المقتضب (هَذَا بَاب الْإِخْبَار فى قَول أَبى
عُثْمَان المازنى عَن هَذَا الْبَاب الذى مضى)
إِذا قلت: ضربت، وضربنى زيد، فأعلمت الآخر فَإِن الْإِخْبَار / عَنْك
أَن تَقول: الضَّارِب أَنا، والضاربى زيد، فتجعل (الضَّارِب) مُبْتَدأ،
وَتجْعَل (أَنا) خَبره) فَيكون الْخَبَر هَاهُنَا كالفاعل هُنَاكَ؛
لِأَن نَظِير الْفِعْل وَالْفَاعِل الِابْتِدَاء وَالْخَبَر، وَيصير
قَوْلك (الضاربى زيد مُتَعَدِّيا؛ كَمَا كَانَ فى الْفِعْل، وَيكون
جملَة معطوفة على جملَة كَمَا كَانَت هُنَالك فَاعْتبر هَذَا فَإِنَّهُ
لَا يجوز غَيره فَإِن قلت: ضربنى، وَضربت زيدا، فأعلمت الآخر أضمرت
الْفَاعِل قبل ذكره على شريطة التَّفْسِير، فَأخْبرت عَن زيد قلت:
الضاربى هُوَ، والضاربه أَنا زيد جعلت (الضاربى) مُبْتَدأ وعديته؛
كَمَا عديته فى قَوْلك: ضربنى، وَجعلت الْخَبَر (هُوَ) ؛ لِأَنَّك
احتجت إِلَى أَن يكون مضمرا على شريطة التَّفْسِير؛ كَمَا كَانَ فى
الْفِعْل وَمِمَّا يصحح هَذَا الْبَاب: أَنه لَيْسَ شئ يمْتَنع من أَن
يخبر عَنهُ، وَلَيْسَ هَكَذَا يَقع فى قَول النَّحْوِيين؛ لِأَنَّك لَو
قلت: ظنانى مُنْطَلقًا، وظننت أخويك منطلقين، فَأخْبرت عَن الْمُضمر فى
قَوْلك: (ظنانى) لم يجز؛ لِأَنَّك كنت تَقول فى / التَّقْدِير:
الظانانى مُنْطَلقًا، والظان أَنا أخويك منطلقين هما، فَلَا يَقع فى
قَوْلك أَنا أخويك منطلقين شئ يرجع إِلَيّ الْألف وَاللَّام فَيبْطل؛
لِأَنَّهُ لَيْسَ فى الصِّلَة مَا يرجع إِلَى الْمَوْصُول وفى قَول
أَبى عُثْمَان إِذا أخْبرت عَنْهُمَا قلت: الظانانى مُنْطَلقًا هما،
فتجعل الْخَبَر (هما) وَهُوَ مُضْمر، ثمَّ تَقول: الظَّان أخويك
منطلقين أَنا، فتعطف الْجُمْلَة على الْجُمْلَة، وفى صلَة كل وَاحِد
مِنْهُمَا ضمير يرجع إِلَيْهِ، وَسَنذكر من الْمسَائِل مَا يُوضح صِحَة
هَذَا الْمَذْهَب وَيبْطل مَا سواهُ إِن شَاءَ الله
(3/127)
وفى قَول النَّحْوِيين أَنَّك إِذا كنت:
ضربت، وضربنى زيد - فَإِن الْإِخْبَار عَن (التَّاء) فى ضربت، وَعَن
الْيَاء فى ضربنى وَاحِد؛ لِأَنَّهُمَا يرجعان إِلَى شئ وَاحِد
وَذَلِكَ قَوْلك على مَذْهَب النَّحْوِيين: الضَّارِب، والضاربه زيد
أَنا وَهَذَانِ - وَإِن كَانَا رَاجِعين إِلَى شئ وَاحِد - فَإِنَّمَا
ذَلِك فى الْمَعْنى فَأَما اللَّفْظ والموضع فمخالفان لَهُ وفى قَول
أَبى عُثْمَان إِن أخْبرت عَن (التَّاء) قلت: الضَّارِب أَنا والضاربى
زيد، فتجعل (الضَّارِب) مُبْتَدأ، / و (أَنا) خَبره، وَلَا تعده؛ كَمَا
لم يكن فى الْفِعْل مُتَعَدِّيا، وتأتى بِالْفِعْلِ، وَالْفَاعِل فى
الْإِخْبَار وَهُوَ: والضاربى زيد؛ لِأَن الْكَلَام إِنَّمَا كَانَ:
ضربت وضربنى زيد، فَجعلت الِابْتِدَاء وَالْخَبَر كالفعل وَالْفَاعِل،
وَجعلت المتعدى مُتَعَدِّيا، والممتنع مُمْتَنعا فَإِن أخْبرت عَن
(الْيَاء) فى ضربنى قلت: الضَّارِب أَنا، والضاربه زيد أَنا؛ كَمَا كنت
قَائِلا إِذا أخْبرت عَن نَفسك فى قَوْلك: ضربنى زيد: الضاربه زيد
أَنا، لِأَن قَوْلك: ضربنى زيد هُوَ هَذَا الذى وَصفنَا؛ أَفلا ترى
إِلَى بَيَان هَذَا، واشتماله على كل اسْم، وَامْتِنَاع قَول
النَّحْوِيين من بعض الْأَسْمَاء لِامْتِنَاع الصلات من رَاجع إِلَى
الموصلات وَيَقُول النحويون: إِذا قلت: ظَنَنْت، وظننى أَخَوَاك
مُنْطَلقًا - فالتقدير فى الْمَعْنى: أَن يكون ظنى بهما كظنهما بى
فَإِن أخْبرت فى قَول النَّحْوِيين عَن (الْأَخَوَيْنِ) فَقلت: الظَّان
أَنا، والظانان مُنْطَلقًا أَخَوَاك كَانَ محالا؛ لِأَن قَوْلك:
(الظَّان أَنا) الْألف وَاللَّام للأخوين؛ لِأَنَّهُمَا الْخَبَر،
وَلَيْسَ فى الصِّلَة مَا يرجع إِلَى الْمَوْصُول فَهَذَا عِنْدهم
محَال / وَكَذَلِكَ هُوَ على تقديرهم، ويجيزون فى الذى؛ لأَنهم لَا
يَحْتَاجُونَ إِلَى تكريرها مرَّتَيْنِ، وَلَكنهُمْ يذكرونها مرّة،
ويعطفون أحد الْفِعْلَيْنِ على الآخر، فَيرجع الذّكر فى أَحدهمَا،
فَيكون كلَاما وَالتَّقْدِير: اللَّذَان ظَنَنْت، وظنانى مُنْطَلقًا
أَخَوَاك فَيصير الضَّمِير فى ظنانى يرجع إِلَى اللَّذين
(3/128)
وَالْقَوْل فى هَذِه الْمَسْأَلَة على قَول
أَبى عُثْمَان وهى: ظَنَنْت، وظننى أَخَوَاك منطا أَن تَقول - إِذا
أخْبرت عَن نَفسك -: الظَّان أَنا، والظانان مُنْطَلقًا أَخَوَاك
فَيصير الْألف وَاللَّام فى (الظَّان) لَك، وَتجْعَل (أَنا) خبر
الِابْتِدَاء؛ كَمَا كَانَ فى الْمَسْأَلَة فَاعِلا، وَلَا تعده؛
لِأَنَّهُ كَانَ هُنَاكَ غير مُتَعَدٍّ، ثمَّ تعطف عَلَيْهِ الْجُمْلَة
على مَا كَانَت فى الْفِعْل فَهَذَا لَا يمْتَنع مِنْهُ شئ فَكل مَا
ورد عَلَيْك من هَذَا الْبَاب فقسه على مَا ذكرت لَك تَجدهُ
مُسْتَقِيمًا إِن شَاءَ الله
(3/129)
(هَذَا بَاب من الذى والتى أَلفه النحويون
فأدخلوا (الذى) فى صلَة (الذى) وَأَكْثرُوا فى ذَلِك)
/ إِنَّمَا قِيَاسه قِيَاس قَوْلك: الذى زيد أَخُوهُ أَبوك، فتصل
(الذى) بِالِابْتِدَاءِ وَالْخَبَر، وقولك: (أَبوك) خبر الذى؛
لِأَنَّهُ ابْتِدَاء فَتَقول - إِذا كَانَ (الذى) غير مُبْتَدأ -:
أَرَأَيْت الذى أَخُوهُ أَبوك، فكأنك قلت: رَأَيْت زيدا وَقد أعلمتك
أَن (الذى) يُوصل بِالْفِعْلِ وَالْفَاعِل، وبالابتداء وَالْخَبَر،
والظرف، وَلَا بُد فى صلَة الذى من رَاجع إِلَيْهِ يُوضحهُ فَإِذا قلت:
رَأَيْت الذى قَامَ، فاسمه فى قَامَ، وَكَذَلِكَ: رَأَيْت الذى فى
الدَّار فَإِن كَانَ الِاسْتِقْرَار وَالْقِيَام لغيره - قلت: رَأَيْت
الذى فى الدَّار أَبوهُ، وَرَأَيْت الذى قَامَ صَاحبه على ذَلِك يجرى،
كَذَلِك: رَأَيْت الذى إِن يأتنى آته؛ لِأَن المجازاة جملَة، وفيهَا
مَا يرجع إِلَيْهِ وَإِذا وصلت (الذى) بالذى فَلَا بُد للثانى من صلَة
وَخبر، حَتَّى يكون فى صلَة الأول ابْتِدَاء وخبرا
(3/130)
وَتقول: الذى فى دَاره زيد أَخُوك فقولك
(الذى) ابْتِدَاء، والثانى مُبْتَدأ فى صلته، وقولك (فى دَاره) فِيهِ
ضميران: مَرْفُوع بالاستقرار، ومخفوض بِالْإِضَافَة فَالْمَرْفُوع يرجع
إِلَى الذى الثانى، والمخفوض يرجع إِلَى الأول و (زيد) خبر الذى /
الثانى، و (أَخُوك) خبر الذى الأول؛ لِأَن الثانى صَار بصلته، وَخَبره
صلَة للْأولِ فَهَذَا مجْرى هَذَا الْبَاب وَتقول: الذى الَّتِى
اللَّذَان ضربا جاريتها أَخَوَاك عِنْده عبد الله (فالذى) ابْتِدَاء، و
(الَّتِى) ابْتِدَاء فى صلَة الَّتِى، و (اللَّذَان) ابْتِدَاء فى صلَة
الَّتِى، وقولك (ضربا) جاريتها صلَة اللَّذين،
(3/131)
وَالْهَاء فى جاريتها ترجع إِلَى الَّتِى،
و (أَخَوَاك) خبر اللَّذين فتمت صلَة الذى، وقولك (عبد الله) خبر الذى
فَإِن أدخلت على هَذَا (كَانَ) فَالْكَلَام على حَاله إِلَّا الذى،
وَعبد الله فَإنَّك جَاعل أَحدهمَا اسْم (كَانَ) ، وَالْآخر خَبره
وَتقول: اللَّذَان الَّتِى فى الدَّار صاحبتهما أَخَوَاك على مَا شرحت
لَك فَإِن قلت الذى الَّتِى اللَّذَان الَّذين الَّتِى فى الدَّار
جاريتهم منطلقون إِلَيْهِمَا صاحباها أُخْته زيد - كَانَ جيدا بَالغا
تجْعَل (الذى) مُبْتَدأ، و (الَّتِى ابْتِدَاء فى صلَة الذى، و
(اللَّذَان) ابْتِدَاء فى صلَة الَّتِى، و (الَّذين) ابْتِدَاء فى صلَة
الَّذين، و (الَّتِى) ابْتِدَاء فى صل الَّذين، وقولك (فى الدَّار)
صلَة الَّتِى و (جاريتهم) خبر الَّتِى، وَالضَّمِير يرجع إِلَى
الَّذين، وَقد تمت صلتهم؛ لِأَن (الَّتِى) وصلتها ابْتِدَاء، و
(جاريتهم) خبر ذَلِك الِابْتِدَاء فقد تمت صل اللَّذين، وقولك منطلقون
إِلَيْهِمَا خبر الَّذين فقد تمت صلَة اللَّذين وقولك (صاحباها) خبر
(اللَّذين) فقد تمت صلَة (الَّتِى) الأولى، و (أُخْته) خبر الَّتِى
الأولى، وَالْهَاء ترجع إِلَى الذى فقد تمت صل الذى، و (زيد) خبر الذى
فقد صَحَّ الْكَلَام
(3/132)
(هَذَا بَاب الْإِضَافَة وَهُوَ بَاب
النّسَب)
اعْلَم أَنَّك إِذا نسبت رجلا إِلَى حى أَو بلد أَو غير ذَلِك - ألحقت
الِاسْم الذى نسبته إِلَيْهِ يَاء شَدِيدَة؛ وَلم تخففها لِئَلَّا
يلتبس بياء الْإِضَافَة الَّتِى هى اسْم الْمُتَكَلّم وَذَلِكَ قَوْلك:
هَذَا رجل قيسى، وبكرى، وَكَذَلِكَ كل مَا نسبته إِلَيْهِ وَاعْلَم أَن
الِاسْم إِذا كَانَت فِيهِ يَاء قبل آخِره، وَكَانَت الْيَاء سَاكِنة،
فحذفها جَائِز؛ لِأَنَّهَا حرف ميت، وَآخر الِاسْم ينكسر لياء
الْإِضَافَة، فتجتمع ثَلَاث ياءات مَعَ الكسرة، فحذفوا الْيَاء الساكنة
لذَلِك وسيبويه وَأَصْحَابه يَقُولُونَ: إِثْبَاتهَا هُوَ الْوَجْه
وَذَلِكَ قَوْلك فى النّسَب إِلَى سليم: سلمى، وَإِلَى ثَقِيف: ثقفى،
وَإِلَى قُرَيْش: قرشى
(3/133)
وإثباتها كَقَوْلِك فى نمير: نميرى، وقشير:
قشيرى /، وَعقيل: عقيلى، وَتَمِيم: تميمى فَإِن كَانَت هَاء
التَّأْنِيث فى الِاسْم فَالْوَجْه حذف الْيَاء؛ لما يدْخل الْهَاء من
الْحَذف والتغيير وَذَلِكَ قَوْلك فى ربيعَة: ربعى، وفى حنيفَة: حنفى،
وفى جذيمة: جذمى، وفى ضبيعة ضبعى فَأَما قَوْلهم فى الخريبة: خريبى،
وفى السليقة: سليقى فَهَذَا بِمَنْزِلَة الذى يبلغ بِهِ الأَصْل؛
نَحْو: لححت عينه، و {استحوذ عَلَيْهِم الشَّيْطَان} وَالْوَجْه مَا
ذكرت لَك فَإِن كَانَت الْيَاء متحركة لم تحذف وَذَلِكَ قَوْلك فى
حمير: حميرى، وفى عثير: عثيرى
(3/134)
(هَذَا بَاب النّسَب إِلَى كل اسْم قبل
آخِره يَاء مُشَدّدَة)
وَاعْلَم أَنه لابد من حذف إِحْدَى الياءين؛ لِاجْتِمَاع الياءات
والكسرة والتى تحذفها المتحركة؛ لِأَنَّهَا لَو بقيت للزمها الْقلب
والتغيير فَأَما الْقلب فلانفتاح مَا قبلهَا، وَأما التَّغْيِير
فلاجتماع الحركات مَعَ الْحُرُوف المعتلة فَلَو شِئْت لأسكنت وَذَلِكَ
قَوْلك فى النّسَب / إِلَى أسيد: أسيدى، وَإِلَى هَين: هينى، وَإِلَى
ميت: ميتى لَا يكون إِلَّا ذَلِك وَقد كَانَ يجوز التَّخْفِيف من قبل
يَاء النّسَب استثقالا للإدغام فى حُرُوف اللين، فَلَمَّا توالت
الياءات والكسرة لم يكن إِلَّا التَّخْفِيف فَأَما التَّخْفِيف الأول
فَهُوَ قَوْلك فِي ميت وَكَذَلِكَ فِي سيد سيد وَفِي هَين هَين ولين
لين وَيلْزم التَّخْفِيف بَاب صيرورة، وقيدودة، وكينونة، لِكَثْرَة
الْعدَد وَلَوْلَا التَّخْفِيف لَكَانَ كينونة، وصيرورة؛ لِأَنَّهَا
فيعلولة فَإِن قَالَ قَائِل: فَمَا أنْكرت أَن يكون فعلولة؟ قيل لَهُ:
لَو كَانَت فعلولة لخالفت؛ لِأَن هَذَا الْبناء لَا يكون إِلَّا مضموم
الأول، وَكنت تَقول: كونونة، وقودودة؛ لِأَنَّهَا من الْقود، والكون؛
أَلا ترى أَن (ميت) لَو كَانَ (فعل) لَكَانَ موت؛ لِأَنَّهُ من
الْوَاو، وَلكنه مَحْذُوف من فيعل فَهَذَا أَمر وَاضح
(3/135)
(هَذَا بَاب مَا كَانَ على ثَلَاثَة أحرف
مِمَّا آخِره حرف لين)
اعْلَم أَن مَا كَانَ من ذَلِك على فعل فَإِن الْألف مبدلة من يائه أَو
واوه وَذَلِكَ قَوْلك: رَحا، وَقفا، وعصا: أعلم أَن النّسَب إلة مَا
كَانَ من الْيَاء كالنسب إِلَى مَا كَانَ من الْوَاو وَذَلِكَ أَنَّك
تقلب هَذِه الْألف واوا من أَي الباببين كَانَت تَقول فِي قفا قفوى
وَفِي عَصا عصوى، وَكَذَلِكَ حَصى، ورحى تَقول: حصوى، ورحوى وَإِنَّمَا
قلبت الْألف المنقلبة من الْيَاء واوا؛ لكراهيتك اجْتِمَاع الياءات
والكسرات، فَصَارَ اللَّفْظ فى النّسَب إِلَى الْمَقْصُور الذى على
ثَلَاثَة أحرف وَاحِدًا وَكَذَلِكَ إِن كَانَ على فعل؛ نَحْو: عَم، وشق
ذهبت بِهِ فى النّسَب إِلَى (فعل) فَقلت: عموى، وشقوى، وفى النّسَب
إِلَى الشجى: شجوى؛ فَإِنَّمَا فعلت ذَلِك كَرَاهِيَة لِاجْتِمَاع
الياءات والكسرات وَأَنت فى غير المعتل كنت تفعل ذَلِك كَرَاهِيَة
لتوالى الكسرتين والياءين فَهَذَا هَاهُنَا أوجب
(3/136)
فَأَما غير المعتل فنحو قَوْلك فى النمر:
نمرى، وفى شقر: شقرى؛ أَلا ترى أَنَّك قد سويت بَين (فعل) ، / و (فعل)
فَلَو كَانَ مَكَان الكسرة ضمة لم تغيره؛ لِأَنَّهُ لم يتوال مَا تكره
وَذَلِكَ قَوْلك فى سمر: سمرى لَا غير فَإِن كَانَ على (فعل) و (فعل)
جرى مجْرى غير المعتل وَذَلِكَ أَنه يسكن مَا قبل آخِره فَيَقَع
عَلَيْهِ الْإِعْرَاب كَمَا يَقع على غير المعتل وَذَلِكَ قَوْلك:
هَذَا ظبى، ودلو، ونحى، وجرو فَاعْلَم على هَذَا يجرى جَمِيع هَذَا
فَإِذا نسبت إِلَيْهِ قلت: ظَبْي ونحي، وَكَذَلِكَ إِن لحقت شَيْئا
مِنْهُ الْهَاء؛ لِأَن يَاء النّسَب تعاقب هَاء التَّأْنِيث فَكل مَا
نسبت إِلَيْهِ فالهاء ملغاة مِنْهُ، فَكَأَنَّهُ لم تكن هَاء أَلا ترى
أَنَّك تَقول فى النّسَب إِلَى طَلْحَة: طلحى، وَإِلَى حمد: حمدى
فَأَما قَول يُونُس فى النّسَب إِلَى ظَبْيَة: ظبوى فَلَيْسَ بشئ
إِنَّمَا القَوْل مَا ذكرت لَك
(3/137)
فَإِن كَانَت الْيَاء شَدِيد أَصْلِيَّة
فَإِن النّسَب على ضَرْبَيْنِ: الْأَحْسَن فى النّسَب إِلَى حَيّ: حيوى
تحرّك مَا قبل الْيَاء الثَّانِيَة؛ لتقبلها ألفا، فَإِنَّهَا إِذا
كَانَت كَذَلِك انقلبت واوا / فى النّسَب، وَإِن تركت على حَالهَا
جَازَ، وَفِيه قبح؛ لِاجْتِمَاع أَربع ياءات مَعَ الكسرة وَذَلِكَ
قَوْلك: حيى وَمن قَالَ: حيوى قَالَ فى النّسَب إِلَى لية - وَهُوَ
الْمصدر من لويت -: لووى؛ لِأَنَّهَا لوية فى الأَصْل فَلَمَّا زَالَ
الْإِدْغَام أظهرت الْوَاو فَإِن كَانَت الْيَاء زَائِدَة مثقله فَلَا
اخْتِلَاف فى حذفهَا لياء النّسَب وَذَلِكَ قَوْلك فى النّسَب إِلَى
بختى: بختى فَاعْلَم، وَإِلَى بخاتى: بخاتى فتصرف؛ لِأَن الْيَاء
الظَّاهِرَة يَاء النّسَب فَإِنَّمَا وَجب حذف هَاتين الياءين ليائى
الْإِضَافَة؛ لِأَن ياءى الْإِضَافَة تعاقب هَاء التَّأْنِيث، فَتَقول
فى النّسَب إِلَى طلح: طلحه، وَإِلَى حَنْظَلَة: حنظلى وَإِنَّمَا
عَاقبَتهَا؛ لِأَنَّهُ يُؤْتى بهَا زَائِدَة فى الِاسْم بعد الْفَرَاغ
من تَمَامه، فَإِنَّهُمَا يحلان محلا وَاحِدًا أَلا ترى أَنَّك تَقول
تَمْرَة، وتمر، وبرة وبر، فَلَا يكون بَين الْوَاحِد وَالْجمع إِلَّا
الْهَاء
(3/138)
وَتقول على هَذَا: زنجى وزنج ورومى، وروم،
فَلَا يكون بَينهمَا إِلَّا الْيَاء المشدد؛ فَلذَلِك حلتا محلا
وَاحِدًا فَلَمَّا كَانَت الْهَاء تحذف لياء النّسَب / كَانَ حذف
الْيَاء لَهَا وَاجِب؛ لِأَنَّك لَو أقررتها كنت تجمع بَين أَربع ياءات
مَعَ الْعلَّة الَّتِى ذكرنَا من مضارعة الْهَاء فعلى هَذَا فأجر هَذَا
الْبَاب
(3/139)
(هَذَا بَاب الْإِضَافَة إِلَى الِاسْم
الذى يكون آخِره يَاء مُشَدّدَة، والأخيرة لَام الْفِعْل)
اعْلَم أَنَّك إِذا نسبت إِلَى شئ من ذَلِك فَإِن الْوَجْه أَن تحذف من
الِاسْم الْيَاء الْخَفِيفَة الَّتِى كنت تحذفها من حنيفَة، وَثَقِيف،
فَإِذا فعلت ذَلِك انقلبت الْيَاء فِيهَا ألفا، ثمَّ انقلبت وَاو ليائى
النِّسْبَة؛ كَمَا تجب فى لامات الْفِعْل فَمن ذَلِك قَوْلك فى عدى:
عدوى؛ لِأَنَّك لما حذفت الْيَاء الَّتِى تزيد فى (فعيل) صَارَت (عد)
فَاعْلَم على وزن عَم، فَذَهَبت بِفعل إِلَى فعل لما ذكرت لَك قبل
هَذَا الْبَاب، فَقلت: عدوى؛ كَمَا قلت: عموى وَمثل ذَلِك النّسَب
إِلَى أُميَّة تَقول: أموى تحذف يَاء التصغير، فَيصير كَأَنَّك نسبت
إِلَى (فعل) وَكَذَلِكَ قصى تَقول فى النّسَب إِلَيْهِ: قصوى / فعلى
مَا ذكرت لَك فأجر هَذَا الْبَاب
(3/140)
(هَذَا بَاب النّسَب إِلَى الْمُضَاف من
الْأَسْمَاء)
اعْلَم أَن الْإِضَافَة على ضَرْبَيْنِ: أَحدهمَا: مَا يكون الأول
مَعْرُوفا بالثانى؛ نَحْو قَوْلك: هَذِه دَار عبد الله، وَغُلَام زيد،
فَإِن نسبت إِلَى شئ من هَذَا فَالْوَجْه أَن تنْسب إِلَى الثانى؛
لِأَن الأول إِنَّمَا صَار معرفَة بِهِ وَذَلِكَ قَوْلك فى ابْن
الزبير: زبيرى، وفى غُلَام زيد: زيدى وَالْوَجْه الآخر فى الْإِضَافَة:
أَن يكون الْمُضَاف وَقع علما، والمضاف إِلَيْهِ من تَمَامه، فالباب
النّسَب إِلَى الأول، وَذَلِكَ قَوْلك فى عبد الْقَيْس: عبدى،
وَكَذَلِكَ إِن نسبت إِلَى رجل من عبد الدَّار: عبدى، وَكَذَلِكَ إِن
نسبت إِلَى أَبى عبد الله بن دارم
(3/141)
وَقد تشقق الْعَرَب من الاسمين اسْما
وَاحِدًا لاجتناب اللّبْس؛ وَذَلِكَ لِكَثْرَة مَا يَقع (عبد) فى
أسماهم مُضَافا فَيَقُولُونَ فى النّسَب إِلَى عبد الْقَيْس: عبقسى،
وَإِلَى عبد الدّرّ: عبدرى، وَإِلَى عبد شمس: عبشمى وَالْوَجْه مَا
ذكرت لَك أَولا وَإِنَّمَا فعل هَذَا لعِلَّة اللّبْس
(3/142)
(هَذَا بَاب الْإِضَافَة إِلَى الاسمين
اللَّذين يجعلان اسْما وَاحِد)
اعْلَم أَنَّك إِذا نسبت إِلَى اسْمَيْنِ قد جعلا اسْما وَاحِدًا
فَإِنَّمَا النّسَب إِلَى الصَّدْر مِنْهُمَا وَذَلِكَ قَوْلك فى
النّسَب إِلَى بعلبك: بعلى، وَإِلَى حَضرمَوْت: حضرى، وَإِلَى رام
هُرْمُز: رامى وَقد يجوز أَن تشتق مِنْهُمَا اسْما يكون فِيهِ من
حُرُوف الاسمين؛ كَمَا فعلت ذَلِك فى الْإِضَافَة وَالْوَجْه مَا بدأت
بِهِ لَك وَذَلِكَ قَوْلك فى النّسَب إِلَى حَضرمَوْت: حضرمى؛ كَمَا
قلت فى عبد الشَّمْس، وَعبد الدَّار: عبشمى، وعبدرى
(3/143)
(هَذَا بَاب مَا يَقع فى النّسَب
بِزِيَادَة لما فِيهِ من الْمَعْنى الزَّائِد على معنى النّسَب)
وَذَلِكَ قَوْلك فى الرجل تنسبه إِلَى أته طَوِيل اللِّحْيَة: لحيانى،
وفى طَوِيل الجمة: جمانى، وفى طَوِيل الرَّقَبَة: رقبانى، وفى كثير
الشّعْر: شعرانى؛ فَإِنَّمَا زِدْت لما أَخْبَرتك بِهِ من الْمَعْنى
فَإِن نسبت رجلا إِلَى رَقَبَة، أَو شعر، أَو جمة / قلت: جمى، وشعرى،
ورقبى، لِأَنَّك تزيد فِيهِ مَا تزيد فى النّسَب إِلَى زيد، وَعَمْرو
(3/144)
وَاعْلَم أَن أَشْيَاء قد نسب إِلَيْهَا
على غير الْقيَاس للبس مرّة، وللاستثقال أُخْرَى، وللعلاقة أُخْرَى
وَالنّسب إِلَيْهَا على الْقيَاس هُوَ الْبَاب فَمن تِلْكَ الْأَشْيَاء
قَوْلهم فى النّسَب إِلَى زبينة: زبانى وَإِنَّمَا الْوَجْه زنبى؛
كَقَوْلِك فى حنيفَة: حنفى، وفى ربيعَة: ربعى، وَلَكنهُمْ أبدلوا
الْألف من الْيَاء؛ كَمَا قَالُوا فى بقى: بقا، وفى رضى: رضَا وَالْبدل
كثير فى الْكَلَام، وَهُوَ مشروح فى بَاب التصريف وَمن ذَلِك قَوْلهم
فى النّسَب إِلَى الشَّام، واليمن: يمَان يَا فَتى، وشآم يَا فَتى،
فَجعلُوا الْألف بَدَلا من إِحْدَى الياءين وَالْوَجْه يمنى، وشامى
وَمن قَالَ: يمانى فَهُوَ كالنسب إِلَى مَنْسُوب، وَلَيْسَ بِالْوَجْهِ
وَقَالُوا فى النّسَب إِلَى تهَامَة: تهامى فَاعْلَم، وَمن أَرَادَ
الْعِوَض غير، فَفتح التَّاء، وَجعل تهَامَة على وزن يمن فتقديره: تهم
فَاعْلَم، وَيُقَال فى النّسَب إِلَيْهِ تهام فَاعْلَم ففتحة التَّاء
تبين لَك أَن الِاسْم قد / غير عَن حَده
(3/145)
وكل شئ سميته باسم من هَذِه، فنسبت
إِلَيْهِ لم يكن إِلَّا على الْقيَاس أَلا ترى أَنَّك تَقول: تقية،
وتكأة فتبدل التَّاء من الْوَاو، وَلَو بنيت من هَذَا شَيْئا اسْما
لحذفت التَّاء وَردت الْوَاو؛ لِأَنَّهَا الأَصْل فالبدل يَقع لمعان فى
أَشْيَاء ترد إِلَى أُصُولهَا، فَهَذَا مَا ذكرت لَك وَقد قَالُوا فى
النّسَب إِلَى الْبَصْرَة: بصرى، فالكسر من أجل الْيَاء، وَالْوَجْه:
بصرى، وَلَو سميت شَيْئا الْبَصْرَة فنسبت إِلَيْهِ لم تقل إِلَّا:
بصرى وَهُوَ أَجود الْقَوْلَيْنِ فى النّسَب قبل التَّسْمِيَة
وَكَذَلِكَ قَوْلهم فى الذى قد أَتَى عَلَيْهِ الدَّهْر: دهرى؛ ليفصلوا
بَينه وَبَين من يَرْجُو الدَّهْر، ويخافه، وَالْقِيَاس: دهرى فى
جَمِيعهَا فَكل مَا كَانَ على نَحْو مِمَّا ذكرت لَك فالتسمية ترده
إِلَى الْقيَاس
(3/146)
|