الإستيعاب في
معرفة الأصحاب حرف الزاي
باب زاهر
(804) زاهر بن حرام الأشجعي،
شهد بدرا، كان حجازيا، يسكن البادية في حياة رسول الله صلى
الله عليه وَسَلَّمَ، فكان لا يأتي رَسُول اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا أتاه إلا بطرفة يهديها
إليه. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ.
إن لكل حاضرة بادية، وبادية آل محمد زاهر بن حرام. ووجده
رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوما
بسوق المدينة، فأخذه [1] من ورائه، ووضع يديه على عينيه،
وَقَالَ: من يشتري العبد؟ فأحس به زاهر، وفطن أنه رَسُول
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إذن
تجدني يا رَسُول اللَّهِ كاسدا.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: بل أنت عند الله ربيح، ثم انتقل زاهر ابن حرام
إلى الكوفة.
(805) زاهر الأسلمي،
أبو مجزأة بن زاهر، وهو زاهر بن الأسود بن حجاج ابن عبد بن
دعبل [2] بن أنس بن خزيمة بن مالك بن سلامان بن أسلم بن
أفصى الأسلمي، كان ممن بايع تحت الشجرة، سكن الكوفة، يعدّ
من الكوفيين.
__________
[1] في ى: فأخذ.
[2] في أ: بن قيس بن دعبل. وفي ت مثل ى. وفي أسد الغابة:
بن قيس بن عبد بن دعبل.
(2/509)
باب الزبير
(806) الزبير بن عبد الله
الكلابي،
لا أعلم له لقاء رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، ولكنه أدرك الجاهلية، وعاش إلى آخر خلافة عمر
رضي الله عنه.
رَوَى الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ أُسَيْدٍ
الْكِلابِيِّ، عن العلاء بن الزبير ابن عَبْدِ اللَّهِ
الْكِلابِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: رَأَيْتُ غَلَبَةَ
فَارِسَ الرُّومَ، ثُمَّ رَأَيْتُ غَلَبَةَ الرُّومِ
فَارِسَ، ثُمَّ رَأَيْتُ غَلَبَةَ الْمُسْلِمِينَ فَارِسَ،
كُلُّ ذَلِكَ فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً، أَوْ قَالَ:
خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً.
(807) الزبير بن عبيدة [1]
الأسدي،
من المهاجرين الأولين، لم يرو عنه العلم، قَالَ أبو عمر:
ذكر محمد بن إسحاق فيمن هاجر إلى المدينة من بني غنم بن
دودان بن أسد بن خزيمة- الزبير بن عبيدة، وتمام بن عبيدة،
وسخبرة بن عبيدة بن الزبير.
(808) الزبير بن العوام بن
خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشي الأسدي،
يكنى أبا عبد الله. أمه صفية بنت عبد المطلب بن هاشم عمة
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
روى وكيع وغيره، عن هشام بن عروة، قَالَ: أسلم الزبير وهو
ابن خمس عشر سنة. وروى أبو أسامة عن هشام بن عروة، عن أبيه
مثله سواء إلى آخره.
__________
[1] في أ: عبيد. وت، وأسد الغابة مثل ى.
(2/510)
وذكر السَّرَّاجُ، عَنْ أَبِي حَاتِمٍ
الرَّازِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُنْذِرِ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ التَّيْمِيِّ، عَنْ إِسْحَاقَ
بْنِ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ عمه موسى بن طلحة، قال:
كان علي، وَالزُّبَيْرُ، وَطَلْحَةُ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي
وَقَّاصٍ، وُلِدُوا فِي عَامٍ وَاحِدٍ، وَرَوَى قُتَيْبَةُ
بْنُ سَعْدٍ، عن الليث بن سعد، عن أبي الأسود [مُحَمَّدِ
بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ [1]] عَنْ عُرْوَةَ، قَالَ:
أَسْلَمَ الزُّبَيْرُ وَهُوَ ابْنُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ
سَنَةً.
وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا
الليث بن سعد، عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن أنه بلغه
أن علي بْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَالزُّبَيْرَ بْنَ
الْعَوَّامِ أَسْلَمَا، وَهُمَا ابْنَا ثَمَانِي سِنِينَ.
وروى أبو أسامة، عن هشام بن عروة، عن أبيه قال:
أسلم الزبير وهو ابن ست عشرة سنة. [وقول عروة أصح من قول
أبي الأسود [2]] والله أعلم.
قَالَ أبو عمر: لم يتخلف الزبير عن غزوة غزاها رَسُول
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وآخى رَسُول
اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم بينه وبين عبد الله بن
مسعود حين آخى بين المهاجرين بمكة. فلما قدم المدينة، وآخى
بين المهاجرين والأنصار آخى بين الزبير وبين سلمة بن سلامة
بن وقش، وكان له من الولد فيما ذكر بعضهم عشرة: عبد الله،
وعروة، ومصعب، والمنذر، وعمر، وعبيدة، وجعفر، وعامر،
وعمير، وحمزة.
وكان الزبير أول من سل سيفا في سبيل الله عزّ وجل، رواه
حماد ابن سلمة، عن علي بن يزيد، عن سعيد بن المسيّب. قال
سعيد: ودعا له
__________
[1] ليس في أ، ت.
[2] ليس في أ، وهو في ت.
(8- الاستيعاب- 2)
(2/511)
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
حينئذ بخير، والله لا يضيع دعاءه. وقال [1] الزبير ابن
بكار: قَالَ حَدَّثَنِي أبو حمزة بن عياض [2] ، عن هشام بن
عروة، عن أبيه أن أول رجل سل سيفه في سبيل الله الزبير،
وذلك أنه نفحت نفحة من الشيطان أخذ رَسُول اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأقبل الزبير يشق الناس بسيفه
[3] ، والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأعلى
مكة، فَقَالَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
مالك يا زبير؟ قَالَ: أخبرت أنك أخذت، فصلى عليه، ودعا له،
ولسيفه. وروى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أنه قَالَ: الزبير ابن عمتي وحواريي من أمتي. وأنه صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لكل نبي حواري،
وحوارييىّ الزبير. وسمع ابن عمر رجلا يقول: أنا ابن
الحواري. فَقَالَ له: إن كنت ابن الزبير، وإلا فلا.
وَقَالَ محمد بن سلام: سألت يونس بن حبيب عن قوله صَلَّى
الله عليه وسلم: حوارييى الزبير. فَقَالَ: [من] خلصائه [4]
. وذكر علي بن المغيرة أبو الحسن الأثرم، عن الكلبي، عَنْ
أَبِيهِ محمد بن السائب، أنه كان يقول: الحوارىّ الخليل،
وذكر قول جرير:
أفبعد مقتلهم خليل محمد ... ترجو العيون مع الرسول سبيلا
وَقَالَ غيره: الحواري الناصر، وذكر قول الأعور الكلابي:
وأكنه ألقى زمام قلوصه ... فيحيا كريما أو يموت حواريا
__________
[1] في ى: فقال. والمثبت من أ، ت.
[2] في أ: أبو صمرة أنس بن عياض.
[3] في ى: شقة. والمثبت من أ، ت.
[4] ليس في أ، ت. وفيهما: فقال خلصاؤه.
(2/512)
وَقَالَ غيره: الحواري الصاحب المستخلص.
وَقَالَ معمر، عَنْ قَتَادَةَ:
الحواريون كلهم من قريش، أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي،
وحمزة، وجعفر، وأبو عبيدة الجراح، وعثمان بن مظعون، وعبد
الرحمن بن عوف، وسعد ابن أبي وقاص، وطلحة، والزبير.
وَقَالَ روح بن القاسم، عَنْ قَتَادَةَ أنه ذكر يوما
الحواريين فقيل له:
وما الحواريون؟ قَالَ: الذين تصلح لهم الخلافة.
شهد الزبير بدرا، وكانت عليه يومئذ عمامة صفراء كان معتجرا
بها، فيقال: إنها نزلت الملائكة يوم بدر على سيماء الزبير.
وَرَوَى أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، عَنْ هِشَامِ بن
عروة، عن عبّاد بن حمزة ابن الزُّبَيْرِ قَالَ: كَانَتْ
عَلَى الزُّبَيْرِ عِمَامَةٌ صَفْرَاءُ مُعْتَجِرًا بِهَا
يَوْمَ بَدْرٍ، وَنَزَلَتِ الْمَلائِكَةُ عَلَيْهَا
عَمَائِمُ صُفْرٌ.
وشهد الحديبية والمشاهد كلها، وقد قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: لن يلج النار أحد شهد بدرا والحديبية. وَقَالَ
عمر: في الستة أهل الشورى: توفي رسول الله صلى الله عليه
وسلم، وهو راض عنهم. وهو أيضا من العشرة، الذين شهد لهم
رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالجنة.
وثبت عن الزبير أنه قَالَ: جمع لي رَسُول اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [أبويه] [1] مرتين: يوم أحد،
ويوم قريظة، فقال: ارم فداك أبى وأمى.
__________
[1] ليس في أ.
(2/513)
حدثنا عبد الوارث بن سفيان، قال: حدثنا
قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
عَبْدِ السَّلامِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ،
قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا
إِسْحَاقَ السَّبِيعِيَّ قَالَ: سَأَلْتُ مَجْلِسًا فِيهِ
أَكْثَرُ مِنْ عِشْرِينَ رَجُلا من أصحاب رسول الله صلى
الله عليه وَسَلَّمَ: مَنْ كَانَ أَكْرَمَ النَّاسِ عَلَى
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟
قَالُوا: الزُّبَيْرُ، وعلى ابن أَبِي طَالِبٍ.
قَالَ أَبُو عُمَرَ: كَانَ الزُّبَيْرِ تَاجِرًا
مَجْدُودًا فِي التِّجَارَةِ، وَقِيلَ لَهُ يَوْمًا:
بِمَ أَدْرَكْتَ فِي التِّجَارَةِ مَا أَدْرَكْتَ؟
فَقَالَ: إِنِّي لَمْ أَشْتَرِ عَيْنًا [1] ، وَلَمْ
أُرِدْ رِبْحًا، وَاللَّهُ يُبَارِكُ لِمَنْ يَشَاءُ.
وَرَوَى الأَوْزَاعِيُّ، عَنْ نَهِيكِ بْنِ يَرِيمَ، عَنْ
مُغِيثِ بْنِ سَمِيٍّ، عَنْ كَعْبٍ، قَالَ: كَانَ
لِلزُّبَيْرِ أَلْفُ مَمْلُوكٍ يُؤَدُّونَ إِلَيْهِ
الْخَرَاجَ، فَمَا كَانَ يُدْخِلُ بَيْتَهُ مِنْهَا
دِرْهَمًا وَاحِدًا، يَعْنِي أَنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِذَلِكَ
كُلِّهِ، وفضله حسان على جميعهم، كما فضل أبو هريرة على
الصحابة أجمعين جعفر بن أبى طالب، فقال يمدحه [2] :
أقام على عهد النبي وهديه ... حواريه والقول بالفعل يعدل
أقام على منهاجه وطريقه ... يوالي ولي الحق والحق أعدل
هو الفارس المشهور والبطل الذي ... يصول إذا ما كان يوم
محجل
وإن امرأ كانت صفية أمه ... ومن أسد في بيته لمرفّل [3]
__________
[1] في أ: غيبا، ت مثل ى.
[2] ديوانه: 338.
[3] في ى: لمرقل.
(2/514)
له من رَسُول اللَّهِ قربى قربية ... ومن
نصرة الإسلام مجد مؤثل
فكم كربة ذب الزبير بسيفه ... عن المصطفى، والله يعطى
ويجزل [1]
إذا كشفت عن ساقها الحرب حشها [2] ... بأبيض سباق إلى
الموت يرقل [3]
فما مثله فيهم ولا كان قبله ... وليس يكون الدهر ما دام
يذبل [4]
ثم شهد الزبير الجمل، فقاتل فيه ساعة، فناداه علي وانفرد
به، فذكر الزبير أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ له، وقد وجدهما يضحكان بعضهما إلى بعض:
أما إنك ستقاتل عليا، وأنت له ظالم. فذكر الزبير ذَلِكَ،
فانصرف عن القتال فاتبعه ابن جرموز عبد الله، ويقَالَ
عمير، ويقَالَ عمرو [5] . وقيل عميرة بن جرموز السعدي،
فقتله بموضع يعرف بوادي السباع، وجاء بسيفه إلى علي،
فَقَالَ له علي:
بشر قاتل ابن صفية بالنار. وكان الزبير قد انصرف عن القتال
نادما مفارقا للجماعة التي خرج فيها، منصرفا إلى المدينة،
فرآه ابن جرموز، فَقَالَ: أتى يؤرش [6] بين الناس، ثم
تركهم، والله لا أتركه، ثم اتبعه، فلما لحق بالزبير، ورأى
الزبير أنه يريده أقبل عليه، فَقَالَ له ابن جرموز: أذكرك
الله. فكف عنه الزبير حتى فعل ذَلِكَ مرارا، فَقَالَ
الزبير: قاتله الله، يذكرنا الله وينساه، ثم غافصه [7] ابن
جرموز فقتله. وذلك يوم الخميس لعشر خلون من جمادى
__________
[1] في الديوان: فيجزل.
[2] حشها: أسعرها وهيجها. وفي أ، ت: حسها.
[3] في ى: يرفل. ويرقل: يسرع. والإرقال: ضرب من العدو.
[4] يذبل: اسم جبل في بلاد نجد.
[5] في ى: عمر. والمثبت من أ، ت، والزبيدي.
[6] في ت: إنا نؤرش. ويقال: أرشت بين الرجلين إذا أغريت
أحدهما بالآخر، وأوقعت بينهما الشر (اللسان- أرش) .
[7] غافص الرجل مغافصة: أخذه على غرة فركبه بمساءة
(اللسان- غفص) وفي ى:
عافصه- بالعين. ونراه تحريفا.
(2/515)
الأولى سنة ست وثلاثين، وفي ذَلِكَ اليوم
كانت وقعة الجمل، ولما أتى قاتل الزبير عليا برأسه يستأذن
عليه فلم يأذن له، وقال للآذن: بشّره بالنار، فقال:
أتيت عليا برأس الزبير ... أرجو لديه [1] به الزلفة
فبشر بالنار إذ جئته ... فبئس البشارة والتحفة
وسيان عندي قتل الزبير ... وضرطة عير [2] بذي الجحفة
وفي حديث عمرو بن جاوان، عن الأحنف قَالَ: لما بلغ الزبير
سفوان موضعا من البصرة، كمكان القادسية من الكوفة، لقيه
البكر [3] رجل من بني مجاشع، فَقَالَ: أين تذهب يا حواري
رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ إلي
فأنت في ذمتي لا يوصل إليك، فأقبل معه وأتى إنسان الأحنف
بن قيس فَقَالَ:
هذا الزبير قد لقي بسفوان. فَقَالَ الأحنف: ما شاء الله،
كان قد جمع بين المسلمين حتى ضرب بعضهم حواجب بعض بالسيوف،
ثم يلحق ببنيه [4] وأهله، فسمعه عميرة بن جرموز، وفضالة بن
حابس، ونفيع في غواة بني تميم، فركبوا في طلبه، فلقوه مع
النفر، فأتاه عمير بن جرموز من خلف، وهو على فرس له ضعيفة،
فطعنه طعنة خفيفة، وحمل عليه الزبير وهو على فرس له يقَالُ
له ذو الخمار، حتى إذا ظن أنه قاتله نادى صاحبيه يا نفيع!
يا فضالة! فحملوا عليه حتى قتلوه، وهذا أصح مما تقدم والله
أعلم.
وكانت سن الزبير يوم قتل- رحمه الله- سبعا وستين سنة. وقيل
[5] ستا وستين، وكان الزبير أسمر ربعة معتدل اللحم خفيف
اللحية رضي الله عنه.
__________
[1] في ى: أرجو به لديه، وفي أ: إليه به. والمثبت من ت،
وأسد الغابة.
[2] في أسد الغابة: عنز.
[3] هكذا في ى. وفي أ، ت: النفر، ولعلها تحريف عن النقز-
بالكسر، وهو الرديء الفسل من الناس كما في الزبيدي.
[4] في أسد الغابة: ببيته.
[5] في هامش ت: هذا يخالف ما تقدم أنه ولد هو وعلى في عام
واحد.
(2/516)
باب زرارة
(809) زرارة بن أوفى [1]
النخعي،
له صحبة، مات في زمن عثمان بن عفان رضي الله عنه.
(810) زرارة بن جزي.
ويقَالَ: جزي [2] الكلابي، له صحبة. روى عنه المغيرة بن
شعبة. روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كتب إلى الضحاك
ابن سفيان أن يورث امرأة أشيم الضبابي من دية زوجها. حديثه
عن محمد ابن عبد الله الشعيثي، عن زفر بن وثيمة، عن
المغيرة بن شعبة، عنه. روى عنه مكحول أيضا.
(811) زرارة بن عمرو النخعي،
والد عمرو بن زرارة، قدم على النبي صلى الله عليه وسلم في
وفد النخع، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إني رأيت في
طريقي رؤيا هالتني. قَالَ: وما هي؟ قَالَ: رأيت أتانا
خلفتها في أهلي ولدت جديا أسفع أحوى، ورأيت نارا خرجت من
الأرض، فحالت بيني وبين ابن لي، يقال:
له عمرو، وهي تقول: لظى لظى بصير وأعمى. فَقَالَ النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
خلفت في أهلك أمة مسرة حملا؟ قَالَ: نعم. قَالَ: فإنها قد
ولدت غلاما، وهو ابنك. قَالَ: فأني له أسفع أحوى. فَقَالَ:
ادن مني، أبك برص تكتمه؟
__________
[1] في ى وهوامش الاستيعاب: بن أبى أوفى. والمثبت من أ،
والإصابة، والزبيدي.
[2] في ى والإصابة: جزء. والمثبت من أ، ت. وفي أسد الغابة:
قال ابن ماكولا: يقوله المحدثون بكسر الجيم وسكون الزاى،
وأهل اللغة يقولون جزء- بفتح الجيم والهمزة. وقال أبو عمر:
جزى- يعنى بالكسر. وجزى- يعنى بالفتح. وقال عبد الغنى:
جزى- بفتح الجيم وكسر الزاى، والله أعلم.
(2/517)
قَالَ: والذي. بعثك بالحق ما علمه أحد
قبلك. قَالَ: فهو ذاك. وأما النار فإنها فتنة تكون بعدي.
قَالَ: وما الفتنة يا رَسُول اللَّهِ؟ قَالَ: يقتل الناس
إمامهم ويشتجرون اشتجار أطباق الرأس، وخالف بين أصابعه، دم
المؤمن عند المؤمن أحلى من العسل [1] . يحسب المسيء أنه
محسن، إن مت أدركت ابنك، وإن مات ابنك أدركتك. قَالَ: فادع
الله ألا تدركني، فدعا له [2] . وكان قدوم زرارة بن عمرو
النخعي هذا على رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ في النصف من رجب سنة تسع.
(812) زرارة بن قيس [بن الحارث
[3]] بن فهر بن قيس بن ثعلبة بن عبيد ابن ثعلبة بن غنم بن
مالك بن النجار [الأنصاري [3]] الخزرجي،
قتل يوم اليمامة شهيدا.
(813) زرارة بن قيس [النخعي
[4]] ،
قَالَ الطبري [5] : قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم
في وفد النخع، وهم مائتا رجل، فأسلموا، [ونسبه] ، فَقَالَ:
زرارة بن قيس بن الحارث بن عدي بن الحارث بن عوف بن جشم
ابن كعب بن قيس بن سعد بن مالك بن النخع، كذا قال: عدي ابن
الحارث.
__________
[1] في أ، ت: الماء. وفي الإصابة: أحلى من شرب الماء.
[2] في الإصابة: فإن مت أدركت ابنك وإن أنت بقيت أدركتك،
فكان ابنه عمرو ابن زرارة أول خلق الله تعالى خلع عثمان بن
عفان (1- 529) .
[3] ليس في أ، ت، وهو في أسد الغابة والإصابة.
[4] من أ، ت.
[5] في أسد الغابة: قلت: هذا زرارة هو الّذي تقدم ذكره في
ترجمة زرارة الّذي أخرجه أبو عمر، وذكر فيه حديث الرؤيا
(2- 202) .
(2/518)
باب زرعة
(814) زرعة بن خليفة،
روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه سمعه
يقرأ في صلاة المغرب في السفر: وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ
95: 1، و «إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ 97:
1» . روى عنه محمد بن زياد الراسبي.
(815) زرعة بن ذي يزن [1] .
أسلم، وآمن بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم
يره، وقدم بإسلامه إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ مالك بن مرة الرهاوي.
(816) زرعة الشقري.
كان اسمه أصرم، فَقَالَ له رسول الله صلى الله عليه وسلم:
بل أنت زرعة، أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم بعبد
حبشي ...
الحديث.
باب زهير
(817) زهير بن أبي جبل [2] الشنوي
من أزد شنوءة، وزهير بن عبد الله بن أبي جبل الشنوي، روى
عنه أبو عمران الجوني، يعد في البصريين. حديثه عن النبي
صلى الله عليه وسلم أنه قَالَ: «من مات فوق إنجار لَيْسَ
حوله ما يدفع القدم فمات فقد برئت منه الذمة. ومنهم من
يقول فوق إجاره [3] .
__________
[1] في أسد الغابة: زرعة بن سيف بن ذي يزن.
[2] في أ: زهير بن جبل، ت، وأسد الغابة مثل ى.
[3] الإجار- بالكسر والتشديد: السطح الّذي ليس حواليه ما
يرد الساقط عنه.
والإنجار بالنون لغة فيه (النهاية) .
(2/519)
(818) زهير بن أبي أمية
مذكور في المؤلفة قلوبهم، فيه نظر، لا أعرفه.
(819) زهير الأنماري،
ويقَالَ أبو زهير، شامي. روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الدعاء. روى عنه خالد بن معدان.
(820) زهير بن صرد،
أبو صرد الجشمي السعدي، من بني سعد بن بكر. وقيل:
يكنى أبا جرول، كان زهير رئيس قومه، وقدم على رَسُول
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في وفد هوازن،
إذ فرغ من حنين، ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ حينئذ بالجعرانة يميز الرجال من النساء في سبي
هوازن، فَقَالَ له زهير بن صرد:
يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنما سبيت منا عماتك وخالاتك وحواضنك
اللائي كفلنك، ولو أنا ملحنا [1] للحارث بن أبي شمر أو
النعمان بن المنذر، ثم نزل منا أحدهما بمثل ما نزلت به
لرجونا عطفه وعائدته، وأنت خير المكفولين، ثم قال:
امنن علينا رَسُول اللَّهِ في كرم ... فإنك المرء نرجوه
وندخر [2]
امنن على بيضة قد عافها قدر ... ممزق شملها في دهرها غير
يا خير طفل ومولود ومنتخب ... في العالمين إذا ما حصل
البشر
إن [3] لم تداركها نعماء تنشرها ... يا أرجح الناس حلما
حين يختبر
امنن علي نسوة قد كنت ترضعها ... إذ فوك يملؤه من محضها
درر [4]
إذ كنت طفلا صغيرا كنت ترضعها ... وإذ يزينك ما تأتى وما
تذر
__________
[1] ملحنا: أرضعنا (النهاية) .
[2] في أ، ت: وننتظر.
[3] في ت: إذ لم تداركهم.
[4] في أ، ت: الدرر.
(2/520)
لا تجعلنا كمن شالت نعامته ... واستبق منا
فإنا معشر زهر
يا خير من مرحت كمت الجياد به ... عند الهياج إذا ما
استوقد الشرر
إنا لنشكر آلاء وإن كفرت ... وعندنا بعد هذا اليوم مدخر
إنا نؤمل عفوا منك تلبسه ... هذي البرية إذ تعفو وتنتصر
فاغفر عفا الله عما أنت واهبه ... يوم القيامة إذ يهدي لك
الظفر
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم.
وَقَالَ المهاجرون كذلك. وقالت الأنصار كذلك. وأبى الأقرع
ابن حابس، وبنو تميم، وعيينة بن حصن، وبنو فزارة، فَقَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أما
من تمسك منكم بحقه من هذا السبي فله بكل إنسان ست فرائض من
أول سبي نصيبه، فردوا على الناس أبناءهم ونساءهم. اختصرت
هذا الحديث، وفيه طول. أخبرنا به من أوله إلى آخره بالشعر
عبد الوارث بن سفيان قراءة مني عليه، عن قاسم، عن عبيد، عن
عبد الواحد [1] ، عن أحمد بن محمد بن أيوب، عن إبراهيم بن
سعد، عن محمد بن إسحاق، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن
جَدِّهِ- الحديث بطوله والشعر، إلا أن في الشعر بيتين لم
يذكرهما محمد بن إسحاق في حديثه، وذكرهما عبد الله بن
رماحس، عن زياد بن طارق بن زياد، عن زياد بن صرد بن زهير
بن صرد، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ زهير بن صرد أبى جرول
أنه حدثه هذا الحديث.
__________
[1] هكذا في ى. وفي أ: عن عبيد بن عبد الواحد. وفي ت: عن
قاسم بن عبيد ابن عبد الواحد.
(2/521)
(821) زهير بن عثمان
الثقفي الأعور،
بصرى، روى الحسن البصري، عن عبد الله بن عثمان الثقفي،
عنه- حديثا في إسناده نظر، يقَالُ: إنه مرسل، وليس له
غيره.
قَالَ: قَالَ [1] النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: الوليمة أول يوم حق، واليوم الثاني معروف،
واليوم الثالث رياء وسمعة.
(822) زهير [2] بن علقمة
النخعي،
ويقَالَ: البجلي. وروى عنه إياد بن لقيط عن النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ لامرأة مات لها
ثلاثة بنين: لقد احتظرت دون النار حظارا [3] شديدا.
يقَالَ: إنه مرسل، وزعم البخاري أن زهير بن علقمة هذا ليست
له صحبة، وقد ذكره غيره في الصحابة.
(820) زهير بن عمرو الهلالي،
يقَالُ النصري [4] من بني نصر بن معاوية. ومن قَالَ
الهلالي جعله من بني هلال بن عامر بن صعصعه، نزل البصرة،
روى عنه أبو عثمان النهدي.
(823) زهير بن غزية بن عمرو بن
عنز بن معاذ بن عمرو بن الحارث بن معاوية ابن بكر بن
هوازن،
صحب النبي صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم، ذكره الدار قطنى في
باب عنز، وذكره أيضا في باب غزية، وذكر الطبري زهير بن
غزية.
__________
[1] في أ، م: قال إن النبي ... قال: الوليمة حق.
[2] في هوامش الاستيعاب، وأسد الغابة: أو زهير بن أبى
علقمة.
[3] في النهاية: بحظار شديد وفي أسد الغابة: احتظارا
شديدا. والاحتظار فعل الحظار أراد لقد احتميت بحمى عظيم من
النار يقيك حرها ويؤمنك دخولها (النهاية) .
[4] في ى: النضري، وهو تحريف.
(2/522)
(824) زهير بن قرضم
بن الجعيل المهري،
وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان يكرمه لبعد
مسافته. وذكره الطبري هكذا زهير بن قرضم، وقال محمد ابن
حبيب: هو ذهبن [1] بن قرضم بن الجعيل، فاللَّه أعلم.
باب زياد
(825) زياد بن أبي سفيان،
ويقَالَ زياد بن أبيه. وزياد بن أمه. وزياد بن سمية، وكان
يقَالُ له قبل الاستلحاق زياد بن عبيد [2] الثقفي. وأمه
سمية جارية الحارث ابن كلدة.
واختلف في وقت مولده، فقيل: ولد عام الهجرة [3] . وقيل قبل
الهجرة.
وقيل: بل ولد يوم بدر. ويكنى أبا المغيرة. ليست له صحبة
ولا رواية.
وكان رجلا عاقلا في دنياه، داهية خطيبا، له قدر وجلالة عند
أهل الدنيا، روى معتمر بن سليمان عَنْ أَبِيهِ، عن أبي
عثمان النهدي أنه أخبره، قَالَ: اشترى زياد أباه عبيدا
بألف درهم فأعتقه فكنا نغبطه بذلك.
كان عمر بن الخطاب قد استعمله على بعض صدقات البصرة، أو
بعض أعمال البصرة. وقيل: بل كان كاتبا لأبي موسى، فلما شهد
على المغيرة مع أخيه أبي بكرة وأخيه نافع، وشبل بن معبد
وجدهم ثلاثتهم عمر [4] دونه، إذ لم يقطع الشهادة زياد،
وقطعوها، وعزله، فَقَالَ له زياد: يا أمير المؤمنين،
__________
[1] في ى: وهبن- بالدال. وفي أسد الغابة: قال الدّارقطنيّ:
ذهبن- بالذال المعجمة والباء الموحدة والنون وارجع إلى أسد
الغابة (1- 138) .
[2] في أ: أبي عبيد. وفي ت وأسد الغابة مثل ى.
[3] في أ: عام الفتح. وأسد الغابة مثل ى.
[4] في أ: وجدهم عمر ثلاثتهم.
(2/523)
أخبر الناس أنك لم تعزلني لخزية. وَقَالَ
بعض أهل الأخبار: إنه قَالَ له:
ما عزلتك لخزية، ولكني كرهت أن أحمل على الناس فضل عقلك،
فاللَّه أعلم إن كان [ذَلِكَ [1]] كذلك.
ثم صار زياد مع علي، فاستعمله على بعض أعماله، فلم يزل معه
إلى أن قتل علي وانخلع الحسن لمعاوية، فاستلحقه معاوية
وولاه العراقين جمعهما له. ولم يزل كذلك إلى أن توفي
بالكوفة، وهو أمير المصرين في شهر رمضان لاثنتي عشرة ليلة
بقيت منه سنة ثلاث وخمسين، وصلى عليه عبد الله بن خالد بن
أسيد، كان قد أوصى إليه بذلك.
وَقَالَ الحسن بن عثمان: توفي زياد بن أبي سفيان، ويكنى
أبا المغيرة، سنة ثلاث وخمسين، وهو ابن ثلاث وخمسين، فهذا
يدل على أنه ولد عام الهجرة وكانت ولايته خمس سنين، ولي
المصرين: البصرة والكوفة سنة ثمان وأربعين، وتوفي سنة ثلاث
وخمسين وهو ابن ثلاث وخمسين سنة. وقيل ابن ست وخمسين.
وزياد هو الذي احتفر نهر الأبلة حتى بلغ موضع الجبل، وكان
يقَالُ زياد يعد لصغار الأمور وكبارها، وكان زياد طويلا
جميلا يكسر إحدى عينيه، وفي ذَلِكَ يقول الفرزدق للحجاج:
وقبلك ما أعييت كاسر عينه ... زيادا فلم تعلق على حبائله
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بن عبد الرحمن ومحمد بن
إبراهيم بن سَعِيدٍ، قَالا:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ عبد الرحمن،
قال أبو سلمة أسامة بن أحمد التّجيبي،
__________
[1] من أ، ت.
(2/524)
قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ
مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ [1] بْنُ أَبِي
السَّرِيِّ الْبَغْدَادِيُّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ
أَبِيهِ، عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال: بَعَثَ عُمَرُ
بْنُ الْخَطَّابِ زِيَادًا فِي إِصْلاحِ فَسَادٍ وَقَعَ
فِي الْيَمَنِ، فَرَجَعَ مِنْ وَجْهِهِ، وَخَطَبَ خُطْبَةً
لَمْ يَسْمَعِ النَّاسُ مِثْلَهَا، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ
الْعَاصِ: أَمَا وَاللَّهِ لَوْ كَانَ هَذَا الْغُلامُ
قُرَشِيًّا لَسَاقَ الْعَرَبَ بِعَصَاهُ. فَقَالَ أَبُو
سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ:
وَاللَّهِ إِنِّي لأَعْرِفُ الَّذِي وَضَعَهُ فِي رَحِمِ
أُمِّهِ. فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: وَمَنْ هُوَ
يَا أَبَا سُفْيَانَ؟ قَالَ: أَنَا. قَالَ: مَهْلا يَا
أَبَا سُفْيَانَ. فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ:
أَمَا وَاللَّهِ لَوْلا خَوْفُ شَخْصٍ ... يَرَانِي يَا
عَلِيُّ مِنَ الأَعَادِي
لأَظْهَرَ أَمْرَهُ صَخْرُ بْنُ حَرْبٍ ... وَلَمْ تَكُنِ
الْمَقَالَةُ [2] عَنْ زِيَادِ
وَقَدْ طَالَتْ مُجَامَلَتِي ثَقِيفًا ... وَتَرْكِي
فِيهِمْ ثَمَرَ الْفُؤَادِ
قَالَ: فذاك الذي حمل معاوية على ما صنع بزياد، فلما صار
الأمر إلى على ابن أبي طالب وجه زيادا إلى فارس، فضبط
البلاد وحما وجبى، وأصلح الفساد، فكاتبه معاوية يروم
إفساده على علي فلم يفعل، ووجه بكتابه إلى علي.
قَالَ أبو عمر: وفيه شعر تركته، لأني اختصرت الخبر فيه.
فكتب إليه علي:
«إنما وليتك ما وليتك. وأنت أهل لذلك عندي، ولن تدرك ما
تريد مما أنت فيه إلا بالصبر واليقين، وإنما كانت من أبى
سفيان فلتة
__________
[1] في ت: عبيد الله. وأ مثل ى.
[2] في أ: المجمجم. وت مثل ى.
(2/525)
زمن عمر لا تستحق بها نسبا ولا ميراثا. وإن
معاوية يأتي المرء من بين يديه ومن خلفه، فاحذره، ثم
احذره. والسلام» .
فلما قرأ زياد الكتاب قَالَ: شهد لي أبو الحسن ورب الكعبة.
قَالَ:
فذلك الذي جرأ زيادا ومعاوية على ما صنعا. ثم أدعاه معاوية
في سنة أربع وأربعين، ولحق به زيادا أخا على ما كان من أبي
سفيان في ذَلِكَ، وزوج معاوية ابنته من ابنه محمد بن زياد،
وكان أبو بكرة أخا زياد لأمه، أمهما سمية. فلما بلغ أبا
بكرة أن معاوية استلحقه، وأنه رضي بذلك آلى يمينا لا يكلمه
أبدا، وَقَالَ: هذا زنى أمه، وانتفى من أبيه، ولا والله ما
علمت سمية رأت أبا سفيان قط، ويله ما يصنع بأم حبيبة زوج
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أيريد أن يراها،
فإن حجبته فضحته، وإن رآها فيا لها مصيبة! يهتك من رَسُول
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حرمة عظيمة،
وحج زياد في زمن معاوية، فأراد الدخول على أم حبيبة، ثم
ذكر قول أبي بكرة، فانصرف عن ذَلِكَ.
وقيل: إن أم حبيبة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ حجبته ولم تأذن له في الدخول عليها. وقيل: إنه
حج ولم يزر من أجل قول أبي بكرة، وقال:
جزى الله أبا بكرة خيرا، فما يدع النصيحة على حال.
ولما ادعى معاوية زيادا دخل عليه بنو أمية، وفيهم عبد
الرحمن بن الحكم فَقَالَ له: يا معاوية، لو لم تجد إلا
الزنج لاستكثرت بهم علينا قلة وذلة، فأقبل معاوية على
مروان وَقَالَ: أخرج عنا هذا الخليع، فَقَالَ مروان: والله
(2/526)
إنه لخليع ما يطلق. فَقَالَ معاوية: والله
لولا حلمي وتجاوزي لعلمت أنه يطاق. ألم يبلغني شعره في
زياد، ثم قَالَ لمروان أسمعنيه، فَقَالَ:
ألا أبلغ معاوية بن صخر ... فقد ضاقت بما تأتي اليدان
أتغضب أن يقَالُ أبوك عف ... وترضي أن يقَالُ أبوك زان
فأشهد أن رحمك من زياد ... كرحم الفيل من ولد الأتان
وأشهد أنها حملت زيادا ... وصخر من سمية غير دان
وهذه الأبيات تروي ليزيد بن ربيعة بن مفرغ الحميري الشاعر.
ومن رواها له جعل أولها:
ألا بلغ معاوية بن حرب ... مغلغلة من الرجل اليماني
وذكر الأبيات كما ذكرناها سواء.
روى عمر بن شبة وغيره أن ابن مفرغ لما وصل إلى معاوية أو
إلى ابنه يزيد بعد أن شفعت فيه اليمانية وغضبت لما صنع به
عباد وأخوه عبيد الله، وبعد أن لقي من عباد وأخيه عبيد
الله بن زياد ما لقي مما يطول ذكره، وقد نقله أهل الأخبار
ورواة الأشعار، بكى، وَقَالَ: يا أمير المؤمنين، ركب مني
ما لم يركب من مسلم قط على غير حدث في الإسلام، ولا خلع يد
من طاعة، فَقَالَ له معاوية:
ألست القائل:
ألا أبلغ معاوية بن حرب ... مغلغلة من الرجل اليماني
أتغضب أن يقَالُ أبوك عف ... وترضى أن يقَالُ أبوك زان
وذكر الأبيات كما ذكرناها. فَقَالَ ابن مفرغ: لا والذي عظم
حقك، ورفع
(2/527)
قدرك يا أمير المؤمنين ما قلتها قط، لقد
بلغني أن عبد الرحمن بن الحكم قالها ونسبها إلى. قال:
أفلست القائل:
شهدت بأن أمك لم تباشر ... أبا سفيان واضعة القناع
ولكن كان أمرا فيه لبس ... على وجل شديد وارتياع
أولست القائل:
إن زيادا ونافعا وأبا ... بكرة عندي من أعجب العجب
هم رجال ثلاثة خلقوا ... في رحم أنثى وكلهم لأب
ذا قرشي كما يقول وذا ... مولى وهذا بزعمه عربي
في أشعار قلتها في زياد وبنيه هجوتهم أعزب فلا عفا الله
عنك، قد عفوت عن جرمك. ولو صحبت زيادا لم يكن شيء مما كان،
اذهب فاسكن أي أرض أحببت، فاختار الموصل.
قَالَ أبو عمر: ليزيد بن مفرغ في هجو زياد وبنيه من أجل ما
لقى من عباد بن زياد بخراسان أشعار كثيرة، وقصته مع عباد
بن زياد وأخيه عبيد الله بن زياد مشهورة، ومن قوله يهجوهم:
أعباد ما للؤم عنك محول ... ولا لك أم في قريش ولا أب
وقل لعبيد الله مالك والد ... بحق ولا يدري امرؤ كنت تنسب
وروى الأصمعي عن عبد الرحمن بن أبي الزناد قَالَ: قَالَ
عبيد الله بن زياد:
ما هجيت بشيء أشد على من قول ابن مفرغ:
فكر ففي ذاك إن فكرت معتبر ... هل نلت مكرمة إلا بتأمير
عاشت سمية ما عاشت وما علمت ... إن ابنها من قريش في
الجماهير
(2/528)
وقال غيره أيضا:
زياد لست أدري من أبوه ... ولكن الحمار أبو زياد
وروينا أن معاوية قَالَ حين أنشده مروان شعر أخيه عبد
الرحمن: والله لا أرضي عنه حتى يأتي زيادا فيترضاه ويعتذر
إليه. وأتاه عبد الرحمن يستأذن عليه معتذرا فلم يأذن له،
فأقبلت قريش على عبد الرحمن بن الحكم فلم يدعوه حتى أنى
زيادا، فلما دخل عليه وسلم فتشاوس له زياد بعينه وكان يكسر
عينه، فَقَالَ له زياد: أنت القائل ما قلت؟ فَقَالَ عبد
الرحمن: وما الّذي قلت؟ قال: قلت ما لا يقَالُ. فَقَالَ
عبد الرحمن: أصلح الله الأمير، إنه لا ذنب لمن أعتب، وإنما
الصفح عمن أذنب، فاسمع مني ما أقول. قَالَ: هات. فأنشأ
يقول:
إليك أبا المغيرة تبت مما ... جرى بالشام من جور اللسان
وأغضبت الخليفة فيك حتى ... دعاه فرط غيظ أن لحاني
وقلت لمن يلمني في اعتذاري ... إليك الحق شأنك غير شأني
عرفت الحق بعد خطاء رأيي ... وما ألبسته غير البيان
زياد من أبي سفيان عصن ... تهادى ناضرا بين الجنان
أراك أخا وعما وابن عم ... فما أدري بعين من [1] تراني
وأنت زيادة في آل حرب ... أحب إلي من وسطى بناني
ألا بلغ معاوية بن حرب ... فقد ظفرت بما يأتي اليدان
فَقَالَ له زياد: أراك أحمق مترفا شاعرا صنع اللسان يسوغ
لك ريقك ساخطا ومسخوطا عليك، ولكنا قد سمعنا شعرك، وقبلنا
عذرك، فهات حاجتك.
قَالَ: كتاب إلى أمير المؤمنين بالرضا عني. قَالَ: نعم، ثم
دعا كاتبه فَقَالَ:
__________
[1] في أ، ت: بعين ما تراني.
(2/529)
اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، لعبد الله
معاوية أمير المؤمنين، من زياد بن أبي سفيان، سلام عليك
فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد:
[فإنه] وذكر الخبر [وفيه [1]] . فأخذ الكتاب ومضى حتى دخل
على معاوية فقرأ الكتاب ورضي عنه ورده إلى حاله، وَقَالَ:
قبح الله زياد! ألم يتنبه له إذ قَالَ: وأنت زيادة في آل
حرب.
قَالَ أبو عمر: روينا أن زيادا كتب إلى معاوية أني قد أخذت
العراق بيميني وبقيت شمالي فارغة- يعرض له بالحجاز، فبلغ
ذَلِكَ عبد الله بن عمر فَقَالَ: اللَّهمّ اكفنا شمال
زياد، فعرضت له قرحة في شماله فقتلته، ولما بلغ ابن عمر
موت زياد قَالَ: اذهب إليك ابن سمية فقد أراح الله منك.
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ
بْنُ رَشِيقٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ الدُّولابِيُّ،
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، حَدَّثَنَا
خُرَيْمُ [2] بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو هِلالٍ،
عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: قَالَ زِيَادٌ لِبَنِيهِ لَمَّا
احْتُضِرَ: لَيْتَ أَبَاكُمْ كَانَ رَاعِيًا فِي
أَدْنَاهَا وَأَقْصَاهَا وَلَمْ يَقَعْ بِالَّذِي وَقَعَ
بِهِ. وَقَالَ أبو الحسن المدائني: ولد زياد عام التاريخ.
ومات بالكوفة يوم الثلاثاء لأربع خلون من شهر رمضان سنة
ثلاث وخمسين، وهو ابن ثلاث وخمسين سنة.
(825) زياد بن الحارث [3] الصدائي،
وصداء حي من اليمن، وهو حليف لبني الحارث بن كعب، بايع
النبي صَلَّى الله عليه وسلم، وأذّن بين يديه، بعدّ في
المصريين وأهل المغرب.
__________
[1] ليس في ت، وهو في أ.
[2] في ت: هرثم. وفي أ: هريم.
[3] في الإصابة: وقيل زياد بن حارثة.
(2/530)
روى الإفريقي، عن زياد بن نعيم، عن زياد بن
الحارث الصدائي أنه حدثه، قَالَ: أتيت رسول الله صلى الله
عليه وسلم فبايعته على الإسلام، وبعث جيشا إلى صداء، فقلت:
يَا رَسُولَ اللَّهِ، اردد الجيش وأنا لك بإسلامهم، فرد
الجيش، وكتب إليهم. فأقبل وفدهم بإسلامهم، فأرسل إلي
رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَقَالَ: إنك لمطاع في قومك يا أخا صداء. فقلت: بل الله
هداهم. وقلت: ألا تؤمرني عليهم؟ فَقَالَ: بلى، ولا خير في
الإمارة لرجل مؤمن. فقلت: حسبي [الله [1]] . ثم سار رَسُول
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسيرا، فسرت
معه، فانقطع عنه أصحابه، فأضاء الفجر.
فَقَالَ لي: أذن يا أخا صداء، فأذنت. وذكر الحديث بطوله،
وقد ذكره سنيد وغيره.
(826) زياد بن حذرة [2] بن عمرو [3] بن عدي،
أتى إلى [4] النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
فأسلم على يده ودعا له. روى عنه ابنه تميم بن زياد.
(827) زياد بن حنظلة التميمي،
له صحبة، ولا أعلم له رواية، وهو الذي بعثه رَسُول اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى قيس بن عاصم،
والزبرقان بن بدر، ليتعاونوا على مسيلمة الكذاب، وطليحة،
والأسود، وقد عمل لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، وكان منقطعا إلى علي رضي الله عنه، وشهد معه
مشاهده كلها.
__________
[1] من ت وحدها.
[2] هكذا في ى، وفي أ، ت: خدرة. وفي الإصابة: اختلف في ضبط
أبيه فقيل بالجيم.
وقيل بالمهملة، وقيل بالمعجمة. وفي أسد الغابة: ضبطه أبو
عمر بالحاء المهملة والذال المعجمة.
وضبطه أبو موسى خدرة- بالخاء المعجمة. أو حدرة- بالحاء
والدال المهملتين.
[3] في ى: عمر. والمثبت من أ، ت.
[4] في أ، ت: أتى به.
(2/531)
(828) زياد بن السكن
بن رافع بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل الأشهلي
الأنصاري،
قتل يوم أحد. رَوَى ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مُحَمَّدِ
بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحُصَيْنُ بن عبد
الرحمن بن عمرو بن سعد بْنِ مُعَاذٍ، عَنْ مَحْمُودِ [1]
بْنِ عَمْرِو بْنِ يزيد بن السكن أن رسول الله صلى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا لَحَمَهُ [2] الْقِتَالُ يَوْمَ
أُحُدٍ، وَخُلِصَ إِلَيْهِ، وَدَنَا مِنْهُ الأَعْدَاءُ،
ذَبَّ عَنْهُ الْمُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ حَتَّى قُتِلَ،
وَأَبُو دُجَانَةَ سِمَاكُ بْنُ خَرَشَةَ حَتَّى كَثُرَتْ
فِيهِ الْجِرَاحُ، وَأُصِيبَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم، وتلمث رُبَاعِيَّتُهُ،
وَكُلِمَتْ شَفَتُهُ، وَأُصِيبَتْ وَجْنَتُهُ، وَكَانَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ
ظَاهَرَ يَوْمَئِذٍ بَيْنَ دِرْعَيْنِ، فَقَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ رَجُلٌ
يَبِيعُ لَنَا نَفْسَهُ؟ فَوَثَبَ إِلَيْهِ فِتْيَةٌ مِنَ
الأَنْصَارِ خَمْسَةٌ، مِنْهُمْ زِيَادُ بْنُ السَّكَنِ،
فَقَاتَلُوا حَتَّى كَانَ آخِرَهُمْ زِيَادُ بْنُ
السَّكَنِ، فَقَاتَلَ حَتَّى أُثْبِتَ، ثُمَّ ثَابَ
إِلَيْهِ نَاسٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَقَاتَلُوا عَنْهُ
حَتَّى أَجْهَضُوا عَنْهُ الْعَدُوَّ، فَقَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِزِيَادِ بْنِ
السَّكَنِ: ادْنُ مِنِّي- وَقَدْ أَثْبَتَتْهُ
الْجِرَاحَةُ، فَوَسَّدَهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم
قدمه حَتَّى مَاتَ عَلَيْهَا. وَذَكَر هَذَا الْخَبَرَ
الطَّبَرِيُّ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، قَالَ حَدَّثَنِي
ابْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي الحصين بن عبد الرحمن
بن عمرو بن سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ عَنْ مَحْمُودِ [3] بْنِ
عَمْرِو بْنِ يَزِيدَ بْنِ السَّكَنِ، قَالَ: فَقَامَ
زِيَادُ بْنُ السَّكَنِ فِي نَفَرٍ خَمْسَةٍ مِنَ
الأَنْصَارِ. وبعض الناس يقول: إنما هو عمارة بن زياد
السكن على ما نذكره في باب عمارة [إن شاء الله [4]] .
__________
[1] في أ: محمد.
[2] لحمه: اشتد عليه القتال.
[3] في أ: محمد.
[4] ليس في ت، وهو في أ.
(2/532)
(829) زياد بن عبد
الله الأنصاري،
روى عنه الشعبي، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، أنه بعث عبد الله بن رواحة، فخرص [1] على أهل
خيبر، فلم يجدوه أخطأ حشفة [2] .
(830) زياد بن عمرو.
ويقَالَ ابن بشر، حليف الأنصار، شهد بدرا هو وأخوه ضمرة.
قَالَ فيه موسى بن عقبة: زياد بن عمرو الأخرس، شهد بدرا،
أو هو مولى لبني ساعدة بن كعب بن الخزرج مع أخيه صمرة بن
عمرو.
(831) زياد بن عياض الأشهلي،
اختلف في صحبته.
(832) زياد بن القرد [3] .
ويقال ابن أبي القرد، روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في عمار: تقتله الفئة الباغية، حديثه
لا يتّصل.
(833) زياد بن كعب بن عمرو بن
عدي بن عمر بن رفاعة بن كليب الجهني،
شهد بدرا وأحدا.
(834) زياد بن لبيد بن ثعلبة بن سنان بن عامر بن عدي بن
أمية بن بياضة الأنصاري البياضي،
من بني بياضة بن عامر بن زريق، قَالَ الْوَاقِدِيُّ: يكنى
أبا عبد الله، خرج إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأقام معه بمكة حتى هاجر مع رَسُول
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى المدينة،
فكان يقَالُ: لزياد مهاجري أنصاري. شهد العقبة، وبدرا،
وأحدا، والخندق، والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه
وَسَلَّمَ، واستعمله رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على حضرموت.
مات في أول خلافة معاوية.
__________
[1] الخرص: الحزر والتقدير.
[2] الحشف: الخبر اليابس. وبالتحريك أردأ التمر أو الضعيف
لاقوى له (القاموس) .
[3] في الإصابة: زياد بن الغرد- بالغين المعجمة والراء
المكسورة. وقيل بقاف بدل الغين. وقيل الفرد- بالفاء. وانظر
أسد الغابة (2- 217) .
(2/533)
[حدثنا عبد الوارث بن سفيان، قال: حدثنا
قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ
عَلِيٍّ الأُشْنَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ
إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُمَيْرٍ،
قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي عَبْلَةَ، عَنِ
الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُرَشِيِّ، قَالَ:
حَدَّثَنِي جُبَيْرُ بْنُ نُفَيْرٍ، عَنْ عَوْفِ بْنِ
مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: بَيَّنَا نَحْنُ
جُلُوسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ نَظَرَ إِلَى السَّمَاءَ،
فَقَالَ:
هَذَا أَوَانُ رَفْعِ الْعِلْمِ. فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ
الأَنْصَارِ، يُقَالُ لَهُ زِيَادُ بْنُ لَبِيدٍ:
أَيُرْفَعُ الْعِلْمِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَقَدْ
عَلَّمْنَاهُ أَبْنَاءَنَا وَنِسَاءَنَا؟ فَقَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنْ كُنْتُ
لأَحْسَبُكَ مِنْ أَفْقَهِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ. وَذَكَرَ
لَهُ ضَلالَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ وَعِنْدَهُمْ مَا
عِنْدَهُمْ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ. فلقى جبير بن نفير شداد
بن أوس في المصلى، فحدثه هذا الحديث عن عوف بن مالك.
فَقَالَ: صدق عوف.
ثم قَالَ: يا شداد، هل تدري ما رفع العلم؟ قَالَ: قلت: لا
أدري. قَالَ:
ذهاب أوعيته. هل تدري أول العلم يرفع؟ قَالَ: قلت لا أدري!
قَالَ:
الخشوع حتى لا يرى خاشعا [1]] .
(835) زياد بن نعيم الفهري،
مذكور في الصحابة، لا أعلم له رواية، قتل يوم الدار، حين
قتل عثمان رضي الله عنه.
(836) زياد الغفاري،
يعد في أهل مصر. له صحبة، روى عنه يزيد ابن نعيم.
__________
[1] من أوحدها.
(2/534)
باب زيد
(837) زيد بن أرقم بن زيد بن
قيس بن النعمان بن مالك بن [1] الأغر بن ثعلبة الأنصاري
الخزرجي،
من بني الحارث بن الخزرج، اختلف في كنيته اختلافا كثيرا.
فقيل: أبو عمر [2] وقيل: أبو عامر. وقيل: أبو سعد.
وقيل أبو سعيد. وقيل: أبو أنيسة، قاله الواقدي، والهيثم بن
عدي.
وروينا عنه من وجوه أنه قَالَ: غزا رَسُول اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تسع عشرة غزوة غزوت منها معه
سبع عشرة غزوة.
ويقَالَ: إن أول مشاهده المريسيع، يعد في الكوفيين، نزل
الكوفة وسكنها، وابتني بها دارا في كندة. وبالكوفة كانت
وفاته، في سنة ثمان وستين.
وزيد بن أرقم هو الذي رفع إلى رسول الله صلى الله عليه
وسلم عن عبد الله ابن أبي بن سلول قوله: لَئِنْ رَجَعْنا
إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا
الْأَذَلَّ، 63: 8 فكذبه [3] عبد الله بن أبي، وحلف، فأنزل
الله تصديق زيد بن أرقم، فتبادر أبو بكر، وعمر إلى زيد
ليبشراه، فسبق أبو بكر فأقسم عمر لا يبادره [4] بعدها إلى
شيء، وجاء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخذ
بإذن زيد، وَقَالَ:
وعت [5] أذنك يا غلام. من تفسير ابن جريج ومن تفسير الحسن
من رواية معمر وغيره. قيل: كان ذَلِكَ في غزوة بني
المصطلق. وقيل: في تبوك.
__________
[1] ليس في أ، ت، وأسد الغابة.
[2] هكذا في ى، وأسد الغابة. وفي أ، ت: عمرو.
[3] في أ: فأكذبه.
[4] في ى: ألا يبادره.
[5] في أ، ت: وفت.
(2/535)
وشهد زيد بن الأرقم مع علي رضي الله عنه
صفين، وهو معدود في خاصة أصحابه. ذكر ابن إسحاق، عن عبد
الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، قَالَ: كان زيد
بن أرقم يتيما في حجر عبد الله بن رواحة، فخرج به معه إلى
مؤتة يحمله على حقيبة رحله، فسمعه زيد بن أرقم من الليل
وهو يتمثل أبياته التي يقول فيها:
إذا أدنيتني وحملت رحلي ... مسيرة أربع بعد الحساء
فشأنك فأنعمي وخلاك ذم ... ولا أرجع إلى أهلي ورائي
وجاء المؤمنون وغادروني ... بأرض الشام مشتهى الثواء [1]
فبكى زيد بن أرقم، فخفقه عبد الله بن رواحة بالدرة،
وَقَالَ: ما عليك يا لكع أن يرزقني الله الشهادة وترجع بين
شعبتي الرحل.
ولزيد بن أرقم يقول عبد الله بن رواحة:
يا زيد زيد اليعملات الذّبل ... تطاول الليل هديت فأنزل
وقيل: بل قَالَ: ذَلِكَ في غزوة مؤتة لزيد بن حارثة.
وروى عن زيد بن أرقم جماعة منهم أبو إسحاق السبيعي، ومحمد
بن كعب القرظي، وأبو حمزة مولى الأنصار.
(838) زيد بن أسلم بن ثعلبة بن عدي بن العجلان العجلاني،
[ثم [2]] البلوي، ثم الأنصاري، حليف لبنى عمرو بن عوف، شهد
بدرا فيما ذكر موسى ابن عقبة، وشهد أحدا. هو ابن عم ثابت
بن أقرم.
(839) زيد بن أبي أوفى الأسلمي،
له صحبة، يعد في أهل المدينة. روى
__________
[1] في ى: مشهو. وفي أ، ت: النواء.
[2] ليست في أ، ت.
(2/536)
عنه سعد بن شرحبيل، هو أخو عبد الله بن
أوفى، وقد نسبنا أخاه في بابه، فأغنى ذَلِكَ عن إعادته
هنا.
روى حديث المواخاة بتمامه، إلا أن في إسناده ضعفا.
(840) زيد بن ثابت بن الضحاك
بن زيد بن لوذان بن عمرو بن عبد عوف ابن غنم بن مالك بن
النجار الأنصاري النجاري،
وأمّه النوار بنت مالك ابن معاوية بن عدي بن عامر بن غنم
بن عدي بن النجار، يكنى أبا سعيد.
وقيل: يكنى أبا عبد الرحمن، قاله الهيثم بن عدي. وقيل:
يكنى أبا خارجة بابنه خارجة، يقَالُ: إنه كان في حين قدوم
رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ابن إحدى عشرة سنة،
وكان يوم بعاث ابن ست سنين، وفيها قتل أبوه. وَقَالَ
الواقدي: استصغر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يوم بدر جماعة فردهم، منهم زيد بن ثابت، فلم
يشهد بدرا.
قَالَ أبو عمر: [ثم [1]] شهد أحدا وما بعدها من المشاهد.
وقيل:
إن أول مشاهده الخندق. قبل: وكان ينقل التراب يومئذ مع
المسلمين، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أما إنه نعم الغلام! وكانت راية بني
مالك ابن النجار في تبوك مع عمارة ابن حزم [2] ، فأخذها
رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ودفعها
إلى زيد بن ثابت، فَقَالَ عمارة: يَا رَسُولَ اللَّهِ،
أبلغك عني شيء؟
قَالَ: لا، ولكن القرآن مقدم، وزيد أكثر أخذا منك للقرآن.
وهذا عندي خبر لا يصحّ، والله أعلم.
__________
[1] من أ، ت.
[2] في أ: حازم. وت مثل ى.
(2/537)
وأما حديث أنس [بن مالك [1]] إن زيد بن
ثابت أحد الذين جمعوا القرآن على عهد رسول الله صلى الله
عليه وسلم- يعني من الأنصار- فصحيح، وقد عارضه قوم بحديث
ابن شهاب عن عبيد بن السباق، عن زيد بن ثابت، أن أبا بكر
أمره في حين مقتل القراء باليمامة بجمع القرآن من الرقاع
والعسب وصدور الرجال، حتى وجدت آخر آية من التوبة مع رجل
يقال له: خزيمة أو أبو خزيمة.
قالوا: فلو كان زيد قد جمع القرآن على عهد رسول الله صلى
الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأملاه من صدره، وما احتاج إلى ما
ذكره [2] . قالوا: وأما خبر جمع عثمان للمصحف فإنما جمعه
من الصحف [3] التي كانت عند حفصة من جمع أبي بكر.
وكان زيد يكتب لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ الوحي وغيره، وكانت ترد على رسول الله صلى الله
عليه وسلم كتب بالسريانية، فأمر زيدا فتعلمها في بضعة عشر
يوما، وكتب بعده لأبي بكر، وعمر، وكتب لهما معيقيب الدوسي
معه أيضا.
واستخلف عمر بن الخطاب زيد بن ثابت على المدينة ثلاث مرات
في الحجتين وفي خروجه إلى الشام، وكتب إليه من الشام إلى
زيد بن ثابت من عمر بن الخطاب.
وَقَالَ نافع، عن ابن عمر، قَالَ: كان عمر يستخلف زيدا إذا
حج، وكان عثمان يستخلفه أيضا على المدينة إذا حج. ورمي يوم
اليمامة بسهم فلم
__________
[1] ليس في أ، ت.
[2] في أ، ت: ما ذكروه.
[3] في أ: المصحف، وهو تحريف.
(2/538)
يضره، وكان أحد فقهاء الصحابة الجلة
الفراض، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفرض أمتي زيد
بن ثابت. وكان أبو بكر الصديق قد أمره بجمع القرآن في
الصحف [1] ، فكتبه فيها، فلما اختلف الناس في القراءة زمن
عثمان، واتفق رأيه ورأي الصحابة على أن يرد القرآن إلى حرف
واحد، وقع اختياره على حرف زيد، فأمره أن يملي المصحف على
قوم من قريش جمعهم إليه، فكتبوه على ما هو عليه اليوم
بأيدي الناس، والأخبار بذلك متواترة المعنى، وإن اختلفت
ألفاظها، وكانوا يقولون: غلب زيد بن ثابت الناس على اثنين
[2] : القرآن والفرائض.
وَقَالَ مسروق: قدمت المدينة فوجدت زيد بن ثابت من
الراسخين في العلم.
وروى حميد بن الأسود، عن مالك بن أنس، قَالَ: كان إمام
الناس عندنا بعد عمر بن الخطاب زيد بن ثابت- يعني
بالمدينة. قَالَ: وكان إمام الناس بعده عندنا عبد الله بن
عمر.
وروى أبو معاوية، عن الأعمش، عن ثابت بن عبيد، قَالَ: كان
زيد بن ثابت من أفكه الناس إذا خلا مع أهله، وأصمتهم إذا
جلس مع القوم.
وَرَوَى الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ دَاوُدَ
بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ
وُهَيْبٍ عَبْدٌ كَانَ لِزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَكَانَ
زَيْدٌ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ فِي خِلافَةِ عُثْمَانَ،
فَدَخَلَ عُثْمَانُ فَأَبْصَرَ وُهَيْبًا يُعِينُهُمْ فِي
بَيْتِ الْمَالِ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ زَيْدٌ:
مَمْلُوكٌ لِي
__________
[1] في ى: المصحف.
[2] في أ، ت: اثنتين.
(2/539)
فَقَالَ عُثْمَانَ: أَرَاهُ يُعِينُ
الْمُسْلِمِينَ وَلَهُ حَقٌّ. وَإِنَّا نَفْرِضُ لَهُ،
فَفَرَضَ لَهُ أَلْفَيْنِ فَقَالَ زَيْدٌ: وَاللَّهِ لا
نَفْرِضُ لِعَبْدٍ أَلْفَيْنِ، فَفَرَضَ لَهُ أَلْفًا.
قَالَ أبو عمر: كان عثمان يحب زيد بن ثابت، وكان زيد
عثمانيا، ولم يكن فيمن شهد شيئا من مشاهد علي مع الأنصار،
وكان مع ذَلِكَ يفضل عليا ويظهر حبه. وكان فقيها رحمه
الله.
اختلف في وقت وفاة زيد بن ثابت. فقيل: مات سنة خمس
وأربعين.
وقيل: سنة اثنتين وقيل: سنة ثلاث وأربعين، وهو ابن ست
وخمسين. وقيل: ابن أربع وخمسين. وقيل: بل توفي سنة إحدى أو
اثنتين وخمسين. [وقيل سنة خمسين [1]] . وقيل سنة خمس
وخمسين، وصلى عليه مروان. وَقَالَ المدائني: توفي زيد بن
ثابت سنة ست وخمسين.
(841) زيد بن جارية [2]
الأنصاري العمرى،
وقد قيل: زيد بن حارثة. كان ممن استصغر يوم أحد، وهو من
بني عمرو بن عوف، كان زيد بن جارية، وأبو سعيد الخدري،
والبراء بن عازب، وزيد بن أرقم، وسعد ابن حبتة [3] ممن
استصغر يوم أحد. رواه أَبُو سَلَمَة مَنْصُورُ بْنُ
سَلَمَةَ الْخُزَاعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ
عَبْدِ اللَّهِ [4] بْنِ زَيْدِ بْنِ جَارِيَةَ
الأَنْصَارِيُّ [عَنْ عُمَرَ بْنِ زَيْدِ بن جارية
الأنصاري [5]] قال: حدثني زيد جَارِيَةَ أَنّ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم استصغره
__________
[1] ليس في أ، ت.
[2] في ت: حارثة، أوأسد الغابة (2- 223) مثل ى.
[3] في أسد الغابة: خيثمة.
[4] في أ: عبيد الله، ت مثل ى.
[5] من أ، ت. وفي أسد الغابة: روى عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ جارية عن عمر بن زيد بن جارية عن
أبيه زيد بن جارية (2- 223) .
(2/540)
يَوْمَ أُحُدٍ، وَالْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ،
وَزَيْدَ بْنَ أرقم، وسعد ابن حَبْتَةَ، وَأَبَا سَعِيدٍ
الْخُدْرِيَّ.
وَقَالَ أبو عمر: هو زيد بن جارية بن عامر بن مجمع بن
العطاف الأنصاري من الأوس، وكان أبوه جارية من المنافقين
أهل مسجد الضرار، كان يقَالُ له: حمار الدار، شهد زيد بن
جارية هذا صفين مع علي رضي عنه، وهو أخو مجمع بن جارية.
روى عنه أبو الطفيل حديثه أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إن أخاكم النجاشي قد
مات فصلوا عليه. قَالَ: فصففنا [1] صفين. قَالَ أبو عمر:
ذكره أبو حاتم الرازي في باب من اسم أبيه علي من باب زيد
[2] ، وَقَالَ: زيد بن جارية العمري الأوسي، له صحبة.
وَقَالَ:
سمعت أبي يقول ذَلِكَ. وَقَالَ: لا أعرفه.
وَذَكَرَ أَبُو يَحْيَى السَّاجِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي
زِيَادُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ، قَالَ:
حَدَّثَنِي مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا
عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ سَلَمَةَ
الْقُرَشِيِّ، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ
اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ جَارِيَةَ أَخُو
بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، قَالَ: قُلْتُ: يَا
رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ عَلِمْنَا كَيْفَ السَّلامُ
عَلَيْكَ. فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ قَالَ، صَلُّوا
عَلَيَّ وَقُولُوا: اللَّهمّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ
وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى
إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ
مَجِيدٌ.
[هَكَذَا رَوَاهُ خَالِدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ
طَلْحَةَ. ورواه إسرائيل عن
__________
[1] هكذا في وأسد الغابة. وفي أ، ت: فصفنا.
[2] هكذا في ت. ولعل كلمة (من) زائدة.
(2/541)
عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
مَوْهِبٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ أَبِيهِ.
وَرُبَّمَا قَالَ فِيهِ، أَرَاهُ عَنْ أَبِيهِ. قَالَ:
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ عَلِمْنَا السَّلامَ
عَلَيْكَ فَذَكَرَهُ [1]] .
(842) زيد بن الجلاس الكندي،
حديثه أنه سأل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن
الخليفة بعده، فَقَالَ: أبو بكر. إسناده لَيْسَ بالقوي.
(843) زيد بن حارثة بن شراحيل
الكلبي.
أبو أسامة مولى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، هو زيد بن حارثة بن شراحيل بن كعب بن عبد العزي
بن امرئ القيس [2] بن عامر بن النعمان بن عامر بن عبد ود
[بن امرئ القيس بن النعمان بن عمران بن عبد عوف [3]] [ابن
عوف [4]] بن كنانة بن بكر بن عوف ابن عذرة بن زيد اللات بن
رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرة بن تغلب [5] ابن حلوان بن
عمران بن الحاف بن قضاعة [بن مالك بن عمرو بن مرة بن مالك
بن حمير بن سبأ بن يشحب بن يعرب بن قحطان [6]] ، هكذا نسبه
ابن الكلبي وغيره، وربما اختلفوا في الأسماء وتقديم بعضها
على بعض، وزيادة شيء فيها.
قَالَ ابن الكلبي: وأم زيد سعدي بنت ثعلبة بن عبد عامر بن
أفلت من بني معن من طىّ.
__________
[1] ما بين القوسين ليس في أ، وهو في ت وحدها.
[2] في أ: بن عبد العزى بن يزيد بن امرئ القيس.
[3] ليس في ت.
[4] ليس في أ.
[5] في ى: ثعلب.
[6] من أ، ت.
(2/542)
وكان ابن إسحاق يقول: زيد بن حارثة بن
شرحبيل، ولم يتابع على قوله شرحبيل، وإنما هو شراحيل.
كان زيد هذا قد أصابه سباء في الجاهلية، فاشتراه حكيم بن
حزام في سوق حباشة [1] ، وهي سوق بناحية مكة كانت مجمعا
للعرب يتسوقون بها في كل سنة، اشتراه حكيم لخديجة بنت
خويلد، فوهبته خديجة لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، فتبناه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ بمكة قبل النبوة، وهو ابن ثمان سنين، وكان
رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أكبر
منه بعشر سنين، وقد قيل بعشرين سنة، وطاف به رَسُول
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين تبناه على
حلق قريش يقول: هذا ابني وارثا وموروثا، يشهدهم على
ذَلِكَ، هذا كله معنى قول مصعب والزبير بن بكار وابن
الكلبي وغيرهم.
قَالَ عبد الله بن عمر: ما كنا ندعو زيد بن حارثة إلا زيد
بن محمد، حتى نزلت [2] : ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ 33: 5.
ذَكَرَ الزُّبَيْرُ، عَنِ الْمَدَائِنِيِّ، عَنِ ابْنِ
الْكَلْبِيِّ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ يَزِيدَ الْكَلْبِيِّ،
وَعَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ- وَقَوْلُ
جَمِيلٍ أَتَمُّ- قَالَ خَرَجَتْ سُعْدَى بِنْتُ
ثَعْلَبَةَ أُمُّ زَيْدِ بن حارثة، وهي امرأة من بنى طى
تَزُورُ قَوْمَهَا، وَزَيْدٌ مَعَهَا، فَأَغَارَتْ خَيْلٌ
لِبَنِي الْقَيْنِ بْنِ جَسْرٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ،
فَمَرُّوا عَلَى أَبْيَاتِ مَعْنٍ- رَهْطِ أُمِّ زَيْدٍ،
فَاحْتَمَلُوا زَيْدًا وَهُوَ يَوْمَئِذٍ غُلامٌ يَفَعَةٌ،
فَوَافَوْا بِهِ سُوقَ عُكَاظٍ، فَعَرَضُوهُ لِلْبَيْعِ،
فَاشْتَرَاهُ مِنْهُمْ حَكِيمُ بْنُ حِزَامِ بْنِ
خُوَيْلِدٍ لِعَمَّتِهِ خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ
بأربعمائة درهم، فلما تزوّجها
__________
[1] في ياقوت: سوق من أسواق العرب في الجاهلية.
[2] سورة الأحزاب 5.
(م 9- استيعاب- ثان)
(2/543)
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَهَبَتْهُ لَهُ، فَقَبَضَهُ. وَقَالَ أبوه
حارثة بن شراحيل- حين فقده:
بكيت على زيد ولم أدر ما فعل ... أحىّ يرجّى أم أتى دونه
الأجل
فو الله ما أدري وأن كنت سائلا ... أغالك سهل الأرض أم
غالك الجبل
فيا ليت شعري هل لك الدهر رجعة ... فحسبي من الدنيا رجوعك
لي بجل [1]
تذكرنيه الشمس عند طلوعها ... وتعرض ذكراه إذا قارب الطفل
وإن هبت الأرواح هيجن ذكره ... فيا طول ما حزني عليه ويا
وجل
سأعمل نص العيس في الأرض جاهدا ... ولا أسأم التطواف أو
تسأم الإبل
حياتي أو تأتي علي منيتي ... وكل امرئ فان وإن نمرّه الأجل
[2]
سأوصي به عمرا وقيسا كليهما ... وأوصي يزيد ثم من بعده جبل
يعني جبلة بن حارثة أخا زيد، وكان أكبر من زيد، ويعني يزيد
أخا زيد لأمه، وهو يزيد بن كعب بن شراحيل. فحج ناس من كلب،
فرأوا زيدا فعرفهم وعرفوه، فَقَالَ لهم: أبلغوا عني أهلي
هذه الأبيات، فإنّي أعلم أنهم قد جزعوا عليّ فقال:
أحن إلى قومي وإن كنت نائيا ... فإني قعيد البيت عند
المشاعر
فكفوا من الوجد الّذي قد شجاكم ... ولا تعملوا في الأرض نص
الأباعر
فإني بحمد الله في خير أسبرة ... كرام معدّ كابرا بعد كابر
__________
[1] في ى: نحل والمثبت من أ، والطبقات.
[2] هكذا في ى. وفي أ، ت، والطبقات. الأمل.
(2/544)
فانطلق الكلبيون، فأعلموا أباه فَقَالَ:
ابني ورب الكعبة، ووصفوا له موضعه، وعند من هو. فخرج حارثة
وكعب ابنا شراحيل لفدائه، وقدما مكة فسألا عن النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقيل: هو في المسجد، فدخلا
عليه، فقالا:
يا بن عبد المطلب، يا بن هاشم، يا بن سيد قومه، أنتم أهل
حرم الله وجيرانه، تفكون العاني، وتطعمون الأسير، جئناك في
ابننا عندك، فامنن علينا، وأحسن إلينا في فدائه. قَالَ:
ومن هو؟ قالوا: زيد بن حارثة. فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: فهلا غير ذَلِكَ! قالوا: وما هو؟ قَالَ: أدعوه
فأخيره، فإن اختاركم فهو لكم، وإن اختارني فو الله ما أنا
بالذي أختار على من اختارني أحدا.
قالا: قد زدتنا على النصف، وأحسنت. فدعاه فَقَالَ: هل تعرف
هؤلاء؟ قَالَ: نعم.
قَالَ: من هذا؟ قَالَ: هذا أبي. وهذا عمي. قَالَ: فأنا من
قد علمت ورأيت صحبتي لك، فاخترني أو اخترهما. قَالَ زيد:
ما أنا بالذي أختار عليك أحدا، أنت مني مكان الأب والعم.
فقالا: ويحك يا زيد! أتختار العبودية على الحرية وعلى أبيك
وعمك، وعلى أهل بيتك! قَالَ: نعم، قد رأيت من هذا الرجل
شيئا.
ما أنا بالذي أختار عليه أحدا أبدا. فلما رأى رسول الله
صلى الله عليه وسلم ذلك أخرجه إلى الحجر، فقال: يأمن حضر.
اشهدوا أن زيدا ابني يرثني وأرثه. فلما رأى ذَلِكَ أبوه
وعمه طابت نفوسهما فانصرفا. ودعي زيد بن محمد، حتى جاء
الإسلام فنزلت: ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ 33: 5. فدعي يومئذ
زيد بن حارثة، ودعى الأدعياء إلى آبائهم، فدعي المقداد بن
عمرو، وكان يقَالُ له قبل ذَلِكَ المقداد بن الأسود، لأن
الأسود بن عبد يغوث كان قد تبناه.
(2/545)
وذكر معمر في جامعه، عن الزهري قَالَ: ما
علمنا أحدا أسلم قبل زيد بن حارثة. قَالَ عبد الرزاق: وما
أعلم أحدا ذكره غير الزهري.
قَالَ أبو عمر: قد روي عن الزهري من وجوه أن أول من أسلم
خديجة، وشهد زيد بن حارثة بدرا، وزوجه رَسُول اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مولاته أم أيمن، فولدت
له أسامة بن زيد، وبه كان يكنى، وكان يقَالُ لزيد بن حارثة
حب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. روى
عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ: أحب
الناس إلي من أنعم الله عليه وأنعمت عليه- يعني زيد بن
حارثة- أنعم الله عليه بالإسلام، وأنعم عليه رَسُول
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالعتق.
وقتل زيد بن حارثة بمؤتة من أرض الشام سنة ثمان من الهجرة،
وهو كان كالأمير على تلك الغزوة، وَقَالَ رسول الله صلى
الله عليه وسلم: فإن قتل زيد فجعفر، فإن قتل جعفر فعبد
الله بن رواحة، فقتلوا ثلاثتهم في تلك الغزوة. لما أتى
رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نعي
جعفر بن أبي طالب وزيد ابن حارثة بكى وَقَالَ: أخواي
ومؤنساي ومحدثاي. حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ
الْوَارِثِ بْنُ سفيان بن جيرون [1] ، حَدَّثَنَا أَبُو
مُحَمَّدٍ قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ
بْنِ أَبِي خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ معين، حدثنا يحيى
ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ الْمِصْرِيُّ،
حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بن سعد، قال: بلغني أن زيد ابن
حَارِثَةَ اكْتَرَى مِنْ رَجُلٍ بَغْلا مِنَ الطَّائِفِ
اشْتَرَطَ عَلَيْهِ الْكَرِيُّ أَنْ يُنْزِلَهُ حَيْثُ
شَاءَ. قَالَ: فَمَالَ بِهِ إِلَى خَرِبَةٍ، فَقَالَ لَهُ:
انزل. فنزل، فإذا في الخربة
__________
[1] في المشتبه: يجيم وموحدة.
(2/546)
قَتْلَى كَثِيرَةٌ. فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ
يَقْتُلَهُ قَالَ لَهُ: دَعْنِي أُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ،
قَالَ: صَلِّ.
فَقَدْ صَلَّى قَبْلَكَ هَؤُلاءِ فَلَمْ تَنْفَعْهُمْ
صَلاتُهُمْ شَيْئًا. قَالَ: فَلَمَّا صَلَّيْتُ أَتَانِي
لِيَقْتُلَنِي. قَالَ: فَقُلْتُ: يَا أَرْحَمَ
الرَّاحِمِينَ. قَالَ: فَسَمِعَ صَوْتًا لا تَقْتُلْهُ.
قَالَ: فَهَابَ ذَلِكَ، فَخَرَجَ يَطْلُبُ فَلَمْ يَرَ
شَيْئًا، فَرَجَعَ إِلَيَّ، فَنَادَيْتُ: يَا أَرْحَمَ
الرَّاحِمِينَ، فَفَعَلَ [1] ذَلِكَ ثَلاثًا، فَإِذَا
أَنَا بِفَارِسٍ عَلَى فَرَسٍ فِي يَدِهِ حَرْبَةُ
حَدِيدٍ، فِي رَأْسِهَا شُعْلَةٌ مِنْ نَارٍ، فَطَعَنَهُ
بِهَا. فَأَنْفَذَهُ مِنْ ظَهْرِهِ، فَوَقَعَ مَيِّتًا،
ثُمَّ قَالَ لِي: لَمَّا دَعَوْتَ الْمَرَّةَ الأُولَى يَا
أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ كُنْتُ فِي السَّمَاءِ
السَّابِعَةِ، فَلَمَّا دَعَوْتُ فِي الْمَرَّةِ
الثَّانِيَةِ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ كُنْتُ فِي
السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَلَمَّا دَعَوْتَ فِي الْمَرَّةِ
الثَّالِثَةِ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ أَتَيْتُكَ.
(844) زيد بن خارجة بن زيد بن أبي زهير بن مالك،
من بني الحارث بن الخزرج. روى عن النبي صلى الله عليه وسلم
في الصلاة عليه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو
الذي تكلم بعد الموت، لا يختلفون [2] في ذَلِكَ، وذلك أنه
غشي عليه قبل موته، وأسري بروحه، فسجى عليه بثوبه، ثم
راجعته نفسه، فتكلم بكلام حفظ عنه في أبي بكر، وعمر،
وعثمان، ثم مات في حينه. روى حديثه هذا ثقات الشاميين عن
النعمان بن بشير، ورواه ثقات الكوفيين، عن يزيد بن النعمان
بن بشير، عَنْ أَبِيهِ. ورواه يَحْيَى بن سعيد الأنصاري،
عن سعيد بن المسيب.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ
الْمُؤْمِنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بن محمد،
__________
[1] في أ: فعل. وفي ت: فقال.
[2] في أسد الغابة: وهو الّذي تكلم بعد الموت في أكثر
الروايات، وهو الصحيح (2- 237) .
(2/547)
قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ
إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ،
قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ابن مَسْلَمَةَ بْنِ
قَعْنَبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بلال، عن
يحيى، عن سعيد ابن الْمُسَيِّبِ، أَنَّ زَيْدَ بْنَ
خَارِجَةَ الأَنْصَارِيَّ، ثُمَّ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ
بْنِ الْخَزْرَجِ.
تُوُفِّيَ زَمَنَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، فَسُجِّيَ
بِثَوْبٍ، ثُمَّ إِنَّهُمْ سَمِعُوا جَلْجَلَةً فِي
صَدْرِهِ، ثُمَّ تَكَلَّمَ فَقَالَ: أحمد أحمد في الكتاب
[الأول [1]] . صدق صَدَقَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ،
الضَّعِيفُ فِي نَفْسِهِ، الْقَوِيُّ فِي أَمْرِ اللَّهِ،
كَانَ ذَلِكَ فِي الكتاب الأول. صدق صَدَقَ عُمَرُ بْنُ
الْخَطَّابِ الْقَوِيُّ الأَمِينُ فِي الكتاب الأول. صدق
صَدَقَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ عَلَى مِنْهَاجِهِمْ،
مَضَتْ أَرْبَعُ سِنِينَ وَبَقِيَتِ اثْنَتَانِ [2] ،
أَتَتِ الْفِتَنُ، وَأَكَلَ الشديد الضعيف، وقامت الساعة،
وسيأتيكم خبر بئر أريس وما بئر أَرِيسٍ [3] .
قَالَ يَحْيَى بن سعيد: قَالَ سعيد بن المسيب: ثم هلك رجل
من بني خطمة فسجى بثوب فسمعوا جلجلة في صدره، ثم تكلم
فَقَالَ: إن أخا بني الحارث بن الخزرج صدق صدق.
وكانت وفاته في خلافة عثمان، وقد عرض مثل قصته لأخي ربعي
بن خراش أيضا.
أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا
إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي، قَالَ: حَدَّثَنَا
عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ
بْنُ عُيَيْنَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ
عُمَيْرٍ، يَقُولُ: حَدَّثَنِي ربعي بن خراش قال: مات لي
__________
[1] ليس في ت، وهو في أ.
[2] في أ، ت: سنتان.
[3] في ياقوت: بئر بالمدينة ثم بقباء مقابل مسجدها.
(2/548)
أَخٌ كَانَ أَطْوَلَنَا صَلاةً،
وَأَصْوَمَنَا فِي الْيَوْمِ الْحَارِّ، فَسَجَّيْنَاهُ
وَجَلَسْنَا عِنْدَهُ، فَبَيَّنَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ
كَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ، ثُمَّ قَالَ: السَّلامُ عَلَيْكُمْ،
قُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ! أَبَعْدَ الْمَوْتِ! قَالَ:
إِنِّي لَقِيتُ رَبِّي فَتَلَقَّانِي بِرَوْحٍ وَرَيْحَانٍ
وَرَبٍّ غَيْرِ غَضْبَانَ، وَكَسَانِي ثِيَابًا خُضْرًا
مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ، وَأَسْرَعُوا بِي إِلَى
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
فَإِنَّهُ قَدْ أَقْسَمَ لا يَبْرَحُ حَتَّى أُدْرِكَهُ
أَوْ آتِيهِ، وَإِنَّ الأَمْرَ أَهْوَنُ مِمَّا
تَذْهَبُونَ إِلَيْهِ فَلا تَغْتَرُّوا. وَايْمُ اللَّهِ
كَأَنَّمَا كَانَتْ نَفْسُهُ حَصَاةً، ثُمَّ أُلْقِيَتْ
فِي طَسْتٍ.
قَالَ علي: وقد روى هذا الحديث عن عبد الملك بن عمير غير
واحد، ومنهم جرير بن عبد الحميد، وزكريا بن يَحْيَى بن
عمارة. قَالَ علي: ورواه عن ربعي بن خراش حميد بن هلال،
كما رواه عبد الملك بن عمير، ورواه عن حميد بن هلال أيوب
السختياني وعبد الله بن عون، وذكر على الأحاديث عنهم
[كلهم] [1] .
(845) زيد بن خالد الجهنيّ،
اختلف في كنيته وفي وقت وفاته وسنه اختلافا كثيرا، فقيل:
يكنى أبا عبد الرحمن. وقيل: أبا طلحة. وقيل:
أبا زرعة، كان صاحب لواء جهينة يوم الفتح. توفي بالمدينة
سنة ثمان وستين وهو ابن خمس وثمانين. وقيل: بل مات بمصر
سنة خمسين. وهو ابن ثمان وسبعين سنة، وقيل: توفي بالكوفة
في آخر خلافة معاوية، وقيل:
إن زيد بن خالد توفي سنة ثمان وسبعين، وهو ابن خمس وثمانين
سنة. وقيل:
[سنة [1]] اثنتين وسبعين، وهو ابن ثمانين سنة. روى عنه
ابناه خالد
__________
[1] من أ، ت.
(2/549)
وأبو حرب، وروى عنه أبو سلمة بن عبد
الرحمن، وبشر [1] بن سعيد.
(846) زيد بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزي بن رياح بن عبد
الله بن قرط بن رزاح [بن عدي] [2] بن كعب بن لؤي بن غالب
بن فهر القرشي العدوي.
أخو عمر بن الخطاب لأبيه، يكنى أبا عبد الرحمن. أمه أسماء
بنت وهب بن حبيب من بني أسد بن خزيمة. وأم عمر حنتمة بنت
هاشم بن المغيرة المخزومي، كان زيد أسن من عمر، وكان من
المهاجرين الأولين، أسلم قبل عمر، وآخى رَسُول اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بينه وبين معن بن عدي
العجلاني، حين آخى بين المهاجرين والأنصار بعد قدومه
المدينة، فقتلا باليمامة شهيدين. وكان زيد بن الخطاب طويلا
بائن الطول أسمر، شهد بدرا وأحدا والخندق وما بعدها من
المشاهد، وشهد بيعة الرضوان بالحديبية، ثم قتل باليمامة
شهيدا سنة اثنتي عشرة، وحزن عليه عمر حزنا شديدا.
ذكر أبو زرعة الدمشقي في باب الإخوة من تاريخه قَالَ:
أخبرني محمد بن أبي عمر، قَالَ: سمعت سفيان بن عيينة يقول:
قتل زيد بن الخطاب باليمامة، فوجد عليه عمر وجدا شديدا.
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: وَشَهِدْتُ أَبَا مُسْهِرٍ يُمْلِي
عَلَى يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ قَالَ: حَدَّثَنَا صَدَقَةُ
بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ عمر ابن
الْخَطَّابِ: مَا هَبَّتِ الصَّبَا إِلا وَأَنَا أَجِدُ
مِنْهَا رِيحَ زَيْدٍ. وروى نافع عن ابن عمر قَالَ: قَالَ
عمر لأخيه زيد يوم أحد: خذ درعي. قَالَ: إني أريد من
الشهادة ما تريد، فتركاها جميعا.
__________
[1] في ى: بسر.
[2] من أ، ت، والطبقات.
(2/550)
وكانت مع زيد راية المسلمين يوم اليمامة،
فلم يزل يتقدم بها في نحر العدو، ويضارب بسيفه حتى قتل
رحمه الله، ووقعت الراية فأخذها سالم بن معقل مولى أبي
حذيفة.
وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْوَاقِدِيُّ قَالَ:
حَدَّثَنِي الْحِجَّافُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مِنْ
وَلَدِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ
زَيْدُ بْنُ الْخَطَّابِ يَحْمِلُ رَايَةَ الْمُسْلِمِينَ
يَوْمَ الْيَمَامَةِ، وَقَدِ انْكَشَفَ الْمُسْلِمُونَ
حَتَّى غَلَبَتْ حَنِيفَةُ عَلَى الرِّجَالِ، فَجَعَلَ
زَيْدٌ يَقُولُ: أَمَّا الرِّجَالُ فَلا رِجَالَ [وَأَمَّا
الرِّجَالُ فَلا رِجَالَ [1]] ثُمَّ جَعَلَ يَصِيحُ
بِأَعْلَى صَوْتِهِ: اللَّهمّ إِنِّي أَعْتَذِرُ إِلَيْكَ
مِنْ فِرَارِ أَصْحَابِي، وَأَبْرَأُ إِلَيْكِ مِمَّا
جَاءَ بِهِ مُسَيْلَمَةُ وَمُحَكِّمُ بْنُ الطُّفَيْلِ،
وَجَعَلَ يُشِيرُ بِالرَّايَةِ يَتَقَدَّمُ بِهَا فِي
نَحْرِ الْعَدُوِّ، ثُمَّ ضَارَبَ بِسَيْفِهِ حَتَّى
قُتِلَ، وَوَقَعَتِ الرَّايَةُ، فَأَخَذَهَا سَالِمٌ
مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ:
يا سالم، إنا نخاف أن تؤتى مِنْ قِبَلِكَ! فَقَالَ: بِئْسَ
حَامِلُ الْقُرْآنِ أَنَا إِنْ أَتَيْتُمْ مِنْ قِبَلِي.
وزيد بن الخطاب هو الذي قتل الرجال [2] بن عنفوة. وقيل
عفوة، واسمه نهار بن عنفوة، وكان قد هاجر، وقرأ القرآن ثم
سار إلى مسيلمة مرتدا، وأخبره أنه سمع رَسُول اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يشركه في الرسالة، فكان
أعظم فتنة على بني حنيفة.
وروى عن أبي هريرة، قَالَ: جلست مع رَسُول اللَّهِ صلّى
الله عليه وسلم
__________
[1] من أ، ت.
[2] في أ، ت: الرجال.
(2/551)
في رهط، ومعنا الرجال بن عنفوة، فَقَالَ:
إن فيكم لرجلا ضرسه في النار مثل أحد. فهلك القوم، وبقيت
أنا والرجال بن عنفوة، فكنت متخوفا لها حتى خرج الرجال مع
مسيلمة، وشهد له بالنبوة. وقتل يوم اليمامة، قتله زيد ابن
الخطاب.
وَذَكَرَ خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا
مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ، عَنِ ابْنِ عَوْفٍ، عَنْ مُحَمَّدِ
بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ أَبَا
مَرْيَمَ الْحَنَفِيَّ قَتَلَ زَيْدَ بْنَ الْخَطَّابِ
يَوْمَ الْيَمَامَةِ، قَالَ: وَقَالَ أَبُو مَرْيَمَ
لِعُمَرَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ اللَّهَ
أَكْرَمَ زَيْدًا بِيَدِي وَلَمْ يُهِنِّي بِيَدِهِ.
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ:
حَدَّثَنَا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنِ الْحَسَنِ،
قَالَ:
كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ أَبَا مَرْيَمَ الْحَنَفِيَّ
قَتَلَ زَيْدَ بْنَ الْخَطَّابِ.
قَالَ: وأنبأنا علي بن محمد أبو الحسن، عن أبي خزيمة [1]
الحنفي، عن قيس بن طلق، قَالَ: قتله سلمة بن صبيح ابن عم
أبي مريم.
قَالَ أبو عمر رحمه الله: النفس أميل إلى هذا، لأن أبا
مريم لو كان قاتل زيد ما استقضاه عمر، والله أعلم.
وقد كان مالك يقول: أول من استقضى معاوية، وينكر أن يكون
استقضى أحد من الخلفاء الأربعة. وهذا عندنا محمول على
حضرتهم، لا على ما نأى عنهم، وأمروا عليه من أعمالهم
غيرهم، لأن استقضاء عمر لشريح على الكوفة أشهر عند علمائها
من كل شهرة وصحة.
__________
[1] هكذا في ى، ت وفي أ: عن ابن خزيمة.
(2/552)
ولما قتل زيد بن، الخطاب، ونعي إلى أخيه
عمر قَالَ: رحم الله أخي، سبقني إلى الحسنيين، أسلم قبلي،
واستشهد قبلي.
وَقَالَ عمر لمتمم بن نويرة حين أنشده مراثيه في أخيه: لو
كنت أحسن الشعر لقلت في أخي زيد مثل ما قلت في أخيك.
فَقَالَ متمم: لو أن أخي ذهب على ما ذهب عليه أخوك ما حزنت
عليه. فَقَالَ عمر: ما عزاني أحد بأحسن مما عزّيتنى به.
(847) زيد بن الدثنة بن معاوية
بن عبيد بن عامر بن بياضة الأنصاري البياضي.
شهد بدرا، وأحدا، وأسر يوم الرجيع مع خبيب بن عدي، فبيع
بمكة من صفوان بن أمية فقتله، وذلك في سنة ثلاث من الهجرة.
(848) زيد بن سراقة بن كعب بن عمرو بن عبد العزي بن خزيمة
بن عمرو ابن عبد عوف بن غنم،
قتل يوم جسر أبى عبيد بالقادسيّة.
(849) زيد بن سعنة.
ويقَالَ: سعية بالياء، والنون أكثر في هذا. كان من أحبار
يهود، أسلم وشهد مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ مشاهد كثيرة، وتوفي في غزوة تبوك مقبلا إلى
المدينة.
روى عنه عبد الله بن سلام، وكان عبد الله بن سلام يقول:
قَالَ زيد بن سعية: ما من علامات النبوة شيء إلا وقد عرفته
في وجه محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وشرف وكرم.
(850) زيد بْن سهل بْن الأسود بْن حرام بن عمرو بن زيد
مناة بن عدي بن عمرو بن مالك بن النجار،
أبو طلحة الأنصاري النجاري، وأمه أيضا من
(2/553)
بني مالك بن النجار، وهي عبادة بنت مالك بن
عدي بن زيد مناة بن عدي ابن عمرو بن مالك بن النجار، وهو
مشهور بكنيته. شهد بدرا.
روى عنه من الصحابة ابن عباس، وأنس، وزيد بن خالد.
رَوَى [1] حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، وعلي بْنِ
زَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ قَرَأَ سُورَةَ
بَرَاءَةَ، فَأَتَى عَلَى قَوْلِهِ عَزَّ وجل: انْفِرُوا
خِفافاً وَثِقالًا 9: 41، فَقَالَ: لا أَرَى رَبَّنَا إِلا
اسْتَنْفَرَنَا [2] شُبَّانًا وشيوخا، يا بنىّ، جهّزونى
جَهِّزُونِي.
فَقَالُوا لَهُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ. قَدْ غَزَوْتَ مع
رسول الله صلى الله عليه وسلم حَتَّى مَاتَ، وَمَعَ أَبِي
بَكْرٍ حَتَّى مَاتَ، وَمَعَ عُمَرَ حَتَّى مَاتَ،
فَدَعْنَا نَغْزُ عَنْكَ. قَالَ: لا، جَهِّزُونِي. فَغَزَا
الْبَحْرَ، فَمَاتَ فِي الْبَحْرِ فَلَمْ يَجِدُوا لَهُ
جَزِيرَةً يَدْفِنُونَهُ بِهَا إِلا بَعْدَ سَبْعَةِ
أَيَّامٍ، فَدَفَنُوهُ بِهَا، وَهُوَ لَمْ يَتَغَيَّرْ.
قَالَ أبو عمر: يقَالُ: أن أبا طلحة توفي سنة إحدى
وثلاثين. وقيل:
سنة اثنتين وثلاثين. وَقَالَ أبو زرعة: عاش أبو طلحة
بالشام بعد موت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أربعين سنة يسرد الصيام. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ:
سَمِعْتُ أَبَا نُعَيْمٍ يَذْكُرُ ذَلِكَ عَنْ حَمَّادِ
بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسٍ
أَنَّهُ- يَعْنِي أَبَا طَلْحَةَ- سَرَدَ الصَّوْمَ بَعْدَ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعِينَ
سَنَةً.
وهذا خلاف بين لما تقدم. وَقَالَ المدائني: مات أبو طلحة
سنة إحدى وخمسين.
__________
[1] في ت: وروى عنه حماد.
[2] في أ، ت: يستغفرنا.
(2/554)
حدثنا سعيد بن نصر، قال: حدثنا قاسم بْنُ
أَصْبَغَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ:
حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ حَدَّثَنَا
شُعْبَةُ.
قَالَ: حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا
يَقُولُ: كَانَ أَبُو طَلْحَةَ لا يَكَادُ يَصُومُ فِي عهد
رسول الله صلى الله عليه وسلم مِنْ أَجْلِ الْغَزْوِ،
فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا رَأَيْتُهُ مُفْطِرًا إِلا يَوْمَ
فِطْرٍ وَأَضْحَى [1] وَقَالَ سفيان بن عيينة:
اسمه زيد بن سهل وهو القائل:
أنا أبو طلحة واسمي زيد ... وكل يوم في سلاحي صيد
وأبو طلحة هذا هو ربيب أنس بن مالك، خلف بعد أبيه مالك بن
النضر على أمه أم سليم بنت ملحان، فولد له منها عبد الله
بن أبي طلحة، والد إسحاق وإخوته.
(851) زيد بن الصامت،
أبو عياش الزرقي الأنصاري، هو مشهور بكنيته، حجازي. وقد
اختلف في اسمه، وهذا أصح ما قيل فيه، إن شاء الله تعالى،
وهو مذكور في الكنى بأتم من هذا.
(852) زيد بن صوحان بن حجر [بن
الحارث [2]] بن الهجرس، العبدي،
أخو صعصعة وسيحان، كان مسلما على عهد النبي صلى الله عليه
وَسَلَّمَ، يكنى أبا سليمان. ويقَالَ: أبا سلمان. ويقَالَ:
أبا عائشة، لا أعلم له عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ رواية، وإنما يروى عن عمر، وعلي، روى عنه أبو
وائل. قتل يوم الجمل. ذكره محمد بن السائب الكلبي عن
أشياخه في تسمية من شهد الجمل،
__________
[1] في أ، ت: أو.
[2] ليس في أ، ت. وهو في أسد الغابة.
(2/555)
فَقَالَ: وزيد بن صوحان العبدي، وكان قد
أدرك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وصحبه، هكذا
قَالَ. ولا أعلم له صحبة، ولكنه ممن أدرك النبي صلى الله
عليه وسلم، بسنه مسلما، وكان فاضلا دينا، سيدا في قومه هو
وإخوته.
روى حماد بن زيد، عن أيوب، عن حميد بن هلال. قَالَ: أرتث
زيد بن صوحان يوم الجمل، فَقَالَ له أصحابه: هنيئا لك يا
أبا سليمان الجنة. فَقَالَ. وما يدريكم؟
غزونا القوم في ديارهم وقتلنا إمامهم، فيا ليتنا إذ ظلمنا
صبرنا، ولقد مضى عثمان على الطريق.
وروى العوام بن حوشب، عن أبي معشر، عن الحي الذي كان فيهم
زيد ابن صوحان قَالَ: لما أوصى قالوا له: أبشر يا أبا
عائشة. روى عنه من وجوه أنه قَالَ: شدوا على ثيابي، ولا
تنزعوا عنى ثوبا، ولا تغسلوا دما، فإني رجل مخاصم. أو
قَالَ: فإنا قوم مخاصمون.
وكانت بيده راية عبد القيس يوم الجمل. وَرَوَى قُتَيْبَةُ
بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ
أَبِي قُدَامَةَ، قَالَ: كُنْتُ فِي جَيْشٍ عَلَيْهِمْ
سَلْمَانُ، فَكَانَ زيد بن صوحان يؤمّهم بأمره بدون سلمان.
وروى من وجوه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مسيرة له،
فبينما هو يسير إذ هوم فجعل يقول: زيد وما زيد! جندب وما
جندب! فسئل عن ذَلِكَ فَقَالَ:
رجلان من أمتي، أما أحدهما فتسبقه يده، أو قَالَ: بعض جسده
إلى الجنة، ثم يتبعه سائر جسده. وأما الآخر فيضرب ضربة
يفرق بها بين الحق والباطل. قَالَ أبو عمر: أصيبت يد زيد
يوم جلولاء، ثم قتل يوم الجمل مع على ابن أبى طالب.
(2/556)
وجندب قاتل الساحر قد ذكرناه في بابه من
هذا الكتاب.
وروى إسماعيل بن علية، عن أيوب، عن محمد بن سيرين، قَالَ:
أنبئت أن عائشة أم المؤمنين سمعت كلام خالد يوم الجمل،
فقالت: خالد بن الواشمة؟
قَالَ: نعم. قالت: أنشدك الله أصادقي أنت إن سألتك؟ قلت:
نعم، وما يمنعني أن أفعل؟ قالت: ما فعل طلحة؟ قلت: قتل،
قالت: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ. 2: 156
ثم قالت: ما فعل الزبير؟ قلت: قتل. قالت: إِنَّا لِلَّهِ
وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ. 2: 156 قلت: بل نحن للَّه
ونحن إليه راجعون [1] ، على زيد وأصحاب زيد. قالت: زيد ابن
صوحان؟ قلت: نعم. فقالت: له خيرا. فقلت: والله لا يجمع
الله بينهما في الجنة أبدا. قالت: لا تقل، فإن رحمة الله
واسعة، وهو على كل شيء قدير.
(853) زيد بن عاصم بن كعب بن
منذر بن عمرو بن عوف بن مبذول بن عمرو ابن غنم بن مازن بن
النجار المازني الأنصاري،
كان ممن شهد العقبة، وشهد بدرا، ثم شهد أحدا مع زوجته أم
عمارة، ومع ابنيه حبيب بن زيد، وعبد الله بن زيد، أظنه
يكنى أبا حسن.
(854) زيد بن عبد الله
الأنصاري،
روى عنه، قَالَ: عرضنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم
الرقية من الحمى، فأذن لنا. روى عنه الحسن البصري.
(855) زيد بن عمر [2] العبديّ.
له صحبة.
__________
[1] في أ: وإنا إليه راجعون.
[2] في أ، ت: عمير.
(2/557)
(856) زيد بن كعب
البهزي،
ثم السلمي، صاحب الظبي الحاتف [1] ، وكان صائده، روى عنه
عمير بن سلمة.
(857) زيد بن مربع الأنصاري،
من بني حارثة، قَالَ يزيد بن شيبان: أتانا ابن مربع- يعنى
في الحج- فَقَالَ: أنا رسول [2] رَسُول اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عليه وسلم.
يقول: كونوا على مشاعركم، فإنكم على إرث من إرث إبراهيم
عليه السلام.
قَالَ أحمد بن زهير: سمعت يحيى بن معين، وأحمد بن حنبل
يقولان:
ابن مربع اسمه زيد، ولزيد بن مربع إخوة ثلاثة: عبد الله،
وعبد الرحمن، ومرارة، وقيل: إن ابن مربع هذا لَيْسَ بأخ
لهم. وقد قيل: إن ابن مربع هذا اسمه عبد الله.
(858) زيد بن المزين [3]
الأنصاري البياضي،
شهد بدرا، وأحدا، ذكره محمد بن إسحاق، وموسى بن عقبة، وعبد
الله بن محمد بن عمارة الأنصاري المعروف بابن القداح.
وَقَالَ الواقدي: يزيد بن المزين. وكذلك قَالَ أبو سعيد
السكري.
قَالَ أبو عمر: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد آخى
بينه وبين مسطح ابن أثاثة حين آخى بين المهاجرين والأنصار
إذ قدموا المدينة.
__________
[1] ظبى حائف: نائم.
[2] في أ، م: أتانا النبي. وفي أسد الغابة: أنا رسول الله
إليكم: يقول: كونوا ...
(2- 240) .
[3] في أسد الغابة: المزين. بضم الميم وتشديد الياء. وفي
أصل طاهر من السيرة: مزين- بكسر الميم وتخفيف الياء. وضبطه
الدار قطنى: مزين- بضم الميم وفتح الزاى وتسكين الياء.
ومثله قال ابن ماكولا (2- 241) .
(2/558)
(860) زيد بن وديعة بن عمرو بن قيس بن جزي
بن عدي بن مالك بن سالم الحبلي،
ذكره موسى بن عقبة فيمن شهد بدرا من بني عوف بن الخزرج،
وذكره غيره فيمن شهد بدرا، وأحدا.
(861) زيد بن وهب الجهني،
أدرك الجاهلية، يكنى أبا سليمان، وكان مسلما على عهد
رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ورحل
إليه في طائفة من قومه فبلغته وفاته في الطريق، وهو معدود
في كبار التابعين بالكوفة.
(862) زيد الخيل،
هو زيد بن مهلهل بن زيد منهب الطائي، قدم على رَسُول
اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم في وفد طيِّئ سنة تسع،
وأسلم، وسمّاه رسول اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زيد الخير،
وَقَالَ له: ما وصف لي أحد في الجاهلية فرأيته في الإسلام
إلا رأيته دون الصفة غيرك، وأقطع له أرضين في ناحيته.
يكنى أبا مكنف، وكان له ابنان مكنف، وحريث. وقيل فيه:
حارث. أسلما وصحبا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، وشهدا قتال الردة مع خالد ابن الوليد، وكان زيد
الخيل شاعرا محسنا خطيبا لسنا شجاعا بهمة [1] كريما، وكان
بينه وبين كعب بن زهير هجاء، لأن كعبا اتهمه بأخذ فرس له.
قيل: مات زيد الخيل منصرفه من عند النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ محموما، فلما وصل إلى بلده مات. وقيل:
[بل] [2] مات في آخر خلافة عمر، وكان قبل إسلامه قد أسر
عامر بن الطفيل وجزّ ناصيته.
(863) زيد [أبو يسار] [3]
مولى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
سمع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في
الاستغفار. روى حديثه ابنه يسار بن زيد.
__________
[1] في ى: همة. وهو تحريف. والمثبت من أ، م. والبهمة:
الشجاع
[2] من أ، م.
[3] ليس في أ، م.
(10- استيعاب- ثاني)
(2/559)
وليسار بن زيد ابن يسمى بلالا. رَوَى عَنْ
أَبِيهِ يَسَارٍ عَنْ جَدِّهِ زَيْدٍ أَنَّهُ سمع النبي
صلى الله عليه وسلم يقول: مَنْ قَالَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ
الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ
وَأَتُوبُ إِلَيْهِ غُفِرَ لَهُ. قَالَ الْبُخَارِيُّ:
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ حَدَّثَنَا
حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الشَّنِّيُ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ
عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ- سَمِعْتُ بِلالَ بْنَ يَسَارٍ.
باب الأفراد في الزاي
(864) زائدة بن حوالة العنزي،
ويقَالَ بريدة [1] بن حوالة، روى عنه عبد الله ابن شقيق.
(865) زبّان بن قيسور الكلفي
ويقال: زبان بن قسور. [ويقال زبان بن قيسور [2]] قَالَ:
رأيت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وهو نازل بوادي الشوحط، حديثه غريب فيه ألفاظ من الغريب
كثيرة، وهو عند إبراهيم بن سعد عن ابن إسحاق عن يَحْيَى بن
عروة بن الزبير عَنْ أَبِيهِ، وهو حديث ضعيف الإسناد
لَيْسَ دون إبراهيم بن سعد بن يحتج به، وهو عندهم منكر.
(866) الزبرقان بن بدر بن امرئ
القيس بن خلف بن بهدلة بن عوف بن كعب بن سعد بن زيد مناة
بن تميم البهدلي السعدي التميمي،
يكنى أبا عياش، وقيل: يكنى أبا سدرة [3] . وفد على رَسُول
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قومه، وكان
أحد ساداتهم، فأسلموا، وذلك في سنة تسع، فولاه رَسُول الله
صلّى الله عليه وسلم
__________
[1] في أ، ت: مزيدة. وأسد الغابة مثل ى.
[2] ليس في أ، ت. وفي أسد الغابة: قال ابن ماكولا: ذكره
عبد الغنى ويحيى بن على الحضرميّ في زبار آخره راء. وقال
الدار قطنى: آخره نون (1- 193) .
[3] هكذا في ى، وأسد الغابة. وفي أ، ت: شذرة.
(2/560)
صدقات قومه، وأقره أبو بكر، وعمر على
ذَلِكَ، وله في ذَلِكَ اليوم من قوله بين يدي رسول الله
صلى الله عليه وسلم مفاخرا:
نحن الملوك فلا حي يقاومنا [1] ... فينا العلاء وفينا تنصب
البيع
ونحن نطعمهم في القحط ما أكلوا ... من العبيط إذا لم يونس
القزع [2]
وننحر الكوم عبطا في أرومتنا ... للنازلين إذا ما أنزلوا
شبعوا
تلك المكارم حزناها مقارعة ... إذا الكرام على أمثالها
اقترعوا
وأجابه عليها حسان فأحسن، وأجاب خطيبهم ثابت بن قيس يومئذ
فقرعهم، وخبرهم مشهور بذلك عند أهل السير موجود في كتبهم
وفي كتب جماعة من أصحاب الأخبار، وقد اختصرناه في باب حسان
بن ثابت.
وقيل: إن الزبرقان بن بدر اسمه الحصين بن بدر، وإنما سمي
الزبرقان لحسنه، شبه بالقمر، لأن القمر يقَالُ له
الزبرقان.
قَالَ الأصمعي: الزبرقان القمر، والزبرقان الرجل الخفيف
اللحية.
وقد قيل: إن اسم الزبرقان بن بدر القمر بن بدر، والأكثر
على ما قدمت لك، وقيل: بل سمي الزبرقان، لأنه لبس عمامة
مزبرقة بالزعفران، والله أعلم.
وفي الزبرقان يقول رجل من النمر بن قاسط في كلمة يمدح بها
الزبرقان وأهله.
وقيل: إنه الحطيئة، والأول أصح [3] :
تقول حليلتي لما التقينا ... ستدركنا [4] بنو القرم الهجان
سيدركنا بنو القمر بن بدر ... سراج الليل للشمس الحصان
__________
[1] في أ، ت: يقاربنا.
[2] القزع: قطع من السحاب رقاق (اللسان) .
[3] الأغاني: 2- 190.
[4] في أ، ت: سيدركنا.
(2/561)
فقلت أدعى وأدعو إن أندى ... لصوت أن ينادي
داعيان
فمن يك سائلا عني فإني ... أنا النمري جار الزبرقان
وفي إقبال الزبرقان إلى عمر بصدقات قومه لقيه الحطيئة وهو
سائر ببنيه وأهله إلى العراق فرارا من السنة وطلبا للعيش،
فأمره الزبرقان أن يقصد داره، وأعطاه أمارة يكون بها ضيفا
له حتى يلحق به، ففعل الحطيئة، ثم هجاه بعد ذلك بقوله:
دع المكارم لا ترحل لبغيتها ... واقعد فإنك أنت الطاعم
الكاسي
فشكاه الزبرقان إلى عمر، فسأل عمر حسان بن ثابت عن قوله
هذا، فقضى أنه هجو له وضعة منه، فألقاه عمر بن الخطاب لذلك
في مطمورة حتى شفع له عبد الرحمن بن عوف والزبير، فاطلقه
بعد أن أخذ عليه العهد، وأوعده ألا يعود لهجاء أحد أبدا،
وقصته هذه مشهورة عند أهل الأخبار ورواة الأشعار فلم أر
لذكرها وجها.
(867) زبيب بن ثعلبة [بن عمرو
[1]] العنبري،
من بني العنبر بن عمرو بن تميم، يقَالُ له: زبيب بالباء،
وزنيب بالنون، كان ينزل البادية على طريق الناس إلى مكة من
الطائف ومن البصرة، حديثه عند عمار بن شعيث بن عبد الله
[2] بن زبيب، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ زبيب، عن النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قضى باليمين مع
الشاهد، لم يرو عنه غير ابنه عبد الله بن زبيب، ويقَالَ
له: عبيد الله بن الزبيب.
وله حديث حسن قَالَ: بعث رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جيشا إلى بني العنبر، فأخذوهم بركية من
ناحية الطائف، فاستاقوهم إلى نبيّ الله صلّى الله
__________
[1] ليس في أ، ت، والتقريب مثل ى.
[2] في التقريب: عبيد الله.
(2/562)
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ الزبيب: فركبت
بكرة من أهلي، فسبقتهم إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ بثلاثة أيام، فقلت: السلام عليك يا نبي الله
ورحمة الله وبركاته، أتانا جندك فأخذونا وقد كنا أسلمنا
وخضرمنا [1] آذان النعم. وذكر تمام الخبر، وفيه: إنه شهد
له شاهد على إسلامهم فأحلفه مع شاهده، ورد إليهم ذراريهم
ونصف أموالهم.
(868) الزراع بن عامر العبدي،
أبو الوازع بن عبد القيس، حديثه عند البصريين، ويقَالَ له
الزارع بن الزارع، والأول أولى بالصواب. وله ابن يسمى
الوازع، وبه كان يكنى، روت عنه بنت ابنه أم أبان بنت
الوازع عن جدها الزارع حديثا حسنا ساقته بتمامه وطوله
سياقة حسنة.
(869) زر بن حبيش بن حباشة بن
أوس بن هلال،
أو بن بلال [2] الأسدي، من بني أسد بن خزيمة، يكنى أبا
مريم، وقيل: يكنى أبا مطرف، أدرك الجاهلية ولم ير النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو من جلّة التابعين
من كبار أصحاب ابن مسعود، أدرك أبا بكر، وعمر، وروى عن عمر
وعلي، وروى عنه الشعبي، وإبراهيم النخعي، وكان عالما
بالقرآن قارئا فاضلا، توفي سنة ثلاث وثمانين وهو ابن مائة
سنة وعشرين سنة، يعد في الكوفيين.
وقيل: إنه مات سنة إحدى وثمانين، والأول أصح، لأنه مات
بدير الجماجم، وكانت وقعة الجماجم في شعبان سنة ثلاث
وثمانين.
قَالَ أبو عبيدة: إنما قيل له دير الجماجم لأنه كان يعمل
به أقداح من خشب.
[روى أبو بكر بن عياش عن عاصم بن بهدلة] [3] قال: كان زرّ
بن حبيش أكبر
__________
[1] خضر منا آذان النعم: قطعناها، وكان أهل الجاهلية
يخضرمون آذان نعمهم، فلما جاء الإسلام أمرهم النبي صلّى
الله عليه وسلم أن يخضرموا في غير الموضع الّذي خضرم فيه
الجاهلية.
[2] في ى: أبو بلال. وهو تحريف صوابه من ت، وتهذيب
التهذيب.
[3] ليس في ت، وهو في أ.
(2/563)
من أبي وائل، فكانا إذا جاءا جميعا لم يحدث
أبو وائل مع زر، وَقَالَ إسماعيل ابن أبي خالد: رأيت زر بن
حبيش في المسجد يختلج لحياه من الكبر، وهو يقول: أنا ابن
عشرين ومائة سنة، ذكره ابن إدريس عن ابن أبي خالد، وَقَالَ
هشيم: عاش زر بن حبيش مائة واثنتين وعشرين سنة، قَالَ ابن
معين: قلت لهشيم: من ذكره؟ قَالَ: إسماعيل بن أبي خالد.
(870) زكرة بن عبد الله،
سمع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: لو
أعرف قبر يَحْيَى بن زكريا لزرته، وهو حديث لَيْسَ إسناده
بالقوى.
(871) زمل،
ويقَالَ زميل بن ربيعة الضني، ثم العذري، له خبر في إعلام
النبوة من رواية أهل الأخبار، وقدم على رَسُول اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وآمن به، وعقد له رسول
الله صلى الله عليه وسلم لواء على قومه، وكتب له كتابا،
ولم يزل معه ذَلِكَ اللواء حتى شهد به صفين مع معاوية،
وقتل يوم مرج راهط.
وَقَالَ ابن الكلبي: هو زمل بن عمرو بن العنز بن خشاف [1]
بن خديج ابن واثلة [بن حارثة [2]] بن هند بن حرام بن ضنة
العذري، وذكر خبره كما ذكرنا سواء، وكذلك ذكره الطبري ومن
كتابه أخذه، والله أعلم.
(872) زنباع الجذامي،
وهو زنباع بن روح، يكنى أبا روح بابنه روح بن عدي، قدم على
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَدَّثَنَا
سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ
أَصْبَغَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ،
قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ،
قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ السلام بن حرب، حدثنا إسحاق ابن عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ، عَنْ سَلامَةَ بْنِ رَوْحِ
بْنِ زِنْبَاعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جده،
__________
[1] في أ: الخشاف. وت مثل ى.
[2] من أ، ت.
(2/564)
إنه قدم على النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ
وَقَدْ خَصَى غُلامًا لَهُ فَأَعْتَقَهُ النَّبِيُّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمُثْلَةِ.
(873) زهرة بن جوية التميمي،
هكذا قَالَ ابن إسحاق جوية بالجيم فيما روى عنه إبراهيم بن
سعد، وَقَالَ سيف بن عمر: زهرة بن حوية بالحاء، ونسبه
فَقَالَ:
زهرة بن حوية بن عبد الله بن قتادة، ورفع في نسبه إلى سعد
بن زيد مناة ابن تميم، وَقَالَ: كان وفد على النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفده إليه ملك هجر قَالَ:
وكان على مقدمة الجيش [1] في القادسية في قتال الفرس.
قَالَ أبو عمر: لا أعلم له رواية، وذكره مع سعد في
القادسية ذكر جميل، كان سعد يرسله للغارة واتباع الفرس،
وهو الذي قتل جالينوس، وأخذ سلبه.
وقيل: بل قتله كثير بن شهاب، وبالقادسية قتل زهرة هذا.
(874) زيادة بن جهور اللخمي
، قَالَ: ورد على كتاب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رَسُول اللَّهِ إلى زيادة
بن جهور، أما بعد فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو
... الحديث.
__________
[1] في ت: وكان على مقدمة سعد. وفي أ: وكان على مقدمته.
(2/565)
|