الخصائص

باب في وجوب الجائز 1:
وذلك في الكلام على ضربين:
أحدهما أن توجبه الصنعة فلا بد إذًا منه.
والآخر أن تعتزمه العرب فتوجبه وإن كان القياس يبيح غيره.
الأول: من ذلك كأن تقول في تحقير أسود: أسيد. وإن شئت صححت فقلت: أسيود. والإعلال فيه أقوى لا جتماع الياء والواو وسبق الأولى منهما بالسكون. وكذلك جدول تقول فيه: جديل. وإن شئت صححت فقلت: جديول. فإذا صرت إلى تحقير نحو2 عجوز، ويقوم اسم رجل، قلت بالإعلال لا غير: عجيز، ويقيم. وفي مقام: مقيم البتة. وذلك أنك إنما كنت تجيز أسيود وجديولا3 لصحة الواو في الواحد، وظهورها في الجمع؛ نحو أساود وجداول. فأما مقام يقوم علمًا فإن العين وإن ظهرت في تكسيرهما -وهو مقاوم ويقاوم- فإنها في الواحد معتلة؛ ألا "ترى4 أنها" في "مقام" مبدلة وفي "يقوم" مضعفة بالإسكان لها ونقل الحركة إلى الفاء عنها. فإذا كنت تختار فيما تحركت5 واو واحدة وظهرت في جمعه الإعلال، صار القلب فيما ضعفت واوه بالقلب، وبألا تصح في جمعه واجبًا لا جائزًا. وأما واو عجوز فأظهر أمرًا في وجوب الإعلال من يقوم ومقام6؛
__________
1 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "الجواز".
2 كذا في د، هـ، ز، وسقط في ش، ط.
3 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "جديول".
4 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "تراها".
5 كذا في د، هـ، ز، ط، وفي ش: "تحرك".
6 كذا في ط، وفي ش، ز "مقاوم".

(3/86)


فذهب الكسائي فيه إلى أن أصله وآر، وأنه فعال من وأرت النار إذا حفرت لها الإرة1، فخففت الهمزة فصارت لفظًا إلى ووار فهمزت الفاء البتة فصارت: أوار. ولم يأت منهم2 على أصله: وآر ولا3 مخففا "مبدل4 العين": ووار. وكلاهما يبيحه القياس ولا يحظره.
فأما قول الخليل في فعل من وأيت إذا خففته: أويٌ فقد رده أبو الحسن وأبو عثمان وما أبيا منه عندي5 إلا مأبيًا.
وكذلك البرية فيمن أخذها6 من برأ الله الخلق -وعليه أكثر الناس، والنبي عند سيبويه7 ومن تبعه فيه، والذرية فيمن أخذها من ذرأ الله الخلق. وكذلك ترى وأرى ونرى ويرى في أكثر الأمر، والخابية، ونحو ذلك مما ألزم التخفيف. ومنه ما ألزم البدل، وهو النبي -عند سيبويه، وعيد؛ لقولهم: أعياد، وعييد.
ومن ذلك ما يبيحه8 القياس في نحو يضرب ويجلس ويدخل ويخرج: من اعتقاب الكسر والضم على كل واحدة9 من هذه العيون وأن يقال: يخرج ويخرج، ويدخل ويدخل، ويضرب ويضرب، ويجلس ويجلس، قياسًا على ما اعتقبت على عينه الحركتان معًا؛ نحو يعرش ويعرش ويشنق ويشنق10 ويخلق ويخلق11، وإن كان
الكسر في عين12 مضارع فعل أولى به من يفعل؛ لما قد ذكرناه في شرح تصريف أبي عثمان، فإنهما على كل حال مسموعان أكثر السماع في عين مضارع فعل.
فاعرف ذلك ونحوه مذهبًا للعرب، فمهما ورد منه فتلقه عليه
__________
1 هو موقد النار.
2 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "عنهم".
3 سقط في د، هـ، ز.
4 كذا في ش، وفي د، هـ، ز: "غير مبدل العين"، وفي ش: "غير مبدل الفاء".
5 كذا في ش، ط، وسقط في د، هـ، ز.
6 ويأخذها بعض اللغويين من البرى أي التراب.
7 انظر الكتاب 2/ 170.
8 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "ينتجه".
9 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "واحد".
10 كذا في ط، وفي ز، ش: "يسبق، ويسبق"، وأما أثبت موافق لما في المعاجم.
11 كذا في ز، ط، وفي ش: "يخلق ويحلق" وهو تصحيف، وفي الجمهرة 3/ 449: "ويحلقون ويخلقون" بضم اللام وكسرها.
12 سقط في ش.

(3/88)


باب في وجوب الجائز
...
لأنها1 لاحظ لها في2 الحركة. ولا تظهر أيضًا في التكسير، إنما تقول: عجائز ولا يجوز3 عجاوز على كل4 حال.
وكذلك تقول: ما قام إلا زيدًا أحدٌ فتوجب النصب إذا تقدم المستثنى، إلا في لغة ضعيفة. وذلك أنك قد كنت تجيز: ما قام أحد إلا زيدًا، فلما قدمت المستثنى لم تجد قبله ما تبدله منه، فأوجبت من النصب له ما كان جائزًا فيه. ومثله: فيما قائمًا رجل. وهذا معروف.
الثاني منهما وهو اعتزام أحد الجائزين. وذلك قولهم5: أجنة في الوجنة.
قال أبو حاتم: ولا6 يقولون7: وجنة، وإن كانت جائزة. ومثله قراءة بعضهم: {إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا} 8 وجمع وثن ولم يأت فيه التصحيح: وثن. فأما أقتت ووقتت، ووجوه وأجوه "وأرقة9 وورقة" ونحو ذلك فجميعه مسموع.
ومن ذلك قوله10:
وفوارسٍ كأوار حـ ... ـر النار أحلاس الذكور
__________
1 سقط في د، هـ، ز.
2 في ط: "من".
3 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "تقول".
4 سقط في د، هـ، ز، ط.
5 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "قولك".
6 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "فلا".
7 في ط: "تقولن" وكأن هذا رأي أبي حاتم، وقد أثبت اللغويون الوجنة: وهي لغة في الوجنة بفتح الواو.
8 هذا في آية 117 من سورة النساء، وقد قرئ أيضا: "وثنا" بالتصحيح.
9 ما بين القوسين سقط في ش، والورقة من الألوان: سواد في غبرة، أو سواد وبياض.
10 أي المنخل اليشكري: وهو من قصيدة في الحماسة، وانظر شرح التبريزي "التجارية" 2/ 103.

(3/78)


باب في إجراء اللازم مجرى غير اللازم وإجراء غير اللازم مجرى اللازم:
الأول منهما كقوله1:
الحمد لله العلي الأجلل
وقوله:
تشكو الوجى من أظللٍ وأظلل2
وقوله:
وإن رأيت الحجج الرواددا ... قواصرا بالعمر أو مواددا3
ونحو ذلك مما ظهر تضعيفه. فهذا عندنا على إجراء اللازم مجرى غير اللازم من المنفصل؛ نحو جعل لك وضرب4 بكر؛ كما شبه غير اللازم "من ذلك"5 باللازم فادغم؛ نحو ضر بكر وجعلك؛ فهذا6 مشبه في اللفظ بشد ومد واستعد ونحوه مما لزم فلم يفارق.
ومن ذلك ما حكوه من قول بعضهم: عوى الكلب عوية. وهذا عندي وإن كان لازمًا فإنه أجرى مجرى بنائك من باب طويت فعلة وهو قولك: طوية.
__________
1 أي أبي النجم، وهو أول أرجوزته الطويلة.
2 انظر ص162 من الجزء الأول.
3 "مواددا" كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "صواددا" وانظر ص162 من الجزء الأول.
4 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "فعل".
5 سقط ما بين القوسين في د، هـ، ز.
6 كذا في ش، ط. وفي د، هـ: "وهذا".

(3/89)


كقولك: امرأة1 جوية ولوية من الجوي2 واللوي3؛ فإن4 خففت حركة العين فأسكنتها قلت: طوية وجوية ولوية فصححت العين ولم تعلها5 بالقلب والادغام لأن الحركة فيها منوية.
وعلى ذلك قالوا6 في فعلان من قويت: قويان، فإن أسكنوا صححوا العين أيضًا فقالوا: قويان، ولم يردوا اللام7 أيضًا وإن زالت الكسرة من قبلها؛ لأنها مرادة في العين، فكذلك قالوا: عوى الكلب عوية تشبيهًا "بباب8 امرأة" جوية ولوية وقويان، هذا الذي نحن بصدده.
فإن قلت: فهلا قالوا أيضًا9 على قياس هذا: طويت الثوب طوية وشويت اللحم شوية، رجع الجواب الذي تقدم في أول الكتاب: من أنه لو فعل ذلك لكان قياسه قياس ما ذكرنا10، وأنه ليست لعوى فيه مزية على طوى وشوى؛ كما لم يكن لجاشم11 ولا قاثم مزية يجب لها العدل بهما إلى جشم وقثم على مالك وحاتم، إذ لم يقولوا: ملك ولا حتم. وعلى أن ترك الاستكثار مما فيه إعلال أو استثقال هو القياس.
__________
1 في ط بعده: "طويلة و".
2 هو الحرقة وشدة الوجد من عشق أو حزن.
3 هو وجع في المعدة.
4 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "وإن".
5 كذا في ش، وفي ز، ط: "تعللها".
6 في ط: "ما قالوا".
7 أي وهي الواو، فلم يقولوا: "قووان".
8 كذا في ش، وفي د، هـ: "بامرأة" وفي ز: "امرأة".
9 كذا في ش، ط، وسقط في د، هـ، ز.
10 في د، هـ، ز: "ذكرناه".
11 انظر ص53، 78 من الجزء الأول.

(3/90)


ومن ذلك قراءة ابن مسعود: "فقلا له قولا لينا"1 وذلك أنه أجرى حركة اللام ههنا -وإن كانت لازمة- مجراها إذا2 كانت غير لازمة في نحو قول الله تعالى: {قُلِ اللَّهُمّ} 3 و {قُمِ اللَّيْلَ} 4، وقوله:
زيادتنا نعمان لا تنسينها ... خف الله فينا والكتاب الذي تتلو5
ويروى "تق الله فينا"6. ويروى:
.....تنسينها اتـ ... ـق الله فينا
ونحوه ما أنشده أبو زيد من قول الشاعر:
وأطلس يهديه إلى الزاد أنفه ... أطاف بنا والليل داجي العساكر
فقلت لعمروٍ صاحبي إذ رأيته ... ونحن على خوٍص دقاقٍ عواسر7
أي عوى الذئب فسر أنت. فلم يحفل الراء فيرد العين التي كانت حذفت لالتقاء الساكنين فكذلك شبه ابن مسعود حركة اللام من قوله: "فقلا له"8 -وإن كانت لازمة- بالحركة لالتقاء الساكنين في {قُلِ اللَّهُمّ} و {قُمِ اللَّيْلَ} وحركة الإطلاق الجارية مجرى حركة9 التقائهما في سر10.
__________
1 آية 44 سورة طه.
2 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "وإن".
3 آية 26 سورة آل عمران.
4 آية 2 سورة المزمل.
5 انظر ص288 من الجزء الثاني.
6 سقط ما بين القوسين في ش.
7 الأطلس: الذئب، وهو وصف غالب له، من الطلسة، وهي غبرة إلى سواد، وذلك لون الذئب. ويريد بالخوص الدقاق: الرواحل التي قد جهدها السير، و"عواسر" في ظاهره وصف "خوص دقاق" والعواسر من النوق: التي ترفع أذنابها عند السير من نشاطها، والمراد غير هذا كما ذكر المؤلف. وقد كتب "عوا" بالألف للإلغاز، هذا وفي ش، ج: "ورأيته" وما هنا في ز، ط.
8 سقط لفظ "له" في ش، ط.
9 سقط في د، هـ.
10 في ط: "شد".

(3/91)


ومثله قول الضبي:
في فتيةٍ كلما تجمعت الـ ... ـبيداء لم يهلعوا ولم يخموا1
يريد: ولم يخيموا. فلم يحفل بضمة2 الميم، وأجراها مجرى غير اللازم فيما ذكرناه3 وغيره فلم يردد العين المحذوفة من لم يخم. وإن شئت قلت في هذين: إنه اكتفى بالحركة من الحرف، كما اكتفى الآخر بها منه في قوله:
كفاك كف ما تليق درهما ... جودا وأخرى تعط بالسيف الدما
وقول الآخر:
... بالذي تردان
أي بالذي4 تريدان5. وسيأتي هذا في بابه.
الثاني منهما وهو إجراء غير اللازم مجرى اللازم وهو كثير. من ذلك قول بعضهم في الأحمر إذا خففت همزته: لحمر حكاها أبو عثمان. ومن قال: الحمر قال: حركة اللام6 غير لازمة، إنما هي لتخفيف الهمزة والتحقيق لها جائز فيها. ونحو ذلك قول الآخر:
قد كنت تخفي حب سمراء حقبةً ... فبح لان منها بالذي أنت بائح7
فأسكن الحاء التي كانت متحركة لالتقاء الساكنين في بح الآن لما8 تحركت للتخفيف9 اللام.
__________
1 "تجمعت البيداء" أي تجمع أهلها للحرب، و"لم يخموا": لم يجبنوا ورد في اللسان "جمع" معزوا إلى محمد بن شحاذ الضبي.
2 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "بضم".
3 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "مما".
4 سقط في ش، ط.
5 في ط: "يريدان".
6 كذا في د، هـ، ز، ط، وفي ش: "الحاء".
7 في ش: "خيفة" في مكان "حقبة".
8 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "كما".
9 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "لتخفيف".

(3/92)


وعليه قراءة من قرأ: {قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ} 1 فأثبت واو "قالوا" لما تحركت لام لان. والقراءة القوية: "قاللان" بإقرار الواو على حذفها لأن الحركة عارضة للتخفيف.
وعلى القول الأول قول الآخر2:
حدبدبي بدبدبي منكم لان ... إن بني فزارة بن ذيبان
قد طرقت ناقتهم بإنسان ... مشيأ سبحان ربي الرحمن
أسكن ميم "منكم" لما تحركت لام "لان" وقد كانت مضمومة عند التحقيق في قولك: منكم الآن، فاعتد3 حركة التخفيف، وإن لم تكن لازمة. وينبغي أن تكون قراءة أبي عمرو: {وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى} 4 على هذه اللغة، وهي قولك مبتدئًا: لولى، لأن الحركة على هذا في اللام أثبت منها على قول من قال: الحمر. وإن كان حملها أيضًا على هذا جائزًا، لأن الادغام وإن كان بابه أن يكون في المتحرك فقد أدغم أيضًا في الساكن فحرك في شد ومد وفرّ يا رجل وعض ونحو ذلك. ومثله ما أنشده أبو زيد:
ألا يا هند هند بني عميرٍ ... أرثٌ لان وصلك أم جديد
ادغم تنوين رثّ في لام لان.
__________
1 آية 71 سورة البقرة والقراءة بإثبات الواو إحدى الروايتين عن نافع، وانظر البحر 1/ 257.
2 هو سالم بن دارة يهجو مر بن رافع الفزاري، يرمي فزارة بإتيان النياق، وحدبدني: لعبة للصبيان، والتطريق: أن يخرج بعض الوالد ويعسر انفصاله حين الوضع؛ والمشيأ: القبيح المنظر، وانظر اللسان "حدب"، وفيه "يا صبيان" في مكان "منكم لان"، وفي التكملة للصاغاني رواية أخرى لهذا الشعر، وفي د، هـ، ز، ط: "مشتأ" في مكان: "مشيأ"، وفي اللسان "أين" عزى هذا الرجز إلى أبي المنهال.
3 في ط: "فاعتقد".
4 آية 50 سورة النجم، يريد القراءة بإدغام التنوين في لام "لولي".

(3/93)


ومما نحن على سمته قول الله -عز وجل- {لَّكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي} 1 وأصله: لكن أنا فخففت الهمزة "بحذفها2 وإلقاء" حركتها على نون لكن فصارت لكننا3 فأجرى غير اللازم مجرى اللازم فاستثقل التقاء المثلين متحركين فأسكن الأول وادغم في الثاني فصار: لكنا كما ترى. وقياس قراءة من قرأ: قاللان فحذف الواو ولم يحفل بحركة اللام أن يظهر النونين4 هنا لأن حركة الثانية غير لازمة فيقول: لكننا بالإظهار كما تقول في تخفيف حوأبة5 وجيئل6: حوبة وجيل، فيصح حرفا اللين هنا، ولا يقلبان لما كانت حركتهما غير لازمة.
ومن ذلك قولهم في تخفيف رؤيا ونؤي: رويا ونوي فتصح الواو هنا وإن سكنت قبل الياء من قبل أن التقدير فيهما7 الهمز8 كما صحت في ضوٍ ونوٍ تخفيف ضوء ونوء لتقديرك الهمز وإرادتك إياه. وكذلك أيضًا صح نحو شى وفي في تخفيف شيء وفيء لذلك9.
وسألت أبا علي -رحمه الله- فقلت: من أجرى غير اللازم مجرى اللازم فقال: لكنا كيف قياس قوله إذا خفف نحو حوءبة وجيئل أيقلب فيقول: حابة وجال أم يقيم "على التصحيح فيقول حوبة وجيل"10 فقال: القلب هنا لا سبيل إليه. وأومأ إلى أنه أغلظ من الادغام فلا يقدم عليه.
__________
1 آية 38 سورة الكهف.
2 في ط: "فحذفوها وألقوا".
3 الأوفق في الرسم: "لكن نا".
4 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "التنوين".
5 هي الدلو الضخمة.
6 هي الضبع.
7 كذا في ش، يريد رويا ونويا، وفي د، هـ، ز، ط: "فيها" أي الواو.
8 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "الهمزة".
9 كذا في ش، وفي ط: "كذلك"، وسقط في د، هـ، ز.
10 في ط: "فيقول: حوبة وجيل مقيما على التصحيح".

(3/94)


فإن قيل فيما بعد؛ فقد قلبت العرب الحرف للتخفيف، وذلك "قول بعضهم"1 ريا ورية في تخفيف رؤيا ورؤية "وهذا واضح، قيل: الفرق أنك لما صرت إلى لفظ رويا وروية"2 ثم قلبت الواو "إلى3 الياء" فصار4 إلى ريا ورية، إنما5 قلبت حرفا إلى آخر كأنه هو؛ ألا ترى إلى قوة شبه الواو بالياء، وبعدها عن الألف فكأنك لما قلبت مقيم على الحرف نفسه ولم تقلبه لأن الواو كأنها هي الياء نفسها وليست كذلك الألف لبعدها عنهما بالأحكام الكثيرة التي قد أحطنا بها علمًا. وهذا فرق. وما6 يجري من كل واحد من الفريقين مجرى صاحبه كثير وفيما مضى من جملته كاف.
__________
1 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "قولهم".
2 سقط ما بين القوسين في ش.
3 كذا في ش، وفي ط: "للياء" وسقط هذا في د، هـ، ز.
4 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "فصارت".
5 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "إنما" وهو محرف عن "فإنما".
6 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "مما".

(3/95)


باب في إجراء المتصل مجرى المنفصل، وإجراء المنفصل مجرى المتصل:
فمن الأول قولهم: اقتتل القوم واشتتموا. فهذا بيانه "نحو من بيان"1 "شئت تلك"2 وجعل لك إلا أنه أحسن من قوله:
الحمد لله العلي الأجلل
وهذا3 لأن إنما يظهر مثله ضرورة وإظهار4 نحو اقتتل واشتتم مستحسن وعن غير ضرورة.
وكذلك باب قولهم: هم يضربونني وهما يضربانني أجري -وإن كان متصلًا- مجرى يضربان نعم ويضربون5 نافعًا. ووجه الشبه بينهما أن نون الإعراب هذه6 لا يلزم7 أن يكون بعدها نون؛ ألا ترى أنك تقول: يضربان زيدًا ويكرمونك ولا تلزم8 هي أيضًا، نحو لم يضرباني. ومن ادغم نحو هذا واحتج بأن المثلين في كلمة واحدة فقال: يضرباني و"قال9 تحاجونا" فإنه يدغم أيضًا نحو اقتتل، فيقول: قتل. ومنهم من يقول: قتل ومنهم من يقول: قتل. ومنهم من يقول: اقتل، فيثبت همزة الوصل مع حركة القاف، لما كانت الحركة عارضة للنقل أو لالتقاء10 الساكنين وهذا مبين في فصل الادغام.
ومن ضد ذلك11 قولهم: ها الله ذا12، أجرى مجرى دابةٍ وشابةٍ. وكذلك قراءة من قرأ {فَلَا تَتَنَاجَوْا} 13 و {حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا} 14 ومنه -عندي- قول الراجز -فيما أنشده15 أبو زيد:
من أي يومي من الموت أفرّ ... أيوم لم يقدر أم يوم قدر
__________
1 كذا في ط، وفي ز: "نحو" وفي ش: "بيان"، ويريد بالبيان الإظهار وترك الإدغام.
2 كذا في الأشباه للسيوطي، وفي ط: "سيت تلك" وهو محرف عما أثبت، وفي ش: "سبب تلك"، وفي د، هـ، ز: "ضرب بكر".
3 كذا في ش، وفي ط؛ "وبابه" وسقط في د، هـ، ز.
4 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز:"إظهاره.
5 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "يشتمان".
6 سقط في ط.
7 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "تلزم".
8 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "يلزم".
9 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "قل أتحاجونا".
10 في د، هـ، ز: "النقاء".
11 سقط في د، هـ، ز.
12 سقط في ش، ط: ويريد إثبات ألف "ها" فتلتقي ساكنة مع اللام الأولى من لفظ الجلالة.
13 آية 9 سورة المجادلة، وفي الأسول: "ولا تناجوا" وهو غير التلاوة، وهو يريد القراءة بإدغام التاءين في "تتناجوا" وهي قراءة ابن محيصن، وانظر البحر 8/ 236.
14 آية 38 سورة الأعراف، وهو يريد القراءة بإثبات ألف "إذا" على الجمع بين الساكنين، وهي قراءة عصمة عن أبي عمرو، وانظر تفسير القرطبي 7/ 204.
15 انظر النوادر 13، وحماسة البحتري 45، والعقد الفريد في "فضائل الشعر" ففيه أن عليا رضي الله عنه تمثلى به، وفيه بيت آخر بعده.

(3/96)


كذا أنشده أبو زيد: لم يقدر بفتح الراء وقال: أراد النون الخفيفة فحذفها وحذف نون التوكيد وغيرها من علاماته جارٍ عندنا مجرى ادغام الملحق في أنه نقض الغرض إذ كان التوكيد من1 أماكن الإسهاب والإطناب والحذف من مظان الاختصار والإيجاز. لكن القول فيه عندي أنه أراد: أيوم2 لم يقدر أم يوم قدر ثم خفف همزة "أم" فحذفها وألقى حركتها على راء "يقدر" فصار تقديره "أيوم لم يقدرم3، ثم أشبع فتحة الراء فصار تقديره"4: أيوم لم يقدر ام، فحرك الألف لالتقاء الساكنين، فانقلبت همزة، فصار تقديره أم واختار5 الفتحة إتباعًا لفتحة الراء. ونحو من هذا التخفيف قولهم في المرأة والكمأة "إذا خففت الهمزة: المراة والكماة"6. وكنت ذاكرت الشيخ أبا علي -رحمه الله- بهذا منذ بضع عشرة سنة فقال: هذا إنما يجوز في المتصل. قلت له7: فأنت أبدًا تكرر ذكر إجرائهم المنفصل مجرى المتصل فلم يرد8 شيئًا. وقد ذكرت قديما هذا الموضع في كتابي "في سر صناعة الإعراب".
ومن إجراء المنفصل مجرى المتصل قوله9:
وقد بدا هنك من المئزر
فشبه "هنك" بعضد فأسكنه10؛ كما يسكن نحو ذلك.
__________
1 كذا في ش، ط: وفي د، هـ، ز: "في".
2 في ش: "يوم".
3 "بقدوم" كذا في الأشباه، وفي ز، ط: "يقدر".
4 سقط ما بين القوسين في ش.
5 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "فاختار".
6 سقط ما بين القوسين في د، هـ، ز.
7 سقط في ش، ط.
8 كذا في ز، وفي ش، ط: "يزد".
9 انظر ص75 من الجزء الأول وص309 من الجزء الثاني.
10 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "فأسكن".

(3/97)


ومنه:
فاليوم أشرب غير مستحقب1
كأنه شبه "ر ب غ" بعضد. وكذلك ما أنشده أبو زيد:
قالت سليمى اشتر لنا سويقًا2
وهو مشبه بقولهم في علم: علم لأن "ترل"2 بوزن علم. وكذلك ما أنشده أيضًا من قول الراجز:
فاحذر ولا تكتر كريا أعوجا3
لأن "ترك" بوزن علم. وهذا الباب نحو من الذي قبله. وفيه ما يحسن ويقاس وفيه مالا يحسن ولا يقاس. ولكلٍّ وجه فاعرفه إلى ما يليه من نظيره.
__________
1 انظر ص75 من الجزء الأول، ص342 من الجزء الثاني.
2 كذا في ش، وفي ط: "ترك" وفي د، هـ، ز: "ترك لام" ويبدو أن الأصل "ترك" ولما كانت اللام تشتبه في كنايتها بالكاف كتب الكاتب فوقها "لام" فظن الناسخ بعد أنه من متن الحديث فأدرجه في الكتاب.
3 انظر ص342 من الجزء الثاني.

(3/98)