غريب الحديث للقاسم بن سلام بَين وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي حَدِيث
النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: أَلا إِن التبين
من اللَّه والعجلة من الشَّيْطَان فَتَبَيَّنُوا.
(2/32)
قَالَ الْكسَائي وَغَيره: التبين مثل
التثبت فِي الْأُمُور والتأني فِيهِا وَقد روى عَن عَبْد الله بْن
مَسْعُود أَنه كَانَ يقْرَأ {إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيْلِ اللهِ
فَتَبَيَّنُوْا} وَبَعْضهمْ / فَتَثَبَّتُوْا / والمعني قريب بعضه من
بعض. وَأما الْبَيَان فَإِنَّهُ من الْفَهم وذكاء الْقلب مَعَ
اللِّسَان اللسن وَمِنْه الحَدِيث الْمَرْفُوع: إِن من الْبَيَان سحرًا
وَذَلِكَ أَن قيس بْن عَاصِم والزبرقان بْن بدر وَعَمْرو بْن
الْأَهْتَم قدمُوا على النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام فَسَأَلَ النَّبِي
عَلَيْهِ السَّلَام عمرا عَن الزبْرِقَان فَأثْنى عَلَيْهِ خيرا فَلم
يرض الزبْرِقَان بذلك فَقَالَ: وَالله يَا رَسُول اللَّه إِنَّه ليعلم
أَنِّي أفضل مِمَّا قَالَ وَلكنه حسدني مَكَاني مِنْك فَأثْنى عَلَيْهِ
عَمْرو شرا ثُمَّ قَالَ: وَالله يَا رَسُول اللَّه مَا كذبت عَلَيْهِ
فِي الأولى وَلَا فِي الْآخِرَة وَلكنه أرضاني فَقلت بِالرِّضَا
وأسخطني فَقلت بالسخط فَقَالَ رَسُول اللَّه صلي اللَّه عَلَيْهِ
وَسلم: إِن من الْبَيَان سحرًا. قَالَ أَبُو عبيد: هُوَ من حَدِيث عباد
بْن عباد المهلبي عَن مُحَمَّد
(2/33)
ابْن الزبير الْحَنْظَلِي قَالَ وحَدثني
أَبُو عَبْد اللَّه الْفَزارِيّ عَن مَالك بْن دِينَار قَالَ: مَا
رَأَيْت أحدا أَبِين من الْحجَّاج إِن كَانَ ليرقى الْمِنْبَر فيذكر
إحسانه إِلَى أهل الْعرَاق وصفحه عَنْهُمْ وإساءتهم إِلَيْهِ حَتَّى
أَقُول فِي نَفسِي: وَالله إِنِّي لأحسبه صَادِقا [و -] إِنِّي لأظنهم
ظالمين [لَهُ -] فَكَانَ الْمَعْنى وَالله أعلم أَنه يبلغ من بَيَانه
أَنه يمدح الْإِنْسَان فَيصدق فِيهِ حَتَّى يصرف الْقُلُوب إِلَى
قَوْله ثُمَّ يذمه فَيصدق فِيهِ حَتَّى يصرف الْقُلُوب إِلَى قَوْله
الآخر فَكَأَنَّهُ قد سحر السامعين بذلك فَهَذَا وَجه قَوْله: إِن من
الْبَيَان سحرًا.
صلى وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي حَدِيث
النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام أَن رجلا أَتَاهُ فَشكى إِلَيْهِ الْجُوع
فَأتى النَّبِيّ صلي اللَّه عَلَيْهِ [وَسلم] بِشَاة مصلية فأطعمه
مِنْهَا وَقيل: بقصعة من ثريد.
(2/34)
قَالَ الْكسَائي وَغير وَاحِد: قَوْله:
مَصْلِيّة يَعْنِي المَشْوِيَّة يُقَال [مِنْهُ -] : صَلَيْتُ اللَّحْم
وَغَيره إِذا شويته فَأَنا أصليه صليًا مِثَال رميته [أرميه -] رميًا
إِذا فعلت كَذَا وَأَنت تُرِيدُ أَن تَشْوِيه فَإِن أَلقيته فِيهَا
إِلْقَاء كَأَنَّك تُرِيدُ الإحراق قلت: أصليته إصلاء بِالْألف
وَكَذَلِكَ صَلَّيّتُه أصَلِّيْهِ تَصْلِيَةً قَالَ اللَّه عز وَجل /
{وَمَنْ يَّفْعَلْ ذلِكَ عُدْوَاناً وَّظُلْماً فَسَوْفَ نَصْلِيْه
نَاراً} وروى عَن عَليّ رَحمَه اللَّه أَنه كَانَ يقْرَأ {وَيُصَلَّي
سَعِيْراً} وَكَانَ الْكسَائي يقْرَأ بِهِ فَهَذَا لَيْسَ من الشَّيْء
إِنَّمَا هُوَ من إلقائك إِيَّاه فِيهِا وَقَالَ أَبُو زبيد: [المنسرح]
فقد تَصَلَّيْتَ حَرَّ حَرْبِهم ... كَمَا تَصَلَّى المقرورُ مِن
قَرَسِ
يَعْنِي الْبرد وَيُقَال: قد صليت بِالْأَمر فَأَنا أصلى بِهِ إِذا
قاسى حره وشدته وَيُقَال فِي غير هَذَا الْمَعْنى: صليت لفُلَان
بِالتَّخْفِيفِ وَذَاكَ إِذا عملت لَهُ فِي أَمر تُرِيدُ أَن تمحل بِهِ
فِيهِ وتوقعه فِي هلكة
(2/35)
وَالْأَصْل فِي هَذَا: المَصَالي وَهِي
شَبيهَة بالشرك تنصب للطير وَغَيرهَا. وَقد رُوِيَ فِي حَدِيث من
حَدِيث أهل الشَّام: إِن للشَّيْطَان مصالي وفخوخا يَعْنِي مَا يصيد
بِهِ النَّاس وَهُوَ من هَذَا وَلَيْسَ من الأول.
حدد وَقَالَ [أَبُو عبيد] : فِي
حَدِيث النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام فِي السّنة فِي الرَّأْس والجسد
قَالَ: قصّ الشَّارِب والسواك وَالِاسْتِنْشَاق والمضمضة وتقليم
الْأَظْفَار ونتف الْإِبِط والختان والاستنجاء بالأحجار والاستحداد [و
-] فِي بعض الحَدِيث: وانتقاص المَاء. فَأَما الاستحداد فَإِنَّهُ حلق
الْعَانَة وَمن ذَلِك قَول النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام حِين قدم من
سفر فَأَرَادَ النَّاس أَن يطرقوا النِّسَاء لَيْلًا فَقَالَ:
(2/36)
أمهلوا حَتَّى تمتشط الشَعِثَة
وتَسْتَحِدَّ المُغِيْبَة. وَقَالَ أَبُو عُبَيْد: فِي [آخر -] هَذَا
الحَدِيث حرف لَا أحفظه زَاد فِيهِ: فَإِذا قدمتم فالكيس الْكيس.
نقص قَالَ أَبُو عبيد: كَأَنَّهُ
ذهب إِلَى طلب الْوَلَد وَالنِّكَاح ونرى أَن أصل الاستحداد وَالله
أعلم إِنَّمَا هُوَ الاستفعال من الحديدة يعْنى الاستحلاق بهَا
وَذَلِكَ أَن الْقَوْم لم يَكُونُوا يعْرفُونَ النورة. وَأما إحداد
الْمَرْأَة على زَوجهَا فَمن غير هَذَا إِنَّمَا هُوَ ترك الزِّينَة
والخضاب ونراه مأخوذا من الْمَنْع لِأَنَّهَا قد منعت من ذَلِك وَمِنْه
قيل للرجل المحارف: مَحْدُود لِأَنَّهُ مَمْنُوع من الرزق وَلِهَذَا
قيل للبواب:
(2/37)
حداد لِأَنَّهُ يمْنَع النَّاس من
الدُّخُول قَالَ الْأَعْشَى: [المتقارب]
فَقُمْنَا وَلَمَّا يَصِحْ دِيْكُنَا ... إِلَى جونةٍ عِنْد حدادها
[و -] الجونة خابية يَعْنِي صَاحبهَا الَّذِي يمْنَعهَا ويحفظها وَفِي
إحداد الْمَرْأَة لُغَتَانِ: يُقَال: حدت زَوجهَا تحد وتحد حدادا وأحدت
تحد إحدادا. وَأما قَوْله: [و -] انتقاص المَاء فَإنَّا نرَاهُ غسل
الذّكر بِالْمَاءِ وَذَلِكَ أَنه إِذا غسل الذّكر ارْتَدَّ الْبَوْل
وَلم ينزل وَإِن لم يغسل نزل مِنْهُ الشَّيْء حَتَّى يستبرأ. قَالَ
أَبُو عُبَيْدٍ: لَيْسَ معنى الحَدِيث أَنه سمى الْبَوْل مَاء وَلكنه
أَرَادَ انتقاص الْبَوْل بِالْمَاءِ إِذا اغْتسل بِهِ.
(2/38)
وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي حَدِيث النَّبِي
عَلَيْهِ السَّلَام أَن قوما مروا بشجرة فَأَكَلُوا مِنْهَا
فَكَأَنَّمَا مرت بهم ريح فأخمدتهم فَقَالَ النَّبِي عَلَيْهِ
السَّلَام: قرسوا المَاء فِي الشنان وصبوه عَلَيْهِم فِيمَا بَين
الأذانين.
قرس شنن قَالَ أَبُو عبيد: قَوْله:
قرسوا يَعْنِي بَرَّدوا وَفِيه لُغَتَانِ: القَرَس بِفَتْح الرَّاء
والقرس بجزمها وَقَول النَّاس: قد قرس الْبرد إِنَّمَا هُوَ من هَذَا
بِالسِّين لَيْسَ بالصَّاد. وَأما حَدِيثه الآخر أَن امْرَأَة
سَأَلْتُهُ عَن دم الْمَحِيض فِي الثَّوْب فَقَالَ النَّبِي عَلَيْهِ
السَّلَام: قرصيه بِالْمَاءِ فَإِن هَذَا بالصَّاد يَقُول: قطعيه بِهِ
فَكل مقطع فَهُوَ مقرص ويُقَال
(2/39)
للْمَرْأَة: قد قرصت الْعَجِين إِذا قطعته
ليبسطه. وَأما قَوْله: [فِي -] الشنان فَإِنَّهَا الأسقية والقرب
الخلقان يُقَال للسقاء: شن وللقربة: شنة وَإِنَّمَا ذكر الشنان دون
الجدد لِأَنَّهَا أَشد تبريدا. وقَوْله: بَين الأذانين يَعْنِي بَين
أَذَان الْفجْر وَالْإِقَامَة فَسمى الْإِقَامَة أذانا وَقد فسرنا
هَذَا فِي غير هَذَا الْموضع. وَفِي هَذَا الحَدِيث من الْفِقْه أَن
هَذَا الْفِعْل شَبيه بالنشرة فَجَاءَت فِيهِ الرُّخْصَة عَن النَّبِي
46 / الف عَلَيْهِ السَّلَام فِي غير / إِصَابَة الْعين فَقَالَ أَبُو
عُبَيْد: وَإِنَّمَا كتبناه من أجل الحَدِيث الآخر لِأَن فِيهِ من عين
أَو حمة والحمة: حمة الْعَقْرَب والحية والزنبور فَهَذَا رخصَة فِي غير
ذَلِك.
ثفأ وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي حَدِيث
النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: مَاذَا فِي الْأَمريْنِ من الشِّفَاء
الصَّبْر والثفاء مَمْدُود.
(2/40)
يُقَال: إِن الثفاء هُوَ الْحَرْف
وَالتَّفْسِير هُوَ فِي هَذَا الحَدِيث وَلم أسمعهُ فِي غير هَذَا
الْموضع وَقد رويت أَشْيَاء فِي مثل هَذَا لم نسمعها فِي أشعارهم وَلَا
فِي كَلَامهم إِلَّا أَن التَّفْسِير فِي الحَدِيث مِنْهُ قَوْله:
إِنَّه نهى عَن كسب الزمارة وَتَفْسِير الحَدِيث الزَّانِيَة. وَمِنْه
(2/41)
حَدِيث سَالم بْن عَبْد اللَّه أَنه مر
بِهِ رَجُل مَعَه صير فذاق مِنْهُ ثُمَّ سَأَلَهُ: كَيفَ يَبِيعهُ
تَفْسِيره فِي الحَدِيث [أَنه -] الصحناة وَكَذَلِكَ حَدِيثه الآخر: من
اطلع من صير بَاب ففقئت عينه فَهِيَ هدر فتفسيره فِي الحَدِيث أَن
الصير هُو الشق فِي الْبَاب. وَمن ذَلِك حَدِيث عُمَر رَضِيَ الله
عَنْهُ حِين سَأَلَ الْمَفْقُود الَّذِي كَانَ الْجِنّ استهوته مَا
كَانَ شرابهم فَقَالَ: الجدف وَتَفْسِيره فِي الحَدِيث أَنه مَالا يغطى
وَيُقَال: إِنَّه نَبَات يكون بِالْيمن لَا يحْتَاج الَّذِي يَأْكُلهُ
[إِلَى -] أَن يشرب
(2/42)
عَلَيْهِ المَاء وَفِي هَذَا أَحَادِيث
كَثِيرَة. وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي حَدِيث النَّبِيّ عَلَيْهِ
السَّلَام أَنه احْتجم على رَأسه بقرن حِين طب. الْقرن لَيْسَ هُوَ
بالمنزل الَّذِي يذكر إِنَّمَا هُوَ شَبيه المحجمة
طبب قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: قَوْله:
طب يَعْنِي سحر يُقَال مِنْهُ: رَجُل مطبوب قَالَ أَبُو عُبَيْد: ونرى
أَنه إِنَّمَا قيل لَهُ: مطبوب لِأَنَّهُ كنى بالطب عَن السحر كَمَا
كنوا عَن اللديغ [فَقَالُوا -] سليم تطيرا إِلَى السَّلامَة من اللدغ
وكما كنوا عَن الفلاة وَهِي الْمهْلكَة الَّتِي لَا مَاء فِيهَا
(2/43)
فَقَالُوا: مفازة تطيرا من الْهَلَاك إِلَى
الْفَوْز وأصل الطِّبّ: الحذق بالأشياء والمهارة بهَا يُقَال: رَجُل طب
وطبيب إِذا كَانَ كَذَلِك وَإِن كَانَ فِي غير علاج الْمَرَض قَالَ
عنترة: [الْكَامِل]
إِن تغد دوني القِنَاعَ فإنني ... طَب بِأخذ الفارِسِ المستلئِم
وَقَالَ عَلْقَمَة بْن عَبدة: [الطَّوِيل]
فَإِن تَسْأَلُونِي بِالنسَاء فإنني ... بَصِير بأدواء النِّسَاء طبيبُ
قَوْله: تَسْأَلُونِي بِالنسَاء يُرِيد عَن النِّسَاء وَمِنْه قَوْله
{فاسأل بِهِ خَبِيرا} وَكَذَلِكَ قَول النَّاس: أَتَيْنَا فلَانا
نسْأَل بِهِ هُوَ من هَذَا. وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي حَدِيث النَّبِي
عَلَيْهِ السَّلَام: الطَّيرَة والعيافة
(2/44)
والطرق من الجبت.
عيف طرق قَالَ أَبُو عُبَيْد:
قَوْله: العيافة يَعْنِي زجر الطير يُقَال مِنْهُ: عفت
(2/45)
الطير أعيفها عيافة وَيُقَال فِي غير
هَذَا: عافت الطير تعيف عيفا إِذا كَانَت تحوم على المَاء وعاف
الطَّعَام يعافه عيافا وَذَلِكَ إِذا كرهه. وَأما قَوْله فِي الطّرق
فَإِنَّهُ الضَّرْب بالحصى وَمِنْه قَول لبيد:
[الطَّوِيل]
لعمرك مَا تَدْرِي الطوارقُ بالحصى ... وَلَا زاجراتُ الطير مَا اللَّه
صانُع
وَقَالَ: بَعضهم يرويهِ: الضوارب بالحصى ومعناهما وَاحِد وأصل الطّرق
الضَّرْب وَمِنْه سميت مطرقة الصَّائِغ والحداد مطرقة لِأَنَّهُ يطْرق
بهَا [أَي -] يضْرب [بهَا -] وَكَذَلِكَ عَصا النجاد الَّتِي يضْرب
بهَا الصُّوف. والطرق [أَيْضا -] فِي غير هَذَا: المَاء الَّذِي قد
(2/46)
خوضته الْإِبِل وبولت فِيهِ فَهُوَ طرق
ومطروق وَمِنْه حَدِيث إِبْرَاهِيم [أَنه قَالَ -] : الْوضُوء بالطرق
أحب إِلَيّ من التَّيَمُّم. وَأما الطروق فَإِنَّهُ من الطارق الَّذِي
يطْرق لَيْلًا. وَأما الإطراق فَإِنَّهُ يكون من السُّكُوت وَيكون
أَيْضا استرخاء فِي جفون الْعين يُقَال مِنْهُ: رجل مطرق وقَالَ
الشَّاعِر فِي عمر بْن الْخطاب يرثيه: [الطَّوِيل]
وَمَا كنت أخْشَى أَن تكون وَفَاته ... بِكَفَّي سَبَنْتَيْ أزرقِ
العينِ مُطرقِ
وَأما التطارق فَهُوَ اتِّبَاع الْقَوْم بَعضهم بَعْضًا يُقَال مِنْهُ:
قد تطارق
(2/47)
46 - / ب الْقَوْم إِذا فعلوا ذَلِك /
وَمِنْه قيل للتَّرسة: المَجَانّ المطرقة يَعْنِي قد أُطرِقت بالجلود
والعصَب [أَي -] ألبسته وَكَذَلِكَ النَّعْل المطرقة هِيَ الَّتِي
أضيفت إِلَيْهَا أُخْرَى وَاحِد المجان مجن وَجمعه مجان.
ضيع وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي حَدِيث
النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام أَنه نهي عَن قيل وَقَالَ وَكَثْرَة
السُّؤَال وإضاعة المَال وَنهى عَن عقوق الْأُمَّهَات ووأد الْبَنَات
وَمنع وهات. قَالَ أَبُو عبيد: يُقَال: إِن قَوْله: إِضَاعَة المَال
[أَن -] يكون فِي وَجْهَيْن: [أما -] أَحدهمَا وَهُوَ الأَصْل: فَمَا
أُنفق فِي معاصي اللَّه وَهُوَ السَّرف الَّذِي عابه اللَّه [تبَارك
وَتَعَالَى -] وَنهى عَنهُ فِيمَا أَخْبرنِي بِهِ ابْن مهْدي: إِن كل
مَا أنْفق فِي غير طَاعَة الله من قَلِيل
(2/48)
أَو كثير فَهُوَ السَّرف وَالْوَجْه الآخر:
دفع المَال إِلَى ربه وَلَيْسَ هُوَ بِموضع أَلا ترَاهُ قد خص أَمْوَال
الْيَتَامَى فَقَالَ [تبَارك وَتَعَالَى -] {وابْتَلُوا اليْتَاَمَى
حَتى إِذَا بَلَغُوا النكَاحَ فَاِنْ أنَسْتُمْ مُنْهُمْ رُشْداً
فَادْفَعُوْا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} قَالَ أَبُو عبيد: قَوْله:
{فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا} قَالَ: الْعقل وقَالَ: صلاحا فِي
دينه وحفظا لمَاله
سَأَلَ وأد سبرت قَول قَالَ أَبُو عبيد: وهَذَا هُوَ الأَصْل فِي
الحجْر على الْمُفْسد لمَاله أَلا ترَاهُ قد أَمر بِمَنْع الْيَتِيم
فَهَل يكون الْحجر إِلَّا هَكَذَا وَمِنْه قَوْله: {وَلاُ تُؤْتُوا
السُّفَهَاءَ أمْوَالَكُمُ التِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِيَاماً}
وَكَذَلِكَ قَوْله ... {وَلاَ تَأْكُلُوْا أمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ
بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوْا بِهَا إلىَ الْحُكَّامِ} فَهَذَا كُله
وأشباهه فِيمَا نهى اللَّه وَرَسُوله عَنهُ من إِضَاعَة المَال.
وَقَوله: وَكَثْرَة السُّؤَال فَإِنَّهَا مَسْأَلَة النَّاس أَمْوَالهم
وَقد يكون
(2/49)
[أَيْضا -] من السُّؤَال عَن الْأُمُور
وَكَثْرَة الْبَحْث عَنْهَا كَمَا قَالَ {لَا تَسْأَلُوا عَنْ
أَشْيَاءَ إِنْ تبد لكم تَسُؤْكُمْ} وكما قَالَ {وَلاَ تَجَسَّسُوْا} .
وَأما قَوْله: ووأد الْبَنَات فَهُوَ من الموؤودةوذلك أَن رجال
الْجَاهِلِيَّة كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِك ببناتهم فِي الْجَاهِلِيَّة
وكَانَ أحدهم رُبمَا ولدت لَهُ الِابْنَة فيدفنها وَهِي حَيَّة حِين
تولد وَلِهَذَا كَانُوا يسمون الْقَبْر صهرا أَي [إِنِّي -] قد زوّجتها
مِنْهُ قَالَ الشَّاعِر: [الرجز]
سميتها إِذْ وُلدتْ تَمُوت ... والقبر صِهْرٌ ضَامِن زِمَّيْتُ
يَا ابْنة شيخ مَا لَهُ سُبْروتُ
يُقَال: أَرض سباريت وَالْوَاحد سُبروت وَهِي الَّتِي لَا شَيْء فِيهَا
فَهَذَا مَا فِي الحَدِيث من الْفِقْه. و [فِي -] قَوْله: نهى عَن قيلٍ
وَقَالَ نَحْو وعربية وَذَلِكَ
(2/50)
أَنه جعل القال مصدرا أَلا ترَاهُ يَقُول:
عَن قيل وَقَالَ فَكَأَنَّهُ قَالَ: عَن قيل وَقَول يُقَال على هَذَا:
قلت قولا وقيلًا وَقَالا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَسمعت الْكسَائي
يَقُول فِي قِرَاءَة عبد الله {ذلِكَ عِيْسَى ابْنُ مَرْيَم قَول الْحق
الَّذِي فِيهِ يمترون} فَهُوَ من هَذَا كَأَنَّهُ قَالَ قَول الْحق
الَّذِي فِيهِ يمترون.
بقر وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي حَدِيث
النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام أَنه نهي عَن التبقر فِي الْأَهْل
وَالْمَال.
(2/51)
قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: تَفْسِيره فِي
الحَدِيث أَن ابْن مَسْعُود رَوَاهُ عَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام
ثمَّ قَالَ: فَكيف بِمَال براذان وَمَال بِكَذَا وَمَال بِكَذَا يُرِيد
الْكَثْرَة وَالسعَة قَالَ الْأَصْمَعِي: وهُوَ من هَذَا [و -] أصل
التبقّر التَّوَسُّع والتفتح وَمِنْه قيل: بقرت بَطْنه إِنَّمَا هُوَ
شققته وفتحته. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَمن هَذَا حَدِيث أبي مُوسَى
حِين أَقبلت الْفِتْنَة بعد مقتل عُثْمَان رَحمَه اللَّه فَقَالَ: إِن
هَذِه الْفِتْنَة باقرة كداء الْبَطن لَا يدْرِي أَنى يُؤْتى لَهُ
إِنَّمَا أَرَادَ أَنَّهَا مفْسدَة للدّين ومفرقة بَين النَّاس ومشتتة
أُمُورهم. وَكَذَلِكَ معنى الحَدِيث الأول [أَنه -] إِنَّمَا أَرَادَ
النَّهْي 47 / الف عَن تَفْرِيق الْأَمْوَال فِي الْبِلَاد /
فَيَتَفَرَّق الْقلب لذَلِك. وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي حَدِيث النَّبِي
عَلَيْهِ السَّلَام: إِن أفضل الْأَيَّام عِنْد اللَّه يَوْم النَّحْر
ثمَّ يَوْم القَرّ.
(2/52)
قرر
قَالَ أَبُو عبيد: قَوْله: يَوْم القر يَعْنِي الْغَد من يَوْم
النَّحْر وَإِنَّمَا سمي يَوْم القر لِأَن أهل الْمَوْسِم يَوْم
التَّرويَة وعرفة والنحر فِي تَعب من الْحَج فَإِذا كَانَ الْغَد من
يَوْم النَّحْر قروا بمنى فَلهَذَا سمي يَوْم القر وَهُوَ مَعْرُوف من
[أهل -] كَلَام الْحجاز قَالَ أَبُو عبيد: وسَأَلت عَنهُ أَبَا
عُبَيْدَة وَأَبا عَمْرو فَلم يعرفاه وَلَا الْأَصْمَعِي فِيمَا أعلم.
وَفِي الحَدِيث عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أُتِي بَبَدنات
خَمُس أَو سِتّ فطفقن يزدلفن إِلَيْهِ بأيتهن يبْدَأ فَلَمَّا وَجَبت
لجنوبها قَالَ عبد الله بْن قُرط: فَتكلم رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم بِكَلِمَة خُفْيَة لم أفهمها أَو قَالَ: لم أفقهها
فَسَأَلت الَّذِي يَلِيهِ فَقَالَ: [قَالَ -] : من شَاءَ فليقتطع.
زلف قَالَ أَبُو عُبَيْد: أما
قَوْله: يزدلفن إِلَيْهِ فَإِنَّهُ من التَّقَدُّم [و -] قَالَ الله
(2/53)
عز وَجل {وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ
اْلآخَرِيْنَ} . وَفِي هَذَا الحَدِيث من الْفِقْه أَنه رخص فِي النهبة
إِذا كَانَت بِإِذن صَاحبهَا وَطيب نَفسه أَلا تسمع إِلَى قَوْله: من
شَاءَ فليقتطع وَفِي هَذَا الحَدِيث مابيبن لَك أَنه لَا بَأْس بنُهبة
السكَّر فِي الأعراس وَقد كرهه عدَّة من الْفُقَهَاء وَفِي هَذَا
الحَدِيث رخصَة بَيِّنَة.
ثرد وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي حَدِيث
النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام أَنه سُئِلَ عَن بعير شرد فَرَمَاهُ
بَعضهم بِسَهْم حَبسه اللَّه بِهِ عَلَيْهِ فَقَالَ النَّبِي عَلَيْهِ
السَّلَام: إِن هَذِه الْبَهَائِم لَهَا أوابد كأوابد الْوَحْش فَمَا
غَلَبَكُمْ مِنْهَا فَاصْنَعُوا بِهِ هَكَذَا.
أَبَد نهر ظرر مرا فرى أَبُو عبيد وَأَبُو عَمْرو وَغَيرهمَا دخل
كَلَام بَعضهم فِي بعض
(2/54)
[قَالُوا -] قَوْله: أوابد كأوابد الْوَحْش
يَعْنِي بالأوابد الَّتِي قد توحّشت ونفرت من الْإِنْس يُقَال مِنْهُ:
أبدت وتأبُد وتأبِد أبودا وتأبدت تأبدا وَمِنْه قيل للدَّار إِذا خلا
مِنْهَا أَهلهَا وخلفتهم الْوَحْش بهَا: تأبدت قَالَ لبيد: [الْكَامِل]
عَفَتِ الديارُ مَحَلُّهَا فَمُقَامُهَا ... بمنى تأبد غولها فرجامها
وَفِي الحَدِيث أَنه قيل: يَا رَسُول الله إِنَّا نَلقى الْعَدو غَدا
وَلَيْسَت لنا مُدى فَبِأَي شَيْء نذبح فَقَالَ: أنهروا الدَّم بِمَا
شِئْتُم إِلَّا الظفر وَالسّن أما السن فَعظم وَأما الظفر فمدى
الْحَبَش. فَقَالَ بعض النَّاس فِي هَذَا: يَعْنِي السن المركبة فِي
فَم الْإِنْسَان وَالظفر الْمركب فِي أُصْبُعه ولَيْسَ بمنزوع
لِأَنَّهُ إِذا ذبح بذلك فقد خَنَقَ وَاحْتج فِيهِ بقول ابْن عَبَّاس
(2/55)
فِي الَّذِي يذبح بظفره فَقَالَ: إِنَّمَا
قَتلهَا خنقا قَالَ: ومَعَ هَذَا إِنَّه لَيْسَ يُمكن الذّبْح بالظفر
وَالسّن المنزوعين لصغرهما وَقَالَ بعض النَّاس: لَا بل الْمَعْنى فِي
النَّهْي وَاقع على كل ذابح بسن أَو ظفر منزوع مِنْهُ أَو غير منزوع
لِأَن الحَدِيث مُبْهَم وَالله أعلم. وَفِي حَدِيث آخر أَن عدي ابْن
حَاتِم سَأَلَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ: إِنَّا نصيد
الصَّيْد فَلَا نجد مَا نذَكي بِهِ إِلَّا الظرار وشقة الْعَصَا
فَقَالَ: آمْرِ الدَّم بِمَا شِئْت. قَالَ الْأَصْمَعِي: الظرار
وَاحِدهَا ظُرَر وَهُوَ حجر محدد صلب وَجمعه ظرار وظِران قَالَ لبيد
يصف النَّاقة إِنَّهَا نَاقَة تَنْفِي الْحَصَى بخفها فَقَالَ:
[الْبَسِيط]
(2/56)
بجسرة تنجُل الظرَّان نَاجِية ... إِذا
توقد فِي الديمومة الظُرَرُ
وَقَوله: أَمر الدَّم بِمَا شِئْت يَقُول: سَيَّله واستخرجه وَمِنْه
قيل: مريت النَّاقة فَأَنا أمريها مريا إِذا مسحت ضرْعهَا لينزل
اللَّبن. وَمِنْه حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا أَنه
سُئِلَ عَن الذَّبِيحَة بالعُود فَقَالَ: كل مَا أفرى الْأَوْدَاج غير
مثرد. قَوْله: أفرى الْأَوْدَاج يَعْنِي شققها وأسال / مِنْهَا الدَّم
يُقَال: أفريت الثَّوْب بِالْألف وأفريت الجلة 47 / ب إِذا شققتها
وأخرجت مَا فِيهَا فَإِذا قلت: فريت بِغَيْر ألف فَإِن مَعْنَاهُ أَن
تقدر الشَّيْء وتعالجه وتصلحه مثل النَّعْل تحذوها أَو النِطَع أَو
القِربة وَنَحْو ذَلِك يُقَال: فريت أفرى فريا وَمِنْه قَول زُهَيْر:
[الْكَامِل]
ولأنت تَفْري مَا خلقت وبَعْ ... ضُ الْقَوْم يخلق ثمَّ لَا يَفرِي
وَكَذَلِكَ: فريت الأَرْض إِذا سرتها وقطعتها وَأما الأول: أفريت
(2/57)
بِالْألف - إفراء - فَإِنَّهُ من التشقيق
على وَجه الْفساد. وَقَوله: غير مثرد قَالَ أَبُو زِيَاد الْكلابِي:
المثرد الَّذِي يقتل بِغَيْر ذَكَاة يُقَال: قد ثرّدت ذبيحتَك - إِذا
قتلتها من غير أَن تفري الْأَوْدَاج وتُسيَّل الدَّم وَأما الحَدِيث
الْمَرْفُوع فِي الذَّبِيحَة بالمَروة فَإِن الْمَرْوَة حِجَارَة بِيض
وَهِي الَّتِي تُقدح مِنْهَا النَّار قَالَهَا الْأَصْمَعِي وَغَيره.
ذكر وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي حَدِيث
النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام أَنه سمع عمر رَضِي الله يحلف بِأَبِيهِ
فَنَهَاهُ عَن ذَلِك قَالَ: فَمَا حَلَفت بهَا ذَاكِرًا وَلَا آثرا.
أثر قَالَ أَبُو عُبَيْد: أما
قَوْله: ذَاكِرًا فَلَيْسَ من الذّكر بعد النسْيَان إِنَّمَا أَرَادَ
متكلما بِهِ كَقَوْلِك: ذكرت لفُلَان حَدِيث كَذَا وَكَذَا.
(2/58)
وَقَوله: وَلَا آثِراً يُرِيد وَلَا مخبرا
عَن غَيْرِي أَنه حلف بِهِ يَقُول: لَا أَقُول: إِن فلَانا قَالَ وَأبي
لَا أفعل كَذَا وَكَذَا وَمن هَذَا [قيل -] : حَدِيث مأثور - أَي يخبر
بِهِ النَّاس بَعضهم بَعْضًا يُقَال مِنْهُ: أثرت - مَقْصُورا -
الحَدِيث آثره أثرا فَهُوَ مأثور وَأَنا آثر - على مِثَال فَاعل قَالَ
الْأَعْشَى: [السَّرِيع]
إِن الَّذِي فِيهِ تماريتما ... بَيّن للسامع والآثِرِ
وَمِنْه حَدِيث ابْن عمر حِين سَأَلَ سَلمَة بْن الْأَزْرَق فِي
الرُّخْصَة فِي الْبكاء على الْمَيِّت فَقَالَ لَهُ ابْن عمر: أَنْت
سَمِعت هَذَا من أبي هُرَيْرَة قَالَ: نعم قَالَ ويأثره عَن رَسُول
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: نعم قَالَ: اللَّه وَرَسُوله
أعلم. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَيُقَال: إِن المأثرة مفعلة من هَذَا
وَهِي المكرمة من أثرت وَإِنَّمَا أخذت من هَذَا - أَي إِنَّهَا بأثرها
قرن عَن قرن يتحدثون بهَا.
(2/59)
كرب وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي حَدِيث
النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام أَن رجلا قَالَ لَهُ: يَا رَسُول الله
إِنَّا قوم نتساءل أَمْوَالنَا فَقَالَ: يسْأَل الرجل فِي الْجَائِحَة
والفَتْق فَإِذا اسْتغنى أَو كرب
استعف.
جوح فتق قَالَ أَبُو عُبَيْد: أما
قَوْله: اسْتغنى أَو كرب - يَقُول: أَو دنا من ذَلِك وَقرب مِنْهُ وكل
دَان فَهُوَ كارب قالالشاعر وَهُوَ لعبد قيس بْن خُفاف البرجمي:
[الْكَامِل]
ابُنَيّ إِن أَبَاك كارَبِ يومِهُ ... فاذا دعيت إِلَى المكارم فاعجلِ
وَأما قَوْله: فِي الْجَائِحَة فَإِنَّهَا الْمُصِيبَة تحل بِالرجلِ
فِي مَاله فتجتاحه كُله.
(2/60)
وَأما الفتْق فالحرب تكون بَين
الْفَرِيقَيْنِ فَيَقَع بَينهم الدِّمَاء والجراحات فيتحملها رجل ليصلح
بذلك بيينهم ويحقن دِمَاءَهُمْ فَيسْأَل فِيهَا حَتَّى يُؤَدِّيهَا
إِلَيْهِم وَمِمَّا يبين ذَلِك حَدِيثه الآخر:
سدد قَالَ أَبُو عبيد قَالَ: إِن
الْمَسْأَلَة لَا تحل إِلَّا لثَلَاثَة: رجل تحمل بحمالة من قوم وَرجل
أَصَابَته جَائِحَة فاجتاحت مَاله فَيسْأَل حَتَّى يُصِيب سدادا من
عَيْش أَو قواما من عَيْش وَرجل أَصَابَته فاقة حَتَّى يشْهد لَهُ
ثَلَاثَة من ذَوي الحجىلا من قومه أَن قد أَصَابَته فاقة وَأَن قد حلت
لَهُ الْمَسْأَلَة وَمَا سوى ذَلِك من الْمسَائِل سحت. وأما قَوْله:
رجل تحمل بحمالة وَرجل أَصَابَته جَائِحَة فعلى مَا فسرت لَك وَأما
الْفَاقَة: / فالفقر. وَقَوله: 48 / الف سدادًا من عَيْش فَهُوَ
بِكَسْر السِّين وكل شَيْء سددت بِهِ خللًا فَهُوَ سِداد وَلِهَذَا سمي
سِداد القارورة وَهُوَ صِمامُها لِأَنَّهُ يسد رَأسهَا وَمِنْه سداد
الثغر - إِذا سد بِالْخَيْلِ وَالرِّجَال قَالَ الشَّاعِر: [الوافر]
(2/61)
أضاعوني وأيَّ فَتى أضاعوا ... ليَوْم
كريهة وسداد ثغرِ
وَأما السَّداد - بِالْفَتْح - فَإِنَّمَا مَعْنَاهُ الْإِصَابَة فِي
الْمنطق أَن يكون الرجل مسدَّدا يُقَال مِنْهُ: إِنَّه لذُو سَداد فِي
مَنْطِقه وتدبيره وَكَذَلِكَ الرَّمْي فَهَذَا مَا [جَاءَ -] فِي
الحَدِيث من الْعَرَبيَّة وَأما مَا فِيهِ من الْفِقْه فَإِنَّهُ
أخْبرك لمن تحل لَهُ الْمَسْأَلَة فَخص هَؤُلَاءِ الْأَصْنَاف
الثَّلَاثَة ثمَّ حظر الْمَسْأَلَة على سَائِر الْخلق وَأما حَدِيث
ابْن عمر أَن الْمَسْأَلَة لَا تحل إِلَّا من فقر مُدقِع أَو غُرم
مُفْظع أَو دم موجع فَإِن هَذِه الْخلال الثَّلَاث هِيَ تِلْكَ الَّتِي
فِي حَدِيث أَيُّوب عَن هَارُون بْن رِئَاب عَن النَّبِي عَلَيْهِ
السَّلَام بِأَعْيَانِهَا إِلَّا أَن الْأَلْفَاظ اخْتلفت فيهمَا فَلَا
أرى الْمَسْأَلَة
(2/62)
تحل فِي هَذَا الحَدِيث أَيْضا إِلَّا
لأولئك الثَّلَاثَة بأعيانهم.
هجر وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي حَدِيث
النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: إِنِّي كنت نَهَيْتُكُمْ عَن زِيَارَة
الْقُبُور فزوروها وَلَا تَقولُوا هْجرا. قَالَ أَبُو عبيد قَالَ
الْكسَائي وَبَعضه عَن الْأَصْمَعِي وَغَيرهمَا: قَالَ: الهُجر الإفحاش
فِي الْمنطق والخنا وَنَحْوه يُقَال مِنْهُ: أَهجر الرجل يُهجر إهجارا
قَالَ الشماخ بْن ضرار الثَّعْلَبِيّ: [الطَّوِيل]
كَمَا جِدَة الأعراق قَالَ ابْن ضرةٍ ... عَلَيْهَا كلَاما جارَ فِيهِ
وأهجرا
يروي: الأعراق والأعراض وَمِنْه حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَنه
(2/63)
كَانَ يَقُول لِبَنِيهِ: إِذا طفتم
بِالْبَيْتِ فَلَا تَلغُوا وَلَا تهجروا وَلَا تقاصّوا أحدا وَلَا
تُكَلِّمُوهُ. هَكَذَا قَالَ هشيم: تهجروا [قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ -] :
وَوجه الْكَلَام عِنْدِي: تُهْجروا فِي هَذَا الْموضع لِأَن الإهجار
كَمَا أعلمتك من سوء الْمنطق وَهُوَ الهُجْر وَأما الهَجْر فِي
الْكَلَام فَإِنَّهُ الهَذيان مثل كَلَام المحموم والمبرسم يُقَال
مِنْهُ: هجرت فَأَنا أَهجر هجرا وهجرانا فَأَنا هَاجر وَالْكَلَام
مهجور
شعر قَالَ أَبُو عبيد عَن
إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ مَا يثبت هَذَا القَوْل فِي قَوْله تَعَالَى
{إنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوْا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوْراً} قَالَ:
قَالُوا فِيهِ غير الْحق ألم تَرَ إِلَى الْمَرِيض إِذا هجر قَالَ غير
الْحق [قَالَ: وحَدثني حجاج عَن ابْن جريج عَن مُجَاهِد نَحوه -] .
وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي حَدِيث النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام فِي
إِشْعَار الْهَدْي. قَالَ الْأَصْمَعِي: هُوَ أَن يطعن فِي أسنمتها فِي
أحد الْجَانِبَيْنِ
(2/64)
بمبضع أَو نَحوه بِقدر مَا يسيل الدَّم
وَهُوَ الَّذِي كَانَ أَبُو حنيفَة زعم يكرههُ وَسنة النَّبِي عَلَيْهِ
السَّلَام فِي ذَلِك أَحَق أَن يتبع قَالَ الْأَصْمَعِي: أضلّ
الْإِشْعَار الْعَلامَة يَقُول: كَانَ ذَلِك إِنَّمَا يفعل بِالْهَدْي
ليعلم أَنه قد جعل هَديا وَقَالَ أَبُو عبيد عَن عَائِشَة رَضِيَ
اللَّه عَنْها: إِنَّمَا تشعر الْبَدنَة ليعلم أَنَّهَا بَدَنَة. قَالَ
الْأَصْمَعِي: وَلَا أرى مشاعر الْحَج إِلَّا من هَذَا لِأَنَّهَا
عَلَامَات لَهُ قَالَ: وَجَاءَت أم معْبَد الْجُهَنِيّ إِلَى الْحَسَن
فَقَالَت [لَهُ -] : إِنَّك قد أشعرت ابْني فِي النَّاس - أَي إِنَّك
تركته كالعلامة فيهم. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَمِنْه حَدِيث النَّبِي
عَلَيْهِ السَّلَام: إِن جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: مُرْ أمتك
أَن يرفعوا أَصْوَاتهم بِالتَّلْبِيَةِ فَإِنَّهَا من
(2/65)
شعار الْحَج وَمِنْه شعار العساكر إِنَّمَا
يسمون بِتِلْكَ الْأَسْمَاء عَلامَة لَهُم ليعرف الرجل بهَا رُفقته.
وَمِنْه حَدِيث عُمَر حِين رمى رجل الْجَمْرَة فَأصَاب صلعته فاضباب
الدَّم [ونادى رَجُل رجلا: يَا خَليفَة -] فَقَالَ رَجُل من خثعم: أشعر
أَمِير الْمُؤمنِينَ دَمًا ونادى رَجُل يَا خَليفَة ليقْتلن أَمِير
الْمُؤمنِينَ. فتفاءل عَلَيْهِ بِالْقَتْلِ - فَرجع عمر أَمِير
الْمُؤمنِينَ فَقتل. 48 / ب
جزر وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي حَدِيث
النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام / أَنه أَمر بِإِخْرَاج
(2/66)
الْيَهُود وَالنَّصَارَى من جَزِيرَة
الْعَرَب. قَالَ [قَالَ -] أَبُو عُبَيْدَة: جَزِيرَة الْعَرَب مَا
بَين حفر أَبِي مُوسَى إِلَى أقْصَى الْيمن فِي الطول وَأما الْعرض
فَمَا بَين رمل يَبْرِين إِلَى مُنْقَطع السماوة [و -] قَالَ
الْأَصْمَعِي: جَزِيرَة الْعَرَب من أقْصَى عدن أبين إِلَى ريف
الْعرَاق فِي الطول وَأما الْعرض فَمن جدة وَمَا والاها من سَاحل
الْبَحْر إِلَى أطوار الشَّام. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَأمر النَّبِيّ
[صلى الله عَلَيْهِ وَسلم -] بإخراجهم من هَذَا كُله فيرون أَن عُمَر
إِنَّمَا استجاز [إِخْرَاج -] أهل نَجْرَان من الْيمن - وَكَانُوا
نَصَارَى - إِلَى سَواد الْعرَاق لهَذَا الحَدِيث وَكَذَلِكَ إجلاؤه
أهل خَيْبَر إِلَى الشَّام وَكَانُوا يهودا.
حتف وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي حَدِيث
النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام فِيمَن خرج مُجَاهدًا
(2/67)
فِي سَبِيل اللَّه قَالَ: فَإِن لسعته
دَابَّة أَو أَصَابَهُ كَذَا وَكَذَا فَهُوَ شَهِيد وَمن مَاتَ حتف
أَنفه قَالَ الَّذِي سمع هَذَا الحَدِيث من النَّبِي عَلَيْهِ
السَّلَام: إِنَّهَا لكلمة مَا سَمعتهَا من اُحْدُ من الْعَرَب قطّ قبل
رَسُول الله عَلَيْهِ السَّلَام فقد وَقع أجره على اللَّه وَمن قُتِل
قعصا فقد اسْتوْجبَ المآب.
قعص أَوب قَالَ أَبُو عُبَيْد: أما
قَوْله: حتف أَنفه فَإِنَّهُ أَن يَمُوت موتا على فرَاشه من غير قتل
وَلَا غرق وَلَا سَبُع وَلَا غَيره وَقَالَ: كَانَ يَقُول فِي السّمك:
مَا مَاتَ حتف أَنفه فَلَا تَأْكُله يَعْنِي الَّذِي يَمُوت مِنْهُ فِي
المَاء كَأَنَّهُ كره الطافي [قَالَ -] وَقد رَوَاهُ بعض أَصْحَابنَا
عَن ابْن عُيَيْنَة: مَا مَاتَ حتفا فِيهِ يَعْنِي فِي المَاء وَلَا
أرَاهُ حفظ هَذَا عَن ابْن عُيَيْنَة وَكَلَام الْعَرَب هُوَ الأول.
(2/68)
والقعص أَن يضْرب الرجل بِالسِّلَاحِ أَو
بِغَيْرِهِ فيموتَ فِي مَكَانَهُ قبل أَن يريم فَذَلِك القعص يُقَال:
أقعصته إقعاصا وَكَذَلِكَ الصَّيْد وكل شَيْء. وَأما المآب فالمرجع
قَالَ الله [تبَارك و -] تَعَالَى {وإِنَّ لَهَّ عِنْدَنَا لَزُلَفي
وَحُسْنَ مَآبٍ} . وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي حَدِيث النَّبِي عَلَيْهِ
السَّلَام: إِذا سافرتم فِي الخصب فأعطوا الركب أسنتها.
ركب سنَن قَالَ أَبُو عُبَيْد: أما
قَوْله: الركب فَإِنَّهَا جمع الركاب والركاب هِيَ الْإِبِل الَّتِي
يسَار عَلَيْهَا ثُمَّ تجمع الركاب فَيُقَال: رُكَب. وَأما قَوْله:
أسنتها فَإِنَّهُ أَرَادَ الْأَسْنَان يُقَال: أمكنوها من الرَّعْي
قَالَ: وَهَذَا كحديثه الآخر: إِذا سافرتم فِي الخصب فأعطوا الْإِبِل
حظها
(2/69)
من الْكلأ وَإِذا سافرتم فِي الجدوبة
فاستنجوا.
نجا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَقَوله:
الأسنة وَلم يقل: الْأَسْنَان وَهَكَذَا الحَدِيث وَلَا نَعْرِف الأسنة
فِي الْكَلَام إِلَّا أسنة الرماح فَإِن كَانَ هَذَا مَحْفُوظًا فَهُوَ
أَرَادَ جمع السن فَقَالَ: أَسْنَان ثُمَّ جمع الْأَسْنَان فَقَالَ:
أسنة فَصَارَ جمع الْجمع هَذَا وَجه فِي الْعَرَبيَّة. وَقَوله:
فاستنجوا يُرِيد: فانجوا إِنَّمَا هُوَ استفعلوا من النَّجَاء.
زمل جثث زمل وَقَالَ أَبُو عبيد:
فِي حَدِيث النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام فِي قَتْلِي أحد: زملوهم فِي
دِمَائِهِمْ وثيابهم. وهُوَ من حَدِيث غير وَاحِد.
(2/70)
قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: أما قَوْله:
زمِّلوهم فَإِنَّهُ يَقُول: لُفّوهم فِي ثِيَابهمْ الَّتِي فِيهَا
دِمَاؤُهُمْ وَكَذَلِكَ كل ملفوف فِي ثِيَاب فَهُوَ مُزَّمِّل وَمِنْه
حَدِيث النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام فِي المغاري فِي أول يَوْم مَا
رَأَى جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: فُجِثْثُتْ مِنْهُ فَرْقًا.
[وَبَعْضهمْ -] يَقُول: جُئِثْتُ قَالَ الْكسَائي: هما جَمِيعًا من
الرعب يُقَال: رجل مجؤوث ومجثوث فَقَالَ: فَأتى خَدِيجَة رَضِيَ اللَّه
عَنْهَا فقا: زَمِّلُونِي. فَإِذا فعل الرجل ذَلِك بِنَفسِهِ قيل: قد
تزمل و [قد -] تدثّر وَهُوَ متزمّل ومتدثّر فأدغم التَّاء وقَالَ:
مزّمّل ومدَّثر وَبِهَذَا نزل الْقُرْآن بِالْإِدْغَامِ وَكَذَلِكَ
مُدَّكر إِنَّمَا هُوَ مُذْتَكِرٌ فأدغمت التَّاء وحولت الذَّال
(2/71)
دَالا. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَفِي هَذَا
الحَدِيث من الْفِقْه أَن الشَّهِيد إِذا مَاتَ فِي 49 / الف المعركة
لم يغسل / وَلم تنْزع عَنهُ ثِيَابه أَلا تسمع إِلَى قَوْله: زملوهم
بثيابهم وَدِمَائِهِمْ قَالَ: إِلَّا أَنِّي سَمِعت مُحَمَّد بْن
الْحَسَن يَقُول: ينْزع عَنْهُ الْجلد والفرو قَالَ: وَأَحْسبهُ قَالَ:
وَالسِّلَاح قَالَ: وَيتْرك سَائِر ثِيَابه عَلَيْهِ هَذَا إِذا مَاتَ
فِي المعركة فَإِن رفع وَبِه رَمَق غسل وَصلى عَلَيْهِ قَالَ: وَأهل
الْحجاز لَا يرَوْنَ الصَّلَاة على الشَّهِيد إِذا حمل من المعركة
مَيتا وَلَا الغُسل وَأهل الْعرَاق يَقُولُونَ: لَا يغسل وَلَكِن يصلى
عَلَيْهِ.
أجم وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي حَدِيث
النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام أَنه أَرَادَ أَن يُصَلِّي على جَنَازَة
فَجَاءَت امْرَأَة مَعهَا مُجمرٌ (مُجْمَرٌ) فَمَا زَالَ يَصِيح بهَا
حَتَّى تَوَارَتْ بآجام الْمَدِينَة. قَالَ أَبُو عبيد: [أما -]
قَوْله: بآجام الْمَدِينَة يَعْنِي الْحُصُون وَهَذَا
(2/72)
كَلَام أهل الْحجاز وَاحِدهَا: أُجُم قَالَ
امْرُؤ الْقَيْس يصف شدَّة الْمَطَر:
[الطَّوِيل]
وتَيْمَاءَ لم يتْرك بهَا جِذع نَخْلَة ... وَلَا أُجُما إِلَّا
مَشِيدًا بجندل
وزعم أَبُو عُبَيْد أَن المشيد الْمَعْمُول بالشيد وَهُوَ الجص وَأما
المشيّد فَهُوَ المطوّل. وَأهل الْحجاز يسمون الآجام [أَيْضا -]
الْآطَام وَهُوَ مثلهَا وَاحِدهَا: أَطَم. وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي
حَدِيث النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: عَلَيْكُم بِالْبَاءَةِ مَمْدُود
فَإِنَّهُ أَغضّ لِلْبَصَرِ وَأحْصن لِلْفَرجِ فَمن لم يقدر فَعَلَيهِ
بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وَجَاء.
وجأ قَالَ أَبُو عُبَيْد: قَالَ
أَبُو زَيْدُ وَغَيره فِي الوجاء: يُقَال للفحل إِذا رُضَّتْ أنثياه:
قد وجئ وَجَاء مَمْدُود فَهُوَ موجوء وَقد وجأته
(2/73)
فَإِن نزعت الأنثيان نزعا فَهُوَ خِصي وَقد
خصيّته خصاء فَإِن شُدّت الأنثيان شدا حَتَّى تندرا قيل: قد عصبته
[عصبا -] فَهُوَ معصوب. قَالَ أَبُو عُبَيْد: قَوْله: فَإِنَّهُ لَهُ
وَجَاء يَعْنِي أَنه يقطع النِّكَاح لِأَن الموجوء لَا يضْرب. و [قد -]
قَالَ بعض أهل الْعلم: وجأ بِفَتْح الْوَاو مَقْصُور يُرِيد الحفا
وَالْأول أَجود فِي الْمَعْنى لِأَن الحفا لَا يكون إِلَّا بعد طول مشي
أَو عمل والوجاء الِانْقِطَاع من الْوَصْل. قَالَ: ويروى فِي حَدِيث
آخر مَا يُشبههُ
جفر وَقَالَ أَبُو عبيد قَالَ
رَسُول الله صلي اللَّه عَلَيْهِ وَسلم: صُومُوا ووَفِّروا أَشْعَاركُم
فَإِنَّهَا مَجفرة يَقُول: مَقطعة للنِّكَاح وَنقص المَاء تَقول للبعير
إِذا أَكثر الضراب حَتَّى
(2/74)
يَنْقَطِع: قد جفر يجفُر جُفورا فَهُوَ جافر وَقَالَ ذُو الرمة يصف
النُّجُوم:
[الطَّوِيل]
وَقد عاوض الشَّعري سهيلٌ كَأَنَّهُ ... قريُع هجانٍ عارضَ الشولَ
جافرُ
ويروي: يتبع الشول. وَفِي هَذَا الحَدِيث من الْعَرَبيَّة قَوْله:
فَعَلَيهِ بِالصَّوْمِ فأغرى غَائِبا وَلَا تكَاد الْعَرَب تغري إِلَّا
الشَّاهِد يَقُولُونَ: عَلَيْك زيدا ودونك عمرا وعندك وَلَا
يَقُولُونَ: عَلَيْهِ زيدا إِلَّا فِي هَذَا الحَدِيث فَهَذَا حجَّة
لكل من أغرى غَائِبا. |