سير أعلام
النبلاء، ط الرسالة الطَّبَقَةُ السَّابِعَةُ
91 - سُلَيْمَانُ بنُ كَثِيْرٍ العَبْدِيُّ البَصْرِيُّ *
(ع)
الحَافِظُ، إِمَامٌ مَشْهُوْرٌ، ثِقَةٌ.
حَدَّثَ عَنِ: الزُّهْرِيِّ، وَعَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ،
وَحُصَيْنِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ.
رَوَى عَنْهُ: أَخُوْهُ؛ مُحَمَّدُ بنُ كَثِيْرٍ، وَابْنُ
مَهْدِيٍّ، وَحَبَّانُ، وَعَفَّانُ، وَأَبُو سَلَمَةَ،
وَسَعِيْدُ بنُ سُلَيْمَانَ الوَاسِطِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ النَّسَائِيُّ: لاَ بَأْسَ بِهِ، يُكْنَى: أَبَا
دَاوُدَ، وَحَدِيْثُه عَنِ الزُّهْرِيِّ فِيْهِ شَيْءٌ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: ضَعِيْفُ الحَدِيْثِ.
وَقَالَ الذُّهْلِيُّ: سَكنَ البَصْرَةَ، وَمَا رَوَى عَنِ
الزُّهْرِيِّ، فَإِنَّهُ قَدِ اضْطَرَبَ فِي أَشْيَاءَ،
وَهُوَ فِي غَيْر الزُّهْرِيِّ أَثْبَتُ.
وَقَالَ العُقَيْلِيُّ: سُلَيْمَانُ بنُ كَثِيْرٍ
الوَاسِطِيُّ، كَذَا نَسَبَهُ، وَقَالَ: مُضْطَرِبُ
__________
= بعضهم. قال في " المغني ": 6 / 211: إن الجدة من قبل
الاب، إذا كان ابنها حيا ورثا، فإن عمر، وابن مسعود، وأبا
موسى، وعمران بن الحصين، وأبا الطفيل - رضي الله عنهم -
ورثوها مع ابنها، وبه قال شريح، والحسن، وابن سيرين، وجابر
بن زيد، والعنبري، وإسحاق، وابن المنذر، وهو ظاهر مذهب
أحمد بن حنبل - رضي الله عنه - وقال زيد بن ثابت: لا ترث.
وروي ذلك عن عثمان وعلي - رضي الله عنهما - وبه قال مالك
والثوري والاوزاعي وسعيد بن عبد العزيز والشافعي وابن جابر
وأبو ثور، وأصحاب الرأي، وهو رواية عن أحمد، رواه عنه
جماعة من أصحابه.
(وانظر: مصنف عبد الرزاق: 10 / 276 - 279).
(1) انظر تعريف " الجعديات ". صفحة: 284، حا: 1.
(*) التاريخ الكبير: 4 / 33 - 34، الضعفاء: خ: 163، الجرح
والتعديل: 4 / 138، المجروحين والضعفاء: 1 / 334، الكامل
لابن عدي: خ: 321، تهذيب الكمال: خ: 548، تذهيب التهذيب:
خ: 2 / 54، ميزان الاعتدال: 2 / 220 - 221، تهذيب التهذيب:
4 / 215 - 216، خلاصة تذهيب الكمال: 154.
(7/294)
الحَدِيْثِ.
وَرَوَى عَنْ: حُصَيْنٍ، وَحُمَيْدٍ الطَّوِيْلِ
أَحَادِيْثَ لاَ يُتَابَعُ عَلَيْهَا، مِنْهَا:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَيُّوْبَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بنُ كَثِيْرٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ كَثِيْرٍ،
حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيْلُ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ
نُبَيْطٍ - امْرَأَةِ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ - عَنْ ضُبَاعَةَ
بِنْتِ الزُّبَيْرِ:
أَنَّهَا أَتَتِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- فَأَمَرَهَا أَنْ تَشْتَرِطَ.
وَهَذَا جَاءَ عَنِ: ابْنِ عَبَّاسٍ، وَجَابِرٍ،
وَعَائِشَةَ (1) ، بِأَسَانِيْدَ صَالِحَةٍ.
قُلْتُ: وَالإِسْنَادُ المَذْكُوْرُ أَيْضاً مَعَ
غَرَابَتِهِ صَالِحٌ، وَسُلَيْمَانُ: حَسَنُ الحَدِيْثِ،
مُخَرَّجٌ لَهُ فِي الصِّحَاحِ، وَلَيْسَ هُوَ
بِالمُكْثِرِ.
مَاتَ: فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ.
92 - مُحَمَّدُ بنُ مُطَرِّفِ بنِ دَاوُدَ أَبُو غَسَّانَ
المَدَنِيُّ *(ع)
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الحُجَّةُ، أَبُو غَسَّانَ
المَدَنِيُّ.
__________
(1) حديث ضباعة في " سنن " البيهقي: 5 / 222. وأخرجه ابن
ماجه: (2937)، من طريق ابن أبي شيبة، عن محمد بن فضيل
ووكيع، عن هشام بن عروة، عن أبيه.
وأخرجه الطيالسي في " مسنده "، والدار قطني في " سننه "،
من حديث عكرمة، عن ابن عباس، عن ضباعة، به.
وحديث ابن عباس، أخرجه أبو داود: (1776)، ومسلم: (1208)،
والترمذي: (941)، والنسائي: 5 / 168، وابن ماجه: (2938).
وحديث عائشة، أخرجه البخاري: 9 / 144، ومسلم: (1207)
ولفظه: قالت: دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على
ضباعة بنت الزبير، فقال لها: " أردت الحج ؟ " قالت: والله
ما أجدني إلا وجعة. فقال لها: حجي واشترطي، وقولي: اللهم
محلي حيث حبستني ".
ومعنى الحديث: أحرمي بالحج، واجعلي شرطا في حجك عند
الاحرام، وهو: اشتراط التحلل متى احتجت إليه.
وقوله: " محلي حيث حبستني "، أي: موضع إحلالي من الأرض حيث
حبستني، أي: هو المكان الذي عجزت عن الاتيان بالمناسك
وانحبست عنها بسبب قوة المرض.
وحديث جابر، أخرجه البيهقي في " السنن ": 5 / 222.
(*) التاريخ الكبير: 1 / 236، الجرح والتعديل: 8 / 100،
تاريخ بغداد: 3 / 295 - 297، تهذيب الكمال: خ: 1272 -
1273، تذكرة الحفاظ: 1 / 242، الوافي بالوفيات: 5 / 34،
تهذيب التهذيب: 9 / 461 - 462، طبقات الحفاظ: 102، خلاصة
تذهيب الكمال: 359. شذرات الذهب: 1 / 258.
(7/295)
وُلِدَ: قَبْلَ المائَةِ.
وَرَوَى عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ المُنْكَدِرِ، وَحَسَّانِ بنِ
عَطِيَّةَ، وَأَبِي حَازِمٍ الأَعْرَجِ، وَصَفْوَانَ بنِ
سُلَيْمٍ، وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ - وَهُوَ مِنْ
شُيُوْخِهِ - وَابْنُ وَهْبٍ، وَآدَمُ بنُ أَبِي إِيَاسٍ،
وَسَعِيْدُ بنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَعَلِيُّ بنُ عَيَّاشٍ،
وَعَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، وَآخَرُوْنَ.
وَلَهُ وِفَادَةٌ عَلَى المَهْدِيِّ، فَحدَّثَ
بِبَغْدَادَ.
وَثَّقَهُ: أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَغَيْرُهُ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: قِيْلَ: إِنَّهُ مِنْ
مَوَالِي عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-
وَقَد نَزَلَ عَسْقَلاَنَ.
قُلْتُ: مَا ظَفِرتُ لَهُ بِوَفَاةٍ، وَكَأَنَّهُ
تُوُفِّيَ سَنَةَ بِضْعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ.
أَخْبَرَنَا ابْنُ قُدَامَةَ فِي كِتَابِهِ، وَطَائِفَةٌ،
قَالُوا:
أَنْبَأَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا هِبَةُ
اللهِ بنُ الحُصَيْنِ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ
مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ،
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ الهَيْثَمِ، حَدَّثَنَا
عَلِيُّ بنُ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ
مُطَرِّفٍ، عَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بنِ
يَسَارٍ، عَنْ عَائِشَةَ:
عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
قَالَ: (طَهُوْرُ كُلِّ أَدِيْمٍ دِبَاغُهُ) (1) .
93 - هَمَّامُ بنُ يَحْيَى بنِ دِيْنَارٍ العَوْذِيُّ
المُحَلِّمِيُّ * (ع)
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الصَّدُوْقُ، الحُجَّةُ، أَبُو
بَكْرٍ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ
__________
(1) رجاله ثقات، وإسناده صحيح، وصححه غير واحد.
(*) طبقات ابن سعد: 7 / 282، تاريخ خليفة: 437، التاريخ
الكبير: 8 / 237، التاريخ الصغير: 2 / 154 - 155، المعرفة
والتاريخ: 1 / 150، 2 / 167، 281، الضعفاء: خ: 453، الجرح
والتعديل: 9 / 107 - 109، تهذيب الكمال: خ: 1448، 1449،
تذهيب التهذيب: خ: 4 / 122، تذكرة الحفاظ: 1 / 201، عبر
الذهبي: 1 / 242 - 243، تهذيب التهذيب: 11 / 67 - 70،
طبقات الحفاظ: 76 - 87، خلاصة تذهيب الكمال: 411، شذرات
الذهب: 258 1.
(7/296)
العَوْذِيُّ، المُحَلِّمِيُّ، البَصْرِيُّ.
وَبَنُوْ عَوْذٍ: بَطْنٌ مِنَ الأَزْدِ، وَهُوَ مِنْ
مَوَالِيْهِم، وَكَانَ أَبُوْهُ قَصَّاباً بِالبَصْرَةِ.
وُلِدَ: بَعْدَ الثَّمَانِيْنَ.
وَحَدَّثَ عَنِ: الحَسَنِ، وَأَنَسِ بنِ سِيْرِيْنَ،
وَعَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَنَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ
عُمَرَ، وَيَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ، وَأَبِي جَمْرَةَ
الضُّبَعِيِّ، وَأَبِي عِمْرَانَ الجَوْنِيِّ، وَأَبِي
التَّيَّاحِ، وَثَابِتٍ البُنَانِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ
زَيْدٍ، وَقَتَادَةَ، وَزَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، وَإِسْحَاقَ
بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي طَلْحَةَ، وَابْنِ جُحَادَةَ،
وَشَقِيْقٍ أَبِي لَيْثٍ، وَمَطَرٍ الوَرَّاقِ، وَخَلْقٍ.
وَيَنْزِلُ إِلَى: زِيَادِ بنِ سَعْدٍ، وَإِلَى: سُفْيَانَ
بنِ عُيَيْنَةَ، وَذَلِكَ فِي (أَبِي دَاوُدَ)،
وَ(النَّسَائِيِّ).
حَدَّثَ عَنْهُ: سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ - مَعَ
تَقَدُّمِهِ - وَابْنُ المُبَارَكِ، وَابْنُ عُلَيَّةَ،
وَوَكِيْعٌ، وَيَزِيْدُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
مَهْدِيٍّ، وَأَبُو عَلِيٍّ الحَنَفِيُّ، وَالمُقْرِئُ،
وَعَبْدُ اللهِ بنُ رَجَاءَ الغُدَانِيُّ، وَأَبُو
نُعَيْمٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ سِنَانٍ العَوَقِيُّ، وَأَبُو
الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيُّ، وَعَفَّانُ، وَعَمْرُو بنُ
عَاصِمٍ، وَحَبَّانُ بنُ هِلاَلٍ، وَحَجَّاجُ بنُ
مِنْهَالٍ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَمُسْلِمُ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ، وَعَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، وَأَبُو سَلَمَةَ
التَّبُوْذَكِيُّ، وَشَيْبَانُ بنُ فَرُّوْخٍ، وَهُدْبَةُ
بنُ خَالِدٍ، وَسَهْلُ بنُ بَكَّارٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ
كَثِيْرٍ العَبْدِيُّ، وَأَبُو عُمَرَ الحَوْضِيُّ،
وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
أَخْبَرَنَا ابْنُ عَسَاكِرَ، أَنْبَأَنَا أَبُو رَوْحٍ،
أَنْبَأَنَا تَمِيْمٌ، أَنْبَأَنَا أَبُو سَعْدٍ،
أَنْبَأَنَا أَبُو عَمْرٍو الحِيْرِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو
يَعْلَى، حَدَّثَنَا هُدْبَةُ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ،
حَدَّثَنَا أَبُو جَمْرَةَ الضُّبَعِيُّ، عَنْ أَبِي
بَكْرٍ، عَنْ أَبِيْهِ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
قَالَ: (مَنْ صَلَّى البَرْدَيْنِ، دَخَلَ الجَنَّةَ) (1).
__________
(1) إسناده صحيح.
وأبو بكر هو: أبن أبي موسى الأشعري، عبد الله بن قيس.
وأخرجه البخاري: 2 / 43، في المواقيت: باب فضل صلاة الفجر،
ومسلم: (635)، في المساجد: باب فضل صلاتي الصبح والعصر
والمحافظة عليهما، كلاهما من طريق هدبة، أو هداب بن خالد
الأزدي، عن همام بن يحيى، عن أبي جمرة، به.
والبردان هما: صلاة الفجر والعصر. قال =
(7/297)
رَوَى: عُمَرُ بنُ شَبَّةَ، عَنْ عَفَّانَ،
قَالَ:
كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ يَعترِضُ عَلَى هَمَّامٍ فِي
كَثِيْرٍ مِنْ حَدِيْثِهِ، فَلَمَّا قَدِمَ مُعَاذُ بنُ
هِشَامٍ، نَظَرْنَا فِي كُتُبِهِ، فَوَجَدْنَاهُ يُوَافقُ
هَمَّاماً فِي كَثِيْرٍ مِمَّا كَانَ يَحْيَى يُنكِرُهُ،
فَكَفَّ يَحْيَى بَعْدُ عَنْهُ.
وَقَالَ يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ: كَانَ هَمَّامٌ قَويّاً
فِي الحَدِيْثِ.
وَرَوَى: صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، عَنْ
أَبِيْهِ، قَالَ:
هَمَّامٌ ثَبتٌ فِي كُلِّ المَشَايِخِ.
وَقَالَ الأَثْرَمُ: قُلْتُ لأَبِي عَبْدِ اللهِ: هَمَّامٌ
أَيْش تَقُوْلُ فِيْهِ؟
فَقَالَ: كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَرضَاهُ.
أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ، قَالَ:
هَمَّامٌ عِنْدِي فِي الصِّدْقِ، مِثْلُ ابْنِ أَبِي
عَرُوْبَةَ.
ثُمَّ قَالَ أَحْمَدُ: هَمَّامٌ ثِقَةٌ، وَهُوَ أَثْبَتُ
مِنْ أَبَانَ فِي يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ.
وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ
يَرْوِي عَنْ أَبَانٍ العَطَّارِ، وَلاَ يَرْوِي عَنْ
هَمَّامٍ، وَكَانَ هَمَّامٌ أَفْضَلَ عِنْدَنَا.
وَرَوَى: الحُسَيْنُ بنُ الحَسَنِ الرَّازِيُّ، عَنِ ابْنِ
مَعِيْنٍ:
ثِقَةٌ، صَالِحٌ، وَهُوَ فِي قَتَادَةَ أَحَبُّ إِلَيَّ
مِنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ.
وَرَوَى: أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ، عَنْ يَحْيَى، قَالَ:
هَمَّامٌ فِي قَتَادَةَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَبِي
عَوَانَةَ، هَمَّامٌ، ثُمَّ أَبُو عَوَانَةَ، ثُمَّ
أَبَانُ، ثُمَّ حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ فِي أَصْحَابِ
قَتَادَةَ (1) : كَانَ هِشَامٌ أَرْوَاهُم عَنْهُ،
__________
= الخطابي: سميتا بردين لانهما تصليان في بردي النهار،
وهما طرفاه حين يطيب الهواء وتذهب سورة الحر.
(1) في " تهذيب التهذيب ": 11 / 69: " لما ذكر أصحاب قتادة
".
(7/298)
وَكَانَ سَعِيْدٌ أَعْلَمَهُم بِهِ،
وَكَانَ شُعْبَةُ أَعْلَمَهُم بِمَا سَمِعَ قَتَادَةُ،
وَمَا لَمْ يَسْمَعْ، وَلَمْ يَكُنْ هَمَّامٌ عِنْدِي
بِدُونِ القَوْمِ فِي قَتَادَةَ، وَلَمْ يَكُنْ لِيَحْيَى
بنِ سَعِيْدٍ رَأْيٌ فِيْهِ، وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ
حَسَنَ الرَّأْيِ فِيْهِ.
عُمَرُ بنُ شَبَّةَ: حَدَّثَنَا الفَلاَّسُ، قَالَ:
حَدَّثَ ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنِ ابْنِ أَبِي
عَرُوْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ بِحَدِيْثٍ، فَأَنْكَرَهُ
يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ، وَقَالَ: لَمْ يَصْنَعِ ابْنُ أَبِي
عَرُوْبَةَ شَيْئاً.
فَقَالَ عَفَّانُ - وَكَانَ حَاضِراً -: حَدَّثَنَا
هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فَسَكَتَ يَحْيَى، فَعَجِبْنَا
مَنْ يَحْيَى، حَيْثُ يُحَدِّثُه ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ
سَعِيْدٍ، فَيُنْكِرُهُ، وَحَيْثُ حَدَّثَهُ عَفَّانُ عَنْ
هَمَّامٍ، فَسَكَتَ.
قُلْتُ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ يَحْيَى تَغَيَّرَ
رَأْيُه بِأَخَرَةٍ فِي هَمَّامٍ، أَوْ أَنَّهُ لَمَّا
رَأَى اتِّفَاقَهُمَا عَلَى حَدِيْثٍ، اطْمَأَنَّ.
أَبُو الوَلِيْدِ، وَحَبَّانُ: أَنَّ هَمَّاماً قَالَ:
إِنِّيْ لأَسْتَحْيِي مِنَ اللهِ أَنْ أَنظُرَ فِي
الكِتَابِ، وَأَحْفَظَ الحَدِيْثَ لَكِي أُحَدِّثَ
النَّاسَ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: قَالَ ابْنُ
مَهْدِيٍّ:
ظَلَمَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ هَمَّاماً، لَمْ يَكُنْ لَهُ
بِهِ عِلْمٌ، وَلَمْ يُجَالِسْهُ، فَقَالَ فِيْهِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمَّارٍ: سَمِعْتُ
يَحْيَى القَطَّانَ يَقُوْلُ:
أَلاَ تَعْجَبُ مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَقُوْلُ: مَنْ
فَاتَه شُعْبَةُ، سَمِعَ مِنْ هَمَّامٍ، وَكَانَ يَحْيَى
لاَ يَعْبَأُ بِهَمَّامٍ؟!
وَقَالَ أَحْمَدُ: قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ:
ذَكَرَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ عَاصِمَ بنَ سَعِيْدٍ الَّذِي
رَوَى عَنْهُ قَتَادَةُ، فَقَالَ يَحْيَى - كَأَنَّهُ
يَحْمِلُ عَلَى هَمَّامٍ -: قَدْ أَدخَلَ بَيْنَ
قَتَادَةَ، وَبَيْنَ سَعِيْدٍ.
قَالَ: فَجَعَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَضْحَكُ.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَرْعَرَةَ لِيَحْيَى: حَدَّثَنَا
عَفَّانُ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، فَقَالَ لَهُ: اسْكُتْ
وَيْحَكَ!
(7/299)
قَالَ عَمْرُو بنُ عَلِيٍّ: الأَثبَاتُ
مِنْ أَصْحَابِ قَتَادَةَ: سَعِيْدٌ، وَهِشَامٌ،
وَشُعْبَةُ، وَهَمَّامٌ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أَخْبَرَنِي إِسْحَاقُ بنُ
يُوْسُفَ - أَظُنُّه عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ -
عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
شَهِدَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ فِي حَدَاثتِهِ شَهَادَةً -
وَكَانَ هَمَّامٌ عَلَى العَدَالَةِ -يَعْنِي: فَلَمْ
يَعدِلْ يَحْيَى، فَتَكَلَّمَ فِيْهِ يَحْيَى لِهَذَا.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ: هَمَّامٌ ثَبْتٌ فِي
قَتَادَةَ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ المِنْهَالِ: سَمِعْتُ يَزِيْدَ بنَ
زُرَيْعٍ يَقُوْلُ:
هَمَّامٌ حِفْظُه رَدِيْءٌ، وَكِتَابُهُ صَالِحٌ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: ثِقَةٌ، رُبَّمَا غَلِطَ.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لاَ بَأْسَ بِهَمَّامٍ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سُئِلَ أَبِي عَنْ هَمَّامٍ،
وَأَبَانٍ، قَالَ:
هَمَّامٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مَا حدَّثَ مِنْ كِتَابِهِ،
وَإِذَا حَدَّثَ مِنْ حِفْظِه، تَقَارَبَا فِي الحِفْظِ
وَالغَلَطِ (1) .
وَقَالَ أَيْضاً: سَأَلْتُ أَبِي عَنْ هَمَّامٍ، فَقَالَ:
ثِقَةٌ، صَدُوْقٌ، فِي حِفْظِه شَيْءٌ، وَهُوَ فِي
قَتَادَةَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ،
وَأَبَانٍ.
قَالَ عَفَّانُ: عَنْ هَمَّامٍ: إِذَا رَأَيتُم فِي
حَدِيْثِي لَحْناً، فَقَوِّمُوْهُ، فَإِنَّ قَتَادَةَ
كَانَ لاَ يَلحَنُ.
قَالَ الحَافِظُ عَبْدُ اللهِ بنُ عَدِيٍّ: وَهَمَّامٌ
أَشْهَرُ وَأَصدقُ مِنْ أَنْ يُذكَرَ لَهُ حَدِيْثٌ،
وَأَحَادِيْثُه مُسْتقِيْمَةٌ عَنْ قَتَادَةَ، وَهُوَ
مُقَدَّمٌ فِي يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ.
وَقَعَ لَنَا حَدِيْثُ هَمَّامٍ عَالِياً فِي (صِفَةِ
النِّفَاقِ) لِلْفِرْيَابِيِّ (2) ، وَقَدْ أَوْرَدْتُهُ
__________
(1) الخبر والذي بعده في الجرح والتعديل 9 / 109.
(2) هو العلامة الحافظ أبو بكر جعفر بن محمد بن الحسن،
قاضي الدينور، وصاحب =
(7/300)
فِي أَمَاكِنَ، وَهَمَّامٌ مِمَّنْ جَاوَزَ
القَنطرَةَ، وَاحْتجَّ بِهِ أَربَابُ الصِّحَاحِ.
رَوَى: البُخَارِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ مَحْبُوْبٍ:
وَفَاتُهُ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: مَاتَ فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ
أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ.
وَقَالَ شُرَيْحُ بنُ النُّعْمَانِ: قَدِمتُ البَصْرَةَ
سَنَةَ أَرْبَعٍ أَوْ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ- شَكَّ -
فَقِيْلَ لِي: مَاتَ هَمَّامٌ مُنْذُ جُمُعَةٍ أَوْ
جُمُعَتَيْنِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ المُطَهِّرِ، أَنْبَأَنَا
عَبْدُ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا تَمِيْمُ بنُ
أَبِي سَعِيْدٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو سَعْدٍ، أَنْبَأَنَا
ابْنُ حَمْدَانَ، أَنْبَأَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا
هُدْبَةُ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ
أَبِي عِيْسَى الأُسْوَارِيِّ (1) ، عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ
الخُدْرِيِّ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
نَهَى عَنِ الشُّرْبِ قَائِماً، أَوْ نَحْوِ ذَاكَ.
رَوَاهُ: مُسْلِمٌ (2) ، عَنْ هُدْبَةَ بنِ خَالِدٍ.
94 - أَبُو مِخْنَفٍ لُوْطُ بنُ يَحْيَى الكُوْفِيُّ *
صَاحِبُ تَصَانِيْفٍ وَتَوَارِيْخٍ.
رَوَى عَنْ: جَابِرٍ الجُعْفِيِّ، وَمُجَالِدِ بنِ
سَعِيْدٍ، وَصَقْعَبِ (3) بنِ زُهَيْرٍ، وَطَائِفَةٍ مِنَ
المَجْهُوْلِيْنَ.
__________
= التصانيف، رحل من الترك إلى مصر، وحدث عن خلائق كثيرين،
وروى عنه غير واحد، وكان ثقة مأمونا.
توفي سنة (301 ه) انظر: التذكرة: 692 - 694. وكتابه " صفة
النفاق " مطبوع بمصر بمطبعة المنار، سنة (1349 ه).
(1) الاسواري، بضم الهمزة، وسكون السين: نسبة إلى الاساورة
من تميم.
(2) (2205)، في الاشربة: باب كراهية الشرب قائما.
(*) التاريخ الكبير: 7 / 252، المعارف: 537، الضعفاء: خ:
369، الجرح والتعديل: 7 / 182، الفهرست: المقالة الثالثة
الفن الأول، معجم الأدباء: 17 / 41 - 43، ميزان الاعتدال:
3 / 419 - 420، فوات الوفيات: 3 / 225 - 226، لسان
الميزان: 4 / 492 - 493 (3) الجرح والتعديل: 7 / 182.
(7/301)
وَعَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
مَغْرَاءَ، وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ المَدَائِنِيُّ.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: لَيْسَ بِثِقَةٍ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَتْرُوْكُ الحَدِيْثِ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: أَخْبَارِيٌّ ضَعِيْفٌ (1) .
قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ،
وَهُوَ مِنْ بَابَةِ (2) سَيْفِ بنِ عُمَرَ (3)
التَّمِيْمِيِّ، صَاحِبِ (الرِّدَّةِ)، وَعَبْدِ اللهِ بنِ
عَيَّاشٍ المَنْتُوْفِ (4) ، وَعَوَانَةَ بنِ الحَكَمِ
(5).
95 - سُفْيَانُ بنُ حُسَيْنِ بنِ الحَسَنِ الوَاسِطِيُّ *
(4)
الحَافِظُ، الصَّدُوْقُ، أَبُو مُحَمَّدٍ الوَاسِطِيُّ.
حَدَّثَ عَنِ: الحَسَنِ، وَمُحَمَّدِ بنِ سِيْرِيْنَ،
وَالحَكَمِ بنِ عُتَيْبَةَ، وَالزُّهْرِيِّ، وَإِيَاسِ بنِ
مُعَاوِيَةَ.
رَوَى عَنْهُ: شُعْبَةُ، وَهُشَيْمٌ، وَعَبَّادُ بنُ
العَوَّامِ، وَيَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ، وَعُمَرُ بنُ
عَبْدِ اللهِ بنِ رَزِيْنٍ، وَجَمَاعَةٌ.
__________
(1) وقال المؤلف في " الميزان " 3 / 419، " أخباري تالف لا
يوثق به ".
(2) قال ابن السكيت: البابة عند العرب: الوجه، ومراد
المؤلف أن أبا مخنف مساو لهؤلاء الثلاثة في الضعف
والمنزلة.
(3) في الأصل: " محمد "، وهو خطأ، صوابه من " ميزان "
المؤلف، وقد نقل تضعيفه فيه عن يحيى بن معين، وأبي داود،
وأبي حاتم، وقال ابن عدي: عامة حديثه منكر.
(4) ترجمته في " الميزان ": 2 / 470، وقال: أخباري صدوق.
(5) تقدمت ترجمته: صفحة: 201، وجاء في " لسان الميزان ": 4
/ 386: أنه كان عثمانيا وكان يضع الاخبار لبني أمية.
(*) طبقات ابن سعد: 7 / 312، طبقات خليفة: 326، التاريخ
الكبير: 4 / 89 وفيه " سفيان بن حصين "، الجرح والتعديل: 4
/ 227 - 228، كتاب المجروحين: 1 / 358، تاريخ بغداد: 9 /
149 - 151، تهذيب الكمال: خ: 513، تذهيب التهذيب: خ: 2 /
32، تاريخ الإسلام: 6 / 185 - 186، تهذيب التهذيب: 4 / 107
- 109، خلاصة تذهيب الكمال: 145.
(7/302)
وَقَدْ وَثَّقَهُ: جَمَاعَةٌ، فِي سِوَى
مَا يَرْوِيْهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ، فَإِنَّهُ يَضْطَّرِبُ
فِيْهِ، وَيَأْتِي بِمَا يُنْكَرُ.
رَوَى: عَبَّاسٌ، عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ، قَالَ:
لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، وَلَيْسَ مِنْ أَكَابِرِ أَصْحَابِ
الزُّهْرِيِّ.
وَرَوَى: أَحْمَدُ بنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، عَنِ ابْنِ
مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ، كَانَ يُؤَدِّبُ المَهْدِيَّ،
وَحَدِيْثُهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ فَقَطْ لَيْسَ بِذَاكَ،
إِنَّمَا سَمِعَ مِنْهُ بِالمَوْسِمِ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الحَدِيْثِ، وَلاَ
يُحْتَجُّ بِهِ، هُوَ نَحْوُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ.
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: الإِنصَافُ فِي أَمْرِهِ
تَنَكُّبُ مَا رَوَى عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَالاحْتِجَاجُ
بِمَا رَوَى عَنْ غَيْرِه، وَذَاكَ أَنَّ صَحِيْفَةَ
الزُّهْرِيِّ اخْتلَطَتْ عَلَيْهِ، فَكَانَ يَأْتِي بِهَا
عَلَى التَّوهُّمِ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ فِي خِلاَفَةِ أَبِي جَعْفَرٍ، سَنَةَ
نَيِّفٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ، وَوَقَعَ لَهُ نَحْوُ
ثَلاَثِ مائَةِ حَدِيْثٍ.
96 - صَالِحُ بنُ أَبِي الأَخْضَرِ اليَمَامِيُّ * (4)
مُحَدِّثٌ مَشْهُوْرٌ، مِنْ أَهْلِ اليَمَامَةِ، سَكَنَ
البَصْرَةَ.
وَحَدَّثَ عَنِ: ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَنَافِعٍ
العُمَرِيِّ، وَابْنِ المُنْكَدِرِ، وَالزُّهْرِيِّ.
__________
(*) طبقات ابن سعد: 7 / 272، التاريخ الكبير: 4 / 273،
التاريخ الصغير: 2 / 101،: الضعفاء: خ: 176، الجرح
والتعديل: 4 / 394 - 395، كتاب المجروحين: 1 / 368 - 369،
تهذيب الكمال: خ: 594 - 595، تذهيب التهذيب: خ: 2 / 85،
تاريخ الإسلام: 6 / 201، ميزان الاعتدال: 2 / 288، تهذيب
التهذيب: 4 / 380 - 382، طبقات المدلسين: 19، خلاصة تذهيب
الكمال: 169 - 170.
(7/303)
وَعَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
مَهْدِيٍّ، وَرَوْحٌ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَمُسْلِمُ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ، وَجَمَاعَةٌ.
ضَعَّفَهُ: ابْنُ مَعِيْنٍ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ: لَيِّنٌ.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: ضَعِيْفُ الحَدِيْثِ، كَانَ
عِنْدَهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ كِتَابَانِ، أَحَدُهُمَا
عَرْضٌ، وَالآخَرُ مُنَاوَلَةٌ (1) ، فَاخْتَلَطَا
جَمِيْعاً، فَلاَ يُعْرُفُ هَذَا مِنْ هَذَا.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ قَبْلَ شُعْبَةَ (2).
97 - سَعِيْدُ بنُ بَشِيْرٍ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ
الأَزْدِيُّ * (4)
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الصَّدُوْقُ، الحَافِظُ، أَبُو
عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَزْدِيُّ مَوْلاَهُم، البَصْرِيُّ،
نَزِيْلُ دِمَشْقَ.
وَقِيْلَ: دِمَشْقِيٌّ، رَحلَ بِهِ أَبُوْهُ إِلَى
البَصْرَةِ.
حَدَّثَ عَنْ: قَتَادَةَ، وَعَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ،
وَالزُّهْرِيِّ، وَأَبِي الزُّبَيْرِ.
وَعَنْهُ: الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ، وَأَبُو مُسْهِرٍ،
وَأَسَدُ بنُ مُوْسَى، وَأَبُو الجَمَاهِرِ، وَيَحْيَى
الوُحَاظِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ بَكَّارِ بنِ بِلاَلٍ،
وَخَلْقٌ.
__________
(1) القراءة على الشيخ حفظا، أو من كتاب تسمى عرضا عند
الجمهور، والرواية بها سائغة عند العلماء.
والمناولة: أن يعطي الشيخ للطالب أصل سماعه، أو فرعا
مقابلا به، ويقول له: هذا سماعي عن فلان فاروه عني، أو
أجزت لك روايته عني، ثم يبقيه معه ملكا له، أو يعيره إياه
لينسخه ويقابل به.
أو يأتيه الطالب بكتاب من سماعه فيتأمله، ثم يقول: ارو عني
هذا. (انظر: الباعث الحثيث: 110، 123).
(2) كانت وفاة شعبة سنة (160 ه).
انظر ترجمته: الصفحة: 202.
(*) طبقات خليفة: 316، التاريخ الكبير: 3: 360، الضعفاء:
خ: 148 - 150، الجرح والتعديل: 4 / 6 - 47، كتاب
المجروحين: 1 / 319، تاريخ ابن عساكر: خ: 7 / 77 ب، تهذيب
الكمال: خ: 481 - 482، تذهيب التهذيب: خ: 2 / 13 - 14،
ميزان الاعتدال: 2 / 128 - 130، عبر الذهبي: 1 / 253،
تهذيب التهذيب: 4 / 8 - 10، خلاصة تذهيب الكمال: 136،
طبقات المفسرين: 1 / 180 - 181، شذرات الذهب: 1 / 265 -
266، تهذيب ابن عساكر: 6 / 123 - 124.
(7/304)
قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: لَمْ يَكُنْ فِي
بَلَدِنَا أَحَدٌ أَحْفَظَ مِنْهُ، وَهُوَ مُنْكَرُ
الحَدِيْثِ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَحَلُّهُ الصِّدْقُ.
سَأَلْتُ أَحْمَدَ بنَ صَالِحٍ: كَيْفَ هَذِهِ الكَثْرَةُ
لَهُ عَنْ قَتَادَةَ؟
قَالَ: كَانَ أَبُوْهُ شَرِيْكاً لأَبِي عَرُوْبَةَ،
فَأَقدمَ ابْنَه سَعِيْداً البَصْرَةَ، فَبَقِيَ يَطلُبُ
مَعَ سَعِيْدِ بنِ أَبِي عَرُوْبَةَ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ قَدَرِيّاً.
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ: لَيْسَ بِالقَوِيِّ.
وَقَالَ بَقِيَّةُ: سَأَلْتُ شُعْبَةَ عَنْ سَعِيْدِ بنِ
بَشِيْرٍ، فَقَالَ: ذَاكَ صَدُوْقُ اللِّسَانِ.
وَقَالَ مَرْوَانُ الطَّاطَرِيُّ: سَمِعْتُ ابْنَ
عُيَيْنَةَ يَقُوْلُ:
حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ بَشِيْرٍ، وَكَانَ حَافِظاً.
وَقَالَ دُحَيْمٌ: يُوَثِّقُونَهُ، كَانَ حَافِظاً.
وَأَمَّا ابْنُ مَهْدِيٍّ، فَرَوَى عَنْهُ، ثُمَّ تَرَكَ.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لاَ يُحتَجُّ بِهِ، وَمَحَلُّهُ
الصِّدْقُ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ: يَتَكَلَّمُوْنَ فِي حِفْظِه.
وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ، وَالنَّسَائِيُّ: ضَعِيْفٌ.
وَقَالَ أَبُو الجَمَاهِرِ: مَا كَانَ قَدَرِيّاً، مَعَاذَ
اللهِ.
مَاتَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ.
قَالَهُ: أَبُو الجَمَاهِرِ، وَمُحَمَّدُ بنُ بَكَّارٍ.
وَقَالَ هِشَامُ بنُ عَمَّارٍ: سَنَةَ تِسْعٍ.
98 - ثَابِتُ بنُ يَزِيْدَ أَبُو زَيْدٍ البَصْرِيُّ
الأَحْوَلُ * (ع)
الحَافِظُ، المُتْقِنُ، الإِمَامُ، أَبُو زَيْدٍ
البَصْرِيُّ، الأَحْوَلُ.
__________
(*) التاريخ الكبير: 2 / 172، الجرح والتعديل: 2 / 460،
تهذيب الكمال: خ: 176 - 177، تذهيب التهذيب: خ: 1 / 97،
ميزان الاعتدال: 1 / 368 - 369، عبر الذهبي: 1 / 257،
تهذيب التهذيب: 2 / 18، خلاصة تذهيب الكمال: 57، شذرات
الذهب: 1 / 270.
(7/305)
حَدَّثَ عَنْ: عَاصِمٍ الأَحْوَلِ،
وَهِلاَلِ بنِ خَبَّابٍ، وَحُمَيْدٍ، وَطَبَقَتِهِم مِنْ
صِغَارِ التَّابِعِيْنَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ،
وَعَفَّانُ، وَعَارِمٌ، وَأَبُو سَلَمَةَ
التَّبُوْذَكِيُّ، وَجَمَاعَةٌ.
مَاتَ: فِي الكُهُولَة، فَلَمْ يَشتهِرْ، وَهُوَ مِنْ
نُظَرَاءِ وُهَيْبٍ وَأَقْرَانِهِ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ
وَمائَةٍ، بِالبَصْرَةِ.
أَمَّا:
99 - ثَابِتُ بنُ يَزِيْدَ أَبُو السَّرِيِّ الأَوْدِيُّ *
فَكُوْفِيٌّ، قَدِيْمٌ، ضَعَّفُوهُ.
يَرْوِي عَنْ: عَمْرِو بنِ مَيْمُوْنٍ الأَوْدِيِّ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ إِدْرِيْسَ: لَيْسَ بِذَاكَ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: حَدَّثَنَا عَنْهُ يَحْيَى
بنُ سَعِيْدٍ.
وَقَالَ عَلِيٌّ: سَأَلْتُ يَحْيَى عَنْهُ، فَقَالَ:
وَسَطٌ، إِنَّمَا أَتَيْتُهُ مَرَّةً، فَأَمْلَى عَلَيَّ.
قُلْتُ: وَرَوَى عَنْهُ شَرِيْكٌ، فَقَالَ: عَنْ ثَابِتٍ
أَبِي السَّرِيِّ الزَّعْفَرَانِيِّ.
100 - المُقَنَّعُ عَطَاءٌ السَّاحِرُ العَجَمِيُّ **
هُوَ عَطَاءٌ المُقَنَّعُ، السَّاحِرُ، العَجَمِيُّ،
الَّذِي ادَّعَى الرُّبُوْبِيَّة مِنْ طَرِيْقِ
__________
(*) الكامل لابن عدي: خ: 112، تهذيب الكمال: خ: 177، تذهيب
التهذيب: خ: 1 / 97، ميزان الاعتدال: 1 / 368، تهذيب
التهذيب: 1 / 18 - 19، خلاصة تذهيب الكمال: 57.
(* *) المعرفة والتاريخ: 1 / 149، الكامل لابن الأثير: 6 /
51 - 52، وفيات الأعيان: =
(7/306)
المنَاسِخِ، وَرَبطَ النَّاسَ
بِالخَوَارِقِ وَالأَحْوَالِ الشَّيْطَانِيَّةِ،
وَالإِخبَارِ عَنْ بَعْضِ المُغَيَّبَاتِ، حَتَّى ضَلَّ
بِهِ خَلاَئِقُ مِنَ الصُّمِّ وَالبُكْمِ.
وَادَّعَى أَنَّ اللهَ تَحوَّلَ إِلَى صُوْرَةِ آدَمَ،
وَلِذَلِكَ أَمرَ المَلاَئِكَةَ بِالسُّجُودِ لَهُ،
وَأَنَّهُ تَحوَّلَ إِلَى صُوْرَةِ نُوْحٍ، ثُمَّ
إِبْرَاهِيْمَ، وَإِلَى حُكَمَاءِ الأَوَائِلِ، ثُمَّ
إِلَى صُوْرَةِ أَبِي مُسْلِمٍ صَاحِبِ الدَّعْوَةِ، ثُمَّ
إِلَيْهِ، فَعَبَدُوْه، وَحَارَبُوا دُوْنَهُ، مَعَ مَا
شَاهَدُوا مِنْ قُبْحِ صُوْرتِهِ، وَسَمَاجَةِ وَجْهِهِ
المُشَوَّهِ.
كَانَ أَعْوَرَ، قَصِيْراً، أَلْكَنَ (1) ، اتَّخَذَ
وَجْهاً مِنَ الذَّهَبِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالُوا:
المُقَنَّعُ.
وَمِمَّا أَضَلَّهُم بِهِ مِنَ المَخَارِيقِ: قَمَرٌ ثَانٍ
يَرَوْنَهُ فِي السَّمَاءِ، حَتَّى كَانَ يَرَاهُ
المُسَافِرُوْنَ مِنْ مَسِيْرَةِ شَهْرَيْنِ، وَفِي ذَلِكَ
يَقُوْلُ أَبُو العَلاَءِ بنُ سُلَيْمَانَ:
أَفِقْ أَيُّهَا البَدْرُ المُقَنَّعُ رَأْسُهُ ...
ضَلاَلٌ وَغَيٌّ مِثْلُ بَدْرِ المُقَنَّعِ (2)
وَلابْنِ سَنَاءِ المُلْكِ:
إِلَيْكَ فَمَا بَدْرُ المُقَنَّعِ طَالِعاً ...
بِأَسْحَرَ مِنْ أَلْحَاظِ بَدْرِي المُعَمَّمِ (3)
وَلَمَّا اسْتفحَلَ البَلاَءُ بِهَذَا الخَبِيْثِ،
تَجَهَّزَ الجَيْشُ إِلَى حَرْبِه، وَحَاصَرُوْهُ فِي
قَلْعَتِهِ بِطَرَفِ خُرَاسَانَ.
وَقِيْلَ: بِمَا وَرَاءَ النَّهرِ، انْتُدِبَ لِحَرْبِهِ
مُتَولِّي
__________
= 3 / 263 - 265، عبرا لذهبي: 1 / 235، 240 - 241، البداية
والنهاية: 10 / 145 - 146، شذرات الذهب: 1 / 248 - 249.
(1) رجل ألكن: بين اللكن، وهو الذي لا يقيم العربية من
عجمة في لسانه.
(2) البيت في " شروح سقط الزند " (ط القاهرة: 1948): 4 /
1544 وفيه: " أفق إنما..."، وهو من القصيدة السادسة
والستين التي خاطب فيها أبا أحمد عبد السلام بن الحسين
البصري، ومطلعها: تحية كسرى في السناء وتبع * لربعك لا
أرضى تحية أربع (3) الديوان: 2 / 282 (تحقيق محمد إبراهيم
نصر: القاهرة: 1969)، وهو من قصيدة مدح بها الملك المعظم
شمس الدولة توران شاه، مطلعها:
تقنعت لكن بالحبيب المعمم * وفارقت لكن كل عيش مذمم
(7/307)
خُرَاسَانَ مُعَاذُ بنُ مُسْلِمٍ،
وَجِبْرِيْلُ الأَمِيْرُ، وَلَيْثٌ مَوْلَى المَهْدِيِّ،
وَالقَلْعَةُ هِيَ مِنْ أَعْمَالِ كَشٍّ (1) ، وَطَالَ
الحِصَارُ نَحْوَ عَامَيْنِ، فَلَمَّا أَحسَّ المَلعُوْنُ
بِالهَلاَكِ، مَصَّ سُمّاً، وَسَقَى حَظَايَاهُ السُّمَّ،
فَمَاتُوا، وَأُخِذَتِ القَلْعَةُ، وَقُطِعَ رَأْسُهُ،
وَبَعَثَوا بِهِ عَلَى قَنَاةٍ إِلَى المَهْدِيِّ، فِي
سَنَةِ ثَلاَثٍ وَسِتِّيْنَ، فَوَافَاهُ بِحَلَبَ، وَهُوَ
يُجهِّزُ العَسَاكِرَ لِغَزْوِ الرُّوْمِ مَعَ وَلَدِه
هَارُوْنَ الرَّشِيْدِ، فَكَانَتْ غَزْوَةً عُظْمَى (2).
101 - ابْنُ عُلاَثَةَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ
العُقَيْلِيُّ * [د، س، ق (3)]
قَاضِي الخِلاَفَةِ، أَبُو اليَسِيْرِ مُحَمَّدُ بنُ
عَبْدِ اللهِ بنِ عُلاَثَةَ العُقَيْلِيُّ، الجَزَرِيُّ.
عَنْ: عَبْدَةَ بنِ أَبِي لُبَابَةَ، وَعَبْدِ الكَرِيْمِ
بنِ مَالِكٍ، وَخُصَيْفٍ، وَالأَوْزَاعِيِّ، وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ: ابْنُ المُبَارَكِ، وَوَكِيْعٌ، وَحَرَمِيُّ بنُ
حَفْصٍ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ الأُوَيْسِيُّ، وَعَمْرُو بنُ
الحُصَيْنِ.
وَلِيَ القَضَاءَ لِلْمَهْدِيِّ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: ثِقَةٌ - إِنْ شَاءَ اللهُ -
حَرَّانِيُّ، وَلِيَ مَعَهُ القَضَاءَ عَافِيَةُ (4) .
وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ.
__________
(1) كش، بفتح الكاف، وتشديد الشين: قرية على ثلاثة فراسخ
من جرجان، على جبل.
(2) انظر: " العبر " للذهبي: 1 / 240 - 241، " تاريخ دول
الإسلام " 109، " النجوم الزاهرة ": 2 / 38، " شذرات الذهب
": 1 / 248 - 249.
(*) طبقات ابن سعد: 7 / 323، طبقات خليفة: 320، التاريخ
الكبير: 1 / 132 - 133، التاريخ الصغير: 2 / 187، الجرح
والتعديل: 7 / 302، المجروحين والضعفاء: 2 / 279، تاريخ
بغداد: 5 / 388 - 391، الكامل لابن الأثير: 6 / 80، تهذيب
الكمال: خ: 1222 - 1223، تذهيب التهذيب: خ: 3 / 220، ميزان
الاعتدال: 3 / 594 - 595، الوافي بالوفيات: 3 / 306 - 307،
تهذيب التهذيب: 9 / 269 - 271، خلاصة تذهيب الكمال: 346.
(3) ما بين حاصرتين مستدرك من " التهذيب ".
(4) انظر ترجمته في الصفحة: 398، وما بعدها.
(7/308)
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لاَ يُحتَجُّ بِهِ.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: صَالِحُ الحَدِيْثِ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ: فِي حِفْظِه نَظَرٌ.
وَقَالَ الأَزْدِيُّ: حَدِيْثُه يَدلُّ عَلَى كَذِبِهِ.
مَاتَ ابْنُ عُلاَثَةَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ
وَمائَةٍ.
وَيُقَالُ لَهُ: قَاضِي الجِنِّ.
قِيْلَ: حَكَمَ بَيْنَهُم وَبَيْنَ الإِنْسِ فِي مَاءِ
بِئْرٍ، فَحَكَمَ لِلْجِنِّ أَنْ يَسْتَقُوا بِاللَّيْلِ،
فَكَانَ مَنِ اسْتَقَى بَعْدَ المَغْرِبِ، جَاءهُ
الرَّجْمُ.
102 - المَاجَشُوْنُ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عَبْدِ اللهِ
التَّيْمِيُّ *(ع)
ابْنِ أَبِي سَلَمَةَ مَيْمُوْنٍ - وَقِيْلَ: دِيْنَارٍ -
الإِمَامُ، المُفْتِي الكَبِيْرُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ،
وَأَبُو الأَصْبَغِ التَّيْمِيُّ مَوْلاَهُم، المَدَنِيُّ،
الفَقِيْهُ، وَالِدُ المُفْتِي عَبْدِ المَلِكِ بنِ
المَاجَشُوْنِ، صَاحِبِ مَالِكٍ، وَابْنِ عَمِّ يُوْسُفَ
بنِ يَعْقُوْبَ المَاجَشُوْنِ.
سَكَنَ مُدَّةً بِبَغْدَادَ.
وَحَدَّثَ عَنِ: الزُّهْرِيِّ، وَابْنِ المُنْكَدِرِ،
وَوَهْبِ بنِ كَيْسَانَ، وَهِلاَلِ بنِ أَبِي
مَيْمُوْنَةَ، وَعَمِّهِ؛ يَعْقُوْبَ بنِ أَبِي سَلَمَةَ،
وَسُهَيْلِ بنِ أَبِي صَالِحٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ
القَاسِمِ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ الفَضْلِ الهَاشِمِيِّ،
وَعَبْدِ اللهِ بنِ دِيْنَارٍ، وَإِسْحَاقَ بنِ عَبْدِ
اللهِ بنِ أَبِي طَلْحَةَ، وَسَعْدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ،
وَعَمْرِو بنِ يَحْيَى بنِ عُمَارَةَ، وَهِشَامِ بنِ
عُرْوَةَ، وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ، وَيَحْيَى بنِ
سَعِيْدٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي صَعْصَعَةَ، وَعُمَرَ بنِ
حُسَيْنٍ، وَعِدَّةٍ مِنْ عُلَمَاءِ بَلَدِهِ.
وَلَمْ يَكُنْ بِالمُكْثِرِ مِنَ الحَدِيْثِ، لَكِنَّهُ
فَقِيْهُ النَّفْسِ، فَصِيْحٌ، كَبِيْرُ الشَّأْنِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: إِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ، وَزُهَيْرُ
بنُ مُعَاوِيَةَ، وَاللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ،
__________
(*) طبقات ابن سعد: 7 / 323، طبقات خليفة: 275، التاريخ
الكبير: 6 / 13، التاريخ الصغير: 2 / 165، الجرح والتعديل:
5 / 386، مشاهير علماء الأمصار: 140 - 141، تاريخ بغداد:
10 / 436 - 439، تهذيب الكمال: خ: 840 - 841، تذهيب
التهذيب: خ: 2 / 241 - 242، تذكرة الحفاظ: 1 / 222 - 223،
عبر الذهبي: 1 / 244، تهذيب التهذيب: 6 / 343 - 344، طبقات
الحفاظ: 94، خلاصة تذهيب الكمال: 240، شذرات الذهب: 1 /
259.
(7/309)
وَوَكِيْعٌ، وَابْنُ مَهْدِيٍّ،
وَشَبَابَةُ، وَابْنُ وَهْبٍ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَأَبُو
عَامِرٍ العَقَدِيُّ، وَيَحْيَى بنُ حَسَّانٍ، وَعَمْرُو
بنُ الهَيْثَمِ أَبُو قَطَنٍ، وَهَاشِمُ بنُ القَاسِمِ،
وَحُجَيْنُ بنُ المُثَنَّى، وَأَسَدُ بنُ مُوْسَى،
وَأَحْمَدُ بنُ يُوْنُسَ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي
أُوَيْسٍ، وَحَجَّاجُ بنُ مِنْهَالٍ، وَبِشْرُ بنُ
الوَلِيْدِ الكِنْدِيُّ، وَسَعْدَوَيْه الوَاسِطِيُّ،
وَعَبْدُ اللهِ بنُ صَالِحٍ العِجْلِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ
بنُ صَالِحٍ الجُهَنِيُّ الكَاتِبُ، وَعَلِيُّ بنُ
الجَعْدِ، وَغَسَّانُ بنُ الرَّبِيْعِ، وَأَبُو سَلَمَةَ
التَّبُوْذَكِيُّ، وَأَبُو الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيُّ،
وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَنَقَلَ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: أَنَّ أَصلَهُ مِنْ
أَصْبَهَانَ، نَزَلَ المَدِيْنَة، فَكَانَ يَلقَى
النَّاسَ، فَيَقُوْلُ: جونِي، جونِي.
قَالَ: وَسُئِلَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: كَيْفَ لُقِّبَ
بِالمَاجَشُوْنِ؟
قَالَ: تَعَلَّقَ مِنَ الفَارِسِيَّة بِكَلِمَةٍ، وَكَانَ
(1) إِذَا لَقِيَ الرَّجُلَ يَقُوْلُ: شونِي، شونِي،
فَلُقِّبَ: المَاجَشُوْنَ.
وَقَالَ إِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ: المَاجَشُوْنُ
فَارِسِيٌّ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ المَاجَشُوْنَ، لأَنَّ
وَجْنَتَيْهِ كَانَتَا حَمْرَاوَيْنِ، فَسُمِّيَ بِذَلِكَ،
وَهُوَ الخَمْرُ، فَعَرَّبَهُ أَهْلُ المَدِيْنَةِ.
وَقِيْلَ: أَصلُ الكَلِمَةِ: المَاهُ كُوْنَ (2) ، فَهُوَ
وَوَلَدُه يُعرَفُوْنَ بِذَلِكَ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: هَذَا اللَّقَبُ عَلَيْهِ وَعَلَى
أَهْلِ بَيْتِهِ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ بنِ حَيَّانَ: وَجَدْتُ فِي
كِتَابِ جَدِّي بِخَطِّهِ، قِيْلَ لأَبِي بَكْرٍ:
حَدَّثَنَا ابْنُ مَعِيْنٍ:
عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ المَاجَشُوْنِ، هُوَ مِثْلُ
اللَّيْثِ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدٍ؟
قَالَ: لاَ، هُوَ دُوْنَهُمَا، إِنَّمَا كَانَ رَجُلاً
يَقُوْلُ بِالقَدَرِ وَالكَلاَمِ، ثُمَّ تَرَكَه،
وَأَقْبَلَ إِلَى السُّنَّةِ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ شَأْنِهِ
الحَدِيْثُ، فَلَمَّا قَدِمَ بَغْدَادَ، كَتَبُوا عَنْهُ،
فَكَانَ بَعْدُ يَقُوْلُ: جَعَلَنِي أَهْلُ بَغْدَادَ
مُحَدِّثاً، وَكَانَ صَدُوقاً، ثِقَةً -يَعْنِي: لَمْ
يَكُنْ مِنْ فُرْسَانِ الحَدِيْثِ، كَمَا كَانَ شُعْبَةُ
وَمَالِكٌ- (3).
__________
(1) زيادة من " تهذيب التهذيب ": 6 / 344.
(2) في " التاج ": الماه كون، معناه: يشبه القمر.
(3) الخبر في " تاريخ بغداد ": 6 / 438، " التهذيب: 2 /
241
(7/310)
وَرَوَى: أَبُو دَاوُدَ، عَنْ أَبِي
الوَلِيْدِ، قَالَ: كَانَ يَصلُحُ لِلوِزَارَةِ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ، وَالنَّسَائِيُّ، وَجَمَاعَةٌ:
ثِقَةٌ.
وَرَوَى: أَحْمَدُ بنُ سِنَانٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ،
قَالَ:
قَالَ بِشْرُ بنُ السَّرِيِّ: لَمْ يَسْمَعِ ابْنُ أَبِي
ذِئْبٍ، وَلاَ المَاجَشُوْنُ مِنَ الزُّهْرِيِّ.
قَالَ ابْنُ سِنَانٍ: مَعْنَاهُ عِنْدِي: أَنَّهُ عَرْضٌ
(1) .
أَبُو الطَّاهِرِ بنُ السَّرْحِ: عَنِ ابْنِ وَهْبٍ،
قَالَ:
حَجَجْتُ سَنَة ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ،
وَصَائِحٌ يَصِيْحُ: لاَ يُفْتِي النَّاسُ، إِلاَّ
مَالِكٌ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَبِي سَلَمَةَ.
قَالَ عَمْرُو بنُ خَالِدٍ الحَرَّانِيُّ: حَجَّ أَبُو
جَعْفَرٍ المَنْصُوْرُ، فَشَيَّعَهُ المَهْدِيُّ، فَلَمَّا
أَرَادَ الوَدَاعَ، قَالَ: يَا بُنَيَّ (2) !
اسْتَهْدِنِي.
قَالَ: أَسْتَهدِيكَ رَجُلاً عَاقِلاً.
فَأَهْدَى لَهُ عَبْدَ العَزِيْزِ بنَ أَبِي سَلَمَةَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: كَانَ عَبْدُ العَزِيْزِ
ثِقَةً، كَثِيْرَ الحَدِيْثِ، وَأَهْلُ العِرَاقِ أَرْوَى
عَنْهُ مِنْ أَهْلِ المَدِيْنَةِ، قَدِمَ بَغْدَادَ،
وَأَقَامَ بِهَا، إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ
وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ، وَصَلَّى عَلَيْهِ المَهْدِيُّ.
وَكَذَا أَرَّخَهُ جَمَاعَةٌ.
وَأَمَّا ابْنُ حِبَّانَ، فَقَالَ: مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ
وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ.
قَالَ: وَكَانَ فَقِيْهاً، وَرِعاً، مُتَابِعاً
لِمَذَاهِبِ أَهْلِ الحَرَمَينِ، مُفَرِّعاً عَلَى
أُصُوْلِهِم، ذَابّاً عَنْهُم.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ إِجَازَةً، عَنْ
يَحْيَى بنِ أَسَعْدَ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ القَادِرِ بنُ
مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَاقَ البَرْمَكِيُّ،
أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ بُخَيْتٍ، أَنْبَأَنَا
عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو
بَكْرٍ الأَثْرَمُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ صَالِحٍ،
عَنْ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ المَاجَشُوْنِ: أَنَّهُ سُئِلَ
عَمَّا جَحَدَتْ بِهِ الجَهْمِيَّةُ (3) ؟ فَقَالَ:
__________
(1) سبق التعريف بالعرض، صفحة: 304، حا: 1.
(2) زيادة من " تاريخ بغداد ": 6 / 437.
(3) الجهمية: نسبة إلى جهم بن صفوان، يكنى أبا محرز، وقد
نشأ في سمرقند بخراسان، ثم قضى فترة من حياته الأولى في
ترمذ، وكان مولى لبني راسب من الازد، وقد أطبق السلف على
ذمه بسبب تغاليه في التنزيه وإنكار صفات الله.
وتأويلها المفضي إلى تعطيلها. وأول من حفظ =
(7/311)
أَمَّا بَعْدُ...، فَقَدْ فَهِمتُ مَا
سَأَلْتَ عَنْهُ، فِيْمَا تَتَابَعتِ الجَهْمِيَّةُ فِي
صِفَةِ الرَّبِ العَظِيْمِ، الَّذِي فَاتَتْ عَظَمَتُهُ
الوَصفَ وَالتَّقدِيرَ، وَكَلَّتِ الأَلسُنُ عَنْ
تَفْسِيْرِ صِفَتِهِ، وَانْحَسَرتِ العُقُوْلُ دُوْنَ
مَعْرِفَةِ قَدْرِهِ، فَلَمَّا تَجدِ العُقُوْلُ مَسَاغاً،
فَرَجَعتُ خَاسِئَةً حَسِيْرَةً، وَإِنَّمَا أُمِرُوا
بِالنَّظَرِ وَالتَّفَكُّرِ فِيْمَا خَلَقَ، وَإِنَّمَا
يُقَالُ: كَيْفَ؟ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ مَرَّةً ثُمَّ كَانَ،
أَمَّا مَنْ لاَ يَحُولُ وَلَمْ يَزَلْ، وَلَيْسَ لَهُ
مِثْلٌ، فَإِنَّهُ لاَ يَعْلَمُ كَيْفَ هُوَ، إِلاَّ هُوَ.
وَالدَّلِيْلُ عَلَى عَجزِ العُقُوْلِ عَنْ تَحقِيْقِ
صِفَتِهِ: عَجزُهَا عَنْ تَحقِيْقِ صِفَةِ أَصْغَرِ
خَلْقِهِ، لاَ يَكَادُ يَرَاهُ صِغَراً، يَحُوْلُ
وَيزُولُ، وَلاَ يُرَى لَهُ بَصَرٌ وَلاَ سَمْعٌ،
فَاعْرِفْ غِنَاكَ عَنْ تَكلِيْفِ صِفَةِ مَا لَمْ يَصِفِ
الرَّبُّ مِنْ نَفْسِهِ، بِعَجْزِكَ عَنْ مَعْرِفَةِ قَدرِ
مَا وَصَفَ مِنْهَا، فَأَمَّا مَنْ جَحَدَ مَا وَصفَ
الرَّبُّ مِنْ نَفْسِهِ تَعَمُّقاً وَتَكلِيْفاً، فَقدِ
اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِيْنُ فِي الأَرْضِ حَيْرَانَ،
وَلَمْ يَزَلْ يُمْلِي لَهُ الشَّيْطَانُ، حَتَّى جَحَدَ
قَوْلَه تَعَالَى : {وُجُوْهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ، إِلَى
رَبِّهَا نَاظِرَةٌ } [القِيَامَةُ: 22، 23]، فَقَالَ: لاَ
يُرَى يَوْمَ القِيَامَةِ...، وَذَكَرَ فَصلاً طَوِيْلاً
فِي إِقرَارِ الصِّفَاتِ وَإِمْرَارِهَا، وَتَرْكِ
التَّعَرُّضِ لَهَا.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ نَظَرَ مَرَّةً فِي شَيْءٍ مِنْ سَلْبِ
الصِّفَاتِ لِبَعْضِهِم، فَقَالَ:
هَذَا الكَلاَمُ هَدْمٌ بِلاَ بِنَاءٍ، وَصِفَةٌ بِلاَ
مَعْنَىً.
وَذَكَرَ عَبْدُ المَلِكِ بنُ المَاجَشُوْنِ الفَقِيْهُ:
أَنَّ المَهْدِيَّ أَجَازَ أَبَاهُ بِعَشْرَةِ آلاَفِ
دِيْنَارٍ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ كَامِلٍ: لَهُ كُتُبٌ مُصَنَّفَةٌ،
رَوَاهَا عَنْهُ: ابْنُ وَهْبٍ.
__________
= عنه مقالة التعطيل في الإسلام وهو الجعد بن درهم، وأخذها
عنه الجهم بن صفوان، وأظهرها فنسبت إليه، وقد قتل سنة (128
ه)، مع الحارث بن سريج في حربه ضد بني أمية. (انظر:
الطبري: 7 / 220، 221، 236، 237، وتاريخ الجهمية
والمعتزلة: 10، وما بعدها، للقاسمي).
والسلف كانوا يسمون كل من نفى الصفات وقال: إن القرآن
مخلوق، وإن الله لا يرى في الآخرة جهميا.
والامام أحمد يرى - فيما يحكيه ابن جرير عنه - أن من قال:
لفظي بالقرآن مخلوق، فهو جهمي، ومن قال: غير مخلوق، فهو
مبتدع.
(7/312)
103 - ابْنُ ثَوْبَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ
بنُ ثَابِتٍ العَنْسِيُّ * (د، ت، ق)
الشَّيْخُ، العَالِمُ، الزَّاهِدُ، المُحَدِّثُ، أَبُو
عَبْدِ اللهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ ثَابِتِ بنِ
ثَوْبَانَ العَنْسِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ.
وُلِدَ: فِي حُدُوْدِ سَنَةِ ثَمَانِيْنَ.
وَحَدَّثَ عَنْ: خَالِدِ بنِ مَعْدَانَ، وَشَهْرِ بنِ
حَوْشَبٍ، وَعَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَعَمْرِو بنِ
شُعَيْبٍ، وَزِيَادِ بنِ أَبِي سَوْدَةَ المَقْدِسِيِّ،
وَنَافِعٍ العُمَرِيِّ، وَعَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ،
وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ، وَبَقِيَّةُ بنُ
الوَلِيْدِ، وَبِشْرُ بنُ المُفَضَّلِ، وَالفِرْيَابِيُّ،
وَعَاصِمُ بنُ عَلِيٍّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ صَالِحٍ
العِجْلِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، وَعِدَّةٌ.
وَثَّقَهُ: دُحَيْمٌ، وَأَبُو حَاتِمٍ.
وَقَالَ صَالِحٌ جَزَرَةُ: قَدَرِيٌّ، صَدُوْقٌ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ: لَيْسَ بِالقَوِيِّ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ،
وَلَيَّنَهُ مَرَّةً.
وَقَدْ قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: أَحَادِيْثُه مَنَاكِيْرُ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: يُكْتَبُ حَدِيْثُه عَلَى
ضَعْفِهِ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: كَانَ فِيْهِ سَلاَمَةٌ، وَكَانَ
مُجَابَ الدَّعْوَةِ.
__________
(*) طبقات خليفة: 323، التاريخ الكبير: 5 / 265، المعرفة
والتاريخ: 1 / 153، الضعفاء: خ: 230، الجرح والتعديل: 5 /
219، مشاهير علماء الأمصار: 181، تاريخ بغداد: 10 / 222 -
225 وفيه وفاته سنة (167 ه)، تاريخ ابن عساكر: خ: 9 / 443
آ، تهذيب الكمال: خ: 779 - 780، تذهيب التهذيب: خ: 2 / 206
- 207، ميزان الاعتدال: 2 / 551 - 552، عبر الذهبي: 1 /
245، تهذيب التهذيب: 6 / 150 - 152، خلاصة تذهيب الكمال:
225، شذرات الذهب: 1 / 260.
(7/313)
أَحْمَدُ بنُ كَثِيْرٍ البَغْدَادِيُّ:
عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنَ سَعِيْدٍ الجَوْهَرِيِّ، قَالَ:
أَغْلَظَ ابْنُ ثَوْبَانَ لأَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ
المَهْدِيِّ، فَاسْتَشَاطَ، وَقَالَ: وَاللهِ لَوْ كَانَ
المَنْصُوْرُ حَيّاً مَا أَقَالَكَ.
قَالَ: لاَ تَقُلْ ذَاكَ، فَوَاللهِ لَوْ كُشِفَ لَكَ
عَنْهُ، حَتَّى تُخَبَّرَ بِمَا لَقِيَ، مَا جَلَسْتَ
مَجْلِسَكَ هَذَا.
قَالَ الوَلِيْدُ بنُ مَزْيَدٍ: لَمَّا كَانَتِ السَّنَةُ
الَّتِي تَنَاثَرتِ النُّجُوْمُ، خَرَجْنَا لَيْلاً إِلَى
الصَّحْرَاءِ مَعَ الأَوْزَاعِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ
بنِ ثَابِتِ بنِ ثَوْبَانَ.
قَالَ: فَسَلَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ سَيْفَه، وَقَالَ:
إِنَّ اللهَ قَدْ جَدَّ فَجِدُّوا.
قَالَ: فَجَعَلُوا يَسُبُّونَهُ وَيُؤذُونَهُ.
فَقَالَ الأَوْزَاعِيُّ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَدْ رُفِعَ
عَنْهُ القَلَمُ -يَعْنِي: جُنَّ-.
قُلْتُ: كَانَ فِيْهِ خَارِجِيَّةٌ.
قَالَ الوَلِيْدُ بنُ مَزْيَدٍ: كَتَبَ الأَوْزَاعِيُّ
إِلَيْهِ: أَمَّا بَعْدُ... قَدْ كُنْتَ عَالِماً
بِخَاصَّةِ مَنْزِلَتِي مِنْ أَبِيْكَ، فَرَأَيتُ أَنَّ
صِلَتِي إِيَّاهُ، وَتَعَاهُدِي إِيَّاكَ بِالنُّصحِ فِي
أَوَّلِ مَا بَلَغَنِي عَنْكَ فِي الجُمُعَةِ
وَالصَّلوَاتِ، فَمَرَرتُ بِكَ، فَوَعَظتُكَ،
فَأَجَبْتَنِي بِمَا لَيْسَ لَكَ فِيْهِ حُجَّةٌ وَلاَ
عُذرٌ...، فِي مَوْعِظَةٍ طَوِيْلَةٍ، تَدُلُّ عَلَى
أَنَّهُ لاَ يَرَى جُمُعَةً خَلْفَ وُلاَةِ الجَورِ،
كَمَذْهَبِ الخَوَارِجِ.
فَنصِيْحَةُ الأَوْزَاعِيِّ، وَذَاكَ النَّفَسُ الَّذِي
جَبَهَ بِهِ المَهْدِيَّ، دَالٌّ عَلَى قُوَّتِهِ
وَحِدَّتِهِ - اللهُ يَرْحَمُهُ -.
عَاشَ: تِسْعِيْنَ سَنَةً، وَمَاتَ: فِي سَنَةِ خَمْسٍ
وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ.
كَانَ مِنْ أَسْنَانِ ابْنِ زَبْرٍ.
وَقَدْ تَتَبَّعَ الطَّبَرَانِيُّ أَحَادِيْثَهُ، فَجَاءتْ
فِي كُرَّاسٍ تَامٍّ، وَلَمْ يَكُنْ بِالمُكثرِ، وَلاَ
هُوَ بِالحُجَّةِ، بَلْ صَالِحُ الحَدِيْثِ.
104 - صَدَقَةُ بنُ عَبْدِ اللهِ الدِّمَشْقِيُّ
السَّمِيْنُ * (ت، س، ق)
الإِمَامُ، العَالِمُ، المُحَدِّثُ، أَبُو مُعَاوِيَةَ
الدِّمَشْقِيُّ، السَّمِيْنُ.
__________
(*) التاريخ الكبير: 4 / 296، التاريخ الصغير: 2 / 202،
الضعفاء: خ: 188 - 189، =
(7/314)
وُلِدَ: فِي إِمْرَةِ الوَلِيْدِ، أَوْ
قَبْلَ ذَلِكَ.
وَحَدَّثَ عَنِ: القَاسِمِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ،
وَمُحَمَّدِ بنِ المُنْكَدِرِ، وَيَحْيَى بنِ يَحْيَى
الغَسَّانِيِّ، وَالعَلاَءِ بنِ الحَارِثِ، وَأَبِي وَهْبٍ
عُبَيْدِ اللهِ الكَلاَعِيِّ، وَنَصْرِ بنِ عَلْقَمَةَ،
وَهِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، وَالأَعْمَشِ، وَعِدَّةٍ.
وَيَنْزِلُ إِلَى الرِّوَايَةِ عَنِ: الأَوْزَاعِيِّ.
كَانَ مِنْ كِبَارِ العُلَمَاءِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ -
رَفِيْقُهُ - وَالوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ، وَوَكِيْعٌ
الفِرْيَابِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ عَيَّاشٍ، وَيَحْيَى
البَابْلُتِّيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ يَزِيْدَ القَارِئُ،
وَجَمَاعَةٌ.
وَوَهِمَ ابْنُ عَسَاكِرَ، فَعدَّ فِي الرُّوَاةِ عَنْهُ:
مُوْسَى بنَ عَامِرٍ المُرِّيَّ، فَقَدْ سَقَطَ بَيْنَهمَا
الوَلِيْدُ.
وَقِيْلَ: يُكْنَى: أَبَا مُحَمَّدٍ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ضَعِيْفٌ.
وَكَنَّاهُ مُسْلِمٌ: أَبَا مُعَاوِيَةَ، وَقَالَ:
مُنْكَرُ الحَدِيْثِ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: نَظَرْتُ فِي مُصنَّفَاتِ صَدَقَةَ
السَّمِيْنِ عِنْدَ عَبْدِ اللهِ بنِ يَزِيْدَ بنِ رَاشِدٍ
المُقْرِئِ (1) ، وَسَأَلْتُ دُحَيْماً عَنْهُ، فَقَالَ:
مَحَلُّهُ الصِّدْقُ، غَيْرَ أَنَّهُ كَانَ يَشُوبُهُ
القَدَرُ، وَقَدْ حَدَّثَنَا بِكُتُبٍ عَنِ ابْنِ
جُرَيْجٍ، وَابْنِ أَبِي عَرُوْبَةَ، وَكَتَبَ عَنِ
الأَوْزَاعِيِّ أَلْفاً وَخَمْسَ مائَةِ حَدِيْثٍ (2) .
وَقَالَ عَمْرُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ: حَدَّثَنَا صَدَقَةُ
بنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
قَدِمْتُ الكُوْفَةَ، فَأَتَيْتُ الأَعْمَشَ، فَإِذَا
رَجُلٌ غَلِيْظٌ مُمْتَنِعٌ، فَجَعَلتُ أَتَعَجْرَفُ
عَلَيْهِ
__________
= الجرح والتعديل: 4 / 429 - 430، كتاب المجروحين: 1 /
374، الكامل لابن عدي: خ: 402 - 403، تاريخ ابن عساكر: خ:
8 / 137 ب، تهذيب الكمال: خ: 604 - 605، تذهيب التهذيب: خ:
2 / 91، ميزان الاعتدال: 2 / 310 - 311، عبر الذهبي 1 /
247، تهذيب التهذيب: 4 / 415 - 416، خلاصة تذهيب الكمال:
173، شذرات الذهب: 1 / 261، تهذيب ابن عساكر: 6 / 413 -
414.
(1) مستدرك من " الميزان ": 2 / 310.
(2) الخبر في " ميزان " المؤلف: 2 / 311، وفيه زيادة "
وكان صاحب حديث، كتبه إليه الاوزاعي في رسالة القدر يعظه
فيها.."
(7/315)
تَعجْرُفَ أَهْلِ الشَّامِ، فَقَالَ: مِنْ
أَينَ تَكُوْنُ؟
قُلْتُ: مَنْ دِمَشْقَ.
قَالَ: وَمَا أَقْدَمَكَ؟
قُلْتُ: جِئْتُ لأسَمِعَ مِنْكَ وَمِنْ مِثْلِكَ الخَبَرَ.
فَقَالَ: وَبِالكُوْفَةِ جِئْتَ تَسْمَعُ؟ أَمَا إِنَّكَ
لاَ تَلقَى فِيْهَا إِلاَّ كَذَّاباً حَتَّى تَخرُجَ
مِنْهَا (1) .
قَالَ عَمْرُو بنُ أَبِي سَلَمَةَ: سَمِعْتُ سَعِيْدَ بنَ
عَبْدِ العَزِيْزِ يَقُوْلُ:
جَاءنِي الأَوْزَاعِيُّ، فَقَالَ: مَنْ حَدَّثَكَ بِكَذَا؟
قُلْتُ: الثِّقَةُ عِنْدَكَ وَعِنْدِي، صَدَقَةُ بنُ
عَبْدِ اللهِ.
قَالَ العُقَيْلِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ
أَحْمَدَ، سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ:
صَدَقَةُ السَّمِيْنُ شَامِيٌّ، يَرْوِي عَنْهُ الوَلِيْدُ
بنُ مُسْلِمٍ، لَيْسَ بِشَيْءٍ، ضَعِيْفُ الحَدِيْثِ،
أَحَادِيْثُه مَنَاكِيْرُ، لَيْسَ يَسْوَى حَدِيْثُه
شَيْئاً، وَمَا كَانَ مِنْ حَدِيْثِهِ مُرْسَلٌ عَنْ
مَكْحُوْلٍ، فَهُوَ أَسهَلُ، وَهُوَ ضَعِيْفٌ جِدّاً.
وَرَوَى: عَبَّاسٌ، عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ: ضَعِيْفٌ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي السَّرِيِّ: ضَعِيْفٌ.
قُلْتُ: هُوَ مِمَّنْ يَجُوْزُ حَدِيْثُه، وَلاَ يُحتَجُّ
بِهِ.
وَقَدْ طَحَنَهُ أَبُو حَاتِمٍ بنُ حِبَّانَ، فَقَالَ:
كَانَ مِمَّنْ يَرْوِي المَوْضُوْعَاتِ عَنِ الأَثْبَاتِ،
لاَ يُشْتَغَلُ بِرِوَايَتِهِ إِلاَّ عِنْدَ التَّعَجُّبِ.
حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا ابْنُ
أَبِي السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ أَبِي سَلَمَةَ،
عَنْ صَدَقَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ مُوْسَى بنِ
يَسَارٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ:
عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
قَالَ: (فِي العَسَلِ العُشْرُ، فِي كُلِّ عَشْرِ قِرَبٍ
قِرْبَةٌ) (2).
__________
(1) انظر الخبر في " الميزان " 2 / 311.
(2) وأخرجه الترمذي: (629)، في الزكاة، والبيهقي: 4 / 126،
كلاهما من طريق محمد بن يحيى النيسابوري، عن عمرو بن أبي
سلمة التنيسي، عن صدقة بن عبد الله، عن موسى بن يسار، عن
نافع، عن ابن عمر.
وسنده ضعيف من أجل صدقة. لكن في الباب أحاديث تقويه.
(انظر: زاد المعاد: 2 / 12، 14، و: الاموال: 597).
(7/316)
ثُمَّ قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: وَيَرْوِي
عَنِ: ابْنِ المُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ نُسْخَةً
مَوْضُوْعَةً، يَشْهَدُ لَهَا بِالوَضعِ مَنْ كَانَ
مُبْتَدِئاً، فَكَيْفَ المُتَبحِّرُ؟!
قَالَ الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ: مَاتَ صَدَقَةُ بنُ عَبْدِ
اللهِ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَدْ طَوَّلْتُهُ فِي (المِيْزَانِ (1))، وَكَانَ
عِنْدَهُ حَدِيْثٌ كَثِيْرٌ، وَلَمْ يَكُنْ بِالمُتْقِنُ.
105 - عُبَيْدُ اللهِ بنُ إِيَادِ بنِ لَقِيْطٍ
السَّدُوْسِيُّ * (م، ت، س)
المُحَدِّثُ، أَبُو السَّلِيْلِ السَّدُوْسِيُّ،
الكُوْفِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ، وَعَنْ: كُلَيْبِ بنِ وَائِلٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ المُبَارَكِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ
بنُ مَهْدِيٍّ، وَسَعِيْدُ بنُ مَنْصُوْرٍ، وَيَحْيَى بنُ
يَحْيَى، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ يُوْنُسَ،
وَجَعْفَر بنُ حُمَيْدٍ، وَكَانَ عَرِيْفَ قَوْمِه.
وَثَّقَهُ: يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَغَيْرُهُ.
وَاحْتجَّ بِهِ: مُسْلِمٌ، وَغَيْرُهُ.
وَهُوَ قَوِيُّ الحَدِيْثِ.
قَالَ ابْنُ قَانِعٍ: بَعْضُ رِوَايَتِهِ صَحِيْفَةٌ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ.
106 - جُوَيْرِيَةُ بنُ أَسْمَاءَ بنِ عُبَيْدٍ
الضُّبَعِيُّ ** (خَ، م، د، س)
المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، أَبُو مُخَارِقٍ.
وَقِيْلَ: أَبُو مِخْرَاقٍ - وَهُوَ أَشْبَهُ -
__________
(1) 2 / 310 - 311.
(*) التاريخ الكبير: 5 / 373، التاريخ الصغير: 2 / 175،
المعرفة والتاريخ: 3 / 103، تهذيب الكمال: خ: 876، تذهيب
التهذيب: خ: 2 / 262، ميزان الاعتدال: 3 / 3 - 4، عبر
الذهبي: 1 / 256، تهذيب التهذيب: 7 / 4، خلاصة تذهيب
الكمال: 249، شذرات الذهب: 1 / 269 - 270.
(* *) طبقات ابن سعد: 7 / 281، طبقات خليفة: 223، تاريخ
خليفة: 449، التاريخ =
(7/317)
الضُّبَعِيُّ، البَصْرِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: نَافِعٍ العُمَرِيِّ، وَابْنِ شِهَابٍ
الزُّهْرِيِّ، وَعَنْ: رَفِيْقِهِ مَالِكِ بنِ أَنَسٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ أَخِيْهِ؛ عَبْدُ اللهِ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ أَسْمَاءَ، وَابْنُ أَخِيْهِ؛ سَعِيْدُ بنُ
عَامِرٍ الضُّبَعِيُّ، وَأَبُو الوَلِيْدِ
الطَّيَالِسِيُّ، وَحَجَّاجُ بنُ مِنْهَالٍ، وَمُسَدَّدٌ،
وَعِدَّةٌ.
قَالَ أَحْمَدُ، وَيَحْيَى: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَسَبْعِيْنَ
وَمائَةٍ، وَحَدِيْثُه مُحْتَجٌّ بِهِ فِي الصِّحَاحِ.
107 - مَعْقِلُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ الجَزَرِيُّ أَبُو
عَبْدِ اللهِ * (م، د، س)
المُحَدِّثُ، الإِمَامُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ، مَوْلَى
بَنِي عَبْسٍ.
حَدَّثَ عَنْ: عَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَعَمْرِو بنِ
شُعَيْبٍ، وَمَيْمُوْنِ بنِ مِهْرَانَ، وَنَافِعٍ،
وَالزُّهْرِيِّ، وَأَبِي الزُّبَيْرِ المَكِّيِّ، وَزَيْدِ
بنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو نُعَيْمٍ، وَالفِرْيَابِيُّ،
وَالحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَعْيَنَ، وَسَعِيْدُ بنُ
حَفْصٍ النُّفَيْلِيُّ، وَأَبُو جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ،
وَآخَرُوْنَ.
__________
= الكبير: 2 / 241، 242، التاريخ الصغير: 2 / 191، الجرح
والتعديل: 2 / 531، مشاهير علماء الأمصار: 159، تهذيب
الكمال: خ: 212، تذهيب التهذيب: خ: 1 / 112، تذكرة الحفاظ:
1 / 231 - 232، عبر الذهبي: 1 / 264، تهذيب التهذيب: 2 /
124 - 125، خلاصة تذهيب الكمال: 65، شذرات الذهب: 1 / 283.
(*) التاريخ الكبير: 7 / 393 - 394، الضعفاء: خ: 421،
الجرح والتعديل: 8 / 286، مشاهير علماء الأمصار: 186،
تهذيب الكمال: خ: 1352، تذهيب التهذيب: خ: 4 / 56، ميزان
الاعتدال: 4 / 146 - 147، عبر الذهبي: 1 / 247، تهذيب
التهذيب: 10 / 234، خلاصة تذهيب الكمال: 383، شذرات الذهب:
1 / 261.
(7/318)
اخْتَلَفَ قَوْلُ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ
فِيْهِ.
وَقَدِ احْتجَّ بِهِ: مُسْلِمٌ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: صَالِحُ الحَدِيْثِ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
وَرَوَى: مُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ، عَنْ يَحْيَى:
ضَعِيْفٌ.
ذَكَرَ أَبُو عَوَانَةَ - أَوْ غَيْرُه -: أَنَّهُ
تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ.
وَمَا عَرَفْتُ لَهُ شَيْئاً مُنكَراً فَأَذْكُرَهُ،
وَحَدِيْثُه لاَ يَنْزِلُ عَنْ رُتبَةِ الحَسَنِ - وَاللهُ
المُوَفِّقُ -.
108 - أَيُّوْبُ بنُ عُتْبَةَ اليَمَامِيُّ أَبُو يَحْيَى
قَاضِي اليَمَامَةِ * (ق)
أَبُو يَحْيَى، قَاضِي اليَمَامَةِ، لَيِّنٌ مِنْ قِبَلِ
حِفْظِه.
يَرْوِي عَنْ: عَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَإِيَاسِ بنِ
سَلَمَةَ، وَيَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الأَسْوَدُ شَاذَانُ، وَآدَمُ بنُ أَبِي
إِيَاسٍ، وَعَاصِمُ بنُ عَلِيٍّ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ
اللهِ بنِ يُوْنُسَ، وَسَعِيْدُ بنُ سُلَيْمَانَ
الوَاسِطِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، وَآخَرُوْنَ.
نَزَلَ البَصْرَةَ.
قَالَ الفَلاَّسُ: سَيِّئُ الحِفْظِ.
__________
(*) طبقات ابن سعد: 5 / 556، طبقات خليفة: 290، تاريخ
خليفة: 430، التاريخ الكبير: 1 / 420، التاريخ الصغير: 2 /
265، المعرفة والتاريخ: 2 / 171، 3 / 60، الضعفاء: خ: 38،
الجرح والتعديل: 2 / 253، كتاب المجروحين: 1 / 169 - 170،
الكامل لابن عدي: خ: 38 - 39، تاريخ بغداد: 7 / 3 - 6،
تهذيب الكمال: خ: 138 - 139، تذهيب التهذيب: خ: 1 / 79،
ميزان الاعتدال: 1 / 290 - 291، تهذيب التهذيب: 1 / 408 -
410، خلاصة تذهيب الكمال: 43.
(7/319)
وَقَالَ البُخَارِيُّ: هُوَ عِنْدَهُم
لَيِّنٌ.
وَرَوَى: عَبَّاسٌ، عَنْ يَحْيَى: سَيِّئُ الحِفظِ،
وَمَرَّةً قَالَ: ضَعِيْفٌ.
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يَرْوِي عَنْ: يَحْيَى بنِ أَبِي
كَثِيْرٍ، وَقَيْسِ بنِ طَلْقٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ المُبَارَكِ، وَوَكِيْعٌ.
يُخْطِئُ كَثِيْراً، وَيَهِمُ شَدِيْداً، حَتَّى فَحشَ
الخَطَأُ مِنْهُ.
مَاتَ: سَنَةَ سِتِّيْنَ وَمائَةٍ.
حَدَّثَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ
عُمَرَ بنِ أَبَانٍ، حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ بنُ عَبْدِ
الوَاحِدِ، حَدَّثَنَا أَيُّوْبُ بنُ عُتْبَةَ، عَنْ
يَحْيَى، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ، عَنِ النُّعْمَانِ بنِ
بَشِيْرٍ:
سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (إِذَا نَامَ أَحَدُكُمْ وَفِي
نَفْسِهِ أَنْ يُصَلِّيَ مِنَ اللَّيْلِ، فَلْيَضَعْ
قَبْضَةً مِنْ تُرَابٍ عِنْدَهُ، فَإِذَا انْتَبَهَ،
فَلْيَقْبِضْ بِيَمِيْنِهِ، ثُمَّ لِيَحْصِبْ عَنْ
شِمَالِهِ).
ثُمَّ قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: هَذَا بَاطِلٌ.
وَأَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا
عَفِيْفُ بنُ سَالِمٍ، عَنْ أَيُّوْبَ بنِ عُتْبَةَ، عَنْ
عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:
سَأَلَ حبشِيٌّ، فَقَالَ: فُضِّلْتُم عَلَيْنَا يَا
رَسُوْلَ اللهِ بِالصُّوَرِ، أَفَرَأَيْتَ إِنْ آمَنتُ
بِكَ، أَكَائِنٌ مَعَكَ؟
قَالَ: (نَعَمْ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّهُ
لَيُرَى بَيَاضُ الأَسْوَدِ فِي الجَنَّةِ مَسِيْرَةَ
أَلْفِ عَامٍ...)، وَذَكَرَ الحَدِيْثَ، إِلَى أَنْ قَالَ:
فَاسْتبَكَى الحَبَشِيُّ حَتَّى مَاتَ، فَلَقَدْ رَأَيْتُ
رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
يُدَلِّيْهِ فِي حُفْرَتِهِ بِيَدِهِ.
قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: وَهَذَا بَاطِلٌ.
وَفِي (الجَعْدِيَّاتِ) بِإِسْنَادِي إِلَى البَغَوِيِّ:
حَدَّثَنِي عَبَّاسٌ، سَمِعْتُ يَحْيَى يَقُوْلُ:
أَيُّوْبُ بنُ عُتْبَةَ لَيْسَ بِالقَوِيِّ.
(7/320)
وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ الجَعْدِ،
أَنْبَأَنَا أَيُّوْبُ بنُ عُتْبَةَ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ
عَبْدِ اللهِ بنِ قُسَيْطٍ، سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ
يَقُوْلُ - وَأَوْمَأَ بِأُصْبُعِهِ إِلَى أُذُنِهِ -:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-: (أَبْرِدُوا بِالصَّلاَةِ، فَإِنَّ شِدَّةَ
الحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ (1)).
حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، أَنْبَأَنَا أَيُّوْبُ بنُ عُتْبَةَ،
حَدَّثَنَا طَيْسَلَةُ (2) بنُ عَلِيٍّ، قَالَ:
أَتَيْتُ ابْنَ عُمَرَ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ، فَسَأَلْتُهُ
عَنِ الكَبَائِرِ؟
فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (هُنَّ تِسْعٌ).
قُلْتُ: وَمَا هُنَّ؟
قَالَ: (الإِشْرَاكُ بِاللهِ، وَقَذْفُ المُحْصَنَةِ،
وَقَتْلُ النَّفْسِ المُؤْمِنَةِ، وَالفِرَارُ مِنَ
الزَّحْفِ، وَالسِّحْرُ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ
مَالِ اليَتِيْمِ، وَعُقُوْقُ الوَالِدَيْنِ
المُسْلِمَيْنِ، وَالإِلْحَادُ بِالحَرَمِ).
وَقِيْلَ: إِنَّ أَيُّوْبَ بنَ جَابِرٍ بَقِيَ إِلَى
سَنَةِ سَبْعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ بَعْضُ الأَئِمَّةِ: أَكْثَرَ عَنْ يَحْيَى بنِ
أَبِي كَثِيْرٍ، وَكِتَابُهُ عَنْهُ صَحِيْحٌ.
__________
(1) اسناده ضعيف لضعف ايوب بن عتبة.
ومتن الحديث صحيح ثابت عن ابي هريرة، أخرجه عنه مالك في
(الموطأ): 1 / 16، في وقت الصلاة، عن ابن الزناد، عن
الاعرج، عن ابي هريرة، ان رسول الله - صلى الله عليه وسلم
- قال: (إذا اشتد الحر فابردوا عن الصلاة، فان شدة الحر من
فيح جهنم).
وأخرجه البخاري: 2 / 12 - 13، في مواقيت الصلاة، ومسلم:
(615)، في المساجد: باب استحباب الابراد في الظهر في شدة
الحر.
ومعنى الابراد: انكسار حر الظهيرة، وهو ان تتفيأ الافياء،
وينكسر وهج الحر، فهو برد بالاضافة إلى حر الظهيرة.
وقوله: (من فيح جهنم)، معناه: سطوح حرها وانتشاره.
واصله في كلامهم: السعة والانتشار، يقال: مكان افيح، اي
واسع، وارض فيحاء، أي: واسعة.
قال الخطابي في (المعالم): 1 / 239: ومعنى الكلام يحتمل
وجهين: احدهما: ان شدة الحر في الصيف من وهج حر جهنم في
الحقيقة، والوجه الاخر: ان هذا الكلام خرج مخرج التشبيه
والتقريب، أي: كأنه نار جهنم في الحر، فاحذروها، والوجه
الاخر: أن هذا الكلام خرج مخرج التشبيه والتقريب، أي: كأنه
نار جهنم في الحر، فاحذروها، واجتنبوا ضررها.
(2) في الأصل: (كيسلة)، وهو خطأ، مترجم في (التهذيب) روى
عنه غير واحد، ووثقه ابن حبان.
وحديثه هذا أخرجه الطبري: 5 / 39، من طريق سليمان بن ثابت
الخراز الواسطي، أخبرنا سلم بن سلام، عن أيوب بن عتبة، عن
طيلسة. وإسناده ضعيف لضعف أيوب بن عتبة، لكنه يتقوى بحديث
عمير عند أبي داود: (2875)، وسنده حسن في الشواهد.
(7/321)
109 - مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ أَبِي
كَثِيْرٍ الأَنْصَارِيُّ مَوْلاَهُم * (ع)
المَدَنِيُّ، الحَافِظُ، أَخُو: إِسْمَاعِيْلَ بنِ
جَعْفَرٍ، وَكَثِيْرِ بنِ جَعْفَرٍ، وَيَحْيَى بنِ
جَعْفَرٍ، وَيَعْقُوْبَ بنِ جَعْفَرٍ، فَأَشهرُهُم:
مُحَمَّدٌ، وَإِسْمَاعِيْلُ.
يَرْوِي عَنْ: أَبِي طُوَالَةَ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ، وَزَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، وَشَرِيْكِ بنِ أَبِي
نَمِرٍ، وَهِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، وَيَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ،
وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: خَالِدُ بنُ مَخْلَدٍ، وَسَعِيْدُ بنُ
أَبِي مَرْيَمَ، وَعِيْسَى بنُ مِيْنَاءَ قَالُوْنُ (1) ،
وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عَبْدِ اللهِ الأُوَيْسِيُّ،
وَإِسْحَاقُ بنُ مُحَمَّدٍ الفَرْوِيُّ، وَغَيْرُهُم.
وَثَّقَهُ: يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَغَيْرُهُ.
تُوُفِّيَ: مَعَ سُلَيْمَانَ بنِ بِلاَلٍ، فِي حُدُوْدِ
سَنَةِ سَبْعِيْنَ وَمائَةٍ، مِنْ أَبْنَاءِ السِّتِّيْنَ،
وَهُوَ مِنْ طَبَقَةِ ابْنِ عُلَيَّةَ، وَأَنَسِ بنِ
عِيَاضٍ، وَإِنَّمَا قَدَّمْتُهُ عَنْ قُرَنَائِهِ إِلَى
هُنَا لِقِدَمِ وَفَاتِهِ - وَاللهُ أَعْلَمُ -.
وَلَمْ يَقَع لَنَا حَدِيْثُه عَالِياً، إِلاَّ مِنْ
نَمَطِ مَا فِي (صَحِيْحِ البُخَارِيِّ).
__________
(*) التاريخ الكبير: 1 / 56 - 57، الجرح والتعديل: 7 / 220
- 221، تهذيب الكمال: خ: 1181 - 1182، تذهيب التهذيب: خ: 3
/ 194، عبر الذهبي: 1 / 259، تهذيب التهذيب: 9 / 94 - 95،
خلاصة تذهيب الكمال: 330، شذرات الذهب: 1 / 279.
(1) قالون: هو عيسى بن ميناء الزرقي، مولى بني زهرة، قارئ
المدينة ونحويها، يقال: انه ربيب نافع، وقد اختص به كثيرا،
وهو الذي لقبه: (قالون)، بمعنى: جيد، في الرومية، لجودة
قراءته. قرأ عليه جماعة، وكان أصم يقرئ القرآن، وينطر إلى
شفتي القارئ ويرد عليه اللحن والخطأ. وفاته سنة (220 ه).
(7/322)
110 - الأَخْفَشُ الكَبِيْرُ عَبْدُ
الحَمِيْدِ بنُ عَبْدِ المَجِيْدِ *
شَيْخُ العَرَبِيَّةِ، أَبُو الخَطَّابِ البَصْرِيُّ.
يُقَالُ: اسْمُهُ عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ عَبْدِ
المَجِيْدِ.
تَخَرَّجَ بِهِ سِيْبَوَيْه، وَحَمَلَ عَنْهُ النَّحْوَ،
لَوْلاَ سِيْبَوَيْه لَمَا اشْتُهِرَ.
وَأَخَذَ عَنْهُ أَيْضاً: عِيْسَى بنُ عُمَرَ
النَّحْوِيُّ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بنُ
المُثَنَّى، وَغَيْرُهمَا.
وَلَهُ أَشْيَاءُ غَرِيْبَةٌ، يَنفَرِدُ بِنَقلِهَا عَنِ
العَرَبِ.
وَلَمْ أَقعْ لَهُ بِوَفَاةٍ.
فَأَمَّا الأَخْفَشُ الأَوْسَطُ (1) تِلْمِيْذُ
سِيْبَوَيْه، وَالأَخْفَشُ الأَصْغَرُ (2) ،
فَسَيَأْتِيَانِ.
111 - ابْنُ الغَسِيْلِ الأَنْصَارِيُّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ
بنُ سُلَيْمَانَ ** (خَ، م، د، ق)
ابْنِ صَاحِبِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- عَبْدِ اللهِ بنِ حَنْظَلَةَ
__________
(*) طبقات النحويين للزبيدي: 40، إنباه الرواة: 2 / 157 -
158، البلغة في تاريخ ائمة اللغة: 119 - 121، النجوم
الزاهرة: 2 / 86، بغية الوعاة: 2 / 74.
(1) هو سعيد بن مسعدة المتوفى سنة: (211 ه) وقيل سند (215
ه)، انظر ترجمته في: المعارف: 545 - 546، طبقات الزبيدي:
72 - 73، وقد عده: الاخفش الاصغر، الفهرست: المقالة
الثانية: الفن الأول، معجم الأدباء: 11 / 224 - 230، إنباه
الرواة: 2 / 36 - 43، البلغة في تاريخ أئمة اللغة: 86 -
87، بغية الوعاة: 1 / 590 - 591، طبقات المفسرين: 1 / 185
- 186.
(2) هو علي بن سليمان بن الفضل المتوفى سنة: (315 ه)،
انظر: طبقات الزبيدي: 115 - 116، الفهرست: المقالة الثانية
الفن الثالث، معجم الأدباء: 13 / 246 - 257، إنباه الرواة:
2 / 276 - 278، وفيات الأعيان: 3 / 301 - 303، البلغة في
تاريخ ائمة اللغة: 158، بغية الوعاة: 2 / 167 - 168.
(* *) التاريخ الكبير: 5 / 289، التاريخ الصغير: 2 / 189،
الضعفاء: 231، الجرح والتعديل: 5 / 239، كتاب المجروحين: 2
/ 57، الكامل لابن عدي: خ: 459، تاريخ بغداد: 10 / 225 -
226، تهذيب الكمال: خ: 793، تذهيب التهذيب: خ: 2 / 213،
ميزان الاعتدال: 2 / 568، عبر الذهبي: 1 / 260 - 261،
تهذيب التهذيب: 6 / 189 - 190، خلاصة تذهيب الكمال: 223،
شذرات الذهب: 1 / 280.
(7/323)
بنِ الرَّاهِبِ الأَنْصَارِيُّ،
الأَوْسِيُّ، المَدَنِيُّ، الفَقِيْهُ، المُحَدِّثُ، أَبُو
سُلَيْمَانَ.
وَقِيْلَ لِجَدِّهِم: حَنْظَلَةُ الغَسِيْلُ، لأَنَّهُ
لَمَّا اسْتُشْهِدَ يَوْم أُحُدٍ كَانَ جُنُباً،
فَغَسَّلَتْهُ المَلاَئِكَةُ (1) .
رَأَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ مِنَ الصَّحَابَةِ: سَهْلَ بنَ
سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ.
وَحَدَّثَ عَنْ: عِكْرِمَةَ، وَأَسِيْدِ بنِ عَلِيِّ بنِ
عُبَيْدٍ، وَالمُنْذِرِ بنِ أَبِي أُسَيْدٍ السَّاعِدِيِّ،
وَأَخِيْهِ الزُّبَيْرِ، وَعَبَّاسِ بنِ سَهْلٍ، وَعَاصِمِ
بنِ عُمَرَ بنِ قَتَادَةَ، وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: وَكِيْعٌ، وَأَبُو أَحْمَدَ
الزُّبَيْرِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَأَبُو الوَلِيْدِ
الطَّيَالِسِيُّ، وَيَحْيَى بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ
الحِمَّانِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ يَعْقُوْبَ
المَسْعُوْدِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي الوَزِيْرِ،
وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاهِبِ، وَجُبَارَةُ بنُ
المُغَلِّسِ، وَعِدَّةٌ.
وَثَّقَهُ: أَبُو زُرْعَةَ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالقَوِيِّ.
وَرَوَى: عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ، عَنْ يَحْيَى:
صُوَيْلِحٌ.
تُوُفِّيَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: سَنَةَ إِحْدَى
وَسَبْعِيْنَ وَمائَةٍ، وَقَدْ جَاوَزَ التِّسْعِيْنَ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَافِظِ بنُ بَدْرَانَ، وَيُوْسُفُ
بنُ أَحْمَدَ، قَالاَ:
أَنْبَأَنَا مُوْسَى بنُ عَبْدِ القَادِرِ، أَنْبَأَنَا
سَعِيْدُ بنُ البَنَّاءِ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ
أَحْمَدَ، أَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِرٍ
__________
(1) انظر: البيهقي: 4 / 15.
وأخرج الحاكم في (المستدرك): 3 / 204، من طريق ابن إسحاق،
حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله، عن أبيه، عن جده - رضي
الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
يقول عند قتل حنظلة بن أبي عامر، بعد أن التقى هو وأبو
سفيان بن الحارث حين علاه شداد ابن الأسود بالسيف فقتله،
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إن صاحبكم تغسله
الملائكة)، فسألوا صاحبته، قالت: إنه خرج لما سمع الهائعة
وهو جنب. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لذلك
غسلته الملائكة). وسنده جيد، وصححه الحاكم، وأقره الذهبي
المؤلف.
(7/324)
المُخَلِّصُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ
البَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ
الحَارِثِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنُ
الغَسِيْلِ، عَنْ أَسِيْدِ بنِ عَلِيِّ بنِ عُبَيْدٍ، عَنْ
أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ - وَكَانَ بَدْرِيّاً -
قَالَ:
كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- جَالِساً، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ،
فَقَالَ ... (1)
112 - عُثْمَانُ البُرِّيُّ أَبُو سَلَمَةَ بنُ مِقْسَمٍ
الكِنْدِيُّ * (ت)
العَلاَّمَةُ، المُفْتِي، فَقِيْهُ البَصْرَةِ، أَبُو
سَلَمَةَ عُثْمَانُ بنُ مِقْسَمٍ الكِنْدِيُّ مَوْلاَهُم،
البَصْرِيُّ، البُرِّيُّ.
يَرْوِي عَنْ: يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ، وَسَعِيْدٍ
المَقْبُرِيِّ، وَنَافِعٍ، وَقَتَادَةَ، وَأَبِي
إِسْحَاقَ، وَحَمَّادِ بنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَفَرْقَدَ
السَّبَخِيِّ، وَمَنْصُوْرِ بنِ المُعْتَمِرِ،
وَطَائِفَةٍ.
وَكَانَ مِمَّنْ صَنَّفَ العِلْم، وَدَوَّنَهُ.
حَدَّثَ عَنْهُ: سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ
الطَّيَالِسِيُّ، وَأَبُو عَاصِمٍ، وَسَلْمُ بنُ
قُتَيْبَةَ، وَيَحْيَى بنُ سَلاَّمٍ، وَشَيْبَانُ بنُ
فَرُّوْخٍ، وَآخَرُوْنَ.
______________
(1) تمامه: يارسول الله ! هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به
بعد موتهما ؟ قال: (نعم: الصلاة عليهما، والاستغفار لهما،
وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا
بهما، وإكرام صديقهما).
وأخرجه أحمد: 3 / 497 - 498، وأبو داود: (5142)، في الأدب:
باب في بر الوالدين، وابن ماجه: (3664)، في الأدب: باب صل
من كان أبوك يصل، وابن حبان: (2030).
وأسيد بن علي وأبوه لم يوثقهما غير ابن حبان، ومع ذلك فقد
صححه الحاكم: 4 / 155، ووافقه الذهبي المؤلف.
(*) طبقات ابن سعد: 7 / 285، تاريخ خليفة: 449 وفيه:
(عثمان بن مقسم المري)، التاريخ الكبير: 6 / 252 - 253،
التاريخ الصغير: 2 / 160، المعرفة: والتاريخ: 2 / 123،
148، 3 / 34، 62، الضعفاء: خ: 292 - 293، الجرح والتعديل:
6 / 167 - 169، كتاب المجروحين: 2 / 101، الكامل لابن عدي:
خ: 550 - 551، ميزان الاعتدال: 3 / 59.
(7/325)
تَرَكَه: ابْنُ المُبَارَكِ، وَالقَطَّانُ،
وَكَانَ قَلِيْلَ الحَدِيْثِ، يُزَنُّ (1) بِبِدْعَةٍ.
وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: مَتْرُوْكٌ.
وَقَالَ شُعْبَةُ: أَفَادَنِي عُثْمَانُ البُرِّيُّ عَنْ
قَتَادَةَ حَدِيْثاً، فَسَأَلْتُ قَتَادَةَ، فَمَا
عَرَفَهُ، فَجَعَلَ عُثْمَانُ يَقُوْلُ: بَلْ أَنْتَ
حَدَّثْتَنِي، فَيَقُوْلُ: لاَ.
فَقَالَ قَتَادَةُ: هَذَا يُخبِرُنِي عَنِّي أَنَّ لِي
عَلَيْهِ ثَلاَثَ مائَةِ دِرْهَمٍ (2) .
قَالَ مُؤَمَّلُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ
البُرِّيَّ يَقُوْلُ: كَذَبَ أَبُو هُرَيْرَةَ.
وَقَالَ عَفَّانُ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ البُرِّيَّ يُنْكِرُ
المِيْزَانَ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ كَثِيْرٍ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ:
لَيْسَ بِمِيْزَانٍ، إِنَّمَا هُوَ العَدْلُ.
وَقَالَ عَفَّانُ: كَانَ قَدَرِيّاً، وَيَغلَطُ، وَفِي
كِتَابِهِ الصَّوَابُ، فَلاَ يَرجِعُ إِلَيْهِ، وَكَانَ
يَرْوِي عِشْرِيْنَ حَدِيْثاً.
وَحَدَّثَنِي ثِقَةٌ: أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنْ: {تَبَّتْ}
فِي أُمِّ الكِتَابِ؟
فَقَالَ: لَمْ تَكُنْ، وَإِنَّمَا فِي الكِتَابِ: ت، ب، ت.
قُلْتُ: رَوَى لَهُ التِّرْمِذِيُّ حَدِيْثاً مِنْ
طَرِيْقِ زَيْدِ بنِ الحُبَابِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ
الكِنْدِيِّ، عَنْ فَرْقَدَ السَّبَخِيِّ، فَهُوَ
البُرِّيُّ.
113 - خَارِجَةُ بنُ مُصْعَبِ بنِ خَارِجَةَ الضُّبَعِيُّ
* (ت، ق)
الإِمَامُ، العَالِمُ، المُحَدِّثُ، شَيْخُ خُرَاسَانَ
مَعَ إِبْرَاهِيْمَ بنِ
__________
(1) يزن: يتهم. ومنه قول حسان بن ثابت في عائشة أم
المؤمنين:
حصان رزان ما تزن بريبة (*) وتصبح غرثى من لحوم الغوافل
(2) الخبر في (الميزان): 3 / 56.
(*) طبقات ابن سعد: 7 / 371، طبقات خليفة: 323، التاريخ
الكبير: 3 / 205، التارخ الصغير: 2 / 195، الضعفاء: خ:
124، الجرح والتعديل: 3 / 375 - 376، كتاب المجروحين =
(7/326)
طَهْمَانَ، أَبُو الحَجَّاجِ الضُّبَعِيُّ،
السَّرَخْسِيُّ.
ارْتَحَلَ، وَأَخَذَ عَنْ: عَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ،
وَزَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، وَبُكَيْرِ بنِ الأَشَجِّ،
وَعَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ، وَأَيُّوْبَ
السِّخْتِيَانِيِّ، وَشَرِيْكِ بنِ أَبِي نَمِرٍ،
وَعَمْرِو بنِ يَحْيَى المَازِنِيِّ، وَيُوْنُسَ بنِ
عُبَيْدٍ، وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ،
وَعِيْسَى بنُ مُوْسَى غُنْجَارٌ، وَوَكِيْعٌ، وَحَفْصُ
بنُ عَبْدِ اللهِ النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَيَحْيَى بنُ
يَحْيَى، وَيَزِيْدُ بنُ صَالِحٍ الفَرَّاءُ، وَنُعَيْمُ
بنُ حَمَّادٍ، وَجَمَاعَةٌ.
رَوَى: مُسْلِمٌ، عَنْ يَحْيَى بنِ يَحْيَى، قَالَ:
هُوَ مُسْتقِيْمُ الحَدِيْثِ عِنْدَنَا، وَلَمْ نُنْكِرْ
مِنْ حَدِيْثِهِ إِلاَّ مَا كَانَ يُدَلِّسُ عَنْ غِيَاثٍ،
فَإِنَّا كُنَّا نَعرِفُ تِلْكَ الأَحَادِيْثَ.
وَقَالَ الحَاكِمُ: هُوَ فِي نَفْسِهِ ثِقَةٌ -يَعْنِي:
مَا هُوَ بِمُتَّهَمٍ-.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيْثُهُ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: يَغلطُ وَلاَ يَتَعَمَّدُ.
وَقَالَ عَبَّاسٌ: عَنْ يَحْيَى: لَيْسَ بِثِقَةٍ.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: نَهَانِي أَبِي أَنْ
أَكْتُبَ أَحَادِيْثَهُ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: تَرَكَ النَّاسُ حَدِيْثَهُ
وَاتَّقَوْهُ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: مَتْرُوْكُ الحَدِيْثِ.
وَقَالَ الجُوْزَجَانِيُّ: يُرْمَى بِالإِرْجَاءِ.
__________
= 1 / 288، الكامل لابن عدي: خ: 243، تهذيب الكمال: خ: 353
- 354، تذهيب التهذيب: خ: 1 / 185 - 186، ميزان الاعتدال:
1 / 625 - 626، عبر الذهبي: 1 / 252 - 253، طبقات القراء
لابن الجزري: 1 / 268، تهذيب التهذيب: ك 3 / 76 - 78،
طبقات المدلسين: 19، خلاصة تذهيب الكمال: 99، شذرات الذهب:
1 / 266.
(7/327)
وَرَوَى: مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ
الفَرَّاءُ، قَالَ:
كَانَ خَارِجَةُ يُطْعِمُ أَصْحَابَ الحَدِيْثِ، وَيُزرِي
عَلَى مَنْ لاَ يَأْكُلُ.
قَالَ وَلَدُهُ مُصْعَبٌ: تُوُفِّيَ أَبِي سَنَةَ ثَمَانٍ
وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ، وَلَهُ ثَمَانٍ وَسَبْعُوْنَ
سَنَةً.
أَخْبَرَتْنَا زَيْنَبُ الكِنْدِيَّةُ، عَنْ زَيْنَبَ
الشَّعْرِيَّةِ (1) ، أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي
القَاسِمِ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الغَافِرِ بنُ مُحَمَّدٍ،
أَنْبَأَنَا بِشْرُ بنُ أَحْمَدَ، أَنْبَأَنَا دَاوُدُ بنُ
الحُسَيْنِ سَنَةَ (293)، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ يَحْيَى،
أَنْبَأَنَا خَارِجَةُ، عَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، عَنْ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ وَعْلَةَ:
أَنَّهُ سَأَلَ ابْن عَبَّاسٍ، فَقَالَ: إِنِّيْ أَغَزْو
المَغْرِبَ، فَنجِدُ لَهُم أَسْقِيَةً مِنْ جُلُودِ
المَيتَةِ؟
قَالَ: مَا أَدْرِي، إِلاَّ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (كُلُّ إِهَابٍ دُبِغَ
فَقَدْ طَهُرَ) (2) .
114 - المَخْرَمِيُّ عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرِ بنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ * (م، 4)
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، العَلاَّمَةُ، أَبُو مُحَمَّدٍ
عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، ابْنِ
صَاحِبِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
المِسْوَرِ بنِ مَخْرَمَةَ الزُّهْرِيُّ، المَخْرَمِيُّ،
المَدَنِيُّ.
__________
(1) زينب الشعرية، أم بكر بنت المسور، من شيخات عبد الوهاب
شاه الشاذياخي.
(2) صحيح.
وأخرجه مسلم: (366)، في الحيض: باب طهارة جلود الميتة
بالدباغ، وأبو داود: (4123)، والترمذي: (1728)، وابن ماجه:
(3609)، كلاهما في اللباس: باب جلود الميتة اذا دبغت،
والنسائي، في الفرع: باب جلود الميتة، وأحمد: 1 / 219،
270، 343،، من طريق زيد بن أسلم، عن عبد الرحمن بن وعلة،
عن ابن عباس.
(*) طبقات خليفة: 275، تاريخ خليفة: 448، التاريخ الكبير:
5 / 62، التاريخ الصغير: 2 / 192، الجرح والتعديل: 5 / 22،
كتاب المجروحين: 1 / 27، تهذيب الكمال: خ: 671 - 672،
تذهيب التهذيب: خ: 2 / 135 - 136، ميزان الاعتدال: 2 /
403، عبر الذهبي: 1 / 258، تهذيب التهذيب: 5 / 171 - 173،
خلاصة تذهيب الكمال: 193.
(7/328)
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ، وَعَمَّةِ
أَبِيْهِ؛ أُمِّ بَكْرٍ بِنْتِ المِسْوَرِ (1) ، وَسَعْدِ
بنِ إِبْرَاهِيْمَ القَاضِي، وَسَعِيْدٍ المَقْبُرِيِّ،
وَعُثْمَانَ الأَخْنَسِيِّ، وَيَزِيْدَ بنِ عَبْدِ اللهِ،
وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سَعْدٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ،
وَمُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ الوَاقِدِيُّ، وَخَالِدُ بنُ
مَخْلَدٍ، وَيَحْيَى الحِمَّانِيُّ، وَيَحْيَى بنُ يَحْيَى
التَّمِيْمِيُّ، وَعِدَّةٌ.
وَكَانَ: فَقِيْهاً، مُفْتِياً، بَصِيْراً بِالمَغَازِي.
وَثَّقَهُ: أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَغَيْرُهُ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: صَدُوْقٌ، وَلَيْسَ
بِثَبْتٍ.
وَجَاءَ عَنْ أَحْمَدَ: أَنَّهُ رَجَّحَهُ عَلَى ابْنِ
أَبِي ذِئْبٍ، فَقَالَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ فِي
(مُسْنَدِ العَبَّاسِ):
سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ، وَيَحْيَى تَنَاظَرَا فِي
المَخْرَمِيِّ، وَابْنِ أَبِي ذِئْبٍ (2) ، فَجَعَلَ
أَحْمَدُ يُقدِّمُ المَخْرَمِيَّ، وَقَدَّمَ ابْنُ
مَعِيْنٍ عَلَيْهِ ابْنَ أَبِي ذِئْبٍ، وَقَالَ:
المَخْرَمِيُّ شُوَيْخٌ، وَأَيُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ؟
وَقِيْلَ: كَانَ قَصِيْراً جِدّاً.
لَهُ فَضْلٌ، وَشَرَفٌ، وَمُرُوْءةٌ، وَلَهُ هَفْوَةٌ،
نَهَضَ مَعَ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ حَسَنٍ (3) ،
وَظَنَّهُ المَهْدِيُّ، ثُمَّ إِنَّهُ نَدِمَ فِيْمَا
بَعْدُ، وَقَالَ: لاَ غَرَّنِي أَحَدٌ بَعْدَهُ.
وَقَدْ أَسرَفَ ابْنُ حِبَّانَ وَبَالغَ، فَقَالَ:
يَرْوِي عَنْ: سَعِيْدٍ المَقْبُرِيِّ، وَسُهَيْلِ بنِ
أَبِي صَالِحٍ، وَكَانَ كَثِيْرَ الوَهْمِ فِي
الأَخْبَارِ، حَتَّى رَوَى عَنِ الثِّقَاتِ مَا لاَ
يُشْبِهُ حَدِيْثَ الأَثْبَاتِ، فَإِذَا سَمِعَهَا مَنِ
الحَدِيْثُ صِنَاعتُهُ، شَهِدَ أَنَّهَا مَقْلُوْبَةٌ،
فَاسْتحَقَّ التَّركَ.
قُلْتُ: كَيْفَ يُترَكُ، وَقَدِ احْتجَّ مِثْلُ
الجَمَاعَةِ بِهِ، سِوَى البُخَارِيِّ، وَوَثَّقَهُ
__________
(1) انظر ترجمتها في (تهذيب التهذيب): 12 / 460.
(2) انظر ترجمته في الصفحة: 139.
(3) انظر: صفحة 21، حا: 1.
(7/329)
مِثْلُ أَحْمَدَ.
مَاتَ: فِي سَنَةِ سَبْعِيْنَ وَمائَةٍ.
أَمَّا سَمِيُّهُ وَعَصْرِيُّهُ: المُحَدِّثُ:
115 - عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرِ بنِ نَجِيْحٍ *
وَالِدُ عَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ: فَوَاهٍ.
116 - ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ أَبُو بَكْرٍ بنُ عَبْدِ اللهِ
العَامِرِيُّ ** (ق)
الفَقِيْهُ الكَبِيْرُ، قَاضِي العِرَاقِ، أَبُو بَكْرٍ
بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي سَبْرَةَ بنِ
أَبِي رُهْمٍ - وَكَانَ جَدُّ أَبِيْهِ أَبُو سَبْرَةَ
بَدْرِيّاً مِنَ السَّابِقِيْنَ المُهَاجِرِيْنَ - ابْنِ
عَبْدِ العُزَّى القُرَشِيُّ، ثُمَّ العَامِرِيُّ.
تُوُفِّيَ: زَمَنَ عُثْمَانَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-.
وَكَانَتْ أُمُّهُ بَرَّةُ عَمَّةَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَخُوْهُ لأُمِّهِ أَبَا
سَلَمَةَ المَخْزُوْمِيَّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وَمَا
عَلِمتُهُ رَوَى شَيْئاً.
حَدَّثَ أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ: عَطَاءِ
بنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَالأَعْرَجِ، وَزَيْدِ بنِ أَسْلَمَ،
وَهِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، وَشَرِيْكِ بنِ أَبِي نَمِرٍ،
وَطَائِفَةٍ.
وَهُوَ ضَعِيْفُ الحَدِيْثِ مِنْ قِبَلِ حِفْظِه.
__________
(*) تهذيب الكمال: خ: 671 - 672، تذهيب التهذيب خ: 2 /
136، ميزان الاعتدال: 2 / 401 - 403، تهذيب التهذيب: 5 /
174 - 176، خلاصة تذهيب الكمال: 193، شذرات الذهب: 1 /
288.
(* *) طبقات خليفة: 273، تاريخ خليفة: 437، التاريخ
الكبير: 9 / 9، المعارف: 489، كتاب المجروحين: 3 / 147،
الكلام لابن عدي خ: 853، تهذيب الكمال: خ: 1582، تذهيب
التهذيب: خ: 4 / 201، ميزان الاعتدال: 4 / 503 - 504،
العقد الثمين: 8 / 13، تهذيب التهذيب: 12 / 27 - 28، خلاصة
تذهيب الكمال: 444.
(7/330)
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ جُرَيْجٍ - مَعَ
تَقَدُّمِهِ - وَأَبُو عَاصِمٍ النَّبِيْلُ، وَمُحَمَّدُ
بنُ عُمَرَ الوَاقِدِيُّ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَعَبْدُ
اللهِ بنُ الوَلِيْدِ العَدَنِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: كَانَ مُفْتِي أَهْلِ المَدِيْنَةِ.
وَرَوَى: مَعْنٌ، عَنْ مَالِكٍ: قَالَ لِي أَبُو جَعْفَرٍ
المَنْصُوْرُ: يَا مَالِكُ! مَنْ بَقِيَ بِالمَدِيْنَةِ
مِنَ المَشْيَخَةِ؟
قُلْتُ: ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، وَابْنُ أَبِي سَبْرَةَ،
وَابْنُ أَبِي سَلَمَةَ المَاجَشُوْنُ.
وَقَالَ الوَاقِدِيُّ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي سَبْرَةَ
يَقُوْلُ:
قَالَ لِي ابْنُ جُرَيْجٍ: اكْتُبْ لِي أَحَادِيْثَ مِنْ
حَدِيْثِكَ جِيَاداً.
فكَتَبتُ لَهُ أَلفَ حَدِيْثٍ، ثُمَّ دَفعتُهَا إِلَيْهِ،
مَا قَرَأهَا عَلَيَّ، وَلاَ قَرَأْتُهَا عَلَيْهِ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: قَالَ لِيَ الحَجَّاجُ:
قَالَ لِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ: عِنْدِي سَبْعُوْنَ أَلفَ
حَدِيْثٍ فِي الحَلاَلِ وَالحَرَامِ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: هُوَ عِنْدِي مِثْلُ
إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَبِي يَحْيَى (1) .
وَرَوَى: عَبَّاسٌ، عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ، قَالَ:
لَيْسَ حَدِيْثُه بِشَيْءٍ، قَدِمَ هَا هُنَا، فَاجْتَمَعَ
عَلَيْهِ النَّاسُ، فَقَالَ: عِنْدِي سَبْعُوْنَ أَلفَ
حَدِيْثٍ، إِنْ أَخَذْتُم عَنِّي كَمَا أَخَذَ عَنِّي
ابْنُ جُرَيْجٍ، وَإِلاَّ فَلاَ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ: ضَعِيْفُ الحَدِيْثِ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: مَتْرُوْكٌ.
وَرَوَى: عَبْدُ اللهِ وَصَالِحٌ ابْنَا أَحْمَدَ، عَنْ
أَبِيْهِمَا، قَالَ: كَانَ يَضَعُ الحَدِيْثَ.
قُلْتُ: يُقَالُ: اسْمُهُ مُحَمَّدٌ.
وَقِيْلَ: عَبْدُ اللهِ.
__________
(1) أي أنه متروك الحديث. وإبراهيم هذا، هو ابن محمد بن
أبي يحيى الاسلمي، أبو إسحاق المدني، شيخ الامام الشافعي.
قال الحافظ في (التقريب): متروك.
(7/331)
قَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: كَانَ مِنْ
عُلَمَاءِ قُرَيْشٍ، وَلاَّهُ المَنْصُوْرُ القَضَاءَ،
وَكَانَ خَرَجَ مَعَ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ
حَسَنٍ، وَكَانَ عَلَى صَدَقَاتِ أَسدٍ وَطَيِّئٍ،
فَقَدِمَ عَلَى مُحَمَّدٍ بِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِيْنَ
أَلْفِ دِيْنَارٍ، فَلَمَّا قُتِلَ مُحَمَّدٌ، أُسِرَ
ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ وَسُجِنَ، ثُمَّ اسْتَعْمَلَ
المَنْصُوْرُ جَعْفَرَ بنَ سُلَيْمَانَ عَلَى
المَدِيْنَةِ، وَقَالَ لَهُ:
إِنَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَ ابْنِ أَبِي سَبْرَةَ رَحِماً،
وَقَدْ أَسَاءَ وَأَحْسَنَ، فَأَطلِقْهُ وَأَحْسِنْ
جِوَارَهُ.
وَكَانَ الإِحسَانُ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ الرَّبِيْعِ
الحَارِثِيَّ قَدِمَ المَدِيْنَةَ بَعْدَ مَا شَخَصَ
عَنْهَا عِيْسَى بنُ مُوْسَى وَمَعَهُ العَسْكَرُ،
فَعَاثُوا بِالمَدِيْنَةِ، وَأَفسَدُوا.
فَوَثَبَ عَلَى الحَارِثِيِّ سُودَانُ المَدِيْنَةِ
وَالرَّعَاعُ، فَقَتَلُوا جُنْدَهُ، وَطَردُوهُم،
وَنَهبُوا مَتَاعَ الحَارِثِيِّ.
فَخَرَجَ حَتَّى نَزَلَ بِبِئْرِ المُطَّلبِ يُرِيْدُ
العِرَاقَ، فَكَسَرَ السُّودَانُ السِّجنَ، وَأَخْرَجُوا
ابْنَ أَبِي سَبْرَةَ حَتَّى أَجلَسُوهُ عَلَى المِنْبَرِ،
وَأَرَادُوا كَسْرَ قَيْدِهِ، فَقَالَ: لَيْسَ عَلَى ذَا
فَوتٍ، دَعُوْنِي حَتَّى أَتَكَلَّمَ.
فَتَكَلَّمَ فِي أَسفَلِ المِنْبَرِ، وَحَذَّرَهُمُ
الفِتْنَةَ، وَذَكَّرَهُم مَا كَانُوا فِيْهِ، وَوَصفَ
عَفْوَ المَنْصُوْرِ عَنْهُم، وَأَمَرَهُم بِالطَّاعَةِ.
فَأَقْبَلَ النَّاسُ عَلَى كَلاَمِهِ، وَتَجمَّعَ
القُرَشِيُّوْنَ، فَخَرَجُوا إِلَى عَبْدِ اللهِ بنِ
الرَّبِيْعِ، فَضمِنُوا لَهُ مَا ذَهَبَ لَهُ
وَلِجُنْدِهِ.
وَكَانَ قَدْ تَأَمَّرَ عَلَى السُّودَانِ وَثِيقٌ
الزَّنْجِيُّ، فَأُمسِكَ، وَقُيِّدَ، وَأَتَى ابْنُ
الرَّبِيْعِ، ثُمَّ رَجَعَ ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ إِلَى
الحَبسِ، حَتَّى قَدِمَ جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ،
فَأَطلَقَهُ وَأَكْرَمَهُ، ثُمَّ صَارَ إِلَى
المَنْصُوْرِ، فَوَلاَّهُ القَضَاءَ.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عَامَّةُ مَا يَرْوِيْهِ غَيْرُ
مَحْفُوْظٍ، وَهُوَ فِي جُمْلَةِ مَنْ يَضَعُ الحَدِيْثَ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: وَلِيَ القَضَاءَ لِمُوْسَى الهَادِي،
إِذْ هُوَ وَلِيُّ عَهْدٍ، ثُمَّ وَلِيَ قَضَاءَ مَكَّةَ
لزِيَادِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ، وَعَاشَ سِتِّيْنَ سَنَةً،
فَلَمَّا مَاتَ، اسْتُقْضِيَ بَعْدَهُ القَاضِي أَبُو
يُوْسُفَ.
قَالَ: وَتُوُفِّيَ بِبَغْدَادَ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ
وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ.
وَكَذَا وَرَّخَ مَوْتَه: جَمَاعَةٌ.
وَفِي (طَبَقَاتِ) أَبِي إِسْحَاقَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ
وَسَبْعِيْنَ، وَهُوَ وَهْمٌ.
(7/332)
117 - أَبُو بَكْرٍ النَّهْشَلِيُّ
الكُوْفِيُّ * (م، ت، س، ق)
مِنْ عُلَمَاءِ الكُوْفَةِ.
فِي اسْمِهِ أَقْوَالٌ، وَلاَ يُعرَفُ إِلاَّ
بِكُنْيَتِهِ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي مُوْسَى
الأَشْعَرِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الأَسْوَدِ
النَّخَعِيِّ، وَحَبِيْبِ بنِ أَبِي ثَابِتٍ، وَزِيَادِ
بنِ عِلاَقَةَ، وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ مَهْدِيٍّ، وَبَهْزُ بنُ أَسَدٍ،
وَعَوْنُ بنُ سَلاَّمٍ، وَيَحْيَى بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ،
وَجُبَارَةُ بنُ المُغَلِّسِ، وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ: أَحْمَدُ، وَابْنُ مَعِيْنٍ.
وَهُوَ الَّذِي يَقُوْلُ فِيْهِ وَكِيْعٌ: حَدَّثَنَا
أَبُو بَكْرٍ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي القَطَّافِ.
وَأَصحُّ مَا قِيْلَ فِي اسْمِهِ: عَبْدُ اللهِ.
وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيْهِ ابْنُ حِبَّانَ، فَقَالَ: كَانَ
شَيْخاً صَالِحاً، فَاضِلاً، غَلَبَ عَلَيْهِ
التَّقَشُّفُ، حَتَّى صَارَ يَهِمُ وَلاَ يَعْلَمُ،
وَيُخطِئُ وَلاَ يَفهَمُ، فَبَطَلَ الاحْتِجَاجُ بِهِ.
قُلْتُ: بَلْ هُوَ صَدُوْقٌ، احْتجَّ بِهِ: مُسْلِمٌ،
وَغَيْرُهُ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ يُوْنُسَ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ
النَّهْشَلِيُّ صَالِحاً، يَثِبُ لِلصَّلاَةِ فِي
مَرَضِهِ، وَلاَ يَقدِرُ، فَيُقَالُ لَهُ، فَيَقُوْلُ:
أُبَادِرُ طَيَّ الصَّحِيْفَةِ.
قَالُوا: تُوُفِّيَ النَّهْشَلِيُّ سَنَةَ سِتٍّ
وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ -رَحِمَهُ اللهُ-.
118 - عَبْدُ اللهِ بنُ عَيَّاشِ بنِ عَبَّاسٍ
القِتْبَانِيُّ ** (م، س)
الإِمَامُ، العَالِمُ، الصَّدُوْقُ، أَبُو حَفْصٍ
القِتْبَانِيُّ، المِصْرِيُّ.
__________
(*) طبقات ابن سعد: 6 / 378، التاريخ الكبير: 9 / 9، وفيات
الأعيان: 2 / 273 - 276، تهذيب الكمال: خ: 1588، تذهيب
التهذيب: خ: 4 / 205، ميزان الاعتدال: 4 / 496، عبر
الذهبي: 1 / 247، تهذيب التهذيب: 12 / 44 - 45، خلاصة
تذهيب الكمال: 445، شذرات الذهب: 1 / 261.
(* *) التاريخ الكبير: 5 / 151، المعارف: 539، المعرفة
والتاريخ: 1 / 161، الجرح والتعديل: 5 / 126، مشاهير علماء
الأمصار: 189، تهذيب الكمال: خ: 721، تذهيب التهذيب: خ: 2
/ 172، ميزان الاعتدال: 2 / 469 - 470، عبر المؤلف: 1 /
229 - 230، تهذيب التهذيب: 5 / 351 - 352، خلاصة تذهيب
الكمال: 209.
(7/333)
حَدَّثَ عَنْ: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ
هُرْمُزَ الأَعْرَجِ، وَأَبِي عُشَّانَةَ المَعَافِرِيِّ
(1) ، وَيَزِيْدَ بنِ أَبِي حَبِيْبٍ، وَوَالِدِهِ،
وَجَمَاعَةٍ.
وَعَنْهُ: ابْنُ وَهْبٍ، وَزَيْدُ بنُ الحُبَابِ، وَأَبُو
عَبْدِ الرَّحْمَنِ المُقْرِئُ، وَآخَرُوْنَ.
احْتجَّ بِهِ: مُسْلِمٌ، وَالنَّسَائِيُّ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ، لَيْسَ بِالمَتِيْنِ.
وَقَالَ أَيْضاً: هُوَ قَرِيْبٌ مِنِ ابْنِ لَهِيْعَةَ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ: ضَعِيْفٌ.
قُلْتُ: حَدِيْثُه فِي عِدَادِ الحَسَنِ.
تُوُفِّيَ: فِي سَنَةِ سَبْعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَوْلُ أَبِي حَاتِمٍ: هُوَ قَرِيْبٌ مِنِ ابْنِ
لَهِيْعَةَ، تَصلِيحٌ لِحَالِ ابْنِ لَهِيْعَةَ، إِذْ
يُقَارِبُ فِي الوَزنِ بِشَيْخٍ خَرَّجَ لَهُ مُسْلِمٌ،
وَلاَ رَيْبَ أَنَّهُ أَوثَقُ مِنِ ابْنِ لَهِيْعَةَ،
وَأَنَّ ابْنَ لَهِيْعَة أَعْلَمُ بِكَثِيْرٍ مِنْهُ.
119 - عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ بَهْرَامَ الفَزَارِيُّ
المَدَائِنِيُّ * (ت، ق)
المُحَدِّثُ، صَاحِبُ شَهْرِ بنِ حَوْشَبٍ.
رَوَى عَنْ: شَهْرٍ نُسْخَةً حَسَنَةً، وَعَنْ: عَاصِمٍ
الأَحْوَلِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ المُبَارَكِ، وَرَوْحُ بنُ
عُبَادَةَ، وَالفِرْيَابِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ عَيَّاشٍ،
وَأَبُو صَالِحٍ الكَاتِبُ، وَسَعْدَوَيْه، وَمُحَمَّدُ
بنُ بَكَّارِ بنِ الرَّيَّانِ، وَمَنْصُوْرُ بنُ أَبِي
مُزَاحِمٍ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: حَدِيْثُه عَنْ شَهْرٍ
مُقَاربٌ، وَهِيَ سَبْعُوْنَ حَدِيْثاً، كَانَ
__________
(1) في الأصل: " المغافري ": بالغين المعجمة، وهو تصحيف.
(*) التاريخ الكبير: 6 / 54، الجرح والتعديل: 6 / 8 - 9،
مشاهير علماء الأمصار: 175، تهذيب الكمال: خ: 764 - 765،
تذهيب التهذيب: خ: 2 / 200، ميزان الاعتدال: 2 / 538 -
539، تهذيب التهذيب: 6 / 109 - 110، خلاصة تذهيب الكمال:
221.
(7/334)
يَحفظُهَا كَأَنَّهَا سُوْرَةٌ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: أَحَادِيْثُه عَنْ شَهْرٍ صِحَاحٌ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ، وَغَيْرُهُ: ثِقَةٌ.
وَكَذَا وَثَّقَهُ: يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ مُثَنَّى: مَا سَمِعْتُ يَحْيَى
وَلاَ ابْنَ مَهْدِيٍّ يُحَدِّثَانِ عَنْهُ شَيْئاً قَطُّ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ حَفْصٍ المَدَائِنِيُّ: سَمِعْتُ
شُعْبَةَ يَقُوْلُ:
نِعْمَ الشَّيْخُ عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ بَهْرَامَ، لَكِنْ
لاَ تَكتُبُوا عَنْهُ، فَإِنَّهُ يَرْوِي عَنْ شَهْرٍ.
قُلْتُ: كَانَ سَمَاعُهُ مِنْ شَهْرٍ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ
وَتِسْعِيْنَ، وَكَانَ مَوْتُهُ قَبْلَ السَّبْعِيْنَ
وَمائَةٍ.
120 - الرَّبِيْعُ بنُ يُوْنُسَ أَبُو الفَضْلِ
الأُمَوِيُّ *
الوَزِيْرُ، الحَاجِبُ الكَبِيْرُ، أَبُو الفَضْلِ
الأُمَوِيُّ، مِنْ مَوَالِي عُثْمَانَ -رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ-.
حَجَبَ لِلْمَنْصُوْرِ، ثُمَّ وَزَرَ لَهُ بَعْدَ أَبِي
أَيُّوْبَ المُوْرِيَانِيِّ (1) ، وَكَانَ مِنْ نُبَلاَءِ
الرِّجَالِ، وَأَلِبَّائِهِم، وَفُضَلاَئِهِم.
قَالَ لَهُ المَنْصُوْرُ: مَا أَطْيَبَ الدُّنْيَا لَوْلاَ
المَوْتُ.
قَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! مَا طَابتْ إِلاَّ
بِالمَوْتِ.
قَالَ: وَكَيْفَ؟
قَالَ: لَوْلاَ المَوْتُ لَمْ تَقْعُدْ هَذَا المَقْعَدَ.
يُقَالُ: إِنَّ الهَادِي سَمَّهُ.
وَقِيْلَ: مَرِضَ ثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ، وَمَاتَ.
__________
(*) الوزراء والكتاب: 125 - 140 ضمن أخبار أيام المنصور،
تاريخ بغداد: 8 / 414، وفيات الأعيان: 2 / 294 - 299،
شذرات الذهب: 1 / 274، تهذيب ابن عساكر: 5 / 311 - 313.
(1) ضبطه ياقوت في " معجم البلدان " بالضم ثم السكون وكسر
الراء، وقال: " قرية من نواحي خوزستان، وإليها ينسب أبو
أيوب المورياني وزير المنصور، واسمه: سليمان بن أبي سليمان
ابن أبي مجالد، وقتله المنصور ".
انظر ترجمته في الصفحة: 23.
(7/335)
قَالَ الطَّبَرِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ
تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ.
وَقِيْلَ: فِي أَوَّلِ سَنَةِ سَبْعِيْنَ.
وَعَمِلَ حِجَابَةَ الرَّشِيْدِ ابْنُهُ الفَضْلُ بنُ
الرَّبِيْعِ.
121 - نَافِعُ بنُ أَبِي نُعَيْمٍ أَبُو رُوَيْمٍ
الأَصْبَهَانِيُّ *
الإِمَامُ، حَبْرُ القُرْآنِ، أَبُو رُوَيْمٍ.
وَيُقَالُ: أَبُو الحَسَنِ.
وَيُقَالُ: أَبُو نُعَيْمٍ.
وَيُقَالُ: أَبُو مُحَمَّدٍ.
وَيُقَالُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ،
مَوْلَى جَعْونَةَ بنِ شَعُوْبٍ اللَّيْثِيِّ، حَلِيْفِ
حَمْزَةَ عَمِّ رَسُوْل اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-.
وَقِيْلَ: حَلِيْفُ العَبَّاسِ، أَخِي حَمْزَةَ، أَصْلُهُ
أَصْبَهَانِيٌّ.
وُلِدَ: فِي خِلاَفَةِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ مَرْوَانَ،
سَنَةَ بِضْعٍ وَسَبْعِيْنَ، وَجَوَّدَ كِتَابَ اللهِ
عَلَى عِدَّةٍ مِنَ التَّابِعِيْنَ، بِحَيْثُ إِنَّ
مُوْسَى بنَ طَارِقٍ حَكَى عَنْهُ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى
سَبْعِيْنَ مِنَ التَّابِعِيْنَ.
قُلْتُ: قَدِ اشْتُهِرَتْ تِلاَوَتُهُ عَلَى خَمْسَةٍ:
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ هُرْمُزَ الأَعْرَجِ - صَاحِبِ
أَبِي هُرَيْرَةَ - وَأَبِي جَعْفَرٍ يَزِيْدَ بنِ
القَعْقَاعِ - أَحَدِ العَشَرَةِ (1) - وَشَيْبَةَ بنِ
نِصَاحٍ، وَمُسْلِمِ بنِ جُنْدَبٍ الهُذَلِيِّ، وَيَزِيْدَ
بنِ رُوْمَانَ.
وَحَمَلَ هَؤُلاَءِ عَنْ أَصْحَابِ أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ،
وَزَيْدِ بنِ ثَابِتٍ، كَمَا أَوضَحنَاهُ فِي (طَبَقَاتِ
القُرَّاءِ).
وَصَحَّ: أَنَّ الخَمْسَةَ تَلَوْا عَلَى مُقْرِئِ
المَدِيْنَةِ: عَبْدِ اللهِ بنِ عَيَّاشِ بنِ أَبِي
رَبِيْعَةَ المَخْزُوْمِيِّ، صَاحِبِ أُبَيٍّ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُم قَرَؤُوا عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ
أَيْضاً، وَعَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَفِيْهِ احْتمَالٌ.
وَقِيْلَ: إِنَّ مُسْلِمَ بنَ جُنْدَبٍ قَرَأَ عَلَى
حَكِيْمِ بنِ حِزَامٍ، وَابْنِ عُمَرَ.
__________
(*) التاريخ الكبير: 8 / 87، مشاهير علماء الأمصار: 141،
الكامل لابن عدي: خ: 810، تهذيب الكمال: خ: 1403، تذهيب
التهذيب: خ: 4 / 90، ميزان الاعتدال: 4 / 242، عبر الذهبي:
1 / 257، طبقات القراء لابن الجزري: 2 / 330 - 334، تهذيب
التهذيب: 10 / 407 408، خلاصة تذهيب الكمال: 399، شذرات
الذهب: 1 / 270.
(1) أي: أحد القراء العشرة.
(7/336)
قَالَ الهُذَلِيُّ فِي (كَامِلِهِ (1)):
كَانَ نَافِعٌ مُعَمَّراً، أَخَذَ القُرْآنَ عَلَى
النَّاسِ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ - كَذَا قَالَ
الهُذَلِيُّ - وَبِالجهدِ أَنْ يَكُوْنَ نَافِعٌ فِي
ذَلِكَ الحِيْنِ يَتلقَّنُ وَيَتردَّدُ إِلَى مَنْ
يُحَفِّظُه، وَإِنَّمَا تَصدَّرَ لِلإِقْرَاءِ بَعْدَ
ذَلِكَ بِزَمَانٍ طَوِيْلٍ، وَلَعلَّهُ أَقرَأَ فِي
حُدُوْدِ سَنَةِ عِشْرِيْنَ وَمائَةٍ، مَعَ وُجُوْدِ
أَكْبَرِ مَشَايِخِه.
قَالَ مَالِكٌ -رَحِمَهُ اللهُ-: نَافِعٌ إِمَامُ النَّاسِ
فِي القِرَاءةِ.
وَقَالَ سَعِيْدُ بنُ مَنْصُوْرٍ: سَمِعْتُ مَالِكاً
يَقُوْلُ: قِرَاءةُ نَافِعٍ سُنَّةٌ.
وَرَوَى: إِسْحَاقُ المُسَيِّبِيُّ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ:
أَدْرَكْتُ عِدَّةً مِنَ التَّابِعِيْنَ، فَنَظَرْتُ إِلَى
مَا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ اثْنَانِ مِنْهُم، فَأَخَذتُهُ،
وَمَا شَذَّ فِيْهِ وَاحِدٌ تَرَكتُهُ، حَتَّى أَلَّفْتُ
هَذِهِ القِرَاءةَ.
وَرُوِيَ: أَنَّ نَافِعاً كَانَ إِذَا تَكَلَّمَ تُوجَدُ
مِنْ فِيْهِ رِيْحُ مِسْكٍ، فَسُئِلَ عَنْهُ، قَالَ:
رَأَيتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
فِي النَّوْمِ تَفَلَ فِي فِيَّ.
وَقَالَ اللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ: حَجَجْتُ سَنَةَ ثَلاَثَ
عَشْرَةَ وَمائَةٍ، وَإِمَامُ النَّاسِ فِي القِرَاءةِ
بِالمَدِيْنَةِ نَافِعُ بنُ أَبِي نُعَيْمٍ.
قُلْتُ: لاَ رِيْبَ أَنَّ الرَّجُلَ رَأْسٌ فِي حَيَاةِ
مَشَايِخِه، وَقَدْ حَدَّثَ أَيْضاً عَنْ: نَافِعٍ مَوْلَى
ابْنِ عُمَرَ، وَالأَعْرَجِ، وَعَامِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ
بنِ الزُّبَيْرِ، وَأَبِي الزِّنَادِ، وَمَا هُوَ مِنْ
فُرْسَانِ الحَدِيْثِ.
تَلاَ عَلَيْهِ: إِسْمَاعِيْلُ بنُ جَعْفَرٍ، وَإِسْحَاقُ
بنُ مُحَمَّدٍ المُسَيِّبِيُّ، وَعُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ
وَرْشٌ، وَعِيْسَى قَالُوْنُ (2) .
وَرَوَى عَنْهُ: القَعْنَبِيُّ، وَسَعِيْدُ بنُ أَبِي
مَرْيَمَ، وَخَالِدُ بنُ مَخْلَدٍ، وَمَرْوَانُ بنُ
مُحَمَّدٍ الطَّاطَرِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي
أُوَيْسٍ.
وَثَّقَهُ: ابْنُ مَعِيْنٍ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
__________
(1) كتاب " الكامل في القراءات الخمسين " لأبي القاسم يوسف
بن علي بن عبادة الهذلي المغربي، المتوفى سنة (465 ه).
(انظر: كشف الظنون: 2 / 1381).
(2) تقدم الحديث عن " قالون " في الصفحة: 322، حا: 1.
(7/337)
وَلَيَّنَهُ: أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ -
أَعْنِي فِي الحَدِيْثِ - أَمَّا فِي الحُرُوْفِ فَحُجَّةٌ
بِالاتِّفَاقِ.
وَقِيْلَ: كَانَ أَسْوَدَ اللَّونِ، وَكَانَ طَيِّبَ
الخُلُقِ، يُبَاسِطُ أَصْحَابَهُ.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ فِي (الكَامِلِ): لَهُ نُسْخَةٌ عَنِ
الأَعْرَجِ، نَحْوٌ مِنْ مائَةِ حَدِيْثٍ، وَلَهُ نُسْخَةٌ
أُخْرَى عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، وَلَهُ مِنَ التَّفَارِيقِ
قَدْرُ خَمْسِيْنَ حَدِيْثاً، وَلَمْ أَرَ لَهُ شَيْئاً
مُنْكَراً.
قُلْتُ: يَنْبَغِي أَنْ يُعدَّ حَدِيْثُه حَسَناً،
وَبَاقِي أَخْبَارِهُ فِي (طَبَقَاتِ القُرَّاءِ).
وَمِمَّنْ قَرَأَ عَلَى هَذَا الإِمَامِ: مَالِكٌ
الإِمَامُ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ، قَبْلَ
مَالِكٍ بِعَشْرِ سِنِيْنَ.
122 - مُحَمَّدُ بنُ طَلْحَةَ بنِ مُصَرِّفٍ اليَامِيُّ *
(خَ، م، د، ت، ق)
الكُوْفِيُّ، المُحَدِّثُ، أَحَدُ الثِّقَاتِ.
يَرْوِي عَنْ: أَبِيْهِ، وَسَلَمَةَ بنِ كُهَيْلٍ،
وَالحَكَمِ بنِ عُتَيْبَةَ، وَزُبَيْدِ بنِ الحَارِثِ
اليَامِيِّ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ،
وَأَسَدُ بنُ مُوْسَى، وَحَسَّانُ بنُ حَسَّانٍ
البَصْرِيُّ، وَعَوْنُ بنُ سَلاَّمٍ، وَجُبَارَةُ بنُ
المُغَلِّسِ، وَجَمَاعَةٌ.
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: صَدُوْقٌ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالقَوِيِّ.
__________
(*) طبقات ابن سعد: 6 / 376، طبقات خليفة: 168، تاريخ
خليفة: 439، التاريخ الكبير: 1 / 122، الجرح والتعديل: 7 /
291 - 292، تهذيب الكمال: خ: 1213، تهذيب التهذيب: خ: 3 /
215، ميزان الاعتدال: 3 / 587 - 588، عبر الذهبي: 1 / 251،
الوافي بالوفيات: 3 / 176، تهذيب التهذيب: 9 / 238 - 239،
خلاصة تهذيب الكمال: 342 - 343، شذرات الذهب: 1 / 264.
(7/338)
وَقَالَ أَحْمَدُ: صَالِحُ الحَدِيْثِ،
ثِقَةٌ، لاَ يَكَادُ يَقُوْلُ حَدَّثَنَا -يَعْنِي:
إِنَّمَا يُعَنْعِنُ-.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: كَانَ يُقَالُ: يُتَّقَى
حَدِيْثُ ثَلاَثَةٍ: فُلَيْحٍ (1) ، وَمُحَمَّدِ بنِ
طَلْحَةَ، وَأَيُّوْبَ بنِ عُتْبَةَ (2) .
رَوَاهَا: عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، عَنْهُ، قَالَ:
فَقُلْتُ لَهُ: مِمَّنْ سَمِعْتَ هَذَا؟
قَالَ: مَنْ أَبِي كَامِلٍ مُظَفَّرِ بنِ مُدْرِكٍ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا كَامِلٍ يَذْكُرُ مُحَمَّدَ بنَ
طَلْحَةَ، فَقَالَ:
كَانَ يَقُوْلُ: مَا أَذْكُرُ أَبِي إِلاَّ شِبْهَ
الحُلُمِ.
وَرَوَى: مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ،
عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ: هُوَ صَالِحُ الحَدِيْثِ.
وَرَوَى: عَبَّاسٌ، عَنْ يَحْيَى: لَيْسَ بِشَيْءٍ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ.
وَيَجِيْءُ (3) حَدِيْثُه مِنْ أَدَانِي مَرَاتِبِ
الصَّحِيْحِ، وَمِنْ أَجْوَدِ الحَسَنِ، وَبِهَذَا
يَظْهَرُ لَكَ أَنَّ (الصَّحِيْحَيْنِ) فِيْهِمَا
الصَّحِيْحُ وَمَا هُوَ أَصحُّ مِنْهُ.
وَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ: فِيْهِمَا الصَّحِيْحُ الَّذِي لاَ
نِزَاعَ فِيْهِ، وَالصَّحِيْحُ الَّذِي هُوَ حَسَنٌ،
وَبِهَذَا يَظْهَرُ لَكَ أَنَّ الحَسَنَ قِسمٌ دَاخِلٌ فِي
الصَّحِيْحِ، وَأَنَّ الحَدِيْثَ النَّبَوِيَّ قِسمَانِ:
لَيْسَ إِلاَّ صَحِيْحٌ: وَهُوَ عَلَى مَرَاتِبَ،
وَضَعِيْفٌ: وَهُوَ عَلَى مَرَاتِبَ - وَاللهُ أَعْلَمُ -.
123 - عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ بنِ حَفْصِ بنِ عَاصِمٍ
العَدَوِيُّ (4، م، تَبعاً)
ابْنِ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ،
المُحَدِّثُ،
__________
(1) انظر ترجمته في الصفحة: 351.
(2) انظر ترجمته في الصفحة: 319.
(3) في الأصل: " يجئ و..".
(*) طبقات خليفة: 269، 271، تاريخ خليفة: 448، التاريخ
الكبير: 5 / 145، المعرفة والتاريخ: 3 / 379، الضعفاء: خ:
214، الجرح والتعديل: 5 / 109 - 110، كتاب المجروحين: 2 /
6 - 7، الكامل لابن عدي: خ: 419 - 420، تاريخ بغداد: 10 /
19 - 21، تهذيب الكمال: خ: 713 - 714، تذهيب التهذيب: خ: 2
/ 168، ميزان الاعتدال: 2 / 465 - 466، عبر الذهبي: 1 /
260، تهذيب التهذيب: 5 / 326 - 328، خلاصة تذهيب الكمال:
207، شذرات الذهب: 1 / 279 - 280.
(7/339)
الإِمَامُ، الصَّدُوْقُ، أَبُو عَبْدِ
الرَّحْمَنِ القُرَشِيُّ، العَدَوِيُّ، العُمَرِيُّ،
المَدَنِيُّ، أَخُو عَالِمِ المَدِيْنَةِ عُبَيْدِ اللهِ
بنِ عُمَرَ، وَأَخَوَيه: عَاصِمٍ، وَأَبِي بَكْرٍ.
وُلِدَ: فِي أَيَّامِ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ، وَأَنَسِ بنِ
مَالِكٍ.
وَحَدَّثَ عَنْ: نَافِعٍ العُمَرِيِّ، وَسَعِيْدٍ
المَقْبُرِيِّ، وَوَهْبِ بنِ كَيْسَانَ، وَالزُّهْرِيِّ،
وَأَبِي الزُّبَيْرِ، وَأَخِيْهِ؛ عُبَيْدِ اللهِ بنِ
عُمَرَ، وَجَمَاعَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: وَكِيْعٌ، وَابْنُ وَهْبٍ، وَسَعِيْدُ بنُ
أَبِي مَرْيَمَ، وَالقَعْنَبِيُّ، وَإِسْحَاقُ بنُ
مُحَمَّدٍ الفَرْوِيُّ، وَأَبُو جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ،
وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ الأُوَيْسِيُّ،
وَأَبُو مُصْعَبٍ الزُّهْرِيُّ، وَعَدَدٌ كَثِيْرٌ.
وَكَانَ: عَالِماً، عَامِلاً، خَيِّراً، حَسَنَ
الحَدِيْثِ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: لاَ بَأْسَ بِهِ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: صُوَيْلِحٌ.
وَكَانَ يَحْيَى القَطَّانُ لاَ يُحَدِّثُ عَنْهُ، وَكَانَ
عَبْدُ الرَّحْمَنِ يُحَدِّثُ عَنْهُ.
وَقَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: ضَعِيْفٌ.
قَالَ أَحْمَدُ: كَانَ رَجُلاً صَالِحاً، وَكَانَ يُسْأَلُ
فِي حَيَاةِ أَخِيْهِ عَنِ الحَدِيْثِ، فَيَقُوْلُ: أَمَا
وَأَبُو عُثْمَانَ حَيٌّ فَلاَ.
ثُمَّ قَالَ أَحْمَدُ: كَانَ يَزِيْدُ فِي الأَسَانِيْدِ
وَيُخَالِفُ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالقَوِيِّ.
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ (1) : لَهُ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ
ابْنِ عُمَرَ، مَرْفُوْعاً: (مَنْ أَتَى عَرَّافاً...)
(2).
__________
(1) في المجروحين: 2 / 7.
(2) ولفظه ابتمامه كما في " المجروحين والضعفاء ": 2 / 7:
" من أتى عرافا يسأله لم تقبل له صلاة أربعين ليلة ".
وهو ضعيف بهذا السند لضعف عبد الله بن عمر. ولكن أخرجه
مسلم في " صحيحه ": =
(7/340)
وَبِهِ: كَانَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- إِذَا تَوَضَّأَ خَلَّلَ لِحْيَتَهُ (1) .
وَبِهِ: (أَنَّ أَهْلَ قُبَاءَ كَانُوا يُجَمِّعُوْنَ).
وَبِهِ: مَرْفُوْعاً: (لاَ يُحَرِّمُ الحَلاَلَ الحَرَامُ
(2))...، وَلَهُ غَيْرُ ذَلِكَ.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أَرْجُو أَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِهِ (3)
.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ عَلَى الصَّحِيْحِ فِي سَنَةِ إِحْدَى
وَسَبْعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَحَدِيْثُه يَتردَّدُ فِيْهِ النَّاقِدُ، أَمَا إِنْ
تَابعَهُ (4) شَيْخٌ فِي رِوَايتِهِ، فَذَلِكَ حَسَنٌ
قَوِيٌّ - إِنْ شَاءَ اللهُ -.
__________
= (2230)، من طريق محمد بن المثنى، عن يحيى بن سعيد، عن
عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن صفية، عن بعض أزواج النبي -
صلى الله عليه وسلم - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -
قال: " من أتى عرافا، فسأله عن شيء، لم تقبل له صلاة
أربعين ليلة ".
والعراف: هو المنجم الذي يدعي علم الغيب، وقد استأثر الله
به، أو الذي يتعاطى معرفة مكان المسروق، ومكان الضالة،
ونحوهما وأخرج أبو داود (3904) من حديث أبي هريرة أن رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " من أتى كاهنا فصدقة
بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد " وأخرجه أحمد 2 /
408، 476، والترمذي (135)، وابن ماجه (639)، والدارمي 1 /
259، وسنده قوي.
(1) لكن في الباب ما يشهد له فيتقوى به.
فقد أخرج الترمذي: (31)، وابن ماجه:
(430)، وابن الجارود: ص 43، والحاكم: 1 / 149، من طريق
عامر بن شقيق، عن أبي وائل، عن عثمان، " أن النبي - صلى
الله عليه وسلم - كان يخلل لحيته ".
وأخرج أبو داود: (145)، من حديث أنس: " أن رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - كان إذا توضأ أخذ كفا من ماء، فأدخله تحت
حنكه، فخلل به لحيته، وقال: هكذاا أمرتي ربي ".
فالحديث صحيح بهذين الشاهدين.
وله شواهد أخرى من حديث عائشة وأبي أمامة وعمار.
(انظر: تلخيص الحبير: 1 / 85 - 87).
(2) وأخرجه ابن ماجه: (2015)، في النكاح، من طريق يحيى بن
معلى بن منصور، عن إسحاق بن محمد الفروي، عن عبد الله بن
عمر، عن نافع، عن ابن عمر، بلفظ: " لا يحرم الحرام الحلال
".
وإسحاق بن محمد صدوق، لكنه كف، فساء حفظه.
وعبد الله بن عمر ضعيف، وقد قالوا في معناه: إن الزنى لا
يثبت حرمة المصاهرة ".
وبه يقول الشافعي، وهو قول مؤوف، لان الخبر فيه غير صحيح.
(3) لقد علم بالتتبع أنه لا يقصد بهذا التعبير التوثيق،
وإنما يرد بن أن المترجم يكتب حديثه للمتابعة والاعتضاد.
(4) أي: إذا تابعه على رواية الحديث من هو في درجته أو
أعلى منه فيتقوى الحديث بهما، ويصير حسنا.
(7/341)
124 - فُضَيْلُ بنُ مَرْزُوْقٍ العَنَزِيُّ
مَوْلاَهُم * (4، م، تَبعاً)
المُحَدِّثُ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ العَنَزِيُّ
مَوْلاَهُم، الكُوْفِيُّ، الأَغَرُّ.
حَدَّثَ عَنْ: عَدِيِّ بنِ ثَابِتٍ، وَأَبِي سَلَمَةَ
الجُهَنِيِّ، وَعَطِيَّةَ العَوْفِيِّ، وَشَقِيْقِ بنِ
عُقْبَةَ، وَعِدَّةٍ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ رَوَى عَنْ أَبِي حَازِمٍ
الأَشْجَعِيِّ، صَاحِبِ أَبِي هُرَيْرَةَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: وَكِيْعٌ، وَيَزِيْدُ، وَأَبُو أُسَامَةَ،
وَيَحْيَى بنُ آدَمَ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَعَلِيُّ بنُ
الجَعْدِ، وَسَعِيْدُ بنُ سُلَيْمَانَ الوَاسِطِيُّ،
وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ: سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، وَيَحْيَى بنُ
مَعِيْنٍ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أَرْجُو أَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِهِ.
وَجَاءَ عَنْ يَحْيَى: أَنَّهُ ضَعَّفَهُ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ضَعِيْفٌ.
وَقَالَ الحَاكِمُ: عِيْبَ عَلَى مُسْلِمٍ إِخرَاجُهُ فِي
(صَحِيْحِهِ).
قُلْتُ: مَا ذَكرَهُ فِي الضُّعَفَاءِ البُخَارِيُّ، وَلاَ
العُقَيْلِيُّ، وَلاَ الدُّوْلاَبِيُّ، وَحَدِيْثُه فِي
عِدَادِ الحَسَنِ - إِنْ شَاءَ اللهُ - وَهُوَ شِيْعِيٌّ.
قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: مُنْكَرُ الحَدِيْثِ جِدّاً.
قُلْتُ: إِنَّمَا يَرْوِي لَهُ مُسْلِمٌ فِي
المُتَابعَاتِ.
وَقِيْلَ: كَانَ يَأْتِي عَنْ عَطِيَّةَ بِبَلاَيَا.
وَقَدْ قَالَ ابْنُ حِبَّانَ أَيْضاً: هُوَ مِمَّنْ
أَسْتخِيْرُ اللهَ فِيْهِ.
قُلْتُ: كَانَ يَتَأَلَّهُ.
قَالَ الهَيْثَمُ بنُ جَمِيْلٍ: جَاءَ فُضَيْلُ بنُ
مَرْزُوْقٍ - وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الهُدَى
__________
(*) التاريخ الكبير: 7 / 122، الجرح والتعديل: 7 / 75،
تهذيب الكمال: خ: 1106، تذهيب التهذيب: خ: 3 / 144، ميزان
الاعتدال: 3 / 363، تهذيب التهذيب: 8 / 298 - 300، خلاصة
تذهيب الكمال: 310.
(7/342)
زُهْداً وَفَضْلاً - إِلَى الحَسَنِ بنِ
حَيٍّ، فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَهُ شَيْءٌ،
فَأَخَرَجَ لَهُ سِتَّةَ دَرَاهِمَ، وَقَالَ: لَيْسَ مَعِي
غَيْرُهَا.
قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ! لَيْسَ عِنْدَك غَيْرُهَا،
وَأَنَا آخُذُهَا!؟
فَأَبَى ابْنُ حَيٍّ إِلاَّ أَنْ يَأْخُذَهَا، فَأَخَذَ
ثَلاَثَةً، وَتَرَكَ ثَلاَثَةً.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ قَبْلَ سَنَةِ سَبْعِيْنَ وَمائَةٍ.
125 - مُحَمَّدُ بنُ رَاشِدٍ المَكْحُوْلِيُّ
الدِّمَشْقِيُّ * (4)
المُحَدِّثُ، نَزِيْلُ البَصْرَةِ.
حَدَّثَ عَنْ: مَكْحُوْلٍ - وَإِلَيْهِ يُنسَبُ،
فَأَحْسِبُهُ ابْنَ مَوْلاَهُ - وَعَنْ: عَبْدَةَ بنِ
أَبِي لُبَابَةَ، وَلَيْثِ بنِ أَبِي رُقَيَّةَ، وَأَبِي
وَهْبٍ عُبَيْدِ اللهِ الكَلاَعِيِّ، وَسُلَيْمَانَ بنِ
مُوْسَى، وَجَمَاعَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: سُفْيَانُ، وَشُعْبَةُ - وَمَاتَا
قَبْلَهُ - وَبَقِيَّةُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
مَهْدِيٍّ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَحَبَّانُ بنُ هِلاَلٍ،
وَعَارِمٌ، وَحَفْصُ بنُ عُمَرَ الحَوْضِيُّ، وَبِشْرُ بنُ
الوَلِيْدِ، وَعَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، وَشَيْبَانُ بنُ
فَرُّوْخٍ، وَجَمَاعَةٌ، خَاتِمَتُهُم: عَبْدُ اللهِ بنُ
مُعَاوِيَةَ الجُمَحِيُّ.
وَثَّقَهُ: الإِمَامُ أَحْمَدُ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ: لَيْسَ بِالقَوِيِّ.
__________
(*) التاريخ الكبير: 1 / 81، المعرفة والتاريخ: 2 / 125،
395، الضعفاء: خ: 378 - 379، الجرح والتعديل: 7 / 253،
كتاب المجروحين: 2 / 253، تاريخ بغداد: 5 / 271 - 274،
تاريخ ابن عساكر: خ: 15 / 159 ب، تهذيب الكمال: خ: 1195،
تذهيب التهذيب: خ: 3 / 203، ميزان الاعتدال: 3 / 543 -
544، الوافي بالوفيات: 3 / 68، وفيه وفاته سنة (170 ه)،
تهذيب التهذيب: 9 / 158 - 160، خلاصة تذهيب الكمال: 336.
(7/343)
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: يُعْتَبَرُ
بِهِ.
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ: لَيْسَ بِحَدِيْثِهِ
بَأْسٌ إِذَا حَدَّثَ عَنْهُ ثِقَةٌ، فَحَدِيْثُه
مُسْتقِيْمٌ.
وَكَنَّاهُ البُخَارِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ: أَبَا يَحْيَى.
قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: مَا رَأَيتُ رَجُلاً أَورَعَ
مِنْهُ.
عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ:
قَالَ أَبُو النَّضْرِ: كُنْتُ أُوْصِي شُعْبَةَ
بِالرُّصَافَةِ، فَدَخَلَ مُحَمَّدُ بنُ رَاشِدٍ.
فَقَالَ لِي شُعْبَةُ: أَمَا كَتَبْتَ عَنْهُ؟ أَمَا
إِنَّهُ صَدُوْقٌ، وَلَكِنَّهُ شِيْعِيٌّ قَدَرِيٌّ (1) .
وَقَالَ الفَلاَّسُ: قَدَرِيٌّ.
مَحْمُودُ بنُ غَيْلاَنَ: عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ
شُعْبَةَ، قَالَ لِي:
لاَ تَكتُبْ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ رَاشِدٍ، فَإِنَّهُ
مُعْتَزِلِيٌّ رَافِضِيٌّ (2) .
وَقَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: لَمْ يَكُنْ ثِقَةً، كَانَ
يُصَحِّفُ.
قَالَ الجُوْزَجَانِيُّ: يَشتمِلُ عَلَى غَيْرِ بِدْعَةٍ،
وَكَانَ مُتَحَرِّياً لِلصِّدْقِ (3) .
وَعَنْ أَبِي مُسْهِرٍ: كَانَ يَرَى السَّيْفَ، فَلَمْ
أَكْتُبْ عَنْهُ.
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: مَاتَ بَعْدَ سَنَةِ
سِتِّيْنَ وَمائَةٍ.
126 - هِشَامُ بنُ سَعْدٍ أَبُو عَبَّادٍ القُرَشِيُّ *
(م، 4)
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الصَّادِقُ، أَبُو عَبَّادٍ
القُرَشِيُّ مَوْلاَهُم، المَدَنِيُّ،
__________
(1) في " تهذيب التهذيب ": 9 / 159: " ولكنه شيعي، أو
قدري، شك أحمد "
(2) انظر الخبر في " الميزان ": 3 / 544.
(3) في تهذيب الكمال: وكان فيما سمعت متحريا للصدق في
حديثه.
(*) المعارف: 504، المعرفة والتاريخ: 2 / 173، 3 / 378،
الضعفاء: خ: 428، الجرح والتعديل: 9 / 61 - 62، المجروحين
والضعفاء: 3 / 89 - 90، تهذيب الكمال: خ: 1439، =
(7/344)
الخَشَّابُ، يَتِيْمُ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ.
حَدَّثَ عَنْ: سَعِيْدٍ المَقْبُرِيِّ، وَنَافِعٍ
العُمَرِيِّ، وَعَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ، وَنُعَيْمٍ
المُجْمِرِ، وَابْنِ شِهَابٍ، وَزَيْدِ بنِ أَسْلَمَ،
وَهُوَ مُكْثرٌ عَنْهُ، بَصِيْرٌ بِحَدِيْثِهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: وَكِيْعٌ، وَابْنُ وَهْبٍ، وَابْنُ أَبِي
فُدَيْكٍ، وَأَبُو عَامِرٍ العَقَدِيُّ، وَالقَعْنَبِيُّ،
وَعَبْدُ اللهِ بنُ نَافِعٍ، وَجَعْفَرُ بنُ عَوْنٍ،
وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ عَبَّاسٌ: عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ: فِيْهِ ضَعْفٌ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: لَمْ يَكُنْ بِالحَافِظِ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هُوَ وَابْن إِسْحَاقَ عِنْدِي
سَوَاءٌ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ لاَ يَرْوِي
عَنْهُ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: هُوَ ثِقَةٌ، أَثْبَتُ النَّاسِ
فِي زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: سَأَلْتُ أَبِي
عَنْهُ، فَقَالَ: هُوَ كَذَا وَكَذَا.
وَرَوَى: مُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ:
لَيْسَ بِذَاكَ القَوِيِّ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: مَعَ ضَعفِه يُكتَبُ حَدِيْثُه.
وَتَقَعَّرَ ابْنُ حِبَّانَ كَعَوَائِدِه، وَذَكَرَ
أَنَّهُ يَرْوِي عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، كَذَا فِي
النُّسْخَةِ.
ثُمَّ قَالَ: كَانَ مِمَّنْ يَنْقلُ الإِسْنَادَ (1) ،
وَهُوَ لاَ يَفْهمُ، وَيُسْنِدُ المَوْقُوْفَاتِ مِنْ
حَيْثُ لاَ يَعْلَمُ، فَلَمَّا كَثُرَ مُخَالَفَتُهُ
لِلأَثبَاتِ فِيْمَا يَرْوِيْهِ عَنْ
__________
= تذهيب التهذيب: خ: 4 / 115 - 116، تاريخ الإسلام: 6 /
311، ميزان الاعتدال: 4 / 298 - 299، عبرالذهبي: 1 / 237،
تهذيب التهذيب: 11 / 39 - 41، خلاصة تذهيب الكمال: 409،
شذرات الذهب: 1 / 251.
(1) في " المجروحين والضعفاء ": 3 / 89: " يقلب الأسانيد "
بدلا من " ينقل الإسناد ".
(7/345)
الثِّقَاتِ، بَطَلَ الاحْتِجَاجُ بِهِ،
وَإِنِ اعْتُبِرَ بِمَا وَافَقَ الثِّقَاتِ مِنْ
حَدِيْثِهِ، فَلاَ ضَيْرَ.
عَبْدُ اللهِ بنُ نَافِعٍ: عَنْ هِشَامِ بنِ سَعْدٍ، عَنْ
مُعَاذِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ خُبَيْبٍ، عَنْ أَبِيْهِ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
قَالَ: (إِذَا عَرَفَ الغُلاَمُ يَمِيْنَهُ مِنْ
شِمَالِهِ، فَمُرُوْهُ بِالصَّلاَةِ (1)).
قُلْتُ: احْتجَّ بِهِ: مُسْلِمٌ، وَاسْتَشْهَدَ بِهِ:
البُخَارِيُّ.
وَمَاتَ: فِي حُدُوْدِ سَنَةِ سِتِّيْنَ وَمائَةٍ.
127 - أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ عِيْسَى بنُ مَاهَانَ *
(4)
عَالِمُ الرَّيِّ.
يُقَالُ: إِنَّهُ وُلِدَ بِالبَصْرَةِ، وَكَانَ يَتَّجِرُ
إِلَى الرَّيِّ، وَيُقِيْمُ بِهِ.
وُلِدَ: فِي حُدُوْدِ التِّسْعِيْنَ، فِي حَيَاة بَقَايَا
الصَّحَابَةِ.
حَدَّثَ عَنْ: عَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَعَمْرِو بنِ
دِيْنَارٍ، وَقَتَادَةَ، وَالرَّبِيْعِ بنِ أَنَسٍ،
وَجَمَاعَةٍ.
__________
(1) إسناده ضعيف لضعف هشام بن سعد.
وعبد الله بن نافع هو ابن أبي الصائغ المخزومي، ثقة، من
رجال مسلم.
وأخرجه أبو داود: (497)، في الصلاة: باب متى يؤمر الغلام
بالصلاة، من طريق سليمان بن داود المهري، عن هشام بن سعد،
عن معاذ بن عبد الله بن خبيب، عن رجل من الصحابة.
وأخرجه الطبراني في " الصغير ".
(*) طبقات خليفة: 324، التاريخ الكبير: 6 / 403 - 404،
التاريخ الصغير: 2 / 104، الضعفاء: خ: 337، الجرح
والتعديل: 6 / 280 - 281، كتاب المجروحين: 2 / 120، تاريخ
بغداد: 11 / 143 - 147، الكامل لابن الأثير: 5 / 455، 456،
تهذيب الكمال: خ: 1592، تذهيب التهذيب: خ: 4 / 206، ميزان
الاعتدال: 3 / 319 - 320، عبر الذهبي: 1 / 237، تهذيب
التهذيب: 12 / 56 - 57، خلاصة تذهيب الكمال: 446، شذرات
الذهب: 1 / 252.
(7/346)
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ؛ عَبْدُ اللهِ،
وَأَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ
دَاوُدَ الخُرَيْبِيُّ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ مُوْسَى،
وَخَلَفُ بنُ الوَلِيْدِ، وَيَحْيَى بنُ أَبِي بُكَيْرٍ،
وَعَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، وَعِدَّةٌ.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ، صَدُوْقٌ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَالنَّسَائِيُّ،
وَغَيْرُهُمَا: لَيْسَ بِالقَوِيِّ.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: يَهِمُ كَثِيْراً.
وَقَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: هُوَ عِيْسَى بنُ أَبِي
عِيْسَى، ثِقَةٌ، كَانَ يَخلِطُ.
وَقَالَ مَرَّةً: يُكتَبُ حَدِيْثُه، إِلاَّ أَنَّهُ
يُخطِئُ.
وَقَالَ حَنْبَلٌ: عَنْ أَحْمَدَ: صَالِحُ الحَدِيْثِ.
وَرَوَى: عَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ،
عَنْ أَبِيْهِ: هُوَ نَحْوُ مُوْسَى بنِ عُبَيْدَةَ.
وَرَوَى: مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ،
عَنِ ابْنِ المَدِيْنِيِّ، قَالَ:
كَانَ عِنْدَنَا ثِقَةً.
وَقَالَ عَمْرُو بنُ عَلِيٍّ: فِيْهِ ضَعْفٌ.
وَقَالَ السَّاجِيُّ: صَدُوْقٌ، لَيْسَ بِمُتْقِنٍ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ اللهِ
الدَّشْتَكِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ يَقُوْلُ:
لَمْ أَكْتُبْ عَنِ الزُّهْرِيِّ، لأَنَّهُ كَانَ يَخْضِبُ
بِالسَّوَادِ.
ثُمَّ قَالَ الدَّشْتَكِيُّ: زَامَلَ أَبُو جَعْفَرٍ
الرَّازِيُّ المَهْدِيَّ، وَلَبِسَ السَّوَادَ.
قُلْتُ: زَاملَ المَهْدِيَّ إِلَى مَكَّةَ.
(7/347)
وَمِمَّا تَفَرَّد بِهِ: حَدِيْثُ
القُنُوْتِ (1) .
قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: أَصلُهُ مِنْ مَرْوَ، انْتقَلَ
إِلَى الرَّيِّ، كَانَ مِمَّنْ يَتَفَرَّدُ
بِالمَنَاكِيْرِ عَنِ المشَاهِيْرِ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ فِي حُدُوْدِ سَنَةِ سِتِّيْنَ
وَمائَةٍ.
أَنْبَأَنِي عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ، وَطَائِفَةٌ، قَالُوا:
أَنْبَأَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ
الوَهَّابِ الحَافِظُ، أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ
هَزَارْمَرْدَ، أَنْبَأَنَا ابْنُ حَبَابَةَ، حَدَّثَنَا
أَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيٌّ،
أَنْبَأَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنْ عَاصِمِ بنِ
أَبِي النَّجُوْدِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-: (لأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحاً
خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْراً) (2).
__________
(1) أخرجه أحمد: 3 / 162، والدار قطني: 2 / 239 والطحاوي:
ص 143، والحاكم: في
كتاب " الأربعين " له، وعنه البيهقي، في " السنن ": 2 /
101، كلهم من حديث أبي جعفر، عن الربيع بن أنس، عن أنس بن
مالك، قال: " ما زال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
يقنت في صلاة الصبح حتى فارق الدنيا ".
وسنده ضعيف لضعف أبي جعفر الرازي، وقد تفرد به.
وهو مخالف لما ثبت في الصحيح من أنه - صلى الله عليه وسلم
- كان يقنت في النوازل خاصة.
(2) إسناده ضعيف لضعف أبي جعفر الرازي.
لكن الحديث صحيح لثبوته من طرق عن الأعمش، عن أبي صالح، عن
أبي هريرة.
انظر: البخاري: 10 / 453، في الأدب: باب ما يكره أن يكون
الغالب على الإنسان الشعر حتى يصده عن ذكر الله والعلم
والقرآن، ومسلم: (2257)، في أول كتاب الشعر، والبخاري: في
" الأدب المفرد ": (860)، وأبو داود: (5009)، والترمذي:
(2851)، وابن ماجه: (3957)، والطحاوي: 2 / 370، وأحمد: 2 /
288، 355، 391، 478، 480.
وفي الباب عن ابن عمر، أخرجه البخاري: في " صحيحه "، 10 /
453، وفي " الأدب المفرد ": (870) وأحمد: 2 / 39، 223،
والدارمي: 2 / 297.
وعن سعد بن أبي وقاص عند مسلم: (2258)، وأحمد: 1 / 175،
181، وابن ماجه: (3760)، والترمذي: (2852).
وعن أبي سعيد الخدري عند مسلم: (2259)، وأحمد: 3 / 8، 41.
قال الامام النووي: هذا الحديث محمول على التجرد للشعر،
بحيث يغلب عليه فيشغله عن القرآن والذكر.
وقال القرطبي: من غلب عليه الشعر لزمه - بحكم العادة
الأدبية - الأوصاف المذمومة، وعليه يحمل الحديث.
وقول بعضهم: عنى به الشعر الذي هجي به هو أو غيره، رد بأن
هجوه كفر - قل أو كثر - وهجو غيره حرام، وإن قل، فلا يكون
لتخصيص الذم بالكثير معنى.
وقد سبقه إلى ذلك أبو عبيد القاسم بن سلام.
(7/348)
وَبِهِ: أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ
الرَّازِيُّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ
المُسَيِّبِ، قَالَ: (إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ آخِرِ
سَجْدَةٍ، ثُمَّ أَحَدَثَ فَقَدْ تَمَّتْ صَلاَتُهُ (1)).
أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-: (إِنَّ أَعْظَمَ النَّاسِ خَطْباً يَوْم
القِيَامَةِ، أَكْثَرُهُمْ خَوْضاً فِي البَاطِلِ) (2).
128 - فَتْحُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ وِشَاحٍ الأَزْدِيُّ
المَوْصِلِيُّ *
زَاهِدُ زَمَانِهِ، فَتْحُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ وِشَاحٍ
الأَزْدِيُّ، المَوْصِلِيُّ، أَحَدُ الأَوْلِيَاءِ.
لَهُ: عَنْ عَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ.
وَعَنْهُ: المُعَافَى بنُ عِمْرَانَ، وَمُحَمَّدُ بنُ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطُّفَاوِيُّ، وَغَيْرُهُمَا.
وَلَهُ أَحْوَالٌ وَمَقَامَاتٌ، وَقَدَمٌ رَاسخٌ فِي
التَّقْوَى.
عَنِ المُعَافَى، قَالَ: لَمْ أَرَ أَعقلَ مِنْهُ.
قِيْلَ: كَانَ يُوقِدُ فِي أَتُّونٍ بَعْد مَا كَانَ
يَصِيدُ السَّمَكَ، فَشَغَلَتْهُ سَمَكَةٌ عَنِ
الجَمَاعَةِ، فَتَرَكَهُ.
وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْهِ المُعَافَى بِأَلفٍ، فَردَّهَا،
وَأَخَذَ مِنْهَا دِرْهَماً وَاحِداً، مَعَ فَقْرِ
أَهْلِهِ.
وَقِيْلَ: كَانَ لاَ يَنَامُ إِلاَّ قَاعِداً، وَكَانَ
بَكَّاءً، خَوَّافاً، مُتَهَجِّداً.
قِيْلَ: أَتَاهُ مُتولِّي المَوْصِلِ، فَخَرَجَ ابْنُهُ،
وَقَالَ: هُوَ نَائِمٌ.
فَصَاحَ: مَا أَنَا نَائِماً، مَا لِي وَلَكَ؟
قَالَ: هَذِهِ عَشْرَةُ آلاَفٍ، خُذْهَا، فَأَبَى.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ سَبْعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقِيْلَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ.
وَهَذَا هُوَ: فَتْحٌ المَوْصِلِيُّ الكَبِيْرُ.
__________
(1) إسناده ضعيف لضعف أبي جعفر الرازي. وقول سعيد هذا
مخالف للاحاديث الصحيحة.
(2) إسناده ضعيف، لارساله، ولضعف أبي جعفر.
(*) الفهرست: المقالة الخامسة الفن الخامس، تاريخ بغداد:
12 / 383.
(7/349)
129 - أَمَّا الصَّغِيْر
ُ أَبُو نَصْرٍ فَتْحُ بنُ سَعِيْدٍ المَوْصِلِيُّ *
فَمِنْ أَقْرَانِ بِشْرٍ الحَافِي.
130 - ابْنُ زَبْرٍ عَبْدُ اللهِ بنُ العَلاَءِ
الرَّبَعِيُّ ** (خَ، 4)
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، رَئِيْسُ دِمَشْقَ، أَبُو زَبْرٍ
عَبْدُ اللهِ بنُ العَلاَءِ بنِ زَبْرٍ الرَّبَعِيُّ،
الدِّمَشْقِيُّ.
حَدَّثَ عَنِ: القَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ، وَسَالِمِ بنِ
عَبْدِ اللهِ، وَعُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ،
وَمَكْحُوْلٍ، وَبُسْرِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ، وَعَبْدِ
اللهِ بنِ عَامِرٍ المُقْرِئِ، وَنَافِعٍ العُمَرِيِّ،
وَأَبِي سَلاَّمٍ مَمْطُوْرٍ، وَالزُّهْرِيِّ، وَبِلاَلِ
بنِ سَعْدٍ، وَطَائِفَةٍ.
وَعَنْهُ: وَلدُهُ؛ إِبْرَاهِيْمُ، وَالوَلِيْدُ بنُ
مُسْلِمٍ، وَابْنُ شَابُوْرَ، وَزَيْدُ بنُ الحُبَابِ،
وَشَبَابَةُ، وَأَبُو مُسْهِرٍ، وَمَرْوَانُ بنُ
مُحَمَّدٍ، وَعَمْرُو بنُ أَبِي سَلَمَةَ، وَأَبُو
المُغِيْرَةِ الخَوْلاَنِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ: يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ.
وَقَالَ دُحَيْمٌ: كَانَ ثِقَةً، مِنْ أَشْرَافِ أَهْلِ
البَلَدِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: مُقَاربُ الحَدِيْثِ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً - إِنْ شَاءَ اللهُ -.
__________
(*) هو فتح بن سعيد الموصلي أبو نصر، كبير الشأن في باب
الورع والمعاملات، توفي سنة (220 ه).
انظر: حلية الأولياء: 8 / 292 - 294، الرسالة القشيرية:
221، تاريخ بغداد: 12 / 381 - 383، النجوم الزاهرة: 2 /
235، طبقات الأولياء: 276 - 279، لابن الملقن.
(* *) طبقات ابن سعد: 7 / 468، التاريخ الكبير: 5 / 162،
المعرفة والتاريخ: 1 / 153، 2 / 386، 396، 397، 452، 458،
الجرح والتعديل: 5 / 128 - 129، مشاهير علماء الأمصار:
185، تاريخ بغداد: 10 / 16 - 18، تاريخ ابن عساكر: خ:
لينيغراد: 189، تهذيب الكمال: خ: 720 - 721، تذهيب
التهذيب: خ: 2 / 172، ميزان الاعتدال: 2 / 463 - 464، عبر
الذهبي: 1 / 244، تهذيب التهذيب: 5 / 350 - 351، خلاصة
تذهيب الكمال: 209، شذرات الذهب: 1 / 260.
(7/350)
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ،
وَالدَّارَقُطْنِيُّ: ثِقَةٌ.
وَكَنَّاهُ مُسْلِمٌ، وَجَمَاعَةٌ: أَبَا زَبْرٍ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ: كُنْيَتُهُ: أَبُو عَبْدِ
الرَّحْمَنِ.
قَالَ ابْنُهُ: وُلِدَ أَبِي: فِي سَنَةِ خَمْسٍ
وَسَبْعِيْنَ، وَمَاتَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ
وَمائَةٍ.
وَقِيْلَ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ.
كَتبَ إِلَيَّ ابْنُ أَبِي عُمَرَ، وَطَائِفَةٌ: سَمِعُوا
أَبَا حَفْصٍ المُؤَدِّبَ، أَنْبَأَنَا أَبُو القَاسِمِ
الشَّيْبَانِيُّ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ،
أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ البَزَّارُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ
اللهِ بنُ رَوْحٍ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ، حَدَّثَنَا أَبُو
زَبْرٍ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ،
عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
أَهْلَلْتُ مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- بِعُمْرَةٍ فِي حِجَّتِهِ (1).
وَمِنْ طَبَقَتِهِ:
131 - عَبْدُ اللهِ بنُ العَلاَءِ بنِ خَالِدٍ البَصْرِيُّ
*
بَصْرِيٌّ، صَدُوْقٌ، نَزَلَ الرَّيَّ.
يَرْوِي عَنِ: الزُّهْرِيِّ، وَأَشْعَثَ الحُمْرَانِيِّ.
وَعَنْهُ: زَافِرُ بنُ سُلَيْمَانَ، وَهِشَامُ بنُ
عُبَيْدِ اللهِ، وَجَمَاعَةٌ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحٌ.
132 - فُلَيْحُ بنُ سُلَيْمَانَ بنِ أَبِي المُغِيْرَةِ
بنِ حُنَيْنٍ الخُزَاعِيُّ ** (ع)
وَاسْمُ جَدِّهِ: رَافِعٌ، أَوْ نَافِعُ بنُ حُنَيْنٍ
الخُزَاعِيُّ.
__________
(1) رجاله ثقات.
(*) الجرح والتعديل: 5 / 128.
(* *) طبقات ابن سعد: 5 / 415، طبقات خليفة: 275، 276،
التاريخ الكبير: 7 / 133، =
(7/351)
وَيُقَالُ: الأَسْلَمِيُّ، المَدَنِيُّ،
الحَافِظُ، أَحَدُ أَئِمَّةِ الأَثَرِ، مِنْ مَوَالِي آلِ
زَيْدِ بنِ الخَطَّابِ.
وَاسْمُ فُلَيْحٍ: عَبْدِ المَلِكِ، وَقَدْ غَلَبَ
عَلَيْهِ اللَّقَبُ، حَتَّى جُهِلَ الاسْمُ.
وُلِدَ: فِي آخِرِ أَيَّامِ الصَّحَابَةِ، وَهُوَ أَسنُّ
مِنْ مَالِكٍ بِقَلِيْلٍ.
حَدَّثَ عَنْ: ضَمْرَةَ بنِ سَعِيْدٍ، وَسَعِيْدِ بنِ
الحَارِثِ الأَنْصَارِيِّ، وَنَافِعٍ، وَالزُّهْرِيِّ،
وَنُعَيْمٍ المُجْمِرِ، وَعَامِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ
الزُّبَيْرِ، وَهِلاَلِ بنِ أَبِي مَيْمُوْنَةَ،
وَعَبَّاسِ بنِ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ، وَرَبِيْعَةَ
الرَّأْيِ، وَصَالِحِ بنِ عَجْلاَنَ، وَأَبِي طُوَالَةَ،
وَسُهَيْلِ بنِ أَبِي صَالِحٍ، وَهِشَامِ بنِ عُرْوَةَ،
وَأَبِي حَازِمٍ الأَعْرَجِ، وَعُثْمَانَ بنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ التَّيْمِيِّ، وَسَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ،
وَزَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، وَأَيُّوْبَ بنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بنِ صَعْصَعَةَ، وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ: ابْنُ المُبَارَكِ، وَابْنُ وَهْبٍ، وَأَبُو
دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، وَيُوْنُسُ بنُ مُحَمَّدٍ
المُؤَدِّبُ، وَأَبُو عَامِرٍ العَقَدِيُّ، وَأَبُو
تُمَيْلَةَ المَرْوَزِيُّ، وَزَيْدُ بنُ الحُبَابِ،
وَعُثْمَانُ بنُ عُمَرَ بنِ فَارِسٍ، وَالهَيْثَمُ بنُ
جَمِيْلٍ، وَشُرَيْحُ بنُ النُّعْمَانِ، وَمُحَمَّدُ بنُ
سِنَانٍ العَوَقِيُّ، وَالمُعَافَى بنُ سُلَيْمَانَ،
وَمُحَمَّدُ بنُ أَبَانٍ الوَاسِطِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ
بَكَّارِ بنِ الرَّيَّانِ، وَمُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ
الوَرْكَانِيُّ، وَيَحْيَى الوُحَاظِيُّ، وَأَبُو
الرَّبِيْعِ الزَّهْرَانِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَرَوَى عَنْهُ مِنْ شُيُوْخِهِ: زَيْدُ بنُ أَبِي
أُنَيْسَةَ، وَزِيَادُ بنُ سَعْدٍ - وَهُوَ أَكْبَرُ
مِنْهُ -.
وَحَدِيْثُه فِي الأُصُوْلِ السِّتَّةِ اسْتِقْلاَلاً،
وَمُتَابَعَةً، وَغَيْرُهُ أَقْوَى مِنْهُ.
__________
= التاريخ الصغير: 2 / 176، المعرفة والتاريخ: 2 / 466،
الضعفاء: خ: 357 - 358، الجرح والتعديل: 7 / 84 - 85،
مشاهير علماء الأمصار: 141، تهذيب الكمال خ: 1107، تذهيب
التهذيب: خ: 3 / 145، تذكرة الحفاظ: 1 / 223 - 224، ميزان
الاعتدال: 3 / 365 - 366، عبر الذهبي: 1 / 254، تهذيب
التهذيب: 8 / 303 - 305، طبقات الحفاظ: 94 - 95، خلاصة
تذهيب الكمال: 311، شذرات الذهب: 1 / 266.
(7/352)
رَوَى: عُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ، عَنْ
يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ: ضَعِيْفٌ، مَا أَقرَبَهُ مِنْ أَبِي
أُوَيْسٍ.
وَرَوَى: عَبَّاسٌ، عَنْ يَحْيَى: لَيْسَ بِقَوِيٍّ، وَلاَ
يُحْتَجُّ بِهِ، هُوَ دُوْنَ الدَّرَاوَرْدِيِّ،
وَالدَّرَاوَرْدِيُّ أَثبَتُ مِنْهُ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِالقَوِيِّ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: بَلَغَنِي عَنْ يَحْيَى بنِ
مَعِيْنٍ: أَنَّهُ كَانَ يَقشَعِرُّ مِنْ أَحَادِيْثِ
فُلَيْحِ بنِ سُلَيْمَانَ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بنَ صَالِحٍ،
سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: فُلَيْحُ بنُ
سُلَيْمَانَ لَيْسَ بِثِقَةٍ، وَلاَ ابْنُهُ.
ثُمَّ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: كَانَ ابْنُ مَعِيْنٍ يَحْمِلُ
عَلَى مُحَمَّدِ بنِ فُلَيْحٍ.
وَرَوَى: عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، عَنْ
يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، قَالَ:
ثَلاَثَةٌ يُتَّقَى حَدِيْثُهُم: مُحَمَّدُ بنُ طَلْحَةَ
بنِ مُصَرِّفٍ، وَأَيُّوْبُ بنُ عُتْبَةَ، وَفُلَيْحُ بنُ
سُلَيْمَانَ (1) .
قُلْتُ لِيَحْيَى: مِمَّنْ سَمِعْتَ هَذَا؟
قَالَ: مَنْ مُظَفَّرِ بنِ مُدْرِكٍ، كُنْتُ آخُذُ عَنْهُ
هَذَا الشَّأْنَ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: لاَ يُحْتَجُّ بِفُلَيْحٍ.
وَقَالَ زَكَرِيَّا السَّاجِيُّ: يَهِمُ، وَإِنْ كَانَ
مِنْ أَهْلِ الصِّدْقِ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الآجُرِّيُّ: قُلْتُ لأَبِي
دَاوُدَ:
قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: عَاصِمُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ،
وَابْنُ عَقِيْلٍ، وَفُلَيْحٌ لاَ يُحْتَجُّ
بِحَدِيْثِهِم.
قَالَ: صَدَقَ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: فُلَيْحٌ ضَعِيْفٌ.
وَقَالَ مَرَّةً: لَيْسَ بِالقَوِيِّ.
__________
(1) انظر الخبر في الصفحة: 339.
(7/353)
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: هَذَا عِنْدِي لاَ
بَأْسَ بِهِ، وَقَدِ اعْتمَدَه البُخَارِيُّ فِي
(صِحَاحِهِ (1))، وَلَهُ أَحَادِيْثُ صَالِحَةٌ.
رَوَى عَنْ: نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، نُسْخَةً.
وَيَرْوِي عَنْ: هِلاَلِ بنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
أَحَادِيْثَ.
وَيَرْوِي عَنْ سَائِرِ الشُّيُوخِ مِنْ أَهْلِ
المَدِيْنَةِ أَحَادِيْثَ مُسْتقِيْمَةً، وَغَرَائِبَ.
وَقَدْ رَوَى عَنْهُ: زَيْدُ بنُ أَبِي أُنَيْسَةَ.
قُلْتُ: لَمْ يَرحَلْ فِي الحَدِيْثِ.
وَمِنْ أَفرَادِهِ: عَنِ ابْنِ طُوَالَةِ، عَنْ سَعِيْدِ
بنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-: (مَنْ تَعلَّمَ عِلْماً مِمَّا يُبْتَغَى بِهِ
وَجْهُ اللهِ، لاَ يَسْتَعْمِلُهُ إِلاَّ لِيُصِيْبَ بِهِ
عَرَضاً مِنَ الدُّنْيَا، لَمْ يَجِدْ عَرْفَ الجَنَّةِ).
رَوَاهُ: أَبُو دَاوُدَ (2).
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: يَخْتَلِفُوْنَ فِي فُلَيْحٍ،
وَلاَ بَأْسَ بِهِ.
وَقَالَ السَّاجِيُّ: أَصعبُ مَا رُمِيَ بِهِ، مَا ذُكِرَ
عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ، عَنْ أَبِي كَامِلٍ، قَالَ: كُنَّا
نَتَّهِمُهُ، لأَنَّهُ كَانَ يَتَنَاوَلُ مِنَ
الصَّحَابَةِ (3) .
وَقَالَ سَعِيْدُ بنُ مَنْصُوْرٍ: مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ
وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ
السَّلاَمِ بنِ المُطَهِّرِ التَّمِيْمِيُّ، بِسَفْحِ
قَاسِيُوْنَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ، عَنْ عَبْدِ
المُعِزِّ بنِ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا تَمِيْمُ بنُ أَبِي
سَعِيْدٍ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ،
أَنْبَأَنَا أَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، أَنْبَأَنَا
أَبُو
__________
(1) قال الحافظ في مقدمة " فتح الباري ": 435: لم يعتمد
عليه البخاري اعتماده على مالك وابن عيينة وأضرابهما.
وإنما أخرج له أحاديث أكثرها في المناقب، وبعضها في
الرقاق.
(2): (3664): في العلم: باب في طلب العلم لغير الله تعالى،
وأخرجه أحمد: 2 / 335، وابن ماجه: (252)، في المقدمة: باب
الانتفاع بالعلم والعمل به، من طرق، عن
فليح بن سليمان، عن أبي طوالة عبد الله بن عبد الرحمن بن
معمر، عن سعيد بن يسار، عن أبي هريرة.
وصححه الحاكم: 1 / 85، ووافقه الذهبي المؤلف.
وعرف الجنة: ريحها الطيبة.
(3) انظر: " الميزان " 3 / 365.
(7/354)
يَعْلَى المَوْصِلِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو
الرَّبِيْعِ الزَّهْرَانِيُّ، حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، عَنِ
الزُّهْرِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ
عَوْفٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:
أَنَّ أَبَا بَكْرٍ بَعَثَهُ فِي الحَجَّةِ الَّتِي
أَمَّرَهُ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- قَبْلَ حَجَّةِ الوَدَاعِ، فِي يَوْمِ
النَّحْرِ، فِي رَهْطٍ يُؤَذِّنُ فِي النَّاسِ: (أَنْ لاَ
يَحُجَّ بَعْدَ العَامِ مُشْرِكٌ، وَلاَ يَطُوْفَنَّ
بِالبَيْتِ عُرْيَانُ).
صَحِيْحٌ، غَرِيْبٌ.
أَخْرَجَهُ: البُخَارِيُّ (1) ، عَنْ أَبِي الرَّبِيْعِ،
فَوَافَقْنَاهُ بِعُلُوٍّ.
133 - إِسْرَائِيْلُ بنُ يُوْنُسَ بنِ أَبِي إِسْحَاقَ
عَمْرِو بنِ عَبْدِ اللهِ الهَمْدَانِيُّ * (ع)
الحَافِظُ، الإِمَامُ، الحُجَّةُ، أَبُو يُوْسُفَ
الهَمْدَانِيُّ، السَّبِيْعِيُّ، الكُوْفِيُّ.
أَكْثَرَ عَنْ: جَدِّهِ.
وَرَوَى أَيْضاً عَنْ: زِيَادِ بنِ عِلاَقَةَ، وَآدَمَ بنِ
عَلِيٍّ، وَآدَمَ بنِ سُلَيْمَانَ أَبِي يَحْيَى،
وَإِسْمَاعِيْلَ السُّدِّيِّ، وَعَاصِمِ بنِ بَهْدَلَةَ،
وَعَبْدِ الكَرِيْمِ الجَزَرِيِّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ
عَبْدِ الأَعْلَى، وَعَبْدِ الأَعْلَى بنِ عَامِرٍ
الثَّعْلَبِيِّ، وَأَشْعَثَ بنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ،
وَثُوَيْرِ بنِ أَبِي فَاخِتَةَ، وَسَعْدٍ أَبِي مُجَاهِدٍ
الطَّائِيِّ، وَسَعِيْدِ بنِ مَسْرُوْقٍ، وَسِمَاكِ بنِ
حَرْبٍ، وَعَامِرِ بنِ شَقِيْقِ بنِ جَمْرَةَ الأَسَدِيِّ،
وَعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ رُفَيْعٍ، وَعُثْمَانَ بنِ
عَاصِمٍ، وَمُخَارِقٍ الأَحْمَسِيِّ، وَمَنْصُوْرِ بنِ
المُعْتَمِرِ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
__________
(1) رقم: (4363)، في المغازي: باب حج أبي بكر بالناس في
سنة تسع.
وأخرجه من طريق آخر رقم: (369)، ورقم: (1622) و(4656)
و(4657)، وهو في " صحيح " مسلم: (1347)، في الحج: باب لا
يحج البيت مشرك.
(*) طبقات ابن سعد: 6 / 374، طبقات خليفة: 168، تاريخ
خليفة: 437، التاريخ الكبير: 2 / 56، التاريخ الصغير: 2 /
136، الجرح والتعديل: 2 / 330 - 331، الكمال لابن عدي: خ:
61 - 63، تاريخ بغداد: 7 / 20 - 25، الكامل لابن الأثير: 6
/ 50، تهذيب الكمال: خ: 94، تذهيب التهذيب: خ: 1 / 59 -
60، تذكرة الحفاظ: 1 / 214 - 215، ميزان الاعتدال: 1 / 208
- 210، طبقات القراء لابن الجزري: 1 / 159، تهذيب التهذيب:
1 / 261 - 263، طبقات الحفاظ: 90 - 91، خلاصة تذهيب
الكمال: 31.
(7/355)
وَكَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ الحَدِيْثِ،
وَمِنْ مَشَايِخِ الإِسْلاَمِ، كَأَبِيْهِ، وَجَدِّه،
وَأَخِيْهِ عِيْسَى.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَخُوْهُ، وَحَجَّاجٌ الأَعْوَرُ،
وَأَحْمَدُ بنُ خَالِدٍ الوَهْبِيُّ، وَآدَمُ بنُ أَبِي
إِيَاسٍ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَمُحَمَّدُ بنُ سَابِقٍ،
وَشَبَابَةُ، وَإِسْحَاقُ بنُ مَنْصُوْرٍ السَّلُوْلِيُّ،
وَأَحْمَدُ بنُ يُوْنُسَ، وَحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ
المَرُّوْذِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ رَجَاءَ، وَأَبُو
نُعَيْمٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ كَثِيْرٍ العَبْدِيُّ، وَأَبُو
غَسَّانَ النَّهْدِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ
الفِرْيَابِيُّ، وَأَبُو سَلَمَةَ التَّبُوْذَكِيُّ،
وَيَحْيَى بنُ أَبِي كَثِيْرٍ، وَوَكِيْعٌ، وَيَحْيَى بنُ
آدَمَ، وَعَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، وَمُعَاوِيَةُ بنُ عَمْرٍو
الأَزْدِيُّ، وَأَبُو الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيُّ،
وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
رَوَى: هَارُوْنُ بنُ حَاتِمٍ، عَنْ دُبَيْسِ بنِ
حُمَيْدٍ: أَنَّ مَولِدَ إِسْرَائِيْلَ سَنَةَ مائَةٍ.
رَوَى: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ عِيْسَى
بنِ يُوْنُسَ، قَالَ:
قَالَ لِي إِسْرَائِيْلُ: كُنْتُ أَحْفَظُ حَدِيْثَ أَبِي
إِسْحَاقَ، كَمَا أَحْفَظُ السُّورَةَ مِنَ القُرْآنِ.
ابْنُ المَدِيْنِيِّ: عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، قَالَ:
إِسْرَائِيْلُ فَوْقَ أَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ.
وَرَوَى: حَرْبٌ الكَرْمَانِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ، قَالَ:
كَانَ ثِقَةً، وَجَعَلَ يَعْجَبُ مِنْ حِفْظِه.
وَأَمَّا صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ، فَرَوَى عَنْ أَبِيْهِ،
قَالَ: إِسْرَائِيْلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ: فِيْهِ
لِيْنٌ، سَمِعَ مِنْهُ بِأَخَرَةٍ.
وَقَالَ أَبُو طَالِبٍ: سُئِلَ أَحْمَدُ: أَيُّمَا
أَثبَتُ: شَرِيْكٌ أَوْ إِسْرَائِيْلُ؟
قَالَ: إِسْرَائِيْلُ كَانَ يُؤَدِّي مَا سَمِعَ، كَانَ
أَثبتَ مِنْ شَرِيْكٍ.
قُلْتُ: مَنْ أَحَبُّ إِلَيْكَ: يُوْنُسُ أَوْ
إِسْرَائِيْلُ ابْنُهُ فِي أَبِي إِسْحَاقَ؟
قَالَ: إِسْرَائِيْلُ، لأَنَّهُ صَاحِبُ كِتَابٍ.
وَقَالَ الفَضْلُ بنُ زِيَادٍ: قُلْتُ لأَبِي عَبْدِ
اللهِ: مَنْ أَحَبُّ إِلَيْك: يُوْنُسُ أَوْ إِسْرَائِيْلُ
فِي أَبِي إِسْحَاقَ؟
قَالَ: يُوْنُسُ.
(7/356)
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: قُلْتُ لأَحْمَدَ
بنِ حَنْبَلٍ (1) : إِسْرَائِيْلُ إِذَا انْفردَ
بِحَدِيْثٍ يُحتَجُّ بِهِ؟
قَالَ: إِسْرَائِيْلُ ثَبتُ الحَدِيْثِ، كَانَ يَحْيَى
يَحْمِلُ عَلَيْهِ فِي حَالِ أَبِي يَحْيَى القَتَّاتِ.
قَالَ: رَوَى عَنْهُ مَنَاكِيْرُ (2) .
ثُمَّ قَالَ أَحْمَدُ: مَا حَدَّثَ عَنْهُ يَحْيَى بن
سَعِيْدٍ بِشَيْءٍ.
قَالَ أَحْمَدُ: وَإِسْرَائِيْلُ إِذَا حَدَّثَ مِنْ
كِتَابِهِ، لاَ يُغَادرُ، وَيُحفَظُ مِنْ كِتَابِهِ.
وَفِي رِوَايَةٍ، عَنْ أَحْمَدَ، قَالَ: شَرِيْكُ أَضبطُ
مِنْ إِسْرَائِيْلَ فِي أَبِي إِسْحَاقَ.
وَرَوَى: عَبَّاسٌ، عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، قَالَ:
كَانَ القَطَّانُ لاَ يُحَدِّثُ عَنْ إِسْرَائِيْلَ، وَلاَ
عَنْ شَرِيْكٍ.
وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: قَالَ يَحْيَى بنُ آدَمَ: كُنَّا
نَكْتُبُ عِنْدَ إِسْرَائِيْلَ مِنْ حِفْظِه.
قَالَ يَحْيَى: كَانَ إِسْرَائِيْلُ لاَ يَحفَظُ، ثُمَّ
حَفِظَ بَعْدُ -يَعْنِي: أَنَّهُ دَرسَ كِتَابَه-.
وَقَالَ يَحْيَى: إِسْرَائِيْلُ أَثْبَتُ فِي أَبِي
إِسْحَاقَ مِنْ شَيْبَانَ.
وَرَوَى: أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ، وَغَيْرُهُ، عَنْ يَحْيَى
بنِ مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ العِجْلِيُّ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: ثِقَةٌ، صَدُوْقٌ،
مِنْ أَتْقَنِ أَصْحَابِ أَبِي إِسْحَاقَ.
وَقَالَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: صَدُوْقٌ، وَلَيْسَ
بِالقَوِيِّ.
وَقَالَ مَرَّةً: فِي حَدِيْثِهِ لِيْنٌ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ دَاوُدَ الحُدَّانِيُّ: سَمِعْتُ
عِيْسَى بنَ يُوْنُسَ يَقُوْلُ:
كَانَ أَصْحَابُنَا سُفْيَانُ وَشَرِيْكٌ... وَعَدَّ
قَوْماً، إِذَا اخْتَلَفُوا فِي حَدِيْثِ أَبِي إِسْحَاقَ،
يَجِيْئُوْنَ إِلَى أَبِي، فَيَقُوْلُ: اذْهبُوا إِلَى
ابْنِي إِسْرَائِيْلَ، فَهُوَ أَرْوَى عَنْهُ مِنِّي،
__________
(1) مستدرك من " تهذيب التهذيب ": 1 / 262.
(2) الخبر في: " الميزان ": 1 / 209، و" التذكرة ": 1 /
214، " وتهذيب التهذيب ": 1 / 262.
(7/357)
وَأَتْقَنُ لَهَا مِنِّي، وَهُوَ كَانَ
قَائِدَ جَدِّهِ.
وَرَوَى: مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي الثَّلْجِ،
عَنْ شَبَابَةَ:
قُلْتُ لِيُوْنُسَ: أَمِلَّ عَلَيَّ حَدِيْثَ أَبِيْكَ.
قَالَ: اكْتُبْ عَنْ إِسْرَائِيْلَ، فَإِنَّ أَبِي
أَمَلَّهُ عَلَيْهِ.
الحُسَيْنُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الجَرْجَرَائِيُّ: عَنْ
خَلَفِ بنِ تَمِيْمٍ، سَمِعْتُ أَبَا الأَحْوَصِ - إِنْ
شَاءَ اللهُ - ذَكَرَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ:
مَا تَرَكَ لَنَا إِسْرَائِيْلُ كُوَّةً وَلاَ سَفَطاً،
إِلاَّ دَحَسَهَا (1) كُتُباً.
مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ الحُنَيْنِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا
نُعَيْمٍ سُئِلَ: أَيُّمَا أَثبَتُ: إِسْرَائِيْلُ أَوْ
أَبُو عَوَانَةَ؟
قَالَ: إِسْرَائِيْلُ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
قُلْتُ: قَدْ أَثْنَى عَلَى إِسْرَائِيْلَ الجُمْهُوْرُ،
وَاحْتجَّ بِهِ الشَّيْخَانِ، وَكَانَ حَافِظاً، وَصَاحِبَ
كِتَابٍ وَمَعْرِفَةٍ.
وَرَوَى: مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ البَرَاءِ، عَنْ
عَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ: إِسْرَائِيْلُ ضَعِيْفٌ.
قُلْتُ: مَشَى عَلِيٌّ خَلْفَ أُسْتَاذِه يَحْيَى بنِ
سَعِيْدٍ، وَقَفَى أَثَرَهُمَا أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ
حَزْمٍ، وَقَالَ: ضَعِيْفٌ.
وَعَمدَ إِلَى أَحَادِيْثِه الَّتِي فِي
(الصَّحِيْحَيْنِ)، فَرَدَّهَا، وَلَمْ يَحتَجَّ بِهَا،
فَلاَ يُلْتَفَتُ إِلَى ذَلِكَ، بَلْ هُوَ ثِقَةٌ.
نَعَم، لَيْسَ هُوَ فِي التَّثَبُّتِ كَسُفْيَانَ
وَشُعْبَةَ، وَلَعلَّهُ يُقَارِبُهُمَا فِي حَدِيْثِ
جَدِّه، فَإِنَّهُ لاَزَمَهُ صَبَاحاً وَمَسَاءً عَشْرَةَ
أَعْوَامٍ، وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ
يَرْوِي عَنْهُ وَيُقَوِّيهِ، وَلَمْ يَصْنَعْ يَحْيَى بنُ
سَعِيْدٍ شَيْئاً فِي تَرْكِهِ الرِّوَايَةَ عَنْهُ،
وَرِوَايَتُهُ عَنْ مُجَالِدٍ (2).
__________
(1) السقط: وعاء كاقفة أو الجوالق. دحسها: ملاها.
(2) هو مجالد بن سعيد بن عمير الهمداني: قال الحافظ في "
التقريب ": ليس بالقوي، وقد تغير في آخر عمره.
(7/358)
وَرَوَى: عَبَّاسٌ، عَنْ يَحْيَى بنِ
مَعِيْنٍ، قَالَ:
زَكَرِيَّا بنُ أَبِي زَائِدَةَ، وَزُهَيْرٌ،
وَإِسْرَائِيْلُ: حَدِيْثُهُم فِي أَبِي إِسْحَاقَ
قَرِيْبٌ مِنَ السَّوَاءِ، إِنَّمَا أَصْحَابُ أَبِي
إِسْحَاقَ: سُفْيَانُ، وَشُعْبَةُ.
قَالَ عَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ: حَدَّثَنَا حُجَيْنُ بنُ
المُثَنَّى، قَالَ:
قَدِمَ إِسْرَائِيْلُ بَغْدَادَ، فَاجْتَمَعَ عَلَيْهِ
النَّاسُ، فَأُقْعِدَ فَوْقَ مَكَانٍ مُرْتَفِعٍ، فَقَامَ
رَجُلٌ مَعَهُ دَفْتَرٌ، فَجَعَلَ يَسْأَلُهُ مِنْهُ،
وَلاَ يَنْظُرُ فِيْهِ النَّاسُ، فَلَمَّا أَقَامَ
إِسْرَائِيْلُ، قَعَدَ ذَاكَ الرَّجُلُ، فَأَمْلاَهُ عَلَى
النَّاسِ (1) .
وَقَدْ كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ يَقُوْلُ:
إِسْرَائِيْلُ فِي أَبِي إِسْحَاقَ أَثْبَتُ مِنْ شُعْبَةَ
وَالثَّوْرِيِّ.
قُلْتُ: هَذَا أَنَا إِلَيْهِ أَمْيَلُ مِمَّا تَقَدَّمَ،
فَإِنَّ إِسْرَائِيْلَ كَانَ عُكَّازَ جَدِّه، وَكَانَ
مَعَ عِلْمِهِ وَحِفْظِهِ ذَا صَلاَحٍ وَخُشُوْعٍ
-رَحِمَهُ اللهُ- وَأَخُوْهُ عِيْسَى أَتقَنُ مِنْهُ،
وَأَعْلَمُ، وَأَعبَدُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-.
وَقَدْ طَوَّلَ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ التَّرْجَمَةَ
(2) ، وَسَرَدَ لَهُ عِدَّةَ أَحَادِيْثَ غَرَائِبَ.
وَبَلَغَنَا عَنْ شَقِيْقٍ البَلْخِيِّ، قَالَ:
أَخَذْتُ الخُشُوْعَ عَنْ إِسْرَائِيْلَ، كُنَّا حَوْلَهُ
لاَ يَعْرِفُ مَنْ عَنْ يَمِيْنِهِ، وَلاَ مَنْ عَنْ
شِمَالِهِ، مِنْ تَفَكُّرِهِ فِي الآخِرَةِ، فَعَلِمتُ
أَنَّهُ رَجُلٌ صَالِحٌ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: قَالَ يَحْيَى
القَطَّانُ: إِسْرَائِيْلُ فَوْقَ أَبِي بَكْرٍ بنِ
عَيَّاشٍ.
فَقِيْلَ لِيَحْيَى: إِنَّ إِسْرَائِيْلَ رَوَى عَنْ
إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُهَاجِرٍ ثَلاَثَ مائَةٍ، وَعَنْ أَبِي
يَحْيَى القَتَّاتِ ثَلاَثَ مائَةٍ؟
فَقَالَ: لَمْ يُؤتَ مِنْهُ، أُتِيَ مِنْهُمَا جَمِيْعاً
(3).
__________
(1) انظر الخبر في " تاريخ بغداد ": 7 / 21.
والميزان: 1 / 209.
(2) الكامل: خ: 61 - 63.
(3) الخبر في " التذكرة ": 1 / 214، و" تهذيب التهذيب ": 1
/ 263.
(7/359)
قُلْتُ: يُشِيْرُ إِلَى لِيْنِ ابْنِ
مُهَاجِرٍ، وَالقَتَّاتِ.
وَمِنْ غَرَائِبِ إِسْرَائِيْلَ: رَوَى أَحْمَدُ فِي
(مُسْنَدِهِ)، حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيْدٍ، حَدَّثَنَا
إِسْرَائِيْلُ، حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ مَسْرُوْقٍ، عَنْ
سَعْدِ بنِ عُبَيْدَةَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ:
عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: لاَ وَأَبِي.
فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-: (مَهْ، إِنَّهُ مَنْ حَلَفَ بِشَيْءٍ دُوْنَ
اللهِ، فَقَدْ أَشْرَكَ (1)).
رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ.
وَمْن عَوَالِيْهِ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
قُدَامَةَ الفَقِيْهُ، أَنْبَأَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ،
أَنْبَأَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا
مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ غَيْلاَنَ، حَدَّثَنَا أَبُو
بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ
عَبْدِ الرَّحِيْمِ بنِ دَنُوْقَا، حَدَّثَنَا عَبْدُ
اللهِ بنُ صَالِحٍ العِجْلِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيْلُ،
عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ
يَزِيْدَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ، قَالَ:
أَقْرَأَنِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-: (إِنِّيْ أَنَا الرَّزَّاقُ ذُوْ القُوَّةِ
المَتِيْنُ (2)).
وَهَذَا حَدِيْثٌ غَرِيْبٌ.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ المُلاَئِيُّ، وَقَعْنَبُ بنُ
المُحَرَّرِ: مَاتَ إِسْرَائِيْلُ سَنَةَ سِتِّيْنَ
وَمائَةٍ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ، وَشَبَابٌ (3) العُصْفُرِيُّ: مَاتَ
سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ.
__________
(1) هو في " المسند ": 1 / 47.
وأخرجه أبو داود: (3251)، في الايمان والنذور: باب كراهية
الحلف بالآباء وأخرجه - من حديث ابن عمر - الترمذي:
(1535)، في الندر والايمان: باب ما جاء في كراهية الحلف
بغير الله، وحسنه. وأحمد: (4904)، و(5375).
وصححه ابن حبان: (1177)، والحاكم: 1 / 18، و: 4 / 297،
وأقره الذهبي المؤلف.
(2) وأخرجه أحمد: 1 / 394، 397، 418، من طرق عن إسرائيل،
عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن عبد الله بن
مسعود، وهذا سند قوي، وأخرجه أبو داود: (3993)، والترمذي:
(2941)، وقال: حسن صحيح.
وهذه القراءة شاذة لمخالفتها رسم المصحف، وقراءة الجمهور:
(إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين) [ الذاريات: 58 ].
(3) في الأصل: " شيبان "، وهو تصحيف، صوابه ما أثبتناه.
انظر: " طبقات خليفة ": 168.
(7/360)
وَقَالَ مُطَيَّنٌ: مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى.
134 - الحَسَنُ بنُ صَالِحِ بنِ صَالِحِ بنِ حَيٍّ
الهَمْدَانِيُّ * (م، 4)
وَاسْمُ حَيٍّ: حَيَّانُ بنُ شُفَيِّ بنِ هُنَيِّ بنِ
رَافِعٍ، الإِمَامُ الكَبِيْرُ، أَحَدُ الأَعْلاَمِ، أَبُو
عَبْدِ اللهِ الهَمْدَانِيُّ، الثَّوْرِيُّ، الكُوْفِيُّ،
الفَقِيْهُ، العَابِدُ، أَخُو الإِمَامِ عَلِيِّ بنِ
صَالِحٍ.
وَأَمَّا البُخَارِيُّ فَنَسَبَهُ، فَقَالَ: الحَسَنُ بنُ
صَالِحِ بنِ صَالِحِ بنِ مُسْلِمِ بنِ حَيَّانَ.
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ: الحَسَنُ بنُ صَالِحِ
بنِ صَالِحِ بنِ حَيِّ بنِ مُسْلِمِ بنِ حَيَّانَ.
قُلْتُ: هُوَ مِنْ أَئِمَّةِ الإِسْلاَمِ، لَوْلاَ
تَلَبُّسُهُ بِبِدعَةٍ.
قَالَ وَكِيْعٌ: وُلِدَ سَنَةَ مائَةٍ.
رَوَى عَنْ: أَبِيْهِ، وَسَلَمَةَ بنِ كُهَيْلٍ، وَعَبْدِ
اللهِ بنِ دِيْنَارٍ، وَعَلِيِّ بنِ الأَقْمَرِ، وَسِمَاكِ
بنِ حَرْبٍ، وَإِسْمَاعِيْلَ السُّدِّيِّ، وَبَيَانِ بنِ
بِشْرٍ، وَعَاصِمِ بنِ بَهْدَلَةَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ عَقِيْلٍ، وَأَبِي إِسْحَاقَ
السَّبِيْعِيِّ، وَعَاصِمٍ الأَحْوَلِ، وَبُكَيْرِ بنِ
عَامِرٍ، وَقَيْسِ بنِ مُسْلِمٍ، وَلَيْثِ بنِ أَبِي
سُلَيْمٍ، وَمَنْصُوْرِ بنِ
__________
(*) طبقات ابن سعد: 6 / 375، طبقات خليفة: 168، التاريخ
الكبير: 2 / 295، وفيه وفاته سنة (167 ه)، المعارف: 509،
المعرفة والتاريخ: 2 / 805 - 806، الضعفاء: خ: 83 - 85،
مشاهير علماء الأمصار: 170، وفيه وفاته (167 ه)، الكامل
لابن عدي: خ: 176 - 179، حلية الأولياء: 7 / 327 - 335،
الفهرست: المقالة الخامسة الفن الثاني: وفيه وفاته سنة
(168 ه)، تهذيب الكمال: خ: 267 - 268، تذهيب التهذيب: خ: 1
/ 138 - 139، تذكرة الحفاظ: 1 / 216 - 217، ميزان
الاعتدال: 1 / 496 - 499، عبر الذهبي: 1 / 249، أخبار سنة
167 ه، تهذيب التهذيب: 2 / 285 - 289، طبقات الحفاظ: 92،
خلاصة تذهيب الكمال: 78، شذرات الذهب: 1 / 262 - 263.
(7/361)
المُعْتَمِرِ، وَجَابِرٍ الجُعْفِيِّ،
وَسُهَيْلِ بنِ أَبِي صَالِحٍ، وَعَطَاءِ بنِ السَّائِبِ،
وَعِدَّةٍ.
وَيَنْزِلُ إِلَى: شُعْبَةَ، وَسَعِيْدِ بنِ أَبِي
عَرُوْبَةَ، وَهُوَ صَحِيْحُ الحَدِيْثِ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ المُبَارَكِ، وَوَكِيْعٌ، وَمُصْعَبُ
بنُ المِقْدَامِ، وَحُمَيْدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
الرُّؤَاسِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ
مُوْسَى، وَأَسْوَدُ بنُ عَامِرٍ، وَإِسْحَاقُ بنُ
مَنْصُوْرٍ السَّلُوْلِيُّ، وَقَبِيْصَةُ بنُ عُقْبَةَ،
وَيَحْيَى بنُ آدَمَ، وَيَحْيَى بنُ أَبِي بُكَيْرٍ،
وَأَبُو غَسَّانَ النَّهْدِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ يُوْنُسَ،
وَعَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي عُمَرَ
الفَقِيْه كِتَابَةً، أَنْبَأَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ،
أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ، أَنْبَأَنَا الحَسَنُ
بنُ عَلِيٍّ الجَوْهَرِيُّ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ
جَعْفَرٍ المَالِكِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الحَرْبِيُّ،
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ
صَالِحٍ، عَنْ مُوْسَى الجُهَنِيِّ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ
عَلِيٍّ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ (1) : أَنَّ
النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ
لِعَلِيٍّ: (أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُوْنَ مِنْ
مُوْسَى، إِلاَّ أَنَّهُ لَيْسَ بَعْدِي نَبِيٌّ (2)).
قَالَ يَحْيَى القَطَّانُ: كَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ
سَيِّئَ الرَّأْيِ فِي الحَسَنِ بنِ
__________
(1) ترجمتها في: " طبقات " ابن سعد: 8 / 205، حلية
الأولياء: 2 / 74، أسد الغابة: 7 / 14 - 15، لسان الميزان:
7 / 522 - 523، الإصابة: 12 / 116 - 117.
وهي أخت ميمونة بنت الحارث زوج النبي - صلى الله عليه وسلم
- وأخت جماعة من الصحابيات لاب أو أم، أو لاب وأم.
أسلمت قبل دخول النبي - صلى الله عليه وسلم - دار الارقم
بمكة، وبايعت، وهاجرت إلى الحبشة مع زوجها جعفر بن أبي
طالب، وروت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (60) حديثا.
(2) وهو في " المسند ": 6 / 369، 438، من طريق يحيى بن
سعيد الأنصاري وعبد الله بن نمير، كلاهما عن موسى الجهني،
عن فاطمة بنت علي، عن أسماء بنت عميس.
وسنده صحيح.
وأخرجه البخاري: 8 / 86، في المغازي: باب غزوة تبوك، وفي
فضائل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - باب مناقب علي
بن أبي طالب، ومسلم: (2404)، من حديث سعد بن أبي وقاص، أن
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج إلى تبوك، واستخلف
عليا، فقال: أتخلفني في النساء والصبيان ؟ فقال: " ألا
ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون بن موسى، إلا أنه ليس نبي
بعدي ".
(7/362)
حَيٍّ.
وَقَالَ زَكَرِيَّا السَّاجِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ
مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيِّ، قَالَ المِزِّيُّ شَيْخُنَا -
أَظُنُّه أَبَا بَكْرٍ الأَثْرَمَ -: سَمِعْتُ أَبَا
نُعَيْمٍ يَقُوْلُ:
دَخَلَ الثَّوْرِيُّ يَوْمَ الجُمُعَةِ مِنَ البَابِ
القِبْلِيِّ، فَإِذَا الحَسَنُ بنُ صَالِحٍ يُصَلِّي،
فَقَالَ: نَعُوْذُ بِاللهِ مِنْ خُشُوْعِ النِّفَاقِ،
وَأَخَذَ نَعْلَيْهِ، فَتَحوَّلَ إِلَى سَارِيَةٍ أُخْرَى.
وَقَالَ العَلاَءُ بنُ عَمْرٍو الحَنَفِيُّ، عَنْ زَافِرِ
بنِ سُلَيْمَانَ:
أَرَدْتُ الحجَّ، فَقَالَ لِيَ الحَسَنُ بنُ صَالِحٍ: إِنْ
لَقِيْتَ أَبَا عَبْدِ اللهِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ
بِمَكَّةَ، فَأَقْرِهِ مِنِّي السَّلاَمَ، وَقُلْ: أَنَا
عَلَى الأَمْرِ الأَوَّلِ.
فَلَقِيْتُ سُفْيَانَ فِي الطَّوَافِ، فَقُلْتُ: إِنَّ
أَخَاكَ الحَسَنَ بنَ صَالِحٍ يَقْرَأُ عَلَيْكَ
السَّلاَمَ، وَيَقُوْلُ: أَنَا عَلَى الأَمْرِ الأَوَّلِ.
قَالَ: فَمَا بَالُ الجُمُعَةِ.
قُلْتُ: كَانَ يَترُكُ الجُمُعَةَ، وَلاَ يَرَاهَا خَلْفَ
أَئِمَّةِ الجَوْرِ بِزَعْمِهِ.
عُبَيْدُ بنُ يَعِيْشَ: عَنْ خَلاَّدِ بنِ يَزِيْدَ،
قَالَ:
جَاءنِي سُفْيَانُ، فَقَالَ: الحَسَنُ بنُ صَالِحٍ مَعَ
مَا سَمِعَ مِنَ العِلْمِ وَفَقُهَ يَتْرُكُ الجُمُعَةَ،
ثُمَّ قَامَ، فَذَهَبَ.
أَبُو سَعِيْدٍ الأَشَجُّ: سَمِعْتُ ابْنَ إِدْرِيْسَ: مَا
أَنَا وَابْنُ حَيٍّ؟ لاَ يَرَى جُمُعَةً وَلاَ جِهَاداً.
مُحَمَّدُ بنُ غَيْلاَنَ: عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ، قَالَ:
ذُكِرَ الحَسَنُ بنُ صَالِحٍ عِنْدَ الثَّوْرِيِّ،
فَقَالَ: ذَاكَ رَجُلٌ يَرَى السَّيْفَ عَلَى أُمَّةِ
مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
قَالَ يُوْسُفُ بنُ أَسْبَاطٍ: كَانَ الحَسَنُ بنُ حَيٍّ
يَرَى السَّيْفَ.
وَقَالَ الخُرَيْبِيُّ: شَهِدتُ حَسَنَ بنَ صَالِحٍ
وَأَخَاهُ، وَشَرِيْكٌ مَعَهُم، فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ
إِلَى الصَّبَاحِ فِي السَّيْفِ.
بِشْرُ بنُ الحَارِثِ: وَذُكِرَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بنُ عَفَّانَ الصُّوفِيُّ،
(7/363)
فَقَالَ:
سَمِعْتُ حَفْصَ بنَ غِيَاثٍ يَقُوْلُ: هَؤُلاَءِ يَرَوْنَ
السَّيْفَ - أَحْسِبُهُ عَنَى ابْنَ حَيٍّ وَأَصْحَابَهُ
-.
ثُمَّ قَالَ بِشْرٌ: هَاتِ مَنْ لَمْ يَرَ السَّيْفَ مِنْ
أَهْلِ زَمَانِكِ كُلِّهِم إِلاَّ قَلِيْلٌ، وَلاَ
يَرَوْنَ الصَّلاَة أَيْضاً.
ثُمَّ قَالَ: كَانَ زَائِدَةُ يَجْلِسُ فِي المَسْجِدِ،
يُحذِّرُ النَّاسَ مِنِ ابْنِ حَيٍّ، وَأَصْحَابِه.
قَالَ: وَكَانُوا يَرَوْنَ السَّيْفَ.
قَالَ أَبُو صَالِحٍ الفَرَّاءُ: حَكَيتُ لِيُوْسُفَ بنِ
أَسْبَاطٍ عَنْ وَكِيْعٍ شَيْئاً مِنْ أَمرِ الفِتَن،
فَقَالَ: ذَاكَ يُشْبِهُ أُسْتَاذَهُ.
يَعْنِي: الحَسَنَ بنَ حَيٍّ.
فَقُلْتُ لِيُوْسُفَ: أَمَا تَخَافُ أَنْ تَكُوْنَ هَذِهِ
غِيبَةً؟
فَقَالَ: لِمَ يَا أَحْمَقُ، أَنَا خَيْرٌ لِهَؤُلاَءِ
مِنْ آبَائِهِم وَأُمَّهَاتِهِم، أَنَا أَنْهَى النَّاسَ
أَنْ يَعْمَلُوا بِمَا أَحْدَثُوا، فَتَتْبَعُهُم
أَوْزَارُهُم، وَمَنْ أَطْرَاهُم كَانَ أَضَرَّ عَلَيْهِم.
عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ: سَمِعْتُ أَبَا
مَعْمَرٍ يَقُوْلُ:
كُنَّا عِنْدَ وَكِيْعٍ، فَكَانَ إِذَا حَدَّثَ عَنْ
حَسَنِ بنِ صَالِحٍ، أَمْسَكْنَا أَيْدِيَنَا، فَلَمْ
نَكْتُبْ، فَقَالَ: مَا لَكُم لاَ تَكتُبُوْنَ حَدِيْثَ
حَسَنٍ؟
فَقَالَ لَهُ أَخِي بِيَدِهِ هَكَذَا، يَعْنِي: أَنَّهُ
كَانَ يَرَى السَّيْفَ.
فَسَكَتَ وَكِيْعٌ.
وَقَالَ جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ
مُوْسَى: سَمِعْتُ جَدِّي يَقُوْلُ:
كُنْتُ أَقْرَأُ عَلَى عَلِيِّ بنِ صَالِحٍ، فَلَمَّا
بَلَغْتُ إِلَى قَوْلِهِ : {فَلاَ تَعْجَلْ عَلَيْهِم }
[مَرْيَمُ: 84]، سَقَطَ الحَسَنُ يَخُورُ كَمَا يَخُورُ
الثَّوْرُ، فَقَامَ إِلَيْهِ عَلِيٌّ، فَرَفَعَهُ،
وَمَسَحَ وَجْهَهُ، وَرَشَّ عَلَيْهِ المَاءَ، وَأَسنَدَهُ
إِلَيْهِ.
أَبُو سَعِيْدٍ الأَشَجُّ: سَمِعْتُ ابْنَ إِدْرِيْسَ -
وَذُكِرَ لَهُ صَعْقُ الحَسَنِ بنِ صَالِحٍ - فَقَالَ:
تَبسُّمُ سُفْيَانَ، أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْ صَعْقِ
الحَسَنِ.
قَالَ أَبُو أُسَامَةَ: أَتَيْتُ حَسَنَ بنَ صَالِحٍ،
فَجَعَلَ أَصْحَابُهُ يَقُوْلُوْنَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ
اللهُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ...
فَقُلْتُ: مَا لِي، كَفَرتُ؟
قَالَ: لاَ، وَلَكِن يَنْقِمُوْنَ
(7/364)
عَلَيْكَ صُحْبَةَ مَالِكِ بنِ مِغْوَلٍ،
وَزَائِدَةَ.
قُلْتُ: وَأَنْتَ تَقُوْلُ هَذَا، لاَ جَلَسْتُ إِلَيْكَ
أَبَداً.
مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الأَصْبَهَانِيُّ: عَنْ
عَلِيِّ بنِ الجَعْدِ، قَالَ:
كُنْتُ مَعَ زَائِدَةَ فِي طَرِيْقِ مَكَّةَ، فَقَالَ
لَنَا يَوْماً: أَيُّكُم يَحفَظُ عَنْ مُغِيْرَةَ، عَنْ
إِبْرَاهِيْمَ: أَنَّهُ تَوَضَّأَ بِكُوْزِ الحُبِّ
مَرَّتَيْنِ؟
قَالَ: فَلَوْ قُلْتُ: حَدَّثَنَا شَرِيْكٌ أَوْ
سُفْيَانُ، كُنْت قَدِ اسْترحْتُ، وَلَكِن قُلْتُ:
حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ صَالِحٍ، عَنْ مُغِيْرَةَ.
قَالَ الحَسَنُ بنُ صَالِحٍ أَيْضاً: لاَ حَدَّثْتُكَ
بِحَدِيْثٍ أَبَداً.
أَبُو أُسَامَةَ: سَمِعْتُ زَائِدَةَ يَقُوْلُ:
ابْنُ حَيٍّ قَدِ اسْتُصلِبَ مُنْذُ زَمَانٍ، وَمَا نَجدُ
أَحَداً يَصلِبُه.
وَقَالَ خَلَفُ بنُ تَمِيْمٍ: كَانَ زَائِدَةُ
يَسْتَتِيْبُ مَنْ أَتَى حَسَنَ بنَ صَالِحٍ (1) .
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ يُوْنُسَ اليَرْبُوْعِيُّ: لَوْ لَمْ
يُولَدِ الحَسَنُ بنُ صَالِحٍ، كَانَ خَيْراً لَهُ
يَتْرُكُ الجُمُعَةَ، وَيَرَى السَّيْفَ، جَالَسْتُهُ
عِشْرِيْنَ سَنَةً، مَا رَأَيتُهُ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى
السَّمَاءِ، وَلاَ ذَكَرَ الدُّنْيَا.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى: مَا سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ
سَعِيْدٍ، وَلاَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ حدَّثَا عَنِ الحَسَنِ
بنِ صَالِحٍ بِشَيْءٍ قَطُّ، وَلاَ عَنْ عَلِيِّ بنِ
صَالِحٍ.
وَقَالَ الفَلاَّسُ: سَأَلْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ عَنْ
حَدِيْثٍ مِنْ حَدِيْثِ الحَسَنِ بنِ صَالِحٍ، فَأَبَى
أَنْ يُحَدِّثَنِي بِهِ، وَقَدْ كَانَ يُحَدِّثُ عَنْهُ
ثَلاَثَةَ أَحَادِيْثَ، ثُمَّ تَرَكَه (2) .
قَالَ: وَذَكَرَهُ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ، فَقَالَ: لَمْ
يَكُنْ بِالسِّكَّةِ.
وَرَوَى: عَلِيُّ بنُ حَرْبٍ الطَّائِيُّ، عَنْ أَبِيْهِ،
قَالَ:
قُلْتُ لِعَبْدِ اللهِ بنِ دَاوُدَ الخُرَيْبِيِّ: إِنَّكَ
لَكَثِيْرُ الحَدِيْثِ عَنِ ابْنِ حَيٍّ؟
قَالَ: أَفْضَى بِهِ ذِمَامُ أَصْحَابِ
__________
(1) الخبر في " الميزان ": 1 / 499.
(2) الخبر في " الميزان ": 1 / 497.
(7/365)
الحَدِيْثِ، لَمْ يَكُنْ بِشَيْءٍ.
وَقَالَ نَصْرُ بنُ عَلِيٍّ الجَهْضَمِيُّ: كُنْتُ عِنْدَ
الخُرَيْبِيِّ، وَعِنْدَ أَبِي أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيِّ،
فَجَعَلَ أَبُو أَحْمَدَ يُفَخِّمُ الحَسَنَ بنَ صَالِحٍ.
فَقَالَ الخُرَيْبِيُّ: مُتِّعْتُ بِكَ، نَحْنُ أَعْلَمُ
بِحَسَنٍ مِنْكَ، إِنَّ حَسَناً كَانَ مُعْجَباً،
وَالمُعْجَبُ الأَحْمَقُ.
أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ أَبِي السَّفَرِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ
اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَالِمٍ، سَمِعْتُ رَشِيداً
الخَبَّازَ - وَكَانَ عَبداً صَالِحاً - وَقَدْ رَآهُ
أَبُو عُبَيْدَةَ، قَالَ:
خَرَجْتُ مَعَ مَوْلاَي إِلَى مَكَّةَ، فَجَاوَرْنَا،
فَلَمَّا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ، جَاءَ إِنْسَانٌ فَقَالَ
لِسُفْيَانَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ! قَدِمَ اليَوْمَ
حَسَنٌ وَعلِيٌّ ابْنَا صَالِحٍ.
قَالَ: وَأَيْنَ هُمَا؟
قَالَ: فِي الطَّوَافِ.
قَالَ: إِذَا مَرَّا فَأَرِنِيْهِمَا.
فَمَرَّ أَحَدُهُمَا، فَقُلْتُ: هَذَا عَلِيٌّ، وَمَرَّ
الآخَرُ، فَقُلْتُ: هَذَا حَسَنٌ.
فَقَالَ: أَمَّا الأَوَّلُ فَصَاحِبُ آخِرَةٍ، وَأَمَّا
الآخَرُ فَصَاحِبُ سَيْفٍ، لاَ يَمْلأُ جَوْفَهُ شَيْءٌ.
قَالَ: فَيَقُومُ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ مَعَنَا،
فَأَخْبَرَ عَلِيّاً، ثُمَّ مَضَى مَوْلاَيَ إِلَى عَلِيٍّ
يُسلِّمُ عَلَيْهِ، وَجَاءَ سُفْيَانُ يُسلِّمُ عَلَيْهِ.
فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ! مَا
حَمَلَكَ عَلَى أَنْ ذَكَرتَ أَخِي أَمْسَ بِمَا ذَكَرتَه،
مَا يُؤْمِنُكَ أَنْ تَبلُغَ هَذِهِ الكَلِمَةُ ابْنَ
أَبِي جَعْفَرٍ، فَيَبْعَثَ إِلَيْهِ، فَيَقْتُلَهُ؟
قَالَ: فَنَظَرْتُ إِلَى سُفْيَانَ وَهُوَ يَقُوْلُ:
أَسْتَغْفِرُ اللهَ، وَجَادَتَا عَيْنَاهُ.
الحُمَيْدِيُّ: عَنْ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا صَالِحُ بنُ
حَيٍّ، وَكَانَ خَيْراً مِنِ ابْنَيْهِ، وَكَانَ عَلِيٌّ
خَيْرَهُمَا.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الوَرَّاقُ: سَأَلْتُ
أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ عَنِ الحَسَنِ بنِ صَالِحٍ: كَيْفَ
حَدِيْثُه؟
فَقَالَ: ثِقَةٌ، وَأَخُوْهُ ثِقَةٌ، وَلَكِنَّهُ قَدِمَ
مَوْتُهُ.
وَرَوَى: عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ الهِسِنْجَانِيُّ، عَنْ
أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، قَالَ:
الحَسَنُ بنُ صَالِحٍ صَحِيْحُ الرِّوَايَةِ، يَتَفَقَّهُ،
صَائِنٌ لِنَفْسِهِ فِي الحَدِيْثِ وَالوَرَعِ.
وَرَوَى: عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، عَنْ أَبِيْهِ: هُوَ
أَثْبَتُ مِنْ شَرِيْكٍ.
(7/366)
وَرَوَى: ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، عَنْ
يَحْيَى: ثِقَةٌ.
وَرَوَى: إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الجُنِيْدِ،
عَنْ يَحْيَى: ثِقَةٌ، مَأْمُوْنٌ.
وَرَوَى: أَحْمَدُ بنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ يَحْيَى:
ثِقَةٌ، مُسْتقِيْمُ الحَدِيْثِ.
وَرَوَى: عَبَّاسٌ، عَنْ يَحْيَى: يُكْتَبُ رَأْيُ
الحَسَنِ بنِ صَالِحٍ، وَالأَوْزَاعِيُّ، هَؤُلاَءِ
ثِقَاتٌ (1) .
وَرَوَى: عُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ، عَنْ يَحْيَى، قَالَ:
ابْنَا صَالِحٍ ثِقَتَانِ، مَأْمُوْنَانِ.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: اجْتَمَعَ فِي حَسَنٍ إِتقَانٌ،
وَفِقهٌ، وَعِبَادَةٌ، وَزُهْدٌ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ، حَافِظٌ، مُتْقِنٌ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ.
السَّاجِيُّ: عَنْ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَحْمَدَ
بنِ حَنْبَلٍ، قَالَ وَكِيْعٌ: حَدَّثَنَا الحَسَنُ.
قِيْلَ: مَنِ الحَسَنُ؟
قَالَ: الحَسَنُ بنُ صَالِحٍ، الَّذِي لَوْ رَأَيتَه
ذَكرتَ سَعِيْدَ بنَ جُبَيْرٍ، أَوْ شَبَّهْتَه بِسَعِيْدِ
بنِ جُبَيْرٍ.
قُلْتُ: بَيْنَهمَا قَدرٌ مُشْتَرَكٌ، وَهُوَ العِلْمُ،
وَالعِبَادَةُ، وَالخُرُوْجُ عَلَى الظَّلمَةِ تَدَيُّناً.
أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ: سَمِعْتُ وَكِيْعاً
يَقُوْلُ:
لاَ يُبَالِي مَنْ رَأَى الحَسَنَ بنَ صَالِحٍ، أَلاَّ
يَرَى الرَّبِيْعَ بنَ خُثَيْمٍ.
أَحْمَدُ بنُ عُثْمَانَ الأَوْدِيُّ: عَنْ أَبِي يَزِيْدَ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُصْعَبٍ المَعْنِيِّ، قَالَ:
صَحِبتُ السَّادَةَ: سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ (2) ،
وَصَحِبتُ ابْنَيْ حَيٍّ؛ عَلِيّاً وَالحَسَنَ، وَصَحِبتُ
وُهَيْبَ بنَ الوَرْدِ (3).
__________
(1) الخبر في: " تهذيب التهذيب ". 2 / 287.
(2) انظر ترجمته في الصفحة: 229.
(3) انظر ترجمته في الصفحة: 198.
(7/367)
وَقَالَ يَحْيَى بنُ أَبِي بُكَيْرٍ:
قُلْتُ لِلْحَسَنِ بنِ صَالِحٍ: صِفْ لَنَا غَسلَ
المَيْتِ، فَمَا قَدِرَ عَلَيْهِ مِنَ البُكَاءِ.
وَعَنْ عَبْدَةَ بنِ سُلَيْمَانَ، قَالَ: إِنِّيْ أَرَى
اللهَ يَسْتَحِيي أَنْ يُعَذِّبَ الحَسَنَ بنَ صَالِحٍ.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ صَالِحٍ،
وَمَا كَانَ دُوْنَ الثَّوْرِيِّ فِي الوَرَعِ
وَالقُوَّةِ.
الحُنَيْنِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا غَسَّانَ يَقُوْلُ:
الحَسَنُ بنُ صَالِحٍ خَيْرٌ مِنْ شَرِيْكٍ، مِنْ هُنَا
إِلَى خُرَاسَانَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ: كَانَ
أَبُو نُعَيْمٍ يَقُوْلُ:
مَا رَأَيتُ أَحَداً إِلاَّ وَقَدْ غَلطَ فِي شَيْءٍ،
غَيْرَ الحَسَنِ بنِ صَالِحٍ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ يُوْنُسَ: سَأَلَ الحَسَنُ بنُ
صَالِحٍ رَجُلاً عَنْ شَيْءٍ؟
فَقَالَ: لاَ أَدْرِي.
فَقَالَ: الآنَ حِيْنَ دَرَيتَ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي الحَوَارِيِّ: عَنْ عَبْدِ
الرَّحِيْمِ بنِ مُطَرِّفٍ:
كَانَ الحَسَنُ بنُ صَالِحٍ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَعِظَ
أَحَداً، كَتبَ فِي أَلوَاحِه، ثُمَّ نَاوَلَهُ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ زِيَادٍ الرَّازِيُّ: عَنْ أَبِي
نُعَيْمٍ: سَمِعْتُ الحَسَنَ بنَ صَالِحٍ يَقُوْلُ:
فَتَّشتُ الوَرَعَ، فَلَمْ أَجِدْهُ فِي شَيْءٍ أَقَلَّ
مِنَ اللِّسَانِ (1) .
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ المُنْذِرِ الطَّرِيْفِيُّ: عَنْ
أَبِي نُعَيْمٍ، قَالَ: كَتَبتُ عَنْ ثَمَانِ مائَةِ
مُحَدِّثٍ، فَمَا رَأَيتُ أَفْضَلَ مِنَ الحَسَنِ بنِ
صَالِحٍ.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لِلْحَسَنِ بنِ صَالِحٍ قَوْمٌ
يُحَدِّثُوْنَ عَنْهُ بِنُسخٍ، فَعِندَ سَلَمَةَ
__________
(1) انظر الخبر في " الحلية ": 7 / 329.
(7/368)
بنِ عَبْدِ المَلِكِ العُوْصِيِّ عَنْهُ
نُسْخَةٌ، وَعِنْدَ أَبِي غَسَّانَ النَّهْدِيِّ عَنْهُ
نُسْخَةٌ، وَعِنْدَ يَحْيَى بنِ فُضَيْلٍ عَنْهُ
نُسْخَةٌ...، إِلَى أَنْ قَالَ:
وَلَمْ أَجِدْ لَهُ حَدِيْثاً مُنْكَراً مُجَاوِزَ
المِقْدَارِ، وَهُوَ عِنْدِي مِنْ أَهْلِ الصِّدْقِ.
قُلْتُ: مَا لَهُ رِوَايَةٌ فِي (صَحِيْحِ البُخَارِيِّ)،
بَلْ ذَكَرَهُ فِي الشَّهَادَاتِ (1) ، وَكَانَ مِنْ
أَئِمَّةِ الاجْتِهَادِ.
وَقَدْ قَالَ وَكِيْعٌ: كَانَ الحَسَنُ بنُ صَالِحٍ
وَأَخُوْهُ وَأُمُّهُمَا قَدْ جَزَّؤُوا اللَّيْلَ
ثَلاَثَةَ أَجزَاءٍ، فُكُلُّ وَاحِدٍ يَقُوْمُ ثُلُثاً،
فَمَاتَتْ أُمُّهُمَا، فَاقْتَسَمَا اللَّيْلَ، ثُمَّ
مَاتَ عَلِيٌّ، فَقَامَ الحَسَنُ اللَّيْلَ كُلَّهُ (2).
وَعَنْ أَبِي سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيِّ، قَالَ: مَا
رَأَيتُ أَحَداً الخَوْفُ أَظهرُ عَلَى وَجْهِهِ
وَالخُشُوْعُ مِنَ الحَسَنِ بنِ صَالِحٍ، قَامَ لَيْلَةً
ب* ـ: {عَمَّ يَتَسَاءلُوْنَ } [النَّبَأُ: 1]، فَغُشِيَ
عَلَيْهِ، فَلَمْ يَخْتِمْهَا إِلَى الفَجْرِ (3) .
وَقَالَ الحَسَنُ بنُ صَالِحٍ: رُبَّمَا أَصْبَحتُ وَمَا
مَعِيَ دِرْهَمٌ، وَكَأَنَّ الدُّنْيَا قَدْ حِيْزَتْ لِي
(4) .
وَعَنِ الحَسَنِ بنِ صَالِحٍ، قَالَ: إِنَّ الشَّيْطَانَ
لَيْفتَحُ لِلْعبدِ تِسْعَةً وَتِسْعِيْنَ بَاباً مِنَ
الخَيْرِ، يُرِيْدُ بِهَا بَاباً مِنَ الشَّرِّ.
وَعَنْهُ: أَنَّهُ بَاعَ مَرَّةً جَارِيَةً، فَقَالَ:
إِنَّهَا تَنَخَّمَتْ (5) عِنْدَنَا مَرَّةً دَماً.
قَالَ وَكِيْعٌ: حَسَنُ بنُ صَالِحٍ عِنْدِي إِمَامٌ.
فَقِيْلَ لَهُ: إِنَّهُ لاَ يَتَرحَّمُ عَلَى عُثْمَانَ.
فَقَالَ: أَفَتَتَرحَّمُ أَنْتَ عَلَى الحَجَّاجِ؟
__________
(1) البخاري: 5 / 203، في الشهادات، باب بلوغ الصبيان
وشهادتهم، ونصه: " وقال الحسن بن صالح: أدركت جارة لنا جدة
بنت إحدى وعشرين ".
(2) للخبر رواية أخرى في " الحلية ": 7 / 328.
(3) الزيادة من " الحلية "، وانظر " التذكرة ": 1 / 217.
(4) انظر الخبر في " الحلية ": 7 / 329.
(5) تنخم: دفع بشيء من صدره أو أنفه، واسم ذلك الشئ:
النخامة، وهي النخاعة.
(7/369)
قُلْتُ: لاَ بَارَكَ اللهُ فِي هَذَا
المِثَالِ.
وَمُرَادُهُ: أَنْ تَرْكَ التَّرَحُّمِ سُكُوْتٌ،
وَالسَّاكتُ لاَ يُنْسَبُ إِلَيْهِ قَوْلٌ، وَلَكِنْ مَنْ
سَكَتَ عَنْ تَرحُّمِ مِثْلِ الشَّهِيْدِ أَمِيْرِ
المُؤْمِنِيْنَ عُثْمَانَ، فَإِنَّ فِيْهِ شَيْئاً مِنْ
تَشَيُّعٍ، فَمَنْ نَطَقَ فِيْهِ بِغَضٍّ وَتَنَقُّصٍ
وَهُوَ شِيْعِيٌّ جَلْدٌ يُؤَدَّبُ، وَإِنْ تَرَقَّى إِلَى
الشَّيْخَيْنِ بِذَمٍّ، فَهُوَ رَافِضِيٌّ خَبِيْثٌ،
وَكَذَا مَنْ تَعرَّضَ لِلإِمَامِ عَلِيٍّ بِذَمٍّ، فَهُوَ
نَاصِبِيٌّ (1) يُعَزَّرُ، فَإِنْ كَفَّرَهُ، فَهُوَ
خَارِجِيٌّ مَارِقٌ، بَلْ سَبِيْلُنَا أَنْ نَستغفِرَ
لِلْكُلِّ، وَنُحِبُّهُم، وَنَكَفَّ عَمَّا شَجَرَ
بَيْنَهُم.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ: حَدَّثَنَا
إِسْحَاقُ بنُ جَبَلَةَ، قَالَ:
دَخَلَ الحَسَنُ بنُ صَالِحٍ يَوْماً السُّوْقَ وَأَنَا
مَعَهُ، فَرَأَى هَذَا يَخِيطُ، وَهَذَا يَصبِغُ، فَبَكَى،
وَقَالَ: انْظُرْ إِلَيْهِم يَتَعلَّلُوْنُ حَتَّى
يَأْتِيَهُمُ المَوْتُ.
وَرُوِيَ عَنِ الحَسَنِ بنِ صَالِحٍ: أَنَّهُ كَانَ إِذَا
نَظَرَ إِلَى المَقْبُرَةِ يَصرُخُ، وَيُغْشَى عَلَيْهِ
(2).
قَالَ حُمَيْدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرُّؤَاسِيُّ:
كُنْتُ عِنْدَ ابْنَيْ صَالِحٍ، وَرَجُلٌ يَقرَأُ : {لاَ
يَحْزُنُهُمُ الفَزَعُ الأَكْبَرُ } [الأَنْبِيَاءُ: 103]،
فَالْتَفَتَ عَلِيٌّ إِلَى أَخِيْهِ الحَسَنِ، وَقَدِ
اخْضَرَّ وَاصْفَرَّ، فَقَالَ: يَا حَسَنُ! إِنَّهَا
أَفْزَاعٌ فَوْقَ أَفزَاعٍ، وَرَأَيتُ الحَسَنَ أَرَادَ
أَنْ يَصِيْحَ، ثُمَّ جَمَعَ ثَوْبَهُ، فَعَضَّ عَلَيْهِ
حَتَّى سَكَنَ عَنْهُ، وَقَدْ ذَبُلَ فَمُهُ، وَاخْضَارَّ
وَاصْفَارَّ (3) .
أَحْمَدُ بنُ عِمْرَانَ بنِ جَعْفَرٍ البَغْدَادِيُّ:
حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ آدَمَ، قَالَ:
قَالَ الحَسَنُ بنُ صَالِحٍ: قَالَ لِي أَخِي - وَكُنْتُ
أُصلِّي -: يَا أَخِي! اسقِنِي.
قَالَ: فَلَمَّا قَضَيْتُ صَلاَتِي، أَتَيْتُهُ بِمَاءٍ،
فَقَالَ: قَدْ شَرِبتُ السَّاعَةَ. قُلْتُ: مَنْ سَقَاكَ
وَلَيْسَ
__________
(1) ناصبي: أي مبغض لعلي - رضي الله عنه -، وقد تقدم
الحديث عن النصب: ص 80: حا: 1.
(2) انظر الخبر في " الحلية ": 7 / 329.
(3) الخبر في المرجع السابق: 7 / 330، والزيادة منه.
(7/370)
فِي الغُرفَةِ غَيْرِي وَغَيْرُك؟!
قَالَ: أَتَانِي السَّاعَةَ جِبْرِيْلُ بِمَاءٍ،
فَسَقَانِي، وَقَالَ: أَنْتَ وَأَخُوكَ وَأُمُّكَ مَعَ
الَّذِيْنَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِم، وَخَرَجَتْ
نَفْسُهُ.
قُلْتُ: كَانَ يَرَى الحَسَنُ الخُرُوْجَ عَلَى أُمَرَاءِ
زَمَانِهِ لِظُلْمِهِم وَجَوْرِهِم، وَلَكِنْ مَا قَاتَلَ
أَبَداً، وَكَانَ لاَ يَرَى الجُمُعَةَ خَلْفَ الفَاسِقِ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ دَاوُدَ الخُرَيْبِيُّ: تَرَكَ
الحَسَنُ بنُ صَالِحٍ الجُمُعَةَ، فَجَاءَ فُلاَنٌ،
فَجَعَلَ يُنَاظِرُهُ لَيْلَةً إِلَى الصَّبَاحِ، فَذَهَبَ
الحَسَنُ إِلَى تَرْكِ الجُمُعَةِ مَعَهُم، وَإِلَى
الخُرُوْجِ عَلَيْهِم، وَهَذَا مَشْهُوْرٌ عَنِ الحَسَنِ
بنِ صَالِحٍ، وَدَفَعَ اللهُ عَنْهُ أَنْ يُؤْخَذَ
فَيُقْتَلَ بِدِيْنِهِ وَعِبَادتِهِ.
قَالَ البُخَارِيُّ: قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ:
مَاتَ الحَسَنُ بنُ صَالِحٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ
وَمائَةٍ.
قُلْتُ: عَاشَ تِسْعاً وَسِتِّيْنَ سَنَةً، وَكَانَ هُوَ
وَأَخُوْهُ عَلِيٌّ تَوْأَماً.
135 - عَلِيُّ بنُ صَالِحِ بنِ حَيٍّ أَبُو الحَسَنِ
الهَمْدَانِيُّ * (م، 4)
الإِمَامُ، القُدْوَةُ، الكَبِيْرُ، أَبُو الحَسَنِ.
حَدَّثَ عَنْ: سَلَمَة بنِ كُهَيْلٍ، وَعَلِيِّ بنِ
الأَقْمَرِ، وَسِمَاكِ بنِ حَرْبٍ، وَعِدَّةٍ.
__________
(*) طبقات ابن سعد: 6 / 374 - 375، طبقات خليفة: 168،
تاريخ خليفة: 427، التاريخ الكبير: 6 / 280، التاريخ
الصغير: 2 / 119، المعرفة والتاريخ: 1 / 140، 440، 3 /
132، الضعفاء: خ: 296، الجرح والتعديل: 6 / 190، مشاهير
علماء الأمصار: 169 وفيه وفاته (151 ه) حلية الأولياء: 7 /
327 - 335، الكامل لابن الأثير: 5 / 613 وفيه: صالح بن
حبي، تهذيب الكمال: خ: 973، تذهيب التهذيب: خ: 3 / 63،
تاريخ الإسلام: 6 / 252، ميزان الاعتدال: 3 / 132، طبقات
القراء لابن الجزري: 1 / 546، تهذيب التهذيب: 7 / 332 -
333، خلاصة تذهيب الكمال: 274.
(7/371)
وَكَانَ طَلَبُه لِلْعِلْمِ هُوَ
وَأَخُوْهُ مَعاً، وَمَاتَ كَهْلاً قَبْل أَخِيْهِ
بِمُدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَخُوْهُ الحَسَنُ، وَوَكِيْعٌ،
وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ مُوْسَى، وَعَبْدُ اللهِ بنُ
دَاوُدَ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَخَالِدُ بنُ مَخْلَدٍ
القَطَوَانِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عَمْرٍو البَجَلِيُّ،
وَآخَرُوْنَ.
وَلَمْ يَشتَهِرْ حَدِيْثُه لِقِدَمِ مَوْتِهِ.
وَثَّقَهُ: أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَيَحْيَى بنُ
مَعِيْنٍ، كَمَا قَدَّمْنَا فِي سِيْرَةِ أَخِيْهِ (1) .
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُوْسَى: سَمِعْتُ الحَسَنَ بنَ
صَالِحٍ يَقُوْلُ:
لَمَّا احْتُضِرَ أَخِي، رَفَعَ بَصَرَهُ، ثُمَّ قَالَ :
{... مَعَ الَّذِيْنَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِم مِنَ
النَّبِيِّيْنَ وَالصِّدِّيْقِيْنَ وَالشُّهَدَاءِ
وَالصَّالِحِيْنَ، وَحَسُنَ أُولِئِكَ رَفِيْقاً }
[النِّسَاءُ: 69].
ثُمَّ خَرَجَتْ نَفْسُهُ، فَنَظَرْنَا، فَإِذَا ثُقْبٌ فِي
جَنْبِهِ قَدْ وَصَلَ إِلَى جَوْفِهِ، وَمَا عَلِمَ بِهِ
أَحَدٌ.
قُلْتُ: وَكَانَا مُقْرِئَيْنِ مُجَوِّدَيْنِ لِلأَدَاءِ.
تَلاَ عَلِيُّ عَلَى عَاصِمٍ، ثُمَّ عَلَى حَمْزَةَ.
وَتَصَدَّرَ لِلإِقْرَاءِ، فَقَرَأَ عَلَيْهِ: عُبَيْدُ
اللهِ بنُ مُوْسَى، وَغَيْرُهُ.
وَلِعَلِيٍّ حَدِيْثٌ وَاحِدٌ فِي (صَحِيْحِ مُسْلِمٍ
(2))، فِي حُسْنِ الخُلُقِ.
مَاتَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ.
وَلَمْ يَدْخُلْ هَذَا فِي رَأْيِ أَخِيْهِ مِنْ تَرْكِ
جُمُعَةٍ وَلاَ غَيْرِهِ.
وَأَمَّا قَوْلُ مُحَمَّدِ بنِ مُثنَى الزَّمِنِ: مَا
رَأَيتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ مَهْدِيٍّ يُحَدِّثُ عَنْ
عَلِيِّ بنِ صَالِحٍ بِشَيْءٍ، فَهَذَا لاَ يَدُلُّ عَلَى
ضَعْفِهِ، بَلْ لَمْ يُدرِكْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَلِيّاً
- فِيْمَا أَظُنُّ -.
__________
(1) انظر الترجمة السابقة.
(2) رقم: (1601) (121)، في المساقاة: باب من استلف شيئا
فقضى خيرا منه.
من طريق أبي كريب عن وكيع، عن علي بن صالح، عن سلمة بن
كهيل، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: استقرض رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - سنا، فأعطى سنا فوقه، وقال: " خياركم
محاسنكم قضاء ".
(7/372)
فَأَمَّا أَبُوْهُمَا:
136 - صَالِحُ بنُ صَالِحٍ الهَمْدَانِيُّ * (ع)
فَصَدُوْقٌ، مُوَثَّقٌ مِنْ أَصْحَابِ الشَّعْبِيِّ.
وَثَّقَهُ: النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ.
وَحَدِيْثُه فِي الكُتُبِ السِّتَّةِ.
مَاتَ: قَبْلَ الأَعْمَشِ.
وَقَدْ قَالَ فِيْهِ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ
العِجْلِيُّ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ.
فَأَمَّا سَمِيُّهُ:
137 - صَالِحُ بنُ حَيَّانَ القُرَشِيُّ الكُوْفِيُّ **
أَيضاً، فَقَدْ يَشتَبِهُ بِصَالِحِ بنِ حَيٍّ، وَلَيْسَ
هُوَ بِهِ، بَلْ هَذَا يَرْوِي عَنِ: ابْنِ بُرَيْدَةَ،
وَأَبِي وَائِلٍ، وَنَافِعٍ، وَسُوَيْدِ بنِ غَفَلَةَ،
وَعِدَّةٍ.
رَوَى عَنْهُ: عَلِيُّ بنُ مُسْهِرٍ، وَعَبْدَةُ بنُ
سُلَيْمَانَ، وَطَائِفَةٌ.
وَهُوَ وَاهٍ.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عَامَّةُ مَا يَرْوِيْهِ غَيْرُ
مَحْفُوْظٍ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: ضَعِيْفٌ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ: فِيْهِ نَظَرٌ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ.
وَقَدْ كَانَ شَيْخُنَا أَبُو العَبَّاسِ (1) اعْتمَدَ فِي
كِتَابِ (الصَّارِمِ المَسْلُوْلِ) لَهُ عَلَى حَدِيْثٍ
لِصَالِحِ بنِ
__________
(*) الجرح والتعديل: 4 / 406، تهذيب الكمال: خ: 958، تذهيب
التهذيب: خ: 2 / 87، ميزان الاعتدال: 3 / 295، تهذيب
التهذيب: 4 / 393، خلاصة تذهيب الكمال: 171.
(* *) الجرح والتعديل: 5 / 398، المجروحين والضعفاء: 1 /
369 - 370، الكامل لابن عدي: خ: 399 - 400، تهذيب الكمال:
596، تذهيب التهذيب: خ: 2 / 86، ميزان الاعتدال: 3 / 292 -
293، تهذيب التهذيب: 4 / 386 - 387، خلاصة تذهيب الكمال:
170.
(1) هو شيخ الإسلام، ابن تيمية، أحمد بن عبد الحليم بن عبد
السلام النميري الحراني =
(7/373)
حَيَّانَ هَذَا، وَقَوَّاهُ، وَتَمَّ
عَلَيْهِ الوَهْمُ فِي ذَلِكَ.
رَوَاهُ: حَجَّاجُ بنُ الشَّاعِرِ - وَهُوَ حَافِظٌ - عَنِ
الحَافِظِ زَكَرِيَّا بنِ عَدِيٍّ، عَنْ عَلِيِّ بنِ
مُسْهِرٍ، عَنْ صَالِحِ بنِ حَيَّانَ، عَنِ ابْنِ
بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيْهِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ:
كَانَ حَيٌّ مِنْ بَنِي لَيْثٍ، عَلَى مِيْلَينِ مِنَ
المَدِيْنَةِ، وَكَانَ رَجُلٌ قَدْ خَطبَ مِنْهُم فِي
الجَاهِلِيَّةِ، فَلَمْ يُزَوِّجُوْهُ، فَأَتَاهُم
وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ، فَقَالَ:
إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
كَسَانِي هَذِهِ، وَأَمَرَنِي أَنْ أَحكُمَ فِي
أَمْوَالِكُم وَدِمَائِكم.
ثُمَّ انْطَلَقَ، فَنَزَلَ عَلَى المَرْأَةِ الَّتِي كَانَ
خَطَبَهَا، فَأَرسَلَ القَوْمُ إِلَى رَسُوْلِ اللهِ،
فَقَالَ: (كَذَبَ عَدُوَّ اللهِ).
ثُمَّ أَرْسَلَ رَجُلاً، فَقَالَ: (إِنْ وَجَدْتَه حَيّاً
وَمَا أُرَاكَ تَجِدُهُ حَيّاً (1) ، فَاضْرِبْ عُنُقَهُ،
وَإِنْ وَجَدْتَهُ مَيِّتاً، فَأَحْرِقْهُ).
فَجَاءَ، فَوَجَدَهُ قَدْ لَدَغَتْهُ أَفْعَى، فَمَاتَ،
فَحَرَّقَهُ.
فَذَلِكَ قَوْلُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-: (مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّداً،
فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ).
وَسَاقَهُ شَيْخُنَا مِنْ طَرِيْقِ أَبِي القَاسِمِ
البَغَوِيِّ، عَنْ يَحْيَى الحِمَّانِيِّ، عَنْ عَلِيِّ
بنِ مُسْهِرٍ.
وَهَذَا حَدِيْثٌ مُنْكَرٌ، وَلَمْ يَأْتِ بِهِ سِوَى
صَالِحِ بنِ حَيَّانَ القُرَشِيِّ، هَذَا الضَّعِيْفُ (2).
138 - أَبُو دُلاَمَةَ زَنْدُ بنُ الجَوْنِ *
الشَّاعِرُ، النَّدِيْمُ، صَاحِبُ النَّوَادرِ، زَنْدُ بنُ
الجَوْنِ، وَكَانَ أَسْوَدَ، مِنَ
__________
= الدمشقي المتوفى سنة (728 ه) والحديث أورده في الصفحة:
165 - 166، في كتابه " الصارم المسلول على شاتم الرسول ".
(1) زيادة من " الكامل " لابن عدي.
(2) وأورد الحديث أيضا المؤلف في " الميزان ": 2 / 293، في
ترجمة صالح بن حيان، وقال: ورواه كله صاحب " الصارم
المسلول من طريق البغوي، عن يحيى الحماني، عن علي بن مسهر،
وصححه، ولم يصح بوجه.
وفيه أيضا: " تفرد به حجاج بن الشاعر، عن زكريا بن عدي، عن
صالح بن حيان ".
(*) الشعر والشعراء: 2 / 776 - 778، طبقات ابن المعتز: 54
- 62، الاغاني: 10 / 247 =
(7/374)
المَوَالِي.
حَضَرَ جَنَازَةَ حَمَّادَةَ زَوْجَةِ المَنْصُوْرِ،
فَقَالَ لَهُ المَنْصُوْرُ: مَا أَعْدَدْتَ لِهَذِه
الحُفْرَةِ؟
قَالَ: حَمَّادَةَ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ!
فَأَضْحَكَهُ.
تُوُفِّيَ أَبُو دُلاَمَةَ: سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ
وَمائَةٍ.
وَيُقَالُ: عَاشَ إِلَى أَوَائِلِ دَوْلَةِ الرَّشِيْدِ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ دَخَلَ عَلَى المَهْدِيِّ - إِذْ قَدِمَ
مِنَ الرَّيِّ - يَهنِّئُهُ، فَقَالَ:
إِنِّيْ حَلَفْتُ لَئِنْ رَأَيتُكَ سَالِماً ... بِقُرَى
العِرَاقِ وَأَنْتَ ذُو وَفْرِ
لَتُصَلِّيَنَّ عَلَى النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ ...
وَلَتَمْلأَنَّ دَرَاهِماً حِجْرِي (1)
فَقَالَ: أَمَّا الأُوْلَى، فَنَعَمْ.
قَالَ: إِنَّهُمَا كَلِمَتَانِ، فَلاَ يُفرَقُ بَيْنَهمَا.
فَضَحِكَ، وَمَلأَ حِجْرَهُ دَرَاهِمَ.
139 - زَائِدَةُ بنُ قُدَامَةَ أَبُو الصَّلْتِ
الثَّقَفِيُّ * (ع)
الإِمَامُ، الثَّبْتُ، الحَافِظُ، أَبُو الصَّلْتِ
الثَّقَفِيُّ، الكُوْفِيُّ.
__________
= 273، تاريخ بغداد: 8 / 488 - 493، معجم الأدباء: 11 /
165 - 168، وفيات الأعيان: 2 / 320 - 327، نهاية الارب: 4
/ 36 - 47، البداية والنهاية: 10 / 134 - 135، شذرات
الذهب: 1 / 249 - 250.
(1) البيتان في: الاغاني: 10 / 253، وفيه " نذرت " بدلا من
" حلفت "، الوفيات: 2 / 325، البداية والنهاية: 10 / 134،
شذرات الذهب: 1 / 249.
(2) انظر روايات الخبر في المراجع السابقة.
(*) طبقات ابن سعد: 6 / 378، طبقات خليفة: 169، التاريخ
الكبير: 3 / 432، المعرفة والتاريخ: 3 / 188، الجرح
والتعديل: 3 / 613، مشاهير علماء الأمصار: 171، الفهرست:
المقالة السادسة الفن السادس، الكامل لابن الأثير: 6 / 56،
تهذيب الكمال: خ: 424 - 425، تذهيب التهذيب: خ: 1 / 231،
تذكرة الحفاظ: 1 / 215 - 216، عبر الذهبي: 1 / 236، طبقات
القراء لابن الجزري: 1 / 288، تهذيب التهذيب: 3 / 306 -
307، طبقات الحفاظ: 91 - 92، خلاصة تذهيب الكمال: 120،
طبقات المفسرين: 1 / 174 - 175، شذرات الذهب: 1 / 251.
(7/375)
حَدَّثَ عَنْ: زِيَادِ بنِ عِلاَقَةَ،
وَعَاصِمِ بنِ أَبِي النَّجُوْدِ، وَسِمَاكِ بنِ حَرْبٍ،
وَأَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيِّ، وَشَبِيْبِ بنِ
غَرْقَدَةَ، وَأَبِي طُوَالَةَ، وَأَبِي الزِّنَادِ،
وَمَنْصُوْرِ بنِ المُعْتَمِرِ، وَحُصَيْنٍ، وَبَيَانِ بنِ
بِشْرٍ، وَإِسْمَاعِيْلَ السُّدِّيِّ، وَسُلَيْمَانَ
التَّيْمِيِّ، وَعَاصِمِ بنِ كُلَيْبٍ، وَالمُخْتَارِ بنِ
فُلْفُلٍ، وَمُوْسَى بنِ أَبِي عَائِشَةَ، وَعَطَاءِ بنِ
السَّائِبِ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَقِيْلٍ،
وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
وَعَنْهُ: ابْنُ المُبَارَكِ، وَأَبُو أُسَامَةَ، وَعَبْدُ
الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَيَحْيَى
بنُ أَبِي بُكَيْرٍ، وَمُصْعَبُ بنُ المِقْدَامِ،
وَمُعَاوِيَةُ بنُ عَمْرٍو الأَزْدِيُّ، وَحُسَيْنُ بنُ
عَلِيٍّ الجُعْفِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ
سَابِقٍ، وَخَلَفُ بنُ تَمِيْمٍ، وَطَلْقُ بنُ غَنَّامٍ،
وَأَبُو الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ
عَبْدِ اللهِ بنِ يُوْنُسَ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ عُثْمَانُ بنُ زَائِدَة الرَّازِيُّ: قَدِمتُ
الكُوْفَةَ قَدْمَةً، فَقُلْتُ لِسُفْيَانَ: مَنْ تَرَى
أَنْ أَسْمَعَ مِنْهُ؟
قَالَ: عَلَيْكَ بِزَائِدَةَ بنِ قُدَامَةَ، وَسُفْيَانَ
بنِ عُيَيْنَةَ.
وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ: حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، وَكَانَ
مِنْ أَصدَقِ النَّاسِ وَأَبَرِّهِم.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، وَكَانَ لاَ
يُحَدِّثُ قَدَرِيّاً، وَلاَ صَاحِبَ بِدْعَةٍ يَعْرِفُه.
وَرَوَى: صَالِحُ بنُ عَلِيٍّ الهَاشِمِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ
بنِ حَنْبَلٍ:
المُتَثَبِّتُونَ فِي الحَدِيْثِ أَرْبَعَةٌ: سُفْيَانُ
(1) ، وَشُعْبَةُ (2) ، وَزُهَيْرٌ، وَزَائِدَةُ.
وَرَوَى: أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ التِّرْمِذِيُّ، عَنْ
أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، قَالَ:
إِذَا سَمِعْتَ الحَدِيْثَ عَنْ زَائِدَةَ وَزُهَيْرٍ،
فَلاَ تُبَالِ أَنْ لاَ تَسْمَعَهُ عَنْ غَيْرِهِمَا،
إِلاَّ
__________
(1) انظر ترجمته في الصفحة: 229.
(2) انظر ترجمته في الصفحة: 202.
(7/376)
حَدِيْثَ أَبِي إِسْحَاقَ.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: صَدُوْقٌ، مِنْ أَهْلِ العِلْمِ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ، صَاحِبُ سُنَّةٍ، هُوَ
أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَبِي عَوَانَةَ، وَأَحْفَظُ مِنْ
شَرِيْكٍ وَأَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ.
قَالَ: وَكَانَ عَرَضَ حَدِيْثَهُ عَلَى سُفْيَانَ
الثَّوْرِيِّ.
قَالَ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ: ثِقَةٌ، صَاحِبُ سُنَّةٍ، لاَ
يُحَدِّثُ أَحَداً حَتَّى يَسْأَلَ عَنْهُ، فَإِنْ كَانَ
صَاحِبَ سُنَّةٍ، حَدَّثَهُ، وَإِلاَّ لَمْ يُحَدِّثْه،
وَكَانَ قَدْ عَرَضَ حَدِيْثَهُ عَلَى سُفْيَانَ، وَرَوَى
عَنْهُ سُفْيَانُ.
قُلْتُ: وَقَدْ كَانَ صَنَّفَ حَدِيْثَهُ، وَأَلَّفَ فِي
القِرَاءاتِ، وَفِي التَّفْسِيْرِ وَالزُّهدِ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ يُوْنُسَ: رَأَيتُ زُهَيْرَ بنَ
مُعَاوِيَةَ جَاءَ إِلَى زَائِدَةَ، فَكلَّمَه فِي رَجُلٍ
يُحَدِّثُه، فَقَالَ: أَمِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ هُوَ؟
قَالَ: مَا أَعْرِفُهُ بِبِدْعَةٍ.
فَقَالَ: مَنْ أَهْلِ السُّنَّةِ هُوَ؟
فَقَالَ زُهَيْرٌ: مَتَى كَانَ النَّاسُ هَكَذَا؟
فَقَالَ زَائِدَةُ: مَتَى كَانَ النَّاسُ يَشتمُوْنَ أَبَا
بَكْرٍ وَعُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا (1) -؟
قَالَ النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ مُطَيَّنٌ: مَاتَ فِي أَرْضِ الرُّوْمِ، عَامَ
غَزَا الحَسَنُ بنُ قَحْطَبَةَ (2) ، سَنَةَ
__________
(1) الخبر في " تهذيب التهذيب ": 3 / 307.
(2) الحسن بن قحطبة الطائي: أحد القادة الشجعان المقدمين
في بدء العصر العباسي، استخلفه المنصور سنة (136 ه) على
أرمينية، ثم استقدمه سنة (137 ه) لمساعدة أبي مسلم
الخراساني على قتال عبد الله بن علي.
وسيره سنة (140) مع عبد الوهاب بن إبراهيم الامام في سبعين
ألفا إلى ملطية، فكان للحسن فيها أثر عظيم، وغزا الصائفة
سنة (162 ه) في ثمانين ألفا، فأوغل في بلاد الروم، وسمته
لروم " التنين ".
توفي في بغداد سنة (181 ه).
(عن أعلام الزركلي).
(7/377)
سِتِّيْنَ، أَوْ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ
وَمائَةٍ.
قُلْتُ: مَاتَ فِي أَوَّلِ سَنَةِ إِحْدَى.
قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بنِ هِبَةِ اللهِ بنِ تَاجِ
الأُمَنَاءِ، أَخْبَرَكُم أَبُو رَوْحٍ عَبْدُ المُعِزِّ
بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا زَاهِرُ بنُ طَاهِرٍ،
أَنْبَأَنَا أَبُو يَعْلَى الصَّابُوْنِيُّ، أَنْبَأَنَا
عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بنُ أَيُّوْبَ بنِ الضَّرِيْسِ، حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بنُ يُوْنُسَ، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، عَنْ عَبْدِ
المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ
مُعَاذٍ، قَالَ:
جَاءَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! رَجُلٌ لَقِيَ
امْرَأَةً، فَصنَعَ بِهَا مَا يَصْنَعُ الرَّجُلُ
بامْرَأَتِهِ، إِلاَّ أَنَّهُ لَمْ يُجَامِعْهَا.
قَالَ: فَأَنْزَلَ اللهُ -تَعَالَى* -: {أَقِمِ الصَّلاَةَ
طَرَفَيِ النَّهَارَ ...}، الآيَةَ (1) .
فَقَالَ لَهُ: (تَوَضَّأْ، وَصَلِّ).
قُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! هَذَا لَهُ خَاصَّةً، أَوْ
لِلنَّاسِ عَامَّةً؟
قَالَ: (لِلنَّاس - أَوْ لِلْمُسْلِمِيْنَ - عَامَّةً
(2)).
أَخْرَجَهُ: التِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، مِنْ
حَدِيْثِ زَائِدَة.
وَعِلَّتُهُ: أَنَّ شُعْبَةَ رَوَاهُ عَنْ عَبْدِ
المَلِكِ، فَأَرْسَلَه، لَمْ يَذْكُرْ مُعَاذاً، وَعَبْدُ
الرَّحْمَنِ مَا أَدْرَكَ مُعَاذاً.
140 - إِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ بنِ شُعْبَةَ
الهَرَوِيُّ * (ع)
الإِمَامُ، عَالِمُ خُرَاسَانَ، أَبُو سَعِيْدٍ
الهَرَوِيُّ، نَزِيْلُ نَيْسَابُوْرَ، ثُمَّ
__________
(1) تتمتها: (..وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات
ذلك ذكرى للذاكرين) [ هود: 114 ].
(2) أخرجه الترمذي: (3113)، في تفسير سورة " هود "، وقال:
" هذا حديث ليس إسناده بمتصل، عبد الرحمن بن أبي ليلى لم
يسمع من معاذ، ومعاذ بن جبل مات في خلافة عمر، وقتل عمرو
وعبد الرحمن بن أبي ليلى غلام صغير ابن ست سنين، وقد روى
عن عمر. وروى شعبة هذا الحديث عن عبد الملك بن عمير، عن
عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -
مرسل ". والرواية المرسلة أخرجها ابن جرير: 12 / 136، من
طريقين، عن شعبة. لكن الحديث صحيح، فقد أخرجه البخاري:
(4687)، ومسلم: (2763)، وغيرهما من حديث ابن مسعود،
والترمذي: (3114).
وانظر ابن كثير: 2 / 462 - 464.
(*) طبقات خليفة: 323، التاريخ الكبير: 1 / 294، الضعفاء:
خ: 19، مشاهير علماء =
(7/378)
حَرَمِ اللهِ -تَعَالَى-.
وُلِدَ: فِي آخِرِ زَمَانِ الصَّحَابَةِ الصِّغَارِ،
وَارْتَحَلَ فِي طَلَبِ العِلْمِ، فَحَمَلَ عَنْ: آدَمَ
بنِ عَلِيٍّ، وَثَابِتٍ البُنَانِيِّ، وَعَبْدِ العَزِيْزِ
بنِ رُفَيْعٍ، وَسِمَاكِ بنِ حَرْبٍ، وَأَبِي حُصَيْنٍ،
وَمُحَمَّدِ بنِ زِيَادٍ الجُمَحِيِّ - صَاحِبِ أَبِي
هُرَيْرَةَ - وَمَنْصُوْرِ بنِ المُعْتَمِرِ، وَأَبِي
جَمْرَةَ الضُّبَعِيِّ، وَأَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيِّ،
وَأَبِي الزُّبَيْرِ، وَعَاصِمِ بنِ بَهْدَلَةَ، وَعَاصِمِ
بنِ سُلَيْمَانَ، وَحُسَيْنٍ المُعَلِّمِ، وَعَطَاءِ بنِ
أَبِي مُسْلِمٍ الخُرَاسَانِيِّ، وَعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ
صُهَيْبٍ، وَمَطَرٍ الوَرَّاقِ، وَيَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ،
وَخَلْقٍ سِوَاهُم.
وَعَنْهُ: صَفْوَانُ بنُ سُلَيْمٍ - شَيْخُهُ - وَأَبُو
حَنِيْفَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ أَبِي كَثِيْرٍ،
وَابْنُ المُبَارَكِ، وَحَفْصُ بنُ عَبْدِ اللهِ
السُّلَمِيُّ، وَأَبُو عَامِرٍ العَقَدِيُّ، وَعُمَرُ بنُ
عَبْدِ اللهِ بنِ رَزِيْنٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
مَهْدِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بنُ سَابِقٍ، وَمَعْنٌ القَزَّازُ،
وَيَحْيَى بنُ أَبِي بُكَيْرٍ، وَيَحْيَى بنُ الضَّرِيْسِ،
وَأَبُو حُذَيْفَةَ النَّهْدِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ
بنُ سَلاَّمٍ الجُمَحِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ سِنَانٍ
العَوَقِيُّ، وَأُمَمٌ سِوَاهُم.
وَثَّقَهُ: ابْنُ المُبَارَكِ، وَأَحْمَدُ، وَأَبُو
حَاتِمٍ، وَغَيْرُهُم.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: عَنْ يَحْيَى بنِ
مَعِيْنٍ: لاَ بَأْسَ بِهِ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ أَيْضاً: حَسَنُ الحَدِيْثِ،
صَدُوْقٌ.
وَقَالَ عُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ: لَمْ يَزلِ الأَئِمَّةُ
يَشتَهُوْنَ حَدِيْثَهُ، وَيَرغَبُوْنَ فِيْهِ،
وَيُوَثِّقُونَهُ.
__________
= الأمصار: 199، الفهرست: المقالة السادسة الفن السادس،
تاريخ بغداد: 6 / 105 - 111، الكامل لابن الأثير: 6 / 62،
تهذيب الكمال: خ: 57 - 58، تذهيب التهذيب: خ: 1 / 37:
تذكرة الحفاظ: 1 / 213، ميزان الاعتدال: 1 / 38، عبر
الذهبي: 1 / 241، الوافي بالوفيات: 6 / 23 - 24، العقد
الثمين: 3 / 215 - 216، تهذيب التهذيب: 1 / 129 - 131،
طبقات الحفاظ: 90، خلاصة تذهيب الكمال: 18، طبقات
المفسرين: 1 / 10 - 11، شذرات الذهب: 1 / 257.
(7/379)
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: ثِقَةٌ، مِنْ
أَهْلِ سَرْخَسَ، خَرَجَ يُرِيْدُ الحجَّ، فَقَدِمَ
نَيسَابُوْرَ، فَوَجَدَهُم عَلَى قَوْلِ جَهْمٍ (1) ،
فَقَالَ: الإِقَامَةُ عَلَى هَؤُلاَءِ، أَفْضَلُ مِنَ
الحَجِّ.
فَأَقَامَ، فَنَقَلَهُم مِنْ قَوْلِ جَهْمٍ إِلَى
الإِرْجَاءِ (2) .
وَقَالَ صَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ جَزَرَةُ: ثِقَةٌ، حَسَنُ
الحَدِيْثِ، يَمِيْلُ شَيْئاً إِلَى الإِرْجَاءِ فِي
الإِيْمَانِ، حَبَّبَ اللهُ حَدِيْثَهُ إِلَى النَّاسِ،
جَيِّدُ الرِّوَايَةِ.
قَالَ إِسْحَاقُ بنُ رَاهَوَيْه: كَانَ صَحِيْحَ
الحَدِيْثِ، كَثِيْرَ السَّمَاعِ، مَا كَانَ بِخُرَاسَانَ
أَكْثَرُ حَدِيْثاً مِنْهُ، وَهُوَ ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَبُو الصَّلْتِ عَبْدُ السَّلاَمِ بنُ صَالِحٍ
الهَرَوِيُّ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ بنَ عُيَيْنَةَ يَقُوْلُ:
مَا قَدِمَ عَلَيْنَا خُرَاسَانِيٌّ أَفْضَلُ مِنْ أَبِي
رَجَاءٍ عَبْدِ اللهِ بنِ وَاقِدٍ.
قُلْتُ لَهُ: فَإِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ؟
قَالَ: كَانَ ذَاكَ مُرْجِئاً.
ثُمَّ قَالَ أَبُو الصَّلْتِ: لَمْ يَكُنْ إِرْجَاؤُهُم
هَذَا المَذْهَبَ الخَبِيْثَ: أَنَّ الإِيْمَانَ قَوْلٌ
بِلاَ عَملٍ، وَأَنَّ تَرْكَ العَمْلِ لاَ يَضُرُّ
بِالإِيْمَانِ، بَلْ كَانَ إِرْجَاؤُهُم أَنَّهُم يَرجُونَ
لأَهْلِ الكبَائِرِ الغُفرَانَ، رَدّاً عَلَى الخَوَارِجِ
وَغَيْرِهِم الَّذِيْنَ يُكَفِّرُوْنَ النَّاسَ
بِالذُّنُوبِ.
وَسَمِعْتُ وَكِيْعاً يَقُوْلُ: سَمِعْتُ الثَّوْرِيَّ
يَقُوْلُ فِي آخِرِ أَمرِهِ:
نَحْنُ نَرْجُوْ لِجَمِيْعِ أَهْلِ الكبَائِرِ الَّذِيْنَ
يَدِيْنُوْنَ دِيْنَنَا، وَيُصَلُّوْنَ صَلاَتَنَا، وَإِنْ
عَمِلُوا أَيَّ عَملٍ.
قَالَ: وَكَانَ شَدِيْداً عَلَى الجَهْمِيَّةِ (3) .
قَالَ يَحْيَى بنُ أَكْثَمَ: كَانَ إِبْرَاهِيْمُ مِنْ
أَنبَلِ النَّاسِ بِخُرَاسَانَ وَالعِرَاقِ وَالحِجَازِ،
وَأَوْثَقِهِم، وَأَوْسَعِهِم عِلْماً.
__________
(1) سبق الحديث عن الجهمية في الصفحة: 311، حا: 3.
(2) انظر الخبر في " تاريخ بغداد ": 6 / 107، والزيادة
منه.
وانظر الحديث عن الارجاء في الصفحه: 165، حا: 2.
(3) الخبر في: " تاريخ بغداد ": 6 / 109.
(7/380)
قَالَ حَفْصُ بنُ عَبْدِ اللهِ: سَمِعْتُ
إِبْرَاهِيْمَ بنَ طَهْمَانَ يَقُوْلُ:
وَاللهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ، لقَدْ رَأَى
مُحَمَّدٌ رَبَّهُ (1) .
وَقَالَ حَمَّادُ بنُ قِيْرَاطٍ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ
بنَ طَهْمَانَ يَقُوْلُ: الجَهْمِيَّةُ وَالقَدَرِيَّةُ
كُفَّارٌ (2) .
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخَانِ بِخُرَاسَانَ
مُرْجِئَانِ: أَبُو حَمْزَةَ السُّكَّرِيُّ،
وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ، وَهُمَا ثِقَتَانِ.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: كُنْتُ عِنْدَ أَحْمَدَ بنِ
حَنْبَلٍ، فَذُكِرَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ، وَكَانَ
مُتَّكِئاً مِنْ عِلَّةٍ، فَجَلَسَ، وَقَالَ: لاَ
يَنْبَغِي أَنْ يُذْكَرَ الصَّالِحُوْنَ فَيُتَّكَأُ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: كَانَ مُرْجِئاً، شَدِيْداً عَلَى
الجَهْمِيَّةِ.
قَالَ غَسَّانُ أَخُو مَالِكِ بنِ سُلَيْمَانَ: كُنَّا
نَخْتَلِفُ إِلَى إِبْرَاهِيْمَ بنِ طَهْمَانَ
__________
(1) قال ابن القيم في " زاد المعاد ": 3 / 36 - 37، طبع
مؤسسة الرسالة: " واختلف الصحابة: هل رأى ربه تلك الليلة،
أم لا ؟ فصح عن ابن عباس أنه رأى ربه، وصح عنه أنه قال:
رآه بفؤاده.
وصح عن عائشة وابن مسعود إنكار ذلك، وقالا: إن قوله: (ولقد
رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى) [ النجم: 13 ]، إنما هو
جبريل.
وصح عن أبي ذر أنه سأله: هل رأيت ربك ؟ فقال: " نور أنى
أراه " أي: حال بيني وبين رؤيته النور، كما قال في لفظ
آخر: " رأيت نورا ".
وقد حكى عثمان بن سعيد الدارمي اتفاق الصحابة على أنه لم
يره.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه: وليس قول ابن
عباس: " إنه رآه " مناقضا لهذا، ولا قوله: " رآه بفؤاده "،
وقد صح عنه أنه قال: " رأيت ربي تبارك وتعالى "، ولكن لم
يكن هذا في الاسراء، ولكن كان في المدينة لما احتبس عنهم
في صلاة الصبح، ثم أخبرهم عن رؤية ربه تبارك وتعالى تلك
الليله في منامه.
وعلى هذا بني الامام أحمد - رحمه الله تعالى -: وقال: نعم
رآه حقا فإن رؤيا الأنبياء حق، ولا بد، ولكن لم يقل أحمد -
رحمه الله تعالى - إنه رآه بعيني رأسه يقظة، ومن حكى عنه
ذلك، فقد وهم عليه، ولكن قال مرة: رآه، ومرة قال: رآه
بفؤاده فحكيت عنه روايتان، وحكيت عنه الثالثة
من تصرف بعض أصحابه: أنه رآه بعيني رأسه، وهذه نصوص أحمد
موجودة، ليس فيها ذلك ".
(2) إن كان أراد بذلك أنهم خارجون عن الملة، فهو يعد
مبالغة منه.
(7/381)
إِلَى القَرْيَةِ، فَكَانَ لاَ يَرضَى
مِنَّا (1) حَتَّى يُطْعِمَنَا، وَكَانَ شَيْخاً وَاسِعَ
القَلْبِ، وَكَانَتْ قَرْيَتُهُ بَاشَانُ (2) مِنَ
القَصَبَةِ عَلَى فَرْسَخٍ.
أَنْبَأَنِي عَلِيُّ بنُ البُخَارِيِّ، أَنْبَأَنَا أَبُو
اليُمْنِ الكِنْدِيُّ عَامَ سِتِّ مائَةٍ، أَنْبَأَنَا
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ
بنُ عَلِيٍّ الحَافِظُ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ
بنِ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ أَحْمَدَ
الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
يَاسِيْنَ، سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ
بُوْرَجَه يَقُوْلُ:
قَالَ مَالِكُ بنُ سُلَيْمَانَ: كَانَ لإِبْرَاهِيْمَ بنِ
طَهْمَانَ جِرَايَةٌ مِنْ بَيْتِ المَالِ فَاخِرَةٌ،
يَأْخُذُ فِي كُلِّ وَقْتٍ، وَكَانَ يَسخُو بِهِ.
فَسُئِلَ مَرَّةً (3) فِي مَجْلِسِ الخَلِيْفَةِ، فَقَالَ:
لاَ أَدْرِي.
قَالُوا لَهُ: تَأخُذُ فِي كُلِّ شَهْرٍ كَذَا وَكَذَا،
وَلاَ تُحْسِنُ مَسْأَلَةً؟
فَقَالَ: إِنَّمَا آخُذُ عَلَى مَا أُحْسِنُ، وَلَوْ
أَخَذْتُ عَلَى مَا لاَ أُحسِنُ، لَفَنِيَ بَيْتُ المَالِ
عَلَيَّ، وَلاَ يَفْنَى مَا لاَ أُحسِنُ.
فَأَعْجَبَ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ جوَابُهُ، وَأَمَرَ
لَهُ بِجَائِزَةٍ فَاخِرَةٍ، وَزَادَ فِي جِرَايَتِهِ (4)
.
قُلْتُ: شَذَّ الحَافِظُ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ
عَمَّارٍ، فَقَالَ: إِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ ضَعِيْفٌ،
مُضْطَرِبُ الحَدِيْثِ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَغَيْرُهُ: ثِقَةٌ، إِنَّمَا
تَكَلَّمُوا فِيْهِ لِلإِرْجَاءِ.
وَقَالَ الجُوْزَجَانِيُّ: فَاضِلٌ، يُرْمَى بِالإِرْجَاءِ
(5) .
وَكَذَلِكَ أَشَارَ السُّلَيْمَانِيُّ
__________
(1) زيادة من " تاريخ بغداد ": 6 / 106.
(2) باشان: من قرى هراة.
(3) في " تاريخ بغداد ": 6 / 110: " فسئل مسألة يوما ".
(4) انظر: تاريخ بغداد: 6 / 110، و: تذكرة الحفاظ: 1 /
213.
(5) في " التهذيب "، في ترجمة إبراهيم بن طهمان: " قال أبو
الصلت: لم يكن إرجاؤهم - هذا المذهب الخبيث - أن الايمان
قول بلا عمل، وأن ترك العمل لا يضر بالايمان، بل كان
إرجاؤهم أنهم يرجون لاهل الكبائر الغفران ردا على الخوارج
وغيرهم الذين يكفرون الناس بالذنوب ". وانظر الصفحة: 165،
حا: 2.
(7/382)
إِلَى تَلْيِينِه، وَقَالَ: أَنْكَرُوا
عَلَيْهِ حَدِيْثَهُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ
جَابِرٍ: فِي رَفْعِ اليَدَيْنِ (1) ، وَحَدِيْثَهُ عَنْ
شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ: فِي سِدْرَةِ المُنْتَهَى (2) .
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: هُوَ صَحِيْحُ الحَدِيْثِ،
مُقَاربٌ.
قُلْتُ: لَهُ مَا يَنْفَرِدُ بِهِ، وَلاَ يَنحَطُّ
حَدِيْثُه عَنْ دَرَجَةِ الحَسَنِ.
أَخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ فِي كِتَابِهِم، أَنْبَأَنَا عُمَرُ
بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا ابْنُ عَبْدِ البَاقِي،
وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ ملُوْكٍ، قَالاَ:
أَنْبَأَنَا القَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ،
أَنْبَأَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ
بِجُرْجَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو خَلِيْفَةَ الجُمَحِيُّ،
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ سَلاَّمٍ، حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ
الهَمْدَانِيِّ، عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-: (مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ، فَلْيُصَلِّ
عَلَيَّ، فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ مَرَّةً صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ عَشْراً) (3).
__________
(1) أخرجه ابن ماجه: (868)، في إقامة الصلاة: باب رفع
اليدين إذا ركع وإذا رفع رأسه من الركوع، من طريق محمد بن
يحيى، عن أبي حذيفة، عن إبراهيم بن طهمان، عن أبي الزبير،
أن جابر بن عبد الله كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه، وإذا
ركع، وإذا رفع رأسه من الركوع، فعل مثل ذلك، ويقول: رأيت
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعل مثل ذلك.
ورفع إبراهيم بن طهمان يديه إلى أذنبه.
قال البوصيري في " الزوائد " خ، ورقة (57): رجاله ثقات.
(2) نصه في " الميزان ": 1 / 38: " وحديثه عن شعبة، عن
قتادة عن أنس: رفعت لي سدرة المنتهى فإذا أربعة أنهار ".
قلت: لا نكارة في ذلك.
انظر البخاري: 7 / 166، في مناقب الانصار، حديث الاسراء،
والنسائي: 1 / 217، أول كتاب الصلاة.
(3) وأخرجه أبو داود الطيالسي: 1 / 259، من طريق أبي سلمة
المغيرة بن مسلم الخراساني، عن أبي إسحاق الهمداني، عن أنس
بن مالك، ورجاله ثقات، إلا أن ابن إسحاق لم يسمع من أنس،
فهو منقطع.
لكن الحديث صحيح عن أنس.
أخرجه أحمد: 3 / 261، من طريق يونس بن أبي إسحاق، عن بريد
بن أبي مريم، عن أنس والنسائي 3 / 50، من طريق يوسف بن أبي
إسحاق، عن بريد بن أبي مريم، قال: حدثنا أنس بن مالك، قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من صلى علي صلاة واحدة،
صلى الله عليه عشر صلوات، وحطت عنه عشر خطيئات، ورفعت له
عشر درجات ".
وصححه ابن حبان: (2390)، والحاكم: 1 / 550، ووافقه الذهبي
المؤلف.
(7/383)
رُوِيَ عَنْ مَالِكِ بنِ سُلَيْمَانَ
الهَرَوِيِّ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ
إِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ.
وَقِيْلَ: سَنَةَ ثَمَانٍ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفِدَاءِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بنِ المُنَادِي، أَنْبَأَنَا العَلاَّمَةُ
مُوَفَّقُ الدِّيْنِ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ
المَقْدِسِيُّ - فِي رَجَبٍ، سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَسِتِّ
مائَةٍ - أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي،
وَقَرَأْتُ عَلَى سِتِّ الأَهْلِ بِنْتِ عُلْوَانَ (1) ،
أَنْبَأَنَا البَهَاءُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ، أَخْبَرَتْنَا فَخْرُ النِّسَاءِ شُهْدَةُ
(2) ، قَالاَ:
أَنْبَأَنَا الحُسَيْنُ بنُ أَحْمَدَ النِّعَالِيُّ،
أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ المُعَدَّلُ،
أَنْبَأَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو
الرَّزَّازُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ سِنَانٍ العَوَقِيُّ، حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ، عَنْ بُدَيْلِ بنِ
مَيْسَرَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ شَقِيْقٍ، عَنْ
مَيْسَرَةَ الفَجْرِ، قَالَ:
قُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! مَتَى كُتِبْتَ نَبِيّاً؟
قَالَ: (وَآدَمُ بَيْنَ الرُّوْحِ وَالجَسَدِ (3)).
هَذَا حَدِيْثٌ صَالِحُ السَّنَدِ، وَلَمْ يُخَرِّجُوْه
فِي الكُتُبِ السِّتَّةِ.
وَأَخْبَرَنَاهُ سُنْقُرُ القَضَائِيُّ، أَنْبَأَنَا
عَبْدُ اللَّطِيْفِ بنُ يُوْسُفَ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ
الحَقِّ اليُوْسُفِيُّ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ
العَلاَّفُ، أَنْبَأَنَا أَبُو الحَسَنِ بنُ
الحَمَّامِيِّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ البَاقِي بنُ قَانِعٍ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ يُوْنُسَ بنِ مُبَارَكٍ
الأَحْوَلُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ سِنَانٍ بِهَذَا،
لَكِنَّهُ قَالَ: مَتَى كُنْتَ؟
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبِي عَصْرُوْنَ، أَنْبَأَنَا
أَبُو رَوْحٍ إِجَازَةً، أَنْبَأَنَا تَمِيْمٌ،
أَنْبَأَنَا
__________
(1) ست الأهل بنت علوان بن سعد بن علوان البعلبكية: محدثة
ذات صلاح ودين، ولدت ببعلبك سنة (613 ه) تقريبا، وتوفيت
بدمشق سنة (703 ه).
(2) انظر الصفحة: 15، حا: 1.
(3) هو في " أسد الغابة ": 5 / 285.
وأخرجه أحمد: 5 / 59، وأبو نعيم في " الحلية ": 9 / 53، من
طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن منصور بن سعد، عن بديل، عن
عبد الله بن شقيق، عن ميسرة الفجر. وهذا سند صحيح.
وله شاهد من حديث أبي الجدعاء عند ابن سعد، وآخر عن ابن
عباس عند الطبراني.
(7/384)
أَبُو سَعْدٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَمْرٍو
الحِيْرِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ سَلاَّمٍ، حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ
نَاجِيَةَ بنِ كَعْبٍ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ:
لَمَّا مَاتَ أَبُو طَالِبٍ، أَتَيْتُ رَسُوْلَ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقُلْتُ: إِنَّ
عَمَّكَ الشَّيْخَ الضَّالَّ مَاتَ.
قَالَ: (اذْهَبْ، فَوَارِهِ، وَلاَ تُحْدِثْ شَيْئاً
حَتَّى تَأْتِيَنِي).
فَفَعَلْتُ الَّذِي أَمَرَنِي بِهِ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ،
فَقَالَ لِي: (اغْتَسِلْ).
وَعَلَّمَنِي دَعَوَاتٍ هِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ حُمُرِ
النَّعَمِ.
141 - أَبُو حَمْزَةَ السُّكَّرِيُّ مُحَمَّدُ بنُ
مَيْمُوْنٍ * (ع)
الحَافِظُ، الإِمَامُ، الحُجَّةُ، مُحَمَّدُ بنُ
مَيْمُوْنٍ المَرْوَزِيُّ، عَالِمُ مَرْوٍ.
حَدَّثَ عَنْ: زِيَادِ بنِ عِلاَقَةَ، وَعَبْدِ العَزِيْزِ
بنِ رُفَيْعٍ، وَأَبِي إِسْحَاقَ، وَمَنْصُوْرِ بنِ
المُعْتَمِرِ، وَعَاصِمِ بنِ بَهْدَلَةَ، وَعَاصِمٍ
الأَحْوَلِ، وَسُلَيْمَانَ الأَعْمَشِ، وَعَبْدِ
الكَرِيْمِ الجَزَرِيِّ، وَعَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ،
وَجَابِرٍ الجُعْفِيِّ، وَمُطَرِّفِ بنِ طَرِيْفٍ،
وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ: ابْنُ المُبَارَكِ، وَأَبُو تُمَيْلَةَ،
وَالفَضْلُ السِّيْنَانِيُّ، وَعَتَّابُ بنُ زِيَادٍ،
وَعَلِيُّ بنُ الحَسَنِ بنِ شَقِيْقٍ، وَعَبْدَانُ بنُ
عُثْمَانَ، وَسَلاَّمُ بنُ وَاقِدٍ، وَالفَضْلُ بنُ
خَالِدٍ البَلْخِيُّ النَّحْوِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
خَاتمتهُم نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ الحَافِظُ.
__________
(1) إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد: 1 / 97، وأبو داود: (3214)، والنسائي: 4 / 79
- 80، من حديث سفيان، عن أبي إسحاق، عن ناجية بن كعب، عن
علي - رضي الله عنه -.
وهذا إسناد صحيح أيضا.
وأخرجه أحمد: 1 / 103، وغيره من طريق السدي، عن أبي عبد
الرحمن السلمي، عن علي.
وسنده صحيح أيضا.
(*) طبقات ابن سعد: 7 / 373، التاريخ الكبير: 1 / 234،
التاريخ الصغير: 2 / 174، الجرح والتعديل: 8 / 81، مشاهير
علماء الأمصار: 197، تاريخ بغداد: 3 / 266 - 269، تهذيب
الكمال: خ: 1279، تهذيب التهذيب: خ: 4 / 4 - 5، تذكرة
الحفاظ: 1 / 230، ميزان الاعتدال: 4 / 53 - 54، عبر
الذهبي: 1 / 251، تهذيب التهذيب: 9 / 486 - 487، طبقات
الحفاظ: 97، خلاصة تذهيب الكمال: 361، شذرات الذهب: 1 /
264.
(7/385)
قَالَ أَحْمَدُ: مَا بِحَدِيْثِهِ عِنْدِي
بَأْسٌ، هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ حُسَيْنِ بنِ وَاقِدٍ
(1) .
وَقَالَ عَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ: كَانَ أَبُو حَمْزَةَ مِنَ
الثِّقَاتِ، وَكَانَ إِذَا مَرِضَ عِنْدَهُ مَنْ قَدْ
رَحَلَ إِلَيْهِ، يَنْظُرُ إِلَى مَا يَحتَاجُ إِلَيْهِ
مِنَ الكِفَايَة، فَيَأمُرُ بِالقِيَامِ بِهِ، وَلَمْ
يَكُنْ يَبِيْعُ السُّكَّرَ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ:
السُّكَّرِيّ؛ لِحَلاَوَةِ كَلاَمِهِ.
وَرَوَى: ابْنُ الغَلاَبِيِّ، عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ،
قَالَ:
رَوَى أَبُو حَمْزَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ الصَّائِغِ -
وَذَكَرَهُ بِصَلاَحٍ -:
كَانَ إِذَا مَرِضَ الرَّجُلُ مِنْ جِيْرَانِهِ، تَصَدَّقَ
بِمِثْلِ نَفَقَةِ المَرِيْضِ، لِمَا صُرِفَ عَنْهُ مِنَ
العِلَّةِ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ ابْنُ رَاهَوَيْه: عَنْ حَفْصِ بنِ حُمَيْدٍ،
سَمِعَ ابْنَ المُبَارَكِ يَقُوْلُ:
أَبُو حَمْزَةَ صَاحِبُ حَدِيْث، أَوْ كَمَا قَالَ.
وَحُسَيْنُ بنُ وَاقِدٍ: لَيْسَ بِحَافِظٍ، وَلاَ يُتْرَكُ
حَدِيْثُه (2) .
سُفْيَانُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ: عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ،
قَالَ: السُّكَّرِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ (3)
، صَحِيْحَا الكِتَابِ.
وَقَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ رُسْتُمَ: قَالَ أَبُو
حَمْزَةَ: اخْتلفتُ إِلَى إِبْرَاهِيْمَ الصَّائِغِ
نَيِّفاً وَعِشْرِيْنَ سَنَةً، مَا عَلِمَ أَحَدٌ مِنْ
أَهْلِ بَيْتِي أَينَ ذَهَبتُ، وَلاَ مِنْ أَينَ جِئْتُ.
قُلْتُ: لأَنَّ إِبْرَاهِيْمَ الصَّائِغَ كَانَ فِي
السِّجْنِ، سِجْنِ المُسَوِّدَةِ (4) ، وَلاَ يَذْهَبُ
أَحَدٌ إِلَيْهِ، إِلاَّ مُخْتَفِياً.
__________
(1) ترجمته في الصفحة: 104.
(2) زيادة من " التهذيب ".
(3) ترجمته في الصفحة: 378.
(4) وهم العباسيون. سموا بذلك لان شعارهم لبس السواد.
(7/386)
وَقَالَ يَحْيَى بنُ أَكْثَمَ: بَلَغَنِي
عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الاتِّبَاعِ؟
فَقَالَ: الاتِّبَاعُ مَا كَانَ عَلَيْهِ الحُسَيْنُ بنُ
وَاقِدٍ، وَأَبُو حَمْزَةَ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ بنِ شَقِيْقٍ: سُئِلَ عَبْدُ
اللهِ عَنِ الأَئِمَّةِ الَّذِيْنَ يُقتَدَى بِهِم،
فَذَكَرَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ، حَتَّى انْتَهَى إِلَى
أَبِي حَمْزَةَ، وَأَبُو حَمْزَةَ يَوْمَئِذٍ حَيٌّ.
قَالَ العَبَّاسُ بنُ مُصْعَبٍ المَرْوَزِيُّ: كَانَ أَبُو
حَمْزَةَ مُسْتجَابَ الدَّعْوَةِ.
أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ حَكِيْمٍ: عَنْ مُعَاذِ بنِ
خَالِدٍ، سَمِعْتُ أَبَا حَمْزَةَ السُّكَّرِيَّ يَقُوْلُ:
مَا شَبِعتُ مُنْذُ ثَلاَثِيْنَ سَنَةً، إِلاَّ أَنْ
يَكُوْنَ لِي ضَيفٌ.
وَرَوَى: إِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ
عَلِيِّ بنِ الحَسَنِ بنِ شَقِيْقٍ، قَالَ:
أَرَادَ جَارٌ لأَبِي حَمْزَةَ السُّكَّرِيِّ أَنْ
يَبِيْعَ دَارَهُ، فَقِيْلَ لَهُ: بِكَمْ؟
قَالَ: بِأَلْفَيْنِ ثَمَنُ الدَّارِ، وَبِأَلْفَيْنِ
جِوَارُ أَبِي حَمْزَةَ.
فَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا حَمْزَةَ، فَوَجَّه إِلَيْهِ
بِأَرْبَعَةِ آلاَفٍ، وَقَالَ: لاَ تَبِعْ دَارَك.
قَالَ عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ بنِ شَقِيْقٍ، وَعَبْدُ
العَزِيْزِ بنُ أَبِي رِزْمَةَ: مَاتَ أَبُو حَمْزَةَ
سَنَة سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ.
قَالَ آخَرُ: سَنَة ثَمَانٍ، وَالأَوّلُ أَصحُّ.
142 - إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَدْهَمَ بنِ مَنْصُوْرِ بنِ
يَزِيْدَ بنِ جَابِرٍ العِجْلِيُّ *
القُدْوَةُ، الإِمَامُ، العَارِفُ، سَيِّدُ الزُّهَّادِ،
أَبُو إِسْحَاقَ العِجْلِيُّ - وَقِيْلَ: التَّمِيْمِيُّ -
الخُرَاسَانِيُّ، البَلْخِيُّ، نَزِيْلُ الشَّامِ.
مَوْلِدُهُ:
__________
(*) التاريخ الكبير: 1 / 273، المعرفة والتاريخ: 2 / 455،
الجرح والتعديل: 2 / 87. مشاهير علماء الأمصار: 183، حلية
الأولياء: 7 / 367 حتى 8 / 58، تاريخ ابن عساكر: خ: 2 /
186 آ، الكامل لابن الأثير: 6 / 56، تهذيب الكمال: خ: 49 -
51، تذهيب التهذيب: خ: 1 / 32 - 33، عبر الذهبي: 1 / 238،
فوات الوفيات: 1 / 13 - 14، الوافي بالوفيات: 5 / 318 -
319، البداية والنهاية: 10 / 135 - 145، طبقات الأولياء: 5
- 15، تهذيب التهذيب: 1 / 102 - 103، خلاصة تذهيب الكمال:
15، شذرات الذهب: 1 / 255 - 256، تهذيب ابن عساكر: 2 / 170
- 199.
(7/387)
فِي حُدُوْدِ المائَةِ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ، وَمُحَمَّدِ بنِ زِيَادٍ
الجُمَحِيِّ - صَاحِبِ أَبِي هُرَيْرَةَ - وَأَبِي
إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيِّ، وَمَنْصُوْرِ بنِ المُعْتَمِرِ،
وَمَالِكِ بنِ دِيْنَارٍ، وَأَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بنِ
عَلِيٍّ، وَسُلَيْمَانَ الأَعْمَشِ، وَابْنِ عَجْلاَنَ،
وَمُقَاتِلِ بنِ حَيَّانَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: رَفِيْقُهُ؛ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ،
وَشَقِيْقٌ البَلْخِيُّ، وَبَقِيَّةُ بنُ الوَلِيْدِ،
وَضَمْرَةُ بنُ رَبِيْعَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ حِمْيَرٍ،
وَخَلَفُ بنُ تَمِيْمٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ
الفِرْيَابِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ بَشَّارٍ
الخُرَاسَانِيُّ - خَادِمُهُ - وَسَهْلُ بنُ هَاشِمٍ،
وَعُتْبَةُ بنُ السَّكَنِ.
وَحَكَى عَنْهُ: الأَوْزَاعِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ
الفَزَارِيُّ.
قَالَ البُخَارِيُّ: قَالَ لِي قُتَيْبَةُ:
إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَدْهَمَ تَمِيْمِيٌّ، يَرْوِي عَنْ
مَنْصُوْرٍ.
قَالَ: وَيُقَالُ لَهُ: العِجْلِيُّ.
وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: هُوَ مِنْ بَنِي عِجْلٍ.
وَذَكَرَ المُفَضَّلُ الغَلاَبِيُّ: أَنَّهُ هَرَبَ مِنْ
أَبِي مُسْلِمٍ، صَاحِبِ الدَّعْوَةِ.
قَالَ النَّسَائِيُّ: هُوَ ثِقَةٌ، مَأْمُوْنٌ، أَحَدُ
الزُّهَّادِ.
وَعَنِ الفَضْلِ بنِ مُوْسَى، قَالَ: حَجَّ وَالِدُ
إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَدْهَمَ وَزَوْجَتُهُ، فَوَلَدَتْ لَهُ
إِبْرَاهِيْمَ بِمَكَّةَ.
وَعَنْ يُوْنُسَ البَلْخِيِّ، قَالَ: كَانَ إِبْرَاهِيْمُ
بنُ أَدْهَمَ مِنَ الأَشْرَافِ، وَكَانَ أَبُوْهُ كَثِيْرَ
المَالِ وَالخَدَمِ، وَالمَرَاكِبِ وَالجنَائِبِ
وَالبُزَاةِ (1) ، فَبَيْنَا إِبْرَاهِيْمُ فِي الصَّيْدِ
عَلَى فَرَسِه يُرْكِضُه، إِذَا هُوَ بِصَوْتٍ مِنْ
فَوْقِه: يَا إِبْرَاهِيْمُ! مَا هَذَا العَبَثُ* ؟
{أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً }
[المُؤْمِنُوْنَ: 115]، اتَّقِ اللهَ، عَلَيْكَ بِالزَّادِ
لِيَوْمِ الفَاقَةِ.
فَنَزَلَ عَنْ دَابَّتِه، وَرَفَضَ الدُّنْيَا.
وَفِي (رِسَالَةِ) القُشَيْرِيِّ، قَالَ: هُوَ مِنْ
كُوْرَةِ بَلْخٍ، مِنْ أَبْنَاءِ المُلُوْكِ، أَثَارَ
ثَعْلَباً أَوْ أَرْنَباً، فَهَتَفَ بِهِ هَاتِفٌ:
أَلِهَذَا
__________
(1) البزاة: ج، البازي: وهو ضرب من الصقور.
(7/388)
خُلِقتَ؟ أَمْ بِهَذَا أُمِرتَ؟
فَنَزَلَ، وَصَادفَ رَاعِياً لأَبِيْهِ، فَأَخَذَ
عَبَاءتَه، وَأَعْطَاهُ فَرَسَه، وَمَا مَعَهُ، وَدَخَلَ
البَادِيَةَ، وَصَحِبَ الثَّوْرِيَّ (1) ، وَالفُضَيْلَ
بنَ عِيَاضٍ، وَدَخَلَ الشَّامَ، وَكَانَ يَأْكُلُ مِنَ
الحَصَادِ وَحِفْظِ البَسَاتِيْنِ، وَرَأَى فِي
البَادِيَةِ رَجُلاً، عَلَّمَهُ الاسْمَ الأَعْظَمَ
فَدَعَا بِهِ، فَرَأَى الخَضِرَ، وَقَالَ: إِنَّمَا
عَلَّمَكَ أَخِي دَاوُدُ.
رَوَاهَا: عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ المِصْرِيُّ الوَاعِظُ
(2).
حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيْدٍ الخَرَّازُ، حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيْمُ بنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيْمُ بنُ
أَدْهَمَ بِذَلِكَ، لَمَّا سَأَلْتُه عَنْ بَدْءِ أَمرِهِ.
وَرُوِيتُ عَنِ: ابْنِ بَشَّارٍ بِإِسْنَادٍ آخَرَ،
وَزَادَ، قَالَ: فَسَأَلْتُ بَعْضَ المَشَايِخِ عَنِ
الحَلاَلِ، فَقَالَ: عَلَيْكُم بِالشَّامِ.
فَصِرتُ إِلَى المَصِّيْصَةِ (3) ، فَعَمِلتُ بِهَا
أَيَّاماً، ثُمَّ قِيْلَ لِي: عَلَيْك بِطَرَسُوْسَ (4) ،
فَإِنَّ بِهَا المُبَاحَاتِ، فَبَيْنَا أَنَا عَلَى بَابِ
البَحْرِ، اكْتَرَانِي رَجُلٌ أَنْطُرُ بُسْتَانَه،
فَمَكَثتُ مُدَّةً.
قَالَ المُسَيَّبُ بنُ وَاضِحٍ: حَدَّثَنَا أَبُو عُتْبَةَ
الخَوَّاصُ:
سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ أَدْهَمَ يَقُوْلُ: مَنْ
أَرَادَ التَّوبَةَ، فَلْيَخرُجْ مِنَ المَظَالِمِ،
وَلْيَدَعْ مُخَالطَةَ النَّاسِ، وَإِلاَّ لَمْ يَنَلْ مَا
يُرِيْدُ.
قَالَ خَلَفُ بنُ تَمِيْمٍ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ
يَقُوْلُ:
رَآنِي ابْنُ عَجْلاَنَ، فَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ
سَاجِداً، وَقَالَ: سَجَدتُ للهِ شُكْراً حِيْنَ
رَأَيتُكَ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ: قُلْتُ لابْنِ
المُبَارَكِ: إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَدْهَمَ مِمَّنْ
__________
(1) ترجمته في الصفحة: 229.
(2) انظر رواية الخبر في " الحلية ": 7 / 368، و" تهذيب
ابن عساكر ": 2 / 171 - 172.
(3) المصيصة: مدينة على شاطئ جيحان من ثغور الشام، بين
أنطاكية وبلاد الروم، تقارب طرسوس...وكانت من مشهور ثغور
الإسلام، قد ربط بها الصالحون قديما، وبها بساتين كثيرة،
بسقيها جيحان، وكانت ذات سور وخمسة أبواب.
" معجم البلدان ".
(4) طرسوس: مدينة بثغور الشام، بين أنطاكية وحلب وبلاد
الروم.
(7/389)
سَمِعَ؟
قَالَ: قَدْ سَمِعَ مِنَ النَّاسِ، وَلَهُ فَضْلٌ فِي
نَفْسِهِ، صَاحِبُ سَرَائِرَ، وَمَا رَأَيتُهُ يُظْهِرُ
تَسبِيْحاً، وَلاَ شَيْئاً مِنَ الخَيْرِ، وَلاَ أَكَلَ
مَعَ قَوْمٍ قَطُّ، إِلاَّ كَانَ آخِرَ مَنْ يَرْفَعُ
يَدَه (1) .
أَبُو نُعَيْمٍ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُوْلُ:
كَانَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَدْهَمَ يُشْبِهُ إِبْرَاهِيْمَ
الخَلِيْلَ، وَلَوْ كَانَ فِي الصَّحَابَةِ، لَكَانَ
رَجُلاً فَاضِلاً (2) .
قَالَ بِشْرٌ الحَافِي: مَا أَعْرِفُ عَالِماً إِلاَّ
وَقَدْ أَكَلَ بِدِيْنِهِ، إِلاَّ وُهَيْبَ بنَ الوَرْدِ
(3)، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ أَدْهَمَ، وَيُوْسُفَ بنَ
أَسْبَاطٍ، وَسَلْمَ الخَوَّاصَ.
قَالَ شَقِيْقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ: قُلْتُ لإِبْرَاهِيْمَ
بنِ أَدْهَمَ: تَرَكتَ خُرَاسَانَ؟
قَالَ: مَا تَهنَّأتُ بِالعَيْشِ إِلاَّ فِي الشَّامِ،
أَفِرُّ بِدِيْنِي مِنْ شَاهِقٍ إِلَى شَاهِقٍ، فَمَنْ
رَآنِي يَقُوْلُ: مُوَسْوَسٌ، وَمَنْ رَآنِي يَقُوْلُ:
جَمَّالٌ، يَا شَقِيْقُ! مَا نَبُلَ عِنْدَنَا مَنْ نَبُلَ
بِالجِهَادِ وَلاَ بِالحجِّ، بَلْ كَانَ بِعَقْلِ مَا
يَدْخُلُ بَطْنَه (4) .
قَالَ خَلَفُ بنُ تَمِيْمٍ: سَأَلْتُ إِبْرَاهِيْمَ:
مُنْذُ كَمْ قَدِمتَ الشَّامَ؟
قَالَ: مُنْذُ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ سَنَةً، مَا جِئْتُ
لِربَاطٍ وَلاَ لِجِهَادٍ، جِئْتُ لأَشبَعَ مِنْ خُبْزِ
الحَلاَلِ.
وَعَنْ إِبْرَاهِيْمَ، قَالَ: الزُّهْدُ فَرضٌ، وَهُوَ
الزُّهْدُ فِي الحَرَامِ، وَزُهْدُ سَلاَمَةٍ، وَهُوَ
الزُّهْدُ فِي الشُّبُهَاتِ، وَزُهْدُ فَضْلٍ، وَهُوَ
الزُّهْدُ فِي الحَلاَلِ (5).
__________
(1) انظر: البداية والنهاية ": 10 / 137.
(2) تتمة الخبر في " البداية والنهاية ": 10 / 136: "..له
سرائر، وما رأيته يظهر تسبيحا، ولا شيئا، ولا أكل مع أحد
طعاما إلا كان آخر من يرفع يديه ".
والملاحظ أن الذهبي أورد هذا القسم بخبر منفرد قبل قليل.
(3) ترجمته في الصفحة: 198.
(4) الخبر في: " الحلية ": 7 / 369، و: البداية والنهاية:
10 / 137، و: تهذيب ابن عساكر: 2 / 176.
(5) انظر: البداية والنهاية: 10 / 137 - 138، تهذيب ابن
عساكر: 2 / 177.
(7/390)
يَحْيَى بنُ عُثْمَانَ البَغْدَادِيُّ:
حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، قَالَ:
دَعَانِي إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَدْهَمَ إِلَى طَعَامِه،
فَأَتَيْتُهُ، فَجَلَسَ، فَوَضَعَ رِجْلَه اليُسْرَى
تَحْتَ أَلْيَتِه، وَنَصَبَ اليُمْنَى، وَوَضَعَ
مِرْفَقَهُ عَلَيْهَا، ثُمَّ قَالَ:
هَذِهِ جِلْسَةُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- كَانَ يَجْلِسُ جِلْسَةَ العَبْدِ، خُذُوا
بِسْمِ اللهِ.
فَلَمَّا أَكَلْنَا، قُلْتُ لِرَفِيْقِه: أَخْبِرْنِي عَنْ
أَشدِّ شَيْءٍ مَرَّ بِكَ مُنْذُ صَحِبْتَه.
قَالَ: كُنَّا صِيَاماً، فَلَمْ يَكُنْ لَنَا مَا نُفطِرُ
عَلَيْهِ، فَأَصْبَحْنَا، فَقُلْتُ: هَلْ لَكَ يَا أَبَا
إِسْحَاقَ أَنْ نَأْتِيَ الرَّسْتَنَ (1) ، فَنكْرِي
أَنْفُسَنَا مَعَ الحَصَّادِيْنَ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: فَاكْتَرَانِي رَجُلٌ بِدِرْهَمٍ.
فَقُلْتُ: وَصَاحِبِي؟
قَالَ: لاَ حَاجَةَ لِي فِيْهِ، أَرَاهُ ضَعِيْفاً.
فَمَا زِلتُ بِهِ حَتَّى اكْتَرَاهُ بِثُلُثَيْنِ،
فَاشْتَرَيتُ مِنْ كِرَائِي حَاجَتِي، وَتَصَدَّقتُ
بِالبَاقِي، فَقرَّبتُ إِلَيْهِ الزَّادَ، فَبَكَى،
وَقَالَ: أَمَّا نَحْنُ فَاسْتَوفَيْنَا أُجُورَنَا،
فَلَيْتَ شِعْرِي أَوَفَّيْنَا صَاحِبَنَا أَم لاَ؟
فَغضِبتُ، فَقَالَ: أَتَضْمَنُ لِي أَنَّا وَفَّيْنَاهُ،
فَأَخَذتُ الطَّعَامَ، فَتصَدَّقتُ بِهِ (2) .
وَبِالإِسْنَادِ عَنْ بَقِيَّةَ، قَالَ: كُنَّا مَعَ
إِبْرَاهِيْمَ فِي البَحْرِ، فَهَاجَتْ رِيْحٌ،
وَاضْطَرَبتْ السَّفِيْنَةُ، وَبَكَوْا، فَقُلْنَا: يَا
أَبَا إِسْحَاقَ! مَا تَرَى؟
فَقَالَ: يَا حَيُّ حِيْنَ لاَ حَيَّ، وَيَا حَيُّ قَبْلَ
كُلِّ حَيٍّ، وَيَا حَيُّ بَعْدَ كُلِّ حَيٍّ، يَا حَيُّ،
يَا قَيُّومُ، يَا مُحْسِنُ، يَا مُجْمِلُ! قَدْ
أَرَيْتَنَا قُدْرَتَكَ، فَأَرِنَا عَفْوَكَ، فَهَدَأَتِ
السَّفِيْنَةُ مِنْ سَاعَتِه (3) .
ضَمْرَةُ: سَمِعْتُ ابْنَ أَدْهَمَ، قَالَ:
أَخَافُ أَنْ لاَ أُؤْجَرَ فِي تَرْكِي أَطَايِبَ
الطَّعَامِ، لأَنِّيْ لاَ أَشْتَهِيهِ.
وَكَانَ إِذَا جَلَسَ عَلَى طَعَامٍ طَيِّبٍ، قَدَّمَ
إِلَى أَصْحَابِهِ،
__________
(1) الرستن: " بليدة قديمة كانت على نهر " الميماس "، وهذا
النهر هو اليوم المعروف بالعاصي، الذي يمر قدام حماة.
والرستن بين حماة وحمص في نصف الطريق، بها آثار باقية إلى
الآن - [ زمن ياقوت ] - تدل على جلالتها ".
" معجم البلدان ".
(2) انظر الخبر في " الحلية ": 7 / 379 - 380.
(3) انظر رواية " الحلية ": 8 / 5 - 6، 8 / 7 - 8،
والبداية والنهاية ": 10 / 140.
(7/391)
وَقَنَعَ بِالخُبْزِ وَالزَّيْتُوْنِ.
مُحَمَّدُ بنُ مَيْمُوْنٍ المَكِّيُّ: حَدَّثَنَا
سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، قَالَ:
قِيْلَ لإِبْرَاهِيْمَ بنِ أَدْهَمَ: لَوْ تَزَوَّجتَ؟
قَالَ: لَوْ أَمْكَنَنِي أَنْ أُطَلِّقَ نَفْسِي،
لَفَعَلْتُ (1) .
عَنْ خَلَفِ بنِ تَمِيْمٍ، قَالَ: دَخَلَ إِبْرَاهِيْمُ
الجَبَلَ، وَاشْتَرَى فَأْساً، فَقَطَعَ حَطَباً،
وَبَاعَهُ، وَاشْتَرَى نَاطِفاً (2) ، وَقَدَّمَه إِلَى
أَصْحَابِهِ، فَأَكَلُوا، فَقَالَ يُبَاسِطُهُم:
كَأَنَّكُم تَأْكُلُوْنَ فِي رَهْنٍ.
عِصَامُ بنُ رَوَّادِ بنِ الجَرَّاحِ: حَدَّثَنَا أَبِي،
قَالَ:
كُنْتُ لَيْلَةً مَعَ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَدْهَمَ،
فَأَتَاهُ رَجُلٌ بِبَاكُورَةٍ، فَنَظَرَ حَوْلَهُ هَلْ
يَرَى مَا يُكَافِئُه، فَنَظَرَ إِلَى سَرْجِي، فَقَالَ:
خُذْ ذَاكَ السَّرْجَ.
فَأَخَذَهُ، فَسُرِرتُ حِيْنَ نَزَلَ مَالِي بِمَنْزِلَةِ
مَالِهِ (3) .
قَالَ عَلِيُّ بنُ بَكَّارٍ: كَانَ إِبْرَاهِيْمُ مِنْ
بَنِي عِجْلٍ، كَرِيْمَ الحَسَبِ، وَإِذَا حَصدَ،
ارْتَجَزَ، وَقَالَ:
اتَّخِذِ اللهَ صَاحِباً ... وَدَعِ النَّاسَ جَانِباً (4)
وَكَانَ يَلْبَس فَرْواً بِلاَ قَمِيْصٍ، وَفِي الصَّيْفِ
شَقَّتَيْنِ بِأَرْبَعَةِ دَرَاهِمَ: إِزَارٌ وَرِدَاءٌ،
وَيَصُومُ فِي الحَضَرِ وَالسَّفَرِ، وَلاَ يَنَامُ
اللَّيْلَ، وَكَانَ يَتفكَّرُ، وَيَقْبِضُ أَصْحَابُهُ
أُجرَتَه، فَلاَ يَمَسُّهَا بِيَدِهِ، وَيَقُوْلُ: كُلُوا
بِهَا شَهَوَاتِكُم. وَكَانَ يَنْطُرُ (5)،
__________
(1) في " البداية والنهاية ": 10 / 138: " لطلقتها ".
(2) الناطف: ضرب من الحلوى، يصنع من اللوز والجوز والفستق،
ويسمى أيضا: القبيط.
قال أبو نواس:
يقول والناطف في كفه * من يشتري الحلو من الحلو (3) انظر
الخبر في " الحلية ": 7 / 384.
(4) في " الحلية ": 7 / 373، و" البداية والنهاية ": 10 /
144، و" تهذيب ابن عساكر ": 2 / 182 - 183.
(5) كذلك عمل بالنطارة سفيان الثوري، وهو من مشاهير علماء
الحديث. انظر: ص 259.
(7/392)
وَكَانَ يَطحَنُ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ
مُدَّيْنِ مِنْ قَمْحٍ.
قَالَ أَبُو يُوْسُفَ الغَسُّوْلِيُّ: دَعَا
الأَوْزَاعِيُّ إِبْرَاهِيْمَ بنَ أَدْهَمَ، فَقصَّرَ فِي
الأَكلِ، فَقَالَ: لِمَ قَصَّرتَ؟
قَالَ: رَأَيتُكَ قَصَّرتَ فِي الطَّعَامِ (1) .
بِشْرٌ الحَافِي: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ يَمَانٍ، قَالَ:
كَانَ سُفْيَانُ إِذَا قَعَدَ مَعَ إِبْرَاهِيْمَ بنِ
أَدْهَمَ، تَحرَّزَ مِنَ الكَلاَمِ.
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ: عَنْ طَالُوْتَ:
سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ أَدْهَم يَقُوْلُ: مَا صَدَقَ
اللهَ عَبْدٌ أَحَبَّ الشُّهْرَةَ.
قُلْتُ: عَلاَمَةُ المُخْلِصِ الَّذِي قَدْ يُحبُّ
شُهرَةً، وَلاَ يَشعُرُ بِهَا، أَنَّهُ إِذَا عُوتِبَ فِي
ذَلِكَ، لاَ يَحرَدُ وَلاَ يُبرِّئُ نَفْسَه، بَلْ
يَعترِفُ، وَيَقُوْلُ: رَحِمَ اللهُ مَنْ أَهدَى إِلَيَّ
عُيُوبِي، وَلاَ يَكُنْ مُعجَباً بِنَفْسِهِ؛ لاَ يَشعرُ
بِعُيُوبِهَا، بَلْ لاَ يَشعرُ أَنَّهُ لاَ يَشعرُ،
فَإِنَّ هَذَا دَاءٌ مُزْمِنٌ.
عِصَامُ بنُ رَوَّادٍ: سَمِعْتُ عِيْسَى بنَ حَازِمٍ
النَّيْسَابُوْرِيَّ يَقُوْلُ:
كُنَّا بِمَكَّةَ مَعَ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَدْهَمَ،
فَنَظَرَ إِلَى أَبِي قُبَيْسٍ (2) ، فَقَالَ: لَوْ أَنَّ
مُؤْمِناً، مُسْتكمِلَ الإِيْمَانِ، يَهزُّ الجَبَلَ
لَتَحَرَكَ.
فَتَحَرَّكَ أَبُو قُبَيْسٍ، فَقَالَ: اسْكُنْ، لَيْسَ
إِيَّاكَ أَرَدْتُ (3) .
قَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ
مَنْصُوْرٍ، حَدَّثَنَا الحَارِثُ بنُ النُّعْمَانِ،
قَالَ:
كَانَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَدْهَم يَجْتَنِي الرُّطَبَ مِنْ
شَجَرِ البَلُّوْطِ.
__________
(1) تتمة الخبر في " البداية والنهاية ": 10 / 138 - 139:
" ثم عمل إبراهيم طعاما كثيرا، ودعا الاوزاعي، فقال
الاوزاعي: أما تخاف أن يكون سرفا ؟ فقال: لا، إنما السرف
ما كان في معصية الله، فأما ما أنفقه الرجل على إخوانه فهو
ومن الدين ".
وانظر أيضا: " تهذيب ابن عساكر ": 2 / 183.
(2) أبو قبيس: جبل مشرف على مسجد مكة.
(3) انظر: " الحلية ": 8 / 4.
(7/393)
وَعَنْ مَكِّيِّ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، قَالَ:
قِيْلَ لابْنِ أَدْهَم: مَا تَبلُغُ مِنْ كَرَامَةِ
المُؤْمِنِ؟
قَالَ: أَنْ يَقُوْلَ لِلْجَبَلِ: تَحرَّكْ، فَيَتحَرَّكُ.
قَالَ: فَتَحَرَّكَ الجَبَلُ، فَقَالَ: مَا إِيَّاكَ
عَنَيْتُ.
وَعَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَدْهَمَ، قَالَ: كُلُّ مَلِكٍ
لاَ يَكُوْنُ عَادِلاً، فَهُوَ وَاللِّصُّ سَوَاءٌ،
وَكُلُّ عَالِمٍ لاَ يَكُوْنُ تَقِيّاً، فَهُوَ
وَالذِّئْبُ سَوَاءٌ، وَكُلُّ مَنْ ذَلَّ لِغَيْرِ اللهِ،
فَهُوَ وَالكَلْبُ سَوَاءٌ (1) .
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الجُلُوْدِيُّ،
وَغَيْرُهُ: أَنَّ عَبْدَ الله بنَ اللَّتِّيِّ
أَخْبَرَهُم، قَالَ:
أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بنُ المُتَوَكِّلِ، أَنْبَأَنَا
أَبُو الحَسَنِ بنُ العَلاَّفِ، حَدَّثَنَا الحَمَّامِيُّ،
حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ الخُلْدِيُّ، حَدَّثَنِي
إِبْرَاهِيْمُ بنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ
بَشَّارٍ:
سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ أَدْهَمَ يَقُوْلُ: وَأَيُّ
دِيْنٍ لَوْ كَانَ لَهُ رِجَالٌ! مَنْ طَلَبَ العِلْمَ
للهِ، كَانَ الخُمُوْلُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنَ
التَّطَاوُلِ، وَاللهِ مَا الحَيَاةُ بِثِقَةٍ، فَيُرْجَى
نَوْمُهَا، وَلاَ المَنِيَّةُ بِعُذرٍ، فَيُؤمَنُ
عُذْرُهَا، فَفِيْمَ التَّفْرِيطُ وَالتَّقْصِيْرُ
وَالاتِّكَالُ وَالإِبطَاءُ؟ قَدْ رَضِينَا مِنْ
أَعْمَالِنَا بِالمَعَانِي، وَمِنْ طَلَبِ التَّوبَةِ
بِالتَّوَانِي، وَمِنَ العَيْشِ البَاقِي بِالعَيْشِ
الفَانِي.
وَبِهِ: قَالَ ابْنُ بَشَّارٍ: أَمْسَينَا مَعَ
إِبْرَاهِيْمَ لَيْلَةً، لَيْسَ لَنَا مَا نَفطَرُ
عَلَيْهِ، فَقَالَ:
يَا ابْنَ بَشَّارٍ! مَاذَا أَنْعَمَ اللهُ عَلَى
الفُقَرَاءِ وَالمَسَاكِيْنِ مِنَ النَّعِيْمِ
وَالرَّاحَةِ، لاَ يَسْأَلُهُم يَوْمَ القِيَامَةَ عَنْ
زَكَاةٍ، وَلاَ حَجٍّ، وَلاَ صَدَقَةٍ، وَلاَ صِلَةِ
رَحِمٍ! لاَ تَغتمَّ، فَرِزقُ اللهِ سَيَأْتِيْكَ، نَحْنُ
-وَاللهِ- المُلُوْكُ الأَغْنِيَاءُ، تعجلُنَا الرَّاحَة،
لاَ نُبَالِي عَلَى أَيِّ حَالٍ كُنَّا إِذَا أَطَعنَا
اللهَ (2) .
ثُمَّ قَامَ إِلَى صَلاَتِه، وَقُمْتُ إِلَى صَلاَتِي،
فَإِذَا بِرَجُلٍ قَدْ جَاءَ بِثَمَانِيَةِ أَرْغِفَةٍ،
وَتَمْرٍ كَثِيْرٍ، فَوَضَعَهُ، فَقَالَ: كُلْ يَا
مَغْمُوْمُ.
__________
(1) انظر: " البداية والنهاية " 10 / 142.
(2) انظر صفحة: 390.
(7/394)
فَدَخَلَ سَائِلٌ، فَأَعْطَاهُ ثَلاَثَةَ
أَرغِفَةٍ مَعَ تَمْرٍ، وَأَعْطَانِي ثَلاَثَةً، وَأَكَلَ
رَغِيْفَيْنِ.
وَكُنْتُ مَعَهُ، فَأَتَيْنَا عَلَى قَبْرٍ مُسنَّمٍ،
فَترحَّمَ عَلَيْهِ، وَقَالَ:
هَذَا قَبْرُ حُمَيْدِ بنِ جَابِرٍ، أَمِيْرِ هَذِهِ
المُدُنِ كُلِّهَا، كَانَ غَارِقاً فِي بِحَارِ
الدُّنْيَا، ثُمَّ أَخْرَجَهُ اللهُ مِنْهَا.
بَلَغَنِي: أَنَّهُ سُرَّ ذَاتَ يَوْمٍ بِشَيْءٍ، وَنَامَ،
فَرَأَى رَجُلاً بِيَدِهِ كِتَابٌ، فَفَتَحَهُ، فَإِذَا
هُوَ كِتَابٌ بِالذَّهَبِ: لاَ تُؤثِرَنَّ فَانِياً عَلَى
بَاقٍ، وَلاَ تَغتَرَّنَّ بِمُلْكِكَ، فَإِنَّ مَا أَنْتَ
فِيْهِ جَسِيْمٌ لَوْلاَ أَنَّهُ عَدِيْمٌ، وَهُوَ مُلْكٌ
لَوْلاَ أَنَّ بَعْدَهُ هُلْكٌ، وَفَرَحٌ وَسُرُوْرٌ،
لَوْلاَ أَنَّهُ غُرُوْرٌ، وَهُوَ يَوْمٌ لَوْ كَانَ
يُوثَقُ لَهُ بَعْدُ، فَسَارِعْ إِلَى أَمْرِ اللهِ،
فَإِنَّ اللهَ قَالَ : {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ
رَبِّكُم وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ،
أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِيْنَ } [آلُ عِمْرَانَ: 133].
فَانتَبَهُ فَزَعاً، وَقَالَ: هَذَا تَنْبِيْهٌ مِنَ اللهِ
وَمَوْعِظَةٌ.
فَخَرَجَ مِنْ مُلْكِهِ، وَقَصَدَ هَذَا الجَبَلَ،
فَعَبَدَ اللهَ فِيْهِ حَتَّى مَاتَ.
وَرُوِيَ: أَنَّ إِبْرَاهِيْمَ بنَ أَدْهَمَ حَصدَ
لَيْلَةً مَا يَحصُدُهُ عَشَرَةٌ، فَأَخَذَ أُجْرَتَهُ
دِيْنَاراً.
أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، عَنْ عَبْدِ
الرَّحِيْمِ بنِ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا الحَدَّادُ،
أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ
عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا السَّرَّاجُ:
سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ بَشَّارٍ يَقُوْلُ: قُلْتُ
لإِبْرَاهِيْمَ بنِ أَدْهَمَ: كَيْفَ كَانَ بَدءُ أَمرِكَ؟
قَالَ: غَيْرُ ذَا أَوْلَى بِكَ.
قَالَ: قُلْتُ: أَخْبِرْنِي لَعَلَّ اللهَ أَنْ
يَنْفَعَنَا بِهِ يَوْماً.
قَالَ: كَانَ أَبِي مِنَ المُلُوْكِ المَيَاسِيْرِ،
وَحُبِّبَ إِلَيْنَا الصَّيْدُ، فَرَكِبتُ، فَثَارَ
أَرْنَبٌ أَوْ ثَعْلَبٌ، فَحرَّكتُ فَرَسِي، فَسَمِعْتُ
نِدَاءً مِنْ وَرَائِي: لَيْسَ لِذَا خُلِقْتَ، وَلاَ
بِذَا أُمِرْتَ.
فَوَقَفتُ أَنظُرُ يَمنَةً وَيَسْرَةً، فَلَمْ أَرَ
أَحَداً، فَقُلْتُ: لَعَنَ اللهُ إِبْلِيسَ.
ثُمَّ حَرَّكتُ فَرَسِي، فَأَسْمَعُ نِدَاءً أَجْهَرَ مِنْ
ذَلِكَ: يَا إِبْرَاهِيْمُ! لَيْسَ لِذَا خُلِقتَ، وَلاَ
بِذَا أُمِرتَ.
فَوَقَفتُ أَنظُرُ فَلاَ أَرَى أَحَداً، فَقُلْتُ: لَعَنَ
اللهُ إِبْلِيسَ.
فَأَسْمَعُ نِدَاءً مِنْ قَرَبُوْسِ (1) سَرجِي
__________
(1) القربوس: هو حنو السرج. قال الأزهري: وللسرج قربوسان:
فأما القربوس المقدم، =
(7/395)
بِذَاكَ، فَقُلْتُ: أُنْبِهْتُ،
أُنْبِهْتُ، جَاءنِي نَذِيرٌ، وَاللهِ لاَ عَصَيتُ اللهَ
بَعْدَ يَوْمِي مَا عَصَمنِي اللهُ.
فَرَجَعْتُ إِلَى أَهْلِي، فَخَلَّيتُ فَرَسِي، ثُمَّ
جِئْتُ إِلَى رُعَاةٍ لأَبِي، فَأَخَذتُ جُبَّةً كِسَاءً،
وَأَلقَيْتُ ثِيَابِي إِلَيْهِ، ثُمَّ أَقْبَلتُ إِلَى
العِرَاقِ، فَعَمِلتُ بِهَا أَيَّاماً، فَلَمْ يَصْفُ لِي
مِنْهَا الحَلاَلُ، فَقِيْلَ لِي: عَلَيْكَ بِالشَّامِ...،
فَذَكَرَ حِكَايَةَ (1) نِطَارَتِه الرُّمَّانَ.
وَقَالَ الخَادِمُ لَهُ: أَنْتَ تَأْكُلُ فَاكِهَتنَا،
وَلاَ تَعْرِفُ الحُلْوَ مِنَ الحَامِضِ؟
قُلْتُ: وَاللهِ مَا ذُقْتُهَا.
فَقَالَ: أَتُرَاكَ لَوْ أَنَّكَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ
أَدْهَمَ.
فَانْصَرَفَ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الغَدِ، ذَكَرَ صِفَتِي
فِي المَسْجِدِ، فَعَرَفَنِي بَعْضُ النَّاسِ، فَجَاءَ
الخَادِمُ وَمَعَهُ عُنُقٌ (2) مِنَ النَّاسِ،
فَاخْتَفَيْتُ خَلْفَ الشَّجرِ، وَالنَّاسُ دَاخِلُوْنَ،
فَاخْتلَطْتُ مَعَهُم وَأَنَا هَاربٌ (3) .
قَدْ سُقْتُ أَخْبَارَ إِبْرَاهِيْمَ فِي (تَارِيْخِي)
أَزْيَدَ مِمَّا هُنَا، وَأَخْبَارَهُ فِي: (تَارِيْخِ
دِمَشْقَ (4)) وَفِي: (الحِلْيَة (5))؛ وَتَآلِيْفَ لابْنِ
جَوْصَا، وَأَخْبَارَهُ الَّتِي رَوَاهَا ابْنُ
اللَّتِّيِّ، وَأَشْيَاءَ.
وثَّقهُ: الدَّارَقُطْنِيُّ.
وَتُوُفِّيَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ،
وَقَبْرُهُ يُزَارُ.
وَتَرْجَمَتُه فِي (تَارِيْخِ دِمَشْقَ) فِي ثَلاَثَةٍ
وَثَلاَثِيْنَ وَرَقَةً.
__________
= ففيه العضدان، وهما رجلا السرج، ويقال لهما:
حنواه...والقربوس الآخر فيه رجلا المؤخرة، وهما حنواه.
(اللسان).
(1) انظر الصفحة: 389، و: 390.
(2) العنق: الجماعة من الناس والرؤساء.
(3) كذلك جرت حادثة مشابهة لهذه مع سفيان الثوري المحدث
الفقيه.
انظر الصفحة: 259.
(4) خ: 2 / 186 آ، وما بعدها.
(5) 7 / 367 حتى 8 / 58.
(7/396)
143 - مُعَاوِيَةُ بنُ سَلاَّمٍ
الحَبَشِيُّ العَرَبِيُّ الشَّامِيُّ * (ع)
ابْنِ الإِمَامِ أَبِي سَلاَّمٍ مَمْطُورٍ الحَبَشِيُّ،
العَرَبِيُّ، الشَّامِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ، وَأَخِيْهِ زَيْدٍ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ أَدْرَكَ جَدَّهُ.
وَرَوَى أَيْضاً عَنِ: الزُّهْرِيِّ، وَيَحْيَى بنِ أَبِي
كَثِيْرٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو مُسْهِرٍ، وَمَرْوَانُ بنُ
مُحَمَّدٍ الطَّاطَرِيُّ، وَيَحْيَى بنُ حَسَّانٍ،
وَيَحْيَى الوُحَاظِيُّ، وَيَحْيَى بنُ يَحْيَى
النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَيَحْيَى بنُ بِشْرٍ الحَرِيْرِيُّ،
وَأَبُو تَوْبَةَ الحَلَبِيُّ، وَجَمَاعَةٌ، كَانَ يَكُوْن
بِحِمْصَ وَبِدِمَشْقَ.
وَثَّقَهُ: النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ، وَكَانَ مِنْ
أَئِمَّةِ الدِّيْنِ.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: أَعُدُّه مُحَدِّثَ أَهْلِ
الشَّامِ فِي زَمَانِهِ.
وَرَوَيْنَا فِي نُسْخَةِ أَبِي مُسْهِرٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بنُ سَلاَّمٍ: سَمِعْتُ جَدِّي
أَبَا سَلاَّمٍ...، فَذَكَرَ حَدِيْثاً مُرسَلاً.
قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: قُلْتُ لَهُ: لِمَنْ وَلاَؤُكَ؟
فَغَضِبَ -يَعْنِي: أَنَّهُ عَرَبِيٌّ-.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: ثِقَةٌ.
وَقِيْلَ: إِنَّ يَحْيَى بنَ أَبِي كَثِيْرٍ حَمَلَ عَنْ
مُعَاوِيَةَ بنِ سَلاَّمٍ كِتَابَ جَدِّه مُنَاولَةً (1) .
مَاتَ: بَعْدَ السَّبْعِيْنَ وَمائَةٍ.
__________
(*) التاريخ الكبير: 7 / 335، الجرح والتعديل: 8 / 383،
مشاهير علماء الأمصار: 184، تاريخ ابن عساكر: خ: 16 / 332
ب، تهذيب الكمال: خ: 1343 - 1344، تذهيب التهذيب: خ: 4 /
51، تذكرة الحفاظ: 1 / 242 - 243، عبر الذهبي: 1 / 262،
تهذيب التهذيب: 10 / 208 - 209، طبقات الحفاظ: 102 - 103،
خلاصة تذهيب الكمال: 381، شذرات الذهب: 1 / 270.
(1) تقدم الحديث عن " المناولة " في الصفحة: 304، حا: 1.
(7/397)
144 - أَبُو عُبَيْدِ اللهِ الوَزِيْرُ
مُعَاوِيَةُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ بنِ يَسَارٍ الأَشْعَرِيُّ
مَوْلاَهُم *
الطَّبَرَانِيُّ، الشَّامِيُّ، الكَاتِبُ، أَحَدُ رِجَالِ
الكَمَالِ حَزْماً، وَرَأْياً، وَعِبَادَةً، وَخَيْراً.
رَوَى عَنْ: أَبِي إِسْحَاقَ، وَمَنْصُوْرٍ، وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مَنْصُوْرُ بنُ أَبِي مُزَاحِمٍ،
وَغَيْرُهُ.
وَكَانَ المَهْدِيُّ يُبَالغُ فِي إِجْلاَلِه
وَاحْترَامِه، وَيَعتَمِدُ عَلَى رَأْيِه وَتَدبِيْرِه
وَحُسنِ سِيَاسَتِه.
قَالَ حَفِيْدُهُ عُبَيْدُ اللهِ بنُ سُلَيْمَانَ: أَبْلَى
جَدُّنَا سَجَّادَتَيْنِ، وَشَرَعَ فِي ثَالِثَةٍ مَوْضِعَ
رُكْبَتَيْهِ وَوَجْهِهِ وَيَدَيْهِ، مِنْ كَثْرَةِ
صَلاَتِه -رَحِمَهُ اللهُ- وَكَانَ لَهُ كُلَّ يَوْمٍ
كُرُّ دَقِيْقٍ يَتَصَدَّقُ بِهِ، فَلَمَّا وَقَعَ
الغَلاَءُ، تَصدَّقَ بِكُرَّيْنِ.
قُلْتُ: الكُرُّ يُشبِعُ خَمْسَةَ آلاَفِ إِنْسَانٍ،
وَكَانَ مِنْ مُلُوْكِ العَدْلِ.
وَيُقَالُ: سَمِعَ مِنَ الزُّهْرِيِّ، وَعَاصِمِ بنِ
رَجَاءِ بنِ حَيْوَةَ، وَكَانَ مَعَ دِيْنِه فِيْهِ تِيْهٌ
وَتعزُّزٌ.
حَجَّ الرَّبِيْعُ الحَاجِبُ، فَجَاءَ إِلَيْهِ
مُسَلِّماً، فَمَا قَامَ لَهُ، وَلاَ وَفَّاهُ حَقَّه،
فَعمِلَ عَلَيْهِ عِنْدَ المَهْدِيِّ، وَرَمَى ابْنَهُ
بِالتَّعَرُّضِ لِحُرمِ الهَادِي، فَقَتَلَ المَهْدِيُّ
ابْنَهُ، وَقَبضَ عَلَيْهِ، فَمَا زَالَ فِي السِّجْنِ
حَتَّى تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَدْ بَسَطتُ مِنْ سِيْرتِه فِي (تَارِيْخِ
الإِسْلاَمِ)، وَهُوَ جَدُّ الحَافِظِ مُعَاوِيَةَ بنِ
صَالِحٍ الأَشْعَرِيِّ.
145 - عَافِيَةُ بنُ يَزِيْدَ بنِ قَيْسٍ الأَوْدِيُّ
الكُوْفِيُّ الحَنَفِيُّ **
قَاضِي بَغْدَادَ بِالجَانِبِ
__________
(*) تاريخ خليفة: 442، تاريخ بغداد: 13 / 196 - 197، تاريخ
ابن عساكر: خ: 16 / 384 ب، تهذيب الكمال: خ: 1344 - 1345،
تذهيب التهذيب: خ: 4 / 52، عبر الذهبي: 1 / 258، تهذيب
التهذيب: 10 / 212، خلاصة تذهيب الكمال: 381، شذارت الذهب:
1 / 279.
(* *) طبقات ابن سعد: 7 / 331، تاريخ خليفة: 442، تاريخ
بغداد: 12 / 307 - 310، =
(7/398)
الشَّرْقِيِّ.
كَانَ مِنَ العُلَمَاءِ العَامِلِيْنَ، وَمِنْ قُضَاةِ
العَدْلِ، نَزعَ فِي الفِقْهِ بِأَبِي حَنِيْفَةَ.
وَحَدَّثَ عَنْ: هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، وَالأَعْمَشِ،
وَمُجَالِدٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَمْرِو بنِ عَطَاءٍ،
وَابْنِ أَبِي لَيْلَى.
رَوَى عَنْهُ: مُوْسَى بنُ دَاوُدَ، وَأَسَدُ السُّنَّةِ.
وَقَلَّمَا رَوَى، لأَنَّهُ مَاتَ كَهْلاً.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ عَالِماً، زَاهِداً، حَكَمَ
مُدَّةً عَلَى سَدَادٍ وَصَونٍ، ثُمَّ اسْتَعفَى مِنَ
القَضَاءِ، فَأُعْفِي.
وَثَّقَهُ: النَّسَائِيُّ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: يُكتَبُ حَدِيْثُه.
وَرَوَى: عَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ، عَنْ يَحْيَى: ثِقَةٌ.
وَكَذَلِكَ رَوَى: أَحْمَدُ بنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْهُ،
وَقَالَ فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ بنِ
الجُنَيْدِ الرَّازِيِّ، عَنْهُ: ضَعِيْفٌ فِي الحَدِيْثِ.
وَقِيْلَ: سَبَبُ تَرْكِهِ القَضَاءَ، أَنَّهُ تَثبَّتَ
فِي حُكْمٍ، فَأَهدَى لَهُ الخَصْمُ رُطَباً، فَرَدَّهُ،
وَزَجَرَهُ، فَلَمَّا حَاكَمَ خَصْمَهُ مِنَ الغَدِ، قَالَ
عَافِيَةُ: لَمْ يَسْتَوِيَا فِي قَلْبِي.
ثُمَّ حَكَاهَا لِلْخَلِيْفَةِ، وَقَالَ: هَذَا حَالِي
وَمَا قَبِلْتُ، فَكَيْفَ لَوْ قَبِلْتُ؟!
قَالَ: فَأَعْفَاهُ (1) .
تُوُفِّيَ: سَنَةَ نَيِّفٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ.
__________
= تهذيب الكمال: خ: 640 - 641، تذهيب التهذيب: خ: 2 / 113
- 114، ميزان الاعتدال: 2 / 358، البداية والنهاية: 10 /
176، تهذيب التهذيب: 5 / 60 - 61، خلاصة تذهيب الكمال:
304.
(1) انظر: " تاريخ بغداد ": 12 / 308 - 309، و: " البدية
والنهاية ": 10 / 176.
(7/399)
146 - مُفَضَّلُ بنُ مُهَلْهِلٍ
السَّعْدِيُّ * (م، س، ق)
الإِمَامُ الكَبِيْرُ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ
السَّعْدِيُّ، الكُوْفِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: مَنْصُوْرٍ، وَبَيَانِ بنِ بِشْرٍ،
وَمُغِيْرَةَ، وَالأَعْمَشِ، وَنَحْوِهِم.
وَعَنْهُ: حُسَيْنٌ الجُعْفِيُّ، وَأَبُو أُسَامَةَ،
وَيَحْيَى بنُ آدَمَ، وَالحَسَنُ بنُ الرَّبِيْعِ،
وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ: كَانَ ثِقَةً، ثَبْتاً،
صَاحِبَ سُنَّةٍ وَفَضْلٍ وَفِقْهٍ.
لَمَّا مَاتَ الثَّوْرِيُّ مَضَى أَصْحَابُهُ إِلَى
المُفَضَّلِ، فَقَالُوا: تَجْلِسُ لَنَا مَكَانَ أَبِي
عَبْدِ اللهِ؟
فَقَالَ: مَا رَأَيتُ صَاحِبَكُم يُحمَدُ مَجْلِسُهُ.
وَذَكَرَهُ: عَبْدُ الرَّزَّاقِ، فَقَالَ: ذَاكَ
الرَّاهِبُ قَدِمَ عَلَيْنَا مَعَ سُفْيَانَ.
وَوَثَّقَهُ: أَبُو حَاتِمٍ، وَجَمَاعَةٌ.
قَالَ ابْنُ مَنْجَوَيْه: مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ
وَمائَةٍ.
رَوَينَا عَنْ: مُفَضَّلِ بنِ مُهَلْهِلٍ كَلِمَةً
نَافِعَةً، قَالَ: اعْمَلْ بِقَلِيْلِ الحَدِيْثِ
يُزَهِّدْكَ فِي كَثِيْرِهِ.
147 - المَهْدِيُّ مُحَمَّدُ بنُ المَنْصُوْرِ **
الخَلِيْفَةُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ
المَنْصُوْرِ أَبِي جَعْفَرٍ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ
__________
(*) طبقات ابن سعد: 6 / 381، التاريخ الكبير: 7 / 406،
التاريخ الصغير: 2 / 171، الجرح والتعديل: 8 / 316، تهذيب
الكمال: خ: 1364 - 1365، تذهيب التهذيب: خ: 4 / 64، ميزان
الاعتدال: 4 / 171، عبر الذهبي: 1 / 250، تهذيب التهذيب:
10 / 275 - 276، خلاصة تذهيب الكمال: 386، شذرات الذهب: 1
/ 263.
(* *) المعارف: 379 - 380، الطبري: 3 / 172، و6 / 183،
425، 7 / 509، 511، 524، 603، 8 / 7، 9، 25، 29، 37، 39،
الوزراء والكتاب: 141 - 166، مروج الذهب: 2 / 246 - 255،
تاريخ بغداد: 5 / 391 - 401، الكامل لابن الأثير: 6 / 32 -
34، 81 - 87،
(7/400)
بنِ عَلِيٍّ الهَاشِمِيُّ، العَبَّاسِيُّ.
مَوْلِدُه: بِإِيْذَجَ (1) مِنْ أَرْضِ فَارِسٍ، فِي
سَنَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ.
وَقِيْلَ: فِي سَنَةِ سِتٍّ.
وَأُمُّهُ: أُمُّ مُوْسَى الحِمْيَرِيَّةُ.
كَانَ جَوَاداً، مِمدَاحاً، مِعْطَاءً، مُحَبَّباً إِلَى
الرَّعِيَّةِ، قَصَّاباً فِي الزَّنَادِقَةِ، بَاحِثاً
عَنْهُم، مَلِيحَ الشَّكْلِ.
قَدْ مرَّ مِنْ أَخْبَارِهِ فِي (تَارِيْخِي الكَبِيْرِ).
وَلَمَّا اشْتدَّ، وَلاَّهُ أَبُوْهُ مَمْلَكَةَ
طَبَرِسْتَانَ، وَقَدْ قَرَأَ العِلْمَ، وَتَأَدَّبَ،
وَتَمَيَّزَ.
غَرِمَ أَبُوْهُ أَمْوَالاً حَتَّى اسْتَنْزَلَ وَلِيَّ
العَهْدِ ابْنَ أَخِيْهِ عِيْسَى بنَ مُوْسَى مِنَ
العَهْدِ لِلْمَهْدِيِّ، وَلَمَّا مَاتَ المَنْصُوْرُ،
قَامَ بِأَخذِ البَيْعَةِ لِلْمَهْدِيِّ الرَّبِيْعُ بنُ
يُوْنُسَ (2) الحَاجِبُ.
وَكَانَ المَهْدِيُّ أَسْمَرَ، مَلِيْحاً، مُضْطَرِبَ
الخَلْقِ، عَلَى عَيْنِهِ بَيَاضٌ، جَعْدَ الشَّعرِ،
وَنَقْشُ خَاتَمِه: اللهُ ثِقَةُ مُحَمَّدٍ، وَبِهِ
نُؤمِنُ.
يَقْطُوْنَه: أَنْبَأَنَا أَبُو العَبَّاسِ
المَنْصُوْرِيُّ، قَالَ:
لَمَّا حَصَلتِ الخَزَائِنُ فِي يَدِ المَهْدِيِّ، أَخَذَ
فِي رَدِّ المَظَالِمِ، فَأَخَرَجَ أَكْثَرَ الذَّخَائِرِ،
فَفَرَّقَهَا، وَبرَّ أَهْلَه وَمَوَالِيْهِ.
فَقِيْلَ: فَرَّقَ أَزْيَدَ مِنْ مائَةِ أَلْفِ أَلْفٍ (3)
.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ أُثنِيَ عَلَيْهِ بِالشَّجَاعَةِ،
فَقَالَ: لِمَ لاَ أَكُوْنُ شُجَاعاً؟ وَمَا خِفتُ أَحَداً
إِلاَّ اللهَ -تَعَالَى-.
__________
= عبر الذهبي: 1 / 230 - 231، 234، 240، 247، 254 - 255،
الوافي بالوفيات: 3 / 300 - 302، البداية والنهاية: 10 /
129 - 131، تاريخ الخلفاء: 271 - 279، شذرات الذهب: 1 /
230، 245، 247، 248، 266 - 269.
(1) إيذج: كورة وبلد بين خوزستان وأصبهان، وهي أجل مدن
الكورة، وسلطانها يقوم بنفسه، وهي في وسط الجبال، يقع بها
ثلج كثير، يحمل إلى الاهواز والنواحي.
" معجم البلدان ".
(2) تقدمت ترجمته في الصفحة: 335.
(3) انظر رواية " تاريخ بغداد ": 5 / 392 - 393، و: "
الكامل " لابن الأثير: 6 / 84.
(7/401)
وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: أَنَّ
المَهْدِيَّ كَتَبَ إِلَى الأَمصَارِ يَزجُرُ أَنْ
يَتَكَلَّمَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الأَهْوَاءِ فِي شَيْءٍ
مِنْهَا.
وَعَنْ يُوْسُفَ الصَّائِغِ، قَالَ: رَفَعَ أَهْلُ
البِدَعِ رُؤُوْسَهُم، وَأَخَذُوا فِي الجَدَلِ، فَأَمَرَ
بِمَنعِ النَّاسِ مِنَ الكَلاَمِ، وَأَنْ لاَ يُخَاضَ
فِيْهِ.
قَالَ دَاوُدُ بنُ رَشِيْدٍ: هَاجَتْ رِيْحٌ سَوْدَاءُ،
فَسَمِعْتُ سَلَماً الحَاجِبَ يَقُوْلُ:
فُجِعْنَا أَنْ تَكُوْنَ القِيَامَةُ، فَطَلَبتُ
المَهْدِيَّ فِي الإِيوَانِ، فَلَمْ أَجِدْه، فَإِذَا هُوَ
فِي بَيْتٍ، سَاجِدٌ عَلَى التُّرَابِ يَقُوْلُ:
اللَّهُمَّ لاَ تُشَمِّتْ بِنَا أَعْدَاءنَا مِنَ
الأُمَمِ، وَلاَ تُفْجِعْ بِنَا نَبِيَّنَا، اللَّهُمَّ
إِنْ كُنْتَ أَخَذْتَ العَامَّةَ بِذَنْبِي، فَهَذِهِ
نَاصِيَتِي بِيَدِكَ.
فَمَا أَتَمَّ كَلاَمَهُ حَتَّى انْجَلَتْ (1) .
قَالَ الأَصْمَعِيُّ: دَخَلَ عَلَى المَهْدِيِّ شَرِيْفٌ،
فَوَصَلَهُ، فَقَالَ:
يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! مَا أَنْتَهِي إِلَى غَايَةِ
شُكرِكَ، إِلاَّ وَجَدْتُ وَرَاءهَا غَايَةً مِنْ
مَعْرُوْفِكَ، فَمَا عَجَزَ النَّاسُ عَنْ بُلُوْغِه
فَاللهُ مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ.
وَعَنِ الرَّبِيْعِ: أَنَّ المَنْصُوْرَ فَتحَ يَوْماً
خَزَائِنَه مِمَّا قَبضَ مِنْ خَزَائِنِ مَرْوَانَ
الحِمَارِ (2) ، فَأَحْصَى مِنْ ذَلِكَ اثْنَيْ عَشَرَ
أَلْفَ عِدْلِ خَزٍّ، فَأَخْرَجَ مِنْهَا ثَوْباً، فَقَالَ
لِي: فَصِّلْ مِنْهُ جُبَّةً، وَلِمُحَمَّدٍ جُبَّةً
وَقَلَنْسُوَةً.
وَبَخِلَ بِإِخْرَاجِ ثَوْبٍ لِلْمَهْدِيِّ، فَلَمَّا
وَلِي المَهْدِيُّ، أَمَرَ بِذَلِكَ كُلِّه، فَفُرِّقَ
عَلَى المَوَالِي وَالخَدَمِ.
وَقِيْلَ: كَانَ كَثِيْرَ التَّولِيَةِ وَالعَزلِ بِغَيْرِ
كَبِيْرِ سَبَبٍ، وَيُبَاشِرُ الأُمُورَ بِنَفْسِهِ،
وَأَطلَقَ خَلقاً مِنَ السُّجُونِ، وَزَادَ فِي المَسْجِدِ
الحَرَامِ وَزَخْرَفَه.
أَبُو زُرْعَةَ النَّصْرِيُّ: حَدَّثَنَا أَبِي،
حَدَّثَنَا أَبُو خُلَيْدٍ، قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: قَالَ
__________
(1) للخبر رواية أخرى في " تاريخ بغداد ": 5 / 400.
(2) مروان الحمار: هو مروان بن محمد بن مروان بن الحكم
الأموي. وقد تقدم الحديث عنه في الصفحة: 19، حا: 1.
(7/402)
لِي المَهْدِيُّ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ!
لَكَ دَارٌ؟
قُلْتُ: لاَ.
فَأَمَرَ لِي بِثَلاَثَةِ آلاَفِ دِيْنَارٍ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ وَصَلَ عَبْدَ العَزِيْزِ بنَ
المَاجَشُوْنِ بِعَشْرَةِ آلاَفِ دِيْنَارٍ.
وَنَقَلَ ابْنُ الأَنْبَارِيِّ بِإِسْنَادٍ: أَنَّ
المَهْدِيَّ أَعْطَى رَجُلاً مَرَّةً مائَةَ أَلْفِ
دِيْنَارٍ.
وَجَوَائِزُهُ كَثِيْرَةٌ مِنْ هَذَا النَّمطِ.
وَأَجَازَ مَرَّةً مَرْوَانَ بنَ أَبِي حَفْصَةَ
بِسَبْعِيْنَ أَلْفاً.
وَلَيْسَ هَذَا الإِسْرَافُ مِمَّا يُحْمَدُ عَلَيْهِ
الإِمَامُ.
وَكَانَ مُسْتَهْتِراً (1) بِمَوْلاَتِه الخَيْزُرَانِ،
وَكَانَ غَارِقاً كَنَحْوِهِ مِنَ المُلُوْكِ فِي بَحْرِ
اللَّذَّاتِ، وَاللَّهْوِ وَالصَّيْدِ، وَلَكِنَّهُ
خَائِفٌ مِنَ اللهِ، مُعَادٍ لأُولِي الضَّلاَلَةِ، حَنِقٌ
عَلَيْهِم.
تَمَلَّكَ عَشْرَ سِنِيْنَ وَشَهراً وَنِصْفاً، وَعَاشَ
ثَلاَثاً وَأَرْبَعِيْنَ سَنَةً، وَمَاتَ بِمَاسَبَذَانَ
(2) ، فِي المُحَرَّمِ، سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ
وَمائَةٍ (3) ، وَبُوْيِعَ ابْنُهُ الهَادِي.
148 - النَّضْرُ بنُ عَرَبِيٍّ البَاهِلِيُّ مَوْلاَهُم *
(د، ت)
الإِمَامُ، العَالِمُ، المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، أَبُو
رَوْحٍ - وَقِيْلَ: أَبُو عُمَرَ - البَاهِلِيُّ
مَوْلاَهُم، الجَزَرِيُّ، الحَرَّانِيُّ.
رَأَى: أَبَا الطُّفَيْلِ عَامِرَ بنَ وَاثِلَةَ.
وَرَوَى عَنْ: مُجَاهِدٍ، وَالقَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ،
وَعِكْرِمَةَ، وَعَطَاءٍ، وَسَالِمِ بنِ عَبْدِ اللهِ،
وَعُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ،
__________
(1) مستهترا بمولاته: مولعا بها، لا يبالي بما قيل فيه.
يقال: أهتر بفلانة، واستهتر بها: أي فتن بها. وليس كما
يظنها بعضهم بمعنى الاستخفاف والهزء.
(2) ما سبذان: قال الحميري في " الروض المعطار ": هي أحد
فروج الكوفة، وهي بالقرب من هيت. (وانظر: معجم البلدان).
(3) انظر سبب وفاته في: " الكامل: لابن الأثير: 6 / 81 -
82، " شذرات الذهب ": 1 / 266 - 269، وفي ترجمة الهادي،
هنا، في الصفحة: 441.
(*) التاريخ الكبير: 8 / 89، الجرح والتعديل: 8 / 475،
مشاهير علماء الأمصار: 186، تاريخ ابن عساكر: خ: 17 / 283
ا، تهذيب الكمال: خ: 1412، تذهيب التهذيب: خ: 4 / 97،
تهذيب التهذيب: 10 / 442 - 443، خلاصة تذهيب الكمال: 402.
(7/403)
وَمَكْحُوْلٍ، وَمَيْمُوْنِ بنِ مِهْرَانَ،
وَنَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، وَعَلِيِّ بنِ نُفَيْلٍ،
وَعِدَّةٍ.
وَيَنْزِل إِلَى أَنْ يَرْوِي عَنْ: عُبَيْدِ اللهِ بنِ
عَمْرٍو الرَّقِّيِّ، وَهُوَ أَصْغَرُ مِنْهُ، وَلَيْسَ
هُوَ بِالمُكْثِرِ، طَالَ عُمُرُهُ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدَةُ بنُ سُلَيْمَانَ، وَوَكِيْعٌ،
وَسُفْيَانُ بنُ سَعِيْدٍ الثَّوْرِيُّ - وَمَاتَ قَبْلَه
- وَأَبُو أُسَامَةَ، وَالمُطَّلِبُ بنُ زِيَادٍ،
وَيَحْيَى بنُ صَالِحٍ الوُحَاظِيُّ، وَعَبْدُ الغَفَّارِ
بنُ دَاوُدَ الحَرَّانِيُّ، وَعَمْرُو بنُ خَالِدٍ
الحَرَّانِيُّ، وَبِشْرُ بنُ عُبَيْسِ بنِ مَرْحُوْمٍ
العَطَّارُ، وَسَعِيْدُ بنُ حَفْصٍ النُّفَيْلِيُّ،
وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ الحَجَبِيُّ،
وَالحَسَنُ بنُ سَوَّارٍ، وَخَلْقٌ، آخِرُهُم: أَبُو
جَعْفَرٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ.
قَالَ خَلِيْفَةُ: النَّضْرُ بنُ عَرَبِيٍّ العَامِرِيُّ،
وَيُقَالُ: مَوْلَى حَاتِمِ بنِ النُّعْمَانِ البَاهِلِيِّ
(1) .
رَوَى: عَبَّاسٌ، وَعُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ، وَعِدَّةٌ،
عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ: لاَ بَأْسَ بِهِ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لاَ بَأْسَ بِهِ، أَسندَ حَدِيْثاً
وَاحِداً.
وَقَالَ مَرَّةً: صَالِحُ الحَدِيْثِ.
أَظُنُّ أَبَا حَاتِمٍ أَرَادَ أَنَّهُ وَهِمَ فِي
رِوَايَةِ حَدِيْثٍ وَاحِدٍ، فَأَسنَدَه، وَصَوَابُه
مَوْقُوْفٌ.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ أَيْضاً: لَيْسَ بِذَاكَ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
__________
(1) طبقات خليفة: 320، وقد تحرف فيه " عربي " إلى " عدي ".
(7/404)
وَقَالَ الحَافِظُ ابْنُ عَدِيٍّ: رَأَيتُ
لَهُ أَحَادِيْثَ مُسْتقِيْمَةً عَمَّنْ يَرْوِي عَنْهُ،
وَأَرْجُو أَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِهِ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ - فَشَذَّ -: كَانَ ضَعِيْفَ
الحَدِيْثِ.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ، وَغَيْرُهُ: مَاتَ
سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ ابْنُ عَسَاكِرَ: أَنْبَأَنَا
القَاسِمُ بنُ عَبْدِ اللهِ، أَنْبَأَنَا أَبُو الأَسَعْدِ
هِبَةُ الرَّحْمَنِ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الحَمِيْدِ
البَحِيْرِيُّ، وَأَنْبَأَنَا ابْنُ عَسَاكِرَ، عَنْ
عَبْدِ الرَّحِيْمِ بنِ السَّمْعَانِيِّ، أَنْبَأَنَا
عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ
عُبَيْدِ اللهِ الصّرَامُ، قَالاَ:
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ كَثِيْرٍ الحَرَّانِيُّ،
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُعَيْدٍ الحَرَّانِيُّ،
حَدَّثَنَا النَّضْرُ بنُ عَرَبِيٍّ، عَنْ عِكْرِمَةَ،
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
لَمَّا وُضِعَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- فِي لَحدِهِ، وُضِعَ فِيْمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ
اللَّحْدِ قَطِيْفَةٌ كَانَتْ لَهُ، بَيْضَاءُ
بَعْلَبَكِّيَّةٌ (1) .
حَسَنٌ، غَرِيْبٌ (2) .
وَابْنُ مُعَيْدٍ: مَحَلُّهُ الصِّدْقُ، بِالضَّمِّ،
بِوَزنِ عُبَيْدٍ، هَكَذَا وَجَدْتُهُ.
__________
(1) الخبر في " تاريخ ابن عساكر " خ: " اخبرنا أبو القاسم
إسماعيل بن أحمد بن عمر، أخبرنا أبو القاسم بن مسعدة،
أخبرنا حمزة بن يوسف، أخبرنا أبو أحمد بن عدي، أخبرنا أحمد
بن هارون البرديجي، أخبرنا محمد بن يحيى بن كثير، أخبرنا
عبد الله بن معيد الحراني، أخبرنا النضر بن عربي عن عكرمة،
عن ابن عباس، قال: طرح في قبر رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - قطيفة له بيضاء بعلبكية "
(2) فيه أن مسلما أخرجه في " صحيحه ": (967)، في الجنائز:
باب جعل القطيفة في القبر، والنسائي: 4 / 81، في الجنائز:
باب وضع الثوب في اللحد، من طريق شعبة، عن أبي جمرة عن ابن
عباس، قال: جعل في قبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
قطيفة حمراء.
قال الزرقاني في " شرح المواهب ": 5 / 330: وضعها مولاه
شقران، وقال: والله لا يلبسه
أحد بعدك، فوضعها خصوصية له - صلى الله عليه وسلم - كما
قال وكيع، فقد كره جمهور العلماء وضع قطيفة أو مضربة، أو
مخدة، أو نحو ذلك في القبر وتحت الميت، وشذ البغوي فجوزه،
والصواب: الكراهة.
وأجاب الجمهور عن هذا الحديث بأن شقران انفرد بفعل ذلك،
ولم يوافقه أحد من الصحابة، ولا علموا بذلك، وإنما فعل ذلك
كراهة أن يلبسها أحد بعده، قاله النووي.
وقد قال ابن عبد البر: إنها أخرجت لما فرغوا من وضع
اللبنات التسع، ورجحه الحافظ ابن حجر، وشيخه الحافظ
العراقي.
(7/405)
149 - صَالِحُ بنُ رَاشِدٍ *
أَبُو عَبْدِ اللهِ نَصْر بن مَسْتُورٍ.
سَمِعَ: الحَسَنَ، وَمَالِكَ بنَ دِيْنَارٍ، وَعَاصِمَ بنَ
رَزِيْنٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: حَرَمِيُّ بنُ عُمَارَةَ، وَمُسْلِمُ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ، وَمُوْسَى التَّبُوْذَكِيُّ، وَغَيْرُهُم.
ذَكَرَهُ: البُخَارِيُّ فِي (تَارِيْخِهِ (1))، وَسَكَتَ
عَنْ حَالِهِ.
150 - شَيْبَانُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ التَّمِيْمِيُّ
النَّحْوِيُّ ** (ع)
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الثِّقَةُ، أَبُو مُعَاوِيَةَ
التَّمِيْمِيُّ مَوْلاَهُم، النَّحْوِيُّ، البَصْرِيُّ
المُؤَدِّبُ، نَزِيْلُ الكُوْفَةِ، ثُمَّ بَغْدَادَ.
رَوَى عَنِ: الحَسَنِ البَصْرِيِّ - وَذَلِكَ فِي مُسْلِمٍ
- وَعَنْ: يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ، وَزِيَادِ بنِ
عِلاَقَةَ، وَقَتَادَةَ، وَأَشْعَثَ بنِ أَبِي
الشَّعْثَاءِ، وَسِمَاكِ بنِ حَرْبٍ، وَمَنْصُوْرٍ،
وَعَاصِمِ بنِ بَهْدَلَةَ، وَهِلاَلٍ الوَزَّانِ،
وَثَابِتٍ، وَعَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ، وَخَلْقٍ.
وَعَنْهُ: أَبُو حَنِيْفَةَ - وَهُوَ مِنْ أَقْرَانِهِ -
وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ، وَأَبُو دَاوُدَ،
__________
(*) التاريخ الكبير: 4 / 279، الضعفاء: خ: 187، الجرح
والتعديل: 4 / 401، تاريخ الإسلام: 6 / 202، ميزان
الاعتدال: 2 / 294.
(1) التاريخ الكبير: 4 / 279.
(* *) طبقات ابن سعد: 6 / 377، طبقات خليفة: 168، 327،
التاريخ الكبير: 4 / 254، الجرح والتعديل: 4 / 355 - 356،
مشاهير علماء الأمصار: 170، تاريخ بغداد: 9 / 271 - 274،
إنباه الرواة: 2 / 72 - 73، تهذيب الكمال: خ: 592 - 593،
تذهيب التهذيب: خ: 2 / 84، تذكرة الحفاظ: 1 / 218، ميزان
الاعتدال: 2 / 285، عبر الذهبي: 1 / 243، تهذيب التهذيب: 4
/ 373 - 374، طبقات الحفاظ: 92 - 93، خلاصة تذهيب الكمال:
168، شذرات الذهب: 1 / 259.
(7/406)
وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ مُوْسَى،
وَمُعَاوِيَةُ بنُ هِشَامٍ، وَيَحْيَى بنُ أَبِي بُكَيْرٍ،
وَآدَمُ بنُ أَبِي إِيَاسٍ، وَأَسَدُ بنُ مُوْسَى،
وَسَعْدُ بنُ حَفْصٍ الضَّخْمُ، وَأَبُو نُعَيْمٍ،
وَمُحَمَّدُ بنُ سَابِقٍ، وَعَلِيُّ بنُ الجَعْدِ،
وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: مَا أَقْرَبَ حَدِيْثَهُ.
وَقَالَ الأَثْرَمُ: قُلْتُ لأَبِي عَبْدِ اللهِ: كَانَ
هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ (1) أَكْبَرَ عِنْدَكَ مِنْ
شَيْبَانَ؟
قَالَ: هِشَامٌ أَرْفَعُ، هِشَامٌ حَافِظٌ، وَشَيْبَانُ
صَاحِبُ كِتَابٍ.
قِيْلَ: فَحَرْبُ بنُ شَدَّادٍ (2) ؟
قَالَ: لاَ بَأْسَ بِهِ، وَشَيْبَانُ أَرْفَعُ هَؤُلاَءِ
عِنْدِي، شَيْبَانُ صَاحِبُ كِتَابٍ صَحِيْحٍ، قَدْ رَوَى
شَيْبَانُ عَنِ النَّاسِ (3) ، فَحَدِيْثُه صَالِحٌ.
وَقَالَ صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ، عَنْ أَبِيْهِ: شَيْبَانُ
ثَبتٌ فِي كُلِّ المَشَايِخِ.
قَالَ أَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ: شَيْبَانُ أَثْبَتُ
فِي حَدِيْثِ يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ مِنَ
الأَوْزَاعِيِّ.
وَقَالَ عَبَّاسٌ، عَنْ يَحْيَى: شَيْبَانُ أَحَبُّ
إِلَيَّ مِنْ مَعْمَرٍ فِي قَتَادَةَ.
وَقَالَ عُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ: قُلْتُ لِيَحْيَى:
شَيْبَانُ مَا حَالُهُ فِي الأَعْمَشِ؟
فَقَالَ: ثِقَةٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ.
وَقَالَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: شَيْبَانُ صَاحِبُ
حُرُوْفٍ وَقِرَاءاتٍ، مَشْهُوْرٌ بِذَلِكَ، كَانَ يَحْيَى
بنُ مَعِيْنٍ يُوَثِّقُهُ (4) .
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: حَسَنُ الحَدِيْثِ، صَالِحُ
الحَدِيْثِ، يُكتَبُ حَدِيْثُهُ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ، وَأَحْمَدُ العِجْلِيُّ،
وَالنَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ ابْنُ خِرَاشٍ: صَدُوْقٌ.
__________
(1) ترجمته في الصفحة: 149.
(2) ترجمته في الصفحة: 194.
(3) زيادة من " تاريخ بغداد ": 9 / 372.
(4) تتمه الخبر في " تاريخ بغداد ": 9 / 273: " وزعم أنه
بصري انتقل إلى الكوفة ".
(7/407)
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الحَسَنُ بنُ
عَبْدِ اللهِ العَسْكَرِيُّ: شَيْبَانُ النَّحْوِيُّ
نُسِبَ إِلَى بَطْنٍ يُقَالُ لَهُم: بَنُو نَحْوٍ، وَهُم
بَنُو نَحْوِ بنِ شُمسٍ - بِضَمِّ الشِّيْنِ -؛ بَطْنٌ
مِنَ الأَزْدِ.
وَذَكَرَ: ابْنُ أَبِي رَوَّادٍ، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ
المُنَادِي:
أَنَّ المَنْسُوبَ إِلَى القَبِيْلَةِ يَزِيْدُ بنُ أَبِي
سَعِيْدٍ النَّحْوِيُّ، لاَ شَيْبَانُ النَّحْوِيُّ،
وَهُوَ أَشْبَهُ، لأَنَّهُ تَمِيْمِيٌّ، لاَ أَزْدِيٌّ (1)
.
وَقَدْ وَقَعَ لِي مِنْ عَوَالِيْهِ حَدِيْثٌ، سُقتُهُ فِي
أَخْبَارِ شُعْبَةَ (2) .
وَأَجَازَ لَنَا جَمَاعَةٌ سَمِعُوا ابْنَ طَبَرْزَدْ:
أَنْبَأَنَا ابْنُ الحُصَيْنِ، أَنْبَأَنَا ابْنُ
غَيْلاَنَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ،
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ البِرْتِيُّ،
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ
يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ
عَمْرٍو، قَالَ:
انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُوْلِ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَنُودِيَ
بِالصَّلاَةِ جَامِعَةً، فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ
بِسَجْدَةٍ، ثُمَّ قَامَ، فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ
بِسَجْدَةٍ، ثُمَّ جَلَسَ حَتَّى جُلِيَ عَنِ الشَّمْسِ.
فَقَالَتْ عَائِشَةُ: مَا سَجَدَ سُجُوداً قَطُّ، وَلاَ
رَكَعَ رُكُوعاً قَطُّ أَطْوَلَ مِنْهُ (3) .
قُلْتُ: قَوْلُ أَبِي حَاتِمٍ فِيْهِ: لاَ يُحْتَجُّ بِهِ،
لَيْسَ بِجَيِّدٍ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ، وَغَيْرُهُ: مَاتَ شَيْبَانُ فِي
خِلاَفَةِ المَهْدِيِّ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ
وَمائَةٍ.
وَكَذَا قَالَ: يَعْقُوْبُ السَّدُوْسِيُّ، وَمُطَيَّنٌ.
__________
(1) انظر: " تاريخ بغداد ": 9 / 271 - 272.
(2) انظر: صفحة: 218.
(3) رجاله ثقات وإسناده صحيح.
أبو نعيم هو الفضل بن دكين.
ويحيى هو ابن أبي كثير.
وأخرجه البخاري: 2 / 446، في الكسوف: باب طول السجود في
الكسوف، من طريق أبي نعيم، عن شيبان، عن يحيى بن أبي كثير،
عن أبي سلمة، عن عبد الله بن عمرو.
وأخرجه مسلم: (910)، في الكسوف: باب ذكر النداء بصلاة
الكسوف: الصلاة جامعة، من طريقين، عن يحيى ابن أبي كثير،
قال: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن عمرو
بن العاص.
(7/408)
151 - عِيْسَى بنُ عَلِيِّ ابْنِ
تَرْجُمَانِ القُرْآنِ عَبْدِ اللهِ بنِ العَبَّاسِ
الهَاشِمِيُّ *
الأَمِيْرُ، عَمُّ المَنْصُوْرِ، وَإِلَيْهِ يُنْسبُ نَهْر
عِيْسَى (1) ، وَقَصْرُ عِيْسَى (2) .
يَرْوِي عَنْ: أَبِيْهِ، وَأَخِيْهِ.
وَعَنْهُ: وَلَدَاهُ؛ إِسْحَاقُ وَدَاوُدُ، وَهَارُوْنُ
الرَّشِيْدُ، وَشَيْبَانُ النَّحْوِيُّ.
وَكَانَ يَرجِعُ إِلَى عِلْمٍ وَدِيْنٍ وَتَقْوَىً، خَدَمَ
أَبَاهُ، وَلَمْ يَلِ شَيْئاً تَوَرُّعاً، وَكَانَ فِيْهِ
بَعْضُ الاَنقطَاعِ.
قَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: كَانَ لَهُ مَذْهَبٌ جَمِيْلٌ،
وَيَعتَزِلُ السُّلْطَانَ، وَلَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
قُلْتُ: هُوَ صَاحِبُ حَدِيْثِ: (يُمْنُ الخَيْلِ فِي
شُقْرِهَا (3)).
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: غَرِيْبٌ.
__________
(*) تهذيب المكال: خ: 1082، تذهيب التهذيب: خ: 2 / 129،
تاريخ الإسلام: 6 / 264، عبر الذهبي: 1 / 242، تهذيب
التهذيب: 8 / 221 - 222، خلاصة تهذيب الكمال: 303، شذرات
الذهب: 1 / 257، 258.
(1) نهر عيسى: كورة، وقرى كثيرة، وعمل واسع في غربي بغداد،
يعرف بهذا الاسم، ومأخذه من الفرات عند قنطرة دمما...وهو
نهر على متنزهات وبساتين كثيرة. وقد قالت فيه الشعراء
فأكثروا.
قال علي بن معمر الواسطي (ت: 609 ه): يا نهر عيسى إلى عيسى
نسبت وما * نسبت إلا بتحقيق وإيضاح فإنه بك إحياء القلوب
كما * عيسى المسيح به إحياء أرواح " معجم البلدان ".
(2) قصر عيسى: هو أول قصر بناه الهاشميون في أياه المنصور
ببغداد، وكان على شاطئ نهر الرفيل، عند مصبه في دجلة، وهو
اليوم - [ زمن ياقوت ] - في وسط العمارة من الجانب الغربي،
وليس للقصر أثر الآن - [ زمن ياقوت أيضا ] - إنما هناك
محلة كبيرة ذات سوق تسمى: قصر عيسى. (انظر المصدر السابق).
(3) أخرجه أحمد: (2454)، والترمذي:.
(1695)، في الجهاد: باب ما جاء ما يستحب من الخليل، وأبو
داود: (2545)، في الجهاد: باب ما يستحب من ألوان الخليل.
وسنده حسن كمال قال الترمذي.
(7/409)
قَالَ الخُطَبِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ
ثَلاَثٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ.
وَقِيْلَ: سَنَةَ سِتِّيْنَ.
152 - صَخْرُ بنُ جُوَيْرِيَةَ أَبُو نَافِعٍ
التَّمِيْمِيُّ * (خَ، م، د، س، ت)
الإِمَامُ، الثِّقَةُ، المُحَدِّثُ، أَبُو نَافِعٍ
التَّمِيْمِيُّ مَوْلاَهُم.
وَقِيْلَ: مَوْلَى بَنِي هِلاَلٍ البَصْرِيِّ، شَيْخٌ،
مُعَمَّرٌ، صَدُوْقٌ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي رَجَاءٍ العُطَارِدِيِّ، وَعَائِشَةَ
بِنْتِ سَعْدٍ (1) ، وَنَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ.
رَوَى عَنْهُ: أَيُّوْبُ السِّخْتِيَانِيُّ - وَهُوَ مِنْ
شُيُوْخِهِ - وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ،
وَرَوْحُ بنُ عُبَادَةَ، وَعَفَّانُ بنُ مُسْلِمٍ،
وَعَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: ثِقَةٌ، ثِقَةٌ.
وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: صَالِحٌ.
وَرَوَى: أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ، عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ،
قَالَ: إِنَّمَا يُتَكَلَّمُ فِيْهِ؛ لأَنَّهُ يُقَالُ:
إِنَّهُ سَقَطَ كِتَابُهُ.
قُلْتُ: احْتَجَّ بِهِ أَربَابُ الصِّحَاحِ، وَتُوُفِّيَ
سَنَةَ بِضْعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ.
كَتَبَ إِلَيَّ ابْنُ البُخَارِيِّ: أَنْبَأَنَا أَبُو
حَفْصٍ المُعَلِّمُ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ،
أَنْبَأَنَا ابْنُ هَزَارْمَرْدَ، أَنْبَأَنَا ابْنُ
حَبَابَةَ، أَنْبَأَنَا البَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ
بنُ الجَعْدِ، أَخْبَرَنِي صَخْرُ بنُ جُوَيْرِيَةَ،
سَمِعْتُ أَبَا رَجَاءٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ، قَالَ:
قَالَ
__________
(*) طبقات ابن سعد: 7 / 275 - 276، طبقات خليفة: 223،
التاريخ الكبير: 4 / 312، الجرح والتعديل: 4 / 427، تهذيب
الكمال: خ: 603 - 604، تذهيب التهذيب: خ: 2 / 90، تهذيب
التهذيب: 4 / 410 - 411، خلاصة تذهيب الكمال: 172.
(1) عائشة بنت سعد بن أبي وقاص: من ثقات راويات الحديث.
من بني زهرة، كانت إقامتها بالمدينة، رأت ستا من أمهات
المؤمنين.
وأخذ عنها عدد من العلماء وفاتها سنة (117 ه). (عن أعلام
الزركلي).
انظر ترجمتها في: تاريخ الإسلام: 4 / 262، لسان الميزان: 7
/ 527، خلاصة تذهيب الكمال: 493، شذارت الذهب: 1 / 154.
(7/410)
مُحَمَّدٌ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-: (اطَّلَعْتُ -يَعْنِي: فِي الجَنَّةِ-
فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الفُقَرَاءَ
وَالمَسَاكِيْنَ، وَاطَّلَعْتُ إِلَى - أَوْ: فِي -
النَّارِ، فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ (1)).
وَبِهِ: حَدَّثَنَا البَغَوِيُّ، حَدَّثَنَاهُ شَيْبَانُ،
حَدَّثَنَا أَبُو الأَشْهَبِ، حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ
مِثْلُ حَدِيْثِ صَخْرٍ.
وَرَوَاهُ: غَيْرُ وَاحِدٍ، عَنْ أَيُّوْبَ، عَنْ أَبِي
رَجَاءٍ، وَقَالَ عَبْدُ الوَارِثِ، عَنْ أَيُّوْبَ،
عَنْهُ، عَنْ عِمْرَانَ بنِ حُصَيْنٍ، عَنِ النَّبِيِّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (2) .
153 - مُوْسَى بنُ عُلَيِّ بنِ رَبَاحٍ اللَّخْمِيُّ
مَوْلاَهُم * (م، 4)
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الثِّقَةُ، الأَمِيْرُ الكَبِيْرُ
العَادلُ، نَائِبُ الدِّيَارِ المِصْرِيَّةِ لأَبِي
جَعْفَرٍ المَنْصُوْرِ سَنَوَاتٍ، أَبُو عَبْدِ
الرَّحْمَنِ اللَّخْمِيُّ مَوْلاَهُم، المِصْرِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ كَثِيْراً، وَعَنْ مُحَمَّدِ بنِ
المُنْكَدِرِ، وَابْنِ شِهَابٍ، وَيَزِيْدَ بنِ أَبِي
حَبِيْبٍ، وَطَائِفَةٍ.
وَعَنْهُ: أُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ - وَمَاتَ
قَبْلَه بِمُدَّةٍ - وَيَحْيَى بنُ أَيُّوْبَ،
وَاللَّيْثُ، وَابْنُ لَهِيْعَةَ، وَعَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ
جَعْفَرٍ، وَسَعِيْدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الجُمَحِيُّ،
وَسَعِيْدُ بنُ سَالِمٍ القَدَّاحُ، وَسُفْيَانُ بنُ
حَبِيْبٍ البَصْرِيُّ، وَوَكِيْعٌ، وَابْنُ وَهْبٍ،
وَابْنُ المُبَارَكِ، وَوَهْبُ بنُ جَرِيْرٍ، وَابْنُ
مَهْدِيٍّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَأَبُو
__________
(1) إسناده صحيح.
وأخرجه مسلم: (2737)، في أول الرقاق، من طريق زهير بن حرب،
عن إسماعيل بن إبراهيم، عن أيوب، عن أبي رجاء العطاردي، عن
ابن عباس.
وأخرجه البخاري من طريق أبي رجاء، عن عمران بن الحصين: 6 /
229، في بدء الخلق، و: 9 / 262، في النكاح، و: 11 / 238،
في الرقاق، و: 360، فيه أيضا.
(2) انظر: " الفتح ": 11 / 238 - 239.
(*) طبقات خليفة: 296، تاريخ خليفة: 437، التاريخ الكبير:
7 / 289، التاريخ الصغير: 2 / 159، المعرفة والتاريخ: 1 /
151، الجرح والتعديل: 8 / 153 - 154، مشاهير علماء
الأمصار: 190، تهذيب الكمال: خ: 1390، تذهيب التهذيب: خ: 4
/ 82، ميزان الاعتدال: 4 / 215، عبر الذهبي: 1 / 242،
تهذيب التهذيب: 10 / 363 - 364، النجوم الزاهرة: 2 / 25 -
37، خلاصة تذهيب الكمال: 392، شذرات الذهب: 1 / 258.
(7/411)
عَبْدِ الرَّحْمَنِ المُقْرِئُ، وَعَبْدُ
اللهِ بنُ صَالِحٍ الكَاتِبُ، وَرَوْحُ بنُ صَلاَحِ بنِ
سيَابَةَ المَوْصِلِيُّ ثُمَّ المِصْرِيُّ، وَزَيْدُ بنُ
الحُبَابِ، وَمُحَمَّدُ بنُ سِنَانٍ العَوَقِيُّ، وَطَلْقُ
بنُ السَّمْحِ، وَبَكْرُ بنُ يُوْنُسَ بنِ بُكَيْرٍ،
وَخَلْقٌ، آخِرُهُم مَوْتاً: القَاسِمُ بنُ هَانِئ بنِ
نَافِعٍ العَدَوِيُّ الضَّرِيْرُ.
وَمَا ظَفِرَ الخَطِيْبُ (1) فِي (السَّابِقِ
وَاللاَّحِقِ)، بِغَيْرِ سَعْدِ بنِ يَزِيْدَ الفَرَّاءِ،
شَيخٍ لِلْحَسَنِ بنِ سُفْيَانَ، تُوُفِّيَ مَعَ
الثَّلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَثَّقَهُ: أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَيَحْيَى بنُ
مَعِيْنٍ، وَالعِجْلِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: كَانَ رَجُلاً
صَالِحاً، يُتقِنُ حَدِيْثَه، لاَ يَزِيْدُ وَلاَ يَنْقصُ،
صَالِحُ الحَدِيْثِ، كَانَ مِنْ ثِقَاتِ المِصْرِيِّينَ.
وَقَالَ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ: وُلِدَ
بِإِفْرِيْقِيَةَ، سَنَةَ تِسْعِيْنَ، وَمَاتَ
بِالإِسْكَنْدَرِيَّة، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسِتِّيْنَ
وَمائَةٍ.
وَكَذَا قَالَ فِي مَوْتِه: يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ،
وَخَلِيْفَةُ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَطَائِفَةٌ.
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: وُلِدَ سَنَةَ تِسْعٍ
وَثَمَانِيْنَ.
وَقِيْلَ: كَانَتْ مُدَّةُ إِمْرَتِه عَلَى إِقْلِيْمِ
مِصْرَ سِتَّةَ أَعْوَامٍ وَشَهْرَيْنِ.
وَأَمَّا أَبُوْهُ:
154 - عُلَيُّ بنُ رَبَاحِ بنِ قَصِيْرِ بن قَشِيْبِ بنِ
يثيع * (م، 4)
الثِّقَةُ، العَالِمُ، وَاسْمُهُ: عَلِيٌّ، وَإِنَّمَا
__________
(1) هو: أحمد بن علي الخطيب، صاحب " تاريخ بغداد " وكتابه
" السابق واللاحق " لم يطبع بعد، توجد منه نسخة في دار
الكتب المصرية في 148 ورقة تحت رقم (381 مصطلح الحديث) ذكر
الخطيب محتواه في مقدمته، فقال: هذا كتاب ضمنته ذكر من
اشتراك في الرواية عنه راويان تباين وقت وفاتيهما تباينا
شديدا، وتأخر موت أحدهما عن الآخر تأخرا بعيدا، وسميته
كتاب " السابق واللاحق " إشارة إلى لحاق المتأخر بالمتقدم
في روايته وإن كان غير معدود في أهل عصره.
(*) تهذيب الكمال: خ: 969، تذهيب التهذيب: 3 / 61، عبر
المؤلف: 1 / 141، تهذيب =
(7/412)
صُغِّرَ. فَقَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ
المُقْرِئُ: كَانَتْ بَنُو أُمَيَّةَ إِذَا سَمِعُوا
بِمَوْلُوْدٍ اسْمُهُ عَلِيٌّ، قَتَلُوْهُ، فَبَلَغَ
ذَلِكَ رَبَاحاً، فَقَالَ: هُوَ عُلَيٌّ.
قُلْتُ: عُلَيُّ بنُ رَبَاحٍ وُلِدَ فِي صَدْرِ خِلاَفَةِ
عُثْمَانَ، فَلَعَلَّهُ غيِّرَ وَهُوَ شَابٌّ، لَهُ
وِفَادَةٌ عَلَى مُعَاوِيَةَ، وَكَانَ مِنْ أَشْرَافِ
العَرَبِ.
قَدْ رَوَى عَنْ: عَمْرِو بنِ العَاصِ - فَكَانَ آخرَ مَنْ
حَدَّثَ عَنْهُ فِيْمَا عَلِمتُ - وَأَبِي هُرَيْرَةَ،
وَعُقْبَةَ بنِ عَامِرٍ، وَأَبِي قَتَادَةَ
الأَنْصَارِيِّ، وَفَضَالَةَ بنِ عُبَيْدٍ، وَعِدَّةٍ مِنَ
الصَّحَابَةِ.
وَطَالَ عُمُرُهُ، وَأَكْثَرَ عَنْهُ: وَلدُهُ؛ مُوْسَى
بنُ عُلَيٍّ.
وَرَوَى عَنْهُ أَيْضاً: يَزِيْدُ بنُ أَبِي حَبِيْبٍ،
وَحُمَيْدُ بنُ هَانِئ، وَمَعْرُوْفُ بنُ سُوَيْدٍ،
وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ أَحَدَ الثِّقَاتِ.
وَقَدْ رَوَى عَنْهُ: وَلَدُهُ أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ
خَلْفَ مُؤَدِّبِي، فَسَمِعْتُهُ يَبْكِي، فَقُلْتُ: مَا
لَكَ؟
قَالَ: قُتِلَ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ عُثْمَانُ،
وَكُنْتُ بِالشَّامِ.
وَأَمَّا أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ: فَذَكَرَ أَنَّ
مَوْلِدَه عَامَ اليَرْمُوْكِ.
قَالَ: وَذَهَبتْ عَيْنُهُ يَوْمَ ذَاتِ الصَّوَارِي (1)
فِي البَحْرِ، مَعَ عَبْدِ اللهِ بنِ سَعْدِ بنِ أَبِي
سَرْحٍ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ (2) .
قَالَ: وَكَانَتْ لَهُ مَنْزِلَةٌ مِنْ عَبْدِ العَزِيْزِ
بنِ مَرْوَانَ، وَهُوَ الَّذِي زَفَّ أُمَّ البنِيْنَ
بِنْتَهُ إِلَى ابْنِ عَمِّهَا الوَلِيْدِ، ثُمَّ إِنَّ
عَبْدَ العَزِيْزِ تَغَيَّرَ عَلَيْهِ وَأَبعَدَهُ،
فَأَغْزَاهُ إِفْرِيْقِيَةَ، فَلَمْ يَزَلْ بِهَا حَتَّى
مَاتَ.
__________
= التهذيب: 7 / 318 - 319، خلاصة تذهيب الكمال: 273، شذرات
الذهب: 1 / 149، أخبار سنة (114) ه وهذه الترجمة مكررة،
فقد ترجمه المؤلف في الجزء الخامس من كتابه هذا ص 101.
(1) ذات الصواري: معركة بحرية كبيرة جرت بين أسطول
المسلمين بقيادة ابن أبي سرح وبين أسطول الروم، انتصر فيها
المسلمون.
(2) وكذلك قال في " تاريخ الإسلام " 2 / 117، أما الطبري،
فذكرها في تاريخه 4 / 288: في حوادث سنة إحدى وثلاثين
استنادا إلى قول الواقدي، ونقل عن أبي معشر أنها كانت سنة
أربع وثلاثين، وقال ابن الأثير في " الكامل " 3 / 117 في
حوادث سنة إحدى وثلاثين: قيل: وفي هذه السنة كانت غزوة
الصواري، وقيل: كانت سنة أربع وثلاثين وقيل: في سنة إحدى
وثلاثين...
(7/413)
يُقَالُ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ
وَمائَةٍ.
155 - سَلاَّمُ بنُ مِسْكِيْنِ بنِ رَبِيْعَةَ الأَزْدِيُّ
* (خَ، م)
الإِمَامُ، الثِّقَةُ، أَبُو رَوْحٍ الأَزْدِيُّ،
النَّمَرِيُّ، البَصْرِيُّ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: إِنَّمَا سَلاَّمٌ لَقَبُهُ،
وَاسْمُهُ: سُلَيْمَانُ.
رَوَى عَنْ: الحَسَنِ، وَيَزِيْدَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ
الشِّخِّيْرِ، وَعَقِيْلِ بنِ طَلْحَةَ، وَقَتَادَةَ،
وَثَابِتٍ البُنَانِيِّ، وَبِشْرِ بنِ حَرْبٍ، وَشُعَيْبِ
بنِ الحَبْحَابِ، وَعِدَّةٍ.
وَلَيْسَ بِالمُكْثِرِ، وَلَهُ فِي (الصَّحِيْحَيْن)
حَدِيْثٌ عَنْ ثَابِتٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ مَهْدِيٍّ، وَالأَصْمَعِيُّ،
وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَمُوْسَى بنُ دَاوُدَ الضَّبِّيُّ،
وَمُسْلِمُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَمُوْسَى بنُ
إِسْمَاعِيْلَ، وَأَبُو الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيُّ،
وَهُدْبَةُ بنُ خَالِدٍ، وَشَيْبَانُ، وَآدَمُ بنُ أَبِي
إِيَاسٍ، وَعَاصِمُ بنُ عَلِيٍّ، وَجَمْعٌ كَبِيْرٌ.
قَالَ مُوْسَى بنُ إِسْمَاعِيْلَ: كَانَ مِنْ أَعَبْدِ
أَهْلِ زَمَانِه.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ: سُئِلَ
أَبِي عَنْ سَلاَّمِ بنِ مِسْكِيْنٍ، وَسَلاَّمِ بنِ أَبِي
مُطِيْعٍ (1) ، فَقَالَ:
جَمِيْعاً ثِقَةٌ، إِلاَّ أَنَّ سَلاَّمَ بنَ مِسْكِيْنٍ
أَكْثَرُ حَدِيْثاً، وَابْنُ أَبِي مُطِيْعٍ صَاحِبُ
سُنَّةٍ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: سَلاَّمُ بنُ مِسْكِيْنٍ:
ثِقَةٌ، صَالِحٌ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الحَدِيْثِ.
قِيْلَ: مَاتَ سَلاَّمٌ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ مَحْبُوبٍ: مَاتَ فِي
__________
(*) طبقات ابن سعد: 7 / 283، طبقات خليفة: 223، تاريخ
خليفة: 439، التاريخ الكبير: 4 / 134، التاريخ الصغير: 2 /
168 - 169، الجرح والتعديل: 4 / 258، مشاهير علماء
الأمصار: 157، تهذيب الكمال: خ: 566 - 567، تذهيب التهذيب:
خ: 2 / 66 - 67، ميزان الاعتدال: 2 / 181، عبر الذهبي: 1 /
250، تهذيب التهذيب: 4 / 286 - 287، خلاصة تذهيب الكمال:
160، شذرات الذهب: 1 / 263.
(1) ترجمته في الصفحة: 428.
(7/414)
آخِرِ سَنَةِ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ.
رَوَى لَهُ: الجَمَاعَةُ، سِوَى التِّرْمِذِيِّ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: كَانَ يَذْهَبُ إِلَى القَدَرِ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ، أَنْبَأَنَا الفَتْحُ
بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ
القَاضِي، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الطَّرَائِفِيُّ،
وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ الدَّايَةِ، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ بنُ المَسْلَمَةِ، أَنْبَأَنَا
عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيُّ،
حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ الفِرْيَابِيُّ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ
بنُ فَرُّوْخٍ، حَدَّثَنَا سَلاَّمُ بنُ مِسْكِيْنٍ، عَنْ
حَبِيْبِ بنِ أَبِي فَضَالَةَ، قَالَ:
كَانَ بَعْضُ المُهَاجِرِيْنَ يَقُوْلُ: وَاللهِ مَا
أَخَافُ المُسْلِمَ، وَلاَ أَخَافُ الكَافِرَ؛ أَمَّا
المُسْلِمُ، فَيَحْجُزُهُ إِسْلاَمُهُ، وَأَمَّا
الكَافِرُ، فَقَدْ أَذَلَّهُ اللهُ، وَلَكِنْ كَيْفَ لِي
بِالمُنَافِقِ؟
156 - سُلَيْمَانُ بنُ المُغِيْرَةِ أَبُو سَعِيْدٍ
القَيْسِيُّ * (ع)
الإِمَامُ، الحَافِظُ، القُدْوَةُ، أَبُو سَعِيْدٍ
القَيْسِيُّ، البَصْرِيُّ، مَوْلَى بَنِي قَيْسِ بنِ
ثَعْلَبَةَ، مِنْ بَكْرِ بنِ وَائِلٍ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ -
أَوِ ابْنُ أَبِي عَصْرُوْنَ - أَنْبَأَنَا عَبْدُ
المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا تَمِيْمُ بنُ أَبِي
سَعِيْدٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرُوْذِيُّ،
أَنْبَأَنَا أَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، أَنْبَأَنَا
أَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ،
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ المُغِيْرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ،
عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:
كُنَّا عِنْدَ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-
بِالمَدِيْنَةِ، فَتَرَاءيْنَا الهِلاَلَ، وَكُنْتُ
رَجُلاً حَدِيْدَ البَصْرِ، فَرَأَيتُهُ، وَلَيْسَ أَحَدٌ
يَزْعُمُ
__________
(*) طبقات ابن سعد: 7 / 280، طبقات خليفة: 222، تاريخ
خليفة: 445، التاريخ الكبير: 4 / 38، التاريخ الصغير: 2 /
162، الجرح والتعديل: 4 / 144 - 145، مشاهير علماء
الأمصار: 157، تهذيب الكمال: خ: 549، تذهيب التهذيب: خ: 2
/ 54 - 55، تذكرة الحفاظ: 1 / 220 - 221، عبر الذهبي: 1 /
245، طبقات القراء لابن الجزري: 1 / 315، تهذيب التهذيب: 4
/ 220 - 221، طبقات الحفاظ: 93، خلاصة تذهيب الكمال: 154،
شذرات الذهب: 1 / 260.
(7/415)
أَنَّهُ رَآهُ غَيْرِي، فَجعَلتُ أَقُوْلُ
لِعُمَرَ: أَمَّا تَرَاهُ؟ فَجَعَلَ لاَ يَرَاهُ.
قَالَ: يَقُوْلُ عُمَرُ: سَأَرَاهُ وَأَنَا مُسْتَلْقٍ
عَلَى فِرَاشِي (1) ...، وَذَكَرَ الحَدِيْثَ.
__________
(1) إسناده صحيح.
وشيبان هو ابن فروخ الحبطي.
وأخرجه أحمد: 1 / 26، ومسلم: (2873)، في الجنة، من ثلاث
طرق، عن سليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن أنس وتمامه: ثم
أنشأ يحدثنا عن أهل بدر، فقال: إن رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - كان يرينا مصارع أهل بدر بالامس، يقول: " هذا
مصرع فلان غدا - إن شاء الله - ".
قال: فقال عمر: فوالذي بعثه بالحق ماأخطؤوا، والحدود التي
حد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
قال: فجعلوا في بئر، بعضهم على بعض، فانطلق رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - حتى انتهى إليهم فقال: " يا فلان بن
فلان !، ويا فلان بن فلان ! هل وجدتم ما وعدكم الله ورسوله
حقا، فإني وجدت ما وعدني الله حقا ".
قا عمر: يا رسول الله ! كيف تكلم أجسادا لا أرواح فيها ؟
فقال: " ما أنتم بأسمع لما أقول منهم، غير أنهم لا
يستطيعون أن يردوا على شيئا ".
وسماع هؤلاء خاص بهم، وهو معجزة من الله لنبيه - صلى الله
عليه وسلم -، وزيادة حسرة على الكافرين.
فإن الموتى لا يسمعون، بنص القرآن الكريم في الآية: (إنك
لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين) [
النمل: 80 ] قال ابن جرير في تفسيرها: هذا فعل معناه: فإنك
لا تقدر أن تفهم هؤلاء المشركين الذين قد ختم الله على
أسماعهم فسلبهم فهم ما يتلى عليهم من مواعظ تنزيله، كما لا
تقدر أن تفهم الموتى الذين سلبهم الله أسماعهم.
وقوله: (ولا تسمع الصم الدعاء) : يقول: كما لا تقدر أن
تسمع الصم الذين قد سلبوا السمع إذا ولوا عنك مدبرين، كذلك
لا تقدر أن توفق هؤلاء الذين قد سلبهم الله فهم آيات كتابه
لسماع ذلك وفهمه.
ثم روى بإسناد صحيح عن قتادة، قال: هذا مثل ضربه الله
للكافر، فكما لا يسمع الميت الدعاء، كذلك لا يسمع الكافر
(ولا تسمع الصم الدعاء) .
يقول: لو أن أصم ولى مدبرا، ثم ناديته، لم يسمع، كذلك
الكافر لا يسمع، ولا ينتفع بما سمع.
وممن نفى سماع الموتى كلام الاحياء: عائشة - رضي الله عنها
- مستدلة بقوله تعالى: (إنك لا تسمع الموتى) و: (وما أنت
بمسمع من في القبور) [ فاطر: 22 ]، فقد أخرج البخاري: 7 /
236، في المغازي: با قتل أبي جهل، ومسلم: (932)، في
الجنائز: باب الميت يعذب ببكاء أهله عليه، من طريق هشام بن
عروة، عن أبيه، قال: ذكر عند عائشة - رضي الله عنها - أن
ابن عمر يرفع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - " إن الميت
يعذب في قبره ببكاء أهله ".
فقالت: وهل، (غلط) إنما قال رسول الله - صلى الله عليه
وسلم -: " إنه ليعذب بخطيئته أو بذنبه، وأهله ليبكون عليه
الآن "، وذلك مثل قوله: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم
- قام على القليب يوم بدر، وفيه قتلى بدر من المشركين،
فقال لهم ما قال: " إنهم ليسمعون ما أقول "، وقدوهل، إنما
قال: " إنهم الآن ليعلمون أن ما كنت أقول لهم حق "، ثم
قرأت: (إنك لا تسمع الموتى) (وما أنت بسمع من في القبور) .
وقال الحفاظ ابن رجب: وقد وافق عائشة على ذلك طائفة من
العلماء، ورجحه القاضي أبو =
(7/416)
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ،
أَنْبَأَنَا أَبُو القَاسِمِ بنُ الحَرَسْتَانِيِّ
حُضُوْراً، أَنْبَأَنَا أَبُو الحَسَنِ بنُ مُسْلِمٍ،
أَنْبَأَنَا ابْنُ طَلاَّبٍ، أَنْبَأَنَا ابْنُ جُمَيْعٍ،
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ بنِ سَعِيْدٍ
الدِّيْنَوَرِيُّ بِبَغْدَادَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ
بنُ سِنَانِ بنِ مَالِكٍ السَّعْدِيُّ، حَدَّثَنَا
سُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ
المُغِيْرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:
رَأَيْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- وَالحَلاَّقُ يَحْلِقُهُ، وَقَدِ اجْتَمَعَ
أَصْحَابُهُ، فَمَا تَسْقُطُ مِنْ شَعْرَةٍ إِلاَّ بِيَدِ
رَجُلٍ (1) .
وَيَقَعُ فِي (الجَعْدِيَّاتِ (2)) مِنْ عَوَالِيْهِ.
حَدَّثَ عَنِ: الحَسَنِ البَصْرِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ
سِيْرِيْنَ، وَحُمَيْدِ بنِ هِلاَلٍ، وَثَابِتِ بنِ
أَسْلَمَ، وَالجُرَيْرِيِّ، وَأَبِي مُوْسَى الهِلاَلِيِّ،
وَوَالِدِهِ المُغِيْرَةَ.
لَمْ يَزِدْ شَيْخُنَا المِزِّيُّ عَلَى هَؤُلاَءِ.
رَوَى عَنْهُ: الثَّوْرِيُّ، وَأَبُو أُسَامَةَ، وَبَهْزُ
بنُ أَسَدٍ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَأَبُو عَامِرٍ
العَقَدِيُّ، وَابْنُ مَهْدِيٍّ، وَعَبْدُ الصَّمَدِ
التَّنُّوْرِيُّ، وَأَسَدُ بنُ مُوْسَى، وَحَبَّانُ بنُ
__________
= يعلى من أكابر أصحابنا، واحتجوا بما احتجت به عائشة،
وأجابوا عن حديث قليب بدر بما أجابت به عائشة، ويشبه أن
يكون ذلك معجزة مختصة للنبي - صلى الله عليه وسلم - دون
غيره، وهو سماع الموتى لكلامه.
وفي " صحيح " البخاري: 7 / 235،: قال قتادة: أحياهم الله
تعالى، يعني أهل القليب، حتى أسمعهم قوله - صلى الله عليه
وسلم - توبيخا وتصغيرا ونقمة وحسرة وندما.
وقال ابن عطية: يشبه أن قصة بدر خرق عادة لمحمد - صلى الله
عليه وسلم - في أن رد الله إليهم إدراكا سمعوا به مقاله،
ولولا إخبار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسماعهم،
لحملنا نداءه إياهم على معنى التوبيخ لمن بقي من الكفرة،
وعلى معنى شفاء صدور المؤمنين.
وانظر " فتح القدير ": 1 / 447، للكمال بن الهمام، فقد نقل
أن الميت لا يسمع عند مشايخ الحنفية.
(1) إسناده صحيح.
وأخرجه مسلم: (2325)، في الفضائل: باب قرب النبي - صلى
الله عليه وسلم - من الناس وتبركهم، من طريق محمد بن رافع
عن أبي النضر، عن سليمان بن المغيرة، عن ثابت،
عن أنس، قال: لقد رأتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
والحلاق يحلقه، وأطاف به أصحابه، فما يريدون أن تقع شعرة
إلا في يد رجل.
(2) تقدم الحديث عن " الجعديات " في الصفحة: 284، حا: 1.
(7/417)
هِلاَلٍ، وَعَبْدُ السَّلاَمِ بنُ
مُطَهَّرٍ، وَعَمْرُو بنُ عَاصِمٍ، وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ
الحَمِيْدِ المَعْنِيُّ، وَمُوْسَى بنُ إِسْمَاعِيْلَ
التَّبُوْذَكِيُّ، وَيَحْيَى بنُ آدَمَ، وَمُسْلِمُ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ، وَشَيْبَانُ بنُ فَرُّوْخٍ، وَخَلْقٌ.
رَوَى: مُوْسَى بنُ إِسْمَاعِيْلَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ
المُغِيْرَةِ:
قَالَ أَيُّوْبُ السِّخْتِيَانِيُّ: لَيْسَ أَحَدٌ
أَحْفَظَ لِحَدِيْثِ حُمَيْدِ بنِ هِلاَلٍ مِنْ
سُلَيْمَانَ بنِ المُغِيْرَةِ.
وَقَالَ وُهَيْبٌ: كَانَ يَقُوْلُ لَنَا أَيُّوْبُ: خُذُوا
عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ المُغِيْرَةِ.
وَكُنَّا نَأْتِيْهِ فِي نَاحِيَةٍ، وَأَبُوْهُ قَاعِدٌ
فِي نَاحِيَةٍ.
وَقَالَ قُرَادٌ أَبُو نُوْحٍ: سَمِعْتُ شُعْبَةَ
يَقُوْلُ: سُلَيْمَانُ بنُ المُغِيْرَةِ سَيِّدُ أَهْلِ
البَصْرَةِ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ: حَدَّثَنَا
سُلَيْمَانُ بنُ المُغِيْرَةِ، وَكَانَ خِيَاراً مِنَ
الرِّجَالِ.
قَالَ يَعْلَى بنُ مَنْصُوْرٍ الفَقِيْهُ: سَأَلْتُ ابْنَ
عُلَيَّةَ عَنْ حُفَّاظِ أَهْلِ البَصْرَةِ...، فَذَكَرَ
سُلَيْمَانَ بنَ المُغِيْرَةِ.
قَالَ خَالِدُ بنُ نِزَارٍ: سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بنَ
المُغِيْرَةِ يَقُوْلُ:
قَدِمَ عَلَيْنَا البَصْرَةَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ،
فَأَرْسَلَ إِلَيَّ، فَقَالَ: بَلَغَنِي عَنْكَ
أَحَادِيْثُ، وَأَنَا عَلَى مَا تَرَى مِنَ الحَالِ،
فَأْتِنِي إِنْ خَفَّ عَلَيْكَ.
فَأَتَيْتُهُ، فَسَمِعَ مِنِّي.
قَالَ الخُرَيْبِيُّ: مَا رَأَيتُ بِالبَصْرَةِ أَفْضَلَ
مِنْ: سُلَيْمَانَ بنِ المُغِيْرَةِ، وَمَرْحُوْمِ بنِ
عَبْدِ العَزِيْزِ.
وَرَوَى: أَبُو طَالِبٍ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ،
قَالَ: هُوَ ثَبتٌ، ثَبتٌ.
وَرَوَى: الكَوْسَجُ، عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، قَالَ:
ثِقَةٌ، ثِقَةٌ.
وَقَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: لَمْ يَكُنْ فِي أَصْحَابِ
ثَابِتٍ أَثْبَتُ مِنْ حَمَّادِ بنِ
(7/418)
سَلَمَةَ (1) ، ثُمَّ سُلَيْمَانَ بنِ
المُغِيْرَةِ، ثُمَّ حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ (2) .
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: كَانَ سُلَيْمَانُ بنُ
المُغِيْرَةِ ثِقَةً، ثَبْتاً.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: كُنَّا
عِنْدَ شُعْبَةَ، فَجَاءَ سُلَيْمَانُ بنُ المُغِيْرَةِ
يَبْكِي، قَالَ:
مَاتَ حِمَارِي، وَذَهَبَتْ مِنِّي الجُمُعَةُ، وَذَهَبَتْ
حَوَائِجِي.
فَقَالَ شُعْبَةُ: بِكَمْ أَخَذْتَهُ؟
قَالَ: بِثَلاَثَةِ دَنَانِيْرَ.
قَالَ شُعْبَةُ: فَعِنْدِي ثَلاَثَةُ دَنَانِيْرَ، وَاللهِ
مَا أَمْلِكُ غَيْرَهَا، ثُمَّ دَفَعَهَا إِلَيْهِ (3).
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ مَحْبُوْبٍ: مَاتَ سُلَيْمَانُ بنُ
المُغِيْرَةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ.
157 - وَرْقَاءُ بنُ عُمَرَ بنِ كُلَيْبٍ اليَشْكُرِيُّ *
(ع)
الإِمَامُ، الثِّقَةُ، الحَافِظُ، العَابِدُ، أَبُو بِشْرٍ
اليَشْكُرِيُّ - وَيُقَالُ: الشَّيْبَانِيُّ -
الكُوْفِيُّ، نَزِيْلُ المَدَائِنِ.
يُقَالُ: أَصلُهُ مَرْوَزِيٌّ.
وَقِيْلَ: خُوَارَزْمِيٌّ.
حَدَّثَ عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ المُنْكَدِرِ، وَعَمْرِو بنِ
دِيْنَارٍ، وَأَبِي طُوَالَةَ، وَأَبِي الزُّبَيْرِ،
وَعَبْدِ اللهِ بنِ دِيْنَارٍ، وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ أَبِي
يَزِيْدَ، وَزَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، وَسِمَاكِ بنِ حَرْبٍ،
وَمَنْصُوْرِ بنِ المُعْتَمِرِ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي
نَجِيْحٍ، وَعَاصِمِ بنِ أَبِي النَّجُوْدِ، وَعَبْدِ
الأَعْلَى بنِ عَامِرٍ، وَسُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ
بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَبِي
__________
(1) ترجمته في الصفحة: 444.
(2) ترجمته في الصفحة: 456.
(3) تقدم الخبر في ترجمة شعبة بن الحجاج، الصفحة: 211.
(*) التاريخ الكبير: 8 / 188، الضعفاء: خ: 425، الجرح
والتعديل: 9 / 50 - 51، مشاهير علماء الأمصار: 175، الكامل
لابن عدي: خ: ورقة 352 / 1، تاريخ بغداد: 13 / 515 - 518،
تهذيب الكمال: خ: 1459 - 1460، تذهيب التهذيب: خ: 4 / 130،
تذكرة الحفاظ: 1 / 230، ميزان الاعتدال: 4 / 332، عبر
الذهبي: 1 / 237، طبقات القراء لابن الجزري: 2 / 358 -
359، تهذيب التهذيب: 11 / 113 - 115، طبقات الحفاظ: 97 -
98، خلاصة تذهيب الكمال: 419 - 420، شذرات الذهب: 1 / 251.
(7/419)
إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيِّ، وَأَبِي
الزِّنَادِ، وَعَطَاءِ بنِ السَّائِبِ، وَخَلْقٍ.
وَيَنْزِلُ إِلَى أَنْ يَرْوِيَ عَنْ: شُعْبَةَ.
وَعَنْهُ: شُعْبَةُ - وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ،
وَرِوَايَتُهُ عَنْهُ فِي (صَحِيْحِ مُسْلِمٍ)- وَابْنُ
المُبَارَكِ، وَيَحْيَى بنُ أَبِي زَائِدَةَ، وَابْنُ
نُمَيْرٍ، وَيَزِيْدُ، وَوَكِيْعٌ، وَأَبُو دَاوُدَ،
وَيَحْيَى بنُ آدَمَ، وَأَبُو النَّضْرِ، وَمُحَمَّدُ بنُ
يُوْسُفَ الفِرْيَابِيُّ، وَقَبِيْصَةُ، وَأَبُو نُعَيْمٍ،
وَشَبَابَةُ، وَالمُقْرِئُ، وَمُحَمَّدُ بنُ سَابِقٍ،
وَعَلِيُّ بنُ قَادِمٍ، وَعَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، وَخَلْقٌ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَالَ لِي شُعْبَةُ:
عَلَيْك بِوَرْقَاءَ، فَإِنَّكَ لاَ تَلْقَى بَعْدَهُ
مِثْلَهُ حَتَّى تَرجِعَ!
فَقِيْلَ لأَبِي دَاوُدَ: مَا يَعْنِي بِقَوْلِهِ؟
قَالَ: أَفْضَلُ وَأَورَعُ وَخَيْرٌ مِنْهُ (1) .
وَرَوَى: أَبُو دَاوُدَ، عَنْ أَحْمَدَ، قَالَ: وَرْقَاءُ:
ثِقَةٌ، صَاحِبُ سُنَّةٍ.
قِيْلَ: وَكَانَ مُرْجِئاً (2)؟
قَالَ: لاَ أَدْرِي.
وَقَالَ حَنْبَلٌ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ يَقُوْلُ:
وَرْقَاءُ مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ، يُصَحِّفُ فِي غَيْرِ
حَرفٍ.
وَكَانَ أَبُو عَبْدِ اللهِ ضَعَّفَهُ فِي التَّفْسِيْرِ.
وَرَوَى: حَرْبٌ الكَرْمَانِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ،
تَوْثِيْقَه فِي تَفْسِيْرِ ابْنِ أَبِي نَجِيْحٍ،
وَقَالَ: هُوَ أَوْثَقُ مِنْ شِبْلٍ.
وَقَالَ: إِلاَّ أَنَّ وَرْقَاءَ - يَقُوْلُوْنَ - لَمْ
يَسْمَعِ التَّفْسِيْرَ كُلَّه مِنِ ابْنِ أَبِي نَجِيْحٍ،
يَقُوْلُوْنَ: بَعْضُهُ عَرْضٌ.
وَقَالَ يَحْيَى القَطَّانُ: قَالَ مُعَاذٌ: قَالَ
وَرْقَاءُ: كِتَابُ التَّفْسِيْرِ، قَرَأْتُ نِصْفَه عَلَى
ابْنِ أَبِي نَجِيْحٍ، وَقَرَأَ عَلَيَّ نِصْفَهُ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيْحٍ (3) : هَذَا تَفْسِيْرُ
مُجَاهِدٍ (4).
__________
(1) للخبر رواية أخرى في " تاريخ بغداد: " 13 / 517.
(2) تقدم الحديث عن الارجاء في الصفحة: 165، حا: 2، وانظر:
382، حا: 5.
(3) زيادة من " تاريخ بغداد ": 13 / 316.
(4) وقال ابن حبان: ابن أبي نجيح نظير ابن جريج في كتاب
القاسم بن أبي بزة عن مجاهد في التفسير، رويا عن مجاهد من
غير سماع. وقال ابن الأنباري: ولا تصح رواية ابن أبي نجيح
=
(7/420)
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: تَفْسِيْرُ
وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيْحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ،
أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ تَفْسِيْرِ قَتَادَةَ.
قَالَ: وَتَفْسِيْرُ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ
مُرْسَلٌ، لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ إِلاَّ حَرفاً.
وَرَوَى: ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ يَحْيَى بنِ
مَعِيْنٍ: وَرْقَاءُ ثِقَةٌ.
وَرَوَى: الكَوْسَجُ، عَنْ يَحْيَى: صَالِحٌ.
وَرَوَى: المُفَضَّلُ بنُ غَسَّانَ، عَنْ يَحْيَى، قَالَ:
شَيْبَانُ وَوَرْقَاءُ ثِقَتَانِ.
وَقَالَ يَحْيَى القَطَّانُ: مَنْصُوْرٌ مِنْ رِوَايَةِ
وَرْقَاءَ عَنْهُ لاَ يُسَاوِي شَيْئاً.
وَقَالَ سُلَيْمَانُ بنُ إِسْحَاقَ الجَلاَّبُ: قَالَ لِي
إِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ:
لَمَّا قَرَأَ وَكِيْعٌ التَّفْسِيْرَ، قَالَ: خُذُوهُ،
فَلَيْسَ فِيْهِ عَنِ الكَلْبِيِّ، وَلاَ عَنْ وَرْقَاءَ
شَيْءٌ.
وَقَالَ شَبَابَةُ: قَالَ لِي شُعْبَةُ: اكْتُبْ
أَحَادِيْثَ وَرْقَاءَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ فِي (مَسَائِلِهِ): وَرْقَاءُ
صَاحِبُ سُنَّةٍ، إِلاَّ أَنَّ فِيْهِ إِرْجَاءً، وَشِبْلٌ
قَدَرِيٌّ (1) .
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَأَلْتُ أَبَا زُرْعَةَ:
وَرْقَاءُ أَحَبُّ إِلَيْك، أَوْ شُعَيْبُ بنُ
__________
= التفسير عن مجاهد.
وقد تعقب شيخ الإسلام في تفسير سورة الاخلاص، ص: 94، قول
هولاء، فقال: والشافعي في كتبه أكثر الذي ينقله عن ابن
عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، وكذلك البخاري في كتابه
يعتمد على هذا التفسير، وقول القائل: لا تصح رواية ابن أبي
نجيح عن مجاهد، جوابه: أن تفسير ابن أبي نجيح عن مجاهد من
أصح التفاسير، بل ليس بأيدي أهل التفسير كتاب في التفسير
أصح من تفسير ابن أبي نجيح عن مجاهد، إلا أن يكون نظيره في
الصحة.
(1) قال الشهرستاني: المعتزلة يسمون أصحاب العدل والتوحيد،
ويلقبون بالقدرية، وذلك لاسنادهم أفعال لقدرهم، وإنكارهم
القدر فيها موافقة لرأي معبد الجهني وغيلان الدمشقي، وقال
ابن الأثير: سموا قدرية لانهم أثبتوا للعبد قدرة توجد
الفعل بانفرادها واستقلالها دون الله تعالى.
ونفوا أن تكون الاشياء بقدر الله وقضائه.
(7/421)
أَبِي حَمْزَةَ؟
قَالَ: وَرْقَاءُ (1) .
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الحَدِيْثِ.
قَالَ يَحْيَى بنُ أَبِي طَالِبٍ: أَنْبَأَنَا أَبُو
المُنْذِرِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عُمَرَ، قَالَ:
دَخَلْنَا عَلَى وَرْقَاءَ بنِ عُمَرَ، وَهُوَ فِي
المَوْتِ، فَجَعَلَ يُهَلِّلُ، وَيُكَبِّرُ، وَيَذْكُرُ
اللهَ، وَقَالَ لابْنِهِ:
يَا بُنَيَّ! اكْفِنِي رَدَّ السَّلاَمِ عَلَى هَؤُلاَءِ،
لاَ يَشْغَلُوْنِي عَنْ رَبِّي -عَزَّ وَجَلَّ (2) -.
لَمْ يُؤَرِّخْهُ شَيْخُنَا (3) .
158 - دَاوُدُ الطَّائِيُّ أَبُو سُلَيْمَانَ بنُ نُصَيْرٍ
* (س)
الإِمَامُ، الفَقِيْهُ، القُدْوَةُ، الزَّاهِدُ،
الطَّائِيُّ، الكُوْفِيُّ، أَحَدُ الأَوْلِيَاءِ.
وُلِدَ: بَعْدَ المائَةِ بِسَنَوَاتٍ.
وَرَوَى عَنْ: عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ، وَحُمَيْدٍ
الطَّوِيْلِ، وَهِشَامِ بنِ عُرْوَةَ،
__________
(1) " الجرح والتعديل " 9 / 51، ولفظه " سألت أبا زرعة،
فقلت: ورقاء أحب إليك أو المغيرة ابن عبد الرحمن، أو شعيب
بن أبي حمزة، أو عبد الرحمن ".
(2) الخبر في: " تاريخ بغداد ": 13 / 518، و" التذكرة ": 1
/ 230، و" تهذيب التهذيب ": 11 / 115.
(3) أي: الحافظ أبو الحجاج المزي في " تهذيب الكمال ".
وقد ذكر المؤلف في " تذكرة الحفاظ، 1 / 231، أن وفاته كانت
سنة نيف وستين ومئة.
(*) طبقات ابن سعد: 6 / 367، التاريخ الكبير: 3 / 240،
التاريخ الصغير: 2 / 136 - 137، المعارف: 515، مشاهير
علماء الأمصار: 168 - 169، حلية الأولياء: 7 / 335 - 367،
تاريخ بغداد: 8 / 347 - 355، الكامل لابن الأثير: 6 / 50،
وفيات الأعيان: 2 / 259 - 263، تهذيب الكمال: خ: 394 -
395، تذهيب التهذيب: خ: 1 / 208 - 210، عبر الذهبي: 1 /
238، طبقات الاوليا: 200 - 203، تهذيب التهذيب: 3 / 203،
خلاصة تهذيب الكمال 111، شذرات الذهب: 1 / 256.
(7/422)
وَسُلَيْمَانَ الأَعْمَشِ، وَجَمَاعَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ عُلَيَّةَ، وَزَافِرُ بنُ
سُلَيْمَانَ، وَمُصْعَبُ بنُ المِقْدَامِ، وَإِسْحَاقُ بنُ
مَنْصُوْرٍ السَّلُوْلِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ،
وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ مِنْ كِبَارِ أَئِمَّةِ الفَقْهِ وَالرَّأْيِ،
بَرَعَ فِي العِلْمِ بِأَبِي حَنِيْفَةَ، ثُمَّ أَقْبَلَ
عَلَى شَأْنِهِ، وَلَزِمَ الصَّمْتَ، وَآثَرَ الخُمُوْلَ،
وَفَرَّ بِدِيْنِهِ.
سَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ حَدِيْثٍ، فَقَالَ: دَعْنِي
أُبَادِرْ خُرُوْجَ نَفْسِي.
وَكَانَ الثَّوْرِيُّ يُعَظِّمُهُ، وَيَقُوْلُ: أَبصَرَ
دَاوُدُ أَمرَهُ.
قَالَ ابْنُ المُبَارَكِ: هَلِ الأَمْرُ إِلاَّ مَا كَانَ
عَلَيْهِ دَاوُدُ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ غَرَّقَ كُتُبَهُ.
وَسَأَلَه زَائِدَةُ عَنْ تَفْسِيْرِ آيَةٍ، فَقَالَ: يَا
فُلاَنُ، انْقَطَعَ الجوَابُ.
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: كَانَ دَاوُدُ مِمَّنْ عَلِمَ
وَفَقُهَ (1) ، وَنَفَذَ فِي الكَلاَمِ، فَحَذَفَ
إِنْسَاناً، فَقَالَ أَبُو حَنِيْفَةَ: يَا أَبَا
سُلَيْمَانَ! طَالَ لِسَانُكَ وَيَدُكَ.
فَاخْتَلَفَ بَعْدَ ذَلِكَ سَنَةً، لاَ يَسْأَلُ وَلاَ
يُجِيْبُ (2) .
قُلْتُ: حَرَّبَ (3) نَفْسَهُ وَدرَّبَهَا، حَتَّى قَوِيَ
عَلَى العُزلَةِ.
__________
(1) الخبر في " تهذيب التهذيب ": 3 / 203، وزاد: " ثم أقبل
على العبادة ".
(2) نص الخبر في " الحلية ": 7 / 336: " قال سفيان بن
عيينة: كان داود ممن فقه، ثم علم، ثم عمل، وكان يجالس أبا
حنيفة، فحذف يوما إنسانا، فقال له أبو حنيفة: يا أبا
سليمان ! طالت يدك، وطال لسانك، قال: ثم كان يختلف ولا
يتكلم.
قال: فلما علم أنه يصبر، عمد إلى كتبه ففرقها في الفرات،
وأقبل على العبادة، وتخلى، وكان زائدة بن قدامة صديقا له،
قال: فأتاه يوما، فقال: يا أبا سليمان ! (آلم غلبت الروم)
، [ الروم: 2 ].
قال: وكان يجيب في هذه الآية، فقال له: يا أبا الصلت !
انقطع الجواب، ودخل بيته ".
وانظر " تاريخ بغداد " 8 / 348.
(3) حرب نفسه: عاداها وأغضبها.
يقال: حريته، أي: أغضبته، وحملته على الغضب، وعرفته بما
يغضب منه.
(7/423)
قَالَ أَبُو أُسَامَةَ: جِئْتُ أَنَا
وَابْن عُيَيْنَةَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: قَدْ جِئْتُمَانِي
مَرَّةً، فَلاَ تَعُودَا.
وَقِيْلَ: كَانَ إِذَا سَلَّمَ مِنَ الفَرِيْضَةِ أَسرَعَ
إِلَى مَنْزِلِهِ.
قَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَوْصِنِي.
قَالَ: اتَّقِ الله، وَبِرَّ وَالِدَيكَ، وَيْحَكَ! صُمِ
الدُّنْيَا، وَاجْعَلْ فِطْرَكَ المَوْتَ، وَاجْتَنِبِ
النَّاسَ غَيْرَ تَارِكٍ لِجَمَاعَتِهِم (1) .
وَعَنْهُ، قَالَ: كَفَى بِاليَقِيْنِ زُهداً، وَكَفَى
بِالعِلْمِ عِبَادَةً، وَكَفَى بِالعِبَادَةِ شُغُلاً.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: رَأَيتُ دَاوُدَ الطَّائِيَّ،
وَكَانَ مِنْ أَفصَحِ النَّاسِ وَأَعْلَمِهِم
بِالعَرَبِيَّةِ، يَلْبَسُ قَلَنْسُوَةً طَوِيْلَةً
سَوْدَاءَ.
وَعَنْ حَفْصٍ الجُعْفِيِّ، قَالَ: وَرِثَ دَاوُدُ
الطَّائِيُّ مِنْ أُمِّهِ أَرْبَعَ مائَةِ دِرْهَمٍ،
فَمَكَثَ يَتَقَوَّتُ بِهَا ثَلاَثِيْنَ عَاماً، فَلَمَّا
نَفِدَتْ، جَعَلَ يَنْقُضُ سُقُوفَ الدُّوَيْرَةِ،
فَيَبِيْعُهَا (2) .
قَالَ عَطَاءُ بنُ مُسْلِمٍ: عَاشَ دَاوُدُ عِشْرِيْنَ
سَنَةً بِثَلاَثِ مائَةِ دِرْهَمٍ.
وَقَالَ إِسْحَاقُ السَّلُوْلِيُّ: حَدَّثَتْنِي أُمُّ
سَعِيْدٍ، قَالَتْ:
كَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ دَاوُدَ الطَّائِيِّ جِدَارٌ
قَصِيْرٌ، فَكُنْتُ أَسْمَعُ حَنِيْنَه عَامَّةَ
اللَّيْلِ، لاَ يَهْدَأُ، وَرُبَّمَا تَرَنَّمَ فِي
السَّحَرِ بِالقُرْآنِ، فَأَرَى أَنَّ جَمِيْعَ
النَّعِيْمِ قَدْ جُمِعَ فِي تَرَنُّمِهِ، وَكَانَ لاَ
يُسرجُ عَلَيْهِ (3) .
قَالَ أَبُو دَاوُدَ الحَفَرِيُّ: قَالَ لِي دَاوُدُ
الطَّائِيُّ:
كُنْتَ تَأْتِيْنَا إِذْ كُنَّا، ثُمَّ مَا أُحِبُّ أَنْ
تَأْتِيَنِي.
__________
(1) انظر الخبر في " الحلية ": 7 / 342 - 344، و345.
(2) انظر " الحلية ": 7 / 347، 352. ففيه أخبار قريبة مما
ذكره المؤلف.
(3) الخبر في " الحلية ": 7 / 357. وفيه زيادة عما هنا،
فانظره.
(7/424)
قَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ:
حَضَرتُ دَاوُدَ، فَمَا رَأَيتُ أَشدَّ نَزْعاً مِنْهُ
(1).
وَقَالَ حَسَنُ بنُ بِشْرٍ: حَضَرتُ جَنَازَةَ دَاوُدَ
الطَّائِيِّ، فَحُمِلَ عَلَى سَرِيْرِيْنَ أَوْ ثَلاَثَةٍ،
تَكَسَّرُ مِنَ الزِّحَامِ (2) .
قِيْلَ: إِنَّ دَاوُدَ صَحِبَ حَبِيْباً العَجَمِيَّ،
وَلَيْسَ يَصِحُّ، وَلاَ عَلِمنَا دَاوُدَ سَارَ إِلَى
البَصْرَةِ، وَلاَ قَدِمَ حَبِيْبٌ الكُوْفَةَ.
وَمَنَاقِبُ دَاوُدَ كَثِيْرَةٌ، كَانَ رَأْساً فِي
العِلْمِ وَالعَمَلِ، وَلَمْ يُسْمَعْ بِمِثْلِ
جِنَازَتِه، حَتَّى قِيْلَ: بَاتَ النَّاسُ ثَلاَثَ
لَيَالٍ مَخَافَةَ أَنْ يَفُوْتَهُم شُهُوْدُهُ.
مَاتَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ.
وَقِيْلَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ (3) .
وَقَدْ سُقْتُ مِنْ حَدِيْثِهِ وَأَخْبَارِهِ فِي
(تَارِيْخِ الإِسْلاَمِ)، وَلَمْ يُخَلِّفْ بِالكُوْفَةِ
أَحَداً مِثْلَهُ.
159 - سُلَيْمَانُ بنُ بِلاَلٍ القُرَشِيُّ التَّيْمِيُّ
مَوْلاَهُم * (ع)
الإِمَامُ، المُفْتِي، الحَافِظُ، أَبُو مُحَمَّدٍ
التَّيْمِيُّ مَوْلاَهُم، المَدَنِيُّ.
وَقِيْلَ: كُنْيَتُهُ أَبُو أَيُّوْبَ، مَوْلَى عَبْدِ
اللهِ بنِ أَبِي عَتِيْقٍ، مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ.
وَيُقَالُ: مَوْلَى القَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ.
مَوْلِدُهُ: فِي حُدُوْدِ سَنَةِ مائَةٍ.
__________
(1) تتمة الخبر في " الحلية ": 7 / 341: " أتيناه من العشي
ونحن نسمع نزعه قبل أن ندخل، ثم غدونا عليه وهو في النزع،
فلم نبرح حتى مات ".
(2) تتمة الخبر في " الحلية ": 7 / 341: " تكسر من زحام
الناس عليه، فيغير السرير، وصلي عليه كذا وكذا مرة، ولقد
رأيته يوضع على القبر، فيجئ قوم، فيحملونه، فيذهبون به، ثم
يعيدونه إلى موضع قبره ".
(3) انظر سبب وفاته في " الحلية ": 7 / 340.
(*) طبقات ابن سعد: 5 / 420، طبقات خليفة: 275، تاريخ
خليفة: 448، التاريخ الكبير: 4 / 4، التاريخ الصغير: 2 /
213، الجرح والتعديل: 4 / 103، مشاهير علماء الأمصار: 140،
تهذيب الكمال: خ: 535، تذهيب التهذيب: خ: 2 / 46، تذكرة
الحفاظ: 1 / 234، عبر الذهبي: 1 / 261، تهذيب التهذيب: 4 /
175 - 176، طبقات الحفاظ: 99، خلاصة تذهيب الكمال: 150،
شذرات الذهب: 1 / 280.
(7/425)
وَحَدَّثَ عَنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ
دِيْنَارٍ، وَزَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، وَرَبِيْعَةَ
الرَّأْيِ، وَسُهَيْلِ بنِ أَبِي صَالِحٍ، وَأَبِي
طُوَالَةَ، وَهِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، وَثَوْرِ بنِ زَيْدٍ،
وَأَبِي حَازِمٍ الأَعْرَجِ، وَالعَلاَءِ بنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ، وَيَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، وَأَخِيْهِ؛ سَعْدِ
بنِ سَعِيْدٍ، وَعُمَارَةَ بنِ غَزِيَّةَ، وَمُعَاوِيَةَ
بنِ أَبِي مُزَرِّدٍ، وَخُثَيْمِ بنِ عِرَاكٍ، وَشَرِيْكِ
بنِ أَبِي نَمِرٍ، وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ،
وَيُوْنُسَ بنِ يَزِيْدَ، وَأَبِي وَجْزَةَ السَّعْدِيِّ،
وَعَمْرِو بنِ أَبِي عَمْرٍو، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ
اللهِ بنِ أَبِي عَتِيْقٍ، وَخَلْقٍ سِوَاهُم.
وَكَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ.
رَوَى عَنْهُ: ابنُهُ أَيُّوْبُ شَيْئاً يَسِيْراً.
وَرَوَى عَنْ: رَجُلٍ، عَنْهُ، نُسْخَةً.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ
أُوَيْسٍ، وَخَالِدُ بنُ مَخْلَدٍ، وَأَبُو وَهْبٍ،
وَسَعِيْدُ بنُ عُفَيْرٍ، وَأَبُو عَامِرٍ العَقَدِيُّ،
وَمَرْوَانُ بنُ مُحَمَّدٍ الطَّاطَرِيُّ، وَمُوْسَى بنُ
دَاوُدَ، وَمَنْصُوْرُ بنُ سَلَمَةَ الخُزَاعِيُّ،
وَيَحْيَى بنُ حَسَّانٍ، وَيَحْيَى بنُ صَالِحٍ
الوُحَاظِيُّ، وَيَحْيَى بنُ يَحْيَى، وَسَعِيْدُ بنُ
أَبِي مَرْيَمَ، وَالقَعْنَبِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ
المُبَارَكِ - مَعَ تَقَدُّمِهِ - وَمُحَمَّدُ بنُ خَالِدِ
بنِ عَثْمَةَ، وَلُوَيْنُ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عَبْدِ
اللهِ الأُوَيْسِيُّ، وَإِسْحَاقُ الفَرْوِيُّ،
وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي أُوَيْسٍ، وَخَلْقٌ غَيْرُهُم.
وَثَّقَهُ: أَحْمَدُ، وَابْنُ مَعِيْنٍ، وَالنَّسَائِيُّ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: لاَ بَأْسَ بِهِ، ثِقَةٌ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ
الدَّرَاوَرْدِيِّ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: كَانَ بَرْبَرِيّاً،
جَمِيْلاً، حَسَنَ الهَيْئَةِ، عَاقِلاً، وَكَانَ يُفْتِي
بِالمَدِيْنَةِ، وَوَلِيَ خَرَاجَهَا (1) ، وَكَانَ
ثِقَةً، كَثِيْرَ الحَدِيْثِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ: ابْنُ أَبِي
عَتِيْقٍ يُقَالُ لَهُ: مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي بَكْرٍ، لَمْ
يَروِ عَنْهُ - فِيْمَا عَلِمْتُ - غَيْرُ سُلَيْمَانَ بنِ
بِلاَلٍ.
قَالَ لِي أَيُّوْبُ بنُ سُلَيْمَانَ: مَا عَلِمتُ أَحَداً
رَوَى عَنْهُ بِالمَدِيْنَةِ غَيْرَ أَبِي.
__________
(1) طبقات ابن سعد 5 / 420: " وكان يفتي بالبلد، وولي خراج
المدينة..".
(7/426)
قَالَ الذُّهْلِيُّ: لَوْلاَ أَنَّ
سُلَيْمَانَ قَامَ بِحَدِيْثِهِ، لَذَهَبَ حَدِيْثُه،
وَلاَ أَعْلَمُهُ كَتَبَ عَنْ سُلَيْمَانَ حَدِيْثَ ابْنِ
أَبِي عَتِيْقٍ هَذَا، سِوَى عَبْدِ الحَمِيْدِ بنِ أَبِي
أُوَيْسٍ الأَعْشَى، وَمَا ظَنَنْتُ أَنَّ عِنْدَ
سُلَيْمَانَ بنِ بِلاَلٍ مِنَ الحَدِيْثِ مَا عِنْدَهُ،
حَتَّى نَظَرْتُ فِي كِتَابِ ابْنِ أَبِي أُوَيْسٍ،
فَإِذَا هُوَ قَدْ تَبَحَّرَ حَدِيْثَ المَدَنِيِّينَ،
وَإِذَا هُوَ قَدْ رَوَى عَنْ: يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ
الأَنْصَارِيِّ قَطِيْعاً مِنْ حَدِيْثِ الزُّهْرِيِّ،
وَعَنْ يُوْنُسَ الأَيْلِيِّ.
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ: سُلَيْمَانُ بنُ
بِلاَلٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ هِشَامِ بنِ سَعْدٍ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: سُلَيْمَانُ مُتَقَارِبٌ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: تُوُفِّيَ بِالمَدِيْنَةِ، سَنَةَ
اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَرَوَى: البُخَارِيُّ، عَنْ هَارُوْنَ بنِ مُحَمَّدٍ:
أَنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِيْنَ.
وَالأَوَّلُ أَصَحُّ، وَلَوْ تَأَخَّرَ، لَلَقِيَهُ
قُتَيْبَةُ، وَطَائِفَةٌ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَافِظِ بنُ بَدْرَانَ، وَيُوْسُفُ
بنُ غَالِيَةَ، قَالاَ:
أَنْبَأَنَا مُوْسَى بنُ عَبْدِ القَادِرِ، أَنْبَأَنَا
سَعِيْدُ بنُ أَحْمَدَ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ
البُسْرِيِّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مُحَمَّدٍ،
حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ سُلَيْمَانَ بنِ نَضْلَةَ،
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ بِلاَلٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ
عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
قَالَ: (يَنْزِلُ اللهُ كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ
الدُّنْيَا بِنِصْفِ اللَّيْلِ، أَوِ الثُّلُثِ الآخِرِ،
فَيَقُوْلُ:
مَنْ ذَا الَّذِي يَدْعُوْنِي فَأَسْتَجِيْبَ لَهُ؟ وَمَنْ
ذَا الَّذِي يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ؟ وَمَنْ ذَا الَّذِي
يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ؟
حَتَّى يَطْلُعَ الفَجْرُ، أَوْ يَنْصَرِفَ القَارِئُ مِنْ
صَلاَةِ الصُّبْحِ) (1).
__________
(1) صحيح. وأخرجه مالك في " الموطأ ": (498)، والبخاري: 3
/ 25، في التهجد: باب الدعاء والصلاة من آخر الليل، ومسلم:
(758)، في صلاة المسافرين: باب الترغيب في الدعاء والذكر
في آخر الليل والاجابة فيه، من طريق ابن شهاب، عن أبي سلمة
بن عبد الرحمن وأبي عبد الرحمن الاغر، عن أبي هريرة. ولشيخ
الإسلام كتاب شرح فيه هذا الحديث أجاد في شرحه كل الاجادة.
فليراجع.
(7/427)
160 - سَلاَّمُ بنُ أَبِي مُطِيْعٍ
الخُزَاعِيُّ مَوْلاَهُم * (خَ، م، ت، س)
الإِمَامُ، الثِّقَةُ، القُدْوَةُ، أَبُو سَعِيْدٍ
الخُزَاعِيُّ مَوْلاَهُم، البَصْرِيُّ.
عَنْ: قَتَادَةَ، وَشُعَيْبِ بنِ الحَبْحَابِ،
وَأَيُّوْبَ، وَعُثْمَانَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مَوْهَبٍ،
وَهِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، وَأَبِي عَمْرٍو الجَوْنِيِّ،
وَأَسْمَاءَ بنِ عُبَيْدٍ، وَعِدَّةٍ.
وَيَنْزِلُ إِلَى: مَعْمَرِ بنِ رَاشِدٍ، وَنَحْوِهِ.
وَعَنْهُ: ابْنُ المُبَارَكِ، وَابْنُ مَهْدِيٍّ،
وَسَعِيْدُ بنُ عَامِرٍ الضُّبَعِيُّ، وَيُوْنُسُ بنُ
مُحَمَّدٍ، وَأَبُو الوَلِيْدِ، وَسُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ،
وَعَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، وَمُوْسَى بنُ إِسْمَاعِيْلَ،
وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ الحَجَّاجِ السَّامِيُّ، وَمُسَدَّدٌ،
وَهُدْبَةُ، وَعَبْدُ الأَعْلَى بنُ حَمَّادٍ، وَخَلْقٌ
سِوَاهُم.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: ثِقَةٌ، صَاحِبُ سُنَّةٍ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الحَدِيْثِ.
وَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ التَّبُوْذَكِيُّ: كَانَ يُقَالُ:
هُوَ أَعقَلُ أَهْلِ البَصْرَةِ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ السِّجْزِيُّ: هُوَ القَائِلُ: لأَنْ
أَلْقَى اللهَ بِصَحِيْفَةِ الحَجَّاجِ، أَحَبُّ إِلَيَّ
مِنْ أَنْ أَلْقَى اللهَ بِصَحِيْفَةِ عَمْرِو بنِ
عُبَيْدٍ (1).
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
وَقَالَ مَرَّةً: ثِقَةٌ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَيْسَ بِمُسْتقِيْمِ الحَدِيْثِ
عَنْ قَتَادَةَ خَاصَّةً، وَلَهُ أَحَادِيْثُ حِسَانٌ
غَرَائِبُ، وَأَفرَادَاتٌ، وَهُوَ يُعَدُّ مِنْ خُطبَاءِ
أَهْلِ البَصْرَةِ، وَمِنْ عُقَلاَئِهِم.
__________
(*) طبقات خليفة: 223، تاريخ خليفة: 449، التاريخ الكبير:
4 / 134، التاريخ الصغير: 2: 159، الجرح والتعديل: 4 / 258
- 259، كتاب المجروحين: 1 / 341، الكامل لابن عدي: خ: 329
- 330، حلية الأولياء: 6 / 188 - 192، تهذيب الكمال: خ:
567، تذهيب التهذيب: خ: 2 / 67، ميزان الاعتدال: 2 / 181 -
182، عبر الذهبي: 1 / 263، تهذيب التهذيب: 4 / 287 - 288،
خلاصة تذهيب الكمال: 160، شذرات الذهب: 1 / 282 - 283.
(1) عمرو بن عبيد بن باب، التيمي بالولاء، أبو عثمان
البصري، شيخ المعتزلة في عصره ومفتيها، وأحد الزهاد
المشهورين: تقدمت ترجمته في " السير ".
(7/428)
وَكَانَ كَثِيْرَ الحجِّ، وَمَاتَ فِي
طَرِيْقِ مَكَّةَ، وَلَمْ أَرَ أَحَداً مِنَ
المُتَقَدِّمِيْنَ نَسَبَهُ إِلَى الضَّعفِ (1) .
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ مَحْبُوْبٍ: مَاتَ وَهُوَ مُقْبِلٌ
مِنْ مَكَّةَ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ خَلِيْفَةُ، وَابْنُ قَانِعٍ: مَاتَ سَنَةَ
ثَلاَثٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَةٍ.
قُلْتُ: هَذَا أَصحُّ.
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَثِيْرُ الوَهْمِ، لاَ يُحْتَجُّ
بِهِ إِذَا انْفرَدَ.
قُلْتُ: قَدِ احْتَجَّ بِهِ الشَّيْخَانِ، وَلاَ يَنحَطُّ
حَدِيْثُه عَنْ دَرَجَةِ الحَسَنِ.
قَالَ زُهَيْرٌ البَابِيُّ: سَمِعْتُ سَلاَّمَ بنَ أَبِي
مُطِيْعٍ يَقُوْلُ:
الجَهْمِيَّةُ (2) كُفَّارٌ، لاَ يُصَلَّى خَلْفَهُم.
قُلْتُ: وَكَذَا يَقُوْلُ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ فِي
أَقْوَى الرِّوَايَتَينِ عَنْهُ، وَهُمُ الَّذِيْنَ
جَحَدُوا الصِّفَاتِ المُقدَّسَةَ، وَقَالُوا بِخَلقِ
القُرْآنِ.
161 - الخَلِيْلُ بنُ أَحْمَدَ الفَرَاهِيْدِيُّ أَبُو
عَبْدِ الرَّحْمَنِ *
الإِمَامُ، صَاحِبُ العَرَبِيَّةِ، وَمُنْشِئُ عِلْمِ
العَرُوضِ، البَصْرِيُّ، أَحَدُ الأَعْلاَمِ.
__________
(1) الكامل لابن عدي: خ: 330، وتمامه: " وأكثر ما فيه أن
روايته عن قتادة فيها أحاديث ليست بمحفوظة، لا يرويها عن
قتادة غيره، ومع هذا كله فهو عندي لا بأس به، وبرواياته.
(2) انظر الحديث عن " الجهمية " في الصفحة: 311، حا: 3.
(*) التاريخ الكبير: 3 / 199 - 200، المعارف: 541، طبقات
ابن المعتز: 96 - 99، الجرح والتعديل: 3 / 380، طبقات
النحويين للزبيدي: 47 - 51، الفهرست: المقالة الثانية الفن
الأول، معجم الأدباء: 11 / 72 - 77، الكامل لابن الأثير: 6
/ 50، إنباه الرواة: 1 / 341 - 347، تهذيب الأسماء
واللغات: 1 / 177 - 178، وفيات الأعيان: 2 / 244 - 248،
تهذيب الكمال: خ: 382 - 383، تذهيب التهذيب: خ: 1 / 201 -
202، عبر الذهبي: 1 / 68 البداية والنهاية: 10 / 161 -
162، البلغة في تاريخ أئمة اللغة: 79، طبقات القراء لابن
الجزري: 1 / 275، تهذيب التهذيب: 3 / 163 - 164، بغية
الوعاة: 1 / 557 - 560، خلاصة تذهيب الكمال: 106، شذرات
الذهب: 1 / 275 - 277.
(7/429)
حَدَّثَ عَنْ: أَيُّوْبَ
السِّخْتِيَانِيِّ، وَعَاصِمٍ الأَحْوَلِ، وَالعَوَّامِ
بنِ حَوْشَبٍ، وَغَالِبٍ القَطَّانِ.
أَخَذَ عَنْهُ: سِيْبَوَيْه النَّحْوَ، وَالنَّضْرُ بنُ
شُمَيْلٍ، وَهَارُوْنُ بنُ مُوْسَى النَّحْوِيُّ، وَوَهْبُ
بنُ جَرِيْرٍ، وَالأَصْمَعِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ رَأْساً فِي لِسَانِ العَرَبِ، دَيِّناً، وَرِعاً،
قَانِعاً، مُتَوَاضِعاً، كَبِيْرَ الشَّأْنِ.
يُقَالُ: إِنَّهُ دَعَا اللهَ أَنْ يَرْزُقَه عِلْماً لاَ
يُسبَقُ إِلَيْهِ، فَفُتِحَ لَهُ بِالعَرُوضِ، وَلَهُ
كِتَابُ (العَيْنِ) فِي اللُّغَةِ.
وَثَّقَهُ: ابْنُ حِبَّانَ.
وَقِيْلَ: كَانَ مُتَقَشِّفاً، مُتَعَبِّداً.
قَالَ النَّضْرُ: أَقَامَ الخَلِيْلُ فِي خُصٍّ (1) لَهُ
بِالبَصْرَةِ، لاَ يَقْدِرُ عَلَى فَلْسَيْنِ،
وَتَلاَمِذتُهُ يَكسِبُوْنَ بِعِلْمِهِ الأَمْوَالَ،
وَكَانَ كَثِيْراً مَا يُنشِدُ:
وَإِذَا افْتَقَرْتَ إِلَى الذَّخَائِرِ لَمْ تَجِدْ ...
ذُخْراً يَكُوْنُ كَصَالِحِ الأَعْمَالِ (2)
وَكَانَ -رَحِمَهُ اللهُ- مُفْرطَ الذَّكَاءِ.
وُلِدَ: سَنَةَ مائَةٍ.
وَمَاتَ: سَنَةَ بِضْعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ.
وَقِيْلَ: بَقِيَ إِلَى سَنَةِ سَبْعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَكَانَ هُوَ وَيُوْنُسَ إِمَامَيْ أَهْلِ البَصْرَةِ فِي
العَرَبِيَّةِ، وَمَاتَ وَلَمْ يُتَمِّمْ كِتَابَ (
__________
(1) الخص: بيت من شجر أو قصب، وقيل: الخص: البيت الذي يسقف
عليه بخشبة على هيئة الازج، والجمع أخصاص.
سمي بذلك لأنه يرى ما فيه من خصاصة، أي: فرجة.
قال الفزاري: الخص فيه تقر أعيننا * خير من الآجر والكمد
وحانوت الخمار يسمى خصا أيضا.
(2) البيت للاخطل التغلبي غياث بن غوث بن الصلت، أبو مالك،
المتوفى سنة (90 ه)، من قصيدة يمدح بها عكرمة بن ربعي
الفياض، مطلعها: لمن الديار بحائل فوعال * درست وغيرها
سنون حوالي الديوان: 1 / 136، وما بعدها.
(تحقيق: د. فخر الدين قباوة - دار الأصمعي بحلب).
(7/430)
العَيْنِ)، وَلاَ هَذَّبَهُ، وَلَكِنَّ
العُلَمَاءَ يَغرِفُوْنَ مِنْ بَحْرِهِ.
قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: الخَلِيْلُ بنُ أَحْمَدَ بنِ
عَمْرِو بنِ تَمِيْمٍ الأَزْدِيُّ (1) ، قِيْلَ: كَانَ
يَعْرِفُ عِلْمَ الإِيقَاعِ وَالنَّغَمِ، فَفَتَحَ لَهُ
ذَلِكَ عِلْمَ العَرُوضِ.
وَقِيْلَ: مَرَّ بِالصَّفَّارِيْنَ (2) ، فَأَخَذَهُ مِنْ
وَقْعِ مِطْرَقَةٍ عَلَى طَسْتٍ (3) .
وَهُوَ مَعْدُوْدٌ فِي الزُّهَّادِ، كَانَ يَقُوْلُ:
إِنِّيْ لأُغْلِقُ عَلَيَّ بَابِي، فَمَا يُجَاوِزُهُ
هَمِّي.
وَقَالَ: أَكمَلُ مَا يَكُوْنُ الإِنْسَانُ عَقْلاً
وَذِهْناً عِنْدَ الأَرْبَعِيْنَ.
وَعَنْهُ، قَالَ: لاَ يَعرِفُ الرَّجُلُ خَطَأَ
مُعَلِّمِهِ حَتَّى يُجَالِسَ غَيْرَه.
قَالَ أَيُّوْبُ بنُ المُتَوَكِّلِ: كَانَ الخَلِيْلُ
إِذَا أَفَادَ إِنْسَاناً (4) شَيْئاً، لَمْ يُرِهِ
بِأَنَّهُ أَفَادَه، وَإِنِ اسْتفَادَ مِنْ أَحَدٍ
شَيْئاً، أَرَاهُ بِأَنَّهُ اسْتَفَادَ مِنْهُ.
قُلْتُ: صَارَ طَوَائِفُ فِي زَمَانِنَا بِالعَكْسِ.
162 - أَبَانُ بنُ يَزِيْدَ العَطَّارُ أَبُو يَزِيْدَ *
(خَ، م، د، س)
الحَافِظُ، الإِمَامُ، أَبُو يَزِيْدَ البَصْرِيُّ، مِنْ
كِبَارِ عُلَمَاءِ الحَدِيْثِ.
__________
(1) الوفيات: 2 / 244. انظره.
(2) الصفارون: ج، صفار: وهو الصفر، والصفر: النحاس الجيد،
أو ضرب منه.
(3) الطست: إناء كبير مستدير، من نحاس أو نحوه، يغسل فيه.
(4) في الأصل: " إنسان " بالرفع، وهو خطأ.
(*) طبقات ابن سعد: 7 / 284، التاريخ الكبير: 1 / 454،
الجرح والتعديل: 2 / 299، مشاهير علماء الأمصار: 158،
الكامل لابن عدي: خ: 53، تهذيب الكمال: خ: 49: تذهيب
التهذيب: خ: 1 / 32، تذكرة الحفاظ: 1 / 201 - 202، ميزان
الاعتدال: 1 / 16، الوافي بالوفيات: 5 / 301، طبقات القراء
لابن الجزري: 1 / 4، تهذيب التهذيب: 1 / 101 - 102، طبقات
الحفاظ: 87، خلاصة تذهيب الكمال: 14 - 15.
(7/431)
رَوَى عَنِ: الحَسَنِ البَصْرِيِّ، وَأَبِي
عِمْرَانَ الجَوْنِيِّ، وَعَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ،
وَقَتَادَةَ، وَيَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ، وَبُدَيْلِ
بنِ مَيْسَرَةَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ، وَمُسْلِمُ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ، وَحَبَّانُ بنُ هِلاَلٍ، وَسَهْلُ بنُ
بَكَّارٍ، وَعَفَّانُ بنُ مُسْلِمٍ، وَمُوْسَى بنُ
إِسْمَاعِيْلَ التَّبُوْذَكِيُّ، وَشَيْبَانُ بنُ
فَرُّوْخٍ، وَهُدْبَةُ بنُ خَالِدٍ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: كَانَ ثَبْتاً فِي كُلِّ
مَشَايِخِه.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَأَحْمَدُ العِجْلِيُّ،
وَالنَّسَائِيُّ: كَانَ ثِقَةً.
زَادَ العِجْلِيُّ: يَرَى القَدَرَ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ: سُئِلَ يَحْيَى بنُ
مَعِيْنٍ عَنْ أَبَانٍ وَهَمَّامٍ، فَقَالَ:
كَانَ يَحْيَى القَطَّانُ يَرْوِي عَنْ أَبَانٍ، وَكَانَ
أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ هَمَّامٍ، وَأَنَا فَهَمَّامٌ
أَحَبُّ إِلَيَّ.
وَأَمَّا مُحَمَّدُ بنُ يُوْنُسَ الكُدَيْمِيُّ، فَرَوَى
عَنْ: عَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ، عَنْ يَحْيَى بنِ
سَعِيْدٍ: أَنَّهُ لَيَّنَ أَبَاناً، وَقَالَ: لاَ
أُحَدِّثُ (1) عَنْهُ.
فَإِنْ صَحَّ هَذَا، فَقَدْ كَانَ لاَ يَرْوِي عَنْهُ،
ثُمَّ رَوَى عَنْهُ، وَتَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ.
فَقَدْ رَوَى: عَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ، عَنْ يَحْيَى بنِ
مَعِيْنٍ، قَالَ:
مَاتَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ، وَهُوَ يَرْوِي عَنْ أَبَانِ
بنِ يَزِيْدَ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الحَدِيْثِ.
وَذَكَرَهُ: أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ، فَقَالَ: هُوَ
مُتَمَاسِكٌ، يُكْتَبُ حَدِيْثُهُ.
قُلْتُ: الرَّجُلُ ثِقَةٌ، حُجَّةٌ، قَدِ احْتَجَّ بِهِ
صَاحِبَا (الصَّحِيْحِ)، وَلَمْ أَقَعْ
__________
(1) في " تهذيب التهذيب ": 1 / 102: " أنا لا أروي عنه ".
ثم قال ابن حجر: " ولم يذكر من وثقه، وهذا من عيوب كتابه،
يذكر من طعن الراوي، ولا يذكر من وثقه، والديمي ليس بمعتمد
".
(7/432)
بِتَارِيْخِ مَوْتِهِ، وَهُوَ قَرِيْبٌ
مِنْ مَوْتِ رَفِيْقِهِ هَمَّامِ بنِ يَحْيَى (1) .
163 - نَافِعُ بنُ عُمَرَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ جَمِيْلٍ
الجُمَحِيُّ * (ع)
ابْن عَامِرِ بنِ حِذْيَمِ بنِ سَلاَمَانَ بنِ رَبِيْعَةَ
بنِ سَعْدِ بنِ جُمَحَ، الحَافِظُ، الإِمَامُ، الثَّبْتُ،
الجُمَحِيُّ، المَكِّيُّ.
حَدَّثَ عَنِ: ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَأُمَيَّةَ بنِ
صَفْوَانَ الجُمَحِيِّ، وَبِشْرِ بنِ عَاصِمٍ
الثَّقَفِيِّ، وَعَبْدِ المَلِكِ بنِ أَبِي مَحْذُوْرَةَ،
وَعَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي شَيْخٍ
السَّهْمِيِّ، وَسَعِيْدِ بنِ حَسَّانٍ، وَسَعِيْدِ بنِ
أَبِي هِنْدٍ، وَرِوَايَتُهُ عَنْ سَعِيْدٍ فِي (الأَدِبِ)
لِلبُخَارِيِّ، وَهُوَ أَكْبَرُ شَيْخٍ لَهُ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ المُبَارَكِ، وَيَحْيَى القَطَّانُ،
وَأَبُو أُسَامَةَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ،
وَوَكِيْعٌ، وَيَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ، وَمُحَمَّدُ بنُ
بِشْرٍ، وَبِشْرُ بنُ السَّرِيِّ، وَسُرَيْجُ بنُ
النُّعْمَانِ، وَخَلاَّدُ بنُ يَحْيَى، وَسَعِيْدُ بنُ
أَبِي مَرْيَمَ، وَمُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ الفِرْيَابِيُّ،
وَأَبُو سَلَمَةَ التَّبُوْذَكِيُّ، وَيُوْنُسُ بنُ
مُحَمَّدٍ المُؤَدِّبُ، وَيَسَرَةُ بنُ صَفْوَانَ،
وَمُحْرِزُ بنُ سَلَمَةَ العَدَنِيُّ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ
الأُوَيْسِيُّ، وَالقَعْنَبِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ سِنَانٍ
العَوَقِيُّ، وَدَاوُدُ بنُ عَمْرٍو الضَّبِّيُّ، وَخَلْقٌ
سِوَاهُم.
تكَاثَرُوا عَلَيْهِ؛ لإِتْقَانِهِ، وَعُلُوِّ سَنَدِهِ.
قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: كَانَ مِنْ أَثبتِ النَّاسِ.
وَرَوَى: أَبُو طَالِبٍ، عَنْ أَحْمَدَ: ثِقَةٌ، ثَبْتٌ،
صَحِيْحُ الحَدِيْثِ.
وَرَوَى: عَبْدُ
__________
(1) كانت وفاة همام سنة (164 ه)، على أغلب الأقوال. انظر
ترجمته في الصفحة: 296، وما بعدها.
(*) طبقات ابن سعد: 5 / 494، طبقات خليفة: 283، التاريخ
الكبير: 8 / 86، التاريخ الصغير: 2 / 178، الجرح والتعديل:
8 / 456، مشاهير علماء الأمصار: 148، تهذيب الكمال: خ:
1403، تذهيب التهذيب: خ: 4 / 90 - 91، تذكرة الحفاظ: 1 /
231، ميزان الاعتدال: 4 / 241، عبر الذهبي: 1 / 257، العقد
الثمين: 7 / 326 - 327، تهذيب التهذيب: 10 / 409، طبقات
الحفاظ: 98، خلاصة تذهيب الكمال: 399، شذرات الذهب: 1 /
270.
(7/433)
الله بنُ أَحْمَدَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
نَافِعُ بنُ عُمَرَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ عَبْدِ
الجَبَّارِ بنِ الوَرْدِ، وَأَصحُّ حَدِيْثاً، وَهُوَ فِي
الثِّقَاتِ ثِقَةٌ.
وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ، وَالنَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَأَلْتُ أَبِي عَنْهُ،
فَقَالَ: ثِقَةٌ.
قُلْتُ: يُحتَجُّ بِهِ؟
قَالَ: نَعَمْ.
وَرَوَى: ابْنُ سَعْدٍ، عَنْ شِهَابِ بنِ عَبَّادٍ، قَالَ:
مَاتَ بِمَكَّةَ، سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ،
وَكَانَ ثِقَةً، قَلِيْلَ الحَدِيْثِ، فِيْهِ شَيْءٌ.
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: أُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ، مَاتَ
بِفَخَّ (1) ، سَنَةَ تِسْعٍ.
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي الفَضْلِ أَحْمَدَ بنِ هِبَةِ اللهِ
بنِ أَحْمَدَ، عَنْ أَبِي رَوْحٍ الهَرَوِيِّ، أَنْبَأَنَا
تَمِيْمٌ الجُرْجَانِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو سَعِيْدٍ
الكَنْجَرُوْذِيُّ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ،
أَنْبَأَنَا أَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ، حَدَّثَنَا
دَاوُدُ بنُ عَمْرٍو الضَّبِّيُّ، حَدَّثَنَا نَافِعُ بنُ
عُمَرَ الجُمَحِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ:
قَالَتْ عَائِشَةُ: تُوُفِّيَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي بَيْتِي، وَفِي يَوْمِي،
وَبَيْنَ سَحرِي وَنَحْرِي، وَجَمَعَ اللهُ بَيْنَ رِيْقِي
وَرِيْقِهِ، دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ بِسِوَاكٍ، فَضَعُفَ
عَنْهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
فَأَخَذْتُهُ، ثُمَّ مَضَغْتُهُ، ثُمَّ سَنَنْتُهُ بِهِ.
أَخْرَجَهُ: البُخَارِيُّ (2) ، عَنِ ابْنِ أَبِي
مَرْيَمَ، عَنْ نَافِعٍ، فَوَقَعَ لَنَا بَدَلاً عَالِياً.
164 - عِيْسَى بنُ مُوْسَى بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ
عَبْدِ اللهِ بنِ العَبَّاسِ الهَاشِمِيُّ *
وَلِيُّ العَهْدِ، أَبُو مُوْسَى الهَاشِمِيُّ.
__________
(1) فخ: واد بمكة، وقيل: الفخ: وادي الزاهر، ويروى قول
بلال: ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة * بفخ وعندي إذخر وجليل
؟ " معجم البلدان " (2) 6 / 147، في الخمس: باب ما جاء في
بيوت أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - رقم (3100) وانظر
البخاري: (4438)، (4449)، (4450)، (4451).
والسحر: الرئة، أي أنه مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم
- وهو مستند إلى صدرها وما يحاذي سحرها منه.
(*) تاريخ خليفة: 411، 412، 414، 416، 420، 421، 422، 423،
429، =
(7/434)
عَاشَ: خَمْساً وَسِتِّيْنَ سَنَةً.
وَكَانَ فَارِسَ بَنِي العَبَّاسِ، وَسَيْفَهُمُ
المَسْلُوْلَ، جَعَلَهُ السَّفَّاحُ وَلِيَّ عَهْدِ
المُؤْمِنِيْنَ بَعْدَ المَنْصُوْرِ، وَهُوَ الَّذِي
انْتُدِبَ لِحَرْبِ ابْنَيْ عَبْدِ اللهِ بنِ حَسَنٍ،
فَظَفِرَ بِهِمَا، وَقُتِلاَ، وَتَوطَّدَتِ الدَّوْلَةُ
العَبَّاسِيَّة بِهِ.
وَقَدْ تَحَيَّلَ عَلَيْهِ المَنْصُوْرُ بِكُلِّ مُمْكِنٍ،
حَتَّى أَخَّرَهُ، وَقَدَّمَ فِي العَهْدِ عَلَيْهِ
المَهْدِيَّ، فَيُقَالُ: بَذَلَ لَهُ بَعْدَ الرَّغْبَةِ
وَالرَّهْبَةِ عَشْرَةَ آلاَفِ أَلْفِ دِرْهَمٍ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ،
بِالكُوْفَةِ.
وَلَهُ: أَوْلاَدٌ، وَأَمْوَالٌ، وَحِشْمَةٌ، وَشَأْنٌ.
165 - أَبُو مَعْشَرٍ نَجِيْحُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
السِّنْدِيُّ * (4)
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، صَاحِبُ (المَغَازِي)، ثُمَّ
المَدَنِيُّ، مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، كَانَ مُكَاتِباً
لامْرَأَةٍ مَخْزُوْمِيَّةٍ، فَأَدَّى، فَعُتِقَ،
فَاشْتَرتْ بِنْتُ المَنْصُوْر وَلاَءهُ، وَهَذَا لاَ
يَجُوْزُ.
وَقِيْلَ: بَلْ اشْتَرَتْه وَأَعْتَقَتْه.
وَيُقَالُ: أَصْلُهُ حِمْيَرِيٌّ.
رَأَى: أَبَا أُمَامَةَ بنَ سَهْلِ بنِ حُنَيْفٍ،
المُتَوَفَّى سَنَةَ مائَةٍ.
وَحَدَّثَ عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ كَعْبٍ، وَسَعِيْدٍ
المَقْبُرِيِّ، وَنَافِعٍ العُمَرِيِّ، وَمُوْسَى بنِ
يَسَارٍ، وَابْنِ المُنْكَدِرِ، وَأَبِي وَهْبٍ مَوْلَى
أَبِي هُرَيْرَةَ، وَمُحَمَّدِ بنِ قَيْسٍ القَاصِّ،
وَمُحَمَّدِ بنِ عَمْرٍو، وَهِشَامِ بنِ عُرْوَةَ،
وَعِدَّةٍ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ رَوَى
__________
= 430، 432، 434، تاريخ الطبري: 7 / 458، 8 / 7، 9، 39،
62، 121، 164، الوزراء والكتاب: 126 - 127 ضمن أخبار أيام
المنصور، الكامل لابن الأثير: 5 / 141، 409، 416، 417،
445، 454، 461، 463، عبر الذهبي: 1 / 253، شذرات الذهب: 1
/ 266.
(*) طبقات ابن سعد: 5 / 418، التاريخ الكبير: 8 / 114،
التاريخ الصغير: 2 / 172، 205، المعارف: 504، المعرفة
والتاريخ: 2 / 166، 3 / 206، الضعفاء: خ: 421، الجرح
والتعديل: 8 / 493 - 495، كتاب المجروحين والضعفاء: 3 /
160 - 161، الكامل لابن عدي: خ: 811، الفهرست: المقالة
الثالثة الفن الأول، تاريخ بغداد: 13 / 457 - 462، تهذيب
الكمال: خ: 1406 - 1407، تذهيب التهذيب: خ: 4 / 92 - 93،
تذكرة الحفاظ: 1 / 234 - 235، ميزان الاعتدال: 4 / 246،
عبر الذهبي: 1 / 258 - 259، تهذيب التهذيب: 10 / 419 -
422، طبقات الحفاظ: 100، خلاصة تذهيب الكمال: 471، شذرات
الذهب: 1 / 278.
(7/435)
عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، وَفِيْهِ
بُعْدٌ، لَعَلَّهُ سَعِيْدٌ المَقْبُرِيُّ، عَلَى أَنَّ
ذَلِكَ فِي (جَامِعِ التِّرْمِذِيِّ).
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ؛ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي مَعْشَرٍ
(بِالمَغَازِي) لَهُ، فَكَانَ خَاتِمَةَ مَنْ رَوَى
عَنْهُ، وَاللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ، وَهُشَيْمٌ، وَسُفْيَانُ
الثَّوْرِيُّ - مَعَ تَقدُّمِهِ - وَوَكِيْعٌ، وَيَزِيْدُ،
وَمُحَمَّدُ بنُ سَوَاءٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
مَهْدِيٍّ، وَأَنَسُ بنُ عِيَاضٍ اللَّيْثِيُّ، وَأَبُو
النَّضْرِ، وَهَوْذَةُ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَمُحَمَّدُ
بنُ بَكَّارِ بنِ الرَّيَّانِ، وَعَاصِمُ بنُ عَلِيٍّ،
وَسَعِيْدُ بنُ مَنْصُوْرٍ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَأَبُو
الوَلِيْدِ، وَأَبُو الرَّبِيْعِ الزَّهْرَانِيُّ،
وَإِسْحَاقُ بنُ الطَّبَّاعِ، وَمُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ
الوَرْكَانِيُّ، وَجُبَارَةُ بنُ المُغَلِّسِ،
وَمَنْصُوْرُ بنُ أَبِي مُزَاحِمٍ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ هُشَيْمٌ: مَا رَأَيتُ مَدَنِيّاً أَكْيَسَ مِنْ
أَبِي مَعْشَرٍ (1) .
وَرَوَى: أَبُو زُرْعَةَ النَّصْرِيُّ، عَنْ أَبِي
نُعَيْمٍ، قَالَ: كَانَ أَبُو مَعْشَرٍ كَيِّساً،
حَافِظاً.
وَقَالَ يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ: ثَبَتَ حَدِيْثُ أَبِي
مَعْشَرٍ، وَذَهَبَ حَدِيْثُ أَبِي جَزْءٍ نَصْرٍ.
وَقَالَ يَزِيْدُ: سَمِعْتُ أَبَا جَزْءٍ بنَ طَرِيْفٍ
يَقُوْلُ: أَبُو مَعْشَرٍ أَكذَبُ مَنْ فِي السَّمَاءِ
وَالأَرْضِ.
قُلْتُ فِي نَفْسِي: هَذَا عِلْمُكَ بِالأَرْضِ، فَكَيْفَ
عِلْمُكَ بِالسَّمَاءِ؟ فَوَضَعَ اللهُ أَبَا جَزْءٍ،
وَرَفَعَ أَبَا مَعْشَرٍ.
وَقَالَ عَمْرُو بنُ عَلِيٍّ: كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ
لاَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ، وَيُضَعِّفُهُ،
وَيَضْحَكُ إِذَا ذَكَرَهُ، وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ
يُحَدِّثُ عَنْهُ.
وَقَالَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ فَضَالَةَ: سَمِعْتُ ابْنَ
مَهْدِيٍّ يَقُوْلُ: أَبُو مَعْشَرٍ، تَعْرِفُ
__________
(1) في " تهذيب التهذيب ": 1 / 420: " يشبهه ولا أكيس منه
".
(7/436)
وَتُنْكِرُ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: حَدِيْثُه عِنْدِي مُضْطَرِبٌ، لاَ
يُقِيْمُ الإِسْنَادَ (1) ، وَلَكِنْ أَكْتُبُ حَدِيْثَهُ،
أَعْتَبِرُ بِهِ.
وَرَوَى: أَحْمَدُ بنُ أَبِي يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بنِ
حَنْبَلٍ، قَالَ:
يُكتَبُ مِنْ حَدِيْثِ أَبِي مَعْشَرٍ أَحَادِيْثُه عَنْ
مُحَمَّدِ بنِ كَعْبٍ فِي التَّفْسِيْرِ.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: سَأَلْتُ أَبِي
عَنْهُ، فَقَالَ: صَدُوْقٌ، لَكِنَّهُ لاَ يُقِيْمُ
الإِسْنَادَ.
فَسَأَلْتُ ابْنَ مَعِيْنٍ عَنْهُ، فَقَالَ: لَيْسَ
بِقَوِيٍّ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ:
كَانَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ يَرْضَاهُ، وَيَقُوْلُ: كَانَ
بَصِيْراً بِالمَغَازِي.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: كُنْتُ أَهَابُ أَحَادِيْثَهُ،
حَتَّى رَأَيتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ يُحَدِّثُ عَنْ
رَجُلٍ، عَنْهُ، أَحَادِيْثَ، فَتَوَسَّعتُ بَعْدُ فِي
كِتَابَةِ حَدِيْثِهِ (2) ، وَحَدَّثَنِي أَبُو نُعَيْمٍ
عَنْهُ بِحَدِيْثٍ رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ
الثَّوْرِيِّ، عَنْهُ.
ثُمَّ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هُوَ صَالِحٌ، لَيِّنُ
الحَدِيْثِ.
وَرَوَى: أَحْمَدُ بنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنِ ابْنِ
مَعِيْنٍ، قَالَ:
هُوَ ضَعِيْفٌ، يُكْتَبُ مِنْ حَدِيْثِهِ الرِّقَاقُ،
كَانَ رَجُلاً أُمِّيّاً، يُتَّقَى أَنْ يُرْوَى مِنْ
حَدِيْثِهِ المُسْنَد.
وَرَوَى: أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ، عَنْ يَحْيَى، قَالَ:
أَبُو مَعْشَرٍ رِيْحٌ، أَبُو مَعْشَرٍ لَيْسَ بِشَيْءٍ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الحَدِيْثِ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ: ضَعِيْفٌ.
__________
(1) زيادة من " الجرح والتعديل " 8 / 494.
(2) المرجع السابق، وفيه: " فتوسعت بعد فيه، قيل له: فهو
ثقة ؟ قال: صالح، لين الحديث، محله الصدق ".
(7/437)
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: قَدْ تَكَلَّمَ
بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ فِي أَبِي مَعْشَرٍ مِنْ قِبَلِ
حِفْظِه.
قَالَ مُحَمَّدٌ: لاَ أَرْوِي عَنْهُ شَيْئاً.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: صَدُوْقٌ فِي الحَدِيْثِ، لَيْسَ
بِالقَوِيِّ.
وَرَوَى: مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ،
عَنِ ابْنِ المَدِيْنِيِّ:
شَيْخٌ، ضَعِيْفٌ، ضَعِيْفٌ (1) ، وَكَانَ يُحَدِّثُ عَنْ
مُحَمَّدِ بنِ قَيْسٍ، وَيُحَدِّثُ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ
كَعْبٍ بِأَحَادِيْثَ صَالِحَةٍ، وَكَانَ يُحَدِّثُ عَنْ
نَافِعٍ وَالمَقْبُرِيِّ بِأَحَادِيْثَ مُنْكَرَةٍ.
وَقَالَ الفَلاَّسُ: ضَعِيْفٌ، فَمَا رَوَى عَنْ:
مُحَمَّدِ بنِ قَيْسٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ كَعْبٍ،
وَمَشَايِخِهِ، فَهُوَ صَالِحٌ، وَمَا رَوَى عَنِ:
المَقْبُرِيِّ، وَنَافِعٍ، وَهِشَامِ بنِ عُرْوَةَ،
وَابْنِ المُنْكَدِرِ، رَدِيئَةٌ لاَ تُكْتَبُ.
وَرَوَى: أَحْمَدُ بنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ
بنِ بَكَّارِ بنِ الرَّيَّانِ، قَالَ:
كَانَ أَبُو مَعْشَرٍ تَغَيَّرَ قَبْلَ مَوْتِهِ
تَغَيُّراً شَدِيْداً، حَتَّى كَانَ يَخْرُجُ مِنْهُ
الرِّيحُ وَلاَ يَشعُرُ بِهَا.
يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ: عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ، عَنْ سَعِيْدٍ
المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-: (لاَ أَعْرِفَنَّ أَحَدَكُم مُتَّكِئاً،
يَأْتِيْهِ الحَدِيْثُ مِنْ حَدِيْثِي، فَيَقُوْلُ: اتْلُ
عَلَيَّ قُرْآناً، مَا أَتَاكُم مِنْ خَيْرٍ عَنِّي
قُلتُهُ أَوْ لَمْ أَقُلْهُ، فَأَنَا أَقُوْلُهُ، وَمَا
أَتَاكُم مِنْ شَرٍّ، فَإِنِّي لاَ أَقُوْلُ الشَّرَّ).
هَذَا مُنْكَرٌ بِمَرَّةٍ.
وَلَهُ شَاهِدٌ، رَوَاهُ: يَحْيَى بنُ آدَمَ، عَنِ ابْنِ
أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ المَقْبُرِيِّ (2).
__________
(1) انظر: " تهذيب التهذيب ": 10 / 421.
(2) ذكره البخاري في " التاريخ الكبير ": 3 / 474. وهو
مرسل قوي.
وللحديث شاهد من حديث أبي حميد، أو أبي أسيد، أخرجه أحمد:
5 / 425، من طريق أبي عامر العقدي، عن سليمان بن بلال، عن
ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن عبد الملك بن سعيد بن سويد،
عن أبي حميد أو أبي أسيد، أن النبي - صلى الله عليه وسلم
قال: " إذا سمعتم الحديث عني، تعرفه قلوبكم، وتلين له
أشعاركم وأبشاركم، وترون أنه منكم قريب، فأنا أولاكم به.
وإذا سمعتم الحديث عني، تنكره قلوبكم وتنفر أشعاركم
وأبشاركم، وترون أنه منكم بعيد، " فأنا أبعدكم منه ".
وسنده حسن، وأخرجه محمد بن سعد في " الطبقات ": 1 / 387 -
399.
وصححه أبو حاتم ابن حبان: (92). =
(7/438)
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: حدَّثَ عَنْهُ:
الثَّوْرِيُّ، وَاللَّيْثُ، وَمَعَ ضَعْفِهِ يُكْتَبُ
حَدِيْثُهُ.
قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: كَانَ أَبُو مَعْشَرٍ أَسْوَدَ.
وَرَوَى: دَاوُدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي مَعْشَرٍ،
حَدَّثَنِي أَبِي:
أَنَّ أَبَاهُ كَانَ أَصْلُهُ مِنَ اليَمَنِ، سُبِيَ فِي
وَقْعَةِ يَزِيْدَ بنِ المُهَلَّبِ بِالِيَمَامَةِ
وَالبَحْرِيْنَ، وَكَانَ أَبْيَضَ.
وَقَالَ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي مَعْشَرٍ:
حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ:
كَانَ اسْمُ أَبِي مَعْشَرٍ قَبْلَ أَنْ يُسْرَقَ: عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بنُ الوَلِيْدِ بنِ هِلاَلٍ، وَبِيْعَ
بِالمَدِيْنَةِ، فَاشْتَرَاهُ قَوْمٌ مِنْ بَنِي أَسَدٍ،
فَسَمَّوْهُ نَجِيْحاً، فَاشْتُرِيَ لأُمِّ مُوْسَى بنِ
المَهْدِيِّ، فَأَعْتَقَتْهُ، فَصَارَ مِيْرَاثُه لِبَنِي
هَاشِمٍ، وَعَقْلُهُ عَلَى حِمْيَرٍ.
قَالَ (1) : وَكَانَ أَبُو مَعْشَرٍ يَذْكُرُ أَنَّهُ مِنْ
وَلَدِ حَنْظَلَةَ بنِ مَالِكٍ، وَأَخْبَرَنِي أَبِي
أَنَّهُ كَانَ (2) يَنتَسِبُ حَتَّى (3) يَبلُغَ آدَمَ،
وَقَالَ لِي: وَلاَؤُنَا فِي بَنِي هَاشِمٍ أَحَبُّ
إِلَيَّ مِنْ نَسبِي فِي بَنِي حَنْظَلَةَ.
الفَضْلُ بنُ هَارُوْنَ البَغْدَادِيُّ: سَمِعْتُ
مُحَمَّدَ بنَ مَعْشَرٍ يَقُوْلُ:
كَانَ أَبِي سِنْدِيّاً، أَخْرَمَ، خِيَّاطاً.
قَالَ: وَكَيْفَ حَفِظَ المَغَازِي؟
قَالَ: كَانَ التَّابِعُوْنَ يَجْلِسُوْنَ إِلَى
أُستَاذِه، فَكَانُوا يَتذَاكَرُوْنَ المَغَازِي،
فَحَفِظَ.
وَرَوَى: دَاوُدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي مَعْشَرٍ، عَنْ
أَبِيْهِ، قَالَ:
أَشخَصَ المَهْدِيُّ أَبَا مَعْشَرٍ مَعَهُ مِنَ
المَدِيْنَةِ إِلَى العِرَاقِ، وَأَمَرَ لَهُ بِأَلفِ
دِيْنَارٍ، وَذَلِكَ سَنَةَ سِتِّيْنَ وَمائَةٍ،
__________
= قال العلامة أحمد شاكر - رحمه الله - في تعليقه على "
صحيح " ابن حبان: 63: وهذا الحديث خطاب للصحابة، ثم لمن
سار على قدمهم، واهتدى بهديهم، واقتدى بإمامه وإمامهم -
صلى الله عليه وسلم - فعرف سنته وهديه، وعرف شريعته،
وامتلا بها قلبه إيمانا وإخلاصا ورضى عن طيب نفس، وإعراضا
عن الهوى والزيغ، فهو الذي يعرف الصحيح من السنة، ويطمئن
قلبه إليه، وينكر المردود غير الصحيح، فلا يسيغه في عقله
ولا في قلبه.
(1) زيادة من " تاريخ بغداد ": 13 / 428.
(2) زيادة من المرجع السابق.
(3) في الأصل: " حين "، والصواب ما أثبتناه.
كما في " تاريخ بغداد ": 13 / 428.
(7/439)
وَقَالَ: تَكُوْنُ بِحَضْرَتِنَا،
فَتُفَقِّهُ مَنْ حَولنَا (1) .
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: كَانَ مُكَاتِباً
لامْرَأَةٍ مِنْ بَنِي مَخْزُوْمٍ، فَأَدَّى، وَعُتِقَ،
فَاشْتَرَتْ أُمُّ مُوْسَى بِنْت مَنْصُوْرٍ وَلاَءهُ.
مَاتَ: بِبَغْدَادَ، سَنَةَ سَبْعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ دَاوُدُ بنُ مُحَمَّدٍ: عَنْ أَبِيْهِ:
تُوُفِّيَ أَبُو مَعْشَرٍ سَنَةَ سَبْعِيْنَ، وَكَانَ
أَزْرَقَ، سَمِيْناً، أَبْيَضَ.
وَأَرَّخَهُ فِيْهَا: مُحَمَّدُ بنُ بَكَّارٍ، فِي
رَمَضَانِهَا.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ
المُعِزِّ بنِ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا تَمِيْمُ بنُ أَبِي
سَعِيْدٍ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ،
أَنْبَأَنَا أَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، أَنْبَأَنَا
أَبُو يَعْلَى التَّمِيْمِيُّ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بنُ
الوَلِيْدِ، حَدَّثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ المَدَنِيُّ، عَنْ
سَعِيْدٍ المَقْبُرِيِّ، وَمُوْسَى بنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-: (لاَ تَقُوْمُ السَّاعَةُ حَتَّى يَكْثُرَ
الهَرْجُ).
قَالُوا: وَمَا الهَرْجُ يَا رَسُوْلَ اللهِ؟
قَالَ: (القَتْلُ)، ثَلاَثَ مَرَّاتٍ (2).
__________
(1) وتمام الخبر في " تاريخ بغداد ": 13 / 428: فشخص أبو
معشر معه إلى مدينة السلام سنة إحدى وستين.
(2) إسناده ضعيف لضعف أبي معشر. لكن الحديث صحيح.
فقد أخرجه مسلم: 4 / 2215، رقم الحديث الخاص: (18)، من
طريق قتيبة بن سعيد، عن يعقوب بن عبد الرحمن، عن سهيل بن
أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، أن رسول الله - صلى الله
عليه وسلم قال: " لا تقوم الساعة حتى يكثر الهرج ".
قالوا: وما الهرج يا رسول الله ؟ قال: " القتل، القتل ".
وأخرجه البخاري: 13 / 11، في الفتن، من طريق عياش بن
الوليد، عن عبد الأعلى، عن معمر، عن الزهري، عن سعيد، عن
أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " يتقارب
الزمان، وينقص العلم، ويلقى الشح، وتظهر الفتن، ويكثر
الهرج ". قالوا: يا رسول الله ! أيما هو ؟ قال: " القتل،
القتل ".
وأخرجه مسلم: 4 / 2057، من طريق حرملة، عن ابن وهب، عن
يونس، عن ابن شهاب، عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبي
هريرة، وعنده: " ويقبض العلم " بدل " وينقص ".
وقوله: " ويلقى الشح " أي: يوضع في القلوب.
(7/440)
166 - رَوْحُ بنُ حَاتِمِ بنِ قَبِيْصَةَ
بنِ المُهَلَّبِ بنِ أَبِي صُفْرَةَ المُهَلَّبِيُّ *
الأَمِيْرُ، أَبُو حَاتِمٍ، أَحَدُ الأَجْوَادِ
وَالأَبْطَالِ، وَلِيَ وَلاَيَاتِ جلَيْلَةً لِلسَّفَاحِ،
وَالمَنْصُوْرِ، وَغَيْرِهِمَا.
وَلِيَ السِّنْدَ، ثُمَّ البَصْرَةَ، وَكَانَ أَخُوْهُ
يَزِيْدُ بنُ حَاتِمٍ أَمِيْرُ المَغْرِبِ، فَمَاتَ،
فَبَعثَ الرَّشِيْدُ رَوْحاً عَلَى المَغْرِبِ،
فَقَدِمَهَا سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ، فَوَلِيَهَا
ثَلاَثَ سِنِيْنَ.
وَمَاتَ: فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ أَرْبَعٍ، فَدُفِنَ مَعَ
أَخِيْهِ بِالقَيْرَوَانِ.
167 - الهَادِي الخَلِيْفَةُ أَبُو مُحَمَّدٍ مُوْسَى بنُ
المَهْدِيِّ **
مُحَمَّدِ بنِ المَنْصُوْرِ عَبْدِ اللهِ الهَاشِمِيُّ،
العَبَّاسِيُّ.
وَلِيَ عَهْدَ أَبِيْهِ، فَلَمَّا مَاتَ أَبُوْهُ،
تَسَلَّمَ الخِلاَفَةَ، وَكَانَ بِجُرْجَانَ، فَأَخَذَ
لَهُ البَيْعَةَ أَخُوْهُ الرَّشِيْدُ.
وَكَانَ أَبْيَضَ، طَوِيْلاً، جَسِيْماً، فِي شَفَتِهِ
تَقَلُّصٌ، فَوَكَّلَ بِهِ فِي الصِّبَا خَادِماً، كَانَ
كُلَّمَا رَآهُ يُقَلِّصُ شَفَتَهُ، قَالَ: مُوْسَى،
أَطْبِقْ.
فَيُفِيْقُ، وَيَضُمُّ شَفَتَهُ.
وَعَمِلَ فِيْهِ مَرْوَانُ بنُ أَبِي حَفْصَةَ (1)
قَصِيْدَةً، مِنْهَا:
__________
(*) تاريخ خليفة: 464، المعرفة والتاريخ: 1 / 125، 155،
تاريخ الطبري: 8 / 235، 239، وفيات الأعيان: 2 / 305 -
307، عبر الذهبي: 1 / 266، شذرات الذهب: 1 / 284، تهذيب
ابن عساكر: 5 / 339.
(* *) المعارف: 380 - 381، الوزراء والكتاب: 167 - 175،
مروج الذهب 2 / 255 - 263، تاريخ بغداد: 13 / 21 - 25،
الكامل لابن الأثير: 6 / 87 - 89، 96 - 106، عبرالذهبي: 1
/ 257 - 258، البداية والنهاية: 10 / 131 - 133، 157، 159
- 162، تاريخ الخلفاء: 279 - 283، شذرات الذهب: 1 / 266 -
271.
(1) هو: مروان بن سليمان بن يحيى بن أبي حفصة يزيد، شاعر
عالي الطبقة، نشأ في العصر الأموي باليمامة، وأدرك زمنا من
العهد العباسي، فقدم بغداد ومدح عددا من أعيانها، توفي في
بغداد سنة (182 ه).
انظر ترجمته في: الشعر والشعراء: 2 / 739 - 741، طبقات ابن
المعتز: 42 - 54، الاغاني: 10 / 71 - 95، تاريخ بغداد: 13
/ 142 - 145، الوفيات: 5 / 189 - 193.
(7/441)
تَشَابَهَ يَوْمَا بَأْسِهِ وَنَوَالِهِ
... فَمَا أَحَدٌ يَدْرِي لأَيِّهِمَا الفَضْلُ (1)
فَأَمَرَ لَهُ بِمائَةِ أَلْفٍ وَثَلاَثِيْنَ أَلْفاً.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ قَالَ لإِبْرَاهِيْمَ المَوْصِلِيِّ:
إِنْ أَطْرَبْتَنِي، فَاحْتَكِمْ.
فَأَطْرَبَهُ، فَأَعْطَاهُ سَبْعَمائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ.
وَكَانَ يَشْرَبُ المُسْكِرَ، وَفِيْهِ ظُلمٌ،
وَشَهَامَةٌ، وَلَعِبٌ، وَرُبَّمَا رَكِبَ حِمَاراً
فَارهاً، وَكَانَ شُجَاعاً، فَصِيْحاً، لَسِناً،
أَدِيْباً، مَهِيْباً، عَظِيْمَ السَّطوَةِ.
قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: كَانَ سَبَبُ مَوْتِهِ أَنَّهُ دَفَعَ
نَدِيْماً لَهُ مِنْ جُرْفٍ، عَلَى أُصُوْلِ قَصَبٍ قَدْ
قُطِعَ، فَتعلَّقَ بِهِ النَّدِيْمُ، فَوَقَعَ مَعَهُ،
فَدَخَلَتْ قَصَبَةٌ فِي دُبُرِهِ، فَكَانَ ذَلِكَ سَبَبَ
مَوْتِهِ، فَهَلَكَا جَمِيْعاً.
قُلْتُ: مَاتَ فِي شَهْرِ رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ
سَبْعِيْنَ وَمائَةٍ، وَعُمُرُهُ ثَلاَثٌ وَعِشْرُوْنَ
سَنَةً، وَكَانَتْ خِلاَفَتُهُ سَنَةً وَشَهْراً، وَقَامَ
بَعْدَهُ الرَّشِيْدُ.
وَكَانَ المَهْدِيُّ قَدْ عَزَمَ عَلَى تَقْدِيْمِ
الرَّشِيْدِ فِي وِلاَيَةِ العَهْدِ، وَأَنْ يُؤَخَّرَ
الهَادِي (2) ، فَلَمَّا نَفَذَ إِلَى الهَادِي،
فَامْتَنَعَ، فَطَلَبَهُ، فَلَمْ يَأْتِ، فَهَمَّ
المَهْدِيُّ بِالمُضِيِّ إِلَى جُرْجَانَ
__________
(1) جاء في " الأغاني ": 10 / 80، ما نصه: " دخل مروان بن
أبي حفصة على موسى الهادي، فأنشده قوله: تشابه يوما
بأسه...البيت فقال له الهادي: أيما أحب إليك: أثلاثون ألفا
معجلة، أم مئة تدون في الدواوين ؟ فقال له: يا أمير
المؤمنين ! أنت تحسن ما هو خير من هذا، ولكنك نسيته،
أفتأذن لي أن أذكرك ؟ قال: نعم.
قال: تعجل لي الثلاثين ألفا، وتدون المئة الالف في
الدواوين.
فضحك، وقال: بل يعجلان جميعا، فحمل إليه المال أجمع ".
وهو في " تاريخ بغداد ": 13 / 23، و: " البداية والنهاية
": 10 / 159.
بنحوه.
وفي " وفيات الأعيان ": 5 / 190: أن البيت من قصيدة قالها
مروان بن أبي حفصة في مدح معن بن زائدة.
(2) انظر: " البداية والنهاية ": 10 / 157.
(7/442)
إِلَيْهِ، فَسَاقَ (1) خَلْفَ صَيْدٍ،
فَفَرَّ إِلَى خِرْبَةٍ، وَتَبِعَهُ المَهْدِيُّ، فَدَقَّ
ظَهرَهُ بِبَابِ الخِرْبَةِ، فَانْقَطَعَ.
وَقِيْلَ: بَلْ سُمَّ، سَقَتْهُ سُرِّيَّةٌ سُمّاً
عَمِلَتْهُ لِضَرَّتِهَا، فَمَدَّ يَدَهُ إِلَى الطَّعَامِ
المَسْمُوْمِ، فَفَزِعَتْ وَلَمْ تُخْبِرْهُ، وَكَانَ
لَبِئاً، فَصَاح: جَوْفِي.
وَتَلَفَ بَعْدَ يَوْمٍ (2) ، وَبَعَثَوا بِالخَاتَمِ (3)
وَالقَضِيبِ إِلَى الهَادِي، فَرَكِبَ لِوَقْتِهِ،
وَقَصَدَ بَغْدَادَ.
وَكَانَ كَوَالِدِهِ فِي اسْتِئْصَالِ الزَّنَادِقَةِ،
وَتَتَبُّعِهِم، فَقَتَلَ عِدَّةً، مِنْهُم: يَعْقُوْبُ
بنُ الفَضْلِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ العَبَّاسِ بنِ
رَبِيْعَةَ بنِ الحَارِثِ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ بنِ
هَاشِمٍ، وَظَهَرتْ بِنْتُهُ حُبْلَى مِنْهُ، أَكْرَهَهَا
(4) .
وَخَرَجَ عَلَى الهَادِي حُسَيْنُ بنُ عَلِيِّ بنِ حَسَنِ
بنِ حَسَنٍ الحَسَنِيُّ (5) بِالمَدِيْنَةِ، المَقْتُوْلُ
فِي وَقْعَةِ فَخٍّ، بِظَاهِرِ مَكَّةَ، وَكَانَ قَلِيْلَ
الخَيْرِ، وَعَسْكَرُهُ أَوْبَاشٌ، وَهَلَكَ الهَادِي -
فِيْمَا قِيْلَ - مَنْ قَرْحَةٍ.
وَيُقَالُ: سَمَّتْهُ أُمُّهُ الخَيْزُرَانُ، لَمَّا
أَجْمَعَ عَلَى قَتْلِ أَخِيْهِ الرَّشِيْدِ، وَكَانَتْ
مُتَصَرِّفَةً فِي الأُمُورِ إِلَى الغَايَةِ، وَكَانَتْ
مِنْ
__________
(1) أي: المهدي.
(2) انظر: " الكامل " لابن الأثير: 6 / 81 - 82، " شذرات
الذهب ": 1 / 266 - 267، 269.
(3) كان نقش خاتمه: " العزة لله ".
انظر: " تاريخ بغداد ": 5 / 400.
(4) وكان سبب قتله، أنه أتي به إلى المهدي، فأقر بالزندقة،
فقال: لو كان ما تقول حقا لكنت حقيقا أن تتعصب لمحمد، ولو
لا محمد من كنت ! ؟ أما لو أني جعلت على نفسي أن لاأقتل
هاشميا لقتلتك.
ثم قال للهادي: أقسمت عليك إن وليت هذا الامر لتقتلنه.
ثم حبسه، فما مات المهدي، قتله الهادي. " الكامل: 6 / 89
".
(5) كان خروجه سنة (169 ه) بالمدينة، وقد بايعه جماعة من
العلويين بالخلافة، وخرج إلى مكة، فلما كان " بفخ " لقيته
جيوش بني العباس، وعليهم العباس بن محمد بن علي بن عبد
الله ابن العباس وغيره، فالتقوا يوم التروية، فبذلوا
الامان له، فقال: الامان أريد، فيقال: إن مباركا التركي
رشقه بسهم فمات، وحمل رأسه إلى الهادي، وقتلوا جماعة من
عسكره وأهل بيته، فبقي قتلاهم ثلاثة أيام حتى أكلتهم
السباع. (معجم البلدن: فخ)، وانظر: " الكامل " لابن
الأثير: 6 / 90 - 94.
(7/443)
مُوَلَّدَاتِ المَدِيْنَةِ، فَقَالَ لَهَا:
لَئِنْ وَقَفَ بِبَابِكِ أَمِيْرٌ لأَقْتُلَنَّكِ، أَمَا
لَكَ مِغْزَلٌ يَشْغَلُكِ، أَوْ مُصْحَفٌ يُذَكِّرُكِ،
أَوْ سُبْحَةٌ، فَقَامَت لاَ تَعْقِلُ غَضَباً (1) .
وَيُقَالُ: خَلَّفَ سَبْعَةَ بَنِيْنَ، وَكَانَ مَوْلِدُهُ
بِالرَّيِّ.
168 - حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ بنِ دِيْنَارٍ البَصْرِيُّ *
(خَ، م، 4)
الإِمَامُ، القُدْوَةُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو
سَلَمَةَ البَصْرِيُّ، النَّحْوِيُّ، البَزَّازُ،
الخِرَقِيُّ، البَطَائِنِيُّ، مَوْلَى آلِ رَبِيْعَةَ بنِ
مَالِكٍ، وَابْنِ أُخْتِ حُمَيْدٍ الطَّوِيْلِ.
سَمِعَ: ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ - وَهُوَ أَكْبَرُ شَيْخٍ
لَهُ - وَأَنَسَ بنَ سِيْرِيْنَ، وَمُحَمَّدَ بنَ زِيَادٍ
القُرَشِيَّ، وَأَبَا جَمْرَةَ نَصْرَ بنَ عِمْرَانَ
الضُّبَعِيَّ، وَثَابِتاً البُنَانِيَّ، وَعَمَّارَ بنَ
أَبِي عَمَّارٍ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ كَثِيْرٍ الدَّارِيَّ
المُقْرِئَ، وَأَبَا عِمْرَانَ الجَوْنِيَّ، وَأَبَا
غَالِبٍ حَزَوَّرَ صَاحِبَ أَبِي أُمَامَةَ، وَقَتَادَةَ
بنَ دِعَامَةَ، وَسِمَاكَ بنَ حَرْبٍ، وَحَمِيْداً -
خَالَهُ - وَحَمَّادَ بنَ أَبِي سُلَيْمَانَ الفَقِيْهَ،
وَسَعْدَ بنَ جُمْهَانَ، وَأَبَا العُشَرَاءِ
الدَّارِمِيَّ، وَيَعْلَى بنَ عَطَاءٍ، وَسُهَيْلَ بنَ
أَبِي صَالِحٍ، وَإِسْحَاقَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي
طَلْحَةَ، وَإِيَاسَ بنَ مُعَاوِيَةَ، وَبِشْرَ بنَ حَرْبٍ
النَّدَبِيَّ (2) ، وَعَلِيَّ بنَ زَيْدٍ،
__________
(1) انظر الخبر مفصلا في: " الكامل " لابن الأثير: 6 / 99
- 100.
(*) طبقات ابن سعد: 7 / 282، طبقات خليفة: 223، تاريخ
خليفة: 439، التاريخ الكبير: 3 / 22 - 23، التاريخ الصغير:
2 / 168، المعارف: 503، المعرفة والتاريخ: 2 / 193 - 204،
الجرح والتعديل: 3 / 140 - 142، مشاهير علماء الأمصار:
157، طبقات النحويين للزبيدي: 51، حلية الأولياء: 6 / 249
- 257، الفهرست: المقالة السادسة الفن السادس، معجم
الأدباء: 10 / 254 - 258، إنباه الرواة: 1 / 329 - 330،
تهذيب الكمال: خ: 329 - 331، تذهيب التهذيب: خ: 1 / 173 -
174، تذكرة الحفاظ: 1 / 202 - 203، ميزان الاعتدال: 1 /
590 - 595، عبر الذهبي: 1 / 248 - 249، البلغة في تاريخ
أئمة اللغة: 73، طبقات القراء لابن الجزري: 1 / 258، تهذيب
التهذيب: 3 / 11 - 16، طبقات الحفاظ: 87 - 88، بغية
الوعاة: 1 / 548 - 549، خلاصة تذهيب الكمال: 92، شذرات
الذهب: 1 / 262.
(2) الندبي: بفتح النون والدال، نسبة إلى الندب بن الهون:
بطن من الازد.
(7/444)
وَخَالِدَ بنَ ذَكْوَانَ، وَشُعَيْبَ بنَ
الحَبْحَابِ، وَعَاصِمَ بنَ العَجَّاجِ الجَحْدَرِيَّ،
وَأَيُّوْبَ السِّخْتِيَانِيَّ، وَيُوْنُسَ بنَ عُبَيْدٍ،
وَعَمْرَو بنَ دِيْنَارٍ، وَأَبَا الزُّبَيْرِ المَكِّيَّ،
وَمُحَمَّدَ بنَ وَاسِعٍ، وَمَطَرَ بنَ طَهْمَانَ
الوَرَّاقَ، وَيَزِيْدَ الرَّقَاشِيَّ، وَأَبَا
التَّيَّاحِ الضُّبَعِيَّ يَزِيْدَ، وَعَطَاءَ بنَ
عَجْلاَنَ، وَعَطَاءَ بنَ السَّائِبِ، وَأُمَماً سِوَاهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ جُرَيْجٍ، وَابْنُ المُبَارَكِ،
وَيَحْيَى القَطَّانُ، وَحَرَمِيُّ بنُ عُمَارَةَ، وَابْنُ
مَهْدِيٍّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَعَفَّانُ،
وَالقَعْنَبِيُّ، وَمُوْسَى بنُ إِسْمَاعِيْلَ،
وَشَيْبَانُ بنُ فَرُّوْخٍ، وَهُدْبَةُ بنُ خَالِدٍ،
وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُعَاوِيَةَ الجُمَحِيُّ، وَعَبْدُ
الوَاحِدِ بنُ غِيَاثٍ، وَعَبْدُ الأَعْلَى بنُ حَمَّادٍ
النَّرْسِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ الحَجَّاجِ
السَّامِيُّ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عَائِشَةَ
التَّيْمِيُّ، وَأَبُو كَامِلٍ مُظَفَّرُ بنُ مُدْرِكٍ
الحَافِظُ، وَالحَسَنُ الأَشْيَبُ، وَيَحْيَى بنُ
إِسْحَاقَ السَّيْلَحِيْنِيُّ، وَالأَسْوَدُ بنُ عَامِرٍ،
وَالهَيْثَمُ بنُ جَمِيْلٍ، وَأَسَدُ السُّنَّةِ،
وَسَعِيْدُ بنُ سُلَيْمَانَ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَآخِرُ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْهُ: أَحْمَدُ بنُ
أَبِي سُلَيْمَانَ القَوَارِيْرِيُّ المَتْرُوْكُ
المُتَّهَمُ، الَّذِي لَقِيَهُ مُحَمَّدُ بنُ مَخْلَدٍ
العَطَّارُ فِي سَنَةِ سَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَدْ رَوَى الحُرُوْفَ عَنْ: عَاصِمٍ، وَابْنِ كَثِيْرٍ.
أَخَذَ عَنْهُ الحُرُوْفَ: حَرَمِيُّ بنُ عُمَارَةَ،
وَأَبُو سَلَمَةَ التَّبُوْذَكِيُّ.
قَالَ شُعْبَةُ: كَانَ حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ يُفِيْدُنِي
عَنْ عَمَّارِ بنِ أَبِي عَمَّارٍ.
وَقَالَ وُهَيْبُ بنُ خَالِدٍ: حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ
سَيِّدُنَا وَأَعْلَمُنَا.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: هُوَ أَعْلَمُ مِنْ غَيْرِهِ
بِحَدِيْثِ عَلِيِّ بنِ زَيْدِ بنِ جُدْعَانَ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: كَانَ عِنْدَ يَحْيَى
بنِ ضُرَيْسٍ الرَّازِيِّ، عَنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ
عَشْرَةُ آلاَفِ حَدِيْثٍ.
قُلْتُ: يَعْنِي: بِالمَقَاطِيْعِ وَالآثَارِ.
(7/445)
قَالَ أَحْمَدُ: أَعْلَمُ النَّاسِ
بِثَابِتٍ البُنَانِيِّ حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، وَهُوَ
أَثْبَتُهُم فِي حُمَيْدٍ الطَّوِيْلِ.
وَرَوَى: إِسْحَاقُ الكَوْسَجُ، عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ،
قَالَ: حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: هُوَ عِنْدِي حُجَّةٌ
فِي رِجَالٍ، وَهُوَ أَعْلَمُ النَّاسِ بِثَابِتٍ
البُنَانِيِّ، وَعَمَّارِ بنِ أَبِي عَمَّارٍ، وَمَنْ
تَكَلَّمَ فِي حَمَّادٍ، فَاتَّهَمُوْهُ فِي الدِّيْنِ (1)
.
قُلْتُ: كَانَ بَحْراً مِنْ بُحُورِ العِلْمِ، وَلَهُ
أَوهَامٌ فِي سَعَةِ مَا رَوَى، وَهُوَ صَدُوْقٌ، حُجَّةٌ
- إِنْ شَاءَ اللهُ - وَلَيْسَ هُوَ فِي الإِتقَانِ
كَحَمَّادِ بنِ زَيْدٍ، وَتَحَايدَ (2) البُخَارِيُّ
إِخرَاجَ حَدِيْثِهِ، إِلاَّ حَدِيْثاً خَرَّجَه فِي
الرِّقَاقِ، فَقَالَ:
قَالَ لِي أَبُو الوَلِيْدِ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ
سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أُبَيٍّ.
وَلَمْ يَنحَطَّ حَدِيْثُه عَنْ رُتْبَةِ الحَسَنِ.
وَمُسْلِمٌ رَوَى لَهُ فِي الأُصُوْلِ، عَنْ ثَابِتٍ
وَحُمَيْدٍ، لِكَوْنِهِ خَبِيْراً بِهِمَا.
قَالَ عَمْرُو بنُ عَاصِمٍ (3) : كَتَبتُ عَنْ حَمَّادِ
بنِ سَلَمَةَ بِضْعَةَ عَشَرَ أَلْفاً.
جَعْفَرٌ الطَّيَالِسِيُّ: سَمِعْتُ عَفَّانَ يَقُوْلُ:
كَتَبتُ عَنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ بِضْعَةَ عَشَرَ
أَلْفاً.
وَقَالَ حَجَّاجُ بنُ مِنْهَالٍ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ
سَلَمَةَ، وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الدِّيْنِ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ: قَدْ قِيْلَ فِي
سُوْء حِفْظِ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، وَجَمْعِهِ بَيْنَ
جَمَاعَةٍ فِي الإِسْنَادِ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ، وَلَمْ
يُخرِّجْ لَهُ مُسْلِمٌ فِي الأُصُوْلِ، إِلاَّ مِنْ
__________
(1) زيادة من " تهذيب التهذيب ": 3 / 15.
(2) وقد رد عليه ابن حبان ردا قويا محكما في مقدمة "
صحيحه: " ص 114 - 117، فراجعه. وسينقل المؤلف بعض كلامه في
ذلك قريبا.
(3) في " معجم الأدباء ": 10 /، 256 و" الميزان ": 1 /
591: " عمرو بن سلمة "، وهو تحريف. وعمروبن عاصم من رجال "
التهذيب "، وقد ترجمه المؤلف في " تذكرة الحفاظ ": 392،
ونقل خبره هذا، وفيه: " بضعة عشر ألف حديث ".
(7/446)
حَدِيْثِهِ عَنْ ثَابِتٍ، وَلَهُ فِي
كِتَابِهِ أَحَادِيْثُ فِي الشَّوَاهِدِ عَنْ غَيْرِ
ثَابِتٍ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُعَاوِيَةَ الجُمَحِيُّ:
حَدَّثَنَا الحَمَّادَانِ، وَفَضْلُ ابْنِ سَلَمَةَ عَلَى
ابْنِ زَيْدٍ، كَفَضْلِ الدِّيْنَارِ عَلَى الدِّرْهَمِ
-يَعْنِي: الَّذِي اسْمُ جَدِّهِ دِيْنَارٌ، أَفْضَلُ مِنْ
حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ الَّذِي اسْمُ جَدِّهِ دِرْهَمٌ-
وَهَذَا مَحْمُوْلٌ عَلَى جَلاَلتِهِ وَدِيْنِهِ، وَأَمَّا
الإِتقَانُ، فَمُسَلَّمٌ إِلَى ابْنِ زَيْدٍ، هُوَ
نَظِيْرُ مَالِكٍ فِي التَّثَبُّتِ.
قَالَ شِهَابُ بنُ مَعْمَرٍ البَلْخِيُّ: كَانَ حَمَّادُ
بنُ سَلَمَةَ يُعَدُّ مِنَ الأَبْدَالِ (1) .
قُلْتُ: وَكَانَ مَعَ إِمَامَتِهِ فِي الحَدِيْثِ إِمَاماً
كَبِيْراً فِي العَرَبِيَّة، فَقِيْهاً، فَصِيْحاً،
رَأْساً فِي السُّنَّةِ، صَاحِبَ تَصَانِيْفَ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ: لَوْ قِيْلَ
لِحَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ: إِنَّكَ تَمُوْتُ غَداً، مَا
قَدِرَ أَنَّ يَزِيْدَ فِي العَمَلِ شَيْئاً.
قُلْتُ: كَانَتْ أَوْقَاتُهُ مَعْمُوْرَةً بِالتَّعَبُّدِ
وَالأَوْرَادِ.
وَقَالَ عَفَّانُ: قَدْ رَأَيتُ مَنْ هُوَ أَعبَدُ مِنْ
حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، لَكِنْ مَا رَأَيتُ أَشدَّ
مُوَاظِبَةً عَلَى الخَيْرِ، وَقِرَاءةِ القُرْآنِ،
وَالعَمَلِ للهِ -تَعَالَى- مِنْهُ.
وَقَالَ عَبَّاسٌ: عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ: حَدِيْثُه فِي
أَوَّلِ أَمْرِهِ وَآخِرِهِ وَاحِدٌ.
وَرَوَى: أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ، عَنْ يَحْيَى، قَالَ:
إِذَا رَأَيتَ إِنْسَاناً يَقَعُ فِي عِكْرِمَةَ
وَحَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، فَاتَّهِمْهُ عَلَى الإِسْلاَمِ.
وَقَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ، وَغَيْرُهُ: لَمْ يَكُنْ فِي
أَصْحَابِ ثَابِتٍ أَثْبَتُ مِنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ.
قَالَ مُوْسَى بنُ إِسْمَاعِيْلَ التَّبُوْذَكِيُّ: لَوْ
قُلْتُ لَكُم: إِنِّيْ مَا رَأَيتُ حَمَّادَ بنَ
__________
(1) تقدم التعريف بهم ص 274 ت: 2
(7/447)
سَلَمَةَ ضَاحِكاً، لَصَدَقْتُ، كَانَ
مَشْغُوْلاً، إِمَّا أَنْ يُحَدِّثَ، أَوْ يَقْرَأَ، أَوْ
يُسبِّحَ، أَوْ يُصَلِّيَ، قَدْ قَسَّمَ النَّهَارَ عَلَى
ذَلِكَ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ: سَمِعْتُ ابْنَ مَعِيْنٍ
يَقُوْلُ:
أَثْبَتُ النَّاسِ فِي ثَابِتٍ: حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ مُطَهِّرٍ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ بنَ
حَنْبَلٍ، فَقَالَ:
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ عِنْدَنَا مِنَ الثِّقَاتِ، مَا
نَزدَادُ فِيْهِ كُلَّ يَوْمٍ إِلاَّ بَصِيْرَةً.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيُّ: حَدَّثَنِي
أَبِي، قَالَ:
كَانَ حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ لاَ يُحَدِّثُ حَتَّى
يَقْرَأَ مائَةَ آيَةٍ، نَظَراً فِي المُصْحَفِ.
قَالَ يُوْنُسُ بنُ مُحَمَّدٍ المُؤَدِّبُ: مَاتَ حَمَّادُ
بنُ سَلَمَةَ فِي الصَّلاَةِ فِي المَسْجِدِ (1) .
قَالَ سَوَّارُ بنُ عَبْدِ اللهِ: حَدَّثَنَا أَبِي،
قَالَ:
كُنْتُ آتِي حَمَّادَ بنَ سَلَمَةَ فِي سُوْقِهِ، فَإِذَا
رَبِحَ فِي ثَوْبٍ حَبَّةً أَو حَبَّتَيْنِ، شَدَّ
جَوْنَتَهَ (2) ، وَلَمْ يَبِعْ شَيْئاً (3) ، فَكُنْتُ
أَظُنُّ ذَلِكَ يَقُوْتُهُ (4) .
قَالَ التَّبُوْذَكِيُّ: سَمِعْتُ حَمَّادَ بنَ سَلَمَةَ
يَقُوْلُ:
إِنْ دَعَاكَ الأَمِيْرُ لِتَقْرَأَ عَلَيْهِ : {قُلْ هُوَ
اللهُ أَحَدٌ } [الإِخْلاَصُ: 1]، فَلاَ تَأْتِهِ (5) .
قَالَ إِسْحَاقُ بنُ الطَّبَّاعِ: سَمِعْتُ حَمَّادَ بنَ
سَلَمَةَ يَقُوْلُ:
مَنْ طَلَبَ الحَدِيْثَ لِغَيْرِ اللهِ -تَعَالَى- مُكِرَ
بِهِ.
__________
(1) انظر " الحلية ": 6 / 250.
(2) الجونة: سليلة مستديرة مغشاة بالجلد، يحفظ العطار فيها
الطيب.
(3) للخبر رواية أخرى في " الحلية ": 6 / 250، فانظره ثمت.
(4) تتمة الخبر في الحلية ": 6 / 250 - 251: " فإذا وجد
قوته لم يزد عليه شيئا ".
(5) انظر: " الحلية ": 6 / 251.
(7/448)
وَقَالَ حَمَّادٌ: مَا كَانَ مِنْ نِيَّتِي
أَنْ أُحَدِّثَ حَتَّى قَالَ لِي أَيُّوْبُ
السِّخْتِيَانِيُّ فِي النَّوْمِ: حَدِّثْ.
حَاتِمُ بنُ اللَّيْثِ: حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ
إِسْمَاعِيْلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، قَالَ:
مَا كُنَّا نَأتِي أَحَداً نَتَعَلَّمُ شَيْئاً بِنِيَّةٍ
فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ، إِلاَّ حَمَّادَ بنَ سَلَمَةَ.
قَالَ أَبُو الشَّيْخِ: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ
التَّاجِرُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ
البُخَارِيُّ، قَالَ:
سَمِعْتُ بَعْضَ أَصْحَابِنَا يَقُوْلُ: عَادَ حَمَّادُ
بنُ سَلَمَةَ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ، فَقَالَ سُفْيَانُ:
يَا أَبَا سَلَمَةَ! أَتُرَى الله يَغْفِرُ لِمِثْلِي؟
فَقَالَ حَمَّادٌ: وَاللهِ لَوْ خُيِّرْتُ بَيْنَ
مُحَاسَبَةِ اللهِ إِيَّاي، وَبَيْنَ مُحَاسَبَةِ
أَبَوَيَّ، لاَخْتَرْتُ مُحَاسَبَةَ اللهِ، وَذَلِكَ
لأَنَّ اللهَ أَرحَمُ بِي مِنْ أَبَوَيَّ.
المُفَضَّلُ الغَلاَبِيُّ: حَدَّثَنَا قُرَيْشُ بنُ
أَنَسٍ، عَنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، قَالَ:
مَا كَانَ مِنْ شَأْنِي أَنْ أَرْوِيَ أَبَداً حَتَّى
رَأَيتُ أَيُّوْبَ فِي النَّوْمِ، فَقَالَ لِي: حَدِّثْ،
فَإِنَّ النَّاسَ يُقْبِلُوْنَ (1) .
قَالَ إِسْحَاقُ بنُ الجَرَّاحِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ
الحَجَّاجِ، قَالَ:
كَانَ رَجُلٌ يَسْمَعُ مَعَنَا عِنْدَ حَمَّادِ بنِ
سَلَمَةَ، فَرَكِبَ إِلَى الصِّيْنِ، فَلَمَّا رَجَعَ،
أَهدَى إِلَى حَمَّادٍ هَدِيَّةً.
فَقَالَ لَهُ حَمَّادٌ (2) : إِنْ قَبِلْتُهَا لَمْ
أُحَدِّثْكَ بِحَدِيْثٍ، وَإِنْ لَمْ أَقْبَلْهَا
حَدَّثْتُكَ.
قَالَ: لاَ تَقْبَلْهَا، وَحَدِّثْنِي.
قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ الخَزَّازُ،
كُنْيَةُ أَبِي حَمَّادٍ: أَبُو صَخْرَةَ، مَوْلَى
حُمَيْدِ بنِ كرَّاتَه.
وَيُقَالُ: مَوْلَى قُرَيْشٍ (3) .
وَقِيْلَ: هُوَ حِمْيَرِيٌّ مِنَ العُبَّادِ المُجَابِي
الدَّعْوَةِ فِي الأَوقَاتِ، لَمْ يُنْصِفْ مَنْ (4)
جَانَبَ حَدِيْثَهُ، وَاحْتَجَّ بِأَبِي
__________
(1) تقدم قبل قليل.
وهو في " الحلية ": 6 / 251.
(2) زيادة من المرجع السابق.
(3) انظر النص بزياداته في " مشاهير علماء الأمصار ": 157.
(4) يعرض بمحمد بن إسماعيل البخاري، صاحب " الصحيح " كما
تقدم.
(7/449)
بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ، وَبَابْنِ أَخِي
الزُّهْرِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ
دِيْنَارٍ، فَإِنْ كَانَ تَرْكُه إِيَّاهُ لِمَا كَانَ
يُخطِئُ، فَغَيْرُهُ مِنْ أَقْرَانِهِ مِثْلُ
الثَّوْرِيِّ، وَشُعْبَةَ، وَدُوْنَهمَا كَانُوا
يُخْطِئُوْنَ، فَإِنَّ زَعمَ أَنَّ خَطَأَهُ قَدْ كَثُرَ
مِنْ تَغَيُّرِ حِفْظِه، فَكَذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ، وَلَمْ
يَكُنْ مِثْلَ حَمَّادٍ بِالبَصْرَةِ، وَلَمْ يَكُنْ
يَثْلِبْهُ إِلاَّ مُعْتَزِلِيٌّ أَوْ جَهْمِيٌّ، لِمَا
كَانَ يُظْهِرُ مِنَ السُّنَنِ الصَّحِيْحَةِ، وَأَنَّى
يَبلُغُ أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ مَبْلَغَ حَمَّادِ بنِ
سَلَمَةَ فِي إِتْقَانِهِ، أَمْ فِي جَمْعِهِ، أَمْ فِي
عِلْمِهِ، أَمْ فِي ضَبْطِهِ.
قَالَ حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: مَا كُنَّا نَرَى مَنْ
يَتَعلَّمُ بِنِيَّةٍ غَيْرَ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، وَمَا
نَرَى اليَوْمَ مَنْ يُعَلِّمُ بِنِيَّةٍ غَيْرَهُ.
قَالَ مُسْلِمُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ: سَمِعْتُ حَمَّادَ بنَ
سَلَمَةَ يَقُوْلُ:
كُنْتُ أَسْأَلُ حَمَّادَ بنَ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ
أَحَادِيْثَ مُسْنَدَةٍ، وَالنَّاس يَسْأَلُوْنَهُ عَنْ
رَأْيِهِ، فَكُنْتُ إِذَا جِئْتُهُ، قَالَ: لاَ جَاءَ
اللهُ بِكَ.
قَالَ أَبُو سَلَمَةَ المِنْقَرِيُّ: سَمِعْتُ حَمَّادَ
بنَ سَلَمَةَ يَقُوْلُ:
إِنَّ الرَّجُلَ لَيَثْقُلُ حَتَّى يَخِفَّ.
وَقَالَ عَفَّانُ بنُ مُسْلِمٍ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ
سَلَمَةَ، قَالَ:
قَدِمْتُ مَكَّةَ - وَعَطَاءُ بنُ أَبِي رَبَاحٍ حَيٌّ -
فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، فَقُلْتُ: إِذَا أَفطَرْتُ،
دَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَمَاتَ فِي رَمَضَانَ.
قَالَ شَيْخُ الإِسْلاَمِ فِي (الفَارُوْقِ (1)) لَهُ:
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ:
إِذَا رَأَيتَ الرَّجُلَ يَغمِزُ حَمَّادَ بنَ سَلَمَةَ،
فَاتَّهِمْهُ عَلَى الإِسْلاَمِ، فَإِنَّهُ كَانَ
شَدِيْداً عَلَى المُبْتَدِعَةِ.
قَالَ يُوْنُسُ: مِنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ تَعَلَّمْتُ
العَرَبِيَّةَ.
__________
(1) هو عبد الله بن محمد بن علي بن جعفر أبو إسماعيل
الأنصاري الهروي، صاحب كتاب " منازل السائرين " المتوفى
سنة (481 ه) و" الفاروق " كتاب ألفه في الصفات.
ترجم له المؤلف في " سيره "، وفي " تذكرة الحفاظ ".
(7/450)
وَلِيَحْيَى اليزِيْدِيِّ (1) مَرْثِيَّةٌ
يَقُوْلُ فِيْهَا:
يَا طَالِبَ النَّحْوِ أَلاَ فَابْكِهِ ... بَعْدَ أَبِي
عَمْرٍو وَحَمَّادِ (2)
وَنَقَلَ بَعْضُهُم: أَنَّ حَمَّادَ بنَ سَلَمَةَ
تَزَوَّجَ سَبْعِيْنَ امْرَأَةً، وَلَمْ يُولَدْ لَهُ
وَلَدٌ (3) .
قَالَ البُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا آدَمُ، قَالَ:
شَهِدتُ حَمَّادَ بنَ سَلَمَةَ، وَدَعَوْهُ -يَعْنِي:
الدَّوْلَةَ- فَقَالَ:
أَحْمِلُ لِحْيَةً حَمْرَاءَ إِلَى هَؤُلاَءِ؟ وَاللهِ لاَ
فَعَلتُ.
وَرُوِيَ: أَنَّ حَمَّادَ بنَ سَلَمَةَ كَانَ مُجَابَ
الدَّعْوَةِ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: لَمْ يَكُنْ لِحَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ
كِتَابٌ، سِوَى كِتَابِ قَيْسِ بنِ سَعْدٍ.
وَرَوَى: عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ المُغِيْرَةِ، عَنْ
حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ:
أَنَّهُ حَدَّثَهُم بِحَدِيْثِ نُزُوْلِ الرَّبِّ -عَزَّ
وَجَلَّ (4) - فَقَالَ: مَنْ رَأَيتُمُوْهُ يُنْكِرُ
هَذَا، فَاتَّهِمُوْهُ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: قَالَ يَحْيَى: قَالَ
شُعْبَةُ:
كَانَ حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ يُفِيْدُنِي عَنْ مُحَمَّدِ
بنِ زِيَادٍ -يَعْنِي: القُرَشِيَّ، صَاحِبَ أَبِي
هُرَيْرَةَ- فَقُلْتُ لِيَحْيَى: كَانَ حَمَّادٌ
يُفِيْدُهُ؟
قَالَ: فِيْمَا أَعْلَمُ.
ثُمَّ قَالَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ: حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ،
عَنْ زِيَادٍ الأَعْلَمِ، وَقَيْسِ بنِ سَعْدٍ لَيْسَ
بِذَاكَ، إِنْ كَانَ مَا حَدَّثَ بِهِ عَنْ قَيْسِ بنِ
__________
(1) هو يحيى بن المبارك بن المغيرة العدوي اليزيدي، أبو
محمد: عالم بالعربية والقراءة، أخذ القراءة عرضا عن أبي
عمرو البصري أحد القراء السبع، وهو الذي خلفه بالقيام بها،
وممن
تلقاها عنه الدوري والسوسي.
كان من أهل البصرة، وسكن بغداد واتصل بالرشيد فعهد إليه
بتأديب المأمون، وعاش إلى أيام خلافته، وتوفي بمرو سنة
(202 ه).
انظر ترجمته: تاريخ بغداد: 14 / 146 - 148، معجم الأدباء:
20 / 30 - 32، الوفيات: 6 / 183 - 191، النجوم الزاهرة: 2
/ 173، طبقات القراء: 2 / 375.
(2) البيت في " إنباه الرواة ": 1 / 330، " معجم الأدباء
": 10 / 258، " ميزان الاعتدال ": 1 / 592.
(3) انظر: " الميزان ": 1 / 591، " تهذيب التهذيب ": 3 /
13.
(4) تقدم تخريجه في الصفحة: 427 حا: 1.
(7/451)
سَعْدٍ حَقّاً، فَلَمْ يَكُنْ قَيْسٌ
بِشَيْءٍ، وَلَكِنْ حَدِيْثُ حَمَّادٍ، عَنْ ثَابِتٍ،
وَهَذَا الضَّرْبُ -يَعْنِي: أَنَّهُ ثَبتٌ فِيْهَا-.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ اللهِ
التَّمِيْمِيُّ، قَالَ:
أَخْبَرَنِي أَبُو خَالِدٍ الرَّازِيُّ، عَنْ حَمَّادِ بنِ
سَلَمَةَ، قَالَ:
أَخَذَ إِيَاسُ بنُ مُعَاوِيَةَ بِيَدِي وَأَنَا غُلاَمٌ،
فَقَالَ: لاَ تَمُوْتُ حَتَّى تَقُصَّ، أَمَّا إِنِّيْ
قَدْ قُلْتُ: هَذَا لِخَالِكَ -يَعْنِي: حُمَيْدٌ
الطَّوِيْلُ- فَمَا مَاتَ حَمَّادٌ حَتَّى قَصَّ.
قَالَ أَبُو خَالِدٍ: قُلْتُ لِحَمَّادٍ: أَنْتَ قَصَصْتَ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: القَاصُّ هُوَ الوَاعِظُ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ: قُلْتُ لِيَحْيَى:
حَمَلتَ عَن حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ إِمْلاَءً؟
قَالَ: نَعَمْ، إِملاَءً كُلَّهَا، إِلاَّ شَيْئاً كُنْتُ
أَسْأَلُه عَنْهُ فِي السُّوْقِ، فَأَتَحَفَّظُ.
قُلْتُ لِيَحْيَى: كَانَ يَقُوْلُ: حَدَّثَنِي،
وَحَدَّثَنَا؟
قَالَ: نَعَمْ، كَانَ يَجِيْءُ بِهَا عَفْواً، حَدَّثَنِي
وَحَدَّثَنَا.
قَالَ البَيْهَقِيُّ فِي (الخِلاَفِيَّاتِ): مِمَّا جَاءَ
فِي كِتَابِ (الإِمَامِ) لِشَيْخِنَا، بَعْدَ إِيرَادِ
حَدِيْثِ: (أَلاَ إِنَّ العَبْدَ نَامَ)، لِحَمَّادِ بنِ
سَلَمَةَ، قَالَ:
فَأَمَّا حَمَّادٌ، فَإِنَّهُ أَحَدُ أَئِمَّةِ
المُسْلِمِيْنَ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: إِذَا رَأَيتَ مَنْ
يَغمِزُهُ، فَاتَّهِمْهُ، فَإِنَّهُ كَانَ شَدِيْداً عَلَى
أَهْلِ البِدَعِ، إِلاَّ أَنَّهُ لَمَّا طَعَنَ فِي
السِّنِّ، سَاءَ حِفْظُه، فَلِذَلِكَ لَمْ يَحتَجَّ بِهِ
البُخَارِيُّ، وَأَمَّا مُسْلِمٌ، فَاجْتَهَدَ فِيْهِ،
وَأَخْرَجَ مِنْ حَدِيْثِهِ عَنْ ثَابِتٍ، مِمَّا سَمِعَ
مِنْهُ قَبْل تَغَيُّرِهِ، وَمَا عَنْ غَيْرِ ثَابِتٍ،
فَأَخْرَجَ نَحْوَ اثْنَيْ عَشَرَ حَدِيْثاً فِي
الشَّوَاهِدِ، دُوْنَ الاحْتِجَاجِ، فَالاحتِيَاطُ أَنْ
لاَ يُحْتَجَّ بِهِ فِيْمَا يُخَالِفُ الثِّقَاتِ، وَهَذَا
الحَدِيْثُ مِنْ جُمْلَتِهَا.
قَالَ أَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ
بنُ مُطَهِّرٍ، قَالَ:
سَأَلْتُ أَحْمَدَ
(7/452)
بنَ حَنْبَلٍ، فَقَالَ: حَمَّادُ بنُ
سَلَمَةَ عِنْدَنَا مِنَ الثِّقَاتِ، مَا نَزدَادُ فِيْهِ
كُلَّ يَوْمٍ إِلاَّ بَصِيْرَةً.
قَالَ أَبُو سَلَمَةَ التَّبُوْذَكِيُّ: مَاتَ حَمَّادُ
بنُ سَلَمَةَ، وَقَدْ أَتَى عَلَيْهِ سِتٌّ وَسَبْعُوْنَ
سَنَةً.
قُلْتُ: فَعَلَى هَذَا يَكُوْنُ مَوْلِدُهُ فِي حَيَاةِ
أَنَسِ بنِ مَالِكٍ.
وَقَالَ أَبُو الحَسَنِ المَدَائِنِيُّ: مَاتَ حَمَّادُ
بنُ سَلَمَةَ يَوْمَ الثُّلاَثَاءِ، فِي ذِي الحِجَّةِ،
سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ، وَصَلَّى عَلَيْهِ:
إِسْحَاقُ بنُ سُلَيْمَانَ.
قُلْتُ: كَذَا أَرَّخ وَفَاتَه فِي هَذَا العَامِ غَيْرُ
وَاحِدٍ.
وَبَعْضُهُم قَالَ: مَاتَ بَعْدَ عِيْدِ النَّحْرِ.
وَقَالَ شَبَابٌ العُصْفُرِيُّ فِي (تَارِيْخِهِ):
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، مَوْلَى بَنِي رَبِيْعَةَ بنِ
زَيْدِ مَنَاةَ بنِ تَمِيْمٍ، يُكْنَى: أَبَا سَلَمَةَ،
مَاتَ فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ سَبْعٍ.
وَأَمَّا عُبَيْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ العَيْشِيُّ،
فَقَالَ: مَاتَ فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ سِتٍّ، وَهَذَا
وَهْمٌ.
وَمَاتَ مَعَ حَمَّادٍ فِي سَنَةِ سَبْعٍ أَئِمَّةٌ
كِبَارٌ مِنَ العُلَمَاءِ، مِنْهُم: أَبُو حَمْزَةَ
مُحَمَّدُ بنُ مَيْمُوْنٍ السُّكَّرِيُّ (1) مُحَدِّثُ
مَرْوَ، وَالحَسَنُ بنُ صَالِحِ بنِ حَيٍّ الهَمْدَانِيُّ
(2) الفَقِيْهُ الكُوْفِيُّ، وَالرَّبِيْعُ بنُ مُسْلِمٍ
(3) البَصْرِيُّ، وَسَلاَّمُ بنُ مِسْكِيْنٍ (4)
البَصْرِيُّ، وَالقَاسِمُ بنُ الفَضْلِ الحُدَّانِيُّ (5)
البَصْرِيُّ، وَالسَّرِيُّ
__________
(1) تقدمت ترجمته في الصفحة: 385، وما بعدها.
(2) ترجمته في الصفحة: 361 وما بعدها، وفيها حدد المؤلف
وفاته في سنة (169 ه).
(3) ترجمته في الصفحة: 290.
(4) ترجمته في الصفحة: 414.
(5) ترجمته في الصفحة: 290.
(7/453)
بنُ يَحْيَى البَصْرِيُّ - بِخُلْفٍ -
وَسُوَيْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الحَنَّاطُ البَصْرِيُّ،
وَأَبُو بَكْرٍ الهُذَلِيُّ البَصْرِيُّ - سُلَمِيٌّ -
وَأَبُو عَقِيْلٍ يَحْيَى بنُ المُتَوَكِّلِ البَصْرِيُّ،
وَأَبُو هِلاَلٍ مُحَمَّدُ بنُ سُلَيْمٍ الرَّاسبِيُّ
البَصْرِيُّ، وَدَاوُدُ بنُ أَبِي الفُرَاتِ البَصْرِيُّ،
وَأَبُو الرَّبِيْعِ أَشْعَثُ السَّمَّانُ البَصْرِيُّ،
وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ مُسْلِمٍ القِسْمَلِّيُّ
البَصْرِيُّ، وَجَمَاعَةٌ سِوَاهُم بِالبَصْرَةِ،
فَكَانَتْ سَنَةَ فَنَاءِ العُلَمَاءِ بِالبَصْرَةِ.
وَفِيْهَا مَاتَ: شَيْخُ دِمَشْقَ سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ
العَزِيْزِ التَّنُوْخِيُّ (1) الفَقِيْهُ، وَشَيْخُ
الإِسْكَنْدَرِيَّةِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ شُرَيْحٍ (2)
، وَمُحَدِّثُ الكُوْفَةِ مُحَمَّدُ بنُ طَلْحَةَ بنِ
مُصَرِّفٍ (3) ، وَأَمِيْرُ الكُوْفَةِ عِيْسَى بنُ
مُوْسَى العَبَّاسِيُّ (4) ، وَبَشَّارُ بنُ بُرْدٍ (5)
شَاعِرُ وَقْتِهِ.
وَقَدْ وَقَعَ لِي مِنْ أَعْلَى رِوَايَاتِهِ: بِضْعَةَ
عَشَرَ حَدِيْثاً، أَفرَدْتُهَا قَدِيْماً فِي سَنَةِ
بِضْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ
بِمِصْرَ، أَنْبَأَنَا المُبَارَكُ بنُ أَبِي الجُوْدِ
بِبَغْدَادَ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ أَبي غَالِبٍ
العَابِدُ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عَلِيٍّ،
أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
الذَّهَبِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ البَغَوِيُّ،
حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بنُ حَمَّادٍ النَّرْسِيُّ،
حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ
أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
قَالَ: (إِنَّ رَجُلاً زَارَ أَخاً لَهُ فِي قَرْيَةٍ
أُخْرَى، فَأَرْصَدَ اللهُ عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكاً،
فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ، قَالَ: أَيْنَ تُرِيْدُ؟
قَالَ: أَرَدْتُ أَخاً لِي فِي قَرْيَةِ كَذَا وَكَذَا.
قَالَ: هَلْ لَهُ عَلَيْكَ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا؟
قَالَ: لاَ، إِلاَّ
__________
(1) أبو محمد، فقيه دمشق في عصره، كان حافظا حجة.
توفي سنة (167 ه) كما أشار المؤلف.
انظر: " تذكرة الحفاظ ": 1 / 23، " تهذيب ابن عساكر ": 6 /
152.
(2) ترجمته في الصفحة: 182.
(3) ترجمته في الصفحة: 338.
(4) ترجمته في الصفحة: 434.
وفيها حدد المؤلف وفاته في سنة (168 ه).
(5) ترجمته في الصفحة: 24.
(7/454)
أَنِّي أُحِبُّهُ فِي اللهِ.
قَالَ: إِنِّيْ رَسُوْلُ اللهِ إِلَيْكَ أَنَّ اللهَ قَدْ
أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيْهِ).
أَخْرَجَهُ: مُسْلِمٌ (1) ، عَنْ عَبْدِ الأَعْلَى،
فَوَافَقْنَاهُ بِعُلُوٍّ.
وَهُوَ مِنْ أَحَادِيْثِ الصِّفَاتِ الَّتِي تَمُرُّ كَمَا
جَاءتْ.
وَشَاهِدُهُ فِي القُرْآنِ وَفِي الحَدِيْثِ كَثِيْرٌ،
قَالَ اللهُ -تَعَالَى* -: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ
تُحِبُّوْنَ اللهَ فَاتَّبعُوْنِي، يُحْبِبْكُمُ اللهُ }
[آلُ عِمْرَانَ: 31]، وَقَالَ : {وَاتَّخَذَ اللهُ
إِبْرَاهِيْمَ خَلِيْلاً } [النِّسَاءُ: 125].
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَافِظِ بنُ بَدْرَانَ بِنَابُلُسَ،
وَيُوْسُفُ بنُ أَحْمَدَ الحَجَّارُ بِدِمَشْقَ، قَالاَ:
أَنْبَأَنَا مُوْسَى بنُ عَبْدِ القَادِرِ سَنَةَ
ثَمَانِيَ عَشْرَةَ وَسِتِّ مائَةٍ، أَنْبَأَنَا سَعِيْدُ
بنُ أَحْمَدَ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ
البُسْرِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِرٍ المُخَلِّصُ،
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ البَغَوِيُّ،
حَدَّثَنَا أَبُو نَصْرٍ التَّمَّارُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ
بنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَيُّوْبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ
عُمَرَ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
قَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ : {يَوْمَ يَقُوْمُ النَّاسُ
لِرَبِّ العَالِمِيْنَ } [المُطَفِّفِيْنَ: 6]، قَالَ:
(يَقُوْمُوْنَ حَتَّى يَبْلُغَ الرَّشْحُ أَطْرَافَ
آذَانِهِمْ).
رَوَاهُ: مُسْلِمٌ، عَنِ التَّمَّارِ (2) .
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ، أَنْبَأَنَا الفَتْحُ
بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ، أَنْبَأَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ
الحُسَيْنِ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ
البَزَّازُ، حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا
أَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ
الجَعْدِ، وَعَبْدُ الأَعْلَى بنُ حَمَّادٍ، وَأَبُو
نَصْرٍ التَّمَّارُ، وَكَامِلُ بنُ طَلْحَةَ، وَعُبَيْدُ
اللهِ العَيْشِيُّ، قَالُوا:
حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي
العُشَرَاءِ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
قُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! أَمَا تَكُوْنُ الذَّكَاةُ
إِلاَّ مِنَ اللَّبَّةِ وَالحَلْقِ؟
فَقَالَ: (لَوْ طَعَنْتَ فِي فَخِذِهَا، لأَجْزَأَ عَنْكَ)
(3).
__________
(1) (2567)، في البر والصلة: باب في فضل الحب في الله.
والمدرجة: الطريق، سميت بذلك لان الناس يدرجون عليها، أي
يمضون ويمشون.
وقوله: " تربها "، أي: تقوم بإصلاحها وحفظها، وتنهض إليه
بسبب ذلك.
(2): (2862)، في الجنة وصفة نعيمها وأهلها: باب في صفة يوم
القيامة.
(3) إسناده ضعيف، لجهالة أبي العشراء.
قال الميموني: سألت أحمد عن حديث أبي العشراء في الذكاة،
قال: هو عندي غلط، ولا يعجبني، ولا أذهب إليه إلا في موضع
ضرورة، ما =
(7/455)
قَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي كِتَابِ
(الضُّعَفَاءِ): سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ بنِ
أَبِي شَيْخٍ المَلْطِيَّ يَقُوْلُ:
جَاءَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ إِلَى عَفَّانَ لِيَسْمَعَ
مِنْهُ كُتُبَ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، فَقَالَ: أَمَا
سَمِعْتَهَا مِنْ أَحَدٍ؟
قَالَ: نَعَمْ، حَدَّثَنِي سَبْعَةَ عَشَرَ نَفْساً عَنْ
حَمَّادٍ.
قَالَ: وَاللهِ لاَ حَدَّثْتُكَ.
فَقَالَ: إِنَّمَا هُوَ دِرْهَمٌ (1) ، وَأَنْحَدِرُ إِلَى
البَصْرَةِ، فَأَسْمَعُ مِنَ التَّبُوْذَكِيِّ.
قَالَ: شَأْنُكَ.
فَانْحَدَرَ إِلَى البَصْرَةِ، وَجَاءَ إِلَى
التَّبُوْذَكِيِّ، فَقَالَ لَهُ: أَمَا سَمِعْتَهَا مِنْ
أَحَدٍ؟
قَالَ: سَمِعْتُهَا عَلَى الوَجْهِ مِنْ سَبْعَةَ عَشَرَ،
وَأَنْتَ الثَّامِنَ عَشَرَ.
قَالَ: وَمَا تَصْنَعُ بِهَذَا؟
قَالَ: إِنَّ حَمَّادَ بنَ سَلَمَةَ كَانَ يُخطِئُ،
فَأَرَدتُ أَنْ أَمِيْزَ خَطَأَهُ مِنْ خَطَأِ غَيْرِهِ،
فَإِذَا رَأَيتُ أَصْحَابَهُ اجْتَمَعُوا عَلَى شَيْءٍ،
عَلِمتُ أَنَّ الخَطَأَ مِنْهُ.
قُلْتُ: هَذِهِ حِكَايَةٌ مُنْقَطِعَةٌ.
وَقَالَ مُحَدِّثٌ: رَأَيْتُ أَبَا سَعِيْدٍ الحَدَّادَ
يَكْتُبُ أَصْنَافَ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ...، فَذَكَرَ
حِكَايَةً.
169 - حَمَّادُ بنُ زَيْدِ بنِ دِرْهَمٍ الأَزْدِيُّ * (ع)
العَلاَّمَةُ، الحَافِظُ، الثَّبْتُ، مُحَدِّثُ الوَقْتِ،
أَبُو إِسْمَاعِيْلَ
__________
= أعرف أنه يروى عن أبي العشراء حديث غير هذا.
وقال البخاري: في حديثه، واسمه، وسماعه من أبيه نظر.
والحديث أخرجه أبو داود: (2825)، في الاضاحي: باب ما جاء
في ذبيحة المتردية، والترمذي: (1481)، وابن ماجه: (3184)،
في الذبائح: باب ذكاة الناد من البهائم. والذكاة: الذبح.
واللبة: وسط الصدر والمنحر.
(1) في المطبوع من " الضعفاء " 1 / 32: " وهم " وهو تحريف
مع أن في الأصلين اللذين اعتمدهما المحقق " درهم " على
الصواب.
(*) طبقات ابن سعد: 7 / 286 - 287، طبقات خليفة: 224،
تاريخ خليفة: 321، 451، التاريخ الكبير: 3 / 25، التاريخ
الصغير: 2 / 218، المعارف: 502 - 503، الجرح والتعديل: 1 /
176 - 183، 3 / 137 - 139، مشاهير علماء الأمصار: 157،
حلية الأولياء: 6 / 257 - 267، تهذيب الأسماء واللغات: 1 /
167 - 168، تهذيب الكمال: خ: 328 - 329، تذهيب التهذيب: خ:
1 / 173، تذكرة الحفاظ: 1 / 228 - 229، عبر الذهبي: 1 /
274، البداية والنهاية: 10 / 174، طبقات القراء لابن
الجزري: 1 / 25، تهذيب التهذيب: 3 / 9 - 11، طبقات الحفاظ:
96 - 97، خلاصة تذهيب الكمال: 92، شذرات الذهب: 1 / 292.
(7/456)
الأَزْدِيُّ، مَوْلَى آلِ جَرِيْرِ بنِ
حَازِمٍ البَصْرِيِّ، الأَزْرَقُ، الضَّرِيْرُ، أَحَدُ
الأَعْلاَمِ.
أَصلُهُ مِنْ سِجِسْتَانَ، سُبِيَ جَدُّهُ دِرْهَمٌ
مِنْهَا.
سَمِعَ مِنْ: أَنَسِ بنِ سِيْرِيْنَ، وَعَمْرِو بنِ
دِيْنَارٍ، وَأَبِي عِمْرَانَ الجَوْنِيِّ، وَمُحَمَّدِ
بنِ زِيَادٍ القُرَشِيِّ الجُمَحِيِّ، وَأَبِي جَمْرَةَ
الضُّبَعِيِّ، وَثَابِتٍ البُنَانِيِّ، وَبُدَيْلِ بنِ
مَيْسَرَةَ، وَأَيُّوْبَ السِّخْتِيَانِيِّ، وَعَبْدِ
العَزِيْزِ بنِ صُهَيْبٍ، وَبِشْرِ بنِ حَرْبٍ، وَسَلْمِ
بنِ قَيْسٍ العَلَوِيِّ، وَشُعَيْبِ بنِ الحَبْحَابِ،
وَعَاصِمِ بنِ أَبِي النَّجُوْدِ، وَعَامِرِ بنِ عَبْدِ
الوَاحِدِ الأَحْوَلِ، وَعَبَّاسِ بنِ فَرُّوْخٍ
الجُرَيْرِيِّ، وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ أَبِي يَزِيْدَ
المَكِّيِّ، وَكَثِيْرِ بنِ زِيَادٍ الأَزْدِيِّ،
وَمُحَمَّدِ بنِ وَاسِعٍ، وَمَطَرٍ الوَرَّاقِ،
وَهَارُوْنَ بنِ رِئَابٍ، وَوَاصِلٍ مَوْلَى أَبِي
عُيَيْنَةَ بنِ المُهَلَّبِ، وَأَبِي التَّيَّاحِ
الضُّبَعِيِّ، وَيَزِيْدَ الرِّشْكِ (1) ، وَإِسْحَاقَ بنِ
سُوَيْدٍ، وَجَمِيْلِ بنِ مُرَّةَ، وَحَاجِبِ بنِ
المُهَلَّبِ بنِ أَبِي صُفْرَةَ، وَالزُّبَيْرِ بنِ
الخِرِّيْتِ، وَالزُّبَيْرِ بنِ عَرَبِيٍّ، وَالصَّقْعَبِ
بنِ زُهَيْرٍ، وَكَثِيْرِ مِنْ شِنْظِيْرٍ، وَمَنْصُوْرِ
بنِ المُعْتَمِرِ، وَبُرْدِ بنِ سِنَانٍ، وَدَاوُدَ بنِ
أَبِي هِنْدٍ، وَيُوْنُسَ بنِ عُبَيْدٍ، وَأَبِي حَازِمٍ
الأَعْرَجِ، وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ أَبِي بَكْرٍ بنِ
أَنَسٍ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
رَوَى عَنْهُ: إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي عَبْلَةَ،
وَسُفْيَانُ، وَشُعْبَةُ - وَهُمْ مِنْ شُيُوْخِهِ -
وَعَبْدُ الوَارِثِ بنُ سَعِيْدٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ
بنُ مَهْدِيٍّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ، وَأَبُو
النُّعْمَانِ عَارِمٌ، وَمُسَدَّدٌ، وَسُلَيْمَانُ بنُ
حَرْبٍ، وَعُبَيْدُ اللهِ القَوَارِيْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ
بنُ عُبَيْدِ بنِ حِسَابٍ، وَعَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ -
وَهُوَ أَكْبَرُ شَيْخٍ عِنْدَهُ - وَزَكَرِيَّا بنُ
عَدِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى بنِ الطَّبَّاعِ،
وَقُتَيْبَةُ بنُ سَعِيْدٍ، وَسَهْلُ بنُ عُثْمَانَ
العَسْكَرِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ يُوْسُفَ البَلْخِيُّ
الفَقِيْهُ، وَدَاوُدُ بنُ عَمْرٍو الضَّبِّيُّ،
وَسُنَيْدُ بنُ دَاوُدَ المَصِّيْصِيُّ، وَسُلَيْمَانُ بنُ
أَيُّوْبَ صَاحِبُ البَصْرِيِّ، وَمُحَمَّدُ بنُ
__________
(1) الرشك، بكسر الراء، هو يزيد بن أبي يزيد الضبعي
البصري.
والرشك بالفارسية: الكبير اللحية، لقب بذلك لكبر لحيته.
(7/457)
أَبِي بَكْرٍ المُقَدَّمِيُّ، وَأَبُو
الرَّبِيْعِ الزَّهْرَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى
الحَرَشِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ زُنْبُوْرٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ
النَّضْرِ المَرْوَزِيُّ، وَإِسْحَاقُ بنُ أَبِي
إِسْرَائِيْلَ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدَةَ، وَعَبْدُ اللهِ
بنُ مُعَاوِيَةَ الجُمَحِيُّ، وَأَبُو الأَشْعَثِ أَحْمَدُ
بنُ المِقْدَامِ العِجْلِيُّ، وَالهَيْثَمُ بنُ سَهْلٍ -
خَاتِمَةُ مَنْ رَوَى عَنْهُ - وَأُمَمٌ سِوَاهُم.
قَدِ اسْتَوْعَبَ كَثِيْراً، مِنْهُم: شَيْخُنَا أَبُو
الحَجَّاجِ فِي (تَهْذِيْبِهِ).
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ: أَئِمَّةُ
النَّاسِ فِي زَمَانِهِم أَرْبَعَةٌ: سُفْيَانُ
الثَّوْرِيُّ (1) بِالكُوْفَةِ، وَمَالِكٌ بِالحِجَازِ،
وَالأَوْزَاعِيُّ بِالشَّامِ (2) ، وَحَمَّادُ بنُ زَيْدٍ
بِالبَصْرَةِ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: لَيْسَ أَحَدٌ أَثْبَتَ
مِنْ حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ يَحْيَى النَّيْسَابُوْرِيُّ: مَا
رَأَيْتُ شَيْخاً أَحْفَظَ مِنْ حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ مِنْ
أَئِمَّةِ المُسْلِمِيْنَ، مِنْ أَهْلِ الدِّيْنِ، هُوَ
أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ: لَمْ أَرَ
أَحَداً قَطُّ أَعْلَمَ بِالسُّنَّةِ، وَلاَ بِالحَدِيْثِ
الَّذِي يَدْخُلُ فِي السُّنَّةِ مِنْ حَمَّادِ بنِ
زَيْدٍ.
وَرُوِيَ عَنْ: سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، قَالَ: رَجُلُ
البَصْرَةِ بَعْدَ شُعْبَةَ ذَاكَ الأَزْرَقُ -يَعْنِي:
حَمَّاداً-.
قَالَ وَكِيْعُ بنُ الجَرَّاحِ: مَا كُنَّا نُشَبِّهُ
حَمَّادَ بنَ زَيْدٍ إِلاَّ بِمِسْعَرٍ (3) .
قَالَ سُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ: لَمْ يَكُنْ لِحَمَّادِ بنِ
زَيْدٍ كِتَابٌ، إِلاَّ كِتَابُ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ
الأَنْصَارِيِّ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيُّ: حَمَّادُ
بنُ زَيْدٍ ثِقَةٌ، وَحَدِيْثُهُ أَرْبَعَةُ آلاَفِ
حَدِيْثٍ، كَانَ يَحْفَظُهَا، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كِتَابٌ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ خِرَاشٍ الحَافِظُ: لَمْ
يُخطِئْ حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ فِي
__________
(1) ترجمته في الصفحة: 229.
(2) ترجمته في الصفحة: 107.
(3) ترجمته في الصفحة: 163.
(7/458)
حَدِيْثِ قَطُّ، وَفِيْهِ يَقُوْلُ ابْنُ
المُبَارَكِ (1) :
أَيُّهَا الطَّالِبُ عِلْماً ... إِيْتِ حَمَّادَ بنَ
زَيْدِ
تَقْتَبِسْ حِلْماً وَعِلْماً ... ثُمَّ قَيَّدْهُ
بِقَيْدِ (2)
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ: مَا رَأَيتُ
أَعْلَمَ مِنْ حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ، وَمَالِكِ بنِ أَنَسٍ،
وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَمَا رَأَيتُ بِالبَصْرَةِ
أَحَداً أَفْقَهَ مِنْهُ -يَعْنِي: حَمَّادَ بنَ زَيْدٍ-.
وَقَالَ آخَرُ: هُوَ أَجَلُّ أَصْحَابِ أَيُّوْبَ
السِّخْتِيَانِيِّ، وَأَثبَتُهُم.
وَعَنْ حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ، قَالَ: جَالَسْتُ أَيُّوْبَ
عِشْرِيْنَ سَنَةً.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ سَعِيْدٍ الدَّارِمِيُّ: سَمِعْتُ
أَبَا عَاصِمٍ النَّبِيْلَ يَقُوْلُ:
مَاتَ حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ يَوْم مَاتَ، وَلاَ أَعْلَمُ
لَهُ فِي الإِسْلاَمِ نَظِيْراً فِي هَيئَتِه وَدَلِّهِ -
أَظُنُّهُ قَالَ: وَسَمْتِهِ -
قُلْتُ: تَأَخَّرَ مَوْتُه عَنْ مَالِكٍ قَلِيْلاً،
وَلِذَلِكَ قَالَ أَبُو عَاصِمٍ ذَلِكَ، وَلَمَّا سَمِعَ
يَزِيْدُ بنُ زُرَيْعٍ بِمَوْتِ حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ،
قَالَ: مَاتَ اليَوْم سَيِّدُ المُسْلِمِيْنَ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ بنُ حِبَّانَ: كَانَ ضَرِيْراً،
يَحفَظُ حَدِيْثَه كُلَّه.
قُلْتُ: إِنَّمَا أَضَرَّ بِأَخَرَةٍ.
__________
(1) هو عبد الله بن المبارك بن واضح الحنظلي بالولاء،
التيمي المروزي، أبو عبد
الرحمن، الحافظ، شيخ الإسلام، المجاهد التاجر، صاحب
التصانيف والرحلات.
كان من سكان خراسان، ومات " بهيت " على الفرات، منصرفا من
غزو الروم سنة (181 ه).
انظر ترجمته في: " الحلية ": 8 / 162، " تاريخ بغداد ": 10
/ 152، " تذكرة الحفاظ ": 1 / 253، " شذرات الذهب ": 1 /
295.
(2) " الحلية ": 6 / 258، وفيه الشطر الأول من البيت
الثاني: " فاطلب العلم بحلم "، وزاد بيتا ثالثا: لا كثور
وكجهم * وكعمرو بن عبيد و" البداية والنهاية ": 10 / 79،
في ترجمة عمرو بن عبيد، وفيه الشطر الأول من البيت الثاني:
" فخذ العلم بحلم ". وزاد بيتا ثالثا: وذر البدعة من *
آثار عمرو بن عبيد وانظر: الجرح والتعديل: 1 / 179 - 180.
(7/459)
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: قَدْ رَوَى
عَنْهُ: إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي عَبْلَةَ،
وَالثَّوْرِيُّ، وَخَلْقٌ، آخِرُهُم وَفَاةً: الهَيْثَمُ
بنُ سَهْلٍ التُّسْتَرِيُّ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ مُصَفَّى: حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بنُ
الوَلِيْدِ، قَالَ:
مَا رَأَيتُ بِالعِرَاقِ مِثْلَ حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ.
وَقَالَ خَلَفُ بنُ هِشَامٍ البَزَّارُ: المُدَلِّسُ
مُتَشَبِّعٌ بِمَا لَمْ يُعْطَ.
قُلْتُ: هُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
{وَيُحِبُّوْنَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا }
[آلُ عِمْرَانَ: 188].
قُلْتُ: وَالمُدَلِّسُ فِيْهِ شَيْءٌ مِنَ الغِشِّ،
وَفِيْهِ عَدَمُ نُصحٍ لِلأُمَّةِ، لاَ سِيَّمَا إِذَا
دَلَّسَ الخَبَرَ الوَاهِي، يُوْهِمُ أَنَّهُ صَحِيْحٌ،
فَهَذَا لاَ يَحِلُّ بِوَجْهٍ، بِخِلاَفِ بَاقِي أَقسَامِ
التَّدْلِيسِ، وَمَا أَحْسَنَ قَوْلَ عَبْدِ الوَارِثِ بنِ
سَعِيْدٍ: التَّدْلِيسُ (1) ذُلٌّ.
جَمَاعَةٌ: سَمِعُوا سُلَيْمَانَ بنَ حَرْبٍ: سَمِعْتُ
حَمَّادَ بنَ زَيْدٍ يَقُوْلُ فِي قَوْلِهِ : {لاَ
تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ }
[الحُجُرَاتُ: 2]
قَالَ: أَرَى رَفْعَ الصَّوْتِ عَلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهِ،
كَرَفعِ الصَّوْتِ عَلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ، إِذَا قُرِئَ
حَدِيْثُهُ، وَجَبَ عَلَيْكَ أَنْ تُنْصِتَ لَهُ، كَمَا
تُنصِتُ لِلْقُرْآنِ يَعْمُرُ (2) .
وَرَوَى: سُلَيْمَانُ بنُ أَيُّوْبَ صَاحِبُ البَصْرِيُّ -
وَهُوَ صَادِقٌ -: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ
مَهْدِيٍّ يَقُوْلُ:
مَا رَأَيتُ أَحَداً أَعْلَمَ مِنْ حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ،
لاَ سُفْيَانُ وَلاَ مَالِكٌ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى الطَّبَّاعُ: مَا رَأَيتُ
أَعقَلَ مِنْ حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ وَزِيْرٍ الوَاسِطِيُّ: سَمِعْتُ
يَزِيْدَ بنَ هَارُوْنَ يَقُوْلُ:
قُلْتُ لِحَمَّادِ بنِ زَيْدٍ: هَلْ ذَكَرَ اللهُ
أَصْحَابَ الحَدِيْثِ فِي القُرْآنِ؟
قَالَ: بَلَى، اللهُ -تَعَالَى- يَقُوْلُ: {فَلَوْلاَ
نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ ...}،
الآيَةَ (3).
__________
(1) تقدم الحديث عن التدليس في الصفحة: 208، حا 1.
(2) كذا الأصل ولم تتبين لنا.
(3): 122، التوبة، وتتمتها: (ليتفقهوا في الدين ولينذروا
قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون) وقد أخرجه الخطيب
البغدادي في " الرحلة في طلب الحديث ": ص 87، وتمامه: =
(7/460)
قَالَ أَبُو العَبَّاسِ بنُ مَسْرُوْقٍ:
حَدَّثَنَا أَيُّوْبُ العَطَّارُ: سَمِعْتُ بِشْرَ بنَ
الحَارِثِ -رَحِمَهُ اللهُ- يَقُوْلُ:
حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، ثُمَّ قَالَ:
أَسْتَغْفِرُ الله، إِنَّ لِذِكْرِ الإِسْنَادِ فِي
القَلْبِ خُيَلاَءَ.
قَالَ سُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ، عَنْ حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ،
قَالَ:
جَاءنِي أَبَانُ بنُ أَبِي عَيَّاشٍ، فَقَالَ: أُحِبُّ
أَنْ تُكلِّمَ شُعْبَةَ أَنْ يَكُفَّ عَنِّي.
فَكَلَّمتُه، فَكَفَّ عَنْهُ أَيَّاماً، وَأَتَانِي فِي
اللَّيْلِ، فَقَالَ: إِنَّهُ لاَ يَحِلُّ الكَفُّ عَنْ
أَبَانٍ، فَإِنَّهُ يَكْذِبُ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ الحَافِظُ:
حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ:
سَمِعْتُ حَمَّادَ بنَ زَيْدٍ يَقُوْلُ:
إِنَّمَا يَدُورُوْنَ عَلَى أَنْ يَقُوْلُوا: لَيْسَ فِي
السَّمَاءِ إِلَهٌ -يَعْنِي: الجَهْمِيَّةَ (1) -.
وَعَنْ أَبِي النُّعْمَان عَارِمٍ، قَالَ:
قَالَ حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: القُرْآنُ كَلاَمُ اللهِ،
أَنْزَلَه جِبْرِيْلُ مِنْ عِنْدَ رَبِّ العَالِمِيْنَ.
قُلْتُ: لاَ أَعْلَمُ بَيْنَ العُلَمَاءِ نِزَاعاً، فِي
أَنَّ حَمَّادَ بنَ زَيْدٍ مِنْ أَئِمَّةِ السَّلَفِ،
وَمِنْ أَتقَنِ الحُفَّاظِ وَأَعْدَلِهِم، وَأَعْدَمِهِم
غَلَطاً، عَلَى سَعَةِ مَا رَوَى -رَحِمَهُ اللهُ-.
مَوْلِدُه: فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعِيْدٍ الجَوْهَرِيُّ: سَمِعْتُ
أَبَا أُسَامَةَ يَقُوْلُ:
كُنْتُ إِذَا رَأَيتُ حَمَّادَ بنَ زَيْدٍ، قُلْتُ:
أَدَّبَهُ كِسْرَى، وَفَقَّهَهُ عُمَر -رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ-.
قَالَ الخَلِيْلِيُّ: سَمِعْتُ عَبْدَ الله بنَ مُحَمَّدٍ
الحَافِظَ، سَمِعْتُ أَبَا عُبَيْدٍ مُحَمَّدَ بنَ
مُحَمَّدِ ابْنِ أَخِي هِلاَلٍ الرَّأْيِ، سَمِعْتُ
هِشَامَ بنَ عَلِيٍّ يَقُوْلُ:
كَانُوا يَقُوْلُوْنَ: كَانَ عِلْمُ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ
أَرْبَعَةَ دَوَانِيقَ (2)، وَعَقْلُهُ دَانِقَيْنِ،
وَعِلْمُ حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ دَانِقَيْنِ، وَعَقْلُهُ
أَرْبَعَةُ دَوَانِيقَ.
قُلْتُ: مَاتَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَةٍ،
وِفَاقاً فِي شَهْرِ رَمَضَانَ. وَقَالَ أَبُو
__________
= " فهذا في كل من رحل في طلب العلم والفقه، ورجع به إلى
من وراءه فعلمه إياه ".
(1) تقدم الحديث عن الجهمية في الصفحة: 311، حا: 3.
(2) الدانق: سدس الدرهم.
والدرهم: جزء من اثني عشر جزءا من الاوقية.
(7/461)
حَفْصٍ الفَلاَّسُ: مَاتَ فِي يَوْمَ
الجُمُعَةِ، تَاسِعَ عَشَرَ شَهْرِ رَمَضَانَ.
وَقَالَ عَارِمٌ: مَاتَ لِعَشْرٍ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ
رَمَضَانَ، يَوْمَ الجُمُعَةِ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: مَاتَ قَبْلَهُ مَالِكٌ
بِشَهْرَيْنِ وَأَيَّامٍ.
قُلْتُ: هَذَا وَهْمٌ، بَلْ مَاتَ قَبْلَهُ بِسِتَّةِ
أَشْهُرٍ - فَرَحِمَهُمَا اللهُ - فَلَقَدْ كَانَا رُكْنَي
الدِّيْنِ، مَا خَلِفَهُمَا مِثْلُهُمَا.
وَمَاتَ فِيْهَا: بِوَاسِطَ الحَافِظُ الحُجَّةُ العَابِدُ
القُدْوَةُ، خَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الطَّحَّانُ،
وَمُحَدِّثُ الكُوْفَةِ أَبُو الأَحْوَصِ سَلاَّمُ بنُ
سُلَيْمٍ، وَمُفْتِي دِمَشْقَ الهِقْلُ بنُ زِيَادٍ -
صَاحِبُ الأَوْزَاعِيِّ - وَمُحَدِّثُ حِمْصَ عَبْدُ اللهِ
بنُ سَالِمٍ الأَشْعَرِيُّ.
وَفِيْهَا: كَانَ مَصْرَعُ مَلِكِ الخَوَارِجِ، الَّذِي
يُضْرَبُ بِشَجَاعَتِهِ المَثَلُ: الوَلِيْدُ بنُ طَرِيْفٍ
الشَّارِي (1) .
وَمِنْ عَوَالِي حَمَّادٍ - وَقَدْ أَفْرَدْتُهَا -:
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَافِظِ بنُ بَدْرَانَ، وَيُوْسُفُ
بنُ أَحْمَدَ، قَالاَ:
أَنْبَأَنَا مُوْسَى بنُ عَبْدِ القَادِرِ، أَنْبَأَنَا
سَعِيْدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ البَنَّاءِ، أَنْبَأَنَا
عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ، أَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِرٍ
المُخَلِّصُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ
__________
(1) الوليد بن طريف بن الصلت التغلبي الشيباني: خرج
بالجزيرة الفراتية سنة (177 ه) في خلافة هارون الرشيد،
وحشد جموعا كثيرة، وأخذ مناطق عديدة، فسير إليه الرشيد
جيشا كثيفا مقدمه يزيد بن مزيد الشيباني، فأقام قريبا منه
يناجزه ويطاوله مدة، ثم ظهر عليه يزيد فقتله بعد حرب
شديده، وهو الذي تقول أخته فارعة في رثائة: أيا شجر
الخابور مالك مورقا * كأنك لم تجزع على ابن طريف والشاري:
نسبة إلى الشراة: وهو الخوارج، سموا بذلك لانهم غضبوا
ولجوا، وأماهم، فقالوا: نحن الشراة، لقوله عزوجل: (ومن
الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله) [ البقرة: 207 ]،
أي يبيعها ويبذلها في الجهاد، وثمنها الجنة، وقوله تعالى:
(إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم
الجنة) [ التوبة: 111 ]، ولذلك قال قطري بن الفجاءة، وهو
شاعر خارجي: رأت فتية باعوا الاله نفوسهم * بجنات عدن عنده
ونعيم
(7/462)
مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ
المِقْدَامِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي
عِمْرَانَ الجَوْنِيِّ:
سَمِعْتُ جُنْدُبَ بنَ عَبْدِ اللهِ - وَلاَ أَعْلَمُهُ،
إِلاَّ أَنَّهُ قَدْ رَفَعَهُ - قَالَ: (اقْرَؤُوا
القُرْآنَ مَا ائْتَلَفَتْ عَلَيْهِ قُلُوْبُكُم، فَإِذَا
اخْتَلَفْتُم فِيْهِ، فَقُوْمُوا عَنْهُ (1)).
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ المُحْسِنِ
العَلَوِيُّ: أَنْبَأَنَا أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ
أَحْمَدَ القَطِيْعِيُّ حُضُوْراً، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ
بنُ عُبَيْدِ اللهِ بنِ الزَّاغُوْنِيِّ (ح).
وَأَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ، أَنْبَأَنَا عُمَرُ
بنُ مُحَمَّدٍ الزَّاهِدُ، أَنْبَأَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ
أَحْمَدَ الشِّبْلِيُّ، قَالاَ:
أَنْبَأَنَا أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ،
أَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِرٍ المُخَلِّصُ، حَدَّثَنَا أَبُو
القَاسِمِ البَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيْعِ
الزَّهْرَانِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ
أَيُّوْبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ
بِلاَلٍ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
صَلَّى بَيْنَ العَمُودَيْنِ، تِلْقَاءَ وَجْهِهِ فِي
جَوْفِ الكَعْبَةِ.
أَخْرَجَهُ: مُسْلِمٌ (2) ، عَنِ الزَّهْرَانِيِّ.
وَبِهِ: إِلَى الزَّهْرَانِيِّ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ
زَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ،
عَنْ بِلاَلٍ، قَالَ:
صَلَّى رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- فِي البَيْتِ (3) .
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَمْ يُصَلِّ فِيْهِ، إِنَّمَا
كَبَّرَ فِي نَوَاحِيْهِ (4).
__________
(1) وأخرجه البخاري: 9 / 87، في فضائل القرآن: باب اقرؤوا
القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم، وأخرجه أيضا: 13 / 289، في
الاعتصام، من طريق إسحاق بن راهويه، عن عبد الصمد، عن
همام، عن أبي عمران الجوني.
ومعنى الحديث: اقرؤوا القرآن ما اجتمعت عليه قلوبكم، فإذا
اختلفتم في فهم معانيه، فتفرقوا لئلا يتمادى بكم الخلاف
إلى الشر.
قال عياض: يحتمل أن يكون النهي خاصا بزمنه - صلى الله عليه
وسلم - لئلا يكون ذلك سببا لنزول ما يسؤوهم كما في قوله
تعالى: (لا يتأسلوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم) [ المائدة:
101 ].
ويحتمل أن يكون المعنى: اقرؤوا والزموا الائتلاف على ما دل
عليه وقاد إليه، فإذا وقع الاختلاف، أو عرض عارض شبهة
يقتضي المنازعة الداعية للافتراق، فاتركوا القراءة،
وتمسكوا بالمحكم الموجب للالفة، وأعرضوا عن المتشابه
المؤدي للفرقة.
وهو كقوله - صلى الله عليه وسلم -: " فإذا رأيتم الذين
يتبعون ما تشابه منه فاحذروهم ".
(2) رقم: (1329) (389)، في الحج: باب استحباب دخول الكعبة
للحاج وغيره، والصلاة فيها.
(3) إسناده صحيح.
(4) أخرجه البخاري: 3 / 375 - 376، في الحج: باب من كبر في
نواحي الكعبة، وأبو داود: (2027)، وانظر: " زاد المعاد "
(طبع مؤسسة الرسالة): 2 / 297.
(7/463)
وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيْحٌ.
وَإِنَّمَا العِبْرَةُ بِقَوْلِ مَنْ أَثْبَتَ الصَّلاَةَ،
فَإِنَّ مَعَهُ زِيَادَةُ عِلْمٍ.
رَوَى: أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، عَنْ مُقَاتِلِ بنِ
مُحَمَّدٍ، سَمِعَ وَكِيْعاً يَقُوْلُ:
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ أَحْفَظُ مِنِ ابْنِ سَلَمَةَ، مَا
كُنَّا نُشَبِّهُ حَمَّادَ بنَ زَيْدٍ إِلاَّ بِمِسْعَرٍ
(1) .
إِسْحَاقُ الكَوْسَجُ: عَنْ يَحْيَى، قَالَ:
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ أَثبَتُ مِنْ: عَبْدِ الوَارِثِ،
وَابْنِ عُلَيَّةَ، وَعَبْدِ الوَهَّابِ الثَّقَفِيِّ،
وَابْنِ عُيَيْنَةَ.
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: سَمِعْتُ أَبَا الوَلِيْدِ
يَقُوْلُ:
يَرَوْنَ أَنَّ حَمَّادَ بنَ زَيْدٍ دُوْنَ شُعْبَةَ فِي
الحَدِيْثِ.
وَقَالَ عَارِمٌ: سَأَلْتُ أُمَّ حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ،
وَعَمَّتَهُ، فَقَالَتْ إِحْدَاهُمَا: وُلِدَ زَمَنَ
سُلَيْمَانَ بنِ عَبْدِ المَلِكِ.
وَقَالَتِ الأُخْرَى: وُلِدَ زَمَنَ عُمَرَ بنِ عَبْدِ
العَزِيْزِ.
وَقَالَ خَالِدُ بنُ خِدَاشٍ: وُلِدَ سَنَةَ ثَمَانٍ
وَتِسْعِيْنَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ يُكْنَى:
أَبَا إِسْمَاعِيْلَ، وَكَانَ عُثْمَانِياً، وَكَانَ
ثِقَةً، ثَبْتاً، حجَّةً، كَثِيْرَ الحَدِيْثِ.
فَصْلٌ:
اشْتَرَكَ الحَمَّادَانِ فِي الرِّوَايَةِ عَنْ كَثِيْرٍ
مِنَ المَشَايِخِ، وَرَوَى عَنْهُمَا جَمِيْعاً جَمَاعَةٌ
مِنَ المُحَدِّثِيْنَ، فَرُبَّمَا رَوَى الرَّجُل مِنْهُم
عَنْ حَمَّادٍ، لَمْ يَنْسِبْهُ، فَلاَ يُعْرَفُ أَيُّ
الحَمَّادَيْنِ هُوَ إِلاَّ بِقرِيْنَةٍ، فَإِنْ عَرِيَ
السَّنَدُ مِنَ القَرَائِنِ - وَذَلِكَ قَلِيْلٌ - لَمْ
نَقطَعْ بِأَنَّهُ ابْنُ زَيْدٍ، وَلاَ أَنَّهُ ابْنُ
سَلَمَةَ، بَلْ نَتَرَدَّدُ، أَوْ نُقدِّرُه ابْنَ
سَلَمَةَ، وَنَقُوْلُ: هَذَا الحَدِيْثُ عَلَى شَرْطِ
مُسْلِمٍ، إِذْ مُسْلِمٌ قَدِ احْتَجَّ بِهِمَا جَمِيْعاً.
فَمِنْ شُيُوْخِهِمَا مَعاً: أَنَسُ بنُ سِيْرِيْنَ،
وَأَيُّوْبُ، وَالأَزْرَقُ بنُ قَيْسٍ، وَإِسْحَاقُ بنُ
سُوَيْدٍ، وَبُرْدُ بنُ سِنَانٍ، وَبِشْرُ بنُ حَرْبٍ،
وَبَهْزُ بنُ حَكِيْمٍ، وَثَابِتٌ، وَالجَعْدُ أَبُو
عُثْمَانَ، وَحُمَيْدٌ الطَّوِيْلُ، وَخَالِدٌ الحَذَّاءُ،
وَدَاوُدُ بنُ أَبِي هِنْدٍ، وَالجُرَيْرِيُّ، وَشُعَيْبُ
بنُ الحَبْحَابِ، وَعَاصِمُ بنُ أَبِي النَّجُوْدِ،
وَابْنُ عَوْنٍ،
__________
(1) مقدمة الجرح والتعديل 1 / 177، 178.
(7/464)
وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ أَبِي بَكْرٍ بنِ
أَنَسٍ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، وَعَطَاءُ بنُ
السَّائِبِ، وَعَلِيُّ بنُ زَيْدٍ، وَعَمْرُو بنُ
دِيْنَارٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ زِيَادٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ
وَاسِعٍ، وَمَطَرٌ الوَرَّاقُ، وَأَبُو جَمْرَةَ
الضُّبَعِيُّ، وَهِشَامُ بنُ عُرْوَةَ، وَهِشَامُ بنُ
حَسَّانٍ، وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ،
وَيَحْيَى بنُ عَتِيْقٍ، وَيُوْنُسُ بنُ عُبَيْدٍ.
وَحَدَّثَ عَنِ الحَمَّادَيْنِ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
مَهْدِيٍّ، وَوَكِيْعٌ، وَعَفَّانُ، وَحَجَّاجُ بنُ
مِنْهَالٍ، وَسُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ، وَشَيْبَانُ،
وَالقَعْنَبِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُعَاوِيَةَ
الجُمَحِيُّ، وَعَبْدُ الأَعْلَى بنُ حَمَّادٍ، وَأَبُو
النُّعْمَانِ عَارِمٌ، وَمُوْسَى بنُ إِسْمَاعِيْلَ -
لَكِنْ مَا لَهُ عَنْ حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ سِوَى حَدِيْثٍ
وَاحِدٍ - وَمُؤَمَّلُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ، وَهُدْبَةُ،
وَيَحْيَى بنُ حَسَّانٍ، وَيُوْنُسُ بنُ مُحَمَّدٍ
المُؤَدِّبُ، وَغَيْرُهُم.
وَالحُفَّاظُ المُخْتَصُّوْنَ بِالإِكثَارِ،
وَبِالرِّوَايَةِ عَنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ: بَهْزُ بنُ
أَسَدٍ، وَحِبَّانُ بنُ هِلاَلٍ، وَالحَسَنُ الأَشْيَبُ،
وَعُمَرُ بنُ عَاصِمٍ.
وَالمُخْتَصُّوْنَ بِحَمَّادِ بنِ زَيْدٍ، الَّذِيْنَ مَا
لَحِقُوا ابْنَ سَلَمَةَ، فَهُم أَكْثَرُ وَأَوضَحُ:
كَعَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ عَبْدَةَ،
وَأَحْمَدَ بنِ المِقْدَامِ، وَبِشْرِ بنِ مُعَاذٍ
العَقَدِيِّ، وَخَالِدِ بنِ خِدَاشٍ، وَخَلَفِ بنِ
هِشَامٍ، وَزَكَرِيَّا بنِ عَدِيٍّ، وَسَعِيْدِ بنِ
مَنْصُوْرٍ، وَأَبِي الرَّبِيْعِ الزَّهْرَانِيِّ،
وَالقَوَارِيْرِيِّ، وَعَمْرِو بنِ عَوْنٍ، وَقُتَيْبَةَ
بنِ سَعِيْدٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَبِي بَكْرٍ
المُقَدَّمِيِّ، وَلُوَيْنَ، وَمُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى بنِ
الطَّبَّاعِ، وَمُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدِ بنِ حِسَابٍ،
وَمُسَدَّدٍ، وَيَحْيَى بنِ حَبِيْبٍ، وَيَحْيَى بنِ
يَحْيَى التَّمِيْمِيِّ، وَعِدَّةٍ مِنْ أَقْرَانِهِم.
فَإِذَا رَأَيتَ الرَّجُلَ مِنْ هَؤُلاَءِ الطَّبَقَةِ
قَدْ رَوَى عَنْ حَمَّادٍ وَأَبْهَمَهُ، عَلِمتَ أَنَّهُ
ابْنُ زَيْدٍ، وَأَنَّ هَذَا لَمْ يُدرِكْ حَمَّادَ بنَ
سَلَمَةَ، وَكَذَا إِذَا رَوَى رَجُلٌ مِمَّنْ
لَقِيَهُمَا، فَقَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، وَسَكَتَ،
نَظَرَتَ فِي شَيْخِ حَمَّادٍ مَنْ هُوَ؟ فَإِنْ رَأَيتَهُ
مِنْ شُيُوْخِهِمَا عَلَى الاشْتِرَاكِ، تَردَّدْتَ،
وَإِنْ رَأَيتَه مِنْ شُيُوْخِ أَحَدِهِمَا عَلَى
الاخْتِصَاصِ وَالتَّفرُّدِ، عَرَفْتَه بِشُيُوْخِه
المُخْتَصِّيْنَ بِهِ، ثُمَّ عَادَةُ عَفَّانَ لاَ يَرْوِي
عَنْ حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ إِلاَّ وَيَنسِبُهُ، وَرُبَّمَا
رَوَى عَنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ فَلاَ يَنسِبُهُ،
(7/465)
وَكَذَلِكَ يَفْعَلُ حَجَّاجُ بنُ
مِنْهَالٍ، وَهُدْبَةُ بنُ خَالِدٍ.
فَأَمَّا سُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ، فَعَلَى العَكْسِ مِنْ
ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ عَارِمٌ يَفْعَلُ، فَإِذَا، قَالاَ:
حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، فَهُوَ ابْنُ زَيْدٍ، وَمَتَى قَالَ
مُوْسَى التَّبُوْذَكِيُّ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، فَهُوَ
ابْنُ سَلَمَةَ، فَهُوَ رِوَايَتُهُ - وَاللهُ أَعْلَمُ -.
وَيَقَعُ مِثْلُ هَذَا الاشْتِرَاكِ سَوَاءً فِي
السُّفْيَانَيْنِ، فَأَصْحَابُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ
كِبَارٌ قُدَمَاءُ، وَأَصْحَابُ ابْنِ عُيَيْنَةَ صِغَارٌ،
لَمْ يُدْرِكُوا الثَّوْرِيَّ، وَذَلِكَ أَبْيَنُ، فَمَتَى
رَأَيتَ القَدِيْمَ قَدْ رَوَى، فَقَالَ: حَدَّثَنَا
سُفْيَانُ، وَأَبْهَمَ، فَهُوَ الثَّوْرِيُّ، وَهُمْ
كَوَكِيْعٍ، وَابْنِ مَهْدِيٍّ، وَالفِرْيَابِيِّ، وَأَبِي
نُعَيْمٍ.
فَإِنَّ رَوَى وَاحِدٌ مِنْهُم عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ
بَيَّنَهُ، فَأَمَّا الَّذِي لَمْ يَلْحَقِ الثَّوْرِيَّ،
وَأَدْرَكَ ابْنَ عُيَيْنَةَ، فَلاَ يَحْتَاجُ أَنْ
يَنْسِبَهُ، لِعَدَمِ الإِلْبَاسِ، فَعَلَيْكَ
بِمَعْرِفَةِ طَبَقَاتِ النَّاسِ.
بِعَوْنِهِ -تَعَالَى- وَتَوْفِيْقِهِ تَمَّ الجُزْءُ
السَّابِعُ مِنْ (سِيَرِ أَعْلاَمِ النُّبَلاَءِ).
وَيَلِيْهِ الجُزْءُ الثَّامِنُ، وَأَوَّلُهُ تَرْجَمَةُ:
يَحْيَى بنِ أَيُّوْبَ الغَافِقِيِّ.
(7/466)
|