معرفة علوم الحديث ط احياء العلوم

ص -204-      ذكر النوع الثاني والثلاثين من معرفة علوم الحديث: "مذاهب المحدثين"
هذا1 النوع من هذا العلم معرفة مذاهب المحدثين. قال مالك بن أنس رحمه الله: ولا يؤخذ العلم من صاحب هوى يدعو الناس إلى هواه، وقال يحيى بن معين: كان محمد بن مناذر [الشاعر2] زنديقًا يخرج إلى البطحاء فيصطاد العقارب ثم يرسلها على المسلمين في المسجد الحرام، وقال: وكان إبراهيم بن أبي يحيى جهميًّا قدريًّا.
أخبرنا أبو جعفر محمد بن محمد بن عبد الله البغدادي قال: حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح السهمي قال: ثنا نعيم قال: حدثني حاتم الفاخر وكان ثقة قال: سمعت سفيان الثوري يقول: إني لأروي الحديث على ثلاثة أوجه: أسمع الحديث من أجل أتخذه دينًا، وأسمع الحديث من الرجل أتوقف في حديثه، وأسمع الحديث من الرجل لا أعتد بحديثه وأحب معرفة مذهبه.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن الفضل الوراق بمكة قال: ثنا محمد بن العقيلي قال: ثنا عمر بن محمد الأسدي قال: ثنا أبي قال: حدثنا محمد بن صدقة الحنفي قال: شهدت منصور بن المعتمر وحدث أبان بن تغلب بحديث عن محمد
بن علي فيه قرص لعثمان، فقال له "كذبت كذبت" وصاح به.
قال أبو عبد الله3: أبان بن تغلب ثقة مخرج حديثه في الصحيحين4 وكان قاص الشيعة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 في خ، ش، صف مصدر بالعبارة: "قال الحاكم".
2 زيادة في خ، ش، صف.
3 ظ، خ، ش: "قال الحاكم".
4 ذكر ابن حجر العسقلاني أنه من رواة مسلم وأبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه "ص 18".

 

ص -205-      حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال: ثنا محمد بن علي الوراق قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: إبراهيم بن طهمان صدوق من أهل خراسان وكان يتكلم في الإرجاء.
قال أبو عبد الله1: إبراهيم بن طهمان ثقة مخرج حديثه في الصحيح إلا أن مالك بن أنس فمن بعده [من الأئمة2] أنكروا عليه الإرجاء.
حدثنا محمد بن صالح بن هانئ قال: ثنا محمد بن إسماعيل بن مهران قال: ثنا محمد بن موسى الواسطي قال: ثنا المثنى بن معاذ قال: ثنا أبي قال: كتبت إلى شعبة وهو بغداد أسأله عن أبي شيبة القاضي، قال: فكتب إلي: لا ترو عنه فإنه رجل مذموم في مذهبه وإذا قرأت كتابي فمزقه.
حدثنا علي بن حمشاذ العدل قال: ثنا محمد بن أحمد بن النضر الأزدي قال: ثنا أبو بكر بن عفان قال: خرج ابن عيينة علينا من3 منزله وكان منزله بقعيقعان4 فقال: ألا فاحذروا ابن أبي رواد المرجئ لا تجالسوه، [واحذروا إبراهيم بن أبي يحيى القدري لا تجالسوه]5.
أخبرني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه قال: ثنا معاذ بن المثنى العنبري قال: سألت علي بن المديني عن أبي إسرائيل الملائي فقال: لم يكن في حديثه بذاك وكان يذكر عثمان، يعني بالسوء.
أخبرني جعفر بن محمد بن نصير الخلدي قال: ثنا جعفر بن محمد السوسي بمكة قال: حدثنا إبراهيم بن يعقوب قال: سمعت علي بن الحسين بن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 خ، ش: "قال" وظ: "قال الحاكم".
2 الزيادة عن ظ، خ، ش وصف.
3 خ، ش "في".
4 قعيقعان: بالضم ثم الفتح بلفظ التصغير، وهو اسم جبل بمكة. قيل: إنما سمي بذلك؛ لأن قطوراء وجرهم لما تحاربوا قعقعت الأسلحة فيه "انظر معجم البلدان 4/ 379".
5 سقط من خ، ش وصف.

 

ص -206-      واقد يحدث عن أبيه قال: قدمت الكوفة فأتيت السدي فسألته عن تفسير سبعين آية من كتاب الله عز وجل فحدثني، فلم أرم1 مجلسي حتى سمعته يسب أبا بكر وعمر رضي الله عنهما فلم أعد إليه.
أخبرني علي بن الفضل الخزاعي قال: ثنا عبد الله بن الحسن قال: ثنا علي بن المديني قال: أخبرني من سمع يزيد بن هارون يقول: سمعت أبا حمزة الثمالي2 يؤمن بالرجعة.
أخبرني أبو علي الحافظ قال: أخبرنا علي بن مسلم3 الأصبهاني قال: حدثنا عقيل بن يحيى الأصبهاني قال: سمعت أبا داؤد يقول: كان جرير بن حازم إذا قدم قال شعبة: قد جاءكم هذا الحشوي4.
حدثنا علي بن حمشاذ العدل قال: ثنا محمد بن أحمد بن النضر قال: وجدت في كتاب جدي معاوية بن عمرو عن أخيه الكرماني بن عمرو قال: ثنا منصور بن دينار عن معاوية بن إسحاق بن طلحة عن عمران بن طلحة بن عبيد الله قال: أتيت عليا فلما رآني رحب بي وأدناني وأجلسني معه على مجلسه ثم قال: والله إني لأرجو أن أكون أنا وأبوك ممن قال الله عز وجل:
{وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ}5 فقال الحارث الأعور: الله أجل من ذلك وأعدل. قال: فقال علي: فمن هم إذن، لا أم لك؟ قال: منصور وذكر محمد بن عبد الله إن عليًّا تناول دواة فحذف بها الأعور ويريد بها وجهه فأخطأه.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 هكذا في الأصل.
2 هو ثابت بن أبي صفية الثمالي أبو حمزة، واسم أبيه دينار وقيل سعيد كوفي ضعيف رافضي، مات في خلافة أبي جعفر، وهو من رواة الترمذي، والنسائي في مسند علي "انظر تقريب التهذيب ص50".
2 كذا في خ، ش، صف: "مسلم" وفي الأصل: "سلم".
4 نسبة إلى الحشو أو الحشا، وهم طائفة تمسكوا بالظواهر، وذهبوا إلى التجسيم وغيره.
5 سورة الحجر، الآية 47.

 

ص -207-      أخبرنا الحسين بن محمد الصنعاني قال: ثنا عبد الله بن محمود بن عبد الرحمن المروزي قال: ثنا أحمد بن عبد الله الفرياناني قال: ثنا سفيان بن عبد الملك قال: سمعت ابن المبارك1 يقول: أما الحسن بن دينار فكان يرى رأي القدر وكان يحمل كتبه إلى بيوت الناس ويخرجها من يده ثم يحدث منها وكان لا يحفظ.
أخبرنا دعلج بن أحمد السجزي قال: ثنا أحمد بن علي الأبار قال: حدثنا محمود بن غيلان قال: قلت ليزيد بن هارون: ما تقول في الحسن بن زياد اللؤلؤي؟ فقال: أوَمسلم هو!.
أخبرني محمد بن يزيد قال: حدثنا إبراهيم بن أبي طالب قال: ثنا الحسن بن علي الحلواني قال: قلت ليزيد بن هارون: هل سمعت في حريز بن عثمان شيئًا تنكره عليه من هذا الباب2؟ فقال: إني سألته أن لا يذكر [شيئًا من هذا3] مخافة أن أسمع منه شيئًا يضيق علي الرواية عنه، فأشد شيء سمعته يقول: "لنا أميرنا ولكم أميركم" يعني لنا معاوية ولكم علي، قلت ليزيد: فأقر بهذا على نفسه؟ قال: نعم.
أخبرني أبو حامد أحمد بن الحسين الخسروجردي بها قال: حدثنا عبد الله بن الحارث قال: ثنا حوثرة بن أشرش قال: رأيت يزيد بن هارون في المنام فقلت له: ما فعل الله بك؟ يا أبا خالد؟ فقال: أتاني منكر ونكير فقالا: من ربك وما دينك ومن نبيك؟ فقلت: أتسألني عن ربي ونبيي وديني وأنا يزيد بن هارون وكنت أحدث الناس عن نبيهم سبعين سنة فقالا: صدقت نم نومة العروس، فما وجدنا عليك بأسًا إلا أنك حدثت عن حريز بن عثمان4 وكان يبغض عليًّا أبغضه الله!

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ش، صف: "عبد الله بن المبارك".
2 ش: "الكتاب".
3 الزيادة عن ظ، خ، ش وصف.
4 حريز، بفتح أوله وكسر الراء وآخره زاي، ابن عثمان الرحبي الحمصي، ثقة ثبت من رواة البخاري وأصحاب السنن الأربعة، رمي بالنصب، مات سنة ثلاث وستين ومائة، وله ثلاث وثمانون سنة. "انظر تقريب التهذيب ص 67".

 

ص -208-      أخبرنا خلف بن محمد البخاري قال: حدثنا محمد بن حريث البخاري قال: حدثنا عمرو بن علي قال: سمعت معاذ بن معاذ يقول صليت خلف الربيع بن بدر أنا وعمر1 بن الهيثم الرقاشي، فأخبرني أنه أدركته الصلاة معه مرة أخرى، قال: فصليت فلما سلم قعدت أدعو، فقال: لعلك ممن يقول: اللهم أعصمني، فقال معاذ: فأعدت تلك الصلاة بعد عشرين سنة.
أخبرنا مخلد بن جعفر الباقرحي قال: حدثنا الهيثم بن خلف الدوري قال: حدثنا محمود بن غيلان قال: حدثنا أبو نعيم قال: ذكر الحسن بن صالح عند الثوري فقال: ذلك رجل كان يرى السيف على أمة محمد صلى الله عليه وسلم. قال: أبو عبد الله2: الحسن بن صالح ثقة مأمون3 مخرج حديثه في الصحيح وإنما عنى الثوري رحمه الله أنه كان زيدي المذهب.
أخبرنا بكر بن محمد الصيرفي بمرو قال: حدثنا أبو يحيى جعفر بن محمد الزعفراني الرازي ببغداد قال: حدثنا عبد الرحمن بن عمر الزهري قال: سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: أخبرني4 عبد الواحد بن زياد قال: قلت لزفر بن الهذيل: عطلتم حدود الله كلها، فقلنا ما حجتكم قلتم ادرؤا الحدود بالشبهات حتى إذا صرتم إلى أعظم الحدود قول النبي صلى الله عليه وسلم:
"لا يقتل مؤمن بكافر" قلتم يقتل مؤمن بكافر، فقبلتم ما نهيتم عنه وتركتم ما أمرتم به.
قال عبد الرحمن وحدثني معاذ بن معاذ قال: كنت عند سوار بن عبد الله فجاء الغلام فقال: زفر بالباب، فقال: زفر الرائي، لا تأذن له فإنه مبتدع.
أخبرني محمد بن إبراهيم الوراق بمكة قال: حدثنا محمد بن عمرو بن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ظ، خ، ش، صف "عمرو بن الهيثم".
2 ظ، خ، ش: "قال الحاكم".
3 ش، صف: "فقيه ثقة" موضع: "ثقة مأمون".
4 ظ، خ، ش: "حدثني".

 

ص -209-      موسى المكي قال: حدثنا محمد بن إسماعيل المكي قال: ثنا سعيد بن منصور المكي قال: قلت لابن إدريس: رأيت سالم بن أبي حفصه؟ قال: رأيته طويل اللحية أحمقها وهو يقول: لبيك، لبيك، قاتل نعثل1 لبيك، مهلك بني أمية لبيك.
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله العماني قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: سمعت أبي يقول: سالم الأفطس مرجئ.
أخبرنا إيراهيم بن أحمد الوراق قال: حدثنا محمد بن شعيب قال: سمعت محمد بن إسماعيل البخاري يقول: عبد العزيز بن أبي رواد كان يرى الإرجاء.
أخبرنا عبد الله بن إبراهيم الجرجاني قال: حدثنا محمد بن أحمد بن حماد الأنصاري قال: سمعت أبا صالح محمد بن إسماعيل الصراري يقول: بلغنا ونحن بصنعاء عند عبد الرزاق أن أصحابنا يحيى بن معين وأحمد بن حنبل وغيرهما تركوا حديث عبد الرزاق وكرهوه، فدخلنا من ذلك غم شديد، وقلنا قد أنفقنا ورحلنا وتعبنا وآخر ذلك سقط حديثه، فلم أزل في غم من ذلك إلى وقت الحج فخرجت من صنعاء إلى مكة فوافقت بها يحيى بن معين وقلت له: يا أبا زكريا، ما الذي بلغنا عنكم في عبد الرزاق؟ فقال: ما هو؟ فقلنا: بلغنا أنكم تركتم حديثه ورغبتم عنه، فقال: يا أبا صالح، لو ارتد عبد الرزاق عن الإسلام ما تركنه حديثه.
قال أبو عبد الله2: قد ذكرت ما أدى إليه الاجتهاد في الوقت من مذاهب المتقدمين ولم يحتمل الاختصار أكثر من وفي القلب أن أذكر بمشيئة الله في غير هذا الكتاب مذاهب المحدثين بعد هذه الطبقة من شيوخ شيوخي والله الموفق لذلك بمنه.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قالوها لعثمان بن عفان رضي الله عنه وذلك تشبيهًا له برجل مصري اسمه نعثل كان طويل اللحية "انظر تاريخ الإسلام للذهبي جزء عهد الخلفاء الراشدين ص444".
2 ظ، خ، ش: "قال الحاكم".

 

ص -210-      ذكر النوع الثالث والثلاثين من معرفة علوم الحديث: "مذاكرة الحديث"
هذا1 النوع من هذه العلوم مذاكرة الحديث والتميير2 بها والمعرفة عند المذاكرة بين الصدوق وغيره فإن المجازف في المذاكرة يجازف في التحديث. ولقد كتبت على جماعة من أصحابنا في المذاكرة أحاديث لم يخرجوا من عهدتها قط وهي مثبتة عندي، وكذلك أخبرني أبو علي الحافظ وغيره من مشايخنا أنهم حفظوا على قوم في المذاكرة ما احتجوا بذلك على جرحهم، ونسأل الله حسن العواقب والسلامة مما نحن فيه بمنه وطوله.
سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب يقول: حدثنا الحسن بن علي بن عفان العامري قال: حدثنا أبو يحيى الحماني عن الأعمش عن جعفر بن إياس عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال: تذاكروا الحديث فإن الحديث يهيج الحديث.
أخبرني عبد الحميد بن عبد الرحمن القاضي قال: ثنا أبي قال: حدثنا عبد الله بن هاشم قال: حدثنا وكيع قال: ثنا كهمس عن الحسن عن عبد الله بن بريدة عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: "تزاوروا وأكثروا ذكر الحديث فإنكم إن لم تفعلوا يندرس الحديث"3.
أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد الأصم ببغداد قال: ثنا محمد بن عبد الله بن سليمان قال: حدثنا ضرار بن صرد قال: حدثنا يحيى بن آدم قال: ثنا إسرائيل عن عطاء بن السائب عن أبي الأحوص عن عبد الله قال: "تذاكروا الحديث فإن حياته مذاكرته".

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 في خ، ش مصدر بالعبارة: "قال الحاكم".
2 خ، ش، صف: "في التمييز".
3 رواه الخطيب البغدادي في كتاب شرف أصحاب الحديث بلفظ: "تزاوروا وتذاكروا الحديث، فإنكم إن لا تفعلوا يدرس" ص94، وبرواية أخرى: "تزاوروا وتذكروا الحديث وإلا تفعلوا يدرس" ص94.

 

ص -211-      حدثنا أبو بكر بن إسحاق الإمام قال: حدثنا إسماعيل بن قتيبة قال: ثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال: حدثنا أبو بكر بن عياش عن الكلبي عن أبي صالح قال: حدثنا ابن عباس يومًا بحديث فلم نحفظه فتذاكرناه بيننا حتى حفظناه.
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال: ثنا الحسن بن علي بن عفان العامري قال: ثنا أبو يحيى الحماني عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة قال: "تذاكروا الحديث فإن ذكر الحديث حياته"1.
سمعت أبا علي الحافظ يقول: سمعت عبدان الأهوازي يقول: ذاكرت عمار بن زربي2 بحديث بشر بن منصور عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"لا تمنعوا إماء الله مساجد الله"3، فما كان إلا بعد أيام حتى حدث عن بشر بن منصور عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "احتج آدم وموسى" وثبت عليه يحدث به كل من دب ودرج فأتيته فقلت له: يا كذاب، من أين لك عبيد الله عن نافع عن ابن عمر: "احتج آدم وموسى"؟ وإنما ذكرت لك: "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله".
قال أبو عبد الله4: قلت للقاضي أبي بكر محمد بن عمر بن الجعابي: من يروي عن سنان بن أبي سنان غير الزهري؟ فقال: لا نعلم له راويًا غير الزهري، ثم قال: اللهم إلا أني أظن أن أبا طوالة القاضي حدث عنه بشيء، ولم يكن عندي إذ ذلك أن أبا طوالة عنده عنه فوجدت من حديث قتيبة عن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الروايات في الحث على تذاكر الحديث استقصاها الخطيب البغدادي في كتابه شرف أصحاب الحديث "ص93-98".
2 كذا بالأصل وأيضًا في ظ: "زربي"، وفي خ، ش، صف: "ذربي".
3 رواه البخاري في صحيحه في كتاب الجمعة باب هل على من لم يشهد الجمعة غسل من النساء والصبيان وغيرهم 2/ 7. ورواه مسلم في صحيحه في كتاب الصلاة باب خروج النساء إلى المساجد إذا لم يترتب عليه فتنة وأنها لا تخرج مطيبة 1/ 327. ورواه أيضًا أبو داود والدارمي ومالك في الموطأ وأحمد في المسند 2/ 16، 151 و 5/ 192، 193.
4 ظ، خ، ش: "قال الحاكم".

 

ص -212-      الدراوردي عن أبي طوالة عن سنان حرفًا فكتبت به إليه فأعجبه ذلك.
سمعت عمر بن جعفر البصري يقول: دخلت الكوفة سنة من السنين وأنا أريد الحج فالتقيت بأبي العباس بن عقدة وبت عنده تلك الليلة فأخذ يذاكرني بشيء لا أهتدي إليه فقلت: يا أبا العباس، أيش عند أيوب السختياني عن الحسن؟ فذكر حديثين فقلت: تحفظ عن أيوب عن الحسن عن أبي برزة أن رجلًا أغلظ لأبي بكر؟ فقال عمر: يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، دعني فأضرب عنقه. فقال: مه يا عمر، ما كانت لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبقي1 وكبرت وسكت فقال: لا أوتذكر لي سماعك فيه؟ فقلت: حدثنا عبدان قال: ثنا محمد بن عبيد بن حسان قال: حدثنا سفيان بن موسى عن أيوب سمعت علي بن عمر الحافظ يقول: ذكر لبعض أصحابنا ممن ادعى الحفظ ونحن بمصر حديث لسفيان بن موسى عن أيوب فقال: هذا خطأ إنما هو سفيان بن عيينة عن موسى بن عقبة وأيوب، قال: ولم يعرف سفيان بن موسى البصري وهو ثقة مأمون.
سمعت أحمد بن الخضر الشافعي غير مرة يقول: قدم علينا أبو علي عبد الله بن محمد بن علي الحافظ البخلي حاجا فعجز أهل بلدنا عن مذاكرته لحفظه فاجتمع معه جعفر بن أحمد2 الحافظ فذكرا لبيك حجة وعمره معًا.
فقال جعفر: تحفظ عن سليمان التيمي عن أنس؟ فبقي أبو علي، فقال: جعفر حدثناه يحيى بن حبيب بن عربي قال: ثنا معتمر بن سليمان عن أبيه عن أنس، فقطع المجلس بذلك.
قال أبو عبد الله3: وجدت أبا علي "الحافظ4" سيء الرأي في أبي القاسم اللخمي فسألته عن السبب فيه فقال: اجتمعنا على باب أبي خليفة فذكرنا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 خ، ش: "فنفى" وهو تصحيف.
2 خ، ش: "جعفر بن أحمد بن نصر الحافظ".
3 ط، خ، ش: "قال الحاكم".
4 الزيادة عن خ، ش وصف.

 

ص -213-      طرق أمرت أن أسجد على سبعة أعضاء فقلت له: تحفظ عن شعبة عن عبد الملك بن ميسرة الزراد عن طاؤس عن ابن عباس؟ فقال1: بلى، غندر وابن أبي عدي، فقلت: من عنهما؟ فقال: حدثناه عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه عنهما، فاتهمته إذ ذاك، ثم قال: أبو علي: ما حدث به غير عثمان بن عمر، فحدثني أبو علي [الحافظ2] قال: أخبرنا علي بن سلم3 الأصبهاني قال: حدثنا صالح بن محمد بن يحيى بن سعيد قال: حدثنا عثمان بن عمر قال: ثنا شعبة عن عبد الملك بن ميسرة عن طاؤس عن ابن عباس.
سألت أبا محمد الحسن بن محمد بن صالح السبيعي الحافظ عن حديث إسماعيل بن رجاء عن الشعبي عن فاطمة بنت قيس فقال: لهذا الحديث قصة تدل على عوار من لا يصدق في المذاكرة، قرأ علينا عبد الملك بن محمد بن ناجية مسند فاطمة بنت قيس4 سنة ثلاث مائة "300هـ" فدخلت على أبي بكر الباغندي عند منصرفي من مجلس ابن ناجية فسألني: من أين جئت؟ قلت: من مجلس ابن ناجية، قال: وأيش قرأ عليكم اليوم؟ فقلت: أحاديث الشعبي عن فاطمة بنت قيس، فقال: من لكم عن إسماعيل بن رجاء الزبيدي عن الشعبي؟ فنظرت في الجزء فلم أجد، فقال: اكتب5 "ذكر أبو بكر بن أبي شيبة" فقلت: عن من؟ فمنعته عن التدليس وطالبته بالسماع، فقال حدثني محمد بن عبيدة الحافظ قال: حدثني محمد بن المعلى الأثرم قال: حدثني أبو بكر بن أبي شيبة قال: أخبرنا محمد بن بشر العبدي عن مالك بن مغول عن إسماعيل بن رجاء عن الشعبي عن فاطمة بنت قيس عن النبي صلى الله عليه وسلم قصة الطلاق والسكنى والنفقة6، ثم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 خ، ش: "فقال لي" يترجح أنه محرف عن: "فقال بلي".
2 زيادة في خ، ش.
3 خ، ش: "مسلم".
4 لا أدري إن قصد مسند فاطمة بنت قيس الموجود في مسند الإمام أحمد بن حنبل 6/ 373-374 و 6/ 411-418.
5 خ، ش: "اكتبه".
6 الحديث رواه الإمام أحمد بن حنبل وهو حديث طويل 373/6- 374.

 

ص -214-      انصرفت إلى حلب وكان عندنا بحلب بغدادي يحفظ يُعرَف بابن سهل، فذكرت له هذا الحديث فخرج إلى الكوفة وذاكر أبا العباس بن سعيد به فقال أبو العباس: ليس عند إسماعيل بن رجاء عن الشعبي، قال: ثم وجد أبو العباس إسماعيل بن رجاء عن الشعبي فقال لي: قد وجدت عن إسماعيل بن رجاء عن الشعبي حرفين، قال السبيعي: فكتب ابن عقدة هذا الحديث عن ابن سهل عني عن الباغندي، قال السبيعي: فاجتمعت مع فلان وسمى شيخا من أكابر حفاظ الحديث بحلب سنة ست عشرة وثلاث مائة "316هـ" فذكراته به في جملة أبواب ذكرناها فلم يعرفه، ثم اجتمعنا بالرملة فذاكرته به فلم يعرفه، ثم اجتمعنا بعد ذلك بسنين بدمشق فاستعادني إسناده تعجبًا ولم يعرفه، ثم اجتمعنا ببغداد بعد ذلك بسنين وذكرنا هذا الباب فقال لي: حدثنا أبو القاسم علي بن إسماعيل الصفار قال: ثنا أبو بكر الأثرم قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ولم يعلم أن هذا الأثرم غير ذاك، قال السبيعي: فذكرت قصتي لفلان المفيد وأتى عليه سنون فحدث بالحديث عن الباغندي، وحكي أنه دخل الكوفة وأن أبا العباس بن سعيد سأله عنه فذكر القصة كما وقع لي أضافها إلى نفسه، ثم قال السبيعي: المذاكرة تكشف عن مثل هذا، قال لي السبيعي: تذكر هذا الباب؟ فقلت: عن قرة بن خالد عن سيار عن الشعبي، فقال:حدثنا عن يحيى بن حكيم عن خالد بن الحارث عن قرة، ثم قال لي: أتحفظ عن سعد الكاتب عن الشعبي؟ قلت: لا، فقال: حدثنا عن نصر بن علي عبد الله بن داؤد الخريبي قال: ثنا سعد الكاتب عن الشعبي، قلت: ابن ناجية حدثكم؟ قال: لا أدري، فقال أبو الحسن الدارقطني: نعم، ابن ناجية حدثهم به والسبيعي ساكت، قلت له: عبد الله بن حبيب بن أبي ثابت عن الشعبي؟ فقال: لا أعرفه، ثم قال لي: تعرف عبد الله بن حبيب بن أبي ثابت عن أبيه سعيد بن جبير عن ابن عباس أوحي إلى محمد صلى صلى الله عليه وسلم في يحيى بن زكرياء1؟ فقلت: حدثناه عن الشافعي عن المسمعي عن أبي نعيم، فقال: المسمعي لا يذكر، حدثنا عن حميد بن الربيع

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 جاء في خ، ش وصف: "إني قتلت بيحيى بن زكريا سبعين ألفًا" موضع: "في يحيى بن زكرياء".

 

ص -215-      الخزاز قال: ثنا أبو نعيم، قتل: وقد تكلم في حميد، فقال: حدثني محمد بن إبراهيم بن جابر الفقيه قال: حدثني عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: سألت أبي عن حميد بن الربيع فقال: دعوا المسكين وعن ماذا يسئل من أمره، ثم قال السبيعي: تحفظ عن خالد الحذاء عن رجل عن الشعبي؟ قلت: لا، قال: حدثنا عن محمد بن يحيى القطعي قال: حدثنا عبد الأعلى عن خالد، فقال له أبو الحسن: ما كتبته في الدنيا إلا عنك عن ابن ناجية.
هذا مجلس كبير مكتوب عندي ولي معه مجالس على هذا النحو.
قال الحاكم أبو عبد الله: حضرت مجلس أبي الحسين القنطري في محلته ببغداد وحضره أبو سعيد بن أبي بكر بن أبي عثمان وأبو الحسين بن العطار وأبو بكر القطيعي والحسن بن علان وغيرهم. فلما فرغنا من القراءة ذكرنا طرق الغار1، فدخل الشيخ يذكر معنا فقال: حدثنا أبو قلابة عن أبي عاصم عن ابن جريج عن موسى بن عقبة وما ذكر غير هذا. فلما بلغنا آخر الباب قال لنا الشيخ: عندكم عن جويرية بن أسماء عن نافع؟ فقلنا: لا، فقال: حدثناه معاذ بن المثنى قال: حدثني ابن أخي جويرية عن جويرية فكتبنا بأجمعنا الحديث وأنا أشهد بالله أنه واهم فيه.
سمعت أبا سعيد عمرو بن محمد بن منصور يقول: سمعت أبا بكر محمد بن إسحاق يقول: لما دخلت بخارا ففي أول مجلس حضرت مجلس الأمير إسماعيل بن أحمد في جماعة من أهل العلم فذكرت بحضرته أحاديث، فقال: الأمير حدثنا أبي قال: ثنا يزيد بن هارون عن حميد عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"أمتي أمة مرحومة"2 الحديث، فقلت: أيد الله الأمير ما حدث بهذا الحديث أنس ولا حميد ولا يزيد بن هارون، فسكت وقال: كيف؟ قلت: هذا حديث أبي موسى الأشعري ومداره عليه. فلما قمنا من المجلس قال لي أبو علي صالح بن محمد البغدادي: يا أبا بكر، جزاك الله خيرًا فإنه قد ذكر لنا هذا الإسناد غير مرة ولم يجسر واحد منا أن يرده عليه.
قال أبو عبد الله3: وإنما أراد الأمير إسماعيل رحمه الله حديث يزيد بن هارون عن المسعودي عن سعيد بن أبي بردة بن أبي موسى عن أبيه عن جده.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 خ، صف: "الفار".
2 الحديث رواه أبو داود في سننه في كتاب الفتن والملاحم عن أبي موسى ولفظه:
"أمتي هذه أمة مرحومة ليس عليها عذاب في الآخرة؛ عذابها في الدنيا الفتن والزلازل والقتل" 3/ 105. ورواه الإمام أحمد في المسند 4/ 408، 410، 418.
3 ظ، خ، ش: "قال الخاكم".

 

ص -216-      ذكر النوع الرابع والثلاثين من معرفة علوم الحديث: "التصحيفات في المتون"
هذا1 النوع منه معرفة التصحيفات في المتون، فقد زلق فيه جماعة من أئمة الحديث.
سمعت أبا زكرياء العنبري يقول: سمعت أبي يقول: حدث محمد بن يحيى بحديث علي أنه كان رجلًا غبينًا فقال: كان علي رجلًا عنينًا، ثم قال: أستغفر الله، إن الجواد يعثر، كان علي رجلًا غبينًا.
سمعت أبا العباس أحمد بن محمد الوراق يقول: سمعت عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي يقول: سمعت أبي يقول: لأبي زرعة حفظ الله أخانا صالح بن محمد البغدادي لا يزال يضحكنا شاهدًا وغائبًا كتب إلي يذكر أنه لما مات محمد بن يحيى الذهلي أجلس للتحديث شيخ لهم يعرف بمحمش فحدث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يا أبا عمير، ما فعل البعير2؟ وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تصحب3 الملائكة رفقة فيها خرس4".

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 في خ، ش مصدر بالعبارة: "قال الحاكم".
2 هو تصحيف "النغير" وهو طائر يشبه العصفور، وقد مر تخريج الحديث.
3 خ، ش، صف: "لا تدخل".
4 تصحيف جرس.

 

ص -217-      سمعت الشيخ أبا بكر بن إسحاق يقول: كنا عند شيخ بواسط كان ابنه يلقنه فقال الابن: حدثكم مسلم بن إبراهيم؟ فقال: حدثنا مسلم بن إبراهيم قال: ثنا هشام وشعبة عن قتادة عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "البراق1 في المسجد" قال الشيخ أبو بكر فلما تلقن الشيخ "البراق" قلت: حنطه2 قال الشيخ: حنطه3.
قال أبو عبد الله4: وقد بلغني أن شيخنا أبا بكر الشافعي قرأ عليهم عن إبراهيم تصحيف أصحاب الحديث.
سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب يقول: سمعت العباس بن محمد الدوري يقول:
سمعت يحيى بن معين يقول: في حديث أبي إسحق عن علي أنهم تذاكروا العزل عند عمر فقال: لا تكون نسمة حتى تمر على التارات، قيل ليحيى: إنهم يقولون على الترائب، قال: لا، هو التارات.
سمعت أبا أحمد محمد بن علي الزراري يقول: حضرت مجلس الإمام أبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة وأبو النضر يقرأ عليه كتاب المختصر للمزني فقال: وتوضأ عمر [من ماء5] في حر6 نصرانية فضحك الناس، فقال أبو بكر لا تخجل يا بني، فإني سمعت المزني يقول: سمعت الشافعي يقول: ما ضحك من خطأ رجل إلا ثبت صوابه في قلبه.
سمعت أحمد بن يحيى الذهلي يقول: سمعت محمد بن عبدوس المقرىء يقول: قصدنا شيخنا لنسمع منه وكان في كتابه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"ادهنوا غبًّا"، فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اذهبوا عنا".
حدثنا أبو بكر بن إسحاق الإمام قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن الوليد قال: حدثنا صفوان بن صالح قال: حدثنا الوليد بن مسلم قال: حدثنا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 تصحيف "البزاق".
2 في النسخ كلها: "حطه" كذا مهملًا.
3 كذا بالأصل، وفي خ، ش: "حيطة".
4 ظ: "قال الحاكم".
5 زيادة في خ، ش: وصف.
6 تصحيف "جر".

 

ص -218-      شعيب بن أبي حمزة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن لله تسعة وتسعين اسمًا" الحديث1، وذكر فيه الأسامي وفيه "الحفيظ المقيت".
قال أبو عبد الله: وهكذا أخرجه أبو بكر بن خزيمة في المأثور:
"المقيت"2، فحدثنا أبو زكرياء العنبري قال: ثنا أبو عبد الله البوشنجي قال: حدثنا موسى بن أيوب النصيبي قال: حدثنا الوليد بن مسلم فذكر الحديث بنحوه وقال: "الحفيظ المغيث". سمعت أبا زكرياء العنبري يقول: سمعت أبا عبد الله البوشنجي يقول: المحفوظ "المغيث" ومن قال: "المقيت" فقد صحف.
أخبرني أبو بكر بن إسحاق الإمام قال: أخبرنا صالح بن مقاتل بن صالح قال: حدثني أبي قال: ثنا محمد بن الزبرقان عن نضر بن طريف عن عمرو بن دينار عن سعيد بن جبير عن ابن عباس: "أن محرمًا وقصت به راحلته فطرحته عنها فمات فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يغسلوه بالماء والسدر وأن يكفنوه في ثوبيه ولا تخمروا وجهه؛ فإنه يبعث يوم القيامة يلبي"3.
قال أبو عبد الله4: ذكر الوجه تصحيف من الرواة لإجماع الثقات الأثبات من أصحاب عمرو بن دينار عى روايته عنه ولا "تغطوا رأسه" وهو المحفوظ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 سبق تخريجه.
2 ما بين النجيمين ساقط من خ، ش وصف.
3 رواه البخاري في صحيحه في كتاب الجنائز باب الكفن في ثوبين ولفظه: عن ابن عباس رضي الله عنهم قال: بينما رجل واقف بعرفة إذ وقع عن راحلته فوقصته، أو قال: فأوقصته. قال: النبي صلى الله عليه وسلم:
"اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبين، ولا تحنطوه ولا تخمروا رأسه؛ فإنه يبعث يوم القيامة ملبيًا" 2/ 96. ورواه مسلم في صحيحه في كتاب الحج باب ما يفعل بالمحرم إذا مات 2/ 865. والحديث رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وأحمد بن حنبل والدارمي.
4 ظ، خ، ش: "قال الحاكم".

 

ص -219-      حدثني حامد بن محمد1 الصوفي قال: سمعت محمد بن علي المذكر وحدث بحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "زرعنا تزداد حنا"2، ثم قص قصة طويلة أن قومًا ما كانوا يؤدون عشر غلاتهم ولا يتصدقون فصارت زروعهم كلها حنا بدل الإتيان وما يشبه هذا من الكلام.
سمعت أبا منصور بن أبي محمد الفقيه يقول: كنت بعدن اليمن يومًا وأعرابي يذاكرنا فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى نصب بين يديه شاة، فأنكرت ذلك عليه فجاء بجزء فيه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى نصب بين يديه عنزة، فقال: أبصر كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى نصب بين يديه عَنْزة، فقلت: أخطأت إنما هو عَنَزة أي عصًا.
قال أبو عبد الله3: فقد ذكرت مثالًا يستدل به على تصحيفات كثيرة في المتون صحفها قوم لم يكن الحديث بيشقهم4 كما قال: عبد الله بن المبارك رحمه الله.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ش، صف: "حامد بن محمد بن محمود الصوفي".
2 الحديث
"زر غبًّا تزدد حبًّا" رواه الزار والحارث بن أبي أسامة في مسنديهما، وأبو نعيم في الحلية. وأخرجة العسكري في الأمثال والبيهقي في الشعب. ورواية الحديث في بعضها أنه قيل: "أين كنت أمس يا أبا هريرة؟" قال: زرت ناسًا من أهلي، فقال: "يا أبا هريرة زر غبًّا تزدد حبًّا" "انظر: المقاصد الحسنة للسخاوي ص232-233".
3 ظ، خ، ش: "قال الحاكم".
4 بيشقهم: أي صناعتهم.