التلخيص الحبير ط العلمية - كِتَابُ الْقَسْمِ والنشوز
مدخل
...
46- كتاب القسم وَالنُّشُوزِ4
1579 - حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ "إذَا كَانَتْ عِنْدَ
الرَّجُلِ امْرَأَتَانِ فَلَمْ يَعْدِلْ بَيْنَهُمَا جَاءَ
يَوْمَ الْقِيَامَةِ
__________
4 القسم: بفتح القاف، وسكون السين بمعنى العدل بين الزوجات
في المبيت، وهو المراد هنا، ومع فتح السين اليمين، وبكسر
القاف، وبكسر القاف مع سكون السين بمعنى الحظ والنصيب، ومع
فتح السين جمع قسمة، وقد تطلق على النصيب أيضا.
والنشوز: من نشز إذا ارتفع، لأن فيه ارتفاعا عن أداء الحق
الواجب، فالزوجة إذا امتنعت عن أداء ما وجب عليها تسمى
ناشزة.
ووجوب القسم: القسم واجب بالكتاب والسنة، وإجماع الأئمة:
قال تعالى: {فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت
أيمانكم} [النساء: 3] لما نهى جل شأنه عن الجمع بين اثنتين
أو أكثر عن خوف عدم العدل فيما إذا اجتمعتا أو اجتمعن، على
أن العدل واجب. وقال تعالى: {وعاشروهن بالمعروف} [النساء:
19] ومن معاشرتها بالمعروف تأدية حقها، والعدل بينها وبين
غيرها في المبيت. =
(3/425)
وَشِقُّهُ مَائِلٌ أَوْ سَاقِطٌ" أَحْمَدُ وَالدَّارِمِيُّ وَأَصْحَابُ
السُّنَنِ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَاللَّفْظُ لَهُ
وَالْبَاقُونَ نَحْوُهُ1، وَإِسْنَادُهُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ
قَالَهُ الْحَاكِمُ وَابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ وَاسْتَغْرَبَهُ
التِّرْمِذِيُّ مَعَ تَصْحِيحِهِ وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ هُوَ خَبَرٌ
ثابت لكن عليه أَنَّ هَمَّامًا تَفَرَّدَ بِهِ وَأَنَّ هَمَّامًا
رَوَاهُ عَنْ قَتَادَةَ فَقَالَ كَانَ يُقَالُ.
وَفِي الْبَابِ عَنْ أَنَسٍ أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي تَارِيخِ
أَصْبَهَانَ2.
حَدِيثُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْسِمُ
بَيْنَ نِسَائِهِ فَيَعْدِلُ وَيَقُولُ اللَّهُمَّ هَذَا قَسْمِي
فِيمَا أَمْلِكُ فَلَا تَلُمْنِي فِيمَا تَمْلِكُ وَلَا أَمْلِكُ
تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْخَصَائِصِ وَأَنَّهُ فِي الْأَرْبَعَةِ عَنْ
عَائِشَةَ.
حَدِيثُ كَانَ يَمْضِي إلَى نِسَائِهِ لِأَجْلِ الْقَسْمِ تَقَدَّمَ
وَيَأْتِي.
1580 - حَدِيثُ عَائِشَةَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَطُوفُ عَلَيْنَا جَمِيعًا فَيُقَبِّلُ وَيَلْمِسُ فَإِذَا
جَاءَ وَقْتُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا أَقَامَ عِنْدَهَا أَحْمَدُ
وَأَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيُّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَلَفْظُ
أَحْمَدَ مَا
__________
= وقال تعالى: {ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف} [البقرة: 228] أي:
للزوجات حقا على أزواجهن، كما أن للأزواج حقا عليهن، وليس المراد
تماثلهما، وتجانسهما، وإنما أراد وجوبهما، ولزومهما. وقال تعالى: {قد
علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم} [الأحزاب: 50] ففي هذه الآية إشارة
إلى ما أوجبه لها من نفقة وكسوة وقسم وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: "من كان له امرأتان يمثل لإحداهما على الأخرى جاء يوم
القيامة يجر أحد شقيه ساقطا أو مائلا" ، رواه الخمسة.
وروي أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما مرض طيف به على
نسائه محمولا، فلما ثقل أشفقن عليه، فحللنه من القسم ليقسم عند عائشة
رضي الله عنها لميله إليها، فتوفي عندها رضي الله عنها فلذلك قالت
عائشة رضي الله عنها: توفي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ بين سحري ونحري، وفي يومي ولم أظلم فيه أحدا.
1 أخرجه أحمد 2/347، والدارمي 2/143، كتاب النكاح: باب العدل بين
النساء، وأبو داود 1/648، كتاب النكاح: باب القسم بين النساء، الحديث
2133، والترمذي 3/447، كتاب النكاح: باب التسوية بين الضرائر، الحديث
1141، والنسائي 7/63، كتاب عشرة النساء: باب ميل الرجل إلى بعض نسائه
دون بعض، وابن ماجة 1/633، كتاب النكاح: باب القسمة بين النساء، الحديث
1969، وابن الجارود ص 241، كتاب النكاح، الحديث 722، وابن حبان 1307
–موارد، والحاكم 2/186، كتاب النكاح: باب التشديد في العدل بين النساء،
والبيهقي 7/297، كتاب القسم والنشوز: باب الرجل لا يفارق التي رغب عنها
غيرهم من حديث همام عن قتادة عن النضر بن أنس عن بشير بن نهيك عن أبي
هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذا
كانت عند الرجل امرأتان جاء يوم القيامة وشقه ساقط" –لفظ الترمذي.
وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين. ووافقه الذهبي. وأما الترمذي فقال:
إنما أسند هذا الحديث همام بن يحيى عن قتادة ورواه هشام الدستوائي عن
قتادة قال: كان يقال: ولا نعرف هذا الحديث مرفوعا من حديث همام اهـ.
2 أخرجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان 2/300، من طريق محمد بن الحارث
الحارثي ثنا شعبة عن عبد الحميد بن ثابت عن أنس قال: قال رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من كانت له امرأتان فمال إلى
إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل" . ومحمد بن الحارث الحارثي: ضعفوه،
وقال يحيى: ليس بشيء، وقال ابن عدي عامة حديثه لا يتابع عليه، وتركه
أبو زرعة الميزان 6/96.
(3/426)
مِنْ يَوْمٍ إلَّا وَهُوَ يَطُوفُ عَلَيْنَا جَمِيعًا امْرَأَةً
امْرَأَةً فَيَدْنُو وَيَلْمِسُ مِنْ غَيْرِ مَسِيسٍ حَتَّى يُفْضِيَ
إلَى الَّتِي هُوَ يَوْمُهَا فَيَبِيتَ عِنْدَهَا.
زَادَ أَبُو دَاوُد فِي أَوَّلِهِ كَانَ لَا يُفَضِّلُ بَعْضَنَا عَلَى
بَعْضٍ فِي الْقَسْمِ مِنْ مُكْثِهِ عِنْدَنَا وَكَانَ قَلَّ يَوْمٌ
إلَّا وَهُوَ يَطُوفُ عَلَيْنَا جَمِيعًا فَيَدْنُو مِنْ كُلِّ
امْرَأَةٍ مِنْ غَيْرِ مَسِيسٍ حَتَّى يَبْلُغَ الَّتِي هُوَ يَوْمُهَا
فَيَبِيتَ عِنْدَهَا1.
1581 - قَوْلُهُ وَالْأَوْلَى أن لا يَزِيدَ عَلَى لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ
اقْتِدَاءً بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ
قِصَّةُ سَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ أَنَّهَا وَهَبَتْ يَوْمَهَا
وَلَيْلَتَهَا لِعَائِشَةَ2، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
1582 - حَدِيثُ "تُنْكَحُ الْأَمَةُ عَلَى الْحُرَّةِ وَلِلْحُرَّةِ
ثُلُثَانِ مِنْ الْقَسْمِ" رُوِيَ مُرْسَلًا تَقَدَّمَ فِي بَابِ مَا
يَحْرُمُ مِنْ النِّكَاحِ وَقَوْلُهُ وَلِلْحُرَّةِ ثُلُثَانِ مِنْ
الْقَسْمِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ
يَسَارٍ قَالَ مِنْ السُّنَّةِ أَنَّ الْحُرَّةَ إنْ أَقَامَتْ عَلَى
ضِرَارٍ فَلَهَا يَوْمَانِ وَلِلْأَمَةِ يَوْمٌ3.
وَرَوَى أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمَعْرِفَةِ مِنْ حَدِيثِ الْأَسْوَدِ
بْنِ عُوَيْمٍ سَأَلْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
عَنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ فَقَالَ لِلْحُرَّةِ
يَوْمَانِ وَلِلْأَمَةِ يَوْمٌ، وَفِي إسْنَادِهِ عَلِيُّ بْنُ
قَرِينٍ4، وَهُوَ كَذَّابٌ قَوْلُهُ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ
فَاعْتَضَدَ بِهِ الْمُرْسَلَ تَقَدَّمَ مِنْ عِنْدِ الْبَيْهَقِيّ
عَنْ عَلِيٍّ.
1583 - حَدِيثُ أَنَسٍ "لِلْبِكْرِ سَبْعٌ وَلِلثَّيِّبِ ثَلَاثٌ"
مَوْقُوفٌ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ مِنْ السُّنَّةِ
فَذَكَرَهُ5، قَالَ أَبُو قِلَابَةَ وَلَوْ شِئْت لَقُلْت إنَّ أَنَسًا
رَفَعَهُ وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ
__________
1 أخرجه أحمد 6/107-108، وأبو داود 2/242، كتاب النكاح: باب في القسم
بين النساء، حديث 2135، والبيهقي 7/300، كتاب القسم والنشوز: باب الرجل
يدخل على نسائه نهارا للحاجة، والحاكم 2/186.
قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
2 أخرجه البخاري 10/391، كتاب المرأة تهب يومها من زوجها لضرتها، وكيف
يقسم ذلك، حديث 5212.
3 أخرجه البيهقي 7/300، كتاب القسم والنشوز: باب الحر ينكح على أمة
فيقسم للحرة يومين وللأمة يوما.
4 قال يحيى: لا يكتب عنه كذاب خبيث.
وقال أبو حاتم: متروك الحديث.
وقال موسى بن هارون وغيره: كان يكذب.
وقال العقيلي: كان يضع الحديث.
وقال الدار قطني: ضعيف.
وقال ابن عدي: كان يسرق الحديث.
ينظر: الميزان 5/183.
5 أخرجه البخاري 9/313-314، كتاب النكاح: باب إذا تزوج البكر على
الثيب، الحديث 2513، وباب إذا تزوج الثيب على البكر، حديث 5214، ومسلم
2/1084، كتاب الرضاع =
(3/427)
بِنَحْوِهِ1.
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ إنَّ هَذَا مَوْقُوفٌ خِلَافُ مَا عَلَيْهِ
الْأَكْثَرُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ حَيْثُ قَالُوا إنَّ
قَوْلَ الرَّاوِي مِنْ السُّنَّةِ كَذَا كَانَ مَرْفُوعًا2، عَلَى
أَنَّ ابْنَ مَاجَهْ وَالدَّارِمِيَّ وَابْنَ خُزَيْمَةَ
وَالْإِسْمَاعِيلِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيَّ وَابْنَ
حِبَّانَ أَخْرَجُوا هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ سَبْعٌ لِلْبِكْرِ
وَثَلَاثٌ لِلثَّيِّبِ3.
1584 - حَدِيثُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ لِأُمِّ سَلَمَةَ "إنْ شِئْت سَبَّعْت لَك وَسَبَّعْت
عِنْدَهُنَّ وَإِنْ شِئْت ثَلَّثْت عِنْدَك وَدُرْت" 4، مُسْلِمٌ مِنْ
حَدِيثِهَا وَفِيهِ قِصَّةٌ وَرَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ
بِلَفْظِ الرَّافِعِيِّ.
__________
= باب قدر ما تستحقه البكر والثيب من إقامة الزوج، الحديث 44/1461،
وأبو داود 2/595، كتاب النكاح: باب في المقام عند البكر، الحديث 2122،
والترمذي 3/445، كتاب النكاح: باب ما جاء في القسمة للبكر والثيب،
الحديث 1139، وابن ماجة 1/617، كتاب النكاح: باب الإقامة على البكر
والثيب، حديث 1916، والطحاوي في شرح معاني الآثار 3/27-28، كتاب
النكاح: باب مقدار ما يقيم الرجل عند الثيب أو البكر إذا تزوجها، وابن
الجارود ص 242، كتاب النكاح:، الحديث 724، والبيهقي 7/301-302، كتاب
القسم النشوز: باب الحال التي يختلف فيها حال النساء، من طريق أبي
قلابة عن أنس قال: "من السنة إذا تزوج الرجل البكر على الثيب أقام
عندها سبعا وقسم، وإذا تزوج الثيب على البكر أقام عندها ثلاثا ثم قسم"
قال أبو قلابة ولو شئت لقلت: إن أنسا رفعه إلى النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هذا لفظ البخاري، ولفظ مسلم أبي داود عن أبي قلابة
عن أنس قال: "إذا تزوج البكر على الثيب أقام عندها سبعا، وإذا تزوج
الثيب أقام عندها ثلاثا" ولو قلت: أنه رفعه لصدقت، ولكنه قال: السنة
كذا.
وقال الترمذي: وقد رفعه محمد بن إسحاق عن أيوب.
1 ينظر: تخريج الحديث السابق.
2 ينظر: مقدمتنا على هذا الكتاب فقد ذكرنا المسألة هناك.
3 أخرجه الدارمي 2/144، كتاب النكاح: باب الإقامة عند الثيب والبكر إذا
بنى بها، وابن ماجة 1/617، كتاب النكاح: باب الإقامة على البكر والثيب،
الحديث 1917، والدار قطني 3/283، كتاب النكاح: باب المهر، الحديث 140،
وابن حبان 10/8، كتاب النكاح: باب القسم، حديث 4208، وأبو نعيم في
الحلية 2/288.
4 أخرجه مالك 2/529، كتاب النكاح: باب المقام عند البكر والأيم، الحديث
14، ومسلم 2/1083، كتاب الرضاع: باب قدر ما تستحقه البكر والثيب من
إقامة الزوج عندها، الحديث 42/1460، وأحمد 6/292، والدارمي 2/144، كتاب
النكاح: باب المقام عند البكر، الحديث 2122، وابن ماجة 1/617، كتاب
النكاح: باب الإقامة على البكر والثيب، الحديث 1917، والطحاوي في شرح
معاني الآثار 3/28، كتاب النكاح: باب مقدار م يقيم الرجل عند الثيب أو
البكر إذا تزوجها، وأبو يعلى 12/429، رقم 6996، وابن حبان 4073
–الإحسان، والدار قطني 3/284، كتاب النكاح: باب المهر، الحديث 143،
وأبو نعيم في الحلية 7/95، والبيهقي 7/300، 301، كتاب القسم النشوز:
باب الحال التي يختلف فيها حال النساء من حديث أم سلمة.
(3/428)
قَوْلُهُ رُوِيَ أَنَّهُ قَالَ لَهَا إنْ شِئْت أَقَمْت عِنْدَك
ثَلَاثًا خَالِصَةً لَك وَإِنَّ شِئْت سَبَّعْت لَك وَسَبَّعْت
لِنِسَائِي الدَّارَقُطْنِيُّ بِهِ وَأَتَمُّ مِنْهُ وَفِيهِ
الْوَاقِدِيُّ.
قَوْلُهُ رَادًّا عَلَى الْغَزَالِيِّ حَيْثُ قَالَ فِي الْوَجِيزِ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ
الْتَمَسَتْ أُمُّ سَلَمَةَ إلَى آخِرِهِ هَذَا يُشْعِرُ بِتَقْدِيمِ
الْتِمَاسِ أُمِّ سَلَمَةَ عَلَى تَخْيِيرِهِ إيَّاهَا وَكَذَلِكَ
نَقَلَ الْإِمَامُ لَكِنْ لَا تَصْرِيحَ بِذَلِكَ فِي كُتُبِ
الْحَدِيثِ ثُمَّ سَاقَ مِنْ سُنَنِ أَبِي دَاوُد التَّصْرِيحَ بِأَنَّ
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الَّذِي
خَيَّرَهَا.
وَرَدَّهُ هَذَا مُتَعَقَّبٌ بِمَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي
الْمُسْتَدْرَكِ أَنَّهَا أَخَذَتْ بِثَوْبِهِ مَانِعَةً لَهُ مِنْ
الْخُرُوجِ مِنْ بَيْتِهَا فَقَالَ لَهَا إنْ شِئْت وَأَصْلُهُ فِي
صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ حِينَ تَزَوَّجَ أُمَّ سَلَمَةَ فَدَخَلَ عَلَيْهَا
فَأَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ قَالَتْ وَفِي مُسْنَدِ ابْنِ وَهْبٍ نَحْوُهُ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ إنَّ أَخْذَهَا بِطَرَفِ ثَوْبِهِ
يَحْتَمِلُ الِالْتِمَاسَ وَيَحْتَمِلُ غَيْرَهُ.
قَوْلُهُ وَنُقِلَ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ اخْتَارَتْ الِاقْتِصَارَ
عَلَى الثَّلَاثِ هُوَ ثَابِتٌ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِهَا
حَيْثُ قَالَتْ ثَلَاثٌ وَالدَّارَقُطْنِيّ ثَلَاثٌ لِي يَا رَسُولَ
اللَّهِ.
1585 - حَدِيثُ إنَّ سَوْدَةَ لَمَّا كَبِرَتْ جَعَلَتْ يَوْمَهَا
لِعَائِشَةَ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَقْسِمُ لَهَا يَوْمَهَا وَيَوْمَ سَوْدَةَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1،
وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ
عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ سَوْدَةَ وَهَبَتْ يَوْمَهَا
لِعَائِشَةَ2، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ
خَالِدٍ عَنْ هِشَامٍ موصولا3.
1586 - حديث أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "هَمَّ بِطَلَاقِ
سَوْدَةَ فَوَهَبَتْ يَوْمَهَا لِعَائِشَةَ" أَبُو دَاوُد
وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ خَشِيَتْ سَوْدَةُ أَنْ
يُطَلِّقَهَا فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا تُطَلِّقْنِي
وَامْسِكْنِي وَاجْعَلْ يَوْمِي لِعَائِشَةَ فَفَعَلَ4.
__________
1 تقدم تخريجه.
2 أخرجه الشافعي في الأم 5/297، كتاب النفقات: باب الخلع والنشوز.
3 أخرجه البيهقي 7/296-297، كتاب القسم النشوز: باب ما جاء في قول الله
عز وجل: {وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا} .. الآية.
4 أخرجه الترمذي 5/249، كتاب التفسير: باب سورة النساء، حديث 3040،
وأبو داود الطيالسي 1944، والطبري في تفسيره 10608، والبيهقي 7/297،
كتاب القسم والنشوز: باب ما جاء في قول الله عز وجل: {وإن امرأة خافت
من بعلها نشوزا} [النساء: 128] قال ابن عباس: فما اصطلحا عليه من شيء
فهو جائز.
وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب. والحديث ذكره السيوطي في الدر
المنثور 2/410، وزاد نسبته إلى ابن المنذر.
(3/429)
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ
عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ نَحْوُهُ وَزَادَ وَفِي
ذَلِكَ أُنْزِلَ {وَإِنْ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا}
الْآيَةَ1 وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ أَيْضًا2.
وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَلَّقَ سَوْدَةَ
فَلَمَّا خَرَجَ إلَى الصَّلَاةِ أَمْسَكَتْ بِثَوْبِهِ فَقَالَتْ
وَاَللَّهِ مالي فِي الرِّجَالِ مِنْ حَاجَةٍ وَلَكِنِّي أُرِيدُ أَنْ
أُحْشَرَ فِي أَزْوَاجِك قَالَ فَرَاجَعَهَا وَجَعَلَتْ يَوْمَهَا
لِعَائِشَةَ3، وَهُوَ مُرْسَلٌ وَمِثْلُهُ فِي مُعْجَمِ أَبِي
الْعَبَّاسِ الدَّغُولِيِّ مِنْ طَرِيقِ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ
عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي بَزَّةَ نَحْوُهُ4.
1587 - حَدِيثُ عَائِشَةَ " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ كَانَ إذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ أَزْوَاجِهِ
فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا" الْبُخَارِيُّ بِهَذَا
وَاتَّفَقَا عَلَيْهِ بِنَحْوِهِ.
قَوْلُهُ رُوِيَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ مَا كَانَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْضِي إذَا عَادَ
لَا يُعْرَفُ.
1588 - قَوْلُهُ وَرَدَ فِي الْخَبَرِ النَّهْيُ عَنْ ضَرْبِ
الزَّوْجَاتِ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ
وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ إيَاسِ بْنِ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ مَرْفُوعًا "لَا تَضْرِبُوا إمَاءَ
اللَّهِ" الْحَدِيثَ5.
قَوْلُهُ أَشَارَ الْإِمَامُ إلَى أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ مَنْسُوخٌ
بِالْآيَةِ أَوْ بِالْخَبَرِ كَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى حَدِيثِ جَابِرٍ
الطَّوِيلِ فِي الْحَجِّ فَإِنَّ فِيهِ "فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْر
مُبَرِّحٍ" 6وَرَوَى الْبَيْهَقِيّ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ أُمِّ
__________
1 أخرجه أبو داود 2/242-243، كتاب النكاح: باب في القسم بين النساء،
حديث 2135.
2 تقدم تخريجه.
3 أخرجه البيهقي 7/75، كتاب النكاح: باب ما يستدل به على أن النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سوى ما ذكرنا ووضعنا من خصائصه
من الحكم بين الأزواج فيما يحل منهن ويحرم بالحادث لا يخالف حلاله حلال
الناس.
4 تقدم تخريجه.
5 أخرجه أبو داود 1/652، كتاب النكاح: باب ضرب النساء، 1985، والنسائي
في الكبرى 5/371، كتاب عشرة النساء: باب ضرب الرجل زوجته 9167/5،
والشافعي في المسند 2/28، برقم 88، وعبد الرزاق 9/442، برقم 17945،
والحميدي 2/386، والبخاري في التاريخ الكبير 1/440، والدارمي 2/147،
والطبراني 1/270، 784، 785، 786، وابن حبان 1316، والبيهقي 7/305،
والحاكم 2/188-191، والبغوي في شرح السنة 5/137، برقم 2339، من طريق
الزهري عن عبد الله وفي تعض المصادر عبيد الله بن عبد الله بن عمر عن
إياس بن عبد الله بن أبي ذياب، قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تضربوا إماء الله" فأتاه عمر بن الخطاب فقال:
يا رسول الله ذئر النساء على أزواجهن، فأذن في ضربهن، فأطاف بآل محمد
نساء كثير كلهن يشكون أزواجهن. فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: "لقد أطاف بآل محمد سبعون امرأة، كلهن يشتكين أزواجهن، ولا
تجدون أولئك خيارهن" ، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي.
6 تقدم تخريجه في الحج.
(3/430)
أَيْمَنَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْصَى
بَعْضَ أَهْلِ بَيْتِهِ فَذَكَرَ حَدِيثًا وَفِيهِ وَلَا تَرْفَعْ
عَصَاكَ عَنْهُمْ1، وَهُوَ مُرْسَلٌ أَوْ مُعْضَلٌ.
وَفِي الْأَرْبَعَةِ مِنْ حَدِيثِ بَهْزٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ
"وَلَا تَضْرِبْ الْوَجْهَ وَلَا تُقَبِّحْ" 2.
وَفِي أَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيِّ عَنْ أَشْعَثَ بْنِ قَيْسٍ عَنْ
عُمَرَ رَفَعَهُ "وَلَا يُسْأَلُ الرَّجُلُ فِيمَ ضَرَبَ امْرَأَتَهُ"
3.
حَدِيثُ عَلِيٍّ "أَنَّهُ بَعَثَ حَكَمَيْنِ فَقَالَ تَدْرِيَانِ مَا
عَلَيْكُمَا إنْ رَأَيْتُمَا أَنْ تَجْمَعَا فَجَمْعًا وَإِنْ
رَأَيْتُمَا أَنْ تُفَرِّقَا فَفَرِّقَا فَقَالَتْ الزَّوْجَةُ
رَضِيَتْ بِمَا فِي كِتَابِ اللَّهِ عَلَيَّ وَلِيَ فَقَالَ الرَّجُلُ
أَمَّا الْفُرْقَةُ فَلَا قَالَ عَلِيٌّ كَذَبْت لَا وَاَللَّهِ حَتَّى
تُقِرَّ بِمِثْلِ الَّذِي أَقْرَرْت بِهِ" الشَّافِعِيُّ أَنَا
الثَّقَفِيُّ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ عُبَيْدَةَ قَالَ
جَاءَ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ إلَى عَلِيٍّ وَمَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا
فِئَامٌ مِنْ النَّاسِ فَذَكَرَ الْقِصَّةَ وَالْحَدِيثَ4.
وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي الْكُبْرَى وَالدَّارَقُطْنِيّ
وَالْبَيْهَقِيُّ5 وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ.
وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ
عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ بُعِثْت أَنَا
وَمُعَاوِيَةُ حَكَمَيْنِ قَالَ مَعْمَرٌ بَلَغَنِي أَنَّ عُثْمَانَ
بَعَثَهُمَا وَقَالَ إنْ رَأَيْتُمَا أَنْ تَجْمَعَا جَمَّعْتُمَا
وَإِنْ رَأَيْتُمَا أَنْ تُفَرِّقَا فَفَرِّقَا6.
وَعَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّ
عَقِيلَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ تَزَوَّجَ فَاطِمَةَ بِنْتَ عُتْبَةَ
فَذَكَرَ قِصَّةً فِيهَا أَنَّ عُثْمَانَ بَعَثَ مُعَاوِيَةَ وَابْنَ
عَبَّاسٍ لِيُصْلِحَا بَيْنَهُمَا7.
__________
1 أخرجه البيهقي 7/304، كتاب القسم النشوز: باب ما جاء في ضربها.
قال البيهقي: في هذا إرسال بين مكحول وأم أيمن.
2 أخرجه أبو داود 2/244-245، كتاب النكاح: باب في حق المرأة على زوجها،
حديث 2142، وابن ماجة 1/593-594، كتاب النكاح: باب حق المرأة على
الزوج، حديث 1850، وأحمد 4/447، والحاكم 2/188، والبيهقي 7/259، من
حديث معاوية بن حيدة القشيري.
3 أخرجه أبو داود 2/246، من كتاب النكاح: باب في ضرب النساء، حديث
2147، والنسائي في الكبرى 5/372، كتاب عشرة النساء: باب ضرب الرجل
زوجته، وابن ماجة 1/639، كتاب النكاح: باب ضرب النساء، حديث 1986،
وأحمد 1/20، والبيهقي 7/305، كتاب القسم والنشوز: باب لا يسأل الرجل
فيما ضرب امرأته.
4 أخرجه الشافعي في الأم 5/286، كتاب النفقات: باب الحكمين.
5 أخرجه النسائي في الكبرى 3/111، كتاب المزارعة: باب الشقاق بين
الزوجين، حديث 4678، والدار قطني 43/295، كتاب النكاح: باب المهر، حديث
189، والبيهقي 7/305-306، كتاب القسم النشوز: باب الحكمين في الشقاق
بين الزوجين.
6 أخرجه عبد الرزاق 6/512، كتاب الطلاق: باب الحكمين. حديث 11885.
7 أخرجه عبد الرزاق 6/513، كتاب الطلاق: باب الحكمين، حديث 11885.
(3/431)
|