الكفاية في علم الرواية ط الكتب الحديثة ص -438 - ...
باب ذكر الرواية عمن أجاز أن يقال في أحاديث العرض حدثنا ولا
يفرق بين سمعت وحدثنا وأخبرنا
أخبرني عبد الله بن يحيى السكري قال أنا محمد بن عبد الله بن
إبراهيم الشافعي قال ثنا جعفر بن محمد بن الأزهر قال ثنا ابن
الغلابي قال ثنا يحيى بن معين قال أنا محمد بن الحسن الواسطي
قال أنا عوف أن رجلا أتى الحسن فقال يا أبا سعيد إن منزلي ناء
وإن الاختلاف يشق علي ومعي أحاديث من أحاديثك فإن لم تكن ترى
بالقراءة بأسا قرأت قال ما أبالي أقرأت علي فأخبرتك فإن حديثي
أوحدثتك به قال فأقول حدثني الحسن قال: نعم قل حدثني الحسن.
أخبرني القاضي أبو عبد الله الحسين بن علي الصيمري قال ثنا
محمد بن عمران المرزباني قال ثنا محمد بن مخلد العطار قال ثنا
أحمد بن منصور الرمادي قال ثنا يحيى بن معين ونعيم بن حماد
قالا ثنا محمد بن الحسن الواسطي عن عوف قال: قلت للحسن أقرأ
عليك الحديث فأقول حدثني الحسن قال إي لعمري فمن حدثك غيري؟.
أخبرنا محمد بن الحسين القطان قال أنا علي بن إبراهيم المستملي
قال ثنا محمد بن سليمان بن فارس قال ثنا محمد بن إسماعيل
البخاري قال: قال لي محمد بن سلام ثنا محمد هو ابن الحسن
الواسطي عن عوف عن الحسن قال إذا قرأ على الرجل فلا بأس أن
يقول: حدثنا.
أخبرني علي بن حمد المؤدب قال ثنا أحمد بن إسحاق قال ثنا ابن
خلاد قال ثنا عبد الله بن أحمد الغزاء قال ثنا محمد بن عبد
الله بن حميد المكي قال ثنا
ص -439- ... بشر بن عبيد قال ثنا عيسى بن
شعيب عن صالح بن أبي الأخضر عن الزهري فإن كان لا يرى بأسا أن
يقرأ الكتب على المحدث فإذا أقر بها قال حدثني فلان عن فلان
بكذا وكذا.
أخبرنا الحسن بن أبي بكر الأشعري وأحمد بن عبد الله بن الحسين
المحاملي قالا أنا محمد بن أحمد بن مالك الإسكافي قال ثنا أبو
الأحوص محمد بن الهيثم القاضي قال حدثني أبو الوليد الطيالسي
[ح وأخبرنا] ابن الفضل القطان قال أنا عبد الله بن جعفر قال
ثنا يعقوب بن سفيان قال ثنا أبو الوليد هشام بن عبد الملك [ح
وأخبرنا] أبو القاسم الأزهري قال أنا محمد بن العباس الخزاز
قال ثنا إبراهيم بن محمد الكندي قال ثنا أبو موسى محمد بن
المثنى قال حدثني أبو الوليد قال ثنا شعبة قال قرأت على منصور
فقلت أقول حدثني منصور قال: نعم.
أخبرنا إبراهيم بن محمد بن سليمان المؤدب بأصبهان قال أنا أبو
بكر بن المقرئ قال ثنا أبو القاسم سلامة بن محمود بن عيسى بن
قزعة المعروف بابن أبي نعيم بعسقلان قال ثنا محمد بن حماد
الطهراني1 قال أنا عبد الرزاق عن ابن جريج قال: قلت لعطاء أقرأ
عليك فكيف أقول قال: قل حدثنا عطاء.
وقال حدثنا الطهراني قال سمعت عبيد الله بن موسى يقول: سمعت
سفيان الثوري يقول: إذا قرأت على العالم فلا بأس أن تقول
حدثنا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 بكسر الطاء المهملة، نسبة إلى طهران الري كما في الأنساب،
لابن السمعاني، وكذا في التقريب والتبصير مضبوطا فيها كلها
بالعبارة، وقال في الخلاصة: بكسر المعجمة، وأراه سهوا، ووقع في
صف: بالمعجمة "ح".
ص -440- ... أخبرنا طلحة بن علي بن الصقر
الكتاني قال ثنا أبو سليمان محمد بن الحسين الحراني قال ثنا
بشر بن موسى بغزة قال ثنا محمد بن مهران قال سمعت عبيد الله بن
موسى يقول: سمعت سفيان الثوري يقول: إذا قرأت على العالم فلا
بأس أن تقول حدثنا.
أخبرني علي بن أحمد المؤدب قال ثنا أحمد بن إسحاق قال أنا ابن
خلاج قال ثنا عبد الله بن أحمد بن معدان الغزاء قال ثنا أحمد
بن حرب الموصلي قال ثنا زيد بن أبي الزرقاء قال سمعت سفيان
الثوري يقول في الرجل يقرأ على المحدث عشرة أحاديث أو أكثر أو
أقل أو مسائل أيقول سمعت فلانا؟ قال: نعم. قلت فهل يسع السامع
أن يعترض حديثا من وسطها فيقول سألت سفيان عن كذا وكذا أو قال
كذا وكذا قال: نعم إنما هي بمنزلة الشهادة.
أخبرنا القاضي أبو العلاء محمد بن علي الواسطي قال أنا محمد بن
جعفر التميمي بالكوفة قال أنا أبو بكر الصولي قال ثنا أبو
العيناء قال: قال أبو عاصم سألت مالك بن أنس وابن جريج وسفيان
الثوري وأبا حنيفة عن الرجل يقرأ على الرجل الحديث فيقول حدثنا
قالوا لا بأس به.
أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق قال ثنا محمد بن عبد الله الشافعي
قال ثنا إسماعيل بن إسحاق [ح وأخبرنا] الحسن أبي بكر قال أنا
أبو سهل أحمد بن محمد بن عبد الله بن زياد القطان قال ثنا
إسماعيل بن إسحاق القاضي قال ثنا يعقوب بن أحمد بن أسد قال ثنا
أبو عاصم قال سألت مالكا وابن جريج وسفيان الثوري [وأبا
حنيفة]1 عن الرجل يقرأ الحديث على المحدث فيقول فيه حدثنا فلان
فقالوا نعم قال أبو عاصم هذان حجازيان وهذان عراقيان.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من قط: ولابد منه كما يقتضيه الأثر "ح".
ص -441- ... أخبرنا أحمد بن عمر بن روح
النهرواني قال أنا المعافى بن زكريا قال ثنا عبد الله بن محمد
بن زياد النيسابوري قال ثنا الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني
[ح وحدثني] أبو طالب يحيى بن علي الدسكري قال أنا يوسف بن
إبراهيم السهمي بجرجان قال ثنا أبو نعيم بن عدي قال ثنا أبو
علي الزعفراني قال ثنا أبو قطن [قال: قال لي مالك اقرأ علي وقل
حدثنا زاد بن روح قال أبو قطن]1 وقال لي أبو حنيفة اقرأ علي
وقل حدثنا.
أخبرني القاضي أبو عبد الله الصيمري قال ثنا علي بن الحسن
الرازي قال ثنا محمد بن الحسين الزعفراني [ح وأخبرنا] عبيد
الله بن عمر الواعظ قال ثنا أبي قال ثنا الحسين بن أحمد بن
صدقة قالا ثنا أحمد بن أبي خيثمة قال ثنا يحيى بن أيوب قال
سمعت أبا قطن قال: قال أبو حنيفة اقرأ علي وقل حدثني لو رأيت
عليك في هذا شيئا ما أمرتك به.
أخبرنا القاضي أبو العلاء الواسطي قال أنا محمد بن أحمد المفيد
قراءة عليه قال ثنا محمد بن الحسن يعني الحارثي قال ثنا أبو
ثور عن أبي قطن عمرو بن الهيثم قال: قال أبو حنيفة اقرأ علي
وقل حدثنا [وقال لي شعبة اقرأ علي وقل حدثنا]"1".
أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق قال أنا محمد بن عبد الله الشافعي
قال ثنا جعفر بن محمد بن الحسن قال ثنا أحمد بن إبراهيم قال
ثنا ابن مهدي قال كان الرجل يقرأ علي مالك فيقول أقول ثنا
فيقول نعم إن شاء الله. أخبرنا ابن رزق [ومحمد بن الحسين بن
الفضل قالا أخبرنا دعلج بن أحمد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من قط.
ص -442- ... أخبرنا]1 وفي حديث ابن رزق
حدثنا أحمد بن علي الأبار قال ثنا أبو طاهر عن ابن وهب قال
سمعت مالكا وسئل عن الكتب التي تعرض عليك أيقول الرجل حدثني
قال: نعم وكذلك القرآن أليس الرجل يقرأ على الرجل القرآن فيقول
أقرأني فلان فقيل له كنت تقرأ أنت العلم على أحد قال لا قال ما
لك ولا كتبت في هذه الألواح قط.
أخبرنا عبيد الله بن عمر الواعظ قال ثنا أبي قال ثنا محمد بن
محمد بن سليمان الباغندي قال ثنا إسحاق بن سويد الرملي قال ثنا
ابن أبي أويس قال سألت مالكا فقلت يا أبا عبد الله إن الكتاب
يعرض عليك فيحضر عرضه غير واحد فيجوز لي ولمن حضر عرضه أن أقول
حدثني مالك ولم أسمع منك شيئا وإنما عرض عليك وأنا حاضر فقال:
نعم أو لست اسمعه إذا مر الخطأ رددته ثم قال لي مالك على من
قرأت [القرآن؟... فقلت على نافع بن أبي نعيم فقال أنت قرأت
عليه أو هو قرأ عليك فقلت بل أنا قرأت]1 عليه فإذا أخطأت رد
علي فقال لي أليس تحدث القراءة2 عنه ولم تسمعها منه فقلت بلى
فقال ذاك جائز.
أخبرنا أبو بكر محمد بن المؤمل الأنباري قال أنا محمد بن عبد
الله بن محمد بن صالح الأبهري قال ثنا عبيد الله3 بن الحسين
الصابوني قال ثنا مالك بن عبد الله بن سيف التجيبي بمصر قال
ثنا عبد الله بن عبد الحكم قال وقال ابن وهب وابن القاسم سئل
مالك فقيل له أرأيت ما عرضنا عليك أنقول ثنا قال: نعم قد يقول:
الرجل يقرأ على الرجل أقرأني فلان وإنما قرأ عليه،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من قط.
2 كذا.
3 هكذا في قط والأنساب، ووقع في صف: عبد الله "ح".
ص -443- ... ولقد قال ابن عباس كنت أقرأ
على عبد الرحمن بن عوف فقيل له أفيعرض الرجل أحب إليك أم تحدثه
قال بل يعرضه إذا كان يتثبت في قراءته ربما غلط الذي يحدث أو
سها وأن الذي يعرض أعجبها1 إلى في ذلك. حدثني محمد بن علي بن
مخلد بن الحسين الوراق لفظا قال ثنا أبو سعيد الحسن بن جعفر
الحرفي2 قال سمعت الفريابي3 قال سمعت قتيبة يقول: كنت في كل
مجلس أقوم إلى مالك فأقول هذا الذي قرأ عليك حبيب كما قرأ
فيقول: نعم، فأقول أقول ثنا مالك فيقول: نعم.
أخبرنا محمد بن الحسين القطان قال أنا عبد الله بن جعفر بن
درستويه قال ثنا يعقوب بن سفيان قال ثنا ابن بكير قال لما
عرضنا الموطأ على مالك قال له رجل من أهل المغرب يا أبا عبد
الله أحدث بهذا عنك فقال: نعم قال وأقول حدثني مالك قال: نعم
أما رأيتني فرغت نفسي لكم وتسمعت إلى عرضكم وأقمت سقطه وزلله
فمن حدثكم غيري نعم حدث بها عني وقل حدثني مالك.
حدثت عن عبد العزيز [بن جعفر]4 الحنبلي قال ثنا أبو بكر الخلال
قال
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 كذا.
2 هكذا في تاريخ المؤلف، وكذلك ضبطه في التبصير والأنساب، ولكن
سماه في الأنساب "الحسين" خطأ، ووقع في الأصلين: الخرقي "ح".
3 زاد في صف "أبا سعيد" وهو سبق قلم، فإن الفريابي هذا هو:
جعفر بن محمد، لأنه هو الذي يروي عن قتيبة، ويروي عنه الخرقي،
وكنية جعفر "أبو بكر" كما في تاريخ المؤلف وغيره "ح".
4 من قط.
ص -444- ... أخبرني الميموني قال: قال لي
أبو عبد الله كان إذا حدثنا يعني يحيى القطان عن عبيد الله قال
أخبرني نافع أو حدثني نافع كأن الأمر عنده واحد في حدثنا
وأخبرنا قلت لأبي عبد الله فإن هو حدثكم عن رجل بعينه كان
يقول: حدثني وأخبرني قال هو [في]1 نفسه لا أدري.
كتب إلي أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان الدمشقي يذكر أن خيثمة
بن سليمان الطرابلسي أخبرهم قال ثنا محمد بن هشام مستملي بن
عرفة قال ثنا أحمد بن الدورقي قال ثنا أبو خيثمة عن يحيى بن
سعيد القطان قال أخبرنا وحدثنا وسمعت واحد إذا أراد به السماع.
أخبرنا أبو بكر البرقاني قال قرأت على أبي عمرو محمد بن الحسن
الجوهري بهراة قال سمعت محمد بن عبد الرحمن السامي2 يقول: سمعت
أحمد بن سعيد الدارمي3 قال سمعت يزيد بن هارون والنصر بن شميل
وأبا عاصم النبيل ووهب بن جرير يقولون حدثنا وأخبرنا شيء واحد.
وأخبرنا البرقاني أيضا قال أنا أبو عمرو محمد بن محمد بن الحسن
الجوهري بمرو قال سمعت محمد بن عبد الرحمن السامي يقول: سمعت
أحمد بن سعيد فذكر مثله سواء.
أخبرنا محمد بن عيسى الهمذاني قال ثنا صالح بن أحمد الحافظ قال
سمعت أبا عمرو أحمد بن الحسن يقول: سمعت إبراهيم بن أحمد يقول:
قال أحمد بن حنبل حدثنا وأخبرنا شيء واحد.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من قط.
2 قط: الشامي، وقد تقدم ما فيه بهامش صفحة 334 "ح".
3 قط: الرومي.
ص -445 - ... أخبرنا الحسن بن أبي بكر بن
شاذان قال ثنا أبو بكر محمد بن الحسن بن مقسم المقرئ قال سمعت
ثعلبا يقول: أخبرنا وحدثنا وأنبأنا سواء.
حدثني محمد بن أبي الحسن الساحلي قال أنا يحيى بن علي بن محمد
الحضرمي قال ثنا محمد بن الحسن1 بن خالد الصدفي قال: قال لنا
أبو جعفر الطحاوي في معنى حدثنا وأخبرنا فإن واحد قال الله
تعالى: {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} قال تخبر
بأحاديثها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 صف: الحسين.
باب في من قرأ على المحدث إسناد
حديث وبعض متنه ثم قال: وذكر الحديث هل يجوز له رواية ذلك
الحديث بطوله عنه؟
حدثني القاضي أبو الطيب طاهر بن عبد الله الطبري قال سمعت أبا
علي الزجاجي الطبري يقول: إذا كان الحديث طويلا فقرأ إسناده
وبعض متنه ثم قال وذكر الحديث بطوله أجزأ.
أخبرنا أبو بكر أحمد بن [محمد بن] 2 غالب الفقيه قال سألت أبا
بكر الإسماعيلي عمن قرأ إسناد الحديث [على الشيخ ثم قال وذكر
الحديث هل يجوز أن يحدث بجميع الحديث] "2" فقال لي البيان أولى
ولكن إذا عرف المحدث والقاري ذلك الحديث [بطوله] 3 فأرجوا أن
يجوز ذلك والبيان أولى أن يقول: كما كان.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
2 من قط.
3 من صف.
ص -446 - ... كتب إلى أبو ذر عبد بن أحمد
الهروي من مكة يخبر أن أبا العباس الوليد بن بكر الأندلسي حدثه
وذكر قراءة المحدث بأسانيد عدة أحاديث1 حتى إذا بلغ صدور
المتون قرأ منها مقدار ما يعرف به الحديث ثم امسك عن قراءة
باقيه ويقول وذكر الحديث بطوله قال الوليد وهذا إنما يصلح إذا
كان الرواي والطالب ممن يعرف الأحاديث وكان الفرع مقابلا
بالأصل أو كان مشهورا من الحديث لا يختلف لفظه2 وينبغي في مثل
هذا أن يقول: وذكر الحديث إلى موضع كذا استظهارا من أن يكون
فيه زيادة في بعض الروايات ولا يكون في بعضها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قط: قراءة المحدث أسانيد الحديث.
2 صف: بلفظ.
باب الكلام في الإجازة وأحكامها
وتصحيح العمل بها
اختلف الناس في الإجازة للأحاديث فذهب بعضهم إلى صحتها ودفع
ذلك بعضهم والذين قبلوها أكثر ثم اختلف من قبلها في وجوب العمل
بما تضمنت الأحاديث من الأحكام فقال أهل الظاهر وبعض المتأخرين
ممن تابعهم لا يجب العمل بها لأنها جارية مجرى المراسيل
والرواية عن المجاهيل وقال الدهماء من العلماء فإن يجب العمل
بها ونحن نسوق ما تيسر من الروايات عنهم فيها وما يتعلق
بأحكامها ونذكر الأقرب إلى الصواب عندنا إن شاء الله.
حدثني أبو سعيد مسعود بن ناصر السجزي قال سمعت أبا الحسن علي
بن أحمد بن إبراهيم السرخاباذي يقول: سمعت أبا الحسين أحمد بن
فارس بن حبيب يقول: معنى الإجازة في كلام العرب مأخوذ من جواز
الماء الذي يسقاه المال
ص -447- ... من الماشية والحرث يقال منه
استجزت فلانا فأجازني إذا أسقاك1 ماء لأرضك ولماشيتك قال
القطامي:
وقالوا فقيم قيم الماء فاستجز ... عبادة إن المستجيز على قتر
كذلك طالب العلم يسأل العالم أن يجيزه وعلمه فيجيزه إياه
والطالب2 مستجيز والعالم مجيز.
ويقال أن الأصل في صحة الإجازة حديث النبي صلى الله عليه وآله
وسلم المذكور في المغازي حيث كتب لعبد الله بن جحش كتابا وختمه
ودفعه إليه ووجهه في طائفة من أصحابه إلى ناحية تحلة وقال له
لا تنظر في الكتاب حتى تسير يومين ثم انظر فيه.
أخبرنا بذلك القاضي أبو بكر أحمد بن الحسن الحرشي قال ثنا أبو
العباس محمد بن يعقوب الأصم [ح وقرأنا] على أبي سعيد محمد بن
موسى الصيرفي عن أبي العباس الأصم أيضا قال ثنا أحمد بن عبد
الجبار العطاردي قال ثنا يونس بن بكير عن ابن إسحاق قال حدثني
يزيد بن رومان3 عن عروة بن الزبير قال بعث رسول الله صلى عليه
وآله وسلم عبد الله بن جحش إلى نخله فقال له: كن بها حتى
تأتينا بخبر من أخبار قريش ولم يأمره بقتال وذلك في الشهر
الحرام وكتب له كتابا قبل أن يعلمه أين يسير فقال اخرج أنت
وأصحابك حتى إذا سرت يومين فافتح كتابك وانظر فيه فما أمرتك به
فامض له ولا تستكرهن أحدا من
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قط: إذا سقاك.
2 قط: فالمطالب.
3 صف: هارون، خطأ "ح".
ص -448- ... أصحابك على الذهاب معك فلما
سار يومين فتح الكتاب فإذا فيه أن امض حتى تنزل نخلة فتأتينا
من أخبار قريش بما يصل إليك منهم فقال لأصحابه حين قرأ الكتاب
سمعا وطاعة من كان منكم له رغبة في الشهادة فلينطلق معي فإني
ماض لأمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومن كره منكم
فليرجع فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد نهاني أن
استكره منكم أحدا فمضى معه القوم وساق بقية الحديث بطوله.
أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن عبد الله بن مهدي البزاز
وأبو القاسم عبد العزيز بن محمد بن جعفر بن المؤمن العطار قالا
ثنا عثمان بن أحمد بن عبد الله الدقاق قال ثنا عبد الملك بن
محمد الرقاشي قال ثنا أبي قال ثنا المعتمر بن سليمان قال سمعت
أبي يحدث عن الحضرمي عن أبي السوار عن جندب بن عبد الله قال
بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رهطا واستعمل عليهم
عبيدة بن الحارث قال فلما انطلق ليتوجه لكنه بكى صبابة إلى
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعث رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم مكانه رجلا يقال له عبد الله بن جحش وكتب له
كتابا وأمره أن لا يقرأه إلا بمكان كذا وكذا وقال لا تكرهن
أحدا من أصحابك على المسير معك فلما صار ذلك الموضع قرأ الكتاب
واسترجع فقال سمعا وطاعة لله ولرسوله وذكر بقية الحديث.
واحتج بعض أهل العلم ممن كان يرى وجوب العمل بحديث الإجازة بما
اشتهر نقله أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كتب سورة براءة
في صحيفة ودفعها إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه ثم بعث علي
بن أبي طالب رضي الله عنه فأخذها منه ولم يقرأها عليه ولا هو
أيضا قرأها
ص -449- ... حتى وصل إلى مكة ففتحها وقرأها
على الناس فصار ذلك كالسماع في ثبوت الحكم ووجوب العمل به.
سألت أبا نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ قلت له ما ترى في
الإجازة فقال الإجازة صحيحة يحتج بها واستشهد بحديث عبد الله
بن عكيم قال كتب إلينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
قال أبو نعيم ما أدركت أحدا من شيوخنا إلا وهو يرى الإجازة
ويستعملها سوى أبي شيخ فإنه كان لا يعدها شيئا.
قلت1: أبو شيخ هو عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان الأصبهاني
وممن سمي لنا فإن كان يصحح العمل بأحاديث الإجازة ويرى قبولها
من المتقدمين الحسن البصري ونافع مولى عبد الله بن عمر وابن
شهاب الزهري وربيعة بن أبي عبد الرحمن ويحيى بن سعيد الأنصاري
وقتادة بن دعامة ومكحول الشامي وأبان بن أبي عياش وأيوب
السختياني وعبيد الله بن عمر بن حفص وهشام بن عروة ويحيى بن
أبي كثير ومنصور بن المعتمر وعبيد الله بن أبي جعفر وحيوة بن
شريح وشعيب بن أبي حمزة وأبو عمرو الأوزاعي وابن أبي ذئب ومالك
بن أنس وعبد العزيز [بن]2 الماجشون وعبد الملك فإني وسفيان
الثوري والليث بن سعد ومعاوية بن سلام وسفيان فإني وأبو بكر بن
عياش وأبو ضمرة أنس بن عياض ومحمد بن شعيب بن شابور وعبد الله
بن وهب وعبد الرحمن بن القاسم وأشهب بن عبد العزيز ومحمد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قط: قال الخطيب.
2 من صف.
ص -450- ... ابن إدريس الشافعي وأبو اليمان
الحكم بن نافع وأحمد بن حنبل والحسين بن علي الكرابيسي ومحمد
بن بشار بندار ومحمد بن يحيى الذهلي ومحمد بن إسماعيل البخاري
ومسلم بن الحجاج النيسابوري والعباس بن الوليد البيروتي وأبو
زرعة الدمشقي وإسمعيل بن إسحاق القاضي والحارث بن أبي أسامة
وعبد الله بن أحمد بن حنبل ومحمد بن إسحاق بن خزيمة
النيسابوري.
[آخر الجزء التاسع]1
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من قط: وفيها بعده ما لفظه:
ويتلوه إن شاء الله تعالى في الذي يليه: "فأما من كان ينكر
الإجازة".
والحمد لله وحده، وصلواته على خير خلقه محمد وآله وصحبه وسلم،
وهو حسبنا ونعم الوكيل.
ص -451- ... الجزء العاشر
بسم الله الرحمن الرحيم
رب زدني علما
[قال أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي
قال]1:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من قط.
ص -452- ... فأما من كان ينكر الإجازة ولا
يعدها شيئا فانا ذاكرون من سمى لنا منهم برواية ما حفظنا في
ذلك عنهم. أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن علي بن عبد الله1 بن
مصعب بن محمد بن شيبان الأصبهاني بها قال حدثنا عبد الله بن
محمد بن جعفر بن حيان قال ثنا محمد بن عبد الله بن رسته قال
ثنا أبو معمر القطيعي قال ثنا ابن يمان عن سفيان عن ابن جريج
عن عطاء قال إن العلم سماع أراد عطاء، والله أعلم أن العلم
الذي يجب قبوله ويلزم العمل بحكمه هو المسموع دوه غيره وظاهر
هذا القول يدل على فإن كان لا يعتد بالإجازة لخروجها عن حيز
السماع، والله أعلم.
أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق قال أنا عثمان بن أحمد الدقاق قال
ثنا حنبل بن إسحاق قال ثنا علي قال وسألت يحيى [ح وأخبرنا] أبو
نعيم الحافظ قال ثنا محمد بن أحمد بن الحسن الصواف قال ثنا
محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال حدثني علي بن عبد الله المديني
قال وسألته يعني يحيى بن سعيد عن حديث ابن جريج عن عطاء
الخراساني فقال ضعيف قلت ليحيى فإن يقول: أخبرني قال لا شيء
كله ضعيف إنما هو كتاب دفعه إليه.
أخبرني علي بن أحمد بن علي المؤدب قال ثنا أحمد بن إسحاق
النهاوندي قال أنا الحسن بن عبد الرحمن قال ثنا عبد الله بن
أحمد بن معدان قال ثنا يوسف بن مسلم قال ثنا خلف بن تميم قال
أتيت حيوة بن شريح فسألته فأخرج إلى كتابا قال اذهب فانسخ هذا
وأروه عني قلت لا نقبله إلا سماعا قال هكذا نفعل2 بغيرك فإن
أردته وإلا فذره قال فتركته.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قط: عبيد الله.
2 قط: كذا فعل.
ص -453- ... أخبرنا محمد بن أحمد بن يعقوب
قال أنا محمد بن نعيم الضبي قال سمعت أبا النضر محمد بن محمد
الفقيه يقول: سمعت صالح بن محمد الحافظ يقول: الإجازة ليست
بشيء.
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن صالح العطار بأصبهان قال
أنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان قال ثنا الحسن
بن محمد قلت1 أنا لعله الداركي2 قال: قال أبو زعرة وسئل عن
إجازة الحديث والكتب فقال ما رأيت أحدا يفعله فإن تساهلنا3 في
هذا يذهب العلم ولم يكن للطلب معني وليس هذا من مذهب أهل
العلم.
أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد الروياني قال ثنا محمد بن العباس
الخزاز قال ثنا أبو أيوب سليمان بن إسحاق بن إبراهيم بن الخليل
الجلاب قال سئل إبراهيم بن إسحاق الحربي عن المحدث يجيز للرجل
الحديث يجوز أن يقال4 حدثنا فلان قال الإجازة ليس هي عندنا
شيئا إذا قال وثنا فقد كذب قال سليمان وسأل أبي أبا إسحاق فقال
له: دفع إلي الحسن بن عبد العزيز جزءا فقال لي هذا الجزء نسخة
بن أختي وهو من حديثي فاروه عني فقال إبراهيم لأبي لا ترو عنه
شيئا قال أبو أيوب وسمعت إبراهيم يقول: الإجازة والمناولة لا
تجوز وليس هي شيئا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قط: قال الخطيب.
2 هكذا في قط: وكذلك ضبطه في الأنساب، ووقع في صف: الدارمي
"ح".
3 قط: وإن.
4 قط: يقول.
ص -454- ... حدثنا أبو طالب يحيى بن علي بن
الطيب الدسكري1 لفظا بحلوان قال أنا أبو بكر بن المقري بأصبهان
قال ثنا لاحق بن الحسين قال ثنا عمر بن العباس الكاتب قال ثنا
عباس2 بن محمد الدوري قال حدثنا قراد أبو نوح قال سمعت شعبة
يقول: لو صحت الإجازة بطلت الرحلة.
أخبرني أبو القاسم الأزهري قال أنا محمد بن عبيد الله بن الفتح
الصيرفي قال أنا عبد الوهاب بن أبي حية قال ثنا الفضل بن سهل
قال ثنا أبو نوح عبد الرحمن بن غزوان مرارا قال سمعت شعبة
يقول: كل حديث ليس فيه سمعت قال سمعت فهو خل وبقل.
أخبرنا محمد بن المؤمل الأنباري قال أنا أبو بكر محمد بن عبد
الله بن صالح الأبهري قال ثنا عبيد الله بن الحسين الصابوني
قال ثنا مالك بن عبد الله بن سيف التجيبي قال ثنا عبد الله بن
عبد الحكم قال: قال ابن وهب وابن القاسم سئل مالك عن الرجل
يقول: له العالم هذا كتابي فاحمله عني وحدث بما فيه قال لا أرى
هذا يجوز ولا يعجبني ناس يفعلون ذلك وإنما يريد هذا الحمل يريد
بذلك الحمل الكثير بالإقامة اليسيرة وما يعجبني ذلك.
حدثني محمد بن علي بن عبد الله قال حدثني عبد الغني بن سعيد
الحافظ وكتب لي بخطه قال ثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن المسور
قال ثنا الفضل بن جعفر بن همام قال ثنا الحارث بن مسكين عن عبد
الرحمن بن القاسم قال سألت مالك بن أنس عن الإجازة فقال لا أرى
ذلك وإنما يريد أحدهم أن يقيم المقام اليسير ويحمل العلم
الكثير.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 صف: السكر.
2 قط: عياش، خطأ "ح".
ص -455- ... قد ثبت عن مالك رحمه الله فإن
كان يحكم بصحة الرواية لأحاديث الإجازة فأما الذي حكيناه عنه
آنفا فإنما قاله على وجه الكراهة أن يجيز العلم لمن ليس من
أهله ولا خدمه وعانى التعب فيه فك أن يقول: إذا امتنع من إعطاء
الإجازة لمن هذه صفته يحب أحدهم أن يدعى قسا ولم يخدم الكنيسة
فضرب ذلك مثلا يعني إن الرجل يحب أن يكون فقيه بلده ومحدث مصره
من غير أن يقاسي عناء الطلب ومشقة الرحلة اتكالا على الإجازة
كمن أحب من رذال النصارى أن يكون قسا ومرتبته لا ينالها الواحد
منهم إلا بعد استدراج طويل وتعب شديد.
وكان مالك رحمه الله يشترط في الإجازة أن يكون فرع الطالب
معارضا بأصل الرواي حتى كأنه هو وان يكون المجيز عالما بما
يجيز1 به معروفا بذلك ثقة في دينه وروايته وان يكون المستجيز
من أهل العلم وعليه سمته2 حتى لا يوضع العلم إلا عند أهله.
أخبرنا أبو سعيد محمد بن موسى الصيرفي قال سمعت أبا العباس
محمد بن يعقوب الأصم يقول: سمعت الربيع بن سليم أن يقول: فاتني
من البيوع من كتاب الشافعي ثلاث ورقات فقلت له: اجزها لي فقال
لي ما قرئ علي كما قرئ علي ورددها غير مرة حتى أذن الله في
جلوسه فجلس فقرئ عليه وهذا الفعل من الشافعي محمول على الكراهة
للإتكال على الإجازة بدلا من السماع لأنه قد حفظ عنه الإجازة
لبعض أصحابه ما لم يسمعه من كتبه وسنذكر الخبر بذلك في موضعه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قط: يخبر، كذا.
2 صف: سمعته، كذا.
ص -456 - ... فأما اعتلال من لم يقبل
أحاديث الإجازة بأنها تجري مجرى المراسيل والرواية عن المجاهيل
فغير صحيح لأنه يعرف1 المجيز بعينه وأمانته وعدالته فكيف يكون
بمنزلة من لا يعرفه2 وهذا واضح لا شبهة فيه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قط: لأنا نعرف.
2 صف: لا نعرفه.
باب ذكر بعض أخبار من كان يقول:
بالإجازة ويستعملها
أخبرني القاضي أبو عبد الله الحسين بن علي الصيمري قال ثنا
محمد بن عمران بن موسى الكاتب قال ثنا محمد بن مخلد العطار قال
ثنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل الحساني قال سمعت محمد بن
الحسن المزني الواسطي عن عوف الأعرابي قال: قال رجل للحسن إن
عندي كتابك3 فأرويه عنك قال: نعم.
أخبرنا محمد بن الحسين القطان قال ثنا عبد الله بن جعفر بن
درستويه قال ثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا إبراهيم بن المنذر
قال ثنا أبو ضمرة عن عبيد الله بن عمر بن حفص قال أشهد على بن
شها بأنه كان يؤتى بالكتاب من كتبه فيتصفحه وينظر فيه ثم يقول:
هذا حديثي أعرفه خذه عني.
أخبرنا أبو سعيد الصيرفي قال سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب
الأصم يقول: سمعت العباس بن محمد الدوري يقول: سمعت يحيى بن
معين يقول: ثنا أبو ضمرة ثنا عبيد الله بن عمر قال كنت أرى
الزهري يؤتى بالكتاب ما قرأه ولا قرئ عليه فيقال له نروي هذا
عنك فيقول: نعم.
أخبرنا عبيد الله بن عمر بن أحمد الواعظ قال ثنا أبي قال ثنا
[أحمد بن محمد4]
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
3 قط: كتابا من علمك.
4 من قط.
ص -457- ... ابن شيبة1 قال سمعت علي بن
شعيب يقول: سمعت أبا ضمرة يقول: أشهد على عبيد الله بن عمر فإن
قال كان الزهري يؤتى بالكتاب فيقال نرويه عنك فيقول نعم ما
قرأه ولا قرئ عليه.
أخبرنا أحمد بن أبي جعفر القطيعي وعلي بن أبي علي البصري قالا
حدثنا إسحاق بن سعد بن الحسن بن سفيان قال ثنا جدي قال ثنا
حرملة بن يحيى قال ثنا ابن وهب قال ثنا سفيان وهو ابن عيينة
قال رأيت رجلا جاء إلى ابن شهاب بكتاب فيه أحاديث [عن ابن
شهاب]2 فقال له: أحدث بهذا عنك فقال له: ابن شهاب نعم ولم
يقرأه عليه.
أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق ومحمد بن الحسين بن الفضل قالا أنا
دعلج بن أحمد قال ثنا أحمد بن علي الأبار قال ثنا محمد بن عباد
عن ابن عيينة قال ابن جريج جاء إلى الزهري بأحاديث فقال أريد
أن أعرضها عليك فقال كيف أصنع بشغلي قال فأرويها عنك قال: نعم
واللفظ لابن رزق.
أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن مخلد بن جعفر المعدل قال ثنا أبو
عبد الله محمد بن أحمد بن إبراهيم الحكيمي قال ثنا أبو قلابة
قال ثنا عمي3 قال ثنا ابن عيينة قال كنت عند ابن شهاب فجاء ابن
جريج ومعه ثلث قرطاس فيه حديث ظهرا وبطنا فقال يا أبا بكر أروي
هذا عنك قال: نعم قال ابن عيينة والله ما أدري أيهما أعجب ابن
شهاب أو ابن جريج يقول: له أروي هذا عنك فيقول: نعم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من قط.
2 صف: ثنا حماد بن شيبة، كذا، وفي تاريخ المؤلف "أحمد بن محمد
بني شبيب، يعرف بابن شيبة، وربما قيل اين شيبة، روى عنه.. وأبو
حفص بن شاهين" وأبو حفص هو والد عبيد الله، شيخ الخطيب هنا ،
والله أعلم "ح".
3 كذا في صف: عمر، والله أعلم.
ص -458- ... [قلت]1 عجب سفيان كيف لم ينظر
ابن شهاب إلى المكتوب في القرطاس أهو من حديثه أم لا وكيف
استجاز ابن جريج أن يسأله إجازة ذلك ولعل ابن شهاب كان قد عرف
القرطاس بل عساه أن يكون هو كتبه فأغناه ذلك عن النظر فيه أو
كان يعتقد جريج لا يستجيز إلا ما كان من حديثه لأمانة ابن جريج
عنده والله أعلم.
أخبرنا أبو بكر محمد بن علي بن أحمد المطرز قال أنا محمد بن
أحمد بن إسماعيل الواعظ قال ثنا محمد بن محمد بن أبي حذيفة
الدمشقي قال ثنا أبو أسامة الحلبي قال حدثني أبي قال ثنا أبو
سعد عمر بن حفص الأنصاري عن عبد الملك بن يحيى بن عباد بن عبد
الله بن الزبير أن ابن شهاب الزهري دفع إلى بعض أصحابه أحاديث
من أحاديثه في طومار فقال هذه أحاديثي خذها فحدث بها فقبل ذلك
منه.
أخبرنا أبو بكر البرقاني قال أنا أبو حاتم محمد بن يعقوب بن
إسحاق بن محمود الهروي قال ثنا الحسين بن إدريس [ح] وأخبرني
أبو يعلى أحمد بن عبد الواحد الوكيل قال أنا موسى بن عيسى بن
عبد الله السراج قال ثنا محمد بن محمد بن سليمان الباغندي قالا
ثنا المسيب بن واضح قال ثنا ابن عياش عن عبيد الله2 بن عبيد
الكلاعي قال أعطاني مكحول دفترا فيه حلال وحرام فقال خذ هذا
الدفتر فاروه وحدث به عني [قلت: له كيف أرويه وأحدث به عنك
وأنا لم أسمعه منك قال بلى أنا أقول اروه وحدث به عني وتقول لم
أسمعه منك]3 واللفظ للباغندي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من صف.
2 من رجال التهذيب، ووقع في قط: عبد الله خطأ "ح".
3 من قط.
ص -459- ... أخبرنا الحسن بن أبي بكر قال
أنا عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم [البغوي ح وأخبرنا] عثمان بن
محمد بن يوسف العلاف قال أنا محمد بن عبد الله [بن إبراهيم]1
الشافعي قال عبد الله ثنا وقال محمد حدثني جعفر بن كزال2 قال
ثنا خالد بن خداش3 قال ثنا يزيد بن زريع قال رأيت ابن جريج جاء
إلى أبان بن أبي عياش بكراسة مطبقة فقال اروي هذه عنك قال:
نعم.
أخبرنا ابن الفضل قال أنا عبد الله بن جعفر قال ثنا يعقوب بن
سفيان قال ثنا سليمان بن حرب قال حدثني من رأى ابن جريج جاء
إلى أبان بن أبي عياش بكتاب فقال هذا حديثك فأجزه لي قال: نعم
فأخذ الكتاب وذهب.
أخبرنا أبو نعيم الحافظ ثنا محمد بن أحمد بن الحسن4 قال ثنا
محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال ثنا علي بن عبد الله المديني
قال: قال يحيى بن سعيد قال هشام بن عروة جاء ابن جريج بكتاب
فقال هذا حديثك ارويه عنك قال: قلت: نعم قال يحيى فقلت في نفسي
ما أدري أيهما أعجب.
أخبرنا ابن الفضل قال أنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب
قال ثنا عبد الرحمن بن إبراهيم قال ثنا شعيب بن إسحاق عن هشام
بن عروة قال جاء ابن جريج بصحيفة مكتوبة فقال لي يا أبا المنذر
هذه أحاديث أرويها عنك قلت: نعم فذهب فما سألني عن شيء غيرها.
أخبرنا ابن الفضل قال أنا عبد الله قال ثنا يعقوب قال ثنا
إبراهيم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من قط.
2 هو: جعفر بن محمد بن عبد الله بن بشر بن كزال حدث عن.. وخالد
بن خداش، هكذا في تاريخ المؤلف، ووقع في صف: كزار "ح".
3 صف: خديش، خطأ "ح".
4 هو ابن الصواف، له ترجمة في تاريخ المؤلف، ووقع في صف:
الحسين، خطأ "ح".
ص -460- ... ابن المنذر قال ثنا يحيى بن
الزبير بن1 عباد بن حمزة بن عبد الله بن الزبير قال طلبت من
هشام بن عروة أحاديث أبيه قال فاخرج إلي دفترا فقال في هذا
أحاديث أبي صححته وعرفت ما فيه فخذه عني ولا تقل كما يقول:
هؤلاء حتى أعرضه.
أخبرنا عبد الرحمن بن عثمان الدمشقي في كتابه إلينا قال أنا
أبو الميمون عبد الرحمن بن عبد الله البجلي قال أنا أبو زرعة
عبد الرحمن بن عمرو النصري2 قال ثنا صفوان بن صالح3 قال ثنا
عمر بن عبد الواحد عن الأوزاعي قال دفع إلى يحيى بن أبي كثير
صحيفة فقال اروها عني ودفع4 إلى الزهري صحيفة فقال: اروها عني.
أخبرنا القاضي أبو عبد الله الصيمري قال ثنا علي بن الحسن
الرازي قال ثنا محمد بن الحسين الزعفراني قال ثنا أحمد بن زهير
قال ثنا الحزامي قال ثنا عبد الله بن وهب عن ليث بن سعد أن
عبيد الله بن أبي جعفر كتب لي كتب فحدثتها عنه ولم أعرضها
عليه.
أخبرنا محمد بن عبد الواحد الأكبر قال أنا محمد بن العباس
الخزاز قال
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 صف: عن وأراه خطأ، فإن عبادة بن حمزة متقدم، سمع من عائشة،
وهو من شيوخ هشام بن عروة كما في التهذيب، ولم أجد ليحيى بن
الزبير ترجمة، ولكن في اتباع التابعين من ثقات ابن حبان:
"الزبير بن عباد بن حمزة بن الزبير بن العوام، يروي عن
المدنيين، روى عنه ابنه يحيى بن الزبير"، "ح".
2 ضبطه في الأنساب ومشتيه الذهبي والتبصير، ووقع في صف:
النضري، خطأ "ح".
3 من رجال التهذيب، ووقع في صف صفوان بن عبد الله بن صالح، كذا
"ح".
4 صف: أو دفع.
ص -461- ... أنا أحمد بن سعيد1 بن مرابه2
قال ثنا العباس بن محمد قال سمعت يحيى بن معين يقول: حديث ابن
أبي ذئب عن الزهري في مناولة3.
أخبرني علي بن أحمد المؤدب قال ثنا أحمد بن إسحاق النهاوندي
قال ثنا الحسن بن عبد الرحمن القاضي قال ثنا الساجي يعني زكريا
بن يحيى قال ثنا هارون الإيلي4 قال ثنا عبد الله بن صالح كاتب
الليث بن سعد أن الليث بن سعد كان يجيز كتب العلم لكل من سأله
ذلك ولا يمتنع ويراها جائزة واسعة لمن أخذه وحدث به.
كتب إلي عبد الرحمن بن عثمان يذكر أن أبا الميمون البجلي
أخبرهم قال ثنا أبو زرعة قال حدثني صفوان بن صالح قال ثنا عمر
بن عبد الواحد قال دفع إلي الأوزاعي كتابا5 بعد ما نظر فيه
فقال اروه عني.
أخبرنا القاضي أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري وأبو القاسم عبد
الرحمن بن محمد بن عبد الله السراج قالا ثنا أبو العباس محمد
ين يعقوب الأصم قال سمعت العباس بن الوليد بن مزيد يقول: سمعت
ابن شعيب يقول: لقيت الأوزاعي ومعي كتاب كنت كتبته من أحاديثه
فقلت يا أبا عمرو هذا كتاب كتبته من أحاديثك قال هاته قال
وأخذه6 وانصرف إلى منزله وانصرفت أنا فلما كان بعد أيام لقني
به لم يقل السراج به فقال هذا كتابك قد عرضته وصححته قلت يا
أبا عمرو فأروي عنك؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 صف: حميد بن سعد، خطأ "ح".
2 في قط: مرابا وفي صف: مرايا، وقد تقدم تحقيقه مرارا فيما سبق
من هذا الكتاب.
3 قط: هي مناولة.
4 ضبطه في التقريب وغيره، ووقع في قط: الأبلي، خطأ "ح".
5 قط: كتابي.
6 قط: فأخذه.
ص -462- ... قال: نعم فقلت أذهب فأقول
أخبرني الأوزاعي قال: نعم قال أبو الفضل1 العباس وأنا أقول كما
قال الأوزاعي.
أخبرنا أبو الفرج عبد السلام بن عبد الوهاب القرشي بأصبهان قال
أنا سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني قال ثنا أبو زرعة الدمشقي
قال ثنا أبو اليمان الحكم بن نافع قال كان شعيب بن أبي حمزة
عسرا في الحديث فدخلنا عليه حين حضرته الوفاة فقال هذه كتبي قد
صححتها فمن أراد أن يأخذها فليأخذها ومن أراد أن يعرض فليعرض
ومن أراد أن يسمعها من ابني فليسمعها فإنه قد سمعها مني.
أخبرنا أبو بكر البرقاني قال ثنا يعقوب بن موسى الأردبيلي قال
ثنا أحمد بن طاهر بن النجم قال ثنا سعيد بن عمرو البرذعي قال
سمعت أبا زرعة يقول: لم يسمع أبو اليمان من شعيب بن أبي حمزة
إلا حديثا واحدا والباقي إجازة.
أخبرنا عبيد الله بن عمر الواعظ قال ثنا أبي قال ثنا محمد بن
محمد بن سليمان الباغندي إملاء قال ثنا أبو نعيم عبيد بن هشام
الحلبي قال كنا عند مالك بن أنس فأتاه صالح بن يوسف أو صالح بن
عبد الله فقال يا أبا عبد الله الصحيفة التي دفعتها إليك نظرت
فيها فقام مالك فدخل ثم خرج فدفعها إليه وقال قد نظرت فيها وهي
من حديثي فاروها عني.
أخبرنا أبو طاهر حمزة بن محمد بن طاهر الدقاق قال ثنا أبو
العباس الوليد بن بكر الأندلسي قال سمعت أبا ناصر محمد بن أحمد
الملاحمي ببخارى
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أبو الفضل، كنية العباس بن الوليد، كما في التهذيب وغيره،
ووقع في قط ابن الفضل العباس، خطأ "ح".
ص -463- ... يقول: سمعت الوزان يعني أبا
بكر محمد بن حامد يقول: سمعت سهل بن المتوكل يقول: سمعت
إسماعيل بن أبي أويس يقول: سمعت مالك بن أنس يقول: السماع
عندنا على ثلاثة اضرب أولها قراءتك على العالم والثاني قراءة
العالم عليك والثالث أن يدفع إليك العالم كتابا قد عرفه فيقول
لك اروه عني.
حدثني أبو طالب يحيى بن علي الدسكري قال أنا أبو يعقوب يوسف1
بن إبراهيم بن موسى السهمي بجرجان قال ثنا أبو نعيم2 بن عدي
قال ثنا عباس بن محمد الدوري قال سمعت يحيى بن معين يقول: أن
عبد الله بن وهب قال لسفيان فإني يا أبا محمد الذي عرض عليك
أمس فلان أجزتها لي قال: نعم.
أخبرنا ابن الفضل قال أنا عبد الله بن جعفر قال ثنا يعقوب بن
سفيان قال سمعت الحميدي يقول: كنت أرى ابن وهب يجئ إلى سفيان
وكان يسكن في دار كراء وله درجة طويلة فكنت أرى ابن وهب يقف
عند الدرجة فيقول لسفيان يا أبا محمد هذا ما سمع ابن أخي منك
فأجزه لي فيقول سفيان: نعم.
أخبرنا محمد بن العلاء الدلال قال ثنا عمر بن أحمد الواعظ قال
ثنا محمد بن أبي سعيد الموصلي قال ثنا الحسين بن إدريس قال ثنا
يعيش بن الجهم قال سمعت أنس بن عياض يقول: يا أهل العراق أنا
وإياكم لعلي هدى أو في ضلال مبين يعني المناولة والإجازة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 له ترجمة في تاريخ المؤلف، ذكر فيها روايته عن أبي نعيم بن
عدي ورواية المؤلف عنه: ووقع في صف أنا يعقوب بن يوسف خطأ "ح".
2 صف: إبراهيم خطأ وراجع ما كتبناه بحاشية صفحة 115 "ح".
ص -464- ... أخبرني أبو محمد الحسن بن أحمد
الخطيب الحربي قال ثنا أحمد بن جعفر بن حمدان أن العباس بن
يوسف الشكلي حدثهم قال ثنا جعفر بن محمد الشاشي قال ثنا محمد
بن يوسف اليماني قال ثنا يزيد بن أبي حكيم العدني قال كنا عند
سفيان الثوري بمكة فاختصم إليه المكيون والعراقيون في الإجازة
فقضى للمكيين على العراقيين بالإجازة فقالوا له: يا أبا عبد
الله كيف نقول قال قولوا ثنا.
أخبرنا أبو طالب1 عمر بن إبراهيم الفقيه قال أنا عياش بن
الحسن2 قال ثنا محمد بن الحسين الزعفراني قال أنا أبو يحيى
زكريا بن يحيى الساجي قال حدثني داود بن علي قال: قال لي حسين
بن علي [يعني]3 الكرابيسي لما كانت قدمة الشافعي الثانية أتيته
فقلت له: تأذن لي أن اقرأ عليك الكتب فأبى وقال خذ كتب
الزعفراني فانسخها فقد أجزتها لك فأخذتها إجازة.
حدثت عن عبد العزيز بن جعفر الحنبلي قال ثنا أبو بكر الخلال
قال أنا أحمد بن يحيى الأنطاكي قال ثنا حميد بن زنجويه قال لما
رجعنا من مصر دخلنا على أحمد بن حنبل فقال مررتم بأبي حفص عمرو
بن أبي سلمة قال فقلنا له وما كان عند أبي حفص إنما كانت عنده
خمسون حديثا للأوزاعي والباقي مناولة فقال والمناولة كنتم
تأخذون منها وتنظرون فيها.
قرأت على الحسين بن محمد أخي الخلال عن أبي سعد4 الإدريسي قال
حدثني محمد بن أبي سعيد5 قال ثنا محمد بن زكريا ين الحسين
النسفي بسمرقند
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 له نرجمة في تاريخ المؤلف، ووقع في صف: أبو غالب خطأ "ح".
2 له ترجمة في تاريخ المؤلف، ووقع في قط: الحسين "ح".
3 من قط.
4 صف أبي سعيد كذا "ح".
5 صف: سعد.
ص -465- ... قال سمعت أبا سعد1 أحمد بن عمر
بن هارون البخاري يقول: كنت عند أحمد بن حنبل فناوله رجل مصري
كتابا وقال له يا أبا عبد الله هذه أحاديثك ارويها عنك فنظر في
الكتاب أن كان عني فاروه.
أخبرنا أبو علي الحسين بن يوسف بن محمد القصابي2 قال ثنا عمر
بن أحمد بن هارون المقري قال ثنا محمد بن مخلد بن حفص قال: قال
لي عبد الله بن أحمد بن حنبل ما أجاز أحمد لأحد شيئا إلا جزئين
لعباس المديني فجعل ينظر فيهما ثم أجازهما له.
حدثنا أبو حازم الأعرج عمر بن أحمد بن إبراهيم إملاء بنيسابور
قال سمعت عبد الرحمن بن محمد الإدريسي يقول: سمعت أبا الحسن
محمد بن عبد الله الكاغذي يقول: سمعت أبا طلحة منصور بن محمد
الفقيه المروزي يقول: سألت أبا بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة
الإجازة لما بقي علي من تصانيفه فأجازها لي وقال الإجازة
والمناولة عندي كالسماع الصحيح.
أخبرنا أبو الحسن أحمد بن علي بن الحسن الباذا3 قال سمعت أبا
بكر بن شاذ أن يقول: سمعت أبا بكر بن أبي داود سئل عن الإجازة
فقال قد أجزت لك ولأولادك ولحبل الحبلة الذي لم يولد [يعني
الذين لم يولدوا بعد]4.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 صف: سعيد.
2 قط: العتابي.
3 من قط.
4 من قط.
ص -466 - ... فصل
سألت القاضي أبا الطيب طاهر بن عبد الله الطبري عن الإجازة
للطفل الصغير هل يعتبر في صحتها سنه أو تميزه كما يعتبر ذلك في
صحة سماعه فقال لا يعتبر ذلك والقياس يقتضي على هذا صحة
الإجازة لمن لم يكن مولودا في الحال مثل أن يقول: الراوي
للطالب أجزت لك ولمن يولد لك فقلت له: إن بعض أصحابنا قال لا
تصح الإجازة لمن لا يصح سماعه فقال قد يصح أن يجيز للغائب عنه
ولا يصح السماع منه لمن غاب عنه أو كلاما هذا معناه.
قلت1: والإجازة إنما هي إباحة المجيز للمجازلة رواية ما يصح
عنده فإن حديثه والإباحة تصح للعاقل وغير العاقل وليس تريد
بقولك2 الإباحة الإعلام وإنما تريد3 به ما يضاد الحظر والمنع
وعلى هذا رأينا كافة شيوخنا يجيزون للأطفال الغيب عنهم من غير
أن يسألوا عن مبلغ أسنانهم وحال تمييزهم ولم ترهم أجازوا لمن
لم يكن مولودا في الحال ولو فعله فاعل يصح4 لمقتضى القياس أبا
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قط: قال الخطيب.
2 قط: وليس نريد بقولنا.
3 قط: نريد.
4 قط: لصح.
باب في وصف أنواع الإجازة وضروبها
فأولها المناولة وهي أرفع ضروب الإجازة وأعلاها وصفتها أن يدفع
المحدث إلى الطالب أصلا من أصول كتبه أو فرعا قد كتبه بيده
ويقول له هذا الكتاب سماعي من فلان وأنا عالم بما فيه فحدث به
عني فإنه يجوز للطالب روايته عنه وتحل تلك الإجازة محل السماع
عند جماعة من أئمة أصحاب الحديث.
ص -467- ... أخبرنا أبو بكر البرقاني قال
ثنا إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكي قال ثنا محمد بن إسحاق بن
خزيمة قال ثنا إبراهيم بن عيسى بن عبد الله يعرف بابن أبي أيوب
قال ثنا زياد بن يونس عن عثمان بن مكتل عن عبيد الله1 بن عمر
فإن قال دفع إلي ابن شهاب صحيفة فقال نسخ ما فيها وحدث به2 عني
قلت أو يجوز ذلك قال: نعم ألم تر الرجل يشهد على الوصية ولا
يفتحها فيجوز ذلك ويؤخذ به.
أخبرني عبد الله بن يحيى السكري قال أنا محمد بن عبد الله بن
ابرهيم الشافعي قال ثنا جعفر بن محمد بن الأزهر قال ثنا ابن
الغلابي قال ثنا يحيى بن معين سمعت أبا مسهر وذكر أصحاب الزهري
فقال أحسن أهل الشام حالا من عرض قال يريد أنها مناولة.
أخبرنا القاضي أبو العلاء محمد بن علي [الواسطي أخبرنا أبو
مسلم]3 بن مهران قال أنا عبد المؤمن بن خلف النسفي قال: قال
أبو علي صالح بن محمد سماع ابن جريج عن الزهري كله عرض
ومناولة.
أخبرنا عبيد الله بن عمر بن أحمد الواعظ قال ثنا أبي قال سمعت
أحمد بن إسحاق بن بهلول القاضي يقول: تذاكرنا بحضرة إسماعيل بن
إسحاق السماع فقال إسماعيل بن إسحاق قال إسماعيل بن أبي أويس
السماع على ثلاثة وجه القراءة على المحدث وهو أصحها وقراءة
المحدث والمناولة وهو قوله ارويه عنك وأقول ثنا وذكر عن مالك
مثل ذلك.
حدثت عن عبد العزيز بن جعفر قال ثنا أبو بكر الخلال قال أنا
المروزي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 هكذا في قط: وهكذا في ترجمة عثمان بن مكتل، من ثقات ابن
حبان، ذكره في الطبقة الرابعة، وأسند عنه هذا الأثر، ووقع في
صف: عبد الله "ح".
2 قط: أو حدث.
3 من قط: وكان موضعه في صف بياضا.
ص -468- ... قال: قال أبو عبد الله إذا
أعطيتك كتابي وقلت1 لك إروه عني وهو من حديثي فما تبالي أسمعته
أو لم تسمعه فأعطانا المسند ولأبي طالب مناولة [قال الخطيب]2
بمثابة ما ذكرنا أن يحمل الطالب إلى المحدث جزءا قد كتب3 من
أصله أو من فرع نقل من أصله فيدفعه إليه ويستجيزه إياه فيقول
قد أجزته لك ويرده إليه إلا فإن يجب على الراوي أن ينظر فيه
ويصححه إن كان يحفظ ما فيه وإلا قابل به أصل كتابه.
أخبرني الحسن بن محمد الخلال قال ثنا محمد بن العباس الخزاز
قال ثنا أبو بكر الباغندي قال ثنا أبو نعيم الحلبي قال كنا عند
مالك بن أنس فاتاه عثمان بن صالح أو صالح بن عثمان فقال له: يا
أبا عبد الله الرقعة فأخرج رقعة فقال قد نظرت فيها وهي من
حديثي فأروها عني.
أخبرنا أحمد بن محمد بن غالب الفقيه قال قرأت على أبي بكر
[أحمد]"2" بن سلم حدثكم عبد الله بن أحمد بن حنبل قال ورأيت
عبد الرحمن الطبيب جاء أبي بجزئين فقال له: أجزها4 فقال له:
ضعه فلما خرج قال لعبد الرحمن آتى غدا فأخذ الكتابين فعرض بهما
كتابه فأصلح له بخطه فلما صلح5 قال إن أحببت أن تروي عني هذا
فافعل أو كما قال أو على هذا المعنى.
أخبرنا محمد بن أحمد بن يعقوب قال أنا محمد بن نعيم الضبي قال
[قرأت] بخط محمد بن يحيى يعني الذهلي إجازة كتبها للأصبهانيين-
بسم الله الرحمن الرحيم أتاني سعيد بن عمرو أبو عثمان البرذعي
بهذه الأحاديث المتضمنة هذه الرقعة وسألني [أن أجيزها ليوسف]6
بن زياد ومحمد بن مهدي ومحمد بن يحيى بن منده
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قط: فقلت.
2 من قط.
3 قط: كتبه.
4 قط: أجزهما.
5 قط: فلما جاء.
6 من قط: وكان موضعه بياضا.
ص -469- ... ومحمد بن هارون وأحمد بن علي1
بن الجارود ومحمد بن عبد الله بن ممك وعلي بن الحسن بن سلم
وهذه أحاديثي قد سمعتها من هؤلاء الرهط المسمين في هذه الرقعة
فقد أجزتها لهم فليرووها عني إن أحبوا ذلك وأحب كل واحد منهم
على الإنفراد فقد أبحت لهم ذلك وكتبه محمد بن يحيى بخطه.
فأما إذا رد المحدث إلى الطالب كتابه من غير أن ينظر فيه وأجاز
له روايته عنه فإن ذلك لا يصح لجواز أن لا يكون من حديثه أو
يكون من حديثه إلا فإن غير صحيح قد أسقط في النقل بعض أسانيده2
أو متونه.
أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق قال أنا عثمان بن أحمد الدقاق قال
ثنا حنبل بن إسحاق قال سألت أبا عبد الله عن القراءة فقال لا
بأس بها إذا كان رجل يعرف ويفهم قلت له فالمناولة قال ما أدري
ما هذا حتى يعرف المحدث حديثه وما يدريه ما في الكتاب وكان أبو
عبد الله ربما جاءه الرجل بالرقعة من الحديث فيأخذها فيعارض3
بها كتابه ثم يقرؤها على صحابها قال أبو عبد الله وأهل مصر
يذهبون إلى هذا وأنا لا يعجبني فأما القراءة فقد فعله قوم
ورأوه جائزا وأنا أراه حسنا جائزا قال وسى4 يقول: حدثنا
وأخبرنا وقرأت قلت5 وأراه في قوله وأهل مصر يذهبون إلى هذا
أعني المناولة للكتاب وإجازة روايته من غير أن يعلم الراوي هل
ما فيه من حديثه أم لا والله أعلم.
ولو قال الراوي للمستجيز حدث بما في الكتاب عني إن كان من
حديثي مع براءتي من الغلط والوهم كان ذلك جائزا حسنا.
أخبرني الحسن بن أحمد الحربي6 قال أنا أحمد بن جعفر بن حمدان
أن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 صف: يزيد.
2 قط: الأسانيد.
3 صف: فيعرض.
4 قط: ويبين.
5 قط: قال الخطيب.
6 هو: "أبو محمد المؤدب" ووقع في صف: أخبرني القاضي "أحمد ابن
الحسين بن محمد الحيري لذكر "ح".
ص -470- ... العباس بن يوسف الشكلي حدثهم
قال سمعت الربيع بن سليم أن يقول: سمعت عبد الله1 بن وهب يقول:
كنا عند مالك بن أنس فجاءه رجل يكتب هكذا على يديه وأشار
الربيع بيده فقال يا أبا عبد الله هذه الكتب من حديثك أحدث بها
عنك فقال له: مالك إن كان من حديثي فحدث بها عني.
أخبرنا عبيد الله بن عمر الواعظ قال ثنا أبي قال ثنا محمد بن
محمد بن سليمان الباغندي قال ثنا إسحاق بن سويد الرملي قال ثنا
ابن أبي أويس عن مالك بن أنس قال كان ابن شهاب يؤتى بالصحيفة
وأشار بإصبعيه الإبهام والتي تليها فيها أحاديث ابن شهاب
[فيقال له]2 وهي مطوية هذه أحاديثك فيقول نعم فيقال له أيحدث
بها عنك فنقول ثنا ابن شهاب فيقول نعم قال مالك وما فتحها3 ابن
شهاب ولا [قرأها ولا]"2" قرئت عليه قال مالك ويرى ذلك ابن شهاب
جائزا.
قلت4 قد يحتمل أن يكون قد تقدم نظر ابن شهاب في الصحيفة وعرف
صحتها وأنها من حديثه وجاء بها بعد إليه من يثق به فلذلك
استجاز الإذن في روايتها من غير أن ينشرها وينظر فيها والله
أعلم.
ولو قال المحدث للطالب وقد أدخله إلى خزانة كتبه ارو جميع هذه
الكتب عني فإنها سماعاتي5 من الشيوخ المكتوبة عنهم وأحاله على
تراجمها ونبهه على طرق أوائلها كان ذلك بمثابة ما قدمنا ذكره
في الصحة لأنه أحاله على أعيان مسماة مشاهدة وهو عالم بما فيها
وأمره برواية ما تضمنت من سماعاته فهو
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 صف: عبد الرحمن، كذا.
2 من قط.
3 صف: وما فتح.
4 قط: قال الخطيب.
5 قط: سماعي.
ص -471- ... بمنزلة ما لو قال [رجل]1 لرجل
قد تصدقت عليك بما في هذا الصندوق أو بما اشتملت عليه هذه
الصرة والقائل صحيح العقد تام الملك لا دين عليه عالم بجميع ما
ذكرناه مجملا ومفصلا عارف بقيمته فقال المتصدق عليه قد قبلت
ذلك منك فأمره أن يجوزه إلى ملكه ففعل فإن ذلك جائز صحيح لا
شبهة فيه.
أخبرنا بشرى بن عبد الله الرومي قال أنا أحمد بن جعفر بن حمدان
قال ثنا محمد بن جعفر الراشدي قال ثنا أبو بكر الأثرم قال سمعت
أبا عبد الله يعني أحمد بن حنبل يسأل عن أبي اليمان وكان الذي
سأله عنه قد سمع منه فقال له: أي شيء تنبش على نفسك2 ثم قال
أبو عبد الله: هو يقول: "أنا شعيب" واستحل ذلك لشيء عجيب3.
قال أبو عبد الله كان أمر شعيب في الحديث عسرا جدا وكان علي بن
عياش سمع منه وذكر قصة لأهل حمص أراها أنهم سألوه أن يأذن لهم
أن رووا عنه فقال لهم لا ترووا هذه الأحاديث عني قال أبو عبد
الله ثم كلموه وحضر ذلك أبو اليمان فقال لهم إرووا تلك
الأحاديث عني قلت لأبي عبد الله مناولة فقال لو كان مناولة كان
لم يعطهم كتبا ولا شيئا إنما سمع هذا فقط فكان ابن شعيب يقول:
أن أبا اليمان جاءني فأخذ كتب شعيب مني بعد وهو يقول: أخبرنا
فكأنه استحل ذلك بأن سمع شعيبا يقول: لهم إرووه عني.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من قط.
2 قط: روحك، وعلى هامشها، نفسك.
3 قط: ذاك بشيء عجيب.
ص -472- ... ذكر كيفية العبارة عن الرواية
عن المناولة1
أخبرني أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان الدمشقي في كتابه إلي
وحدثنيه محمد بن يوسف النيسابوري عنه قال أنا أبو الميمون
البجلي قال أنا أبو زرعة قال حدثني عبد الرحمن بن إبراهيم عن
عمرو بن أبي سلمة قال: قلت للأوزاعي في المناولة أقول فيها ثنا
قال إن كنت حدثتك فقل فقلت أقول أخبرنا فقال لا قلت فكيف أقول
قال قل قال أبو عمرو وعن أبي عمرو.
وقد كان غير واحد من السلف يقول: في المناولة أعطاني فلان أو
دفع إلي كتابه وشبيها بهذا القول وهو الذي نستحسنه2.
أخبرنا القاضي أبو بكر أحمد بن الحسن الحرشي قال ثنا أبو
العباس محمد بن يعقوب الأصم قال ثنا العباس بن محمد الدوري قال
ثنا عبيد بن يعيش قال ثنا يونس بن بكير قال ثنا محمد بن إسحاق
عن شيبة بن نصاح مولى أم سلمة عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن
الحارث بن هشام قال دفع إلي أبو رافع3 كتابا فيه استفتاح
الصلاة قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا قام في
الصلاة كبر فقال: "وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا
وما أنا من المشركين" وذكر بقية الحديث.
أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله السراج قال
ثنا محمد ين يعقوب الأصم قال ثنا أبو بكر الصغاني قال ثنا
إبراهيم بن عرعرة قال دفع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قط: بالرواية.
2 بهامش قط: نستحبه.
3 صف: أبو ثور.
ص -473- ... إلينا معاذ بن هشام كتابا فقال
هذا ما سمعت من أبي وكان فيه عن قتادة عن أنس أن1 النبي صلى
الله عليه وآله وسلم أحرم في دبر صلاتي العشي.
أخبرني أبو الحسن2 محمد بن عبد الواحد بن محمد بن جعفر قال أنا
علي بن عمر الحافظ قال ثنا أبو الطيب يزيد بن الحسن بن يزيد
البزاز قال ثنا محمد بن مسلم بن واره قال ثنا سعيد بن أبي مريم
قال ثنا نافع بن يزيد أعطانيه وأنا شاك أن أكون عرضته عليه أم
لا قال حدثني ابن غزية وهو عمارة بن غزية [عن محمد بن]3 عبد
الله بن عمرو بن عثمان أن أمه فاطمة بنت حسين حدثته أن عائشة
رضي الله تعالى عنها كانت تقول إن رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم في مرضه الذي مات4 فيه قال لفاطمة: "يا فاطمة أحني
علي" فحنت عليه فناجاها ساعة ثم انكشفت وهي تبكي وعائشة حاضرة
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد ذلك بساعة:
"أحني علي يا بنية" فحنت عليه فناجاها ساعة ثم انكشفت عنه تضحك
وذكر تمام الحديث. أخبرنا أبو الحسن علي بن القاسم بن الحسن5
الشاهد بالبصرة قال ثنا علي بن إسحاق المادرائي قال ثنا محمد
بن عبيد الله المنادي قال ثنا يونس بن محمد قال ثنا حماد بن
سلمة قال أخذت هذا الكتاب من ثمامة بن عبيد الله بن أنس وساق
حديث الصدقات بطوله.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 صف: عن.
2 له ترجمة في تاريخ المؤلف، ووقع في صف: أبو الحسين "ح".
3 من قط.
4 قط: قبض.
5 صف: المادرائي، قط: المازدائي، وقد مر تحقيقه.
ص -474- ... أخبرنا عبيد الله بن عمر
الواعظ قال ثنا أبي قال وجدت في كتاب جدي ثنا ابن رشدين قال
سمعت أحمد بن صالح وسئل عن الإجازة فقال لا تجوز الإجازة البتة
إلا أن يقول: أعطاني فلان كتابا كما قال حماد بن سلمة أخذت عن
ثمامة بن عبد الله بن أنس فيقول هذا أعطاني فلان أو أجاز لي
فلان ولا يقول: فيه ثنا ولا أخبرنا قيل لأحمد فإن أعطاه كتابا
لم ينظر فيه قال لا يجوز لا أن يعطيه كتابا قد رآه ونظر فيه
وعرفه قال أحمد أجاز مالك الإجازة مرة وكرهها مرة ولم يجزها.
قلت1 فمذهب أحمد بن صالح أن المحدث إذا قال للطالب أجزت لك أن
تروي عني ما شئت من حديثي لا يصح ذلك دون أن يدفع إليه أصوله
أو فروعا كتبت منها ونظر فيها وصححها.
أخبرنا حمزة بن محمد بن طاهر الدقاق قال ثنا أبو العباس الوليد
بن بكر الأندلسي قال العلماء من أصحاب الحديث مجتمعون2 على
تصحيح الإجازة ووقوع الحكم بها واختلفوا في العبارة بالتحديث
بها فقال مالك قل في ذلك ما شئت من حدثنا أو أخبرنا وقال غيره
قل أنبأنا وهو مذهب الأوزاعي وروينا مثله عن شعبة وقال آخرون
يقول: أجاز لي وأطلق التحديث لا غير.
أخبرني علي بن أحمد المؤدب قال ثنا أحمد بن إسحاق النهاوندي
قال أنا الحسن بن عبد الرحمن قال ثنا عبد الله بن أحمد بن
معدان قال ثنا محمد بن عبد الله
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قط: قال الخطيب.
2 قط: مجمعون.
ص -475- ... ابن حميد المكي قال حدثني1 بشر
بن عبيد الدارسي2 قال ثنا صالح بن عمرو عن الحسن فإن كان لا
يرى بأسا أن يدفع المحدث كتابه ويقول ارو عني جميع ما فيه يسعه
أن يقول: حدثني فلان عن فلان.
أخبرنا علي بن أبي علي البصري قال ثنا علي بن عمرو بن سهل
الحريري قال ثنا محمد بن خالد بن يحيى بن محمد بن يحيى بن حمزة
الحضرمي قال حدثني جدي أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة قال ثنا
يحيى بن صالح قال كنت عند مالك بن أنس جالسا فسأله رجل فقال يا
أبا عبد الله الكتاب تقرؤه علي أو أقرؤه عليك أو تجيزه لي فكيف
أقول فقال له: قل في ذلك كله إن شئت حدثنا مالك بن أنس.
أخبرنا حمزة بن محمد بن طاهر قال ثنا الوليد بن بكر قال ثنا
أبو العباس تميم بن محمد بن تميم التميمي الزاهد بالقيروان قال
ثنا أبو الغصن يعيش السوسي إفريقي ثقة قال سمعت عون بن يوسف
مغربي ثقة يقول: سمعت عبد الله بن وهب يقول: كنت عند مالك بن
أنس جالسا فجاءه رجل قد كتب الموطأ يحمله في كسائه فقال له: يا
أبا عبد الله هذا موطؤك قد كتبته وقابلته فأجزه لي فقال قد
فعلت قال فكيف أقول أخبرنا مالك أو حدثنا مالك قال له مالك قل
أيهما شئت.
أخبرني أبو القاسم الأزهري قال ثنا محمد بن المظفر الحافظ قال
ثنا محمد بن محمد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قط: حدثنا.
2 ذكره في لسان الميزان، والأنساب، ووقع في صف: بشير بن عبيد
الفارسي، خطأ "ح".
ص -476- ... الباغندي قال ثنا أبو نعيم
يعني الحلبي قال دخلت على مالك بن أنس ومعي إسماعيل بن صالح
فأخرج كتابا مشدودا فقال هذا كتابي قد نظرت فيه فاروه عني فإني
قد صححته فقال له: إسماعيل فنقول ثنا مالك بن أنس قال: نعم.
أخبرني علي بن أحمد المؤدب قال ثنا أحمد بن إسحاق قال أنا
الحسن بن عبد الرحمن قال ثنا الساجي يعني زكريا بن يحيى قال
ثنا هارون بن سعيد الأيلي1 قال ثنا أبو زيد بن أبي الغمر قال
اجتمع ابن وهب وابن القاسم وأشهب بن عبد العزيز أني إذا أخذت
الكتاب من المحدث أن أقول فيه أخبرني.
أخبرنا محمد بن عيسى بن عبد العزيز الهمذاني قال ثنا صالح بن
أحمد الحافظ قال سمعت القاسم بن أبي صالح يقول: سمعت إبراهيم
بن الحسين يقول: سمعت أبا اليمان الحكم بن نافع يقول: قال لي
أحمد بن حنبل كيف سمعت الكتب من شعيب بن أبي حمزة قلت قرأت
عليه بعضه وبعضه قرأه علي وبعضه إجازة لي وبعضه مناولة فقال قل
في كله أخبرنا شعيب.
أخبرنا أبو بكر محمد بن علي بن إبراهيم الدينوري قال سمعت أبا
الحسن علي بن أحمد البيع [الهمذاني]2 بها يقول: سمعت عبد
الرحمن الجلاب يقول: سمعت إبراهيم بن الحسين فذكر نحوه وقال في
آخره قل في كله ثنا ثنا3.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قط: الأبلي.
2 من قط.
3 قط: في كله حدثنا.
ص -477 - ... ذكر النوع الثاني من أنواع
الإجازة
وهو أن يدفع الطالب إلى الراوي صحيفة قد كتب فيها إن رأى الشيخ
أن يجيز لي [جميع] 1 ما يصح عندي من حديثه فعل فيقول له الراوي
بلفظه قد أجزت لك كلما سألت أو يكتب له ذلك تحت خطه في الصحيفة
فيقرؤه2 عليه فهذا النوع دون المناولة في المرتبة لأنه لم ينص
في الإجازة على شيء بعينه ولا أحاله على تراجم كتب بأعيانها من
أصوله ولا من الفروع المقروءة عليه وإنما أحاله على ما يصح
عنده عنه وهو في تصحيح ما روى الناس عنه على خطر لأنه لا يقطع
على صحة ما روى عنه إلا بتواتر من الخبر وانتشار يقوم في
الظاهر مقام التواتر وفي باب المناولة التي قدمنا ذكرها يقطع
على صحة رواياته فيها فيجب على الطالب الذي أطلقت له الإجازة
أن يتفحص عن أصول الراوي من جهة العدول الأثبات فما صح عنده من
ذلك جاز له أن يحدث به ويكون مثال ما ذكرناه من قول الرجل قد
وكلتك في جميع ما صح عندك فإن ملك لي أن تنظر فيه على وجه
الوكالة المفروضة فإن هذا ونحوه عند الفقهاء من أئمة3 المدينة
صحيح ومتى صح عنده وجوب الملك للموكل كان4 له التصرف فيه وكذلك
فهذه الإجازة المطلقة متى صح عنده في الشيء فإن من حديثه جاز
له أن يحدث به عنه.
سألت أبا بكر البرقاني عن الإجازة المطلقة والمكاتبة قال هما
شيء
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من قط.
2 قط: ويقرؤه.
3 قط: أهل.
4 صف: فأجاز.
ص -478- ... واحد في ترك الاحتجاج بهما إلا
أن يدفع إلى الشيخ جزؤ من حديثه أو كتاب من كتبه فينظر فيه
فإذا عرفه وصح عنده ما فيه إجازة لصاحبه وأذن له في روايته عنه
فإما أن يقول: له قد أجزت لك حديثي فاروه عني ويطلق ذلك من غير
تعيين له فليس بشيء.
[قال أبو بكر]1: وكذلك إذا بعث إليه الشيخ كتابا قد نظر فيه
وصححه وكاتبه بأن يرويه عنه جاز ذلك وإذا كاتبه بأن يروي عنه
حديثه من غير تعيين له فليس بشيء أو كما قال.
[قال الخطيب]2: ولا أرى أبا بكر وهن إطلاق الإجازة إلا لما في
تصحيح أحاديث الراوي من المشقة وعدم أمان الخطر في ذلك لا غير
يدل على ما ذكرته أني دفعت إليه ورقة قد كتبت فيها أسماء جماعة
وسألته أن يجيز لهم أشياء وعينت ذكرها ثم كتبت في أثرها وغير
ذلك من سائر العلوم التي سمعها منثورة ومصنفة وعلى سبيل
المذاكرة وما جمعه وصنفه وتكلم عليه فكتبت في ظهر الورقة قد
استخرت الله تعالى جل اسمه كثيرا وأجزت لمن سمى في الصفحة قبل
هذه جميع ما صح لديهم من حديثي مما ذكروه ولم يذكروه أن يرووه
عني3 على الإجازة إذا صح لهم ذلك من أصولي.
وكتب أحمد بن محمد بن غالب الخوارزمي بيده:
حدثني عبيد الله بن أبي الفتح الفارسي قال أنا محمد بن العباس
الخزاز قال ثنا سليمان بن إسحاق الجلاب قال سألت إبراهيم
الحربي قلت كتاب الكلبي،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من صف.
2 من قط.
3 صف أن يذكروه.
ص -479- ... وقد تقطع علي والذي هو عنده
يريد الخروج فكيف ترى لي [ترى]1 أن استجيزه وأسأله إن يكتب به
إلي؟... قال لك قل له يكتب به إليك فتقول كتب إلي فلان
والإجازة ليس هي شيئا.
[قال الخطيب]2: وقد ذكرنا فيما تقدم الرواية عن إبراهيم الحربي
فإن كان لا يعد الإجازة [والمناولة شيئا وها هنا قد اختار
المكاتبة على إجازة المشافهة]"2" والمناولة ارفع من المكاتبة
لأن المناولة أذن ومشافهة في رواية لمعين والمكاتبة مراسلة
بذلك فأحسب إبراهيم رجع عن القول الذي أسلفناه عنه إلى ما ذكره
هاهنا من تصحيح المكاتبة وأما اختياره لها على إجازة المشافهة
فإنه قصد بذلك إذا لم يكن للمستجيز بما استجازه نسخة منقولة من
أصل المجيز ولا مقابلة به وهذا القول في معنى ما ذكره لي
البرقاني عند سؤالي إياه عن الإجازة المطلقة ونرى أن إبراهيم
ذهب إلى أن الإجازة لمن لم يكن له نسخة منقولة من الأصل أو
مقابلة به ليس شيئا لأن تصحيح ذلك سماعا للراوي مقابلا بأصل
كتابه وربما كان في غير البلد الذي الطالب فيه متعذر إلا بعد
المشقة والمكاتبة بما يروى وإنفاذه إلى الطالب أقرب إلى
السلامة وأجدر بالصحة وأبعد من الخطر. والله أعلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من صف.
2 من قط.
ص -480- ... ذكر النوع الثالث من أنواع
الإجازة
وهو أن يكتب الراوي بخطه جزءا من سماعه أو حديثا ويكتب معه إلى
الطالب أني قد أجزت لك روايته بعد أن صححته [بأصلي]1 أو بعد أن
صححه لي من أثق به فهذا النوع شبيه بالمناولة لولا مزية
المشافهة فإذا عرف المكتوب إليه خط الراوي وثبت عنده فإن كتابه
إليه فله أن يروي عنه ما تضمن كتابه ذلك من أحاديث ويكون
بمنزلة كتاب القاضي في حكم يحكم به إلى قاض آخر في بلد بعيد
عنه فإنه إذا صح عنده بالبينة فإن كتابه إليه فله أن يمضيه
وكذلك المكتوب إليه بالإجازة يجوز له أن يحدث بها على الشرط
الذي قدمنا ذكره.
أخبرنا علي بن القاسم الشاهد قال ثنا علي بن إسحاق [بن
محمد]"1" المادراني2 قال ثنا محمد بن عبيد الله بن المنادى قال
ثنا وهب بن جرير قال ثنا شعبة عن قتادة عن أبي عثمان النهدي
قال أتانا كتاب عمر رضي الله عنه ونحن بأذربيجان مع عتبة بن
فرقد: أما بعد فاتزروا وارتدوا وانتعلوا وقابلوا النعال وارموا
بالخفاف والسراويلات وعليكم بلبس أبيكم إسماعيل وإياكم وزي
العجم واخشوشنوا واقطعوا الركب وانزوى على الخيل نزوا وارموا
الأغراض وإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن الحرير
وأشار بأصبعه3 فما عتمنا إنها الأعلام.
أخبرنا علي بن محمد بن عبد الله بن بشران المعدل قال أنا عثمان
بن أحمد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من قط.
2 قط: المازدائي، سبق تحقيقه.
3 قط: بأصبعيه.
ص -481- ... الدقاق قال ثنا محمد بن أحمد
بن النضر قال ثنا معاوية بن عمرو عن أبي إسحاق الفزاري عن موسى
بن عقبة عن سالم أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله وكان كاتبا
له قال كتب إليه عبد الله بن أبي أوفي حين خرج إلى الحرورية
فقرأته فإذا فيه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في بعض
أيامه التي لقي فيها العدو انتظر حتى مالت الشمس ثم قام في
الناس فقال: "يا أيها الناس لا تتمنوا لقاء العدو واسألوا لله
العافية فإذا لقيتموهم فاصبروا واعلموا إن الجنة تحت ظلال
السيوف" ثم قال: "اللهم منزل الكتاب ومجرى السحاب وهازم
الأحزاب اهزمهم وانصرنا عليهم".
أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن محمد بن إبراهيم الأشناني قال
ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم قال ثنا محمد بن الحسين بن
أبي الحنين1 قال ثنا الحسن بن بشر قال حدثني أبي عن إسماعيل بن
أبي خالد عن عامر قال كتبت سبيعة الأسلمية إلى عبد الله بن
عتبة تروى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فإن أمرها بالنكاح
بعد قليل من وفاة زوجها بعدما وضعت.
أخبرنا أبو بكر البرقاني قال قرأت على إسحاق النعالي أخبركم
عبد الله بن إسحاق المدائني قال ثنا الحسن هو ابن أحمد بن أبي
شعيب قال ثنا مسكين بن بكير عن شعبة قال كتب إلي منصور بحديث
ثم لقيته فقلت أحدث به عنك قال أوليس إذا كتبت إليك فقد حدثتك
قال ثم لقيت أيوب السختياني فسألته فقال مثل ذلك [قال
الخطيب]2:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 صف: الحسين خطأ له.
2 من رجال التهذيب، وفي صف: عبد الله خطأ "ح".
ص -482 - ... وأستحب أن يكون الكتاب بخط
الراوي ولا يلزمه ذلك بل إن أمر غيره أن يكتب عنه ويقول في
الكتاب وكتابي هذا إليك بخط فلان ويسميه جاز وهذا كله من باب
الإستيثاق فإن فعل كان أثبت وان لم يذكر في الكتاب اسم الكاتب
له جاز والمقصود أن يثبت عند المكاتب إن ذلك الكتاب هو من
الراوي [المجيز] 1 تولاه بنفسه أو أمر غيره بكتبه عنه.
أخبرنا أبو الفتح هلال بن محمد بن جعفر الحفار قال أنا أبو علي
إسماعيل بن محمد الصفار قال ثنا محمد بن عبد الملك الدقيقي قال
ثنا يعلى بن عبيد قال ثنا محمد بن سوقة عن محمد بن عبيد الله
الثقفي2 عن وراد قال كتب المغيرة بن شعبة إلى معاوية وزعم وزاد
فإن كتبه بيده إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
قال: "إن الله حرم ثلاثا ونهى عن ثلاث عقوق الوالدة وأبذ3
البنات ولا وهات ونهى عن ثلاث قيل وقال وإضاعة المال والحاف
السؤال".
وإذا كان الكتاب بخط الراوي فإنه يبدأ فيه بنفسه فيقول من فلان
بن فلان إلى فلان بن فلان.
أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن [محمد بن] "3" عبد الله بن مهدي
البزاز قال ثنا أبو عبد الله محمد بن خلد العطار قال ثنا
سليمان4 بن توبة قال ثنا معلى بن منصور قال ثنا هشيم قال ثنا
منصور عن ابن سيرين عن ابن العلاء عن العلاء يعني ابن الحضرمي
فإن كتب إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فبدأ بنفسه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من قط.
2 كذا في قط: ووقع في صف: وابد، والذي في البخاري وغيره ووأد
"ح".
3 من قط.
4 قط: سلمان. وفي التقريب: سليمان، ويقال سلمان "ح".
ص -483- ... حدثني محمد بن أحمد بن علي
الدقاق قال ثنا أحمد بن إسحاق النهاوندي قال ثنا أبو محمد بن
خلاد قال سمعت الحسن بن المثنى يقول: سمعت سليمان بن حرب يقول:
سمعت حماد بن زيد يقول: كان الناس يكتبون من فلان بن فلان إلى
فلان بن فلان أما بعد.
أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق قال أنا عثمان بن أحمد الدقاق قال
ثنا حنبل بن إسحاق قال ثنا سريج1 قال ثنا حماد بن سلمة قال:
قال حميد وكان بكر بن عبد الله يقول: يكتب بسم الله الرحمن
الرحيم إلى فلان ابن فلان ولا يكتب لفلان بن فلان.
أخبرنا إبراهيم بن مخلد بن جعفر المعدل وهلال بن محمد بن جعفر
الحفار قال إبراهيم ثنا وقال هلال أنا الحسين ين يحيى ين عياش
القطان قال ثنا أبو الأشعث أحمد بن المقدام قال ثنا سليم بن
أخضر قال ثنا ابن عون عن محمد قال ذكروا عند بن عمر أن رجلا
كتب بسم الله الرحمن الرحيم لفلان فقال ابن عمر مه أسماء الله
له [قال الخطيب]2 وإن بدأ الكاتب3 باسم المكتوب إليه فقد كره
ذلك غير واحد من السلف وأجازه بعضهم وكان أحمد بن حنبل يستحب
إذا كتب الصغير إلى الكبير أن يقدم اسم المكتوب إليه وكان هو
رحمه الله يبدأ باسم من يكاتبه صغيرا كان أو كبيرا.
أخبرنا عبد الكريم بن أحمد الضبي قال ثنا خال أبي علي الحسين
بن إسماعيل المحاملي قال ثنا أبي قال ثنا محمد بن محمد بن عون
قال ثنا معاذ بن معاذ قال كتبت إلى شعبة فبدأت باسمه فكتب إلي
ينهاني وزعم أن الحكم كان يكرهه.
أخبرنا علي بن محمد بن عبد الله المعدل قال أنا دعلج بن أحمد
بن دعلج قال
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 لعله ابن النعمان الجوهري، ووقع في صف: شريح، كذا "ح".
2 من قط.
3 قط: المكاتب.
ص -484- ... ثنا أبو الفضل جعفر بن محمد بن
الحسين بن الترك1 قال سمعت أبا جعفر أحمد بن سعيد الدارمي
يقول: كتب إلي أبو عبد الله أحمد بن حنبل لأبي جعفر أكرمه الله
من أحمد بن حنبل:
أخبرنا علي بن أحمد بن عمر المقري قال أنا إسماعيل بن علي
الخطبي قال ثنا عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل قال رأيت أبي
إذا كتب يكتب إلى أبي فلان بن فلان من أحمد بن محمد بن حنبل.
أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق قال ثنا عثمان2 بن أحمد قال ثنا
حنبل قال ثنا أبو عمر الحوضي قال ثنا حماد بن زيد قال رأيت
أيوب يكتب بسم الله الرحمن الرحيم إلى عبد الله بن القاسم من
أيوب بن أبي تميمة.
قال حنبل سألت أبا عبد الله عن ذلك وكانت كتبه التي يكتب بها
إلى فلان ابن فلان فقلت له: وسألته فقال النبي صلى الله عليه
وآله وسلم حيث كتب إلى كسرى وقيصر وكتب كلما كتب على ذلك
وأصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعمر كتب إلى عتبة بن
فرقد فهذه السنة وهذا الذي يكتب اليوم لفلان محدث لا أعرفه قلت
فالرجل يبدأ بنفسه قال أما الأب فلا أحب إلا أن يقدمه باسمه3
فلا يبدأ ولد باسمه على والده والكبير السن كذلك يوقره به،4
وغير ذلك لا بأس.
وقد اختلفت ألفاظ أهل العلم في حكاية المكاتبة فمن أحسن ذلك ما
حدثناه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 كذا في الأصلين، والمحفوظ جعفر بن محمد بن الحسين الترك-
فلترك لقب لجعفر، وقد ذكر المؤلف هذه الحكاية بهذا السند في
ترجمة أحمد بن سعيد الدارمي من تاريخه، وفيها "ابن البرك"
وذكرها بسند آخر، وفيه "جعفر ابن محمد البرمكي" ولكن ذكر في
ترجمة دعلج في الرواة عنه "جعفر بن محمد الترك" وهو المحفوظ
"ح".
2 صف: محمد كذا.
3 قط: ولا.
4 قط: يوقر به.
ص -485- ... أبو الحسن أحمد بن علي بن
الحسن البادا بلفظه قال ثنا أبو عبد الله أحمد بن قانع1 بن
مرزوق القاضي قال ثنا الحسن بن المثنى بن معاذ قال ثنا عمي
عبيد الله2 بن معاذ قال كتب زكريا بن أبي زائدة وهو قاضي
الكوفة إلى أبي وهو قاضي البصرة من زكريا بن أبي زائدة إلى
معاذ بن معاذ سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا
هو واسأله أن يصلى على محمد عبده أما بعد أصلحنا الله وإياك
بما أصلح به الصالحين فإنه هو أصلحهم حدثنا العباس بن ذريح عن
الشعبي قال كتبت عائشة رضي الله عنها إلى معاوية رضي الله عنه
أما بعد فإنه من يعمل بمعاصي الله بعد حامده من الناس له ذاما
والسلام قال حسن بن المثنى وأنا رأيت الكتاب الذي كتبه ابن أبي
زائدة إلى أبي.
أخبرنا محمد بن أحمد ين يعقوب قال أنا محمد بن نعيم الضبي قال
حدثني أبو أحمد الحافظ3 قال ثنا أحمد بن محمد بن الحسن قال ثنا
أحمد بن يوسف السلمي قال هذه نسخة كتاب أبي بكر بن عياش إلى
يحيى بن يحيى بسم الله الرحمن الرحيم من أبي بكر بن عياش إلى
يحيى بن يحيى سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا
هو أما بعد عصمنا الله وإياك بالتوفيق والسداد الذي يرضى
لعباده الصالحين وسلمنا وإياك من جميع الآفات جاءنا أبو أسامة
فذكر انك أحببت أن أكتب إليك بهذه الأحاديث فقد كتبها ابني
إملاء مني بها إليك فهي حديث مني لك عمن سميت لك في كتابنا هذا
فاروها وحدث بها عني فإني قد عرفت انك هويت ذاك وكان يكفيك أن
تسمع ممن سمعها مني،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 له ترجمة في تاريخ المؤلف، ووقع في قط: تابع، خطأ "ح".
2 من رجال التهذيب، ووقع في قط: عبد الله "ح".
3 هو أبو أحمد الحاكم، صاحب الكنى، ووقع في صف: الواعظ.
ص -486- ... ولكن النفس تطلع إلى ما هويت
فبارك الله لنا ولك في جميع الأمور وجعلنا ممن يهوى طاعته
ورضوانه والسلام عليك.
ويجب إذا كتب الراوي الكتاب أن يشده ويختمه قبل إنفاذه لئلا
يغير شيء فيه وذلك أحوط وقد كان غير واحد من السلف يفعله
أخبرنا محمد بن الحسين القطان قال أنا عبد الله بن جعفر قال
ثنا يعقوب بن سفيان قال ثنا إبراهيم بن المنذر قال ثنا عبد
الله بن الحارث المخزومي قال كتب ابن جريج إلى ابن أبي سبرة
وكتب إليه بأحاديث من أحاديثه وختم عليها.
أخبرنا أبو الفرج محمد بن عمر بن محمد الجصاص1 قال أنا محمد بن
أحمد بن الحسن الصواف قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال
كتب إلى قتيبة بن سعيد قال كتبت إليك بخطي وختمت الكتاب بخاتمي
ونقشه الله ولي سعيد وهو خاتم أبي يذكر أن الليث بن سعد حدثهم
عن عقيل عن الزهري عن علي بن الحسين أن الحسين بن علي حدثه عن
علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله
وسلم طرقه وفاطمة فقال: "ألا تصلون" قلت يا رسول الله إنما
أنفسنا بيد الله فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا قال فانصرف رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم حين قلت له ذلك ثم سمعته وهو مار
يضرب فخذه ويقول: {وَكَانَ الْأِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ
جَدَلاً}.
أخبرنا القاضي أبو نصر أحمد بن الحسين الدينوري بها قال أنا
أبو بكر أحمد بن محمد بن إسحاق السني الحافظ قال أخبرني جعفر
بن عيسى الحلواني قال ثنا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 له ترجمة في تاريخ المؤلف، وضبطه في الأنساب، ووقع في قط:
الحصاص خطأ "ح".
ص -487- ... محمد بن عبد الله المخرمي1 قال
ثنا إسحاق بن عيسى الطباع قال كتب إلى مالك بن أنس جواب كتابي
إليه بلغني كتابك تذكر حديثا سقط عليك تسالني عنه حديث عبد
الله بن عمر وتسأل أن أكتب به إليك وما أحب الي حفظك وقضاء
حاجتك وإرشادك إلى كل خير فإنك ممن أحب حفظه من إخواني وبقاء
الود بيني وبينه وأرجو وفاءه واستقامة مريرته2 وذلك حديث قد
عرفته حدثني نافع مولى عبد الله بن عمر أن عبد الله بن عمر بال
وهو بالسوق ثم توضأ وغسل وجهه ويديه ومسح رأسه ثم رجع إلى
المسجد فدعي إلى جنازة ليصلي عليها فدعا بماء فمسح على خفيه ثم
صلى على الجنازة قال إسحاق ثم لقيت مالكا3 بعد فسألته عن
الحديث فحدثني به كما كتب به إلي وكان نقش خاتمه حسبي الله
ونعم الوكيل.
ولو لم يكتب الراوي إلى الطالب شيئا من حديثه لكنه كتب إليه قد
أجزت لك أن تروي عني الكتاب الفلاني أو الحديث الفلاني كان في
الصحة بمنزلة ما ذكرناه آنفا.
قرأت بخط إسماعيل بن إسحاق [القاضي]4 إجازة قد كتبها لأحمد بن
إسحاق بن البهلول التنوخي نسختها بسم الله الرحمن الرحيم من
إسماعيل بن إسحاق إلى أحمد بن إسحاق بن بهلول سلام عليك فإني
أحمد إليك الله الذي لا اله إلا هو وأسأله أن يصلي على محمد
عبده ورسوله أما بعد؛
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من رجال التهذيب ووقع في صف: الحربي "ح".
2 قط: مودته.
3 قط: مالك بن أنس.
4 من صف.
ص -488- ... فقد أجزت لك كتاب الناسخ
والمنسوخ عن ابن زيد1 بن أسلم وكتاب العلل عن علي بن المديني
وكتاب الرج على محمد بن الحسن وكتاب أحكام القرآن ومسائل بن
أبي أويس عن مالك والمسائل المبسوطة عن مالك فاحمل ذلك عني
وكتب إسماعيل بيده.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 صف: عن يزيد، كذا.
ذكر كيفية العبارة بالرواية عن المكاتبة
أخبرني علي بن أحمد المؤدب قال ثنا أحمد بن إسحاق النهاوندي
قال أنا الحسن بن عبد الرحمن بن خلاد قال: قال لي الحسين بن
محمد الشريكي2 سألت أحمد بن منصور عن ذلك يعني الإخبار عن
المكاتبة فقال أحبه إلى أن يقول: كتب إلي فلان حدثنا فلان وهذا
هو مذهب أهل الورع والنزاهة والتحري في الرواية وكان جماعة من
السلف يفعلونه3.
أخبرنا عبد الرحمن بن عبيد الله الحربي قال أنا حمزة بن محمد
بن العباس قال ثنا جعفر بن هاشم قال ثنا حفص بن عمر أبو عمر
الضرير قال ثنا حماد بن سلمة قال أخبرنا أيوب السختياني قال
كتب إلي والله نافع أن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم: "لا يقيم الرجل الرجل من مقعده ثم يجلس فيه".
أخبرنا أبو سعيد محمد بن موسى بن الفضل بن شاذان الصيرفي قال
ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم قال ثنا محمد بن عبد الله
بن عبد الحكم المصري قال أنا إسحاق بن بكر عن أبيه عن جعفر بن
ربيعة أن هشام بن عروة كتب إليه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
2 كذا في الأصلين، وفي المحدث الفاصل: الشويكي كذا.
3 صف: يقبلونه.
ص -489- ... يذكر عن عائشة زوج النبي صلى
الله عليه وآله وسلم أن الصلاة أول ما فرضت ركعتين فزيد في
صلاة الحضر وأقرت صلاة السفر ركعتين هكذا قال ولم يذكر بين
عائشة وبين هشام أباه عروة.
أخبرنا أبو سعيد محمد بم موسى بن الفضل بن شاذان أبو العباس
محمد بن يعقوب الأصم قال ثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم
المصري قال أنا إسحاق بن بكر عن أبيه عن جعفر بن ربيعة أن هشام
بن عروة كتب بذكر عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
أن الصلاة أول ما فرضت ركعتين1 فزيد في صلاة الحضر وأقرت صلاة
السفر ركعتين، هكذا قال ولم يذكر بين عائشة وبين هشام أبا
عروة.
أخبرنا الحسن بن أبي بكر قال أنا عبد الله بن إسحاق البغوي قال
أنا أحمد بن الهيثم قال ثنا سعيد بن داود الزنيري2 قال ثنا
مالك قال كتب إلي كثير بن عبد الله المزني يحدث عن أبيه عن جده
عن مالك بن الحارث فإن قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم يقول: "من أحيا سنة من سنتي قد أميتت بعدي فإن له من
الأجر مثل من عمل بها من الناس لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا ومن
ابتدع بدعة لا ترضي الله ورسوله فإن عليه إثم من عمل بها من
الناس لا ينقص ذلك من آثام الناس شيئا".
وذهب غير واحد من علماء المحدثين إلى أن قول ثنا في الرواية عن
المكاتبة جائز.
أخبرنا القاضي أبو بكر أحمد بن الحسن الحرشي قال ثنا أبو
العباس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 صف: ركعتان.
2 ضبطه في المشتبه، ووقع في صف الزبيري، خطأ "ح".
ص -490- ... [محمد بن يعقوب]1 الأصم قال
ثنا محمد بن إسحاق الصغاني قال ثنا سلم بن قادم قال ثنا بقية
قال حدثني شعبة قال: قلت لمنصور إذا كتبت إلى أقول حدثني فقال
إذا كتبت إليك أليس قد حدثتك.
أخبرنا محمد بن الحسين القطان قال حدثنا عبد الله بن جعفر قال
ثنا يعقوب بن سفيان قال حدثني محمد بن وهب الحراني قال حدثني
سكين بن عبد العزيز قال ثنا شعبة قال كتب إلى منصور بحديث
[فلقيته]"1" فقلت أحدث به عنك قال أوليس إن كتبت به إليك2 فقد
حدثتك قال وسألت أيوب السختياني عن ذلك فقال مثل ذلك وقال
يعقوب حدثنا محمد بن مصفي قال ثنا بقية عن شعبة عن أيوب وغيره
قال إذا كتب إليك العالم فقد حدثك.
أخبرنا علي بن أبي علي البصري قال أنا عبد العزيز جعفر الخرقي
قال ثنا أبو عمران موسى بن سهل الجوني قال ثنا عيسى بن حماد
زغبة قال ثنا الليث قال ثنا عبد الله بن عمر قال حدثني نافع
مولى عبد الله بن عمر عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم قال: "بينا ثلاثة [نفر] 3 يمشون أخذهم
المطر فأووا إلى غار في جبل" وذكر الحديث بطوله.
أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن عبد الله بن مهدي
الفارسي قال أنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن إسحاق المصري
الجوهري قال سمعت أبا زكريا يحيى بن عثمان يقول: سمعت أبا صالح
يقول: سمعت الليث بن سعد يقول: أنبأني4 أبو عثمان عبد الحكم بن
أعين5 بهذا الكتاب عن عبد الله بن عمر العمري،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من قط.
2 قط: إذا كتبت إليك.
3 من قط.
4 قط: أتاني.
5 له ترجمة في لسان الميزان لكن وقع هناك عبد الحكم بن أحمد
كذا، ووقع في صف: أبو عثمان بن عبد الحكم.
ص -491- ... مختوما بخاتمه ولم يسمع الليث
من عبد الله بن عمرو إنما روايته عنه كتابة.
قلت1: وحدث الليث أيضا عن بكير بن عبد الله بن الأشج عدة
أحاديث قال في كل واحد منها حدثني بكير وذكر فإن لم يسمع منه
شيئا وإنما كتب إليه بتلك الأحاديث وقد أوردنا بعضها في كتاب
التفصيل لبهم المراسيل وسقنا الخبر عن الليث بذلك.
أخبرنا ابن الفضل قال أنا عبد الله بن جعفر قال ثنا يعقوب قال
ثنا يزيد2 بن بشر قال أخبرني ابن وهب قال أخبرني الليث قال
أخذت من خالد بن يزيد كتبا لم أعرضها عليه وأنا أحدث بها عنه
قال ابن وهب ولقد كان يحيى بن سعيد يكتب إلي الليث بن سعد
فيقول حدثني يحيى بن سعيد وكان هشام بن عروة يكتب إليه فيقول
حدثني هشام.
أخبرني أحمد بن علي البادا قال أنا مخلد بن جعفر إجازة قال:
قال لنا أبو حفص3 عمر بن الحسن قال لوين كتب إلي وحدثني واحد
وإن كتب النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد صارت دينا يدان بها
والعمل بها لازم للخلق وكذلك ما كتب به أبو بكر وعمر وغيرهما
من الخلفاء الراشدين فهو معمول به ومن ذلك كتاب القاضي [إلى
القاضي]4 يحكم به ويعمل به.
أخبرني علي بن أحمد المؤدب قال ثنا أحمد بن إسحاق قال أنا
الحسن بن عبد الرحمن عن بعض أهل العلم قال وأما الكتاب من
المحدث إلى آخر بأحاديث يذكر أنها أحاديثه سمعها من فلان كما
رسمها في الكتاب فإن المكاتب لا يخلو من أن يكون على يقين من
أن المحدث كتب بها إليه،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قط: قال الخطيب.
2 قط: زيد.
3 قط: أبو حيص.
4 من قط.
ص -492 - ... أو يكون شاكا فيه فإن كان
شاكا فيه لم يجز له روايته عنه وإن كان متيقنا له فهو وسماعه
الإقرار منه سواء لأن الغرض من القول باللسان فيما تقع العبارة
فيه باللفظ إنما هو تعبير اللسان عن ضمير القلب فإذا وقعت
العبارة عن الضمير بأي سبب كانت من أسباب العبارة إما بكتاب
وإما بإشارة وإما بغير ذلك مما يقوم مقامه فإن ذلك كله سواء
فقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما يدل على فإن أقام
الإشارة مقام القول في باب العبارة وهو حديث الرجل الذي أخبره
أن عليه عتق رقبة وأحضره جاريته وقال إنها أعجمية فقال لها
النبي صلى الله عليه وسلم: "أين ربك" فأشارت إلى السماء قال:
"من أنا" قالت أنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:
"أعتقها".
ذكر النوع الرابع من أنواع الإجازة
وهو أن يكتب المحدث إلى الطالب قد أجزت لك جميع ما صح ويصح
عندك من حديثي ولا يعين له شيئا كما عين في الإجازة المذكورة
في النوع الثالث فهذا النوع أخفض مرتبة من الإجازة بشيء مسمى
وعلى المكتوب إليه فيه أمر أن أحدهما وجوب تصحيح ما يسمى حديثا
للمكاتب إليه بالإجازة كوجوب تصحيح الوكيل توكيل التفويض ما
يسمى ملكا للموكل فإذا صح له ذلك احتاج إلى أمر آخر وهو أن
يثبت عنده من الوجه الذي يعتمد عليه إن ذلك المحدث كتب إليه
تلك الإجازة ومثال ما ذكرناه شهادة الشهود بإشهاد القاضي على
كتابه إلى القاضي ثم يصح للطالب التحديث كما يصح للقاضي
الإنفاذ وللموكل النظر فهذا كله في القياس واحد وحكمه غير
مختلف.
ص -493- ... ذكر النوع الخامس من أنواع
الإجازة
وهو أن يأتي الطالب إلى الراوي بخبر فيدفعه إليه ويقول له أهذا
من حديثك فيتصفح الراوي أوراقه وينظر فيما تضمن ثم يقول: له
نعم هو من حديثي ويرده إليه أو يدفع إليه الراوي ابتداء بعض
أصوله ويقول له هذا من سماعاتي فيذهب به الطالب فيحدث به عنه
من غير أن يستجيز منه في الوجهين جميعا ومن غير أن يقول: له
الراوي حدث به عني فهذا يكون صحيحا عند طائفة من أهل العلم لو
فعل غير أنا لم نر أحدا فعله وهكذا لو رأى الطالب في يد الراوي
جزءا ينظر فيه فقال له: ما في هذا فقال له: الراوي أحاديث من
سماعي عن بعض شيوخي فاستنسخه الطالب بعد من غير علم الراوي ثم
حدث به عنه من غير استئذان له في ذلك فهذا في الحكم بمثابة
الذي قبله وقد مثله من قال فإن صحيح برجل جاء إلى رجل بصك فيه
ذكر حق فقال له: أتعرف هذا الصك [فيقول: نعم هذا الصك]1 دين
علي لفلان ما أديته بعد أو يقول: له ابتداء في هذا الصك ذكر
دين لفلان علي أو يجد في يده صكا يقرؤه فيقول له ما في هذا
الصك فيقول ذكر حق لفلان علي وهو كذا وكذا ما أديته بعد
والقائل مجد غيرها زل صحيح العقد2 ثم يسمعه الآخر بعد ذلك ينكر
ذلك الصك في مخاصمته فلانا الذي أقر له فإن له أن يشهد على
المنكر بإقراره على نفسه بما في الصك لفلان المذكور دينا عليه
وهذا مذهب مالك بن أنس وغيره من أهل الحجاز وبه قال أصحاب
الشافعي وفي نحو هذا قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
"خيركم الذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها" فإذا جاز له أن يشهد
بما سمع الإقرار به من غير
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من قط.
2 قط: العقل.
ص -494- ... أن يأذن له [المقر]1 في أدائه
والشهادات آكد من الروايات فلأن يشهد على المقر بما يرويه من
غير استئذانه في ذلك أولى.
أخبرنا محمد بن الحسين القطان قال أنا عبد الله بن جعفر قال
ثنا يعقوب بن سفيان قال ثنا إبراهيم بن منذر قال ثنا عبد الله
بن وهب ومطرف قالا ثنا مالك بن أنس قال: قال[لي] يحيى بن سعيد
أكتب لي أحاديث الأقضية من أحاديث ابن شهاب قال فكتبت ذلك له
قال فكأني أنظر إليه في صحيفة صفراء فقيل لما لك يا أبا عبد
الله أعرض ذلك عليك قال هو أفقه من ذلك.
أخبرنا الحسن بن أبي بكر بن شاذان [ح وأخبرني] عبد الله بن أبي
الحسين بن بشران قال الحسن ثنا وقال الآخر أنا عبد الله بن
إبراهيم بن أيوب بن ماسي البزاز قال ثنا أبو برزة الفضل بن
محمد الحاسب قال ثنا أبو الإصبغ محمد بن سماعه الرملي قال ثنا
مهدي بن إبراهيم قال ثنا مالك قال: قال لي يحيى بن سعيد
الأنصاري أكتب لي ما سمعت من ابن شهاب قال فكتبته في رق أصفر
فأتيته به في المسجد فيما بين المغرب والعشاء فدفعته إليه فقال
رجل لمالك ما قرأته ولا قرأه عليك قال هو كان أفقه من ذلك.
أخبرني عبد الله بن يحيى بن عبد الجبار السكري قال أنا محمد بن
عبد الله بن إبراهيم الشافعي قال ثنا جعفر بن محمد بن الأزهر
قال ثنا ابن الغلابي قال ثنا أبو زكريا يحيى بن معين قال قدم
معاوية بن سلام على يحيى بن أبي كثير فأعطاه كتابا فيه أحاديث
زيد بن أبي سلام فرواه ولم يسمعه منه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من قط.
ص -495- ... أخبرنا أبو الحسين أحمد بن
محمد بن أحمد البزاز الكرخي قال ثنا محمد بن عبد الله بن
العباس قال ثنا عبد الله بن عبد الرحمن السكري قال أنا أبو بكر
أحمد بن إسحاق العطار قال ثنا قاسم بن يزيد المقري الوراق قال
سمعت وكيعا يقول: لو أن رجلا دفع إلى رجل كتابا فقال له: قد
حدثتك بما فيه كان قد حدثه.
[آخر الجزء العاشر]1
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من قط: وفيها بعده:
ويتلوه إن شاء الله تعالى: أخبرنا أبو العلا الواسطي.
والحمد لله وحده، وصلواته على محمد وآله وصحبه وسلم تسليما
كثيرا، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
ص -497- ... الجزء الحادي عشر
بسم الله الرحمن الرحيم
رب زدني علما
[قال أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب لفظا قال]1:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من قط.
ص -498- ... أخبرنا القاضي أبو العلاء محمد
بن علي1 الواسطي قال أنا أبو مسلم عبد الرحمن بن محمد بن عبد
الله بن مهران قال أنا عبد المؤمن بن خلف النسفي قال سألت أبا
علي صالح بن محمد البغدادي عن أحاديث أبي اليمان عن شعيب عن
الزهري فقال يقال لم يسمع أبو اليمان من شعيب ولا شعيب من
الزهري ولكنه كان كتاب فقلت لأبي علي يصحح الحديث من هذا الوجه
فقال: نعم.
أخبرني علي بن أحمد المؤدب قال ثنا أحمد بن إسحاق النهاوندي
قال ثنا ابن خلاد قال وقال بعض المتأخرين ممن يقول: بالظاهر
إذا دفع المحدث إلى الذي يسأله أن يحدثه كتابا ثم قال قد قرأته
ووقفت على ما فيه وقد حدثني بجميعه فلان بن فلان على ما في هذا
الكتاب سواء حرفا بحرف فإن للقول له ما وصفنا أن يرويه عنه
فيقول حدثني أو أخبرني فلان أن فلانا حدثه ولا يقول: حدثني
فلان أن فلانا قال حدثنا فلان ثم يسوق الحديث إلى آخره لأن
قوله حدثني فلان إن فلانا قال حدثنا حكاية توجب سماع الألفاظ
وهو لم يسمع الألفاظ وسواء إذا اعترف له بما وصفنا أن يقول: له
قد أجزت لك أن ترويه أو لا يقول: ذلك لان الغرض إنما هو سماع
المخبر الإقرار من المخبر فهو إذا سمعه لم يحتج إلى أن يأذن له
في أن يرويه عنه ألا ترى أن رجلا لو سمع من رجل حديثا ثم قال
له المحدث لا أجيز لك أن ترويه عني كان ذلك لغوا وللسامع أن
يرويه إجازة المحدث له أو لم يجزه فكذا أيضا إذا أخبر فإن قد
قرأه ووقف على ما فيه قد سمع من فلان كما في كتابه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 له ترجمة في تاريخ المؤلف: ووقع في صف: الحسين، خطأ "ح".
ص -499- ... لم يحتج أن يقول: اروه عني ولا
قد أجزته لك ولا يضره أن يقول: لا تروه عني ولا أن يقول: لست
أجيزه لك بل روايته في كلتا الحالتين جائزة.
[قال الخطيب]1: وقد قال بعض أهل العلم لا يجوز لأحد أن يروي عن
المحدث ما لم يسمعه منه أو يجزه له وإن ناوله إياه مثل ما
ذكرناه ومثلناه في أول النوع الخامس وصحة الرواية لما نوول
موقوفة على الإجازة وممن ذهب إلى هذا المذهب القاضي أبو بكر
محمد بن الطيب فإن محمد بن عبيد الله المالكي حدثني عنه قال
فإن قال ما وجه قول المحدث قد أجزت لك أن تحدث بما صح عندك من
حديثي وحدث عني بما في كتابي هذا وما الفرق بين أن يقول2: ذلك
وبين أن لا يقوله3 قيل الفرق بين ذلك وفائدة المناولة والإجازة
أن العدل الثقة إذا قال حدث عني بما في هذا الكتاب من حديثي
وحدث بما صح عندك من حديثي فقد أجزت لك التحديث به لم يجز في
صفته أن يقول: ذلك وهو شاك فيما في كتابه ومرتاب به فلا4 يقول:
حدث بما صح عندك من حديثي إلا وهو في نفسه على صفة يجوز أن
يحدث به عنه فإذا لم يقل ذلك لم يجز التحديث لما ناوله ولم
يجزه لأنه تناول الكتاب الذي يشك فيما فيه وقد يصح عند الغير
من حديثه ما يعتقد في كثير منه فإن لا يحدث به لعلل في حديثه
هو أعرف بها كما فإن قد يشهد بالشهادة من لا يجوز عنده أن
يقيمها ولا أن يشهد شاهد عليها وإذا شهد على شهادته كان ذلك
بمثابة أدائه لها وعلم أنها في نفسه على صفة يجوز إقامتها
فكذلك سبيل الإجازة والمناولة من العدل الثقة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من قط.
2 قط: تقول.
3 قط: لا تقوله.
4 قط: ولا.
ص -500 - ...
باب الرواية إجازة عن إجازة
إذا دفع المحدث إلى الطالب كتابا وقال له هذا من حديث فلان وهو
إجازة لي منه وقد أجزت لك أن ترويه عني فإنه يجوز له روايته
عنه كما يجوز ذلك فيما كان سماعا للمحدث فأجازه له وقد كان أبو
أحمد محمد بن سليمان بن فارس النيسابوري سمع من محمد بن
إسماعيل البخاري كتاب التاريخ الكبير غير أجزاء يسيرة من آخره
فإنه لم يسمعها وأجازها البخاري له ثم روى ابن فارس [الكتاب
وسمعه منه أبو الحسن علي بن إبراهيم المستملي المعروف بالنجاد
سوى ذلك القدر الذي لم يسمعه ابن فارس من البخاري فإن المستملي
أخذه عن ابن فارس] 1 إجازة أيضا ثم روى المستملي ببغداد جميع
الكتاب وسمعه منه كافة أهل العلم من أصحاب الحديث وكتبه عنه
أبو الحسن الدارقطني وغيره بكماله وقرئ عليه ما في آخره إجازة
عن ابن فارس عن إجازة البخاري له ذلك.
وقرأت بخط أبي العباس أحمد بن محمد بن سعيد الكوفي الحافظ
المعروف بابن عقدة إجازة قد كتبها لأبي محمد عبد الله بن محمد
بن عثمان الواسطي الحافظ المعروف بابن السقاء نسختها:
بسم الله الرحمن الرحيم
من أحمد بن محمد بن سعيد إلى أبي محمد عبد الله بن محمد بن
عثمان سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو
وأسأله أن يصلي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من قط.
ص -501- ... على محمد وعلى آله أما بعد فإن
أحمد بن عبد الله بن آدم سألني أن أجيز لك ما سمعه من حديثي
وما صح عندك من حديثي وقد أجزت ذلك لك وكلما أجيز لي أو قول
قلته أو شيء قرأته في كتاب وكتبت إليك بذلك فاروه عن كتابي إن
أحببت ذلك.
وكتب أحمد بن محمد بن سعيد بخطه.
في شوال سنة خمس وعشرين1 وثلثمائة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 صف: خمسة عشر.
ذكر الخبر عمن نظم الإجازة شعرا
أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال سمعت أبا أحمد الغطريفي يقول: سمعت
عمران بن موسى السختياني يقول: كتبت إلى أحمد بن المقدام
بأحاديث وكتبت في آخر الكتاب شعرا:
كتابي إليكم فافهموه فإنه ... رسول إليكم والكتاب رسول
فهذا سماعي من رجال لقيتهم ... لهم ورع في دينهم وعقول
فإن شئتم فارووه عني فإنما ... يقولون ما قد قلته وأقول
ألا فاحذروا التصحيف فيه فإنما ... يحول من تصحيفه المعقول
كذا رواه لنا أبو نعيم على فساد الشعر.
وقد حدثني عبيد الله بن أبي الفتح الفارسي قال ثنا أحمد بن
إبراهيم يعني ابن شاذان2 قال ثنا حبشون الخلال قال ثنا عمر بن
الحسن بطريق مكة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
2 من قط.
ص -502- ... قال سألت أبا الأشعث أحمد بن
المقدام العجلي أن يجيز لبعض إخوانه1 شيئا من حديثه قال فكتب
إليهم على ظهر الكتاب:
كتابي إليكم فافهموه فإنه ... رسول إليكم والكتاب رسول
فهذا سماعي من رجال لقيتهم ... لهم ورع مع فهمهم وعقول
سماعي إلا فاحكوه عني فإنكم ... تقولون ما قد قلته وأقول
ألا فاحذروا التصحيف فيه فربما ... تغير عن تصحيفه فيحول
حدثني أبو جعفر محمد بن علي بن جعفر الوفراوندي بالكرج2 قال
أنشدنا الحسين بن محمد بن الحسين الدينوري الثقفي قال أنشدنا
أبو علي الحسين بن محمد المقري قال أنشدني أبو بكر بن مجاهد
قال أنشدني محمد بن الجهم السمري:
أتاني أناس يسألون إجازة ... كتاب المعاني والعجول مغفل
فقلت لهم فيه من النحو غامض ... وهمز وإدغام خفي ومشكل
وما فيه جمع الساكنين كليهما ... ونبر إليه قد يشار وينقل
ولا يؤمن التحريف فيه بطوله ... وتصحيف أشباه بأخرى تبدل
وأكره فيما قد سألتم غروركم ... ولست بما عندي من العلم أبخل
فمن يروه فليروه بصوابه ... كما قاله الفراء فالصدق أجمل
أخبرني علي بن أحمد المؤدب قال ثنا أحمد بن إسحاق قال أنا أبو
محمد3 الحسن بن عبد الرحمن بن خلاد القاضي قال كتب إلي بعض
وزراء الملوك يسألني إجازة كتاب الفته فكتبت الكتاب إليه4
ووقعت عليه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قط: إخواننا.
2 صف: بالكرخ، والكرخ ببغداد، ولم أر في تاريخ المؤلف ترجمة
لهذا الرجل "ح".
3 صف: أبو بكر خطأ "ح".
4 قط: له.
ص -503 - ... يا أبا القاسم الكريم المحيا
... زانك الله بالتقى والرشاد
وتولاك بالكفاية والعز ... وطول البقاء والإسعاد
ارو عني هذا الكتاب فقد هذبت ... ما قد حواه من مستفاد
وشكلت الحروف منه فقامت ... لك بالشكل في نظام السداد
جاء مستخلصا لسبك المعاني ... كالدنانير من يد النقاد
نظم شعر ونثر قول يروقان ... كنور الرياض غب العماد
لا يعنيك بالهجاء ولا يشكل ... في الخط بين صاد وضاد
وكأن السطو منه سموط ... بل عقود يلحن في أجياد
فتحفظ ما فيه من ملح الآداب ... واضبط طرائق الإسناد
واحذر اللحن في الرواية والتحريف ... فيها والكسر في الإنشاد
والقياس الجلي يوجدك الإخبار ... في نشره على الأفراد
باب القول في الرواية عن الوصية
بالكتب
أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق قال أنا عثمان بن أحمد الدقاق قال
حدثنا حنبل بن إسحاق قال حدثني أبو عبد الله يعني أحمد بن حنبل
قال ثنا إسماعيل بن إبراهيم قال ثنا أيوب قال أوصى لي أبو
قلابة بكتب فأتيت بها من الشام فأعطيت كراءها بضعة عشر درهما.
أخبرنا محمد بن الحسين القطان قال ثنا عبد الله بن جعفر قال
ثنا يعقوب بن سفيان قال ثنا سليمان بن حرب قال ثنا حماد قال
مات أبو قلابة بالشام فأوضى بكتبه لأيوب فأرسل أيوب فجيء بها
عدل راحلة قال أيوب فلما جاءني قلت لمحمد جاءني كتب أبي قلابة
فأحدث منها قال: نعم ثم قال لا آمرك ولا أنهاك.
ص -504- ... أخبرنا ابن رزق قال أنا
إسماعيل بن علي الخطبي وأبو علي بن الصواف وأحمد بن جعفر بن
حمدان قالوا ثنا عبد الله بن أحمد قال حدثني أبي قال ثنا عفان
قال ثنا حماد عن أيوب قال: قلت لمحمد ما ترى في كتب أبي قلابة
قد جاءت ارويها قال: نعم قال ثم قال بعد ذلك لا آمرك ولا
أنهاك.
قلت1 يقال: أن أيوب كان قد سمع تلك الكتب غير أنه لم يحفظها
فلذلك استفتى محمد بن سيرين عن التحديث منها ولا فرق بين أن
يوصي العالم لرجل بكتبه وبين أن يشتريها ذلك الرجل بعد موته في
فإن لا يجوز له الرواية منها إلا على سبيل الوجادة وعلى ذلك
أدركنا كافة أهل العلم اللهم إلا أن يكون تقدمت من العالم
إجازة لهذا الذي صارت الكتب له بأن يروي عنه ما يصح عنده من
سماعاته فيجوز أن يقول: فيما يرويه من الكتب أخبرنا أو حدثنا
على مذهب من أجاز أن يقال ذلك في أحاديث الإجازة مع فإن قد كره
الرواية عن الصحف التي ليست مسموعة غير واحد من السلف.
أخبرنا أبو منصور محمد بن عيسى الهمذاني قال ثنا صالح بن أحمد
الحافظ قال أنا أحمد بن محمود قراءة ثنا محمد بن أبي هارون قال
ثنا أحمد بن نصر قال ثنا محمد بن مخلد الحمصي قال ثنا سويد عن
حصين بن عبد الرحمن عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: قال عمر بن
الخطاب رضي الله عنه إذا وجد أحدكم كتابا فيه علم لم يسمعه من
عالم فليدع بإناء وماء فلينقعه فيه حتى يختلط سواده مع بياضه.
أخبرنا محمد قال ثنا صالح قال ثنا أبو علي الحسن بن يزيد
الدقيقي قال ثنا عمر بن جعفر الطبري قال ثنا عبد الرحمن بن
موسى قال ثنا الخليل بن سعيد قال ثنا سليمان بن عيسى عن ابن
عون قال: قلت لابن سيرين ما تقول في رجل يجد الكتاب يقرؤه أو
ينظر فيه قال لا حتى يسمعه من ثقة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قط: قال الخطيب.
ص -505- ... أخبرنا محمد بن الحسين القطان
قال أنا عبد الله بن جعفر قال ثنا يعقوب بن سفيان قال ثنا محمد
بن أبي عمر قال ثنا سفيان قال سمعت عاصما يقول: أردت أن أضع
عند ابن سيرين كتابا من كتب العلم فأبى أن يقبل وقال لا يبيت
عندي كتاب.
أخبرنا ابن الفضل قال أنا دعلج بن أحمد قال أنا أحمد بن علي
الأبار قال حدثني أبو عمار يعني الحسين بن حريث قال سمعت وكيعا
[يقول]1: لا ينظر في كتاب لم يسمعه لا يأمن أن يعلق قلبه منه
وأجاز جماعة الرواية عن الوجادة في الكتب.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من قط.
ذكر بعض أخبار من كان من المتقدمين يروي عن الصحف وجادة ما ليس
بسماع له ولا إجازة
أخبرنا الحسن بن أبي بكر بن شاذان قال أنا أحمد بن سلمان
النجاد الفقيه قال ثنا إسماعيل بن إسحاق قال ثنا إسحاق بن
محمد2 الفروي قال ثنا عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر فإن
وجد في قائم سيف عمر بن الخطاب رضي الله عنه صحيفة فيها [ليس
فيما]3 دون خمس من الإبل صدقة فإذا كانت خمسا ففيها شاة وفي
عشر شاتان وفي خمس عشرة ثلاث شياه وفي عشرين أربع شياه فإذا
بلغت خمسا وعشرين ففيها ابنة مخاض وذكر الحديث بطوله.
أخبرنا محمد بن الحسين قال أنا عبد الله بن جعفر قال أنا يعقوب
بن سفيان
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
2 من رجال التهذيب، ووقع في قط: أحمد "ح".
3 من قط.
ص -506- ... قال حدثني أبو بكر الحميدي قال
ثنا سفيان قال ثنا مساور يعني الوراق عن أخيه سيار قال قيل
للحسن يا أبا سعيد عمن هذه الأحاديث التي تحدثنا قال صحيفة
وجدناها.
أخبرنا ابن رزق قال أخبرنا عثمان بن أحمد قال ثنا حنبل بن
إسحاق قال ثنا علي يعني ابن المديني قال سمعت يحيى هو ابن سعيد
يقول: قال التيمي ذهبوا بصحيفة جابر إلى الحسن فرواها أو قال
فأخذها وأتوني بها فلم أروها قلت ليحيى سمعت هذا من التيمي
فقال برأسه: أي نعم.
أخبرني بن الفضل قال أنا دعلج قال أنا أحمد بن علي الأبار قال
ثنا الحسن يعني ابن علي الحلواني قال ثنا عفان قال: قال لي
همام ين يحيى قدمت أم سليمان اليشكري بكتاب سليمان فقرئ على
ثابت وقتادة وأبي بشر والحسن ومطرف فرووها كلها وأما ثابت فروى
منها حديثا واحدا.
أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال ثنا محمد بن أحمد بن الحسن قال ثنا
محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال ثنا علي بن عبد الله المديني
قال: قال يحيى رأيت في كتاب عندي عتيق لسفيان حدثني عبد الله1
بن ذكوان أبو الزناد قال حدثني بن سعيد قال حدثني أبو صالح
مولى السفاح حديث زيد عجل لي وأضع لك قال هذا يحيى من أجل
توصيل إسناده حدثني قال حدثني.
أخبرنا الحسين بن علي الطناجيري قال أنا عمر بن أحمد الواعظ
قال ثنا محمد بن جعفر العسكري قال ثنا جعفر بن أبي عثمان قال
سمعت علي بن المديني يقول: وائل بن داود لم يسمع من ابنه2 إنما
كانت له صحيفة في بيته.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قط: عبيد الله، خطأ "ح".
2 ابنه هو: بكر بن وائل، مات قبل أبيه، فكان أبيه ربما روى
عنه، ووقع في صف أبيه، خطأ "ح" أخبرنا.
ص -507- ... أخبرنا محمد بن عبد الواحد
الأكبر قال أنا محمد بن العباس الخزاز قال ثنا أحمد بن سعيد
السوسي قال ثنا العباس بن محمد قال سمعت يحيى بن معين يقول:
ثنا وكيع قال سمعت شعبة يقول: حديث [أبي]1 سفيان عن جابر إنما
هي صحيفة.
أخبرنا القاضي أبو العلاء محمد بن علي الواسطي قال أنا أبو
مسلم بن مهران قال أنا عبد المؤمن بن خلف النسفي قال سألت أبا
علي صالح بن مسلم البغدادي عن عمرو بن شعيب فقال ثقة ولكن
أحاديثه لا أدري كيف هي وأحاديثه صحيفة ورثوها.
أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن عبد الله بن مهدي قال
أنا أبو بكر محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة قال ثنا جدي قال
سمعت سليمان بن حرب [ح وأخبرني] عبد الله بن يحيى السكري قال
أنا محمد بن عبد الله الشافعي قال ثنا جعفر بن محمد بن الأزهر
قال ثنا ابن الغلابي واللفظ لحديثه قال ثنا سليمان بن حرب قال
ثنا حماد عن قبيصة بن مروان بن المهلب عن أبي عمران الجوني قال
كنا نسمع بالصحيفة فيها علم فننتابها كما ينتاب الرجل الفقيه
حتى قدم علينا ههنا آل الزبير ومعهم قوم فقهاء.
أخبرنا ابن الفضل قال أنا دعلج أنا أحمد بن علي الأبار قال ثنا
أبو عبد الله بن أخي ابن وهب قال ثنا عمي قال ثنا حيوة بن شريح
عن يزيد بن أبي حبيب قال أودعني فلان كتابا أو كلمة تشبه هذه
فوجدت فيه عن الأعرج قال وكان يحدثنا بأشياء مما في الكتاب ولا
يقول: أخبرنا ولا ثنا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من صف.
ص -508 - ...
باب الكلام في التدليس وأحكامه
التدليس للحديث مكروه عند أكثر أهل العلم وقد عظم بعضهم الشأن
في ذمه وتبجح بعضهم بالبراءة منه فمما حفظنا عمن كان يكرهه
ويذمه ما أخبرنا علي بن محمد بن عبد الله بن بشران المعدل قال
أنا علي بن محمد بن أحمد المصري قال ثنا عمر بن عبد العزيز بن
مقلاص قال سمعت أبي يقول: سمعت الشافعي يقول: قال شعبة بن
الحجاج التدليس أخو الكذب.
أخبرنا أبو جعفر محمد بن جعفر بن علان الوراق قال أنا أبو
الفتح محمد بن الحسين الأزدي قال ثنا الحسن بن علي قال ثنا
بندار قال ثنا غندر قال سمعت شعبة يقول: التدليس في الحديث أشد
من الزنا ولأن أسقط من السماء أحب إلي من أن أدلس.
أخبرنا أبو بكر البرقاني قال أنا محمد بن عبد الله بن خميرويه
الهروي قال أنا الحسين بن إدريس قال ثنا ابن عمار قال سمعت
المعافى يقول: سمعت شعبة يقول: لأن أزني أحب إلي من أدلس فقلت
له: يا أبا مسعود ما تقول أنت في التدليس قال أدنى ما فيه
التزين.
أخبرني أبو القاسم الأزهري قال ثنا عبد الرحمن بن عمر الخلال
قال ثنا محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة قال ثنا جدي قال سمعت
سليمان بن حرب يقول: سمعت جرير بن حازم يقول: وذكر التدليس
والمدلسين فعابه وقال أدنى ما يكون فيه فإن يرى الناس فإن سمع
ما لم يسمع وقال ثنا جدي قال سمعت الحسن بن علي يقول: سمعت أبا
أسامة يقول: خرب الله بيوت المدلسين ما هم عندي إلا كذابون.
أخبرنا إبراهيم بن محمد بن سليمان الأصبهاني المؤدب قال أنا
أبو بكر بن المقري
ص -509- ... قال ثنا علي بن محمد الرقي قال
ثنا الميموني قال ثنا خالد بن خداش قال: قال سمعت حماد بن زيد
يقول: التدليس كذب ثم ذكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم:
"المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور" قال حماد ولا أعلم المدلس
إلا متشبعا بما لم يعط.
حدثني عبيد الله بن أبي الفتح قال ثنا أحمد بن محمد بن عمران
قال ثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز قال ثنا أبو الربيع
الزهراني قال كان ابن المبارك يقول: لأن نخر1 من السماء أحب
إلي من أن ندلس2 حديثا.
أخبرنا أحمد بن محمد بن غالب قال لنا أبو بكر الإسماعيلي قال
أخبرني عبد الله بن محمد الفرهياني قال سمعت هاشم بن زهير أخا
الفياض قال كان وكيع ربما قال في الحديث حدثنا وربما لم يقل
قال فقلنا لجار لنا يقال له أبو الوفاء [كان]3 لا يحسن شيئا
سله لم يقول: في بعضه حدثنا ولا يقول: في بعضه قال فتقدم إليه
فسأله قال [فقال]4 له: وكيع أما وجد القوم خطيبا غيرك نحن لا
نستحل التدليس في الثياب فكيف في الحديث.
أخبرنا أبو سعد الماليني قال أنا عبد الله بن عدي الحافظ قال
سمعت عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن بكر بن الربيع بن
مسلم إمام مسجد أبي خليفة يقول: سمعت محمد بن موسى السواق
يقول: قال ابن الشاذكوني لما حضرته الوفاة اللهم ما اعتذرت
فإني لا أعتذر أني قذفت5 محصنة ولا دلست حديثا قال عبد الرحمن
وذكر خصلة أخرى فنسيتها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قط: يخر.
2 قط: يدلس.
3 هكذا بالأصل.
4 من قط.
5 صف: لا اعتذر إليك ما قذفت، كذا "ح".
ص -510- ... أخبرني الحسن بن أبي طالب قال
أنا [أحمد بن]1 محمد بن عمران قال ثنا أحمد بن محمد بن أبي
حامد صاحب بيت المال قال سمعت عباسا الدوري يقول: حدثني بعض
أصحابنا قال: قال عبد الرزاق قدمت مكة فمكثت ثلاثة أيام لا
يجيئني أصحاب الحديث فمضيت وطفت وتعلقت بأستار2 الكعبة وقلت يا
رب مالي أكذاب أنا أمدلس أنا قال فرجعت إلى البيت فجاؤني [قال
أبو بكر الخطيب]3 والتدليس على ضربين قد أفردنا في ذكر كل واحد
منهما بشرحه وبيانه كتابا إلا أنا نورد في هذا الكتاب شيئا منه
إذ قد كان مقتضيا له.
الضرب الأول: تدليس الحديث الذي لم يسمعه الراوي ممن دلسه عنه
بروايته إياه على وجه يوهم فإن سمعه منه ويعدل عن البيان بذلك
ولو بين فإن لم يسمعه من الشيخ الذي دلسه عنه فكشف ذلك لصار
ببيانه مرسلا للحديث غير مدلس فيه لأن الإرسال للحديث ليس
بإيهام من المرسل كونه سامعا ممن لم يسمع منه وملاقيا لمن لم
يلقه إلا أن التدليس الذي ذكرناه متضمن للإرسال لا محالة من
حيث كان المدلس ممسكا عن ذكر من بينه وبين من دلس عنه وإنما
يفارق حاله حال المرسل بإيهامه السماع ممن لم يسمع منه فقط وهو
الموهن لأمره فوجب كون هذا التدليس متضمنا للإرسال والإرسال لا
يتضمن التدليس لأنه لا يقتضي إيهام السماع ممن لم يسمع منه
ولهذا المعنى لم يذم العلماء من أرسل الحديث وذموا من دلسه
والتدليس يشتمل على ثلاثة أحوال تقتضي ذم المدلس وتوهينه.
فأحدها4 ما ذكرناه من إيهامه السماع ممن لم يسمع منه وذلك
مقارب الأخبار بالسماع ممن لم يسمع منه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من قط: وهو الصواب له ترجمة في تاريخ المؤلف "ح".
2 قط: وتعلقت في أستار.
3 من قط.
4 كذا.
ص -511- ... والثانية: عدوله عن الكشف إلى
الاحتمال وذلك خلاف موجب الورع والأمانة.
والثالثة: إن المدلس إنما لم يبين من بينه وبين من روى عنه
لعلمه بأنه لو ذكره لم يكن مرضيا مقبولا عند أهل النقل فلذلك
عدل عن ذكره وفيه أيضا فإن إنما لا يذكر من بينه وبين من دلس
عنه طلبا لتوهيم علو الإسناد والأنفة من الرواية عمن حدثه وذلك
خلاف موجب العدالة ومقتضى الديانة من التواضع في طلب العلم
وترك الحمية في الإخبار بأخذ العلم عمن أخذه والمرسل المبين
بريء من جميع ذلك.
ذكر شيء من أخبار بعض المدلسين
أخبرنا أبو سعيد محمد بن موسى بن الفضل بن شاذان الصيرفي قال
ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم قال ثنا عبد الله بن أحمد
بن حنبل قال حدثني أبي قال لم يسمع سعيد بن أبي عروبة من الحكم
بن عتيبة شيئا ولا من حماد ولا من عمرو بن دينار ولا من هشام
بن عروة ولا من إسماعيل بن أبي خالد ولا من عبيد الله بن عمر
ولا من أبي بشر ولا من زيد بن أسلم ولا من أبي الزناد قال أبي
وقد حدث عن هؤلاء كلهم ولم يسمع منهم شيئا.
أخبرنا علي بن محمد بن الحسن الحربي قال أنا عبد الله بن عثمان
الصفار قال أنا محمد بن عمران بن موسى الصيرفي قال ثنا عبد
الله بن علي بن المديني قال سألت أبي عن حديث رواه عبد المجيد
بن عبد العزيز بن أبي رواد عن ابن جريج عن المطلب بن عبد الله
بن حنطب عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله
ص -512- ... صلى الله عليه وسلم: "عرضت على
أجور أمتي حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد" قال ابن جريج لم
يسمع من المطلب بن عبد الله بن حنطب كان يأخذ [أحاديثه]1 عن
ابن أبي يحيى عنه.
أخبرنا أبو بكر البرقاني قال أنا محمد بن عبد الله بن خميرويه
قال أنا الحسين بن إدريس قال سمعت ابن عمار يقول: كان أبو
معاوية إذا ذهب في حاجة أوصى من يترك عند الأعمش أن يتحفظ عليه
ما يمر بعده قال فكان يجيء فيسأله عما مر بعده قال فجئت يوما
فذكروا لي فإن ذكر عن مجاهد من إيجاب المغفرة إطعام المسلم
السغبان قال فسألته عنه قال فقال أليس أنت حدثتني به عن هشام
عن سعيد العلاف عن مجاهد قال فقلت له: فحدثني به فحدثه به قال
ابن عمار فألقى الأعمش أبا معاوية وهشاما وسعيدا وقال مجاهد ثم
قال ابن عمار حدثنا أبو معاوية عن هشام بن حسان عن سعيد العلاف
عن مجاهد قال من إيجاب المغفرة إطعام المسلم السغبان.
أخبرنا محمد بن يوسف القطان النيسابوري قال أنا محمد بن عبد
الله الحافظ قال ثنا أبو الطيب محمد بن أحمد الكرابيسي قال ثنا
إبراهيم بن محمد المروزي قال ثنا علي بن خشرم قال كنا عند
سفيان فإني في مجلسه فقال الزهري فقيل له حدثكم الزهري فسكت ثم
قال الزهري فقيل له سمعته من الزهري فقال لا لم أسمعه من
الزهري ولا ممن سمعه من الزهري حدثني عبد الرزاق عن معمر عن
الزهري.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من قط.
ص -513- ... حدثني عبيد الله بن أبي الفتح
قال أنا عمر بن محمد بن علي الناقد1 قال ثنا عبد الله بن ناجية
قال ثنا أبو رفاعة عبد الله2 بن محمد بن حبيب القاضي قال ثنا
إبراهيم بن بشار الرمادي قال ثنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار
عن الحسن بن محمد بن علي قال كان النبي صلى الله عليه وآله
وسلم "إذا جاءه مال يبيته ولم يقيله" قال فقال له: رجل يا أبا
محمد سماع من عمرو بن دينار قال دعه لا تفسده قال يا أبا محمد
سماع من عمرو بن دينار قال ويحك لا تفسده ابن جريج عن عمرو بن
دينار قال يا أبا محمد سماع من ابن جريج قال ويحك لم3 تفسده
الضحاك بن مخلد أبو عاصم عن ابن جريج قال يا أبا محمد سماع من
أبي عاصم قال ويحك لم تفسده حدثني علي بن المديني عن الضحاك بن
مخلد عن ابن جريج عن عمرو بن دينار قال ابن عيينة تلوموني على
علي بن المديني لما أتعلم منه أكثر مما يتعلم مني.
أخبرني أبو الوليد الحسن بن محمد الدربندي قال أنا محمد بن
أحمد بن محمد بن سليمان الحافظ ببخارا قال أنا علي بن محمد بن
جعفر بن حرب الكناني السراج قال ثنا محمد بن علي بن الحسين4
البلخي قال ثنا أبو بكر محمد بن سعيد فإني بخاري الأصل قال ثنا
محمد بن سهل بن طرخان يعرف بالكاتب قال ثنا محمد بن سلام
البيكندي قال ثنا عبد الله بن المبارك
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 له ترجمة في تاريخ المؤلف- ولد سنة 286، وتوفي سنة 385، فأما
عمرو بن محمد بن بكر الناقد- شيخ البخاري- فقديم توفي سنة 232،
نبهت على هذا، لأنه اشتبه على بعض الأفاضل "ح".
2 هو عبد الله بن محمد بن عمر بن حبيب، كما في تاريخ المؤلف،
ووقع في صف: عبيد الله "ح".
3 قط: كم، وكذا في الموضع الآتي "ح".
4 هكذا في قط، وفي الميزان ولسانه، محمد بن علي بن الحسين
البلخي.. لعله هو- ووقع في صف- الحسن.
ص -514- ... قال: قلت لشريك بن عبد الله
النخعي تعرف أبا سعد1 البقال: قال أي والله أعرفه عالي الإسناد
أنا حدثته عن عبد الكريم الجزري عن زياد بن أبي مريم عن عبد
الله بن معقل2 عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم: "الندم توبة" فتركني وترك عبد الكريم
وترك زياد بن أبي مريم وحدث عن عبد الله بن معقل عن عبد الله
بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
أخبرنا محمد بن الحسين القطان قال أنا دعلج بن أحمد قال أنا
أحمد بن علي الأبار قال ثنا أبو هشام قال ثنا يحيى بن آدم قال
حدثت شابا من أهل الحديث عن سفيان عن مجالد عن الشعبي [عن شريح
قال لا يقضى على الغائب قال فسمعت هشام3 يذكره عن مجالد عن
الشعبي قال فلقيت الشاب فقلت اربح4 الشاب حدثنا هشيم عن مجالد
عن الشعبي]5 فقال الشاب هشيم والله عني عنك عن سفيان عن مجالد
عن الشعبي [وقال الأبار6] ثنا أبو عمار الحسين بن حريث قال
سمعت الفضل يعني ابن موسى يقول: قيل لهشيم ما يحملك على هذا
يعني التدليس قال فإن أشهى شيء.
أخبرني أبو القاسم الأزهري قال ثنا أحمد بن إبراهيم بن الحسن
قال ثنا عبد الله بن محمد البغوي قال حدثني أحمد بن زهير قال
سمعت يحيى يقول: الثوري أمير المؤمنين في الحديث وكان يدلس.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ذكره الدولابي في الكنى فيمن كنيته، أبو سعد، وكذا في
التهذيب، والخلاصة، ووقع في الأصلين: أبا سعيد "ح".
2 من رجال التهذيب، وفي التهذيب في ترجمة زياد، زياد بن أبي
مريم الجزري عن عبد الله بن معقل بن مقرن عن ابن مسعود بحديث:
"الندم توبة" ووقع في صف، مغفل: خطأ "ح".
3 هكذا في الأصل.
4 كذا.
5 من قط.
6 من صف.
ص -515- ... أخبرنا محمد بن جعفر بن علان
قال أنا أبو الفتح محمد بن الحسين الحافظ قال ثنا الحسن بن علي
قال ثنا محمد بن يحيى الأزدي قال سمعت يزيد بن هارون يقول:
قدمت الكوفة فما رأيت بها أحدا إلا وهو يدلس إلا مسعر بن كدام
وشريكا وأخبار المدلسين تتسع وقد ذكرت أسماءهم وسقت كثيرا من
رواياتهم المدلسة في كتاب التبيين لأسماء المدلسين فغنيت عن
إعادتها في هذا الموضع.
وقال فريق من الفقهاء وأصحاب الحديث: أن خبر المدلس غير مقبول
لأجل ما قدمنا ذكره من أن التدليس يتضمن الإيهام لما لا أصل له
وترك تسمية من لعله غير مرضي ولا ثقة وطلب توهم علو الإسناد
وان لم يكن الأمر كذلك.
وقال خلق كثير من أهل العلم خبر المدلس مقبول لأنهم لم يجعلوه
بمثابة الكذاب ولم يروا التدليس ناقضا لعدالته وذهب إلى ذلك
جمهور من قبل المراسيل من الأحاديث وزعموا أن نهاية1 أمره أن
يكون التدليس ليس بمعنى الإرسال.
وقال بعض أهل العلم إذا دلس المحدث عمن لم يسمع منه ولم يلقه
وكان ذلك الغالب على حديثه لم تقبل رواياته وأما إذا كان
تدليسه عمن قد لقيه وسمع منه فيدلس عنه رواية مال يسمعه منه
فذلك مقبول بشرط أن يكون الذي يدلس عنه ثقة.
وقال آخرون خبر المدلس لا يقبل إلا أن يورده على وجه مبين غير
محتمل للإيهام فإن أورده على ذلك قبل وهذا هو الصحيح عندنا
وسنذكر كيفية اللفظ الذي يزيل عنه الإيهام فيما بعد، إن شاء
الله تعالى.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قط: غاية.
ص -516- ... أخبرني أبو بكر أحمد بن سليمان
بن علي المقري الواسطي قال ثنا عبد الرحمن بن عمر الخلال قال
ثنا محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة قال ثنا جدي قال التدليس
جماعة من المحدثين لا يرون به بأسا وكرهه جماعة منهم ونحن
نكرهه ومن رأى التدليس منهم فإنما يجوزه عن الرجل الذي قد سمع
منه ويسمع1 من غيره عنه ما لم يسمعه منه فيدلسه يرى فإن قد
سمعه منه ولا يكون ذلك أيضا عندهم إلا عن ثقة فأما من دلس عن
غير ثقة وعمن لم يسمع هو منه فقد جاوز حد التدليس الذي رخص فيه
من رخص من العلماء.
أخبرنا محمد بن جعفر بن علان الوراق قال: قال لنا أبو الفتح
الأزدي الحافظ قد كره أهل العلم بالحديث مثل شعبة وغيره
التدليس في الحديث وهو قبيح ومهانة والتدليس على ضربين فإن كان
تدليسا عن ثقة لم يحتج أن يوقف على شيء وقبل منه ومن كان يدلس
عن غير ثقة لم يقبل منه الحديث إذا أرسله حتى يقول: حدثني فلان
أو سمعت فنحن نقبل تدليس ابن عيينة ونظرائه لأنه يحيل على مليء
ثقة ولا نقبل من الأعمش تدليسه لأنه يحيل على غير مليء والأعمش
إذا سألته عمن هذا قال عن موسى بن طريف وعباية بن ربعي وابن
عيينة إذا وقفته قال عن ابن جريج ومعمر ونظرائهما فهذا الفرق
بين التدليسين.
حدثني أبو القاسم الأزهري قال ثنا عبد الرحمن بن عمر الخلال
قال ثنا محمد بن أحمد بن يعقوب قال ثنا جدي قال سألت يحيى بن
معين عن التدليس فكرهه وعابه قلت له أفيكون المدلس حجة فيما
روى أو حتى يقول: حدثنا وأخبرنا فقال لا يكون حجة فيما دلس
وقال حدث سألت علي بن المديني عن الرجل يدلس أيكون حجة فيما لم
يقل حدثنا قال إذا كان الغالب عليه التدليس
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قط: فيسمع.
ص -517- ... فلا حتى يقول: حدثنا قال علي
والناس يحتاجون في حديث سفيان إلى يحيى القطان لحال الأخبار
يعني علي أن سفيان كان يدلس وأن يحيى القطان كان يوقفه على ما
سمع مما لم يسمع.
قلت1 اللفظ الذي يرتفع به الإيهام ويزول به الإشكال في رواية
المدلس أن يقول: سمعت فلانا يقول: ويحدث ويخبر أو قال لي فلان
أو ذكر لي أو حدثني وأخبرني2 من لفظه أو حدث وأنا أسمع أو قرئ
عليه وأنا حاضر وما يجري مجرى هذه الألفاظ مما لا يحتمل غير
السماع وما كان بسبيله.
أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق قال أنا عثمان بن أحمد قال ثنا
حنبل بن إسحاق قال حدثني أبو عبد الله قال ثنا أبو داود قال:
قال شعبة كنت أعرف إذا حدثنا قتادة ما سمع مما لم يسمع كان إذا
جاء ما سمع قال ثنا أنس وثنا الحسن وثنا مطرف وثنا سعيد وإذا
جاء ما لم يسمع يقول: قال سعيد بن جبير وقال أبو قلابة. أخبرنا
أبو الحسين3 بن الفضل قال أنا دعلج قال أنا أحمد بن علي الأبار
قال ثنا يعقوب بن إبراهيم قال ثنا عبد الرحمن بن مهدي عن شعبة
قال كنت أنظر إلى فم قتادة فإذا قال ثنا كتبت وإذا قال حدث لم
أكتب. أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال ثنا محمد بن أحمد بن الحسن
قال ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال علي بن المديني قال:
قال يحيى بن سعيد لم أكن أهتم لسفيان أن يقول: لمن فوقه قال
سمعت فلانا ولكن كان يهمني أن يقول: هو سمعت فلانا وحدثني فلان
فإن قيل يجب أن لا تقبلوا قول المدلس أخبرني فلان لأن ذلك لفظ
يستعمل في السماع وفي غيره فيقال: أخبرني على معنى
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قط: قال الخطيب.
2 كذا.
3 قط: أبو الحسن، خطأ "ح".
ص -518- ... المناولة والإجازة والمكاتبة
يقال لا يلزم هذا لأنا قد بينا فيما تقدم أن قول حدثني وأخبرني
فلان لفظ موضوع ظاهره للمخاطبة1 وان استعمل ذلك فيما قرئ على
المحدث والطالب يسمع وإنما يستعمل أخبرني في المناولة والإجازة
والمكاتبة اتساعا ومجازا فإن كان كذلك وجب حمل الكلام على
ظاهره المفيد للسماع ورفع اللبس والإشكال على أن المدلس إذا
قال أخبرني فلان وهو يرى استعمال ذلك جائزا في أحاديث الإجازة
والمكاتبة والمناولة وجب أن يقبل خبره لان أقصى حاله أن يكون
قوله أخبرني فلان إنما هو إجازة مشافهة أو مكاتبة وكل ذلك
مقبول.
فان قيل لم إذا عرف تدليسه في بعض حديثه وجب حمل جميع حديثه
على ذلك مع جواز أن لا يكون كذلك قلنا2 لأن تدليسه الذي بان
لنا صير ذلك هو الظاهر من حاله كما أن من عرف بالكذب في حديث
واحد صار الكذب هو الظاهر من حاله وسقط العمل بجميع أحاديثه مع
جواز كونه صادقا في بعضها فكذلك حال من عرف بالتدليس ولو
بحديث3 واحد فإن وافقه ثقة على روايته وجب العمل به لأجل رواية
الثقة له خاصة دون غيره.
وربما لم يسقط المدلس اسم شيخه الذي حدثه لكنه يسقط ممن4 بعده
في الإسناد رجلا يكون ضعيفا في الرواية أو صغير السن ويحسن
الحديث بذلك وكان سليمان الأعمش وسفيان الثوري وبقية بن الوليد
يفعلون مثل هذا.
"أخبرنا" أبو سعيد محمد بن موسى الصيرفي قال ثنا أبو العباس
محمد بن يعقوب الأصم قال ثنا العباس بن محمد الدوري قال ثنا
قبيصة قال ثنا سفيان
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قط: المخاطبة.
2 صف: يقال.
3 قط: لحديث.
4 قط: مما.
ص -519- ... الثوري يوما حديثا ترك فيه
رجلا فقيل له يا أبا عبد الله فيه رجل قال هذا أسهل الطريق1.
قرأت في كتاب أبي مسعود إبراهيم بن محمد بن عبيد الدمشقي
أخبرنا محمد بن أحمد بن الفضل بن شهريار قال أنا عبد الرحمن بن
أبي حاتم قال سمعت أبي وذكر الحديث الذي رواه إسحاق بن راهويه
عن بقية قال حدثني أبو وهب الأسدي قال ثنا نافع عن ابن عمر قال
لا تحمدوا إسلام امرئ حتى تعرفوا عقدة رأيه قال أبي هذا الحديث
له علة قل من يفهمها روى هذا الحديث عبيد الله بن عمرو عن
إسحاق بن أبي فروة عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه
وآله وسلم وعبيد الله بن عمرو وكنيته أبو وهب هو أسدي وكان
بقية بن الوليد كنى عبيد الله ونسبه إلى بني أسد لكيلا يفطن له
حتى إذا ترك إسحاق بن أبي فروة من الوسط لا يهتدي وكان بقية من
أفعل الناس لهذا.
وأما ما قال إسحاق في روايته عن بقية عن أبي وهب حدثنا نافع
فهو وهم غير أن وجهه عندي أن إسحاق لعله حفظ عن بقية هذا
الحديث ولم يفطن لما عمل بقية من تركه إسحاق من الوسط وتكنيته
عبيد الله بن عمرو فلم يفتقد لفظه بقية في قوله ثنا نافع أو عن
نافع [قال الخطيب]2: وقول أبي حاتم كله في هذا الحديث صحيح وقد
روى الحديث عن بقية كما شرح قبل أن يغيره ويدلسه لإسحاق.
أخبرنا أبو بكر البرقاني قال أنا الحسين بن علي التميمي قال
ثنا محمد بن المسيب أبو عبد الله قال ثنا موسى بن سليمان قال
ثنا بقية قال ثنا عبيد الله بن عمرو عن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قط: للطرائق.
2 من قط.
ص -520- ... إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة
عن نافع عن ابن عمر قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا
تعجبوا لإسلام1 امرئ حتى تعرفوا عقدة عقله".
ويقال: إن ما رواه مالك بن أنس عن ثور بن زيد عن ابن عباس كان
ثور يرويه عن عكرمة عن ابن عباس وكان مالك يكره الرواية عن
عكرمة فاسقط اسمه من الحديث وأرسله وهذا لا يجوز وإن كان مالك
يرى الاحتجاج بالمراسيل لأنه قد علم أن الحديث [عمن]2 ليس بحجة
عنده وأما المرسل فهو أحسن حالة من هذا لأنه لم يثبت من حال من
أرسل3 عنه فإن ليس بحجة.
أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن إبراهيم الاشناني بنيسابور قال
سمعت أبا الحسن أحمد بن محمد بن عبدوس الطرائفي يقول: سمعت أبا
سعيد عثمان بن سعيد الدارمي يقول: سمعت يحيى بن معين وسئل عن
الرجل يلقى الرجل الضعيف من بين ثقتين فيوصل الحديث ثقة عن ثقة
ويقول أنقص [من]4 الحديث وأصل ثقة عن ثقة يحسن الحديث بذلك
فقال لا يفعل لعل الحديث عن كذاب ليس بشيء فإذا هو قد حسنه
وثبته ولكن يحدث به كما روى قال أبو سعيد كان الأعمش ربما فعل
ذا5.
وأما الضرب الثاني من التدليس فهو: أن يروي المحدث عن شيخ سمع
منه حديثا فغير اسمه أو كنيته أو نسبه أو حاله المشهور من أمره
لئلا يعرف والعلة في فعله ذلك كون شيخه غير ثقة في اعتقاده
أوفى أمانته أو يكون متأخر الوفاه قد شارك الراوي عنه [جماعة
دونه في السماع منه أو يكون أصغر من الراوي عنه]"4" سنا أو
تكون أحاديثه التي عنده عنه كثيرة فلا يحب تكرار الرواية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قط: بإسلام.
2 ليس في قط.
3 قط: أرسله.
4 من قط.
5 قط: هذا.
ص -521- ... عنه يغير حاله لبعض هذه الأمور
وأنا أسوق من أخبار من كان يفعل ذلك بعض ما تيسر إن شاء الله
تعالى. أخبرنا أبو سعيد محمد بن موسى الصيرفي قال ثنا أبو
العباس محمد بن يعقوب الأصم قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل
قال ثنا أبي قال بلغني أن عطية كان يأتي الكلبي فيأخذ عنه
التفسير فكان يكنيه بأبي سعيد فيقول قال أبو سعيد وكان هشيم
يضعف حديث عطية قلت1: الكلبي يكنى أبا النضر وإنما غير عطية
كنيته ليوهم الناس فإن يروي عن أبي سعيد الخدري التفسير الذي
كان يأخذه عنه.
أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن محمد بن عبد الله الكاتب قال أنا
أبو محمد علي بن [عبد الله]2 بن المغيرة الجوهري قال ثنا أحمد
بن سعيد الدمشقي قال حدثني الزبير بن بكار قال حدثني رجل ثقة
قال: قال لي أبو الحسن المدائني أبو اليقظان هو سحيم بن حفص
وسحيم لقب واسمه عامر بن حفص وكان لحفص بن يقال له محمد وكان
أكبر أولاده3 فكنيته لنا به ولم يكن يكنى به وكان حفص أسود
شديد السواد يعرف بالأسود قال لي أبو اليقظان سمتني أمي خمسة
عشر يوما عبد الله فإذا قلت حدثنا أبو اليقظان فهو أبو اليقظان
وإذا قلت سحيم بن حفص وعامر بن حفص وعامر بن أبي محمد وعامر بن
الأسود وسحيم بن الأسود وعبد الله بن فائد وأبو إسحاق المالكي
فهو أبو اليقظان.
حدثني القاضي أبو عبد الله الصيمري قال ثنا علي بن الحسن
الرازي قال ثنا محمد بن الحسين الزعفراني قال ثنا أحمد بن زهير
قال سمعت يحيى بن معين يقول:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قط: قال الخطيب.
2 من قط.
3 قط: ولده.
ص -522- ... كان مروان بن معاوية يغير
الأسماء يعني على الناس يحدثنا عن الحكم بن أبي خالد وإنما هو
الحكم بن ظهير. أخبرنا أحمد بن أبي جعفر القطيعي قال ثنا يوسف
بن أحمد بن يوسف الصيدلاني بمكة قال ثنا محمد بن عمرو بن موسى
العقيلي قال محمد بن سعيد المصلوب يغيرون اسمه إذا حدثوا عنه
فمروان الفزاري يقول: محمد بن حسان ويقول أيضا محمد بن محمد بن
أبي قيس ويقول محمد بن أبي زينب ويقول محمد بن أبي زكريا ويقول
محمد بن أبي الحسن وقال ابن عجلان وعبد الرحيم بن سليمان محمد
بن سعيد بن حسان بن قيس وبعضهم يقول: عن أبي عبد الرحمن الشامي
ولا يسميه ويقولون1 محمد بن حسان الطبري2 وهذا كله محمد بن
سعيد المصلوب.
أخبرني علي بن أبي الحسين الدقاق قال قرأت3 على الحسين بن
هارون الضبي عن أبي العباس أحمد بن محمد بن سعيد قال سمعت عبد
الله بن أحمد بن سوادة أبا طالب يقول: قلب أهل الشام اسم محمد
بن سعيد الزنديق على مائة اسم وكذا وكذا اسما قد جمعتها في
كتاب وهو الذي أفسد كثيرا من حديثهم قال أبو العباس بن سعيد
محمد بن سعيد الأسدي أبو عبد الله الشامي ويقال أبو عبد الرحمن
المصلوب في الزندقة وقال عبد الرحيم يعني ابن سليمان-
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قط: ويقول.
2 في كتاب العقيلي زيادة لفظها: وربما قالوا: عبد الله، وعبد
الرحمن، وعبد الكريم، وغير ذلك على معنى التعبيد، وينسبونه إلى
جده، ويكنون فيه الجد، حتى يتسع الأمر جدا في هذا، وقد بلغني
عن بعض أصحاب الحديث أنه قال يقلب اسمه على نحو من مائة اسم،
وما أبعد أن يكون كما قال.
3 قط: قرأ.
ص -523- ... محمد1 بن غانم قال أبو معاوية
أبو قيس محمد بن عبد الرحمن وربما قال عبد الرحيم بن2 أبي قيس
ويقال الربضي ويقال الطبري ويقال محمد بن حسان ويقال محمد بن
عبد الرحمن روى عنه الثوري والحسن بن صالح وقال المقري عن سعيد
بن أبي أيوب عن ابن عجلان عن محمد بن سعيد بن حسان بن قيس وهو
هذا. أخبرنا أبو بكر البرقاني قال ثنا يعقوب بن موسى الأردبيلي
قال ثنا أحمد بن طاهر الميانجي قال ثنا سعيد بن عمرو البرذعي
قال: قال أبو زرعة قلت لابن نمير شيخ يحدث عنه الحماني يقال له
علي بن سويد فقال لم تفطن من هذا قلت لا قال هذا معلى بن هلال
جعل الحماني معلى عليا ونسبه إلى جده وهو معلى بن هلال بن
سويد.
وقد أخبرنا بحديث الحماني عنه أبو الحسن محمد بن عمر بن عيسى
البلدي قال أنا أبو العباس أحمد بن إبراهيم الإمام ببلد3 قال
ثنا علي بن حرب قال ثنا يحيى بن عبد الحميد قال ثنا علي بن
سويد عن نفيع أبي داود عن جابر بن عبد الله قال: قال النبي صلى
الله عليه وسلم: "يغفر للمؤذن مد صوته ويشهد له يوم القيامة كل
من سمع صوته من شجر4 أو حجر أو مدر أو بشر أو رطب أو يابس
ويكتب له مثل أجر من صلى بأذانه" وساق حديثا طويلا.
أخبرنا أبو سعيد محمد بن موسى الصيرفي قال سمعت أبا العباس
محمد بن يعقوب الأصم يقول: سمعت العباس بن محمد الدوري يقول:
سمعت يحيى بن معين
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 صف: ابن سليمان بن محمد.
2 قط: عبد الرحيم بن محمد بن كذا.
3 بلد: علم لبلدة فوق الموصل وربما قيل لها: بلط، انظر معجم
البلدان "ح".
4 قط: بحر – كذا.
ص -524- ... يقول: حديث من مات مريضا مات
شهيدا كان ابن جريج يقول: فيه إبراهيم بن أبي عطاء يكنى عن
اسمه وهو إبراهيم بن أبي يحيى وكان قدريا رافضيا.
أخبرنا محمد بن الحسين القطان قال أنا دعلج بن أحمد قال أنا
أحمد بن علي الأبار قال ثنا ابن أبي سكينة الحلبي قال سمعت
إبراهيم بن أبي يحيى يقول: حكم الله بيني وبين مالك بن أنس هو
سماني قدريا وأما ابن جريج فإني حدثته من مات مرابطا مات شهيدا
فحدث عني من مات مريضا مات شهيدا ونسبني إلى جدي من قبل أمي
إبراهيم بن أبي عطاء قلت1 هو إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى
الأسلمي واسم أبي يحيى سمعان مولى عمرو بن2 عبد نهم ويقال أن
ابن جريج أيضا روى عنه فقال ثنا أبو الذئب وروى عنه محمد بن
عمر الواقدي أحاديث كثيرة قال في بعضها ثنا أبو إسحاق بن محمد
وقال في موضع آخر ثنا أبو إسحاق الأسلمي وفي موضع آخر أبو
إسحاق بن أبي عبد الله وروى عنه عبد الرزاق بن همام فقال ثنا
الأسلمي بن محمد وروى عنه سعيد بن سليمان بن سعيد الأسلمي شيخ
ليعقوب بن محمد الزهري فقال حدثني أبو إسحاق بن سمعان وروى عنه
مروان بن معاوية فسماه عبد الوهاب المغربي وقد ذكرنا روايات
هؤلاء المذكورين عنه في كتابنا الموضح لأوهام الجمع والتفريق
وذكرنا أيضا فيه روايات خلق كثير عن قوم غيروا أسماءهم
وأنسابهم المشهورة.
فمنهم محمد بن محمد بن سليمان الباغندي كان يروي عن يحيى
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قط: قال الخطيب.
2 قط من.
ص -525- ... ابن أبي طالب فيقول ثنا عبد
الله بن الزبرقان وعن محمد بن غالب التمتام فيقول ثنا عبد الله
بن غالب التمار. ومحمد بن المظفر الحافظ كان يروي عن أبي
الحسين عمر بن الحسن الأشناني فيقول ثنا عبد الله بن الحسن
الشيباني وعن عبد الباقي بن قانع القاضي فيقول ثنا عبد الله بن
مرزوق.
وأبو بكر محمد بن القاسم الأنباري كان يروي عن محمد بن خلف بن
المرزبان فيقول ثنا عبد الله بن خلف. وأبو عبيد الله المرزباني
كان يروي عن محمد بن يحيى الصولي فيقول ثنا أبو بكر الجرجاني.
والحارث بن أبي أسامة حدث عن أبي بكر بن أبي الدنيا المصنف
وقال ثنا أبو بكر الأموي وقال في موضع آخر ثنا عبد الله بن
عبيد وفي موضع آخر ثنا عبد الله بن سفيان الأموي1 وفي موضع آخر
ثنا أبو بكر بن سفيان الكوفي.
وإبراهيم الحربي حدث عن علي بن داود القنطري فقال ثنا علي بن
أبي سليمان.
وحدث الحارث بن أبي أسامة عن أخيه محمد فقال ثنا محمد بن أبي
سليمان وحدث أبو معاوية الضرير عن الحسن بن عمارة فقال ثنا عبد
الله بن عبد الرحمن شيخ كان في بجيلة.
وبكار بن بشر الفزاري حدث عن علي بن غراب فقال ثنا عليّ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قط: شقير، خطأ، وابن أبي الدنيا هو: عبد الله بن محمد بن
عبيد بن سفيان بن قيس: أبو بكر القرشي، مولى لبني أمية، كما في
تاريخ المؤلف "ح".
ص -526- ... ابن عبد العزيز وحدث عنه مروان
بن معاوية فقال ثنا علي بن أبي الوليد وحدث أبو بكر بن مجاهد
عن أبي بكر بن أبي داود السجستاني فقال ثنا عبد الله بن أبي
عبد الله وحدث أيضا عن محمد بن الحسن بن زياد النقاش فقال ثنا
محمد بن سند.
وروى أبو جعفر بن شاهين عن النقاش فقال ثنا محمد بن أبي سعيد
الموصلي وحدث مروان بن معاوية الفزاري عن أبي إسحاق إبراهيم بن
محمد بن الحارث [الفزاري]1 فقال ثنا إبراهيم بن أبي حصن2.
وحدث أبو بكر بن أبي الدنيا عن إبراهيم بن سعيد الجوهري فقال
ثنا إبراهيم بن [أبي]"1" عثمان وفي موضع آخر فقال ثنا أبو
إسحاق الجزري.
وحدث محمد بن محمد بن سليمان الباغندي عن إسحاق بن شاهين
الواسطي فقال ثنا إسحاق بن أبي عمران.
وحدث عبد الله بن أحمد بن حنبل عن إسحاق بن منصور الكوسج3 فقال
حدثنا إسحاق بن [أبي]4 عيسى وحدث أيضا عن زهير بن محمد بن قمير
فقال ثنا زهير بن أبي زهير وعن الحكم بن موسى فقال ثنا الحكم
بن أبي زهير.
وحدث يعقوب بن شيبة عن أحمد بن محمد بن حنبل فقال ثنا أحمد بن
هلال وروى قيس بن الربيع عن أبي خالد [عمرو بن خالد]"1"
الواسطي فقال ثنا عمير مولى عنبسة بن سعيد.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من قط.
2 قط: أبي حصين.
3 قط: إسحاق بن موسى الأنصاري، ولكل منهما ترجمة في تاريخ
المؤلف وفي التهذيب وفي ترجمة الكوسج رواية عبد الله بن أحمد
عنه، وليس في ترجمة الأنصاري رواية عبد الله عنه، ولا في ترجمة
عبد الله روايته عن الأنصاري: فالله اعلم "ح".
4 من صف.
ص -527- ... وروى عبد الله بن عمر المعروف
بمشكدانه عن أسيد بن زيد الجمال1 عن عمرو بن شمر فقال ثنا أبو
محمد مولى بني هاشم عن عمرو بن أبي عمرو وإستيفاء ما ورد في
هذا المعنى يطول فمن أحب الوقوف عليه بكماله فلينظر في كتابنا
الذي قدمنا ذكره.
حدثني العلاء بن حزم الأندلسي قال أنا محمد بن الحسين بن بقاء
الهمذاني قال أنا جدي عبد الغني بن سعيد الأزدي قال ثنا أبو
بكر الذارع2 قال ثنا علان قال ثنا قبيطة3 قال ثنا أبو سعيد
الحداد أحمد4 بن داود قال سمعت وكيعا يقول: من كنى من يعرف
بالاسم أو سمي من يعرف بالكنية فقد جهل العلم.
قال الخطيب: وفي الجملة فإن كان من روى عن شيخ شيئا سمعه منه
وعدل عن تعريفه بما اشتهر من أمره فخفى ذلك على سامعه لم يصح
الاحتجاج بذلك الحديث للسامع لكون الذي حدث عنه في حاله ثابت
الجهالة معدوم العدالة ومن كان هذا صفته فحديثه ساقط والعمل به
غير لازم على الأصل الذي ذكرناه فيما تقدم، والله أعلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ضبطه في التبصير وغيره، ووقع في صف: الحمال "ح".
2 أراه أحمد بن نصر بن عبد الله بن الفتح، له ترجمة في تاريخ
المؤلف، وفي لسان الميزان، وضبطه في التبصير، ووقع في قط:
الدراع، والله أعلم "ح".
3 أراه الحسن بن سليمان بن سلام، له ترجمة في لسان الميزان،
وضبطه في التاج، ووقع في صف: قبيصة، والله أعلم "ح".
4 له ترجمة في تاريخ المؤلف، ووقع في صف: الجداد، وأحمد خطأ
"ح".
ص -528 - ...
باب القول في الرجلين يشتركان في الاسم والنسب فتجيء الرواية
عن أحدهما من غير بيان وأحدهما عدل والآخر فاسق
مثال ما ذكرناه إن إسماعيل بن أبان الغنوي شيخ كان بالكوفة غير
ثقة وإسماعيل بن أبان الوراق كان بها أيضا ثابت العدالة
وعصرهما متقارب وقد ذكرهما يحيى بن معين فقال فيما حدثني عبيد
الله بن أبي الفتح قال ثنا [أحمد بن] 1 إبراهيم بن شاذان قال
ثنا عثمان بن إسماعيل السكري قال سمعت عباس2 بن محمد يقول:
سمعت يحيى بن معين يقول: إسماعيل بن أبان الغنوي كذاب لا يكتب
حديثه وإسماعيل بن أبان الوراق ثقة. وكان يعقوب بن شيبة بن
الصلت قد كتب عنهما جميعا فلو ورد حديث ليعقوب عن إسماعيل بن
أبان لم يبين في الرواية أي الرجلين هو ولا عرف السامع ما تميز
ذلك من جهة العلم بشيوخهما والاستدلال بروايتهما وجب التوقف
فيه وترك العمل به لأنه لا يؤمن أن يكون رواية الغنوي الذي ثبت
جرحه.
وقد بينا فيما سلف فإن لا يجوز العمل بخبر من لا يعرف عدالته
ولا يؤمن أن يكون مجروحا اللهم إلا أن يكون يعقوب قد قال إنما
أخبركم عن الثقة العدل الذي له هذا الاسم والنسب ولا أروي لكم
عن الآخر شيئا فأما إذا لم يبين ذلك بوجه من الوجوه ولا كان
للسامع سبيل إلى التمييز فلا سبيل إلى العمل بالخبر لأجل ما
ذكرناه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من قط.
2 هو الدوري، ووقع في قط: عياش "ح".
ص -529- ... ومما يضاهي أمر إسماعيل بن
أبان أن في رواة الحديث اثنين يقال لكل واحد منهما إسماعيل بن
مسلم وهما بصريان في طبقة واحدة وحدثا جميعا عن الحسن البصري
نزل أحدهما مكة فنسب إليها وكنيته أبو ربيعة وكان متروك الحديث
والآخر يكنى أبا محمد وهو ثقة وقد ذكرهما أيضا يحيى بن معين
فقال فيما أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد1 بن إبراهيم الأشناني
قال سمعت أبا الحسن2 أحمد بن محمد بن عبدوس الطرائفي يقول:
سمعت عثمان بن سعيد الدارمي يقول: وسألته يعني يحيى بن معين عن
إسماعيل بن مسلم المكي فقال: ليس بشيء قلت فإسماعيل بن مسلم
العبدي فقال ثقة.
ويميز بينهما بان المتروك يعرف بالمكي والآخر يعرف بالبصري
والعبدي وبأن الضعيف يروي عنه سفيان الثوري ويزيد بن هارون
وأبو عاصم النبيل والثقة يروي عنه يحيى بن سعيد القطان وعبد
الرحمن بن مهدي ووكيع وأبو نعيم فمن أشكل عليه أمرهما في حديث
وروى له عن أحدهما فليميزه ببعض ما ذكرنا وإلا وجب عليه التوقف
عن العمل بذلك الخبر حتى يتضح له.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 زاد في قط: ابن محمد.
2 هكذا في صف والأنساب، وهكذا تكرر في المستدرك وسنن البيهقي،
ووقع في قط: أبا الحسن "ح".
|