سير أعلام
النبلاء، ط الرسالة فَصْلٌ فِي بَقِيَّةِ كُبَرَاءِ
الصَّحَابَةِ.
61 - عُثْمَانُ بنُ حُنَيْفِ بنِ وَاهِبٍ الأَنْصَارِيُّ *
(ت، س، ق)
ابْنِ عُكَيْمِ بنِ ثَعْلَبَةَ بنِ الحَارِثِ بنِ
مَجْدَعَةَ بنِ عَمْرِو بنِ حَنَشِ بنِ عَوْفِ بنِ عَمْرِو
بنِ عَوْفٍ الأَنْصَارِيُّ، الأَوْسِيُّ، القُبَائِيُّ.
أَخُو سَهْلِ بنِ حُنَيْفٍ، وَوَالِدُ عَبْدِ اللهِ،
وَحَارِثَةَ، وَالبَرَاءِ، وَمُحَمَّدٍ، وَعَبْدِ اللهِ.
وَأُمُّ سَهْلٍ مِنْ جِلَّةِ الأَنْصَارِ.
ابْنُ أَبِي عَرُوْبَةَ: عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي
مِجْلَزٍ:
أَنَّ عُمَرَ وَجَّهَ عُثْمَانَ بنَ حُنَيْفٍ عَلَى
خَرَاجِ السَّوَادِ، وَرَزَقَهُ كُلَّ يَوْمٍ رُبْعَ شَاةٍ
وَخَمْسَةَ دَرَاهِمَ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَمْسَحَ
السَّوَادَ، عَامِرَهُ وَغَامِرَهُ (1) ، وَلاَ يَمْسَحَ
سَبْخَةً، وَلاَ تَلاًّ، وَلاَ أَجَمَةً، وَلاَ
مُسْتَنْقَعَ مَاءٍ.
فَمَسَحَ كُلَّ شَيْءٍ دُوْنَ جَبَلِ حُلْوَانَ (2) ،
إِلَى أَرْضِ العَرَبِ، وَهُوَ أَسْفَلُ الفُرَاتِ،
وَكَتَبَ إِلَى عُمَرَ:
إِنِّي وَجَدْتُ كُلَّ شَيْءٍ بَلَغَهُ المَاءَ غَامِراً
وَعَامِراً
__________
(*) مسند أحمد: 4 / 138، طبقات خليفة: 86، 135، تاريخ
خليفة: 227، التاريخ الكبير: 1 / 210 209، المعارف:
209208، تاريخ الفسوي: 1 / 273، الجرح والتعديل: 4 / 146،
معجم الطبراني: 10 / 9، الاستبصار: 321، الاستيعاب: 3 /
1033، أسد الغابة: 3 / 577، تهذيب الكمال: 909، تاريخ
الإسلام: 2 / 232، مجمع الزوائد: 9 / 371، تهذيب التهذيب:
7 / 113 112، الإصابة: 6 / 386، خلاصة تذهيب الكمال: 259.
(1) الغامر من الأرض: ما لم يزرع.
(2) حلوان: في آخر حدود السواد مما يلي الجبال من بغداد.
(2/320)
سِتَّةً وَثَلاَثِيْنَ أَلْفَ جَرِيْبٍ (1)
، وَكَانَ ذِرَاعُ عُمَرَ الَّذِي ذَرَعَ بِهِ السَّوَادَ
ذِرَاعاً وَقَبْضَةً وَالإِبْهَامَ مُضْجَعَةً.
وَكَتَبَ إِلَيْهِ: أَنِ افْرِضِ الخَرَاجَ عَلَى كُلِّ
جَرِيْبٍ عَامِرٍ أَوْ غَامِرٍ دِرْهَماً وَقَفِيْزاً (2)،
وَافْرِضْ عَلَى الكَرْمِ عَلَى كُلِّ جَرِيْبٍ عَشْرَةَ
دَرَاهِمَ، وَأَطْعِمْهُمُ النَّخْلَ وَالشَّجَرَ،
وَقَالَ: هَذَا قُوَّةٌ لَهُمْ عَلَى عِمَارَةِ
بِلاَدِهِم.
وَفَرَضَ عَلَى المُوْسِرِ ثَمَانِيَةً وَأَرْبَعِيْنَ
دِرْهَماً، وَعَلَى مَنْ دُوْنَ ذَلِكَ أَرْبَعَةً
وَعِشْرِيْنَ دِرْهَماً، وَعَلَى مَنْ لَمْ يَجِدْ شَيْئاً
اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَماً، وَرَفَعَ عَنْهُم الرِّقَّ
بِالخَرَاجِ الَّذِي وَضَعَهُ فِي رِقَابِهِمْ.
فَحُمِلَ مِنْ خَرَاجِ سَوَادِ الكُوْفَةِ إِلَى عُمَرَ
فِي أَوَّلِ سَنَةٍ ثَمَانُوْنَ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ،
ثُمَّ حُمِلَ مِنْ قَابِلٍ مائَةٌ وَعِشْرُوْنَ أَلْفَ
أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَلَمْ يَزَلْ عَلَى ذَلِكَ (3) .
حُصَيْنُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: عَنْ عَمْرِو بنِ
مَيْمُوْنٍ، قَالَ:
جِئْتُ فَإِذَا عُمَرُ وَاقِفٌ عَلَى حُذَيْفَةَ
وَعُثْمَانَ بنِ حُنَيْفٍ، وَهُوَ يَقُوْلُ: تَخَافَانِ
أَنْ تَكُوْنَا حَمَّلْتُمَا الأَرْضَ مَا لاَ تُطِيْقُ.
قَالَ عُثْمَانُ: لَو شِئْتُ لأَضْعَفْتُ عَلَى أَرْضِي.
وَقَالَ حُذَيْفَةُ: لَقَدْ حَمَّلْتُ الأَرْضَ شَيْئاً
هِيَ لَهُ مُطِيْقَةٌ.
فَجَعَلَ يَقُوْلُ: انْظُرَا مَا
__________
(1) الجريب: قطعة من الأرض تقدر بعشرة آلاف ذراع، ونقل عن
قدامة الكاتب: أن الاشل: ستون ذراعا، وضرب الاشل في نفسه
يسمى جريبا، فيكون ذلك ثلاثة آلاف وست مئة ذراع " المصباح
المنير ".
(2) القفيز: مكيال كانوا يكتالون به.
(3) رجاله ثقات إلا أن أبا مجلز واسمه لاحق بن حميد لم
يدرك عمر، فحديثه عنه مرسل.
ورواه ابن أبي شيبة 3 / 217 بنحوه مختصرا من طريق أبي
أسامة، عن سعيد بهذا الإسناد.
ورواه أبو عبيد في " الاموال " ص 86 من طريق محمد بن عبد
الله الأنصاري، عن سعيد ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن أبي
مجلز.
سير 2 / 21
(2/321)
لَدَيْكُمَا، وَاللهِ لَئِنْ سَلَّمَنِي
اللهُ لأَدَعَنَّ أَرَامِلَ العِرَاقِ لاَ يَحْتَجْنَ.
فَمَا أَتَتْ عَلَيْهِ رَابِعَةٌ حَتَّى أُصِيْبَ (1) .
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: قُتِلَ عُثْمَانُ، وَفَارَقَ ابْنُ
كُرَيْزٍ (2) البَصْرَةَ، فَبَعَثَ عَلِيٌّ عَلَيْهَا
عُثْمَانَ بنَ حُنَيْفٍ وَالِياً، فَلَمْ يَزَلْ حَتَّى
قَدِمَ عَلَيْهِ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ، فَقَاتَلَهُمَا
وَمَعَهُ حُكَيْمُ بنُ جَبَلَةَ العَبْدِيُّ، ثُمَّ
تَوَادَعُوا حَتَّى يَقْدَمَ عَلِيٌّ.
ثُمَّ كَانَتْ لَيْلَةٌ ذَاتُ رِيْحٍ وَظُلْمَةٍ،
فَأَقْبَلَ أَصْحَابُ طَلْحَةَ، فَقَتَلُوا حَرَسَ
عُثْمَانَ بنَ حُنَيْفٍ، وَدَخَلُوا عَلَيْهِ، فَنَتَفُوا
لِحْيَتَهُ، وَجُفُوْنَ عَيْنَيْهِ، وَقَالُوا: لَوْلاَ
العَهْدُ لَقَتَلْنَاكَ.
فَقَالَ: إِنَّ أَخِي وَالٍ لِعَلِيٍّ عَلَى المَدِيْنَةِ،
وَلَو قَتَلْتُمُوْنِي لَقَتَلَ مَنْ بِالمَدِيْنَةِ مِنْ
أَقَارِبِ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ.
ثُمَّ سُجِنَ، وَأَخَذُوا بَيْتَ المَالِ.
وَكَانَ يُكْنَى أَبَا عَبْدِ اللهِ.
تُوُفِّيَ: فِي خِلاَفَةِ مُعَاوِيَةَ، وَلَهُ عَقِبٌ.
وَلِعُثْمَانَ حَدِيْثٌ لَيِّنٌ فِي (مُسْنَدِ أَحْمَدَ)
(3).
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه البخاري 7 / 49 في فضائل أصحاب
النبي صلى الله عليه وسلم: باب قصة البيعة والاتفاق على
عثمان بن عفان.
(2) هو عبد الله بن عامر بن كريز ابن خال أمير المؤمنين
عثمان رضي الله عنه، ولي البصرة لعثمان بعد أبي موسى
الأشعري سنة تسع وعشرين.
(3) 4 / 138 وفيه حديثان: الأول حديث الاعمى الذي رد بصره
بالدعاء الذي علمه إياه صلى الله عليه وسلم، وقد فعل ما
أمره به، وهو حديث صحيح، أخرجه أيضا الترمذي (3578)، وابن
ماجة (1385)، وصححه الترمذي، وابن خزيمة، والحاكم 1 / 313،
ووافقه المؤلف على تصحيحه، فما أظن أنه يعنيه هنا.
وأما الحديث الثاني، فهو من طريق ابن لهيعة، حدثنا الحارث
بن يزيد، عن البراء بن عثمان الأنصاري، عن هانئ بن معاويه
الصدفي حدثه، قال: حججت زمان عثمان بن عفان، =
(2/322)
62 - خَبَّابُ بنُ الأَرَتِّ بنِ
جَنْدَلَةَ بنِ سَعْدٍ التَّمِيْمِيُّ * (ع)
ابْنِ خُزَيْمَةَ بنِ كَعْبِ بنِ سَعْدِ بنِ زَيْدِ
مَنَاةَ، مِنْ تَمِيْمٍ، أَبُو يَحْيَى التَّمِيْمِيُّ.
مِنْ نُجَبَاءِ السَّابِقِيْنَ.
لَهُ عِدَّةُ أَحَادِيْثَ.
وَقِيْلَ: كُنْيَتُهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ.
شَهِدَ بَدْراً، وَالمَشَاهِدَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مَسْرُوْقٌ، وَأَبُو وَائِلٍ، وَأَبُو
مَعْمَرٍ، وَقَيْسُ بنُ أَبِي حَازِمٍ، وَعَلْقَمَةُ بنُ
قَيْسٍ، وَعِدَّةٌ.
قِيْلَ: مَاتَ فِي خِلاَفَةِ عُمَرَ، وَصَلَّى عَلَيْهِ
عُمَرُ.
وَلَيْسَ هَذَا بِشَيْءٍ، بَلْ مَاتَ بِالكُوْفَةِ، سَنَةَ
سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ، وَصَلَّى عَلَيْهِ عَلِيٌّ.
وَقِيْلَ: عَاشَ ثَلاَثاً وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
__________
= فجلست في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا رجل
يحدثهم قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما،
فأقبل رجل، فصلى في هذا العمود، فعجل قبل أن يتم صلاته، ثم
خرج، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن هذا لو مات،
لمات وليس من الدين على شيء، إن الرجل ليخفف صلاته، ويتمها
".
قال: فسألت عن الرجل: من هو ؟ فقيل: عثمان بن حنيف
الأنصاري.
وإسناده ضعيف لضعف ابن لهيعة، والراء بن عثمان لم يوثق.
وهو في معجم الطبراني (8310)، وتاريخ الفسوي 1 / 273.
(*) مسند أحمد: 5 / 108 و6 / 395، طبقات ابن سعد: 3 / 164،
طبقات خليفة: 17، 126، تاريخ خليفة: 192، التاريخ الكبير:
3 / 215، المعارف: 316، 317، تاريخ الفسوي: 3 / 167، الجرح
والتعديل: 3 / 395، معجم الطبراني الكبير: 4 / 61،
الاستيعاب: 2 / 437، أسد الغابة: 2 / 114، تهذيب الكمال:
373، تاريخ الإسلام: 2 / 175، العبر: 1 / 43، مجمع
الزوائد: 9 / 298، تهذيب التهذيب: 3 / 134 133، الإصابة: 3
/ 76، خلاصة تذهيب الكمال: 104.
كنز العمال: 13 / 375، شذرات الذهب: 1 / 47.
(2/323)
نَعَمْ، الَّذِي مَاتَ سَنَةَ تِسْعَ
عَشْرَةَ، وَصَلَّى عَلَيْهِ عُمَرُ: هُوَ خَبَّابٌ
مَوْلَى عُتْبَةَ بنِ غَزْوَانَ، صَحَابِيٌّ مُهَاجِرِيٌّ
أَيْضاً.
قَالَ مَنْصُوْرٌ: عَنْ مُجَاهِدٍ:
أَوَّلُ مَنْ أَظْهَرَ إِسْلاَمَهُ: رَسُوْلُ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبُو بَكْرٍ،
وَخَبَّابٌ، وَبِلاَلٌ، وَصُهَيْبٌ، وَعَمَّارٌ.
وَأَمَّا ابْنُ إِسْحَاقَ فَذَكَرَ إِسْلاَمَ خَبَّابٍ
بَعْدَ تِسْعَةَ عَشَرَ إِنْسَاناً، وَأَنَّهُ كَمَّلَ
العِشْرِيْنَ.
الثَّوْرِيُّ: عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي لَيْلَى
الكِنْدِيِّ، قَالَ:
قَالَ عُمَرُ لِخَبَّابٍ: ادْنُه، فَمَا أَحَدٌ أَحَقُّ
بِهَذَا المَجْلِسِ مِنْكَ إِلاَّ عَمَّارٌ.
قَالَ: فَجَعَلَ يُرِيْهِ بِظَهْرِهِ شَيْئاً - يَعْنِي
مِنْ آثَارِ تَعْذِيْبِ قُرَيْشٍ لَهُ - (1).
أَبُو الضُّحَى: عَنْ مَسْرُوْقٍ، عَنْ خَبَّابٍ، قَالَ:
كُنْتُ قَيْناً بِمَكَّةَ، فَعَمِلْتُ لِلعَاصِ بنِ
وَائِلٍ سَيْفاً، فَجِئْتُ أَتَقَاضَاهُ، فَقَالَ: لاَ
أُعْطِيَكَ حَتَّى تَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ.
فَقُلْتُ: لاَ أَكْفُرُ بِمُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى تَمُوْتَ، ثُمَّ تُبْعَثَ.
فَقَالَ: إِذَا بُعِثْتُ كَانَ لِي مَالٌ (2) ، فَسَوْفَ
أَقْضِيْكَ.
فَقُلْتُ ذَلِكَ لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأُنْزِلَتْ : {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي
كَفَرَ بِآيَاتِنَا ...} [مَرْيَمُ (3) : 78].
لِخَبَّابٍ - بِالمُكَرَّرِ -: اثْنَانِ وَثَلاَثُوْنَ
حَدِيْثاً.
وَمِنْهَا: ثَلاَثَةٌ فِي
__________
(1) أخرجه ابن سعد 3 / 165، وابن ماجة (153) في المقدمة،
وإسناده صحيح كما قال البوصيري في " الزوائد ": 12.
(2) في البخاري وابن سعد: وإني لمبعوث من بعد الموت، فسوف
أقضيك.
(3) إسناده صحيح، وهو في " الطبقات " 3 / 164، والبخاري 8
/ 327.
(2/324)
(الصَّحِيْحَيْنِ).
وَانْفَرَدَ لَهُ البُخَارِيُّ بِحَدِيْثَيْنِ، وَمُسْلِمٌ
بِحَدِيْثٍ (1).
63 - سَهْلُ بنُ حُنَيْفٍ أَبُو ثَابِتٍ الأَنْصَارِيُّ
الأَوْسِيُّ * (ع)
العَوْفِيُّ.
وَالِدُ أَبِي أُمَامَةَ بنِ سَهْلٍ، وَأَخُو عُثْمَانَ
بنِ حُنَيْفٍ.
شَهِدَ بَدَراً، وَالمَشَاهِدَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنَاهُ؛ أَبُو أُمَامَةَ وَعَبْدُ
اللهِ؛ وَعُبَيْدُ بنُ السَّبَّاقِ، وَأَبُو وَائِلٍ،
وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي لَيْلَى، وَيُسَيْرُ بنُ
عَمْرٍو؛ وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ مِنْ أُمَرَاءِ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-.
مَاتَ: بِالكُوْفَةِ، فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ،
وَصَلَّى عَلَيْهِ عَلِيٌّ.
وَحَدِيْثُهُ فِي الكُتُبِ السِّتَّةِ (2).
__________
(1) انظر البخاري 3 / 113 و7 / 177 و198 و273 و298 و11 /
237، ومسلم (940).
والبخاري 10 / 108، 109 و11 / 212 و13 / 189، ومسلم
(2681).
والبخاري 4 / 267 و5 / 55 و8 / 327، ومسلم (2795).
وانظر مسلم (619)، والبخاري 2 / 204 و7 / 126.
(*) مسند أحمد: 3 / 485، طبقات ابن سعد: 6 / 15 و3 / 471،
طبقات خليفة: 85، 135، تاريخ خليفة: 198، التاريخ الكبير:
4 / 97، المعارف: 291، تاريخ الفسوي: 1 / 220، معجم
الطبراني: 6 / 86، المستدرك: 3 / 408، 412، الاستبصار:
320، الاستيعاب: 2 / 662، أسد الغابة: 2 / 470، تهذيب
الكمال: 557، تهذيب التهذيب: 4 / 251، الإصابة: 4 / 273،
خلاصة تذهيب الكمال: 157، كنز العمال: 13 / 430، شذرات
الذهب: 1 / 48.
(2) انظر البخاري 3 / 144، و12 / 269، و6 / 201، و10 /
465، ومسلم (961)، و(1068)، و(1785) و(2251) و(1375)
و(1909).
(2/325)
الحَاكِمُ فِي (مُسْتَدْرَكِهِ): مِنْ
طَرِيْقِ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا
عُثْمَانُ بنُ حَكِيْمٍ، حَدَّثَتْنَا الرَّبَابُ
جَدَّتِي، عَنْ سَهْلِ بنِ حُنَيْفٍ:
اغْتَسَلْتُ فِي سَيْلٍ، فَخَرَجْتُ مَحْمُوْماً، فَقَالَ
النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مُرُوا
أَبَا ثَابِتٍ فَلْيَتَصَدَّقْ (1)).
مَالِكٌ: عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بنِ
سَهْلٍ، قَالَ:
رَأَى عَامِرُ بنُ رَبِيْعَةَ سَهْلَ بنَ حُنَيْفٍ،
فَقَالَ: وَاللهِ مَا رَأَيْتُ كَاليَوْمِ وَلاَ جِلْدَ
مُخَبَّأَةٍ!
فَلُبِطَ بِسَهْلٍ، فَأُتِيَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقِيْلَ: يَا رَسُوْلَ
اللهِ! هَلْ لَكَ فِي سَهْلٍ، وَاللهِ مَا يَرْفَعُ
رَأْسَهُ.
قَالَ: (هَلْ تَتَّهِمُوْنَ بِهِ أَحَداً؟).
قَالُوا: نَتَّهِمُ عَامِرَ بنَ رَبِيْعَةَ.
فَدَعَاهُ، فَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ، وَقَالَ: (عَلاَمَ
يَقْتُلُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ، أَلاَ بَرَّكْتَ؟ اغْتَسِلْ
لَهُ).
فَغَسَلَ وَجْهَهُ، وَيَدَيْهِ، وَمِرْفَقَيْهِ،
وَرُكْبَتَيْهِ، وَأَطْرَافَ رِجْلَيْهِ، وَدَاخِلَةَ
إِزَارِهِ فِي قَدَحٍ، ثُمَّ صُبَّ عَلَيْهِ، فَرَاحَ
سَهْلٌ مَعَ النَّاسِ مَا بِهِ بَأْسٌ (2) .
أَبُو صَالِحٍ: حَدَّثَنِي أَبُو شُرَيْحٍ، أَنَّهُ سَمِعَ
سَهْلَ بنَ أَبِي أُمَامَةَ بنِ سَهْلٍ يُحَدِّثُ عَنْ
أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
قَالَ: (لاَ تُشَدِّدُوا عَلَى أَنْفُسِكُم، فَإِنَّمَا
هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُم بِتَشْدِيْدِهِم عَلَى
أَنْفُسِهِم، وَسَتَجِدُوْنَ
__________
(1) أخرجه الحاكم 3 / 408، 409، وأخرجه أيضا 4 / 413، وأبو
داود (3888)، وأحمد 3 / 486 من طريق عبد الواحد بن زياد
بهذا الإسناد.
وفيه عندهم " يتعوذ " بدل " فليتصدق "، وصححه الحاكم،
ووافقه الذهبي المؤلف، مع أن الرباب جدة عثمان لا تعرف.
(2) إسناده صحيح، وهو في " الموطأ " 2 / 938، 939، وأخرجه
أحمد 3 / 486، 487، وابن ماجة (3509) في الطب: باب العين.
وصححه ابن حبان (1424).
والمخبأة: الجارية التي في خدرها لم تتزوج بعد، لان
صيانتها أبلغ ممن قد تزوجت.
ولبط: صرع.
وداخلة الازار: طرفه الداخل الذي يلي الجسد، ويلي الجانب
الايمن من الرجل إذا ائتزر، لان المؤتزر إنما يبدأ بجانبه
الايمن، فذلك الطرف يباشره جسده، وهو الذي يغسل، وقيل: هو
الورك، وقيل: أراد به مذاكيره، فكنى بالداخلة، كما كنى عن
الفرج بالسراويل.
(2/326)
بَقَايَاهُمْ فِي الصَّوَامِعِ
وَالدِّيَارَاتِ (1)).
إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ: عَنْ عَامِرٍ، عَنْ
عَبْدِ اللهِ بنِ مَعْقِلٍ، قَالَ:
صَلَّى عَلِيٌّ عَلَى سَهْلِ بنِ حُنَيْفٍ، فَكَبَّرَ
سِتّاً (2) .
رَوَاهُ: الأَعْمَشُ، عَنْ يَزِيْدَ، عَنِ ابْنِ مَعْقِلٍ،
فَقَالَ:
كَبَّرَ خَمْساً، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيْنَا، فَقَالَ:
إِنَّهُ بَدْرِيٌّ (3).
__________
(1) أبو صالح: هو عبد الله بن صالح المصري كاتب الليث، سيء
الحفظ، وباقي رجاله ثقات، وأخرجه أبو داود (4904) في
الأدب: باب في الحسد، من طريق أحمد بن صالح، عن عبد اله بن
وهب، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبي العمياء، أن سهل بن أبي
أمامة حدثه: أنه دخل هو وأبوه على أنس بن مالك بالمدينة في
زمان عمر بن عبد العزيز، وهو أمير المدينة، فإذا هو يصلي
صلاة خفيفة دقيقة كأنها صلاة مسافر أو قريبا منها، فلما
سلم، قال أبي: يرحمك الله أرأيت هذه الصلاة المكتوبة أو
شيء تنفلته ؟ قال: إنها المكتوبة، وإنها لصلاة رسول الله
صلى الله عليه وسلم، ما أخ طأت إلا شيئا سهوت عنه.
فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: " لا
تشدوا على أنفسكم فيشدد عليكم، فإن قوما شددوا على أنفسهم،
فشدد بقاياهم في الصوامع والديارات (ورهبانية ابتدعوها ما
كتبناه عليهم) .
ثم غدا من الغد، فقال: ألا تركب لتنظر ولتعتبر ؟ قال: نعم.
فركبوا جميعا، فإذا هم بديار باد أهلها، وانقضوا، وفنوا،
خاوية على عروشها، فقال: أتعرف هذه الديار ؟ فقلت: ما
أعرفني بها وأهلها، هذه ديار قوم أهلكهم البغي والحسد، إن
الحسد يطفئ نور الحسنات، والبغي يصدق ذلك أو يكذبه، والعين
تزني والكف والقدم والجسد والسان، والفرج يصدق ذلك أو
يكذبه.
وسعيد بن عبد الرحمن بن أبي العمياء ذكره ابن حبان في "
الثقات "، وروى عنه اثنان، وباقي رجاله ثقات، وذكره ابن
كثير في " تفسيره " 4 / 316 من طريق أبي يعلى، عن أحمد بن
عيسى بهذا الإسناد.
(2) إسناده صحيح، وهو في " الطبقات " 3 / 472، وأخرجه عبد
الرزاق (6403)، والطحاوي 1 / 287، والحاكم 3 / 409،
والبيهقي 4 / 36، وفيه عندهم: ثم التفت إلينا، فقال ك إنه
بدري.
(3) ابن سعد 3 / 473.
(2/327)
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: سَهْلُ بنُ حُنَيْفِ
بنِ وَاهِبِ بنِ عُكَيْمِ بنِ ثَعْلَبَةَ بنِ عَمْرِو بنِ
الحَارِثِ بنِ مَجْدَعَةَ بنِ عَمْرِو بنِ حَنَشِ بنِ
عَوْفِ بنِ عَمْرِو بنِ عَوْفٍ، أَبُو سَعْدٍ، وَأَبُو
عَبْدِ اللهِ.
وَلَهُ مِنَ الوَلَدِ: أَبُو أُمَامَةَ أَسْعَدُ،
وَعُثْمَانُ، وَسَعْدٌ، وَعَقِبُهُ اليَوْمَ
بِالمَدِيْنَةِ وَبِبَغْدَادَ.
قَالَ: وَقَالُوا: آخَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ سَهْلٍ وَبَيْنَ عَلِيٍّ.
شَهِدَ بَدْراً، وَثَبَتَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَبَايَعَ عَلَى
المَوْتِ، وَجَعَلَ يَنْضَحُ بِالنَّبْلِ عَنْ رَسُوْلِ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-: (نَبِّلُوا سَهْلاً، فَإِنَّهُ سَهْلٌ) (1).
قَالَ الزُّهْرِيُّ: لَمْ يُعْطِ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ أَمْوَالِ بَنِي
النَّضِيْرِ أَحَداً مِنَ الأَنْصَارِ إِلاَّ سَهْلَ بنَ
حُنَيْفٍ، وَأَبَا دُجَانَةَ، كَانَا فَقِيْرَيْنِ.
الأَعْمَشُ: عَنْ يَزِيْدَ بنِ زِيَادٍ - مَدَنِيٌّ - عَنْ
عَبْدِ اللهِ بنِ مَعْقِلٍ، قَالَ:
كَبَّرَ عَلِيٌّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- فِي سُلْطَانِهِ
كُلِّهِ أَرْبَعاً أَرْبَعاً عَلَى الجَنَازَةِ، إِلاَّ
عَلَى سَهْلِ بنِ حُنَيْفٍ، فَإِنَّهُ كَبَّرَ عَلَيْهِ
خَمْساً، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ: إِنَّهُ
بَدْرِيٌّ (2).
__________
(1) ابن سعد 3 / 471.
وينضح: يرمي ويرشق، ونبلوا: ناولوه النبل ليرمي.
(2) أخرجه ابن سعد 3 / 473 من طريق أبي معاوية الضرير،
ويزيد بن زياد وصفه بالمدني
كما هنا، وهو ثقة من رجال التهذيب، ولكنه لم يذكر في شيزخ
الأعمش، ولا في تلامذة عبد الله ابن معقل، ويغلب على الظن
أن ما في الطبقات خطأ، والصواب يزيد بن أبي زياد، فقد روى
الحديث ابن أبي شيبة 3 / 301 من طريق أبي معاوية، عن
الأعمش، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الله بن معقل، إلا
أنه قال: " فإنه كبر عليه ستا "، وأخرجه عبد الرزاق في "
المصنف " (6399) من طريق ابن عيينة، عن يزيد بن أبي زياد،
قال: سمعت عبد الله بن معقل يقول: " صلى علي على سهل بن
حنيف، فكبر ستا " ويزيد بن زياد هذا هو الهاشمي مولاهم
الكوفي.
قال الحافظ في " التقريب ": ضعيف كبر، فتغير، صار يتلقن.
وأخرج الطحاوي 1 / 287، =
(2/328)
أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو جَنَابٍ،
سَمِعْتُ عُمَيْرَ بنَ سَعِيْدٍ يَقُوْلُ:
صَلَّى عَلِيٌّ عَلَى سَهْلٍ، فَكَبَّرَ خَمْساً.
فَقَالُوا: مَا هَذَا؟
فَقَالَ: لأَهْلِ بَدْرٍ فَضْلٌ عَلَى غَيْرِهِمْ،
فَأَرَدْتُ أَنْ أُعْلِمَكُمْ فَضْلَهُ (1) .
عَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ: عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ، قَالَ:
دَخَلَ عَلِيٌّ بِسَيْفِهِ عَلَى فَاطِمَةَ، وَهِيَ
تَغْسِلُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: خُذِيْهِ، فَلَقَدْ
أَحْسَنْتُ بِهِ القِتَالَ.
فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
(إِنْ كُنْتَ أَحْسَنْتَ، فَلَقَدْ أَحْسَنَ سَهْلُ بنُ
حُنَيْفٍ (2)).
وَرُوِيَ نَحْوُهُ مُرْسَلاً.
64 - خَوَّاتُ بنُ جُبَيْرِ بنِ النُّعْمَانِ بنِ
أُمَيَّةَ بنِ البُرَكِ الأَنْصَارِيُّ * (بَخ)
وَهُوَ امْرُؤُ القَيْسِ بنُ ثَعْلَبَةَ بنِ عَمْرِو بنِ
عَوْفٍ الأَنْصَارِيُّ، الأَوْسِيُّ.
__________
= والدارقطني 1 / 191، والبيهقي 4 / 37، وابن أبي شيبة 3 /
303، عن عبد خير، قال: كان علي يكبر على أهل بدر ستا، وعلى
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسا، وعلى سائر
المسلمين أربعا ".
وإسناده صحيح.
(1) أخرجه ابن سعد 3 / 473.
وأبو جناب: هو يحيى بن أبي حية الكلبي، ضعفوه لكثرة
تدليسه، لكنه هنا صرح بالسماع، وباقي رجاله ثقات.
(2) أخرجه الحاكم 3 / 409، 410 وصححه، ثم قال: سمعت أبا
علي الحافظ يقول: لم نكتبه موصولا إلا عن أبي يعقوب
المنجنيقي بإسناده، والمشهور من حديث ابن عيينة، عن عمرو
ابن دينار، عن عكرمة مرسلا، وإنما يعرف هذا المتن من حديث
أبي معشر، عن أيوب بن أبي أمامة بن سهل، عن أبيه، عن جده.
ثم ذكره.
(*) طبقات ابن سعد: 3 / 477، طبقات خليفة: 86، التاريخ
الكبير: 3 / 217 216، المعارف: 159، 327، الجرح والتعديل:
3 / 392، معجم الطبراني الكبير: 4 / 240، الاستبصار:
324323، الاستيعاب 2 / 455، أسد الغابة: 2 / 148، تهذيب
الكمال: 385، العبر: 1 / 46، مجمع الزوائد: 9 / 401، تهذيب
التهذيب: 3 / 171، الإصابة: 3 / 158، خلاصة تذهيب الكمال:
108، شذرات الذهب: 1 / 48.
(2/329)
أَخُو عَبْدِ اللهِ بنِ جُبَيْرٍ
العَقَبِيُّ، البَدْرِيُّ، الَّذِي كَانَ أَمِيْرَ
الرُّمَاةِ يَوْمَ أُحُدٍ.
وَيُكْنَى خَوَّاتٌ: أَبَا صَالِحٍ.
قَالَ قَيْسُ بنُ أَبِي حُذَيْفَةَ: كُنْيَتُهُ أَبُو
عَبْدِ اللهِ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: قَالُوا: وَكَانَ خَوَّاتُ بنُ
جُبَيْرٍ صَاحِبَ ذَاتِ النِّحْيَيْنِ (1) فِي
الجَاهِلِيَّةِ، ثُمَّ أَسْلَمَ، فَحَسُنَ إِسْلاَمُهُ (2)
.
الوَاقِدِيُّ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ المَلِكِ بنُ أَبِي
سُلَيْمَانَ، عَنْ خَوَّاتِ بنِ صَالِحٍ، عَنْ أَبِيْهِ.
وَأَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ، عَنِ المِسْوَرِ بنِ
رِفَاعَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مِكْنَفٍ:
أَنَّ خَوَّاتَ بنَ جُبَيْرٍ خَرَجَ إِلَى بَدْرٍ،
فَلَمَّا كَانَ بِالرَّوْحَاءِ أَصَابَهُ نَصِيْلُ حَجَرٍ،
فَكُسِرَ، فَرَدَّهُ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى المَدِيْنَةِ، وَضَرَبَ لَهُ
بِسَهْمِهِ وَأَجْرِهِ، فَكَانَ كَمَنْ شَهِدَهَا (3) .
قَالُوا: مَاتَ خَوَّاتٌ بِالمَدِيْنَةِ، سَنَةَ
أَرْبَعِيْنَ، وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ سَنَةً،
وَكَانَ يَخْضِبُ، وَكَانَ رَبْعَةً مِنَ الرِّجَالِ (4).
__________
(1) النحي: الزق فيه السمن، وذات النحيين: امرأة من تيم
الله بن ثعلبة، كانت تبيع السمن في الجاهلية، فأتى خوات بن
جبير يبتاع منها سمنا، فساومها، فحلت نحيا مملوءا، فقال:
أمسكيه حتى أنظر غيره، ثم حل آخر، وقال لها: أمسكيه.
فلما شغل يديها، ساورها حتى قضى ما أراد وهرب، وقال في ذلك
شعرا انظره في " جمهرة الأمثال " 2 / 322، واللسان: نحى.
(2) ابن سعد 3 / 477.
(3) ابن سعد 3 / 477، وفيه: أصاب ساقه نصيل حجر.
والنصيل: حجر طويل رقيق كهيئة الصفيحة المحددة، وجمعه:
النصل.
(4) ابن سعد 3 / 477، 478، والربعة: هو المربوع الخلق، لا
بالطويل ولا بالقصير.
(2/330)
65 - أَخُوْه
ُ: عَبْدُ اللهِ بنِ جُبَيْرِ بنِ النُّعْمَانِ بنِ
أُمَيَّةَ الأَنْصَارِيُّ *
شَهِدَ: العَقَبَةَ مَعَ السَّبْعِيْنَ، وَبَدْراً،
وَأُحُداً.
وَاسْتَعْمَلَهُ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- يَوْمَئِذٍ عَلَى الرُّمَاةِ، وَهُمْ
خَمْسُوْنَ رَجُلاً، وَأَمَرَهُم، فَوَقَفُوا عَلَى
عَيْنَيْنِ (1) ، فَاسْتُشْهِدَ يَوْمَئِذٍ، وَمُثِّلَ
بِهِ.
قَتَلَهُ عِكْرِمَةُ بنُ أَبِي جَهْلٍ (2).
66 - قَتَادَةُ بنُ النُّعْمَانِ بنِ زَيْدِ بنِ عَامِرٍ
الأَنْصَارِيُّ ** (ع)
الأَمِيْرُ، المُجَاهِدُ، أَبُو عُمَرَ الأَنْصَارِيُّ،
الظَّفَرِيُّ، البَدْرِيُّ.
__________
(*) طبقات ابن سعد: 3 / 475، طبقات خليفة: 281، تاريخ
خليفة: 67 التاريخ الكبير:
5 / 61 60، المعارف: 159، 327، الجرح والتعديل 5 / 27،
الاستبصار: 322، الاستيعاب: 3 / 877، أسد الغابة: 3 / 194،
تهذيب الكمال: 669، تهذيب التهذيب: 5 / 168، الإصابة 6 /
33، خلاصة تذهيب الكمال: 193.
(1) قال ياقوت: هو هضبة جبل أحد بالمدينة، ويقال: جبلان
عند أحد، ويقال ليوم أحد: يوم عينين.
وفي صحيح البخاري 7 / 283 في المغازي في حديث وحشي بن حرب
قال: فلما خرج الناس عام عينين وعينين جبل بحيال أحد "،
أي: من ناحية أحد، ويقال: فلان حيال كذا، أي: مقابله، وهو
تفسير من بعض رواته، والسبب في نسبة وحشي العام إليه دون
أحد أن قريشا كانوا نزلوا عنده.
قال ابن إسحاق: نزلوا بعينين جبل ببطن السبخة من قناة على
شفير الوادي مقابل المدينة.
(2) انظر " طبقات ابن سعد " 3 / 475، والبخاري 7 / 269،
272 في المغازي: باب غزوة أحد.
(* *) مسند أحمد: 4 / 15 و6 / 384، طبقات ابن سعد: 1 / 187
و2 / 190 و3 / 453 452، طبقات خليفة: 81، 96، تاريخ خليفة:
153، التاريخ الكبير: 7 / 185 184، تاريخ الفسوي: 1 / 320،
الجرح والتعديل: 7 / 132، المستدرك 3 / 296 295،
الاستبصار: =
(2/331)
مِنْ نُجَبَاءِ الصَّحَابَةِ، وَهُوَ أَخُو
أَبِي سَعِيْدٍ الخُدْرِيِّ لأُمِّهِ.
وَهُوَ الَّذِي وَقَعَتْ عَيْنُهُ عَلَى خَدِّهِ يَوْمَ
أُحُدٍ، فَأَتَى بِهَا إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَغَمَزَهَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِيَدِهِ الشَّرِيْفَةِ،
فَرَدَّهَا، فَكَانَتْ أَصَحَّ عَيْنَيْهِ (1) .
لَهُ أَحَادِيْثُ.
رَوَى عَنْهُ: أَخُوْهُ؛ أَبُو سَعِيْدٍ، وَابْنُهُ؛
عُمَرُ، وَمَحْمُوْدُ بنُ لَبِيْدٍ، وَغَيْرُهُم.
وَكَانَ عَلَى مُقَدِّمَةِ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ عُمَرَ
بنِ الخَطَّابِ لَمَّا سَارَ إِلَى الشَّامِ، وَكَانَ مِنَ
الرُّمَاةِ المَعْدُوْدِيْنَ.
__________
= 257 254، الاستيعاب: 3 / 1274، تاريخ ابن عساكر: 14 /
200 / 2، أسد الغابة: 4 / 389، تهذيب الكمال: 1123، تاريخ
الإسلام: 2 / 50، العبر: 1 / 27، مجمع الزوائد: 9 / 318،
تهذيب التهذيب: 8 / 358 357، الإصابة: 8 / 138، خلاصة
تذهيب الكمال: 315، كنز العمال: 13 / 574، شذرات الذهب: 1
/ 34.
(1) أخرجه ابن سعد في " الطبقات " 1 / 187، 188 من طريق
علي بن محمد، عن أبي معشر، عن زيد بن أسلم، وغيره.
وأخرجه ابن هشام 2 / 82، وابن سعد أيضا 3 / 453 من طريق
ابن إسحاق، عن عاصم بن عمر بن قتادة، وهو مرسل.
وأخرج الدارقطني، وابن شاهين، من طريق عبد الرحمن بن يحيى
العذري، عن مالك، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود بن
لبيد، عن قتادة بن النعمان، أنه أصيبت عينه يوم أحد، فوقعت
على وجنته، فردها النبي صلى الله عليه وسلم أصح عينيه.
وعبد الرحمن بن يحيى العذري: قال: العقيلي: مجهول لا يقيم
الحديث من جهته.
وأخرجه الدارقطني والبيهقي في الدلائل، من طريق عياض بن
عبد الله بن أبي سرح، عن أبي سعيد الخدري، عن قتادة: أن
عينه ذهبت يوم أحد، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم، فردها،
فاستقامت.
وأخرج البيهقي في دلائل النبوة فيما ذكره ابن كثير 2 / 447
من حديث يحيى الحماني، حدثنا عبد الرحمن بن سليمان بن
الغسيل، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن أبيه، عن جده قتادة
بن النعمان، أنه أصيبت عينه يوم بدر، فسالت حدقته على
وجنته، فأرادوا أن يقطعوها، فسألوا رسول الله صلى الله
عليه وسلم، فقال: لا، فدعاه، غغمز حدقته براحته، فكان لا
يدري أي عينيه أصيب.
ورجاله ثقات خلا عمر بن قتادة، فإنه لم يوثقه سوى ابن
حبان، ولم يرو عنه سوى ابنه عاصم.
(2/332)
عَاشَ خَمْساً وَسِتِّيْنَ سَنَةً.
تُوُفِّيَ: فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ،
بِالمَدِيْنَةِ، وَنَزَلَ عُمَرُ يَوْمَئِذٍ فِي قَبْرِهِ.
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ الغَسِيْلِ: حَدَّثَنَا عَاصِمُ
بنُ عُمَرَ بنِ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ:
أَنَّهُ أُصِيْبَتْ عَيْنُهُ يَوْمَ بَدْرٍ، فَسَالَتْ
حَدَقَتُهُ عَلَى وَجْنَتِهِ، فَأَرَادَ القَوْمُ أَنْ
يَقْطَعُوْهَا، فَقَالُوا: نَأْتِي نَبِيَّ اللهِ
نَسْتَشِيْرُهُ.
فَجَاءَ، فَأَخْبَرَهُ الخَبَرَ.
فَأَدْنَاهُ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- مِنْهُ، فَرَفَعَ حَدَقَتَهُ حَتَّى وَضَعَهَا
مَوْضِعَهَا، ثُمَّ غَمَزَهَا بِرَاحَتِهِ، وَقَالَ:
(اللَّهُمَّ اكْسُهُ جَمَالاً).
فَمَاتَ وَمَا يَدْرِي مَنْ لَقِيَهُ أَيَّ عَيْنَيْهِ
أُصِيْبَتْ (1) ؟!
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: بَنُو ظَفَرٍ مِنَ الأَوْسِ.
وَقِيْلَ: يُكْنَى أَبَا عَبْدِ اللهِ.
وَقَالَ الوَاقِدِيُّ: شَهِدَ العَقَبَةَ مَعَ
السَّبْعِيْنَ.
وَكَذَا قَالَ: ابْنُ عُقْبَةَ، وَأَبُو مَعْشَرٍ.
وَلَمْ يَذْكُرْهُ ابْنُ إِسْحَاقَ فِيْمَنْ شَهِدَ
العَقَبَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-.
67 - عَامِرُ بنُ رَبِيْعَةَ بنِ كَعْبِ بنِ مَالِكٍ أَبُو
عَبْدِ اللهِ العَنْزِيُّ * (ع)
عَنْزُ بنُ وَائِلٍ.
مِنْ حُلَفَاءِ آلِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ العَدَوِيِّ.
__________
(1) تقدم تخريجه في التعليق السابق، فانظره.
(*) مسند أحمد: 3 / 444، طبقات ابن سعد: 3 / 281، تاريخ
خليفة: 168، التاريخ الكبير: 6 / 455، المعارف: 87، تاريخ
الفسوي: 3 / 380، الجرح والتعديل: 6 / 320، المستدرك: 3 /
357 - 359، الاستيعاب: 2 / 790، ابن عساكر: 8 / 337 / 2،
أسد الغابة: 3 / 121، تهذيب الكمال: 642 ; العبر: 1 / 35،
مجمع الزوائد: 9 / 301، تهذيب التهذيب: 5 / 62 - 63،
الإصابة: 5 / 277، خلاصة تذهيب الكمال: 184.
(2/333)
مِنَ السَّابِقِيْنَ الأَوَّلِيْنَ.
أَسْلَمَ قَبْلَ عُمَرَ، وَهَاجَرَ الهِجْرَتَيْنِ،
وَشَهِدَ بَدْراً.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: أَوَّلُ مَنْ قَدِمَ المَدِيْنَةَ
مُهَاجِراً: أَبُو سَلَمَةَ بنُ عَبْدِ الأَسَدِ،
وَبَعْدَهُ: عَامِرُ بنُ رَبِيْعَةَ (1) .
لَهُ أَحَادِيْثُ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: وَلَدُهُ؛ عَبْدُ اللهِ، وَابْنُ عُمَرَ،
وَابْنُ الزُّبَيْرِ، وَأَبُو أُمَامَةَ بنُ سَهْلٍ،
وَغَيْرُهُمْ.
وَكَانَ الخَطَّابُ قَدْ تَبَنَّاهُ، وَكَانَ مَعَهُ
لِوَاءُ عُمَرَ لَمَّا قَدِمَ الجَابِيَةَ (2) .
قَالَ الوَاقِدِيُّ: كَانَ مَوْتُ عَامِرِ بنِ رَبِيْعَةَ
بَعْدَ قَتْلِ عُثْمَانَ بِأَيَّامٍ، وَكَانَ لَزِمَ
بَيْتَهُ، فَلَمْ يَشْعُرِ النَّاسُ إِلاَّ بِجَنَازَتِهِ
قَدْ أُخْرِجَتْ (3) .
رَوَى: يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ، عَنْ عَبْدِ
اللهِ بنِ عَامِرِ بنِ رَبِيْعَةَ:
أَنَّ أَبَاهُ رُئِيَ فِي المَنَامِ حِيْنَ طَعَنُوا عَلَى
عُثْمَانَ، فَقِيْلَ لَهُ: قُمْ، فَسَلِ اللهَ أَنْ
يُعِيْذَكَ مِنَ الفِتْنَةِ.
تُوُفِّيَ عَامِرٌ: سَنَةَ خَمْسِيْنَ وَثَلاَثِيْنَ،
قَبْلَ مَقْتَلِ عُثْمَانَ بِيَسِيْرٍ.
جَعْفَرُ بنُ عَوْنٍ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ،
عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَامِرِ بنِ
__________
(1) ابن سعد 1 / 226، و" المستدرك " 3 / 357.
(2) قرية في الشام من ناحية الجولان قرب مرج الصفر في
شمالي حوران إذا وقف الأسنان في الصنمين، واستقبل الشمال،
ظهرت له، وتظهر من نوى أيضا.
وفيها خطب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب خطبته المشهورة لما
قدم الشام، وباب الجابية الذي بدمشق منسوب إليها.
(3) " المستدرك " 3 / 358.
(2/334)
رَبِيْعَةَ، قَالَ:
لَمَّا طَعَنُوا عَلَى عُثْمَانَ، صَلَّى أَبِي فِي
اللَّيْلِ، وَدَعَا، فَقَالَ: اللَّهُمَّ قِنِي مِنَ
الفِتْنَةِ، بِمَا وَقَيْتَ بِهِ الصَّالِحِيْنَ مِنْ
عِبَادِكَ.
فَمَا أُخْرِجَ وَلاَ أَصْبَحَ إِلاَّ بِجَنَازَتِهِ (1).
68 - أَبُو الدَّرْدَاءِ عُوَيْمِرُ بنُ زَيْدِ بنِ قَيْسٍ
الأَنْصَارِيُّ * (ع)
الإِمَامُ، القُدْوَةُ، قَاضِي دِمَشْقَ، وَصَاحِبُ
رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبُو
الدَّرْدَاءِ، عُوَيْمِرُ بنُ زَيْدِ بنِ قَيْسٍ.
وَيُقَالُ: عُوَيْمِرُ بنُ عَامِرٍ.
وَيُقَالُ: ابْنُ عَبْدِ اللهِ.
وَقِيْلَ: ابْنُ ثَعْلَبَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ
الأَنْصَارِيُّ، الخَزْرَجِيُّ.
حَكِيْمُ هَذِهِ الأُمَّةِ، وَسَيِّدُ القُرَّاءِ
بِدِمَشْقَ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: هُوَ عُوَيْمِرُ بنُ قَيْسِ
بنِ زَيْدِ بنِ قَيْسِ (2) بنِ أُمَيَّةَ بنِ عَامِرِ بنِ
عَدِيِّ بنِ كَعْبِ بنِ الخَزْرَجِ.
قَالَ: وَيُقَالُ: اسْمُهُ عَامِرُ بنُ مَالِكٍ.
رَوَى: عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- عِدَّةَ أَحَادِيْثَ.
__________
(1) " المستدرك " 3 / 358.
(*) مسند أحمد: 5 / 94 و6 / 440، 445، طبقات ابن سعد: 7 /
391، 393، طبقات خليفة: 95، 303، التاريخ الكبير: 7 / 76 -
77، المعارف: 259، 268، الجرح والتعديل: 7 / 26 - 28،
المستدرك: 3 / 336 - 337، الاستبصار: 125 - 127،
الاستيعاب: 4 / 1646، تاريخ ابن عساكر: 13 / 366 / 1، أسد
الغابة: 6 / 97، تهذيب الكمال: 1068 - تاريخ الإسلام: 2 /
107، العبر: 1 / 33، تذكرة الحفاظ: 1 / 24، معرفة القراء:
38، مجمع الزوائد: 9 / 367، طبقات القراء: 1 / 606، 607،
تهذيب التهذيب: 8 / 175 - 177، الإصابة: 7 / 182، خلاصة
تذهيب الكمال، 298 - 299، كنز العمال: 13 / 550 - 553،
شذرات الذهب: 1 / 39 و44.
(2) غير الأستاذ الابياري ما في الأصل إلى قيس بن زيد
عائشة، مع أن ما في الأصل هو بعينه في " الجرح والتعديل "
7 / 6.
(2/335)
وَهُوَ مَعْدُوْدٌ فِيْمَنْ تَلاَ عَلَى
النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَمْ
يَبْلُغْنَا أَبَداً أَنَّهُ أَقْرَأَ عَلَى غَيْرِهِ.
وَهُوَ مَعْدُوْدٌ فِيْمَنْ جَمَعَ القُرْآنَ فِي حَيَاةِ
رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وَتَصَدَّرَ لِلإِقْرَاءِ بِدِمَشْقَ فِي خِلاَفَةِ
عُثْمَانَ، وَقَبْلَ ذَلِكَ.
رَوَى عَنْهُ: أَنَسُ بنُ مَالِكٍ، وَفَضَالَةُ بنُ
عُبَيْدٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَبُو أُمَامَةَ، وَعَبْدُ
اللهِ بنُ عَمْرِو بنِ العَاصِ، وَغَيْرُهُمْ مِنْ جِلَّةِ
الصَّحَابَةِ، وَجُبَيْرُ بنُ نُفَيْرٍ، وَزَيْدُ بنُ
وَهْبٍ، وَأَبُو إِدْرِيْسَ الخَوْلاَنِيُّ، وَعَلْقَمَةُ
بنُ قَيْسٍ، وَقَبِيْصَةُ بنُ ذُؤَيْبٍ، وَزَوْجَتُهُ؛
أُمُّ الدَّرْدَاءِ العَالِمَةُ، وَابْنُهُ؛ بِلاَلُ بنُ
أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَسَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ،
وَعَطَاءُ بنُ يَسَارٍ، وَمَعْدَانُ بنُ أَبِي طَلْحَةَ،
وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، وَخَالِدُ بنُ
مَعْدَانَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَامِرٍ اليَحْصُبِيُّ (1)
.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ قَرَأَ عَلَيْهِ القُرْآنَ، وَلَحِقَهُ،
فَإِنْ صَحَّ، فَلَعَلَّهُ قَرَأَ عَلَيْهِ بَعْضَ
القُرْآنِ وَهُوَ صَبِيٌّ.
وَقَرَأَ عَلَيْهِ: عَطِيَّةُ بنُ قَيْسٍ، وَأُمُّ
الدَّرْدَاءِ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِي: عَرَضَ عَلَيْهِ
القُرْآنَ: خُلَيْدُ بنُ سَعْدٍ، وَرَاشِدُ بنُ سَعْدٍ،
وَخَالِدُ بنُ مَعْدَانَ، وَابْنُ عَامِرٍ.
كَذَا قَالَ الدَّانِي.
وَوَلِيَ القَضَاءَ بِدِمَشْقَ، فِي دَوْلَةِ عُثْمَانَ،
فَهُوَ أَوَّلُ مَنْ ذُكِرَ لَنَا مِنْ قُضَاتِهَا،
وَدَارُهُ بِبَابِ البَرِيْدِ، ثُمَّ صَارَتْ فِي دَوْلَةِ
السُّلْطَانِ صَلاحِ الدِّيْنَ تُعْرَفُ: بِدَارِ
الغَزِّيِّ (2).
__________
(1) هو إمام أهل الشام في القراءة، وإليه انتهت مشيخة
الاقراء فيها، وهو أحد القراء السبعة المشهورين الثقات،
توفي سنة 118 ه.
(2) انظر " تاريخ دمشق " لابن عساكر، المجلدة الثانية: 138
طبعة المجمع العلمي بدمشق.
وأخرج أبو زرعة في " تاريخه " (142) و(215) حدثنا أبو مسهر
عبد الأعلى بن مسهر قال: حدثنا سعيد بن عبد العزيز قال:
عمر أمر أبا الدرداء على القضاء - يعني بدمشق - وكان
القاضي يكون خليفة الأمير إذا غاب.
(2/336)
وَيُرْوَى لَهُ: مائَةٌ وَتِسْعَةٌ
وَسَبْعُوْنَ حَدِيْثاً.
وَاتَّفَقَا لَهُ عَلَى حَدِيْثَيْنِ.
وَانْفَرَدَ البُخَارِيُّ بِثَلاَثَةٍ، وَمُسْلِمٌ
بِثَمَانِيَةٍ.
رَوَى: سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، عَنْ مُغِيْثِ بنِ
سُمَيٍّ:
أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ عُوَيْمِرَ بنَ عَامِرٍ مِنْ
بَنِي الحَارِثِ بنِ الخَزْرَجِ.
وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ مَرَّةً: هُوَ عُوَيْمِرُ بنُ
ثَعْلَبَةَ.
مَاتَ: قَبْلَ عُثْمَانَ بِثَلاَثِ سِنِيْنَ (1) .
وَقَالَ البُخَارِيُّ: سَأَلْتُ رَجُلاً مِنْ وَلَدِ أَبِي
الدَّرْدَاءِ، فَقَالَ: اسْمُهُ عَامِرُ بنُ مَالِكٍ،
وَلَقَبُهُ: عُوَيْمِرٌ (2) .
وَقَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: هُوَ عُوَيْمِرُ بنُ ثَعْلَبَةَ.
وَقَالَ أَحْمَدُ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعِدَّةٌ:
عُوَيْمِرُ بنُ عَامِرٍ (3) .
وَآخِرُ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ رَأَى أَبَا الدَّرْدَاءِ:
شَيْخٌ عَاشَ إِلَى دَوْلَةِ الرَّشِيْدِ.
فَقَالَ أَبُو إِبْرَاهِيْمَ التُّرْجُمَانِيُّ:
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَبُو الحَارِثِ، قَالَ:
رَأَيْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ أَقْنَى، أَشْهَلَ، يَخْضِبُ
بِالصُّفْرَةِ (4) .
رَوَى: الأَعْمَشُ، عَنْ خَيْثَمَةَ، قَالَ أَبُو
الدَّرْدَاءِ:
كُنْتُ تَاجِراً قَبْلَ المَبْعَثِ، فَلَمَّا جَاءَ
الإِسْلاَمُ، جَمَعْتُ التِّجَارَةَ وَالعِبَادَةَ، فَلَمْ
يَجْتَمِعَا،
__________
(1) تاريخ ابن عساكر 13 / 367 / 1، وفي " تاريخ دمشق "
لأبي زرعة (202) و(2115) من طريق سعيد بن عبد العزيز عن
الاوزاعي قال: مات أبو الدرداء وكعب الاحبار في خلافة
عثمان لسنتين من خلافته.
(2) تاريخ البخاري " 7 / 76.
(3) " تاريخ ابن عساكر " 13 / 367 / 1.
(4) " المستدرك " 3 / 337، وفيه " أبو إسحاق الاجرب " بدل
" إسحاق أبو الحارث "، وتاريخ ابن عساكر 13 / 369 / 1.
سير 2 / 22
(2/337)
فَتَرَكْتُ التِّجَارَةَ، وَلَزِمْتُ
العِبَادَةَ (1) .
قُلْتُ: الأَفْضَلُ جَمْعُ الأَمْرَيْنِ مَعَ الجِهَادِ،
وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ، هُوَ طَرِيْقُ جَمَاعَةٍ مِنَ
السَّلَفِ وَالصُّوْفِيَّةِ، وَلاَ رَيْبَ أَنَّ
أَمْزِجَةَ النَّاسِ تَخْتَلِفُ فِي ذَلِكَ، فَبَعْضُهُمْ
يَقْوَى عَلَى الجَمْعِ كَالصِّدِّيْقِ، وَعَبْدِ
الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ، وَكَمَا كَانَ ابْنُ المُبَارَكِ،
وَبَعْضُهُمْ يَعْجزُ وَيَقْتَصِرُ عَلَى العِبَادَةِ،
وَبَعْضُهُمْ يَقْوَى فِي بِدَايَتِهِ، ثُمَّ يَعْجِزُ،
وَبِالعَكْسِ، وَكُلٌّ سَائِغٌ، وَلَكِنْ لاَ بُدَّ مِنَ
النَّهْضَةِ بِحُقُوْقِ الزَّوْجَةِ وَالعِيَالِ.
قَالَ سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ: أَسْلَمَ أَبُو
الدَّرْدَاءِ يَوْمَ بَدْرٍ، ثُمَّ شَهِدَ أُحُداً،
وَأَمَرَهُ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- يَوْمَئِذٍ أَنْ يَرُدَّ مَنْ عَلَى الجَبَلِ،
فَرَدَّهُمْ وَحْدَهُ، وَكَانَ قَدْ تَأَخَّرَ إِسْلاَمُهُ
قَلِيْلاً (2) .
قَالَ شُرَيْحُ بنُ عُبَيْدٍ الحِمْصِيُّ: لَمَّا هُزِمَ
أَصْحَابُ رَسُوْلِ اللهِ يَوْمَ أُحُدٍ، كَانَ أَبُو
الدَّرْدَاءِ يَوْمَئِذٍ فِيْمَنْ فَاءَ إِلَى رَسُوْلِ
اللهِ فِي النَّاسِ، فَلَمَّا أَظَلَّهُمُ المُشْرِكُوْنَ
مِنْ فَوْقِهِمْ، قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (اللَّهُمَّ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ
يَعْلُوْنَا).
فَثَابَ إِلَيْهِ نَاسٌ، وَانْتَدَبُوا، وَفِيْهِم
عُوَيْمِرُ أَبُو الدَّرْدَاءِ، حَتَّى أَدْحَضُوْهُمْ
عَنْ مَكَانِهِمْ، وَكَانَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يَوْمَئِذٍ
حَسَنَ البَلاَءِ.
فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-: (نِعْمَ الفَارِسُ عُوَيْمِرٌ) (3).
__________
(1) أخرجه " ابن سعد " 7 / 391، عن أبي معاوية الضرير بهذا
الإسناد، وذكره الهيثمي في " المجمع " 9 / 367، وقال: رواه
الطبراني ورجاله رجال الصحيح، وهو في " تاريخ ابن عساكر "
13 / 37 / 1.
(2) ابن عساكر 13 / 370 / 1.
(3) ابن عساكر 13 / 370 / 1، وهو مرسل، فإن شريح بن عبيد
لم يدرك أبا الدرداء، وانتدبوا: أسرعوا، وأدحضوهم:
أزالوهم.
وانظر ابن سعد 7 / 392، و" المستدرك " 3 / 337.
(2/338)
وَقَالَ: (حَكِيْمُ أُمَّتِي: عُوَيْمِرٌ).
هَذَا رَوَاهُ: يَحْيَى البَابْلُتِّيُّ، حَدَّثَنَا
صَفْوَانُ بنُ عَمْرٍو، عَنْ شُرَيْحٍ (1) .
ثَابِتٌ البُنَانِيُّ، وَثُمَامَةُ: عَنْ أَنَسٍ:
مَاتَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
وَلَمْ يَجْمَعِ القُرْآنَ غَيْرُ أَرْبَعَةٍ: أَبُو
الدَّرْدَاءِ، وَمُعَاذٌ، وَزَيْدُ بنُ ثَابِتٍ، وَأَبُو
زَيْدٍ (2) .
وَقَالَ زَكَرِيَّا، وَابْنُ أَبِي خَالِدٍ: عَنِ
الشَّعْبِيِّ:
جَمَعَ القُرْآنَ عَلَى عَهْدِ رَسُوْلِ اللهِ سِتَّةٌ،
وَهُمْ مِنَ الأَنْصَارِ: مُعَاذٌ، وَأَبُو الدَّرْدَاءِ،
وَزَيْدٌ، وَأَبُو زَيْدٍ، وَأُبَيٌّ، وَسَعْدُ بنُ
عُبَيْدٍ (3).
وَكَانَ بَقِيَ عَلَى مُجَمِّعِ بنِ جَارِيَةَ سُوْرَةٌ
أَوْ سُوْرَتَانِ حِيْنَ تُوُفِّيَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (4).
__________
(1) هو مرسل كسابقه.
(2) أخرجه البخاري في " صحيحه " 9 / 47، 48 في فضائل
القرآن: باب القراء من أصحاب رسول الله صلى الله عليه
وسلم، وهو في تاريخه أيضا 7 / 706، وابن عساكر 13 / 370 /
2.
وأبو زيد هذا: هو أحد عمومة أنس كما جاء مصرحا به في هذا
الحديث.
وذكر علي ابن المديني أن اسمه أوس، وعن يحيى بن معين: هو
ثابت بن زيد، وقيل: هو سعد بن عبيد بن النعمان، وبذلك جزم
الطبراني عن شيخه أبي بكر بن صدقة، وقال: وهو الذي كان
يقال له: القارئ، وكان على القادسية، واستشهد بها، وهو
والد عمير بن سعد، وعن الواقدي: هو قيس بن السكن بن قيس
ابن زعوراء بن حرام الأنصاري النجاري، ويرجحه قول أنس: أحد
عمومتي، فإنه من قبيلة بني حرام، والقصر في هذا الحديث
إضافي لا حقيقي، فقد حفظ القرآن جميعه الجم الغفير من
الصحابة رضي الله عنهم سرد منهم الحافظ في " الفتح " 9 /
47، 48 فراجعه.
(3) " ابن عساكر " 13 / 370 / 2 وأخرجه ابن سعد 2 / 355 من
طريق محمد بن يزيد الواسطي، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن
الشعبي، ورجاله ثقات، وسنده صحيح مع إرساله، وانظر ترجمة "
سعد بن عبيد " في " الإصابة " 4 / 154.
(4) أخرجه ابن سعد 2 / 355.
(2/339)
إِسْمَاعِيْلُ: عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ:
كَانَ ابْنُ مَسْعُوْدٍ قَدْ أَخَذَ بِضْعاً وَسَبْعِيْنَ
سُورَةً -يَعْنِي: مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَتَعَلَّمَ بَقِيَّتَهُ مِنْ
مُجَمِّعٍ، وَلَمْ يَجْمَعْ أَحَدٌ مِنَ الخُلَفَاءِ مِنَ
الصَّحَابَةِ القُرْآنَ غَيْرُ عُثْمَانَ (1) .
قَالَ أَبُو الزَّاهِرِيَّةِ: كَانَ أَبُو الدَّرْدَاءِ
مِنْ آخِرِ الأَنْصَارِ إِسْلاَماً (2) ، وَكَانَ يَعْبُدُ
صَنَماً، فَدَخَلَ ابْنُ رَوَاحَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ
مَسْلَمَةَ بَيْتَهُ، فَكَسَرَا صَنَمَهُ.
فَرَجَعَ، فَجَعَلَ يَجْمَعُ الصَّنَمَ، وَيَقُوْلُ:
وَيْحَكَ! هَلاَّ امْتَنَعْتَ، أَلاَ دَفَعْتَ عَنْ
نَفْسِكَ؟
فَقَالَتْ أُمُّ الدَّرْدَاءِ: لَو كَانَ يَنْفَعُ أَوْ
يَدْفَعُ عَنْ أَحَدٍ دَفَعَ عَنْ نَفْسِهِ، وَنَفَعَهَا.
فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: أَعِدِّي لِي مَاءً فِي
المُغْتَسَلِ.
فَاغْتَسَلَ، وَلَبِسَ حُلَّتَهُ، ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى
النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
فَنَظَرَ إِلَيْهِ ابْنُ رَوَاحَةَ مُقْبِلاً، فَقَالَ:
يَا رَسُوْلَ اللهِ! هَذَا أَبُو الدَّرْدَاءِ، وَمَا
أُرَاهُ إِلاَّ جَاءَ فِي طَلَبِنَا.
فَقَالَ: (إِنَّمَا جَاءَ لِيُسْلِمَ، إِنَّ رَبِّي
وَعَدَنِي بِأَبِي الدَّرْدَاءِ أَنْ يُسْلِمَ (3)).
رَوَى مِنْ قَوْلِهِ: (وَكَانَ يَعَبْدُ... إِلَى
آخِرِهِ): مُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ، عَنْ أَبِي
الزَّاهِرِيَّةِ، عَنْ جُبَيْرِ بنِ نُفَيْرٍ.
وَرَوَى مِنْهُ: أَبُو صَالِحٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ، عَنْ
أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ، عَنْ جُبَيْرٍ، عَنْ
__________
(1) أخرجه " ابن سعد " 2 / 355.
(2) أخرجه أبو زرعة في " تاريخه " (204) من طريق عبد الله
بن صالح، عن معاوية بن صالح، عن أبي الزاهرية، وأبو
الزاهرية: هو حدير بن كريب الحمصي صدوق من الثالثة، مات
على رأس المئة.
(3) أخرجه: ابن عساكر 13 / 369 / 2، وانظر " المستدرك " 3
/ 336، 337.
(2/340)
أَبِي الدَّرْدَاءِ:
قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
(إِنَّ اللهَ وَعَدَنِي إِسْلاَمَ أَبِي الدَّرْدَاءِ،
فَأَسْلَمَ (1)).
وَرَوَى: أَبُو مُسْهِرٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ عَبْدِ
العَزِيْزِ:
أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ أَسْلَمَ يَوْمَ بَدْرٍ،
وَشَهِدَ أُحُداً، وَفَرَضَ لَهُ عُمَرُ فِي أَرْبَعِ
مائَةٍ -يَعْنِي: فِي الشَّهْرِ- أَلْحَقَهُ فِي
البَدْرِيِّيْنَ.
وَقَالَ الوَاقِدِيُّ: قِيْلَ: لَمْ يَشْهَدْ أُحُداً.
سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ: عَنْ مَكْحُوْلٍ:
كَانَتِ الصَّحَابَةُ يَقُوْلُوْنَ: أَرْحَمُنَا بِنَا
أَبُو بَكْرٍ، وَأَنْطَقُنَا بِالحَقِّ عُمَرُ،
وَأَمِيْنُنَا أَبُو عُبَيْدَةَ، وَأَعْلَمُنَا
بِالحَرَامِ وَالحَلاَلِ مُعَاذٌ، وَأَقْرَؤُنَا أُبَيٌّ،
وَرَجُلٌ عِنْدَهُ عِلْمٌ ابْنُ مَسْعُوْدٍ، وَتَبِعَهُم
عُوَيْمِرُ أَبُو الدَّرْدَاءِ بِالعَقْلِ (2) .
وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: كَانَ الصَّحَابَةُ
يَقُوْلُوْنَ: أَتْبَعُنَا لِلعِلْمِ وَالعَمَلِ أَبُو
الدَّرْدَاءِ (3) .
وَرَوَى: عَوْنُ بنُ أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ أَبِيْهِ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ آخَى بَيْنَ سَلْمَانَ وَأَبِي
الدَّرْدَاءِ، فَجَاءهُ سَلْمَانُ يَزُوْرُهُ، فَإِذَا
أُمُّ الدَّرْدَاءِ مُتَبَذِّلَةٌ.
فَقَالَ: مَا شَأْنُكِ؟
قَالَتْ: إِنَّ أَخَاكَ لاَ حَاجَةَ لَهُ فِي الدُّنْيَا،
يَقُوْمُ اللَّيْلَ، وَيَصُومُ النَّهَارَ.
فَجَاءَ أَبُو الدَّرْدَاءِ، فَرَحَّبَ بِهِ، وَقَرَّبَ
إِلَيْهِ طَعَاماً.
فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ: كُلْ.
قَالَ: إِنِّي صَائِمٌ.
قَالَ: أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ لَتُفْطِرَنَّ.
فَأَكَلَ مَعَهُ، ثُمَّ بَاتَ عِنْدَهُ، فَلَمَّا كَانَ
مِنَ اللَّيْلِ، أَرَادَ أَبُو الدَّرْدَاءِ أَنْ
يَقُوْمَ، فَمَنَعَهُ سَلْمَانُ، وَقَالَ:
__________
(1) ابن عساكر 13 / 369 / 2.
(2) ابن عساكر 13 / 371 / 1.
(3) تاريخ البخاري 7 / 77، وابن عساكر 13 / 371 / 2.
(2/341)
إِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقّاً،
وَلِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقّاً، وَلأَهْلِكَ عَلَيْكَ
حَقّاً، صُمْ وَأَفْطِرْ، وَصَلِّ، وَائْتِ أَهْلَكَ،
وَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ.
فَلَمَّا كَانَ وَجْهُ الصُّبْحِ، قَالَ: قُمِ الآنَ إِنْ
شِئْتَ.
فَقَامَا، فَتَوَضَّأَا، ثُمَّ رَكَعَا، ثُمَّ خَرَجَا
إِلَى الصَّلاَةِ، فَدَنَا أَبُو الدَّرْدَاءِ لِيُخْبِرَ
رَسُوْلَ اللهِ بِالَّذِي أَمَرَهُ سَلْمَانُ.
فَقَالَ لَهُ: (يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ! إِنَّ لِجَسَدِكَ
عَلَيْكَ حَقّاً مِثْلَ مَا قَالَ لَكَ سَلْمَانُ (1)).
البَابْلُتِّيُّ: حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنَا
حَسَّانُ بنُ عَطِيَّةَ، قَالَ:
قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: لَو أُنْسِيْتُ آيَةً لَمْ
أَجِدْ أَحَداً يُذَكِّرُنِيْهَا إِلاَّ رَجُلاً بِبَرْكِ
الغَمَادِ، رَحَلْتُ إِلَيْهِ (2) .
الأَعْمَشُ: عَنْ سَالِمِ بنِ أَبِي الجَعْدِ، عَنْ أَبِي
الدَّرْدَاءِ، قَالَ:
سَلُوْنِي، فَوَاللهِ لَئِنْ فَقَدْتُمُوْنِي
لَتَفْقِدُنَّ رَجُلاً عَظِيْماً مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ
(3) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
رَبِيْعَةُ القَصِيْرُ: عَنْ أَبِي إِدْرِيْسَ، عَنْ
يَزِيْدَ بنِ عَمِيْرَةَ، قَالَ:
لَمَّا حَضَرَتْ مُعَاذاً الوَفَاةُ، قَالُوا: أَوْصِنَا.
فَقَالَ: العِلْمُ وَالإِيْمَانُ مَكَانَهُمَا، مَنِ
ابْتَغَاهُمَا وَجَدَهُمَا - قَالَهَا ثَلاَثاً -
فَالْتَمِسُوا العِلْمَ عِنْدَ أَرْبَعَةٍ: عِنْدَ
عُوَيْمِرٍ أَبِي
__________
(1) صحيح، أخرجه البخاري 4 / 182، 184 في الصوم: باب من
أقسم على أخيه ليفطر في التطوع، وفي الأدب: باب صنع الطعام
والتكلف للضيف، من طريق محمد بن بشار، عن جعفر بن عون، عن
أبي العميس عتبة، عن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه - وهو في
سنن الترمذي
(2415) وتاريخ ابن عساكر 13 / 371 / 2.
وقوله " متبذلة " أي: لابسة ثياب البذلة وهي المهنة.
وزنا ومعنى.
(2) أخرجه ابن عساكر 13 / 372 / 2، وبرك الغماد: موضع
بناحية اليمن، وقيل: هو موضع في أقاصي أرض هجر.
(3) ابن عساكر 13 / 372 / 2.
(2/342)
الدَّرْدَاءِ، وَسَلْمَانَ، وَابْنِ
مَسْعُوْدٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ سَلاَمٍ الَّذِي كَانَ
يَهُودِيّاً فَأَسْلَمَ (1).
وَعَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ: عُلَمَاءُ النَّاسِ ثَلاَثَةٌ:
وَاحِدٌ بِالعِرَاقِ، وَآخَرُ بِالشَّامِ -يَعْنِي: أَبَا
الدَّرْدَاءِ- وَهُوَ يَحْتَاجُ إِلَى الَّذِي بِالعِرَاقِ
-يَعْنِي: نَفْسَهُ- وَهُمَا يَحْتَاجَانِ إِلَى الَّذِي
بِالمَدِيْنَةِ -يَعْنِي: عَلِيّاً رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
(2) -.
إِسْنَادُهُ ضَعِيْفٌ.
ابْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنِي يَحْيَى بنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحَجْرِيِّ، قَالَ:
قَالَ أَبُو ذَرٍّ لأَبِي الدَّرْدَاءِ: مَا حَمَلَتْ
وَرْقَاءُ، وَلاَ أَظَلَّتْ خَضْرَاءُ أَعْلَمَ مِنْكَ يَا
أَبَا الدَّرْدَاءِ (3) .
مَنْصُوْرٌ: عَنْ رَجُلٍ، عَنْ مَسْرُوْقٍ، قَالَ:
وَجَدْتُ عِلْمَ الصَّحَابَةِ انْتَهَى إِلَى سِتَّةٍ:
عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَأُبَيٍّ، وَزَيْدٍ، وَأَبِي
الدَّرْدَاءِ، وَابْنِ مَسْعُوْدٍ، ثُمَّ انْتَهَى
عِلْمُهُمْ إِلَى: عَلِيٍّ، وَعَبْدِ اللهِ (4) .
وَقَالَ خَالِدُ بنُ مَعْدَانَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ
يَقُوْلُ: حَدِّثُوْنَا عَنِ العَاقِلَيْنِ.
فَيُقَالُ: مَنِ العَاقِلاَنِ؟
فَيَقُوْلُ: مُعَاذٌ، وَأَبُو الدَّرْدَاءِ (5).
__________
(1) ابن عساكر 13 / 373 / 1.
(2) ابن عساكر 13 / 373 / 1.
(3) ابن عساكر 13 / 373 / 2، والورقاء: الغبراء، أراد بها
الأرض، والخضراء: السماء.
(4) ابن عساكر 13 / 373 / 2، وأخرجه ابن سعد 2 / 351 من
طريق الفضل بن دكين، عن القاسم بن معن، عن منصور، عن مسلم
بن صبيح، عن مسروق.
وإسناده صحيح.
(5) أخرجه ابن سعد 2 / 350 من طريق قبيصة بن عقبة، أخبرنا
سفيان، عن ثور بن يزيد الكلاعي، عن خالد بن معدان، ورجاله
ثقات، وهو في تاريخ ابن عساكر 13 / 384 / 1.
(2/343)
وَرَوَى: سَعْدُ بنُ إِسْحَاقَ، عَنْ
مُحَمَّدِ بنِ كَعْبٍ، قَالَ:
جَمَعَ القُرْآنَ خَمْسَةٌ: مُعَاذٌ، وَعُبَادَةُ بنُ
الصَّامِتِ، وَأَبُو الدَّرْدَاءِ، وَأُبَيٌّ، وَأَبُو
أَيُّوْبَ، فَلَمَّا كَانَ زَمَنُ عُمَرَ، كَتَبَ إِلَيْهِ
يَزِيْدُ بنُ أَبِي سُفْيَانَ:
إِنَّ أَهْلَ الشَّامِ قَدْ كَثُرُوا، وَمَلَؤُوا
المَدَائِنَ، وَاحْتَاجُوا إِلَى مَنْ يُعَلِّمُهُمُ
القُرْآنَ، وَيُفَقِّهُهُمْ، فَأَعِنِّي بِرِجَالٍ
يُعَلِّمُوْنَهُمْ.
فَدَعَا عُمَرُ الخَمْسَةَ، فَقَالَ: إِنَّ إِخْوَانَكُم
قَدِ اسْتَعَانُوْنِي مَنْ يُعَلِّمُهُمُ القُرْآنَ،
وَيُفَقِّهُهُمْ فِي الدِّيْنِ، فَأَعِيْنُوْنِي
يَرْحَمْكُمُ اللهُ بِثَلاَثَةٍ مِنْكُمْ إِنْ
أَحْبَبْتُمْ، وَإِنِ انْتُدِبَ ثَلاَثَةٌ مِنْكُمْ،
فَلْيَخْرُجُوا.
فَقَالُوا: مَا كُنَّا لِنَتَسَاهَمَ، هَذَا شَيْخٌ
كَبِيْرٌ - لأَبِي أَيُّوْبَ - وَأَمَّا هَذَا فَسَقِيْمٌ
- لأُبَيٍّ -.
فَخَرَجَ: مُعَاذٌ، وَعُبَادَةُ، وَأَبُو الدَّرْدَاءِ.
فَقَالَ عُمَرُ: ابْدَؤُوا بِحِمْصَ، فَإِنَّكُمْ
سَتَجِدُوْنَ النَّاسَ عَلَى وُجُوْهٍ مُخْتَلِفَةٍ،
مِنْهُمْ مَنْ يَلْقَنُ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ،
فَوَجِّهُوا إِلَيْهِ طَائِفَةً مِنَ النَّاسِ، فَإِذَا
رَضِيْتُمْ مِنْهُمْ، فَلْيَقُمْ بِهَا وَاحِدٌ،
وَلْيَخْرُجْ وَاحِدٌ إِلَى دِمَشْقَ، وَالآخَرُ إِلَى
فِلَسْطِينَ.
قَالَ: فَقَدِمُوا حِمْصَ، فَكَانُوا بِهَا، حَتَّى إِذَا
رَضُوا مِنَ النَّاسِ، أَقَامَ بِهَا عُبَادَةُ بنُ
الصَّامِتِ، وَخَرَجَ أَبُو الدَّرْدَاءِ إِلَى دِمَشْقَ،
وَمُعَاذٌ إِلَى فِلَسْطِيْنَ، فَمَاتَ فِي طَاعُوْنِ
عَمَوَاسَ.
ثُمَّ صَارَ عُبَادَةُ بَعْدُ إِلَى فِلَسْطِيْنَ، وَبِهَا
مَاتَ، وَلَمْ يَزَلْ أَبُو الدَّرْدَاءِ بِدِمَشْقَ
حَتَّى مَاتَ (1).
__________
(1) أخرجه ابن سعد 2 / 356، 357 من طريق أبي بكر عبد
الحميد بن عبد الله بن أبي أويس، عن سليمان بن بلال، عن
سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة، عن محمد بن كعب
القرظي،..ورجاله ثقات، وأخرجه البخاري في " التاريخ الصغير
" 1 / 41، 42 من طريق إسماعيل بن أبي أويس، عن أخيه، عن
سليمان بن بلال، بهذا الإسناد، وهو في تاريخ ابن عساكر 13
/ 384 / 2.
وعمواس: قرية على ستة أميال من الرملة على طريق بيت
المقدس، وطاعون عمواس كان في سنة 18 ه، وفيه استشهد أبو
عبيدة، ومعاذ بن جبل، ويزيد بن أبي سفيان وغيرهم =
(2/344)
الأَحْوَصُ بنُ حَكِيْمٍ: عَنْ رَاشِدِ بنِ
سَعْدٍ، قَالَ:
بَلَغَ عُمَرَ أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ ابْتَنَى
كَنِيْفاً بِحِمْصَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ:
يَا عُوَيْمِرُ، أَمَا كَانَتْ لَكَ كِفَايَةٌ فِيْمَا
بَنَتِ الرُّوْمُ عَنْ تَزْيِيْنِ الدُّنْيَا، وَقَدْ
أَذِنَ اللهُ بِخَرَابِهَا، فَإِذَا أَتَاكَ كِتَابِي،
فَانْتَقِلْ إِلَى دِمَشْقَ (1).
مَالِكٌ: عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، قَالَ:
كَانَ أَبُو الدَّرْدَاءِ إِذَا قَضَى بَيْنَ اثْنَيْنِ،
ثُمَّ أَدْبَرَا عَنْهُ، نَظَرَ إِلَيْهِمَا، فَقَالَ:
ارْجِعَا إِلَيَّ، أَعِيْدَا عَلَيَّ قَضِيَّتَكُمَا (2) .
مَعْمَرٌ: عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عَمْرِو بنِ مُرَّةَ،
عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ:
كَتَبَ أَبُو الدَّرْدَاءِ إِلَى مَسْلَمَةَ بنِ
مُخَلَّدٍ: سَلاَمٌ عَلَيْكَ، أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ
العَبْدَ إِذَا عَمِلَ بِمَعْصِيَةِ اللهِ، أَبْغَضَهُ
اللهُ، فَإِذَا أَبْغَضَهُ اللهُ، بَغَّضَهُ إِلَى
عِبَادِهِ (3) .
وَقَالَ أَبُو وَائِلٍ: عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ:
إِنِّي لآمُرُكُمْ بِالأَمْرِ وَمَا أَفْعَلُهُ، وَلَكِنْ
لَعَلَّ اللهَ يَأْجُرُنِي فِيْهِ.
شُعْبَةُ: عَنْ سَعْدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ أَبِيْهِ:
أَنَّ عُمَرَ قَالَ لابْنِ مَسْعُوْدٍ وَأَبِي ذَرٍّ،
وَأَبِي الدَّرْدَاءِ: مَا هَذَا الحَدِيْثُ عَنْ رَسُوْلِ
اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟
وَأَحْسِبُهُ حَبَسَهُمْ بِالمَدِيْنَةِ حَتَّى أُصِيْبَ
(4).
__________
= " العبر " 1 / 21، 22.
ونتساهم: نتقارع من القرعة.
ويلقن: يفهم، من لقن الشئ يلقنه لقنا، وكذلك الكلام،
وتلقنه: فهمه، ولقنه إياه: فهمه.
(1) ابن عساكر 13 / 385 / 2.
(2) ابن عساكر 13 / 385 / 2.
(3) ابن عساكر 13 / 374 / 1 و385 / 2.
(4) تاريخ ابن عساكر، 13 / 376 / 1، وأخرجه أبو زرعة في "
تاريخ دمشق " (1479) من طريق عبد الله بن صالح المصري عن
إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن جده، دون قوله " وأحسبه حبسهم
بالمدينة حتى أصيب " ورجاله ثقات.
(2/345)
سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ: عَنْ
مُسْلِمِ بنِ مِشْكَمٍ:
قَالَ لِي أَبُو الدَّرْدَاءِ: اعْدُدْ مَنْ فِي
مَجْلِسِنَا.
قَالَ: فَجَاؤُوا أَلْفاً وَسِتَّ مائَةٍ وَنَيِّفاً،
فَكَانُوا يَقْرَؤُوْنَ، وَيَتَسَابَقُوْنَ عَشْرَةً
عَشْرَةً، فَإِذَا صَلَّى الصُّبْحَ انْفَتَلَ، وَقَرَأَ
جُزْءاً، فَيُحْدِقُونَ بِهِ، يَسْمَعُوْنَ أَلْفَاظَهُ،
وَكَانَ ابْنُ عَامِرٍ مُقَدَّماً فِيْهِم (1) .
وَقَالَ هِشَامُ بنُ عَمَّارٍ: حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ
أَبِي مَالِكٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
كَانَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يُصَلِّي، ثُمَّ يُقْرِئُ،
وَيَقْرَأُ، حَتَّى إِذَا أَرَادَ القِيَامَ، قَالَ
لأَصْحَابِهِ: هَلْ مِنْ وَلِيْمَةٍ أَوْ عَقِيْقَةٍ (2)
نَشْهَدُهَا؟
فَإِنْ قَالُوا: نَعَمْ، وَإِلاَّ قَالَ: اللَّهُمَّ
إِنِّي أُشْهِدُكَ أَنِّي صَائِمٌ، وَهُوَ الَّذِي سَنَّ
هَذِهِ الحِلَقَ لِلقِرَاءةِ.
قَالَ القَاسِمُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: كَانَ أَبُو
الدَّرْدَاءِ مِنَ الَّذِيْنَ أُوْتُوا العِلْمَ (3) .
أَبُو الضُّحَى: عَنْ مَسْرُوْقٍ، قَالَ:
شَامَمْتُ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- فَوَجَدْتُ عِلْمَهُمُ انْتَهَى إِلَى: عُمَرَ،
وَعَلِيٍّ، وَعَبْدِ اللهِ، وَمُعَاذٍ، وَأَبِي
الدَّرْدَاءِ، وَزَيْدِ بنِ ثَابِتٍ (4) .
وَعَنْ يَزِيْدَ بنِ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: إِنَّ أَبَا
الدَّرْدَاءِ مِنَ العُلَمَاءِ وَالفُقَهَاءِ الَّذِيْنَ
يَشْفُوْنَ مِنَ الدَّاءِ (5).
__________
(1) رجاله ثقات.
(2) العقيقة: هي الشاة التي تذبح عن الولد في اليوم السابع
من ولادته.
(3) ابن عساكر 13 / 373 / 2.
(4) أخرجه ابن سعد 2 / 351، وإسناده صحيح، وأبو الضحى: هو
مسلم بن صبيح، وقد تقدم تخريجه في الصفحة 343 ت 4، وقوله:
شاممت. يقال: شاممت فلانا: إذا قاربته وعرفت ما عنده
بالاختبار والكشف.
(5) ابن عساكر 13 / 373 / 2.
(2/346)
وَقَالَ اللَّيْثُ: عَنْ رَجُلٍ، عَنْ
آخَرَ:
رَأَيْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ دَخَلَ مَسْجِدَ النَّبِيِّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَعَهُ مِنَ
الأَتْبَاعِ مِثْلُ السُّلْطَانِ، فَمِنْ سَائِلٍ عَنْ
فَرِيْضَةٍ، وَمِنْ سَائِلٍ عَنْ حِسَابٍ، وَسَائِلٍ عَنْ
حَدِيْثٍ، وَسَائِلٍ عَنْ مُعْضِلَةٍ، وَسَائِلٍ عَنْ
شِعْرٍ.
قَالَ رَبِيْعَةُ بنُ يَزِيْدَ القَصِيْرُ: كَانَ أَبُو
الدَّرْدَاءِ إِذَا حَدَّثَ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ، قَالَ:
اللَّهُمَّ إِنْ لاَ هَكَذَا، وَإِلاَّ فَكَشَكْلِهِ (1) .
مَنْصُوْرٌ: عَنْ سَالِمِ بنِ أَبِي الجَعْدِ:
قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: مَا لِي أَرَى عُلَمَاءكُم
يَذْهَبُوْنَ، وَجُهَّالَكُمْ لاَ يَتَعَلَّمُوْنَ،
تَعَلَّمُوا، فَإِنَّ العَالِمَ وَالمُتَعَلِّمَ
شَرِيْكَانِ فِي الأَجْرِ (2) .
وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ مِنْ وَجْهٍ مُرْسَلٍ: لَنْ
تَكُوْنَ عَالِماً حَتَّى تَكُوْنَ مُتَعَلِّماً، وَلاَ
تُكُوْنُ مُتَعَلِّماً حَتَّى تَكُوْنَ بِمَا عَلِمْتَ
عَامِلاً، إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ إِذَا وَقَفْتُ
لِلحِسَابِ أَنْ يُقَالَ لِي: مَا عَمِلْتَ فِيْمَا
عَلِمْتَ (3) .
جَعْفَرُ بنُ بُرْقَانَ: عَنْ مَيْمُوْنِ بنِ مِهْرَانَ:
قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: وَيْلٌ لِلَّذِي لاَ يَعْلَمُ
مَرَّةً، وَوَيْلٌ لِلَّذِي يَعْلَمُ وَلاَ يَعْمَلُ
سَبْعَ مَرَّاتٍ (4).
__________
(1) أخرجه أبو زرعة في " تاريخ دمشق " (1474) من طريق عبد
الله بن صالح المصري، عن معاوية بن صالح، عن ربيعة بن يزيد
قال: كان أبو الدرداء إذا تحدث قال: اللهم إن لا هكذا،
فكشكله، وأخرجه أبو خيثمة رقم (105) في: كتاب العلم، من
طريق معن، عن معاوية بن صالح، عن ربيعة بن يزيد، عن أبي
الدرداء، وأخرجه ابن سعد 7 / 392 من طريق الواقدي عن
معاوية بن صالح، عن ربيعة بن يزيد، عن أبي الدرداء أنه كان
إذا حدث الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم
إن لم يكن هكذا، فشبهه، فشكله.
(2) ابن عساكر 13 / 375 / 2.
(3) أخرجه ابن سعد 2 / 375 من طريق جعفر بن برقان أن أبا
الدرداء قال:...وهو في تاريخ ابن عساكر 13 / 377 / 1.
(4) ابن عساكر 13 / 377 / 1.
(2/347)
ابْنُ عَجْلاَنَ: عَنْ عَوْنِ بنِ عَبْدِ
اللهِ:
قُلْتُ لأُمِّ الدَّرْدَاءِ: أَيُّ عِبَادَةِ أَبِي
الدَّرْدَاءِ كَانَتْ أَكْثَرَ؟
قَالَتْ: التَّفَكُّرُ وَالاعْتِبَارُ (1) .
وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ: تَفَكُّرُ سَاعَةٍ خَيْرٌ مِنْ
قِيَامِ لَيْلَةٍ (2) .
عَمْرُو بنُ وَاقِدٍ: عَنِ ابْنِ حَلْبَسٍ:
قِيْلَ لأَبِي الدَّرْدَاءِ - وَكَانَ لاَ يَفْتُرُ مِنَ
الذِّكْرِ -: كَمْ تُسَبِّحُ فِي كُلِّ يَوْمٍ؟
قَالَ: مائَةَ أَلْفٍ، إِلاَّ أَنْ تُخْطِئَ الأَصَابِعُ
(3) .
الأَعْمَشُ: عَنْ عَمْرِو بنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي
البَخْتَرِيِّ، قَالَ:
بَيْنَا أَبُو الدَّرْدَاءِ يُوْقِدُ تَحْتَ قِدْرٍ لَهُ،
إِذْ سَمِعْتُ فِي القِدْرِ صَوْتاً يَنْشُجُ، كَهَيْئَةِ
صَوْتِ الصَّبِيِّ، ثُمَّ انْكَفَأَتِ القِدْرُ، ثُمَّ
رَجَعَتْ إِلَى مَكَانِهَا، لَمْ يَنْصَبَّ مِنْهَا
شَيْءٌ.
فَجَعَلَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يُنَادِي: يَا سَلْمَانُ!
انْظُرْ إِلَى مَا لَمْ تَنْظُرْ إِلَى مِثْلِهِ أَنْتَ
وَلاَ أَبُوْكَ.
فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ: أَمَا إِنَّكَ لَو سَكَتَّ،
لَسَمِعْتَ مِنْ آيَاتِ رَبِّكَ الكُبْرَى (4) .
الأَوْزَاعِيُّ: عَنْ بِلاَلِ بنِ سَعْدٍ:
أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ قَالَ: أَعُوذُ بِاللهِ مِنْ
تَفْرِقَةِ القَلْبِ.
قِيْلَ: وَمَا تَفْرِقَةُ القَلْبِ؟
قَالَ: أَنْ يُجْعَلَ لِي فِي كُلِّ وَادٍ مَالٌ (5).
__________
(1) ابن عساكر 13 / 377.
(2) أخرجه ابن سعد 7 / 392 من طريق أبي معاوية الضرير، عن
الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن سالم بن أبي الجعد، عن أم
الدرداء، عن أبي الدرداء.
وهو في " تاريخ ابن عساكر " 13 / 377 / 2.
(3) ابن عساكر 13 / 377 / 2.
(4) ابن عساكر 13 / 378 / 2، 379 / 1.
(5) ابن عساكر 13 / 379 / 1.
(2/348)
رُوِيَ عَنْ: أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ:
لَوْلاَ ثَلاَثٌ مَا أَحْبَبْتُ البَقَاءَ سَاعَةً: ظَمَأُ
الهَوَاجِرِ، وَالسُّجُوْدُ فِي اللَّيْلِ، وَمُجَالَسَةُ
أَقْوَامٍ يَنْتَقُوْنَ جَيِّدَ الكَلاَمِ، كَمَا
يُنْتَقَى أَطَايِبُ الثَّمَرِ (1) .
الأَعْمَشُ: عَنْ غَيْلاَنَ، عَنْ يَعْلَى بنِ الوَلِيْدِ،
قَالَ:
لَقِيْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ، فَقُلْتُ: مَا تُحِبُّ
لِمَنْ تُحِبُّ؟
قَالَ: المَوْتُ.
قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَمُتْ؟
قَالَ: يَقِلُّ مَالُهُ وَوَلَدُهُ (2) .
قَالَ مُعَاوِيَةُ بنُ قُرَّةَ: قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ:
ثَلاَثَةٌ أُحِبُّهُنَّ وَيَكْرَهُهُنَّ النَّاسُ:
الفَقْرُ، وَالمَرَضُ، وَالمَوْتُ، أُحِبُّ الفَقْرَ
تَوَاضُعاً لِرَبِّي، وَالمَوْتَ اشْتِيَاقاً لِرَبِّي،
وَالمَرَضَ تَكْفِيْراً لِخَطِيْئَتِي (3) .
الأَوْزَاعِيُّ: عَنْ يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ، عَنْ
أَبِيْهِ: أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ أَوْجَعَتْ عَيْنُهُ
حَتَّى ذَهَبَتْ.
فَقِيْلَ لَهُ: لَو دَعَوْتَ اللهَ؟
فَقَالَ: مَا فَرَغْتُ بَعْدُ مِنْ دُعَائِهِ لِذُنُوْبِي،
فَكَيْفَ أَدْعُو لِعَيْنِي (4) ؟!
حَرِيْزُ بنُ عُثْمَانَ: حَدَّثَنَا رَاشِدُ بنُ سَعْدٍ،
قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى أَبِي
__________
(1) ابن عساكر 13 / 380 / 1.
(2) أخرجه ابن سعد 7 / 393 من طريق أبي معاوية الضرير، عن
الأعمش، عن غيلان بن بشير، عن يعلى بن الوليد، عن أبي
الدرداء، وهو في تاريخ ابن عساكر 13 / 380 / 2.
ولا إخال هذا يصح عن أبي الدرداء.
فإن النبي صلى الله عليه وسلم وهو القدوة دعا لأنس - وكان
يحبه بإطالة العمر وكثرة المال والولد.
(3) أخرجه ابن سعد 7 / 392 من طريق عمرو بن مرة قال: سمعت
شيخا يحدث، عن أبي الدرداء، وإسناده ضعيف، لجهالة الواسطة
بين عمرو بن مرة وأبي الدرداء.
وهو في " ابن عساكر " 13 / 380، 381 / 1 وهدي رسول الله
صلى الله عليه وسلم هو الاكمل والأفضل والواجب الاتباع،
فقد كان صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله من الفقر، وينهى
عن تمني الموت، ويسأل الله العافية.
(4) ابن عساكر 13 / 381 / 2.
(2/349)
الدَّرْدَاءِ، فَقَالَ: أَوْصِنِي.
قَالَ: اذْكُرِ اللهَ فِي السَّرَّاءِ، يَذْكُرْكَ فِي
الضَّرَّاءِ، وَإِذَا ذَكَرْتَ المَوْتَى، فَاجْعَلْ
نَفْسَكَ كَأَحَدِهِمْ، وَإِذَا أَشْرَفَتْ نَفْسُكَ عَلَى
شَيْءٍ مِنَ الدُّنْيَا، فَانْظُرْ إِلَى مَا يَصِيْرُ (1)
.
إِبْرَاهِيْمُ النَّخَعِيُّ: عَنْ هَمَّامِ بنِ الحَارِثِ:
كَانَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يُقْرِئُ رَجُلاً أَعْجَمِيّاً :
{إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّوْمِ طَعَامُ الأَثِيْمِ}
[الدُّخَانُ: 43]، فَقَالَ: طَعَامُ اليَتِيْمِ.
فَرَدَّ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَقُوْلَهَا،
فَقَالَ: قُلْ طَعَامُ الفَاجِرِ، فَأَقْرَأَهُ طَعَامُ
الفَاجِرِ.
مَنْصُوْرٌ: عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مُرَّةَ:
أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ قَالَ: اعْبُدِ اللهَ كَأَنَّكَ
تَرَاهُ، وَعُدَّ نَفْسَكَ فِي المَوْتَى، وَإِيَّاكَ
وَدَعْوَةَ المَظْلُوْمِ، وَاعْلَمْ أَنَّ قَلِيْلاً
يُغْنِيْكَ خَيْرٌ مِنْ كَثِيْرٍ يُلْهِيْكَ، وَأَنَّ
البِرَّ لاَ يَبْلَى، وَأَنَّ الإِثْمَ لاَ يُنْسَى (2) .
شَيْبَانُ: عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ أَبِي
الدَّرْدَاءِ:
إِيَّاكَ وَدَعَوَاتِ المَظْلُوْمِ، فَإِنَّهُنَّ
يَصْعَدْنَ إِلَى اللهِ كَأَنَّهُنَّ شَرَارَاتٍ مِنْ
نَارٍ (3) .
وَرَوَى: لُقْمَانُ بنُ عَامِرٍ، أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ
قَالَ:
أَهْلُ الأَمْوَالِ يَأْكُلُوْنَ وَنَأْكُلُ،
وَيَشْرَبُوْنَ وَنَشْرَبُ، وَيَلْبَسُوْنَ وَنَلْبَسُ،
وَيَرْكَبُوْنَ وَنَرْكَبُ، وَلَهُمْ فُضُوْلُ أَمْوَالٍ
يَنْظُرُوْنَ إِلَيْهَا، وَنَنْظُرُ إِلَيْهَا مَعَهُمْ،
وَحِسَابُهُمْ عَلَيْهَا، وَنَحْنُ مِنْهَا بُرَآءُ (4) .
وَعَنْهُ، قَالَ: الحَمْدُ للهِ الَّذِي جَعَلَ
الأَغْنِيَاءَ يَتَمَنَّوْنَ أَنَّهُمْ مِثْلُنَا عِنْدَ
__________
(1) ابن عساكر 13 / 381 / 2، وقوله: " وإذا أشرفت نفسك على
شيء " أي تطلعت إليه.
(2) ابن عساكر 13 / 382 / 1.
(3) ابن عساكر 13 / 382 / 1.
(4) ابن عساكر 13 / 383 / 2.
(2/350)
المَوْتِ، وَلاَ نَتَمَنَّى أَنَّنَا
مِثْلُهُمْ حِيْنَئِذٍ، مَا أَنْصَفَنَا إِخْوَانُنَا
الأَغْنِيَاءُ، يُحِبُّوْنَنَا عَلَى الدِّيْنِ،
وَيُعَادُوْنَنَا عَلَى الدُّنْيَا (1) .
رَوَاهُ: صَفْوُانُ بنُ عَمْرٍو الحِمْصِيُّ، عَنْ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بنِ جُبَيْرٍ.
وَرَوَى: صَفْوَانُ، عَنِ ابْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيْهِ،
قَالَ:
لَمَّا فُتِحَتْ قُبْرُسُ، مُرَّ بِالسَّبْيِ عَلَى أَبِي
الدَّرْدَاءِ، فَبَكَى.
فَقُلْتُ لَهُ: تَبْكِي فِي مِثْلِ هَذَا اليَوْمِ الَّذِي
أَعَزَّ اللهُ فِيْهِ الإِسْلاَمَ وَأَهْلَهُ!
قَالَ: يَا جُبَيْرُ! بَيْنَا هَذِهِ الأُمَّةُ قَاهِرَةٌ
ظَاهِرَةٌ، إِذْ عَصَوُا اللهَ، فَلَقُوا مَا تَرَى، مَا
أَهْوَنَ العِبَادَ عَلَى اللهِ إِذَا هُمْ عَصَوْهُ (2) .
بَقِيَّةُ: عَنْ حَبِيْبِ بنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ
الصَّمَدِ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، قَالَتْ:
كَانَ أَبُو الدَّرْدَاءِ لاَ يُحَدِّثُ بِحَدِيْثٍ إِلاَّ
تَبَسَّمَ.
فَقُلْتُ: إِنّي أَخَافُ أَنْ يُحَمِّقَكَ النَّاسُ.
فَقَالَ: كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- لاَ يُحَدِّثُ بِحَدِيْثٍ إِلاَّ تَبَسَّمَ.
أَخْرَجَهُ: أَحْمَدُ فِي (المُسْنَدِ (3)).
عِكْرِمَةُ بنُ عَمَّارٍ: عَنْ أَبِي قُدَامَةَ مُحَمَّدِ
بنِ عُبَيْدٍ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، قَالَتْ:
كَانَ لأَبِي الدَّرْدَاءِ سِتُّوْنَ وَثَلاَثُ مائَةِ
خَلِيْلٍ فِي اللهِ، يَدْعُو لَهُمْ فِي الصَّلاَةِ،
فَقُلْتُ لَهُ فِي ذَلِكَ.
فَقَالَ: إِنَّهُ لَيْسَ رَجُلٌ يَدْعُو لأَخِيْهِ فِي
الغَيْبِ إِلاَّ وَكَّلَ اللهُ بِهِ مَلَكَيْنِ
يَقُوْلاَنِ: وَلَكَ بِمِثْلٍ، أَفَلاَ أَرْغَبُ أَنْ
تَدْعُوَ لِيَ المَلائِكَةُ (4).
__________
(1) ابن عساكر 13 / 383 / 2.
(2) ابن عساكر 13 / 389 / 1.
(3) 5 / 199، وبقية مدلس وقد عنعن، وحبيب بن عمر ضعيف.
وهو في " تاريخ ابن عساكر " 13 / 389 / 2.
(4) ابن عساكر 13 / 389 / 2.
(2/351)
وَقَالَ أَبُو الزَّاهِرِيَّةِ: قَالَ
أَبُو الدَّرْدَاءِ: إِنَّا لَنُكَشِّرُ فِي وُجُوْهِ
أَقْوَامٍ، وَإِنَّ قُلُوْبَنَا لَتَلْعَنُهُمْ (1) .
قَالَتْ أُمُّ الدَّرْدَاءِ: لَمَّا احْتُضِرَ أَبُو
الدَّرْدَاءِ، جَعَلَ يَقُوْلُ:
مَنْ يَعْمَلُ لِمِثْلِ يَوْمِي هَذَا، مَنْ يَعْمَلُ
لِمِثْلِ مَضْجَعِي هَذَا.
أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ،
أَخْبَرَنَا الفَتْحُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ، أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ القَاضِي، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ،
وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الطَّرَائِقِيُّ، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ المُسْلِمَةِ،
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ،
أَخْبَرَنَا جَعْفَرٌ الفِرْيَابِيُّ، حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بنُ عَائِذٍ، حَدَّثَنَا الهَيْثَمُ بنُ
حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا الوَضِيْنُ بنُ عَطَاءٍ، عَنْ
يَزِيْدَ بنِ مَزْيَدٍ، قَالَ:
ذُكِرَ الدَّجَّالُ فِي مَجْلِسٍ فِيْهِ أَبُو
الدَّرْدَاءِ، فَقَالَ نَوْفٌ البِكَالِيُّ (2) : إِنِّي
لِغَيْرِ الدَّجَّالِ أَخْوَفُ مِنِّي مِنَ الدَّجَّالِ.
فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: وَمَا هُوَ؟
قَالَ: أَخَافُ أَنْ أُسْتَلَبَ إِيْمَانِي وَأَنَا لاَ
أَشْعُرُ.
فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا ابْنَ
الكِنْدِيَّةِ، وَهَلْ فِي
__________
(1) ابن عساكر 13 / 391 / 2، وعلقه البخاري في " صحيحه "
10 / 437 في الأدب: باب المداراة مع الناس، قال الحافظ:
وهذا الاثر وصله ابن أبي الدنيا، وإبراهيم الحربي في "
غريب الحديث "، والدينوري في " المجالسة " من طريق أبي
الزاهرية، عن جبير بن نفير، عن أبي الحديث "، والدينوري في
" المجالسة " من طريق أبي الزاهرية، عن جبير بن نفير، عن
أبي الدرداء، فذكر مثله، وزاد: ونضحك إليهم، وذكره بلفظ
اللعن، ولم يذكر الدينوري في إسناده جبير بن نفير، ورويناه
في فوائد أبي بكر بن المقري من طريق كامل أبي العلاء، عن
أبي صالح، عن أبي الدرداء قال: إنا لنكشر أقواما فذكر
مثله، وهو منقطع، وأخرجه أبو نعيم في " الحلية " من طريق
خلف بن حوشب قال: قال أبو الدرداء فذكره، وهو منقطع أيضا.
والكشر: ظهور الأسنان، وأكثر ما يطلق عند الضحك، والاسم:
الكشرة، كالعشرة.
(2) نوف البكالي: هو ابن امرأة كعب الاحبار وقع ذكره في "
الصحيحين " في حديث سعيد ابن جبير عن ابن عباس، عن أبي بن
كعب في قصة موسى مع الخضر، وذكره ابن حبان في الثقات،
وقال: كان راوية للقصص، ذكره البخاري في " الأوسط " في فصل
من مات ما بين التسعين إى المئة.
وقد التبس أمره على الأستاذ الابياري، فحذفه، وأثبت مكانه
" ابن الكندية ".
(2/352)
الأَرْضِ خَمْسُوْنَ يَتَخَوَّفُوْنَ مَا
تَتَخَوَّفُ.
ثُمَّ قَالَ: وَثَلاَثُوْنَ، وَعِشْرُوْنَ، وَعَشْرَةٌ،
وَخَمْسَةٌ.
ثُمَّ قَالَ: وَثَلاَثَةُ، كُلُّ ذَلِكَ يَقُوْلُ:
ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا
أَمِنَ عَبْدٌ عَلَى إِيْمَانِهِ إِلاَّ سُلِبَهُ، أَوِ
انْتُزِعَ مِنْهُ، فَيَفْقِدُهُ، وَالَّذِي نَفْسِي
بِيَدِهِ، مَا الإِيْمَانُ إِلاَّ كَالقَمِيْصِ
يَتَقَمَّصُهُ مَرَّةً وَيَضَعُهُ أُخْرَى.
قَالَ الوَاقِدِيُّ، وَأَبُو مُسْهِرٍ، وَابْنُ نُمَيْرٍ:
مَاتَ أَبُو الدَّرْدَاءِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ
وَثَلاَثِيْنَ (1) .
وَعَنْ خَالِدِ بنِ مَعْدَانَ، قَالَ: مَاتَ سَنَةَ
إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ (2) .
فَهَذَا خَطَأٌ؛ لأَنَّ الثَّوْرِيَّ رَوَى عَنِ:
الأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ بنِ عُمَيْرٍ، عَنْ حُرَيْثِ
بنِ ظُهَيْرٍ، قَالَ:
لَمَّا جَاءَ نَعْيٌ -يَعْنِي: ابْنَ مَسْعُوْدٍ- إِلَى
أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: أَمَا إِنَّهُ لَمْ يُخَلِّفْ
بَعْدَهُ مِثْلَهُ!
وَوَفَاةُ عَبْدِ اللهِ: فِي سَنَةِ 32.
وَرَوَى: إِسْمَاعِيْلُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي
عُبَيْدِ اللهِ الأَشْعَرِيِّ، قَالَ:
مَاتَ أَبُو الدَّرْدَاءِ قَبْلَ مَقْتَلِ عُثْمَانَ
-رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا (3) -.
وَقِيْلَ: الَّذِيْنَ فِي حَلْقَةِ إِقْرَاءِ أَبِي
الدَّرْدَاءِ كَانُوا أَزْيَدَ مِنْ أَلْفِ رَجُلٍ،
وَلِكُلِّ عَشْرَةٍ مِنْهُم مُلَقِّنٌ، وَكَانَ أَبُو
الدَّرْدَاءِ يَطُوْفُ عَلَيْهِم قَائِماً، فَإِذَا
أَحْكَمَ الرَّجُلُ مِنْهُم، تَحَوَّلَ إِلَى أَبِي
الدَّرْدَاءِ -يَعْنِي: يَعْرِضُ عَلَيْهِ-.
وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: مَنْ أَكْثَرَ ذِكْرَ
المَوْتِ، قَلَّ فَرَحُهُ، وَقَلَّ حَسَدُهُ.
__________
(1) ابن سعد 7 / 393، وابن عساكر 13 / 392 / 2.
(2) ابن عساكر 13 / 392 / 2.
(3) وانظر " تاريخ دمشق " 1 / 220 و2 / 689 لأبي زرعة.
سير 2 / 23
(2/353)
69 - عِيَاضُ بنُ غَنْمِ بنِ زُهَيْرِ بنِ
أَبِي شَدَّادٍ أَبُو سَعْدٍ الفِهْرِيُّ *
مِمَّنْ بَايَعَ بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ، وَاسْتَخْلَفَهُ
قَرَابَتُهُ أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ لَمَّا
احْتُضِرَ عَلَى الشَّامِ (1) .
حَدَّثَ عَنْهُ: جُبَيْرُ بنُ نُفَيْرٍ، وَغَيْرُهُ.
وَكَانَ خَيِّراً، صَالِحاً، زَاهِداً، سَخِيّاً، وَهُوَ
الَّذِي افْتَتَحَ الجَزِيْرَةَ صُلْحاً.
أَقَرَّهُ عُمَرُ عَلَى الشَّامِ، فَعَاشَ بَعْدُ نَحْواً
مِنْ عَامَيْنِ.
وَقِيْلَ: عَاشَ سِتِّيْنَ سَنَةً، وَمَاتَ فِي سَنَةِ
عِشْرِيْنَ بِالشَّامِ (2) .
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: شَهِدَ الحُدَيْبِيَةَ، وَكَانَ
أَحَدَ الأُمَرَاءِ الخَمْسَةِ يَوْمَ اليَرْمُوْكِ (3).
__________
(*) طبقات خليفة: 28، 300، تاريخ خليفة: 147، التاريخ
الكبير: 7 / 19 18، تاريخ الفسوي: 3 / 307، المستدرك: 3 /
291 289، الاستبصار: 298، الاستيعاب: 3 / 1235، تاريخ ابن
عساكر: 13 / 407 / 2، أسد الغابة: 4 / 327، تاريخ الإسلام:
2 / 36، العبر: 1 / 24، مجمع الزوائد: 9 / 404، الإصابة: 7
/ 189، شذرات الذهب: 1 / 31.
(1) " تاريخ دمشق " لأبي زرعة (192) وابن سعد 7 / 398،
والحاكم 3 / 290، و" مجمع الزوائد " 9 / 404.
(2) ابن سعد 7 / 398، و" المستدرك " 3 / 290.
(3) اليرموك: واد في حوزان جنوب دمشق في طرف الغور، ووقعة
اليرموك كانت بين المسلمين والروم، تم فيها النصر والغلب
للمسلمين، وقد اختلفوا في السنة التي كانت فيها هذه
الوقعة، فقد نقل الحافظ ابن عساكر عن يزيد بن أبي عبيدة،
والوليد، وابن لهيعة، والليث، وأبي معشر أنها كانت في سنة
خمس عشرة بعد فتح دمشق، وقال ابن إسحاق: كانت في رجب سنة
خمس عشرة، وقال خليفة بن خياط: قال ابن الكلبي: كانت وقعة
اليرموك يوم الاثنين لخمس =
(2/354)
رَوَى عَنْهُ: عِيَاضُ بنُ عَمْرٍو
الأَشْعَرِيُّ.
قُلْتُ: فَأَمَّا عِيَاضُ بنُ زُهَيْرٍ الفِهْرِيُّ،
فَبَدْرِيٌّ كَبِيْرٌ، وَهُوَ عَمُّ عِيَاضِ بنِ غَنْمٍ،
يُكْنَى أَيْضاً: أَبَا سَعْدٍ، لاَ رِوَايَةَ لَهُ،
تُوُفِّيَ زَمَنَ عُثْمَانَ فِي سَنَةِ ثَلاَثِيْنَ
-رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-.
70 - سَلَمَةُ بنُ سَلاَمَةَ بنِ وَقْشِ بنِ زُغْبَةَ
الأَشْهَلِيُّ *
ابْنِ زَعُوْرَاءَ بنِ عَبْدِ الأَشْهَلِ، أَبُو عَوْفٍ
الأَشْهَلِيُّ، ابْنُ عَمَّةِ مُحَمَّدِ بنِ مَسْلَمَةَ.
شَهِدَ: العَقَبَتَيْنِ، وَبَدْراً، وَأُحُداً،
وَالمَشَاهِدَ (1) .
وَلَهُ حَدِيْثٌ فِي (مُسْنَدِ الإِمَامِ أَحْمَدَ) مِنْ
رِوَايَةِ مَحْمُوْدِ بنِ لَبِيْدٍ، عَنْهُ (2).
__________
= مضين من رجب سنة خمس عشرة.
قال ابن عساكر: وهذا هو المحفوظ، وأما ما قاله سيف من أنها
قبل فتح دمشق سنة ثلاث عشرة، فلم يتابع عليه.
والأمراء: هم أبو عبيدة، وشرحبيل بن حسنة، ويزيد بن أبي
سفيان، وعمرو بن العاص.
* مسند أحمد: 3 / 467، طبقات ابن سعد: 3 / 439، طبقات
خليفة: 77، تاريخ خليفة: 207، التاريخ الكبير: 4 / 69 68،
المعارف: 263، تاريخ الفسوي: 1 / 334، المستدرك: 3 / 419
417، الاستبصار: 2222، الاستيعاب: 2 / 641، أسد الغابة: 2
/ 428، تاريخ الإسلام: 2 / 227، الإصابة: 4 / 230.
(1) ابن سعد 3 / 440.
(2) في الأصل: محمود بن الربيع عنه وهو تحريف، وهو في "
المسند " 3 / 467 من طريق ابن إسحاق حدثني صالح بن إبراهيم
بن عبد الرحمن بن عوف، عن محمود بن لبيد أخي بني عبد
الاشهل عن سلمة بن سلامة بن وقش وكان من أصحاب بدر، قال:
كان لنا جار من يهود في بني عبد الاشهل، وقال: فخرج علينا
يوما من بيته قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم بيسير،
فوقف على مجلس عبد الاشهل، قال سلمة: وأنا يومئذ أحدث من
فيه سنا، علي بردة مضطجعا فيها بفناء أهلي، فذكر البعث،
والقيامة، والحساب، والميزان، والجنة، والنار، فقال: ذلك
لقوم أهل شرك أصحاب أوثان، لا يرون أن بعثا كائن بعد
الموت، فقالوا له: ويحك يا فلان، ترى هذا كائنا أن =
(2/355)
قِيْلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ
وَثَلاَثِيْنَ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ
وَأَرْبَعِيْنَ، وَهُوَ ابْنُ سَبْعِيْنَ سَنَةً، وَدُفِنَ
بِالمَدِيْنَةِ، وَقَدِ انْقَرَضَ عَقِبُهُ (1) .
آخَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِي سَبْرَةَ بنِ أَبِي رُهْمٍ
العَامِرِيِّ.
وَقِيْلَ: بَيْنَهُ وَبَيْنَ الزُّبَيْرِ بنِ العَوَّامِ.
71 - النُّعْمَانُ بنُ مُقَرِّنٍ أَبُو حَكِيْمٍ
المُزَنِيُّ *
وَقِيْلَ: أَبُو عَمْرٍو المُزَنِيُّ، الأَمِيْرُ، صَاحِبُ
رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
__________
= الناس يبعثون بعد موتهم.
إلى دار فيها جنة ونار، يجزون فيها بأعمالهم ؟ قال: نعم،
والذي يحلف به، لود أن له بحظه من تلك النار أعظم تنور في
الدنيا، يحمونه ثم يدخلونه إياه فيطبق به عليه، وأن ينجو
من تلك النار غدا، قالوا له: ويحك، وما آية ذلك ؟ قال: نبي
يبعث من نحو هذه البلاد، وأشار بيده نحو مكة واليمن،
قالوا: ومتى تراه ؟ قال: فنظر إلي وأنا من أحدثهم سنا
فقال: إن يستنفد هذا الغلام عمره يدركه، قال سلمة: فوالله
ما ذهب الليل والنهار، حتى بعث الله تعالى رسوله صلى الله
عليه وسلم وهو حي بين أظهرنا فآمنا به، وكفر به بغيا
وحسدا، فقلنا: يولك يا فلان، ألست بالذي قلت لنا فيه ما
قلت ؟ قال بلى، وليس به.
وإسناده قوي، فقد صرح فيه ابن إسحاق بالتحديث.
(1) ابن سعد 3 / 440.
(*) مسند أحمد: 5 / 444، التاريخ لابن معين: 608، طبقات
ابن سعد: 6 / 18، طبقات خليفة: 38، 128، 177، تاريخ خليفة:
149، التاريخ الكبير: 8 / 75، المعارف: 75، 183، 299،
الجرح والتعديل: 8 / 444، المستدرك: 3 / 295 292،
الاستيعاب: 4 / 1505، أسد الغابة: 5 / 342، تهذيب الكمال:
1418، تاريخ الإسلام: 2 / 44، العبر: 1 / 25، تهذيب
التهذيب: 10 / 456، الإصابة: 10 / 170، خلاصة تذهيب
الكمال: 403،
شذرات الذهب: 1 / 32.
(2/356)
كَانَ إِلَيْهِ لِوَاءُ قَوْمِهِ يَوْمَ
فَتْحِ مَكَّةَ، ثُمَّ كَانَ أَمِيْرَ الجَيْشِ الَّذِيْنَ
افْتَتَحُوا نَهَاوَنْدَ (1) ، فَاسْتُشْهِدَ يَوْمَئِذٍ
(2) .
وَكَانَ مُجَابَ الدَّعْوَةِ، فَنَعَاهُ عُمَرُ عَلَى
المِنْبَرِ إِلَى المُسْلِمِيْنَ، وَبَكَى.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ؛ مُعَاوِيَةُ، وَمَعْقِلُ بنُ
يَسَارٍ، وَمُسْلِمُ بنُ الهَيْضَمِ، وَجُبَيْرُ بنُ
حَيَّةَ الثَّقَفِيُّ.
وَكَانَ مَقْتَلُهُ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ،
يَوْم جُمُعَةٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ (3) -.
زَائِدَةُ: حَدَّثَنَا عَاصِمُ بنُ كُلَيْبٍ الجَرْمِيُّ،
حَدَّثَنِي أَبِي:
أَنَّهُ أَبْطَأ عَلَى عُمَرَ خَبَرُ نَهَاوَنْدَ وَابْنِ
مُقَرِّنٍ، وَأَنَّهُ كَانَ يَسْتَنْصِرُ، وَأَنَّ
النَّاسَ كَانُوا مِمَّا يَرَوْنَ مِنِ اسْتِنْصَارِهِ
لَيْسَ هَمُّهُمْ إِلاَّ نَهَاوَنْدَ وَابْنَ مُقَرِّنٍ.
فَجَاءَ إِلَيْهِمْ أَعْرَابِيٌّ مُهَاجِرٌ، فَلَمَّا
بَلَغَ البَقِيْعَ، قَالَ: مَا أَتَاكُمْ عَنْ
نَهَاوَنْدَ؟
قَالُوا: وَمَا ذَاكَ؟
قَالَ: لاَ شَيْءَ.
فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ عُمَرُ، فَأَتَاهُ، فَقَالَ:
أَقْبَلْتُ بِأَهْلِي مُهَاجِراً حَتَّى وَرَدْنَا مَكَانَ
كَذَا وَكَذَا، فَلَمَّا صَدَرْنَا، إِذَا نَحْنُ
بِرَاكِبٍ عَلَى جَمَلٍ أَحْمَرَ، مَا رَأَيْتُ مِثْلَهُ،
فَقُلْتُ: يَا عَبْدَ اللهِ! مِنْ أَيْنَ أَقْبَلْتَ؟
قَالَ: مِنَ العِرَاقِ.
قُلْتُ: مَا خَبَرُ النَّاسِ؟
قَالَ: اقْتَتَلَ النَّاسُ بِنَهَاوَنْدَ، فَفَتَحَهَا
اللهُ، وَقُتِلَ ابْنُ مُقَرِّنٍ، وَاللهِ مَا أَدْرِي
أَيُّ النَّاسِ هُوَ، وَلاَ مَا نَهَاوَنْدَ.
فَقَالَ: أَتَدْرِي أَيُّ يَوْمٍ ذَاكَ مِنَ الجُمُعَةِ؟
قَالَ: لاَ.
قَالَ عُمَرُ: لَكِنِّي أَدْرِي، عُدَّ مَنَازِلَكَ.
قَالَ: نَزَلْنَا مَكَانَ كَذَا، ثُمَّ ارْتَحَلْنَا،
فَنَزَلْنَا مَنْزِلَ كَذَا، حَتَّى عَدَّ.
فَقَالَ عُمَرُ: ذَاكَ يَوْمُ كَذَا وَكَذَا مِنَ
الجُمُعَةِ، لَعَلَّكَ تَكُوْنُ لَقِيْتَ بَرِيْداً مِنْ
بُرُدِ الجِنِّ، فَإِنَّ لَهُمْ بُرُداً.
__________
(1) نهاوند: مدينة في قبلة همذان بينهما ثلاثة أيام، كان
فتحها سنة 21 ه في خلافة عمر رضي الله عنه.
انظر " تاريخ الإسلام " 2 / 39، 42 للمؤلف.
(2) ابن سعد 6 / 18، و" الاستيعاب " 10 / 319، و" الإصابة
" 10 / 170.
(3) " أسد الغابة " 5 / 343، و" المستدرك " 3 / 292.
(2/357)
فَلَبِثَ مَا لَبِثَ، ثُمَّ جَاءَ
البَشِيْرُ بِأَنَّهُمُ الْتَقَوْا ذَلِكَ اليَوْمَ (1).
بَنُو عَفْرَاءَ:
72 - مُعَاذُ بنُ الحَارِثِ بنِ رِفَاعَةَ الأَنْصَارِيُّ
*
ابْنِ الحَارِثِ بنِ سَوَادِ بنِ مَالِكِ بنِ غَنْمِ بنِ
مَالِكِ بنِ النَّجَّارِ الأَنْصَارِيُّ، النَّجَّارِيُّ.
أَخُو: عَوْفٍ، وَرَافِعٍ، وَرِفَاعَةَ.
وَأُمُّهُمْ: عَفْرَاءُ بِنْتُ عُبَيْدِ بنِ ثَعْلَبَةَ
بنِ عُبَيْدِ بنِ ثَعْلَبَةَ بنِ غَنْمِ بنِ مَالِكِ بنِ
النَّجَّارِ.
كَانَ شَهِدَ بَدْراً.
وَلَهُ مِنَ الوَلَدِ: عُبَيْدُ اللهِ، وَالحَارِثُ،
وَعَوْفٌ، وَسَلْمَى، وَإِبْرَاهِيْمُ، وَعَائِشَةُ،
وَسَارَةُ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: يُرْوَى أَنَّ مُعَاذاً هَذَا،
وَرَافِعَ بنَ مَالِكٍ الزُّرَقِيَّ أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ
مِنَ الأَنْصَارِ بِمَكَّةَ، وَأَمْرُ السِّتَّةِ أَثْبَتُ
(2) .
وَشَهِدَ مُعَاذٌ العَقَبَتَيْنِ جَمِيْعاً.
وَآخَى رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَعْمَرِ بنِ الحَارِثِ
الجُمَحِيِّ، أَحَدُ البَدْرِيِّيْنَ (3).
__________
(1) رجال السند المذكور هنا ثقات، وزائدة: هو ابن قدامة
الثقفي.
(*) طبقات ابن سعد: 3 / 491، طبقات خليفة: 90، تاريخ
خليفة: 202، المستدرك: 3 / 521، الاستيعاب: 3 / 1407، أسد
الغابة: 5 / 197، تهذيب الكمال: 1338، تهذيب التهذيب: 10 /
188، الإصابة: 9 / 221، خلاصة تذهيب الكمال: 380، شذرات
الذهب: 1 / 71.
(2) " طبقات ابن سعد " 3 / 491، 492، و" أسد الغابة " 5 /
198، و" الاستيعاب " 10 / 118.
(3) ابن سعد 3 / 492.
(2/358)
وَمَاتَ مُعَاذٌ بَعْدَ مَقْتَلِ
عُثْمَانَ، وَلَهُ عَقِبٌ (1).
73 - مُعَوِّذُ بنُ الحَارِث بنِ رِفَاعَةَ الأَنْصَارِيُّ
*
ابْنُ عَفْرَاءَ، وَهُوَ وَالِدُ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ
مُعَوِّذٍ، وَأُخْتُهَا عُمَيْرَةُ.
شَهِدَ العَقَبَةَ مَعَ السَّبْعِيْنَ، عِنْدَ ابْنِ
إِسْحَاقَ فَقَطْ.
وَهُوَ الَّذِي قِيْلَ: إِنَّهُ ضَرَبَ أَبَا جَهْلٍ، هُوَ
وَأَخُوْهُ عَوْفٌ، حَتَّى أَثْخَنَاهُ. وَعَطَفَ هُوَ
عَلَيْهِمَا، فَقَتَلَهُمَا، ثُمَّ وَقَعَ صَرِيْعاً،
ثُمَّ ذَفَّفَ عَلَيْهِ (2) ابْنُ مَسْعُوْدٍ.
وَكَانَ مُعَوِّذٌ وَعَوْفٌ (3) قَدْ وَقَفَا يَوْمَئِذٍ
فِي الصَّفِّ بِجَنْبِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ،
وَقَالاَ لَهُ:
يَا عَمُّ، أَتَعْرِفُ أَبَا جَهْلٍ؟ فَإِنَّهُ بَلَغَنَا
أَنَّهُ يُؤْذِي رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ -.
فَدَلَّهُمَا عَلَيْهِ، فَشَدَّا مَعاً عَلَيْهِ.
74 - عَوْفُ بنُ الحَارِثِ بنِ رِفَاعَةَ الأَنْصَارِيُّ
**
ابْنُ عَفْرَاءَ.
__________
(1) ابن سعد 3 / 492، و" الاستيعاب " 10 / 118.
(*) طبقات ابن سعد: 3 / 492، طبقات خليفة: 90، تاريخ
خليفة: 61، المعارف: 597، الاستبصار: 66، الاستيعاب: 4 /
1442، أسد الغابة: 5 / 240، الإصابة: 9 / 265.
(2) ذفف عليه: أجهز عليه، والخبر في " ابن سعد " 3 / 492.
(3) في " ابن هشام " 1 / 634، 635: معاذ بن عمرو بن الجموع
ومعوذ بن عفراء، وفي " المسند " 3 / 115 و129 و236، و"
البخاري " 7 / 229، ومسلم (1800) من حديث أنس:
ابنا عفراء، ولم يسميا، وفي البخاري 6 / 177 من حديث عبد
الرحمن بن عوف: وكانا معاذ ابن عفراء، ومعاذ بن عمرو بن
الجموع، وسيذكر المؤلف بعد قليل أن هذه الرواية أصح.
(* *) طبقات ابن سعد: 3 / 492، طبقات خليفة: 90، تاريخ
خليفة: 61، الجرح والتعديل: 7 / 14، الاستبصار: 64،
الاستيعاب: 3 / 1225، أسد الغابة: 4 / 311، الإصابة: 7 /
177.
(2/359)
شَهِدَ العَقَبَةَ.
وَبَعْضُهُمْ عَدَّهُ أَحَدَ السِّتَّةِ النَّفَرِ
الَّذِيْن لَقُوا رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- أَوَّلاً (1) .
شَهِدَ بَدْراً، وَاسْتُشْهِدَ.
وَأَخُوْهُمُ الرَّابِعُ:
75 - رِفَاعَةُ بنُ الحَارِثِ بنِ رِفَاعَةَ
الأَنْصَارِيُّ *
بَدْرِيٌّ.
تَفَرَّدَ بِذِكْرِهِ: ابْنُ إِسْحَاقَ.
فَقَالَ الوَاقِدِيُّ: لَيْسَ ذَلِكَ عِنْدَنَا بِثَبْتٍ.
وَلِعَوْفٍ عَقِبٌ.
قَالَ جَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ
سِيْرِيْنَ يَقُوْلُ فِي قَتْلِ أَبِي جَهْلٍ:
أَقْعَصَهُ ابْنَا عَفْرَاءَ، وَذَفَّفَ عَلَيْهِ ابْنُ
مَسْعُوْدٍ (2) .
وَفِي رِوَايَةِ صَالِحِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ:
أَنَّ اللَّذَيْنِ سَأَلاَهُ، وَقَتَلاَ أَبَا جَهْلٍ:
مُعَاذُ بنُ عَمْرِو بنِ الجَمُوْحِ؛ وَمعَاذُ بنُ
عَفْرَاءَ (3) ، وَهُوَ أَصَحُّ.
__________
(1) ابن سعد 3 / 492، 493.
(*) العبر: 1 / 41.
(2) أخرجه ابن سعد 3 / 493 عن يزيد بن هارون، عن جرير بن
حازم، يقال: ضربه، فأقعصه: إذا قتله مكانه، والاقعاص: أن
تضرب الشئ أو ترميه، فيموت مكانه.
(3) أخرجه البخاري 6 / 175، 176 في الخمس: باب من لم يخمس
الاسلاب، من طريق مسدد، عن يوسف بن الماجشون بهذا الإسناد.
(2/360)
76 - حُذَيْفَةُ بنُ اليَمَانِ بنِ جَابِرٍ
العَبْسِيُّ * (ع)
مِنْ نُجَبَاءِ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ صَاحِبُ السِّرِّ (1) .
وَاسْمُ اليَمَانِ: حِسْلٌ - وَيُقَالُ: حُسَيْلٌ - ابْنُ
جَابِرٍ العَبْسِيُّ، اليَمَانِيُّ، أَبُو عَبْدِ اللهِ،
حَلِيْفُ الأَنْصَارِ، مِنْ أَعْيَانِ المُهَاجِرِيْنَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو وَائِلٍ؛ وَزِرُّ بنُ حُبَيْشٍ،
وَزَيْدُ بنُ وَهْبٍ، وَرِبْعِيُّ بنُ حِرَاشٍ، وَصِلَةُ
بنُ زُفَرَ، وَثَعْلَبَةُ بنُ زَهْدَمٍ، وَأَبُو
العَالِيَةِ الرِّيَاحِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
أَبِي لَيْلَى، وَمُسْلِمُ بنُ نُذَيْرٍ، وَأَبُو
إِدْرِيْسَ الخَوْلاَنِيُّ، وَقَيْسُ بنُ عُبَادٍ، وَأَبُو
البَخْتَرِيِّ الطَّائِيُّ، وَنُعَيْمُ بنُ أَبِي هِنْدٍ،
وَهَمَّامُ بنُ الحَارِثِ؛ وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ.
لَهُ فِي (الصَّحِيْحَيْنِ): اثْنَا عَشَرَ حَدِيْثاً،
وَفِي البُخَارِيِّ: ثَمَانِيَةٌ، وَفِي مُسْلِمٍ:
سَبْعَةَ عَشَرَ حَدِيْثاً.
__________
(*) مسند أحمد: 5 / 382، طبقات ابن سعد: 6 / 15 و7 / 317،
التاريخ لابن معين: 104، طبقات خليفة: 48، 130، تاريخ
خليفة: 182، التاريخ الكبير: 3 / 95، تاريخ الفسوي: 3 /
311، الجرح والتعديل: 3 / 256، معجم الطبراني الكبير: 3 /
178، المستدرك: 3 / 381 379، الاستبصار: 235 233، حلية
الأولياء: 1 / 283 270، الاستيعاب: 1 / 334، ابن عساكر: 4
/ 145 / 1، أسد الغابة: 1 / 468، تهذيب الكمال: 241، تاريخ
الإسلام: 2 / 152، العبر: 1 / 26، 37، مجمع الزوائد: 9 /
325، طبقات القراء: 1 / 203، تهذيب التهذيب: 2 / 220 219،
الإصابة: 2 / 223، خلاصة تذهيب الكمال: 74، كنز العمال: 13
/ 343، شذرات الذهب: 1 / 32 و44، تهذيب ابن عساكر: 4 / 96،
106.
(1) أي: صاحب سر النبي صلى الله عليه وسلم الذي لا يعمله
أحد غيره، والمراد بالسر: ما أعلمه به النبي صلى الله عليه
وسلم من أحوال المنافقين.
انظر البخاري 7 / 71 و73 في المناقب: باب مناقب عمار
وحذيفة رضي الله عنهما، و" المسند " 6 / 449.
(2/361)
وَكَانَ وَالِدُهُ حِسْلٌ قَدْ أَصَابَ
دَماً فِي قَوْمِهِ، فَهَرَبَ إِلَى المَدِيْنَةِ،
وَحَالَفَ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ، فَسَمَّاهُ قَوْمُهُ
اليَمَانَ؛ لِحِلْفِهِ لِلْيَمَانِيَّةِ، وَهُمُ
الأَنْصَارُ (1) .
شَهِدَ هُوَ وَابْنُهُ حُذَيْفَةُ أُحُداً، فَاسْتُشْهِدَ
يَوْمَئِذٍ، قَتَلَهُ بَعْضُ الصَّحَابَةِ غَلَطاً، وَلَمْ
يَعْرِفْهُ؛ لأَنَّ الجَيْشَ يَخْتَفُوْنَ فِي لأْمَةِ
الحَرْبِ، وَيَسْتُرُوْنَ وُجُوْهَهُمْ؛ فَإِنْ لَمْ
يَكُنْ لَهُمْ عَلاَمَةٌ بَيِّنَةٌ، وَإِلاَّ رُبَّمَا
قَتَلَ الأَخُ أَخَاهُ، وَلاَ يَشْعُرُ.
وَلَمَّا شَدُّوْا عَلَى اليَمَانِ يَوْمَئِذٍ، بَقِيَ
حُذَيْفَةُ يَصِيْحُ: أَبِي! أَبِي! يَا قَوْمُ! فَرَاحَ
خَطَأً، فَتَصَدَّقَ حُذَيْفَةُ عَلَيْهِم بِدِيَتِهِ (2)
.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: آخَى رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ حُذَيْفَةَ وَعَمَّارٍ.
وَكَذَا قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ.
إِسْرَائِيْلُ: عَنْ أَبِي (3) إِسْحَاقَ، عَنْ رَجُلٍ،
عَنْ حُذَيْفَةَ: أَنَّهُ أَقْبَلَ هُوَ
__________
(1) " المستدرك " " 3 / 380، والاصابة " 2 / 223، و" تاريخ
الإسلام " 2 / 152 للمؤلف.
(2) أخرجه البخاري 7 / 297، وابن سعد 2 / 45، كلاهما من
طريق أبي أسامة حماد بن
أسامة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها
قالت: لما كان يوم أحد هزم المشركون، فصرخ إبليس لعنة الله
عليه: أي عباد الله أخراكم، فرجعت أولاهم، فاجتلدت هي
وأخراهم، فبصر حذيفة، فإذا هو بأبيه اليمان، فقال: أي عباد
الله أبي أبي.
قالت: فوالله ما احتجزوا حتى قتلوه، فقال حذيفة: يغفر الله
لكم.
قال عروة: فو الله ما زالت في حذيفة بقية خير حتى لحق
بالله عزوجل.
وفي رواية ابن إسحاق كما في سيرة ابن هشام 2 / 87، 88 من
طريق عاصم ابن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد: فقال
حذيفة: قتلثم أبي ! قالوا: والله ما عرفناه وصدقوا، فقال
حذيفة: يغفر الله لكم، فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم
أن يديه، فتصدق حذيفة بديته على المسلمين، فزاده ذلك عند
رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرا.
(3) تحرفت في المطبوع إلى (ابن).
(2/362)
وَأَبُوْهُ، فَلَقِيَهُمْ أَبُو جَهْلٍ،
قَالَ: إِلَى أَيْنَ؟
قَالاَ: حَاجَةٌ لَنَا.
قَالَ: مَا جِئْتُمْ إِلاَّ لِتُمِدُّوا مُحَمَّداً.
فَأَخَذُوا عَلَيْهِمَا مَوْثِقاً أَلاَّ يُكَثِّرَا
عَلَيْهِمْ، فَأَتَيَا رَسُوْلَ اللهِ، فَأَخْبَرَاهُ (1)
.
ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي أَبُو حَرْبٍ بنُ أَبِي
الأَسْوَدِ، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ؛ قَالَ:
وَعَنْ رَجُلٍ، عَنْ زَاذَانَ:
أَنَّ عَلِيّاً سُئِلَ عَنْ حُذَيْفَةَ، فَقَالَ: عَلِمَ
المُنَافِقِيْنَ، وَسَأَلَ عَنِ المُعْضِلاَتِ؛ فَإِنْ
تَسْأَلُوْهُ، تَجِدُوْهُ بِهَا عَالِماً (2) .
أَبُو عَوَانَةَ: عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ ثَابِتٍ أَبِي
المِقْدَامِ، عَنْ أَبِي يَحْيَى، قَالَ:
سَأَلَ رَجُلٌ حُذَيْفَةَ - وَأَنَا عِنْدَهُ - فَقَالَ:
مَا النِّفَاقُ؟
قَالَ: أَنْ تَتَكَلَّمَ بِالإِسْلاَمِ، وَلاَ تَعْمَلَ
بِهِ.
سَلاَّمُ بنُ مِسْكِيْنٍ: عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ:
أَنَّ عُمَرَ كَتَبَ فِي عَهْدِ حُذَيْفَةَ عَلَى
المَدَائِنِ: اسَمَعُوا لَهُ، وَأَطِيْعُوا، وَأَعْطُوْهُ
مَا سَأَلَكُمْ.
فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِ عُمَرَ عَلَى حِمَارٍ مُوْكَفٍ،
تَحْتَهُ زَادُهُ، فَلَمَّا قَدِمَ، اسْتَقْبَلَهُ
الدَّهَاقِيْنُ وَبِيَدِهِ رَغِيْفٌ، وَعَرْقٌ مِنْ لَحْمٍ
(3).
__________
(1) إسناده ضعيف لجهالة الواسطة بين ابن إسحاق وحذيفة.
(2) رجاله ثقات، وفي " المستدرك " 3 / 381 من طريق الأعمش،
عن عمرو بن مرة وإسماعيل، عن قيس قال: سئل علي رضي الله
عنه عن ابن مسعود، فقال: قرأ القرآن، ثم وقف عند شبهاته،
فأحل حلاله، وحرم حرامه، وسئل عن عمار، فقال: مؤمن نسي،
وإذا ذكر ذكر، وسئل عن حذيفة، فقال: كان أعلم الناس
بالمنافقين.
(3) " حلية الأولياء 1 / 277 من طريق هناد، عن وكيع، عن
سلام بن مسكين عن ابن سيرين، ورواه ابن سعد 7 / 317 عن
طلحة بن مصرف، عن وكيع، والفضل بن دكين عن مالك ابن مغول،
وهو في " أسد الغابة " 1 / 469، وذكره صاحب " كنز العمال "
13 / 343 ونسبه إلى ابن سعد وابن عساكر.
وموكف: أي قد وضع عليه الاكاف، وهو بمنزلة السرج للحصان،
والدهاقين: رؤساء القرى، أو التجار.
(2/363)
وَلِيَ حُذَيْفَةُ إِمْرَةَ المَدَائِنِ
لِعُمَرَ، فَبَقِيَ عَلَيْهَا إِلَى بَعْدِ مَقْتَلِ
عُثْمَانَ، وَتُوُفِّيَ بَعْدَ عُثْمَانَ بِأَرْبَعِيْنَ
لَيْلَةً.
قَالَ حُذَيْفَةُ: مَا مَنَعَنِي أَنْ أَشْهَدَ بَدْراً
إِلاَّ أَنِّي خَرَجْتُ أَنَا وَأَبِي، فَأَخَذَنَا
كُفَّارُ قُرَيْشٍ، فَقَالُوا: إِنَّكم تُرِيْدُوْنَ
مُحَمَّداً!
فَقُلْنَا: مَا نُرِيْدُ إِلاَّ المَدِيْنَةَ.
فَأَخَذُوا العَهْدَ عَلَيْنَا: لَنَنْصَرِفَنَّ إِلَى
المَدِيْنَةِ، وَلاَ نُقَاتِلُ مَعَهُ.
فَأَخْبَرْنَا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- فَقَالَ: (نَفِيْ بِعَهْدِهِمْ، وَنَسْتَعِيْنُ
اللهَ عَلَيْهِم (1)).
وَكَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
قَدْ أَسَرَّ إِلَى حُذَيْفَةَ أَسْمَاءَ المُنَافِقِيْنَ،
وَضَبَطَ عَنْهُ الفِتَنَ الكَائِنَةَ فِي الأُمَّةِ (2) .
وَقَدْ نَاشَدَهُ عُمَرُ: أَأَنَا مِنَ المُنَافِقِيْنَ؟
فَقَالَ: لاَ، وَلاَ أُزَكِّي أَحَداً بَعْدَكَ (3) .
وَحُذَيْفَةُ: هُوَ الَّذِي نَدَبَهُ رَسُوْلُ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيْلَةَ الأَحْزَابِ
لِيَجُسَّ لَهُ خَبَرَ العَدُوِّ (4) ، وَعلَى يَدِهِ
فُتِحَ الدِّيْنَوَرُ (5) عَنْوَةً.
وَمَنَاقِبُهُ تَطُوْلُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-.
أَبُو إِسْحَاقَ: عَنْ مُسْلِمِ بنِ نُذَيْرٍ، عَنْ
حُذَيْفَةَ، قَالَ: أَخَذَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
__________
(1) أخرجه مسلم في " صحيحه " (1778) في الجهاد: باب الوفاء
بالعهد من طريق أبي بكر ابن أبي شيبة، عن أبي أسامة، عن
الوليد بن جميع، عن أبي الطفيل، عن حذيفة وهو في " المسند
" 5 / 395، وانظر " المستدرك " 3 / 379، والطبراني رقم
(3000) و(3001.
(2) انظر " البخاري " 13 / 40، 41 في الفتن، ومسلم (144)
والترمذي (2259).
(3) نسبه في " الكنز " 13 / 344 إلى رستة.
(4) أخرجه مسلم (1788) في الجهاد: باب غزوة الاحزاب،
والطبراني في " الكبير " (3002) وابن سعد 2 / 69، وأبو
نعيم 1 / 354.
(5) " أسد الغابة " 1 / 486، ودينور: مدينة من أهم مدن
الجبال قرب قرميسين، بينها وبين همذان نيف وعشرون فرسخا.
(2/364)
بِعَضَلَةِ سَاقِي، فَقَالَ: (الائْتِزَارُ
هَا هُنَا، فَإِنْ أَبَيْتَ فَأَسْفَلُ، فَإِنْ أَبَيْتَ،
فَلاَ حَقَّ لِلإِزَارِ فِيْمَا أَسْفَلَ مِنَ
الكَعْبَيْنِ).
وَفِي لَفْظٍ: (فَلاَ حَقَّ لِلإِزَارِ فِي الكَعْبَيْنِ
(1)).
عَقِيْلٌ، وَيُوْنُسُ: عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي
أَبُو إِدْرِيْسَ، سَمِعَ حُذَيْفَةَ يَقُوْلُ:
وَاللهِ إِنِّي لأَعْلَمُ النَّاسِ بِكُلِّ فِتْنَةٍ هِيَ
كَائِنَةٌ فِيْمَا بَيْنِي وَبَيْنَ السَّاعَةِ (2)).
قَالَ حُذَيْفَةُ: كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُوْنَ رَسُوْلَ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنِ الخَيْرِ،
وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ، مَخَافَةَ أَنْ
يُدْرِكَنِي (3).
الأَعْمَشُ: عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ:
قَامَ فِيْنَا رَسُوْلُ اللهِ مَقَاماً، فَحَدَّثَنَا
بِمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ، فَحَفِظَهُ
مَنْ حَفِظَهُ، وَنَسِيَهُ مَنْ نَسِيَهُ (4).
__________
(1) إسناده قوي، مسلم بن نذير قال أبو حاتم: لا بأس به،
وذكره ابن حبان في الثقات وروى عنه أكثر من اثنين، وباقي
رجاله ثقات.
وأخرجه أحمد 5 / 382 و396 و400، من طرى سفيان وشعبة، عن
أبي إسحاق، وأخرجه الترمذي (1783) وابن ماجه (3572) من
طريق أبي الاحوص عن أبي إسحاق، وقال الترمذي: حديث حسن
صحيح.
(2) أخرجه مسلم (2891) في الفتن، وأحمد 5 / 388 و407.
(3) أخرجه البخاري 6 / 453، 454 في علامات النبوة، ولفظه
بتمامه.
كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير،
وكنت أسأله عن الشر، مخافة أن يدركني، فقلت: يا رسول الله:
إنا كنا في جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد
هذا الخير من شر ؟ قال: نعم، قلت: وهل بعد هذا الشر من خير
؟ قال: نعم، وفيه دخن، قلت: وما دخنه ؟ قال: قوم يهدون
بغير هدبي تعرف منهم وتنكر، قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر
؟ قال: نعم، دعاة إلى أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه
فيها: قلت: يا رسول الله صفهم لنا، فقال: هم من جلدتنا،
ويتكلمون بألسنتنا، قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك ؟ قال:
تلزم جماعة المسلمين وإمامهم، قلت: فإن لم يكن لهم جماعة
ولا إمام ؟ قال: فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل
شجرة، حتى يدركك الموت وأنت على ذلك.
(4) أخرجه البخاري 11 / 433 في القدر: باب (وكان أمر الله
قدرا مقدورا) ، ومسلم (2891) (23).
(2/365)
قُلْتُ: قَدْ كَانَ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُرَتِّلُ كَلاَمَهُ، وَيُفَسِّرُهُ؛
فَلَعَلَّهُ قَالَ فِي مَجْلِسِهِ ذَلِكَ مَا يُكْتَبُ فِي
جُزْءٍ؛ فَذَكَرَ أَكْبَرَ الكَوَائِنِ، وَلَوْ ذَكَرَ
أَكْثَرَ مَا هُوَ كَائِنٌ فِي الوُجُوْدِ لَمَا تَهَيَّأَ
أَنْ يَقُوْلَهُ فِي سَنَةٍ، بَلْ وَلاَ فِي أَعْوَامٍ،
فَفَكِّرْ فِي هَذَا.
مَاتَ حُذَيْفَةُ: بِالمَدَائِنِ، سَنَةَ سِتٍّ
وَثَلاَثِيْنَ، وَقَدْ شَاخَ.
قَالَ ابْنُ سِيْرِيْنَ: بَعَثَ عُمَرُ حُذَيْفَةَ عَلَى
المَدَائِنِ، فَقَرَأَ عَهْدَهُ عَلَيْهِم.
فَقَالُوا: سَلْ مَا شِئْتَ.
قَالَ: طَعَاماً آكُلُهُ، وَعَلَفَ حِمَارِي هَذَا - مَا
دُمْتُ فِيْكُمْ - مِنْ تِبْنٍ.
فَأَقَام فِيْهِم مَا شَاءَ اللهُ؛ ثُمَّ كَتَبَ إِلَيْهِ
عُمَرُ: اقْدُمْ.
فَلَمَّا بَلَغَ عُمَرَ قُدُوْمُهُ، كَمَنَ لَهُ عَلَى
الطَّرِيْقِ؛ فَلَمَّا رَآهُ عَلَى الحَالِ الَّتِي خَرَجَ
عَلَيْهَا، أَتَاهُ، فَالْتَزَمَهُ، وَقَالَ: أَنْتَ
أَخِي، وَأَنَا أَخُوْكَ (1) .
مَالِكُ بنُ مِغْوَلٍ: عَنْ طَلْحَةَ:
قَدِمَ حُذَيْفَةُ المَدَائِنَ عَلَى حِمَارٍ، سَادِلاً
رِجْلَيْهِ، وَبِيَدِهِ عَرْقٌ وَرَغِيْفٌ (2).
سَعِيْدُ بنُ مَسْرُوْقٍ الثَّوْرِيُّ: عَنْ عِكْرِمَةَ:
هُوَ رَكُوْبُ الأَنْبِيَاءِ، يَسْدِلُ رِجْلَيْهِ مِنْ
جَانِبٍ.
أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ: سَمِعتُ أَبَا إِسْحَاقَ
يَقُوْلُ:
كَانَ حُذَيْفَةُ يَجِيْءُ كُلَّ جُمُعَةٍ مِنَ
المَدَائِنِ إِلَى الكُوْفَةِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَقُلْتُ لَهُ: يُمْكِنُ هَذَا؟
قَالَ: كَانَتْ لَهُ بَغْلَةٌ فَارِهَةٌ.
ابْنُ سَعْدٍ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ
الأَسَدِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الجَبَّارِ بنُ
__________
(1) ذكره في " كنز العمال " 13 / 343، ونسبه إلى ابن سعد،
وابن عساكر.
(2) ابن سعد 7 / 317، و" حلية الأولياء " 1 / 277.
(2/366)
العَبَّاسِ، عَنْ أَبِي عَاصِمٍ
الغَطَفَانِيِّ، قَالَ:
كَانَ حُذَيْفَةُ لاَ يَزَالُ يُحَدِّثُ الحَدِيْثَ،
يَسْتَفْظِعُوْنَهُ.
فَقِيْلَ لَهُ: يُوْشِكُ أَنْ تُحَدِّثَنَا: أَنَّهُ
يَكُوْنُ فِيْنَا مَسْخٌ!
قَالَ: نَعَمْ! لَيَكُوْنَنَّ فِيْكُمْ مَسْخٌ: قِرَدَةٌ
وَخَنَازِيْرُ.
أَبُو وَائِلٍ: عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-: (اكْتُبُوا لِي مَنْ تَلَفَّظَ بِالإِسْلاَمِ
مِنَ النَّاسِ).
فَكَتَبْنَا لَهُ: أَلْفاً وَخَمْسَ مائَةٍ (1) .
سُفْيَانُ: عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مُوْسَى بن عَبْدِ اللهِ
بنِ يَزِيْدَ، عَنْ أُمِّهِ، قَالَتْ:
كَانَ فِي خَاتَمِ حُذَيْفَةَ: كُرْكِيَّانِ، بَيْنَهُمَا:
الحَمْدُ للهِ (2) .
عِيْسَى بنُ يُوْنُسَ: عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مُوْسَى،
عَنْ أُمِّهِ، قَالَتْ:
كَانَ خَاتَمُ حُذَيْفَةَ مِنْ ذَهَبٍ، فِيْهِ فَصُّ
يَاقُوْتٍ أَسْمَانْجُوْنَه؛ فِيْهِ كُرْكِيَّانِ
مُتَقَابِلاَنِ؛ بَيْنَهُمَا: الحَمْدُ للهِ (3) .
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ زَيْدٍ،
عَنِ الحَسَنِ، عَنْ جُنْدُبٍ:
أَنَّ
__________
(1) أخرجه أبو بكر الشافعي في " فوائده " 8 / 91 / 2 من
طريق إسحاق الحربي، حدثنا أبو حذيفة، عن سفيان، عن الأعمش،
عن أبي وائل.
وأخرجه مسلم (149) في الايمان، وأحمد 5 / 384، وابن ماجه
(4029) من طرق، عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن
حذيفة قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقال: "
احصوا لي كم يلفظ الإسلام " قال: فقلنا: يا رسول الله
أتخاف علينا ونحن ما بين الست مئة إلى السبع مئة ؟ قال: "
إنكم لا تدرون، لعلكم أن تبتلوا " قال: فابتلينا حتى جعل
الرجل منا لا يصلى إلا سرا.
(2) موسى بن عبد الله بن يزيد هو الأنصاري الخطمي ثقة من
رجال مسلم، وأمه: هي بنت حذيفة مجهولة.
وفي مصنف عبد الرزاق (19470) عن معمر بن قتادة، عن أنس أو
أبي موسى الأشعري: كان نقش خاتمه كركي له رأسان.
والكركي: طائر.
(3) أم موسى لا تعرف.
والنهي عن لبس الذهب للرجال ثابت عنه صلى الله عليه وسلم
من حديث أبي هريرة، وابن عمر، وعلي رضي الله عنهم، انظر
البخاري 10 / 266، ومسلم (2089) والبخاري 11 / 266، ومسلم
(2091) و(2078).
(2/367)
حُذَيْفَةَ قَالَ: مَا كَلاَمٌ أَتَكَلَّمُ
بِهِ، يَرُدُّ عَنِّي عِشْرِيْنَ سَوْطاً، إِلاَّ كُنْتُ
مُتَكَلِّماً بِهِ.
خَالِدٌ: عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ:
إِنِّي لأَشْتَرِي دِيْنِي بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، مَخَافَةَ
أَنْ يَذْهَبَ كُلُّهُ (1) .
أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا سَعْدُ بنُ أَوْسٍ، عَنْ
بِلاَلِ بنِ يَحْيَى، قَالَ:
بَلَغَنِي أَنَّ حُذَيْفَةَ كَانَ يَقُوْلُ: مَا أَدْرَكَ
هَذَا الأَمْرَ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ إِلاَّ قَدِ
اشْتَرَى بَعْضَ دِيْنِهِ بِبَعْضٍ.
قَالُوا: وَأَنْتَ؟
قَالَ: وَأَنَا وَاللهِ، إِنِّي لأَدْخُلُ عَلَى
أَحَدِهِمْ - وَلَيْسَ أَحَدٌ إِلاَّ فِيْهِ مَحَاسِنُ
وَمَسَاوِئُ - فَأَذْكُرُ مِنْ مَحَاسِنِهِ، وَأُعْرِضُ
عَمَّا سِوَى ذَلِكَ، وَرُبَّمَا دَعَانِي أَحَدُهُمْ
إِلَى الغَدَاءِ، فَأَقُوْلُ: إِنِّي صَائِمٌ، وَلَسْتُ
بِصَائِمٍ.
جَمَاعَةٌ: عَنِ الحَسَنِ، قَالَ:
لَمَّا حَضَرَ حُذَيْفَةَ المَوْتُ، قَالَ: حَبِيْبٌ جَاءَ
عَلَى فَاقَةٍ؛ لاَ أَفْلَحَ مَنْ نَدِمَ! أَلَيْسَ
بَعْدِي مَا أَعْلَمُ! الحَمْدُ للهِ الَّذِي سَبَقَ بِي
الفِتْنَةَ! قَادَتَهَا وَعُلُوْجَهَا (2) .
شُعْبَةُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ المَلِكِ بنُ مَيْسَرَةَ،
عَنِ النَزَّالِ بنِ سَبْرَةَ، قَالَ:
قُلْتُ لأَبِي مَسْعُوْدٍ الأَنْصَارِيِّ: مَاذَا قَالَ
حُذَيْفَةُ عِنْدَ مَوْتِهِ؟
قَالَ: لَمَّا كَانَ عِنْدَ السَّحَرِ، قَالَ: أَعُوْذُ
بِاللهِ مِنْ صَبَاحٍ إِلَى النَّارِ - ثَلاَثاً - ثُمَّ
قَالَ: اشْتَرُوا لِي ثَوْبَيْنِ أَبْيَضَيْنِ؛
فَإِنَّهُمَا لَنْ يُتْرَكَا عَلَيَّ إِلاَّ قَلِيْلاً
حَتَّى أُبْدَلَ بِهِمَا خَيْراً مِنْهُمَا، أَوْ
أُسْلَبَهُمَا سَلْباً قَبِيْحاً.
__________
(1) " حلية الأولياء " 1 / 279.
(2) ذكره في " الكنز " 13 / 346، ونسبه إلى ابن عساكر.
(3) " المستدرك " 3 / 381.
(2/368)
شُعْبَةُ أَيْضاً: عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ،
عَنْ صِلَةَ بنِ زُفَرَ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ:
ابْتَاعُوا لِي كَفَناً.
فَجَاؤُوْا بِحُلَّةٍ ثَمَنُهَا ثَلاَثُ مائَةٍ، فَقَالَ:
لاَ، اشْتَرُوا لِي ثَوْبَيْنِ أَبْيَضَيْنِ.
وَعَنْ جُزَيِّ بنِ بُكَيْرٍ، قَالَ:
لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ، فَزِعْنَا إِلَى حُذَيْفَةَ،
فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: مَاتَ حُذَيْفَةُ بِالمَدَائِنِ،
بَعْدَ عُثْمَانَ (1) ، وَلَهُ عَقِبٌ.
وَقَدْ شَهِدَ أَخُوْهُ صَفْوَانُ بنُ اليَمَانِ أُحُداً.
77 - مُحَمَّدُ بنُ مَسْلَمَةَ بنِ سَلَمَةَ بنِ خَالِدٍ
الأَنْصَارِيُّ * (ع)
ابْنِ عَدِيِّ بنِ مَجْدَعَةَ، أَبُو عَبْدِ اللهِ -
وَقِيْلَ: أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَبُو سَعِيْدٍ -
الأَنْصَارِيُّ، الأَوْسِيُّ.
مِنْ نُجَبَاءِ الصَّحَابَةِ، شَهِدَ: بَدْراً،
وَالمَشَاهِدَ.
وَقِيْلَ: إِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- اسْتَخْلَفَهُ مَرَّةً عَلَى المَدِيْنَةِ.
وَكَانَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- مِمَّنِ اعْتَزَلَ
الفِتْنَةَ، وَلاَ حَضَرَ الجَمَلَ، وَلاَ صِفِّيْنَ؛ بَلِ
اتَّخَذَ سَيْفاً مِنْ خَشَبٍ، وَتَحَوَّلَ إِلَى
الرَّبَذَةِ، فَأَقَامَ بِهَا مُدَيْدَةً (2).
__________
(1) ابن سعد 7 / 317.
(*) مسند أحمد: 3 / 493 و4 / 225، طبقات ابن سعد: 3 / 443،
445، طبقات خليفة: 80، 140، تاريخ خليفة: 206، التاريخ
الكبير: 1 / 239 تايخ الفسوي: 1 / 307، الجرح والتعديل: 8
/ 71، المستدرك: 3 / 433، الاستبصار: 242.
241، الاستيعاب: 3 / 1377، تاريخ ابن عساكر: 15 / 477 / 1،
أسد الغابة: 5 / 112، تهذيب الكمال: 1271، تاريخ الإسلام:
2 / 245، العبر: 1 / 52، مجمع الزوائد: 9 / 319، تهذيب
التهذيب: 9 / 454، الإصابة: 9 / 131، خلاصة تذهيب الكمال:
359، شذرات الذهب: 1 / 45 و53.
(2) " أسد الغابة " 5 / 112 و" الاستيعاب " 10 / 46، و"
الإصابة " 9 / 132.
سير 2 / 24
(2/369)
رَوَى جَمَاعَةَ أَحَادِيْثَ.
رَوَى عَنْهُ: المِسْوَرُ بنُ مَخْرَمَةَ، وَسَهْلُ بنُ
أَبِي حَثْمَةَ، وَقَبِيْصَةُ بنُ ذُؤَيْبٍ، وَعَبْدُ
الرَّحْمَنِ الأَعْرَجُ، وَعُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ،
وَأَبُو بُرْدَةَ بنُ أَبِي مُوْسَى، وَابْنُهُ؛
مَحْمُوْدُ بنُ مُحَمَّدٍ.
وَهُوَ حَارِثيٌّ، مِنْ حُلَفَاءِ بَنِي عَبْدِ
الأَشْهَلِ.
وَكَانَ رَجُلاً طُوَالاً، أَسْمَرَ، مُعْتَدِلاً،
أَصْلَعَ، وَقُوْراً.
وَقَدِ اسْتَعْمَلَهُ عُمَرُ عَلَى زَكَاةِ جُهَيْنَةَ.
وَقَدْ كَانَ عُمَرُ إِذَا شُكِيَ إِلَيْهِ عَامِلٌ،
نَفَّذَ مُحَمَّداً إِلَيْهِم، لِيَكْشِفَ أَمْرَهُ.
خَلَّفَ مِنَ الوَلَدِ: عَشْرَةَ بَنِيْنَ؛ وَسِتَّ
بَنَاتٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -.
وَقِيْلَ: اسْمُ جَدِّهِ خَالِدُ بنُ عَدِيِّ بنِ
مَجْدَعَةَ.
وَقَدِمَ لِلْجَابِيَةَ، فَكَانَ عَلَى مُقَدِّمَةِ جَيْشِ
عُمَرَ.
عَبَّادُ بنُ مُوْسَى السَّعْدِيُّ: حَدَّثَنَا يُوْنُسُ،
عَنِ الحَسَنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ مَسْلَمَةَ، قَالَ:
مَرَرْتُ، فَإِذَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الصَّفَا، وَاضِعاً يَدَهُ
عَلَى يَدِ رَجُلٍ، فَذَهَبْتُ.
فَقَالَ: (مَا مَنَعَكَ أَنْ تُسَلِّمَ؟).
قُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! فَعَلْتَ بِهَذَا الرَّجُلِ
شَيْئاً مَا فَعَلْتَهُ بِأَحَدٍ، فَكَرِهْتُ أَنْ
أَقْطَعَ عَلَيْكَ حَدِيْثَكَ، مَنْ كَانَ يَا رَسُوْلَ
اللهِ؟
قَالَ: (جِبْرِيْلُ، وَقَالَ لِي: هَذَا مُحَمَّدُ بنُ
مَسْلَمَةَ لَمْ يُسَلِّمْ، أَمَا إِنَّهُ لَوْ سَلَّمَ
رَدَدْنَا عَلَيْهِ السَّلاَمَ).
قُلْتُ: فَمَا قَالَ لَكَ يَا رَسُوْلَ اللهِ؟
قَالَ: (مَا زَالَ يُوصِيْنِي بِالجَارِ، حَتَّى ظَنَنْتُ
أَنَّه يَأْمُرُنِي، فَأُوَرِّثُهُ) (1).
__________
(1) عباد بن موسى السعدي لم يوثقه غير ابن حبان، والحسن
وهو البصري لم يسمع من محمد ابن مسلمة.
لكن حديث " ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه
سيورثه " صحيح من حديث عائشة وابن عمر، أخرجه البخاري 10 /
369 و370، ومسلم (2624) و(2625).
(2/370)
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أَسْلَمَ مُحَمَّدُ
بنُ مَسْلَمَةَ عَلَى يَدِ مُصْعَبِ بنِ عُمَيْرٍ، قَبْلَ
إِسْلاَمِ سَعْدِ بنِ مُعَاذٍ.
قَالَ: وَآخَى رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِي عُبَيْدَةَ،
وَاسْتَخْلَفَهُ عَلَى المَدِيْنَةِ عَامَ تَبُوْكٍ (1) .
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: عَنِ ابْنِ جُدْعَانَ، عَنْ أَبِي
بُرْدَةَ، قَالَ:
مَرَرْنَا بِالرَّبَذَةِ، فَإِذَا فُسْطَاطُ مُحَمَّدِ بنِ
مَسْلَمَةَ، فَقُلْتُ: لَوْ خَرَجْتَ إِلَى النَّاسِ،
فَأَمَرْتَ، وَنَهَيْتَ؟
فَقَالَ: قَالَ لِي النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ -: (يَا مُحَمَّدُ، سَتُكُوْنُ فُرْقَةٌ،
وَفِتْنَةٌ، وَاخْتِلاَفٌ، فَاكْسِرْ سَيْفَكَ، وَاقْطَعْ
وَتَرَكَ، وَاجْلِسْ فِي بَيْتِكَ).
فَفَعَلْتُ مَا أَمَرَنِي (2) .
شُعْبَةُ: عَنْ أَشْعَثَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ
ضُبَيْعَةَ (3) :
قَالَ حُذَيْفَةُ: إِنِّي لأَعْرِفُ رَجُلاً لاَ تَضُرُّهُ
الفِتْنَةُ.
قَالَ: فَإِذَا فُسْطَاطٌ لَمَّا أَتَيْنَا المَدِيْنَةَ،
وَإِذَا مُحَمَّدُ بنُ مَسْلَمَةَ (4) .
قَالَ ابْنُ يُوْنُسَ: شَهِدَ مُحَمَّدٌ فَتَحَ مِصْرَ،
وَكَانَ فِيْمَنْ طَلَعَ الحِصْنَ مَعَ الزُّبَيْرِ.
قَالَ عَبَايَةُ بنُ رِفَاعَةَ: كَانَ مُحَمَّدُ بنُ
مَسْلَمَةَ أَسْوَدَ، طَوِيْلاً، عَظِيْماً.
__________
(1) ابن سعد 3 / 443، و" المستدرك " 3 / 433.
وتبوك: موضع بين وادي القرى والشام، وبه كانت الغزوة، انظر
خبرها في ابن هشام 2 / 515، 537، وابن سعد 2 / 165، 168،
وابن سيد الناس 2 / 215، و" زاد المعاد " 3 / 536، 537،
طبع مؤسسة الرسالة بتحقيقنا.
(2) ابن جدعان: هو علي بن زيد وهو ضعيف، وباقي رجاله ثقات،
وأخرجه أحمد 3 / 493.
(3) هو ضبيعة بن الحصين الثعلبي، ويقال: ثعلبة بن ضبيعة،
لم يوثقه غير ابن حبان.
(4) أخرجه الحاكم في " المستدرك " 3 / 433 وصححه، ووافقه
الذهبي، ولفظه: قال حذيفة: إني لاعرف رجلا لا تضره الفتنة،
فأتينا المدينة، فإذا فسطاط مضروب، وإذا محمد بن مسلمة
الأنصاري ; فسألناه، فقال: لا نشتمل على شيء من أمصارهم
حتى ينجلي الامر على ما انجلى.
وأخرجه ابن سعد 3 / 444، 445 من طريق عفان بن مسلم، عن أبي
عوانة، عن أشعث ابن سليم عن أبي بردة، عن ضبيعة بن حصين
الثعلبي، عن جذيفة.
(2/371)
وَفِي الصِّحَاحِ مِنْ حَدِيْثِ جَابِرٍ:
مَقْتَلُ كَعْبِ بنِ الأَشْرَفِ عَلَى يَدِ مُحَمَّدِ بنِ
مَسْلَمَةَ (1) .
ابْنُ المُبَارَكِ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ
مُوْسَى بنِ أَبِي عِيْسَى، قَالَ:
أَتَى عُمَرُ مَشْرَبَةَ (2) بَنِي حَارِثَةَ، فَوَجَدَ
مُحَمَّدَ بنَ مَسْلَمَةَ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، كَيْفَ
تَرَانِي؟
قَالَ: أَرَاكَ كَمَا أُحِبُّ، وَكَمَا يُحِبُّ مَنْ
يُحِبُّ لَكَ الخَيْرَ، قَوِيّاً عَلَى جَمْعِ المَالِ،
عَفِيْفاً عَنْهُ، عَدْلاً فِي قَسْمِهِ، وَلَوْ مِلْتَ
عَدَّلْنَاكَ، كَمَا يُعَدَّلُ السَّهْمُ فِي الثِّقَافِ.
قَالَ: الحَمْدُ للهِ الَّذِي جَعَلَنِي فِي قَوْمٍ إِذَا
مِلْتُ عَدَّلُوْنِي (3) .
ابْنُ عُيَيْنَةَ: عَنْ عَمْرِو بن سَعِيْدٍ، عَنْ
أَبِيْهِ، عَنْ عَبَايَةَ بنِ رِفَاعَةَ، قَالَ:
بَلَغَ عُمَرَ أَنَّ سَعْداً اتَّخَذَ قَصْراً، وَقَالَ:
انْقْطَعَ الصُّوَيْتُ.
فَأَرْسَلَ عُمَرُ مُحَمَّدَ بنَ مَسْلَمَةَ - وَكَانَ
عُمَرُ إِذَا أَحَبَّ أَنْ يُؤْتَى بِالأَمْرِ كَمَا
يُرِيْدُ، بَعَثَهُ - فَأَتَى الكُوْفَةِ، فَقَدَحَ،
وَأَحْرَقَ البَابَ عَلَى سَعْدٍ.
فَجَاءَ سَعْداً، فَقَالَ: إِنَّهُ بَلَغَ عُمَرَ أَنَّكَ
قُلْتَ: انْقَطَعَ الصُّوَيْتُ.
فَحَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْهُ (4) .
هِشَامٌ: عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ:
مَا مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ وَأَنَا أَخَافُ عَلَيْهِ
الفِتْنَةَ إِلاَّ مَا كَانَ مِنْ مُحَمَّدِ بنِ
مَسْلَمَةَ، فَإِنِّي سَمِعتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (لاَ تَضُرُّهُ
الفِتْنَةُ) (5).
__________
(1) انظر صحيح البخاري 7 / 259 وما بعدها، ومسلم (1801)،
وابن سعد 2 / 32، 33، و" المستدرك " 3 / 334.
(2) المشربة: أرض لينة لا يزال فيها نبت أخضر ريان.
(3) رجاله ثقات، لكنه منقطع موسى بن أبي عيسى هو الحناط
ثقة من رجال مسلم، لم يدرك عمر.
(4) ذكره الحافظ في " الإصابة " 9 / 133 وقال: قال ابن
المبارك في " الزهد ": أنبأنا ابن عيينة، عن عمرو بن سعيد،
عن عباية بن رفاعة.
(5) رجاله ثقات، وذكره الحافظ في " الإصابة " 9 / 132،
وقال: أخرجه البغوي وغيره.
(2/372)
الفَسَوِيُّ فِي (تَارِيْخِهِ): حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بنُ مُصَفَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ،
عَنْ مُوْسَى بنِ وَرْدَانَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَابِرٍ،
قَالَ:
قَدِمَ مُعَاوِيَةُ وَمَعَهُ أَهْلُ الشَّامِ، فَبَلَغَ
رَجُلاً شَقِيّاً مِنْ أَهْلِ الأُرْدُنِّ صَنِيْعُ
مُحَمَّدِ بنِ مَسْلَمَةَ - جُلُوْسُهُ عَنْ عَلِيٍّ
وَمُعَاوِيَةَ - فَاقْتَحَمَ عَلَيْهِ المَنْزِلَ،
فَقَتَلَهُ.
فَأَرْسَلَ مُعَاوِيَةُ إِلَى كَعْبِ بنِ مَالِكٍ: مَا
تَقُوْلُ فِي مُحَمَّدِ بنِ مَسْلَمَةَ (1) ؟
قَالَ يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ
المُنْذِرِ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، وَشَبَابٌ، وَجَمَاعَةٌ:
مَاتَ مُحَمَّدُ بنُ مَسْلَمَةَ فِي صَفَرٍ، سَنَةَ
ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ (2) .
يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنِ
الحَسَنِ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
أَعْطَى مُحَمَّدَ بنَ مَسْلَمَةَ سَيْفاً، فَقَالَ:
(قَاتِلْ بِهِ المُشْرِكِيْنَ، فَإِذَا رَأَيْتَ
المُسْلِمِيْنَ قَدْ أَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ،
فَاضْرِبْ بِهِ أُحُداً حَتَّى تَقْطَعَهُ، ثُمَّ اجْلِسْ
فِي بَيْتِكَ حَتَّى تَأْتَيَكَ يَدٌ خَاطِئَةٌ، أَوْ
مَنِيَّةٌ قَاضِيَةٌ (3)).
وَرُوِيَ نَحْوُهُ مِنْ مَرَاسِيْلِ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ.
عَاشَ ابْنُ مَسْلَمَةَ سَبْعاً وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
__________
(1) رجاله موثوقون خلا وردان والد موسى: فإني لم أجد له
ترجمة، ففي " التهذيب " وفروعه أن موسى بن وردان يروي عن
جابر بدون واسطة، وهذا الخبر لم يرد في المطبوع من " تاريخ
الفسوي " وأورده المصنف في " تاريخه " 2 / 246.
(2) انظر " مجمع الزوائد " 9 / 319، 320.
(3) ذكره الحافظ في " الإصابة " 9 / 132 عن ابن شاهين من
طريق هشام، عن الحسن وأخرجه
أحمد 4 / 225 من طريق زيد بن الحباب، عن سهل بن أبي الصلت،
عن الحسن، ورجاله ثقات، إلا أن الحسن لم يسمع من محمد بن
مسلمة، فهو منقطع.
(2/373)
78 - عُثْمَانُ بنُ أَبِي العَاصِ، أَبُو
عَبْدِ اللهِ الثَّقَفِيُّ * (م، 4)
الأَمِيْرُ، الفَاضِلُ، المُؤْتَمَنُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ
الثَّقَفِيُّ، الطَّائِفِيُّ.
قَدِمَ فِي وَفْدِ ثَقِيْفٍ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي سَنَةِ تِسْعٍ،
فَأَسْلَمُوا، وَأَمَّرَهُ عَلَيْهِم لِمَا رَأَى مِنْ
عَقْلِهِ وَحِرْصِهِ عَلَى الخَيْرِ وَالِدِّيْنِ، وَكَانَ
أَصْغَرَ الوَفْدِ سِنّاً (1) .
ثُمَّ أَقَرَّهُ أَبُو بَكْرٍ عَلَى الطَّائِفِ، ثُمَّ
عُمَرُ، ثُمَّ اسْتَعْمَلَهُ عُمَرُ عَلَى عَمَّانَ
وَالبَحْرَيْنِ، ثُمَّ قَدَّمَهُ عَلَى جَيْشٍ،
فَافْتَتَحَ تَوَّجَ، وَمَصَّرَهَا، وَسَكَنَ البَصْرَةَ
(2).
__________
(*) مسند أحمد: 4 / 21، 216، طبقات ابن سعد: 5 / 508،
طبقات خليفة: 53، 182، 197، تاريخ خليفة: 149، 152،
التاريخ الكبير: 6 / 212، المعارف: 268، 555، تاريخ
الفسوي: 1 / 273، معجم الطبراني: 9 / 30، 53، المستدرك: 3
/ 618، الاستيعاب: 3 / 1035، أسد الغابة: 3 / 579، تهذيب
الكمال: 913، تاريخ الإسلام: 2 / 305، مجمع الزوائد: 9 /
370، تهذيب التهذيب: 7 / 129 128، الإصابة: 6 / 388، خلاصة
تذهيب الكمال: 260، شذرات الذهب: 1 / 36.
(1) ابن سعد 5 / 508، وذكره الهيثمي في " المجمع " 9 / 371
مطولا، وقال: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير حكيم
بن عباد وقد وثق، وفي " التقريب " صدوق.
وقد جعله الرسول صلى الله عليه وسلم إمام قومه حين طلب ذلك
منه، فقال له: " أنت إمامهم، واقتد بأضعفهم ؟ واتخذ مؤذنا
لا يأخذ على أذانه أجرا " أخرجه أبو داود (531) والنسائي 2
/ 23، وأحمد 4 / 217 من طرق، عن حماد بن سلمة، عن سعيد
الجريري، عن أبي العلاء، عن مطرف بن عبد الله، عن عثمان بن
أبي العاص.
وهذا سند صحيح على شرط مسلم، وهو في " صحيح أبي عوانة " من
طريق آخر، وأخرج مسلم (468) من طريق موسى بن طلحة، عن
عثمان بن أبي العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أم
قومك، فمن أم قوما فليخفف، فإن فيهم الكبير، وإن فيهم
المريض، وإن فيهم الضعيف وإن فيهم ذا الحاجة، وإذا صلى
أحدكم وحده، فليصل كيف شاء " وانظر " طبقات ابن سعد " 5 /
508.
(2) ابن سعد 5 / 509 ، و" الإصابة " 6 / 388.
وتوج: مدينة بفارس، وكان فتحها سنة 21، انظر " أسد الغابة
" 5 / 508.
(2/374)
ذَكَرَهُ: الحَسَنُ البَصْرِيُّ، فَقَالَ:
مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَفْضَلَ مِنْهُ.
قُلْتُ: لَهُ أَحَادِيْثُ فِي (صَحِيْحِ مُسْلِمٍ (1))،
وَفِي السُّنَنِ.
وَكَانَتْ أُمُّهُ قَدْ شَهِدَتْ وِلادَةَ رَسُوْلِ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
حَدَّثَ عَنْهُ: سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ، وَنَافِعُ بنُ
جُبَيْرِ بنِ مُطْعِمٍ، وَيَزِيْدُ وَمُطَرِّفٌ ابْنَا
عَبْدِ اللهِ بنِ الشِّخِّيْرِ، وَمُوْسَى بنُ طَلْحَةَ،
وَآخَرُوْنَ.
سَالِمُ بنُ نُوحٍ: عَنِ الجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي
العَلاَءِ، عَنْ عُثْمَانَ بنِ أَبِي العَاصِ:
أَنَّهُ بَعَثَ غِلْمَاناً لَهُ تُجَّاراً، فَلَمَّا
جَاؤُوا، قَالَ: مَا جِئْتُمْ بِهِ؟
قَالُوا: جِئْنَا بِتِجَارَةٍ يَرْبَحُ الدِّرْهَمُ
عَشَرَةً.
قَالَ: وَمَا هِيَ؟
قَالُوا: خَمْرٌ.
قَالَ: خَمْرٌ وَقَدْ نُهِيْنَا عَنْ شُرْبِهَا
وَبَيْعِهَا؟!
فَجَعَلَ يَفْتَحُ أَفْوَاهَ الزِّقَاقِ، وَيَصُبُّهَا (2)
.
يُوْنُسُ بنُ عُبَيْدٍ: عَنِ الحَسَنِ، عَنْ عُثْمَانَ بنِ
أَبِي العَاصِ...، فَذَكَرَهُ نَحْوَهُ.
تُوُفِّيَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: سَنَةَ إِحْدَى
وَخَمْسِيْنَ.
79 - عَبْدُ اللهِ بنُ زَيْدِ بنِ عَبْدِ رَبِّهِ بنِ
ثَعْلَبَةَ الأَنْصَارِيُّ * (4)
الخَزْرَجِيُّ، المَدَنِيُّ، البَدْرِيُّ، مِنْ سَادَةِ
__________
(1) انظر الأحاديث برقم (468) و(2202) و(2203).
(2) إسناده حسن، سالم بن نوح صدوق له أوهام، وباقي رجاله
ثقات.
(*) مسند أحمد: 4 / 42، طبقات ابن سعد: 3 / 537 536،
التاريخ لابن معين: 309، تاريخ الفسوي: 1 / 260، الجرح
والتعديل: 5 / 57، المستدرك: 2 / 335، أسد الغابة: 3 /
247، تهذيب الكمال: 684، العبر: 1 / 33، تهذيب التهذيب: 5
/ 223، 224، الإصابة: 6 / 90، خلاصة تذهيب الكمال: 198.
(2/375)
الصَّحَابَةِ.
شَهِدَ: العَقَبَةَ، وَبَدْراً، وَهُوَ الَّذِي أُرِيَ
الأَذَانَ (1) ، وَكَانَ ذَلِكَ فِي السَّنَةِ الأُوْلَى
منَ الهِجْرَةِ.
لَهُ أَحَادِيْثُ يَسِيْرَةٌ، وَحَدِيْثُهُ فِي (السُّنَنِ
الأَرْبَعَةِ).
وَقِيْلَ: إِنَّ ذِكْرَ ثَعْلَبَةَ فِي نَسَبِهِ خَطَأٌ.
حَدَّثَ عَنْهُ: سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ، وَعَبْدُ
الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي لَيْلَى - وَلَمْ يَلْقَهُ -
وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ وَلَدُهُ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ.
إِسْحَاقُ الفَرْوِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ
عُمَرَ العُمَرِيُّ، عَنْ بِشْرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ
اللهِ بنِ زَيْدٍ، قَالَ:
قَدِمْتُ عَلَى عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، فَقُلْتُ:
يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! أَنَا ابْنُ صَاحِبِ
العَقَبَةِ، وَبَدْرٍ، وَابْنُ الَّذِي أُرِيَ النِّدَاءَ.
فَقَالَ عُمَرُ: يَا أَهْلَ الشَّامِ:
هَذِي المَكَارِمُ لاَ قَعْبَانِ مِنْ لَبَنٍ ... شِيْبَا
بِمَاءٍ، فَعَادَا بَعْدُ أَبْوَالاَ (2)
__________
(1) أخرجه أبو داود (499)، وأحمد 4 / 43، وابن ماجه (708)،
والبيهقي 1 / 390، 391 من طريق ابن إسحاق حدثني محمد بن
إبراهيم بن الحارث التيمي، عن محمد بن عبد الله بن زيد بن
عبد ربه عن أبيه وإسناده قوي، وصححه ابن حبان (287)
والبخاري فيما نقله عنه الترمذي في " العلل " وفي هذه
الرواية إفراد الاقامة، وسيذكره المصنف من طريق آخر صحيح،
وفيه " تثنية الاقامة " كالاذان.
(2) البيت من قصيدة لأبي الصلت والدأمية بن أبي الصلت،
يمدح بها سيف بن ذي يزن، مطلعها:
ليطلب الوتر أم ثال ابن ذي يزن * ريم في البحر للاعداء
أحوالا
عن ابن إسحاق فيما ذكره عنه ابن هشام 1 / 66، ومعجم
البلدان: غمدان، وتاريخ الطبري، 2 / 147، 148، والشعر
والشعراء ص 282.
وهو في " الاغاني " 5 / 15 للنابغة الجعدي من قصيدة
مطلعها:
إما تري ظلل الايام قد حسرت * عني وشمرت ذيلا كان ذيالا
ورجح ابن هشام صاحب السيرة انه للنابغة. والقعب: القدح
الضخم، وشيبا: خلطا.
(2/376)
الأَعْمَشُ: عَنْ عَمْرِو بنِ مُرَّةَ،
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-:
أَنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ زَيْدٍ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يَا
رَسُوْلَ اللهِ! إِنِّي رَأَيْتُ فِي المَنَامِ كَأَنَّ
رَجُلاً قَامَ عَلَى جِذْمِ حَائِطٍ، فَأَذَّنَ مَثْنَى،
وَأَقَامَ مَثْنَى، وَقَعَدَ قَعْدَةً، وَعَلَيْهِ
بُرْدَانِ أَخْضَرَانِ (1).
فَأَمَّا:
80 - عَبْدُ اللهِ بنُ زَيْدِ بنِ عَاصِمِ بنِ كَعْبٍ
المَازِنِيُّ * (ع)
النَّجَّارِيُّ صَاحِبُ حَدِيْثِ الوُضُوْءِ (2) ، فَمِنْ
فُضَلاَءِ الصَّحَابَةِ.
يُعْرَفُ: بِابْنِ أُمِّ عُمَارَةَ، وَهُوَ عَبْدُ اللهِ
بنُ زَيْدِ بنِ عَاصِمِ بنِ كَعْبٍ، أَحَدُ بَنِي مَازِنِ
بنِ النَّجَّارِ.
__________
(1) إسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " 1 / 23، والطحاوي: 79،
80، والبيهقي 1 / 240 من طريق وكيع بهذا الإسناد: وقال ابن
حزم في " المحلى " 2 / 158: وهذا إسناد في غاية الصحة من
إسناد الكوفيين، وقال ابن دقيق العيد: رجاله رجال الصحيح،
وهو متصل على مذهب الجماعة في عدالة الصحابة، وإن جهالة
أسمائهم لا تضر.
وقوله: " على جذم حائط " أي: على أصل حائط.
(*) مسند أحمد: 4 / 38، طبقات ابن سعد: 5 / 531، التاريخ
لابن معين: 308، طبقات خليفة: 92، تاريخ خليفة: 248، تاريخ
الفسوي: 1 / 260، 261، الجرح والتعديل: 5 / 57، المستدرك:
3 / 520، الاستبصار: 81، الاستيعاب: 3 / 913، أسد الغابة:
3 / 250، تهذيب الكمال: 684، تاريخ الإسلام: 3 / 29،
العبر: 1 / 68، تهذيب التهذيب: 5 / 223، الإصابة: 6 / 91،
خلاصة تذهيب الكمال: 198، شذرات الذهب: 1 / 71.
(2) أخرجه مالك في " الموطأ " 1 / 18، والبخاري 1 / 251،
252، ومسلم (235) من طريق عمرو بن يحيى المازني عن أبيه،
عن عبد الله بن زيد بن عاصم الأنصاري قال: قيل له: توضأ
لنا وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فدعا بإناء.
فأكفأ منها على يديه، فغسلهما ثلاثا.
ثم أدخل يده فأستخرجها، فمضمض واستنشق من كف واحدة.
ففعل ذلك ثلاثا، ثم أدخل يده فاستخرجها فغسل وجهه ثلاثا.
ثم أدخل يده فاستخرجها فغسل يديه إلى المرفقين، مرتين
مرتين.
ثم أدخل يده فاستخرجها فمسح برأسه، فأقبل بيدية وأدبر.
ثم غسل رجليه إلى الكعبين.
ثم قال: هكذا كان وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(2/377)
ذَكَرَ ابْنُ مَنْدَةَ فَقَطْ أَنَّهُ
بَدْرِيٌّ (1) .
وَقَالَ أَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ البَرِّ، وَغَيْرُهُ:
بَلْ هُوَ أُحُدِيٌّ (2) .
وَهُوَ الَّذِي قَتَلَ مُسَيْلِمَةَ بِالسَّيْفِ مَعَ
رَمْيَةِ وَحْشِيٍّ لَهُ بِحَرْبَتِهِ (3) .
وَهُوَ عَمُّ عَبَّادِ بنِ تَمِيْمٍ.
قِيْلَ: إِنَّهُ قُتِلَ يَوْمَ الحَرَّةِ، سَنَةَ ثَلاَثٍ
وَسِتِّيْنَ (4).
81 - حَارِثَةُ بنُ النُّعْمَانِ بنِ نَفْعِ بنِ زَيْدِ
بنِ عُبَيْدٍ الخَزْرَجِيُّ *
ابْنِ ثَعْلَبَةَ بنِ غَنْمِ بنِ مَالِكِ بنِ النَّجَّارِ
الخَزْرَجِيُّ، النَّجَّارِيُّ.
وَيُقَالُ: ابْنُ رَاِفعٍ بَدَلَ ابْنِ نَفْعٍ.
وَلَهُ مِنَ الوَلَدِ: عَبْدُ اللهِ، وَعَبْدُ
الرَّحْمَنِ، وَسَوْدَةُ، وَعَمْرَةُ، وَأُمُّ كُلْثُوْمٍ.
يُكْنَى: أَبَا عَبْدِ اللهِ.
شَهِدَ بَدْراً وَالمَشَاهِدَ، وَلاَ نَعْلَمُ لَهُ
رِوَايَةً، وَكَانَ دَيِّناً، خَيِّراً، بَرّاً بِأُمِّهِ.
وَعَنْهُ، قَالَ: رَأَيْتُ جِبْرِيْلَ مِنَ الدَّهْرِ
مَرَّتَيْنِ: يَوْمَ الصَّوْرَيْنِ (5) حِيْنَ
__________
(1) ذكره الحاكم في " المستدرك "، وعلق عليه المصنف بقوله
هذا خطأ.
(2) " الاستيعاب " 2 / 312 و" أسد الغابة " 3 / 250.
(3) " المستدرك " 3 / 520، و" الإصابة " 6 / 92.
(4) " طبقات خليفة " 92، و" المستدرك " 3 / 520، و"
الإصابة " 6 / 92.
(*) مسند أحمد: 5 / 433، طبقات ابن سعد: 3 / 487، طبقات
خليفة: 90، التاريخ الكبير: 3 / 93، معجم الطبراني: 3 /
256، المستدرك: 3 / 208، الاستبصار: 59 60، الاستيعاب: 1 /
306، أسد الغابة: 1 / 429، تاريخ الإسلام: 2 / 215، مجمع
الزوائد: 9 / 313، الإصابة: 2 / 190.
(5) الصوران: موضع بالمدينة بالبقيع.
وفي " سيرة ابن هشام " 2 / 234: ومر رسول الله صلى الله
عليه وسلم وسلم بنفر من أصحابه بالصورين قبل أن يصل إلى
بني قريظة.
(2/378)
خَرَجَ رَسُوْلُ اللهِ إِلَى بَنِي
قُرَيْظَةَ، مَرَّ بِنَا فِي صُوْرَةِ دِحْيَةَ،
فَأَمَرَنَا بِلُبْسِ السِّلاَحِ، وَيَوْمَ مَوْضِعِ
الجَنَائِزِ حِيْنَ رَجَعْنَا مِنْ حُنَيْنٍ، مَرَرْتُ
وَهُوَ يُكَلِّمُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- فَلَمْ أُسَلِّمْ.
فَقَالَ جِبْرِيْلُ: مَنْ هَذَا يَا مُحَمَّدُ؟
قَالَ: حَارِثَةُ بنُ النُّعْمَانِ.
فَقَالَ: أَمَا إِنَّهُ مِنَ المائَةِ الصَّابِرَةِ يَوْمَ
حُنَيْنٍ الَّذِيْنَ تَكَفَّلَ اللهُ بِأَرْزَاقِهِمْ فِي
الجَنَّةِ، وَلَو سَلَّمَ، لَرَدَدْنَا عَلَيْهِ (1).
وَرُوِيَ بِإِسْنَادٍ مُنْقَطِعٌ: أَنَّ حَارِثَةَ كُفَّ،
فَجَعَلَ خَيْطاً مِنْ مُصَلاَّهُ إِلَى حُجْرَتِهِ،
وَوَضَعَ عِنْدَهُ مِكْتَلاً فِيْهِ تَمْرٌ وَغَيْرُهُ،
فَكَانَ إِذَا سَلَّمَ مِسْكِيْنٌ أَعْطَاهُ مِنْهُ، ثُمَّ
أَخَذَ عَلَى الخَيْطِ، حَتَّى يَأْتِيَ إِلَى بَابِ
الحُجْرَةِ، فَيُنَاوِلَ المِسْكِيْنَ، فَيَقُوْلُ
أَهْلُهُ: نَحْنُ نَكْفِيْكَ.
فَيَقُوْلُ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (مُنَاوَلَةُ المِسْكِيْنِ
تَقِي مِيْتَةَ السُّوْءِ) (2).
__________
(1) ابن سعد 3 / 488 بدون سند، وفي الباب عند الطبراني
برقم (3225) من طريق محمد بن عمران بن أب ي ليلى، حدثني
أبي عن ابن أبي ليلى، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس.
وعمران بن محمد لم يوثقه غير ابن حبان، وأبوه سيء الحفظ،
ومع ذلك فقد ذكره الهيثمي في " المجمع " 9 / 314، ونسبه
للطبراني والبزاز، وقال: وإسناده حسن، رجاله كلهم وثقوا
وفي بعضهم خلاف.
وأخرج أحمد 5 / 433، والطبراني (3226) من طريق عبد الرزاق
عن معمر، عن الزهري، أخبرني عبد الله بن عامر بن ربيعة، عن
حارثة بن النعمان قال: مررت على رسول الله صلى الله عليه
وسلم ومعه جبريل عليه السلام جالس في المقاعد (مكان) فسلمت
عليه، ثم أجزت، فلما انصرفت ورجع النبي صلى الله عليه وسلم
قال لي: " هل رأيت الذي كان معي " ؟ قلت: نعم، قال: " فإنه
جبريل وقد رد عليك السلام " وإسناده صحيح، وذكره الهيثمي
في " المجمع " 9 / 313، ونسبه إلى أحمد والطبراني، وقال:
ورجاله رجال الصحيح.
(2) أخرجه ابن سعد 3 / 488، والطبراني 3 / 258 من طريق
إسماعيل بن أبي فديك، قال: حدثني محمد بن عثمان، عن أبيه
أن حارثة بن النعمان.
قال الهيثمي في " المجمع " 3 / 112: وفيه من لم أعرفه.
(2/379)
قَالَ الوَاقِدِيُّ: كَانَتْ لَهُ
مَنَازِلُ قُرْبَ مَنَازِلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَكَانَ كُلَّمَا أَحْدَثَ رَسُوْلُ
اللهِ أَهْلاً، تَحَوَّلَ لَهُ حَارِثَةُ عَنْ مَنْزِلٍ،
حَتَّى قَالَ: (لَقَدِ اسْتَحْيَيْتُ مِنْ حَارِثَةَ
مِمَّا يَتَحَوَّلُ لَنَا عَنْ مَنَازِلِهِ (1)).
وَبَقِيَ إِلَى خِلاَفَةِ مُعَاوِيَةَ.
وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ: المُحَدِّثُ أَبُو الرِّجَالِ
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ
حَارِثَةَ بنِ النُّعْمَانِ الأَنْصَارِيُّ، وَلَدُ
عَمْرَةَ الفَقِيْهَةِ (2) .
وَهُوَ - أَعْنِي حَارِثَةَ - الَّذِي يَقُوْلُ فِيْهِ
رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
(دَخَلْتُ الجَنَّةَ، فَسَمِعْتُ قِرَاءةً، فَقُلْتُ: مَنْ
هَذَا؟
قِيْلَ: حَارِثَةُ.
فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
كَذَاكُمُ البِرُّ).
وَكَانَ بَرّاً بِأُمِّهِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- (3).
82 - أَبُو مُوْسَى الأَشْعَرِيُّ عَبْدُ اللهِ بنُ قَيْسِ
* (ع)
ابْنِ سُلَيْمِ بنِ حَضَّارِ بنِ حَرْبٍ. الإِمَامُ
الكَبِيْرُ،
__________
(1) ابن سعد 3 / 488.
(2) ابن سعد 3 / 488.
وعمرة: هي بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة الأنصاري
المدنية، أكثرت عن عائشة، روى حديثها الستة.
(3) أخرجه عبد الرزاق في " المصنف " (20119) ومن طريقه
أحمد 6 / 151، 152، و166، 167، عن عمرة، عن عائشة، وهذا
إسناد صحيح، وذكره الهيثمي في " المجمع " 9 / 313، وقال:
رواه أحمد وأبو يعلى، ورجاله رجال الصحيح.
وأخرجه الحميدي في " مسنده " برقم (285) من طريق سفيان عن
الزهري، عن عمرة، عن عائشة، وصححه الحاكم 3 / 208، ووافقه
الذهبي، ونسبه الحافظ في " الإصابة " 2 / 190 إلى النسائي
من طريق الزهري، عن عروة، عن عائشة، وقال: إسناده صحيح.
(*) مسند أحمد: 4 / 391، طبقات ابن سعد: 2 / 345 344 و4 /
105 و6 / 16، التاريخ لابن معين: 326، طبقات خليفة: 68،
132، 182، تاريخ خليفة: 178 وغيرها، التاريخ الكبير: 5 /
23 22، المعارف: 49، 102، 121، 182، 194، 590 تاريخ
الفسوي: 1 / =
(2/380)
صَاحِبُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبُو مُوْسَى الأَشْعَرِيُّ،
التَّمِيْمِيُّ، الفَقِيْهُ، المُقْرِئُ.
حَدَّثَ عَنْهُ: بُرَيْدَةُ بنُ الحَصِيْبِ، وَأَبُو
أُمَامَةَ البَاهِلِيُّ، وَأَبُو سَعِيْدٍ الخُدْرِيُّ،
وَأَنَسُ بنُ مَالِكٍ، وَطَارِقُ بنُ شِهَابٍ، وَسَعِيْدُ
بنُ المُسَيِّبِ، وَالأَسْوَدُ بنُ يَزِيْدَ، وَأَبُو
وَائِلٍ شَقِيْقُ بنُ سَلَمَةَ، وَزَيْدُ بنُ وَهْبٍ،
وَأَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ
الرَّحْمَنِ النَّهْدِيُّ، وَمُرَّةُ الطَّيِّبُ،
وَرِبْعِيُّ بنُ حِرَاشٍ، وَزَهْدَمُ بنُ مُضَرِّبٍ،
وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ.
وَهُوَ مَعْدُوْدٌ فِيْمَنْ قَرَأَ عَلَى النَّبِيِّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَقْرَأَ أَهْلَ
البَصْرَةِ، وَفَقَّهَهُمْ فِي الدِّيْنِ.
قَرَأَ عَلَيْهِ: حِطَّانُ بنُ عَبْدِ اللهِ
الرَّقَاشِيُّ، وَأَبُو رَجَاءٍ العُطَارِدِيُّ.
فَفِي (الصَّحِيْحَيْنِ): عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بنِ أَبِي
مُوْسَى، عَنْ أَبِيْهِ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
قَالَ: (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعَبْدِ اللهِ بنِ قَيْسٍ
ذَنْبَهُ، وَأَدْخِلْهُ يَوْمَ القِيَامَةِ مُدْخَلاً
كَرِيْماً (1)).
وَقَدِ اسْتَعْمَلَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- وَمُعَاذاً عَلَى زَبِيْدٍ، وَعَدَنَ (2).
وَوَلِيَ إِمْرَةَ الكُوْفَةِ
__________
= 270 267، أخبار القضاة: 1 / 283، 287، الجرح والتعديل: 5
/ 138، المستدرك: 3 / 464 الاستيعاب: 3 / 979، تاريخ ابن
عساكر: 543 422، جامع الأصول: 9 / 79، أسد الغابة: 3 /
367، تهذيب الكمال: 724، تاريخ الإسلام: 2 / 255، العبر: 1
/ 52، معرفة القراء: 37، مجمع الزوائد: 9 / 358، طبقات
القراء: 1 / 443 442، تهذيب التهذيب: 5 / 249، الإصابة: 6
/ 194، خلاصة تذهيب الكمال: 210، كنز العمال: 13 / 606،
شذرات الذهب: 1 / 63 62 53 47 46 40 36 35 30 29.
(1) أخرجه البخاري 8 / 35 في المغازي: باب غزوة أوطاس،
ومسلم (2498) في الفضائل، وانظر ابن عساكر: 445 مصورة
المجمع العلمي بدمشق.
(2) أخرجه البخاري 6 / 113 في الجهاد: باب ما يكره من
التنازع والاختلاف في الحرب، و8 / 50 في المغازي: باب بعث
أبي موسى ومعاذ إلى اليمن قبل حجة الوداع، و10 / 435 في
الأدب: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم " يسروا ولا
تعسروا "، و13 / 143 في الاحكام: باب أمر الوالي إذا وجه
أمير بن إلى موضع أن يتطاوعا.
ومسلم (1733) في الجهاد: باب في الامر بالتيسير وترك
التنفير من =
(2/381)
لِعُمَرَ، وَإِمْرَةَ البَصْرَةِ، وَقَدِمَ
(1) لَيَالِيَ فَتْحِ خَيْبَرَ، وَغَزَا، وَجَاهَدَ مَعَ
النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَحَمَلَ
عَنْهُ عِلْماً كَثِيْراً.
قَالَ سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ: حَدَّثَنِي أَبُو
يُوْسُفَ حَاجِبُ مُعَاوِيَةَ:
أَنَّ أَبَا مُوْسَى الأَشْعَرِيَّ قَدِمَ عَلَى
مُعَاوِيَةَ، فَنَزَلَ فِي بَعْضِ الدُّوْرِ بِدِمَشْقَ،
فَخَرَجَ مُعَاوِيَةُ مِنَ اللَّيْلِ لِيَسْتَمِعَ
قِرَاءتَهُ (2) .
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: أُمُّ أَبِي مُوْسَى هِيَ: ظَبْيَةُ
بِنْتُ وَهْبٍ، كَانَتْ أَسْلَمَتْ، وَمَاتَتْ
بِالمَدِيْنَةِ (3) .
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: حَدَّثَنَا الهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ،
قَالَ:
أَسْلَمَ أَبُو مُوْسَى بِمَكَّةَ، وَهَاجَرَ إِلَى
الحَبَشَةِ، وَأَوَّلُ مَشَاهِدِهِ خَيْبَرُ، وَمَاتَ
سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ (4) .
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ: أَسْلَمَ بِمَكَّةَ،
ثُمَّ قَدِمَ مَعَ أَهْلِ السَّفِيْنَتَيْنِ بَعْدَ فَتْحِ
خَيْبَرَ بِثَلاَثٍ، فَقَسَمَ لَهُمُ النَّبِيُّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلِيَ البَصْرَةَ لِعُمَرَ،
وَعُثْمَانَ، وَوَلِيَ الكُوْفَةَ، وَبِهَا مَاتَ (5).
__________
= طرق عن شعبة، عن سعيد بن أبي بردة، عن أبيه، عن جده: أن
النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذا وأبا موسى إلى اليمن،
فقال: " يسرا ولا تعسرا.
وبشرا ولا تنفرا.
وتطاوعا ولا تختلفا ".
(1) يريد قدومه من الحبشة مع من كان هاجر إليها كما سيأتي
قريبا.
(2) أخرجه أبو زرعة في " تاريخ دمشق " (238) واقتسبه منه
ابن عساكر: 431.
(3) ابن عساكر: 434.
(4) ابن سعد 6 / 16، وكونه ممن شهد خيبر فيه نظر، فقد جاء
في صحيح البخاري 7 / 317 قول أبي موسى: فوافقنا النبي صلى
الله عليه وسلم حين افتتح خيبر، وزاد في رواية: فأسهم لنا
ولم يسهم لأحد غاب عن فتح خيبر منها شيئا ! إلا لمن شهدها
معه، إلا لأصحاب سفينتنا مع جعفر وأصحابه، فإنه قسم لهم
معهم، وانظر الخبر الآتي.
(5) ذكره ابن عساكر: 435، 436.
(2/382)
وَقَالَ ابْنُ مَنْدَةَ: افْتَتَحَ
أَصْبَهَانَ زَمَنَ عُمَرَ (1) .
وَقَالَ العِجْلِيُّ: بَعَثَهُ عُمَرُ أَمِيْراً عَلَى
البَصْرَةِ، فَأَقْرَأَهُمْ، وَفَقَّهَهُمْ، وَهُوَ فَتَحَ
تُسْتَرَ، وَلَمْ يَكُنْ فِي الصَّحَابَةِ أَحَدٌ أَحْسَنَ
صَوْتاً مِنْهُ (2).
قَالَ حُسَيْنٌ المُعَلِّمُ: سَمِعْتُ ابْنَ بُرَيْدَةَ
يَقُوْلُ:
كَانَ الأَشْعَرِيُّ قَصِيْراً، أَثَطَّ، خَفِيْفَ
الجِسْمِ (3) .
وَأَمَّا الوَاقِدِيُّ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ
إِلْيَاسَ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي جَهْمٍ، قَالَ:
لَيْسَ أَبُو مُوْسَى مِنْ مُهَاجِرَةِ الحَبَشَةِ، وَلاَ
حِلْفَ لَهُ فِي قُرَيْشٍ، وَقَدْ كَانَ أَسْلَمَ
بِمَكَّةَ، وَرَجَعَ إِلَى أَرْضِهِ، حَتَّى قَدِمَ هُوَ
وَأُنَاسٌ مِنَ الأَشْعَرِيِّيْنَ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ
(4) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وَذَكَرَهُ: مُوْسَى بنُ عُقْبَةَ فِيْمَنْ هَاجَرَ إِلَى
الحَبَشَةِ (5) .
وَرَوَى: أَبُو بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوْسَى، قَالَ:
خَرَجْنَا مِنَ اليَمَنِ فِي بضْعٍ وَخَمْسِيْنَ مِنْ
قَوْمِي، وَنَحْنُ ثَلاَثَةُ إِخْوَةٍ: أَنَا، وَأَبُو
رُهْمٍ، وَأَبُو عَامِرٍ، فَأَخْرَجَتْنَا سَفِيْنَتُنَا
إِلَى النَّجَاشِيِّ، وَعِنْدَهُ جَعْفَرٌ وَأَصْحَابُهُ،
فَأَقْبَلْنَا حِيْنَ افْتُتِحَتْ
__________
(1) ابن عساكر: 436.
(2) ابن عساكر: 439.
وتستر: مدينة بخوزستان.
(3) ابن سعد 4 / 115، وابن عساكر 446، والاثط: هو القليل
شعر اللحية، وقيل: هو الخفيف اللحية من العارضين.
(4) ابن سعد 4 / 105، وابن عساكر: 446.
(5) الصواب أن موسى بن عقبة لم يذكره فيمن هاجر إلى الحبشة
كما سيذكره في الصفحة 400 وكذلك هو في ابن عساكر: 446،
447، وقال ابن حجر في " الإصابة " 6 / 194: وكان هو سكن
الرملة، وحالف سعيد بن العاص، ثم أسلم، وهاجر إلى الحبشة،
وقيل: بل رجع إلى بلاد قومه، ولم يهاجر إلى الحبشة، هذا
قول الأكثر فإن موسى بن عقبة وابن إسحاق والواقدي لم
يذكروه في مهاجرة الحبشه.
(2/383)
خَيْبَرُ.
فَقَالَ رَسُوْل اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-: (لَكُمُ الهِجْرَةُ مَرَّتَيْنِ، هَاجَرْتُمْ
إِلَى النَّجَاشِيِّ، وَهَاجَرْتُمْ إِلَيَّ (1)).
وَفِي رِوَايَةٍ: أَنَا وَأَخَوَايَ: أَبُو رُهْمٍ،
وَأَبُو بُرْدَةَ، أَنَا أَصْغَرُهُمْ.
أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا
يَحْيَى بنُ أَيُّوْبَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ،
قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-: (يَقْدَمُ عَلَيْكُمْ غَداً قَوْمٌ، هُمْ
أَرَقُّ قُلُوْباً لِلإِسْلاَمِ مِنْكُمْ).
فَقَدِمَ الأَشْعَرِيُّوْنَ، فَلَمَّا دَنَوْا، جَعَلُوا
يَرْتَجِزُوْنَ:
غَداً نَلْقَى الأَحِبَّهْ ... مُحَمَّداً وَحِزْبَهْ
فَلَمَّا أَنْ قَدِمُوا، تَصَافَحُوا، فَكَانُوا أَوَّلَ
مَنْ أَحْدَثَ المُصَافَحَةَ (2) .
شُعْبَةُ: عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِيَاضٍ الأَشْعَرِيِّ،
قَالَ:
لَمَا نَزَلَتْ : {فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ
يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ } [المَائِدَةُ: 57]؛ قَالَ
رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
(هُمْ قَوْمُكَ يَا أَبَا مُوْسَى).
وَأَوْمَأَ إِلَيْهِ (3).
صَحَّحَهُ: الحَاكِمُ، وَالأَظْهَرُ أَنَّ لِعِيَاضِ بنِ
عَمْرٍو صُحْبَةٌ.
وَلَكِنْ رَوَاهُ: جَمَاعَةٌ، عَنْ شُعْبَةَ أَيْضاً (ح).
وَعَبْدُ اللهِ بنُ إِدْرِيْسَ، عَنْ أَبِيْهِ كِلاَهُمَا،
عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِيَاضٍ، عَنْ أَبِي مُوْسَى.
بُرَيْدٌ: عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوْسَى،
قَالَ:
لَمَّا فَرَغَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- مِنْ حُنَيْنٍ، بَعَثَ أَبَا عَامِرٍ
الأَشْعَرِيَّ عَلَى جَيْشِ أَوْطَاسٍ، فَلَقِيَ دُرَيْدَ
بنَ
__________
(1) أخرجه ابن سعد 4 / 106، والبخاري 7 / 371، 372، ومسلم
(2502) وأحمد 4 / 395 و412.
(2) إسناده صحيح، أخرجه أحمد 3 / 155 و223، وابن عساكر:
456، وأخرجه أحمد 3 / 105 و182 و251 و262، وابن سعد 4 /
106 من طرق عن حميد، عن أنس.
(3) رجاله ثقات، وأخرجه ابن سعد 4 / 107، وصححه الحاكم 2 /
313، ووافقه الذهبي، وهو في تاريخ ابن عساكر: 456، 457.
(2/384)
الصِّمَّةِ، فَقُتِلَ دُرَيْدٌ، وَهَزَمَ
اللهُ أَصْحَابَهُ.
فَرَمَى رَجُلٌ أَبَا عَامِرٍ فِي رُكْبَتِهِ بِسَهْمٍ،
فَأَثْبَتَهُ (1) .
فَقُلْتُ: يَا عَمّ! مَنْ رَمَاكَ؟
فَأَشَارَ إِلَيْهِ، فَقَصَدْتُ لَهُ، فَلَحِقْتُهُ،
فَلَمَّا رَآنِي، وَلَّى ذَاهِباً، فَجَعَلْتُ أَقُوْلُ
لَهُ: أَلاَ تَسْتَحْيِي؟ أَلَسْتَ عَرَبٍيّاً؟ أَلاَ
تَثْبُتُ؟
قَالَ: فَكَفَّ، فَالْتَقَيْتُ أَنَا وَهُوَ،
فَاخْتَلَفْنَا ضَرْبَتَيْنِ، فَقَتَلْتُهُ، ثُمَّ
رَجَعْتُ إِلَى أَبِي عَامِرٍ، فَقُلْتُ قَدْ قَتَلَ اللهُ
صَاحِبَكَ.
قَالَ: فَانْزِعْ هَذَا السَّهْمَ.
فَنَزَعْتُهُ، فَنَزَا مِنْهُ المَاءُ، فَقَالَ: يَا ابْنَ
أَخِي، انْطَلِقْ إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَقْرِهِ مِنِّي السَّلاَمَ، وَقُلْ
لَهُ يَسْتَغْفِرْ لِي.
وَاسْتَخْلَفَنِي أَبُو عَامِرٍ عَلَى النَّاسِ، فَمَكَثَ
يَسِيْراً، ثُمَّ مَاتَ.
فَلَمَّا قَدِمْنَا، وَأَخْبَرْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَوَضَّأَ، ثُمَّ رَفَعَ
يَدَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعُبَيْدٍ
أَبِي عَامِرٍ)، حَتَّى رَأَيْتُ بَيَاضَ إِبِطَيْهِ.
ثُمَّ قَالَ: (اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ يَوْمَ القِيَامَةِ
فَوْقَ كَثِيْرٍ مِنْ خَلْقِكَ).
فَقُلْتُ: وَلِي يَا رَسُوْلَ اللهِ؟
فَقَالَ: (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعَبْدِ اللهِ بنِ قَيْسٍ
ذَنْبَهُ، وَأَدْخِلْهُ يَوْمَ القِيَامَةِ مُدْخَلاً
كَرِيْماً (2)).
وَبِهِ: عَنْ أَبِي مُوْسَى، قَالَ:
كُنْتُ عِنْدَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- بِالجِعْرَانَةِ (3) ، فَأَتَى أَعْرَابِيٌّ،
فَقَالَ: أَلاَ تُنْجِزُ لِي مَا وَعَدْتَنِي؟
قَالَ: (أَبْشِرْ).
قَالَ: قَدْ أَكْثَرْتَ منَ البُشْرَى.
فَأَقْبَلَ رَسُوْلُ اللهِ عَلَيَّ وَعلَى بِلاَلٍ،
فَقَالَ: (إِنَّ هَذَا قَدْ رَدَّ البُشْرَى، فَاقْبَلاَ
أَنْتُمَا).
فَقَالاَ: قَبِلْنَا يَا رَسُوْلَ اللهِ.
فَدَعَا بِقَدَحٍ، فَغَسَلَ يَدَيْهِ
__________
(1) من قوله " بريد " إلى هنا، سقط من المطبوع.
(2) أخرجه ابن عساكر: 462 من طريق أبي يعلى، عن أبي كريب،
عن أبي أسامة بهذا الإسناد، وأخرجه البخاري 8 / 34 في
المغازي: باب غزوة أوطاس، ومسلم (2498) في
فضائل الصحابة، كلاهما من طريق أبي كريب محمد بن العلاء،
عن أبي أسامة بهذا الإسناد.
وأوطاس: واد في ديار هوازن، وهو غير وادي حنين.
(3) الجعرانة: بين مكة والطائف، وهي إلى مكة أقرب.
وقال الفاكهي: بينها وبين مكة بريد، وقال الباجي: ثمانية
عشر ميلا.
سير 2 / 25
(2/385)
وَوَجْهَهُ فِيْهِ، وَمَجَّ فِيْهِ، ثُمَّ
قَالَ: (اشْرَبَا مِنْهُ، وَأَفْرِغَا عَلَى رُؤُوْسِكُمَا
وَنُحُوْرِكُمَا).
فَفَعَلاَ! فَنَادَتْ أُمُّ سَلَمَةَ مِنْ وَرَاءِ
السَّتْرِ: أَنَّ فَضِّلاَ لأُمِّكُمَا.
فَأَفْضَلاَ لَهَا مِنْهُ (1).
مَالِكُ بنُ مِغْوَلٍ، وَغَيْرُهُ: عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ،
عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
خَرَجْتُ لَيْلَةً مِنَ المَسْجِدِ، فَإِذَا النَّبِيُّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِنْدَ بَابِ
المَسْجِدِ قَائِمٌ، وَإِذَا رَجُلٌ يُصَلِّي، فَقَالَ
لِي: (يَا بُرَيْدَةَ، أَتَرَاهُ يُرَائِي؟).
قُلْتُ: اللهُ وَرَسُوْلُهُ أَعْلَمُ.
قَالَ: (بَلْ هُوَ مُؤْمِنٌ مُنِيْبٌ، لَقَدْ أُعْطِيَ
مِزْمَاراً مِنْ مَزَامِيْرِ آلِ دَاوُدَ).
فَأَتَيْتُهُ، فَإِذَا هُوَ أَبُو مُوْسَى؛ فَأَخْبَرْتُهُ
(2).
أَنْبَؤُوْنَا عَنْ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ اللَّبَّانِ،
وَغَيْرِهِ: أَنَّ أَبَا عَلِيٍّ الحَدَّادَ أَخْبَرَهُمْ،
أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ فَارِسٍ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بنُ
الحُبَابِ، عَنْ مَالِكِ بنِ مِغْوَلٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ
بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
جَاءَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- إِلَى المَسْجِدِ، وَأَنَا عَلَى بَابِ المَسْجِدِ،
فَأَخَذَ بِيَدِيْ، فَأَدْخَلَنِي المَسْجِدَ، فَإِذَا
رَجُلٌ يُصَلِّي يَدْعُو، يَقُوْلُ: اللَّهُمَّ إِنِّي
أَسْأَلُكَ بِأَنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ اللهُ، لاَ إِلَهَ
إِلاَّ أَنْتَ الأَحَدُ الصَّمَدُ، الَّذِي لَمْ يَلِدْ،
وَلَمْ يُوْلَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ.
قَالَ: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَقَدْ سَأَلَ اللهَ
بِاسْمِهِ الأَعْظَمِ، الَّذِي إِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى،
وَإِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ).
وَإِذَا رَجُلٌ يَقْرَأُ، فَقَالَ: (لَقَدْ أُعْطِيَ هَذَا
مِزْمَاراً مِنْ مَزَامِيْرِ آلِ دَاوُدَ).
قُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، أُخْبِرُهُ؟
قَالَ: (نَعَمْ).
فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ لِي: لاَ تَزَالُ لِي صَدِيْقاً،
وَإِذَا هُوَ أَبُو مُوْسَى (3).
__________
(1) أخرجه البخاري 8 / 37، ومسلم (2497)، وابن عساكر: 466،
467.
(2) أخرجه مسلم (793) وابن عساكر: 469، 470، وانظر " مجمع
الزوائد " 9 / 358، 359.
(3) أخرجه ابن عساكر 472، 473 من طريق أبي نعيم بهذا
الإسناد، وأخرجه أحمد 5 / 349
(2/386)
رَوَاهُ: حُسَيْنُ بنُ وَاقِدٍ، عَنِ ابْنِ
بُرَيْدَةَ، مُخْتَصَراً.
وَرَوَى: أَبُو سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
قَالَ: (لَقَدْ أُعْطِيَ أَبُو مُوْسَى مِزْمَاراً مِنْ
مَزَامِيْرِ آلِ دَاوُدَ (1)).
خَالِدُ بنُ نَافِعٍ: حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ أَبِي
بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي مُوْسَى:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
وَعَائِشَةَ مَرَّا بِهِ، وَهُوَ يَقْرَأُ فِي بَيْتِهِ،
فَاسْتَمَعَا لِقِرَاءتِهِ.
فَلَمَّا أَصْبَحَ، أَخْبَرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ فَقَالَ: لَوْ أَعْلَمُ
بِمَكَانِكَ، لَحَبَّرْتُهُ لَكَ تَحْبِيْراً (2) .
خَالِدٌ: ضُعِّفَ.
__________
من طريق عثمان بن عمر، عن مالك، عن ابن بريدة، عن أبيه،
وإسناده صحيح.
وأورده البغوي في " شرح السنة " 5 / 37 من طريق عثمان بن
عمرو الضبي، عن عمرو بن مرزوق، عن مالك بن مغول، عن عبد
الله بن بريدة، عن أبيه.
وأخرجه مختصرا أبو داود (1493) وأحمد 5 / 360، والترمذي
(3471) والنسائي 3 / 52، وابن ماجه (3875) أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم سمع رجلا
يقول: اللهم إني أسألك أني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا
أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا
أحد، فقال: " لقد سألت الله بالاسم الذي إذا سئل به أعطى،
وإذا دعي به أجاب " وإسناده صحيح، وصححه ابن حبان (2383)
والحاكم 1 / 504، وأقره الذهبي.
(1) صحيح، أخرجه ابن سعد 4 / 107، وأحمد 2 / 450، وابن
ماجه (1341) من طريق يزيد بن هارون، عن محمد بن عمرو بهذا
الإسناد، وأخرجه النسائي 2 / 180، وأحمد 2 / 369، وابن
عساكر: 478، من طريقين، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي
هريرة.
(2) أخرجه ابن عساكر: 477، من طريق أبي يعلى، عن شريح بن
يونس بهذا الإسناد، وذكره الهيثمي في " المجمع " 9 / 359،
360، وقال: رواه الطبراني ورجاله على شرط الصحيح غير خالد
بن نافع الأشعري، ووثقه ابن حبان، وضعفه جماعة.
وأخرجه الحاكم في " المستدرك " 3 / 466 من طريق عثمان بن
سعيد الدارمي، عن محرز بن هشام الكوفي، عن خالد بن نافع
به، وصححه، ووافقه الذهبي المؤلف: بينما هنا أعله بخالد
كما ترى.
والتحبير: التحسين.
(2/387)
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ
أَنَسٍ:
أَنَّ أَبَا مُوْسَى قَرَأَ لَيْلَةً، فَقُمْنَ أَزْوَاجَ
النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
يَسْتَمِعْنَ لِقِرَاءتِهِ.
فَلَمَّا أَصْبَحَ، أُخْبِرَ بِذَلِكَ، فَقَالَ: لَوْ
عَلِمْتُ، لَحَبَّرْتُ تَحْبِيْراً، وَلَشَوَّقْتُ
تَشْوِيْقاً (1) .
الأَعْمَشُ: عَنْ عَمْرِو بنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي
البَخْتَرِيِّ، قَالَ:
أَتَيْنَا عَلِيّاً، فَسَأَلْنَاهُ عَنْ أَصْحَابِ
مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟
قَالَ: عَنْ أَيِّهِمْ تَسْأَلُوْنِي؟
قُلْنَا: عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ.
قَالَ: عَلِمَ القُرْآنَ وَالسُّنَّةَ، ثُمَّ انْتَهَى،
وَكَفَى بِهِ عِلْماً.
قُلْنَا: أَبُو مُوْسَى؟
قَالَ: صُبِغَ فِي العِلْمِ صِبْغَةً، ثُمَّ خَرَجَ
مِنْهُ.
قُلْنَا: حُذَيْفَةُ؟
قَالَ: أَعْلَمُ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ بِالمُنَافِقِيْنَ.
قَالُوا: سَلْمَانُ؟
قَالَ: أَدْرَكَ العِلْمَ الأَوَّلَ، وَالعِلْمَ الآخِرَ؛
بَحْرٌ لاَ يُدْرَكُ قَعْرُهُ، وَهُوَ مِنَّا أَهْلَ
البَيْتِ.
قَالُوا: أَبُو ذَرٍّ؟
قَالَ: وَعَى عِلْماً عَجِزَ عَنْهُ.
فَسُئِلَ عَنْ نَفْسِهِ.
قَالَ: كُنْتُ إِذَا سَأَلْتُ أُعْطِيْتُ، وَإِذَا سَكَتُّ
ابْتُدِيْتُ (2) .
أَبُو إِسْحَاقَ: سَمِعَ الأَسْوَدَ بنَ يَزِيْدَ، قَالَ:
لَمْ أَرَ بِالكُوْفَةِ أَعْلَمَ مِنْ عَلِيٍّ، وَأَبِي
مُوْسَى (3) .
وَقَالَ مَسْرُوْقٌ: كَانَ القَضَاءُ فِي الصَّحَابَةِ
إِلَى سِتَّةٍ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُوْدٍ،
وَأُبَيٍّ، وَزِيْدٍ، وَأَبِي مُوْسَى (4).
__________
(1) إسناده صحيح، أخرجه ابن سعد 4 / 108 من طريق يزيد بن
هارون، وعفان بن مسلم كلاهما عن حماد به، وهو في " تاريخ
ابن عساكر ": 481.
(2) رجاله ثقات، أخرجه الفسوي في " تاريخه " 2 / 540 من
طريق عمر بن حفص بن غياث، عن أبيه، عن الأعمش بهذا
الإسناد.
(3) ابن عساكر: 499.
(4) أخرجه أبو زرعة في " تاريخ دمشق " رقم (1922) من طريق
محمد بن أبي عمر، عن سفيان بن عيينة، عن مطرف، عن الشعبي،
عن مسروق.
وهذا سند صحيح، وهو في " تاريخ ابن عساكر ": 500.
(2/388)
وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: يُؤْخَذُ العِلْمُ
عَنْ سِتَّةٍ: عُمَرَ، وَعَبْدِ اللهِ، وَزَيْدٍ، يُشْبِهُ
عِلْمُهُمْ بَعْضُهُ بَعْضاً، وَكَانَ عَلِيٌّ، وَأُبَيٌّ،
وَأَبُو مُوْسَى يُشْبِهُ عِلْمُهُمْ بَعْضُهُ بَعْضاً،
يَقْتَبِسُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ (1) .
وَقَالَ دَاوُدُ: عَنِ الشَّعْبِيِّ:
قُضَاةُ الأُمَّةِ: عُمَرُ، وَعَلِيٌّ، وَزَيْدٌ، وَأَبُو
مُوْسَى (2) .
أُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ: عَنْ صَفْوَانَ بنِ سُلَيْمٍ،
قَالَ:
لَمْ يَكُنْ يُفْتِي فِي المَسْجِدِ زَمَنَ رَسُوْلِ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غَيْرُ هَؤُلاَءِ:
عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَمُعَاذٍ، وَأَبِي مُوْسَى (3) .
قَالَ أَبُو بُرْدَةَ: قَالَ: إِنِّي تَعَلَّمْتُ
المُعْجَمَ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَكَانَتْ كِتَابَتِي مِثْلَ
العَقَارِبِ (4) .
أَيُّوْبُ: عَنْ مُحَمَّدٍ، قَالَ عُمَرُ:
بِالشَّامِ أَرْبَعُوْنَ رَجُلاً، مَا مِنْهُمْ رَجُلٌ
كَانَ يَلِي أَمْرَ الأُمَّةَ إِلاَّ أَجْزَأَهُ،
فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ.
فَجَاءَ رَهْطٌ، فِيْهِم أَبُو مُوْسَى، فَقَالَ: إِنِّي
أُرْسِلُكَ إِلَى قَوْمٍ عَسْكَرَ الشَّيْطَانُ بَيْنَ
أَظْهُرِهِمْ.
قَالَ: فَلاَ تُرْسِلْنِي.
قَالَ: إِنَّ بِهَا جِهَاداً وَرِبَاطاً.
فَأَرْسَلَهُ إِلَى البَصْرَةِ (5) .
قَالَ الحَسَنُ البَصْرِيُّ: مَا قَدِمَهَا رَاكِبٌ خَيْرٌ
لأَهْلِهَا مِنْ أَبِي مُوْسَى.
قَالَ ابْنُ شَوْذَبٍ: كَانَ أَبُو مُوْسَى إِذَا صَلَّى
الصُّبْحَ، اسْتَقْبَلَ الصُّفُوْفَ رَجُلاً رَجُلاً
يُقْرِئُهُمْ، وَدَخَلَ البَصْرَةَ عَلَى جَمَلٍ أَوْرَقَ،
وَعَلَيْهِ خَرَجَ لَمَّا
__________
(1) ابن عساكر: 501.
(2) ابن عساكر: 501.
(3) ابن عساكر: 502.
(4) ابن عساكر: 502.
(5) رجاله ثقات، وهو في ابن سعد 4 / 109 من طريق عارم، عن
حماد بن زيد بهذا الإسناد، وأخرجه ابن عساكر عن ابن سعد:
503.
(2/389)
عُزِلَ (1) .
قَتَادَةُ: عَنْ أَنَسٍ: بَعَثَنِي الأَشْعَرِيُّ إِلَى
عُمَرَ، فَقَالَ لِي: كَيْفَ تَرَكْتَ الأَشْعَرِيَّ؟
قُلْتُ: تَرَكْتُهُ يُعَلِّمُ النَّاسَ القُرْآنَ.
فَقَالَ: أَمَا إِنَّهُ كَيِّسٌ! وَلاَ تُسْمِعْهَا
إِيَّاهُ (2) .
قَالَ أَبُو بُرْدَةَ: كَتَبْتُ عَنْ أَبِي أَحَادِيْثَ،
فَفَطِنَ بِي، فَمَحَاهَا، وَقَالَ: خُذْ كَمَا أَخَذْنَا
(3) .
أَبُو هِلاَلٍ: عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ:
بَلَغَ أَبَا مُوْسَى أَنَّ نَاساً يَمْنَعُهُمْ مِنَ
الجُمُعَةِ أَنْ لَيْسَ لَهُم ثِيَابٌ، فَخَرَجَ عَلَى
النَّاسِ فِي عَبَاءةٍ (4) .
قَالَ الزُّهْرِيُّ: اسْتُخْلِفَ عُثْمَانُ، فَنَزَعَ
أَبَا مُوْسَى عَنِ البَصْرَةِ، وَأَمَّرَ عَلَيْهَا
عَبْدَ اللهِ بنَ عَامِرِ بنِ كُرَيْزٍ (5) .
قَالَ خَلِيْفَةُ: وَلِيَ أَبُو مُوْسَى البَصْرَةَ سَنَةَ
سَبْعَ عَشْرَةَ بَعْدَ المُغِيْرَةِ، فَلَمَّا افْتَتَحَ
الأَهْوَازَ، اسْتَخْلَفَ عِمْرَانَ بنَ حُصَيْنٍ
بِالبَصْرَةِ (6) - وَيُقَالُ: افْتَتَحَهَا صُلْحاً -
فَوَظَّفَ عَلَيْهَا عُمَرُ عَشْرَةَ آلاَفِ أَلْفٍ،
وَأَرْبَعَ مائَةِ أَلْفٍ.
__________
(1) ابن عساكر: 504.
(2) رجاله ثقات، أخرجه ابن سعد 4 / 108 من طريق حماد بن
أسامة، ووهب بن جرير، كلاهما عن هشام الدستوائي عن قتادة،
عن أنس.
وهو في " تاريخ ابن عساكر ": 507 506.
(3) ابن عساكر: 512.
(4) ابن سعد 4 / 112، 113، وابن عساكر: 512.
(5) ابن عساكر: 513 و522.
(6) " تاريخ خليفة ": 135، 136، واقتبسه منه ابن عساكر:
513، 514.
(2/390)
وَقِيْلَ: فِي سَنَةِ ثَمَانِ عَشْرَةَ،
افْتَتَحَ أَبُو مُوْسَى الرُّهَا وَسُمَيْسَاطَ وَمَا
وَالاَهَا عَنْوَةً (1) .
زُهَيْرُ بنُ مُعَاوِيَةَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ،
حَدَّثَنَا أَنَسٌ:
أَنَّ الهُرْمُزَانَ نَزَلَ عَلَى حُكْمِ عُمَرَ مِنْ
تُسْتَرَ، فَبَعَثَ بِهِ أَبُو مُوْسَى مَعِي إِلَى
أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ؛ فَقَدِمْتُ بِهِ.
فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: تَكَلَّمْ، لاَ بَأْسَ عَلَيْكَ.
فَاسْتَحْيَاهُ، ثُمَّ أَسْلَمَ، وَفَرَضَ لَهُ (2) .
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: سَارَ أَبُو مُوْسَى مِنْ
نَهَاوَنْدَ، فَفَتَحَ أَصْبَهَانَ سَنَةَ ثَلاَثٍ
وَعِشْرِيْنَ (3) .
مُجَالِدٌ: عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ:
كَتَبَ عُمَرُ فِي وَصِيَّتِهِ: أَلاَّ يَقِرَّ لِي
عَامِلٌ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ، وَأَقِرُّوا الأَشْعَرِيَّ
أَرْبَعَ سِنِيْنَ (4) .
حُمَيْدُ بنُ هِلاَلٍ: عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، سَمِعتُ أَبِي
يُقْسِمُ مَا خَرَجَ حِيْنَ نُزعَ عَنِ البَصْرَةِ إِلاَّ
بِسِتِّ مائَةِ دِرْهَمٍ (5) .
الزُّهْرِيُّ: عَنْ أَبِي سَلَمَةَ:
كَانَ عُمَرُ إِذَا جَلَسَ عِنْدَهُ أَبُو مُوْسَى،
رُبَّمَا قَالَ لَهُ: ذَكِّرْنَا يَا أَبَا مُوْسَى،
فَيَقْرَأُ (6).
__________
(1) " تاريخ خليفة ": 139، وابن عساكر: 514.
(2) ابن عساكر: 515.
واستحياه: استبقاه، ولم يقتله.
قال تعالى: (ويستحيون نساءكم) .
(3) ابن عساكر: 517.
(4) ابن عساكر: 522.
(5) ابن عساكر: 523.
(6) ابن سعد 4 / 109 من طريق عثمان بن عمر، عن يونس، عن
الزهري، عن أبي سلمة.
وهو في ابن عساكر: 526 من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن
الزهري، عن أبي سلمة، ورجاله ثقات.
(2/391)
وَفِي رِوَايَةٍ تَفَرَّدَ بِهَا
رِشْدِيْنُ بنُ سَعْدٍ: فَيَقْرَأُ، وَيَتَلاَحَنُ (1) .
وَقَالَ ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ: قَدِمْنَا البَصْرَةَ مَعَ
أَبِي مُوْسَى، فَقَامَ مِنَ اللَّيْلِ يَتَهَجَّدُ،
فَلَمَّا أَصْبَحَ، قِيْلَ لَهُ:
أَصْلَحَ اللهُ الأَمِيْرَ! لَوْ رَأَيْتَ إِلَى
نِسْوَتِكَ وَقَرَابَتِكَ وَهُمْ يَسْتَمِعُوْنَ
لِقِرَاءتِكَ!
فَقَالَ: لَوْ عَلِمْتُ، لَزَيَّنْتُ كِتَابَ اللهِ
بِصَوْتِي، وَلَحَبَّرْتُهُ تَحْبِيْراً (2) .
قَالَ أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ: مَا سَمِعْتُ
مِزْمَاراً وَلاَ طُنْبُوْراً وَلاَ صَنْجاً أَحْسَنَ مِنْ
صَوْتِ أَبِي مُوْسَى الأَشْعَرِيِّ؛ إِنْ كَانَ
لَيُصَلِّي بِنَا فَنَوَدُّ أَنَّه قَرَأَ البَقَرَةَ مِنْ
حُسْنِ صَوْتِهِ (3) .
هِشَامُ بنُ حَسَّانٍ: عَنْ وَاصِلٍ مَوْلَى أَبِي
عُيَيْنَةَ، عَنْ لَقِيْطٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ
أَبِي مُوْسَى، قَالَ:
غَزَوْنَا فِي البَحْرِ، فَسِرْنَا؛ حَتَّى إِذَا كُنَّا
فِي لُجَّةِ البَحْرِ، سَمِعنَا مُنَادِياً يُنَادِيْ: يَا
أَهْلَ السَّفِيْنَةِ، قِفُوْا أُخْبِرْكُمْ.
فَقُمْتُ، فَنَظَرْتُ يَمِيْناً وَشِمَالاً، فَلَمْ أَرَ
شَيْئاً، حَتَّى نَادَى سَبْعَ مِرَارٍ.
فَقُلْتُ: أَلاَ تَرَى فِي أَيِّ مَكَانٍ نَحْنُ، إِنَّا
لاَ نَسْتَطِيْعُ أَنْ نَقِفَ.
فَقَالَ: أَلاَ أُخْبِرُكَ بِقَضَاءٍ قَضَى اللهُ عَلَى
نَفْسِهِ: إِنَّهُ مَنْ عَطَّشَ نَفْسَهُ للهِ فِي يَوْمٍ
حَارٍّ، كَانَ حَقّاً عَلَى اللهِ أَنْ يَرْوِيَهُ يَوْمَ
القِيَامَةِ.
قَالَ: وَكَانَ أَبُو مُوْسَى لاَ تَكَادُ تَلْقَاهُ فِي
يَوْمٍ حَارٍّ إِلاَّ
__________
(1) التلاحن: التطريب، وهو في " تاريخ ابن عساكر ": 526،
ورشدين بن سعد ضعيف.
(2) إسناده صحيح، أخرجه ابن سعد 2 / 344، 345 من طريق عفان
عن حماد بهذا الإسناد، وأخرجه ابن عساكر: 526، 527، من
طريق علي بن الجعد، عن ابي معاوية، عن ثابت، عن أنس.
(3) ابن عساكر: 527 من طريق الامام أحمد، عن المعتمر، عن
أبيه، عن أبي عثمان.
(2/392)
صَائِماً (1) .
وَرَوَاهُ: ابْنُ المُبَارَكِ فِي (الزُّهْدِ): حَدَّثَنَا
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ وَاصِلٍ.
الأَعْمَشُ: عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوْقٍ، قَالَ:
خَرَجْنَا مَعَ أَبِي مُوْسَى فِي غَزَاةٍ، فَجَنَّنَا
اللَّيْلُ فِي بُسْتَانٍ خَرِبٍ؛ فَقَامَ أَبُو مُوْسَى
يُصَلِّي، وَقَرَأَ قِرَاءةً حَسَنَةً، وَقَالَ:
اللَّهُمَّ أَنْتَ المُؤْمِنُ تُحِبُّ المُؤْمِنَ،
وَأَنْتَ المُهَيْمِنُ تُحِبُّ المُهَيْمِنَ، وَأَنْتَ
السَّلاَمُ تُحِبُّ السَّلاَمَ (2) .
وَرَوَى: صَالِحُ بنُ مُوْسَى الطَّلْحِيُّ، عَنْ
أَبِيْهِ، قَالَ:
اجْتَهَدَ الأَشْعَرِيُّ قَبْلَ مَوْتِهِ اجْتِهَاداً
شَدِيْداً، فَقِيْلَ لَهُ: لَوْ أَمْسَكْتَ وَرَفَقْتَ
بِنَفْسِكَ!
قَالَ: إِنَّ الخَيْلَ إِذَا أُرْسِلَتْ فَقَارَبَتْ
رَأْسَ مَجْرَاهَا، أَخْرَجَتْ جَمِيْعَ مَا عِنْدَهَا؛
وَالَّذِي بَقِيَ مِنْ أَجَلِي أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ (3) .
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ:
أَنَّ أَبَا مُوْسَى كَانَ لَهُ سَرَاوِيْلُ يَلْبَسُهُ
مَخَافَةَ أَنْ يَتَكَشَّفَ (4) .
الأَعْمَشُ: عَنْ شَقِيْقٍ، قَالَ:
كُنَّا مَعَ حُذَيْفَةَ جُلُوْساً، فَدَخَلَ عَبْدُ اللهِ،
__________
(1) أخرجه ابن عساكر: 531، 532 من طرق، عن أبي العباس محمد
بن يعقوب عن بكار ابن قتيبة، عن روح بن عبادة عن هشام بن
حسان بهذا الإسناد، ورجاله ثقات خلا لقيط وهو أبو المغيرة
فإنه لا يعرف بجرح ولا تعديل، ولم يرو عنه غير واصل مولى
أبي عيينة كما في " الجرح والتعديل " 7 / 177.
وأخرجه الحاكم في " المستدرك " 3 / 467، من طريق حماد بن
يحيى، عن عبد الله بن المؤمل، عن عطاء، عن ابن عباس، أن
النبي صلى الله عليه وسلم استعمل أبا موسى على سرية البحر.
وقال: صحيح الإسناد، وتعقبه الذهبي بقوله: ابن المؤمل
ضعيف.
(2) ابن عساكر: 532، 533.
(3) ابن عساكر: 534.
(4) ابن عساكر: 535، 536.
(2/393)
وَأَبُو مُوْسَى المَسْجِدَ، فَقَالَ:
أَحَدُهُمَا مُنَافِقٌ.
ثُمَّ قَالَ: إِنَّ أَشْبَهَ النَّاسِ هَدْياً وَدَلاًّ
وَسَمْتاً بِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- عَبْدُ اللهِ (1) .
قُلْتُ: مَا أَدْرِي مَا وَجْهُ هَذَا القَوْلِ، سَمِعَهُ
عَبْدُ اللهِ بنُ نُمَيْرٍ مِنْهُ، ثُمَّ يَقُوْلُ
الأَعْمَشُ: حَدَّثْنَاهُمْ بِغَضَبِ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاتَّخَذُوْهُ
دِيْناً (2).
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ إِدْرِيْسَ: كَانَ الأَعْمَشُ بِهِ
دِيَانَةٌ مِنْ خَشْيَتِهِ (3) .
قُلْتُ: رُمِيَ الأَعْمَشُ بِيَسِيْرِ تَشَيُّعٍ فَمَا
أَدْرِي.
وَلاَ رَيْبَ أَنَّ غُلاَةَ الشِّيْعَةِ يُبْغِضُوْنَ
أَبَا مُوْسَى -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- لِكَوْنِهِ مَا
قَاتَلَ مَعَ عَلِيٍّ، ثُمَّ لَمَّا حَكَّمَهُ عَلِيٌّ
عَلَى نَفْسِهِ عَزَلَهُ، وَعَزَلَ مُعَاوِيَةَ، وَأَشَارَ
بِابْنِ عُمَرَ؛ فَمَا انْتَظَمَ مِنْ ذَلِكَ حَالٌ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ،
حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ عَلْقَمَةَ، عَنْ دَاوُدَ بنِ
الحُصَيْنِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:
قُلْتُ لِعَلِيٍّ يَوْمَ
__________
(1) رجاله ثقات: وأخرجه الفسوي في " تاريخه " 2 / 771 من
طريق محمد بن عبد الله بن نمير، حدثني أبي، عن الأعمش، عن
شقيق، واقتبسه ابن عساكر: 538.
فإن صح هذا عن حذيفة ولا إخاله يصح، فإنه قد أخطأ في حق
هذا الصحابي الجليل الذي استعمله النبي صلى الله عليه وسلم
هو ومعاذا على اليمن، وولي للخليفتين عمر وعثمان، وشهد له
فضلاء الصحابة بوفور عقله، واستقامة سيرته، وورعه وفضله،
على أن قول الأعمش الذي سيورده المصنف يفهم منه أن حذيفة
إنما قال ذلك في حالة الغضب التي يقول فيها الإنسان كلاما
لا يعتقد أحقيته إذا روجع، حين يسكت عنه الغضب، ولا يتعلق
بما يقال في مثل هذه الحالة إلا الذين في قلوبهم مرض.
(2) في الأصل: فغضب وهو تحريف، أخرجه الفسوي في " تاريخه "
عن عبد الله بن نمير قال: سمعت الأعمش يقول:..واقتبسه ابن
عساكر: 538.
(3) ابن عساكر: 539.
(2/394)
الحَكَمَيْنِ: لاَ تُحَكِّمِ
الأَشْعَرِيَّ؛ فَإِنَّ مَعَهُ رَجُلاً حَذِراً مَرِساً
قَارِحاً (1) ، فَلُزَّنِي (2) إِلَى جَنْبِهِ، فَلاَ
يَحُلُّ عُقْدَةً إِلاَّ عَقَدْتُهَا، وَلاَ يَعْقِدُ
عُقْدَةً إِلاَّ حَلَلْتُهَا.
قَالَ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، مَا أَصْنَعُ؟
إِنَّمَا أُوْتَى مِنْ أَصْحَابِي، قَدْ ضَعُفَتْ
نِيَّتُهُمْ، وَكَلُّوا، هَذَا الأَشْعَثُ يَقُوْلُ: لاَ
يَكُوْنُ فِيْهَا مُضَرِيَّانِ أَبَداً، حَتَّى يَكُوْنَ
أَحَدُهُمَا يَمَانٍ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَعَذَرْتُهُ، وَعَرَفْتُ أَنَّهُ
مُضْطَهَدٌ (3) .
وَعَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: حَكَّمَ مُعَاوِيَةُ عَمْراً؛
فَقَالَ الأَحْنَفُ لِعَلِيٍّ: حَكِّمِ ابْنَ عَبَّاسٍ،
فَإِنَّهُ رَجُلٌ مُجَرَّبٌ.
قَالَ: أَفْعَلُ.
فَأَبَت اليَمَانِيَّةُ، وَقَالُوا: حَتَّى يَكُوْنَ
مِنَّا رَجُلٌ.
فَجَاءَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِلَى عَلِيٍّ، فَقَالَ:
عَلاَمَ تُحَكِّمُ أَبَا مُوْسَى؟ لَقَدْ عَرَفْتَ
رَأْيَهُ فِيْنَا، فَوَاللهِ مَا نَصَرَنَا؛ وَهُوَ
يَرْجُو مَا نَحْنُ فِيْهِ؛ فَتُدْخِلُهُ الآنَ فِي
مَعَاقِدِ أَمْرِنَا، مَعَ أَنَّه لَيْسَ بِصَاحِبِ
ذَلِكَ! فَإِذَا أَبَيْتَ أَنْ تَجْعَلَنِي مَعَ عَمْرٍو،
فَاجْعَلِ الأَحْنَفَ بنَ قَيْسٍ؛ فَإِنَّهُ مُجَرَّبٌ
مِنَ العَرَبِ، وَهُوَ قِرْنٌ لِعَمْرٍو.
فَقَالَ: نَعَمْ.
فَأَبَتِ اليَمَانِيَةُ أَيْضاً، فَلَمَّا غُلِبَ، جَعَلَ
أَبَا مُوْسَى (4) .
قَالَ أَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ: قَالَ عَلِيٌّ: يَا
أَبَا مُوْسَى، احْكُمْ، وَلو عَلَى حَزِّ
__________
(1) المرس: الشديد الذي مارس الأمور وجربها، والقارح من
الخيل: الذي استتم الخامسة، ودخل في السادسة، ونبت نابه،
وليس بعد القروح نبات سن ولا سقوط سن، يشبه به الرجل
المجرب.
(2) لزني إلى جنبه: أي: ألزمني إياه.
(3) إسناده ضعيف لضعف محمد بن عمر هو الواقدي.
وهو في " الطبقات " واقتبسه منه ابن عساكر: 540.
(4) أخرجه ابن سعد من طريق الواقدي، عن علي بن عمرو بن
عطاء، عن أبيه، عن عكرمة..والواقدي متروك، وأخرجه ابن
عساكر: 539، 540 من طريقه.
(2/395)
عُنُقِي (1) .
زَيْدُ بنُ الحُبَابِ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ
المُغِيْرَةِ البَكْرِيُّ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ
أَبِي مُوْسَى، أَنَّ مُعَاوِيَةَ كَتَبَ إِلَيْهِ:
أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ عَمْرَو بنَ العَاصِ قَدْ
بَايَعَنِي عَلَى مَا أُرِيْدُ، وَأُقْسِمُ بِاللهِ،
لَئِنْ بَايَعْتَنِي عَلَى الَّذِي بَايَعَنِي،
لأَسْتَعْمِلَنَّ أَحَدَ ابْنَيْكَ عَلَى الكُوْفَةِ،
وَالآخَرَ عَلَى البَصْرَةِ؛ وَلاَ يُغْلَقُ دُوْنَكَ
بَابٌ، وَلاَ تُقْضَى دُوْنَكَ حَاجَةٌ، وَقَدْ كَتَبْتُ
إِلَيْكَ بِخَطِّي، فَاكْتُبْ إِلَيَّ بِخَطِّ يَدِكَ.
فَكَتَبَ إِلَيْهِ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّكَ كَتَبْتَ
إِلَيَّ فِي جَسِيْمِ أَمْرِ الأُمَّةِ، فَمَاذَا أَقُوْلُ
لِرَبِّي إِذَا قَدِمْتُ عَلَيْهِ، لَيْسَ لِي فِيْمَا
عَرَضْتَ مِنْ حَاجَةٍ، وَالسَّلاَمُ عَلَيْكَ.
قَالَ أَبُو بُرْدَةَ: فَلَمَّا وَلِيَ مُعَاوِيَةُ،
أَتَيْتُهُ، فَمَا أَغْلَقَ دُوْنِي بَاباً، وَلاَ كَانَتْ
لِي حَاجَةٌ إِلاَّ قُضِيَتْ (2) .
قُلْتُ: قَدْ كَانَ أَبُو مُوْسَى صَوَّاماً، قَوَّاماً،
رَبَّانِيّاً، زَاهِداً، عَابِداً، مِمَّنْ جَمَعَ
العِلْمَ وَالعَمَلَ وَالجِهَادَ وَسَلاَمَةَ الصَّدْرِ،
لَمْ تُغَيِّرْهُ الإِمَارَةُ، وَلاَ اغْتَرَّ
بِالدُّنْيَا.
وَمِنْ عَوَالِيْهِ:
أَخْبَرَنَا الفَقِيْهَانِ: يَحْيَى بنُ أَبِي مَنْصُوْرٍ،
وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ كِتَابَهُ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ
اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ
بنِ غَيْلاَنَ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ،
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ
__________
(1) ابن عساكر: 541 من طريق الفضل بن غسان الغلابي، عن
يحيى بن معين، عن ابن نمير، عن الأعمش، عن أبي صالح
السمان..
(2) أخرجه ابن عساكر: 541، 542 من طريق الحسين بن علي
الكسائي، الهمداني، عن يحيى بن سليمان الحنفي بهذا
الإسناد، وأخرجه ابن سعد 4 / 111، 112 من طريق عفان بن
مسلم، وعمرو بن عاصم الكلابي، ويعقوب بن إسحاق الحضرمي،
ثلاثتهم عن سليمان بن المغيرة، عن حميد بن هلال، عن أبي
بردة..وهذا سند صحيح.
(2/396)
اللهِ البَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا
الأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ (ح).
وَبِهِ: إِلَى الشَّافِعِيِّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ
مَسْلَمَةَ - وَاللَّفْظُ لَهُ - حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ
هَارُوْنَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ
أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ أَبِي مُوْسَى
الأَشْعَرِيِّ، قَالَ:
كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- فِي سَفَرٍ، وَكَانَ القَوْمُ يَصْعَدُوْنَ
ثَنِيَّةً أَوْ عَقَبَةً؛ فَإِذَا صَعِدَ الرَّجُلُ قَالَ:
لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ - أَحْسِبُهُ
قَالَ: بِأَعْلَى صَوْتِهِ -، وَرَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى بَغْلَتِهِ
يَعْتَرِضُهَا فِي الجَبَلِ، فَقَالَ: (أَيُّهَا النَّاسُ،
إِنَّكُمْ لاَ تُنَادُوْنَ أَصَمَّ وَلاَ غَائِباً).
ثُمَّ قَالَ: (يَا عَبْدَ اللهِ بنَ قَيْسٍ - أَوْ يَا
أَبَا مُوْسَى - أَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى كَلِمَةٍ مِنْ
كُنُوْزِ الجَنَّةِ؟).
قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُوْلَ اللهِ.
قَالَ: (قُلْ: لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ
(1)).
قَدْ مَرَّ أَنَّ أَبَا مُوْسَى تُوُفِّيَ سَنَةَ
اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ.
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ
اثْنَتَيْنِ.
وَقِيْلَ: سَنَةَ (2) ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي
شَيْبَةَ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، وَقَعْنَبُ بنُ المُحَرَّرِ
(3) :
تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ.
وَأَمَّا الوَاقِدِيُّ، فَقَالَ: مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ
وَخَمْسِيْنَ.
وَقَالَ المَدَائِنِيُّ: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ،
بَعْدَ المُغِيْرَةِ.
__________
(1) إسناده صحيح، وهو في " تاريخ ابن عساكر ": 429 من طريق
أبي بكر الشافعي، عن محمد بن مسلمة بهذا الإسناد.
وأخرجه من طرق عن أبي عثمان النهدي، عن أبي موسى: البخاري
7 / 363 في المغازي و11 / 159 و180 في الدعوات، و437، 438
في القدر، ومسلم (2704) في الذكر والدعاء، وأحمد 4 / 402
و403 و407 و417، 418 و419، وأبو داود (1526) و(1527)،
والترمذي (3374) وابن ماجه (3824).
(2) سقط من المطبوع " اثنتين.
وقيل: سنة ".
(3) سقط من المطبوع بن المحرر ".
(2/397)
وَقَدْ ذَكَرْتُ فِي (طَبَقَاتِ
القُرَّاءِ): تُوُفِّيَ أَبُو مُوْسَى فِي ذِيْ الحَجَّةِ،
سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ، عَلَى الصَّحِيْحِ.
ابْنُ سَعْدٍ: أَخْبَرَنَا يَزِيْدُ، وَعَفَّانُ، قَالاَ:
حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ:
أَنَّ أَبَا مُوْسَى كَانَ حُلْوَ الصَّوْتِ، فَقَامَ
لَيْلَةً يُصَلِّي، فَسَمِعَ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقُمْنَ يَسْتَمِعْنَ.
فَلَمَّا أَصْبَحَ، قِيْلَ لَهُ: إِنَّ النِّسَاءَ
سَمِعْنَكَ.
قَالَ: لَوْ عَلِمْتُ لَحَبَّرْتُكُنَّ تَحْبِيْراً،
وَلَشَوَّقْتُكُنَّ تَشْوِيْقاً (1) .
قَالَ أَبُو سَلَمَةَ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: كَانَ
عُمَرُ إِذَا رَأَى أَبَا مُوْسَى، قَالَ: ذَكِّرْنَا يَا
أَبَا مُوْسَى.
فَيَقْرَأُ عِنْدَهُ (2) .
شُعْبَةُ: عَنْ أَبِي مَسْلَمَةَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ:
قَالَ عُمَرُ لأَبِي مُوْسَى: شَوِّقْنَا إِلَى رَبِّنَا.
فَقَرَأَ، فَقَالُوا: الصَّلاَةَ.
فَقَالَ: أَوَ لَسْنَا فِي صَلاَةٍ (3) !
رَوَى: حُمَيْدُ بنُ هِلاَلٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، قَالَ:
حَدَّثَتْنِي أُمِّي، قَالَتْ: خَرَجَ أَبُو مُوْسَى
حِيْنَ نُزِعَ عَنِ البَصْرَةِ، مَا مَعَهُ إِلاَّ سِتُّ
مائَةِ دِرْهَمٍ عَطَاءً لِعِيَالِهِ (4) .
رَوَى: الزُّبَيْرُ بنُ الخِرِّيْتِ، عَنْ أَبِي لَبِيْدٍ،
قَالَ:
مَا كُنَّا نُشَبِّهُ كَلاَمَ أَبِي مُوْسَى إِلاَّ
بِالجَزَّارِ الَّذِي مَا يُخْطِئُ المَفْصِلَ (5).
__________
(1) إسناده صحيح، وهو في " الطبقات " 4 / 108، واقتبسه ابن
عساكر: 481.
(2) ابن سعد 4 / 109، وابن عساكر: 526.
(3) إسناده صحيح، أخرجه ابن سعد 4 / 109 عن عمرو بن الهيثم
بهذا الإسناد.
(4) ابن سعد 4 / 111.
(5) إسناده صحيح وهو في ابن سعد 4 / 111، وابن عساكر: 502،
والخريت تحرف في
المطبوع إلى: " الحريث " وأبو لبيد اسمه لمازة بن زبار.
(2/398)
عَنْ بَعْضِهِمْ: أَنَّ أَبَا مُوْسَى
أَتَى مُعَاوِيَةَ، وَهُوَ بِالنُّخَيْلَةِ، وَعَلَيْهِ
عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ، وَجُبَّةٌ سَوْدَاءُ، وَمَعَهُ عَصَا
سَوْدَاءُ (1) .
ثَابِتٌ: عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:
كَانَ أَبُو مُوْسَى إِذَا نَامَ، لَيْسَ تُبَّاناً،
مَخَافَةَ أَنْ تَنْكَشِفَ عَوْرَتُهُ (2) .
مَنْصُوْرُ بنُ المُعْتَمِرِ: عَنْ أَبِي عَمْرٍو
الشَّيْبَانِيِّ، قَالَ:
قَالَ أَبُو مُوْسَى: لأَنْ يَمْتَلِئَ مَنْخِرِيْ مِنْ
رِيْحِ جِيْفَةٍ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ
مِنْ رِيْحِ امْرَأَةٍ (3) .
ابْنُ أَبِي عَرُوْبَةَ: عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ قَزَعَةَ،
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ مَوْلَى أُمِّ بُرْثُنٍ،
قَالَ:
قَدِمَ أَبُو مُوْسَى الأَشْعَرِيُّ وَزِيَادٌ عَلَى
عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- فَرَأَى فِي يَدِ زِيَادٍ
خَاتَماً مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ: اتَّخَذْتُمْ حِلَقَ
الذَّهَبِ.
فَقَالَ أَبُو مُوْسَى: أَمَّا أَنَا فَخَاتَمِي مِنْ
حَدِيْدٍ.
فَقَالَ عُمَرُ: ذَاكَ أَنْتَنُ - أَوْ أَخْبَثُ - مَنْ
كَانَ مُتَخَتِّماً، فَلْيَتَخَتَّمْ بِخَاتَمٍ مِنْ
فِضَّةٍ (4) .
قَالَ ابْنُ بُرَيْدَةَ: كَانَ أَبُو مُوْسَى أَثَطَّ،
قَصِيْراً، خَفِيْفَ اللَّحْمِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ (5)
-.
وَلَهُ فِي (مُسْنَدِ بَقِيٍّ): ثَلاَثُ مائَةٍ
وَسِتُّوْنَ حَدِيْثاً.
وَقَعَ لَهُ فِي (الصَّحِيْحَيْنِ): تِسْعَةٌ
وَأَرْبَعُوْنَ حَدِيْثاً.
وَتَفَرَّدَ البُخَارِيُّ: بِأَرْبَعَةِ
__________
(1) ابن سعد 4 / 113، والنخلية: موضع قرب الكوفة على سمت
الشام.
(2) ابن سعد 4 / 111.
وقد تحرفت كلمة تبانا فيه وفي المطبوع إلى " ثيابا ".
(3) رجاله ثقات: أبو عمرو الشيباني: هو سعيد بن إياس، ثقة
مخضرم أخرج حديثه الستة، وهو في " الطبقات " 4 / 114.
(4) ابن سعد 4 / 114 ورجاله ثقات، عبد الرحمن بن مولى أم
برثن هو ابن آدم من رجال
التهذيب، أخرج حديثه مسلم.
(5) ابن سعد 4 / 115.
(2/399)
أَحَادِيْثَ، وَمُسْلِمٌ: بِخَمْسَةَ
عَشَرَ حَدِيْثاً.
وَكَانَ إِمَاماً رَبَّانِيّاً.
جَوَّدَ تَرْجَمَتَهُ: ابْنُ سَعْدٍ، وَابْنُ عَسَاكِرَ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ، وَغَيْرُهُ: قَدِمَ أَبُو مُوْسَى
مَكَّةَ، وَحَالَفَ أَبَا أُحَيْحَةَ الأُمَوِيَّ،
وَأَسْلَمَ بِمَكَّةَ، وَهَاجَرَ إِلَى الحَبَشَةِ (1) .
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ: عَنْ أَبِي
بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيْهِ:
أَمَرَنَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- أَنْ نَنْطَلِقَ مَعَ جَعْفَرٍ إِلَى أَرْضِ
النَّجَاشِيِّ، فَبَعَثَتْ قُرَيْشٌ عَمْراً وَعُمَارَةَ
بنَ الوَلِيْدِ، وَجَمَعُوا لَهُ هَدِيَّةً (2) .
وَلَمْ يَذْكُرْهُ: ابْنُ عُقْبَةَ، وَابْنُ إِسْحَاقَ،
وَأَبُو مَعْشَرٍ، فِيْمَنْ هَاجَرَ إِلَى الحَبَشَةِ.
قَتَادَةُ: عَنْ سَعِيْدِ بنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ
أَبِيْهِ:
قَالَ لِي أَبِي: لَوْ رَأَيْتَنَا وَنَحْنُ نَخْرُجُ مَعَ
نَبِيِّنَا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا
أَصَابَتْنَا السَّمَاءُ، لَوَجَدْتَ مِنَّا رِيْحَ
الضَّأْنِ، مِنْ لِبَاسِنَا الصُّوْفِ (3) .
قَالَ حُمَيْدُ بنُ هِلاَلٍ: عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، قَالَ:
حَدَّثَتْنِي أُمِّي، قَالَتْ: خَرَجَ أَبُوْكَ حِيْنَ
نُزِعَ عَنِ البَصْرَةِ، وَمَا مَعَهُ إِلاَّ سِتُّ مائَةِ
دِرْهَمٍ، عَطَاءَ عِيَالِهِ (4).
__________
(1) ابن سعد 4 / 105.
(2) ابن سعد 4 / 105 ورجاله ثقات.
(3) إسنادح صحيح، وهو في " الطبقات " 4 / 108 من طريق عبد
الوهاب بن عطاء، عن سعيد بهذا الإسناد، وأخرجه أبو داود
(4033) والترمذي (2479) وابن ماجه (3562)، وأحمد
4 / 419 من طرق عن قتادة به، وقال الترمذي: هذا حديث صحيح،
ومعناه: أنه كان ثيابهم الصوف، فإذا اصابهم المطر يجئ من
ثيابهم ريح الضأن.
(4) ابن سعد 4 / 111، وقد تقدم في الصفحة 398.
(2/400)
سُلَيْمَانُ بنُ المُغِيْرَةِ: عَنْ
حُمَيْدِ بنِ هِلاَلٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، قَالَ:
دَخَلْتُ عَلَى مُعَاوِيَةَ حِيْنَ أَصَابَتْهُ
قَرْحَتُهُ، فَقَالَ: هَلُمَّ يَا ابْنَ أَخِي.
فَنَظَرْتُ، فَإِذَا هُوَ قَدْ سُبِرَتْ (1) -يَعْنِي:
قَرْحَتُهُ- فَقُلْتُ: لَيْسَ عَلَيْكَ بَأْسٌ.
إِذْ دَخَلَ ابْنُهُ يَزِيْدُ، فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ:
إِنْ وُلِّيْتَ، فَاسْتَوْصِ بِهَذَا؛ فَإِنَّ أَبَاهُ
كَانَ أَخاً لِي، أَوْ خَلِيْلاً، غَيْرَ أَنِّي قَدْ
رَأَيْتُ فِي القِتَالِ مَا لَمْ يَرَ (2) .
وَقَالَ أَبُو بُرْدَةَ: قَالَ أَبِي: ائْتِنِي بِكُلِّ
شَيْءٍ كَتَبْتَهُ.
فَمَحَاهُ، ثُمَّ قَالَ: احْفَظْ كَمَا حَفِظْتُ (3) .
ابْنُ عَوْنٍ: عَنِ الحَسَنِ، قَالَ:
كَانَ الحَكَمَانِ: أَبَا مُوْسَى، وَعَمْراً؛ وَكَانَ
أَحَدُهُمَا يَبْتَغِي الدُّنْيَا، وَالآخَرُ يَبْتَغِي
الآخِرَةَ (4) .
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي
مِجْلَزٍ:
أَنَّ أَبَا مُوْسَى قَالَ: إِنِّي لأَغْتَسِلُ فِي
البَيْتِ المُظْلِمِ، فَأَحْنِي ظَهْرِي حَيَاءً مِنْ
رَبِّي (5) .
زُهَيْرُ بنُ مُعَاوِيَةَ: عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ
عُمَيْرٍ، قَالَ:
رَأَيْتُ أَبَا مُوْسَى دَاخِلاً مِنْ هَذَا البَابِ،
وَعَلَيْهِ مُقَطَّعٌ، وَمِطْرَفٌ حِيْرِيٌّ (6).
__________
(1) السبر: مصدر سبر الجرح يسبره ويسبره سبرا: نظر مقداره
وقاسه ليغرف غوره.
(2) رجاله ثقات وأخرجه ابن سعد 4 / 112 من طريقين، عن
سليمان بن المغيرة بهذا الإسناد.
(3) رجاله ثقات وهو في ابن سعد 4 / 112 وابن عساكر: 511.
(4) رجاله ثقات، وهو في " الطبقات " 4 / 113 من طريق معاذ
بن معاذ بهذا الإسناد، وابن
عون: هو عبد الله بن عون أبو عون البصري، ثقة ثبت فاضل
أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
(5) ابن سعد 4 / 113، 114.
(6) ابن سعد 4 / 114، والمطرف: رداء من خز مربع له أعلام،
وحيري: نسبة إلى الحيرة: مدينة على ثلاثة أميال من الكوفة.
والمقطع من الثياب: كل ما يفصل ويخاط من قميص وجباب
وسراويلات وغيها، وما لا يقطع منها كالاردية والازر
والمطارف.
سير 2 / 26
(2/401)
عَاصِمُ بنُ بَهْدَلَةَ: عَنْ أَبِي
وَائِلٍ، عَنْ أَبِي مُوْسَى:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
قَالَ: (اللَّهُمَّ اجْعَلْ عُبَيْداً أَبَا عَامِرٍ
فَوْقَ أَكْثَرِ النَّاسِ يَوْمَ القِيَامَةِ).
فَقُتِلَ يَوْمَ أَوْطَاسٍ، فَقَتَلَ أَبُو مُوْسَى
قَاتِلَهُ.
الجُرَيْرِيُّ: عَنْ قَسَامَةَ بنِ زُهَيْرٍ، عَنْ أَبِي
مُوْسَى، قَالَ: أَعْمِقُوا لِي قَبْرِي (1).
83 - أَبُو أَيُّوْبَ الأَنْصَارِيُّ خَالِدُ بنُ زَيْدِ
بنِ كُلَيْبٍ * (ع)
الخَزْرَجِيُّ، النَّجَّارِيُّ، البَدْرِيُّ، السَّيِّدُ
الكَبِيْرُ، الَّذِي خَصَّهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالنُّزُوْلِ عَلَيْهِ فِي بَنِي
النَّجَّارِ، إِلَى أَنْ بُنِيَتْ لَهُ حُجْرَةُ أُمِّ
المُؤْمِنِيْنَ سَوْدَةَ، وَبَنَى المَسْجِدَ الشَّرِيْفَ.
اسْمُهُ: خَالِدُ بنُ زَيْدِ بنِ كُلَيْبِ بنِ ثَعْلَبَةَ
بنِ عَبْدِ عَمْرٍو (2) بنِ عَوْفِ بنِ غَنْمِ بنِ مَالِكِ
بنِ النَّجَّارِ بنِ ثَعْلَبَةَ بنِ الخَزْرَجِ.
__________
(1) ابن سعد 4 / 116، ورجاله ثقات.
(*) مسند أحمد: 5 / 113، طبقات ابن سعد: 3 / 485 484،
التاريخ لابن معين: 144، طبقات خليفة: 89، 303، تاريخ
خليفة: 211، التاريخ الكبير: 3 / 136، 137، المعارف: 274،
تاريخ الفسوي: 1 / 312، الجرح والتعديل: 3 / 331، معجم
الطبراني الكبر: 4 / 138، المستدرك: 3 / 457، الاستبصار:
70 69، الاستيعاب: 2 / 424، تاريخ ابن عساكر: 5 / 213 / 2،
أسد الغابة 2 / 94، تهذيب الكمال: 357، تاريخ الإسلام 2 /
327، العبر: 1 / 56، مجمع الزوائد: 9 / 323، تهذيب
التهذيب: 3 / 91 90، الإصابة: 3 / 56، خلاصة تذهيب الكمال:
100 و101، كنز العمال: 13 / 614، شذرات الذهب: 1 / 57.
(2) في " الطبقات " 3 / 484، و" أسد الغابة " 2 / 94: ابن
عبد بن عوف.
وفي " التهذيب " 357: ابن عبد عوف، ويقال: ابن عمرو بن عبد
عوف بن غنم، ويقال: ابن عبد عوف بن جشم بن غنم.
(2/402)
حَدَّثَ عَنْهُ: جَابِرُ بنُ سَمُرَةَ،
وَالبَرَاءُ بنُ عَازِبٍ، وَالمِقْدَامُ بنُ مَعْدِ
يْكَرِبَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ يَزِيْدَ الخَطْمِيُّ،
وَجُبَيْرُ بنُ نُفَيْرٍ، وَسَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ،
وَمُوْسَى بنُ طَلْحَةَ، وَعُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ،
وَعَطَاءُ بنُ يَزِيْدَ اللَّيْثِيُّ، وَأَفْلَحُ
مَوْلاَهُ، وَأَبُو رُهْمٍ السَّمَاعِيُّ (1) ، وَأَبُو
سَلَمَةَ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ؛ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ
بنُ أَبِي لَيْلَى، وَقَرْثَعٌ الضَّبِّيُّ، وَمُحَمَّدُ
بنُ كَعْبٍ، وَالقَاسِمُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ؛
وَآخَرُوْنَ.
وَلَهُ عِدَّةُ أَحَادِيْثَ، فَفِي (مُسْنَدِ بَقِيٍّ):
لَهُ مائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَخَمْسُوْنَ حَدِيْثاً؛ فَمِنْهَا
فِي (البُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ): سَبْعَةٌ، وَفِي
(البُخَارِيِّ): حَدِيْثٌ، وَفِي (مُسْلِمٍ): خَمْسَةُ
أَحَادِيْثَ.
حَرْمَلَةُ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنَا
حَيْوَةُ، أَخْبَرَنَا الوَلِيْدُ بنُ أَبِي الوَلِيْدِ،
حَدَّثَنَا أَيُّوْبُ بنُ خَالِدِ بنِ أَبِي أَيُّوْبَ
الأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
قَالَ لَهُ: (اكْتُمِ الخِطْبَةَ، ثُمَّ تَوَضَّأْ، ثُمَّ
صَلِّ مَا كَتَبَ اللهُ لَكَ، ثُمَّ احْمَدْ ربَّكَ،
وَمَجِّدْهُ، ثُمَّ قُلْ:
اللَّهُمَّ تَقْدِرُ وَلاَ أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلاَ
أَعْلَمُ، وَأَنْتَ عَلاَّمُ الغُيُوْبِ، فَإِنْ رَأَيْتَ
لِي فِي فُلاَنَةٍ - تُسَمِّيْهَا - خَيْراً فِي دِيْنِي
وَدُنْيَايَ وَآخِرَتِي، فَاقْدُرْهَا لِي، وَإِنْ كَانَ
غَيْرُهَا خَيْراً لِي مِنْهَا، فَأَمْضِ لِي -أَوْ قَالَ:
اقْدُرْهَا لِي-) (2).
__________
(1) ويقال: " السمعي "، وقد تحرف في المطبوع إلى السباعي "
واسمه: أحزاب بن أسيد.
(2) وأخرجه ابن حبان (685)، والحاكم 1 / 314 و2 / 165،
والطبراني (3901)، والبيهقي 7 / 147، 148، وأحمد 5 / 423،
كلهم من طريق الوليد بن أبي الوليد، عن أيوب بن خالد بن
أبي أيوب الأنصاري، عن أبيه، عن جده.
وأيوب بن خالد: هو أيوب بن خالد بن صفوان بن أوس بن جابر
الأنصاري، عن أبيه، عن جده.
وأيوب بن خالد: هو أيوب بن خالد بن صفوان بن أوس بن جابر
الأنصاري، وأبو أيوب جده لامه عمرة، قال الحافظ في "
التقريب ": لين، وأبوه خالد لم يوثقه غير ابن حبان، ومع
ذلك فقد صححه ابن حبان والحاكم، ووافقه المصنف على
التصحيح، وذكره الحافظ في " الفتح " شاهدا لحديث جابر في
الاستخارة، المخرج في الصحيح 11 / 155، 158، فهو حسن
لغيره.
(2/403)
وَفِي سِيْرَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ
كَانَ أَمِيْراً عَلَى البَصْرَةِ لِعَلِيٍّ، وَأَنَّ
أَبَا أَيُّوْبَ الأَنْصَارِيَّ وَفَدَ عَلَيْهِ، فَبَالغَ
فِي إِكْرَامِهِ، وَقَالَ:
لأَجْزِيَنَّكَ عَلَى إِنْزَالِكَ النَّبِيَّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِنْدَكَ.
فَوَصَلَهُ بِكُلِّ مَا فِي المَنْزِلِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ
أَرْبَعِيْنَ أَلْفاً (1) .
الأَعْمَشُ: عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ، عَنْ أَشْيَاخِهِ، عَنْ
أَبِي أَيُّوْبَ، أَنَّهُ قَالَ:
ادْفِنُوْنِي تَحْتَ أَقْدَامِكُمْ، سَمِعْتُ رَسُوْلَ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ:
(مَنْ مَاتَ لاَ يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئاً دَخَلَ
الجَنَّةَ (2)).
ابْنُ عُلَيَّةَ: عَنْ أَيُّوْبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، قَالَ:
شَهِدَ أَبُو أَيُّوْبَ بَدْراً، ثُمَّ لَمْ يَتَخَلَّفْ
عَنْ غَزَاةٍ إِلاَّ عَاماً، اسْتُعْمِلَ عَلَى الجَيْشِ
شَابٌّ، فَقَعَدَ، ثُمَّ جَعَلَ يَتَلَهَّفُ، وَيَقُوْلُ:
مَا عَلَيَّ مَنِ اسْتُعْمِلَ عَلَيَّ.
فَمَرِضَ، وَعلَى الجَيْشِ يَزِيْدُ بنُ مُعَاوِيَةَ،
فَأَتَاهُ يَعُوْدُهُ، فَقَالَ: حَاجَتُكَ؟
قَالَ: نَعَمْ، إِذَا أَنَا مِتُّ، فَارْكَبْ بِي، ثُمَّ
تَبَيَّغْ بِي فِي أَرْضِ العَدُوِّ مَا وَجَدْتَ
مَسَاغاً؛ فَإِذَا لَمْ تَجِدْ مَسَاغاً، فَادْفِنِّي،
ثُمَّ ارْجِعْ.
فَلَمَّا مَاتَ رَكِبَ بِهِ، ثُمَّ سَارَ بِهِ، ثُمَّ
دَفَنَهُ.
وَكَانَ يَقُوْلُ: قَالَ اللهُ :
__________
(1) سيرده في ص 410 بإسناده، وفيها تخريجه.
تعليق رقم (4).
(2) أبو ظبيان: هو حصين بن جندب بن الحارث الجنبي الكوفي،
ثقة، حديثه في الكتب الستة، وهو في " معجم الطبراني "
(4042) من طريق جرير بهذا الإسناد، وأخرجه أحمد 5 / 419 من
طريق ابن نمير، عن الأعمش، قال: سمعت أبا ظبيان ويعلى
حدثنا الأعمش، عن أبي ظبيان، عن أبي أيوب، ورواه الطبراني
(4041) من طريق إسماعيل بن عمرو البجلي، عن زائدة، عن
الأعمش، عن أبي ظبيان، عن أبي أيوب، وهو في " تاريخ دمشق "
لأبي زرعة (102).
ومتن الحديث روي عن غير أبي أيوب، فقد أخرجه البخاري 3 /
89، ومسلم (92) من حديث ابن مسعود، وأخرجه مسلم (93) من
حديث جابر بن عبد الله، وأخرجه البخاري 3 / 88، ومسلم (94)
من حديث أبي ذر.
(2/404)
{ انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً }
[التَّوْبَةُ: 41] لاَ أَجِدُنِي إِلاَّ خَفِيْفاً أَوْ
ثَقِيْلاً (1) .
وَرَوَى: هَمَّامٌ، عَنْ عَاصِمِ بنِ بَهْدَلَةَ، عَنْ
رَجُلٍ:
أَنَّ أَبَا أَيُّوْبَ قَالَ لِيَزِيْدَ: أَقْرِئِ
النَّاسَ مِنِّي السَّلاَمَ؛ وَلْيَنْطَلِقُوا بِي،
وَلَيُبْعِدُوا مَا اسْتَطَاعُوا.
قَالَ: فَفَعَلُوا (2) .
قَالَ الوَاقِدِيُّ: تُوُفِّيَ عَامَ غَزَا يَزِيْدُ فِي
خِلاَفَةِ أَبِيْهِ القُسْطَنْطِيْنِيَّةَ.
فَلَقَدْ بَلَغَنِي: أَنَّ الرُّوْمَ يَتَعَاهَدُوْنَ
قَبْرَهُ، وَيَرُمُّوْنَهُ، وَيَسْتَسْقُوْنَ بِهِ.
وَذَكَرَهُ: عُرْوَةُ، وَالجَمَاعَةُ، فِي البَدْرِيِّيْنَ
(3) .
وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: شَهِدَ العَقَبَةَ الثَّانِيَةَ
(4) .
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سِيْرِيْنَ النَّجَّارُ: سُمِّيَ
بِذَلِكَ؛ لأَنَّهُ اخْتَتَنَ بِقَدُوْمٍ (5) .
وَعنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - آخَى بَيْن أَبِي أَيُّوْبَ،
وَمُصْعَبِ بنِ عُمَيْرٍ.
شَهِدَ أَبُو أَيُّوْبَ المَشَاهِدَ كُلَّهَا (6).
__________
(1) أخرجه ابن سعد 3 / 485، من طريق إسماعيل بن إبراهيم
الأسدي، ورجاله ثقات.
ومحمد: هو ابن سيرين، وهو في " تهذيب ابن عساكر " 5 / 46،
وقوله: " ثم تبيغ " كذا الأصل، وقد أثبت فوق الكلمة " صح
"، يقال: تبيغ به الدم، أي: تردد فيه الدم، وتبيغ الماء
إذا تردد فتحير في مجراه مرة كذا ومرة كذا وفي " الطبقات
"، و" النهاية " و" أسد الغابة " و" تهذيب ابن عساكر ": "
ثم سغ "، وفسره ابن الأثير، فقال: أي: ادخل فيها ما وجدت
مدخلا، وساغت به الأرض، أي: ساخت، وساغ الشراب في الحلق
يسوق، أي: دخل سهلا.
(2) ابن سعد 3 / 485، وأحمد 5 / 416.
(3) ابن سعد 3 / 485، وتهذيب ابن عساكر 5 / 46، وانظر "
تاريخ دمشق " 1 / 188 و226 لأبي زرعة.
(4) تهذيب ابن عساكر 5 / 40.
(5) القدوم: الفأس التي ينحت بها الخشب، وفي تهذيب ابن
عساكر 5 / 40: إنما سمي النجار، لأنه نجر وجه رجل بقدوم.
(6) ابن سعد 3 / 484، وتهذيب ابن عساكر 5 / 40.
(2/405)
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ البَرْقِيِّ: جَاءَ
لَهُ نَحْوٌ مِنْ خَمْسِيْنَ حَدِيْثاً.
قَالَ ابْنُ يُوْنُسَ: قَدِمَ مِصْرَ فِي البَحْرِ سَنَةَ
سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ (1) .
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ النَّصْرِيُّ: قَدِمَ دِمَشْقَ
زَمَنَ مُعَاوِيَةَ (2) .
وَقَالَ الخَطِيْبُ: شَهِدَ حَرْبَ الخَوَارِجِ مَعَ
عَلِيٍّ (3) .
جَعْفَرُ بنُ جِسْرِ بنِ فَرْقَدٍ: أَخْبَرَنَا أَبِي،
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ حَرْمَلَةَ، عَنْ
سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ:
قَالَ أَهْلُ المَدِيْنَةِ لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ادْخُلِ المَدِيْنَةَ
رَاشِداً مَهْدِيّاً.
فَدَخَلَهَا، وَخَرَجَ النَّاسُ يَنْظُرُوْنَ إِلَيْهِ،
كُلَّمَا مَرَّ عَلَى قَوْمٍ، قَالُوا: يَا رَسُوْلَ
اللهِ، هَا هُنَا.
فَقَالَ: (دَعُوْهَا، فَإِنَّهَا مَأُمُوْرَةٌ)- يَعْنِي
النَّاقَةَ -.
حَتَّى بَرَكَتْ عَلَى بَابِ أَبِي أَيُّوْبَ (4).
يَزِيْدُ بنُ أَبِي حَبِيْبٍ: عَنْ أَبِي الخَيْرِ، عَنْ
أَبِي رُهْمٍ، أَنَّ أَبَا أَيُّوْبَ حَدَّثَهُ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
نَزَلَ فِي بَيْتِنَا الأَسْفَلِ، وَكُنْتُ فِي
الغُرْفَةِ، فَأُهْرِيْقَ مَاءٌ فِي الغُرْفَةِ، فَقُمْتُ
أَنَا وَأُمُّ أَيُّوْبَ بِقَطِيْفَةٍ لَنَا نَتَتَبَّعُ
المَاءَ، وَنَزَلْتُ، فَقُلْتُ:
يَا رَسُوْلَ اللهِ، لاَ يَنْبِغِي أَنْ نَكُوْنَ
فَوْقَكَ، انْتَقِلْ إِلَى الغُرْفَةِ.
فَأَمَرَ بِمَتَاعِهِ، فَنُقِلَ - وَمَتَاعُهُ قَلِيْلٌ -.
قُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، كُنْتَ تُرْسِلُ
بِالطَّعَامِ، فَأَنْظُرُ، فَإِذَا رَأَيْتُ أَثَرَ
أَصَابِعَكَ، وَضَعْتُ فِيْهِ يَدِي (5).
__________
(1) تهذيب ابن عساكر 5 / 40.
(2) وهو في تهذيب ابن عساكر 5 / 40.
(3) تهذيب ابن عساكر 5 / 40.
(4) إسناده ضعيف لضعف جعفر بن جسر وأبيه، وقد تحرف " جسر "
في المطبوع إلى " جبير "، والخبر في " الكامل " لابن عدي
60 / 1 في ترجمة جسر بن فرقد، ونقله عنه ابن عساكر كما في
" تهذييه " 5 / 40 وانظر " زاد المعاد " 1 / 101، 102 طبع
مؤسسة الرسالة.
(5) إسناده صحيح.
أبو الخير: هو مرثد بن عبد الله اليزني ثقة فقيه، وأبورهم:
هو أحزاب بن أسيد مختلف في صحبته، وصحح الحافظ في "
التقريب " أنه مخضرم، وأخرجه أحمد في =
(2/406)
بَحِيْرُ بنُ سَعْدٍ: عَنْ خَالِدِ بنِ
مَعْدَانَ، عَنْ جُبَيْرِ بنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِي
أَيُّوْبَ، قَالَ:
أَقْرَعَتِ الأَنْصَارُ: أَيُّهُمْ يُؤْوِي رَسُوْلَ اللهِ
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟
فَقَرَعَهُمْ أَبُو أَيُّوْبَ، فَكَانَ إِذَا أُهْدِيَ
لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
طَعَامٌ، أُهْدِيَ لأَبِي أَيُّوْبَ.
فَدَخَلَ أَبُو أَيُّوْبَ يَوْماً، فَإِذَا قَصْعَةٌ
فِيْهَا بَصَلٌ، فَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهَا، وَقَالَ:
(إِنَّهُ يَغْشَانِي مَا لاَ يَغْشَاكُمْ (1)).
الصَّنْعَانِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ سَابِقٍ،
حَدَّثَنَا حَشْرَجُ بنُ نُبَاتَةَ، عَنْ إِسْحَاقَ بنِ
إِبْرَاهِيْمَ، سَمِعَ أَبَا قِلاَبَةَ يَقُوْلُ:
حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللهِ الصُّنَابِحِيُّ، أَنَّ
عُبَادَةَ بنَ الصَّامِتِ حَدَّثَهُ، قَالَ:
خَلَوْتُ بِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- فَقُلْتُ: أَيُّ أَصْحَابِكَ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟
قَالَ: (اكْتُمْ عَلَيَّ حَيَاتِي).
قُلْتُ: نَعَمْ.
قَالَ: (أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ، ثُمَّ عَلِيٌّ).
ثُمَّ سَكَتَ، فَقُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟
قَالَ: (مَنْ عَسَى أَنْ يَكُوْنَ بَعْدَ هَؤُلاَءِ إِلاَّ
الزُّبَيْرُ، وَطَلْحَةُ، وَسَعْدٌ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ،
وَمُعَاذٌ،
__________
= المسند " 5 / 420 من طريق يونس بن محمد المؤدب، عن الليث
بن سعد بهذا الإسناد، وأخرجه الطبراني برقم (3878) من طريق
الليث به، ونسبه الحافظ في " الإصابة " 3 / 56 إلى أبي بكر
بن أبي شيبة وابن أبي عاصم.
وأخرجه الحاكم 3 / 460، 461 من طريق ابن إسحاق: حدثني يزيد
بن حبيب، عن أبي الخير مرثد بن عبد الله اليزني، عن أبي
أمامة الباهلي، عن أبي أيوب، وقال: هذا حديث على شرط مسلم،
وأقره الذهبي.
وهو في " معج الطبراني " برقم (3855) من طريق محمد بن
إسحاق به، وأخرجه بنحوه مسلم في " صحيحه " (2053) في
الاشربة: باب إباحة أكل الثوم، من طريق عاصم بن عبد الله
بن الحارث، عن أفلح مولى أبي أيوب، عن أبي أيوب.
(1) أخرجه أحمد 5 / 414، والطبراني برقم (4091) من طريقين
عن بقية بن الوليد، عن بحير بن سعد بهذا الإسناد، ورجاله
ثقات، إلا أن بقية بن الوليد مدلس، وقد عنعن، وقوله: " فلم
يأكل منها " أي: رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولفظ "
المسند " بعد قوله: " فيها بصل " فقال: ما هذا ؟
فقالوا: أرسل به رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فاطلع
أبو أيوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول
الله، ما منعك من هذه القصعة ؟ قال: " رأيت فيها بصلا "،
قال: ولا يحل لنا البصل ؟ قال: " بلى، فكلوه ولكن يغشاني
ما لا يغشاكم ".
(2/407)
وَأَبُو طَلْحَةَ، وَأَبُو أَيُّوْبَ،
وَأَنْتَ، وَأُبَيُّ بنُ كَعْبٍ، وَأَبُو الدَّرْدَاءِ،
وَابْنُ مَسْعُوْدٍ، وَابْنُ عَفَّانَ، وَابْنُ عَوْفٍ؛
ثُمَّ هَؤُلاَءِ الرَّهْطُ مِنَ المَوَالِي: سَلْمَانُ،
وَصُهَيْبٌ، وَبِلاَلٌ، وَسَالِمٌ مَوْلَى أَبِي
حُذَيْفَةَ؛ هَؤُلاَءِ خَاصَّتِي).
هَذَا حَدِيْثٌ مُنْكَرٌ.
رَوَاهُ: الهَيْثَمُ الشَّاشِيُّ (1) فِي (مُسْنَدِهِ).
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا كَثِيْرُ بنُ زَيْدٍ، عَنِ
الوَلِيْدِ بنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
لَمَّا دَخَلَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- بِصَفِيَّةَ، بَاتَ أَبُو أَيُّوْبَ عَلَى
بَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
فَلَمَّا أَصْبَحَ، فَرَأَى رَسُوْلَ اللهِ كَبَّرَ،
وَمَعَ أَبِي أَيُّوْبَ السَّيْفُ، فَقَالَ:
يَا رَسُوْلَ اللهِ، كَانَتْ جَارِيَةً حَدِيْثَةَ عَهْدٍ
بِعُرْسٍ، وَكُنْتَ قَتَلْتَ أَبَاهَا وَأَخَاهَا
وَزَوْجَهَا؛ فَلَمْ آمَنْهَا عَلَيْكَ.
فَضَحِكَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
وَقَالَ لَهُ خَيْراً (2) .
غَرِيْبٌ جِدّاً.
وَلَهُ شُوَيْهِدٌ مِنْ حَدِيْثِ: عِيْسَى بنِ
المُخْتَارِ، وَابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الحَكَمِ، عَنْ
مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ...، فَذَكَرَ قَرِيْباً
مِنْهُ.
وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ
أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي عُبَيْدَةَ،
عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنْ جَابِرٍ، بِنَحْوِهِ.
وَابْنُ لَهِيْعَةَ: عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ، عَنْ
عُرْوَةَ، نَحْوَهُ.
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ،
عَنْ سَالِمٍ، قَالَ:
أَعْرَسْتُ، فَدَعَا أَبِي النَّاسَ فِيْهِم أَبُو
أَيُّوْبَ، وَقَدْ سَتَرُوا بَيْتِي بِجُنَادِيٍّ
أَخْضَرَ.
فَجَاءَ أَبُو أَيُّوْبَ، فَطَأْطَأَ رَأْسَهُ، فَنَظَرَ،
فَإِذَا البَيْتُ مُسَتَّرٌ، فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللهِ!
تَسْتُرُوْنَ الجُدُرَ؟
فَقَالَ أَبِي، وَاسْتَحْيَى: غَلَبَنَا النِّسَاءُ يَا
أَبَا أَيُّوْبَ. فَقَالَ: مَنْ خَشِيْتُ أَنْ
__________
(1) تحرف في " المطبوع " إلى " الشابشتي " وأورد الخبر ابن
عساكر كما في " تهذيبه " 5 / 41.
(2) ابن سعد 8 / 126، وتهذيب ابن عساكر 5 / 41، 42.
(2/408)
تَغْلِبَهُ النِّسَاءُ، فَلَمْ أَخْشَ أَنْ
يَغْلِبْنَكَ، لاَ أَدْخُلُ لَكُمْ بَيْتاً، وَلاَ آكُلُ
لَكُمْ طَعَاماً (1) !
غَرِيْبٌ.
رَوَاهُ: النُّفَيْلِيُّ، عَنِ ابْنِ عُلَيَّةَ، عَنْهُ.
ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ: عَنْ عَبْدِ العَزِيْز بنِ عَبَّاسٍ،
عَنْ مُحَمَّدِ بنِ كَعْبٍ، قَالَ:
كَانَ أَبُو أَيُّوْبَ يُخَالِفُ مَرْوَانَ، فَقَالَ: مَا
يَحْمِلُكَ عَلَى هَذَا؟
قَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي الصَّلَوَاتِ، فَإِنْ
وَافَقْتَهُ وَافَقْنَاكَ، وَإِنْ خَالَفْتَهُ
خَالَفْنَاكَ (2).
مَرْوَانُ بنُ مُعَاوِيَةَ: عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ
زِيَادِ بنِ أَنْعُمَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
انْضَمَّ مَرْكَبُنَا إِلَى مَرْكَبِ أَبِي أَيُّوْبَ
الأَنْصَارِيِّ فِي البَحْرِ، وَكَانَ مَعَنَا رَجُلٌ
مَزَّاحٌ، فَكَانَ يَقُوْلُ لِصَاحِبِ طَعَامِنَا: جَزَاكَ
اللهُ خَيْراً وَبِرّاً، فَيَغْضَبُ.
فَقُلْنَا لأَبِي أَيُّوْبَ: هُنَا مَنْ إِذَا قُلْنَا
لَهُ: جَزَاكَ اللهُ خَيْراً يَغْضَبُ!
فَقَالَ: اقْلِبُوْهُ لَهُ.
فَكُنَّا نَتَحَدَّثُ: إِنَّ مَنْ لَمْ يُصْلِحْهُ
الخَيْرُ أَصْلَحَهُ الشَّرُّ.
فَقَالَ لَهُ المَزَّاحُ: جَزَاكَ اللهُ شَرّاً وَعُرّاً.
فَضَحِكَ، وَقَالَ: مَا تَدَعُ مُزَاحَكَ! (3)
__________
(1) إسناده قوي، وأخرجه الطبراني (3853) من طريق معاذ بن
المثنى، عن مسدد، عن بشر ابن المفضل بهذا الإسناد، وهو في
" تاريخ ابن عساكر " 5 / 218 / 2، وقوله: " بجنادي أخضر ":
قال في " النهاية ": هو جنس من الانماط أو الثياب يستر بها
الجدران.
(2) وأخرجه الطبراني برقم (3993) من طريق أحمد بن عمرو
الخلال، عن يعقوب بن حميد، عن عبد الله بن رجاء بهذا
الإسناد، ورجاله ثقات كما قال الهيثمي في " المجمع " 2 /
68.
(3) إسناده ضعيف لضعف عبد الرحمن بن زياد بن أنعم
الأفريقي.
والعر: القبح والمساوئ، وقد تحرفت في الطبراني المطبوع إلى
" عسر "، والخبر أخرجه الطبراني برقم (4076) من طريق بشر
بن موسى، عن أبي عبد الرحمن المقرئ، عن عبد الرحمن بن زياد
بن أنعم، وذكره الهيثمي في " المجمع " 8 / 185 عن
الطبراني، وهو في " تهذيب ابن عساكر " 5 / 43، 44.
(2/409)
ذَكَرَ خَلِيْفَةُ: أَنَّ عَلِيّاً
اسْتَعْمَلَ أَبَا أَيُّوْبَ عَلَى المَدِيْنَةِ (1) .
وَقَالَ الحَاكِمُ: لَمْ يَشْهَدْ أَبُو أَيُّوْبَ مَعَ
عَلِيٍّ صِفِّيْنَ.
الأَعْمَشُ: عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ:
أَنَّ أَبَا أَيُّوْب غَزَا زَمَنَ مُعَاوِيَةَ، فَلَمَّا
احْتُضِرَ، قَالَ: إِذَا صَافَفْتُمُ العَدُوَّ،
فَادْفِنُونِي تَحْتَ أَقْدَامِكُمْ (2) .
ابْنُ فُضَيْلٍ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ الهَجَرِيُّ،
عَنْ أَبِي صَادِقٍ، قَالَ:
قَدِمَ أَبُو أَيُّوْبَ الأَنْصَارِيُّ العِرَاقَ،
فَأَهْدَتْ لَهُ الأَزْدُ جُزُراً مَعِي، فَسَلَّمْتُ،
وَقُلْتُ:
يَا أَبَا أَيُّوْبَ، قَدْ أَكْرَمَكَ اللهُ بِصُحْبَةِ
نَبِيِّهِ، وَبِنُزُوْلِهِ عَلَيْكَ؛ فَمَا لِي أَرَاكَ
تَسْتَقْبِلُ النَّاسَ تُقَاتِلُهُمْ بِسَيْفِكَ؟
قَالَ: إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ عَهِدَ إِلَيْنَا أَنْ
نُقَاتِلَ مَعَ عَلِيٍّ النَّاكِثِيْنَ، فَقَدْ
قَاتَلْنَاهُمْ؛ وَالقَاسِطِيْنَ، فَهَذَا وَجْهُنَا
إِلَيْهِمْ -يَعْنِي: مُعَاوِيَةَ- وَالمَارِقِيْنَ،
فَلَمْ أَرَهُمْ بَعْدُ (3) .
هَذَا خَبَرٌ وَاهٍ.
إِسْحَاقُ بنُ سُلَيْمَانَ الرَّازِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو
سِنَانٍ، عَنْ حَبِيْبِ بنِ أَبِي ثَابِتٍ:
أَنَّ أَبَا أَيُّوْبَ قَدِمَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ
البَصْرَةَ، فَفَرَّغَ لَهُ بَيْتَهُ، وَقَالَ:
لأَصْنَعَنَّ بِكَ كَمَا صَنَعْتَ بِرَسُوْلِ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَمْ عَلَيْكَ؟
قَالَ: عِشْرُوْنَ أَلْفاً.
فَأَعْطَاهُ أَرْبَعِيْنَ أَلْفاً، وَعِشْرِيْنَ
مَمْلُوْكاً، وَمَتَاعَ البَيْتِ (4).
__________
(1) تهذيب ابن عساكر 5 / 44.
(2) الطبراني 4 / 139 و204، وتهذيب ابن عساكر 5 / 45 وقوله
" صاففتم " أي: رتبتم صفوفكم في مقابل صفوف العدو.
(3) إسناده ضعيف لضعف إبراهيم الهجري، وهو إبراهيم بن مسلم
العبدي من رجال " التهذيب "، والخبر في " تهذيب ابن عساكر
" 5 / 44.
(4) أخرجه الطبراني برقم (3877) من طريق محمد بن عبد الله
الحضرمي، عن أبي كريب بهذا الإسناد، ورجاله ثقات، إلا أن
حبيب بن أبي ثابت لم يسمع من أبي أيوب، وأخرجه الحاكم 3 /
461، 462، وصححه، ووافقه الذهبي.
وانظر " مجمع الزوائد " 9 / 323، و" أسد الغابة " 2 / 96.
(2/410)
ابْنُ عَوْنٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ،
وَحَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ كَثِيْرِ بنِ أَفْلَحَ - وَهَذَا
حَدِيْثُهُ - قَالَ:
قَدِمَ أَبُو أَيُّوْبَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَأَجْلَسَهُ
مَعَهُ عَلَى السَّرِيْرِ، وَحَادَثَهُ، وَقَالَ:
يَا أَبَا أَيُّوْبَ، مَنْ قَتَلَ صَاحِبَ الفَرَسِ
البَلْقَاءِ الَّتِي جَعَلَتْ تَجُوْلُ يَوْمَ كَذَا
وَكَذَا؟
قَالَ: أَنَا؛ إِذْ أَنْتَ وَأَبُوْكَ عَلَى الجَمَلِ
الأَحْمَرِ مَعَكُمَا لِوَاءُ الكُفْرِ.
فَنَكَّسَ مُعَاوِيَةُ، وَتَنَمَّرَ أَهْلُ الشَّامِ،
وَتَكَلَّمُوا.
فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: مَهْ! وَقَالَ: مَا نَحْنُ عَنْ
هَذَا سَأَلْنَاكَ (1) .
أَبُو إِسْحَاقَ الفَزَارِيُّ: عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ
كَثِيْرٍ، سَمِعْتُ عُمَارَةَ بنَ غَزِيَّةَ، قَالَ:
دَخَلَ أَبُو أَيُّوْبَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ:
صَدَقَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: (يَا مَعْشَرَ
الأَنْصَارِ، إِنَّكُم سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً،
فَاصْبِرُوا).
فَبَلَغَتْ مُعَاوِيَةَ، فَصَدَّقَهُ، فَقَالَ: مَا
أَجْرَأَهُ! لاَ أُكَلِّمُهُ أَبَداً، وَلاَ يُؤْوِيْنِي
وَإِيَّاهُ سَقْفٌ.
وَخَرَجَ مِنْ فَوْرِهِ إِلَى الغَزْوِ، فَمَرِضَ؛
فَعَادَهُ يَزِيْدُ بنُ مُعَاوِيَةَ، وَهُوَ عَلَى
الجَيْشِ، فَقَالَ: هَلْ لَكَ مِنْ حَاجَةٍ؟
قَالَ: مَا ازْدَدْتُ عَنْكَ وَعَنْ أَبِيْكَ إِلاَّ
غِنَىً؛ إِنْ شِئْتَ أَنْ تَجْعَلَ قَبْرِي مِمَّا يَلِي
العَدُوَّ...، الحَدِيْثَ (2) .
الأَعْمَشُ: عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ، قَالَ:
أَغْزَى أَبُو أَيُّوْبَ، فَمَرِضَ، فَقَالَ: إِذَا مِتُّ،
فَاحْمِلُوْنِي، فَإِذَا صَافَفْتُمُ العَدُوَّ،
فَارْمُوْنِي تَحْتَ أَقْدَامِكُمْ، أَمَا إِنِّي
سَأُحَدِّثُكُمْ بِحَدِيْثٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُوْلِ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: (مَنْ مَاتَ لاَ
__________
(1) " تهذيب ابن عساكر " 5 / 44، 45.
(2) تهذيب ابن عساكر 5 / 45، وفيه انقطاع.
ومتن الحديث ثابت من حديث أنس بن مالك، أخرجه البخاري 7 /
89 في مناقب الأنصاري: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم
للانصار: " اصبروا "، ومسلم (1845) في الامارة، من طريق
محمد بن بشار، عن محمد بن جعفر، عن شعبة، عن قتادة، عن أنس
بن مالك، عن أسيد بن حضير رضي الله عنه، أن رجلا من
الانصار قال: يا رسول الله، ألا تستعملني كما استعملت
فلانا ؟ قال: " ستلقون بعدي أثرة، فاصبروا حتى تلقوني على
الحوض " والاثرة، بفتح الهمزة والثاء الاسم من أثر يؤثر
إيثارا: إذا أعطى أراد أنه يستأثر عليكم في أمور الدنيا،
ويفضل عليكم غيركم في نصيبه من الفئ.
(2/411)
يُشرِكُ بِاللهِ شَيْئاً، دَخَلَ الجَنَّةَ
(1)).
إِسْنَادُهُ قَوِيٌّ.
جَرِيْرٌ: عَنْ قَابُوْسِ بنِ أَبِي ظَبْيَانَ، عَنْ
أَبِيْهِ، قَالَ:
أَتَيْتُ مِصْرَ، فَرَأَيْتُ النَّاسَ قَدْ قَفَلُوا مِنْ
غَزْوِهِمْ، فَأَخْبَرُوْنِي:
أَنَّهُمْ لَمَّا كَانُوا عِنْدَ انْقَضَاءِ مَغْزَاهُمْ
حَيْثُ يَرَاهُمُ العَدُوُّ، حَضَرَ أَبَا أَيُّوْبَ
المَوْتُ؛ فَدَعَا الصَّحَابَةَ وَالنَّاسَ، فَقَالَ:
إِذَا قُبِضْتُ، فَلْتُرْكَبِ الخَيْلُ، ثُمَّ سِيْرُوا
حَتَّى تَلْقَوُا العَدُوَّ، فَيَرُدُّوْكُمْ، فَاحْفِرُوا
لِي، وَادْفِنُوْنِي، ثُمَّ سَوُّوْهُ! فَلْتَطَأِ
الخَيْلُ وَالرِّجَالُ عَلَيْهِ حَتَّى لاَ يُعْرَفَ،
فَإِذَا رَجَعْتُمْ، فَأَخْبِرُوا النَّاسَ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- أَخْبَرَنِي: (أَنَّهُ لاَ يَدْخُلُ النَّارَ أَحَدٌ
يَقُوْلُ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ (2)).
قَالَ الوَلِيْدُ: عَنْ سَعِيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ:
أَغْزَى مُعَاوِيَةُ ابْنَهُ فِي سَنَةِ خَمْسٍ
وَخَمْسِيْنَ فِي البَرِّ وَالبَحْرِ، حَتَّى أَجَازَ
بِهِمُ الخَلِيْجَ، وَقَاتَلُوا أَهْلَ
القُسْطِنْطِيْنِيَّةِ عَلَى بَابِهَا، ثُمَّ قَفَلَ (3) .
وَعَنِ الأَصْمَعِيِّ: عَنْ أَبِيْهِ:
أَنَّ أَبَا أَيُّوْبَ قُبِرَ مَعَ سُوْرِ
القُسْطِنْطِيْنِيَّةِ، وَبُنِي عَلَيْهِ، فَلَمَّا
أَصْبَحُوا، قَالَتِ الرُّوْمُ: يَا مَعْشَرَ العَرَبِ،
قَدْ كَانَ لَكُمُ اللَّيْلَةَ شَأْنٌ.
قَالُوا: مَاتَ رَجُلٌ مِنْ أَكَابِرِ أَصْحَابِ
نَبِيِّنَا، وَاللهِ لَئِنْ نُبِشَ، لاَ ضُرِبَ
بِنَاقُوْسٍ فِي بِلاَدِ العَرَبِ.
فَكَانُوا إِذَا قَحَطُوا، كَشَفُوا عَنْ قَبْرِهِ،
فَأُمْطِرُوا (4) .
قَالَ الوَاقِدِيُّ: مَاتَ أَبُو أَيُّوْبَ سَنَةَ
اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ، وَصَلَّى عَلَيْهِ يَزِيْدُ،
وَدُفِنَ بِأَصْلِ حِصْنِ القُسْطِنْطِيْنِيَّةِ، فَلَقَدْ
بَلَغَنِي أَنَّ الرُّوْمَ يَتَعَاهَدُوْنَ قَبْرَهُ،
__________
(1) تقدم تخريجه في الصفحة 404 تعليق رقم (2)، وانظر ابن
سعد 3 / 484، 485.
(2) إسناده ضعيف لضعف قابوس بن أبي ظبيان، لكنه في معنى ما
قبله، وقد ذكره ابن عساكر كما في " تهذيبه " 5 / 45، 46،
من طريق المحاملي.
(3) " تهذيب ابن عساكر " 5 / 46.
(4) " تهذيب ابن عساكر " 5 / 46.
(2/412)
وَيَسْتَسْقُوْنَ بِهِ (1) .
وَقَالَ خَلِيْفَةُ: مَاتَ سَنَةَ خَمْسِيْنَ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ
وَخَمْسِيْنَ.
84 - عَبْدُ اللهِ بنُ سَلاَمِ بنِ الحَارِثِ
الإِسْرَائِيْلِيُّ * (ع)
الإِمَامُ، الحَبْرُ، المَشْهُوْدُ لَهُ بِالجَنَّةِ،
أَبُو الحَارِثِ الإِسْرَائِيْلِيُّ، حَلِيْفُ
الأَنْصَارِ.
مِنْ خَوَاصِّ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو هُرَيْرَةَ، وَأَنَسُ بنُ مَالِكٍ،
وَعَبْدُ اللهِ بنُ مَعْقِلٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ
حَنْظَلَةَ بنِ الغَسِيْلِ، وَابْنَاهُ؛ يُوْسُفُ
وَمُحَمَّدٌ، وَبِشْرُ بنُ شَغَافٍ، وَأَبُو سَعِيْدٍ
المُقْرِئُ، وَأَبُو بُرْدَةَ بنُ أَبِي مُوْسَى، وَقَيْسُ
بنُ عَبَّادٍ، وَأَبُو سَلَمَةَ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ،
وَعَطَاءُ بنُ يَسَارٍ، وَزُرَارَةُ بنُ أَوْفَى،
وَآخَرُوْنَ.
__________
(1) ابن سعد 3 / 485 من طريق الواقدي، وهو ضعيف كما تقدم
غير مرة، والاستسقاء بأهل الصلاح، إنما يكون في حياتهم لا
بعد موتهم، كما فعل الخليفة الراشد عمر بن الخطاب، فقد روى
البخاري في " صحيحه " 2 / 410 في الاستسقاء: باب سؤال
الناس الامام الاستسقاء، من طريق أنس ; أن عمر بن الخطاب
كان إذا قحطوا، استسقى بالعباس بن عبد المطلب، فقال: اللهم
إنا كنا نتوسل إليك بنبينا، فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم
نبينا، فاسقنا، فيسقون.
وقد بين الزبير بن بكار في " الأنساب " صفة ما دعا به
العباس فيما نقله عنه الحافظ: " اللهم إنه لم ينزل بلاء
إلا بذنب، ولم يكشف إلا بتوبة، وقد توجه القوم بي إليك
لمكاني من نبيك، وهذه أيدينا إليك بالذنوب، ونواصينا إليك
بالتوبة، فاسقنا الغيث ".
(*) مسند أحمد: 5 / 450، طبقات ابن سعد: 2 / 353 352،
التاريخ لابن معين: 311، طبقات خليفة: 8، تاريخ خليفة: 56،
206، التاريخ الكبير: 5 / 19 18، تاريخ الفسوي: 1 / 264،
الجرح والتعديل: 5 / 62، المستدرك: 3 / 413، الاستبصار:
193، الاستيعاب: 3 / 921، جامع الأصول: 9 / 81، أسد
الغابة: 3 / 264، تاريخ الإسلام: 2 / 230، العبر: 1 / 51،
مجمع الزوائد: 9 / 326، تهذيب التهذيب: 5 / 249، الإصابة:
6 / 108، خلاصة تذهيب الكمال: 200 تهذيب الكمال: 691.
(2/413)
وَكَانَ فِيْمَا بَلَغَنَا مِمَّنْ شَهِدَ
فَتْحَ بَيْتِ المَقْدِسِ.
نَقَلَهُ الوَاقِدِيُّ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: اسْمُهُ: الحُصَيْنُ،
فَغَيَّرَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- بِعَبْدِ اللهِ (1) .
وَرَوَى: قَيْسُ بنُ الرَّبِيْعِ - وَهُوَ ضَعِيْفٌ - عَنْ
عَاصِمٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ:
أَسْلَمَ عَبْدُ اللهِ بنُ سَلاَمٍ قَبْلَ وَفَاةِ
رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
بِعَامَيْنِ.
فَهَذَا قَوْلٌ شَاذٌّ مَرْدُوْدٌ بِمَا فِي
(الصَّحِيْحِ): مِنْ أَنَّهُ أَسْلَمَ وَقْتَ هِجْرَةِ
النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
وَقُدُوْمِهِ (2) .
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: هُوَ مِنْ وَلَدِ يُوْسُفَ بنِ
يَعْقُوْبَ - عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ - وَهُوَ حَلِيْفُ
القَوَاقِلَةِ.
قَالَ: وَلَهُ إِسْلاَمٌ قَدِيْمٌ بَعْدَ أَنْ قَدِمَ
النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
المَدِيْنَةَ، وَهُوَ مِنْ أَحْبَارِ اليَهُوْدِ.
قَالَ عَوْفٌ الأَعْرَابِيُّ: حَدَّثَنَا زُرَارَةُ بنُ
أَوْفَى، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ سَلاَمٍ، قَالَ:
لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- المَدِيْنَةَ، انْجَفَلَ النَّاسُ عَلَيْهِ،
وَكُنْتُ فِيْمَنِ انْجَفَلَ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ،
عَرَفْتُ أَنَّ وَجْهَهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ.
فَكَانَ أَوَّلَ شَيْءٍ سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: (يَا
أَيُّهَا النَّاسُ، أَفْشُوْا السَّلاَمَ، وَأَطْعِمُوا
الطَّعَامَ، وَصِلُوا الأَرْحَامَ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ
وَالنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُوا الجَنَّةَ بِسَلاَمٍ (3)).
وَرَوَى: حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ:
أَنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ سَلاَمٍ أَتَى رَسُوْلَ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَقْدَمَهُ
__________
(1) " المستدرك " 3 / 413.
(2) في " القاموس ": والقوقل: اسم أبي بطن من الانصار،
لأنه كان إذا أتاه إنسان يستجير به أو بيثرب، قال له: قوقل
في هذا الجبل، وقد أمنت ; أي: ارتق، وهم القواقلة.
(3) إسناده صحيح، وأخرجه أحمد 5 / 451، والترمذي (2487)،
وابن ماجه (1334) و(3251)، والدارمي 1 / 340، كلهم من طريق
عوف بن أبي جميلة، عن زرارة ابن أوفى، عن عبد الله بن
سلام، وصححه الحاكم 3 / 13، ووافقه الذهبي، وله شاهد من
حديث أبي هريرة عند الحاكم 4 / 129.
وقوله: " انجفل الناس عليه " أي: ذهبوا مسرعين نحوه.
(2/414)
إِلَى المَدِيْنَةِ، فَقَالَ:
إِنِّي سَائِلُكَ عَنْ ثَلاَثٍ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ
نَبِيٌّ: مَا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ؟ وَمَا أَوَّلُ
مَا يَأْكُلُ أَهْلُ الجَنَّةِ؟ وَمِنْ أَيْنَ يُشْبِهُ
الوَلَدُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ؟
فَقَالَ: (أَخْبَرَنِي بِهِنَّ جِبْرِيْلُ آنفاً).
قَالَ: ذَاكَ عَدُوُّ اليَهُوْدِ مِنَ المَلاَئِكَةِ.
قَالَ: (أَمَّا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ: فَنَارٌ
تَخْرُجُ مِنَ المَشْرِقِ، فَتَحْشُرُ النَّاسَ إِلَى
المَغْرِبِ، وَأَمَّا أَوَّلُ مَا يَأكُلُهُ أَهْلُ
الجَنَّةِ: فَزِيَادَةُ كَبِدِ حُوْتٍ، وَأَمَّا
الشَّبَهُ: فَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الرَّجُلِ نَزَعَ
إِلَيْهِ الوَلَدُ، وَإِذَا سَبَقَ مَاءُ المَرْأَةِ
نَزَعَ إِلَيْهَا).
قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُوْلُ اللهِ.
وَقَالَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، إِنَّ اليَهُوْدَ قَوْمٌ
بُهْتٌ؛ وَإِنَّهُم إِنْ يَعْلَمُوا بإِسْلاَمِي
بَهَتُوْنِي، فَأَرْسِلْ إِلَيْهِمْ، فَسَلْهُمْ عَنِّي.
فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ: (أَيُّ رَجُلٍ ابْنُ
سَلاَمٍ فِيْكُمْ؟).
قَالُوا: حَبْرُنَا، وَابْنُ حَبْرِنَا؛ وَعَالِمُنَا،
وَابْنُ عَالِمِنَا.
قَالَ: (أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ، تُسْلِمُوْنَ؟).
قَالُوا: أَعَاذَهُ اللهُ مِنْ ذَلِكَ.
قَالَ: فَخَرَجَ عَبْدُ اللهِ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لاَ
إِلَهَ إِلاَّ اللهَ؛ وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُوْلُ اللهِ.
فَقَالُوا: شَرُّنَا وَابْنُ شَرِّنَا؛ وَجَاهِلُنَا
وَابْنُ جَاهِلِنَا.
فَقَالَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، أَلَمْ أُخْبِرْكَ أَنَّهُم
قَوْمٌ بُهْتٌ (1) .
عَبْدُ الوَارِثِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ
صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:
أَقْبَلَ نَبِيُّ اللهِ إِلَى المَدِيْنَةِ، فَقَالُوا:
جَاءَ نَبِيُّ اللهِ.
فَاسْتَشْرَفُوا يَنْظُرُوْنَ، وَسَمِعَ ابْنُ سَلاَمٍ -
وَهُوَ فِي نَخْلٍ يَخْتَرِفُ - فَعَجَّلَ قَبْلَ أَنْ
يَضَعَ الَّتِي يَخْتَرِفُ فِيْهَا، فَسَمِعَ مِنَ
النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ
رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ.
فَلَمَّا خَلاَ نَبِيُّ اللهِ، جَاءَ، فَقَالَ: أَشْهَدُ
__________
(1) أخرجه البخاري 62 / 61 في أول الأنبياء، و7 / 212 في
مناقب الانصار، و8 / 125، 126 في التفسير، من طرق عن حميد،
عن أنس.
وقوله: " بهت " بضم الباء والهاء ويجوز إسكانها ك جمع
بهيت، كقضيب وقضب، وقليب وقلب: وهو الذي يبهت السامع بما
يفتريه عليه من الكذب.
(2/415)
أَنَّكَ رَسُوْلُ اللهِ، وَأَنَّكَ جِئْتَ
بِحَقٍّ، وَلَقَدْ عَلِمَتِ اليَهُوْدُ أَنِّي سَيِّدُهُمْ
وَابْنُ سَيِّدِهِمْ، وَأَعْلَمُهُمْ وَابْنُ
أَعْلَمِهِمْ، فَسَلْهُمْ عَنِّي قَبْلَ أَنْ يَعْلَمُوا
أَنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ، فَإِنَّهُمْ إِنْ يَعْلَمُوا
أَنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ قَالُوا فِيَّ مَا لَيْسَ فِيَّ.
فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ، فَجَاؤُوْا، فَقَالَ: (يَا
مَعْشَرَ اليَهُوْدِ، وَيْلَكُم! اتَّقُوا اللهَ،
فَوَاللهِ إِنَّكُمْ لَتَعْلَمُوْنَ أَنِّي رَسُوْلُ اللهِ
حَقّاً، وَأَنِّي جِئْتُكُمْ بِحَقٍّ، فَأَسْلِمُوا).
قَالُوا: مَا نَعْلَمُهُ.
قَالَ: (فَأَيُّ رَجُلٍ فِيْكُمُ ابْنُ سَلاَمٍ؟).
قَالُوا: ذَاكَ سَيِّدُنَا وَابْنُ سَيِّدِنَا،
وَأَعْلَمُنَا وَابْنُ أَعْلَمِنَا.
قَالَ: (أَفَرَأَيْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ؟).
قَالُوا: حَاشَى للهِ، مَا كَانَ لِيُسْلِمَ!
فَقَالَ: (اخْرُجْ عَلَيْهِمْ).
فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ، وَقَالَ: وَيْلَكُمْ! اتَّقُوا
اللهَ، فَوَاللهِ إِنَّكُمْ لَتَعْلَمُوْنَ أَنَّهُ
رَسُوْلُ اللهِ حَقّاً.
قَالُوا: كَذَبْتَ.
فَأَخْرَجَهُمْ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- (1).
ابْنُ إِسْحَاقَ: عَنْ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي مُحَمَّدٍ
مَوْلَى زَيْدِ بنِ ثَابِتٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ:
أَنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ فِي ابْنِ سَلاَمٍ،
وَثَعْلَبَةَ بنِ سَعْيَةَ، وَأَسَدِ بنِ عُبَيْدٍ :
{لَيْسُوا سَوَاءً، مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ أُمَّةٌ
قَائِمَةٌ...} (2) الآيَتَيْنِ، [آلُ عِمْرَانَ: 113،
114].
__________
(1) أخرجه البخاري 7 / 195، 198 في الهجرة، من طريق محمد
بن سلام، عن عبد الصمد بن عبد الوارث بهذا الإسناد.
وقوله: " يخترف " أي يجتني من الثمار ويصرم.
(2) أخرجه الطبري في " تفسيره " (7644) و(7645) من طريقين
عن ابن إسحاق بهذا الإسناد، ومحمد بن أبي محمد مولى زيد بن
ثابت لم يوثقه غير ابن حابن، وقال المؤلف: لا يعرف، وهذا
السبب هو المشهور عند كثير من المفسرين، وقال ابن أبي نجيح
كما في الطبري (7648): زعم الحسن بن أبي يزيد العجلي، عن
ابن مسعود في قوله تعالى: (ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة
قائمة) قال: لا يستوي أهل الكتاب وأمة محمد صلى الله عليه
وسلم، وهو قول السدي.
قال الحافظ ابن كثير في " تفسيره " 1 / 397: يؤيد هذا
القول الحديث الذي رواه الامام أحمد في " مسنده ": حدثنا
أبو النضر، وحسن بن موسى، قالا: حدثنا شيبان، عن عاصم، عن
زر، عن ابن مسعود قال: أخر رسول الله صلى الله عليه وسلم
صلاة العشاء، ثم خرج إلى المسجد، فإذا الناس =
(2/416)
مَالِكٌ: عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ،
عَنْ عَامِرِ بنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
مَا سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ يَقُوْلُ لأَحَدٍ: إِنَّهُ
مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، إِلاَّ لِعَبْدِ اللهِ بنِ
سَلاَمٍ، وَفِيْهِ نَزَلَتْ : {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ
بَنِي إِسْرَائِيْلَ عَلَى مِثْلِهِ } [الأَحْقَافُ (1) :
10].
حَمَّادٌ: حَدَّثَنَا عَاصِمُ بنُ بَهْدلَةَ، عَنْ
مُصْعَبِ بنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيْهِ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
قَالَ: (يَدْخُلُ مِنْ هَذَا الفَجِّ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ
الجَنَّةِ).
فَجَاءَ ابْنُ سَلاَمٍ (2).
وَجَاءَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ: أَنَّهُ رَأَى رُؤْيَا،
فَقَصَّهَا عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- فَقَالَ لَهُ:
__________
= ينتظرون الصلاة، فقال: " أما إنه ليس من أهل هذه الاديان
أحد يذكر الله هذه الساعة غيركم " قال: فنزلت هذه الآيات
(ليسوا سواء من أهل الكتاب) إلى قوله: (والله عليم
بالمتقين) .
وسنده حسن.
(1) أخرجه مالك في الموطأ، ورواه البخاري 7 / 97 في
المناقب: باب مناقب عبد الله بن سلام، ومسلم (2483) في
الفضائل، من حديث مالك به، وقد استظهر الحافظ ابن حجر في "
فتح الباري " أن قوله: " وفيه نزلت.." مدرج، وقد وقع في
رواية ابن وهب عند الدراقطني التصريح بأنه من قول مالك.
وقال ابن كثير 4 / 165: وهذا الشاهد اسم جنس، يعم عبد الله
بن سلام رضي الله عنه وغيره، فإن هذه الآية مكية نزلت قبل
إسلام عبد الله بن سلام رضي الله عنه، وهذا كقوله تبارك
وتعالى: (وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا
إنا كنا من قبله مسلمين) ، وقال: (إن الذين أوتوا العلم من
قبله إذا يتلى عليهم يخرون للاذقان سجدا ويقولون سبحان
ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا) .
قال مسروق والشعبي: ما نزلت في عبد الله بن سلام، ما نزلت
إلا بمكة، وما أسلم عبد الله إلا بالمدينة، رواه عنهما ابن
جرير 26 / 9، واختاره.
(2) إسناده حسن من أجل عاصم بن بهدلة، وهو في " المسند " 1
/ 169 و183، ولفظه بتمامه: أن النبي صلى الله عليه وسلم
أتي بقصعة من ثريد، فأكل، ففضل منه فضلة، فقال: " يدخل من
هذا الفج رجل من أهل الجنة، يأكل هذه الفضلة " قال سعد:
وقد كنت تركت أخي عمير بن أبي وقاص يتهيأ لان يأتي النبي
صلى الله عليه وسلم، فطمعت أن يكون هو، فجاء عبد الله بن
سلام، فأكلها.
وصححه الحاكم 3 / 416، ووافقه الذهبي.
سير 2 / 27
(2/417)
(تَمُوْتُ وَأَنْتَ مُسْتَمْسِكٌ
بِالعُرْوَةِ الوُثْقَى (1)).
إِسْنَادُهَا قَوِيٌّ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بنُ عَمْرٍو،
حَدَّثَنَا زَيْدُ بنُ رُفَيْعٍ، عَنْ مَعَبْدٍ
الجُهَنِيِّ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ عَمِيْرَةَ:
أَنَّهُ لَمَّا احْتُضِرَ معَاذٌ، قَعَدَ يَزِيْدُ عِنْدَ
رَأْسِهِ يَبْكِي، فَقَالَ: مَا يُبْكِيْكَ؟
قَالَ: أَبْكِي لِمَا فَاتَنِي مِنَ العِلْمِ.
قَالَ: إِنَّ العِلْمَ كَمَا هُوَ لَمْ يَذْهَبْ،
فَاطْلُبْهُ عِنْدَ أَرْبَعَةٍ، فَسَمَّاهُمْ، وَفِيْهِمْ:
عَبْدُ اللهِ بنُ سَلاَمٍ، الَّذِي قَالَ رَسُوْلُ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيْهِ: (هُوَ
عَاشِرُ عَشَرَةٍ فِي الجَنَّةِ (2)).
البُخَارِيُّ فِي (تَارِيْخِهِ): حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ
بنُ صَالِحٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بنِ صَالِحٍ، عَنْ
رَبِيْعَةَ بنِ يَزِيْدَ، عَنْ أَبِي إِدْرِيْسَ
الخَوْلاَنِيِّ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ عَمِيْرَةَ
الزُّبَيْدِيِّ، قَالَ:
لَمَّا حَضَرَ مُعَاذَ بنَ جَبَلٍ المَوْتُ، قِيْلَ لَهُ:
أَوْصِنَا يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ.
قَالَ: الْتَمِسُوْا العِلْمَ عِنْدَ أَبِي الدَّرْدَاءِ،
وَسَلْمَانَ، وَابْنِ مَسْعُوْدٍ، وَعَبْدِ اللهِ بن
سَلاَمٍ الَّذِي أَسْلَمَ؛ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُوْلَ
اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُوْلُ:
(إِنَّهُ عَاشِرُ عَشَرَةٍ فِي الجَنَّةِ(3)).
{وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الكِتَابِ }، قَالَ مُجَاهِدٌ:
هُوَ عَبْدُ اللهِ بنُ سَلاَمٍ (4) .
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي يَحْيَى: حَدَّثَنَا معَاذُ
بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ يُوْسُفَ بنِ عَبْدِ اللهِ
بنِ سَلاَمٍ، عَنْ أَبِيْهِ:
أَنَّهُ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- فَقَالَ: إِنِّي قَدْ قَرَأْتُ
__________
(1) أخرجه البخاري 12 / 353 في التعبير: باب التعليق
بالعروة والحلقة، من طريقين، عن ابن عون، عن محمد بن
سيرين، حدثنا قيس بن عباد، عن عبد الله بن سلام، وسيذكر
المؤلف
نصه بتمامه قريبا.
(2) ابن سعد 2 / 352، 353.
(3) " التاريخ الصغير " 1 / 73، وأخرجه الترمذي (3804) في
المناقب، من طريق قتيبة، عن الليث، عن معاوية بن صالح بهذا
الإسناد، وهذا سند قوي، وصححه الحاكم 3 / 416، ووافقه
الذهبي، وذكره الحافظ في " الإصابة " 6 / 109 عن " التاريخ
الصغير "، وجود إسناده.
وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب.
(4) تفسير مجاهد 1 / 331.
(2/418)
القُرْآنَ وَالتَّوْرَاةَ.
فَقَالَ: (اقْرَأْ بِهَذَا لَيْلَةً، وَبِهَذَا لَيْلَةً).
إِسْنَادُهُ ضَعِيْفٌ (1) .
فَإِنَّ صَحَّ، فَفِيْهِ رُخْصَةٌ فِي التَّكْرَارِ عَلَى
التَّوْرَاةِ الَّتِي لَمْ تُبَدَّلْ، فَأَمَّا اليَوْمَ،
فَلاَ رُخْصَةَ فِي ذَلِكَ؛ لِجَوَازِ التَّبْدِيْلِ عَلَى
جَمِيْعِ نُسَخِ التَّوْرَاةِ المَوْجُوْدَةِ، وَنَحْنُ
نُعَظِّمُ التَّوْرَاةَ الَّتِي أَنْزَلَهَا اللهُ عَلَى
مُوْسَى - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - وَنُؤمِنُ بِهَا.
فَأَمَّا هَذِهِ الصُّحُفُ الَّتِي بِأَيْدِي هَؤُلاَءِ
الضُّلاَّلِ، فَمَا نَدْرِي مَا هِيَ أَصْلاً، وَنَقِفُ
فَلاَ نُعَامِلُهَا بِتَعَظِيْمٍ وَلاَ بِإِهَانَةٍ، بَلْ
نَقُوْلُ: آمَنَّا بِاللهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ
وَرُسِلِهِ، وَيَكْفِيْنَا فِي ذَلِكَ الإِيْمَانُ
المُجْمَلُ - وَللهِ الحَمْدُ -.
عِكْرِمَةُ بنُ عَمَّارٍ: عَنْ مُحَمَّدِ بنِ القَاسِمِ،
قَالَ:
زَعَمَ عَبْدُ اللهِ بنُ حَنْظَلَةَ أَنَّ عَبْدَ اللهِ
بنَ سَلاَمٍ مَرَّ فِي السُّوْقِ، عَلَيْهِ حُزْمَةٌ مِنْ
حَطَبٍ، فَقِيْلَ لَهُ: أَلَيْسَ أَغْنَاكَ اللهُ؟
قَالَ: بَلَى، وَلَكِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَقْمَعَ الكِبْرَ،
سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - يَقُوْلُ: (لاَ يَدْخُلُ الجَنَّةَ مَنْ كَانَ
فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ كِبْرٍ)
(2).
__________
(1) لان إبراهيم بن أبي يحيى وهو الاسلمي المدني متروك
الحديث، وبعضهم اتهمه، فالحديث ضعيف جدا، بل يكاد يكون
موضوعا، فإنه مخالف لحديث جابر بن عبد الله أن عمر أتى
النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إنا نسمع أحاديث من يهود
تعجبنا، أفترى أن نكتب بعضها ؟ فقال:
" أمتهوكون (أي متحيرون) كما تهوكت اليهود والنصاري، لقد
جئتكم بها بيضاء نقية، ولو كان موسى حيا لما وسعه إلا
اتباعي " وهو حديث حسن، أخرجه أحمد 3 / 338 و378، وله شاهد
من حديث عبد الله بن شداد عند أحمد 3 / 470، 471، وآخر من
حديث عمر عند أبي يعلى.
انظر " مجمع الزوائد " 1 / 173، 174.
(2) أخرجه الحاكم في " المستدرك " 3 / 416، من طريق سالم
بن إبراهيم صاحب المصاحف، عن عكرمة بن عمار به، وصححه،
وتعقبه الذهبي بقوله: سالم واه.
قلت: الحديث المرفوع دون القصة صحيح من حديث ابن مسعود رضي
الله عنه، أخرجه عنه مسلم (91)، وأبو داود (4091)،
والترمذي (1999) بلفظ: " لا يدخل الجنة من كان في قلبه
مثقال ذرة من كبر " فقال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه
حسنا، ونعله حسنة ؟ " قال: " إن =
(2/419)
اتَّفِقُوا عَلَى أَنَّ ابْنَ سَلاَمٍ
تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ.
وَقَدْ سَاقَ الحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ تَرْجَمَتَهُ فِي
بِضْعَ عَشْرَةَ وَرَقَةً.
الوَاقِدِيُّ: عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ، عَنِ المَقْبُرِيِّ،
وَآخَرَ:
أَنَّ ابْنَ سَلاَمٍ كَانَ اسْمُهُ الحُصَيْنُ،
فَغَيَّرَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- بِعَبْدِ اللهِ (1) .
يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ، وَجَمَاعَةٌ، قَالُوا:
حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ
سَلاَمٍ أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- لَمَّا قَدِمَ المَدِيْنَةَ...، الحَدِيْثَ.
وَفِيْهِ، قَالُوا: شَرُّنَا، وَابْنُ شَرِّنَا...،
وَنَحْوَ ذَلِكَ.
قَالَ: يَقُوْلُ عَبْدُ اللهِ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، هَذَا
الَّذِي كُنْتُ أَخَافُ (2) .
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: عَنْ ثَابِتٍ، وَحُمَيْدٍ، عَنْ
أَنَسٍ، قَالَ:
قَدِمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
فَأَتَاهُ ابْنُ سَلاَمٍ، فَقَالَ:
سَائِلُكَ عَنْ أَشْيَاءَ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ نَبِيٌّ،
فَإِنْ أَخْبَرْتَنِي بِهَا، آمَنْتُ بِكَ...، الحَدِيْثَ
(3) .
هَوْذَةُ: حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنِ الحَسَنِ قَالَ:
عَبْدُ اللهِ بنُ سَلاَمٍ قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ
اليَهُوْدَ يَجِدُوْنَكَ عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ.
ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى فُلاَنٍ، وَفُلاَنٍ - نَفَرٍ
سَمَّاهُمْ - فَقَالَ: (مَا عَبْدُ اللهِ بنُ سَلاَمٍ
فِيْكُمْ؟ وَمَا أَبُوْهُ؟).
قَالُوا: سَيِّدُنَا، وَابْنُ سَيِّدِنَا، وَعَالِمُنَا،
وَابْنُ عَالِمِنَا.
قَالَ: (أَرَأَيْتُم إِنْ أَسْلَمَ، أَتُسْلِمُوْنَ؟).
قَالُوا: إِنَّهُ لاَ يُسْلِمُ!
فَدَعَاهُ، فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ، وَتَشَهَّدَ، فَقَالُوا:
يَا عَبْدَ اللهِ! مَا كُنَّا نَخْشَاكَ عَلَى هَذَا!
وَخَرَجُوا، وَأَنْزَلَ اللهُ: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ
كَانَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ، وَشَهِدَ
شَاهِدٌ
__________
الله جميل يحب الجمال، الكبر بطر الحق، وغمط الناس ".
(1) هو في " المستدرك " 4 / 414 وقد مر أول الترجمة.
(2) إسناده صحيح، وقد تقدم.
(3) إسناده صحيح، وقد تقدم.
(2/420)
مِنْ بَنِي إِسْرَائِيْلَ عَلَى مِثْلِهِ
فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ } [الأَحْقَافُ (1) : 10].
إِسْحَاقُ الأَزْرَقُ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنِ
ابْنِ سِيْرِيْنَ، عَنْ قَيْسِ بنِ عُبَادٍ، قَالَ:
كُنْتُ فِي مَسْجِدِ المَدِيْنَةِ، فَجَاءَ رَجُلٌ
بِوَجْهِهِ أَثَرٌ مِنْ خُشُوْعٍ، فَقَالَ القَوْمُ: هَذَا
مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ.
فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فَأَوْجَزَ فِيْهِمَا، فَلَمَّا
خَرَجَ، اتَّبَعْتُهُ حَتَّى دَخَلَ مَنْزِلَهُ،
فَدَخَلْتُ مَعَهُ، فَحَدَّثْتُهُ؛ فَلَمَّا اسْتَأَنَسَ،
قُلْتُ:
إِنَّهُم قَالُوا لَمَّا دَخَلْتَ المَسْجِدَ: كَذَا،
وَكَذَا.
قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ! مَا يَنْبِغِي لأَحَدٍ أَنْ
يَقُوْلَ مَا لاَ يَعْلَمُ، وَسَأُحَدِّثُكَ:
إِنِّي رَأَيْتُ رُؤْيَا، فَقَصَصْتُهَا عَلَى النَّبِيِّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: رَأَيْتُ كَأَنِّي
فِي رَوْضَةٍ خَضْرَاءَ، وَسَطُهَا عَمُوْدٌ حَدِيْدٌ،
أَسْفَلُهُ فِي الأَرْضِ، وَأَعْلاَهُ فِي السِّمَاءِ، فِي
أَعْلاَهُ عُرْوَةٌ، فَقِيْلَ لِي: اصْعَدْ عَلَيْهِ.
فَصَعِدْتُ حَتَّى أَخَذْتُ بِالعُرْوَةِ، فَقِيْلَ:
اسْتمْسِكْ بِالعُرْوَةِ.
فَاسْتَيْقَظْتُ، وَإِنَّهَا لَفِي يَدِي، فَلَمَّا
أَصْبَحْتُ، أَتَيْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَصَصْتُهَا عَلَيْهِ.
فَقَالَ: (أَمَّا الرَّوْضَةُ، فَرَوْضَةُ الإِسْلاَمِ،
وَأَمَّا العَمُوْدُ، فَعَمُوْدُ الإِسْلاَمِ، وَأَمَّا
العُرْوَةُ؛ فَهِيَ العُرْوَةُ الوُثْقَى؛ أَنْتَ عَلَى
الإِسْلاَمِ حَتَّى تَمُوْتَ).
قَالَ: وَهُوَ عَبْدُ اللهِ بنُ سَلاَمٍ (2) .
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: عَنْ عَاصِمِ بنِ بَهْدَلَةَ، عَنِ
المُسَيَّبِ بنِ رَافِعٍ، عَنْ خَرَشَةَ بنِ الحُرِّ،
قَالَ:
قَدِمْتُ المَدِيْنَةَ، فَجَلَسْتُ إِلَى شِيَخَةٍ فِي
المَسْجِدِ، فَجَاءَ شَيْخٌ يَتَوَكَّأُ عَلَى عَصاً لَهُ،
فَقَالَ رَجُلٌ: هَذَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ.
فَقَامَ خَلْفَ سَارِيَةٍ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ،
فَقُمْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: زَعَمَ هَؤُلاَءِ أَنَّكَ
مِنْ
__________
(1) رجاله ثقات، إلا أن الحسن وهو البصري لم يسمع من عبد
الله بن سلام، وهو في " جامع البيان " 26 / 11 من طريق
محمد بن بشار، عن محمد بن جعفر، عن عوف، عن الحسن.
(2) وأخرجه البخاري 7 / 98 في المناقب، ومسلم (2484)،
وأحمد 5 / 452، من طرق عن ابن عون، عن ابن سيرين، عن قيس
بن عباد.
(2/421)
أَهْلِ الجَنَّةِ!
فَقَالَ: الجَنَّةُ للهِ، يُدْخِلُهَا مَنْ يَشَاءُ،
إِنِّي رَأَيْتُ عَلَى عَهْدِ رَسُوْلِ اللهِ رُؤْيَا:
رَأَيْتُ كَأَنَّ رَجُلاً أَتَانِي، فَقَالَ: انْطَلِقْ،
فَسَلَكَ بِي فِي مَنْهَجٍ عَظِيْمٍ، فَبَيْنَا أَنَا
أَمْشِي، إِذْ عَرَضَ لِي طَرِيْقٌ عَنْ شِمَالِي،
فَأَرَدْتُ أَنْ أَسْلُكَهَا، فَقَالَ: إِنَّكَ لَسْتَ
مِنْ أَهْلِهَا، ثُمَّ عَرَضَتْ لِي طَرِيْقٌ عَنْ
يَمِيْنِي، فَسَلَكْتُهَا، حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى
جَبَلٍ زَلَقٍ، فَأَخَذَ بِيَدِي، فَرَحَلَ بِي، فَإِذَا
أَنَا عَلَى ذُرْوَتِهِ؛ فَلَمْ أَتَقَارَّ، وَلَمْ
أَتَمَاسَكْ، وَإِذَا عَمُوْدٌ مِنْ حَدِيْدٍ، فِي
أَعْلاَهُ عُرْوَةٌ مِنْ ذَهَبٍ، فَأَخَذَ بِيَدِي،
فَرَحَلَ بِي، حَتَّى أَخَذْتُ بِالعُرْوَةِ، فَقَالَ لِي:
اسْتَمْسِكْ بِالعُرْوَةِ.
فَقَصَصْتُهَا عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: (رَأَيْتَ خَيْراً، أَمَّا
المَنْهَجُ العَظِيْمُ؛ فَالمَحْشَرُ، وَأَمَّا
الطَّرِيْقُ الَّتِي عَرَضَتْ عَنْ شِمَالِكَ؛ فَطَرِيْقُ
أَهْلِ النَّارِ، وَلَسْتَ مِنْ أَهْلِهَا، وَأَمَّا
الَّتِي عَنْ يَمِيْنِكَ؛ فَطَرِيْقُ أَهْلِ الجَنَّةِ،
وَأَمَّا الجَبَلُ الزَّلِقُ؛ فَمَنْزِلُ الشُّهَدَاءِ،
وَأَمَّا العُرْوَةُ؛ فَعُرْوَةُ الإِسْلاَمِ،
فَاسْتَمْسِكْ بِهَا حَتَّى تَمُوْتَ).
وَهُوَ عَبْدُ اللهِ بنُ سَلاَمٍ (1) .
جَرِيْرٌ: عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ
مُسْهِرٍ، عَنْ خَرَشَةَ، قَالَ:
كُنْتُ جَالِساً فِي حَلَقَةٍ، فِيْهِمُ ابْنُ سَلاَمٍ
يُحَدِّثُهُمْ؛ فَلَمَّا قَامَ، قَالُوا: مَنْ سَرَّهُ
أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ،
فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا.
فَتَبِعْتُهُ، فَسَأَلْتُهُ...، فَذَكَرَ الحَدِيْثَ
بِطُوْلِهِ (2) .
وَهُوَ صَحِيْحٌ.
وَرَوَى: بِشْرُ بنُ شَغَافٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ
سَلاَمٍ: أَنَّهُ شَهِدَ فَتْحَ نَهَاوَنْدَ.
__________
(1) إسناده حسن من أجل عاصم، وأخرجه أحمد 5 / 452، 453،
وابن ماجه (3920) من طريق حماد بن سلمة بهذا الإسناد،
وشيخة جمع شيخ، وأتقار: أستقر.
(2) أخرجه مسلم (2484) من طريق قتيبة وإسحاق بن إبراهيم،
كلاهما عن جرير بهذا الإسناد، وأخرجه الحاكم في " المستدرك
" 3 / 414 من طريق أبي بكر بن أبي شيبة، وقتيبة بن سعيد
بإسناد مسلم.
(2/422)
قَالَ أَيُّوْبُ: عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ،
قَالَ:
نُبِّئْتُ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ سَلاَمٍ قَالَ: إِنْ
أَدْرَكَنِي، وَليْسَ لِي رَكُوْبٌ (1) ، فَاحْمِلُوْنِي،
حَتَّى تَضَعُوْنِي بَيْنَ الصَّفَيْنِ -يَعْنِي: قُبَالَ
الأَعْمَاقِ-.
مُحَمَّدُ بنُ مُصْعَبٍ: حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، عَنْ
يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ، قَالَ:
كَانَ عَبْدُ اللهِ بنُ سَلاَمٍ إِذَا دَخَلَ المَسْجِدَ،
سَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- وَقَالَ: اللَّهُمَّ افْتَحْ لَنَا أَبوَابَ
رَحْمَتِكَ.
وَإِذَا خَرَجَ، سَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَتَعَوَّذَ مِنَ الشَّيْطَانِ (2) .
حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ: عَنْ أَشْعَثَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ
بن أَبِي مُوْسَى، قَالَ:
أَتَيْتُ المَدِيْنَةَ، فَإِذَا عَبْدُ اللهِ بنُ سَلاَمٍ
جَالِسٌ فِي حَلَقَةٍ مُتَخَشِّعاً، عَلَيْهِ سِيْمَاءُ
الخَيْرِ، فَقَالَ:
يَا أَخِي، جِئْتَ وَنَحْنُ نُرِيْدُ القِيَامَ،
فَأَذِنْتُ لَهُ، أَوْ قُلْتُ: إِذَا شِئْتَ.
فَقَامَ، فَاتَّبَعْتُهُ، فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ؟
قُلْتُ: أَنَا ابْنُ أَخِيْكَ؛ أَنَا أَبُو بُرْدَةَ بنُ
أَبِي مُوْسَى.
فَرَحَّبَ بِي، وَسَأَلَنِي، وَسَقَانِي سَوِيْقاً، ثُمَّ
قَالَ:
إِنَّكُمْ بِأَرْضِ الرِّيْفِ، وَإِنَّكُمْ تُسَالِفُوْنَ
الدَّهَاقِيْنَ، فَيُهْدُوْنَ لَكُم حُمْلاَنَ القَتِّ
__________
(1) الركوب: كل دابة تركب.
(2) محمد بن مصعب: هو ابن صدقة القرقساني سيء الحفظ، ثم هو
مرسل، والثابت عنه صلى الله عليه وسلم في هذا الباب ما
أخرجه أبو داود (465)، وابن ماجه (772) من حديث أبي حميد،
أو أبي أسيد: " إذا دخل أحدكم المسجد، فليسلم على النبي
صلى الله عليه وسلم، ثم ليقل: اللهم افتح لنا أبواب رحمتك
".
وإسناده صحيح، وأخرجه مسلم (713) عنهما بلفظ: " إذا دخل
أحدكم المسجد " فليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك، وإذا
خرج، فليقل: اللهم إني أسألك من فلك " وأخرج ابن ماجه
(773) وابن السني (85) عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال: " إذا دخل أحدكم المسجد، فليسلم على النبي
صلى الله عليه وسلم، وليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك،
وإذا خرج، فليسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، وليقل:
اللهم افتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج، فليسلم على النبي
صلى الله عليه وسلم، وليقل: اللهم اعصمني من الشيطان
الرجيم " وإسناده صحيح.
كما قال صاحب " الزوائد " ورقة 52، وصححه ابن خزيمة (452)
وابن حبان (321) والحاكم 1 / 207، ووافقه الذهبي.
(2/423)
وَالدَّوَاخِلِ؛ فَلاَ تَقْرَبُوْهَا،
فَإِنَّهَا نَارٌ (1) .
قَدْ مَرَّ مَوْتُ عَبْدِ اللهِ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ
وَأَرْبَعِيْنَ بِالمَدِيْنَةِ، وَأَرَّخَهُ جَمَاعَةٌ.
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ العُمَرِيُّ،
وَجَمَاعَةٌ، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا أَبُو
الوَقْتِ السِّجْزِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ
بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بنِ
حَمُّوْيَةَ، أَخْبَرَنَا عِيْسَى بنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا
عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ،
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ كَثِيْرٍ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ،
عَنْ يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ،
عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ سَلاَمٍ، قَالَ:
قَعَدْنَا نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَتَذَاكَرْنَا، فَقُلْنَا:
لَو نَعْلَمُ أَيَّ الأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللهِ؛
لَعَمِلْنَا.
فَأَنْزَلَ اللهُ : {سَبَّحَ للهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ
وَمَا فِي الأَرْضِ وَهُوَ العَزِيْزُ الحَكِيْمِ، يَا
أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوا لِمَ تَقُوْلُوْنَ مَا لاَ
تَفْعَلُوْنَ...} [الصَّفُّ: 1-2] حَتَّى خَتَمَهَا (2) .
قَالَ: فَقَرَأَهَا عَلَيْنَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى خَتَمَهَا.
قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: فَقَرَأَهَا عَلَيْنَا عَبْدُ اللهِ
بنُ سَلاَمٍ.
قَالَ يَحْيَى: فَقَرَأَهَا عَلَيْنَا أَبُو سَلَمَةَ،
فَقَرَأَهَا عَلَيْنَا يَحْيَى،
__________
(1) رجال إسناده ثقات، وأشعث: هو ابن عبد اله بن جابر
الحداني، وقد نسب الحافظ ابن حجر هذا الخبر في " الإصابة "
6 / 110 إلى ابن عساكر.
وأخرجه البخاري في " صحيحه " 7 / 98 في المناقب من طريق
سليمان بن حرب، عن شعبة، عن سعيد بن أبي بردة، عن أبيه،
قال: أتيت المدينة، فلقيت عبد الله بن سلام، فقال: " ألا
تجئ، فأطعمك سويقا وتمرا، وتدخل في بيت (أي: دخل النبي صلى
الله عليه وسلم فيه) ثم قال: إنك بأرض الربا فيها فاش إذا
كان لك على رجل حق، فأهدى إليك حمل تبن، أو حمل شعير، أو
حمل قت (علف الدواب) فلا تأخذه، فإنه ربا.
قال الحافظ ابن حجر: يحتمل أن يكون ذلك رأي عبد الله بن
سلام، وإلا فالفقهاء على أنه إنما يكون ربا إذا شرطه، نعم
الورع تركه، تسالفون: من السلف وهو القرض، والحملان: ما
يحمل عليه من الدواب في الهبة خاصة والدواخل: جمع دوخلة:
زبيل من خوص يجعل فيه التمر والرطب.
(2) محمد بن كثير وهو ابن أبي عطاء الثقفي كثير الغلط،
لكنه قد توبع كما سيأت ي، وباقي رجاله ثقات، وهو في " مسند
الدرامي " 2 / 200، وكذلك أخرجه الترمذي (3309) من طريق
محمد بن كثير، عن الاوزاعي.
وأخرجه أحمد في " المسند " 5 / 452 من طريق يعمر، عن عبد
الله بن المبارك، أخبرنا الاوزاعي، حدثنا يحيى بن أبي
كثير، حدثني هلال بن أبي ميمونة، =
(2/424)
فَقَرَأَهَا عَلَيْنَا الأَوْزَاعِيُّ،
فَقَرَأَهَا عَلَيْنَا مُحَمَّدٌ، فَقَرَأَهَا عَلَيْنَا
الدَّارِمِيُّ، فَقَرَأَهَا عَلَيْنَا عِيْسَى،
فَقَرَأَهَا عَلَيْنَا ابْنُ حَمُّوْيَةَ، فَقَرَأَهَا
عَلَيْنَا الدَّاوُوْدِيُّ، فَقَرَأَهَا عَلَيْنَا أَبُو
الوَقْتِ، فَقَرَأَهَا عَلَيْنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ.
قُلْتُ: فَقَرَأَهَا عَلَيْنَا شُيُوْخُنَا (1) .
صَفْوَانُ بنُ عَمْرٍو الحِمْصِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بنُ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَوْفِ بنِ
مَالِكٍ، قَالَ:
انْطَلَقَ نَبِيُّ اللهِ وَأَنَا مَعَهُ حَتَّى دَخَلْنَا
كَنِيْسَةَ اليَهُوْدِ، فَقَالَ: (أَرُوْنِي يَا مَعْشَرَ
يَهُودٍ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلاً يَشْهَدُوْنَ أَنَّ
مُحَمَّداً رَسُوْلُ اللهِ؛ يَحُطُّ اللهُ عَنْكُمُ
الغَضَبَ).
فَأُسْكِتُوا، ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْهِمْ، فَلَمْ يُجِبْهُ
أَحَدٌ.
قَالَ: (فَوَاللهِ لأَنَا الحَاشِرُ، وَأَنَا العَاقِبُ
(2) ، وَأَنَا المُصْطَفَى، آمَنْتُمْ أَوْ كَذَّبْتُم).
فَلَمَّا كَادَ يَخْرُجُ، قَالَ رَجُلٌ: كَمَا أَنْتَ يَا
مُحَمَّدُ، أَيُّ رَجُلٍ تَعْلَمُوْنَنِي فِيْكُمْ؟
قَالُوا: مَا فِيْنَا أَعْلَمُ مِنْكَ.
قَالَ: فَإِنِّي أَشْهَدُ بِاللهِ أَنَّهُ نَبِيُّ اللهِ
__________
أن عطاء بن يسار، حدثه: أن عبد الله بن سلام حدثه، أو قال:
حدثني أبو سلمة عن عبد الرحمن، عن عبد الله بن سلام.
وهذا سند صحيح، صرح فيه يحيى بن أبي كثير بالتحديث.
وأخرجه الحاكم 2 / 486، 487 من طريق الوليد بن مزيد، وأبي
إسحاق الفزاري، كلاهما عن الاوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير،
حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن سلام.
وصححه، ووافقه الذهبي.
(1) قال الحافظ ابن حجر فيما نقله عنه السيوطي في " الدر
المنثور " 6 / 212: هو من أصح مسلسل يروى في الدنيا، قل أن
وقع في المسلسلات مثله في مزيد علوه.
قلت: والحديث المسلسل: ما توارد فيه الرواة على وصف لهم
قولا أو فعلا أو وصفا.
انظر " فتح المغيث " 3 / 53، 58.
(2) الحاشر: الذي يحشر الناس خلفه وعلى ملته دون ملة غيره،
والعاقب: آخر الأنبياء.
(2/425)
الَّذِي تَجِدُوْنَهُ فِي التَّوْرَاةِ.
فَقَالُوا: كَذَبْتَ.
فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-: (كَذَبْتُمْ).
قَالَ: فَخَرَجْنَا وَنَحْنَ ثَلاَثَةٌ، وَأُنْزِلَتْ :
{أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَكَفَرْتُمْ
بِهِ، وَشَهِدَ شَاهِدٌ ...} [الأَحْقَافُ: 10]، الآيَةَ
(1) .
وَفِي الصَّحِيْحِ نَحْوُهُ مِنْ حَدِيْثِ أَنَسِ بنِ
مَالِكٍ، وَهُوَ عَبْدُ اللهِ -يَعْنِي: ابْنَ سَلاَمٍ-.
85 - زَيْدُ بنُ ثَابِتِ بنِ الضَّحَّاكِ بنِ زَيْدٍ
الخَزْرَجِيُّ * (ع)
ابْنِ لُوْذَانَ بنِ عَمْرِو بنِ عَبْدِ عَوْفٍ بنِ غَنْمِ
بنِ مَالِكِ بنِ النَّجَّارِ بنِ ثَعْلَبَةَ.
الإِمَامُ الكَبِيْرُ، شَيْخُ المُقْرِئِيْنَ
وَالفَرَضِيِّيْنَ (2) ، مُفْتِي المَدِيْنَةِ، أَبُو
__________
(1) أخرجه الحاكم في " المستدرك " 3 / 415، 416، وصححه،
ووافقه الذهبي.
ورواية أنس أخرجها البخاري 7 / 195، 198 في الهجرة.
وقد تقدمت في الصفحة 416، التعليق رقم (1) فانظره.
(*) مسند أحمد: 5 / 181، طبقات ابن سعد: 2 / 358، طبقات
خليفة: 89، تاريخ خليفة: 99، 207، 223، التاريخ الكبير: 3
/ 381 380، المعارف: 260، 355، 447، تاريخ الفسوي: 1 /
300، 483، أخبار القضاة: 1 / 197، الجرح والتعديل: 3 /
558، معجم الطبراني الكبير: 5 / 111، المستدرك: 3 / 421
و423، الاستبصار: 71 73، الاستيعاب: 2 / 537، ابن عساكر: 6
/ 278 / 1، أسد الغابة: 2 / 278، تهذيب الكمال: 452، تاريخ
الإسلام: 2 / 123، العبر: 1 / 53 معرفة القراء: 35، مجمع
الزوائد: 9 / 345، طبقات القراء 1 / 296، تهذيب التهذيب 3
/ 399 الإصابة: 4 / 41، خلاصة تذهيب الكمال: 127، كنز
العمال: 13 / 393، شذرات الذهب: 1 / 54 و62.
(2) القرضي: هو الذي يعرف الفرائض، وهو العلم بقسمة
المواريث، ونعته المؤلف بذلك
لقوله صلى الله عليه وسلم: " أفرض أمتي زيد بن ثابت "
وسيذكره المؤلف في ترجمته.
(2/426)
سَعِيْدٍ، وَأَبُو خَارِجَةَ
الخَزْرَجِيُّ، النَّجَّارِيُّ، الأَنْصَارِيُّ، كَاتِبُ
الوَحْيِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-.
حَدَّثَ عَنِ: النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- وَعَنْ صَاحِبَيْهِ، وَقَرَأَ عَلَيْهِ
القُرْآنَ بَعْضَهُ أَوْ كُلَّهُ، وَمَنَاقِبُهُ جَمَّةٌ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو هُرَيْرَةَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ -
وَقَرَآ عَلَيْهِ - وَابْنُ عُمَرَ، وَأَبُو سَعِيْدٍ
الخُدْرِيُّ، وَأَنَسُ بنُ مَالِكٍ، وَسَهْلُ بنُ سَعْدٍ،
وَأَبُو أُمَامَةَ بنُ سَهْلٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ
يَزِيْدَ الخَطْمِيُّ، وَمَرْوَانُ بنُ الحَكَمِ،
وَسَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ، وَقَبِيْصَةُ بنُ ذُؤَيْبٍ،
وَابْنَاهُ؛ الفَقِيْهُ خَارِجَةُ، وَسُلَيْمَانُ،
وَأَبَانُ بنُ عُثْمَانَ، وَعَطَاءُ بنُ يَسَارٍ،
وَأَخُوْهُ؛ سُلَيْمَانُ بنُ يَسَارٍ، وَعُبَيْدُ بنُ
السَّبَّاقِ، وَالقَاسِمُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَعُرْوَةُ،
وَحُجْرُ المَدَرِيُّ (1) ، وَطَاوُوْسٌ، وَبُسْرُ بنُ
سَعِيْدٍ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَتَلاَ عَلَيْهِ: ابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَبُو عَبْدِ
الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ.
وَكَانَ مِنْ حَمَلَةِ الحُجَّةِ، وَكَانَ عُمَرُ بنُ
الخَطَّابِ يَسْتَخْلِفُهُ إِذَا حَجَّ عَلَى
المَدِيْنَةِ.
وَهُوَ الَّذِي تَوَلَّى قِسْمَةَ الغَنَائِمِ يَوْمَ
اليَرْمُوْكِ.
وَقَدْ قُتِلَ أَبُوْهُ قَبْلَ الهِجْرَةِ يَوْمَ بُعَاثٍ
(2) ، فَرُبِّيَ زَيْدٌ يَتِيْماً.
وَكَانَ أَحَدَ الأَذْكِيَاءِ، فَلَمَّا هَاجَرَ
النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَسْلَمَ
__________
(1) نسبة إلى مدركجبل: بلد باليمن، وقد سقط من المطبوع: "
عروة وحجر المدري ".
(2) هو موضع على ليلتين من المدينة المنورة، وفيه كانت
الوقيعة واليوم المنسوب إليه بين الاوس والخررج.
وأخرج البخاري 7 / 85 في أول مناقب الانصار، من طريق عبيد
بن إسماعيل، حدثنا أبو أسامة، عن هشام بن عروة، عن أبيه،
عن عائشة رضي الله عنها قالت:
كان يوم بعاث يوما قدمه الله لرسوله صلى الله عليه وسلم،
فقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد افترق ملؤهم، وقتلت
سرواتهم، وجرحوا، فقدمه الله لرسوله صلى الله عليه وسلم في
دخولهم للاسلام.
(2/427)
زَيْدٌ، وَهُوَ ابْنُ إِحْدَى عَشْرَةَ
سَنَةً، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- أَنْ يَتَعَلَّمَ خَطَّ اليَهُوْدِ، لِيَقْرَأَ
لَهُ كُتُبَهُمْ، قَالَ: (فَإِنِّي لاَ آمَنُهُمْ).
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: وَلَدَ زَيْدُ بنُ ثَابِتٍ:
سَعِيْداً، وَبِهِ كَانَ يُكْنَى، وَأُمُّهُ: أُمُّ
جَمِيْلٍ.
وَوُلِدَ لِزَيْدٍ: خَارِجَةُ، وَسُلَيْمَانُ، وَيَحْيَى،
وَعُمَارَةُ، وَإِسْمَاعِيْلُ، وَأَسَعْدُ، وَعُبَادَةُ،
وَإِسْحَاقُ، وَحَسَنَةُ، وَعَمْرَةُ، وَأُمُّ إِسْحَاقَ،
وَأُمُّ كُلْثُوْمٍ، وَأُمُّ هَؤُلاَءِ: أُمُّ سَعْدٍ
ابْنَةُ سَعْدِ بنِ الرَّبِيْعِ، أَحَدُ البَدْرِيِّيْنَ.
وَوُلِدَ لَهُ: إِبْرَاهِيْمُ، وَمُحَمَّدٌ، وَعَبْدُ
الرَّحْمَنِ، وَأُمُّ حَسَنٍ، مِنْ: عَمْرَةَ بِنْتِ
مُعَاذِ بنِ أَنَسٍ.
وَوُلِدَ لَهُ: زَيْدٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَعُبَيْدُ
اللهِ، وَأُمُّ كُلْثُوْمٍ، لأُمِّ وَلَدٍ.
وَسَلِيْطٌ، وَعِمْرَانُ، وَالحَارِثُ، وَثَابِتٌ،
وَصَفِيَّةُ، وَقَرِيْبَةُ، وَأُمُّ مُحَمَّدٍ، لأُمِّ
وَلَدٍ.
قَالَ البُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، وَالنَّسَائِيُّ: زَيْدٌ
يُكْنَى أَبَا سَعِيْدٍ.
وَيقَالُ: أَبُو خَارِجَةَ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ المُقَدَّمِيُّ: لَهُ
كُنْيَتَانِ.
رَوَى: خَارِجَةُ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
قَدِمَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ -
المَدِيْنَةَ وَأَنَا ابْنُ إِحْدَى عَشْرَةَ سَنَةً،
وَأَمَرَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- أَنْ يَتَعَلَّمَ كِتَابَةَ يَهُوْدٍ.
قَالَ: وَكُنْتُ أَكْتُبُ، فَأَقْرَأُ إِذَا كَتَبُوا
إِلَيْهِ.
ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ: عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ خَارِجَةَ،
عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
أُتِيَ بِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- مَقْدَمُهُ المَدِيْنَةَ، فَقَالُوا:
يَا رَسُوْلَ اللهِ! هَذَا غُلاَمٌ مِنْ بَنِي
النَّجَّارِ، وَقَدْ قَرَأَ مِمَّا أُنْزِلَ عَلَيْكَ
سَبْعَ عَشْرَةَ سُوْرَةً.
فَقَرَأْتُ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- فَأَعْجَبَهُ ذَلِكَ، وَقَالَ: (يَا زَيْدُ!
تَعَلَّمْ لِي كِتَابَ يَهُوْدٍ، فَإِنِّي -وَاللهِ- مَا
آمَنُهُمْ عَلَى
(2/428)
كِتَابِي).
قَالَ: فَتَعَلَّمْتُهُ، فَمَا مَضَى لِي نِصْفُ شَهْرٍ
حَتَّى حَذَقْتُهُ، وَكُنْتُ أَكْتُبُ لِرَسُوْلِ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا كَتَبَ
إِلَيْهِمْ (1) .
الأَعْمَشُ: عَنْ ثَابِتِ بنِ عُبَيْدٍ، قَالَ زَيْدٌ:
قَالَ لِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-: (أَتُحْسِنُ السُّرْيَانِيَّةَ؟).
قُلْتُ: لاَ.
قَالَ: (فَتَعَلَّمْهَا).
فَتَعَلَّمْتُهَا فِي سَبْعَةَ عَشَرَ يَوْماً (2) .
الوَلِيْدُ بنُ أَبِي الوَلِيْدِ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ
بنُ خَارِجَةَ بنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ،
قَالَ:
كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الوَحْيُ، بَعَثَ إِلَيَّ،
فَكَتَبْتُهُ (3) .
يَرْوِيْهِ: اللَّيْثُ، عَنْهُ.
أَبُو إِسْحَاقَ: عَنِ البَرَاءِ:
قَالَ لِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-: (ادْعُ لِي زَيْداً، وَقُلْ
__________
(1) إسناده حسن من أجل عبد الرحمن بن أبي الزناد، وعلقه
البخاري في " صحيحه " 13 / 161 في الاحكام: باب ترجمة
الحكام وهل يجوز ترجمان واحد، ووصله ابن سعد 2 / 358، 359،
والبخاري في " التاريخ الكبير " 3 / 380، 381، وأبو داود
(3645)، والترمذي (2716)، وأحمد 5 / 186، والطبراني (4856)
و(4857)، كلهم من طريق عبد الرحمن ابن أبي الزناد بهذا
الإسناد، وصححه الحاكم 1 / 75.
(2) إسناده صحيح.
أخرجه أحمد 5 / 182، والفسوي 1 / 483، 484، والحاكم 3 /
422، والطبراني (4928) من طريق جرير، وأخرجه ابن سعد 2 /
358، والطبراني (4927) من طريق يحيى بن عيسى الرملي،
كلاهما عن الأعمش بهذا الإسناد.
(3) أخرجه الطبراني (4882) من طريق عبد الله بن صالح، عن
الليث بهذا الإسناد.
وإسناده ضعيف لضعف عبد الله بن صالح، ولين الوليد بن أبي
الوليد، وشيخ سليمان بن خارجة لم يوثقه غير ابن حبان، ومع
ذلك فقد قال الهيثمي في " المجمع " 9 / 17: إسناده حسن.
(2/429)
لَهُ يَجِيْءُ بِالكَتِفِ وَالدَّوَاةِ).
قَالَ: فَقَالَ: اكْتُبْ : {لاَ يَسْتَوِي القَاعِدُوْنَ }
[النِّسَاءُ: 84]...، وَذَكَرَ الحَدِيْثَ (1).
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ، عَنْ
زَيْنَبَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشَّعْرِيَّةِ،
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، عَنْ زَيْنَبَ،
وَعَبْدِ المُعِزِّ الهَرَوِيِّ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بنُ طَاهِرٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو
سَعْدٍ الكَنْجَرُوْذِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ
الحَاكِمُ، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ،
حَدَّثَنَا عَلِيٌّ - هُوَ ابْنُ الجَعْدِ - أَخْبَرَنَا
ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ شُرَحْبِيْلَ -يَعْنِي: ابْنَ
سَعْدٍ- قَالَ:
كُنْتُ مَعَ زَيْدِ بنِ ثَابِتٍ بِالأَسْوَافِ (2) ،
فَأَجِدُ طَيْراً، فَدَخَلَ زَيْدٌ.
قَالَ: فَدَفَعُوا فِي يَدِيَّ، وَفَرُّوا، فَأَخَذَ
الطَّيْرَ، فَأَرْسَلَهُ، ثُمَّ ضَرَبَ فِي قَفَايَ،
وَقَالَ:
لاَ أُمَّ لَكَ، أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَرَّمَ مَا بَيْنَ
لاَبَتَيْهَا (3).
__________
(1) وتمامه: (من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله) وخلف
النبي صلى الله عليه وسلم ابن أم مكتوم.
فقال: يا رسول الله، أنا ضرير، فنزلت مكانها: (لا يستوي
القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل
الله) .
أخرجه البخاري 8 / 196 و9 / 19.
(2) الاسواف بالفاء وقد تصحف في المطبوع إلى " الاسواق ":
موضع ببعض أطراف المدينة بين الحرتين.
وفي " الموطأ " 3 / 87 عن رجل، قال: دخل علي زيد بن ثابت
وأنا بالاسواف، قد اصطدت نهسا (طائر يشبه الصرد)، فأخذه من
يدي، وأرسله.
(3) أخرجه أحمد 5 / 181 و192، والطبراني (4910) والبيهقي 5
/ 199، وشرحبيل بن سعد: نقل المؤلف في " ميزانه " تضعيفه
عن ابن معين ومالك وأبي زرعة والدارقطني والنسائي
وابن عدي.
وقال ابن سعد: بقي حتى اختلط واحتاج، ليس يحتج به.
لكن الحديث يتقوى بما رواه مالك 2 / 889، والبخاري 4 / 77،
ومسلم (1372) من حديث أبي هريرة مرفوعا: " ما بين لابتيها
حرام "، ولمسلم (1363) من حديث سعد أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال: " إني أحرم ما بين لابتي المدينة أن يقطع
عضاهها، أو يقتل صيدها ".
واللابة: هي الحرة.
والمدينة المنورة بين حرتين شرقية وغربية تكتنفانها،
والحرة: هي الأرض ذات الحجارة السوداء، كأنها أحرقت
بالنار.
ومعنى ذلك: اللابتان وما بينهما.
وانظر في حكم حرم المدينة، واختلاف العلماء في ذلك، " شرح
النسة " 7 / 307، 313.
(2/430)
شُرَحْبِيْلُ: فِيْهِ لِيْنٌ مَا.
وَقَالَ عُبَيْدُ بنُ السَّبَّاقِ: حَدَّثَنِي زَيْدٌ
أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَالَ لَهُ:
إِنَّكَ رَجُلٌ شَابٌّ عَاقِلٌ لاَ نَتَّهِمُكَ، قَدْ
كُنْتَ تَكْتُبَ الوَحْيَ لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَتَتَبَّعِ القُرْآنَ،
فَاجْمَعْهُ.
فَقُلْتُ: كَيْفَ تَفْعَلُوْنَ شَيْئاً لَمْ يَفْعَلْهُ
رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
قَالَ: هُوَ -وَاللهِ- خَيْرٌ.
فَلَمْ يَزَلْ أَبُو بَكْرٍ يُرَاجِعُنِي حَتَّى شَرَحَ
اللهُ صَدْرِي لِلَّذِي شَرَحَ لَهُ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ
وَعُمَرَ، فَكُنْتُ أَتَتَبَّعُ القُرْآنَ، أَجْمَعُهُ
مِنَ الرِّقَاعِ، وَالأَكْتَافِ، وَالعُسُبِ، وَصُدُوْرِ
الرِّجَالِ (1) .
قَالَ أَنَسٌ: جَمَعَ القُرْآنَ عَلَى عَهْدِ رَسُوْلِ
اللهِ أَرْبَعَةٌ، كُلُّهُمْ مِنَ الأَنْصَارِ: أُبَيٌّ،
وَمُعَاذٌ، وَزَيْدُ بنُ ثَابِتٍ، وَأَبُو زَيْدٍ (2).
خَالِدٌ الحَذَّاءُ: عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ، عَنْ أَنَسٍ:
عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
(أَفْرَضُ أُمَّتِي: زَيْدُ بنُ ثَابِتٍ (3)).
وَجَاءَ نَحْوُهُ مِنْ حَدِيْثِ ابْنِ عُمَرَ.
__________
(1) أخرجه البخاري 9 / 8، 11 في فضائل القرآن: باب جمع
القرآن، وأحمد 5 / 188، 189 والفسوي 1 / 485، والطبراني
(4901)، وابن أبي داود في " المصاحف ": 6، 9.
والعسب جمع عسيب: وهو جريد النخل إذا نحي عنه خوصه.
وكانوا يكتبون في تلك الاشياء، لقلة القراطيس عندهم يومئذ.
(2) أخرجه البخاري 9 / 46 في فضائل القرآن: باب القراء من
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، من طريق حفص بن عمر،
عن همام، عن قتادة، عن أنس.
(3) إسناده صحيح، وهو في " الطبقات " 2 / 359 من طريق عفان
بن مسلم، عن وهيب بهذا الإسناد.
(2/431)
مَنْدَلُ بنُ عَلِيٍّ: عَنِ ابْنِ
جُرَيْجٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ كَعْبٍ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-: (أَفْرَضُ أُمَّتِي: زَيْدُ بنُ ثَابِتٍ).
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ (1) : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بنُ
وَكِيْعٍ، حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ،
عَنْ دَاوُدَ العَطَّارِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ،
عَنْ أَنَسٍ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-: (أَرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي: أَبُو
بَكْرٍ...)، الحَدِيْثَ.
وَفِيْهِ: (وَأَفْرَضُهُمْ: زَيْدُ بنُ ثَابِتٍ).
هَذَا غَرِيْبٌ، وَحَدِيْثُ الحَذَّاءِ صَحَّحَهُ
التِّرْمِذِيُّ.
قُلْتُ: بِتَقْدِيرِ صِحَّةِ: (أَفْرَضُهُمْ زَيْدٌ،
وَأَقْرَأُهُمْ أُبَيٌّ) لاَ يَدُلُّ عَلَى تَحَتُّمِ
تَقْلِيْدِهِ فِي الفَرَائِضِ، كَمَا لاَ يَتَعَيَّنُ
تَقْلِيْدُ أُبَيٍّ فِي قِرَاءتِهِ، وَمَا انْفَرَدَ بِهِ.
رَوَى: عَاصِمٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ:
غَلَبَ زَيْدٌ النَّاسَ عَلَى اثْنَتَيْنِ: الفَرَائِضِ،
وَالقُرْآنِ (2) .
وَيُرْوَى عَنْ زَيْدٍ، قَالَ:
أَجَازَنِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- يَوْمَ الخَنْدَقِ، وَكَسَانِي قُبْطِيَّةً
(3).
__________
(1) في سننه برقم (3790)، وهذا الإسناد ضعيف لضعف سفيان بن
وكيع، لكن رواه الترمذي أيضا (3791) من طريق خالد الحذاء،
عن أبي قلابة، عن أنس، وقال: حديث حسن صحيح، وهو كما قال.
وأخرجه الفسوي في " تاريخه " 1 / 479، 480، من طريق سفيان،
عن خالد الحذاء وعاصم، عن أبي قلابة، عن أنس، وصححه ابن
حبان (2218)، والحاكم 3 / 422، ووافقه الذهبي.
ونصه بتمامه: " أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في أمر
الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأقرؤهم لكتاب الله أبي بن
كعب، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ
بن جبل، ولكل أمة أمين، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن
الجراح ".
(2) " تهذيب ابن عساكر ": 5 / 449.
(3) القبطية: ثوب من ثياب مصر رقيقة بيضاء، كأنه منسوب إلى
القبط من أهل مصر، =
(2/432)
وَعَنْهُ، قَالَ: أُجِزْتُ فِي الخَنْدَقِ،
وَكَانَتْ وَقْعَةُ بُعَاثٍ وَأَنَا ابْنُ سِتِّ سِنِيْنَ
(1) .
دَاوُدُ بنُ أَبِي هِنْدٍ: عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ
أَبِي سَعِيْدٍ، قَالَ:
لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُوْلُ اللهِ، قَامَ خُطَبَاءُ
الأَنْصَارِ، فَتَكَلَّمُوا، وَقَالُوا: رَجُلٌ مِنَّا،
وَرَجُلٌ مِنْكُمْ.
فَقَامَ زَيْدُ بنُ ثَابِتٍ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُوْلَ
اللهِ كَانَ منَ المُهَاجِرِيْنَ، وَنَحْنُ أَنْصَارُهُ،
وَإِنَّمَا يَكُوْنُ الإِمَامُ مِنَ المُهَاجِرِيْنَ،
وَنَحْنُ أَنْصَارُهُ.
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: جَزَاكُمُ اللهُ خَيْراً يَا
مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، وَثَبَّتَ قَائِلَكُم، لَو قُلْتُمْ
غَيْرَ هَذَا مَا صَالَحْنَاكُمْ (2) .
هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيْحٌ.
رَوَاهُ: الطَّيَالِسِيُّ فِي (مُسْنَدِهِ)، عَنْ
وُهَيْبٍ، عَنْهُ.
رَوَى: الشَّعْبِيُّ، عَنْ مَسْرُوْقٍ، قَالَ:
كَانَ أَصْحَابُ الفَتْوَى مِنْ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: عُمَرُ، وَعَلِيٌّ،
وَابْنُ مَسْعُوْدٍ، وَزَيْدٌ، وَأُبَيٌّ، وَأَبُو مُوْسَى
(3).
__________
= والحديث أخرجه الطبراني برقم (4743) من طريق يعقوب بن
محمد الزهري، حدثنا إسماعيل ابن قيس، عن أبيه، عن خارجة بن
زيد بن ثابت.
وإسماعيل بن قيس بن سعد بن زيد: نقل في " الميزان " عن
البخاري والدارقطني قولهما فيه: منكر الحديث، وضعفه
النسائي وغيره.
وقال ابن عدي: عامة ما يرويه منكر.
(1) " المستدرك " 3 / 421، و" تهذيب ابن عساكر " 5 / 449
من طريق الواقدي.
وكانت وقعة بعاث قبل هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم
بخمس سنين.
(2) " مسند الطيالسي " 2 / 169.
وأخرجه أحمد 5 / 122، والطبراني برقم (4785)، وأورده
الهيثمي في " المجمع " 6 / 183، وقال: رجاله رجال الصحيح.
(3) " تاريخ الفسوي " 1 / 481، و" تهذيب ابن عساكر " 5 /
449 و" تاريخ دمشق " برقم (1922) لأبي زرعة.
وإسناده صحيح.
سير 2 / 28
(2/433)
مُجَالِدٌ: عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ:
القُضَاةُ أَرْبَعَةٌ: عُمَرُ، وَعَلِيٌّ، وَزَيْدٌ،
وَابْنُ مَسْعُوْدٍ (1) .
وَعَنِ القَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ: كَانَ عُمَرُ
يَسْتَخْلِفُ زَيْداً فِي كُلِّ سَفَرٍ (2) .
وَعَنْ سَالِمٍ: كُنَّا مَعَ ابْنِ عُمَرَ يَوْمَ مَاتَ
زَيْدُ بنُ ثَابِتٍ، فَقُلْتُ: مَاتَ عَالِمُ النَّاسِ
اليَوْمَ.
فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: يَرْحَمُهُ اللهُ، فَقَدْ كَانَ
عَالِمَ النَّاسِ فِي خِلاَفَةِ عُمَرَ وَحَبْرَهَا،
فَرَّقَهُم عُمَرُ فِي البُلْدَانِ، وَنَهَاهُمْ أَنْ
يُفْتُوا بِرَأْيِهِمْ، وَحَبَسَ زَيْدَ بنَ ثَابِتٍ
بِالمَدِيْنَةِ، يُفْتِي أَهْلَهَا (3) .
وَعَنْ سُلَيْمَانَ بنِ يَسَارٍ، قَالَ:
مَا كَانَ عُمَرُ، وَعُثْمَانُ يُقَدِّمَانِ عَلَى زَيْدٍ
أَحَداً فِي الفَرَائِضِ، وَالفَتْوَى، وَالقِرَاءةِ،
وَالقَضَاءِ (4) .
وَعَنْ يَعْقُوْبَ بنِ عُتْبَةَ: أَنَّ عُمَرَ اسْتَخْلَفَ
زَيْداً، وَكَتَبَ إِلَيْهِ مِنَ الشَّامِ:
إِلَى زَيْدِ بنِ ثَابِتٍ مِنْ عُمَرَ.
قَالَ خَارِجَةُ بنُ زَيْدٍ: كَانَ عُمَرُ يَسْتَخْلِفُ
أَبِي، فَقَلَّمَا رَجَعَ إِلاَّ أَقْطَعَهُ حَدِيْقَةً
مِنْ نَخْلٍ (5).
__________
(1) " تهذيب ابن عساكر ": 5 / 450.
(2) " تهذيب ابن عساكر " 5 / 450، وفي " طبقات ابن سعد " 2
/ 359، من طريق عفان بن مسلم، عن عبد الواحد بن زياد، عن
الحجاج بن أرطاة، عن نافع، قال: استعمل عمر بن الخطاب زيد
بن ثابت على القضاء، وفرض له رزقا.
(3) أخرجه ابن سعد 2 / 359 من طريق الواقدي.
(4) ابن سعد 2 / 359 من طريق الواقدي، و" تهذيب ابن عساكر
" 5 / 450.
(5) أخرجه وكيع في " أخبار القضاة " 1 / 108 من طريق محمد
بن إسحاق الصغاني، عن الهيثم بن خارجة، عن عبد الرحمن بن
أبي الزناد، عن أبيه، عن خارجة بن زيد، قال: كان عمر بن
الخطاب كثيرا ما يستخلف زيد بن ثابت إذا خرج إلى شيء من
الاسفار، وقلما رجع من سفر إلا أقطع زيد بن ثابت حديقة من
نخل.
ورجاله ثقات.
وهو في " تهذيب ابن عساكر " 5 / 450.
(2/434)
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ بنُ
عُثْمَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ:
قَالَ ثَعْلَبَةُ بنُ أَبِي مَالِكٍ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ
يَقُوْلُ: مَنْ يَعْذِرُنِي مِنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ؟ غَضِبَ
إِذْ لَمْ أُوَلِّهِ نَسْخَ المَصَاحِفِ، هَلاَّ غَضِبَ
عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ إِذْ عَزَلاَهُ عَنْ ذَلِكَ،
وَوَلَّيَا زَيْداً، فَاتَّبَعْتُ فِعْلَهُمَا (1) .
مُغِيْرَةُ: عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ:
تَنَازَعَ أُبَيٌّ وَعُمَرُ فِي جَدَادِ نَخْلٍ، فَبَكَى
أُبَيٌّ، ثُمَّ قَالَ: أَفِي سُلْطَانِكَ يَا عُمَرُ؟
قَالَ: اجْعَلْ بَيْنِي وَبَيْنكَ رَجُلاً.
قَالَ أُبَيٌّ: زَيْدٌ.
فَانْطَلَقَا، حَتَّى دَخَلا عَلَيْهِ، فَتَحَاكَمَا
إِلَيْهِ، فَقَالَ: بَيِّنَتُكَ يَا أُبَيُّ.
قَالَ: مَا لِي بَيِّنَةٌ.
قَالَ: فَأَعْفِ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ مِنَ اليَمِيْنِ.
فَقَالَ عُمَرُ: لاَ تُعْفِ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ مِنَ
اليَمِيْنِ إِنْ رَأَيْتَهَا عَلَيْهِ (2) .
وَتَابَعَهُ: سَيَّارٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ.
عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ زِيَادٍ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنْ
نَافِعٍ، قَالَ:
اسْتَعْمَلَ عُمَرُ زَيْداً عَلَى القَضَاءِ، وَفَرَضَ
لَهُ رِزْقاً (3) .
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ
أَبِيْهِ، وَآخَرَ، قَالاَ:
لَمَّا حُصِرَ عُثْمَانُ، أَتَاهُ زَيْدُ بنُ ثَابِتٍ،
فَدَخَلَ عَلَيْهِ الدَّارَ.
فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: أَنْتَ خَارِجَ الدَّارِ أَنْفَعُ
لِي مِنْكَ هَا هُنَا، فَذُبَّ عَنِّي.
فَخَرَجَ، فَكَانَ يَذُبُّ النَّاسَ، وَيَقُوْلُ لَهُمْ
فِيْهِ، حَتَّى رَجَعَ أُنَاسٌ مِنَ الأَنْصَارِ، وَجَعَلَ
يَقُوْلُ:
يَا لَلأَنْصَارِ، كُوْنُوا أَنْصَاراً للهِ مَرَّتَيْنِ،
انْصُرُوْهُ، وَاللهِ إِنَّ دَمَهُ لَحَرَامٌ.
__________
(1) الواقدي متروك، فالخبر لا يصح.
(2) " أخبار القضاة " 1 / 108، 109 لوكيع، و" تهذيب ابن
عساكر " 5 / 450، وجداد النخل: صرامه، وهو قطع ثمرها.
(3) ابن سعد 2 / 359، و" تهذيب ابن عساكر " 5 / 450،
وحجاج: هو ابن أرطاة.
(2/435)
فَجَاءَ أَبُو حَيَّةَ المَازِنِيُّ مَعَ
نَاسٍ مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ: مَا يَصْلُحُ مَعَكَ
أَمْرٌ.
فَكَانَ بَيْنَهُمَا كَلاَمٌ، وَأَخَذَ بِتَلْبِيْبِ
زَيْدٍ هُوَ وَأُنَاسٌ مَعَهُ، فَمَرَّ بِهِ نَاسٌ مِنَ
الأَنْصَارِ، فَلَمَّا رَأَوْهُمْ، أَرْسَلُوْهُ.
وَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُم لأَبِي حَيَّةَ: أَتَصْنَعُ هَذَا
بِرَجُلٍ لَو مَاتَ اللَّيْلَةَ مَا دَرَيْتَ مَا
مِيْرَاثُكَ مِنْ أَبِيْكَ (1) .
قَالَ الزُّهْرِيُّ: لَو هَلَكَ عُثْمَانُ وَزَيْدٌ فِي
بَعْضِ الزَّمَانِ، لَهَلَكَ عِلْمُ الفَرَائِضِ، لَقَدْ
أَتَى عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ وَمَا يَعْلَمُهَا
غَيْرُهُمَا.
أَخْرَجَهُ: الدَّارِمِيُّ (2) .
وَقَالَ جَعْفَرُ بنُ بُرْقَانَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ
يَقُوْلُ:
لَوْلاَ أَنَّ زَيْدَ بنَ ثَابِتٍ كَتَبَ الفَرَائِضَ،
لَرَأَيْتُ أَنَّهَا سَتَذْهَبُ مِنَ النَّاسِ (3) .
وَرَوَى: سَعِيْدُ بنُ عَامِرٍ، عَنْ حُمَيْدِ بنِ
الأَسْوَدِ، قَالَ:
قَالَ مَالِكٌ: كَانَ إِمَامَ النَّاسِ عِنْدَنَا بَعْدَ
عُمَرَ، زَيْدُ بنُ ثَابِتٍ، وَكَانَ إِمَامَ النَّاسِ
عِنْدَنَا بَعْدَ زَيْدٍ، ابْنُ عُمَرَ (4) .
قَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيُّ: النَّاسُ
عَلَى قِرَاءةِ زَيْدٍ، وَعَلَى فَرْضِ زَيْدٍ.
__________
(1) " تهذيب ابن عساكر " 5 / 451، والواقدي متروك.
وقوله: " أخذ بتلبيبه " يقال: لببه: أخذ بتلبيبه وتلابيبه:
إذا جمعت ثيابه عند نحره وصدره ثم جررته، وكذلك إذا جعلت
في عنقه حبلا وثوبا، وأمسكته به.
(2) 2 / 314، من طريق محمد بن عيسى، عن يوسف بن الماجشون،
عن الزهري.
وهو في " تهذيب ابن عساكر ": 5 / 451.
(3) " تاريخ الفسوي " 1 / 486.
(4) " تاريخ الفسوي " 1 / 486 و2 / 265، 266.
(2/436)
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
لَقَدْ عَلِمَ المَحْفُوْظُوْنَ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّ زَيْدَ بنَ
ثَابِتٍ مِنَ الرَّاسِخِيْنَ فِي العِلْمِ (1) .
الأَعْمَشُ: عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْرُوْقٍ، عَنْ عَبْدِ
اللهِ:
أَنَّهُ كَانَ يَقُوْلُ فِي أَخَوَاتٍ لأَبٍ، وُأُمٍّ،
وَإِخْوَةٍ، وَأَخَوَاتٍ لأَبٍ: لِلأَخَوَاتِ لِلأَبِ،
وَالأُمِّ: الثُّلُثَانِ، فَمَا بَقِي: فَلِلذُّكُورِ
دُوْنَ الإِنَاثِ.
فَقَدِمَ مَسْرُوْقٌ المَدِيْنَةَ، فَسَمِعَ قَوْلَ زَيْدٍ
فِيْهَا، فَأَعْجَبَهُ، فَقَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ:
أَتَتْرُكُ قَوْلَ عَبْدِ اللهِ؟
فَقَالَ أَتَيْتُ المَدِيْنَةَ، فَوَجَدْتُ زَيْدَ بنَ
ثَابِتٍ مِنَ الرَّاسِخِيْنَ فِي العِلْمِ، -يَعْنِي:
كَانَ زَيْدٌ يُشَرِّكُ بَيْنَ البَاقِيْنَ (2) -.
مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو: عَنْ أَبِي سَلَمَةَ:
أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَامَ إِلَى زَيْدِ بنِ ثَابِتٍ،
فَأَخَذَ لَهُ بِرِكَابِهِ، فَقَالَ: تَنَحَّ يَا ابْنَ
عَمِّ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-.
فَقَالَ: إِنَّا هَكَذَا نَفْعَلُ بِعُلَمَائِنَا
وَكُبَرَائِنَا (3).
__________
(1) " تهذيب ابن عساكر " 5 / 451 ونسبه الحافظ في "
الإصابة " 4 / 43 إلى البغوي، وقد تحرف " المحفوظون " في
المطبوع إلى " الحافظون "، وأخرج أبو زرعة في " تاريخ دمشق
" برقم (1944)، من طريق أحمد بن عبد الله بن يونس، عن أبي
شهاب الحناط، عن الأعمش، عن أبي الضحى مسلم بن صبيح، عن
مسروق، قال: قدمت المدينة، فوجدت زيد بن ثابت من الراسخين
في العلم.
وإسناده صحيح.
(2) إسناده صحيح، وهو في " التهذيب ابن عساكر " 5 / 451.
وقوله: " يشرك بين الباقين ": أي: يسوي بينهم في القسمة.
(3) إسناده حسن، أخرجه ابن سعد 2 / 360، من طريق محمد بن
عبد الله الأنصاري بهذا الإسناد، وصححه الحاكم 3 / 423،
وأقره الذهبي، وهو في " تهذيب ابن عساكر " 5 / 451، 452.
وأخرجه الطبراني (4746) من طريق علي بن عبد العزيز، عن أبي
نعيم رزين الرماني.
عن الشعبي أن زيد بن ثابت..، وأورده الهيثمي في " المجمع "
9 / 345، وقال: رجاله رجال الصحيح غير رزين الرماني وهو
ثقة.
وأخرجه الحاكم 3 / 428 من طريق ابن جريج، عن عمرو بن
دينار..وأورده الحافظ في " الإصابة " 4 / 42، 43 من طريق
الشعبي، ونسبه ليعقوب الفسوي، وصحح إسناده.
(2/437)
قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: لَمْ
يَكُنْ مِنَ الصَّحَابَةِ أَحَدٌ لَهُ أَصْحَابٌ حَفِظُوا
عَنْهُ، وَقَامُوا بِقَوْلِهِ فِي الفِقْهِ، إِلاَّ
ثَلاَثَةٌ: زَيْدٌ، وَعَبْدُ اللهِ، وَابْنُ عَبَّاسٍ (1)
.
شُعَيْبُ بنُ أَبِي حَمْزَةَ: عَنِ الزُّهْرِيِّ:
بَلَغَنَا أَنَّ زَيْدَ بنَ ثَابِتٍ كَانَ يَقُوْلُ إِذَا
سُئِلَ عَنِ الأَمْرِ: أَكَانَ هَذَا؟
فَإِنْ قَالُوا: نَعَمْ، حَدَّثَ فِيْهِ بِالَّذِي
يَعْلَمُ، وَإِنْ قَالُوا: لَمْ يَكُنْ، قَالَ: فَذَرُوْهُ
حَتَّى يَكُوْنَ (2) .
مُوْسَى بنُ عُلَيِّ بنِ رَبَاحٍ: عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
كَانَ زَيْدُ بنُ ثَابِتٍ إِذَا سَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ
شَيْءٍ، قَالَ: آللهِ كَانَ هَذَا؟
فَإِنْ قَالَ: نَعَمْ، تَكَلَّمَ فِيْهِ، وَإِلاَّ لَمْ
يَتَكَلَّمْ.
الثَّوْرِيُّ: عَنِ ابْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ
الشَّعْبِيِّ:
أَنَّ مَرْوَانَ دَعَا زَيْدَ بنَ ثَابِتٍ، وَأَجْلَسَ
لَهُ قَوْماً خَلْفَ سِتْرٍ، فَأَخَذَ يَسْأَلُهُ وَهُمْ
يَكْتُبُوْنَ.
فَفَطِنَ زَيْدٌ، فَقَالَ: يَا مَرْوَانُ! أَغَدْراً،
إِنَّمَا أَقُوْلُ بِرَأْيِي (3) .
رَوَاهُ: إِبْرَاهِيْمُ بنُ حُمَيْدٍ الرُّؤَاسِيُّ، عَنِ
ابْنِ أَبِي خَالِدٍ، نَحْوَهُ، وَزَادَ: فَمَحَوْهُ.
هِشَامٌ: عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ، قَالَ:
حَجَّ بِنَا أَبُو الوَلِيْدِ، وَنَحْنُ وَلَدُ سِيْرِيْنَ
سَبْعَةٌ، فَمَرَّ بِنَا عَلَى المَدِيْنَةِ،
فَأَدْخَلَنَا عَلَى زَيْدِ بنِ ثَابِتٍ، فَقَالَ:
هَؤُلاَءِ بَنُو سِيْرِيْنَ.
فَقَالَ زَيْدٌ: هَؤُلاَءِ لأُمٍّ، وَهَذَانِ لأُمٍّ،
وَهَذَانِ لأُمٍّ.
قَالَ: فَمَا
__________
(1) " تهذيب ابن عساكر ": 5 / 452.
(2) " تهذيب ابن عساكر " 5 / 452.
(3) أخرجه ابن سعد 2 / 361 من طريقين عن سفيان به.
وأخرجه الطبراني (4871) من طريق أحمد بن شوذب الواسطي،
حدثنا القاسم بن أبي الزناد، عن أخيه، عن أبيه، عن خارجة
ابن زيد بن ثابت أن مروان...
(2/438)
أَخْطَأَ، وَكَانَ مُحَمَّدٌ وَمَعَبْدٌ
وَيَحْيَى لأُمٍّ (1) .
وَرَوَى: الأَعْمَشُ، عَنْ ثَابِتِ بنِ عُبَيْدٍ، قَالَ:
كَانَ زَيْدُ بنُ ثَابِتٍ مِنْ أَفْكَهِ النَّاسِ فِي
أَهْلِهِ، وَأَزْمَتِهِ عِنْدَ القَوْمِ (2) .
هِشَامٌ: عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ، قَالَ:
خَرَجَ زَيْدُ بنُ ثَابِتٍ يُرِيْدُ الجُمُعَةَ،
فَاسْتَقْبَلَ النَّاسَ رَاجِعِيْنَ، فَدَخَلَ دَاراً،
فَقِيْلَ لَهُ، فَقَالَ: إِنَّهُ مَنْ لاَ يَسْتَحْيِي منَ
النَّاسِ لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ اللهِ.
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، قَالَ:
لَمَّا مَاتَ زَيْدُ بنُ ثَابِتٍ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ:
مَاتَ حَبْرُ الأُمَّةِ، وَلَعَلَّ اللهَ أَنْ يَجْعَلَ
فِي ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْهُ خَلَفاً (3) .
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: عَنْ عَمَّارِ بنِ أَبِي عَمَّارٍ،
قَالَ: لَمَّا مَاتَ زَيْدٌ، جَلَسْنَا
__________
(1) أخرجه الفسوي في " تاريخه " 2 / 58 من طريق سليمان بن
حرب، عن حماد بهذا الإسناد، ورجاله ثقات، وهو في " تاريخ
بغداد " 5 / 332، 333 من طريق الفسوي.
وأخرجه ابن سعد في " الطبقات " 7 / 193 من طريق يزيد بن
هارون، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن أنس بن سيرين، قال:
دخل علينا زيد بن ثابت ونحن ستة إخوة فيهم محمد، فقال: إن
شئتم أخبرتكم من أخوكل واحد لامه: هذا وهذا لام، وهذا وهذا
لام، وهذا وهذا لام، فما أخطأ شيئا.
(2) في " تهذيب ابن عساكر " 5 / 453: وقال ثابت بن عبيد:
ما رأيت رجلا كان أفكه في بيته ولا أحلم إذا جلس مع أصحابه
من زيد، وكان عمر بن الخطاب يقول: ينبغي للرجل أن يكون في
أهله مثل الصبي، فإذا التمس ما عنده كان رجلا وقوله: "
وأزمته " أي: من أرزنهم وأوقرهم، والزميت: الحليم الساكن
القليل الكلام.
(3) أخرجه ابن سعد 2 / 362، والطبراني (4750) من طريق
عارم، عن حماد بن زيد، عن يحيى بن سعيد، والحاكم 3 / 427،
428 من طريق سليمان بن حرب، عن حماد بن زيد، عن يحيى بن
سعيد، ورجاله ثقات.
إلا أن يحيى بن سعيد لم يسمع من أبي هريرة.
(2/439)
إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فِي ظِلٍّ، فَقَالَ:
هَكَذَا ذَهَابُ العُلَمَاءِ، دُفِنَ اليَوْمَ عِلْمٌ
كَثِيْرٌ (1) .
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ
أَبِيْهِ، قَالَ:
لَمَّا مَاتَ زَيْدُ بنُ ثَابِتٍ، وَصَلَّى عَلَيْهِ
مَرْوَانُ، وَنَزَلَ نِسَاءُ العَوَالِي (2) ، وَجَاءَ
نِسَاءُ الأَنْصَارِ، فَجَعَلَ خَارِجَةُ يُذَكِّرُهُنَّ
اللهَ: لاَ تَبْكِيْنَ عَلَيْهِ.
فَقُلْنَ: لاَ نَسْمَعُ مِنْكَ، وَلَنَبْكِيَنَّ عَلَيْهِ
ثَلاَثاً، وَغَلَبْنَهُ (3) .
قَالَ الوَاقِدِيُّ: وَأَرْسَلَ مَرْوَانُ بِجُزُرٍ،
فَنُحِرَتْ، وَأَطْعَمُوا النَّاسَ.
وَفِيْهِ يَقُوْلُ حَسَّانُ بنُ ثَابِتٍ:
فَمَنْ لِلْقَوَافِي بَعْدَ حَسَّانَ وَابْنِهُ ... وَمَنْ
لِلْمَثَانِي بَعْدَ زَيْدِ بنِ ثَابِتِ (4)
وَقَالَ جَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ: حَدَّثَنَا قَيْسُ بنُ
سَعْدٍ، عَنْ مَكْحُوْلٍ:
أَنَّ عُبَادَةَ بنَ الصَّامِتِ دَعَا نَبَطِيّاً يُمْسِكُ
دَابَّتَهُ عِنْدَ بَيْتِ المَقْدِسِ، فَأَبَى،
فَضَرَبَهُ، فَشَجَّهُ، فَاسْتَعْدَى عَلَيْهِ عُمَرَ،
فَقَالَ: مَا دَعَاكَ إِلَى مَا صَنَعْتَ بِهَذَا؟
قَالَ: أَمَرْتُهُ، فَأَبَى، وَأَنَا فِي حِدَّةٍ،
فَضَرَبْتُهُ.
فَقَالَ: اجْلِسْ لِلْقِصَاصِ.
فَقَالَ زَيْدُ بنُ ثَابِتٍ: أَتُقِيْدُ لِعَبْدِكَ مِنْ
أَخِيْكَ؟!
فَتَرَكَ عُمَرُ القَوَدَ، وَقَضَى عَلَيْهِ بِالدِّيَةِ
(5).
__________
(1) أخرجه ابن سعد 2 / 361، 362، والحاكم 3 / 428،
والطبراني برقم (4749) والفسوي 2 / 485 من طرق عن حماد بن
سلمة به.
ورجاله ثقات.
(2) العوالي: موضع بينه وبين المدينة أربعة أميال، وأبعدها
من جهة نجد ثمانيه.
(3) " تهذيب ابن عساكر " 5 / 453.
(4) " تهذيب ابن عساكر " 5 / 453.
والمثاني: القرآن، وسمي بذلك، لان القصص تثنى فيه.
(5) رجاله ثقات، وأخرجه البيهقي 8 / 32 من طريق عبد الله
بن وهب، عن جرير، به.
(2/440)
وَمِنْ جَلاَلَةِ زَيْدٍ: أَنَّ
الصِّدِّيْقَ اعْتَمَدَ عَلَيْهِ فِي كِتَابَةِ القُرْآنِ
العَظِيْمِ فِي صُحُفٍ، وَجَمْعِهِ مِنْ أَفْوَاهِ
الرِّجَالِ، وَمِنَ الأَكْتَافِ، وَالرِّقَاعِ،
وَاحْتَفَظُوا بِتِلْكَ الصُّحُفِ مُدَّةً، فَكَانَتْ
عِنْدَ الصِّدِّيْقِ، ثُمَّ تَسَلَّمَهَا الفَارُوْقُ،
ثُمَّ كَانَتْ بَعْدُ عِنْدَ أُمِّ المُؤْمِنِيْنَ
حَفْصَةَ، إِلَى أَنْ نَدَبَ عُثْمَانُ زَيْدَ بنَ
ثَابِتٍ، وَنَفَراً مِنْ قُرَيْشٍ إِلَى كِتَابِ هَذَا
المُصْحَفِ العُثْمَانِيِّ الَّذِي بِهِ الآنَ فِي
الأَرْضِ أَزْيَدُ مِنْ أَلْفَيْ أَلْفِ نُسْخَةٍ، وَلَمْ
يَبْقَ بِأَيْدِي الأُمَّةِ قُرْآنٌ سِوَاهُ - وَللهِ
الحَمْدُ -.
وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي وَفَاةِ زَيْدٍ -رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ- عَلَى أَقْوَالٍ:
فَقَالَ الوَاقِدِيُّ - وَهُوَ إِمَامُ المُؤَرِّخِيْنَ -:
مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ، عَنْ سِتٍّ
وَخَمْسِيْنَ سَنَةً.
وَتَبِعَهُ عَلَى وَفَاتِهِ: يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ،
وَشَبَابٌ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ
وَأَرْبَعِيْنَ.
ثُمَّ قَالَ: وَسَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ أَثْبَتُ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَعَمْرُو بنُ عَلِيٍّ:
سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ.
وَقَالَ المَدَائِنِيُّ، وَالهَيْثَمُ، وَيَحْيَى بنُ
مَعِيْنٍ: سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ.
وَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ: سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ -
فَاللهُ أَعْلَمُ -.
حَفْصٌ: عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ،
قَالَ:
لَمْ أُخَالِفْ عَلِيّاً فِي شَيْءٍ مِنْ قِرَاءتِهِ،
وَكُنْتُ أَجْمَعُ حُرُوفَ عَلِيٍّ، فَأَلْقَى بِهَا
زَيْداً فِي المَوَاسِمِ بِالمَدِيْنَةِ، فَمَا اخْتَلَفَا
إِلاَّ فِي التَّابُوْتِ، كَانَ زَيْدٌ يَقْرَأُ
بِالهَاءِ، وَعَلِيٌّ بِالتَاءِ (1).
__________
(1) حفص: هو ابن سليمان الأسدي أبو عمر البزاز الكوفي،
صاحب عاصم، وهو إمام في القراءة، متروك في الحديث، وفي
الباب عن سويد بن غفلة قال: سمعت علي بن أبي طالب يقول:
اتقوا الله أيها الناس وإياكم والغلو في عثمان وقولكم حراق
المصاحف، فوالله ما حرقها إلا
على ملا منا أصحاب محمد جميعا.
وفيه أن عثمان أرسل إلى زيد بن ثابت وسعيد بن العاص، =
(2/441)
86 - تَمِيْمٌ الدَّارِيُّ أَبُو رُقَيَّةَ
بنُ أَوْسِ بنِ خَارِجَةَ * (م، 4)
صَاحِبُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- أَبُو رُقَيَّةَ تَمِيْمُ بنُ أَوْسِ بنِ
خَارِجَةَ بنِ سَوْدِ بنِ جَذِيْمَةَ (1) اللَّخْمِيُّ،
الفِلَسْطِيْنِيُّ.
وَالدَّارُ: بَطْنٌ مِنْ لَخْمٍ، وَلَخْمٌ: فَخِذٌ مِنْ
يَعْرُبَ بنِ قَحْطَانَ.
وَفَدَ تَمِيْمٌ الدَّارِيُّ سَنَةَ تِسْعٍ، فَأَسْلَمَ،
فَحَدَّثَ عَنْهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- عَلَى المِنْبَرِ بِقِصَّةِ الجَسَّاسَةِ فِي
أَمْرِ الدَّجَّالِ (2).
وَلِتَمِيْمٍ عِدَّةُ أَحَادِيْثَ، وَكَانَ عَابِداً،
تَلاَّءً لِكِتَابِ اللهِ.
__________
= فقال: ليكتب أحدكما ويملي الآخر، فإذا اختلفتم في شيء
فارفعاه إلي، فما اختلفنا في شيء من كتاب الله إلا في حرف
واحد في سورة البقرة، قال سعيد " التابوت " وقال زيد "
التابوه " فرفعناه إلى عثمان، فقال: اكتبوه " التابوت "
قال علي: " ولو وليت الذي ولي عثمان، لصنعت مثل الذي صنع "
ذكره البغوي في " شرح السنة " 4 / 524، 525، ووراه ابن أبي
داود في " المصاحف ": 22، 23، وإسناده صحيح، كما قال
الحافظ في " الفتح " 9 / 16.
وروى الترمذي (3104) حديث جمع القرآن، من طريق الزهري، عن
أنس، وفيه: قال الزهري: فاختلفوا يومئذ في " التابوت " و"
التابوه "، فقال القرشيون: التابوت، وقال زيد: التابوه،
فرفع اختلافهم إلى عثمان، فقال: اكتبوه التابوت، فإنه نزل
بلسان قريش.
(*) مسند أحمد: 4 / 102، طبقات ابن سعد: 7 / 408، التاريخ
لابن معين: 66، طبقات خليفة: 70، 305، تاريخ خليفة: 341،
التاريخ الكبير: 2 / 151 150، المعارف: 102، 168، الجرح
والتعديل: 2 / 440، معجم الطبراني الكبير: 2 / 37،
الاستيعاب: 2 / 58، ابن عساكر: 3 / 264 / 1، أسد الغابة: 1
/ 256، تهذيب الكمال: 171، تاريخ الإسلام: 2 / 188، مجمع
الزوائد: 9 / 392، تهذيب التهذيب: 1 / 511، الإصابة: 1 /
304، خلاصة تذهيب الكمال: 55، تهذيب تاريخ ابن عساكر: 3 /
361 347.
(1) " جمهرة انساب العرب " ص 422، و" الاستيعاب " 2 / 58،
و" أسد الغابة " 1 / 256.
ونقل ابن الأثير عن ابن مندة وأبي نعيم: أنه تميم بن أوس
بن خارجة بن سود بن خزيمة.
(2) وهي الدابة التي راما في جزيرة البحر، وسميت بذلك
لأنها تجس الاخبار للدجال، والفصة أخرجها مسلم (2942) في
الفتن وأشراط الساعة: باب قصة الجساسة، وأحمد 6 / 373،
374، والطبراني.
(2/442)
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ
مَوْهَبٍ عَبْدُ اللهِ، وَأَنَسُ بنُ مَالِكٍ، وَكَثِيْرُ
بنُ مُرَّةَ، وَعَطَاءُ بنُ يَزِيْدَ اللَّيْثِيُّ،
وَزُرَارَةُ بنُ أَوْفَى، وَشَهْرُ بنُ حَوْشَبٍ،
وَآخَرُوْنَ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: لَمْ يَزَلْ بِالمَدِيْنَةِ حَتَّى
تَحَوَّلَ بَعْدَ قَتْلِ عُثْمَانَ إِلَى الشَّامِ (1) .
قَالَ البُخَارِيُّ: هُوَ أَخُو أَبِي هِنْدٍ الدَّارِيِّ
(2) .
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ وَفْدُ الدَّارِيِّيْنَ
عَشْرَةً، فِيْهِم تَمِيْمٌ (3) .
قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قَالَ عِكْرِمَةُ:
لَمَّا أَسْلَمَ تَمِيْمٌ، قَالَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ!
إِنَّ اللهَ مُظْهِرُكَ عَلَى الأَرْضِ كُلِّهَا، فَهَبْ
لِي قَرْيَتِي مِنْ بَيْتِ لَحْمٍ.
قَالَ: (هِيَ لَكَ).
وَكَتَبَ لَهُ بِهَا.
قَالَ: فَجَاءَ تَمِيْمٌ بِالكِتَابِ إِلَى عُمَرَ،
فَقَالَ: أَنَا شَاهِدُ ذَلِكَ، فَأَمْضَاهُ (4) .
وَذَكَرَ اللَّيْثُ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
قَالَ لَهُ: (لَيْسَ لَكَ أَنْ تَبِيْعَ).
قَالَ: فَهِيَ فِي أَيْدِي أَهْلِهِ إِلَى اليَوْمِ (5) .
قَالَ الوَاقِدِيُّ: لَيْسَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَطِيْعَةٌ سِوَى: حَبْرَى، وَبَيْت
عَيْنُوْنَ،
__________
(1) " الطبقات " 7 / 408، 409.
(2) " تاريخ البخاري " 2 / 151، وابن سعد 7 / 422.
(3) ابن سعد 1 / 343، وابن عساكر 3 / 354.
(4) أخرجه أبو عبيد في " الاموال ": 349، من طريق حجاج بن
محمد المصيصي، عن ابن جريج.
وهو منقطع.
(5) أخرجه أبو عبيد: 350 من طريق عبد الله بن صالح كاتب
الليث، عن الليث.
(2/443)
أَقْطَعَهُمَا تَمِيْماً وَأَخَاهُ
نُعَيْماً (1) .
وَفِي (الصَّحِيْحِ) مِنْ حَدِيْثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
خَرَجَ سَهْمِيٌّ مَعَ تَمِيْمٍ الدَّارِيِّ، وَعَدِيِّ
بنِ بَدَّاءَ، فَمَاتَ بِأَرْضِ كُفْرٍ، فَقَدِمَا
بِتَرِكَتِهِ، فَفَقَدُوا جَامّاً مِنْ فِضَّةٍ،
فَأَحْلَفَهُمَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- ثُمَّ وَجَدُوا الجَامَّ بِمَكَّةَ.
فَقِيْلَ: اشْتَرَيْنَاهُ مِنْ تَمِيْمٍ وَعَدِيٍّ.
فَقَامَ رَجُلاَنِ مِنْ أَوْلِيَاءِ السَّهْمِيِّ،
فَحَلَفَا لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا،
وَأَنَّ الجَامَّ لِصَاحِبِهِمْ.
وَفِيْهِم نَزَلَتْ آيَةُ : {شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا
حَضَرَ أَحَدَكُمُ المَوْتُ } [المَائِدَةُ (2) : 110].
قَالَ قَتَادَةُ : {وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الكِتَابِ }
[الرَّعْدُ: 45].
قَالَ: سَلْمَانُ، وَابْنُ سَلاَمٍ، وَتَمِيْمٌ
الدَّارِيُّ (3).
__________
(1) ابن سعد 1 / 267، و7 / 408، و" الاموال ": 349، 350.
وحبرى ويقال لها: حبرون: قال ياقوت: هي القرية التي فيها
قبر سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام بالبيت المقدس.
وقد غلب على اسمها الخليل.
وعينون: من قرى بيت المقدس.
(2) أخرجه البخاري 5 / 308 في الوصايا: باب قول الله
عزوجل: (يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم
الموت) ، والترمذي (3062)، وأبو داود (3606)، واستدل بهذا
الحديث من ذهب إلى جواز شهادة أهل الذمة على وصية المسلم
في السفر خاصة، يروى
ذلك عن أبي موسى الأشعري، وهو قول شريح وإبراهيم النخعي،
وبه قال الاوزاعي والامام أحمد.
انظر " شرح المفردات " ص 333.
(3) أخرجه ابن جرير 13 / 177 من طريق محمد بن عبد الأعلى،
عن محمد بن ثور، عن قتادة.
وقال ابن كثير 2 / 521 بعد أن ذكر قول قتادة وغيره:
والصحيح في هذا أن (ومن عنده) اسم جنس يشمل علماء أهل
الكتاب الذين يجدون صفة محمد صلى الله عليه وسلم ونعته ي
كتبهم المتقدمة من بشارات الأنبياء به، كما قال تعالى:
(ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة
والذين هم بآياتنا يؤمنون الذين يتبعون الرسول النبي الأمي
الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والانجيل) .
وقال تعالى: (أو لم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني
إسرائيل) وأمثال ذلك مما فيه الاخبار عن علماء بني إسرائيل
أنهم يعلمون ذلك من كتبهم المنزلة.
(2/444)
وَرَوَى: قُرَّةُ، عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ،
قَالَ:
جَمَعَ القُرْآنَ عَلَى عَهْدِ رَسُوْلِ اللهِ: أُبَيٌّ،
وَعُثْمَانُ، وَزَيْدٌ، وَتَمِيْمٌ الدَّارِيُّ (1) .
وَرَوَى: أَبُو قِلاَبَةَ، عَنْ أَبِي المُهَلَّبِ: كَانَ
تَمِيْمٌ يَخْتِمُ القُرْآنَ فِي سَبْعٍ (2) .
وَرَوَى: عَاصِمٌ الأَحْوَلُ، عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ: أَنْ
تَمِيْماً الدَّارِيَّ كَانَ يَقْرَأُ القُرْآنَ فِي
رَكْعَةٍ (3) .
وَرَوَى: أَبُو الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوْقٍ، قَالَ لِي
رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ:
هَذَا مُقَامُ أَخِيْكَ تَمِيْمٍ الدَّارِيِّ، صَلَّى
لَيْلَةً حَتَّى أَصْبَحَ، أَوْ كَادَ، يَقْرَأُ آيَةً
يُرَدِّدُهَا، وَيَبْكِي : {أَمْ حَسِبَ الَّذِيْنَ
اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُم كَالذِيْن
آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [الجَاثِيَةُ (4) :
20].
أَبُو نُبَاتَةَ يُوْنُسُ بنُ يَحْيَى: عَنِ المُنْكَدِرِ
بنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيْهِ:
أَنَّ تَمِيْماً الدَّارِيَّ نَامَ لَيْلَةً لَمْ يَقُمْ
يَتَهَجَّدُ، فَقَامَ سَنَةً لَمْ يَنَمْ فِيْهَا
عُقُوْبَةً لِلَّذِي صَنَعَ (5).
__________
(1) أخرجه ابن سعد 2 / 355 من طريق مسلم بن إبراهيم، عن
قرة بن خالد، عن ابن سيرين، ورجاله ثقات.
(2) طبقات ابن سعد 3 / 500 من طريق عفان بن مسلم، أخبرنا
وهيب، أخبرنا أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي المهلب.
وإسناده صحيح.
(3) " تهذيب ابن عساكر " 3 / 359.
(4) رجاله ثقات، أخرجه الطبراني برقم (1250) من طريق أبي
بكر بن أبي شيبة، عن غندر، عن شعبة، عن عمرو بن مرة بهذا
الإسناد.
ونسبه في " الإصابة " 1 / 305 إلى البغوي في " الجعديات ".
(5) " تهذيب ابن عساكر " 3 / 359، ونسبه لابن أبي الدنيا.
(2/445)
سَعِيْدٌ الجُرَيْرِيُّ: عَنْ أَبِي
العَلاَءِ، عَنْ رَجُلٍ، قَالَ:
أَتَيْتُ تَمِيْماً الدَّارِيَّ، فَحَدَّثَنَا، فَقُلْتُ:
كَمْ جُزْؤُكَ؟
قَالَ: لَعَلَّكَ مِنَ الَّذِيْنَ يَقْرَأُ أَحَدُهُمُ
القُرْآنَ، ثُمَّ يُصْبِحُ، فَيَقُوْلُ: قَدْ قَرَأْتُ
القُرْآنَ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ، فَوَالَّذِي نَفْسِي
بِيَدِهِ، لأَنْ أُصَلِّيَ ثَلاَثَ رَكَعَاتٍ نَافِلَةً،
أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَقْرَأَ القُرْآنَ فِي
لَيْلَةٍ، ثُمَّ أُصْبِحَ، فَأُخْبِرَ بِهِ.
فَلَمَّا أَغْضَبَنِي، قُلْتُ: وَاللهِ إِنَّكُمْ -
مَعَاشِرَ صَحَابَةِ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ بَقِيَ مِنْكُمْ - لَجَدِيْرٌ
أَنْ تَسْكُتُوا، فَلاَ تُعَلِّمُوا، وَأَنْ تُعَنِّفُوا
مَنْ سَأَلَكُمْ.
فَلَمَّا رَآنِي قَدْ غَضِبْتُ، لاَنَ، وَقَالَ: أَلاَ
أُحَدِّثُكَ يَا ابْنَ أَخِي، أَرَأَيْتَ إِنْ كُنْتُ
أَنَا مُؤْمِناً قَوِيّاً، وَأَنْتَ مُؤْمِنٌ ضَعِيْفٌ،
فَتَحْمِلُ قُوَّتِي عَلَى ضَعْفِكَ، فَلاَ تَسْتَطِيْعُ،
فَتَنْبَتُّ، أَوْ رَأَيْتَ إِنْ كُنْتَ أَنْتَ مُؤْمِناً
قَوِيّاً، وَأَنَا مُؤْمِنٌ ضَعِيْفٌ، حِيْنَ أَحْمِلُ
قُوَّتَكَ عَلَى ضَعْفِي، فَلاَ أَسْتَطِيْعُ،
فَأَنْبَتُّ، وَلَكِنْ خُذْ مِنْ نَفْسِكَ لِدِيْنِكَ،
وَمِنْ دِيْنِكَ لِنَفْسِكَ، حَتَّى يَسْتَقِيْمَ لَكَ
الأَمْرُ عَلَى عِبَادَةٍ تُطِيْقُهَا (1) .
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: عَنِ الجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي
العَلاَءِ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بنِ حَرْمَلٍ، قَالَ:
قَدِمْتُ المَدِيْنَةَ، فَلَبِثْتُ فِي المَسْجِدِ
ثَلاَثاً، لاَ أَطْعَمُ، فَأَتَيْتُ عُمَرَ، فَقُلْتُ:
تَائِبٌ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرَ عَلَيْهِ.
قَالَ: مَنْ أَنْتَ؟
قُلْتُ: مُعَاوِيَةُ بنُ حَرْمَلٍ.
قَالَ: اذْهَبْ إِلَى خَيْرِ المُؤْمِنِيْنَ، فَانْزِلْ
عَلَيْهِ.
قَالَ: وَكَانَ تَمِيْمٌ الدَّارِيُّ إِذَا صَلَّى ضَرَبَ
بِيَدَيْهِ عَلَى يَمِيْنِهِ وَشِمَالِهِ، فَذَهَبَ
بِرَجُلَيْنِ، فَصَلَّيْتُ إِلَى جَنْبِهِ، فَأَخَذَنِي،
فَأُتِيْنَا بِطَعَامٍ، فَبَيْنَا نَحْنُ ذَاتَ لَيْلَةٍ،
إِذْ خَرَجَتْ نَارٌ بِالحَرَّةِ، فَجَاءَ عُمَرُ إِلَى
تَمِيْمٍ، فَقَالَ: قُمْ إِلَى
__________
(1) " تهذيب ابن عساكر " 3 / 359، وأورده المؤلف في "
تاريخ الإسلام " 2 / 189، 190، والزيادة منه، وقال: رواه
ابن المبارك في " الزهد " عن الجريري.
(2/446)
هَذِهِ النَّارِ.
فَقَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! وَمَنْ أَنَا،
وَمَا أَنَا.
فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى قَامَ مَعَهُ، وَتَبِعْتُهَمَا،
فَانْطَلَقَا إِلَى النَّارِ، فَجَعَلَ تَمِيْمٌ
يَحُوْشُهَا بِيَدِهِ حَتَّى دَخَلَتِ الشِّعْبَ، وَدَخَلَ
تَمِيْمٌ خَلْفَهَا، فَجَعَلَ عُمَرُ يَقُوْلُ: لَيْسَ
مَنْ رَأَى كَمَنْ لَمْ يَرَ - قَالَهَا ثَلاَثاً -.
سَمِعَهَا: عَفَّانُ، مِنْ حَمَّادٍ.
وَابْنُ حَرْمَلٍ: لاَ يُعْرَفُ (1) .
قَتَادَةُ: عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ، وَقَتَادَةُ أَيْضاً،
عَنْ أَنَسٍ:
أَنْ تَمِيْماً الدَّارِيَّ اشْتَرَى رِدَاءً بِأَلْفِ
دِرْهَمٍ يَخْرُجُ فِيْهِ إِلَى الصَّلاَةِ (2) .
وَرَوَى: حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ:
أَنْ تَمِيْماً أَخَذَ حُلَّةً بِأَلْفٍ، يَلْبَسُهَا فِي
اللَّيْلَةِ الَّتِي تُرْجَى فِيْهَا لَيْلَةُ القَدْرِ
(3) .
وَرَوَى: الزُّهْرِيُّ، عَنِ السَّائِبِ بنِ يَزِيْدَ،
قَالَ:
أَوَّلُ مَنْ قَصَّ تَمِيْمٌ الدَّارِيُّ، اسْتَأْذَنَ
عُمَرَ، فَأَذِنَ لَهُ، فَقَصَّ قَائِماً.
أُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ: عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ
بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ:
أَنْ تَمِيْماً اسْتَأْذَنَ عُمَرَ فِي القَصَصِ سِنِيْنَ،
وَيَأْبَى عَلَيْهِ، فَلَمَّا أَكْثَرَ عَلَيْهِ، قَالَ:
مَا تَقُوْلُ؟
قَالَ: أَقْرَأُ عَلَيْهِمُ القُرْآنَ، وَآمُرُهُمْ
بِالخَيْرِ، وَأَنْهَاهُمْ عَنِ الشَّرِّ.
قَالَ عُمَرُ: ذَاكَ الرِّبْحُ، ثُمَّ قَالَ: عِظْ قَبْلَ
أَنْ أَخْرُجَ لِلْجُمُعَةِ.
__________
(1) هذا ما قاله المؤلف هنا وفي " تاريخه " 2 / 189، 190،
أما الحافظ ابن حجر فقد ذكره في " الإصابة " 10 / 35 في
القسم الثالث، فقال: معاويه بن حرمل الحنفي صهر مسيلمة
الكذاب، له إدراك.
وكان مع مسيلمة في الردة، ثم قدم على عمر تائبا، ثم أورد
هذا الخبر من طريق البغوي، عن الجريري.
(2) أخرجه الطبراني (1248) من طريق أبي كريب، عن وكيع، عن
همام، عن قتادة، عن ابن سيرين.
قال الهيثمي في " المجمع " 5 / 135: ورجاله رجال الصحيح.
(3) " تهذيب ابن عساكر ": 3 / 360.
(2/447)
فَكَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ، فَلَمَّا كَانَ
عُثْمَانُ، اسْتَزَادَهُ، فَزَادَهُ يَوْماً آخَرَ (1) .
خَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ: عَنْ بَيَانٍ، عَنْ وَبَرَةَ،
قَالَ:
رَأَى عُمَرُ تَمِيْماً الدَّارِيَّ يُصَلِّي بَعْدَ
العَصْرِ، فَضَرَبَهُ بِدِرَّتِهِ عَلَى رَأْسِهِ.
فَقَالَ لَهُ تَمِيْمٌ: يَا عُمَرَ! تَضْرِبُنِي عَلَى
صَلاَةٍ صَلَّيْتُهَا مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟!
قَالَ: يَا تَمِيْمُ! لَيْسَ كُلُّ النَّاسِ يَعْلَمُ مَا
تَعْلَمُ (2) .
وَأَخْرَجَ: ابْنُ مَاجَه بِإِسْنَادٍ ضَعِيْفٍ، عَنْ
أَبِي سَعِيْدٍ، قَالَ:
أَوَّلُ مَنْ أَسْرَجَ فِي المَسَاجِدِ تَمِيْمٌ
الدَّارِيُّ (3) .
يُقَالُ: وُجِدَ عَلَى بَلاَطَةِ قَبْرِ تَمِيْمٍ
الدَّارِيِّ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ.
وَحَدِيْثُهُ يَبْلُغُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ حَدِيْثاً،
مِنْهَا فِي (صَحِيْحِ مُسْلِمٍ (4)): حَدِيْثٌ وَاحِدٌ.
__________
(1) " تهذيب ابن عساكر ": 3 / 360، وانظر الطبراني (1249)،
وأخرج أبو زرعة في
" تاريخ دمشق " برقم (1915)، من طريق حيوة بن شريح، عن
بقية بن الوليد، عن الزبيدي، عن الزهري، عن السائب بن
يزيد، أنه لم يكن يقص على عهد رسول الله صلى الله عليه
وسلم ولا أبي بكر، وكان أول من قص تميم الداري، استأذن عمر
بن الخطاب أن يقص على الناس قائما، فأذن له عمر، رحمة الله
عليه.
(2) وأخرجه الطبراني (1281) من طريق آخر، وفيه عبد الله بن
صالح كاتب الليث، وهو ضعيف.
(3) أخرجه ابن ماجه (760) في المساجد، وأخرجه الطبراني
(1247) من حديث أبي هريرة.
وفي سنده عندهما خالد بن إياس متفق على ضعفه.
(4) برقم (2942)، وقد تقدم تخريجه ص 442 ت (2).
(2/448)
87 - أَبُو قَتَادَةَ الأَنْصَارِيُّ
السُّلَمِيُّ الحَارِثُ بنُ رِبْعِيٍّ * (ع)
فَارِسُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- شَهِدَ أُحُداً وَالحُدَيْبِيَةَ، وَلَهُ
عِدَّةُ أَحَادِيْثَ.
اسْمُهُ: الحَارِثُ بنُ رِبْعِيٍّ عَلَى الصَّحِيْحِ.
وَقِيْلَ: اسْمُهُ: النُّعْمَانُ.
وَقِيْلَ: عَمْرٌو.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَنَسُ بنُ مَالِكٍ، وَسَعِيْدُ بنُ
المُسَيِّبِ، وَعَطَاءُ بنُ يَسَارٍ، وَعُلَيُّ بنُ
رَبَاحٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ رَبَاحٍ الأَنْصَارِيُّ،
وَعَبْدُ اللهِ بنُ مَعَبْدٍ الزِّمَّانِيُّ، وَعَمْرُو
بنُ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيُّ، وَأَبُو سَلَمَةَ بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ، وَمَعَبْدُ بنُ كَعْبِ بنِ مَالِكٍ،
وَابْنُهُ؛ عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي قَتَادَةَ، وَمَوْلاَهُ
نَافِعٌ، وَآخَرُوْنَ.
رَوَى: إِيَاسُ بنُ سَلَمَةَ بنِ الأَكْوَعِ، عَنْ
أَبِيْهِ:
عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
قَالَ: (خَيْرُ فُرْسَانِنَا: أَبُو قَتَادَةَ، وَخَيْرُ
رَجَّالَتِنَا: سَلَمَةُ بنُ الأَكْوَعِ (1)).
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ
أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ
__________
(*) مسند أحمد: 4 / 383 و5 / 295، طبقات ابن سعد: 6 / 15،
التاريخ لابن معين: 720، تاريخ خليفة: 99، 105، 201، 223،
التاريخ الكبير: 2 / 258 - 259، الجرح والتعديل: 3 / 74،
معج الطبراني الكبير: 3 / 270، المستدرك: 3 / 480،
الاستبصار: 146 - 148، الاستيعاب: 4 / 1731، ابن عساكر: في
باريس 218 / 2، جامع الأصول: 9 / 77 - 78، أسد الغابة: 6 /
250، تهذيب الكمال: 1637، تاريخ الإسلام: 2 / 188، 191،
العبر: 1 / 60، تهذيب التهذيب: 12 / 204 - 205، الإصابة:
11 / 302، خلاصة تذهيب الكمال: 457، كنز العمال: 13 / 617.
(1) أخرجه الطبراني (3270) من طريق أبي الوليد الطيالسي،
عن عكرمة بن عمار بهذا الإسناد، وسنده حسن، وأخرجه أحمد 4
/ 52، 53، ومسلم (1807) في حديث مطول في غزوة ذي قرد من
طرق، عن عكرمة بن عمار به.
سير 2 / 29
(2/449)
أَبِيْهِ: قَالَ أَبُو قَتَادَةَ: إِنِّي
لأَغْسِلُ رَأْسِي، قَدْ غَسَلْتُ أَحَدَ شِقَّيْهِ، إِذْ
سَمِعْتُ فَرَسِي جِرْوَةَ تَصْهُلُ، وَتَبْحَثُ
بِحَافِرِهَا، فَقُلْتُ: هَذِهِ حَرْبٌ قَدْ حَضَرَتْ.
فَقُمْتُ وَلَمْ أَغْسِلْ شِقَّ رَأْسِي الآخَرَ،
فَرَكِبْتُ وَعَلَيَّ بُرْدَةٌ، فَإِذَا رَسُوْلُ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَصِيْحُ: الفَزَعَ!
الفَزَعَ!
قَالَ: فَأُدْرِكُ المِقْدَادَ، فَسَايَرْتُهُ سَاعَةً،
ثُمَّ تَقَدَّمَهُ فَرَسِي، وَكَانَ أَجْوَدَ مِنْ
فَرَسِهِ، وَأَخْبَرَنِي المِقْدَادُ بِقَتْلِ مَسْعَدَةَ
مُحْرِزاً -يَعْنِي: ابْنَ نَضْلَةَ- فَقُلْتُ
لِلمِقْدَادِ: إِمَّا أَنْ أَمُوْتَ، أَوْ أَقْتُلَ
قَاتِلَ مُحْرِزٍ.
فَضَرَبَ فَرَسَهُ، فَلَحِقَهُ أَبُو قَتَادَةَ، فَوَقَفَ
لَهُ مَسْعَدَةُ، فَنَزَلَ أَبُو قَتَادَةَ، فَقَتَلَهُ،
وَجَنَبَ فَرَسَهُ مَعَهُ.
قَالَ: فَلَمَّا مَرَّ النَّاسُ، تَلاحَقُوا، وَنَظَرُوا
إِلَى بُرْدِي، فَعَرَفُوهَا، وَقَالُوا: أَبُو قَتَادَةَ
قُتِلَ.
فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-: (لاَ، وَلَكِنَّهُ قَتِيْلُ أَبِي قَتَادَةَ
عَلَيْهِ بُرْدُهُ، فَخَلُّوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَلَبِهِ
وَفَرَسِهِ).
قَالَ: فَلَمَّا أَدْرَكَنِي، قَالَ: (اللَّهُمَّ بَارِكْ
لَهُ فِي شَعْرِهِ وَبَشَرِهِ، أَفْلَحَ وَجْهُكَ،
قَتَلْتَ مَسْعَدَةَ؟).
قُلْتُ: نَعَمْ.
قَالَ: (فَمَا هَذَا الَّذِي بِوَجْهِكَ؟).
قُلْتُ: سَهْمٌ رُمِيْتُ بِهِ.
قَالَ: (فَادْنُ مِنِّي).
فَبَصَقَ عَلَيْهِ، فَمَا ضَرَبَ عَلَيَّ قَطُّ، وَلاَ
قَاحَ، فَمَاتَ أَبُو قَتَادَةَ وَهُوَ ابْنُ سَبْعِيْنَ
سَنَةً، وَكَأَنَّهُ ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً.
قَالَ: وَأَعْطَانِي فَرَسَ مَسْعَدَةَ وَسِلاحَهُ (1).
__________
(1) الخبر في " مغازي الواقدي " 2 / 544، 545.
وانظر " المعجم الصغير " 2 / 152 للطبراني، و" المستدرك "
3 / 480، و" الاستيعاب " 12 / 89، 90، و" الإصابة " 11 /
303.
(2/450)
مَالِكٌ: عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، عَنْ
عُمَرَ بنِ كَثِيْرٍ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ مَوْلَى أَبِي
قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، قَالَ:
خَرَجْنَا مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- عَامَ حُنَيْنٍ، فَلَمَّا الْتَقَيْنَا،
رَأَيْتُ رَجُلاً قَدْ عَلاَ المُسْلِمِيْنَ،
فَاسْتَدَرْتُ لَهُ مِنْ وَرَائِهِ، فَضَرَبْتُهُ
بِالسَّيْفِ عَلَى حَبْلِ عَاتِقِهِ ضَرْبَةً قَطَعْتُ
مِنْهَا الدِّرْعَ، فَأَقْبَلَ عَلَيَّ، وَضَمَّنِي
ضَمَّةً، وَجَدْتُ مِنْهَا رِيْحَ المَوْتِ، ثُمَّ
أَرْسَلَنِي، وَمَاتَ.
إِلَى أَنْ قَالَ: فَقَالَ رَسُوْل اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَنْ قَتَلَ قَتِيْلاً لَهُ
بَيِّنَةٌ، فَلَهُ سَلَبُهُ).
فَقُمْتُ، فَقُلْتُ: مَنْ يَشْهَدُ لِي، وَقَصَصْتُ
عَلَيْهِ، فَقَالَ رَجُلٌ: صَدَقَ يَا رَسُوْلَ اللهِ،
وَسَلَبُ ذَلِكَ القَتِيْلِ عِنْدِي، فَأَرْضِهِ مِنْهُ.
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لاَ هَا اللهِ، إِذاً لاَ يَعْمِدُ
إِلَى أَسَدٍ مِنْ أُسْدِ اللهِ، يُقَاتِلُ عَنِ اللهِ
وَرَسُوْلِهِ، فَيُعْطِيَكَ سَلَبَهُ.
فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
(صَدَقَ).
فَأَعْطَانِيْهُ، فَبَعَتُ الدِّرْعَ، وَابْتَعْتُ بِهِ
مِخْرَفاً فِي بَنِي سَلِمَةَ، فَإِنَّهُ لأَوَّلُ مَالٍ
تَأَثَّلْتُهُ فِي الإِسْلاَمِ (1) .
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَتْ سَرِيَّةُ أَبِي قَتَادَةَ
إِلَى حِضْرَةَ، وَهِيَ بِنَجْدٍ، سَنَةَ ثَمَانٍ، وَكَانَ
فِي خَمْسَةَ عَشَرَ رَجُلاً، فَغَنِمُوا مَائَتَيْ
بَعِيْرٍ، وَأَلْفَيْ شَاةٍ، وَسَبَوْا سَبْياً، ثُمَّ
سَرِيَّةُ أَبِي قَتَادَةَ إِلَى بَطْنِ إِضَمٍ بَعْدَ
شَهْرٍ (2) .
الدَّرَاوَرْدِيُّ: عَنْ أَسِيْدِ بنِ أَبِي أَسِيْدٍ،
عَنْ أَبِيْهِ:
قُلْتُ لأَبِي قَتَادَةَ: مَالَكَ لاَ تُحَدِّثُ عَنْ
رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَمَا
يُحَدِّثُ عَنْهُ النَّاسُ؟
فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ
__________
(1) هو في " الموطأ " 2 / 10، 12 في الجهاد: باب ما جاء في
السلب والنفل، وأخرجه البخاري 4 / 271 في البيوع و6 / 177
في الجهاد: باب من لم يخمس الاسلاب، و8 / 29، 33 في
المغازي: باب غزوة حنين، و13 / 140، ومسلم (1751)، وأبو
داود (2717)، والترمذي (1562).
وقوله: " على حبل عاتقه ": حسل العاتق: عصبه، والعاتق:
موضع الرداء من المنكب.
المخرف: البستان: سمي بذلك لأنه يخترف منه الثمر، أي:
يجتنى.
وتأثلته: أي اقتنيته وتأصلته، وأثلة كل شيء: أصله.
وقوله: " لا ها الله " أي: لا والله، فالهاء هنا بمنزلة
الواو.
(2) ابن سعد 2 / 133، وإضم: بين مكة واليمامة.
(2/451)
اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- يَقُوْلُ: (مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ، فَلْيُشَهِّدْ
لِجَنْبِهِ مَضْجِعاً مِنَ النَّارِ (1)).
وَجَعَلَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ ذَلِكَ، وَيَمْسَحُ الأَرْضَ
بِيَدِهِ.
سَمِعَهُ قُتَيْبَةُ مِنْهُ.
شُعْبَةُ: عَنْ أَبِي مَسْلَمَةَ (2) ، عَنْ أَبِي
نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ، أَخْبَرَنِي مَنْ هُوَ
خَيْرٌ مِنِّي أَبُو قَتَادَةَ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
قَالَ لِعَمَّارٍ: (تَقْتُلُكَ الفِئَةُ البَاغِيَةُ (3)).
ابْنُ سَعْدٍ: حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيْدِ، حَدَّثَنَا
عِكْرِمَةُ بنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بنُ
عُبَيْدِ بنِ عُمَيْرٍ:
أَنَّ عُمَرَ بَعَثَ أَبَا قَتَادَةَ، فَقَتَلَ مَلِكَ
فَارِسٍ بِيَدِهِ، وَعَلَيْهِ مِنْطَقَةٌ قِيْمَتُهَا
خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفاً، فَنَفَلَهَا إِيَّاهُ عُمَرُ (4)
.
قَالَ خَلِيْفَةُ: اسْتَعْمَلَ عَلِيٌّ عَلَى مَكَّةَ
أَبَا قَتَادَةَ الأَنْصَارِيَّ، ثُمَّ عَزَلَهُ بِقُثَمَ
بنِ العَبَّاسِ (5) .
مَعْمَرٌ: عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَقِيْلٍ:
أَنَّ مُعَاوِيَةَ قَدِمَ المَدِيْنَةَ، فَلَقِيَهُ أَبُو
قَتَادَةَ، فَقَالَ: تَلَقَّانِي النَّاسُ كُلُّهُم
غَيْرَكُمْ يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، فَمَا مَنَعَكُمْ؟
قَالُوا: لَمْ يَكُنْ لَنَا دَوَابٌّ.
قَالَ: فَأَيْنَ النَّوَاضِحُ (6) ؟. قَالَ أَبُو
__________
(1) ذكره السيوطي في " الجامع الصغير "، ونسبه لابن عدي،
وهو حديث متواتر، رواه أكثر من سبعين صحابيا عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم.
انظر تخريجها في " الجامع الصغير ".
(2) اسمه: سعيد بن يزيد بن سلمة الأزدي، ثقة، أخرج حديثه
الستة، وقد تحرف في " المطبوع " إلى " أبي سلمة ".
(3) أخرجه مسلم (2915) في الفتن وأشراط الساعة، وأحمد 5 /
306.
(4) رجاله ثقات.
(5) " تاريخ خليفة ": 201.
(6) النواضح: الابل يستقى عليها. الواحد: ناضح.
(2/452)
قَتَادَةَ: عَقَرْنَاهَا فِي طَلَبِ
أَبِيْكَ يَوْمَ بَدْرٍ، إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لَنَا: (إِنَّكُمْ
سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً).
قَالَ مُعَاوِيَةُ: فَمَا أَمَرَكُمْ؟
قَالَ: أَمَرَنَا أَنْ نَصْبِرَ.
قَالَ: فَاصْبِرُوا (1) .
وَرُوِيَ: أَنَّ عَلِيّاً كَبَّرَ عَلَى أَبِي قَتَادَةَ
سَبْعاً، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ البَيْهَقِيُّ: هَذَا
غَلَطٌ، فَإِنَّ أَبَا قَتَادَةَ تَأَخَّرَ عَنْ عَلِيٍّ
(2) .
وَقَالَ الوَاقِدِيُّ: لَمْ أَرَ بَيْنَ وَلَدِ أَبِي
قَتَادَةَ وَأَهْلِ البَلَدِ عِنْدَنَا اخْتِلاَفٌ أَنَّهُ
تُوُفِّيَ بِالمَدِيْنَةِ.
قَالَ: وَرَوَى أَهْلُ الكُوْفَةِ أَنَّهُ تُوُفِّيَ
بِهَا، وَأَنَّ عَلِيّاً صَلَّى عَلَيْهِ.
قَالَ يَحْيَى بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي قَتَادَةَ،
وَالمَدَائِنِيُّ، وَسَعِيْدُ بنُ عُفَيْرٍ، وَابْنُ
بُكَيْرٍ، وَشَبَابٌ، وَابْنُ نُمَيْرٍ: مَاتَ أَبُو
قَتَادَةَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ.
مَعْمَرٌ: عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ رَبَاحٍ،
عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، قَالَ: كُنَّا مَعَ
__________
(1) أخرجه عبد الرزاق في " المصنف " (19909)، وأخرجه أحمد
5 / 304 من طريق عبد الرزاق مختصرا.
وعبد الله بن محمد: قال الحافظ في " التقريب ": صدوق في
حديثه لين، ويقال: تغير بأخرة.
وقوله: " ستلقون بعدي أثرة " أي: انه يستأثر عليكم فيفضل
غيركم في نصيبه من الفئ.
(2) ذكر ذلك في " السنن الكبرى " 4 / 36، وتعقبه ابن
التركماني، فقال في حديث علي انه صلى على أبي قتادة، فكبر
سبعا: رجلا ثقات، وأخرجه أيضا ابن أبي شيبة في " مصنفه "،
فرواه عن عبد الله بن نمير ووكيع، قالا: حدثنا إسماعيل بن
أبي خالد، عن موسى بن عبد الله بن يزيد أن عليا...وقال أبو
عمر في " الاستيعاب ": روي من وجوه عن موسى بن عبد الله بن
يزيد الأنصاري والشعبي أنهما قالا: صلى علي على أبي قتادة،
فكبر عليه سبعا.
قال الشعبي.
وكان بدريا، وقال: قال الحسن بن عثمان: مات أبو قتادة سنة
أربعنن، وقال الكلاباذي: قال ابن سعد: أخبرنا الهيثم بن
عدي، قال: توفي بالكوفة وعلي بها، وهو صلى عليه، وقد قدمنا
في باب كيفية الجلوس في التشهد الأول والثاني أن هذا القول
هو الصحيح، وأن من قال: توفي سنة أربع وخمسين، فليس بصحيح.
(2/453)
رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، إِذْ تَأَخَّرَ عَنِ
الرَّاحِلَةِ، فَدَعَمْتُهُ بِيَدِي حَتَّى اسْتَيْقَظَ.
فَقَالَ: (اللَّهُمَّ احْفَظْ أَبَا قَتَادَةَ كَمَا
حَفِظَنِي مُنْذُ اللَّيْلَةِ، مَا أُرَانَا إِلاَّ قَدْ
شَقَقْنَا عَلَيْكَ (1)).
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أَبُو قَتَادَةَ بنُ رِبْعِيِّ بنِ
بَلْدَمَةَ بنِ خُنَاسِ بنِ سِنَانِ بنِ عُبَيْدِ بنِ
عَدِيِّ بنِ غَنْمِ بنِ كَعْبِ بنِ سَلَمَةَ.
قَالَ: وَقَدِ اخْتُلِفَ عَلَيْنَا فِي اسْمِهِ، فَقَالَ
ابْنُ إِسْحَاقَ: الحَارِثُ.
وَقَالَ ابْنُ عُمَارَةَ، وَالوَاقِدِيُّ: النُّعْمَانُ.
وَقِيْلَ: عَمْرٌو.
وَلَهُ أَوْلاَدٌ، وَهُم: عَبْدُ اللهِ، وَعَبْدُ
الرَّحْمَنِ، وَثَابِتٌ، وَعُبَيْدٌ، وَأُمُّ البَنِيْنَ،
وَأُمُّ أَبَانَ.
شَهِدَ أُحُداً، وَالخَنْدَقَ.
أَيُّوْبُ: عَنْ مُحَمَّدٍ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
أَرْسَلَ إِلَى أَبِي قَتَادَةَ.
فَقِيْلَ: يَتَرَجَّلُ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهِ.
فَقِيْلَ: يَتَرَجَّلُ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهِ.
فَقِيْلَ: يَتَرَجَّلُ.
فَقَالَ: (احْلِقُوا رَأْسَهُ).
فَجَاءَ، فَقَالَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، دَعْنِي هَذِهِ
المَرَّةَ، فَوَاللهِ لأُعْتِبَنَّكَ (2) ، فَكَانَ
أَوَّلَ مَا لَقِيَ، قَتَلَ رَأْسَ المُشْرِكِيْنَ
مَسْعَدَةَ.
__________
(1) أخرجه الطبراني (3271) من طرى عبد الرزاق، عن معمر
بهذا الإسناد، وسنده صحيح، وأخرجه أحمد 5 / 302 من طريق
محمد بن جعفر، عن شعبة، عن قتادة...، وأخرجه مطولا مسلم
(861) في المساجد: باب قضاء الصلاة الفائتة، من طريق
سليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن عبد الله بن رباح، عن أبي
قتادة.
وقوله: فدعمته: أي: أقمت ميله من النوم، وصرت تحته
كالدعامة للبناء فوقها.
(2) أعتبه: ترك ما يجد عليه من أجله، ورجع إلى ما يرضيه
عنه بعد إسخاطه عليه.
والحديث مرسل.
(2/454)
مَعْنٌ القَزَّازُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بنُ عَمْرٍو، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ سِيْرِيْنَ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
رَأَى أَبَا قَتَادَةَ يُصَلِّي، وَيَتَّقِي شَعْرَهُ،
فَأَرَادَ أَنْ يَجُزَّهُ، فَقَالَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ،
إِنْ تَرَكْتَهُ لأُرْضِيَنَّكَ.
فَتَرَكَهُ، فَأَغَارَ مَسْعَدَةُ الفَزَارِيُّ عَلَى
سَرْحِ أَهْلِ المَدِيْنَةِ، فَرَكِبَ أَبُو قَتَادَةَ،
فَقَتَلَهُ، وَغَشَّاهُ بِبُرْدَتِهِ (1) .
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بنُ عَبْدِ
اللهِ بنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسٍ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
قَالَ: (مَنْ قَتَلَ كَافِراً فَلَهُ سَلَبَهُ).
فَقَالَ أَبُو قَتَادَةَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! إِنِّي
ضَرَبْتُ رَجُلاً عَلَى حَبْلِ عَاتِقِهِ، وَعَلَيْهِ
دِرْعٌ لَهُ، فَأُجْهِضْتُ عَنْهُ.
فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا أَخَذْتُهَا، فَأَرْضِهِ مِنْهَا،
وَأَعْطِنِيْهَا، وَكَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لاَ يُسْأَلُ شَيْئاً إِلاَّ
أَعْطَاهُ، أَوْ سَكَتَ، فَسَكَتَ.
فَقَالَ عُمَرُ: لاَ يُفِيْئُهَا اللهُ عَلَى أَسَدٍ مِنْ
أُسْدِهِ وَيُعْطِيْكَهَا.
فَضَحِكَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- وَقَالَ: (صَدَقَ عُمَرُ (2)).
وَرَوَى: مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، عَنْ عُمَرَ
بنِ كَثِيْرِ بنِ أَفْلَحَ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ مَوْلَى
أَبِي قَتَادَةَ:
أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَامَ حُنَيْنٍ...،
الحَدِيْثَ بِنَحْوٍ مِنْهُ.
وَفِيْهِ: فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لاَ هَا اللهِ، إِذاً لاَ
يَعْمِدُ إِلَى أَسَدٍ مِنْ أُسْدِ اللهِ، فَيُعْطِيَكَ
سَلَبَهُ.
فَأَعْطَانِي الدِّرْعَ، فَبِعْتُهُ.
قَالَ: فَابْتَعْتُ بِهِ مِخْرَفاً، فَإِنَّهُ لأَوَّلُ
مَالٍ تَأَثَّلْتُهُ (3) .
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا أُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ
اللَّيْثِيُّ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ
أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
لَمَّا كَانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ، قَتَلْتُ رَجُلاً، فَجَاءَ
رَجُلٌ،
__________
(1) مرسل كسابقه.
(2) إسناده صحيح، وأخرجه أحمد 3 / 190 و279 من طريق بهز بن
أسد، وعفان، كلاهما عن حماد بن سلمة بهذا الإسناد.
وقوله " أجهضت عنه " أي: غلبت عليه، وأزلت عنه، حتى أخذ
مني.
(3) هو في " الموطأ " 2 / 10، 12 وقد تقدم تخرجيه ص 451 ت
1.
(2/455)
فَنَزَعَ عَنْهُ دِرْعَهُ، فَخَاصَمْتُهُ
إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
فَقَضَى لِي بِهَا، فَبِعْتُهَا بِسَبْعِ أَوَاقِيَّ مِنْ
حَاطِبِ بنِ أَبِي بَلْتَعَةَ.
قَالَ قَتَادَةُ: كَانَ أَبُو قَتَادَةَ يَلْبِسُ الخَزَّ
(1) .
قَالَ الوَاقِدِيُّ: لَمْ أَرَ بَيْنَ وَلَدِ أَبِي
قَتَادَةَ وَأَهْلِ بَلَدِنَا اخْتِلافاً أَنَّ أَبَا
قَتَادَةَ تُوُفِّيَ بِالمَدِيْنَةِ (2) .
ابْنُ نُمَيْرٍ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي
خَالِدٍ، عَنْ مُوْسَى بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ يَزِيْدَ
الخَطْمِيِّ، قَالَ:
صَلَّى عَلِيٌّ عَلَى أَبِي قَتَادَةَ، فَكَبَّرَ عَلَيْهِ
سَبْعاً (3).
88 - عَمْرُو بنُ عَبَسَةَ بنِ خَالِدِ بنِ حُذَيْفَةَ
السُّلَمِيُّ * (م، 4)
الإِمَامُ، الأَمِيْرُ، أَبُو نَجِيْحٍ السُّلَمِيُّ،
البَجَلِيُّ، أَحَدُ السَّابِقِيْنَ، وَمَنْ كَانَ
يُقَالُ: هُوَ رُبُعُ الإِسْلاَمِ.
رَوَى أَحَادِيْثَ.
__________
(1) وروى الطبراني في " الكبير " (3273) من طريق معاذ بن
هشام، عن أبيه، عن يونس، عن عمار بن أبي عمار قال: رأيت
زيد بن ثابت وابن عباس، وأبا هريرة، وأبا قتادة يلبسون
مطارف الخز.
قال الهيثمي في " المجمع " 5 / 145: ورجاله رجال الصحيح.
(2) " المستدرك " 3 / 480.
(3) رجاله ثقات. وهو في " المصنف " 3 / 304 لابن أبي شيبة
من طريق ابن نمير ووكيع كلاهما عن إسماعيل بن أبي خالد، عن
موسى بن عبد الله بن يزيد...
(*) مسند أحمد: 4 / 111، 384، 385، التاريخ لابن معين:
449، طبقات ابن سعد: 4 / 214، طبقات خليفة: 49، 302،
المعارف: 290، الجرح والتعديل: 6 / 241، المستدرك: 3 /
616، الاستيعاب: 3 / 1192، ابن عساكر: 13 / 283 / 2، جامع
الأصول: 9 / 116، أسد الغابة: 4 / 251، تهذيب الكمال:
1041، تهذيب التهذيب: 8 / 69، الإصابة: 7 / 127، خلاصة
تذهيب الكمال: 291.
(2/456)
رَوَى عَنْهُ: أَبُو أُمَامَةَ
البَاهِلِيُّ، وَسَهْلُ بنُ سَعْدٍ، وَجُبَيْرُ بنُ
نُفَيْرٍ، وَكَثِيْرُ بنُ مُرَّةَ، وَضَمْرَةُ بنُ
حَبِيْبٍ، وَالصُّنَابِحِيُّ، وَعَدِيُّ بنُ أَرْطَاةَ،
وَحَبِيْبُ بنُ عُبَيْدٍ، وَعِدَّةٌ.
وَقِيْلَ: إِنَّ ابْنَ مَسْعُوْدٍ رَوَى عَنْهُ.
وَكَانَ مِنْ أُمَرَاءِ الجَيْشِ يَوْمَ وَقْعَةِ
اليَرْمُوْكِ.
قَالَ عَمْرُو بنُ أَبِي سَلَمَةَ التِّنِّيْسِيُّ:
حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ نَصْرِ بنِ
عَلْقَمَةَ، عَنْ أَخِيْهِ، عَنِ ابْنِ عَائِذٍ، عَنْ
جُبَيْرِ بنِ نُفَيْرٍ، قَالَ:
كَانَ أَبُو ذَرٍّ الغِفَارِيُّ، وَعَمْرُو بنُ عَبَسَةَ،
كِلاَهُمَا يَقُوْلُ: لَقَدْ رَأَيْتُنِي رُبُعَ
الإِسْلاَمِ مَعَ رَسُوْلِ اللهِ، لَمْ يُسْلِمْ قَبْلِي
إِلاَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
وَأَبُو بَكْرٍ، وَبِلاَلٌ، كِلاَهُمَا، حَتَّى لاَ
يُدْرَى مَتَى أَسْلَمَ الآخَرُ (1) .
نَزَلَ عَمْرٌو حِمْصَ بِاتِّفَاقٍ.
وَيُقَالُ: شَهِدَ بَدْراً.
وَمَا تَابَعَ أَحَدٌ عَبْدَ الصَّمَدِ بنَ سَعِيْدٍ،
وَأَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى عَلَى ذَا (2) .
وَبَنُو بَجِيْلَةَ: رَهْطٌ مِنْ سُلَيْمٍ (3).
__________
(1) أخرجه الطبراني برقم (1618)، والحاكم 3 / 341، 342،
وصححه ووافقه الذهبي مع أن صدقة بن عبد الله وهو السمين
ضعفه أحمد وابن معين والبخاري والنسائي ومسلم والدارقطني،
وغيرهم.
وأورده الهيثمي في " المجمع " 9 / 327، وقال: رواه
الطبراني باسنادين أحدهما متصل الإسناد ورجاله ثقات !
وأظنه لا يريد هذا الإسناد، بل الذي سيأتي في الصفحة 459 ت
1، فقد عزاه الحافظ إلى الطبراني كما ستقف عليه.
(2) أي على كونه شهد بدرا، ولفظ الإصابة " 7 / 127: وزعم
أحمد بن محمد بن عيسى البغدادي في ذكر من نزل حمص من
الصحابة عمرو بن عبسة من المهاجرين الأولين شهد بدرا.
كذا قال، وتبعه عبد الصمد بن سعيد...قال ابن عساكر: كذا
قالا، ولم يتابعا على شهوده بدرا.
(3) تحرف في المطبوع إلى " سلم ".
(2/457)
عِكْرِمَةُ بنُ عَمَّارٍ: حَدَّثَنَا
شَدَّادٌ أَبُو عَمَّارٍ، وَيَحْيَى بنُ أَبِي كَثِيْرٍ،
عَنْ أَبِي أُمَامَةَ - وَقَدْ لَقِيَ شَدَّادٌ أَبَا
أُمَامَةَ - قَالَ:
قَالَ عَمْرُو بنُ عَبَسَةَ: قَدِمْتُ مَكَّةَ، فَإِذَا
رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
حِرَاءٌ (1) عَلَيْهِ قَوْمُهُ، فَتَلَطَّفْتُ (2) حَتَّى
دَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ: مَا أَنْتَ؟
قَالَ: (نَبِيٌّ).
قُلْتُ: وَمَا نَبِيٌّ؟
قَالَ: (أَرْسَلَنِي اللهُ).
قُلْتُ: بِمَا أَرْسَلَكَ؟
قَالَ: (بِصِلَةِ الأَرْحَامِ، وَكَسْرِ الأَوْثَانِ،
وَأَنْ يُوَحَّدَ اللهُ).
قُلْتُ: مَنْ مَعَكَ عَلَى هَذَا؟
قَالَ: (حُرٌّ وَعَبْدٌ).
قَالَ: وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَبِلاَلٍ.
فَقُلْتُ: إِنِّي مُتَّبِعُكَ.
قَالَ: (إِنَّكَ لاَ تَسْتَطِيْعُ ذَاكَ يَوْمَكَ هَذَا،
أَلاَ تَرَى حَالِي، فَإِذَا سَمِعْتَ بِي قَدْ ظَهَرْتُ،
فَائْتِنِي).
فَذَهَبْتُ إِلَى أَهْلِي، وَجَعَلْتُ أَتَخَبَّرُ
الأَخْبَارَ حَتَّى قَدِمَ عَلَى أَهْلِ يَثْرِبَ،
فَقَدِمْتُ المَدِيْنَةَ، فَأَتَيْتُهُ...، وَذَكَرَ
الحَدِيْثَ (3).
__________
(1) أي: غضاب، ذووهم وغم قد انتقصهم أمره، وعيل صبرهم به
حتى أثر في أجسامهم من قولهم: حرى الشئ يحري: إذا نقص،
وبعضهم يرويه: جرآء جمع جرئ، من الجراءة وهي الاقدام
والتسلط.
انظر " النهاية " جرأ وحرى.
(2) في الأصل: " فأتطلب " وما أثبته من صحيح مسلم.
(3) وتمامه كما في مسلم (832) في صلاة المسافرين: باب
إسلام عمرو بن عبسة، قال: فذهبت إلى أهلي، وقدم رسول الله
صلى الله عليه وسلم المدينة، وكنت في أهلي، فجعلت أتخبر
الاخبار، وأسأل الناس حين قدم المدينة، حتى قدم علي نفر من
أهل يثرب، من أهل المدينة، فقلت: ما فعل هذا الرجل الذي
قدم المدينة ؟ فقالوا: الناس إليه سراع.
وقد أراد قومه قتله، فلم يستطيعوا ذلك، فقدمت المدينة،
فدخلت عليه، فقلت: يا رسول الله: أتعرفني ؟ قال: " نعم.
أنت الذي لقيتني بمكة ؟ " قال: فقلت بلى.
قلت: يا نبي الله، أخبرني عما علمك اله وأجهله،
أخبرني عن الصلاة، قال: " صل صلاة الصبح، ثم أقصر عن
الصلاة حتى تطلع الشمس حتى ترتفع، فإنها تطلع حين تطلع،
بين قرني الشيطان، وحينئذ يسجد لها الكفار.
ثم صل، فإن الصلاة مشهودة محضورة.
حتى يستقل الظل بالرمح، ثم أقصر عن الصلاة، فإن حينئذ تسجر
جهنم.
فإذا أقبل الفئ فصل، فإن الصلاة مشهودة محضورة.
حتى تصلي العصر، ثم أقصر عن الصلاة حتى تغرب الشمس، فإنها
تغرب بين قرني شيطان.
وحينئذ يسجد لها الكفار " قال: =
(2/458)
أَبُو صَالِحٍ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بنُ
صَالِحٍ، عَنْ سُلَيْمِ بنِ عَامِرٍ، وَضَمْرَةَ بنِ
حَبِيْبٍ، وَآخَرَ، سَمِعُوا أَبَا أُمَامَةَ، سَمِعَ
عَمْرَو بنَ عَبَسَةَ، قَالَ:
أَتَيْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- وَهُوَ نَازِلٌ بِعُكَاظٍ، فَقُلْتُ: مَنْ
مَعَكَ؟
قَالَ: (أَبُو بَكْرٍ وَبِلاَلٌ).
فَأَسْلَمْتُ، فَلَقَدْ رَأَيْتُنِي رُبُعَ الإِسْلاَمِ
(1) .
لَمْ يُؤَرِّخُوا مَوْتَهُ.
حَرِيْزٌ: حَدَّثَنَا سُلَيْمُ بنُ عَامِرٍ، عَنْ عَمْرِو
بنِ عَبَسَةَ، قَالَ:
أَتَيْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- بِعُكَاظٍ، فَقُلْتُ: مَنْ تَبِعَكَ؟
قَالَ: (حُرٌّ وَعَبْدٌ، انْطَلِقْ حَتَّى يُمَكِّنَ اللهُ
لِرَسُوْلِهِ (2)).
مُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ: عَنْ سُلَيْمِ بنِ عَامِرٍ، عَنْ
عَمْرِو بنِ عَبَسَةَ، قَالَ:
أَسْلَمْتُ، فَقَالَ لِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (الْحَقْ بِقَوْمِكَ).
ثُمَّ أَتَيْتُهُ قَبْلَ الفَتْحِ (3).
__________
= فقلت: يا نبي الله، فالوضوء ؟ حدثني عنه.
قال: " ما منكم رجل يقرب وضوءه فيتمضمص ويستنشق، فينتثر،
إلا خرت خطايا وجهه من أطراف لحيته مع الماء.
ثم يغسل يديه إلى المرفقين، إلا خرت خطايا يديه من أنامله
مع الماء.
ثم يمسح رأسه، إلا خرت خطايا رأسه من أطراف شعره مع الماء.
ثم يغسل قدميه إلى الكعبين.
إلا خرت خطايا رجليه من أنامله مع الماء.
فإن هو قام فصلى، فحمد الله، وأثنى عليه، ومجده بالذي هو
له أهل، وفرغ قلبه لله، إلا انصرف من خطيئته كهيئته يوم
ولدته أمه " فحدث عمرو بن عبسة بهذا الحديث أبا أمامة صاحب
رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له أبو أمامة: يا عمرو
بن عبسة: انظر ما تقول ! في مقام واحد يعطى هذا الرجل ؟
فقال عمرو: يا أبا أمامة لقد كبرت سني، ورق عظمي، واقترب
أجلي، وما بي حاجة أن أكذب على الله، ولا على رسول الله،
لو لم أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا مرة، أو
مرتين، أو ثلاثا.
(حتى عد سبع مرات) ما حدثت به أبدا، ولكني سمعته أكثر من
ذلك.
وأخرجه أحمد 4 / 122، وابن سعد 4 / 215، 217.
(1) إسناده حسن، أخرجه ابن سعد من طريق معن بن عيسى بهدا
الإسناد، وأورده الحافظ في " الإصابة " 7 / 128 ونسبه
للطبراني وأبي نعيم في " دلائل النبوة ".
(2) إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد 4 / 385، وابن سعد 4 / 215 من طريقين عن حريز
بن عثمان، وقد تصحف عند ابن سعد إلى " جرير بن عثمان ".
(3) إسناده حسن.
(2/459)
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بنُ
صَفْوَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، عَنْ شَهْرٍ، عَنْ
عَمْرِو بنِ عَبَسَةَ، قَالَ:
رَغِبْتُ عَنْ آلِهَةِ قَوْمِي، فَلَقِيْتُ يَهُوْدِيّاً
مِنْ أَهْلِ تَيْمَاءَ، فَقُلْتُ:
إِنِّي مِمَّنْ يَعْبُدُ الحِجَارَةَ، فَيَتْرُكُ الحَيَّ،
فَيَنْزِلُ الرَّجُلُ، فَيَأْتِي بِأَرْبَعَةِ حِجَارَةٍ،
فَيَنْصُبُ ثَلاَثَةً لِقِدْرِهِ، وَيَجْعَلُ أَحْسَنَهَا
إِلَهاً يَعْبُدُهُ.
فَقَالَ: يَخْرُجُ مِنْ مَكَّةَ رَجُلٌ يَرْغَبُ عَنِ
الأَصْنَامَ، فَإِذَا رَأَيْتَهُ فَاتَّبِعْهُ، فَإِنَّهُ
يَأْتِي بِأَفْضَلِ دِيْنٍ.
إِلَى أَنْ قَالَ: فَأَتَيْتُ مَكَّةَ، فَوَجَدْتُهُ
مُسْتَخْفِياً، وَوَجَدْتُ قُرَيْشاً عَلَيْهِ
أَشِدَّاءَ...، وَذَكَرَ الحَدِيْثَ بِطُوْلِهِ (1) .
لَعَلَّهُ مَاتَ بَعْدَ سَنَةِ سِتِّيْنَ - فَاللهُ
أَعْلَمُ -.
89 - شَدَّادُ بنُ أَوْسِ بنِ ثَابِتِ بنِ المُنْذِرِ بنِ
حَرَامٍ الأَنْصَارِيُّ * (ع)
أَبُو يَعْلَى، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ
الأَنْصَارِيُّ، النَّجَّارِيُّ، الخَزْرَجِيُّ، أَحَدُ
بَنِي مَغَالَةَ، وَهُمْ بَنُو عَمْرِو بنِ مَالِكِ بنِ
النَّجَّارِ.
وَشَدَّادٌ: هُوَ ابْنُ أَخِي حَسَّانِ بنِ ثَابِتٍ،
شَاعِرِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- (2).
__________
(1) هو في " الطبقات " 4 / 217، 218.
(*) مسند أحمد: 4 / 122، طبقات ابن سعد: 7 / 401، طبقات
خليفة: 88، 303، تاريخ خليفة: 227، التاريخ الكبير: 4 /
224، المعارف: 312، تاريخ الفسوي: 1 / 356، 2 / 320، 719،
الجرح والتعديل: 4 / 328، المستدرك: 3 / 506، الاستبصار:
54، حلية الأولياء: 1 / 264، الاستيعاب: 2 / 694، أسد
الغابة: 2 / 507، تهذيب الكمال 574، تاريخ الإسلام: 2 /
291، العبر: 1 / 62، تهذيب التهذيب: 4 / 315، الإصابة: 5 /
52، خلاصة تذهيب الكمال: 164، شذرات الذهب: 1 / 64، تهذيب
ابن عساكر: 6 / 290.
(2) ابن سعد 7 / 401.
(2/460)
مِنْ فُضَلاَءِ الصَّحَابَةِ،
وَعُلَمَائِهِمْ، نَزَلَ بَيْتَ المَقْدِسِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ؛ يَعْلَى، وَأَبُو إِدْرِيْسَ
الخَوْلاَنِيُّ، وَأَبُو أَسْمَاءَ الرَّحَبِيُّ، وَأَبُو
الأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
غَنْمٍ، وَجُبَيْرُ بنُ نُفَيْرٍ، وَكَثِيْرُ بنُ مُرَّةَ،
وَبَشِيْرُ بنُ كَعْبٍ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ بَهْرَامَ: عَنْ شَهْرٍ،
سَمِعَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ غَنْمٍ يَقُوْلُ:
لَمَّا دَخَلْنَا مَسْجِدَ الجَابِيَةِ (1) أَنَا وَأَبُو
الدَّرْدَاءِ، لَقِيَنَا عُبَادَةُ بنُ الصَّامِتِ،
فَأَخَذَ بِشِمَالِهِ يَمِيْنِي، وَبِيَمِيْنِهِ شِمَالَ
أَبِي الدَّرْدَاءِ، فَقَالَ:
إِنْ طَالَ بِكُمَا عُمُرُ أَحَدِكُمَا أَوْ كِلاَكُمَا،
فَيُوْشِكُ (2) أَنْ تَرَيَا الرَّجُلَ مِنْ ثَبَجِ (3)
المُسْلِمِيْنَ قَدْ قَرَأَ القُرْآنَ، أَعَادَهُ،
وَأَبْدَاهُ، وَأَحَلَّ حَلاَلَهُ، وَحَرَّمَ حَرَامَهُ،
وَنَزَلَ عِنْدَ مَنَازِلِهِ، أَوْ قَرَأَ بِهِ عَلَى
لِسَانِ أَحَدٍ لاَ يَحُوْرُ فِيْكُمْ إِلاَّ كَمَا
يَحُوْرُ رَأْسُ الحِمَارِ المَيِّتِ (4).
فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ، إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا
شَدَّادُ بنُ أَوْسٍ، وَعَوْفُ بنُ مَالِكٍ، فَجَلَسَا
إِلَيْنَا، فَقَالَ شَدَّادٌ:
إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ،
لَمَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ فِي الشَّهْوَةِ الخَفِيَّةِ
وَالشِّرْكِ.
فَقَالَ عُبَادَةُ، وَأَبُو الدَّرْدَاءِ: اللَّهُمَّ
غُفْراً، أَوَ لَمْ يَكُنْ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ حَدَّثَنَا: أَنَّ الشَّيْطَانَ
قَدْ يَئِسَ أَنْ يُعْبَدَ فِي جَزِيْرَةِ العَرَبِ،
فَأَمَّا الشَّهْوَةُ الخَفِيَّةُ فَقَدْ عَرَفْنَاهَا،
فَهِيَ شَهَوَاتُ الدُّنْيَا مِنْ نِسَائِهَا
وَشَهَوَاتِهَا، فَمَا هَذَا الشِّرْكُ الَّذِي
تُخَوِّفُنَا بِهِ يَا شَدَّادُ؟
__________
(1) قرية من أعمال دمشق سبق تعريفها في الصفحة 334 ت 2.
(2) في " المسند ": فتوشكان.
(3) الثبج: الوسط
(4) قال ابن الأثير في " النهاية " اي: لا يرجع فيكم بخير
ولا ينتفع بما حفظه من القرآن، كما لا ينتفع بالحمار الميت
صاحبه.
(2/461)
قَالَ: أَرَأَيْتُكُمْ لَو رَأَيْتُمْ
أَحَداً يُصَلِّي لِرَجُلٍ، أَوْ يَصُومُ لَهُ، أَوْ
يَتَصَدَّقُ لَهُ، أَتَرَوْنَ أَنَّهُ قَدْ أَشْرَكَ؟
قَالُوا: نَعَمْ.
قَالَ: فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (مَنْ صَلَّى يُرَائِي؛
فَقَدْ أَشْرَكَ، وَمَنْ صَامَ يُرَائِي؛ فَقَدْ أَشْرَكَ،
وَمَنْ تَصَدَّقَ يُرَائِي؛ فَقَدْ أَشْرَكَ).
فَقَالَ عَوْفٌ: أَوَ لاَ يَعْمَدُ اللهُ إِلَى مَا
ابْتُغِيَ فِيْهِ وَجْهُهُ مِنْ ذَلِكَ العَمَلِ كُلِّهِ،
فَيَقْبَلُ مِنْهُ مَا خَلَصَ لَهُ، وَيَدَعُ مَا أُشْرِكَ
بِهِ فِيْهِ؟
قَالَ شَدَّادٌ: فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ عَنِ اللهِ، قَالَ:
(أَنَا خَيْرُ قَسِيْمٍ، فَمَنْ أَشْرَكَ بِي شَيْئاً،
فَإِنَّ جَسَدَهُ وَعَمَلَهُ، قَلِيْلَهُ وَكَثِيْرَهُ
لِشَرِيْكِهِ الَّذِي أَشْرَكَ بِهِ، أَنَا عَنْهُ غَنِيٌّ
(1)).
شَدَّادٌ: كَنَّاهُ مُسْلِمٌ، وَأَحْمَدُ،
وَالنَّسَائِيُّ: أَبَا يَعْلَى.
ابْنُ جَوْصَاءَ (2) : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ
الوَهَّابِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَمْرِو بنِ مُحَمَّدِ بنِ
شَدَّادِ بنِ أَوْسٍ الأَنْصَارِيِّ، حَدَّثَنَا أَبِي،
حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ:
كُنْيَةُ شَدَّادِ بنِ أَوْسٍ: أَبُو يَعْلَى.
وَكَانَ لَهُ خَمْسَةُ أَوْلاَدٍ، مِنْهُمْ: بِنْتُهُ
خَزْرَجٌ، وَتَزَوَّجَتْ فِي الأَزْدِ، وَكَانَ
أَكْبَرُهُمْ يَعْلَى، ثُمَّ مُحَمَّدٌ، ثُمَّ عَبْدُ
الوَهَّابِ، وَالمُنْذِرُ.
فَمَاتَ شَدَّادٌ، وَخَلَّفَ عَبْدَ الوَهَّابِ،
وَالمُنْذِرَ صَغِيْرَيْنِ، وَأَعْقَبُوا سِوَى يَعْلَى.
__________
(1) إسناده ضعيف لضعف شهر بن حوشب، وهو في " المسند " 4 /
125، 126، و" حلية الأولياء " 1 / 268، 269، وأخرجه
الطبراني مختصرا (7139)، وانظر " المجمع " 10 / 221.
(2) ابن جوصا بالجيم المعجمة، وقد تصحف في المطبوع إلى
خوصا بالخاء: وهو الامام الحافظ النبيل محدث الشام أبو
الحسن أحمد بن عمير بن يوسف بن موسى بن جوصا الدمشقي.
(2/462)
وَنَسَأَ لابْنَتِهِ نَسْلٌ إِلَى سَنَةِ
ثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ.
وَكَانَتِ الرَّجْفَةُ الَّتِي كَانَتْ بِالشَّامِ فِي
هَذِهِ السَّنَةِ، وَكَانَ أَشَدُّهَا بِبَيْتِ
المَقْدِسِ، فَفَنِيَ كَثِيْرٌ مِمَّنْ كَانَ فِيْهَا مِنَ
الأَنْصَارِ وَغَيْرِهِمْ، وَوَقَعَ مَنْزِلُ شَدَّادٍ
عَلَيْهِمْ، وَسَلِمَ مُحَمَّدٌ، وَقَدْ ذَهَبَتْ رِجْلُهُ
تَحْتَ الرَّدْمِ (1) .
وَكَانَتِ النَّعْلُ (2) زَوْجاً، خَلَّفَهَا شَدَّادٌ
عِنْدَ وَلَدِهِ، فَصَارَتْ إِلَى مُحَمَّدِ بنِ شَدَّادٍ،
فَلَمَّا أَنْ رَأَتْ أُخْتُهُ خَزْرَجٌ مَا نَزَلَ بِهِ
وَبِأَهْلِهِ جَاءتْ، فَأَخَذَتْ فَرْدَ النَّعْلَيْنِ،
وَقَالَتْ:
يَا أَخِي، لَيْسَ لَكَ نَسْلٌ، وَقَدْ رُزِقْتُ وَلَداً،
وَهَذِهِ مَكْرُمَةُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُحِبُّ أَنْ تُشْرِكَ فِيْهَا
وَلَدِي.
فَأَخَذَتْهَا مِنْهُ، وَكَانَ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ أَوَانِ
الرَّجْفَةِ، فَمَكَثَتِ النَّعْلُ عِنْدَهَا حَتَّى
أَدْرَكَ أَوْلاَدُهَا، فَلَمَّا جَاءَ المَهْدِيُّ إِلَى
بَيْتِ المَقْدِسِ، أَتَوْهُ بِهَا، وَعَرَّفُوْهُ
نَسَبَهَا مِنْ شَدَّادٍ، فَعَرَفَ ذَلِكَ، وَقَبِلَهُ،
وَأَجَازَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِأَلْفِ دِيْنَارٍ،
وَأَمَرَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِضَيْعَةٍ، وَبَعَثَ
إِلَى مُحَمَّدِ بنِ شَدَّادٍ، فَأُتِيَ بِهِ يُحْمَلُ
لِزَمَانَتِهِ (3) ، فَسَأَلَهُ عَنْ خَبَرِ النَّعْلِ،
فَصَدَّقَ مَقَالَةَ الرَّجُلَيْنِ.
فَقَالَ لَهُ المَهْدِيُّ: ائْتِنِي بِالأُخْرَى.
فَبَكَى، وَنَاشَدَهُ اللهَ، فَرَقَّ لَهُ، وَخَلاَّهَا
عِنْدَهُ.
مُعَانُ بنُ رِفَاعَةَ: عَنْ أَبِي يَزِيْدَ الغَوْثِيِّ،
عَمَّنَ حَدَّثَهُ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ:
إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ فَقِيْهاً، وَإِنَّ فَقِيْهَ هَذِهِ
الأُمَّةِ شَدَّادُ بنُ أَوْسٍ (4) .
لَمْ يَصِحَّ.
__________
(1) " تهذيب ابن عساكر " 6 / 290.
(2) أي: نعل النبي صلى الله عليه وسلم.
(3) " تاريخ الإسلام " 5 / 39، 40، و" تهذيب ابن عساكر " 6
/ 290، 291.
والزمانة: العاهة.
(4) " حلية الأولياء " 1 / 265.
و" تهذيب ابن عساكر " 6 / 291.
(2/463)
وَقَالَ سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ: قَالَ
أَبُو الدَّرْدَاءِ: إِنَّ شَدَّادَ بنَ أَوْسٍ أُوْتِيَ
عِلْماً وَحِلْماً (1) .
وَقَالَ سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ: فَضَلَ شَدَّادُ
بنُ أَوْسٍ الأَنْصَارَ بِخَصْلَتَيْنِ: بِبَيَانٍ إِذَا
نَطَقَ، وَبِكَظْمٍ إِذَا غَضِبَ (2) .
عَنْ شَدَّادٍ أَبِي عَمَّارٍ، عَنْ شَدَّادِ بنِ أَوْسٍ -
وَكَانَ بَدْرِيّاً -...، فَذَكَرَ حَدِيْثاً.
وَقَالَ البُخَارِيُّ: شَدَّادٌ لَهُ صُحْبَةٌ.
قَالَ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ: شَهِدَ بَدْراً، وَلَمْ
يَصِحَّ (3) .
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: نَزَلَ فِلَسْطِيْنَ، وَلَهُ
عَقِبٌ.
مَاتَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ، وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ
وَسَبْعِيْنَ سَنَةً، وَكَانَتْ لَهُ عِبَادَةٌ
وَاجْتِهَادٌ (4) .
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ البَرْقِيِّ: كَانَ أَبُوْهُ أَوْسُ
بنُ ثَابِتٍ بَدْرِيّاً، وَاسْتُشْهِدَ يَوْمَ أُحُدٍ (5)
.
ابْنُ سَعْدٍ: أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ ثَوْرَ بنَ
يَزِيْدَ، عَنْ خَالِدِ بنِ مَعْدَانَ، قَالَ:
لَمْ يَبْقَ بِالشَّامِ أَحَدٌ كَانَ أَوْثَقَ، وَلاَ
أَفْقَهَ، وَلاَ أَرْضَى مِنْ عُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ،
وَشَدَّادِ بنِ أَوْسٍ (6).
__________
(1) " تهذيب ابن عساكر " 6 / 291، وروى ابن أبي خيثمة كما
في " الإصابة 5 / 52 من حديث عبادة بن الصامت قال: شداد بن
أوس من الذين أوتوا العلم والحلم، ومن الناس من أوتي
أحدهما.
(2) " تهذيب ابن عساكر " 6 / 291، ونسبه الحافظ في "
الإصابة " 5 / 52 إلى ابي زرعة.
(3) " التاريخ الكبير " 4 / 224.
(4) " ابن سعد " 7 / 401.
(5) " الإصابة " 5 / 52.
(6) " تهذيب ابن عساكر " 6 / 291، وقد تحرف فيه " معدان "
إلى " سعدان ".
(2/464)
قَالَ المُفَضَّلُ الغَلاَبِيُّ: زُهَّادُ
الأَنْصَارِ ثَلاَثَةٌ: أَبُو الدَّرْدَاءِ، وَعُمَيْرُ
بنُ سَعْدٍ، وَشَدَّادُ بنُ أَوْسٍ.
عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى
بنُ عَبْدِ الأَعْلَى، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ مُطَرِّفِ بنِ
الشِّخِّيْرِ، عَنْ رَجُلٍ أَحْسِبُهُ مِنْ بَنِي
مُجَاشِعٍ، قَالَ:
انْطَلَقْنَا نَؤُمُّ البَيْتَ، فَإِذَا نَحْنُ
بِأَخْبِيَةٍ بَيْنَهَا فُسْطَاطٌ، فَقُلْتُ لِصَاحِبِي:
عَلَيْكَ بِصَاحِبِ الفُسْطَاطِ، فَإِنَّهُ سَيِّدُ
القَوْمِ.
فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَى بَابِ الفُسْطَاطِ،
سَلَّمْنَا، فَرَدَّ السَّلاَمَ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَيْنَا
شَيْخٌ، فَلَمَّا رَأَيْنَاهُ، هِبْنَاهُ مَهَابَةً لَمْ
نَهَبْهَا وَالِداً قَطُّ، وَلاَ سُلْطَاناً.
فَقَالَ: مَا أَنْتُمَا؟
قُلْنَا: فِتْيَةٌ نَؤُمُّ البَيْتَ.
قَالَ: وَأَنَا قَدْ حَدَّثَتْنِي نَفْسِي بِذَلِكَ،
وَسَأَصْحَبُكُمْ.
ثُمَّ نَادَى، فَخَرَجَ إِلَيْهِ مِنْ تِلْكَ الأَخْبِيَةِ
شَبَابٌ، فَجَمَعَهُمْ، ثُمَّ خَطَبَهُمْ، وَقَالَ: إِنِّي
ذَكَرْتُ بَيْتَ رَبِّي، وَلاَ أُرَانِي إِلاَّ زَائِرُهُ.
فَجَعَلُوا يَنْتَحِبُوْنَ عَلَيْهِ بُكَاءً، فَالْتَفَتُّ
إِلَى شَابٍّ مِنْهُم، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا الشَّيْخُ؟
قَالَ: شَدَّادُ بنُ أَوْسٍ، كَانَ أَمِيْراً، فَلَمَّا
أَنْ قُتِلَ عُثْمَانُ، اعْتَزَلَهُمْ.
قَالَ: ثُمَّ دَعَا لَنَا بِسَوِيْقٍ، فَجَعَلَ يَبُسُّ
(1) لَنَا، وَيُطْعِمُنَا، وَيَسْقِيْنَا.
ثُمَّ خَرَجْنَا مَعَهُ، فَلَمَّا عَلَوْنَا فِي الأَرْضِ،
قَالَ لِغُلاَمٍ لَهُ: اصْنَعْ لَنَا طَعَاماً يَقْطَعْ
عَنَّا الجُوْعَ - يُصَغِّرُهُ - كَلِمَةً قَالَهَا،
فَضَحِكْنَا.
فَقَالَ: مَا أُرَانِي إِلاَّ مُفَارِقُكُمَا.
قُلْنَا: رَحِمَكَ اللهُ، إِنَّكَ كُنْتَ لاَ تَكَادُ
تَتَكَلَّمُ بِكَلِمَةٍ، فَلَمَّا تَكَلَّمْتَ لَمْ
نَتَمَالَكْ أَنْ ضَحِكْنَا.
فَقَالَ: أُزَوِّدُكُمَا حَدِيْثاً كَانَ رَسُوْلُ اللهِ
يُعِلِّمُنَا فِي السَّفَرِ وَالحَضَرِ، فَأَمْلَى
عَلَيْنَا، وَكَتَبْنَاهُ: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ
الثَّبَاتَ فِي الأَمْرِ، وَأَسْأَلُكَ عَزِيْمَةَ
الرُّشْدِ، وَأَسْأَلُكَ شُكْرَ نِعْمَتِكَ، وَحُسْنَ
عِبَادَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ يَقِيْناً صَادِقاً، وَقَلْباً
__________
(1) يقال: بس السويق والدقيق وغيرهما يبسه بسا: خلطه بسمن
أو زيت، وهي البسيسة.
سير 2 / 30
(2/465)
سَلِيْماً، وَأَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا
تَعْلَمُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا تَعْلَمُ،
وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا تَعْلَمُ، إِنَّكَ أَنْتَ عَلاَّمُ
الغُيُوبِ (1)).
وَرُوِيَ الدُّعَاءُ بِإِسْنَادٍ آخَرَ.
قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا فَرَجُ بنُ فَضَالَةَ، عَنْ أَسَدِ
بنِ وَدَاعَةَ، عَنْ شَدَّادِ بنِ أَوْسٍ:
أَنَّهُ كَانَ إِذَا دَخَلَ الفِرَاشَ يَتَقَلَّبُ عَلَى
فِرَاشِهِ، لاَ يَأْتِيْهِ النَّوْمُ، فَيَقُوْلُ:
اللَّهُمَّ إِنَّ النَّارَ أَذْهَبَتْ مِنِّي النَّوْمَ.
فَيَقُوْمُ، فَيُصَلِّي حَتَّى يُصْبِحَ. (2)
رَوَاهُ: جَمَاعَةٌ، عَنْ فَرَجٍ، عَنْ أَسَدٍ.
قَالَ سَلاَّمُ بنُ مِسْكِيْنٍ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ:
أَنَّ شَدَّادَ بنَ أَوْسٍ خَطَبَ، فَقَالَ: أَيُّهَا
النَّاسُ! إِنَّ الدُّنْيَا أَجَلٌ حَاضِرٌ، يَأْكُلُ
مِنْهَا البَرُّ وَالفَاجِرُ، وَإِنَّ الآخِرَةَ أَجَلٌ
مُسْتَأْخَرٌ، يَحْكُمُ فِيْهَا مَلِكٌ قَادِرٌ، أَلاَ
وَإِنَّ الخَيْرَ كُلَّهُ بِحَذَافِيْرِهِ فِي الجَنَّةِ،
وَإِنَّ الشَّرَّ كُلَّهُ بِحَذَافِيْرِهِ فِي النَّارِ
(3) .
اتَّفَقُوا عَلَى مَوْتِهِ كَمَا قُلْنَا فِي سَنَةِ
ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ، إِلاَّ مَا يُرْوَى عَنْ بَعْضِ
__________
(1) في سنده مجهولان، وهو في " تهذيب ابن عساكر " 6 / 291،
292.
وأخرج الدعاء منه الترمذي (3407) في الدعوات: باب سؤال
الثبات في الامر من طريق أبي العلاء يزيد بن الشخير عن رجل
من بني حنظلة عن شداد بن أوس، ورواه النسائي 3 / 54 في
السهو: باب الدعاء بعد الذكر، وأحمد 4 / 125 بإسقاط
الواسطة بين ابن الشخير وشداد بن أوس، ففي الأول مجهول،
وفي الثاني انقطاع، فهو ضعيف، وأخرجه أحمد 4 / 123 " من
طريق روح بن عبادة، حدثنا الاوزاعي، عن حسان بن عطية قال:
كان شداد..ورجاله ثقات.
لكنه منقطع بين حسان بن عطية وشداد.
(2) أخرجه أبو نعيم في " الحلية " 1 / 264 من طريق إبراهيم
بن عبد الله، عن محمد بن إسحاق بهذا الإسناد، وفرج بن
فضالة ضعيف، وهو في " أسد الغابة " 2 / 507، و" تهذيب ابن
عساكر " 6 / 293.
(3) " تهذيب ابن عساكر " 6 / 293، وهو في الحلية " 1 / 264
من طريق آخر.
(2/466)
أَهْلِ بَيْتِهِ: أَنَّهُ فِي سَنَةِ
أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ.
خَرَّجُوا لَهُ فِي الكُتُبِ السِّتَّةِ.
وَعَدَدُ أَحَادِيْثِهِ فِي (مُسْنَدِ بَقِيٍّ):
خَمْسُوْنَ حَدِيْثاً، أَعْنِي بِالمُكَرَّرِ.
90 - عُقْبَةُ بن عَامِرٍ الجُهَنِيُّ المِصْرِيُّ * (ع)
الإِمَامُ، المُقْرِئُ، أَبُو عَبْسٍ - وَيُقَالُ: أَبُو
حَمَّادٍ، وَيُقَالُ: أَبُو عَمْرٍو، وَيُقَالُ: أَبُو
عَامِرٍ، وَيُقَالُ: أَبُو الأَسَدِ - المِصْرِيُّ،
صَاحِبُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو الخَيْرِ مَرْثَدٌ اليَزَنِيُّ،
وَجُبَيْرُ بنُ نُفَيْرٍ، وَسَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ،
وَأَبُو إِدْرِيْسَ الخَوْلاَنِيُّ، وَعُلَيُّ بنُ
رَبَاحٍ، وَأَبُو عِمْرَانَ أَسْلَمُ التُّجِيْبِيُّ،
وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ شُمَاسَةَ، وَمِشْرَحُ بنُ
هَاعَانَ، وَأَبُو عُشَّانَةَ حَيُّ بنُ يُؤْمِنَ، وَأَبُو
قَبِيْلٍ المَعَافِرِيُّ، وَسَعِيْدٌ المَقْبُرِيُّ،
وَبَعْجَةُ الجُهَنِيُّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ.
وَكَانَ عَالِماً، مُقْرِئاً، فَصِيْحاً، فَقِيْهاً،
فَرَضِيّاً، شَاعِراً، كَبِيْرَ الشَّأْنِ.
وَهُوَ كَانَ البَرِيْدَ إِلَى عُمَرَ بِفَتْحِ دِمَشْقَ.
وَلَهُ دَارٌ بِخَطِّ بَابِ تُوْمَا (1) .
عُلَيُّ بنُ رَبَاحٍ: عَنْ عُقْبَةَ، قَالَ:
خَرَجْتُ مِنَ الشَّامِ يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَدَخَلْتُ
المَدِيْنَةَ يَوْمَ الجُمُعَةِ، فَقَالَ لِي عُمَرُ: هَلْ
نَزَعْتَ خُفَيَّكَ؟
قُلْتُ: لاَ.
__________
(*) مسند أحمد: 4 / 201 143، التاريخ لابن معين: 409،
طبقات ابن سعد: 4 / 343، 344، طبقات خليفة: 121، 292،
تاريخ خليفة: 197، 225، التاريخ الكبير: 6 / 430، المعارف:
279، الجرح والتعديل: 6 / 313، المستدرك: 3 / 467،
الاستيعاب: 3 / 1073، ابن عساكر: 11 / 348 / 1، أسد
الغابة: 4 / 53، تهذيب الكمال: 947، تاريخ الإسلام: 2 /
306، العبر ك 1 / 62، تهذيب التهذيب: 7 / 242 - 244،
الإصابة: 7 / 21، خلاصة تذهيب الكمال: 269، كنز العمال: 13
/ 495، شذرات الذهب: 1 / 64.
(1) هو أحد أبواب مدينة دمشق من الجانب الشرقي.
(2/467)
قَالَ: أَصَبْتَ السُّنَّةَ (1) .
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: شَهِدَ صِفِّيْنَ مَعَ مُعَاوِيَةَ
(2) .
وَقَالَ ابْنُ يُوْنُسَ: شَهِدَ فَتحَ مِصْرَ، وَاخْتَطَّ
بِهَا، وَوَلِيَ الجُنْدَ بِمِصْرَ لِمُعَاويَةَ، ثُمَّ
عَزَلَهُ بَعْدَ ثَلاَثِ سِنِيْنَ، وَأَغْزَاهُ البَحْرَ،
وَكَانَ يَخْضِبُ بِالسَّوَادِ، وَقَبْرُهُ بِالمُقَطَّمِ.
مَاتَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ.
وَعَنْ عُقْبَةَ، قَالَ: بَايَعْتُ رَسُوْلَ اللهِ عَلَى
الهِجْرَةِ، وَأَقَمْتُ مَعَهُ (3) .
وَقَالَ عُقْبَةُ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُوْلُ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَنَحْنُ فِي
الصُّفَّةِ (4) ، وَكُنْتُ مِنْ أَصْحَابِ الصُّفَّةِ،
وَكَانَ عُقْبَةُ مِنَ الرُّمَاةِ المَذْكُوْرِيْنَ.
وَعَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحُبُلِيِّ: أَنَّ
عُقْبَةَ كَانَ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ صَوْتاً
بِالقُرْآنِ.
فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: اعْرِضْ عَلَيَّ.
فَقَرَأَ، فَبَكَى عُمَرُ.
ابْنُ أَبِي خَالِدٍ: عَنْ قَيْسِ بنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ
عُقْبَةَ بنِ عَامِرٍ: وَكَانَ مِنْ رُفَعَاءِ (5)
أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ.
قُلْتُ: وَلِيَ إِمْرَةَ مِصْرَ، وَكَانَ يَخْضِبُ
بِالسَّوَادِ.
__________
(1) أخرجه البيهقي في " سننه " 2 / 380 من طريق الحاكم عن
أبي العباس محمد بن يعقوب، عن بحر بن نصر بن سابق
الخولاني، عن بشر بن بكر، عن موسى بن علي بهذا الإسناد.
(2) ابن سعد 4 / 344.
(3) ابن سعد 4 / 343، 344.
(4) الصفة: موضع مظلل في مسجد المدينة كان يأوي إليه فقرأ
المهاجرين ومن لم يكن له منزل يسكنه.
(5) تصحفت في المطبوع إلى " رفقاء " والخبر أخرجه مسلم
(814) في صلاة المسافرين: باب فضل قراءة المعوذتين عن عقبة
بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ألم تر
آيات أنزلت الليلة لم ير مثلهن قط ؟ قل أعوذ برب الفلق،
وقل أعوذ برب الناس ".
(2/468)
مَاتَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ (1) .
لَهُ فِي (مُسْنَدِ بَقِيٍّ): خَمْسَةٌ وَخَمْسُوْنَ
حَدِيْثاً.
91 - بُرَيْدَةُ بنُ الحُصَيْبِ بنِ عَبْدِ اللهِ
الأَسْلَمِيُّ * (ع)
ابْنِ الحَارِثِ بنِ الأَعْرَجِ بنِ سَعْدٍ، أَبُو عَبْدِ
اللهِ - وَقِيْلَ: أَبُو سَهْلٍ، وَأَبُو سَاسَانَ،
وَأَبُو الحُصَيْبِ - الأَسْلَمِيُّ.
قِيْلَ: إِنَّهُ أَسْلَمَ عَامَ الهِجْرَةِ، إِذْ مَرَّ
بِهِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
مُهَاجِراً.
وَشَهِدَ: غَزْوَةَ خَيْبَرَ، وَالفَتْحَ، وَكَانَ مَعَهُ
اللِّوَاءُ (2) .
وَاسْتَعْمَلَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- عَلَى صَدَقَةِ قَوْمِهِ.
وَكَانَ يَحْمِلُ لِوَاءَ الأَمِيْرِ أُسَامَةَ حِيْنَ
غَزَا أَرْضَ البَلْقَاءِ، إِثْرَ وَفَاةِ رَسُوْلِ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
لَهُ جُمْلَةُ أَحَادِيْثَ، نَزَلَ مَرْوَ، وَنَشَرَ
العِلْمَ بِهَا.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنَاهُ؛ سُلَيْمَانُ وَعَبْدُ اللهِ،
وَأَبُو نَضْرَةَ العَبْدِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ
مَوَلَةَ، وَالشَّعْبِيُّ، وَأَبُو المَلِيْحِ
الهُذَلِيُّ، وَطَائِفَةٌ.
وَسَكَنَ البَصْرَةَ مُدَّةً.
ثُمَّ غَزَا خُرَاسَانَ زَمَنَ عُثْمَانَ، فَحَكَى عَنْهُ
مَنْ سَمِعَهُ يَقُوْلُ وَرَاءَ نَهْرِ جَيْحُوْنَ:
__________
(1) قال الحافظ في " الإصابة " 7 / 22: مات في أول خلافة
معاوية على الصحيح.
(*) مسند أحمد: 5 / 346، طبقات ابن سعد 4 / 241 - 243 و7 /
365، التاريخ لابن معين: 57، طبقات خليفة: 109، تاريخ
خليفة: 251، التاريخ الكبير: 2 / 141، المعارف: 300، الجرح
والتعديل: 2 / 424، معجم الطبراني: 3 / 2، 8، أسد الغابة:
1 / 209، تاريخ الإسلام: 2 / 386، العبر: 1 / 66، مجمع
الزوائد: 9 / 398، الإصابة: 1 / 241، شذرات الذهب: 1 / 70.
(2) " أسد الغابة " 1 / 209، و" ابن سعد " 4 / 242.
(2/469)
لَا عَيْشَ إِلاَّ طِرَادَ الخَيْلِ
بِالخَيْلِ (1) ...
قَالَ عَاصِمٌ الأَحْوَلُ:
قَالَ مُوَرِّقٌ: أَوْصَى بُرَيْدَةُ أَنْ يُوْضَعَ فِي
قَبْرِهِ جَرِيْدَتَانِ، وَكَانَ مَاتَ بِخُرَاسَانَ،
فَلَمْ تُوْجَدَا إِلاَّ فِي جُوَالِقِ حِمَارٍ (2) .
وَرَوَى: مُقَاتِلُ بنُ حَيَّانَ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ،
عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
شَهِدْتُ خَيْبَرَ، وَكُنْتُ فِيْمَنْ صَعِدَ الثُّلْمَةَ،
فَقَاتَلْتُ حَتَّى رُئِيَ مَكَانِي، وَعَلَيَّ ثَوْبٌ
أَحْمَرُ، فَمَا أَعْلَمُ أَنِّي رَكِبْتُ فِي الإِسْلاَمِ
ذَنْباً أَعْظَمَ عَلَيَّ مِنْهُ - أَيْ: الشُّهْرَةَ (3)
-.
قُلْتُ: بَلَى، جُهَّالُ زَمَانِنَا يَعُدُّوْنَ اليَوْمَ
مِثْلَ هَذَا الفِعْلِ مِنْ أَعْظَمِ الجِهَادِ؛ وَبِكُلِّ
حَالٍ فَالأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَلَعَلَّ بُرَيْدَةَ
- رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - بِإِزْرَائِهِ عَلَى نَفْسِهِ،
يَصِيْرُ لَهُ عَمَلُهُ ذَلِكَ طَاعَةً وَجِهَاداً!
وَكَذَلِكَ يَقَعُ فِي العَمَلِ الصَّالِحِ، رُبَّمَا
افْتَخَرَ بِهِ الغِرُّ، وَنَوَّهَ بِهِ، فَيَتَحَوَّلُ
إِلَى دِيْوَانِ الرِّيَاءِ.
قَالَ اللهُ -تَعَالَى* -: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا
عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ، فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً }
[الفُرْقَانُ: 23].
وَكَانَ بُرَيْدَةُ مِنْ أُمَرَاءِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ
فِي نَوْبَةِ سَرْغٍ (4) .
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ، وَأَبُو عُبَيْدٍ: مَاتَ بُرَيْدَةُ
سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسِتِّيْنَ.
وَقَالَ آخَرُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ.
وَهَذَا أَقْوَى.
__________
(1) ابن سعد 4 / 243، و7 / 365.
(2) أخرجه ابن سعد 7 / 117 من طريق عفان بن مسلم، عن حماد
بن سلمة، أخبرنا عاصم الاحول، قال: قال مورق وهذا سند
صحيح، وعلقه البخاري في " صحيحه " 3 / 177 بصيغة
الجزم.
(3) ذكره المؤلف في " تاريخ الإسلام " 2 / 386 عن بكير بن
معروف بهذا الإسناد.
(4) سرغ: أول الحجاز وآخر الشام، من منازل حاج الشام.
(2/470)
رُوِيَ لِبُرَيْدَةَ نَحْوٌ مِنْ مائَةٍ
وَخَمْسِيْنَ حَدِيْثاً.
92 - عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ *
(ع)
شَقِيْقُ أُمِّ المُؤْمِنِيْنَ عَائِشَةَ.
حَضَرَ بَدْراً مَعَ المُشْرِكِيْنَ؛ ثُمَّ إِنَّهُ
أَسْلَمَ، وَهَاجَرَ قُبَيْلَ الفَتْحِ.
وَأَمَّا جَدُّهُ أَبُو قُحَافَةَ فَتَأَخَّرَ إِسْلاَمُهُ
إِلَى يَوْمِ الفَتْحِ (1) .
وَكَانَ هَذَا أَسَنَّ أَوْلاَدِ الصِّدِّيْقِ، وَكَانَ
مِنَ الرُّمَاةِ المَذْكُوْرِيْنَ، وَالشُّجْعَانِ.
قَتَلَ يَوْمَ اليَمَامَةِ سَبْعَةً مِنْ كِبَارِهِمْ.
__________
(*) مسند أحمد: 1 / 197، طبقات خليفة: 18، 189، تاريخ
خليفة: 219، التاريخ الكبير: 5 / 242، المعارف: 173، 174،
233، 592، تاريخ الفسوي: 1 / 213، 285، المستدرك: 3 / 473،
الاستيعاب: 2 / 825، أسد الغابة: 3 / 466، تهذيب الكمال:
778، تاريخ الإسلام: 2 / 303 - 304، العبر: 1 / 58، تهذيب
التهذيب: 6 / 146 - 147، الإصابة: 6 / 295، خلاصة تذهيب
الكمال: 224، شذرات الذهب: 1 / 59.
(1) أخرج عبد الرزاق في " المصنف " (20179) ومسلم (2102)
في اللباس والزينة من حديث جابر بن عبد الله قال: أتي بأبي
قحافة يوم فتح مكة ورأسه ولحيته كالثغامة بياضا، فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: " غيروا هذا بشيء واجتنبوا
السواد " والثغامة: نبات له ثمر أبيض يشبه بياض الشيب.
وأخرج ابن إسحاق في " المغازي " قال: حدثني يحيى بن عباد
بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، عن جدته أسماء بنت أبي
بكر قالت: لما وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم بذي طوى،
قال أبو قحافة لابنة له من أصغر ولده: أي بنية، ماذا ترين
؟ قالت: أرى سوادا مجتمعا.
قال: تلك الخيل، قالت: وأرى رجلا يسعى بين ذلك السواد
مقبلا ومدبرا، قال: ذلك يا بنية الوازع، يعني الذي يأمر
الخيل ويتقدم إليها.
ثم قالت: قدوالله انتشر السواد، فقال: قدوالله دفعت الخيل
فأسرعي بي إلى البيت، فانحطت به قتلقاه الخيل قبل أن يصلى
بيته، وفي عنق الجارية طوق لها من ورق فتلقاها رجل فاقتطعه
من عنقها، قالت: فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم
ودخل المسجد، أتاه أبو بكر رضي الله عنه بأبيه يقوده، فلما
رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " هلا تركت الشيخ
في بيته حتى أكون أنا آتيه " ؟ قال أبو بكر: يا رسول الله
هو أحق أن يمشي إليك من أن تمشي إليه، فأجلسله بين يديه،
ثم مسح صدره، ثم قال له: أسلم، فأسلم.
قالت: ودخل به أبو بكر على رسول الله صلى الله عليه وسلم
وإسناده صحيح كما قال الحافظ في " الإصابة " 6 / 389،
وصححه ابن حبان (1700).
(2/471)
لَهُ أَحَادِيْثُ، نَحْوُ الثَّمَانِيَةِ.
اتَّفَقَ الشَّيْخَانِ عَلَى ثَلاَثَةٍ مِنْهَا (1) .
رَوَى عَنْهُ: ابْنَاهُ؛ عَبْدُ اللهِ وَحَفْصَةُ، وَابْنُ
أَخِيْهِ؛ القَاسِمُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَأَبُو عُثْمَانَ
النَّهْدِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي لَيْلَى،
وَعَمْرُو بنُ أَوْسٍ الثَّقَفِيُّ، وَابْنُ أَبِي
مُلَيْكَةَ، وَآخَرُوْنَ.
وَهُوَ الَّذِي أَمَّرَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ أَنْ يُعْمِرَ
أُخْتَهُ عَائِشَةَ مِنَ التَّنْعِيْمِ (2) .
لَهُ تَرْجَمَةٌ فِي: (تَارِيخِ دِمَشْقَ).
تُوُفِّيَ: فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ.
هكَذَا وَرَّخُوْهُ، وَلاَ يَسْتَقِيْمُ؛ فَإِنَّ فِي
(صَحِيْحِ مُسْلِمٍ): أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ
يَوْمَ مَوْتِ سَعْدٍ، فَتَوَضَّأَ.
فَقَالَتْ لَهُ: أَسْبِغِ الوُضُوْءَ، سَمِعْتُ رَسُوْلَ
اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُوْلُ:
(وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ منَ النَّارِ (3)).
وَقَدْ هَوِيَ ابْنَةَ الجُوْدِيِّ، وَتَغَزَّلَ فِيْهَا
بِقَوْلِهِ:
تَذَكَّرْتُ لَيْلَى وَالسَّمَاوَةُ دُوْنَهَا ... فَمَا
لابْنَةِ الجُوْدِيِّ لَيْلَى وَمَا لِيَا
__________
(1) انظر صحيح البخاري 3 / 483 في الحج: باب عمرة التنعيم
و2 / 61 في الصلاة: باب السمر مع الأهل والضيف، و5 / 170
في الهبة، و6 / 460 في الاطعمة: باب من أكل حتى شبع، ومسلم
(1212) و(2056) و(2057).
(2) التنعيم: موضع بين مكة وسرف على فرسخين من مكة.
والحديث في " الموطأ " 1 / 361، والبخاري 3 / 330 في الحج:
باب التلبية إذا انحدر من الوادي، ومسلم (1211) في الحج:
باب بيان وجوه الاحرام من طريق ابن شهاب الزهري، عن عروة،
عن عائشة.
(3) أخرجه مسلم (240) في الطهارة: باب وجوب غسل الرجلين
بكمالهما، من طرق عن ابن وهب، عن خرمة بن بكير، عن أبيه،
عن سالم مولى شداد قال: دخلت على عائشة زوج النبي صلى الله
عليه وسلم يوم توفي سعد بن أبي وقاص، فدخل عبد الرحمن بن
أبي بكر..
(2/472)
وَأَنَّى تُعَاطِي قَلْبَهُ حَارِثيَّةٌ
... تَدَمَّنُ بُصْرَى أَوْ تَحِلُّ الجَوَابِيَا
وَأَنَّى تُلاَقِيْهَا بَلَى وَلَعَلَّهَا ... إِنِ
النَّاسُ حَجُّوا قَابِلاً أَنْ تُوَافِيَا (1)
فَقَالَ عُمَرُ لأَمِيْرِ عَسْكَرِهِ: إِنْ ظَفِرْتَ
بِهَذِهِ عَنْوَةً، فَادْفَعْهَا إِلَى ابْنِ أَبِي
بَكْرٍ.
فَظَفِرَ بِهَا، فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ، فَأُعْجِبَ بِهَا،
وَآثَرَهَا عَلَى نِسَائِهِ، حَتَّى شَكَوْنَهُ إِلَى
عَائِشَةَ.
فَقَالَتْ لَهُ: لَقَدْ أَفْرَطْتَ.
فَقَالَ: وَاللهِ، إِنِّي لأَرْشُفُ مِنْ ثَنَايَاهَا
حَبَّ الرُّمَّانِ.
فَأَصَابَهَا وَجَعٌ، فَسَقَطَتْ أَسْنَانُهَا؛
فَجَفَاهَا، حَتَّى شَكَتْهُ إِلَى عَائِشَةَ،
فَكَلَّمَتْهُ.
قَالَ: فَجَهَّزَهَا إِلَى أَهْلِهَا، وَكَانَتْ مِنْ
بَنَاتِ المُلُوْكِ.
قَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: تُوُفِّيَ عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بِالصِّفَاحِ (2) ، وَحُمِلَ، فَدُفِنَ
بِمَكَّةَ.
وَقَدْ صَحَّ فِي (مُسْلِمٍ) فِي الوُضُوْءِ: أَنَّ عَبْدَ
الرَّحْمَنِ خَرَجَ إِلَى جَنَازَةِ سَعْدِ ابْن أَبِي
وَقَّاصٍ، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ عَاشَ بَعْدَ
سَعْدٍ (3).
__________
(1) الابيات في " نسب قريش " 276، و" الاغاني ": 17 / 358،
و" الإصابة " في ترجمة ليلى بنت الجودي وقوله: " تدمن بصرى
" أي: تغشاها وتلزمها.
(2) الصفاح: موضع بين حنين وأنصاب الحرم على يسرة الداخل
إلى مكة.
لكن في حديث الترمذي (1055) من طريق عبد الله بن أبي ميكة
قال: توفي عبد الرحمن بن أبي بكر بالحبشي (وهو جبل بأسفل
مكة على ستة أميال منها) فحمل إلى مكة، ورجاله ثقات، إلا
أن فيه عنعنة ابن جريج وهو مدلس، ورواه عبد الرزاق في "
المصنف " (6535) ولفظه: قال ابن جريج: سمعت ابن أبي مليكة
يقول: قالت عائشة: لو حضرت عبد الرحمن تعني أخاها ما دفن
إلا حيث مات وكان مات بالحبشي، ودفن بأعلى مكة.
وفيه التصريح بالسماع فانتفت شبهة تدليسه، وتابعه عليه
أيوب السختياني عند عبد الرزاق أيضا (6539) فالسند صحيح.
(3) تقدم تخريجه، انظر ص 472 ت (3).
(2/473)
93 - الحَكَمُ بنُ عَمْرٍو الغِفَارِيُّ *
(خَ، 4)
الأَمِيْرُ، أَخُوْ رَافِعِ بنِ عَمْرٍو، وَهُمَا مِنْ
بَنِي ثُعَيْلَةَ (1) .
وَثُعَيْلَةُ: أَخُو غِفَارَ.
نَزَلَ الحَكَمُ البَصْرَةَ، وَلَهُ صُحْبَةٌ،
وَرِوَايَةٌ، وَفَضْلٌ، وَصَلاَحٌ، وَرَأْيٌ، وَإِقْدَامٌ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو الشَّعْثَاءِ جَابِرُ بنُ زَيْدٍ،
وَالحَسَنُ البَصْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ سِيْرِيْنَ،
وَسَوَادَةُ بنُ عَاصِمٍ؛ وَآخَرُوْنَ.
رِوَايَتُهُ فِي الكُتُبِ، سِوَى (صَحِيْحِ البُخَارِيِّ
(2)).
رَوَى: هِشَامٌ، عَنِ الحَسَنِ:
أَنَّ زِيَادَ بنَ أَبِيْهِ بَعَثَ الحَكَمَ بنَ عَمْرٍو
عَلَى
__________
(*) مسند أحمد: 4 / 212 و5 / 66، طبقات ابن سعد: 7 / 28،
التاريخ لابن معين: 126، طبقات خليفة: 175، 321، تاريخ
خليفة: 211، التاريخ الكبير: 2 / 329 328، تاريخ الفسوي: 3
/ 25، الجرح والتعديل: 3 / 119، معجم الطبراني: 3 / 233،
المستدرك: 3 / 441، الاستيعاب: 1 / 356، أسد الغابة: 2 /
40، تهذيب الكمال: 317، تاريخ الإسلام: 2 / 220، مجمع
الزوائد: 9 / 410، تهذيب التهذيب: 2 / 437 436، الإصابة: 2
/ 273، خلاصة تذهيب الكمال: 89.
(1) كذا الأصل بالثاء والعين المهملة، وفي " تهذيب الكمال
" " نعيلة " بالنون والعين.
المهملة، وقد كتب فوقها كلمة صح، وكذلك هو في " طبقات ابن
سعد " و" أسد الغابة " و" المستدرك " وقيده الحافظ ابن حجر
في " الإصابة " في ترجمة رافع أخي الحكم بنون ومعجمة مصغرا
" نعيلة " وفي " طبقات خليفة " و" الإصابة " و" جمهرة
أنساب العرب " و" الطبراني ": " ثعلبة ".
(2) هذا وهم بن المؤلف، والصواب: سوى مسلم، كما في الرمز
الذي بجانب الاسم.
وحديثه في البخاري 9 / 564 في الذبائح: باب لحوم الحمر
الانسية من طريق علي بن عبد الله، حدثنا سفيان، قال عمرو
بن دينار: قلت لجابر بن زيد: يزعمون أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم نهى عن حمر الاهلية، فقال: قد كان يقول ذاك
الحكم بن عمرو الغفاري عندنا بالبصرة...
(2/474)
خُرَاسَانَ، فَغَنِمُوا، فَكَتَبَ
إِلَيْهِ:
أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ كَتَبَ
إِلَيَّ أَنْ أَصْطَفِيَ لَهُ الصَّفْرَاءَ وَالبَيْضَاءَ،
لاَ تَقْسِمْ بَيْنَ النَّاسِ ذَهَباً وَلاَ فِضَّةً.
فَكَتَب إِلَيْهِ الحَكَمُ: أُقْسِمُ بِاللهِ، لَوْ
كَانَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ رَتْقاً عَلَى عَبْدٍ،
فَاتَّقَى اللهَ، يَجْعَلُ لَهُ مِنْ بَيْنِهِمَا
مَخْرَجاً، وَالسَّلاَمُ (1) .
ثُمَّ قَالَ لِلنَّاسِ: اغْدُوا عَلَى فَيْئِكُمْ،
فَاقْسِمُوْهُ.
وَيُرْوَى: أَنَّ عُمَرَ نَظَرَ إِلَى الحَكَمِ بنِ
عَمْرٍو، وَقَدْ خَضَبَ بِصُفْرَةٍ، فَقَالَ: هَذَا
خِضَابُ الإِيْمَانِ (2) .
مُعْتَمِرُ بنُ سُلَيْمَانَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ أَبِي
حَاجِبٍ، قَالَ:
كُنْتُ عِنْدَ الحَكَمِ الغِفَارِيِّ، إِذْ جَاءهُ
رَسُوْلُ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- فَقَالَ: إِنَّ
أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ يَقُوْلُ: إِنَّكَ أَحَقُّ مَنْ
أَعَانَنَا.
قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ خَلِيْلِي -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (إِذَا كَانَ الأَمْرُ
هَكَذَا اتَّخِذْ سَيْفاً مِنْ خَشَبٍ (3)).
أَبُو إِسْحَاقَ الفَزَارِيُّ: عَنْ هِشَامٍ، عَنِ
الحَسَنِ، قَالَ:
بَعَثَ زِيَادٌ الحَكَمَ، فَأَصَابُوا غَنَائِمَ
كَثِيْرَةً، فَكَتَبَ زِيَادٌ: إِنَّ أَمِيْرَ
المُؤْمِنِيْنَ أَمَرَ أَنْ تُصْطَفَى لَهُ الصَّفْرَاءُ
وَالبَيْضَاءُ.
فَكَتَبَ إِلَيْهِ: إِنِّي وَجَدْتُ كِتَابَ اللهِ قَبْلَ
كِتَابِ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ.
وَأَمَرَ مُنَادِياً، فَنَادَى: أَنِ اغْدُوا عَلَى
فَيْئِكُمْ، فَقَسَّمَهُ بَيْنَهُمْ.
__________
(1) أخرجه ابن سعد 7 / 28، 29 من طريق إسحاق بن يوسف
الازرق حدثنا هشام بن حسان، عن الحسن...وما بين حاصرتين
منه.
وأخرجه الحاكم في " المستدرك " 3 / 422، 443 من طريق ابي
إسحاق الفزاري، وسيذكره المؤلف قريبا.
(2) " مسند أحمد " 5 / 67.
(3) أخرجه الحاكم في " المستدرك " 4 / 442 من طريق محمد بن
أبي السري بهذا الإسناد، ورجاله ثقات، إلا أن محمد بن أبي
السري كثير الاوهام.
(2/475)
فَوَجَّهَ مُعَاوِيَةُ مَنْ قَيَّدَهُ،
وَحَبَسَهُ، فَمَاتَ، فَدُفِنَ فِي قُيُوْدِهِ، وَقَالَ:
إِنِّي مُخَاصِمٌ (1) .
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، وَيُوْنُسُ،
عَنِ الحَسَنِ:
أَنَّ زِيَاداً اسْتَعْمَلَ الحَكَمَ بنَ عَمْرٍو،
فَلَقِيَهُ عِمرَانُ بنُ حُصَيْنٍ، فَقَالَ: أَمَا
تَذْكُرَ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- لَمَّا بَلَغَهُ الَّذِي قَالَ لَهُ
أَمِيْرُهُ: قَعْ فِي النَّارِ، فَقَامَ لِيَقَعَ فِيْهَا،
فَأَدْرَكَهُ، فَأَمْسَكَهُ.
فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
(لَوْ وَقَعَ فِيْهَا لَدَخَلَ النَّارَ، لاَ طَاعَةَ
لِمَخْلُوْقٍ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ).
قَالَ الحَكَمُ: بَلَى.
قَالَ: إِنَّمَا أَرَدْتُ أَنْ أُذَكِّرَكَ هَذَا
الحَدِيْثَ (2) .
جَمِيْلُ بنُ عُبَيْدٍ الطَّائِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو
المُعَلَّى، عَنِ الحَسَنِ، قَالَ:
قَالَ الحَكَمُ بنُ عَمْرٍو: يَا طَاعُوْنُ، خُذْنِي
إِلَيْكَ.
فَقِيْلَ لَهُ: لِمَ تَقُوْلُ هَذَا؟ وَقَدْ قَالَ
النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لاَ
يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمُ المَوْتَ).
قَالَ أُبَادِرُ سِتّاً: بَيْعَ الحُكْمِ، وَكَثْرَةَ
الشُّرَطِ، وَإِمَارَةَ الصِّبْيَانِ، وَسَفْكَ
الدِّمَاءِ، وَقَطِيْعَةَ الرَّحِمِ، وَنَشْأً
يَكُوْنُوْنَ فِي آخِرِ الزَّمَانِ يَتَّخِذُوْنَ
القُرْآنَ مَزَامِيْرَ (3).
__________
(1) أخرجه الحاكم في " المستدرك " 3 / 442، والطبراني
(3158)، قال الهيثمي في " المجمع " 7 / 311: وفيه من لم
أعرفه.
وذكره الحافظ في " الإصابة " 2 / 247 مختصرا ثم قال:
والصحيح أنه لما ورد عليه كتاب زياد بالعقاب، دعا على نفسه
فمات.
وسيذكره المؤلف قريبا.
(2) صحيح، أخرجه الحاكم 3 / 423، وقال: حديث صحيح الإسناد،
ووافقه الذهبي، وأخرجه أحمد 5 / 66، والطيالسي 2 / 166،
والطبراني (3150) و(3159) و(3160) وله شاهد من حديث النواس
بن سمعان عند البغوي في " شرح السنة " (2455)، وسنده حسن
في الشواهد.
(3) أخرجه الحاكم في " المستدرك " 3 / 443، والطبراني
(3162)، وأبو المعلى لا يعرف، لكن له شاهد في المرفوع من
حديث عابس الغفاري عند أحمد 3 / 494 بلفظ: " بادروا =
(2/476)
قَالَ أَحْمَدُ بنُ سَيَّارٍ: كَانَ سَبَبُ
مَوْتِ وَالِي خُرَاسَانَ الحَكَمِ، أَنَّهُ دَعَا عَلَى
نَفْسِهِ وَهُوَ بِمَرْوَ، لِكِتَابٍ وَرَدَ إِلَيْهِ مِنْ
زِيَادٍ، وَمَاتَ قَبْلَهُ بُرَيْدَةُ الأَسْلَمِيُّ،
فَدُفِنَا جَمِيْعاً (1) .
قَالَ خَلِيْفَةُ: مَاتَ بِخُرَاسَانَ وَالياً، سَنَةَ
إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ (2) .
وَقَالَ الوَاقِدِيُّ: سَنَةَ خَمْسِيْنَ -رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ- (3).
أَخُوْهُ:
94 - رَافِعُ بنُ عَمْرٍو الغِفَارِيُّ الكِنَانِيُّ * (م،
د، ت، ق)
لَهُ صُحْبَةٌ، وَحَدِيْثَانِ، نَزَلَ البَصْرَةَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدُ اللهِ بنُ الصَّامِتِ؛ وَغَيْرُهُ.
خَرَّجَ لَهُ: مُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَأَبُو
عِيْسَى، وَابْنُ مَاجَه.
__________
= بالأعمال ستا.
" وسنده ضعيف، وآخر من حديث عوف بن مالك عند أحمد أيضا 6 /
22 و23، وسنده ضعيف، فيتقوى بهذه الشواهد لا سيما وأن
لحديث عابس طريقا آخر، انظر " الإصابة " 5 / 265 ترجمة
عابس الغفاري.
و" نشأ " بفتح الشين جمع ناشئ، كخادم وخدم: يريد: جماعة
أحداثا.
(1) " المستدرك " 3 / 442.
(2) " طبقات خليفة " 32.
(3) نقله الحاكم عنه في " المستدرك " 3 / 442، وهو كذلك في
" طبقات خليفة " في الصفحة 175 و321، وفي " تاريخه " 211.
(*) طبقات خليفة: 32، 175، التاريخ الكبير: 3 / 302، الجرح
والتعديل: 3 / 479، معجم الطبراني الكبير: 5 / 6،
المستدرك: 3 / 443، الاستيعاب: 2 / 482، أسد الغابة: 2 /
194، تهذيب الكمال: 402، تهذيب التهذيب: 3 / 231، الإصابة:
3 / 241، خلاصة تذهيب الكمال: 114.
(2/477)
لَهُ حَدِيْثٌ فِي نَعْتِ الخَوَارِجِ.
وَقَالَ مُعْتَمرُ (1) بنُ سُلَيْمَانَ: حَدَّثَنِي ابْنُ
أَبِي الحَكَمِ، عَنْ عَمِّهِ رَافِع، قَالَ:
كُنْتُ أَرْمِي نَخْلاً لِلأَنْصَارِ، وَأَنَا غُلاَمٌ،
فَرَآنِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
فَقَالَ: (يَا غُلاَمُ، لِمَ تَرْمِي النَّخْلَ؟).
قُلْتُ: آكُلُ.
قَالَ: (كُلْ مَا يَسْقُطُ).
ثُمَّ مَسَحَ رَأْسِي، وَقَالَ: (اللَّهُمَّ، أَشْبِعْ
بَطْنَهُ (2)).
وَيُرْوَى نَحْوُهُ: عَنْ رَافِعٍ، بإِسْنَادٍ آخَرَ،
ذَكَرَهُ الحَاكِمُ فِي (مُسْتَدْرَكِهِ (3)).
وَقَالَ خَلِيْفَةُ: مَاتَ بِالبَصْرَةِ سَنَةَ
خَمْسِيْنَ.
أَمَّا:
95 - رَافِعُ بنُ عَمْرٍو المُزَنِيُّ البَصْرِيُّ * (د،
س)
أَخُوْ عَائِذٍ، فَآخَرُ، وَلَهُمَا صُحْبَةٌ.
__________
(1) تحرف في المطبوع إلى " معمر ".
(2) إسناده ضعيف لجهالة ابن أبي الحكم، وهو في " المستدرك
" 3 / 444، وأخرجه أبو داود (2622) في الجهاد: باب من قال:
إنه يأكل مما سقط، وابن ماجه (2299) في التجارات،
والطبراني (4459) من طرق، عن المعتمر بن سليمان، عن ابن
أبي الحكم الغفاري، عن جدته، عن عم أبيها بن عمرو، وقيل:
عن معتمر، عن ابن أبي الحكم الغفاري، قال: حدثتني جدتي عن
عم أبي رافع.
(3) أخرج الحاكم 4443، من طريق الفضل بن موسى، حدثنا صالح
بن أبي جبير (وقد تحرف في المطبوع إلى جعفر)، عن أبيه، عن
رافع بن عمرو الغفاري.
وأخرجه الترمذي أيضا (1288) في البيوع من هذا الطريق،
وصالح بن أبي جبير وأبوه لم يوثقهما غير ابن حبان، ومع ذلك
فقد صححه الترمذي.
(*) مسند أحمد: 3 / 426 و5 / 31 و65، التاريخ الكبير: 3 /
302، الجرح والتعديل: 3 / 479، معجم الطبراني: 5 / 54،
الاستيعاب: 2 / 482، أسد الغابة: 2 / 94، تهذيب الكمال:
402، تهذيب التهذيب: 3 / 231، الإصابة: 3 / 242، خلاصة
تذهيب الكمال: 114.
(2/478)
رَوَى لِهَذَا: أَبُو دَاوُدَ،
وَالنَّسَائِيُّ (1) .
يَرْوِي عَنْهُ: عَمْرُو بنُ سُلَيْمٍ المُزَنِيُّ.
ذَكَرْتُهُ لِلتَّمْيِيْزِ.
96 - الأَرْقَمُ بنُ أَبِي الأَرْقَمِ بنِ أَسِدِ بنِ
عَبْدِ اللهِ المَخْزُوْمِيُّ *
ابْنِ عُمَرَ بنِ مَخْزُوْمِ بنِ يَقَظَةَ
المَخْزُوْمِيُّ.
صَاحِبُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
مِنَ السَّابِقِيْنَ الأَوَّلِيْنَ.
اسْمُ أَبِيْهِ: عَبْدُ مَنَافٍ.
كَانَ الأَرْقَمُ أَحَدَ مَنْ شَهِدَ بَدْراً، وَقَدِ
اسْتَخْفَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- فِي دَارِهِ، وَهِيَ عِنْدَ الصَّفَا.
وَكَانَ مِنْ عُقَلاَءِ قُرَيْشٍ، عَاشَ إِلَى دَوْلَةِ
مُعَاوِيَةَ.
أَبُو مُصْعَبٍ الزُّهْرِيُّ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ
عِمْرَانَ بنِ عُثْمَانَ بنِ الأَرْقَمِ، عَنْ عَمِّهِ
عَبْدِ اللهِ، وَأَهْلِ بَيْتِهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ
الأَرْقَمِ:
أَنَّهُ تَجَهَّزَ يُرِيْدُ بَيْتَ المَقْدِسِ؛ فَلَمَّا
فَرَغَ مِنْ جَهَازِهِ، جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُوَدِّعُهُ، فَقَالَ: (مَا
يُخْرِجُكَ؟ حَاجَةٌ أَوْ تِجَارَةٌ؟).
قَالَ: لاَ وَاللهِ يَا نَبِيَّ اللهِ، وَلَكِنْ أَرَدْتُ
الصَّلاَةَ فِي بَيْتِ المَقْدِسِ.
فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
(الصَّلاَةُ فِي مَسْجِدِيْ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلاَةٍ
__________
(1) وحديثه في أبي داود (1956) في المناسك: باب أي وقت
يخطب يوم النحر.
قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الناس بمنى
حين ارتفع الضحى على بغلة شهباء، وعلي رضي الله عنه يعبر
عنه، والناس بين قاعد وقائم.
(*) مسند أحمد: 3 / 417، طبقات ابن سعد 3 / 242، طبقات
خليفة: 21، التاريخ الكبير: 2 / 46، الجرح والتعديل: 2 /
310 3309، معجم الطبراني: 1 / 284، المستدرك: 3 / 502،
الاستبصار: 117، الاستيعاب: 1 / 131، أسد الغابة: 1 / 74،
تاريخ الإسلام: 2 / 213، العبر: 1 / 61، الإصابة: 1 / 40،
كنز العمال: 13 / 269، شذرات الذهب: 1 / 61.
(2/479)
فِيْمَا سِوَاهُ، إِلاَّ المَسْجِدَ
الحَرَامِ).
فَجَلَسَ الأَرْقَمُ، وَلَمْ يَخْرُجْ (1) .
وَقَدْ أَعْطَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- الأَرْقَمَ يَوْمَ بَدْرٍ سَيْفاً (2) ،
وَاسْتَعْمَلَهُ عَلَى الصَّدَقَةِ.
وَقَدْ وَهِمَ أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ فِي قَوْلِهِ: إِنَّ
أَبَاهُ أَبَا الأَرْقَمِ أَسْلَمَ.
وَغَلِطَ أَبُو حَاتِمٍ، إِذْ قَالَ: إِنَّ عَبْدَ اللهِ
بنَ الأَرْقَمِ هُوَ ابْنُ هَذَا، ذَاكَ زُهْرِيٌّ، وَلِيَ
بَيْتَ المَالِ لِعُثْمَانَ؛ وَهَذَا مَخْزُوْمِيٌّ.
قِيْلَ: الأَرْقَمُ عَاشَ بِضْعاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
تُوُفِّيَ: بِالمَدِيْنَةِ، وَصَلَّى عَلَيْهِ: سَعْدُ بنُ
أَبِي وَقَّاصٍ بِوَصِيَّتِهِ إِلَيْهِ (3) .
وَقَالَ عُثْمَانُ بنُ الأَرْقَمِ: تُوُفِّيَ أَبِي سَنَةَ
ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ، وَلَهُ ثَلاَثٌ وَثَمَانُوْنَ
سَنَةً (4) .
لَهُ رِوَايَةٌ فِي: (مُسْنَدِ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ)
(5).
__________
(1) يحيى بن عمران لم يوثقه غير ابن حبان، وقال أبو حاتم:
شيخ مدني مجهول، وعبد الله ابن عثمان لايعرف.
وهو في " المسند " وأخرجه الطبراني في " الكبير " (907)،
والحاكم 3 / 504، من طريق العطاف بن خالد المخزومي، عن
عثمان بن عبد الله بن الارقم، عن جده الارقم...وصححه
الحاكم، ووافقه الذهبي.
(2) أخرجه الحاكم 3 / 504 من طريق أبي مصعب الزهري، عن
يحيى بن عمران بن عثمان، عن جده، عن أبيه الارقم، وصححه،
ووافقه الذهبي، مع أن يحيى بن عمران لم يوثقه غير ابن
حبان.
(3) " المستدرك " 3 / 503.
(4) " الإصابة " 1 / 41 نقلا عن ابن مندة.
(5) 3 / 417.
(2/480)
97 - أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ
الأَنْصَارِيُّ المَدَنِيُّ * (ع)
قِيْلَ: اسْمُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ.
وَقِيْلَ: المُنْذِرُ بنُ سَعْدٍ.
مِنْ فُقَهَاءِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
رَوَى عَنْهُ: جَابِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَعُرْوَةُ بنُ
الزُّبَيْرِ، وَعَمْرُو بنُ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيُّ،
وَعَبَّاسُ بنُ سَهْلِ بن سَعْدٍ، وَخَارِجَةُ بنُ زَيْدٍ،
وَمُحَمَّدُ بنُ عَمْرِو بنِ عَطَاءٍ؛ وَغَيْرُهُمْ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ سِتِّيْنَ.
وَقِيْلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ بِضْعٍ وَخَمْسِيْنَ.
وَلَهُ حَدِيْثٌ فِي وَصْفِهِ هَيْئَةَ صَلاَةِ رَسُوْلِ
اللهِ (1) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وَقَع لَهُ فِي (مُسْنَدِ بَقِيٍّ): سِتَّةٌ وَعِشْرُوْنَ
حَدِيْثاً.
__________
(*) مسند أحمد: 5 / 423، طبقات خليفة: 98، تاريخ خليفة:
227، الجرح والتعديل: 5 / 237، الاستبصار: 105، الاستيعاب:
4 / 1633، أسد الغابة: 3 / 453، تهذيب الكمال: 1599، تاريخ
الإسلام: 2 / 330، العبر: 1 / 65، تهذيب التهذيب: 6 / 184،
186، الإصابة: 11 / 89، خلاصة تذهيب الكمال: 448، شذرات
الذهب: 1 / 65.
(1) أخرجه البخاري 2 / 252، 255 في صفة الصلاة: باب سنة
الجلوس للتشهد، عن محمد بن عمرو بن عطاء أنه كان جالسا في
نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكرنا صلاة
النبي صلى الله عليه وسلم، فقال أبو حميد الساعدي: أنا كنت
أحفظكم لصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، رأيته إذا
كبر، جعل يديه حذو منكبيه، وإذا ركع أمكن يديه من ركبتيه،
ثم هصر ظهره، فإذا رفع رأسه، استوى حتى يعود كل فقار
مكانه، فإذا سجد، وضع يديه غير مفترش ولا قابضهما، واستقبل
بأطراف أصابع رجليه القبلة، فإذا جلس في الركعتين، جلس على
رجله اليسرى، ونصب اليمنى، وإذا جلس في الركعة الآخرة، قدم
رجله اليسرى، ونصب الأخرى، وقعد على مقعدته ".
سير 2 / 31
(2/481)
98 - عَبْدُ اللهِ بنُ الأَرْقَمِ بنِ
عَبْدِ يَغُوْثَ القُرَشِيُّ * (4)
ابْنِ وَهْبِ بنِ عَبْدِ مَنَافٍ بنِ زُهْرَةَ
القُرَشِيُّ، الزُّهْرِيُّ، الكَاتِبُ.
مِنْ مُسْلِمَةِ الفَتْحِ.
وَكَانَ مِمَّنْ حَسُنَ إِسْلاَمُهُ، وَكتَبَ لِلنَّبِيِّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ كَتَبَ لأَبِي
بَكْرٍ، وَلِعُمَرَ (1) .
وَوَلاَّهُ عُمَرُ بَيْتَ المَالِ، وَوَلِيَ بَيْتَ
المَالِ أَيْضاً لِعُثْمَانَ مُدَّةً (2) ، وَكَانَ مِنْ
جِلَّةِ الصَّحَابَةِ، وَصُلَحَائِهِمْ.
قَالَ مَالِكٌ: إِنَّهُ أَجَازَهُ عُثْمَانُ -رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ- وَهُوَ عَلَى بَيْتِ المَالِ بِثَلاَثِيْنَ
أَلْفاً، فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهَا (3) .
وَرُوِي عَنْ عَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ: أَنَّهَا كَانَتْ
ثَلاَثَ مائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَلَمْ يَقْبَلْهَا،
وَقَالَ: إِنَّمَا عَمِلْتُ للهِ -تَعَالَى- وَإِنَّمَا
أَجْرِي عَلَى اللهِ.
وَرُوِي عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِ اللهِ بنِ
الأَرْقَمِ: لَوْ كَانَتْ لَكَ سَابِقَةٌ، مَا
__________
(*) مسند أحمد: 3 / 483 و4 / 35، طبقات خليفة: 16، تاريخ
خليفة: 156، 179، التاريخ الكبير: 5 / 33 32، المعارف:
151، تاريخ الفسوي: 1 / 244، الجرح والتعديل: 5 / 1،
المستدرك: 3 / 334، الاستيعاب: 3 / 865، أسد الغابة: 3 /
172، تهذيب الكمال: 665، تاريخ الإسلام: 2 / 298، مجمع
الزوائد: 9 / 370، تهذيب التهذيب: 5 / 147 146، الإصابة: 6
/ 4، خلاصة تذهيب الكمال: 191، كنز العمال: 13 / 448.
(1) " المستدرك 3 / 335، وتاريخ خليفة: 156.
(2) " المستدرك " 3 / 335، و" أسد الغابة " 3 / 173، و"
تاريخ خليفة ": 179.
(3) " أسد الغابة " 3 / 173، و" الإصابة " 6 / 5.
(2/482)
قَدَّمْتُ عَلَيْكَ أَحَداً!
وَكَانَ يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ أَخْشَى للهِ مِنْ عَبْدِ
اللهِ بنِ الأَرْقَمِ (1) .
وَرَوَى: عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُتْبَةَ
(2) ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
وَاللهِ مَا رَأَيْتُ رَجُلاً قَطُّ كَانَ أَخْشَى للهِ
مِنْ عَبْدِ اللهِ بنِ الأَرْقَمِ!
قُلْتُ: لَهُ حَدِيْثٌ فِي (السُّنَنِ).
رَوَى عَنْهُ: عُرْوَةُ، وَغَيْرُهُ.
99 - عَبْدُ اللهِ بنُ مُغَفَّلِ بنِ عَبْدِ نَهْمٍ بنِ
عَفِيْفٍ المُزَنِيُّ * (ع)
صَحَابِيٌّ جَلِيْلٌ، مِنْ أَهْلِ بَيْعَة الرِّضْوَانِ
(3) ، تَأَخَّرَ.
وَكَانَ يَقُوْلُ: إِنِّي لَمِمَّنْ رَفَعَ عَنْ رَسُوْلِ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ أَغْصَانِ
الشَّجَرَةِ
__________
(1) " الإصابة " 6 / 5، وقال: أخرجه البغوي من طريق ابن
عيينة، عن عمرو بن دينار.
(2) تحرف في المطبوع إلى " عبد الله بن عتيبة ".
* مسند أحمد: 4 / 85 و5 / 54، 272، التاريخ لابن معين:
333، طبقات خليفة: 37، 76، تاريخ خليفة: 146.
المعارف: 297، تاريخ الفسوي: 1 / 256، المستدرك: 3 / 578،
الاستيعاب: 3 / 996، أسد الغابة: 3 / 398، تهذيب الكمال:
745، تاريخ الإسلام: 2 / 1، تهذيب التهذيب: 6 / 42،
الإصابة: 6 / 223، خلاصة تذهيب الكمال: 215 و216، شذرات
الذهب: 1 / 65.
(3) وهي غزوة الحديبية، وكانت سنة في ذي القعدة،
والحديبية: قرية متوسطة ليست بالكبيرة، سميت ببئر هناك عند
مسجد الشجرة التي بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم
تحتها، وهي على تسعة أميال من مكة.
انظر خبرها في ابن هشام 2 / 308، 323، وابن سعد 2 / 95،
105، والبخاري 7 / 338، 351.
وأخرج البخاري 8 / 450 في التفسير: باب قوله: (إذ يبايعونك
تحت الشجرة) من طريق شعبة، عن قتادة، قال: سمعت عقبة بن
صهبان، عن عبد الله بن مغفل المزني ممن شهد الشجرة: نهى
النبي عن الخذف.
(2/483)
يَوْمَئِذٍ (1) .
سَكَنَ المَدِيْنَةَ، ثُمَّ البَصْرَةَ، وَلَهُ عِدَّةُ
أَحَادِيْثَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الحَسَنُ البَصْرِيُّ، وَمُطَرِّفُ بنُ
الشِّخِّيْرِ، وَابْنُ بُرَيْدَةَ، وَسَعِيْدُ بنُ
جُبَيْرٍ، وَمُعَاويَةُ بنُ قُرَّةَ، وَحُمَيْدُ بنُ
هِلاَلٍ، وَثَابِتٌ البُنَانِيُّ؛ وَغَيْرُهُمْ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ سَعِيْدُ بنُ
جُبَيْرٍ.
قَالَ الحَسَنُ البَصْرِيُّ: كَانَ عَبْدُ اللهِ بنُ
مُغَفَّلٍ أَحَدَ العَشْرَةِ الَّذِيْنَ بَعَثَهُمْ
إِلَيْنَا عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ يُفَقِّهُوْنَ النَّاسَ
(2) .
قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتِّيْنَ.
وَكَانَ أَبُوْهُ مِنَ الصَّحَابَةِ، فَتُوُفِّيَ عَامَ
الفَتْحِ فِي الطَّرِيْقِ.
وَقِيْلَ: كَانَ عَبْدُ اللهِ مِنَ البَكَّائِيْنَ (3) .
قَالَ عَوْفٌ الأَعْرَابِيُّ: عَنْ خُزَاعِيِّ بنِ (4)
زِيَادٍ المُزَنِيِّ، قَالَ: أُرِيَ عَبْدُ اللهِ
__________
(1) الذي في " المسند " 5 / 54: عن عبد الله بن مغفل: إني
لآخذ بغصن من أغصان الشجرة أظل به النبي صلى الله عليه
وسلم، وهم يبايعونه، فقالوا: نبايعك على الموت ؟ قال: "
لا، ولكن لا تفروا " وأما ما ذكره المؤلف، فأخرجه أحمد 5 /
25، ومسلم (1858) عن معقل بن يسار لا عن عبد الله بن مغفل
قال: لقد رأيتني يوم الشجرة، والنبي صلى الله عليه وسلم
يبايع الناس، وأنا رافع غصنا من أغصانها عن رأسه، ونحن
أربع عشرة مئة، لم نبايعه على الموت، ولكن بايعناه على ألا
نفر.
لفظ مسلم.
(2) " أسد الغابة " 3 / 399.
(3) البكاؤون: هم الذين وصفهم الله تعالى بقوله: (ولا على
الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه
تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا أن لا يجدوا ما ينفقون)
.
انظر
" المسند " 5 / 45، و" طبقات ابن سعد " 2 / 165، و"
الإصابة " 6 / 223.
(4) لفظ " خزاعي بن " سقط بن المطبوع.
(2/484)
بنُ مُغَفَّلٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ
السَّاعَةَ قَدْ قَامَتْ، وَأَنَّ النَّاسَ حُشِرُوا،
وَثَمَّ مَكَانٌ، مَنْ جَازَهُ فَقَدْ نَجَا، وَعَلَيْهِ
عَارِضٌ، فَقَالَ لِي قَائِلٌ: أَترِيْدُ أَنْ تَنْجُوَ
وَعِنْدَكَ مَا عِنْدَكَ؟ فَاسْتَيْقَظْتُ فَزِعاً.
قَالَ: فَأَيْقَظَ أَهْلَهُ، وَعِنْدَهُ عَيْبَةٌ
مَمْلُوْءةٌ دَنَانِيْرَ، فَفَرَّقَهَا كُلَّهَا.
كُنْيَتُهُ: أَبُو سَعِيْدٍ.
وَقِيْلَ: أَبُو زِيَادٍ.
100 - خُزَيْمَةُ بنُ ثَابِتِ بنِ الفَاكِهِ
الأَنْصَارِيُّ * (م، 4)
ابْنِ ثَعْلَبَةَ بنِ سَاعِدَةَ الفَقِيْهُ، أَبُو
عُمَارَةَ الأَنْصَارِيُّ، الخَطْمِيُّ، المَدَنِيُّ، ذُوْ
الشَّهَادَتَيْنِ.
قِيْلَ: إِنَّهُ بَدْرِيٌّ، وَالصَّوَابُ: أَنَّهُ شَهِدَ
أُحُداً وَمَا بَعْدَهَا.
وَلَهُ أَحَادِيْثُ.
وَكَانَ مِنْ كِبَارِ جَيْشِ عَلِيٍّ، فَاسْتُشْهِدَ
مَعَهُ يَوْمَ صِفِّيْنَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ؛ عُمَارَةُ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ
الجَدَلِيُّ، وَعَمْرُو بنُ مَيْمُوْنٍ الأَوْدِيُّ،
وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعْدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ؛
وَجَمَاعَةٌ.
قُتِلَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -: سَنَةَ سَبْعِ
وَثَلاَثِيْنَ، وَكَانَ حَامِلَ رَايَةِ بَنِي خَطْمَةَ.
وَشَهِدَ مُؤْتَةَ.
__________
(*) مسند أحمد: 5 / 213، طبقات ابن سعد: 4 / 378، طبقات
خليفة: 83، 135، التاريخ الكبير: 3 / 206 205، المعارف:
149، تاريخ الفسوي: 1 / 380، الجرح والتعديل: 3 / 382 381،
معجم الطبراني الكبير: 4 / 94، المستدرك: 3 / 396،
الاستبصار: 268 267، الاستيعاب: 2 / 448، أسد الغابة: 2 /
133، تهذيب الكمال: 375، مجمع الزوائد: 9 / 320، تهذيب
التهذيب: 3 / 141 140، الإصابة: 3 / 93، خلاصة تذهيب
الكمال: 104، كنز العمال: 13 / 379، شذرات الذهب: 1 / 45.
(2/485)
فَقَالَ الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا بُكَيْرُ
بنُ مِسْمَارٍ (1) ، عَنْ عُمَارَةَ بنِ خُزَيْمَةَ، عَنْ
أَبِيْهِ، قَالَ:
حَضَرْتُ مُؤْتَةَ، فَبَارَزْتُ رَجُلاً، فَأَصَبْتُهُ،
وَعَلَيْهِ بَيْضَةٌ فِيْهَا يَاقُوْتَةٌ، فَلَمْ يَكُنْ
هَمِّي إِلاَّ اليَاقُوْتَةُ، فَأَخَذْتُهَا.
فَلَمَّا انْكَشَفْنَا، وَانْهَزَمْنَا، رَجَعْتُ بِهَا
إِلَى المَدِيْنَةِ، فَأَتَيْتُ بِهَا النَّبِيَّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَنَفَلَنِيْهَا، فَبِعْتُهَا
زَمَنَ عُمَرَ بِمائَةِ دِيْنَارٍ (2) .
وَقَالَ خَارِجَةُ بنُ زَيْدٍ: عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
لَمَّا كَتَبْنَا المَصَاحِفَ، فَقَدْتُ آيَةً كُنْتُ
سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- فَوَجَدْتُهَا عِنْدَ خُزَيْمَةَ بنِ ثَابِتٍ :
{مِنَ المُؤْمِنِيْنَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا
اللهَ عَلَيْهِ}. قَالَ: وَكَانَ خُزَيْمَةُ يُدْعَى: ذَا
الشَّهَادَتَيْنِ، أَجَازَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَهَادَتَهُ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ
(3).
__________
(1) تحرف في المطبوع إلى " سنمار ".
(2) هو في مغازي الواقدي 2 / 769، وقد أخطأ محقق الكتاب
مارسدن جونس، فأبدل لفظ " خزيمة " ب " غزية " مع أنه في
الأصل الذي اعتمده " خزيمة " على الصواب.
(3) أخرجه عبد الرزاق في " المصنف " (20416) من طريق معمر،
عن الزهري، ومن طريق عبد الرزاق أخرجه الطبراني (3712)
و(4841)، وأخرجه البخاري 8 / 398 في تفسير سورة الاحزاب،
من طريق أبي اليمان، عن شعيب، عن الزهري.
وأما قصة إجازة النبي صلى الله عليه وسلم شهادته بشهادة
رجلين، فأخرجها أبو داود (3607) في الأقضية: باب إذا علم
الحاكم صدق الشاهد الواحد يجوز له أن يحكم به، من طريق
محمد بن يحيى بن فارس، عن الحكم بن نافع، عن شعيب، عن
الزهري، عن عمارة بن خزيمة، أن عمه حدثه وهو من أصحاب
النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم
ابتاع فرسا من أعرابي، فاستتبعه النبي صلى الله عليه وسلم
ليقضيه ثمن فرسه، فأسرع رسول الله صلى الله عليه وسلم
المشي، وأبطأ الأعرابي، فطفق رجال يعترضون الأعرابي،
فيساومونه بالفرس، ولا يشعرون أن النبي صلى الله عليه وسلم
ابتاعه، فنادى الاعرابي رسول الله صلى الله عليه وسلم،
فقال: إن كنت مبتاعا هذا الفرس، وإلا بعته، فقام النبي صلى
الله عليه وسلم حين سمع نداء الاعرابي، فقال: " أو ليس قد
ابتعته منك " ؟ فقال الاعرابي: لا، والله ما بعتكه، فقال
النبي صلى الله عليه وسلم: " بلى قد ابتعته منك " فطفق
الاعرابي يقول: هلم شهيدا، فقال خزيمة بن ثابت: أنا أشهد
أنك قد بايعته، فأقبل النبي صلى الله عليه وسلم على خزيمة،
فقال: " بم تشهد " ؟ فقال: بتصديقك يا رسول الله، فجعل
رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادة خزيمة بشهادة رجلين.
وإسناده صحيح.
(2/486)
قَالَ قَتَادَةُ: عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:
افْتَخَرَ الحَيَّانِ مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَتِ
الأَوْسُ: مِنَّا غَسِيْلُ المَلاَئِكَةِ: حَنْظَلَةُ بنُ
الرَّاهِبِ؛ وَمِنَّا مَنِ اهْتَزَّ لَهُ العَرْشُ:
سَعْدٌ، وَمِنَّا مَنْ حَمَتْهُ الدَّبْرُ (1): عَاصِمُ
بنُ أَبِي الأَقْلَحِ؛ وَمِنَّا مَنْ أُجِيْزَتْ
شَهَادَتُهُ بِشَهَادَتَيْنِ: خُزَيْمَةُ بنُ ثَابِتٍ (2)
.
وَرَوَى: أَبُو مَعْشَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عُمَارَةَ
بنِ خُزَيْمَةَ، قَالَ:
مَا زَالَ جَدِّي كَافّاً سِلاَحَهُ حَتَّى قُتِلَ
عَمَّارٌ، فَسَلَّ سَيْفَهُ، وَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ (3)
.
101 - عَوْفُ بنُ مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ الغَطَفَانِيُّ *
(ع)
مِمَّنْ شَهِدَ فَتْحَ مَكَّةَ.
وَلَهُ جَمَاعَةُ أَحَادِيْثَ.
فِي كُنْيَتِهِ أَقْوَالٌ: أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ،
وَقِيْلَ: أَبُو عَبْدِ اللهِ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ، وَأَبُو
عَمْرٍو، وَأَبُو حَمَّادٍ.
وَكَانَ مِنْ نُبَلاَءِ الصَّحَابَةِ.
__________
(1) الدبر: النحل والزنابير.
(2) نسبه الحافظ في " الإصابة " 3 / 94 إلى أبي يعلى.
(3) أخرجه أحمد 5 / 214 من طريق يونس وخلف بن الوليد،
كلاهما عن أبي معشر.
وهو في " المستدرك " 3 / 397 من طريق محمد بن بكار، عن أبي
معشر.
واسم أبي معشر: نجيح بن عبد الرحمن السندي، وهو ضعيف.
(*) مسند أحمد: 6 / 22، الاستيعاب: 3 / 1226، طبقات خليفة:
47، 302، تاريخ خليفة: 269، التاريخ الكبير: 7 / 56،
المعارف: 315، الجرح والتعديل: 7 / 14 13، المستدرك: 3 /
546، الاستبصار: 126، الاستيعاب: 3 / 1226، أسد الغابة: 4
/ 312 313، تهذيب الكمال: 1066، العبر: 1 / 81، تهذيب
التهذيب: 8 / 168، الإصابة: 7 / 179، خلاصة تذهيب الكمال:
298، شذرات الذهب: 1 / 79.
(2/487)
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو هُرَيْرَةَ، وَأَبُو
مُسْلِمٍ الخَوْلاَنِيُّ - وَمَاتَا قَبْلَهُ بِمُدَّةٍ -
وَجُبَيْرُ بنُ نُفَيْرٍ، وَأَبُو إِدْرِيْسَ
الخَوْلاَنِيُّ، وَرَاشِدُ بنُ سَعْدٍ، وَيَزَيْدُ بنُ
الأَصَمِّ، وَشُرَيْحُ بنُ عُبَيْدٍ، وَالشَّعْبِيُّ،
وَسَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ، وَسُلَيْمُ بنُ عَامِرٍ،
وَشَدَّادٌ أَبُو عَمَّارٍ.
وَشَهِدَ غَزْوَةَ مُؤْتَةَ.
وَقَالَ: رَافَقَنِي مَدَدِيٌّ (1) مِنْ أَهْلِ اليَمَنِ،
لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُ سَيْفِهِ...، - الحَدِيْثَ
بِطُوْلِهِ -.
وَفِيْهِ: قَوْلُهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
(هَلْ أَنْتُم تَارِكُوْ لِي أُمَرَائِي (2) ؟).
وَقَالَ رَبِيْعَةُ بنُ يَزِيْدَ: عَنْ أَبِي إِدْرِيْسَ
الخَوْلاَنِيِّ، عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ، قَالَ:
حَدَّثَنِي الحَبِيْبُ الأَمِيْنُ، أَمَّا هُوَ إِلَيَّ
فَحَبِيْبٌ، وَأَمَّا هُوَ عِنْدِي فَأَمِيْنٌ: عَوْفُ بنُ
مَالِكٍ، قَالَ:
كُنَّا عِنْدَ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - سَبْعَةً، أَوْ ثَمَانِيَةً، أَوْ تِسْعَةً؛،
__________
(1) نسبة إلى المدد.
(2) أخرجه أحمد 6 / 26، و27 و28 من طريقين، عن صفوان بن
عمرو، عن عبد الرحمن ابن جبير بن نفير، عن أبيه، عن عوف بن
مالك الاشجعي، قال: خرجت مع من خرج مع زيد ابن حارثة من
المسلمين في غزوة مؤتة، ورافقني مددي من اليمن، ليس معه
غير سيفه، فنحر رجل من المسلمين جزورا، فسأله المددي طائفة
من جلده، فأعطاه إياه، فاتخذه كهيئة الدرق، ومضينا، فلقينا
جموع الروم، وفيهم رجل على فرس له أشقر، عليه سرج مذهب،
وسلاح مذهب، فجعل الرومي يغري بالمسلمين، وقعد له المددي
خلف صخرة، فمر به الرومي، فعرقب فرسه، فخر، وعلاه فقتله،
وحاز فرسه وسلاحه، فلما فتح الله للمسلمين، بعث إليه خالد
بن الوليد، فأخذ منه السلب، قال عوف: فأتيته، فقلت: يا
خالد، أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى
بالسلب للقاتل ؟ قال: بلى، ولكني استكثرته، قلت: لتردنه
إليه أو لاعرفنكها عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي
أن يرد عليه قال عوف: فاجتمعنا عند رسول الله صلى الله
عليه وسلم، وقصصت عليه قصة المددي وما فعله خالد، فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا خالد، ما حملك على ما
صنعت " ؟ قال: يا رسول الله، استكثرته.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يا خالد، ما حملك على
ما صنعت " ؟ قال: يا رسول الله، استكثرته.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يا خالد، رد عليه ما
أخذت منه ".
قال عوف: دونك يا خالد، ألم أف لك ؟ فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: " وما ذاك " ؟ فأخبرته، فغضب رسول الله
صلى الله عليه وسلم، وقال: " يا خالد، لا ترده عليه، هل
أنتم تاركو لي أمرائي، لكم صفوة أمرهم، وعليهم كدره ".
(2/488)
فَقَالَ أَلاَ: (تُبَايِعُوْنَ؟)...،
الحَدِيْثَ (1) .
قَالَ الوَاقِدِيُّ: كَانَتْ رَايَةُ أَشْجَعَ يَوْمَ
الفَتْحِ مَعَ عَوْفِ بنِ مَالِكٍ (2) .
بُسْرُ (3) بنُ عُبَيْدِ اللهِ: عَنْ أَبِي إِدْرِيْسَ
الخَوْلاَنِيِّ، حَدَّثَنِي عَوْفٌ:
أَتَيْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- وَهُوَ فِي خَيْمَةٍ مِنْ أَدَمٍ، فَتَوَضَّأَ
وُضُوْءاً مَكِيْثاً.
قُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، أَدْخُلُ؟
قَالَ: (نَعَمْ).
قُلْتُ: كُلِّي؟
قَالَ: (كُلَّكَ).
ثُمَّ قَالَ: (يَا عَوْفُ، اعْدُدْ سِتّاً بَيْن يَدَيَّ
السَّاعَةَ...)، وَذَكَرَ الحَدِيْثَ (4).
__________
(1) وتمامه: " ألا تبايعون رسول الله " وكنا حديث عهد
بيعة، فقلنا: قد بايعناك يا رسول الله، ثم قال: " ألا
تبايعون رسول الله " ؟ فقلنا: قد بايعناك يا رسول الله، ثم
قال: " ألا تبايعون رسول الله ؟ قال: فبسطنا أيدينا،
وقلنا: قد بايعناك يا رسول الله، فعلام نبايعك ؟
قال: " على أن تعبدوا الله، ولا تشركوا به شيئا، والصلوات
الخمس، وتطيعوا وأسر كلمة خفية: ولا تسألوا الناس شيئا ".
فلقد رأيت بعض أولئك النفر يسقط سوط أحدهم، فما يسأل أحدا
يناوله إياه.
أخرجه مسلم في " صحيحه " (1043) في الزكاة: باب كراهة
المسألة للناس، من طريقين عن مروان بن محمد الدمشقي، عن
سعيد بن عبد العزيز، عن ربيعة بن يزيد، عن أبي إدريس
الخولاني، عن أبي مسلم الخولاني، عن عوف بن مالك الاشجعي.
(2) ابن سعد 4 / 281، و" المستدرك " 3 / 546.
(3) تصحف في المطبوع إلى " بشر ".
(4) وتمامه: " موتي، ثم فتح بيت المقدس، ثم موتان يأخذ
فيكم كقعاص الغنم، ثم استفاضة المال حتى يعطى الرجل مئة
دينار فيظل ساخطا، ثم فتنة لا يبقى بيت من العرب إلا
دخلته، ثم هدنة تكون بينكم وبين بني الاصفر، فيغدرون،
فيأتونكم تحت ثمانين غاية، تحت كل غاية اثنا عشر ألفا ".
أخرجه البخاري في " صحيحه " دون قصة الدخول 6 / 198، 199،
في الجهاد: باب ما يحذر من الغدر، من طريق الحميدي، حدثنا
الوليد بن مسم، حدثنا عبد الله بن العلاء بن زبر، قال:
سمعت بسر بن عبيد الله، أنه سمع أبا إدريس، قال: سمعت عوف
ابن مالك.
وأخرج قصة الدخول أبو داود (5000) في الأدب، من طريق مؤمل
بن الفضل، حدثنا الوليد ابن مسلم، عن عبد الله بن العلاء،
عن بسر بن عبيد الله، عن أبي إدريس، عن عوف بن
مالك..وأخرجه ابن ماجه (4042) بتمامه من طريق عبد الرحمن
بن إبراهيم، عن الوليد بن =
(2/489)
ابْنُ أَبِي عَرُوْبَةَ: عَنْ قَتَادَةَ،
عَنْ أَبِي المَلِيْحِ، عَنْ عَوْفٍ، قَالَ:
عَرَّسَ بِنَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- فَتَوَسَّدَ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنَّا ذِرَاعَ
رَاحِلَتِهِ! فَانْتَبَهْتُ فِي بَعْضِ اللَّيْلِ؛ فَإِذَا
أَنَا لاَ أَرَى رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - عِنْدَ رَاحِلَتِهِ، فَأَفْزَعَنِي ذَلِكَ.
فَانْطَلَقْتُ أَلْتَمِسُهُ؛ فَإِذَا مُعَاذٌ وَأَبُو
مُوْسَى يَلْتَمِسَانِهِ، فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ،
إِذْ سَمِعْنَا هَزِيْزاً بِأَعْلَى الوَادِي كَهَزِيْزِ
الرَّحَى!
قَالَ: فَأَخْبَرْنَاهُ بِمَا كَانَ مِنْ أَمرنَا،
فَقَالَ: (أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتٍ مِنْ رَبِّي،
فَخَيَّرنَي بَيْنَ الشَّفَاعَةِ، وَبَيْنَ أَنْ يُدْخِلَ
نِصْفَ أُمَّتِي الجَنَّةَ، فَاخْتَرْتُ الشَّفَاعَةَ).
فَقُلْتُ: أَنْشُدُكَ اللهَ، وَالصُّحْبَةَ يَا نَبِيَّ
اللهِ، لَمَا جَعَلْتَنَا مِنْ أَهْلِ شَفَاعَتِكَ؟
قَالَ: (فَإِنَّكُم مِنْ أَهْلِ شَفَاعَتِي (1)).
جَعْفَرُ بنُ بُرْقَانَ: حَدَّثَنَا ثَابِتُ بنُ
الحَجَّاجِ الكِلاَبِيُّ، قَالَ:
شَتَوْنَا فِي حِصْنٍ دُوْنَ القُسْطَنْطِيْنِيَةِ،
وَعَلَيْنَا عَوْفُ بنُ مَالِكٍ، فَأَدْرَكْنَا رَمَضَانَ،
فَقَالَ عَوْفٌ:...، فَذَكَر حَدِيْثاً.
قَالَ الوَاقِدِيُّ، وَخَلِيْفَةُ، وَأَبُو عُبَيْدٍ:
مَاتَ عَوْفٌ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسَبْعِيْنَ.
__________
= مسلم به.
وانظر " المسند " 6 / 22 و25 و27، و" المستدرك " 3 / 546،
547.
وقوله: " وتوضأ وضوءا مكيثا ": أي: بطيئا متأنيا غير
مستعجل، والمكث والمكث: الاقامة مع الانتظار، والتلبث في
المكان.
وقد تصحف في المطبوع إلى " مكينا ".
(1) إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد 6 / 28 من طريق بهز، عن أبي عوانة، حدثنا
قتادة، عن أبي المليح، عن عوف بن مالك.
وصححه ابن حبان (2592) و(2593)، وأخرجه مختصرا الترمذي
(2441) من طريق هناد، عن عبدة، عن سعيد بن أبي عروبة، عن
قتادة، عن أبي المليح، عن عوف بن مالك.
وعرس: التعريس: نزول المسافر آخر الليل للنوم والاستراحة.
والهزير: الصوت:
(2/490)
102 - مُعَيْقِيْبُ بنُ أَبِي فَاطِمَةَ
الدَّوْسِيُّ * (ع)
مِنَ المُهَاجِرِيْنَ، وَمِنْ حُلَفَاءِ بَنِي عَبْدِ
شَمْسٍ.
وَكَانَ أَمِيْناً عَلَى خَاتَمِ النَّبِيِّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وَقَدِ اسْتَعْمَلَهُ أَبُو بَكْرٍ عَلَى الفَيْءِ،
وَوَلِيَ بَيْتَ المَالِ لِعُمَرَ.
رَوَى حَدِيْثَيْنِ.
وَذَكَرَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَةَ - وَحْدَهُ -:
أَنَّهُ شَهِدَ بَدْراً.
وَلاَ يَصِحُّ هَذَا.
رَوَى عَنْهُ: حَفِيْدُهُ؛ إِيَاسُ بنُ الحَارِثِ بنِ
مُعَيْقِيْبٍ، وَأَبُو سَلَمَةَ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ.
وَلَهُ هِجْرَةٌ إِلَى الحَبَشَةِ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ قَدِمَ مَعَ جَعْفَرٍ لَيَالِيَ
خَيْبَرَ.
وَكَانَ مُبْتلَىً بِالجُذَامِ.
ابْنُ سَعْدٍ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي
عَاصِمُ بنُ عُمَرَ، عَنْ مَحْمُوْدِ بنِ لَبِيْدٍ، قَالَ:
أَمَّرَنِي يَحْيَى بنُ الحَكَمِ عَلَى جُرَشَ،
فَقَدِمْتُهَا، فَحَدَّثُوْنِي أَنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ
جَعْفَرٍ حَدَّثَهُم:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
قَالَ لِصَاحِبِ هَذَا الوَجَعِ - الجُذَامَ -:
(اتَّقُوْهُ كَمَا يُتَّقَى السَّبُعُ؛ إِذَا هَبَطَ
وَادِياً فَاهْبِطُوا غَيْرَهُ).
__________
(*) مسند أحمد: 3 / 426 و5 / 425، التاريخ لابن معين: 578،
طبقات ابن سعد: 4 / 116، طبقات خليفة: 13، 123، تاريخ
خليفة: 199، 202، المعارف: 316، 584، الاستيعاب: 4 / 1478،
أسد الغابة: 5 / 240، تهذيب الكمال: 1358، العبر: 1 / 47،
تهذيب التهذيب: 10 / 254، الإصابة: 9 / 266، خلاصة تذهيب
الكمال: 397، شذرات الذهب: 1 / 48.
(2/491)
فَقَدِمْتُ المَدِيْنَةَ، فَسَأَلْتُ
عَبْدَ اللهِ بنَ جَعْفَرٍ، فَقَالَ:
كَذَبُوا، وَاللهِ مَا حدَّثتُهم هَذَا! وَلَقَدْ رَأَيْتُ
عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ يُؤْتَى بِالإِنَاءِ فِيْهِ
المَاءُ، فَيُعْطِيْهِ مُعَيْقِيْباً - وَكَانَ رَجُلاً
قَدْ أَسْرَعَ فِيْهِ ذَاكَ الدَّاءُ - فَيَشْرَبُ مِنْهُ،
وَيُنَاوِلُهُ عُمَرَ، فَيَضَعُ فَمَهُ مَوْضِعَ فَمِهِ،
حَتَّى يَشْرَبَ مِنْهُ؛ فَعَرَفْتُ أَنَّهُ يَفْعَلُهُ
فِرَاراً مِنَ العَدْوَى (1) .
وَكَانَ يَطْلَبُ الطِّبَّ مِنْ كُلِّ مَنْ سُمِعَ لَهُ
بِطِبٍّ، حَتَّى قَدِمَ عَلَيْهِ رَجُلاَنِ مِنْ أَهْلِ
اليَمَنِ، فَقَالَ:
هَلْ عِنْدَكُمَا مِنْ طِبٍّ لِهَذَا الرَّجُلِ
الصَّالِحِ؟
فَقَالاَ: أَمَّا شَيْءٌ يُذْهِبُهُ، فَلاَ نَقْدِرُ
عَلَيْهِ؛ وَلَكِنَّا سَنُدَاوِيْهِ دَوَاءً يُوْقِفُهُ،
فَلاَ يَزِيْدُ.
فَقَالَ عُمَرُ: عَافِيَةٌ عَظِيْمَةٌ.
فَقَالاَ: هَلْ تُنْبِتُ أَرْضُكَ الحَنْظَلَ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالاَ: فَاجْمَعْ لَنَا مِنْهُ.
فَأَمَرَ، فَجُمِعَ لَهُ مِلْءُ مِكْتَلَيْنِ
عَظِيْمَيْنِ.
فَشَقَّا كُلَّ وَاحِدَةٍ نِصْفَيْنِ؛ ثُمَّ أَضْجَعَا
مُعَيْقِيْباً، وَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا
بِرِجْلٍ، ثُمَّ جَعَلاَ يَدْلُكَانِ بُطُوْنَ قَدَمَيْهِ
بِالحَنْظَلَةِ، حَتَّى إِذَا مُحِقَتْ، أَخَذَا أُخْرَى،
حَتَّى إِذَا رَأَيَا مُعَيْقِيْباً يَتَنَخَّمُهُ
أَخْضَرَ مُرّاً أَرْسَلاَهُ.
ثُمَّ قَالاَ لِعُمَرَ: لاَ يَزِيْدُ وَجَعُهُ بَعْدَ
هَذَا أَبَداً.
قَالَ: فَوَاللهِ، مَا زَالَ مُعَيْقِيْبٌ مُتَمَاسِكاً،
لاَ يَزِيْدُ وَجَعُهُ، حَتَّى مَاتَ (2) .
صَالِحُ بنُ كَيْسَانَ: قَالَ أَبُو زِنَادٍ:
حَدَّثَنِي خَارِجَةُ بنُ زَيْدٍ: أَنَّ عُمَرَ دَعَاهُمْ
لِغَدَائِهِ، فَهَابُوا، وَكَانَ فِيْهِمْ مُعَيْقِيْبٌ -
وَكَانَ بِهِ جُذَامٌ - فَأَكَلَ مُعَيْقِيْبٌ
__________
(1) لفظ " الطبقات " المطبوع: فعرفت أنما يصنع عمر ذلك
فرارا من أن يدخله شيء من العدوى.
(2) أخرجه ابن سعد في " الطبقات " 4 / 117، 118.
وسنده قوي.
وجرش: من مخاليف اليمن من جهة مكة.
والمكتل: الزبيل الكبير.
(2/492)
مَعَهُم.
فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: كُلْ مِمَّا يَلِيْكَ، وَمِنْ
شِقِّكَ؛ فَلَوْ كَانَ غَيْرُكَ مَا آكَلَنِي فِي
صَحْفَةٍ، وَلَكَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ قَيْدُ رُمْحٍ (1)
.
وَرَوَى: الوَاقِدِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ
أَبِيْهِ، عَنْ خَارِجَةَ نَحْوَهُ (2) .
عَاشَ مُعَيْقِيْبٌ إِلَى خِلاَفَةِ عُثْمَانَ.
وَقِيْلَ: عَاشَ إِلَى سَنَةِ أَرْبَعِيْنَ -رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ-.
وَالفِرَارُ منَ المَجْذُوْمِ، وَتَرْكُ مُؤَاكَلِتِهِ
جَائِزٌ، لَكِنْ لِيَكُنْ ذَلِكَ بِحَيْثُ لاَ يَكَادُ
يَشْعُرُ المَجْذُوْمُ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ يُحْزِنُهُ.
وَمَنْ وَاكَلَهُ - ثِقَةً بِاللهِ، وَتَوَكُّلاً عَلَيْهِ
- فَهُوَ مُؤْمِنٌ (3).
103 - أَبُو مَسْعُوْدٍ البَدْرِيُّ عُقْبَةُ بنُ عَمْرِو
بنِ ثَعْلَبَةَ * (ع)
__________
(1) أخرجه ابن سعد 4 / 118، من طريق يعقوب بن إبراهيم بن
سعد الزهري، عن أبيه بهذا الإسناد، ورجاله ثقات، لكنه
منقطع بين خارجة وعمر.
(2) ابن سعد 4 / 118.
(3) هو لا شك مؤمن، ولكنه مخطئ، لأنه ثبت عنه صلى الله
عليه وسلم قوله: " وفر من المجذوم فرارك من الاسد " وهو في
الصحيح وغيره.
وأما الحديث الذي فيه أنه صلى الله عليه وسلم أخذ بيد
مجذوم، فوضعها معه في القصعة، فحديث ضعيف لا ينبغي الاخذ
به ولا التعويل عليه.
أخرجه أبو داوود (3925) والترمذي (1818)، وابن ماجة
(3542)، وفي سنده المفضل بن فضالة بن أبي أمية، وهو ضعيف،
وقد عدوا هذا الحديث من مناكيره.
(*) مسند أحمد: 4 / 118 و5 / 272، التاريخ لابن معين: 410،
طبقات ابن سعد: 6 / 16، طبقات خليفة: 96، 136، تاريخ
خليفة: 202، التاريخ الكبير: 6 / 429، الجرح والتعديل: 6 /
313، الاستبصار: 130، الاستيعاب: 3 / 1047، ابن عساكر: 11
/ 354 / 1، أسد الغابة: 4 / 57 و6 / 286، تهذيب الكمال:
948، العبر: 1 / 46، تهذيب التهذيب: 7 / 249 247، الإصابة:
7 / 24، خلاصة تذهيب الكمال: 269.
(2/493)
وَلَمْ يَشْهَدْ بَدْراً عَلَى الصَّحِيْحِ
(1) ، وَإِنَّمَا نَزَلَ مَاءً بِبَدْرٍ، فَشُهْرَ
بِذَلِكَ.
وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ بَيْعَةَ العَقَبَةِ، وَكَانَ
شَابّاً مِنْ أَقْرَانِ جَابِرٍ فِي السِّنِّ.
رَوَى أَحَادِيْثَ كَثِيْرَةً.
وَهُوَ مَعْدُوْدٌ فِي عُلَمَاءِ الصَّحَابَةِ.
نَزَلَ الكُوْفَةَ.
وَاسْمُهُ: عُقْبَةُ بنُ عَمْرِو بنِ ثَعْلَبَةَ بنِ
أُسَيْرَةَ بنِ عُسَيْرَةَ الأَنْصَارِيُّ.
وَقِيْلَ: يُسَيْرَةُ بنُ عُسَيْرَةَ - بِضَمِّهِمَا - بنِ
عَطِيَّةَ بنِ خُدَارَةَ (2) بنِ عَوْفٍ بنِ الحَارِثِ بنِ
الخَزْرَجِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: وَلَدُهُ؛ بَشِيْرٌ، وَأَوْسُ بنُ
ضَمْعَجٍ، وَعَلْقَمَةُ، وَأَبُو وَائِلٍ، وَقَيْسُ بنُ
أَبِي حَازِمٍ، وَربْعِيُّ بنُ حِرَاشٍ، وَعَبْدُ
الرَّحْمَنِ بنُ يَزِيْدَ، وَعَمْرُو بنُ مَيْمُوْنٍ،
وَالشَّعْبِيُّ، وَعِدَّةٌ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: شَهِدَ العَقَبَةَ، وَلَمْ يَشْهَدْ
بَدْراً.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: جَدُّهُ نُسَيْرَةُ - بِنُوْنٍ
- فَخُوْلِفَ.
وَقَالَ مُوْسَى بنُ عُقْبَةَ: إِنَّمَا نَزَلَ
بِمَوْضِعٍ، يُقَالُ لَهُ: بَدْرٌ.
وَرَوَى: شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، قَالَ:
لَمْ يَكُنْ بَدْرِيّاً.
وَقَالَ الحَكَمُ: كَانَ بَدْرِيّاً (3).
__________
(1) وجزم البخاري بأنه شهدها، واستدل بأحاديث أخرجها في "
صحيحه "، في بعضها التصريح بأنه شهدها.
(2) خدارة: بالخاء المعجمة كما في الأصل و" الاشتقاق " و"
جمهرة ابن حزم " و" أسد الغابة " و" الإصابة " وفي " سيرة
ابن هشام " 1 / 692 جدارة بالجيم المعجمة.
قال السهيلي في " الروض الانف ": وغير ابن إسحاق يقول في
جدارة: خدارة، بالخاء المضمومة.
(3) سقط من المطبوع من قوله: وروى شعبة .. إلى هنا.
(2/494)
وَرَوَى: شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ،
قَالَ:
أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ، عَمَّنْ لاَ يُتَّهَمُ: أَنَّهُ
سَمِعَ أَبَا مَسْعُوْدٍ الأَنْصَارِيَّ، وَكَانَ قَدْ
شَهِدَ بَدْراً.
وَقَالَ حَبِيْبٌ: عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ:
قَالَ عُمَرُ لأَبِي مَسْعُوْدٍ: نُبِّئْتُ أَنَّكَ
تُفْتِي النَّاسَ، وَلَسْتَ بِأَمِيْرٍ! فَوَلِّ حَارَّهَا
مَنْ تَوَلَّى قَارَّهَا (1) .
يَدَلُّ عَلَى أَنَّ مَذْهَبَ عُمَرَ: أَنْ يَمْنَعَ
الإِمَامُ مَنْ أَفْتَى بِلاَ إِذْنٍ.
وَقَالَ خَلِيْفَةُ: اسْتَعْمَلَ عَلِيٌّ - لَمَّا حَارَبَ
مُعَاوِيَةَ - عَلَى الكُوْفَةِ أَبَا مَسْعُوْدٍ (2) .
وَكَذَا نَقَلَ مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ:
فَكَانَ يَقُوْلُ: مَا أَوَدُّ أَنْ تَظْهَرَ إِحْدَى
الطَّائِفَتَيْنِ عَلَى الأُخْرَى.
قِيْلَ: فَمَهْ.
قَالَ: يَكُوْنُ بَيْنَهُم صُلْحٌ.
فَلَمَّا قَدِمَ عَلِيٌّ، أُخْبِرَ بِقِوْلِهِ، فَقَالَ:
اعْتَزِلْ عَمَلَنَا.
قَالَ: وَمِمَّهْ؟
قَالَ: إِنَّا وَجَدْنَاكَ لاَ تَعْقِلُ عَقْلَهُ.
قَالَ: أَمَّا أَنَا، فَقَدْ بَقِيَ مِنْ عَقْلِي أَنَّ
الآخَرَ شَرٌّ.
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: عَنْ أَيُّوْبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ،
قَالَ أَبُو مَسْعُوْدٍ:
كُنْتُ رَجُلاً عَزِيْزَ النَّفْسِ، حَمِيَّ الأَنْفِ، لاَ
يَسْتَقِلُّ مِنِّي أَحَدٌ شَيْئاً، سُلْطَانٌ وَلاَ
غَيْرَهُ؛ فَأَصْبَحَ أُمَرَائِي يُخَيِّرُوْنَنِي بَيْنَ
أَنْ أُقِيْمَ عَلَى مَا أَرْغَمَ أَنْفِي وَقَبَّحَ
وَجْهِي؛ وَبَيْنَ أَنْ آخُذَ سَيْفِي، فَأَضْرِبَ،
فَأَدْخُلَ النَّارَ (3) .
وَقَالَ بَشِيْرُ بنُ عَمْرٍو: قُلْنَا لأَبِي مَسْعُوْدٍ:
أَوْصِنَا.
قَالَ: عَلَيْكُم
__________
(1) القار: من القر: البرد، قال ابن الأثير: جعل الحركناية
عن الشر والشدة، والبرد كناية عن الخير والهين، أراد: ول
شرها من تعولى خيرها، وول شديدها من تولى هينها.
(2) تاريخ خليفة: 202.
(3) رجاله ثقات.
(2/495)
بِالجَمَاعَة، فَإِنَّ اللهَ لَنْ يَجْمَعَ
الأُمَّةَ عَلَى ضَلاَلَةٍ؛ حَتَّى يَسْتَرِيْحَ بَرٌّ،
أَوْ يُسْتَرَاحَ مِنْ فَاجِرٍ.
قَالَ خَلِيْفَةُ: مَاتَ أَبُو مَسْعُوْدٍ قَبْلَ
الأَرْبَعِيْنَ (1) .
وَقَالَ ابْنُ قَانِعٍ: سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ.
وَقَالَ المَدَائِنِيُّ، وَغَيْرُهُ: سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ.
وَقِيْلَ: لَهُ وِفَادَةٌ عَلَى مُعَاوِيَةَ.
وَعَنْ خَيْثَمَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ:
لَمَّا خَرَجَ عَلِيٌّ، اسْتَخْلَفَ أَبَا مَسْعُوْدٍ
عَلَى الكُوْفَةِ، وَتَخَبَّأَ رِجَالٌ لَمْ يَخْرُجُوا
مَعَ عَلِيٍّ.
فَقَالَ أَبُو مَسْعُوْدٍ عَلَى المِنْبَرِ: أَيُّهَا
النَّاسُ، مَنْ كَانَ تَخَبَّأَ، فَلْيَظْهَرْ؛
فَلَعَمْرِي لَئِنْ كَانَ إِلَى الكَثْرَةِ؛ إِنَّ
أَصْحَابَنَا لَكَثِيْرٌ، وَمَا نَعُدُّهُ قُبْحاً أَنْ
يَلْتَقِيَ هَذَانِ الجَبَلاَنِ غَداً مِنَ
المُسْلِمِيْنَ، فَيَقْتُلَ هَؤُلاَءِ هَؤُلاَءِ؛
وَهَؤُلاَءِ هَؤُلاَءِ.
حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ إِلاَّ رِجْرِجَةٌ (2) مِنْ
هَؤُلاَءِ وَهَؤُلاَءِ؛ ظَهَرَتْ إِحْدَى
الطَّائِفَتَيْنِ.
وَلَكِنْ نَعُدُّ قُبْحاً أَن يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرٍ
مِنْ عِنْدِهِ، يَحْقِنُ بِهِ دِمَاءهُم، وَيُصْلِحُ بِهِ
ذَاتَ بَيْنِهِم.
قَالَ يَحْيَى القَطَّانُ: مَاتَ أَبُو مَسْعُوْدٍ
أَيَّامَ قُتِلَ عَلِيٌّ بِالكُوْفَةِ.
وَقَالَ الوَاقِدِيُّ: مَاتَ بِالمَدِيْنَةِ، فِي
خِلاَفَةِ مُعَاوِيَةَ (3).
104 - أُسَامَةُ بنُ زَيْدِ بنِ حَارِثَةَ بنِ شَرَاحِيْلَ
* (ع)
ابْنِ عَبْدِ العُزَّى بنِ امْرِئِ القَيْسِ المَوْلَى،
الأَمِيْرُ الكَبِيْرُ.
__________
(1) طبقات خليفة: 96.
(2) الرجرية: رذالة الناس ورعاعهم الذين لا عقول لهم.
(3) ابن سعد 6 / 16.
(*) مسند أحمد: 5 / 199، طبقات ابن سعد: 4 / 72 61،
التاريخ لابن معين: 22، =
(2/496)
حِبُّ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَوْلاَهُ، وَابْنُ مَوْلاَهُ.
أَبُو زَيْدٍ.
وَيُقَالُ: أَبُو مُحَمَّدٍ.
وَيُقَالُ: أَبُو حَارِثَةَ.
وَقِيْلَ: أَبُو يَزِيْدَ.
اسْتَعْمَلَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- عَلَى جَيْشٍ لِغَزْوِ الشَّامِ، وَفِي
الجَيْشِ عُمَرُ وَالكِبَارُ؛ فَلَمْ يَسِرْ حَتَّى
تُوُفِّيَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ -؛ فَبَادَرَ الصِّدِّيْقُ بِبَعْثِهِمْ،
فَأَغَارُوا عَلَى أُبْنَى، مِنْ نَاحِيَةِ البَلْقَاءِ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ شَهِدَ يَوْمَ مُؤْتَةَ مَعَ وَالِدِهِ،
وَقَدْ سَكَنَ المِزَّةَ (1) مُدَّةً؛ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى
المَدِيْنَةِ، فَمَاتَ بِهَا.
وَقِيْلَ: مَاتَ بِوَادِي القُرَى.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو هُرَيْرَةَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ،
وَأَبُو وَائِلٍ، وَأَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ،
وَعُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ، وَأَبُو سَلَمَةَ، وَأَبُو
سَعِيْدٍ المَقْبُرِيُّ، وَعَامِرُ بنُ سَعْدٍ، وَأَبُو
ظَبْيَانَ، وَعَطَاءُ بنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَعِدَّةٌ،
وَابْنَاهُ؛ حَسَنٌ وَمُحَمَّدٌ.
ثَبَتَ عَنْ أُسَامَةَ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَأْخُذُنِي وَالحَسَنَ،
فَيَقُوْلُ: (اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُمَا،
فَأَحِبَّهُمَا) (2).
__________
= طبقات خليفة: 6 / 297، تاريخ خليفة: 100، 226، التاريخ
الكبير: 2 / 20، المعارف لابن قتيبة: 145 144، 164، 166،
تاريخ الفسوي: 1 / 304، الجرح والتعديل: 2 / 283، معجم
الطبراني الكبير: 1 / 144 120، المستدرك: 3 / 596،
الاستبصار: 34، 87، الاستيعاب: 1 / 75، ابن عساكر: 2 / 341
/ 1، أسد الغابة: 1 / 79، تهذيب الكمال: 78، تهذيب
التهذيب: 1 / 50، تاريخ الإسلام: 2 / 270، العبر: 1 / 59،
مجمع الزوائد: 9 / 286، تهذيب التهذيب: 1 / 208، الإصابة:
1 / 54، خلاصة تذهيب الكمال: 26، كنز العمال: 13 / 270،
تهذيب ابن عساكر: 2 / 394، 402.
(1) المزة: قرية في جنوب غربي دمشق، تبعد عنها ثلاثة أميال
تقريبا، وقد اتصلت الآن بدمشق وأصبحت منطقة سكنية.
(2) أخرجه البخاري 7 / 70 في فضائل أصحاب النبي صلى الله
عليه وسلم، من طريق موسى بن إسماعيل، عن المعتمر، عن أبيه،
عن أبي عثمان النهدي، عن أسامة بن زيد..وهو في " المسند "
5 / 210، وابن سعد 4 / 62.
سير 2 / 32
(2/497)
قُلْتُ: هُوَ كَانَ أَكْبَرَ مِنَ الحَسَنِ
بِأَزْيَدَ مِنْ عَشْرِ سِنِيْنَ.
وَكَانَ شَدِيْدَ السَّوَادِ، خَفِيْفَ الرُّوْحِ،
شَاطِراً، شُجَاعاً، رَبَّاهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَحَبَّهُ كَثِيْراً.
وَهُوَ ابْنُ حَاضِنَةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أُمِّ أَيْمَنَ، وَكَانَ أَبُوْهُ
أَبْيَضَ، وَقَدْ فَرِحَ لَهُ رَسُوْلُ اللهِ بِقَوْلِ
مُجَزِّزٍ المُدْلِجِيِّ: إِنَّ هَذِهِ الأَقْدَامَ
بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ (1) .
أَبُو عَوَانَةَ: عَنْ عُمَرَ بنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ
أَبِيْهِ، أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ:
أَنَّ عَلِيّاً قَالَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، أَيُّ أَهْلِكَ
أَحَبُّ إِلَيْكَ؟
قَالَ: (فَاطِمَةُ).
قَالَ: إِنَّمَا أَسْأَلُكَ عَنِ الرِّجَالِ؟
قَالَ: (مَنْ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ، وَأَنْعَمْتُ
عَلَيْهِ: أُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ).
قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟
قَالَ: (ثُمَّ أَنْتَ (2)).
وَرَوَى: مُغِيْرَةُ، عَنِ الشَّعْبِيِّ:
أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا يَنْبَغِي لأَحَدٍ أَنْ
يُبْغِضَ أُسَامَةَ بَعْدَ مَا سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (مَنْ
كَانَ يُحِبُّ اللهَ وَرَسُوْلَهُ، فَلْيُحِبَّ أُسَامَةَ)
(3).
__________
(1) أخرجه البخاري 7 / 69 في المناقب: باب مناقب زيد بن
حارثة، و12 / 48 في الفرائض، ومسلم (1459) من طريق ابن
شهاب، عن عروة، عن عائشة قالت: دخل علي قائف، والنبي صلى
الله عليه وسلم شاهد، وأسامة بن زيد وزيد بن حارثة
مضطجعان، فقال: " إن هذه الاقدام بعضها ن بعض " قال: فسر
بذلك النبي صلى الله عليه وسلم وأعجبه، فأخبر به عائشة.
وهو في " المسند " 6 / 82 و226، وسنن أبي داود (2267)،
والنسائي 6 / 184، والترمذي (2129)، وابن ماجة (2349)،
وابن سعد 4 / 63.
قال أبو داود: نقل أحمد بن صالح عن أهل النبس أنهم كانوا
في الجاهلية يقدحون في نسب أسامة، لأنه كان أسود شديد
السواد، وكان أبوه زيد أبيض من القطن، فلما قال القائف، ما
قال مع اختلاف اللون، سر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك،
لكونه كافا لهم عن اطعن فيه لاعتقادهم ذلك.
(2) أخرجه الترمذي (3819)، والطبراني (369)، والحاكم 3 /
596، وضعفه المؤلف في " مختصره "، فقال: عمر بن أبي سلمة
ضعيف.
(3) ذكره الهيثمي في " المجمع " 9 / 286، وقال: رواه أحمد،
ورجاله رجال الصحيح.
(2/498)
وَقَالَتْ عَائِشَةُ فِي شَأْنِ
المَخْزُوْمِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ، فَقَالُوا:
مَنْ يَجْتَرِئُ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ يُكَلِّمُهُ فِيْهَا
إِلاَّ أُسَامَةُ؛ حِبُّ رَسُوْل اللهِ (1) -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
مُوْسَى بنُ عُقْبَةَ، وَغَيْرُهُ: عَنْ سَالِمٍ، عَنِ
ابْنِ عُمَرَ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-: (أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ أُسَامَةُ، مَا
حَاشَا فَاطِمَةَ وَلاَ غَيْرَهَا (2)).
قَالَ زَيْدُ بنُ أَسْلَمَ: عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
فَرَضَ عُمَرُ لأُسَامَةَ ثَلاَثَةَ آلاَفٍ وَخَمْسِ
مائَةٍ، وَفَرَضَ لابْنِهِ عَبْدِ اللهِ ثَلاَثَةَ آلاَفٍ.
فَقَالَ: لِمَ فَضَّلْتَهُ عَلَيَّ، فَوَاللهِ مَا
سَبَقَنِي إِلَى مَشْهَدٍ؟
قَالَ: لأَنَّ أَبَاهُ كَانَ أَحَبَّ إِلَى رَسُوْلِ اللهِ
مِنْ أَبِيْكَ، وَهُوَ أَحَبُّ إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْكَ؛ فَآثَرْتُ
حُبَّ رَسُوْلِ اللهِ عَلَى حُبِّي (3) .
حَسَّنَهُ: التِّرْمِذِيُّ.
قَالَ ابْنُ عُمَرَ: أَمَّرَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُسَامَةَ، فَطَعَنُوا فِي
إِمَارَتِهِ؛ فَقَالَ:
__________
(1) أخرجه البخاري 6 / 377 في أحاديث الأنبياء، و12 / 77
في الفرائض، ومسلم (1688) في الحدود، والترمذي (1430)،
وأبو داود (4373) والدارمي 2 / 173، وابن ماجة (2547)،
والنسائي 8 / 73، وابن سعد 4 / 69، 70، كلهم من طريق
الليث، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة، أن قريشا أهمهم
شأن المرأة المخزومية التي سرقت، فقالوا: من يكلم فيها
رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقالوا: ومن يجترئ عليه
إلا أسامة حب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكلمه أسامة،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أتشفع في حد من حدود
الله " ؟ ثم قام، فاختطب، فقال: " أيها الناس، إنما أهلك
الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف، تركوه،
وإذا سرق فيهم الضعيف، أقاموا عليه الحد، وايم الله، لو أن
فاطمة بنت محمد سرقت، لقطعت يدها ".
(2) رجاله ثقات.
وأخرجه الطبراني برقم (372)، والحاكم 3 / 596، من طرق عن
حماد
ابن سلمة بهذا الإسناد، وصححه، ووافقه الذهبي، وذكره
الهيثمي في " المجمع " 9 / 286، ونسبه إلى أبي يعلى، وقال:
رجاله رجال الصحيح.
ولفظه: " وإنه لاحب الناس إلى كلهم "، وكان ابن عمر يقول:
حاشا فاطمة.
(3) أخرجه الترمذي (3813) وإسناده ضعيف، وانظر " طبقات ابن
سعد " 4 / 70.
(2/499)
(إِنْ يَطْعَنُوا فِي إِمَارَتِهِ، فَقَدْ
طَعَنُوا فِي إِمَارَةِ أَبِيْهِ، وَايْمُ اللهِ، إِنْ
كَانَ لَخَلِيْقاً لِلإِمَارَةِ، وَإِنْ كَانَ لَمِنْ
أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ، وَإِنَّ ابْنَهُ هَذَا لَمِنْ
أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ بَعْدَهُ (1)).
قُلْتُ: لَمَّا أَمَّرَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى ذَلِكَ الجَيْشِ، كَانَ
عُمُرُهُ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً.
ابْنُ سَعْدٍ: حَدَّثَنَا يَزِيْدُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ
بنُ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
أَخَّرَ الإِفَاضَةَ مِنْ عَرَفَةَ مِنْ أَجْلِ أُسَامَةَ
يَنْتَظِرُهُ، فَجَاءَ غُلاَمٌ أَسْوَدُ، أَفْطَسُ،
فَقَالَ أَهْلُ اليَمَنِ: إِنَّمَا جَلَسْنَا لِهَذَا!
فَلِذَلِكَ ارْتَدُّوا -يَعْنِي: أَيَّامَ الرِّدَّةِ (2)
-.
قَالَ وَكِيْعٌ: سَلِمَ مِنَ الفِتْنَةِ مِنَ
المَعْرُوْفِيْنَ: سَعْدٌ، وَابْنُ عُمَرَ، وَأُسَامَةُ
بنُ زَيْدٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ مَسْلَمَةَ.
قُلْتُ: انْتَفَعَ أُسَامَةُ مِنْ يَوْمِ النَّبِيِّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذْ يَقُوْلُ لَهُ:
(كَيْفَ (3) بِلاَ إِلَهَ إِلاَّ
__________
(1) أخرجه البخاري 7 / 69 في المناقب: باب مناقب زيد، و382
في المغازي: باب غزوة زيد بن حارثة، و8 / 115 في المغازي،
و11 / 455 في الايمان والنذور، ومسلم (2426) (63) (64)،
وابن سعد 4 / 65، وأحمد 2 / 20، والترمذي (3816).
(2) رجاله ثقات.
ويزيد: هو ابن هارون.
والخبر في " طبقات ابن سعد " 4 / 63، وأخرجه البخاري في "
التاريخ الكبير " 2 / 20 من طريق عياش بن عباس، عن عيسى بن
موسى، عن محمد بن إياس بن الكبير، عن أسامة بن زيد.
(3) تحرفت في المطبوع إلى " كف "، والحديث أخرجه مسلم (97)
في الايمان: باب تحريم قتل الكافر بعد أن قال: لا إله إلا
الله، وفيه أن أسامة بن زيد قتل رجلا من المشركين بعدما
قال: لا إلا إلا الله، فقال له رسول الله صلى الله عليه
وسلم: " لم قتلته " ؟ قال: يا رسول الله ; أوجع في
المسلمين، وقتل فلانا وفلانا، وسمى له نفرا، وإني حملت
عليه، فلما رأى السيف، قال: لا إلا إلا الله، قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: " أقتلته " ؟ قال: نعم، قال: "
فكيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة " ؟ قال:
يا رسول الله، استغفر لي..وانظر البخاري 7 / 398 في
المغازي: باب بعث النبي صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد
إلى الحرقات من جهينة، ومسلم (96).
(2/500)
اللهُ يَا أُسَامَةُ).
فَكَفَّ يَدَهُ، وَلَزِمَ مَنْزِلَهُ، فَأَحْسَنَ.
عَائِشَةُ، قَالَتْ: أَرَادَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَمْسَحَ مُخَاطَ
أُسَامَةَ، فَقُلْتُ: دَعْنِي حَتَّى أَكُوْنَ أَنَا
الَّتِي أَفْعَلُ.
فَقَالَ: (يَا عَائِشَةُ، أَحِبِّيْهِ، فَإِنِّي أُحِبُّهُ
(1)).
قُلْتُ: كَانَ سِنُّهُ فِي سِنِّهَا.
مُجَالِدٌ: عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَائِشَةَ:
أَمَرَنِي رَسُوْلُ اللهِ أَنْ أَغْسِلَ وَجْهَ أُسَامَةَ
وَهُوَ صَبِيٌّ.
قَالَتْ: وَمَا وَلِدْتُ، وَلاَ أَعْرِفُ كَيْفَ يُغْسَلُ
الصِّبْيَانُ، فَآخُذُهُ، فَأَغْسِلُهُ غَسْلاً لَيْسَ
بِذَاكَ.
قَالَتْ: فَأَخَذَهُ، فَجَعَلَ يَغْسِلُ وَجْهَهُ،
وَيَقُوْلُ: (لَقَدْ أَحْسَنَ بِنَا أُسَامَةُ إِذْ لَمْ
يَكُنْ جَارِيَةً، وَلو كُنْتَ جَارِيَةً لَحَلَّيْتُكَ،
وَأَعْطَيْتُكَ (2)).
وَفِي (المُسْنَدِ): عَنِ البَهِيِّ، عَنْ عَائِشَةَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ: (لَوْ كَانَ أُسَامَةُ جَارِيَةً
لَكَسَوْتُهُ، وَحَلَّيْتُهُ حَتَّى أُنْفِقَهُ (3)).
وَمِنْ غَيْرِ وَجْهٍ، عَنْ عُمَرَ:
أَنَّهُ لَمْ يَلْقَ أُسَامَةَ قَطُّ إِلاَّ قَالَ:
السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الأَمِيْرُ وَرَحْمَةُ
اللهِ! تُوُفِّيَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- وَأَنْتَ عَلَيَّ أَمِيْرٌ (4).
__________
(1) أخرجه الترمذي (3818) في المناقب، من طريق الفضل بن
موسى، عن طلحة بن يحيى، عن عائشة بنت طلحة، عن عائشة، وهذا
سنده حسن.
(2) مجالد: هو ابن سعيد بن عمير الهمداني، ليس بالقوي.
وأورده ابن عساكر كما في " تهذيبه " 2 / 318، ونسبه إلى
أبي يعلى.
(3) أخرجه أحمد 6 / 139 و222، وابن ماجه (1976)، وابن سعد
4 / 61، 62، كلهم من طريق شريك القاضي، عن العباس بن ذريح،
عن البهي، عن عائشة.
وشريك القاضي: سي الحفظ، وفي سماع البهي من عائشة كلام.
(4) تهذيب ابن عساكر " 2 / 398.
(2/501)
جَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ
إِسْحَاقَ، عَنْ صَالِحِ بنِ كَيْسَانَ، عَنْ عُبَيْدِ
اللهِ بنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
رَأَيْتُ أُسَامَةَ بنَ زَيْدٍ مُضْطَجِعاً عِنْدَ بَابِ
حُجْرَةِ عَائِشَةَ، رَافِعاً عَقِيْرَتُهُ، يَتَغَنَّى،
وَرَأَيْتُهُ يُصَلِّي عِنْدَ قَبْرِ النَّبِيِّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
فَمَرَّ بِهِ مَرْوَانُ، فَقَالَ: أَتُصَلِّي عِنْدَ
قَبْرٍ!
وَقَالَ لَهُ قَوْلاً قَبِيْحاً، فَقَالَ: يَا مَرْوَانُ،
إِنَّكَ فَاحِشٌ مُتَفَحِّشٌ، وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُوْلَ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ:
(إِنَّ اللهَ يُبْغِضُ الفَاحِشَ المُتَفَحِّشَ (1)).
وَقَالَ قَيْسُ بنُ أَبِي حَازِمٍ: إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ
حِيْنَ بَلَغَهُ أَنَّ الرَّايَةَ صَارَتْ إِلَى خَالِدٍ،
قَالَ: (فَهَلاَّ إِلَى رَجُلٍ قُتِلَ أَبُوْهُ؟)
يَعْنِي: أُسَامَةَ.
إِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ: عَنْ عُتْبَةَ بنِ عَبْدِ
اللهِ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي
جَهْمٍ، قَالَ:
دَخَلْتُ عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، وَقَدْ
طَلَّقَهَا زَوْجُهَا...، الحَدِيْثَ.
فَلَمَّا حَلَّتْ، قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (هَلْ ذَكَرَكِ أَحَدٌ؟).
قَالَتْ: نَعَمْ، مُعَاوِيَةُ، وَأَبُو الجَهْمِ.
فَقَالَ: (أَمَّا أَبُو الجَهْمِ فَشَدِيْدُ الخُلُقِ،
وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوْكٌ، لاَ مَالَ لَهُ،
وَلَكِنْ أُنْكِحُكِ أُسَامَةَ؟).
فَقُلْتُ: أُسَامَةُ! - تَهَاوُناً بِأَمْرِ أُسَامَةَ -
ثُمَّ قُلْتُ: سَمْعاً وَطَاعَةً للهِ وَلِرَسُوْلِهِ،
فَزَوَّجَنِيْهِ، فَكَرَّمَنِي اللهُ بِأَبِي زَيْدٍ،
وَشَرَّفَنِي اللهُ، وَرَفَعَنِي بِهِ (3) .
وَرَوَى مَعْنَاهُ: مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ
يَزِيْدَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْهَا (4).
__________
(1) رجاله ثقات، وأخرجه الطبراني برقم (405) وصححه ابن
حبان (1974).
(2) في الأصل: " أبو جهيم "، وهو خطأ.
(3) إسناده صحيح، وأخرجه مسلم في " صحيحه " (1480) (49) من
طريق إسحاق بن منصور، عن أبي عاصم، عن سفيان الثوري، عن
أبي بكر بن أبي الجهم.
وأبو زيد: كنية أسامة.
(4) " الموطأ " 2 / 580، 581 في الطلاق: باب ما جاء في
نفقة المطلقة، وأخرجه مسلم (1480) في الطلاق: باب المطلقة
ثلاثا لا نفقة لها، وأبو داود (2284) في الطلاق: باب في
نفقة المبتوتة، والشافعي في " الرسالة " فقرة (856)، وقد
تحرف في المطبوع " بن يزيد عن أبي سلمة " إلى " بن يزيد بن
أبي سلمة "، جعلهما واحدا، وهما اثنان.
(2/502)
قَالَ عُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ: قَالَ
أَبُو بَكْرٍ:
وَاللهِ لأَنْ تَخْطَفَنِي الطَّيْرُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ
أَنْ أَبْدَأَ بِشَيْءٍ قَبْلَ أَمْرِ رَسُوْلِ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
فَبَعَثَ أُسَامَةَ، وَاسْتَأْذَنَهُ فِي عُمَرَ أَنْ
يَتْرُكَهُ عِنْدَهُ.
قَالَ: فَلَمَّا بَلَغُوا الشَّامَ، أَصَابَتْهُمْ
ضَبَابَةٌ شَدِيْدَةٌ، فَسَتَرَتْهُمْ حَتَّى أَغَارُوا،
وَأَصَابُوا حَاجَتَهُمْ.
فَقَدِمَ عَلَى هِرَقْلَ مَوْتُ النَّبِيِّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَإغَارَةُ أُسَامَةَ عَلَى
أَرْضِهِ فِي آنٍ وَاحِدٍ.
فَقَالَتِ الرُّوْمُ: مَا بَالُ هَؤُلاَءِ يَمُوْتُ
صَاحِبُهُمْ وَأَنْ أَغَارُوا عَلَى أَرْضِنَا (1) !
ابْنُ إِسْحَاقَ: عَنْ سَعِيْدِ بنِ عُبَيْدِ بنِ
السَّبَّاقِ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ أُسَامَةَ، عَنْ
أَبِيْهِ، قَالَ:
لَمَّا ثَقُلَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- هَبَطْتُ، وَهَبَطَ النَّاسُ المَدِيْنَةَ،
فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، وَقَدْ أَصْمَتَ فَلاَ يَتَكَلَّمُ،
فَجَعَلَ يَضَعُ يَدَيْهِ عَلَيَّ، ثُمَّ يَرْفَعُهُمَا؛
فَأَعْرِفُ أَنَّهُ يَدْعُو لِي (2) .
أَحْمَدُ فِي (مُسْنَدِهِ): حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ،
أَخْبَرَنَا شَرِيْكٌ، عَنِ العَبَّاسِ بنِ ذَرِيْحٍ، عَنِ
البَهِيِّ، عَنْ عَائِشَةَ:
أَنَّ أُسَامَةَ عَثَرَ بِأُسْكُفَةِ البَابِ، فَشُجَّ فِي
جَبْهَتِهِ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَمُصُّهُ، ثُمَّ يَمُجُّهُ،
وَقَالَ: (لَوْ كَانَ أُسَامَةُ جَارِيَةً لَكَسَوْتُهُ،
وَحَلَّيْتُهُ حَتَّى أُنْفِقَهُ) (3).
__________
(1) كذا الأصل، وفي " تهذيب ابن عساكر " 2 / 397: ما بال
هؤلاء يموت صاحبهم أن أغاروا على أرضنا.
وفي " طبقات ابن سعد " ما بالى هؤلاء بموت صاحبهم أن
أغاروا على أرضنا.
(2) أخرجه أحمد 5 / 201، والطبراني (377) وسنده قوي، فقد
صرح ابن إسحاق بالتحديث عند أحمد.
(3) أخرجه أحمد 6 / 222، وابن ماجة (1976)، وابن سعد 4 /
61، 62، وقد تقدم في 501 ت 3.
(2/503)
شَرِيْكٌ: عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ
جَبَلَةَ، قَالَ:
كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
إِذَا لَمْ يَغْزُ أَعْطَى سِلاَحَهُ عَلِيّاً أَوْ
أُسَامَةَ (1) .
الزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ
سَلاَمٍ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ عِيَاضٍ، قَالَ:
أَهْدَى حَكِيْمُ بنُ حِزَامٍ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الهُدْنَةِ حُلَّةَ ذِي يَزَنٍ،
اشْتَرَاهَا بِثَلاَثِ مائَةِ دِيْنَارٍ، فَرَدَّهَا،
وَقَالَ: (لاَ أَقْبَلُ هَدِيَّةَ مُشْرِكٍ).
فَبَاعَهَا حَكِيْمٌ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنِ اشْتَرَاهَا لَهُ.
فَلَبِسَهَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- فَلَمَّا رَآهُ حَكِيْمٌ فِيْهَا، قَالَ:
مَا يَنْظُرُ الحُكَّامُ بِالفَصْلِ بَعْدَ مَا ... بَدَا
سَابِقٌ ذُوْ غُرَّةٍ وَحُجُوْلُ (2)
فَكَسَاهَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- أُسَامَةَ بنَ زَيْدٍ.
فَرَآهَا عَلَيْهِ حَكِيْمٌ، فَقَالَ: بَخٍ بَخٍ يَا
أُسَامَة! عَلَيْكَ حُلَّةُ ذِي يَزَنٍ!
فَقَالَ لَهُ رَسُوْلُ اللهِ: (قُلْ لَهُ: وَمَا
يَمْنَعُنِي وَأَنَا خَيْرٌ مِنْهُ، وَأَبِي خَيْرٌ مِنْ
أَبِيْهِ (3)).
مَعْمَرٌ: عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ:
لَقِيَ عَلِيٌّ أُسَامَةَ بنَ زَيْدٍ، فَقَالَ: مَا كُنَّا
نَعُدُّكَ إِلاَّ مِنْ أَنْفُسِنَا يَا أُسَامَةُ، فَلِمَ
لاَ تَدْخُلُ مَعَنَا؟
قَالَ: يَا أَبَا حَسَنٍ، إِنَّكَ -وَاللهِ- لَوْ أَخَذْتَ
بِمِشْفَرِ الأَسَدِ، لأَخَذْتُ بِمِشْفَرِهِ الآخَرَ
مَعَكَ، حَتَّى نَهْلِكَ جَمِيْعاً، أَوْ نَحْيَا
جَمِيْعاً؛ فَأَمَّا هَذَا الأَمْرُ الَّذِي أَنْتَ
فِيْهِ، فَوَاللهِ لاَ أَدْخُلُ فِيْهِ
__________
(1) " تهذيب ابن عساكر " 2 / 399.
(2) الغرة: البياض يكون في وجه الفرس، والحجول: جمع حجل،
وهو البياض يكون في قوائم الفرس.
(3) سنده على انقطاعه تالف، يزيد بن عياض: قال البخاري
وغيره: منكر الحديث.
وقال يحيى: ليس بثقة.
وقال علي: ضعيف.
ورماه مالك بالكذب.
وقال النسائي وغيره: متروك.
وقال الدارقطني: ضعيف.
(2/504)
أَبَداً.
رَوَى نَحْوَهُ: عَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ، عَنْ أَبِي
جَعْفَرٍ، عَنْ حَرْمَلَةَ مَوْلَى أُسَامَةَ، قَالَ:
بَعَثَنِي أُسَامَةُ إِلَى عَلِيٍّ...، فَذَكَرَ نَحْوَهُ
(1) .
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
العَدْلُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ
الفَقِيْهُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي،
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ البَزَّارُ،
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ بنُ شَاذَانَ، أَخْبَرَنَا
أَبُو سَهْلٍ بنِ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ
الجَبَّارِ، حَدَّثَنَا يُوْنُسُ بنُ بُكَيْرٍ، عَنْ
مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ
أُسَامَةَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أُسَامَةَ، عَنْ أَبِيْهِ،
عَنْ جَدِّهِ أُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ، قَالَ:
أَدْرَكْتُ رَجُلاً أَنَا وَرَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ،
فَلَمَّا شَهَرْنَا عَلَيْهِ السَّيْفَ، قَالَ: لاَ إِلَهَ
إِلاَّ اللهُ.
فَلَمْ نَنْزِعْ عَنْهُ، حَتَّى قَتَلْنَاهُ.
فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَخْبَرَنَاهُ خَبَرَهُ، فَقَالَ:
(يَا أُسَامَةُ! مَنْ لَكَ بِلاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ؟).
فَقُلْنَا: يَا رَسُوْلَ اللهِ، إِنَّمَا قَالَهَا
تَعَوُّذاً مِنَ القَتْلِ.
قَالَ: (مَنْ لَكَ يَا أُسَامَةُ بِلاَ إِلَهَ إِلاَّ
اللهُ؟).
فَمَا زَالَ يُرَدِّدُهَا، حَتَّى لَوَدِدْتُ أَنَّ مَا
مَضَى مِنْ إِسْلاَمِي لَمْ يَكُنْ، وَأَنِّي أَسْلَمْتُ
يَوْمَئِذٍ، وَلَمْ أَقْتُلْهُ.
فَقُلْتُ: إِنِّي أُعْطِي اللهَ عَهْداً أَلاَّ أَقْتُلَ
رَجُلاً يَقُوْلُ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، أَبَداً.
فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
(بَعْدِي يَا أُسَامَةُ؟).
قَالَ: بَعْدَكَ (2).
__________
(1) انظر ابن سعد 4 / 71، والبخاري 13 / 58، في الفتن.
(2) محمد بن أسامة بن محمد بن أسامة ترجمه ابن أبي حاتم 7
/ 205، فقال: روى عن أبيه، روى عنه محمد بن إسحاق فيما
رواه يونس بن بكير، وخالفه غيره، فقال: ابن إسحاق عن أسامة
بن محمد: سمعت أبي يقول ذلك.
وقد ترجمه أيضا 1 / 258 فيمن اسمه أسامة، وباقي رجال
الإسناد ثقات.
والحديث أخرجه بنحوه البخاري 7 / 398، و12 / 171، من طريق
هشيم، أخبرنا حصين، أخبرنا أبو ظبيان، قال: سمعت أسامة بن
زيد..وأخرجه مسلم (96) من طرق عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن
أسامة بن زيد.
(2/505)
رَوَاهُ: شَيْخٌ آخَرُ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ
عَبْدِ الجَبَّارِ، فَزَادَ فِيْهِ:
قَالَ: أَدْرَكْتُهُ -يَعْنِي: مِرْدَاسَ بنَ نَهِيْك-
أَنَا وَرَجُلٌ؛ فَلَمَّا شَهَرْنَا عَلَيْهِ السَّيْفَ،
قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ.
هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ أَبِي
كَثِيْرٍ، حَدَّثَنِي عُمَرُ بنُ الحَكَمِ بنِ ثَوْبَانَ،
أَنَّ مَوْلَى قُدَامَةَ بنِ مَظْعُوْنٍ حَدَّثَهُ، أَنَّ
مَوْلَى أُسَامَةَ قَالَ:
كَانَ أُسَامَةُ يَرْكُبُ إِلَى مَالٍ لَهُ بِوَادِي
القُرَى، فَيَصُوْمُ الاثْنَيْنَ وَالخَمِيْسَ فِي
الطَّرِيْقِ.
فَقُلْتُ لَهُ: تَصُوْمُ الاثنِيْنَ وَالخَمِيْسَ فِي
السَّفَرِ، وَقَدْ كَبِرْتَ، وَضَعُفْتَ، أَوْ رَقَقْتَ!
فَقَالَ: إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- كَانَ يَصُوْمُ الاثنِيْنَ وَالخَمِيْسَ،
وَقَالَ: (إِنَّ أَعْمَالَ النَّاسِ تُعْرَضُ يَوْمَ
الاثنِيْنِ وَالخَمِيْسِ (1)).
يُوْنُسُ بنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ
ابْنِ ابْنِ أُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ، عَنْ جَدِّهِ
أُسَامَةَ، قَالَ:
كُنْتُ أَصُومُ شَهْراً مِنَ السَّنَةِ، فَذَكَرْتُهُ
لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ:
(أَيْنَ أَنْتَ عَنْ شَوَّالٍ!).
فَكَانَ أُسَامَةُ إِذَا أَفْطَرَ، أَصْبَحَ الغَدَ
صَائِماً مِنْ شَوَّالٍ، حَتَّى يُتِمَّ عَلَى
__________
(1) حديث صحيح بشواهده وطرقه، أخرجه ابن سعد 4 / 71، وأحمد
5 / 204، 205، 208، وأخرجه أبو داود (2436) في الصوم، من
طريق موسى بن إسماعيل، عن أبان، عن يحيى، عن عمر بن الحكم
بن ثوبان، عن مولى قدامة بن مظعون، عن مولى أسامة بن زيد.
ومولى قدامة ومولى أسامة مجهولان، وأخرجه ابن خزيمة (2119)
من طريق أبي بكر بن عياش، عن عمر بن محمد، عن شرحبيل بن
سعد، عن أسامة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم
الاثنين والخميس، ويقول: " إن هذين اليومين تعرض فيهما
الأعمال ".
وفي الباب عن أبي هريرة عند الترمذي (747) بلفظ: " تعرض
الاعمال يوم الاثنين والخميس، فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم
".
وفي سنده محمد بن رفاعة لم يوثقه غير ابن حبان، وباقي
رجاله ثقات، فهو حسن بما قبله.
وأخرج مسلم (2565) (36) في البر والصلة، من حديث أبي هريرة
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " تعرض أعمال الناس
في كل جمعة مرتين: يوم الاثنين ويوم الخميس، فيغفر لكل عبد
مؤمن إلا عبدا بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: اتركوا هذين
حتى يصطلحا ".
(2/506)
آخِرِهِ (1) .
ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بنُ
بُكَيْرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّائِيِّ،
قَالَ:
قَدِمَ أُسَامَةُ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَأَجْلَسَهُ مَعَهُ،
وَأَلْطَفَهُ، فَمَدَّ رِجْلَهُ.
فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: يَرْحَمُ اللهُ أُمَّ أَيْمَنَ،
كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى ظُنْبُوْبِ سَاقِهَا بِمَكَّةَ،
كَأَنَّهُ ظُنْبُوْبُ نَعَامَةٍ خَرْجَاءَ.
فَقَالَ: فَعَلَ اللهُ بِكَ يَا مُعَاوِيَةُ، هِيَ
-وَاللهِ- خَيْرٌ مِنْكَ!
قَالَ: يَقُوْل مُعَاوِيَة: اللَّهُمَّ غُفْراً (2).
الظُّنْبُوْبُ: هُوَ العَظْمُ الظَّاهِرُ.
وَالخَرْجَاءُ: فِيْهَا بَيَاضٌ وَسَوَادٌ.
لَهُ فِي (مُسْنَدِ بَقِيٍّ): مائَةٌ وَثَمَانِيَةَ عَشَرَ
حَدِيْثاً، مِنْهَا فِي البُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ: خَمْسَةَ
عَشَرَ، وَفِي البُخَارِيِّ: حَدِيْثٌ، وَفِي مُسْلِمٍ:
حَدِيْثَانِ (3) .
قَالَ الزُّهْرِيُّ: مَاتَ أُسَامَةُ بِالجُرْفِ (4) .
وَعنِ المَقْبُرِيِّ، قَالَ:
شَهِدْتُ جِنَازَةَ أُسَامَةَ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ:
عَجِّلُوا بِحِبِّ رَسُوْلِ اللهِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ
الشَّمْسُ (5) .
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: مَاتَ فِي آخِرِ خِلاَفَةِ
مُعَاوِيَةَ (6).
__________
(1) ابن ابن أسامة وهو محمد لا يعرف، والخبر في " تهذيب
ابن عساكر " 2 / 401.
(2) تهذيب ابن عساكر 2 / 401.
(3) انظر البخاري بشرح الفتح: 7 / 398، و13 / 303، و3 /
417، 418، 413، 414 و360، و4 / 318، و10 / 104، و150، 153،
و11 / 361، و9 / 118، و13 / 10 و43، و6 / 238 ومسلم: (96)
و(923) و(1280) و(1286) و(1330) و(1351) و(1443) و(1596)
و(1614) و(1798) و(2218) و(2451) و(2736) و(2740) و(2885)
و(2989).
(4) الجرف: موضع على ثلاثة أميال من المدينة نحو الشام.
وانظر ابن سعد 4 / 72.
(5) " تهذيب ابن عساكر " 2 / 402.
(6) ابن سعد 4 / 72.
(2/507)
105 - عِمْرَانُ بنُ حُصَيْنِ بنِ عُبَيْدِ
بنِ خَلَفٍ الخُزَاعِيُّ * (ع)
القُدْوَةُ، الإِمَامُ، صَاحِبُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبُو نُجَيْدٍ الخُزَاعِيُّ.
أَسْلَمَ هُوَ وَأَبُوْهُ وَأَبُو هُرَيْرَةَ فِي وَقْتٍ،
سَنَةَ سَبْعٍ.
وَلَهُ عِدَّةُ أَحَادِيْثَ.
وَوَلِيَ قَضَاءَ البَصْرَةِ، وَكَانَ عُمَرُ بَعَثَهُ
إِلَى أَهْلِ البَصْرَةِ (1) لِيُفَقِّهَهُمْ؛ فَكَانَ
الحَسَنُ يَحْلِفُ: مَا قَدِمَ عَلَيْهِمُ البَصْرَةَ
خَيْرٌ لَهُم مِنْ عِمْرَانَ بنِ الحُصَيْنِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُطَرِّفُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ
الشِّخِّيْرِ، وَأَبُو رَجَاءٍ العُطَارِدِيُّ، وَزَهْدَمُ
الجَرْمِيُّ، وَزُرَارَةُ بنُ أَوْفَى، وَالحَسَنُ،
وَابْنُ سِيْرِيْنَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ بُرَيْدَةَ،
وَالشَّعْبِيُّ، وَعَطَاءٌ مَوْلَى عِمْرَانَ بنِ
حُصَيْنٍ، وَالحَكَمُ بنُ الأَعْرَجِ؛ وَعِدَّةٌ.
قَالَ زُرَارَةُ: رَأَيْتُ عِمْرَانَ بنَ حُصَيْنٍ
يَلْبَسُ الخَزَّ (2) .
وَقَالَ مُطَرِّفُ بنُ عَبْدِ اللهِ: قَالَ لِي عِمْرَانُ
بنُ حُصَيْنٍ: أُحَدِّثُكَ حَدِيْثاً عَسَى اللهُ أَنْ
يَنْفَعَكَ بِهِ:
إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
جَمَعَ بَيْنَ الحَجِّ وَالعُمْرَةِ، وَلَمْ يَنْهَ عَنْهُ
حَتَّى مَاتَ، وَلَمْ يَنْزِلْ فِيْهِ قُرَآنٌ
يُحَرِّمُهُ، وَأَنَّهُ كَانَ يُسَلَّمُ عَلَيَّ -يَعْنِي:
__________
(*) مسند أحمد: 4 / 426، التاريخ لابن معين: 436، طبقات
ابن سعد: 4 / 287، طبقات خليفة: 106، 187، تاريخ خليفة:
218، التاريخ الكبير: 6 / 408، المعارف: 309، أخبار
القضاة: 1 / 291 و292، الجرح والتعديل: 6 / 296، المستدرك:
3 / 470، الاستيعاب: 3 / 1208، أسد الغابة: 4 / 281، تهذيب
الكمال: 1057، تاريخ الإسلام: 2 / 306، العبر: 1 / 57،
مجمع الزوائد: 9 / 381، تهذيب التهذيب: 8 / 126 125،
الإصابة: 7 / 155، خلاصة تذهيب الكمال: 295، شذرات الذهب:
1 / 62.
(1) جملة " إلى أهل البصرة " سقطت من المطبوع.
(2) انظر " طبقات ابن سعد " 4 / 291.
(2/508)
المِلاَئِكَةَ-. قَالَ: فَلَمَّا
اكْتَوَيْتُ، أَمْسَكَ ذَلِكَ؛ فَلَمَّا تَرَكْتُهُ، عَادَ
إِلَيَّ (1) .
وَقَدْ غَزَا عِمْرَانُ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَيْرَ مَرَّةٍ، وَكَانَ يَنْزِلُ
بِبِلاَدِ قَوْمِهِ، وَيَتَرَدَّدُ إِلَى المَدِيْنَةِ.
قَالَ أَبُو خُشَيْنَةَ: عَنِ الحَكَمِ بنِ الأَعْرَجِ،
عَنْ عِمْرَانَ بنِ حُصَيْنٍ، قَالَ:
مَا مَسَسْتُ ذَكَرِي بِيَمِيْنِي مُنْذُ بَايَعْتُ بِهَا
رَسُوْلَ اللهِ (2) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وَرَوَى: هِشَامٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ، قَالَ:
مَا قَدِمَ البَصْرَةَ أَحَدٌ يُفَضَّلُ عَلَى عِمْرَانَ
بنِ حُصَيْنٍ (3) .
قَالَ قَتَادَةُ: بَلَغَنِي أَنَّ عِمْرَانَ قَالَ:
وَدِدْتُ أَنِي رَمَادٌ تَذْرُوْنِي الرِّيَاحُ (4) .
قُلْتُ: وَكَانَ مِمَّنِ اعْتَزَلَ الفِتْنَةَ، وَلَمْ
يُحَارِبْ مَعَ عَلِيٍّ.
أَيُّوْبُ: عَنْ حُمَيْدِ بنِ هِلاَلٍ، عَنْ أَبِي
قَتَادَةَ:
قَالَ لِي عِمْرَانُ بنُ حُصَيْنٍ: الْزَمْ مَسْجِدَكَ.
قُلْتُ: فَإِنْ دُخِلَ عَلَيَّ؟
قَالَ: الْزَمْ بَيْتَكَ.
قُلْتُ: فَإِنْ دُخِلَ عَلَيَّ؟
قَالَ: لَوْ دُخِلَ عَلَيَّ رَجُلٌ يُرِيْدُ نَفْسِي
وَمَالِي، لَرَأَيْتُ أَنْ قَدْ
__________
(1) أخرجه مسلم (1226) (167) في الحج: باب جواز التمتع،
وأحمد 4 / 427، وابن سعد 4 / 290.
(2) رجاله ثقات، وأبو خشينة اسمه: حاجب بن عمر الثقفي، وهو
في " المسند " 4 / 439، و" طبقات ابن سعد " 4 / 287، وصححه
الحاكم 3 / 472، ووافقه الذهبي، وذكره الهيثمي في " المجمع
" 9 / 381، ونسبه للطبراني من طريق آخر، قال: فيه عمر بن
سهل المازني، وثقه ابن حبان، وقال: ربما خالف، وضعفه
العقيلي، وبقية رجاله رجال الصحيح.
(3) ابن سعد 4 / 287 ورجاله ثقات، وأورده الهيثمي في "
المجمع " 9 / 381، وقال: رواه الطبراني، ورجاله رجال
الصحيح.
(4) ابن سعد 4 / 287 والزيادة منه.
(2/509)
حَلَّ لِي أَنْ أَقْتُلَهُ (1) .
ثَابِتٌ البُنَانِيُّ: عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ عِمْرَانَ،
قَالَ:
اكْتَوَيْنَا، فَمَا أَفْلَحْنَ، وَلاَ أَنْجَحْنَ
-يَعْنِي: المَكَاوِي (2) -.
قَتَادَةُ: عَنْ مُطَرِّفٍ:
قَالَ لِي عِمْرَانُ فِي مَرَضِهِ: إِنَّهُ قَدْ كَانَ
يُسَلَّمُ عَلَيَّ، فَإِنْ عِشْتُ، فَاكْتُمْ عَلَيَّ (3)
.
حُمَيْدُ بنُ هِلاَلٍ: عَنْ مُطَرِّفٍ، قُلْتُ
لِعِمْرَانَ: مَا يَمْنَعُنِي مِنْ عِيَادَتِكَ إِلاَّ مَا
أَرَى مِنْ حَالِكَ.
قَالَ: فَلاَ تَفْعَلْ، فَإِنَّ أَحَبَّهُ إِلَيَّ
أَحَبُّهُ إِلَى اللهِ (4) .
يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ
عَطَاءٍ مَوْلَى عِمْرَانَ، عَنْ أَبِيْهِ:
أَنَّ عِمْرَانَ قَضَى عَلَى رَجُلٍ بِقَضِيَّةٍ، فَقَالَ:
وَاللهِ، قَضَيْتَ عَلَيَّ بِجَوْرٍ، وَمَا أَلَوْتَ.
قَالَ: وَكَيْفَ؟
قَالَ: شُهِدَ عَلَيَّ بِزُوْرٍ.
قَالَ: فَهُوَ فِي مَالِي، وَوَاللهِ لاَ أَجْلِسُ
مَجْلِسِي هَذَا أَبَداً (5) .
وَكَانَ نَقْشُ خَاتَمِ عِمْرَانَ تِمْثَالَ رَجُلٍ.
__________
(1) رجاله ثقات، وهو في " الطبقات " 4 / 288.
وفي الأصل: " حميد بن قتادة " بدل " حميد بن هلال " وما
أثبتناه هو الصواب.
(2) إسناده صحيح، أخرجه ابن سعد 4 / 288، 289، وأبو داود
(3865)، والترمذي (2049)، وابن ماجه (3490)، وأخرجه أحمد 4
/ 427 من طريق شعبة، عن قتادة، عن الحسن، عن عمران بن
حصين.
وأخرجه أيضا 4 / 446، من طريق حماد، عن أبي التياح، عن
مطرف، عن عمران.
وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الكي.
(3) " المستدرك " 3 / 472، وانظرت 1 في الصفحة 509.
(4) ابن سعد 4 / 290، ورجاله ثقات.
(5) رجاله ثقات، وذكره المؤلف في " تاريخه " 2 / 307، وزاد
فيه قوله: " ما قضيت عليك " قبل " فهو في مالي ".
وانظر " الطبقات " 4 / 287.
(2/510)
عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، قَالَ:
خَرَجَ عَلَيْنَا عِمْرَانُ فِي مِطْرَفٍ خَزٍّ لَمْ
نَرَهُ قَطُّ، فَقَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-: (إِنَّ اللهَ إِذَا أَنْعَمَ عَلَى عَبْدٍ
نِعْمَةً يُحِبُّ أَنْ تُرَى عَلَيْهِ (1)).
قَالَ ابْنُ سِيْرِيْنَ: سَقَى بَطْنُ عِمْرَانَ بنِ
حُصَيْنٍ ثَلاَثِيْنَ سَنَةً، كُلُّ ذَلِكَ يُعْرَضُ
عَلَيْهِ الكَيُّ، فَيَأْبَى؛ حَتَّى كَانَ قَبْلَ
مَوْتِهِ بِسَنَتَيْنِ، فَاكْتَوَى (2) .
عِمْرَانُ بنُ حُدَيْرٍ: عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، قَالَ:
كَانَ عِمْرَانُ يَنْهَى عَنِ الكَيِّ، فَابْتُلِيَ،
فَاكْتَوَى، فَكَانَ يَعُجُّ (3) !
قَالَ مُطَرِّفٌ: قَالَ لِي عِمْرَانُ: أَشَعَرْتَ أَنَّ
التَّسْلِيْمَ عَادَ إِلَيَّ؟
قَالَ: ثُمَّ لَمْ يَلْبَثْ إِلاَّ يَسِيْراً حَتَّى مَاتَ
(4) .
ابْنُ عُلَيَّةَ: عَنْ مَسْلَمَةَ بنِ عَلْقَمَةَ، عَنِ
الحَسَنِ:
أَنَّ عِمْرَانَ بنَ حُصَيْنٍ أَوْصَى لأُمَّهَاتِ
أَوْلاَدِهِ بِوَصَايَا، وَقَالَ: مَنْ صَرَخَتْ عَلَيَّ،
فَلاَ وَصِيَّةَ لَهَا.
تُوُفِّيَ عِمْرَانُ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ
-رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-.
مُسْنَدُهُ: مائَةٌ وَثَمَانُوْنَ حَدِيْثاً.
__________
(1) أخرجه أحمد 4 / 438، وابن سعد 4 / 291، من طريق شعبة،
عن الفضيل بن فضالة، عن أبي رجاء العطاردي عمران بن ملحان،
عن عمران بن حصين.
وهذا سند صحيح، وله شاهد من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه،
عن جده عند الترمذي (2819)، وسنده حسن، وآخر من حديث أبي
هريرة عند أحمد 2 / 311.
(2) ابن سعد 4 / 288.
والسقي: ماء أصفر يقع في البطن، يقال: سقى بطنه يسقي سقيا.
(3) تحرف في المطبوع " عمران " إلى " عمر ".
ويعج: يضج ويرفع صوته، وتتمة الخبر
كما في " الطبقات " 4 / 289: فيقول: " لقد اكتويت كية
بنار، ما أبرأت من ألم، ولا شفت من سقم ".
(4) ابن سعد 4 / 289.
(2/511)
اتَّفَقَ الشَّيْخَانِ لَهُ عَلَى تِسْعَةِ
أَحَادِيْثَ (1) ، وَانْفَرَدَ البُخَارِيُّ بِأَرْبَعَةِ
أَحَادِيْثَ، وَمُسْلِمٌ بِتِسْعَةٍ.
106 - حَسَّانُ بنُ ثَابِتِ بنِ المُنْذِرِ بنِ حَرَامٍ
الأَنْصَارِيُّ * (ع)
ابْنِ عَمْرِو بنِ زَيْدِ مَنَاةَ بنِ عَدِيِّ بنِ عَمْرِو
بنِ مَالِكِ بنِ النَّجَّارِ.
سَيِّدُ الشُّعَرَاءِ المُؤْمِنِيْنَ، المُؤيَّدُ بِرُوْحِ
القُدُسِ.
أَبُو الوَلِيْدِ - وَيُقَالُ: أَبُو الحُسَامِ -
الأَنْصَارِيُّ، الخَزْرَجِيُّ، النَّجَّارِيُّ،
المَدَنِيُّ، ابْنُ الفُرَيْعَةِ.
شَاعِرُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- وَصَاحِبُهُ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ؛ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَالبَرَاءُ
بنُ عَازِبٍ، وَسَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ، وَأَبُو
سَلَمَةَ، وَآخَرُوْنَ.
وَحَدِيْثُهُ قَلِيْلٌ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: عَاشَ سِتِّيْنَ سَنَةً فِي
الجَاهِلِيَّةِ، وَسِتِّيْنَ فِي الإِسْلاَمِ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: عَنِ الوَاقِدِيِّ:
لَمْ يَشْهَدْ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- مَشْهَداً، كَانَ يَجْبُنُ، وَأُمُّهُ
الفُرَيْعَةُ بِنْتُ خُنَيْسٍ.
قَالَ مُسْلِمٌ: كُنْيَتُهُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ.
وَقِيْلَ: أَبُو الوَلِيْدِ.
وَقَالَ ابْنُ مَنْدَةَ: حَدَّثَ عَنْهُ: عُمَرُ،
وَعَائِشَةُ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ.
__________
(1) في الأصل بياض بين " على " و" انفرد "، وما أثبتناه عن
" ذخائر المواريث " 3 / 69، 73 للنابلسي.
(*) مسند أحمد: 3 / 422 و5 / 222، التاريخ لابن معين: 107،
طبقات خليفة: 88، تاريخ خليفة: 202، التاريخ الكبير: 3 /
29، المعارف: 2، 128، 143، 197، 132، تاريخ الفسوي: 1 /
235، الجرح والتعديل: 3 / 233، الاغاني: 4 / 169 134، معجم
الطبراني: 4 / 44، المستدرك: 3 / 486، الاستبصار: 53 51،
الاستيعاب: 1 / 341، ابن عساكر: 4 / 179 / 1، أسد الغابة:
2 / 5، تهذيب الكمال: 251، تاريخ الإسلام: 2 / 277، العبر:
1 / 59، مجمع الزوائد: 9 / 377، تهذيب التهذيب: 2 / 248
247، الإصابة: 2 / 237، خلاصة تذهيب الكمال: 75، شذرات
الذهب: 1 / 41 و60.
(2/512)
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: سَأَلْتُ سَعِيْدَ
بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ حَسَّانٍ: ابْنُ كَمْ كَانَ
حَسَّانٌ وَقْتَ الهِجْرَةِ؟
قَالَ: ابْنَ سِتِّيْنَ سَنَةً، وَهَاجرَ رَسُوْلُ اللهِ
ابْنَ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ.
الزُّهْرِيُّ: عَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ، قَالَ:
كَانَ حَسَّانٌ فِي حَلْقَةٍ فِيْهِم أَبُو هُرَيْرَةَ،
فَقَالَ: أَنْشُدُكَ اللهَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، هَلْ
سَمِعْتَ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (أَجِبْ عَنِّي، أَيَّدَكَ اللهُ
بِرُوْحِ القُدُسِ)؟
فَقَالَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ (1) .
وَرَوَى: عَدِيُّ بنُ ثَابِتٍ، عَنِ البَرَاءِ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ قَالَ لِحَسَّانٍ: (اهْجُهُمْ،
وَهَاجِهِمْ وَجِبْرِيْلُ مَعَكَ (2)).
وَقَالَ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ: مَرَّ عُمَرُ
بِحَسَّانٍ وَهُوَ يُنْشِدُ الشِّعْرَ فِي المَسْجِدِ،
فَلَحَظَهُ.
فَقَالَ حَسَّانٌ: قَدْ كُنْتُ أُنْشِدُ فِيْهِ، وَفِيْهِ
خَيْرٌ مِنْكَ.
قَالَ: صَدَقْتَ (3) .
ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ: عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عُرْوَةَ،
عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
كَانَ حَسَّانٌ يَضَعُ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْبَراً فِي المَسْجِدِ، يَقُوْمُ
عَلَيْهِ قَائِماً، يُنَافِحُ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
__________
(1) أخرجه البخاري 6 / 221 في بدء الخلق: باب ذكر
الملائكة، ومسلم (2485) في الفضائل، وأحمد 5 / 222، 223،
والنسائي 2 / 48 في الرخصة في إنشاد الشعر الحسن في
المسجد، والطبراني (3588) و(3589)، كلهم من طريق الزهري،
عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، وأخرجه البخاري 10 / 453
في الأدب: باب هجاء المشركين، ومسلم (2485) (152) من طريق
الزهري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، أنه سمع حسان بن ثابت
يستشهد أبا هريرة.
(2) أخرجه البخاري 6 / 221 في بدء الخلق، و7 / 321 في
المغازي، و10 / 453 في الأدب، ومسلم (2486)، وأحمد 4 / 299
كلهم من طريق شعبة، عن عدي بن ثابت، عن البراء.
(3) أخرجه البخاري 6 / 221، ومسلم (2485)، وأبو داود
(5013)، والنسائي 2 / 48، وأحمد 5 / 222، 223، والطبراني
(3585) و(3586).
سير 2 / 33
(2/513)
وَرَسُوْلُ اللهِ يَقُوْلُ: (إِنَّ اللهَ
يُؤَيِّدُ حَسَّانَ بِرُوْحِ القُدُسِ مَا نَافَحَ عَنْ
رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-).
أَخْرَجَهُ: أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ (1) .
مُجَالِدٌ: عَنْ عَامِرٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ:
لَمَّا كَانَ يَوْمُ الأَحْزَابِ، قَالَ النَّبِيُّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَنْ يَحْمِي
أَعْرَاضَ المُسْلِمِيْنَ؟).
قَالَ كَعْبُ بنُ مَالِكٍ: أَنَا.
وَقَالَ ابْنُ رَوَاحَةَ: أَنَا.
وَقَالَ حَسَّانٌ: أَنَا.
قَالَ: (نَعَمْ، اهْجُهُمْ أَنْتَ، وَسَيُعِيْنُكَ
عَلَيْهِم رُوْحُ القُدُسِ (2)).
وَعَنْ عُرْوَةَ، قَالَ: سَبَبْتُ ابْنَ فُرَيْعَةَ عِنْدَ
عَائِشَةَ، فَقَالَتْ:
يَا ابْنَ أَخِي، أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ لَمَا كَفَفْتَ
عَنْهُ؛ فَإِنَّهُ كَانَ يُنَافِحُ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ
(3) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
عُمَرُ بنُ حَوْشَبٍ: عَنْ عَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ،
سَمِعَهُ يَقُوْلُ:
دَخَلَ حَسَّانٌ عَلَى عَائِشَةَ بَعْدَ مَا عَمِيَ،
فَوَضَعَتْ لَهُ وِسَادَةً، فَدَخَلَ أَخُوْهَا عَبْدُ
الرَّحْمَنِ، فَقَالَ:
أَجْلَسْتِيْهِ عَلَى وِسَادَةٍ، وَقَدْ قَالَ مَا قَالَ؟
- يُرِيْدُ: مَقَالَتَهُ نَوْبَةَ الإِفْكِ -.
فَقَالَتْ: إِنَّهُ - تَعْنِي: أَنَّه كَانَ يُجِيْبُ عَنْ
رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَيَشْفِي صَدْرَهُ مِنْ أَعْدَائِهِ - وَقَدْ عَمِيَ،
وَإِنِّي لأَرْجُو أَلاَّ يُعَذَّبَ فِي الآخِرَةِ (4) .
وَرُوِيَ عَنْ: عَائِشَةَ، قَالَتْ:
قَدِمَ رَسُوْلُ اللهِ المَدِيْنَةَ، فَهَجَتْهُ قُرَيْشٌ،
وَهَجَوا مَعَهُ الأَنْصَارَ.
فَقَالَ لِحَسَّانٍ: (اهْجُهُمْ، وَإِنِّي أَخَافُ أَنْ
تُصِيْبَنِي مَعَهُمْ بِهَجْوِ بَنِي عَمِّي).
__________
(1) هو في سنن أبي داود (5015)، والترمذي (2846) كلاهما في
الأدب، وأخرجه أحمد 6 / 72، وصححه الحاكم 3 / 487، ووافقه
الذهبي.
(2) " الاغاني " 16 / 232، و" تهذيب ابن عساكر " 4 / 129.
ومجالد ليس بالقوي.
(3) أخرجه البخاري 7 / 338، ومسلم (2487).
(4) " تهذيب ابن عساكر " 4 / 129.
(2/514)
قَالَ: لأَسُلَّنَّكَ مِنْهُم سَلَّ
الشَّعْرَةِ مِنَ العَجِيْنِ، وَلِيَ مِقْوَلٌ يَفْرِي مَا
لاَ تَفْرِيْهِ الحَرْبَةُ.
ثُمَّ أَخْرَجَ لِسَانَهُ، فَضَرَبَ بِهِ أَنْفَهُ،
كَأَنَّهُ لِسَانُ شُجَاعٍ بِطَرَفِهِ شَامَةٌ سَوْدَاءُ،
ثُمَّ ضَرَبَ بِهِ ذَقْنَهُ (1) .
يَحْيَى بنُ أَيُّوْبَ: حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بن
غَزِيَّةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ
التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ:
أَنَّ حَسَّانَ قَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ،
لأَفْرِيَنَّهُمْ بِلِسَانِي هَذَا.
ثُمَّ أَطْلَعَ لِسَانَهُ، كَأَنَّهُ لِسَانُ حَيَّةٍ.
فَقَالَ رَسُوْل اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-: (إِنَّ لِي فِيْهِم نَسَباً، فَائْتِ أَبَا
بَكْرٍ، فَإِنَّهُ أَعْلَمُ قُرَيْشٍ بِأَنْسَابِهَا،
فَيُخَلِّصُ لَكَ نَسَبِي).
قَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ، لأَسُلَّنَّكَ
مِنْهُم وَنَسَبَكَ سَلَّ الشَّعْرَةِ مِنَ العَجِيْنِ.
فَهَجَاهُمْ، فَقَالَ لَهُ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لَقَدْ شَفَيْتَ، وَاشْتَفَيْتَ
(2)).
مُحَمَّدُ بنُ السَّائِبِ بنِ بَرَكَةَ، عَنْ أُمِّهِ:
أَنَّهَا طَافَتْ مَعَ عَائِشَةَ، وَمَعَهَا نِسْوَةٌ،
فَوَقَعْنَ فِي حَسَّانٍ، فَقَالَتْ:
لاَ تَسُبُّوْهُ، قَدْ أَصَابَهُ مَا قَالَ اللهُ :
{أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيْمٌ } وَقَدْ عَمِيَ،
وَاللهِ إِنِّي لأَرْجُو أَنْ يُدْخِلَهُ اللهُ الجَنَّةَ
بِكَلِمَاتٍ قَالَهُنَّ لأَبِي سُفْيَانَ بنِ الحَارِثِ:
هَجَوْتَ مُحَمَّداً فَأَجَبْتُ عَنْهُ ... وَعِنْدَ اللهِ
فِي ذَاكَ الجَزَاءُ
فَإِنَّ أَبِي وَوَالِدَهُ وَعِرْضِي ... لِعِرْضِ
مُحَمَّدٍ مِنْكُمْ وِقَاءُ
أَتَهْجُوهُ وَلَسْتَ لَهُ بِكُفْءٍ ... فَشَرُّكُمَا
لِخَيْرِكُمَا الفِدَاءُ (3)
__________
(1) " تهذيب ابن عساكر " 4 / 130.
والشجاع: الحية الذكر.
(2) رجاله ثقات.
وأخرجه الطبراني (3582) من طريق سعيد بن أبي هلال، عن يحيى
بن أيوب بهذا الإسناد.
وأخرجه بنحوه مسلم (2490) من طريق سعيد بن أبي هلال، عن
عمارة بن غزية، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمة، عن
عائشة.
(3) الخبر مع الشعر في " الاغاني " 4 / 163، من طريق عمر
بن شبة، عن أبي عاصم، عن =
(2/515)
عُمَارَةُ بنُ غَزِيَّةَ: عَنْ مُحَمَّدِ
بنِ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
قَالَ: (اهْجُ قُرَيْشاً، فَإِنَّهُ أَشَدُّ عَلَيْهِم
مِنْ رَشْقِ النَّبْلِ).
وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: (هَجَاهُمْ حَسَّانٌ، فَشَفَى).
قَالَ حَسَّانٌ: هَجَوْتَ مُحَمَّداً...، فَذَكَرَ
أَبْيَاتَهُ، وَمِنْهَا:
ثَكِلْتُ بُنَيَّتِي إِنْ لَمْ تَرَوْهَا ... تُثِيْرُ
النَّقْعَ مَوْعِدُهَا كَدَاءُ (1)
يُنَازِعْنَ الأَعِنَّةَ مُصْعِدَاتٍ ... عَلَى
أَكْتَافِهَا الأَسَلُ الظِّمَاءُ (2)
تَظَلُّ جِيَادُهَا مُتَمَطِّرَاتٍ ... يُلَطِّمُهُنَّ
بِالخُمُرِ النِّسَاءُ (3)
فَإِنْ أَعْرَضْتُمُ عَنَّا اعْتَمَرْنَا ... وَكَانَ
الفَتْحُ وَانْكَشَفَ الغِطَاءُ
وإلاَّ فَاصْبِرُوا لِضِرَابِ يَوْمٍ ... يُعِزُّ اللهُ
فِيْهِ مَنْ يَشَاءُ
__________
= ابن جريج، عن محمد بن السائب، عن أمه.
وأخرجه أيضا من طريق الحسن بن علي، عن
أحمد بن زهير، عن إبراهيم بن المنذر، عن سفيان بن عيينة،
عن محمد بن السائب بن بركة ؟ عن أمه.
وأبو سفيان بن الحارث: هو ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم
وأخونه من الرضاعة، كان يألف النبي صلى الله عليه وسلم في
الجاهلية، فلما بعث عاداه، وهجاه، ثم أسلم عام الفتح، وشهد
حنينا.
وقوله: " فشركما لخيركما الفداء ".
قال السهيلي: وفي ظاهر اللفظ بشاعة، لان المعروف أن لا
يقال: هو شرهما إلا وفي كليهما شر.
ولكن سيبويه قال في " كتابه ": تقول: مررت برجل شر منك:
إذا نقص عن أن يكون مثله، وهذا يدلع الشناعة، ونحو منه
قوله صلى الله عليه وسلم: " شر صفوف الرجال آخرها " يريد:
نقصان حظهم عن حظ الأول.
(1) هذه رواية مسلم والطبراني، وفي الديوان: عدمنا خيلنا
إن لم تروها...والنقع: الغبار.
وكداء: الثنية التي في أصلها مقبرة مكة.
(2) رواية الديوان: يبارين الاسنة مصغيات...ومباراتها
الاسنة: هو أن يضجع الرجل رمحه، فكأن الفرس يركض ليسبق
السنان.
والمصغيات: الموائل المنحرفات للطعن، والاسل: الرماح.
(3) متمطرات: خارجات من جمهور الخيل من سرعتها، وتلطمهن:
تضرب النساء وجوههن لتردهن.
(2/516)
وَقَالَ اللهُ قَدْ أَرْسَلْتُ عَبْداً ...
يَقُوْلُ الحَقَّ لَيْسَ بِهِ خَفَاءُ
وَقَالَ اللهُ قَدْ سَيَّرْتُ جُنْداً ... هُمُ
الأَنْصَارُ عُرْضَتُهَا اللِّقَاءُ (1)
يُلاَقُوْا كُلَّ يَوْمٍ مِنْ مَعَدٍّ ... سِبَاباً أَوْ
قِتَالاً أَوْ هِجَاءُ (2)
فَمَنْ يَهْجُو رَسُوْلَ اللهِ مِنْكُم ... وَيَمْدَحُهُ
وَيَنْصُرُهُ سَوَاءُ
وَجِبْرِيْلٌ رَسُوْلُ اللهِ فِيْنَا ... وُرُوْحُ
القُدْسِ لَيْسَ لَهُ كِفَاءُ (3)
أَبُو الضُّحَى: عَنْ مَسْرُوْقٍ، قَالَ:
كُنْتُ عِنْدَ عَائِشَةَ، فَدَخَلَ حَسَّانٌ - بَعْدَ مَا
عَمِيَ - فَقَالَ:
حَصَانٌ رَزَانٌ مَا تُزَنُّ بِرِيْبَةٍ ... وَتُصْبِحُ
غَرْثَى مِنْ لُحُوْمِ الغَوَافِلِ
فَقَالَتْ: لَكِنْ أَنْتَ لَسْتَ كَذَاكَ.
فَقُلْتُ لَهَا: تَأْذَنِيْنَ لَهُ، وَقَدْ قَالَ اللهُ :
{وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُم لَهُ عَذَابٌ
عَظِيمٌ } [النُّوْرُ: 11]
فَقَالَتْ: وَأَيُّ
__________
= والخمر: جمع خمار: ما تغطي به المرأة رأسها، ونقل ابن "
دريد " في " الجمهرة " أن الخليل كان يروي البيت:
تظل جيادنا متمطرات * تظلمهن بالخمز النساء
وينكر " تلطمهن "، ويجعله بمعني: تنفض النساء بخمرهن ما
عليهن من غبار، من الطلم: وهو ضربك خبزة الملة بيدك لتنفض
ما عليها من الرماد.
(1) أي: همتها ودابها لقاء الفرسان، من قولهم: بعير عرضة
للسفر، أي: قوي عليه، وفلان عرضة للشر، أي: قوي عليه.
(2) كذا رواية الأصل، وعند الطبراني (3582): تلاقي، وفيه
على هذا إقواء، ورواية مسلم والديوان.
لنا في كل يوم من معد * سباب أو قتال أو هجاء
وقوله: لنا، أي: معشر الانصار.
(3) الخبر مع الشعر أخرجه مسلم (2490)، والطبراني (3582)،
والابيات في " ديوان حسان " 1 / 17، 18، و" سيرة ابن هشام
" 2 / 421، 424، والسهيلي 2 / 280، وابن سيد الناس 2 /
181، و" تهذيب ابن عساكر " 4 / 130، 131.
(2/517)
عَذَابٍ أَشَدُّ مِنَ العَمَى.
وَقَالَتْ: إِنَّهُ كَانَ يُنَافِحُ، أَوْ يُهَاجِي عَنْ
رَسُوْلِ اللهِ (1) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وَعَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي حَسَّانٍ: (لاَ يُحِبُّهُ إِلاَّ
مُؤْمِنٌ، وَلاَ يُبْغِضُهُ إِلاَّ مُنَافِقٌ).
هَذَا حَدِيْثٌ مِنْكَرٌ، مِنْ (مُسْنَدِ
الرُّوْيَانِيِّ)، مِنْ رِوَايَة أَبِي ثُمَامَةَ -
مَجْهُوْلٌ - عَنْ عُمَرَ بنِ إِسْمَاعِيْلَ - مَجْهُوْلٌ
- عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ.
وَلَهُ شُوَيْهِدٌ، رَوَاهُ: الوَاقِدِيُّ، عَنْ سَعِيْدِ
بنِ أَبِي زَيْدٍ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي
عُبَيْدَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ زَمْعَةَ، سَمِعَ
حَمْزَةَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ، سَمِعَ عَائِشَةَ
تَقُوْلُ:
سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (حَسَّانٌ حِجَازٌ بَيْنَ
المُؤْمِنِيْنَ وَالمُنَافِقِيْنَ، لاَ يُحِبُّهُ
مُنَافِقٌ، وَلاَ يُبْغِضُهُ مُؤْمِنٌ).
فَهَذَا اللَّفْظُ أَشْبَهُ.
وَيَبْقَى قِسْمٌ ثَالِثٌ، وَهُوَ حُبُّهُ، سَكَتَ عَنْهُ.
حُدَيْجُ بنُ مُعَاوِيَةَ: عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ
سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، قَالَ:
قِيْلَ لابْنِ عَبَّاسٍ: قَدِمَ حَسَّانُ اللَّعِيْنُ!
فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا هُوَ بِلَعِيْنٍ، قَدْ
جَاهَدَ مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- بِنَفْسِهِ، وَلِسَانِهِ (2) .
قُلْتُ: هَذَا دَالٌّ عَلَى أَنَّهُ غَزَا.
عَبْدَةُ بنُ سُلَيْمَانَ: عَنْ أَبِي حَيَّانَ
التَّيْمِيِّ، عَنْ حَبِيْبِ بنِ أَبِي ثَابِتٍ، قَالَ:
أَنْشَدَ حَسَّانٌ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-:
__________
(1) أخرجه البخاري 7 / 338، و8 / 374، ومسلم (2488).
(2) أخرجه أبو الفرج في " الاغاني " 4 / 145، 146 من طريق
عمر بن شبة، عن أبي داود، ومن طريق أحمد بن الجعد، عن محمد
بن بكار بهذا الإسناد.
وهو في " تهذيب ابن عساكر " 4 / 131.
(2/518)
شَهِدْتُ - بإِذْنِ اللهِ - أَنَّ
مُحَمَّداً ... رَسُوْلُ الَّذِي فَوْقَ السَّمَاوَاتِ
مِنْ عَلُ
وَأَنَّ أَبَا يَحْيَى وَيَحْيَى كِلاَهُمَا ... لَهُ
عَمَلٌ مِنْ رَبِّهِ مُتَقَبَّلُ
وَأَنَّ أَخَا الأَحْقَافِ إِذْ قَامَ فِيْهِمُ ...
يَقُوْلُ بِذَاتِ اللهِ فِيْهِمْ وَيَعْدِلُ
فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
(وَأَنَا (1)).
هَذَا مُرْسَلٌ.
وَرَوَى: أَبُو غَسَّانَ النَّهْدِيُّ، حَدَّثَنَا عُمَرُ
بن زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
أَنْشَدَهُ حَسَّانٌ...، فَذَكَرهَا، وَزَادَ:
وَأَنَّ الَّذِي عَادَى اليَهُوْدُ ابْنَ مَرْيَمٍ ...
نَبِيٌّ أَتَى مِنْ عِنْدِ ذِي العَرْشِ مُرْسَلُ (2)
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِم بنِ عُمَرَ، وَعَبْدِ
اللهِ بنِ حَزْمٍ:
إِنَّ حَسَّانَ لَمَّا قَالَ هَذِهِ الأَبْيَاتَ:
مَنَعَ النَّوْمَ بِالعِشَاءِ الهُمُوْمُ ... وَخَيَالٌ
إِذَا تَغُورُ النُّجُوْمُ
مِنْ حَبِيْبٍ أَصَابَ قَلْبَكَ مِنْهُ ... سَقَمٌ فَهْوَ
دَاخِلٌ مَكْتُوْمُ
يَا لَقَوْمٍ هَلْ يَقْتُلُ المَرْءَ مِثْلِي ... وَاهِنُ
البَطْشِ وَالعِظَامِ سَؤُوْمُ
شَأْنُهَا العِطْرُ وَالفِرَاشُ وَيَعْلُوْ ... هَا
لُجَيْنٌ وَلُؤْلُؤٌ مَنْظُوْمُ
لَوْ يَدِبُّ الحَوْلِيُّ مِنْ وَلَدِ الذَّ ... رِّ
عَلَيْهَا لأَنْدَبَتْهَا الكُلُوْمُ
__________
(1) الاغاني 4 / 151، 152 وأبو يحيى هو زكريا عليه السلام.
وأخو الاحقاف: هو هود عليه السلام.
(2) هذا البيت والثلاثة قبله في ديوانه: 186.
(2/519)
لَمْ تَفُقْهَا شَمْسُ النَّهَارِ بِشَيْءٍ
... غَيْرَ أَنَّ الشَّبَابَ لَيْسَ يَدُوْمُ
زَادَ بَعْضُهُمْ:
رُبَّ حِلْمٍ أَضَاعَهُ عَدَمُ المَا ... لِ، وَجَهْلٍ
غَطَّى عَلَيْهِ النَّعَيْمُ (1)
نَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ عَلَى أَطَمَةِ فَارِعٍ: يَا
بَنِي قَيْلَةَ!
فَلَمَّا اجْتَمَعُوا، قَالُوا: مَا لَكَ وَيْلَكَ؟!
قَالَ: قُلْتُ قَصِيْدَةً لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنَ
العَرَبِ مِثْلَهَا.
ثُمَّ أَنْشَدَهَا لَهُمْ، فَقَالُوا: أَلِهَذَا
جَمَعْتَنَا؟
فَقَالَ: وَهَلْ يَصْبِرُ مَنْ بِهِ وَحَرُ الصَّدْرِ (2)
.
الأَصْمَعِيُّ، وَغَيْرُهُ: عَنِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ،
عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ خَارِجَةَ بنِ زَيْدٍ، قَالَ:
كَانَ الغِنَاءُ يَكُوْنُ فِي العُرَيْسَاتِ، وَلاَ
يَحْضُرُهُ شَيْءٌ مِنَ السَّفَهِ كَاليَوْمِ، كَانَ فِي
بَنِي نُبَيْطٍ مَدْعَاةٌ، كَانَ فِيْهَا حَسَّانُ بن
ثَابِتٍ، وَابْنُهُ - وَقَدْ عَمِيَ - وَجَارِيَتَانِ
تُنْشِدَانِ:
انْظُرْ خَلِيْلَيَّ بِبَابِ جِلِّقَ هَلْ ... تُؤْنِسُ
دُوْنَ البَلْقَاءِ مِنْ أَحَدِ (3)
أَجْمَالَ شَعْثَاءَ إِذْ ظَعَنَّ مِنَ الـ ... ـمَحْبِسِ
بَيْنَ الكُثْبَانِ وَالسَّنَدِ (4)
فَجَعَلَ حَسَّانُ يَبْكِي، وَهَذَا شِعْرُهُ، وَابْنُهُ
يَقُوْلُ لِلجَارِيَةِ: زِيْدِيْ.
وَفِيْهِ:
__________
(1) في الأصل: رب ظلم أطاعه عدم الما * ل وجهل غطى عليه
النعيم وما أثبتنا هو رواية الديوان: 25 وسيرة ابن هشام 2
/ 150.
(2) ما بين الحاصرتين وهو جواب لما سقط من الأصل،
واستدركته من " تهذيب ابن عساكر " 4 / 136، وأما ابن هشام
في السيرة فقال: قال حسان هذه القصيدة ليلا، فدعا قومه
فقال لهم: خشيت أن يدركني أجلي قبل أن أصبح فلا ترووها
عني.
(3) في الديوان: 66 انظر خليلي ببطن جلق.
(4) كذا الأصل، ورواية الشطر في الديوان: جمال شعثاء قد
هبطن.
(2/520)
يَحْمِلْنَ حُوْرَ العُيُوْنِ تَرْفُلُ فِي
الرَّ ... يْطِ حِسَانَ الوُجُوْهِ كَالبَرَدِ (1)
مِنْ دُوْنِ بُصْرَى وَخَلْفَهَا جَبَلُ الثَّلْـ ... ـجِ
عَلَيْهِ السَّحَابُ كَالقِدَدِ
وَالبُدْنُ إِذْ قُرِّبَتْ لِمَنْحَرِهَا ... حِلْفَةَ
بَرِّ اليَمِيْنِ مُجْتَهِدِ
مَا حُلْتُ عَنْ عَهْدِ مَا عَلِمْتِ وَلاَ ... أَحْبَبْتُ
حُبِّي إِيَّاكِ مِنْ أَحَدِ (2)
أَهْوَى حَدِيْثَ النُّدْمَانِ فِي وَضَحِ الفَجْـ ... ـرِ
وَصَوْتَ المُسَامِرِ الغَرِدِ (3)
فَطَرِبَ حَسَّانُ، وَبَكَى.
قَالَ ابْنُ الكَلْبِيِّ: كَانَ حَسَّانٌ لَسِناً،
شُجَاعاً، فَأَصَابَتْهُ عِلَّةٌ أَحْدَثَتْ فِيْهِ
الجُبْنَ (4) .
قَالَ سُلَيْمَانُ بنُ يَسَارٍ (5) : رَأَيْتُ حَسَّانَ
لَهُ نَاصِيَةٌ قَدْ سَدَلَهَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ.
إِسْحَاقُ الفَرْوِيُّ، وَآخَرُ: عَنْ أُمِّ عُرْوَةَ
بِنْتِ جَعْفَرِ بنِ الزُّبَيْرِ بنِ العَوَّامِ، عَنْ
أَبِيْهَا، عَنْ جَدِّهَا، قَالَ:
لَمَّا خَلَّفَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- نِسَاءهُ يَوْمَ أُحُدٍ (6) ، خَلَّفَهُنَّ فِي
فَارِعٍ (7) ، وَفِيْهِنَّ صَفِيَّةُ بِنْتُ عَبْدِ
المُطَّلِبِ، وَخَلَّفَ فِيْهِنَّ
__________
(1) رواية البيت في الديوان: يحملن حوا حور المدامع في الر
* يط وبيض الوجوه كالبرد.
(2) رواية الديوان: ما حلت عن خير ما عهدت ولا.
(3) الابيات في ديوانه: 66، 67، و" تهذيب ابن عساكر " 4 /
126، 127، (4) " تهذيب ابن عساكر " 4 / 143.
(5) تصحف في المطبوع إلى " بشار " والخبر في " تهذيب ابن
عساكر " 4 / 143.
(6) سينبه المصنف أن قوله يوم أحد وهم، وأن الصواب الخندق
; كما رواه ابن إسحاق.
(7) فارع: حصن حسان.
(2/521)
حَسَّانَ، فَأَقْبَلَ رَجُلٌ مِنَ
المُشْرِكِيْنَ لِيَدْخُلَ عَلَيْهِنَّ.
فَقَالَتْ صَفِيَّةُ لِحَسَّانَ: عَلَيْكَ الرَّجُلَ.
فَجَبُنَ، وَأَبَى عَلَيْهَا، فَتَنَاوَلَتِ السَّيْفَ،
فَضَرَبَتْ بِهِ المُشْرِكَ حَتَّى قَتَلَتْهُ، فَأُخْبِرَ
بِذَلِكَ، فَضُرِبَ لَهَا بِسَهْمٍ.
وَزَادَ الفَرْوِيُّ فِيْهِ، أَنَّهُ قَالَ: لَو كَانَ
ذَاكَ فِيَّ لَكُنْتُ مَعَ رَسُوْلِ اللهِ.
قَالَتْ: فَقَطَعْتُ رَأْسَهُ، وَقُلْتُ لِحَسَّانَ: قُمْ،
فَاطْرَحْهُ عَلَى اليَهُوْدِ وَهُمْ تَحْتَ الحِصْنِ.
قَالَ: وَاللهِ مَا ذَاكَ فِيَّ.
فَأَخَذْتُ رَأْسَهُ، فَرَمَيْتُ بِهِ عَلَيْهِم،
فَقَالُوا: قَدْ عَلِمْنَا -وَاللهِ- إِنَّ هَذَا لَمْ
يَكُنْ لِيَتْرُكَ أَهْلَهُ خُلُوْفاً لَيْسَ مَعَهُمْ
أَحَدٌ، فَتَفَرَّقُوْا (1) .
فَقَوْلُهُ: (يَوْمَ أُحُدٍ) وَهْمٌ.
وَرَوَى نَحْوَهُ: ابْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى
بنُ عَبَّادٍ، عَنْ أَبِيْهِ، وَفِيْهِ:
فَقَالَتْ لِحَسَّانٍ: قُمْ، فَاسْلُبْهُ، فَإِنِّي
امْرَأَةٌ وَهُوَ رَجُلٌ.
فَقَالَ: مَا لِي بِسَلَبِهِ يَا بِنْتَ عَبْدِ
المُطَّلِبِ مِنْ حَاجَةٍ (2) .
وَرَوَى: يُوْنُسُ بنُ بُكَيْرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ
أَبِيْهِ، عَنْ صَفِيَّةَ، مِثْلَهُ (3) .
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: تُوُفِّيَ حَسَّانُ سَنَةَ
أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ.
__________
(1) أم عروة لا تعرف، وأبوها جعفر ذكره ابن أبي حاتم: 2 /
478 ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا.
(2) أخرجه ابن هشام 2 / 228.
وهو في " الاغاني " 4 / 164، 165، " وتهذيب ابن عساكر " 4
/ 143.
(3) أخرجه الحاكم 4 / 51 ورجاله ثقات.
لكنه مرسل، وانظر ص 271 ت 1 من هذا الكتاب، و" ابن سعد " 8
/ 41.
(2/522)
وَأَمَّا الهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ،
وَالمَدَائِنِيُّ، فَقَالاَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ
أَرْبَعِيْنَ.
قُلْتُ: لَهُ وِفَادَةٌ عَلَى جَبَلَةَ بنِ الأَيْهَمِ،
وَعَلَى مُعَاوِيَةَ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: تُوُفِّيَ زَمَنَ مُعَاوِيَةَ.
107 - كَعْبُ بنُ مَالِكِ بنِ أَبِي كَعْبٍ عَمْرٍو
الأَنْصَارِيُّ * (ع)
ابْنِ القَيْنِ بنِ كَعْبِ بنِ سَوَادِ بنِ غَنْمِ بنِ
كَعْبِ بنِ سَلَمَةَ الأَنْصَارِيُّ، الخَزْرَجِيُّ،
العَقَبِيُّ، الأُحُدِيُّ.
شَاعِرُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- وَصَاحِبُهُ، وَأَحَدُ الثَّلاَثَةِ الَّذِيْنَ
خُلِّفُوا، فَتَابَ اللهُ عَلَيْهِمْ.
شَهِدَ العَقَبَةَ.
وَلَهُ عِدَّةُ أَحَادِيْثَ، تَبْلُغُ الثَّلاَثِيْنَ،
اتَّفَقَا عَلَى ثَلاَثَةٍ مِنْهَا، وَانْفَرَدَ
البُخَارِيُّ بِحَدِيْثٍ، وَمُسْلِمٌ بِحَدِيْثَيْنِ (1) .
رَوَى عَنْهُ: بَنُوْهُ؛ عَبْدُ اللهِ، وَعُبَيْدُ اللهِ،
وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَمُحَمَّدٌ، وَمَعَبْدٌ بَنُو
كَعْبٍ، وَجَابِرٌ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَبُو أُمَامَةَ،
وَعُمَرُ بنُ الحَكَمِ، وَعُمَرُ بنُ كَثِيْرِ بنِ
أَفْلَحَ، وَآخَرُوْنَ، وَحَفِيْدُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ
بنُ عَبْدِ اللهِ.
__________
(*) مسند أحمد: 3 / 454 و6 / 38، طبقات خليفة: 103، تاريخ
خليفة: 202، التاريخ الكبير: 7 / 219 - 220، تاريخ الفسوي:
1 / 318 - 319، الجرح والتعديل: 7 / 160، الاغاني: 16 /
226 - 240، المستدرك: 3 / 440، الاستبصار: 160 - 161،
الاستيعاب: 3 / 1323، تاريخ ابن عساكر: 14 / 286 / 1، أسد
الغابة: 4 / 487، تهذيب الكمال: 1147، تاريخ الإسلام: 2 /
243، العبر: 1 / 56، تهذيب التهذيب: 8 / 440 - 441،
الإصابة: 8 / 304، خلاصة تذهيب الكمال: 321، كنز العمال:
13 / 581، شذرات الذهب: 1 / 56.
(1) انظر " البخاري " 1 / 459 و5 / 53 و8 / 86، 93، ومسلم
(1558) و(2769) و(2810) و(716) و(1142) و(2032).
(2/523)
وَقِيْلَ: كَانَتْ كُنْيَتُهُ فِي
الجَاهِلِيَّةِ أَبَا بَشِيْرٍ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتَمٍ: كَانَ كَعْبٌ مِنْ أَهْلِ
الصُّفَّةِ، وَذَهَبَ بَصَرُهُ فِي خِلاَفَةِ مُعَاوِيَةَ
(1) .
وَقَدْ ذَكَرَهُ عُرْوَةُ فِي السَّبْعِيْنَ الَّذِيْنَ
شَهِدُوا العَقَبَةَ.
وَرَوَى: صَدَقَةُ بنُ سَابِقٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ،
قَالَ:
آخَى رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
بَيْنَ طَلْحَةَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ، وَكَعْبِ بنِ
مَالِكٍ.
وَقِيْلَ: بَلْ آخَى بَيْنَ كَعْبٍ وَالزُّبَيْرِ.
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ
أَبِيْهِ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
آخَى بَيْنَ الزُّبَيْرِ وَكَعْبِ بنِ مَالِكٍ، فَارْتُثَّ
(2) كَعْبٌ يَوْمَ أُحُدٍ، فَجَاءَ بِهِ الزُّبَيْرُ
يَقُوْدُهُ، وَلَو مَاتَ يَوْمَئِذٍ لَوَرِثَهُ
الزُّبَيْرُ، فَأَنْزَلَ اللهُ : {وَأُولُو الأَرْحَامِ
بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللهِ }
[الأَنْفَالُ (3) : 75].
وَعَنْ كَعْبٍ: لَمَّا انْكَشَفْنَا يَوْمَ أُحُدٍ، كُنْتُ
أَوَّلَ مَنْ عَرَفَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَبَشَّرْتُ بِهِ المُؤْمِنِيْنَ
حَيّاً سَوِيّاً، وَأَنَا فِي الشِّعْبِ، فَدَعَا رَسُوْلُ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَعْباً
بِلأْمَتِهِ، وَكَانَتْ صَفْرَاءَ، فَلَبِسَهَا كَعْبٌ،
وَقَاتَلَ يَوْمَئِذٍ قِتَالاً شَدِيْداً حَتَّى جُرِحَ
سَبْعَةَ عَشَرَ جُرْحاً (4).
__________
(1) " الجرح والتعديل " 7 / 160، 161.
(2) الارتثاث: أن يحمل الجريح من المعركة وهو ضعيف، قد
أثخنته الجراح.
(3) رجاله ثقات، وأورده ابن كثير بنحوه 3 / 468 من طريق
ابن أبي حاتم عن أبيه، عن أحمد بن أبي بكر المصعبي، عن عبد
الرحمن بن أبي الزناد عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن الزبير
بن العوام...وذكره السيوطي في " الدر المنثور " 3 / 207
وزاد نسبته إلى ابن سعد والحاكم وابن مردويه.
(4) " سيرة ابن هشام " 2 / 43، والمستدرك 3 / 441.
(2/524)
قَالَ ابْنُ سِيْرِيْنَ: كَانَ شُعَرَاءُ
أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-: حَسَّانُ بنُ ثَابِتٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ
رَوَاحَةَ، وَكَعْبُ بنُ مَالِكٍ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ كَعْبٍ: عَنْ أَبِيْهِ:
أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! قَدْ أَنْزَلَ اللهُ
فِي الشُّعَرَاءِ مَا أَنْزَلَ.
قَالَ: (إِنَّ المُجَاهِدَ مُجَاهِدٌ بِسَيْفِهِ
وَلِسَانِهِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَكَأَنَّمَا
تَرْمُونَهُمْ بِهِ نَضْحُ النَّبْلِ (1)).
قَالَ ابْنُ سِيْرِيْنَ: أَمَّا كَعْبٌ فَكَانَ يَذْكُرُ
الحَرْبَ، يَقُوْلُ: فَعَلْنَا وَنَفْعَلُ،
وَيَتَهَدَّدُهُمْ، وَأَمَّا حَسَّانُ فَكَانَ يَذْكُرُ
عُيُوبَهُمْ، وَأَيَّامَهُمْ، وَأَمَّا ابْنُ رَوَاحَةَ
فَكَانَ يُعَيِّرَهُمْ بِالكُفْرِ.
وَقَدْ أَسْلَمَتْ دَوْسٌ فَرَقاً مِنْ بَيْتٍ قَالَهُ
كَعْبٌ:
نُخَيِّرُهَا وَلَو نَطَقَتْ لَقَالَتْ ... قَوَاطِعُهُنَّ
دَوْساً أَوْ ثَقِيْفَا (2)
عَنِ ابْنِ المُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
قَالَ لِكَعْبِ بنِ مَالِكٍ: (مَا نَسِيَ رَبُّكَ لَكَ،
وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً، بَيْتاً قُلْتَهُ).
قَالَ: مَا هُوَ؟
قَالَ: (أَنْشِدْهُ يَا أَبَا بَكْرٍ). فَقَالَ:
__________
(1) أخرجه عبد الرزاق في " المصنف " (20500) وعنه أحمد 6 /
387 من طريق معمر، عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك
عن أبيه وهذا سند صحيح.
(2) " أسد الغابة " 4 / 484، و" الإصابة " 8 / 305، وقوله:
" نخيرها " الضمير يعود إلى السيوف في البيت قبله وهو:
قضينا من تهامة كل ريب * وخيبر ثم أجممنا السيوفا أي:
نعطيها الخيرة، ولو نطقت، لاختارت أن نحارب دوسا أو ثقيفا.
وهما من قصيدة أوردها ابن هشام في " السيرة " 2 / 479، 480
قالها كعب حين فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من حنين،
وأجمع المسير إلى الطائف.
(2/525)
زَعَمَتْ سَخِيْنَةُ أَنْ سَتَغْلِبَ
رَبَّهَا ... وَلَيُغْلَبَنَّ مُغَالِبُ الغَلاَّبِ (1)
عَنِ الهَيْثَمِ، وَالمَدَائِنِيِّ: أَنَّ كَعْباً مَاتَ
سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ.
وَرَوَى: الوَاقِدِيُّ: أَنَّهُ مَاتَ سَنَةَ خَمْسِيْنَ.
وَعَنِ الهَيْثَمِ بنِ عَدِيٍّ أَيْضاً: أَنَّهُ تُوُفِّيَ
سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ.
وَقِصَّةُ تَوْبَةِ الثَّلاَثَةِ فِي الصَّحِيْحِ (2) ،
وَشِعْرُهُ مِنْهُ فِي السِّيْرَةِ.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ
هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
آخَى رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
بَيْنَ الزُّبَيْرِ وَبَيْنَ كَعْبِ بنِ مَالِكٍ (3) .
قَالَ الزُّبَيْرُ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ كَعْباً أَصَابَتْهُ
الجِرَاحَةُ بِأُحُدٍ، فَقُلْتُ:
لَو مَاتَ، فَانْقَلَعَ عَنِ الدُّنْيَا، لَوَرِثْتُهُ،
حَتَّى نَزَلَتْ : {وَأُوْلُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ
أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللهِ } [الأَنْفَالُ: 75].
فَصَارَتِ المَوَارِيْثُ بَعْدُ لِلأَرْحَامِ
وَالقَرَابَاتِ، وَانْقَطَعَتْ حِيْنَ نَزَلَتْ:
{وَأُوْلُو الأَرْحَامِ(4) } تِلْكَ المَوَارِيْثُ
بِالمُوَاخَاةِ.
__________
(1) السخينة: طعام من دقيق وسمن أو دقيق وتمر أغلظ من
الحساء، وكانت قريش تكثر من أكلها، فعيرت بها حتى لقبوا "
سخينة " والخبر أورده صاحب " كنز العمال " 13 / 581، ونسبه
لابن مندة، وابن عساكر.
(2) انظر البخاري 8 / 86، 93 في المغازي، ومسلم (2769) في
التوبة: باب حديث كعب ابن مالك.
(3) بن سعد 3 / 102، وأخرجه أيضا من طريق عبد الله بن
نمير، عن هشام بن عروة، عن بشير بن عبد الرحمن بن كعب بن
مالك، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم آخى بين الزبير
وبين كعب بن مالك.
(4) في الأصل بياض بين كلمة " فصارت " وكلمة " حين "،
واستدركناه من ابن سعد فيما ذكره السيوطي في " أسباب
النزول " ص 377، وأخرج ابن أبي حاتم فيما ذكره ابن كثير 3
/ 468 من طريق أبيه، عن أحمد بن أبي بكر المصعبي، عن عبد
الرحمن بن أبي الزناد، عن هشام بن =
(2/526)
وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ: آخَى
النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ
كَعْبٍ وَطَلْحَةَ.
وَقَدْ أَنْشَدَ كَعْبٌ عَلِيّاً قَوْلَهُ فِي عُثْمَانَ -
رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ -:
فَكَفَّ يَدَيْهِ ثُمَّ أَغْلَقَ بَابَهُ ... وَأَيْقَنَ
أَنَّ اللهَ لَيْسَ بِغَافِلِ
وَقَالَ لِمَنْ فِي دَارِهِ: لاَ تُقَاتِلُوا ... عَفَا
اللهُ عَنْ كُلِّ امْرِئٍ لَمْ يُقَاتِلِ
فَكَيْفَ رَأَيْتَ اللهَ صَبَّ عَلَيْهِمُ الـ ...
ـعَدَاوَةَ وَالبَغْضَاءَ بَعْدَ التَّوَاصُلِ
وَكَيْفَ رَأَيْتَ الخَيْرَ أَدْبَرَ عَنْهُمُ ...
وَوَلَّى كَإِدْبَارِ النَّعَامِ الجَوَافِلِ
فَقَالَ عَلِيٌّ: اسْتَأْثَرَ عُثْمَانُ، فَأَسَاءَ
الأَثَرَةَ، وَجَزِعْتُمْ أَنْتُمْ، فَأَسَأْتُمُ الجَزَعَ
(1) .
الزُّهْرِيُّ: عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَبْدِ اللهِ
بنِ كَعْبٍ، عَنْ أَبِيْهِ:
سَمِعْتُ كَعْباً يَقُوْلُ: لَمْ أَتَخَلَّفْ عَنْ
رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي
غَزْوَةٍ حَتَّى كَانَتْ تَبُوْكٌ، إِلاَّ بَدْراً، وَمَا
أُحِبُّ أَنِّي شَهِدْتَهَا وَفَاتَتْنِي بَيْعَتِي
لَيْلَةَ العَقَبَةِ (2) ، وَقَلَّمَا أَرَادَ رَسُوْلُ
__________
= عروة، عن أبيه، عن الزبير بن العوام رضي الله عنه قال: "
أنزل الله عزوجل فينا خاصة معشر قريش والانصار (وأولوا
الارحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله) وذلك أنا معشر
قريش، لما قدمنا المدينة، قدمنا ولا أموال لنا، فوجدنا
الانصار نعم الاخوان، فواخيناهم ووارثناهم...وفيه: فوالله
يا بني لو مات يومئذ عن الدنيا، ما ورثه غيري، حتى أنزل
الله تعالى هذه الآية فينا معشر قريش والانصار، فرجعنا إلى
مواريثنا " وإسناده حسن.
وأخرج ابن عساكر في " تاريخه " 14 / 288 / 2 من طريق أبي
القاسم البغوي، حدثنا عبد الأعلى النرسي، حدثنا حماد بن
سلمة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم آخى بين الزبير بن العوام وكعب بن مالك، فارتث
كعب يوم أحد، فجاء به الزبير يقود راحلته بزمانها، ولو مات
كعب يومئذ، لورثه الزبير، فأنزل الله عزوجل: (وأولو
الارحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله)
(1) انظر " الاغاني " 6 / 233، 234.
(2) في البخاري ومسلم: ولقد شهدت مع رسول الله صلى الله
عليه وسلم بيعة العقبة حين تواثقنا على الإسلام، وما أحب
أن لي بها مشهد بدر، وإن كانت بدر أذكر في الناس منها.
(2/527)
الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
غَزْوَةً إِلاَّ وَرَّى بِغَيْرِهَا، فَأَرَادَ فِي
غَزْوَةِ تَبُوْكٍ أَنْ يَتَأَهَّبَ النَّاسُ أُهْبَةً،
وَكُنْتُ أَيْسَرَ مَا كُنْتُ وَأَنَا فِي ذَلِكَ أَصْغُو
(1) إِلَى الظِّلاَلِ، وَطَيِّبِ الثِّمَارِ، فَلَمْ
أَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى خَرَجَ.
فَقُلْتُ: أَنْطَلِقُ غَداً، فَأَشْتَرِي جَهَازِي، ثُمَّ
أَلْحَقُ بِهِمْ.
فَانْطَلَقْتُ إِلَى السُّوْقِ، فَعَسُرَ عَلَيَّ،
فَرَجَعْتُ، فَقُلْتُ: أَرْجِعُ غَداً.
فَلَمْ أَزَلْ حَتَّى التَبَسَ بِي الذَّنْبُ،
وَتَخَلَّيْتُ، فَجَعَلْتُ أَمْشِي فِي أَسْوَاقِ
المَدِيْنَةِ، فَيُحْزِنُنِي أَنِّي لاَ أَرَى إِلاَّ
مَغْمُوْصاً (2) عَلَيْهِ فِي النِّفَاقِ، أَوْ ضَعِيْفاً،
وَكَانَ جَمِيْعُ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ
بِضْعَةً وَثَمَانِيْنَ رَجُلاً.
وَلَمَّا بَلَغَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- تَبُوْكَ، ذَكَرَنِي، وَقَالَ: (مَا فَعَلَ
كَعْبٌ؟).
فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِي: خَلَّفَهُ يَا نَبِيَّ اللهِ
بُرْدَاهُ، وَالنَّظَرُ فِي عِطْفَيْهِ.
فَقَالَ مُعَاذٌ: بِئْسَ مَا قُلْتَ، وَاللهِ مَا نَعْلَمُ
إِلاَّ خَيْراً.
إِلَى أَنْ قَالَ: فَلَمَّا رَآنِي -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَبَسَّمَ تَبَسُّمَ المُغْضَبِ،
وَقَالَ: (أَلَمْ تَكُنِ ابْتَعْتَ ظَهْرَكَ؟).
قُلْتُ: بَلَى.
قَالَ: (فَمَا خَلَّفَكَ؟).
قُلْتُ: وَاللهِ لَو بَيْنَ يَدَيْ أَحَدٍ غَيْرِكَ
جَلَسْتُ، لَخَرَجْتُ مِنْ سَخَطِهِ عَلَيَّ بِعْذُرٍ،
لَقَدْ أُوْتِيْتُ جَدَلاً، وَلَكِنْ قَدْ عَلِمْتُ يَا
نَبِيَّ اللهِ أَنِّي أُخْبِرُكَ اليَوْمَ بِقَوْلٍ تَجِدُ
عَلَيَّ فِيْهِ وَهُوَ حَقٌّ، فَإِنِّي أَرْجُو فِيْهِ
عُقْبَى اللهِ.
إِلَى أَنْ قَالَ: وَاللهِ مَا كُنْتُ قَطُّ أَيْسَرَ
وَلاَ أَخَفَّ حَاذّاً (3) مِنِّي حِيْنَ تَخَلَّفْتُ
عَنْكَ.
فَقَالَ: (أَمَّا هَذَا فَقَدْ صَدَقَكُمْ، قُمْ حَتَّى
يَقْضِيَ اللهُ فِيْكَ).
فَقُمْتُ.
__________
(1) أصغو: أميل.
(2) بالغين المعجمة، والصاد المهملة، أي: مطعونا عليه في
دينه، متهما بالنفاق.
وقيل: معناه: مستحقرا، تقول: غمصت فلانا: إذا استحقرته.
(3) الحاذ: الحال.
(2/528)
إِلَى أَنْ قَالَ: وَنَهَى رَسُوْلُ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- النَّاسَ عَنْ
كَلاَمِنَا أَيُّهَا الثَّلاَثَةُ (1) ، فَجَعَلْتُ
أَخْرُجُ إِلَى السُّوْقِ، فَلاَ يُكَلِّمُنِي أَحَدٌ،
وَتَنَكَّرَ لَنَا النَّاسُ حَتَّى مَا هُمْ بِالَّذِيْنَ
نَعْرِفُ، وَتَنَكَّرَتْ لَنَا الحِيْطَانُ وَالأَرْضُ،
وَكُنْتُ أَطُوْفُ وَآتِي المَسْجِدَ، فَأَدْخُلُ وَآتِي
النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
فَأُسَلِّمُ عَلَيْهِ، فَأَقُوْلُ: هَلْ حَرَّكَ
شَفَتَيْهِ بِالسَّلاَمِ.
وَاسْتَكَانَ صَاحِبَايَ (2) ، فَجَعَلا يَبْكِيَانِ
اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، لاَ يُطْلِعَانِ رُؤُوْسَهُمَا.
فَبَيْنَا أَنَا أَطُوْفُ فِي السُّوْقِ، إِذَا
بِنَصْرَانِيٍّ جَاءَ بِطَعَامٍ يَقُوْلُ: مَنْ يَدُلُّ
عَلَى كَعْبٍ؟
فَدَلُّوهُ عَلَيَّ، فَأَتَانِي بِصَحِيْفَةٍ مِنْ مَلِكِ
غَسَّانَ، فَإِذَا فِيْهَا:
أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ صَاحِبَكَ قَدْ
جَفَاكَ، وَأَقْصَاكَ، وَلَسْتَ بِدَارٍ مَضْيَعَةٍ، وَلاَ
هَوَانٍ، فَالْحَقْ بِنَا نُوَاسِكَ.
فَسَجَرْتُ لَهَا التَّنُّورَ، وَأَحْرَقْتُهَا.
إِلَى أَنْ قَالَ: إِذْ سَمِعْتُ نِدَاءً مِنْ ذُرْوَةِ
سَلْعٍ (3) : أَبْشِرْ يَا كَعْبَ بنَ مَالِكٍ، فَخَرَرْتُ
سَاجِداً، ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ عَلَى فَرَسٍ يُبَشِّرُنِي،
فَكَانَ الصَّوْتُ أَسْرَعُ مِنْ فَرَسِهِ، فَأَعْطَيْتُهُ
ثَوْبَيَّ بِشَارَةً، وَلَبِسْتُ غَيْرَهُمَا.
وَنَزَلَتْ تَوْبَتُنَا عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُلُثَ اللَّيْلِ، فَقَالَتْ أُمُّ
سَلَمَةَ: يَا نَبِيَّ اللهِ أَلاَ نُبَشِّرُ كَعْباً،
قَالَ: (إِذاً يَحْطُمُكُمُ النَّاسُ وَيَمْنَعُوْنَكُمُ
النَّوْمَ).
قَالَ: فَانْطَلَقْتُ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ فِي المَسْجِدِ،
وَحَوْلَهُ المُسْلِمُوْنَ، وَهُوَ يَسْتَنِيْرُ
كَاسْتِنَارَةِ القَمَرِ، فَقَالَ: أَبْشِرْ يَا كَعْبُ
بِخَيْرِ يَوْمٍ أَتَى
__________
(1) أيها الثلاثة: مبني على الضم في محل نصب على الاختصاص،
أي، متخصصين بذلك دون بقية الناس.
(2) وهما مرارة بن الربيع العمري، وهلال بن أمية الواقفي.
(3) سلع: جبل بالمدينة.
(2/529)
عَلَيْكَ.
ثُمَّ تَلاَ عَلَيْهِمْ : {لَقَدْ تَابَ اللهُ عَلَى
النَّبِيِّ} [التَّوْبَةُ: 118]، الآيَاتِ.
وَفِيْنَا نَزَلَتْ أَيْضاً : {اتَّقُوا اللهَ، وَكُوْنُوا
مَعَ الصَّادِقِيْنَ } [التَّوْبَةُ: 120].
فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللهِ! إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَلاَّ
أُحَدِّثَ إِلاَّ صَادِقاً، وَأَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِي
كُلِّهِ صَدَقَةً.
فَقَالَ: (أَمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ، فَهُوَ
خَيْرٌ لَكَ)، الحَدِيْث.
وَفِي لَفْظٍ: فَقَامَ إِلَيَّ طَلْحَةُ يُهَرْوِلُ حَتَّى
صَافَحَنِي، وَهَنَّأَنِي، فَكَانَ لاَ يَنْسَاهَا
لِطَلْحَةَ (1).
108 - جَرِيْرُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ جَابِرِ بنِ مَالِكٍ
البَجَلِيُّ * (ع)
ابْنِ نَصْرِ بنِ ثَعْلَبَةَ بنِ جُشَمِ بنِ عَوْفٍ،
الأَمِيْرُ، النَّبِيْلُ، الجَمِيْلُ، أَبُو عَمْرٍو -
وَقِيْلَ: أَبُو عَبْدِ اللهِ - البَجَلِيُّ، القَسْرِيُّ.
وَقَسْرٌ: مِنْ قَحْطَانَ.
مِنْ أَعْيَانِ الصَّحَابَةِ.
__________
(1) أخرجه البخاري 8 / 86 في المغازي، وهو عند البخاري في
مواضع متعددة انظر رقم (2757) و(2947) و(2948) و(2949)
و(2950) و(3088) و(3556) و(3889) و(3951) و(4418) و(4673)
و(4676) و(4677) و(4678) و(6255) و(6690) و(7225) وأخرجه
مسلم (2769) في التوبة: باب حديث توبة كعب بن مالك
وصاحبيه، وأحمد 6 / 387 و390، وابن هشام 2 / 531.
(*) مسند أحمد: 4 / 357، طبقات ابن سعد: 6 / 22، طبقات
خليفة: 116، 138، تاريخ خليفة: 218، التاريخ الكبير: 2 /
211، المعارف: 292، 293، 586، 592، الجرح والتعديل: 2 /
502، معجم الطبراني الكبير: 2 / 326، المستدرك: 3 / 464،
الاستيعاب: 1 / 337، جامع الأصول: 9 / 85، أسد الغابة: 1 /
333، تهذيب الكمال: 191، تاريخ الإسلام: 2 / 274، العبر: 1
/ 57، تهذيب التهذيب: 2 / 73 - 75، الإصابة: 2 / 76، خلاصة
تذهيب الكمال: 61، شذرات الذهب: 1 / 57 و58.
(2/530)
حَدَّثَ عَنْهُ: أَنَسٌ، وَقَيْسُ بنُ
أَبِي حَازِمٍ، وَأَبُو وَائِلٍ، وَالشَّعْبِيُّ،
وَهَمَّامُ بنُ حَارِثٍ، وَأَوْلاَدُهُ الأَرْبَعَةُ:
المُنْذِرُ، وَعُبَيْدُ اللهِ، وَإِبْرَاهِيْمُ - لَمْ
يُدْرِكْهُ - وَأَيُّوْبُ، وَشَهْرُ بنُ حَوْشَبٍ،
وَزِيَادُ بنُ عِلاقَةَ، وَحَفِيْدُهُ؛ أَبُو زُرْعَةَ بنُ
عَمْرِو بنِ جَرِيْرٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ،
وَجَمَاعَةٌ.
وَبَايَعَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
عَلَى النُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ.
أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الأَزْرَقُ، حَدَّثَنَا
يُوْنُسُ، عَنِ المُغِيْرَةِ بنِ شِبْلٍ، قَالَ:
قَالَ جَرِيْرٌ: لَمَّا دَنَوْتُ مِنَ المَدِيْنَةِ،
أَنَخْتُ رَاحِلَتِي، وَحَلَلْتُ عَيْبَتِي، وَلَبِسْتُ
حُلَّتِي، ثُمَّ دَخَلْتُ المَسْجِدَ، فَإِذَا بِرَسُوْلِ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ،
فَرَمَانِي النَّاسُ بِالحِدَقِ، فَقُلْتُ لِجَلِيْسِي:
يَا عَبْدَ اللهِ، هَلْ ذَكَرَ رَسُوْلُ اللهِ مِنْ
أَمْرِي شَيْئاً؟
قَالَ: نَعَمْ، ذَكَرَكَ بِأَحْسَنِ الذِّكْرِ، بَيْنَمَا
هُوَ يَخْطُبُ، إِذْ عَرَضَ لَهُ فِي خُطْبَتِهِ، فَقَالَ:
(إِنَّهُ سَيَدْخُلُ عَلَيْكُمْ مِنْ هَذَا الفَجِّ مِنْ
خَيْرِ ذِي يَمَنٍ، أَلاَ وَإِنَّ عَلَى وَجْهِهِ مِسْحَةَ
مَلَكٍ).
قَالَ: فَحَمِدْتُ اللهَ (1) .
قُلْتُ: كَانَ بَدِيْعَ الحُسْنِ، كَامِلَ الجَمَالِ.
ابْنُ عُيَيْنَةَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ، عَنْ قَيْسٍ،
سَمِعْتُ جَرِيْرَ بنَ عَبْدِ اللهِ يَقُوْلُ:
مَا رَآنِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- إِلاَّ تَبَسَّمَ فِي وَجْهِي، وَقَالَ:
(يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ مِنْ هَذَا البَابِ رَجُلٌ مِنْ
خَيْرِ ذِي يَمَنٍ، عَلَى وَجْهِهِ مِسْحَةُ مَلَكٍ) (2).
__________
(1) إسناده قوي، ويونس: هو ابن أبي إسحاق السبيعي، وهو في
" المسند " 4 / 364، وأخرجه أيضا 4 / 359، 360 من طريق أبي
قطن، عن يونس، وأخرجه الطبراني برقم (2483)
من طريق علي بن عبد العزيز، عن أبي نعيم، عن يونس.
(2) إسناده صحيح، وأخرجه الحميدي في " مسنده " رقم (800)
وأخرج القسم الأول منه البخاري 7 / 99، ومسلم (2475) من
طريق بيان، عن قيس بن أبي حازم، عن جرير بن =
(2/531)
سِوَارُ بنُ مُصْعَبٍ: عَنْ مُجَالِدٍ،
عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَدِيِّ بنِ حَاتِمٍ، قَالَ:
لَمَّا دَخَلَ -يَعْنِي: جَرِيْراً- عَلَى النَّبِيِّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَلْقَى لَهُ
وِسَادَةً، فَجَلَسَ عَلَى الأَرْضِ.
فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
(أَشْهَدُ أَنَّكَ لاَ تَبْغِي عُلُوّاً فِي الأَرْضِ
وَلاَ فَسَاداً).
فَأَسْلَمَ، ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (إِذَا أَتَاكُمْ كَرِيْمُ قَوْمٍ،
فَأَكْرِمُوْهُ (1)).
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ جَعْفَرٍ،
عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
قَدِمَ جَرِيْرٌ البَجَلِيُّ المَدِيْنَةَ فِي رَمَضَانَ،
سَنَةَ عَشْرٍ، وَمَعَهُ مِنْ قَوْمِهِ خَمْسُوْنَ
وَمائَةٌ.
فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-: (يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ مِنْ هَذَا الفَجِّ مِنْ
خَيْرِ ذِي يَمَنٍ).
فَطَلَعَ جَرِيْرٌ عَلَى رَاحِلَتِهِ، وَمَعَهُ قَوْمُهُ،
فَأَسْلَمُوا (2) .
أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ
بنُ خَلَفٍ، حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ نَصْرٍ- بَصْرِيٌّ
ثِقَةٌ - حَدَّثَنَا حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ، عَنْ مَعَبْدِ
بنِ خَالِدِ بنِ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ
جَدِّهِ:
كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- فَأَقْبَلَ جَرِيْرُ بنُ عَبْدِ اللهِ، فَضَنَّ
النَّاسُ بِمَجَالِسِهِمْ، فَلَمْ يُوَسِّعْ لَهُ أَحَدٌ.
فَرَمَى إِلَيْهِ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- بِبُرْدَةٍ كَانَتْ مَعَهُ، حَبَاهُ بِهَا،
وَقَالَ: (دُوْنَكَهَا يَا أَبَا عَمْرٍو، فَاجْلِسْ
عَلَيْهَا).
فَتَلَقَّاهَا بِصَدْرِهِ وَنَحْرِهِ، وَقَالَ: أَكْرَمَكَ
اللهُ يَا رَسُوْلَ اللهِ كَمَا أَكْرَمْتَنِي.
فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
__________
= عبد الله قال: ما حجبني رسول الله صلى الله عليه وسلم
منذ أسلمت، وما رآني إلا ضحك.
وأخرج القسم الأخير منه الطبراني (2258) من طريق سفيان بن
عيينة، عن إسماعيل بن أبي خالد..وأخرجه الترمذي (3821) من
طريق زائدة، عن إسماعيل بن أبي خالد.
(1) سوار بن مصعب - وهو الهمداني الكوفي - قال ابن معين:
ليس بشيء، وقال البخاري: منكر الحديث، وقال النسائي وغيره:
متروك، وقال أبو داود: ليس بثقة.
ومجالد ليس بالقوي، لكن للحديث شواهد ضعيفة يرتقي بها إلى
الحسن، منها عن ابن عمر عند ابن ماجه (3712) وعن جرير عند
البزار وابن خزيمة والطبراني (2266) و(2355) وابن عدي، وعن
أبي هريرة عند البزار، وعن معاد وأبي قتادة عند ابن عدي،
وعن جابر عند الحاكم، وعن ابن عباس عند الطبراني.
(2) إسناده ضعيف لضعف الواقدي.
(2/532)
(إِذَا أَتَاكُمْ كَرِيْمُ قَوْمٍ،
فَأَكْرِمُوْهُ (1)).
وَرَوَاهُ: جَعْفَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ بَسَّامٍ، عَنْ
أَبِي صَفْوَانَ المَدَنِيِّ، عَنْ حَفْصٍ، بِهَذَا.
وَرَوَى نَحْوَهُ: مُسْلِمُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ
عَوْنِ بنِ عَمْرٍو، عَنِ الجُرَيْرِيِّ، عَنِ ابْنِ
بُرَيْدَةَ، عَنْ يَحْيَى بنِ مَعْمَرٍ، عَنْ جَرِيْرٍ.
وَرَوَى: إِبْرَاهِيْمُ النَّخَعِيُّ، عَنْ هَمَّامٍ:
أَنَّهُ رَأَى جَرِيراً بَالَ، ثُمَّ تَوَضَّأَ، وَمَسَحَ
عَلَى خُفَّيْهِ، فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: رَأَيْتُ
النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
يَفْعَلُهُ.
ثُمَّ قَالَ إِبْرَاهِيْمُ: فَكَانَ يُعْجِبُهُمْ هَذَا،
لأَنَّ جَرِيْراً مِنْ آخِرِ مَنْ أَسْلَمَ (2) .
ابْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ جَرِيْرٍ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
قَالَ لَهُ: (أَلاَ تُرِيْحُنِي مِنْ ذِي الخَلَصَةِ -
بَيْتِ خَثْعَمٍ).
وَكَانَ يُسَمَّى الكَعْبَةَ اليَمَانِيَّةَ.
قَالَ: فَخَرَّبْنَاهُ، أَوْ حَرَّقْنَاهُ، حَتَّى
تَرَكْنَاهُ كَالجَمَلِ الأَجْرَبِ، وَبَعَثَ إِلَى
النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
يُبَشِّرُهُ، فَبَرَّكَ عَلَى خَيْلِ أَحْمَسَ
وَرِجَالِهَا خَمْسَ مَرَّاتٍ.
قَالَ: وَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! إِنِّي رَجُلٌ لاَ
أَثْبُتُ عَلَى الخَيْلِ.
فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى وَجْهِي - وَفِي لَفْظِ يَحْيَى
القَطَّانِ: فَوَضَعَ يَدَهُ فِي صَدْرِي - وَقَالَ:
(اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ هَادِياً مَهْدِيّاً).
وَفِيْهِ: فَانْطَلَقْتُ فِي خَمْسِيْنَ وَمائَةِ فَارِسٍ
مِنْ أَحْمَسَ (3) .
أَبُو غَسَّانَ النَّهْدِيُّ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ بنِ جَرِيْرٍ، عَنْ أَبَانَ بنِ
__________
(1) إسناده ضعيف لجهالة معبد بن خالد وأبيه.
(2) أخرجه البخاري 1 / 415 في الصلاة: باب الصلاة في
الخفاف، ومسلم (272) في الطهارة: باب المسح على الخفين،
وأبو داود (154)، والنسائي 1 / 81، والترمذي (93).
(3) أخرجه أحمد 4 / 360 و362 و365، والبخاري 7 / 99 في
المناقب: باب ذكر جرير ابن عبد الله البجلي، ومسلم (2476)
في فضائل الصحابة: باب من فضائل جرير بن عبد الله.
(2/533)
عَبْدِ اللهِ البَجَلِيِّ، عَنْ أَبِي
بَكْرٍ بنِ حَفْصٍ، عَنْ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ،
قَالَ:
قَالَ رَسُوْل اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
(جَرِيْرٌ مِنَّا أَهْلَ البَيْتِ، ظَهْراً لِبَطْنٍ)
قَالَهَا ثَلاَثاً (1) .
هَذَا مُنْكَرٌ، وَصَوَابُهُ مِنْ قَوْلِ عَلِيٍّ.
الزِّيَادِيُّ، وَغَيْرُهُ، قَالاَ:
حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ عَمْرٍو الأُمَوِيُّ، حَدَّثَنَا
مَالِكُ بنُ مِغْوَلٍ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ
جَرِيْرٍ، قَالَ:
كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
تَأْتِيْهِ وُفُوْدُ العَرَبِ، فَيَبْعَثُ إِلَيَّ،
فَأَلْبِسُ حُلَّتِي، ثُمَّ أَجِيْءُ، فَيُبَاهِي بِي (2)
.
وَرُوِيَ عَنْ جَرِيْرٍ:
قَالَ لِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-: (إِنَّكَ امْرُؤٌ قَدْ حَسَّنَ اللهُ
خَلْقَكَ، فَحَسِّنْ خُلُقَكَ).
وَعَنْ عِيْسَى بنِ يَزِيْدَ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَعْجَبُ مِنْ عَقْلِ
جَرِيْرٍ وَجَمَالِهِ.
خَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ: عَنْ بَيَانٍ، عَنْ قَيْسٍ،
عَنْ جَرِيْرٍ، قَالَ:
رَآنِي عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ مُتَجَرِّداً، فَنَادَانِي:
خُذْ رِدَاءكَ، خُذْ رِدَاءكَ.
فَأَخَذْتُ رِدَائِي، ثُمَّ أَقْبَلْتُ إِلَى القَوْمِ،
فَقُلْتُ: مَا لَهُ؟
قَالُوا: لَمَّا رَآكَ مُتَجَرِّداً، قَالَ: مَا أَرَى
أَحَداً مِنَ النَّاسِ صُوِّرَ صُوْرَةَ هَذَا، إِلاَّ مَا
ذُكِرَ مِنْ يُوْسُفَ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ (3) -.
عُمَرُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ مُجَالِدٍ: عَنْ أَبِيْهِ،
عَنْ بَيَانٍ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ جَرِيْرٍ:
أَنَّهُ مَشَى فِي إِزَارٍ بَيْنَ يَدَيْ عُمَرَ، فَقَالَ:
خُذْ رِدَاءكَ. وَقَالَ لِلْقَوْمِ: مَا
__________
(1) أخرجه الطبراني (2211)، وذكره الهيثمي في " المجمع " 9
/ 373، وقال: وأبو بكر ابن حفص لم يدرك عليا، وسليمان بن
إبراهيم بن جرير لم أجد من وثقه، وبقية رجاله ثقات.
(2) إسناده ضعيف جدا أو باطل، فإن خالد بن عمرو الأموي
رماه ابن معين بالكذب، ونسبه غير واحد إلى الوضع.
وقال البخاري والساجي وأبو زرعة: منكر الحديث.
وقال أبو حاتم: متروك الحديث.
(3) رجاله ثقات، وذكره الحافظ في " الإصابة " 2 / 77،
ونسبه إلى البغوي.
(2/534)
رَأَيْتُ رَجُلاً أَحْسَنَ مِنْ هَذَا،
إِلاَّ مَا بَلَغَنَا مِنْ صُوْرَةِ يُوْسُفَ (1) .
أَبُو عَوَانَةَ: عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ،
حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيْمُ بنُ جَرِيْرٍ:
أَنَّ عُمَرَ، قَالَ: جَرِيْرٌ يُوْسُفُ هَذِهِ الأُمَّةِ
(2) .
مُغِيْرَةُ: عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَرِيْرٍ، قَالَ:
كُنْتُ عِنْدَ عُمَرَ، فَتَنَفَّسَ رَجُلٌ -يَعْنِي:
أَحْدَثَ- فَقَالَ عُمَرُ: عَزَمْتُ عَلَى صَاحِبِ هَذِهِ
لَمَا قَامَ فَتَوَضَّأَ.
فَقَالَ جَرِيْرٌ: اعْزِمْ عَلَيْنَا جَمِيْعاً.
فَقَالَ: عَزَمْتُ عَلَيَّ وَعَلَيْكُمْ لَمَا قُمْنَا،
فَتَوَضَّأْنَا، ثُمَّ صَلَّيْنَا (3) .
وَرَوَاهُ: يَحْيَى القَطَّانُ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ
الشَّعْبِيِّ.
وَلَهُ طُرُقٌ، وَزَادَ بَعْضُهُمْ: فَقَالَ عُمَرُ:
يَرْحَمُكَ اللهُ، نِعْمَ السَّيِّدُ كُنْتَ فِي
الجَاهِلِيَّةِ، وَنِعْمَ السَّيِّدُ كُنْتَ فِي
الإِسْلاَمِ.
مُجَالِدٌ: عَنِ الشَّعْبِيِّ:
كَانَ عَلَى مَيْمَنَةِ سَعْدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ يَوْمَ
القَادِسِيَّةِ: جَرِيْرُ بنُ عَبْدِ اللهِ.
قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: سَكَنَ جَرِيْرٌ الكُوْفَةَ، ثُمَّ
سَكَنَ قَرْقِيْسِيَاءَ (4) ، وَقَدِمَ رَسُوْلاً مِنْ
عَلِيٍّ إِلَى مُعَاوِيَةَ (5) .
الزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ
يَحْيَى، حَدَّثَنِي عِمْرَانُ بنُ عَبْدِ
__________
(1) عمر بن إسماعيل قال الحافظ في " التقريب ": متروك.
(2) رجاله ثقات.
(3) ذكره ابن عبد البر في " الاستيعاب " 2 / 142، 143.
(4) قال ياقوت: بلد على نهر الخابور، قرب رحبة مالك بن
طوق، وعندها مصب الخابور في الفرات.
(5) " الإصابة " 2 / 77.
(2/535)
العَزِيْزِ الزُّهْرِيُّ، قَالَ:
بَلَغَنِي أَنَّ جَرِيْراً قَالَ: بَعَثَنِي عَلِيٌّ إِلَى
مُعَاوِيَةَ يَأْمُرُهُ بِالمُبَايَعَةِ، فَخَرَجْتُ لاَ
أَرَىَ أَحَداً سَبَقَنِي إِلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ يَخْطُبُ
وَالنَّاسُ يَبْكُوْنَ حَولَ قَمِيْصِ عُثْمَانَ، وَهُوَ
مُعَلَّقٌ فِي رُمْحٍ (1) .
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ: لَمْ
يَزَلْ جَرِيْرٌ مُعْتَزِلاً لِعَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ
بِالجَزِيْرَةِ وَنَوَاحِيْهَا حَتَّى تُوُفِّيَ
بِالشَّرَاةِ، فِي وِلايَةِ الضَّحَّاكِ بنِ قَيْسٍ عَلَى
الكُوْفَةِ (2) .
أَبُو نُعَيْمٍ، وَالفِرْيَابِيُّ: حَدَّثَنَا أَبَانُ بنُ
عَبْدِ اللهِ البَجَلِيُّ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيْمُ بنُ
جَرِيْرٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
بَعَثَ عَلِيٌّ إِلَيَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَالأَشْعَثَ
وَأَنَا بِقَرْقِيْسِيَاءَ، فَقَالاَ:
أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ يُقْرِئُكَ السَّلاَمَ،
وَيَقُوْلُ: نِعْمَ مَا رَأَيْتَ مِنْ مُفَارَقَتِكَ
مُعَاوِيَةَ، وَإِنِّي أُنْزِلُكَ بِمَنْزِلَةِ رَسُوْلِ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الَّتِي
أَنْزَلَكَهَا.
فَقَالَ جَرِيْرٌ: إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعَثَنِي إِلَى اليَمَنِ،
أُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَقُوْلُوا: لاَ إِلَهَ إِلاَّ
اللهُ، فَإِذَا قَالُوا، حَرُمَتْ دِمَاؤُهُمْ
وَأَمْوَالُهُمْ، فَلاَ أُقَاتِلُ مَنْ يَقُوْلُ: لاَ
إِلَهَ إِلاَّ اللهُ (3) .
قَالَ الهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ: ذَهَبَتْ عَيْنُ جَرِيْرٍ
بِهَمْدَانَ، إِذْ وَلِيَهَا لِعُثْمَانَ.
قَالَ الهَيْثَمُ، وَخَلِيْفَةُ، وَمُحَمَّدُ بنُ
مُثَنَّى: تُوُفِّيَ جَرِيْرٌ سَنَةَ إِحْدَى
وَخَمْسِيْنَ.
وَقَالَ ابْنُ الكَلْبِيِّ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ
وَخَمْسِيْنَ.
__________
(1) عمران بن عبد العزيز: قال يحيى القطان والبخاري: منكر
الحديث.
(2) ابن سعد 6 / 22.
(3) أبان بن عبد الله في حفظه لين، وإبراهيم بن جرير لم
يسمع من أبيه.
(2/536)
وَمُسْنَدُ جَرِيْرٍ: نَحْوٌ مِنْ مائَةِ
حَدِيْثٍ بِالمُكَرَّرِ.
اتَّفَقَ لَهُ الشَّيْخَانِ عَلَى ثَمَانِيَةِ
أَحَادِيْثَ.
وَانْفَرَدَ البُخَارِيُّ بِحَدِيْثَيْنِ، وَمُسْلِمٌ
بِسِتَّةٍ.
109 - أَبُو اليَسَرِ كَعْبُ بنُ عَمْرٍو الأَنْصَارِيُّ *
(م، 4)
السُّلَمِيُّ، المَدَنِيُّ، البَدْرِيُّ، العَقَبِيُّ،
الَّذِي أَسَرَ العَبَّاسَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-
يَوْمَ بَدْرٍ.
شَهِدَ العَقَبَةَ، وَلَهُ عِشْرُوْنَ سَنَةً.
وَهُوَ الَّذِي انْتَزَعَ رَايَةَ المُشْرِكِيْنَ يَوْمَ
بَدْرٍ، وَمَنَاقِبُهُ كَثِيْرَةٌ.
حَدَّثَ عَنْهُ: صَيْفِيٌّ مَوْلَى أَبِي أَيُّوْبَ،
وَعُبَادَةُ بنُ الوَلِيْدِ الصَّامِتِيُّ، وَمُوْسَى بنُ
طَلْحَةَ، وَحَنْظَلَةُ بنُ قَيْسٍ، وَغَيْرُهُمْ.
لَهُ أَحَادِيْثُ قَلِيْلَةٌ.
وَقِيْلَ: كَانَ دَحْدَاحاً، قَصِيْراً، مُدَمْلَكاً (1) ،
ذَا بَطْنٍ.
وَقَدْ شَهِدَ صِفِّيْنَ مَعَ عَلِيٍّ، وَكَانَ مِنْ
بَاقِي البَدْرِيِّيْنَ.
مَاتَ: بِالمَدِيْنَةِ، فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ
(2).
__________
(*) مسند أحمد: 3 / 427، طبقات ابن سعد: 3 / 581، طبقات
خليفة: 102، تاريخ خليفة: 223، التاريخ الكبير: 7 / 220 -
221، المعارف: 155، 327، تاريخ الفسوي: 1 / 319، الجرح
والتعديل: 7 / 160، المستدرك: 3 / 505، الاستبصار: 163 -
164، الاستيعاب: 3 / 1322، تاريخ ابن عساكر: 14 / 277 / 2،
أسد الغابة: 4 / 484، تهذيب الكمال: 1146، تاريخ الإسلام:
2 / 339، العبر: 1 / 61، مجمع الزوائد: 9 / 316، تهذيب
التهذيب: 8 / 437 - 438، الإصابة: 8 / 301، خلاصة تذهيب
الكمال: 321، شذرات الذهب: 1 / 61.
(1) الدحداح: القصير السمين، والمدملك: المفتول المعصوب.
(2) ابن سعد 3 / 581، و" المستدرك " 3 / 505.
(2/537)
وَبَعْضُهُمْ يَقُوْلُ: هُوَ آخِرُ مَنْ
مَاتَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْراً - فَاللهُ أَعْلَمُ -.
خَرَّجَ لَهُ مُسْلِمٌ (1) دُوْنَ البُخَارِيِّ.
110 - أَبُو أُسَيْدٍ السَّاعِدِيُّ مَالِكُ بنُ
رَبِيْعَةَ بنِ البَدَنِ * (ع)
مِنْ كُبَرَاءِ الأَنْصَارِ.
شَهِدَ: بَدْراً، وَالمَشَاهِدَ.
وَاسْمُهُ: مَالِكُ بنُ رَبِيْعَةَ بنِ البَدَنِ (2) .
لَهُ أَحَادِيْثُ.
وَقَدْ ذَهَبَ بَصَرُهُ فِي أَوَاخِرِ عُمُرِهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: بَنُوْهُ؛ المُنْذِرُ، وَحَمْزَةُ،
وَالزُّبَيْرُ، وَعَبَّاسُ بنُ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ،
وَعَبْدُ المَلِكِ بنُ سَعِيْدٍ، وَأَنَسُ بنُ مَالِكٍ،
وَأَبُو سَلَمَةَ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمَوْلاَهُ؛
عَلِيُّ بنُ عُبَيْدٍ السَّاعِدِيُّ، وَطَائِفَةٌ.
مَاتَ: سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ سَعْدٍ،
وَخَلِيْفَةَ.
وَقَالَ المَدَائِنِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتِّيْنَ -
وَهَذَا بَعِيْدٌ -.
وَأَشَذُّ مِنْهُ: قَوْلُ أَبِي القَاسِمِ بنِ مَنْدَةَ:
سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ.
وَقَالَ أَبُو حَفْصٍ الفَلاَّسُ: مَاتَ سَنَةَ
ثَلاَثِيْنَ.
__________
(1) انظر الحديث رقم (3006) و(3007).
(*) مسند أحمد: 3 / 496، التاريخ لابن معين: 692، طبقات
ابن سعد: 3 / 557 - 558،
طبقات خليفة: 97، تاريخ خليفة: 166، التاريخ الكبير: 7 /
299، المعارف: 272، 588، تاريخ الفسوي: 1 / 344، المستدرك:
3 / 515، الاستبصار: 106، الاستيعاب: 3 / 1531، أسد
الغابة: 5 / 23، تهذيب الكمال: 1298، تاريخ الإسلام: 2 /
85، العبر: 1 / 46، تهذيب التهذيب: 10 / 15 - 16، الإصابة:
9 / 47، خلاصة تذهيب الكمال: 367.
(2) بفتح الباء والدال كما ضبطه في " التقريب " وبدن من
ولد بكر بن وائل.
قال ابن دريد في " الاشتقاق " ص 340: اشتقاقه من شيئين:
إما من ادرع القصيرة، وذكر بعض أهل التفسير في قوله عزوجل:
(فاليوم ننجيك ببدنك) أي: بدرعك.
قال: والبدن: الوعل المسن.
(2/538)
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: وَكَانَتْ مَعَ أَبِي
أُسَيْدٍ رَايَةُ بَنِي سَاعِدَةَ يَوْمَ الفَتْحِ (1) .
وَعَنْ عَبَّاسِ بنِ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ، قَالَ:
رَأَيْتُ أَبَا أُسَيْدٍ بَعْدَ أَنْ ذَهَب بَصَرُهُ
قَصِيْراً، دَحْدَاحاً، أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ،
كَثِيْرَ الشَّعْرِ، مَاتَ سَنَةَ سِتِّيْنَ (2) .
وَرَوَى: ابْنُ عَجْلاَنَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ أَبِي
رَافِعٍ، قَالَ:
رَأَيْتُ أَبَا أُسَيْدٍ يُحْفِي شَارِبَهُ كَأَخِي
الحِلَقِ (3) .
وَقَالَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ: عَنْ عُثْمَانَ بنِ عَبْدِ
اللهِ، قَالَ:
رَأَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، وَأَبَا أُسَيْدٍ، وَأَبَا
قَتَادَةَ، وَابْنَ عُمَرَ، يَمُرُّوْنَ بِنَا، وَنَحْنُ
فِي الكُتَّابِ، فَنَجِدُ مِنْهُم رِيْحَ العَبِيْرِ،
وَهُوَ الخَلُوْقُ، يُصَفِّرُوْنَ بِهِ لِحَاهُمْ (4) .
وَقَدْ كَانَ أَبُو أُسَيْدٍ لَهُ خَاتَمٌ مِنْ ذَهَبٍ (5)
، فَكَأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ التَّحْرِيْمُ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ عَاشَ ثَمَانِياً وَسَبْعِيْنَ سَنَةً
-رَحِمَهُ اللهُ-.
وَلَهُ عَقِبٌ بِالمَدِيْنَةِ، وَبَغْدَادَ (6) .
وَقَعَ لَهُ فِي (مُسْنَدِ بَقِيٍّ): ثَمَانِيَةٌ
وَعِشْرُوْنَ حَدِيْثاً.
وَشَهِدَ بَدْراً: ابْنُ عَمِّهِ؛ مَالِكُ بنُ مَسْعُوْدِ
بنِ البَدَنِ.
__________
(1) ابن سعد 3 / 558.
(2) ابن سعد 3 / 558، و" المستدرك " 3 / 516.
(3) ابن سعد 3 / 558.
(4) ابن سعد 3 / 558، وإسناده صحيح، وعثمان بن عبد الله:
هو ابن سراقة القرشي العدوي المدني، أمه زينب بنت عمر بن
الخطاب، من رجال البخاري، وقد تصحف في ابن سعد إلى عثمان
بن عبيد الله.
(5) في " الفتح " 10 / 267: أخرج ابن أبي شيبة من طريق
حمزة بن أبي أسيد: نزعنا من يدي أبي أسيد خاتما من ذهب.
(6) ابن سعد 3 / 558.
(2/539)
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: عَنْ يَزِيْدَ بنِ
حَازِمٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ يَسَارٍ:
أُصِيْبَ أَبُو أُسَيْدٍ بِبَصَرِهِ قَبْلَ قَتْلِ
عُثْمَانَ، فَقَالَ: الحَمْدُ للهِ الَّذِي لَمَّا أَرَادَ
الفِتْنَةَ فِي عِبَادِهِ، كَفَّ بَصَرِي عَنْهَا (1).
111 - حُوَيْطِبُ بنُ عَبْدِ العُزَّى القُرَشِيُّ
العَامِرِيُّ * (خَ، م، س)
المُعَمَّرُ.
مِنَ الصَّحَابَةِ الَّذِيْنَ أَسْلَمُوا يَوْمَ الفَتْحِ.
يَرْوِي عَنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ السَّعْدِيِّ، عَنْ
عُمَرَ، حَدِيْثَ العُمَالَةِ (2) .
رَوَاهُ عَنْهُ: السَّائِبُ بنُ يَزِيْدَ الصَّحَابِيُّ،
وَلاَ نَعْلَمُ حُوَيْطِباً يَرْوِي سِوَاهُ.
__________
(1) أخرجه الحاكم في " المستدرك " 3 / 515، 516 من طريق
علي بن حمشاد العدل، حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا عازم
أبو النعمان، بهذا الإسناد.
(*) طبقات ابن سعد: 5 / 454، التاريخ لابن معين: 140،
طبقات خليفة: 27، تاريخ خليفة: 223، التاريخ الكبير: 3 /
127، المعارف: 311، 312، 342، الجرح والتعديل: 3 / 314،
المستدرك: 3 / 492، الاستيعاب: 1 / 399، تاريخ ابن عساكر:
5 / 19 /، أسد الغابة: 2 / 75، تهذيب الكمال: 349، تاريخ
الإسلام: 2 / 278، تهذيب التهذيب: 3 / 66، 67، الإصابة: 2
/ 304، خلاصة تذهيب الكمال: 99.
(2) أخرجه البخاري في " صحيحه " 13 / 133 في الاحكام: باب
رزق الحاكم والعالمين عليها، من طريق أبي اليمان، عن شعيب،
عن الزهري، أخبرني السائب بن يزيد بن أخت نمر أن حويطب بن
عبد العزى أخبره أن عبد الله بن السعدي أخبره أنه قدم على
عمر في خلافته، فقال له عمر: ألم أحدث أنك تلي من أعمال
الناس أعمالا، فإذا أعطيت العمالة كرهتها ؟ فقلت: بلى،
فقال عمر: ما تريد إلى ذلك ؟ فقلت: إن لي أفراسا وأعبدا،
وأنا بخير، وأريد أن تكون عمالتي صدقة على المسلمين.
قال عمر: لا تفعل، فإني كنت أردت الذي أردت، وكان رسول
الله صلى الله عليه وسلم يعطيني العطاء، فأقول: أعطه أفقر
إليه مني، حتى أعطاني مرة مالا، فقلت: أعطه أفقر إليه مني،
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " خذه فتموله وتصدق به،
فما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل، فخذ، وإلا
فلا تتبعه نفسك ".
ومن لطائف هذا الإسناد أن الزهري رواه عن أربعة من الصحابة
في نسق: السائب وحويطب وابن السعدي وعمر.
(2/540)
وَهُوَ أَحَدُ الَّذِيْنَ أَمَرَهُمْ
عُمَرُ بِتَجْدِيْدِ أَنْصَابِ حُدُوْدِ حَرَمِ اللهِ (1)
، وَأَحَدُ مَنْ دَفَنَ عُثْمَانَ لَيْلاً.
وَقَدْ بَاعَ مِنْ مُعَاوِيَةَ دَاراً لَهُ بِالمَدِيْنَةِ
بِأَرْبَعِيْنَ أَلْفَ دِيْنَارٍ - فِيْمَا بَلَغَنَا (2)
-.
وَكَانَ حَمِيْدَ الإِسْلاَمِ (3).
عَاشَ مائَةً وَعِشْرِيْنَ سَنَةً.
مَاتَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ.
وَقِيْلَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ.
وَلَهُ تَرْجَمَةٌ فِي: (تَارِيْخِ ابْنِ عَسَاكِرَ (4)).
وَسَارَ إِلَى الشَّامِ مُجَاهِداً، وَقَدْ حَضَرَ
بَدْراً، فَقَالَ: رَأَيْتُ المَلاَئِكَةَ تَقْتُلُ
وَتَأْسُرُ، فَقُلْتُ: هَذَا رَجُلٌ مَمْنُوْعٌ (5) .
وَاسْتَقْرَضَ مِنِّي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- يَوْمَ حُنَيْنٍ أَرْبَعِيْنَ أَلْفاً،
وَأَعْطَانِي مِنْ غَنَائِمِ حُنَيْنٍ مائَةً مِنَ
الإِبِلِ (6) .
رَوَاهُ: الوَاقِدِيُّ.
__________
(1) في تاريخ الإسلام 2 / 278: وهو أحد النفر الذين أمرهم
عمر رضي الله عنه بتجديد أنصاب الحرم.
وذكره في " تهذيب ابن عساكر " 5 / 18 عن الزبير بن بكار.
وأنصاب الحرم: حدوده، وحد الحرم من طريق الغرب التنعيم
ثلاثة أميال، ومن طريق العراق تسعة أميال، ومن طريق اليمن
سبعة أميال، ومن طريق الطائف عشرون ميلا.
(2) " المستدرك " 3 / 493، و" الإصابة " 2 / 305.
(3) ذكره في " تهذيب ابن عساكر " 5 / 20 من قول الشافعي.
(4) في المجلد الخامس: 190.
(5) أي: مكلوء ومحفوظ يعني النبي صلى الله عليه وسلم،
والخبر في " المستدرك " 3 / 492 من طريق الواقدي.
(6) " المستدرك " 3 / 493 عن الواقدي.
وكان حويطب من المؤلفة قلوبهم الذين أعطاهم رسول الله صلى
الله عليه وسلم يوم حنين ليتألفم، ويتألف قومهم.
(2/541)
112 - سَعِيْدُ بنُ يَرْبُوْعٍ القُرَشِيُّ
* (د)
شَيْخُ بَنِي مَخْزُوْمٍ، مِنْ مُسْلِمَةِ الفَتْحِ.
عَاشَ أَيْضاً: مائَةً وَعِشْرِيْنَ سَنَةً، وَكَذَلِكَ:
حَكِيْمُ بنُ حِزَامٍ، وَحَسَّانُ بنُ ثَابِتٍ.
عِنْدَ سَعِيْدٍ حَدِيْثٌ، أَخْرَجَهُ: أَبُو دَاوُدَ (1)
، رَوَاهُ عَنْهُ: ابْنُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ.
وَقَدْ تَأَلَّفَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- بِخَمْسِيْنَ بَعِيْراً مِنْ غَنَائِمِ
حُنَيْنٍ (2) .
وَكَانَ مِمَّنْ يُجَدِّدُ أَنْصَابَ الحَرَمِ.
أَضَرَّ بِأَخَرَةٍ، وَتُوُفِّيَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ
وَخَمْسِيْنَ.
113 - مَخْرَمَةُ بنُ نَوْفَلِ بنِ أُهَيْبِ بنِ عَبْدِ
مَنَافٍ الزُّهْرِيُّ **
ابْنِ زُهرَةَ بنِ كِلاَبٍ.
أَبُو المِسْوَرِ القُرَشِيُّ، الزُّهْرِيُّ،
__________
(*) التاريخ لابن معين: 209، طبقات خليفة: 21، 278، تاريخ
خليفة: 223، المعارف: 313، معجم الطبراني الكبير: 6 / 79،
الجرح والتعديل: 4 / 72، المستدرك: 3 / 490، الاستيعاب: 2
/ 627، ابن عساكر: 7 / 182 / 2، أسد الغابة: 2 / 401،
تهذيب الكمال: 511، تاريخ الإسلام: 2 / 289، العبر: 1 /
59، تهذيب التهذيب: 4 / 61 60، الإصابة: 4 / 200، خلاصة
تذهيب الكمال: 144، شذرات الذهب: 1 / 60.
(1) برقم (2684) في الجهاد: باب قتل الاسير، ولا يعرض عليه
الإسلام، من طريق محمد ابن العلاء، حدثنا زيد بن حبان،
أخبرنا عمر بن عثمان بن عبد الرحمن بن سعيد بن يربوع
المخزومي، حدثني جدي، عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال يوم فتح مكة: " أربعة لا أؤمنهم في حل ولا حرم "
فسماهم، قال: وقينتين كانتا لمقيس، فقتلت إحداهما، وأفلتت
الأخرى، فأسلمت.
(2) ابن سعد 2 / 153.
(* *) التاريخ لابن معين: 554، طبقات خليفة: 15، تاريخ
خليفة: 223، التاريخ الكبير: 8 / 15، المعارف: 313، 329،
430، الجرح والتعديل: 8 / 362، المستدرك: =
(2/542)
الصَّحَابِيُّ، مِنَ الطُّلَقَاءِ، وَكَانَ
كَبِيْرَ بَنِي زُهْرَةَ.
كَسَاهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
حُلَّةً فَاخِرَةً (1) ، بَاعَهَا بِأَرْبَعِيْنَ
أُوْقِيَّةً. وَكَانَ مِنَ المُؤَلَّفَةِ قُلُوْبُهُمْ.
أَبُو عَامِرٍ الخَزَّازُ: عَنْ أَبِي يَزِيْدَ
المَدَنِيِّ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
جَاءَ مَخْرَمَةُ بنُ نَوْفَلٍ، فَلَمَّا سَمِعَ
النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِهِ،
قَالَ: (بِئْسَ أَخُو العَشِيْرَةِ).
فَلَمَّا دَخَلَ، بَشَّ بِهِ.
قَالَتْ: فَلَمَّا خَرَجَ، كَلَّمْتُهُ فِي ذَلِكَ،
فَقَالَ: (يَا عَائِشَةُ! أَعَهِدْتِنِي فَحَّاشاً، إِنَّ
شَرَّ النَّاسِ مَنْ يُتَّقَى شَرُّهُ (2)).
بَقِي مَخْرَمَةُ إِلَى بَعْدِ الخَمْسِيْنَ؛ فَمَاتَ فِي
سَنَةِ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ، وَلَهُ مائَةُ عَامٍ
وَخَمْسَةَ عَشَرَ عَاماً.
__________
= 3 / 489، الاستيعاب: 3 / 1380، تاريخ ابن عساكر: 16 /
155، أسد الغابة: 5 / 125، تاريخ الإسلام: 2 / 316، العبر:
1 / 60، الإصابة: 9 / 146، شذرات الذهب: 1 / 60.
(1) أخرجه البخاري 5 / 164 في الهبة: باب كيف يقبض العبد
والمتاع، و10 / 229 في اللباس: باب القباء، ومسلم (1058)
في الزكاة: باب إعطاء من سأل بفحش غلظة، وأبو داود (4028)،
والترمذي (2818)، والنسائي 8 / 205، وأحمد 4 / 328.
(2) أبو عامر الخزاز: اسمه: صالح بن رستم، وهو كثير الخطأ،
مع أنه من رجال مسلم.
وذكره في " أسد الغابة " 5 / 126، من طريق النضر بن شميل:
حدثنا أبو عامر الخزاز، وأورده الحافظ في " التفح " 10 /
379، ونسبه إلى عبد الغني بن سعيد في " المبهمات "، وإلى
الخطيب في " تاريخه ".
وأخرجه دون تسمية من قدم عليه صلى الله عليه وسلم مالك في
" الموطأ " والبخاري 10 / 378، 379 في الأدب: باب لم يكن
النبي صلى الله عليه وسلم فاحشا ولا متفاحشا، ومسلم (2591)
في البر والصلة: باب مداراة من يتقى فحشه، وأبو داود
(4791)، والترمذي (1996)، وأحمد 6 / 38، كلهم من طريق محمد
بن المنكدر، عن عروة، عن عائشة أن رجلا استأذن..وقد قال
غير واحد من أهل العلم: إنه عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر
الفزاري.
وكان يقال له: الاحمق المطاع رجا النبي صلى الله عليه وسلم
بإقباله عليه وتألفه ليسلم قومه، لأنه رئيسهم، وقال بعضهم:
إنه مخرمة بن نوفل، واستدلوا بالرواية التي ذكرها المؤلف.
(2/543)
وَكَانَ وَالِدُهُ نَوْفَلٌ ابْنَ عَمِّ
آمِنَةَ بِنْتِ وَهْبِ بنِ عَبْدِ مَنَافٍ الزُّهْرِيَّةِ؛
وَالِدَةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
فَلِهَذَا أَكْرَمَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- وَبَشَّ بِهِ، وَخَلَعَ عَلَيْهِ حُلَّةً
مُثَمَّنَةً.
وَكَانَ وَلِدُهُ المِسْوَرُ بنُ مَخْرَمَةَ مِنْ صِغَارِ
الصَّحَابَةِ، وَمِنْ أَشْرَافِ قُرَيْشٍ وَعُلَمَائِهِم.
114 - أَبُو الغَادِيَةِ الصَّحَابِيُّ *
مِنْ مُزِيْنَةَ.
وَقِيْلَ: مِنْ جُهَيْنَةَ.
مِنْ وُجُوْهِ العَرَبِ، وَفُرْسَانِ أَهْلِ الشَّامِ.
يُقَالُ: شَهِدَ الحُدَيْبِيَةَ.
وَلَهُ أَحَادِيْثُ مُسْنَدَةٌ.
وَرَوَى لَهُ: الإِمَامُ أَحْمَدُ فِي (المُسْنَدِ (1)).
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ؛ سَعْدٌ، وَكُلْثُوْمُ بنُ
جَبْرٍ، وَحَيَّانُ بنُ حُجْرٍ، وَخَالِدُ بنُ مَعْدَانَ،
وَالقَاسِمُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ.
قَالَ البُخَارِيُّ، وَغَيْرُهُ: لَهُ صُحْبَةٌ.
رَوَى: حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ كُلْثُوْمِ بنِ
جَبْرٍ، عَنْ أَبِي غَادِيَةَ، قَالَ:
سَمِعْتُ عَمَّاراً يَشْتُمُ عُثْمَانَ، فَتَوَعَّدْتُهُ
بِالقَتْلِ، فَرَأَيْتُهُ يَوْمَ صِفِّيْنَ يَحْمِلُ عَلَى
النَّاسِ، فَطَعَنْتُهُ، فَقَتَلْتُهُ.
وَأُخْبِرَ عَمْرُو بنُ العَاصِ، فَقَالَ:
سَمِعتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (قَاتِلُ عَمَّارٍ وَسَالِبُهُ فِي
النَّارِ (2)).
إِسْنَادُهُ فِيْهِ انْقِطَاعٌ.
__________
(*) مسند أحمد: 4 / 76 و5 / 68، التاريخ لابن معين: 719،
طبقات خليفة: 120، المعارف: 257، الاستيعاب: 4 / 1725، أسد
الغابة: 6 / 237، تاريخ الإسلام: 2 / 254، الإصابة: 11 /
289، كنز العمال: 13 / 617.
(1) انظر " المسند " 4 / 76، و5 / 68.
(2) وانظر " المسند " 4 / 76 و198.
(2/544)
قَالَ عُثْمَانُ بنُ أَبِي العَاتِكَةِ:
رَمَى العَدُوُّ النَّاسَ بِالنِّفْطِ، فَقَالَ
مُعَاوِيَةُ: أَمَا إِذْ فَعَلُوْهَا، فَافْعَلُوْا.
فَكَانُوا يَتَرَامَوْنَ بِهَا، فَتَهَيَّأَ رُوْمِيٌّ
لِرَمْيِ سَفِيْنَةَ أَبِي الغَادِيَةِ فِي طِنْجِيْرٍ (1)
، فَرَمَاهُ أَبُو الغَادِيَةِ بِسَهْمٍ، فَقَتَلَهُ،
وَخَرَّ الطِّنْجِيْرُ فِي سَفِيْنَتِهِمْ، فَاحْتَرَقَتْ
بِأَهْلِهَا.
كَانُوا ثَلاَثَ مائَةٍ.
فَكَانَ يُقَالُ: رَمْيَةُ سَهْمِ أَبِي الغَادِيَةِ
قَتَلَتْ ثَلاَثَ مائَةِ نَفْسٍ.
لَمْ أَجِدْ لأَبِي الغَادِيَةِ وَفَاةً.
115 - صَفْوَانُ بنُ المُعَطَّلِ بنِ رَحَضَةَ بنِ
المُؤَمَّلِ السُّلَمِيُّ *
أَبُو عَمْرٍو السُّلَمِيُّ، ثُمَّ الذَّكْوَانِيُّ،
المَذْكُوْرُ بِالبَرَاءةِ مِنَ الإِفْكِ.
وَفِي قِصَّةِ الإِفْكِ، قَالَ فِيْهِ النَّبِيُّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَا عَلِمْتُ إِلاَّ
خَيْراً).
وَكَانَ يَسِيْرُ فِي سَاقَةِ الجَيْشِ، فَمَرَّ، فَرَأَى
سَوَادَ إِنْسَانٍ، فَقَرُبَ، فَإِذَا هُوَ بِأُمِّ
المُؤْمِنِيْنَ عَائِشَةَ، قَدْ ذَهَبَتْ لِحَاجَتِهَا،
فَانْقَطَعَ لَهَا عِقْدٌ، فَرُدَّتْ تُفَتِّشُ عَلَيْهِ،
وَحَمَلَ النَّاسُ، فَحَمَلُوْا هَوْدَجَهَا
يَظُنُّوْنَهَا فِيْهِ، وَكَانَتْ صَغِيْرَةً، لَهَا
اثْنَا عَشَرَ عَاماً، وَسَارُوْا، فَرُدَّتْ إِلَى
المَنْزِلَةِ، فَلَمْ تَلْقَ أَحَداً، فَقَعَدْتْ،
__________
(1) الطنجير: قدر نحاسي معرب، وفارسيته: باتيل.
(*) مسند أحمد: 5 / 312، طبقات خليفه: 51، 181، 381، تاريخ
خليفة: 226، التاريخ الكبير: 4 / 305، تاريخ الفسوي: 1 /
309، الجرح والتعديل 4 / 420، معجم الطبراني 8 / 61، 63،
المستدرك: 3 / 518، الاستيعاب: 2 / 725، ابن عساكر: 8 /
174 / 1، أسد الغابة: 3 / 30، تاريخ الإسلام: 2 / 27،
العبر: 1 / 23، مجمع الزوائد: 9 / 363، الإصابة: 5 / 152،
كنز العمال: 13 / 436، تهذيب ابن عساكر: 6 / 440.
سير 2 / 35
(2/545)
وَقَالَتْ: سَوْفَ يَفْقِدُوْنَنِي.
فَلَمَّا جَاءَ صَفْوَانُ، رَآهَا، وَكَانَ يَرَاهَا
قَبْلَ الحِجَابِ، وَكَانَ الحِجَابُ قَدْ نَزَلَ مِنْ
نَحْوِ سَنَةٍ.
فَقَالَ: إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُوْنَ! لَمْ
يَنْطِقْ بِغَيْرِهَا، وَأَنَاخَ بَعِيْرَهُ،
وَرَكَّبَهَا، وَسَارَ يَقُوْدُ بِهَا، حَتَّى لَحِقَ
النَّاسَ نَازِلِيْنَ فِي المَضْحَى، فَتَكَلَّمَ أَهْلُ
الإِفْكِ، وَجَهِلُوْا، حَتَّى أَنْزَلَ اللهُ الآيَاتِ
فِي بَرَاءتِهَا (1) - وَللهِ الحَمْدُ -.
وَقَالَ صَفْوَانُ: إِنْ كَشَفْتُ كَنَفَ أُنْثَى قَطُّ
(2) .
وَقَدْ رُوِيَ لَهُ حَدِيْثَانِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ، وَأَبُو بَكْرٍ
بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَسَعِيْدٌ المَقْبُرِيُّ،
وَسَلاَمٌ أَبُو عِيْسَى، وَرِوَايَتُهُمْ عَنْهُ
مُرْسَلَةٌ، لَمْ يَلْحَقُوْهُ فِيْمَا أَرَى، إِنْ كَانَ
مَاتَ سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أَسْلَمَ صَفْوَانُ بنُ المُعَطَّلِ
قَبْلَ المُرَيْسِيْعِ (3) ، وَكَانَ عَلَى سَاقَةِ
النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-...، إِلَى
أَنْ قَالَ:
مَاتَ بِسُمَيْسَاطَ (4) ، فِي آخِرِ خِلاَفَةِ
مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنِي بِذَلِكَ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ.
وَقَالَ خَلِيْفَةُ: مَاتَ بِنَاحِيَةِ سُمَيْسَاطَ مِنَ
الجَزِيْرَةِ، وَقَبْرُهُ هُنَاكَ.
__________
(1) حديث الافك تقدم تخريجه في الصفحة (159) ت (5) في
ترجمة السيدة عائشة.
(2) " إن " بمعنى " ما " والخبر في البخاري 7 / 335 و8 /
385، ومسلم (2770) (57) وانظر " الإصابة " 5 / 153.
(3) المريسيع: ماء لبني خزاعة بينه وبين الفرع موضع من
ناحية المدينة مسيرة يوم، كانت به غزوة بين النبي صلى الله
عليه وسلم وبين بني المصطلق سنة خمس، وتسمى غزوة بني
المصطلق.
انظر " سيرة ابن هشام " 2 / 213.
(4) هي مدينة على شاطئ الفرات في غربيه في طرف بلاد الروم.
(2/546)
القَوَارِيْرِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ حُجْرٍ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ المَدِيْنِيُّ،
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ
بنِ الفَضْلِ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ،
عَنْ صَفْوَانَ بنِ المُعَطَّلِ السُّلَمِيِّ، قَالَ:
كُنْتُ مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- فِي سَفَرٍ، فَرَمَقْتُ صَلاَتَهُ لَيْلَةً،
فَصَلَّى العِشَاءَ الآخِرَةَ، ثُمَّ نَامَ، فَلَمَّا
كَانَ نِصْفُ اللَّيْلِ، اسْتَنْبَهَ، فَتَلاَ العَشْرَ
مِنْ آخِرِ آلِ عِمْرَانَ، ثُمَّ نَامَ، ثُمَّ قَامَ،
ثُمَّ تَسَوَّكَ، ثُمَّ تَوَضَّأَ، وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ،
فَلاَ أَدْرِي: أَقِيَامُهُ أَمْ رُكُوْعُهُ أَمْ
سُجُوْدُهُ كَانَ أَطْوَلَ؛ ثُمَّ انْصَرَفَ، فَنَامَ،
ثُمَّ اسْتَيْقَظَ، فَتَلاَ ذَلِكَ العَشْرَ، ثُمَّ
تَسَوَّكَ، وَتَوَضَّأَ، وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ.
قَالَ: فَلَمْ يَزَلْ يَفْعَلُ كَمَا فَعَلَ أَوَّلَ
مَرَّةٍ؛ حَتَّى صَلَّى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً (1).
وَبِإِسْنَادٍ غَيْرِ مُتَّصِلٍ فِي (تَارِيْخِ دِمَشْقَ):
أَنَّ صَفْوَانَ بنَ المُعَطَّلِ حَمَلَ بِدَارَيَّا (2)
عَلَى رَجُلٍ مِنَ الرُّوْمِ، عَلَيْهِ حِلْيَةُ
الأَعَاجِمِ، فَطَعَنَهُ، فَصَرَعَهُ، فَصَاحَتِ
امْرَأَتُهُ، وَأَقْبَلَتْ نَحْوَهُ.
فَقَالَ صَفْوَانُ:
وَلَقَدْ شَهِدْتُ الخَيْلَ يَسْطَعُ نَقْعُهَا ... مَا
بَيْنَ دَارَيَّا دِمَشْقَ إِلَى نَوَى
فَطَعَنْتُ ذَا حُلْيٍ، فَصَاحَتْ عِرْسُهُ : ... يَا
ابْنَ المُعَطَّلِ، مَا تُرِيْدُ بِمَا أَرَى؟
فَأَجَبْتُهَا: إِنِّي سَأَتْرُكُ بَعْلَهَا ...
بِالدَّيْرِ مُنْعَفِرَ المَضَاحِكِ بِالثَّرَىَ
وَإِذَا عَلَيْهِ حِلْيَةٌ، فَشَهَرْتُهَا ... إِنِّي
كَذَلِكَ مُوْلَعٌ بِذَوِي الحُلَى (3)
__________
(1) إسناده ضعيف لضعف عبد الله بن جعفر المديني والدعلي،
وهو في " المسند " 5 312، والطبراني (7343)
(2) داريا: من قرى دمشق جنوب غربيها تبعد عنها أربعة أميال
تقريبا.
(3) " تهذيب ابن عساكر " 6 / 440، 441، و" الإصابة " 5 /
153، 154.
(2/547)
وَفِي (مُسْنَدِ الهَيْثَمِ بنِ كُلَيْبٍ):
مِنْ طَرِيْقِ عَامِرِ بنِ صَالِحِ بنِ رُسْتُمَ، عَنْ
أَبِيْهِ، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ سَعْدٍ مَوْلَى رَسُوْلِ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: شُكِيَ
صَفْوَانُ بنُ المُعَطَّلِ إِلَى رَسُوْلِ اللهِ.
قَالَ: وَكَانَ يَقُوْلُ هَذَا الشِّعْرَ.
فَقَالَ: (دَعُوا صَفْوَانَ، فَإِنَّهُ خَبِيْثُ
اللِّسَانِ، طَيِّبُ القَلْبِ (1)).
وَفِيْهِ: عَنْ سَعْدٍ، قَالَ:
وَكُنَّا فِي مَسِيْرٍ لَنَا، وَمَعَنَا تَمْرٌ، فَجَاءنِي
صَفْوَانُ بن المُعَطَّلِ، فَقَالَ: أَطْعِمْنِي مِنْ
ذَلِكَ التَّمْرِ.
قُلْتُ: إِنَّمَا هُوَ تَمْرٌ قَلِيْلٌ، وَلَسْتُ آمَنُ
أَنْ يَدْعُوَ بِهِ - أَظُنُّهُ أَرَادَ النَّبِيَّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِذَا نَزَلُوا
فَأَكَلُوا، أَكَلْتَ مَعَهُمْ.
قَالَ: أَطْعِمْنِي، فَقَدْ أَصَابَنِي الجُهْدُ.
فَلَمْ يَزَلْ بِي حَتَّى أَخَذَ السَّيْفَ، فَعَقَرَ
الرَّاحِلَةَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: (قُوْلُوا لِصَفْوَانَ:
فَلْيَذْهَبْ).
فَلَمَّا نَزَلُوا، لَمْ يَبِتْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ،
يَطُوْفُ فِي أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى أَتَى عَلِيّاً، فَقَالَ:
أَينَ أَذْهَبُ، أَذْهَبُ إِلَى الكُفْرِ؟
فَدَخَلَ عَلِيٌّ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ، فَقَالَ: إِنَّ
هَذَا لَمْ يَدَعْنَا نَبِيْتُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ، قَالَ:
أَينَ يَذْهَبُ إِلَى الكُفْرِ؟
قَالَ: (قُوْلُوا لِصَفْوَانَ: فَلْيَحْلِقْ (2)).
رَوَى نَحْوَهُ: القَوَارِيْرِيُّ، عَنْ سُلَيْمِ بنِ
أَخْضَرَ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ صَاحِبِ
زَادِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
نَحْوَهُ.
عُرْوَةُ: عَنْ عَائِشَةَ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي
قِصَّةِ الإِفْكِ حَمِدَ اللهَ، ثُمَّ قَالَ: (
__________
(1) عامر بن صالح بن رستم سيئ الحفظ، والحسن مدلس، وقد
عنعن، وذكره في " المجمع " 9 / 364، ونسبه للطبراني، وهو
في " تهذيب ابن عساكر " 6 / 441، 442.
(2) ذكره في " كنز العمال " 13 / 436، ونسبه للهيثم بن
كليب الشاشي وابن عساكر.
(2/548)
أَمَّا بَعْدُ، أَشِيْرُوا عَلَيَّ فِي
أُنَاسٍ أَبَنُوا أَهْلِي، وَايمُ اللهِ، إِنْ عَلِمْتُ
عَلَى أَهْلِي مِنْ سُوْءٍ قَطُّ، وَأَبَنُوْهُمْ بِمَنْ
-وَاللهِ- إِنْ عَلِمْتُ عَلَيْهِ سُوْءاً قَطُّ (1)).
ابْنُ يُوْنُسَ: أَخْبَرَنَا يُوْنُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ،
عَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ صَفْوَانَ بنِ المُعَطَّلِ،
قَالَ:
ضَرَبَ حَسَّانَ بنَ ثَابِتٍ بِالسَّيْفِ فِي هِجَاءٍ
هَجَاهُ بِهِ، فَأَتَى حَسَّانُ النَّبِيَّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاسْتَعْدَاهُ عَلَيْهِ،
فَلَمْ يُقِدْهُ مِنْهُ، وَعَقَلَ لَهُ جُرْحَهُ، وَقَالَ:
(إِنَّكَ قُلْتَ قَوْلاً سَيِّئاً).
رَوَاهُ: مَعْمَرٌ، فَلَمْ يَذْكُرِ ابْنَ المُسَيِّبِ.
قُلْتُ: الَّذِي قَالَهُ حَسَّانُ:
أَمْسَى الجَلاَبِيْبُ قَدْ عَزُّوا وَقَدْ كَثُرُوا ...
وَابْنُ الفُرَيْعَةِ أَمْسَى بَيْضَةَ البَلَدِ (2)
فَغَضِبَ صَفْوَانُ، وَقَالَ: يُعَرِّضُ بِي.
وَوَقَفَ لَهُ لَيْلَةً، حَتَّى مَرَّ حَسَّانٌ،
فَيَضْرِبُهُ بِالسَّيْفِ ضَرْبَةً كَشَطَ جِلْدَةَ
رَأْسِهِ، فَكَلَّمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- حَسَّانَ، وَرَفَقَ بِهِ حَتَّى عَفَا.
فَأَعْطَاهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
سِيْرِيْنَ أُخْتَ مَارِيَّةَ لِعَفْوِهِ، فَوَلَدَتْ لَهُ
ابْنَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ.
وَقَدْ رُوِيَ: أَنَّ صَفْوَانَ شَكَتْهُ زَوْجَتُهُ
أَنَّهُ يَنَامُ حَتَّى تَطْلُعُ الشَّمْسُ.
فَسَأَلُه
__________
(1) تقدم تخريجه ص 159 ت 5، وقوله: أبنوا، أي: اتهموا
وعابوا.
(2) الجلابيب: السفلة، وابن الفريعة: حسان، والفريعة أمه،
وبيضة البلد، أي: وحيدا، تشبيها له ببيضه النعامة التي
تتركها في الفلاة، فلا تحضنها وتبقى تريكة.
(2/549)
النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- عَنْ ذَلِكَ؟
فَقَالَ: إِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ مَعْرُوفُوْنَ بِذَلِكَ (1)
.
فَهَذَا بَعِيْدٌ مِنْ حَالِ صَفْوَانَ أَنْ يَكُوْنَ
كَذَلِكَ، وَقَدْ جَعَلَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى سَاقَةِ الجَيْشِ، فَلَعَلَّهُ
آخَرُ بِاسْمِهِ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: مَاتَ صَفْوَانُ بنُ المُعَطَّلَ
سَنَةَ سِتِّيْنَ، بِسُمَيْسَاطَ.
وَقَالَ خَلِيْفَةُ: مَاتَ بِالجَزِيْرَةِ، وَكَانَ عَلَى
سَاقَةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
وَكَانَ شَاعِراً.
وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: قُتِلَ فِي غَزْوَةِ
أَرْمِيْنِيَةَ، سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ.
قَالَ: وَكَانَ أَحَدَ الأُمَرَاءِ يَوْمَئِذٍ.
قُلْتُ: فَهَذَا تَبَايُنٌ كَثِيْرٌ فِي تَارِيْخِ
مَوْتِهِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا اثْنَانِ - وَاللهُ
أَعْلَمُ -.
116 - دِحْيَةُ بنُ خَلِيْفَةَ بنِ فَرْوَةَ بنِ فَضَالَةَ
الكَلْبِيُّ * (د)
القُضَاعِيُّ.
صَاحِبُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
__________
(1) أخرجه أبو داود (2459) في الصوم: باب المرأة تصوم بغير
إذن زوجها، وأحمد 3 / 80 من طريق عثمان بن أبي شيبة، حدثنا
جرير، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد الخدري قال:
جاءت امرأة صفوان بن المعطل إلى النبي صلى الله عليه وسلم
ونحن عنده فقالت: يا رسول الله إن زوجي صفوان بن المعطل
يضربني إذا صليت ويفطرني إذا صمت ولا يصلي صلاة الفجر حتى
تطلع الشمس، قال: وصفوان عنده، قال: فسأله عما قالت، فقال:
يا رسول الله أما قولها يضربني إذا صليت فإنها تقرأ
بسورتين فقد نهيتها، قال: فقال " لو كانت سورة واحدة لكفت
الناس " وأما قولها يفطرني فإنها تصوم، وأنا رجل شاب فلا
أصبر، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يومئذ: "
لا تصومن امرأة إلا بإذن زوجها "، قال: وأما قولها: إني لا
أصلي حتى تطلع الشمس فانا أهل بيت قد عرف لنا ذاك، لا نكاد
نستيقظ حتى تطلع الشمس، قال: " فإذا استيقظت فصل ".
ورجاله ثقات، وقال الحافظ في " الإصابة " 5 / 153: وإسناده
صحيح.
(*) مسند أحمد: 4 / 311، طبقات ابن سعد: 4 / 294، تاريخ
خليفة: 79، التاريخ =
(2/550)
وَرَسُوْلُهُ بِكِتَابِهِ إِلَى عَظِيْمِ
بُصْرَى، لِيُوْصِلَهُ إِلَى هِرَقْلَ.
رَوَى أَحَادِيْثَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مَنْصُوْرُ بنُ سَعِيْدٍ الكَلْبِيُّ (1)
، وَمُحَمَّدُ بنُ كَعْبٍ القُرَظِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ
شَدَّادِ بنِ الهَادِ، وَعَامِرٌ الشَّعْبِيُّ، وَخَالِدُ
بنُ يَزِيْدَ بنِ مُعَاوِيَةَ.
وَقَدْ شَهِدَ اليَرْمُوْكَ، وَكَانَ عَلَى كُرْدُوْسٍ (2)
، وَسَكَنَ المِزَّةَ (3) .
أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا
عُمَرُ - مِنْ آلِ حُذَيْفَةَ - عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ
دِحْيَةَ الكَلْبِيِّ:
قُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! أَلاَ أَحْمِلُ لَكَ حِمَاراً
عَلَى فَرَسٍ، فَيَنْتُجُ لَكَ بَغْلَةً تَرْكَبُهَا؟
قَالَ: (إِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ الَّذِيْنَ لاَ
يَعْلَمُوْنَ (4)).
رَوَاهُ: عِيْسَى بنُ يُوْنُسَ، عَنْ عُمَرَ، عَنِ
الشَّعْبِيِّ، مُرْسَلاً: أَنَّ حُذَيْفَةَ قَالَ ذَلِكَ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أَسْلَمَ دِحْيَةُ قَبْلَ بَدْرٍ،
وَلَمْ يَشْهَدْهَا، وَكَانَ يُشَبَّهُ بِجِبْرِيْلَ،
بَقِيَ إِلَى زَمَنِ مُعَاوِيَةَ.
__________
= الكبير: 3 / 254، الجرح والتعديل: 3 / 439، معجم
الطبراني الكبير: 4 / 265، الاستيعاب: 2 / 461، ابن عساكر:
6 / 24 / 2، أسد الغابة: 2 / 158، تهذيب الكمال: 396،
تاريخ الإسلام: 2 / 222، مجمع الزوائد: 9 / 378، تهذيب
التهذيب: 3 / 207 206، الإصابة: 3 / 191، خلاصة تذهيب
الكمال: 112، تهذيب ابن عساكر: 5 / 221.
(1) سقط من المطبوع " منصور بن ".
(2) الكردوس: الكتيبة.
(3) المزة: قرية من قرى دمشق تقع في الجنوب الغربي منها.
(4) هو في " المسند " ؟ / 311، و" تهذيب ابن عساكر " 5 /
221.
(2/551)
وَقَالَ دُحَيْمٌ: ذُرِّيَّتُهُ
بِالبِقَاعِ.
وَقَيَّدَ ابْنُ مَاكُوْلاَ فِي أَجْدَادِهِ (الخَرْجَ
(1))، وَهُوَ العَظِيْمُ البَطْنِ.
الهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ: عَنِ الكَلْبِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ
بنِ أُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ دِحْيَةَ:
قَدِمْتُ مِنَ الشَّامِ، فَأَهْدَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاكِهَةً يَابِسَةً
مِنْ فُسْتُقٍ، وَلَوْزٍ، وَكَعْكٍ...، الحَدِيْثَ (2) .
إِسْنَادُهُ وَاهٍ.
وَعَنْ جَابِرٍ الجُعْفِيِّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ
دِحْيَةَ الكَلْبِيِّ، قَالَ:
أَهْدَيْتُ لِرَسُوْلِ اللهِ جُبَّةَ صُوْفٍ، وَخُفَّيْنِ،
فَلَبِسَهُمَا حَتَّى تَخَرَّقَا (3) .
جَابِرٌ: وَاهٍ.
وَعَنْ سَلَمَةَ بنِ كُهَيْلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ
شَدَّادٍ، عَنْ دِحْيَةَ، قَالَ:
بَعَثَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- مَعِي بِكِتَابٍ إِلَى قَيْصَرَ، فَقُمْتُ
بِالبَابِ، فَقُلْتُ: أَنَا رَسُوْلُ رَسُوْلِ اللهِ.
فَفَزِعُوا لِذَلِكَ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ الآذِنُ،
فَأُدْخِلْتُ، وَأَعْطَيْتُهُ الكِتَابَ: (مِنْ مُحَمَّدٍ
رَسُوْلِ اللهِ، إِلَى قَيْصَرَ صَاحِبِ الرُّوْمِ).
فَإِذَا ابْنُ أَخٍ لَهُ، أَحْمَرُ، أَزْرَقُ، قَدْ
نَخَرَ، ثُمَّ قَالَ: لِمَ لَمْ يَكْتُبْ وَيَبْدَأْ بِكَ،
لاَ تَقْرَأْ كِتَابَهُ اليَوْمَ.
فَقَالَ لَهُمْ: اخْرُجُوا.
فَدَعَا الأُسْقُفَ، وَكَانُوا يَصْدُرُوْنَ عَنْ
رَأْيِهِ، فَلَمَّا قُرِئَ عَلَيْهِ الكِتَابُ،
__________
(1) " الإكمال " 3 / 142، 143، وفيه: وإنما سمي الخرج لعظم
لحمه.
(2) " تهذيب ابن عساكر " 5 / 222.
(3) " تهذيب ابن عساكر 5 / 222، وهو في " معجم الطبراني "
(4200) وفيه عنبسة بن سعيد راويه عن جابر الجعفي لا يعرف،
وجابر واه.
(2/552)
قَالَ: هُوَ -وَاللهِ- رَسُوْلُ اللهِ
الَّذِي بَشَّرَنَا بِهِ عِيْسَى وَمُوْسَى.
قَالَ: فَأَيُّ شَيْءٍ تَرَى؟
قَالَ: أَرَى أَنْ نَتَّبِعَهُ.
قَالَ قَيْصَرُ: وَأَنَا أَعْلَمُ مَا تَقُوْلُ، وَلَكِنْ
لاَ أَسْتَطِيْعُ أَنْ أَتَّبِعَهُ، يَذْهَبُ مُلْكِي،
وَيَقْتُلُنِي الرُّوْمُ (1) .
رَوَاهُ: اثْنَانِ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَلَمَةَ، عَنْ
أَبِيْهِ.
عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي يَحْيَى: عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ:
بَعَثَ رَسُوْلُ اللهِ دِحْيَةَ سَرِيَّةً وَحْدَهُ (2) .
مُعْتَمِرُ بنُ سُلَيْمَانَ: عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي
عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ:
قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُحَدِّثُ رَجُلاً، فَلَمَّا قَامَ،
قَالَ: (يَا أُمَّ سَلَمَةَ! مَنْ هَذَا؟).
فَقُلْتُ: دِحْيَةُ الكَلْبِيُّ، فَلَمْ أَعْلَمْ أَنَّهُ
جِبْرِيْلُ حَتَّى سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُحَدِّثُ أَصْحَابَهُ مَا
كَانَ بَيْنَنَا.
فَقُلْتُ لأَبِي عُثْمَانَ: مَنْ حَدَّثَكَ بِهَذَا؟
قَالَ: أُسَامَةُ (3) .
عُفَيْرُ بنُ مَعْدَانَ: عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
كَانَ يَقُوْلُ: (يَأْتِيْنِي جِبْرِيْلُ فِي صُوْرَةِ
دِحْيَةَ، وَكَانَ دِحْيَةُ جَمِيْلاً) (4).
__________
(1) " تهذيب ابن عساكر " 5 / 222، وفي سنده يحيى بن سلمة
بن كهيل وهو متروك كما في " التقريب " وهو في " معجم
الطبراني " برقم (4198)، وذكره في " المجمع " 5 / 306
وأعله بيحيى الحماني راويه عن يحيى بن سلمة فقصر.
(2) وأخرجه ابن سعد 4 / 250، 251 من طريق وكيع، عن سفيان
بن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد.
(3) " تهذيب ابن عساكر " 5 / 223.
(4) عفير بن معدان ضعيف، وأورده الهيثمي في " المجمع " 9 /
378، وقال: رواه الطبراني في " الأوسط "، وفيه عفير بن
معدان وهو ضعيف، ورواية يحيى بن يعمر عن ابن عمر أخرجها
أحمد 2 / 107 من طريق عفان، عن حماد بن سلمة، عن إسحاق بن
سويد، عن يحيى ابن يعمر، عن ابن عمر وهذا سند صحيح، وأورده
الحافظ في " الإصابة " 3 / 191 عن النسائي، وصحح إسناده.
(2/553)
رَوَى نَحْوَهُ: يَحْيَى بنُ يَعْمُرَ،
عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ صَالِحٍ العِجْلِيُّ:
قَالَ رَجُلٌ لِعَوَانَةَ بنِ الحَكَمِ: أَجْمَلُ
النَّاسِ: جَرِيْرُ بنُ عَبْدِ اللهِ البَجَلِيُّ.
فَقَالَ: بَلْ أَجْمَلُ النَّاسِ مَنْ نَزَلَ جِبْرِيْلُ
عَلَى صُوْرَتِهِ -يَعْنِي: دِحْيَةَ (1) -.
وَيُرْوَى حَدِيْثٌ مُنْكَرٌ: أَنَّ دِحْيَةَ أَسْلَمَ
زَمَنَ أَبِي بَكْرٍ (2) .
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ قُتَيْبَةَ فِي حَدِيْثِ ابْنِ
عَبَّاسٍ: كَانَ دِحْيَةُ إِذَا قَدِمَ، لَمْ تَبْقَ
مُعْصِرٌ إِلاَّ خَرَجَتْ تَنْظُرُ إِلَيْهِ (3) .
المُعْصِرُ: الَّتِي دَنَا حَيْضُهَا، كَمَا قِيْلَ
لِلْغُلاَمِ: مُرَاهِقٌ، أَي رَاهَقَ الاحْتِلاَمَ.
وَلاَ رَيْبَ أَنَّ دِحْيَةَ كَانَ أَجْمَلَ الصَّحَابَةِ
المَوْجُودِيْنَ بِالمَدِيْنَةِ، وَهُوَ مَعْرُوفٌ،
فَلِذَا كَانَ جِبْرِيْلُ رُبَّمَا نَزَلَ فِي صُوْرَتِهِ.
فَأَمَّا جَرِيْرٌ فَإِنَّمَا وَفَدَ إِلَى المَدِيْنَةِ
قَبْلَ مَوْتِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- بِقَلِيْلٍ.
وَمِنَ المَوْصُوْفِيْنَ بِالحُسْنِ: الفَضْلُ بنُ
عَبَّاسٍ (4) ، وَقَدِمَ المَدِيْنَةَ بَعْدَ الفَتْحِ.
__________
(1) ذكره الحافظ في " الإصابة " 3 / 191، ونسبه للعجلي في
" تاريخه " ويؤخذ من تمثل جبريل عليه السلام بصورة دحية
للنبي صلى الله عليه وسلم مشروعية مراعاة حسن الوجه في
البريد والرسول، ويؤيده ما رواه البزاز في " مسنده "
(1985) من طريق قتادة، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه،
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا أبردتم إلي
بريدا فابعثوه حسن الوجه حسن الاسم " ورجاله ثقات، وله
شاهد عند البزار أيضا (1986) يتقوى به من حديث أبي هريرة
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا بعثتم إلي
رجلا فابعثوه حسن الوجه حسن الاسم " وسنده حسن في الشواهد.
(2) " تهذيب ابن عساكر " 5 / 223، ورده أيضا ابن عساكر بأن
في إسناده الحسين بن عيسى الحنفي وهو أخو سليم القارئ، وهو
صاحب مناكير.
(3) " الإصابة " 3 / 191، و" تهذيب ابن عساكر " 5 / 223.
(4) كما ثبت ذلك في البخاري 11 / 8 في الاستئذان، من حديث
ابن عباس في قصة الخثعمية، وفيه: وكان الفضل رجلا وضيئا.
(2/554)
وَقَدْ كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَحْسَنَ النَّاسِ،
وَأَجْمَلَ قُرَيْشٍ، وَكَانَ رَيْحَانَتُهُ الحَسَنُ بنُ
عَلِيٍّ يُشْبِهُهُ.
اللَّيْثُ: عَنْ يَزِيْدَ، عَنْ أَبِي الخَيْرِ، عَنْ
مَنْصُوْرٍ الكَلْبِيِّ:
أَنَّ دِحْيَةَ خَرَجَ مِنَ المِزَّةِ إِلَى قَدْرِ
قَرْيَةٍ - عَقَبَةٍ مِنَ الفُسْطَاطِ، وَذَلِكَ ثَلاَثَةُ
أَمْيَالٍ - فِي رَمَضَانَ، ثُمَّ أَفْطَرَ، وَأَفْطَرَ
مَعَهُ نَاسٌ، وَكَرِهَ الفِطْرَ آخَرُوْنَ.
فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى قَرْيَتِهِ، قَالَ: وَاللهِ لَقَدْ
رَأَيْتُ اليَوْمَ أَمْراً مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنِّي
أَرَاهُ، إِنَّ قَوْماً رَغِبُوا عَنْ هَدْيِ رَسُوْلِ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابِهِ،
- يَقُوْلُ ذَلِكَ لِلَّذِيْنَ صَامُوا - ثُمَّ قَالَ
عِنْدَ ذَلِكَ: اللَّهُمَّ اقْبِضْنِي إِلَيْكَ.
أَخْرَجَهُ: أَبُو دَاوُدَ (1) .
وَصَحَّ: أَنَّ صَفِيَّةَ وَقَعَتْ يَوْمَ خَيْبَرَ فِي
سَهْمِ دِحْيَةَ، فَأَخَذَهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْهُ، وَعَوَّضَهُ بِسَبْعَةِ
أَرْؤُسٍ (2) .
قَالَ خَلِيْفَةُ بنُ خَيَّاطٍ: فِي سَنَةِ خَمْسٍ بَعَثَ
النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دِحْيَةَ
إِلَى قَيْصَرَ (3) .
قُلْتُ: كَذَا قَالَ، وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ
الحُدَيْبِيَةِ فِي زَمَنِ الصُّلْحِ، كَمَا
__________
(1) رقم (2413) في الصوم: باب قدر مسيرة ما يفطر فيه،
وأخرجه أحمد 6 / 398، والطبراني (4197) ومنصور الكلبي لم
يوثقه غير العجلي، وباقي رجاله ثقات، وفي الباب ما يشهد له
ويقويه، فعن أنس عند الترمذي (799) و(800) والدراقطني 1 /
241، والبيهقي 4 / 246، وسنده قوي، وحسنه الترمذي وغيره،
وعن أبي بصرة الغفاري عند أحمد 6 / 398، وأبي داود (2412)
والبيهقي 4 / 246، وسنده حسن في الشواهد.
(2) تقدم تخريجه في الصفحة 232 ت 1.
(3) المذكور في " تاريخ خليفة ": 79 بعد سنة ست، والضمير
في " وفيها " يعود إليها، لكن الذي يقوي قول المصنف أن
الحافظ ابن حجر في " الفتح " 1 / 35 قال: ووقع في تاريخ
خليفة أن إرسال الكتاب إلى هرقل كان سنة خمس، وغلطه، ورجح
أنه في آخر سنة ست لتصريح أبي سفيان بأن ذلك كان في مدة
الهدنة، والهدنة كانت في آخر سنة ست اتفاقا.
(2/555)
ذَكَرَهُ أَبُو سُفْيَانَ فِي الحَدِيْثِ
الطَّوِيْلِ الَّذِي فِي (الصَّحِيْحِ (1)).
وَلِدِحْيَةَ فِي (مُسْنَدِ بَقِيٍّ): ثَلاَثَةُ
أَحَادِيْثَ غَرَائِبُ.
117 - أَبُو جَهْمٍ بنِ حُذَيْفَةَ القُرَشِيُّ
العَدَوِيُّ *
المَذْكُوْرُ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (اذْهَبُوا بِهَذِهِ الخَمِيْصَةِ،
وَائْتُوْنِي بِأَنْبِجَانِيَّةِ أَبِي جَهْمٍ (2)).
قِيْلَ: اسْمُهُ عُبَيْدٌ، وَهُوَ مِنْ مُسْلمَةِ
الفَتْحِ.
وَكَانَ مِمَّنْ بَنَى البَيْتَ فِي الجَاهِلِيَّةِ، ثُمَّ
عُمِّرَ، حَتَّى بَنَى فِيْهِ مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ
وَبَيْنَ العِمَارَتَيْنِ أَزْيَدُ مِنْ ثَمَانِيْنَ
سَنَةٍ.
وَكَانَ عَلاَّمَةً بِالنَّسَبِ، أُحْضِرَ
__________
(1) البخاري 1 / 30، 41.
وفيه: دعا بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي بعث
به دحية إلى عظيم بصرى.
(*) طبقات ابن سعد: 5 / 451، التاريخ لابن معين: 700،
تاريخ خليفة: 227، الاستيعاب: 4 / 1623، أسد الغابة: 6 /
57، تاريخ الإسلام: 2 / 330، الإصابة: 11 / 66.
(2) أخرجه البخاري 1 / 406، 407 في الصلاة: باب إذا صلى في
ثوب له أعلام، وفي صفة الصلاة: باب الالتفات في الصلاة،
وفي اللباس: باب الاكسية والخمائص، ومسلم (565) (62) في
المساجد: باب كراهية الصلاة في ثوب له أعلام، وأبو داود
(914) والنسائي 2 / 72، وأحمد 6 / 37 و199، وابن ماجه
(3550) من حديث عائشة النبي صلى الله عليه وسلم صلى في
خميصة لها أعلام، فنظر إلى أعلامها نظرة، فلما انصرف، قال:
اذهبوا بخميصتي هذه، وأئتوني بأنبجانية أبي جهم، فإنها
ألهتني آنفا عن صلاتي.
والخميصة: كساء مربع من صوف له علمان، والانبجانية: كساء
يتخذ من الصوف وله خمل ولا علم له، وهي من أدون الثياب
الغليظة.
وإنما خصه بإرسال الخميصة، لأنه كان أهداها للنبي صلى الله
عليه وسلم، وطلب الانبجانية منه لئلا يؤثر رد الهذية في
قلبه.
(2/556)
يَوْمَ الحَكَمَيْنِ، وَبَعَثَهُ
النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَرَّةً
مُصَدِّقاً (1) ، وَلاَ رِوَايَةَ لَهُ.
وَكَانَ قَوِيَّ النَّفْسِ، سُرَّ بِمُصَابِ عُمَرَ،
لِكَوْنِهِ أَخَافَهُ، وَكَفَّ مِنْ بَسْطِ لِسَانِهِ
-رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-.
وَهُوَ الَّذِي قَالَ فِيْهِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ إِذْ
خَطَبَهَا: (أَمَّا أَبُو جَهْمٍ، فَإِنَّهُ ضَرَّابٌ
لِلنِّسَاءِ، وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوْكٌ (2)).
وَلَمَّا وَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، أَقْعَدَهُ مَعَهُ
عَلَى السَّرِيْرِ، وَوَصَلَهُ بِمائَةِ أَلْفٍ،
فَاسْتَقَلَّهَا.
118 - عُمَيْرُ بنُ سَعْدِ بنِ شُهَيْدِ بنِ قَيْسٍ
الأَنْصَارِيُّ * (ت)
ابْنِ النُّعْمَانِ بنِ عَمْرٍو الأَنْصَارِيُّ،
الأَوْسِيُّ، العَبْدُ الصَّالِحُ، الأَمِيْرُ، صَاحِبُ
رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو طَلْحَةَ الخَوْلاَنِيُّ، وَرَاشِدُ
بنُ سَعْدٍ، وَحَبِيْبُ بنُ عُبَيْدٍ.
وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ فَتْحَ دِمَشْقَ مَعَ أَبِي
عُبَيْدَةَ.
وَوَلِيَ دِمَشْقَ وَحِمْصَ لِعُمَرَ.
فِي (مُسْنَدِ أَبِي يَعْلَى): حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ
بنُ الحَجَّاجِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ
أَبِي سِنَانٍ، عَنْ أَبِي طَلْحَةَ الخَوْلاَنِيِّ،
قَالَ:
أَتَيْنَا عُمَيْرَ بنَ
__________
(1) المصدق: هو عامل الزكاة الذي يستوفيها من أهلها.
(2) تقدم تخريجه، انظر ص 502 ت 3، والضراب: الكثير الضرب،
والصعلوك: الفقير الذي لا مال له.
* تقدمت ترجمته في الصفحة 103 من هذا الجزء بأخصر مما هنا.
(2/557)
سَعْدٍ فِي نَفَرٍ مِنْ أَهْلِ
فِلَسْطِيْنَ، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ: نَسِيْجُ وَحْدِهِ،
فَقَعَدْنَا لَهُ عَلَى دُكَّانٍ لَهُ عَظِيْمٍ فِي
دَارِهِ، فَقَالَ: يَا غُلاَمُ! أَوْرِدِ الخَيْلَ.
وَفِي الدَّارِ تُوْرٌ (1) مِنْ حِجَارَةٍ.
قَالَ: فَأَوْرَدَهَا، فَقَالَ: أَينَ فُلاَنَةُ؟
قَالَ: هِيَ جَرِبَةٌ، تَقْطُرُ دَماً.
قَالَ: أَوْرِدْهَا.
فَقَالَ أَحَدُ القَوْمِ: إِذاً تَجْرَبُ الخَيْلُ
كُلُّهَا.
قَالَ: فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (لاَ عَدْوَى، وَلاَ
طِيَرَةَ، وَلاَ هَامَّةَ، أَلَمْ تَرَ إِلَى البَعِيْرِ
يَكُوْنُ بِالصَّحْرَاءِ، ثُمَّ يُصْبِحُ وَفِي
كِرْكِرَتِهِ - أَوْ فِي مَرَاقِّهِ - نُكْتَةٌ لَمْ
تَكُنْ، فَمَنْ أَعْدَى الأَوَّلَ (2) ؟).
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ: حَجَّاجُ بنُ مِنْهَالٍ،
وَالتَّبُوْذَكِيُّ، عَنْ حَمَّادٍ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ القَدَّاحُ: عُمَيْرُ بن
سَعْدٍ لَمْ يَشْهَدْ شَيْئاً مِنَ المَشَاهِدِ، وَهُوَ
الَّذِي رَفَعَ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- كَلاَمَ الجُلاَسِ بنِ سُوَيْدٍ، وَكَانَ
يَتِيْماً فِي حِجْرِهِ، وَاسْتَعْمَلَهُ عُمَرُ عَلَى
حِمْصَ، وَكَانَ مِنَ الزُّهَّادِ.
وَقَدْ وَهِمَ ابْنُ سَعْدٍ، فَقَالَ: هُوَ عُمَيْرُ بنُ
سَعْدِ بنِ عُبَيْدٍ (3) .
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: عُمَيْرُ بنُ سَعْدِ بنِ
شُهَيْدٍ الأَنْصَارِيُّ لَهُ صُحْبَةٌ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو طَلْحَةَ الخَوْلاَنِيُّ مُرْسَلٌ،
قَالَهُ أَبِي (4).
__________
(1) التور: إناء من صفر أو حجارة كالاجانة، وقد تحرف في
المطبوع إلى " قور ".
(2) إسناده ضعيف لضعف أبي سنان وهو عيسى بن سنان الحنفي.
وقد تقدم تخريجه في الصفحة 104 ت 2.
والكركرة: زور البعير الذي إذا برك، أصاب الأرض وهي باتئة
عن جسمه، والمراق: الارفاغ.
(3) ابن سعد 4 / 374، وقد تابعه ابن الأثير وابن عبد البر،
وابن حجر فقالوا " ابن عبيد " بدل " ابن شهيد ".
(4) " الجرح والتعديل " 6 / 376، لكن سقط منه " ابن شهيد
".
(2/558)
وَقَالَ عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ سَعِيْدٍ:
كَانَتْ وِلايَتُهُ حِمْصَ بَعْدَ سَعِيْدِ بنِ عَامِرِ
بنِ حُذَيْمٍ.
ابْنُ لَهِيْعَةَ: عَنْ يُوْنُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ،
قَالَ:
تُوُفِّيَ سَعِيْدُ بنُ عَامِرٍ، وَقَامَ مَكَانَهُ:
عُمَيْرُ بنُ سَعْدٍ.
وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: فَكَانَ عَلَى الشَّامِ
مُعَاوِيَةُ، وَعُمَيْرُ بنُ سَعْدٍ، ثُمَّ اسْتُخْلِفَ
عُثْمَانُ، فَجَمَعَ الشَّامَ لِمُعَاوِيَةَ، وَلَمَّا
تُوُفِّيَ أَبُو عُبَيْدَةَ، اسْتَخْلَفَ ابْنَ عَمِّهِ
عِيَاضَ بنَ غَنْمٍ، فَأَقَرَّهُ عُمَرُ، فَمَاتَ عِيَاضٌ
(1) ، فَوَلِيَ سَعِيْدٌ المَذْكُوْرُ.
قَالَ صَفْوَانُ بنُ عَمْرٍو: خَطَبَ مُعَاوِيَةُ عَلَى
مِنْبَرِ حِمْصَ، وَهُوَ أَمِيْرٌ عَلَى الشَّامِ كُلِّهِ،
فَقَالَ:
وَاللهِ مَا عَلِمْتُ يَا أَهْلَ حِمْصَ إِنَّ اللهَ
لَيُسْعِدُكُمْ بِالأُمَرَاءِ الصَّالِحِيْنَ، أَوَّلُ
مَنْ وَلِيَ عَلَيْكُمْ: عِيَاضُ بنُ غَنْمٍ، وَكَانَ
خَيْراً مِنِّي، ثُمَّ وَلِيَ عَلَيْكُمْ: سَعِيْدُ بنُ
عَامِرٍ، وَكَانَ خَيْراً مِنِّي، ثُمَّ وَلِيَ عَلَيْكُمْ
(2) : عُمَيْرٌ، وَلَنِعْمَ العُمَيْرُ كَانَ، ثُمَّ هَا
أَنَا ذَا قَدْ وَلِيْتُكُمْ، فَسَتَعْلَمُوْنَ.
ابْنُ إِسْحَاقَ: عَنْ عَاصِمِ بنِ عُمَرَ بنِ قَتَادَةَ،
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عُمَيْرِ بنِ سَعْدٍ:
قَالَ لِي ابْنُ عُمَرَ: مَا كَانَ مِنَ المُسْلِمِيْنَ
رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَفْضَلَ مِنْ أَبِيْكَ (3) .
وَرَوَى: هِشَامٌ، عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ: كَانَ عُمَيْرُ
بنُ سَعْدٍ يُعْجِبُ عُمَرَ، فَكَانَ
__________
(1) سقط من المطبوع جملة " فأقره عمر فمات عياض ".
(2) سقط من المطبوع من قوله سعيد بن عامر إلى هنا.
(3) عبد الرحمن بن عمير ترجمه ابن أبي حاتم 5 / 272، فلم
يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وقال: وكان واليا على فلسطين.
وانظر ص 105 ت 1.
(2/559)
مِنْ عَجَبِهِ بِهِ، يُسَمِّيَهُ: نَسِيْجُ
وَحْدِهِ.
وَبَعَثَهُ مَرَّةً عَلَى جَيشٍ مِنْ قِبَلِ الشَّامِ،
فَوَفَدَ، فَقَالَ:
يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! إِنَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَ
عَدُوِّنَا مَدِيْنَةٌ يُقَالُ لَهَا: عَرَبُ السُّوْسِ
(1) ، تُطْلِعُ عَدُوَّنَا عَلَى عَوْرَاتِنَا،
وَيَفْعَلُوْنَ، وَيَفْعَلُوْنَ.
فَقَالَ عُمَرُ: خَيِّرْهُمْ بَيْنَ أَنْ يَنْتَقِلُوا
مِنْ مَدِيْنَتِهِمْ وَنُعْطِيْهِمْ مَكَانَ كُلِّ شَاةٍ
شَاتَيْنِ، وَمَكَانَ كُلِّ بَقَرَةٍ بَقَرَتَيْنِ،
وَمَكَانَ كُلِّ شَيْءٍ شَيْئَيْنِ، فَإِنْ فَعَلُوا،
فَأَعْطِهِمْ ذَلِكَ، وَإِنْ أَبَوْا، فَانْبِذْ (2)
إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ، ثُمَّ أَجِّلْهُمْ سَنَةً.
فَقَالَ: اكْتُبْ لِي يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ
عَهْدَكَ بِذَلِكَ.
فَعَرَضَ عُمَيْرٌ عَلَيْهِم، فَأَبَوْا، فَأَجَّلَهُمْ
سَنَةً، ثُمَّ نَابَذَهُمْ.
فَقِيْلَ لِعُمَرَ: إِنَّ عُمَيْراً قَدْ خَرَّبَ عَرَبَ
السُّوْسِ، وَفَعَلَ، فَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ.
فَلَمَّا قَدِمَ، عَلاَهُ بِالدِّرَّةِ، وَقَالَ:
خَرَّبْتَ عَرَبَ السُّوْسِ.
وَهُوَ سَاكِتٌ، فَلَمَّا دَخَلَ عُمَرُ بَيْتَهُ،
اسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ، فَدَخَلَ، وَأَقْرَأَهُ عَهْدَهُ.
فَقَالَ عُمَرُ: غَفَرَ اللهُ لَكَ.
عَرَبُ السُّوْسِ: خَرَابٌ اليَوْمَ، وَهِيَ خَلْفَ دَرْبِ
الحَدَثِ (3) .
عَبْدُ المَلِكِ بنُ هَارُوْنَ بنِ عَنْتَرَةَ: حَدَّثَنَا
أَبِي، عَنْ جَدِّي:
أَنَّ عُمَيْرَ بنَ
__________
(1) في معجم ياقوت: عربسوس: بلد من نواحي الثغور قرب
المصيصة.
(2) مقتبس من قوله تعالى: (وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ
إليهم على سواء) أي: إن
كان بينك وبين قوم هدنة، فخفت منهم نقضا للعهد، فلا تبادر
إلى النقض حتى تلقي إليهم أنك قد نقضت ما بينك وبينهم،
فيكونوا معك في علم النقض والعود إلى الحرب مستوين.
(3) الحدث: قلعة بين ملطيه وسميساط ومرعش من الثغور، ويقال
لها الحمراء، لان تربتها جميعا حمراء، وهي على جبل يقال له
الاحيدب وقد ذكرها المتنبي في قصيدته التي يمدح بها سيف
الدولة، إثر وقعة كانت بينه وبين الدمستق تم فيها الغلب
لسيف الدولة يقول فيها:
(2/560)
سَعْدٍ بَعَثَهُ عُمَرُ عَلَى حِمْصَ،
فَمَكَثَ حَوْلاً لاَ يَأْتِيْهِ خَبَرُهُ، فَكَتَبَ
إِلَيْهِ: أَقْبِلْ بِمَا جَبَيْتَ مِنَ الفَيْءِ.
فَأَخَذَ جِرَابَهُ وَقَصْعَتُهُ، وَعَلَّقَ إِدَوَاتَهُ،
وَأَخَذَ عَنْزَتَهُ (1) ، وَأَقْبَلَ رَاجِلاً، فَدَخَلَ
المَدِيْنَةَ، وَقَدْ شَحَبَ وَاغْبَرَّ، وَطَالَ
شَعْرُهُ، فَقَالَ: السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَمِيْرَ
المُؤْمِنِيْنَ!
فَقَالَ: مَا شَأْنُكَ؟
قَالَ: أَلَسْتُ صَحِيْحَ البَدَنِ، مَعِيَ الدُّنْيَا.
فَظَنَّ عُمَرُ أَنَّهُ جَاءَ بِمَالٍ، فَقَالَ: جِئْتَ
تَمْشِي؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: أَمَا كَانَ أَحَدٌ يَتَبَرَّعُ لَكَ بِدَّابَةٍ؟
قَالَ: مَا فَعَلُوا، وَلاَ سَأَلْتُهُمْ.
قَالَ: بِئْسَ المُسْلِمُوْنَ.
قَالَ: يَا عُمَرَ! إِنَّ اللهَ قَدْ نَهَاكَ عَنِ
الغِيْبَةِ.
فَقَالَ: مَا صَنَعْتَ؟
قَالَ: الَّذِي جَبَيْتُهُ وَضَعْتُهُ مَوَاضِعَهُ، وَلَوْ
نَالَكَ مِنْهُ شَيْءٌ، لأَتَيْتُكَ بِهِ.
قَالَ: جَدِّدُوا لِعُمَيْرٍ عَهْداً.
قَالَ: لاَ عَمِلْتُ لَكَ وَلاَ لأَحَدٍ، قُلْتُ
لِنَصْرَانِيٍّ: أَخْزَاكَ اللهُ.
وَذَهَبَ إِلَى مَنْزِلِهِ عَلَى أَمْيَالٍ مِنَ
المَدِيْنَةِ، فَقَالَ عُمَرُ: أُرَاهُ خَائِناً.
فَبَعَثَ رَجُلاً بِمائَةِ دِيْنَارٍ، وَقَالَ: انْزِلْ
بِعُمَيْرٍ كَأَنَّكَ ضَيْفٌ، فَإِنْ رَأَيْتَ أَثَرَ
شَيْءٍ، فَأَقْبِلْ، وَإِنْ رَأَيْتَ حَالاً شَدِيدَةً،
فَادْفَعْ إِلَيْهِ هَذِهِ المائَةَ.
فَانْطَلَقَ، فَرَآهُ يَفْلِي قَمِيْصَهُ، فَسَلَّمَ،
فَقَالَ لَهُ عُمَيْرٌ: انْزِلْ.
فَنَزَلَ، فَسَاءلَهُ، وَقَالَ: كَيْفَ أَمِيْرُ
المُؤْمِنِيْنَ؟
قَالَ: ضَرَبَ ابْناً لَهُ عَلَى فَاحِشَةٍ، فَمَاتَ.
فَنَزَلَ بِهِ ثَلاَثاً، لَيْسَ إِلاَّ قُرْصَ شَعِيْرٍ
يَخْصُّوْنَهُ بِهِ، وَيطْوُوْنَ.
ثُمَّ قَالَ: إِنَّكَ قَدْ أَجَعْتَنَا، فَأَخْرَجَ
الدَّنَانِيْرَ، فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ، فَصَاحَ، وَقَالَ:
لاَ حَاجَةَ لِي
__________
هل الحدث الحمراء تعرف لونها * وتعلم أي الساقيين الغمائم
سقتها الغمام الغر قبل نزوله * فلما دنا منها سقتها
الجماجم
ويقول: نثرتهم فوق الاحيدب كله * كما نثرت فوق العروس
الدراهم
(1) العنزة: عصا في قدر نصف الرمح أو أكبر يتوكأ عليها.
سير 2 / 36
(2/561)
بِهَا، رُدَّهَا عَلَيْهِ.
قَالَتِ المَرْأَةُ: إِنِ احْتَجْتَ إِلَيْهَا، وَإِلاَّ
ضَعْهَا مَوَاضِعَهَا.
فَقَالَ: مَا لِي شَيْءٌ أَجْعَلُهَا فِيْهِ.
فَشَقَّتِ المَرْأَةُ مِنْ دِرْعِهَا، فَأَعْطَتْهُ
خِرْقَةً، فَجَعَلَهَا فِيْهَا، ثُمَّ خَرَجَ يَقْسِمُهَا
بَيْنَ أَبْنَاءِ الشُّهَدَاءِ.
وَأَتَى الرَّجُلُ عُمَرَ، فَقَالَ: مَا فَعَلَ
بِالذَّهَبِ؟
قَالَ: لاَ أَدْرِي.
فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ يَطْلُبُهُ، فَجَاءَ، فَقَالَ:
مَا صَنَعَتِ الدَّنَانِيْرُ؟
قَالَ: وَمَا سُؤَالُكَ؟ قَدَّمْتُهَا لِنَفْسِي.
فَأَمَرَ لَهُ بِطَعَامٍ، وَثَوْبَيْنِ، فَقَالَ: لاَ
حَاجَةَ لِي فِي الطَّعَامِ، وَأَمَّا الثَّوْبَانِ،
فَإِنَّ أُمَّ فَلاَنٍ عَارِيَةٌ.
فَأَخَذَهُمَا، وَرَجَعَ، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ مَاتَ...،
وَذَكَرَ سَائِرَ القِصَّةِ (1) .
وَرَوَى نَحْوَهَا: كَاتِبُ اللَّيْثِ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ
عَبْدِ العَزِيْزِ، بَلَغَهُ عَنِ الحَسَنِ البَصْرِيِّ:
أَنَّ عُمَرَ...، فَذَكَرَهَا.
وَرَوَى: أَبُو حُذَيْفَةَ فِي (المُبْتَدَأِ) نَحْواً
مِنْهَا، عَنْ شَيْخٍ، عَنْ آخَرَ.
وَيُقَالُ: زُهَّادُ الأَنْصَارِ ثَلاَثَةٌ: أَبُو
الدَّرْدَاءِ، وَشَدَّادُ بنُ أَوْسٍ، وَعُمَيْرُ بنُ
سَعْدٍ.
119 - صَفْوَانُ بنُ أُمَيَّةَ بنِ خَلَفٍ الجُمَحِيُّ *
(م، 4)
ابْنِ وَهْبِ بنِ حُذَافَةَ بنِ جُمَحِ بنِ عَمْرِو بنِ
هُصَيْصِ بنِ كَعْبِ
__________
(1) في ميزان المؤلف: عبد الملك بن هارون بن عنترة، عن
أبيه.
قال الدراقطني: هما ضعيفان، وقال أحمد: عبد الملك ضعيف،
وقال يحيى: كذاب، وقال يحيى: كذاب، وقال أبو حاتم: متروك،
ذاهب الحديث، وقال ابن حبان: يضع الحديث.
والسند الثاني الذي ذكره المؤلف فيه انقطاع، وكاتب الليث
سيء الحفظ، وأورده المؤلف في " تاريخ الإسلام " 2 / 241،
242، وقال: بعد أن ذكر قسما كبيرا منه: وذكر حديثا طويلا
منكرا.
(*) مسند أحمد: 3 / 400 و6 / 464، طبقات ابن سعد: 5 / 449،
طبقات خليفة: 24، =
(2/562)
بنِ لُؤَيِّ بنِ غَالِبٍ القُرَشِيُّ،
الجُمَحِيُّ، المَكِيُّ.
أَسْلَمَ بَعْدَ الفَتْحِ، وَرَوَى أَحَادِيْثَ، وَحَسُنَ
إِسْلاَمُهُ، وَشَهِدَ اليَرْمُوْكَ أَمِيْراً عَلَى
كُرْدُوْسٍ.
وَيُقَالُ: إِنَّهُ وَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ،
وَأَقْطَعَهُ زُقَاقَ صَفْوَانَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ؛ عَبْدُ اللهِ، وَابْنُ أُخْتِهِ؛
حُمَيْدٌ، وَسَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ، وَطَاوُوْسٌ،
وَعَبْدُ اللهِ بنُ الحَارِثِ بنِ نَوْفَلٍ، وَعَطَاءُ بنُ
أَبِي رَبَاحٍ، وَجَمَاعَةٌ.
وَكَانَ مِنْ كُبَرَاءِ قُرَيْشٍ، قُتِلَ أَبُوْهُ مَعَ
أَبِي جَهْلٍ.
مَالِكٌ: عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ صَفْوَانَ بنِ عَبْدِ
اللهِ بنِ صَفْوَانَ:
أَنَّ صَفْوَانَ - يَعْنِي جَدَّهُ - قِيْلَ لَهُ: مَنْ
لَمْ يُهَاجِرْ هَلَكَ.
فَقَدِمَ المَدِيْنَةَ، فَنَامَ فِي المَسْجِدِ،
وَتَوَسَّدَ رِدَاءهُ، فَجَاءَ سَارِقٌ، فَأَخَذَهُ،
فَأَخَذَ صَفْوَانُ السَّارِقَ، فَجَاءَ بِهِ إِلَى
رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
فَأَمَرَ بِهِ أَنْ يُقْطَعَ.
فَقَالَ صَفْوَانُ: إِنِّي لَمْ أُرِدْ هَذَا، هُوَ
عَلَيْهِ صَدَقَةٌ.
قَالَ: (فَهَلاَّ قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ) (1).
__________
= 278، تاريخ خليفة: 111، 205، التاريخ الكبير: 4 / 304،
المعارف: 342، تاريخ
الفسوي: 1 / 309، الجرح والتعديل: 4 / 421، المستدرك: 3 /
428، الاستبصار: 93، الاستيعاب: 2 / 718، ابن عساكر: 8 /
159 / 1، أسد الغابة: 3 / 23، تهذيب الكمال: 608، تاريخ
الإسلام: 2 / 228، العبر: 1 / 50، تهذيب التهذيب: 4 / 424
425، الإصابة: 5 / 145، خلاصة تذهيب الكمال: 174، شذرات
الذهب: 1 / 52، تهذيب ابن عساكر: 6 / 429.
(1) " الموطأ " 3 / 49 في الحدود: باب ترك الشفاعة للسارق
إذا بلغ السلطان، ورجاله ثقات، لكنه مرسل، قال ابن عبد
البر: هكذا رواه جمهور أصحاب مالك مرسلا، ورواه أبو عاصم
النبيل عن مالك، عن الزهري، عن صفوان بن عبد الله، عن جده،
ولم يقل: عن جده، أحد غير أبي عاصم، ورواه شبابة بن سوار
عن مالك، عن الزهري، عن عبد الله بن صفوان، عن أبيه،
وأخرجه أحمد 3 / 401 من طريق روح، عن محمد بن أبي حفصة، عن
الزهري، عن صفوان بن عبد الله، عن أبيه ; أن صفوان، وهذا
سند متصل رجاله ثقات.
ثم أخرجه 6 / 465 من الطريق ذاته إلا أنه أسقط " عن أبيه
".
(2/563)
مُحَمَّدُ بنُ أَبِي حَفْصَةَ: عَنِ
الزُّهْرِيِّ، عَنْ صَفْوَانَ بنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ
أَبِيْهِ، قَالَ - يَعْنِي أَبَاهُ -:
أَتَيْتُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! مَنْ لَمْ
يُهَاجِرْ هَلَكَ؟
قَالَ: (لاَ يَا أَبَا وَهْبٍ، فَارْجِعْ إِلَى أَبَاطِحِ
مَكَّةَ) (1).
قُلْتُ: ثَبَتَ قَوْلُهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-: (لاَ هِجْرَةَ بَعْدَ الفَتْحِ، وَلَكِنْ
جِهَادٌ وَنِيَّةٌ (2)).
وَخَرَّجَ: التِّرْمِذِيُّ، مِنْ حَدِيْثِ ابْنِ عُمَرَ،
قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
يَوْمَ أُحُدٍ: (اللَّهُمَّ الْعَنْ أَبَا سُفْيَانَ،
اللَّهُمَّ الْعَنِ الحَارِثَ بنَ هِشَامٍ، اللَّهُمَّ
الْعَنْ صَفْوَانَ بنَ أُمَيَّةَ).
فَنَزَلَتْ : {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ، أَوْ
يَتُوْبَ عَلَيْهِم } [آلُ عِمْرَانَ: 127]، فَتَابَ
عَلَيْهِم، فَأَسْلَمُوا، فَحَسُنَ إِسْلاَمُهُمْ (3) .
قُلْتُ: أَحْسَنُهُمْ إِسْلاَماً الحَارِثُ.
وَرَوَى: الزُّهْرِيُّ، عَنْ بَعْضِ آلِ عُمَرَ، عَنْ
عُمَرَ:
أَنَّهُ لَمَّا كَانَ يَوْمُ الفَتْحِ أَرْسَلَ رَسُوْلُ
اللهِ إِلَى صَفْوَانَ بنِ أُمَيَّةَ، وَأَبِي سُفْيَانَ،
وَالحَارِثِ بنِ
__________
(1) أخرجه أحمد 3 / 401 و6 / 465 من طريق روح بهذا
الإسناد، ورجاله ثقات.
(2) أخرجه البخاري 6 / 3 في أول كتاب الجهاد، ومسلم (1353)
من حديث ابن عباس.
(3) أخرجه الترمذي (3004) في التفسير، وفي سنده: عمر بن
حمزة وهو ضعيف، مع أنه من رجال مسلم.
وهو في " المسند " (5674) والطبري (7819) وأخرجه البخاري
في " صحيحه " 7 / 281 من طريق عبد الله بن المبارك، عن
حنظلة بن أبي سفيان الجمحي، عن سالم بن عبد الله يقول: كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو على صفوان بن أمية،
وسهيل بن عمرو، والحارث بن هشام، فنزلت (ليس لك من الامر
شيء) إلى قوله (فإنهم ظالمون) ورواه البخاري أيضا 7 / 281
و8 / 170، و13 / 263، 264 من طريق عبد الله بن المبارك، عن
معمر، عن الزهري قال: حدثني سالم، عن أبيه أنه سمع رسول
الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع في الركعة
الأخيرة من الفجر يقول: اللهم العن فلانا وفلانا وفلانا
بعدما يقول: سمع الله لمن حمد ربنا ولك الحمد، فأنزل الله
(ليس لك من الامر شيء) إلى قوله (فإنهم ظالمون) .
(2/564)
هِشَامٍ.
قَالَ عُمَرُ: فَقُلْتُ: لَئِنْ أَمْكَنَنِي اللهُ مِنْهُم
لأَعْرِفَنَّهُمْ، حَتَّى قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَثَلِي وَمَثَلُكُمْ كَمَا
قَالَ يُوْسُفَ لإِخْوَتِهِ : {لاَ تَثْرِيْبَ عَلَيْكُمُ
اليَوْمَ، يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ } [يُوْسُفُ: 92].
فَانْفَضَخْتُ حَيَاءً مِنْ رَسُوْلِ اللهِ (1) -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
مَالِكٌ: عَنِ ابْنِ شِهَابٍ:
بَلَغَهُ أَنَّ نِسَاءً أَسْلَمْنَ وَأَزْوَاجُهُنَّ
كُفَّارٌ، مِنْهُنَّ بِنْتُ الوَلِيْدِ بنِ المُغِيْرَةِ،
وَكَانَتْ تَحْتَ صَفْوَانَ بنِ أُمَيَّةَ، فَأَسْلَمَتْ
يَوْمَ الفَتْحِ، وَهَرَبَ هُوَ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ
رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ابْنَ
عَمِّهِ بِرِدَائِهِ أَمَاناً لِصَفْوَانَ، وَدَعَاهُ
إِلَى الإِسْلاَمِ، وَأَنْ يَقْدَمَ، فَإِنْ رَضِيَ
أَمْراً، وَإِلاَّ سَيَّرَهُ شَهْرَيْنِ.
فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَادَاهُ عَلَى رُؤُوْسِ النَّاسِ:
يَا مُحَمَّدُ! هَذَا جَاءنِي بِرِدَائِكَ، وَدَعَوْتَنِي
إِلَى القُدُوْمِ عَلَيْكَ، فَإِنْ رَضِيْتُ، وَإِلاَّ
سَيَّرْتَنِي شَهْرَيْنِ.
فَقَالَ: (انْزِلْ أَبَا وَهْبٍ).
فَقَالَ: لاَ وَاللهِ، حَتَّى تُبَيِّنَ لِي.
قَالَ: (لَكَ تَسْيِيْرُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ).
فَخَرَجَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- قِبَلَ هَوَازِنَ بِحُنَيْنٍ، فَأَرْسَلَ إِلَى
صَفْوَانَ يَسْتَعِيْرُهُ أَدَاةً وَسِلاحاً كَانَ
عِنْدَهُ.
فَقَالَ: طَوْعاً أَوْ كَرْهاً؟
قَالَ: (لاَ، بَلْ طَوْعاً).
ثُمَّ خَرَجَ مَعَهُ كَافِراً، فَشَهِدَ حُنَيْناً
وَالطَّائِفَ كَافِراً، وَامْرَأَتُهُ مُسْلِمَةٌ، فَلَمْ
يُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا حَتَّى أَسْلَمَ، وَاسْتَقَرَّتْ
عِنْدَهُ بِذَلِكَ النِّكَاحِ (2) .
وَفِي (مَغَازِي ابْنِ عُقْبَةَ): فَرَّ صَفْوَانُ
عَامِداً لِلْبَحْرِ، وَأَقْبَلَ عُمَيْرُ بنُ وَهْبِ بنِ
خَلَفٍ إِلَى رَسُوْلِ اللهِ، فَسَأَلَهُ أَمَاناً
لِصَفْوَانَ، وَقَالَ:
قَدْ هَرَبَ،
__________
(1) " تهذيب ابن عساكر " 6 / 431، 432.
(2) أخرجه مالك 2 / 75، 76 في النكاح: باب نكاح المشرك إذا
أسلمت زوجته قبله، وهو من بلاغات مالك التي لا يعلم اتصاله
من وجه صحيح، قال ابن عبد البر: وهو حديث مشهور معلوم عند
أهل السير، وابن شهاب إمام أهل السير، وكذلك الشعبي.
(2/565)
وَأَخْشَى أَنْ يَهْلِكَ، وَإِنَّكَ قَدْ
أَمَّنْتَ الأَحْمَرَ وَالأَسْوَدَ.
قَالَ: (أَدْرِكِ ابْنَ عَمِّكَ، فَهُوَ آمِنٌ (1)).
وَعَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ: أَنَّ صَفْوَانَ أَعَارَ
النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مائَةَ
دِرْعٍ بِأَدَاتِهَا، فَأَمَرَهُ رَسُوْلُ اللهِ
بِحَمْلِهَا إِلَى حُنَيْنٍ، إِلَى أَنْ رَجَعَ النَّبِيُّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الجِعْرَانَةِ
(2) .
فَبَيْنَا هُوَ يَسِيْرُ يَنْظُرُ إِلَى الغَنَائِمِ
وَمَعَهُ صَفْوَانُ، فَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَى شِعْبٍ
مَلأَى نَعَماً وَشَاءً وَرِعَاءً، فَأَدَامَ النَّظَرَ،
وَرَسُوْلُ اللهِ يَرْمُقُهُ، فَقَالَ: (أَبَا وَهْبٍ!
يُعْجِبُكَ هَذَا؟).
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: (هُوَ لَكَ).
فَقَالَ: مَا طَابَتْ نَفْسُ أَحَدٍ بِمِثْلِ هَذَا،
إِلاَّ نَفْسُ نَبِيٍّ، أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ
اللهَ، وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ (3) .
وَرَوَى: الوَاقِدِيُّ، عَنْ رِجَالِهِ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
اسْتَقْرَضَ مِنْ صَفْوَانَ بنِ أُمَيَّةَ بِمَكَّةَ
خَمْسِيْنَ أَلْفاً، فَأَقْرَضَهُ.
شَرِيْكٌ: عَنْ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ رُفَيْعٍ، عَنِ
ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ أُمَيَّةَ بنِ صَفْوَانَ،
عَنْ أَبِيْهِ:
أَنَّ النَّبِيَّ اسْتَعَارَ مِنْهُ أَدْرُعاً، فَهَلَكَ
بَعْضُهَا، فَقَالَ: (إِنْ شِئْتَ غَرِمْتُهَا لَكَ).
قَالَ: لاَ، أَنَا أَرْغَبُ فِي الإِسْلاَمِ مِنْ ذَلِكَ
(4).
__________
(1) " تهذيب ابن عساكر " 6 / 432.
(2) الجعرانة: ماء بين الطائف ومكة، نزلها النبي صلى الله
عليه وسلم لما قسم غنائم هوازن مرجعه من غزاة حنين، وهي من
الحل وقد أحرم منها صلى الله عليه وسلم.
(3) " تهذيب ابن عساكر " 6 / 430، 431 من طريق الواقدي، و"
الإصابة " 5 / 145.
(4) شريك: سيء الحفظ، وأخرجه أحمد 3 / 401، و6 / 465، وأبو
داود (3562) والحاكم 2 / 47، والبيهقي 6 / 89 كلهم من طريق
شريك، عن عبد العزيز بن رفيع، عن أمية ابن صفوان بن أمية،
عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعار منه
أدراعا يوم حنين، فقال: أغصب يا محمد ؟ فقال: " لا بل
عارية مضمونة " وأخرجه الحاكم أيضا 3 / 48، والبيهقي 6 /
89 من طريق ابن إسحاق حدثني عاصم بن عمر بن قتادة، عن عبد
الرحمن بن جابر، عن أبيه جابر بن =
(2/566)
الزُّهْرِيُّ: عَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ،
عَنْ صَفْوَانَ، قَالَ:
أَتَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
فَأَعْطَانِي، فَمَا زَالَ يُعْطِيْنِي حَتَّى إِنَّهُ
لأَحَبُّ الخَلْقِ إِلَيَّ (1) .
وَعَنْ أَبِي الزِّنَادِ، قَالَ: اصْطَفَّ سَبْعَةٌ
يُطْعِمُوْنَ الطَّعَامَ، وَيُنَادُوْنَ إِلَيْهِ كُلَّ
يَوْمٍ: عَمْرُو بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ صَفْوَانَ بنِ
أُمَيَّةَ بنِ خَلَفِ بنِ وَهْبِ بنِ حُذَافَةَ،
وَآبَاؤُهُ.
وَقِيْلَ: كَانَ إِلَى صَفْوَانَ الأَزْلاَمُ فِي
الجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ سَيِّدَ بَنِي جُمَحٍ (2) .
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: قَالُوا: إِنَّ صَفْوَانَ بنَ
أُمَيَّةَ قَنْطَرَ فِي الجَاهِلِيَّةِ، إِلَى أَنْ صَارَ
لَهُ قِنْطَارٌ مِنَ الذَّهَبِ، وَكَذَلِكَ أَبُوْهُ (3) .
قَالَ الهَيْثَمُ، وَالمَدَائِنِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ
إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ.
120 - أَبُو ثَعْلَبَةَ الخُشَنِيُّ * (ع)
صَاحِبُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
__________
= عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد المسير
إلى حنين بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى صفوان بن
أمية، فسأله أدراعا، مئة درع وما يصلحها من عدتها، فقال:
أغصبا يا محمد ؟، فقال: " بل عارية مضمونة حتى نؤديها إليك
" قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وأقره الذهبي وهو
كما قالا فالحديث صحيح.
(1) أخرجه مسلم (2313) في الفضائل، وأحمد 6 / 465، وابن
سعد 5 / 449، والترمذي (666).
(2) " الإصابة " 5 / 145، والازلام: السهام التي كان أهل
الجاهلية يستقسمون بها، قال الازهري: كانت لقريش مكتوب
عليها أمر ونهي، وافعل ولا تفعل، قد زلمت وسويت، ووضعت في
الكعبة يقوم بها سدنة البيت، فإذا أراد رجل سفرا أو نكاحا،
أتى السادن، فقال: أخرج لي زلما، فيخرجه، وينظر إليه، فإذا
خرج قدح الامر، مضى على ما عزم عليه، وإن خرج قدح النهي،
قعد عما أراده.
(3) " تهذيب ابن عساكر " 6 / 434.
* مسند أحمد: 4 / 106، 193، طبقات ابن سعد: 7 / 416، طبقات
خليفة: 305، =
(2/567)
رَوَى عِدَّةَ أَحَادِيْثَ.
وَلَهُ: عَنْ مُعَاذِ بنِ جَبَلٍ، وَأَبِي عُبَيْدَةَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو إِدْرِيْسَ الخَوْلاَنِيُّ،
وَجُبَيْرُ بنُ نُفَيْرٍ، وَأَبُو رَجَاءٍ العُطَارِدِيُّ،
وَأَبُو أَسْمَاءَ الرَّحَبِيُّ، وَسَعِيْدُ بنُ
المُسَيِّبِ، وَأَبُو الزَّاهِرِيَّةِ، وَمَكْحُوْلٌ -
إِنْ كَانَ سَمِعَ مِنْهُ - وَعُمَيْرُ بنُ هَانِئ،
وَآخَرُوْنَ.
نَزَلَ الشَّامَ.
وَقِيْلَ: سَكَنَ دَارَيَّا.
وَقِيْلَ: قَرْيَةَ البَلاَطِ (1) ، وَلَهُ بِهَا
ذُرِّيَّةٌ.
اخْتُلِفَ فِي اسْمِهِ:
فَقِيْلَ: جُرْهُمُ بنُ نَاشِمٍ، قَالَهُ: أَحْمَدُ بنُ
حَنْبَلٍ، وَابْنُ مَعِيْنٍ، وَابْنُ المَدِيْنِيِّ،
وَابْنُ سَعْدٍ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ زَنْجَوَيْهِ.
وَقَالَ سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ: جُرْثُوْمُ بنُ
لاَشِرٍ.
وَقَالَ هِشَامُ بنُ عَمَّارٍ: جُرْثُوْمُ بنُ عَمْرٍو.
وَقَالَ ابْنُ سُمَيْعٍ: اسْمُهُ جُرْثُوْمٌ.
وَقَالَ الحَافِظُ عَبْدُ الغَنِيِّ الأَزْدِيُّ (2) :
جُرْثُوْمُ بنُ نَاشِرٍ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ: اسْمُهُ جُرْهُمٌ.
وَيُقَالُ: جُرْثُوْمُ بنُ نَاشِمٍ.
وَيُقَالُ: ابْنُ نَاشِبٍ.
وَيُقَالُ: ابْنُ عَمْرٍو.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ: اسْمُهُ:
لاَشِرُ بنُ حِمْيَرٍ، وَاعْتَمَدَهُ الدُّوْلاَبِيُّ.
__________
= الاستبصار: 339، الاستيعاب: 4 / 1618، ابن عساكر: 19 / 1
/ 2، أسد الغابة: 6 / 44، تهذيب الكمال: 1589، تهذيب
التهذيب: 4 / 2 / 205، تاريخ الإسلام: 3 / 217، العبر: 1 /
85، تهذيب التهذيب: 12 / 51 49، الإصابة: 11 / 54، خلاصة
تذهيب الكمال: 446، كنز العمال: 13 / 615، شذرات الذهب: 1
/ 82.
(1) البلاط: قرية في غوطة دمشق الشرقية ولا تزال إلى الآن
عامرة.
(2) تحرف في المطبوع إلى عبد الرحمن الأزدي.
(2/568)
وَقَالَ بَقِيَّةُ بنُ الوَلِيْدِ:
لاَشُوْمَةُ بنُ جُرْثُوْمَةَ.
وَقَالَ خَلِيْفَةُ بنُ خَيَّاطٍ: اسْمُهُ لاَشِقُ بنُ
جُرْهُمٍ.
قَالَ: وَيُقَالُ: جُرْثُوْمَةُ بنُ نَاشِجٍ.
وَيُقَالُ: جُرْهُمٌ.
وَقَالَ البَرْدَنْجِيُّ فِي (الأَسْمَاءِ المُفْرَدَةِ):
اسْمُهُ جُرْثُوْمَةُ.
وَقِيْلَ: غَيْرُ ذَلِكَ، وَلاَ يَكَادُ يُعْرَفُ إِلاَّ
بِكُنْيَتِهِ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَغَيْرُهُ: هُوَ مِنْ أَهْلِ
بَيْعَةِ الرُّضْوَانِ، وَأَسْهَمَ لَهُ النَّبِيُّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ خَيْبَرَ،
وَأَرْسَلَهُ إِلَى قَوْمِهِ.
وَأَخُوْهُ: عَمْرُو بنُ جُرْهُمٍ أَسْلَمَ عَلَى عَهْدِ
النَّبِيِّ (1) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
أَحْمَدُ فِي (مُسْنَدِهِ): حَدَّثَنَا عَبْدُ
الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوْبَ، عَنْ
أَبِي قِلاَبَةَ، عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ، قَالَ:
أَتَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
فَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! اكْتُبْ لِي بِأَرْضِ كَذَا
وَكَذَا بِالشَّامِ، لَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهَا النَّبِيُّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِيْنَئِذٍ.
فَقَالَ: (أَلاَ تَسْمَعُوْنَ مَا يَقُوْلُ هَذَا؟).
فَقَالَ أَبُو ثَعْلَبَةَ: وَالَّذِيْ نَفْسِي بِيَدِهِ،
لَنَظْهَرَنَّ عَلَيْهَا.
فَكَتَبَ لَهُ بِهَا (2) .
وَرَوَاهُ: أَبُو عُبَيْدٍ فِي (الأَمْوَالِ): حَدَّثَنَا
ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوْبَ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ:
أَنَّ أَبَا ثَعْلَبَةَ قَالَ:...، فَذَكَرَ نَحْوَهُ.
وَرَوَاهُ: سَعِيْدُ بنُ أَبِي عَرُوْبَةَ، عَنْ
أَيُّوْبَ، نَحْوَهُ.
عُمَرُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ الدِّمَشْقِيُّ: عَنِ ابْنِ
جَابِرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ، قَالَ:
بَيْنَا أَبُو ثَعْلَبَةَ الخُشَنِيُّ وَكَعْبٌ
جَالِسَيْنِ، إِذْ قَالَ أَبُو ثَعْلَبَةَ: يَا أَبَا
__________
(1) انظر " الإصابة " 7 / 276، ترجمة عمرو بن ثعلبة
الخشني.
(2) إسناده صحيح وهو في " المسند " 4 / 193، 194، و"
المصنف " (8503) و" الاموال ": 349 لأبي عبيد.
(2/569)
إِسْحَاقَ! مَا مِنْ عَبْدٍ تَفَرَّغَ
لِعِبَادَةِ اللهِ، إِلاَّ كَفَاهُ اللهُ مَؤُوْنَةَ
الدُّنْيَا.
قَالَ كَعْبٌ: فَإِنَّ فِي كِتَابِ اللهِ المُنْزَلِ: مَنْ
جَعَلَ الهُمَوْمَ هَمّاً وَاحِداً، فَجَعَلَهُ فِي
طَاعَةِ اللهِ، كَفَاهُ اللهُ مَا هَمَّهُ، وَضَمِنَ
السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ، فَكَانَ رِزْقُهُ عَلَى اللهِ،
وَعَمَلُهُ لِنَفْسِهِ، وَمَنْ فَرَّقَ هُمُوْمَهُ،
فَجَعَلَ فِي كُلِّ وَادٍ هَمّاً، لَمْ يُبَالِ اللهُ فِي
أَيِّهَا هَلَكَ.
قُلْتُ: مِنَ التَّفُرُّغِ لِلْعِبَادَةِ السَّعْيُ فِي
السَّبَبِ، وَلاَ سِيَّمَا لِمَنْ لَهُ عِيَالٌ.
قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
(إِنَّ أَفْضَلَ مَا أَكَلَ الرَّجُلُ مِنْ كَسْبِ
يَمْيِنِهِ (1)).
أَمَّا مَنْ يَعْجِزُ عَنِ السَّبَبِ لِضَعْفٍ، أَوْ
لِقِلَّةِ حِيْلَةٍ، فَقَدْ جَعَلَ اللهُ لَهُ حَظّاً فِي
الزَّكَاةِ.
ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ عُثْمَانَ،
حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ مُحَمَّدٍ
الكِنْدِيُّ - وَهُوَ وَالِدُ أَحْمَدَ بنِ خَالِدٍ
الوَهْبِيِّ - سَمِعَ أَبَا الزَّاهِرِيَّةِ، سَمِعْتُ
أَبَا ثَعْلَبَةَ يَقُوْلُ:
إِنِّي لأَرْجُو أَلاَّ يَخْنُقُنِي اللهُ كَمَا أَرَاكُمْ
تُخْنَقُوْنَ.
فَبَيْنَا هُوَ يُصَلِّي فِي جَوْفِ اللَّيْلِ، قُبِضَ
وَهُوَ سَاجِدٌ، فَرَأَتْ بِنْتُهُ أَنَّ أَبَاهَا قَدْ
مَاتَ، فَاسْتَيْقَظَتْ فَزِعَةً، فَنَادَتْ أُمَّهَا:
أَيْنَ أَبِي.
قَالَتْ: فِي
__________
(1) أخرجه الطبراني في " الكبير " و" الأوسط " من حديث ابن
عمر بلفظ " أفضل الكسب عمل الرجل بيده، وكل بيع مبرور "
ورجاله ثقات كما قال الهيثمي في " المجمع " 4 / 61، وفي
الباب عن رافع بن خديج عند أحمد 4 / 141، والحاكم 2 / 10
بلفظ: " أطيب الكسب عمل الرجل بيده، وكل بيع مبرور " وسنده
حسن في الشواهد، وعن عائشة عند النسائي 7 / 240، 241 بلفظ:
" إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه وإن ولده من كسبه " وأخرجه
الترمذي (1358) وابن ماجه (2137) وأبو داود (3528) وأخرج
البخاري 4 / 259 من حديث المقدام رضي الله عنه عن النبي
صلى الله عليه وسلم: " ما أكل أحد طعاما قط خيرا من أن
يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود كان يأكل عن عمل يده
".
(2/570)
مُصَلاَّهُ، فَنَادَتْهُ، فَلَمْ
يُجِبْهَا، فَأَنْبَهَتْهُ، فَوَجَدَتْهُ مَيْتاً (1) .
قَالَ أَبُو حَسَّانٍ الزِّيَادِيُّ، وَأَبُو عُبَيْدٍ:
تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ.
121 - عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ سَمُرَةَ بنِ حَبِيْبٍ
العَبْشَمِيُّ * (ع)
ابْنِ عَبْدِ شَمْسٍ بنِ عَبْدِ مَنَافٍ بنِ قُصَيِّ بنِ
كِلاَبٍ، أَبُو سَعِيْدٍ القُرَشِيُّ، العَبْشَمِيُّ،
الأَمِيْرُ.
كَذَا نَسَبَهُ: هِشَامُ بنُ الكَلْبِيِّ، وَابْنُ
مَعِيْنٍ، وَالبُخَارِيُّ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَجَمَاعَةٌ.
وَزَادَ فِي نَسَبِهِ: الزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ،
وَعَمُّهُ مُصْعَبٌ، فَقَالاَ:
ابْنُ سَمُرَةَ بنِ حَبِيْبِ بنِ رَبِيْعَةَ بنِ عَبْدِ
شَمْسٍ.
أَسْلَمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَوْمَ الفَتْحِ، وَكَانَ
أَحَدَ الأَشْرَافِ.
نَزَلَ البَصْرَةَ، وَغَزَا سِجِسْتَانَ أَمِيْراً عَلَى
الجَيْشِ.
وَهُوَ الَّذِي قَالَ لَهُ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، لاَ
تَسْأَلِ
__________
(1) ذكره في " الإصابة " 11 / 56.
(*) مسند أحمد: 5 / 61، التاريخ لابن معين: 349، طبقات
خليفة: 11، 174، تاريخ خليفة: 211، التاريخ الكبير: 5 /
243 242، المعارف: 304، 556، تاريخ الفسوي: 1 / 283، الجرح
والتعديل: 5 / 238، المستدرك: 3 / 444، الاستيعاب: 2 /
835، ابن عساكر: 9 / 481 / 1، أسد الغابة: 3 / 454، تهذيب
الكمال: 793، تاريخ الإسلام: 2 / 231، العبر: 1 / 55،
تهذيب التهذيب: 6 / 191 190، الإصابة: 6 / 284، خلاصة
تذهيب الكمال: 228، شذرات الذهب: 1 / 53 و54 و56.
(2/571)
الإِمَارَةَ (1)).
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ عَبَّاسٍ، وَسَعِيْدُ بنُ
المُسَيِّبِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي لَيْلَى،
وَحَيَّانُ بنُ عُمَيْرٍ، وَابْنُ سِيْرِيْنَ، وَالحَسَنُ،
وَأَخُوْهُ؛ سَعِيْدُ بنُ أَبِي الحَسَنِ، وَحُمَيْدُ بنُ
هِلاَلٍ.
وَقِيْلَ: كَانَ اسْمُهُ عَبْدُ كُلاَلٍ، فَغَيَّرَهُ
رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وَلَهُ فِي (مُسْنَدِ بَقِيٍّ): أَرْبَعَةَ عَشَرَ
حَدِيْثاً.
مَاتَ: بِالبَصْرَةِ، سَنَةَ خَمْسِيْنَ.
وَقِيْلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ.
122 - وَائِلُ بنُ حُجْرِ بنِ سَعْدٍ أَبُو هُنَيْدَةَ
الحَضْرِمِيُّ * (م، 4)
أَحَدُ الأَشْرَافِ، كَانَ سَيِّدَ قَوْمِهِ.
لَهُ: وِفَادَةٌ، وَصُحْبَةٌ، وَرِوَايَةٌ.
وَنَزَلَ العِرَاقَ، فَلَمَّا دَخَلَ مُعَاوِيَةُ
الكُوْفَةَ أَتَاهُ، وَبَايَعَ.
__________
(1) وتمامه " فإن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها، وإن
أعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها، وإذا حلفت على يمين
فرأيت غيرها خيرا منها، فائت الذي هو خير، وكفر عن يمينك "
أخرجه أحمد 5 / 63 والبخاري 13 / 110 في الاحكام: باب من
سأل الامارة وكل إليها، و11 / 452 في الايمان و523، ومسلم
(1652) في الايمان، وفي الامارة 3 / 1456: باب النهي عن
طلب الامارة والحرص عليها، من طريق الحسن البصري حدثنا عبد
الرحمن بن سمرة..وأخرجه أبو داود (3277)، والنسائي 7 / 10
في النذور: باب الكفارة قبل الحنث، والترمذي (1529) وقال:
حسن صحيح.
(*) مسند أحمد: 4 / 315، و6 / 398، طبقات خليفة: 73، 133،
التاريخ الكبير: 8 / 175 - 176، الجرح والتعديل: 9 / 42،
الاستيعاب: 4 / 1562، تاريخ ابن عساكر: 17 / 363 / 1، أسد
الغابة: 5 / 435، تهذيب الكمال: 1458، مجمع الزوائد: 9 /
373، تهذيب التهذيب: 11 / 108 - 109، الإصابة: 10 / 294،
خلاصة تذهيب الكمال: 415.
(2/572)
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنَاهُ؛ عَلْقَمَةُ (1)
وَعَبْدُ الجَبَّارِ، وَوَائِلُ بنُ عَلْقَمَةَ،
وَكُلَيْبُ بنُ شِهَابٍ، وَآخَرُوْنَ.
__________
(1) سماع علقمة من أبيه ثابت، فإنه قد صرح بالتحديث في غير
ما حديث عنه خلافا لما قاله الحافظ في " التقريب "، فقد
أخرج النسائي في " سننه " 2 / 194: باب رفع اليدين عند
الرفع من الركوع: أخبرنا سويد بن نصر، قال: أنبأنا عبد
الله بن المبارك، عن قيس بن سليم العنبري، قال: حدثني عقمة
بن وائل، قال: حدثني أبي قال: صليت خلف رسول الله صلى الله
عليه وسلم، فرأيته يرفع يديه إذا افتتح الصلاة، وإذا ركع،
وإذا قال: سمع الله لمن حمده وهكذا، وأشار قيس إلى نحو
الاذنين.
وإسناده صحيح، وأخرجه البخاري في " جزء رفع اليدين " حدثنا
أبو نعيم الفضل بن دكين، أنبأنا قيس بن سليم العنبري قال:
سمعت علقمة بن وائل بن حجر، حدثني أبي..وأخرج مسلم في "
صحيحه " (401) في الصلاة: باب وضع يده اليمنى على اليسرى
بعد تكبيرة الاحرام تحت صدره فوق سرته: حدثنا زهير بن حرب،
حدثنا عفان، حدثنا همام، حدثنا محمد بن جحادة، حدثني عبد
الجبار بن وائل، عن علقمة بن وائل ومولى لهم أنهما حدثاه
عن أبيه وائل بن حجر أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم رفع
يديه حين دخل في الصلاة..وأخرج مسلم (1680) في القسامة:
باب صحة الاقرار: حدثنا عبيد الله بن معاذ العنبري، حدثنا
أبي، حدثنا أبو يونس، عن سماك بن حرب أن علقمة بن وائل
حدثه أن أباه حدثه قال: إني لقاعد... وقد قال الترمذي في "
سننه " بعد أن أخرج حديث علقمة بن وائل، عن أبيه... (1454)
في الحدود: باب ما جاء في المرأة إذا استكرهت على الزنى:
هذا حديث حسن غريب صحيح، وعلقمة بن وائل بن حجر سمع من
أبيه وهو أكبر من عبد الجبار بن وائل، وعبد الجبار لم يسمع
من أبيه.
ونص البخاري في " التاريخ الكبير " 7 / 41 على أن علقمة بن
وائل سمع أباه.
وما جاء في " نصب الراية " عن الترمذي في " علله الكبير "
قال: سألت محمد بن إسماعيل: هل سمع علقمة من أبيه ؟ فقال:
إنه ولد بعد موت أبيه بستة أشهر، فإنه وهم وإن صح النقل
عنه، فإن البخاري رحمه الله قال ذلك في حق أخيه عبد الجبار
كما في " التاريخ الكبير " 6 / 106، 107، والترمذي نفسه
يقول عقب الحديث الذي أخرجه في " سننه " (1453): وسمعت
محمدا يقول: عبد الجبار بن وائل لم يسمع من أبيه ولا أدركه
يقال: إنه ولد بعد موت أبيه بأشهر.
ونقل أبو داود عن ابن معين كما في " تهذيب التهذيب " أن
عبد الجبار مات أبوه وهو حمل.
وقال السمعاني في " الأنساب " أبو محمد عبد الجبار بن وائل
بن حجر الكندي يروي عن أمه، وعن أبيه وهو أخو علقمة ومن
زعم أنه سمع أباه، فقد وهم، لان وائل بن حجر مات وأمه حامل
به وضعته بعده بستة أشهر.
قلت: وكون عبد الجبار ولد بعد موت أبيه فيه نظر أيضا، فقد
=
(2/573)
وَيُقَالُ: كَانَ عَلَى رَايَةِ قَوْمِهِ
يَوْمَ صِفِّيْنَ مَعَ عَلِيٍّ.
وَرَوَى: سِمَاكُ بنُ حَرْبٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بنِ
وَائِلٍ، عَنْ أَبِيْهِ:
أَنَّهُ وَفَدَ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَقْطَعَهُ أَرْضاً، وَأَرْسَلَ
مَعَهُ مُعَاوِيَةَ بنَ أَبِي سُفْيَانَ لِيُعَرِّفَهُ
بِهَا.
قَالَ: فَقَالَ لِي مُعَاوِيَةُ: أَرْدِفْنِي خَلْفَكَ.
قُلْتُ: إِنَّكَ لاَ تَكُوْنُ مِنْ أَرْدَافِ المُلُوْكِ.
قَالَ: أَعْطِنِي نَعْلَكَ.
فَقُلْتُ: انْتَعِلْ ظِلَّ النَّاقَةِ.
قَالَ: فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ أَتَيْتُهُ، فَأَقْعَدَنِي
مَعَهُ عَلَى السَّرِيْرِ، فَذَكَّرَنِي الحَدِيْثَ.
فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: لَيْتَنِي كُنْتُ حَمَلْتُهُ بَيْنَ
يَدَيَّ (1) .
قُلْتُ: رَوَى لَهُ الجَمَاعَةُ سِوَى البُخَارِيِّ.
123 - أَبُو وَاقِدٍ اللَّيْثِيُّ الحَارِثُ بنُ عَوْفٍ *
(ع)
صَاحِبُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
سَمَّاهُ البُخَارِيُّ، وَغَيْرُهُ: الحَارِثُ بنُ عَوْفٍ.
__________
= أخرج أبو داود (723) في الصلاة: باب رفع اليدين في
الصلاة، والطحاوي 1 / 151 من طريق محمد بن جحادة، حدثني
عبد الجبار بن وائل بن حجر قال: كنت غلاما لا أعقل صلاة
أبي، قال: فحدثني علقمة بن وائل بن حجر، عن أبيه قال: صليت
مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان إذا كبر
رفع يديه، ثم التحف، ثم أخذ شماله بيمينه، وأدخل يديه في
ثوبه، قال: فإذا أراد أن يرفع رأسه من الركوع، رفع يديه ثم
سجد، ووضع وجهه بين كفيه، وإذا رفع رأسه من السجود أيضا
رفع يديه حتى فرغ من صلاته، وإسناده صحيح.
(1) إسناده حسن من أجل سماك بن حرب وهو في " المسند " 6 /
399 من طريق حجاج، عن شعبة، عن سماك بن حرب به.
(*) مسند أحمد: 5 / 217، التاريخ لابن معين: 731، طبقات
خليفة: 29، التاريخ الكبير: 2 / 58، الجرح والتعديل: 3 /
82، معجم الطبراني: 3 / 274، المستدرك: 3 / 531،
الاستيعاب: 4 / 1774، أسد الغابة: 6 / 325، تهذيب الكمال:
1656، تاريخ =
(2/574)
وَقَالَ البُخَارِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ
الحَاكِمُ (1) : شَهِدَ بَدْراً.
وَلَهُ عِدَّةُ أَحَادِيْثَ.
وَحَدَّثَ أَيْضاً عَنْ: أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ.
وَشَهِدَ الفَتْحَ، وَسَكَنَ مَكَّةَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَطَاءُ بنُ يَسَارٍ، وَسَعِيْدُ بنُ
المُسَيِّبِ، وَعُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ، وَعُبَيْدُ
اللهِ بنُ عُتْبَةَ، وَبُسْرُ بنُ سَعِيْدٍ، وَأَبُو
مُرَّةَ مَوْلَى عَقِيْلٍ.
عِدَادُهُ فِي أَهْلِ المَدِيْنَةِ، وَعَاشَ خَمْساً
وَسَبْعِيْنَ - فِيْمَا قِيْلَ -.
وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عَاشَ نَحْواً مِنْ ثَمَانِيْنَ
سَنَةٍ إِنْ كَانَ شَهِدَ بَدْراً - فَاللهُ أَعْلَمُ -.
قَالَ يُوْنُسُ بنُ بُكَيْرٍ: عَنْ مُحَمَّدِ بنِ
إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ رَجُلٍ مِنْ مَازِنٍ،
عَنْ أَبِي وَاقِدٍ، قَالَ:
إِنِّي لأَتْبَعُ رَجُلاً مِنَ المُشْرِكِيْنَ يَوْمَ
بَدْرٍ، فَوَقَعَ رَأْسُهُ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَيْهِ
سَيْفِي، فَعَرَفْتُ أَنَّ غَيْرِي قَتَلَهُ (2) .
إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعْدٍ: عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ
سِنَانِ (3) بنِ أَبِي سِنَانٍ الدُّؤْلِيِّ:
أَنَّ أَبَا وَاقِدٍ اللَّيْثِيَّ أَسْلَمَ يَوْمَ
الفَتْحِ.
قُلْتُ: عَلَى هَذَا يَكُوْنُ أَبُو وَاقِدٍ
صَحَابِيَّيْنِ.
__________
= الإسلام: 3 / 106، تهذيب التهذيب: 12 / 271 270،
الإصابة: 12 / 88، خلاصة تذهيب الكمال: 462، شذرات الذهب:
1 / 76.
(1) جملة " وقال البخاري وأبو أحمد الحاكم " سقطت من
المطبوع.
(2) الرجل من مازن مجهول، وبقية رجاله ثقات، وذكره الحافظ
في " الإصابة " 12 / 89 عن مغازي ابن إسحاق.
(3) تحرف في المطبوع إلى " سيار ".
(2/575)
قَالَ يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ، وَالفَلاَّسُ:
تُوُفِّيَ أَبُو وَاقِدٍ اللَّيْثِيُّ سَنَةَ ثَمَانٍ
وَسِتِّيْنَ.
وَقَالَ الوَاقِدِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ
وَسِتِّيْنَ.
قُلْتُ: حَدِيْثُهُ فِي الكُتُبِ السِّتَّةِ.
124 - مَعْقِلُ بنُ يَسَارٍ المُزَنِيُّ البَصْرِيُّ * (ع)
رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- مِنْ أَهْلِ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ.
لَهُ عَنِ: النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- وَعَنِ: النُّعْمَانِ بنِ مُقَرِّنٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عِمْرَانُ بنُ حُصَيْنٍ - مَعَ
تَقَدُّمِهِ - وَالحَسَنُ البَصْرِيُّ، وَأَبُو المَلِيْحِ
بنُ أُسَامَةَ، وَمُعَاويَةُ بنُ قُرَّةَ المُزَنِيُّ،
وَعَلْقَمَةُ بنُ عَبْدِ اللهِ المُزَنِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: لاَ نَعْلَمُ فِي
الصَّحَابَةِ مَنْ يُكْنَى أَبَا عَلِيٍّ سِوَاهُ.
مَاتَ: بِالبَصْرَةِ، فِي آخِرِ خِلاَفَةِ مُعَاوِيَةَ.
125 - مَعْقِلُ بنُ سِنَانٍ الأَشْجَعِيُّ ** (4)
لَهُ: صُحْبَةٌ، وَرِوَايَةٌ.
حَمَلَ لِوَاءَ أَشْجَعَ يَوْمَ الفَتْحِ، وَهُوَ رَاوِي
قِصَّةِ
__________
(*) مسند أحمد: 5 / 25، طبقات خليفة: 37، 176، تاريخ
خليفة: 251، التاريخ
الكبير: 7 / 391، المعارف: 75، 297، تاريخ الفسوي: 1 /
310، الجرح والتعديل: 8 / 285، المستدرك: 3 / 577،
الاستيعاب: 3 / 1432، أسد الغابة: 5 / 232، تهذيب الكمال:
1352، تاريخ الإسلام: 2 / 317، مجمع الزوائد: 9 / 379،
تهذيب التهذيب: 10 / 235 - 236، الإصابة: 9 / 259، خلاصة
تذهيب الكمال: 383.
(* *) مسند أحمد: 3 / 474، 480 طبقات ابن سعد: 4 / 282،
تاريخ خليفة: 250، التاريخ الكبير: 7 / 391، المعارف: 298،
تاريخ الفسوي: 1 / 310، الجرح والتعديل: =
(2/576)
بَرْوَعٍ (1) .
حَدَّثَ عَنْهُ: مَسْرُوْقٌ، وَعَلْقَمَةُ، وَالأَسْوَدُ،
وَسَالِمُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَالحَسَنُ البَصْرِيُّ،
وَغَيْرُهُمْ.
وَكَانَ يَكُوْنُ بِالكُوْفَةِ، فَوَفَدَ عَلَى يَزِيْدَ،
فَرَأَى مِنْهُ أُمُوْراً مُنْكَرَةً، فَسَارَ إِلَى
المَدِيْنَةِ، وَخَلَعَ يَزِيْدَ.
وَكَانَ مِنْ كِبَارِ أَهْلِ الحَرَّةِ.
قِيْلَ: كُنْيَتُهُ أَبُو سِنَانٍ.
وَقِيْلَ: أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ.
وَقِيْلَ: أَبُو مُحَمَّدٍ.
وَقِيْلَ: أَبُو يَزِيْدَ.
أُسِرَ، فَذُبِحَ صَبْراً يَوْمَ الحَرَّةِ -رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ- وَلَهُ نَيِّفٌ وَسَبْعُوْنَ سَنَةً.
قُتِلَ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَسِتِّيْنَ.
__________
= 3 / 1431، تاريخ ابن عساكر: 17 / 6 / 2، أسد الغابة: 5 /
230، تهذيب الكمال: 1352، العبر: 1 / 68 تهذيب التهذيب: 10
/ 233 - 234، الإصابة: 9 / 256، خلاصة تذهيب الكمال: 383،
شذرات الذهب: 1 / 71.
(1) أخرج أحمد (4099) و(4100) و(4276) وأبو داود (2114)
و(2115) و(2116) والنسائي 6 / 121، 123 في النكاح: باب
إباحة التزوج بغير صداق، والترمذي (1145) في الرضاع: باب
ما جاء في الرجل يتزوج المرأة فيموت عنها قبل أن يفرض لها،
وابن ماجه (1891) في النكاح من طريق الشعبي عن مسروق، عن
عبد الله في رجل تزوج امرأة، فمات عنها، ولم يدخل بها، ولم
يفرض لها الصداق، فقال: لها الصداق كاملا، وعليها العدة،
ولها الميراث.
فقال معقل بن سنان: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى
به في بروع بنت واشق.
وإسناده صحيح، وفي رواية: قضى رسول الله صلى الله عليه
وسلم في بروع بنت واشق امرأة منا، مثل الذي قضيت به، ففرح
بها ابن مسعود.
وصححه الترمذي، وابن حبان (1263) و(1264) والحاكم 2 / 180
ووافقه الذهبي، وفي القاموس: بروع كجرول، ولا يكسر، وتعقبه
الشارح بقوله: وقد جزم أكثر المحدثين بصحة الكسر، ورووه
هكذا سماعا.
سير 2 / 37
(2/577)
126 - أَبُو هُرَيْرَةَ الدَّوْسِيُّ
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ صَخْرٍ * (ع)
الإِمَامُ، الفَقِيْهُ، المُجْتَهِدُ، الحَافِظُ، صَاحِبُ
رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبُو
هُرَيْرَةَ الدَّوْسِيُّ، اليَمَانِيُّ، سَيِّدُ
الحُفَّاظِ الأَثْبَاتِ.
اخْتُلِفَ فِي اسْمِهِ عَلَى أَقْوَالٍ جَمَّةٍ،
أَرْجَحُهَا: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ صَخْرٍ.
وَقِيْلَ: ابْنُ غَنْمٍ.
وَقِيْلَ: كَانَ اسْمُهُ عَبْدَ شَمْسٍ، وَعَبْدَ اللهِ.
وَقِيْلَ: سَكِيْنٌ.
وَقِيْلَ: عَامِرٌ.
وَقِيْلَ: بَرِيْرٌ.
وَقِيْلَ: عَبْدُ بنُ غَنْمٍ.
وَقِيْلَ: عَمْرٌو.
وَقِيْلَ: سَعِيْدٌ.
وَكَذَا فِي اسْمِ أَبِيْهِ أَقْوَالٌ.
قَالَ هِشَامُ بنُ الكَلْبِيِّ: هُوَ عُمَيْرُ بنُ عَامِرِ
بنِ ذِي الشَّرَى بنِ طَرِيْفِ بنِ عَيَّانَ بنِ أَبِي
صَعْبٍ بنِ هُنَيَّةَ بنِ سَعْدِ بنِ ثَعْلَبَةَ بنِ
سُلَيْمِ بنِ فَهْمِ بنِ غَنْمِ بنِ دَوْسِ بنِ عُدْثَانَ
بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ زَهْرَانَ بنِ كَعْبِ بنِ الحَارِثِ
بنِ كَعْبِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مَالِكِ بنِ نَصْرِ بنِ
الأَزْدِ.
وَهَذَا بِعَيْنِهِ قَالَهُ خَلِيْفَةُ بنُ خَيَّاطٍ فِي
نَسَبِهِ، لَكِنَّهُ قَالَ: عَتَّابٌ فِي عَيَّانَ،
وَقَالَ: مُنَبِّهٌ فِي هُنَيَّةَ.
__________
(*) مسند أحمد: 2 / 228 و5 / 114، طبقات ابن سعد: 2 / 362
- 364 و4 / 325 341، طبقات خليفة: 114، تاريخ خليفة: 225،
227، المعارف: 277، 278، 285، تاريخ الفسوي: 1 / 486 و3 /
160، 161، 162، أخبار القضاة: 1 / 111، 112، المستدرك: 3 /
514 506، الاستبصار: 291، الاستيعاب: 4 / 1768، حلية
الأولياء: 1 / 385 376، ابن عساكر: 19 / 105 / 1، جامع
الأصول: 9 / 95، أسد الغابة: 6 / 318، تهذيب الكمال: 1654،
تاريخ اإسلام: 2 / 333، 339، العبر: 1 / 63، معرفة القراء:
40، البداية والنهاية: 8 / 103، 115، مجمع الزوائد: 9 /
361، طبقات القراء: 1 / 371، 372، تهذيب التهذيب: 12 / 267
262، الإصابة: 12 / 63، خلاصة تذهيب الكمال: 462، شذرات
الذهب: 1 / 63.
(2/578)
وَيُقَالُ: كَانَ فِي الجَاهِلِيَّةِ
اسْمُهُ عَبْدُ شَمْسٍ، أَبُو الأَسْوَدِ، فَسَمَّاهُ
رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
عَبْدَ اللهِ، وَكَنَّاهُ أَبَا هُرَيْرَةَ.
وَالمَشْهُوْرُ عَنْهُ: أَنَّهُ كُنِيَ بِأَوْلاَدِ
هِرَّةٍ بَرِّيَّةٍ.
قَالَ: وَجَدْتُهَا، فَأَخَذْتُهَا فِي كُمِّي، فَكُنِيْتُ
بَذَلِكَ.
قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: وَأُمُّهُ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا
- هِيَ: مَيْمُوْنَةُ بِنْتُ صَبِيْحٍ.
حَمَلَ عَنِ: النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- عِلْماً كَثِيْراً، طَيِّباً، مُبَارَكاً
فِيْهِ، لَمْ يُلْحَقْ فِي كَثْرَتِهِ، وَعَنْ: أُبَيٍّ،
وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَأُسَامَةَ، وَعَائِشَةَ،
وَالفَضْلِ، وَبَصْرَةَ بنِ أَبِي بَصْرَةَ، وَكَعْبٍ
الحَبْرِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: خَلْقٌ كَثِيْرٌ مِنَ الصَّحَابَةِ
وَالتَّابِعِيْنَ.
فَقِيْلَ: بَلَغَ عَدَدُ أَصْحَابِهِ ثَمَانِ مائَةٍ،
فَاقْتَصَرَ صَاحِبُ (التَّهْذِيْبِ)، فَذَكَرَ مَنْ لَهُ
رِوَايَةٌ عَنْهُ فِي كُتُبِ الأَئِمَّةِ السِّتَّةِ،
وَهُمْ:
إِبْرَاهِيْمُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ
عَبْدِ اللهِ بنِ حُنَيْنٍ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ
اللهِ بنِ قَارِظٍ الزُّهْرِيُّ - وَيُقَالُ: عَبْدُ اللهِ
بنُ إِبْرَاهِيْمَ - وَإِسْحَاقُ مَوْلَى زَائِدَةَ،
وَأَسْوَدُ بنُ هِلاَلٍ، وَأَغَرُّ بنُ سُلَيْكٍ،
وَالأَغَرُّ أَبُو مُسْلِمٍ، وَأَنَسُ بنُ حَكِيْمٍ،
وَأَنَسُ بنُ مَالِكٍ، وَأَوْسُ بنُ خَالِدٍ.
وَبُسْرُ بنُ سَعِيْدٍ، وَبَشِيْرُ بنُ نَهِيْكٍ،
وَبَشِيْرُ بنُ كَعْبٍ، وَبَعْجَةُ بنُ عَبْدِ اللهِ
الجُهَنِيُّ، وَبُكَيْرُ بنُ فَيْرُوْزٍ.
وَثَابِتُ بنُ عِيَاضٍ (1) ، وَثَابِتُ بنُ قَيْسٍ
الزُّرَقِيُّ، وَثَوْرُ بنُ عُفَيْرٍ.
وَجَابِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَجَبْرُ بنُ عُبَيْدَةَ،
وَجَعْفَرُ بنُ عِيَاضٍ، وَجُمْهَانُ
__________
(1) تحرف في المطبوع إلى " عباس ".
(2/579)
الأَسْلَمِيُّ، وَالجُلاَسُ.
وَالحَارِثُ بنُ مُخَلَّدٍ، وَحُرَيْثُ بنُ قَبِيْصَةَ،
وَالحَسَنُ البَصْرِيُّ، وَحُصَيْنُ بنُ اللَّجْلاَجِ -
وَيُقَالُ: خَالِدٌ، وَيُقَالُ: قَعْقَاعٌ - وَحُصَيْنُ
بنُ مُصْعَبٍ، وَحَفْصُ بنُ عَاصِمِ بنِ عُمَرَ، وَحَفْصُ
بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَنَسٍ، وَالحَكَمُ بنُ مِيْنَاءَ،
وَحُكَيْمُ بنُ سَعْدٍ، وَحُمَيْدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
الزُّهْرِيُّ، وَحُمَيْدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ،
وَحُمَيْدُ بنُ مَالِكٍ، وَحَنْظَلَةُ بنُ عَلِيٍّ،
وَحَيَّانُ بنُ بِسْطَامَ وَالِدُ سُلَيْمٍ.
وَخَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَخَالِدُ بنُ غِلاَقٍ،
وَخَبَّابٌ صَاحِبُ (المَقْصُوْرَةِ)، وَخِلاَسٌ،
وَخَيْثَمَةُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ.
وَذُهَيْلُ بنُ عَوْفٍ.
وَرَبِيْعَةُ الجُرَشِيُّ، وَرُمَيْحٌ الجُذَامِيُّ.
وَزُرَارَةُ بنُ أَوْفَى، وَزُفَرُ بنُ صَعْصَعَةَ -
بِخُلْفٍ - وَزِيَادُ بنُ ثُوَيْبٍ، وَزِيَادُ بنُ
رِيَاحٍ، وَزِيَادُ بنُ قَيْسٍ، وَزِيَادٌ الطَّائِيُّ،
وَزَيْدُ بنُ أَسْلَمَ مُرْسَلٌ، وَزَيْدُ بنُ أَبِي
عَتَّابٍ.
وَسَالِمٌ العُمَرِيُّ، وَسَالِمُ بنُ أَبِي الجَعْدِ،
وَسَالِمٌ أَبُو الغَيْثِ، وَسَالِمٌ مَوْلَى
النَّصْرِيِّيْنَ (1) ، وَسُحَيْمٌ الزُّهْرِيُّ، وَسَعْدُ
بنُ هِشَامٍ، وَسَعِيْدُ بنُ الحَارِثِ، وَسَعِيْدُ بنُ
أَبِي الحَسَنِ، وَسَعِيْدُ بنُ حَيَّانَ، وَسَعِيْدٌ
المَقْبُرِيُّ، وَسَعِيْدُ بنُ سَمْعَانَ، وَسَعِيْدُ بنُ
عَمْرٍو الأَشْدَقُ، وَسَعِيْدُ بنُ مَرْجَانَةَ،
وَسَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ، وَسَعِيْدُ بنُ أَبِي هِنْدٍ،
وَسَعِيْدُ بنُ يَسَارٍ، وَسَلْمَانُ (2)
__________
(1) تصحف في المطبوع إلى " البصرين ".
(2) تحرف في المطبوع إلى " سليمان ".
(2/580)
الأَغَرُّ، وَسَلَمَةُ بنُ الأَزْرَقِ،
وَسَلَمَةُ اللَّيْثِيُّ، وَسُلَيْمَانُ بنُ حَبِيْبٍ
المُحَارِبِيُّ، وَسُلَيْمَانُ بنُ سِنَانٍ، وَسُلَيْمَانُ
بنُ يَسَارٍ، وَسِنَانُ بنُ أَبِي سِنَانٍ.
وَشُتَيْرٌ - وَقِيْلَ: سُمَيْرُ - بنُ نَهَارٍ،
وَشَدَّادٌ أَبُو عَمَّارٍ، وَشُرَيْحُ بنُ هَانِئ،
وَشُفَيُّ بنُ مَاتِعٍ، وَشَقِيْقُ بنُ سَلَمَةَ، وَشَهْرُ
بنُ حَوْشَبٍ.
وَصَالِحُ بنُ دِرْهَمٍ، وَصَالِحُ بنُ أَبِي صَالِحٍ،
وَصَالِحٌ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ، وَصَعْصَعَةُ بنُ
مَالِكٍ، وَصُهَيْبٌ العُتْوَارِيُّ.
وَالضَّحَّاكُ بنُ شُرَحْبِيْلَ، وَالضَّحَّاكُ بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بنِ عَرْزَمٍ، وَضَمْضَمُ بنُ جَوْسٍ (1) .
وَطَارِقُ بنُ مَحَاسِنَ (2) ، وَطَاوُوْسٌ اليَمَانِيُّ.
وَعَامِرُ بنُ سَعْدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَعَامِرُ بنُ
سَعْدٍ البَجَلِيُّ، وَعَامِرٌ الشَّعْبِيُّ.
وَعَبَّادٌ أَخُوْ سَعِيْدٍ المَقْبُرِيِّ، وَعَبَّاسٌ
الجُشَمِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ ثَعْلَبَةَ بنِ صُعَيْرٍ،
وَأَبُو الوَلِيْدِ عَبْدُ اللهِ بنُ الحَارِثِ، وَعَبْدُ
اللهِ بنُ رَافِعٍ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ، وَأَبُو
سَلَمَةَ عَبْدُ اللهِ بنُ رَافِعٍ الحَضْرَمِيُّ،
وَعَبْدُ اللهِ بنُ رَبَاحٍ الأَنْصَارِيُّ، وَعَبْدُ
اللهِ بنُ سَعْدٍ مَوْلَى عَائِشَةَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ
أَبِي سُلَيْمَانَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ شَقِيْقٍ، وَعَبْدُ
اللهِ بنُ ضَمْرَةَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ ابْنِ
عُمَرَ عُبَيْدُ اللهِ - وَقِيْلَ: عَبْدُ اللهِ -
وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّوْسِيُّ،
وَعَبْدُ اللهِ بنُ عُتْبَةَ
__________
(1) تصحف في المطبوع إلى جوش بالشين المعجمة، فقد التبست
على المحقق علامة الاهمال المثبتة فوق السين هكذا كقلامة
الظفر مضجعة على قفاها، فظنها النقط الثلاث التي تثبت فوق
الشين، فكتبها " جوش ".
(2) وقيل: مخاشن، بمعجمتين وضم أوله.
(2/581)
الهُذَلِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَمْرِو
بنِ عَبْدٍ القَارِّيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ فَرُّوْخٍ،
وَعَبْدُ اللهِ بنُ يَامِيْنَ، وَعَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ
سَالِمٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ آدَمَ، وَعَبْدُ
الرَّحْمَنِ بنُ أُذَيْنَةَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
الحَارِثِ بنِ هِشَامٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
حُجَيْرَةَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَدْرَدَ،
وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ خَالِدِ بنِ مَيْسَرَةَ،
وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ سَعْدٍ مَوْلَى الأَسْوَدِ،
وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ سَعْدٍ المُقْعَدُ، وَعَبْدُ
الرَّحْمَنِ بنُ الصَّامِتِ، وَابْنُ الهَضْهَاضِ،
وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ كَعْبٍ،
وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي عَمْرَةَ، وَعَبْدُ
الرَّحْمَنِ بنُ غَنْمٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي
كَرِيْمَةَ وَالِدُ السُّدِّيِّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
مِهْرَانَ مَوْلَى أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ
بنُ أَبِي نُعْمٍ البَجَلِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
هُرْمُزَ الأَعْرَجُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ يَعْقُوْبَ
الحُرَقِيُّ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ مَرْوَانَ،
وَعَبْدُ المَلِكِ بنُ أَبِي بَكْرٍ بنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ - بِخُلْفٍ - وَعَبْدُ المَلِكِ بنُ يَسَارٍ.
وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ أَبِي رَافِعٍ النَّبَوِيُّ،
وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُتْبَةَ،
وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مَوْهَبٍ،
وَعُبَيْدُ بنُ حُنَيْنٍ، وَعُبَيْدُ بنُ سَلْمَانَ،
وَعُبَيْدُ بنُ أَبِي عُبَيْدٍ، وَعُبَيْدُ بنُ عُمَيْرٍ
اللَّيْثِيُّ، وَعَبِيْدَةُ بنُ سُفْيَانَ.
وَعُثْمَانُ بنُ أَبِي سَوْدَةَ، وَعُثْمَانُ بنُ شَمَّاسٍ
- بِخُلْفٍ - وَعُثْمَانُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مَوْهَبٍ.
وَعَجْلاَنُ وَالِدُ مُحَمَّدٍ، وَعَجْلاَنُ مَوْلَى
المُشْمَعِلِّ.
وَعِرَاكُ بنُ مَالِكٍ، وَعُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ،
وَعُرْوَةُ بنُ تَمِيْمٍ.
وَعَطَاءُ بنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَعَطَاءُ بنُ أَبِي
عَلْقَمَةَ، وَعَطَاءُ بنُ أَبِي مُسْلِمٍ الخُرَاسَانِيُّ
- وَلَمْ يُدْرِكْهُ - وَعَطَاءُ بنُ مِيْنَا، وَعَطَاءُ
بنُ يَزِيْدَ، وَعَطَاءُ بنُ يَسَارٍ، وَعَطَاءٌ مَوْلَى
ابْنِ أَبِي أَحْمَدَ، وَعَطَاءٌ مَوْلَى أُمِّ صُبَيَّةَ،
وَعَطَاءٌ الزَّيَّاتُ - إِنْ صَحَّ -.
وَعِكْرِمَةُ بنُ خَالِدٍ - وَمَا أَظُنُّهُ لَحِقَهُ -
وَعِكْرِمَةُ العَبَّاسِيُّ، وَعَلْقَمَةُ بنُ بَجَالَةَ،
وَعَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ، وَعُلَيُّ بنُ رَبَاحٍ،
وَعَلِيُّ بنُ شَمَّاخٍ - إِنْ صَحَّ -.
وَعَمَّارُ بنُ أَبِي عَمَّارٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ،
وَعُمَارَةُ - وَقِيْلَ: عَمْرُو - بنُ أُكَيْمَةَ
اللَّيْثِيُّ، وَعُمَرُ بنُ الحَكَمِ بنِ ثَوْبَانَ،
وَعُمَرُ بنُ الحَكَمِ بنِ رَافِعٍ،
(2/582)
وَعُمَرُ بنُ خَلْدَةَ قَاضِي
المَدِيْنَةِ، وَعَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ، وَعَمْرُو بنُ
أَبِي سُفْيَانَ، وَعَمْرُو بنُ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيُّ،
وَعَمْرُو بنُ عَاصِمِ بنِ سُفْيَانَ بنِ عَبْدِ اللهِ
الثَّقَفِيُّ، وَعَمْرُو بنُ عُمَيْرٍ، وَعَمْرُو بنُ
قُهَيْدٍ، وَعَمْرُو بنُ مَيْمُوْنٍ الأَوْدِيُّ،
وَعُمَيْرُ بنُ الأَسْوَدِ العَنْسِيُّ، وَعُمَيْرُ بنُ
هَانِئ العَنْسِيُّ، وَعَنْبَسَةُ بنُ سَعِيْدِ بنِ
العَاصِ.
وَعَوْفُ بنُ الحَارِثِ رَضِيْعُ عَائِشَةَ، وَالعَلاَءُ
بنُ زِيَادٍ العَدَوِيُّ، وَعِيْسَى بنُ طَلْحَةَ.
وَالقَاسِمُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَقَبِيْصَةُ بنُ ذُؤَيْبٍ،
وَقَسَامَةُ بنُ زُهَيْرٍ، وَالقَعْقَاعُ بنُ حَكِيْمٍ -
وَلَمْ يَلْقَهُ - وَقَيْسُ بنُ أَبِي حَازِمٍ.
وَكَثِيْرُ بنُ مُرَّةَ، وَكَعْبٌ المَدَنِيُّ، وَكُلَيْبُ
بنُ شِهَابٍ، وَكُمَيْلُ بنُ زِيَادٍ، وَكِنَانَةُ مَوْلَى
صَفِيَّةَ.
وَمَالِكُ بنُ أَبِي عَامِرٍ الأَصْبَحِيُّ، وَمُجَاهِدٌ.
وَالمُحَرَّرُ بنُ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ
إِيَاسَ بنِ البُكَيْرِ، وَمُحَمَّدُ بنُ ثَابِتٍ،
وَمُحَمَّدُ بنُ زِيَادٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ سِيْرِيْنَ،
وَمُحَمَّدُ بنُ شُرَحْبِيْلَ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي
عَائِشَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبَّادِ بنِ جَعْفَرٍ،
وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ ثَوْبَانَ،
وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي ذُبَابٍ،
وَمُحَمَّدُ بنُ عَمَّارٍ القَرَظُ، وَمُحَمَّدُ بنُ
عَمْرِو بنِ عَطَاءٍ - بِخُلْفٍ - وَمُحَمَّدُ بنُ
عُمَيْرٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ قَيْسِ بنِ مَخْرَمَةَ،
وَمُحَمَّدُ بنُ كَعْبٍ القُرَظِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ
مُسْلِمٍ الزُّهْرِيُّ - وَلَمْ يَلْحَقْهُ - وَمُحَمَّدُ
بنُ المُنْكَدِرِ.
وَمَرْوَانُ بنُ الحَكَمِ، وَمُضَارِبُ بنُ حَزْنٍ،
وَالمُطَّلِبُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ حَنْطَبٍ،
وَالمُطَوِّسُ - وَيُقَالُ: أَبُو المُطَوِّسِ -
وَمَعْبَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ هِشَامٍ وَالِدُ
زُهْرَةَ، وَالمُغِيْرَةُ بنُ أَبِي بُرْدَةَ،
وَمَكْحُوْلٌ - وَلَمْ يَرَهُ - وَالمُنْذِرُ أَبُو
نَضْرَةَ العَبْدِيُّ، وَمُوْسَى بنُ طَلْحَةَ، وَمُوْسَى
بنُ وَرْدَانَ، وَمُوْسَى بنُ يَسَارٍ، وَمَيْمُوْنُ بنُ
مِهْرَانَ، وَمِيْنَا مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ
عَوْفٍ.
(2/583)
وَنَافِعُ بنُ جُبَيْرٍ، وَنَافِعُ بنُ
عَبَّاسٍ مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ، وَنَافِعُ بنُ أَبِي
نَافِعٍ مَوْلَى أَبِي أَحْمَدَ، وَنَافِعٌ العُمَرِيُّ،
وَالنَّضْرُ بنُ سُفْيَانَ، وَنُعَيْمٌ المُجَمِّرُ،
وَهَمَّامُ بنُ مُنَبِّهٍ، وَهِلاَلُ بنُ أَبِي هِلاَلٍ،
وَالهَيْثَمُ بنُ أَبِي سِنَانٍ.
وَوَاثِلَةُ بنُ الأَسْقَعِ، وَالوَلِيْدُ بنُ رَبَاحٍ.
وَيَحْيَى بنُ جَعْدَةَ، وَيزَيْدُ بنُ الأَصَمِّ،
وَيَحْيَى بنُ أَبِي صَالِحٍ، وَيَحْيَى بنُ النَّضْرِ
الأَنْصَارِيُّ، وَيَحْيَى بنُ يَعْمُرَ، وَيَزِيْدُ بنُ
رُوْمَانَ - وَلَمْ يَلْحَقْهُ - وَيَزِيْدُ بنُ عَبْدِ
اللهِ بنِ الشِّخِّيْرِ، وَيَزِيْدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ
قُسَيْطٍ، وَيَزِيْدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَوْدِيُّ
وَالِدُ إِدْرِيْسَ، وَيَزِيْدُ بنُ هُرْمُزَ، وَيَزِيْدُ
مَوْلَى المُنْبَعِثِ، وَيَعْلَى بنُ عُقْبَةَ، وَيَعْلَى
بنُ مُرَّةَ، وَيُوْسُفُ بنُ مَاهَكَ.
وَأَبُو إِدْرِيْسَ الخَوْلاَنِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ
مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، وَأَبُو أُمَامَةَ بنُ سَهْلٍ،
وَأَبُو أَيُّوْبَ المَرَاغِيُّ.
وَأَبُو بَكْرٍ بنُ سُلَيْمَانَ بنِ أَبِي حَثْمَةَ (1) ،
وَأَبُو بَكْرٍ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَبُو
تَمِيْمَةَ الهُجَيْمِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ الأَزْدِيُّ.
وَأَبُو جَعْفَرٍ المَدَنِيُّ - فَإِنْ كَانَ البَاقِرَ
فَمُرْسَلٌ - وَأَبُو الجَوْزَاءِ الرَّبَعِيُّ، وَأَبُو
حَازِمٍ الأَشْجَعِيُّ، وَأَبُو الحَكَمِ البَجَلِيُّ،
وَأَبُو الحَكَمِ مَوْلَى بَنِي لَيْثٍ، وَأَبُو حُمَيْدٍ
- فَيُقَالُ: هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ سَعْدٍ
المُقْعَدُ - وَأَبُو حَيٍّ المُؤَذِّنُ، وَأَبُو خَالِدٍ
البَجَلِيُّ وَالِدُ إِسْمَاعِيْلَ، وَأَبُو خَالِدٍ
الوَالِبِيُّ، وَأَبُو خَالِدٍ مَوْلَى آلِ جَعْدَةَ.
وَأَبُو رَافِعٍ الصَّائِغُ، وَأَبُو الرَّبِيْعِ
المَدَنِيُّ، وَأَبُو رَزِيْنٍ الأَسَدِيُّ، وَأَبُو
زُرْعَةَ البَجَلِيُّ، وَأَبُو زَيْدٍ.
وَأَبُو السَّائِبِ مَوْلَى هِشَامِ بنِ زُهْرَةَ، وَأَبُو
سَعْدٍ الخَيْرُ - حِمْصِيٌّ، وَيُقَالُ: أَبُو سَعِيْدٍ -
وَأَبُو سَعِيْدٍ بنُ أَبِي المُعَلَّى، وَأَبُو سَعِيْدٍ
الأَزْدِيُّ (2) ، وَأَبُو سَعِيْدٍ المَقْبُرِيُّ،
وَأَبُو سَعِيْدٍ مَوْلَى ابْنِ عَامِرٍ، وَأَبُو
سُفْيَانَ
__________
(1) تحرف في المطبوع إلى " خيثمة ".
(2) سقط من المطبوع وأبو سعيد الأزدي ".
(2/584)
مَوْلَى ابْنِ أَبِي أَحْمَدَ، وَأَبُو
سَلَمَةَ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَبُو السَّلِيْلِ
القَيْسِيُّ (1) ، وَأَبُو الشَّعْثَاءِ المُحَارِبِيُّ.
وَأَبُو صَالِحٍ الأَشْعَرِيُّ، وَأَبُو صَالِحٍ
الحَنَفِيُّ، وَأَبُو صَالِحٍ الخُوْزِيُّ، وَأَبُو
صَالِحٍ السَّمَّانُ، وَأَبُو صَالِحٍ مَوْلَى ضُبَاعَةَ،
وَأَبُو الصَّلْتِ، وَأَبُو الضَّحَّاكِ.
وَأَبُو العَالِيَةِ الرِّيَاحِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ
الدَّوْسِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ القَرَّاظُ، وَأَبُو
عَبْدِ اللهِ مَوْلَى الجُنْدَعِيِّيْنَ، وَأَبُو عَبْدِ
العَزِيْزِ، وَأَبُو عَبْدِ المَلِكِ مَوْلَى أُمِّ
مِسْكِيْنٍ، وَأَبُو عُبَيْدٍ مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ،
وَأَبُو عُثْمَانَ التَّبَّانُ، وَأَبُو عُثْمَانَ
النَّهْدِيُّ، وَأَبُو عُثْمَانَ الطُّنْبُذِيُّ، وَأَبُو
عُثْمَانَ آخَرُ، وَأَبُو عَلْقَمَةَ مَوْلَى بَنِي
هَاشِمٍ، وَأَبُو عُمَرَ الغُدَانِيُّ، وَأَبُو غَطَفَانَ
المُرِّيُّ.
وَأَبُو قِلاَبَةَ الجَرْمِيُّ - مُرْسَلٌ - وَأَبُو
كِبَاشٍ العَيْشِيُّ (2) ، وَأَبُو كَثِيْرٍ
السُّحَيْمِيُّ.
وَأَبُو المُتَوَكِّلِ النَّاجِي، وَأَبُو مُدِلَّةَ
مَوْلَى عَائِشَةَ، وَأَبُو مُرَّةَ مَوْلَى عَقِيْلٍ،
وَأَبُو مَرْيَمَ الأَنْصَارِيُّ، وَأَبُو مُزَاحِمٍ -
مَدَنِيٌّ - وَأَبُو مُزَرِّدٍ، وَأَبُو المُهَزِّمِ
البَصْرِيُّ، وَأَبُو مَيْمُوْنَةَ - مَدَنِيٌّ -.
وَأَبُو هَاشِمٍ الدَّوْسِيُّ، وَأَبُو الوَلِيْدِ مَوْلَى
عَمْرِو بنِ حُرَيْثٍ، وَأَبُو يَحْيَى مَوْلَى آلِ
جَعْدَةَ، وَأَبُو يَحْيَى الأَسْلَمِيُّ، هُوَ وَأَبُو
يُوْنُسَ مَوْلَى أَبِي هُرَيْرَةَ.
وَابْنُ حَسَنَةَ (3) الجُهَنِيُّ، وَابْنُ سِيْلاَنَ،
وَابْنُ مُكَرِّزٍ - شَامِيٌّ - وَابْنُ وَثِيْمَةَ
النَّصْرِيُّ.
وَكَرِيْمَةُ بِنْتُ الحَسْحَاسِ، وَأُمُّ الدَّرْدَاءِ
الصُّغْرَى.
__________
(1) هو ضريب بن نفير القيسي الجريري ثقة من رجال مسلم وقد
تحرف في المطبوع إلى " العبسي ".
(2) تصحف في المطبوع إلى " العبسي " وأبو كباش هذا هو راوي
حديث " نعمت الاضحية الجذع من الضأن " عن أبي هريرة، أخرجه
الترمذي (1499).
(3) تحرف في المطبوع إلى " جهينة ".
(2/585)
قَالَ البُخَارِيُّ: رَوَى عَنْهُ ثَمَانُ
مائَةٍ أَوْ أَكْثَرُ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: كَانَ مَقْدَمُهُ وَإِسْلاَمُهُ فِي
أَوَّلِ سَنَةِ سَبْعٍ، عَامَ خَيْبَرَ.
وَقَالَ الوَاقِدِيُّ: كَانَ يَنْزِلُ ذَا الحُلَيْفَةِ،
وَلَهُ بِهَا دَارٌ، فَتَصَدَّقَ بِهَا عَلَى مَوَالِيْهِ،
فَبَاعُوْهَا مِنْ عَمْرِو بنِ مِرْبَعٍ (1) .
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ لُبَيْنَةَ (2) : رَأَيْتُ
أَبَا هُرَيْرَةَ رَجُلاً آدَمَ، بَعِيْدَ مَا بَيْنَ
المَنْكِبَيْنِ، أَفْرَقَ الثَّنِيَّتَيْنِ، ذَا
ضَفِيْرَتَيْنِ.
وَقَالَ ابْنُ سِيْرِيْنَ: كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ
أَبْيَضَ، لَيِّناً، لِحْيَتُهُ حَمْرَاءُ.
وَقَدْ حَدَّثَ بِدِمَشْقَ.
فَرَوَى: مُحَمَّدُ بنُ كَثِيْرٍ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ،
عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ كَرِيْمَةَ
بِنْتِ الحَسْحَاسِ، قَالَتْ:
سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ فِي بَيْتِ أُمِّ الدَّرْدَاءِ
يَقُوْلُ: (ثَلاَثٌ هُنَّ كُفْرٌ: النِّيَاحَةُ، وَشَقُّ
الجَيْبِ، وَالطَّعْنُ فِي النَّسَبِ) (3).
__________
(1) ابن عساكر 19 / 108 / 2.
(2) لبينة بالنون: وهو عبد الرحمن بن نافع بن لبينة مترجم
في " الجرح والتعديل " 5 / 294، وقد تصحف فيه إلى " لبينة
".
(3) هو في " تاريخ ابن عساكر " 19 / 105 / 2، ومحمد بن
كثير هو الصنعاني كثير الخطأ، وباقي رجاله ثقات، وأخرج
مسلم في " صحيحه " (67) في الايمان: باب إطلاق اسم الكفر
على الطعن في النسب والنياحة من حديث ابي هريرة مرفوعا: "
اثنتان في الناس هما بهم كفر: الطعن في النسب، والنياحة
على الميت " والنياحة: رفع صوت بالندب، والندب: تعداد
شمائل الميت بأن يقول: واكهفاه واجبلاه، وهو حرام وإن لم
يكن معه بكاء.
وأخرج البخاري 3 / 123 في الجنائز، ومسلم (103) في الايمان
من حديث ابن مسعود مرفوعا " ليس منا من ضرب الخدود، وشق
الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية ".
وأخرج مسلم في " صحيحه " (934) من حديث أبي مالك الأشعري
مرفوعا " أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن: الفخر
في الاحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم،
والنياحة ".
(2/586)
وَمُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو: عَنْ أَبِي
سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَبْدِ شَمْسٍ - قَوَّاهُ
ابْنُ خُزَيْمَةَ - وَقَالَ: هَذِهِ دِلاَلَةٌ أَنَّ
اسْمَهُ كَانَ عَبْدَ شَمْسٍ.
وَهُوَ أَحْسَنُ إِسْنَاداً مِنْ حَدِيْثِ سُفْيَانَ بنِ
حُسَيْنٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، إِلاَّ أَنْ يَكُوْنَ لَهُ
اسْمَانِ قَبْلُ.
عُمَرُ بنُ عَلِيٍّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بنُ حُسَيْنٍ،
عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ المُحَرَّرِ، قَالَ:
كَانَ اسْمُ أَبِي: عَبْدَ عَمْرٍو بنَ عَبْدِ غَنْمٍ (1)
.
وَقَالَ الذُّهْلِيُّ: هَذَا أَوْقَعُ الرِّوَايَاتِ
عِنْدِي عَلَى القَلْبِ، وَاعْتَمَدَهُ النَّسَائِيُّ (2)
.
أَبُو إِسْمَاعِيْلَ المُؤَدِّبُ: عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ
أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَاسْمُهُ: عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بنُ صَخْرٍ (3) .
أَبُو مَعْشَرٍ نَجِيْحٌ: عَنْ مُحَمَّدِ بنِ قَيْسٍ،
قَالَ:
كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَقُوْلُ: لاَ تُكْنُوْنِي أَبَا
هُرَيْرَةَ، كَنَّانِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبَا هِرٍّ، فَقَالَ: (ثَكِلَتْكَ
أُمُّكَ أَبَا هِرٍّ)، وَالذَّكَرُ خَيْرٌ مِنَ الأُنْثَى
(4).
وَعَنْ كَثِيْرِ بنِ زَيْدٍ، عَنِ الوَلِيْدِ بنِ رَبَاحٍ:
أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يَقُوْلُ: كَانَ النَّبِيُّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَدْعُوْنِي: أَبَا
هِرٍّ (5) .
رَوْحُ بنُ عُبَادَةَ: حَدَّثَنَا أُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ،
عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ رَافِعٍ: قُلْتُ لأَبِي
__________
(1) ابن عساكر 19 / 107 / 1.
(2) ابن عساكر 19 / 107 / 1.
(3) ابن عساكر 19 / 107 / 2.
(4) ابن عساكر 19 / 109 / 2.
(5) " المستدرك " 3 / 506.
وابن عساكر 19 / 109 / 2.
(2/587)
هُرَيْرَةَ: لِمَ كَنَّوْكَ أَبَا
هُرَيْرَةَ؟
قَالَ: أَمَا تَفْرَقُ مِنِّي؟
قُلْتُ: بَلَى، إِنِّي لأَهَابُكَ.
قَالَ: كُنْتُ أَرْعَى غَنَماً لأَهْلِي، فَكَانَتْ لِي
هُرَيْرَةٌ أَلْعَبُ بِهَا، فَكَنَّوْنِي بِهَا (1) .
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ عُثْمَانَ بنِ خُثَيْمٍ: عَنْ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ لُبَيْنَةَ الطَّائِفِيِّ:
أَنَّهُ وَصَفَ لِي أَبَا هُرَيْرَةُ، فَقَالَ: كَانَ
رَجُلاً آدَمَ، بَعِيْدَ المَنْكِبَيْنِ، أَفْرَقَ
الثَّنِيَّتَيْنِ، ذَا ضَفِيْرَتَيْنِ (2) .
وَقَالَ قُرَّةُ بنُ خَالِدٍ: قُلْتُ لابْنِ سِيْرِيْنَ:
أَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ مُخْشَوْشِناً؟
قَالَ: بَلْ كَانَ لَيِّناً، وَكَانَ أَبْيَضَ، لِحْيَتُهُ
حَمْرَاءُ، يَخْضِبُ (3) .
وَرَوَى: أَبُو العَالِيَةِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:
قَالَ لِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-: (مِمَّنْ أَنْتَ؟).
قُلْتُ: مِنْ دَوْسٍ.
قَالَ: (مَا كُنْتُ أَرَى أَنَّ فِي دَوْسٍ أَحَداً فِيْهِ
خَيْرٌ (4)).
وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: شَهِدْتُ خَيْبَرَ.
هَذِهِ رِوَايَةُ ابْنِ المُسَيِّبِ (5) .
وَرَوَى عَنْهُ قَيْسُ بنُ أَبِي حَازِمٍ: جِئْتُ يَوْمَ
خَيْبَرَ بَعْدَ مَا فَرَغُوْا مِنَ القِتَالِ (6).
__________
(1) إسناده حسن، وأخرجه الترمذي (3840) في المناقب، وابن
سعد 4 / 329، وابن عساكر 19 / 109 / 1 من حديث عبد الله بن
رافع، وحسنه الترمذي، والحافظ في " الإصابة " في ترجمة أبي
هريرة من طريق يونس بن بكير، عن أبي إسحاق قال: حدثني بعض
أصحابي، عن أبي هريرة...(2) ابن عساكر 19 / 110 / 1.
(3) ابن عساكر 19 / 110 / 1.
(4) ابن عساكر 19 / 109 / 2 و110 / 1، وذكره ابن كثير في "
البداية " 8 / 103 عن أبي داود الطيالسي وغير واحد، عن أبي
خلدة خالد بن دينار، عن أبي العالية.
ورجاله ثقات.
(5) ابن عساكر 19 / 110 / 1.
(6) ابن عساكر 19 / 110 / 1، وذكره ابن كثير في " البداية
" 8 / 103 عن عبد الرزاق.
(2/588)
الدَّرَاوَرْدِيُّ: حَدَّثَنَا خُثَيْمُ
بنُ عِرَاكٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،
قَالَ:
خَرَجَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
إِلَى خَيْبَرَ، وَقَدِمْتُ المَدِيْنَةَ مُهَاجِراً،
فَصَلَّيْتُ الصُّبْحَ خَلْفَ سِبَاعِ بنِ عُرْفُطَةَ،
كَانَ اسْتَخْلَفَهُ، فَقَرَأَ فِي السَّجْدَةِ الأُوْلَى:
بِسُوْرَةِ مَرْيَمَ، وَفِي الآخِرَةِ : وَيْلٌ
لِلْمُطَفِّفِيْنَ* .
فَقُلْتُ: وَيْلٌ لأَبِي، قَلَّ رَجُلٌ كَانَ بِأَرْضِ
الأَزْدِ إِلاَّ وَكَانَ لَهُ مِكْيَالاَنِ، مِكْيَالٌ
لِنَفْسِهِ، وَآخَرُ يَبْخَسُ بِهِ النَّاسَ (1) .
وَقَالَ ابْنُ أَبِي خَالِدٍ: حَدَّثَنَا قَيْسٌ، قَالَ
لَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ: صَحِبْتُ رَسُوْلَ اللهِ ثَلاَثَ
سِنِيْنَ (2) .
وَأَمَّا حُمَيْدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحِمْيَرِيُّ،
فَقَالَ: صَحِبَ أَرْبَعَ سِنِيْنَ.
__________
(1) إسناده قوي، وأخرجه يعقوب بن سفيان في " تاريخه " 3 /
160 من طريق سعيد بن أبي مريم، عن الدراوردي، ونقله عنه
ابن كثير في " البداية " 8 / 104، وأخرجه ابن سعد في "
الطبقات " 4 / 327، 328 من طريق أحمد بن إسحاق الحضرمي، عن
وهيب، وحدثنا خثيم ابن عراك بن مالك، عن أبيه، عن نفر من
قومه، وفي " الإصابة " (3074) في ترجمة سباع بن عرفطة
الغفاري: روى ابن خزيمة، والبخاري في " التاريخ الصغير " 1
/ 18، والطحاوي من طريق خثيم بن عراك، عن أبيه، عن أبي
هريرة قال: قدمت المدينة والنبي صلى الله عليه وسلم بخيبر،
وقد استخلف على المدينة سباع بن عرفطة، فشهدنا معه الصبح،
وجهرنا، فأتينا النبي صلى الله عليه وسلم بخيبر.
وانظر " الفتح " 7 / 356، وأخرج البزار فيما ذكره صاحب "
المجمع " 7 / 135 من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم استعمل سباع بن عرفطة على المدينة، فقرأ: (ويل
للمطففين) فقلت: هلك فلان، له صاعان: صاع يعطي به وصاع
يأخذ به.
قال الهيثمي: ورجاله رجال الصحيح غير إسماعيل بن مسعود
المجدري وهو ثقة.
(2) أخرجه أحمد 2 / 475 من طريق يحيى، عن إسماعيل بن أبي
خالد، عن قيس، عن أبي هريرة.
وأخرجه يعقوب بن سفيان 3 / 161 عن محمد بن عبد الله بن
نمير، عن أبيه، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي
حازم...وأخرجه أيضا عن الحميدي، عن سفيان، عن إسماعيل، عن
قيس...(3) أخرجه يعقوب بن سفيان 3 / 161 عن سعيد بن منصور،
عن أبي عوانة، عن داود بن =
(2/589)
وَهَذَا أَصَحُّ، فَمِنْ فُتُوْحِ خَيْبَرَ
إِلَى الوَفَاةِ أَرْبَعَةُ أَعْوَامٍ وَلَيَالٍ.
وَقَدْ جَاعَ أَبُو هُرَيْرَةَ، وَاحْتَاجَ، وَلَزِمَ
المَسْجِدَ.
وَلَمَّا هَاجَرَ كَانَ مَعَهُ مَمْلُوكٌ لَهُ، فَهَرَبَ
مِنْهُ (1) .
قَالَ ابْنُ سِيْرِيْنَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: لَقَدْ
رَأَيْتُنِي أُصْرَعُ بَيْنَ القَبْرِ وَالمِنْبَرِ مِنَ
الجُوْعِ، حَتَّى يَقُوْلُوا: مَجْنُوْنٌ (2) .
هِشَامٌ: عَنْ مُحَمَّدٍ، قَالَ:
كُنَّا عِنْدَ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَتَمَخَّطَ، فَمَسَحَ
بِرِدَائِهِ، وَقَالَ: الحَمْدُ للهِ الَّذِي تَمَخَّطَ
أَبُو هُرَيْرَةَ فِي الكَتَّانِ، لَقَدْ رَأَيْتُنِي
وَإِنِّي لأَخِرُّ فِيْمَا بَيْنَ مَنْزِلِ عَائِشَةَ
وَالمِنْبَرِ مَغْشِيّاً عَلَيَّ مِنَ الجُوْعِ، فَيَمُرُّ
الرَّجُلُ، فَيَجْلِسُ عَلَى صَدْرِي، فَأَرْفَعُ رَأْسِي،
فَأَقُوْلُ: لَيْسَ الَّذِي تَرَى، إِنَّمَا هُوَ الجُوْعُ
(3).
__________
= عبد الله الاودي، عن حميد بن عبد الرحمن الحميدي حدثهم
قال: لقيت رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم،
صحبه أربع سنين، كما صحبه أبو هريرة، وأخرجه ابن سعد في "
الطبقات " 4 / 327 من طريق يعقوب بن إسحاق، وسعيد بن
منصور، عن أبي عوانة، عن داود بن عبد الله الاودي، عن حميد
بن عبد الرحمن قال: صحب أبو هريرة النبي صلى الله عليه
وسلم أربع سنين.
(1) أخرجه البخاري 5 / 117 في العتق: باب إذا قال لعبده:
هو لله، ونوى العتق والاشهاد بالعتق، من طريق عبيد الله بن
سعيد، عن أبي أسامة، عن إسماعيل بن أبي حازم، عن أبي هريرة
رضي الله عنه قال: لما قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم
قلت في الطريق:
يا ليلة من طولها وعنائها * على أنها من دارة الكفر نجت
قال: وأبق مني غلام لي في الطريق، قال: فلما قدمت على
النبي صلى الله عليه وسلم فبايعته، فبينا أنا عنده، إذ طلع
الغلام، فقال لي: يا أبا هريرة، هذا غلامك، فقلت: هو حر
لوجه الله، فأعتقته.
وأخرجه ابن سعد في " الطبقات " 4 / 325، 326.
(2) " حلية الأولياء " 1 / 378.
(3) أخرجه البخاري 13 / 258 في الاعتصام: باب ما ذكر النبي
صلى الله عليه وسلم وحض على اتفاق أهل العلم...، والترمذي
(2367) في الزهد: باب ما جاء في معيشة أصحاب النبي صلى
الله عليه وسلم، وابن سعد في " الطبقات " 4 / 327.
(2/590)
قُلْتُ: كَانَ يَظُنُّهُ مَنْ يَرَاهُ
مَصْرُوْعاً، فَيْجْلِسُ فَوْقَهُ لِيَرْقِيْهِ، أَوْ
نَحْوَ ذَلِكَ.
عَطَاءُ بنُ السَّائِبِ: عَنْ عَامِرٍ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ، قَالَ:
كُنْتُ فِي الصُّفَّةِ، فَبَعَثَ إِلَيْنَا رَسُوْلُ اللهِ
بِتَمْرٍ عَجْوَةٍ، فَكُنَّا نَقْرِنُ التَّمْرَتَيْنِ
مِنَ الجُوْعِ، وَكَانَ أَحَدُنَا إِذَا قَرَنَ، يَقُوْلُ
لِصَاحِبِهِ: قَدْ قَرَنْتُ، فَاقْرِنُوا (1) .
عُمَرُ بنُ ذَرٍّ: حَدَّثَنَا مُجَاهِدٌ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ، قَالَ:
وَاللهِ إِنْ كُنْتُ لأَعْتَمِدُ عَلَى الأَرْضِ مِنَ
الجُوْعِ، وَإِنْ كُنْتُ لأَشُدُّ الحَجَرَ عَلَى بَطْنِي
مِنَ الجُوْعِ، وَلَقَدْ قَعَدْتُ عَلَى طَرِيْقِهِمْ،
فَمَرَّ بِي أَبُو بَكْرٍ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ آيَةٍ فِي
كِتَابِ اللهِ، مَا أَسْأَلُهُ إِلاَّ لِيَسْتَتْبِعَنِي،
فَمَرَّ وَلَمْ يَفْعَلْ، فَمَرَّ عُمَرُ، فَكَذَلِكَ،
حَتَّى مَرَّ بِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- فَعَرَفَ مَا فِي وَجْهِي مِنَ الجُوْعِ،
فَقَالَ: (أَبُو هُرَيْرَةَ).
قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُوْلَ اللهِ.
فَدَخَلْتُ مَعَهُ البَيْتَ، فَوَجَدَ لَبَناً فِي قَدَحٍ،
فَقَالَ: (مِنْ أَيْنَ لَكُم هَذَا؟).
قِيْلَ: أَرْسَلَ بِهِ إِلَيْكَ فُلاَنٌ.
فَقَالَ: (يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، انْطَلِقْ إِلَى أَهْلِ
الصُّفَّةِ (2) ، فَادْعُهُمْ).
وَكَانَ أَهْلُ الصُّفَّةِ أَضْيَافَ الإِسْلاَمِ، لاَ
أَهْلَ وَلاَ مَالَ، إِذَا أَتَتْ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَدَقَةٌ، أَرْسَلَ بِهَا
إِلَيْهِمْ، وَلَمْ يُصِبْ مِنْهَا شَيْئاً، وَإِذَا
جَاءتْهُ هَدِيَّةٌ أَصَابَ مِنْهَا، وَأَشْرَكَهُمْ
فِيْهَا،
__________
(1) أخرجه ابن حبان في " صحيحه " (1350) من طريق إسحاق بن
إبراهيم، عن جرير، عن عطاء بن السائب، عن أبي هريرة.
وعطاء بن السائب قد اختلط، وجرير ممن سمع منه بعد
الاختلاط، وذكره الحافظ في الفتح 9 / 494 في الاطعمة عن
ابن حبان، وسكت عليه، وهو في " تاريخ دمشق " لابن عساكر 19
/ 111 / 1.
(2) الصفة: كانت في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم في
المدينة يكون فيها فقراء المهاجرين، ومن لا منزل له منهم،
وأهلها منسوبون إليها.
وكان أهل الصفة يقومون بفروض عظيمة، منها تلقي القرآن
والسنة، فكانت الصفة مدرسة الإسلام، ومنها حراسة النبي صلى
الله عليه وسلم، ومنها الاستعداد لتنفيذ أوامره وحاجاته في
طلب من يريد طلبه من المسلمين وغير ذلك، وكانوا قائمين
بهذه الفروض عن المسلمين.
(2/591)
فَسَاءنِي إِرْسَالُهُ إِيَّايَ، فَقُلْتُ:
كُنْتُ أَرْجُو أَنْ أُصِيْبَ مِنْ هَذَا اللَّبَنِ
شُرْبَةً أَتَقَوَّى بِهَا، وَمَا هَذَا اللَّبَنُ فِي
أَهْلِ الصُّفَّةِ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ طَاعَةِ اللهِ
وَطَاعَةِ رَسُوْلِهِ بُدٌّ، فَأَتَيْتُهُمْ، فَأَقْبَلُوا
مُجِيْبِيْنَ.
فَلَمَّا جَلَسُوا، قَالَ: (خُذْ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ،
فَأَعْطِهِمْ).
فَجَعَلْتُ أُعْطِي الرَّجُلَ، فَيَشْرَبُ حَتَّى يُرْوَى،
حَتَّى أَتَيْتُ عَلَى جَمِيْعِهِمْ، وَنَاوَلْتُهُ
رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَيَّ مُتَبَسِّماً، وَقَالَ:
(بَقِيْتُ أَنَا وَأَنْتَ).
قُلْتُ: صَدَقْتَ يَا رَسُوْلَ اللهِ.
قَالَ: (فَاشْرَبْ).
فَشَرِبْتُ، فَقَالَ: (اشْرَبْ).
فَشَرِبْتُ، فَمَا زَالَ يَقُوْلُ: (اشْرَبْ)، فَأَشْرَبُ،
حَتَّى قُلْتُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ، مَا أَجِدُ
لَهُ مَسَاغاً.
فَأَخَذَ، فَشَرِبَ مِنَ الفَضْلَةِ (1) .
القَعْنَبِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ هِلاَلٍ، عَنْ
أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
خَرَجْتُ يَوْماً مِنْ بَيْتِي إِلَى المَسْجِدِ،
فَوَجَدْتُ نَفَراً، فَقَالُوا: مَا أَخْرَجَكَ؟
قُلْتُ: الجُوْعُ.
فَقَالُوا: وَنَحْنُ -وَاللهِ- مَا أَخْرَجَنَا إِلاَّ
الجُوْعُ.
فَقُمْنَا، فَدَخَلْنَا عَلَى رَسُوْلِ اللهِ، فَقَالَ:
(مَا جَاءَ بِكُمْ هَذِهِ السَّاعَةَ).
فَأَخْبَرْنَاهُ، فَدَعَا بِطَبَقٍ فِيْهِ تَمْرٌ،
فَأَعْطَى كُلَّ رَجُلٍ مِنَّا تَمْرَتَيْنِ، فَقَالَ:
(كُلُوا هَاتَيْنِ التَّمْرَتَيْنِ، وَاشْرَبُوا
عَلَيْهِمَا مِنَ المَاءِ، فَإِنَّهُمَا سَتَجْزِيَانِكُمْ
يَوْمَكُمْ هَذَا).
فَأَكَلْتُ تَمَرَّةً، وَخَبَّأْتُ الأُخْرَى، فَقَالَ:
(يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، لِمَ رَفَعْتَهَا؟).
__________
(1) أخرجه البخاري 11 / 241، 246 في الرقاق: باب كيف كان
عيش النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وأحمد 2 / 515،
والترمذي (2477) في صفة القيامة: باب (36) من طريق عمر بن
ذر، عن مجاهد، عن أبي هريرة.
وهو في تاريخ ابن عساكر 19 / 111.
(2/592)
قُلْتُ: لأُمِّي.
قَالَ: (كُلْهَا، فَسَنُعْطِيْكَ لَهَا تَمْرَتَيْنِ (1)).
عِكْرِمَةُ بنُ عَمَّارٍ: حَدَّثَنَا أَبُو كَثِيْرٍ
السُّحَيْمِيُّ - وَاسْمُهُ: يَزِيْدُ بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ - حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ:
وَاللهِ مَا خَلَقَ اللهُ مُؤْمِناً يَسْمَعُ بِي إِلاَّ
أَحَبَّنِي.
قُلْتُ: وَمَا عِلْمُكَ بِذَلِكَ؟
قَالَ: إِنَّ أُمِّي كَانَتْ مُشْرِكَةً، وَكُنْتُ
أَدْعُوْهَا إِلَى الإِسْلاَمِ، وَكَانَتْ تَأْبَى
عَلَيَّ، فَدَعَوْتُهَا يَوْماً، فَأَسْمَعَتْنِي فِي
رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا
أَكْرَهُ، فَأَتَيْتُ رَسُوْلَ اللهِ وَأَنَا أَبْكِي،
فَأَخْبَرْتُهُ، وَسَأَلْتُهُ أَنْ يَدْعُوَ لَهَا.
فَقَالَ: (اللَّهُمَّ اهْدِ أُمَّ أَبِي هُرَيْرَةَ).
فَخَرَجْتُ أَعْدُوا، أُبَشِّرُهَا، فَأَتَيْتُ، فَإِذَا
البَابُ مُجَافٍ، وَسَمِعْتُ خَضْخَضَةَ المَاءِ،
وَسَمِعَتْ حِسِّي، فَقَالَتْ:
كَمَا أَنْتَ، ثُمَّ فَتَحَتْ، وَقَدْ لَبِسَتْ دِرْعَهَا،
وَعَجِلَتْ عَنْ خِمَارِهَا، فَقَالَتْ: أَشْهَدُ أَنْ لاَ
إِلَهَ إِلاَّ الله، وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ
وَرَسُوْلُهُ.
وَقَالَ: فَرَجَعْتُ إِلَى رَسُوْلِ اللهِ أَبْكِي مِنَ
الفَرَحِ، كَمَا بَكَيْتُ مِنَ الحُزْنِ، فَأَخْبَرْتُهُ،
وَقُلْتُ: ادْعُ اللهَ أَنْ يُحَبِّبَنِي وَأُمِّي إِلَى
عِبَادِهِ المُؤْمِنِيْنَ.
فَقَالَ: (اللَّهُمَّ حَبِّبْ عُبَيْدَكَ هَذَا وَأُمَّهُ
إِلَى عِبَادِكَ المُؤْمِنِيْنَ، وَحَبِّبْهُمْ
إِلَيْهِمَا (2)).
إِسْنَادُهُ حَسَنٌ.
الجُرَيْرِيُّ: عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنِ الطُّفَاوِيِّ،
قَالَ:
نَزَلْتُ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ بِالمَدِيْنَةِ سِتَّةَ
أَشْهُرٍ، فَلَمْ أَرَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَجُلاً أَشَدَّ
تَشْمِيْراً، وَلاَ
__________
(1) رجاله ثقات خلا والد محمد بن هلال فقد وثقه ابن حبان،
وروى عنه ابنه محمد وخالد ابن سعيد بن أبي مريم، ومع ذلك
فقد قال الذهبي: لا يعرف، وهو في طبقات ابن سعد 4 / 328،
329.
وابن عساكر في " تاريخه " 19 / 111 / 2.
(2) أخرجه أحمد 2 / 219، 220، ومسلم (2491) في فضائل
الصحابة، وسنده حسن كما قال المصنف من أجل عكرمة بن عمار.
وهو في تاريخ دمشق 19 / 112 / 2.
سير 2 / 38
(2/593)
أَقْوَمَ عَلَى ضَيْفٍ مِنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ.
فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ ذَاتَ يَوْمٍ وَهُوَ عَلَى
سَرِيْرِهِ، وَمَعَهُ كِيْسٌ فِيْهِ نَوَىً - أَوْ حَصَىً
- أَسْفَلُ مِنْهُ سَوْدَاءُ، فَيُسَبِّحُ، وَيُلْقِي
إِلَيْهَا، فَإِذَا فَرَغَ مِنْهَا، أَلْقَى إِلَيْهَا
الكِيْسَ، فَأَوْعَتْهُ فِيْهِ، ثُمَّ نَاوَلَتْهُ،
فَيُعِيْدُ ذَلِكَ (1) .
وَقِيْلَ: إِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- أَمَّرَ العَلاَءَ بنَ الحَضْرَمِيِّ، وَبَعَثَ
مَعَهُ أَبَا هُرَيْرَةَ مُؤَذِّناً (2) .
وَكَانَ حِفْظُ أَبِي هُرَيْرَةَ الخَارِقُ مِنْ
مُعْجِزَاتِ النُّبُوَّةِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى الزَّمِنُ: حَدَّثَنَا
أَبُو بَكْرٍ الحَنَفِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ
أَبِي يَحْيَى، سَمِعْتُ سَعِيْدَ بنَ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
قَالَ: (أَلاَ تَسْأَلُنِي مِنْ هَذِهِ الغَنَائِمِ
الَّتِي يَسْأَلُنِي أَصْحَابُكَ؟).
قُلْتُ: أَسْأَلُكَ أَنْ تُعَلِّمَنِي مِمَّا عَلَّمَكَ
اللهُ.
فَنَزَعَ نَمِرَةً كَانَتْ عَلَى ظَهْرِي، فَبَسَطَهَا
بَيْنِي وَبَيْنَهُ، حَتَّى كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى
النَّمْلِ يَدُبُّ عَلَيْهَا، فَحَدَّثَنِي حَتَّى إِذَا
اسْتَوْعَبْتُ حَدِيْثَهُ، قَالَ: (اجْمَعْهَا، فَصُرَّهَا
إِلَيْكَ).
فَأَصْبَحْتُ لاَ أُسْقِطُ حَرْفاً مِمَّا حَدَّثَنِي (3)
.
ابْنُ شِهَابٍ: عَنْ سَعِيْدٍ، وَأَبِي سَلَمَةَ: أَنَّ
أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ:
إِنَّكُمْ تَقُوْلُوْنَ: إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يُكْثِرُ
الحَدِيْثَ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- وَتَقُوْلُوْنَ: مَا
__________
(1) أخرجه أحمد 2 / 540، 541، وأبو داود (2174) في النكاح:
باب ما يكره من ذكر الرجل ما يكون من إصابته من أهله.
وأخرجه ابن عساكر 19 / 113 / 1.
وإسناده ضعيف لجهالة الطفاوي فإنه لا يعرف، وقد أخطأ مؤلف
" دفاع عن أبي هريرة " فصححه ص 63.
(2) ابن عساكر 19 / 113 / 2.
(3) رجاله ثقات، وأخرجه أبو نعيم في " الحلية " 1 / 381،
وهو في تاريخ ابن عساكر 19 / 113 / 2، والنمرة: شملة فيها
خطوط بيض وسود.
(2/594)
لِلْمُهَاجِرِيْنَ وَالأَنْصَارِ لاَ
يُحَدِّثُوْنَ مِثْلَهُ؟ وَإِنَّ إِخْوَانِي
المُهَاجِرِيْنَ كَانَ يَشْغَلُهُمُ الصَّفْقُ
بِالأَسْوَاقِ، وَكَانَ إِخْوَانِي مِنَ الأَنْصَارِ
يَشْغَلُهُمْ عَمَلُ أَمْوَالِهِمْ، وَكُنْتُ امْرَأً
مِسْكِيْناً مِنْ مَسَاكِيْنِ الصُّفَّةِ، أَلْزَمُ
رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى
مِلْءِ بَطْنِي، فَأَحْضُرُ حِيْنَ يَغِيْبُوْنَ، وَأَعِي
حِيْنَ يَنْسَوْنَ، وَقَدْ قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي حَدِيْثٍ يُحَدِّثُهُ
يَوْماً: (إِنَّهُ لَنْ يَبْسُطَ أَحَدٌ ثَوْبَهُ حَتَّى
أَقْضِي جَمِيْعَ مَقَالَتِي، ثُمَّ يَجْمَعُ إِلَيْهِ
ثَوْبَهُ، إِلاَّ وَعَى مَا أَقُوْلُ).
فَبَسَطْتُ نَمِرَةً عَلَيَّ، حَتَّى إِذَا قَضَى
مَقَالَتَهُ، جَمَعْتُهَا إِلَى صَدْرِي، فَمَا نَسِيْتُ
مِنْ مَقَالَةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- تِلْكَ مِنْ شَيْءٍ (1) .
الزُّهْرِيُّ أَيْضاً: عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ، قَالَ:
تَزْعُمُوْنَ أَنِّي أُكْثِرُ الرِّوَايَةَ عَنْ رَسُوْلِ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاللهُ
المَوْعِدُ - إِنِّي كُنْتُ امْرَأً مِسْكِيْناً، أَصْحَبُ
رَسُوْلَ اللهِ عَلَى مِلْءِ بَطْنِي، وَإِنَّهُ
حَدَّثَنَا يَوْماً، وَقَالَ: (مَنْ يَبْسُطُ ثَوْبَهُ
حَتَّى أَقْضِيَ مَقَالَتِي، ثُمَّ قَبَضَهُ إِلَيْهِ،
لَمْ يَنْسَ شَيْئاً سَمِعَ مِنِّي أَبَداً).
فَفَعَلْتُ، فَوَالَّذِي بَعَثَهُ بِالحَقِّ، مَا نَسِيْتُ
شَيْئاً سَمِعْتُهُ مِنْهُ (2).
وَالحَدِيْثَانِ: صَحِيْحَانِ، مَحْفُوْظَانِ (3).
__________
(1) أخرجه البخاري 4 / 247 في البيوع: باب ما جاء في قول
الله عزوجل: (فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض) من طريق
الزهري، عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة، عن أبي هريرة،
وأخرجه مسلم (2492) في فضائل الصحابة: باب من فضائل أبي
هريرة من طريق الزهري عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة،
وهو في " طبقات ابن سعد " 4 / 330، وابن عساكر 19 / 114.
والصفق في البيع: صوت وقع يد البائع على يد المشتري عند
عقد التبايع.
(2) أخرجه البخاري 1 / 190 و5 / 21 و13 / 271، ومسلم
(2294) من طريق الزهري، عن الاعرج، عن أبي هريرة.
(3) وقال: الحافظ في " الفتح " 1 / 104 بعد أن ذكر
الاسنادين: والاسنادان جميعا محفوظان صححهما الشيخان.
(2/595)
قَرَأْتُ عَلَى ابْنِ عَسَاكِرَ، عَنْ
أَبِي رَوْحٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ،
أَخْبَرَنَا أَبُو مُضَرَ مُحَلَّمُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ،
أَخْبَرَنَا الخَلِيْلُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا
السَّرَّاجُ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ
العَزِيْزِ بنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَمْرِو بنِ أَبِي
عَمْرٍو، عَنِ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:
قُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ
بِشَفَاعَتِكَ؟
قَالَ: (لَقَدْ ظَنَنْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ لاَ
يَسْأَلُنِي عَنْ هَذَا الحَدِيْثِ أَحَدٌ أَوَّلَ مِنْكَ،
لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حِرْصِكَ عَلَى الحَدِيْثِ، إِنَّ
أَسْعَدَ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ القِيَامَةِ مَنْ
قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، خَالِصاً مِنْ نَفْسِهِ
(1)).
أَبُو الأَحْوَصِ: عَنْ زَيْدٍ العَمِّيِّ، عَنْ أَبِي
الصِّدِّيْقِ، عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ الخُدْرِيِّ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-: (أَبُو هُرَيْرَةَ وِعَاءٌ مِنَ العِلْمِ
(2)).
ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ: عَنِ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ، قَالَ:
حَفِظْتُ مِنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- وِعَاءيْنِ، فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَبَثَثْتُهُ
فِي النَّاسِ، وَأَمَّا الآخَرُ فَلَوْ بَثَثْتُهُ،
لَقُطِعَ هَذَا البُلْعُوْمُ (3).
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه أحمد 2 / 373، والبخاري 1 / 173
في العلم: باب الحرص على الحديث و11 / 385 في الرقاق من
طريق عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب، عن سعيد المقبري، عن
أبي هريرة، وهو في " طبقات ابن سعد " 4 / 330، و" تاريخ
دمشق " لابن عساكر 19 / 115 / 2 وقوله " خالصا " قال
الحافظ: احتراز من المنافق ومعنى " أفعل " في قوله: " أسعد
" الفعل لا أنها أفعل التفضيل، أي: سعيد الناس، كقوله
تعالى: (وأحسن مقيلا) .
ويحتمل أن يكون أفعل التفضيل على بابها وأن كل أحد يحصل له
سعد بشفاعته، لكن المؤمن المخلص أكثر سعادة بها، فإنه صلى
الله عليه وسلم يشفع في الخلق لاراحتهم من هول الموقف،
ويشفع في بعض الكفار بتخفيف العذاب كما صح في حق أبي طالب،
ويشفع في بعض المؤمنين بالخروج من النار بعد أن دخلوها،
وفي بعضهم بعدم دخولها بعد أن استوجبوا دخولها، وفي بعضهم
بدخول الجنة بغير حساب، وفي بعضهم برفع الدرجات فيها، فظن
الاشتراك في السعادة بالشفاعة، وأن أسعدهم بها المؤمن
المخلص.
(2) أخرجه الحاكم في " المستدرك " وزيد العمي ضعيف.
(3) أخرجه البخاري 1 / 192، 193 في العلم: باب حفظ العلم
من طريق إسماعيل بن أبي =
(2/596)
الأَعْمَشُ: عَنْ أَبِي صَالِحٍ، قَالَ:
كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ مِنْ أَحْفَظِ الصَّحَابَةِ (1) .
مُحَمَّدُ بنُ رَاشِدٍ: عَنْ مَكْحُوْلٍ، قَالَ:
كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَقُوْلُ: رُبَّ كِيْسٍ عِنْدَ
أَبِي هُرَيْرَةَ لَمْ يَفْتَحْهُ -يَعْنِي: مِنَ
العِلْمِ- (2).
قُلْتُ: هَذَا دَالٌّ عَلَى جَوَازِ كِتْمَانِ بَعْضِ
الأَحَادِيْثِ الَّتِي تُحَرِّكُ فِتْنَةً فِي الأُصُوْلِ
أَوِ الفُرُوْعِ، أَوِ المَدْحِ وَالذَّمِّ، أَمَا
حَدِيْثٌ يَتَعَلَّقُ بِحِلٍّ أَوْ حَرَامٍ فَلاَ يَحِلُّ
كِتْمَانُهُ بِوَجْهٍ، فَإِنَّهُ مِنَ البَيِّنَاتِ
وَالهُدَى.
وَفِي (صَحِيْحِ البُخَارِيِّ): قَوْلُ الإِمَامِ عَلِيٍّ
-رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-:
حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُوْنَ، وَدَعُوا مَا
يُنْكِرُوْنَ، أَتُحِبُّوْنَ أَنْ يُكَذَّبَ اللهُ
وَرَسُوْلُهُ (3).
وَكَذَا لَوْ بَثَّ أَبُو هُرَيْرَةَ
__________
= أويس، عن أبي بكر عبد الحميد، عن ابن أبي ذئب، عن سعيد
المقبري، عن أبي هريرة.
وهو في " تاريخ دمشق " 19 / 16 / 1.
وقد حمل العلماء الوعاء الذي لم يبثه على الأحاديث التي
فيها تبيين أمراء السوء وأحوالهم وزمنهم.
وقد كان أبو هريرة يكني عن بعضه، ولا يصرح به خوفا على
نفسه منهم، كقوله: أعوذ بالله من رأس الستين وإمارة
الصبيان، يشير إلى خلافة يزيد بن معاوية، لأنها كانت سنة
ستين من الهجرة، واستجاب الله دعاء أبي هريرة، فمات قبلها
بسنة.
وقال ابن المنير: جعل بعضهم هذا الحديث ذريعة إلى تصحيح
باطلهم حيث اعتقدوا أن للشريعة ظاهرا وباطنا، وذلك الباطل،
إنما حاصله الانحلال من الدين، وإنما أراد أبو هريرة
بقوله: قطع، أي: قطع أهل الجور رأسه إذا سمعوا عيبه
لفعلهم، وتضليله لسعيهم، ويؤيد ذلك أن الأحاديث المكتومة
لو كانت من الاحكام الشرعية ما وسعه كتمانها.
(1) تاريخ دمشق 19 / 116 / 2.
(2) تاريخ دمشق 19 / 116 / 2.
(3) أخرجه البخاري 1 / 199 في العلم: باب من خص بالعلم
قوما دون قوم كراهية ألا يفهموا، دون قوله: " ودعوا ما
ينكرون " وهي عند آدم بن أبي إياس في كتاب العلم له.
قال الحافظ في " الفتح ": وفيه دليل على أن المتشابه لا
ينبغي أن يذكر عند العامة، ومثله قول ابن مسعود: ما أنت
محدثا قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة.
رواه مسلم في مقدمة صحيحه 1 / 11.
(2/597)
ذَلِكَ الوِعَاءَ، لأُوْذِيَ، بَلْ
لَقُتِلَ، وَلَكِنَّ العَالِمَ قَدْ يُؤَدِّيْهِ
اجْتِهَادُهُ إِلَى أَنْ يَنْشُرَ الحَدِيْثَ الفُلاَنِيَّ
إِحْيَاءً لِلسُّنَّةِ، فَلَهُ مَا نَوَى، وَلَهُ أَجْرٌ،
وَإِنْ غَلِطَ فِي اجْتِهَادِهِ.
رَوَى: عَوْفٌ الأَعْرَابِيُّ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ أَبِي
الحَسَنِ، قَالَ:
لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَكْثَرَ حَدِيْثاً مِنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَإِنَّ مَرْوَانَ زَمَنَ هُوَ عَلَى
المَدِيْنَةِ أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ حَدِيْثَهُ كُلَّهُ،
فَأَبَى، وَقَالَ: ارْوِ كَمَا رَوَيْنَا.
فَلَمَّا أَبَى عَلَيْهِ، تَغَفَّلَهُ مَرْوَانُ،
وَأَقْعَدَ لَهُ كَاتِباً ثَقِفاً، وَدَعَاهُ، فَجَعَلَ
أَبُو هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُهُ، وَيَكْتُبُ ذَاكَ الكَاتِبُ
حَتَّى اسْتَفْرَغَ حَدِيْثَهُ أَجْمَعَ.
ثُمَّ قَالَ مَرْوَانُ: تَعْلَمُ أَنَّا قَدْ كَتَبْنَا
حَدِيْثَكَ أَجْمَعَ.
قَالَ: وَقدْ فَعَلْتَ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: فَاقْرَؤُوْهُ عَلَيَّ.
فَقَرَؤُوْهُ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: أَمَا إِنَّكُمْ
قَدْ حَفِظْتُمْ، وَإِنْ تُطِعْنِي تَمْحُهُ.
قَالَ: فَمَحَاهُ (1) .
سَمِعَهُ: هَوْذَةُ بنُ خَلِيْفَةَ، مِنْهُ.
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بنُ عُبَيْدٍ
الأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنِي أَبُو الزُّعَيْزِعَةِ كَاتِبُ
مَرْوَانَ:
أَنَّ مَرْوَانَ أَرْسَلَ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ،
فَجَعَلَ يَسْأَلُهُ، وَأَجْلَسَنِي خَلْفَ السَّرِيْرِ،
وَأَنَا أَكْتُبُ، حَتَّى إِذَا كَانَ رَأْسُ الحَوْلِ،
دَعَا بِهِ، فَأَقْعَدَهُ مِنْ وَرَاءِ الحِجَابِ،
فَجَعَلَ يَسْأَلُهُ عَنْ ذَلِكَ الكِتَابِ، فَمَا زَادَ
وَلاَ نَقَصَ، وَلاَ قَدَّمَ وَلاَ أَخَّرَ (2) .
قُلْتُ: هَكَذَا فَلْيَكُنِ الحِفْظُ.
__________
(1) رجاله ثقات، وأخرجه الحاكم في " المستدرك " 3 / 509،
510، وابن عساكر 19 / 116 / 2.
(2) أبوالزعيزعة لا يعرف، ومع ذلك فقد صححه الحاكم 3 /
510، وأقره الذهبي، وهو في تاريخ دمشق 19 / 116 / 2.
(2/598)
قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَبُو هُرَيْرَةَ
أَحْفَظُ مَنْ رَوَى الحَدِيْثَ فِي دَهْرِهِ (1) .
الوَلِيْدُ: حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ،
عَنْ مَكْحُوْلٍ، قَالَ:
تَوَاعَدَ النَّاسُ لَيْلَةً إِلَى قُبَّةٍ مِنْ قِبَابِ
مُعَاوِيَةَ، فَاجْتَمَعُوا فِيْهَا، فَقَامَ فِيْهِم
أَبُو هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُهُمْ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى أَصْبَحَ (2)
.
كَهْمَسُ بنُ الحَسَنِ: عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ شَقِيْقٍ،
قَالَ:
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: لاَ أَعْرِفُ أَحَداً مِنْ
أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- أَحْفَظَ لِحَدِيْثِهِ مِنِّي (3) .
سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ: عَنْ عَمْرٍو، عَنْ وَهْبِ بنِ
مُنَبِّهٍ، عَنْ أَخِيْهِ هَمَّامٍ، سَمِعْتُ أَبَا
هُرَيْرَةَ يَقُوْلُ:
مَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ أَكْثَرَ
حَدِيْثاً مِنِّي عَنْهُ، إِلاَّ مَا كَانَ مِنْ عَبْدِ
اللهِ بنِ عَمْرٍو، فَإِنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ، وَكُنْتُ
لاَ أَكْتُبُ (4).
__________
(1) تاريخ دمشق 19 / 117 / 1.
(2) تاريخ دمشق 19 / 117 / 1.
(3) تاريخ دمشق 19 / 117 / 1.
(4) أخرجه البخاري 1 / 184 في العلم: باب كتابة العلم.
وعمرو: هو ابن دينار المكي.
وهو في تاريخ ابن عساكر 19 / 117 / 1.
وهذا الحديث يدل على أن أبا هريرة كان يجزم بأنه ليس في
الصحابة أكثر حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم منه إلا
عبد الله، مع أن الموجود المروي عن عبد الله بن عمرو أقل
من الموجود المروي عن أبي هريرة بأضعاف مضاعفة.
وقد قال العلماء: إن السبب فيه من جهات، أحدها: أن عبد اله
كان مشتغلا بالعبادة أكثر من اشتغاله بالتعليم، فقلت
الرواية عنه.
ثانيها: أنه كان أكثر مقامه بعد فتوح الأمصار بمصر أو
بالطائف، ولم تكن الرحلة إليهما ممن يطلب العلم كالرحلة
إلى المدينة، وكان أبو هريرة متصديا فيها للفتوى والتحديث
إلى أن مات، ويظهر هذا من كثرة من حمل عن أبي هريرة، فقد
ذكر البخاري أنه روى عنه ثمان مئة نفس من التابعين.
ثالثها: ما اختص به أبو هريرة من دعوة النبي صلى الله عليه
وسلم له بأن لا ينسى ما يحدثه به.
رابعها: أن عبد الله كان قد ظفر في الشام بحمل جمل من كتب
أهل الكتاب، فكان ينظر فيها ويحدث منها، فتجنب الاخذ عنه
لذلك كثير من أئمة التابعين.
(2/599)
الطَّيَالِسِيُّ: حَدَّثَنَا عِمْرَانُ
القَطَّانُ، عَنْ بَكْرِ بنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي
رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّهُ لَقِيَ كَعْباً،
فَجَعَلَ يُحَدِّثُهُ، وَيَسْأَلُهُ.
فَقَالَ كَعْبٌ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً لَمْ يَقْرَأِ
التَّوْرَاةَ أَعْلَمَ بِمَا فِيْهَا مِنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ (1) .
حَمَّادُ بنُ شُعَيْبٍ: عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ أُمَيَّةَ،
عَنْ مُحَمَّدِ بنِ قَيْسِ بنِ مَخْرَمَةَ:
أَنَّ رَجُلاً جَاءَ إِلَى زَيْدِ بنِ ثَابِتٍ، فَسَأَلَهُ
عَنْ شَيْءٍ.
فَقَالَ: عَلَيْكَ بِأَبِي هُرَيْرَةَ، فَإِنَّهُ بَيْنَا
أَنَا وَهُوَ وَفُلاَنٌ فِي المَسْجِدِ نَدْعُو، خَرَجَ
عَلَيْنَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- فَجَلَسَ، وَقَالَ: (عُوْدُوا إِلَى مَا
كُنْتُمْ).
قَالَ زَيْدٌ: فَدَعَوْتُ أَنَا وَصَاحِبِي، وَرَسُوْلُ
اللهِ يُؤَمِّنُ، ثُمَّ دَعَا أَبُو هُرَيْرَةَ، فَقَالَ:
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِثْلَ مَا سَأَلاَكَ،
وَأَسْأَلُكَ عِلْماً لاَ يُنْسَى.
فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-: (آمِيْنَ).
فَقُلْنَا: وَنَحْنُ نَسْأَلُ اللهَ عِلْماً لاَ يُنْسَى.
فَقَالَ: (سَبَقَكُمَا بِهَا الدَّوْسِيُّ).
أَخْرَجَهُ: الحَاكِمُ فِي (مُسْتَدْرَكِهِ (2)).
لَكِنْ حَمَّادٌ ضَعِيْفٌ.
سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ: عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ
عُبَيْدِ اللهِ، عَنِ السَّائِبِ بنِ يَزِيْدَ، سَمِعَ
عُمَرَ يَقُوْلُ لأَبِي هُرَيْرَةَ:
لَتَتْرُكَنَّ الحَدِيْثَ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
__________
(1) إسناده ضعيف، وعمران القطان: هو ابن داور العمي
البصري، ضعفه يحيى بن معين وأبو داود والنسائي، ولم يرو
عنه يحيى بن سعيد القطان، وقال ابن عدي: هو ممن يكتب حديثه
(يعني للمتابعة) وهو في " تاريخ دمشق " 19 / 117 / 2.
(2) 3 / 508 وصححه، وتعقبه المؤلف في " مختصره " فقال:
حماد ضعيف.
وفي " ميزان " المؤلف: حماد بن شعيب الحماني الكوفي عن أبي
الزبير وغيره: ضعفه ابن معين وغيره، وقال يحيى مرة: لا
يكتب حديثه، وقال البخاري: فيه نظر، وقال النسائي: ضعيف،
وقال ابن عدي: أكثر حديثه مما لا يتابع عليه، وهو في "
تاريخ ابن عساكر " 19 / 115 / 2 من طريق الفضل بن العلاء،
عن إسماعيل بن أبي أمية.
(2/600)
أَوْ لأُلْحِقَنَّكَ بِأَرْضِ دَوْسٍ.
وَقَالَ لِكَعْبٍ: لَتَتْرُكَنَّ الحَدِيْثَ، أَوْ
لأُلْحِقَنَّكَ بِأَرْضِ القِرَدَةِ (1) .
يَحْيَى بنُ أَيُّوْبَ: عَنِ ابْنِ عَجْلاَنَ:
أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يَقُوْلُ: إِنِّي لأُحَدِّثُ
أَحَادِيْثَ، لَوْ تَكَلَّمْتُ بِهَا فِي زَمَنِ عُمَرَ،
لَشَجَّ رَأْسِي (2) .
قُلْتُ: هَكَذَا هُوَ كَانَ عُمَرُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-
يَقُوْلُ: أَقِلُّوا الحَدِيْثَ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وَزَجَرَ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ عَنْ بَثِّ
الحَدِيْثِ، وَهَذَا مَذْهَبٌ لِعُمَرَ وَلِغَيْرِهِ
، فَبِاللهِ عَلَيْكَ إِذَا كَانَ الإِكْثَارُ مِنَ
الحَدِيْثِ فِي دَوْلَةِ عُمَرَ كَانُوا يُمْنَعُوْنَ
مِنْهُ مَعَ صِدْقِهِمْ، وَعَدَالَتِهِمْ، وَعَدَمِ
الأَسَانِيْدِ، بَلْ هُوَ غَضٌّ لَمْ يُشَبْ، فَمَا
__________
(1) أخرجه أبو زرعة الدمشقي في تاريخه (1475) من طريق محمد
بن زرعة الرعيني، حدثنا مروان بن محمد، حدثنا سعيد بن عبد
العزيز، عن إسماعيل بن عبيد الله، عن السائب بن يزيد، سمعت
عمر بن الخطاب يقول لأبي هريرة: لتتركن الحديث عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم أو
لالحقنك بأرض دوس، وقال لكعب: لتتركن الأحاديث أو لالحقنك
بأرض القردة.
وهذا إسناد صحيح، محمد بن زرعة قال أبو زرعة في " تاريخه "
1 / 286: ثقة حافظ من أصحاب الوليد بن مسلم مات سنة ست
عشرة ومئتين، ومروان بن محمد هو الطاطري: ثقة كما في "
التقريب " وباقي السند من رجال الصحيح.
وذكره ابن كثير في " البداية " 8 / 106 من طريق أبي زرعة،
وقد تصحف فيه إسماعيل بن عبيد الله إلى عبد الله، وهو في "
تاريخ ابن عساكر " 19 / 117 / 2.
قال ابن كثير بعد أن أورد الخبر: وهذا محمول من عمر على
أنه خشي من الأحاديث التي قد تضعها الناس على غير مواضعها،
وأنهم يتكلمون على ما فيها من أحاديث الرخص، وأن الرجل إذا
أكثر من الحديث ربما وقع في أحاديثه بعض الغلط أو الخطأ،
فيحملها الناس عنه أو نحو ذلك.
(2) أورده ابن كثير في " البداية " عن ابن وهب عن يحيى بن
أيوب، ورجاله ثقات، إلا أنه منقطع، لان ابن عجلان لم يسمع
من أبي هريرة.
وفي " المصنف " (20496) أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن
الزهري قال: قال أبو هريرة لما ولي عمر، قال: أقلوا
الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا فيما يعمل
به، قال: ثم يقول أبو هريرة: أفإن كنت محدثكم بهذه
الأحاديث وعمر حي ؟ أما والله إذا لالفيت المخفقة ستباشر
ظهري.
(2/601)
ظَنُّكَ بِالإِكْثَارِ مِنْ رِوَايَةِ
الغَرَائِبِ وَالمَنَاكِيْرِ فِي زَمَانِنَا، مَعَ طُوْلِ
الأَسَانِيْدِ، وَكَثْرَةِ الوَهْمِ وَالغَلَطِ،
فَبِالحَرِيِّ أَنْ نَزْجُرَ القَوْمَ عَنْهُ، فَيَا
لَيْتَهُمْ يَقْتَصِرُوْنَ عَلَى رِوَايَةِ الغَرِيْبِ
وَالضَعِيْفِ، بَلْ يَرْوُوْنَ -وَاللهِ- المَوْضُوْعَاتِ،
وَالأَبَاطِيْلَ، وَالمُسْتَحِيْلَ فِي الأُصُوْلِ
وَالفُرُوْعِ وَالمَلاَحِمِ وَالزُّهْدِ - نَسْأَلُ اللهَ
العَافِيَةَ -.
فَمَنْ رَوَى ذَلِكَ مَعَ عِلْمِهِ بِبُطْلاَنِهِ، وَغَرَّ
المُؤْمِنِيْنَ، فَهَذَا ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ، جَانٍ عَلَى
السُّنَنِ وَالآثَارِ، يُسْتَتَابُ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنْ
أَنَابَ وَأَقْصَرَ، وَإِلاَّ فَهُوَ فَاسِقٌ، كَفَى بِهِ
إِثْماً أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ، وَإِنْ هُوَ
لَمْ يَعْلَمْ فَلْيَتَوَرَّعْ، وَلْيَسْتَعِنْ بِمَنْ
يُعِيْنُهُ عَلَى تَنْقِيَةِ مَرْوِيَّاتِهِ (1) -
نَسْأَلُ اللهَ العَافِيَةَ - فَلَقَدْ عَمَّ البَلاَءُ،
وَشَمَلَتِ الغَفْلَةُ، وَدَخَلَ الدَّاخِلُ عَلَى
المُحَدِّثِيْنَ الَّذِيْنَ يَرْكَنُ إِلَيْهِمُ
المُسْلِمُوْنَ، فَلاَ عُتْبَى عَلَى الفُقَهَاءِ،
وَأَهْلِ الكَلاَمِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ: حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى، أَخْبَرَنَا يَزِيْدُ بنُ
يُوْسُفَ، عَنْ صَالِحِ بنِ أَبِي الأَخْضَرِ، عَنِ
الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ، قَالَ:
مَا كُنَّا نَسْتَطِيْعُ أَنْ نَقُوْلَ: قَالَ رَسُوْلُ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى قُبِضَ
عُمَرُ -
__________
(1) قال محدث الديار الشامية في عصره العلامة الشيخ بدر
الدين الحسني رحمه الله ورضي عنه فيما نقله عنه الشيخ
العلامة محمود ياسين في مجلة الهداية الإسلامية 8 / 264:
لا يجوز إسناد حديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلا إذا
نص على صحة هذا الحديث حافظ من الحفاظ المعروفين، فمن قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو لا يعلم صحة ذلك من
طريق أحد الحفاظ يوشك أن يصدق عليه حديث: " من قال علي ما
لم أقل، فليتبوأ مقعده من النار "، فليحذر الخطباء والكتاب
والمدرسون والوعاظ من إسناد حديث إلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم ما لم يعلموا صحته من طريق حافظ مشهور من حفاظ
الحديث، وعليهم إذا لم يعلموا ذلك أن يذكروا الحديث معزوا
إلى الكتاب الذي نقلوا منه، كالترمذي، والنسائي مثلا،
وبذلك يخرجون من العهدة، أما الذين يحملون بأيديهم الكتب
التي لا قيمة لها عند علماء الحديث الشريف ككثير من كتب
الأخلاق والوعظ المنتشرة بالأيدي، فلا يكفي عزو الحديث
إليها، ولا يخرج القارئ من الوزر.
(2/602)
رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- كُنَّا نَخَافُ
السِّيَاطَ (1) .
خَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ
عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،
قَالَ:
بَلَغَ عُمَرَ حَدِيْثِي، فَأَرْسَلَ إِلَيَّ، فَقَالَ:
كُنْتَ مَعَنَا يَوْمَ كُنَّا مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي بَيْتِ فُلاَنٍ؟
قُلْتُ: نَعَمْ، وَقَدْ عَلِمْتُ لأَيِّ شَيْءٍ
سَأَلْتَنِي.
قَالَ: وَلِمَ سَأَلْتُكَ؟
قُلْتُ: إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- قَالَ يَوْمَئِذٍ: (مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ
مُتَعَمِّداً، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ).
قَالَ: أَمَا لاَ، فَاذْهَبْ فَحَدِّثْ.
يَحْيَى: ضَعِيْفٌ (2) .
عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ زِيَادٍ، وَغَيْرُهُ: حَدَّثَنَا
عَاصِمُ بنُ كُلَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، سَمِعَ أَبَا
هُرَيْرَةَ - وَكَانَ يَبْتَدِئُ حَدِيْثَهُ بِأَنْ
يَقُوْلَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-: (مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّداً
فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ (3)).
مُغِيْرَةُ: عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: حَدَّثَ أَبُو
هُرَيْرَةَ، فَرَدَّ عَلَيْهِ سَعْدٌ حَدِيْثاً، فَوَقَعَ
بَيْنَهُمَا كَلاَمٌ حَتَّى أُرْتِجَتِ الأَبْوَابُ
بَيْنَهُمَا (4) .
هُشَيْمٌ: عَنْ يَعْلَى بنِ عَطَاءٍ، عَنِ الوَلِيْدِ بنِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ:
أَنَّهُ قَالَ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، كُنْتَ أَلْزَمَنَا
لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
وَأَعْلَمَنَا
__________
(1) إسناده ضعيف لضعف يزيد بن يوسف، وهو الرحبي الصنعاني:
صنعاء دمشق، وشيخه فيه وهو صالح بن أبي الاخضر ضعيف أيضا.
وأخرجه ابن عساكر في " تاريخه " 19 / 117 / 2.
(2) بل متروك كما قال الحافظ في " التقريب " وأبوه عبيد
الله بن عبد الله بن موهب التيمي لم يوثقه غير ابن حبان،
وأخرجه ابن عساكر 19 / 117 / 2.
(3) إسناده قوي، وهو في " المسند " 2 / 413، و" تاريخ ابن
عساكر " 19 / 118 / 1.
(4) " تاريخ دمشق " لابن عساكر 19 / 118 / 1.
(2/603)
بِحَدِيْثِهِ (1).
وَعَنْ نَافِعٍ: كُنْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ فِي جِنَازَةِ
أَبِي هُرَيْرَةَ، فَبَقِيَ يُكْثِرُ التَّرَحُّمَ
عَلَيْهِ، وَيَقُوْلُ: كَانَ مِمَّنْ يَحْفَظُ حَدِيْثَ
رَسُوْلِ اللهِ عَلَى المُسْلِمِيْنَ.
فِي إِسْنَادِهَا الوَاقِدِيُّ (2) .
مُحَمَّدُ بنُ كُنَاسَةَ الأَسَدِيُّ: عَنْ إِسْحَاقَ بنِ
سَعِيْدٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
دَخَلَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَلَى عَائِشَةَ، فَقَالَتْ لَهُ:
أَكْثَرْتَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ.
قَالَ: إِيْ -وَاللهِ- يَا أُمَّاهُ، مَا كَانَتْ
تَشْغَلُنِي عَنْهُ المِرْآةُ وَلاَ المُكْحُلَةُ وَلاَ
الدُّهْنُ.
قَالَتْ: لَعَلَّهُ (3) .
وَرَوَاهُ: بِشْرُ بنُ الوَلِيْدِ، عَنْ إِسْحَاقَ،
وَفِيْهِ:
وَلَكِنِّي أَرَى ذَلِكَ شَغَلَكِ
__________
(1) رجاله ثقات وإسناده صحيح، وأخرجه الترمذي (3836) في
المناقب، وحسنه، وهو في " تاريخ ابن عساكر " 19 / 118 / 2،
وذكره الحافظ في " الإصابة " ونسبه للبغوي، وجود إسناده،
وأخرجه أحمد في " المسند " 2 / 3 مطولا، وفيه أن ابن عمر
قد اعترض على أبي هريرة حين حدث عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم بقوله: " من تبع جنازة، فصلى عليها، فله قيراط،
فإن شهد دفنها، فله قيراطان، القيراط أعظم من أحد " فلما
استوثق ابن عمر منه بتصديق عائشة رضي الله عنها له،
وتأييدها لرواية، اطمأن لروايته، وأيقن بصدقه، وقال له: "
أنت يا أبا هريرة كنت ألزمنا لرسول الله صلى الله عليه
وسلم، وأعلمنا بحديثه ".
(2) وقد اتفقوا على ضعفه وعدم الاعتداد بروايته.
(3) رجاله ثقات، وذكره الحافظ في " الإصابة "، ونسبه لابن
سعد وجود إسناده، وهو في " تاريخ ابن عساكر " 19 / 120 /
1، وذكره ابن كثير في " البداية " 8 / 108 من طريق أبي
القاسم البغوي عن بشر بن الوليد الكندي، عن إسحاق بن سعيد،
عن سعيد...ورواه الحاكم في " المستدرك " 3 / 509 من طريق
خالد بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص، عن أبيه، عن عائشة
أنها دعت أبا هريرة، فقالت له: يا أبا هريرة، ما هذه
الأحاديث التي تبلغنا أنك تحدث بها عن النبي صلى الله عليه
وسلم، هل سمعت إلا ما سمعنا ؟ وهل رأيت إلا ما رأينا ؟
قال: يا أماه، إنه كان يشغلك عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم المرآة والمكحلة والتصنع لرسول الله صلى الله عليه
وسلم، وإني والله ما كان يشغلني عنه شيء.
وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ووافقه الذهبي المؤلف.
(2/604)
عَمَّا اسْتَكْثَرْتِ مِنْ حَدِيْثِي.
قَالَتْ: لَعَلَّهُ (1) .
وَلَمَّا أَرَادُوا أَنْ يَدْفِنُوا الحَسَنَ فِي
الحُجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ، وَقَعَ خِصَامٌ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ
عُمَرَ، حَدَّثَنَا كَثِيْرُ بنُ زَيْدٍ، عَنِ الوَلِيْدِ
بنِ رَبَاحٍ، سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُوْلُ
لِمَرْوَانَ:
وَاللهِ مَا أَنْتَ وَالٍ، وَإِنَّ الوَالِي لَغَيْرُكَ،
فَدَعْهُ - يَعْنِي حِيْنَ أَرَادُوا دَفْنَ الحَسَنَ مَعَ
رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
وَلَكِنَّكَ تَدْخُلُ فِيْمَا لاَ يَعْنِيْكَ، إِنَّمَا
تُرِيْدُ بِهَا إِرْضَاءَ مَنْ هُوَ غَائِبٌ عَنْكَ
-يَعْنِي: مُعَاوِيَةَ-.
فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ مَرْوَانُ مُغْضَباً، وَقَالَ: يَا
أَبَا هُرَيْرَةَ، إِنَّ النَّاسَ قَدْ قَالُوا: أَكْثَرَ
الحَدِيْثَ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ، وَإِنَّمَا قَدِمَ قَبْلَ
وَفَاتِهِ بِيَسِيْرٍ.
فَقَالَ: قَدِمْتُ -وَاللهِ- وَرَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِخَيْبَرَ، وَأَنَا
يَوْمَئِذٍ قَدْ زِدْتُ عَلَى الثَّلاَثِيْنَ سَنَةً
سَنَوَاتٍ، وَأَقَمْتُ مَعَهُ حَتَّى تُوُفِّيَ، أَدُوْرُ
مَعَهُ فِي بُيُوْتِ نِسَائِهِ، وَأَخْدُمُهُ، وَأغْزُو،
وَأَحُجُّ مَعَهُ، وَأُصَلِّي خَلْفَهُ، فَكُنْتُ
-وَاللهِ- أَعْلَمَ النَّاسِ بِحَدِيْثِهِ (2) .
ابْنُ إِسْحَاقَ: عَنْ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ
أَبِي أَنَسٍ مَالِكِ بنِ أَبِي عَامِرٍ، قَالَ:
جَاءَ رَجُلٌ إِلَى طَلْحَةَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ، فَقَالَ:
يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، أَرَأَيْتَ هَذَا اليَمَانِيَّ
-يَعْنِي: أَبَا هُرَيْرَةَ- أَهُوَ أَعْلَمُ بِحَدِيْثِ
رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
مِنْكُمْ، نَسْمَعُ مِنْهُ أَشْيَاءَ لاَ نَسْمَعُهَا
مِنْكُم، أَمْ هُوَ يَقُوْلُ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ مَا
لَمْ يَقُلْ؟
__________
(1) أخرجه ابن عساكر 19 / 120 / 1.
(2) محمد بن عمر هو الواقدي، متفق على ضعفه، والخبر في "
الطبقات " ونقله عنه ابن كثير في " البداية " 8 / 108.
(2/605)
قَالَ: أَمَّا أَنْ يَكُوْنَ سَمِعَ مَا
لَمْ نَسْمَعْ، فَلاَ أَشُكُّ، سَأُحَدِّثُكَ عَنْ ذَلِكَ،
إِنَّا كُنَّا أَهْلَ بُيُوْتَاتٍ وَغَنَمٍ وَعَمَلٍ،
كُنَّا نَأْتِي رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- طَرَفَي النَّهَارِ، وَكَانَ مِسْكِيْناً
ضَيْفاً عَلَى بَابِ رَسُوْلِ اللهِ، يَدُهُ مَعَ يَدِهِ،
فَلاَ نَشُكُّ أَنَّهُ سَمِعَ مَا لَمْ نَسْمَعْ، وَلاَ
تَجِدُ أَحَداً فِيْهِ خَيْرٌ يَقُوْلُ عَلَى رَسُوْلِ
اللهِ مَا لَمْ يَقُلْ (1) .
شُعْبَةُ: عَنْ أَشْعَثَ بنِ سُلَيْمٍ، عَنْ أَبِيْهِ،
قَالَ:
أَتَيْتُ المَدِيْنَةَ، فَإِذَا أَبُو أَيُّوْبَ يُحَدِّثُ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
فَقُلْتُ: وَأَنْتَ صَاحِبُ رَسُوْلِ اللهِ؟
قَالَ: إِنَّهُ قَدْ سَمِعَ، وَأَنْ أُحَدِّثَ عَنْهُ عَنْ
رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُحَدِّثَ عَنِ النَّبِيِّ (2)
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
بُكَيْرُ بنُ الأَشَجِّ، عَنْ بُسْرِ بنِ سَعِيْدٍ، قَالَ:
اتَّقُوا اللهَ، وَتَحَفَّظُوا مِنَ الحَدِيْثِ، فَوَاللهِ
لَقَدْ رَأَيْتُنَا نُجَالِسُ أَبَا هُرَيْرَةَ،
فَيُحَدِّثُ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- وَيُحَدِّثُنَا عَنْ كَعْبٍ، ثُمَّ يَقُوْمُ،
فَأَسْمَعُ بَعْضَ مَنْ كَانَ مَعَنَا يَجْعَلُ حَدِيْثَ
رَسُوْلِ اللهِ عَنْ كَعْبٍ، وَيَجْعَلُ حَدِيْثَ كَعْبٍ
عَنْ رَسُوْلِ اللهِ (3) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-.
ابْنُ سَعْدٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ،
حَدَّثَنَا عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ جَعْفَرٍ، عَنْ
أَبِيْهِ، عَنْ زِيَادِ بنِ مِيْنَا، قَالَ:
كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَأَبُو سَعِيْدٍ،
__________
(1) رجاله ثقات.
ومالك بن أبي عامر هو جد مالك بن أنس الفقيه، وأخرجه
الترمذي (3837) من طريق ابن إسحاق به، وحسنه هو، والحافظ
في " الفتح " وصححه الحاكم 3 / 511، 512، ووافقه الذهبي،
وهو في " تاريخ ابن عساكر " 19 / 121 / 1، وأورده ابن كثير
في " البداية " 8 / 109، من طريق علي بن المديني، عن وهب
بن جرير، عن أبيه، عن محمد بن إسحاق.
وقد تقدم ذكره في الجزء الأول من هذا الكتاب في ترجمة طلحة
ص 24.
(2) " تاريخ ابن عساكر " 19 / 121 / 1، و" المستدرك " 3 /
512.
(3) أورده ابن كثير في " البداية " 8 / 109 من طريق مسلم
بن الحجاج، عن عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، عن مروان
بن محمد بن حسان الدمشقي، عن الليث بن سعد، عن بكير بن
الاشج...وهذا سند صحيح.
وهو في " تاريخ ابن عساكر " 19 / 121 / 2.
(2/606)
وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَجَابِرٌ مَعَ
أَشْبَاهٍ لَهُم، يُفْتُوْنَ بِالمَدِيْنَةِ،
وَيُحَدِّثُوْنَ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ لَدُنْ تُوُفِّيَ عُثْمَانُ
إِلَى أَنْ تُوُفُّوا (1) .
قَالَ: وَهَؤُلاَءِ الخَمْسَةُ إِلَيْهِمْ صَارَتِ
الفَتْوَى.
الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بنِ
سَعِيْدٍ، عَنْ بُكَيْرِ بنِ الأَشَجِّ، عَنْ مُعَاوِيَةَ
بنِ أَبِي عَيَّاشٍ الأَنْصَارِيِّ:
أَنَّهُ كَانَ جَالِساً مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَجَاءَ
مُحَمَّدُ بنُ إِيَاسَ بنِ البُكَيْرِ، فَسَأَلَ عَنْ
رَجُلٍ طَلَّقَ ثَلاَثاً قَبْلَ الدُّخُوْلِ، فَبَعَثَهُ
إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَكَانَا
عِنْدَ عَائِشَةَ، فَذَهَبَ، فَسَأَلَهُمَا.
فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لأَبِي هُرَيْرَةَ: أَفْتِهِ يَا
أَبَا هُرَيْرَةَ، فَقَدْ جَاءتْكَ مُعْضِلَةٌ.
فَقَالَ: الوَاحِدَةُ تُبِيْنُهَا، وَالثَّلاَثُ
تُحَرِّمُهَا.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ (2) .
وَقَدْ كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَجْلِسُ إِلَى حُجْرَةِ
عَائِشَةَ، فَيُحَدِّثُ، ثُمَّ يَقُوْلُ: يَا صَاحِبَةَ
الحُجْرَةِ، أَتُنْكِرِيْنَ مِمَّا أَقُوْلُ شَيْئاً؟
فَلَمَّا قَضَتَ صَلاَتَهَا، لَمْ تُنْكِرْ مَا رَوَاهُ،
لَكِنْ قَالَتْ:
لَمْ يَكُنْ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- يَسْرُدُ الحَدِيْثَ سَرْدَكُمْ (3).
__________
(1) طبقات ابن سعد 2 / 372.
(2) إسناده صحيح، وهو في " مسند الشافعي " 2 / 375، و"
الموطأ " (1198).
(3) أخرجه مسلم (2493) في فضائل الصحابة من طريق ابن شهاب
أن عروة بن الزبير حدثه أن عائشة قالت: ألا يعجبك أبو
هريرة جاء فجلس إلى جنب حجرتي يحدث عن النبي صلى الله عليه
وسلم يسمعني ذلك، وكنت أسبح (أصلي نافلة) فقام قبل أن أقضي
سبحتي، ولو أدركته لرددت عليه، إن رسول الله صلى الله عليه
وسلم لم يكن يسرد الحديث كسردكم.
وأخرجه أبو داود (3655)، واختصره الترمذي (3643)، وفي
البخاري 6 / 422 في المناقب: وقال الليث: حدثني يونس، عن
ابن شهاب أنه قال: أخبرني عروة بن الزبير، عن عائشة أنها
قالت: ألا يعجبك أبا فلان جاء فجلس إلى جانب حجري... وقول
عائشة: ولو أدركته لرددت عليه، أي: لانكرت عليه، وبينت له
أن الترتيل في الحديث أولى من السرد.
قال الحافظ: واعتذر عن أبي هريرة بأنه كان واسع الرواية،
كثير المحفوظ، فكان لا يتمكن من المهل عند إرادة التحديث،
كما قال بعض البلغاء: أريد أن أقتصر، فتزدحم القوافي على
في.
وانظر " تاريخ ابن عساكر " 19 / 119 / 2.
(2/607)
وَكَذَلِكَ قِيْلَ لابْنِ عُمَرَ: هَلْ
تُنْكِرُ مِمَّا يُحَدِّثُ بِهِ أَبُو هُرَيْرَةَ شَيْئاً؟
فَقَالَ: لاَ، وَلَكِنَّهُ اجْترَأَ، وَجَبُنَّا (1) .
فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَمَا ذَنْبِي إِنْ كُنْتُ
حَفِظْتُ، وَنَسُوْا.
قَالَ يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ: سَمِعْتُ شُعْبَةَ
يَقُوْلُ: كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُدَلِّسُ (2) .
قُلْتُ: تَدْلِيْسُ الصَّحَابَةِ كَثِيْرٌ، وَلاَ عَيْبَ
فِيْهِ، فَإِنَّ تَدْلِيْسَهُمْ عَنْ صَاحِبٍ أَكْبَرَ
مِنْهُمْ، وَالصَّحَابَةُ كُلُّهُمْ عُدُوْلٌ (3) .
شَرِيْكٌ: عَنْ مُغِيْرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، قَالَ:
كَانَ أَصْحَابُنَا يَدَعُوْنَ مِنْ حَدِيْثِ أَبِي
هُرَيْرَةَ.
وَرَوَى: حُسَيْنُ بنُ عَيَّاشٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ
إِبْرَاهِيْمَ، نَحْوَهُ (4).
__________
(1) أخرجه الحاكم في " المستدرك " 3 / 510 وذكره الحافظ في
" الإصابة " 12 / 76 عن فوائد المزكي تخريخ الدارقطني، من
طريق عبد الواحد بن زياد، عن الأعمش، عن أبي صالح عن أبي
هريرة، وذكر قول أبي هريرة: فما ذنبي إن كنت حفظت ونسوا.
(2) ذكره ابن عساكر 19 / 122 / 1.
قال الحافظ ابن كثير في " البداية " 8 / 109: وكأن شعبة
يشير بهذا إلى حديثه: " من أصبح جنبا فلا صيام له " فإنه
لما حوقق عليه، قال: أخبرنيه مخبر، ولم أسمعه من رسول الله
صلى الله عليه وسلم.
(3) قال ابن حبان في مقدمة " صحيحه " 1 / 122: وإنما قبلنا
أخبار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رووها عن
النبي صلى الله عليه وسلم وإن لم يبينوا السماع في كل ما
رووا، وبيقين نعلم أن أحدهم ربما سمع الخبر عن صحابي آخر،
ورواه عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير ذكر ذلك الذي
سمعه منه، لأنهم رضي الله عنم أجمعين - وقد فعل - كلهم
أئمة سادة قادة عدول، نزه الله عزوجل أقدار أصحاب رسول
الله صلى الله عليوسلم عن أن يلزق بهم الوهن.
(4) " تاريخ ابن عساكر " 19 / 122 / 1، و" أصول السرخسي "
1 / 341، وفي كتاب " العلل " ص 140 لأحمد: حدثنا أبو
أسامة، عن الأعمش، قال: كان إبراهيم صيرفيا في الحديث
أجيؤه بالحديث، قال: فكتب مما أخذته عن أبي صالح، عن أبي
هريرة، قال: كانوا يتركون أشياء من أحاديث أبي هريرة.
وقد انتصر الحافظ ابن عساكر لأبي هريرة، ورد هذا الذي قاله
إبراهيم النخعي، وصرح الحافظ ابن كثير بأن صنيع الكوفيين
مردود، والجمهور على خلافهم.
(2/608)
الثَّوْرِيُّ: عَنْ مَنْصُوْرٍ، عَنْ
إِبْرَاهِيْمَ، قَالَ:
مَا كَانُوا يَأْخُذُوْنَ مِنْ حَدِيْثِ أَبِي هُرَيْرَةَ
إِلاَّ مَا كَانَ حَدِيْثَ جَنَّةٍ أَوْ نَارٍ (1) .
قُلْتُ: هَذَا لاَ شَيْءَ، بَلْ احْتَجَّ المُسْلِمُوْنَ
قَدِيْماً وَحَدِيْثاً بِحَدِيْثِهِ، لِحِفْظِهِ،
وَجَلاَلَتِهِ، وَإِتْقَانِهِ، وَفِقْهِهِ، وَنَاهِيْكَ
أَنَّ مِثْلَ ابْنِ عَبَّاسٍ يَتَأَدَّبُ مَعَهُ،
وَيَقُوْلُ: أَفْتِ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ.
وَأَصَحُّ الأَحَادِيْثِ مَا جَاءَ: عَنِ الزُّهْرِيِّ،
عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وَمَا جَاءَ عَنْ: أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ،
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وَمَا جَاءَ عَنِ: ابْنِ عَوْنٍ، وَأَيُّوْبَ، عَنْ
مُحَمَّدِ بنِ سِيْرِيْنَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وَأَيْنَ مِثْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي حِفْظِهِ، وَسَعَةِ
عِلْمِهِ.
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: عَنْ عَبَّاسٍ الجُرَيْرِيِّ،
سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ النَّهْدِيَّ، قَالَ:
تَضَيَّفْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ سَبْعاً، فَكَانَ هُوَ
وَامْرَأَتُهُ وَخَادِمُهُ يَعْتَقِبُوْنَ اللَّيْلَ
أَثْلاَثاً، يُصَلِّي هَذَا، ثُمَّ يُوْقِظُ هَذَا،
وَيُصَلِّي هَذَا، ثُمَّ يُوْقِظُ هَذَا.
قُلْتُ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، كَيْفَ تَصُوْمُ؟
قَالَ: أَصُوْمُ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ ثَلاَثاً (2) .
ابْنُ سَعْدٍ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ عَبَّادٍ،
حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامِ
__________
(1) " تاريخ ابن عساكر " 19 / 122 / 1.
(2) رجاله ثقات.
عباس الجريري: هو عباس بن فروخ: ثقة، روى له الجماعة.
وأبو عثمان النهدي: اسمه عبد الرحمن بن مل: ثقة ثبت عابد.
وأخرجه أبو نعيم في " الحلية " 1 / 382، وابن عساكر في "
تاريخه " 19 / 122 / 2، وذكره الحافظ في " الإصابة " 12 /
77، ونسبه لأحمد في " الزهد "، وصحح إسناده.
ويعتقبون: يتناوبون.
سير 2 / 39
(2/609)
بنِ سَعِيْدِ بنِ زَيْدٍ الأَنْصَارِيِّ،
عَنْ شُرَحْبِيْلَ:
أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يَصُوْمُ الاثْنَيْنَ
وَالخَمِيْسَ (1) .
عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ المُخْتَارِ: عَنْ خَالِدٍ، عَنْ
عِكْرِمَةَ:
أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يُسَبِّحُ كُلَّ يَوْمٍ
اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ تَسْبِيْحَةٍ، يَقُوْلُ: أُسَبِّحُ
بِقَدَرِ دِيَتِي (2) .
وَرَوَاهُ: عَبْدُ الوَارِثِ، عَنْ خَالِدٍ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، عَنِ المُؤَيَّدِ
الطُّوْسِيِّ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ السِّنْدِيُّ،
أَخْبَرَنَا سَعِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا زَاهِرُ
بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الهَاشِمِيُّ،
أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ الزُّهْرِيُّ، حَدَّثَنَا
مَالِكٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَمْرِو بنِ حَلْحَلَةَ، عَنْ
حُمَيْدِ بنِ مَالِكِ بنِ خُثَيْمٍ، قَالَ:
كُنْتُ جَالِساً عِنْدَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي أَرْضِهِ
بِالعَقِيْقِ، فَأَتَاهُ قَوْمٌ، فَنَزَلُوا عِنْدَهُ.
قَالَ حُمَيْدٌ: فَقَالَ: اذْهَبْ إِلَى أُمِّي، فَقُلْ:
إِنَّ ابْنَكِ يُقْرِئَكِ السَّلاَمَ، وَيَقُوْلُ:
أَطْعِمِيْنَا شَيْئاً.
قَالَ: فَوَضَعَتْ ثَلاَثَةَ أَقْرَاصٍ فِي الصَّحْفَةِ،
وَشَيْئاً مِنْ زِيْتٍ وَمِلْحٍ، وَوَضَعَتْهَا عَلَى
رَأْسِي، فَحَمَلْتُهَا إِلَيْهِمْ.
فَلَمَّا وَضَعْتُهُ بَيْنَ أَيْدِيْهِمْ، كَبَّرَ أَبُو
هُرَيْرَةَ، وَقَالَ: الحَمْدُ للهِ الَّذِي أَشْبَعَنَا
مِنَ الخُبْزِ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ طَعَامُنَا إِلاَّ
الأَسْوَدَيْنِ: التَّمْرَ وَالمَاءَ.
فَلَمْ يُصِبِ القَوْمُ مِنَ الطَّعَامِ شَيْئاً.
فَلَمَّا انْصَرَفُوا، قَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، أَحْسِنْ
إِلَى غَنَمِكَ، وَامْسَحْ عَنْهَا الرُّعَامُ، وَأَطِبْ
مُرَاحَهَا، وَصَلِّ فِي نَاحِيَتِهَا، فَإِنَّهَا مِنْ
دَوَابِّ الجَنَّةِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، يُوْشِكُ
أَنْ يَأْتِيَ عَلَى
__________
(1) " تاريخ دمشق " لابن عساكر 19 / 122 / 2.
(2) " تاريخ دمشق " لابن عساكر 19 / 122 / 2، وقد تصحف في
المطبوع " ديني " إلى " ذنبي ".
(2/610)
النَّاسِ زَمَانٌ تَكُوْنُ الثُّلَّةُ مِنَ
الغَنَمِ أَحَبُّ إِلَى صَاحِبِهَا مِنْ دَارِ مَرْوَانَ
(1) .
أَخْرَجَهُ: البُخَارِيُّ فِي كِتَابِ (الأَدَبِ): عَنِ
ابْنِ أَبِي أُوَيْسٍ، عَنْ مَالِكٍ.
وَوَثَّقَ النَّسَائِيُّ حُمَيْداً.
هُشَيْمٌ: عَنْ يَعْلَى بنِ عَطَاءٍ، عَنْ مَيْمُوْنِ بنِ
مَيْسَرَةَ، قَالَ:
كَانَتْ لأَبِي هُرَيْرَةَ صَيْحَتَانِ فِي كُلِّ يَوْمٍ:
أَوَّلَ النَّهَارِ وَآخِرَهُ، يَقُوْلُ: ذَهَبَ اللَّيْلُ
وَجَاءَ النَّهَارُ، وَعُرِضَ آلُ فِرْعَوْنَ عَلَى
النَّارِ، فَلاَ يَسْمَعُهُ أَحَدٌ إِلاَّ اسْتَعَاذَ
بِاللهِ مِنَ النَّارِ (2) .
جَعْفَرُ بنُ بُرْقَانَ: حَدَّثَنَا الوَلِيْدُ بنُ
زَوْرَانَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الوَهَّابِ المَدَنِيُّ،
قَالَ:
بَلَغَنِي أَنَّ رَجُلاً دَخَلَ عَلَى مُعَاوِيَةَ،
فَقَالَ: مَرَرْتُ بِالمَدِيْنَةِ، فَإِذَا أَبُو
هُرَيْرَةَ جَالِسٌ فِي المَسْجِدِ، حَوْلَهُ حَلقَةٌ
يُحَدِّثُهُمْ، فَقَالَ:
حَدَّثَنِي خَلِيْلِي أَبُو القَاسِمِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ اسْتَعْبَرَ، فَبَكَى، ثُمَّ
عَادَ، فَقَالَ: حَدَّثَنِي خَلِيْلِي -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَبِيُّ اللهِ أَبُو القَاسِمِ، ثُمَّ
اسْتَعْبَرَ، فَبَكَى، ثُمَّ قَامَ (3) .
ابْنُ لَهِيْعَةَ: عَنْ أَبِي يُوْنُسَ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ:
أَنَّهُ صَلَّى بِالنَّاسِ يَوْماً، فَلَمَّا سَلَّمَ
رَفَعَ صَوْتَهَ، فَقَالَ: الحَمْدُ للهِ الَّذِي جَعَلَ
الدِّيْنَ قِوَاماً، وَجَعَلَ أَبَا هُرَيْرَةَ إِمَاماً،
بَعْدَ أَنْ كَانَ أَجِيْراً لابْنَةِ غَزْوَانَ عَلَى
شِبَعِ بَطْنِهِ، وَحَمُوْلَةِ رِجْلِهِ (4).
__________
(1) هو في " الموطأ " رقم (1802) 4 / 313، 314 بشرح
الزرقاني، وإسناده صحيح، وأخرجه البخاري في " الأدب المفرد
" (572) من طريق إسماعيل بن أبي أويس، عن مالك، والرعام:
مخاط رقيق يجري من أنوف الغنم.
وأطب مراحها: نظفه.
والثلة: جماعة الغنم، قليلة كانت أو كثيرة، وقيل: الثلة:
الكثير منها.
(2) أخرجه ابن عساكر 19 / 122 / 2.
(3) " تاريخ دمشق " لابن عساكر 19 / 123 / 1.
(4) أخرجه أبو نعيم في " الحلية " 1 / 379، وابن عساكر 19
/ 123 / 1.
(2/611)
ابْنُ عُلَيَّةَ: عَنِ الجُرَيْرِيِّ، عَنْ
مُضَارِبِ بنِ حَزْنٍ، قَالَ:
بَيْنَا أَنَا أَسِيْرُ تَحْتَ اللَّيْلِ، إِذَا رَجُلٌ
يُكَبِّرُ، فَأُلْحِقُهُ بَعِيْرِي، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟
قَالَ: أَبُو هُرَيْرَةَ.
قُلْتُ: مَا هَذَا التَّكْبِيْرُ؟
قَالَ: شُكْرٌ.
قُلْتُ: عَلَى مَهْ؟
قَالَ: كُنْتُ أَجِيْراً لِبُسْرَةَ بِنْتِ غَزْوَانَ
بِعُقْبَةِ رِجْلِي، وَطَعَامِ بَطْنِي، وَكَانُوا إِذَا
رَكِبُوا سُقْتُ بِهِمْ، وَإِذَا نَزَلُوا خَدَمْتُهُمْ،
فَزَوَّجَنِيْهَا اللهُ، فَهِيَ امْرَأتِي (1) .
مَعْمَرٌ: عَنْ أَيُّوْبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ:
أَنَّ عُمَرَ اسْتَعْمَلَ أَبَا هُرَيْرَةَ عَلَى
البَحْرَيْنِ، فَقَدِمَ بِعَشْرَةِ آلاَفٍ، فَقَالَ لَهُ
عُمَرُ: اسْتَأْثَرْتَ بِهَذِهِ الأَمْوَالِ يَا عَدُوَّ
اللهِ وَعَدُوَّ كِتَابِهِ.
فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَقُلْتُ: لَسْتُ بَعَدُوِّ
اللهِ وَعَدُوِّ كِتَابِهِ، وَلَكِنِّي عَدُوُّ مَنْ
عَادَاهُمَا.
قَالَ: فَمِنْ أَيْنَ هِيَ لَكَ؟
قُلْتُ: خَيْلٌ نُتِجَتْ، وَغَلَّةُ رَقِيْقٍ لِي،
وَأُعْطِيَةٌ تَتَابَعَتْ.
فَنَظَرُوا، فَوَجَدُوْهُ كَمَا قَالَ.
فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ، دَعَاهُ عُمَرُ
لِيُوَلِّيَهُ، فَأَبَى.
فَقَالَ: تَكْرَهُ العَمَلَ، وَقَدْ طَلَبَ العَمَلَ مَنْ
كَانَ خَيْراً مِنْكَ يُوْسُفُ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ-.
فَقَالَ: يُوْسُفُ نَبِيٌّ ابْنُ نَبِيٍّ ابْنِ نَبِيٍّ،
وَأَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ بنُ أَمَيْمَةَ، وَأَخْشَى
ثَلاَثاً وَاثْنَتَيْنِ.
قَالَ: فَهَلاَّ قُلْتَ خَمْساً؟
قَالَ: أَخْشَى أَنْ أَقُوْلَ بِغَيْرِ عِلْمٍ، وَأَقْضِيَ
بِغَيْرِ حِلْمٍ، وَأَنْ يُضْرَبَ ظَهْرِي، وَيُنْتَزَعَ
مَالِي، وَيُشْتَمَ عِرْضِي (2).
__________
(1) رجاله ثقات، وأخرجه أبو نعيم 1 / 380، وابن عساكر 19 /
123 / 1.
عقبة رجلي: أي: نوبة ركوبه.
(2) رجاله ثقات.
وذكره ابن كثير في " البداية " 8 / 113 عن عبد الرزاق، عن
معمر، عن =
(2/612)
رَوَاهُ: سَعْدُ بنُ الصَّلْتِ، عَنْ
يَحْيَى بنِ العَلاَءِ، عَنْ أَيُّوْبَ، مُتَّصِلاً
بِأَبِي هُرَيْرَةَ.
أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيْمُ بنُ يُوْسُفَ، أَخْبَرَنَا
ابْنُ رَوَاحَةَ، أَخْبَرَنَا السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا
ابْنُ البُسْرِيِّ (1) ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ
يَحْيَى، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ الصَّفَّارُ،
حَدَّثَنَا الرَّمَادِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ،
أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ زِيَادٍ، قَالَ:
كَانَ مُعَاوِيَةُ يَبْعَثُ أَبَا هُرَيْرَةَ عَلَى
المَدِيْنَةِ، فَإِذَا غَضِبَ عَلَيْهِ بَعَثَ مَرْوَانَ،
وَعَزَلَهُ.
قَالَ: فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ نَزَعَ مَرْوَانَ، وَبَعَثَ
أَبَا هُرَيْرَةَ، فَقَالَ لِغُلاَمٍ أَسْوَدَ:
قِفْ عَلَى البَابِ، فَلاَ تَمْنَعْ إِلاَّ مَرْوَانَ.
فَفَعَلَ الغُلاَمُ، وَدَخَلَ النَّاسُ، وَمُنِعَ
مَرْوَانُ، ثُمَّ جَاءَ نَوْبَةً، فَدَخَلَ، وَقَالَ:
حُجِبْنَا عَنْكَ.
فَقَالَ: إِنَّ أَحَقَّ مَنْ لاَ أَنْكَرَ (2) هَذَا
لأَنْتَ (3).
__________
= أيوب، عن ابن سيرين أن..، وأخرجه ابن سعد في " الطبقات "
4 / 335 من طريق هوذة بن خليفة، وعبد الوهاب بن عطاء،
ويحيى بن خليف بن عقبة، وبكار بن محمد، قالوا: حدثنا عبد
الله بن عون، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة.
وأخرجه أيضا من طريق عمرو بن الهيثم، قال: حدثنا أبو هلال،
عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة.
وأبو هلال الراسبي: صدوق فيه لين، وبقية رجاله ثقات، فهو
صحيح بما قبله.
وأخرجه البلاذري في " فتوح البلدان " ص 93 من طريق شيبان
بن فروخ، عن أبي هلال الراسبي، عن محمد بن سيرين، عن أبي
هريرة، وأخرجه أيضا من طريق القاسم بن سلام، وروح بن عبد
المؤمن، عن يعقوب بن إسحاق الحضرمي، عن يزيد بن إبراهيم
التستري، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، وإسناده صحيح.
وانظر ابن عساكر 19 / 124 / 2.
وأخرجه أبو نعيم في " الحلية " 1 / 380، 381، من طريق أيوب
السختياني، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة.
(1) البسري بالباء: منسوب إلى بيع البسر، وقد تحرف في
المطبوع إلى " السري " واسمه: الحسين بن علي بن أحمد بن
محمد بن البندار البغدادي، توفي سنة 497 ه " العبر " 3 /
346، 347.
(2) في " تاريخ الإسلام " 2 / 388: من لا ينكر.
(3) رجاله ثقات، وهو في " تاريخ ابن عساكر " 19 / 125 / 1.
(2/613)
رَوَاهُ: الحَافِظُ أَبُو القَاسِمِ فِي
(تَارِيْخِهِ)، عَنِ السِّلَفِيِّ - إِجَازَةً -.
قُلْتُ: كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ طَيِّبَ الأَخْلاَقِ،
رُبَّمَا نَابَ فِي المَدِيْنَةِ عَنْ مَرْوَانَ أَيْضاً
(1) .
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ،
قَالَ:
كَانَ مَرْوَانُ رُبَّمَا اسْتَخْلَفَ أَبَا هُرَيْرَةَ
عَلَى المَدِيْنَةِ، فَيَرْكَبُ حِمَاراً بِبَرْذَعَةٍ،
وَفِي رَأْسِهِ خُلْبَةٌ مِنْ لِيْفٍ، فَيَسِيْرُ،
فَيَلْقَى الرَّجُلَ، فَيَقُوْلُ: الطَّرِيْقَ! قَدْ جَاءَ
الأَمِيْرُ.
وَرُبَّمَا أَتَى الصِّبْيَانَ وَهُمْ يَلْعَبُوْنَ
بِاللَّيْلِ لُعْبَةَ الأَعْرَابِ، فَلاَ يَشْعُرُوْنَ
حَتَّى يُلْقِيَ نَفْسَهُ بَيْنَهُمْ، وَيَضْرِبَ
بِرِجْلَيْهِ، فَيَفْزَعُ الصِّبْيَانُ، فَيَفِرُّوْنَ،
وَرُبَّمَا دَعَانِي إِلَى عَشَائِهِ، فَيَقُوْلُ: دَعِ
العُرَاقَ لِلأَمِيْرِ.
فَأَنْظُرُ، فَإِذَا هُوَ ثَرِيْدَةٌ بِزَيْتٍ (2) .
عَمْرُو بنُ الحَارِثِ: عَنْ يَزِيْدَ بنِ زِيَادٍ
القُرَظِيِّ، حَدَّثَنِي ثَعْلَبَةُ بنُ أَبِي مَالِكٍ
القُرَظِيُّ، قَالَ:
أَقْبَلَ أَبُو هُرَيْرَةَ فِي السُّوْقِ يَحْمِلُ
حُزْمَةَ حَطَبٍ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ خَلِيْفَةٌ
لِمَرْوَانَ، فَقَالَ: أَوْسِعِ الطَّرِيْقَ لِلأَمِيْرِ
(3).
__________
(1) أخرج مسلم في " صحيحه " (877)، من طريق عبد الله بن
مسلمة بن قعنب، حدثنا سليمان بن بلال، عن جعفر، عن أبيه،
عن ابن أبي رافع، قال: استخلف مروان أبا هريرة على
المدينة، وخرج إلى مكة، فصلى لنا أبو هريرة الجمعة، فقرأ
بعد سورة الجمعة في الركعة الآخرة: (إذا جاءك المنافقون)
قال: فأدركت أبا هريرة حين انصرف، فقلت له: إنك قرأت
بسورتين كان علي بن أبي طالب يقرأ بهما في الكوفة، فقال
أبو هريرة: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ
بهما يوم الجمعة.
(2) رجاله ثقات، وأبو رافع اسمه نفيع الصائغ المدني نزيل
البصرة، ثقة ثبت، أخرج حديثه الجماعة، وهو في " تاريخ دمشق
" 19 / 125 / 1.
والخلبة: واحد الخلب: الحبل الرقيق الصلب من الليف والقطن
وغيرهما.
وفي " تاريخ الإسلام ": وخطامه ليف.
والعراق: العظم الذي أخذ عنه معظم اللحم، أو الغدرة من
اللحم.
(3) أخرجه أبو نعيم في " الحلية " 1 / 384 من طريق ابن
وهب، عن عمرو بن الحارث...ورجاله ثقات.
وهو في " تاريخ ابن عساكر " 19 / 125 / 1.
(2/614)
يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ: عَنِ ابْنِ
المُسَيِّبِ، قَالَ:
كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ إِذَا أَعْطَاهُ مُعَاوِيَةُ
سَكَتَ، فَإِذَا أَمْسَكَ عَنْهُ تَكَلَّمَ (1) .
هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ: عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ، قَالَ:
دِرْهَمٌ يَكُوْنُ مِنْ هَذَا - وَكَأَنَّهُ يَمْسَحُ
العَرَقَ عَنْ جَبِيْنِهِ - أَتَصَدَّقُ بِهِ، أَحَبُّ
إِلَيَّ مِنْ مائَةِ أَلْفٍ، وَمائَةِ أَلْفٍ، وَمائَةِ
أَلْفٍ، مِنْ مَالِ فُلاَنٍ (2) .
وَقَالَ حَزْمٌ القُطَعِيُّ: سَمِعْتُ الحَسَنَ يَقُوْلُ:
كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ إِذَا مَرَّتْ بِهِ جِنَازَةٌ،
قَالَ: اغْدُوا، فَإِنَّا رَائِحُوْنَ، وَرُوْحُوا
فَإِنَّا غَادُوْنَ (3).
يُوْنُسُ: عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ،
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ...، فَذَكَرَ حَدِيْثَ بَسْطِ
ثَوْبِهِ.
قَالَ: فَمَا نَسِيْتُ بَعْدَ ذَلِكَ اليَوْمِ شَيْئاً
حُدِّثْتُ بِهِ (4) .
أَبُو هِلاَلٍ: عَنِ الحَسَنِ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ:
لَوْ حَدَّثْتُكُمْ بِكُلِّ مَا فِي كِيْسِي،
لَرَمَيْتُمُوْنِي بِالبَعْرِ.
ثُمَّ قَالَ الحَسَنُ: صَدَقَ -وَاللهِ- لَوْ حَدَّثَهُمْ
أَنَّ
__________
(1) ذكره ابن كثير في " البداية " 8 / 114 عن الامام أحمد
; قال: حدثنا عبد الأعلى بن عبد الجبار، حدثنا حماد بن
سلمة، عن يحيى بن سعيد، عن ابن المسيب.
وهو في " تاريخ دمشق " 19 / 125 / 2.
(2) " تاريخ دمشق " 19 / 125 / 2.
(3) " تاريخ دمشق " 19 / 126 / 2، وأخرجه أبو نعيم في "
الحلية " 1 / 383، من طريق عبد الرزاق، عن معمر، قال:
بلغني عن أبي هريرة أنه كان إذا مر بجنازة، قال: روحي،
فإنا غادون، أو اغدي، فإنا رائحون.
(4) إسناده صحيح.
يونس هو ابن يزيد الايلي، وهو في " صحيح مسلم " (2492) في
فضائل الصحابة، من طريق حرملة بن يحيى، عن ابن وهب، عن
يونس، عن ابن شهاب، عن ابن المسيب، أن أبا هريرة قال:
يقولون...وانظر " صحيح البخاري " 1 / 190، 191 في العلم:
باب حفظ العلم، و4 / 246، 247 في أول البيوع، و13 / 271،
272 في الاعتصام.
(2/615)
بَيْتَ اللهِ يُهْدَمُ أَوْ يُحْرَقُ مَا
صَدَّقُوْهُ (1) .
الفَضْلُ بنُ العَلاَءِ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ
أُمَيَّةَ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بنُ قَيْسِ بنِ
مَخْرَمَةَ:
أَنَّ رَجُلاً أَتَى زَيْدَ بنَ ثَابِتٍ، فَسَأَلَهُ عَنْ
شَيْءٍ، فَقَالَ: عَلَيْكَ بِأَبِي هُرَيْرَةَ، فَإِنِّي
بَيْنَمَا أَنَا وَهُوَ وَفُلاَنٌ فِي المَسْجِدِ، خَرَجَ
عَلَيْنَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- وَنَحْنُ نَدْعُوْ، وَنَذْكُرُ رَبَّنَا،
فَجَلَسَ إِلَيْنَا، فَسَكَتْنَا.
فَقَالَ: (عُوْدُوا لِلَّذِي كُنْتُمْ فِيْهِ).
فَدَعَوْتُ أَنَا وَصَاحِبِي قَبْلَ أَبِي هُرَيْرَةَ،
فَجَعَلَ رَسُوْلُ اللهِ يُؤَمِّنُ، ثُمَّ دَعَا أَبُو
هُرَيْرَةَ، فَقَالَ:
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مَا سَأَلَكَ صَاحِبَايَ
هَذَانِ، وَأَسَأَلُكَ عِلْماً لاَ يُنْسَى.
فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
(آمِيْنَ).
فَقُلْنَا: يَا رَسُوْلَ اللهِ، وَنَحْنُ نَسْأَلُ اللهَ
عِلْماً لاَ يُنْسَى.
قَالَ: سَبَقَكُمَا الغُلاَمُ الدَّوْسِيُّ (2) .
تَفَرَّدَ بِهِ: الفَضْلُ بنُ العَلاَءِ، وَهُوَ صَدُوْقٌ.
هُشَيْمٌ: عَنْ يَعْلَى بنِ عَطَاءٍ، عَنِ الوَلِيْدِ بنِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ:
أَنَّهُ مَرَّ بِأَبِي هُرَيْرَةَ وَهُوَ يُحَدِّثُ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
قَالَ: (مَنْ تَبِعَ جِنَازَةً، فَلَهُ قِيْرَاطٌ).
فَقَالَ: انْظُرْ مَا تُحَدِّثُ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ.
فَقَامَ أَبُو هُرَيْرَةَ، فَأَخَذَ بِيَدِهِ إِلَى
عَائِشَةَ، فَقَالَ لَهَا: أَنْشُدُكِ بِاللهِ هَلْ
سَمِعْتِ رَسُوْلَ اللهِ يَقُوْلُ: (مَنْ تَبِعَ
جِنَازَةً...)، الحَدِيْثَ.
فَقَالَتِ: اللَّهُمَّ نَعَمْ.
__________
(1) أخرجه ابن سعد في " الطبقات " 4 / 331 من طريق سليمان
بن حرب، عن أبي هلال الراسبي، عن الحسن.
(2) " تاريخ دمشق " 19 / 115 / 1 / 2 وتقدم في ص 600 من
طريق حماد بن شعيب، عن إسماعيل بن أمية، عن محمد بن قيس،
وأخرجه الحاكم في " المستدرك " 3 / 508.
وصححه، وتعقبه الذهبي المؤلف بقوله: حماد بن شعيب ضعيف.
قلت: لكنه لم ينفرد به، فقد تابعه الفضل بن العلاء، وهو
صدوق مما قال المؤلف وانظر ص 628 ت 5.
(2/616)
فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: لَمْ يَكُنْ
يَشْغَلُنِي عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- غَرْسُ الوَدِيِّ، وَلاَ صَفْقٌ فِي
الأَسْوَاقِ، وَإِنَّمَا كُنْتُ أَطْلُبُ مِنْ رَسُوْلِ
اللهِ كَلِمَةً يُعَلِّمُنِيْهَا، أَوْ أَكْلَةً
يُطْعِمُنِيْهَا.
فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: كُنْتَ أَلْزَمَنَا لِرَسُوْلِ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَعْلَمَنَا
بِحَدِيْثِهِ.
رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ (1) .
ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ: عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ مُحَمَّدِ
بنِ عُمَارَةَ بنِ عَمْرِو بنِ حَزْمٍ:
أَنَّهُ قَعَدَ فِي مَجْلِسٍ فِيْهِ أَبُو هُرَيْرَةَ،
وَفِيْهِ مَشْيَخَةٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِضْعَةَ عَشَرَ
رَجُلاً، فَجَعَلَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُهُمْ عَنِ
النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
بِالحَدِيْثِ، فَلاَ يَعْرِفُهُ بَعْضُهُمْ، ثُمَّ
يَتَرَاجَعُوْنَ فِيْهِ، فَيَعْرِفُهُ بَعْضُهُمْ، ثُمَّ
يُحَدِّثُهُمْ بِالحَدِيْثِ، فَلاَ يَعْرِفُهُ بَعْضُهُمْ،
ثُمَّ يَعْرِفُهُ، حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ مِرَاراً.
قَالَ: فَعَرَفْتُ يَوْمَئِذٍ أَنَّهُ أَحْفَظُ النَّاسِ
عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
رَوَاهُ: البُخَارِيُّ فِي (تَارِيْخِهِ (2)).
هَمَّامُ بنُ يَحْيَى: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ عَبْدِ
اللهِ بنِ أَبِي طَلْحَةَ:
أَنَّ عُمَرَ قَالَ لأَبِي هُرَيْرَةَ: كَيْفَ وَجَدْتَ
الإِمَارَةَ؟
قَالَ: بَعَثْتَنِي وَأَنَا كَارِهٌ، وَنَزَعْتَنِي وَقدْ
__________
(1) تاريخ دمشق " 19 / 118 / 2، وهو في " المسند " 2 / 2،
3، وصححه الحاكم 3 / 511، ووافقه الذهبي المؤلف.
والودي: بفتح الواو، وكسر الدال، وتشديد الياء: صغار
النخل، الواحدة: ودية.
والصفق: المرة من التصفيق، والمراد هنا: التبايع، لان
المتبايعنى يضع أحدهما يده على يد الآخر، يريد أبو هريرة:
أنه لم يشغله عن حفظ سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم زرع
ولا تجارة.
(2) 1 / 186، 187 في ترجمة محمد بن عمارة بن حزم الأنصاري،
ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وكذلك ترجمه ابن أبي حاتم
في " الجرح والتعديل " 8 / 45، فقال: روى عن أبي هريرة،
روى عنه أبو الزناد، سمعت أبي يقول ذلك.
وهو في " تاريخ دمشق " لابن عساكر 19 /
116 / 2.
(2/617)
أَحْبَبْتُهَا.
وَأَتَاهُ بِأَرْبَعِ مائَةِ أَلْفٍ مِنَ البَحْرَيْنِ،
فَقَالَ: مَا جِئْتَ بِهِ لِنَفْسِكَ؟
قَالَ: عِشْرِيْنَ أَلفاً.
قَالَ: مِنْ أَيْنَ أَصَبْتَهَا؟
قَالَ: كُنْتُ أَتَّجِرُ.
قَالَ: انْظُرْ رَأْسَ مَالِكَ وَرِزْقِكَ فَخُذْهُ،
وَاجْعَلِ الآخَرَ فِي بَيْتِ المَالِ (1) .
وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَجْهَرُ فِي صَلاَتِهِ بِبِسْمِ
اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ (2) .
قَالَ الحَافِظُ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ: سَمِعْتُ
أَبَا المَعْمَرِ المُبَارَكَ بنَ أَحْمَدَ، سَمِعْتُ
أَبَا القَاسِمِ يُوْسُفَ بنَ عَلِيٍّ الزَّنْجَانِيَّ
الفَقِيْهَ، سَمِعْتُ الفَقِيْهَ أَبَا إِسْحَاقَ
الفَيْرُوْزَابَادِيَّ، سَمِعْتُ القَاضِي أَبَا
الطَّيِّبِ يَقُوْلُ:
كُنَّا فِي مَجْلِسِ النَّظَرِ بِجَامِعِ المَنْصُوْرِ،
فَجَاءَ شَابٌّ خُرَاسَانِيٌّ، فَسَأَلَ عَنْ مَسْأَلَةِ
المُصَرَّاةِ (3) ، فَطَالَبَ بِالدَّلِيْلِ، حَتَّى
اسْتَدَلَّ بِحَدِيْثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الوَارِدِ
فِيْهَا،
__________
(1) رجاله ثقات، لكنه منقطع: إسحاق بن عبد الله لم يدرك
عمر.
وقد تحرف " همام " في المطبوع إلى " هشام "، وهو في "
الطبقات " 4 / 335، 336.
(2) لكن الثابت عنه صلى الله عليه وسلم أنه لم يجهر بها،
وكذلك أبو بكر وعمر وعثمان، انظر " فتح الباري " 2 / 188،
والترمذي (246)، ومسلم (399)، وأحمد 3 / 264، و" شرح معاني
الآثار " 1 / 119، والدارقطني ص 119، والنسائي 2 / 135،
وابن خزيمة (498)، وروى أحمد 4 / 85، والترمذي (244)،
والنسائي 2 / 135، عن ابن عبد الله بن مغفل قال: سمعني أبي
وأنا أقول: بسم الله الرحمن الرحيم.
فقال: أي بني إياك والحدث، قد صليت مع النبي صلى الله عليه
وسلم ومع أبي بكر ومع عمر ومع عثمان، فلم أسمع أحدا منهم
يقولها، فلا تقلها، إذا أنت صليت، فقل: الحمد لله رب
العالمين.
(3) المصراة: الناقة أو البقرة أو الشاة يصرى اللبن في
ضرعها، أي: يجمع ويحبس، ثم تباع، فيظنها المشتري كثيرة
اللبن، فيزيد في ثمنها، فإذا حلبها مرتين أو ثلاثا، وقف
على التصرية والغرور.
وحديث أبي هريرة الوارد فيها: هو في " الموطأ " 2 / 683،
684 في البيوع: باب ما ينهى عنه من المساومة والمبايعة.
وأخرجه البخاري 4 / 309 عن عبد الله بن يوسف، ومسلم (1515)
(11) عن يحيى بن يحيى، كلاهما عن مالك، عن أبي الزناد عبد
الله بن ذكوان، عن الاعرج، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال: " ولا تصروا الابل والغنم، فمن
ابتاعها بعد ذلك، فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها، إن
رضيها أمسكها، وإن سخطها ردها وصاعا من تمر "، أي: يردها
بعيب التصرية، ويرد معها صاعا من تمر مكان ما حلب من
اللبن، وهو قول مالك والشافعي والليث بن سعد وأحمد وإسحاق
وأبي عبيد وأبي ثور.
(2/618)
فَقَالَ - وَكَانَ حَنَفِيّاً -: أَبُو
هُرَيْرَةَ غَيْرُ مَقْبُوْلِ الحَدِيْثِ (1) .
فَمَا اسْتَتَمَّ كَلاَمَهُ حَتَّى سَقَطَ عَلَيْهِ
حَيَّةٌ عَظِيْمَةٌ مِنْ سَقْفِ الجَامِعِ، فَوَثَبَ
النَّاسُ مِنْ أَجْلِهَا، وَهَرَبَ الشَّابُّ مِنْهَا
وَهِيَ تَتْبَعُهُ.
فَقِيْلَ لَهُ: تُبْ تُبْ.
فَقَالَ: تُبْتُ.
فَغَابَتِ الحَيَّةُ، فَلَمْ يُرَ لَهَا أَثَرٌ.
إِسْنَادُهَا أَئِمَّةٌ.
وَأَبُو هُرَيْرَةَ: إِلَيْهِ المُنْتَهَى فِي حَفِظِ مَا
سَمِعَهُ مِنَ الرَّسُوْلِ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ-
وَأَدَائِهِ بِحُرُوْفِهِ، وَقَدْ أَدَّى حَدِيْثَ
المُصَرَّاةِ بِأَلْفَاظِهِ، فَوَجَبَ عَلَيْنَا العَمَلُ
بِهِ، وَهُوَ أَصْلٌ بِرَأْسِهِ.
وَقَدْ وَلِيَ أَبُو هُرَيْرَةَ البَحْرَيْنِ لِعُمَرَ،
وَأَفتَى بِهَا فِي مَسْأَلَةِ المُطَلَّقَةِ طَلْقَةً
ثُمَّ
__________
(1) في " أصول السرخسي " 1 / 341: ما وافق القياس من رواية
أبي هريرة، فهو معمول به، وما خالف القياس، فإن تلقته
الأمة بالقبول، فهو معمول به، وإلا فالقياس الصحيح شرعا
مقدم على روايته فيما ينسد باب الرأي فيه.
وقال فخر الإسلام: راوي الخبر إما فقيه أو غير فقيه لكن
عرف بالرواية، أو غير فقيه لم يعرف إلا بحديث أو حديثين.
فخبر الفقيه مقبول يجب العمل به وإن خالف القياس، وخبر غير
الفقيه المعروف بالرواية أيضا مقبول يترك به القياس، إلا
إذا خالف جميع الاقيسة، وانسد باب الرأي بالكلية، وهو
مختار الامام عيسى بن أبان، والقاضي أبي زيد، وذهب الشيخ
أبو الحسن الكرخي إلى أنه كالأول.
وقال بعضهم وهو بصدد البحث في خبر أبي هريرة في " المصراة
": إن أبا هريرة غير فقيه، والحديث مخالف للاقيسة بأسرها:
وفي قولهم: " أبو هريرة غير فقيه "، نظر ظاهر، فإنه رضي
الله عنه فقيه مجتهد لا شك في فقاهته، فقد كان يفتي في زمن
النبي صلى الله عليه وسلم وبعده، وكان يعارض ابن عباس
وفتواه، كما جاء في الخبر الصحيح أنه خالف ابن عباس في عدة
الحامل المتوفى عنها زوجها، حيث حكم ابن عباس بأبعد
الاجلين، وحكم هو بوضع الحمل.
وأبو حنيفة رحمه الله عمل بحديث أبي هريرة: " من أكل ناسيا
فليتم صومه " مع أن القياس عنده أنه يفطر، فترك القياس
لخبر أبي هريرة.
وانظر ما كتبه العلامة محمد بخيت المطيعي في حاشيته " سلم
الوصول " 3 / 767، 769.
(2/619)
يَتَزَوَّجُ بِهَا آخَرُ، ثُمَّ بَعْدَ
الدُّخُوْلِ فَارَقَهَا، فَتَزَوَّجَهَا الأَوَّلُ، هَلْ
تَبْقَى عِنْدَهُ عَلَى طَلْقَتَيْنِ كَمَا هُوَ قَوْلُ
عُمَرَ، وَغَيْرِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَمَالِكٍ،
وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ فِي المَشْهُوْرِ عَنْهُ،
أَوْ تُلْغَى تِلْكَ التَّطْلِيْقَةُ، وَتَكُوْنُ عِنْدَهُ
عَلَى الثَّلاَثِ.
كَمَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ،
وَأَبِي حَنِيْفَةَ، وَرِوَايَةٌ عَنْ عُمَرَ، بِنَاءً
عَلَى أَنَّ إِصَابَةَ الزَّوْجِ تَهْدِمُ مَا دُوْنَ
الثَّلاَثِ، كَمَا هَدَمَتْ إِصَابَتُهُ لَهَا الثَّلاَثَ.
فَالأَوَّلُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ إِصَابَةَ الزَّوْجِ
الثَّانِي، إِنَّمَا هِيَ غَايَةُ التَّحْرِيْمِ
الثَّابِتِ بِالطَّلاَقِ الثَّلاَثِ، فَهُوَ الَّذِي
يَرْتَفِعُ، وَالمُطَلَّقَةُ دُوْنَ الثَّلاَثِ لَمْ
تَحْرُمْ، فَلاَ تَرْفَعُ الإِصَابَةُ مِنْهَا شَيْئاً،
وَبِهَذَا أَفتَى أَبُو هُرَيْرَةَ.
فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: لَوْ أَفْتَيْتَ بِغَيْرِهِ،
لأَوْجَعْتُكَ ضَرْباً.
وَكَذَلِكَ أَفْتَى أَبُو هُرَيْرَةَ فِي دِقَاقِ
المَسَائِلِ مَعَ مِثْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَدْ عَمِلَ
الصَّحَابَةُ فَمَنْ بَعْدَهُمْ بِحَدِيْثِ أَبِي
هُرَيْرَةَ فِي مَسَائِلَ كَثِيْرَةٍ، تُخَالِفُ
القِيَاسَ، كَمَا عَمِلُوا كُلُّهُمْ بِحَدِيْثِهِ:
عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
أَنَّهُ قَالَ: (لَا تُنْكَحُ المَرْأَةُ عَلَى
عَمَّتِهَا، وَلاَ خَالَتِهَا) (1).
وَعَمِلَ أَبُو حَنِيْفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ،
وَغَيْرُهُمَا بِحَدِيْثِهِ: (أَنَّ مَنْ أَكَلَ نَاسِياً،
فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ (2))، مَعَ أَنَّ القِيَاسَ عِنْدَ
أَبِي حَنِيْفَةَ أَنَّهُ يُفْطِرُ، فَتَرَكَ القِيَاسَ
لِخَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ.
__________
(1) أخرجه مالك 2 / 532 في النكاح: باب ما لا يجمع بينه من
النساء، والبخاري 9 / 138 و139 في النكاح: باب لا تنكح
المرأة على عمتها، ومسلم (1408) في النكاح: باب تحريم
الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها في النكاح.
(2) أخرجه البخاري 4 / 134، 135 في الصوم: باب الصائم إذا
أكل أو شرب ناسيا، ومسلم (1155) في الصيام: باب أكل الناسي
وشبه وجماعه لا يفطر، من طريق هشام القردوسي، عن ابن
سيرين، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "
من نسي وهو صائم فأكل أو شرب، فليتم صومه، فإنما أطعه الله
وسقاه "، وأخرجه الترمذي (721)، وأبو داود (2398)، =
(2/620)
وَهَذَا مَالِكٌ عَمِلَ بِحَدِيْثِ أَبِي
هُرَيْرَةَ فِي غَسْلِ الإِنَاءِ سَبْعاً مِنْ وُلُوْغِ
الكَلْبِ (1) ، مَعَ أَنَّ القِيَاسَ عِنْدَهُ أَنَّهُ لاَ
يُغْسَلُ؛ لِطَهَارَتِهِ عِنْدَهُ.
بَلْ قَدْ تَرَكَ أَبُو حَنِيْفَةَ القِيَاسَ لِمَا هُوَ
دُوْنَ حَدِيْثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، فِي مَسْأَلَةِ
القَهْقَهَةِ، لِذَاكَ الخَبَرِ المُرْسَلِ (2) .
وَقَدْ كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَثِيْقَ الحِفْظِ، مَا
عَلِمْنَا أَنَّهُ أَخْطَأَ فِي حَدِيْثٍ.
بَقِيُّ بنُ مَخْلَدٍ: حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ،
حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ
المُنْكَدِرِ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ جَالِساً فِي الشَّمْسِ،
فَقَلُصَتْ عَنْهُ، فَلْيَتَحَوَّلْ عَنْ مَجْلِسِهِ (3).
__________
= وأخرج الدارقطني ص 237، والحاكم 1 / 430، والبيهقي 4 /
229 من حديث محمد بن عبد الله
الأنصاري، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من أفطر في رمضان ناسيا،
فلا قضاء عليه ولا كفارة " وإسناده حسن، وصححه ابن حبان
(906).
(1) أخرجه مالك 1 / 34 في الطهارة: باب جامع الوضوء،
والبخاري 1 / 239، 240 في الوضوء: باب إذا شرب الكلب في
إناء أحدكم فليغسله سبعا، ومسلم (279) (90) في الطهارة:
باب حكم ولوغ الكلب.
(2) أخرجه عبد الرزاق في " المصنف " (3761) عن معمر، عن
قتادة، عن أبي العاليه الرياحي " أن أعمى تردى في بئر،
والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي بأصحابه، فضحك بعض من كان
يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم، فأمر النبي صلى الله
عليه وسلم من كان ضحك منهم أن يعيد الوضوء والصلاة "،
وإسناده على إرساله صحيح، وأخرجه عبد الرزاق أيضا (3760)
عن هشام بن حسان، عن حفصة بنت سيرين، عن أبي العالية.
وانظر " نصب الراية " 1 / 47، 53.
(3) إسناده صحيح، وأخرجه أحمد 2 / 383، من طريق عفان،
حدثنا عبد الوارث، حدثنا محمد بن المنكدر، عن أبي
هريرة..وأخرجه أبو داود (4822)، والحميدي في " مسنده "
(1138) من طريق سفيان، قال: حدثنا محمد بن المنكدر، قال:
أخبرني من سمع أبا هريرة يقول: قال أبو القاسم...والاول
أصح بإسقاط الرجل المبهم، فإن ابن المنكدر سمع من أبي
هريرة، فالسند متصل.
(2/621)
بَقِيٌّ: حَدَّثَنَا طَالُوْتُ بنُ
عَبَّادٍ، حَدَّثَنَا أَبُو هِلاَلٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ
سِيْرِيْنَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-: (لَوْ آمَنَ بِي عَشْرَةٌ مِنْ أَحْبَارِ
يَهُوْدٍ، لآمَنَ بِي كُلُّ يَهُوْدِيٍّ عَلَى
الأَرْضِ (1)).
إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ: عَنْ قَيْسٍ، عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
لَمَّا قَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قُلْتُ فِي الطَّرِيْقِ:
يَا لَيْلَةً مِنْ طُوْلِهَا وَعَنَائِهَا ... عَلَى
أَنَّهَا مِنْ دَارَةِ الكُفْرِ نَجَّتِ
قَالَ: وَأَبَقَ لِي غُلاَمٌ، فَلَمَّا قَدِمْتُ
وَبَايَعْتُ، إِذْ طَلَعَ الغُلاَمُ، فَقَالَ
النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
(هَذَا غُلاَمُكَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟).
قُلْتُ: هُوَ حُرٌّ لِوَجْهِ اللهِ، فَأَعْتَقْتُهُ
(2) .
وَرَوَى: أَيُّوْبُ، عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ:
أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ لِبِنْتِهِ: لاَ
تَلْبَسِي الذَّهَبَ، فَإِنِّي أَخْشَى عَلَيْكِ
اللَّهَبَ (3).
__________
(1) وأخرجه البخاري 7 / 214 في هجرة النبي صلى الله
عليه وسلم: باب إتيان اليهود النبي صلى الله عليه وسلم
حين قدم المدينة من طريق مسلم بن إبراهيم، حدثنا قرة،
عن محمد، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال: " لو آمن بي عشرة من اليهود، لآمن بي اليهود ".
قال العلماء: المراد لو أسلم عشرة من رؤسائهم.
(2) أخرجه أحمد 2 / 286، والبخاري 5 / 117 في العتق:
باب إذا قال لعبده: هو لله، ونوى العتق، وابن سعد 4 /
325 من طريق أبي أسامة حماد بن أسامة، عن إسماعيل بن
أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن أبي هريرة.
وفي الشطر الأول من البيت خرم في التفعيلة الأولى، كأن
تمامه " ويا ليلة " أو " فيا ليلة " قال الزجاج: من
علل الطويل الخرم: وهو حذف فاء " فعولن ".
(3) إسناده صحيح، وهو في " المصنف " (19938)، وقوله
هذا محمول على سبيل الورع أو لدفع الخيلاء والفخر أو
غير ذلك، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أباح للنساء
لبس أنواع الحلي من الذهب كالطوق والخاتم والسوار
والخلخال والدمالج والقلائد، وهو مما لا خلاف فيه بين
المسلمين كما ذكر غير واحد من العلماء كالجصاص والكيا
الهراسي في " أحكام القرآن "، والبيهقي في =
(2/622)
الزُّهْرِيُّ: عَنْ سَالِمٍ، سَمِعَ أَبَا
هُرَيْرَةَ يَقُوْلُ:
سَأَلَنِي قَوْمٌ مُحْرِمُوْنَ عَنْ مُحِلِّيْنَ
أَهْدَوْا لَهُمْ صَيْداً، فَأَمَرْتُهُمْ بِأَكْلِهِ،
ثُمَّ لَقِيْتُ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ،
فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: لَوْ أَفْتَيْتَهُمْ
بِغَيْرِ هَذَا، لأَوْجَعْتُكَ (1) .
زَيْدُ بنُ الحُبَابِ: عَنْ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ
مُوْسَى، أَخْبَرَنَا نُعَيْمُ (2) بنُ المُحَرَّرِ
بنِ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ جَدِّهِ:
أَنَّهُ كَانَ لَهُ خَيْطٌ، فِيْهِ أَلْفَا عُقْدَةٍ،
لاَ يَنَامُ حَتَّى يُسَبِّحَ بِهِ.
شَبَابَةُ بنُ سَوَّارٍ: حَدَّثَنَا عَاصِمُ بنُ
مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيْهِ:
رَأَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَخْرُجُ يَوْمَ
الجُمُعَةِ، فَيَقْبِضُ عَلَى رُمَّانَتَيِ المِنْبَرِ
قَائِماً، وَيَقُوْلُ:
حَدَّثَنَا أَبُو القَاسِمِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- الصَّادِقُ المَصْدُوْقُ، فَلاَ يَزَالُ
يُحَدِّثُ حَتَّى يَسْمَعَ فَتْحَ بَابِ
المَقْصُوْرَةِ لِخُرُوْجِ الإِمَامَةِ، فَيَجْلِسُ
(3) .
أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا
الفَتْحُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ، أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ،
وَمُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ القَاضِي، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ بنُ المُسْلِمَةِ،
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ،
أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الفِرْيَابِيُّ،
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيْدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ
لَهِيْعَةَ، عَنْ أَبِي يُوْنُسَ،
__________
= " السنن الكبرى "، والنووي في " المجموع "، وابن حجر
في " فتح الباري "، وابن حجر الهيثمي في " الزواجر "،
والسندي في " حاشيته على النسائي ".
ورد الشيخ ناصر الدين الألباني في " آداب الزفاف " ص
149 الإجماع على جواز تحلي النساء بالذهب مطلقا بقول
أبي هريرة هذا رد متهافت في غاية السقوط، لأن المفهوم
من قول أبي هريرة حرمة الذهب على النساء مطلقا محلقا
أو غير محلق، بينما يرى الشيخ ناصر التفرقة بين ما هو
محلق فيحرم، وما هو غير محلق، فيباح.
(1) إسناده صحيح، وهو في " الموطأ " (787) في الحج:
باب ما يجوز للمحرم أكله من الصيد.
(2) كذا الأصل، وفي " تذكرة الحفاظ " 1 / 35: أبو
نعيم.
ولم أقف له على ترجمة.
(3) أخرجه الحاكم 3 / 512، وصححه، ووافقه الذهبي
المؤلف.
(2/623)
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ-:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
قَالَ: (وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ،
فِتَنٌ كَقِطَعِ اللَّيْلِ المُظْلِمِ، يُصْبِحُ
الرَّجُلُ فِيْهَا مُؤْمِناً، وَيُمْسِيْ كَافِراً،
يَبِيْعُ دِيْنَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا قَلِيْلٍ،
المُتَمَسِّكُ مِنْهُم عَلَى دِيْنِهِ، كَالقَابِضِ
عَلَى خَبَطِ الشَّوْكِ، أَوْ جَمْرِ الغَضَى (1)).
أَبُو يُوْنُسَ هَذَا: اسْمُهُ سُلَيْمُ بن جُبَيْرٍ،
مِنْ مَوَالِي أَبِي هُرَيْرَةَ، صَدُوْقٌ، وَهَذَا
أَعْلَى شَيْءٍ يَقَعُ لَنَا مِنْ حَدِيْثِ أَبِي
هُرَيْرَةَ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمٍ، وَالخَضِرُ بنُ
حَمَّوَيْه - إِجَازَةً - عَنْ أَبِي الفَرَجِ بنِ
كُلَيْبٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ بَيَانٍ، أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بنُ مَخْلَدٍ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ
الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ عَرَفَةَ،
حَدَّثَنَا عَمَّارُ بنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ الصَّلْتِ
بنِ قُوَيْدٍ الحَنَفِيِّ، سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ
يَقُوْلُ:
قَالَ رَسُوْل اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-: (لاَ تَقُوْمُ السَّاعَةُ حَتَّى لاَ
تَنْطِحُ ذَاتُ قَرْنٍ جَمَّاءَ (2)).
الصَّلْتُ هَذَا: كَنَّاهُ النَّسَائِيُّ أَبَا
الأَحْمَرِ، وَقَالَ: لاَ أَدْرِيْ كَيْفَ هُوَ؟
ثُمَّ ذَكَرَ لَهُ هَذَا الحَدِيْثَ، وَقَالَ: قَالَهُ
أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ - يَعْنِي المَرْوَزِيَّ -:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عَوْنٍ الخَرَّازُ، عَنْ
عَمَّارٍ.
__________
(1) ابن لهيعة سيء الحفظ، وباقي رجاله ثقات، وأخرجه
أحمد 2 / 390، 391 من طريق يحيى بن إسحاق، عن ابن
لهيعة، عن أبي يونس، عن أبي هريرة.
وخبط الشوك: ما يسقط منه، والغضى: نوع من الشجر، وهو
من أجود الوقود عند العرب.
وأخرج أبو داود (4249) من طريق محمد بن يحيى بن فارس،
عن عبيد الله بن موسى، عن شيبان، عن الأعمش، عن أبي
صالح، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:
" ويل للعرب من شر قد اقترب، أفلح من كف يده " وإسناده
صحيح.
(2) الجماء: التي لا قرنين لها، والحديث في " المسند "
2 / 442 من طريق عمار بن محمد، عن الصلت بن قويد، عن
أبي هريرة.
قال الحافظ في " تعجيل المنفعة ": 130:
الصلت بن قويد الحنفي: عن أبي هريرة، وعنه عمار بن
محمد، وعلي بن ثابت، وثقة ابن حبان، وقال النسائي:
حديثه منكر.
(2/624)
قُلْتُ: وَيَرْوِي عَنْهُ: عَلِيُّ بنُ
ثَابِتٍ الجَزَرِيُّ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الصَّلْتُ، عَنْ أَبِي
الأَحْمَرِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (1) .
قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: الصَّلْتُ بنُ قُوَيْدٍ،
يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، حَدَّثَنِي عَنْهُ
عَمَّارُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَعَلِيُّ بنُ ثَابِتٍ
الجَزَرِيُّ.
ابْنُ المُبَارَكِ: عَنْ وُهَيْبِ بنِ الوَرْدِ، عَنْ
سَلْمِ (2) بنِ بَشِيْرٍ:
أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ بَكَى فِي مَرَضِهِ، فَقِيْلَ:
مَا يُبْكِيْكَ؟
قَالَ: مَا أَبْكِي عَلَى دُنْيَاكُمْ هَذِهِ،
وَلَكِنْ عَلَى بُعْدِ سَفَرِي، وَقِلَّةِ زَادِي،
وَأَنِّي أَمْسَيْتُ فِي صُعُوْدٍ، وَمَهْبَطُهُ عَلَى
جَنَّةٍ أَوْ نَارٍ، فَلاَ أَدْرِي أَيُّهُمَا
يُؤْخَذُ بِي (3) ؟
مَالِكٌ: عَنِ المَقْبُرِيِّ، قَالَ:
دَخَلَ مَرْوَانُ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ فِي
شَكْوَاهُ، فَقَالَ: شَفَاكَ اللهُ يَا أَبَا
هُرَيْرَةَ.
فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّ لِقَاءكَ،
فَأَحِبَّ لِقَائِي.
قَالَ: فَمَا بَلَغَ مَرْوَانُ أَصْحَابَ القَطَا
حَتَّى مَاتَ (4) .
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا ثَابِتُ بنُ قَيْسٍ، عَنْ
ثَابِتِ بنِ مِسْحَلٍ، قَالَ: كَتَبَ
__________
(1) قال الحافظ في " تعجيل المنفعة ": وهي أي: أبي
الاحمر زيادة في السند، وأبو أحمر كنية الصلت، نبه
عليه العلائي.
(2) في الأصل: سلمة، وهو تحريف، وسلم بن بشير هذا
ترجمه ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " 4 / 266،
فقال: سلم بن بشير بن جحل (وقد تصحف في الطبقات إلى
حجل): روى عن عكرمة، ورجل عن أبي هريرة، روى عنه عبد
الوهاب بن الورد، وأبو عوانة، وعبد الوهاب
الخفاف..ونقل عن ابن معين قوله: لا بأس به.
(3) في " الطبقات " 4 / 339: فلا أدري إلى أيهما يسلك
بي.
وهو في " الحلية " 1 / 383.
(4) " طبقات ابن سعد " 4 / 339، و" تاريخ دمشق " لابن
عساكر 19 / 128 / 1.
وفي " الطبقات ": فما بلغ مروان وسط السوق حتى مات.
سير 2 / 40
(2/625)
الوَلِيْدُ إِلَى مُعَاوِيَةَ بِمَوْتِ
أَبِي هُرَيْرَةَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ:
انْظُرْ مَنْ تَرَكَ، فَأَعْطِهِمْ عَشْرَةَ آلاَفِ
دِرْهَمٍ، وَأَحْسِنْ جِوَارَهُمْ، فَإِنَّهُ كَانَ
مِمَّنْ نَصْرَ عُثْمَانَ، وَكَانَ مَعَهُ فِي
الدَّارِ (1) .
قَالَ عُمَيْرُ بنُ هَانِئ العَنْسِيُّ: قَالَ أَبُو
هُرَيْرَةَ: اللَّهُمَّ لاَ تُدْرِكْنِي سَنَةُ
سِتِّيْنَ (2) .
فَتُوُفِّيَ فِيْهَا، أَوْ قَبْلَهَا بِسَنَةٍ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: كَانَ يَنْزِلُ ذَا الحُلَيْفَةِ،
وَلَهُ بِالمَدِيْنَةِ دَارٌ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَى
مَوَالِيْهِ، وَمَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِيْنَ،
وَلَهُ ثَمَانٌ وَسَبْعُوْنَ سَنَةً، وَهُوَ صَلَّى
عَلَى عَائِشَةَ فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ ثَمَانٍ
وَخَمْسِيْنَ.
قَالَ: وَهُوَ صَلَّى عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ فِي
شَوَّالٍ، سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِيْنَ (3) .
قُلْتُ: الصَّحِيْحُ خِلاَفُ هَذَا.
وَرَوَى: سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ هِشَامِ بنِ
عُرْوَةَ:
أَنَّ عَائِشَةَ، وَأَبَا هُرَيْرَةَ مَاتَا سَنَةَ
سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ، قَبْلَ مُعَاوِيَةَ
بِسَنَتَيْنِ.
تَابَعَهُ: يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ، وَابْنُ
المَدِيْنِيِّ، وَخَلِيْفَةُ، وَالمَدَائِنِيُّ،
وَالفَلاَّسُ (4).
__________
(1) " طبقات ابن سعد " 4 / 340، و" المستدرك " 3 /
508.
(2) رجاله ثقات.
وذكره الحافظ في " الفتح " 13 / 8 في شرحه لحديث أبي
هريرة المرفوع:
" هلكة أمتي على يدي غلمة من قريش "، ونسبه لابن أبي
شيبة بلفظ: " إن أبا هريرة كان يمشي في السوق، ويقول:
اللهم لا تدركني سنة ستين ولا إمارة الصبيان " وقال:
وفي هذا إشارة إلى أن أول الاغيلمة كان في سنة ستين،
وهو كذلك، فإن يزيد بن معاوية استخلف فيها، وبقي إلى
سنة 64، فمات، ثم ولي ولده معاوية، ومات بعد أشهر.
(3) " طبقات ابن سعد " 4 / 340، 341.
(4) قال الحافظ في " الإصابة " 12 / 79: وهو المعتمد.
(2/626)
وَقَالَ أَبُو مَعْشَرٍ، وَضَمْرَةُ،
وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَغْرَاءَ، وَالهَيْثَمُ،
وَغَيْرُهُمْ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ.
وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ، وَأَبُو عُمَرَ الضَّرِيْرُ،
وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ
نُمَيْرٍ: سَنَةَ تِسْعٍ، كَالوَاقِدِيِّ.
وَقِيْلَ: صَلَّى عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ الأَمِيْرُ
الوَلِيْدُ بنُ عُتْبَةَ، بَعْدَ العَصْرِ،
وَشَيَّعَهُ ابْنُ عُمَرَ، وَأَبُو سَعِيْدٍ، وَدُفِنَ
بِالبَقِيْعِ (1) .
وَقَدْ ذَكَرْتُهُ فِي (طَبَقَاتِ القُرَّاءِ)،
وَأَنَّهُ قَرَأَ عَلَى أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ.
أَخَذَ عَنْهُ: الأَعْرَجُ، وَأَبُو جَعْفَرٍ،
وَطَائِفَةٌ.
وَذَكَرْتُهُ فِي (تَذْكِرَةِ الحُفَّاظِ)، فَهُوَ
رَأْسٌ فِي القُرْآنِ، وَفِي السُّنَّةِ، وَفِي
الفِقْهِ.
قَالَ أَبُو القَاسِمِ النَّحَّاسُ: سَمِعْتُ أَبَا
بَكْرٍ بنِ أَبِي دَاوُدَ يَقُوْلُ:
رَأَيْتُ فِي النَّوْمِ - وَأَنَا بِسِجِسْتَانَ
أُصَنِّفُ حَدِيْثَ أَبِي هُرَيْرَةَ - أَبَا
هُرَيْرَةَ كَثَّ اللِّحْيَةِ، أَسْمَرَ، عَلَيْهِ
ثِيَابٌ غِلاَظٌ، فَقُلْتُ لَهُ: إِنِّي أُحِبُّكَ.
فَقَالَ: أَنَا أَوَّلُ صَاحِبِ حَدِيْثٍ كَانَ فِي
الدُّنْيَا.
فِي (الكُنَى) لأَبِي أَحْمَدَ (2) : أَبُو بُكَيْرٍ
إِبْرَاهِيْمُ، عَنْ رَجُلٍ:
أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- كَانَ
إِذَا اسْتَثْقَلَ رَجُلاً، قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ
لَهُ، وَأَرِحْنَا
__________
(1) " طبقات ابن سعد " 4 / 339، 340.
(2) كتاب " الكنى " لأبي أحمد محمد بن محمد بن أحمد
الحاكم النيسابوري، شيخ، صاحب، " المستدرك "، وقد
اختصره المؤلف، وزاد عليه، وسماه " المقتنى في سرد
المكتنى " ومنه نسخة في " المكتبة الأحمدية " بحلب
برقم (328)، وأخرى في " مكتبة فيض الله " باستنابول
برقم (1531)، وثالثة في مكتبة الاوقاف ببغداد، برقم 1
/ 972 مجاميع.
(2/627)
مِنْهُ.
حَدَّثَ بِهَذَا: بِشْرُ بنُ المُفَضَّلِ، عَنْ
مُحَمَّدٍ صَاحِبِ السَّاجِ، عَنْ أَبِي بُكَيْرٍ،
قَالَ ابْنُ سِيْرِيْنَ:
تَمَخَّطَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَعَلَيْهِ ثَوْبُ
كَتَّانٍ، فَقَالَ: بَخٍ بَخٍ، أَبُو هُرَيْرَةَ
يَتَمَخَّطُ فِي الكَتَّانِ، لَقَدْ رَأَيْتُنِي
أَخِرُّ فِيْمَا بَيْنَ مِنْبَرِ رَسُوْلِ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَحُجْرَةِ
عَائِشَةَ، يَجِيْءُ الرَّجُلُ يَظُنُّ بِي جُنُوْناً
(1) .
شُعْبَةُ: عَنْ مُحَمَّدِ بنِ زِيَادٍ: رَأَيْتُ عَلَى
أَبِي هُرَيْرَةَ كِسَاءَ خَزٍّ (2) .
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: نَشَأْتُ يَتِيْماً،
وَهَاجَرْتُ مِسْكِيْناً (3) .
قَيْسُ بنُ الرَّبِيْعِ: عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ
خَبَّابِ بنِ عُرْوَةَ، رَأَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ،
وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ (4) .
وَفِي (سُنَنِ النَّسَائِيِّ): أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ
دَعَا لِنَفْسِهِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ
عِلْماً لاَ يُنْسَى.
فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-: (آمِيْنَ) (5).
قَالَ الدَّانِيُّ: عَرَضَ أَبُو هُرَيْرَةَ القُرْآنَ
عَلَى أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ.
قَرَأَ عَلَيْهِ: الأَعْرَجُ.
قَالَ سُلَيْمَانُ بنُ مُسْلِمِ بنِ جَمَّازٍ (6) ،
سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ يَحْكِي لَنَا قِرَاءةَ
__________
(1) صحيح، وقد تقدم في الصفحة 590 التعليق رقم (3).
(2) أخرجه ابن سعد 4 / 333 من طريق الفضل بن دكين، عن
شعبة، وإسناده صحيح.
(3) أخرجه أبو نعيم في " الحلية " 1 / 379.
(4) أخرجه ابن سعد 4 / 333 من طريق الفضل بن دكين، عن
قيس بن الربيع.
(5) ذكره الحافظ في " الإصابة " 12 / 74، ونسبه إلى
النسائي في العلم من كتاب " السنن "، وجود إسناده.
وانظر ص 616 ت (2).
(6) جماز: بالجيم والزاي مع تشديد الميم: أبو الربيع
الزهري مولاهم المدني مقرئ المدينة بعد نافع، مات بعد
السبعين ومئة.
(2/628)
أَبِي هُرَيْرَةَ فِي : {إِذَا الشَّمْسُ
كُوِّرَتْ } يُحَزِّنُهَا شِبْهَ الرِّثَاءِ.
مَعْمَرٌ: عَنْ أَيُّوْبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ:
أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ لابْنَتِهِ: لاَ
تَلْبَسِي الذَّهَبَ، فَإِنِّي أَخْشَى عَلَيْكِ
اللَّهَبَ (1).
هَذَا صَحِيْحٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَكَأَنَّهُ
كَانَ يَذْهَبُ إِلَى تَحْرِيْمِ الذَّهَبِ عَلَى
النِّسَاءِ أَيْضاً، أَوْ أَنَّ المَرْأَةَ إِذَا
كَانَتْ تَخْتَالُ فِي لُبْسِ الذَّهَبِ وَتَفْخَرُ،
فَإِنَّهُ يَحْرُمُ، كَمَا فِيْمَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ
خُيَلاَءَ.
معَاذُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُعَاذِ بنِ أُبَيٍّ: عَنْ
أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ،
قَالَ:
كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ جَرِيْئاً عَلَى النَّبِيِّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَسْأَلُهُ عَنْ
أَشْيَاءَ لاَ نسَأَلُهُ عَنْهَا (2) .
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ،
كُنْتَ أَلْزَمَنَا لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَعْلَمَنَا بِحَدِيْثِهِ (3) .
قَالَ ابْنُ حَزْمٍ فِي كِتَابِ (الإِحْكَامِ، فِي
أُصُوْلِ الأَحْكَامِ): المُتَوَسِّطُوْنَ فِيْمَا
رُوِيَ عَنْهُم مِنَ الفَتَاوَى:
عُثْمَانُ، أَبُو هُرَيْرَةَ، عَبْدُ اللهِ بنُ
عَمْرِو بنِ العَاصِ، أُمُّ سَلَمَةَ، أَنَسٌ، أَبُو
سَعِيْدٍ، أَبُو مُوْسَى، عَبْدُ اللهِ بنُ
الزُّبَيْرِ، سَعْدُ بنُ أَبِي وَقَّاصٍ، سَلْمَانُ،
جَابِرٌ، مُعَاذٌ، أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيْقُ.
فَهُمْ ثَلاَثَةَ عَشَرَ فَقَط، يُمْكِنُ أَنْ
يُجْمَعَ مِنْ فُتْيَا كُلِّ امْرِئٍ مِنْهُم جُزْءٌ
صَغِيْرٌ.
__________
(1) تقدم تخريجه في الصفحة 622 تعليق رقم (3).
(2) معاذ وأبوه لا يعرفان.
(3) هو في " سنن الترمذي " (3836)، و" تاريخ دمشق "
لابن عساكر 19 / 118 / 2، وقد مر.
(2/629)
وَيُضَافُ إِلَيْهِمْ: الزُّبَيْرُ،
طَلْحَةُ، عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عِمْرَانُ بنُ
حُصَيْنٍ، أَبُو بَكْرٍ الثَّقَفِيُّ، عُبَادَةُ بنُ
الصَّامِتِ، مُعَاوِيَةُ.
ثُمَّ بَاقِي الصَّحَابَةِ مُقِلُّوْنَ فِي الفُتْيَا،
لاَ يُرْوَى عَنِ الوَاحِدِ إِلاَّ المَسْأَلَةُ
وَالمَسْأَلَتَانِ.
ثُمَّ سَرَدَ ابْنُ حَزْمٍ عِدَّةً مِنَ الصَّحَابَةِ،
مِنْهُم: أَبُو عُبَيْدَةَ، وَأَبُو الدَّرْدَاءِ،
وَأَبُو ذَرٍّ، وَجَرِيْرٌ، وَحَسَّانٌ.
مِزْوَدُ أَبِي هُرَيْرَةَ:
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: حَدَّثَنَا المُهَاجِرُ مَوْلَى
آلِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِي العَالِيَةِ، عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
أَتَيْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- بِتَمَرَاتٍ، فَقُلْتُ: ادْعُ لِي
فِيْهِنَّ يَا رَسُوْلَ اللهِ بِالبَرَكَةِ.
فَقَبَضَهُنَّ، ثُمَّ دَعَا فِيْهِنَّ بِالبَرَكَةِ،
ثُمَّ قَالَ: (خُذْهُنَّ، فَاجْعَلْهُنَّ فِي
مِزْوَدٍ، فَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُنَّ،
فَأَدْخِلْ يَدَكَ، فَخُذْ، وَلاَ تَنْثُرْهُنَّ
نَثْراً).
فَقَالَ: فَحَمَلْتُ مِنْ ذَلِكَ التَّمْرِ كَذَا
وَكَذَا وَسْقاً فِي سَبِيْلِ اللهِ، وَكُنَّا
نَأْكُلُ وَنُطْعِمُ، وَكَانَ المِزْوَدُ مُعَلَّقاً
بَحَقْوِي، لاَ يُفَارِقُ حَقْوِي، فَلَمَّا قُتِلَ
عُثْمَانُ انْقَطَعَ (1) .
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ، غَرِيْبٌ.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ،
أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ قُدَامَةَ،
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ الطُّوْسِيُّ، وَشُهْدَةُ،
وَتَجْنِي (2) الوَهْبَانِيَّةُ، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا طِرَادٌ
__________
(1) هو في " المسند " 2 / 352، و" جامع الترمذي "
(3839)، وحسنه، وهو كما قال.
والوسق: مكيلة معلومة عندهم، يقال: هو حمل بعير، وهو
ستون صاعا بصاع النبي صلى الله عليه وسلم.
والحقو: معقد الازار.
(2) تحرفت في المطبوع إلى " مجنى ".
(2/630)
الزَّيْنَبِيُّ، أَخْبَرَنَا هِلاَلٌ
الحَفَّارُ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنَا
حَفْصُ بنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا سَهْلُ بنُ زِيَادٍ
أَبُو زِيَادٍ، حَدَّثَنَا أَيُّوْبُ
السَّخْتِيَانِيُّ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ، قَالَ:
كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- فِي غَزَاةٍ، فَأَصَابَهُمْ عَوَزٌ مِنَ
الطَّعَامٍ، فَقَالَ: (يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، عِنْدَكَ
شَيْءٌ؟).
قُلْتُ: شَيْءٌ مِنْ تَمْرٍ فِي مِزْوَدٍ لِي.
قَالَ: (جِئْ بِهِ).
فَجِئْتُ بِالمِزْوَدِ، فَقَالَ: (هَاتِ نِطْعاً).
فَجِئْتُ بِالنِّطْعِ، فَبَسَطَهُ، فَأَدْخَلَ يَدَهُ،
فَقَبَضَ عَلَى التَّمْرِ، فَإِذَا هُوَ إِحْدَى
وَعِشْرُوْنَ تَمْرَةً.
قَالَ: ثُمَّ قَالَ: (بِسْمِ اللهِ).
فَجَعَلَ يَضَعُ كُلَّ تَمْرَةٍ وَيُسَمِّي، حَتَّى
أَتَى عَلَى التَّمْرِ، فَقَالَ بِهِ هَكَذَا،
فَجَمَعَهُ، فَقَالَ: (ادْعُوا فُلاَناً،
وَأَصْحَابَهُ).
فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا، وَخَرَجُوا.
ثُمَّ قَالَ: (ادْعُوا فُلاَناً، وَأَصْحَابَهُ).
فَأَكَلُوا، وَشَبِعُوا، وَخَرَجُوا.
ثُمَّ قَالَ: (ادْعُوا فُلاَناً، وَأَصْحَابَهُ).
فَأَكَلُوا، وَشَبِعُوا، وَخَرَجُوا، وَفَضَلَ تَمْرٌ.
فَقَالَ لِي: (اقْعُدْ).
فَقَعَدْتُ، فَأَكَلْتُ، وَفَضَلَ تَمْرٌ، فَأَخَذَهُ،
فَأَدْخَلَهُ فِي المِزْوَدِ، فَقَالَ: (يَا أَبَا
هُرَيْرَةَ، إِذَا أَرَدْتَ شَيْئاً، فَأَدْخِلْ
يَدَكَ، فَخُذْ، وَلاَ تَكْفَأْ، فَيُكْفَأَ عَلَيْكَ
(1)).
قَالَ: فَمَا كُنْتُ أُرِيْدُ تَمْراً إِلاَّ
أَدْخَلْتُ يَدِي، فَأَخَذْتُ مِنْهُ خَمْسِيْنَ
وَسْقاً فِي سَبِيْلِ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- فَكَانَ
مُعَلَّقاً خَلْفَ رَحْلِي، فَوَقَعَ فِي زَمَانِ
عُثْمَانَ بنِ عَفَّانَ، فَذَهَبَ.
__________
(1) وأورده ابن كثير في " البداية " 6 / 117، عن
البيهقي، من طريق حفص بن عمرو، عن سهل بن زياد أبي
زياد، عن أيوب السختياني، عن محمد بن سيرين، عن أبي
هريرة.
ورواه البيهقي أيضا من طريقين، عن سهل بن أسلم العدوي،
عن يزيد بن أبي منصور، عن أبيه، عن أبي هريرة بنحوه.
وأخرج الامام أحمد 2 / 324، من طريق أبي عامر، حدثنا
إسماعيل بن مسلم، عن أبي المتوكل، عن أبي هريرة، قال:
أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا من تمر،
فجعلته في مكتل، فعلقناه في سقف البيت، فلم نزل نأكل
منه حتى كان آخره إصابة أهل الشام، حيث أغاروا
بالمدينة.
(2/631)
هَذَا حَدِيْثٌ غَرِيْبٌ.
تَفَرَّدَ بِهِ: سَهْلٌ، وَهُوَ صَالِحٌ - إِنْ شَاءَ
اللهُ - وَهُوَ فِي (أَمَالِي ابْنِ شَمْعُوْنَ)، عَنْ
أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سَلْمٍ، عَنْ حَفْصٍ
الرَّبَالِيِّ (1) .
مُسْنَدُهُ: خَمْسَةُ آلاَفٍ وَثَلاَثُ مائَةٍ
وَأَرْبَعَةٌ وَسَبْعُوْنَ حَدِيْثاً.
المُتَّفَقُ فِي البُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ مِنْهَا:
ثَلاَثُ مائَةٍ وَسِتَّةٌ وَعِشْرُوْنَ.
وَانْفَرَدَ البُخَارِيُّ: بِثَلاَثَةٍ وَتِسْعِيْنَ
حَدِيْثاً، وَمُسْلِمٌ: بِثَمَانِيَةٍ وَتِسْعِيْنَ
حَدِيْثاً.
__________
(1) بفتح الراء وتخفيف الموحدة: وهو حفص بن عمرو
المذكور في السند، ثقة عابد، من رجال " التهذيب ".
(2/632)
جَاءَ فِي آخِرِ المُجَلَّدِ الثَّالِثِ
مِنَ الأَصْلِ الَّذِي اعْتَمَدْنَاهُ مَا نَصُّهُ:
تَمَّ الجُزْءُ الثَّالِثُ مِنْ كِتَابِ (سِيَرِ
أَعْلاَمِ النُّبَلاَءِ)، لِلشَّيْخِ، الإِمَامِ،
النَّاقِدِ، البَارِعِ، شَيْخِ المُحَدِّثِيْنَ،
شَمْسِ الدِّيْنِ، أَبِي عَبْدِ اللهِ، مُحَمَّدِ بنِ
أَحْمَدَ بنِ عُثْمَانَ الذَّهَبِيِّ - أَمْتَعَ اللهُ
بِحَيَاتِهِ، وَنَفَعَ المُسْلِمِيْنَ بِبَرَكَتِهِ -.
وَيَتْلُوْهُ فِي الجُزْءِ الرَّابِعِ: تَرْجَمَةُ
أَبِي بَكْرَةَ الثَّقَفِيِّ؛ مَوْلَى النَّبِيِّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وَكَانَ الفَرَاغُ مِنْ نَسْخِهِ لَيْلَةَ الجُمُعَةِ،
مُسْتَهَلَّ شَهْرِ شَعْبَانَ المُبَارَكِ، سَنَةَ
تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَسَبْعِ مائَةٍ.
وَالحَمْدُ للهِ وَحْدَهُ، وَصَلَوَاتُهُ عَلَى
سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلِّمْ
تَسْلِيْماً.
سَيَبْقَى الخَطُّ بَعْدِي فِي الكِتَابِ ...
وَتَبْلَى اليَدُ مِنِّي فِي التُّرَابِ
فَيَا لَيْتَ الَّذِي يَقْرَا كِتَابِي ... دَعَا لِي
بِالخَلاَصِ مِنَ الحِسَابِ
كَتَبْتُ هَذِهِ النُّسْخَةَ المُبَارَكَةَ مِنْ
نُسْخَةٍ بِخَطِّ: المُصَنِّفِ، الشَّيْخِ، الإِمَامِ
الأَوْحَدِ، الحُجَّةِ، إِمَامِ المُحَدِّثِيْنَ،
مُؤَرِّخِ الإِسْلاَمِ، شَمْسِ الدِّيْنِ، أَبِي
عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ عُثْمَانَ
الذَّهَبِيِّ - فَسَحَ اللهُ فِي مُدَّتِهِ، وَنَفَعَ
المُسْلِمِيْنَ بِبَرَكَتِهِ، بِمُحَمَّدٍ وَآلِهِ
وَعِتْرَتِهِ -.
(2/633)
|