المقتضب (هَذَا بَاب مَا يجرى وَمَا لَا يجْرِي /
بتفصيل أبوابه وَشرح مَعَانِيه وَاخْتِلَاف الْأَسْمَاء وَمَا الأَصْل
فِيهَا؟ اعْلَم أَن التَّنْوِين فى الأَصْل للأسماء كلهَا عَلامَة
فاصلة بَينهَا وَبَين غَيرهَا، وَأَنه لَيْسَ للسَّائِل أَن يسْأَل: لم
انْصَرف الِاسْم؟ فَإِنَّمَا الْمَسْأَلَة عَمَّا لم ينْصَرف: مَا
الْمَانِع لَهُ من الصّرْف؟ وَمَا الذى أزاله عَن منهاج مَا هُوَ اسْم
مثله؛ إِذْ كَانَا فى الاسمية سَوَاء؟ ونفسر ذَلِك بِجَمِيعِ مَعَانِيه
إِن شَاءَ الله اعْلَم أَن كل مَا لَا ينْصَرف مضارع بِهِ الْفِعْل،
وَإِنَّمَا تَأْوِيل قَوْلنَا: لَا ينْصَرف، أى: لَا يدْخلهُ خفض وَلَا
تَنْوِين لِأَن الْأَفْعَال لَا تنخفض وَلَا تنون؛ فَلَمَّا أشبههَا،
جرى مجْراهَا فى ذَلِك وَشبهه بهَا يكون فى اللَّفْظ، وَيكون فى
الْمَعْنى، بأى ذين أشبههَا وَجب أَن يتْرك صرفه؛ كَمَا أَنه مَا أشبه
الْحُرُوف الَّتِى جَاءَت لِمَعْنى من الْأَسْمَاء فمتروك إعرابه؛ إِذْ
كَانَت الْحُرُوف لَا إِعْرَاب فِيهَا وَهُوَ الذى يُسَمِّيه النحويون
/ المبنى فمما لَا ينْصَرف: كل اسْم فى أَوله زِيَاد من زَوَائِد
الْأَفْعَال يكون بهَا على مِثَال الْفِعْل فَمن ذَلِك أكلب، وَأحمد،
وإثمد، وإصبع؛ لِأَن مَا كَانَ من هَذَا على أفعل فَهُوَ بِمَنْزِلَة:
أذهب وَأعلم، وَمَا كَانَ مِنْهَا على أفعل فَهُوَ بِمَنْزِلَة: أضْرب،
وأجلس، وَمَا كَانَ مِنْهَا على مِثَال إثمد
(3/309)
فَهُوَ بمنزل اضْرِب فى الْأَمر، وكل مَا
لم نذْكر فى هَذَا الْبَاب فعلى هَذَا منهاجه فَمن ذَلِك تنضب، وتتفل؛
لِأَنَّهُمَا على مِثَال تقعد، وَتقتل وسنفسر مَا يلْحق هَذِه
الْحُرُوف زَوَائِد وَمَا يكون مِنْهُ من نفس الْحَرْف إِن شَاءَ الله
(3/310)
(هَذَا بَاب (أفعل))
اعْلَم أَن مَا كَانَ من (أفعل) نعتا فَغير منصرف فى معرفَة وَلَا
نكرَة، وَذَلِكَ: أَحْمَر وأخضر، وأسود وَإِنَّمَا امْتنع هَذَا
الضَّرْب من الصّرْف فى النكرَة؛ لِأَنَّهُ أشبه الْفِعْل من
وَجْهَيْن: أَحدهمَا: أَنه على وَزنه / والثانى: أَنه نعت؛ كَمَا أَن
الْفِعْل نعت أَلا ترى أَنَّك تَقول: مَرَرْت بِرَجُل يقوم وَمَعَ
هَذَا أَن النَّعْت تَابع للمنعوت كاتباع الْفِعْل الِاسْم فَإِن كَانَ
اسْما انْصَرف فى النكرَة؛ لِأَن شبهه بِالْفِعْلِ من جِهَة وَاحِدَة،
وَذَلِكَ نَحْو: أفكل، وَأحمد، تَقول: مَرَرْت بِأَحْمَد، وَأحمد آخر
فَإِن قَالَ قَائِل: مَا بَال أَحْمد مُخَالفا لأحمر؟ قيل: من قبل أَن
أَحْمد، وَمَا كَانَ مثله لَا يكون نعتا إِلَّا أَن يكون مَعَه (من
كَذَا) فَإِن ألحقت بِهِ (من كَذَا) لم ينْصَرف فى معرفَة وَلَا نكرَة؛
لِأَنَّهُ قد صَار نعتا كأحمر وَذَلِكَ قَوْلك: مَرَرْت بِرَجُل أَحْمد
من عبد الله، وَأكْرم من زيد وكل مَا سميت بِهِ من الْأَفْعَال
(3/311)
لم ينْصَرف فِي الْمعرفَة، وَانْصَرف فى
النكرَة، نَحْو: يزِيد، ويشكر، وَيضْرب، وَنَحْوه أَو كَانَ اسْما
تَقول: مَرَرْت بِيَزِيد، وَيزِيد آخر فَإِن قَالَ قَائِل: مَا باله
انْصَرف فى النكرَة، وَهُوَ فعل فى الأَصْل، وَقد ذكرت أَن مَالا
ينْصَرف إِنَّمَا امْتنع بشبهه بِالْفِعْلِ، وأحمر / وَمَا كَانَ مثله
لَا ينْصَرف فى معرفَة وَلَا نكرَة، وهى أَسمَاء؟ قيل لَهُ: إِن
(أَحْمَر) أشبه الْفِعْل وَهُوَ نكرَة، فَلَمَّا سميت بِهِ كَانَ على
تِلْكَ الْحَال، فَلَمَّا رَددته إِلَى النكرَة رَددته إِلَى حَال قد
كَانَ فِيهَا لَا ينْصَرف؛ فَلذَلِك خَالفه هَذَا قَول النَّحْوِيين،
وَلست أرَاهُ كَمَا قَالُوا أرى إِذا سمى بأحمر، وَمَا أشبهه، ثمَّ نكر
لِأَن ينْصَرف؛ لِأَنَّهُ امْتنع من الصّرْف فى النكرَة؛ لِأَنَّهُ
نعت، فَإِذا سمى بِهِ فقد أزيل عَنهُ بَاب النَّعْت، فَصَارَ
بِمَنْزِلَة (أفعل) الذى لَا يكون نعتا، وَهَذَا قَول أَبى الْحسن
الْأَخْفَش، وَلَا أرَاهُ يجوز فى الْقيَاس غَيره
(3/312)
وكل مَا لَا ينْصَرف إِذا أدخلت فِيهِ ألفا
وَلَا مَا، أَو أضفته انخفض فى مَوضِع الْخَفْض؛ لِأَنَّهَا أَسمَاء
امْتنعت من التَّنْوِين والخفض؛ لشبهها بالفعال، فَلَمَّا أضيفت
وَأدْخل عَلَيْهَا الْألف وَاللَّام باينت الْأَفْعَال، وَذهب شبهها /
بهَا؛ إِذْ دخل فِيهَا مَالا يكون فى الْفِعْل، فَرَجَعت إِلَى الاسمية
الْخَالِصَة، وَذَلِكَ قَوْلك: مَرَرْت بالأحمر يَا فَتى، ومررت
بأسودكم
(3/313)
(هَذَا بَاب مَا يُسمى بِهِ من الْأَفْعَال
وَمَا كَانَ على وَزنهَا)
اعْلَم [أَنَّك] إِذا سميت رجلا بشئ من الْفِعْل لَيست فى أَوله
زِيَادَة، وَله مِثَال فى الْأَسْمَاء، فَهُوَ منصرف فى الْمعرفَة،
والنكرة فَمن ذَلِك: ضرب، وَمَا كَانَ مثله، وَكَذَلِكَ: علم، وكرم،
وبابهما؛ لِأَن (ضرب) على مِثَال: جمل، وَحجر، (علم) على مِثَال: فَخذ،
وكرم على مِثَال: رجل، وعضد وَكَذَلِكَ مَا كثر عدته، وَكَانَ فِيهِ
هَذَا الشَّرْط الذى ذكرنَا فَمن ذَلِك: [دحرج؛ لِأَن مِثَاله] :
جَعْفَر، وحوقل؛ لِأَن مِثَال كوثر، والملحق بِالْأَصْلِ بِمَنْزِلَة
الأصلى فَإِن سميت بِفعل لم تسم فَاعله - لم تصرفه؛ لِأَنَّهُ على
مِثَال لَيست عَلَيْهِ الْأَسْمَاء، وَذَلِكَ نَحْو: ضرب، ودحرج،
وبوطر، إِلَّا أَن يكون مُعْتَلًّا أَو مدغما؛ فَإِنَّهُ إِن كَانَ /
كَذَلِك خرج إِلَى بَاب الْأَسْمَاء، وَذَلِكَ نَحْو: قيل، وَبيع، ورد،
وَمَا كَانَ مثلهَا؛ لِأَن (رُدَّ) بِمَنْزِلَة كرّ، وَبرد،
وَنَحْوهمَا، وَقيل بِمَنْزِلَة فيل، وديك وَكَذَلِكَ إِن سميت بِمثل
قطع، وَكسر - لم ينْصَرف فى المعرفه على؛ لِأَن الْأَسْمَاء لَا تكون
على (فعل)
(3/314)
فَإِن قلت: قد جَاءَ مثل (بقم) ، فَإِنَّهُ
أعجمى وَلَيْسَت الْأَسْمَاء الأعجمية بأصول إِنَّمَا دَاخِلَة على
الْعَرَبيَّة فَأَما قَوْلهم: (خضم) للعنبر بن عَمْرو بن تَمِيم -
فَإِنَّمَا هُوَ لقب لِكَثْرَة أكلهم وخضم بعد إِنَّمَا هُوَ فعل وَلَو
سميت رجلا ضَارب، أَو ضَارب من قَوْلهم: ضَارب زيدا إِذا أَمرته
انْصَرف؛ لِأَن ضَارب بِمَنْزِلَة ضَارب الذى هُوَ اسْم، وضارب
بِمَنْزِلَة خَاتم، فعلى هَذَا يجرى مَا ينْصَرف وَمَا لَا ينْصَرف
فَأَما مَا كَانَ فِيهِ زِيَادَة من زَوَائِد الْأَفْعَال الْأَرْبَع:
الْهمزَة، وَالْيَاء، وَالتَّاء، وَالنُّون، فَكَانَ بهَا على مِثَال
الْفِعْل - فقد قُلْنَا فِيهِ، وسنقول فى شَرحه، وَمَا يحكم عَلَيْهِ
مِنْهَا بِالزِّيَادَةِ، وَإِن لم يكن لَهُ فعل، وَمَا يحكم بِأَنَّهُ
أصلى حَتَّى يتَبَيَّن أما مَا كَانَت الْهمزَة / فى أَوله، وَالْيَاء
- فَحكمه أَن تَكُونَا فِيهِ زائدتين إِذا كَانَت حُرُوفه الثَّلَاثَة
أَصْلِيَّة؛ لِأَنَّك لم تشتق من هَذَا شيا إِلَّا أوضح لَك أَنَّهُمَا
فِيهِ زائدتان، فحكمت بِمَا شاهدت مِنْهُ على مَا غَابَ عَنْك وَذَلِكَ
نَحْو: أفكل، وأيدع، ويرمع؛ لِأَنَّك لم تَرَهَا فى مثل أَحْمَر،
وأصفر، وأخضر، وَلَا فِيمَا كَانَ لَهُ فعل إِلَّا زَائِد، وَكَذَلِكَ
الْيَاء؛ لِأَنَّك
(3/315)
لم تَرَهَا فى مثل اليعملة وَمَا كَانَ
نَحْوهَا إِلَّا زَائِدَة؛ لِأَن أَحْمَر من الْحمر، وَكَذَلِكَ
أَخْضَر، وأسود، ويعملة من الْعَمَل فَأَما (أولق) فَإِن فِيهِ حرفين
من حُرُوف الزِّيَادَة: الْهمزَة وَالْوَاو، فَعِنْدَ ذَلِك تحْتَاج
إِلَى اشتقاق؛ ليعلم أَيهمَا الزَّائِدَة؟ تَقول فِيهِ: ألق الرجل
فَهُوَ مألوق، فقد وضح لَك أَن الْهمزَة أصل وَالْوَاو زَائِدَة؛ لِأَن
الْهمزَة فى مَوضِع الْفَاء من الْفِعْل؛ فقد وضح لَك أَنَّهَا فوعل
وَكَذَلِكَ (أيصر؛ لِأَن فِيهِ يَاء، وهمزة فكلاهما من الْحُرُوف
الزَّوَائِد، فَجَمعه على إصار؛ فقد بَان لَك أَن / (أيصر) فيعل قَالَ
الْأَعْشَى:
(3/316)
(فَهَذَا يعد لَهُنَّ الخلى ... وَيجمع ذَا
بَينهُنَّ الإصارا)
فَأَما النُّون وَالتَّاء، فَيحكم بِأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا أصل
حَتَّى يجِئ أَمر يبين زيادتها فَمن ذَلِك قَوْلك: نهشل، ونهسر
الذِّئْب يدلك على أصليهما أَنَّك تَقول: نهشلت الْمَرْأَة ونهشل
الرجل: إِذا أسنا، وَقد وضح لَك أَنه بِمَنْزِلَة دحرج؛ لِأَن النُّون
أَصْلِيَّة وَكَذَلِكَ توأم إِنَّمَا هُوَ فوعل من أتأمت الْمَرْأَة
كَمَا تَقول: أكرمت
(3/317)
فَأَما (تَتْفُل) ، و (نرجس) فقد وضح لَك
أَن فيهمَا زائدتين؛ لِأَنَّهُمَا على مِثَال لَا تكون الْأَسْمَاء
عَلَيْهِ أَلا ترى أَنه لَيْسَ فى الْأَسْمَاء مثل جَعْفَر، وَلَا
جَعْفَر؛ فقد وضح لَك أَن تتفلا مثل تقتل فَلَو سميت بِهِ رجلا لم
تصرفه وَكَذَلِكَ نرجس بِمَنْزِلَة نضرب فَهَذَا حكمه فَأَما من قَالَ:
تَتْفُل فَإِنَّهُ يصرف إِن سمى بِهِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ على مِثَال
لَا يكون الْفِعْل عَلَيْهِ؛ لَيْسَ فى الْأَفْعَال تفعل أَلا ترى أَن
الزِّيَادَة لَا تمنع الصّرْف / من الْأَسْمَاء إِلَّا مَا كَانَ
مِنْهَا على وزن الْأَفْعَال فَمَا كَانَ فى أَوله زِيَادَة لَيْسَ
هُوَ بهَا على وزن الْأَفْعَال فَهُوَ مَصْرُوف وَذَلِكَ نَحْو:
يَرْبُوع، وتعضوض، وَطَرِيق أسلوب؛ لِأَن الْأَفْعَال لَا تكون
عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ إسكاف، وَفِيمَا قُلْنَا دَلِيل على مَا يرد
عَلَيْك إِن شَاءَ الله
(3/318)
(هَذَا بَاب مَا ينْصَرف ومالا ينْصَرف
مِمَّا سميت بِهِ مذكرا من الْأَسْمَاء الْعَرَبيَّة)
اعْلَم أَن كل مَالا ينْصَرف من مُذَكّر أَو مؤنث، عربى أَو عجمى، قلت
حُرُوفه أَو كثرت فى الْمعرفَة - فَإِنَّهُ ينْصَرف فى النكرَة، إِلَّا
خَمْسَة أَشْيَاء فَإِنَّهَا لَا تَنْصَرِف فى معرفَة، وَلَا نكر
فَمِنْهَا: مَا كَانَ من (أفعل) صفة؛ نَحْو: أَخْضَر، وأحمر وَمَا
كَانَ من (فعلان) الذى لَهُ (فعلى) ؛ نَحْو: سَكرَان، وسكرى، وعطشان
وعطشى، وغضبان وغضبى، وَسَنذكر علته فى مَوْضِعه إِن شَاءَ الله وَمَا
كَانَ فِيهِ ألف التَّأْنِيث مَقْصُورا كَانَ أَو ممدودا / فالمقصور؛
نَحْو: سكرى وغضبى والممدود؛ نَحْو: حَمْرَاء، وصفراء، وصحراء وَمَا
كَانَ من الْجمع على مِثَال لَا يكون عَلَيْهِ الْوَاحِد؛ نَحْو:
مَسَاجِد، وقناديل، ورسائل وَمَا كَانَ معدولا فى حَال النكرَة؛ نَحْو:
مثنى، وَثَلَاث، وَربَاع فَإِذا سميت مذكرا باسم عربى فَهُوَ مَصْرُوف
إِلَّا أَن يمنعهُ أحد هَذِه الْمَوَانِع الَّتِى وصفت، أَو مَا أذكرهُ
لَك مِمَّا يُوجب ترك الصّرْف فى الْمعرفَة، إِلَّا المعدول فَإِن لَهُ
حكما آخر إِذا سمى بِهِ نذكرهُ إِن شَاءَ الله فَمن ذَلِك أَن تسميه
بمؤنث فِيهَا هَاء التَّأْنِيث فَإِنَّهُ لَا ينْصَرف فى الْمعرفَة،
وينصرف فى النكرَة وَإِنَّمَا مَنعه من الصّرْف فى الْمعرفَة علم
التَّأْنِيث الذى فِيهِ وَذَلِكَ نَحْو رجل سميته حمدة، أَو طَلْحَة،
أَو نَحْو ذَلِك وَقد تقدم قَوْلنَا: إِن كل مَا كَانَ فِيهِ الْهَاء،
مؤنثا كَانَ أَو مذكرا، عَرَبيا كَانَ أَو أعجميا لم ينْصَرف فى
الْمعرفَة، وَانْصَرف فى النكرَة
(3/319)
فَإِن قَالَ قَائِل: مَا باله ينْصَرف فى
النكرَة وَمَا كَانَت فِيهِ ألف التَّأْنِيث لَا ينْصَرف فى معرفَة،
وَلَا نكرَة؟ قيل: إِن الْفَصْل بَينهمَا أَن مَا كَانَ فِيهِ الْهَاء
فَإِنَّمَا لحقته / بِنَاؤُه بِنَاء الْمُذكر؛ نَحْو قَوْلك: جَالس؛
كَمَا تَقول: جالسة، وقائم ثمَّ تَقول: قَائِمَة فَإِنَّمَا تخرج إِلَى
التَّأْنِيث من التَّذْكِير، وَالْأَصْل التَّذْكِير وَمَا كَانَت
فِيهِ الْألف فَإِنَّمَا هُوَ مَوْضُوع للتأنيث على غير تذكر خرج
مِنْهُ فَامْتنعَ من الصّرْف فى الْمَوْضِعَيْنِ؛ لبعده من الأَصْل
أَلا ترأن حَمْرَاء على غير بِنَاء أَحْمَر، وَكَذَلِكَ عطشى على غير
بِنَاء عطشان وَمَا كَانَ مؤنثا لَا عَلامَة فِيهِ سميت بِهِ مذكرا،
وَعدد حُرُوفه ثَلَاثَة أحرف فَإِنَّهُ ينْصَرف إِذا لم تكن فِيهِ هَاء
التَّأْنِيث، تحركت حُرُوفه أَو سكن ثَانِيهَا وَذَلِكَ نَحْو: دعد،
وشمس، وَقدم، وَقفا فِيمَن أنثها إِن سميت بشئ من هَذَا رجلا انْصَرف
وَكَذَلِكَ كل مُذَكّر سوى الرجل فَإِن كَانَ على أَرْبَعَة أحرف
فَصَاعِدا وَمَعْنَاهُ التَّأْنِيث لم ينْصَرف فى الْمعرفَة، وَانْصَرف
فى النكرَة وَذَلِكَ نَحْو رجل سميته عقربا أَو عنَاقًا / أَو عقَابا
فَإِنَّهُ ينْصَرف فى النكرَة، وَلَا ينْصَرف فى الْمعرفَة وَإِنَّمَا
انْصَرف فى الثَّلَاثَة لخفته؛ لِأَن الثَّلَاثَة أقل أصُول
الْأَسْمَاء
(3/320)
وَكَذَلِكَ إِن كَانَ الِاسْم أعجميا أَلا
ترى أَن نوحًا، ولوطا مصروفان فى كتاب الله - تبَارك وَتَعَالَى - وهما
اسمان أعجميان، وَأَن قَارون، وَفرْعَوْن غير مصروفين للعجمة،
وَكَذَلِكَ إِسْحَق، وَيَعْقُوب، وَنَحْوهمَا، وَنَذْكُر هَذَا فى بَاب
الأعجمية إِن شَاءَ الله فَأَما صَالح وَشُعَيْب، فاسمان عربيان،
وَكَذَلِكَ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ فَكل مَا اشتققته،
فَرَأَيْت لَهُ فعلا، أَو كَانَت عَلَيْهِ دلَالَة بِأَنَّهُ عربى،
وَلم يمنعهُ من الصّرْف تَأْنِيث، وَلَا عجمة، وَلَا زِيَاد من
زَوَائِد الْفِعْل تكون بهَا على مِثَاله، وَلَا أَن يكون على مِثَال
الافعال، وَلَا عدل - فَهُوَ مَصْرُوف فى الْمعرفَة، والنكرة
(3/321)
(هَذَا بَاب مَا كَانَ من أٍ سَمَاء
الْمُذكر أَو سمى بِهِ مَا هُوَ على ثَلَاثَة أحرف)
/ اعْلَم أَن جَمِيع ذَلِك منصرف إِلَّا مَا استثنيناه مِمَّا فِيهِ
هَاء التَّأْنِيث؛ نَحْو: شَاة، وشية أَو تكون فِيهِ زَائِدَة يكون
بهَا على مِثَال الْفِعْل؛ نَحْو: يضع، ويزن أَو يكون معدولا نَحْو عمر
وَزفر أَو يكون على مِثَال لَا يكون إِلَّا للأفعال نَحْو: ضرب، وَقتل
فَأَما غير ذَلِك فمصروف
(3/322)
(هَذَا بَاب مَا كَانَ من هَذِه
الْأَسْمَاء على مِثَال فعل)
وَإِنَّمَا ذَكرْنَاهُ لنبين المعدول مِنْهُ من غَيره فَأَما مَا كَانَ
مِنْهُ نكرَة، وَيعرف بِالْألف وَاللَّام - فَهُوَ مَصْرُوف، وَاحِدًا
كَانَ أَو جمعا فالواحد؛ نَحْو: صرد، ونغر، وَجعل، وينصرف فى الْمعرفَة
والنكرة وَالْجمع، نَحْو: ثقب، وحفر، وَعمر: إِذا أردْت جمع عمْرَة،
وَكَذَلِكَ إِن كَانَ نعتا نَحْو: سكع، وختع، وحطم كَمَا قَالَ:
(قد لفها اللَّيْل بسواق حطم ... )
ولبد (وَهُوَ الْكثير) من قَول / الله عز وَجل: {أهلكت مَالا لبدا}
فَأَما مَا كَانَ مِنْهُ لم يَقع إِلَّا معرفَة؛ نَحْو: عمر، وَقثم،
ولكع - فَإِنَّهُ غير مَصْرُوف فى الْمعرفَة؛ لِأَنَّهُ الْموضع الذى
عدل فِيهِ أَلا ترى أَنَّك لَا تَقول: هَذَا القثم، وَلَا هَذَا
الْعُمر؛ كَمَا تَقول: هَذَا الْجعل، وَهَذَا النغر
(3/323)
(هَذَا بَاب مَا كَانَ من فعل)
وَاعْلَم أَنه مَا كَانَ على فعل غير معتل لم يكن إِلَّا فعلا،
وَكَذَلِكَ كل بِنَاء من الْفِعْل مَعْنَاهُ فعل إِذا كَانَ غير معتل؛
نَحْو: دحرج، واستخرج، وضورب فَإِن سميت من هَذَا رجلا لم تصرفه فى
الْمعرفَة؛ لِأَنَّهُ مِثَال لَا يكون للأسماء، وَإِنَّمَا هُوَ فِيهَا
مدْخل فَإِن كَانَ من ذَوَات الْوَاو وَالْيَاء، أَو مِمَّا يلْزمه
الْإِدْغَام، فَكَانَ ذَلِك مخرجا لَهُ إِلَى مِثَال الْأَسْمَاء -
انْصَرف فى الْمعرفَة، لِأَن الْمَانِع لَهُ قد فَارقه، / وَذَلِكَ
قَوْلك: قد قيل، وَبيع، ورد، وَشد إِذا أردْت مثل فعل؛ لِأَنَّهُ قد
خرج إِلَى مِثَال فيل، وديك؛ كَمَا خرج المدغم إِلَى مِثَال الْبر،
وَالْكر وَإِن كَانَ على مِثَال: أطيع، واستطيع، وقوول لم ينْصَرف فى
الْمعرفَة، وَكَذَلِكَ: احمور فى هَذَا الْمَكَان؛ لِأَنَّهُ لم يخرج
إِلَى مِثَال من أَمْثِلَة الْأَسْمَاء فَهَذَا جملَة هَذَا
(3/324)
|