الخصائص

المجلد الثالث
باب في حفظ المراتب
...
بسم الله الرحمن الرحيم
باب في حفظ المراتب:
هذا موضع يتسمح الناس فيه فيخلون ببعض رتبه تجاوزًا لها وربما كان سهوًا عنها. وإذا تنبهت على ذلك من كلامنا هذا قويت به1 على ألا تضيع مرتبة يوجبها القياس بإذن الله.
فمن ذلك قولهم في خطايا: إن أصله2 كان3 خطائئ ثم التقت الهمزتان غير عينين فأبدلت الثانية على حركة الأولى فصارت ياء: خطائي، ثم أبدلت الياء ألفا لأن الهمزة عرضت في الجمع واللام معتلة فصارت خطاءا، فأبدلت الهمزة على ما كان في الواحد وهو الياء فصارت خطايا. فتلك أربع مراتب: خطائئ ثم خطائي ثم خطاءا ثم خطايا. وهو -لعمري- كما ذكروا، إلا أنهم قد أخلوا من الرتب بثنتين: أما إحداهما فإن أصل هذه الكلمة قبل أن تبدل ياؤها همزة خطايئ بوزن خطايع ثم أبدلت الياء همزة فصارت: خطائئ بوزن خطاعع. والثانية أنك لما صرت إلى خطائي فآثرت إبدال الياء ألفا لاعتراض الهمزة في الجمع مع اعتلال اللام لاطفت الصنعة فبدأت بإبدال الكسرة فتحة لتنقلب الياء ألفا فصرت من خطائي إلى خطاءي بوزن خطاعي ثم أبدلتها لتحركها وانفتاح ما قبلها، على حد4 ما تقول في إبدال لام5 رحى وعصا، فصارت خطاءا بوزن خطاعي ثم أبدلت الهمزة
__________
1 سقط في د، هـ، ط، وثبت في ش.
2 كذا في ش. وفي هـ، ط: "أصلها".
3 ثبت في ش، ط، وسقط في د، هـ، ز.
4 ثبت في ش، ط، وسقط في د، هـ، ز.
5 سقط في ش.

(3/7)


ياء على مضى فصارت خطايا. فالمراتب إذًا ست لا أربع. وهي خطايئ ثم خطائئ ثم خطائي ثم خطاءي ثم خطاءا ثم خطايا. فإذا أنت حفظت هذه المراتب ولم تضع موضعًا منها قويت دربتك بأمثالها وتصرفت بك الصنعة فيما هو جارٍ مجراها.
ومن ذلك قولهم: إوَزَّة. أصل وضعها إوْزَزَة. فهناك الآن عملان:
أحدهما قلب الواو ياء1 لانكسار ما قبلها ساكنة والآخر وجوب الإدغام. فإن قدرت أن الصنعة وقعت في الأول من العملين فلا محالة أنك أبدلت من الواو ياء فصارت إيززة ثم أخذت في حديث الإدغام فأسكنت الزاي الأولى ونقلت فتحتها إلى الياء قبلها فلما تحركت قويت بالحركة فرجعت إلى أصلها -وهو الواو- ثم ادّغمت الزاي الأولى في الثانية فصارت: إوزة كما ترى. فقد عرفت الآن على هذا أن الواو في إوزة إنما هي بدل من الياء التي في إيززة وتلك الياء المقدرة بدل من واو إوززة2 التي هي واو وز.
وإن أنت قدرت أنك لما بدأتها فأصرتها إلى إوززة أخذت3 في التغيير من آخر الحرف فنقلت الحركة من العين إلى الفاء فصارت إوزة فإن الواو فيها على هذا التقدير هي الواو الأصلية لم تبدل ياء فيما قبل ثم أعيدت إلى الواو كما قدرت ذلك في الوجه الأول. وكان أبو علي -رحمه الله- يذهب إلى أنها لم تصر إلى إيززة. قال: لأنها لو كانت كذلك لكنت إذا ألقيت الحركة على الياء بقيت بحالها ياء4، فكنت تقول: إيزة. فأدرته عن5 ذلك وراجعته فيه6 مرارا فأقام عليه. واحتج
__________
1 سقط في ش.
2 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "إوزة".
3 كذا في ش، في د، هـ، ز، ط: "وأخذت".
4 كذا في ش، ط، وسقط في د، هـ، ز.
5 كذا في د، هـ، ز، ط. وفي ش: "على".
6 ثبت في ش، وسقط في د، هـ، ز، ط.

(3/8)


بأن الحركة منقولة إليها فلم تقو بها. وهذا ضعيف جدًَّا ألا ترى أنك لما حركت عين طيّ فقويت رجعت واو في طووي وإن كانت الحركة1 أضعف من تلك لأنها مجتلبة زائدة وليست منقولة من موضع قد كانت فيه قوية معتدة.
ومن ذلك بناؤك2 مثل فعلول من طويت. فهذا لا بد أن يكون أصله: طويويٌ. فإن بدأت بالتغيير من الأول فإنك أبدلت الواو الأولى ياء لوقوع الياء بعدها فصار التقدير إلى طييوي ثم ادغمت الياء في الياء فصارت طيويٌ "ثم أبدلت من الضمة كسرة فصارت طيوي"3 ثم أبدلت من4 الواو ياء فصارت إلى طيي ثم أبدلت من الضمة قبل واو فعلول كسرة فصارت طيي ثم ادغمت الياء المبدلة من واو فعلول في لامه فصارت طيِّيّ. فلما اجتمعت أربع ياءات ثقلت فأردت التغيير لتختلف5 الحروف فحركت الياء الأولى بالفتح لتنقلب الثانية ألفا فتنقلب الألف واوا فصار بك التقدير إلى طييّ فلما تحركت الياء التي هي بدل من واو طويوي الأولى قويت فرجعت بقوتها إلى الواو فصار التقدير: طويي فانقلبت الياء الأولى التي هي لام فعلول الأولى ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها فصارت طواى ثم قلبتها واوا لحاجتك إلى حركتها -كما أنك لما احتجت إلى حركة اللام في الإضافة إلى رحى قلبتها واوا- فقلت: طووي كما تقول في الإضافة إلى هوى علما: هووى. فلابد أن تستقرئ هذه المراتب شيئًا فشيئًا ولا تسامحك الصنعة بإضاعة شيء منها.
__________
1 كذا في ز، ط، ش. يريد حركة "طووي"، ولو كان "هذه الحركة" كان أظهر. وفي ج: "حركتها" وهي ظاهرة.
2 انظر هذه المسألة في الأشباه والنظائر للسيوطي 3/ 187، والكتاب لسيبويه 2/ 393.
3 سقط ما بين القوسين في د، هـ، ز.
4 كذا في ش، ط. وسقط هذا الحرف في د، هـ، ز.
5 كذا في ش، ط. وفي د، هـ، ز: "لتخلف".

(3/9)


وإن قدرت أنك بدأت بالتغيير من آخر المثال فإنك لما بدأته على طويوى أبدلت واو فعلول ياء فصار1 إلى2 طوينيي ثم ادغمت3 فصار إلى طوييٍّ4 "وأبدلت من ضمة العين كسرة فصار التقدير طويي"5 ثم أبدلت من الواو ياء فصار طييٌّ ثم ادغمت الياء الأولى في الثانية طيِّيّ ثم عملت فيما بعد من تحريك6 الأولى7 بالفتح وقلب الثانية ألفا ثم قلبها واوا ما كنت عملته في الوجه الأول. ومن شبه ذلك يلي جمع قرن ألوى8 فإنه يقول: طيي وشيي. ومن قال: لي فضم فإنه يقول: طيِّي وشييّ فيهما9 من طويت وشويت.
فاعرف بهذا10 حفظ المراتب فيما يرد عليك من غيره ولا تضع رتبة البتة فإنه أحوط عليك وأبهر11 في الصناعة بك بحول الله.
بأي التغييرين في المثال الواحد يبدأ؟
باب في التغييرين في المثال الواحد بأيهما يبدأ اعلم أن القياس يسوغك أن تبدأ بأي العملين شئت: إن شئت بالأول وإن شئت بالآخر.
أما12 وجه علة الأخذ في الابتداء بالأول فلأنك تغير لتنطق بما تصيرك الصنعة إليه وإنما13 تبتدئ14 في النطق بالحرف من أوله لا من آخره. فعلى هذا
__________
1 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "فصارت".
2 سقط في ط.
3 في ط: "أدغم".
4 ثبت هنا الحرف في ز.
5 ثبت ما بين القوسين في ش، ط. وسقط في ز. وقوله: "ضمة العين" هذا سهو. والصواب: ضمة اللام الأول.
6 كذا في د، هـ، ز، ط. وفي ش: "تحريكك".
7 كذا في د، هـ، ز، ط. وفي ش: "الأول".
8 أي معوج.
9 كذا في ز، ط. وفي ش: "فهما".
10 كذا في ز، ط، وفي ش: "هذا".
11 كذا في ش، ط. وفي ز، هـ: "أمهر".
12 في ش: "وأما".
13 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "فإنما".
14 كذا في ش، ط: وفي د، هـ، ز: "تبدأ".

(3/10)


ينبغي أن يكون التغيير من أوله لا من آخره لتجتاز بالحروف وقد رتبت على ما يوجبه العمل فيها وما تصير بك الصنعة عليه إليها إلى أن تنتهي كذلك1 إلى آخرها فتعمل2 ما تعمله ليرد اللفظ بك مفروغًا منه.
وأما وجه علة وجوب الابتداء بالتغيير من الآخر فمن قبل أنك إذا أردت التغيير فينبغي أن تبدأ به من أقبل المواضع له3. وذلك الموضع آخر الكلمة لا أولها لأنه أضعف الجهتين.
مثال ذلك قوله4 في مثال5 إوزة من أويت: إياة. وأصلها إئوية. فإبدال الهمزة التي هي فاء واجب وإبدال الياء6 التي هي اللام واجب أيضًا. فإن بدأت بالعمل من الأول صرت إلى إيوية ثم إلى إييية ثم إلى إياة. وإن بدأت بالعمل من آخر المثال صرت أول إلى إئواة ثم إلى إيواةٍ ثم إياةٍ. ففرقت العمل في هذا الوجه ولم تواله كما واليته في الوجه الأول لأنك لم تجد طريقًا إلى قلب الواو ياء7 إلا بعد أن صارت الهمزة قبلها ياء. فلما صارت إلى إيواة أبدلتها ياء فصارت إياة كما ترى.
ومن ذلك قوله في مثال جعفر من الواو: أوى. وأصلها وووٌ8. وههنا عملان واجبان.
__________
1 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "بذلك".
2 كذا في د، هـ، ز. وفي ش، ط: "تعمل".
3 ثبت في ش، ط،. وسقط في د، هـ، ز.
4 كذا في د، هـ، ز. وفي ش، ط: "قولك".
5 سقط في د، هـ، ز. وثبت في ش، ط.
6 كذا في د، هـ، ز، ط. وفي ش: "الهمزة" وهو سبق قلم.
7 سقط في د، هـ، ز. وثبت في ش، ط.
8 رسم في ط: "وووو".

(3/11)


أحدهما إبدال الواو الأولى همزة لاجتماع الواوين في أول الكلمة. والآخر إبدال الواو الآخرة ياء لوقوعها رابعة وطرفا ثم إبدال الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها.
فإن بدأت العمل من أول المثال صرت إلى أووٍ1، ثم إلى أوي2؛ ثم إلى أوى. وإن قدرت ابتداءك3 العمل من آخره فإنك تتصور أنه كان وَوّوٌ4 ثم صار إلى وويٍ ثم إلى وويّ5، ثم إلى أوي. هكذا موجب القياس على ما قدمناه.
وتقول على هذا إذا أردت مثال فعل من وأيت: وؤي. "فإن خففت الهمزة فالقياس أن تقر المثال على صحة أوله وآخره فتقول: وويٌ"6 فلا تبدل الواو الأولى همزة لأن الثانية ليست بلازمة فلا تعتد إنما هي همزة وؤي خففت فأبدلت في اللفظ واوا وجرت مجرى واو رويا تخفيف رؤيا. ولو اعتددتها واو البتة لوجب أن تبدلها للياء التي بعدها. فتقول: وي أو أي على ما نذكره بعد.
وقول الخليل في تخفيف7 هذا المثال: أوي طريف وصعب ومتعب. وذلك أنه قدر الكلمة تقديرين ضدين لأنه اعتقد صحة الواو المبدلة من الهمزة حتى "قلب لها"8 الفاء فقال: أوي. فهذا وجه اعتداده إياها. ثم إنه مع ذلك لم يعتددها ثابتة9 صحيحة ألا تراه لم يقلبها ياء للياء بعدها. فلذلك قلنا: إن في مذهبه هذا
__________
1 رسم في ط: "أووو".
2 رسم في ط: "أووي".
3 كذا في، ط. وفي د، هـ، ز: "ابتداء".
4 سقط في ش.
5 كذا في ز، ط. وفي ش: "أووا".
6 سقط ما بين القوسين في د، هـ، ز، ط. وثبت في ش.
7 ثبت في ش، ط، وسقط في د، هـ، ز. وانظر ص92 من الجزء الثاني.
8 كذا في د، هـ، ز، وفي ش: "قلب الياء" وفي ط: "قلبها".
9 كذا في، وفي ز، ش: "ثانية".

(3/12)


ضربا من التنتاقض. وأقرب ما يجب أن نصرفه إليه أن نقول1: قد فعلت العرب مثله في قولهم: مررت بزيد ونحوه. ألا تراها تقدر الباء تارة كالجزء من الفعل وأخرى كالجزء من الاسم. وقد ذكرنا هذا فيما مضى. يقول2: فكذلك يجوز لي أنا أيضًا أن أعتقد في العين من ووى من وجه أنها في تقدير الهمزة3 وأصحها ولا أعلها للياء بعدها ومن وجه آخر أنها في حكم الواو لأنها بلفظها فأقلب لها الفاء4 همزة. فلذلك قلت: أوي. وكأن " أبا عمر"5 أخذ هذا الموضع من الخليل فقال في همزة6 نحو رأس وبأس7 إذا خففت في موضع الردف جاز أن تكون ردفا. فيجوز8 عنده اجتماع راس9 وباس مع ناس. وأجاز10 أيضًا أن يراعى ما فيها من نية11 الهمزة فيجيز اجتماع راس مع فلس12. وكأن أبا عمر إن13، 14 كان أخذ هذا الموضع أعذر فيه من الخليل في مسئلته تلك. وذلك أن أبا عمر لم يقض بجواز كون ألف راس ردفا وغير ردف في قصيدة واحدة. وإنما أجاز ذلك في قصديتين إحداهما قوافيها نحو حلس وضرس والآخرى قوافيها نحو ناس وقرطاس وقرناس. والخليل جمع في لفظة واحدة أمرين متدافعين. وذلك أن صحة الواو الثانية في ووى منافٍ15 لهمزة الأولى
__________
1 كذا في ش. وفي ز، ط: "تصرفه ... تقول".
2 أي الخليل. وسقط هذا في د، هـ، ز، ط. ثبت في ش.
3 كذا في د، هـ، ز، ط. وفي ش: "الهمز".
4 سقط في د، هـ، ز. وثبت في ش، ط.
5 كذا في ش: وفي ز، ط "أبا عمرو" وكأنه يريد الجرمي.
6 سقط في ش. وثبت في د، هـ، ز، ط.
7 كذا في ش، ز. وفي ط: "يأس".
8 كذا في ش، ط. وفي د، هـ، ز: "فيكون".
9 كذا في ش، ز. وفي ط: "ياس".
10 كذا في د، هـ، ز، ط. وفي ش: "جاز".
11 كذا في ش، ز، وفي ط: "رتبة".
12 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "فاس".
13 في ط: "وإن".
14 سقط في ز.
15 أي أمر مناف. ولولا هذا لقال: منافية.

(3/13)


منهما. وليس له عندي إلا احتجاجه بقولهم: مررت بزيد ونحوه وبقولهم: لا أبا لك. وقد ذكر ذلك في باب1 التقديرين المختلفين لمعنيين مختلفين.
ولندع هذا إلى أن نقول: لو وجد في الكلام تركيب "ووي" فبنيت منه فعلًا لصرت إلى ووي. فإن بدأت بالتغيير2 من الأول وجب أن تبدل الواو التي هي فاء همزة فتصير حينئذ إلى أوىٍ ثم تبدل الواو العين ياء لوقوع اللام بعدها ياء فتقول: أي.
فإن قلت: أتعيد الفاء واوا لزوال الواو من بعدها "فتقول: وي أو3 تقرها على قلبها السابق إليها فتقول: أي؟ "4 فالقول عندي إقرار الهمزة بحالها وأن تقول: أي. وذلك أنا رأيناهم إذا قلبوا العين وهي حرف علة همزة أجروا تلك الهمزة مجرى الأصلية. ولذلك قال5 في تحقير قائم: هو قوئيم فأقر الهمزة وإن زالت ألف فاعل عنها. فإذا فعل هذا في العين كانت الفاء أجدر به لأنها6 أقوى من العين.
فإن قلت: فقد قدمت في إوزة أنها لما صارت في التقدير7 إلى إيززة ثم أدرت إليها الحركة الزاي بعدها فتحركت بها. أعدتها إلى الواو فصارت إوزة فهلا أيضًا أعدت همزة أي إلى الواو لزوال العلة التي كانت8 قلبتها9 همزة أعني واو أوي
__________
1 انظر ص342، 343 من الجزء الأول.
2 كذا في ش، وفي د. هـ، ز، ط: "التغيير".
3 كذا والمعروف في معادلة الهمزة أم.
4 سقط ما بين القوسين في د، هـ، ز. وثبت في ش، ط.
5 أي سيبويه. انظر كتابه 2/ 127.
6 كذا في ط، ز. وفي ش: "لأنه".
7 كذا في ز، ط. وفي ش: "التغيير".
8 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "كنت".
9 في ش: "قبلها".

(3/14)


قيل: انقلاب حرف العلة همزة فاء أو عينا ليس كانقلاب الياء واوا ولا الواو ياء بل هو أقوى من انقلابهما إليهما ألا ترى إلى قولهم: ميزان ثم لما زالت الكسرة عادت الواو في موازين ومويزين. وكذلك عين ريح قلبت للكسرة ياء "ثم لما"1 زالت الكسرة عادت واوا فقيل2: أرواح ورويحة. وكذلك قولهم: موسر وموقن لما زالت الضمة عادت الياء فقالوا: مياسر3، ومياقن4. فقد ترى إن انقلاب حرف اللين إلى مثله لا يستقر ولا يستعصم لأنه بعد القلب وقبله كأنه صاحبه والهمزة حرف صحيح وبعيد المخرج فإذا قلب حرف اللين إليه أبعده عن جنسه واجتذبه إلى حيزه فصار5 لذلك من وادٍ آخر وقبيل غير القبيل الأول. فلذلك أقر على ما صار إليه وتمكنت6 قدمه فيما7 حمل عليه. فلهذا وجب عندنا أن يقال فيه: أي.
"وأما إن8" أخذت العمل من آخر المثال فإنك تقدره على ما مضى: ووى ثم تبدل العين للام فيصير: وي فتقيم9 حينئذ عليه ولا تبغي بدلا به لأنك لم تضطر إلى تركه لغيره.
وكذلك أيضًا يكون هذان الجوابان إن اعتقدت في عين وؤي أنك أبدلتها إبدالا ولم تخففها تخفيفًا: القول في الموضعين واحد. ولكن لو ارتجلت هذا المثال من وأيت على ما تقدم فصرت10 منه إلى وؤي ثم همزت الواو التي هي الفاء همزا11
__________
1 في د، هـ، ز، ط "فلما".
2 في ط: "وقيل".
3 كذا في ش. وفي ز، ط، "مياسير".
4 كذا في ش، ز. وفي ط: "مياقبن".
5 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "وصار".
6 كذا في ش. وفي ز، ط: "مكنت".
7 في ش: "وما".
8 كذا في ش. وفي د، هـ، ز "وأما إذا" وفي ط: "وإذا".
9 في ش: "فيقيم".
10 في ش: "لصرت".
11 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "همزة".

(3/15)


مختارًا لا مضطرًا إليه لكن قولك في وجوه: أجوه وفي وقتت: أقتت لصرت إلى أؤي فوجب إبدال الثانية واوا خالصة؛ فإذا خلصت كما ترى لما تعلم وجب إبدالها للياء بعدها فقلت: أي لا غير. فهذا وجه آخر من العمل غير جميع ما تقدم.
فإن قلت: فهلا استدللت بقولهم في مثال فعول من القوة: قيو على أن التغيير إذا وجب في الجهتين فينبغي أن يبدأ بالأول منهما ألا ترى أن أصل هذا قوو فبدأ بتغيير الأوليين1 فقال2: قيو ولم يغير الأخريين فيقول: قوي؟
قيل: هذا اعتبار فاسد3. وذلك أنه لو بدأ فغير من الآخر لما وجد بدا من أن يغير الأول أيضًا "لأنه لو أبدل الآخر فصار إلى قوي للزمه أن يبدل الأول أيضًا"4 فيقول: قيّيّ: فتجتمع له أربع ياءات فيلزمه أن يحرك الأولى لتنقلب الثانية ألفا فتنقلب5 واوا فتختلف الحروف6، فتقول: قووي7، فتصير من عمل إلى عمل ومن صنعة إلة صنعة. وهو مكفي ذلك وغير محوج إليه. وإنما كان يجب عليه أيضًا تغيير الأولين لأنهما ليستا عينين فتصحا؛ كبنائك فعلًا من قلت: قول وإنما هما عين وواو زائدة.
__________
1 كذا في ط. وفي ش، ز: "الأولين".
2 في ش: "فقيل". وقوله: "فقال" أي سيبويه. وانظر الكتاب 2/ 396.
3 في ط: "ما نريد"، وكأنه مصحف عما أثبت.
4 سقط ما بين القوسين في د، هـ، ز.
5 كذا في ش، ط. وفي د، هـ، ز، "فينقلب".
6 في ش: "الحركات" وهو خطأ في النسخ.
7 كذا في ش، ط. وفي د، هـ، ز: "قوي".

(3/16)


ولو قيل لك: ابن مثل خروع من قلت لما قلت إلا قيل لأن واو فعول لا يجب أن يكون أبدا من لفظ العين ألا ترى إلى خروع وبروع اسم ناقة فقد روى بكسر الفاء وإلى جدول1 فقد رويناه عن قطربٍ بكسر الجيم. وكل ذلك لفظ عينه مخالف لواوه وليست كذلك العينان لأنهما لا يكونان أبدا إلا من لفظ واحد فإحداهما2 تقوى صاحبتها وتنهض منتها. فإن قلت: فإذا كنت تفصل بين العينين وبين العين الزائد بعدها فكيف تبنى مثل عليب3 من البيع فجوابه على قول النحويين سوى الخليل بيع. ادغمت عين فعيل فى يائه فجرى اللفظ مجرى فعل من الياء نحو قوله4:
وإذا هم نزلوا فمأوى العيل
وقوله5:
كأن ريح المسك والقرنفل ... نباته بين التلاع السيل
فإن قلت6: فهلا فصلت فى فعيل بين العين والياء وبين العينين "كما فصلت فى فعول وفعل7 بين العين والواو وبين العينين"8؟
__________
1 كذا في د، هـ، ز، وفي ش، ط: "جرول" والذي في اللسان "جدل" هو ما أثبت.
2 كذا في ش. وفي د، هـ، ط: "وإحداهما".
3 هو واد على طريق اليمن.
4 أي أبي كبير الهذلي من قصيدته في تأبط شرا. وصدره:
يحمي الصحاب إذا تكون عظيمة
والعيل جمع العائل، وهو الفقير. وانظر الحماسة بشرح التبريزي "التجارية 1/ 89، وابن يعيش 10/ 31".
5 أي أبي النجم. وهذا آخر أرجوزته الطويلة التي أولها:
الحمد لله الوهوب المجزل
وهذا في وصف واد ترعى فيه الإبل. وانظر الطرائف الأدبية.
6 كذا في ش. وفي د، هـ، ز، ط: "قيل".
7 كذا في ط. وفي ش: "فعيل" وكتب فوقه: "صح".
8 سقط ما بين القوسين في د، هـ، ز. وثبت في ش، ط.

(3/17)


قيل: الفرق أنك لما أبدلت عين قول وأنت تريد1 به مثال فعول صرت إلى قيول فقلبت أيضا الواو ياء فصرت إلى قيل. وأما فعيل من البيع فلو أبدت عينه واوا للضمة قبلها لصرت إلى بويع. فإذا2 صرت إلى هنا لزمك أن تعيد الواو ياء لوقوع الياء بعدها فتقول بيع ولم تجد طريقًا إلى قلب الياء واوًا لوقوع الواو قبلها كما وجدت السبيل إلى قلب الواو فى قيول ياء لوقوع الياء قبلها؛ لأن الشرط فى اجتماع الياء والواو أن تقلب والواو للياء لا أن تقلب الياء للواو. وذلك3 كسيد وميت وطويت طيا وشويت شيا. فلهذا قلنا فى فعيل من البيع: بيع فجرى فى اللفظ مجرى فعل منه وقلنا فى فعول من القول: قيل فلم يجر مجرى فعل منه.
وأما قياس قول الخيل فى فعيل من البيع فأن تقول: بويع؛ ألا تراه يجرى الأصل فى نحو هذا مجرى الزائد فيقول4 في فعل5 من أفعلت من اليوم على من قال: أطولت: أووم فتجرى ياء أيم الأولى وإن كانت فاء مجرى ياء فيعل6 من القول إذا قلت: قيل. فكما7 تقول الجماعة في فعل من قيل هذا قوول وتجري ياء فيعل مجرى ألف فاعل كذلك قال الخليل في فعل مما ذكرنا: أووم. فقياسه هنا أيضًا أن
__________
1 سقط في د، هـ، ز. وثبت في ش، ط.
2 كذا في ش، ط. وفي د، هـ، ز: "وإذا".
3 سقط في ش.
4 انظر الكتاب 2/ 376.
5 كذا في ز، ش. يريد صيغة المبني للمجهول، وإن لم تكن في التصريف على وزن فعل. وفي ط: "أفعل".
6 كذا في ط. وفي ش، ز: "فعيل".
7 كذا في ش، ط. وفي د، هـ، ز: "كما".

(3/18)


يقول1 في فيعل من البيع: بويع. بل إذا لم يدغم الخليل الفاء في العين -وهي أختها "وتليتها"2 وهي مع ذلك من لفظها- في أووم حتى أجراها مجرى قوله3:
وفاحم دووي حتى اعلنكسا
فألا يدغم4 عين بويع في يائه -ولم يجتمعا في كونهما أختين ولا هما أيضًا في اللفظ الواحد شريكتان-5 أجدر بالوجوب.
ولو بنيت مثل عوارة6 من القول لقلت على مذهب الجماعة: قوالة بالادغام وعلى قول الخليل أيضًا كذلك لأن العين لم تنقلب فتشبه عنده ألف فاعل. لكن يجيىء على قياس قوله أن يقول في فعول من القول: قيول لأن العين لما انقلبت أشبهت الزائد. يقول: فكما لا تدغم بويع فكذلك لا تدغم قيول. اللهم إلا أن تفضل فتقول: راعيت في بويع ما لا يدغم وهو ألف فاعل فلم أدغم وقيول بضد ذلك لأن ياءه بدل من عين القول وادغامها في قول وقول والتقول ونحو ذلك جائز حسن، فأنا أيضا أدغمها فأقول: قيل. وهذا وجه حسن.
فهذا فصل اتصل بما كنا عليه. فاعرفه متصلا به بإذن الله.
__________
1 كذا في ش. وفي د، هـ، ز، ط: "نقول".
2 سقط ما بين القوسين في ط. والتليه التابعة. وهي مؤنث التلي: فعيل من تالاه أي تابعه، كالأكيل والجليس. ولم أقف على هذا الوصف.
3 أي العجاج، والذي في ديوانه 31:
أزمان غراء تروق العنسا ... بفاحم دووى حتى اعلنكسا
وغراء اسم امرأة والعنس جمع العانس، وهو الذي بقي زمانا لا يتزوج بعد أن أدرك من الزواج، ويريد بالفاحم شعرها الأسود، وقوله: دووى أي عولج بالدهان، واعلنكس: اشتد سواده وكثر. وانظر ص96 من الجزء الأول من هذا الكتاب.
4 كذا في ش، ط. وفي د، هـ، ز: "تدغم".
5 كذا في د، هـ، ز، ط. وفي ش: "شريكان".
6 كذا في ط. وفي ش، ز: "عتوارة".

(3/19)


باب: في العدول عن الثقيل إلى ما هو أثقل منه لضرب من الاستخفاف
اعلم أن هذا موضع يدفع ظاهره إلى أن يعرف1 غوره وحقيقته. وذلك أنه أمر يعرض للأمثال إذا ثقلت لتكريرها فيترك الحرف إلى ما هو أثقل منه ليختلف2 اللفظان فيخفا على اللسان.
وذلك نحو الحيوان ألا ترى أنه عند الجماعة3 -إلا أبا عثمان- من مضاعف الياء وأن أصله حييان فلما ثقل عدلوا عن الياء إلى الواو. وهذا مع إحاطة العلم بأن الواو أثقل من الياء لكنه لما اختلف الحرفان ساغ ذلك. وإذا كان اتفاق الحروف الصحاح القوية الناهضة يكره عندهم حتى يبدلوا أحدها4، ياء نحو دينار وقيراط وديماس5 وديباج "فيمن قال: دماميس ودبابيج6" كان اجتماع حرفي العلة مثلين أثقل عليهم.
نعم، وإذا كانوا قد أبدلوا الياء واوا كراهية لالتقاء المثلين في الحيوان فإبدالهم "الواو ياء7" لذلك أولى بالجواز وأحرى. وذلك قولهم: ديوان "واجليواذ8". وليس لقائل أن يقول: فلما9 صار دوان إلى ديوان فاجتمعت الواو والياء وسكنت الأولى هلا أبدلت الواو ياء لذلك10، لأن11 هذا ينقض الغرض ألا تراهم إنما
__________
1 كذا في ش، ط. وفي د، هـ، ز: "نعزف".
2 في ز: "ليتخلف".
3 انظر الكتاب 2/ 294.
4 كذا في ش. وفي د، هـ، ز، ط: "أحدهما".
5 هو الحمام.
6 سقط ما بين القوسين في ط. وفي ش، ز: "دياميس وديابج" والصواب ما أثبت.
7 كذا في ش، ط. وفي د، ز: "الياء واوا".
8 ثبت ما بين القوسين في ط. وسقط في ز، ش.
9 كذا في ز. وفي ش: "فلم" وفي ط: "فإنما".
10 في ش: "كذلك".
11 هذا متعلق بقوله: "وليس لقائل أن يقول ... ".

(3/20)


كرهوا التضعيف في دوان فأبدلوا ليختلف الحرفان فلو أبدلوا الواو فيما بعد للزم أن يقولوا: ديان فيعودوا1 إلى نحو مما2 هربوا منه من التضعيف وهم قد أبدلوا الحييان إلى الحيوان ليختلف الحرفان فإذا أصارتهم الصنعة إلى اختلافهما في ديوان لم يبق هناك مطلب. وأما حيوة فاجتمع إلى استكراههم التضعيف فيه وأن يقولوا: حية أنه3 علم والأعلام يحتمل4 لها كثير من كلف الأحكام.
ومن ذلك قولهم في الإضافة إلى آية وراية: آئى ورائى. وأصلهما: أيى ورايى إلا أن بعضهم كره ذلك فأبدل الياء همزة لتختلف الحروف ولا تجتمع ثلاث ياءات. هذا5 مع إحاطتنا علما بأن الهمزة أثقل من الياء. وعلى ذلك أيضًا قال بعضهم فيهما: راوي وآوي فأبدلها6 واوا ومعلوم أيضًا أن الواو أثقل من الياء.
وعلى نحو من هذا أجازوا في فعاليل من رميت: رماوي ورمائي فأبدلوا الياء من رمايى تارة واوا وأخرى همزة -وكلتاهما أثقل من الياء- لتختلف الحروف.
وإذا كانوا قد هربوا من التضعيف إلى الحذف نحو ظلت ومست وأحست وظنت، ذاك أي ظننت، كان الإبدال أحسن وأسوغ؛ لأنه أقل فحشا من الحذف، وأقرب.
ومن الحذف لاجتماع الأمثال قولهم في تحقير أحوي: أحي فحذفوا من الياءات الثلاث واحدة وقد حذفوا7 أيضًا من الثنتين في نحو هين ولين وسيد وميت وهذا واضح فاعرف وقس.
"ومن ذلك قولهم عمبر أبدلوا النون ميما في اللفظ وإن كانت الميم أثقل من النون فخففت الكلمة ولو قيل عنبر بتصحيح النون لكان أثقل"8.
__________
1 كذا في ش، ط. وفي د، هـ، ز: "ويعودوا".
2 كذا في ش. وفي ز، ط: "ما".
3 كذا في ش، ط. وفي د، هـ، ز: "لأنه". وفي الكتاب 2/ 389: "وقالوا: حيوة كأنه في حيوت وإن لم يقل" ومقتضى هذا أن الواو غير مبدلة.
4 سقط في د، هـ، ز: وثبت في ش، ط.
5 سقط في د، هـ، ز، ط. وانظر في المسألة الكتاب 2/ 396.
6 كذا في ش، ط. وفي د، هـ، ز: "وأبدلوا".
7 في ش: "حذفوها".
8 سقط ما بين القوسين في د، هـ، ز، ط. وفي زبد له: "والسلام" وثبت في ش.

(3/21)


باب: في إقلال الحفل بما يلطف من الحكم
وهذا أمر في باب ما لا ينصرف كثيرا ألا ترى أنه إذا كان في الاسم سبب واحد من المعاني الفرعية فإنه يقل عن الاعتداد به فلا يمنع الصرف له فإذا انضم إليه سبب آخر اعتونا فمنعا.
ونحو من ذلك جمعهم في الاستقباح بين العطف على الضمير المرفوع المتصل الذي لا لفظ له وبينه إذا كان له لفظ. فقولك: قمت وزيد في الاستقباح كقولك: قام وزيد وإن لم يكن في قام لفظ بالضمير. وكذلك أيضًا سووا في الاستقباح بين قمت وزيد وبين قولنا قمتما وزيد وقمتم ومحمد من حيث كانت تلك الزيادة التي لحقت التاء لا تخرج الضمير من أن يكون مرفوعًا متصلا يغير له الفعل. ومع هذا فلست أدفع أن يكونوا قد أحسوا فرقا بين قمت وزيد وقام وزيد إلا أنه محسوس عندهم غير مؤثر في الحكم ولا محدث أثرا في اللفظ كما قد نجد أشياء كثيرة معلومة ومحسوسة إلا أنها غير معتدة كحنين الطس1 وطنين البعوض وعفطة2 العنز وبصبصة3 الكلب.
__________
1 في ط: الطست.
2 أي ضرطتها.
3 هو تحريك ذنبه.

(3/22)


ومن ذلك قولهم: مررت بحمار قاسم ونزلت سفار1 قبل فكسرة الراء في الموضعين عندهم إلى أثر2 واحد وإن كانت في "حمار" عارضة، وفي "سفار" لازمة.
ومن ذلك قولهم3: الذي ضربت زيد واللذان ضربت الزيدان؛ فحذف الضمير العائد عندهم على سمت واحد وإن كنت في الواحد إنما حذفت حرفا واحدا وهو الهاء في ضربته وأما4 الواو بعدها فغير لازمة في كل لغة والوقف أيضًا يحذفها وفي التثنية قد حذفت ثلاثة أحرف ثابتة في الوصل والوقف وعند كل قوم وعلى كل لغة.
ومن ذلك جمعهم في الردف بين عمود ويعود من غير تحاشٍ ولا استكراه وإن كانت واو عمود أقوى5 في المد من واو6 يعود من حيث كانت هذه متحركة7 في كثير من المواضع نحو هو8 أعود منك9، وعاودته وتعاودنا قال10:
وإن شئتم تعاودنا عوادا
__________
1 هو اسم بئر.
2 يريد بالأثر تسويغ الإمالة مع حرف الاستعلاء بعد وهو القاف، ولولا الكسر ما ساغ ذلك، وانظر الكتاب 2/ 296 وقد سقط في ط قوله:"إلى أثر".
3 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "قولك".
4 كذا في ش. وفي د، هـ، ز، ط: "فأما".
5 سقط في د، هـ، ز.
6 في ش: "باب".
7 كذا في ش. وفي د، هـ، ز، ط: "محركة".
8 كذا في ش. وسقط في ط. وفي د، هـ، ز: "هذا".
9 كذا في ش، ط. وفي د، هـ، ز: "من هذا".
10 أي شقيق بن جزء. وانظر ص41 من الجزء الثاني.

(3/23)


وأصلها أيضًا في يعود يعود. فهو1 وإن كان كذلك فإن ذلك القدر بينهما مطرح2 وملغى3 غير محتسب. نعم وقد سانوا4 وسامحوا فيما هو على "من ذا"5 وأنأي أمدا. وذلك أنهم جمعوا بين الياء والواو ردفين نحو سعيد وعمود. هذا مع أن الخلاف خارج إلى6 اللفظ فكيف بما7 تتصوره8 وهما ولا تمذل9 به لفظا.
ومن ذلك جمعهم بين باب وكتاب ردفين وإن كانت ألف كتاب مدا صريحا وهي في باب أصل غير زائدة ومنقلبة عن العين المتحركة في كثير من الأماكن10؛ نحو بويب وأبواب ومبوب وأشباهه.
ومن ذلك جمعهم بين الساكن والمسكن في الشعر المقيد على اعتدال عندهم وعلى11 غير حفل محسوس منهم نحو قوله:
لئن قضيت الشأن من أمري ولم ... أقض لباناتي وحاجات النهم
لأفرجن صدرك شقا بقدم12
__________
1 كذا في د، هـ ز، ط. وسقط في ش.
2 كذا في ش، ط. وفي د، هـ، ز: "مطروح".
3 سقط حرف العطف في د، هـ، ز، ط. وثبت في ش.
4 أي قارنوا وصانعوا. يقال: ساناه: راضاه: راضاه وأحسن عشرته.
5 كذا في ش، ط. وسقط في د، هـ، ز.
6 كذا في ز، ط. وفي ش: "عن".
7 كذا في ز. وفي ط: "مما"، وفي ش: "ما".
8 كذا في ش. وفي د، هـ، ز: "يتصوره" وفي ط: "يتصور".
9 في ط: "يمذل"، يقال: مذل بسره: إذا باح به.
10 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "المواضع".
11 سقط حرف "على" في ز، ش، وثبت في ط.
12 النهم إفراط الشهوة. وضبط في ش "صدرك" بكسر الكاف، وضبط في ط بفتحها.

(3/24)


فسوى في الروي بين سكون ميم "لم" وسكون الميمات فيما معها.
ومن ذلك وصلهم الروى بالياء الزائدة للمد والياء الأصلية نحو الرامي والسامي مع الأنعامي والسلامي1.
ومن ذلك أيضًا قولهم: إني وزيدا قائمان وأني وزيدا قائمان لا يدعي أحد أن العرب تفصل بين العطف على الياء وهي ساكنة وبين العطف عليها وهي مفتوحة. فاعرف هذا مذهبا لهم وسائغا2 في استعمالهم حتى إن3 رام رائم أو هجر4 حالم بأن القوم يفصلون في هذه الأماكن وما كان سبيله في الحكم سبيلها بين بعضها وبعضها فإنه مدع لما لا يعبئون به وعازٍ إليهم ما لا يلم5 بفكر أحد منهم بإذن الله.
فإن انضم شيء إلى ما هذه حاله كان مراعى معتدًا ألا تراهم يجيزون جمع دونه مع دينه ردفين. فإن6 انضم إلى هذا الخلاف آخر لم يجز نحو امتناعهم إن يجمعوا بين دونه ودينه لأنه انضم إلى خلاف الحرفين تباعد الحركتين وجاز دونه مع دينه وإن كانت الحركتان مختلفتين لأنهما وإن اختلفا لفظا فإنهما قد اتفقتا حكما ألا ترى أن الضمة قبل الواو رسيلة الكسرة قبل الياء والفتحة ليست من هذا في شيء لأنها ليست قبل الياء ولا الواو وفقا لهما كما تكون وفقا للألف. وكذلك أيضًا نحو عيده مع عوده، وإن كانوا لا يجيزونه مع عوده. فاعرف ذلك فرقا.
__________
1 هكذا رسم في د، هـ، ز، ط. وفي ش "الأنعام ي، والسلام ي".
2 كذا في ش، ز وفي ط: "شائعا".
3 كذا في د، هـ، ز، ط. وفي ش: "إذ".
4 يقال: هجر في نومه أو مرضه: هذي.
5 في ط: "يهم".
6 كذا في ش، ط. وفي د، هـ، ز "فإذا".

(3/25)