المقتضب هَذَا بَاب إِيضَاح الملحقة وتبيين
الْفَصْل بَينهَا وَبَين غَيرهَا
تَقول فِيمَا كَانَ على أَرْبَعَة أحرف كلهَا أصل نَحْو جَعْفَر وجلجل
وقمطر وسبطر وجبرج وَدِرْهَم وَغير ذَلِك إِذا أردْت أَن تبلغ وَزنه
مَا أَصله الثَّلَاثَة فَقلت فِي مثل جَعْفَر جدول فالواو زَائِدَة
ألحقت الثَّلَاثَة بِبِنَاء الْأَرْبَعَة فَصَارَ جدول فِي وزن جَعْفَر
وَإِنَّمَا هُوَ من الجدل فَهَذِهِ الْوَاو زَائِدَة ألحقته بِهَذَا
الْمِثَال، فالواو مُلْحقَة
فَإِن قلت عَجُوز أَو رغيف أَو رِسَالَة فالياء وَالْوَاو وَالْألف
زَوَائِد ولسن بملحقات لِأَنَّهُنَّ لم يبلغن بِالثَّلَاثَةِ مِثَالا
من أَمْثِلَة الْأَرْبَعَة فَهَذَا الملحق وَمَا كَانَ مثله
وَمَا كَانَ من الزَّوَائِد لَا يبلغ بِالثَّلَاثَةِ مِثَالا من
أَمْثِلَة الْأَرْبَعَة والخمسة وَلَا يبلغ الْأَرْبَعَة مِثَال
الْخَمْسَة فَلَيْسَ بملحق
فسرحان مُلْحق بسرداح وَإِنَّمَا امْتنع من الصّرْف فِي الْمعرفَة
لِأَن فِي آخِره الزائدتين اللَّتَيْنِ فِي آخر غَضْبَان وَقد أشبهه من
هَذِه الْجِهَة
(4/3)
وحبنطى مُلْحق بسفرجل بالنُّون وَالْألف
وَإِنَّمَا مَنعه من الصّرْف فِي الْمعرفَة أَن آخِره كآخر حُبْلَى فِي
الزِّيَادَة فأشبهها من هَذِه الْجِهَة وَلَكِن الزَّوَائِد يكن كزوائد
حُبْلَى فَلذَلِك لم ينْصَرف فِي الْمعرفَة
فَإِن قلت مَا بَال حرباء وعلباء وقوباء ينصرفن فِي الْمعرفَة والنكرة
والزائدتان فِي آخر كل وَاحِد مِنْهَا كالزائدتين فِي آخر حَمْرَاء هلا
ترك صرفهن فِي الْمعرفَة كَمَا ترك صرف مَا ذكرنَا من الملحقات
فالفصل بَينهمَا أَن الْأَوَائِل الَّتِي وَصفنَا ألفاتها غير منقلبة
وألفات هَذِه منقلبة من ياءات قد باينت ألفات التَّأْنِيث لِأَن تِلْكَ
لَا تكون إِلَّا منقلبة من شَيْء فقد باينتها
وَالدَّلِيل على ذَلِك قَوْلهم درحاية إِنَّمَا هِيَ فعلاية فَلَو ذكرت
قلت درحاء كَمَا ترى كَقَوْلِك سقاء وغزاء يَا فَتى
أَلا ترى أَن النَّحْوِيين لَا يجيزون ترخيم رجل فِي النداء يُسمى
حبلوى فِي قَول من قَالَ يَا حَار فَرفع لِأَن الَّذِي يَقُول يَا حَار
لَا يعْتد بِمَا ذهب ويجعله اسْما على حياله
(4/4)
فَإِذا رخم حبلوى لزمَه أَن يَقُول يَا
حُبْلَى أقبل لِأَن الْوَاو تنْقَلب ألفا لفتحة مَا قبلهَا وَمِثَال
فعلى لَا يكون إِلَّا للتأنيث ومحال أَن تكون ألف التَّأْنِيث منقلبة
فقد صَار مؤنثا مذكرا فِي حَال فَلهَذَا ذكرت لَك أَنه محَال
(4/5)
هَذَا بَاب جمع الْأَسْمَاء المؤنثة بعلامة
التَّأْنِيث
إِذا وَقعت لمذكر أَو مؤنث فعلامات التَّأْنِيث الْألف فِيهَا
مَقْصُورا كَانَ أَو ممدودا فالمقصور نَحْو سكرى وغضبى وحبلى
والممدود نَحْو حَمْرَاء وصفراء وصحراء
وَمَا كَانَ بِالْهَاءِ فِي الْوَقْف كحمدة وَطَلْحَة
فَمَا كَانَ من هَذَا اسْما لامْرَأَة فَغير مُمْتَنع من الْألف
وَالتَّاء نَحْو حبليات وسكريات وحمراوات وصفراوات تبدل من الْألف
الَّتِي هِيَ طرف وَاو كَمَا تفعل فِي التَّثْنِيَة إِذا قلت حمراوان
وَلَو كَانَت أصلا لَكَانَ الأجود أَن تبدل مِنْهَا همزَة كَمَا كَانَ
فِي الْوَاحِد قبل أَن يثنى فَيكون مَا كَانَ مِنْهُ مبدلا من يَاء أَو
وَاو بِمَنْزِلَة الْهمزَة الْأَصْلِيَّة فَتَقول فِي كسَاء كساءان
وَفِي قراء قراءان فالهمزة فِي قراء أصل وَفِي كسَاء مبدلة وَكَذَلِكَ
سقاء وَمَا كَانَ مثله يجوز فِي هَذَا أجمع بدل الْوَاو
وَأما مَا كَانَ مثل علْبَاء وحرباء فبدل الْوَاو فِيهِ أَجود لِأَن
ألفيه زائدتان فهما يشبهان ألفي التَّأْنِيث من جِهَة الزِّيَادَة
وَأما مَا كَانَ مثل غزاء وسقاء فالإبدال فِيهِ جَائِز وَلَيْسَ كجوازه
فِي الأول لِأَن الهمزتين مبدلتان من يَاء أَو وَاو وهما أصلان
وَأما مَا كَانَ مثل قراء فقد يجوز هَذَا فِيهِ على قبح لِأَن الْهمزَة
أصل وَلَيْسَت بمبدلة من شَيْء
(4/6)
وَالْأَصْل فِي هَذَا أجمع أَنه كل مَا
كَانَ مذكرا من هَذَا الْبَاب فَالْوَجْه فِيهِ ثبات الْهمزَة فِي
التَّثْنِيَة
وَمَا كَانَت ألفا للتأنيث لم يجز إِلَّا الْقلب إِلَى الْوَاو
وَمَا كَانَت فِيهِ هَاء التَّأْنِيث الَّتِي وَصفنَا فسميت بِهِ
امْرَأَة أدخلت عَلَيْهَا فِي الْجمع الْألف وَالتَّاء فَتَقول حمدات
وطلحات
أما تَحْرِيك وَسطه فللفصل بَين الِاسْم والنعت وَهَذَا يذكر مُفَسرًا
فِي بَاب التصريف
وَأما حذف التَّاء الَّتِي كَانَت فِي الْوَاحِد فَلِأَن الْألف
وَالتَّاء إِنَّمَا دخلتا فِي الْجمع للتأنيث فَلَا يدْخل تَأْنِيث على
تَأْنِيث لِأَن هَذِه العلامات إِنَّمَا تدخل فِي الْمُذكر لتؤنثه
فحذفت التَّاء الَّتِي فِي حمدة وَأَخَوَاتهَا لدُخُول الْألف
وَالتَّاء اللَّتَيْنِ هما عَلامَة الْجمع
فَإِن سميت رجلا بِشَيْء فِيهِ ألف التَّأْنِيث فَأَرَدْت جمعه جمعته
بِالْوَاو وَالنُّون فَقلت فِي حَمْرَاء اسْم رجل إِذا حمعته حمراوون
وصفراوون وَفِيمَا كَانَ مثل حُبْلَى حبلون وسكرون
وَمَا كَانَ بِالْهَاءِ فَإنَّك تجمعه بِالْألف وَالتَّاء فَتَقول
طلحات وحمدات على مَا قلت فِي الْمُؤَنَّث
وعَلى هَذَا قلت طَلْحَة الطلحات
والفصل بَينهمَا أَن مَا كَانَ فِيهِ ألف التَّأْنِيث مَقْصُورَة أَو
ممدودة فَهِيَ لَازِمَة لَهُ لِأَنَّهَا لم تدخل على بِنَاء مُذَكّر
فَإِن قَالَ قَائِل كَيفَ يجوز دُخُول الْوَاو وَالنُّون على مَا فِيهِ
عَلامَة التَّأْنِيث وهما علامتا التَّذْكِير أفيكون مؤنثا مذكرا فِي
حَال؟
(4/7)
قيل لَهُ هَذَا محَال وَلَكِن الْألف لَا
تثبت وَإِنَّمَا يثبت مَا هُوَ بدل مِنْهَا
أَلا ترى أَنَّك تَقول فِي جمع حُبْلَى حبليات فَلَو كَانَت الْألف
ثَابِتَة لم يدْخل عَلَيْهَا علم التَّأْنِيث الَّذِي هُوَ للْجمع
كَمَا لَا تَقول حمدتات وَلَكِنَّك تبدل من الْألف إِذا كَانَت ممدودة
واوا فَإِنَّمَا تدخل عَلامَة التَّأْنِيث وعلامة التَّذْكِير على
شَيْء لَا تَأْنِيث فِيهِ
فَأَما طَلْحَة فَلَو قلت فِي جمعهَا طلحتون للزمك أَن تكون أنثته
وذكرته فِي حَال وَهَذَا هُوَ الْمحَال
فَإِن قلت أحذف التَّاء فَإِن هَذَا غير جَائِز وَإِنَّمَا جَازَ فِي
الْجمع فِي الْمُؤَنَّث لِأَنَّك لما حذفتها جِئْت بِمَا قَامَ
مقَامهَا فِي اللَّفْظ والتأنيث فعلى هَذَا يجْرِي جَمِيع مَا وَصفنَا
فِي الْمُذكر والمؤنث
(4/8)
هَذَا بَاب مَا يحْكى من الْأَسْمَاء وَمَا
يعرب
فَمن الْحِكَايَة أَن تسمى رجلا أَو امْرَأَة بِشَيْء قد عمل بعضه فِي
بعض نَحْو تسميتهم تأبط شرا وذرى حبا وبرق نَحره
فَمَا كَانَ من ذَلِك فإعرابه فِي كل مَوضِع أَن يسلم على هَيْئَة
وَاحِدَة لِأَنَّهُ قد عمل بعضه فِي بعض فَتَقول رَأَيْت تأبط شرا
وَجَاءَنِي تأبط شرا فَمن ذَلِك قَوْله
(كَذبْتُمْ وَبَيت الله لَا تنكحونها ... بنى شَاب قرناها تصر وتحلب)
وَقَوله أَيْضا
(إِنَّ لَهَا مُرَكَّنًا إِرْزَبّا ... كأَنَّهُ جَبْهةُ ذَرَّى
جَبَّا)
(4/9)
وَقَالَ الآخر
(وَجَدْنَا فِي كِتاب بني تميمٍ ... أَحَقُّ الْخَيْلِ بالرَّكْضِ
المُعارُ)
فَلم يجز فِي هَذَا إِلَّا الْحِكَايَة لِأَنَّهُ لَا يدْخل عَامل على
عَامل
ف أَحقُّ الْخَيل رفع بِالِابْتِدَاءِ والمعار خَبره فَهَذَا
بِمَنْزِلَة الْفِعْل وَالْفَاعِل
وعَلى هَذَا ينشد هَذَا الْبَيْت لذى الرمة
(سمِعتُ الناسُ يَنْتَجِعُونَ غَيْثاً ... فقلتُ لصَيْدَحَ انْتَجِعي
بلالاَ)
لِأَن التَّأْوِيل سَمِعت من يَقُول النَّاس ينتجعون غيثا فَحكى مَا
قَالَ ذَاك فَقَالَ سَمِعت هَذَا الْكَلَام
(4/10)
وعَلى هَذَا تَقول قَرَأت الْحَمد لله رب
الْعَالمين لَا يجوز إِلَّا ذَلِك لِأَنَّهُ حكى كَيفَ قَرَأَ وكل
عَامل ومعمول فِيهِ هَذَا سبيلهما وَتقول قَرَأت على خَاتمه الْحَمد
لله وقرأت على فصه زيد منطق
وَتقول رَأَيْت على فصه الْأسد رابضا لِأَنَّك لم تَرَ هَذَا
مَكْتُوبًا إِنَّمَا رَأَيْت صُورَة فأعملت فِيهَا الْفِعْل كَمَا
تَقول رَأَيْت الْأسد يَا فَتى
فَأَما قَوْله عز وَجل {قَالُوا سَلاما قَالَ سَلام} فَإِن
الْمُفَسّرين يَقُولُونَ فِي هَذَا قَوْلَيْنِ أَعنِي الْمَنْصُوب
أما الْمَرْفُوع فَلَا اخْتِلَاف فِي أَن مَعْنَاهُ وَالله أعلم قولي
سَلام وأمرى سَلام كَمَا قَالَ {طَاعَة وَقَول مَعْرُوف} وكما قَالَ
{وَقَالُوا مَجْنُون وازدجر} على الْحِكَايَة
وَأما الْمَنْصُوب فبإضمار فعل كَأَنَّهُمْ قَالُوا سلمنَا سَلاما
وَقَالَ بَعضهم لم يكن هَذَا هُوَ اللَّفْظ وَلكنه معنى مَا قَالُوا
فَإِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَة قلت حَقًا
وَاعْلَم أَن هَذِه الْحِكَايَة لَا يجوز أَن تثنى وَتجمع لَا تُضَاف
لِأَنَّهُ تَزُول مَعَانِيهَا باخْتلَاف ألفاظها
(4/11)
أَلا ترى أَنَّك لَو رَأَيْت أَحَق الْخَيل
بالركض المعار فِي مكانين مَكْتُوبًا لم يجز أَن تثنيه كَمَا تَقول
رَأَيْت زيدين فَإِنَّمَا حق هَذِه الْأَسْمَاء التأدية
فَإِن سميت رجلا زيد الطَّوِيل والطويل خبر قلت رَأَيْت زيد الطَّوِيل
ومررت بزيد الطَّوِيل
فَإِن جعلت الطَّوِيل نعتا صرفته فَقلت مَرَرْت بزيد الطَّوِيل
وَرَأَيْت زيدا الطَّوِيل لِأَن الطَّوِيل تَابع وعَلى هَذَا الشَّرْط
وَقع فِي التَّسْمِيَة
وَأما حَيْثُ كَانَ خَبرا فَإِنَّهُ وَقع مَرْفُوعا بالمبتدأ كَمَا
كَانَ الْمُبْتَدَأ رفعا بِالِابْتِدَاءِ
وَلَو سميت رجلا عَاقِلَة لَبِيبَة لَكَانَ الْوَجْه فِيهِ أَن تَقول
مَرَرْت بعاقلة لَبِيبَة وجاءتني عَاقِلَة لَبِيبَة لِأَنَّك سميت
باسمين كِلَاهُمَا نكرَة فَجعلت الثَّانِي تَابعا للْأولِ كحالهما
كَانَت فِي النكرَة
وَلَو سميت ب عَاقِلَة وَحدهَا لَكَانَ الأجود أَن تَقول هَذِه
عَاقِلَة قد جَاءَت لِأَنَّهُ معرفَة فَيصير بِمَنْزِلَة حمدة غير
منصرف والحكاية تجوز وَلَيْسَ بِالْوَجْهِ لِأَنَّهُ على مِثَال
الْأَسْمَاء
(4/12)
وَأما تضربان إِذا سميت بِهِ رجلا قلت
فِيهِ لقِيت تضربان حكيته وَلَك أَن تثنيه وتنصبه فَتَقول تضربين وَلَك
أَن تلْحقهُ بعثمان فَتَقول كلمني تضربان فَإِذا صغرته قلت تضيربان لَا
غير
وَشَيْطَان يكون فيعال من الشطن وَهُوَ الْحَبل الممتد فِي صلابة
فتصرفه
وَيكون من شاط يشيط إِذا ذهب بَاطِلا فَلَا ينْصَرف
وإنسان فعلان من الْأنس
وطحان فعال من الطَّحْن وَيكون فعلان من الطح وَهُوَ الطحاء وَهُوَ
الممتد من الأَرْض
(4/13)
وعبدون إِذا فَتحته لم تجره وَإِذا ضممته
أجريته وَلم تجره وَلَك أَن تحكيه فتجعله جمعا فَيكون فِي الرّفْع
بِالْوَاو وَفِي النصب بِالْيَاءِ وَفِي الأول بِالْوَاو لَا غير
وَإِذا دَعَوْت رجلا اسْمه زيد منطلق قلت يَا زيد منطلق أقبل لَا تعْمل
فِيهِ النداء كَمَا لم تعْمل غَيره
وَإِن سميته ب زيد الطَّوِيل فِيمَن جعل الطَّوِيل نعتا قلت يَا زيد
الطَّوِيل أقبل تنصب لطوله كَمَا تنصب عشْرين رجلا وَهَذَا مُفَسّر فِي
بَاب النداء
فَإِذا سميت رجلا وَزيد وَأَنت تُرِيدُ الْقسم قلت رَأَيْت وَزيد
وَجَاءَنِي وَزيد لِأَن الْوَاو عاملة فِي زيد فَإِنَّمَا هِيَ
بِمَنْزِلَة الْبَاء أَلا ترى أَنَّك لَو سميت بزيد لَقلت جَاءَنِي
بزيد
فَإِن كَانَت الْوَاو للنسق فَإِن حكمهَا أَن تقررها على مَا كَانَت
عَلَيْهِ قبل أَن تحذف الَّذِي قبلهَا لِأَنَّك لَا تَقول فِي النسق
وَزيد إِلَّا وَقَبله مَرْفُوع أَو مَنْصُوب أَو مخفوض فَأَي ذَلِك
كَانَ فالواو جَارِيَة عَلَيْهِ غير مُغيرَة
(4/14)
تَقول إِن كَانَ مَنْصُوبًا جَاءَنِي وزيدا
ومررت بوزيدا وَكَذَلِكَ الرّفْع والخفض
(4/15)
بَاب الألقاب
إِذا لقبت مُفردا بمفرد أضفته إِلَيْهِ لَا يجوز إِلَّا ذَلِك فَتَقول
هَذَا قيس قفة يَا فَتى وَهَذَا سعيد كرز
فَإِن لَقيته بمضاف جرى اللقب على الِاسْم كالنعت فَقلت هَذَا زيد وزن
سَبْعَة وَهَذَا زيد حارس الدَّار
فَإِن لقبت مُضَافا بمفرد أَو مُضَافا بمضاف فَكَذَلِك تَقول هَذَا عبد
الله وزن سَبْعَة وَهَذَا عبد الله كرز يَا فَتى
وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا كَهَذا لِأَن أصل الألقاب أَن تجرى على أصل
التَّسْمِيَة وَلَيْسَ حق الرجل أَن يُسمى باسمين مفردين وَلَكِن
مُفْرد ومضاف نَحْو قَوْلك زيد أَبُو فلَان
(4/16)
أَو بمضافين نَحْو عبد الله أبي فلَان فعلى
هَذَا تجْرِي الألقاب والكنية فِي الْمُفْرد كالاسم واللقب كَذَلِك
لِأَن الْأَسْمَاء الَّتِي هِيَ أَعْلَام نَحْو زيد وَعبد الله
إِنَّمَا هن ألقاب تفصل الْوَاحِد من جَمِيع جنسه
ولوقوع اللقب الْوَاحِد على اثْنَيْنِ احْتِيجَ إِلَى الصِّفَات
أَلا ترى أَنَّك تَقول جَاءَنِي زيد فَإِذا خفت أَن يلتبس عَلَيْهِ
بزيد آخر تعرفه قلت الطَّوِيل وَنَحْوه لتفصل بَينهمَا
(4/17)
هَذَا بَاب مَا ينْتَقل بتصغيره
تَقول فِي رجل سميته ب مَسَاجِد إِذا صغرته مسيجد فتصرفه لِأَنَّهُ قد
عَاد إِلَى مثل تَصْغِير جَعْفَر
وَكَذَلِكَ رجل يُسمى قناديل تَقول هَذَا قنيديل فَاعْلَم لِأَن
الْمَانِع قد زَالَ عَنهُ
وَلَو سميته أجادل فصغرته لَقلت أجيدل قد جَاءَ لَا تصرفه لِأَنَّهُ
تَصْغِير أفعل فالمانع للصرف فِيهِ
فَإِن قَالَ قَائِل إِنَّمَا منع أفعل من الصّرْف لِأَنَّهُ على مِثَال
الْفِعْل نَحْو أذهب وَأعلم فَإِذا قلت أُحَيْمِر وأحيمد فقد زَالَ
عَنهُ شبه الْفِعْل فَمَا بالك لَا ترده إِلَى الصّرْف كَمَا تصرف
تتفلا لِأَن زَوَائِد الْفِعْل الْمُضَارع لَا تكون مَضْمُومَة وكما
تصرف يربوعا لِأَن زِيَادَته لَا تبلغ بِهِ مِثَال الْأَفْعَال
قيل لَهُ إِنَّه قد صرف الْفِعْل مُصَغرًا فَكَمَا أشبه أَحْمَر أذهب
أشبه أُحَيْمِر قَوْلهم مَا أميلح زيدا وَمَا أحيسنه وَالْمَانِع
قَائِم بعد مَعَه
فجملة هَذَا أَنه كل مَا صغر فَخرج تصغيره من الْمَانِع فَهُوَ
مَصْرُوف وَمَا كَانَت الْعلَّة قَائِمَة فِيهِ فَترك الصّرْف لَهُ
لَازم
وَمن هَذَا الْبَاب مَا كَانَت فِيهِ هَاء التَّأْنِيث أَو ألف
التَّأْنِيث الممدودة لِأَن الحكم أَن تصغر فتقر فِيهِ مَا تقر فِيهِ
لَو لم تكن هَاء وَلَا ألف ممدودة وتحذف مَا تحذف لَو لم تَكُونَا
فِيهِ ثمَّ يُؤْتى بهما
(4/18)
وَكَذَلِكَ الْألف وَالنُّون الزائدتان
وَذَلِكَ قَوْلك فِي خنفساء خنيفساء يَا فَتى صغرت خنفس كَمَا تصغر
جَعْفَر ثمَّ أتيت بالألفين مُسلمين
وَكَذَلِكَ سفرجلة تَقول سفيرجة تحذف مِنْهَا مَا تحذف قبل الْهَاء
ثمَّ تَأتي بِالْهَاءِ بعد لِأَنَّهَا كاسم ضم إِلَى اسْم
وَتقول فِي زعفران زعيفران فَلَو كنت معتدا بِهَذِهِ الزَّوَائِد كَانَ
التصغير محالا لِأَنَّك لَا تصغر اسْما على خَمْسَة أحرف إِلَّا مَا
كَانَ رابعه حرف لين وَهَذَا مُبين فِي بَاب التصغير وَإِنَّمَا ذكرنَا
مِنْهُ هَاهُنَا مَا يدْخل فِي الْبَاب الَّذِي قصدنا لَهُ
(4/19)
هَذَا بَاب الاسمين اللَّذين يجعلان اسْما
وَاحِدًا نَحْو حَضرمَوْت وبعلبك ومعديكرب
اعْلَم أَن كل اسْمَيْنِ جعلا اسْما وَاحِدًا على غير جِهَة
الْإِضَافَة فَإِن حكمهَا أَن يكون آخر الِاسْم الأول مِنْهُمَا
مَفْتُوحًا وَأَن يكون الْإِعْرَاب فِي الثَّانِي فَتَقول هَذَا
حَضرمَوْت يَا فَتى وبعلبك فَاعْلَم وَكَذَلِكَ رامهرمز
وَلَا يصرف لِأَنَّهُمَا جعلا بِمَنْزِلَة الِاسْم الَّذِي فِيهِ هَاء
التَّأْنِيث لِأَن الْهَاء ضمت إِلَى اسْم كَانَ مذكرا قبل لحاقها
فَترك آخِره مَفْتُوحًا نَحْو حمدة وَطَلْحَة
أَلا ترى أَنَّك إِذا صغرت وَاحِدًا من هذَيْن النَّوْعَيْنِ قلت حميدة
يَا فَتى وحضيرموت يَا فَتى فَسلمت الصَّدْر
وَالدَّلِيل على مَا وَصفنَا صرفك هذَيْن الاسمين فِي النكرَة وَهِي
أصُول الْأَسْمَاء وعَلى هَذَا يجْرِي التَّرْخِيم
(4/20)
تَقول إِذا ناديت يَا حضر أقبل كَمَا تَقول
يَا حمد أقبل
فَأَما مَا كَانَ من هَذِه الْأَسْمَاء مُنْتَهى الِاسْم الأول مِنْهُ
يَاء كَقَوْلِك قالى قلا وأيادي سبا وبادى بدا ومعديكرب فَإِن الياءات
تسكن لِأَنَّهُنَّ فِي حَشْو الْأَسْمَاء وَلِأَن حكمهَا لَو كَانَت
حُرُوف الْإِعْرَاب أَن تسكن فِي مَوضِع الْجَرّ وَالرَّفْع تَقول
هَذَا قَاض فَاعْلَم ومررت بِالْقَاضِي فَاعْلَم
ويضطر الشَّاعِر إِلَى إسكانها فِي النصب فَيكون ذَلِك جَائِزا لَهُ
إِذْ كَانَت تسكن فِي الْمَوْضِعَيْنِ نَحْو قَوْله
(رَدَّتْ عَلَيْهِ أَقاصِيهِ ولَبَّدَهُ ... ضَرْبُ الوَلِيدَةِ
بالمِسْحاةِ فِي الثَّأَدْ)
وكما قَالَ
(4/21)
(سَوَّى مساحِيهنَّ تقْطِيطَ الحُقَقْ)
وكما قَالَ
(كفَى بالنَّأْىِ مِنْ أسْماءَ كَاف ... وليسَ لِحُبِّهَا مَا عِشْتُ
شَافى)
وَهَذَا كثير جدا فعلى هَذَا تَقول فِي الحشو بالإسكان
تَقول هَذَا معديكرب فَاعْلَم ومررت بمعديكرب وَفعلت هَذَا بَادِي بدا
يَا فَتى وَنزلت قالى قلا
(4/22)
وَإِن شِئْت أضفت فِي جَمِيع هَذَا الأول
إِلَى الثَّانِي والأجود مَا قدمْنَاهُ فَقلت هَذَا حَضرمَوْت وبعلبك
فَاعْلَم وينشد هَذَا الْبَيْت لامرئ الْقَيْس على وَجْهَيْن
(لقَدْ أَنْكَرتْني بعْلَبَكُّ وأَهْلُها)
وَبَعْضهمْ يَقُول بعلبك وَأَهْلهَا وَكَذَلِكَ بَيت رُؤْيَة ينشده
بَعضهم
(أَحْضَرْتَ أًهْلَ حَضْرمَوْتَ مَوْتا)
وَبَعْضهمْ يَقُول حَضرمَوْت وَكَذَلِكَ بَيت جرير ينشده بَعضهم
(لقِيتُمْ بالجزِيرَةِ خَيْلَ قَيْس ... فقُلْتم مَارَسَرْجُس لَا
قِتال)
(4/23)
فَهَذَا الأجود وَبَعْضهمْ يُنْشده
(مارَ سرْجِسَ لَا قِتالا)
على الْإِضَافَة
وَإِنَّمَا كَانَ غير الْإِضَافَة أَجود لِأَن الْإِضَافَة إِنَّمَا
حَقّهَا التَّمْلِيك نَحْو قَوْلك هَذَا غُلَام زيد وَمولى زيد فَيكون
مَوْصُولا بزيد بِبَعْض مَا ذكرنَا أَو تضيف بَعْضًا إِلَى كل نَحْو
قَوْلك هَذَا ثوب خَز وَخَاتم حَدِيد وَنَحْو ذَلِك وَأَنت إِذا قلت
حَضرمَوْت فَلَيْسَ حضر شَيْئا تضيفه إِلَى موت على شَيْء من هَذِه
الْجِهَات
وَإِنَّمَا صلحت فِيهِ الْإِضَافَة على بعد لِأَنَّهُ فِي وزن
الْمُضَاف لِأَنَّك ضممت اسْما إِلَى اسْم كَمَا تفعل ذَلِك فِي
الْإِضَافَة
فَأَما مَا مُنْتَهى أَوَائِله الياءات فِي الْإِضَافَة فَإِن حكمه أَن
تسكن ياءاته فِي الرّفْع والخفض كَمَا أَن ذَلِك جَائِز فِيهِ فِي غير
هَذَا الْموضع وتسكن الياءات فِي النصب أَيْضا لِأَنَّهُ مَنْقُول عَن
مَوضِع كَانَ يجب هَذَا فِيهِ كَمَا قلت فِي جمع أَرض أرضون فحركت لتدل
على أَنَّهَا تجمع بِالْألف وَالتَّاء فلزمها الْحَرَكَة لِأَنَّهَا
اسْم غير نعت بِمَنْزِلَة تمرات وحصيات وَنَحْو ذَلِك فَتَقول رَأَيْت
قالي قلا على هَذَا
وَلَو حرك محرك فِي الشّعْر مُضْطَرّا لجَاز فِيهِ فِيمَن رأى أَن
يَجْعَلهَا اسْما وَاحِدًا
أنْشد هَذَا الْبَيْت
(سيُصْبِحُ فَوْقِي أَقْتُم الرِيش واقفاَ ... بقالْى قَلا أَوْ مِنْ
وَرَاءِ دَبِيلِ)
(4/24)
وَمن أضَاف فَجعل (قلا) اسْما لمذكر قَالَ
بقالى قلا أَو من وَرَاء دبيل
وَإِن جعل (قلا) اسْما لمؤنث لم يصرفهُ وَكَانَ مَوْضِعه مَوضِع خفض
وَكَذَلِكَ أيادي سبا إِلَّا أَن هَذِه نكرَة
(4/25)
وبادى بدا مثله
وينشد هَذَا الْبَيْت على وَجْهَيْن أما من أضَاف فَيَقُول:
(فيالكِ مِنْ دارٍ تَحَمَّلَ أَهْلُها ... أَيادِي سبًا بعدِي وَطَالَ
احْتيالُها)
وَمن لم يضف وَأَرَادَ الْمعرفَة لم ينون وَهَذَا إِذا أُرِيد بِهِ
الْمعرفَة مَوْضُوع فِي غير مَوْضِعه لِأَن الأول لَا يكون إِلَّا
نكرَة لِأَنَّهُ فِي مَوضِع حَال وَلَيْسَ من بَاب قيد الأوابد
فالتنوين عِنْدِي وَاجِب أردْت الْإِضَافَة أَو غَيرهَا لِأَنَّهُ لَا
يكون إِلَّا حَالا
(4/26)
وَكَذَلِكَ بَادِي بدا لِأَنَّهُ فِي
مَوضِع قَوْلك أَولا
وَمِنْهُم من يَقُول بَادِي بُد فِي هَذَا الْموضع قَالَ أَبُو نخيلة
(وقَدْ عَلَتْني ذُرْأَةٌ بادِي بدِى ... ورَثْيةٌ تَنْهَضُ فِي
تَشَدُّدِي)
ويروى كبرة
(4/27)
صفحة فارغة
(4/28)
بَاب
ثمَّ نقُول فِي خَمْسَة عشر وَمَا أشبههَا وعمرويه وبابه
إِن شَاءَ الله
أما مَا كَانَ مثل خَمْسَة عشر مِمَّا يلْزم فِيهِ أَلا يكون معربا
فبناؤه على الْفَتْح
أما فتح أَوله فعلى مَا ذكرت لَك من أَنه لَيْسَ مُنْتَهى الِاسْم
وَأَنه كالدال من حمدة والحاء من طَلْحَة
وَأما فتح آخِره فللبناء واختير لَهُ الْفَتْح لِأَنَّهُ أخف الحركات
وَهُوَ عَرَبِيّ ضممته إِلَى عَرَبِيّ
وَمن ذَلِك شغر بغر يَا فَتى إِنَّمَا مَعْنَاهُ الِافْتِرَاق تَقول
جَاءَ الْقَوْم شغر بغر يَا فَتى
وَتقول هُوَ جاري بَيت بَيت ولقيته كفة كفة
وتساقطوا أخول أخول أَي شَيْئا بعد شَيْء
فَأَما خَمْسَة عشر فَإِن حَدهَا أَن تكون خَمْسَة وَعشرَة فَلَمَّا
جعلت الاسمين اسْما وَاحِدًا حذفت وَاو الْعَطف وغيرا مغيرا لَهُ عَن
جِهَته فألزمته الْبناء لذَلِك
وَأما هَذِه الْحُرُوف مثل شغر بغر وأخول أخول فبتلك الْمنزلَة
لِأَنَّك جعلت
(4/29)
الاسمين اسْما وَاحِدًا وَلَو أفردت
أَحدهمَا من صَاحبه لم تُؤَد الْمَعْنى
وَأما بَيت بَيت وكفة كفة فكأنك إِذا قلت لَقيته كفة كفة قلت لَقيته
كفاحا
وَإِذا قلت هُوَ جاري بَيت بَيت قلت هُوَ جاري دنوا وَإِن شِئْت أضفته
وَهُوَ فِي هذَيْن الاسمين أَجود
وَذَلِكَ لِأَنَّك تضيف بَيْتا إِلَى بَيت فَمَعْنَى الْإِضَافَة فِيهِ
صَحِيح
وَكَذَلِكَ كفة كفة إِنَّمَا هُوَ وَجها لوجه
أَلا تراك تَقول فِي هَذَا الْمَعْنى لَقيته كفة لكفة وكفة عَن كفة
فَمَا صَحَّ مَعْنَاهُ فبابه الْإِضَافَة وَإِن كَانَ على جِهَة
اللَّام لم يجز إِلَّا الْإِضَافَة
أَلا ترى أَن قَوْلك هَذَا أَخُو زيد وَغُلَام زيد إِنَّمَا هُوَ فِي
الْمَعْنى أَخ لزيد وَغُلَام لزيد وَخَمْسَة عشر وبابها إِذا سميت
بِشَيْء مِنْهَا رجلا جَازَ فِيهِ الْأَمْرَانِ
وَكَانَ الْأَخْفَش يُجِيز فِيهِ الْإِضَافَة وَهُوَ عدد ويعربه
فَأَما الْإِضَافَة فجيدة وَأما الْإِعْرَاب فِيهِ فرديء لِأَن مَا
أعرب مُضَافا أعرب نكرَة فَترك الْإِعْرَاب لَهُ نكرَة مخرج لَهُ من
الْإِعْرَاب مُضَافا
فَأَما قَوْله خَمْسَة عشر درهما فَلِأَنَّهُ عدد فِيهِ معنى
التَّنْوِين نَحْو عشْرين وَمَا أشبههَا
فَإِذا قلت هَذِه خَمْسَة عشركم ذهب مِنْهُ معنى التَّنْوِين وَصَارَ
فِي الْوَجْهَيْنِ بِمَنْزِلَة قَوْلك هَذِه عشرُون درهما وَهَذِه
عشروك وعشرو عبد الله فَهُوَ بِالنِّيَّةِ هَكَذَا كَمَا تَقول
هَؤُلَاءِ ضوارب زيد إِذا أردْت الْمَاضِي وَإِسْقَاط التَّنْوِين من
الْمُسْتَقْبل وَهَؤُلَاء ضوارب زيدا إِذا أردْت معنى التَّنْوِين
(4/30)
وَاعْلَم أَن معديكرب فِيهِ ثَلَاثَة
أقاويل يَقُول بَعضهم معد يكرب على الْإِضَافَة وَيجْعَل بَعضهم كرب
اسْما مؤنثا فَلَا يجريه فَيَقُول هَذَا معديكرب يَا فَتى
ويجعله بَعضهم اسْما وَاحِدًا كَمَا ذكرت لَك فَيَقُول معديكرب
فَاعْلَم
وَأما قَوْلهم عمرويه وَمَا كَانَ مثله فَهُوَ بِمَنْزِلَة خَمْسَة عشر
فِي الْبناء إِلَّا أَن آخِره مكسور فَأَما فَتْحة أَوله فكالفتحة
هُنَاكَ
وَأما كسرة آخِره فَلِأَنَّهُ أعجمي فَبنى على الكسرة وَحط عَن حَال
الْعَرَبِيّ وَكَذَلِكَ مَا كَانَ مثله فِي هَذَا الْمَعْنى
وتثنى وَتجمع فَتَقول فِيهِ اسْم رجل عمرويهان وعمرويهون لِأَن الْهَاء
لَيست للتأنيث وَلَو كَانَت كَذَلِك لكَانَتْ فِي الأَصْل تَاء
(4/31)
|