فقه اللغة وسر العربية الفصل الثامن
والستون في وقوع اسم واحد على أشياء مختلفة.
من ذلك: عين الشمس وعين الماء ويقال لكل واحد منهما: العين. والعين:
النَّقد من الدّراهم. والعين: الدَّنانير. والعين: السَّحابة من قِبَل
القبلة. والعين: مطر أيَّام لا يُقلع. والعين: الدَّيدَبان والجاسوس
والرَّقيب وكلهم قريب من قريب. ويقال في الميزان: عين إذا رجحت إحدى
كفتيه على الأخرى. والعين: عين الرَّكيَّة. وعين الشيء: نفسه. وعين
الشيء: خياره. والعين: الباصِرة. والعين: مصدر عانه عَينا. ومن ذلك
الخال: أخو الأم ونوع من البرود والاختيال والغيم وواحد الخيلان. ومن
ذلك الحميم يقع على الماء الحارِّ والقرآن ناطق به5. قال أبو عمرو:
والحميم: الماء البارد وأنشد: [من الوافر]
فساغَ ليَ الشَّرابُ وكُنتُ قَبْلاً ... أكادُ أغَصُّ بالماء الحميم.
الحميم: الخاصُّ يقال: دُعينا في الحامَّة لا في العامَّةِ. والحميم:
العَرق. والحميم: الخيارُ من الإبل ويقال: جاء المُصَدِّقُ فأخَذ
حَميمها أي خيارها.
ومن ذلك المولى
__________
1 سورة الأحزاب: الآية 56.
2 نبي من أنبياء الله تعالى أرسله إلى مدين قيل: هم أصحاب الأيكة وقيل:
هما قومان.
3 سورة هود الآية: 87.
4 سورة الحج الآية: 40
5 وذلك في قوله تعالى {وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ
حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ} [يونس: 4]
(1/262)
هو السيد والمُعْتِق والمُعْتَقْ وابن العم
والصِّهر والجار والحليف.
ومن ذلك العدل
هو الفدية من قوله تعالى: {وَلا يُؤْخَذُ مِنْهَا} 1 أي فدية والمثل من
قوله تعالى: {أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَاماً} 2. والعدل: القيمة والرِّجل
الصَّالح والحقُّ: وضِدُّ الجَور.
ومن ذلك المرض.
المرض في القلب: هو الفتور عن الحقِّ وفي البدن: فتور الأعضاءِ وفي
العين: فتور النّظر.
الفصل التاسع والستون: في الإبدال.
من سنن العرب إبدال الحروف وإقامة بعضها مكان بعض في قولهم: مَدَحَ
وَمَدَهَ وَجَدَّ وَجَذَّ وخَرَمَ وخَزَمَ وصَقَعَ الدِّيكُ وسَقَعَ
وفاضَ أي ماتَ وفاظَ وفَلَقَ الله الصُّبحَ وفَرَقَهُ. وفي قولهم:
صِراط وسِراط ومُسيطِر ومصيطر ومكّة وبكّة.
الفصل السبعون: في القلب.
من سنن العرب القلب في الكلمة وفي القصَّة. أما في الكلمة فكقولهم:
جَذَبَ وجَبَذَ وضَبَّ وبَضَّ وبَكَلَ ولبكَ وطَمَسَ وطَسَمَ. وأما
القصَّة فكقول الفرزدق: [من الكامل]
كما كانَ الزَّناءُ فريضَةَ الرَّجْم.
أي كما كان الرَّجمُ فريضَة الزّنا. وكما قال: [من الطويل]
ونركب خيلا لا هوادة بينها ... وتَشْقى الرِّماحُ بالضَّياطِرَةِ
الحمر.
أي وتشقى الضَّياطِرَةُ الحُمْرُ بالرماح. وكما يقال: أدْخَلْتُ
الخاتَمَ في إصْبَعي وإنَّما هو إدخال الأصبع في الخاتم. وفي القرآن:
{مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ} 3
وإنَّما العصبة أولُوا القوَّة تَنوء بالمفاتيح.
الفصل الحادي والسبعون: في تسمية المتضادين
باسم واحد.
هي من سنن العرب المشهورة كقولهم:. الجَوْنُ: للأبيض والأسْوَد.
والقُروء: للأطهار
__________
1 سورة البقرة الآية: 48.
2 سورة المائدة الآية: 95.
3 سورة القصص الآية: 76.
(1/263)
والحَيض. والصَّريم: للَّيل والصُّبح. والخَيلولة: للشَّكِّ واليَقين.
قال أبو ذؤيب: [من الكامل]
فَبَقيتُ بَعْدَهُمُ بِعَيْشٍ ناصِبٍ ... وَإِخالُ أنِّي لاحِقٌ
مُسْتَتْبَع.
أي وأتيَقَّن. والنَّدُّ: المِثلُ والضِّدُّ. وفي القرآن: {وَجْعَلُوا
لِلَّهِ أَنْدَاداً} 1 على المعنيين. والزَّوج: الذَّكر والأنثى.
والقانِعُ: السَّائل والذي لا يسأل. والنَّاهل: العَطْشان والرَّيان.
الفصل الثاني والسبعون: في الإتباع.
هو من سنن العرب وذلك أن تتبع الكلمة الكلمة على وزنها ورَوِيِّها
إشباعاً وتوكيداً اتِّساعاً كقولهم: جائع نائع وساغِب لاغِب وعَطشان
نَطْشان وصَبَّ ضَبَّ وخَراب يَباب. وقد شاركت العرب العجم في هذا
الباب. |