معرفة علوم الحديث ط احياء العلوم

ذكر النوع التاسع والعشرين من معرفة علوم الحديث: "السنن المتعارضة"
هذا1 النوع من هذه العلوم معرفة سنن لرسول الله صلى الله عليه وسلم يعارضها مثلها فيحتج أصحاب المذاهب بأحدهما2 وهما في الصحة والسقم سيان.
ومثال ذلك ما حدثناه أبو العباس محمد بن يعقوب قال: أنا الربيع بن سليمان قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا سفيان عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
"من أراد منكم أن يهل بحج وعمرة فليفعل، ومن أراد أن يهل بحج فليهل"، قالت: وأهل رسول الله صلى الله عليه وسلم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 في خ، ش، صف مصدر بالعبارة: "قال الحاكم".
2 ظ، خ: "بأحديهما".

 

ص -187-      بحج وأهل به ناس معه وأهل ناس بالعمرة والحج وأهل ناس بالعمرة وكنت ممن أهل بالعمرة"1.
حدثنا أبو الحسين أحمد بن عثمان2 المقرئ ببغداد قال: ثنا محمد بن ماهان قال: ثنا عبد الرحمن بن مهدي قال: ثنا مالك بن أنس عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قالت: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفرد الحج".
أخبرني3 عمر بن صفوان الجمحي بمكة قال: حدثنا علي بن عبد العزيز قال: حدثنا إبراهيم بن زياد سبلان قال: ثنا عباد بن عباد عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: "أهللنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج مفردًا".
قال أبو عبد الله4: فهذه الأخبار تصرح بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مفردًا وكذلك أخبار جابر بن عبد الله وكلها مخرجة في الصحيح، وهذه الأخبار الصحيحة يعارضها5 ما6 أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي بمرو قال: ثنا سعيد بن مسعود قال: حدثنا عبيد الله بن موسى قال: أخبرنا سفيان عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن أبي موسى قال: قدمت على

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 رواه البخاري في صحيحه في كتاب العمرة باب عمرة في رمضان ولفظه: عن عائشة رضي الله عنها قالت: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم موافين لهلال ذي الحجة، فقال لنا:
"من أحب منكم أن يهل بالحج فليهل، ومن أحب أن يهل بعمرة فليهل بعمرة، فلولا أني أهديت لأهللت بعمرة. قالت: فمنا من أهل بعمرة، ومنا من أهل بحج، وكنت ممن أهل بعمرة فأظلني يوم عرفة وأنا حائض..." 3/ 4، ورواه مسلم في صحيحه في كتاب الحج باب بيان وجه الإحرام وأنه يجوز إفرد الحج والتمتع والقران وجواز إدخال الحج على العمرة ومتى يحل القارن من نسكه وذلك بإسناد المصنف نفسه وبألفاظ قريبة جدًّا 2/ 871.
2 خ، ش، صف: "أحمد بن عثمان بن يحيى المقرئ".
3 خ، ش، صف: "أخبرنا".
4 ظ، خ، ش، صف: "قال الحاكم".
5 بالأصل: "تعارضها".
6 زيادة في ظ، خ، ش وصف.

 

ص -188-      رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالبطحاء فقال: "بم أهللت؟" فقلت: بإهلال كإهلال النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "هل سقت من هدي؟" قلت: لا، قال: "فطف بالبيت وبين الصفا والمروة ثم حل"، وذكر الحديث.
أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي قال: ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أبي قال: ثنا محمد بن جعفر قال: ثنا شعبة عن قتادة قال: قال عبد الله بن شقيق1 كان عثمان رضي الله عنه ينهى عن المتعة وكان رضي الله عنه يأمر بها، فقال: عثمان لعلي كلمة ثم قال علي: لقد علمت أنا قد تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: أجل ولكن2 كنا خائفين.
أخبرنا أبو العباس المحبوبي قال: ثنا أحمد بن سيار قال: حدثنا محمد بن كثير قال: ثنا سفيان بن3 غنيم بن قيس عن سعد بن مالك أنه سمع معاوية ينهى عن المتعة في الحج، فقال سعد: لقد تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن معاوية لكافر بالعرش.
حدثنا أبو بكر بن إسحاق الإمام قال: أخبرنا أحمد بن إبراهيم قال: حدثنا ابن بكير قال: حدثني الليث قال: حدثني عقيل عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله أن عبد الله بن عمر قال: "تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج4...الحديث".
قال أبو عبد الله5: وهذه الأخبار كلها مخرجة في الصحيح تصرح بأن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 خ، ش: "عبد الله بن سفيان"، وفي صف: "عبد الله بن أبي سفيان".
2 ظ، خ: "لكنا".
3 ظ، خ، ش، صف: "سفيان عن غنيم بن قيس".
4 رواه البخاري في صحيحه في كتاب الحج باب من ساق البدن معه بإسناد المصنف 2/ 205. ورواه أيضًا مسلم في صحيحه في كتاب الحج باب وجوب الدم على المتمتع، وأنه إذا عدم لزمه صوم ثلاثة أيام في الحج 2/ 901.
5 خ، ش: "قال الحاكم".

 

ص -189-      رسول الله صلى الله عليه وسلم كان متمتعًا، وهذه الأخبار الصحيحة يعارضها1 [ما2] أخبرنا أبو سهل أحمد بن محمد الزيادي قال: ثنا محمد بن الفرج الأزرق قال: حدثنا الحسن بن موسى الأشيب قال: ثنا شعبة عن حميد بن هلال
قال: سمعت مطرفًا قال: قال لي عمران بن حصين: إني أحدثك حديثًا عسى الله أن ينفعك به: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جمع بين حج وعمرة، ثم لم ينه عنه حتى مات ولم ينزل قرآن يحرمه"3.
حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب قال: ثنا إبراهيم بن عبد الله قال: أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا حميد عن بكر عن أنس قال: "سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يلبي بالحج والعمرة جميعًا"4، قال حميد: قال بكر: فحدثت بذلك ابن عمر فقال: لبي بالحج وحده، فلقيت أنسًا فحدثته بقول ابن عمر فقال: أنس ما تعدونا5 إلا صبيانًا، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
"لبيك عمرة وحجًّا"6، وقد روي عن ابن عمر وأسماء بنت أبي بكر مثله. وهذه الأحاديث تصرح بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قارنًا والحجة واحدة والمعارضات صحيحة، وقد شفى الإمام أبو بكر محمد بن إسحاق7 في الكلام على هذه الأخبار واختار التمتع وكذلك أحمد

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 بالأصل: "تعارضها".
2 زيادة في ظ، خ، ش وصف.
3 رواه مسلم في صحيحه في كتاب الحج باب جواز التمتع ولفظه فيه: عن مطرف قال: قال لي عمران بن حصين: أحدثك حديثًا عسى الله أن ينفعك به: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع بين حجة وعمرة، ثم لم ينه عنه حتى مات، ولم ينزل فيه قرآن يحرمه. وقد كان يسلم علي حتى اكتويت. فتركت، ثم تركت الكي فعاد" 2/ 899.
4 رواه البخاري عن أنس بغير هذا اللفظ في كتاب الحج باب نحر البدن قائمة 2/ 210. ورواه الإمام أحمد في المسند 3/ 207. ورواه مسلم في صحيحه في كتاب الحج باب في الإفراد والقرآن بالحج والعمرة 2/ 905.
5 ش، صف: "يعدوننا".
6 رواه مسلم في صحيحه في كتاب الحج باب في الإفراد والقرآن والحج والعمرة 2/ 905.
7 خ، ش: "أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة".

 

ص -190-      وإسحاق واختار1 الشافعي الإفراد واختار أبو حنيفة2 القرآن.
أصل ثان: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال: ثنا الحسن بن علي بن عفان العامري قال: ثنا محمد بن عبيد عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر أن عمر قال: يا رسول الله، أينام أحدنا وهو جنب؟ قال:
"نعم، إذا توضأ"3.
حدثنا أبو عبد الله الشيباني قال: ثنا إبراهيم بن عبد الله قال: أخبرنا وهب بن جرير قال: أنا شعبة عن الحكم عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان جنبًا وأراد أن يأكل أو ينام توضأ"4.
قال أبو عبد الله5: هذه الأخبار في هذا صحيحة وهذه الأخبار يعارضها ما أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن عتاب العبدي قال: ثنا أبو قلابة ومحمد بن سليمان قالا: ثنا أبو عاصم عن سفيان الثوري عن أبي إسحاق عن الأسود بن يزيد عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام وهو جنب ولا يمس ماء"6.
أخبرنا أحمد بن سليمان الفقيه قال: ثنا جعفر بن محمد بن شاكر قال: ثنا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 بالأصل: "اختيار".
2 بالأصل: "اختيار أبي حنيفة".
3 رواه ابن ماجه في سننه في كتاب الطهارة وسننها باب من قال: لا ينام الجنب حتى يتوضأ وضوءه للصلاة 1/ 193. ورواه الترمذي في سننه في أبواب الطهارة باب ما جاء في الوضوء إذا أراد أن ينام وهو عن نافع عن ابن عمر عن عمر 1/ 78.
4 رواه ابن ماجه في سننه في كتاب الطهارة وسننها باب في الجنب يأكل ويشرب وبنفس إسناد المنصف، ولفظه: عن عائشة؛ قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يأكل وهو جنب توضأ" 1/ 194.
5 ظ: "قال الحاكم".
6 رواه أبو داود في سننه في كتاب الطهارة باب في الجنب يؤخر الغسل بنفس الإسناد ولفظه: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام وهو جنب من غير أن يمس ماء" 1/ 58. ورواه أيضًا الترمذي في سننه في أبواب الطهارة باب ما جاء في الجنب ينام قبل أن يغتسل 1/ 78. ورواه الإمام أحمد في مسنده 6/ 146، 171.

 

ص -191-      عفان قال: ثنا أبو عوانة عن أبي إسحاق عن الأسود قال: سألت عائشة عن صلاة رسول الله1 صلى الله عليه وسلم فذكرت كلامًا ثم قالت2: "فإذا قضى صلاته مال إلى فراشه، فإن كانت له حاجة إلى أهله ثم نام كهيئته لم يمس ماء"3.
قال أبو عبد الله4: فهذه الأسانيد صحيحة كلها والخبران يعارض أحدهما الآخر، وأخبار المدنيين والكوفيين متفقة على الوضوء وأخبار أبي إسحاق السبيعي معارضة لها.
أصل ثالث: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا بحر بن نصر قال: قرئ على ابن وهب أخبرك مالك بن أنس والليث بن سعد ويونس بن يزيد وابن سمعان أن ابن شهاب أخبرهم قال: أخبرني أنس بن مالك: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ركب فرسًا فصرع عنه فجحش شقه الأيمن فصلى صلاة من الصلوات وهو قاعد وصلينا وراءه قعودًا، فلما انصرف قال:
"إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا صلى قائمًا فصلوا قيامًا وإذا ركع فاركعوا وإذا رفع فارفعوا وإذا قال: "سمع الله لمن حمده" فقولوا: "ربنا ولك الحمد" وإذا صلى جالسًا فصلوا جلوسًا أجمعين؟"5.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ظ، خ، ش، صف: "النبي".
2 ظ، خ، ش: "فذكر كلامًا ثم قال".
3 رواه الإمام أحمد في مسنده ولفظه: "عن أبي إسحاق عن الأسود قال: قلت لعائشة أخبريني عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام أوله ويقوم آخره.
فإذ قام توضأ وصلى ما قضى الله عز وجل له، فإن كان به حاجة إلى اهله أتى أهله، وإلا مال إلى فراشه، فإن كان أتى أهله نام كهيئته لم يمس ماء، حتى إذا كان عند أول الأذان وثب -والله ما قالت قام- وإن كان أفاض عليه الماء -والله ما قالت اغتسل- ولا توضأ وضوءه للصلاة، ثم صلى ركعتين ثم خرج إلى المسجد" 6/ 214.
4 ظ، خ، ش، صف: "قال الحاكم".
5 رواه البخاري في صحيحه في كتاب الصلاة باب الصلاة في السطوح والمنبر والخشب وهو عن أنس وبغير لفظ المصنف 1/ 105-106. ورواه مسلم في صحيحه في كتاب الصلاة باب ائتمام المأموم بالإمام 1/ 308. والحديث رواه أيضًا أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والدارمي ومالك في الموطأ وأحمد بن حنبل في المسند.

 

ص -192-      قال أبو عبد الله1: هذا حديث مخرج في الصحيحين وله شواهد في الصحابة ويعارضه هذا2:
حدثنا3 أبو بكر بن إسحاق قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن النضر قال: حدثنا معاوية بن عمرو قال: ثنا زائدة ح وحدثنا محمد بن صالح قال: ثنا محمد بن عمرو الحرشي قال: ثنا أحمد بن يونس قال: ثنا زائدة قال: ثنا موسى بن أبي عائشة عن عبيد الله بن عبد الله قال: دخلت على عائشة رضي الله عنها فقلت: ألا تحدثيني عن مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: بلى، ثقل النبي صلى الله عليه وسلم فقال:
"أصلى الناس؟" قلت: لا، فذكر الحديث في صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم خلف أبي بكر رضي الله عنه وخروج النبي صلى الله عليه وسلم وجلوسه إلى جنب أبي بكر، قالت: فجعل أبو بكر يصلي وهو قائم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قاعد، وذكر الحديث".
قال أبو عبد الله 4: قد روى صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه وأمره أبا بكر5 الصديق رضي الله عنه أن يصلي بالناس جماعة غير عائشة: منهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه والعباس بن عبد المطلب وزيد بن أرقم وعبد الله بن عباس وأبو موسى الأشعري وعبد الله بن زمعة وسالم بن عبيد وأنس بن مالك وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمر وغيرهم من الصحابة وأكثرها مخرجة في الصحيح وهو آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أصل رابع: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال: أخبرنا الربيع بن سليمان قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مالك عن نافع عن نبيه بن وهب أن عمر بن عبيد الله أراد أن يزوج طلحة بن عمر بنت شيبة بن جبير، فأرسل إلى

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ظ: "قال الحاكم".
2 خ، ش، صف: "ما".
3 خ، ش، صف: "أخبرنا".
4 ظ: "قال الحاكم".
5 كذا في ظ، خ، ش: "أمره أبا بكر" وبالأصل: "امرة أبي بكر".

 

ص -193-      أبان بن عثمان ليحضر ذلك وهو أمير الحاج، فقال أبان: سمعت عثمان بن عفان رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب".
قال أبو عبد الله1: في النهي عن نكاح المحرم باب مخرج أكثرها في الصحيح2 وتعارضها هذه الأخبار.
حدثني3 علي بن حمشاذ العدل قال: حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي قال: حدثنا علي بن المديني قال: ثنا سفيان قال: ثنا عمرو بن دينار عن جابر بن زيد عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم نكح ميمونة وهو ومحرم4.
قال أبو عبد الله: هكذا روي عن سعيد بن جبير وعطاء بن أبي رباح وطاوس ابن كيسان وعكرمة مولى ابن عباس ومجاهد بن جبر وعبد الله بن أبي مليكة وغيرهم عن عبد الله بن عباس، وكان سعيد بن المسيب ينكر هذا الحديث وقد كان يزيد بن الأصم يروي عن أبي رافع أنه كان يقول: كنت والله الرسول بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وميمونة وما تزوجها إلا حلالًا5. وقد خرجت علته في كتاب الإكليل في عمرة القضاء بتفصيله وشرحه حتى لقد شفيت.
أصل خامس: أخبرنا إسماعيل بن محمد بن الفضل الشعراني قال: حدثنا جدي قال: ثنا عبد الله بن صالح قال: أخبرنا ابن لهيعة عن محمد بن المنكدر عن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ظ، خ، ش، صف: "قال الحاكم".
2 رواه مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه والدارمي ومالك وأحمد.
3 خ، ش: "حدثنا".
4 رواه ابن ماجه في سننه في كتاب النكاح باب المحرم يتزوج 1/ 632. ورواه الإمام أحمد في مسنده 1/ 221، 228، 252.
5 رواه ابن ماجه في سننه في كتاب النكاح باب المحرم يتزوج وهو عن يزيد بن الأصم حدثتني ميمونة بنت الحارث "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجها وهو حلال" قال: وكانت خالتي وخالة ابن عباس 1/ 632.

 

ص -194-      جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الحج والعمرة فريضتان واجبتان"، يعارضه حديث الحجاج بن أرطاة:
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال: حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال: ثنا فهد بن حيان قال: ثنا عبد الواحد بن زياد قال: ثنا الحجاج بن أرطاة عن محمد بن المنكدر عن جابر أن رجلًا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العمرة أواجبة هي؟ فقال:
"لا، وأن تعتمر خير لك".
أصل سادس: حدثنا أبو بكر بن إسحاق وعلي بن حمشاذ وجعفر بن محمد الخلدي وعمرو بن محمد العدل وأبو بكر بن بالويه والحسن بن محمد الأزهري قال: الإمام أخبرنا وقالوا حدثنا عبد الله بن أيوب بن زاذان الضرير قال: ثنا محمد بن سليمان الذهلي قال: ثنا عبد الوارث بن سعيد قال: قدمت مكة فوجدت بها أبا حنيفة وابن أبي ليلى وابن شبرمة، فسألت أبا حنيفة فقلت: ما تقول في رجل باع بيعًا وشرط شرطًا؟ قال: البيع باطل والشرط باطل، ثم أتيت ابن أبي ليلى فسألته فقال: البيع جائز والشرط باطل، ثم أتيت ابن شبرمة فسألته فقال: البيع جائز والشرط جائز، فقلت: يا سبحان الله! ثلاثة من فقهاء العراق اختلفتم علي في مسئلة واحدة! فأتيت أبا حنيفة فأخبرته فقال: ما أدري ما قالا، حدثني عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع وشرط، البيع باطل والشرط باطل، ثم أتيت ابن أبي ليلى فأخبرته فقال: ما أدري ما قالا، حدثني هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أشتري بريرة فأعتقها، البيع جائز والشرط باطل، ثم أتيت ابن شبرمة فأخبرته فقال: ما أدري ما قالا، حدثني مسعر بن كدام عن محارب بن دثار عن جابر قال: بعت من النبي صلى الله عليه وسلم ناقة وشرط لي حملانها إلى المدينة، والبيع جائز والشرط جائز.
قال أبو عبد الله1: قد جعلت هذه الأحاديث التي ذكرتها مثالًا لحديث كثير يطول شرحها في هذا الكتاب.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ظ، ش: "قال الحاكم".

 

ص -195-      ذكر النوع الثلاثين من معرفة علوم الحديث: "أخبار لا معارض لها"
هذا1 النوع من هذا العلم معرفة الأخبار التي لا معارض لها بوجه من الوجوه.
ومثال ذلك ما حدثنا أبو عبد الله محمد بن علي الصنعاني بمكة قال: ثنا إسحاق بن إبراهيم بن عباد قال: أنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن الزهري قال: أخبرني القاسم بن محمد أن عائشة أخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها وهي مستترة بقرام فيها صورة تماثيل فتلون وجهه ثم أهوى القرام فهتكه بيده ثم قال:
"إن أشد الناس عذابًا يوم القيامة الذي يشبهون بخلق الله عز وجل"2 3.
قال أبو عبد الله4: هذه سنة صحيحة لا معارض لها.
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال: ثنا إبراهيم بن مرزوق قال: ثنا وهب بن جرير قال: ثنا شعبة عن سماك بن حرب عن مصعب بن سعد عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"لا يقبل الله صلاة بغير طهور ولا صدقة من غلول"5.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 في خ، ش مصدر بالعبارة: "قال الحاكم".
2 زيادة في خ، ش وصف.
3 رواه مسلم في صحيحه في كتاب اللباس باب تحريم تصوير صورة الحيوان وتحريم اتخاذ ما فيه صورة غير ممتهنة بالفرش ونحوه وأن الملائكة عليهم السلام لا يدخلون بيتًا فيه صورة ولا كلب ولفظه: عن عائشة قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا متسترة بقرام فيه صورة، فتلون وجهه، ثم تناول الستر فهتكه. ثم قال:
"إن من أشد الناس عذابًا يوم القيامة، الذين يشبهون بخلق الله" 3/ 1667. ووراه النسائي في كتاب الزينة في باب ذكر أشد الناس عذابًا 8/ 214. ورواه الإمام أحمد في مسنده 6/ 36، 85، 86، 199.
4 خ، ش: "قال الحاكم".
5 رواه مسلم في صحيحه في كتاب الطهارة باب وجوب الطهارة للصلاة بنصه وإسناده 1/ 204. ورواه أبو داود في سننه في كتاب الطهارة باب فرض الوضوء 1/ 16. ورواه الترمذي في سننه في أبواب الطهارة باب ما جاء لا تقبل صلاة بغير طهور 1/ 3. ورواه النسائي في سننه في كتاب الطهارة باب فرض الوضوء 1/ 87-88. ورواه ابن ماجه في سننه في كتاب الطهارة باب لا يقبل الله صلاة بغير طهور 1/ 100. ورواه الإمام أحمد في مسنده 2/ 20، 39، 51 و5/ 74، 75.

 

ص -196-      قال أبو عبد الله1: هذه سنة صحيحة لا معارض لها.
أخبرنا أحمد بن سليمان الموصلي قال: ثنا علي بن حرب قال: ثنا سفيان عن الزهري عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"إذا وضع العَشاء وأقيمت الصلاة فابدؤوا بالعَشاء"2.
قال أبو عبد الله3: هذه سنة صحيحة لا معارض لها.
أخبرنا حمزة بن العباس العقبي "ببغداد3" حدثنا محمد بن عيسى المدائني قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: جاءت امرأة رفاعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: "إن رفاعة قد طلقني فأبت طلاقي4 فتزوجت عبد الرحمن بن الزبير وإنما معه مثل هدبة الثوب فقال:
"أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ لا، حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك"5، وأبو بكر عند النبي صلى الله عليه وسلم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 زياد في خ، ش وصف.
2 رواه البخاري في صحيحه في كتاب الأذان باب إذا حضر الطعام وأقيمت الصلاة وهو عن عائشة 1/ 177. ورواه مسلم في صحيحه في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب كراهة الصلاة بحضرة الطعام الذي يريد أكله في الحال وكراهة الصلاة مع مدافعة الأخبثين وهو عن أنس 1/ 392. ورواه أيضًا أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والدارمي وأحمد في المسند.
3 خ، ش: "قال الحاكم".
4 في ش وصف: "فأتممت عدتي" موضع: "فأبت طلاقي".
5 رواه البخاري في صحيحه في كتاب الطلاق باب من قال لامرأته: أنت علي حرام وهو بغير ألفاظ المصنف عن عائشة رضي الله عنها 7/ 56. ورواه مسلم في صحيحه في كتاب النكاح في باب لا تحل المطلقة ثلاثاً لمطلقها حتى تنكح زوجاً غيره ويطأها ثم يفارقها وتنقضي عدتها بنفس إسناد المصنف وبنفس كلمات المصنف 2/ 1055 1056. ورواه أيضاً الترمذي والنسائي وابن ماجه والدارمي وأحمد في المسند 6/ 34، 37، 193، 226، 229.

 

ص -197-      وخالد بن سعيد ينتظر أن يؤذن فقال: يا أبا بكر، ألا تسمع ما تجهر به عند رسول الله صلى الله عليه وسلم؟.
قال أبو عبد الله1: هذه سنة صحيحة لا معارض لها.
حدثنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي بمرو قال: ثنا الفضل عبد الجبار قال: ثنا النضر بن شميل قال: أخبرنا ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"لا شغار في الإسلام"2.
قال أبو عبد الله1: هذه سنة صحيحة لا معارض لها3. وقد صنف عثمان بن سعيد الدارمي فيه كتابًا كبيرًا.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 خ، ش: "قال الحاكم".
2 رواه مسلم في صحيحه في كتاب النكاح باب تحريم نكاح الشغار وهو عن نافع عن ابن عمر بلفظ المصنف 2/ 1035. ورواه النسائي في سننه في كتاب النكاح باب الشغار 6/ 111. ورواه ابن ماجه في سننه في كتاب النكاح باب النهي عن الشغار وقال في الزوائد: إسناده صحيح ورجاله ثقات وله شواهد صحيحة 1/ 606.
3 في خ: "قال الحاكم وقد جعلت هذه الأحاديث مثالًا لسنن كثيرة لا معارض لها".

ذكر النوع الحادي والثلاثين من معرفة علوم الحديث: "زيادة ألفاظ فقهية"
هذا1 النوع من هذه العلوم معرفة زيادات ألفاظ فقهية في أحاديث ينفرد2 بالزيادة راوٍ واحد، وهذا مما يعز وجوده ويقل في أهل الصنعة من يحفظه، وقد كان أبو بكر عبد الله بن محمد بن زياد النيسابوري الفقيه ببغداد يذكر ذلك3 وأبو نعيم عبد الملك بن محمد بن عدي الجرجاني بخراسان وبعدهما شيخنا أبو الوليد رضي الله عنهم أجمعين.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 في خ، ش مصدر بالعبارة: "قال الحاكم".
2 ظ، خ: "يتفرد بها بالزيادة".
3 ش "بذلك".

 

ص -198-      ومثال هذا النوع ما حدثناه1 أبو عمرو عثمان بن أحمد بن السماك قال: حدثنا الحسن بن مكرم قال: ثنا عثمان بن عمر قال: ثنا مالك بن مغول عن الوليد بن العيزار عن أبي عمرو الشيباني عن عبد الله بن مسعود قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي العمل أفضل؟ قال: "الصلاة في أول وقتها"، قلت: ثم أي؟ قال: "الجهاد في سبيل الله"، قلت: ثم أي؟ قال: "بر الوالدين"2.
قال أبو عبد الله3: هذا حديث صحيح محفوظ رواه جماعة من أئمة المسلمين عن مالك بن مغول وكذلك عن عثمان بن عمر، فلم يذكر أول الوقت فيه غير بندار بن بشار والحسن بن مكرم وهما ثقتان [فقيهان4].
ومنه ما أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن الحسن الطوسي بنيسابور وأبو محمد عبد الله بن محمد الخزاعي بمكة قالا: حدثنا أبو يحيى بن أبي مسرة قال: ثنا يحيى بن محمد الجاري قال: ثنا زكرياء بن إبراهيم بن عبد الله5 بن مطيع عن أبيه عن جده عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"من شرب في إناء ذهب أو فضة6 أو في إناء فيه شيء من ذلك فإنما يجرجر في بطنة نار جنهم"7.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 خ، ش: "أخبرنا".
2 رواه البخاري في صحيحه في كتاب مواقيت الصلاة باب فضل الصلاة لوقتها ولفظه فيها: سمعت أبا عمرو الشيباني يقول حدثني صاحب هذه الدار وأشار إلى دار عبد الله قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم: أي العمل أحب إلى الله؟ قال:
"الصلاة على وقتها" قال: ثم أي؟ قال: "ثم بر الوالدين" قال: ثم أي؟ قال: "الجهاد في سبيل الله" قال: حدثني بهن ولو استزدته لزادني 1/ 140 ورواه أيضًا بهذا اللفظ مسلم في صحيحه في كتاب الإيمان باب بيان كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال 1/ 89. ورواه أيضًا أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وأحمد في المسند.
3 ظ، ش، خ: "قال الحاكم".
4 الزيادة من خ و ش.
5 خ، ش: "زكرياء بن عبد الله".
6 خ، ش: "إناء فضة أو ذهب".
7 أخرجه البخاري 10-291 "اللباس: باب افتراش الحرير، وخص الأكل والشراب بالذكر وجميع استعمال الذهب والفضة حرام.

 

ص -199-      قال أبو عبد الله1: هذا حديث روي عن أم سلمة وهو مخرج في الصحيح2 وكذلك روي من غير وجه عن ابن عمر واللفظة "أو إناء فيه شيء من ذلك"، لم نكتبها إلا بهذا الإسناد.
ومنه ما حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال: ثنا محمد بن الجهم السمري قال: حدثنا نصر بن حماد قال: أخبرنا أبو معشر عن نافع عن ابن عمر قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرج صدقة الفطر عن كل صغير وكبير حر أو عبد صاعًا من تمر أو صاعًا من زبيب أو صاعًا من شعير أو صاعًا من قمح وكان يأمرنا أن نخرجها قبل الصلاة. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسمها قبل أن ننصرف3 من المصلى ويقول4:
"أغنوهم عن طواف هذا اليوم".
قال أبو عبد الله5: هذا حديث رواه جماعة من أئمة الحديث عن نافع فلم يذكروا صاع القمح فيه إلا حديث عن سعيد بن عبد الرحمن الجمحي يتفرد به عن عبيد الله بن عمر عن نافع.
ومنه ما حدثنا أبو بكر بن إسحاق الإمام قال: أخبرنا أبو مسلم قال: حدثنا عبد الله بن رجاء قال: ثنا همام عن محمد بن جابر عن قيس بن طلق عن أبيه أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم أو سأله رجل فقال: بينا أنا في الصلاة ذهبت أحك فخذي فأصابت يدي ذكري، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم6:
"هل هو إلا بضعة منك"7.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 خ، ش: "قال الحاكم".
2 خ، ش، صف: "الصحيحين".
3 ش، صف: "ينصرف".
4 ش: "وكان يقول".
5 ظ، خ، ش: "قال الحاكم".
6 زيادة في خ، ش.
7 رواه أبو داود في سننه في كتاب الطهارة باب الرخصة في مس الذكر ولفظه: عن قيس بن طلق عن أبيه، قال: قدمنا على نبي الله صلى الله عليه وسلم فجاء رجل كأنه بدوي فقال: يا نبي الله، ما ترى في مس الرجل ذكره بعد ما يتوضأ؟ قال:
"هل هو إلا مضغة منه" أو قال: "بضعة منه" 1/ 46-47 ورواه الترمذي في سننه في أبواب الطهارة باب ما جاء في ترك الوضوء من مسك الذكر 1/ 56-57. ورواه النسائي في سننه في كتاب الطهارة باب ترك الوضوء من مس الذكر 1/ 101.

 

ص -200-      قال أبو عبد الله1: هذا حديث رواه جماعة من التابعين وغيرهم عن محمد بن جابر فلم يذكر الزيادة2 في حك الفخذ غير عبد الله بن رجاء عن همام [بن يحيى3] وهما ثقتان.
ومنه ما حدثني أبو الحسن أحمد بن الخضر الشافعي قال: حدثنا جعفر بن أحمد بن نصر الحافظ قال: ثنا أحمد بن نصر المقرئ، قال: ثنا آدم بن أبي إياس العسقلاني قال: ثنا عبد الله بن زياد بن سمعان عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"كل صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج غير تمام"، قال: فقال له رجل: يا أبا هريرة، إني أكون أحيانًا وراء الإمام، قال: اقرأ بها في نفسك يا فارسي، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "قال الله تبارك وتعالى4 قسمت هذه السورة بيني وبين عبدي فنصفها لي ونصفها لعبدي ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبد: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} قال الله: ذكرني عبدي، وإذا قال: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِين} قال الله: تبارك وتعالى5 حمدني عبدي"، وذكر باقي الحديث6.
قال أبو عبد الله7: هذا حديث مخرج في الصحيح من حديث العلاء بن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 خ، ش: "وقال" و ظ: "قال الحاكم" موضع: "قال أبو عبد الله".
2 خ، ش: "هذه الزيادة".
3 زيادة في خ، ش.
4 ظ، خ: "قال الله عز وجل".
5 الحديث أخرجه مالك بن أنس في الموطأ برقم "189".
قال الله تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فنصفها لي ونصفها لعبدي، ولعبدي ما سأل.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: $"كل صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج غير تمامًا".
خداج: أي ناقصة.
نصفها لي ونصفها لعبدي أي نصفها حمد وتسبيح ونصفها طلب ورجاء.
6 ظ: "قال الله "، خ: "قال الله تعالى".
7 ظ، خ، ش: "قال الحاكم".

 

 

ص -201-      عبد الرحمن ولا أعلم أحدًا ذكر فيه قراءة {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم} غير آدم بن أبي إياس عن ابن سمعان.
ومنه ما حدثناه أبو بكر بن إسحاق الفقيه قال: أخبرنا الحسن بن علي بن زياد قال: ثنا إبراهيم بن موسى الفراء قال: ثنا بقية عن الوضين بن عطاء عن محفوظ بن علقمة عن عبد الرحمن بن عائذ عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"إن الستَهَ وكاء العين فمن نام فليتوضأ".
قال أبو عبد الله1: هذا حديث مروي من غير وجه لم يذكر فيه "فمن نام فليتوضأ" غير إبراهيم بن موسى الرازي وهو ثقة مأمون. سمعت أبا الحسين2 محمد بن أحمد بن تميم الحنظلي يقول: سمعت أبا إسماعيل محمد بن إسماعيل السلمي يقول: قلت لأحمد بن حنبل: كتبت عن إبراهيم بن موسى الصغير؟ قال: لا تقل الصغير وهو كبير هو كبير!
ومنه ما حدثنا أبو حامد أحمد بن محمد الخطيب بمرو قال: ثنا إبراهيم بن العلاء3 قال: حدثنا نصر بن حاجب قال: ثنا مسلم بن خالد عن عمرو بن دينار عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة، قيل: يارسول الله، ولا ركعتي الفجر؟ قال: "لوا ركعتي الفجر"4.
قال أبو عبد الله 5: هذا حديث مخرج في الصحيح من حديث عمرو بن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ش: "قال" وظ: "وقال الحاكم".
2 ش، صف: "أبا يحيى".
3 ظ، خ، ش، صف: "إبراهيم بن هلال".
4 المكتوبة: أي الحاضرة من الصلوات الخمس، والحكمة في ذلك أن يتفرغ للفريضة من أولها حتى لا يقع اختلاف على الأئمة.
أخرجه مسلم في صحيحه برقم: 1-493 "صلاة المسافرين وقصرها. باب كراهة الشروع في نافلة بعد شروع المؤذن".
5 ش: "قال" و ظ "قال الحاكم" موضع: "قال أبو عبد الله".

 

ص -202-      دينار بإسناده إلا الزيادة فيه فإنه يتفرد بها نصر بن حاجب عن مسلم بن خالد.
منه ما سمعت أبا بكر بن إسحاق الإمام يقول: حدثني أبو علي الحافظ، فسألت أبا علي فحدثني قال: ثنا إسحاق بن أحمد بن إسحاق الرقي قال: حدثنا أبو يوسف محمد بن أحمد بن الحجاج الرقي قال: حدثنا عيسى بن يونس قال: ثنا بن جريج عن سليمان بن موسى عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"أيما أمراة نكحت بغير إذن وليها وشاهدي عدل فنكاحها باطل، فإن دخل بها فلها المهر وإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له"1.
قال أبو عبد الله2: هذا حديث محفوظ من حديث ابن جريج عن سليمان بن موسى الأشدق، فأما ذكر الشاهدين فيه فإنا لم نكتبه إلا عن3 أبي علي بهذا الإسناد.
ومنه ما أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي بمرو قال: حدثنا محمد بن عيسى الطرسوسي قال: حدثنا سليمان بن حرب قال: ثنا حماد بن زيد عن سماك بن عطية عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس قال: أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة4 إلا الإقامة: "قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة" فإنه قالها مرتين.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 رواه الترمذي في سننه في أبواب النكاح باب ما جاء لا نكاح إلا بولي ولفظه: عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل. فنكاحها باطل. فنكاحها باطل. فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها. فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له" 2/ 281 ورواه ابن ماجه في سننه في كتاب النكاح باب لا نكاح إلا بولي 1/ 605.
2 ظ، خ، ش: "قال الحاكم".
3 كذا في خ ش "عن" وبالأصل: "على" وهو خطأ.
4 رواه البخاري في صحيحه في كتاب الأذان باب الأذان مثنى مثنى وفيه عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس قال: أمر بلال يشفع الأذان وأن يوتر الإقامة إلا الإقامة 1/ 157. ورواه أيضًا مسلم في صحيحه في كتاب الصلاة باب الأمر بشفع الأذان وإيثار الإقامة 1/ 286. والحديث رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والدارمي وأحمد بن حنبل في مسنده.

 

ص -203-      قال أبو عبد الله1: هذا حديث رواه الناس عن أيوب فلم يذكر الزيادة من تثنية قد قامت الصلاة غير سماك بن عطية البصري وهو ثقة.
ومنه ما أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد الداربري بمرو قال: ثنا أحمد بن محمد بن عيسى القاضي قال: حدثنا القعنبي عن مالك عن حميد عن أنس قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمر حتى تزهي2: قيل وما تزهي؟ قال:
"يحمر أو يصفر أرأيت أن منع الله الثمرة؟ فبم يستحل أحدكم مال أخيه"3؟"
قال أبو عبد الله4: هذه الزيادة في هذا الحديث:
"أرأيت أن منع الله الثمرة" عجيبة"5 فإن مالك بن أنس ينفرد بها ولم يذكرها غيره علمي في هذا الخبر، وقد قال بعض أئمتنا: أنها من قول أنس فسمعت الشيخ أبا بكر إسحاق يقول: رأيت مالك بن أنس في المنام شيخ أسمر طوال، فقلت: أحدثكم حميد الطويل عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أرأيت أن منع الله الثمرة؟ فبم يستحل أحدكم مال أخيه؟" قال: "نعم".

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ظ، خ، ش: "قال الحاكم".
2 خ، ش: "الثمرة حتى تزهو".
3 رواه النسائي في سننه في كتاب البيوع باب شراء الثمار قبل أن يبدو صلاحها على أن يقطعها ولا يتركها إلى أوان إدراكها ولفظه:... أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمار حتى تزهي. قيل يا رسول، وما تزهي؟ قال:
"حتى تحمر" وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أرأيت إن منع الله الثمرة فبم يأخذ أحدكم مال أخيه؟" 7/ 264. ورواه مسلم في صحيحه بغير هذا اللفظ في كتاب المساقاة باب وضع الجوائح 3/ 1190.
4 ظ، خ، ش، صف: "قال الحاكم".
5 بالأصل: "قال" محرفًا عن: "فان".