معرفة علوم الحديث ط احياء العلوم

ذكر النوع السابع عشر من معرفة علوم الحديث: "أولاد الصحابة"
هذا1 النوع من هذا العلم معرفة أولاد الصحابة، فإن من جهل هذا النوع اشتبه عليه كثير من الروايات. أول ما يلزم الحديثي معرفته من ذلك أولاد سيد البشر محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم ومن صحت الرواية عنه منهم.
حدثنا علي بن عبد الرحمن بن عيسى الدهقان بالكوفة قال: حدثنا الحسين بن الحكم الحبري2 قال: ثنا الحسن بن الحسين العرني قال: ثنا حبان بن علي العنزي عن الكلبي عن أبي صالح عن بن عباس في قوله عز وجل3:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 زيادة في خ، ش وصف.
2 خ، ش: "الجبري"، صف: "الجيزي" والصواب: "الحبري" ذكره الذهبي في المشتبه.
3 خ، ش، صف: "تعالى" موضع: "عز وجل".

 

ص -97-         {فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ} إلى قوله: {الكَاذِبِينَ} نزلت على1 رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى نفسه: {وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ}2 في فاطمة: {أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ}3 في حسن وحسين، والدعاء على الكاذبين نزلت في العاقب والسيد4 وعبد المسيح وأصحابهم.
قال الحاكم5: وقد تواترت الأخبار في التفاسير عن عبد الله بن عباس وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ يوم المباهلة بيد علي وحسن وحسين وجعلوا فاطمة وراءهم ثم قال:
"هؤلاء أبناؤنا وأنفسنا ونساؤنا؛ فهلموا أنفسكم وأبناءكم ونساءكم؛ ثم نبتهل؛ فنجعل لعنة الله على الكاذبين".
حدثنا أبو الحسين بن ماتي من أصل كتابه ثنا الحسين بن الحكم قال: حدثنا حسن بن حسين قال: ثنا عيسى بن عبد الله بن عمر بن علي عن أبيه عن جده عن علي قال: ما سماني الحسن والحسين يا أبت حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يقولان لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبت يا أبت، وكان الحسن يقول لي: يا أبا حسن، وكان الحسين يقول لي: يا أبا حسين.
قال الحاكم6: فقد صحت الرواية من7 ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم عن فاطمة والحسن والحسين8 والحسن بن الحسن بن علي وعبد الله وحسن وعلي وزيد بني الحسن بن الحسين بن علي وعمرو بن الحسن بن علي ومحمد بن عمرو بن حسن بن علي والحسن بن زيد بن حسن بن علي وموسى بن عبد الله بن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ظ، خ: "في".
2 زيادة في ظ، خ و ش.
3 سورة آل عمران، آية 61.
4 خ، ش، صف: "السند" وهو تصحيف.
5 زيادة في خ و ش.
6 زيادة في خ ش وصف.
7 ش، صف: "عن".
8 خ، ش، صف: "الحسن".

 

ص -98-         حسن بن حسن ومحمد بن عبد الله بن حسن بن حسن بن علي، وعن علي بن الحسين بن علي وفاطمة بنت الحسين بن علي ومحمد وعبد الله وزيد وعمرو وحسين بني علي بن الحسين، وعن جعفر بن محمد بن علي والحسين بن زيد بن علي. فهؤلاء قد صحت عنهم الروايات وقد روي الحديث عن زهاء مائتي رجل وامرأة من أهل البيت.
وممن صحت الرواية عنه من ولد أبي بكر الصديق رضي الله عنه عائشة وأسماء وعبد الرحمن بن أبي بكر وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر وهو أبو عتيق وعبد الله بن أبي عتيق1 والقاسم بن محمد بن أبي بكر وعبد الرحمن بن القاسم بن محمد. ومن أولاد البنات جعفر بن محمد الصادق وكان يقول: أبو بكر أفيسب الرجل جده لا قدمني الله إن لم أقدمه.
وأما العمريون فقد كثرت الثقات الأثبات منهم، بلغ عديد2 من أخرج حديثه3 في الصحيح منهم نيفًا وأربعين رجلًا.
قال الحاكم4: فقد جعلت هؤلاء العلماء من ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما مثالًا لأولاد سائر الصحابة تحريًا للتخفيف. وولد سعد بن أبي وقاص إلى سنة خمسين ومائتين "250هـ" فيهم فقهاء وأئمة وثقات وحفاظ، وكذلك أعقاب عبد الرحمن بن عوف و5 عبد الله بن مسعود والعباس بن عبد المطلب رضي الله عنهم أجمعين.
ثم بعد هذا معرفة أولاد التابعين وأتباع التابعين وغيرهم من أئمة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 زيادة في ش وصف.
2 خ، ش، صف: "عدد".
3 زيادة في خ و ش وصف.
4 زياد في خ و ش.
5 بالأصل: "بن" لعله سهو الناسخ.

 

ص -99-         المسلمين علم كبير ونوع بذاته من أنواع علم الحديث، وقد اقتصرت من الصدر الأول على من سميتهم ومن الأتباع على أولاد الأئمة المذكورين بالعلم من أتباع1 التابعين فمن بعدهم.
فولد مالك بن أنس يحيى بن مالك ولا نعلم له ولدًا غيره، وأما الثوري فإنه لم يعقب وولد شعبة بن الحجاج سعيد2 بن شعبة، وولد عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي محمد بن الأوزاعي وليس له غيره، وولد أبو حنيفة حماد بن أبي حنيفة وليس له غيره ولحماد أعقاب، وولد الشافعي عثمان ومحمد وهو أبو الحسن قد كان ورد على أحمد بن حنبل بغداد، وولد أحمد بن حنبل صالح وعبد الله وليس لهما ثالث، وولد عبد الرحمن بن مهدي إبراهيم وموسى وليس له غيرهما، وولد يحيى بن سعيد محمد وهو أبو بكر الذي سلمه إلى أبي قدامة السرخسي فحج به، وعبد الله بن المبارك لم يعقب وولد علي بن المديني محمد وعبد الله رويا عن أبيهما، ويحيى بن معين لم يعقب ذكرًا وله أعقاب من بناته رأيت كهلًا منهم ببغداد، وأما البخاري ومسلم فإنهما لم يعقبا ذكرًا.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 خ، ش، صف: أولاد.
2 ظ، خ، ش، صف: "سعد".

ذكر النوع الثامن عشر من معرفة علوم الحديث: "الجرح والتعديل"
هذا1 النوع من علم الحديث معرفة الجرح والتعديل وهما في الأصل نوعان كل نوع منهما علم برأسه وهو ثمرة هذا العلم والمرقاة الكبيرة منه. وقد تكلمت عليه في كتاب "المدخل إلى معرفة الصحيح" بكلام شاف رضيه كل من رآه من أهل الصنعة، ثم ذكرت في كتاب "المزكيين2 لرواة الأخبار" على عشر طبقات في كل عصر منهم أربعة وهم أربعون رجلًا، فالطبقة الأولى منهم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 في خ، ش وصف مصدر بالعبارة: "قال الحاكم".
2 ش، صف: "المزكي".

 

ص -100-      أبو بكر وعمر وعلي وزيد بن ثابت فإنهم قد جرحوا وعدلوا وبحثوا عن صحة الروايات وسقيمها1، والطبقة العاشرة منهم أبو إسحاق إبراهيم بن حمزة الأصبهاني وأبو علي النيسابوري وأبو بكر محمد بن عمر بن سالم2 البغدادي وأبو القاسم حمزة بن علي الكناني المصري.
وقد ذكرت في كتاب "المدخل إلى معرفة كتاب الإكليل" أنواع العدالة على خمسة أقسام والجرح على عشرة أقسام وتكلمت في هذه الكتب على الجرح والتعديل مما يغني عن إعادته واستشهدت بأقاويل الصحابة والتابعين وأئمة المسلمين.
وأصل عدالة المحدث أن يكون مسلمًا لا يدعو إلى بدعة ولا يعلن من أنواع المعاصي ما تسقط به عدالته. فإن كان مع ذلك حافظًا لحديثه فهي أرفع درجات المحدثين، وإن كان صاحب كتاب فلا ينبغي أن يحدث إلا من أصوله. وأقل ما يلزمه أن يحسن قراءة كتابه على ما ذكرته في أول هذا الكتاب من علامات الصدق على الأصول. وإن كان المحدث3 غريبًا لا يقدر على إخراج أصوله فلا يكتب عنه إلا ما يحفظه إذا لم يخالف الثقات في حديثه، فإن حدث من حفظه بالمناكير التي لا يتابع عليها لم يؤخذ عنه. وقد كان أبو عروبة رحمه الله يقول: الأصل سلاح.
وسمعت أبا الوليد الفقيه يقول: سمعت إبراهيم بن أبي طالب يقول: وسئل عن عبد الله بن شيرويه فقال: لقد خلط واشتغل بما لا يليق بالعلم وأهله إلا أنه حفظ الأصول لوقت الحاجة إليها.
قال الحاكم4: وقد اختلف أئمة الحديث في أصح الأسانيد.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 كذا بالأصل وأيضًا في ظ، خ: "سقيمها" وفي ش، صف: "سقمها".
2 ش، صف: "سلمة".
3 ظ، خ، ش: "هذا المحدث".
4 زيادة في خ، ش وصف.

 

 

ص -101-      فحدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب قال: ثنا محمد بن سليمان، قال: سمعت محمد بن إسماعيل البخاري يقول: أصح الأسانيد كلها مالك عن نافع عن بن عمر وأصح أسانيد أبي هريرة أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة1.
وسمعت أبا بكر بن أبي دارم الحافظ بالكوفة يحكي عن بعض شيوخه عن أبي بكر بن أبي شيبة قال: أصح الأسانيد كلها الزهري عن علي بن الحسين2 عن أبيه عن علي.
[وأخبرني خلف بن محمد البخاري، ثنا محمد بن حريث البخاري قال: سمعت عمرو بن علي يقول: أصح الأسانيد محمد بن سيرين عن عبيدة عن علي3].
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن بطة الأصبهاني عن بعض شيوخه قال: سمعت سليمان بن داؤد يقول: أصح الأسانيد كلها يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة.
وسمعت أبا الوليد الفقيه غير مرة يقول: سمعت محمد بن سليمان بن خالد الميداني4 يقول: سمعت إسحاق بن إبراهيم الحنظلي يقول: أصح الأسانيد كلها الزهري عن سالم عن أبيه.
حدثني الحسين بن عبد الله الصيرفي قال: حدثني محمد بن حماد الدوري بحلب قال: أخبرني أحمد بن القاسم بن نضر بن دوست، قال: حدثنا حجاج بن الشاعر قال: اجتمع أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وعلي بن المديني في جماعة معهم اجتمعوا فذكروا5 أجود الأسانيد الجياد، فقال رجل منهم: أجود

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 انظر في أصح الأسانيد ما قاله السيوطي في تدريب الراوي 1/ 76-78 و81-82.
2 بالأصل: "حسن" وهو غلط.
3 ما بين القوسين المربعتين زيادة في ظ، خ، ش وصف.
4 الزيادة عن ظ، خ وصف.
5 خ، ش، صف: "اجتمعوا اجتماعًا فتذكروا" وأيضًا في ظ: "فتذكروا" موضع: "فذكروا".

 

ص -102-      الأسانيد شعبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن عامر أخي أم سلمة عن أم سلمة1، وقال علي بن المديني: أجود الأسانيد ابن عون عن محمد عن عبيدة عن علي، وقال أبو عبد الله أحمد بن حنبل: أجود الأسانيد الزهري عن سالم عن أبيه، وقال يحيى: الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله، فقال له إنسان: الأعمش مثل الزهري؟ فقال: برئت من الأعمش أن يكون مثل الزهري، الزهري يرى العرض والإجازة وكان يعمل لبني أمية، وذكر الأعمش فمدحه فقال: فقير صبور مجانب السلطان، وذكر علمه بالقرآن وورعه.
قال الحاكم2: فأقول، وبالله التوفيق، إن هؤلاء الأئمة الحفاظ قد ذكر كل3 ما أدى إليه اجتهاده في أصح الأسانيد ولكل صحابي رواة من التابعين ولهم أتباع وأكثرهم ثقات، فلا يمكن أن يقطع الحكم في أصح الأسانيد لصحابي واحد، فنقول وبالله التوفيق:
إن أصح أسانيد أهل البيت جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي إذا كان الراوي عن4 جعفر ثقة.
وأصح أسانيد الصديق: إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن أبي بكر.
وأصح أسانيد عمر5: الزهري عن سالم عن أبيه عن جده.
وأصح أسانيد المكثرين من الصحابة لأبي هريرة الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة، ولعبد الله بن عمر مالك عن نافع عن بن عمر، ولعائشة عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب عن القاسم بن محمد بن أبي بكر عن عائشة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الرواية موجودة في تدريب الراوي للسيوطي 1/ 82.
2 زيادة في خ، ش وصف.
3 ظ، خ، ش: "كل واحد".
4 ش، صف: "غير" فلعله تحريف من الناسخ.
5 ظ، خ، ش، صف: "عمر بن الخطاب".

 

ص -103-      سمعت أبا بكر أحمد بن سليمان الفقيه يقول: سمعت جعفر بن أبي عثمان الطيالسي يقول: سمعت يحيى بن معين يقول عبيد الله بن عمر عن القاسم عن عائشة ترجمة مشبكة بالذهب.
ومن أصح الأسانيد أيضًا محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب بن زهرة القرشي عن عروة بن الزبير بن العوام خويلد القرشي عن عائشة.
وأصح أسانيد عبد الله بن مسعود: سفيان بن سعيد الثوري عن منصور بن المعتمر عن إبراهيم بن يزيد النخعي عن علقمة بن قيس النخعي عن عبد الله بن مسعود.
وأصح أسانيد أنس1: مالك بن أنس عن الزهري عن أنس.
وأصح أسانيد المكيين: سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن جابر.
وأصح أسانيد اليمانيين: معمر عن همام منبه عن أبي هريرة.
سمعت أبا أحمد الحافظ يقول: سمعت أبا حامد بن الشرقي، يقول: سألت محمد بن يحيى فقلت: أي الاسنادين أصح: محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة أو معمر عن همام بن منبة عن أبي هريرة؟ فقال: إسناد محمد بن عمرو أشهر وإسناد معمر أمتن.
قال الحاكم2: فقلت لأبي أحمد الحافظ3: محمد بن يحيى إمام غير مدافع إمامته ولكني أقول: معمر بن راشد أثبت من محمد بن عمرو وأبو سلمة أجل وأشرف وأثبت من همام بن منبه. فأعجبه هذا القول وقال فيه ما قال.
قلنا4: وأثبت إسناد المصريين: الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن عقبة بن عامر الجهني.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ش: "أنس بن مالك".
2 زيادة في ظ.
3 زيادة في ش.
4 لم ترد هذه اللفظة في ظ، خ، ش وصف.

 

ص -104-      وأثبت إسناد1 الشاميين عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي عن حسان بن عطية عن الصحابة.
وأثبت أسانيد الخراسانيين الحسين بن واقد عن عبد الله بن بريدة عن أبيه. ولعل قائلًا يقول: إن هذا الإسناد لم يخرج منه في الصحيحين إلا حديثان، فيقال له: وجدنا للخراسانيين أصح من هذا الإسناد فكلهم ثقات وخراسانيون، وبريدة ابن حصيب مدفون بمرو.
ثم نقول بعون2 الله بعد هذا:
إن أوهى أسانيد أهل البيت: عمرو بن شمر عن جابر الجعفي عن الحارث الأعور عن علي. سمعت علي بن الحافظ يحكي عن بعض شيوخهم قال حضر نضلة3 مجلس أبي همام السكوني. فقال أبو همام: حدثنا أبي قال: ثنا عمرو عن جابر. فقام نضلة فقال: أنت وأبوك وعمرو وجابر! الله4 الله إن صبرنا! وخرج من المجلس.
وأوهى أسانيد الصديق: صدقة بن موسى الدقيقي عن فرقد السبحي عن مرة الطيب عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
وأوهى أسانيد العمريين: محمد بن القاسم بن عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر عن أبيه عن جده، فإن محمدًا والقاسم وعبد الله لم يحتج بهم.
وأوهى أسانيد أبي هريرة السري بن إسماعيل عن داؤد بن يزيد الأودي عن أبيه عن أبي هريرة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ش، صف: "أسانيد".
2 خ، ش: "بعون الله وقوته".
3 خ، ش، صف: "بصلة".
4 بالأصل: "آية الله" "؟" وفي خ، صف: "أنت والله" موضع: "الله الله". فلعل ما هنا
تحريف من الناسخ وما أثبتناه أقرب إلى الصواب.

 

ص -105-      وأوهى أسانيد عائشة نسخة عند البصريين عن الحارث بن شبل عن أم النعمان الكندية عن عائشة.
وأوهى أسانيد عبد الله بن مسعود شريك عن أبي فزارة عن أبي زيد عن عبد الله إلا أن أبا فزارة راشد بن كيسان كوفي ثقة.
وأوهى أسانيد أنس داؤد بن المحبر بن قحذم عن أبيه عن أبان بن أبي عياش عن أنس.
وأوهى أسانيد المكيين عبد الله بن ميمون القداح عن شهاب بن خراش عن إبراهيم بن يزيد الخوزي1 عن عكرمة عن ابن عباس.
وأوهى أسانيد اليمانيين حفص بن عمر العدني عن الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس.
وأوهى أسانيد المصريين أحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين بن سعد عن أبيه عن جده عن قرة بن عبد الرحمن بن حيويل عن كل من روي عنه، فإنها نسخة كبيرة.
وأوهى أسانيد الشاميين محمد بن قيس المصلوب عن عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة.
وأوهى أسانيد الخراسانيين عبد الله بن عبد الرحمن بن مليحة عن نهشل بن سعيد عن الضحاك عن ابن العباس. وابن مليحة ونهشل نيسابوريان وإنما ذكرتهما في الجرح من بين سائر كور خراسان ليعلم أني لم أحاب في أكثر ما ذكرته.
قال الحاكم2: فهذه الأحرف التي أوردتها في الجرح والتعديل مما لم أذكر في الكتب الثلاثة التي قدمت ذكرها، والكلام في الجرح والتعديل أكثر مما يمكن الاستقصاء فيه لكني قصدت الاقتصار في هذا الكتاب ليستدل بالحديث الواحد على أحاديث كثيرة، وقد استقصيت الكلام في إباحة جرح المحدث في المدخل إلى معرفة كتاب الأكليل فاستغنيت به عن إعادته.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 خ، ش، صف: "الخرزمي".
2 زيادة في ش.

 

ص -106-      ذكر النوع التاسع عشر من معرفة علوم الحديث: "معرفة الصحيح والسقيم"
وهو معرفة الصحيح والسقيم. وهذا النوع من هذه العلوم غير الجرح والتعديل الذي قدمنا ذكره قرب إسناد يسلم من المجروحين غير مخرج في الصحيح.
فمن ذلك ما حدثناه عبد الرحمن بن حمدان الجلاب بمهدان قال: حدثنا أبو حاتم الرزاي، قال: ثنا نصر بن علي، قال: حدثنا أبي عن ابن عون عن محمد بن سيرين عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلاة الليل والنهار مثنى مثنى والوتر ركعة من آخر الليل"1.
قال الحاكم2: هذا حديث ليس في إسناده إلا ثقة3 ثبت وذكر النهار فيه وهم والكلام عليه يطول.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 رواه البخاري في صحيحه في كتاب الوتر عن ابن عمر ولفظه فيه: $"أن رجلًا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة الليل، فقال رسول الله عليه السلام: $"صلاة الليل مثنى مثنى، فإذ خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى" 2/ 30. ورواه مسلم في صحيحه في كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب صلاة الليل مثنى مثنى والوتر ركعة من آخر الليل رواه عن ابن عمر ولفظه: أن رجلًا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن صلاة الليل فقال: $"مثنى مثنى. فإذا خشيت الصبح فأوتر بركعة" 1/ 516 ورواه أيضًا أبو داود في كتاب التطوع. والترمذي في كتاب المواقيت والجمعة. والنسائي في كتاب قيام الليل وابن ماجه في كتاب الإقامة. والدارمي في كتاب الصلاة. ورواه أحمد في المسند 1/ 211، 310 و2/ 10، 26، 30، 33.
2 زيادة في خ و ش.
3 ش، صف: "ليس في إسناده الأربعة ثبت" فهنا لفظة الأربعة محرفة عن: "إلا ثقة" كما لا يخفى.

 

ص -107-      ومنه ما حدثنا الإمام أبو بكر بن إسحاق قال: أخبرنا محمد بن محمد بن حيان التمار، قال: ثنا أبو الوليد الطيالسي1 قال: ثنا مالك بن أنس عن ابن شهاب عن
عروة عن عائشة قالت: "ما عاب رسول الله صلى الله عليه وسلم طعامًا قط إن اشتهاه أكله وإلا تركه2".
هذا إسناد تداوله3 الأئمة والثقات وهو باطل من حديث مالك، وإنما أريد بهذا الإسناد ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده امرأة قط4 وما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه إلا أن تنتهك محارم الله فينتقم لله بها5 6. ولقد جهدت جهدي أن أقف على الواهم فيه من هو فلم أقف عليه، اللهم، إلا أن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الزيادة عن خ، ش وصف.
2 رواه البخاري في صحيحه في كتاب الأطعمة باب ما عاب النبي صلى الله عليه وسلم طعامًا وذلك عن أبي هريرة قال: $"ما عاب النبي صلى الله عليه وسلم طعاما قط إن اشتهاه أكله وإن كرهه تركه" 7/ 96. ورواه أبو داود في كتاب الأطعمة باب في كراهية ذم الطعام 3/ 364. ورواه الترمذي في أبواب البر والصلة باب ما جاء في ترك العيب للنعمة 3/ 254. ورواه أحمد في مسنده 2/ 427، 474، 481، 495.
3 ش: "قد تداوله".
4 في سنن أبي داؤد: $"ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا قط بيده ولا امرأة ولا خادمًا إلا أن يجاهد في سبيل الله- كذا في جمع الفوائد ج3 ص180.
5 خ، ش، صف: "منها".
6 يشير بذلك إلى الحديث الذي رواه البخاري في صحيحه في كتاب المناقب باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم عن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثمًا، فإن كان إثمًا كان أبعد الناس منه، وما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم لله بها 6/ 230. ورواه مسلم في صحيحه في كتاب الفضائل باب مباعدته صلى الله عليه وسلم للآثام، واختياره من المباح أسهله، وانتقامه لله عند انتهاك حرماته 4/ 1813-1814. ورواه أيضًا أبو داود في الأدب، ومالك في الموطأ في كتاب حسن الخلق. وأحمد في مسنده 6/ 22، 114، 116، 130، 229، 281.

 

ص -108-      أكبر الظن1 على بن حيان البصري على أنه صدوق مقبول.
ومنه ما حدثناه محمد بن صالح بن هانئ، قال: ثنا إبراهيم بن أبي طالب، قال: ثنا الحسن بن عيسى، قال: ثنا بن المبارك، قال: ثنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن
القاسم عن عائشة رضي الله عنها قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى المطر قال:
"اللهم صيبًا هنيئًا"2.
قال الحاكم3: وهذا حديث تداوله الثقات هكذا وهو في الأصل معلول واه. ففي هذه الأحاديث الثلاثة قياس على ثلاث مائة أو ثلاثة آلاف أو أكثر من ذلك.
إن الصحيح لا يعرف بروايته فقط وإنما يعرف بالفهم والحفظ وكثرة السماع، وليس لهذا النوع من العلم عون أكثر من مذاكرة أهل الفهم والمعرفة ليظهر ما يخفي من علة الحديث. فإذا وجد مثل هذه الأحاديث بالأسانيد الصحيحة غير مخرجة في كتابي الإمامين البخاري ومسلم لزم صاحب الحديث التنقير عن علته ومذاكرة أهل المعرفة به لتظهر علته.

حدثني أبو سعيد أحمد بن محمد النسوي، قال: ثنا محمد بن الحسن بن قتيبة، قال: ثنا محمد بن أبي السري، قال: ثنا معتمر بن سليمان، قال: حدثنا كهمس عن عبد الله بن بريدة عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: "تزاوروا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 خ، ش: "أكثر".
2 رواه البخاري في صحيحه في كتاب الاستسقاء باب ما يقال إذا أمطرت وذلك بنفس إسناد المصنف ولفظه فيه: عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى المطر قال: $"صيبًا نافعًا" 2/ 40 ورواه أبو داود في سننه في كتاب الأدب باب ما يقول: إذا هاجت الريح ولفظه فيه: عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى ناشئًا في أفق السماء ترك العمل وإن كان في صلاة، ثم يقول:
"اللهم إني أعوذ بك من شرها" فإن مطر قال: "اللهم صيبًا هنيئًا" وهو بغير إسناد المصنف 4/ 326.
3 زيادة في خ، ش وصف.

 

ص -109-      وأكثروا مذاكرة الحديث فإن لم تفعلوا يندرس الحديث"1.
قال الحاكم2: وأنا مبين بعون3 الله وحسن توفيقه بعد هذا كيفية المذاكرة ورسمها ومن ذكر بها [ومن سقط]4، والله المسهل لذلك بمنه.
حدثنا أبو الحسين أحمد بن عثمان بن يحيى المقرئ ببغداد، قال: ثنا العباس بن محمد الدوري، قال: ثنا محمد بن عمران بن أبي ليلى، قال: حدثني أبي عن ابن أبي ليلى عن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن ثابت بن قيس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"تسمعون ويسمع منكم5 [ويُسمع من الذين يسمعون منكم]، ويُسمع من الذين يسمعون من الذين يسمعون منكم، ثم يأتي من بعد ذلك قوم سمان يحبون السمن ويشهدون قبل أن يسئلوا"6.
قال الحاكم7: وقد وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أربع طباق8 من رواة الحديث وهذه الخامسة التي نحن فيها على ما وصفه فقد قال أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه: إن العالم إذا يعرف الصحيح والسقيم والناسخ والمنسوخ من الحديث لا يسمى عالماً.
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 رواه الدارمي في سننه في المقدمة باب مذاكرة العلم بنفس إسناد المصنف ولفظه فيه:
قال علي: تذاركوا هذا الحديث وتزاوروا فإنكم إن لم تفعلوا يدرس 1/ 150.
2 زيادة في خ و ش.
3 خ، ش: "إن شاء الله" موضع: "بعون الله وحسن توفيقه".
4 العبارة لم توجد في خ، ش وصف.
5 الزيادة عن ظ، ش وصف يقتضيها السياق.
6 رواه أبو داود في سننه في كتاب العلم باب فضل نشر العلم وهو عن ابن عباس ولفظه فيه:
"تسمعون ويسمع منكم ويسمع ممن سمع منكم" 3/ 322 أما آخر الحديث فقد تم تحقيقه سابقًا.
7 زيادة في خ و ش.
8 ظ، خ، ش، صف: "الطبقات".

 

ص -110-      عبد الحكم، قال أخبرنا بن وهب، قال: أخبرني مسلمة بن علي عن زيد بن واقد عن حرام بن حكيم، قال: سمعت أنس بن مالك يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "حدثوا عني كما سمعتم ولا حرج إلا من افترى علي كذبًا متعمدًا بغير علم فليتبوأ مقعده من النار"1.
قال الحاكم2: قد أحال رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الخبر العلم على السماع وذكر الراوي بغير سماع ولا علم بما ذكره3 فليتأمل الشحيح بدينه هذا الوعيد من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
حدثني موسى بن سعيد الحنظلي بهمذان، قال: ثنا يحيى بن عبد الله بن ماهان قال: سمعت حماد بن غسان، يقول: سمعت عبد الله بن و هب، يقول: سمعت مالك بن أنس، يقول: لقد حدثت بأحاديث وددت أني ضربت بكل حديث منها سوطين ولم أحدث بها.
قال الحاكم4: فمالك بن أنس على تحرجه وقلة حديثه يتقي الحديث هذه التقية، فكيف بغيره ممن يحدث بالطم والرم؟
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، قال: ثنا العباس بن محمد الدوري، قال: حدثنا سعيد بن محمد الجرمي، قال: ثنا معن بن عيسى، قال: حدثني عبيدة بنت

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 رواه مسلم في صحيحه في كتاب الزهد والرقائق في باب التثبت في الحديث وحكم كتابة العلم عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"لا تكتبوا عني ومن كتب عني غير القرآن فليمحه. وحدثوا عني ولا حرج، ومن كذب علي -قال همام: أحسبه قال: "متعمدًا"- فليبتبوأ مقعده من النار" 4/ 2299. ورواه الترمذي في السنن في أبواب العلم باب ما جاء في الحديث عن بني إسرائيل وذلك عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج. ومن كذب علي معتمدًا فليتبوأ مقعده من النار" 4/ 147.
2 زيادة في خ و ش.
3 خ، ش، صف: "مما ذكر به" موضع: "بما ذكره".
4 زياد في خ و ش.

 

ص -111-      نائل عن عائشة بنت سعد عن أبيها أنه قال: ما يمنعني من الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أن لا أكون أكثر أصحابه عنه حديثًا ولكني أكره أن يتقولوا علي.
قال الحاكم1: هذه التقية التي ذكرناها عن الصحابة والتابعين وأتباعهم كل ذلك ليميزوا بين الصحيح والسقيم فيسلموا من التحديث. وقد ذكرت في كتاب "المدخل إلى معرفة الصحيح" ما يستغني عنه2 المستفيد وإعادته في هذا الموضع يتعذر.
وصفة الحديث الصحيح أن يرويه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم صحابي زائل عنه اسم الجهالة وهو أن يروي عنه تابعيان عدلان3، ثم يتداوله أهل الحديث بالقبول إلى وقتنا هذا كالشهادة على الشهادة.
أخبرنا محمد بن أحمد بن تميم الأصم قال: ثنا عبيد بن شريك، قال: ثنا نعيم بن حماد، قال: سمعت عبد الرحمن بن مهدي، يقول قيل لشعبة: من الذي يترك حديثه؟ قال: إذا روي عن المعروفين ما لا يعرفه المعروفون فأكثر ترك حديثه، فإذا اتهم بالحديث4 ترك حديثه، فإذا أكثر الغلط ترك حديثه، وإذا روى حديثًا اجتمع عليه أنه غلط ترك حديثه، وما كنا غير هذا فأرو عنه.
أخبرني عبد الله بن محمد بن موسى، قال: ثنا إسماعيل بن قتيبة قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: ثنا وكيع عن سفيان عن أبيه عن الربيع بن خثيم قال: إن من الحديث حديثًا له ضوء كضوء النهار نعرفه5 به وأن من الحديث حديثًا له ظلمة كظلمة الليل نعرفه5 بها.
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال: ثنا العباس بن محمد الدوري، قال:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 زيادة في خ و ش.
2 ظ، خ: "به".
3 هذا في زعم الحاكم وقد خالف فيه الشيخين البخاري ومسلمًا.
4 ظ، خ، ش، صف وأيضًا بهامش الأصل: "بالكذب".
5 خ، ش، صف: "تعرفه".

 

ص -112-      ثنا يحيى بن معين قال: ثنا جرير عن رقبة1 أن عبد الله بن مسور المدائني وضع أحاديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحتملها الناس.
حدثنا أبو بكر الشافعي، قال: ثنا محمد بن إسماعيل السلمي، قال: ثنا عبد العزيز الأويسي قال: ثنا مالك قال: كان ربيعة بن أبي عبد الرحمن يقول لابن شهاب: إن حالي ليست تشبه حالك. فقال له ابن شهاب: وكيف ذاك؟ قال ربيعة: أنا أقول برأيي من شاء أخذه فاستحسنه وعمل به ومن شاء تركه، وأنت في القوم تحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم فيحفظ.