معرفة علوم الحديث ط احياء العلوم ص -78-
ذكر النوع الحادي عشر من معرفة علوم الحديث: "الأحاديث المعنعنة"
هذا النوع من هذه العلوم هو معرفة1 الأحاديث المعنعنة وليس
فيها تدليس، وهي متصلة بإجماع أئمة2 أهل النقل على تورع رواتها
عن أنواع التدليس.
مثال ذلك ما حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا بحر بن نصر
الخولاني حدثنا عبد الله بن وهب أخبرني عمرو بن الحارث عن عبد
ربه بن سعيد الأنصاري عن أبي الزبير عن جابر عبد الله عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:
"لكل داء داوء، فإذا أصيب دواء الداء برئ بإذن الله عز وجل"3.
قال الحاكم4: هذا حديث رواته بصريون، ثم مدنيون ومكيون وليس من
مذاهبهم التدليس. فسواء عندنا ذكروا سماعهم أو لم يذكروه وإنما
جعلته مثالًا لألوف مثله.
ومثال ذلك ما5: أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي بمرو
ثنا سعيد بن مسعود ثنا عبيد الله بن موسى ثنا إسرائيل عن عبد
الله بن المختار عن ابن سيرين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
"إن مع الغلام عقيقة6
فأهريقوا عنه دمًا وأميطوا عنه أذى"7.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 زيادة في خ، ش وصف.
2 ظ، خ، ش، صف: "أئمة النقل".
3 رواه مسلم في صحيحه في كتاب السلام باب لكل داء دواء
واستحباب التداوي، عن جابر 4/ 1729. ورواه أيضًا بلفظه الإمام
أحمد في مسنده عن جابر بن عبد الله 3/ 335.
4 زيادة في خ، ش وصف.
5 ليس في خ، ش وصف ما بين النجيمين.
6 كذا في ظ، خ، ش، صف: "عقيقة" وبالأصل: "عقيقته".
7 بلفظه في صحيح البخاري في كتاب العقيقة باب إماطة الأذى عن
الضبي في العقيقة عن سلمان بن عامر الضبي 7/ 109، ورواه أبو
داود في سننه في كتاب الأضاحي باب في العقيقة 3/ 106، ورواه
الترمذي في سننه في أبواب الأضاحي باب ما جاء في العقيقة 3/
35، ورواه النسائي في سننه كتاب الأضاحي باب العقيقة عن الغلام
7/ 164، ورواه أحمد في المسند 4/ 17، 18، 214.
ص -79-
قال الحاكم1: هذا حديث رواته كوفيون وبصريون ممن لا يدلسون، وليس
ذلك من مذاهبهم ورواياتهم سليمة وإن لم يذكروا السماع.
وأما ضد هذا من الحديث فمثاله ما حدثناه أبو عبد الله محمد بن
يعقوب الحافظ ثنا محمد بن عبد الوهاب الفراء أنا يعلى بن عبيد
حدثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: ذكرنا ليلة القدر
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"كم مضى من الشهر؟ قلنا: اثنتان وعشرون وبقي ثمان. فقال: مضى اثنتان
وعشرون وبقي سبع، اطلبوها الليلة، الشهر تسع وعشرون"2.
قال الحاكم3: لم يسمع هذا الحديث الأعمش من 4 أبي صالح وقد5
رواه أكثر أصحابه عنه هكذا6 منقطعًا. فأخبرني7 عبد الله بن
محمد بن موسى8 ثنا محمد بن أيوب حدثنا محمد بن عبد الله بن
نمير ثنا خلاد الجعفي حدثني أبو مسلم9 عبيد الله بن سعيد قائد
الأعمش عن الأعمش عن سهيل بن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 زيادة في خ، ش وصف.
2 رواه ابن ماجه في سننه في كتاب الصيام باب ما جاء في الشهر
تسع وعشرون، ولفظه فيه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"كم مضى من الشهر؟" قال: قلنا: اثنان وعشرون وبقيت ثمان. فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم:
الشهر هكذا،
والشهر هكذا، والشهر هكذا" ثلاث مرات
وأمسك واحدة. وفي رواية أخرى:
"الشهر هكذا
وهكذا وهكذا" وعقد تسعًا
وعشرين في الثالثة 1/ 530.
3 زيادة في خ، ش وصف.
4 ظ: "عن".
5 خ، ش، صف: "ورواه" موضع: "وقد رواه".
6 بالأصل: "هذا".
7 خ، ش، صف: "حدثني".
8 خ، ش، صف: "محمد بن أبي موسى".
9 خ، ش، صف: "أبو سلمة" وهو خطأ.
ص -80-
أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ذكرنا ليلة القدر
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"كم مضى من الشهر؟"
قلنا:
اثنتان وعشرون وبقي ثمان. فقال:
مضى اثنتان
وعشرون وبقي سبع اطلبوها الليلة، والشهر تسع وعشرون". قال1 وشواهد هذا ونظائره في الحديث كثيرة، وسنأتي بمشيئة الله على
شرحها في ذكر المدلسين2 إن شاء الله.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 زيادة في خ، ش وصف.
2 خ، ش، صف: "المدلس".
ذكر النوع الثاني عشر من معرفة علوم الحديث:
"المعضل من الرويات"
هذا1 النوع من هذه العلوم هو المعضل من الروايات. فقد ذكر إمام
الحديث علي2 بن عبد الله المديني فمن بعده من3 أئمتنا أن
المعضل من الروايات4 أن يكون بين المرسل إلى رسول الله صلى
الله عليه وسلم أكثر من رجل، وأنه غير المرسل فإن المراسيل
للتابعين دون غيرهم.
ومثال هذا5 النوع من الحديث ما حدثناه أبو العباس محمد بن
يعقوب أنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ثنا بن وهب أخبرني
مخرمة بن بكير عن أبيه عن عمرو بن شعيب قال: قاتل عبد مع رسول
الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد. فقال له رسول الله صلى الله
عليه وسلم:
"أذن لك سيدك؟" قال: لا. فقال:
"لو قتلت لدخلت النار". قال
سيده: فهو حر، يارسول الله, فقال له النبي صلى الله عليه سلم:
"الآن فقاتل".
وحدثنا6 أبو العباس محمد بن يعقوب أنا محمد بن عبد الله أنا بن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 في خ، ش وصف مصدر بالعبارة: "قال الحاكم".
2 خ، ش، صف: "علي بن المديني".
3 خ، ش، صف: "عن".
4 ش، صف: "الرواية".
5 خ، صف: "ومثال ذلك" موضع: "ومثال هذا النوع من الحديث".
6 ش، صف: "وأخبرنا أبو العباس نا" موضع: "وحدثنا أبو العباس
محمد بن يعقوب".
ص -81-
وهب أخبرني مسلمة بن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن
العبد ليعمل بعمل أهل الجنة حتى إذا حضرته الوفاة حاف1 في
وصيته فوجبت له النار، وإن العبد ليعمل بعمل أهل النار حتى إذا
حضرته الوفاة عدل في وصيته فوجبت له الجنة"2.
قال الحاكم3 فقد أعضل الإسناد الأول عمرو بن شعيب4 والإسناد
الثاني مسلمة بن علي، ثم لا نعلم أحدًا من الرواة وصله ولا
أرسله عنهما، فالحديثان معضلان.
وليس كل ما يشبه هذا بمعضل، فربما أعضل أتباع التابعين الحديث
وأتباعهم في وقت ثم وصلاة أو أرسلاه في وقت.
مثال ذلك ما أنا5 أبو بكر بن أبي نصر الداربردي بمرو ثنا أحمد
بن محمد بن عيسى القاضي ثنا القعنبي عن مالك إنه قد بلغه أن
أبا هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"للمملوك طعامه
وكسوته بالمعروف ولا يكلف من العمل إلا ما يطيق"6.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 صف: "جار".
2 رواه ابن ماجه في سننه في كتاب الوصايا باب الحيف في الوصية
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن
الرجل ليعمل بعمل أهل الخير سبعين سنة، فإذا أوصى حاف في
وصيته، فيختم له بشر عمله، فيدخل النار. وإن الرجل ليعمل بعمل
أهل الشر سبعين سنة، فيعدل في وصيته، فيختم له بخير عمله،
فيدخل الجنة" 2/ 902، ومثله في مسند الإمام أحمد 2/ 278.
3 زيادة في خ، ش وصف.
4 اعتبر ابن حجر العسقلاني عمرو بن شعيب من الطبقة الخامسة،
وهي طبقة صغار التابعين الذين رأوا الواحد والاثنين ولم يثبت
لبعضهم السماع من الصحابة كالأعمش "انظر تقريب التهذيب ص 10".
5 ش، صف: "حدثنا أبو بكر بن نصر".
6 رواه الإمام أحمد في المسند عن عجلان عن أبي هريرة عن النبي
صلى الله عليه وسلم قال:
"للمملوك طعامه
وكسوته ولا تكلفونه من العمل ما لا يطيق"
2/ 247 وبنفس الإسناد أيضًا بلفظ:
"للمملوك
طعامه وكسوته ولا يكلف من العمل ما لا يطيق"
2/ 342.
ص -82-
هذا معضل1 أعضله عن مالك هكذا في الموطأ إلا أنه قد وصل عنه خارج
الموطأ.
أخبرنا2 أبو الطيب محمد بن عبد الله الشعيري3 حدثنا خمش بن
عصام المعدل ثنا حفص بن عبد الله ثنا إبراهيم بن طهمان عن مالك
بن أنس رضي الله عنه عن محمد بن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة
رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"للمملوك طعامه وكسوته بالمعروف ولا يكلف من العمل إلا ما يطيق".
وهكذا رواه النعمان بن عبد السلام وغيره عن مالك.
قال الحاكم4 فينبغي للعالم بهذه الصنعة أن يميز بين المعضل
الذي لا يوصل وبين ما أعضله الراوي في وقت ثم وصله في وقت.
النوع الثاني من المعضل أن يعضله الراوي من أبتاع التابعين فلا
يرويه عن أحد ويوقفه فلا يذكره عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم معضلًا، ثم يوجد ذلك الكلام عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم متصلًا.
مثاله ما حدثناه إسماعيل بن أحمد الجرجاني أن5 محمد بن الحسن
بن قتيبة العسقلاني6 ثنا عثمان بن محمد بن موسى الدعجلي7 ثنا
خليد بن دعلج قال: سمعت الحسن يقول: أخذ المؤمن عن الله أدبًا
حسنًا إذا وسع عليه وسع وإذا قتر عليه قتر.
حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي ثنا جعفر بن محمد بن
كزال8.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 خ، ش، صف: "هذا معضل عن مالك أنه بلغه أبا هريرة أعضله هكذا
في الموطأ"، كذا في هذه النسخ والصواب عندنا "هذا معضل عن مالك
أعضله هكذا في الموطأ" والعبارة "إنه بلغه أن أبا هريرة" جاءت
مكررة بسهو الناسخ.
2 ظ، خ: "حدثنا".
3 خ، ش، صف: "الشعرى".
4 زيادة في خ، ش، وصف.
5 خ، "ثنا".
6 زيادة في خ، ش، وصف.
7 بالأصل: "الدعجلي" محرفًا عن: "الدعجلي".
8 خ، ش، صف: كدان.
ص -83-
ثنا إبراهيم بن بشير المكي ثنا معاوية بن عبد الكريم الضال قال:
سمعت أبا حمزة يقول: سمعت ابن عمر يقول: قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم:
"إن المؤمن أخذ عن الله أدبًا حسنًا إذا وسع عليه وسع على نفسه وإذا
أمسك عليه أمسك".
وشبيه ذلك ما حدثناه أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى ثنا
أبو العباس محمد بن إسحاق الثقفي1 ثنا أبو كريب ثنا يحيى بن
أدم حدثنا أبو بكر بن عياش عن الأعمش عن الشعبي قال: يقال
للرجل يوم القيامة: عملت كذا وكذا؟ فيقول: ما عملته. فيختم على
فيه فينطق جوراحه، أو قال: ينطق لسانه فيقول لجوارحه: أبعدكن
الله، ما خاصمت إلا فيكن.
قال2 قد أعضله الأعمش وهو عن3 الشعبي متصل مسند مخرج في الصحيح
لمسلم4.
حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ ثنا إبراهيم بن إسحاق
ثنا أبو بكر بن أبي النضر ثنا عبيد الله الأشجعي عن سفيان
الثوري عن عبيد المكتب عن فضيل بن عمرو عن الشعبي عن أنس بن
مالك قال: كنا عند رسول الله صلى عليه وسلم، فضحك فقال:
"هل تدرون مم5
ضحكت؟"
قلنا: الله ورسوله أعلم. قال: "من
مخاطبة العبد ربه يوم القيامة فيقول: يارب، ألم تجرني من
الظلم؟ فيقول: بلي، قال: فإني لا أجيز اليوم على نفسي شاهدًا
إلا مني. فيقول: كفى بنفسك اليوم عليك شهيدًا وبالكرام
الكاتبين عليك شهودًا6.
فيختم على فيه ثم يقال لأركانه: انطقي. فتنطق بأعماله، ثم يخلي بينه
وبين الكلام فيقول: بعدًا لكن وسحقًا فعنكن كنت أناضل"7 8.
وأشباه هذا كثيرة، وفيما ذكرناه لمن تدبره غُنية، إن شاء الله.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ظ: "الجعفي".
2 زيادة في خ، ش.
3 ظ، خ: "عند".
4 ش، صف: لمسلم بن الحجاج.
5 خ، ش: "بم".
6 في النسخ كلها "شهيدًا" والصواب: "شهودًا" كما أثبتنا.
7 ش، صف: "أفضل".
8 رواه مسلم في صحيحه في كتاب الزهد والرقائق بنفس الإسناد
بألفاظ قريبة من ألفاظ المصنف 4/ 2280-2281.
ص -84-
ذكر النوع الثالث عشر من معرفة علوم الحديث: "المدرج1"
هذا2 النوع هو معرفة المدرج3 في حديث رسول الله صلى الله عليه
وسلم من كلام الصحابة وتلخيص كلام غيره من كلامه صلى الله عليه
وسلم.
ومثال ذلك ما حدثناه أبو بكر بن إسحاق الفقيه أنا4 عمر بن حفص
السدوسي ثنا عاصم بن علي ثنا زهير بن معاوية عن الحسن بن الحر
عن القاسم بن مخيمرة قال: أخذ علقمة بيدي وحدثني أن عبد الله
أخذ بيده وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيد عبد الله
فعلمه التشهد في الصلاة وقال:
"قل التحيات لله والصلوات، فذكر التشهد، فإذا قلت هذا فقد قضيت
صلاتك إن شئت أن تقوم فقم وإن شئت أن تقعد فاقعد"5.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 عرفه ابن كثير بقوله: "أن تزاد لفظة في متن الحديث من كلام
الراوي، فيحسبها من يسمعها مرفوعة في الحديث، فيرويها كذلك"
وقال عنه: "وقد وقع من ذلك كثير في الصحاح والحسان والمسانيد
وغيرها" "انظر الباعث الحثيث ص42".
2 في خ، ش: صف مصدر بالعبارة "قال الحاكم أبو عبد الله".
3 كذا في ظ، خ، ش، صف: "معرفة المدرج" وبالأصل: "معرفة الحديث
المدرج".
4 خ، ش، صف: "أخبر".
5 رواه البخاري في صحيحه في كتاب الاستئذان باب الأخذ باليدين
وصافح حماد بن زين بن المبارك بيديه ولفظه فيه عن ابن مسعود
يقول: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم وكفي بين كفيه
التشهد كما يعلمني السورة من القرآن:
"التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله
وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا
إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله"،
وهو بين ظهرانينا، فلما قبض قلنا السلام، يعني على النبي صلى
الله عليه وسلام 8/ 73 ورواه مسلم في صحيحه عن ابن مسعود في
كتاب الصلاة باب التشهد في الصلاة 1/ 302.
ص -85-
قال الحاكم1: هكذا رواه جماعة عن زهير وغيره عن الحسن بن الحر
وقوله:
"إذا قلت هذا" مدرج في الحديث من كلام عبد الله2 بن مسعود، فإن سنده عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم ينقضي بانقضاء التشهد، والدليل عليه ما
حدثناه علي بن حمشاذ العدل ثنا عبد الله بن محمد بن غزير3 ثنا
غسان بن الربيع ثنا عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان عن الحسن بن
الحر عن القاسم بن مخيمرة قال أخذ علقمة بيدي وأخذ عبد الله
بيد علقمة وأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيد عبد الله فعلمه
التشهد في الصلاة وقال:
"قل التحيات
لله، فذكر الحديث إلى آخر التشهد، فقال: قال عبد الله بن
مسعود: إذا فرغت من هذا فقد قضيت صلاتك فإن شئت فاقعد وإن شئت
فقم".
فقد ظهر لمن رزق الفهم أن الذي ميز كلام عبد الله بن مسعود من
كلام النبي4 صلى الله عليه وسلم فقد أتى بالزيادة الظاهرة
والزيادة من الثقة مقبولة. وقد أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد
العنزي ثنا عثمان بن سعيد الدرامي قال: سمعت عبد الرحمن بن
إبراهيم الدمشقي يقول: عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان ثقة.
وشبيه ذلك ما حدثناه أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا الحسن بن
علي بن عفان العامري حدثنا يحيى بن فضيل ثنا الحسن بن صالح ثنا
سعيد ثنا قيادة عن النضر بن أنس5 عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"من أعتق نصيبًا له في عبد أو شقيصا فخلاصه عليه في ماله إن كان له مال
وإلا قوم العبد قيمة عدل ثم استسعى في قيمته غير مشقوق عليه"6.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 زيادة في ش.
2 ش، صف: "كلام ابن مسعود".
3 كذا في الأصل وأيضًا في خ و ش: "غزير" وفي ظ وصف: "عزير" وهو
الصواب كما ذكره الذهبي في المشتبه.
4 خ، ش، صف: "رسول الله".
5 زيادة في ظ، خ، ش وصف.
6 رواه البخاري في صحيحه في كتاب الشركة باب تقويم الأشياء بين
الشركاء بقيمة عدل بسند المصنف ولفظه فيه:
"من أعتق شقيصًا من مملوكه فعليه خلاصه في ماله، فإن لم يكن له
مال قوم المملوك قيمة عدل، ثم استسعي غير مشقوق عليه"
3/ 182. ورواه مسلم في صحيحه في كتاب العتق باب ذكر سعاية
العبد 2/ 1140-1141. ورواه أبو داود في سننه في كتاب العتق باب
من ذكر السعاية في هذا الحديث بسند المصنف ولفظه 4/ 23-24.
ورواه ابن ماجه في سننه في كتاب العتق باب من أعتق شركًا له في
عبد 2/ 844. ورواه أحمد في المسند 2/ 362، 472و 4/ 37.
ص -86-
قال الحاكم1: حديث العتق ثابت صحيح وذكر الاستسعاء فيه من قول
قتادة، وقد وهم من أدرجه في كلام رسول الله صلى الله عليه
وسلم. ويشهد بصحة ذلك ما حدثناه أبو عبد الله محمد بن يعقوب
ثنا علي بن الحسن الدارابجردي ثنا عبد الله بن يزيد المقرئ
حدثنا همام عن قتادة عن النضر بن أنس عن بشير بن نهيك عن أبي
هريرة أن رجلًا أعتق شقصًا له في مملوك فغرمه النبي صلى الله
عليه وسلم. قال همام وكان قتادة يقول: إن لم يكن له مال استسعى
العبد، فهذا أظهر من الأول أن القول الزائد المبين المميز وقد
ميز همام وهو ثبت.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 زيادة في خ، ش وصف. |