الخصائص باب في الاكتفاء بالسبب من المسبب وبالمسبب
من السبب:
هذا موضع1 من العربية شريف لطيف، وواسع لمتأمله كثير. وكان أبو علي
-رحمه الله- يستحسنه، ويعنى به. وذكر منه مواضع قليلة. ومر بنا نحن
منه2 ما لا نكاد نحصيه.
فمن ذلك قول الله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ
بِاللهِ} 3 وتأويله4 -والله أعلم: فإذا أردت قراءة القرآن؛ فاكتفى
بالمسبب الذي هو القراءة من السبب الذي هو الإرادة. وهذا أولى من تأول
من ذهب إلى أنه أراد: فإذا استعدت5 فاقرأ؛ لأن فيه قلبًا لا ضرورة بك
إليه. وأيضًا فإنه ليس كل مستعيذ بالله واجبةً عليه القراءة ألا ترى
إلى قوله:
أعوذ بالله وبابن مصعب ... الفرع من قريشٍ المهذب6
وليس أحد أوجب عليه من طريق الشرع القراءة في هذا الموضع.
وقد يكون على ما قدمنا قوله عز اسمه: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ
فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ} 7 أي إذا أردتم القيام لها، والانتصاب فيها.
ونحو منه ما أنشده أبو بكر8:
قد علمت إن لم أجد معينا ... لأخلطن بالخلوق طينا
__________
1 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "باب".
2 كذا في ش، وسقط في د، هـ، ز، ط.
3 آية 98 سورة النحل.
4 كذا في ش، وفي د، هـ، ز: "تأويله".
5 كذا في ش، ط. وفي د، هـ، ز: "تعوذت".
6 كأنه يريد ابن مصعب بن الزبير، والفرع من القوم: شريفهم.
7 آية 6 سورة المائدة.
8 يريد أبا بكر بن دريد، والحلوق: ضرب من الطيب، وانظر الأمالي 2/ 144.
(3/176)
يعني امرأته. يقول1: إن لم أجد من يعينني
على سقي الإبل قامت فاستقت معي، فوقع الطين على خلوق يديها2. فاكتفى
بالمسبب الذي هو اختلاط الطين بالخلوق من السبب الذي هو الاستقاء معه.
ومثله قول الآخر:
يا عاذلاتي لا تردن ملامتي ... إن العواذل لسن لي بأمير3
أراد: لا تلمنني، فاكتفى بإرادة اللوم منه، وهو تالٍ لها ومسبب عنها.
وعليه قول الله تعالى {فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ
فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا} 4 أي فضرب فانفجرت؛
فاكتفى بالمسبب الذي هو الانفجار من السبب الذي هو الضرب. وإن شئت أن
تعكس هذا5 فتقول: اكتفى بالسبب الذي هو القول، من المسبب الذي هو
الضرب.
ومثله قوله:
إذا ما الماء خالطها سخينا6
إن شئت قلت: اكتفى بذكر مخالطة الماء لها -وهو السبب- من الشرب وهو
المسبب. وإن شئت قلت اكتفى بذكر السخاء -وهو المسبب- من ذكر الشرب وهو
السبب.
ومثله قول الله عز اسمه: {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ
أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ} 7 أي فحلق فعليه فدية. وكذلك قوله:
{وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ
أُخَرَ} 8 أي فأفطر فعليه كذا.
__________
1 في ز: "تقول".
2 كذا في ش، ط، د، هـ، ز: "بدنها".
3 ورد هذا البيت في المعنى، ويقول البغدادي في شرح شواهده ج2 ص71:
"والبيت مشهور بتداول العلماء إياه في مصنفاتهم، ولم أقف على قائله".
4 آية 60 سورة البقرة.
5 كذا في د، هـ، ز، وفي ط: "هنا" وسقط في ش.
6 انظر ص290 من الجزء الأول.
7 آية 196 سورة البقرة.
8 آية 185 سورة البقرة.
(3/177)
ومنه1 قول رؤبة:
يا رب إن أخطأت أو نسيت ... فأنت لا تنسى ولا تموت2
وذلك أن حقيقة الشرط وجوابه، أن يكون الثاني مسببًا عن الأول "نحو
قوله: إن زرتني أكرمتك فالكرامة مسببة عن الزيارة"3 وليس كون الله
سبحانه غير ناس ولا مخطئا أمرا4 مسببا عن خطأ رؤبة، ولا عن إصابته،
إنما تلك صفة له -عز اسمه- من صفات نفسه5. لكنه كلام6 محمول على معناه،
أي إن أخطأت أو نسيت فاعف عنى؛ لنقصي وفضلك. فاكتفى بذكر الكمال والفضل
-وهو السبب- من العفو وهو المسبب.
ومثله بيت الكتاب:
إني إذا ما جئت نار لمرملة ... ألفى بأرفع تل رافعا نارى7
وذلك "أنه إنما"8 يفخر ببروز بيته لقرى الضيف وإجارة9 المستصرخ؛ كما
أنه إنما يذم من أخفى بيته وضاءل شخصه، بامتناعه من ذلك. فكأنه قال
إذًا10: إني11 إذا منع غيري وجبن، أعطيت وشجعت12. فاكتفى بذكر السبب
-وهو "التضاؤل والشخوص"13- من المسبب وهو المنع والعطاء.
__________
1 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "مثله".
2 هذا مطلع أرجوزة له في مدح مسلمة بن عبد الملك بن مروان.
3 سقط ما بين القوسين في ش.
4 سقط في ش.
5 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "اسمه".
6 كذا في ش، ط، وسقط في د، هـ، ز.
7 البيت للأحوص، وانظر الكتاب 1/ 463.
8 كذا في ط، وفي ش: "أنه" وفي د، هـ، ز: "إنما".
9 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "إجازة".
10 سقط في د، هـ، ز، ط.
11 سقط في ط.
12 في ط: "تشجعت".
13 كذا في د، هـ، ز، ط، وفي ش: "تضاؤل الشخص".
(3/178)
ومنه بيت الكتاب:
فإن تنجل سدوس بدرهيهما ... فإن الريح طيبة قبول1
أي إن بخلت تركناها وانصرفنا عنها. فاكتفى بذكر طيب الريح المعين على
الارتحال عنها.
ومنه قول الآخر: د
فإن تعافوا العدل والإيمانا ... فإن في أيماننا نيرانا2
يعنى سيوفا3، أي فإنا4 نضركم بسيوفنا. فاكتفى بذكر السيوف من ذكر الضرب
بها4. وقال:
يا ناق ذات الوخد والعنيق ... أما ترين وضح الطريق5
أي فعليك بالسير6. وأنشد أبو العباس:
ذر الآكلين الماء ظلما؛ فما أرى ... ينالون خيرا بعد أكلهم الماء7
وقال: هؤلاء قوم كانوا يبيعون الماء، فيشترون بثمنه ما يأكلون، فقال:
الآكلين الماء؛ لأن ثمنه سبب أكلهم ما يأكلونه. ومر بهذا الموضع8 بعض9
مولدى البصرة، فقال:
جزت بالساباط يوما ... فإذا القينة تلجم
__________
1 البيت للأخطل، ويقول الأعلم: "ومعنى البيت أن الأخطل مدح سيدا من
سادات بني شيبان، ففرض له على أحياء شيبان على كل رجل منهم درهمين،
فأدت إليه الأحياء إلا بني سدوس. فقال لهم هذا معاتبا لهم ومعنى فإن
الريح طيبة قبول أي قد طاب لي ركوب البحر والانصراف عنكم مستغنيا عن
درهميكم عاتبا عليكم" وانظر الكتاب 2/ 26، والديوان 126.
2 أورده في معاهد التنصيص 2/ 131، ولم ينسبه.
3 كذا في ز، ط، وفي ش: "سيوفنا".
4 كذا في ش، ط، وسقط في د، هـ، ز.
5 الوخد والعنبق ضربان من سير الإبل.
6 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "السير".
7 انظر ص153 من الجزء الأول.
8 كذا في ش، ط، وسقط في د، هـ، ز.
9 في معجم الشعراء للمرزباني 434 في ترجمة محمد بن أبي الحارث الكوفي:
وكان لبعض إخوانه جارية مغنية فباعها وأخذ بثمنها برذونا فقال محمد:
قينة كانت تغني ... مسخت برذون أدهم
عجت بالساباط يوما ... فإذا القينة تلجم
وترى أن الشاعر من مولدي الكوفة لا البصرة كما ذكر المؤلف، وقوله:
"برذون أدهم" كذا في معجم الشعراء، ولعل الأسل: "برذونا أدهم".
(3/179)
وهذا إنسان كانت له جارية تغنى، فباعها،
واشترى بثمنها برذونا، فمر به هذا الشاعر وهو يلجم، فسماه قينة؛ إذ كان
شراؤه مسببًا عن ثمن القينة. وعليه قول الله سبحانه: {إِنِّي أَرَانِي
أَعْصِرُ خَمْرًا} 1 "وإنما يعصر عنبا يصير خمرا"2 فاكتفى بالمسبب الذي
هو الخمر من السبب الذي هو العنب3. وقال الفرزدق:
قتلت قتيلا لم ير الناس مثله ... أقبله ذا تومتين مسورا4
وإنما قتل حيا يصير بعد قتله قتيلا، فاكتفى بالمسبب من السبب. وقال:
قد سبق الأشقر وهو رابض ... فكيف لا يسبق إذا يراكض
يعنى مهرا سبقت أمه وهو في جوفها؛ فاكتفى بالمسبب الذي هو المهر، من
السبب الذي هو الأم. وهو كثير جدًا. فإذا مر بك فاضممه إلى ما "ذكرنا
منه"5:
باب في كثرة الثقيل، وقلة الخفيف:
هذا موضع من كلامهم طريف، وذلك أنا قد أحطنا6 علما بأن الضمة أثقل من
الكسرة، وقد ترى مع ذلك إلى كثرة7 ما توالت فيه الضمتان؛ نحو طُنُب،
وعُنُق، وفُنُق8، وحُشُد9، وجُمُد10، وسُهُد11، وطُنُف12، وقلة نحو
إبل. وهذا موضع محتاج إلى نظر.
وعلة ذلك عندى أن بين المفرد والجملة أشباها.
__________
1 آية 36 سورة يوسف.
2 ثبت ما بين القوسين في ش، ط، وسقط في د، هـ، ز.
3 في ز بعده: "ألا تراه إنما يعصر عنبا يصير خمرا".
4 التومة: اللؤلؤة. والمسور: لابس السوار.
5 سقط في د، هـ، ز.
6 رسم في ش: "أحطانا".
7 سقط في ش.
8 يقال جارية فنق: منصة.
9 جمع حاشد، وهو الذي يبذل جهده في النصرة والإغاثة.
10 كذا في ش، وفي ط: "حسد" والجمد: ما ارتفع من الأرض، والحسد جمع
حسود.
11 كذا في ش، وفي ز، ط: "شهد".
12 من معانيه ما تنأ من الجبل.
(3/180)
منها وقوع الجملة موقع المفرد من الصفة،
والخبر، والحال. فالصفة نحو مررت برجل وجهُه حسن. والخبر نحو زيد قام
أخوه. والحال كقولنا: مررت بزيد فرسه واقفة.
ومنها أن بعض الجمل قد1 تحتاج2 إلى جملة ثانية احتياج المفرد إلى
المفرد. وذلك في الشرط وجزائه3، والقسم وجوابه.
فالشرط نحو قولك: إن قام زيد قام عمرو. والقسم نحو قولك: أقسم ليقومن
زيد. فحاجة4 الجملة الأولى إلى الجملة5 الثانية كحاجة الجزء الأول من
الجملة إلى الجزء الثاني؛ نحو زيد أخوك، وقام أبوك.
ومنها أن المفرد قد أوقع موقع الجملة في مواضع؛ كنعم، ولا؛ لأن كل واحد
من هذين الحرفين نائب6 عن الجملة، ألا ترى إلى7 قولك: نعم في موضع قد
كان ذاك، "ولا في موضع لم يكن ذاك"8 وكذلك صه، ومه، وإيه، وأف، وآوتاه،
وهيهات: كل واحد منها جزء مفرد وهو قائم برأسه، وليس للضمير الذي فيه9
استحكام الضمير في الفعل. "يدل على ذلك أنه لما ظهر في بعض أحواله ظهر
مخالفا للضمير في الفعل"10 وذلك قول الله سبحانه: {هَاؤُمُ اقْرَؤُوا
كِتَابِيهْ} 11 وأنت لا تقول في الفعل: اضربُم ولا ادخلُم ولا اخرجُم،
ولا نحو ذلك.
__________
1 سقط في د، هـ، ز.
2 في د، هـ: "يحتاج".
3 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "جوابه".
4 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "فلحاجة".
5 سقط في ش، ط.
6 في ط: "نابت".
7 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "أن".
8 سقط ما بين القوسين في د، هـ، ز.
9 سقط في د، هـ، ز.
10 سقط ما بين القوسين في ش، ط.
11 آية 13 سورة الحاقة.
(3/181)
فلما كانت بين المفرد1 وبين الجملة هذه
الأشباه والمقاربات وغيرها، شبهوا توالي الضمتين في نحو سُرُح2
وعُلُط3، بتواليهما في4 نحو زيد قائم، ومحمد سائر5. وعلى ذلك قال
بعضهم: الحمدُ لُله، فضم لام الجر إتباعا لضمة الدال، وليس كذلك الكسر
في نحو إبل، لأنه لا يتوالى في الجملة الجرّان؛ كما يتوالى الرفعان.
فإن قلت: فقد قالوا: "الحمدِ لِله" فوالوا بين الكسرتين، كما والوا بين
الضمتين، قيل: الحمدُ لُله هو الأصل، ثم6 شبه به الحمد لله؛ ألا ترى أن
إتباع الثاني للأول -نحو مُد وفِر وضَن- أكثر من إتباع الأول للثاني؛
نحو: اُقتُل. وإنما كان كذلك7 لأن تقدم السبب أولى من تقدم المسبب؛
لأنهما يجريان مجرى العلة والمعلول8؛ وعلى أن ضمة الهمزة في نحو: اقتل
لا تعتد9، لأن الوصل يزيلها، فإنما10 هي عارضة، وحركة نحو مُد وفِر
وعَض ثابتة مستمرة في الوصل الذي هو العيار، وبه الاعتبار11. وأيضا
فإنه12 إذا انضم الأول، وأريد تحريك الثاني كانت الضمة أولى به من
الكسرة والفتحة. أما الكسرة فلأنك تصير إلى لفظ فُعِل13، وهذا مثال لا
حظَّ فيه للاسم، وإنما هو أمر يخصّ الفعل. وأما دُئل فشاذّ. وقد يجوز
أن يكون منقولا أيضا كبَدَّر14 وعَثَّر15.
__________
1 كذا في ش، وسقط في د، هـ، ز، ط.
2 يقال: ناقة سرح في سيرها، سريعة.
3 يقال: ناقة علط: لا سمة عليها ولا خطام.
4 سقط في د، هـ، ز.
5 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "جالس".
6 سقط في ش.
7 كذا في ش، وفي د، هـ، ز: "ذلك". وفي ط: "ذاك".
8 ثبت حرف العطف في ش، وسقط في د، هـ، ز، ط.
9 في ط: "تعد".
10 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "وإنما".
11 كذا في د، هـ، ز، ط، وفي ش: "الاعتماد".
12 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "وأنه".
13 كذا في ش، ط. وفي د، هـ، ز: "افعل".
14 هو اسم ماء بمكة.
15 هو اسم موضع.
(3/182)
فإن قيل: فإن دئلا نكرة غير علم، وهذا
النقل إنما هو أمر يخص العلم، نحو يشكر ويزيد وتغلب.
قيل: قد يقع النقل في النكرة أيضًا. وذلك الينجلب1. فهذا منقول من
مضارع انجلب الذي هو مطاوع2 جلبته؛ ألا ترى إلى قولهم3 في التأخيذ:
أخذته بالينجلب، فلم يحر4 ولم يغب. ومثله رجل أباترٌ. وهو5 منقول من
مضارع باترت، فنقل فوصف به. وله نظائر.
فهذا6 حديث فعل.
وأما فعل فدون فعل أيضًا. وذلك أنه كثيرًا ما يعدل عن أصول كلامهم، نحو
عمر، وزفر، وجشم، وقثم، وثعل، وزحل. فلما كان كذلك لم يتمكن عندهم تمكن
فعل الذي ليس معدولا. ويدلك على انحراف فعل عن بقية الأمثلة الثلاثية7
غير ذوات الزيادة انحرافهم8 بتكسيره عن جمهور تكاسيرها. وذلك نحو جعلٍ
وجعلان، وصرد، وصردان، ونغر، ونغران، "وسلك، وسلكان"9، فاطراد هذا في
فعل مع عزته في غيرها، يدلك على أن له فيه خاصية انفرد بها، وعدل عن
نظائره إليها. نعم، وقد ذهب أبو العباس إلى أنه "كأنه منقوص"10 من
فعالٍ. واستدل على ذلك
__________
1 هو حجرة للنأخيذ، وهو نوع من السحر تمنع به المرأة زوجها عن غشيان
غيرها من النساء.
2 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "مضارع".
3 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "قوله".
4 كذا في ش، أي لم يرجع عن حبها، وفي ز: "يجز"، وفي د، هـ: "يجر".
5 كذا في ش، وسقط حرف العطف في د، هـ، ز، ط.
6 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "وهذا".
7 في ش: "الثلاثة".
8 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "وانحرافهم".
9 سقط ما بين القوسين في ش والسلك: فرخ القطا أو الحجل.
10 كذا في ش، وفي ز: "كان منقوصا" وفي ط: "كان منقوص" و"كان" عليه
زائدة.
(3/183)
باستمراره على فعلان؛ قال: فجرذان وصردان
في بابه كغراب وغربان، وعقاب وعقبان. وإذا كان1 كذلك ففيه تقوية لما
نحن عليه؛ ألا ترى أن
فعُالأ أيضًا مثال2 قد يؤلف العدل3، نحو أحاد، وثناء وثلاث، ورباع.
وكذلك إلى4 عشار، قال5:
ولم يستريثوك حتى علو ... ت فوق الرجال خصالا عشارا
ومما يسأل عنه من هذا الباب كثرة الواو فاءً، وقلة الياء هناك. وذلك
نحو وعد، ووزن، وورد، ووقع، ووضع، ووفد6، على قلة باب يمن ويسر. وذلك
أن سبب كثرة الواو هناك7 أنك قادر متى انضمت8 أو انكسرت أن تقلبها
همزة. وذلك نحو أعد وأجوهٍ وأرقة واصلة وإسادة وإفادة. وإذا تغير الحرف
الثقيل فكان تارة كذا وأخرى كذا كان أمثل من أن يلزم محجة واحدة.
والياء "إذا وقعت أولا و"9 انضمت أو8 انكسرت لم تقلب همزة ولا غيرها.
فإن قلت فقد قالوا: باهلة بن أعصر ويعصر، وقالوا10:
طاف والركب بصحراء يسر
وأسر، وقالوا: قطع الله يديه وأديه.
__________
1 في ط: "كانت".
2 سقط في ش.
3 كذا في ش، وفي ز، ط: "للعدل"، وقوله: "يؤلف" أي يألف ويصاحب.
4 سقط في د، هـ، ز.
5 أي الكميت بن زيد، والبيت من قصيدة يمدح بها أبان بن الوليد، يذكر
أنه بلغ مبلغ الرجال في سن الحداثة، بل علاهم بعشر خصال، فلم يسترثه
الناس أي لم يستبطئوه في السيادة والنضج، وانظر الاقتضاب 497، وشرح أدب
الكاتب للجواليقي 393.
6 كذا في، وفي د، هـ، ز: "وفر".
7 كذا في ش، وفي د، هـ، ز: "ههنا".
8 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "ر".
9 كذا في ش، وفي د، هـ، ز: "إن"، وفي ط: "إذا".
10 الشطر من بيت لطرفة صدره:
أرق العين خيال لم يقر
ولما كان العرب رووه وأقروه نسب المؤلف القول إليهم، وانظر معجم
البلدان "يسر" حيث ذكر أن يسره وضع بالدهناء لبني يربوع، وأورد البيت
في أربعة من القصيدة.
(3/184)
قيل: أما أعصر فهمزته هي الأصل، والياء في
يعصر بدل منها. يدل على هذا أنه إنما بذلك1 لبيت قاله؛ وهو:
أبني إن أباك شيب رأسه ... كر الليالي واختلاف الأعصر
فالياء في يعصر إذًا بدل من همزة أعصر. وهذا ضد ما أردته، وبخلاف ما
توهمته. وأما أسر ويسر فأصلان، كل واحد منهما قائم بنفسه، كيتن2، وأتن
وألملم3، ويلملم. وأما أديه ويديه فلعمري إن الهمزة فيه بدل من الياء؛
بدلالة يديت إليه وأيدٍ ويدي ونحو ذلك، لكنه ليس البدل من ضرب إبدال
الواو همزة. وذلك أن الياء مفتوحة والواو إذا كانت مفتوحة شذ فيها
البدل، نحو أناة وأجم4. فإذا كان هذا حديث الواو التي يطرد إبدالها
فالياء حرى ألا يكون البدل فيها إلا لضرب من الاتساع، وليس طريقه
الاستخفاف والاستثقال.
فإن قلت: فالهمزة5 على كل حال أثقل من الواو، فكيف عدل عن الأثقل إلى
ما هو أثقل منه؟.
__________
1 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "بهذا"، وانظر في أعصر وشعره ص88 من
الجزء الثاني، وفي معجم الشعراء للمرزباني 466: "أعصر -واسمه منبه بن
سعد بن قيس عيلان- وهو أبو القبائل، باهلة وغنى والطفاوة، وهو القائل:
قالت عميرة ما لرأسك بعدما ... فقد الشباب أتى بلون منكر
أعمير إن أباك غير لونه ... كنز الليالي واختلاف الأعصر
فلهذا البيت سمي أعصر، وقوم يقولون: يعصر وليس بشيء"، وهو منقول عن
طبقات ابن سلام.
2 يقال: ولدته أمه بنتا واننا إذا خرجت رجلاه قبل رأسه.
3 الملم ويلملم موضع، وهو ميقات أهل اليمن للإحرام بالحج.
4 وأصله وجم من الوجوم، وهو العبوس.
5 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "إن الهمزة".
(3/185)
قيل1: الهمزة وإن كانت أثقل من الواو على
الإطلاق، فإن إذا انضمت كانت أثقل من الهمزة، لأنه ضمتها تزيدها ثقلا.
فأما إسادة فإن الكسرة فيهما محمولة على الضمة في أقنت، فلذلك قل نحو
إسادة، وكثر نحو أجوه، وأرقة، حتى أنهم قالوا في الوجنة: الأجنة،
فأبدلوها مع الضمة البتة، ولم يقولوا: وجنة.
وأيضًا فإن الواو إذا وقعت بين ياء وكسرة في نحو يعد ويرد ويرد حذفت،
والياء ليست، كذلك ألا ترى إلى صحتها في نحو ييعر2 وييسر3 "وكأنهم
إنما"4 استكثروا مما هو معرض تارة للقلب. أخرى للحذف، وهذا غير موجود
في الياء. فلذلك قلت بحيث كثرت الواو.
فإن قلت: فقد كثر عنهم توالي الكسرتين في نحو سدراتٍ، وكسراتٍ،
وعجلاتٍ.
قيل: هذا إنما احتمل لمكان الألف والتاء كما احتمل لهما5 صحة الواو في
نحو خطوات وخطوات. ولأجل ذلك ما أجاز6 في جمع ذيت7 إذا سميت بها8
ذياتٍ9
__________
1 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "قلت".
2 يقال: يعوت العنز: صاحت.
3 يقال: يسر الرجل إذا دخل في الميسر.
4 كذا في ط، وفي ش: "فكأنهم" وفي د، هـ، ز: "وكأنهما إنما".
5 يريد أن خطوات بضم الطاء كانت الواو فيه تستحق الإعلال بقلبها ياء؛
إذ هي لام قبلها ضمة؛ كالأجرى والأدلى، ولكن عصمها من الإعلال أن الألف
والتاء بعدها جعلاها في الحشور وكأنها ليست لاما، وفي خطرات بفتح الطاء
تستحق الواو قلبها ألفا، ولكن الألف بعدها عصمتها من هذا؛ إذ لوقلبت
ألفا لاجتمعت مع الألف بعدها، وكان هذا يقضي بحذف أحدهما فتجنبوا القلب
لهذا.
6 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "جاز"، وفاعل "أجاز" سيبويه، وانظر
الكتاب 2/ 12 وضبط فيه "ذبات" بشد الباء، وهو خطأ في الطبع.
7 كذا في ش، وفي د، هـ، ز: "ذئب".
8 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "به" وفي ط بعده: "بتخفيف الياء".
9 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "ذباب".
(3/186)
بتخفيف الياء، وإن كان يبقى معك من الاسم
حرفان، والثاني منهما حرف لين. ولأجل ذلك ما صح1 في لغة هذيل قولهم1:
جوزات وبيضات، لما كان التحريك أمرا عرض مع تاء جماعة المؤنث؛ قال2:
أبو بيضات رائح متأوب ... رفيق بمسح المنكبين سبوح
فهذا3 طريق من الجواب عما تقدم من السؤال في هذا الباب.
وإن شئت سلكت فيه مذهب الكتاب، فقلت: كثر فعل، وقل فعل، وكثرت الواو
فاء، وقلت الياء هنالك لئلا يكثر في كلامهم ما يستثقلون. ولعمري إن هذه
محافلة4 في الجواب5، وربما أتعبت وترامت "ألا6 ترى أن" لقائل أن يقول:
فإذا كان الأمر كذلك فهلا كثر أخف الأثقلين لاأثقلهما فكان7 يكون أقيس
المذهبين لا أضعفهما.
وكذلك قولهم: سرت8 سوورا، وغارت عينه غوورا، وحال عن العهد حوولا؛ هذا9
مع عزة باب سوك10 الإسحل، وفي غوور وسوور فضل واو، وهي واو فعول.
__________
1 سقط في ش، وانظر في لغة هذيل الكتاب 2/ 191.
2 أي بعض شعراء هذيل، ويقول في الخزانة 3/ 429: "والبيت مع كثرة وجوده
في كتب النحو والصرف لم أطلع على قائله ولا على تتمته" وهو في وصف ذكر
النعام.
3 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "وهذا".
4 كذا في ز، ط، وكأنه يريد أن هذه مكاثرته لا غناء فيها، وفي ش:
"مخالفة".
5 في ط: "هذا الجواب".
6 كذا في ط، وهو ما في ز، ببعض تحريف، وفي ش: "إلا أن" وهو محرف عن:
"لأن".
7 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "وكان ذلك".
8 يقال: سار الرجل: وثب وثار.
9 سقط في ط.
10 أي في قول عبد الرحمن بن حسان:
أغر الثنايا أحم اللثا ... ت تمنحه سوك الإسحل
(3/187)
وجواب هذا أن الواو وإن1 زادت في عدة
المعتد فإن الصوت أيضًا "بلينها يلذ وينعم"2، ألا ترى أن غوورا وحوولا
وإن كان3 أطول من سوك وسور4 فإنه ليس فيه قلق سوك وسور؛ فتوالي5
الضمتين مع الواو غير "موف لك"6 بلين الواو المنعمة للصوت. يدل على ذلك
أنهم إذا أضافوا إلى نحو أسيد حذفوا الياء المحركة، فقالوا: أسيدي
كراهية لتقارب أربع ياءات، فإذا أضافوا إلى نحو مهييم لم يحذفوا فقالوا
مهييمي فقاربوا7 بين خمس ياءات لما مطل الصوت فلان بياء المد. وهذا
واضح. فمذهب الكتاب -على شرفه، وعلو طريقته- يدخل عليه هذا. وما قدمناه
نحن فيه لا يكاد يعرض شيء من هذا الدخل8 له. فاعرفه وقسه وتأت له ولا
تحرج صدرا به.
__________
1 سقط الوراق في ش، ز، وثبتت في ط.
2 كذا في ش، وفي د، هـ، ز: "بلبنها بلذة وتنعم".
3 في د، هـ: "كانا".
4 أي في قول عدي بن زيد:
عن مبرقات بالبر بن وتبـ ... ـدو بالأكف اللامعات سور
وانظر شواهد الشافية 121.
5 كذا في ط، ز، وفي ش: "لتوالي".
6 كذا في ط، وفي ش: "موفر ذلك". وفي ز: "مؤثر ذلك".
7 كذا في د، هـ، ز، ط، وفي ش: "فوالوا".
8 هو الفساد والعيب.
(3/188)
باب القول على 1 فوائت الكتاب:
اعلم أن الأمثلة المأخوذة على صاحبه سنذكرها ونقول فيها ما2 يدحض عنه
ظاهر معرتها لو صحت عليه. ولو3 لم تكن4 فيها حيلة تدرأ شناعة إخلاله
بها عنه، لكانت معلاة له لا مزراة5 عليه، وشاهدة بفضله ونقص المتتبع
"له بها"6 لا نقصه، إن كان أوردها مريدًا بها حط رتبته، والغض من
فضيلته. وذلك لكلفة هذا الأمر وبعد أطرافه، وإيعار7 أكنافه أن يحاط
بها، أو يشتمل تحجر عليها. وإن إنسانًا أحاط بقاصي هذه اللغات
المنتشرة، وتحجر8 أذراءها9 المترامية، على سعة البلاد، وتعادي ألسنتها
اللداد10، وكثرة التواضع بين أهليها من حاضر وباد، حتى اغترق11 جميع
كلام الصرحاء والهجناء، والعبيد والإماء، في أطرار12 الأرض، ذات الطول
والعرض، "ما بين"13 منثور إلى منظومٍ، ومخطوب به "إلى مسجوع"14، حتى
لغات الرعاة الأجلاف، والواعي ذوات15 صرار16 الأخلاف، وعقلائهم
والمدخولين، وهذاتهم17 الموسوسين18، في جدهم وهزلهم، وحربهم وسلمهم،
وتغاير الأحوال عليهم، فلم يخلل من جميع ذلك -على سعته19 وانبثاثه
وتناشره20 واختلافه- إلا بأحرف تافهة المقدار، متهافتةٍ على البحث
والاعتبار -ولعلها21 أو أكثرها مأخوذة22 عمن فسدت لغته، فلم تلزم
عهدته- لجدير أن يعلم بذلك توفيقه، وأن يخلي له إلى غايته طريقه.
__________
1 في د: "في". ويذكر البغدادي في الخزانة 4/ 473 أنها على ما ذكره ابن
جني هنا ثمانية وخمسون وزنا.
2 في ط: "بما"، وقوله: "يدحض" أي يبطل، يقال: دحضت حجته وأدحضتها إذا
أبطلتها، وأصل معناه الإزلاق، ويبدو أن "يدحض" محرفة عن "يرحض" أي
يغسل، يقال: رحض سوءته، أي غسلها ومحاها على المثل.
3 سقط هذا الحرف في د، هـ، ز، ط.
4 في ز، ط: "يكن".
5 في ط: "مرزاة".
6 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "بهاله".
7 في ز، ط: "إبعاد".
8 كذا في ش، وفي د، هـ، ز: "تكلف" وفي ط: "تحجر وتكلف".
9 أي حواشيها وأطرافها، الواحد ذرو، أو ذره.
10 كذا في ش، وفي ز، ط: "النداد" واللداد جمع الألد من اللدد وهو قوة
الخصومة والنداد جمع الناد، أي التي تذهب في كل فن من القول.
11ي استوعب.
12ي نواحيها، الواحد طر بضم الطاء.
13قط ما بين القوسين في د، هـ، ز.
14ي د، هـ، ز: "ومسموع".
15ذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "ذات".
16هو خيط يشد فوق خلف الحلوية لئلا يرضعها ولدها، والأخلاف جمع الخلف
-بكسر الخاء وسكون اللام- وهو للحيوان كالثدي للإنسان.
17ذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "هداتهم".
18كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "المرسوسين"، والموسوسي الذي تحدثه نفسه
بالوساوس.
19كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "سعيه".
20 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "تشاهده".
21 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "و".
22 في ز: "مأخوذ".
(3/189)
ولنذكر ما أورد عليه معقبًا1 به2، ولنقل3
فيه ما يحضرنا من إماطة الفحش به عنه بإذن الله.
ذكر الأمثلة الفائتة للكتاب:
وهي: تلقامة4 وتلعابة، فِرناس، فُرانس، تنوفى، ترجمان، شحم أمهج،
مهوأن، عياهم، ترامز5، وتماضر، ينابعات، دحندح، عفرين6، ترعاية،
الصنبر، زيتون، ميسون، كذبذب، وكذبذب7، هزنبزان8، عفزران، هديكر،
هندلع، درداقس، خزرانق، شمنصير، مؤقٍ، مأقٍ، جبروة، مسكين، منديل،
حوريت، ترقؤة، خلبوت، حيوت، سمرطول، قرعبلانة، عقربان، مألك، إصري،
إزلزل، إصبع، خرفع، زئبر، ضئبل، خرنباش، زرنوق، صعفوق، كنادر9،
الماطرون، خزعال، قسطال، ويلمة، فرنوس، سراوع، ضهيد، عتيد، الحبليل،
الأربعاوى، مقبئن، "يرنأ، تعفرت"10.
أما تلقامة11، وتلعابة12، فإنه13 وإن لم يذكر ذلك في الصفات فقد ذكر14
في المصادر تفعّلت15 تِعِفّالًا؛ نحو تحملت16 تِحمالًا ومثله تقربت
تِقرابًا. ولو أردت الواحدة من
__________
1 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "متعقبا".
2 كذا في ش، ط. وفي د، هـ، ز: "ثم" بدل الواو.
3 في ط: "لنذكر".
4 سقط حرف العطف في ش، ط.
5 كذا في ش، ط، وفي د: "تراهن"، وفي هـ: "تراض".
6 كذا في ط، وفي ش، ز: "فعلين: عفرين".
7 زياد في ز.
8 كذا في ط، ز، وفي ش: "هزنبران".
9 ورد في ط.
10 زيادة في ز، ط.
11 يقال: رجل تلقامة أي عظيم اللقم في الأكل.
12 هو كثير اللعب.
13 أي سيبويه.
14 كذا في ز، وفي ش، ط: "ذكره".
15 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "تفعل".
16 الكتاب 2/ 243.
(3/190)
هذا لوجب أن تكون تِحمالة. فإذا ذكر
تفعالًا فكأنه قد1 ذكره بالهاء. وذلك لأن الهاء زائدة1 أبدًا في تقدير
الانفصال على غالب الأمر.
وعلى الجملة فإن هذه الفوائت عند أكثر الناس إذا فحص عن حالها، وتؤملت
حق تأملها، فإنها -إلا مالا بال به- ساقطة2 عن صاحب الكتاب، وذلك أنها
على أضرب.
فمنها3 ما ليس قائله فصيحًا عنده.
ومنها لم يسمع إلا في الشعر، والشعر موضع إضطرار، وموقف اعتذار.
وكثيرًا ما يحرف4 فيه الكلم عن أبنيته وتحال فيه المثل عن أوضاع صيغها5
لأجله.
ألا ترى قوله6:
أبوك عطاء ألأم الناس كلهم
يريد عطية. وقالت امرأة7 ترثي ابنًا لها يقال له حازوق:
أقلب طرفي في الفوارس لا أرى ... حزاقًا وعيني كالحجاة من القطر8
وأمثاله كثيرة9. وقد ذكرناها في فصل10 التحريف.
__________
1 سقط في ش.
2 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "ساقط.
3 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "منها".
4 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "يحترف".
5 في ش: "صيغتها".
6 أي البعيث يهجو جريرا، وعجزه:
فقبح من فحل وقبحت من نجل
ومطية أبو جرير. انظر اللسان "عطا"، وص439 من الجزء الثاني.
7 أورد في اللسان "حزق" أقوالا في الشعر، ولم يذكر منها ما قاله
المؤلف، ومما جاء فيه: "وقال ابن بري: هو لخزنق ترثي أخاها حازوقا"
وكان بنو شكر قتلوه، وهم الأزد".
8 "طرفي" كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "عيني" والحجاة: نفاخة الماء، وفي
ز: "كالحجارة" وهو خطأ في النسخ.
9 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "كثير".
10 انظر ص438 من الجزء الثاني.
(3/191)
ومنها ما هو لازم له. وعلى أنا قد قلنا في
ذلك، ودللنا به على أنه من مناقب هذا الرجل ومحاسنه: أن يستدرك عليه من
هذه اللغة الفائضة السائرة المنتشرة ما هذا قدره وهذه حال محصوله.
وليس لقائل أن يدعى أن تِلِقامة، وتلعابة في الأصل المرة الواحدة، ثم
وصف بها1 على حد2 ما يقال في المصدر "يوصف3 به"؛ نحو قول الله سبحانه:
{إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا} 4 أي غائرًا، ونحو قولها5:
فإنما هي إقبالٌ وإدبار
وما كان مثله؛ من قبل أن من وصف بالمصدر فقال: هذا رجل زور، وصوم، ونحو
ذلك، فإنما ساغ ذلك لأنه أراد المبالغة، وأن يجعله هو نفسه الحدث،
لكثرة ذلك منه، والمرة الواحدة هي أقل القليل من ذلك الفعل؛ فلا يجوز
أن يريد معنى غاية الكثرة، فيأتي لذلك بلفظ غاية القلة. ولذلك لم
يجيزوا: زيد إقبالة وإدبارة قياسًا6 على زيد إقبال وإدبار. فعلى هذا لا
يجوز أن يكون قولهم: تِلِقامة على حد قولك: هذا رجل صوم لكن الهاء فيه
كالهاء في علامة ونسابة للمبالغة. وإذا كان كذلك فإنه قد "كاد7 يفارق"
مذهب الصفة؛ ألا ترى أن من شرط الصفة أن تطابق موصوفها8 في تذكيره،
وتأنيثه، فوصف المذكر بالمؤنث، ووصف المؤنث، بالمذكر ليس متمكنًا في
الوصف تمكن وصف المونث بالمؤنث والمذكر بالمذكر. فقولك إذًا: هذا رجل
عليم أمكن في الوصف من قولك: هذا رجل
__________
1 كذا في د، هـ، ز، ط، وفي ش: "به".
2 سقط في ز.
3 سقط ما بين القوسين في ش.
4 آية 30 سورة الملك.
5 انظر ص 205 من الجزء الثاني.
6 سقط في ش.
7 كذا في ش، وفي د، هـ، ز: "بفارق"، وفي ط: "فارق".
8 في ز: "موضعها".
(3/192)
علامة؛ كما أن قولك: مررت بامرأة كافرة
أمكن في الوصف من قولك: مررت بامرأة كفور. وإذا كان كذلك جرى تِلِقامة
من قولك "مررت1 برجل" تلقامة نحوًا من مجرى مررت بنسوة أربع، في أن
أربعًا2 ليس بوصف متمكن "ولذلك صرفته"3، وإن كان "صفة وصف"4 على أفعل.
فكأن تلقامة بعد ذلك كله اسم لا صفة5، وإذا كان اسما أو كالاسم سقط
الاعتذار منه؛ لأن سيبويه قد ذكر في المصادر تفعّلت تِفِعالًا، فإذا6
ذكره أغنى عن ذكره في الأبنية، ولم يجز لقائل أن يذكره مثالًا معتدًا
عليه.
كما أن ترعاية7 في8 الصفات تسقط عنه أيضًا من هذا الوجه؛ ألا تراه صفة
مؤنثة جرت على موصوف مذكر، فأوحش ذلك منها في الوصف، وجرى لذلك مجرى:
مررت برجال أربعة، في أن أربعة ليس وصفًا محضًا، وإنما هو اسم عدد
بمنزلة نسوة9 أربع؛ كما أن أربعة لما لم يخص المؤنث دون المذكر جرى
لذلك مجرى الاسم، فلذلك قالوا في جمعه: ربعات، فحركوا كما يحركون الاسم
نحو9 قصعات.
و"إذا كان كذلك سقط عنه أيضًا أن لم يذكر تِفِعالا في الصفة. و"10
كذلك11 ما حكاه الأصمعي من قولهم ناقة تضراب12؛ لأنها لما كانت صفة
مذكرة جارية على مؤنث لم تستحكم في الصفة.
__________
1 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "رجل".
2 كذا في ش، وفي د، هـ، ز:"أربع".
3 سقط ما بين القوسين في ش.
4 سقط في د، هـ، ز.
5 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "وصف".
6 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "وإذا".
7 يقال: رجل ترعاية إذا كان يجيد رعية الإبل، وفي تائه الضم أيضا.
8 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "من".
9 سقط في ش.
10 سقط ما بين القوسين في ش.
11 كذا والأسوغ: "ذلك".
12 يقال: ناقة تضراب أي ضربها الفحل وطرقها.
(3/193)
وأما فِرناس1 فقد ذكره2 في الأبنية في آخر
ما لحقته الألف رابعة مع3 غيرها من الزوائد.
وأما فُرانس4 فلعمري إنه لم يذكره. وظاهر أمره أنه فُعانل من لفظ الفرس
قال:
أأن رأيت أسدًا فرانسًا ... الوجه كرهًا والجبين عابسا5
وأما تنوفى6 فمختلف في أمرها. وأكثر أحوالها ضعف روايتها، والاختلاف
الواقع في لفظها. وإنما رواها السكري وحده. وأسندها إلى امرىء القيس
"في قوله"7:
كأن دثارًا حلقت بلبونه ... عقاب تنوفى لا عقاب الفواعل8
والذي9 رويته عن أحمد بن يحيى:
عقاب تنوف لا عقاب الفواعل
__________
1 هو من أسماء الأسد.
2 الكتاب 2/ 323.
3 كذا في ز، ط. وفي ش: "من".
4 هو من أوصاف الأسد، يقال أسد فرانس أي بفرس ويدق العنق.
5 "رأيت" كذا في ش، ط. وفي د، هـ، ز،: "رأتني.
6 عي اسم موضع.
7 سقط ما بين القوسين في د، هـ، ز.
8 دثار راعي إبل امرئ اليس. واللبون: الإبل ذوات اللبن. والقواعل:
الجبال الصغار. كان امرؤ القيس نزل في طيئ، فأغير على إبله ونهبت، فهو
يقول: كأنما اختطفتها عقاب فحلفت بها في الجو -والتحليق: ارتفاع
الطائر- فلا يرجا رجوعها. ووصف أ، العقاب عقاب هضبة عالية ليكون أقوى
لها، وانظر الخزانة 4/ 471.
9 كذا في ش، ط. وفي د، هـ، ز: "فالذي".
(3/194)
وقال القواعل إكام حولها، وقال أبو حاتم:
هي ثنية طيئ "وهي مرتفعة"1. وكذا رواها ابن الأعرابي وأبو عمرو
الشيباني. ورواية أبي عبيدة: تنوفى. وأنا أرى أن تنوف2 ليست3 فعولًا4؛
بل هي تفعل من النوف، وهو الارتفاع. سميت بذلك لعلوها. ومنه أناف على
الشيء إذا ارتفع عليه والنيف في العدد من هذا هو فَيعَل بمنزلة صيب
وميت. ولو كسرت النيف على مذهب أبي الحسن لقلت: نياوف، فأظهرت عينه.
فتنوف -في أنه علم على تفعل- بمنزلة يشكر ويعصر. وقلت مرة لأبي علي
"وهذا الموضع يقرأ عليه من كتاب أصول أبي بكر رحمه الله"5: يجوز أن
يكون "تنوفى" مقصورة من تنوفاء بمنزلة بروكاء6، فسمع ذلك وعرف صحته.
وكذلك القول عندي في مسولي7 في بيت المرار:
فأصبحت مهمومًا كأن مطيتي ... بجنب مسولي أو بوجرة ظالع8
ينبغي أن تكون مقصورة من مسولاء؛ بمنزلة جلولاء.
فإن قلت: فإنا9 لم نسمع بتنوفى ولا مسولى ممدودين، ولو كانا أو أحدهما
ممدودًا لخرج ذلك إلى10 الاستعمال.
__________
1 سقط ما بين القوسين في ش.
2 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "تتوفى".
3 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "ليس".
4 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "فعولي".
5 سقط ما بين القوسين في ط.
6 هي الثبات في الحرب والجد.
7 هي اسم موضع.
8 "بجنب" كذا في د، هـ، ز، ط، وفي ش: "بحيث". وفي اللسان "مسل":
"ببطن"، ووجرة: موضع، وفي اللسان عقب البيت: "أي طال وقوفي حتى كأن
ناقتي ظالع". وظالع من الظلع، وهو عرج يسير، وانظر معجم ياقوت في
"مسولا" ففيه البيت مع ثلاثة قبله.
9 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "إنا".
10 كذا في ش، ط. وفي د، هـ، ز: "في".
(3/195)
قيل: ولم1 يكثر أيضًا استعمال هذين
الاسمين، وإنما جاءا في هذين الموضعين. بل2 لو كثر استعمالها مقصورين
لصح ما أردته3 ولزم ما أوردته، فإنه يجوز أن يكون ألف "تنوفى" إشباعًا
للفتحة، لا سيما وقد رويناه "تنوف" مفتوحًا كما ترى، وتكون هذه الألف
ملحقة مع الإشباع لإقامة الوزن، ألا تراها مقابلة لياء مفاعيلن4؛ كما
أن الألف في قوله5:
ينباع من ذفرى غضوب جسرة
إنما هي إشباع للفتحة طلبًا لإقامة الوزن؛ ألا ترى أنه لو قال: "ينبع
من ذفرى" لصح الوزن؛ إلا أن فيه زحافًا هو الخزل6؛ كما أنه لو قال:
"تنوف" لكان الجزء مقبوضًا. فالإشباع7 إذًا في الموضعين إنما هو مخافة8
الزحاف الذي مثله جائز.
وأما9 ترجمان فقد حكى فيه ترجمان بضم أوله. ومثاله فُعلُلان؛
كعُترُفان10، ودُحمُسان11 وكذلك التاء أيضًا فيمن فتحها أصليةٌ، وإن لم
يكن في الكلام مثال جعفر؛ لأنه قد يجوز مع الألف والنون من الأمثلة ما
لولاهما لم يجز. ومن ذلك عُنفُوان، ألا ترى أنه ليس في الكلام فُعلُوٌ.
وكذلك خِنظِيان12؛ لأنه ليس في الكلام فِعلِيٌ إلا بالهاء نحو
حِدرِية13 وعِفرِية14؛ كما أنه ليس فيه فُعلُو إلا بالهاء نحو
عُنصُوة15.
__________
1 سقط حرف العطف في ط.
2 في د، هـ، ز: "بلى".
3 سقط في ش.
4 رسم في ز، ط: "مفاعي لن".
5 أي عنترة، وتقدم هذا ص123 من هذا الجزء.
6 البيت من الكامل، وهو تكرار متفاعلن، والخزل فيه تسكين التاء وسقوط
الألف، هذا وفي ط: "الجزل" وهو مرادف للخزل.
7 في ط: "والإشباع".
8 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "مخالفة".
9 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "فأما".
10 هو الديك، وهو أيضا ثبت من نبات الربيع.
11 يقال: رجل دحمسان: أي أسود سمين.
12 يقال: رجل حنظيان وخنظيان أي فحاش بذيء.
13 هي الأرض الغليظة.
14 يقال: رجل عفرية أي خبيث ماكر.
15 من معانيها الخصلة من الشعر، والقطعة من الكلا.
(3/196)
وكذلك الريهقان1؛ لأنه ليس في الكلام
فَيعُل. ونظير ذلك كثير. فكذلك2 يكون ترجمان فَعلُلانًا، وإن لم يكن في
الكلام فَعلُل ومثله قوله:
وما أيبلىٌ على هيكلٍ3
هو فَيعُلي؛ لأنه4 قد5 يجىء مع ياءي6 الإضافة ما لولاهما لم يجىء؛ نحو
قولهم: تحوى في الإضافة إلى تحية وهو7 تفلى.
وأما شحم أمهج8 فلعمري إن سيبويه قد حظر في الصفة أفعل. وقد يمكن أن
يكون محذوفًا من أمهوج9 كأسكوب. وجدت بخط أبي علي عن الفراء: لبن
أمهوج. فيكون أمهج هذا مقصورًا منه لضرورة الشعر وأنشد10 أبو زيد:
يطعمها اللحم وشحمًا أمهجا11
__________
1 هو الزعفران.
2 كذا في ط، ش، وفي د، هـ، ز: "لذلك".
3 هو للأعشى. وعجزه:
بناء وصلب فيه وصار
والأيبلي: الراهب، وصلب: رسم الصليب، وصار: صور، وفي شرح ثعلب لديوان
الأعشى: "وصارا: سكن" وكأنه أخذه من صريت، ومن معانيه البقاء، ويكتب
على هذا: صارى بالباء، وخبر "ما أيبلي" في بيت بعد هذا ببيت، وهو:
بأعظم منه تقي في الحساب ... إذا النسمات نفضن النهارا
وهما من قصيدة طويلة في مدح قيس بن معديكرب، وانظر الصبح المنير 40 وما
بعدها.
4 في الأصول: "إلا أنه" ويبدو أن الصواب ما أثبت، يريد أن فيعلا بفتح
الفاء وضم العين لم يسمع في الأوزان، ولكنه قد يجيء مع ياءي النسب ما
لا يجيء دونها.
5 سقط في ز.
6 في ز، ط: "ياء".
7 ثبت هذا الحرف في ز، وسقط في ش، ط.
8 أي رقيق أونيء.
9 هو الذي سكنت رغوته وخلص ولم يحثر.
10 ثبت حرف العطف في ط.
11 "بطعمها" كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "نطعمها".
(3/197)
ولم نسمعه في النثر أمهجا. وقد يقال: لبن
أمهجان، وماهج قال هميان بن قحافة:
وعرضوا المجلس محضا ماهجا1
"ويروى: وأروت المجلس"2 وكنت قلت لأبي علي -رحمه الله- وقت القراءة:
يكون3 أمهج محذوفًا من أمهوج فقبل ذلك ولم يأبه.
وقد يجوز أن يكون أمهج في الأصل اسمًا4 غير صفة، إلا أنه وصف به، لما
فيه من معنى الصفاء والرقة5، كما يوصف بالأسماء الضامنة لمعاني6
الأوصاف، "كما أنشد أبو عثمان من"7 قول الراجز:
مئبرة العرقوب إشفى المرفق8
فوصف بإشفى "وهو اسم"9 لما فيه من معنى الحدة، وكقول الآخر:
فلولا الله والمهر المفدى ... لرحت وأنت غربال الإهاب10
فهذا كقولك: وأنت مخرق الإهاب وله نظائر.
وأما مهوأن11 ففائت للكتاب. وذهب بعضهم إلى أنه بمنزلة مطمأن. وهذا سهو
ظاهر. وذلك لأن الواو لا تكون أصلًا في ذوات الأربعة إلا عن تضعيف.
__________
1 "محضا" كذا في د، هـ، ز، ط. وفي ش: "مهجا"، والمحض: اللبن لا ماء
فيه.
2 سقط ما بين القوسين في ش.
3 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "فيكون".
4 في ط: "أفعلا".
5 سقط في د، هـ، ز.
6 كذا في د، هـ، ز، ط. وفي ش: "لمعنى".
7 كذا في ش، وفي ط: "كما أنشدنا عن أبي عثمان من" وفي د، هـ، ز:
"أنشدنا عن أبي عثمان".
8 انظر ص223 من الجزء الثاني.
9 سقط ما بين القوسين في ش.
10 انظر ص223 من الجزء الثاني.
11 هو ما اطمأن من الأرض واتسع.
(3/198)
فأما1 ورنتل فشاذ. فمهوأن إذًا مفوعل. كأنه
جارٍ على اهوأن. وقد قالوا: اكوهد2 واقوهد وهو افوعل "ونحوه"3 قول4
الهذلي5:
فشايع وسط ذودك مقبئنًا ... لتحسب سيدًا ضبعًا تبول
مقبئنًا: منصبًا. فهذا مفعلل كما ترى. وشبه هذا المجوز لأن يكون مهوأن
بمنزلة مطمأن الواو فيه بالواو في غوغاء وضوضاء، وليس هذا من خطأ أهل
الصناعة؛ لأن غوغاء وضوضاء من ذوات تضعيف الواو، بمنزلة ضوضيت وقوقيت.
وقد يجوز من وجه آخر أن يكون واو مهوأن أصلًا. وذلك بأن يكون سيبويه قد
سأل جماعة من الفصحاء عن تحقير مهوأن6 على الترخيم، فحذفوا الميم وإحدى
النونين ولم يحذفوا الواو البتة، مع حذفهم واو كوثر على الترخيم "في
قولهم"7: كثير، وحذفهم واو جدول، وقولهم: جديل وامتنعوا من حذف8 واو
مهوأن، فقطع سيبويه بأنها أصل فلم يذكره. وإذا كان هذا جائزًا، وعلى
مذهب إحسان الظن به سائغًا، كان فيه نصرة له و"تجميل9 لأثره" فاعرفه10؛
فتكون الواو مثلها في ورنتلٍ. وكذلك يمكن أن يحتج بنحو هذا في فرانسٍ
وكنادر11؛ فتكون النون فيهما أصلًا.
__________
1 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "وأما".
2 يقال: اكوهد الفرخ إذا ارتعد إلى أمه لتزقه.
3 في ش: "نحو".
4 في د، هـ، ز: "قال".
5 هو حبيب الأعلم: والبيت من قصيدة يهجو فيها رجلا اسمه عبد الله،
وقوله: "فشايع" في ديوان الهذليين: "تشايع" والمشايعة دعاء الإبل
لتجتمع وتنساق، والذود القطعة من الإبل، يذكر أنه ذو مال، وهو يعنى به
ليسود عند الناس، وقوله "ضبعا تبول" فالكلام على النداء، أي يا ضبعاء
وفي ط: "تنول" أي تحرك استها، وانظر ديوان الهذليين 2/ 86.
6 في د، هـ، ز بعده: "أصلا".
7 كذا في ش، وفي د، هـ، ز: "وقولهم" وفي ط: "وهو قولهم".
8 سقط في ش.
9 في ط: "تحميل لأمره" وفي ش "تجميل ألا تراه" وهو محرف عما أثبت.
10 أخر في ز عن قوله: "ورتثل".
11 هو الغليظ القصير مع شدة.
(3/199)
وأما عياهم1 فحاكيه صاحب العين، وهو مجهول.
وذاكرت أبا علي -رحمه الله- يومًا بهذا2 الكتاب فأساء نثاه3. فقلت له:
إن تصنيفه أصح وأمثل من تصنيف الجمهرة، فقال: الساعة لو صنف إنسان لغة
بالتركية تصنيفًا جيدًا أكانت4 تعتد عربية لجودة تصنيفها؟ أو كلاهما
هذا نحوه. وعلى5 أن صاحب العين أيضًا إنما قال فيها: وقال بعضهم:
عياهمة وعياهم؛ كعذافرة وعذافر. فإن صح فهو فُياعل، ملحق بعذافر وقلت
فيه لأبي علي: يجوز أن تكون العين فيه بدلًا من همزة؛ كأنه أياهم
كأباتر وأحامر فقبل ذلك.
وأما تماضر وترامز فذهب أبو بكر إلى أن التاء فيهما زائدة. ولا وجه
لذلك؛ لأنها6 في موضع عين7 عذافر فهذا8 يقضى بكونها أصلًا، وليس معنا
اشتقاق فيقطع بزيادتها. قال أبو زيد: وهو الجمل9 القوي الشديد؛ وأنشد:
إذا أردت طلب المفاوز ... فاعمد لكل بازلٍ ترامز
وذهب بعضهم في تماضر إلى أنه تُفاعل، وأنه فعل منقول؛ كيزيد وتغلب. ولا
حاجة به إلى ذلك، بل تماضر رباعي وتاؤه فاء كترامز. فإن توهم ذلك
لامتناع صرفه في قوله10:
حيوا تماضر واربعوا صحبي ... وقفوا فإن وقوفكم حسبي
__________
1 يقال: رجل عياهم أي ماض سريع.
2 كذا في ش، وفي د، هـ، ز: "في هذا"، وفي ط: "هذا".
3 أي وصفه وذكره، والنثا: ما أخيرت به عن الشيء من حسن أو سيئ.
4 كذا في ش، وفي ز، ط: "لكانت" وهو تحريف.
5 سقط حرف العطف في د، هـ، ز.
6 في د، هـ، ز: "لأنهما".
7 كذا في ط، وفي د، هـ، ز: "غير"، وسقط في ش.
8 كذا في ش، وفي د، هـ، ز: "وهذا".
9 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "هو".
10 أي دريد بن الصمة، وانظر ديوان الخنساء.
(3/200)
فليس شيئا؛ لأن تماضر علم مؤنث، وهو اسم
الخنساء الشاعرة. وإنما منع الصرف لاجتماع التأنيث والتعريف، كامرأة
سميتها بعذافر وعماهج. وهذا واضح.
وأما ينابعات1 فما أظرف أبا بكر أن أورده2 على أنه أحد الفوائت! ألا
يعلم أن سيبويه قد3 قال4: ويكون على يفاعل نحو اليحامد5 واليرامع6.
فأما لحاق علم التأنيث والجمع به7 فزائد على المثال، وغير8 محتسب به
فيه9 وإن رواه راوٍ ينابعات فينابع يفاعل؛ كيضارب ويقاتل، نقل وجمع.
وأما دحندح فإنه صوتان: الأول منهما منون10: دحٍ، والآخر منهما11 غير
منون: دح "وكأن الأول نون للوصل. ويؤكد ذلك قولهم في معناه: دح دح"12
فهذا كصهٍ صهٍ في النكرة، وصه صه في المعرفة. فظنته الرواة كلمة واحدة.
ومن هنا قلنا: إن صاحب اللغة إن لم يكن له نظر أحال كثيرًا منها وهو
يرى أنه على صواب. ولم يؤت من أمانته وإنما أتي من معرفته. ونحو هذا
الشاهد إذا13 لم يكن فقيها: يشهد14 بما لا يعلم وهو يرى أنه يعلم.
ولذلك ما استد15 عندنا أبو عمرو الشيباني
__________
1 هو اسم موضع.
2 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "بورده".
3 سقط في ش، ط.
4 الكتاب 2/ 319.
5 اليحامة: المنسوبون إلى يحمد -في وزن يمنع- وهي قبيلة من الأزد.
6 جمع اليرمع، ومن معانيها حجارة رخوة إذا فتت تفتتت.
7 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "فيه".
8 سقط حرف العطف في د، هـ، ز.
9 سقط في د، هـ، ز.
10 سقط في ش.
11 سقط في ش، ط.
12 سقط ما بين القوسين في ش.
13 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "إن".
14 كذا في ش، وفي د، هـ، ز: "شهد" وفي ط: "شهيد" وهو محرف عن "شهد".
15 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "اشتد"، واسند من السداد، وكانت وفاة
أبي عمرو سنة 216، ووفاة يونس بن حبيب سنة 183هـ.
(3/201)
لملازمته1 ليونس وأخذه عنه. ومعنى هذه
الكلمة فيما ذكر "محمد2 بن الحسن أبو بكر3: قد4 أقررت فاسكت" "وذكر
محمد بن حبيب أن دحندح دويبة صغيرة: يقال: هو أهون علي من دحندح"5 ومثل
هذين الصوتين عندي قول الآخر:
إن الدقيق يلتوى بالجنبخ ... حتى يقول بطنه جخٍ جخ6
وأما عفرين فقد ذكر سيبويه7 فعلا8 كطمر وحبر9. فكأنه ألحق علم الجمع
كالبرحين10 والفتكرين11. إلا أن بينهما فرقًا. وذلك أن هذا يقال فيه:
البرحون والفتكرون، ولم يسمع في عفرين الواو. وجواب هذا أنه لم يسمع
عفرين12 في الرفع13 يالياء، وإنما سمع في موضع الجر، وهو قولهم: ليث
عفرين. فيجب أن يقال فيه14 في الرفع: هذا عفرون. لكن لو سمع في موضع
الرفع بالياء لكان أشبه بأن يكون فيه النظر. فأما15 وهو في موضع الجر
فلا يستنكر فيه الياء.
__________
1 في ز: "بملازمته".
2 سقط ما بين القوسين في ز، هـ.
3 سقطت هذه الكنية في ش، وهو ابن دريد.
4 سقط في ط.
5 سقط ما بين القوسين في ش، وسقط قوله: "وذكر" في د، هـ، ز.
6 في ط: "الرقيق" في مكان "الدقيق"، والدقيق يريد به دقيق الجسم الشخت.
وفي رواية اللسان في جنبخ: "القصير"، والجنبخ: الطويل، يريد أن القصير
والطويل إذا تصارعا فإن القصير يثني الطويل ويلويه، وانظر اللسان.
7 انظر الكتاب 2/ 330.
8 في ط: "عفرا".
9 هو اسم موضع.
10 هو بكسر الباء وضمها، أي الشدائد.
11 هو أيضا بكسر الفاء وضمها أي الشدائد والدواهي كالبرحين.
12 كذا في د، هـ، ز، وفي ش، ط: "في عفرين" وعفرين: مأسدة، ويقال: ليث
عفرين لكل ضابط قوي.
13 في ز: "و".
14 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "له".
15 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "وأما".
(3/202)
وأما ترعاية فقد قيل فيه أيضا: رجل ترعية،
وترعاية. وكان أبو علي صنع ترعاية فقال: أصلها ترعية ثم أبدلت الياء
الأولى للتخفيف ألفا؛ كقولهم في الحيرة: حارى. وإذا كان ذاك1 أمرا
محتملا لم يقطع بيقين على أنه مثال فائت في الصفات. ولكن قد2 حكى
الأصمعي: ناقة تضراب إذا ضربها الفحل. فظاهر3 هذا أنه4 تفعال في الصفة
كما ترى. وقد ذكرنا ما فيه في أول الباب.
وأما الصنبر فقد كنت قلت فيه في هذا الكتاب في قول طرفة:
بجفان تعترى نادينا ... وسديف حين هاج الصنبر5
ما قد مضى، وإنه يرجع بالصنعة إلى أنه من نحو مررت ببكر. وذهب بعضهم
إلى أنه كسر الباء لسكونها وسكون الراء. وفيه ضعف. وذلك أن الساكنين
إذا التقيا من كلمة واحدة حرك الآخر منهما، نحو أمس6، وجير، وأين،
وسوف، ورب. وإنما يحرك الأول منهما إذا كانا من كلمتين، نحو قد انقطع،
وقم الليل، وأيضا فإن الساكنين لا ينكر اجتماعهما في الوقف.
فإن قلت: فالوزن اقتضى تحريك الأول، قيل: أجل إلا أنه لم يقتضك فساد
الاعتلال7. فإذا8 قلت ما قلنا نحن في هذا فيما مضى من كتابنا سلم على
يديك، وثلج به صدرك إن شاء الله.
فإن قلت: فقد قالوا في الوقف: ضربته9.
__________
1 سقط في ش.
2 سقط هذا الحرف في د، هـ، ز.
3 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "وظاهر".
4 سقط في ط.
5 في ش: "من سديف"، وانظر ص282 من الجزء الأول.
6 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "ليس".
7 في ط: "الإعلال".
8 كذا في ش، وفي د، ط: "وإذا".
9 أي في ضربته من قولك: محمد ضربته زينب، والوقف بكسر تاء التأنيث لغة
بني عدي من تميم، وانظر الكتاب 2/ 287.
(3/203)
قيل: هذا أمر يخص تاء التأنيث، رغبة في
الكسرة الدالة على التأنيث. وأيضًا فإن التاء آخر الكلمة، والهاء
زائدة1 من بعدها، ليست منها. وكذلك القول في ادعه2، واغزه، ألا ترى "أن
الهاء زائدة"3 من بعد الكلمة. وعلى أنه قد يجوز أن تكون الكسرة فيهما4
إنما هي على حد قولك: ادع واغز، ثم لحقت الهاء. ونحوه ما أنشده أبو سهل
أحمد بن زياد القطان5:
كأن ريح دبرات خمس ... وظربانا بينهن يفسى
ريح ثناياها بعيد النعس6
أراد: يفسو، ثم حذف الواو استخفافا، وأسكن السين، والفاء قبلها ساكنة،
فكسر السين لالتقائهما، ثم أشبع للإطلاق فقال: يفسى. فاعرف ذلك.
وأما هزنبزان7 وعفزران فقد ذكرا في بعض نسخ الكتاب. والهزنبزان السيء
الخلق، قال:
لقد منيت بهزنبران ... لقد نسيت غفل الزمان8
__________
1 كذا في ش. وفي د، هـ، ز، ط: "زيادة".
2 أي بكسر العين، ويقول سيبويه في الكتاب 2/ 278: "وزعم أبو الخطاب أن
ناسا من العرب يقولون: ادعه من دعوت، فيكسرون العين، كأنها لما كانت في
موضع الجزم توهموا أنها ساكنة؛ إذ كانت آخر شيء في الكلمة في موضع
الجزم"، فكسروا حيث كانت الدال ساكنة لأنه لا يلتقي ساكنان".
3 كذا في ش، وفي د، هـ، ز: "أنها زيادة"، وفي ط: "الهاء زيادة".
4 كذا في د، هـ، ز، ط، وفي ش: "فيها" يريد الكسرة في ادعه وأعزه، يريد
في هذا الوجه أنك قدرت سكون العين للوقف فالتفت ساكنة مع الفاء، فحركت
العين للساكنين، ثم ألحقته الهاء، فبقي الكسر للعين، وهذا غير الوجه
الأول، فإنه يراعى في الساكنين العين والهاء، وترى هذا الوجه الثاني هو
ما في الكتاب، على ما سلف لك.
5 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "أنشدناه" والقطان هو أحمد بن محمد بن
عبد الله بن زياد وكانت وفاته سنة 350 كما في النجوم الزاهرة 3/ 328.
6 كأنه يريد بالديرات نياقا دبر ظهرها، والدير فرح فيها، والظربان يضرب
به المثل في الفساء، يهجو امرأة بخبث رائحتها، وقوله: "ظربانا" كذا وقد
يكون "ظربانا" بالجر عطفا على "دبرات" أو بالرفع على أن الجملة حالية.
7 كذا في ط، وبالزاي، وهذا يوافق تفسيره بالسيئ الخلق، وفي ش:
"عزنبران" وهو عند صاحب القاموس تبعا للصاغاني: الكيس الحاد الرأس، وقد
وهما الجوهري في تفسيره الكلمتين بالسيئ الخلق وانظر القاموس والتاج في
"هزبر".
8 يريد بغفل الزمان سعة العيش، كأن الزمان غفل عن إساءته وفي ز، ط:
"عقل" وهو تصحيف.
(3/204)
وعفزران: اسم رجل. وقد يجوز أن يكون أصله:
عفزر، كشعلع وعديس، ثم ثنى1 وسمي به، وجعلت النون حرف إعراب، كما حكى
أبو الحسن عنهم في اسم رجل: خليلان. وكذلك أيضًا ذهب في قوله2:
ألا يا ديار الحي بالسبعان
إلى أنه تثنية سبع وجعل النون حرف إعراب. وليس لك3 مثل هذا التأويل في
هزنبزان؛ لأنه نكرة وصفة للواحد. وهذا "يبعده عن"4 العلمية والتثنية.
وأما هديكر فقال أبو علي: سألت محمد بن الحسن عن الهيدكر فقال: لا
أعرفه، وأعرف الهيدكور. قال أبو بكر: وإن سمع فلا يمتنع. هذا حديث
الهيدكر وأما5 الهديكر فغير محفوظ عنهم، وأظنه من تحريف النقلة، ألا
ترى إلى بيت طرفة:
فهي بداء إذا ما أقبلت ... فخمة الجسم رداح هيدكر6
وكأن7 الواو حذفت من هيدكور ضرورة. فإذا جاز أن تحذف الواو الأصلية
لذلك في قول "الأسود بن يعفر"8.
فألحقت أخراهم طريق ألاهم
__________
1 كذا في د، هـ، ز، وفي ش، ط: "بني".
2 أي ابن مقبل أو ابن أحمر، وعجزه:
أمل عليها بالبلى الملوان
والسبعان: موضع في ديار قيس، وانظر معجم البلدان، والخزانة 3/ 275،
والكتاب 2/ 322.
3 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "كذلك".
4 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "يبعد في".
5 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "فأما".
6 البداء: المرأة الكثيرة لحم الفخذين، والرداح: ضخمة العجيزة.
7 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "كذلك".
8 كذا في د، هـ، ز، وفي ط: "الأسود"، وفي ش: "أبي الأسود"، وانظر في
البيت ص294 من الجزء الثاني.
(3/205)
كان حذف الزيادة1 أولى. ويقال: تهدكرت
المرأة تهدكرا في مشيها2. وذلك إذا ترجرجت.
وأما زيتون فأمره واضح، وأنه فعلون، ومثال فائت. والعجب أنه في القرآن،
وعلى أفواه الناس للاستعمال3. وقد كان بعضهم قد تجشم أن أخذه من الزتن،
وإن كان أصلا مماتا فجعله فيعولا. وصاحب هذا القول ابن كيسان أو ابن
دريد: أحد الرجلين.
ومثل زيتون -عندي- ميسون بنت بحدل الكلبية أم يزيد بن معاوية. وكان4
سمعها تهجوه، فقال لها: الحقي بأهلك.
وأما قيطون فإنه فيعول5، من قطنت بالمكان؛ لأنه بيت في جوف بيت.
وأما الهندلع فبقلة، وقيل: إنها غريبة6 ولا تنبت في كل سنة. وما كانت
هذه سبيله كان الإخلال بذكره قدرا مسموحا به، ومعفوا عنه. وإذا صح أنه
من كلامهم فيجب أن تكون نونه زائدة؛ لأنه لا أصل بإزائها فتقابله7. فهى
إذا كنون كنتأل8. ومثال الكلمة على هذا: فنعلل. ومن ادعى أنها أصل، وأن
الكلمة بها خماسية، فلا دلالة له ولا برهان معه. ولا فرق بين أن يدعى
أصلية هذه النون وبين ادعائه أصلية نون كنتأل وكنهبل9.
__________
1 كذا في ش، وفي هـ، ز، ط: "الزائدة"، وفي د: "الزائد".
2 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "مشيتها".
3 كذا في د، هـ، ز، ظ، وفي ش: "له استعمال".
4 أي معاوية رضي الله عنه، وذلك في قولها في شعرها المشهور:
وخرق من بني عمي نحيف ... أحب إلي من علج عنيف
5 أهل اللغة على أنه أعجمي، وقد نص على ذلك ابن دريد في الجمهرة 3/ 388
والجواليقي في المعرب 272، وعلى ذلك لا يرد النقض به على صاحب الكتاب،
ولا يتكلف له اشتقاق.
6 كذا في ز، وفي ش، ط: "عربية".
7 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "فيقابله".
8 هو القصير.
9 هو ضرب من الشجر.
(3/206)
وأما كذبذب خفيفا، وكذبذب ثقيلا ففائتان.
ونحوهما ما رويته عن بعض أصحابنا من قول بعضهم: ذرحرح في هذا "الذرحرح
بفتح الرائين"1 "أنشد أبو زيد"2:
وإذا أتاك بأنني قد بعتها ... بوصال غانية فقل كذبذب
ولسنا نعرف كلمة فيها ثلاث عينات غير3 كذبذب وذرحرح. وقد4 أنشد بعض
البغدادين "قول الشاعر"5:
بات يقاسي ليلهن زمام ... والفقعسي حاتم بن همام
مسترعفات ليصللخم سام
"اللام الأولى هي الزائدة هنا، لأنه لا يلتقي عينان إلا6 والأولى
ساكنة"7، وهذا مصنوع للضرورة" يريد: لصلخم8، فاحتاج لإقامة الوزن، فزاد
على العينين أخرى، فصار من فعل إلى فععل.
وأما الدرداقس فقيل فيه: إنه أعجمي، وقال الأصمعي: أحسبه روميا، وهو
طرف العظم الناتئ فوق القفا. وأنشد أبو زيد:
من زل عن قصد السبيل تزايلت ... بالسيف هامته عن الدرداقس9
__________
1 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "الذروح"، وهي دويبة حمراء منقطعة بسواد
تطير.
2 في ط: "في هذا البيت الذي أنشده أبو زيد" والشعر لجريبة بن الأشيم في
أبيات أخر في النوادر 72، وفيها: "بعته" في مكان: "بعتها" وهو وصف
جمله.
3 كذا في د، هـ، ز، ط، وفي ش: "كعين".
4 سقط في ز.
5 كذا في ش، وسقط في د، هـ، ز، ط، وقوله: "يقاسين" أي يقاسي إبلا يسير
بها، ومسترعفات: سابقات، والصلخم: الجسيم الماضي، و"سام" أي سامي الطرف
مرتفعة وهو وصف لبعير أو لحاد، وورد في اللسان "صلخم":
مسترعلات لصللخم سامي
6 سقط هذا الحرف في ط.
7 سقط ما بين القوسين في ش، وهو في د، هـ، ز، بعد: "لإقامة الوزن"، وما
هنا وفق ما في ط.
8 في ط: "الصلخم".
9 في ش: "على الدردافس".
(3/207)
وكذلك الخزرانق أعجمي1 أيضا. وهو فارسي،
يعنى به ضرب من ثياب الديباج.
ويجب أن تكون "نونه زائدة"2 إن كان الدرداقس أعجميا. فإن كان عربيا
فيجب أن تكون نونه3 أصلا، لمقابلتها قاف درداقس العربي.
وأما شمنصير ففائت أيضا إن كان عربيا. قال الهذلي4:
لعلك هالك إما غلام ... تبوأ من شمنصير مقاما
وقد يجوز5 أن يكون محرقا من شمنصير6 لضرورة الوزن.
وأما مؤقٍ فظاهر أمره أنه فعلٍ وفائت. وقد يجوز أن يكون مخففًا من
فعلي، كأنه في الأصل مؤقي بمعنى مؤقٍ، وزيدت الياء لا للنسب، بل
كزيادتها في كرسي وإن كانت في كرسي لازمة وفي مؤقي غير لازمة لقولهم
فيه: مؤقٍ. لكنها في أحمري وأشقري غير لازمة. وأنشدنا أبو علي:
كان حداء قراقريا7
"يريد قراقرا"8 وأنشدنا أيضًا للعجاج:
غضف طواها لأمس كلابي9
"أي كلاب يعنى صاحب كلاب"10 وأنشدنا أيضًا له11:
والدهر بالإنسان دواري12
__________
1 انظر معرب الجواليقي 127.
2 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "زائد النون".
3 كذا في ش، وفي د، هـ، ز: "نون جزرانق".
4 هو صخر الغي، والبيت ختام قصيدة يرثي فيها ابنه تليدا، وشمتصير جهل
في بلاد هذيل دفن فيه ابنه، يخاطب نفسه فيقول: لعلك تموت إن مات غلام
دفن في هذا المكان، ولعل للإشفاق، ويعني بالغلام ابنه، وانظر ديوان
الهذليين "طبعة دار الكتب" 2/ 66. ومعجم البلدان.
5 سقط هذا الحرف في د، هـ، ز، ط، وثبت في ش.
6 كذا في ش، وفي ز، ط: "شمصير".
7 انظر ص107 من هذا الجزء.
8 سقط ما بين القوسين في د، هـ، ز.
9 انظر ص106 من هذا الجزء.
10 سقط ما بين القوسين في ش، ط، وثبت في د، هـ، ز.
11 كذا في ش، وسقط في د، هـ، ز، ط.
12 انظر ص106 من هذا الجزء.
(3/208)
أي دوار؛ إلا أن زيادة هذه الياء فى الصفة
أكثر منها في الاسم، لأن الغرض فيها توكيد الوصف.
ومثل مؤقٍ في هذه القضية ما رواه الفراء من قول بعضهم فيه: ماقٍ. فيجب
أيضًا أن يكون مخففًا1 من ثقيله. وأما ما أنشده أبو زيد من قول الشاعر:
يا من العين لم تذق تغميضا ... وماقيين اكتحلا مضيضا2
فمقلوب. وذلك أنه أراد من المأق مثال فاعل فكان قياسه مائق، إلا أنه قد
قلبه إلى فالع، فصار: مأقٍ بمنزلة شاكٍ ولاثٍ في شائك ولائث. ومثله
قوله3:
وأمنع عرسي أن يزن بها الخالي
أراد: الخائل: فاعلا من الخيلاء.
وجبروة من قبل الكوفيين. وهو فائت. ومثاله فعلوة.
وأما مسكين ومنديل فرواهما اللحياني. وذاكرت يومًا أبا علي بنوادره4
فقال: كناش5. وكان أبو بكر -رحمه الله- يقول: إن كتابه لا تصله به6
رواية، قدحًا فيه، وغضًا منه.
__________
1 فأصله مأفي، وبعد تخفيفه صار كقاض.
2 المضيض: الهم والحزن، والرضيض: المدقوق، وانظر النوادر 52.
3 أي امرئ القيس، وما أورده شطر في بيتين هما:
لقد زعمت بسباسة اليوم أنني ... كبرت وألا يحسن السر أمثالي
كذبت لقد أصبى على المرء عرسه ... وأمنع عرسي أن يزن بها الخالي
وبسباسة: اسم امرأة، والسر: اللهو بالنساء ويزن: يتهم.
4 كذا في د، هـ، ز، ط. وفي ش: "في نوادر".
5 كذا في ش. وفي د، هـ، ز، ط: "كناسة"، وقد يكون محرفا عن "كناشة"، وفي
التاج "كنش" أن الكناشة أوراق تجعل كالدفتر يقيد فيها الفوائد والشوارد
للضبط، وأبو علي يريد أنه ليس فيه مسكة التصنيف.
6 في ط: "وفيه".
(3/209)
وأما حوريت فدخلت يومًا على أبي علي -رحمه
الله- فحين رأنى قال: أين أنت! أنا أطلبك. قلت؛ وما هو؟ قال: ما تقول
في حوريت1؟ فخضنا فيه، فرأيناه خارجًا عن الكتاب. وصانع أبو علي عنه
بأنه قال: إنه2 ليس من لغة ابني نزار3، فأقل الحفل به لذلك. وأقرب ما
ينسب إليه أن يكون فعليتا4، قريبًا من عفريت. ونحوه ما أخبرنا به أبو
علي من قول بعضهم في الخلبوت5: الخلبوت، وأنشد:
ويأكل الحية والحيوتا6
وهو ذكر الحيات، فهذان7 فعلوت8.
وأما ترقؤة فبادي أمرها أنها فائتة؛ لكونها فعلؤة. ورويناها9 عن قطرب،
وذكر أنها لغة لبعض عكل. ووجه القول عليها -عندي- أن تكون10 مما همز من
غير المهموز، بمنزلة استلأمت الحجر، واستنشأت الرائحة -وقد ذكرنا ذلك
في بابه- وأصلها ترقوة، ثم همزت على ما قلناه.
وأما سمرطول11 فأظنه تحريف سمرطول بمنزلة عضرفوط11، ولم نسمعه في
نثر12. قال:
على سمرطولٍ نيافٍ شعشع13
__________
1 ضبط في ش بفتح الواو وتشديد الراء مكسورة، وحوريت: اسم موضع.
2 سقط في ش.
3 يريد: ربيعة ومضر.
4 ضبط في ش: "فتح الثاني وكسر الثالث مع التشديد".
5 هو الخداع الكذاب.
6 هو من رجز أورده اللسان في دمق وفي حبي، وبعده:
ويدمق الأقفال والتابوتا
أي يكسر الأقفال والتابوت وهو الصندوق، وذلك جريا وراء ما ادحر فيه من
الطعام، يصف امرأ بالشره وأنه يطعم ما وجده، حتى ليأكل الحيات.
7 في د، هـ، ز: "وهذان".
8 في ز: "فعلونا".
9 سقط حرف العطف في د، هـ، ز، ط.
10 في ش: "يكون".
11 سمر طول أي طويل مضطرب، والعضرفوط: ذكر العظاء، والعظاء واحدها
العظاية، وهي دابة كسام أبرص.
12 بعده في اللسان "سمرطيل". "وإنما سمعتاه في الشعر".
13 يريد بالسمر طول حملا طويلا، و"نياف" أي طويل فهو تأكيد لما في
"سمرطول" من الطول، والثمثع: الطويل العنق.
(3/210)
وإذا استكرهوا في الشعر لإقامة الوزن خلطوا
فيه قال:
بسحبل الدفين عيسجور
أراد سبحلا، فغير كما ترى. وله نظائر قد ذكرت في باب1 التحريف.
وقرعبلانة كأنها2 قرعبل، ولا اعتداد بالألف والنون وما بعدهما. ويدلك
على إقلالهم الحفل بهما3، ادغامهم الإمدان4؛ كما يدغم أفعل من المضاعف؛
نحو أرد وأشد، ولو كانت الألف والنون معتدة لخرج بهما المثال عن وزن
الفعل فوجب إظهاره، كما يظهر ما5 "خرج عن مثاله، نحو حضض6، وسُرر7،
وسَرر7. وعلى أن هذه اللفظة" لم تسمع إلا من كتاب العين. وهي -فيما
ذكر- دويبة. وفيه وجه آخر. وهو أن الألف والنون قد عاقبتا تاء التأنيث
وجرتا مجراها. وذلك في "حذفهم لهما"8 عند إرادة الجمع كما تحذف9؛ ألا
تراهم قالوا في استخلاص الواحد من الجمع بالهاء وذلك شعير وشعيرة وتمر
وتمرة وبط وبطة، وسفرجل وسفرجلة. فكذلك انتزعوا الواحد من الجمع بالألف
والنون أيضًا. وذلك قولهم: إنس، فإذا أرادوا الواحد قالوا: إنسان،
وظرب، فإذا أراد الواحد قالوا: ظربان قال10:
قبحتم يا ظربا مجحره
__________
1 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "فصل". وانظر ص438 من الجزء الثاني.
2 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "كأنه".
3 كذا في د، هـ، ز، ط، وفي ش: "بها".
4 كذا في ش، وهو الماء الملح، وفي ز، ط: "الأمران" وهو تثنية الأمر.
5 سقط ما بين القوسين في د، هـ، ز.
6 من معانيه دراء يتخذ من أبوال الإبل.
7 هو ما على الكمأة من القشور والطين.
8 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "حذفهما".
9 كذا في ش، ط، ط، وفي د، هـ، ز: "يحذف".
10 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "أنشدنا" ولم أقف لهذا الشطر على تكملة
وقوله "مجحرة" أي تدخل الضب وتحره الجحر من خبث قبائها، وفي ز، ط:
"محجرة" بتقديم الحاء على الجيم
(3/211)
وكذلك أيضًا حذفوا الألف والنون لياءي1
الإضافة؛ كما حذفت2 التاء لهما؛ قالوا في خراسان: خراسي، كما يقولون في
خراشة3: خراشي. وكسروا أيضًا الكلمة على حذفهما، كما يكسرونها على حذف
التاء. وذلك قولهم: كَروان وكِروان "وشَقذان وشِقذان"4 كما قالوا:
بَرق5 وبِرقان، وخرب6 خربان. فنظير هذا قولهم: نعمة وأنعم. وشدة وأشد
عنده سيبويه. فهذا نظير7 ذئب وأذؤب وقطح8 وأقطع، وضرس وأضرس، قال:
وقرعن نابك قرعة بالأضرس9
وقالوا أيضًا: رجل كذبذب وكذبذبان، حتى كأنهما مثال واحد، كما أن دمًا
ودمة وكوكبًا وكوكبة مثال واحد. ومثله الشعشع10 والشعشان10، والهزنبر11
والهزنبران11 و"الفرعل والفرعلان"12.
فلما تراسلت الألف والنون، والتاء في هذه المواضع وغيرها جرتا مجرى
المتعاقبتين13، فإذا التقتا في مثال واحد ترافعتا أحكامهما، على ما
"قدمناه14 في" ترافع الأحكام. فكذلك قرعبلانة لما اجتمعت15 عليه16
التاء مع الألف والنون ترافعتا17
__________
1 كذا في ش، ط، وفي ز: "لياء".
2 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "تحذف".
3 في ش: "خراسة: خراسي"، وخراشة من أسماء العرب، وأبو خراشة خفاف بن
ندبة.
4 كذا في ط، وفي د، هـ، ز: "شقران وشقران" وسقط ما بين القوسين في ش،
والشقذان: الحرباء.
5 هو الحمل -كسبب- وهو الصغير من أولاد الضأن.
6 هو ذكر الحبارى.
7 كذا في ش، ط، وفي ز: "نظيره".
8 هو نصل صغير عريض.
9 انظر ص225 من الجزء الثاني.
10 هو الطويل الحسن.
11 هو السيئ الخلق.
12 كذا في د، هـ، وفي ز: "الفرعل والفرعل"، وفي ش، ط: "القوعيل
والقرعيلان"، والفرعل والفرعلان ولد الضبع.
13 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "المتعاقبين".
14 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "بيناه في باب". انظر ص110 من الجزء
الثاني.
15 في ز: "اجتمع".
16 سقط في ز، ط.
17 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "ترافعت".
(3/212)
أحكامهما، فكأن لا تاء هناك ولا ألف ولا
نونًا، فبقى الاسم على هذا كأنه قرعبل. وذلك ما أردنا بيانه. فاعرفه.
وأما عقربان "مشدد1 الباء" فلك فيه أمران: إن شئت قلت: إنه لا اعتداد
بالألف والنون فيه -على ما مضى- فيبقى حينئذ كأنه عقرب، بمنزلة قسقب2
وقسحب2 وطرطب3. وإن شئت ذهبت مذهبا أصنع من هذا. وذلك أنه قد جرت الألف
والنون من حيث ذكرنا في كثير من كلامهم مجرى ما ليس موجودًا على بيننا.
وإذا كان كذلك كانت الباء لذلك كأنها حرف الإعراب وحرف الإعراب قد
يلحقه التثقيل في الوقف، نحو هذا خالد، وهو يجعل. ثم إنه قد يطلق ويقر
تثقيله عليه نحو الأضخما4، وعيهل5. فكأن عقربانًا6 لذلك عقرب، ثم
لحقتها التثقيل لتصور معنى الوقف عليها عند اعتقاد حذف الألف والنون من
بعدها، فصارت كأنها عقرب ثم لحقها7 الألف والنون فبقي على تثقيله كما
بقى "الأضخما" عند إطلاقه على تثقيله إذا8 أجرى9 الوصل مجرى الوقف،
فقيل: عقربان، على ما شرحنا وأوضحنا. فتأمله ولا "يجف عليك"10 ولا تنب
عنه، فإن له نظيرًا، بل نظراء، ألا تراهم قالوا في الواحد: سيد11،
فإذا12 أرادوا الواحدة قالوا سيدانة، فألحقوا علم التأنيث بعد
__________
1 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "بتشديد الباء".
2 هو الضخم.
3 هو الثدي المسترخى الطويل.
4 أي في قول الشاعر:
بده يجب الخلق الأضحما
5 أي في قول الراجز:
بيازل وجناء أو عيهل
6 كذا في د، هـ، ز، وفي ش؛ ط: "عقربان".
7 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "لحقها".
8 في ش: "وإذا".
9 في ط: "جرى".
10 كذا في ش، وفي ز، ط: "تجف عليه".
11 هو الذئب.
12 كذا في ش، وفي د، هـ، ز: "وإذا".
(3/213)
الألف والنون، وإنما يجب أن يلحق بعد حرف
إعراب المذكر، كذئب وذئبة، وثعلب وثعلبة؛ وقد ترى إلى قلة اعتدادهم
بالألف والنون في سيدانة، حتى كأنهم قالوا: سيدة. وهذا تناهٍ في إضعاف
حكم الألف والنون. وقد1 قالوا: "الفرعل والفرعلان"2 والشعشع والشعشعان
"والصحصح والصحصحان"3 بمعنى واحد فكأن اللفظ لم يتغير.
ومثل التثقيل في الحشو لنية الوقف ما أنشده أبو زيد من قول الشاعر:
غضٌ نجارى طيب عنصري4
فثقل الراء من عنصري"5 وإن كانت الكلمة مضافة إلى مضمر. وهذا يحظر عليك
الوقوف على الراء كما يثقلها6 في عنصر نفسه.
ومثله أيضًا قول الآخر:
يا ليتها قد خرجت من فمه7
فثقل آخر الكلمة وهي مضافة إلى مضمر، فكذلك8 حديث9 عقربان. فاعرفه فإنه
غامض.
__________
1 سقط هذا الحرف في د، هـ، ز، ط.
2 في ش: "القرعبل والقرعيلان".
3 سقط ما بين القوسين في ش. وفي د، هـ، ز: "والضحضح والضحضحان" وفي ط:
"والصحيح والصحيحان" وهذا تحريف عما أثبت، والصحصح الصحصحان: ما استوى
من الأرض.
4 النجار: الأصل، وكذا العنصر.
5 كذا في ط، وفي ش، ز: "عنصر".
6 كذا في ش، وفي ز، ط: "تنقلها".
7 بعده:
حتى يعود الملك في أسطمه
وأسطم الشيء: معظمه، وانظر اللسان "فو".
8 في ط: "وكذلك".
9 سقط في د، هـ، ز.
(3/214)
وأما مألك فإنه أراد: مألكة فحذف الهاء
ضرورة، كما حذفها الآخر من قوله:
إنا بنو عمكم لا أن نباعلكم ... ولا نصالحكم إلا على ناح1
أراد: ناحية"2. وكذلك قوله الآخر:
ليوم روع أو فعال مكرم3
أراد: مكرمة، وقول الآخر4:
بثين الزمي لا إن لا إن لزمته ... على كثرة الواشين أي معون
أراد: أي معونة، فحذف التاء. وقد كثر حذفها في غير هذا.
وأما أصرى5 فإن أبا العباس استدركها. وقال6: وقد جاءت أيضا إصبع.
وحدثنا أبو علي قال: قال إبراهيم الحربي: في إصبع وأنملة جميع ما يقول
الناس. ووجدت بخط أبي علي: قال الفراء: لا يلتفت إلى ما رواه البصريون
من قولهم: إصبع؛ فإنا بحثنا عنها فلم نجدها. وقد حكيت أيضا: زئبر وضئبل
وخرفع؛ وجميع ذلك شاذ لا يلتفت إلى مثله؛ لضعفه في القياس، وقلته في
الاستعمال. ووجه ضعف قياسه خروجك من كسر إلى ضم بناء لازما وليس بينهما
إلا الساكن. ونحو منه ما رويناه عن قطرب من "قول بعضهم"7 في الأمر:
اقتل، اعبد. ونحو منه8 في الشذوذ عن الاستعمال قول بعضهم: إزلزل، وهي
كلمة تقال عند الزلزلة.
__________
1 "نباعلكم" أي تتزوج منكم وتتزوجوا منا. وقوله: "إلا على ناح" أي على
ناحية وطرف من الأمر ولا نصالحكم صلحا خالصا مطلقا.
2 كذا في ط، وفي ش، ز: "ناجبة".
3 عزاه ابن السيد في الاقتضاب 469 للأخزر الحماني، وانظر شواهد الشافية
ص68.
4 هو جميل، وانظر شواهد الشافية 67.
5 يقال، هذا لأمر متى أصرى أي عزيمة وجد.
6 كذا في ط، وفي ش: "فقال" وفي ز: "قال". وهذا الكلام لا يتصل بما
قبله، فإنه في إصبع، وكأن في العبارة سقطا، والأظهر أن يضبط "أصبع"
بفتح الهمزة وكسر الباء فيكون من باب أصرى إذا أصله: أصروي قبل
الإدعام، وهذا بخلاف "أصبع" الآتي، فإنه بكسر الهمزة وضم الباء.
7 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "نحو قولهم".
8 كذا في ش، وفي د، هـ، ز: "من هذا".
(3/215)
وينبغي أن تكون من معناها، وقريبة من
لفظها، ولا تكون من حروف الزلزلة. وإنما حكمنا بذلك لأنها1 لو كانت
منها لكانت إفعلل، فهو مع أنه مثال فائت فيه بلية من جهة أخرى. وذلك أن
ذوات الأربعة لا تدركها الزيادة من أولها، إلا في الأسماء الجارية على
أفعالها؛ نحو مدحرج وليس إزلزل من ذلك. فيجب أن تكون2 من لفظ الأزل
ومعناه3. ومثاله فعلعل، نحو كذبذب فيما مضى.
وأما مد المقصور وقصر الممدود، والإشباع والتحريف فلا تعتد أصولا، ولا
تثبت بها مثل، موافقة ولا مخالفة.
وقال4: الفعلال لا يأتي إلا مضاعفا5؛ نحو القلقال6 والزلزال. وحكى
الفراء: ناقة بها خزعال، أي داء. وقال أوس7:
ولنعم مأوى المستضيف إذا دعا ... والخيل خارجة من القسطال
وقد يمكن أن يكون أراد: القسطل، فاحتاج، فأشبع الفتحة؛ على قوله:
ينباع من ذفرى
وقد8 جاء في شعر ابن ذريح سراوع اسم مكان؛ قال:
عفا سرفٌ من أهله فسراوع9
__________
1 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "لأنه".
2 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "يكون".
3 سقط في ز، ط.
4 أي سيبويه، وانظر الكتاب 2/ 338.
5 كذا في ش، وفي ز، ط: "مضعفا".
6 كذا في ش، وفي ز، ط: "القرقار".
7 يريد أوس بن حجر، والبيت من مقطوعة في ديوانه، في مرثية أبي دليجة،
والقسطان: غيار الموقعة، والمستضيف المستغيث.
8 سقط هذا الحرف في د، هـ، ز، ط. وثبت في ش.
9 عجزه:
فرادى قديد فالتلال الدوافع
وانظر معجم البلدان في "سراوع".
(3/216)
وقالوا: جلس الأربعاوي1.
وجاء الفرنوس في2 أسماء الأسد.
والحبليل3: دويبة يموت4 فإذا أصابه5 المطرعاش. وقالوا: رجل ويلمة6،
وويلم للداهية. وهذا خارج على7 الحكاية، أي يقال له من دهائه: ويلمه،
ثم ألحقت8 الهاء للمبالغة، كداهية ومنكرة9. وقد رووا قوله10:
وجلنداء في عمان مقيما
وإنما هو11: جلندى مقصورا. وكذلك ما أنشده12 من قول رؤبة:
ما بال عيني كالشعيب العين
حملوه على فيعل مما اعتلت عينه. وهو13 شاذ. وأوفق من هذا -عندي- أن
يكون: فوعلا أو فعولا حتى لا يرتكب شذوذه. وكأن الذي سوغهم هذا ظاهر
__________
1 أي جلس متربعا.
2 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "من".
3 ضبط في اللسان بفتح الباء، وفي القاموس بسكونها.
4 كذا في ش، وفي ز، ط: "تموت".
5 في ط: "جاء".
6 انظر نوادر أبي زيد 244، والخزانة في الشاهد الحادي عشر بعد
المائتين.
7 كذا في ش، وفي ز، ط: "عن".
8 كذا في ش، وفي د، هـ، ز: "ألحقوه"، وفي ط: "ألحقوا".
9 سقط حرف العطف في د، هـ، ز.
10 أي الأعشى وما أورده صدر بيت عجزه:
ثم قيسا في حضرموت المنيف
وقبله:
وصحبنا من آل جفتة أملا ... كاكراما بالشأم ذات الرفيف
وبني المنذر الأشاهب بالحيـ ... ـرة يمشون غدوة كالسيوف
فقوله: "وحلنداء" معطوف على "أملاكا" وانظر الصبح المنير 211 وما
بعدها.
11 كذا في ش، وفي د، هـ، ز: "رووه".
12 أي سيبويه. وانظر الكتاب 2/ 372، وص487 من الجزء الثاني من الخصائص.
13 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "هذا".
(3/217)
الأمر وأنه أيضا قد روى "العين" بكسر
العين. وكذلك طيلسان مع الألف والنون: فيعل في الصحيح، على أن الأصمعي
قد أنكر كسر اللام. وذهب أحمد بن يحيى وابن دريد في يستعور1 إلى أنه
يفتعول. وليس هذا من غلط أهل الصناعة. وكذلك ذهب ابن الأعرابي في يوم
أرونانٍ2 إلى أنه أفوعال من الرنة، وهذا كيستعورٍ في الفساد. ونحوه في
الفساد قول أحمد بن يحيى في أسكفة3: إنها من استكف، وقوله في تواطخ
القوم: إنه من الطيخ، وهو الفساد. وقد قال أمية:
إن الأنام رعايا الله كلهم ... هو السليطيط فوق الأرض مستطر4
ويروى السلطليط وكلاهما شاذ.
وأما صعفوق فقيل: إنه أعجمي. وهم خول5 باليمامة، قال العجاج:
من آل صعفوقٍ وأتباعٍ أخر6
وقد7 جاء في شعر أمية بن أبي عائذ:
مطاريح بالوعث مر الحشو ... ر هاجرن رماحه زيزفونا8
__________
1 هو اسم موضع، والمؤلف يريد أن "يسثعور" فعللول، وبذكر أن غلط ثعلب
وابن دريد لا يصدر من أهل صناعة التصريف.
2 أي شديد والمؤلف يريد أن "أرونان" أفعلان من الرونة -بضم الراء- وهي
الشدة لا من الرنة وهي الصوت.
3 هي عينة الباب، ويريد المؤلف أن "أسكفة" أفعلة من سكف، وليست من كف
ويأخذها ثعلب من استكف مزيد كف أي انقبض، كأن الماشي يكف عندها وينقبض
حتى يؤذن له.
4 "السليطيط" كذا في نسخ الخصائص، وفي اللسان: "السليطط" بفتح السين.
5 الحول: الخدم، الواحد خائل.
6 من أرجوزة له يمدح فيها عمر بن عبيد الله، كان ولى حرب الخوارج في
عهد عبد الملك بن مروان، فأوقع بهم، ويريد بآل صعفوق الخوارج تحقيرا
لهم، وانظر شواهد الشافية 4.
7 سقط هذا الحرف في ش، ط.
8 "مطاريح" من وصف الإبل، أي تطرح أيديها في السير، وهو مفعول "ترامت"
قبله والحشور: جمع الحشر -بفتح الحاء وسكون الشين- وهو السهم المحدد
اللطيف. والرماحة الزيزفون القوس السريعة، يذكر أن الإبل تطرح أيديها
فتمر الأيدي كمر السهام زايلت قوسا مصؤنة سريعة والبيت من قصيدة يمدح
فيها عبد العزيز بن مروان، وانظر شرح الهذليين للسكر 198.
(3/218)
يعني قوسا. وهي في ظاهر الأمر: فيفعول من
الزفن؛ لأنه ضرب من الحركة مع صوت. وقد يجوز أن يكون "زيزفون" رباعيا
قريبا من لفظ الزفن. ومثله من الرباعي ديدبون.
وأما الماطرون1 فذهب أبو الحسن إلى أنه رباعي. واستدل على ذلك بكسر
النون مع الواو ولو كانت زائدة لتعذر ذلك فيها.
ومثله الماجشون وهي ثياب مصبغة، قال2:
طال ليلى وبت كالمحزون ... واعترتني الهموم بالماطرون
وقال أمية الهذلي أيضا:
ويخفى بفيحاء مغبرة ... تخال القتام به الماجشونا3
وينبغي أن يكون السقلاطون4 على هذا خماسيا، لرفع النون وجرها مع الواو.
وكذلك أيضا نون أطرنون، قال5:
وإن يكن أطربون قطعها ... فإن فيها بحمد الله منتفعا
والكلمة بها خماسية كعضرفوط.
وضهيد6: اسم موضع. ومثله عتيد. وكلاهما مصنوع.
__________
1 وهو موضع بالشأم قرب دمشق.
2 في د، هـ، ز: "وقال" والقائل أبو دعبل الجمحي، وقيل: غيره، وانظر
الخزانة 3/ 280، واللسان "خصر".
3 من قصيدته التي منها البيت السابق، وقوله: "يخفى" أي الترب المذكور
قيل، وإن كان السكرى في شرحه يقول: "ويخفى أي يخفي شخص الرجل" وكتب خطأ
"الرجل" يقول:"إن الترب يخفى في فيحاء أي صحراء واسعة تخال القنام فيها
أي الغبار ثيابا مصبوغة.
4 هو ضرب من الثياب.
5 أي عبد الله بن سبرة الخرشي، كانت قطعت يده في بعض غزواته في الروم،
فرثاها بقطعة منها هذا البيت، وانظر الأمالي 1/ 47، 48، وشرح الحماسة
للتبريزي "التجارية" 2/ 58، والأطربون؛ الرئيس عند الروم.
6 هو بالضاد المعجمة، وذكره ياقوت في معجم البلدان بالصاد المهملة.
(3/219)
وقيل: الخرنباش: نبت طيب الريح قال:
أتتنا رياح الغور من نحو أرضها ... بريح خرنباش الصرائم والحقل1
وقد2 يمكن أن يكون في الأصل خرنبش، ثم أشيعت فتحته فصار: خرنباش.
وحكى أبو عبيدة القهو باة3. وقد قال سيبويه: ليس في الكلام فعولى. وقد
يمكن أن يحتج له، فيقال: قد يأتي مع الهاء ما لولا هي لما أتى نحو
ترقوة وحذرية.
وأنشد ابن الأعرابي:
إن تك ذا بز فإن بزى ... سابغةٌ فوق وأي إوز4
قال أبو علي: لا يكون إوز من لفظ الوز لأنه قد5 قال6: ليس في الكلام
إفعل صفة. وقد يمكن -عندى- أن يكون وصف به لتضمنه معنى الشدة كقوله7:
لرحت وأنت غربال الإهاب
وقد مضى ذكره. ويجوز أيضا أن يكون كقولك8: مررت بقائمٍ رجلٍ.
وقال أبو زيد: الزونك: اللحيم القصير الحياك في مشيه9. زاك يزوك
زوكانا. فهذا يدل على أنه فعنل.
وقيل: الضفنط من الضفاطة، وهو الرجل الضخم الرخو البطن.
__________
1 في التاج "خربش" أن أبا حنيفة أنشده، وفيه "المقل" في مكان "الحقل".
2 سقط في د، هـ، ز، ط.
3 هي ضرب من نصال السهام.
4 البز: السلاح، والسابغة: الدرع، والوأى: الفرس السريع، والإوز:
القصير الغليظ.
5 سقط هذا الحرف في د، هـ.
6 كذا في ش، ط، وفي د، هـ: ز: "يقال"، وقوله: "قال" أي سيبويه، وانظر
الكتاب 2/ 316.
7 انظر ص223 من الجزء الثاني.
8 يريد أن يكون بدلا لا وصفا.
9 كذا في ش، ط. وفي ز: "مشيته". والحياك: المتبختر.
(3/220)
وأما زونزك فإنه فونعل "فيجب أن يكونا من
أصلين"1. وأما زوزى2 فإنه من مضاعف الواو. وهو فعلل كعدبس.
وحكى أبو زيد زرنوق3 بفتح الزاي، فهذا فعنول. وهو غريب. وجميع هذا شاذ.
وقد تقدم في أول الباب4 وصف حاله، ووضوح العذر في الإخلال به "وقالوا5:
تعفرت الرجل. فهذا6 تفعلت. وقالوا: يرنأ لحيته إذا صبغها باليرنأ "وهو
الحناء"7 وهذا يفعل في الماضي. وما أغربه وأظرفه".
__________
1 سقط ما بين القوسين في ش، وهي في ز بعد "الرخو البطن"، وفي ط بعد:
"مضاعف الواو" وهو يريد الزونك والزونزك، فالأول أصله: "زوك": والثاني
أصله: "ززك" فهما من أصلين لا من أصل واحد.
2 هو المتحذلق المتكايس.
3 هو بناء يبنى على البئر، وهما زرنوقان يثبت عليهما ما يعلق به
البكرة.
4 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "الكتاب".
5 سقط ما بين القوسين في ش.
6 كذا في ط، وفي د، هـ، ز: "وهذا".
7 سقط ما بين القوسين في ز، وثبت في ط.
(3/221)
باب في الحوار
...
باب في 1 الجوار:
وذلك في كلامهم على ضربين: أحدهما تجاور الألفاظ والآخر تجاور الأحوال.
فأما تجاور الألفاظ فعلى ضربين: أحدهما في المتصل، والآخر في المنفصل.
فأما المتصل فمنه مجاورة العين للام بحملها2 على3 حكمها. وذلك قولهم في
صوم صيم ألا تراه4 قال: إنهم شبهوا باب صوم بباب عصى فقلبه بعضهم.
ومثله قولهم في جوع: جيع؛ قال5:
بادرت طبختها لرهط جيع
وأنشدوا:
لولا الإله ما سكنا خضما ... ولا ظللنا بالمشاء قيما6
وعليه ما أنشده محمد بن حبيب من قوله7:
بريذينة بل البراذين ثفرها ... وقد شربت من آخر الصيف أيلا
أجاوز فيه أن يكون أراد: جمع لبن آئل أي خاثر، من قولهم: آل اللبن
يئول8 إذا9 خثر، فقلبت العين حملا على قلب اللام10 كما تقدم.
ومن الجوار في المتصل قول جرير11:
لحب لمؤقدان إلي مؤسى
وقد ذكرنا أنه تصور الضمة -لمجاورتها الواو- أنها12 كأنها فيها، فهمزها
كما تهمز في أدؤرٍ13 والنؤور14، ونحو ذلك.
__________
1 سقط هذا الحرف في د، هـ، ز.
2 كذا في ش، وفي ط: "فحكمها" وفي د، هـ، ز "حكمها".
13 في ط: "وعلى".
4 أي سيبويه، وانظر الكتاب 2/ 370.
5 أي الحادرة، وصدره:
ومعرض تغلي المراجل تحته
والمعرض في اللحم الذي لم يبلغ نضجه، والرواية، "طبخته" أي المعرض، وهو
من قصيدة مفضلية.
6 خضم: موضع في بلاد تميم، والمشاء، تناسل المال وكثرته، ويروى:
"بالمشائي" وهو جمع المشئاة، وهو المكتل أي ما يعمل من الخوص ونحوه،
يخرج به تراب البئر.
7 أي النابغة الجعدي، والبيت من كلمة له في هجاء ليلى الأخيلية،
ويريذينه تصغير برذونة والبراذ بن الخبل ما كان من غير نتاج العراب،
والثفر: الفرج، يشبهها ببرذونة نزا عليها البراذين، وكانت مغتلمة، فإن
شرب الإبل يهيج الشهوة ويزيد الغلمة، وانظر اللسان "أول" والخزانة 3/
31.
8 سقط في ش.
9 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "أي".
10 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "العين".
11 انظر ص151 من هذا الجزء.
12 سقط في د، هـ، ز، وثبت في ش، ط.
13 جمع دار.
14 هو دخان الشحم يعالج به الوشم حتى يخضر، وتسميه العامة النيلج، كما
في المصباح.
(3/222)
وعليه أيضا أجازوا النقل لحركة الإعراب إلى
ما قبلها في الوقف؛ نحو هذا بكر، ومررت ببكر؛ ألا تراها لما جاورت
اللام بكونها في العين، صارت لذلك كأنها في اللام لم تفارقها.
وكذلك أيضا قولهم: شابة ودابة، صار فضل الاعتماد بالمد في الألف كأنه
تحريك للحرف الأول المدغم، حتى كأنه لذلك لم يجمع بين ساكنين. فهذا نحو
من الحكم على جوار الحركة للحرف.
ومن جوار المتصل استقباح الخليل نحو العقق1، مع الحمق، مع المخترق.
وذلك لأن هذه الحركات قبل الروى المقيد لما جاورته وكان الروى في أكثر
الأمر وغالب العرف مطلقا لا مقيدا صارت الحركة قبله كأنها فيه فكاد
يلحق ذلك بقبح الإقواء. وقد تقدم ذكر نحو هذا. وله نظائر.
وأما الجوار في المنفصل فنحو ما ذهبت الكافة إليه في قولهم: هذا حجر ضب
خرب وقول الحطيئة:
فإياكم وحية بطن واد ... هموز الناب ليس لكم بسي2
__________
1 يريد ما ورد في أرجوزة رؤبة التي أولها:
وقاتم الأعلام خاوي المخترق
2 قبله:
فأبلغ عامرا عني رسولا ... رسالة ناصح بكم حفي
يريد: قبيلة عامر بن صعصعة، ورسولا أي رسالة، والحفي: المشفق اللطيف،
وقوله: فإياكم وحيه ... يعني فقسه، والهنوز من الهمز وهو الغمز والضغط،
وقوله: ليس لكم يسي، فالسي: المثل أي لا تستوون معه، بل هو أشرف منك،
يقول: "إنه يحمي ناحيته ويتقى كما تتقى الحية الحامية ليطن ودايها..
وانظر الخزانة 2/ 321.
(3/223)
فيمن جر "هموز الناب" وقول الآخر1:
كأن نسج العنكبوت المرمل2
"وإنما صوابه المرملا"3 وأما قوله4:
كبير أناس في بجاد مزمل
فقد يكون5 أيضا على هذا النحو من الجوار. فأما عندنا نحن فإنه أراد:
مزمل فيه، فحذف حرف الجر، فارتفع الضمير فاستتر في اسم المفعول. وقد
ذكرنا هذا أيضا.
وتجد في تجاور المنفصلين ما هو لاحق بقبيل المنفصل الذي أجرى مجرى
المتصل في نحو قولهم: ها الله ذا، أجروه في الادغام مجرى دابة وشابة6
ومنه قراءة بعضهم: {فَلَا تَتَنَاجَوْا} 7 و {حَتَّى إِذَا
ادَّارَكُواْ فِيهَا} 8 "بإثبات الألف في ذا ولا"9. ومنه ما رأيته أنا
في إنشاد أبي زيد:
من أي يومي من الموت أفر ... أيوم لم يقدر أم يوم قدر10
__________
1 كذا في ش، ظ، وفي د، هـ، ز: "العجاج".
2 بعده:
على ذرى قلامه المهدل ... سبوب كتان بأيدي الغزل
المرمل: المنسوخ: والقلام: نبت، والمهدل: المسترسل، والسبوب الشقق أي
قطع الكتان، وقوله: "قلامه" أي قلام المنهل المذكور قبله، يقول: كأن
نسج العنكبوت على ما ثبت حول ذلك المنهل من القلام ونحوه كتان بأيدي
الغازلات، وانظر الخزانة 2/ 327، والكتاب 1/ 217.
3 سقط ما بين القوسين في د، هـ، ز، وثبت في ش، ط.
4 أي امرئ القيس، وصدره:
كأن ثييرا في عرانين وبله
وانظر الخزانة 2/ 327
5 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "يلقى".
6 سقط في د، هـ، ز.
7 آية 9 سورة المجادلة.
8 آية 38 سورة الأعراف.
كذا في د، هـ، ز وفي: "بإثبات ألف ذا ولا" وسقط ما بين القوسين في ش.
9 انظر ص96 من هذا الجزء.
(3/224)
أعني فتح راء يقدر. وقد ذكرته. فهذا طريق
تجاور الألفاظ وهو باب.
وأما تجاور الأحوال "فهو غريب"1. وذلك أنهم لتجاور الأزمنة ما يعمل في
بعضها ظرفا ما لم يقع فيه من الفعل، وإنما وقع فيما يليه؛ نحو قولهم:
أحسنت إليه إذا أطاعني، وأنت لم تحسن إليه في أول وقت الطاعة وإنما
أحسنت إليه في ثاني ذلك ألا ترى أن الإحسان مسبب عن الطاعة وهي كالعلة
له ولا بد من تقدم وقت السبب على وقت المسبب كما لا بد من ذلك مع
العلة. لكنه لما تقارب الزمانان2، وتجاورت الحالان، في الطاعة
والإحسان، أو الطاعة، واستحقاق الإحسان صارا3 كأنهما إنما وقعا في زمان
واحد4. ودليل ذلك أن "لما" من قولك: لما أطاعني أحسنت إليه، إنما هي
منصوبة بالإحسان وظرف له، كقولك5: أحسنت إليه وقت طاعته، وأنت لم تحسن
إليه لأول وقت الطاعة وإنما كان الإحسان في ثاني ذلك أو ما يليه ومن
شرط الفعل إذا نصب ظرفا أن يكون واقعا فيه أو في بعضه، كقولك: صمت
يوما، وسرت فرسخا، وزرتك يوم الجمعة وجلست عندك. فكل واحد من هذه
الأفعال واقع في الظرف الذي نصبه لا محالة ونحن نعلم أنه لم يحسن إليه
إلا بعد أن أطاعه لكن لما كان الثاني مسببا عن الأول وتاليا له فاقتربت
الحالان، وتجاور الزمانان صار الإحسان؛ كأنه إنما هو والطاعة في زمان
واحد، فعمل الإحسان في الزمان الذي يجاور وقته، كما يعمل في الزمان
الواقع فيه6 هو نفسه. فاعرفه.
__________
1 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "وهو الغريب".
2 كذا في ط، وفي ز، ش: "الزمان" وقد يكون محرقا عن "الزمانان".
3 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "صار".
4 سقط في د، هـ، ز.
5 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "لقولك".
6 سقط في د، هـ، ز.
(3/225)
فيصير معناه لا إعرابه: ولن ينفعكم إذ
ظلمتم اشتراككم اليوم في العذاب، فينتزع من معنى {مُشْتَرِكُونَ} ما
يعمل في "اليوم" على حد قولنا في قوله -سبحانه: {أَلاَ يَوْمَ
يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ} 1 في أحد الأقوال2 الثلاثة
فيه، وعلى قوله تعالى: {يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ لَا بُشْرَى
يَوْمَئِذٍ لِّلْمُجْرِمِينَ} 3 وإذ أنت فعلت هذا أيضا لم تخرج به من
أن يكون "إذ ظلمتم" في اللفظ معمولا لقوله "لن ينفعكم" لما ذكرنا من
الجوار، وتلو الآخرة الأولى بلا فصل.
وكأنه إنما جاء هذا النحو في الأزمنة دون الأمكنة، من حيث كان كل جزء
من الزمان لا يجتمع مع جزء آخر منه إنما يلي الثاني الأول خالفا له
وعوضا منه. ولهذا قيل -عندى- للدهر عوض -وقد ذكرت هذا في كتابي في
التعاقب- فصار الوقتان كأنهما واحد وليس كذلك المكان؛ لأن المكانين
يوجدان في الوقت الواحد بل في أوقات كثيرة غير منقضية. فلما كان
المكانان بل الأمكنة كلها تجتمع في الوقت الواحد والأوقات كلها لم يقم
بعضها مقام بعض ولم يجر مجراه. فلهذا لا نقول4: جلست في البيت من خارج
أسكفته وإن كان ذلك موضعا يجاور البيت ويماسه لأن البيت لا يعدم فيكون5
خارج بابه نائبا عنه، وخالفا6 في الوجود له كما يعدم الوقت فيعوض منه
ما بعده.
__________
1 آية 8 سورة هود، وانظر ص42 من الجزء الثاني.
2 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "أقوال".
3 آية 22 سورة الفرقان، وفي البحر لأبي حيان 6/ 492: "يوم يرون
الملائكة منصوب بأذكر وهو أقرب، أو بفعل يدل عليه "لابشرى" أي منعون
البشرى، ولا يعمل فيه "لا بشرى" لأنه مصدره، ولأنه منفي بلا للتي لنفي
الجنس؛ لأنه لا يعمل ما بعدها فيما قبلها، وكذا الداخلة على الأسماء
عاملة عمل ليس".
4 كذا في ش، ط. وفي ز: "يقول".
5 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "فيقوم".
6 كذا في ش، ط. وفي د، هـ، ز: "مخالفا".
(3/228)
فإن قلت: فقد تقول: سرت من بغداد إلى
البصرة نهر1 الدير، قيل: ليس هذا من2 حديث الجوار في شيء، وإنما3 هو من
باب4 بدل البعض؛ لأنه بعض طريق البصرة؛ يدل على ذلك أنك لا تقول: سرت
من بغداد إلى البصرة "نهر الأمير؛ لأنه أطول من طريق البصرة"5 زائدة6
عليه، والبدل لا يجوز إذا كان "الثاني أكثر من الأول، كما يجوز إذا
كان"7 الأول أكثر من الثاني؛ ألا ترى أنهم لم يجيزوا أن يكون "ربع" من
قوله:
اعتاد قلبك من سلمى عوائده ... وهاج أهواءك المكنونة الطلل
ربع قواء أذاع المعصرات به ... وكل حيران سار ماؤه خضل8
بدلا من "الطلل"؛ من حيث كان الربع أكثر من الطلل. ولهذا ما حمله
سيبويه على القطع والابتداء، دون البدل والإتباع "هذا9 إن" أردت
بالبصرة حقيقة نفس البلد. فإن أردت جهتها وصعقها جاز: انحدرت من بغداد
إلى البصرة نهر الأمير. وغرضنا فيما قدمناه أن تريد "بالبصرة"10 نفس
البلد البتة.
__________
1 في ياقوت أنه نهر كبير بين البصرة ومطارى، وأنه سمي بذلك لدير كان
على فوهته يقال له دير الدهوار، ولم يتكلم على مطارى في مظنتها، ويؤخذ
من حديث المؤلف أن هذا النهر بين بغداد والبصرة.
2 سقط هذا الحرف في د، هـ، ز.
3 سقط في حرف العطف في ش، ط.
4 سقط في ش.
5 سقط ما بين القوسين في ش، ونهر الأمير بالبصرة حفره المنصور، كان
يقال له: نهر أمير المؤمنين، وقيل: نهر الأمير، كما في ياقوت.
6 في ط: "وزائد".
7 سقط ما بين القوسين في د، هـ، ز.
8 القواء: القفر، وأذاع: فرق وغير، والمعصرات: السحاب ذوات المطر،
وأراد بالحيران سحابا تردد بمطره عليه ولازمه فهو كالحيران، والخضل:
الغزير. وقد نسب البغدادي في شواهد المغني البيتين إلى عمر بن أبي
ربيعة، وذلك في الشاهد الرابع والثلاثين بعد الثمانمائة، وانظر الكتاب
وكتابة الأعلم على شواهده في ص142 ج1.
9 كذا في د، هـ، ز، ط. وفي ش: "وإن".
10 سقط ما بين القوسين في د، هـ، ز.
(3/229)
وهذا التجاور الذي ذكرناه في الأحوال
والأحيان لم يعرض له أحد من أصحابنا. وإنما ذكروا تجاور الألفاظ فيما1
مضى. وقد مر بنا شيء من هذا النحو في المكان؛ قال:
وهم إذا الخيل جالوا في كواثبها2
وإنما يجول الراكب في صهوة الفرس لا في كاثبته3، لكنهما لما تجاورا
جريا مجرى الجزء الواحد.
باب في نقض الأصول وإنشاء أصول "غيرها منها"4:
رأيت أبا علي -رحمه الله- معتمدا هذا الفصل من العربية، ملما به، دائم
التطرق له والفزع فيما يحدث5 إليه. وسنذكر من أين أنس به، حتى عول في
كثير من الأمر عليه.
وذلك كقولنا6: بأبأت بالصبى بأبأة وبئباء إذا قلت له: بئبا7. وقد علمنا
أن أصل هذا أن الباء حرف جر، والهمزة فاء الفعل، فوزن هذا على هذه
المقدمة: بفبفت بفبفة وبفبافا، إلا أنا لا نقول مع هذا: إن هذه المثل
على ما ترى، لكن نقول: إن بأبأت الآن بمنزلة رأرأت8 عيناه، وطأطأت
رأسي، ونحو ذلك مما ليس متنزعا ولا مركبا. فمثاله9 إذا: فعللت فعللة
وفعلالا، كدحرجت دحرجة ودحراجا.
__________
1 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "على ما".
2 الكواثب جمع الكاثبة، وهي من الفرس مجتمع كنفية قدام السرج.
3 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "كواثبه"، وقوله: "تجاورا جريا" كذا
والواجب أن يقال "تجاورتا جريا" إذا الحديث عن الصهوة والكاثية ولكنه
راعي أنهما جزءان.
4 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "منها غيرها".
5 كذا في ش، وفي د، ط: "يحزبه"، وفي هـ، ز: "يحزنه".
6 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "كقولك".
7 رسم في ش: "بأبأ" وفي ز، ط: "بيبا" وهو على تخفيف الهمزة، والمراد أن
يقول له: بأبى أنت أي أفديك بأبى.
8 أي تحركت حدقتاهما وداوتا.
9 كذا في ش، وفي د، هـ، ز" ط: "فمثالها".
(3/230)
ومن ذلك قولهم: الخاز باز1. فالألف عندنا
فيهما2 أصل، بمنزلة ألف كافٍ ودال. وذلك لأنها أسماء مبينة3 وبعيدة عن
التصرف والاشتقاق. فألفاتها إذًا أصول فيها كألفات، ما، ولا، وإذا،
وألا، وإلا، وكلا، وحتى. ثم إنه قال:
ورمت لهازمها من الخزباز4
فالخزباز الآن بمنزلة السربال والغربال، وألفه محكوم عليها بالزيادة
كألفهما؛ ألا ترى الأصل كيف استحال زائدا، كما استحالت "باء الجر
الزائدة في بأبي أنت فاء في بأبأت بالصبى. وكذلك أيضا استحالت"5 ألف
قافٍ "ودالٍ ونحوهما"6 وأنت تعتقد "فيها كونها أصلا"7 غير8 منقلبة، إلى
اعتقادك فيها القلب، لما اعتزمت فيها الاشتقاق. وذلك قولك: قوفت قافا،
ودولت دالا. وسألني أبو علي -رحمه الله- يوما عن إنشاد أبي زيد:
فخير نحن عند الناس منكم ... إذا الداعي المثوب قال يالا9
فقال: ما تقول في هذه الألف من قوله: بالا، يعنى الأولى. فقلت: أصل،
لأنها كألف ما، ولا، ونحوهما. فقال: بل هي الآن محكوم عليها بالانقلاب،
كألف باب ودار. فسألته عن علة ذلك، فقال: لما خلصت بها10 لام الجر من
بعدها
__________
1 هو ورم في حلق الحيوان.
2 في ش: "فيها".
3 سقط حرف العطف في د، هـ، ز.
4 صدره
مثل الكلاب تهر عند درابها
وهرير الكلب صوته، وهو دون النباح، والدراب جمع درب، واللهازم جمع
لهزمة، وهي لحمة في أصل الحنك، شبه قوما بالكلاب النابحة عند الدروب،
وانظر الكتاب 2/ 51، واللسان "خوز".
5 سقط ما بين القوسين في ش.
6 كذا في ط، وفي د، هـ، ز: "ونحوها ودال ونحوها"، وفي ش: "ودال".
7 كذا في ز، ط، وفي ش: "فيهما أيضا".
8 في ط: "غير".
9 انظر ص277 من الجزء الأول.
10 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "به".
(3/231)
وحسن قطعها، والوقوف عليها، والتعليق لها
في قوله: يا لا أشبهت يال1 هذه الكلمة الثلاثية التي عينها ألف، فأوجب
القياس أن يحكم عليها بأنها كباب، وساق، ونحو ذلك. فأنقت لذلك، وذهب
بي2 استحساني إياه3 كل مذهب.
وهذا الحديث الذي نحن الآن عليه هو الذي سوغ عندى أن يكتب نحو قوله4:
يال بكر أنشروا لي كليبا
ونحو ذلك مفصولة اللام الجارة عما جرته. وذلك أنها حيزت إلى "يا" من
قبلها حتى صارت "يال" كباب ودار، وحكم على ألفها "من الانقلاب"5 بما
يحكم به على العينات إذا كن ألفات. وبهذا أيضا نفسه يستدل على شدة
اتصال حروف6 الجر بما تدخل7 عليه من الأفعال لتقويه8 فتعديه9؛ نحو مررت
بزيد ونظرت إلى جعفر، ألا ترى أن لام الجر "في نحو"10 يالزيد دخلت
موصلة لـ"يا" إلى المنادى،
__________
1 كذا في ز، ط. وفي ش: "يالا".
2 كذا في ط، وفي د، هـ، ز: "به". وسقط في ش.
3 سقط في د، هـ، ز.
4 أي المهلهل، وعجزه:
يال بكر أين أين الفرار
والإنشار: إحياء الميت، ويقول الأعلم: "والمعنى: بالبكر أدعوكم لأنفسكم
مطاليا لكم في إنشار كليب وإحيائه، وهذا منه استطالة ووعيد، وكانوا قد
قتلوا كليبا أخاه في أمر البسوس، وخيرها مشهور"، وانظر الكتاب 1/ 318،
والخزانة في الشاهد العاشر بعد المائة.
5 كذا في د، هـ، ز، ط، وفي ش: "بالانقلاب".
6 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "حرف".
7 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "يدخل".
8 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "ليفويه".
9 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "فيعديه".
10 كذا في ط، وفي ش: "في"، وفي د، هـ، ز: "نحو".
(3/232)
كما توصل الباء الفعل في نزلت بك وظفرت به.
وقد تراها محوزة إلى "يا" حتى قال "يالا" فعلق حرف الجر، ولو لم يكن
لاحقا بـ "يا"1 وكالمحتسب جزءا منها2، لما ساغ تعليقه دون مجروره؛ نحو
قوله: يال بكر ويال الرجال ويال الله و:
يا لك من قبرة بمعمر3
ونحو ذلك. فاعرفه غرضا4 اعتن فيما كنا فيه فقلنا عليه. وإن فسح في
المدة أنشأنا كتابا في الهجاء وأودعناه ما5 هذه سبيله وهذا شرحه، مما
لم تجر عادة بإيداع مثله6. "ومن الله المعونة"7.
ومما كنا عليه ما حكاه الأصمعي من أنهم إذا قيل لهم، هلم إلى كذا، فإذا
أرادوا الامتناع منه قالوا: لا أهلم فجاءوا8 بوزن أهريق وإنما هاء هلم9
ها في التنبيه في نحو10 هذا وهذه؛ ألا ترى إلى قول الخليل فيها: إن
أصلها هالم بنا، ثم حذفت الألف تخفيفا، وهاء أهريق إنما هي بدل من همزة
أرقت، لما صارت إلى هرقت وليست من حديث التنبيه في قبيل ولا دبير.
ومن ذلك قولهم في التصويت11: هاهيت وعاعيت وحاحيت؛ فهذه الألف عندهم
الآن في موضع العين ومحكوم عليها بالانقلاب، وعن الياء أيضا، وإن كان
أصلها
__________
1 سقط حرف العطف في د، هـ، ز.
2 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "منه".
3 بعده:
خلا لك الجو قبيضى وأصفرى
والقبرة: طائر. ومعمر: موضع بعينه، وهو من أرجوزة تنسب إلى طرفة، ويرى
ابن برى أنها لكليب وانظر اللسان "قبر".
4 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "عرضا". واعتن: ظهر واعترض.
5 كذا في ش، وفي ز، ط: "مما".
6 في ط: "مثله مثله".
7 في ط: "من الله عز وجل بالمعونة".
8 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "فجاء".
9 كذا في ط، وفي ز: "ها ها" وفي ش: "هاؤها".
10 سقط هذا الحرف في ش.
11 كذا في د، هـ، ز، ط، وفي ش: "التصريف".
(3/233)
ألفا أصلا1 في قولهم: هاء وعاء وحاء. فهي2
هنا كألف قاف وكاف ودال ولام3 أصل غير زائدة ولا منقلبة، وهي في هاهيت
وأختيها "عين منقلبة"4 عن ياء عندهم، أفلا ترى إلى استحالة التقدير
فيها، وتلعب الصنعة بها.
ونحو من ذلك قولهم: دعدعت بالغنم5 إذا قلت لها: داع داع6، وجهجهت
بالإبل7 إذا قلت لها: جاه جاه8، فجرى9 دعدعت وجهجهت عندهم الآن مجرى
قلقلت وصلصلت10 ولو راعيت أصولها وعملت11 على ملاحظة أوائل أحوالها،
لكانت12 فلفلت؛ لأن الألف التي هي عين عند تجشم التمثيل في13 داع وجاه،
قد حذفت ودعدعت وجهجهت. وقد كنت عملت14 كتاب الزجر عن ثابت بن محمد،
وشرحت أحوال تصريف ألفاظه واشتقاقها فجاء منه شيء صالح وطريف. وإذا
ضممته15 إلى هذا الفصل كثر به؛ وأنس بانضمامه إليه.
__________
1 سقط في ش.
2 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "وهي".
3 سقط في ش.
4 في ط: "عين غير منقلبة"، وفي ز، ش: "غير منقلبة" ويبدو أن الأصل ما
أثبت، وأن "غير" حرفت عن "عين"، وجمع في ط بين الأصل والمحرف.
5 كذا في ش، ط، وفي هـ، ز: "الغنم".
6 سقط في ش.
7 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "الإبل".
8 ثبت في ط، وسقط في ز، ش.
9 في ش: "لجري".
10 سقط في ش.
11 في ز، ط: "علمت".
12 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "لكانتا".
13 سقط هذا الحرف في د، هـ، ز.
14 أي شرحت، كما فسره بالعطف.
15 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "أضفته".
(3/234)
باب في الامتناع من
نقض الغرض:
اعلم أن هذا المعنى الذي تحامته العرب -أعني امتناعها من نقض أغراضها1-
يشبه البداء2 الذي تروم اليهود إلزامنا إياه في نسخ الشرائع وامتناعهم
منه إلا3 أن الذي رامته العرب من4 ذلك صحيح على السير، والذي ذهبوا هم
إليه فاسد غير مستقيم. وذلك أن نسخ الشرائع ليس ببداءٍ5 عندنا؛ لأنه
ليس نهيا عما أمر الله تعالى به، وإنما هو6 نهى عن مثل ما أمر الله
تعالى به في وقت آخر غير الوقت الذي كان -سبحانه- أمر بالأول فيه؛ ألا
ترى أنه -عز اسمه- لو قال لهم: صوموا يوم كذا ثم نهاهم عن الصوم فيه
فيما بعد لكان إنما نهاهم عن مثل ذلك الصوم، لا عنه نفسه. فهذا7 ليس
بداء8. لكنه لو قال: صوموا يوم الجمعة ثم قال لهم قبل مضيه: لا تصوموه9
لكان -لعمري- بداء10 وتنقلا، والله -سبحانه- يجل عن هذا؛ لأن فيه
انتكاثا، وتراجعا، واستدراكا، وتتبعا. فكذلك11 امتناع العرب من نقض
أغارضها هو في الفساد12 مثل ما نزهنا القديم -سبحانه- عنه من البداء13.
فمن ذلك امتناعهم من ادغام الملحق؛ نحو جلبب14، وشملل، وشربب "ورمدد
ومهدد"15 وذلك أنك إنما16 أردت بالزيادة والتكثير17 البلوغ إلى مثال
معلوم، فلوا ادغمت
__________
1 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "الغرض".
2 في ط: "البدء" والبداء: استصواب شيء علم بعد أن لم يعلم، وذلك على
الله غير جاز، كما في اللسان.
3 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "ألا ترى".
4 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "في".
5 في ط: "بيد".
6 في ز: "هي".
7 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "وهذا".
8 كذا في ش، وفي ط: "بدأ" وفي ز: "بده".
9 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "تصوموا فيه".
10 كذا في ش، وفي ط: "بدأ"، وفي ز: "بدا".
11 كذا في ش، وفي د، هـ، ز. ط: "وكذلك".
12 أي في تجنب الفساد.
13 كذا في ش، وفي ز، ط: "البدء".
14 يقال: جلببه أي ألبسه الجلباب، وهو القميص، وشملل: أسرع. وشريب: اسم
موضع. ويقال رماد رمد: كثير دقيق جدا، ومهدد: اسم امرأة.
15 سقط ما بين القوسين في ش.
16 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "إذا".
17 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "التكرير".
(3/235)
في نحو شربب فقلت: شرب لا تنقض غرضك الذي
اعتزمته: من مقابلة الساكن بالساكن والمتحرك بالمتحرك فأدى ذلك إلى ضد
ما اعتزمته ونقض ما رمته. فاحتمل التقاء المثلين متحركين لما ذكرنا من
حراسة هذا الموضع وحفظه.
ومن ذلك امتناعهم من تعريف الفعل. وذلك أنه إنما الغرض فيه إفادته
فلابد من1 أن يكون منكورا لا يسوغ تعريفه2؛ لأنه لو كان معرفة لما كان
مستفادا لأن المعروف قد غنى بتعريفه عن اجتلابه3 ليفاد من جملة الكلام.
ولذلك قال أصحابنا: اعلم أن حكم الجزء المستفاد من الجملة أن يكون
منكورا، والمفاد هو الفعل لا الفاعل. ولذلك4 لو أخبر بما لا شك فيه
لعجب منه وهزئ "من قوله"5. فلما كان كذلك لم يجز تعريف ما وضعه على
التنكير؛ ألا تراه يجرى وصفا على النكرة وذلك6 نحو مررت برجل يقرأ،
فهذا كقولك: قارئٍ، ولو كان معرفة لاستحال جريه وصفا على النكرة.
ومن ذلك امتناعهم من إلحاق "من" بأفعل7 إذا عرفته باللام؛ نحو الأحسن
منه8، والأطول منه. وذلك أن "من" -لعمري-9 تكسب ما يتصل به: من أفعل
هذا10 تخصيصا ما، ألا تراك لو قلت: دخلت البصرة فرأيت أفضل من ابن
سيرين لم يسبق
__________
1 سقط هذا الحرف في د، هـ، ز، ط.
2 في ز، ط: "تعرفه".
3 كذا في ز، ط، وفي ش: "اختلافه".
4 كذا في د، هـ، ز، ط، وفي ش: "وكذلك".
5 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "بقوله".
6 سقط في ش، ط.
7 في ط: "أفعل".
8 كذا في ش، وفي د، هـ، ز: "منك"، وفي ط: "منكن".
9 سقط في ش.
10 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "هذه".
(3/236)
الوهم إلا إلى الحسن رضي الله عنه "فبمن ما
صحت لك"1 هذه الفائدة، وإذا قلت: الأحسن أو الأفضل أو نحو ذلك فقد
استوعبت اللام من التعريف أكثر مما تفيده "من" حصتها من التخصيص،
فكرهوا أن يتراجعوا بعد ما حكموا به من قوة التعريف إلى الاعتراف
بضعفه، إذا هم أتبعوه من الدالة2 على حاجته إليها، وإلى قد ما تفيده:
من التخصيص المفاد منه.
فأما ما ظن أبو عثمان الجاحظ من أنه يدخل على قول أصحابنا "في هذا من
قول الشاعر"3:
فلست بالأكثر منهم حصى ... وإنما العزة للكاثر
فساقط عنهم4. وذلك أن "من" هذه ليست هي التي تصحب "أفعل" هذا5 لتخصيصه،
فيكون ما رامه أبو عثمان من جمعها مع لام التعريف. وذلك لأنها إنما6 هي
حال من تاء "لست"؛ كقولك: لست فيهم بالكثير مالا، ولا أنت منهم7 بالحسن
وجها، أي لست من بينهم وفي جملتهم بهذه8 الصفة، كقولك: أنت والله من
بين الناس حر وزيد من جملة رهطه كريم.
__________
1 كذا في ط، وكذا هو في د، هـ. ز، غير أن "فبمن" حرفت فيهن إلى "فيمن"
وفي ش: "فيمن تحت".
2 في ش: "الدلالة".
3 كذا في ش، وفي ط: "في هذا من قول الأعشى"، وفي د، هـ، ز: "من قول
الأعشى"، وانظر البيت في ص186 من الجزء الأول.
4 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "عليهم".
5 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "هذه".
6 سقط في ز.
7 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "فيهم".
8 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "فهذه".
(3/237)
ومن ذلك امتناعهم من إلحاق علم التأنيث لما
فيه علمه، حتى دعاهم ذلك إلى أن قالوا: مسلمات، ولم يقولوا مسلمتات،
لئلا يلحقوا "علامة تأنيث مثلها"1. وذلك أن إلحاق علامة2 التأنيث إنما
هو ليخرج المذكر قبله إليه وينقله إلى حكمه فهذا3 أمر يجب عنه وله أن
يكون ما نقل إلى التأنيث قبل نقله إليه مذكرا كقائم من4 قائمة وظريف
من4 ظريفة. فلو ذهبت تلحق العلامة العلامة5 لنقضت الغرض. وذلك أن التاء
في قائمة قد أفادت تأنيثه وحصلت له حكمه فلو ذهبت تلحقها علامة أخرى
فتقول: قائمتات لنقضت ما أثبت6 من التأنيث الأول، بما تجشمته من إلحاق
علم التأنيث الثاني له؛ لأن في ذلك إيذانا بأن الأول به لم يكن مؤنثا،
وكنت أعطيت اليد بصحة تأنيثه لحصول ما حصل فيه من علمه، وهذا هو النقض
والبداء7 البتة. ولذلك أيضا لم يثن الاسم المثنى؛ لأن ما حصل فيه من
علم التثنية مؤذن بكونه إثنين، وما يلحقه من علم التثنية ثانيا يؤذن
بكونه في الحال الأولى مفردا؛ وهذا هو الانتقاض والانتكاث لا غير.
فإن قلت: فقد يجمع الجمع؛ نحو أكلب وأكالب "وأسقية وأساقٍ"8 فكيف القول
في ذلك؟
__________
1 كذا في ش، وفي د، هـ، ز: "علم تأنيث مثله"، وفي ط: "علم التأنيث
مثله".
2 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "علم".
3 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "وهذا".
4 في ط: "و".
5 كذا في د، هـ، وسقط في ز، ش، ط.
6 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "أثبته".
7 كذا في ش، وفي ز، ط: "البدء".
8 سقط ما بين القوسين في ش، والسقاه: القرية تكون للماء واللبن.
(3/238)
قيل له: فرق بينهما أن علمي1 التأنيث في
"مسلمات لو قيل مسلمتات"2 لكانا لمعنى واحدٍ3 وهو التأنيث فيهما
جميعًا، وليس كذلك معنيا التكسير في أكلب وأكالب. وذلك أن معنى أكلب
أنها دون العشرة ومعنى أكالب أنها للكثرة التي4 أول رتبتها5 فوق
العشرة. فهذان معنيان -كما تراهما- اثنان، فلم ينكر اجتماع لفظيهما،
لاختلاف معنييهما6.
فإن قلت: فهلا أجازوا -على هذا- مسلمتات، فكانت7 التاء الأولى لتأنيث
الواحد، والتاء8 الثانية لتأنيث الجماعة؟
قيل: كيف تصرفت الحال فلم تفد واحدة من التاءين شيئًا غير التأنيث
البتة. فأما عدة المؤنث في إفراده وجمعه فلم يفده العلمان فيجوز
اجتماعهما؛ كما جاز تكسير التكسير في نحو أكلب وأكالب.
فإن قلت: فقد يجمع أيضًا الكثرة، نحو بيوت وبيوتات وحُمُر وحُمُرات
ونحو قولهم: صواحبات يوسف، ومواليات العرب؛ وقوله:
قد جرت الطير أيامنينا9
فهذا جمع أيامن، وأنشدوا:
فهن يعلكن حدائداتها10
__________
1 كذا في د، هـ، ز، ط، وفي ش: "علم".
2 كذا في ش، وفي د، هـ، ز: "مسلتمات لو قبل" وفي ط: "مسلتمات لو قيلا".
3 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "بمعنى".
4 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "و".
5 في د: "مرتبتها".
6 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "مقاديهما".
7 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "وكانت".
8 سقط في ش.
9 ورد مع شطرين آخرين في اللسان "يمن".
10 ذكر في اللسان "حدد" أنه للأحمر في نعت الخيل.
(3/239)
وكسروا أيضا مُثُل1 الكثرة؛ قال2:
عقابين يوم الدجن تعلو وتسفل
وقال آخر3:
ستشرب كأسا مرة تترك الفتى ... تليلا لفيه للغرابين والرخم4
وأجاز أبو الحسن في قوله:
في ليلة من جمادى ذات أندية5
أن يكون كسر ندى على نداء؛ كجبل وجبال، ثمم كسر نداء على أندية، كرداء
وأردية.
قيل: جميع ذلك و"ما كان"6 مثله -وما أكثره! - "إنما7 جاز" لأنه لا ينكر
أن يكون جمعان أحدهما أكثر من صاحبه وكلاهما مثال الكثرة ألا ترى أن
مائة للكثرة وألفا أيضا كذلك وعشرة آلاف أيضا كذلك ثم على8 هذا ونحوه.
فكأن بيوتا مائة، وبيوتات مائة ألف، وكأن عقبانا خمسون وعقابين أضعاف
ذلك. وإذا كان ذلك علمت اختلاف المعنيين لاختلاف اللفظين. وإذا آل بك
الأمر إلى هذا لم "تبق وراءه مضطربا"9 فهذا قول10.
__________
1 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "مثال".
2 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "فقال"، وورد الشطر في اللسان "عقب" غير
معزو ولا موصول.
3 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "الآخر".
4 قليلا أي صريعا، والرخم واحدة رخمة، وهو طائر كالنسر.
5 انظر ص54 من هذا الجزء.
6 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "وغيره مما هو".
7 كذا في ط. وفي ز: "إنما جاء" وسقط هذا في ش.
8 سقط هذا الحرف في ش.
9 كذا في ط، وفي ز: "يبق وراءه مضطربا"، وفي ش: "يبق وراءه مضرب".
10 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "جواب".
(3/240)
وجواب1 ثان: أنك إنما تكسر نحو أكلب وعقبان
ونداء لمجئ كل واحد من ذلك على أمثلة الآحاد وفي طريقها، فلما جاءت هذا
المجئ جرت مجرى الآحاد فجاز تكسيرها، كما يجوز تكسيرها2؛ ألا ترى أن
لذلك ما جاز صرفها، وترك الاعتداد بمعنى الجمعية فيها، لما3 جاءت مجيء
الآحاد، فصرف كلاب؛ لشبهه بكتاب، وصرف بيوت، لشبهه "بأتى وسدوس"4
ومرور5؛ وصرف عقبان؛ لشبهه بعصيان وضبعان. وصرف قضبان لأنه على مثال
قرطان6. وصرف أكلب؛ لأنه قد جاء عنهم أصبع وأرز7 وأسنمة8 ولأنه9 أيضا
لما كان لجمع القلة أشبه في المعنى الواحد؛ لأن محل مثال القلة من مثال
الكثرة في المعنى محل الواحد من الجمع فكما كسروا الواحد كذلك كسروا ما
قاربه من الجمع. وفي هذا كاف. فإن قلت: فهلا ثنيت التثية كما جمعت
الجمع قيل: قد كفتنا العرب بقولهم: أربعة "عن قولهم"10 اثنانان. وأيضا
فكرهوا أن يجمعوا في "اثنانان" ونحوه بين إعرابين متفقين كانا أو
مختلفين؛ وليس شيء من ذلك في أكلب وأكالب.
ومن ذلك ما قال أصحابنا: إن وصف العلم جارٍ مجرى نقض الغرض. وذلك أن
العلم إنما وضع ليغنى عن الأوصاف الكثيرة؛ ألا ترى أنك إذا قلت: قال
__________
1 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "قول".
2 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "تكسيره".
3 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "كما".
4 كذا في ش، وفي د، هـ، ز: "يأتي وسدوس"، وفي ط: "بسدوس"، والآتي -بضم
الهمزة- من مصادر أتى، ويأتي في معنى جدول الماء، والسدوس، والطيلسان.
5 هذا وفق ما في ج، وفي ش، ز، ط: "جزور".
6 هو ما يلقى تحت السرج.
7 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "أدور" ويبدو أنه محرف عما أثبت.
8 سقط في ش. وأسنمة: موضع.
9 سقط حرف العطف في د، هـ، ز.
10 سقط ما بين القوسين في ش.
(3/241)
الحسن في هذه المسئلة كذا فقد استغنيت
"بقولك: الحسن"1 عن قولك2: الرجل الفقيه القاضي العالم الزاهد البصري
الذي كان من حاله كذا، ومن أمره كذا، فلما قلت: الحسن أغناك عن جميع
ذلك. فإذا وصف العلم3 فلأنه كثر المسمون به، فدخله اللبس فيما بعد،
فلذلك وصف؛ ألا ترى أن ما كان من الأعلام لا شريك له في العلمية فإنه
لا يوصف. وذلك كقولنا: الفرزدق فإنه لا يوصف فيقال: التميمي ولا نحو
ذلك؛ لأنه لم يسم به أحد غيره. وإذا ذكرته باسمه الذي هو همام جاز وصفه
فقلت همام بن غالب لأن هماما شورك4 فيه، فجاز لذلك لحاق الوصف له.
فإن قلت: فقد يكثر في الأنساب وصف كثيرٍ من الأعلام التي لا شركة فيها؛
نحو قولهم: فلان بن يشجب بن يعرب بن قحطان ونظائره5 كثيرة قيل: ليس
"الغرض إلا التنقل به"6 والتصعد7 إلى فوق، وإعلام السامع وجه النسب،
وأن فلانا اسم أبيه كذا، واسم جده كذا، واسم أبي جده كذا. فإنما البغية
بذلك استمرار النسب، وذكر الآباء شيئا فشيئا على توالٍ. وعلى هذا يجوز
أيضا أن يقال8: الفرزدق بن غالب؛ فأما على التخليص "والتخصيص"9 فلا.
__________
1 سقط ما بين القوسين في ش.
2 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "أن تقول".
2 كذا في ش، وفي د، هـ، ز: "بالعلم".
3 كذا في ش، وفي د، هـ، ز: "شرك".
4 كذا في د، هـ، ز، ط. وفي ش: "نظائر".
6 كذا في ش، وفي د، هـ، ز: "هذا الوصف ونحوه مما الغرض فيه التخصيص به،
وإنما وضع الغرض للتنقيل". وكذا هو في ط، غير أن فيه "للتنقيل به".
7 في ط: "التضعف".
8 سقط في د، هـ، ز، ط.
9 سقط ما بين القوسين في ش.
(3/242)
ومن ذلك امتناعهم من تنوين الفعل. وذلك أنه
قد استمر فيه الحذف والجزم بالسكون1 لثقله. فلما كان موضعا للنقص منه
لم تلق به الزيادة فيه، فهذا قول.
وإن شئت قلت: إن التنوين إنما لحق في الوقف مؤذنا بالتمام، والفعل أحوج
شيء إلى الفاعل، فإذا كان من الحاجة إليه من بعده على هذه الحال لم يلق
به التنوين اللاحق للإيذان بالتكامل والتمام، فالحالان إذًا كما ترى
ضدان. ولأجل ذلك ما2 امتنعوا من لحاق التنوين للمضاف. وذلك أن المضاف
على غاية الحاجة إلى3 المضاف إليه من بعده. فلو ألحقته التنوين المؤذن
بالوقف وهو متناهٍ في قوة الحاجة إلى الوصل جمعت بين الضدين. وهذا جلي
غير خاف. وأيضا فإن التنوين دليل التنكير والإضافة موضوعة للتخصيص فكيف
لك باجتماعهما مع ما ذكرنا من حالهما.
فإن قلت: فإذا كان الأمر كذلك فما بالهم نونوا الأعلام كزيد وبكر؟.
قيل: جاز لك؛ لأنها ضارعت بألفاظها النكرات؛ إذ كان تعرفها معنويا لا
لفظيا لأنه لا لام تعريف4 فيها5 ولا إضافة، كما صرفوا من الجمع ما ضارع
الواحد ببنائه نحو كلاب "لأنه ككتاب"6، وشيوخ لأنه كسدوس ودخول وخروج.
وهذا7 باب مطرد فاعرفه.
__________
1 كذا في د، هـ، ز، ط، وفي ش: "والسكون".
2 سقط هذا الحرف في ش.
3 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "من".
4 سقط في ط.
5 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "فيه".
6 سقط ما بين القوسين في ش.
7 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "هو".
(3/243)
باب في التراجع عند
التناهي:
هذا معنى مطروق في غير صناعة الإعراب؛ كما أنه مطروق فيها. وإذا
تشاهدت1 حالاهما كان أقوى لها، وأذهب في الأنس بها.
فمن ذلك قولهم: إن الإنسان إذا تناهى في الضحك بكى، وإذا تناهى في الغم
ضحك، وإذا تناهى في العظة أهمل، وإذا تناهت العداوة استحالت مودة.
وقد2 قال3:
وكل شيء بلغ الحد انتهى
وأبلغ من هذا قول شاعرنا4:
ولجدت حتى كدت تبخل حائلا ... للمنتهى ومن السرور بكاء
والطريق في هذا ونحوه معروفة مسلوكة.
وأما طريق صناعة الإعراب في مثله" فقول أبي إسحاق في ذكر العلة التي
امتنع لها أن يقولوا: مازال زيد إلا قائمًا: "نفي و"5 نفي النفي إيجاب.
وعلى نحو6 هذا ينبغي أن يكون قولهم: ظلمة، وظلم، وسدرة، وسدر، وقصعة،
وقصاع، "وشفرة وشفار"7. وذلك أن الجمع يحدث للواحد تأنيثًا نحو قولهم:
هذا جمل وهذه جمال وهذا رجل وهذه رجال8 قد أقبلت. وكذلك بكر وبكارة،
وعير وعيورة، وجريب9 وأجربة، وصبى وصبية ونحو ذلك. فلما كانت ظلمة،
__________
1 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "شاهدت".
2 سقط هذا الحرف في د، هـ.
3 أي ابن دريد في مقصورته، وصدره:
فإن أمت فقد تناهت لذتي
4 يريد المتنبي، والبيت من قصيدته في مدح هارون بن عبد العزيز
الأوارجي. وقوله: "حائلا" أي متحولا.
5 ثبت ما بين القوسين في ط، وسقط في ش، ز.
6 ثبت في ش، ط، وسقط في د، هـ، ز.
7 سقط ما بين القوسين في ش.
8 كذا في د، هـ، ز، ط، وفي ش: "الرجال".
9 هو مكيال.
(3/244)
وسدرة وقصعة مؤنثاتٍ -كما ترى- وأردت أن
تكسرها صرت كأنك أردت تأنيث المؤنث: فاستحال بك الأمر إلى التذكير فقلت
ظلم وسدر وقصاع وشفار. فتراحعت الإيغال1 في التأنيث إلى لفظ التذكير.
فعلى هذا النحو2 لو دعا داع، أو حمل حامل على "تأنيث3 نحو" قائمة
ومسلمة لكان طريقه -على ما رأينا- أن نعيده إلى التذكير فنقول: قائم
ومسلم. هذا لو سوغ مسوغ تأنيث نحو قائمة، وكريمة، ونحو ذلك.
فإن قيل: فليزم على هذا أن لو أريد تذكير المذكر أن يؤنث، قيل: هذا
تقرير فاسد، ووضع غير متقبل. وذلك أن التذكير هو الأول، والأصل. فليس4
لك التراجع عن الأصول؛ لأنها أوائل، وليس تحت الأصل ما يرجع إليه. وليس
كذلك التأنيث؛ لأنه فرع على التذكير. وقد يكون الأصل واحدًا وفروعه
متضعفة ومتصعدة5 ألا ترى أن الاشتقاق تجد له أصولًا ثم تجد لها6
فروعًا، ثم تجد لتلك الفروع فروعًا صاعدة عنها نحو قولك: نبت7؛ فهو
الأصل لأنه جوهر، ثم "يشتق منه فرع"8 هو9 النبات، وهو حدث، ثم يشتق10
من النبات الفعل، فتقول: نبت. فهذا11 أصل. وفرع وفرع فرع. فلذلك جار
تصور تأنيث المؤنث، ولم12 يجز تصور تذكير المذكر. نعم13، ولو جاز
تصور14
__________
1 في د، هـ، ز: "الأفعال".
2 في ش: "النوع".
3 كذا في د، هـ، ز، وفي ش: "نحو تأنيث".
4 كذا في ش، ط، وفي هـ، ز: "وليس".
5 سقط في ش.
6 كذا في د، هـ، ز، وفي ش: "له".
7 في ز: "نبيت".
8 كذا في د، هـ، ز: "تشنق منه فرعا" وفي ط: "تشتق منه فروع".
9 في ط: "هن".
10 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "تشنق".
11 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "هذا".
12 في ز: "لما".
13 سقط في ش.
14 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "أن تتصور".
(3/245)
تذكير المذكر لأوجب فيه القياس أن يعاد به
إلى1 التأنيث. كذا وجه النظر. وما "في هذا"2 من المنكر!. فعلى هذا
السمت لو ساغ تذكير قائم لوجب أن يقال فيه: قائمة. فاعرف ذلك، وأنس به.
ولا تنب عنه.
فإن قلت: فلسنا نجد كل المذكر إذا أريد تكسيره أنث، ألا تراك تقول: رجل
ورجال. وغلام، وغلمان، وكلب، وأكلب. فهذا3 بخلاف ذكر وذكارة، وذكورة،
وفحل، وفحالة، وفحولة.
قيل: لم ندع أن كل مذكر كسر4 فلا بد في مثال5 تكسيره من علم تأنيث،
وإنما أرينا أن هذا6 المعنى قد يوجد7 فيه8، فاستدللنا بذلك على صحة ما
كنا9 عليه وبسبيله. وكيف تصرفت الحال فأنت قد تلاحظ تأنيث الجماعة في
نحو رجال فتقول: قامت الرجال، و"إذا10 عاديت الرجال؛ فاصبر لها أي
للرجال وإن شئت كانت الهاء للمعاداة"11.
وعلى نحو مما نحن بصدده ما قالوا: ثلاثة رجال، وثلاث نسوة، فعكسوا
الأمر على ما تراه. ولأجل ذلك ما قالوا12: امرأة صابرة "وغادرة،
فألحقوا علم التأنيث، فإذا تناهوا في ذلك قالوا: صبور"13 وغدور،
فذكروا. وكذلك رجل ناكح فإذا بالغوا قالوا: رجل14 نكحة.
__________
1 سقط في ش.
2 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "فيه".
3 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "وهذا".
4 سقط في ش، ط.
5 سقط في د، هـ، ز، ط.
6 كذا في د، هـ، ز، ط. وفي ش: "كل".
7 في ط: "وجد".
8 سقط في ش.
9 كذا في ش، ط.
10 كذا في ش، ط. غير أن في ش سقط: "فاصبر"، "إن شئت" وفي د، هـ، ز بدل
ما بين القوسين: "إن شئت كانت الهاء للمعادلة".
11 في ط: "للمعادلة" وهو تحريف.
12 سقط في هذا الحرف في ش.
13 سقط ما بين القوسين في د، هـ، ز.
14 سقط في ش.
(3/246)
ونحو من ذلك سواءً اطراد التصرف في
الأفعال؛ نحو قام، ويقوم، وقم، وما كان مثله. فإذا بالغوا وتناهوا
منعوه التصرف، فقالوا: نعم الرجل، وبئس الغلام فلم يصرفوهما وجعلوا ترك
التصرف في الفعل الذي هو أصله1 وأخص الكلام به أمارة للأمر الحادث له،
وأن حكمًا من أحكام المبالغة قد2 طرأ عليه؛ كما تركوا لذلك أيضًا
تأنيثه دليلًا عليه في نحو قولهم: نعم المرأة، وبئس الجارية.
فإن قلت: فما بالهم منعوا هذين الفعلين التصرف البتة، ولم يمنعوهما علم
التأنيث البتة ألا تراك أيضًا قد تقول: نعمت المرأة وبئست الجارية وأنت
لا تصرف واحدًا منهما على وجه؟
قيل: إنما حظروا عليهما ما هو أخص الأوصاف بهما -أعني التصرف- ليكون
حظره عليهما أدل شيء على حدوث عائق3 لهما، وليست4 كذلك علامة التأنيث
لأن الفعل لم يكن في القياس تأنيثه ألا تراه مفيدًا للمصدر الدال على
الجنس والجنس أسبق شيء إلى5 التذكير، وإنما دخل علم التأنيث في نحو
قامت هند وانطلقت جمل لتأنيث فاعله ولو كان تأنيث الفعل لشيء يرجع إليه
هو لا إلى فاعله لجاز قامت زيد وانطلقت جعفر فلأجل ذلك ما اعتزموا
الدلالة على خروج هذين الفعلين إلى معنى المبالغة بترك تصرفهما الذي هو
أقعد من غيره فيهما دون الاقتصار على ترك تأنيثهما إذ التأنيث فيهما
ليس في الأصل مستحقًا لهما ولا راجعًا إليهما؛ وإنما هو مراعىً به
تأنيث فاعليهما6. ويؤكد ذلك عندك ما رواه الأصمعي عنهم من قوله: إذا
فاق الشيء في بابه7 سموه خارجيًا، وأنشد بيت طفيل الغنوي8:
وعارضتها رهوا على متتابع ... شديد القصيري خارجي محنب9
فقولهم في هذا المعنى: خارجي، واستعمالهم فيه لفظ خرج10، من أوثق ما
يستدل له على هذا11 المعنى، وهو الغاية فيه12. فاعرفه واشدد يدك به13.
__________
1 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "أهله".
2 سقط في هذا الحرف في د، هـ، ز.
3 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "عان"، وعان وصف من عن أي عرض.
4 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "ليس".
5 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "على".
6 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "فاعلهما".
7 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "جنسه".
8 سقط في ش.
9 انظر ص48 من هذا الجزء.
10 رسم في ز، ط: "خ ر ج".
11 سقط في د، هـ، ز.
12 سقط في ش.
13 كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "عليه".
(3/247)
|