المقتضب

 (هَذَا بَاب مَا كَانَ على خَمْسَة أحرف كُلهنَّ أصل)
اعْلَم أَنَّك إِذا أردْت جمعه لم يكن لَك بُد من حذف حرف ليَكُون على مِثَال الْجمع والحرف الَّذِي تحذفه هُوَ الْحَرْف الْأَخير وَذَلِكَ لِأَن الْجمع يسلم حَتَّى يَنْتَهِي إِلَيْهِ فَلَا يكون لَهُ مَوضِع وَذَلِكَ قَوْلك فِي سفرجل سفارج وَفِي فرزدق فرازد وَفِي شمردل شمارد وَكَذَلِكَ جَمِيع هَذَا وَقد يُقَال فِي فرزدق فرازق وَلَيْسَ ذَلِك بالجيد وَذَلِكَ لِأَن الدَّال من مخرج التَّاء وَالتَّاء من حُرُوف الزِّيَادَة فَلَمَّا كَانَت كَذَلِك وَقربت من الطّرف حذفوها فَمن قَالَ ذَلِك لم يقل فِي جحمرش جحارش لتباعد الْمِيم من الطّرف فَهَذَا يجْرِي مجْرى الغلظ وَالْبَاب مَا ذكرت لَك أَولا وَاعْلَم انهم يتنكبون جمع بَنَات الْخَمْسَة لكراهيتهم أَن يحذفوا من الْأُصُول شَيْئا فَإِذا قَالُوهُ قَالُوهُ على مَا ذكرت لَك

(2/230)


(هَذَا بَاب مَا عدته خَمْسَة أحرف أَو أَكثر بِزِيَادَة تلْحقهُ)
فَمن ذَلِك قَوْلهم صحراء يَا فَتى فَإِذا جمعت قلت صحارٍ وَكَانَ الأَصْل صحارى وَإِن شِئْت أَن تَقول قلته وَإِن شِئْت أَن تحذفه اسْتِخْفَافًا فعلت وَإِنَّمَا جَازَ الْإِثْبَات لِأَن الْألف إِذا وَقعت رَابِعَة فِيمَا عدته خَمْسَة أحرف ثبتَتْ فِي التصغير والتكسير وَإِنَّمَا تحذف إِذا لم يُوجد من الْحَذف بُد فَتَقول فِي مِفْتَاح مَفَاتِيح وَفِي سرداح سراديح وَفِي جرموق جراميق وَفِي قنديل قناديل فَلَا تحذف شَيْئا

(2/231)


(هَذَا بَاب مَا كَانَت عدته أَرْبَعَة أحرف وَفِيه عَلامَة التَّأْنِيث)
أما مَا كَانَ من ذَلِك على فعلة فجماعه فعال إِذا كَانَ من غير الْأَنْوَاع الَّتِي ذكرنَا وَذَلِكَ قَوْلك صَحْفَة وصحاف وقصعة وقصاع وجفنة وجفان وَأما قَوْلهم جَفْنَة وجفن وضيعة وضيع فَلَيْسَ الْبَاب إِنَّمَا هِيَ أَسمَاء للْجمع وَإِنَّمَا الْكَلَام جفنات وجفان وصحفات وصحاف وضيعات وضياع فَإِذا كَانَ على أَرْبَعَة أحرف والعلامة الَّتِي فِيهِ ألف التَّأْنِيث نَحْو حُبْلَى وذرفى وَدُنْيا فَإِن جمعه أَن تَقول فِي حُبْلَى حبليات وَفِي دنيا دنييات وَفِي ذفرى ذفريات وَكَذَلِكَ هَذَا الْبَاب أجمع وَأما مَا كَانَ مِنْهُ مؤنثا من أفعل الَّذِي تصف بِهِ نَحْو هَذَا أفضل من زيد وَهَذَا أكبر من عَمْرو فَإِن تكسيره على فعل تَقول الدُّنْيَا والدنى والقصيا والقصى وَكَذَلِكَ إِن قلت القصوى والكبرى وَالْكبر وَالصُّغْرَى والصغر وَإِن لم يكن مؤنثا لأَفْعَل فَإِنَّهُ يجمع على فعالى فِي وزن فعالل كَمَا قلت فِي جَعْفَر جعافر وَفِي جُنْدُب جنادب وَذَلِكَ قَوْلك فِي حُبْلَى حبالى

(2/232)


وَكَذَلِكَ فعلى تَقول فِي ذفري ذفارى وَكَذَلِكَ فعلى تَقول فِي أرطى أراطى

(2/233)


(هَذَا بَاب مَا كَانَ على خَمْسَة أحرف وَفِيه زيادتان ملحقتان أَو غير ملحقتين)
اعْلَم أَنه مَا كَانَ كَذَلِك مِمَّا اسْتَوَت فِيهِ زيادتان فَإنَّك فِي حذف مَا تشَاء مِنْهُمَا مُخَيّر إِذا كَانَتَا متساويتين إِمَّا ملحقتان وَإِمَّا غير ملحقتين وَذَلِكَ قَوْلك حبنطلي ودلنطلي وسرندي فالنون زَائِدَة وَكَذَلِكَ الْألف وهما ملحقتان ببات سفرجل فَإِن شِئْت قلت حباط ودلاظ وسراد وَإِن شِئْت قلت حبانط ودلانظ وسراند لِأَن الْألف فِي الزِّيَادَة كالنون وَكَذَلِكَ يكون هَذَا فِي التصغير وَمن ذَلِك قلنسوة لِأَن الْوَاو وَالنُّون زائدتان وَهِي على مِثَال قمحودة فَإِن شِئْت قلت قلانس فحذفت الْوَاو وَإِن شِئْت قلت قلاس فحذفت النُّون وَكَذَلِكَ فعلهمَا يُقَال تقلنس وتقلسي والتصغير على هَذَا جرى فَأَما جحنفل فَلَيْسَ فِيهِ إِلَّا جحافل وَكَذَلِكَ قرنفل لَا يجوز فِيهِ إِلَّا قرافل لِأَنَّهُ لَيْسَ هَا هُنَا زِيَادَة إِلَّا النُّون وَاعْلَم أَن كل شَيْء حذف مِنْهُ فالعوض فِيهِ جَائِز وَهِي يَاء تلْحق قبل آخِره وَكَذَلِكَ قَوْلك فِي سفرجل سفاريج وَإِن شِئْت قلت فِي حبنطي حباطي إِن حذفت النُّون وعوضت وَإِن حذفت الْألف وعوضت قلت حبانيط والتصغير على هَذَا يجْرِي

(2/234)


(هَذَا بَاب مَا تلْحقهُ زائدتان إِحْدَاهمَا مُلْحقَة وَالْأُخْرَى غير مُلْحقَة)
اعْلَم أَنَّك تجْرِي الملحق مجْرى الأَصْل فِي الْجمع والتصغير وَذَلِكَ أَن الملحق إِنَّمَا وضع بِإِزَاءِ الأَصْل لتلحق الثَّلَاثَة بالأربعة وَالْأَرْبَعَة بالخمسة وَذَلِكَ قَوْلك فِي مثل مسحنكك سحاكك وَفِي مقعنسس قعاسس لِأَن الْمِيم وَالنُّون لم تزادان فتلحقا بِنَاء بِبِنَاء وطكان سِيبَوَيْهٍ يَقُول فِي مقعنسس مقاعس وَهَذَا غلط شَدِيد لِأَنَّهُ يَقُول فِي محرنجم حراجم فالسين الثَّانِيَة فِي مقعنسس بحذاء الْمِيم فِي محرنجم فَإِن قَالَ قَائِل إِنَّهَا زَائِدَة قيل لَهُ فالميم زَائِدَة أَيْضا إِلَّا أَن السِّين مُلْحقَة بالأصول وَلَيْسَت الْمِيم كَذَلِك إِنَّمَا هِيَ الْمِيم الَّتِي تلْحق الْأَسْمَاء من أفعالها أَلا ترى أَن من قَالَ فِي أسود أسيود قَالَ فِي جدول جديول فَأجرى الملحق مجْرى الْأَصْلِيّ

(2/235)


(هَذَا بَاب التصغير وَشرح أبوابه ومذاهبه)
زعم الْمَازِني عَن الْأَصْمَعِي أَنه قَالَ قالَ الْخَلِيل بن أَحْمد وضعت التصغير على ثَلَاثَة أبنية على فلس وَدِرْهَم ودينار وَذَلِكَ أَن كل تَصْغِير لَا يخرج من مِثَال فَلَيْسَ ودريهم ودنينير فَإِن كَانَت فِي آخِره زَائِدَة لم يعْتد بهَا وَصغر على أحد هَذِه الْأَمْثِلَة ثمَّ جِيءَ بالزوائد مسلمة بعد الْفَرَاغ من هَذَا التصغير

(2/236)


(هَذَا بَاب مَا كَانَ من الْمُذكر على ثَلَاثَة أحرف)
اعْلَم أَن تصغيره على مِثَال فعيل متحركا كَانَ حرفه الثَّانِي أَو سَاكِنا وَذَلِكَ قَوْلك فِي فلس وفليس وَفِي عَمْرو عُمَيْر وَكَذَلِكَ تَقول فِي عمر وَفِي خدر خدير وَفِي رطب رُطيب وَفِي جمل جميل لَا تبالي مَا كَانَت حركته لِأَن التصغير يُخرجهُ إِلَى بنائِهِ وَحكم التصغير أَن يضم أَوله وَيفتح الْحَرْف الثَّانِي وَيلْحق بعده يَاء التصغير ثَالِثَة فَإِن كَانَ الِاسْم على أَرْبَعَة أحرف انْكَسَرَ الْحَرْف الَّذِي بعد يَاء التصغير كَمَا ينكسر فِي التكسير لِأَن التكسير والتصغير من وَاد وَاحِد إِلَّا أَن أول التصغير مضموم وَأول الْجمع مَفْتُوح وعلامة التصغير يَاء ثَالِثَة سَاكِنة وعلامة الْجمع ألف ثَالِثَة وهما فِي تَغْيِير الِاسْم عَن بنائِهِ سَوَاء وَذَلِكَ قَوْلك فِي جَعْفَر وجعيفر وجعافر وَاعْلَم أَنه لَا يكون اسْم على حرفين إِلَّا وَأَصله الثَّلَاثَة فَإِذا صغر فَلَا بُد من رد مَا ذهب مِنْهُ لِأَن التصغير لَا يكون فِي أقل من ثَلَاثَة أحرف وَذَلِكَ قَوْلك فِي دم دُمي لِأَن الذَّاهِب مِنْهُ يَاء يدلك على ذَلِك أَنَّك إِذا أخرجته إِلَى الْفِعْل قلت دميت كَمَا تَقول خشيت وَتقول فِي الْجمع دِمَاء فَاعْلَم فتهمز الْيَاء لِأَنَّهَا طرف بعد ألف زَائِدَة كَمَا تَقول رِدَاء وسقاء

(2/237)


فَإِذا فَارَقت الْألف رجعت إِلَى أَصْلهَا فَقلت أردية وأسقية وَلما اضْطر الشَّاعِر رده إِلَى أَصله فَقَالَ
(فَلْو أنّا على حَجَرٍ ذُبِحنْا ... جرَى الدَّمَيَانِ بالخَيرِ اليَقينِ)
وَتقول فِي تَصْغِير غَد غدى لِأَن اصله غدو فَكَانَ تصغيره غديو يَا فَتى وَلَكِن الْوَاو إِذا كَانَت قبلهَا يَاء سَاكِنة قلبت يَاء وأدغمت الْيَاء فِيهَا كَمَا تَقول أَيَّام وَأَصلهَا أيوام لِأَنَّهَا جمع يَوْم وَكَذَلِكَ سيد وميت إِنَّمَا هُوَ سيود وَيَمُوت لنه من يسود وَيَمُوت وَكَذَلِكَ قيام وقيوم إِنَّمَا هُوَ قيوام وقيووم بواوين وَهَذَا يحكم فِي بَاب التَّصَرُّف وَالدَّلِيل على أَن الذَّاهِب من غَد الْوَاو أَنهم يَقُولُونَ فِيهِ غدو كَمَا يَقُولُونَ غَد قَالَ الشَّاعِر
(لَا تَقْلُوها وادْلُوها دلوَا ... إنَّ معَ اليومِ أخاهُ غَدْوا)

(2/238)


وَقَالَ لبيد بن ربيعَة
(وَمَا الناسُ إِلَّا كَالدِيارِ وأهلُها ... بهَا يومَ حَلُّوها وغَدْواً بلاقِعِ)
وكل مَا لم نذكرهُ من هَذَا الْبَاب فَهَذَا مجازه

(2/239)


(هَذَا بَاب مَا كَانَ من الْمُؤَنَّث على ثَلَاثَة أحرف)
اعْلَم أَنه مَا كَانَ من ذَلِك لَا عَلامَة فِيهِ فَإنَّك إِذا صغرته ألحقته هَاء التَّأْنِيث الَّتِي هِيَ فِي الْوَصْل تَاء وَإِن كَانَ بهاء التَّأْنِيث ثَلَاثَة أحرف فقد ذهب مِنْهُ حرف لِأَن الْهَاء لَا يعْتد بهَا فيلزمك فِي التصغير رد ذَلِك الْحَرْف أما مَا كَانَ من ذَلِك لَا هَاء فِيهِ فنحو قَوْلك فِي دَار دويرة وَفِي نعل نعيلة وَفِي هِنْد هنيدة لَا يكون إِلَّا على ذَلِك فَأَما قَوْلهم فِي الناب من الْإِبِل نييب فَإِنَّمَا صغروه بِغَيْر هَاء لِأَنَّهَا بِهِ سميت كَمَا تَقول للْمَرْأَة مَا أَنْت إِلَّا رجيل لِأَنَّك لست تقصد إِلَى التصغير الرجل وَكَذَا قَوْلهم فِي تَصْغِير الْحَرْب حريب إِنَّمَا الْمَقْصُود الْمصدر من قَوْلك حربته حَربًا فَلَو سمينا امْرَأَة حَربًا أَو نابا لم يجز فِي تصغيرها إِلَّا حريبة ونييبة

(2/240)


وَالْفرس يَقع للمذكر وَالْأُنْثَى فَإِن قصدت إِلَى الْمُذكر قلت فريس وَإِن قصدت إِلَى الْمُؤَنَّث قلت فريسة وَأما مَا جَاءَ على ثَلَاثَة أحرف أَحدهمَا هَاء التَّأْنِيث فنحو شاه تَقول فِي تصغيرها شويهة فَترد الْهَاء الساقطة وَالدَّلِيل على أَن الذَّاهِب مِنْهُ هَاء قَوْلك فِي الْجمع شِيَاه فَاعْلَم وَتقول فِي تحقير شفة شُفيهة لِأَن الذَّاهِب كَانَ هَاء يدلك على ذَلِك قَوْلك شافهت الرجل وشفه وشفاه فَاعْلَم وَمن ذَلِك سنة فَتَقول فِي تصغيرها سنية وسنيهة لِأَنَّهُ يجتذبها أصلان الْوَاو وَالْهَاء فَمن قَالَ سنوات واكتريته مساناة وَقَرَأَ {وأنظرْ إِلَى طَعَامكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّ وانظرْ} فوصل بِغَيْر هَاء فَهُوَ على قَول من أذهب الْوَاو فَهَذَا يَقُول سنية وَالْأَصْل سنوة لَا يجوز غَيره فِي قَوْله وَمن قَالَ {لم يتسنه وَانْظُر} وَقَالَ اكتريته مسانهة فَهَذَا يزْعم أَن الذَّاهِب الْهَاء وَلَا يجوز على قَوْله إِلَّا سُنيهة وَالْأَصْل عِنْده سنهة وَكَذَلِكَ لم يكن فِيهِ من ذَوَات الحرفين هَاء وَكَانَ مؤنثا فَأمره مثل مَا ذكرت لَك لِأَنَّك ترد الْحَرْف الذَّاهِب ثمَّ تجريه مجْرى هِنْد ودعد وَقدر وشمس لِأَنَّهُ مَا كَانَ على حرفين

(2/241)


فَلَا بُد من رد الثَّالِث فِيهِ فَإِذا رد صَار بِمَنْزِلَة مَا كَانَ على ثَلَاثَة أحرف مِمَّا لم ينقص مِنْهُ شَيْء وَذَلِكَ قَوْلك فِي يَد يدية لِأَن الذَّاهِب كَانَ يَاء يدلك على ذَلِك قَوْلهم يديت إِلَيْهِ يدا وَكَذَلِكَ أياد وكل مَا لم نذكرهُ مِمَّا كَانَ على هَذَا الْمِثَال فَهَذَا قِيَاسه وَاعْلَم أَنَّك إِذا سميت مذكرا بمؤنث لَا عَلامَة فِيهِ إِنَّك لَا تلْحقهُ هَاء التَّأْنِيث إِذا صغرته لِأَنَّك قد نقلته إِلَى الْمُذكر وَذَلِكَ قَوْلك فِي رجل سميته هندا أَو شمسا أَو عينا عيين وشميس وهنيد فَإِن قيل فقد جَاءَ فِي الْأَسْمَاء مثل عُيَيْنَة وأذينة قيل إِنَّمَا سمى بهما الرّجلَانِ بعد أَن صغرتا وهما مؤنثتان وَالدَّلِيل على ذَلِك إِنَّك لم تسم الرجل عينا وَلَا أذنا ثمَّ تأتى بِهَذَا إِذا صغرته إِنَّمَا أول مَا سميت بِهِ عُيَيْنَة وأذينة فَهَذَا بَين جدا وَكَذَلِكَ إِن سميت امْرَأَة أَو مؤنثا غَيرهَا باسم على ثَلَاثَة أحرف مِمَّا يكون للمذكر فَلَا بُد من إِلْحَاق الْهَاء إِذا صغرتها وَذَلِكَ أَنَّك لَو سميت امْرَأَة حجرا أَو عمرا أَو عمر لم تقل فِي تصغيرها إِلَّا عميرَة وحجيرة وَلَا يكون إِلَّا ذَلِك كَمَا لم يكن فِي الْمُذكر إِلَّا مَا وصفت لَك إِذا سميته بمؤنث

(2/242)


(هَذَا بَاب تَصْغِير مَا كَانَ من الْمُذكر على أَرْبَعَة أحرف)
اعْلَم أَن تَصْغِير ذَلِك على وزن وَاحِد كَانَت فِيهِ زَوَائِد أَو كَانَت الْحُرُوف كلهَا أَصْلِيَّة اخْتلفت حركاته أَو اتّفقت كَانَت الزَّوَائِد مُلْحقَة أَو للمد واللين وَذَلِكَ قَوْلك فِي جَعْفَر جعيفر وَفِي قمطر قميطر وَفِي دِرْهَم دريهم وَفِي علبط عليبط وَفِي جلجل جليجل وَفِي زهلق زهيلق وَفِي عَجُوز عجيز وَفِي رغيف رُغيف وَفِي كتاب كتيب وَاعْلَم أَن مَا كَانَت فِيهِ الْوَاو متحركة فِي التَّكْبِير زَائِدَة مُلْحقَة أَو أَصْلِيَّة فَأَنت فِي تصغيره بِالْخِيَارِ إِن شِئْت أبدلت من الْوَاو فِي التصغير يَاء للياء الَّتِي قبلهَا وَهُوَ أَجود وأقيس وَإِن شِئْت أظهرت الْوَاو كَمَا كَانَت فِي التَّكْبِير متحركة وَذَلِكَ قَوْلك فِي أسود وَأسيد وَفِي أَحول أُحِيل فَهَذَا الْأَصْلِيّ والزائدة تَقول فِي قسور قسير وَفِي جدول جديل وَإِن شِئْت قلت فِيهِ كُله أسيود وقسيور وجديول وَإِنَّمَا استجازوا ذَلِك لما رَأَوْا التصغير وَالْجمع على منهاج وَاحِد وَكَانَ جمع هَذَا إِنَّمَا يكون قساور وجداول

(2/243)


فَأَما الْأَولونَ فَعَلمُوا أَن الْوَاو إِنَّمَا تنْقَلب للياء الَّتِي قبلهَا وَأَن الْألف لَا يُوجد فِيهَا مثل ذَلِك وَالْوَزْن وَاحِد وَالْقلب لعِلَّة توجبه وكل قد ذهب مذهبا إِلَّا أَن الْقلب أَقيس لما ذكرت لَك فَإِن كَانَت الْوَاو سَاكِنة فِي التَّكْبِير لم يكن إِلَّا الْقلب وَذَلِكَ لِأَن مَا تحركت واوه الْوَجْه فِيهِ الْقلب وَيجوز الْإِظْهَار لتحرك الْوَاو فَلَمَّا كَانَت المتحركة الْوَجْه فِيهَا الْقلب لم يكن فِي الساكنة غَيره وَذَلِكَ قَوْلك فِي عَجُوز عجيز وَفِي عَمُود عميد وَاعْلَم أَنه إِذا كَانَت من ذَوَات الْأَرْبَعَة زَائِدَة يبلغ بهَا الْخَمْسَة فِي الْعدَد بإلحاق أَو غير إِلْحَاق فَإِن تِلْكَ الزَّائِدَة تحذف فِي التصغير إِلَّا أَن تكون واوا رَابِعَة أَو بَاء أَو ألفا فِي ذَلِك الْموضع فَإِنَّهَا لَا تحذف لِأَنَّهَا تصير على مِثَال دنينير فَإِن لم يكن ذَلِك فالحذف لَازم لِأَنَّهُ يكون على مِثَال دريهم وَذَلِكَ قَوْلك فِي سرادق

(2/244)


سريدق لِأَن الْألف زَائِدَة وَفِي جحنفل جحيفل لِأَن النُّون زَائِدَة وَكَذَلِكَ مَا كَانَ مثل ذَلِك وَأما مُعَاوِيَة فَمن بَنَات الثَّلَاثَة وسنشرح لَك أَحْكَامهَا لتقف عَلَيْهَا إِن شَاءَ الله اعْلَم أَن ذَوَات الثَّلَاثَة إِذا لحقتها زائدتان مستويتان فَأَنت فِي الْحَذف بِالْخِيَارِ أَيهمَا شِئْت حذفت فَإِن كَانَت إِحْدَاهمَا مُلْحقَة لم يجز حذفهَا وحذفت الْأُخْرَى لِأَن الملحق كالأصلي فَإِن كَانَتَا ملحقتين فَأَنت فِي حذف أَيهمَا شِئْت مُخَيّر وَإِن كَانَتَا غير ملحقتين وإحداهما للمعنى حذفت الَّتِي لَيست للمعنى وأبقيت الَّتِي الْمَعْنى من أجلهَا يعلم فَأَما مَا اسْتَوَت فِيهِ الزيادتان فقولك فِي حنبطي حبيط فَاعْلَم وَإِن شِئْت حبينط وَذَلِكَ لِأَنَّهُ من الثَّلَاثَة وَالنُّون وَالْألف فِيهِ زائدتان ملحقتان بسفرجل فَإِن حذفت النُّون قلت حبيط وَإِن حذفت الْألف قلت حبينط وَإِن عوضت فِيمَن حذف النُّون قلت حبيطي فَاعْلَم وفيمن حذف الْألف حبينيط وَكَذَلِكَ جمعه تَقول حبانط وَإِن عوضت قلت حبانيط فَإِن حذفت النُّون قلت حباط وَإِن / عوضت قلت حباطي فعلى هَذَا يجْرِي وَلَو حقرت مثل مغتسل لَقلت مغيسل وَإِن عوضت قلت مغيسيل لَا يكون إِلَّا

(2/245)


ذَلِك لِأَن الْمِيم وَالتَّاء زائدتان وَالْمِيم للمعنى أَلا ترى أَنَّك لَو قلت مغتسل كَانَ مُؤديا للمعنى فالميم لَا تحذف فَإِذا حقرت مُعَاوِيَة فِيمَن قَالَ اسيد قلت معية وَكَانَ الأَصْل معيية وَلَكنهُمْ إِذا اجْتمعت ثَلَاث ياءات فِي بِنَاء التصغير حذفت الْيَاء المعتلة لِاجْتِمَاع الياءات وَمن قَالَ فِي اسود أسيود قَالَ فِي تَصْغِير مُعَاوِيَة معيوية لِأَنَّهُ يحذف الْألف فَيصير معيوية وَلَا تَجْتَمِع الياءات فيلزمك الْحَذف فَأَما مَا ذكرت لَك مِمَّا يحذف لِاجْتِمَاع الياءات فقولك فِي تصغيرعطاء عطى فَاعْلَم لِأَنَّك حذفت يَاء وَالْأَصْل عطيي فَصَارَ تصغيره كتصغير مَا كَانَ على ثَلَاثَة أحرف فعلى هَذَا تَقول فِي تَصْغِير أحوى أحيُّ فَاعْلَم على قَوْلك أسيد وَمن قَالَ أسيود قَالَ أحيو فَاعْلَم

(2/246)


وَتقول فِي تَصْغِير عثول عثيل فَاعْلَم لِأَن فِيهِ زائدتين الْوَاو وَإِحْدَى اللامين وَالْوَاو أَحَق عندنَا بالطرح لِأَنَّهَا من الْحُرُوف الَّتِي تزاد وَاللَّام مضاعفة من الْأُصُول وهما جَمِيعًا للإلحاق بِمثل جردحل وَكَانَ سِيبَوَيْهٍ يخْتَار عثيل وعثيول فِيمَن قَالَ أسيود وَيَقُول هِيَ مُلْحقَة وَهِي أبعد من الطّرف وَقد يجوز مَا قَالَ وَلَكِن الْمُخْتَار مَا ذكرنَا لِلْعِلَّةِ الَّتِي شرحنا

(2/247)


وَمن عوض قَول سِيبَوَيْهٍ قَالَ عثيل وعثيويل وعَلى قَوْلنَا عثيليل فَهَذَا وَجه هَذَا وَلَو حقرت مِثَال مِفْتَاح وقنديل وشملال لم تحذف شَيْئا وَكنت قَائِلا قنيديل ومفيتيح وشميليل وَذَلِكَ لِأَنَّك كنت قَائِلا لَو عوضت فِي مثل سفرجل سفيريج فَأَنت إِذا أتيت بهَا فِيمَا لم تكن فِيهِ أَحْرَى الا تحذفها فِيمَا هِيَ فِيهِ أَو مَا تكون بَدَلا مِنْهُ وَإِنَّمَا تثبت فِي هَذَا الْموضع لِأَنَّهُ مَوضِع تلْزمهُ الكسرة وَالْيَاء إِنَّمَا هِيَ حرف لين فَدخلت بِدُخُول مَا هُوَ مِنْهَا وَهُوَ الكسرة وَكَذَلِكَ الْجمع لذوات الْأَرْبَعَة إِنَّمَا يجْرِي مجْرى تصغيره فِي كل شَيْء فيجريان فِيهِ على قِيَاس وَاحِد فِيمَا جَاوز الثَّلَاثَة

(2/248)


(هَذَا بَاب تحقير بَنَات الْخَمْسَة)
اعْلَم أَنَّك إِذا صغرت شَيْئا على خَمْسَة أحرف كلهَا أصل فَإنَّك لَا تحذف من ذَلِك إِلَّا الْحَرْف الْأَخير لِأَنَّهُ يجْرِي على مِثَال التحقير ثمَّ ترتدع عِنْده فَإِنَّمَا حذفت الَّذِي يخرج من مِثَال التحقير وَذَلِكَ قَوْلك فِي فَرجل سفيرج وَفِي شمردل شميرد وَفِي جحمرش جحيمر وَفِي جردحل جريدح وَكَذَلِكَ إِن كَانَت فِي ذَوَات الْخَمْسَة زَائِدَة حذفتها ثمَّ حذفت الْحَرْف الْأَخير من الْأُصُول حَتَّى يصير على هَذَا الْمِثَال وَذَلِكَ قَوْلك فِي عضرفوط عضيرف وَفِي عندليب عنيدل وَفِي قبعثري قبيعث والعوض فِي هَذَا كُله جَائِز وَذَلِكَ قَوْلك قبيعيث وعضيريف وَكَذَلِكَ كل مَا حذف مِنْهُ فَهَذَا قِيَاس هَذَا الْبَاب وَمن الْعَرَب من يَقُول فِي فرزدق فريزق وَلَيْسَ ذَلِك بِالْقِيَاسِ إِنَّمَا هُوَ شَبيه بالغلظ

(2/249)


وَذَلِكَ لِأَن التَّاء من حُرُوف الزِّيَادَة وَالدَّال من موضعهَا فَلَمَّا كَانَت طرفا وَكَانَت أشبه مَا فِي الْحَرْف بحروف الزِّيَادَة حذفتها وَمن قَالَ هَذَا قَالَ فِي جمعه فرازق والجيد فرازد وفريزد لِأَن مَا كَانَ من حُرُوف الزِّيَادَة وَمَا أشبههَا إِذا وَقع اصليا فَهُوَ بِمَنْزِلَة غَيره من الْحُرُوف وَمن قَالَ فريزق لم يقل فِي جحمرش جحيرش وَإِن كَانَت الْمِيم من حُرُوف الزِّيَادَة لبعدها من الطّرف وَلكنه يَقُول فِي مثل شمردل شميرد وَإِن كَانَ هَذَا أبعد أبعد أَن اللَّام من حُرُوف الزِّيَادَة

(2/250)


(هَذَا بَاب تَصْغِير الْأَسْمَاء المبنية من أفعالها)
اعْلَم إِنَّك إِذا حقرت مَضْرُوبا قلت مضيريب لاتحذف مِنْهُ شَيْئا لِأَن الْوَاو رَابِعَة وَقد تقدم القَوْل فِي هَذَا وَإنَّك لست تحذف إِلَّا مُضْطَرّا فَإِن حقرت مدحرجا أَو مدحرجا قلت دحيرج لِأَن الْمِيم زَائِدَة وَلَيْسَ هَا هُنَا من حروفا الزِّيَادَة غَيرهَا فَإِن حقرت مثل منطلق قلت مطيلق تحذف النُّون وَلَا تحذف الْمِيم وَإِن كَانَتَا زائدتين لِأَن الْمِيم للمعنى أَلا ترى انك إِذا جَاوَزت الثَّلَاثَة أدخلت الْمِيم على كل فَاعل ومفعول وَتدْخل على الْمَفْعُول من الثَّلَاثَة وَاسم الزَّمَان وَالْمَكَان والمصدر كَقَوْلِك سرت مسيرًا وأدخلته مدخلًا كَرِيمًا وَهَذَا مضرب زيد ومدخل زيد فَإِن حقرت مثل مقتدر قلت مقيدر تحذف التَّاء من مفتعل كَمَا حذفت النُّون من منفعل لِأَن الْعدة قد خرجت على مِثَال التصغير فَلَا بُد من حذف الزِّيَادَة والعوض فِي جَمِيع هَذَا جَائِز لِأَنَّك قد حذفت مِنْهُ تَقول فِي منطلق إِذا عوضت مطيليق وَفِي مقتدر مقيدير فَإِن حقرت مثل مقَاتل قلت مقيتل تحذف الْألف وَإِن عوضت قلت مقيتيل فَإِن حقرت مثل مستضرب قلت مضيرب ومضيريب تحذف التَّاء وَالسِّين وَلَا تحذف الْمِيم لما ذكرت لَك

(2/251)


وَكَذَلِكَ مَا كَانَ من مفعوعل مثل مغدودن تحذف الْوَاو وَإِحْدَى الدالين فَتَقول مغيدن ومغيدين وَلَا تحذف الْمِيم لِأَنَّهَا للمعنى وكل مَا كَانَ على شَيْء من الْأَبْنِيَة فَهَذَا قِيَاسه وَتقول فِي مثل محمر محيمر تحذف إِحْدَى الراءين كَذَلِك تَقول فِي تَصْغِير محمار محيمير تحذف إِحْدَى الراءين وَلَا تحذف الْألف لِأَنَّهَا رَابِعَة وَلَو حذفتها لم يكن بُد من حذف إِحْدَى الراءين ليَكُون على مِثَال التصغير وَالْجمع على ذَلِك تَقول محامر فِي محمر ومحامير فِي محمار تَقول فِي مثل مُقْشَعِر قشيعر وقشيعير إِن عوضت تحذف الْمِيم وَإِحْدَى الراءين لِأَن الْحَرْف يبْقى على أَرْبَعَة فَلَو حذفت غير الْمِيم كنت حاذفا من الأَصْل تَارِكًا الزِّيَادَة فَتخرج إِلَى مِثَال تَصْغِير مدحرج

(2/252)


وَكَذَلِكَ مطمئن تَقول طميئن وطميئين إِن عوضت وَتقول فِي مِثَال محرنجم حريجم وحريجيم إِن عوضت فتحذف الْمِيم وَالنُّون لِأَنَّهُمَا زائدتان وَلَا تَجِد من ذَلِك بدا لِأَنَّهُ يبْقى على أَرْبَعَة أحرف وَكَانَ سِيبَوَيْهٍ يَقُول فِي تَصْغِير مقعنسس مقيعس ومقيعيس وَلَيْسَ الْقيَاس

(2/253)


عِنْدِي مَا قَالَ لِأَن السِّين فِي مقعنسس مُلْحقَة والملحق كالأصلي وَالْمِيم غير مُلْحقَة فَالْقِيَاس قعيسس وقعيسيس حَتَّى يكون مثل حريجم وحريجيم

(2/254)