التلخيص الحبير ط العلمية - كِتَابُ الشَّهَادَاتِ
مدخل
...
82- كتاب الشهادات1
2107- حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ الشَّهَادَةِ, فَقَالَ لِلسَّائِلِ: "تَرَى الشَّمْسَ"؟ قَالَ: "نَعَمْ", فَقَالَ: "عَلَى مِثْلِهَا فَاشْهَدْ, أَوْ دَعْ" , الْعُقَيْلِيُّ وَالْحَاكِمُ وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي "الْحِلْيَةِ" وَابْنُ عَدِيٍّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ طَاوُسٍ, عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ2, وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ, وَفِي إسْنَادِهِ
__________
= حديث الحافظ في "التهذيب" [8/ 421- 422], من طريق كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه.
حديث أبي لبابة:
أخرجه أبو داود في "المراسيل" ص [294], رقم [407].
1 الشهادات: جمع شهادة: وتجمع باعتبار أنواعها وإن كانت في أصل مفردة. تعريف الشهادة: للشهادة في اللغة معان: منها: الإخبار بالشيء خبراً قاطعاً، نقول: شهد فلان على كذا، أي أخبر به خبراً قاطعاً. ومنها: الحضور نقول: شهد المجلس أي حضره قال تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185]، وقال عليه الصلاة والسلام: "الغنيمة لمن شهد الوقعة" . ومنها: الاطلاع على الشيء ومعاينته: شهدت كذا أي أطلعت عليه. ومنها: إدراك الشيء نقول: شهدت الجمعة، أي أدركتها، ومنها: الحلف، تقول أشهد بالله لقد كان كذا، أي أحلف.
ومنها: العلم قال تعالى: {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [المجادلة: 6] أو عليم، والفعل من باب علم، وتسكن هاؤه فتقول شهد فلان شهادة وجمع الشاهد شهد وشهود وأشهاد والمشاهدة المعاينة.
واصطلاحاً:
عرفها الشافعية بأنها: إخبار صادق بلفظ الشهادة لإثبات حق لغير على غيره، في مجلس القضاء ولو بلا دعوى.
وعرفه المالكية بأنها: إخبار حاكم عن علم ليقضي بمقتضاه.
وعرفها الحنفية بأنها: إخبار بحق للغير على آخر.
ينظر: "مغني المحتاج" [4/ 426]، "أدب القضاء" لابن أبي الدم [1/ 175]، "نهاية المحتاج" [8/ 277]، "حاشية الدسوقي" [4/ 164]، "الدرر" [2/ 370]، "الفتاوي الهندية" [3/ 450].
2 أخرجه البيهقي [10/ 156]، كتاب الشهادات: باب التحفظ في الشهادة والعلم بها، والحاكم [4/ 98]، والعقيلي [4/ 70]، وأبو نعيم في "الحلية" [4/ 18]، وابن عدي [6/ 2213]، كلهم من حديث محمد بن سليمان بن مسمول ثنا عبيد الله بن سلمة بن وهرام عند أبي نعيم هرم عن أبيه لم يذكر الحاكم عن أبيه عن طاوس عن ابن عباس رضي الله عنه، ذكر عند رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرجل يشهد شهادة... فذكر الحديث.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وتعقبه الذهبي بأن الحديث واه فعمرو قال ابن عدي كان يسرق الحديث، وابن مسمول: ضعفه غير واحد.
ونقل العقيلي عن البخاري أنه قال: سمعت الحميدي يتكلم في محمد بن سليمان بن مسمول المسمولي المخزومي. وأعله أيضاً ابن عدي به، كذا في "نصب الراية" [4/ 82]، وقال الزيلعي: وأسند ابن عدي تضعيفه عن النسائي، ووافقه، وقال: عامة ما يرويه لا يتابع عليه إسناداً ولا متناً، انتهى.
قال العجلوني في "كشف الخفا" [2/ 93- 94]: ورواه الطبراني والديلمي أيضاً عن ابن عمر. =

(4/478)


مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنُ مَسْمُولٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: لَمْ يُرْوَ مِنْ وَجْهٍ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ.
حَدِيثُ: "أَكْرِمُوا الشُّهُودَ" ، الْعُقَيْلِيُّ فِي "الضُّعَفَاءِ" مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ1، وَقَالَ: لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَلِيٍّ، وَتَفَرَّدَ بِهِ إبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ مُوسَى، عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْإِمَامِ عَنْهُ. انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ طَاهِرٍ فِي "التَّذْكِرَةِ": رَوَاهُ ابْنُ أَبِي مَيْسَرَةَ، عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ مُوسَى أَيْضًا، وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: هَذَا الْحَدِيثُ غَيْرُ مَحْفُوظٍ، وَأَوْرَدَهُ فِي تَرْجَمَةِ "إبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الهاشمي"، وصرح الصغاني بِأَنَّهُ مَوْضُوعٌ.
حَدِيثُ: "لَيْسَ لَك إلَّا شَاهِدَاك، أَوْ يَمِينُهُ" ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ دُونَ قَوْلِهِ "لَيْسَ لَك إلَّا"، وَسَيَأْتِي فِي "الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ".
2108- قَوْلُهُ: "رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَهْلِ دِينٍ عَلَى أَهْلِ دِينٍ، إلَّا الْمُسْلِمُونَ؛ فَإِنَّهُمْ عُدُولٌ عَلَى أَنْفُسِهِمْ، وَعَلَى غَيْرِهِمْ" ، الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْأَسْوَدِ بْنِ عَامِرٍ شَاذَانَ؛ كُنْت عِنْدَ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، فَسَمِعْت شَيْخًا يُحَدِّثُ عَنْ يحيى أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ نحوه، وَأَتَمَّ مِنْهُ2، قَالَ شَاذَانُ: فَسَأَلْت عَنْ اسْمِ الشَّيْخِ فَقَالُوا: عُمَرُ بْنُ رَاشِدٍ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَكَذَا رَوَاهُ الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ رَاشِدٍ، وَعُمَرُ ضَعِيفٌ، وَضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ.
وَفِي مُعَارَضَةِ حَدِيثِ جَابِرٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجَازَ شَهَادَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ"، أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ3، وَفِي إسناده مجالد، وهو سيء الْحِفْظِ.
__________
= وقال النجم بعد أن عزاه بلفظ الترجمة للسخاوي: لا يعرف بهذا اللفظ، وأقول: لا يظهر المراد منه فتأمل.
وزاد النجم: حديث على مثلها فاشهد أو فدع، قال: أورده الرافعي بلفظ أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سئل عن الشهادة، فقال للسائل: "ترى الشمس" ؟
قال: نعم.
قال: على مثلها فاشهد أو فدع.
قال ابن الملقن: وهو غريب بهذا اللفظ، انتهى.
1 أخرجه العقيلي في "الضعفاء الكبير" [3/ 84]، في ترجمة عبد الصمد بن علي الهاشمي، وابن الجوزي في "العلل المتناهية" [2/ 760- 761]، قال ابن الجوزي: قال ابن الجوزي: قال الخطيب: تفرد بروايته عبد الصمد بن موسى وقد ضعفوه.
2 أخرجه البيهقي [10/ 163]، كتاب الشهادات: باب من رد شهادة أهل الذمة.
3 أخرجه ابن ماجة [2/ 794]، كتاب الأحكام: باب شهادة أهل الكتاب بعضهم على بعض، حديث [2374]، والبيهقي [10/ 165- 166]، كتاب الشهادات: باب من أجاز شهادة أهل الذمة على الوصية في السفر. =

(4/479)


2109- حَدِيثُ: "لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ خَائِنٍ وَلَا خَائِنَةٍ، وَلَا زَانٍ وَلَا زَانِيَةٍ" ، أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ1، وَسِيَاقُهُمْ أَتَمُّ، وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الزَّانِي وَالزَّانِيَةِ، إلَّا عِنْدَ أَبِي دَاوُد، وَسَنَدُهُ قَوِيٌّ، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ2، وَفِيهِ يَزِيدُ بْنُ زِيَادٍ الشَّامِيُّ؛ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: لَا يُعْرَفُ هَذَا مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ إلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَلَا يَصِحُّ عِنْدَنَا إسْنَادُهُ، وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ فِي "الْعِلَلِ": مُنْكَرٌ، وَضَعَّفَهُ عَبْدُ الْحَقِّ وَابْنُ حَزْمٍ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ، وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الله بن عمرو، وَفِيهِ عَبْدُ الْأَعْلَى، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَشَيْخُهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْفَارِسِيُّ ضَعِيفٌ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: لَا يَصِحُّ مِنْ هَذَا شَيْءٌ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
2110- قَوْلُهُ: اُشْتُهِرَ فِي الْخَبَرِ: مَا مِنَّا إلَّا مَنْ عَصَى أَوْ هَمَّ بِمَعْصِيَةٍ، إلَّا يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا"، قُلْت: الْمَشْهُورُ بِلَفْظِ: "مَا مِنْ آدَمِيٍّ إلَّا وَقَدْ أَخْطَأَ، أَوْ هَمَّ بِخَطِيئَةٍ، أَوْ عَمِلَهَا، إلَّا يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا، لَمْ يَهُمَّ بِخَطِيئَةٍ وَلَمْ يَعْمَلْهَا" ، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو يَعْلَى وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَهَذَا لَفْظُهُ، وَلَفْظُهُمَا: "مَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ وَلَدِ آدَمَ إلَّا قَدْ أَخْطَأَ أَوْ هَمَّ بِخَطِيئَةٍ، لَيْسَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا" 3، وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مِهْرَانَ، وَهُمَا
__________
=قال البيهقي: هكذا رواه أبو خالد الأحمر عن مجالد وهو مما أخطأ فيه، وإنما رواه غيره عن مجالد عن الشعبي عن شريح من قوله وحكمه غير مرفوع.
قال البوصيري في "الزوئد" [2/ 233]: هذا إسناد ضعيف من أجل مجالد بن سعيد.
1 أخرجه أبو داود [2/ 330]، كتاب الأقضية: باب من ترد شهادته رقم [3601]، والبيهقي [10/ 155]، كتاب الشهادات: باب لا تقبل شهادته، وزاد فيه ولا محدود، [10/ 201، 202]، كتاب الشهادات: باب لاتقبل شهادة خائن ولا خائنة... ، وابن ماجة [2/ 792]، كتاب الأحاكم: باب من لا تجوز شهادته، رقم [3366]، وزاد ولا محدود في الإسلام، وأحمد [2/ 208]، وزاد ولا محدود، ولم يذكر ولا زان ولا زنية، والدارقطني [4/ 244]، كتاب الطلاق والخلع والإيلاء وغيره: باب في المرأة تقتل إذا ارتدت، ولم يذكر ولا زان ولا زانية، وزاد، ولا محمد في الإسلام، برقم [144] وعبد الرزاق [8/ 319]، كتاب الشهادات: باب لا يقبل منهم... رقم [15362]، وزاد نقص، رقم [15363، 15363]، من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه.
2 أخرجه الترمذي [4/ 545]، كتاب الشهادات: باب ما جاء فيمن لا تجوز شهادته، حديث [2298]، والدارقطني [4/ 244]، برقم [145]، والبيهقي [10/ 155]، كتاب الشهادات: باب من لا تقبل شهادته.
قال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث يزيد بن زياد الدمشقي، ويزيد يضعف في الحديث، ولا يعرف هذا الحديث من حديث الزهري إلا من حديثه ا.هـ.
قال الدراقطني: يزيد هذا ضعيف لا يحتج به.
3 أخرجه أحمد [1/ 254، 292]، وأبو يعلى [4/ 418]، برقم [2544] والحاكم في "المستدرك" [2/ 591]، والحديث سكت عنه الحاكم وقال الذهبي: إسناده جيد. =

(4/480)


ضَعِيفَانِ، وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى عِنْدَ الْبَزَّارِ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَوْنٍ الْخُرَاسَانِيِّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الطَّبَرَانِيِّ في "الأوسط"، و"كامل" ابْنِ عَدِيٍّ، فِي "تَرْجَمَةِ حَجَّاجِ بْنِ سُلَيْمَانَ"1، وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ إلَى الْحَسَنِ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلًا2، وَأَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ مُرْسَلًا أَيْضًا3.
2111- حَدِيثُ: "مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدِ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ" ، مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ، مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ4، وَوَهِمَ مَنْ عَزَاهُ إلَى تَخْرِيجِ مُسْلِمٍ.
2112- حَدِيثُ: "مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدَشِيرِ؛ فَكَأَنَّمَا صَبَغَ يَدَهُ فِي لَحْمِ خِنْزِيرٍ ودمه" 5، مسلم بلفظ: "غمس"، بَدَلَ: "صَبَغَ"، وَقَالَ أَحْمَدُ أَخْبَرَنَا مَكِّيُّ بْنُ إبْرَاهِيمَ، نَا الْجُعَيْدُ، عَنْ مُوسَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْخِطْمِيِّ؛ أَنَّهُ سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ يَسْأَلُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ
__________
= قال الهيثمي في "مجمع الزوئد" [8/ 212]، رواه أحمد وأبو يعلى والبزار والطبراني وفيه علي بن زيد وضعفه الجمهور وقد وثق، وبقية رجال "الصحيح".
1 أخرجه الطبراني في "الأوسط" كما في "مجمع البحرين" [6/ 212]، برقم [3606]، وابن عدي في "الكامل" [2/ 651]، وقال: وحجاج روى عن الليث أحاديث منكرة.
2 أخرجه البيهقي [10/ 186]، كتاب الشهادات: في جماع أبواب من تجوز شهادته ومن لا تجوز من الأحرار البالغين العاقلين المسلمين.
3 أخرجه ابن أبي شيبة [6/ 345]، في كتاب الفضائل: باب ما ذكر في يحيى بن زكريا عليه السلام، حديث [31907]، مرسلاً عن سعيد بن المسيب من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه مرقوفاً عليه.
4 أخرجه أبو داود [2/ 702]، كتاب الأدب: باب في النهي عن اللعب بالنرد [4938]، وأحمد [4/ 394، 397، 400]، وابن ماجة [2/ 1237]، كتاب الأدب: باب اللعب بالنرد [3762]، والحاكم في "المستدرك" [1/ 50]، كتاب الأيمان: باب من لعب بالنرد فقد عصى، ومالك [2/ 958]، كتاب الرؤيا: باب ما جاء في النرد، حديث [6]، والحاكم [1/ 50]، والبيهقي في "شعب الإيمان" [5/ 237]، باب تحريم الملاعب والملاهي، رقم [6498].
قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، لوهم رفع لعبد الله بن مسعود بن أبي هند لسوء حفظه فيه، ووافقه الذهبي.
5 أخرجه مسلم [4/ 1770]، كتاب الشعر: باب تحريم اللعب بالنردشير، رقم [2260]، وأبو داود [2/ 702]، كتاب الأدب: باب ما جاء في النهي عن اللعب بالنرد، رقم [4939]، وابن ماجة [2/ 1238]، كتاب الأدب: باب اللعب بالنرد، رقم [3763]، والبيهقي [10/ 214]، كتاب الشهادات: باب كراهية اللعب بالنرد أكثر من كراهية اللعب بالشيء من الملاهي، وأحمد [5/ 352- 357- 361]، والبخاري في "الأدب المفرد": باب إثم من لعب بالنرد، رقم [1274]، وابن حبان [13/ 183]، كتاب الحظر والإباحة: باب ذكر الإخبار عن وصف اللاعب بالنرد في التمثيل، رقم [5873].

(4/481)


أَخْبَرَنِي: مَا سَمِعْت أَبَاك؟ فَقَالَ: سَمِعْت أَبِي يَقُولُ: سَمِعْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَثَلُ الَّذِي يَلْعَبُ بِالنَّرْدِ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي، مَثَلُ الَّذِي يَتَوَضَّأُ بِالْقَيْحِ وَدَمِ الْخِنْزِيرِ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي" .
2113- حَدِيثُ: "الْغِنَاءُ يُنْبِتُ النِّفَاقَ فِي الْقَلْبِ، كَمَا يُنْبِتُ الْمَاءُ الْبَقْلَ" ، أَبُو دَاوُد بِدُونِ التَّشْبِيهِ، وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا1، وَفِيهِ شَيْخٌ لَمْ يُسَمَّ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا مَوْقُوفًا2.
وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ.
وَقَالَ ابْنُ طَاهِرٍ: أَصَحُّ الْأَسَانِيدِ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ مِنْ قَوْلِ إبْرَاهِيمَ.
تَنْبِيهٌ: قَالَ بَعْضُ الصُّوفِيَّةِ: "إنَّمَا الْمُرَادُ بِالْغِنَاءِ هُنَا: غِنَى الْمَالِ"، وَرَدَّهُ بعض الأئمة بأن الرواية إنما هي الْغِنَاءِ بِالْمَدِّ، وَأَمَّا غِنَى الْمَالِ فَهُوَ مَقْصُورٌ.
قُلْت: وَيَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ الْمَوْقُوفُ؛ فَإِنَّ فِيهِ: "وَالذِّكْرُ يُنْبِتُ الْإِيمَانَ فِي الْقَلْبِ؛ كَمَا يُنْبِتُ الْمَاءُ الْبَقْلَ"؛ أَلَا تَرَاهُ جَعَلَ ذِكْرَ اللَّهِ مُقَابِلًا لِلْغِنَاءِ، لِكَوْنِهِ ذِكْرَ الشَّيْطَانِ، كَمَا قَابَلَ الْإِيمَانَ بِالنِّفَاقِ.
2114- حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} [لقمان: 6] قَالَ: هُوَ –وَاَللَّهِ- الْغِنَاءُ"، ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ؛ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ سُئِلَ عَنْ قَوْله تَعَالَى: {وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} قَالَ: الْغِنَاءُ، وَاَلَّذِي لَا إلَهَ غَيْرُهُ3، وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ الْبَيْهَقِيُّ.
قَوْلُهُ: "وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: هُوَ الْمَلَاهِي"، رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِلَفْظِ: "هُوَ الْغِنَاءُ وَأَشْبَاهُهُ"4.
2115- حَدِيثُ عَائِشَةَ: "دَخَلَ عَلَيَّ أَبُو بَكْرٍ، وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ مِنْ جِوَارِي الْأَنْصَارِ، تُغَنِّيَانِ بِمَا تَقَاوَلَتْ بِهِ الْأَنْصَارُ يَوْمَ بُعَاثٍ، وَلَيْسَتَا بِمُغَنِّيَتَيْنِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَبِمَزَامِيرِ الشَّيْطَانِ فِي بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ وَذَلِكَ فِي يَوْمِ عِيدٍ، فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ، لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدٌ، وَهَذَا
__________
1 أخرجه أبو داود [4/ 282]، كتاب الأدب: باب كراهية الغناء والزمر، حديث [4927]، والبهيقي في "السنن الكبر" [10/ 223]، كتاب الشهادات.
2 ينظر: "السنن الكبرى" للبيهقي [10/ 223].
3 أخرجه ابن أبي شيبة [6/ 309]، برقم [1171]، والحاكم [2/ 411]، والبيهقي [10/ 223]، كتاب الشهادات: "باب الرجل يغني فيتخذ الغناء صناعة... ".
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقال الذهبي: حميد هو ابن زياد صالح الحديث.
4 أخرجه البيهقي [10/ 223].

(4/482)


عِيدُنَا"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ طُرُقٍ1.
قَوْلُهُ: "رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ إذَا خَلَا فِي بَيْتِهِ تَرَنَّمَ بِالْبَيْتِ وَالْبَيْتَيْنِ"، ذَكَرَهُ الْمُبَرِّدُ فِي "الْكَامِلِ" فِي قِصَّةٍ، وَذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي "الْمَعْرِفَةِ" عَنْ عُمَرَ وَغَيْرِهِ، وَرَوَاهُ الْمُعَافَى النَّهْرَوَانِيُّ فِي كِتَابِ "الْجَلِيسِ وَالْأَنِيسِ"، وَابْنُ مَنْدَهْ فِي "الْمَعْرِفَةِ" فِي تَرْجَمَةِ أَسْلَمَ الْحَادِي فِي قِصَّةٍ، وَرَوَى أَبُو الْقَاسِمِ الْأَصْبَهَانِيُّ فِي "التَّرْغِيبِ" شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فِي قِصَّةٍ.
2116- قَوْلُهُ: "مَنْ لَا حَيَاءَ لَهُ يَصْنَعُ مَا شَاءَ، عَلَى مَا وَرَدَ مَعْنَاهُ فِي الْحَدِيثِ"؛ كَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى حَدِيثِ: "إذَا لم تستحيي فَاصْنَعْ مَا شِئْت" ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَأَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ2.
2117- حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ؛ "حَرِّكْ بِالْقَوْمِ، فَانْدَفَعَ يَرْتَجِزُ" ، النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ3، وَرَوَاهُ أَيْضًا مِنْ
__________
1 أخرجه البخاري [2/ 550]، كتاب العيدين: باب إذا فاته العيد يصلي ركعتين وكذلك النساء ومن كان في البيوت، برقم [987]، [6/ 639]، كتاب المناقب: باب قصة الجيش برقم [3529]، ومسلم [2/ 608]، كتاب العيدين: باب الرخصة في اللعب الذي لا معصية فيه في أيام العيد. برقم [892/ 17]، والنسائي [3/ 197]، كتاب صلاة العيد: باب الرخصة في الاستماع إلى الغناء وضرب الدف يوم العيد، رقم [1597]، والبيهقي [7/ 92]، كتاب النكاح: باب مساواة المرأة الرجل في حكم الحجاب والنظر إلى الأجانب [10/ 224]، كتاب الشهادات: باب الرجل لاينسب نفسه إلى الغناء والا يؤتى لذلك.
2 أخرجه البخاري [6/ 594]، في أحاديث الأنبياء [3483، 3484]، و[10/ 540]، في الأدب: باب إذا لم تستحي فاصنع ما شئت [6120]، وأخرجه في "الأدب المفرد" ص [175]، برقم [599]، وص [378]، برقم [1320]، وأبو داود [2/ 668]، في الأدب: باب في الحياء [4797]، وابن ماجة [2/ 1400]، في الزهد، باب الحياء [4183]، وأحمد [121، 122]، والطبراني في "الكبير" [651- 661]، وأحمد وعبد الرزاق [20149]، والقضاعي في "مسند الشهاب" [1153، 1154، 1155، 1156]، والبيهقي [10/ 192]، وأبو نعيم في "الحلية" [4/ 370]، [8/ 124]، والخطيب في "التاريخ" [3/ 100]، [10/ 304]، والبغوي في "شرح السنة" بتحقيقنا [6/ 542]، برقم [3491]، من طريق منصور عن ربعي بن خراش عن أبي مسعود رفعه به.
ويشهد له حديث حذيفة [5/ 405]، وأبو نعيم [4/ 371]، والبزار [2028- كشف أستار]، والخطيب في "التاريخ" [12/ 135- 136]، عن أبي مالك الأشجعي عن ربعي بن خراش عن حذيفة به.
وقال الهيثمي في "المجمع" [8/ 30]: رواه أحمد والبزار ورجاله رجال "الصحيح".
وينظر شواهده في "المجمع".
3 أخرجه النسائي في "الكبرى" [5/ 69- 70]، كتاب المناقب: باب عبد الله بن رواحة رضي الله عنه، حديث [8250].

(4/483)


حَدِيثِ قَيْسٍ، عَنْ ابْنِ رَوَاحَةَ مُرْسَلًا1.
2118- حَدِيثُ: "زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ" ، أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ، مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ.
قُلْت: وَعَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ بِالْجَزْمِ2، وَلِابْنِ حِبَّانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ3، وَلِلْبَزَّارِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ4، وَلِلْحَاكِمِ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ الْبَرَاءِ: "زَيِّنُوا أَصْوَاتَكُمْ بِالْقُرْآنِ" 5، وَهِيَ فِي الطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ6، وَرَجَّحَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ الْخَطَّابِيُّ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِمَا رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ وَالْحَاكِمُ بِلَفْظِ: "زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ؛ فَإِنَّ الصَّوْتَ الْحَسَنَ يَزِيدُ الْقُرْآنَ حُسْنًا" 7، فَهَذِهِ الزِّيَادَةُ تُؤَيِّدُ مَعْنَى الرِّوَايَةِ الْأُولَى.
2119- حَدِيثُ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ يَقْرَأُ، فَقَالَ: "لَقَدْ أُوتِيَ هَذَا مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُد" ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ الْأَشْعَرِيِّ بِنَحْوِهِ8، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ بْنِ الْحُصَيْبِ بِلَفْظٍ أَقْرَبَ إلَى
__________
1 أخرجه النسائي في الموضع السابق برقم [8251].
2 أخرجه أحمد [4/ 283- 296]، وأبو داود [2/ 74]، كتاب الصلاة: باب استحباب الترتيل في القراءة، حديث [1468]، والنسائي [2/ 179- 180]، كتاب الافتتاح: باب تزين القرآن بالصوت، حديث [1016]، وابن ماجة [10/ 426]، كتاب الإقامة: باب في حسن الصوت بالقرآن، حديث [1342]، وابن حبان [3/ 25]، كتاب الرقاق: باب قراءة القرآن، حديث [749]، وعبد الرزاق [2/ 484، 485]، في باب حسن الصوت، حديث [4175، 4176]، والحاكم [1/ 571، 572، 573، 574، 575]، والبيهقي [2/ 53]، كتاب الصلاة: باب كيف قراءة المصلي.
وعلقه البخاري في الترجمة [15/ 497]، في كتاب التوحيد: باب الماهر بالقرآن مع الكرام البررة.
ووصله في خلق أفعال العباد [49، 50].
3 أخرجه ابن حبان [3/ 27]، كتاب الرقاق: باب قراءة القرآن، حديث [750].
4 أخرجه البزار كما في "كشف الأستار" [2329]، قال الهيثمي في "المجمع" [7/ 174]: رواه البزار وفيه صالح بن موسى وهو متروك.
5 تقدم تخريجه قريباً.
6 أخرجه الطبراني [11/ 81- 82]، برقم [1113].
قال الهيثمي: رواه الطبراني بإسنادين وفي أحدهما عبد الله بن خراش، وثقه ابن حبان وقال: ربما أخطأ، ووثقه البخاري وغيره، وبقية رجاله رجال الصحيح.
7 أخرجه الدارمي [2/ 474]، كتاب الفضائل القرآن: باب التغني بالقرآن، والبيهقي [10/ 229]، كتاب الشهادات: باب تحسين الصوت بالقرآن والذكر، والحاكم [1/ 575].
8 أخرجه البخاري [10/ 113]، كتاب فضائل القرآن: باب حسن الصوب بالقراءة للقرآن، حديث [5048]، ومسلم [3/ 337- 338- نووي]، كتاب صلاة المسافرين وقصرها: باب استحباب =

(4/484)


اللَّفْظِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ1.
2120- حَدِيثُ: "لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ" ، الْبُخَارِيُّ وَأَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ2، وَأَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ، وَالْحَاكِمُ وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ3، وَفِي الْبَابِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ4 وَعَائِشَةَ فِي الْحَاكِمِ5، وَعَنْ أَبِي لُبَابَةَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد6، قَالَ الشَّافِعِيُّ: مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ تَحْسِينُ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد: قَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: يُحَسِّنُهُ مَا اسْتَطَاعَ، وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: يَجْهَرُ بِهِ، وَقَالَ وَكِيعٌ: يَسْتَغْنِي بِهِ، وَقِيلَ: غَيْرَ ذَلِكَ فِي تَأْوِيلِهِ.
قَوْلُهُ: "رُوِيَ أَنَّ دَاوُد النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَضْرِبُ بِالْيَرَاعِ فِي غَنَمِهِ"، لَمْ أَجِدْهُ.
2121- قَوْلُهُ: "رُوِيَ عن الصحابة الترخيص فِي الْيَرَاعِ"، يُذْكَرُ فِيهِ مَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ نَافِعٍ؛ "أَنَّ ابْنَ عُمَرَ سَمِعَ مِزْمَارًا فَوَضَعَ إصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ وَنَأَى عَنْ الطَّرِيقِ، وَقَالَ لِي: يَا نَافِعُ، هَلْ تَسْمَعُ شَيْئًا، قُلْت: لَا، قَالَ: فَرَفَعَ إصْبَعَيْهِ عَنْ أُذُنَيْهِ، وَقَالَ: كُنْت مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَنَعَ مِثْلَ هَذَا"7، وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْ ابْنَ عُمَرَ بِأَنْ يَصْنَعَ مَا صَنَعَ، وَكَذَا لَمْ يَأْمُرْ ابْنُ عُمَرَ بِذَلِكَ نَافِعًا.
__________
= تحسين الصوت بالقرآن، حديث [235، 236/ 793]، والترمذي [5/ 693]، كتاب المناقب: باب مناقب أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، حديث [3855]، وابن حبان [16/ 170]، في كتاب إخباره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن مناقب الصحابة، حديث [7197]، والبيهقي [10/ 230- 231]، كتاب الشهادات: باب تحسين الصوت بالقرآن والذكر.
1 أخرجه الحاكم [4/ 282]، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذه السياقة، ووافقه الذهبي.
2 أخرجه البخاري [13/ 510]، كتاب التوحيد: باب قوله تعالى: {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: 13- 14] برقم [7527].
3 أخرجه أحمد [1/ 172، 175، 179]، وأبو داود [1/ 464]، كتاب الصلاة: باب استحباب الترتيل في القراءة، حديث [1469، 1470]، وابن ماجة [1/ 242]، كتاب الإقامة: باب في حسن الصوت بالقرآن، برقم [1337]، والحاكم [1/ 569- 570]، وابن حبان [1/ 327]، في كتاب العلم، حديث [120]، والحميدي [1/ 41]، [76].
4 أخرجه الحاكم [1/ 570].
5 أخرجه الحاكم [1/ 570].
6 أخرجه أبو داود [1/ 464]، كتاب الصلاة: باب استحباب الترتيل في القراءة، حديث [1471].
7 أخرجه أحمد [2/ 8/ 38]، وأبو داود [4/ 281- 282]، كتاب الأدب: باب كراهية الغناء والزمر، حديث [4924- 4926]، كلاهما من طريق الوليد بن مسلم بإسناده إلى نافع... فذكره.
والوليد يدلس ويسوي. =

(4/485)


2122- قَوْلُهُ: "رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "أَعْلِنُوا النِّكَاحَ، وَاضْرِبُوا عَلَيْهِ بِالْغِرْبَالِ، أَيْ: الدُّفِّ" ، التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَائِشَةَ1، وَفِي إسْنَادِهِ خَالِدُ بْنُ إلْيَاسَ، وَهُوَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ قَالَهُ أَحْمَدُ، وَفِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ، عِيسَى بن ميمون، وهو ضعف، قَالَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَضَعَّفَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ مِنْ الْوَجْهَيْنِ، نَعَمْ رَوَى أَحْمَدُ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ: "أَعْلِنُوا النِّكَاحَ" 2، وَرَوَى أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ
__________
= وأخرجه ابن ماجة [1/ 613]، كتاب النكاح: باب الغناء والدف، حديث [1901]، من طريق ليث عن مجاهد قال: كنت مع ابن عمر رضي الله عنه... فذكره نحوه.
قال البويصري في "الزوئد" [2/ 91]: وهذا إسناد فيه ليث وهو ابن أبي سليم وقد ضعفه الجمهور.
1 أخرجه الترمذي [3/ 398]، كتاب النكاح: باب إعلان النكاح، حديث [1089]، والبيهقي [7/ 290]، كتاب الصداق: باب إظهار النكاح وإباحة الضرب بالدف، وأبو نعيم في "تاريخ أصبهان" [1/ 174]، وابن الجوزي في "العلل المنتاهية" [2/ 627]، من طريق عيسى بن ميمون عن القاسم بن محمد عن عائشة قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أعلنوا هذا النكاح واجعلوه في المساجد واضربوا عليه بالدفوف".
قال الترمذي: حديث غريب وعيسى بن ميمون الأنصاري يضعف في الحديث وليس هو عيسى ميمون الذي يروي التفسير عن ابن أبي نجيح ذلك ثقة.
وقال البيهقي: عيسى بن ميمون ضعيف.
وقال ابن الجوزي: عيسى بن ميمون قال ابن حبان: منكر الحديث لا يحتج بروايته.
لكن تابعة ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن القاسم به.
أخرجه ابن ماجة [1/ 611]، كتاب النكاح: باب إعلان النكاح، حديث [1895]، والبيهقي [7/ 290]، كتاب الصدق: باب إظهار النكاح وإباحة الضرب بالدف، وأبو نعيم في "الحلية" [3/ 265]، والخطيب في "تاريخ بغداد" [4/ 137]، وابن الجوزي في "العلل المنتاهية" [2/ 627]، من طريق خالد بن إلياس عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن القاسم بن محمد عن عائشة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "أعلنوا النكاح واضربوا عليه بالغربال" .
وقال البيهقي: خالد بن إلياس ضعيف.
قال أبو نعيم: هذا حديث مشهور من حديث القاسم عن عائشة تفرد به خالد.
قال ابن الجوزي: خالد بن إلياس قال أحمد بن حنبل: هو متروك الحديث، وقال يحيى: لا يكتب حديثه، ليس بشيء وقال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الثقات لا يحل كتابه حديثه إلا تعجباً.
قال البوصيري في "الزائد" [2/ 87]: هذا إسناد في خالد بن إلياس أبو الهيثم العدوي وهو ضعيف بل نسبه إلى الوضع ابن حبان والحاكم وأبو سعيد النقاش.
وبالجملة فالحديث ضعيف ختى بمجموع الطريقين عن عائشة كما حكم بذلك الترمذي والبيهقي وابن الجوزي والبوصيري وابن حجر وغيرهم.
2 أخرجه أحمد [4/ 5]، والبزار [2/ 164- كشف]، رقم [1433]، والحاكم [2/ 183]، وابن حبان [1285- موارد]، وأبو نعيم في "الحلية" [8/ 328]، والبيهقي [7/ 288]، من طريق عبد الله بن وهب قال: حدثني عبد الله بن الأسود عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه أن =

(4/486)


وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ: "فَصْلُ مَا بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، الضَّرْبُ بِالدُّفِّ" 1.
تَنْبِيهٌ: ادَّعَى الْكَمَالُ جَعْفَرُ الْأُدْفُوِيُّ فِي كِتَابِ "الْإِمْتَاعِ بِأَحْكَامِ السَّمَاعِ"، أَنَّ مُسْلِمًا أَخْرَجَ حَدِيثَ الْبَابِ فِي صَحِيحِهِ، وَوَهِمَ فِي ذَلِكَ وَهْمًا قَبِيحًا.
2123- حَدِيثُ: "أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ إنِّي نَذَرْت أَنْ أَضْرِبَ بِالدُّفِّ بَيْنَ يَدَيْك إنْ رَجَعْت مِنْ سَفَرِك سَالِمًا، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَوْفِ بِنَذْرِك" ، أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْبَيْهَقِيُّ، مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ، وَسِيَاقُ أَحْمَدَ أَتَمُّ، وَفِي الْبَابِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَعَنْ عَائِشَةَ رَوَاهُ الْفَاكِهِيُّ فِي "تَارِيخِ مَكَّةَ" بِسَنَدٍ حَسَنٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ "النَّذْرِ".
2124- قَوْلُهُ: "رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَى أُمَّتِي الْخَمْرَ، وَالْمَيْسِرَ، وَالْكُوبَةَ، فِي أَشْيَاءَ عَدَّدَهَا" ، أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ حِبَّانَ وَالْبَيْهَقِيُّ، مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِهَذَا2، وَزَادَ: "وَهُوَ الطَّبْلُ"، وَقَالَ: "كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ" ، وَبَيَّنَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى أَنَّ تَفْسِيرَ الْكُوبَةِ مِنْ كَلَامِ رَاوِيهِ عَلِيِّ بْنِ بَذِيمَةَ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ حديث ابن عمرو3، وَزَادَ: "وَالْغُبَيْرَاءُ"، وَزَادَ أَحْمَدُ فيه: "والمزمار"، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ
__________
= رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أعلنوا النكاح" .
قال البزار: لا نعلمه عن ابن الزبير إلا من هذا الوجه.
وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
والحديث ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" [4/ 292]، وقال: رواه أحمد والبزار والطبراني في "الكبير" و"الأوسط" ورجال أحمد ثقات. والحديث صححه ابن حبان أيضاً.
1 أخرجه الترمذي [3/ 398]، كتاب النكاح: باب ما جاء في إعلان النكاح، حديث [1088]، والنسائي [6/ 127]، كتاب النكاح: باب إعلان النكاح بالصوت وضرب الدف، وابن ماجة [1/ 611]، كتاب النكاح: باب الغناء والدفء حديث [1896]، وأحمد [3/ 418، 4/ 259]، وسعيد بن منصور [1/ 202]، رقم [629]، والحاكم [2/ 184]، والبيهقي [7/ 289]، كتاب النكاح: باب ما يستحب من إظهار النكاح وإباحة الضرب بالدف والطبراني في "الكبير" [19/ 242]، رقم [542]، والبغوي في "شرح السنة" [5/ 39- بتحقيقنا]، كلهم من طريق أبي بلج عن محمد بن حاطب مرفوعاً.
وقال الترمذي: حديث محمد بن حاطب حديث حسن وأبو بلج اسمه يحيى بن أبي سليم، ويقال ابن سليم أيضاً ومحمد بن حاطب قد رأى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو غلام صغير ا.هـ.
وقال الحاكم: صحيح الإسناد ووافقه الذهبي.
2 أخرجه أحمد [1/ 274]، وأبو داود [3/ 331]، كتاب الأشربة: باب في الأوعية، حديث [3696]، وابن حبان [12/ 187]، كتاب الأشربة: فصل في الأشربة، حديث [5365]، والبيهقي [10/ 221]، كتاب الشهادات: باب ما جاء في ذم الملاهي من المعازف والمزامير ونحوها.
3 أخرجه أحمد في "المسند" [2/ 165- 167]، وأبو داود [3/ 328]، كتاب الأشربة: باب النهي عن المسكر، حديث [3685].

(4/487)


قَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ1.
تَنْبِيهٌ الْغُبَيْرَاءُ: اُخْتُلِفَ فِي تَفْسِيرِهَا فَقِيلَ: الطُّنْبُورُ، وَقِيلَ: الْعُودُ، وَقِيلَ: الْبَرْبَطُ، وَقِيلَ: السكركة بِضَمِّ الْكَافِ الْأُولَى وَتَسْكِينِ الرَّاءِ: مِزْرٌ يُصْنَعُ مِنْ الذُّرَةِ أَوْ مِنْ الْقَمْحِ.
حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ: "أَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ" ، تَقَدَّمَ فِي "النِّكَاحِ".
2125- قَوْلُهُ: "اُشْتُهِرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَفَ لِعَائِشَةَ يَسْتُرُهَا، حَتَّى ينظر إلَى الْحَبَشَةِ وَهُمْ يَلْعَبُونَ، وَيَزْفِنُونَ، وَالزَّفْنُ: الرَّقْصُ"، مُتَّفَقٌ عليه عن عائشة عن طُرُقٍ2.
2126- قَوْلُهُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَهُ شُعَرَاءُ يُصْغِي إلَيْهِمْ، مِنْهُمْ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ، وَاسْتَنْشَدَ شِعْرَ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ مِنْ الشَّرِيدِ، وَاسْتَمَعَ إلَيْهِ".
أَمَّا حَسَّانُ: فَفِي الصَّحِيحِ عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: اُهْجُوا قُرَيْشًا؛ فَإِنَّهُ أَشَدُّ عَلَيْهَا مِنْ رَشْقِ النَّبْلِ، فَأَرْسَلَ إلَى ابْنِ رَوَاحَةَ فَقَالَ: اُهْجُ، فَهَجَاهُمْ، فَلَمْ يَرْضَ، فَأَرْسَلَ إلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، ثُمَّ أَرْسَلَ إلَى حَسَّانِ بْنِ ثَابِتٍ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ حسان: قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تُرْسِلُوا إلَى هَذَا الْأَسَدِ الضَّارِي، ثُمَّ أَدْلَعَ لِسَانَهُ فَجَعَلَ يُحَرِّكُهُ، ثُمَّ قَالَ: وَاَلَّذِي بَعَثَك بِالْحَقِّ لَأَفْرِيَنَّهُمْ بِلِسَانِي فَرْيَ الْأَدِيمِ، فَقَالَ: لَا تَعْجَلْ؛ فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ أَعْلَمُ قُرَيْشٍ بِأَنْسَابِهَا، وَإِنَّ لِي فِيهِمْ نَسَبًا حَتَّى يَخْلُصَ لَك نَسَبِي، فَأَتَاهُ حَسَّانُ، ثُمَّ رَجَعَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ لَخَّصَ لِي نَسَبَكَ، وَاَلَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَأَسُلَّنَّكَ مِنْهُمْ كَمَا تُسَلُّ الشَّعْرَةُ مِنْ الْعَجِينِ... "، الْحَدِيثُ بِطُولِهِ، وَفِيهِ الشِّعْرُ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ بِطُولِهِ3.
وَأَمَّا ابْنُ رَوَاحَةَ: فَفِي الْبُخَارِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي قَصَصِهِ يَذْكُرُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنَّ أَخًا لَكُمْ لَا يَقُولُ الرَّفَثَ -يَعْنِي بِذَلِكَ: عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رواحة- قال: [من الطويل]:
وَفِينَا رَسُولُ اللَّهِ يَتْلُو كِتَابَهُ ... إذَا انْشَقَّ مَعْرُوفٌ مِنْ الْفَجْرِ سَاطِعٌ
الْحَدِيثَ4.
وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ مَكَّةَ فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَهُوَ يَقُولُ:
__________
1 أخرجه أحمد [3/ 422].
2 تقدم تخريجه وهو جزء من حديث دخول أبي بكر الصديق رضي الله عنه على عائشة رضي الله عنها وعندها جاريتان تغنيان.
3 أخرجه مسلم [8/ 286- 287]، كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل حسان بن ثابت، حديث [157/ 2490].
4 أخرجه البخاري [12/ 181- 182]، كتاب الأدب: باب هجاء المشركين، حديث [6151].

(4/488)


خَلُّوا بَنِي الْكُفَّارِ عَنْ سَبِيلِهِ... " الْأَبْيَاتَ1.
وَأَمَّا الشَّرِيدُ: فَرَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَرْدَفَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "هَلْ مَعَك مِنْ شِعْرِ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ شَيْءٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: هِيهِ، قَالَ: فَأَنْشَدْتُهُ بَيْتًا، فَقَالَ: هِيهِ، قَالَ: فَأَنْشَدْتُهُ حَتَّى بَلَغْت مِائَةَ بَيْتٍ" ، وَفِي رِوَايَةٍ: "إنْ كَادَ فِي شِعْرِهِ لَيُسْلِمُ" 2.
2127- قَوْلُهُ: "وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الشِّعْرُ كَلَامٌ، فَحَسَنُهُ كَحَسَنِهِ، وَقَبِيحُهُ كَقَبِيحِهِ"، هُوَ كَمَا قَالَ، وَقَدْ رُوِيَ مَرْفُوعًا أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ3، وَفِيهِ عَبْدُ الْعَظِيمِ بْنُ حَبِيبٍ؛ وَهُوَ ضَعِيفٌ.
2128- حَدِيثُ ابْنِ عمر: "لا نقبل شَهَادَةُ ظَنِينٍ، وَلَا خَصْمٍ" ، تَقَدَّمَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بِزِيَادَةِ "وَاوٍ" بِمَعْنَاهُ.
وَرَوَاهُ مَالِكٌ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ مَوْقُوفًا هو مُنْقَطِعٌ، وَقَالَ الْإِمَامُ فِي "النِّهَايَةِ": اعْتَمَدَ
__________
1 أخرجه الترمذي [5/ 139]، كتاب الأدب: باب ما جاء في إنشاء الشعر، حديث [2847].
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه. وقد روى عبد الرزاق هذا الحديث أيضاً عن معمر عن الزهري عن أنس نحو هذا، وروى في غير هذا الحديث أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دخل عمرة القضاء وكعب بن مالك بين يديه، وهذا أصح عند بعض أهل الحديث لأن عبد الله بن رواحة قتل يوم مؤتة، وإنما كانت عمرة القضاء بعد ذلك.
2 أخرجه أحمد [4/ 390]، ومسلم [8/ 14]، في كتاب الشعر، حديث [1/ 2255]، وابن ماجة [2/ 1236]، كتاب الأدب: باب الشعر، حديث [3758]، والترمذي في "الشمائل" [250]، والحميدي [2/ 353- 354]، برقم [809]، والطحاوي في "شرح معاين الآثار" [4/ 300]، والبيهقي [10/ 226- 227]، كتاب الشهادات: باب لا بأس باستعمال الحداء ونشيد الأعراب كثر أو قل، والبخاري في "الأدب المفرد" [799، 869]، والطبراني في "الكبير" [7/ 376- 377]، برقم [7237- 7239]، والبغوي في "شرح السنة" [6/ 413- بتحقيقنا]، كتاب الاستئذان وغيره: باب الشعر والرجز، حديث [3293]، وابن حبان [13/ 98]، في كتاب الحظر والإباحة: باب الشعر والسجع، حديث [5782].
3 أخرجه الدارقطني [4/ 155]، في باب خير الواحد يوجب العمل، حديث [2].
قال العظيم آبادي في "التعليق المغني": قال في إسناده عبد العظيم بن حبيب بن رغبان، قال الذهبي في المشتبه والمختلف: عبد العظيم بن حبيب بن رغبان عن أبي حنيفة وطبقته، متروك.
وقال في "الميزان": قال الدراقطني: ليس بثقة.
والحديث أخرجه الدارقطني [4/ 156]، برقم [3]، من طريق عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر نا هشام بن عروة بهذا مثله.
قال العظيم آبادي: عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر هو ابن حفص العمري المدني، قال النسائي وأبو حاتم: متروك، وقال البخاري: يتكلمون فيه: ليس بالقوي، وأخرج البخاري في "الأدب المفرد" عن عائشة أنها كانت تقول: الشعر منه حسن ومنه قبيح، خذ الحسن ودع القبيح. انتهى.

(4/489)


الشَّافِعِيُّ خَبَرًا صَحِيحًا وَهُوَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ خَصْمٍ عَلَى خَصْمِهِ" .
قُلْت: لَيْسَ لَهُ إسْنَادٌ صَحِيحٌ، لَكِنْ لَهُ طُرُقٌ يَقْوَى بَعْضُهَا بِبَعْضٍ.
وَرَوَى أَبُو دَاوُد فِي "الْمَرَاسِيلِ" مِنْ حَدِيثِ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ مُنَادِيًا: "إنَّهُ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ خَصْمٍ، وَلَا ظَنِينٍ" .
وَرَوَى أَيْضًا وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْأَعْرَجِ مُرْسَلًا: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ ذِي الظِّنَّةِ، وَالْحِنَةِ، يَعْنِي: الَّذِي بَيْنَك وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ" .
وَرَوَى الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ الْعَلَاءِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ مِثْلَهُ، وَفِي إسْنَادِهِ نَظَرٌ.
وَفِي التِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ فِي حَدِيثٍ أَوَّلُهُ: "لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ خَائِنٍ... " ، الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: "وَلَا ذِي غِمْرٍ عَلَى أَخِيهِ" .
وَلِأَبِي دَاوُد مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مِثْلُهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَا فِي أَوَائِلِ الْبَابِ.
2129- قَوْلُهُ: رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ خَائِنٍ، وَلَا خَائِنَةٍ، وَلَا ذِي غِمْرٍ عَلَى أَخِيهِ، وَلَا ظَنِينٍ" فِي رِوَايَتِهِ، تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَغَيْرِهَا.
2130- حَدِيثُ: "يَجِيءُ قَوْمٌ يُعْطُونَ الشَّهَادَةَ قَبْلَ أَنْ يُسْتَشْهَدُوا، قَالَهُ فِي مَعْرِضِ الذَّمِّ" ، التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ بِلَفْظِهِ، وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ بِلَفْظِ: "خَيْرُ الْقُرُونِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِهِمْ قَوْمٌ يَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ... " ، الْحَدِيثَ1.
وَرَوَى ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ فِي خطبته وفيه: "ثم يفشوا الْكَذِبُ حَتَّى يَحْلِفَ الرَّجُلُ عَلَى الْيَمِينِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَحْلَفَ عَلَيْهَا، وَيَشْهَدَ عَلَى الشَّهَادَةِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَشْهَدَ عَلَيْهَا... " ، الْحَدِيثَ2.
2131- حَدِيثُ: "أَلَّا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ الشُّهَدَاءِ، الَّذِي يَأْتِي بِشَهَادَتِهِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَشْهَدَ" ، مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ زَيْدٍ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ3.
__________
1 تقدم تخريجه قريباً.
2 أخرجه ابن حبان في "صحيحه" [15/ 122]، في كتاب التاريخ: باب أخباره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عما يكون في أمته من الفتن والحوادث، حديث [6729].
3 أخرجه مسليم [3/ 1344]، كتاب الأقضية: باب بيان خير الشهود، حديث [19/ 1719]، وأبو داود [2/ 328]، كتاب الأقضية: باب في الشهادات، حديث [3596]، والترمذي [4/ 544]، كتاب الشهادات: باب ما جاء في الشهداء أيهم خير، حديث [2295، 2296]، وابن ماجة [2/ 792]، كتاب الأحكام: باب الرجل عنده الشهادة لا يعلم بها صاحبها، حديث [2364]، ومالك [2/ 720]، كتاب الأقضية: باب ما جاء في الشهادات، وأحمد [4/ 115، 5/ 193]، =

(4/490)


فَائِدَةٌ: جُمِعَ بَيْنَ هَذَا الْحَدِيثِ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ، بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ، وَالثَّانِي عَلَى حُقُوقِ اللَّهِ.
أَوْ حَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى شَاهِدِ الزُّورِ، وَالثَّانِي: عَلَى الشَّاهِدِ عَلَى الشَّيْءِ يُؤَدِّي شَهَادَتَهُ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ إقَامَتِهَا.
أَوْ الْأَوَّلُ عَلَى الشَّهَادَةِ فِي الْأَيْمَانِ؛ كَمَنْ يَقُولُ: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ مَا كَانَ كَذَا، وَوَجْهُ كَرَاهَةِ ذَلِكَ أَنَّهُ نَظِيرُ الْحَلِفِ وَإِنْ كَانَ صَادِقًا، وَقَدْ كُرِهَ، وَالثَّانِي عَلَى مَا عَدَا ذَلِكَ.
أَوْ الْأَوَّلُ عَلَى الشَّهَادَةِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِأَمْرٍ مُغَيَّبٍ؛ كَمَا يَشْهَدُ أَهْلُ الْأَهْوَاءِ عَلَى مُخَالِفِيهِمْ أَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَالثَّانِي عَلَى مَنْ اسْتَعَدَّ لِلْأَدَاءِ وَهِيَ أَمَانَةٌ عِنْدَهُ.
أَوْ الْأَوَّلُ عَلَى مَا يَعْلَمُ بِهَا صَاحِبُهَا، فَيُكْرَهُ التَّسَرُّعُ إلَى أَدَائِهَا، وَالثَّانِي عَلَى مَا إذَا كَانَ صَاحِبُهَا لا يعلم بها.
قوله: رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "تَوْبَةُ الْقَاذِفِ إكْذَابُهُ نَفْسَهُ" ، لَمْ أَرَهُ مَرْفُوعًا، وَفِي الْبُخَارِيِّ مُعَلَّقًا عَنْ عُمَرَ: أَنَّهُ قَالَ لِأَبِي بَكْرَةَ: تُبْ نقبل شَهَادَتُك"، وَوَصَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ كَمَا سَيَأْتِي فِي آخِرِ الْبَابِ، وَفِيهِمَا أَيْضًا عَنْ أَبِي الزِّنَادِ قَالَ: "الْأَمْرُ عِنْدَنَا إذَا رَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ وَأَكْذَبَ نَفْسَهُ، وَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ، قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ".
حَدِيثُ: أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْت لَوْ وَجَدْت مَعَ امْرَأَتِي رَجُلًا أُمْهِلُهُ حَتَّى آتِي بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ؟ قَالَ: "نَعَمْ" ، هَذَا مِنْ طُغْيَانِ الْقَلَمِ، وَالصَّوَابُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، كَمَا مَضَى فِي كتاب "الصيال".
حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ عَامِلَ خَيْبَرَ بِبَيْعِ الْجَمْعِ بِالدَّرَاهِمِ... "، الْحَدِيثُ تَقَدَّمَ فِي "الرِّبَا".
قَوْلُهُ: وَرَدَ فِي الْخَبَرِ: "زَنَا الْعَيْنَيْنِ النَّظَرُ"، مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقَدْ مَضَى فِي "اللِّعَانِ".
2132- حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ"، مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ وَالشَّافِعِيُّ، وَزَادَ فِيهِ: عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ؛ أَنَّهُ قَالَ: "وَذَلِكَ فِي الْأَمْوَالِ".
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهَذَا الْحَدِيثُ ثَابِتٌ لايرده أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، لَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ غَيْرُهُ، مَعَ أَنَّ مَعَهُ غَيْرَهُ مِمَّا يَشُدُّهُ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: إسْنَادُهُ جَيِّدٌ.
__________
=وابن حبان [5079]، والبيهقي [10/ 159]، والطبراني في "الكبير" [5183]، من حديث زيد بن خالد الجهني.
وقال الترمذي: هذا حديث حسن.

(4/491)


وَقَالَ الْبَزَّارُ: فِي الْبَابِ أَحَادِيثُ حِسَانٌ، أَصَحُّهَا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَا مَطْعَنَ لِأَحَدٍ فِي إسْنَادِهِ، كَذَا قَالَ.
وَقَدْ قَالَ عَبَّاسُ الدَّوْرِيُّ فِي "تَارِيخِ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ"، عَنْهُ: لَيْسَ بِمَحْفُوظٍ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: أَعَلَّهُ الطَّحَاوِيُّ بِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ قَيْسًا يُحَدِّثُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ بِشَيْءٍ، قَالَ: وَلَيْسَ مَا لَا يَعْلَمُهُ الطَّحَاوِيُّ لَا يَعْلَمُهُ غَيْرُهُ، ثُمَّ رَوَى بِإِسْنَادِهِ حَدِيثًا مِنْ طَرِيقِ وَهْبِ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ بِحَدِيثِ الَّذِي وَقَصَتْهُ نَاقَتُهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ، قَالَ: وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِ قَبُولِ الْأَخْبَارِ كَثْرَةُ رِوَايَةِ الرَّاوِي عَمَّنْ رَوَى عَنْهُ، بَلْ إذَا رَوَى الثِّقَةُ عَمَّنْ لَا يُنْكَرُ سَمَاعُهُ مِنْهُ حَدِيثًا وَاحِدًا، وَجَبَ قَبُولُهُ، وَإِنْ لَمْ يَرْوِهِ عَنْهُ غَيْرُهُ، عَلَى أَنَّ قَيْسًا قَدْ تُوبِعَ عَلَيْهِ، رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد، وَتَابَعَ عَبْدَ الرَّزَّاقِ، أَبُو حُذَيْفَةَ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي "الْعِلَلِ": سَأَلْت مُحَمَّدًا عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَ: لَمْ يَسْمَعْهُ عِنْدِي عَمْرُو مِنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ الْحَاكِمُ: قَدْ سَمِعَ عَمْرُو مِنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عِدَّةَ أَحَادِيثَ، وَسَمِعَ مِنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَلَا يُنْكَرُ أَنْ يَكُونَ سَمِعَ مِنْهُ حَدِيثًا، وَسَمِعَهُ مِنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْهُ، وَأَمَّا رِوَايَةُ عِصَامٍ الْبَلْخِيّ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ زَادَ فِيهِ بَيْنَ عَمْرٍو وَابْنِ عَبَّاسٍ "طَاوُسًا" فَهُمْ ضُعَفَاءُ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَرِوَايَةُ الثِّقَاتِ لَا تُعَلَّلُ بِرِوَايَةِ الضُّعَفَاءِ1.
تَنْبِيهٌ: تقدمت طريقة لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي "أَدَبِ الْقَضَاءِ".
قُلْت: فَلْتُسْتَحْضَرْ هُنَا.
2133- حَدِيثُ جَابِرٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالشَّاهِدِ الْوَاحِدِ مَعَ يَمِينِ الطَّالِبِ"، أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ، مِنْ حَدِيثِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْهُ2، وَفِي آخِرِهِ قَالَ التِّرْمِذِيُّ: رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ جعفر عَنْ أَبِيهِ مُرْسَلًا، وَهُوَ أَصَحُّ.
وَقِيلَ: عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيٍّ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِلَفْظِ الْبَابِ بِتَمَامِهِ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي "الْعِلَلِ" عَنْ أَبِيهِ وَأَبِي زُرْعَةَ: هُوَ مُرْسَلٌ، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "الْعِلَلِ": كَانَ جَعْفَرٌ رُبَّمَا أَرْسَلَهُ، وَرُبَّمَا وَصَلَهُ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ: عَبْدُ الْوَهَّابِ وَصَلَهُ، وَهُوَ ثِقَةٌ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: رَوَاهُ إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي حَيَّةَ عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ رَفَعَهُ: "أَتَانِي جَبْرَائِيلُ، وَأَمَرَنِي أَنْ أَقْضِيَ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ، وَقَالَ: إنَّ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ يَوْمُ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ" 3 ، وَإِبْرَاهِيمُ ضَعِيفٌ جِدًّا، رَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ وَابْنُ حِبَّانَ فِي تَرْجَمَتِهِ.
__________
1 تقدم تخريجه.
2 تقدم تخريجه.
3 أخرجه ابن عدي في "الكامل" [1/ 238]، وابن حبان في "المجروحين" [1/ 104]، في ترجمة إبراهيم بن أبي حية.

(4/492)


فَائِدَةٌ: ذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي "التَّحْقِيقِ" عَدَدَ مَنْ رَوَاهُ فَزَادُوا عَلَى عِشْرِينَ صَحَابِيًّا، وَأَصَحُّ طُرُقِهِ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ، ثُمَّ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي "أَدَبِ الْقَضَاءِ".
2134- حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "اسْتَشَرْت جِبْرِيلَ فِي الْقَضَاءِ بِالْيَمِينِ وَالشَّاهِدِ؛ فَأَشَارَ عَلَيَّ بِالْأَمْوَالِ لَا تَعْدُو ذَلِكَ" ، الدَّارَقُطْنِيُّ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ.
حَدِيثُ عَلِيٍّ: "أَنَّهُ مَرَّ بِقَوْمٍ يَلْعَبُونَ بِالشِّطْرَنْجِ، فَقَالَ: مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ" ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي "ذَمِّ الْمَلَاهِي" مِنْ طَرِيقِ مَيْسَرَةَ بْنِ حَبِيبٍ عَنْهُ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَلَهُ طُرُقٌ عِنْدَهُ وَأَلْفَاظٌ مُخْتَلِفَةٌ1، وَحَمَلَهُ الصُّولِيُّ فِي جُزْئِهِ الْمَشْهُورِ عَلَى أَنَّهُ كَانَ تَمَاثِيلُ.
حَدِيثُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: "أَنَّهُ كان يعلب الشِّطْرَنْجَ اسْتِدْبَارًا"2، الشَّافِعِيُّ وَحَكَاهُ أَيْضًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ.
حَدِيثُ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَأَبِي هُرَيْرَةَ: "أَنَّهُمَا كَانَا يَلْعَبَانِ بِالشِّطْرَنْجِ".
أَمَّا ابْنُ الزُّبَيْرِ فَلَمْ أَرَهُ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ هِشَامَ بْنَ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ؛ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ عَنْهُ.
وَأَمَّا أَبُو هُرَيْرَةَ: فَرَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ الصُّولِيُّ فِي كِتَابِهِ فِي الشِّطْرَنْجِ بِسَنَدِهِ إلَيْهِ.
حَدِيثُ عُثْمَانَ: "أَنَّهُ كَانَتْ لَهُ جَارِيَةٌ تُغَنِّي، فَإِذَا جَاءَ وَقْتُ السَّحَرِ قَالَ: أَمْسِكِي، فَهَذَا وَقْتُ الِاسْتِغْفَارِ"، لَمْ أَجِدْهُ مَوْصُولًا.
حَدِيثُ عُمَرَ: "أَنَّهُ كَانَ إذَا سَمِعَ الدُّفَّ بَعَثَ، فَإِذَا كَانَ فِي النِّكَاحِ أَوْ الْخِتَانِ سَكَتَ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُمَا عَمِلَ بِالدِّرَّةِ"، أَبُو بَكْرٍ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ سِيرِينَ: "أُنْبِئْتُ أَنَّ عُمَرَ كَانَ إذَا سَمِعَ صَوْتًا أَنْكَرَهُ، فَإِنْ كَانَ عُرْسًا أَوْ خِتَانًا أَقَرَّهُ".
حَدِيثُ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ فِي الْقِصَّةِ الْمَشْهُورَةِ لِأَبِي بَكْرَةَ: "تُبْ أَقْبَلُ شَهَادَتَك"3، وَكَانَتْ
__________
1 أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" [1/ 287]، كتاب الأدب: باب في اللعب بالشطرنج، حديث [26158]، والبيهقي [10/ 212]، كتاب الشهادات: باب الاختلاف في اللعب بالشطرنج.
2 أخرجه البيهقي في "معرفة السنن الكبرى" [10/ 211]، كتاب الشهادات: باب الاختلاف في اللعب بالشطرنج.
من طريق الشافعي قال: كان محمد بن سيرين وهشام بن عروة يلعبان بالشطرنج استدباراً.
قال أحمد: كذا وجدته وأظنه أراد سعيد بن جبير دون ابن سيرين فقد روينا عن ابن سيرين أنه كرهه.
3 أخرجه البخاري [5/ 301]، كتاب الشهادات: باب شهادة القاذف والسارق والزاني.

(4/493)


الصَّحَابَةُ يَرْوُونَ عَنْهُ، وَلَمْ يَتُبْ، الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ الشَّافِعِيِّ، أَنَا سُفْيَانُ، سَمِعَتْ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ: زَعَمَ أَهْلُ الْعِرَاقِ أَنَّ شَهَادَةَ الْمَحْدُودِ لَا تَجُوزُ، فَأَشْهَدُ لَقَدْ أَخْبَرَنِي فُلَانٌ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ لأبي بكرة: تب نقبل شَهَادَتُك، أَوْ: "إنْ تُبْت قَبِلْت شَهَادَتَك" ، قَالَ سُفْيَانُ: سَمَّى الزُّهْرِيُّ الَّذِي أَخْبَرَهُ، فَحَفِظْته وَنَسِيته، وَشَكَكْت فِيهِ، فَلَمَّا قُمْنَا سَأَلْت مَنْ حَضَرَ، فَقَالَ لِي عُمَرُ بْنُ قَيْسٍ: هُوَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَقُلْت: فَهَلْ شَكَكْت فِيمَا قَالَ لَك؟ قَالَ: لَا، هُوَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ، وَقَدْ رَوَاهُ غَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْحِفْظِ عَنْ سَعِيدٍ بِلَا شَكٍّ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طُرُقٍ، وَعَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ بِالْجَزْمِ.
وأما قَوْلُ الرَّافِعِيِّ: وَكَانَ الصَّحَابَةُ يَرْوُونَ عَنْهُ وَلَمْ يَتُبْ، فَقَدْ رَوَى عَنْهُ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ فِي أَخْبَارِ الْبَصْرَةِ أَنَّهُ أَبَى أَنْ يَتُوبَ مِنْ ذَلِكَ، وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: جَلَدَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَبَا بَكْرَةَ، وَنَافِعًا، وَشِبْلًا، ثُمَّ اسْتَتَابَ نَافِعًا وَشِبْلًا فَتَابَا، فَقَبِلَ شَهَادَتَهُمَا، وَاسْتَتَابَ أَبَا بَكْرَةَ فَأَبَى، وَأَقَامَ، فَلَمْ يَقْبَلْ شَهَادَتَهُ، وَكَانَ أَفْضَلَ الْقَوْمِ.
وَرَوَى أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ، عَنْ قَيْسِ بْنِ الرَّبِيعِ، عَنْ سَالِمِ الْأَفْطَسِ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عَاصِمٍ، قَالَ: كَانَ أَبُو بَكْرَةَ إذَا أَتَاهُ رَجُلٌ لِيُشْهِدَهُ، قَالَ: أَشْهِدْ غَيْرِي.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: وكانت الصحابة يرون عَنْهُ فَفِيهِ نَظَرٌ؛ فَإِنِّي لَمْ أَقِفْ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَسَانِيدِ عَلَى رِوَايَةِ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، وَأَكْبَرُ مَنْ رَوَى عَنْهُ أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ، وَالْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ.
حَدِيثُ الزُّهْرِيِّ: "مَضَتْ السُّنَّةُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْخَلِيفَتَيْنِ من بعده: أن لا تُقْبَلَ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي الْحُدُودِ"، رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا، وَزَادَ "وَلَا فِي النِّكَاحِ، وَلَا فِي الطَّلَاقِ"، وَلَا يَصِحُّ عَنْ مَالِكٍ، وَرَوَاهُ أَبُو يُوسُفَ فِي كِتَابِ "الْخَرَاجِ" عَنْ الْحَجَّاجِ، عَنْ الزُّهْرِيِّ بِهِ، وَمِنْ هَذَا الْوَجْهِ أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، عَنْ حَجَّاجٍ بِهِ1.
حَدِيثُ الزُّهْرِيِّ أَيْضًا و"مَضَتْ السُّنَّةُ بِأَنَّهُ تَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي كُلِّ شَيْءٍ لَا يَلِيهِ غَيْرُهُنَّ"، ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ: نَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ الزُّهْرِيِّ بِهِ بِلَفْظِ: "فِيمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ غَيْرُهُنَّ"2، وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: "مَضَتْ السُّنَّةُ أَنْ تَجُوزَ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِيمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ غَيْرُهُنَّ، مِنْ ولادات
__________
1 أخرجه ابن أبي شيبة [5/ 533]، كتاب الحدود: باب في شهادة النساء في الحدود، حديث [28714].
2 أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" [4/ 39]، كتاب البيوع والأقضية: باب ما تجوز فيه شهادة النساء، حديث [20708].

(4/494)


النِّسَاءِ وعيوبهن"1.
قَوْلُهُ: "كَانَتْ عَائِشَةُ وَسَائِرُ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ يَرْوِينَ مِنْ وَرَاءِ السِّتْرِ، وَيَرْوِي السَّامِعُونَ عَنْهُنَّ، هُوَ أَمْرٌ مَشْهُورٌ فِي كُتُبِ الْمَسَانِيدِ وَالسُّنَنِ، وَلِجَمِيعِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ رِوَايَةٌ، حَتَّى خَدِيجَةُ الَّتِي مَاتَتْ فِي حَيَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إلَّا زَيْنَبَ بِنْتَ خُزَيْمَةَ أُمَّ الْمَسَاكِينِ؛ فَلَمْ أَجِدْ عَنْهَا شَيْئًا مِنْ رِوَايَةِ أَحَدٍ عَنْهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهَذَا فِيمَنْ دَخَلَ بِهِنَّ، وَأَمَّا غَيْرُ مَنْ دَخَلَ بِهِنَّ فَفِيهِنَّ مَنْ رَوَتْ، وَفِيهِنَّ مَنْ لَمْ تَرْوِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
__________
1 أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" [8/ 333]، كتاب الشهادات: باب شهادة المرأة في الرضاع والنفاس، حديث [15427].

(4/495)