أسرار العربية

الباب السادس والخمسون: باب النسب
[علة زيادة الياء المشددة المكسور ما قبلها في النَّسب]
إن قال قائل: لِمَ زيدت الياء في النسب مُشَدَّدة مكسورًا ما قبلها؛ نحو: زيديّ، وعمريّ، وبغدادي، ومصري ونحو ذلك1؟ قيل: أوّلاً إِنَّما كانت ياء تشبيهًا بياء الإضافة؛ لأنَّ النسب في معنى الإضافة؛ ولذلك، كان المتقدمون من النحويين يترجمونه بـ"باب الإضافة"؛ وكانت الياء مشددة؛ لأنَّ النسب أبلغ من الإضافة، فشددوا الياء؛ ليدلوا2 على هذا المعنى؛ وكانت مكسورًا ما قبلها توطئة3 لها.
[علة حذف تاء التأنيث في النسب]
فإن قيل: فَلِمَ حذفوا تاء التأنيث في النسب؛ نحو قولهم في النسب إلى مكة: مكِّيّ، ونحو ذلك؟ قيل: لخمسة أوجه:
أحدها4: أنَّها إِنَّما حذفت لئلا تقع في حشو الكلمة، وتاء التأنيث لا تقع في حشو الكلمة.
والثاني5: أنها إنما حُذفت لئلا يؤدي إلى الجمع بين تاءي6 التأنيث في النسب إلى المؤنث إذا كان المنسوب مؤنثًا، ألا ترى أنك إذا قلت في النسب إلى الكوفة والبصرة في المذكر: "رجل كوفتيّ، وبصرتِيّ" لقلت في المؤنث: "امرأة كوفتيّة وبصرتيّة"؛ فلما كان /ذلك/7 يؤدي إلى الجمع بين تاءي8 تأنيث في المؤنث؛ نحو: كوفتية وبصرتية والجمع بين علامتي تأنيث في كلمة واحدة لا يجوز؛ حذفوا التاء من المذكر؛ لئلا يجمعوا بين علامتي تأنيث في المؤنث.
__________
1 في "س" وما أشبه ذلك.
2 في "س" لتدلَّ.
3 في "س" توطيدًا لها.
4 في "س" الوجه الأول.
5 في "س" والوجه الثاني: إِنَّما.
6 في "ط" تاء.
7 سقطت من "ط".
8 في "س" علامتي.

(1/258)


والثالث: أنها إنما حُذفت لأنَّ ياءي1 النسب قد تنزلا منزلة تاء التأنيث في الفرق بين الواحد والجمع؛ (ألا ترى أنهم قالوا: روميّ وروم، وزنجي وزنج، ففرقوا بين الواحد والجمع) 2 بياء النسب، كما فرقوا بتاء التأنيث بين الواحد والجمع في قولهم: نخلة ونخل، وتمرة وتمر، فلمّا وجدت المشابهة بينهما من هذا الوجه؛ لم يجمعوا بينهما كما لم يجمعوا بين علامتي تأنيث.
والرابع: أنها إنما حُذفت؛ لأن هذه التاء حكمها أن تنقلب في الوقف هاءً، فلمَّا كانت تتغير، ولا يمكن أن تجري على حكمها في أن تكون تارةً تاءً، وتارة هاءً؛ كان حذفها أسهل عليهم.
والخامس: أنَّ تاء التأنيث بمنزلة اسم ضُمَّ إلى اسم، ولو نسبت إلى اسم ضُمَّ إلى اسم، لحذفت الاسم الثاني؛ فكذلك -ههنا- تُحذف تاء التأنيث.
[علة حذف الياء من فُعَيلةَ وفَعيلةَ في النسب]
فإن قيل: فَلِمَ حذفت الياء من /باب/3 "فُعَيلةَ، وفَعِيلة"؛ نحو قولهم في النسب إلى جُهينة: "جُهني، وإلى ربيعة: رَبَعي دون باب: فَعِيل، وفُعَيل؛ نحو قولك في النسب إلى: ثقيف ثقيفيّ4 وفي النسب إلى هُذيل: هُذيلي"؟ قيل: إنما وجب حذف الياء في باب فُعَيلة، وفَعِيلة دون باب فَعِيل، وفُعَيل؛ لأنَّ باب "فُعَيلة، وفَعِيلة" اجتمع فيه سببان موجبان للحذف؛ وهما: طلب التخفيف، وتأنيس التغيير بحذف5 تاء التأنيث، وباب "فَعِيل، وفُعَيل" ليس فيه إلا سبب واحد وهو طلب التخفيف، فلمَّا كان في باب "فُعَيلة، وفَعِيلة" سببان؛ لزمه الحذف، ولَمَّا كان في باب "فَعِيل، وفُعَيل" سبب /واحد/6 لم يلزم الحذف.
[قلب الكسرة فتحة في النسب في بعض الأسماء]
فإن قيل: فَلِمَ قالوا: "حَنَفِيّ" بالفتح، وإن كان الأصل هُوَ الكسر7؟ قيل: لأنَّهم قلبوا الكسرة فتحةً طلبًا للتخفيف، كما قالوا في النسب إلى شَقِر: شَقَريّ، وإلى: نَمِر: نَمَريّ بالفتح، وإن كان الأصل هو الكسر طلبًا للتخفيف، ألا ترى أنَّهم لو قالوا "شَقِريّ، ونَمِريّ" بالكسر؛ لأدَّى ذلك إلى توالي
__________
1 في "س" ياء النسب وقد تنزلت.
2 سقطت من "س".
3 سقطت من "س".
4 في "س" ثقفيّ.
5 في "س" الحذف.
6 سقطت من "ط".
7 في "س" والأصل فيه الكسر.

(1/259)


كسرتين، بعدهما ياء مشددة، وذلك مستثقل؟ فعدلوا عن الكسرة إلى الفتحة، فقالوا: "شَقَرِيّ؛ ونَمَريّ" فكذلك ههنا؛ وكذلك قالوا في النسب إلى "عَليّ: عَلَويّ" بالفتح؛ لأنَّهم لَمَّا حذفوا الياء الأولى التي هي ياء "فعيل" بقي على وزن "فعيل"1 فأبدلوا2 من الكسرة فتحة، فانقلبت الياء ألفًا؛ لتحرُّكها وانفتاح ما قبلها، فصار /عَلَى/3 كـ"رَحَى، وعصا" فقلبوا من الألف واوًا؛ فقالوا: "عَلَوِيّ" كما قالوا: "رَحَوِيّ وعَصَوِيّ".
[عِلَّة قلب ألف رحي وعصا واوًا]
فإن قيل: فَلِمَ وجب قلب ألف "رَحَى، وعصا" واوًا؟ قيل: إِنَّما وجب قلب الألف واوًا؛ لأنها ساكنة، والياء الأولى من ياءي4 النسب ساكنة، وساكنان لا يجتمعان؛ فوجب فيها القلب، وكان القلب أولى من الحذف؛ لكثرة ما يلحق النَّسب من التغيير، والتغيير بالحذف أبلغ من القلب وأقوى؛ فلذلك، كان القلب أولى، وكان قلب الألف واوًا أولى من قلبها ياءً؛ لأنَّها لو قُلبت ياءً؛ لأدَّى ذلك إلى اجتماع الأمثال، ألا ترى أنك لو قلت: رحيِيّ، وعصييّ؛ لأَدَّى ذلك إلى اجتماع ثلاث ياءات، وذلك مستثقل؟ فعدلوا عن الياء إلى الواو، لأنَّها أبعد من اجتماع الأَمثال.
[النسبة إلى شج]
فإن قيل: فَلِمَ قالوا في النسب إلى شج: شَجَوِيّ؟ قيل: لأنَّهم أبدلوا من الكسرة فتحة للعلة التي ذكرناها، فانقلبت الياء ألفًا؛ لتحركها، وانفتاح ما قبلها؛ فالتحق بالمقصور نحو: عصا، ورحى؛ فقالوا فيه "شَجَوِيّ" كما قالوا: رَحَوِيّ، وعَصَوِيّ.
[النسبة إلى مغزى وقاضٍ وعلة ذلك]
فإن قيل: فَلِمَ قالوا في النسب إلى مغزى، وقاضٍ: مَغْزِيّ، ومَغْزَويّ، وقاضِيّ، وقاضَوِيّ؟ قيل: أما من قال: "مَغْزَوِيّ" فأبدل؛ فلأنَّ الألف من نفس الكلمة، فأبدل منها واوًا، كما أبدل في ما كان على ثلاثة أحرف؛ نحو: "رَحَوِيّ /وعَصَوِيّ/5، وأما قَاضَوِيّ، فأبدلت6 من الكسرة فتحةٌ، وقلبت الياء
__________
1 في "س" فعل.
2 في "ط" أبدلوا.
3 سقطت من "س".
4 من "ط" ياء.
5 سقطت من "ط".
6 في "س" فأبدل.

(1/260)


ألفًا، فصار: قاضي: كمغزى؛ فقالوا قاضَوِيّ؛ كما قالوا مَغْزَوِيّ، وأما من قال: مَغْزِيّ، وقَاضِيّ؛ فحذف الألف والياء؛ فلأنَّ الألف ساكنة، والياء الأولى من ياءي النسب ساكنة؛ وساكنان لا يجتمعان، فحُذِفَت الألف لالتقاء السَّاكنين، كما حُذِفَت في ما كان على خمسة أحرف.
[علة وجوب حذف الألف والياء في الاسم الخماسيِّ في النسب]
فإن قيل: فَلِمَ وجب حذف الألف والياء إذا كان الاسم على خمسة أحرف؛ نحو قولهم في النَّسب إلى "مُرتجى: مُرتَجِيّ" وإلى "مُشتري1: مشتريّ"؟ قيل: إنَّما وجب حذف الألف والياء في الاسم إذا كان على خمسة أحرف؛ لطول الكلمة، وإذا جاز الحذف في ما كان على أربعة أحرف؛ لزم في ما زاد على ذلك.
فإن قيل: فَلِمَ لزم الحذف في ما كان على أربعة أحرف؛ نحو قولهم في النَّسب إلى "بَشَكَى2: بَشَكِيّ" وإلى "جَمَزَى3: جَمَزِيّ"؟ قيل: لأنَّه لَمَّا توالت فيه ثلاث حركات متواليات، تنزَّل منزلة ما كان على خمسة أحرف؛ لأنَّ الحركة قد تنزل منزلة الحرف، ألا ترى أنَّ مَنْ يجوِّز أن يصرف "هند" لا يجوِّز أن يصرف "سعدى"4 كما لا يجوِّز أن يصرف "زينب"؛ لأنَّ الحركة ألحقته بما كان على أربعة أحرف، فكذلك5 -ههنا- ألحقته الفتحة بما كان على خمسة أحرف.
[علة حذف الياء المتحركة من الاسم الذي قبل آخره ياء مشدَّدة في النسب]
فإن قيل: فَلِمَ وجب حذف الياء المتحرِّكة مما قبل آخره ياء مشددة؛ نحو قولهم في النسب: "أُسَيِّد6: أُسَيْدِيّ" ونحو ذلك7؟ قيل: لئلا تجتمع أربع ياءات وكسرتان، وذلك مُستثقل، وإنما وجب حذف المتحرِّكة؛ لأنَّ المقصود بالحذف التخفيف، والمتحرِّكة أثقل من الساكنة، فكان حذفها أولى؛ لأنَّهم لو حذفوا الساكنة؛ لكانت المتحركة تنقلب ألفًا؛ لتحركها، وانفتاح ما قبلها؛ فلذلك، كان حذف المتحرِّكة أولى.
__________
1 في "ط" مشترٍ؛ لأنه اسم منقوص، وأثبتنا ما في "س" للدلالة على تشديد الياء في النسبة إلى "مشتري".
2 امرأة بَشَكَى: خفيفة سريعة.
3 جَمَزى: نوع من السَّير السَّريع.
4 في "س" سقر.
5 في "س" وكذلك.
6 أُسَيِّد وأُسَيوِد: تصغير "أسود من فلان" أي: أَجلّ منه.
7 في "س" وما أشبه ذلك.

(1/261)


[علة قلب همزة التأنيث واوًا في النسب]
فإن قيل: فَلِمَ وجب قلب همزة التأنيث في النسب واوًا في نحو قولهم: حمراء: حَمْرَاوِيّ، ولم يجب ذلك في النَّسب إلى "كِسَاء وعلباء1" ونحو ذلك؟ 2 قيل: لأنَّ همزة التأنيث ثقيلة؛ لأنَّها عوض عن علامة التأنيث التي توجب ثقلاً؛ فوجب قلبها واوًا؛ وأمَّا همزة "كساء" فلم يجب قلبها؛ لأنَّها منقلبة عن حرف أصليّ، فأُجريت مجرى الهمزة الأصلية؛ نحو: "قرَّاء، ووضَّاء" وكذلك الهمزة في "عَلباء" ملحقة بحرف أصلي، فأجريت /أيضًا/3 مجرى الهمزة الأصلية، وكما لا يجب قلب الهمزة الأصلية واوًا في النسب؛ فكذلك ما أُجري مُجراها.
[علة الرد إلى الواحد في النَّسب]
فإن قيل: فَلِمَ وجب الرد إلى الواحد في النسب إلى الجميع؛ نحو قولهم في النسب إلى: الفرائض: فَرَضِيّ، ونحو ذلك4؟ قيل: لأنَّ نسبته5 إلى الواحد، تدلّ على كثرة نظره6 فيها؛ وحكم الواحد من الفرائض كحكم الجمع7 فإذا كان حكم الواحد كحكم الجمع7؛ وجب الرد إلى الواحد؛ لأنه أخف في اللفظ مع أنه الأصل؛ فأما قولهم: "أَنماريّ، ومدائِنِيّ" فإنَّما نسبوا إلى الجمع؛ لأنه صار اسم شيءٍ بعينه، وليس المقصود منه أن يدل على ما يقتضيه اللفظ من الجمع، فلما صار اسمًا للواحد، تنزل منزلة الواحد؛ فاعرفه تصب، إن شاء الله تعالى.
__________
1 العلباء: عصبة في صفحة العُنُق، وتُجمع على "علابيّ" يُقال: تَشَنَّجَ عَلباؤه: إذا أسنَّ.
2 في "س" وما أشبه ذلك.
3 سقطت من "ط".
4 في "س" وما أشبه ذلك.
5 في "س" نسبه.
6 في "س" نظرٍ.
7 في "ط" الجميع.

(1/262)


الباب السَّابع والخمسون: باب أسماء الصِّلات
[علة تسمية الأسماء الموصولة بأسماء الصِّلات]
إن قال قائل: لِمَ سُمِّي "الذي، والتي، ومن، وما، وأيّ" أسماء الصِّلات؟ قيل: لأنَّها تفتقر إلى صلات توضحها وتبينها؛ لأنَّها لم تُفهم معانيها1 بأنفسها، ألا ترى أنك لو ذكرتها من غير صلةٍ، لم تفهم2 معناها، حتى تُضَمَّ إلى شيءٍ بعدها؛ كقولك: الذي أبوه منطلق، أو الذي انطلق أبوه، وكذلك التي أخوها ذاهب، والتي ذهب أخوها، وكذلك سائرها.
[الذي والتي ولغاتهما]
وفي "الذي" أربع لغات: "الذي" بياء ساكنة، و"الذيّ" بياء مشددة، و"الذِ" بكسر الذَّال من غير ياء، (والّذْ بسكون الذَّال من غير ياء) 3؛ وكذلك في "التي" أربع لغات: التي بياء ساكنة، والتيَّ بياء مشددة، واللَّتِ بكسر التاء من غير ياء، واللَّتْ بسكون التاء من غير ياء؛ والألف اللام فيهما زائدتان، وليستا فيهما للتَّعريف؛ لأنَّ التعريف بصلتهما، وهي الجملة التي بعدهما، بدليل أخواتهما4؛ نحو: "مَنْ، وَمَا" فلو كانتا فيهما للتَّعريف، لأدَّى ذلك إلى أن يجتمع فيهما تعريفان؛ وذلك لا يجوز.
[علة دخول الذي والتي في الكلام]
فإن قيل: فَلِمَ أُدخلت "الذي والتي" في الكلام؟ قيل: تَوصُّلا إلى وصف المعارف بالجمل؛ لأنَّهم لَمَّا رأوا النكرات تُوصَف بالمفردات والجمل؛ نحو: "مررت برجل ذاهبٍ، ومررت برجل أبوه ذاهب، وذهب أبوه، وما أشبه ذلك،
__________
1 في "س" لأنَّها لا يُفهم معناها.
2 في "س" يفهم.
3 سقطت من "س".
4 في "س" أخواتها.

(1/263)


ولم يحسنوا1 أن يجعلوا النكرة أقوى من المعرفة، وآثروا التسوية بينهما، جاءوا2 باسم ناقص لا يتم إلا بجملة، فجعلوه وصفًا للمعرفة توصلاً إلى وصف المعارف بالجمل، كما أتوا بـ"ذي" التي 3 بمعنى "صاحب" توصُّلا إلى الوصف بأسماء الأجناس؛ نحو /قولك/4: "مررت برجل ذي مالٍ"، وأتوا بـ"أيّ" توصُّلاً إلى نداء ما فيه الألف واللام؛ نحو: "يا أيها الرجل"، ونحو ذلك.
[علة وجوب العائد من الصلة إلى الموصول]
فإن قيل: فَلِمَ وجب العائد من الصلة إلى الموصول؟ قيل: لأنَّ العائد يعلقها بالموصول، ويتممها به، ولذلك، لم يجز أن يرتفع "زيد /بـ/5 خرج" في قولهم: الذي خرج زيد، لأنَّه يؤدي إلى أن تخلو الصِّلة من العائد إلى الموصول.
[عِلَّة حذف العائد المنصوب]
فإن قيل: فَلِمَ حُذِف في قوله تعالى: {أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولاً} 6؟ قيل: لأنَّ العائد ضمير المنصوب المتّصل والضمير المنصوب المتصل يجوز حذفه (وإنما جاز حذفه) 7؛ لأنَّه صار الاسم الموصول، والفعل، والفاعل، والمفعول بمنزلة شيءٍ واحد؛ فلمّا صارت هذه الأشياء بمنزلة الشيء الواحد؛ طلبوا لها التَّخفيف، وكان حذف المفعول أولى؛ لأنَّ المفعول فضلة، بخلاف غيره من هذه الأشياء؛ فكان حذفه أولى.
[عِلَّة كون الصِّلات جُمَلاً]
فإن قيل: فهل يجوز أن تكون الأسماء المفردة صلات؟ قيل: لا يجوز ذلك؛ لأنَّ أسماء الصلات إنما أدخلوها في الكلام توصُّلا إلى الوصف بالجمل، كما أتوا بـ"ذي8" توصلا إلى الوصف بالأجناس، وبـ"أي" توصُّلاً إلى نداء ما فيه الألف واللام، فكما لا يجوز إضافة "ذو" إلى غير الأجناس ولا يأتي بعد "أي" إلا ما فيه الألف واللام؛ فكذلك -ههنا- لا يجوز أن تكون الصلات إلا جملاً، ولا يجوز أن تكون مفردة؛ فأمَّا قراءة من قرأ: {تَمَامًا عَلَى
__________
1 في "س" يحبّوا.
2 في "س" فجاءوا.
3 في "س" بـ"ذو" الذي.
4 سقطت من "س".
5 سقطت من "ط".
6 س: 25 "الفرقان، ن: 41، مك".
7 سقطت من "ط".
8 في "س" ذو.

(1/264)


الَّذِي أَحْسَنَ} 1 بالرَّفع؛ فالتقدير فيه "على الذي هو أحسن"؛ فكذلك قوله عزَّ وجل: {مَثَلاً مَا بَعُوضَةً} 2 بالرَّفع فالتقدير: "ما هو بعوضة"؛ وكذلك قوله عزَّ وجل: {أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا} 3 أي: "هُو أشَدُّ" فحذف المبتدأ في هذه المواضع كلها؛ وحذف المبتدأ جائز في كلامهم.
[ضمة "أيُّهم" بناء أو إعراب وخلافهم فيها]
فإن قيل: فهذه الضمة في "أيُّهم" ضمة إعراب أو ضمة بناء؟ قيل: اختلف النحويون في ذلك؛ فذهب سيبويه إلى أنَّها ضمة بناء؛ لأنَّهم لَمَّا حذفوا المبتدأ من صلتها دون سائر أخواتها؛ نقصت فبنيت، وكان بناؤها على الضَّمِّ أولى؛ لأنَّها أقوى الحركات، فَبُنِيَت على الضمة كـ"قبلُ، وبعدُ" والذي يدلُّ على أنَّهم إنما بنوها لحذف المبتدأ، أنهم لو أظهروا المبتدأ، فقالوا: "ضربت أيّهم هو في الدار"؛ لَنَصبوا، ولم يبنوا. وذهب الخليل إلى أنَّ الضَّمَّةَ ضَمَّةُ إعراب، ويرفعه4 على الحكاية؛ والتقدير عنده: ... 5 ثُمَّ لننزعن من كل شيعة الذي يقال لهم أيّهم". وذهب يونس إلى إلغاء الفعل قبله، وينزل الفعل المؤثر في الإلغاء منزلة أفعال القلوب. والصحيح: ما ذهب إليه سيبويه، وأمَّا قول الخليل: إنَّه مرفوع على الحكاية؛ فالحكاية إِنَّما تكون بعد جري الكلام فتعود الحكاية إليه، وهذا الكلام يصحُ ابتداءً من غير تقدير قول قائل قاله، وأما قول يونس فضعيف جدًّا؛ لأنَّ الفعل إذا كان مؤثرًا، لا يجوز إلغاؤه.
[عِلَّة بناء أسماء الصِّلات]
فإن قيل: فَلِمَ بنيت أسماء الصلات؟ قيل لوجهين:
أحدهما: أنَّ الصلة لَمَّا كانت مع الموصول بمنزلة كلمة واحدة، صارت بمنزلة بعض الكلمة، وبعض الكلمة مبنيّ.
والوجه الثَّاني: أنَّ هذه الأسماء لَمَّا كانت لا تفيد إلا مع كلمتين فصاعدًا، أشبهت الحروف؛ لأنَّها لا تفيد إلا مع كلمتين فصاعدًا.
__________
1 س: 6 "الأنعام، ن: 154، مك".
2 س: 2 "البقرة، ن: 26، مد".
3 س: 19 "مريم، ن: 69، مك".
4 في "س" وترفعه.
5 في "ط" زيادة: "قال الله سبحانه وتعالى"، ولا تتوافق مع السياق، فلم نثبتها في المتن.

(1/265)


[علة إعراب "أيّ" دون أخواتها]
فإن قيل: فـ"أيّ" لِمَ كانت مُعربة دون سائر أخواتها؟ قيل: لوجهين:
أحدهما: أنَّهم بقَّوها على الأصل في الإعراب، تنبيهًا على أن الأصل في الأسماء الإعراب، كما بنوا الفعل المضارع إذا اتصلت به نون التأكيد /أ/و1 ضمير جماعة النسوة، تنبيهًا على أن الأصل في الأفعال البناء.
والوجه الثَّاني: أنَّهم حملوها على نظيرها ونقيضها؛ فنظيرها جزء، ونقيضها كل؛ وهما معربان، فكانت معربةً؛ فاعرفه تُصب، إن شاء الله تعالى.
__________
1 سقطت من "ط".

(1/266)


الباب الثامن والخمسون: باب حروف الاستفهام
[حروف الاستفهام وأسماؤه وظروفه]
إن قال قائل: كم حروف الاستفهام؟ قيل: ثلاثة حروف1 "الهمزة، وأم، وهل" وما عدا هذه الثلاثة، فأسماء وظروف أُقيمت مُقامها؛ فالأسماء: "مَنْ، وما، وكم، وكيف" والظروف: "أين، وأنَّى، ومتى، وأيّ حين، وأيّان"؛ و"أي" يُحكَم عليها بما تُضاف إليه؛ فأمَّا الهمزة وأم، فقد بيناهما في باب العطف، وأمَّا "هل" فتكون استفهامًا وتكون بمعنى "قد" قال الله عز وجل: {هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ} 2 أي: "قد أتى" ثم قال الشاعر3: [البسيط]
سَائِلْ فَوَارِسَ يَرْبوعٍ بِشِدَّتِنَا ... أَهَلْ رَأَونَا بسَفحِ القُفِّ ذِي الأَكَمِ4
أي: قد رأونا، ولا يجوز أن تُجعل "هل" استفهامًا؛ لأنَّ "الهمزة" للاستفهام، وحرف الاستفهام، لا يدخل على حرف الاستفهام.
[علة إقامة العرب الأسماء والظروف مقام حروف الاستفهام]
فإن قيل: فَلِمَ أقامت العرب هذه الأسماء والظروف مُقام
__________
1 في "س" حرف، وهو سهو من النَّاسخ.
2 س: 76 "الدهر، ن: 1، مك".
3 الشَّاعر هو: زيد الخيل بن مهلهل، من طَيِّئ، شاعر وخطيب من أبطال الجاهلية وفرسانها، أدرك الإسلام، فأسلم، وسماه النبي -صلى الله عليه وسلم- زيد الخير؛ له ديوان شعر مطبوع. الشعر والشعراء 286/1، والأغاني 46/16.
4 المفردات الغريبة: فوارس: جمع فارس. يربوع: أبو حيّ من تميم.
السَّفح: أسفل الجبل. القُفّ: ما ارتفع من متون الأرض. الأكمة: تلّ من القُفّ، وهو حجر واحد، ويجمع على أَكم.
موطن الشَّاهد: "أَهَل".
وجه الاستشهاد: وقوع "هل" بمعنى "قد"؛ لأنَّها سُبقت بهمزة الاستفهام؛ ولا يجوز عَدّ "هل" في البيت حرف استفهام؛ لأنَّ حرف الاستفهام لا يدخل على حرف استفهام مثله.

(1/267)


حروف1 الاستفهام؟ قيل: إِنَّما أقاموها مُقام حروف الاستفهام تَوَسُّعًا في الكلام، ولكل واحدٍ منها موضع يختص به، فـ"مَنْ" سؤال عمَّن يعقل، و"مَا" سؤال عمَّا لا يعقل، و"كم" سؤال عن العدد، و"كيف" سؤال عن الحال، و"أين"، و"أنى" سؤال عن المكان، و"متى"، و"أيّ حين"، و"أيان" سؤال عن الزمان، و"أي" يحكم عليها بما تضاف إليه؛ فإنَّها لا تكون إلا مضافة، ألا ترى أنك لو قلت: مَنْ عندك؟ لوجب أن يقول المجيب: زيد أو عمرو، وما أشبه ذلك، ولو قال: فرس، أو حمار، لم يجز؛ لأنَّ "مَنْ" سؤال عمَّن يعقل، لا عمَّا لا يعقل؛ وكذلك لو قلت: أينَ زيد؛ لوجب أن تقول: في الدَّار أو في المسجد، وما أشبه ذلك؛ فلو قال: يوم الجمعة لم يجز؛ لأنَّ "أين" سؤال عن المكان، لا عن الزمان؛ وكذلك -أيضًا- لو قلت: متى الخروج؟ لوجب أن تقول: "يوم الجمعة، أو يوم السبت" /أ/ و2 ما أشبه ذلك، ولو قال: في الدَّار، أو في المسجد؛ لم يجز، لأنَّ "متى" سؤال عن الزمان لا عن المكان، وكذلك سائرها.
[علة إقامة هذه الكلمات مقام الهمزة]
فإن قيل: فَلِمَ أقاموا هذه الكلم مُقام حرف واحدٍ، وهي همزة الاستفهام، وهم يتوخَّون الإيجاز والاختصار في الكلام؟ قيل: إِنَّما فعلوا ذلك للمبالغة في طلب الإيجاز والاختصار، وذلك؛ لأنَّ هذه الكلم تشتمل على الجنس الذي تدل عليه، ألا ترى أَنّ "مَنْ" تشتمل على جميع من يعقل، و"أين" تشتمل على جميع الأمكنة، و"متى" تشتمل على جميع الأزمنة، وكذلك سائرها، فلمَّا كانت تشتمل على هذه الأجناس؛ كان فيها فائدة ليست في الهمزة، ألا ترى أنك لو قلت: أزيد عندك؟ لجاز ألا يكون زيد عنده؛ فيقول: "لا" فتحتاج إلى أن تعيد السؤال، وتعد شخصًا شخصًا، وربَّما لا يذكر الشخص الذي هو عنده، فلا يحصل لك الجواب عمَّن عنده؛ لأنَّه لا يلزمه ذلك في سؤالك، فلمَّا كان ذلك يؤدي إلى التطويل؛ لأنّ استيعاب الأشخاص مستحيل، أتى بلفظة تشتمل على جميع من يعقل وهي "مَنْ" فأقاموها مُقام الهمزة ليلزم المسئول الجواب عمَّن عنده، وكذلك لو قلت: أفي الدار زيد، أو في المسجد؛ لجاز ألا يكون في واحدٍ منهما؛ فيقول: "لا" فتحتاج -أيضًا- أن تعيد السؤال، وتَعُدَّ مكانًا مكانًا، ورُبَّما لا يذكر ذلك المكان الذي هو فيه، فلا يحصل لك الجواب عن
__________
1 في "س" حرف.
2 سقطت في "ط".

(1/268)


مكانه؛ لأنَّه لا يلزمه ذلك في سؤالك1؛ فلمَّا كان ذلك يؤدي إلى التطويل، أُتي بـ"أين"؛ لأنَّها تشتمل على جميع الأمكنة؛ ليلزم المسئول الجواب عن مكانه؛ وكذلك لو قلت: أيخرج زيد يوم السبت؛ لجاز ألا يخرج في ذلك اليوم، فتحتاج -أيضًا- إلى تكرير السؤال، وربَّما لا يذكر ذلك الوقت الذي يخرج فيه؛ فلما كان ذلك يُؤدي إلى التطويل؛ أقاموا "متى" مُقامها؛ لأنَّها تشتمل على جميع الأزمنة، كما تشتمل "أين" على جميع الأمكنة، وكذلك سائرها؛ فلهذا المعنى من الإيجاز والاختصار أقاموها مُقام الهمزة.
[علة بناء أدوات الاستفهام عدا أي]
فإن قيل: فَلِمَ كانت مبنية ما عدا "أيًّا"؟ قيل: إنَّما بُنيت لأنَّها تضمنت معنى حرف الاستفهام، وهو "الهمزة" وأمَّا "أي" فإنَّما أُعربت وإن كانت قد تضمنت معنى حرف الاستفهام؛ لِمَا بيَّنّا في باب أسماء الصلات [مِنْ] 2 قبل؛ فاعرفه تُصب، إن شاء الله تعالى.
__________
1 في "س" سؤاله.
2 زيادة يقتضيها السِّياق.

(1/269)


الباب التاسع والخمسون: باب الحكاية
فائدة الحكاية في الكلام
إن قال قائل: لِمَ دخلت الحكاية الكلامَ؟ قيل: لأنَّها تزيل الالتباس، وتزيد1 التوسع في الكلام.
[الحكاية في المعارف والنَّكرات وخلافهم في ذلك]
فإن قيل: فهل يجوز2 الحكاية في غير الاسم العلم والكنية؟ قيل: اختلفت3 العرب في ذلك؛ فمن العرب من يجيز الحكاية في المعارف كلِّها دون النكرات؛ قال الشاعر4: [الوافر]
سمعت: النّاسُ ينتجعون غيثًا ... فقلت لِصَيدح انتجعي بلالا5
فقال: النَّاسُ بالرفع، كأنه سمع قائلاً يقول: النَّاسُ ينتجعون غيثًا، فحكى الاسم مرفوعًا، كما سمع. ومن العرب من يجيز الحكاية في المعرفة والنكرة؛ ومن ذلك قول بعضهم، وقد قيل له: عندي تمرتان؛ فقال: "دعنى من تمرتان". وأما أهل الحجاز فيخصونها بالاسم العلم والكنية؛ فيقولون إذا قال: رأيت زيدًا: مَنْ زيدًا؟ وإذا قال: مررت بزيدٍ: مَنْ زيدٍ؟ فيجعلون "مَنْ"
__________
1 في "ط" وتزيل.
2 في "ط" يجوز.
3 في "س" اختلف.
4 الشاعر هو: ذو الرُّمَّة، وقد سبقت ترجمته.
5 المفردات الغريبة: ينتجعون: يطلبون مساقط الغيث. صيدح: اسم ناقة ذي الرُّمَّة.
موطن الشاهد: "سمعت الناس".
وجه الاستشهاد: وقع "الناس" مرفوعًا في البيت على الحكاية؛ لما بينه المؤلف في المتن؛ وحكم هذه الحكاية الجواز. غير أن للشاهد رواية أخرى بنصب الناس فلا شاهد فيه عليها.

(1/270)


في موضع رفع بالابتداء، وزيدًا1 في موضع الخبر، ويحكون الإعراب، وتكون الحركة قائمة مُقام الرفعة2 التي تجب بخبر المبتدأ.
[بنو تميم لا يحكمون الإعراب]
وأما بنو تميم فلا يحكون، ويقولون: "مَنْ زيدٌ" بالرفع في جميع الأحوال، فيجعلون "مَنْ" في موضع رفع؛ لأنَّه مبتدأ وزيد هو الخبر، ولا يحكون الإعراب؛ وهو القياس؛ والذي يدل على ذلك: أن أهل الحجاز يوافقون بني تميم في العطف والوصف؛ فالعطف كقولك إذا قال لك القائل: رأيتُ زيدًا: ومن زيدٌ؟، والوصف كقولك إذا قال /لك/2 القائل: رأيتُ زيدًا الظريف: "مَنْ زيدٌ الظريف؟ ".
[أهل الحجاز يخصون الحكاية باسم العلم والكنية وعلة ذلك]
فإن قيل: فَلِمَ خَصّ أهل الحجاز الحكاية بالاسم العلم والكنية؟ قيل: لأنَّ الاسم العلم والكنية غُيِّرا، ونُقلا عن وضعهما؛ فلمَّا دخلهما التغيير؛ والتغيير يؤنس بالتغيير.
[علة رفع الحجازيين في العطف والوصف]
فإن قيل: فَلِمَ رفع أهل الحجاز مع العطف والوصف؟ قيل: لارتفاع اللَّبس.
[الزيادات التي تلحق مَنْ في الاستفهام عن النكرة في الوقف]
فإن قيل: فما هذه الزيادات التي تلحق مَنْ في الاستفهام عن النكرة في الوقف في حالة الرفع، والنصب، والجر، والتأنيث، والتثنية، والجمع؛ نحو: "منو، ومنا، ومني، ومنان، ومَنَيْن، ومنون، ومَنيْن، ومَنَهْ، ومنتان، ومَنْتَيْن، ومنات" هل هي إعراب أو لا؟ قيل: هذه الزيادات التي تلحق "مَنْ" من تغييرات3 الوقف، وليست بإعراب، والدليل على ذلك من وجهين:
أحدهما: أنَّ "مَنْ" مبنية، والمبني لا يلحقه الإعراب.
والثَّاني: أنَّ الإعراب يثبت في الوصل، ويسقط في الوقف4؛ وهذا
__________
1 في "س" وزيد.
2 سقطت من "س".
3 في "س" تغيُّرات.
4 علق محقق: "أسرار العربية" بالآتي: إنَّ الحكاية في "مَنْ" خاصة بالوقف. نقول: مَنانْ -بالوقف والإسكان- وإن وصلت قلت: مَن يا هذا، وبطلت الحكاية. 392/ حاه.
1 يُنسب هذا البيت إلى شمر بن الحارث الضَّبِّيّ، ولم اصطد له ترجمة وافية.
2 المفردات الغريبة: منون أنتم: من أنتم. عِمُوا ظلامًا: تحية العرب في الصباح: عم صباحًا، وفي المساء: عم مساءً؛ وللجمع: عِمُوا؛ وقال: عِمُوا ظلامًا لمخاطبته بها الجنّ، وهي تتأذى من النار التي أوقدها.
موطن الشاهد: "منون أنتم".
وجه الاستشهاد: زيادة الواو والنون على مَنْ في الوصل؛ لأنَّ القياس أن يقول: من أنتم؟؛ وهذا من باب الشذوذ الذي تسوغه الضرورة الشعرية.

(1/271)


بعكس الإعراب، يثبت في الوقف، ويسقط في الوصل؛ فدلَّ على أنه ليس بإعراب، وأمَّا قول الشاعر1: [الوافر]
أتوا ناري فقلت مَنُونَ أنتم ... فقالوا الجنُّ فقلت: عِمُوا ظَلامَا2
فأثبتوا الزيادة في حال الوصل؛ فالجواب عنه من وجهين:
أحدهما: أنَّه أجرى الوصل مجرى الوقف، لضرورة الشّعر، وإذا كان ذلك لضرورة الشعر؛ فلا يكون فيه حُجَّة.
والثاني: أنه يجوز أن يكون من قبيلة تعرب3 "مَنْ"، فقد حُكي عن سيبويه4: أنَّه من العرب من يقول: "ضرب مَنٌ مَنًا" كما تقول: "ضرب رجل رجلاً" ولم يقع الكلام في لغة من أعربها، وإِنَّما وقع في لغة من بناها، فـ"منون" في هذه اللغة بمنزلة "قام الزيدون" وعلى كل حال فهو من القليل الشاذ الذي لا يُقاس عليه؛ فاعرفه تصب، إن شاء الله تعالى.
__________
3 في "س" يعربون.
4 في "س" حكى سيبويه.

(1/272)