ يُرِيدُ بِذَلِكَ مَوْضِعَ
الْوَلَدِ لِلْحَرْثِ يَقُولُ ائْتِ الْحَرْثَ كَيْفَ شِئْت.
وَمِنْ قَوْلِهِ يَقُولُ كيف شئتم يحتمل أَنْ يَكُونَ مِنْ ذَلِكُمْ
جَائِزًا وَمِنْ دُونِهِ.
فَائِدَةٌ: مَا تَقَدَّمَ نَقْلُهُ عَنْ الْمَالِكِيَّةِ لَمْ يُنْقَلْ
عَنْ أَصْحَابِهِمْ إلَّا عَنْ نَاسٍ قَلِيلٍ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ
كَانَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إبْرَاهِيمَ
الْأَصِيلِيُّ يُجِيزُهُ وَيَذْهَبُ فِيهِ إلَى أَنَّهُ غَيْرُ
مُحَرَّمٍ وَصَنَّفَ فِي إبَاحَتِهِ مُحَمَّدُ بْنُ سَحْنُونٍ
وَمُحَمَّدُ بْنُ شَعْبَانَ وَنَقَلَا ذَلِكَ عَنْ جَمْعٍ كَثِيرٍ مِنْ
التَّابِعِينَ وَفِي كَلَامِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ والمازري ما يومي إلَى
جَوَازِ ذَلِكَ أَيْضًا وَحَكَى ابْنُ بَزِيزَةَ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ
عِيسَى بْنِ دِينَارٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ هُوَ أَحَلُّ مِنْ
الْمَاءِ الْبَارِدِ.
وَأَنْكَرَهُ كَثِيرٌ مِنْهُمْ أَصْلًا وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي
تَفْسِيرِهِ وَابْنُ عَطِيَّةَ قَبْلَهُ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ
يَأْخُذَ بِذَلِكَ وَلَوْ ثَبَتَتْ الرِّوَايَةُ فِيهِ لِأَنَّهَا مِنْ
الزَّلَّاتِ.
وَذَكَرَ الْخَلِيلِيُّ فِي الْإِرْشَادِ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ أَنَّ
مَالِكًا رَجَعَ عَنْهُ.
وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ الْحَاجِبِ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ
إنْكَارُ ذَلِكَ وَتَكْذِيبُ مَنْ نَقَلَهُ عَنْهُ لَكِنَّ الَّذِي
رَوَى ذَلِكَ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ غَيْرُ مَوْثُوقٍ بِهِ.
وَالصَّوَابُ مَا حَكَاهُ الْخَلِيلِيُّ فَقَدْ ذَكَرَ الطَّبَرِيُّ
عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ
أَنَّهُ أَبَاحَهُ.
رَوَى الثَّعْلَبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ مِنْ طَرِيقِ الْمُزَنِيِّ قَالَ
كُنْت عِنْدَ ابْنِ وَهْبٍ وَهُوَ يَقْرَأُ عَلَيْنَا رِوَايَةَ
__________
= جواز جماعه امرأته في قبلها من قدامها ومن ورائها من غير تعرض للدبر،
حديث 117-119/1435، وأبو داود 1/656، كتاب النكاح: باب في جامع النكاح،
حديث 2163، والترمذي 5/200، كتاب التفسير: باب سورة البقرة، حديث 2982،
وابن ماجة 1/620، كتاب النكاح: باب إتيان النساء في أدبارهن، حديث
1925، والدارمي 1/258، كتاب الوضوء: باب إتيان النساء ي أدبارهن، وفي
2/145-146، كتاب النكاح: باب النهي عن إتيان النساء في أعجازهن، وأبو
يعلى 4/21، رقم 2024، وابن حبان 4174، والطبري في تفسيره 2/397،
والواحدي في أسباب النزول ص 53، والطحاوي في شرح معاني الآثار 3/40،
وعزاه إلى وكيع وابن أبي شيبة وعبد بن حميد والبخاري وأبي داود
والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن جرير وأبي نعيم والبيهقي عن جابر.
وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
(3/397)
مَالِكٍ فَجَاءَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا
أَبَا مُحَمَّدٍ ارْوِ لَنَا مَا رَوَيْت فَامْتَنَعَ أَنْ يَرْوِيَ
لَهُمْ ذَلِكَ وَقَالَ أَحَدُكُمْ يَصْحَبُ الْعَالِمَ فَإِذَا
تَعَلَّمَ مِنْهُ لَمْ يُوجِبْ لَهُ مِنْ حَقِّهِ مَا يَمْنَعُهُ مِنْ
أَقْبَحِ مَا يُرْوَى عَنْهُ وَأَبَى أَنْ يَرْوِيَ ذَلِكَ.
وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ كَرَاهَتُهُ وَتَكْذِيبُ مَنْ نَقَلَهُ عَنْهُ
مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَخْرَجَهُ الْخَطِيبُ فِي الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ
مِنْ طَرِيقِ إسْمَاعِيلَ بْنِ حِصْنٍ عَنْ إسْرَائِيلَ بْنِ رَوْحٍ
قَالَ سَأَلْت مَالِكًا عَنْهُ فَقَالَ مَا أَنْتُمْ قَوْمُ عَرَبٍ
هَلْ يَكُونُ الْحَرْثُ إلَّا مَوْضِعَ الزَّرْعِ قُلْت يَا أَبَا
عَبْدِ اللَّهِ إنَّهُمْ يَقُولُونَ ذَلِكَ قَالَ يَكْذِبُونَ عَلَيَّ
وَالْعُهْدَةُ فِي هَذِهِ الْحِكَايَةِ عَلَى إسْمَاعِيلَ فَإِنَّهُ
وَاهِي الْحَدِيثِ.
وَقَدْ رَوَيْنَا فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ لِلْحَاكِمِ قَالَ نَا أَبُو
الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ نَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ
الْبَيْرُوتِيُّ نَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ سَمِعْت
الْأَوْزَاعِيَّ يَقُولُ يُجْتَنَبُ أَوْ يُتْرَكُ مِنْ قَوْلِ أَهْلِ
الْحِجَازِ خَمْسٌ وَمِنْ قَوْلِ أَهْلِ الْعِرَاقِ خَمْسٌ مِنْ
أَقْوَالِ أَهْلِ الْحِجَازِ اسْتِمَاعُ الْمَلَاهِي وَالْمُتْعَةُ
وَإِتْيَانُ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ وَالصَّرْفُ وَالْجَمْعُ
بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بِغَيْرِ عُذْرٍ وَمِنْ أَقْوَالِ أَهْلِ
الْعِرَاقِ شُرْبُ النَّبِيذِ وَتَأْخِيرُ الْعَصْرِ حَتَّى يَكُونَ
ظِلُّ الشَّيْءِ أَرْبَعَةَ أَمْثَالِهِ وَلَا جُمُعَةَ إلَّا فِي
سَبْعَةِ أَمْصَارٍ وَالْفِرَارُ مِنْ الزَّحْفِ وَالْأَكْلُ بَعْدَ
الْفَجْرِ فِي رَمَضَانَ.
وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ قَالَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا
أَخَذَ بِقَوْلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي اسْتِمَاعِ الْغِنَاءِ
وَإِتْيَانِ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ ويقول أَهْلِ مَكَّةَ فِي
الْمُتْعَةِ وَالصَّرْفِ وَبِقَوْلِ أَهْلِ الْكُوفَةِ فِي الْمُسْكِرِ
كَانَ شَرَّ عِبَادِ اللَّهِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنِ أُسَامَةَ التُّجِيبِيُّ نَا أَبِي سَمِعْت
الرَّبِيعَ بْنَ سُلَيْمَانَ الْجِيزِيَّ يَقُولُ أَنَا أَصْبَغُ قَالَ
سُئِلَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ فِي
الْجَامِعِ فَقَالَ لَوْ جُعِلَ لِي مِلْءُ هَذَا الْمَسْجِدِ ذَهَبًا
مَا فَعَلْته قَالَ ونَا أَبِي سَمِعْت الْحَارِثَ بْنَ مِسْكِينٍ
يَقُولُ سَأَلْت ابْنَ الْقَاسِمِ عَنْهُ فَكَرِهَهُ لِي قَالَ
وَسَأَلَهُ غَيْرِي فَقَالَ كَرِهَهُ مَالِكٌ.
حَدِيثٌ "حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ" تَقَدَّمَ.
1543 - حَدِيثٌ الْعَزْلُ هُوَ الْوَأْدُ الْخَفِيُّ1، مُسْلِمٌ مِنْ
رِوَايَةِ جُدَامَةَ بِنْتِ وَهْبٍ فِي حَدِيثٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ
مَنْسُوخٌ فَقَدْ رَوَى أَصْحَابُ السُّنَنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي
سَعِيدٍ قَالَ قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ إنَّ الْيَهُودَ زَعَمُوا أَنَّ الْعَزْلَ الْمَوْءُودَةُ
الصُّغْرَى فَقَالَ "كَذَبَتْ يَهُودٌ لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ
يَخْلُقَهُ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَصْرِفَهُ" 2 وَنَحْوُهُ
__________
1 أخرجه مسلم 2/1067، كتاب النكاح: باب جواز الغيلة وهي وطء المرضع،
حديث 1441/1442.
2 أخرجه أبو داود 2/252، كتاب النكاح: باب ما جاء في العزل، حديث 2171،
والترمذي 3/135، كتاب النكاح: باب ما جاء في كراهية العزل، حديث 1138،
والنسائي في الكبرى 5/341، كتاب عشرة النساء: باب العزل وذكر الاختلاف
للخبر في ذلك، حديث 9079، 9082،==
(3/398)
لِلنِّسَائِيِّ عَنْ جَابِرٍ1، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ2، وَجَزَمَ
الطَّحَاوِيُّ بِكَوْنِهِ مَنْسُوخًا وَتَعَقَّبْ وَعَكْسَهُ ابْنُ
حَزْمٍ.
1544 - حَدِيثُ جَابِرٍ كُنَّا نَعْزِلُ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيُّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَنْهَانَا مُسْلِمٌ
بِاللَّفْظِ الْمَذْكُورِ3، وَاتَّفَقَا عَلَيْهِ بِلَفْظِ "كُنَّا
نَعْزِلُ وَالْقُرْآنُ يَنْزِلُ" 4.
1545 - حَدِيثٌ مَلْعُونٌ "مَنْ نَكَحَ يَدَهُ" الْأَزْدِيُّ فِي
الضُّعَفَاءِ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ بْنِ
عَرَفَةَ فِي جُزْئِهِ الْمَشْهُورِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ بِلَفْظِ
سَبْعَةٌ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إلَيْهِمْ فَذَكَرَ مِنْهُمْ النَّاكِحَ
يَدَهُ5 وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَلِأَبِي الشَّيْخِ فِي كِتَابِ
التَّرْهِيبِ مِنْ طَرِيقِ
__________
= وابن ماجة 1/620، كتاب النكاح: باب العزل، حديث 1926، وأحمد 3/53،
والطحاوي في شرح معاني الآثار 3/31.
قال الترمذي: حديث أبي سعيد، حديث حسن صحيح، وقد روي من غير وجه عن أبي
سعيد، وقد كره العزل قوم من أهل العلم من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وغيرهم.
1 أخرجه النسائي في الكبرى 5/340، كتاب عشرة النساء: باب العزل، وذكر
اختلاف الناقلين للخبر في ذلك، حديث 9078، والترمذي برقم 1136.
2 أخرجه النسائي 5/341، المصدر السابق، برقم 9083.
3 أخرجه مسلم 5/267 –نووي، كتاب النكاح: باب حكم العزل، حديث 138/1440،
وأبو يعلى 4/177، برقم 2255، وابن حبان 9/507، كتاب النكاح: باب العزل،
حديث 4195، والطحاوي 3/35، والبيهقي 7/228، كتاب النكاح: باب العزل.
4 أخرجه البخاري 4/381، كتاب النكاح: باب العزل، حديث 5208، حديث 5208،
وطرفاه في 5207، 5209، ومسلم 5/266 –نووي، كتاب النكاح: باب حكم العزل،
حديث 136/1440، والترمذي 3/434، كتاب النكاح: باب ما جاء في العزل،
حديث 1137، وأحمد 3/377، والحميدي 2/529-530، برقم 1257، والطحاوي في
شرح معاني الآثار 3/35، والبيهقي 7/228، كتاب النكاح: باب العزل.
قال الترمذي: حديث جابر حديث حسن، صحيح، وقد روي عنه من غير وجه، وقد
رخص قوم من أهل العلم من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وغيرهم في العزل، وقال مالك بن أنس تستأمر الحرة في العزل،
ولا تستأمر الأمة.
والحديث أخرجه أحمد 3/377، وعبد الرزاق 7/144، كتاب النكاح: باب العزل،
حديث 12566، وأبو يعلى 4/138، برقم 2193، كلهم من طريق ابن جريج عن
عطاء عن جابر رضي الله عنه بنحوه.
5 أخرجه ابن الجوزي في العلل المتناهية 2/633، كتاب النكاح: باب حديث
في الاستمناء، حديث 1046، وقال: هذا حديث لا يصح عن رسول الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا حسان يعرف ولا مسلمة.
وقال الذهبي في الميزان: مسلمة بن جعفر عن حسان بن حميد عن أنس في سب
الناكح يده. يجهل هو وشيخه.
قال الأزدي ضعيف ميزان الاعتدال 6/421-142، والحديث ذكره ابن كثير في
تفسيره وعزاه إلى الحسين بن عرفة من طريق مسلمة بن جعفر، 3/239، في
تفسير سورة المؤمنون، آية 7، وقال: هذا حديث غريب وإسناده فيه من لا
يعرف لجهالته، والله أعلم.
(3/399)
أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَن الْحُبُلِيِّ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ جَعْفَرُ
الْفِرْيَابِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو وَفِيهِ
ابْنُ لَهِيعَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.
1546 - حَدِيثٌ كَانَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ
وَهُنَّ تِسْعٌ مُتَّفِقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ1 وَفِي
رِوَايَةٍ لِأَبِي نُعَيْمٍ فِي مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ فِي ضَحْوَةٍ.
1547 - حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودُ وَابْنُ عَبَّاسٍ تُسْتَأْذَنُ
الْحُرَّةُ فِي الْعَزْلِ أَمَّا أَثَرُ ابْنِ مَسْعُودٍ فَرَوَاهُ
ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ
سَوَّارٍ الْكُوفِيِّ عَنْهُ قَالَ تُسْتَأْمَرُ الْحُرَّةُ وَيُعْزَلُ
عَنْ الْأَمَةِ2.
وَأَمَّا أَثَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ فَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ
وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَطَاءٍ عَنْهُ قَالَ نُهِيَ عَنْ
عَزْلِ الْحُرَّةِ إلَّا بِإِذْنِهَا3.
وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ
عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَعْزِلُ عَنْ أَمَتِهِ4 وَفِيهِ عَنْ ابْنِ
عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ يُعْزَلُ عَنْ الْأَمَةِ وَيُسْتَأْذَنُ
الْحُرَّةُ5 وَعَنْ عُمَرَ مِثْلُهُ6 رَوَاهُمَا الْبَيْهَقِيّ وَفِيهِ
ابْنُ لَهِيعَةَ وَهُوَ مَعْرُوفٌ.
وَرُوِيَ مَرْفُوعًا أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ المحرر
بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ أَنْ يَعْزِلَ عَنْ
الْحُرَّةِ إلَّا بِإِذْنِهَا7 وَفِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ وَهَمَ فِيهِ وَالصَّوَابُ عَنْ
الزُّهْرِيِّ عَنْ حَمْزَةَ عَنْ عُمَرَ لَيْسَ فِيهِ ابْنُ عمر.
__________
1 تقدم تخريجه في الغسل.
2 أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه 3/513، كتاب النكاح: باب من قال يعزل عن
الأمة ويستأذن الحرة، حديث 16614.
3 كتاب النكاح: باب عبد الرزاق في مصنفه 7/143، كتاب النكاح: باب
تستأمر الحرة في العزل، ولا تستأمر الأمة، حديث 12562، والبيهقي 7/231،
كتاب الصداق: باب من قال يعزل عن الحرة بإذنها، وعن الجارية بغير
إذنها، وما روي فيه.
4 أخرجه ابن أبي شيبة 3/511، كتاب النكاح: باب في العزل والرخصة فيه،
حديث 16598.
5 -6 أخرجهما البيهقي 7/321، كتاب الصداق: باب من قال يعزل عن الحرة
بإذنها وعن الجارية بغير إذنها، وما روي في ذلك.
7 أخرجه ابن ماجة 1/620، كتاب النكاح: باب العزل، حديث 1928، وأحمد
1/31، والبيهقي 7/321، كتاب الصداق: باب من قال يعزل عن الحرة بإذنها
وعن الجارية بغير إذنها وما روي في ذلك.
(3/400)
بَابٌ في وطء الأب جارية الابن
حَدِيثُ عَائِشَةَ أَنَّهَا اشْتَرَتْ بَرِيرَةَ وَلَهَا زَوْجٌ
فَأَعْتَقْتهَا فَخَيَّرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ تَقَدَّمَ فِي
(3/400)
مُثَبَّتَاتِ الْخِيَارِ.
1548 - حَدِيثٌ أَنْتَ وَمَالُك لِأَبِيك ابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ
عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ1 وَابْنِ مَاجَهْ وَبَقِيِّ بْنِ مَخْلَدٍ
وَالطَّحَاوِيِّ مِنْ طَرِيقِ يُوسُفَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ ابْنِ
الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ2 قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْأَفْرَادِ
غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ يُوسُفَ تَفَرَّدَ بِهِ عِيسَى بْنُ يُونُسَ.
وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ مِنْ طَرِيقِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ ابْنِ
الْمُنْكَدِرِ وَقَالَ إنَّمَا يُعْرَفُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ ابْنِ
الْمُنْكَدِرِ مُرْسَلًا وَكَذَا أَخْرَجَهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ ابْنِ
عُيَيْنَةَ عن بن النكدر مُرْسَلًا3.
وَقَالَ ابْنُ الْمُنْكَدِر غَايَةٌ فِي الْفَضْلِ وَالثِّقَةِ
وَلَكِنَّا لَا نَدْرِي عَمَّنْ قَبِلَ حَدِيثَهُ هَذَا قَالَ
الْبَيْهَقِيُّ قَدْ رُوِيَ مِنْ أوجه آخَرَ مَوْصُولًا لَا يَثْبُتُ
مِثْلُهَا وَأَخْطَأَ مَنْ وَصَلَهُ عَنْ جَابِرٍ وَقَالَهُ ابْنُ
أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِيهِ.
وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ
أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ ابْنِ
مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
لِرَجُلٍ أَنْتَ وَمَالُك لِأَبِيك4 وَفِيهِ مُعَاوِيَةُ بْنُ يَحْيَى
وَهُوَ ضَعِيفٌ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِيهِ إنَّمَا هُوَ حَمَّادٌ عَنْ
إبْرَاهِيمَ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ بِلَفْظِ "إنَّ أَطْيَبَ
مَا أَكَلَ الرَّجُلُ مِنْ كَسْبِهِ وَإِنَّ ابْنَهُ مِنْ كَسْبِهِ"
فَأَخْطَأَ فِيهِ إسْنَادًا وَمَتْنًا انْتَهَى.
وَحَدِيثُ الْأَسْوَدِ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ حِبَّانَ
وَالْحَاكِمِ كَمَا سَيَأْتِي فِي النَّفَقَاتِ.
وَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ
عَائِشَةَ مَرْفُوعًا إنَّمَا أَنْتَ وَمَالُك سَهْمٌ مِنْ
كِنَانَتِهِ5 وَنُقِلَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ مُنْكَرٌ وَقَالَ
الدَّارَقُطْنِيُّ رُوِيَ مَوْصُولًا وَمُرْسَلًا وَالْمُرْسَلُ
أَصَحُّ وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْبَزَّارُ مِنْ
حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ6 وَسُمْرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ7.
وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ بَعْدَ تَخْرِيجِهِ مِنْ حَدِيثِ سُمْرَةَ فِي
الْبَابِ أَحَادِيثُ وَفِيهَا لَيِّنٌ وَبَعْضُهَا أَحْسَنُ مِنْ
بَعْضٍ وَأَخْرَجَ أَبُو يَعْلَى حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ أَيْضًا
وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَالْبَزَّارُ مِنْ
حَدِيثِ مَطَرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ
الْمُسَيِّبِ عَنْ عُمَرَ قَالَ الْبَزَّارُ لَا نَعْلَمُهُ يُرْوَى
عَنْ عُمَرَ إلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَقَدْ رَوَاهُ غَيْرُ مَطَرٍ
عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ وَرَوَى
الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ حَضَرْت
أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقِ قَالَ لَهُ رَجُلٌ يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ
اللَّهِ إنَّ هَذَا يُرِيدُ أَنْ يَأْخُذَ مَالِي كُلَّهُ
وَيَجْتَاحُهُ فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ إنَّمَا لَك مِنْ مَالِهِ
__________
قال البوصيري في الزوائد 2/99: هذا إسناد ضعيف لضعف ابن لهيعة.
1 تقدم تخريجه.
2 تقدم
3 تقدم
4 تقدم
5 تقدم
6 تقدم
7 تقدم تخريجه.
(3/401)
مَا يَكْفِيك الْحَدِيثَ وَفِيهِ أَنْتَ وَمَالُك لِأَبِيك مَرْفُوعًا
فِي إسْنَادِهِ الْمُنْذِرُ بْنُ زِيَادِ الطَّائِيُّ متروك.
(3/402)
|