الإستيعاب في
معرفة الأصحاب باب حرف الحاء
باب حابس
(377) حابس بن دغنة الكلبي،
له خبر في أعلام النبوة، وله رواية وصحبة.
(378) حابس بن سعد الطائي،
شامي، مخرج حديثه عنهم، ويعرف فيهم باليماني.
ويقال: إن حابس بن سعد الطائي هو الذي ولاه عمر بن الخطاب
رضي الله عنه ناحية من نواحي الشام، فرأى في المنام كأن
الشمس والقمر يقتتلان، ومع كل واحد منهما كواكب. فقال له
عمر رضي الله عنه: مع أيهما كنت؟
قَالَ: مع القمر. قَالَ: لا تلي لي عملا أبدًا، إذ كنت مع
الآية الممحوة.
فقتل وهو مع معاوية بصفين.
وأما أهل العلم بالخبر فقالوا: إن عمر رضي الله عنه دعا
حابس بن سعد الطائي، فقال: إني أريد أن أوليك قضاء حمص،
فكيف أنت صانع؟ قَالَ:
أجتهد رأيي وأشاور جلسائي. فقال: انطلق. فلم يمض إلا
يسيرًا حتى رجع، فقال: يا أمير المؤمنين، إني رأيت رؤيا
أحببت أن أقصها عليك. قَالَ:
هاتها. قَالَ: رأيت كأن الشمس أقبلت من المشرق، ومعها جمع
عظيم [1] ، وكأن القمر أقبل من المغرب، ومعه جمع عظيم [2]
. فقال له عمر رضي الله عنه:
__________
[1] في أسد الغابة: ومعها جمع عظيم من الملائكة.
[2] في أسد الغابة: ومعه جمع عظيم من الكواكب.
(1/279)
مع أيهما كنت؟ قَالَ: مع القمر. فقال عمر
رضي الله عنه: كنت مع الآية الممحوة، لا، والله، لا تعمل
لي عملا أبدًا. ورده، فشهد صفين مع معاوية رحمه الله،
وكانت راية طىّ معه، فقتل يومئذ. وهو ختن [1] عدي بن حاتم
الطائي، وخال ابنه زيد بن عدي، وقتل زيد قاتله غدرًا،
فأقسم أبوه عدي ليدفعنه إلى أوليائه، فهرب إلى معاوية،
وخبره بتمامه مشهور عند أهل الأخبار، وقد روينا هذا الخبر
من وجوه كثيرة، منها ما سمى فيه الرجل ومنها ما لم يسم
فيه.
(379) حابس بن ربيعة التميمي،
وليس بوالد الأقرع بن حابس، روى عنه حديث واحد أنه سمع
النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا شيء في الهام، والعين
حق، وأصدق الطير الفأل. يعد في البصريين، في إسناد حديثه
اضطراب يختلف فيه على يحيى بن أبي كثير، روى عنه ابنه حية
[2] بن حابس.
باب حاجب
(380) حاجب بن يزيد [3]
الأنصاري الأشهلي.
من بني عَبْد الأشهل. وقيل:
إنه من بني زعوراء بن جشم، إخوة عَبْد الأشهل بن جشم، من
الأوس.
قتل يوم اليمامة شهيدًا رضي الله عنه، وهو حليف لهم من أزد
شنوءة.
__________
[1] الختن- بفتحتين- عند العرب: كل من كان من قبل المرأة
كالأب والأخ، وختن الرجل عند العامة: زوج ابنته. وقال
الأزهري: الختن: أبو المرأة (المصباح) .
[2] بتحتانية ثقيلة، وقيل: إن الصواب حبة- بموحدة.
[3] في الإصابة: بن زيد أو يزيد.
(1/280)
(381) حاجب بن زيد
بن تيم بن أمية بن خفاف بن بياضة،
شهد أحد، رضي الله عنه، ذكره الطبري [1]
باب الحارث
(382) الحارث بن أوس بن معاذ
بن النعمان بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل،
هو ابن أخي سعد بن معاذ، شهد بدرًا، وقتل يوم أحد شهيدًا،
يكنى أبا أوس، وكان يوم قتل ابن ثمان وعشرين سنة.
(383) الحارث بن أوس بن المعلى
بن لوذان بن حارثة،
هو أبو سعيد بن المعلى. واختلف في اسمه، فقيل الحارث. وقيل
رافع، وهو الأكثر فيه.
(384) الحارث بن أوس بن عتيك
[2] بن عمرو بن عبد الأعلم [3] بن عامر بن زعوراء بن جشم،
شهد أحدًا والمشاهد كلها، وقتل يوم أجنادين، وذلك لليلتين
بقيتا من جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة.
(385) الحارث بن أنس.
وأنس هو أبو الحيسر [4] بن رافع بن امرئ القيس بن زيد بن
عَبْد الأشهل الأنصاري الأشهلي. من الأوس، شهد بدرًا وقتل
يوم أحد شهيدًا.
(386) الحارث بن أنس بن مالك
بن عبيد بن كعب الأنصاري.
وذكره
__________
[1] في أسد الغابة: ذكر الطبري أنه شهد أحدا.
[2] هكذا في ى، ت. وفي الإصابة: بن عتاب.
[3] في ت: بن عبد الأشهل. وفي أسد الغابة: بن الأعلم.
[4] في أسد الغابة: قال أبو عمر: وليس هو أبو الحيسر. وفي
هوامش الاستيعاب:
أبو الخنيس، وصوابه أبو الحيس.
(1/281)
موسى بن عقبة في البدريين، فيه نظر، أخاف
أن يكون الأشهلي بن رافع ابن امرئ القيس [1] .
(387) الحارث بن أقيش،
ويقال ابن وقيش، وهو واحد، يقال العكلي، ويقال العوفي.
وعكل امرأة خصيف والد عوف نسبوا إليها. يقال:
إنه كان حليفًا للأنصار.
يعد في البصريين. حديثه عند حماد بن سلمة، عن داود بن أبي
هند، عن عَبْد الله بن قيس، عن الحارث بن أقيش: أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال: إنّ في أمّى لمن [2] يشفع في
أكثر من ربيعة ومضر ... في حديث ذكره.
ومن حديثه أيضًا عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ حديث حسن: في الجنة لمن مات له ثلاثة من الولد
أو اثنان. ومن حديثه أن النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ كتب
لبني زهير بن أقيش حي من عكل. يرويه أبو العلاء بن الشخير،
عن رجل منهم.
(388) الحارث بن الأزمع
الهمداني،
مذكور في الصحابة، توفي في آخر خلافة معاوية.
(389) الحارث بن بدل السعدي
[3] .
ويقال الحارث بن سليمان بن بدل.
__________
[1] في الإصابة: قلت: بل هو غيره.
[2] في الطبقات: ليشفع.
[3] في هوامش الاستيعاب: الأصح أنه تابعي، قال الذهبي: قال
ابن أبى حاتم: إن محمد ابن عبد الله الشعبثى روى عن الحارث
بن بدل، وله صحبة.
(1/282)
حديثه عند مُحَمَّد بن عَبْد الله الشعيثي،
لا يصح حديثه، لكثرة الاضطراب فيه، ولضعف الشعيثي المتفرد
به.
(390) الحارث بن تبيع [1]
الرعيني،
وفد على النبي صلى الله عليه وسلم، وشهد فتح مصر، ذكره ابن
[2] يونس.
(391) الحارث بن ثابت بن سفيان بن عدي بن عمرو بن امرئ
القيس ابن مالك الأغر بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث
بن الخزرج،
قتل يوم أحد شهيدًا.
(392) الحارث بن الحارث بن قيس بن عدي بن سعد بن سهم
القرشي السهمي،
كان من مهاجرة الحبشة مع أبيه الحارث بن قيس، ومع أخويه:
بشر بن الحارث، ومعمر بن الحارث.
(393) الحارث بن الحارث بن
كلدة الثقفي،
كان أبوه طبيبًا في العرب حكيمًا، وهو من المؤلفة قلوبهم،
معدود فيهم، وكان من أشراف قومه، وأما أبوه الحارث بن كلدة
فمات في أول الإسلام، ولم يصح إسلامه [3] .
روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر سعد بن أبى وقاص
أن يأتيه ويستوصفه في مرض نزل به، فدل ذلك على أنه جائز أن
يشاور أهل الكفر في الطب إذا كانوا من أهله، [والله أعلم]
[4] .
__________
[1] في أسد الغابة: قال ابن ماكولا: بفتح التاء وكسر الباء
الموحدة. وقال عبد الغنى.
بضم التاء وفتح الباء الموحدة. وذكره أبو عمر بضم التاء
وفتح الباء. وفي هوامش الاستيعاب:
تبيع- بالفتح- قيده الدار قطنى.
[2] في ت: ذكره أبو يونس.
[3] في الإصابة: قلت وسيأتي الرد عليه في ترجمة حارثة بن
كلدة.
[4] من ت
(1/283)
(394) الحارث بن
الحارث الأشعري،
روى عنه أبو سلام الأسود، واسم أبي سلام ممطور الحبشي، له
عنه حديث واحد، عن النبي صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ، وهو
حديث حسن [1] جامع لفنون [2] من العلم لم يحدث [3] به عن
أبي سلام بتمامه [4] إلا معاوية بن سلام.
(395) الحارث بن الحارث
الأزدي.
رَوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ،
أَنَّهُ كَانَ إِذَا طَعِمَ أَوْ شَرِبَ قَالَ: اللَّهمّ
لَكَ الْحَمْدُ، أَطْعَمْتَ وَسَقَيْتَ، وَأَشْبَعْتَ
وَأَرْوَيْتَ [5] ، فَلَكَ الْحَمْدُ غَيْرَ مَكْفُورٍ
وَلا مُودَّعٍ، وَلا مُسْتَغْنًى عَنْكَ. حديثه عند مروان
بن معاوية الفزاري، عن مُحَمَّد بن أبي قيس السلمي، عن
عَبْد الأعلى بن هلال، عنه.
(396) الحارث بن الحارث
الغامدي
[6] ، روى: الفردوس سرة الجنة. قَالَ: وهو كقولك بطن
الوادي هو أسرّ ما لك وأحسنه.
ومن حديثه أيضًا أنه سمع النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ
يقول لابنته زينب: خمري [7] عليك نحرك، وكانت قد بدا نحرها
وهي تبكي لما نزل برسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه
وَسَلَّمَ من قريش، فقال لها رسول الله صلى الله عليه
وسلم:
__________
[1] هذا الحديث في أسد الغابة: 1- 320.
[2] في ى: الفنون.
[3] في الإصابة والتقريب: تفرد بالرؤية عنه أبو سلام.
[4] في ى: تمامه.
[5] في ى: وآويت. والمثبت من ت.
[6] في أسد الغابة: وما يبعد أن يكون هذا الأزدي هو
والغامدي واحدا، فإن غامد بطن من الأزد.
[7] التخمير: التغطية.
(1/284)
لا تخافي على أبيك غلبة [1] ولا ذلا. روى
عنه الوليد بن عبد الرحمن الجرشي.
(397) الحارث بن حاطب
الأنصاري،
قيل: إنه من بني عبد الأشهل.
وقيل: إنه من بني عمرو بن عوف، ومن قَالَ ذلك نسبه: الحارث
بن حاطب ابن عمرو بن عبيد بن أمية بن زيد بن مالك بن عوف
بن عمرو بن عوف ابن مالك بن الأوس، يكنى أبا عَبْد الله،
رده رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم حين توجّه إلى بدر
من الرّؤساء في شيء أمره به إلى بني عمرو بن عوف وضرب له
بسهمه وأجره، فكان [2] كمن شهدها في قول ابن إسحاق.
قَالَ الواقدي: شهد الحارث بن حاطب أحدًا، والخندق،
والحديبية، وقتل يوم خيبر شهيدًا، رماه رجل من فوق الحصن
فدمغه.
(398) الحارث بن حاطب بن
الحارث بن معمر بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح القرشي
الجمحي،
ولد بأرض الحبشة هو وأخوه مُحَمَّد بن حاطب، والحارث أسن
من مُحَمَّد، واستعمل ابن الزبير الحارث بن حاطب على مكة
سنة ست وستين. وقيل: إنه كان يلي المساعي أيام مران [3] .
(399) الحارث بن حسان بن كلدة
البكري.
ويقال الربعي والذهلي. من بني ذهل بن شيبان. ويقال الحارث
بن يزيد بن حسان، ويقال حريث [4] بن حسان البكري، والأكثر
يقولون: الحارث بن حسان البكري، وهو الصحيح إن شاء الله.
روى عنه أبو وائل. واختلف في حديثه، منهم من يجعله عن عاصم
ابن بهدلة عن الحارث بن حسان لا يذكر فيه أبا وائل،
والصحيح فيه عن
__________
[1] في ت: عيلة.
[2] في أسد الغابة: وضرب لهما بسهمهما وأجرهما فكانا.
[3] أي لما كان أميرا على المدينة لمعاوية (أسد الغابة) .
[4] في الإصابة: ولعله تصغير. وفي التقريب: ويقال: اسمه
حريث.
(الاستيعاب ج 1- م 10)
(1/285)
عاصم، عن أبى وائل، عن الحارث بن حسان،
قَالَ: قدمت المدينة فأتيت المسجد، فإذا النبيّ صلى الله
عليه وَسَلَّمَ على المنبر، وبلال قائم متقلد سيفًا، وإذا
رايات [1] سود، فقلت: من هذا؟ قالوا: هذا عمرو بن العاص
قدم [2] من غزاة.
وفى حديثه قصة وافد عاد، وهو صاحب حديث قيلة، فيما ذكر أبو
حاتم، والحارث بن حسان البكري هذا هو الذي سأله رسول الله
صلى الله عليه وسلم عن حديث عاد قوم هود، وكيف هلكوا
بالريح العقيم؟ فقال له:
يا رسول الله، على الخبير سقطت، فذهبت مثلا. وكان قد قدم
على رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأله أن يقطعه أرضًا من
بلادهم، فإذا بعجوز من بني تميم تسأله ذلك، فقال الحارث:
يا رسول الله، أعوذ باللَّه أن أكون كقيل بن عمرو وافد
عاد. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:
كما قَالَ الأول، فقال: على الخبير سقطت. فقال له رسول
الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ: أعالم أنت بحديثهم؟ قَالَ:
نعم، نحن ننتجع [3] بلادهم، وكان آباؤنا يحدثوننا عنهم،
يروى ذلك الأصغر عن الأكبر. فقال رسول الله صلى الله عليه
وَسَلَّمَ: إيه! يستطعمه الحديث، فذكر الخبر أهل الأخبار
وأهل التفسير للقرآن: سنيد وغيره.
(400) الحارث بن خالد بن صخر
بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة القرشي التيمي،
كان قديم الإسلام بكة، وهاجر إلى أرض الحبشة الهجرة
__________
[1] في الطبقات: براية سوداء تخفق.
[2] في الطبقات: قالوا: هذا رسول الله يريد أن يبعث عمرو
بن العاص وجها.
[3] تتجمع بلادهم: نطلب الكلأ فيها.
(ظهر الاستيعاب ج 1- م 10)
(1/286)
الثانية مع امرأته ريطة بنت الحارث بن خالد
بن جبيلة بن عامر بن كعب بن سعد ابن تيم بن مرّة، فولدت له
بأرض الحبشة: موسى، وزينب، وإبراهيم [1] ، وعائشة بني
الحارث بن خالد، وهلكوا بأرض الحبشة، هكذا قَالَ مصعب.
وقال غيره من أهل النسب: إنه خرج بهم أبوهم الحارث بن خالد
من أرض الحبشة، يريد النبي صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ حتى
إذا كانوا ببعض الطريق وردوا ماء فشربوا منه فماتوا
أجمعون، إلا هو فجاء حتى نزل المدينة، فزوجه النبي صَلَّى
الله عليه وَسَلَّمَ بنت عَبْد يزيد بن هاشم بن عَبْد
المطلب بن عَبْد مناف، ومن ولده مُحَمَّد بن إبراهيم بن
الحارث التيمي المحدث المدني، وأم مُحَمَّد بن حفصة بنت
أبي يحيى، حليف لهم.
(401) الحارث بن خزمة،
أبو خزمة، هذا قول ابن إسحاق، وغيره من أهل السير. وقيل:
الحارث بن خزيمة، وقال الطبري: الحارث بن خزمة- بحركتين-
بن عدي بن أبي بن غنم [2] بن سالم بن عوف بن عمرو بن عوف
ابن الخزرج، يكنى أبا بشير [3] ، شهد بدرًا، وأحدا،
والخندق، وما بعدها من المشاهد، ومات بالمدينة سنة أربعين،
هكذا قَالَ الطبري في كنيته وفي اسم أبيه، ولم يقله إلا عن
علم، والله أعلم، ونسبه الطبري كما نسبه ابن إسحاق حرفًا
بحرف، والصواب فيه إن شاء الله: الحارث بن خزمة، [بسكون
__________
[1] هكذا في ى، ت: وفي أسد الغابة والإصابة والطبقات
وهوامش الاستيعاب: فاطمة بدل إبراهيم.
[2] في ى: بن أبي غنم، وفي الإصابة: ابن عدي بن غنم.
والمثبت من ت، والطبقات، وأسد الغابة.
[3] هكذا في ى، وفي الطبقات، ت: أبا بشر.
(1/287)
الزاي. وقال: موسى بن عقبة، فيمن شهد بدرا
مع الحارث ابن خزيمة] [1] .
وقال إبراهيم بن المنذر: حَدَّثَنَا عَبْد الله بن محمد بن
يحيى بن عروة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: فيمن شهد
بدرًا من الأنصار من بني ساعدة الحارث بن خزمة.
قَالَ أبو عمر رضي عنه: هو الذي جاء بناقة رسول الله صلى
الله عليه وَسَلَّمَ حين ضلت في غزوة تبوك، حين قَالَ
المنافقون: هو لا يعلم خبر موضع ناقته، فكيف يعلم خبر
السماء؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم- إذ بلغه
قولهم: إني لا أعلم إلا ما علّمنى الله، وقد أعلمنى
بكانها. ودلني عليها، وهي في الوادي في شعب كذا حبستها
شجرة، فانطلقوا حتى تأتوني بها، فانطلقوا فجاءوا بها، وكان
الذي جاء بها من الشّعب الحارث بن خزيمة وجد زمامها قد
تعلق بشجرة. هكذا جاء في هذا الخبر خزيمة. وقال ابن إسحاق:
هو الحارث بن خزمة ابن عدي بن أبي بن غنم [2] بن سالم بن
عوف بن عمرو بن عوف بن الخزرج، حليف لبني عَبْد الأشهل،
شهد بدرًا وقال غيره: توفى الحارث ابن خزمة سنة أربعين،
وهو ابن سبع وستين. وقد ذكرنا ذلك.
(402) الحارث بن خزيمة،
أبو خزيمة الأنصاري قَالَ ابن شهاب عن عبيد ابن السباق عن
زيد بن ثابت، قَالَ: وجدت آخر التوبة مع أبى خزية
الأنصاري، وهذا لا يوقف له على اسم على صحة، وهو مشهور
بكنيته، وقد ذكرناه في الكنى.
__________
[1] ليس في ت.
[2] انظر الحاشية رقم 2 من الصفحة السابقة.
(1/288)
(402) الحارث بن
ربعي بن بلدمة،
أبو قتادة الأنصاري السلمي، من بني غنم بن كعب بن سلمة بن
زيد بن جشم بن الخزرج، هكذا يقول ابن شهاب وجماعة من أهل
الحديث، إن اسم أبي قتادة الحارث بن ربعي. قَالَ ابن
إسحاق: وأهله يقولون اسمه النعمان بن عمرو بن بلدمة.
قَالَ أبو عمر رضي الله عنه: يقولون بلدمة بالفتح، وبلدمة
بالضم، وبلذمة بالذال المنقوطة، والضم أيضًا، يقال لأبي
قتادة فارس رسول الله، وروينا عن النبي صلى الله عليه
وسلم، أنه قَالَ: خير فرساننا أبو قتادة، وخير رجالتنا
سلمة بن الأكوع. قيل: توفي أبو قتادة بالمدينة سنة أربع
وخمسين، والصحيح أنه توفي بالكوفة في خلافة علي رضي الله
عنه، وهو [الذي] [1] صلى عليه، وقد ذكرناه في الكنى، لأنه
ممن غلبت عليه كنيته.
[403) الحارث بن زياد الساعدي
الأنصاري،
مدني كان شاعرًا، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم في حب
الأنصار، وروى عنه حمزة بن أبى أسيد] [2] .
(404) الحارث بن الطفيل بن عَبْد الله بن سخبرة القرشي،
قَالَ أحمد بن زهير: لا يدري [3] من أي قريش هو؟ وقال
الواقدي: هو أزدى،
__________
[1] من ت.
[2] من ت. وفي التقريب: له حديث واحد.
[3] في أسد الغابة: لا أدرى.
(1/289)
ونسبه في الأزد، وسنذكر ذلك في باب الطفيل
أبيه إن شاء الله. والحارث هذا هو ابن أخي عائشة وعبد
الرحمن، ابني أبي بكر لأمهما، لأن الطفيل أباه هو أخو
عائشة لأمها، ولأبيه صحبة ورواية.
(405) الحارث بن مسعود بن عبدة
بن مظهر بن قيس بن أمية بن معاوية بن مالك بن عوف بن عمرو
بن عوف،
له صحبة، قتل يوم جسر أبي عبيد شهيدًا. قَالَ الطبري: صحب
النبي صلى الله عليه وسلم، وقتل يوم الجسر.
(406) الحارث بن مالك ابن
البرصاء،
والبرصاء أمه، ويقال: بل هي جدته أم أبيه، وهي البرصاء بنت
ربيعة بن رباح بن ذي البردين، من بني هلال بن عامر، واسم
البرصاء ريطة، وهو الحارث بن مالك بن قيس بن عوذ من بني
ليث بن بكر، روى عنه عبيد بن جريج والشعبي، وقال العقيلي:
الحارث ابن مالك بن البرصاء القرشي العامري، وهذا وهم من
العقيلي ومن كل من قاله [1] ، والصحيح ما ذكرناه.
(407) الحارث بن مخاشن،
ذكره إسماعيل بن إسحاق عن على بن المديني، قَالَ: الحارث
بن مخاشن من المهاجرين، قبره بالبصرة.
(408) الحارث بن مسلم التميمي،
ويقال: مسلم بن الحارث، روى حديثه الوليد بن مسلم، عن
عَبْد الرحمن بن حسان، عن أبيه عنه.
__________
[1] في أسد الغابة: المعروف بابن البرصاء، وهي أمه. وقيل:
أم أبيه مالك، واسمها ريطة.
(1/290)
واختلف فيه على الوليد بن مسلم، ولم يختلف
فيه على مُحَمَّد بن شعيب، عن عَبْد الرحمن بن حسان، عن
الحارث بن مسلم، عن أبيه مسلم بن الحارث، وهو الصواب إن
شاء الله.
سئل أبو زرعة الرازي عن مسلم بن الحارث أو الحارث بن مسلم.
فقال:
الصحيح [1] الحارث بن مسلم بن الحارث عن أبيه.
(409) الحارث بن نوفل بن
الحارث بن عبد المطلب بن هاشم.
قَالَ مصعب الزبيري: صحب رسول الله صَلَّى الله عليه
وَسَلَّمَ، وولد له على عهده عَبْد الله ابن الحارث الذي
يقال له ببة، اصطلح عليه أهل البصرة حين مات يزيد ابن
معاوية.
وقال الواقدي: كان الحارث بن نوفل على عهد رسول الله صلى
الله عليه وَسَلَّمَ رجلا. وأسلم عند إسلام أبيه نوفل على
عهد رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ، وولد ابنه عَبْد
الله بن الحارث الملقب بببه على عهد رسول الله صَلَّى الله
عليه وَسَلَّمَ، وكانت تحته درة بنت أبي لهب بن عَبْد
المطلب.
وقال غيرهما: ولي أبو بكر الصديق رضي الله عنه الحارث بن
نوفل مكة، ثم انتقل إلى البصرة من المدينة، واختطّ بالبصرة
دارًا في ولاية عَبْد الله بن عامر، ومات بها في آخر خلافة
عثمان.
(410) الحارث بن النعمان بن
أمية بن امرئ القيس،
وهو البرك بن ثعلبة
__________
[1] في أسد الغابة: الصحيح مسلم بن الحارث عن أبيه.
(1/291)
ابن عمرو بن عوف بن مالك بن مالك بن الأوس،
شهد بدرا وأحدا، والحارث ابن النعمان هذا هو عم خوات بن
جبير.
(411) الحارث بن الصمة بن عمرو
بن عتيك بن عمرو بن عامر،
وعامر هذا يقال له مبذول بن مالك بن النجار، يكنى أبا سعد
[1] ، كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ قد آخى
بينه وبين صهيب بن سنان، وكان فيمن خرج مع رسول الله صلى
الله عليه وَسَلَّمَ إلى بدر، فكسر بالروحاء، فرده رسول
الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ وضرب له بسهمه وأجره، وشهد
معه أحدًا فثبت معه يومئذ حين انكشف الناس، وبايعه على
الموت، وقتل عثمان بن عَبْد الله ابن المغيرة يومئذ وأخذ
سلبه، فسلبه [2] رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ ولم
يسلب يومئذ غيره، ثم شهد بئر معونة فقتل يومئذ شهيدًا،
وكان هو وعمرو [3] ابن أمية في السرح، فرأيا الطير تعكف
على منزلهم، فأتوا فإذا أصحابهم مقتولون، فقال لعمرو: ما
ترى؟ قَالَ: أرى أن الحق برسول الله صلى الله عليه
وَسَلَّمَ، فقال الحارث: ما كنت لأتأخر عن موطن قتل فيه
المنذر، فأقبل حتى لحق القوم فقاتل حتى قتل.
قَالَ عَبْد الله بن أبي بكر: ما قتلوه حتى شرعوا له
الرماح فنظموه بها حتى مات، وأسر عمرو بن امية، وفيه يقول
الشاعر يوم بدر:
__________
[1] هكذا في ى، والطبقات، وفي ت: أبا سعيد.
[2] في س: فأعطاه رسول الله السلب، ولم يعط السلب يومئذ
غيره.
[3] في هوامش الاستيعاب: عمر. ثم قال: إنما الّذي كان مع
عمر بن أمية في السرح المنذري محمد بن عقبة، قاله ابن
إسحاق في السيرة.
(1/292)
يا رب إن الحارث بن الصمه ... أهل وفاء
صادق وذمه [1]
أقبل في مهامه ملمه ... في ليلة ظلماء مدلهمه
يسوق بالنبي هادي الأمه ... يلتمس الجنة فيما ثمه
(412) الحارث بن ضرار الخزاعي،
ويقال الحارث بن أبي ضرار المصطلقي، وأخشى أن يكونا اثنين.
(413) الحارث بن عَبْد الله بن سعد بن عمرو [بن قيس بن
عمرو] [2] بن امرئ القيس بن مالك الأغر بن ثعلبة بن كعب بن
الخزرج بن الحارث بن الخزرج،
قتل يوم أحدًا شهيدًا.
(414) الحارث بن عَبْد الله بن وهب الدّوسى،
قدم مع أبيه على النبي صلى الله عليه وسلم في السبعين
الذين قدموا من دوس، فأقام الحارث مع النبي صلى الله عليه
وَسَلَّمَ، ورجع أبوه عَبْد الله إلى السراة، فمات وقبض
النبي صلى الله عليه وسلم والحارث بالمدينة.
هو جد أبي زهير عَبْد الرحمن بن مغراء بن [3] الحارث
الدوسي الرازي المحدث.
(415) الحارث بن عَبْد الله بن أوس الثقفي.
وربما قيل فيه الحارث بن أوس،
__________
[1] في الطبقات:
كان رفيقا وبنا ذا ذمه
[2] ليس في ت.
[3] في ت: بن عياض بن الحارث.
(1/293)
حجازي، سكن الطائف، روى في الحائض: يكون
آخر عهدها الطواف بالبيت.
روى عنه الوليد بن عَبْد الرحمن وعمرو بن عَبْد الله بن
أوس.
(416) الحارث بن عمرو بن مؤمل بن حبيب بن تميم بن عَبْد
الله بن قرط ابن رزاح بن عدي بن كعب القرشي العدوي،
هاجر في الركب الذين هاجروا من بني عدي بن كعب عام خيبر،
وهم سبعون رجلا، وذلك حين أوعبت بنو عدي بالهجرة، ولم يبق
منهم بمكة رجل.
(417) الحارث بن عمرو السهمي،
ويقال الباهلي.
وسهم باهلة غير سهم قريش، يكنى أبا سفينة [1] ، حديثه عند
البصريين، وهو معدود فيهم، له حديث واحد فيه طول، سمع
النبيّ صلى الله عليه وَسَلَّمَ يخطب بمنى أو عرفات، فيه
ذكر المواقيت وذكر الضحية والعتيرة [2] . روى عنه ابن ابنه
زرارة ابن كريم بن الحارث بن عمرو.
(418) الحارث بن عمرو بن غزية
المدني [3] .
توفي سنة سبعين، وهو معدود في الأنصار، وأظنه الحارث بن
غزية الذي روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ:
متعة النساء حرام.
(419) الحارث بن عمرو
الأنصاري،
خال البراء بن عازب. ويقال عم البراء [4] .
__________
[1] في الإصابة والتقريب: يكنى أبا مسقبة- بفتح الميم
وسكون المهملة وفتح القاف والموحدة، صحفه بعضهم، فقال أبو
سفينة. وفي هوامش الاستيعاب: ضبطه ابن مفرح وخلف بن قاسم
في كتاب ابن السكن: أبو مسقبة.
[2] العتيرة: ذبيحة كانوا يذبحونها في العشر الأول من رجب
(صحيح مسلم 1564)
[3] في أسد الغابة: المزني.
[4] في التقريب: وقيل: خاله.
(1/294)
حدثنا عبد الوارث بن سفيان، قال. حدثنا
قاسم بن أصبغ، حدثنا أحمد بن زهير، حَدَّثَنَا عَبْدُ
اللَّهِ بْنُ مُطِيعٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عن أشعث، عن
عدىّ ابن ثَابِتٍ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ:
مَرَّ بى عمّى الحارث بن عمرو، ومعه رَايَةٌ، فَقُلْتُ:
أَيْنَ تُرِيدُ؟ فَقَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ الله صلى الله
عليه وَسَلَّمَ إِلَى رَجُلٍ نَكَحَ امْرَأَةَ أَبِيهِ،
فَأَمَرَنِي أَنْ أَضْرِبَ عُنُقَهُ، وَآخُذَ مَالَهُ.
قَالَ أحمد بن زهير: هكذا قَالَ هشيم عن أشعث عن عدي عن
البراء:
مر بي عمي ...
وقال زيد بن أبي أنيسة عن [1] عدي بن ثابت، عن زيد بن
البراء، عن البراء قَالَ: لقيت عمي، ولم ينسبه.
قَالَ أبو عمر رضي الله عنه غيرهما: يقول في هذا الحديث:
عن عدي عن البراء، لقيت خالي، كذلك قَالَ حفص بن غياث عن
أشعث عن عدي عن البراء وقاله [2] الحسن البجلي، عن عدي بن
ثابت، عن عَبْد الله بن يزيد، عن البراء، وفيه اضطراب يطول
ذكره، فإن كان الحارث بن عمرو هذا هو الحارث بن عمرو بن
غزية كما زعم بعضهم فعمرو بن غزية ممن شهد العقبة، وكان له
فيما يقول أهل النسب أربعة من الولد كلهم صحب النبي صلى
الله عليه وسلم، وهم: الحارث، وعبد الرحمن، وزيد، وسعيد،
بنو عمرو ابن غزية، وليس لواحد منهم رواية إلا الحارث،
هكذا زعم بعض من ألف في الصحابة وفيما من ذلك نظر.
__________
[1] في أسد الغابة: عن أشعث عن عدي.
[2] في ى: وقال. والمثبت من ت.
(1/295)
وقد روى عن النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ،
الحجاج بن عمرو بن غزية لا يختلفون في ذلك، وما أظنّ
الحارث هذا هو ابن عمرو [1] بن غزية، والله أعلم.
وقد روى الشعبي عن البراء بن عازب قال: كان اسم خالي
قليلا، فسماه رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ كثيرًا،
وقد يمكن أن يكون له أخوال وأعمام.
(420) الحارث بن أبي صعصعة،
أخو قيس بن أبي صعصعة، واسم أبي صعصعة عمرو بن زيد بن عوف
بن مبذول بن غنم بن مازن بن النجار، قتل يوم اليمامة
شهيدًا، وله ثلاثة إخوة: قيس، وأبو كلاب، وجابر. وقتل أبو
كلاب وجابر يوم مؤتة شهيدين.
(421) الحارث بن عوف،
أبو واقد الليثي، ويقال الحارث بن مالك.
ويقال عوف بن الحارث، والأول أصح، وهو مشهور بكنيته، وقد
ذكرناه في الكنى.
(422) الحارث بن عوف المري [2]
،
قدم على رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ، فأسلم وبعث
معه رجلا من الأنصار إلى قومه ليسلموا، فقتل الأنصاري، ولم
يستطع الحارث على المنع منه [3] . وفيه يقول حسان بن ثابت
رضى الله عنه [4] .
__________
[1] في أسد الغابة: هو عمرو بن غزية.
[2] في الإصابة: المزني.
[3] هكذا في ى، ت. وفي أسد الغابة: ولم يستطع الحارث أن
يمنع عنه.
[4] ديوانه: 210
(1/296)
يا حار من يغدر بذمة جاره ... منكم فإن
محمدا لا يغدر [1]
وأمانة المري- ما استودعته- ... مثل الزجاجة صدعها لا يجبر
فجعل الحارث يعتذر، وبعث القاتل إبلا في دية الأنصاري،
فقبلها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
ودفعها إلى ورثته.
(423) الحارث بن عدي بن خرشة
بن أمية بن عامر بن خطمة الأنصاري الخمى،
قتل يوم أحد شهيدا، لم يذكره ابن إسحاق.
(424) الحارث بن عدي بن مالك بن حرام بن معاوية الأنصاري
المعاوي.
شهد أحدًا، وقتل يوم جسر أبي عبيد شهيدًا.
(425) الحارث بن عقبة بن
قابوس،
قدم مع عمه وهب بن قابوس من جبل مزينة بغنم لهما المدينة،
فوجداها خلوا، فسألا أين الناس؟ فقيل:
بأحد يقاتلون المشركين، فأسلما، ثم خرجا، فأتيا النَّبِيّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقاتلا المشركين قتالا
شديدًا حتى قتلا، رحمه الله عليهما.
(426) الحارث بن عتيك بن
النعمان بن عمرو بن عتيك بن مبذول،
وهو عامر ابن مالك بن النجار، وهو أخو سهل بن عتيك الذي
شهد بدرًا، والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه
وسلم، وكان الحارث بن عتيك يكنى أبا أخزم. قتل يوم جسر أبي
عبيد شهيدًا. ذكره الواقدي، والزبير [2] .
(427) الحارث بن عمير الأزدي،
أحد بني لهب، بعثه رسول الله صلى الله
__________
[1] في ت والديوان: لم يغدر، ولم يجبر.
[2] في الإصابة: شهد أحدا والمشاهد.
(1/297)
عليه وَسَلَّمَ، بكتابه إلى الشام، إلى ملك
الروم، وقيل: إلى صاحب بصرى، فعرض له شرحبيل بن عمرو
الغساني، فأوثقه رباطًا، ثم قدم فضربت عنقه صبرا، ولم يقتل
لرسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ رسول غيره، فلما اتصل
برسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ خبره بعث البعث الذي
بعثه إلى مؤتة، وأمر عليهم زيد بن حارثة، في نحو ثلاثة
آلاف، فلقيتهم الروم في نحو مائة ألف.
(428) الحارث بن عَبْد قيس بن لقيط بن عامر بن أمية بن ظرب
بن الحارث ابن فهر،
كان من مهاجرة الحبشة، هو وأخوه سعيد [1] بن عَبْد القيس.
(429) الحارث بن عرفجة بن
الحارث بن كعب بن النحاط [2] بن كعب بن حارثة بن غنم بن
السلم بن امرئ القيس بن مالك بن الأوس الأنصاري،
شهد بدرًا، فيما ذكره موسى بن عقبة والواقدي وابن عمارة،
ولم يذكره [3] ابن إسحاق، وأبو معشر في البدريين.
(430) الحارث بن عمر [4]
الهذلي،
ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
روى عن عمرو ابن مسعود أحاديث، وتوفي سنة سبعين، فيما ذكر
الواقدي.
(431) الحارث بن غطيف الكندي،
يكنى أبا غطيف.
ويقال فيه غضيف بن الحارث.
__________
[1] في ى: سعد. والمثبت من ت، والطبقات.
[2] في ى: النجار. والمثبت من ت، والطبقات، وأسد الغابة.
[3] في هوامش الاستيعاب: لي قد ذكره ابن إسحاق.
[4] في ت: عمرو.
(1/298)
قال يحيى بن معين: الصواب الحارث بن غطيف
نزل حمص، حديثه عند أهل الشام.
(432) الحارث بن غزية،
سمع النبي صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يقول يوم فتح
مكة: متعة النساء حرام ثلاث مرات. حديثه هذا عند إسحاق بن
أبي فروة، عن عَبْد الله بن رافع عنه.
والحارث بن غزية هو القائل يوم الجمل: يا معشر الأنصار،
انصروا أمير المؤمنين آخرًا كما نصرتم رسول الله صَلَّى
الله عليه وَسَلَّمَ أولا، والله إن الآخرة تشبه [1]
بالأولى، إلا أن الأولى أفضلهما.
(433) الحارث بن قيس بن عدي بن
سعد بن سهم القرشي،
كان أحد أشراف قريش في الجاهلية، وإليه كانت الحكومة
والأموال التي كانوا يسمونها لآلهتهم، ثم أسلم [2] وهاجر
إلى أرض الحبشة مع بنيه الحارث وبشر ومعمر.
(434) الحارث بن قيس بن خلدة
[3] بن مخلد بن عامر بن زريق،
أبو خالد الأنصاري الزرقي، غلبت عليه كنيته، شهد العقبة
وبدرًا، وقد ذكرناه في الكنى.
(435) الحارث بن قيس بن عميرة
الأسدي.
أسلم وعنده ثانى نسوة.
__________
[1] في ت: لشبيهة.
[2] في هوامش الاستيعاب: وما ذكر أنه أسلم إلا أبو عمر.
[3] في ت: خالد.
(1/299)
ويقال: قيس بن الحارث، اختلفوا فيه، ليس له
إلا حديث واحد، ولم يأت من وجه صحيح، روى عنه، حميضة [1]
بن الشمردل.
(436) الحارث بن سويد،
ويقال: ابن مسلمة [2] المخزومي. ارتد على عهد رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، ولحق بالكفار، فنزلت هذه
الآية [3] :
كَيْفَ يَهْدِي الله قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ
3: 86، إلى قوله تعالى: إِلَّا الَّذِينَ تابُوا. 3: 89
فحمل رجل هذه الآيات، فقرأهن عليه. فقال الحارث: والله ما
علمتك إلا صدوقًا وإن الله لأصدق الصادقين. فرجع وأسلم
وحسن إسلامه.
روى عنه مجاهد، وحديثه هذا عند جعفر بن سليمان عن حميد
الأعرج عن مجاهد.
(437) الحارث بن سهل بن أبي صعصعة الأنصاري،
من بني مازن بن النجار، استشهد يوم الطائف.
(438) الحارث بن أبي سبرة.
هو والد سبرة، هو ابن الحارث بن أبى سبرة، وربما قيل سبرة
بن أبي سبرة، ينسب إلى جده، وقد قيل: إن والد سبره بن أبي
سبرة يزيد بن أبي سبرة، والله أعلم.
(439) الحارث بن شريح بن ذؤيب
بن ربيعة بن عامر بن خويلد [4] المنقري التميمي،
قدم على النبي صلى الله عليه وسلم في وفد بني منقر مع قيس
بن عاصم فأسلموا.
__________
[1] في ى: حميصة. والمثبت من ت، والتقريب.
[2] في ت، وأسد الغابة: ابن مسلم.
[3] سورة آل عمران آية 86، وما بعدها.
[4] في أسد الغابة: بن ربيعة.
(1/300)
حديثه عند دلهم بن دهثم العجليّ عن عائذ بن
ربيعة عنه.
وقد قيل إنه نميري، وقدم على النبي صَلَّى اللَّهُ عليه
وَسَلَّمَ في وفد بني نمير.
(440) الحارث بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو [1]
بن مخزوم القرشي المخزومي، يكنى أبا عَبْد الرحمن، وأمه أم
الجلاس أسماء بنت مخربة [2] بن جندل بن أبين [3] بن نهشل
بن دارم، شهد بدرًا كافرًا مع أخيه شقيقه أبي جهل، وفر
حينئذ، وقتل أخوه وعير الحارث بن هشام لفراره ذلك، فمما
قيل فيه قول حسّان بن ثابت [4] :
إن كنت كاذبة [5] بما حدثتني ... فنجوت منجى الحارث بن
هشام
ترك الأحبّة أن يقاتل دونهم ... ونجا برأس طمرة [6] ولجام
فاعتذر الحارث بن هشام من فراره يومئذ بما زعم الأصمعي أنه
لم يسمع بأحسن من اعتذاره ذلك من فراره، وهو قوله [7] :
الله يعلم ما تركت قتالهم ... حتى رموا فرسي بأشقر مزبد
[8]
ووجدت [9] ريح الموت من تلقائهم ... في مأزق والخيل لم
تتبدّد
__________
[1] هكذا في ى، ت: وفي الطبقات والتقريب، وأسد الغابة
وتهذيب التهذيب: عمر.
[2] في الإصابة: أمه فاطمة بنت الوليد بن المغيرة.
[3] في ى: أعين. والمثبت من ت، وتهذيب التهذيب، وأسد
الغابة.
[4] ديوانه: 363.
[5] في الديوان: كاذبة الّذي حدثتني.
[6] الطمرة: الفرس الكثير الجرى.
[7] ديوان حسان: 366، وفي هوامش الاستيعاب: وروى هذا الشعر
أيضا للحارث بن خالد المخزومي.
[8] الأشقر المزبد: الدم، ولعله يريد أن فرسه جرح فعلاه
دمه.
[9] في الديوان: وشممت.
(1/301)
فعلمت [1] أني إن أقاتل واحدًا ... أقتل
ولا ينكي [2] عدوي مشهدي
فصدفت [3] عنهم والأحبة دونهم [4] ... طمعًا لهم بعقاب يوم
مفسد [5]
ثم غزا أحدًا مع المشركين أيضًا، ثم أسلم يوم الفتح وحسن
إسلامه، وكان من فضلاء الصحابة وخيارهم، وكان من المؤلفة
قلوبهم، وممن حسن إسلامه منهم.
وروينا أن أم هانئ بنت أبي طالب استأمنت له النبي صَلَّى
اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فأمنه يوم الفتح، وكانت إذ أمنته
قد أراد على قتله، وحاول أن يغلبها عليه، فدخل النبيّ صلى
الله عليه وَسَلَّمَ منزلها ذلك الوقت، فقالت: يا رسول
الله، ألا ترى إلى ابن أمي يريد قتل رجل أجرته؟ فقال رسول
الله صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ: قد أجرنا من أجرت وأمنا
من أمنت، فأمنه. هكذا قَالَ الزبير وغيره، وفى حديث مالك
وغيره أن الذي أجارته بعض بني زوجها هبيرة بن أبى وهب
وأسلم الحارث فلم ير منه في إسلامه شيء يكره، وشهد مع رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ حنينًا، فأعطاه مائة
من الإبل كما أعطى المؤلفة قلوبهم.
وروى أن رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ ذكر الحارث بن
هشام وفعله
__________
[1] في ت، والديوان: وعلمت.
[2] في الإصابة: ولا يبكى. وفي ت: ولا يضرر.
[3] في الإصابة: ففررت منهم. وفي الديوان: فصدرت.
[4] في الديوان: فيهم.
[5] في الإصابة والديوان: يوم مرصد.
(1/302)
في الجاهلية في قرى الضيف وإطعام الطعام،
فقال: إن الحارث لسري، وإن كان أبوه لسريا، ولوددت أن الله
هداه إلى الإسلام. وخرج إلى الشام في زمن عمر بن الخطاب
راغبًا في الرباط والجهاد، فتبعه أهل مكة يبكون لفراقه،
فقال: إنها النقلة إلى الله، وما كنت لأوثر عليكم أحدًا.
فلم يزل بالشام مجاهدًا حتى مات في طاعون عمواس سنة ثمان
عشرة.
وقال المدائني: قتل الحارث بن هشام يوم اليرموك، وذلك في
رجب سنة خمس عشرة، وفي الحارث بن هشام يقول الشاعر:
أحسبت أن أباك يوم تسبني ... في المجد كان الحارث بن هشام
أولى قريش بالمكارم كلها ... في الجاهلية كان والإسلام
وأنشد الشاعر أبو زيد عمر بن شبة للحارث بن هشام:
من كان يسأل عنا أين منزلنا ... فالأقحوانة منا منزل قمن
إذ نلبس العيش صفوًا لا يكدره ... طعن الوشاة ولا ينبو بنا
الزمن
وخلف عمر بن الخطاب رضي الله عنه على امرأته فاطمة بنت
الوليد ابن المغيرة، وهي أم عَبْد الرحمن بن الحارث بن
هشام، وقالت طائف من أهل العلم بالنسب: لم يبق من ولد
الحارث بن هشام إلا عَبْد الرحمن بن الحارث، وأخته أم حكيم
بنت حكيم بنت الحارث بن هشام.
روى ابن مبارك، عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ شَيْبَانَ، عَنْ
أَبِي نَوْفَلِ بن أبى عقرب
(1/303)
قال: خَرَجَ الْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ مِنْ
مَكَّةَ، فَجَزِعَ أَهْلُ مَكَّةَ جَزَعًا شَدِيدًا،
فَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ يَطْعَمُ إِلا وَخَرَجَ مَعَهُ
يُشَيِّعُهُ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِأَعْلَى الْبَطْحَاءِ
أَوْ حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ، وَقَفَ وَوَقَفَ
النَّاسُ حَوْلَهُ يَبْكُونَ، فَلَمَّا رَأَى جَزَعَ
النَّاسِ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي وَاللَّهِ
مَا خَرَجْتُ رَغْبَةً بِنَفْسِي عَنْ أَنْفُسِكُمْ، وَلا
اخْتِيَارَ بَلَدٍ عَلَى بَلَدِكُمْ، وَلَكِنْ كَانَ هَذَا
الأَمْرُ، فَخَرَجَتْ فِيهِ رِجَالٌ مِنْ قُرَيْشٍ،
وَاللَّهِ مَا كَانُوا مِنْ ذَوِي أَسْنَانِهَا وَلا مِنْ
بِيُوتَاتِهَا فَأَصْبَحْنَا وَاللَّهِ لَوْ [1] أَنَّ
جِبَالَ مَكَّةَ ذَهَبٌ فَأَنْفَقْنَاهَا [2] فِي سَبِيلِ
اللَّهِ مَا أَدْرَكْنَا يَوْمًا مِنْ أَيَّامِهِمْ،
واللَّهِ لَئِنْ فَاتُونَا بِهِ فِي الدُّنْيَا
لَنَلْتَمِسَنَّ أَنْ نُشَارِكَهُمْ بِهِ فِي الآخِرَةِ
فَاتَّقَى اللَّهَ امْرُؤٌ.
فتوجه إلى الشام واتبعه ثقلة فأصيب شهيدًا.
روى [3] أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ
هِشَامٍ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: يَا
رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنِي بِأَمْرٍ أَعْتَصِمُ بِهِ.
فَقَالَ: امْلِكْ عَلَيْكَ هَذَا، وَأَشَارَ إِلَى
لِسَانِهِ، قَالَ: فَرَأَيْتُ أَنَّ ذَلِكَ يَسِيرٌ.
وَمِنْ رِوَايَةِ ابْنِ شِهَابٍ لِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْهُ
مَنْ يَقُولُ: قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ:
فَرَأَيْتُ أَنَّ ذَلِكَ شَيْءٌ يَسِيرٌ، وَكُنْتُ رَجُلا
قَلِيلَ الْكَلامِ، وَلَمْ أَفْطِنْ لَهُ، فَلَمَّا رمته
فإذا [4] لا شيء أشدّ منه.
__________
[1] في ت، وأسد الغابة: ولو.
[2] في ى، ت: أنفقنا.
[3] في ت: «رَوَى عَنْهُ أَبُو نَوْفَلِ بْنُ أَبِي
عَقْرَبٍ مُعَاوِيَةُ بْنُ مُسْلِمٍ الْكِنَانِيُّ.
وَرَوَى عَنْهُ ابْنُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ
الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ وَذَكَرَ الزُّهْرِيُّ أَنَّ
عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَعْدٍ الْمُقْعَدَ حدثه أَنَّ
عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ أخيره..
[4] في أسد الغابة: فإذا هو لا شَيْءَ أَشَدَّ مِنْهُ.
(1/304)
(439) الحارث بن هشام الجهني، أبو عَبْد
الرحمن،
حديثه عند أهل مصر.
(440) الحارث بن يزيد القرشي
العامري،
من بني عامر بن لؤي، فيه نزلت [1] :
وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا
خَطَأً 4: 92. وذلك لأنه خرج مهاجرًا إلى النبي صَلَّى
الله عليه وَسَلَّمَ، فلقيه عياش بن أبي ربيعة بالحرة،
وكان ممن يعذبه بمكة مع أبي جهل، فعلاه بالسيف وهو يحسبه
كافرًا، ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ فأخبره،
فنزلت: وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً
إِلَّا خَطَأً 4: 92، فقرأها النبي صلى الله عليه وسلم، ثم
قال لعيّاش: قم فحرّر.
(441) الحارث بن يزيد بن أنسة،
ويقال ابن أنيسة [2] ، وهو الذي لقيه عياش بن أبي ربيعة
بالبقيع عند قدومه المدينة، وذلك قبل أحد، هكذا ذكره أبو
حاتم.
(442) الحارث المليكي،
روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: الخيل معقود
في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، وأهلها معانون عليها
... الْحَدِيثُ. حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ
سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ،
قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الأُسْتَانِيُّ
أَبُو مُحَمَّدٍ: قَدِمَ بَغْدَادَ وَنَحْنُ بِهَا مِنَ
الشَّامِ، فَأَمْلَى عَلَيْنَا قَالَ: أَبُو جَعْفَرٍ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ
النُّفَيْلِيُّ الْحَرَّانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ
بْنُ سِنَانٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
الْحَارِثِ الْمُلَيْكِيِّ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ
عَنِ النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ، قَالَ: الْخَيْلُ
مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ وَالنَّيْلُ إِلَى
يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَأَهْلُهَا مُعَانُونَ عَلَيْهَا.
(443) الحارث أبو عَبْد الله،
روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي
الصلاة عَلَى الميت، حديثه عند علقمة بن مرثد عن عبد الله
[3] بن الحارث عن أبيه.
__________
[1] سورة النساء، آية 92.
[2] في ت، والإصابة: ابن أنيسة، ويقال: ابن أبي أنيسة.
[3] في أسد الغابة: عن عبيد للَّه.
(1/305)
باب حارثة
(443) حارثة بن النعمان بن نفع
[1] ، بن زيد بن عبيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك ابن النجار
الأنصاري،
يكنى أبا عَبْد الله، شهد بدرا وأحدا والخندق، والمشاهد
كلها مع رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ، وكان من فضلاء
الصحابة.
ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ،
عَن الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أخبرنى عبد الله ابن عَامِرِ
بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ النُّعْمَانِ قَالَ:
مَرَرْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم
ومعه جبرئيل عَلَيْهِ السَّلامُ جَالِسٌ بِالْمَقَاعِدِ،
فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَجُزْتُ [2] . فَلَمَّا رَجَعْتُ
وَانْصَرَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ لِي: هَلْ رَأَيْتَ الَّذِي كَانَ معى؟ قلت: نعم.
قال: فإنه جبرئيل، وَقَدْ رَدَّ عَلَيْكَ السَّلامَ. وَفِي
حَديِثِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَرَّ حَارِثَةُ بْنُ
النُّعْمَانِ عَلَى النبيّ صلى الله عليه وسلم، ومعه
جبرئيل يناجيه فلم يسلم، فقال له جبرئيل: مَا مَنَعَهُ
أَنْ يُسَلِّمْ؟ أَمَا إِنَّهُ لَوْ سَلَّمَ لَرَدَدْتُ
عَلَيْهِ. فَلَمَّا رَجَعَ حَارِثَةُ سَلَّمَ، فقال له
رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ: مَا مَنَعَكَ أَنْ
تُسَلِّمَ حِينَ مَرَرْتَ؟ قَالَ: رَأَيْتُ مَعَكَ
إِنْسَانًا تُنَاجِيهِ، فَكَرِهْتُ أَنْ أَقْطَعَ
حَدِيثَكَ. فَقَالَ: أَوَقَدْ رَأَيْتَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ.
قال: أما إنّ ذلك جبرئيل، وَقَالَ: أَمَا إِنَّهُ لَوْ
سَلَّمَ لَرَدَدْتُ عَلَيْهِ ... وذكر تمام الخبر.
__________
[1] في ى: نفع- بالقاف. والمثبت من ت، والطبقات. وفي هوامش
الاستيعاب:
نفع- بالفاء قيده طارق بن عبد العزيز. وفي الإصابة: نفيع.
[2] في ت: وجزت معه.
(1/306)
وذكر عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن
عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صلى الله عليه وَسَلَّمَ: نِمْتُ فَرَأَيْتُنِي فِي
الْجَنَّةِ فَسَمِعْتُ صَوْتَ قَارِئٍ، فَقُلْتُ: مَنْ
هَذَا؟ قَالُوا: صَوْتُ حَارِثَةَ بْنِ النُّعْمَانِ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ:
كَذَلِكَ الْبِرُّ [، كَذَلِكَ الْبِرُّ [1]] . وَكَانَ
أَبَرَّ النَّاسِ بِأُمِّهِ. وأمه فيما يقولون: جعدة بنت
عبيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار.
قيل: إنه توفي في خلافة معاوية، قاله خليفة وغيره، وهو جد
أبي الرجال فيما يقول بعضهم.
وقال عطاء الخراساني، عن عكرمة: فيمن شهد بدرًا حارثة بن
النعمان من بني مالك بن النجار، يزعمون أنه رأى جبرئيل
عليه السلام.
قَالَ أبو عمر: كان حارثة بن النعمان قد ذهب بصره فاتخذ
خيطًا [2] من مصلاه إلى باب حجرته، ووضع عنده مكتلا فيه
تمر، فكان إذا جاءه المسكين يسأل أخذ من ذلك المكتل، ثم
أخذ بطرف الخيط [3] حتى يناوله، وكان أهله يقولون له: نحن
نكفيك. فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ
يقول: مناولة المسكين تقي ميته السوء.
(444) حارثة بن سراقة بن الحارث بن عدي بن مالك بن عدي بن
عامر بن غنم بن عدي بن النجار.
أمه أم [4] حارثة عمة أنس بن مالك، شهد بدرًا،
__________
[1] من ت.
[2] في ت: حائطا.
[3] في ت: بطرف الحائط.
[4] في أسد الغابة: أمه الربيع بنت النضر عمة أنس بن مالك.
وفي الطبقات: وأمه.
أم حارثة، واسمها الربيع بنت النضر.
(1/307)
وقتل يومئذ شهيدًا، قتله حبان بن العرقة
[1] بسهم، وهو يشرب من الحوض. وكان خرج نظارًا يوم بدر.
فرماه فأصاب حنجرته فقتل [2] .
وهو أول قتيل قتل يومئذ ببدر من الأنصار.
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بن سفيان، قال حدثنا قاسم بن
أصبغ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ،
قَالَ حَدَّثَنَا مَحْبُوبُ بْنُ مُوسَى أَبُو صَالِحٍ [3]
. وَحَدَّثَنَا عبد الوارث قال: حدثنا قاسم، قال: حدثنا
مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ
الْمَلِكِ بن حبيب المصيصي، قال [4] : أخبرنا أَبُو
إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ،
قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ: أُصِيبَ
حَارِثَةُ بْنُ سُرَاقَةَ يَوْمَ بَدْرٍ، وَهُوَ غُلامٌ،
فَجَاءَتْ أمّه إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ عَلِمْتَ
مَنْزِلَةَ حَارِثَةَ مِنِّي، فَإِنْ يَكُ فِي الْجَنَّةِ
أَصْبِرُ وَأَحْتَسِبُ، وَإِنْ تَكُنِ الأُخْرَى تَرَ مَا
أَصْنَعُ. فَقَالَ: ويحك أو جنة وَاحِدَةٌ، إِنَّمَا هِيَ
جِنَانٌ كَثِيرَةٌ، وَإِنَّهُ فِي جنة الفردوس.
(445) حارثة بن وهب الخزاعي،
أخو عبيد الله بن عمر بن الخطاب لأمه.
روى عنه أبو إسحاق السبيعي، ومعبد بن خالد الجهني، يعد في
الكوفيين.
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو داود النّفيلى،
__________
[1] في ى: حيان بن العرفة، وهو تحريف صوابه من ت،
والطبقات، والقاموس (عرق) .
قال: وقد تفتح راء العرقة.
[2] في ت: فما قتل.
[3] في ى: ابن صالح، والمثبت من ت، وتهذيب التهذيب.
[4] في ت: قالا.
(1/308)
حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا
أَبُو إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَارِثَةُ بْنُ وَهْبٍ
الْخُزَاعِيُّ، وَكَانَتْ أُمُّهُ تَحْتَ عُمَرَ بْنِ
الْخَطَّابِ، فَوَلَدَتْ لَهُ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ
عُمَرَ، قَالَ:
صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ
بِمِنًى وَالنَّاسُ أَكْثَرُ مَا كَانُوا، فَصَلَّى بِنَا
رَكْعَتَيْنِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ.
وروى عنه معبد بن خالد حديثا مرفوعًا: أهل الجنة كل ضعيف
مستضعف [1] لو أقسم على الله لأبره، وأهل النار كل عتل
جواظ متكبر [2] .
(446) حارثة بن عمرو الأنصاري،
من بني ساعدة، قتل يوم أحد شهيدًا.
(447) حارثة وحصن ابنا قطن، بن
زابر [3] بن كعب بن حصن بن عليم الكلبي،
من قضاعة، ذكرهما ابن الكلبي فيمن وفد على رسول الله
صَلَّى الله عليه وسلم من قضاعة، وكتب لهما كتابًا: من
مُحَمَّد رسول الله لحارثة وحصن ابني قطن لأهل العراق [4]
من بني جناب من الماء الجاري العشر ومن العثري [5] نصف
العشر في السنة في عمائر كلب.
(448) حارثة بن مالك بن غضب بن
جشم بن الخزرج،
ثم من بني مخلد بن عامر بن زريق الأنصاري الزرقي. ذكره
الواقدي فيمن شهد بدرا. [6]
__________
[1] في أ: متضعف.
[2] العتل: هو الشديد الجافي. الجواظ: الكثير اللحم
المختال في مشيه. وقيل: القصير البطين (النهاية، وأسد
الغابة) .
[3] في هوامش الاستيعاب: زابر- بالباء الموحدة، قيده الدار
قطنى. وفي الإصابة:
زابر بن حصن بن كعب بن عليم بن جناب الكلبي.
[4] في أسد الغابة: لأهل الموات.
[5] في ى، ت: العشرى. والعثرى من النخيل الّذي يشرب بعروقه
من ماء المطر يجتمع في حفيرة (النهاية) .
[6] في هوامش الاستيعاب: قال الذهبي في تجريده: حارثة بن
مالك هذا ثم قال: وهم فيه ابن عبد البر من وجهين: أحدهما،
وهو أفحش الخطأ- أنه جاهلى قديم بينه وبين أولاده من
الصحابة نحو ثمانية أولاد أو تسعة، فكيف يصح وجوده في زمن
النبي صلى الله عليه وسلم.
الثاني أن اسمه عبد حارثة!
(1/309)
(449) حارثة بن عدي بن أمية بن الضبيب،
ذكره بعضهم في الصحابة، وهو مجهول لا يعرف، وقد ذكره
البخاري [وابن أبى حاتم] [1]
(450) حارثة بن حمير، الأشجعي،
حليف لبني سلمة من الأنصار. وقيل حليف لبني الخزرج، ذكره
موسى بن عقبة فيمن شهد بدرًا هو وأخوه عَبْد الله بن حمير،
ذكر يونس بن بكير عن ابن إسحاق فيمن شهد بدرًا حارثة بن
خمير بالخاء المنقوطة فيما ذكر الدارقطني. وأما إبراهيم بن
سعد فذكر عن ابن إسحاق فيمن شهد بدرًا خارجة بن حمير وعبد
الله بن حمير من أشجع، حليفان لبني سلمة، هكذا قَالَ خارجة
مكان حارثة، والله أعلم.
باب حازم
(451) حازم بن حرملة بن مسعود
الغفاري.
ويقال الأسلمي. له حديث واحد أن النبي صَلَّى اللَّهُ عليه
وَسَلَّمَ قَالَ له: يا حازم، أكثر من قول لا حول ولا قوة
إلا باللَّه، فإنها كنز من كنوز الجنة. يعد في أهل
المدينة.
روى عنه مولاه أبو زينب.
(452) حازم بن حزام [2]
الخزاعي.
ذكره العقيلي في الصحابة، مخرج حديثه عن ولده مُحَمَّد [3]
بن سليمان بن عقبة بن شبيب بن حازم بن حزام.
__________
[1] ليس في ت.
[2] هكذا في ى، أ. وفي ت: حرام- بالراء. وفي أسد الغابة:
ابن حرام. وقيل: حزام.
[3] هكذا في ى، أ، ت. وفي أسد الغابة: جعله ابن مندة وغيره
مدرك بن سليمان.
وقال الدار قطنى وعبد الغنى: محمد بن سليمان بدل مدرك بن
سليمان.
(1/310)
(453) حازم بن أبي حازم الأحمسي،
أخو قيس بن أبي حازم، واسم أبي حازم عَبْد عوف بن الحارث،
وكان حازم وقيس أخوه مسلمين على عهد رسول الله صلى الله
عليه وَسَلَّمَ، ولم يرياه، وقتل حازم بصفين مع علي رضي
الله عنه تحت راية أحمس وبجيلة يومئذ.
باب حاطب
(454) حاطب بن عمرو بن عتيك بن
أمية بن زيد بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف بن مالك بن
الأوس.
شهد بدرًا، ولم يذكره ابن إسحاق في البدريين.
(455) حاطب بن عمرو بن عبد شمس
بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل ابن عامر بن لؤي،
أخو سهيل بن عمرو، وسليط بن عمرو، والسكران ابن عمرو،
وذكره ابن عقبة فيمن شهد بدرًا من بني عامر بن لؤي.
وأسلم حاطب بن عمرو قبل دخول رسول الله صَلَّى الله عليه
وَسَلَّمَ دار الأرقم، وهاجر إلى أرض الحبشة الهجرتين
جميعًا في رواية ابن إسحاق والواقدي.
وروى الواقدي عن سليط بن مسلم العامري، عن عَبْد الرحمن بن
إسحاق، عن أبيه قَالَ: أول من قدم أرض الحبشة حاطب بن عمرو
بن عَبْد شمس في الهجرة الأولى.
قَالَ الواقدي: وهو الثابت عندنا، وذكره ابن إسحاق
والواقدي فيمن شهد بدرًا.
(1/311)
(456) حاطب بن
الحارث بن معمر بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح القرشي
الجمحي.
مات بأرض الحبشة، وكان خرج إليها مع امرأته فاطمة بنت
المجلل بن عَبْد الله بن أبي قيس القرشية العامرية، وولدت
له هناك ابنيه مُحَمَّد بن حاطب، والحارث بن حاطب، وأتى
بهما من هناك غلامين.
(457) حاطب بن أبي بلتعة اللخمي،
من ولد لخم بن عدي في قول بعضهم.
يكنى أبا عَبْد الله وقيل يكنى أبا مُحَمَّد، واسم أبي
بلتعة عمرو [بن عمير بن سلمة بن عمرو [1]] ، وقيل حاطب بن
عمرو بن راشد بن معاذ اللخمي، حليف قريش، ويقال: إنه من
مذحج، وقيل: هو حليف الزبير بن العوام.
وقيل: كان عبدا لعبيد [2] الله بن حميد بن زهير بن الحارث
بن أسد [3] بن عبد العزى بن قصي، فكاتبه فأدى كتابته يوم
الفتح، وهو من أهل اليمن.
والأكثر أنه حليف لبني أسد بن عَبْد العزى.
شهد بدرًا، والحديبية، ومات سنة ثلاثين بالمدينة، وهو ابن
خمس وستين سنة، وصلى عليه عثمان، وقد شهد الله لحاطب بن
أبي بلتعة بالإيمان في قوله [4] : يا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ
60: 1. وذلك إن حاطبًا كتب إلى أهل مكة قبل حركة رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم إليها عام الفتح يحبرهم ببعض
ما يريد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم بهم من
__________
[1] ليس في أ، ت.
[2] في ى: لعبد الله. والمثبت من أ، ت، وأسد الغابة.
[3] في ت: راشد. وفي أمثل ى.
[4] سورة الممتحنة، آية 1.
(1/312)
الغزو إليهم، وبعث بكتابه مع امرأة، فنزل
جبريل عليه السلام بذلك على النبي صَلَّى الله عليه
وَسَلَّمَ. فبعث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ في طلب المرأة علي بن أبي طالب رضي الله عنه،
وآخر معه. قيل المقداد بن الأسود، وقيل الزبير بن العوام،
فأدركا المرأة بروضة خاخ [1] ، فأخذا الكتاب، ووقف [2]
رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ حاطبًا، فاعتذر إليه،
وقال:
ما فعلته رغبة عن ديني، فنزلت فيه آيات من صدر سورة
«الممتحنة» ، وأراد عمر بن الخطاب قتله، فقال له رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: إنه شهد بدرًا ... الحديث.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا
قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، قال: حدثنا الحارث ابن أَبِي
أُسَامَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ،
وَيُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالا:
أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي
الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ: أَنَّ عَبْدًا لِحَاطِبٍ جَاءَ
إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يَشْتَكِي
حَاطِبًا، وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَيَدْخُلَنَّ
حَاطِبٌ النَّارَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله
عليه وَسَلَّمَ: كَذَبْتَ، لا يَدْخُلُ النَّارَ أَحَدٌ
شَهِدَ بَدْرًا، وَالْحُدَيْبِيَةَ.
وَرَوَى [3] الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ
جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ مِثْلَهُ. وروى يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة،
عن أبي هريرة قال: جاء غلام
__________
[1] روضة خاخ: بقرب حمراء الأسد من المدينة (ياقوت) .
[2] في أ: وواقف.
[3] في ت: وروى عن الأعمش.
(1/313)
لحاطب بن أبي بلتعة إلى رسول الله صلى الله
عليه وَسَلَّمَ، فقال: لا يدخل حاطب الجنة، وكان شديدًا
على الرقيق، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: لا يدخل النار أحد شهد بدرا والحديبية. قَالَ
أبو عمر رضي الله عنه: ما ذكر يحيى بن أبي كثير في حديثه
هذا من أن حاطبًا كان شديدًا على الرقيق، يشهد له ما في
الموطأ من قول عمر لحاطب حين انتحر رقيقه ناقة لرجل من
مزينة: أراك تجيعهم، وأضعف عليه القيمة على جهة الأدب
والردع.
وكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد بعث
حاطب بن أبي بلتعة في سنة ست من الهجرة إلى المقوقس صاحب
مصر والإسكندرية، فأتاه من عنده بهدية، منها مارية
القبطية، وسيرين أختها، فاتخذ رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مارية لنفسه، فولدت له إبراهيم ابنه
على ما ذكرنا من ذلك في صدر هذا الكتاب، ووهب سيرين لحسان
بن ثابت، فولد له [1] عَبْد الرحمن.
وبعث أبو بكر الصديق حاطب بن أبى بلتعة أيضا إلى المقوقس
بصر، فصالحهم، ولم يزالوا كذلك حتى دخلها عمرو بن العاص
فنقض الصلح [وقاتلهم] [2] وافتتح مصر، وذلك سنة عشرين في
خلافة عمر.
وروى حاطب بن أبي بلتعة عن النبي صَلَّى الله عليه وسلم
أنه قال: من رآني
__________
[1] في أ، ت: فولدت.
[2] من أ، ت.
(1/314)
بعد موتي فكأنما رآني في حياتي، ومن مات في
أحد الحرمين بعث في الآمنين يوم القيامة. لا أعلم له غير
هذا الحديث.
وَرَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ أَسْلَمَ
عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ
حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ، قَالَ:
بَعَثَنِي رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الْمُقَوْقِسِ
مَلِكِ الإِسْكَنْدَرِيَّةِ، فَجِئْتُهُ بِكِتَابِ رَسُولِ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فأنزلنى في منزله، وأقمت عنده
ليالي، ثُمَّ بَعَثَ إِلَيَّ وَقَدْ جَمَعَ بَطَارِقَتَهُ
فَقَالَ: إِنِّي سَأُكَلِّمُكَ [1] بِكَلامٍ أُحِبُّ أَنْ
تَفْهَمَهُ مِنِّي. قَالَ قُلْتُ: هَلُمَّ. قَالَ:
أَخْبِرْنِي عَنْ صَاحِبِكَ، أَلَيْسَ هُوَ نَبِيًّا؟
قُلْتُ: بَلَى، هُوَ رَسُولُ اللَّهِ. قَالَ: فَمَا لَهُ
حَيْثُ كَانَ هَكَذَا لَمْ يَدْعُ عَلَى قَوْمِهِ حَيْثُ
أَخْرَجُوهُ مِنْ بَلْدَتِهِ إِلَى غَيْرِهَا؟ فَقُلْتُ
لَهُ: فَعِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ أَتَشْهَدُ أَنَّهُ رَسُولُ
اللَّهِ؟ فَمَا لَهُ [حَيْثُ] [2] أَخَذَهُ قَوْمُهُ
فَأَرَادُوا صَلْبَهُ أَلا يَكُونَ دَعَا عَلَيْهِمْ
بِأَنْ يُهْلِكَهُمُ اللَّهُ حَتَّى رَفَعَهُ اللَّهُ
إِلَيْهِ فِي سَمَاءِ الدُّنْيَا! قَالَ: أَحْسَنْتَ،
أَنْتَ حَكِيمٌ جَاءَ مِنْ عِنْدِ حَكِيمٍ، هَذِهِ
هَدَايَا أَبْعَثُ بِهَا مَعَكَ إِلَى مُحَمَّدٍ،
وَأَرْسِلْ معك من يبلعك إِلَى مَأْمَنِكَ. قَالَ:
فَأَهْدَى لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم ثلاث
جوار، منهنّ أم إِبْرَاهِيم بْن رَسُول اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَأُخْرَى وَهَبَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه
وَسَلَّمَ لأَبِي جَهْمِ بْنِ حُذَيْفَةَ الْعَدَوِيِّ،
وَأُخْرَى وَهَبَهَا لِحَسَّانِ بْنِ ثَابِتٍ
الأَنْصَارِيِّ، وَأَرْسَلَ بِثِيَابٍ مع طرف من طرفهم.
__________
[1] في ى: سائلك. والمثبت من أ، ت.
[2] من أ، ت.
(1/315)
باب حباب
(458) الحباب بن المنذر بن
الجموح بن زيد بن حرام بن كعب بن غنم بن كعب بن سلمة
الأنصاري السلمي،
يكنى أبا عمرو [1] ، شهد بدرًا وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة،
هكذا قَالَ الواقدي وغيره، وكلهم ذكره في البدريين إلا ابن
إسحاق في رواية سلمة عنه.
كان يقال له ذو الرأي، وهو الّذي أشار على رسول الله صلى
الله عليه وسلم أن ينزل على ماء بدر للقاء القوم، قال ابن
عباس: فنزل جبرئيل عليه السلام على رسول الله صَلَّى
اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فقال: الرأي ما أشار به حباب.
وشهد أحدًا والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله
عليه وَسَلَّمَ، وهو القائل يوم السقيفة: أنا جذيلها
المحكك، وعذيقها المرجب، منا أمير ومنكم أمير.
مات الحباب بن المنذر في خلافة عمر رضى الله عنه. روى عنه
أبو الطفيل عامر بن وائلة.
(459) الحباب [2] بن قيظي الأنصاري.
قتل يوم أحد شهيدًا هو وأخوه لأبيه وأمه: صيفي بن قيظي.
أمه الصعبة بنت التيهان [3] أخت الهيثم بن التيهان.
__________
[1] في أ، ت، وأسد الغابة: يكنى أبا عمر، وقيل: أبا عمرو.
[2] في أسد الغابة: أخرجه أبو عمر وأبو موسى في الخاء
المعجمة والباء الموحدة، ثم قال:
وفي رواية عن ابن سعد جباب- بالجيم.
[3] في ت: النبهان.
(1/316)
(460) الحباب بن زيد
بن تيم [1] بن أمية بن خفاف بن بياضة الأنصاري البياضي.
شهد أحدًا مع أخيه حاجب بن زيد.
(461) الحباب بن جزء [2] بن عمرو بن عامر بن عَبْد رزاح بن
ظفر،
ذكره الطبري فيمن شهد أحدا.
(462) الحباب بن جبير، حليف بني أمية،
وابنه عرفطة بن الحباب، استشهد يوم الطائف مع النبي صلى
الله عليه وسلم.
باب حبان وحيان
(463) حيان [3] الأنصاري،
والد عمران بن حيان، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه
خطب الناس يوم خيبر. روى عنه ابنه عمران بن حيّان.
(464) حيان بن الأبجر،
له صحبة. يعد في الكوفيين، شهد مع علي صفين.
(465) حيان [4] بن بح الصدائي،
يعد فيمن نزل مصر من الصحابة، وحديثه بمصر. روى عن النبي
صلى الله عليه وسلم أنه قَالَ: لا خير في الإمارة لمسلم
... في حديث طويل ذكره. حديثه عند ابن [5] لهيعة عن بكر بن
__________
[1] في ى: تميم. والمثبت من أ، ت، وأسد الغابة.
[2] في أسد الغابة: وقال مصعب عن القداح: هو الحباب بن
جزى- بضم الجيم. وكأن الأول أكثر.
[3] في ى، والإصابة بالباء.
[4] في أسد الغابة: أخرجه الثلاثة بالياء المثناة من تحت.
وقال أبو عمر فيه: قال الدارقطنيّ: حبان بن بح- بكسر
الحاء.
[5] في م ت: عند أبي لهيعة.
(الاستيعاب ج 1 م 11)
(1/317)
سوادة عنه. وقال الدار قطنى: حبان بن بح
الصدائي، بكسر الحاء مع باء معجمة بواحدة.
(466) حيان أو حبان بن قيس بن عَبْد الله بن عمرو بن عدس
بن ربيعة بن جعدة بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة [بن
معاوية] [1] بن بكر بن هوازن،
هو النابغة الجعدي الشاعر، أبو ليلى، اختلف في اسمه [2]
وفى سياق نسبه على ما نذكره مجودًا في باب النون إن شاء
الله تعالى.
(467) حبان- بفتح الحاء- ابن منقذ بن عمرو الأنصاري
المازني،
من بنى مازن ابن النجار. له صحبة، شهد أحدًا وما بعدها،
تزوّج أروى الصغرى بنت ربيعة ابن الحارث بن عَبْد المطلب،
وهي الهاشمية التي ذكر مالك في الموطأ، فولدت له يحيى بن
حبّان وواسع بن حبان، وهو جد مُحَمَّد بن يحيى بن حبان شيخ
مالك، ومات حبان في خلافة عثمان، له ولأبيه منقذ صحبة.
باب حبة
(468) حبة بن بعكك،
أبو السنابل القرشي العامري [3] ، وهو مشهور بكنيته، وهو
الذي خطب سبيعة الأسلمية عند وفاة زوجها، وقد ذكرناه في
الكنى بأتم من ذكرنا له هاهنا.
(469) حبة بن خالد السوائي.
ويقال الخزاعي، قَالَ الهيثم بن جميل: حبّة
__________
[1] من ت وحدها.
[2] في أسد الغابة والتقريب: اختلف فيه فقيل حبة، وقيل
حنة.
[3] في أ: العبديّ.
(ظهر الاستيعاب ج 1- م 11)
(1/318)
ابن خالد الخزاعي. وقال غيره أيضا: روى عن
النبيّ صلى الله عليه وسلم، هو وأخوه سواء بن خالد أن رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال لهما: لا تيأسا من
الرزق ما تهززت رءوسكما، فإن الإنسان تلده أمه، ليس عليه
قشر، ثم يعطيه الله [1] ويرزقه، ويعد في الكوفيين.
باب حبيب
(470) حبيب
مولى الأنصار، شهد بدرًا.
قَالَ موسى بن عقبة: حبيب بن سعد مولى الأنصار. وقال غيره:
حبيب بن أسود بن سعد وقال آخر: [2] حبيب بن الأسود مولى
بني حرام من الأنصار، كلهم ذكره بما وصفنا فيمن شهد بدرًا،
ولا أدري أفي واحد هذا القول كله أم في اثنين.
(471) حبيب بن زيد بن تميم بن
أسيد بن خفاف الأنصاري البياضي،
من بني بياضة من الأنصار، قتل يوم أحد شهيدًا.
(472) حبيب بن زيد بن عاصم،
وقال فيه بعض من صحف: اسمه خبيب، والصواب فيه حبيب بن
زَيْد بْن عَاصِم بْن كَعْب بْن عَمْرو بن عوف بن مبذول
ابن عمرو بن غنم بن مازن بن النجار الأنصاري المازني،
النجارىّ. شهد أحدا هو
__________
[1] في ى: يغطيه. والمثبت من أ، ت.
[2] في ى: حبيب بن الأسود. وفي ت: حبيب بن أسود بن سعد.
وقال آخرون:
حبيب بن أسلم مولى بنى جشم بن الخزرج. وقالت طائفة: حبيب
بن الأسود مولى ... والمثبت من أ
(1/319)
وأخوه عَبْد الله بن زيد بن عاصم، وأبو هما
زيد بن عاصم، وكان حبيب ابن زيد هذا قد بعثه رسول الله
صَلَّى الله عليه وسلم إلى مسيلمة الكذّاب باليمامة، فكان
مسيلمة إذا قَالَ له: أتشهد أن محمدًا رسول الله؟ قَالَ:
نعم.
وإذا قَالَ له: أتشهد أني رسول الله؟ قَالَ: أنا أصم لا
أسمع، فعل ذلك مرارًا، فقطعه مسيلمة عضوًا عضوًا، ومات
شهيدًا رحمه الله.
(470) حبيب بن مسلمة بن مالك
الأكبر بن وهب بن ثعلبة بن وائلة بن عمرو بن شيبان بن
محارب بن فهر بن مالك القرشي الفهري،
يكنى أبا عَبْد الرحمن، يقال له حبيب الروم، لكثرة دخوله
إليهم ونيله منهم، وولاه عمر بن الخطاب أعمال الجزيرة إذ
عزل عنها عياض بن غنم، وضمّ إلى حبيب ابن مسلمة أرمينية
وأذربيجان، ثم عزله وولى عمير بن سعد [1] . وقيل [2] : بل
عثمان بعثه إلى أذربيجان، وسلمان بن ربيعة، أحدهما مدد
لصاحبه، فاختلفا في الفيء فتواعد بعضهم بعضًا، فقال رجل من
أصحاب سلمان:
فإن تقتلوا سلمان نقتل حبيبكم ... وإن ترحلوا نحو ابن عفان
نرحل
وفي حبيب بن مسلمة، يقول شريح بن الحارث:
ألا كل من يدعي حبيبًا وإن بدت [3] ... مروءته يفدي حبيب
بني فهر
قَالَ أبو عمر رضي الله عنه: كان أهل الشام يثنون على حبيب
بن مسلمة، [يقول شريح بن الحارث] [4] . قَالَ سعيد بن
عَبْد العزيز: كان حبيب
__________
[1] في ى: سعيد. والمثبت من أ، ت.
[2] العبارة في أسد الغابة: وقيل لم يستعمله عمر، وإنما
سيره عثمان إلى أذربيجان من الشام، وبعث سلمان.
[3] في أ، ت: ولو بدت.
[4] ليس في أ، ت.
(1/320)
ابن مسلمة فاضلا مجاب الدعوة، ويقال: إن
معاوية قد وجه حبيب بن مسلمة [1] بجيش إلى نصر عثمان بن
عفان، فلما بلغ وادي القرى بلغه مقتل عثمان، فرجع ولم يزل
مع معاوية في حروبه بصفين وغيرها، ووجهه معاوية إلى
أرمينية واليًا عليها، فمات بها سنة اثنتين وأربعين.
من حديثه عن النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ أنه نفل [2]
الثلث مرة بعد الخمس، والربع مرة بعد الخمس.
وروينا أن الحسن بن علي قَالَ لحبيب بن مسلمة في بعض
خرجاته بعد صفين: يا حبيب، رب مسير لك في غير طاعة الله!
فقال له حبيب:
أما إلى أبيك فلا. فقال له الحسن: بلى والله، ولقد طاوعت
معاوية على دنياه، وسارعت في هواه، فلئن كان قام بك في
دنياك لقد قعد بك في دينك، فليتك إذ أسأت الفعل أحسنت
القول، فتكون كما قَالَ الله تعالى [3] :
وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا
صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً 9: 102. ولكنك كما قَالَ الله
تعالى [4] : كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا
يَكْسِبُونَ 83: 14.
(471) حبيب بن أسيد بن جارية
[5] الثقفي.
حليف لبني زهرة. قتل يوم اليمامة شهيدًا، هو أخو أبي بصير.
(472) حبيب بن عمرو بن محصن
الأنصاري،
من بنى عمرو بن مبذول بن
__________
[1] في ت: وجه حبيب بن مسلمة فاصلا ...
[2] النفل- محركة: الغنيمة وجمعه أنفال (النهاية)
[3] سورة التوبة، آية 103
[4] سورة المطففين، آية 4
[5] في ت: حارثة.
(1/321)
غنم بن مازن بن النجار، يعد فيمن استشهد
يوم اليمامة، لأنه قتل في الطريق وهو ذاهب.
(473) حبيب بن حيان [1] أبو
رمثة التميمي.
ويقال اسم أبي رمثة حيان [1] بن وهب، ويقال: رفاعة بن
يثربي، قدم على رسول الله صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ هو
وابنه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ: من هذا
معك؟ فقال:
ابني. قَالَ: أما إنك لا تجني عليه ولا يجنى عليك.
(474) حبيب بن سباع أبو جمعة
الأنصاري،
ويقال الكناني. ويقال القاري من القارة وهو مشهور بكنيته،
فقيل ما ذكرنا، وقيل جنبذ بن سباع، وقيل حبيب بن وهب، وقيل
حبيب بن فديك، والأول أصح، وقد ذكرناه في الكنى.
(475) حبيب بن فديك،
أبو فديك ويقال حبيب بن فويك [2] اضطرب في حديثه، روت بنت
أخيه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دعا
له وهو أعمى مبيضة عيناه، فأبصر، وكان يدخل الخيط في
الإبرة. يختلف في حديثه، وقد ذكرناه في باب الفاء،
للاختلاف [3] في حديثه.
(476) حبيب بن الحارث،
هاجر إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
حديثه عند مُحَمَّد بن عَبْد الرحمن الطّفاوى.
(477) حبيب السلمي والد أبي عَبْد الرحمن السلمي،
واسم أبي عَبْد الرحمن السلمي عَبْد الله بن حبيب، تابعي
ثقة، يروى عن علي وعثمان وحذيفة بن اليمان، وهو أحد الأئمة
في القراءة.
__________
[1] في تهذيب التهذيب. حبان- بالباء.
[2] في الإصابة: فويك بفاء وواو- مصغرا. ويقال بدل الواو
دالا، ويقال: راء
[3] في ت: للاختلاف فيه.
(1/322)
رَوَى زُهَيْرٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ،
عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، قَالَ: كَانَ
أَبِي قَدْ شهد مع رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ
الْمَشَاهِدَ [1] .
وَرَوَى ابْنُ عُلَيَّةَ، وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ
عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ
السُّلَمِيِّ قَالَ: خَطَبَنَا حُذَيْفَةُ بِالْمَدَائِنِ
فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: اقْتَرَبَتِ
السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ. 54: 1 أَلا وَإِنَّ
الْقَمَرَ قَدِ انْشَقَّ، وَإِنَّ السَّاعَةَ قَدِ
اقْتَرَبَتْ، أَلا وَإِنَّ الدُّنْيَا قَدْ أَذِنَتْ
بِفِرَاقٍ، أَلا وَإِنَّ الْمِضْمَارَ الْيَوْمَ وَغَدًا
السِّبِاقُ. فَقُلْتُ لأَبِي: أَيَسْتَبِقُ النَّاسُ
غَدًا! قَالَ: يَا بُنَيَّ، إِنَّكَ لَجَاهِلٌ، إِنَّمَا
هُوَ السِّبَاقُ بِالأَعْمَالِ، وَإِنَّ السَّابِقَ مَنْ
سَبَقَ إِلَى الْجَنَّةِ.
(478) حبيب بن خماشة الخطمي
الأنصاري.
وخطمة هو ابن جشم بن مالك بن الأوس. سمع النبيّ صلى الله
عليه وسلم يقول بعرفة: عرفة كلّها موقف إلا بطن عرنة [2] ،
والمزدلفة كلها موقف إلا بطن محسر [3] . قَالَ أبو عمر رضي
الله عنه: حبيب بن خماشة الخطمي هذا هو جد أبي جعفر الخطمي
المحدث، وأبو جعفر الخطمي اسمه عمير بن يزيد ابن حبيب بن
خماشة.
قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: سَمِعْتُ عَبْدَ
الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ ذُكِرَ عِنْدَهُ أَبُو جعفر
الخطميّ فقال: كان أبو جعفر الْخَطْمِيُّ وَأَبُوهُ
وَجَدُّهُ حَبِيبُ بْنُ خَمَاشَةَ قَوْمًا توارثوا الصدق
بعض عن بعض.
__________
[1] في أ، ت: مشاهد.
[2] موضع عند الموقف بعرفات (ياقوت) .
[3] واد بين عرفات ومنى.
(1/323)
قَالَ أبو عمر رضي الله عنه: قد اختلف في
صحبة حبيب بن خماشة الخطمي، والأكثر ما ذكرناه، وباللَّه
توفيقنا.
(479) حبيب بن مخنف العمري.
قَالَ: أتيت النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ يوم عرفة
بعرفة. حديثه عند عَبْد الكريم بن أبي المخارق، ولا يصح،
رواه عَبْد الرزاق وأبو عاصم عن ابن جريج عن عبد الكريم
[عن حبيب ابن مخنف عن أبيه] [1] ، إلا أن عَبْد الرزاق
قَالَ: لا أدري عن أبيه أم لا.
وَرَوَى عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ أَبِي رَمْلَةَ [2] عَنْ
مِخْنَفِ بْنِ سُلَيْمٍ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى
الله عليه وسلم بعرفة.
(480) حبيب [3] السلاماني.
قَالَ الواقدي: وفي سنة عشر قدم وفد سلامان على رسول الله
صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ في شوال، وهم سبعة نفر، رأسهم
حبيب السلاماني.
__________
[1] ليس في أ، ت.
[2] في أ: أرملة.
[3] في أسد الغابة: حبيب بن عمرو السلاماني.
(1/324)
باب حجاج
(481) حجاج بن الحارث بن قيس بن عدي السهمي،
هاجر إلى أرض الحبشة، وانصرف إلى المدينة بعد أحد، لا عقب
له، هو أخو السائب وعبد الله وأبي قيس، بني الحارث بن قيس
بن عدي لأبيهم وأمهم، [ذكره موسى بن عقبة فيمن قتل
بأجنادين] [1] .
(482) الحجاج بن علاط السلمي ثم البهزي،
ينسبونه علاط [2] بن خالد بن نويرة بن حنثر [3] بن هلال بن
عبيد بن ظفر بن سعد بن عمرو بن تميم بن بهز ابن امرئ القيس
بن بهثة بن سليم بن منصور، يكنى أبا كلاب. وقيل:
أبا مُحَمَّد. وقيل أبو عَبْد الله. وهو معدود في أهل
المدينة، سكن المدينة، وبنى بها دارًا ومسجدا أيعرف به،
وروينا من حديث وائلة بن الأسقع قَالَ:
كان سبب إسلام الحجاج بن علاط البهزي أنه خرج في ركب من
قومه إلى مكة فلما جن عليه الليل وهو في واد وحش مخوف قعد،
فقال له أصحابه:
يا أبا كلاب، قم فاتخذ لنفسك ولأصحابك أمانًا، فقام الحجاج
بن علاط يطوف حولهم يكلؤهم ويقول:
أعيذ نفسي وأعيذ صحبي ... من كل جني بهذا النّقب
حتى أؤوب سالما وركبي
__________
[1] ليس في أ، ت.
[2] هكذا في ى. وفي أ: إلى ابن علاط بن خالد. وفي ت:
يتسبونه ابن علاط بن خالد
[3] في أ، ت: بن نويرة بن هلال بن عبيد.
(1/325)
فسمع قائلا يقول [1] : يَا مَعْشَرَ
الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا
من أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا
تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ 55: 33.
وقال: فلما قدموا مكة أخبر بذلك في نادي قريش، فقالوا له:
صبأت والله يا أبا كلاب، إن هذا فيما يزعم مُحَمَّد أنه
أنزل عليه. قَالَ: والله لقد سمعته وسمعه هؤلاء معي. ثم
أسلم الحجاج فحسن إسلامه، ورخص له رسول الله صَلَّى
اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ أن يقول فيه بما شاء عند أهل مكة
عام خيبر من أجل ماله وولده بها، فجاء العباس بفتح خيبر
وأخبره بذلك سرًا، وأخبر قريشًا بضده جهرًا حتى جمع ما كان
له من مال بمكة، وخرج عنها.
وحديثه بذلك صحيح من رواية ثابت البناني وغيره عن أنس،
وذكر مُوسَى ابْن عقبة عَنِ ابْن شهاب قَالَ: كان الحجاج
بن علاط السلمي ثم البهزي أسلم، وشهد مع رسول الله صَلَّى
الله عليه وَسَلَّمَ خيبر، وكان مكثرًا من المال، كانت له
معادن بني سليم. قَالَ أبو عمر رضي الله عنه: وابنه نصر بن
الحجاج هو الفتى الجميل الذي نفاه عمر بن الخطاب من
المدينة حين سمع المرأة تنشد:
هل من سبيل إلى خمر فأشربها ... أم هل سبيل إلى نصر بن
حجاج
وخبره ليس هذا موضع ذكره، وذكر ابن أبي حاتم أن الحجاج بن
علاط مدفون بقاليقلا [2] .
(483) الحجاج بن عمرو بن عزيّة الأنصاري المازني.
يقال في نسبه الحجاج
__________
[1] سورة الرحمن، آية 33
[2] قرية من ديار بكر (المشتبه) .
(1/326)
بن عمرو بن غزية بن ثعلبة بن خنساء بن
مبذول بن عمرو بن غنم بن مازن ابن النجار، [قَالَ البخاري]
[1] : له صحبة.
روى عن النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ حديثين: أحدهما في
الحج: من كسر أو عرج فقد حل وعليه حجة أخرى. والآخر كان
النبيّ صلى الله عليه وَسَلَّمَ يتهجد من الليل بعد نومه.
روى عنه عكرمة حديث من كسر أو عرج. وروى عنه كثير بن
العباس حديث التهجد. والحجاج [بن عمرو] [2] هذا هو الذي
ضرب مروان يوم الدار فأسقطه، وحمله أبو حفصة مولاه وهو لا
يعقل.
أَخْبَرَنَا عَبْد الله بن محمد، حدثنا محمد بن عثمان،
حدثنا إسماعيل بن إسحاق، حدثنا علي بن المديني، قَالَ:
الحجاج بن عمرو المازني له صحبة، وهو الذي روى عنه ضمرة بن
سعيد عن زيد بن ثابت في العزل [3] .
قَالَ علي: ويقال الحجاج بن أبي الحجاج، وهو الحجاج بن
عمرو المازني الأنصاري.
(484) الحجاج بن عامر الثمالي.
ويقال الحجاج بن عَبْد الله الثمالي. وقيل النصري [4] ،
سكن الشام.
__________
[1] من أ، ت
[2] من أ، ت
[3] في ى: العدل. والمثبت من أ، ت. وتهذيب التهذيب.
[4] في أ: النضري.
(1/327)
روى عنه حديث واحد من رواية أهل حمص، رواه
[1] عنه شرحبيل ابن مسلم مرفوعا: إياكم وكثرة السؤال
وإضاعة المال.
(485) الحجاج بن مالك بن عويمر
الأسلمي.
ويقال الحجاج بن عمرو الأسلمي. والصواب ما قدمنا ذكره إن
شاء الله تعالى، وهو الحجاج بن مالك ابن عويمر بن أسيد [2]
بن رفاعة بن ثعلبة بن هوازن بن أسلم بن أقصى، مدني كان
ينزل العرج، له حديث واحد رواه عنه عروة بن الزبير، ولم
يسمعه منه عروة والله أعلم، لأنه أدخل بينه وبينه فيه ابنه
الحجاج بن الحجاج فيما حَدَّثَنَا عَبْد الوارث بن سفيان،
حدثنا قاسم بن أصبغ، حدثنا أحمد بن زهير، حدثنا موسى بن
إسماعيل، قال حدثنا وهيب، حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن
الحجاج بن الحجاج، عن أبيه، أنه سأل رسول الله صلى الله
عليه وسلم: ما يذهب عنى مذمة الرضاع؟ قَالَ: الغرة عَبْد
أو أمة.
باب حجر
(486) حجر بن ربيعة بن وائل،
والد وائل بن حجر. روى عنه حديث واحد فيه نظر حَدَّثَنَاهُ
عبد الوارث بن سفيان قال: حدثنا قاسم بْنُ أَصْبَغَ،
قَالَ: حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ حَدَّثَنَا
مُسَدِّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ
عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ وَائِلِ
بْنِ حُجْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أنه رأى النبي
صلى الله عليه وسلم يسجد على جبهته وأنفه.
__________
[1] في أ، ت: روى عنه.
[2] هكذا في ى، أ، ت. وفي أسد الغابة وتهذيب التهذيب: ابن
أبي أسيد.
(1/328)
قَالَ أبو عمر رضي الله عنه: إن لم يكن
قوله في هذا الحديث عن جده وهما فحجر هذا صاحب، وإن كان
غلطًا غير محفوظ فالحديث لابنه وائل، ولا يختلف في صحبة
وائل بن حجر.
(487) حجر بن عدي بن الأدبر
الكندي،
يكنى أبا عَبْد الرحمن، كوفي، وهو حجر بن عدي بن معاوية بن
جبلة بن الأدبر، وإنما سمي [1] الأدبر، لأنه ضرب بالسيف
على أليته [موليًا] [2] فسمى بها الأدبر.
كان حجر من فضلاء الصحابة، وصغر سنه عن كبارهم، وكان على
كندة يوم صفين وكان على الميسرة يوم النهروان، ولما ولى
معاوية زياد العراق وما وراءها، وأظهر من الغلظة وسوء
السيرة ما أظهر خلعه حجر ولم يخلع معاوية، وتابعه جماعة من
أصحاب علي وشيعته، وحصبه يومًا في تأخير الصلاة هو
وأصحابه.
فكتب فيه زياد إلى معاوية فأمره أن يبعث به إليه، فبعث
إليه مع وائل بن حجر الحضرمي في اثني عشر رجلا، كلهم في
الحديد، فقتل معاوية منهم سنة، واستحيا ستة، وكان حجر ممن
قتل، فبلغ ما صنع بهم زياد إلى عائشة أم المؤمنين، فبعثت
إلى معاوية عَبْد الرحمن بن الحارث بن هشام: الله الله في
حجر وأصحابه! فوجده عَبْد الرحمن قد قتل هو وخمسة من
أصحابه، فقال لمعاوية: أين عزب عنك حلم أبي سفيان في حجر
وأصحابه؟ ألا حبستهم في السجون وعرضتهم للطاعون؟ قَالَ:
حين غاب عنى مثلك من قومي.
__________
[1] في أسد الغابة: أي أبوه عدي.
[2] من أسد الغابة.
(1/329)
قال: والله لا تعدلك العرب حلمًا بعدها
أبدًا، ولا رأيًا. قتلت قومًا بعث بهم إليك أسارى من
المسلمين. قَالَ: فما أصنع؟ كتب إلى فيهم زياد يشدد [1]
أمرهم، ويذكر أنهم سيفتقون على فتقًا لا يرقع.
ثم قدم معاوية المدينة، فدخل على عائشة، فكان أول ما بدأته
به قتل حجر في كلام طويل جرى بينهما، ثم قَالَ: فدعيني
وحجرًا حتى نلتقي عند ربنا.
والموضع الذي قتل فيه حجر بن عدي ومن قتل معه من أصحابه
يعرف بمرج عذراء [2] .
حدثنا أحمد بن عبد الله بن محمد بْنِ عَلِيٍّ، قَالَ:
حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا عبد الله بن يونس،
قال: حدثنا بقي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ
أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ
عُلَيَّةَ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: كَانَ
ابْنُ عُمَرَ فِي السُّوقِ فَنُعِيَ إِلَيْهِ حُجْرٌ،
فَأَطْلَقَ حَبْوَتَهُ وَقَامَ وَقَدْ غَلَبَ عَلَيْهِ
النَّحِيبُ.
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ
اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ
بْنِ الْحَجَّاجِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ
مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ،
قَالَ:
حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ
سِيرِينَ: أَنَّ مُعَاوِيَةَ لَمَّا أُتِيَ بِحُجْرِ بْنِ
الأَدْبَرِ قَالَ: السَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ
الْمُؤْمِنِينَ. قَالَ: أَوَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أنا؟
اضْرِبُوا عُنُقَهُ. قَالَ: فَلَمَّا قُدِّمَ لِلْقَتْلِ
قَالَ: دعوني أصلى ركعتين. فصلّاهما خفيفتين،
__________
[1] في ت: بشر أمرهم.
[2] مرج عذراء: بغوطة دمشق (ياقوت) .
(1/330)
ثُمَّ قَالَ: لَوْلا أَنْ تَظُنُّوا بِي
غَيْرَ الَّذِي بِي لأَطَلْتُهُمَا، وَاللَّهِ لَئِنْ
كَانَتْ صَلاتِي لَمْ تَنْفَعْنِي فِيمَا مَضَى مَا هُمَا
بِنَافِعَتَيَّ، ثُمَّ قَالَ لِمَنْ حَضَرَ مِنْ أَهْلِهِ:
لا تُطْلِقُوا عَنِّي حَدِيدًا، وَلا تَغْسِلُوا عَنِّي
دَمًا، فَإِنِّي مُلاقٍ مُعَاوِيَةَ عَلَى الْجَادَّةِ.
حَدَّثَنَا خَلَفٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ [1] ،
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ
سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ
حَدَّثَنَا هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين. أَنَّهُ كَانَ
إِذَا سُئِلَ عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ عِنْدَ الْقَتْلِ
قَالَ: صَلاهُمَا خُبَيْبٌ وَحُجْرٌ، وَهُمَا فَاضِلانِ.
قَالَ أَحْمَدُ: وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ
مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ
الْوَاسِطِيُّ وَأَثْنَى عَلَيْهِ خَيْرًا، قَالَ:
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا
مُبَارَكُ بْنُ فُضَالَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ
يَقُولُ- وَقَدْ ذَكَرَ مُعَاوِيَةَ وَقَتْلَهُ حُجْرًا
وَأَصْحَابَهُ: وَيْلٌ لِمَنْ قَتَلَ حُجْرًا وَأَصْحَابَ
حُجْرٍ، قَالَ أحمد: قلت ليحيى ابن سُلَيْمَانَ:
أَبَلَغَكَ أَنَّ حُجْرًا كَانَ مُسْتَجَابَ الدَّعْوَةِ؟
قَالَ: نَعَمْ، وَكَانَ مِنْ أَفَاضِلِ أَصْحَابِ
النَّبِيِّ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ.
وروينا عن أبي سعيد [2] المقبري قَالَ: لما حج معاوية جاء
إلى المدينة زائرًا، فاستأذن على عائشة رضي الله عنها،
فأذنت له، فلما قعد قالت له:
يا معاوية، أمنت أن أخبأ لك من يقتلك بأخي مُحَمَّد بن أبي
بكر؟ فقال:
بيت الأمان دخلت. قالت: يا معاوية، أما خشيت الله في قتل
حجر وأصحابه؟ قَالَ: إنما قتلهم من شهد عليهم.
__________
[1] في ت: خلف بن عبد الله. وفي أ: حدثنا خلف، قال حدثنا
عبد الله.
[2] في ت: عن سعيد المقبري.
(1/331)
وعن مسروق بن الأجدع، قَالَ: سمعت عائشة أم
المؤمنين تقول:
أما والله لو علم معاوية أن عند أهل الكوفة منعة ما اجترأ
على أن يأخذ حجرًا وأصحابه من بينهم حتى يقتلهم بالشام،
ولكن ابن آكلة [1] الأكباد علم أنه قد ذهب الناس، أما
والله إن كانوا لجمجمة العرب عزا [2] ومنعة وفقها، وللَّه
درّ لبيد حيث:
ذهب الذين يعاش في أكنافهم ... وبقيت في خلف كجلد الأجرب
لا ينفعون ولا يرجى خيرهم ... ويعاب قائلهم وإن لم يشغب
ولما بلغ الربيع بن زياد الحارثي من بني الحارث بن كعب،
وكان فاضلا جليلا، وكان عاملا لمعاوية على خراسان، وكان
الحسن بن أبي الحسن كاتبه، فلما بلغه قتل معاوية حجر بن
عدي دعا الله عز وجل، فقال:
اللَّهمّ إن كان للربيع عندك خير فاقبضه إليك وعجل. فلم
يبرح من مجلسه حتى مات.
وكان قتل معاوية لحجر بن عدي بن الأدبر سنة إحدى وخمسين.
(488) حجر بن عنبس [3] الكوفي،
أبو العنبس. وقيل: يكنى أبا السكن.
أدرك الجاهلية وشرب فيها الدم، ولم ير النبي صلى الله عليه
وسلم، ولكنه آمن به في حياته.
__________
[1] يريد معاوية، وأمه التي لاكت كبد حمزة.
[2] في ى: عدا.
[3] في أسد الغابة: وقيل: ابن قيس.
(1/332)
روايته عن علي بن أبي طالب، ووائل بن حجر.
هو معدود [1] في كبار التابعين.
ذكر البخاري، قَالَ حَدَّثَنَا أبو نعيم، عن موسى بن قيس
الحضرمي، قَالَ: سمعت حجرًا وكان شرب الدم في الجاهلية.
قَالَ أبو عمر: شعبة كني حجرًا هذا أبا العنبس في حديث
وائل بن حجر، عن النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ في
التأمين. وغير شعبة يقول: حجر أبو السكن.
باب حجير
(489) حجير بن أبي إهاب التميمي،
حليف بني نوفل، له صحبة روت عنه مارية مولاته خبر زيد بن
عمرو بن نفيل [2] :
(490) حجير الهلالي،
ويقال: إنه حنفي. وقد قيل: إنه من ربيعة بن نزار، وهو أبو
مخشي بن حجير. حديثه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض.
(491) حجير بن بيان.
يعد في أهل العراق، روى عنه أبو قزعة حديثًا مرفوعًا في
التشديد في منع الصدقة عن ذي الرّحم.
__________
[1] في ى: وحجر هذا معدود. والمثبت من أ، ت.
[2] في أ: نوفل.
(1/333)
باب حذيفة
(492) حذيفة بن اليمان،
يكنى أبا عَبْد الله، واسم اليمان حسيل بن جابر، واليمان
لقب، وهو حذيفة بن حسل، ويقال حسيل بن جابر [1] بن عمرو بن
ربيعة بن جروة بن الحارث بن مازن [2] بن قطيعة بن عبس
العبسي القطيعي [3] ، من بني عبس بن بغيض بن ريث بن غطفان،
حليف لبني عبد الأشهل من الأنصار.
وأمه امرأة من الأنصار من الأوس من بني عَبْد الأشهل،
واسمها الرباب بنت كعب بن عدىّ بن عَبْد الأشهل، وإنما قيل
لأبيه حسيل اليمان، لأنه من ولد اليمان جروة بن الحارث بن
قطيعة بن عبس، وكان جروة بن الحارث أيضًا يقال له اليمان،
لأنه أصاب في قومه دمًا فهرب إلى المدينة، فخالف بني عَبْد
الأشهل، فسماه قومه اليمان، لأنه حالف اليمانية.
شهد حذيفة وأبوه حسيل وأخوه صفوان أحدًا، وقتل أباه يومئذ
بعض المسلمين وهو يحسبه من المشركين.
كان حذيفة من كبار أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه
وَسَلَّمَ، وهو الذي بعثه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم
يوم الخندق ينظر إلى قريش،
__________
[1] في الطبقات: ابن ربيعة بن عمرو.
[2] في هوامش الاستيعاب: بإسقاط «مازن» كذا ذكر ابن الكلبي
وابن سعد وغيرهما
[3] هكذا في ى. وفي ت: القطعي.
(1/334)
فجاءه بخبر حيلهم، وكان عمر بن الخطاب رضي
الله عنه يسأله عن المنافقين، وهو معروف في الصحابة بصاحب
سر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان عمر
ينظر إليه عند موت من مات منهم، فإن لم يشهد جنازته حذيفة
لم يشهدها عمر، وكان حذيفة يقول: خيّرني رسول الله صلى
الله عليه وسلم بين الهجرة والنصرة. فاخترت النصرة، وهو
حليف للأنصار لبني عبد الأشهل. وشهد حذيفة نهاويد فلما،
قتل النعمان بن مقرن أخذ الراية، وكان فتح همذان والري
والدينور [1] على يد حذيفة، وكانت فتوحه كلها سنة اثنتين
وعشرين.
ومات حذيفة سنة ست وثلاثين بعد قتل عثمان في أول خلافة
علي، وقيل: توفي سنة خمس وثلاثين، والأول أصح، وكان موته
بعد أن أتى نعثى عثمان إلى الكوفة ولم يدرك الجمل.
وقتل صفوان وسعيد ابنا حذيفة بصفين، وكانا قد بايعا عليًا
بوصية أبيهما إياهما بذلك.
سئل حذيفة أي الفتن أشد؟ قَالَ إن يعرض عليك الخير والشر
فلا تدري أيهما تركب [2] . وقال حذيفة: لا تقوم الساعة حتى
يسود كل قبيلة منافقوها.
(493) حذيفة بن أسيد أبو سريحة
الغفاري،
كان ممن بايع تحت الشجرة-
__________
[1] الدينور: مدينة من أعمال الجبل قرب قرميسين (ياقوت)
[2] في ى: تركت. والمثبت من ت.
(1/335)
يعد في الكوفيين، وبالكوفة مات، قد ذكرناه
في الكنى بأكثر من ذكره هنا، لأنه ممن غلبت عليه كنيته.
(494) حذيفة القلعاني
[1] لا أعرفه بأكثر من أن أبا بكر الصديق عزل عكرمة بن أبي
جهل [عن عمان] [2] ووجهه إلى اليمن، وولى على عمان حذيفة
القلعاني، فلم يزل عليها حتى توفي أبو بكر [الصديق] [3]
رضي الله عنه.
باب حذيم
(495) حذيم بن عمرو السعدي
التميمي.
من بني سعد بن عمرو بن تميم.
يعد في الكوفيين. شهد حجة الوداع، وروى حديثًا واحدًا، روى
عنه زياد بن حذيم، وهو جد موسى بن زياد بن حذيم.
(496) حذيم بن حذيفة بن حذيم.
روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، روى عنه ابنه
حنظلة بن حذيم، ذكره أبو حاتم الرازي، وذكر أنه كان
أعرابيا من بادية البصرة.
باب حرام
(497) حرام بن ملحان،
واسم ملحان مالك بن خالد بن زيد بن حرام بن جندب بن عامر
بن غنم [4] بن مالك بن النجار الأنصاري، شهد بدرًا مع أخيه
سليم بن ملحان، وشهد أحدًا، وقتل يوم بئر معونة مع المنذر
__________
[1] في أسد الغابة: أخرجه أبو عمر، وضبطه فيما رأينا من
النسخ، وهي في غاية الصحة بالقاف واللام والعين، وأنا أشك
فيه. وذكره الطبري فقال حذيفة بن محصن الغلفانى- بالغين
المعجمة واللام والفاء.
[2] ليس في ت.
[3] من ت.
[4] في أسد الغابة: غنم بن عدي بن مالك.
(1/336)
ابن عمرو، وعامر بن فهيرة، قتله عامر بن
الطفيل، وهو الذي حمل كتاب رسول الله صلى الله عليه
وَسَلَّمَ إلى عامر بن الطفيل، وخبره في باب المنذر ابن
عمرو، وهو أخو أم سليم بنت ملحان، وأم حرام بنت ملحان، وهو
خال أنس بن مالك.
ذكر عَبْد الرزاق، عن معمر بن ثمامة بن عَبْد الله بن أنس
بن مالك أن حرام بن ملحان- وهو خال أنس- طعن يوم بئر معونة
في رأسه، فتلقى دمه بكفه فنضحه على رأسه ووجهه، وقال: فزت
ورب الكعبة.
وقيل: إن حرام بن ملحان ارتث [1] يوم بئر معونة، فقال
الضحاك ابن سفيان الكلابي- وكان مسلمًا يكتم إسلامه لامرأة
من قومه: هل لك في رجل إن صح كان نعم الراعي؟ فضمته إليها
فعالجته فسمعته يقول:
أتت [2] عامر ترجو الهوادة بيننا ... وهل عامر إلا عدوّ
مداهن [3]
إذا ما رجعنا ثم لم تك وقعة ... بأسيافنا في عامر وتطاعن
[4]
فلا ترجونا أن تقاتل بعدنا ... عشائرنا والمقربات الصوافن
فوثبوا عليه وقتلوه، والأول أصح، والله أعلم.
(498) حرام بن أبي كعب الأنصاري السلمي،
ويقال حزم بن أبي كعب.
هو الذي صلى خلف معاذ، فلما طول معاذ في صلاة العتمة خرج
من إمامته وأتم لنفسه، فشكا بعضهم [5] بعضا إلى النبي صلى
الله عليه وسلم، فقال
__________
[1] ارتث- بالبناء للمجهول: حمل من المعركة جريحا
(القاموس) .
[2] في ى: أيا عامر نرجو المودة. والمثبت من أ، ت، وأسد
الغابة.
[3] في أ، وأسد الغابة: مداجن.
[4] في أ، ت: أو تطاعن.
[5] في أ، ت: بعضهما بعضا.
(22- الاستيعاب- أول)
(1/337)
رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ لمعاذ: أفتان أنت يا معاذ؟ الحديث. هكذا ذكره
ابن إسحاق في حديث جابر بن عَبْد الله من رواية عَبْد
الرحمن بن جابر عن أبيه، فقال فيه: حزم بن أبي كعب.
وقال فيه عَبْد العزيز بن صهيب، عن أنس: حرام بن أبي كعب.
وقال غير هما فيه: سليم، والله أعلم.
وذكر البخاري قَالَ: حَدَّثَنَا موسى بن إسماعيل،
حَدَّثَنَا طالب بن حبيب، قال: سمعت عبد الرحمن بن جابر
يحدث عن حزم بن أبي كعب أنه مر بمعاذ ... فذكر الخبر.
قَالَ البخاري: وقال أبو داود عن طالب عن عَبْد الرحمن بن
جابر عن أبيه أن حزما.... فذكره.
باب حرملة
(499) حرملة بن هوذة العامري،
من بني عامر بن صعصعة، قدم هو وأخوه خالد بن هوذة على
النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ، فسر بهما. وهما معدودان في
المؤلفة قلوبهم.
(500) حرملة بن عَبْد الله بن إياس،
ويقال حرملة بن إياس [1] العنبري.
تميمي، يعد في أهل البصرة، حديثه عند ابنتي ابنه صفية
ودحيبة ابنتي عليبة عن أبيهما عليبة بن حرملة، عن [أبيه]
[2] حرملة أن النبي صلى الله عليه وسلم
__________
[1] في الإصابة: ويقال حرملة بن أبى أويس، وفي التقريب كما
هو مثبت أيضا.
[2] من أ، ت
(1/338)
قَالَ له: إيت المعروف، واجتنب المنكر ...
في حديث ذكره.
وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ الأَصْمَعِيُّ فَقَالَ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَسَّانٍ أَبُو
الْجُنَيْدِ الْعَنْبَرِيُّ، قَالَ حَدَّثَنَا حِبَّانُ
[1] بْنُ عَاصِمٍ، وَكَانَ جَدُّهُ حَرْمَلَةُ أَبَا
أُمِّهِ وَجَدَّتَاهُ صَفِيَّةُ وَدُحَيْبَةُ ابْنَتَا
عُلَيْبَةَ أَنَّ حَرْمَلَةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ
أَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عليه وَسَلَّمَ، قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ،
مَا تَأْمُرُنِي؟ فَقَالَ:
يَا حَرْمَلَةُ، إِيتِ الْمَعْرُوفَ وَاجْتَنِبِ المنكر
... وذكر الحديث.
(501) حرملة المدلجي،
أبو عَبْد الله، كان ينزل بينبع، معدود في الصحابة.
حديثه قَالَ قلت: يا رسول الله، إنا نحب الهجرة وأرضنا
أرفق في المعيشة. قَالَ: إن الله لا يلتك من عملك شيئًا
حيثما كنت.
(502) حرملة بن عمرو بن سنة
الأسلمي،
والد عَبْد الرحمن بن حرملة المدني، حجازي، كان ينزل
بينبع، له صحبة ورواية.
حديثه عند ابنه عَبْد الرحمن بن حرملة عن يحيى بن هند أنه
سمع حرملة بن عمرو- وهو أبو عَبْد الرحمن بن حرملة قَالَ:
حججت حجة الوداع مرد في عمي سنان بن سنة، فلما وقفنا
بعرفات رأيت النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ واضعًا إحدى
إصبعيه على الأخرى فقلت لعمي:
ماذا يقول؟ قَالَ: يقول: ارموا الجمار بمثل حصى الخزف.
رواه عن عَبْد الرحمن بن حرملة جماعة منهم وهيب بن الورد،
والدراوَرْديّ،
__________
[1] هكذا في ت. وفي أ، ى: حيان- بالياء.
(1/339)
ويحيى بن أيوب، ولم يروه عنه مالك. وقد روى
عنه غير ما حدثت. [1] ولهند والد يحيى بن هند هذا صحبة
أيضًا، وقد ذكرناه من كتابنا هذا في موضعه.
باب حريث
(503) حريث بن زيد بن عَبْد ربه [2] بن ثعلبة بن زيد،
من بنى جشم ابن الحارث بن الخزرج، شهد بدرًا مع أخيه عبد
الله بن زيد بن عبد ربه الّذي أرى النداء للصلاة في النوم،
وشهد أحدًا أيضًا في قول جميعهم.
(504) حريث بن حسان،
مذكور في حديث قيلة، هو الحارث بن حسان البكري [2] ، قد
ذكرناه في باب الحارث، وذكرنا له خبرًا غير خبر قيلة.
(505) حريث بن عَبْد الله [3] بن عثمان بن عبيد الله بن
عمرو بن مخزوم القرشي المخزومي،
والد عمرو بن حريث، حمل ابنه عمرو بن حريث إلى النبي
صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ. فدعا له روى عنه ابنه عمرو
بن حريث عن النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ: الكمأة من
المن، وماؤها شفاء للعين.
(506) حريث بن سلمة بن سلامة
بن وقش الأنصاري،
روى عنه محمود ابن لبيد.
__________
[1] في ى: غير ما حديث. والمثبت من أ، ت.
[2] في ت: بن عبد الله.
[3] في ى: عمرو. والمثبت من أ، ت.
(1/340)
باب حسان
(507) حسان بن ثابت بن المنذر بن حرام بن عمرو بن زيد مناة
بن عدي بن عمرو بن مالك بن النجار الأنصاري،
الشاعر، يكنى أبا الوليد. وقيل:
يكنى أبا عَبْد الرحمن. وقيل: أبا الحسام، وأمه الفريعة
بنت خالد بن خنيس [1] بن لوذان بن عبد ود بن زيد بن ثعلبة
بن الخزرج بن كعب ابن ساعدة الأنصارية كان يقال له شاعر
رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ.
روينا عن عائشة رضي الله عنها أنها وصفت رسول الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فقال: كان والله كما قَالَ فيه
شاعره حسان بن ثابت رضى الله عنه [2] :
متى يبد في الداجي البهيم جبينه ... يلح مثل مصباح الدجى
المتوقد
فمن كان أو من قد يكون كأحمد ... نظام لحق أو نكال لملحد
وَرَوَيْنَا عَنْ حَدِيثِ عَوْفٍ الأَعْرَابِيِّ وجرير بن
حازم عن محمد ابن سِيرِينَ، وَمِنْ حَدِيثِ السُّدِّيِّ
عَنِ الْبَرَاءِ، وَمِنْ حَدِيثِ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ
وَأَبي إِسْحَاقَ- دَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ فِي بَعْضٍ:
أَنَّ الَّذِينَ كَانُوا يهجون رسول الله صلى الله عليه
وسلم من مُشْرِكِي قُرَيْشٍ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
الزِّبَعْرَى، وَأَبُو سفيان ابن الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ
الْمُطَّلِبِ، وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، وضرار بن الخطاب،
__________
[1] هكذا في أ، ت ى. وفي تهذيب التهذيب: حبيش.
[2] ديوان حسان: 101
(1/341)
فقال قائل لعلىّ بن أبى طالب: اهْجُ عَنَّا
الْقَوْمَ الَّذِينَ يَهْجُونَنَا. فَقَالَ:
إِنْ أذن لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فَعَلْتُ.
فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ائْذِنْ لَهُ. فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: إِنَّ عَلِيًّا لَيْسَ عِنْدَهُ
مَا يُرَادُ فِي ذلك منه، أو: ليس في ذلك لك.
ثُمَّ قَالَ: مَا يَمْنَعُ الْقَوْمُ الَّذِينَ نَصَرُوا
رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ بِسِلاحِهِمْ أَنْ
يَنْصُرُوهُ بِأَلْسِنَتِهِمْ؟ فَقَالَ حَسَّانٌ: أَنَا
لَهَا، وَأَخَذَ بِطَرْفِ لِسَانِهِ وَقَالَ: وَاللَّهِ ما
يسرّنى به مقول [1] بَيْنَ بُصْرَى وَصَنْعَاءَ.
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ:
كَيْفَ تَهْجُوهُمْ وَأَنَا مِنْهُمْ؟ وَكَيْفَ تَهْجُو
أَبَا سُفْيَانَ وَهُوَ ابْنُ عَمِّي؟ فَقَالَ: وَاللَّهِ
لأَسُلَّنَّكَ مِنْهُمْ كَمَا تُسَلُّ الشَّعْرَةُ مِنَ
الْعَجِينِ. فَقَالَ لَهُ: إِيتِ أَبَا بَكْرٍ، فَإِنَّهُ
أَعْلَمُ بِأَنْسَابِ الْقَوْمِ مِنْكَ.
فَكَانَ يَمْضِي إِلَى أَبِي بَكْرٍ لِيَقِفَ عَلَى
أَنْسَابِهِمْ، فَكَانَ يَقُولُ لَهُ: كُفَّ عَنْ فُلانَةَ
وَفُلانَةَ، وَاذْكُرْ فُلانَةَ وَفُلانَةَ، فَجَعَلَ
حَسَّانٌ يَهْجُوهُمْ. فَلَمَّا سَمِعَتْ قُرَيْشٌ شِعْرَ
حَسَّانٍ قَالُوا: إِنَّ هَذَا الشِّعْرَ مَا غَابَ عَنْهُ
ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ، أَوْ: مِنْ [2] شِعْرِ ابْنِ أَبِي
قُحَافَةَ.
فَمِنْ شِعْرِ حَسَّانٍ فِي أبى سفيان بن الحارث [3] :
وَإِنَّ سَنَامَ الْمَجْدِ مِنْ آلِ هَاشِمٍ ... بَنُو بنت
مخزوم ووالدك العبد
__________
[1] في ى: أقول. وفي أ: ت: مقولا.
[2] في أ: أو متى شعر ابن أبى قحافة.
[3] ديوانه: 159.
(1/342)
وَمَنْ وَلَدَتْ أَبْنَاءَ [1] زُهْرَةَ
مِنْهُمُ ... كِرَامٌ وَلَمْ يَقْرَبْ عَجَائِزَكَ
الْمَجْدُ
وَلَسْتَ كَعَبَّاسٍ وَلا كَابْنِ أُمِّهِ ... وَلَكِنْ
لَئِيمٌ [2] لا تُقَامُ لَهُ زَنْدُ
وَإِنَّ امْرَأً كَانَتْ سُمَيَّةُ أُمَّهُ ...
وَسَمْرَاءُ- مَغْمُورٌ إِذَا بَلَغَ الْجَهْدُ
وَأَنْتَ هَجِينٌ [3] نِيطَ فِي آلِ هَاشِمٍ ... كَمَا
نِيطَ خَلْفَ الرَّاكِبِ الْقَدَحُ الْفَرْدُ
فَلَمَّا بَلَغَ هَذَا الشِّعْرُ أَبَا سُفْيَانَ قَالَ:
هَذَا كَلامٌ لَمْ يَغِبْ عَنْهُ ابْنُ أبى أَبِي
قُحَافَةَ.
قَالَ أبو عمر: يعني بقوله بنت مخزوم فاطمة بنت عمرو بن
عائذ بن عمران ابن مخزوم فيما ذكر أهل النسب، وهي أم أبي
طالب، وعبد الله، والزبير، بني عَبْد المطلب. وقوله: ومن
ولدت أبناء زهرة منهم، يعني حمزة وصفية، أمهما هالة بنت
وهيب بن عَبْد مناف بن زهرة والعباس، وابن أمه شقيقه ضرار
بن عَبْد المطلب، أمهما نتيلة امرأة من النمر بن قاسط،
وسمية أم أبي سفيان وسمراء أم أبيه.
ومن قول حسان أيضا في أبى سفيان [4] :
هجوت محمدا فأجبت عنه ... وعند الله في ذاك الجزاء
هجوت مطهرًا [5] برًا حنيفًا ... أمين الله شيمته الوفاء
[6]
أتهجوه ولست له بكفء ... فشرّكما لخير كما الفداء
__________
[1] في الديوان: أفناء زهرة منكم.
[2] في الديوان: هجين ليس بورى له زند.
[3] في الديوان: وأنت زنيم.
[4] ديوانه: 8
[5] في الديوان: مباركا.
[6] في صحيح مسلم:
هجوت محمدا برا تقيا ... رسول الله شيمته الوفاء
(1/343)
فإن أبي ووالدتي [1] وعرضي ... لعرض محمد
منكم وقاء
وهذا الشعر أوله [2] :
عفت ذات الأصابع فالجواء ... إلى عذراء منزلها خلاء
قَالَ مصعب الزبيري: هذه القصيدة قَالَ حسان صدرها في
الجاهلية وآخرها في الإسلام.
قَالَ: وهجم حسان على فتية من قومه يشربون الخمر، فعيرهم
في ذلك، فقالوا: يا أبا الوليد، ما أخذنا هذه إلا منك،
وإنا لنهم بتركها ثم يثبطنا عن ذلك قولك:
ونشربها فتتركنا ملوكا ... وأسدا ما ينهنهنا اللقاء
فقال: هذا شيء قتله في الجاهلية، والله ما شربتها منذ
أسلمت.
قَالَ ابن سيرين: وانتدب لهجو المشركين ثلاثة من الأنصار:
حسان ابن ثابت، وكعب بن مالك، وعبد الله بن رواحة، فكان
حسان وكعب ابن مالك يعارضانهم بمثل قولهم في الوقائع
والأيام والمآثر، ويذكران مثالبهم، وكان عَبْد الله بن
رواحة يعيرهم بالكفر وعبادة ما لا يسمع ولا ينفع، فكان
قوله يومئذ أهون القول عليهم، وكان قول حسان وكعب أشد
القول عليهم، فلما أسلموا وفقهوا كان أشد القول عليهم قول
عبد الله ابن رواحة.
__________
[1] في ت، والديوان: ووالده.
[2] ديوانه: 1
(1/344)
وروينا من وجوه كثيرة عن أبي هريرة وغيره
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقول
لحسان: اهجهم- يعني المشركين- وروح القدس معك. وإنه صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لحسان: اللَّهمّ أيده
بروح القدس لمناضلته عن المسلمين.
وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: إنّ قوله فيهم أشدّ من
وقع النبل. ومر عمر بن الخطاب رضي الله عنه بحسان وهو ينشد
الشعر في مسجد رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ، فقال:
أتنشد الشعر؟ أو قَالَ: مثل هذا الشعر في مسجد رسول الله
صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ؟ فقال له حسان: قد كنت أنشد
وفيه من هو خير منك- يعني النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ.
فسكت عمر.
وروي عن عمر رضي الله أنه نهى أن ينشد الناس شيئًا من
مناقضة الأنصار ومشركي قريش، وقال: في ذلك شتم الحي
والميت، وتجديد الضغائن، وقد هدم الله أمر الجاهلية بما
جاء من الإسلام.
وَرَوَى ابْنُ دُرَيْدٍ عَنْ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِي
عُبَيْدَةَ قَالَ: فُضِّلَ حَسَّانٍ عَلَى الشُّعَرَاءِ
بِثَلاثٍ: كَانَ شَاعِرَ الأَنْصَارِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ،
وَشَاعِرَ النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ فِي [أَيَّامِ]
النُّبُوَّةِ، وَشَاعِرَ الْيَمَنِ كُلِّهَا فِي
الإِسْلامِ.
قَالَ أبو عبيدة: واجتمعت العرب على أن أشعر أهل المدر أهل
يثرب، ثم عَبْد القيس، ثم ثقيف، وعلى أن أشعر أهل المدر
حسّان بن ثابت.
(1/345)
وقال أبو عبيدة: حسان بن ثابت شاعر الأنصار
في الجاهلية، وشاعر أهل اليمن في الإسلام، وهو شاعر أهل
القرى.
وعن أبي عبيدة وأبي عمرو بن العلاء أنهما قالا: حسان بن
ثابت أشعر أهل الحضر. وقال أحدهما: أهل المدر.
وقال الأصمعي: حسان بن ثابت أحد فحول الشعراء، فقال له أبو
حاتم: تأتي له أشعار لينة. فقال الأصمعي: تنسب إليه أشياء
لا تصح عنه.
وروى ابن أخي الأصمعي عن عمه قَالَ: الشعر نكد يقوى في
الشر ويسهل، فإذا دخل في الخير ضعف ولان، هذا حسان فحل من
فحول الشعراء في الجاهلية، فلما جاء الإسلام سقط شعره.
وقال مرة أخرى: شعر حسان في الجاهلية من أجود الشعر.
وقيل لحسان: لان شعرك أو هرم شعرك في الإسلام يا أبا
الحسام.
فقال للقائل: يا بن أخي، إن الإسلام يحجز عن الكذب، أو
يمنع من الكذب، وإن الشعر يزينه الكذب، يعنى إن شأن
التجويد في الشعر الإفراط في لوصف والتزيين بغير الحق،
وذلك كله كذب.
وقال الحطيئة: أبلغوا الأنصار أن شاعرهم أشعر العرب حيث
يقول [1] :
__________
[1] ديوانه: 309
(1/346)
يغشون حتى ما تهر كلابهم ... لا يسألون عن
السواد المقبل
وقال عَبْد الملك بن مروان: إن أمدح بيت قالته العرب بيت
حسان هذا.
وقال قوم في حسان: إنه كان ممن خاض في الإفك على عائشة رضي
الله عنها، وإنه جلد في ذلك وأنكر قوم أن يكون حسان خاض في
الإفك أو جلد فيه، ورووا عن عائشة رضي الله عنها أنها
برأته من ذلك ذَكَرَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ، قَالَ:
حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، عَنْ هِشَامِ
بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنِ ابن جريج، عن محمد بن السائب ابن
بَرَكَةَ، عَنْ أُمِّهِ، أَنَّهَا كَانَتْ مَعَ عَائِشَةَ
فِي الطَّوَافِ، وَمَعَهَا أُمُّ حَكِيمِ بِنْتُ خَالِدِ
بن العاصي، وَأُمُّ حَكِيمِ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
أَبِي رَبِيعَةَ، فَتَذَاكَرَتَا [1] حَسَّانَ بْنَ
ثَابِتٍ [فَابْتَدَرْنَاهُ] [2] بِالسَّبِّ، فقالت عائشة:
ابْنُ الْفُرَيْعَةَ تَسُبَّانِ؟
إِنِّي لأَرْجُو أَنْ يُدْخِلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ
بِذَبِّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم
بلسانه، أليس القائل [3] :
هجوت محمدا فأجبت عنه ... وعند الله في ذَاكَ الْجَزَاءُ
فَإِنَّ أَبِي وَوَالِدَتِي وَعِرْضِي ... لِعِرْضِ
مُحَمَّدٍ مِنْكُمُ وِقَاءُ
فَبَرَّأَتْهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ افترى عليها، فَقَالَتَا:
أَلَيْسَ مِمَّنْ لَعَنَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا
وَالآخِرَةِ بِمَا قَالَ فِيكِ؟ فَقَالَتْ: لَمْ يَقُلْ
شيئا، ولكنه الّذي يقول [4] :
__________
[1] في ت: فتذاكرن: وفي أ: فتذاكرت.
[2] من أ، ت.
[3] ديوانه: 8
[4] ديوانه: 324.
(1/347)
حصان رزان مَا تزن بريبة ... وتصبح غرثى
مِنْ لُحُومِ الْغَوَافِلِ [1]
فَإِنْ كَانَ مَا قَدْ قِيلَ عَنِّي قُلْتُهُ ... فَلا
رَفَعَتْ سَوْطِي إِلَيَّ أَنَامِلِي
وَقَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ الأَخْبَارِ وَالسِّيَرِ: إِنَّ
حَسَّانًا كَانَ مِنْ أَجْبَنِ النَّاسِ، وَذَكَرُوا مِنْ
جُبْنِهِ أَشْيَاءَ مُسْتَشْنَعَةً أَوْرَدُوهَا عَنِ
الزُّبَيْرِ أَنَّهُ حَكَاهَا عَنْهُ، كَرِهْتُ ذِكْرَهَا
لِنَكَارَتِهَا.
وَمَنْ ذَكَرَهَا قَالَ: إِنَّ حَسَّانًا لَمْ يَشْهَدْ
مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ شَيْئًا مِنْ
مَشَاهِدِهِ، لِجُبْنِهِ، وَأَنْكَرَ بَعْضُ أَهْلِ
الْعِلْمِ بِالْخَبَرِ ذَلِكَ، وَقَالُوا:
لَوْ كَانَ حَقًّا لَهُجِيَ بِهِ.
وَقِيلَ: إِنَّمَا أَصَابَهُ ذَلِكَ الْجُبْنُ مُنْذُ
ضَرَبَهُ صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ بِالسَّيْفِ.
وقال مُحَمَّد بن إسحاق، عن مُحَمَّد بن إبراهيم التيمي:
إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ أعطى حسانًا
عوضًا من ضربة صفوان الموضع الذي بالمدينة، وهو قصر بني
جديلة، وأعطاه سيرين أمة قبطية، فولدت له عَبْد الرحمن ابن
حسان.
وقال أبو عمر رضي الله عنه: أما إعطاء رسول الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم سير بن أخت مارية لحسان فمروي من
وجوه، وأكثرها أن ذلك ليس لضربة صفوان، بل لذبه بلسانه عن
النبي صلى الله عليه وسلم في هجاء المشركين له، والله
أعلم.
__________
[1] ما تزن: ما تتهم. غرثى: جائعة. الغوافل: جمع غافلة،
يريد أنها لا ترتع في أعراض الناس.
(1/348)
ومن جيد شعر حسان ما ارتجله بين يدي
النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حين قدوم
وفي بني تميم، إذا أتوه بخطيبهم وشاعرهم، ونادوه من وراء
الحجرات أن اخرج إلينا يا مُحَمَّد، فأنزل الله فيهم [1] :
إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ
أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ، وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا
حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ ... 49:
4- 5 الآية. وكانت حجراته صلى الله عليه وَسَلَّمَ تسعًا،
كلها من شعر مغلقة [2] من خشب العرعر [3] . فخرج رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم إليهم، وخطب خطيبهم مفتخرا، فلما
سكت أمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثابت
بن قيس بن شماس أن يخطب بمعنى ما خطب به خطيبهم، فخطب ثابت
بن قيس فأحسن، ثم قام شاعرهم، وهو الزبرقان ابن بدر فقال:
نحن الملوك [4] فلا حي يقاربنا ... فينا العلاء وفينا تنصب
البيع [5]
ونحن نطعمهم في القحط ما أكلوا ... من العبيط [6] إذا لم
يؤنس القزع [7]
وننحر الكوم عبطا [8] في أرومتنا ... للنازلين إذا ما
أنزلوا شبعوا
تلك المكارم حزناها مقارعة ... إذا الكرام على أمثالها
اقترعوا
__________
[1] سورة الحجرات: آية 4
[2] في ت: معلقة في ...
[3] العرعر: شجر السرو (القاموس) .
[4] في الديوان: نحن الكرام.
[5] البيع: جمع بيعة: متعبد النصارى (القاموس) .
[6] لحم عبيط: طرى، لم تصبه علة.
[7] القزع: الغيم. يقول: إذا لم ير المطر، وذلك آية القحط.
[8] عبطا: أي تنحرها من غير علة.
(الاستيعاب ج 1 م 12)
(1/349)
ثم جلس. فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ
عليه وَسَلَّمَ لحسان بن ثابت: قم، فقام وقال [1] :
إنّ الذّوائب من فهر وإخوتهم ... قد بينوا سنة للناس تتبع
يرضي بها كل من كانت سريرته ... تقوى الإله وبالأمر الذي
شرعوا
قوم إذا حاربوا ضروا عدوهم ... أو حاولوا النفع في أشياعهم
نفعوا
سجية تلك منهم غير محدثة ... إن الخلائق فاعلم شرها البدع
لو كان في الناس سباقون بعدهم ... فكل سبق لأدنى سبقهم تبع
لا يرقع الناس ما أوهت أكفهم ... عند الدفاع ولا يوهون ما
رقعوا
ولا يضنّون عن جار [2] بفضلهم ... ولا يمسّهم [3] في مطمع
طبع
أعفة ذكرت للناس [4] عفتهم ... لا يبخلون ولا يرديهم طمع
خذ منهم ما أتوا عفوًا إذا [5] عطفوا ... ولا يكن همك
الأمر الذي منعوا
فإن في حربهم فاترك عداوتهم ... شرًا يخاض إليه الصاب
والسلع
أكرم بقوم رسول الله شيعتهم ... إذا تفرقت الأهواء والشيع
فقال التميميون عند ذلك: وربكم أن خطيب القوم أخطب من
خطيبنا، وإن شاعرهم أشعر من شاعرنا، وما انتصفنا [6] ولا
قاربنا.
__________
[1] ديوانه: 246
[2] في الديوان: عن مولى.
[3] في الديوان: ولا بصيهم.
[4] في ت: في الناس وفي الديوان: في الوحي.
[5] في الديوان: ما أتي عفوا إذا غضبوا.
[6] في ت: ولا انتصفنا.
(ظهر الاستيعاب ج 1- م 12)
(1/350)
الصَّامِتِ كَانَ عَلَى قِتَالِ
الإِسْكَنْدَرِيَّةِ، وَكَانَ مَنَعَهُمْ مِنَ الْقِتَالِ
فَقَاتَلُوا، فَقَالَ:
أَدْرِكِ النَّاسَ يَا جُنَادَةَ، فَذَهَبْتُ، ثُمَّ
رَجَعْتُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: أَقُتِلَ أَحَدٌ؟
فَقُلْتُ: لا. فَقَالَ: الْحَمْدُ للَّه الَّذِي لم يقتل
منهم أحدٌ عَاصِيًا. قال أبو عمر: ولجنادة بن أبي أمية
أيضًا حديث عن النبي صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ في صوم
يوم الجمعة، وتوفي بالشام سنة ثمانين.
(337) جنادة بن عَبْد الله بن علقمة بن المطلب بن عَبْد
مناف.
وأبوه عَبْد الله هو أبو نبقة. قتل جنادة يوم اليمامة
شهيدًا، رحمه الله.
(338) جنادة بن جراد العيلاني [1] الأسدي،
أحد بني عيلان، سكن البصرة، وروى عن النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه نهى عن سمة الإبل في وجوهها، وإن
في تسعين حقتين [2] مختصرًا، والحديث عند عمرو بن علي
الباهلي أبي حفص. قَالَ حَدَّثَنَا عَوْنُ بْنُ الْحَكَمِ
الْبَاهِلِيُّ. قَالَ حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ قُرَيْعٍ
أَحَدُ [3] بَنِي عَيْلانَ بْنِ جُنَادَةَ [4] عَنْ
أَبِيهِ عَنْ جُنَادَةَ بْنِ جراد أحد بنى عيلان ابن
جُنَادَةَ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِبِلٍ قَدْ وَسَمْتُهَا فِي
أَنْفِهَا.
فَقَالَ لِي: يَا جُنَادَةُ، أَمَا وَجَدْتَ فِيهَا
عَظْمًا تسمعه إِلا فِي الْوَجْهِ، أَمَا إِنَّ أَمَامَكَ.
الْقِصَاصَ. قَالَ: أَمَرُهَا إِلَيْكَ يَا رَسُولَ
اللَّهِ. قَالَ: إِيتِنِي مِنْهَا بِشَيْءٍ لَيْسَ
عَلَيْهِ وَسْمٌ، فَأَتَيْتُهُ بِابْنِ لَبُونٍ وَحِقَّةٍ،
فَوَضَعْتُ الْمَيْسَمَ حِيَالَ الْعُنُقِ. فقال النبي صلى
الله عليه وَسَلَّمَ: أَخِّرْ أَخِّرْ، حَتَّى بَلَغَ
الْفَخِذَ، فَقَالَ النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ: عَلَى
بَرَكَةِ اللَّهِ. فَوَسَمْتُهَا فِي أَفْخَاذِهَا، وكانت
صدقتها حقتين.
__________
[1] في ى: الغيلانى، والمثبت من م، وأسد الغابة.
[2] الحقاق من الإبل: جمع حق وحقة، وهو الّذي دخل في السنة
الرابعة، وعند ذلك يتمكن من ركوبه وتحميله.
[3] في م: أخابنى.
[4] في ى: خاوة.
(1/351)
ابن قطيعة بن عبس، وإنما قيل لجروة اليمان،
لأنه أصاب في قومه دمًا فهرب إلى المدينة فخالف بني عَبْد
الأشهل، فسماه قومه اليمان لمحالفته اليمانية.
شهد هو وابناه حذيفة وصفوان مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحدًا، فأصاب حسيلا المسلمون في
المعركة فقتلوه يظنونه من المشركين، ولا يدرون، وحذيفة
يصيح أبي أبي، ولم يسمع، فتصدق ابنه حذيفة بديته على من
أصابه.
وقيل: أن الذي قتل حسيلا عتبة بن مسعود، وقد تقدم من نسبه
وحلفه في باب ابنه حذيفة ما أغنى عن ذكره ها هنا.
(511) حسيل بن نويرة الأشجعي،
كان دليل رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ إلى خيبر.
باب حصين
(512) الحصين بن الحارث بن
المطلب بن عبد مناف بن قصي القرشي المطلبي،
هو أخو عبيدة بن الحارث، شهد بدرًا هو وأخواه عبيدة
والطفيل بن الحارث، فقتل عبيدة ببدر شهيدًا، ومات الحصين
والطفيل جميعًا سنة ثلاثين.
(513) الحصين بن بدر بن امرئ
القيس بن خلف بن بهدلة بن عوف بن كعب بن سعد بن زيد مناة
بن تميم.
هو الزبرقان بن بدر التميمي، غلب عليه الزبرقان، وعرف به،
وقد ذكرنا المعنى في ذلك في باب الزاي،
(1/352)
لأن الزبرقان هو المشهور المعروف، وقد
ذكرنا هناك طرفا كافيا من خبره، والحمد للَّه.
(514) حصين بن عبيد،
والد عمران بن حصين الخزاعي، روى عنه ابنه عمران بن حصين
حديثًا مرفوعًا في إسلامه وفي الدعاء.
روينا عن الحسن البصري أنه قَالَ: بلغنا أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال له: يا حصين، ما تعبد؟ قَالَ: أعبد
عشرة آلهة. قَالَ: وما هم؟
قَالَ: تسعة في الأرض وواحد في السماء. قَالَ: فمن لحاجتك؟
قَالَ: الذي في السماء! قَالَ: فمن لطلبتك؟ قَالَ: الذي في
السماء. قَالَ: فمن لكذا؟
فمن لكذا؟ كل ذلك يقول: الذي في السماء. قَالَ رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: فألغ التسعة.
(515) حصين بن عوف الخثعمي،
مدني، روى عنه عَبْد الله بن عباس وغيره أنه قَالَ: يا
رسول الله، إن أبي شيخ كبير ضعيف، وقد علم شرائع [1]
الإسلام ولا يستمسك على بعيره، أفأحج عنه؟ قَالَ: أرأيت لو
كان على أبيك دين ... الحديث. وقد روى هذا الحديث عن ابن
عباس عن حصين بن عوف أن رجلا قَالَ: يا رسول الله، إن أبي
... الحديث. وذلك خلاف رواية الزهري.
(516) حصين بن أوس النهشلي
التميمي،
يعد في أهل البصرة. روى عنه ابنه زياد بن حصين.
(517) حصين.
ويقال: حصن. والأكثر حصين بن ربيعة الأحمسي،
__________
[1] في أ، ت: وقد قرت شرائع الإسلام.
(1/353)
أبو أرطأة. يقال حصين بن ربيعة بن عامر بن
الأزور، [والأزور] [1] مالك الشاعر، روى في خيل أحمس [2]
وقد قيل في اسم أبي أرطاة هذا ربيعة بن حصين، والصواب حصين
ابن ربيعة، والله أعلم.
وأبو أرطأة هذا هو الّذي بشّر النبيّ صلى الله عليه
وَسَلَّمَ بهدم ذي الخلصة، وكان مع جرير في ذلك الجيش،
وروى في خيل أحمس ورجالها.
وأم حصين هذا هي الأحمسية التي روت عَنِ النَّبِيّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المختلعه [3] أخت أبي
أرطاة.
(518) حصين بن وحوح الأنصاري.
من الأوس، يقال: أنه قتل بالعذيب [4] ، روى قصة طلحة بن
البراء [الغلام] [5] .
(519) حصين بن مشمت.
وفد على النبي صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ فبايعه وأقطعه
ماء.
روى عنه ابنه عاصم بن حصين، وهو حصين بن مشمت بن شداد بن
زهير بن النمر بن مرة بن حمان. وقد روى عنه أيضا قصة طلحة
بن البراء.
(520) حصين بن الحمام
الأنصاري.
ذكروه في الصحابة، وكان شاعرًا يكنى أبا معية.
(521) حصين بن يزيد بن شداد بن
قنان بن سلمة بن وهب بن عبد الله بن الحارث بن كعب
الحارثي،
__________
[1] من ت: وفي أ: واسم أبي الأزور مالك.
[2] في أسد الغابة: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:
ألا تريحني من ذي الخاصة، فسرت في خمسين ومائة من أحمس
وكانوا أصحاب خيل فأحرقناها.
[3] في أ، ت: المحلقين.
[4] العذيب: ماء بين القادسية والمغيثة بينه وبين القادسية
أربعة أميال (ياقوت) .
[5] من أ، ت.
(1/354)
ويقال له ذو الغصّة، وقد على النبي صلى
الله عليه وَسَلَّمَ فأسلم، وسنذكره في الأذواء إن شاء
الله تعالى.
باب الحكم
(522) الحكم بن كيسان،
مولى هشام بن المغيره المخزومي، كان ممن أسر في سرية عَبْد
الله بن جحش حين قتل واقد التميمي عمرو بن الحضرمي، أسره
المقداد. قَالَ المقداد: فأراد أميرنا ضرب عنقه، فقلت: دعه
يقدم على رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ، فقدمنا به
على رسول الله صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ، فأسلم وحسن
إسلامه. وذلك في السنة الأولى من الهجرة، ثم أستشهد يوم
بئر معونة مع عامر بن فهيرة.
(523) الحكم بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عَبْد
مناف،
قدم على رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ مهاجرًا فقال
له: ما اسمك؟ فقال: الحكم.
فقال: أنت عَبْد الله، فغير رسول الله صلى الله عليه
وَسَلَّمَ اسمه، فهو عَبْد الله بن سعيد بن العاص، وقد
ذكرناه في العبادلة.
اختلف في وفاته فقيل: قتل [يوم بدر شهيدًا وقيل: بل قتل]
[1] يوم مؤتة شهيدا. وقال المدائني: استشهد يوم اليمامة.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ
بْنُ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن جرير، حدثنا عمرو
ابن عَلِيٍّ الْبَاهِلِيُّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو سَلَمَةَ الْجُعْفِيُّ،
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ بْنِ
عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ العاص عن [جدّه] [2] سعيد بن
عمرو [3] ،
__________
[1] من ت، أ.
[2] من أ، ت.
[3] هكذا في ى، أ. وفي ت: سعيد بن العاصي.
(1/355)
قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَكَمُ بْنُ سَعِيدٍ
قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَقَالَ:
مَا اسْمُكَ؟ فَقُلْتُ: الْحَكَمُ، فَقَالَ: أَنْتَ عَبْدُ
اللَّهِ. قَالَ: فَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ.
(524) الحكم بن الصلت بن مخرمة
بن المطلب القرشي المطلبي،
شهد خيبر، وأعطاه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
ثلاثين وسقًا، وكان من رجال قريش وجلتهم، استخلفه مُحَمَّد
بن أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة على مصر، حين خرج إلى
معاوية وعمرو بن العاص بالعريش.
(525) الحكم بن عمرو الغفاري،
يقال له الحكم بن الأقرع، وهو أخو رافع بن عمرو الغفاري،
غلب عليهما أنهما من بني غفار بن مليل، [1] وليسا عند أهل
النسب كذلك، إنما هما من بني نعيلة بن مليل أخي غفار [2] ،
وينسونهما الحكم ورافع ابنا عمرو بن مجدع [3] بن حذيم بن
الحارث بن نعيلة بن مليل بن ضمرة، صحبا رسول الله صَلَّى
اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، ورويا عنه، وسكنا البصرة.
روى عن الحكم بن عمرو وأبو حاجب سوادة بن عاصم، ودلجة بن
قيس، وجابر بن زيد، وعبد الله بن الصامت ابن أخي أبي ذر
الغفاري، بعثه زياد على البصره واليًا في أول ولاية زياد
العراقين، ثم عزله عن البصرة، وولاه بعض أعمال خراسان،
ومات بها.
ويقال: إنه مات بالبصرة سنة خمسين. وقيل: بل مات بخراسان
سنة خمسين، ودفن هو وبريدة الأسلمي في موضع واحد، أحدهما
إلى جنب صاحبه،
__________
[1] في ى والطبقات: مليك. والمثبت من أ، ت. وفي الإصابة:
ثعلبة بن مليل.
[2] في أ، ت: أخوه غفار.
[3] في أ: مخدج.
(1/356)
وهذا هو الصحيح، ولم يختلف أن بريدة
الأسلمي مات بمرو من خراسان، وما أحسب الحكم ولى البصره
لزياد قط، وإنما ولى لزياد بعض خراسان.
وقال صالح بن الوجيه: وفي سنة أربع وأربعين ولى معاوية
زياد بن أبيه العراق وما وراءها من خراسان، وفيها [1] قدم
الحكم بن عمرو الغفاري خراسان واليًا عليها [2] من قبل
زياد ابن أبيه، فدخل هراة، ثم فصل منها على جبال جوزجان
إلى مرو، فمات بمرو، وقبره بها. قَالَ: وكانت الجنوب بنت
الحكم بن عمرو تحت قثم بن العباس.
حَدَّثَنَا أحمد، حَدَّثَنَا أبي حَدَّثَنَا عَبْد الله
[3] . حَدَّثَنَا بقي، حَدَّثَنَا أبو بكر بن أبي شيبة،
حَدَّثَنَا ابن علية، عن هشام، عن الحسن، قَالَ: كتب زياد
إلى الحكم ابن عمرو الغفاري وهو على خراسان أن أمير
المؤمنين كتب [إلى] [4] أن يصطفى له الصفراء والبيضاء، فلا
تقسم بين الناس ذهبًا ولا فضة.
فكتب إليه الحكم: بلغني أن أمير المؤمنين [5] كتب أن يصطفي
له البيضاء والصفراء، وإني وجدت كتاب الله قبل كتاب أمير
المؤمنين، وإنه والله لو أنّ السّماوات والأرض كانتا رتقًا
على عَبْد، ثم اتقى الله جعل له مخرجًا، والسلام عليكم.
ثم قال للناس: اغدوا على ما لكم فغدوا فقسمه بينهم، وقال
الحكم:
اللَّهمّ إن كان لي عندك خير فاقبضني إليك. فمات بخراسان
بمرو، واستخلف لما حضرته الوفاة أنس بن أبى إياس.
__________
[1] في ى: وفيما.
[2] في ى: علينا.
[3] في ى: حدثنا أحمد بن أبى عبد الله. والمثبت من أ، ت.
[4] ليس في أ، ت.
[5] يعنى معاوية- كما في أسد الغابة.
(1/357)
وروى يزيد بن هارون، قَالَ: حَدَّثَنَا
هشام بن حسان، عن الحسن، قَالَ: بعث زياد الحكم بن عمرو
الغفاري على خراسان فأصاب مغنمًا، فكتب إليه: إن أمير
المؤمنين معاوية كتب إلي، وأمرني أن أصطفي له كل صفراء
وبيضاء، فإذا أتاك كتابي هذا فانظر ما كان من ذهب وفضة فلا
تقسمه، واقسم ما سوى ذلك.
فكتب إليه الحكم: كتبت إلى تذكر أن أمير المؤمنين كتب إليك
يأمرك أن تصطفي له كل صفراء وبيضاء، وإني وجدت كتاب
الله....
فذكر الحديث إلى آخره سواء.
(526) الحكم بن أبي العاص بن بشر بن دهمان الثقفي.
يكنى أبا عثمان وقيل: أبو عَبْد الملك، وهو أخو عثمان بن
أبي العاص، كان أميرًا على البحرين، وذلك أن أخاه عثمان
ولاه عمر على عمان والبحرين، فوجه أخاه الحكم على البحرين.
وقال المدائني: كانت الوقعة بصهاب على المسلمين وأميرهم
الحكم بن أبي العاص، وافتتح عثمان والحكم فتوحًا كثيرة
بالعراق في سنة تسع عشرة وسنة عشرين.
يعد في البصريين، ومنهم من يجعل أحاديثه مرسلة، ولا يختلف
في صحبة أخيه عثمان.
(527) الحكم بن عمير [1] ،
روى عن النبي صلى الله عليه وسلم: اثنان فما فوقهما جماعة.
مخرج حديثه عن أهل الشام.
__________
[1] في ى: عمر. والمثبت من أ، ت.
(1/358)
(528) الحكم بن أبي الحكم،
مجهول، لا أعرفه بأكثر من [1] حديث مسلمة ابن علقمة عن
داود بن أبي هند، عن الشعبي، عن قيس بن حبتر [2] عنه، قال:
تواعدنا أن نغدر برسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما
رأيناه سمعنا صوتا خلفا ظننا أنه ما بقي بتهامة جبل إلا
تفتّت، فغشى عينا.
(529) الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف
بن قصي القرشي الأموي،
عم عثمان بن عفان، وأبو مروان بن الحكم، كان من مسلمة
الفتح، وأخرجه رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة
وطرده عنها فنزل الطائف، وخرج معه ابنه مروان.
وقيل: إن مروان ولد بالطائف، فلم يزل الحكم بالطائف إلى أن
ولي عثمان، فرده عثمان إلى المدينة، وبقي فيها وتوفي في
آخر خلافة عثمان قبل القيام على عثمان بأشهر فيما أحسب،
واختلف في السبب الموجب لنفي رسول الله صَلَّى اللَّهُ
عليه وَسَلَّمَ إياه، فقيل: كان يتحيل ويستخفي ويتسمع [3]
ما يسره رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى
كبار الصحابة في مشركي قريش وسائر الكفار والمنافقين، فكان
يفشي ذلك [عنه حتى ظهر ذلك] [4] عليه، وكان يحكيه في مشيته
وبعض حركاته إلى أمور غيرها كرهت ذكرها، ذكروا أن رسول
الله صَلَّى الله عليه وسلم كان إذا مشى ينكفأ، وكان الحكم
بن أبي العاص يحكيه، فالتفت النبيّ صلى الله عليه
وَسَلَّمَ يوما فرآه يفعل ذلك، فقال صَلَّى الله عليه
وسلم: فكذلك فلتكن، فكان الحكم
__________
[1] في ى: بأكثر من هذا من حديث مسلمة. والمثبت من أ، ت.
وأسد الغابة.
[2] في ى: جبر. والمثبت من أ، ت.
[3] في ى: ويسمع.
[4] من ت، أ.
(1/359)
مختلجا يرتعش من يومئذ، فعيّره عَبْد
الرحمن بن حسان بن ثابت، فقال في عبد الرحمن بن الحكم
يهجوه:
إن اللعين أبوك فارم عظامه ... إن ترم ترم مخلجًا [1]
مجنونًا
يمسي خميص البطن من عمل التقى ... ويظل من عمل الخبيث
بطينا
فأما قول عَبْد الرحمن بن حسان: إن اللعين أبوك فروى عن
عائشة من طرق ذكرها ابن أبي خيثمة وغيره أنها قالت لمروان،
إذ قَالَ في أخيها عَبْد الرحمن [2] ما قَالَ: أما أنت يا
مروان فأشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن أباك
وأنت في صلبه.
وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ،
حَدَّثَنَا قَاسِمٌ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ،
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ
الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ
حَكِيمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ
عبد الله بن عمرو بن العاص، عن عبد الله بن عمرو بن العاص
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يَدْخُلُ
عَلَيْكُمْ رَجُلٌ لَعِينٌ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ:
وَكُنْتُ قَدْ تَرَكْتُ عُمَرًا يَلْبَسُ ثِيَابَهُ
لِيُقْبِلَ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فَلَمْ
أَزَلْ مُشْفِقًا أَنْ يَكُونَ أَوَّلَ مَنْ يَدْخُلُ،
فَدَخَلَ الْحَكَمُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ.
(530) الحكم بن عمرو [3]
الثمالي،
وثماله في الأزد، شهد بدرًا، رويت عنه أحاديث مناكير من
أحاديث أهل الشام لا تصح، والله أعلم.
(531) الحكم بن سفيان الثقفي،
ويقال سفيان بن الحكم. روى حديثه
__________
[1] تخلج في مشيته: تمايل يمينا وشمالا.
[2] في أسد الغابة: حين قال لأخيها عبد الرحمن بن أبى بكر
لما امتنع من البيعة ليزيد بن معاوية بولاية العهد.
[3] في الطبقات: بن عمير.
(1/360)
منصور بن مجاهد، فاختلف أصحاب منصور في
اسمه، وهو معدود في أهل الحجاز.
له حديث واحد في الوضوء مضطرب الإسناد. يقال: إنه لم يسمع
من النبي صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ، وسماعه منه عندي
صحيح، لأنه نقله الثقات، منهم الثوري، ولم يخالفه من هو في
الحفظ والإتقان مثله.
قَالَ ابن إسحاق: هو الحكم بن سفيان بن عثمان بن عامر بن
معتب الثقفي.
(532) الحكم بن حزن الكلفي،
وكلفة في تميم، ويقال: هو من نصر بن سعد بن بكر بن هوازن.
له حديث واحد ليس له غيره، رواه عنه زريق الثقفي الطائفي،
وروى شهاب بن خراش، عن شعيب بن زريق، عن الحكم ابن حزن
الكلفي قَالَ: وفدت إلى النبي صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ
سابع سبعة، أو تاسع تسعة، فذكر الحديث.
(523) الحكم بن حارث السلمي،
غزا مع رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ ثلاث غزوات، روى
عنه عطيه الدعاء، [هو عطيه بن سعد، بصري] ، [1]
(534) الحكم بن عمرو بن معتب
الثقفي،
كان أحد الوفد الذين قدموا مع عَبْد ياليل بإسلام ثقيف، من
الأحلاف.
__________
[1] ليس في ت.
(1/361)
باب حكيم
(535) حكيم بن حزام بن خويلد
بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشي الأسدي،
يكنى أبا خالد، هو ابن أخي خديجة بنت خويلد زوج النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولد في الكعبة، وذلك
أن أمه دخلت الكعبة في نسوة من قريش، وهي حامل فضربها
المخاض، فأتيت بنطع فولدت حكيم بن حزام عليه.
وكان من أشراف قريش ووجوهها في الجاهلية والإسلام، كان
مولده قبل الفيل بثلاث عشرة سنة أو اثنتي عشرة سنة على
اختلاف [في ذلك] [1] وتأخر إسلامه إلى عام الفتح، فهو من
مسلمة الفتح هو وبنوه عَبْد الله وخالد ويحيى وهشام،
وَكُلُّهُمْ صَحِبَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، وعاش حكيم بن حزام في الجاهلية ستين سنة، وفي
الإسلام ستين سنة، وتوفي بالمدينة في داره بها عند بلاط
الفاكهة وزقاق الصواغين في خلافة معاوية سنة أربع وخمسين،
وهو ابن مائة وعشرين سنة، وكان عاقلا سريًا فاضلا تقيًا
سيدًا بماله غنيًا.
قَالَ مصعب: جاء الإسلام ودار الندوة بيد حكيم بن حزام
فباعها بعد منه معاوية بمائة درهم، فقال له ابن الزبير:
بعت مكرمة قريش! فقال حكيم:
ذهبت المكارم إلا التقوى.
وكان من المؤلفة قلوبهم وممن حسن إسلامه منهم.
أعتق في الجاهلية مائة رقبة، وحمل على مائة بعير، ثم أتى
النبي صلى الله
__________
[1] من أ، ت. وفي أ: على الاختلاف في ذلك.
(1/362)
عليه وَسَلَّمَ بعد أن أسلم فقال: يا رسول
الله، أرأيت أشياء كنت أفعلها في الجاهلية، أتحنث بها ألي
فيها أجر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ:
أسلمت على ما سلف لك من خير. وحج في الإسلام ومعه مائة
بدنة قد جللها بالحبرة، وكفها عن أعجازها، وأهداها، ووقف
بمائة وصيف بعرفة في أعناقهم أطواق الفضة منقوش فيها عتقاء
الله عن حكيم بن حزام، وأهدى ألف شاة.
(536) حكيم بن طليق بن سفيان بن أمية بن عَبْد شمس،
كان من المؤلفة قلوبهم، ذكره أبو عبيد عن الكلبي [1] .
[وقال الكلبي] [2] : درج لا عقب له. [3]
(537) حكيم بن حزن بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن
مخزوم،
عم سعيد بن المسيب بن حزن أخو أبيه المسيب بن حزن.
أسلم عام الفتح مع أبيه، وقتل يوم اليمامة شهيدًا هو وأبوه
حزن ابن أبي وهب المخزومي، هذا قول ابن إسحاق.
وقال أبو معشر: استشهد يوم اليمامة حزن بن أبى وهب، وحكيم
ابن أبي وهب، فجعل حكيمًا أخا حزن فغلط، والصواب ما قاله
ابن إسحاق، وكذلك قَالَ الزبير كما قَالَ ابن إسحاق. قَالَ
الزبير: كان المسيب بن حزن وحكيم بن حزن أخوين لعلات، كانت
أم حكيم بن حزن فاطمة بنت السائب بن عويمر بن عائذ بن
عمران بن مخزوم، وأم المسيب بن حزن أم الحارث بنت شعبة من
بني عامر بن لؤيّ.
__________
[1] في أ: عن ابن الكلبي.
[2] ليس في أ، ت.
[3] درج: انقرض وذهب (القاموس) .
(1/363)
(538) حكيم بن معاوية النميري، من بني نمير
بن عامر بن صعصعة.
قَالَ البخاري: في صحبته نظر. قَالَ أبو عمر رضي الله عنه:
كل من جمع في الصحابة ذكره فيهم، وله أحاديث منها: أنه سمع
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا شؤم، وقد يكون
اليمن في الدار والمرأة والفرس. وقال ابن أبي حاتم عن أبيه
حكيم بن معاوية النميري: له صحبة، روى عنه ابن أخيه معاوية
بن حكيم وقتادة من رواية سعيد بن بشير [1] عنه.
(539) حكيم،
أبو معاوية بن حكيم، ذكره ابن أبي خيثمة في الصحابة، وهو
عندي غلط وخطأ بين، ولا يعرف هذا الرجل في الصحابة، وهو
عندي غلط وخطأ بين، ولا يعرف هذا الرجل في الصحابة، ولم
يذكره أحد غيره فيما علمت، والحديث الذي ذكره له هو حديث
بهز بن حكيم عن أبيه عن جده، وجده معاوية بن حيدة.
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا ابْنُ أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ
زُهَيْرٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا الْحَوْطِيُّ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ
الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سِنَانٍ، عَنْ
يَحْيَى بْنِ جَابِرٍ الطَّائِيِّ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ
حَكِيمٍ، عَنْ أَبِيهِ حَكِيمٍ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ
اللَّهِ، رَبُّنَا بِمَ أَرْسَلَكَ؟ قَالَ: تَعْبُدُ
اللَّهَ وَلا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلاةَ
وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَكُلُّ مُسْلِمٍ عَلَى كُلِّ
مُسْلِمٍ مُحَرَّمٌ، هَذَا دِينُكَ، وَأَيْنَمَا تَكُنْ
يَكْفِكَ هَكَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ،
وَعَلَى هَذَا الإِسْنَادِ عَوْلٌ فِيهِ، وَهُو إِسْنَادٌ
ضَعِيفٌ، وَمِنْ قَبْلِهِ أَتَى ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ
فِيهِ.
وَالصَّوَابُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا أَخْبَرَنَا بِهِ
يَعِيشُ بْنُ سعيد الورّاق،
__________
[1] في ت: بشر.
(1/364)
وعبد الوارث بن سفيان قالا: حدثنا قاسم بن
أصبغ، قال حدثنا أحمد ابن مُحَمَّدٍ الْبِرْتِيُّ [1]
الْقَاضِي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ المقعد، قال:
حدثنا عبد الوارث بن سعيد، قَالَ: حَدَّثَنَا بَهْزُ بْنُ
حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ الْقُشَيْرِيُّ،
قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ جدّه، قال: أتيت رسول الله
صلى الله عليه وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ،
مَا أَتَيْتُكَ حَتَّى حَلَفْتُ أَكْثَرَ مِنْ عَدَدِ
الأَنَامِلِ- وَطَبَّقَ بَيْنَ كَفَّيْهِ إِحْدَاهُمَا
عَلَى الأُخْرَى- أَلا آتِيكَ، ولا آتى دينك، فقد أتيتك
امرء لا أَعْقِلُ شَيْئًا إِلا مَا عَلَّمَنِي اللَّهُ،
وَإِنِّي أَسْأَلُكَ بِوَجْهِ اللَّهِ الْعَظِيمِ: بِمَ
بَعَثَكَ رَبُّنَا إِلَيْنَا؟ قَالَ: بِدِينِ الإِسْلامِ
قَالَ: وَمَا دِينُ الإِسْلامِ؟
قَالَ: أَنْ تَقُولَ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ للَّه
[وَتَخَلَّيْتُ] [2] ، وَتُقِيمُ الصَّلاةَ. وَتُؤْتِي
الزَّكَاةَ، وَكُلُّ مُسْلِمٍ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ
مُحَرَّمٌ، أَخَوَانِ نَصِيرَانِ، لا يقبل الله ممّن أشرك
بعد ما أَسْلَمَ عَمَلا حَتَّى يُفَارِقَ الْمُشْرِكِينَ،
مَا لِي أُمْسِكُ بِحُجَزِكُمْ عَنِ النَّارِ، أَلا
وَإِنَّ رَبِّي دَاعيَّ [3] ، وَإِنَّهُ سَائِلِي هَلْ
بَلَّغْتَ عِبَادِي [4] ؟ فَأَقُولُ:
رَبِّ قَدْ بَلَّغْتُ، أَلا فَلْيُبَلِّغْ شَاهِدُكُمْ
غَائِبَكُمْ، أَلا ثُمَّ إِنَّكُمْ تُدْعَوْنَ مُفَدَّمَةً
أَفْوَاهُكُمْ بِالْفِدَامِ، ثُمَّ إِنَّ أَوَّلَ شَيْءٍ
يُنْبِئُ عَنْ أَحَدِكُمْ لَفَخِذُهُ وَكَفُّهُ. قَالَ:
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا دِينُنَا؟ قَالَ: هَذا
دِينُكَ، وَأَيْنَمَا تُحْسِنْ يَكْفِكَ.
وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ. فَهَذَا هُوَ الْحَدِيثُ
الصَّحِيحِ بِالإِسْنَادِ الثَّابِتِ الْمَعْرُوفِ،
وَإِنَّمَا هُوَ لِمُعَاوِيَةَ ابن حيدة، لا لحكيم أبى
معاوية [5] .
__________
[1] في ى: البرقي. والصواب من أ: واللباب.
[2] ليس في أ.
[3] هكذا في كل الأصول.
[4] في ت: هل بلغت عبادة.
[5] في ى: لا لحكم بن أبي معاوية، والصواب من أ، ت.
(1/365)
سُئِلَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ عَنْ بَهْزِ
بْنِ حكيم عن أبيه عن جده فقال: إسناد صَحِيحٌ، وَجَدُّهُ
مُعَاوِيَةُ بْنُ حَيْدَةَ.
قَالَ أَبُو عمر: ومن دون بهزين حَكِيمٍ فِي هَذَا
الإِسْنَادِ ثِقَاتٌ فَإِنَّهُ حَدِيثٌ [1] .
(540) حكيم،
ويقال حكيم بن جبلة، وهو الأكثر، ويقال ابن جبل، [وابن
جبلة] [2] ، العبدي، من عَبْد القيس. أدرك النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، ولا أسلم له عنه رواية ولا خبرًا
يدل على سماعه منه ولا رؤيته له، وكان رجلا صالحًا له دين،
مطاعًا في قومه، وهو الذي بعثه عثمان إلى السند فنزلها، ثم
قدم على عثمان فسأله عنها، فقال: ماؤها وشل، ولصها بطل،
وسهلها جبل، إن كثر الجند بها جاعوا، وإن قلوا بها ضاعوا،
فلم يوجه عثمان إليها أحدًا حتى قتل.
ثم كان حكيم بن جبله هذا ممن يعيب عثمان من أجل عبد الله
ابن عامر وغيره من عماله.
ولما قدم الزبير، وطلحة، وعائشة، البصرة، وعليها عثمان بن
حنيف واليًا لعلي رضي الله عنه، بعث عثمان بن حنيف حكيم بن
جبلة العبدي في سبعمائة من عَبْد القيس، وبكر بن وائل،
فلقي طلحة والزبير بالزابوقة [3] قرب البصرة، فقاتلهم
قتالا شديدًا، فقتل رحمه الله، قتله رجل من بني حدان.
هذه رواية في قتل حكيم بن جبلة، وقد روى أنه لما غدر ابن
الزبير بعثمان بن حنيف بعد الصلح الذي كان عقده عثمان بن
حنيف مع طلحة
__________
[1] هكذا في ى. وفي ت: وَمَنْ دُونَ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ
فِي هَذَا الإسناد قائمة حديث. وفي أ: وَمَنْ دُونَ بَهْزِ
بْنِ حَكِيمٍ فِي هَذَا الإسناد فأتمه حديث.
[2] من أ، ت.
[3] الزابوقة: موضع قريب من البصرة كانت فيه وقعة الجمل
أول النهار (ياقوت) .
(1/366)
والزبير أتاه ابن الزبير ليلا في القصر،
فقتل نحو أربعين رجلا من الزط على باب القصر، وفتح بيت
المال، وأخذ عثمان بن حنيف فصنع به ما قد ذكرته في غير هذا
الموضع، وذلك قبل قدوم على رضي الله عنه، فبلغ ما صنع ابن
الزبير بعثمان بن حنيف حكيم بن جبلة، فخرج في سبعمائة من
ربيعه فقاتلهم حتى أخرجهم من القصر، ثم كروا عليه فقاتلهم
حتى قطعت رجله، ثم قاتل ورجله مقطوعة حتى ضربه سحيم
الحداني العنق [1] فقطع عنقه، واستدار رأسه في جلدة عنقه
حتى سقط وجهه على قفاه.
وقال أبو عبيدة: قطعت رجل حكيم بن جبله يوم الجمل، فأخذها
ثم زحف إلى الذي قطعها فلم يزل يضربه بها حتى قتله، وقال:
يا نفس لن تراعي ... رعاك [2] خير راعي
إن قطعت كراعي ... إن معي ذراعي
قَالَ أبو عبيدة: وليس يعرف في جاهلية ولا إسلام أحد فعل
مثل فعله.
وقال أبو عمر رضي الله عنه: كذا قَالَ أبو عبيدة، قطعت
رجله يوم الجمل، وهذا منه على المقاربة، لأنه قبل يوم
الجمل بأيام، ولم يكن علي رضي الله عنه لحق حينئذ، وقد عرض
لمعاذ بن عمرو بن الجموح يوم بدر في قطع يده من الساعد
قريب من هذا، وقد ذكرنا ذلك في بابه من هذا الكتاب.
__________
[1] هكذا في كل الأصول.
[2] في ى: أرعاك.
(1/367)
وذكر المدائني عن شيوخه عن أبي نضره
العبدي، وابن شهاب الزهري وأبي بكر الهذلي، وعامر بن حفص،
وبعضهم يزيد على بعض: أن عثمان بن حنيف لما كتب الكتاب
بالصلح بينه وبين الزبير، وطلحة، وعائشة أن يكفوا عن
الحرب، ويبقى هو في دار الإمارة خليفة لعلي على حاله حتى
يقدم علي رضي الله عنه فيرون رأيهم قال عثمان بن حنيف
لأصحابه: ارجعوا وضعوا سلاحكم.
فلما كان بعد أيام جاء عَبْد الله بن الزبير في ليلة ذات
ريح وظلمة وبرد شديد، ومعه جماعة من عسكرهم، فطرقوا عثمان
بن حنيف في دار الإمارة فأخذوه، ثم انتهوا به إلى بيت
المال فوجدوا أناسًا من الزط يحرسونه، فقتلوا منهم أربعين
رجلا، وأرسلوا بما فعلوه من أخذ عثمان وأخذ ما في بيت
المال إلى عائشة يستشيرونها في عثمان، وكان الرسول أليها
أبان بن عثمان.
فقالت عائشة: اقتلوا عثمان بن حنيف.
فقالت لها امرأة: ناشدتك الله يا أم المؤمنين في عثمان بن
حنيف وصحبته لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ! فقالت: ردوا أبانا، فردوه، فقالت:
احبسوه ولا تقتلوه. فقال أبان: لو أعلم أنك رددتني لهذا لم
أرجع، وجاء فأخبرهم. فقال لهم مجاشع بن مسعود: اضربوه
وانتفوا شعر لحيته. فضربوه أربعين سوطًا ونتفوا شعر لحيته
وحاجبه وأشفار عينه، فلما كانت الليلة التي أخذ فيها عثمان
بن حنيف غدا عَبْد الله بن الزبير إلى الزابوقة، ومدينة
الرزق وفيها طعام يرزقونه الناس، فأراد أن يرزقه أصحابه،
وبلغ حكيم ابن جبلة ما صنع بعثمان بن حنيف فقال: لست أخاه
إن لم أنصره. فجاء في سبعمائة من عَبْد القيس وبكر بن
وائل، وأكثرهم عَبْد القيس، فأتى ابن الزبير في مدينة
الرزق، فقال: مالك يا حكيم؟ قَالَ: تريد أن نرزق
(1/368)
من هذا الطعام، وأن تخلوا عثمان بن حنيف
فيقيم في دار الإمارة على ما كنتم كتبتم بينكم وبينه حتى
يقدم على علي ما تراضيتم عليه، وأيم الله لو أجد أعونًا
عليكم ما رضيت بهذا منكم حتى أقتلكم بمن قتلتم، ولقد
أصبحتم وإن دماءكم لحلال بمن قتلتم من إخواننا، أما يخافون
الله؟ بم تستحلون الدماء؟ قالوا: بدم عثمان. قَالَ: فالذين
قتلتموهم قتلوا عثمان أو حضروا قتله، أما تخافون الله؟
فقال ابن الزبير: لا نرزقكم من هذا الطعام، ولا نخلي عثمان
حتى نخلع عليًا.
فقال حكيم: اللَّهمّ اشهد. اللَّهمّ اشهد. وقال لأصحابه:
إني لست في شك من قتال هؤلاء، فمن كان في شك فلينصرف،
فقاتلهم فاقتتلوا قتالا شديدًا، وضرب رجل ساق حكيم فقطعها،
فأخذ حكيم الساق فرماه بها فأصاب عنقه، فصرعه ووقذه [1] ،
ثم حجل إليه فقتله، وقتل يومئذ سبعون رجلا من عَبْد القيس.
باب حمزة
(541) حمزة بن عَبْد المطلب بن هاشم،
عم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وكان يقال له
أسد الله، وأسد رسوله، يكنى أبا عمارة وأبا يعلى أيضًا
بابنيه عمارة ويعلى.
أسلم في السنة الثانية من المبعث، وقيل: بل كان إسلام حمزة
بعد دخول رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ دار الأرقم في
السنة السادسة من مبعثه صلى الله عليه وَسَلَّمَ، كان أسن
من رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم بأربع سنين،
__________
[1] وقذه: صرعة وغلبه (القاموس) .
(1/369)
وهذا لا يصح عندي، لأن الحديث الثابت أن
حمزة [1] ، وعبد الله بن عبد الأسد [2] ، أرضعتهما ثويبة
مع رسول الله صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ، إلا أن تكون
أرضعتهما في زمانين.
وذكر البكائي، عن ابن إسحاق، قَالَ: كان حمزة أسن من رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ بسنتين. وقال
المدائني: أول سرية بعثها رسول الله صلى الله عليه وسلم مع
حمزة بن عَبْد المطلب في ربيع الأول من سنة اثنتين إلى سيف
البحر من أرض جهينة، وخالفة ابن إسحاق فجعلها لعبيدة بن
الحارث قَالَ ابن إسحاق: وبعض الناس يزعمون أن راية حمزة
أول راية عقدها رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ. قَالَ: وكان حمزة أخا رسول الله صَلَّى الله
عليه وسلم من الرضاعة، أرضعتهما ثويبة ولم تدرك الإسلام،
فما أسلم من أعمام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه
وَسَلَّمَ إلا حمزة والعباس.
واختلف في أعمام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقيل عشرة.
وقيل اثنا عشر، ومن جعلهم اثني عشر جعل عَبْد الله أباه
ثالث عشر من بني عَبْد المطلب، وقال: هم أبو طالب، واسمه
عَبْد مناف، والحارث، وكان أكبر ولد عَبْد المطلب.
والزبير، وعبد الكعبة. وحمزة. والعباس، والمقوم.
وحجل، واسمه المغيرة. وضرار. وقثم، وأبو لهب وأسمه عَبْد
العزى.
والغيداق [3] ، فهؤلاء اثنا عشر رجلا، كلهم بنو عَبْد
المطلب، وعبد الله
__________
[1] في ى: الحمزة.
[2] في ى: عبد الله بن الأسد.
[3] في أ، ى: والغيلان، وهو تحريف.
(1/370)
أبو رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ
ثالث عشر، هكذا ذكرهم جماعة من أهل العلم بالنسب، ومنهم
ابن كيسان وغيره.
ومن جعلهم عشرة أسقط عَبْد الكعبة، وقال: هو المقوم، وجعل
الغيداق [1] وحجلا واحدًا. ومن جعلهم تسعة أسقط قثم، ولم
يختلفوا أنه لم يسلم منهم إلا حمزة والعباس.
قَالَ أبو عمر: للزبير بن عَبْد المطلب ابن يسمى حجلا، وقد
قَالَ:
بعضهم: إن اسمه المغيرة أيضًا، وأما أبو لهب وأبو طالب
فأدركا الإسلام ولم يسلما. وكان عَبْد الله أبو رسول الله
صلى الله عليه وسلم، وأبو طالب والزبير وعبد الكعبة، وأم
حكيم، وأمية، وأروى، وبرّة، وعاتكة بنات عبد المطلب لأب
وأم، أمهم فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم.
وكان حمزة وصفية والمقوم وحجل لأب وأم، أمهم هالة بنت وهيب
بن عَبْد مناف بن زهرة.
وكان العباس وضرار وقثم لأب وأم، أمهم نتيلة [2] بنت جناب،
بن كليب، من النمر بن قاسط. وقيل: بل هي نتيلة بنت جندب بن
عمرو ابن عامر، من [3] النمر بن قاسط. وأم الحارث صفية [4]
بنت جنيدب بن حجير بن رئاب [5] بن حبيب بن سواءة بن عامر
بن صعصعة، لا شقيق له منهم.
__________
[1] في أ، ى: الغيلان، وهو تحريف.
[2] في هوامش الاستيعاب: نتيلة- بالتاء أخت الطاء، ذكره
ابن دريد. ثم قال: بنت خباب- كذا بخط كاتب الأصل، في هامشه
جناب.
[3] في ى: بن.
[4] في هوامش الاستيعاب: وكانت سبية في بنى سواد بن عامر
بن صعصعة. وكان سواد غلاما لبني عبد مناف.
[5] في ى: يرتاب، وهو تحريف.
(1/371)
وقيل: أم الحارث سمراء بنت جنيدب بن جندب
بن حرثان بن سواءة ابن [عامر بن] [1] صعصعة. وأم أبي لهب
لبى بنت هاجر، من خزاعة.
شهد حمزة، بدرًا، وأبلى فيها بلاء حسنًا مشهورًا، قيل: إنه
قتل عتبة ابن ربيعة مبارزة يوم بدر، كذا قَالَ موسى بن
عقبة. وقيل: بل قتل شيبة ابن ربيعة مبارزة، قاله ابن إسحاق
وغيره، وقتل يومئذ طعيمة بن عدي أخا المطعم بن عدي، وقتل
يومئذ أيضًا سباعًا الخزاعي. وقيل: بل قتله يوم أحد قبل أن
يقتل، وشهد أحدًا بعد بدر، فقتل يومئذ شهيدًا، قتله وحشي
ابن حرب الحبشي، مولى جبير بن عدي على رأس اثنين وثلاثين
شهرًا من الهجرة، وكان يوم قتل ابن تسع وخمسين سنه، ودفن
هو وابن أخته عَبْد الله ابن جحش في قبر واحد.
روى عن رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أَنَّهُ قَالَ: حمزة سيد الشهداء. وروى خير الشهداء، ولولا
أن تجد صفية لتركت دفنه حتى يحشر في بطون الطير والسباع،
وكان قد مثل به وبأصحابه يومئذ. قَالَ ابن جريج: مثل
الكفار يوم أحد بقتلى المسلمين كلّهم إلا حنظلة ابن
الراهب، لأن أبا عامر الراهب كان يومئذ مع أبي سفيان،
فتركوا حنظلة لذلك.
وقال كثير بن زيد عن المطلب [2] : عن حنطب: لما كان يوم
أحد جعلت هند بنت عتبة والنساء معها يجد عن أنوف المسلمين،
ويبقرن بطونهم، ويقطعن
__________
[1] من ت.
[2] في ت: عن عبد المطلب عن حنطب.
(1/372)
الآذان إلا حنظلة، فان أباه كان من
المشركين. وبقرت هند عن بطن حمزة فأخرجت كبدة، وجعلت تلوك
كبده، ثم لفظته [1] ، فقال النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ:
لو دخل بطنها لم تدخل النار. قَالَ: لم يمثل بأحد ما مثل
بحمزة، قطعت هند كبده، وجدعت أنفه، وقطعت أذنيه، وبقرت
بطنه، فلما رأى النبي صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ ما
صنع بحمزة قَالَ: لئن ظفرت بقريش لأمثلن بثلاثين منهم،
فأنزل الله عز وجل [2] : وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا
بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ، وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ
لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ. وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ
إِلَّا بِاللَّهِ 16: 126- 127 ... الآية. قَالَ معمر عن
قتادة: مثل بالمسلمين يوم أحد فأنزل الله تعالى: وَإِنْ
عاقَبْتُمْ 16: 126. وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ. 16: 126 ثم
قَالَ: وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلا باللَّه.
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ، [حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بْنُ الْقَاسِمِ] [3] بْنِ شَعْبَانَ، حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بَدْرٍ، حَدَّثَنَا
الْحَسَنُ بْنُ حَمَّادٍ سَجَّادَةُ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ
بْنُ يُوسُفَ، عَنِ ابْنِ عَوْفٍ [4] ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ
إِسْحَاقَ، قَالَ: كَانَ حَمْزَةُ يُقَاتِلُ بَيْنَ يَدَيْ
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ [يَوْمَ
أُحُدٍ] [5] بِسَيْفَيْنِ، فَقَالَ قَائِلٌ: أَيُّ أَسَدٍ!
فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ عَثَرَ عَثْرَةً فَوَقَعَ
مِنْهَا عَلَى ظَهْرِهِ، فَانْكَشَفَ الدِّرْعُ عَنْ
بَطْنِهِ، فَطَعَنَه وَحْشِيٌّ الْحَبَشِيُّ بِحَرْبَةٍ.
أَوْ قَالَ بِرُمْحٍ، فَأَنْفَذَهُ.
وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي
حَمَّادٍ الْحَنَفِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن محمد عقيل،
__________
[1] في ت: لفظتها، والكبد قد تذكر.
[2] سورة النحل، آية: 126، 127.
[3] من ت.
[4] في ب، والطبقات: عون.
[5] من الطبقات.
(1/373)
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ:
لَمَّا رأى النبيّ صلى الله عليه حَمْزَةَ قَتِيلا بَكَى،
فَلَمَّا رَأَى مَا مُثِّلَ بِهِ شَهَقَ.
وَرَوَى صَالِحٌ الْمُرِّيُّ، عَنْ سُلَيْمَانَ
التَّمِيمِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ عَلَى حَمْزَةَ، وَقَدْ قُتِلَ
وَمُثِّلَ بِهِ فَلَمْ يَرَ مَنْظَرًا كَانَ أَوْجَعَ
لِقَلْبِهِ مِنْهُ، فَقَالَ: رَحِمَكَ اللَّهُ أَيْ عَمِّ،
فَلَقَدْ كُنْتَ وصولا للرحم، فعولا للخيرات، فو الله
لَئِنْ أَظْفَرَنِي اللَّهُ بِالْقَوْمِ لأُمَثِّلَنَّ
بِسَبْعِينَ مِنْهُمْ. قَالَ: فَمَا بَرِحَ حَتَّى
نَزَلَتْ: وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ مَا
عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ
لِلصَّابِرِينَ. 16: 126 فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: بَلْ نَصْبِرُ، وَكَفَّرَ عَنْ يَمِينِهِ. وذكر
الواقدي قَالَ: لم تبك امرأة من الأنصار على ميت بعد قول
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: لكن حمزة لا
بواكي له إلى اليوم- إلا بدأت بالبكاء على حمزة ثم بكت
ميتها. وأنشد أبو زيد [عن] [1] عمر بن شبه لكعب بن مالك
يرثي حمزة- وقال ابن إسحاق هي لعبد الله بن رواحة [2] :
بكت عيني وحق لها بكاها ... وما يغني البكاء ولا العويل
على أسد الإله غداة قالوا ... لحمزة [3] ذاكم الرجل القتيل
أصيب المسلمون به جميعًا ... هناك وقد أصيب به الرسول
أبا يعلي، لك الأركان هدت ... وأنت الماجد البرّ الوصول
__________
[1] من ت.
[2] سيرة ابن هشام: 3- 148.
[3] في السيرة: أحمزة.
(1/374)
عليك سلام ربك في جنان ... يخالطها نعيم لا
يزول
ألا يا هاشم الأخيار صبرًا ... فكل فعالكم حسن جميل
رسول الله مصطبر كريم ... بأمر الله ينطق إذ يقول
ألا من مبلغ عني لؤيًا ... فبعد اليوم دائلة تدول
وقبل اليوم ما عرفوا وذاقوا ... وقائعنا بها يشفي الغليل
[1]
نسيتم ضربنا بقليب بدر ... غداة أتاكم الموت العجيل
غداة ثوى أبو جهل صريعا ... عليه الطير حائمة تجول
وعتبة وابنه خرا جميعًا ... وشيبة عضه السيف الصقيل
ألا يا هند لا تبدي شماتًا ... بحمزة إن عزكم ذليل
ألا يا هند فابكى لا تملى ... فأنت الواله العبري الهبول
[2]
(542) حمزة بن عمرو [3]
الأسلمي.
من ولد أسلم بن أفصى بن حارثة بن عمرو ابن عامر، يكنى أبا
صالح. وقيل: يكنى أبا مُحَمَّد، يعد في أهل الحجاز. مات
سنة إحدى وستين، وهو ابن إحدى وسبعين سنه. ويقال ابن
ثمانين سنه.
روى عنه أهل المدينة، وكان يسرد الصوم [4] .
__________
[1] في ت: العليل.
[2] في ى: الشكول، والمثبت من ت، والسيرة. والهبول: التي
فقدت عزيزها.
[3] في هوامش الاستيعاب: يخط كاتب الأصل في هامشه ما نصه:
حمزة بْن عامر بْن مالك بْن خنساء بْن مبذول، شهد أحدا مع
أخيه سعيد، قاله العدوي. وحمزة بن عوف قدم على النبي صلى
الله عليه وسلم مع ابنه يزيد فبايعاه.
[4] في هوامش الاستيعاب: أنه قال: يا رسول الله، أجد لي
قوة على الصيام في السفر، فهل عليّ جناح؟ فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: هي رخصة من الله فمن أخذ بها فحسن،
ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه.
(1/375)
(543) حمزة بن الحمير، حليف لبني عبيد بن
عدي الأنصاري، هكذا قَالَ الواقدي: حمزة. وقال: وقد سمعت
من يقول إنه خارجة بن الحمير. قَالَ أبو عمر: هو خارجة بن
الحمير، كذلك قَالَ ابن إسحاق وغيره. وقد ذكرناه في باب
خارجة. وقيل فيه: حارثة بن الخمير.
باب حمل
(544) حمل،
ويقال: حملة بن مالك بن النابغة الهذلي، من هذيل بن مدركة
ابن الياس بن مضر. نزل البصرة، وله بها دار، يكنى أبا
نضلة، وذكره مسلم بن الحجاج في تسمية من روى عن النبي
صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ من أهل المدينة وغيره، يعد في
البصريين، ومخرج حديثه في الجنين عند المدنيين، وهو عند
البصريين أيضًا كانت عنده امرأتان: إحداهما تسمى مليكة،
والأخرى أم عفيف، رمت إحداهما الأخرى بحجر أو مسطح أو عمود
فسطاط، فأصابت بطنها فألقت جنينًا، فقضى فيه رسول الله صلى
الله عليه وَسَلَّمَ بغرة عَبْد أو أمة.
(545) حمل بن سعدانة بن حارثة
بن معقل بن كعب بن عليم بن جناب الكلبي،
وفد على النبي صلى الله عليه وسلم، وعقد له لواء وهو
القائل: لبث [1] قليلا يدرك الهيجا حمل. وشهد مع خالد
مشاهده كلها، وقد تمثل بقوله سعد بن معاذ يوم الخندق حيث
قال:
لبث قليلا يدرك الهيجا حمل ... ما أحسن الموت إذا حان
الأجل
__________
[1] في ى، وأسد الغابة: البث.
(1/376)
باب حميد
(546) حميد بن ثور الهلالي
الشاعر، يقال في نسبه حميد بن ثور بن عَبْد الله [1] بن
عامر بن أبي ربيعة بن نهيك بن هلال بن عامر بن صعصعة، كذا
قَالَ فيه أبو عمر والشيباني وغيره، أسلم حميد وقدم على
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأنشده قصيدته
التي أولها:
أضحى فؤادي من سليمى مقصدا ... [إن خطأ منها وإن تعمدا]
[2]
وذكر العقيلي أبو جعفر مُحَمَّد بن عمرو [3] بن موسى
المكيّ، قال: حدثنا الحسن بن مخلد المقري، وذكره الأزدي
الموصلي أبو الحسن [4] أيضا، قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد بن
عيسى بن السكين [5] ، قالا: حَدَّثَنَا هاشم بن القاسم
الحراني أبو أحمد، قَالَ: حَدَّثَنَا يعلى بن الأشدق بن
جراد [6] بن معاوية العقيلي يكنى أبا الهيثم، قَالَ:
حَدَّثَنَا حميد بن ثور الهلالي أنه حين أسلم أتى النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فقال:
أضحى قلبي [7] من سليمى مقصدًا ... إن خطأ منها وإن تعمدا
فذكر الشعر بتمامه، وفي آخره:
حتى أرانا ربنا محمدًا [8] ... يتلو من الله كتابا مرشدا
__________
[1] في أسد الغابة: حميد بن ثور بن حزن بن عمرو بن عامر.
ثم قال: وقيل: حميد بن ثور بن عبد الله ...
[2] ليس في أ، ت.
[3] في ى: بن عمر. والمثبت من أ، ت.
[4] في ت: أبو الحسين. وفي أ: أبو الفتح.
[5] في ى: بن سكين.
[6] في ى: جواد. والمثبت من أ، ت.
[7] في ى: فؤادي.
[8] في الإصابة
حتى أتيت المصطفى محمدا
(1/377)
فلم نكذب وخررنا سجدًا ... نعطي الزكاة
ونقيم المسجدا
قَالَ أبو عمر رضي الله عنه: لا أعلم له في إدراكه غير هذا
الخبر، وله رواية عن عمر. وحميد أحد الشعراء المجودين.
ذكر إبراهيم بن المنذر، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن
فضالة النحوي، قَالَ:
تقدم عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى الشعراء ألا يشبب رجل
بامرأة إلا جلد، فقال حميد بن ثور:
أبى الله إلا أن سرحة مالك ... على كل أفنان العضاة تروق
فقد ذهبت عرضا وما فوق طولها ... من السرح إلا عشة وسحوق
فلا الظل من برد الضحى تستطيعه ... ولا الفيء من برد العشي
تذوق [1]
فهل أنا إن عللت نفسي بسرحة ... من السرح موجود علي طريق
قَالَ أبو عمر: ذكر أحمد بن زهير حميد بن ثور فيمن روى عن
النبي صلى الله عليه وسلم من الشعراء، وأنشد الزبير بن
بكار لحميد بن ثور الهلالي، وذكر أنه قدم على النَّبِيّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسلما وأنشده:
فلا يبعد الله الشباب وقولنا ... إذا ما صبونا صبوه سنتوب
ليالي أبصار الغواني وسمعها ... إلي وإذ ريحي لهن جنوب
وإذ ما يقول الناس شيء مهون ... علينا وإذ غصن الشباب رطيب
(547) حميد بن منهب بن حارثة
الطائي،
لا تصح له صحبة، وإنما سماعه من علي وعثمان، لا أعرف له
غير ذلك، وقد ذكره في الصحابة قوم ولا يصح، والله أعلم.
__________
[1] في أ: تذوق.
(1/378)
باب حنظلة
(548) حنظلة بن الربيع،
يقال ابن ربيعة، والأكثر ابن الربيع بن صيفي الكاتب
الأسيدي [1] التميمي، يكنى أبا ربعي، من بنى أسيد بن عمرو
بن نميم، من بطن يقال لهم بنو شريف، وبنو أسيد بن عمرو بن
تميم من أشراف بني تميم. وهو أسيد بكسر الياء وتشديدها،
قَالَ نافع بن الأسود التميمي يفخر بقومه:
قومي أسيد إن سألت ومنصبي ... فلقد علمت معادن الأحساب
وهو ابن أخي أكثم بن صيفي حكيم العرب.
وأدرك أكثم بن صيفي مبعث النبي صلى الله عليه وسلم، وهو
ابن مائة وتسعين سنه، وكان يوصي قومه بإتيان النبي صلّى
الله عليه وَسَلَّمَ ولم يسلم، وكان قد كتب إلى النبي صلى
الله عليه وسلم فجاوبه رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ،
فسر بجوابه، وجمع إليه قومه، فندبهم إلى إتيان النبي صلى
الله عليه وَسَلَّمَ والإيمان به، وخبره في ذلك عجيب،
فاعترضه مالك بن نويره اليربوعي، وفرق جمع القوم، فبعث
أكثم إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ ابنه مع من
أطاعه من قومه، فاختلفوا في الطريق، فلم يصلوا، وحنظلة أحد
الذين كتبوا لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، ويعرف بالكاتب.
شهد القادسية، وهو ممن تخلف عن علي في قتال أهل البصرة يوم
الجمل.
جل حديثه عند أهل الكوفة. ولما توفي رحمه الله جزعت عليه
امرأته فنهتها جاراتها وقلن: إن هذا يحبط أجرك، فقالت:
__________
[1] في ت: الأسدي.
(1/379)
تعجبت دعد لمحزونة ... تبكي على ذي شيبة
شاحب
إن تسأليني اليوم ما شفني ... أخبرك قولا ليس بالكاذب
إن سواد العين أودى به ... حزن على حنظلة الكاتب
مات حنظلة الكاتب في إمارة معاوية بن أبي سفيان ولا عقب
له.
(549) حنظلة الغسيل،
وهو حنظلة بن أبي عامر الراهب الأنصاري الأوسي، من بني
عمرو بن عوف.
قَالَ ابن إسحاق: هو حنظلة بن أبي عامر، واسم أبي عامر
عمرو بن صيفي بن زيد بن أمية بن ضبيعة ويقال: اسم أبى عامر
الراهب عبد عمرو ابن صيفي بن زيد بن أمية بن ضبيعة. ويقال:
ابن صيفي بن النعمان بن مالك بن أمية بن ضبيعة بن زيد [بن
مالك بن] [1] عوف بن عمرو بن عوف [بن مالك بن الأوس بن
حارثة الأنصاري الأوسي] [2] وأبوه أبو عامر، كان يعرف
بالراهب في الجاهلية، وكان هو وعبد الله بن أبي بن سلول قد
نفسا [3] على رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ مَا مِنْ الله به عليه.
فأما عَبْد الله بن أبي بن سلول فآمن ظاهره وأضمر النفاق،
وأما أبو عامر فخرج إلى مكة، ثم قدم مع قريش يوم أحد
محاربًا، فسماه رسول الله صلي الله عليه وسلم أبا عامر
الفاسق، فلما فتحت مكة لحق بهرقل هاربًا إلى الروم، فمات
كافرًا عند هرقل، وكان معه هناك كنانة بن عبد يا ليل
وعلقمة بن علاثة، فاختصما في ميراثه إلى هرقل، فدفعه إلى
كنانة بن عَبْد ياليل، وقال لعلقمة: هما من أهل المدر،
وأنت من أهل الوبر.
__________
[1] من ت.
[2] ليس في ت.
[3] نفس عليه بخير: حسده.
(1/380)
وكانت وفاة أبي عامر الراهب عند هرقل في
سنة تسع. وقيل في سنة عشر من الهجرة.
وأما حنظلة ابنه فهو المعروف بغسيل الملائكة، قتل يوم أحد
شهيدًا، قتله أبو سفيان بن حرب، وقال حنظلة بحنظلة، يعني
بابنه حنظلة المقتول ببدر: وقيل. بل قتله شداد بن الأسود
بن شعوب الليثي.
وقال مصعب الزبيري: بارز أبو سفيان بن حرب حنظلة بن أبي
عامر الغسيل، فصرعه حنظلة، فأتاه ابن شعوب [1] وقد علاه
حنظلة فأعانه حتى قتل حنظلة، فقال أبو سفيان [2] :
ولو شئت نجتني كميت طمرة ... ولم أحمل النعماء لابن شعوب
في أبيات كثيرة.
وذكر أهل السيرة أن حنظلة الغسيل كان قد ألم بأهله في حين
خروجه إلى أحد، ثم هجم عليه من الخروج في النفير ما أنساه
الغسل، وأعجله عنه، فلما قتل شهيدًا أخبر رسول الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأن الملائكة غسلته. وَرَوَى
حَمَّادُ بْنُ سلمة، عن هشام بن عروة، عن أبيه أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لامْرَأَةِ حَنْظَلَةَ بْنِ
أَبِي عَامِرٍ الأَنْصَارِيِّ: مَا كَانَ شَأْنُهُ؟
قَالَتْ: كَانَ جُنُبًا وَغَسَلْتُ أَحَدَ شِقَّيْ
رَأْسِهِ، فَلَمَّا سَمِعَ الْهَيْعَةَ خَرَجَ فَقُتِلَ،
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: لَقَدْ رَأَيْتُ الْمَلائِكَةَ تُغَسِّلُهُ.
وابنه عَبْد الله بن حنظلة، ولد على عهد رسول الله صلى
الله عليه وَسَلَّمَ، قد ذكرناه في باب العبادلة من هذا
الكتاب.
__________
[1] ابن شعوب: هو شداد بن الأسود، وهو الّذي قتل حنظلة.
[2] سيرة ابن هشام: 3- 21. (الاستيعاب ج 1- م 13)
(1/381)
حدثنا عبد الوارث بن سفيان، حدثنا قاسم
بْنُ أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
السَّلامِ الْخُشَنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو يُوسُفَ
يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبَغْدَادِيُّ
الدَّوْرَقِيُّ، قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ
عَطَاءٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ
قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: افْتَخَرَتِ الأَوْسُ
فقالوا: منّا غسيل الملائكة حنظلة ابن الرَّاهِبِ،
وَمِنَّا مَنْ حَمَتْهُ الدَّبْرُ [1] عَاصِمُ بْنُ
ثَابِتِ بْنِ أَبِي الأَقْلَحِ، وَمِنَّا مَنْ أُجِيزَتْ
شَهَادَتُهُ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ خُزَيْمَةُ بْنُ
ثَابِتٍ، وَمِنَّا مَنِ اهْتَزَّ بِمَوْتِهِ عَرْشُ
الرَّحْمَنِ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ. فَقَالَ
الْخَزْرَجِيُّونَ: مِنَّا أَرْبَعَةٌ قَرَءُوا الْقُرْآنَ
على عهد رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ وَلَمْ
يَقْرَأْهُ غَيْرُهُمْ: زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَبُو
زَيْدٍ، وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ. وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ.
قَالَ أبو عمر رحمه الله: يعني لم يقرأه كله أحد منكم يا
معشر الأوس، ولكن قد قرأه جماعة من غير الأنصار، منهم
عَبْد الله بن مسعود، وسالم مولى أبي حذيفة، وعبد الله بن
عمرو بن العاص، وغيرهم
(550) حنظلة بن حذيم بن حنيفة،
أبو عبيد الحنفي، من بني حنيفة.
ويقال: حنظلة بن حذيم التميمي السعدي، هكذا قَالَ العقيلي.
وقال البخاري: حنظلة بن حذيم ولم ينسبه. قَالَ: وقال يعقوب
بن إسحاق، عن حنظلة بن حنيفة بن حذيم قَالَ: قَالَ حذيم:
يا رسول الله، إن حنظلة أصغر بني ... الحديث. هكذا ذكره
البخاري، ولم يجوده.
روى حنظلة هَذَا عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: لا يتم على غلام بعد احتلام، ولا على جارية إذا
هي حاضت. وروى أيضًا أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم
جالسًا متربعًا. روى عنه الذيال بن عبيد.
__________
[1] الدبر: الزنابير.
(1/382)
(551) حنظلة [1]
الأنصاري،
إمام مسجد قباء. روى عنه جبلة بن سحيم، لا أعلم أنه روى
عنه غيره.
(552) [حنظلة بن قيس الورقى،
ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ فيما ذكره
الواقدي.
وروى عن عمر بن عثمان، ورافع بن خديج، وروى عنه ابن شهاب
الزهري] [2] .
باب حي
(553) حيّ بن حارثة الثقفي،
حليف لبني زهرة بن كلاب. أسلم يوم فتح مكة، وقتل يوم
اليمامة شهيدا، هكذا قال ابن إسحاق حي بن حارثة [3] .
وقال الواقدي: حي بن جارية بالجيم، وكذلك ذكره الطبري.
وقال أبو معشر: يعلى بن جارية الثقفي.
(554) حيي الليثي،
سكن مصر، له صحبة، حديثه عند ابن لهيعة.
باب الأفراد في الحاء
(555) الحسن بن علي بن أبي طالب بن عَبْد المطلب بن هاشم
القرشي الهاشمي
[حفيد رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ، ابن بنته فاطمة
رضي الله عنها، وابن ابن عمه علي بن أبي طالب] [4] يكنى
أبا مُحَمَّد، ولدته أمه فاطمة بنت رسول الله صلى
__________
[1] في هوامش الاستيعاب أمامه: حنظلة بن النعمان بن عامر
بن عجلان شهد أحدا وما بعدها، وهو الّذي خلف على خولة بنت
قيس بعد حمزة بن عبد المطلب، قاله العدوي.
[2] من ت.
[3] في أسد الغابة: يعنى بالحاء والثاء المثلثة. وقال
الطبري: بحاء وياء- بن جارية- بجيم.
وقال الواقدي: جي بياءين وجيم. ثم قال: وقد ذكرناه في جى-
بعد الحاء باء موحدة.
[4] ما بين القوسين ليس في أ، ت.
(1/383)
الله عليه وَسَلَّمَ في النصف من شهر رمضان
سنة ثلاث من الهجرة، هذا أصح ما قيل في ذلك إن شاء الله،
وعق عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم سابعه بكبش [1]
، وحلق رأسه، وأمر أن يتصدق بزنة شعره فضة. حَدَّثَنَا
خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْوَرْدِ،
قَالَ حَدَّثَنَا: يُوسُفُ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا
أَسَدُ بْنُ مُوسَى، وَحَدَّثَنَا عبد الوارث بن سفيان
قال: حدثنا قاسم بن أصبغ، قال: حدثنا أحمد بن زهير، قَالَ:
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْوَلِيدِ أَبُو الْوَلِيدِ،
قَالا: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ،
عَنْ هانئ بن هانئ، عن علي رضي الله عَنْهُ، قَالَ: لَمَّا
وُلِدَ الْحَسَنُ جاء رَسُولُ الله صلى الله عليه
وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَرُونِي ابْنِي، مَا سَمَّيْتُمُوهُ؟
قُلْتُ: سَمَّيْتُهُ حَرْبًا. قَالَ: بَلْ هُوَ حَسَنٌ.
فَلَمَّا وُلِدَ الْحُسَيْنُ قَالَ: أَرُونِي ابْنِي، مَا
سَمَّيْتُمُوهُ؟ قُلْتُ: سَمَّيْتُهُ حَرْبًا. قَالَ: بَلْ
هُوَ حُسَيْنٌ. فَلَمَّا وُلِدَ الثَّالِثُ جَاءَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فَقَالَ:
أَرُونِي ابْنِي، مَا سَمَّيْتُمُوهُ؟ قُلْتُ: حَرْبًا
قَالَ: بَلْ هُوَ مُحَسِّنٌ. زَادَ أَسَدٌ، ثُمَّ قَالَ:
إِنِّي سَمَّيْتُهُمْ بِأَسْمَاءِ وَلَدِ هَارُونَ:
شَبَّرُ وَشَبِّيرُ وُمَشَبِّرٌ. وَبِهَذَا الإِسْنَادِ
عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ
الْحَسَنُ أَشْبَهَ الناس برسول الله صلى الله عليه
وَسَلَّمَ مَا بَيْنَ الصَّدْرِ إِلَى الرَّأْسِ،
وَالْحُسَيْنُ أشه الناس بالنبيّ صلى الله عليه وَسَلَّمَ
مَا كَانَ أَسْفَلُ مِنْ ذَلِكَ.
وتواترت الآثار الصحاح عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وسلم أنه قال لحسن ابن علي: إن ابني هذا سيد، وعسى الله أن
يبقيه حتى يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين. رواه
جماعة من الصحابة.
__________
[1] في ى: يكبشين. والمثبت من أ، ت.
(1/384)
وفي حديث أبي بكرة في ذلك: وإنه ريحانتي من
الدنيا. ولا أسود ممن سماه رسول الله صلى الله عليه
وَسَلَّمَ سيدًا، وكان رضي الله عنه حليمًا ورعًا فاضلا،
دعاه ورعه وفضله إلى أن ترك الملك والدنيا رغبة فيما عند
الله، وقال: والله ما أحببت منذ علمت ما ينفعني وما يضرني
أن إلي أمر أمة محمد صلى الله عليه وَسَلَّمَ على أن يهراق
في ذلك محجمة دم. وكان من المبادرين إلى نصرة عثمان
والذابين عنه، ولما قتل أبوه علي رضي الله عنه بايعه أكثر
من أربعين ألفًا، كلهم قد كانوا بايعوا أباه عليًا قبل
موته على الموت، وكانوا أطوع للحسن وأحب فيه منهم في أبيه،
فبقي نحوًا من أربعة أشهر خليفة بالعراق وما وراءها [1] من
خراسان، ثم سار إلى معاوية، وسار معاوية إليه، فلما تراءى
الجمعان، وذلك بموضع يقال له مسكن من أرض السواد بناحية
الأنبار علم أنه لن تغلب إحدى الفئتين حتى تذهب أكثر
الأخرى، فكتب إلى معاوية يخبره أنه يصير الأمر إليه على أن
يشترط عليه ألا يطلب أحدًا من أهل المدينة والحجاز ولا أهل
العراق بشيء كان في أيام أبيه، فأجابه معاوية، وكاد يطير
فرحًا، إلا أنه قَالَ:
أما عشرة أنفس فلا أؤمنهم.
فراجعه الحسن فيهم فكتب إليه يقول: إني قد آليت أني متى
ظفرت بقيس بن سعد أن أقطع لسانه ويده، فراجعه الحسن إني لا
أبايعك أبدًا وأنت تطلب قيسًا أو غيره بتبعة قلت أو كثرت.
فبعث إليه معاوية حينئذ برق أبيض وقال: أكتب ما شئت فيه
وأنا ألتزمه.
فاصطلحا على ذلك، واشترط عليه الحسن أن يكون له الأمر من
بعده، فالتزم ذلك كله معاوية فقال له عمرو بن العاص: إنهم
قد انفل حدهم،
__________
[1] في ى: وما وراءه.
(الاستيعاب ج 1- م 14)
(1/385)
وانكسرت شوكتهم، فقال له معاوية: أما علمت
أنه قد بايع عليا أربعون ألفا على الموت، فو الله لا
يقتلون حتى يقتل أعدادهم من أهل الشام، وو الله ما في
العيش خير بعد ذلك. واصطلحا على ما ذكرنا، وكان كما قَالَ
رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله سيصلح به بين فئتين
عظيمتين من المسلمين. حدثنا عبد الوارث بن سفيان، قال:
حدثنا قاسم بن أصبغ، قال: حدثنا أحمد بن زُهَيْرٍ، قَالَ
حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ، حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ،
عَنِ ابْنِ شَوْذَبٍ، قَالَ: لَمَّا قُتِلَ عَلِيٌّ سَارَ
الْحَسَنُ فِيمَنْ مَعَهُ مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ
وَالْعِرَاقِ، وَسَارَ مُعَاوِيَةُ فِي أَهْلِ الشَّامِ،
فَالْتَقَوْا، فَكَرِهَ الْحَسَنُ الْقِتَالَ، وَبَايَعَ
مُعَاوِيَةَ عَلَى أَنْ يَجْعَلَ الْعَهْدَ لِلْحَسَنِ
مِنْ بَعْدِهِ، قَالَ: فَكَانَ أَصْحَابُ الْحَسَنِ
يَقُولُونَ لَهُ يَا عَارَ الْمُؤْمِنِينَ. فَيَقُولُ:
الْعَارُ خَيْرٌ مِنَ النَّارِ. حَدَّثَنَا خلف بن قاسم،
قال: حدثنا عبد الله بْنُ عُمَرَ [1] بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ
مَعْمَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ
الْحَجَّاجِ بْنِ رشدين، قال: حدثني عمرو ابن خَالِدٍ
مِرَارًا، قَالَ: حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ
الْجُعْفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو رَوْقٍ [2]
الْهَمْدَانِيُّ أَنَّ أَبَا الْغَرِيفِ [3] حَدَّثَهُمْ
قَالَ: كُنَّا فِي مُقَدِّمَةِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ
اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا بِمَسْكِنَ مُسْتَمْيِتِينَ
تَقْطُرُ أَسْيَافُنَا مِنَ الْجَدِّ وَالْحِرْصِ عَلَى
قِتَالِ أَهْلِ الشَّامِ وَعَلَيْنَا أَبُو الْعَمْرِ طه
[4] ، فَلَمَّا جَاءَنَا صُلْحُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ
كَأَنَّمَا كسرت
__________
[1] في ى: عبد الله بن محمد بن إسحاق. والمثبت من أ، ت.
[2] في هوامش الاستيعاب: اسم أبى روق عطية بن الحارث.
[3] في ى: العريق، والصواب من ت، والتقريب. واسمه عبيد
الله بن خليفة كما في التقريب، أو عبد الله بن خليفة كما
في هوامش الاستيعاب. وفي أ، وهوامش الاستيعاب:
أبا العريف.
[4] هكذا في كل الأصول.
(ظهر الاستيعاب ج 1- م 14)
(1/386)
ظُهُورُنَا مِنَ الْغَيْظِ وَالْحُزْنِ
فَلَمَّا جَاءَ الْحَسَنُ الْكُوفَةَ أَتَاهُ شَيْخٌ
مِنَّا يُكَنَّى أَبَا عَامِرٍ سُفْيَانَ بْنَ لَيْلَى [1]
، فَقَالَ: السَّلامُ عَلَيْكَ يَا مُذِلَّ
الْمُؤْمِنِينَ. فَقَالَ: لا تَقُلْ يَا أَبَا عَامِرٍ،
فَإِنِّي لَمْ أُذِلَّ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَكِنِّي
كَرِهْتُ أَنْ أَقْتُلَهُمْ فِي طَلَبِ الْمُلْكِ.
وَحَدَّثَنَا خَلَفٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ،
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ
سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ،
حَدَّثَنِي أَبُو مَعْشَرٍ، عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ سَعْدٍ
قَالَ:
مَكَثَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ نَحْوًا مِنْ ثَمَانِيَةِ
أَشْهُرٍ لا يُسَلِّمُ الأَمْرَ إِلَى مُعَاوِيَةَ،
وَحَجَّ بِالنَّاسِ تِلْكَ السَّنَةَ سَنَةَ أَرْبَعِينَ
الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَؤَمِّرَهُ
أَحَدٌ، وَكَانَ بِالطَّائِفِ. قَالَ: وَسَلَّمَ الأَمْرُ
الْحَسَنُ إِلَى مُعَاوِيَةَ فِي النِّصْفِ مِنْ جُمَادَى
الأُولَى مِنْ سَنَةِ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ، فَبَايَعَ
النَّاسُ مُعَاوِيَةَ حِينَئِذٍ، وَمُعَاوِيَةُ يَوْمَئِذٍ
ابْنُ سِتٍّ وَسِتِّينَ إِلا شَهْرَيْنِ.
قَالَ أبو عمر رضي الله عنه: هذا أصح ما قيل في تاريخ عام
الجماعة، وعليه أكثر أهل هذه الصناعة من أهل السير والعلم
بالخبر، وكل من قَالَ:
إن الجماعة كانت سنة أربعين فقد وهم، ولم يقل بعلم، والله
أعلم.
ولم يختلفوا أن المغيرة حج عام أربعين على ما ذكر أبو
معشر، ولو كان الاجتماع على معاوية قبل ذلك لم يكن كذلك،
والله أعلم.
ولا خلاف بين العلماء أن الحسن إنما سلم الخلافة لمعاوية
حياته لا غير، ثم تكون له من بعده، وعلى ذلك انعقد بينهما
ما انعقد في ذلك، ورأى الحسن ذلك خيرًا من إراقة الدماء في
طلبها، وإن كان عند نفسه أحق بها.
حَدَّثَنَا خَلَفٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ،
وَيَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى،
وَيُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأعلى، قالوا: حدثنا
__________
[1] في هوامش الاستيعاب: في غير هذا الكتاب: الليل.
(1/387)
ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ
بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: لَمَّا دَخَلَ
مُعَاوِيَةُ الْكُوفَةَ حِينَ سَلَّمَ الأَمْرَ إِلَيْهِ
الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ كَلَّمَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ
مُعَاوِيَةَ أَنْ يَأْمُرَ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ
فَيَخْطُبُ النَّاسَ، فَكَرِهَ ذَلِكَ مُعَاوِيَةُ،
وَقَالَ: لا حَاجَةَ بِنَا إِلَى ذَلِكَ قَالَ عَمْرٌو:
وَلَكِنِّي أُرِيدُ ذَلِكَ لِيَبْدُوَ عِيُّهُ [1] ،
فَإِنَّهُ لا يَدْرِي هَذِهِ الأُمُورَ مَا هي؟ ولم يَزَلْ
بِمُعَاوِيَةَ حَتَّى أَمَرَ الْحَسَنَ أَنْ يَخْطُبَ،
وَقَالَ لَهُ:
قُمْ يَا حَسَنُ فَكَلِّمِ النَّاسَ فِيمَا جَرَى
بَيْنَنَا.
فَقَامَ الْحَسَنُ فَتَشَهَّدَ، وَحَمِدَ اللَّهَ،
وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ فِي بَدِيهَتِهِ: أَمَّا
بَعْدُ أَيُّهَا النَّاسُ، فَإِنَّ اللَّهَ هَدَاكُمْ
بِأَوَّلِنَا، وَحَقَنَ دِمَاءَكُمْ بِآخِرِنَا، وَإِنَّ
لِهَذَا الأَمْرُ مُدَّةً، وَالدُّنْيَا دُوَلٌ، وَإِنَّ
اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ [2] : وَإِنْ أَدْرِي
أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ 21: 109. إِنَّهُ
يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ مَا
تَكْتُمُونَ وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ
ومتاع إلى حين. فَلَمَّا قَالَهَا قَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ:
اجْلِسْ، فَجَلَسَ ثُمَّ قَامَ مُعَاوِيَةُ فَخَطَبَ
النَّاسَ، ثُمَّ قَالَ لِعَمْرٍو: هَذَا مِنْ رَأْيِكَ.
وَأَخْبَرَنَا خَلَفٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ،
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ
سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ
الأَجْلَحُ، أَنَّهُ سَمِعَ الْمُجَالِدَ بْنَ سَعِيدٍ
يَذْكُرُ عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: لَمَّا جَرَى
الصُّلْحُ بَيْنَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ
قَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ:
قُمْ فَاخْطُبِ النَّاسَ، وَاذْكُرْ مَا كُنْتَ فِيهِ.
فَقَامَ الْحَسَنُ فَخَطَبَ فَقَالَ: الْحَمْدُ للَّه
الَّذِي هَدَى بِنَا أَوَّلَكُمْ [3] . وَحَقَنَ بِنَا
دِمَاءَ آخِرِكُمْ، أَلا إِنَّ أَكْيَسَ الْكَيْسِ
التَّقِيُّ، وَأَعْجَزَ الْعَجْزِ الْفُجُورُ، وَإِنَّ
هَذَا الأَمْرَ الَّذِي اخْتَلَفْتُ فِيهِ أَنَا
وَمُعَاوِيَةُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ كَانَ أَحَقَّ بِهِ
__________
[1] في ى: عيبه. والمثبت من أ، ت.
[2] سورة الأنبياء، آية 109 وما بعدها.
[3] في أسد الغابة: هداكم بأولنا، وحقن دماءكم بآخرنا.
(1/388)
مِنِّي، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ حَقِّي
فَتَرَكْتُهُ للَّه، ولإصلاح أمّة محمد صلى الله عليه
وَسَلَّمَ وَحَقْنِ دِمَائِهِمْ، قَالَ: ثُمَّ الْتَفَتَ
إِلَى مُعَاوِيَةَ فَقَالَ [1] ، وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ
فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ 21: 111. ثُمَّ
نَزَلَ. فَقَالَ عَمْرٌو لِمُعَاوِيَةَ: مَا أَرَدْتُ إِلا
هَذَا.
ومات الحسن بن علي رضي الله عنهما بالمدينة واختلف في وقت
وفاته، فقيل: مات سنة تسع وأربعين. وقيل: بل مات في ربيع
الأول من سنة خمسين بعد ما مضى من إمارة معاوية عشر سنين.
وقيل: بل مات سنة إحدى وخمسين، ودفن ببقيع الغرقد [2] وصلى
عليه سعيد بن العاص، وكان أميرًا بالمدينة قدمه الحسين
للصلاة على أخيه، وقال. لولا أنها سنة ما قدمتك.
وقد كانت أباحت له عائشة أن يدفن مع رسول الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بيتها، وكان سألها ذلك في
مرضه، فلما مات منع من ذلك مروان وبنو أمية في خبر يطول
ذكره.
وقال قتادة وأبو بكر بن حفص: سم الحسن بن على، سمته امرأته
جعدة بنت الأشعث بن قيس الكندي.
وقالت طائفة [3] : كان ذلك منها بتدسيس معاوية إليها وما
بذل لها في ذلك، وكان لها ضرائر، والله أعلم.
ذَكَرَ أَبُو زَيْدٍ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ وَأَبُو بَكْرِ
بن أبى خيثمة قالا: حدثنا موسى
__________
[1] سورة الأنبياء، آية 111.
[2] مقبرة أهل المدينة.
[3] في هوامش الاستيعاب: نسبة السم إلى معاوية غير صحيحة،
لما في تاريخ ابن خلدون إن ما ينقل من أن معاوية دسّ إليه
السم مع زوجته جعدة بنت الأشعث فهو من أحاديث الشيعة،
وحاشا لمعاوية من ذلك.
(1/389)
ابن إِسْمَاعِيلَ، قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو
هِلالٍ، عَنْ قَتَادَةَ، قال: دخل الحسين على الحسن،
فَقَالَ: يَا أَخِي إِنِّي سُقِيتُ السُّمَّ ثَلاثَ مرار،
لَمْ أُسْقَ مِثْلَ هَذِهِ الْمَرَّةِ إِنِّي لأَضَعُ
كَبِدِي. فَقَالَ الْحُسَيْنُ: مَنْ سَقَاكَ يَا أَخِي؟
قَالَ: مَا سُؤَالُكَ عَنْ هَذَا؟ أَتُرِيدُ أَنْ
تُقَاتِلَهُمْ، أَكِلُهُمْ إِلَى اللَّهِ. فلما مات ورد
البريد بموته على معاوية، فقال: يا عجبًا من الحسن، شرب
شربة من عسل بماء رومة. فقضى نحبه.
وأنّى ابن عباس معاوية. فقال له: يا بن عباس، احتسب الحسن،
لا يحزنك الله ولا يسوءك. فقال: أما ما أبقاك الله لي يا
أمير المؤمنين فلا يحزنني الله ولا يسوءني. قَالَ: فأعطاه
على كلمته ألف ألف وعروضا وأشياء، وقال: خذها واقسمها على
أهلك.
حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا قَاسِمٌ،
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوْحٍ، حَدَّثَنَا
عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ بْنِ فَارِسٍ، قَالَ حَدَّثَنَا
ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ:
كُنَّا عِنْدَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، فَدَخَلَ
الْمَخْرَجَ ثُمَّ خَرَجَ، فَقَالَ: لَقَدْ سُقِيتُ
السُّمَّ مِرَارًا وَمَا سُقِيْتُهُ مِثْلَ هَذِه
الْمَرَّةِ، لَقَدْ لَفَظْتُ طَائِفَةً مِنْ كَبِدِي،
فَرَأَيْتُنِي أَقْلِبُهَا بِعُودٍ مَعِي فَقَالَ لَهُ
الحسين: يَا أَخِي، مَنْ سَقَاكَ؟ قَالَ: وَمَا تُرِيدُ
إِلَيْهِ؟ أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: لَئِنْ كَانَ الَّذِي أَظُنُّ فاللَّه أَشَدُّ
نِقْمَةً، وَلَئِنْ كَانَ غَيْرُهُ مَا أُحِبُّ أَنْ
تَقْتُلَ بِي بَرِيئًا. وَذَكَرَ مَعْمَرٌ عَنِ
الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ
أَحَدٌ أَشْبَهَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْحَسَنِ.
وقال أبو جحيفة: رأيت رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ،
وكان الحسين يشبهه.
(1/390)
قَالَ أبو عمر رضي الله عنه: حفظ الحسن بن
علي عن رسول الله صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ أحاديث
ورواها عنه، منها حديث الدعاء في القنوت، ومنها:
إنا آل مُحَمَّد لا تحل لنا الصدقة. وروى عن النبي صَلَّى
الله عليه وسلم من وجوه أنه قال في الحسن والحسين: إنهما
سيدا شباب أهل الجنة. وقال: اللَّهمّ إني أحبهما فأحبهما
وأحب من يحبهما. قيل: كانت سنة يوم مات ستّا وأربعين سنة
وقيل سبعا وأربعين.
وكان معاوية قد أشار بالبيعة إلى يزيد في حياة الحسن، وعرض
بها، ولكنه لم يكشفها، ولا عزم عليها إلا بعد موت الحسن.
وروينا من وجوه أن الحسن بن علي لما حضرته الوفاة قَالَ
للحسين أخيه: يا أخي، إن أبانا رحمه الله تعالى لما قبض
رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ استشرف لهذا الأمر،
ورجا أن يكون صاحبه، فصرفه الله عنه، ووليها أبو بكر، فلما
حضرت أبا بكر الوفاة تشوف لها أيضًا، فصرفت عنه إلى عمر.
فلما احتضر عمر جعلها شورى بين ستة هو أحدهم، فلم يشك أنها
لا تعدوه، فصرفت عنه إلى عثمان، فلما هلك عثمان بويع، ثم
نوزع حتى جرد السيف، وطلبها، فما صفا له شيء منها، وإني
والله ما أرى أن يجمع الله فينا- أهل البيت- النبوة
والخلافة، فلا أعرفن ما استخفك [1] سفهاء أهل الكوفه
فأخرجوك وقد كنت طلبت إلى عائشة إذا مت أن تأذن لي فأدفن
في بيتها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: نعم.
وإني لا أدري لعلها كان ذلك منها حياء، فإذا أنا مت فاطلب
ذلك إليها فإن طلت نفسها فادفني في بيتها،
__________
[1] في أسد الغابة: فلا يستخفنك أهل الكوفة ليخرجوك.
(1/391)
وما أظن القوم إلا [1] سيمنعونك إذا أردت
ذلك، فإن فعلوا فلا تراجعهم في ذلك، وادفني في بقيع
الغرقد، فإن فيمن فيه [2] أسوة.
فلما مات الحسن أتى الحسين عائشة، فطلب ذلك إليها، فقالت:
نعم وكرامة. فبلغ ذلك مروان، فقال مروان: كذب وكذبت، والله
لا يدفن هناك أبدًا، منعوا عثمان من دفنه في المقبرة،
ويريدون دفن الحسن في بيت عائشة! فبلغ ذلك الحسين، فدخل هو
ومن معه في السلاح، فبلغ ذلك مروان فاستلأم في الحديد
أيضًا، فبلغ ذلك أبا هريرة فقال: والله ما هو إلا ظلم،
يمنع الحسن أن يدفن مع أبيه، والله إنه لابن رسول الله صلى
الله عليه وَسَلَّمَ، ثم انطلق إلى الحسين فكلمه وناشده
الله، وقال له: أليس قد قَالَ أخوك:
إن خفت أن يكون قتال فردوني إلى مقبرة المسلمين، فلم يزل
به حتى فعل، وحمله إلى البقيع، فلم يشهده يومئذ من بنى
أميّة إلا سعيد بن العاصي، وكان يومئذ أميرًا على المدينة،
فقدمه [3] الحسين للصلاة عليه وقال: هي السنة. وخالد بن
الوليد بن عقبة ناشد بني أمية أن يخلوه يشاهد الجنازة،
فتركوه، فشهد دفنه في المقبرة، ودفن إلى جنب أمه فاطمة رضي
الله عنها وعن بينها أجمعين.
(556) الحسين بن علي بن أبي طالب،
أمه فاطمة بنت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ،
يكنى أبا عَبْد الله، ولد لخمس خلون من شعبان سنة أربع،
وقيل سنة ثلاث، هذا قول الواقدي وطائفة معه.
__________
[1] في ت: وما أظن أن القوم سيمنعونك. وفي أمثل ى.
[2] في ى: فإن فيمن ثمة لي أسوة.
[3] في ى: قدمه.
(1/392)
قَالَ الواقدي: علقت فاطمة بالحسين بعد
مولد الحسن بخمسين ليلة.
وروى جعفر بن مُحَمَّد عن أبيه قَالَ: لم يكن بين الحسن
والحسين إلا طهر واحد. وقال قتادة: ولد الحسين بعد الحسن
بسنة [1] وعشرة أشهر لخمس سنين وستة أشهر من التاريخ [2] ،
وعق [3] عنه رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ كما عق عن
أخيه، وكان الحسين فاضلا دينًا كثير الصيام والصلاة والحج.
قتل رضي الله عنه يوم الجمعة لعشر خلت من المحرم يوم
عاشوراء سنة إحدى وستين بموضع يقال له كربلاء [4] من أرض
العراق بناحية الكوفة، ويعرف الموضع أيضًا بالطف، قتله
سنان بن أنس النخعي، ويقال له أيضًا سنان بن أبي سنان
النخعي، وهو جد شريك القاضي.
ويقال: بل الذي قتله رجل من مذحج. وقيل: بل قتله شمر بن ذي
الجوشن، وكان أبرص، وأجهز عليه خولي بن يزيد الأصبحي من
حمير، جز رأسه وأتى به عبيد الله بن زياد وقال:
أوقر ركابي فضة وذهبًا ... إني [5] قتلت الملك المحجبا
قتلت خير الناس أمًا وأبًا ... وخيرهم إذ ينسبون نسبا
وقال يحيى بن معين: أهل الكوفة يقولون: إن الذي قتل الحسين
عمر ابن سعد بن أبي وقاص، قَالَ يحيى: وكان إبراهيم بن سعد
يروى فيه حديثًا إنه لم يقتله عمر بن سعد.
__________
[1] في ى: أو عشرة أشهر. والمثبت من أ، ت.
[2] في أسد الغابة: فولدته لست سنين وخمسة أشهر ونصف شهر
من الهجرة.
[3] العقيقة: الشاة التي تذبح عند حلق شعر المولود. وعق عن
المولود: ذبح عنه (القاموس) .
[4] كربلاء: الموضع الّذي قتل فيه الحسين في طرف البرية
عند الكوفة (ياقوت) .
[5] في أسد الغابة: فقد قتلت السيد.
(1/393)
وقال أبو عمر: إنما نسب قتل الحسين إلى عمر
بن سعد لأنه كان الأمير على الخيل التي أخرجها عبيد الله
بن زياد إلى قتال الحسين، [وأمر عليهم عمر ابن سعد] [1] ،
ووعده أن يوليه الري إن ظفر بالحسين وقتله، وكان في تلك
الخيل- والله أعلم- قوم من مضر [2] ومن اليمن.
وفي شعر سليمان بن قتة الخزاعي. وقيل: إنها لأبي الرميح
[3] الخزاعي ما يدل على الاشتراك في دم الحسين، فمن قوله
في ذلك [4] :
مررت على أبيات آل مُحَمَّد ... فلم أر من أمثالها حين حلت
فلا يبعد الله البيوت وأهلها ... وإن أصبحت منهم برغمي
تخلت
وكانوا رجاء ثم عادوا رزية [5] ... لقد عظمت تلك الرزايا
وجلت
أولئك قوم لم يشيموا سيوفهم ... ولم تنك في أعدائهم حين
سلت
وإن قتيل الطف من آل هاشم ... أذل رقابا من قريش فذلت [6]
وفيها يقول:
إذا افتقرت قيس جبرنا فقيرها ... وتقتلنا قيس إذا النعل
زلت
وعند غني قطرة من دمائنا ... سنجزيهم يومًا بها حيث حلت
ومنها أو من غيرها:
ألم تر أن الأرض أضحت مريضة ... لفقد حسين والبلاد اقشعرّت
__________
[1] الزيادة من أ، ت.
[2] في ى: مصر. وفي ت من بنى مضر. والمثبت من أ.
[3] نسبت هذه الأبيات إلى أبى دهبل الجمحيّ في معجم
البلدان (مادة طف) .
وفي هوامش الاستيعاب: بخطه الزميج، وصوابه: لأبى رمح.
[4] في ياقوت: فلم أرها أمثالها.
[5] في ياقوت:
وكانوا غياثا ثم أضحوا رزيه
[6] في ياقوت:
ألا إن قتلى الطف من آل هاشم ... أذلت رقاب المسلمين فذلت
(1/394)
وقد أعولت تبكي السماء لفقده ... وأنجمها
ناحت عليه وصلت
في أبيات كثيرة.
وقال خليفة بن خياط: الذي ولى قتل الحسين بن علي شمر بن ذي
الجوشن وأمير الجيش عمر بن سعد.
وقال مصعب: الذي ولى قتل الحسين بن علي سنان بن أبي سنان
النخعي، لا رحمه الله، ويصدق ذلك قول الشاعر:
وأي رزية عدلت حسينًا ... غداة تبيره [1] كفا سنان
وقال منصور النمري:
ويلك يا قاتل الحسين لقد ... بؤت بحمل ينوء بالحامل
أي حباء [2] حبوت أحمد في ... حفرته من حرارة الثاكل
تعال فاطلب غدًا شفاعته ... وانهض فرد حوضه مع الناهل
ما الشك عندي في حال قاتله ... لكنني قد أشك في الخاذل [3]
كأنما أنت تعجبين ألا ... تنزل بالقوم نقمة العاجل
لا يعجل الله إن عجلت وما ... ربك عما ترين بالغافل
ما حصلت لامرئ سعادته ... حقت عليه عقوبة الآجل
أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا قاسم
بن أصبغ، قال: حدثنا بْنُ وَضَّاحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا
أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا
عَفَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ،
قَالَ: حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ أَبِي عَمَّارٍ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: رَأَيْتُ
__________
[1] في ى: تثيره.
[2] في أسد الغابة، أ: حبا.
[3] في أسد الغابة: بالخاذل.
(1/395)
النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ فِيمَا
يَرَى النَّائِمُ نِصْفَ النَّهَارِ وَهُوَ قَائِمٌ
أَشْعَثَ أَغْبَرَ، بِيَدِهِ قَارُورَةٌ فِيهَا دَمٌ فقلت:
يا أبى أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا هَذَا؟
قَالَ:
هَذَا دَمُ الْحُسَيْنِ لَمْ أَزَلْ أَلْتَقِطُهُ مُنْذُ
الْيَوْمِ، فَوُجِدَ قَدْ قُتِلَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمَ.
وهذا البيت زعموا قديمًا لا يدرى قائله:
أترجو أمة قتلت حسينًا ... شفاعة جده يوم الحساب
وبكى الناس الحسين فأكثروا.
وروى فطر، عن منذر الثوري، عن ابن الحنفية قَالَ: قتل مع
الحسين سبعة عشر رجلا كلهم من ولد فاطمة وقال أبو موسى، عن
الحسن البصري: أصيب مع الحسين بن علي ستة عشر رجلا من أهل
بيته ما على وجه الأرض يومئذ لهم شبة.
وقيل: إنه قتل مع الحسين من ولده وإخوته وأهل بيته ثلاثة
وعشرون رجلا.
وقال أبو عمر: لما مات معاوية وأفضت الخلافة إلى يزيد،
وذلك في في سنة ستين، ووردت بيعته على الوليد بن عقبة [1]
بالمدينة ليأخذ البيعة على أهلها أرسل إلى الحسين بن علي
وإلى عَبْد الله بن الزبير ليلا فأتى بهما، فقال: بايعا،
فقالا: مثلنا لا يبايع سرًا، ولكننا نبايع على رءوس الناس
إذا أصبحنا. فرجعا إلى بيوتهما، وخرجا من ليلتهما إلى مكة،
وذلك ليلة الأحد لليلتين بقيتا من رجب، فأقام الحسين بمكة
شعبان ورمضان وشوال وذا القعده، وخرج يوم التروية يريد
الكوفة، فكان سبب هلاكه.
قتل [2] يوم الأحد لعشر مضين من المحرم يوم عاشوراء سنة
إحدى
__________
[1] في ت: عتبة.
[2] في ت: فقتل.
(1/396)
وستين بموضع من أرض الكوفة يدعى كربلاء قرب
الطف، وقضى الله عز وجل أن قتل عبيد الله بن زياد يوم
عاشوراء سنة سبع وستين، قتله إبراهيم بن الأشتر في الحرب،
وبعث برأسه إلى المختار، وبعث به المختار إلى ابن الزبير،
فبعث به ابن الزبير إلى علي بن الحسين.
واختلف في سنّ الحسين يوم قتله: فقيل: قتل وهو ابن سبع
وخمسين.
وقيل: قتل وهو ابن ثمان وخمسين.
قَالَ قتادة: قتل الحسين وهو ابن أربع وخمسين سنة وستة
أشهر، وذكر المازني، عن الشافعي، عن سفيان بن عيينة،
قَالَ: قَالَ لي جعفر بن مُحَمَّد: توفي علي بن أبي طالب،
وهو ابن ثمان وخمسين سنة. وقتل الحسين بن علي وهو ابن ثمان
وخمسين سنة، وتوفي علي بن الحسين وهو ابن ثمان وخمسين سنة،
وتوفي مُحَمَّد بن علي بن الحسين وهو ابن ثمان وخمسين سنة.
قَالَ سفيان: وقال لي جعفر بن مُحَمَّد وأنا بهذه السنة في
ثمان وخمسين فتوفى فيها رحمه الله.
قَالَ مصعب الزبيري: حج الحسين بن علي خمسًا وعشرين حجة
ماشيًا، وَذَكَرَ أَسَدٌ عَنْ حَاتِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ،
عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي مُزَرَّدٍ عَنْ أَبِيهِ،
قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: أَبْصَرَتْ عَيْنَايَ
هَاتَانِ، وَسَمِعَتْ أُذُنَايَ رَسُولَ الله صلى الله
عليه وَسَلَّمَ، وَهُوَ آخِذٌ بِكَفَّيْ حُسَيْنٍ،
وَقَدَمَاهُ عَلَى قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم
وَهُوَ يَقُولُ: تَرَقَّ عَيْنَ بَقَّةٍ. قَالَ: فَرَقَّى
الْغُلامُ حَتَّى وَضَعَ قَدَمَيْهِ عَلَى صَدْرِ رَسُولِ
الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ لَهُ
(1/397)
رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ:
افْتَحْ فَاكَ، ثُمَّ قَبَّلَهُ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهمّ
أَحِبَّهُ، فَإِنِّي أُحِبُّهُ. قَالَ أَبُو عُمَرَ: رَوَى
الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ عن النبي صَلَّى الله عليه
وَسَلَّمَ قَوْلَهُ: مِنْ حُسْنِ إِسْلامِ الْمَرْءِ
تَرْكُهُ مَا لا يَعْنِيهِ. هَكَذَا حَدَّثَ بِهِ
الْعُمَرِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ
الْحُسَيْنِ عَنْ أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقد
ذكرنا الاختلاف [في إسناد هذا الحديث في] [1] كتاب التمهيد
لحديث رسول الله صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ في الموطأ،
والحمد للَّه.
وَرَوَى إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ،
عَنِ الزُّهْرِيِّ، عن سنان ابن أَبِي سِنَانٍ
الدُّؤَلِيِّ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، عن النبي
صلى الله عليه وسلم حديثا في ابن صائد: اختلفتم وأما
بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ، فَأَنْتُمْ بَعْدِي أَشَدُّ
اخْتِلافًا. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ
سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، حَدَّثَنَا
الْخُشَنِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ [2] ،
حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
شَرِيكٍ، عَنْ بِشْرِ بْنِ غَالِبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ
الزُّبَيْرِ وَهُوَ يَسْأَلُ حُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ يَا
أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، مَا تَقُولُ فِي فِكَاكِ الأَسِيرِ
عَلَى مَنْ هُوَ؟ قَالَ: عَلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ
أَعَانَهُمْ، وَرُبَّمَا قَالَ: قَاتَلَ مَعَهُمْ. قَالَ
سُفْيَانُ: يَعْنِي يُقَاتِلُ مَعَ أَهْلِ الذِّمَّةِ
فَيُفَكُّ مِنْ جِزْيَتِهِمْ.
قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ
اللَّهِ، مَتَى يَجِبُ عَطَاءُ الصَّبِيِّ؟ قَالَ:
إذا استهلّ وجب عطاؤه ورزقه.
__________
[1] الزيادة من ت، أ.
[2] في. ت: ابن عمر.
(1/398)
وَسَأَلَهُ عَنِ الشُّرْبِ قَائِمًا
فَدَعَا بِلِقْحَةٍ لَهُ فَحُلِبَتْ وَشَرِبَ قَائِمًا
وَنَاوَلَهُ، وَكَانَ يُعَلِّقُ الشَّاةَ الْمَصْلِيَّةَ
[1] فَيُطْعِمُنَا مِنْهَا وَنَحْنُ نَمْشِي مَعَهُ.
(557) حويطب بن عبد العزى بن أبي قيس بن عبد ود بن نصر بن
مالك بن حسل بن عامر بن لؤي القرشي العامري،
كان من مسلمة الفتح، وهو أحد المؤلفة قلوبهم. أدركه
الإسلام وهو ابن ستين سنه أو نحوها، وأعطى من غنائم حنين
مائة بعير، وهو أحد النفر الذين أمرهم عمر بن الخطاب
بتجديد [أنصاب [2]] الحرم، وكان ممن دفن عثمان بن عفان.
وباع من معاوية دارًا بالمدينة بأربعين ألف دينار، فاستشرف
لذلك الناس، فقال لهم معاوية: وما أربعون ألف دينار لرجل
له خمسة من العيال؟
يكنى أبا مُحَمَّد وقيل: يكنى أبا الأصبع.
روى عنه أبو نجيح المكي، والسائب بن يزيد.
وقال ابن معين: لست أعلم له حديثًا ثابتا عن النبي صلى
الله عليه وسلم.
قال أبو عمر: قد روى عن عَبْد الله بن السعدي، عن النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقال مروان يومًا لحويطب بن عَبْد العزى: تأخر إسلامك أيها
الشيخ حتى سبقك الأحداث فقال حويطب: الله المستعان، والله
لقد هممت بالإسلام غير ما مرة، كل ذلك يعوقى أبوك عنه
وينهاني، ويقول:
تضع شرف [3] قومك وتدع دينك ودين آبائك لدين محدث، وتصير
تابعًا.
قَالَ: فأسكت- والله- مروان، وندم على ما كان قال له.
__________
[1] صلى اللحم: شواه، كأصلاه، وصلّاه (القاموس) .
[2] ليس في أ.
[3] في أ، ت: تضع شرفك.
(1/399)
ثم قَالَ له حويطب: أما كان أخبرك عثمان
بما كان لقي من أبيك حين أسلم، فازداد مروان غمًا. ثم
قَالَ حويطب: ما كان في قريش أحد من كبرائها الذين بقوا
على دين قومهم إلى أن فتحت مكة أكره لما هو عليه مني، ولكن
المقادير.
ويروى عنه أنه قَالَ: شهدت بدرًا مع المشركين فرأيت عبرًا،
رأيت الملائكة تقتل وتأسر بين السماء والأرض، ولم أذكر ذلك
لأحد.
وشهد مع سهيل بن عمرو صلح الحديبية، وآمنة أبو ذر يوم
الفتح، ومشى معه، وجمع بينه وبين عياله حتى نودي بالأمان
للجميع، إلا للنفر الذين أمر بقتلهم، ثم أسلم يوم الفتح،
وشهد حنينًا والطائف مسلمًا، واستقرضه رسول الله صَلَّى
اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ أربعين ألف درهم فأقرضه إياها.
ومات حويطب بالمدينة في آخر إمارة معاوية. وقيل: بل مات
سنة أربع وخمسين، وهو ابن مائة وعشرين سنة.
(558) حطاب بن الحارث بن معمر
بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح، القرشي الجمحي.
هاجر إلى أرض الحبشة مع أخيه حاطب بن الحارث، وهاجرت معه
امرأته فكيهة بنت يسار، ومات حطاب في الطريق إلى أرض
الحبشة، لم يصل إليها، فقيل: إنه مات في الطريق منصرفه
منها، كذلك قَالَ مصعب.
(559) حنطب بن الحارث بن عبيد
بن عمرو [1] بن مخزوم القرشي المخزومي،
__________
[1] في ى: عمر. والمثبت من أ، ت.
(1/400)
جد [1] المطلب بن عَبْد الله بن حنطب، كان
من مسلمة الفتح له حديث واحد إسناده ضعيف.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يَعِيشُ بْنُ سَعِيدٍ،
قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ
مُعَاوِيَةَ. قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ
الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلامِ بْنُ
مُحَمَّدٍ الْحَرَّانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي
فُدَيْكٍ، عن المغيرة عبد الرحمن، عن المطلب ابن عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنّ
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
لأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ: هَذَانِ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ
السَّمْعِ وَالْبَصَرِ مِنَ الرَّأْسِ، فَلَيْسَ لَهُ
غَيْرُ هَذَا الإِسْنَادِ، وَالْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ، هَذَا هُوَ الْحِزَامِيُّ ضَعِيفٌ، وَلَيْسَ
بِالْمَخْزُومِيِّ الْفَقِيهِ صَاحِبِ الرَّأْيِ، ذَلِكَ
ثِقَةٌ فِي الْحَدِيثِ حَسَنُ الرَّأْيِ.
(560) حزن بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ [2] بن عمران بن
مخزوم القرشي المخزومي،
أبو وهب، جد سعيد بن المسيب بن حزن، الفقيه المدني، كان من
المهاجرين [3] ومن أشراف قريش في الجاهلية، وهو الذي أخذ
الحجر من الكعبة حين فرغوا من قواعد إبراهيم فنزًا [4]
الحجر من يده حتى رجع مكانه. وقال رسول الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لحزن بن أبي وهب: ما اسمك؟
قَالَ: حزن، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه
وَسَلَّمَ: لا، بل أنت سهل، فقال: اسم سماني به أبى.
__________
[1] في ت: عبد المطلب. وفي هوامش الاستيعاب. وكان المطلب
من أسارى بدر من عليه رسول الله بغير فداء لفقره وعجزه عن
فداء نفسه، وليس لأبيه صحبة ولا رواية وقد ذكره ابن عبد
البر في الاستيعاب وهم.
[2] في أ، ت: عائد.
[3] في هامش ت: إنما هو من الطلقاء، وقتل يوم اليمامة.
[4] في أ: فنزل. ونزا: وثب.
(1/401)
ويروى أنه قَالَ: إنما السهولة للحمار.
قَالَ سعيد بن المسيب: فما زالت تلك الحزونة تعرف فينا حتى
اليوم.
وقال أهل النسب: في ولده حزونة وسوء خلق معروف ذلك فيهم لا
يكاد يعدم [1] منهم. وكان سعيد بن المسيب ربما أنشد:
وعمران بن مخزوم فدعهم ... هناك السر [2] والحسب اللّباب
(561) الحويرث بن عَبْد الله بن خلف بن مالك بن عَبْد الله
بن حارثة بن غفار بن مليل الغفاري،
هو آبي اللحم. قيل له ذلك فيما ذكر ابن الكلبي، لأنه أبي
أن يأكل ما ذبح على الأنصاب. قتل يوم حنين شهيدًا، وذلك
سنة ثمان من الهجرة.
(562) حريز، أو أبو حريز [3] ،
هكذا روى على الشك.
أتى النبيّ صلى الله عليه وَسَلَّمَ بمنى وهو يخطب. قَالَ:
فوضعت يدي على ضفة راحلته فإذا مسك ضائنة [4] .
(563) حزابة بن نعيم بن عمرو
بن مالك بن الضبيب الضبابي،
أسلم عام تبوك.
(564) حمنن بن عوف بن عبد عوف
بن عبد الحارث بن زهرة بن كلاب القرشي الزهري،
أخو عَبْد الرحمن بن عوف. قَالَ الزبير: لم يهاجر ولم يدخل
المدينة، وعاش في الجاهلية ستّين سنة، وفي الإسلام ستين
سنة،
__________
[1] في ى: يعدو. وهو تحريف.
[2] في أ: الشر.
[3] في أسد الغابة: قد أخرجه ابن مسعود في الأفراد فقال:
جرير أو أبو جرير- بالجيم. والأول أصح.
[4] في أسد الغابة: على رحله فإذا ميثرته جلد ضائنة. وفي
الطبقات: على ميثرته.
(1/402)
وأوصى حمنن والأسود ابنا عوف إلى عَبْد
الله بن الزبير. قال:
وفي موت حمين يقول القائل:
فيا عجبا إذ لم تفتق عيونها ... نساء بني عوف وقد مات حمنن
(565) حزم بن أبي كعب الأنصاري،
ذكر البخاري في التاريخ، قَالَ:
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا
طالب بن حبيب، قال: سمعت عبد الرحمن بْنَ جَابِرٍ، عَنْ
حَزْمِ بْنِ أَبِي كَعْبٍ أَنَّهُ مَرَّ بِمُعَاذِ بْنِ
جَبَلٍ، وَهُوَ يَؤُمُّ فِي الْمَغْرِبِ فَطَوَّلَ،
فَانْصَرَفَ فَذُكِرَ حَزْمٌ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه
وَسَلَّمَ فَقَالَ [1] : أَحْسَنْتُ صَلاتِي، فَقَالَ: يَا
مُعَاذُ لا تَكُنْ فَتَّانًا. قَالَ الْبُخَارِيُّ:
وَيُقَالُ عَنْ أَبِي دَاوُدَ عَنْ طَالِبٍ، عَنْ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بن جابر، عن أبيه أن حزم ابن أَبِي كَعْبٍ
صَلَّى خَلْفَ مُعَاذٍ فَطَوَّلَ مُعَاذُ ... الْحَدِيثَ.
قَالَ أبو عمر: وفي غير هذه الرواية أن صاحب معاذ اسمه
حزام [2] ابن أبي كعب. قَالَ أبو عمر: قد ذكرناه فيما
تقدم.
(566) حيدة ووردان،
ابنا مخرم بن مخرمة بن قرط بن جناب من بني العنبر بن عمرو
بن تميم، لهما صحبة قاله الطبري.
قدما عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فأسلما ودعا لهما.
(567) حمران بن جابر الحنفي
اليمامي،
له صحبة، وهو أحد الوفد السبعة من بني حنيفة.
(568) الحر بن قيس بن حصن بن
حذيفة بن بدر الفزاري،
ابن أخى عيينة
__________
[1] في ى: قال.
[2] في ى: حرام.
(1/403)
ابن حصن، كان أحد الوفد الذين قدموا على
رسول الله صلى الله عليه وسلم من فزارة مرجعه من تبوك.
روى سفيان بن عيينة، عن الزهري قَالَ: كان جلساء عمر بن
الخطاب أهل القرآن شبابًا وكهولا، قَالَ: فجاء عيينة
الفزاري، وكان له ابن أخ من جلساء عمر يقال له الحر بن
قيس، فقال لابن أخيه: ألا تدخلني على هذا الرجل؟ فقال: إني
أخاف أن تتكلم بكلام لا ينبغي. فقال: لا أفعل.
فأدخله على عمر. فقال: يا بن الخطاب، والله ما تقسم
بالعدل، ولا نعطي الجزل فغضب عمر غضبا شديدا حتى هم أن
يوقع به. فقال ابن أخيه: يا أمير المؤمنين، إن الله تعالى
يقول في كتابه [1] : «خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ
وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ» 7: 199 وإن هذا من
الجاهلين.
قال: فخلى عنه عمر، وكان [2] وقافا عند كتاب الله عز وجل
والحر بن قيس هذا، هو المذكور في حديث الزهري عن عبيد الله
عن ابن عباس أنه تمارى هو والحر بن قيس في صاحب موسى الذي
سأل لقاءه، فمر بهما أبي بن كعب فحدثهما بقصة موسى والخضر.
حدث به عن الزهري الأوزاعي ويونس بن يزيد.
وذكر الطبري الحر بن مالك من بني جحجبى شهد أحدا، وقد
ذكرناه في حين ذكرنا جزء بن مالك في الجيم فيما تقدم،
فلولا الاختلاف فيه لجعلنا الحرّ في باب [3] .
__________
[1] سورة الأعراف، آية 198.
[2] في أسد الغابة: وكان دقافا عند كتاب الله.
[3] في ى: بابه.
(1/404)
(569) حميل [1] بن
بصرة أبو بصرة الغفاري،
ويقال حميل وحميل، والصواب حميل. كذلك قَالَ علي بن
المديني. وزعم أنه سأل بعض ولده عن ذلك فقال حميل، وجعل ما
عداه تصحيفًا قَالَ علي بن المديني: سألت شيخًا من بني
غفار. فقلت: جميل بن بصرة تعرفه؟ فقال: صحفت، صاحبك والله
إنما هو حميل بن بصرة، وهو جد هذا الغلام- لغلام كان معه-
وكذلك قَالَ فيه زيد بن أسلم: حميل.
رَوَى عَنْ أَبِي بَصْرَةَ الْغِفَارِيِّ هَذَا أَبُو
هُرَيْرَةَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، قَالَ حَدَّثَنَا
زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى النَّاقِدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا
سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ. عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بْنِ مُجَبِّرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَيْدُ
بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ
الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ خَرَجَ
إِلَى الطُّورِ لِيُصَلِّيَ فِيهِ، ثُمَّ أَقْبَلَ
فَلَقِيَ حُمَيْلا الْغِفَارِيَّ. فَقَالَ لَهُ حُمَيْلٌ:
مِنْ أَيْنَ جِئْتَ؟
قَالَ: مِنَ الطُّورِ. قَالَ: أَمَا إِنِّي لَوْ لَقِيتُكَ
لَمْ تَأْتِهِ. ثُمَّ قَالَ لأَبِي هُرَيْرَةَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ
يَقُولُ: لا تُضْرَبُ [2] أَكْبَادُ الإِبِلِ إِلا إِلَى
ثَلاثَةِ مَسَاجِدَ: الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِي
هَذَا، وَمَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ. قَالَ أبو عمر: هذا
يشهد لصحة قول من قَالَ في هذا الحديث
__________
[1] في التقريب: مثل حميد، لكن آخره لام. وقيل بفتح أوله،
وقيل بالجيم- ابن بصرة بفتح الموحدة ابن وقاص، أبو بصرة
الغفاريّ. وفي أسد الغابة: وقيل: بصرة ابن أبى بصرة.
[2] في أسد الغابة: لا نشد الرحال.
(1/405)
عن أبى هريرة: فلقت أبا بصرة. ومن قَالَ
فيه: فلقيت بصرة بن أبي بصرة، فليس بشيء، وقد أوضحنا ذلك
في باب بصرة، والحمد للَّه.
(570) حي بن جارية الثقفي.
أسلم يوم الفتح، وقتل يوم اليمامة شهيدًا، هذا قول الطبري،
وفي رواية إبراهيم بن سعد عن ابن إسحاق قَالَ: وممن قتل
يوم اليمامة حي بن حارثة من ثقيف.
قَالَ الدارقطني: كذا ضبطناه بكسر الحاء ممال في كتاب ابن
إسحاق رواية إبراهيم بن سعد. قَالَ أبو عمر: هكذا قَالَ
ابن حارثة بالحاء والثاء [1] .
(571) حبيش بن خالد بن منقذ بن
ربيعة،
ومنهم من يقول حبيش بن خالد ابن خليف [2] بن منقذ بن ربيعة
[بن أصرم بن ضبيب بن حرام [3]] الخزاعي [الكعبي [4]] أحد
بني كعب بن عمرو.
[وقيل: حبيش بن خالد بن ربيعة، لا يذكرون منقذا. وينسبونه:
حبيش ابن خالد بن ربيعة بن حرام بن ضبيس بن حرام بن حبيشة
بن كعب بن عمرو الخزاعي الكعبي، حليف بني منقذ بن عمرو]
[5] ، ويكنى أبا صخر، وهو صاحب حديث أم معبد الخزاعية، لا
أعلم له حديثًا غيره. وأبوه خالد يقال له الأشعر [6] يعرف
بذلك، وحبيش هذا هو أخو أم معبد الخزاعية، واسمها عاتكة
بنت خويلد بن خالد، وأخوها خويلد بن خالد،
__________
[1] قال في أسد الغابة:
قال الطبري: وبحاء وياء واحدة، ابن جارية- بجيم. وقال
الواقدي: جي بياءيين وجيم ثم قال: وقد ذكرناه في جى بعد
الحاء باء موحدة.
[2] في ت: حليف بنى منقذ وفي أمثل ى.
[3] من أوحدها.
[4] من أ، ت.
[5] من أوحدها.
[6] في ى: الأسعر، والمثبت من أ، ت.
(1/406)
ومن نسبهم قَالَ: بنو خالد بن خليفة بن
منقذ بن ربيعة بن أصرم بن ضبيس بن حرام [1] بن حبيشة بن
كعب بن عمرو، وهو أبو خزاعة.
وكان إبراهيم بن سعد يقول فيه خنيس بن خالد بالخاء
المعجمة، ويرويه عن ابن إسحاق [2] وكذلك رواه سلمة [3] عن
ابن إسحاق، وقاله غيره أيضًا، والأكثر يقولون حبيش، والله
أعلم.
وقال موسى بن عقبه: وقتل يوم الفتح كرز بن جابر [4] وحبيش
بن خالد. قَالَ: وخالد يدعى الأشعر وقال غيره: يقال لحبيش
هذا ولأبيه قتيل البطحاء.
(572) حبشي بن جنادة السلولي.
يكنى أبا الجنوب، معدود في الكوفيين.
روى عنه الشعبي، وأبو إسحاق السبيعي، وابنه عَبْد الرحمن
بن حبشي.
(573) حوط بن عَبْد العزى،
يقال: إنه من بني عامر بن لؤي. روى عن النبي صلى الله عليه
وَسَلَّمَ: لا تقرب الملائكة رفقة فيها جرس. روى عنه ابن
بريدة، وقد قيل أيضًا عن ابن بريدة في هذا الحديث عن حويطب
بن عبد العزّى، والصحيح حوط بن عَبْد العزى [5] ، وقال أبو
حاتم الرازيّ: لا تصحّ له صحبة.
__________
[1] في هوامش الاستيعاب: حزام. وفي أ، ت مثل ى.
[2] في أسد الغابة: والأول أصح.
[3] في ى: مسلمة. والمثبت من أ، ت.
[4] في ى: كرز بن خالد. والمثبت من أ. وفي ت: كرز- فقط.
[5] في أسد الغابة: وأخرجه أبو نعيم في خوط- بالخاء
المعجمة.
(1/407)
(574) حدرد الأسلمي [1] ، يكنى أبا خراش.
روى عن النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ: هجر الرجل أخاه سنة
كسفك دمه. روى عنه عمران بن أبي أنس
(575) حسل بن خارجة الأشجعي،
ويقال حسيل. وبعضهم يقول حنبل.
أسلم يوم خيبر، وشهد فتحها، وروى عن النبي صلى الله عليه
وسلم أنه أعطى الفارس يومئذ ثلاثة أسهم، سهمان لفرسه وسهم
له، وأسهم للراجل سهمًا واحدًا.
(576) حممة [2]
رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ. ذكر ابن
المبارك في كتاب الجهاد له، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو
عَوَانَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ
حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: كَانَ رَجُلٌ
يُقَالُ لَهُ حُمَمَةٌ من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم
خَرَجَ إِلَى أَصْبَهَانَ غَازِيًا فِي خِلافَةِ عُمَرَ،
قَالَ: وَفُتِحَتْ أَصْبَهَانُ فِي خِلافَةِ عُمَرَ،
قَالَ: فَقَالَ اللَّهمّ إِنَّ حُمَمَةَ يَزْعُمُ أَنَّه
يُحِبُّ لِقَاءَكَ، فَإِنْ كَانَ حُمَمَةُ صَادِقًا
فَاعْزِمْ لَهُ عَلَيْهِ، وَصَدِّقْهُ، اللَّهمّ لا
تَرُدَّ حُمَمَةَ مِنْ سَفَرِهِ هَذَا. قَالَ: فَأَخَذَهُ
بَطْنُهُ فَمَاتَ بِأَصْبَهَانَ.
فَقَامَ أَبُو مُوسَى فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ،
أَلا وَإِنَّا وَاللَّهِ فِيمَا سَمِعْنَا مِنْ
نَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وَسَلَّمَ، وَفِيمَا بَلَغَنَا
عِلْمُهُ، أَلا إِنَّ حُمَمَةَ شَهِيدٌ.
وَذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي كِتَابِ فَتْحِ
الْعِرَاقِ مِنْ مُصَنَّفِهِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ،
قال: حدثنا أبو عوانة، قال حدثنا دواد بْنُ عَبْدِ اللَّهِ
الأَوْدِيُّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ
رَجُلا كَانَ يُقَالُ لَهُ حُمَمَةُ مِنْ أَصْحَابِ
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ ...
فَذَكَرَهُ بِمَعْنَاهُ سَوَاءً، إِلا أَنَّه قَالَ:
فَأَخَذَهُ الْمَوْتُ، فَمَاتَ بِأَصْبَهَانَ، وَلَمْ
يَقُلْ: فَأَخَذَهُ بطنه، وذكر الخبر إلى آخره.
__________
[1] في التقريب: حدود بن أبى حدرد الأسلمي.
[2] ذكره في أسد الغابة: حممة بن أبي حممة الدوس.
(1/408)
(577) حرب بن
الحارث،
روى عنه الربيع بن زياد، قال: سمعت رسول رَسُول اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: قد أمرنا للنساء
بالورس [1] ، وكان الورس قد أتاهم من اليمن.
(578) حتى الليثي،
له صحبة، حديثه عند ابن لهيعة، عن ابن هبيرة، عن أبى يم
الجيشانيّ، قال: كان حي الليثي- وكان من أصحاب النبي
صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ [2]- إذا مالت الشمس صلى
الظهر في بيته ثم راح فإن أدرك الظهر في المسجد صلى معهم.
(579) حويصة بن مسعود بن كعب بن عامر بن عدي [3] بن مجدعة
بن حارثة بن الحارث بن الخزرج الأنصاري الحارثي،
يكنى أبا سعد أخو محيصة لأبيه وأمه. يقال: إن حويصة كان
أسن من أخيه محيصة، وفيهما قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: الكبر الكبر، [4] إذا قالا له قصة ابن عمهما عَبْد
الله بن سهل المقتول بخيبر، وشكوا ذلك إليه مع أخيه عبد
الرحمن ابن سهل، فأراد عَبْد الرحمن أن يتكلم لمكانه من
أخيه، فقال له رسول الله صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ: كبر
كبر- في حديث القسامة.
شهد حويصة أحدًا والخندق وسائر المشاهد مع رسول الله صلى
الله عليه وسلم. روى عنه مُحَمَّد بن سهل بن أبي حثمة،
وحرام بن سعد بن محيّصة.
__________
[1] في أ، ت: يورس.
[2] في أسد الغابة: كان حي الليثي من أصحاب النبي صلى الله
عليه وسلم.
[3] في أسد الغابة: بن عامر بن ربيعة بن عدي، وفي أ، ت مثل
ى.
[4] أي ليبدأ الأكبر، أو قدموا الأكبر، إرشادا إلى الأدب
في تقديم الأسن.
ويروى: كبروا الكبر، أي قدموا الأكبر (النهاية) .
(1/409)
(580) حصيب [1] ،
سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: كان الله لا شيء غيره،
وكان عرشه على الماء، وكتب في الذكر كل شيء، ثم خلق سبع
سماوات.
قَالَ. ثم أتاني آت، فقال: إن ناقتك قد انحلت فخرجت
والسراب دونها، فوددت أني كنت تركتها، وسمعت باقي كلامه.
قَالَ أبو عمر: لا أعرفه بغير هذا الحديث، ولا أقف له على
نسب.
(581) حوشب بن طخية [2]
الحميري،
ويقال الألهاني، ذو ظليم أسلم على عهد رسول الله صلى الله
عليه وسلم. وقيل: إنه قدم على النبي صَلَّى اللَّهُ عليه
وَسَلَّمَ، واتفق أهل العلم بالسير والمعرفة بالخبر أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى حوشب ذي ظليم
الحميري كتابًا، وبعث به إليه مع جرير البجلي ليتعاون هو
وذو الكلاع وفيروز الديلمي ومن أطاعهم على قتل الأسود
العنسي الكذاب، وكان حوشب وذو الكلاع رئيسين في قومهما
متبوعين، وهما كانا ومن تبعهما من أهل اليمن القائمين بحرب
صفين مع معاوية، وقتلا جميعًا بصفين: قتل حوشبًا سليمان بن
صرد الخزاعي، وقتل ذا الكلاع حريث بن جابر. وقيل قتله
الأشتر.
حُدِّثْتُ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ الأَصْبَهَانِيِّ،
قَالَ:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى، قَالَ:
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي يَزِيدَ قَالَ: حَدَّثَنَا
نَصْرُ بْنُ مَزاحِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ:
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ شَمِرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بن سوقة،
__________
[1] في هوامش الاستيعاب- بخط كاتب الأصل في هامشه: لا أعرف
حصيبا هذا.
والحديث لعمران بن حصين صحيح. ويروى عن أبيه أيضا، ولعل
بعض الرواة صحف خصيبا حصيبا. وفي أسد الغابة: لعل بعض
الرواة صحف.
[2] في أسد الغابة: وقيل ظخمة بالميم. وفي هوامش
الاستيعاب- بالميم أيضا.
(1/410)
عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ الدِّمَشْقِيِّ،
قَالَ: نَادَى حَوْشَبُ الْحِمْيَرِيُّ عَلِيًّا يَوْمَ
صِفِّينَ، فَقَالَ:
انْصَرِفْ عَنَّا يا بن أَبِي طَالِبٍ، فَإِنَّا
نَنْشُدُكَ اللَّهَ فِي دِمَائِنَا وَدَمِكَ، وَنُخَلِّي
بَيْنَكَ وَبَيْنَ عِرَاقِكَ، وَتُخَلِّي بَيْنَنَا
وَبَيْنَ شَامِنَا، وَتَحْقِنُ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ.
فَقَالَ عَلِيٌّ عليه السلام: هيهات يا بن أُمِّ ظَلِيمٍ،
وَاللَّهِ لَوْ عَلِمْتُ أَنَّ الْمُدَاهَنَةَ تَسَعُنِي
فِي دِينِ اللَّهِ لَفَعَلْتُ، وَلَكَانَ أَهْوَنَ عَلَيَّ
فِي الْمُؤْنَةِ، وَلَكِنَّ اللَّهَ لَمْ يَرْضَ مِنْ
أَهْلِ الْقُرْآنِ بِالسُّكُوتِ وَالإِدِّهَانِ إِذَا
كَانَ اللَّهُ يُعْصَى وَهُمْ يُطِيقُونَ الدِّفَاعَ
وَالْجِهَادَ حَتَّى يَظْهَرَ أَمْرُ اللَّهِ. وقد روى عن
حوشب الحميري حديث مسند في فضل من مات له ولد، رَوَاهُ
ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هُبَيْرَةَ،
عَنْ حَسَّانِ بْنِ كُرَيْبٍ، عَنْ حَوْشَبِ
[الْحِمْيَرِيِّ] [1] عن النبي صَلَّى اللَّهُ عليه
وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ مَاتَ لَهُ وَلَدٌ فَصَبَرَ
وَاحْتَسَبَ قِيلَ لَهُ: ادْخُلِ الْجَنَّةَ بِفَضْلِ ما
أخذنا منك.
(582) [حمير،
ويقال الحمير، بالألف واللام، بن عدي القاري الخطمي
الأنصاري، أحد بني خطمة، تزوج مولاة عَبْد الله بن أبي بن
سلول، وكانت فاضلة فولدت له توأمين الحارث بن الحمير وعدي
بن الحمير وأم سعد بن الحمير، وكان الحمير من أصحاب مسجد
الضرار ثم تاب فحسنت توبته] [2] .
(583) حشرج
غير منسوب، حديثه أن رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ
أخذه فوضعه في حجره، ومسح رأسه، ودعا له. لا نعرفه بغير
حديثه هذا.
(584) الحفشيش الكندي،
يقال فيه بالجيم وبالحاء وبالخاء. وقد ذكرناه في باب الجيم
بأتمّ من ذكره هنا.
__________
[1] من أ، ت.
[2] من ت وحدها.
(1/411)
قيل: اسمه جرير بن معدان، والحفشيش لقب،
يكنى أبا الخير، قدم على النبي صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ
في وفد كندة، وهو الذي نازع الأشعث بن قيس في أرضه،
وترافعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(585) حنين مولى العباس بن عَبْد المطلب،
كان عبدا وخادما للنّبيّ صلى الله عليه وَسَلَّمَ فوهبه
لعمه العباس، فأعتقه العباس، روى عن النبي صلى الله عليه
وسلم في الوضوء، هو جد إبراهيم بن عَبْد الله بن حنين.
وقد قيل: إنه مولى علي بن أبى طالب.
(586) [حماس الليثي،
ذكره الواقدي فيمن ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه
وسلم، وروى عن عمر. وهو أبو أبي عمرو بن حماس، من أنفسهم،
وله دار بالمدينة] [1] .
(587) الحتات [2] بن يزيد بن
علقمة بن حوى [3] بن سفيان بن مجاشع بن دارم المجاشعي
التميمي.
هكذا هو الحتات بتاءين منقوطتين باثنتين، قدم على النبي
صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ في وفد تميم، منهم عطارد بن
حاجب، والأقرع بن حابس، والزبرقان بن بدر، وقيس بن عاصم،
وعمرو بن الأهتم، والحتات بن يزيد، ونعيم بن زيد، فأسلم
وأسلموا، ذكره ابن إسحاق وابن هشام وابن الكلبي، وقالوا:
آخى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين
الحتات وبين معاوية بن أبي سفيان، فمات الحتات عند معاوية
في خلافته، فورثه بتلك الأخوة، فقال الفرزدق في ذلك
لمعاوية [4] :
__________
[1] من أ، ت.
[2] في الإصابة: بضم أوله وتخفيف المثناة، وفي هوامش
الاستيعاب: الحتات لقب، واسمه عامر. وفي شرح القاموس:
الحتات لقب، واسمه بشر.
[3] في الإصابة، ت: جرى. وفي شرح القاموس: بن جرى. والمثبت
في ى، أ.
[4] ديوانه: 13.
(1/412)
أبوك وعمي يا معاوي أورثا ... تراثًا
فيحتاز التراث أقاربه [1]
فما بال ميراث الحتات أكلته ... وميراث صخر جامد لك ذائبه
[2]
قَالَ ابن هشام: وهذان البيتان في أبيات له، والحتات بن
يزيد هذا هو القائل:
لعمر أبيك فلا تكذبن ... لقد ذهب الخير إلا قليلا
لقد فتن الناس في دينهم ... وخلى [3] ابن عفان شرًا طويلا
وأول هذه الأبيات:
نأتك أمامة نأيًا محيلا ... وأعقبك الشوق حزنًا دخيلا [4]
وحال أبو حسن دونها ... فما تستطيع إليها سبيلا
لعمر أبيك [5] .
وكان هرب من على رضى الله عنه إلى معاوية.
للحتات بنون: عَبْد الله، وعبد الملك، ومنازل، بنو الحتات
ولّوا لبني أمية.
وقال الدار قطنى: حَدَّثَنَا الحسن بن مُحَمَّد بن كيسان
النحوي، قَالَ: حَدَّثَنَا إسماعيل بن إسحاق، حَدَّثَنَا
نصر بن علي، قال: حدثنا الأصمعي قال: حدثنا الحارث بن
عمير، عن أيوب، قَالَ: غزا الحتات المجاشعي، وجارية بن
قدامة، والأحنف، فرجع الحتات فقال لمعاوية: فضلت علي
محرفًا ومخذلا.
قَالَ: اشتريت منهما دينهما، قَالَ: فاشتر مني ديني.
__________
[1] في الإصابة: فتحتاز التراث وفي الديوان: فأولى
بالتراث.
[2] في الإصابة: وميراث حرب. وفي ت: جامدا.
[3] في الإصابة: وأبقى.
[4] في ى: وخيلا.
[5] من أ، ت.
(1/413)
قَالَ نصر: يعني بالمحرق جارية بن قدامة،
لأنه كان أحرق دار الإمارة بالبصرة. وبالمخذل الأحنف، لأنه
كان خذل عن عائشة والزبير [يوم الجمل] [1] .
(588) حليس
[2] روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في
فضل قريش. روى عنه أبو الظاهرية [3] يعدّ في الشاميين.
(589) الحسحاس،
رجل من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم. روى عن
النبي صلى الله عليه وسلم في سبحان اللَّه والحمد للَّه
ولا إله إلا الله والله أكبر هكذا ذكره ابن أبي حاتم في
الحاء.
وقد ذكره غيره في باب الخاء المنقوطة، وإن كان هو كذلك فهو
غير الخشخاش العنبري، لأنّ الخشخاش العنبري بالخاء
المنقوطة وهو عندي وهم، والله أعلم، لأنّ حديث ذلك غير
حديث هذا، وقد جوده أبو حاتم والله أعلم [4] .
__________
[1] ليس في أ، ت، وفي الإصابة: مجدلا، جدل.
[2] في الإصابة: بموحدة، ثم مهملة- بوزن جعفر. وقيل
بتحتانية مصغرة غير منسوب
[3] في أسد الغابة: أبو الزاهرية. وفي ت: أبو الزهرانة.
وهذه الترجمة في ت وحدها.
[4] هنا في المطبوعة ترجمة لمن اسمه حنيفة ولم نجدها في كل
الأصول!.
(1/414)
|