التلخيص الحبير ط العلمية - كِتَابُ الْقَضَاءِ
مدخل
...
81- كتاب القضاء1
2072- حَدِيثُ: "إذَا اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ فَأَخْطَأَ
فَلَهُ أَجْرٌ، وَإِنْ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ" ،
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ2،
وَأَبِي هُرَيْرَةَ3.
__________
1 القضاء له في اللغة معان كثيرة ترجع كلها إلى انقضاء
الشيء وتمامه. فمن تلك المعاني: الأمر نحو قوله تعالى:
{وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} أي
أمر بذلك، ولا يصح أن يكون معنى قضى هنا حكم أي قدر وعلم.
وإلا لما تخلف أحد عن عبادته؛ لأن ما قدره تعالى وعلمه لا
يتخلف. ومنها: الأداء نحو قضيت الدين أي أديته. ومنها:
الفراغ نحو قضى فلان الأمر أي فرغ منه. ومنها: الفعل نحو
قوله تعالى: {فاقض ما أنت قاض} أي افعل ما تريده. ومنها:
الإرادة نحو فإذا قضى الله أمراً. ومنها: الموت نحو قضى
نحبه. ومنها: العلم نحو قضيت إليك بكذا أي أعلمتك به. وفيه
قوله تعالى: {وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الْأَمْرَ} ،
ومن هنا صح تسمية المفتي والقاضي قاضياً لأنهما معلمان
بالحكم. ومنها: الفصل نحو قضى بينهم بالحق ومنها: الخلق
نحو قوله تعالى: {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ} ،أي
خلقهن. ومنها: الحكم نحو قضيت عليك بكذا أي حكمت عليك به.
وهذا المعنى الأخير متلائم مع المعنى الاصطلاحي. فالقضاء
في اللغة مشترك لفظي بين تلك المعاني السابقة، ومن يتأمل
يدرك أن هذه المعاني متقاربة بعضها آيل إلى الآخر، ويجمعها
كلها انقضاء الشيء وتمامه.
ينظر: "تاج العروس" [10/ 296]، "المصباح المنير" [2/ 781].
واصطلاحاً:
عرفه الشافعية بأنه: فصل الخصومة بين خصمين بحكم الله
تعالى.
عرفه المالكية بأنه: صفة حكمية توجب لموصوفها ونفوذ حكمه
الشرعي ولو بتعديل أو تخريج لا من عموم مصالح المسلمين.
عرفه الحنفية بأنه: إلزام على الغير بنية أو إقرار.
عرفه الحنابلة بأنه: إلزام بالحكم الشرعي وفصل الخصومات.
"حاشية الباجوري" [2/ 335]، "الدرر" [2/ 404]، "الحاشية
الخرشي" [7/ 138]، "حاشية الدسوقي على الشرح الكبير" [4/
129]، "الفقهاء" ص [228]، "كشاف القناع" [6/ 285].
2 أخرجه البخاري [13/ 330]، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة:
باب أجر الحاكم إذا اجتهد أو أخطأ، حديث [7352]، ومسلم [3/
1342]، كتاب الأقضية: باب بيان أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب
أو أخطأ، حديث [15/ 1716]، وأبو داود [2/ 323]، كتاب
الأقضية: باب في القاضي يخطئ، حديث [3574]، وابن ماجة [2/
776]، كتاب الأحكام: باب الحاكم يجتهد فيصيب الحق، حديث
[2314]، والشافعي [2/ 176]، كتاب الأحكام: باب في الأقضية،
حديث [621]، وأحمد [4/ 198، 204]، وأبو داود الطيالسي [1/
268- منحة]، رقم [1451]، والدارقطني [4/ 210- 211]، كتاب
في الأقضية والأحكام، حديث [22]، وابن حبان [5061]،
والبغوي في "شرح السنة" [5/ 351- بتحقيقنا]، كلهم من طريق
يزيد بن عبد الله بن الهاد عن محمد بن إبراهيم بن الحارث
عن بسر بن سعيد عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص عن عمرو
مرفوعاً به.
3 أخرجه البخاري [13/ 330]، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة:
باب أجر الحاكم إذا اجتهد أو أخطأ، حديث [7352]، ومسلم [3/
1342]، كتاب الأقضية: باب بيان أجر الحاكم إذا اجتهد =
(4/441)
وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ وَالدَّارَقُطْنِيّ مِنْ حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ
عَامِرٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بِلَفْظِ:
"إذَا اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ، وَإِنْ أَصَابَ
فَلَهُ عَشَرَةُ أُجُورٍ" ، وَفِيهِ فَرَجُ بْنُ فضالة1، وَهُوَ
ضَعِيفٌ، وَتَابَعَهُ ابْنُ لَهِيعَةَ بِغَيْرِ لَفْظِهِ2.
وَرَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ بِلَفْظِ: "إنْ
أَصَبْت الْقَضَاءَ فَلَكَ عَشَرَةُ أُجُورٍ، وَإِنْ أَنْتَ اجْتَهَدْت
فَأَخْطَأْت، فَلَكَ حَسَنَةٌ3" ، وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ أَيْضًا.
2073- قَوْلُهُ: "رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ: السَّابِقُونَ إلَى ظِلِّ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
الَّذِينَ إذَا أُعْطُوا الْحَقَّ قَبِلُوهُ, وَإِذَا سُئِلُوهُ
بَذَلُوهُ, وَإِذَا حَكَمُوا بَيْنَ النَّاسِ, حَكَمُوا كَحُكْمِهِمْ
لِأَنْفُسِهِمْ" , أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ
لَهِيعَةَ, عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ, عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ
مُحَمَّدٍ, عَنْ عَائِشَةَ4, وَرَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي
الْحِلْيَةِ, وَقَالَ: تَفَرَّدَ بِهِ ابْنُ لَهِيعَةَ, عَنْ خَالِدٍ.
قُلْت وَتَابَعَهُ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ, عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ
زُحَرَ, عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ, عَنْ الْقَاسِمِ, وَهُوَ بْنُ
عَبْدُ الرَّحْمَنِ, عَنْ عَائِشَةَ رَوَاهُ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنِ
الْقَاصِّ فِي "كِتَابِ أَدَبِ الْقَضَاءِ" لَهُ.
وَلِمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو:
"الْمُقْسِطُونَ عِنْدَ اللَّهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عَنْ
يَمِينِ الرَّحْمَنِ, وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ, الَّذِينَ
يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ, وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وُلُّوا5" , قَالَ
ابْنُ
__________
= فأصاب أو أخطأ، حديث [15/ 1716]، والنسائي [8/ 223- 224]، كتاب آداب
القضاة: باب الإصابة في الحكم، والترمذي [1326]، وابن حبان [560]،
والدارقطني [4/ 204]، كتاب في الأقضية والأحكام، البيهقي [10/ 118]،
كلهم من طريق أبي بكر بن محمد عن أبي عن أبي سلمة عن أبي هريرة به.
1 أخرجه الحاكم [4/ 88], والدارقنطي [4/ 203], في كتاب والأحكام، حديث
[1], كلاهما من طريق فرج بن فضالة عن محمد بن عبد الأعلى عن أبيه عن
عبد الله بن عمرو رضي الله عنه.
وأخرجه أحمد [4/ 205], من طريق الفرج بالإسناد الأول.
وأخرجه عبد بن حميد [292], حدثنا زيد بن الحباب قال: حدثني فرج بن
فضالة، بإسناد أحمد, قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه
بهذا السياقة، وتعقبه الذهبي بأن فيه فضالة وقد ضعفوه.
2 أخرجه الدارقنطني [4/ 203], في أول كتاب الأحكام برقم [4] من طريق
ابن لهيعة عن أبي المصعب المعافري عن محرر بن أبي هريرة، عن أبي هرية
عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وابن لهيعة: سيء الحفظ.
3 ينظر الحديث قبل السابق.
4 أخرجه أحمد [6/ 67, 69], وأبو نعيم في "الحلية" [1/ 16], 2/ 187].
5 أخرجه أحمد [2/ 159, 160, 203],ومسلم [6/ 451- نووي], كتاب الإمارة:
باب فضيلة الإمام العادل وعقوبة الجائر والحث على الرفق بالرعية والنهي
عن إدخال المشقة عليهم, حديث [18/ 1827], والنسائي [8/ 221]، كتاب آداب
القضاة: باب فضل الحاكم العادل في حكمة,/ =
(4/442)
أَبِي حَاتِمٍ فِي "الْعِلَلِ" عَنْ أَبِيهِ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ
مَوْقُوفٌ1.
2074- حَدِيثُ: "إذَا جَلَسَ الْحَاكِمُ لِلْحُكْمِ, بَعَثَ اللَّهُ
لَهُ مَلَكَيْنِ يُسَدِّدَانِهِ, وَيُوَفِّقَانِهِ, وَيُرْشِدَانِهِ
مَا لَمْ يَجُرْ, فَإِذَا جَارَ عَرَجَا, وَتَرَكَاهُ" , رَوَاهُ
الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْأَشْعَرِيِّ يَحْيَى بْنِ بُرَيْدٍ,
عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ, عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَفَعَهُ:
"إذَا جَلَسَ الْقَاضِي فِي مَكَانِهِ, هَبَطَ عَلَيْهِ مَلَكَانِ,
يُسَدِّدَانِهِ, وَيُوَفِّقَانِهِ, وَيُرْشِدَانِهِ, مَا لَمْ يَجُرْ,
فَإِذَا جَارَ عَرَجَا, وَتَرَكَاهُ2" , وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ؛ قَالَ
صَالِحُ جَزَرَةَ: هَذَا الْحَدِيثُ لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ.
وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ مَعْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ وَاثِلَةَ بْنِ
الْأَسْقَعِ3.
وَفِي الْبَزَّارِ مِنْ رِوَايَةِ إبْرَاهِيمَ بْنِ خُثَيْمِ بْنِ
عِرَاكٍ, عَنْ أَبِيهِ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: "مَنْ
وَلِيَ مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ شَيْئًا, وَكَّلَ اللَّهُ بِهِ
مَلَكًا عَنْ يَمِينِهِ - أَحْسِبُهُ قَالَ: وَمَلَكًا عَنْ شِمَالِهِ
- يُوَفِّقَانِهِ وَيُسَدِّدَانِهِ, إذَا أُرِيدَ بِهِ خَيْرًا, وَمَنْ
وَلِيَ مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ شَيْئًا, فَأُرِيدَ بِهِ غَيْرُ
ذَلِكَ, وُكِّلَ إلَى نَفْسِهِ" 4, قَالَ: وَلَا نَعْلَمُهُ يُرْوَى
بِهَذَا اللَّفْظِ إلَّا مِنْ حَدِيثِ عِرَاكٍ, وَإِبْرَاهِيمُ لَيْسَ
بِالْقَوِيِّ5.
وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ
وَالْبَيْهَقِيُّ, مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي
__________
= حديث [5379], والحميدي [2/ 268- 269], برقم [588], وابن حبان [10/
366- 338], كتاب السير: باب الخلافة والإمارة, حديث [4484, 4485],
والبيهقي [10/ 87- 88], كتاب آداب القاضي: باب فضل من ابتلي بشيء من
الأعمال فقام فيه بالقسط وقضى بالحق.
حديث صحيح على شرط الشيخين وقد أخرجاه جميعاً, ووافقه الذهبي.
1 العلل لابن أبي حاتم [1/ 464], برقم [1393].
2 أخرجه البيهقي [10/ 88], برقم [, كتاب آداب القاضى: باب فضل من ابتلى
بشيء من الأعمال فقام فيه بالقسط وقضى بالحق.
3 أخرجه الطبراني [22/ 84], برقم [204].
قال الهيثمي في "المجمع" [4/ 197]: رواه الطبراني في "الكبير" وفيه
جناح مولى الوليد ضعفه الأزدي.
4 أخرجه البزار [2/ 123], كتاب الأحكام: باب فيمن ولي شيئا، حديث
[1350], والطبراني في "الأوسط كما في "مجمع البحرين" [4/ 89], [2141].
كلاهما من طريق إبراهيم بن خثيم بن عراك عن أبيه عن جده عن أبي هريرة
رضي الله عنه.
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" [4/ 197]: رواه الطبراني في "الأوسط"
والزار وفيه إبراهيم بن خيثمة كذا قال وهو خطأ والصواب خثم بن عراك وهو
ضعيف.
5 قال أبو زرعة الرازي ليس بالقوى.
وذكره الدارقنطي في "الضعفاء والمتروكين".
وقال النسائي: متروك الحديث.
الجامع في الجرح والتعديل" [1/ 25].
(4/443)
أَوْفَى: "إنَّ اللَّهَ مَعَ الْقَاضِي مَا لَمْ يَجُرْ" 1, زَادَ
الْبَيْهَقِيُّ: "فَإِذَا جَارَ تَخَلَّى عَنْهُ, وَلَزِمَهُ
الشَّيْطَانُ" , وَزَادَ ابْنُ مَاجَهْ: "فَإِذَا جَارَ وَكَّلَهُ
اللَّهُ إلَى نَفْسِهِ" , وَلِلْحَاكِمِ: "فَإِذَا جَارَ تَبْرَأَ
اللَّهُ مِنْهُ" , وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ غَرِيبٌ, لَا
نَعْرِفُهُ إلَّا مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ الْقَطَّانِ.
قُلْت: وَفِيهِ مَقَالٌ؛ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ بِالْمَتْرُوكِ, وَقَدْ
اسْتَشْهَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ, وَصَحَّحَ لَهُ ابْنُ حِبَّانَ
وَالْحَاكِمُ, وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي "الْأَوْسَطِ" مِنْ
رِوَايَةِ عَبْدِ الْأَعْلَى الثَّعْلَبِيِّ, عَنْ بِلَالِ بْنِ أَبِي
بُرْدَةَ الْأَشْعَرِيِّ, عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ الْحَجَّاجَ أَرَادَ أَنْ
يَجْعَلَ إلَيْهِ قَضَاءَ الْبَصْرَةِ, فَقَالَ أَنَسٌ: سَمِعْت
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَنْ
طَلَبَ الْقَضَاءَ وَاسْتَعَانَ عَلَيْهِ, وُكِّلَ إلَى نَفْسِهِ,
وَمَنْ لَمْ يَطْلُبْهُ وَلَمْ يَسْتَعِنْ عَلَيْهِ, أَنْزَلَ اللَّهُ
عَلَيْهِ مَلَكًا يُسَدِّدُهُ, وَقَالَ: لَا يُرْوَى عَنْ أَنَسٍ إلَّا
بِهَذَا الْإِسْنَادِ, تَفَرَّدَ بِهِ عَبْدُ الْأَعْلَى انْتَهَى,
وَقَوْلُهُ: بِلَالُ بْنُ أَبِي بُرْدَةَ فِيهِ نَظَرٌ, فَقَدْ
أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْأَعْلَى, عَنْ بِلَالِ
بْنِ مِرْدَاسٍ, عَنْ خَيْثَمَةَ عَنْ أَنَسٍ, وَقَالَ: لَا نَعْلَمُهُ
عَنْ أَنَسٍ إلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ, قَالَ: وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ
الْأَعْلَى بِغَيْرِ ذِكْرِ خَيْثَمَةَ.
قُلْت: طَرِيقُ خَيْثَمَةَ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ
وَالْحَاكِمُ2.
2075- حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ
عَلِيًّا إلَى الْيَمَنِ قَاضِيًا, فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ,
بَعَثْتَنِي أَقْضِي بَيْنَهُمْ, وَأَنَا شَابٌّ لَا أَدْرِي مَا
الْقَضَاءُ, قَالَ: فَضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فِي صَدْرِي, وَقَالَ: "اللَّهُمَّ اهْدِهِ, وَثَبِّتْ
لِسَانَهُ, فَوَاَلَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ, مَا شَكَكْت فِي قَضَاءٍ
بَيْنَ اثْنَيْنِ" , أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَابْنُ مَاجَهْ,
وَالْبَزَّارُ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ طُرُقٍ عَنْ عَلِيٍّ3,
أَحْسَنُهَا رِوَايَةُ
__________
1 أخرجه الترمذي [3/ 609], كتاب الأحكام: باب ما جاء في الإمام العادل،
حديث [1330], وابن ماجة [2/ 775], كتاب الأحكام: باب التغليظ في الحيف
والرشوة, حديث [2312], وابن حبان [11/ 448], في كتاب القضاء، حديث
[5062], والحاكم [4/ 93], والبيهقي [10/ 88], كتاب آداب القاضي: باب من
مات وعليه نذر.
والمزى في "تهذيب الكمال" [6/ 458], كلهم من حديث عبد الله بن أبي
أوفى.
قال الحاكم: الإسناد صحيح ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
2 أخرجه أبو داود [3/ 300], كتاب الأقضية: باب في طلب القضاء والتسرع
إليه، حديث [3578], والترمذي [3/ 604- 605], [1323], والحاكم [4/ 92],
من طريق إسرائيل ثنا عبد الأعلى عن بلال بن أبي موسى عن أنس عن أنس بن
مالك رضي الله عنه.
وأخرجه الترمذي [3/ 605], كتاب الأحكام: باب ما جاء عن رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في القاضي, حديث [1324].
قال الترمذي: حديث حسن غريب وهو أصح من حديث إسرائيل عن عبد الأعلى.
3 أخرجه أبو داود [4/ 11], كتبا الأقضية: باب كيف القضاء، حديث [3582],
والترمذي [3/ 618], كتاب الأحكام: القاضي لا يقضي بن الخصمين؛ حديث
[1331], وابن ماجة [2/ 774], كتاب الأحكام: باب ذكر القضاة [2310],
وأبو يعلى [1/ 252], رقم [293], وأحمد [1/ 88, 56], والطيالسي [1/ 286-
منحة], رقم [1449, 1450], وابن حبان [2208- موارد], والحاكم [4/ 93],
كتاب الأحكام، والبيهقي [10/ 140], كتاب =
(4/444)
الْبَزَّارِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ, عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
سَلَمَةَ, عَنْ عَلِيٍّ, وَفِي إسْنَادِهِ عَمْرُو بْنُ أَبِي
الْمِقْدَامِ, واختلف فيه عَلَى عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ, فَرَوَاهُ
شُعْبَةُ عَنْهُ, عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ
سَمِعَ عَلِيًّا أَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى, وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ,
لَوْلَا هَذَا الْمُبْهَمُ, وَمِنْهُمْ مَنْ أَخْرَجَهُ عَنْ أَبِي
الْبَخْتَرِيِّ عَنْ عَلِيٍّ, كَمَا سَيَأْتِي.
وَمِنْهَا رِوَايَةُ الْبَزَّارِ أَيْضًا عَنْ حَارِثَةَ بْنِ
مُضَرِّبٍ عَنْ عَلِيٍّ ، قَالَ : وَهَذَا أَحْسَنُ أَسَانِيدِهِ ،
وَمِنْهَا - وَهِيَ أَشْهُرُهَا - رِوَايَةُ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ
مِنْ طَرِيقِ سِمَاكٍ, عَنْ حَنَشِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ, عَنْ عَلِيٍّ,
وَأَخْرَجَهَا النَّسَائِيُّ فِي الْخَصَائِصِ وَالْحَاكِمُ
وَالْبَزَّارُ, وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ مِنْ رِوَايَةِ سِمَاكٍ,
عَنْ عِكْرِمَةَ, عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ, عَنْ عَلِيٍّ, وَمِنْهَا
رِوَايَةُ ابْنِ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ, عَنْ
عَلِيٍّ, وَهَذَا مُنْقَطِعٌ, وَأَخْرَجَهَا الْبَزَّارُ وَالْحَاكِمُ.
2076- قَوْلُهُ: "رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَبْعَثَ مُعَاذًا إلَى الْيَمَنِ, قَالَ لَهُ:
"كَيْفَ تَقْضِي إذَا غَلَبَك قَضَاءٌ"؟ قَالَ: أَقْضِي بِكِتَابِ
اللَّهِ, قَالَ: فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فِي كِتَابِ اللَّهِ, قَالَ:
بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ, قَالَ: فَإِنْ لَمْ تَجِدْ, قَالَ:
اجْتَهِدْ رَأْيِي وَلَا آلُو, فَضَرَبَ صَدْرَهُ, وَقَالَ: الْحَمْدُ
لِلَّهِ الَّذِي وَفَّقَ رَسُولَ رَسُولِ اللَّهِ لِمَا يَرْضَاهُ
رَسُولُ اللَّهِ" , أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ, وَابْنُ
عَدِيٍّ وَالطَّبَرَانِيُّ والبيهقي, من حديث الحويرث بْنِ عَمْرٍو
عَنْ نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِ مُعَاذٍ عَنْ مُعَاذٍ1, قَالَ
التِّرْمِذِيُّ: لَا نَعْرِفُهُ إلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ, وَلَيْسَ
إسْنَادُهُ بِمُتَّصِلٍ,
__________
آداب القاضي: باب لا يقبل القاضي شهادة الشاهد إلا بمحضر من الخصم، من
طرق عن علي وقال الحاكم: صحيح الإسناد.
وصححه ابن حبان.
1 أخرجه أبو داود [2/ 327], كتاب الأقضية: باب اجتهاد الرأي في القضاء،
حديث [3592, 3593], والترمذي [3/ 616], كتاب الأحكام: باب ما جاء في
القاضي كيف يقضي، حديث [1327, 1328], وأحمد [5/ 230, 242], وأبو داود
الطيالسي [1/ 286- منحة], وعبد بن حميد في "المنتخب من المسند" ص [72],
رقم [124], والدارمي [1/ 60], المقدمة: باب الفتيا وما فيه من الشدة،
والطبراني في "الكبير" [20/ 170], رقم [362], والبيهقي [10/ 114], كتاب
آداب القاضي، والخطيب في "الفقه والمتفقة" [1/ 488- 189], وابن عبد
البر في "جامع بيان العلم وفضله" [2/ 55- 56], وابن حزم في "الأحكام"
[6/ 26, 35], كلهم من طريق شعبة عن الحارث بن عمرو عن أصحاب معاذ بن
جبل عن معاذ بن جبل أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين
بعثه إلى اليمن قال له: "كيف تقضي إذا عرض لك قضاء؛ قال: أقضي بما في
كتاب الله قال: فإن لم يكن في كتاب الله, قال: بسنة رسول الله قال: فإن
لم يكن في سنة رسول الله قال: اجتهد رأيي لا آلو قال: فضرب رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صدره وقال: الحمد لله الذي وفق رسول
الله لما يرضى رسول الله" اهـ.
وقال الترمذي: هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه وليس إسناده عندي
بمتصل.
وقال البخاري في "التاريخ الكبير" [2/ 277]: لا يصح.
ومن طريق الطيالسي أخرجه ابن الجوزي في "العلل المتناهية" [2/ 758-
759], وقال: هذا حديث لا يصح وإن كان الفقهاء كلهم يذكرونه في كتبهم
ويعتمدون عليه ولنعمري إن كان معناه صحيحاً، إنما ثبوته لا يعرف لأن
الحارث بن عمرو مجهول وأصحاب معاذ من أهل حمص لا =
(4/445)
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ: الْحَارِثُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ
أَصْحَابِ مُعَاذٍ, وَعَنْهُ أَبُو عَوْنٍ لَا يَصِحُّ, وَلَا يُعْرَفُ
إلَّا بِهَذَا وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "الْعِلَلِ": رَوَاهُ
شُعْبَةُ, عَنْ أَبِي عَوْنٍ هَكَذَا, وَأَرْسَلَهُ ابْنُ مَهْدِيٍّ
وَجَمَاعَاتٌ عَنْهُ, وَالْمُرْسَلُ أَصَحُّ قَالَ أَبُو دَاوُد:
أَكْثَرُ مَا كان يحدثنا شبعة عَنْ أَصْحَابِ مُعَاذٍ: أَنَّ رسول
ال,له وَقَالَ مَرَّةً عَنْ مُعَاذٍ, وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ: لَا
يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْحَارِثَ مَجْهُولٌ, وَشُيُوخَهُ لَا يُعْرَفُونَ,
قَالَ: وَادَّعَى بَعْضُهُمْ فِيهِ التَّوَاتُرَ, وَهَذَا كَذِبٌ, بَلْ
هُوَ ضِدُّ التَّوَاتُرِ؛ لِأَنَّهُ مَا رَوَاهُ أَحَدٌ غَيْرُ أَبِي
عَوْنٍ عَنْ الْحَارِثِ, فَكَيْفَ يَكُونُ مُتَوَاتِرًا, وَقَالَ
عَبْدُ الْحَقِّ: لَا يُسْنَدُ, وَلَا يُوجَدُ مِنْ وَجْهٍ صَحِيحٍ
وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيُّ فِي "الْعِلَلِ الْمُتَنَاهِيَةِ": لَا
يَصِحُّ وَإِنْ كَانَ الْفُقَهَاءُ كُلُّهُمْ يَذْكُرُونَهُ فِي
__________
= يعرفون اهـ.
وقد أقر الحافظ في "التقريب" [1/ 143], قال ابن الجوزي في الحارث فقال:
مجهول.
وقال الحافظ في "تخريج المختصر" [1/ 119]: هذا حديث غريب أخرجه أحمد عن
محمد بن جعفر عن شعبة فوقع لنا بدلا عاليا، وأخرجه أبو داود والترمذي
من طرق عن شعبة، قال الترمذي: حديث غريب، وليس إسناده عندي بمتصل، كذا
قال، وكأنه نفى التصال باعتبار الإبهام الذي في بعض رواته وهو أحد
القولين في حكم المبهم، وقال البخاري في "التاريخ": الحارث بن عمرو
الثقفي ابن أخي المغيرة بن شعبة عن ناس من أهل حمص وعنه أبو عون يعني
محمد بن عبيد الله الثقفي لا يعرف ولا يصح. انتهى.
وقد أطلق صحته جماعة من الفقهاء كالباقلاني وأبي الطيب والطبري وإمام
الحرمين لشهرته وتلقى العلماء له بالقبول. وله شاهد صحيح الإسناد لكنه
موقوف.
وبه إلى الدارمي أخبرنا يحيى بن حماد حدثنا شعبة حدثنا سليمان هو
الأعمش عن عمارة بن عمير عن حريث بن ظهير فيما أحسب.
وبه إلى الدارمي أخبرنا يحيى بن حماد حدثنا أبو عوانة عن الأعمش عن
عمارة عن عبد الرحمن بن يزيد أن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:
لقد أتى علينا زمان وما نسأل ولسنا هناك,ثم بلغنا الله ما ترون، فإذا
سئل أحدكم عن شيء فلينظر في كتاب الله فإن لم يجده في كتاب الله فلينظر
في سنة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإن لم يجده في
كتاب الله ولا في سنة رسول الله فلينظر فيما اجتمع عليه المسلمون فإن
لم يكن فليجتهد رأيه، ولا يقل أحدكم إني أخشى فإن الحلال بين الحرام
بين وبين ذلك أمور مشتبهة، فدع ما يريبك إلى ما لا يريبك.
هذا موقف صحيح، ولا يضر الاختلاف فيه على الأعمش فإن كلا من التابعين
ثقة معروف من أصحاب ابن مسعود، وقد أخرجه البيهقي من طريق الثوري عن
الأعمش فقال: عن عمارة عن حريث بن ظهير أو عبد الرحمن بن يزيد عن عبد
الله بن مسعود، فلعل الأعمش كان يشك فيها تارة ويجزم بأحدهما أخرى.
وله عن عمر موقوف أيضا.إخرجه النسائي [8/ 231], والدارمي [1/ 60], وابن
عبد البر في "جامع بيان العلم" [2/ 56], من طريق عامر الشعبي عن شريح
أن عمر كتب إليه: إذا أتاك أمر فاقض بما سن فيه رسول الله فإن أتاك ما
ليس في كتاب الله ولم يسن فيه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فاقض بما اجتمع عليه الناس وإن أتاك ما ليس في كتاب الله ولم
يسنه رسول الله ولم يتكلم فيه أحد فأي الأمرين شئت فخذ به.
(4/446)
كُتُبِهِمْ, وَيَعْتَمِدُونَ عَلَيْهِ, وَإِنْ كَانَ مَعْنَاهُ
صَحِيحًا.
وَقَالَ ابْنُ طَاهِرٍ فِي تَصْنِيفٍ لَهُ مُفْرَدٍ فِي الْكَلَامِ
عَلَى هَذَا الحديث: اعلم أني فَحَصْت عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فِي
الْمَسَانِيدِ الْكِبَارِ وَالصِّغَارِ وَسَأَلْت عَنْهُ مَنْ لَقِيته
مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالنَّقْلِ, فَلَمْ أَجِدْ لَهُ غَيْرَ
طَرِيقِينَ, أَحَدَهُمَا طَرِيقُ شُعْبَةَ, وَالْأُخْرَى عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ جابر, عن أشعت بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ, عَنْ رَجُلٍ
مِنْ ثَقِيفٍ, عَنْ مُعَاذٍ, وَكِلَاهُمَا لَا يَصِحُّ, قَالَ:
وَأَقْبَحُ مَا رَأَيْت فِيهِ قَوْلُ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ فِي كِتَابِ
"أُصُولِ الْفِقْهِ". وَالْعُمْدَةُ فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى حَدِيثِ
مُعَاذٍ, قَالَ: وَهَذِهِ زَلَّةٌ مِنْهُ, وَلَوْ كَانَ عَالِمًا
بِالنَّقْلِ لَمَا ارْتَكَبَ هَذِهِ الْجَهَالَةَ.
قُلْت: أَسَاءَ الْأَدَبَ عَلَى "إمَامِ الْحَرَمَيْنِ", وَكَانَ
يُمْكِنُهُ أَنْ يُعَبِّرَ بِأَلْيَنَ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ, مَعَ
أَنَّ كَلَامَ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ أَشَدُّ مِمَّا نَقَلَهُ عَنْهُ,
فَإِنَّهُ قَالَ: وَالْحَدِيثُ مُدَوَّنٌ فِي الصِّحَاحِ مُتَّفَقٌ
عَلَى صِحَّتِهِ, لَا يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ التَّأْوِيلُ؛ كَذَا قَالَ
رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْخَطِيبُ فِي كِتَابِ
"الْفَقِيهِ وَالْمُتَفَقِّهِ" مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ
غَنْمٍ, عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ, فَلَوْ كَانَ الْإِسْنَادُ إلَى
عَبْدِ الرَّحْمَنِ ثَابِتًا, لَكَانَ كَافِيًا فِي صِحَّةِ
الْحَدِيثِ, وَقَدْ اسْتَنَدَ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنِ الْقَاصِّ فِي
صِحَّتِهِ - إلَى تَلَقِّي أَئِمَّةِ الْفِقْهِ وَالِاجْتِهَادِ لَهُ
بِالْقَبُولِ, قَالَ: وَهَذَا الْقَدْرُ مُغْنٍ عَنْ مُجَرَّدِ
الرِّوَايَةِ, وَهُوَ نَظِيرُ أَحَدِهِمْ بِحَدِيثِ: "لَا وَصِيَّةَ
لِوَارِثٍ"1, مَعَ كَوْنِ رَاوِيهِ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ.
2077- حَدِيثُ: "إنَّ اللَّهَ لَا يُقَدِّسُ أُمَّةً لَيْسَ فِيهِمْ
مَنْ يَأْخُذُ لِلضَّعِيفِ حَقَّهُ" , ابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ
مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ بِلَفْظِ: "كَيْفَ
تُقَدَّسُ أُمَّةٌ لَا يُؤْخَذُ لِضَعِيفِهِمْ مِنْ شَدِيدِهِمْ" ,
وَفِيهِ قِصَّةٌ2, وَفِي الْبَابِ عَنْ بُرَيْدَةَ رَوَاهُ
الْبَيْهَقِيُّ3, وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ4, وَعَنْ
قَابُوسِ بْنِ الْمُخَارِقِ, عَنْ أَبِيهِ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ
وَابْنُ
__________
1 تقدم تخريجه.
2 أخرجه ابن ماجة [2/ 1329], كتاب الفتن: باب الأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر، حديث [4010],وأبو يعلى [4/ 7], برقم [2003], وابن حبان [11/
444], كتاب القضاء: باب ذكر الأمر للمرء أن يأخذ للضعيف من القوي إذا
قدر على ذلك، رقم [5058], والخطيب في "تاريخ بغداد" [7/ 396],
رقم[3933].
قال البوصيري في "الزوائد" [3/ 243]: هذا إسناد حسن؛ سويد مختلف فيه.
وقال في "المجمع" [5/ 121]: رواه الطبراني في "الأوسط" وفيه مكي بن عبد
الله الرعيني وهو ضعيف.
3 أخرجه البزار [2/ 235- * 236], كتاب الإمارة: باب أخذ الحق للضعيف من
القوي، حديث [1596], والبيهقي [6/ 95], كتاب في الغصب: باب نصر المظلوم
والأخذ على يد الظالم عند الإمكان.
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" [5/ 211]: رواه البزار والطبراني في
"الأوسط" وفيه عطاء بن السائب وهو ثقة لكنه اختلط، وبقية رجاله ثقات.
4 أخرجه ابن ماجة [2/ 810], كتاب الصدقات: باب لصاحب الحق سلطان، حديث
[2426]. =
(4/447)
قَانِعٍ1, وَعَنْ خَوْلَةَ غَيْرَ مَنْسُوبَةٍ يُقَالُ إنَّهَا
امْرَأَةُ حَمْزَةَ, رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ2, وروى
الحاكم وَالْبَيْهَقِيِّ مِنْ حَدِيثِ عُثْمَانَ بْنِ جَبَلَةَ, عَنْ
سِمَاكٍ عَنْ شَيْخٍ, عَنْ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ
عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رَفَعَهُ: "إنَّ اللَّهَ لَا يُقَدِّسُ أُمَّةً
لَا تَأْخُذُ لِلضَّعِيفِ مِنْ الْقَوِيِّ حَقَّهُ" , وَهُوَ غَيْرُ
مُتَعْتِعٍ3, وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ عَنْ
سِمَاكٍ, عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْحَارِثِ
بِهِ فِي قِصَّةٍ4, قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: الْمُرْسَلُ أَصَحُّ,
وَقَالَ الْحَاكِمُ: الْمَوْصُولُ صَحِيحٌ, وَالْمُرْسَلُ مُفَسِّرٌ
لِاسْمِ الْمُبْهَمِ الَّذِي فِي الْمَوْصُولِ, هَذَا مَعْنَى
كَلَامِهِ, وَفِيهِ نَظَرٌ.
2078- حَدِيثُ: "مَنْ جُعِلَ قَاضِيًا بَيْنَ النَّاسِ, فَقَدْ ذُبِحَ
بِغَيْرِ سِكِّينٍ" أَصْحَابُ السُّنَنِ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ
مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ5, وَلَهُ طُرُقٌ, وَأَعَلَّهُ ابْنُ
الْجَوْزِيِّ فَقَالَ: هَذَا
__________
= قال البوصيري في "الزوائد" [2/ 249]: هذا إسناده صحيح رجاله ثقات،
رواه أبو يعلى ورواته رواة الصحيح.
1 أخرجه الطبراني [20/ 313], برقم [745], قال الهيثمي في "المجمع" 04/
200]: رواه الطبراني في "الكبير" و"الأوسط" ورجاله ثقات.
2 أخرجه الطبراني [23/ 233], برقم [591].
قال الهيثمي في "المجمع" [4/ 134]: رواه الطبراني في "الكبير" وفيه أبو
سعد البفال، وهو ضعيف.
3 أخرجه الحاكم [3/ 256], والبيهقي [10/ 93].
4 أخرجه الحاكم [3/ 256], قال الحاكم: لم يرو أبو سفيان عن النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غير هذا الحديث الواحد، ولم يقم
إسناده عن شعبة غير غندر فقد أخبرناه أبو العباس السياري أنا أبو
الموجه أنا عبدان أخبرني أبي عن شعبة عن سماك قال: كنا مع مدرك بن
المهلب بسجستان فسمعت شيخا يحدث عن أبي سفيان بن الحارث عن النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فذكره ولم يسمع عبد الله بن أبي
سفيان عن أبيه، ووافقه الذهبي.
وأخرجه الطبراني [114/ 118], رقم [11230], عن ابن العباس وفي الباب عن
عبد الله بن مسعود: أخرجه الطبراني [10/ 274], بلفظ: إن الله عز وجل لا
يقدس أمة لا يعطون الضعيف منهم حقه، والبيهقي [6/ 95], كتاب الغصب: باب
نصر المظلوم والأخذ على يد الظالم عند الإمكان، عن بريدة نحوه، والحاكم
[3/ 256], عن أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب.
قال الحاكم: لم يسند أبو سفيان عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ غير هذا الحديث الواحد ولم يقم إسناده عن شعبة غير غندر، فقد
أخبرناه أبو العباس السياري أنا أبو الموجه أنا أبو عبدان أخبرني أبي
عن شعبة عن سماك قال: كنا مع مدرك بن المهلب بسجستان، شيخاً يحدث عن
أبي عثمان بن الحارث عن الني صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فذكره
ولم يسمع عبد الله بن أبي سفيان عن أبيه اهـ.
5 أخرجه أبو داود [2/ 322], كتاب الأقضية: باب في طلب القضاء، رقم
[3571, 3572], والترمذي [3/ 605], كتاب الأحكام: باب ما جاء عن رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في القاضي رقم [1325], وابن
ماجة [2/ 774], كتاب الأحكام: باب ذكر القضاء رقم [2308], =
(4/448)
حَدِيثٌ لَا يَصِحُّ، وَلَيْسَ كَمَا قَالَ، وَكَفَاهُ قُوَّةً
تَخْرِيجُ النَّسَائِيّ لَهُ، وَذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ الْخِلَافَ
فِيهِ عَلَى سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، قَالَ: وَالْمَحْفُوظُ عَنْ
سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
تَنْبِيهٌ: قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: مَعْنَاهُ: ذُبِحَ مِنْ حَيْثُ
الْمَعْنَى؛ لِأَنَّهُ بَيْنَ عَذَابِ الدُّنْيَا إنْ رَشَدَ، وَبَيْنَ
عَذَابِ الْآخِرَةِ إنْ فَسَدَ.
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ: إنَّمَا عَدَلَ عَنْ
الذَّبْحِ بِالسِّكِّينِ لِيُعْلَمَ أَنَّ الْمُرَادَ مَا يَخَافُ مِنْ
هَلَاكِ دِينِهِ، دُونَ بَدَنِهِ، وَالثَّانِي: أَنَّ الذَّبْحَ
بِالسِّكِّينِ يُرِيحُ، وَبِغَيْرِهَا كَالْخَنْقِ وَغَيْرِهِ يَكُونُ
الْأَلَمُ فِيهِ أَكْثَرَ، فَذُكِرَ لِيَكُونَ أَبْلَغَ فِي
التَّحْذِيرِ.
وَمِنْ النَّاسِ مَنْ فُتِنَ بِمَحَبَّةِ الْقَضَاءِ، فَأَخْرَجَهُ
عَمَّا يَتَبَادَرُ إلَيْهِ الْفَهْمُ مِنْ سِيَاقِهِ، فَقَالَ:
إنَّمَا قَالَ ذُبِحَ بِغَيْرِ سِكِّينٍ لِيُشِيرَ إلَى الرِّفْقِ
بِهِ، وَلَوْ ذُبِحَ بِالسِّكِّينِ لَكَانَ أَشَقَّ عَلَيْهِ، وَلَا
يَخْفَى فَسَادُ هَذَا.
2079- حَدِيثُ: "إنَّمَا يُجَاءُ بِالْقَاضِي الْعَدْلِ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ، فَيَلْقَى مِنْ شِدَّةِ الْحِسَابِ مَا يَتَمَنَّى
أَنَّهُ لَمْ يَقْضِ بَيْنَ اثْنَيْنِ فِي تَمْرَةٍ قَطُّ" ، أَحْمَدُ
وَالْعُقَيْلِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ
عَائِشَةَ1، قَالَ الْعُقَيْلِيُّ: عِمْرَانُ بْنُ حِطَّانِ الرَّاوِي
عَنْ عَائِشَةَ لَا يُتَابَعُ عَلَيْهِ، وَلَا يَتَبَيَّنُ لِي
سَمَاعُهُ عَنْهَا.
قُلْت: وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ مِنْ طَرِيقِهِ،
قَالَ: دَخَلْت عَلَى عَائِشَةَ فَذَكَّرْتهَا، حَتَّى ذَكَرْنَا
الْقَاضِيَ، فَذَكَرَهُ.
__________
= والنسائي في "الكبرى" [3/ 462], كتاب القضاء: باب التغليظ في الحكم،
رقم [5923/ 1- 5924/ 5925/ 3- 5926/ 4], والدارقطني [4/ 204], كتاب في
الأقضية والأحكام وغير ذلك، رقم [6, 7], والبيهقي [10/ 96], كتاب آداب
القاضي: باب كراهية الإمارة وكراهية تولي أعمالها لمن رأى من نفسه
ضعفاً أو رأى فرضها أو رأى فرضها عنه بغيره ساقطا، وأحمد [2/ 230-
365], والحاكم [4/ 91].
قال الترمذي: هذا حديث غريب من هذا الوجه وقد روى أيضا من غير هذا
الوجه عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
1 أخرجه أحمد [6/ 57]، وابن حبان [1563- موارد]، والبخاري في "التاريخ
الكبير" [4/ 282]، والعقيلي في "الضعفاء الكبير" [3/ 298]، والطبراني
في "الأوسط" [3/ 294- 295]، كلهم من طريق عمرو بن العلاء اليشكري عن
صالح بن سرج عن عمران بن حطان عن عائشة به.
وصححه ابن حبان.
وقال الطبراني: لا يروى هذا الحديث عن عائشة إلا بهذا الإسناد تفرد به
عمرو بن العلاء.
وذكره الهيثمي: لا يروى هذا الحديث عن عائشة إلا بهذا الإسناد تفرد به
عمرو بن العلاء.
وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" [4/ 195]، وقال: رواه أحمد وإسناده
حسن ورواه الطبراني في "الأوسط".
(4/449)
حَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ: "لَا تَسْأَلْ
الْإِمَارَةَ" ، تَقَدَّمَ.
2080- قَوْلُهُ: "رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ "إنَّا لَا نُكْرِهُ أَحَدًا عَلَى الْقَضَاءِ" .
لَمْ أَجِدْهُ هَكَذَا.
وَفِي الْمَعْنَى حَدِيثُ أَبِي مَسْعُودٍ: "بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاعِيًا، وَقَالَ: "لَا ألقينك
يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَجِيءُ وَعَلَى ظَهْرِك بَعِيرٌ لَهُ رُغَاءٌ،
قَدْ غَلَلْتَهُ، قَالَ: إِذا لَا أَنْطَلِقُ قَالَ: إِذا لَا
أُكْرِهُك" ، أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد1.
2081- حَدِيثُ: "لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلِيَتْهُمْ امْرَأَةٌ" ،
الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ2.
2082- حَدِيثُ: "الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ: وَاحِدٌ فِي الْجَنَّةِ،
وَاثْنَانِ فِي النَّارِ؛ فَأَمَّا الَّذِي فِي الْجَنَّةِ فَرَجُلٌ
عَرَفَ الْحَقَّ فَقَضَى بِهِ، وَاَللَّذَانِ فِي النَّارِ: رَجُلٌ
عَرَفَ الْحَقَّ فَجَارَ فِي الْحُكْمِ، وَرَجُلٌ قَضَى فِي النَّاسِ
عَلَى جَهْلٍ" ، أَصْحَابُ السُّنَنِ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ
مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ3، قَالَ الْحَاكِمُ فِي "عُلُومِ الْحَدِيثِ":
تَفَرَّدَ بِهِ الْخُرَاسَانِيُّونَ، وَرُوَاتُهُ مَرَاوِزَةٌ.
__________
1 أخرجه أبو داود [3/ 135]، كتاب الخراج والإمارة والفيء: باب في غلول
الصدقة، حديث [2947]، والطبراني [17/ 247]، برقم [688، 689]، كلاهما من
طريق مطرف عن أبي الجهم عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه.
قال الهيثمي في "مجمع الزروائد" [3/ 89]: رواه الطبراني في "الكبير"
ورجال "الصحيح".
2 أخرجه البخاري [7/ 732]، كتاب المغازي: باب كتاب النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى كسرى وقيصر، رقم [425]، [13/ 58]، كتاب
الفتن: باب [18]، رقم [7099]، والترمذي [4/ 527]، كتاب الفتن: باب [7]،
رقم [2262]، والنسائي [8/ 227]، كتاب آداب القضاة: باب النهي عن
استعمال النساء في الحكم، رقم [5388]، وأحمد [5/ 38- 43- 47- 50]،
والبيهقي [3/ 90]، كتاب الصلاة: باب لا يأتم رجل بامرأة [10/ 118]،
كتاب آداب القاضي: باب لا يولى القاضي امرأة ولا فاسقاً ولا جاهلاً أمر
القضاء، والحاكم [4/ 291]، [3/ 118، 119]، وابن حبان [10/ 375]، كتاب
السير: باب الخلافة والإمارة، رقم [4516].
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
قال الحاكم: هذا حديث على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وهذا
وهم منهما فقد أخرجه البخاري كما بينا.
3 أخرجه أبو داود [2/ 322]، كتاب الأقضية: باب في القاضي يخطئ، رقم
[3573], والترمذي [3/ 604]، كتاب الأحكام: باب ما جاء عن رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في القاضي، رقم [1322]، وابن ماجة
[2/ 776]، كتاب الأحكام: باب الحاكم يجتهد فيصيب الحق، رقم [2315]،
والنسائي في "الكبرى" [3/ 461، 462]، كتاب القضاء: باب ذكر ما أعد الله
تعالى للحاكم الجاهل، رقم [5822/ 1]، والحاكم في "المستدرك" [4/ 90]،
والبيهقي [10/ 116، 117]، كتاب آداب القضاء، باب إثم من أفتى أو قضى
بالجهال، والشجري في "الأمالي" [2/ 232- 234]. =
(4/450)
قُلْت: لَهُ طُرُقٌ غَيْرُ هَذِهِ، قَدْ جَمَعْتهَا فِي جُزْءٍ
مُفْرَدٍ.
2083- حَدِيثُ: "أَنَّ ابْنَ عُمَرَ امْتَنَعَ مِنْ الْقَضَاءِ لَمَّا
اسْتَقْضَاهُ عُثْمَانُ" ، التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو يَعْلَى وَابْنُ
حِبَّانَ، مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي جَمِيلَةَ، عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ: "أَنَّ عُثْمَانَ قَالَ لِابْنِ عُمَرَ:
اذْهَبْ فَاقْضِ، قَالَ: أَوْ تَعْفِينِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ،
قَالَ: عَزَمْت عَلَيْك إلَّا ذَهَبْت فَقَضَيْت، قَالَ: لَا تَعْجَلْ،
أَمَّا سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَقُولُ: "مَنْ عَاذَ بِاَللَّهِ فَقَدْ عَاذَ بِمَعَاذٍ" ، قَالَ:
نَعَمْ قَالَ: فَإِنِّي أَعُوذُ بِاَللَّهِ أَنْ أَكُونَ قَاضِيًا،
قَالَ: وَمَا يَمْنَعُك وَقَدْ كَانَ أَبُوك يَقْضِي، قَالَ: لِأَنِّي
سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
"مَنْ كَانَ قَاضِيًا فَقَضَى بِالْجَوْرِ، كَانَ مِنْ أَهْل النَّارِ،
وَمَنْ كَانَ قَاضِيًا عَالِمًا يَقْضِي بِحَقٍّ أَوْ يَعْدِلُ سَأَلَ
التَّفَلُّتَ كِفَافًا، فَمَا أَرْجُو مِنْهُ بَعْدُ" 1، هَذَا لَفْظُ
ابْنِ حِبَّانَ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَتِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ،
وَزَعَمَ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبِ بْنِ زَمْعَةَ بْنِ
الْأَسْوَدِ الْقُرَشِيُّ، وَوَهَمَ فِي ذَلِكَ وَإِنَّمَا هُوَ عَبْدُ
اللَّهِ بْنُ مَوْهَبٍ، وَقَدْ شَهِدَ التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو حَاتِمٍ
فِي "الْعِلَلِ" تَبَعًا لِلْبُخَارِيِّ أَنَّهُ غَيْرُ مُتَّصِلٌ،
وَرَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَعُثْمَانَ
بِغَيْرِ تَمَامِهِ2.
2084- حَدِيثُ: "مَنْ سُئِلَ فَأَفْتَى بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَقَدْ ضَلَّ
وَأَضَلَّ" ، لَمْ أَرَهُ هَكَذَا، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ الْمُتَّفَقِ
عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: "إنَّ اللَّهَ لَا
يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا" ، فَفِي آخِرِهِ: "فَيَأْتِي نَاسٌ
جُهَّالٌ يُسْتَفْتَوْنَ، فَيُفْتُونَ بِرَأْيِهِمْ، فَيَضِلُّونَ
وَيُضِلُّونَ" ، لَفْظُ إحْدَى رِوَايَاتِ الْبُخَارِيِّ، وَلَهُمَا:
"اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤَسَاءَ جُهَّالًا، فَسُئِلُوا، فَأَفْتَوْا
بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا" ، وَهِيَ أَشْهُرُ3.
__________
= قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وله شاهد بإسناد صحيح
على شرط مسلم.
قال الهيثمي في "مجمع الزوئد" [4/ 198، 199]: رواه الطبراني في
"الأوسط" ورجاله رجال "الصحيح".
1 أخرجه الترمذي [3/ 602]، كتاب الأحكام: باب ما جاء عن رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في القاضي، حديث [1322]، وأبو يعلى
[10/ 93]، برقم [5727]، وابن حبان [11/ 440]، في كتاب القضاء، حديث
[5056].
والطبراني في "الكبير" [12/ 351- 352]، برقم [13319].
قال الترمذي: حديث ابن عمر حديث غريب، وليس إسناده عندي بمتصل، وعبد
الملك الذي روى عنه المعتم هذا هو عبد الملك بن أبي جميلة.
قال الهيثمي في "المجمع" [4/ 196]: رواه الطبراني في "الكبير"
و"الأوسط" والبزار وأحمد كلاهما باختصار ورجاله ثقات.
2 أخرجه أحمد [6/ 66]، من طريق يزيد بن موهب أن عثمان رضي الله عنه قال
لابن عمر رضي الله عنهما، فذكر نحواً من ذلك.
3 أخرجه البخاري [1/ 234]، كتاب العلم: باب كيف يقبض العلم، حديث
[100]، ومسلم [4/ 2058- 2059]، كتاب العلم: باب رفع العلم وقبضه، حديث
[13/ 2673]، والترمذي [5/ =
(4/451)
حَدِيثُ: "مَنْ حَكَمَ بَيْنَ اثْنَيْنِ تَرَاضَيَا بِهِ، فَلَمْ
يَعْدِلْ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ" ، ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي
التَّحْقِيقِ، قَالَ: ذَكَرَ عَبْدُ الْعَزِيزِ مِنْ أَصْحَابِنَا مِنْ
نُسْخَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَرَادٍ، فَذَكَرَهُ، وَتَعَقَّبَهُ
صَاحِبُ "التَّنْقِيحِ" فَقَالَ: هِيَ نُسْخَةٌ بَاطِلَةٌ؛ كَمَا
صَرَّحَ هُوَ بِهِ فِي "الْمَوْضُوعَاتِ"، وَبَالَغَ فِي الْحَطِّ
عَلَى الْخَطِيبِ، لِاحْتِجَاجِهِ بِحَدِيثٍ مِنْهَا فِيمَا مَضَى مِنْ
كِتَابِ "التَّحْقِيقِ".
قَوْلُهُ: "رُوِيَ: أَنَّ عُمَرَ وَأُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ تَحَاكَمَا
إلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ"، الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَامِرٍ
الشَّعْبِيِّ قَالَ: "كَانَ بَيْنَ عُمَرَ وَأُبَيٍّ خُصُومَةٌ فِي
حَائِطٍ، فَقَالَ عُمَرُ: بَيْنِي وَبَيْنَك زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ،
فَانْطَلَقَا، فَطَرَقَ عُمَرُ الْبَابَ، فَعَرَفَ زَيْدٌ صَوْتَهُ،
فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَلَّا بَعَثْت إلَيَّ حَتَّى
آتِيَك، فَقَالَ: فِي بَيْتِهِ يُؤْتَى الْحَكَمُ"1.
قَوْلُهُ: "يُرْوَى: أَنَّ عُثْمَانَ وَطَلْحَةَ تَحَاكَمَا إلَى
جُبَيْرِ بْنِ مُطْعَمٍ"، الْبَيْهَقِيُّ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ
__________
= 31]، كتاب العلم: باب ما جاء في ذهاب العلم، حديث [2652]، والنسائي
في "الكبرى" [3/ 455- 456]، كتاب العلم: باب كيف يرفع العلم، حديث
[5907]، وابن ماجة [1/ 20]، المقدمة: باب اجتناب الرأي والقياس، حديث
[52]، والدارمي [1/ 77]، باب في ذهاب العلم، وأحمد [2/ 162، 190، 203]،
والحميدي [1/ 264- 265]، رقم [581]، وابن المبارك في "الزهد" ص [281]،
رقم [816]، وابن حبان [10/ 432]، رقم [4561] وفي [15/ 114]، رقم
[6719]، وأبو نعيم في "الحلية" [10/ 24- 25]، وابن حميع الصيداوي في
"معجمه" رقم [156، 164، 241، 324]، والطبراني في "الصغير" [1/ 165]،
والبيهقي في "شعب الإيمان" [2/ 252- 253]، رقم [1660، 1661]، وفي
"دلائل النبوة" [6/ 543]، والبغوي في "شرح السنة" [1/ 247- بتحقيقنا]،
والخطيب في "تاريخ بغداد" [4/ 282]، وابن عبد البر في "جامع بيان
العلم" [1/ 149- 150]، وبن الشجري في "أماليه" [1/ 41]، من طرق كثيرة
عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً به.
وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح ا.هـ.
وقد توبع هشام بن عروة على هذا الحديث فتابعه أبو الأسود محمد بن عبد
الرحمن يتيم عروة بن الزبير والزهري ويحيى بن أبي كثير.
رواية أبي الأسود: د
أخرجها البخاري [13/ 295]، كتاب الاعتصام: باب ما ذكر في ذم الرأي،
حديث [7307]، ومسلم [4/ 2059]، كتاب العلم: باب رفع العلم، حديث [14/
2673].
رواية الزهري: أخرجها النسائي في "الكبرى" [3/ 456]، كتاب العلم: باب
كيف يرفع العلم، حديث [5908]، وعبد الرزاق [11/ 254]، وابن عبد البر في
"جامع بيان العلم" [1/ 150]، كلهم من طريق معمر عن الزهري.
رواية يحيى بن أبي كثير:
أخرجها عبد الرزاق [11/ 257]، وأبو نعيم في "الحلية" [2/ 181]، وأشار
الحافظ في "الفتح" [1/ 234]، إلى أن رواية يحيى بن أبي كثير في مسند
أبي عوانة.
1 أخرجه البيهقي [10/ 136]، كتاب آداب القاضي: باب إنصاف الخصمين في
المدخل عليه والاستماع منهما والإنصاف لكل واحد منهما حتى تنفذ حجته
وحسن الإقبال عليهما.
(4/452)
أَبِي مُلَيْكَةَ: "أَنَّ عُثْمَانَ ابْتَاعَ مِنْ طَلْحَةَ أَرْضًا
بِالْمَدِينَةِ، بِأَرْضٍ لَهُ بِالْكُوفَةِ، ثُمَّ نَدِمَ عُثْمَانُ
فَقَالَ: "بِعْتُك مَا لَمْ أَرَهُ، فَقَالَ طَلْحَةُ: إنَّمَا
النَّظَرُ لِي، لِأَنَّك بِعْت مَا رَأَيْت، وَأَنَا ابْتَعْت
مَغِيبًا، فَجَعَلَا بَيْنَهُمَا جُبَيْرَ بْنَ مُطْعَمٍ حَكَمًا،
فَقَضَى عَلَى عُثْمَانَ أَنَّ الْبَيْعَ جَائِزٌ، وَأَنَّ النَّظَرَ
لِطَلْحَةَ؛ لِأَنَّهُ ابْتَاعَ مَغِيبًا"1.
حَدِيثُ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
اخْتَبَرَ مُعَاذًا"، تَقَدَّمَ.
قَوْلُهُ: "هَرَبَ أَبُو قِلَابَةَ مِنْ الْقَضَاءِ"، أَبُو بَكْرِ
بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: نَا مُسَدَّدٌ، نَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ
أَيُّوبَ قَالَ: لَمَّا مَاتَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أُذَيْنَةَ
ذَكَرَ أَبُو قِلَابَةَ لِلْقَضَاءِ، فَهَرَبَ إلَى الشَّامِ.
قَوْلُهُ: "وَهَرَبَ الثَّوْرِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ".
أَمَّا الثَّوْرِيُّ فروى الخطب فِي تَرْجَمَتِهِ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى
الْمَهْدِيِّ، فَأَظْهَرَ التَّجَانُنَ، فَجَعَلَ يَمْسَحُ الْبِسَاطَ،
وَيَقُولُ: مَا أَحْسَنَ بِسَاطَكُمْ هَذَا، بِكَمْ أَخَذْتُمْ هَذَا؟
ثُمَّ قَالَ: الْبَوْلَ الْبَوْلَ، فَلَمَّا خَرَجَ اخْتَفَى، فَقَالَ
الشَّاعِرُ: [من الطويل]
تحرز سُفْيَانُ فَفَرَّ بِدِينِهِ ... وَأَمْسَى شَرِيكٌ مُرْصِدًا
لِلدَّرَاهِمِ
وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ: فَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ
أَبِي يُوسُفَ قَالَ: "لَمَّا مَاتَ سَوَّارٌ قَاضِي الْبَصْرَةِ،
دَعَا أَبُو جَعْفَرٍ أَبَا حَنِيفَةَ، فَقَالَ: إنَّ سَوَّارًا قَدْ
مَاتَ، وَإِنَّهُ لَا بُدَّ لِلْمِصْرِ مِنْ قَاضٍ، فَاقْبَلْ
الْقَضَاءَ، فَقَدْ وَلَّيْتُك قَضَاءَ الْبَصْرَةِ"، فَذَكَرَ
الْقِصَّةَ فِي امْتِنَاعِهِ2.
قَوْلُهُ: "رُوِيَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ أَوْصَى الْمُزَنِيَّ فِي
مَرَضِ موته، بأن لا يَتَوَلَّى الْقَضَاءَ".
وَقَوْلُهُ: "عُرِضَ عَلَى الشَّافِعِيِّ فِي كِتَابِ الرشيد بالقضاء،
فلم يجيبه أَلْبَتَّةَ"، لَمْ أَقِفْ عَلَيْهِمَا.
وَقَوْلُهُ: "انْتَهَى امْتِنَاعُ أَبِي عَلِيِّ بْنِ خَيْرَانِ3
لَمَّا اسْتَقْضَاهُ الْوَزِيرُ ابْنُ الْفُرَاتِ، حَتَّى خُتِمَتْ
دُورُهُ بِالطِّينِ أَيَّامًا".
قُلْت: ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي "طَبَقَاتِهِ".
حَدِيثُ: "سُئِلَتْ عَائِشَةَ عَنْ الْقَاضِي الْعَادِلِ، إذَا
اسْتَقْضَاهُ الْأَمِيرُ الْبَاغِي، هَلْ يُجِيبُهُ، فَقَالَتْ: إنْ
لَمْ يَقْضِ لَكُمْ خِيَارُكُمْ، قَضَى لَكُمْ شِرَارُكُمْ، قَالَ
عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ فِي كِتَابِ
__________
1 أخرجه البيهقي [5/ 268]، كتاب البيوع: باب من قال: يجوز بيع العين
الغائبة.
2 أخرجه البيهقي [10/ 98]، كتاب آداب القاضي: باب كراهية الإمارة
وكراهية تولي أعمالها لمن رأى من نفسه ضعفاً أو رأى موضعاً عنه بغيره
ساقطاً.
3 أبو علي الحسين بن صالح بن خيران، كان من أئمة مذهب الشافعي. قال
الخطيب: كان من أفاضل الشيوخ، وأمائل الفقهاء مع حسن المذهب، وقوة
الورع، وأراد السلطان أن يوليه القضاء فامتنع واستتر، وسمر بابه
لامتناععه. مات سنة 310. =
(4/453)
"السُّلْطَانِ لَهُ: نَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، نَا إبْرَاهِيمُ بْنُ
الْمُنْذِرِ، نَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ،
عَنْ أَبِيهِ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ، قَالَ: "اجْتَمَعْت أَنَا وَنَفَرٌ مِنْ أَبْنَاءِ
الْمُهَاجِرِينَ، فَقُلْنَا: لَوْ رَحَلْنَا إلَى مُعَاوِيَةَ، ثُمَّ
قُلْنَا: لَوْ اسْتَشَرْنَا أُمَّنَا عَائِشَةَ، فَدَخَلْنَا
عَلَيْهَا، فَذَكَرْنَا لَهَا الْعِيَالَ وَالدَّيْنَ، فَقَالَتْ:
سُبْحَانَ اللَّهِ، مَا لِلنَّاسِ بُدٌّ مِنْ سُلْطَانِهِمْ، قُلْنَا:
إنَّا نَخَافُ أَنْ يَسْتَعْمِلَنَا، قَالَتْ: سُبْحَانَ اللَّهِ،
فَإِذَا لَمْ يَسْتَعْمِلْ خِيَارَكُمْ، يَسْتَعْمِلْ شِرَارَكُمْ".
حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: "أَنَّهُ سُئِلَ عَمَّنْ قَتَلَ، أَلَهُ
تَوْبَةٌ؟ فَقَالَ مَرَّةً: لَا، وَقَالَ مَرَّةً: نَعَمْ، فَسُئِلَ
عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: رَأَيْت فِي عَيْنَيْ الْأَوَّلِ أَنَّهُ
يَقْصِدُ الْقَتْلَ فَقَمَعْته، وَكَانَ الثَّانِي صَاحِبَ وَاقِعَةٍ
يَطْلُبُ الْمَخْرَجَ"، ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ: نَا يَزِيدُ بْنُ
هَارُونَ، أَنَا أَبُو مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ، عَنْ سَعْدِ بْنِ
عُبَيْدَةَ، قَالَ: "جَاءَ رَجُلٌ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ:
أَلِمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا تَوْبَةٌ؟ قَالَ: لَا، إلَى النَّارِ،
فَلَمَّا ذَهَبَ قَالَ لَهُ جُلَسَاؤُهُ: مَا هَكَذَا كُنْت
تَفْتِينَا، فَمَا بَالُ هَذَا الْيَوْمِ؟ قَالَ: إنِّي أَحْسَبُهُ
مُغْضَبًا يُرِيدُ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا، قَالَ: فَبَعَثُوا فِي
أَثَرِهِ، فَوَجَدُوهُ كَذَلِكَ"1، رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.
وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ: نَا سُفْيَانُ، قَالَ: كَانَ أَهْلُ
الْعِلْمِ إذَا سُئِلُوا عَنْ الْقَاتِلِ، قَالُوا: لَا تَوْبَةَ لَهُ،
وَإِذَا اُبْتُلِيَ رَجُلٌ قَالُوا لَهُ: تُبْ.
وَفِي الْمَعْنَى مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:
"أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
عَنْ الْمُبَاشَرَةِ لِلصَّائِمِ، فَرَخَّصَ لَهُ، وَأَتَاهُ آخَرُ
فَسَأَلَهُ فَنَهَاهُ، فَإِذَا الَّذِي رَخَّصَ لَهُ شَيْخٌ، وَإِذَا
الَّذِي نَهَاهُ شَابٌّ"2.
قَوْلُهُ: "كَانَ الصَّحَابَةُ يُحِيلُونَ فِي الْفَتَاوَى بَعْضُهُمْ
عَلَى بَعْضٍ مَعَ مُشَاهَدَتِهِمْ التَّنْزِيلَ، وَيَحِيدُونَ عَنْ
اسْتِعْمَالِ الرَّأْيِ وَالْقِيَاسِ"، ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ
والرامهرمزي مِنْ طَرِيقِ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ؛ سَمِعْت عَبْدَ
الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ: "لَقَدْ أَدْرَكْت فِي هَذَا
الْمَسْجِدِ عِشْرِينَ وَمِائَةً مِنْ الْأَنْصَارِ، مَا مِنْهُمْ
أَحَدٌ يُحَدِّثُ إلَّا وَدَّ أَنَّ أَخَاهُ كَفَاهُ الْحَدِيثَ، ولا
يسئل عَنْ فُتْيَا إلَّا وَدَّ أَنَّ أَخَاهُ كَفَاهُ الْفُتْيَا".
وَمِنْ طَرِيقِ دَاوُد بْنِ أَبِي هِنْدٍ قُلْت لِلشَّعْبِيِّ: كَيْفَ
كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ إذَا سُئِلْتُمْ؟ قَالَ: عَلَى الْخَبِيرِ
سَقَطْت، كَانَ إذَا سُئِلَ الرَّجُلُ قَالَ لِصَاحِبِهِ: أَفْتِهِمْ،
فَلَا يَزَالُ حَتَّى يَرْجِعَ إلَى الْأَوَّلِ، وَأَخْرَجَهُ عَبْدُ
الْغَنِيِّ بْنُ سَعِيدٍ فِي "أَدَبِ الْمُحَدِّثِ" مِنْ هَذَا لوجه.
__________
= انظر: ط، ابن قاضي شهبة [1/ 92]، "تاريخ بغداد" [8/ 52]، "شذرات
الذهب" [2/ 287.1 أخرجه ابن أبي شيبة [5/ 435]، كتاب الحدود: باب من
قال للقائل توبة، حديث [17753].
2 أخرجه أبو داود [2/ 312]، كتاب الصوم: باب كراهيته للشباب، حديث
[2387].
(4/454)
وَفِي مُسْلِمٍ حَدِيثُ أَبِي الْمِنْهَالِ؛ أَنَّهُ سَأَلَ زَيْدَ
بْنَ أَرْقَمَ عَنْ الصَّرْفِ، فَقَالَ: "سَلْ الْبَرَاءَ بْنَ
عَازِبٍ، فَسَأَلَ الْبَرَاءَ، فَقَالَ: سَلْ زَيْدًا...، الْحَدِيثُ1.
__________
1 أخرجه مسلم [6/ 19- 20- نووي]، كتاب المساقاة: باب النهي عن بيع
الورق بالذهب ديناً، حديث [87/ 1589].
(4/455)
بَابُ أَدَبِ الْقَضَاءِ2
حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ كِتَابًا
لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ لَمَّا وَجَّهَهُ إلَى الْيَمَنِ"، تَقَدَّمَ
فِي "الدِّيَاتِ".
حَدِيثُ: "كَتَبَ أَبُو بَكْرٍ لِأَنَسٍ كِتَابًا"، الْحَدِيثُ
تَقَدَّمَ فِي "الزَّكَاةِ".
2085- حَدِيثُ عَائِشَةَ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ دَخَلَ دَارَ الْهِجْرَةِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ"،
الْبُخَارِيُّ عَنْ عَائِشَةَ فِي حَدِيثِ الْهِجْرَةِ، وَهُوَ
طَوِيلٌ3.
2086- حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ
يَوْمَ الْفَتْحِ، وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ"، مُسْلِمٌ عَنْ
جَابِرٍ4.
__________
2 والقاضي يحتاج إلى خصال حميدة حتى يصلح بها للقضاء.
واعلم أن القضاء الشرعي أصل المحاسن ومجمعها ومشعب المكارم ومنشؤها،
لما أن المراد منه نيابة الله تعالى ورسوله عليه السلام، فإن القضاء
بالحق من أقوى الفرائض بعد الإيمان وهو أشرف العبادات، لما أثبت الله
تعالى لآدم عليه السلام اسم الخلافة فقال: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي
الْأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة: 30]، وأثبت ذلك لداود عليه السلام فقال
تعالى: {يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ
فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ} [صّ: 26].
وبه أمر كل نبي مرسل صلوات الله سبحانه وتعالى عليهم أجمعين. لأن
المقصود منه إظهار العدل ورفع الظلم من الظالم وإيصال الحق إلى المستحق
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
الأدب: أدب النفس والدرس، وقد أدب فهو أديب، وأدبه غيره. فتأدب
واستأدب. وتركيبه يدل على الجمع والدعاء، ومنه الأدب بسكون الدال وهو
أن تجمع الناس إلى طعامك وتدعوهم، ومنه الأدب بالتحريك لأنه يأدب الناس
إلى المحامد أي بدعوهم إليها.
وعن أبي زيد: الأدب اسم يقع على كل رياضة محمودة يتخرج بها الإنسان في
فضيلة من الفضائل. كذا في "المغرب".
وفي "النهاية": والمراد من أدب القاضي هنا هو الخصال الحميدة المندوبة
والمدعو إليها، فالأدب للقاضي ما يذكر له من شرائط الشهادة.
ينظر: "أنس الفقهاء" ص [227- 228].
3 أخرجه البخاري [2/ 140- 141]، كتاب الصلاة: باب المسجد يكون في
الطريق من غير صرر بالناس، حديث [476]، وأطرافه في [2138، 2263، 2264،
2297، 3905، 5807، 6079]، وأحمد [6/ 198]، وابن حبان [14/ 177- 181]،
كتاب التاريخ: فصل في هجرته إلى المدينة، وكيفية أحواله فيها، حديث
[6277]، والبيقهي في "دلائل النبوة" [2/ 471- 475].
4 أخرجه مسلم [5/ 142- نووي]، كتاب الحج: باب جواز دخول مكة بغير
إحرام، حديث [451/ 1358].
(4/455)
2087- قَوْلُهُ: "كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ كُتَّابٌ، مِنْهُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، ذَكَرَهُ
الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا، وَوَصَلَهُ أَبُو دَاوُد عَنْ زَيْدِ بْنِ
ثَابِتٍ، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ"، فَذَكَرَ قِصَّةً فِيهَا: "فَكُنْت أَكْتُبُ
لَهُ إلَى الْيَهُودِ وَأَقْرَأُ كُتُبَهُمْ إلَيْهِ1.
وَفِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ؛ أَنَّهُ قَالَ لِزَيْدِ
بْنِ ثَابِتٍ: إنَّك شاب عاقل لأتهمك، وَقَدْ كُنْت تَكْتُبُ الْوَحْيَ
لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ...، الْحَدِيثُ2.
وَقَالَ الْقُضَاعِيُّ: كَانَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ يَكْتُبُ عَنْهُ
لِلْمُلُوكِ، مَعَ مَا كَانَ يَكْتُبُ مِنْ الْوَحْيِ، وَكَانَ
الزُّبَيْرُ وَجَهْمٌ يَكْتُبَانِ أَمْوَالَ الصَّدَقَاتِ.
2088- حَدِيثُ: "أَيُّمَا عَامِلٍ اسْتَعْمَلْنَاهُ، وَفَرَضْنَا لَهُ
رِزْقًا، فَمَا أَصَابَ بَعْدَ رِزْقِهِ فَهُوَ غُلُولٌ" ، أَبُو
دَاوُد وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ3.
قَوْلُهُ: "رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
"جَنِّبُوا مَسَاجِدَكُمْ صِبْيَانَكُمْ، وَمَجَانِينَكُمْ، وَسَلَّ
سُيُوفِكُمْ، وَخُصُومَاتِكُمْ، وَرَفْعَ أَصْوَاتِكُمْ" ، ابْنُ
مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ مَكْحُولٍ وَوَاثِلَةَ بِهِ وَأَتَمَّ مِنْهُ4،
وَقَدْ
__________
1 أخرجه البخاري [15/ 94]، كتاب الأحكام: باب ترجمة الحكام وهل يجوز
ترجمان واحد، حديث [7195]، تعليقاً.
ووصله أبو داود [3/ 318]، كتاب العلم: باب رواية حديث أهل الكتاب، حديث
[3645]، وأحمد [5/ 186]، والترمذي [5/ 67- 68]، كتاب الاستئذان: باب ما
جاء في تعليم السريانية، حديث [2715].
قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
2 أخرجه أحمد [1/ 10، 13، 5/ 188]، والبخاري [15/ 91]، كتاب الأحكام:
باب يستحب للكاتب أن يكون أميناً عاقلاً، حديث [7191]، والترمذي [5/
283]، كتاب تفسير القرآن: باب ومن سورة التوبة، حديث [3103].
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
3 أخرجه أبو داود [3/ 134]، كتاب الخراج والإمارة الفيء: باب في أرزاق
العمال، حديث [2943]، والحاكم [1/ 406]، وابن جزيمة [4/ 70]، برقم
[2369]، والبيهقي [6/ 355]، كتاب قسم الفيء والغنيمة: باب ما يكون
للوالي الأعظم ووالي الإقليم من مال الله...".
قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يحرجاه، ووافقه الذهبي.
وصححه ابن خزيمة.
4 أخرجه ابن ماجة [247]، كتاب المساجد والجماعات: باب ما يكره في
المساجد، برقم [750]، والطبراني في "الكبير" [8/ 156]، رقم [7601]،
وابن حجر [1/ 100]، كتاب الصلاة: باب صوان المسجد، رقم [357]، وذكره
الهندي في "كنز العمال" [7/ 667]، رقم [20822]، وذكره العجلوني في "كشف
الخفاء ومزيل الإلباس... "، رقم [1077]، وقال البزار: لا أصل له،
وتعقبه في المقاصد بأن ابن ماجة مطولاً عن اثلة رفعه بلفظ "جنبوا
مساجدكم صبيانكم ومجانينكم، وشراءكم وبيعكم وخصوماتكم ورفع أصواتكم،
وإقامة حدودكم وسل سيوفكم، واتخذوا على أبوبها المطاهر" ، وجمروها في
الجمع، وسنده ضعيف، لكن له شاهد عن الطبراني في "الكبير" والعقيلي وابن
عدي بسند فيه العلاء بن كثير وهو ضعيف أيضاً =
(4/456)
تَقَدَّمَ لِلْبَيْهَقِيِّ عَنْهُ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ وَوَاثِلَةَ
جَمِيعًا، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَرُوِيَ عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ
يَحْيَى بْنِ الْعَلَاءِ، عَنْ مُعَاذٍ، وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ، وَقَالَ
ابْنُ الْجَوْزِيُّ: إنَّهُ حَدِيثٌ لَا يَصِحُّ، وَرَوَاهُ
الْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ1 وَقَالَ: لَيْسَ لَهُ
أَصْلٌ مِنْ حَدِيثِهِ، وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
وَاهِيَةٌ2.
2089- حَدِيثُ: "مَنْ وَلِيَ مِنْ أُمُورِ النَّاسِ شَيْئًا
فَاحْتَجَبَ، حَجَبَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" ، أَبُو دَاوُد
وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ الْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ عَنْ أَبِي
مَرْيَمَ، وَفِيهِ قِصَّةٌ لَهُ مَعَ مُعَاوِيَةَ3، وَأَوْرَدَ
الْحَاكِمُ لَهُ شَاهِدًا عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ الْجُهَنِيِّ،
وَعَنْهُ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ4، وَرَوَاهُ
الطَّبَرَانِيُّ فِي "الْكَبِيرِ" مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ
بِلَفْظِ: "أَيُّمَا أَمِيرٍ احْتَجَبَ عَنْ النَّاسِ فَأَهَمَّهُمْ،
احْتَجَبَ اللَّهُ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" ، قَالَ ابْنُ أَبِي
حَاتِمٍ عَنْ أَبِيهِ فِي "الْعِلَلِ": هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ5.
2090- حَدِيثُ: "لَا يَقْضِي الْقَاضِي إلَّا وَهُوَ شَبْعَانُ
رَيَّانُ" الطَّبَرَانِيُّ فِي "الْأَوْسَطِ"، وَالْحَارِثُ فِي
مُسْنَدِهِ، وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي
سَعِيدٍ6، وَفِيهِ الْقَاسِمُ الْعُمَرِيُّ، وَهُوَ مُتَّهَمٌ
بِالْوَضْعِ.
__________
= عن أبي أمامة وأبي الدرداء وواثلة قالوا: سمعنا رسول الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وذكره بلفظ: مساجدكم، ولكن بدون وشراءكم
وبيعكم، ولابن عدي عن أبي هريرة رفعه جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم
وفي سنده عبد الله بن محرر –مهملات بوزن محمد- ضعيف، وفي الباب مما
يستأنس به لتقويته أحاديث: منها من رأيتموه يبيع أو يبتاع في المسجد أو
ينشد ضالة الحديث، رواه الطبراني وابن السنى وابن مندة عن أبي هريرة
رضي الله عنه من رأيتموه ينشد شعراً في المسجد فقولوا فض الله فاك
ثلاثاً، ومن رأيتموه ينشد ضالة في المسجد فقولوا لا وجدتها ثلاثاً، ومن
رأيتموه يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا: لا ربح الله تجارتك.
1 ينظر: تخريج السابق.
2 ينظر: تخريج قبل السابق.
3 أخرجه أبو داود [3/ 135]، كتاب الخراج والإمارة والفيء: باب فيما
يلزم الإمام من أمر الرعية والحجبة عنه، حديث [2948]، والترمذي [3/
611]، كتاب الأحكام: باب ما جاء في إمام الرعية، حديث [1333]، والحاكم
[4/ 93- 94]، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
4 أخرجه أحمد [4/ 231]، والترمذي [3/ 610]، كتاب الأحكام: باب ما جاء
في إمام الرعية، حديث [1332]، والحاكم [4/ 94]، وعبد بن حميد [286]،
والحديث صححه الحاكم ووافقه الذهبي.
5 علل ابن أبي حاتم [2/ 428- 429].
6 أخرجه البيهقي [10/ 106]، كتاب آداب القاضي: باب لا يقضي القاضي إلا
وهو شبعان ريان، والدارقطني [4/ 206]، كتاب في الأقضية والأحكام وغير
ذلك، رقم [4]، والخطيب في "تاريخ بغداد" [6/ 2/ 248]، رقم [3307/ 5]،
وابن ححر في "المطالب العلية" [2/ 248]، رقم [2127]، وذكره الهيثمي في
"مجمع الزوئد" [4/ 198]، كتاب الأحكام: باب لا يقضي القاضي إلا وهو
شبعان ريان، وقال: رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه القاسم بن عبد الله
بن عمر، وهو متروك كذاب.
(4/457)
2091- قَوْلُهُ: رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ: "لَا يَقْضِي الْقَاضِي بَيْنَ اثْنَيْنِ، وَهُوَ غَضْبَانُ" ،
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ بِمَعْنَاهُ1،
وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ بِاللَّفْظِ الْمَذْكُورِ.
حَدِيثُ "الزُّبَيْرِ والأنصاري اللذين اخْتَصَمَا فِي شِرَاجِ
الْحَرَّةِ" ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَتَقَدَّمَ فِي "إحْيَاءِ
الْمَوَاتِ".
2092- قَوْلُهُ: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَمَنْ بَعْدَهُ مِنْ الْأَئِمَّةِ يَحْكُمُونَ، وَلَا يَكْتُبُونَ
الْمَحَاضِرَ وَالسِّجِلَّاتِ"، هُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ الْأَحَادِيثِ
السَّابِقَةِ فِي هَذَا الْكِتَابِ، لَكِنْ قَدْ كَتَبَ النَّبِيُّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِجَمَاعَةٍ أَقْطَعَ لَهُمْ، وَفِي
الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ؛ أَنَّهُ دَعَا الْأَنْصَارَ
لِيَقْطَعَ لَهُمْ، وَأَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ لَهُمْ كِتَابًا2.
2093- حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: "لَعَنَ اللَّهُ الرَّاشِيَ
وَالْمُرْتَشِيَ" ، أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ3،
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَفِي الْبَابِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
عَمْرِو، وَعَائِشَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ.
قُلْت: وَفِيهِ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ،
وَثَوْبَانَ.
أَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: فَرَوَاهُ أَحْمَدُ
وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ4، قَالَ
التِّرْمِذِيُّ: وَقَوَّاهُ الدَّارِمِيُّ.
__________
1 أخرجه البخاري [15/ 34]، كتاب الأحكام: باب وهل يقضى القاضي أو يفتي
وهو غضبان، حديث [7158]، ومسلم [6/ 256- نووي]، كتاب الأقضية: باب
كراهية قضاء القاضي وهو غضبان، حديث [16/ 1717].
2 أخرجه البخاري [5/ 323]، كتاب المساقاة: باب القطائع، حديث [2376].
3 أخرجه الترمذي [3/ 613]، كتاب الأحكام: باب ما جاء في الراشي
والمرتشي في الحكم، رقم [1336]، وأحمد [2/ 387- 387، 388]، وابن
الجارود ص [150]، رقم [585]، والخطيب في "تاريخ بغداد" [10/ 254]، رقم
[5370]، وابن حبان [11/ 467]، كتاب القضايا: باب الرشوة، رقم [5076]،
والحاكم [4/ 103].
قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
4 أخرجه أبو داود [2/ 324]، كتاب الأقضية: باب في كراهية الرشوة، رقم
[3580]، والترمذي [3/ 614]، كتاب الأحكام: باب ما جاء في الراشي
والمرتشي في الحكم، رقم [1337]، وابن ماجة [2/ 775]، كتاب الأحكام: باب
التغليظ في الحيف والرشوة، رقم [2313]، والطيالسي [1/ 285]، كتاب
القضاء والدعاوى والبينات: باب كراهية الحرص على القضاء، والتحذير من
الرشوة وإثم من خاصم في باطل، رقم [1447]، وابن الجارود [150، 151]،
رقم [586]، والحاكم [4/ 102، 103]، والبيهقي [10/ 138، 139]، كتاب آداب
القاضي: باب التشديد في أخذ الرشوة وفي إعطائها على إبطال حق، وأحمد
[2/ 164- 190- 194- 212]، وابن حبان [11/ 468]، كتاب القضاء: باب
الرشوة ذكر لعن المصطفى صلى الله عله وسلم المرتشي في أسباب المسلمين،
وإن لم يكن مسلك تلك الأسباب تؤدي إلى الحكم، رقم [5077].
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد. ولم يخرجاه، ووفقه الذهبي.
(4/458)
وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ: فَيُنْظَرُ مَنْ
أَخْرَجَهُمَا1.
وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ؛ فَرَوَاهُ
الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ، وَرُوِيَ عَنْ
أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو؛ وَهُوَ أَصَحُّ،
قَالَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "الْعِلَلِ"، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ:
لَا يَصِحُّ عَنْ أَبِيهِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ ثَوْبَانَ: فَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ2، وَفِي
إسْنَادِهِ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ، وَذَكَرَ الْبَزَّارُ أَنَّهُ
تَفَرَّدَ بِهِ.
2094- حَدِيثُ: "هَدَايَا الْأُمَرَاءِ غُلُولٌ" ، الْبَيْهَقِيُّ
وَابْنُ عَدِيٍّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ، وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ3،
وَالطَّبَرَانِيُّ فِي "الْأَوْسَطِ" مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ،
وَإِسْنَادُهُ أَشَدُّ ضَعْفًا4، وَفِيهِ عَنْ جَابِرٍ أَخْرَجَهُ
سُنَيْدُ بْنُ دَاوُد فِي تَفْسِيرِهِ، عَنْ عَبْدَةَ بْنِ
سُلَيْمَانَ، عَنْ إسْمَاعِيلِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ الْحَسَنِ، عَنْ
جَابِرٍ، وَإِسْمَاعِيلُ ضَعِيفٌ5.
__________
1 أخرجه الطبراني كما في "مجمع الزوئد" [4/ 202]، عن أم سلمة، وقال
الهيثمي: رجاله ثقات.
وأخرجه أبو يعلى [8/ 74]، برقم [245]، والبزار [2/ 125]، كتاب الأحكام:
باب ما جاء في الرشا، حديث [1354]، كلاهما من طريق إسحاق بن يحيى بن
طلحة حدثني أبو بكر محمد بن عمرو بن حزم عن عمرة عن عائشة رضي الله
عنها فذكره.
قال البزار: لا نعلمه عن عائشة إلا من هذا الوجه، تفرد به إسحاق وهو
لين الحديث، وقد حدث عنه ابن المبارك وغيره.
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" [4/ 202]: رواه البزار وأبو يعلى وفيه
إسحاق بن يحيى بن طلحة وهو متروك.
2 أخرجه أحمد [5/ 279]، والحاكم [4/ 103].
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" [4/ 201- 202]، رواه أحمد والبزار
والطبراني في "الكبير" وفيه أبو الخطاب وهو مجهول.
3 أخرجه البيهقي [10/ 138]، كتاب آداب القاضي: باب لا يقبل منه قضية،
وابن عدي في "الكامل" [1/ 295].
قال الهيثمي [4/ 154]: رواه الطبراني في "الكبير"، وأحمد من طريق
إسماعيل بن عباس عن أهل الحجاز وهي ضعيفة.
قال ابن عدي: ولا يحدث هذا الحديث عن يحيى غير إسماعيل بن عياش.
4 أخرجه الطبراني في "الأوسط" كما في "مجمع البحرين" [4/ 94]، برقم
[2151].
قال ابن عدي [1/ 177]: رواه أحمد بن معاوية الباهلي قال: حدثنا ولله
النضر بن شميل، عن ابن عون عن ابن سيرين، عن أبي هريرة رضي الله عنه.
وقال: وهذا باطل بهذا الإسناد، وهو حانث في يمينه الذي حلف عليه، ولم
يروه عن النضر غير أحمد، والنضر ثقة، وأحمد يروي عن الثقات البواطيل.
قال الهيثمي [4/ 154]: رواه الطبراني في "الأوسط" وفيه حميد بن معاوية
الباهلي وهو ضعيف.
5 أخرجه الطبراني في "الأوسط" كما في "مجمع البحرين" [4/ 93]، برقم
[2148، 2149]، من طريقين عن عطاء عن جابر به. =
(4/459)
قَوْلُهُ: "وَيَرْوِي: هَدَايَا الْعُمَّالِ سُحْتٌ"، الْخَطِيبُ فِي
"تَلْخِيصِ الْمُتَشَابِهِ" مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ1.
2095- حَدِيثُ: "عَدَلَتْ شَهَادَةُ الزُّورِ الْإِشْرَاكَ بِاَللَّهِ،
وَتَلَا قَوْله تَعَالَى: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنْ الْأَوْثَانِ
وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ...} " 2 الْآيَةُ [الحج: 30]، أَحْمَدُ
وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ خُرَيْمِ بْنِ فَاتِكٍ؛
بِهَذَا وَأَتَمَّ مِنْهُ، وَإِسْنَادُهُ مَجْهُولٌ، وَرَوَاهُ
أَحْمَدُ أَيْضًا وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَيْمَنَ بْنُ
خُرَيْمٍ، وَقَالَ: لَا نَعْرِفُ لِأَيْمَنَ سَمَاعًا مِنْ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: وَإِنَّمَا نَعْرِفُهُ
وَأَشَارَ إلَى حَدِيثِ خُرَيْمٍ.
2096- حَدِيثُ: "اقْتَدُوا بِاَللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي أَبِي بَكْرٍ
وَعُمَرَ" ، أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ
حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ،
عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ حُذَيْفَةَ3،
__________
= وفي الإسناد الأول ليس ابن أبي سليم.
وفي الثاني ابن لهيعة.
كلاهما صدوق اختلط باخرة.
وأخرجه ابن عدي في "الكامل" [1/ 281]، من طريق إسماعيل بن مسلم المكي
عن عطاء عن جابر.
وقال إسماعيل متروك الحديث.
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" [4/ 154]: رواه الطبراني في "الأوسط"
وإسناده حسن. 1 أخرجه الخطيب في "تلخيص المتشابه" [1/ 331].
2 أخرجه أبو داود [2/ 329]، كتاب الأقضية: باب في شهادة الزور، حديث
[3599]، والترمذي [4/ 547]، كتاب الشهادات: باب ما جاء في شهادة الزور،
حديث [2300]، وابن ماجة [2/ 794]، كتاب الأحكام: باب شهادة الزور، حديث
[2372]، وأحمد [4/ 321، 322]، والطبراني [4/ 209]، رقم [4162]،
والبيهقي [1/ 121]، كلهم من طريق حبيب بن النعمان عن خريم بن فاتك
الأسدي به.
وقال الترمذي: خريم بن فاتك له صحبة وقد روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحاديث وهو مشهور ا.هـ.
والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" [4/ 646]، وزاد نسبته إلى عبد
بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في "شعب
الإيمان".
وأخرجه الترمذي [4/ 547]، كتاب الشهادات: باب ما جاء في شهادة الزور،
حديث [2299]، من طريق سفيان بن زياد الأسدي عن فاتك بن فضالة عن أيمن
بن خريم مرفوعاً.
وقال الترمذي: هذا حديث غريب إنما نعرفه من حديث سفيان بن زياد
واختلفوا في رواية هذا الحديث عن سفيان بن زياد ولا نعرف لأيمن بن خريم
سماعاً من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقد اختلفوا في رواية هذا الحديث عن سفيان بن زياد.
وأخرجه الطبراني في "تفسيره" [9/ 144]، رقم [25134] عن عبد الله بن
مسعود موقوفاً.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" [4/ 646]، وزاد نسبته إلى عبد الرزاق
والفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر والطبراني
والخرائطي في "مكارم الأخلاق".
3 أخرجه أحمد [5/ 385]، والترمذي [5/ 609، 610]، كتاب المناقب: باب
مناقب أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، حديث [3663]، وابن ماجة [1/ 37]،
المقدمة: باب في فضائل =
(4/460)
وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ، وَأَعَلَّهُ ابْنُ أَبِي
حَاتِمٍ عَنْ أَبِيهِ، وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَهُ
مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ: لَا أَصْلَ
لَهُ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ، وَهُوَ يُرْوَى عَنْ حُذَيْفَةَ
بِأَسَانِيدَ جِيَادٍ تَثْبُتُ.
وَقَالَ الْبَزَّارُ وَابْنُ حَزْمٍ: لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ عَنْ
عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ مَوْلَى رِبْعِيٍّ؛ وَهُوَ مَجْهُولٌ عَنْ
رِبْعِيٍّ، وَرَوَاهُ وَكِيعٌ عَنْ سَالِمٍ الْمُرَادِيِّ، عَنْ
عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ
حُذَيْفَةَ، عَنْ حُذَيْفَةَ، فَتَبَيَّنَ أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ لَمْ
يَسْمَعْهُ مِنْ رِبْعِيٍّ، وَأَنَّ رِبْعِيًّا لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ
حُذَيْفَةَ.
قُلْت: أَمَّا مَوْلَى رِبْعِيٍّ فَاسْمُهُ هِلَالٌ، وَقَدْ وُثِّقَ،
وَقَدْ صَرَّحَ رِبْعِيٌّ بِسَمَاعِهِ مِنْ حُذَيْفَةَ فِي رِوَايَةٍ،
وَأَخْرَجَ لَهُ الْحَاكِمُ شَاهِدًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ،
وَفِي إسْنَادِهِ يَحْيَى بْنُ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ؛ وَهُوَ
ضَعِيفٌ، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ وَقَالَ: لَا
نَعْرِفُهُ إلَّا مِنْ حَدِيثِهِ.
2097- حَدِيثُ: "عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ
الرَّاشِدِينَ مِنْ بَعْدِي" ، أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد
وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ مِنْ
حَدِيثِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ1، قَالَ الْبَزَّارُ: هُوَ
أَصَحُّ سَنَدًا مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ، قَالَ ابْنُ عَبْدُ
الْبَرِّ: هُوَ كَمَا قال، وطرقه الْحَاكِمِ فِي الْعِلْمِ
__________
= أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حديث [97]،
والحميدي [449]، وابن أبي شيبة [12/ 11]، وابن سعد في "الطبقات الكبرى"
[2/ 334]، والفسوي في "المعرفة والتاريخ" [1/ 480]، وابن حبان [2193-
موارد]، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" [2/ 83- 84]، وابن أبي عاصم في
"السنة" رقم [1148، 1149]، والحاكم [3/ 75]، والخطيب في "تاريخ بغداد"
[12/ 20]، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" [9/ 109]، كلهم من طرق عن عبد
الملك بن عمير عن ربعي بن خراش عن حذيفة بن اليمان به.
1 أخرجه أبو داود [2/ 611]، كتاب السنة: باب في لزوم السنة، حديث
[4607]، والترمذي [5/ 44]، كتاب العلم: باب ما جاء في الأخذ بالسنة
واجتناب البدع، حديث [2676]، وابن ماجة [1/ 15- 16]، المقدمة: باب
اتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين، حديث [4] 126- 127، وابن أبي
عاصم في السنة [28: 33]، والآجري في "الشريعة" ص [46]، والطحاوي في
"مشاكل الآثار" [2/ 69]، والحاكم [1/ 95]، وابن حبان [5- موارد]،
والبيهقي [6/ 541]، والبغوي في "شرح السنة" [1/ 181- بتحقيقنا]، من طرق
عن العرباض بن سارية، قال: وعظنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يوماً بعد صلاة الغداة موعظة بليغة ذرقت منها العيون ووجلت
منها القلوب فقال رجل: إن هذه موعظة مودع فما تعهد إلينا قال: "أوصيكم
بتقوى الله والسمع والطاعة وإن عليكم عبد حبشي فإنه من يعش منكم فيرى
اختلافاً كثيراً فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا
عليها بالنواجد وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بعدة
ضلالة" .
وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وقال الحاكم: هذا حديث صحيح ليس له علة.
وقال البغوي: حديث حسن.
(4/461)
مِنْ "مُسْتَدْرَكِهِ"، وَقَالَ: قَدْ اسْتَقْصَيْت فِي تَصْحِيحِ
هَذَا الْحَدِيثِ بَعْضَ الِاسْتِقْصَاءِ.
2098- حَدِيثُ: "أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ، بِأَيِّهِمْ اقْتَدَيْتُمْ
اهْتَدَيْتُمْ" 1، عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ فِي
__________
1 أخرجه ابن عبد البر في "جامع بيان العلم" [2/ 925]، وبن حزم في
"الأحكام" [6/ 82]، وابن حجر في "تخريج أحاديث المختصر" [1/ 146]، من
طريق سلام بن سليمان ثنا الحارث بن غصين عن الأعمش عن أبي سفيان عن
جابر به.
قال ابن عبد البر: هذا إسناد لا تقوم به حجة لأن الحارث بن غصين مجهول.
وقال ابن حزم: هذه رواية ساقطة أبو سفيان ضعيف.
والحارث بن غصين هذا هو أبو وهب الثقفي وسلام بن سليمان يروي الأحاديث
الموضوعة وهذا منها بلا شك.
وقال الحافظ: حديث غريب... وأخرجه ابن عبد البر من هذا الوجه وقال: هذا
إسناد لا تقوم به حجة والحارث مجهول قلت: -أي الحافظ- الآفة فيه من
الراوي عنه وإلا فالحارث ذكره ابن حبان في الثقات وقال: روى عنه حسين
الجعفي ا.هـ.
وأخرجه عبد بن حميد في "المنتخب من المسند" ص [250، 251]، رقم [783]،
وابن عدي في "الكامل" [2/ 785- 786]، كلاهما من طريق أبي شهاب عن حمزة
الجزري عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قال: "مثل أصحابي مثل النجوم يهتدي به فأيهم أخذتم بقوله
اهتديتم" .
وذكره ابن عبد البر في "جامع بيان العلم" [2/ 924]، معلقاً عن أبي شهاب
بن وقال: وهذا إسناد لا يصح ولا يرويه عن نافع من يحتج به.
وقال ابن جزم في "الأحكام" [6/ 83]: فقد ظهر أن هذه الرواية لا تثبت
أصلاً بل لا شك أنها مكذوبة لأن الله تعالى يقول في صفة نبيه صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ
هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 3، 4]... ا.هـ.
ومن طريق عبد بن حميد أخرجه الحافظ ابن حجر في "تخريج أحديث المختصر"
[1/ 145]، وقال: هذا حديث غريب.
وذكره ابن عبد البر في كتاب بيان العلم عن أبي شهاب بسنده وقال: هذا
إسناد ضعيف الراوي له عن نافع لا يحتج به.
قلت: هو متفق على تركه بل قال ابن عدي: إنه يضع ا.هـ.
وأخرجه ابن عدي في "الكامل" [3/ 1057]، والبيهقي في "المدخل" [151]،
وابن عساكر [6/ 5- تهذيب]، من طريق نعيم بن حماد ثنا عبد الرحيم بن زيد
العمي عن أبيه عن سعيد بن المسيب عن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "سألت ربي عما يختلف فيه أصحابي من بعدي
فقال: يا محمد إن أصحابك عندي بمنزلة النجوم بعضها أضوأ من بعض فمن أخذ
بشيء مما اختلفوا فيه فهو عندي على هذا" .
قال الحافظ في "تخريج أحاديث المختصر" [1/ 147]، هذا حديث غريب... وزيد
العمي بفتح المهملة وتشديد الميم وابنه أضعف منه، وقد سئل البزار عن
هذا الحديث فقال: لا يصح هذا الكلام عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وقد رواه عبد الرحيم مرة أخرى فقال عن أبيه عن ابن عمر...
ا.هـ.
وأخرجه البيهقي في "المدخل" [152]، والخطيب في "الكفاية" ص [48]، من
طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس بلفظ: "إن أصحابي بمنزلة النجوم في
السماء فأيها أخذتم به اهتديتم" . =
(4/462)
مُسْنَدِهِ مِنْ طَرِيقِ حَمْزَةَ النَّصِيبِيِّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ
ابْنِ عُمَرَ، وَحَمْزَةُ ضَعِيفٌ جِدًّا ضعفه ابن معين وغيره،
وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "غَرَائِبِ مَالِكٍ" مِنْ طَرِيقِ
جَمِيلِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ،
عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ، وَجَمِيلٌ لَا يُعْرَفُ، وَلَا أَصْلَ
لَهُ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ، وَلَا مَنْ فَوْقَهُ، وَذَكَرَهُ
الْبَزَّارُ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ زَيْدٍ
الْعَمِّيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ
عُمَرَ، وَعَبْدُ الرَّحِيمِ كَذَّابٌ، وَمِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَيْضًا
وَإِسْنَادُهُ وَاهٍ، وَرَوَاهُ الْقُضَاعِيُّ فِي مُسْنَدِ الشِّهَابِ
لَهُ مِنْ حَدِيثِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ، وَفِي إسْنَادِهِ جَعْفَرُ بْنُ عَبْدُ الْوَاحِدِ
الْهَاشِمِيُّ، وَهُوَ كَذَّابٌ، وَرَوَاهُ أَبُو ذَرٍّ الْهَرَوِيُّ
فِي "كِتَابِ السُّنَّةِ" مِنْ حَدِيثِ مِنْدَلٍ، عَنْ جُوَيْبِرٍ،
عَنْ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ مُنْقَطِعًا، وَهُوَ فِي غَايَةِ
الضَّعْفِ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ: هَذَا الْكَلَامُ لَمْ
يَصِحَّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ
ابْنُ حَزْمٍ: هَذَا خَبَرٌ مَكْذُوبٌ مَوْضُوعٌ بَاطِلٌ، وَقَالَ
الْبَيْهَقِيُّ فِي "الِاعْتِقَادِ"1 عَقِبَ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى
الْأَشْعَرِيِّ الَّذِي أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ بِلَفْظِ: "النُّجُومُ
أَمَنَةُ أَهْلِ السَّمَاءِ، فَإِذَا ذَهَبَتْ النُّجُومُ أُتِيَ
أَهْلُ السَّمَاءِ مَا يُوعَدُونَ، وَأَصْحَابِي أَمَنَةٌ لِأُمَّتِي،
فَإِذَا ذَهَبَ أَصْحَابِي أُتِيَ أُمَّتِي مَا يُوعَدُونَ" 2، قَالَ
الْبَيْهَقِيُّ: رُوِيَ فِي حَدِيثٍ مَوْصُولٍ بِإِسْنَادٍ غَيْرِ
قَوِيٍّ يَعْنِي: حَدِيثَ
__________
= قال الحافظ في "تخريج المختصر" [1/ 146]، وجويبر ضعيف جداً والضحاك
لم يلق ابن عباس.
وأخرجه البيهقي في "المدخل" أيضاً 0153]، من طريق جويبر عن جواب بن عبد
الله عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو مرسل أو معضل كما
قال الحافظ.
وأخرجه القضاعي في "مسند الشهاب" [1346]، من طريق جعفر ابن عبد الواحد
قال: قال لنا وهب بن جرير بن حازم عن أبيه عن الأعمش عن أبي صالح عن
أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "مثل
أصحابي مثل النجوم من اقتدى بشيء منها اهتدى". وجعفر بن عبد الواحد
كذاب، كذبه غير واحد. فذكره برهان الدين الحلبي في كتابه "الكشف الحثيث
عمن رمى بوضع الحديث" ص [127]، رقم [197]، وقال: قال الدارقطني: يضع
الحديث، وساق له ابن عدي أحاديث وقال: كلها بواطيل وبعضها سرقة من قوم
انتهى، ونقل ابن الجوزي عن ابن عدي أنه منهم، بوضع الحديث ذكر ذلك في
غير مكان من الموضوعات.
1 ينظر: "الاعتقاد" ص [319].
2 أخرجه مسلم [4/ 1961]، كتاب فضائل الصحابة: باب بيان أن بقاء النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمان لأصحابه وبقاء أصحابه أمان
للأمة، حديث [207/ 2531]، وأحمد [2/ 398- 399]، وابن حبان [7249]،
والبيهقي في "الاعتقاد" ص [318- 319]، من طريق أبي بردة بن أبي موسى عن
أبيه.
قال ابن حبان: يشبه أن يكون معنى هذا الخبر أن الله جل وعلا جعل النجوم
علامة لبقاء السماء وأمنه لها عن الفناء فإذا غارت واضمحلت أتى السماء
الفناء الذي كتب عليها وجعل الله جل وعلا المصطفى أمنة أصحابه من وقوع
الفتن فلما قبضه الله جل وعلا إلى جنته أتى أصحابه الفتن التي أوعدوا
وجعل الله أصحابه أمنة أمته من ضهور الجور فيها فإذا مضى أصحابه أتاهم
ما يوعدون من ظهور غير الحق من الجوز والأباطيل ا.هـ.
(4/463)
عَبْدِ الرَّحِيمِ الْعَمِّيِّ -وَفِي حَدِيثٍ مُنْقَطِعٍ- يَعْنِي:
حَدِيثَ الضَّحَّاكِ ابْنِ مُزَاحِمٍ "مَثَلُ أَصْحَابِي كَمَثَلِ
النُّجُومِ فِي السَّمَاءِ، مَنْ أَخَذَ بِنَجْمٍ مِنْهَا اهْتَدَى" ،
قَالَ: وَاَلَّذِي رَوَيْنَاهُ ههنا مِنْ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ
يُؤَدِّي بَعْضَ مَعْنَاهُ.
قُلْت: صَدَقَ الْبَيْهَقِيُّ، هُوَ يُؤَدِّي صِحَّةَ التَّشْبِيهِ
لِلصَّحَابَةِ بِالنُّجُومِ خَاصَّةً، أَمَّا فِي الِاقْتِدَاءِ فَلَا
يَظْهَرُ فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى، نَعَمْ يُمْكِنُ أَنْ يَتَلَمَّحَ
ذَلِكَ مِنْ مَعْنَى الِاهْتِدَاءِ بِالنُّجُومِ، وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ
إنَّمَا هُوَ إشَارَةٌ إلَى الْفِتَنِ الْحَادِثَةِ بَعْدَ انْقِرَاضِ
عَصْرِ الصَّحَابَةِ؛ مِنْ طَمْسِ السُّنَنِ، وَظُهُورِ الْبِدَعِ،
وَفُشُوِّ الْفُجُورِ فِي أَقْطَارِ الْأَرْضِ، وَاَللَّهُ
الْمُسْتَعَانُ.
حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ
الْفَأْرَةِ تَقَعُ فِي السَّمْنِ... "، الْحَدِيثُ، تَقَدَّمَ فِي
"الْبُيُوعِ".
حَدِيثُ: "النَّهْيُ عَنْ التَّضْحِيَةِ بِالْعَوْرَاءِ" ، تَقَدَّمَ
فِي بَابِهِ.
حَدِيثُ: "لَا يَقْضِي الْقَاضِي وَهُوَ غَضْبَانُ" ، تَقَدَّمَ.
حَدِيثُ: "لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ" ،
تَقَدَّمَ فِي "الطَّهَارَةِ".
حَدِيثُ: "إنَّمَا نَهَيْتُكُمْ مِنْ أَجْلِ الدَّافَّةِ" ، تَقَدَّمَ
فِي "الْأَضَاحِيِّ".
حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَهَا فَسَجَدَ"
، تَقَدَّمَ فِي "الصَّلَاةِ".
حَدِيثُ: "أَنَّ مَاعِزًا زَنَا فَرُجِمَ" ، تَقَدَّمَ فِي
"الْحُدُودِ".
حَدِيثُ: "أَنَّ بَرِيرَةَ عَتَقَتْ فَخُيِّرَتْ" ، تَقَدَّمَ فِي
"النِّكَاحِ".
حَدِيثُ: "إذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ" ، تَقَدَّمَ قَرِيبًا.
2099- حَدِيثُ: "إنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ
إلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ
بَعْضٍ" ، الْحَدِيثُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ،
وَلَهُ أَلْفَاظٌ1.
__________
1 أخرجه مالك [2/ 719]، كتاب الأقضية: باب الترغيب في القضاء، حديث
[1]، والبخاري [12/ 339]، كتاب الحيل: باب [10]، حديث [6967]، ومسلم
[3/ 1337]، كتاب الأقضية: باب الحكم بالظاهر بالحجة، حديث [4/ 1713]،
وأبو داود [4/ 12]، كتاب الأقضية: باب في قضاء القاضي إذا أخطأ، حديث
[3583]، والترمذي [3/ 624]، كتاب الأحكام: باب التشديد على من يقضي له
بشيء، حديث [1339]، والنسائي [8/ 233]، كتاب آداب القاضي: باب الحكم
بالظاهر، وابن ماجة [2/ 777]، كتاب الأحكام: باب أقضية الحاكم لا تحل
حراماً، حديث [2317]، والشافعي [2/ 178]، كتاب الأحكام في الأقضية،
حديث [626]، والحميدي [1/ 142]، رقم [296]، وابن الجارود في "المنتفى"
رقم [999]، وأبو يعلى [12/ 305]، رقم [6880]، وابن حبان [47، 50، 5049-
الإحسان]، والدارقطني [4/ 239- 240]، كتاب الأقضية والأحكام، حديث
[127]، والبيهقي [10/ 143]، كتاب آداب القاضي: باب من قال: ليس للقاضي
أن يقضي بعلمه، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" [4/ 154]، باب الحاكم
يحكم بالشيء فيكون في الحقيقة بخلافه في الظاهر، الطبراني في "الكبير"
[23/ 342]، رقم [798]، والبغوي في "شرح السنة" [5/ 347- بتحقيقنا]،
كلهم من =
(4/464)
2100- قَوْلُهُ: "رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ: "إنَّمَا نَحْكُمُ بِالظَّاهِرِ، وَاَللَّهُ يَتَوَلَّى
السَّرَائِرَ" ، هَذَا الْحَدِيثُ اسْتَنْكَرَهُ الْمُزَنِيّ، فِيمَا
حَكَاهُ ابْنُ كَثِيرٍ عَنْهُ فِي "أَدِلَّةِ التَّنْبِيهِ"، وَقَالَ
النَّسَائِيُّ فِي سُنَنِهِ: بَابُ الْحُكْمِ بِالظَّاهِرِ، ثُمَّ
أَوْرَدَ حَدِيثَ أُمِّ سَلَمَةَ الَّذِي قَبْلَهُ، وَقَدْ ثَبَتَ فِي
تَخْرِيجِ أَحَادِيثِ "الْمِنْهَاجِ" لِلْبَيْضَاوَيَّ، سَبَبُ وُقُوعِ
الْوَهْمِ من الفقهاء في جعلهم هَذَا حَدِيثًا مَرْفُوعًا، وَأَنَّ
الشَّافِعِيَّ قَالَ فِي كَلَامٍ لَهُ: وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ
نَبِيَّهُ أَنْ يَحْكُمَ بِالظَّاهِرِ، وَاَللَّهُ مُتَوَلِّي
السَّرَائِرَ؛ وَكَذَا قَالَ ابْنُ عَبْدُ الْبَرِّ فِي
"التَّمْهِيدِ": أَجْمَعُوا أَنَّ أَحْكَامَ الدُّنْيَا عَلَى
الظَّاهِرِ، وَأَنَّ أَمْرَ السَّرَائِرِ إلَى اللَّهِ، وَأَغْرَبَ
إسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ أبي القاسم الجنزوي
فِي كِتَابِهِ "إدَارَةُ الْأَحْكَامِ"، فَقَالَ: إنَّ هَذَا
الْحَدِيثَ وَرَدَ فِي قِصَّةِ الْكِنْدِيِّ، وَالْحَضْرَمِيِّ،
اللَّذَيْنِ اخْتَصَمَا فِي الْأَرْضِ، فَقَالَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ:
قَضَيْت عَلَيَّ، وَالْحَقُّ لِي، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: "إنَّمَا أَقْضِي بِالظَّاهِرِ، وَاَللَّهُ يَتَوَلَّى
السَّرَائِرَ" .
وَفِي الْبَابِ حَدِيثُ عُمَرَ: "إنَّمَا كَانُوا يُؤْخَذُونَ
بِالْوَحْيِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، وَإِنَّ الْوَحْيَ قَدْ انْقَطَعَ، وَإِنَّمَا نَأْخُذُكُمْ
الْآنَ بِمَا ظَهَرَ لَنَا مِنْ أَعْمَالِكُمْ1"، أَخْرَجَهُ
الْبُخَارِيُّ.
وَحَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ رَفَعَهُ: "إنِّي لَمْ أُؤْمَرْ أَنْ
أُنَقِّبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ" ، وَهُوَ فِي الصَّحِيحِ
__________
= طريق هشام بن عروة عن أبيه عن زينب بنت أم سلمة عن أم سلمة زوج النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قال: "إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته
من بعض فأقضي له على نحو ما أسمع فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فلا
يأخذنه فإنما أقطع له قطعة من النار" .
وقال الترمذي: حسن صحيح.
وأخرجه البخاري [5/ 107]، كتاب المظالم: باب إثم من خاصم في باطل وهو
يعلمه، حديث [2458]، ومسلم [3/ 1338]، كتاب الأقضية: باب الحكم بالظاهر
واللحن بالحجة، حديث [4/ 1713]، وأحمد [6/ 308]، والدارقطني [4/ 229]،
كتاب الأقضية والأحكام، حديث [126]، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"
[4/ 154]، والبيهقي [10/ 143]، كتاب آداب القاضي: باب من قال: ليس
للقاضي أن يقضي بعلمه.
كله من طريق الزهري عن عروة عن زينب عن أم سلمة به.
وللحديث طريق آخر عن أم سلمة:
أخرجه أبو داود [4/ 12]، كتاب الأقضية: باب قضاء القاضي إذا أخطأ
[3584، 3585]، وأحمد [6/ 320]، وابن أبي شيبة [7/ 233- 234]، رقم
[3016]، وابن الجارود رقم [1000]، وأبو يعلى [12/ 324- 325]، رقم
[6897]، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" [4/ 154- 155]، وفي "المشكل"
[1/ 229- 230]، والدارقطني [4/ 238- 239]، كتاب الأقضية والأحكام،
والحاكم [4/ 95]، والطبراني في "الكبير" [23/ 298]، رقم [663]، كلهم من
طريق أسامة بن زيد عن عبد الله بن رافع عن أم سلمة به.
وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي.
1 أخرجه البخاري [5/ 578]، كتاب الشهادات: باب الشهداء العدول، حديث
[2641].
(4/465)
فِي قِصَّةِ الذَّهَبِ الَّذِي بَعَثَ بِهِ عَلِيٌّ1، وَحَدِيثُ أُمِّ
سَلَمَةَ الَّذِي قَبْلَهُ، وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ الَّذِي
بَعْدَهُ.
2101- حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي
قِصَّةِ الْمُلَاعَنَةِ: "لَوْ كُنْت رَاجِمًا أَحَدًا مِنْ غَيْرِ
بَيِّنَةٍ؛ رَجَمْتهَا" ، مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ
وَفِيهِ قِصَّةٌ2.
2102- حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالشَّاهِدِ، باليمين"، الشَّافِعِيُّ
وَأَصْحَابُ السُّنَنِ وَابْنُ حِبَّانَ3، وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ
فِي "الْعِلَلِ" عَنْ أَبِيهِ: هُوَ صَحِيحٌ،
__________
1 أخرجه أحمد [3/ 5- 4]، والبخاري [8/ 394]، كتاب المغازي: باب معث علي
بن أبي طالب، وخالد بن الوليد رضي الله عنهما إلى اليمن قبل حجة
الوداع، حديث [4351]، واطرافه في [3344، 3610، 4667، 7762]، ومسلم [4/
172- نووي]، كتاب الزكاة: باب ذكر الخوارج وصفاتهم، حديث [144/ 1064]،
وابن حبان [1/ 205- 206]، في المقدم: باب الاعتصام بالسنة، حديث [25].
2 تقدم تخريجه أبو داود [4/ 34]، كتاب الأقضية: باب القضاء باليمين
والشاهد، حديث [3610]، والترمذي [3/ 627]، كتاب الأحكام: باب اليمين مع
الشاهد، حديث [1343]، وابن ماجة [2/ 793]، كتاب الأحكام: باب القضاء
بالشاهد واليمين، حديث [2368]، والشافعي [2/ 179]، كتاب الأقضية: باب
[1]، حديث [38]، وابن الجارود في "المنتقى" رقم [1007]، وأبو يعلى [12/
36]، رقم [6683]، والدارقطني [4/ 213]، كتاب الأقضية ولأحكام، حديث
[33]، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" [4/ 144]، كتاب الأقضية: باب
القضاء باليمين مع الشاهد، والبيهقي [10/ 168- 169]، كتاب الشهادات:
باب القضاء باليمين مع الشاهد، والبغوي في "شرح السنة" [5/ 341-
بتحقيقنا].
كلهم من طريق ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن
أبي هريرة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قضى باليمين مع
الشاهد.
قال الترمذي: حسن غريب.
وقال أبو داود: وزادني الربيع بن سليمان المؤذن في هذا لحديث قال:
أخبرني الشافعي عن عبد العزيز قال: فذكرت ذلك لسهيل فقال: أخبرني ربيعة
وهو عندي ثقة أني حدثته إياه ولا أحفظه، قال عبد الغزيز: وكان قد أصابت
سهيلاً علة أذهبت بعض عقله ونسى بعض حديثه فكان سهيل بعد يحدثه عن
ربيعة عن أبيه ا.هـ.
ومنه نعلم أن سهيب بن أبي صالح حدث بن ونسى وهذا لا يضر في صحى الحديث.
قال الحافظ في "الفتح" [5/ 282]: ومنها حديث أبي هريرة أن النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قضى باليمين مع الشاهد وهو عند أصحاب السنن
ورجاله مدنيون ثقات ولا يضره أن سهيل بن أبي صالح نسيه بعد أن حدث به
ربيعة لأنه كان بعد ذلك يرويه عن ربيعة عن نفسه وقصته بذلك مشهورة في
سنن أبي داود وغيرها ا.هـ.
وللحديث طريق آخر عن أبي هريرة:
أخرجه البيهقي [8/ 169]، كتاب الشهادات: باب القضاء باليمين مع الشاهد،
من طريق مغيرة بن عبد الرحمن عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قضى باليمين =
(4/466)
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ مُغِيرَةَ بْنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ, عَنْ أَبِي الزِّنَادِ, عَنْ الْأَعْرَجِ, عَنْ أَبِي
__________
= مع الشاهد.
وأسند البيهقي عن أحمد أنه قال: ليس في هذا الباب حديث أصح من هذا.
وفي باب من حديث ابن العباس وزيد بن ثابت وجابر وسعد بن عبادة.
فأما حديث عبد الله بن عباس:
أخرجه مسلم [3/ 1327], كتاب الأقضية: باب القضاء باليمين والشاهد, حديث
[3] 1712, وأبو داود [4/ 32], كتاب الأقضية: باب القضاء باليمين
والشاهد، حيدث [3608], والنسائي في "الكبير" [3/ 490], كتاب القضاء:
باب الحكم باليمين مع الشاهد الواحد, حديث [6011], وابن ماجة [2/ 793],
كتاب الأحكام: باب القضاء بالشاهد واليمين، حديث [2370], وأحمد [1/
248, 315, 323], والشافعي [2/ 178], كتاب الأقضية، رقم [627, 628],
وابن الجارود في "المنتقى" رقم [1006], وأبو يعلى [4/ 390], رقم
[2511], والطحاوي في "شرح معاني الآثار" [4/ 144], كتاب الأقضية: باب
القضاء باليمين مع الشاهد، والبيهقي [10/ 167], كتاب الشهادات: باب
القضاء باليمين مع الشاهد, والبغوي في "شرح السنة" [5/ 340- بتحقيقنا],
كلهم من طريق قيس بن سعد عن عمرو بن دينار عن ابن عباس قال: إن رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قضى باليمين مع الشاهد.
وهذا الحديث قد طعن فيه الطحاوي فقال في "شرحه" أما حديث ابن عباس
فمنكر لأن قيس بن سعد لا يعلمه يحدث عن عمرو بن دينار بشيء فكيف يحتجون
به في مثل هذا اهـ.
وقد رد عليه البيهقي فقال في "المعرفة" [7/ 401- 402]: ورأيت أبا جعفر
الطحاوي رحمنا الله وإياه أنكره واحتج بأنه لا يعلم قيسا يحدث عن عمرو
بن دينار بشيء والذي يقتضيه مذهب أهل الحفظ والفقه في قبول الأخبار ما
كان قيس بن سعد ثقة والراوي عنه ثقة ثم يروي عن شيخ يحتمله سنة ولقيه
غير معروف بالتدليس كان ذلك مقبولا وفيس بن سعد مكي وعمرو بن دينارمكي
وقد روى قيس عن من هو أكبر سنا وأقدم موتا من عمرو: عطاء بن أبي رباح
ومجاهد بن جبر، وروى عن عمرو ما كان في قيس وأقدم لقيا منه: أيوب بن
أبي السختناني فإنه رأى أنس بن مالك وروى عن سعيد بن جبير ثم روى عن
عمرو بن دينار فمن أين إنكار رواية قيس عن عمرو غير أنه روى عنه ما
يخالف مذهب هذا الشيخ ولم يمكنه أن يطعن فيه يوجه آخر فزعم أنه منكر.
وقد روى جرير بن حازم وهو من الثقات عن قيس بن سعد عن عمرو بن دينار عن
سعيد بن جبير عن ابن عباس أن رجلا وقصته ونافته وهو محلرم فذكر الحديث،
فقد علمنا قيسا روى عن عمرو دينار غير حديث اليمين مع الشاهد فلا يضرنا
جهل غيرنا ثم تابع قيس بن سعد على روايته هذه عن عمرو محمد بن مسلم
الطائفي اهـ.
قلت: والمتابعة التي أشار إليها البيهقي:
أخرجها أبو داود [4/ 32], كتاب الأقضية: باب القضاء باليمين والشاهد،
حديث [3609], والبيهقي [10/ 168], كتاب الشهادات: باب القضاء باليمين
مع الشاهد وفي "المعرفة" [7/ 402].
حديث زيد بن ثابت:
أخرجه الطبراني في "الكبير" [5/ 150], رقم [4909], والبيهقي [10/ 172],
كلاهما من طريق عثمان بن الحكم الجذامي حدثني زهير بن محمد عن سهيل بن
أبي صالح عن أبيه عن =
(4/467)
هُرَيْرَةَ, وَنُقِلَ عَنْ أَحْمَدَ: أَنَّ حَدِيثَ الْأَعْرَجِ لَيْسَ
فِي الْبَابِ أَصَحُّ مِنْهُ.
2103- قَوْلُهُ: "وَاشْتُهِرَ أَنَّ سُهَيْلًا رَوَاهُ عَنْ أَبِيهِ,
وَسَمِعَهُ مِنْهُ رَبِيعَةُ, ثُمَّ اخْتَلَطَ حِفْظُهُ لِشَجَّةٍ
أَصَابَتْهُ, فَكَانَ يَقُولُ: أَخْبَرَنِي رَبِيعَةُ أَنِّي
أَخْبَرْته عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ".
__________
زيد بن ثابت أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قضى باليمين
مع الشاهد.
والحديث ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" [4/ 205], وقال, وفيه عثمان بن
الحكم الجذامي، قال أبو حاتم: ليس بالمتقن وبقية رجاله ثقات.
حديث جابر:
أخرجه أحمد [3/ 305], والترمذي [3/ 628], كتاب الأحكام: باب اليمين مع
الشاهد، حديث [1344], وابن ماجة [2/ 793], كتاب الأحكام: باب القضاء
بالشاهد واليمين، حديث [2369], والطحاوي في "شرح معاني الىثار" [4/
144- 145], والدارقطني [4/ 212], كتاب الأقضية والأحكام، حديث [29],
وابن الجارود في "المنتقى" [1008], والبيهقي [10/ 107], كتاب الشهادات:
باب القضاء باليمين مع الشاهد من طريق عبد الوهاب الثقفي ثنا جعفر بن
محمد عن أبيه عن جابر أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قضى باليمين مع الشاهد وقد خولف عب
الوهاب الثقفي في هذا الحديث, فخالفة الإمام مالك فرواه عن جعفر بن
محمد عن أبيه مرسلا.
أخرجه مالك [2/ 721], كتاب الأقضية: باب القضاء باليمين مع الشاهد،
حديث [5], والطحاوي في "شرح معاني الآثار" [4/ 145], عن جعفر بن محمد
عن أبيه مرسلا.
وقد توبع مالك على ذلك، تابعه سفيان الثوري.
أخرجه الطحاوي [4/ 145], وتابعه إسماعيل بن جعفر.
أخرجه الترميذي [3/ 628], كتاب الأحكام: باب اليمين مع الشاهد، حديث
[1345], وقال: وهذا أصح يعني مرسلا اهـ.
لكن عبد الوهاب لم ينفرد بواصل الحديث كما قال البيهقي: وقد روى عن
حميد بن الأسود وعبد الله العمري وهشام بن سعد وغيرهم عن جعفر بن محمد
كذلك موصولا اه،.
وللدارقطني كلام ذكره في "علله" في ترجيح الموصول.
قال الزيلعي في "نصب الراية" [4/ 100]: وقد أطال الدارقطني الكلام على
هذا الحديث في كتاب "العلل" قال: وكان جعفر بن محمد ربما أرسل هذا
الحديث وربما وصله عن جابر لأن جماعة من الثقات حفظوه عن أبيه عن جابر
والقول قولهم لأنهم زادوا وهم ثقات وزيادة الثقة مقبولة اهـ.
حديث سعد بن عبادة:
أخرجه الترمذي [3/ 627], كتاب الأحكام: باب ما جاء في اليمين مع
الشاهد, حديث [1343], والدارقطني [4/ 214], كتاب الأقضية والأحكام,
حديث [37], والبيهقي [10/ 171], كتاب الشهادات: باب القضاء باليمين مع
الشاهد، من طريق ربيعة بن أبي عبد الرحمن قال: وأخبرني ابن لسعد بن
عبادة قال: وجدنا في كتاب سعد أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قضى باليمين مع الشاهد.
وله طريق آخر:
أخرجه الطبراني في "الكبير" [6/ 16], رقم [5361], والبيهقي [10/ 171],
كتاب الشهادات: باب القضاء باليمين مع الشاهد، من طريق سعد بن عمرو بن
شرحبيل بن سعد بن سعد بن =
(4/468)
قُلْت: هَذِهِ القصة ذكره الشَّافِعِيُّ عَنْ الدَّرَاوَرْدِيِّ عَنْ
سُهَيْلٍ بِهِ, وَلَكِنْ فِيهِ: وَكَانَ قَدْ أَصَابَ سُهَيْلًا
عِلَّةٌ أَذْهَبَتْ عَقْلَهُ, وَنَسِيَ بعض حديثه وذكره
الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْخَطِيبُ فِي كِتَابِ مَنْ حَدَّثَ فَنَسِيَ,
وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طُرُقٍ.
2104- حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى أَنْ
يَجْلِسَ الْخَصْمَانِ بَيْنَ يَدَيْ الْقَاضِي", أَحْمَدُ وَأَبُو
دَاوُد وَالْبَيْهَقِيُّ وَالْحَاكِمُ, مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ الزُّبَيْرِ وَفِيهِ قِصَّةٌ1, وَفِي إسْنَادِهِ مُصْعَبُ بْنُ
ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ؛ وَهُوَ ضَعِيفٌ2 وَقَدْ
تَقَدَّمَ حَدِيثُ عَلِيٍّ: "إذَا جَلَسَ إلَيْك الْخَصْمَانِ".
وَرَوَى أَبُو يَعْلَى وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي
"الْكَبِيرِ", مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ: "مَنْ اُبْتُلِيَ
بِالْقَضَاءِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فَلْيَعْدِلْ بَيْنَهُمْ فِي
لَحْظِهِ, وَإِشَارَتِهِ, وَمَقْعَدِهِ, وَمَجْلِسِهِ وَلَا يَرْفَعُ
صَوْتَهُ عَلَى أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ, مَا لَا يَرْفَعُ عَلَى
الْآخَرِ" 3, لَفْظُ الطَّبَرَانِيِّ, وَالدَّارَقُطْنِيّ, وَقَدْ
فَرَّقَاهُ حَدِيثَيْنِ, وَجَمَعَهُ أَبُو يَعْلَى بِمَعْنَاهُ, وَفِي
إسْنَادِهِ عَبَّادُ بْنُ كَثِيرٍ, وَهُوَ ضَعِيفٌ.
2105- حَدِيثُ عَلِيٍّ: "أَنَّهُ جَلَسَ بِجَنْبِ شُرَيْحٍ فِي
خُصُومَةٍ لَهُ مَعَ يَهُودِيٍّ, فَقَالَ: لَوْ كَانَ خَصْمِي
مُسْلِمًا جَلَسْت مَعَهُ بَيْنَ يَدَيْك, وَلَكِنِّي سَمِعْت رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "لَا تُسَاوُوهُمْ
فِي الْمَجَالِسِ" , أَبُو أَحْمَدَ والحاكم فِي "الْكُنَى" فِي
تَرْجَمَةِ أَبِي سَمِيرٍ, عَنْ الْأَعْمَشِ, عَنْ إبْرَاهِيمَ
التَّيْمِيِّ, قَالَ: "عَرَفَ عَلِيٌّ دِرْعًا لَهُ مَعَ يَهُودِيٍّ,
فَقَالَ: يَا يَهُودِيُّ, دِرْعِي سَقَطَتْ مِنِّي....", فَذَكَرَهُ
مُطَوَّلًا, وَقَالَ: مُنْكَرٌ, وَأَوْرَدَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي
"الْعِلَلِ" مِنْ هَذَا الْوَجْهِ, وَقَالَ: لَا يَصِحُّ, تَفَرَّدَ
بِهِ أَبُو سَمِيرٍ.
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ, مِنْ طَرِيقِ جَابِرٍ,
عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ: خَرَجَ عَلِيٌّ إلَى السُّوقِ, فَإِذَا هُوَ
بِنَصْرَانِيٍّ يَبِيعُ دِرْعًا, فَعَرَفَ عَلِيٌّ الدِّرْعَ...",
فَذَكَرَهُ بِغَيْرِ سِيَاقِهِ, وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ: لَوْلَا أَنَّ
خَصْمِي نَصْرَانِيٌّ, لَجَثَيْتُ بَيْنَ يَدَيْك"4, وَفِيهِ عمرو بْنُ
شِمْرٍ, عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ, وَهُمَا ضَعِيفَانِ.
وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي الْكَلَامِ عَلَى أَحَادِيثِ
"الْوَسِيطِ": لَمْ أَجِدْ لَهُ إسْنَادًا يَثْبُتُ, وَقَالَ
__________
= عبادة عن أبيه عن جده أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قضى باليمين مع الشاهد.
1 أخرجه أبو داود [2/ 326], كتاب الأقضية: باب كيف يجلس الخصمان بين
يدي الحاكم, رقم [3588], والبيهقي [10/ 135], كتاب آداب آداب القاضي:
باب إنصاف الخصمين في المدخل عليه والاستماع منهما.
2 قال المصنف في "التقريب" [2/ 251], لين الحديث وكان عايدا.
3 أخرجه الدارقطني [4/ 205], كتاب الأقضية والأحكام [10], والبيهقي
[10/ 135], كتاب آداب القاضي: باب إنصاف الخصمين في المدخل عليه
والاستماع منهما والإنصاف لكل واحد مهما حتى تنفذ حجته وحسن الإقبال
عليهما, وأبو يعلى [12/ 356], برقم [6924].
4 أخرجه البيهقي [10/ 136], كتاب آداب القاضي: باب إنصاف الخصمين.
(4/469)
ابْنُ عَسْكَرٍ فِي الْكَلَامِ عَلَى أَحَادِيثِ الْمُهَذَّبِ:
إسْنَادُهُ مَجْهُولٌ.
2106- حَدِيثُ عَلِيٍّ: "لا يضيف أحدكم الْخَصْمَيْنِ إلَّا أَنْ
يَكُونَ خَصْمُهُ مَعَهُ" , الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ
مُنْقَطِعٍ, وَهُوَ فِي مُسْنَدِ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ, قَالَ:
"أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ, عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ,
عَنْ الْحَسَنِ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ فَنَزَلَ عَلَى عَلِيٍّ
فَأَضَافَهُ, فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ: إنِّي أُرِيدُ أَنْ أُخَاصِمَ,
فَقَالَ: تَحَوَّلْ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ نَهَانَا أَنْ نُضَيِّفَ الْخَصْمَ إلَّا وَمَعَهُ
خَصْمُهُ"1, وَأَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ2,
وَلَكِنْ رَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ, عَنْ مُوسَى بْنِ
سَهْلٍ الرَّمْلِيِّ, عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ
الرَّمْلِيِّ, عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ غُصْنٍ, عَنْ دَاوُد بْنِ أَبِي
هِنْدٍ, عَنْ أَبِي حَرْبٍ بْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ, عَنْ أَبِيهِ, عَنْ
عَلِيٍّ قَالَ: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
لَا يُضَيِّفُ الْخَصْمَ إلَّا وَخَصْمُهُ مَعَهُ", ذَكَرَهُ
الْبَيْهَقِيُّ أَنَّهُ قَرَأَهُ فِي كِتَابِهِ3, وَأَخْرَجَهُ
الطَّبَرَانِيُّ فِي "الْأَوْسَطِ" عَنْ عَلِيِّ بْنِ سَعِيدٍ
الرَّازِيّ, عَنْ مُوسَى بْنِ سَهْلٍ الرَّمْلِيِّ بِهِ بِلَفْظِ:
"نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُضَيَّفَ
أَحَدُ الْخَصْمَيْنِ دُونَ الْآخَرِ"4, وَقَالَ: تَفَرَّدَ بِهِ
الْوَاسِطِيُّ, انْتَهَى, وَالْقَاسِمُ بْنُ غُصْنٍ مُضَعَّفٌ5.
حَدِيثُ: "أَنَّ أَعْرَابِيًّا شَهِدَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ فَسَأَلَ عَنْ
إسْلَامِهِ وَقَبِلَ شَهَادَتَهُ", تَقَدَّمَ فِي "الصِّيَامِ".
حَدِيثُ: "أَوَّلُ مَنْ فَرَّقَ الشُّهُودَ دَانْيَالُ؛ شهد عنه
بِالزِّنَا عَلَى امْرَأَةٍ, فَفَرَّقَهُمْ, وَسَأَلَهُمْ, فَقَالَ
أَحَدُهُمْ: زَنَتْ بِشَابٍّ تَحْتَ شَجَرَةِ كُمَّثْرَى, وَقَالَ
الْآخَرُ: تَحْتَ شَجَرَةِ تُفَّاحٍ, فَعَرَفَ كَذِبَهُمْ",
الْبَيْهَقِيُّ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي إدْرِيسَ قَالَ: "كَانَ
دَانْيَالُ أَوَّلَ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الشُّهُودِ...",
__________
1 أخرجه البيهقي [10/ 137], كتاب آداب القاضي: باب لاينبغي للقاضي أن
يضيف الخصم إلا وخصمه معه.
2 أخرجه عبد الرزاق [8/ 300], في أبواب القضاء، باب عدل القاضي في
مجلسه, حديث [15291].
3 أخرجه البيهقي [10/ 137- 138], كتاب آداب القاضي: باب لا ينبغي
للقاضي أن يضيف الخصم إلا وخصمه معه.
قال قرأت في كتاب ابن خزيمة عن موسى بن سهل الرملي عن محمد بن عبد
العزيز الرملي عن القاسم بن غصن عن داود بن أبي هند عن أبي حرب بن
الأسود الديلمي عن أبيه عن علي مرفوعا به.
4 أخرجه الطبراني في "الأوسط" كما في "مجمع البحرين" [4/ 66- 97], برقم
[2155].
5 قال الذهبي في "ميزان الاعتدال" [5/ 457].
قال أحمد: حدث مناكير.
قال أبو حاتم: ضعيف.
قال ابن حبان: يروي المناكير عن المشاهير.
(4/470)
فَذَكَرَهُ مُطَوَّلًا1, وَقَدْ رَوَى الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ فِي
"مُسْنَدِهِ", وَابْنُ عَسَاكِرَ فِي "تَرْجَمَةِ سُلَيْمَانَ" مِنْ
طَرِيقِهِ, مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ قِصَّةً طَوِيلَةً
لِسُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُد, فِي الْأَرْبَعَةِ الَّذِينَ شَهِدُوا
عَلَى الْمَرْأَةِ بِالزِّنَا؛ لِكَوْنِهَا امْتَنَعَتْ مِنْهُمْ أَنْ
يَزْنُوا بِهَا, فَأَمَرَ دَاوُد بِرَجْمِهَا, فَمَرُّوا عَلَى
سُلَيْمَانَ, 0فَفَرَّقَ بَيْنَ الشُّهُودِ, وَدَرَأَ الْحَدَّ
عَنْهَا, فَعَلَى هَذَا هُوَ أول من فرق بين الشهود.
حَدِيثُ: "أَنَّ عُمَرَ لَمَّا بَعَثَ ابْنَ مَسْعُودٍ قَاضِيًا عَلَى
"الْكُوفَةِ", كَتَبَ لَهُ كِتَابًا", أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ
طَرِيقِ ابْنِ عُيَيْنَةَ, عَنْ عَامِرِ بْنِ شَقِيقٍ؛ أَنَّهُ سَمِعَ
أَبَا وَائِلٍ يَقُولُ: إنَّ عُمَرَ اسْتَعْمَلَ ابْنَ مَسْعُودٍ عَلَى
الْقَضَاءِ, وَبَيْتِ الْمَالِ, وَذَكَرَ الْقِصَّةَ2.
حَدِيثُ: "أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يَأْخُذُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ
كُلَّ يَوْمٍ دِرْهَمَيْنِ", لَمْ أَرَهُ هَكَذَا, وَرَوَى ابْنُ
سَعْدٍ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ إلَى مَيْمُونَ الْجَزَرِيِّ وَالِدِ عَمْرٍو,
قَالَ: لَمَّا اُسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ جَعَلُوا لَهُ أَلْفَيْنِ",
قَالَ: زِيدُونِي؛ فَإِنَّ لِي عِيَالًا, وَقَدْ شَغَلْتُمُونِي عَنْ
التِّجَارَةِ, فَزَادُوهُ خَمْسَمِائَةٍ3.
حَدِيثُ: "أَنَّ عُمَرَ كَانَ يَرْزُقُ شُرَيْحًا فِي كُلِّ شَهْرٍ
مِائَةَ دِرْهَمٍ", لَمْ أَرَهُ هَكَذَا, وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ
فِي مُصَنَّفِهِ, عَنْ الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ, عَنْ الْحَكَمِ؛
"أَنَّ عُمَرَ رَزَقَ شُرَيْحًا وَسَلْمَانَ بْنَ رَبِيعَةَ
الْبَاهِلِيَّ عَلَى الْقَضَاءِ"4, وَهَذَا ضَعِيفٌ مُنْقَطِعٌ, وَفِي
الْبُخَارِيِّ تَعْلِيقًا: كَانَ شُرَيْحٌ يَأْخُذُ عَلَى الْقَضَاءِ
أَجْرًا"5, وَقَدْ ذَكَرْت مَنْ وَصَلَهُ فِي "تَغْلِيقِ
التَّعْلِيقِ"6.
حَدِيثُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ فِي قَوْلِهِ {وَشَاوِرْهُمْ فِي
الْأَمْرِ} [آل عمران: 159] قَالَ: كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ غَنِيًّا عَنْ مُشَاوَرَتِهِمْ؛ وَإِنَّمَا أَرَادَ بِذَلِكَ
أَنْ يَسْتَنَّ الْحُكَّامُ بَعْدُ بِهَذَا الْأَمْرِ", سَعِيدُ بْنُ
مَنْصُورٍ, عَنْ سُفْيَانَ, عَنْ ابْنِ شُبْرُمَةَ, عَنْ الْحَسَنِ
نَحْوُهُ, وَرَوَاهُ السُّلَمِيُّ فِي "آدَابِ الصُّحْبَةِ" مِنْ
حَدِيثِ طَاوُسٍ, عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا, وَفِيهِ عَبَّادُ
بْنُ كَثِيرٍ؛ وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا.
حَدِيثُ شُرَيْحٍ: "اشْتَرَطَ عَلَيَّ عُمَرُ حِينَ وَلَّانِي
الْقَضَاءَ: أَلَّا أَبِيعَ وَلَا أَبْتَاعَ, وَلَا أَقْضِيَ وَأَنَا
غَضْبَانُ", لَمْ أَجِدْهُ.
__________
1 أخرجه البيهقي [8/ 235], كتاب الحدود: باب شهود الزنا إذا لم يجتمعوا
على فعل واحد فلا حد على المشهود.
2 أخرجه البيهقي [10/ 87], في كتاب آداب القاضي.
3 أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" [3/ 138].
4 أخرجه عبد الرازاق [8/ 297], في أبواب القضاء، باب هل يؤخذ على
القضاء رزق، حديث [15282].
5 أخرجه البخاري تعليقا [15/ 50], كتاب الأحكام: باب رزق الحاكم
والعاملين عليها، قبل حديث [7163].
6 قال في "التعليق" [5/ 294], أما أثر شريح فقال سعيد بن منصور ثنا
سفيان عن مجالد عن الشعبي. قال: كان مسروق لا يأخذ على القضاء أجرا،
وكان شريح يأخذ.
(4/471)
حَدِيثُ: "مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ سَمِعْت الْقَاسِمَ بْنَ
مُحَمَّدٍ يَقُولُ: أَتَتْ امْرَأَةٌ إلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
عَبَّاسٍ فَقَالَتْ: إنِّي نَذَرْت أَنْ أَنْحَرَ ابْنِي, فَقَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا تَنْحَرِي ابْنَك, وَكَفِّرِي عَنْ يَمِينِك",
الْحَدِيثُ. الْبَيْهَقِيُّ فِي "الْخِلَافِيَّاتِ" مِنْ طَرِيقِ
مَالِكٍ بِهَذَا1.
حَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ قَالَ فِي الْكَلَالَةِ: "أَقُولُ فِيهَا
بِرَأْيِي, فَإِنْ كَانَ صَوَابًا فَمِنْ اللَّهِ, وَإِنْ كَانَ خَطَأً
فَمِنِّي, وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ", عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ
مَهْدِيٍّ, عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ, عَنْ سَعِيدٍ, عَنْ مُحَمَّدِ
بْنِ سِيرِينَ قَالَ: لَمْ يَكُنْ أَهْيَبُ لِمَا لَا يُعْلَمُ بَعْدَ
رَسُولِ اللَّهِ مِنْ أَبِي بَكْرٍ, وَلَا بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ مِنْ
عُمَرَ, وَإِنَّهَا نَزَلَتْ بِأَبِي بَكْرٍ فَرِيضَةٌ, فَلَمْ يَجِدْ
الله فِي كِتَابِ اللَّهِ أَصْلًا, وَلَا فِي السَّنَةِ أَثَرًا,
فَقَالَ: أَقُولُ فِيهَا بِرَأْيِي, فَإِنْ يَكُنْ صَوَابًا فَمِنْ
اللَّهِ وَإِنْ يَكُنْ خَطَأً فَمِنِّي, وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ",
أَخْرَجَهُ قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ فِي "كِتَابِ الْحُجَّةِ",
وَالرَّدِّ عَلَى الْمُقَلَّدِينَ, وَهُوَ مُنْقَطِعٌ.
قَوْلُهُ: "وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ
مِثْلُهُ, فِي وَقَائِعَ مُخْتَلِفَةٍ".
أَمَّا عُمَرُ: فَفِي الْبَيْهَقِيّ مِنْ طَرِيقِ الثَّوْرِيِّ, عَنْ
الشَّيْبَانِيِّ, عَنْ أبي اضحى, عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: كَتَبَ كَاتِبٌ
لِعُمَرَ: هَذَا مَا أَرَى اللَّهُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ,
فَانْتَهَرَهُ, وَقَالَ: لَا, بَلْ اُكْتُبْ: هَذَا مَا أرى عُمَرُ,
فَإِنْ كَانَ صَوَابًا فَمِنْ اللَّهِ, وَإِنْ كَانَ خَطَأً فَمِنْ
عُمَرَ", إسْنَادُهُ صَحِيحٌ2.
وَأَمَّا عَلِيٌّ: فَفِي قِصَّةِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ نَحْوُهُ؛
كَمَا سَيَأْتِي.
وَأَمَّا ابْنُ مَسْعُودٍ: فَفِي قِصَّةِ بِرْوَعَ بِنْتِ وَاشِقٍ,
رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ, وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي "الصَّدَاقِ".
قَوْلُهُ: "خَالَفَتْ الصَّحَابَةُ أَبَا بَكْرٍ فِي الْجَدِّ,
وَعُمَرَ فِي الْمُشَرَّكَةِ", تَقَدَّمَا فِي "الْفَرَائِضِ".
حَدِيثُ عُمَرَ: "أَنَّهُ كَانَ يُفَاضِلُ بَيْنَ الْأَصَابِعِ فِي
الدِّيَاتِ؛ لِتَفَاوُتِ مَنَافِعِهَا, حَتَّى رُوِيَ لَهُ فِي
الْخَبَرِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهَا, فَنَقَضَ حُكْمَهُ",
الْخَطَّابِيُّ فِي "الْمَعَالِمِ" عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ؛
"أَنَّ عُمَرَ كَانَ يَجْعَلُ فِي الْإِبْهَامِ خَمْسَةَ عَشَرَ, وَفِي
الَّتِي تَلِيهَا عَشَرَةً, وَفِي الْوُسْطَى عِشْرِينَ, وَفِي الَّتِي
تَلِي الْخِنْصَرَ بِتِسْعٍ, وَفِي الْخِنْصَرِ بِسِتٍّ, حَتَّى وَجَدَ
كِتَابًا عِنْدَ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "إنَّ الْأَصَابِعَ
كُلَّهَا سَوَاءٌ, فَأَخَذَ بِهِ" 3.
وَرَوَى الشَّافِعِيُّ فِي "الرِّسَالَةِ", عَنْ سُفْيَانَ
وَالثَّقَفِيُّ, عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ, عَنْ سَعِيدِ بْنِ
الْمُسَيِّبِ مِثْلَهُ, إلَّا مِنْ قَوْلِهِ: "حَتَّى وَجَدَ...." إلَى
آخِرِهِ4, فَذَكَرَهُ فِي "اخْتِلَافِ الْحَدِيثِ".
__________
1 ينظر: "مختصر الخلافيات" [5/ 112].
2 أخرجه البيهقي [10/ 116], كتاب آداب القاضي: باب ما يقضي به القاضي
أو يفتي به المفتي فإنه غير جائز له أن يقلد أحدا كم أخل دهره ولا يحكم
أو يفتي بالاستحسان.
3 الخطابي في "معالم السنن" [4/ 38], في كتاب الديات، باب الأعضاء.
4 أخرجه الشافعي في الرسالة [1160].
(4/472)
حَدِيثُ عُمَرَ: "أَنَّهُ كَتَبَ إلَى أَبِي مُوسَى: لا بد عن قَضَاءٌ
قَضَيْتَهُ, ثُمَّ رَاجَعْت فِيهِ نَفْسَك, فَهُدِيت لِرُشْدِك أن
تنقضه, فَإِنَّ الْحَقَّ قَدِيمٌ لَا يَنْقُضُهُ شَيْءٌ, وَالرُّجُوعُ
إلَى الْحَقِّ خَيْرٌ مِنْ التَّمَادِي فِي الْبَاطِلِ",
الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ أَتَمَّ
مِنْهُ1, وَسَاقَهُ ابْنُ حَزْمٍ مِنْ طَرِيقِينَ, وَأَعَلَّهُمَا
بِالِانْقِطَاعِ, لَكِنَّ اخْتِلَافَ الْمَخْرَجِ فِيهِمَا, مِمَّا
يُقَوِّي أَصْلَ الرِّسَالَةِ, لَا سِيَّمَا وَفِي بَعْضِ طُرُقِهِ
أَنَّ رَاوِيَهُ أَخْرَجَ الرِّسَالَةَ مَكْتُوبَةً.
حَدِيثُ عَلِيٍّ: "أَنَّهُ نَقَضَ قَضَاءَ شُرَيْحٍ, بِأَنَّ شَهَادَةَ
الْمَوْلَى لَا تُقْبَلُ، بِالْقِيَاسِ الْجَلِيِّ، وَهُوَ أَنَّ ابْنَ
الْعَمِّ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ مَعَ أَنَّهُ أَقْرَبُ مِنْ
الْمَوْلَى", لَمْ أَجِدْهُ.
حَدِيثُ عُمَرَ: "إذْ حَكَمَ بِحِرْمَانِ الْأَخِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ
فِي الْمُشَرَّكَةِ, ثُمَّ شَرَّكَ بَعْدَ ذَلِكَ, فَقَالَ: ذَاكَ
عَلَى مَا قَضَيْنَا, وَهَذَا على ما تقضى, وَلَمْ يَنْقُضْ قَضَاءَهُ
الْأَوَّلَ", الدَّارِمِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ
حَدِيثِ الْحَكَمِ بْنِ مَسْعُودٍ2.
ووقع في "النهاية" و"الوسيط" عَلَى الْعَكْسِ, أَنَّهُ قَضَى
بِإِسْقَاطِ الْأَخِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ, بَعْدَ أَنْ أَشْرَكَ فِي
الْعَامِ الْمَاضِي, قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَهُوَ سَهْوٌ قَطْعًا,
وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى الْعَكْسِ, شَرَّك بَعْدَ أَنْ لَمْ يشرك؛ كذا
رواه والبيهقي وَالنَّاسُ, وَوَقَعَ فِي الْبَحْثِ قِصَّةُ
الْحِمَارِيَّةِ, وَلَمْ يَعْزُهُ.
حَدِيثُ: "أَنَّ عُمَرَ كَانَ له درة يؤب بِهَا", هَذَا تَكَرَّرَ فِي
الْآثَارِ, وَمِنْهُ مَا رَوَى الْخَطِيبُ فِي الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ
فِي "تَرْجَمَةِ أَحْمَدَ بْنِ إبْرَاهِيمَ الْمُوصِلِيِّ", عَنْ
مَالِكٍ, عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ, عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ
الْمُسَيِّبِ, عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ مُسْلِمًا وَيَهُودِيًّا اخْتَصَمَا
إلَى عُمَرَ, فَذَكَرَ قِصَّةً فِيهَا فَعَلَاهُ بِالدَّرَّةِ.
قُلْت: وَفِي الْبُخَارِيِّ تَعْلِيقًا فِي أَوَاخِرِ الْعِتْقِ:
"أَنَّ أَنَسًا لَمَّا أَبَى أَنْ يُكَاتِبَ سِيرِينَ, عَلَاهُ عُمَرُ
بِالدَّرَّةِ3, وَيَتْلُو عُمَرُ: {فَكَاتِبُوهُمْ إنْ عَلِمْتُمْ
فِيهِمْ خَيْرًا} [النور: 33] وَقَدْ ذَكَرْت مَنْ وَصَلَهُ فِي
"تَغْلِيقِ التَّعْلِيقِ", وَفِي الْمَسْأَلَةِ, أَعْنِي: اتِّخَاذُ
الدَّرَّةِ, حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ عِنْدَ أَبِي دَاوُد مِنْ رِوَايَةِ
مَيْمُونَةَ بِنْتِ كَرَدْمٍ عَنْ أَبِيهَا4.
__________
1 أخرجه الدارقطني [4/ 206], في كتاب عمر رضي الله عنه عن أبي موسى
الأشعري رضي الله عنه مطولا، والبيهقي [10/ 119], كتاب آداب القاضي:
باب من اجتهد ثم رأى أن اجتهاد خالف نصا أو إجماعا أو ما في معناه رواه
على نفسه وعلى غيره, مختصرا.
2 أخرجه الدارمي [1/ 154], في باب الرجل يفتي بالشيء، ثم غيره،
والبيهقي [10/ 120], كتاب آداب القاضي: باب من اجتهد من الحكام ثم تغير
اجتهاده...".
3 وصلة ابن حجر في "الفتح" [5/ 496], وانظر "التعليق" [3/ 348].
4 أخرجه أبو داود [2/ 233- 234], كتاب النكاح: باب في تزويج من لم
يولد، حديث [2103].
(4/473)
حَدِيثُ: "أَنَّ عُمَرَ اشْتَرَى دَارًا بِأَرْبَعَةِ آلَافٍ,
وَجَعَلَهَا سِجْنًا", الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ نَافِعِ بْنِ
عَبْدِ الْحَارِثِ: "أَنَّهُ اشْتَرَى مِنْ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ
دَارَ السِّجْنِ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِأَرْبَعَةِ آلَافٍ",
وَعَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ1.
حَدِيثُ: أَبِي بَكْرٍ: "لَوْ رَأَيْت أَحَدًا عَلَى حَدٍّ, لَمْ
أَحُدَّهُ حَتَّى يَشْهَدَ عِنْدِي شَاهِدَانِ بِذَلِكَ أَحْمَدُ
بِسَنَدٍ صَحِيحٍ, إلَّا أَنَّ فِيهِ انْقِطَاعًا: "لَوْ رَأَيْت
رَجُلًا عَلَى حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ مَا أَخَذْته, وَلَا دَعَوْت
لَهُ أَحَدًا حَتَّى يَكُونَ مَعِي غَيْرِي", وَأَخْرَجَهُ
الْبَيْهَقِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مُنْقَطِعًا.
قُلْت: وَفِي الْبُخَارِيِّ تَعْلِيقًا, قَالَ عُمَرُ لِعَبْدِ
الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: "لَوْ رَأَيْت رَجُلًا عَلَى حَدٍّ؟ قَالَ:
أَرَى شَهَادَتَك شَهَادَةَ رَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ, قَالَ:
أَصَبْت", وَوَصَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ2.
حَدِيثُ: "أَنَّ شَاهِدِينَ شَهِدَا عِنْدَ عُمَرَ: فَقَالَ لَهُمَا:
إنِّي لَا أعرفكما, ولا يضركما ان لا أَعْرِفُكُمَا, ائْتِيَا بِمَنْ
يَعْرِفُكُمَا, فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: كَيْفَ تَعْرِفُهُمَا؟
قَالَ: بِالصَّلَاحِ وَالْأَمَانَةِ, قَالَ: كُنْت جَارًا لَهُمَا؟
قَالَ: لَا, قَالَ: صَحِبْتهمَا فِي السَّفَرِ الَّذِي يُسْفِرُ عَلَى
أَخْلَاقِ الرِّجَالِ؟ قَالَ: لَا, قَالَ: فَأَنْتَ لَا تَعْرِفُهُمَا,
ائْتِيَا بِمَنْ يَعْرِفُكُمَا", الْعُقَيْلِيُّ, وَالْخَطِيبُ فِي
الْكِفَايَةِ, وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ دَاوُد بْنِ رَشِيدٍ,
عَنْ الْفَضْلِ بْنِ زِيَادٍ, عَنْ شَيْبَانَ, عَنْ الْأَعْمَشِ, عَنْ
سُلَيْمَانَ بْنِ مُسْهِرٍ, عَنْ خَرَشَةَ بْنِ الْحُرِّ قَالَ: شَهِدَ
رَجُلٌ عِنْدَ عُمَرَ, فَذَكَرَهُ أَتَمَّ مِنْ هَذَا3, قَالَ
الْعُقَيْلِيُّ: الْفَضْلُ مَجْهُولٌ, وَمَا فِي هَذَا الْكِتَابِ
حَدِيثٌ لِمَجْهُولٍ أَحْسَنُ مِنْ هَذَا, وَصَحَّحَهُ أَبُو عَلِيِّ
بْنُ السَّكَنِ.
(4/474)
بَابُ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ
حَدِيثُ هِنْدِ بِنْتِ عُتْبَةَ: "أَنَّهَا قَالَتْ: يَا رَسُولَ
اللَّهِ, إنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ....", الْحَدِيثُ
تَقَدَّمَ فِي "النَّفَقَاتِ".
__________
1 أخرجه البخاري تعليقا [5/ 358], كتاب الخصومات: باب الربط والحبس في
الحرم قبل حديث [2423].
ووصله البيهقي [6/ 34], كتاب البيوع: باب ما جاء في بيع دور مكة وكراء
وجريان الإرث فيها.
2 أخرجه البخاري [15/ 60], كتاب الأحكام: باب الشهادة تكون عند الحاكم
في ولاية القضاء أو قبل ذلك للخصم، قبل حديث [7170].
3 أخرجه العقيلي في "الضعفاء الكبير" [3/ 454- 455], في ترجمة الفضل بن
زياد، والبيهقي [10/ 125- 126], كتاب آداب القاضي: باب من يرجع إليه في
السؤال يجب أن تكون معرفته باطنة متقادمة.
كلاهما من طريق الفضل بن زياد.
قال العقيلي: الفضل بن زياد عن شيبان لا يعرف إلا بهذا وفيه نظر.
(4/474)
حَدِيثُ: "اُغْدُ يَا أُنَيْسُ, عَلَى امْرَأَةِ هَذَا, فَإِنْ
اعْتَرَفَتْ, فَارْجُمْهَا" , تَقَدَّمَ فِي "حَدِّ الزِّنَا".
حَدِيثُ عُمَرَ فِي قِصَّةِ أُسَيْفِعِ جُهَيْنَةَ: "مَنْ كَانَ لَهُ
عَلَيْهِ دَيْنٌ فَلْيَأْتِنَا غَدًا؛ فَإِنَّا بَايِعُوا مَالِهِ" ,
تَقَدَّمَ فِي "الْحَجْرِ", وَهُوَ فِي "الْمُوَطَّأِ".
(4/475)
بَابُ الْقِسْمَةِ
حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُقَسِّمُ
الْغَنَائِمَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ", مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ
جَابِرٍ وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ, وَغَيْرِهِمَا, وَقَدْ
تَقَدَّمَ فِي "قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ" عِدَّةُ أَحَادِيثَ.
حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَزَّأَ
الْعَبِيدَ السِّتَّةَ, الَّذِينَ أَعْتَقَهُمْ الْأَنْصَارِيُّ فِي
مَرَضِ مَوْتِهِ, ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ", مُسْلِمٌ, وَسَيَأْتِي فِي
"الْعِتْقِ".
حَدِيثُ: "لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ" , ابْنُ مَاجَهْ
وَالدَّارَقُطْنِيّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ1, وَرَوَاهُ مَالِكٌ
مُرْسَلًا.
__________
1 أخرجه الدارقطني [4/ 228], كتاب الأقضية، حديث [86], والحاكم [2/
577], كتاب البيوع: باب النهي عن المحاقلة... والبيهقي [6/ 69- 70],
كتاب الصلح: باب لا ضرر ولا ضرار، وكلهم من طريق الدراوردي عن عمرو بن
يحيى المازني عن أبيه عن أبي سعيد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قال: لا ضرر ولا ضرا.
قال الحاكم: صحيح الإسناد على شرط مسلم ووافقه الذهبي.
وقال البيهقي: تفرد به عثمان بن محمد عن الددراوردي، قلت: وفي كلام
الثلاثة نظر.
أما صحته على شرط مسلم فعثمان بن محمد لم يخرج له مسلم شيئا ومع ذلك
فهو ضعيف ضعفه الدارقطني.
ينظر: "لسان الميزان" [4/ 175].
وأما قول البيهقي: تفرد به عثمان بن محمد ففيه نظر أيضا فقد تابعه عبد
الملك بن معاذ النصيبي عن الدراوردي به كما في "نصب الراية" [4/ 385],
قال ابن القطان في كتابه وعبد الملك هذا لا يعرف له حال اهـ.
وأخرجه مالك [2/ 745], كتاب الأقضية: باب القضاء في المرفق، حديث [31],
عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قال: "لا ضر ولا ضرار" هكذا مرسلا.
وقد ورد هذا الحديث من حديث عبادة بن الصامت عن عبد الله بن عباس وأبي
هريرة وعائشة وجابر وعمرو بن عوق وأبي لبابة.
حديث عبادة بن الصامت:
أخرجه ابن ماجة [2/ 784], كتاب الأحكام: باب من بنى في حقه ما يضر
بجاره، حديث [2340], وأحمد [5/ 326- 327], وأبو نعيم في "أخبار أصبهان"
[1/ 344], والبيهقي [10/ 133], كتاب آداب القاضي: باب ما لا يحتمل
القسمة، كلهم من طريق موسى بن عقبة ثنا إسحاق بن يحيى بن الوليد عن
عبادة بن الصامت أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قضى
أن لا ضرر ولا ضرار.=
(4/475)
...................................................................................
__________
= قال الزيعلي في "نصب الراية" [4/ 384]: قال ابن عساكر في أطرفه: وأظن
إسحاق لم يدرك جده.
وقال العلائي في "جامع التحصيل" ص [144]: إسحاق بن يحيى بن الوليد بن
الصامت عن جد أبيه عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال الترمذي: لم يدركه
اهـ.
والحديث ذكره البوصيري في "زوائد ابن ماجة" [2/ 221], وقال: هذا إسناد
رجاله ثقات إلا أنه منقطع اهـ.
قلت: وهذا فيه نظر فإن إسحاق بن يحيى قذ ذكره ابن عدي في "الكامل" [1/
333], وقال: عامة أحاديثه غير محفوظة.
وقد حكى البوصيري نفسه تضعيفه في "الزوائد" [2/ 179], فقال عن إسناده
إسحاق هذا: هذا إسناد ضعيف لضعف إسحاق بن يحيى بن الوليد وأيضا لم يدرك
عبادة بن الصامت قاله البخاري والترمذي وابن حبان وابن عدي.
والحديث ذكره الحافظ أيضا في "الدراية" [2/ 282], وقال: وفيه انقطاع.
حديث ابن عباس:
أخرجه أحمد [1/ 313], وابن ماجة [2/ 784], كتاب الأحكام: باب من بنى في
حقه ما يضر بجاره، حديث [2341], من طريق عبد الرزاق عن معمر عن جابر
الجعفي عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا ضرر ولا ضرار" .
قال البوصيري في "الزوائد" [2/ 222]: هذا إسناد فيه جابر وقد انهم اهـ.
لكنه توبع تابعه داود بن الحصين.
أخرجه الدارقطني [4/ 228], كتاب الأقضية، حديث [84], من طريق إبرهيم بن
إسماعيل عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس به.
قال الزيلعي في "نصب الراية" [4/ 385], قال عبد الحق في أحكامه
وإبراهيم بن إسماعيل هذا هو ابن أبي حبيبة وفيه مقال فوثقه أحمد وضعفه
أبو حاتم وقال: هو منكر الحديث لا يحتج به اهـ.
قلت: وضعفه أيضا البخاري فقال: منكر الحديث "التاريخ الكبير" [1/ 873],
وقال الترمذي: في "سننه" [1462]: يضعف في الحديث وقال النسائي فقال في
"الضعفاء" رقم [2]: ضعيف والضعفاء له [32].
وقال أبو حاتم: ليس بالقوي ينظر: "العلل" [1575], وقال الحافظ في
"التقريب" [1/ 31], رقم [168]: ضعيف.
حديث أبي هريرة:
أخرجه الدارقطني [4/ 228], كتاب الأقضية، حديث [86], من طريق أبي بكر
بن عياش قال: أراه عن ابن عطاء عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا ضرر ولا ضرار ولا يمنعن أحدكم
جاره أن يضع خشبة على حائطه" .
قال الزيلعي في "نصب الراية" [4/ 385]: وأبو بكر بن عياش مختلف فيه
اهـ.
وللحديث علة أخرى وهي ابن عطاء واسمه يعقوب بن عطاء بن أبي رباح.
قال أحمد: منكر الحديث، وقال مرة أخرى: ضعيف.
وقال ابن معين وأبو زرعة والنسائي: ضعيف. =
(4/476)
...................................................................................
__________
= وقال أبو حاتم: ليس بالمتين يكتب حديثه.
وقال ابن عدي: له أحاديث صالحة وهو ممن يكتب حديثه وعنده غرائب.
ينظر: "التهذيب" [11/ 393].
وقد لخص الحافظ هذه الأقوال فقال في "التقريب" [2/ 37], رقم [386]:
ضعيف.
حديث عائشة:
الأول: أخرجه الدارقطني [4/ 227], كتاب الأقضية، حديث [83], من طريق
الواقدي ثنا خارجة بن عبد الله بن سليمان بن زيد بن ثابت عن أبي الرجال
عن عمرة عن عائشة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا
ضرر ولا ضرار"’
والواقدي محمد بن عمر متروك.
الطريق الثاني: أخرجه الطبراني في "الأوسط كما في "نصب الراية" [4/
386], حدثنا أحمد بن رشدين ثنا روح بن صلاح ثنا سعيد بن أبي أيوب عن
سهيل عن القاسم بن محمد عن عائشة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قال: "لا ضرر ولا ضرار" .
والحديث ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" [4/ 113], وقال: رواه الطبراني
في "الأوسط" وفيه أحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين قال ابن عدي: كذبوه
اهـ.
وللحديث طريق الطبراني في "الأوسط" كما في "نصب الراية" [4/ 386],
حدثنا أحمد بن داود المكي ثنا عمرو بن مالك الراسبي ثنا محمد بن سليمان
بن مسمول عن أبي بكر بن أبي سبرة عن نافع بن مالك عن القاسم بن محمد عن
عائشة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا ضرر ولا
ضرار" .
قال الطبراني: لم يروه عن القاسم إلا نافع بن مالك.
قلت: وهذا الطريق لم يدكره الهيثمي في "المجمع" مع أنه على شرطه.
وأبو بكر بن أبي سبرة.
قال البخاري: منكر الحديث "التاريخ الصغير" [2/ 184], وقال مرة: ضعيف،
"الضعفاء الصغير" [416].
وقال النسائي: متروك الحديث، "الضعفاء والمتروكين" [697], وقال
الدارقطني: متورك، "الضعفاء والمتروكين" [619], وقال البزار: لين
الحديث، "كشف الأستار" [1129].
وذكره أبو زرعة الرازي في "أسامي الضعفاء" [380].
حديث جابر:
أخرجه الطبراني في "الأوسط كما في "نصب الراية" [4/ 386], ثنا محمد بن
سلمة عن محمد بن إسحاق عن محمد بن يحيى بن حبان عن عمه واسع بن حبان عن
جابر بن عبد الله قال: رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"لا ضرر ولا ضرار في الإسلام" .
وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" [4/ 113], وقال: رواه الطبراني في
"الأوسط" وفيه ابن إسحاق وهو ثقة لكنه مدلس اهـ.
وهذا الحديث رواه عبد الرحمن تن مغراء ثنا محمد بن إسحاق عن محمد بن
إسحاق عن محمد يحيى بن حبان عن عمه واسع بن حبان مرسلا.
أخرجه أبو داود في "المراسل" ص [294], رقم [407]. =
(4/477)
|