التلخيص الحبير ط العلمية - كِتَابُ السَّبَقِ والرمي
مدخل
...
78- كتاب السبق وَالرَّمْيِ
2016- حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ : "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَابَقَ بَيْنَ الْخَيْلِ الَّتِي قَدْ ضُمِّرَتْ من الحفيا إلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ، وَسَابَقَ بَيْنَ الْخَيْلِ الَّتِي لَمْ تُضَمَّرْ مِنْ الثَّنِيَّةِ إلَى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1.
قَوْلُهُ: "وَيُقَالُ إنَّ بَيْنَهُمَا خَمْسَةَ أَمْيَالٍ، أَوْ سِتَّةً"، هُوَ فِي الْبُخَارِيِّ مِنْ قَوْلِ سُفْيَانَ.
2017- قَوْلُهُ: "رُوِيَ أَنَّ الْعَضْبَاءَ نَاقَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ لَا تُسْبَقُ فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ عَلَى قَعُودٍ لَهُ فَسَبَقَهَا، فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنَّ حَقًّا على الله أن لا يَرْفَعَ شَيْئًا مِنْ الدُّنْيَا إلَّا وَضَعَهُ" ، الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ2.
2018- حَدِيثُ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ: "خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَوْمٍ مِنْ أَسْلَمَ يَتَنَاضَلُونَ فِي السُّوقِ، فَقَالَ: "ارْمُوا بَنِي إسْمَاعِيلَ؛ فَإِنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا" ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ3.
2019- حَدِيثُ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ فِي الرَّمْيِ4، رَوَاهُ الْحَاكِمُ، وَأَصْلُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ.
__________
1 أخرجه البخاري [6/ 83]، كتاب الجهاد والسير: باب السبق بين الخيل، حديث [2868]، ومسلم [3/ 1491]، كتاب الإمارة: باب المسابقة بين الخيل وتضميرها، حديث [95/ 1870]، ومالك [2/ 467- 468]، كتاب الجهاد: باب ما جاء في الخيل والمسابقة بينها، حديث [45]، وأبو داود [2/ 34]، كتاب الجهاد: باب في السبق، حديث [2575]، والترمذي [4/ 177- 178]، كتاب الجهاد: باب ما جاء في الرهان والسبق، حديث [1699]، والنسائي [6/ 226]، كتاب الخيل: باب إضمار الخيل، وابن ماجة [2/ 960]، كتاب الجهاد: باب السبق والرهان، حديث [2877]، والدارمي [2/ 212]، كتاب الجهاد: باب في السبق، وأحمد [2/ 5، 11، 55- 56]، وأبو يعلى [10/ 209]، رقم [5839] والبيهقي [10/ 16]، كتاب السبق: باب لا سبق إلا في خف أو حافر أو نصل، والبغوي في "شرح السنة" [5/ 533- بتحقيقنا]، كلهم من طريق نافع عن ابن عمر به.
وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
2 أخرجه البخاري [6/ 165]، كتاب الجهاد والسير: باب ناقة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حديث [2872].
3 أخرجه البخاري [6/ 187]، كتاب الجهاد والسير: باب التحريض على الرمي، حديث [2869]، وطرفاه في [3373، 3507]، وأحمد [4/ 50]، وابن حبان [10/ 457]، في كتاب الرمي، حديث [4693]، والبيهقي [10/ 17]، كتاب السبق: باب لا سبق إلا في خف أو حافر أو نصل.
ووهم الحاكم فاستدركه [2/ 94]، وتبعه الذهبي.
4 أخرجه أبو داود [3/ 13]، كتاب الجهاد: باب في الرمي، حديث [2513]، والترمذي [4/ 149]، كتاب فضل الجهاد: باب ما جاء في فضل الرمي في سبيل الله، حديث [1637]، والنسائي [6/ 28]، كتاب الجهاد: باب ثواب من رمى، حديث [3146]، وابن ماجة [2/ 940]، كتاب الجهاد: باب فضل الرمي في سبيل الله، حديث [2811]، والحاكم [2/ 95]، والدارمي [2/ 204- 205]، كتاب الجهاد: باب في فضل الرمي والأمر به كلهم من حديث =

(4/394)


2020- حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: "لَا سَبَقَ إلَّا فِي: خُفٍّ، أَوْ نَصْلٍ، أَوْ حَافِرٍ" ، أَحْمَدُ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ وَالشَّافِعِيُّ وَالْحَاكِمُ مِنْ طُرُقٍ1، وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ وَابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ، وَأَعَلَّ الدَّارَقُطْنِيُّ بَعْضَهَا بِالْوَقْفِ، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَأَبُو الشَّيْخِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ2.
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: "لَا سَبَقَ" ؛ هُوَ بِفَتْحِ السِّينِ وَالْبَاءُ الْمُوَحَّدَةُ مَفْتُوحَةٌ أَيْضًا: مَا يَجْعَلُ
__________
= عقبة بن عامر. وفيه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إن الله يدخل بالسهم الواحد ثلاثة نفر الجنة صانعه الذي احتسب صنعته الخير، ومستنبله والرامي، ارموا أو اركبوا، وأن توموا أحب إلى من أن تركبوا وليس من اللهو إلا ثلاثة... " الحديث.
قال الترمذي: حسن صحيح.
1 أخرجه أبو داود [3/ 29]، كتاب الجهاد: باب في السبق: حديث [2574]، والترمذي [4/ 178]، كتاب الجهاد: باب ما جاء في الرهان والسبق، حديث [1700]، والنسائي [6/ 226]، كتاب الخيل: باب السبق، حديث [3585]، وأحمد [2/ 474]، والشافعي [2/ 128]، كتاب الجهاد، حديث [422]، وابن حبان [1638- موارد]، والطبراني في "الصغير" [1/ 25]، والبيهقي [10/ 16]، كتاب السبق والرمي: باب لا سبق إلا في خف أو حافر أو نصل، والبغوي في "شرح السنة" [5/ 535- بتحقيقنا]، من طريق ابن أبي ذئب عن نافع عن أبي هريرة به.
وقال الترمذي: حديث حسن. وأقره الغوي وصححه ابن حبان.
وأخرجه الشافعي [2/ 129]، كتاب الجهاد، حديث [423]، والبيهقي [10/ 16]، كتاب السبق والرمي: باب لا سبق إلا في خف أو حافر أو نصل، من طريق ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن عباد بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة به لفظ: لا سبق إلا في حافر أو خف.
وأخرجه النسائي [6/ 227]، كتاب الخيل: باب السبق، وابن ماجة [2/ 960]، كتاب الجهاد: باب السبق والرهان، حديث [2878]، وأحمد [2/ 256، 385، 425]، والبغوي [10/ 16]، كتاب السبق والرمي: باب لا سبق إلا في خف أو حافر أو نصل، من طريق محمد بن عمرو عن أبي الحكم مولى الليثيين عن أبي هريرة.
وأخرجه أحمد [2/ 358]، من طريق أبي صالح عن أبي هريرة.
2 أخرجه الطبراني في "الكبير" [10/ 382]، رقم [10764]، من طريق عبد الله بن هارون الفروي ثنا قدامة عن مخرمة بن بكير عن أبيه عن عطاء عن ابن عباس قال: لاسبق إلا في خف أو حافر أو نصل.
والحديث ذكره الهيثمي في "المجمع" [5/ 266]، وقال: وفيه عبد الله بن هارون الفروي وهو ضعيف.
وفي الباب عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه:
أخرجه ابن حبان [7/ 96- الإحسان]، رقم [4670] من طريق عاصم بن عمر عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سابق بين الخيل وجعل بينهما سبقاً وجعل بينهما محللاً وقال: "لا سبق إلا في حافر أو نصل" .
ومن طريق عاصم رواه ابن أبي عاصم في الجهاد كما في "التلخيص" [4/ 163- 164]، وقال الحافظ: وعاصم هذا ضعيف واضطرب فيه رأي ابن حبان فصحح حديث تارة وقال في "الضعفاء": لا يجوز الاحتجاج به، وقال في "الثقات": يخطئ ويخالف.

(4/395)


الْمُسَابِقُ عَلَى سَبْقِهِ مِنْ جُعْلٍ، قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ وَابْنُ الصَّلَاحِ، وَحَكَى ابْنُ دُرَيْدٍ فِيهِ الْوَجْهَيْنِ.
2021- قَوْلُهُ: "رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "رِهَانُ الْخَيْلِ طَلْقٌ" ، أَيْ: حَلَالٌ"، أَبُو نُعَيْمٍ فِي مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أُمِّهِ حُمَيْدَةَ أَوْ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهَا بِهَذَا، قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ1: اسْمُ أَبِيهَا: رِفَاعَةُ بْنُ رَافِعٍ.
2022- حَدِيثُ عُثْمَانَ: "أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: أَكُنْتُمْ تُرَاهِنُونَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ" ، لَمْ أَرَهُ مِنْ حَدِيثِ عُثْمَانَ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، أَوْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ وَاصِلٍ مَوْلَى أَبِي عُيَيْنَةَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: "كُنَّا فِي الحجر بعد ما صَلَّيْنَا الْغَدَاةَ، فَلَمَّا أَسْفَرْنَا إذَا فِينَا عَبْدُ اللَّهِ بن عمر، فجعل يستقرينا رَجُلًا رَجُلًا، يَقُولُ: صَلَّيْت يَا فُلَانُ، قَالَ: يَقُولُ ههنا، حَتَّى أَتَى عَلَيَّ، فَقَالَ: أي صليت يابن عبيد؟ قلت: ههنا، فَقَالَ: بَخٍ بَخٍ، مَا نَعْلَمُ صَلَاةً أَفْضَلَ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ جَمَاعَةً يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَسَأَلُوهُ: أَكُنْتُمْ تُرَاهِنُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ، لَقَدْ رَاهَنَ عَلَى فَرَسٍ يُقَالُ لَهَا سُبْحَةُ، فَجَاءَتْ سَابِقَةً2.
وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَالدَّارِمِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي لَبِيَدٍ؛ أَتَيْنَا أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ فَقُلْنَا: "أَكُنْتُمْ تُرَاهِنُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ، لَقَدْ رَاهَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى فَرَسٍ يُقَالُ لَهَا سَبْحَةُ، جاءت سابقة، فهش لِذَلِكَ، وَأَعْجَبَهُ.
قَوْلُهُ: "سَبْحَةُ" مِنْ قَوْلِهِمْ فَرَسٌ سَبَّاحٌ إذَا كَانَ حَسَنَ مَدِّ الْيَدَيْنِ فِي الْجَرْيِ.
وَقَوْلُهُ: "فَبَهَشَ" بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ، أَيْ: هَشَّ وَفَرِحَ3.
2023- حَدِيثُ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسَابَقَ هُوَ وَعَائِشَةُ"، الشَّافِعِيُّ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْبَيْهَقِيُّ، من حديث هاشم بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: "سَابَقْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَبَقْته، فَلَمَّا حَمَلْت اللَّحْمَ، سَابَقْته فَسَبَقَنِي، فَقَالَ: "هَذِهِ بِتِلْكَ" 4، وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى هِشَامٍ، فَقِيلَ هَكَذَا، وَقِيلَ: عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي
__________
1 ذكره الهندي في "كنر العمال" [4/ 344]، برقم [10815]، وعزاه إلى الضياء ع رفاعة بن رافع.
2 أخرجه البيهقي [10/ 21]، كتاب السبق والرمي: باب ما جاء في الرهان على الخيل وما يجوز منه وما لا يجوز.
3 أخرجه أحمد [3/ 160، 206]، والدارمي [2/ 202- 213]، كتاب الجهاد: باب في رهان الخيل، والدارقطني [4/ 301]، في كتاب السبق بين الخيل، حديث [10]، والبيهقي [10/ 21]، كتاب السبق والرمي: باب ما جاء في الرهان على الخيل وما يجوز منه وما لا يجوز.
4 أخرجه أحمد [6/ 39]، وأبو داود [3/ 29- 30]، كتاب الجهاد: باب في السبق على الرجل، حديث [2578]، والنسائي في "الكبرى" [5/ 303- 305]، كتاب عشرة النساء: باب مسابقة =

(4/396)


سَلَمَةَ، وَقِيلَ: عَنْ أَبِيهِ، وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ.
2024- حَدِيثُ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَارَعَ رُكَانَةَ عَلَى شِيَاهٍ"، أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الْحَسَنِ الْعَسْقَلَانِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ رُكَانَةَ: "أَنَّ رُكَانَةَ صَارَعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ رُكَانَةُ: وَسَمِعْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "فَرْقُ مَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ أَهْلِ الْكِتَابِ الْعَمَائِمُ عَلَى الْقَلَانِسِ" 1، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: غَرِيبٌ، وَلَيْسَ إسْنَادُهُ بِالْقَائِمِ.
وَرَوَى أَبُو دَاوُد فِي "الْمَرَاسِيلِ" عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْبَطْحَاءِ، فَأَتَى عَلَيْهِ يَزِيدُ بْنُ رُكَانَةَ، أَوْ رُكَانَةُ بْنُ يَزِيدَ، وَمَعَهُ أَعْنُزٌ لَهُ، فَقَالَ لَهُ: "يَا مُحَمَّدُ، هَلْ لَك أَنْ تُصَارِعَنِي"، قَالَ: "مَا تَسْبِقُنِي"، قَالَ: "شَاةٌ مِنْ غَنَمِي، فَصَارَعَهُ، فَصَرَعَهُ، فَأَخَذَ شَاةً، فَقَالَ رُكَانَةُ: هَلْ لَك فِي الْعَوْدِ، فَفَعَلَ ذَلِكَ مِرَارًا، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، وَاَللَّهِ مَا وَضَعَ جَنْبِي أَحَدٌ إلَى الْأَرْضِ، وَمَا أَنْتَ بِاَلَّذِي تَصْرَعُنِي، يَعْنِي: فَأَسْلَمَ، فَرَدَّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَنَمَهُ"2، إسْنَادُهُ صَحِيحٌ إلَى سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، إلَّا أَنَّ سَعِيدًا لَمْ يُدْرِكْ رُكَانَةَ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَرُوِيَ مَوْصُولًا.
قُلْت: هُوَ فِي أَحَادِيثِ أَبِي بَكْرٍ الشَّافِعِيِّ، وَفِي كِتَابِ "السَّبْقِ وَالرَّمْيِ"، لِأَبِي الشَّيْخِ، مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الله بن يزيد المقرئ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مُطَوَّلًا.
وَرَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ مطولا، وإسناداهما ضَعِيفَانِ، وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ أَحْسَبُهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ: صَارَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا رُكَانَةَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ شَدِيدًا، فَقَالَ: شَاةٌ بِشَاةٍ، فَصَرَعَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَقَالَ: عَاوِدْنِي فِي أُخْرَى، فَصَرَعَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: عَاوِدْنِي، فَصَرَعَهُ الثَّالِثَةَ، فَقَالَ أَبُو رُكَانَةَ: مَاذَا أَقُولُ لِأَهْلِي!! شَاةٌ أكلها الذئب، وشاة بشرت، فَمَا أَقُولُ فِي الثَّالِثَةِ!! فَقَالَ
__________
= الرجل زوجته، حديث [8942- 8945]، وابن ماجة [1/ 636]، كتاب النكاح: باب حسن معاشرة النساء، حديث [1979]، والحميدي [1/ 128]، برقم [261]، وابن حبان [10/ 545]، كتاب السير: باب السبق، حديث [4691].
وأخرجه أحمد [6/ 129، 182، 261، 264، 289]، والطبراني [23/ 46- 47]، برقم [123- 125] والبيهقي [10/ 17- 18]، كتاب السبق والرمي: باب ما جاء في المسابقة بالعدو.
1 أخرجه أبو داود [4/ 55]، كتاب اللباس: باب في العمائم، حديث [4078]، والترمذي [4/ 247]، كتاب الباس: باب العمائم على القلانس، حديث [1784].
قال الترمذي: حديث حسن غريب وإسناده ليس بالقائم، ولا نعلم أبا الحسن العسقلاني ولا ابن ركانة.
2 أخرجه أبو داود في "المراسيل" ص [235- 236]، برقم [308].
وعنه أخرجه البيهقي في "السنن" [10/ 18]، كتاب السبق والرمي: باب ما جاء في المصارعة.

(4/397)


النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا كُنَّا لِنَجْمَعَ عَلَيْك أَنْ نَصْرَعَك، وَنُغَرِّمَك، خُذْ غَنَمَك" ، هَكَذَا وَقَعَ فِيهِ أَبُو رُكَانَةَ1؛ وَكَذَا أَخْرَجَهُ أَبُو الشَّيْخِ مِنْ طَرِيقِهِ، وَيَزِيدُ فِيهِ ضَعْفٌ، وَالصَّوَابُ رُكَانَةَ.
تَنْبِيهٌ: قَالَ الْحَافِظُ عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ سَعِيدٍ: مَا رُوِيَ مِنْ مُصَارَعَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا جَهْلٍ لَا أَصْلَ لَهُ، وَحَدِيثُ رُكَانَةَ أَمْثَلُ مَا رُوِيَ فِي مُصَارِعَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
2025- حَدِيثُ: "مَنْ أَدْخَلَ فَرَسًا بين فرسين، وقد أمر أَنْ يَسْبِقَهُمَا، فَهُوَ قِمَارٌ، وإن لم يؤمر أَنْ يَسْبِقَهُمَا، فَلَيْسَ بِقِمَارٍ" ، أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالْحَاكِمُ، وَالْبَيْهَقِيُّ، وَابْنُ حَزْمٍ وَصَحَّحَهُ، مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ2، قَالَ الطَّبَرَانِيُّ فِي "الصَّغِيرِ": تَفَرَّدَ بِهِ سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَتَفَرَّدَ بِهِ عَنْهُ الْوَلِيدُ، وَتَفَرَّدَ بِهِ عَنْهُ هِشَامُ بْنُ خَالِدٍ.
قُلْت: رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ الْوَلِيدِ، لَكِنَّهُ أَبْدَلَ قَتَادَةَ بِالزُّهْرِيِّ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَبَاقِي مَنْ ذُكِرَ قَبْلُ، مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، وَسُفْيَانُ هَذَا ضَعِيفٌ فِي الزُّهْرِيِّ، وَقَدْ رَوَاهُ مَعْمَرٌ وَشُعَيْبٌ وَعُقَيْلٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ؛ قَالَهُ أَبُو دَاوُد، قَالَ: وَهَذَا أَصَحُّ عِنْدَنَا.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: أَحْسَنُ أَحْوَالِهِ أَنْ يَكُونَ مَوْقُوفًا عَلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، فَقَدْ رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدٍ قَوْلَهُ. انْتَهَى3؛ وَكَذَا هُوَ فِي "الْمُوَطَّأِ" عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ قَوْلُهُ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: سَأَلْت ابْنَ مَعِينٍ عَنْهُ، فَقَالَ: هَذَا بَاطِلٌ وَضُرِبَ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَدْ غَلَّطَ الشَّافِعِيُّ سُفْيَانَ بْنَ حُسَيْنٍ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، حَدِيثَ "الرجل جبار" ، وَهُوَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ أَيْضًا.
تَنْبِيهٌ: وَقَعَ فِي "الْحِلْيَةِ" لِأَبِي نُعَيْمٍ مِنْ حَدِيثِ الْوَلِيدِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ الزُّهْرِيِّ وَقَوْلُهُ ابْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ خَطَأٌ قَالَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَالصَّوَابُ سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ؛ كَمَا عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ وَالْحَاكِمِ، وَحَكَى الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "الْعِلَلِ": أَنَّ عُبَيْدَ بْنَ شَرِيكٍ رَوَاهُ عَنْ
__________
1 أخرجه عبد الرزاق [11/ 427]، كتاب الجامع: باب قوة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حديث [20909].
2 أخرجه أحمد [2/ 505]، وأبو داود [3/ 30]، كتاب الجهاد: باب في المحلل، حديث [2579]، وابن ماجة [2/ 960]، كتاب الجهاد: باب السبق والرهان، حديث [2876]، وابن حزم في "المحلى" [7/ 354]، والدارقطني [4/ 111]، كتاب السير، [4/ 305]، كتاب السبق بين الخيل، والحاكم [2/ 114]، والبيهقي [10/ 20]، كتاب السبق، والبغوي في "شرح السنة" [5/ 537- بتحقيقنا]، كلهم من طريق سفيان بن حسين عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعاً.
3 أخرجه مالك في "موطئه" [2/ 468]، كتاب الجهاد: باب ما جاء في الخيل والمسابقة بينها والنفقة في الغزو، حديث [46]، عن يحيى بن سعيد بن المسيب يقول: ليس برهان الخيل بأس... الحديث بنحوه.

(4/398)


هِشَامِ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ الْوَلِيدِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ بَشِيرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَهُوَ وَهْمٌ أَيْضًا؛ فَقَدْ رَوَاهُ أَصْحَابُ هِشَامٍ عَنْهُ، عَنْ الْوَلِيدِ، عن سعيد عَنْ الزُّهْرِيِّ.
قُلْت: وَقَدْ رَوَاهُ عَبْدَانُ عَنْ هِشَامٍ مِثْلَ مَا قَالَ عُبَيْدٌ أَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ عَنْهُ، وَقَالَ: إنَّهُ غَلَطٌ، فَتَبَيَّنَ بِهَذَا أَنَّ الْغَلَطَ فِيهِ مِنْ هِشَامٍ، وَذَلِكَ أَنَّهُ تَغَيَّرَ حِفْظُهُ فِي الْآخِرِ.
2026- قَوْلُهُ: "رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَابَقَ بَيْنَ الْخَيْلِ، وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا سَبْقًا"، ابْنُ حِبَّانَ وَابْنُ أَبِي عَاصِمٍ فِي "الْجِهَادِ" مِنْ حَدِيثِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ بِهِ، وَزَادَ: "وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا مُحَلِّلًا"1، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ هَذَا عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَعَاصِمٌ هَذَا ضَعِيفٌ، وَاضْطَرَبَ فِيهِ رَأْي ابْنُ حِبَّانَ؛ فَصَحَّحَ حَدِيثَهُ تَارَةً، وَقَالَ فِي "الضُّعَفَاءِ": لَا يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ، وَقَالَ فِي الثِّقَاتِ، يُخْطِئُ وَيُخَالِفُ، وَفِي الْكِتَابِ الْمُتَرْجِمِ لِأَبِي إِسْحَاقَ الْجُوزَجَانِيِّ، وَابْنِ أَبِي عَاصِمٍ فِي الْجِهَادِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا جَلَبَ وَلَا جَنَبَ، وَإِذَا لَمْ يَدْخُلْ الْمُتَرَاهِنَانِ فَرَسًا يَسْتَبِقَانِ عَلَى السَّبَقِ بِهِ، فَهُوَ حَرَامٌ" 2، وَفِي إسْنَادِهِ رَجُلٌ مَجْهُولٌ، وَرَوَى أَحْمَدُ وَابْنُ أَبِي عَاصِمٍ مِنْ حَدِيثِ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَابَقَ بَيْنَ الْخَيْلِ وَرَاهَنَ"، وَهُوَ أَقْوَى مِنْ الَّذِي قَبْلَهُ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْمُحَلِّلُ؛ وَكَذَا أَخْرَجَ أَحْمَدُ حَدِيثَ أَنَسٍ: "لَقَدْ رَاهَنَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَى فَرَسٍ يُقَالُ لَهُ سَبْحَةُ، فَسَبَقَ النَّاسَ، فَبَهَشَ لِذَلِكَ وَأَعْجَبَهُ"3.
قَوْلُهُ: "رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِحِزْبَيْنِ مِنْ الْأَنْصَارِ يَتَنَاضَلُونَ، وَقَدْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، فَأَقَرَّهُمَا عَلَى ذَلِكَ"، يأت ي.
2027- قَوْلُهُ: وَقَدْ رُوِيَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: كَيْفَ كُنْتُمْ تُقَاتِلُونَ الْعَدُوَّ؟ فَقَالَ: "إذَا كَانُوا عَلَى مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ ذِرَاعًا، قَاتَلْنَاهُمْ بِالسِّهَامِ، ثُمَّ بِالْحِجَارَةِ، وَإِذَا كَانُوا عَلَى أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ، قَاتَلْنَاهُمْ بِالسَّيْفِ" ، الطَّبَرَانِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي "الْمَعْرِفَةِ" مِنْ طَرِيقِ حسين بن السَّائِبِ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: "لَمَّا كَانَ لَيْلَةُ بَدْرٍ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَنْ مَعَهُ: كَيْفَ تُقَاتِلُونَ؟ فَقَامَ عَاصِمُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ أَبِي الْأَفْلَحِ فَأَخَذَ الْقَوْسَ، وَأَخَذَ النَّبْلَ، فَقَالَ: أَيْ رَسُولَ اللَّهِ، إذَا كَانَ الْقَوْمُ قَرِيبًا مِنْ مِائَتَيْ ذِرَاعٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، كَانَ الرَّمْيُ بالقسي، وإذا دنى الْقَوْمُ حَتَّى تَنَالَهُمْ الْحِجَارَةُ، كَانَتْ الْمُرَاضَخَةُ، فَإِذَا دَنَوْا حَتَّى تَنَالَهُمْ الرِّمَاحُ، كَانَتْ الْمُدَاعَسَةُ، حَتَّى تَتَقَصَّفَ الرِّمَاحُ، ثُمَّ كَانَتْ الْمُجَالَدَةُ بِالسُّيُوفِ، فَقَالَ
__________
1 تقدم تخريجه في أول كتاب السبق والرمي.
2 تقدم تخريحه.
3 تقدم تخريحه.

(4/399)


صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بِهَذَا أُنْزِلَتْ الْحَرْبُ مَنْ قَاتَلَ فَلْيُقَاتِلْ قِتَالَ عَاصِمٍ"، السِّيَاقُ لِأَبِي نُعَيْمٍ1.
قَوْلُهُ: "رَوَوْا أَنَّهُ لَمْ يَرْمِ إلَى أَرْبَعِمِائَةٍ إلَّا عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ"، لَمْ أَرَ هَذَا.
2028- حَدِيثُ: "مَا بَيْنَ الْهَدَفَيْنِ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ" ، لَمْ أَجِدْهُ هَكَذَا إلَّا عِنْدَ صَاحِبِ "مُسْنَدِ الْفِرْدَوْسِ" مِنْ جِهَةِ ابْنِ أَبِي الدُّنْيَا بِإِسْنَادِهِ عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ: "تَعَلَّمُوا الرَّمْيَ؛ فَإِنَّ مَا بَيْنَ الْهَدَفَيْنِ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ" 2، وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ، مَعَ انْقِطَاعِهِ.
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ بِلَفْظِ: "وَجَبَتْ مَحَبَّتِي عَلَى مَنْ مَشَى بَيْنَ الْغَرَضَيْنِ" 3، وَفِي سُنَنِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْت حُذَيْفَةَ بِالْمَدَائِنِ يَشْتَدُّ بَيْنَ الْهَدَفَيْنِ"4.
وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي فَضْلِ الرَّمْيِ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ مَشَى بَيْنَ الْغَرَضَيْنِ؛ كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ حَسَنَةٌ" 5.
2029- حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِحِزْبَيْنِ مِنْ الْأَنْصَارِ يَتَنَاضَلُونَ، فَقَالَ: أَنَا مِنْ الْحِزْبِ الَّذِي فِيهِ ابْنُ الْأَدْرَعِ"، لَمْ أَرَهُ هَكَذَا؛ وَإِنَّمَا هَذَا حَدِيثُ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ عَلَى نَاسٍ مِنْ أَسْلَمَ يَتَنَاضَلُونَ، فَقَالَ: ارْمُوا، وَأَنَا مَعَ ابْنِ الْأَدْرَعِ... " الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: "ارْمُوا وَأَنَا مَعَكُمْ كُلِّكُمْ" ، وَقَدْ تَقَدَّمَ، وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَفِي رِوَايَةٍ لِلْحَاكِمِ وَالْبَيْهَقِيِّ: "وَلَقَدْ رَمَوْا عَامَّةَ يَوْمِهِمْ، ثُمَّ تَفَرَّقُوا عَلَى السَّوَاءِ، مَا نَضَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا"، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ6.
وَرَوَاهُ هُوَ وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ: "خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَوْمٌ مِنْ أَسْلَمَ يَرْمُونَ، فَقَالَ: ارْمُوا بَنِي إسْمَاعِيلَ؛ فَإِنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا، ارْمُوا وَأَنَا مَعَ ابْنِ الْأَدْرَعِ، فَأَمْسَكَ الْقَوْمُ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ كُنْت مَعَهُ غَلَبَ، قَالَ: "ارْمُوا وَأَنَا مَعَكُمْ كُلِّكُمْ" 7.
__________
1 أخرجه الطبراني [5/ 34] برقم [4513]. قال الهيثمي في "مجمع الزوئد" [5/ 330]، رواه الطبراني ومحمد بن حجاج قال الحاكم مجمول. وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير في ترجمة محمد بن حجاج هذا مختصر. ا.هـ.
2 أخرجه بن أبي الدنيا والديلمي كما في "الدر المنثور" [3/ 194].
3 أخرجه البيهقي [10/ 15] كتاب "السبق والرمي"، باب: التحريض على الرمي.
4 أخرجه سعيد بن منصور [2/ 208]، برقم [2457].
5 أخرجه الطبراني كما في "الدر المنثور" [3/ 194]: من حديث أبي الدرداء، وقال: الهيثمي في "المجمع" [5/ 272]: رواه الطبراني وفيه عثمان بن مطر وهو ضعيف.
6 تقدم تخريجه.
7 تقدم تخريجه.

(4/400)


فَائِدَةٌ: اسْمُ ابْنِ الْأَدْرَعِ: مِحْجَنٌ1، سَمَّاهُ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ فِي رِوَايَتِهِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ فَرْوَةَ الْأَسْلَمِيِّ، عَنْ أَشْيَاخٍ مِنْ قَوْمِهِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "مَرَّ بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ نَتَنَاضَلُ، فِينَا مِحْجَنُ بْنُ الْأَدْرَعِ... "، الْحَدِيثَ. وَلَيْسَ فِي طَرِيقٍ مِنْ طُرُقِهِمْ أَنَّهُمْ مِنْ الْأَنْصَارِ.
2030- حَدِيثُ: "لَا جَلَبَ، وَلَا جَنَبَ فِي الرِّهَانِ" ، تَقَدَّمَ فِي "الزَّكَاةِ"، وَمِنْ طُرُقِهِ الَّتِي لَمْ تَتَقَدَّمْ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّهُ فِي الرَّهْنِ، مَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ فِي "الْجِهَادِ" مِنْ حَدِيثِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ: "لَا جَلَبَ وَلَا جَنَبَ، وَإِذَا أَدْخَلَ الْمُرْتَهِنَانِ فَرَسًا يَسْتَبِقَانِ عَلَى سَبْقِهِ، فَهُوَ حَرَامٌ" ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْجُوزَجَانِيَّ أَخْرَجَهُ أَيْضًا، وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ لِاحْتِمَالِ افْتِرَاقِ الْحُكْمَيْنِ.
2031- حَدِيثُ: "مَنْ أَجْلَبَ عَلَى الْخَيْلِ يَوْمَ الرِّهَانِ، فَلَيْسَ مِنَّا" ، ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ2، وَإِسْنَادُ ابْنِ أَبِي عَاصِمٍ لَا بَأْسَ بِهِ.
حَدِيثُ عُمَرَ: "عَلِّمُوا أَوْلَادَكُمْ الرَّمْيَ، وَالْمَشْيَ بَيْنَ الْغَرَضَيْنِ" ، لَمْ أَجِدْهُ هَكَذَا، وَفِي ابْنِ حِبَّانَ وَالْبَيْهَقِيِّ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ: "أَتَانَا كِتَابُ عُمَرَ، وَنَحْنُ مَعَ عُتْبَةَ بن فرقد بـ"أذربيجان"... "، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: "وَارْمُوا الْأَغْرَاضَ، وَامْشُوا بَيْنَ الْهَدَفَيْنِ" 3.
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ عَنْ أَبِي رَافِعٍ رَفَعَهُ: "حَقُّ الْوَلَدِ عَلَى الْوَالِدِ أَنْ يُعَلِّمَهُ الْكِتَابَةَ، وَالسِّبَاحَةَ، وَالرَّمْيَ" 4.
2032- قَوْلُهُ: "وَيُرْوَى الرَّمْيَ بَيْنَ الْغَرَضَيْنِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ وَابْنِ عُمَرَ وَأَنَسٍ"، انْتَهَى.
__________
1 محجن بن الأدرع: له صححه وكان قديم الإسلام سكن البصرة وهو الذي اختط مسجدها، ويقال: إنه مات في آخر خلافة معاوية. و"تهذيب الكمال" [27/ 267]: "طبقات ابن سعد" [4/ 236]، [6/ 8- 9].
2 أخرجه الطبراني في "الكبير" [11/ 222- 223]، رقم [11558].
3 أخرجه ابن حبان [12/ 268]، في كتاب اللباس وآدابه، حديث [5454]، والبيهقي [10/ 14]، كتاب السبق والرمي: باب التحريض على الرمي، إلا أن ابن حبان قال شعبة عن قتادة قال: سمعت أبا عثمان.
وأما البيهقي فهو من طريق شعبة عن عاصم.
4 أخرجه البيهقي [10/ 15]، كتاب السبق والرمي: باب التحريض على الرمي.
قال البيهقي عقب روايته له: هذا حديث ضعيف، عيسى بن إبراهيم الهاشمي هذا من شيوخ بقية منكر الحديث، وضعفه يحيى بن معين، والبخاري وغيرهما.

(4/401)


أَمَّا حَدِيثُ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ: فَرَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِمَاسَةَ الْمَهْرِيِّ: "أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ تَخْتَلِفُ بَيْنَ هَذَيْنِ الْغَرَضَيْنِ، وَأَنْتَ كَبِيرٌ يَشُقُّ عَلَيْك، فَقَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَنْ عَلِمَ الرَّمْيَ ثُمَّ تَرَكَهُ، فَلَيْسَ مِنَّا" 1.
وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ؛ قَالَ: "رَأَيْت ابْنَ عُمَرَ يَشْتَدُّ بَيْنَ الْغَرَضَيْنِ، وَيَقُولُ أَنَا بِهَا"2، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ: فَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "كِتَابِ الرَّمْيِ" بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ؛ قَالَ: كَانَ أَنَسٌ يَجْلِسُ وَيُطْرَحُ لَهُ الْفِرَاشُ، وَيَرْمِي وَلَدُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَخَرَجَ عَلَيْنَا يوما ونحن نرمي، فقال: يا بني بئس، مَا تَرْمُونَ، ثُمَّ أَخَذَ الْقَوْسَ فَرَمَى، فَمَا أَخْطَأَ الْقِرْطَاسَ"3، وَرُوِّينَاهُ بِعُلُوٍّ فِي جُزْءِ الْأَنْصَارِيِّ.
فَائِدَةٌ: رَوَى النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ؛ رَأَيْت جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، وَجَابِرَ بْنَ عُمَيْرٍ الْأَنْصَارِيَّ يَرْمِيَانِ، فَمَلَّ أَحَدُهُمَا فَجَلَسَ، فَقَالَ الْآخَرُ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "كُلُّ شَيْءٍ لَيْسَ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ، فَهُوَ لَغْوٌ وَسَهْوٌ إلَّا أَرْبَعُ خِصَالٍ: مَشْيُ الرَّجُلِ بَيْنَ الْغَرَضَيْنِ، وَتَأْدِيبُ فَرَسِهِ، وَمُلَاعَبَتُهُ أَهْلَهُ، وَتَعْلِيمُ السِّبَاحَةِ" 4.
__________
1 أخرجه مسلم [7/ 73- نووي]، كتاب الإمارة: باب فضل الرمي والحث عليه، حديث [169/ 1919].
2 أخرجه الطبراني في "معجمه الكبير" [12/ 268]، برقم [13078]، وسعيد بن منصور [2/ 209]، برقم [2460].
قال الهيثمي في "مجمع الزوئد" [5/ 272]: رواه الطبراني ورجاله ثقات.
3 أخرجه الطبراني كما في "مجمع الزوئد" [5/ 274]، وقال: رجاله رجال "الصحيح".
4 أخرجه النسائي في "الكبير" [5/ 302، 302- 303]، في كتاب عشرة النساء: باب ملاعبة الرجل زوجته، حديث [8938- 8940]، والطبراني في "الكبير" [2/ 193]، برقم [1785]، وفي "الأوسط" كما في "مجمع البحرين" [5/ 46]، برقم [2677]، والبزار [2/ 280]، كتاب الجهاد: باب في الرمي، حديث [1704].
قال البزار: لا نعلم أسند جابر بن عمير إلا هذا وهو مشهور أمام مسجد بني خطمة بالمدينة.
قال الهيثمي في "المجمع" [5/ 272]: رواه الطبراني في "الكبير" و"الأوسط" ورجال الطبراني رجال "الصحيح" عند عبد الوهاب بن بخت وهو ثقة.

(4/402)