الكفاية في علم الرواية ط الكتب الحديثة

باب الكلام في إرسال الحديث ومعناه وهل يجب العمل بالمرسل أم لا؟
لا خلاف بين أهل العلم إن إرسال الحديث الذي ليس بمدلس هو رواية الراوي عمن لم يعاصره أو لم يلقه نحو رواية سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن وعروة بن الزبير ومحمد بن المنكدر والحسن البصري ومحمد بن سيرين وقتادة وغيرهم من التابعين عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبمثابته في غير التابعين نحو رواية ابن جريج عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ورواية مالك بن أنس عن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه ورواية حماد بن أبي سليمان عن علقمة فهذه كلها روايات ممن سمينا عمن لم يعاصروه وأما رواية الراوي عمن عاصره ولم يلقه فمثاله رواية الحجاج بن أرطاة وسفيان الثوري


ص -547- ... وشعبة عن الزهري وما كان نحو ذلك مما لم نذكره والحكم في الجميع عندنا واحد وكذلك الحكم فيمن أرسل حديثا عن شيخ لقيه إلا فإن لم يسمع ذلك الحديث منه وسمع ما عداه.
وقد اختلف العلماء في وجوب العمل بما هذه حاله فقال بعضهم أنه مقبول ويجب العمل به إذا كان المرسل ثقة عدلا وهذا قول مالك وأهل المدينة وأبي حنيفة وأهل العراق وغيرهم وقال محمد فإن إدريس الشافعي رضي الله عنه وغيره من أهل العلم لا يجب العمل به وعلى ذلك أكثر الأئمة من حفاظ الحديث ونقاد الأثر واختلف مسقطوا العمل بالمرسل في قبول رواية الصحابي خبرا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يسمعه منه.
مثل ما أخبرنا أبو بكر أحمد فإن علي فإن محمد الأصبهاني الحافظ بنيسابور قال أنا أبو عمرو محمد فإن أحمد فإن حمدان قال أنا عمران فإن موسى فإن مجاشع قال ثنا محمد فإن خلاد قال ثنا معتمر عن أبيه قال حدثنا أنس قال ذكر لي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لمعاذ: "من لقي الله تعالى لا يشرك يعني به شيئا دخل الجنة" فقال يا نبي الله أفلا أبشر الناس قال: "لا إني أتخوف أن يتكلوا" فقال بعضهم لا تقبل مراسيل الصحابة لا للشك في عدالتهم ولا لأن فيهم من خرج عنها بجرم كان منه ولكن لأنه قد يروي الراوي منهم عن تابعي وعن أعرابي لا تعرف صحبته ولا عدالته فلذلك يجب العمل بترك مرسله ولو قال لست أروي لكم إلا عن سماعي من الرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أو من صحابي لوجب علينا قبول مرسله وقال آخرون مراسيل الصحابة كلهم مقبولة لكون جميعهم عدولا


ص -548- ... مرضيين وان الظاهر فيما أرسله الصحابي ولم يبين السماع فيه أنه سمعه من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أو من صحابي سمعه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأما من روى منهم عن غير الصحابة فقد بين في روايته ممن سمعه وهو أيضا قليل نادر فلا اعتبار به وهذا هو الأشبه بالصواب عندنا لما أخبرنا محمد فإن أبي عمرو الصوفي بنيسابور قال ثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الشيباني الحافظ قال ثنا إبراهيم بن أبي طالب ومحمد بن إسماعيل قالا ثنا أبو كريب قال ثنا إسحاق بن منصور قال ثنا إبراهيم بن يوسف عن أبيه عن أبي إسحاق قال سمعت البراء بن عازب يقول: ليس كلنا سمع حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كانت لنا ضيعة وأشغال وكان الناس لم يكونوا يكذبون يومئذ فيحدث الشاهد الغائب.
وأخبرنا أبو سعيد محمد بن موسى الصيرفي قال ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم قال ثنا يحيى بن جعفر قال أنا عبد الوهاب بن عطاء قال أنا إسماعيل بن مسلم عن الحسن عن أنس بن مالك أنه قال ليس كل ما نحدثكم عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سمعناه منه ولكن حدثنا أصحابنا ونحن قوم لا يكذب بعضهم بعضا.
ومن القائلين بقبول المراسيل من يقدم ما أرسله الأئمة من الصحابة والتابعين ومن بعدهم على مسند من ليس في درجتهم اعتلالا بأنهم لا يرسلون إلا ما ظهر وبان واشتهر وحصل لهم العلم بصحته قال وانتشاره وظهوره أقوى من مسند الواحد ومن جرى مجراه ومنهم من يعمل بمراسيل كبار التابعين [دون مراسيل من قصر عنهم ومنهم من يقبل مراسيل جميع التابعين1] إذا استووا في العدالة وكذلك مراسيل
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من قط.


ص -549- ... من بعد التابعين ومنهم من يقبل مراسيل من عرف منه النظر في أحوال شيوخه والتحري في الرواية عنهم دون من لم يعرف بذلك.
أخبرنا محمد بن الحسين القطان قال أنا عبد الله بن جعفر بن درستويه قال ثنا يعقوب بن سفيان قال سمعت [جعفر]1 بن عبد الواحد الهاشمي يقول لأحمد بن صالح: قال يحيى بن سعيد مرسل الزهري شبه2 لا شيء فغضب أحمد وقال ما ليحيى ومعرفة علم الزهري ليس كما قال يحيى.
أخبرني عبيد الله بن أحمد بن عثمان الصيرفي قال أنا علي بن عمر الحافظ قال ثنا أبو عبيد القاسم بن إسماعيل الضبي المحاملي قال ثنا أحمد بن عبد الله بن أبي عتاب قال ثنا أحمد بن أبي شريح الرازي قال سمعت أبا عبد الله محمد بن إدريس الشافعي الذاب عن أهل السنة والمنكر على أهل البدعة يقول: إرسال الزهري [عندنا]"1" ليس بشيء وذلك أنا نجده يروي عن سليمان بن أرقم.
أخبرنا محمد بن الحسين قال أنا ابن درستويه قال ثنا يعقوب قال حدثني الفضل بن زياد قال سمعت أبا عبد الله وهو أحمد بن حنبل يقول: مرسلات إبراهيم النخعي لا بأس بها وليس في المرسلات شيء أضعف من مرسلات الحسن وعطاء بن أبي رباح فإنهما يأخذان عن كل أحد.
وأخبرنا محمد بن الحسن قال أنا ابن درستويه قال ثنا يعقوب قال: قال ابن المديني سمعت يحيى بن سعيد يقول: مرسل مالك أحب إلي من مرسل سفيان.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من قط.
2 قط: شبيه.


ص -550- ... أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال ثنا محمد بن أحمد بن الحسن1 قال ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال ثنا علي بن عبد الله بن المديني قال: قال يحيى بن سعيد مرسلات مجاهد أحب إلي من مرسلات عطاء بكثير كان عطاء يأخذ عن كل ضرب وقال يحيى مرسلات بن أبي خالد ليس بشيء ومرسلات عمرو بن دينار أحب إلي قال يحيى وكان شعبة يضعف إبراهيم عن علي قال يحيى إبراهيم عن علي أحب إلي من مجاهد عن علي قال ابن المديني وسمعته يقول: أول ما طلبت في الحديث وقع في يدي كتاب فيه مرسلات عن أبي مجلز فجعلت لا اشتهيها وأنا يومئذ غلام وسمعته يقول: مالك عن سعيد بن المسيب أحب إلي من سفيان عن إبراهيم قال وكل ضعيف قال وسمعته يقول: سفيان عن إبراهيم شبه لا شيء لأنه لو كان فيه إنسان صاح به وقال يحيى مرسلات سعيد بن جبير أحب إلي من مرسلات عطاء قلت ليحيى فمرسلات مجاهد قال سعيد أحب إلي قلت ليحيى فمرسلات مجاهد أحب إليك أم مرسلات طاوس قال ما أقربهما.
وسمعت يحيى يقول: مرسلات أبي إسحاق عندي شبه لا شيء والأعمش والتيمي ويحيى بن أبي كثير وقال يحيى مرسلات ابن عيينة شبه الريح ثم قال يحيى أي والله وسفيان بن سعيد قلت ليحيى فمرسلات مالك بن أنس قال هي أحب إلي ثم قال يحيى ليس في القوم أصح حديثا من مالك.
[قال الخطيب]2: والذي نختاره من هذه الجملة سقوط فرض العمل بالمراسيل وان المرسل غير مقبول والذي يدل على ذلك أن إرسال الحديث
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 هو ابن الصواف، له ترجمة في تاريخ المؤلف، ووقع في صف: الحسين، خطأ "ح".
2 من قط.


ص -551- ... يؤدي إلى الجهل بعين راويه ويستحيل العلم بعدالته مع الجهل بعينه وقد بينا من قبل أنه لا يجوز قبول الخبر إلا ممن عرفت عدالته فوجب لذلك كونه غير مقبول وأيضا فإن العدل لو سئل عمن أرسل عنه فلم يعد له لم يجب العمل بخبره إذا لم يكن معروف العدالة من جهة غيره وكذلك حاله إذا ابتدأ الإمساك عن ذكره وتعديله لأنه مع الإمساك عن ذكره غير معدل له فوجب أن لا يقبل الخبر عنه.
فإن قيل ليس الأمر على هذا لان إرسال الثقة تعديل منه لمن أرسل عنه وبمثابة نطقه بتزكيته.
قلنا: هذا باطل من وجوه:
أولها فإن قد علم من حال العدول أنهم يمسكون عن تعديل الراوي وجرحه فإذا سئلوا عنه جرحوه تارة وعدلوه أخرى فعلم أن إمساكهم عن الجرح ليس بتعديل وكذلك إمساكهم عن التعديل ليس بجرح ويدل على ذلك أيضا أنه لو ساغ أن يقال إن الإمساك عن الجرح تعديل لساغ أن يقال إن الإمساك عن التعديل جرح.
ويدل على [فساد]1 ذلك أيضا أنه قد اتفق على فإن لا يقنع من المعدل للشهود إذا سئل عنهم بالإمساك عن جرحهم ولا يقنع في جرحهم بالإمساك عن تعديلهم دون إيراد لفظ يقع به ذلك.
ويدل على أن الإمساك عن المرسل عنه ليس بتعديل له أنه قد يمكن أن يكون الممسك غير عالم بحاله من عدالة أو جرح فيمسك عن الأمرين للجهل بهما.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من صف.


ص -552- ... وهذا مقتضى ظاهر الحال في الإمساك عن جرحه وتعديله فسقط ما قالوه وجميع ما ذكرناه يدل على فساد قول المخالف أن رواية العدل عمن أرسل عنه تعديل له ولأنه لو كان الأمر على ما ذكر لوجب إذا ترك المحدث الرواية عمن يعلم فإن سمع منه مع علمه بثقته وذكره سماعه أن يكون ذلك جرحا ولما اتفق على فساد هذا قد يترك العدل الرواية عمن يعرف عدالته جاز وصح أيضا أن يروي عمن يعرف جرحه أو عمن لا يعرفه عدلا ولا مجروحا ولا أقل من هذه الرتبة فدل على صحة ما ذكرناه على إنا لو سلمنا للمخالف ما ادعاه من أن رواية العدل عمن أرسل عنه ممسكا عن جرحه تعديل له وبمثابة لفظه بتزكيته لم يرو عنه إلا هو مرضي عنده لم يجب علينا تقليده في ذلك لأنه يجوز أن نعرفه1 بالفسق وما يبطل العدالة لو ذكره لنا وإنما نقبل تعديله إذا ذكر لنا الذي أرسل عنه وعرفنا عينه ولم نعرفه نحن ولا غيرنا بجرح يسقط العدالة فأما أن نقبل تعديل من لا نعرف عينه فذلك باطل فلو قال المرسل حدثني العدل الثقة عندي بكذا لم يقبل ذلك منه حتى يذكر اسمه فلعلنا أو غيرنا نعرفه عند تسميته بخلاف العدالة فإذا لم يقبل النطق بتزكية من لم يذكر عينه فإن2 الإمساك عن جرحه أوهى وأضعف.
ويدل على ذلك أيضا إن شهادة شهود الفرع على شهادة شهود الأصل في الحقوق لا تكفي في تعديل شهود الأصل وكان يجب على ما ذكره المخالف أن تكفي لأن شهود الفرع إذا كانوا عدولا فلن يشهدوا عند الحاكم إلا على شهادة عدول عندهم يجب الحكم بشهادتهم ولما اتفق على إن ذلك لا يكفي بل يجب أن يعينوا للحاكم شهود الأصل حتى يجتهد في عدالتهم لجواز أن يعرفهم الحاكم أو غيره بخلاف العدالة لزم مثله فيما ذكرناه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 في الأصلين: يعرفه، وهو خطأ واضح "ح".
2 من قط كان.


ص -553- ... فإن قال: فرق بين إرسال الخبر وبين الشهادة وهو فإن قد اقتصر في الخبر على أخبرنا فلان [عن فلان]1 عن فلان ولم يجز مثل ذلك في الشهادة [فلما جاز أن يقبل خبر المخبر عمن يجوز أن يكون سمع منه ويجوز أن يكون حدث عنه ولم يقبل مثل ذلك في الشهادة]2 وجب افتراق الحكم في وجوب ذكر شهود الأصل ومن أرسل الثقة عنه.
قلنا لا يجب ما قلت من وجوه:
أحدها أنه لو وجب افتراقهما لوجب افتراقهما في وجوب معرفة كونهما عدلين حتى لا يجب تعديل المخبر عنه بلفظ ولا برواية عنه وترك جرح له وإن كان لا بد من تزكية الشاهد.
ولما لم يجب ذلك وكان من امسك عن ذكره مجهول العين والعدالة سقط ما ذكرت ولأن قول القائل المعاصر لغيره الذي قد علم لقاؤه له وسماعه منه حدثنا فلان عن فلان عن فلان قول ظاهر يقتضي أن شيخه الذي يحدث عنه قد سمع ممن بعده بلا واسطة فإن جاز أن يقول: ثنا فلان عن فلان وبينهما رجل لم يذكره غير أن ذلك يكون تجوزا وتوسعا وحذفا في الكلام وليس يجوز صرف الكلام عن ظاهره بغير دليل فوجب لذلك حمله على ظاهره وإرسال العدل عن غيره مع الإمساك عن ذكره ليس بجرح له ولا تعديل في جملة ولا تفصيل بل ظاهر الحال في ذلك فإن لا يعرف حاله بشيء مما بيناه قبل فبان فساد قول المخالف.
وإنما استجاز كتبة الحديث الاقتصار على العنعنة لكثرة تكررها ولحاجتهم إلى كتب الأحاديث المجملة بإسناد واحد فتكرار القول من المحدث:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من صف.
2 من قط.


ص -554- ... ثنا فلان عن سماعه من فلان يشق ويصعب لأنه لو قال أحدثكم عن سماعي من فلان وروى فلان عن سماعه من فلان وفلان عن سماعه من فلان حتى يأتي على أسماء جميع مسندي الخبر إلى أن يرفع إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفي كل حديث يرد مثل ذلك الإسناد لطال وأضجر وربما كثر رجال الإسناد حتى يبلغوا عشرة وزيادة على ذلك وفيه إضرار بكتبة الحديث وخاصة المقلين منهم والحاملين لحديثهم في الأسفار ويذهب بذكر ما مثلناه مدة من الزمان فساغ لهم لأجل هذه الضرورة استعمال عن فلان وليس بالعلماء والحكام ضرورة في ترك تزكية الرواة والشهود بل ذلك فرضهم وسهل متأت منهم.
وإذا كان الأمر على ما ذكرناه وضح صحة ما ذهبنا إليه وفساد قول ومخالفينا1.
أخبرنا محمد بن الحسين أنا عبد الله بن جعفر قال ثنا يعقوب بن سفيان قال سمعت عبد الرحمن بن إبراهيم دحيما قال ثنا الوليد قال كان الأوزاعي إذا حدثنا يقول: ثنا يحيى قال ثنا فلان قال ثنا فلان حتى ينتهي قال الوليد فربما حدثت كما حدثني وربما قلت عن عن [عن]2 تخففنا من الأخبار.
أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال ثنا محمد بن أحمد بن الحسن قال ثنا بشر بن موسى قال: قال عبد الله بن الزبير الحميدي:
فإن قال قائل: فما الحجة في ترك الحديث المقطوع والذي يكون في إسناده رجل ساقط وأكثر من ذلك ولم يزل الناس يحدثون بالمقطوع وما كان في إسناده رجل ساقط وأكثر.
قال عبد الله قلت: لان الموصول وإن لم يقل فيه سمعت حتى ينتهي الحديث إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فإن ظاهره السامع المدرك حتى يتبين فيه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قط: من خالفنا.
2 من قط.


ص -555 - ... غير ذلك كظاهر الشاهد الذي يشهد على الأمر المدرك له فيكون ذلك عندي كما يشهد لإدراكه من شهد عليه وما شهد فيه حتى أعلم1 منه غير ذلك والمقطوع العلم يحيط بأنه لم يدرك من حدث عنه فلا يثبت عندي حديثه لما أحطت به علما وذلك كشاهد شهد عندي على رجل لم يدركه أنه تصدق بداره أو أعتق عبده فلا أجيز شهادته على من لم يدركه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 صف: نعلم.
باب ذكر ما احتج به من ذهب إلى قبول المراسيل وإيجاب العمل بها والرد عليه
قال بعض من احتج بصحة المراسيل لو كان حكم المتصل والمنقطع مختلفا لبينه علماء السلف ولألزموا أنفسهم التحفظ من رواية كل مرسل عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبينوا ذلك لأتباعهم بل كان المنقطع عند أهل النظر أبين حجة وأظهر قوة من المتصل فإن من وصل الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالإسناد إذا كان لما سمع مؤديا والى الأمة ما حمل مسلما وإذا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان للشهادة قاطعا ولصدق من رواه له ضامنا ولا يظن بثقة عدل أن يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلا لتلقيه خبرا متواطئا وهذا الكلام غير صحيح.
فأما قوله لو كان حكم المتصل والمنقطع مختلفا لبينه علماء السلف ولألزموا أنفسهم التحفظ من رواية كل مرسل عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبينوا ذلك لأتباعهم فانا نقول أنهم قد بينوا اختلاف المتصل والمنقطع هذا ابن شهاب الزهري يقول: لإسحاق بن عبد الله بن أبي فروة ما أخبرنيه محمد بن الحسين القطان.


ص -556- ... قال أنا دعلج بن أحمد قال ثنا أحمد بن علي الأبار قال ثنا علي بن حجر عن عتبة بن أبي حكيم قال جلس إسحاق بن أبي فروة إلى الزهري فجعل يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال له: الزهري ما لك قاتلك الله تحدث بأحاديث ليس لها أزمَّة وروى عن غير ابن شهاب شبيه بهذا المعنى.
أخبرنا أبو سعيد محمد بن موسى الصيرفي قال ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني معاذ بن شعبة البصري قال ثنا معتمر1 عن كهمس عن داود بن أبي هند عن الشعبي قال لو لقيت هذا يعني الحسن لنهيته عن قوله قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صحبت ابن عمر ستة أشهر فلم أسمعه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلا في حديث واحد.
أخبرنا ابن الفضل قال ثنا عبد الله بن جعفر قال ثنا يعقوب بن سفيان قال ثنا عثمان يعني ابن أبي شيبة قال ثنا جرير عن رجل عن عاصم الأحول عن ابن سيرين قال لا تحدثني عن الحسن ولا عن أبي العالية بشيء فإنهما لا يباليان عمن أخذا الحديث.
حدثنا محمد بن يوسف النيسابوري الأعرج قال أنا محمد بن عبد الله بن محمد الحافظ قال أنا علي بن حمشاذ العدل قال سمعت محمد بن شاذ أن يقول: سمعت أحمد بن سعيد بن صخر يقول: سمعت أبا إسحاق الطالقاني يقول: سألت بن المبارك قلت الحديث الذي يروي من صلى عن أبويه فقال من رواه قلت شهاب بن خراش فقال ثقة عمن قلت عن الحجاج بن دينار فقال ثقة عمن فقلت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال إن ما بين الحجاج بن دينار وبين النبي صلى الله عليه وآله وسلم مفازة تنقطع فيها أعناق الإبل.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قط: معمر.


ص -557- ... أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال ثنا عبد الله بن محمد بن عثمان الواسطي [حدثنا أبو حنيفة الواسطي]1 قال سمعت أحمد بن الفرج يقول: سمعت مالك بن إسماعيل النهدي يقول: سمعت ابن المبارك يقول: طلب الإسناد المتصل من الدين.
وقد كان أحمد بن حنبل يختار الأحاديث الموقوفات عن الصحابة على المرسلات عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لذلك.
حدثت عن عبد العزيز بن جعفر قال أنا أبو بكر الخلال قال أخبرني محمد بن موسى أن إسحاق بن إبراهيم حدثهم قال: قلت لأبي عبد الله حديث مرسل عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم برجال ثبت أحب إليك أو حديث عن بعض الصحابة والتابعين متصل برجال ثبت قال أبو عبد الله عن الصحابة أحب إليّ.
أخبرنا أبو سعيد محمد بن موسى الصيرفي قال ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم قال ثنا أبو عبيدة2 السري بن يحيى بن أخي هناد قال ثنا جعفر بن محمد بن عمار القاضي قال حدث بن السماك وسأله إنسان عن إسناد حديث فقال هذا من المرسلات عرفا.
أخبرنا محمد بن عيسى بن عبد العزيز الهمذاني قال ثنا صالح بن أحمد الحافظ قال ثنا عبد الرحمن بن حمدان قال ثنا هلال بن العلاء قال سمعت أبي يقول: حمل أصحاب الحديث على ابن عيينة يوما فصعد فوق غرفة فقال له: أخوه تريد أن يتفرقوا عنك حدثهم بغير إسناد فقال انظروا إلى هذا يأمرني أن أصعد فوق البيت بغير درجة قال صالح يعني أن الحديث بلا إسناد ليس بشيء وان الإسناد درج المتون به يوصل إليها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من قط.
2 صف: أبو عبيد.


ص -558- ... أخبرني أبو بكر محمد بن المظفر الدينوري قال ثنا إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكي قال ثنا الإمام أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة قال سمعت أحمد بن نصر المقري يقول: سمعت إبراهيم بن معد أن يقول: قال ابن المبارك مثل الذي يطلب أمر دينه بلا إسناد كمثل الذي يرتقي السطح بلا سلم.
أخبرنا محمد بن الحسين بن الفضل القطان قال ثنا أبو عيسى أحمد بن يحيى بن محمد بن شاذان الجوهري قال ثنا جدي قال سألت علي بن المديني عن إسناد حديث سقط علي فقال تدري ما قال أبو سعيد الحداد قال الإسناد مثل الدرج ومثل المراقي فإذا زلت رجلك عن المرقاة سقطت والرأي مثل المرج.
أخبرني أبو القاسم الأزهري قال أنا عبيد الله بن محمد النوري قال ثنا محمد بن حمدويه المروزي ثنا أبو الموجه [ح وأخبرنا] محمد بن عيسى الهمذاني قال ثنا صالح بن أحمد الحافظ قال ثنا إبراهيم بن محمد البخاري قال أنا أبو الموجه محمد بن عمرو بن الموجه قال أنا عبدان قال سمعت عبد الله هو ابن المبارك يقول: الإسناد عندي من الدين لولا الإسناد لقال من شاء ما شاء ولكن إذا قيل له من حدثك بقي، أخبرنا محمد بن عيسى قال ثنا صالح بن أحمد قال حدثني أبو أحمد القاسم بن أبي صالح1 قال ثنا إبراهيم بن الحسين قال ثنا محمد بن إسماعيل
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 القاسم بن أبي صالح يروي عن إبراهيم بن الحسين بن ديزيل، وروى عنه صالح بن أحمد الهمذاني الحافظ، كما في ترجمة إبراهيم من "لسان الميزان" وفي مواضع أخرى ولم أقف على ترجمة للقاسم هذا، وكنت ظننت أنه القاسم بن عبد الله بن عبد الرحمن بن زياد بن بليل، أبو أحمد الزعفراني المترجم في تاريخ المؤلف، فإن صالح بن أحمد يروي عنه، ثم ضعف هذا الظن لأمور، منها:
أن في ترجمة محمد بن عبد الله أخي القاسم في تاريخ المؤلف ذكر الرواة عنه، وفيهم القاسم بن أبي صالح، ولم يذكر أنه أخوه، فالله أعلم.
ووقع في صف "أبو عبد الله أحمد بن القاسم بن أبي صالح"، "ح".


ص -559- ... الجعفري1 قال حدثني عبد الله بن سلمة بن أسلم قال ما كنا نتهم أن أحدا يكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم متعمدا حتى جاءنا قوم [من أهل]2 المشرق فحدثوا عن أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذين كانوا عندهم بأحاديث لا نعرفها فالتقيت أنا ومالك بن أنس فقلت يا أبا عبد الله والله أنه لينبغي لنا أن نعرف حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ممن هو وعمن أخذنا فقال صدقت يا أبا سلمة فكنت لا أقبل حديثا حتى يسند لي وتحفظ مالك بن أنس الحديث من أيامئذ فجئت عبد الله بن الحسن في السويقة فقال يا ابن سلمة بن أسلم ما بلغني انك تحدث تقول حدثني فلان عن فلان قلت بلى خلط علينا شيعتكم من أهل العراق وجاؤونا بأحاديث عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم فحدثته بعض ما حفظت فعجب له وقال أصبت يا بن أخي فزادني في ذلك رغبا.
أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال ثنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان3 قال أنا عبد الرحمن بن محمد بن إدريس قال ثنا عبد الملك بن أبي عبد الرحمن [حدثنا عبد الرحمن]4 بن الحكم بن بشير قال حدثني أبي قال سمعت
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 هكذا في قط والأنساب وكتاب ابن أبي حاتم ووقغ في صف الجوهري "ح".
2 من قط.
3 هو الحافظ المشهور أبو الشيخ، الأصبهاني، ذكره الصمعاني في الحياني، قال نسبة إلى جده، وكذا ذكره في التبصير بهذا الضبط، فاستفدنا من ذلك ضبط اسم جده، ووقع في قط: حبان "ح".
4 من قط: وهو الصواب، ففي كتاب ابن أبي حاتم ترجمة لعبد الرحمن ابن الحكم، وذكر الرواة عنه: عبد الملك بن أبي عبد الرحمن المقري.
وفي التهذيب ترجمة لوالده ولجده بشير بن سليمان النهدي. =


ص -560- ... عمرو1 بن قيس يقول: ينبغي لصاحب الحديث أن يكون مثل الصيرفي الذي ينقد2 الدراهم فإن الدراهم فيها الزيف والبهرج وكذلك الحديث.
وأما كتب أصحاب الحديث المراسيل والرواية لها فإنه على ضروب أحدها لاستعمال ما تضمنت من الأحكام عند من رأى قبولها ووجوب العمل بها مع إجماعهم على الفرق بينها وبين المسندات [في الصحة والثبات ومنهم من يكتبها على معنى المعرفة لعلل المسندات]3 بها لأن في الرواة من يسند حديثا يرسله غيره ويكون الذي أرسله أحفظ وأضبط فيجعل الحكم له وقد قال أحمد بن حنبل بمثل هذا فيما حدثت.
عن عبد العزيز بن جعفر قال ثنا أبو بكر الخلال قال أخبرني الميموني قال تعجب إلى أبو عبد الله ممن يكتب الإسناد ويدع المنقطع ثم قال وربما كان المنقطع أقوى إسنادا أو أكثر4 قلت بينه لي كيف قال يكتب الإسناد متصلا وهو ضعيف ويكون المنقطع أقوى إسنادا منه وهو يرفعه ثم يسنده وقد كتبه هو على أنه متصل وهو يزعم أنه لا يكتب إلا ما جاء عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم معناه لو كتب الإستادين جميعا عرف المتصل من المنقطع يعني ضعف ذا وقوة ذا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= ولكن وقع في خبط في التهذيب والتقريب والخلاصة، تارة: بشير وتارة: بشر، ومرة: سليمان، وتارة: النهدي، وآخرى الكندي، والصواب بشير بن سليمان النهدي كما في النسخ القلمية من تاريخ الكبير، وكتاب ابن أبي حاتم في مواضع "ح".
1 هو الملائي كما في التهذيب وغيره، ووقع في صف: عمر خطأ "ح".
2 قط: ينتقد
3 من قط.
4 قط وأكبر.


ص -561- ... ومنهم من يكتبها مسندة ويرويها مرسلة على معنى المذاكرة والتنبيه ليطلب إسنادها المتصل ويسال عنه وربما أرسلوها اقتصارا وتقريبا على المتعلم لمعرفة أحكامها كما يفعل الفقهاء الآن في تدريسهم فإذا أريد الاستعمال احتيج إلى بيان الإسناد ألا ترى إلى عروة بن الزبير لما أنكر على عمر بن عبد العزيز تأخير الصلاة وأرسل له خبر أبي مسعود الأنصاري عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في صلاة جبريل استثبته عمر بن عبد العزيز لحاجته إلى استعمال الخبر وقال له اعلم ما تقول يا عروة فأبان له إسناده ليقطع بذلك عذره وكان ابتداء عروة عمر بالخبر على سبيل المذاكرة والتنبيه ليسأل عمر عنه فلما احتيج إلى استعماله استثبته عمر فيه فأسنده إليه.
أخبرنا بذلك أبو الحسن محمد بن عمر الحطراني قال ثنا أبو العباس عمرو بن هشام بن عمرو البلدي ببلد قال نا أبو محمد بكر بن سهل بن إسماعيل القرشي قال ثنا عبد الله بن يوسف التنيسي [ح وأخبرنا] بشري بن عبد الله الرومي قال أنا محمد بن بدر قال أنا بكر بن سهل قال ثنا عبد الله بن يوسف قال أنا مالك عن ابن شهاب أن عمر بن عبد العزيز أخر الصلاة يوما وهو بالكوفة فدخل عليه عروة بن الزبير فأخبره أن المغيرة بن شعبة أخر الصلاة يوما وهو بالكوفة فدخل عليه أبو مسعود الأنصاري فقال ما هذا يا مغيرة أليس قد علمت أن جبريل نزل فصلى فصلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم صلى فصلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم صلى فصلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم [ثم صلى فصلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم صلى فصلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم1] ولم يذكر محمد بن بدر هذه الدفعة الأخيرة،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من قط.


ص -562- ... واتفقا فيما بعد ثم قال بهذا أمرت فقال عمر لعروة اعمل ما تحدث يا عروة أو أن جبرائيل هو أقام لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقت الصلاة قال عروة كذلك كان بشير بن أبي مسعود يحدث عن أبيه قال عروة ولقد حدثتني عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يصلى العصر والشمس في حجرتها قبل أن تظهر.
وقول المخالف أن المنقطع عند أهل النظر أبين حجة وأظهر قوة من المتصل دعوى باطلة لأن أهل العلم لم يختلفوا في صحة الاحتجاج بالمسانيد واختلفوا في المراسيل أو لو كان القول الذي قاله المخالف صحيحا لوجب أن تكون القصة بالعكس في ذلك وقد اختلف أئمة أهل الأثر في أصح الأسانيد وأرضاها وإليهم المرجع في ذلك وقولهم هو الحجة على من سواهم فكل قال على قدر اجتهاده وذكر ما هو الأولى عنده ونص على المسند دون المرسل فدل ذلك على تنافيهما واختلاف الأمر فيهما.
ذكر المحفوظ عن أئمة أصحاب الحديث في أصح الأسانيد
أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال حدثنا أبو حامد بن جبلة الصائغ النيسابوري قال ثنا محمد بن إسحاق السراج قال سمعت محمد بن سهل بن عسكر قال سمعت سليمان بن حرب يقول: أصح الأسانيد1 أيوب عن محمد عن عبيدة عن علي رضي الله عنه.
وأخبرنا أبو نعيم قال ثنا أبو حامد قال حدثنا السراج قال سمعت محمد بن سهل بن عسكر يقول: سألت عبد الرزاق أي الإسناد أصح فقال الزهري عن علي بن الحسين عن أبيه عن علي رضي الله تعالى عنه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قط: الاسناد.


ص -563- ... أخبرني أبو بكر أحمد بن محمد بن عبد الواحد المروروذي قال ثنا محمد بن عبد الله بن نعيم الضبي بنيسابور قال: سمعت أبا الوليد الفقيه غير مرة يقول: سمعت محمد بن سليمان بن خالد الميداني يقول: سمعت إسحاق بن إبراهيم الحنظلي يقول: أصح الأسانيد كلها الزهري عن سالم عن أبيه.
أخبرنا أبو بكر البرقاني قال: قرأت على محمد بن عبد الله بن خميرويه الهروي حدثكم أبو منصور يحيى بن أحمد بن زياد قال سألت يحيى بن معين قلت: الإفراد أحب إليك أو التمتع أو القران قال الإفراد وذكر إسناد عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة وقال ليس إسناد أثبت من هذا.
وأخبرنا البرقاني قال قرأت على أبي العباس بن حمدان حدثكم أبو العباس السراج قال سمعت محمد بن إسماعيل يقول: أصح الإسناد مالك عن نافع عن ابن عمر.
أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال ثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا محمد بن إسحاق السراج قال سألت محمد بن إسماعيل البخاري عن أصح إسناد فقال مالك عن نافع عن ابن عمر.
أخبرنا البرقاني قال قرأت على أبي العباس بن حمدان حدثكم تميم بن محمد قال ثنا إبراهيم بن محمد الشافعي قال سمعت الفضيل بن عياض يقول: منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله مثل هذه السارية.
أخبرنا الحسن بن علي الطناجيري قال أنا عمر بن أحمد الواعظ قال ثنا عبد الله بن سليمان بن الأشعث قال ثنا الحسين1 بن محمد الطيالسي قال حدثني أبي قال سمعت محمد بن أبي خالد قال سمعت ابن المبارك يقول: إذا جاءك سفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله فكأنك تسمعه يعني من النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قط: الحسن.


ص -564- ... أخبرني علي بن محمد بن الحسين الدقاق قال أنا علي بن الحسين بن هارون القاضي عن أبي العباس بن سعيد قال ثنا عبد الله بن محمد بن أحمد بن نوح البلخي قال سمعت أبي يقول: سمعت عبد الله بن المبارك يقول: ما اجمع الناس على شيء إجماعهم على هذا الإسناد سفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله. حدثت عن عبد العزيز بن جعفر الحنبلي قال أنا أبو بكر الخلال قال أنا محمد بن زيد الهمذاني قال سمعت عبد الله بن حمدان الدينوري قال: قال علي بن المديني لأصحابه [تعالوا حتى نذكر إسنادا]1 من يذكر إسنادا من اليوم إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يختلف فيه قال قلنا أنت عن [سفيان عن]2 الزهري قال لا أنا ولا سفيان ولا الزهري قلنا فمن ليس ندري قال ولكني أدري حماد بن زيد عن أيوب عن محمد عن أبي هريرة.
أخبرني محمد بن محمد بن عبد الواحد قال ثنا محمد بن عبد الله بن نعيم النيسابوري قال أنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن بطة الأصبهاني عن بعض شيوخه قال سمعت سليمان بن داود يقول: أصح الأسانيد كلها يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة.
أخبرنا أبو بكر البرقاني قال أنا محمد بن عبد الله بن خميرويه قال أنا الحسين بن إدريس قال: قال ابن عمار قال وكيع لا أعلم في الحديث شيئا أحسن إسنادا من هذا شعبة عن عمرو بن مرة عن مرة عن أبي موسى فقلنا منصور عن إبراهيم وأيوب عن أبي سيرين ومالك عن نافع عن ابن عمر فقال: لم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من قط.
2 له ترجمة في لسان الميزان، ووقع في الأصلين: الحسن "ح".


ص -565- ... تصنعوا شيئا [فقال يعني وكيع]1 منصور كان يأخذ العطاء قال وشعبة لم يكن يرى السيف وعمرو بن مرة كذاك ومرة كذاك قال وعلقمة خرج مع علي والإسناد هو شعبة عن عمرو بن مرة عن مرة عن أبي موسى الأشعري.
[أخبرنا] أبو القاسم عبيد الله بن عبد العزيز بن جعفر البرذعي قال ثنا أحمد بن إبراهيم بن الحسن قال ثنا أبو جعفر أحمد بن إسماعيل بن عاصم المصري بمصر إملاء قال سمعت عبيد بن رجال2 يقول: سمعت ابن بكير3 يقول: لأبي زرعة الرازي يا أبا زرعة ليس ذا زعزعة عن زوبعة إنما ترفع السنن تنظر إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه بين يديه ثنا مالك عن نافع عن ابن عمر.
وقول المخالف أن المرسل للحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قاطع للشهادة وضامن بصدق من حدثه غير صحيح لأنه قد يعني بقوله قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيما روى له وقد يعتقد أيضا القطع على قول من روى له بوجه لا يوجب القطع ونحن غير متعبدين بتقليده في تحقيق القول بل يجب أن نسأله من أين علم ذلك هذا قولنا في تابعي الصحابة فأما من بعد التابعين وتابعي التابعين إذا قالوا قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فالغلط إليهم فيما يستدلون به على قولهم أسرع فلا يجب تقليدهم وقد بينا فيما تقدم أن خلقا من أهل العلم حدثوا عمن لا ترتضي أحوالهم وغيروا أسماءهم وأنسابهم تدليسا للرواية عنهم ومثل ذلك غير مأمون
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من صف.
2 في المشتبه: وعبيد رجال، شيخ الطبراني، سمع يحيى بن بكير، قال في التبصير قلت: اسمه: محمد بن محمد بن موسى البزار المؤذن وعبيد لقبه، ووقع في قط: عبيد الله بن رجال "ح".
3 في صف: ابن بكر، خطأ "ح".


ص -566 - ... على المرسل وان يكون قصد إسقاط ذكر الذي أرسل عنه خوفا من أن لا يكتب حديثه إذا سماه لضعف روايته وسقوط عدالته.
[أخبرنا] أبو سعيد الحسين بن محمد بن عبد الله بن حسنويه الكاتب بأصبهان قال ثنا أبو جعفر أحمد بن جعفر بن أحمد بن معبد السمسار قال ثنا عمر بن أحمد بن السني قال ثنا محمد بن غالب أبو يحيى العطار [ح وأخبرني] القاضي أبو العلاء محمد بن علي الواسطي قال ثنا أبو القاسم عبد الله بن عتاب بن محمد بن عبد الله بن أحمد بن عتاب العبدي قال أنا علي بن عبد الله بن مبشر قال ثنا أبو يحيى محمد بن سعيد العطار واللفظ لابن السني عن أبي يحيى قال نصر بن حماد الوراق قال كنا قعودا على باب شعبة نتذاكر قال فقلت حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن عبد الله بن عطاء عن عقبة بن عامر قال كنا نتناوب رعاية الإبل على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فجئت ذات يوم والنبي صلى الله عليه وآله وسلم جالس وحوله أصحابه فسمعته يقول: "من توضأ فأحسن الوضوء ثم دخل المسجد فصلى ركعتين واستغفر الله غفر الله له" قال فقلت بخ بخ قال فجذبني رجل من خلفي فالتفت فإذا هو عمر بن الخطاب فقال الذي قال قبل أحسن قال: "من شهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله قيل له أدخل من أي أبواب الجنة شئت" قال فخرج إلي شعبة فلطمني ثم دخل ثم خرج فقال ما له قعد1 يبكي؟ فقال له: عبد الله بن إدريس أنك أسأت إليه فقال أما تنظر ما يحدث عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن عبد الله بن عطاء عن عقبة أنا قلت لأبي إسحاق من حدثك قال حدثني عبد الله بن عطاء عن عقبة [قلت سمع عبد الله بن عطاء من عقبة] 2 قال فغضب ومسعر بن كدام حاضر فقال أغضبت
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قط: بعد.
2 من قط.


ص -567- ... الشيخ فقال مسعر عبد الله بن عطاء بمكة فرحلت إلى مكة لم أرد الحج أردت الحديث فلقيت عبد الله بن عطاء فسألته فقال سعد بن إبراهيم حدثني فقال لي مالك بن أنيس سعيد بالمدينة لم يحج العام فرحلت إلى المدينة فلقيت سعدا فقال الحديث من عندكم زياد بن مخراق حدثني قال شعبة فقلت أيش هذا الحديث بينا هو كوفي إذ صار مدنيا إذ رجع إلى البصرة قال أبو يحيى هذا الكلام أو نحوه قال فرجعت إلى البصرة فلقيت زياد بن مخراق فسألته فقال ليس هو من بابتك قلت حدثني به قال لا تريده قلت حدثني به قال حدثني شهر بن حوشب عن أبي ريحانة عن عقبة قال شعبة فلما ذكر شهرا قلت: دمر على هذا الحديث لو صح لي مثل هذا الحديث كان أحب إلي من أهلي ومالي ومن الناس أجمعين.
أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر بن بكير المقري قال أنا عثمان بن أحمد بن سمعان الرزاز قال ثنا هيثم بن خلف [ح وأخبرنا] القاضي أبو العلاء الواسطي واللفظ له قال ثنا أبو بكر [محمد]1 بن أحمد بن محمد المفيد قال ثنا الهيثم بن خلف الدوري قال ثنا محمود بن غيلان قال سمعت المؤمل ذكر عنده الحديث الذي يروى عن أبي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في فضل القرآن فقال لقد حدثني رجل ثقة سماه [قال حدثني رجل ثقة] سماه قال أتيت المدائن فلقيت الرجل الذي يروي هذا الحديث فقلت له: حدثني فإني أريد أن آتي البصرة فقال هذا الرجل الذي سمعناه منه هو بواسط في أصحاب القصب قال فأتيت واسطا فلقيت الشيخ فقلت إني كنت بالمدائن فدلني عليك الشيخ وإني أريد آتي البصرة قال إن هذا الذي سمعت منه هو بالكلاء فأتيت البصرة فلقيت الشيخ بالكلاء فقلت له: حدثني فإني أريد أن آتي عبادان
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من قط.


ص -568- ... فقال: إن الشيخ الذي سمعناه منه هو بعبادان فأتيت عبادان فلقيت الشيخ فقلت له: اتق الله ما حال هذا الحديث أتيت المدائن فقصصت عليه ثم واسطا ثم البصرة فدللت عليك وما ظننت إلا أن هؤلاء كلهم قد ماتوا فأخبرني بقصة هذا الحديث فقال أنا اجتمعنا هنا فرأينا الناس قد رغبوا عن القرآن وزهدوا فيه وأخذوا في هذه الأحاديث فقعدنا فوضعنا لهم هذه الفضائل حتى يرغبوا فيه.
واستدل من أوجب قبول المراسيل والعمل بها بأنه لو لم يجب ذلك فيها لم يكن لروايتها وجه وهذا خطأ ظاهر لأنه قد يروى من الأخبار ويسمع ما لا يعمل به عند بعض العلماء ويعمل به عند غيره ويكتب أيضا ما العمل عند الكل على خلافه للمعرفة به وقد يروى عن الضعفاء والمتروكين الذين لا يصح الاحتجاج بأحاديثهم والتعلق بما ذكر المخالف لا وجه له.
أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال ثنا سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني قال ثنا إبراهيم بن محمد بن عوف قال ثنا محمد بن مصفى قال ثنا بقية قال: قال لي الأوزاعي تعلم من العلم ما لا يؤخذ به كما تتعلم ما يؤخذ به. أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد الروياني قال أنا يوسف بن أحمد بن يوسف الصيدلاني بمكة قال ثنا محمد بن عمر بن موسى العقيلي قال ثنا يحيى بن عثمان قال ثنا نعيم بن حماد قال حدثني حاتم القاص وكان ثقة قال سمعت سفيان الثوري يقول: إني لأروي الحديث على ثلاثة أوجه أسمع الحديث من الرجل أتخذه دينا وأسمع من الرجل أقف حديثه وأسمع من الرجل لا أعبأ بحديثه وأحب معرفته.
أخبرنا عبد الملك بن محمد بن عبد الله الواعظ قال ثنا دعلج بن أحمد قال ثنا محمد بن نعيم قال حدثني أبو أحمد محمود بن غيلان قال سمعت ابن المبارك يقول:


ص -569- ... إني لأسمع الحديث فاكتبه وما من رأيي أن اعمل به ولا أن أحدث به ولكن1 أتخذه عدة لبعض أصحابي إن عمل به أقول عمل بالحديث.
ولو كان حكم المتصل والمرسل واحدا لما ارتحل كتبة الحديث وتكلفوا مشاق الأسفار إلى ما بعد من الأقطار للقاء العلماء والسماع منهم في سائر الآفاق ومن قبل قد سلك غير واحد من الصحابة هذه الطريقة في الرحلة للسماع حتى قال عبد الله بن مسعود لو أعلم أحدا أعلم بكتاب الله تعالى مني تبلغه الإبل لأتيته ورحل أبو أيوب الأنصاري [إلى مصر]2 في سبب حديث واحد وكذلك جابر بن عبد الله رحل إلى مصر أيضا في حديث حتى سمعه من عبد الله بن أنيس وقال سعيد بن المسيب إن كنت لأسير في طلب الحديث الواحد مسيرة الليالي والأيام ورحل الحسن من البصرة إلى الكوفة في مسألة.
وقال الشعبي في حديث رواه إن كان الراكب ليركب إلى المدينة فيما دونه وقال أبو العالية كنا نسمع الرواية عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ونحن بالبصرة فما نرضى حتى نركب إلى المدينة فنسمعها من أفواههم.
واستيعاب ما ورد في هذا المعنى يطول وقد ذكرناه في كتاب آخر بالأسانيد التي أدته إلينا فلو كان المرسل يغني عن المتصل إذ هو بمثابته لما تعب القوم هذا التعب كله ولا اعملوا المطي بالرحل وأدخلوا المشاق على أنفسهم وتشددوا على من سمعوا منه التشدد المأثور عنهم والنظر يدل على أنهم إنما فعلوا ذلك لافتراق الحكم في الرواية بين الاتصال والإرسال، والله أعلم.
أخبرنا محمد بن أحمد بن يعقوب قال أنا محمد بن نعيم الضبي قال سمعت أبا بكر أحمد بن إسحاق بن أيوب بن يزيد بن عبد الرحمن بن نوح الفقيه الإمام يقول: لو أن المرسل من الأخبار والمتصل سيان لما تكلف العلماء طلب الحديث بالسماع،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قط: ولكني.
2 من قط.


ص -570- ... ولما ارتحلوا1 في جمعه مسموعا ولا التمسوا صحته ولكان أهل كل عصر إذا سمعوا حديثا من عالمهم وهو يقال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كذا وكذا لم يسألوه عن إسناده وقد روينا عن جماعة من التابعين وأتباع التابعين كانوا يسألون عن السنة ثم يقولون للتابعين هل من أثر وإذا ذكر الأثر قالوا هل من قدوة وإنما يعنون بذلك الإسناد المتصل ولم يقتصروا على قول الزهري وإبراهيم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فكيف يقتصروا من مالك والنعمان إذا قالا قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
أخبرنا محمد بن الحسين القطان أنا عبد الله بن جعفر قال ثنا يعقوب بن سفيان قال حدثني بن نمير قال ثنا ابن إدريس قال سمعت الأعمش يقول: جالست إياس بن معاوية فحدث بحديث فقلت عمن تذكر هذا فضرب لي مثل رجل من الخوارج فقلت أنى تضرب2 هذا المثل تريد أن أكنس الطريق بثوبي فلا أدع بعرة ولا خنفساء إلا حملتها.
حدثني الحسن بن أبي طالب قال ثنا علي بن عمرو الحريري قال ثنا أبو صالح عبد الرحمن بن سعيد الأصبهاني قال ثنا رسته يعني عبد الرحمن بن عمر قال سمعت الأصمعي يقول: حضرت ابن عيينة وأتاه أعرابي فقال كيف أصبح الشيخ يرحمه الله فقال سفيان بخير بحمد الله قال ما تقول في امرأة من الحاج حاضت قبل أن تطوف بالبيت فقال تفعل ما يفعل الحاج غير أنها لا تطوف بالبيت فقال هل من قدوة قال: نعم عائشة حاضت قبل أن تطوف بالبيت فأمرها النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن تفعل ما يفعل الحاج غير الطواف قال هل من بلاغ عنها قال: نعم حدثني عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة بذلك قال الأعرابي لقد استسمنت القدوة وأحسنت البلاغ والله لك بالرشاد.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قط: رحلوا.
2 قط: يضرب.


ص -571 - ... باب في مراسيل سعيد بن المسيب ومن يلحق به من كبار التابعين
أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال أنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم في كتابه قال سمعت العباس بن محمد الدوري يقول: سمعت يحيى بن معين يقول: أصح المراسيل مراسيل سعيد بن المسيب.
أخبرنا محمد بن الحسين القطان قال أنا عبد الله بن جعفر قال ثنا يعقوب بن سفيان قال حدثني الفضل بن زياد قال سمعت أبا عبد الله يعني أحمد بن حنبل يقول: مرسلات سعيد بن المسيب أصح المراسيل1.
أخبرنا القاضي طاهر بن عبد الله الطبري قال أنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن المخلص قال ثنا أبو بكر أحمد بن عبد الله بن سيف قال حدثنا المزني قال: قال الشافعي وإرسال بن المسيب عندنا حسن.
[قال الخطيب] 2: اختلف الفقهاء من أصحاب الشافعي في قوله هذا منهم من قال أراد الشافعي به أن مرسل سعيد بن المسيب حجة لأنه روى حديثه المرسل في النهي عن بيع اللحم بالحيوان وأتبعه بهذا الكلام وجعل الحديث أصلا إذ لم يذكر غيره فيجعل ترجيحا له وإنما فعل ذلك لأن مراسيل سعيد تتبعت فوجدت كلها مسانيد عن الصحابة من جهة غيره.
ومنهم من قال لا فرق بين مرسل سعيد بن المسيب وبين مرسل غيره من التابعين وإنما رجح الشافعي به والترجيح بالمرسل صحيح وإن كان
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قط: المرسلات.
2 من قط.


ص -572- ... لا يجوز أن يحتج به على إثبات الحكم وهذا هو الصحيح من القولين عندنا لان في مراسيل سعيد ما لم يوجد مسندا بحال من وجه يصح وقد جعل الشافعي لمراسيل كبار التابعين مزية على من دونهم كما استحسن مرسل سعيد بن المسيب على من سواه.
أخبرنا أحمد بن محمد بن عبد الله الكاتب قال أنا أحمد بن جعفر بن محمد بن سلم قال ثنا أحمد بن موسى الجوهري [ح وأخبرنا] محمد بن عيسى بن عبد العزيز الهمذاني قال ثنا صالح بن أحمد الحافظ قال ثنا محمد بن حمدان الطرائفي قال ثنا الربيع بن سليمان قال: قال الشافعي المنقطع مختلف فمن شاهد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من التابعين فحدث حديثا منقطعا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم اعتبر عليه بأمور منها أن ينظر إلى ما أرسل من الحديث فإن شركه فيه الحفاظ المأمونون فأسندوه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمثل معنى ما روى كانت هذه دلالة على صحة من قبل عنه وحفظه وإن انفرد بإرسال حديث لم يشركه فيه من يسنده قيل ما ينفرد به من ذلك ويعتبر عليه بأن ينظر هل يوافقه مرسل غيره ممن قبل العلم عنه من غير رجاله الذي قبل عنهم فإن وجد ذلك كانت دلالة تقوي له مرسله وهي أضعف من الأولى وإن لم يوجد ذلك نظر إلى بعض ما يروى عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم قولا له فإن وجد يوافق ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كانت هذه دلالة على فإن لم يأخذ مرسله إلا عن أصل يصح إن شاء الله تعالى.
قال الشافعي رحمه الله وكذلك إن وجد عوام من أهل العلم يفتون بمثل [معنى]1 ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم يعتبر عليه بأن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من قط والرسالة.


ص -573- ... يكون إذا سمي من روي عنه لم يسم مجهولا ولا مرغوبا عن الرواية عنه فيستدل بذلك على صحته فيما يروى عنه.
قال الشافعي [ويكون]1 إذا شرك أحدا من الحفاظ في حديث لم يخالفه فإن خالفه ووجد حديثه انقص كانت في هذه دلائل2 على صحة مخرج حديثه ومتى خالف ما وصفت أضر بحديثه حتى لا يسع أحدا منهم قبول مرسله وإذا وجدت الدلالة3 لصحة حديثه بما وصفت أحببنا أن يقبل مرسله ولا نستطيع أن نزعم4 أن الحجة تثبت به ثبوتها بالمتصل وذلك أن معنى المنقطع مغيب يحتمل أن يكون حمل عمن يرغب عن الرواية عنه إذا سمي وأن بعض المنقطعات وإن وافقه مرسل مثله فقد يحتمل أن يكون مخرجهما واحدا من حديث من لو سمي لم يقبل وان بعض قول أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا قال برأيه لو وافقه لم يدل على صحة مخرج الحديث دلالة قوية إذا نظر فيهما5 ويمكن أن يكون إنما غلط به حين سمع قول بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوافقه ويحتمل مثل هذا فيمن يوافقه6 من بعض الفقهاء.
فأما من بعد كبار التابعين الذين كثرت مشاهدتهم لبعض أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلا أعلم منهم واحدا يقبل مرسله لأمور أحدها أنهم أشد تجوزا فيمن يروون عنه والآخر أنهم يؤخذ عليهم الدلائل فيما أرسلوا بضعف مخرجه والآخر كثرة الإحالة في الإخبار وإذا كثرت الإحالة كان أمكن للوهم وضعف من يقبل عنه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من قط والرسالة.
2 في الرسالة: دلالة.
3 في الرسالة: الدلائل.
4 قط: ولا نستطيع أن يزعم.
5 قط: فيها.
6 قط: وافقه.


ص -574 - ... باب ذكر الفرق بين قول الراوي عن فلان وأن فلانا فيما يوجب الاتصال والإرسال
أخبرنا محمد بن الحسين بن محمد المتوثي قال أنا عثمان بن أحمد الدقاق قال ثنا حامد بن سهل الثغري أبو جعفر قال ثنا معلى بن أسد قال ثنا وهيب1 عن أيوب عن نافع عن ابن عمر عن عمر فإن سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم أينام أحدنا وهو جنب قال: "ليتوضأ ثم لينم".
وأخبر عبد الله بن يحيى بن عبد الجبار السكري قال أنا جعفر بن محمد بن أحمد بن الحكم الواسطي قال ثنا موسى بن هارون قال ثنا ابن نمير قال ثنا أبي قال ثنا عبيد الله عن نافع أن ابن عمر قال يا رسول الله صلى الله عليك أيرقد أحدنا وهو جنب؟ قال: "نعم إذا توضأ" ظاهر الرواية الأولى يوجب أن يكون من مسند عمر من مسند عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ونظير ما ذكرناه حديث جابر في دخول سليك المسجد والنبي النبي صلى الله عليه وآله وسلم يخطب فأمره أن يصلي ركعتين.
أخبرنا القاضي أبو بكر أحمد بن الحسن بن أحمد الحيري قال ثنا أبو محمد حاجب بن أحمد الطوسي قال ثنا محمد بن حماد قال ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال جاء سليك الغطفاني يوم الجمعة وهو يخطب يعني النبي صلى الله عليه وآله وسلم فجلس فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليصل ركعتين خفيفتين ثم ليجلس".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 هو ابن خالد، ووقع في صف: وهب خطأ "ح".


ص -575- ... وأخبرني أبو محمد عبد الله بن أبي الحسين بن بشران المعدل قال أنا محمد بن الحسن بن علي اليقطبني قال حدثني أبو محمد عبد الله بن إبراهيم بن إسماعيل البجلي برأس العين قال ثنا إسحاق بن زريق حدثنا إبراهيم بن خالد المؤذن قال ثنا الثوري عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر عن السليك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إذا جاء أحدكم يوم1 الجمعة والإمام يخطب فليصل ركعتين خفيفتين [ثم ليجلس]"2. حدثت عن عبد العزيز بن جعفر قال ثنا أبو بكر الخلال قال أنا سليمان بن الأشعث قال سمعت أبا عبد الله يعني أحمد بن حنبل قال كان مالك زعموا يرى "عن فلان" و"ان فلانا" سواء.
وذكر أحمد مثل حديث جابر أن سليكا جاء والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يخطب وعن جابر عن سليك إنه جاء والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يخطب.
قال وسمعت أحمد قيل له أن رجلا قال عروة إن عائشة قالت: يا رسول الله وعن عروة عن عائشة سواء قال كيف هذا سواء ليس هذا بسواء.
قلت3 وتأثير الخلاف بين اللفظين إنما يتبين في رواية غير الصحابي4 مثل ما ذكره أحمد من رواية عروة عن عائشة وإن عائشة.
ومثله أيضا ما أخبرنا أبو سعد أحمد بن محمد الماليني قال ثنا أبو الحسن محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن عبدة السليطي بنيسابور قال ثنا أبو الفضل جعفر بن محمد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قط: إلى.
2 من صف.
3 قط: قال الخطيب.
4 قط: رواية التابعي، عن الصحابي.


ص -576 - ... ابن الحسين بن الترلا1 قال ثنا يحيى بن يحيى قال ثنا سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد عن القاسم عن عائشة قالت قلت وارأساه [وارأساه2] فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "ذاك لو كان وأنا حي فأستغفر لك وأدعو لك" فقالت عائشة واثكلاه والله إني لأظنك تحب موتي ولو كان ذلك لظللت آخر يومك معرسا ببعض أزواجك فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "بل أنا وارأساه لقد هممت أو أردت أن أرسل إلى أبي بكر وابنه فأعهد أن يقول: القائلون أو يتمنى المتمنون ثم قال يأبى الله ويدفع المؤمنون أو يدفع الله ويأبى المؤمنون".
وأخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله السراج بنيسابور قال أنا بشر بن أحمد بن بشر الإسفرائيني قال ثنا أبو إسحاق إبراهيم بن علي الذهلي وأبو زكريا يحيى بن محمد بن غالب النسوي قالا ثنا يحيى بن يحيى قال ثنا سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد قال سمعت القاسم بن محمد يقول: قالت عائشة وارأساه فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "ذاك لو كان وأنا حي" ثم ساق الحديث مثل ما تقدم سواء إلا أن فيه ثم قلت يا نبي الله3 وذكر بشر أن الحديث على لفظ إبراهيم بن علي فلفظ الحديث الأول يوجب لإسناده الاتصال والثاني يوجب الإرسال.
[آخر الجزء الثاني عشر] 4
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قد تقدم ما فيه بحاشية صفحة 484
2 من قط.
3 قط: يأبى الله.
4 من قط، وفيها بعده:
ويتلوه في الذي يليه إن شاء الله تعالى: "باب القول فيما روى من الأخبار مرسلا ومتصلا".
والحمد لله وحده، وصلواته على خير خلقه، محمد وأهله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، وهو حسبنا ونعم الوكيل.


ص -577- ... الجزء الثالث عشر
بسم الله الرحمن الرحيم
رب سهل وسلم
[قال الإمام الحافظ أبو بكر أحمد بن علي الخطيب رحمه الله تعالى]1:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من قط.


ص -578 - ... باب القول فيما روى من الأخبار مرسلا ومتصلا هل يثبت ويجب العمل به أم لا؟!
مثال ذلك ما أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن يوسف الصياد قال ثنا أحمد بن يوسف بن خلاد قال ثنا الحارث بن محمد التميمي قال ثنا الحسن فإني قال ثنا يونس بن أبي إسحاق عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لا نكاح إلا بولي".
أخبرناه أبو سعيد محمد بن موسى الصيرفي قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم قال ثنا أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي قال ثنا أحمد بن خالد الوهبي قال ثنا إسرائيل [ح وأخبرنا] أبو سعيد أيضا وأبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن عثمان الطرازي قالا ثنا أبو العباس الأصم قال ثنا أحمد بن عبد الحميد الحارثي قال ثنا طلق بن غنام قال ثنا إسرائيل بن يونس عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لا نكاح إلا بولي".
وقال طلق ثنا قيس بن الربيع عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مثله.
أخبرنا أبو الفرج عبد الواحد1 بن محمد بن عبد الله
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 وقع في أنساب السمعاني ومعجم البلدان لياقوت "عبد الوهاب" قال السمعاني "روى عنه لي أحفاده: ست العراق، وعين السمو بأصبهان، =


ص -579- ... البزاني1 بأصبهان قال أنا عبد الله بن الحسن2 بن بندار المديني قال ثنا أسيد بن عاصم قال حدثنا الحسين بن حفص قال ثنا سفيان عن أبي إسحاق عن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= وأبو سعد أحمد بن محمد الحافظ ببغداد، وتوفي في حدود سنة ثمانين وأربعمائة، قال ابن ماكولا وولده العميد نصر بن عبد الواحد بن المطهر، قلت: سمعت من بنته "ست العراق" فراجعنا الإكمال فإذا فيه "عبد الوهاب" أيضا.
وقال بعده:
"وأبو المطهر بن عبد الواحد البزاني، وولده العميد أبو مضر عبد الواحد "ابن المطهر البزاني"، وكأنه كان بعد "أبو" بياض للكنية إذ المطهر اسم للرجل كما علمت، ثم راجعنا المشتبه، للذهبي، فإذا به ذكر المطهر بن عبد الواحد، ثم قال:
"وأبوه من شيوخ الخطيب" فراجعنا "تبصير المنتبه" فإذا فيه من زيادته "ومثل المطهر ولده عبد الواحد بن المطهر.. وعبد الوهاب بن محمد.. كذا قال الأمير، وتعقبه ابن نقطة بأن الصواب أنه عبد الواحد، قال: وهو والد المطهر، وعين الشمس بنت الفضل بن المطهر المذكور".
أقول: كأنه سقط من نسخة الأنساب ذكر المطهر وقوله "روى لي عنه"الخ أراها من صفة المطهر، ومما يشهد لذلك أن الخطيب توفي سنة 463، فيبعد أن يتأخر شيخه إلى حدود سنة 480 والله أعلم، ووقع في نسخة الأنساب تحريف يعلم بالمقابلة.
وفي القاموس "المظفر بن عبد الواحد وأبو الفرج البزانيان، ونبه شارحه أن الصواب المطهر وقال في نسبة ابن عبد الواحد بن محمد بن عبد الله الأصبهاني.
وقال بعده:
" – أبو الفرج – عبد الوهاب بن محمد بن عبد الله الأصبهاني" والحاصل أنه يحتمل خطأ الأمير كما قال ابن نقطة: ويحتمل أن يكونا رجلين، وربما يؤيد هذا متابعة السمعاني مع روايته عن أحفاد المطهر".
وعلى كل حال فشيخ الخطيب هو: عبد الله الواحد حتما والله أعلم "ح".
1 ضبطه في الكتب السابقة، ووقع في صف البراني "ح".
2 هكذا في قط، وفي التبصير والتاج، ووقع في صف: عبد الله نا الحسن وفي الأنساب: الحسين "ح".


ص -580- ... أبي بردة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لا نكاح إلا بولي".
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي طاهر الدقاق قال أنا أحمد بن سلمان النجاد قال ثنا عبد الله بن أحمد قال حدثني أبي قال ثنا محمد بن جعفر غندر قال ثنا شعبة عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "لا نكاح إلا بولي".
وكان يونس بن أبي إسحاق السبيعي وابنه إسرائيل وقيس بن الربيع يروون هذا الحديث عن أبي إسحاق مسندا متصلا وكان سفيان الثوري وشعبة بن الحجاج يرويانه عن أبي إسحاق مرسلا.
فقال أكثر أصحاب الحديث أن الحكم في هذا أو ما1 كان بسبيله للمرسل.
وقال بعضهم إن كان عدد الذين أرسلوه أكثر من الذين وصلوه فالحكم لهم وقال بعضهم إن كان من أرسله أحفظ من الذي وصله فالحكم للمرسل ولا يقدح ذلك في عدالة الذي وصله.
ومنهم من قال: لا يجوز أن يقال في مسند الحديث الذي يرسله الحفاظ فإن عدل لأن إرسالهم له يقدح في مسنده فيقدح في عدالته.
ومنهم من قال الحكم للمسند إذا كان ثابت العدالة ضابطا للرواية فيجب قبول خبره ويلزم العمل به وإن خالفه غيره وسواء كان المخالف له واحدا أو جماعة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قط وفيما.


ص -581- ... وهذا القول هو الصحيح عندنا لأن إرسال الراوي للحديث ليس بجرح لمن وصله ولا تكذيب له ولعله أيضا مسند عند الذين رووه مرسلا أو عند بعضهم إلا أنهم أرسلوه لغرض أو نسيان والناسي لا يقضى له على الذاكر وكذلك حال راوي الخبر إذا أرسله مرة ووصله أخرى لا يضعف ذلك أيضا له لأنه قد ينسى فيرسله ثم يذكر بعده فيسنده أو يفعل الأمرين معا عن قصد منه لغرض له فيه.
أخبرني الحسن بن أبي طالب قال ثنا طاهر بن محمد بن سهلويه1 النيسابوري قال ثنا أبو حامد الشرقي قال ثنا حاتم بن يونس الجرجرائي قال: قلت لأبي الوليد الطيالسي ما تقول في النكاح بلا ولي قال لا يجوز قلت ما الحجة في ذلك قال: قال ثنا قيس بن الربيع عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "لا نكاح إلا بولي" قلت لأبي الوليد إن شعبة والثوري يرسلانه قال فإسرائيل تابع قيسا.
أخبرنا أبو يعلى أحمد بن عبد الواحد بن محمد الوكيل قال أنا أبو علي الحسن بن محمد بن أحمد بن شعبة المروزي قال ثنا محمد بن أحمد بن محبوب قال ثنا أبو عيسى الترمذي قال حديث أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم: "لا نكاح إلا بولي" حديث فيه اختلاف.
رواه إسرائيل وشريك بن عبد الله وأبو عوانة وزهير بن معاوية وقيس بن الربيع عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ورواه أسباط بن محمد وزيد بن حباب عن يونس بن أبي إسحاق عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ضبطه في الأنساب في السهلوي، ووقع في قط: سهلوبه "ح".


ص -582- ... ورواه أبو عبيدة الحداد عن يونس بن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نحوه ولم يذكر فيه عن أبي إسحاق.
وقد روى عن يونس بن أبي إسحاق عن أبي بردة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أيضا وروى شعبة والثوري عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن النبي صلى الله عليه وسلم: "لا نكاح إلا بولي" وقد ذكر بعض أصحاب سفيان عن سفيان عن أبي موسى ولا يصح رواية هؤلاء الذين رووا عن أبي إسحاق عن أبي بردة [عن أبي موسى]1 عن النبي صلى الله عليه وسلم: "لا نكاح إلا بولي" عندي أصح لأن سماعهم من أبي إسحاق في أوقات مختلفة وإن كان شعبة والثوري أحفظ وأثبت من جميع هؤلاء الذين رووا2 عن أبي إسحاق هذا الحديث فإن رواية هؤلاء عندي أشبه لأن شعبة والثوري سمعا هذا الحديث من أبي إسحاق في مجلس واحد.
ومما يدل على ذلك ما حدثنا محمود بن غيلان قال ثنا أبو داود قال أنا شعبة قال سمعت سفيان الثوري يسأل أبا إسحاق سمعت أبا بردة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لا نكاح إلا بولي" قال: نعم فدل هذا الحديث أن سماع شعبة والثوري هذا الحديث في وقت واحد وإسرائيل هو أثبت في أبي إسحاق. أخبرني محمد بن أحمد بن يعقوب قال أنا محمد بن نعيم الضبي قال سمعت أبا إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى يقول: سمعت محمد بن هارون المكي يقول: سمعت محمد بن إسماعيل البخاري وسئل عن حديث إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "لا نكاح إلا بولي" فقال الزيادة من الثقة مقبولة وإسرائيل بن يونس ثقة وإن كان شعبة والثوري أرسلاه فإن ذلك لا يضر الحديث.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من قط: وفي جامع الترمذي.. عن أبي اسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى الخ "ح".
2 قط: يروون.


ص -583 - ... باب بيان حكم الحديث يختلف على روايه في قوله حدثني وبلغني
[أخبرنا] محمد بن أحمد بن رزق قال أنا أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد المصري قال ثنا محمد بن إسماعيل قال ثنا أبو صالح قال حدثني الليث قال حدثني يزيد بن أبي حبيب عن عراك أنه بلغه أن نوفل بن معاوية قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: "من الصلاة صلاة من فاتته فكأنه1 وتر أهله وماله" فقال ابن عمر سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: "هي صلاة العصر" وهكذا رواه عيسى بن حماد زغبة عن الليث بن سعد.
[أخبرناه] القاضي أبو نصر أحمد بن الحسين بن محمد بن عبد الله الدينوري بها قال أنا أبو بكر أحمد بن محمد بن إسحاق السني قال أنا أبو عبد الرحمن النسائي قال أنا عيسى بن حماد زغبة قال ثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن عراك فإن بلغه أن نوفل بن معاوية قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: "من الصلاة صلاة من فاتته فكأنما وتر أهله وماله" قال ابن عمر سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: "هي صلاة العصر".
وقد خالف الليث جعفر بن ربيعة فرواه عن عراك كذلك أن نوفلا حدثه به وتابعه محمد بن إسحاق فرواه عن يزيد بن أبي حبيب عن عراك كذلك.
أما حديث جعفر فأخبرناه محمد بن الحسين القطان قال أنا محمد بن أحمد بن الحسن الصواف قال ثنا محمود بن محمد يعني المروزي قال ثنا إبراهيم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قط: فكأنما.


ص -584- ... ابن عبد الله هو الخلال قال أنا عبد الله قال ثنا حيوة بن شريح [ح وأخبرنا] القاضي أبو نصر أحمد بن الحسن الدينوري قال أنا أبو بكر بن السني قال أنا أبو عبد الرحمن النسائي قال أنا سويد بن نصر قال أنا عبد الله هو ابن المبارك عن حيوة بن شريح قال أنا جعفر بن ربيعة أن عراك بن مالك حدثه أن نوفل بن معاوية حدثه فإن سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: "من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله" هذا آخر حديث سويد وزاد إبراهيم قال عراك وأخبرني عبد الله بن عمر فإن سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: "من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله".
[وأما حديث] ابن إسحاق فأخبرناه القاضي أبو نصر أحمد بن الحسين قال أنا أحمد بن محمد بن إسحاق قال أنا أبو عبد الرحمن النسائي قال أنا عبيد الله بن سعد بن إبراهيم قال ثنا عمي قال ثنا أبي عن محمد بن إسحاق قال حدثني يزيد بن أبي حبيب عن عراك بن مالك قال سمعت نوفل بن معاوية يقول: صلاة من فاتته فكأنما وتر أهله وماله قال ابن عمر قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "هي العصر".
والحكم يوجب القضاء في هذا الحديث لجعفر بن ربيعة بثبوت إيصاله الحديث لثقته وضبطه ورواية الليث ليس تكذيبا له لجواز أن يكون عراك بلغه هذا الحديث عن نوفل بن معاوية ثم سمعه منه بعد فرواه على الوجهين جميعا. والله أعلم.


ص -585 - ... باب قول التابعي حدثني رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولم يسم هل يكون ذلك حجة؟!
حدثت عن عبد العزيز بن جعفر قال أنا أحمد بن محمد بن هارون الخلال قال أنا محمد بن علي بن محمود قال ثنا أبو بكر الأثرم قال قلت لأبي عبد الله يعني أحمد بن حنبل إذا قال رجل من التابعين حدثني رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم فالحديث صحيح قال: نعم.
[أخبرنا] أبو بكر البرقاني قال أنا محمد بن عبد الله بن خميرويه الهروي قال أنا الحسين بن إدريس قال وسألته يعني محمد بن عبد الله بن عمار إذا كان الحديث عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم أيكون ذلك حجة قال نعم وإن لم يسمه فإن جميع أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم كلهم حجة.
باب في قول التابعي عن الصحابي يرفع الحديث وينميه ويبلغ به
أخبرنا أبو حازم عمر بن أحمد بن إبراهيم العبدوي إملاء بنيسابور قال أنا أبو أحمد الحافظ قال أنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز [البغوي] 1 قال ثنا جدي أحمد بن منيع قال ثنا مروان بن شجاع الخصيفي2 عن سالم الأفطس عن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من صف.
2 قط: الخصفي، هو منسوب إلى خصيف، لكثرة روايته عنه، كما في التهذيب فبقال في النسبة - الخصيفي على الأصل، والخصيفي بحذف الباء على القياس، كالقرشي "ح".


ص -586- ... سعيد بن جبير عن ابن عباس قال الشفاء في ثلاثة شرطة محجم ولعقة من عسل وكية من نار وأنهى أمتي عن الكي رفع الحديث.
حدثت عن عبد العزيز بن جعفر قال أنا أبو بكر الخلال قال أخبرني محمد بن علي بن محمود قال ثنا الأثرم أن أبا عبد الله قيل له فإذا قال يرفع الحديث فهو عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: فأي شيء؟
أخبرنا بشرى بن عبد الله قال أنا محمد بن بدر1 قال ثنا بكر2 بن سهل قال ثنا عبد الله بن يوسف قال أنا مالك بن أنس عن أبي حازم بن دينار عن سهل بن سعد الساعدي أنه قال كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة قال أبو حازم لا أعلم إلا أنه ينمى ذلك قال مالك يرفع ذلك.
أخبرنا أبو عثمان سعيد3 بن العباس بن محمد القرشي الهروي قال أنا أبي قال ثنا أبو يزيد حاتم بن محبوب السامي4 قال ثنا عبد الجبار بن العلاء العطار قال ثنا سفيان بن عيينة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة يبلغ به قال: "الناس تبع لقريش في هذا الشأن مسلمهم تبع لمسلمهم وكافرهم تبع لكافرهم".
أخبرنا الحسن بن أبي بكر قال أنا أحمد بن محمد بن عبد الله بن زياد القطان قال ثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي قال ثنا علي يعني ابن المديني قال حدثنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رواية تقاتلون
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 له ترجمة في تاريخ المؤلف، ووقع في صف: ابن يزيد "ح".
2 له ترجمة في لسان الميزان، ووقع في صف: بكير "ح".
3 له ترجمة في تاريخ المؤلف، ووقع في صف: سعد "ح".
4 ضبطه في التبصير، ووقع في صف: الشامي "ح".


ص -587 - ... قوما صغار الأعين ذلف يعني الأنف كأن وجوههم المجان المطرقة قلت لسفيان عن أبي1 الزناد ونعالهم الشعر قال أراه قد قاله.
كل هذه الألفاظ كناية عن رفع الصحابي الحديث2 وروايته إياه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
ولا يختلف أهل العلم أن الحكم في هذه الأخبار وفيما صرح برفعه سواء في وجوب القبول والتزام العمل.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قط: في حديث.
2 قط: للحديث.