بِنَفْسِهِ، سَمِعَ الكَثِيْر مِنْ جَدِّي،
وَابْنِ مَسْرُوْر، وَجَمَاعَة، وَقَدْ نَيَّف عَلَى
المائَة، مَاتَ فِي سَادسِ صفرٍ، سَنَة ثَمَانِ
عَشْرَةَ وَخَمْسِ مائَة، بِنَيْسَابُوْرَ.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ:العَلاَّمَةُ أَبُو الفَضْلِ
أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ المَيْدَانِي (1)
، وَأَبُو إِبْرَاهِيْمَ إِسْحَاقُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
إِبْرَاهِيْمَ النُّوحِي (2) خطيب سَمَرْقَنْد،
وَأَبُو الفَتْحِ سُلْطَان بنُ إِبْرَاهِيْمَ
المَقْدِسِيّ الشَّافِعِيّ، وَأَبُو طَاهِرٍ
الدَّشْتَجُ (3) .
297 - ابْنُ عَتَّابٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
مُحَمَّدٍ القُرْطُبِيُّ *
الشَّيْخُ، العَلاَّمَةُ، المُحَدِّثُ، الصَّدُوْقُ،
مُسْنِدُ الأَنْدَلُسِ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ
الرَّحْمَنِ ابْنِ المُحَدِّثِ مُحَمَّدِ بنِ عَتَّابِ
بنِ محسن القُرْطُبِيّ.
سَمِعَ مِنْ:أَبِيْهِ فَأَكْثَر، وَحَاتِم بنِ
مُحَمَّدٍ الطّرَابُلُسِي، وَطَائِفَة.
وَتَلاَ بِالسَّبْعِ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ شُعَيْبٍ المُقْرِئ، وَأَجَازَ
لَهُ:مَكِّيُّ بنُ أَبِي طَالِبٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ
عَبْدِ اللهِ بن عَابِد، وَعَبْدُ اللهِ بن سَعِيْدٍ
الشَّنْتَجَالِي، وَأَبُو عَمْرٍو السَّفَاقِسِي،
وَأَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ البَرّ، وَأَبُو عُمَرَ بنُ
الحَذَّاء، وَأَبُو حَفْصٍ بنُ الزَّهرَاوِي.
قَالَ خَلَفُ بنُ بَشْكُوَالَ:هُوَ آخِرُ الشُّيُوْخ
الجلَّة الأَكَابِر بِالأَنْدَلُسِ فِي
__________
(1) تقدمت ترجمته برقم (284).
(2) تقدمت ترجمته برقم (273).
(3) تقدمت ترجمته برقم (275).
(*) الصلة: 2 / 348 - 350، تاريخ الإسلام: 4: 242 / 1
- 2، العبر: 4 / 47، تذكرة الحفاظ: 4 / 1271، عيون
التوارخ: 13 / 468 - 469، الديباج المذهب: 1 / 479،
طبقات المفسرين للداوودي: 1 / 285، شذرات الذهب: 4 /
61، إيضاح المكنون: 2 / 50، هدية العارفين: 1 / 518.
(19/514)
علوِّ الإِسْنَاد، وَسَعَةِ الرِّوَايَة،
سَمِعَ مُعْظَمَ مَا عِنْد أَبِيْهِ، وَكَانَ عَارِفاً
بِالطُّرُقِ، وَاقفاً عَلَى كَثِيْر مِنَ التَّفْسِيْر
وَالغَرِيْب وَالمَعَانِي، مَعَ حظٍّ وَافِرٍ مِنَ
اللُّغَة وَالعَرَبِيَّة، وَتَفَقَّهَ عِنْد أَبِيْهِ،
وَشُووِرَ فِي الأَحكَام بَقِيَّة عُمُرِه، وَكَانَ
صدراً فِيْمَنْ يُسْتَفتَى لِسنه وَتَقدُّمِهِ،
وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الفَضْل وَالحِلم، وَالوَقَار
وَالتَّوَاضع، وَجَمَعَ كِتَاباً حَفِيلاً فِي
الزُّهْد وَالرقَائِق، سَمَّاهُ(شفَاء الصُّدُوْر)،
وَكَانَتِ الرّحلَة إِلَيْهِ فِي وَقته، وَكَانَ
صَابراً لِلطَّلبَة، مُوَاظباً عَلَى الإِسمَاعِ،
يَجْلِسُ لَهُم النَّهَار كُلَّه، وَبَيْنَ
العِشَاءيْنِ، سَمِعَ مِنْهُ الآبَاء وَالأَبْنَاءُ،
وَسَمِعْتُ عَلَيْهِ مُعْظَمَ مَا عِنْدَهُ،
وَقَالَ:مَوْلِدي سَنَة(433).
وَمَاتَ:فِي جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ عِشْرِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ (1) .
قُلْتُ:وَرَوَى عَنْهُ:الحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الْجد، وَعبد الحَقّ
بن بُونُه، وَأَخُوْهُ مُحَمَّد، وَأَحْمَد بن عَبْدِ
المَلِكِ بنِ عَمِيْرَةَ، وَأَحْمَد بن يُوْسُفَ بنِ
رُشد، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ
عُبَادَةَ، وَمُحَمَّد بن يُوْسُفَ بنِ سعَادَة،
وَمُحَمَّد بن عرَّاق، وَعَبْد اللهِ بن خَلَفٍ
الفِهْرِيّ، وَخَلْق.
298 - أَبُو بَحْرٍ بنُ العَاصِ سُفْيَانُ بنُ العَاصِ
بنِ أَحْمَدَ الأَسَدِيُّ *
الإِمَامُ المُتْقِنُ، النَّحْوِيُّ، أَبُو بَحْرٍ
سُفْيَانُ بنُ العَاصِ بنِ أَحْمَدَ بنِ العَاصِ بنِ
سُفْيَانَ بن عِيْسَى الأَسَدِيّ، المُرْبَيْطرِي (2)
، نَزِيْلُ قُرْطُبَة.
__________
(1) " الصلة ": 2 / 349.
(*) الصلة: 1 / 230 - 231، معجم البلدان: 5 / 99،
تاريخ الإسلام: 4: 241 / 2، العبر: 4 / 46، وذكره
المؤلف في تذكرة الحفاظ: 4 / 1271، وفيات ابن قنفذ:
271، شذرات الذهب: 4 / 61.
(2) في معجم ياقوت: 5 / 99: مربيطر: مدينة بالاندلس
بينها وبين بلنسية أربعة فراسخ.
(19/515)
رَوَى عَنْ أَبِي عُمَرَ بنِ عَبْد البَرِّ،
فَقَالَ ابْنُ الدَّبَّاغ:سَمِعَ مِنْهُ(المُوَطَّأ)،
وَكِتَابه فِي الفَرَائِضِ، وَ(بَهجَة المَجَالِس).
قُلْتُ:رَوَى الكَثِيْرَ عَنْ:أَبِي العَبَّاسِ بن
دِلْهَاث، وَاختص بِهِشَام بن أَحْمَدَ الكِنَانِيّ،
وَرَوَى أَيْضاً عَنْ:أَبِي الوَلِيْدِ البَاجِي،
وَأَبِي الفَتْحِ اللَّيْث بن الحَسَنِ التُّركِي،
وَمُحَمَّد بن سعدُوْنَ، وَأَبِي دَاوُدَ بن نَجَاح.
قَالَ ابْنُ بَشْكُوَال:كَانَ مِنْ جِلَّةِ
العُلَمَاء، وَكِبَارِ الأُدبَاء، ضَابطاً لِكُتُبِهِ،
صَدُوْقاً، سَمِعَ النَّاسُ مِنْهُ كَثِيْراً (1) .
قُلْتُ:رَوَى عَنْهُ:ابْنُ بَشْكُوَال، وَأَبُو
الوَلِيْدِ بنُ الدَّبَّاغ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ الجدّ
الفَقِيْه، وَعبد الحَقّ بن بُونُه العبدرِيُّ،
وَآخَرُوْنَ.
تُوُفِّيَ:فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ عِشْرِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ، وَقَدْ كَمَّلَ الثَّمَانِيْنَ -
رَحِمَهُ اللهُ - .
299 - ابْنُ أَبِي تليد مُوْسَى بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بنِ خَلَفٍ
الشَّيْخُ، الصَّدُوْقُ، أَبُو عِمْرَانَ مُوْسَى بنُ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ خَلَفِ بن مُوْسَى بن أَبِي
تليد الشَّاطبِي.
مُكْثِر عَنْ:أَبِي عُمَرَ بن عَبْد البَرِّ،
وَسَمَاعُهُ بِخُطُوط الثِّقَات.
أَثْنَى عَلَيْهِ ابْنُ الدَّبَّاغ، وَقَالَ:سَمِعَ
كِتَاب(الاسْتذكَار)، وَرَوَى
__________
(1) الصلة: 1 / 230، وفيه: واختلفت إليه، وقرأت عليه،
وسمعت كثيرا من روايته، وأجاز لي بخطه سائرها غير مرة.
(*) الصلة: 2 / 610 - 611، بغية الملتمس: 457، معجم
القضاعي: 194 - 196، تاريخ الإسلام: 4: 232 / 1 - 2،
الغنية: 256 - 258، وله في نفح الطيب: 3 / 319 خبر
طريف مع ابن خفاجة.
(19/516)
عَنْهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ زرقُوْنَ،
وَطَائِفَة (1) .
تُوُفِّيَ:سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَخَمْسِ مائَة،
وَكَانَ جَدُّهُم أَبُو تليد مِمَّنْ رَحَلَ، وَسَمِعَ
مِنَ النَّسَائِيّ.
300 - الحُلْوَانِيُّ أَبُو سَعْدٍ يَحْيَى بنُ
عَلِيٍّ *
العَلاَّمَةُ، أَبُو سَعْدٍ يَحْيَى بن عَلِيٍّ
الحُلْوَانِيّ، الشَّافِعِيّ، مُصَنّف
كِتَاب(التَّلويح)فِي المَذْهَب (2) .
كَانَ مِنْ كِبَارِ تَلاَمذَةِ الشَّيْخ أَبِي
إِسْحَاقَ، لزمَه مُدَّةً، وَكَانَ مِنْ فُحُوْل
المنَاظرِيْنَ.
حَدَّثَ عَنْ:أَبِي جَعْفَرٍ بن المُسْلِمَة،
وَغَيْرهِ.
قَالَ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ:قَدِمَ مَرْو
إِلَى خَاقَان (3) صَاحِب مَا وَرَاء النَّهْر
رَسُوْلاً، فَسَمِعْتُ مِنْهُ جُزْءاً، وَكَانَ
سَيِّئَ الخُلُقِ، مُتَكَبِّراً عَسِراً، مَاتَ
بِسَمَرْقَنْدَ، فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ عِشْرِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ.
__________
(1) قال ابن بشكوال: 2 / 610: وكان فقيها مفتيا في
بلده، أديبا، شاعرا، دينا، فاضلا، وأنشد له قول:
حالي مع الدهر في تقلبه * كطائر ضم رجله شرك
همته في فكاك مهجته * يروم تخليصها فتشتبك
(*) الأنساب: 4 / 192، تاريخ الإسلام: 4: 244 / 1 -
245 / 1، طبقات السبكي: 7 / 333 - 334، طبقات الاسنوي:
1 / 432، كشف الظنون: 482، هدية العارفين: 2 / 520.
(2) وولي كما في " الطبقات ": 7 / 333 - حسبة بغداد،
ثم عزل عنها، وولي تدريس النظامية.
(3) هو محمد بن سليمان، وكان قد أرسله إليه أمير
المؤمنين المسترشد بالله.
(19/517)
301 - ابْنُ مَنْظُوْرٍ أَبُو القَاسِمِ
أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ *
قَاضِي إِشبيليَة، أَبُو القَاسِمِ أَحْمَدُ ابنُ
القَاضِي أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ مَنْظُوْر القَيْسِيّ، المَالِكِيّ،
الإِشبيلِي.
فَقيهٌ إِمَامٌ، مُحَدِّثٌ محتشِمٌ، مِنْ بَيْت علم
وَجَلاَلَة.
رَوَى عَنْ أَبِيْهِ، وَعَن ابْنِ عَمّهِم أَبِي
عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ عِيْسَى بنِ
مَنْظُوْر.
أَخَذَ عَنْهُ:ابْنُ بَشْكُوَال، وَغَلِطَ فِي نسبه،
وَجَعَله ابْناً لأَبِي عَبْدِ اللهِ ابْن مَنْظُوْر
الرَّاوِي(الصَّحِيحَ)عَنْ أَبِي ذَرٍّ (1) ، وَتلاَهُ
فِي الوَهْمِ أَبُو جَعْفَرٍ ابْن عَمَيْرَة.
تُوُفِّيَ:سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَلَهُ
أَرْبَعٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً، وَكَانَ مِنْ
روَاة(الصَّحِيح)، فَحَمَلَهُ عَنْهُ سَمَاعاً أَبُو
بَكْرٍ بنُ الجدِّ الحَافِظ.
__________
(*) الصلة: 1 / 78، تاريخ الإسلام: 4: 240 / 1.
(1) هو أبو ذر عبد بن أحمد بن محمد بن عبد الله الهروي
نسبة إلى هراة من بلاد خراسان، وهي من أشهر المدن
الخراسانية التي تقع في القسم الشمالي من أفغانستان،
افتتحها الاحنف بن قيس في خلافة عثمان، وأهلها أشراف
من العجم، وبها قوم من العرب، ومنهم أبو ذر هذا، وقد
تقدمت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (370)، وقد سمع
المستملي، والحموي، والكشميهني، وعول عليهم في
البخاري، سمعه على الحموي بهراة سنة 373 ه، وسمعه على
السمتملي ببلخ سنة 374 ه، وفرغ من سماعه عليه سنة 375
ه، وسمعه على الكشميهني بكشميهن سنة 489 ه.
حدث عن أبي ذر من لا يحيط به الحصر، ومن أشهر الطرق
المشرقية عنه في صحيح البخاري رواية ابنه أبي مكتوم
عيسى بن أبي ذر عنه، وسمعه عليه من الأندلسيين العدد
الكثير، ومن أشهر الطرق المعروفة إليه بالمغرب التي
اعتمدها الرواة رواية القاضي أبي الوليد الباجي عنه،
وأبي العباس العذري، وأبي عبد الله بن شريح المقرئ،
وأبي عبد الله بن منظور القيسي.
انظر " برنامج الوادي آشي ": ص: 189، و" برنامج
التجيبي ": ص: 75، وفهرست ابن خير: ص: 94، وإفادة
النصيح: 39 - 45.
(19/518)
302 - طُغْتِكِين أَبُو مَنْصُوْرٍ الأَتَابك
*
صَاحِبُ دِمَشْق، الْملك، أَبُو مَنْصُوْرٍ طُغْتِكِين
الأَتَابك، مِنْ أُمَرَاءِ السُّلْطَان تُتُش بن أَلب
أَرْسَلاَن السَّلْجُوْقِي، فَزَوَّجَهُ بِأُمِّ وَلده
دُقَاق، فَقتل السُّلْطَان، وَتَملَّكَ بَعْدَهُ
ابْنُهُ دُقَاق، وَصَارَ طُغْتِكِين مُقَدَّم
عَسْكَره، ثُمَّ تَملَّكَ بَعْدَ دُقَاق.
وَكَانَ شَهْماً شُجَاعاً، مَهِيْباً مُجَاهِداً فِي
الفِرَنْج، مُؤثراً لِلْعدل، يُلَقَّبُ ظهيرَ الدّين.
قَالَ أَبُو يَعْلَى بن القلاَنسِي (1) :مَرِضَ
وَنَحُلَ، وَمَاتَ فِي صَفَرٍ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ
وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، فَأَبْكَى العُيُونَ،
وَأَنكَأَ القُلُوْبَ، وَفَتَّ فِي الأَعضَادِ، وَفتت
الأَكبَادَ، وَزَادَ فِي الأَسَفِ - فَرَحِمَهُ اللهُ،
وَبرَّدَ مَضْجَعه - ثُمَّ مَاتَتْ زوجتُهُ
الخَاتُوْنُ أُمُّ بُورِي بَعْدَهُ بِأَيَّام،
فَدُفِنَتْ بِقُبَّتِهَا خَارِجَ بَابِ الفَرَادِيْس
(2) .
قُلْتُ:لَوْلاَ أَنَّ اللهَ أَقَامَ طُغْتِكِين
لِلإِسْلاَم بِإِزَاء الفِرَنْج، وَإِلاَّ كَانُوا
غلبُوا عَلَى دِمَشْقَ، فَقَدْ هزمهُم غَيْرَ مَرَّةٍ،
وَأَنجده عَسْكَرُ المَوْصِلِ، مَعَ مَوْدُوْد، وَمَعَ
البُرسُقِي، وَسَارَ إِلَى بَغْدَادَ هُوَ إِلَى خدمَة
السُّلْطَان مُحَمَّد بن مَلِكْشَاه، فَبَالغ فِي
احترَامه وَإِجلاَله.
قَالَ ابْنُ الأَثِيْرِ:تَملَّك بَعْدَهُ ابْنُهُ
الكَبِيْر تَاجُ المُلُوْك بُورِي بعهدٍ مِنْهُ.
__________
(*) الكامل في التاريخ: 10 / 37 و248 و375 و376 و389
و394 و399 و400 و452 و467 - 469 و487 - 490 و495 - 497
و503 و516 و543 و568 و587 و594 و652، تاريخ الإسلام:
4: 251 / 1، دول الإسلام: 45، العبر: 4 / 51، تتمة
المختصر: 2 / 55، عيون التواريخ: 13 / 481 - 482،
البداية والنهاية: 12 / 199، النجوم الزاهرة: 5 / 234،
شذرات الذهب: 4 / 65 - 66، تهذيب تاريخ دمشق: 7 / 58،
معجم الأنساب والاسرات الحاكمة: 340.
(1) ص 347 - 348.
(2) أحد أبواب دمشق، ويقع شمال الجامع الأموي، ويقال
له: الآن باب العمارة.
(19/519)
وَقَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ:كَانَ طُغْتِكِين
شَهْماً عَادِلاً، حَزِنَ عَلَيْهِ أَهْلُ دِمَشْقَ،
فَلَمْ تَبق محلَةٌ وَلاَ سُوْق إِلاَّ وَالمَأْتَمُ
قَائِمٌ فِيْهِ عَلَيْهِ لِعَدله، وَحُسْنِ سيرَته،
حكم عَلَى الشَّامِ خَمْساً وَثَلاَثِيْنَ سَنَةً،
وَسَارَ ابْنُهُ بِسِيرَتِهِ مُديدَة، ثُمَّ تَغَيَّرَ
وَظَلَم.
قُلْتُ:قَدْ كَانَ طُغْتِكِين سَيْفاً مسلَوْلاً عَلَى
الفِرَنْج، وَلَكِن لَهُ خَرْمَةٌ كَانَ قَدِ اسْتفحل
البَلاَءُ بدَاعِي الإِسْمَاعِيْليَّة بَهْرَامَ
بِالشَّامِ، وَكَانَ يَطُوْفُ المَدَائِن وَالقِلاع
متخفِياً، وَيُغوِي الأَغتَام وَالشُّطَار،
وَيَنْقَادُ لَهُ الجُهَّال، إِلَى أَنْ ظَهَرَ
بِدِمَشْقَ بتقرِير قرَّره صَاحِبُ مَاردين إِيلغَازِي
مَعَ طُغْتِكِين، فَأَخَذَ يُكرمه، وَيُبَالغ
اتِّقَاءً لِشرِّه، فَتبعه الغَوْغَاءُ،
وَالسُّفَهَاء، وَالفلاَحُوْنَ، وَكَثُرُوا، وَوَافقه
الوَزِيْرُ طَاهِر المزدقَانِي، وَبثَّ إِلَيْهِ
سِرَّه، ثُمَّ الْتمس مِنَ الْملك طُغْتِكِين قَلْعَةً
يَحتمِي بِهَا، فَأَعْطَاهُ بَانِيَاس فِي سَنَةِ
عِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ (1) ، فَعَظُمَ الخطبُ،
وَتَوَجَّعَ أَهْلُ الخَيْر، وَتَسَتَّرُوا مِنْ
سَبِّهِم، وَكَانُوا قَدْ قتلُوا عِدَّةً مِنَ
الكِبَارِ، فَمَا قَصَّر تَاجُ المُلُوْك فَقتل
الوَزِيْرَ كَمَالَ الدّين طَاهِر بن سَعْدٍ
المَذْكُور فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ ثَلاَثٍ
وَعِشْرِيْنَ بِالقَلْعَة، وَنصبَ رَأْسَه، وَركب
جندُهُ، فَوضعُوا السَّيْفَ بِدِمَشْقَ فِي الملاَحدَة
الإِسْمَاعِيْليَّة، فَسبَّكُوا مِنْهُم فِي الحَال
نَحْواً مِنْ سِتَّة آلاَف نَفْسٍ فِي الطُّرقَات،
وَكَانُوا قَدْ تَظَاهِرُوا، وَتَفَاقم أَمرُهُم،
وَرَاح فِي هَذِهِ الكَائِنَة الصَّالِحُ بِالطَّالح.
وَأَمَّا بَهْرَامُ، فَتَمَرَّدَ وَعَتَا، وَقَتَلَ
شَابّاً مِنْ أَهْلِ وَادِي التَّيْم اسْمه برْق،
فَقَامَ عَشِيْرَتُهُ، وَتَحَالفُوا عَلَى أَخَذَ
الثَّأْر، فَحَارَبَهُم بَهْرَامُ، فَكَبَسُوهُ
__________
(1) انظر " الكامل في التاريخ ": 10 / 632، 633، 639.
(19/520)
وَذَبَحوهُ إِلَى اللَّعْنَة، وَسلَّمت
الملاَحدَةُ بَانِيَاس لِلْفرنج، وَذلُّوا.
وَقِيْلَ:إِنَّ المزدقَانِي كَاتِب الفِرَنْجَ ليُسلم
إِلَيْهِم دِمَشْق، وَيُعطوهُ صُوْرَ، وَأَنَّ يهجمُوا
البلدَ يَوْمَ جُمُعَة، وَوكَّل الملاَحدَةَ تُغْلِقُ
أَبْوَابَ الجَامِع عَلَى النَّاسِ، فَقَتَلَهُ
لِهَذَا تَاجُ المُلُوْك - رَحِمَهُ اللهُ - وَقَدِ
التَقَى الفِرَنْجَ وَهَزَمَهُم، وَكَانَتْ وَقْعَةٌ
مَشْهُوْدَة (1) .
وَفِي سَنَةِ عِشْرِيْنَ أَقْبَلت جُمُوْعُ الفِرَنْج
لأَخَذَ دِمَشْق، وَنَزَلُوا بِشَقْحَب (2) ، فَجمعَ
طُغْتِكِينُ التُّركمَانِيين (3) وَشُطَّار دِمَشْق،
وَالتقَاهُم فِي آخِرِ العَامِ، وَحَمِيَ القِتَالُ،
ثُمَّ فَرَّ طُغْتِكِين وَفُرْسَانُهُ عجزاً، فَعطفت
الرَّجَّالَةُ عَلَى خيَام العَدُوِّ، وَقَتَلُوا فِي
الفِرَنْج، وَحَازُوا الأَمْوَالَ وَالغَنَائِمَ،
فَوَقَعتِ الهَزِيْمَةُ عَلَى الفِرَنْجِ، وَنَزَلَ
النَّصْرُ.
303 - ابْنُ الفَاعوس أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ
المُبَارَكِ بنِ عَلِيٍّ *
الفَقِيْهُ، الزَّاهِدُ، العَابِدُ، القُدْوَةُ، أَبُو
الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ المُبَارَكِ بنِ عَلِيٍّ
__________
(1) " الكامل في التاريخ ": 10 / 657 - 658، وفيه "
المزدقاني ".
(2) شقحب: قرية في جنوب غربي دمشق تبعد عنها 25 ميلا
تقريبا، وفي سنة 702 كانت وقعة شقحب المشهورة بين
التتار وأهل الشام، وصدق الله وعده، وأعز جنده، وهزم
التتار وحده، ونصر المؤمنين، وقطع دابر القوم الذين
ظلموا والحمد لله رب العالمين، وكان قد حضر هذه الوقعة
شيخ الإسلام تقي الدين رحمه الله يوصي المؤمنين
بالثبات، ويحرضهم على القتال، ويبشرهم بالغنيمة والفوز
بإحدى الحسنيين، وشارك في قتال التتار بنفسه، وجاهدهم
جهاد الابطال، وكانت له مواقف مشهودة تنبئ عن شجاعته،
ورباطة جأشه، وعظيم احتماله.
(3) في الأصل: التراكمين، وهو تحريف.
(*) مشيخة ابن عساكر: 354، المنتظم: 10 / 7، الكامل في
التاريخ: 10 / 648، تاريخ الإسلام: 4: 248 / 2، العبر:
4 / 50، عيون التواريخ: 13 / 479، ذيل طبقات الحنابلة:
1 / 173 - 176، النجوم الزاهرة: 5 / 233، شذرات الذهب:
4 / 64.
(19/521)
ابْن الفَاعوس البَغْدَادِيّ، الإِسكَاف،
تِلْمِيْذُ الشَّرِيْف أَبِي جَعْفَرٍ بن أَبِي
مُوْسَى الحَنْبَلِيّ.
رَوَى عَنِ:القَاضِي أَبِي يَعْلَى، وَأَبِي
مَنْصُوْرٍ العَطَّار.
رَوَى عَنْهُ:أَبُو المُعَمَّر الأَنْصَارِيُّ،
وَأَبُو القَاسِمِ ابنُ عَسَاكِرَ، وَكَانَ يَقرَأُ
لِلنَّاسِ الحَدِيْثَ بِلاَ إِسْنَاد يَوْمَ
الجُمُعَةِ، وَلَهُ قبولٌ زَائِد لِصلاَحه وَإِخلاَصه.
قَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ:تُوُفِّيَ فِي تَاسع عشر
شَوَّالٍ، سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ
مائَةٍ، وَغُلِّقَت الأَسواقُ، وَضج العوَامُّ بذِكْرِ
السُّنَّةِ وَلَعْنِ أَهْلِ البِدَعِ، وَدُفِنَ
بِقُرْبِ الإِمَام أَحْمَد.
وَقِيْلَ:كَانَ يَتمنَّع مِنَ الرِّوَايَة إِزرَاءً
عَلَى نَفْسِهِ - رَحِمَهُ اللهُ - .
مَاتَ:عَنْ نَيِّفٍ وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
قَالَ السَّمْعَانِيّ:سَمِعْتُ أَبَا القَاسِمِ
بِدِمَشْقَ يَقُوْلُ:
أَهْلُ بَغْدَادَ يَعتقدُوْنَ فِيْهِ، وَكَانَ أَبُو
القَاسِمِ بنُ السَّمَرْقَنْدي يَقُوْلُ:إِنَّ ابْنَ
الخَاضبَة كَانَ يَقُوْلُ لابْنِ الفَاعوس:الحَجَرِيّ،
لأَنَّه كَانَ يَقُوْلُ:الْحجر الأَسْوَدِ يَمِيْنُ
الله حقيقَةً.
قَالَ كَاتِبه:هَذَا أَذَىً لاَ يَسوَغ فِي حقِّ
رَجُلٍ صَالِحٍ، وَإِلاَّ فَهَذَا نَزَاع فِي إِطلاَق
عبَارَةٍ مَا تَحْتهَا مَحْذُوْرٌ أَصلاً، وَهُوَ
كقولنَا:بَيْتُ الله حقيقَة، وَنَاقَة الله حقيقَةً،
وَروحُ الله ابْن مَرْيَم حقيقَةً، وَذَلِكَ مِنْ قبيل
إِضَافَة التَّشرِيف، وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَمَا يَقُوْلُ
مَنْ لَهُ عَقْلٌ قَطُّ:إِنَّ ذَلِكَ إِضَافَةُ صفَة،
وَفِي سِيَاقِ الخَبَر مَا يُوَضِّح أَنَّهُ إِضَافَةُ
مُلْكٍ، لاَ إِضَافَةُ صفَة، وَهُوَ قَوْله:(فَمَنْ
صَافَحَهُ، فَكَأَنَّمَا صَافح الله)يَعْنِي:أَنَّهُ
بِمَنْزِلَة
(19/522)
يَمِيْن البَارِئِ تَعَالَى فِي الأَرْضِ (1)
.
رَوَى ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ:سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ
عَبَّاد بن جَعْفَرٍ يَقُوْلُ:
سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُوْلُ:هَذَا الرُّكْنُ
الأَسْوَدُ يَمِيْنُ الله فِي الأَرْضِ يُصَافِحُ بِهِ
عِبَادَه مُصَافَحَةَ الرَّجُلِ أَخَاهُ (2) .
وَلَكِنَّ الأَوْلَى فِي هَذَا ترك الْخَوْض فِي
حقيقَة أَوْ مَجَاز، فَلاَ حَاجَةَ بِنَا إِلَى
تَقييدِ مَا أَطْلَقَهُ السَّلَفُ، بَلْ نُؤمِنُ
وَنسكُتُ، وَقَولُنَا فِي ذَلِكَ:حَقِيقَة أَوْ
مَجَازاً؛ضَرْبٌ مِنَ العَيِّ وَاللَّكَنِ، فَنزجُرُ
مَنْ بَحَثَ فِي ذَلِكَ - وَاللهُ الموفِّقُ - .
304 - المَسْجِدِي أَبُو القَاسِمِ سَهْلُ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ النَّيْسَابُوْرِيّ *
الشَّيْخُ الصَّالِحُ، المُسْنِدُ، أَبُو القَاسِمِ
سَهْلُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ النَّيْسَابُوْرِيّ،
المَسْجِدِي، وَيُعْرَف أَيْضاً:بِالسُّبْعِي.
__________
(1) كلام الذهبي رحمه الله هذا حق فيما إذا ثبت الحديث
بذلك، أما إذا كان لا يصح كما هو هنا فلا يتكلف
لتأويله وتوجيهه، فقد أخرجه الخطيب في " تاريخه ": 6 /
328، وابن عدي في " الكامل ": 17 / 2 من طريق إسحاق بن
بشر الكاهلي، حدثنا أبو معشر المدائني، عن محمد بن
المنكدر، عن جابر مرفوعا: " الحجر الأسود يمين الله في
الأرض يصافح به عباده "، وإسحاق بن بشر الكاهلي قال
الخطيب: يروي عن مالك وغيره من الرفعاء أحاديث منكرة،
كذبه أبو بكر بن أبي شيبة، وموسى بن هارون، وأبو زرعة،
وقال ابن عدي والدارقطني: هو في عداد من يضع الحديث،
وله طريق أخرى لا يفرح بها عند ابن عساكر: 15 / 90 / 2
في سندها أبو علي الاهوازي، وهو متهم، فالخبر باطل كما
قال
ابن الجوزي، وابن العربي.
(2) لم أتبين من رواه عن ابن جريح حتى أنظر فيه، وقد
أخرجه ابن قتيبة هكذا موقوفا على ابن عباس في " غريب
الحديث ": 2 / 337، وفي سنده إبراهيم بن يزيد الخوزي،
وهو متروك.
(*) السياق: الورقة: 28 ب، الأنساب: 7 / 32، التحبير:
1 / 314 - 317، المنتخب: الورقة: 71 أ، اللباب: 2 /
100 - 101، تاريخ الإسلام: 4: 250 / 2.
(19/523)
رَوَى عَنْ:أَبِي مُحَمَّدٍ الجُوَيْنِيّ
الفَقِيْه، وَأَبِي حَفْصِ بن مَسْرُوْر، وَعَبْدِ
الغَافِرِ بن مُحَمَّدٍ الفَارِسِيِّ، وَأَبِي
عُثْمَانَ الصَّابونِي، وَأَبِي سَعْدٍ الطَّبِيْب،
وَوجيه بن أَبِي الطّيب.
رَوَى عَنْهُ:أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ،
وَحَفِيْدُهُ مُحَمَّد بن أَحْمَدَ المَسْجِدِي،
وَعبدُ المُنْعِم بن الفُرَاوِي، وَعبد الرَّحْمَن بن
أَبِي القَاسِمِ الشّعرِي، وَأَبُو سَعْدٍ عَبْدُ
اللهِ بن عُمَرَ الصَّفَّار، وَابْنُ يَاسِر
الجيَّانِي، وَغَيْرهُم.
وَقِيْلَ لَهُ:المَسْجِدِي، لأَنَّه كَانَ خَادِمَ
مَسْجِدِ الْمُطَرز (1) ، وَكَانَ دَيِّناً خَيراً،
عَالِيَ الإِسْنَاد، وَكَانَ وَالِدُهُ قَدْ عُرِفَ
بتِلاَوَة سُبْعٍ كُلَّ يَوْمٍ، وَكَانَ وَلدُهُ
أَحْمَد بن سَهْل يَرْوِي عَنْ:يَعْقُوْب بن أَحْمَدَ
الصَّيْرَفِيّ.
مَاتَ سهل:سَنَة بِضْع وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ،
وَقَدْ ذَكَرْتُهُ فِي(تَارِيخ الإِسْلاَم)تَقَرِيْباً
فِي اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ.
305 - السُّلْطَان مَحْمُوْدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
مَلِكْشَاه السَّلْجُوْقِيُّ *
صَاحِبُ العِرَاق، مُغِيْثُ الدّين مَحْمُوْدُ ابنُ
السُّلْطَان مُحَمَّد بن مَلِكْشَاه بنُ أَلب
أَرْسَلاَن السَّلْجُوْقِي.
__________
(1) وهو المسجد الكبير بنيسابور.
(*) المنتظم: 10 / 24، تاريخ دولة آل سلجوق: 114 -
119، الكامل في التاريخ: 10 / 669 - 670، وفيات
الأعيان: 5 / 182 - 183، تاريخ الإسلام: 4: 268 / 2،
دول الإسلام: 2 / 47، العبر: 4 / 66، تتمة المختصر: 2
/ 58 - 59، مرآة الزمان: 8 / 85، البداية والنهاية: 12
/ 203، تاريخ ابن خلدون: 5 / 45، السلوك: 1 / 34،
الاعلام لابن قاضي شهبة: خ سنة 525، النجوم الزاهرة: 5
/ 246 - 247، شذرات الذهب: 4 / 76 - 77، معجم الأنساب
والاسرات الحاكمة: 334.
(19/524)
تملَّك بَعْد أَبِيْهِ وَهُوَ حَدَّثٌ أَمردُ
فِي أَوّل سَنَةِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ، وَخُطِبَ لَهُ
عَلَى مَنَابِر بَغْدَاد، وَكَانَ ذكيّاً فَطِناً،
لَهُ مَعْرِفَةٌ بِالنَّحْوِ، وَمَيْل إِلَى العِلْم،
وَنظر فِي التَّارِيْخ، مَدحه الحَيْصَ بَيْصَ (1) ،
وَضَعُفَتْ دَوْلَةُ بنِي سَلْجُوق فِي أَوَاخر
أَيَّامه، وَكَانَ عَمّه السُّلْطَان سَنجر أَعْلَى
رُتْبَةً مِنْهُ.
مَاتَ:بهَمَذَانَ، فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ خَمْسٍ
وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ (2) ، وَيُكْنَى أَبَا
القَاسِمِ، وَسَلْطَنُوا بَعْدَهُ أَخَاهُ طُغْرُلَ،
فَمَاتَ بَعْدَ عَامَيْن، ثُمَّ تَسَلَّطن أَخُوْهُمَا
مَسْعُوْدٌ، وَطوَّل.
306 - الدِّيْنَوَرِيّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ
عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ أَحْمَدَ *
الشَّيْخُ، المُعَمَّرُ، الصَّدُوْقُ، أَبُو الحَسَنِ
عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ أَحْمَدَ
الدِّيْنَوَرِيّ، ثُمَّ البَغْدَادِيّ.
سَمِعَ:أَبَا الحَسَنِ القَزْوِيْنِيّ، وَأَبَا طَالب
بن غَيْلاَنَ، وَالحَافِظ أَبَا مُحَمَّدٍ الخَلاَّل،
وَأَبَا مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيّ، وَغَيْرهُم.
__________
(1) هو الأمير شهاب الدين أبو الفوارس سعد بن محمد بن
سعد ابن الصيفي التميمي البغدادي المتوفي سنة 574 ه،
وقصيدته الدالية - وهي من غرر القصائد - التي مدح بها
المترجم هي في ديوانه: 1 / 156، ومطلعها:
ألق الحدائج ترع الضمر القود * طال السرى وتشكت وخدك
البيد
يا ساري الليل لا جدب ولا فرق * فالنبت أغيد والسلطان
محمود
قيل تألفت الاضداد خيفته * فالمورد الضنك فيه الشاء
والسيد
(2) قال ابن الأثير: 10 / 670: وكان عمره لما توفي نحو
سبع وعشرين سنة، وكانت ولايته للسلطنة اثنتي عشرة سنة
وتسعة أشهر وعشرين يوما، وكان حليما، كريما، عاقلا،
يمسع ما يكره ولا يعاقب عليه مع القدرة، قليل الطمع في
أموال الرعايا، عفيفا عنها، كافا لأصحابه عن التطرق
إلى شيء منها.
(*) مشيخة ابن عساكر: 292، مشيخة ابن الجوزي: 63،
ومعظم الترجمة لم ترد فيه لخرم في الأصل المعتمد،
المنتظم: 10 / 7، تاريخ الإسلام: 4: 248 / 2، العبر: 4
/ 50، عيون التواريخ: 13 / 478، شذرات الذهب: 4 / 64.
(19/525)
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو المُعَمَّر
الأَنْصَارِيّ، وَالحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ،
وَأَخُوْهُ الصَّائِنُ هِبَةُ اللهِ، وَأَبُو طَاهِرٍ
السِّلَفِيُّ، وَأَبُو الفَرَجِ بنُ الجَوْزِيِّ،
وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ:كَانَ صَاحِبَ
الخَبَرِ، تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ
إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَكَانَ
يَقُوْلُ:قَدْ مرَّ بِي أَبِي مِنَ الدِّينَوَر
وَأَنَا صَبِيّ، وَاحترقت كُتُبِي زَمَن المُسْتظهر،
وَقَدْ سَمِعَ أَبُو الحَسَنِ القَزْوِيْنِيّ مِنْ
جَدِّي أَحْمَد.
307 - ابْنُ البُخَارِيِّ أَبُو البَرَكَات هِبَةُ
اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ *
الشَّيْخُ، العَدْلُ، الكَبِيْرُ، المُسْنِدُ، أَبُو
البَرَكَات هِبَةُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بن
أَحْمَدَ البَغْدَادِيّ، ابْنُ البُخَارِيّ، وَهُوَ
المُبَخِّر (1) .
وُلِدَ:سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ.
سَمِعَ:أَبَا طَالب بنَ غَيْلاَنَ، وَأَبَا القَاسِمِ
التَّنُوْخِي، وَأَبَا عَلِيٍّ بنَ المُذْهِب، وَأَبَا
مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيّ، وَأَبَا الحَسَنِ
البَاقِلاَّنِي، وَأَبَا طَالب العُشَارِي.
وَعَنْهُ:عَبْدُ الجَبَّارِ بن هِبَةِ اللهِ
البُنْدَار، وَالصَّائِنُ بنُ عَسَاكِرَ، وَيَحْيَى
بنَ بَوش، وَجَمَاعَة.
__________
(*) المنتظم: 9 / 254، تاريخ الإسلام: 4: 238 / 2،
العبر: 4 / 45، شذرات الذهب: 4 / 60.
(1) لقب بذلك، لأنه كان يبخر بالعود وغيره في الخانات،
انظر " المشتبه ": 1 / 53.
(19/526)
وَكَانَ صَحِيْحَ السَّمَاعِ.
تُوُفِّيَ:فِي رَجَب، سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ وَخَمْسِ
مائَة بِبَغْدَادَ.
308 - جَعْفَرُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ مُحَمَّدِ
بنِ مَحْمُوْدِ بنِ أَحْمَدَ *
المَوْلَى، الرَّئِيْسُ، المُعَمَّرُ، أَبُو الفَضْلِ
الأَصْبَهَانِيّ، الثَّقَفِيّ.
سَمِعَ:أَبَا بَكْرٍ بنَ رِيذه، وَعبدَ الرَّحْمَن بن
أَبِي بَكْرٍ الذَّكوَانِي، وَأَبَا طَاهِر بنَ عَبْدِ
الرَّحِيْمِ، وَمُحَمَّدَ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ
الأَرْزُنَانِي (1) ، وَعَبْدَ الرَّزَّاقِ بن
أَحْمَدَ الخَطِيْب، وَسَعِيْدَ بنَ أَبِي سَعِيْدٍ
العيَّار، وَأَحْمَدَ بنَ الفَضْلِ البَاطِرْقَانِي،
وَعِدَّة.
حَدَّثَ عَنْهُ:السِّلَفِيّ، وَأَبُو مُوْسَى
المَدِيْنِيّ، وَأَحْمَدُ بنُ أَبِي مَنْصُوْرٍ بن
الزِّبْرِقَانِ، وَنَاصرُ بنُ مُحَمَّدٍ الويْرج،
وَعبدُ الوَاحِد بن أَبِي المطهِّر الصَّيْدَلاَنِيّ،
وَعبدُ الجَلِيْلِ بن أَبِي نَصْرٍ بن رَجَاء،
وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ المهَّاد، وَخَلْق.
قَالَ السَّمْعَانِيّ:كَانَ صَالِحاً سدِيداً (2) ،
وَمِنْ مَرْوِيَّاته:شُرُوط الذّمَة، وَكِتَاب
السّنَة، وَالضَّحَايَا، وَالعقيقَة، وَالنَّوَادر،
وَالعتق، وَالرَّمْي، وَالسَّبق، وَالسَّرقَة،
وَفَوَائِد العِرَاقيين، الكُلّ لأَبِي الشَّيْخِ،
__________
(*) التحبير: 1 / 159 - 166، معجم شيوخ السمعاني:
الورقة: 65 أ، تاريخ الإسلام: 4: 252 / 1، العبر: 4 /
54، عيون التواريخ: 13 / 490، النجوم الزاهرة: 5 /
235، شذرات الذهب: 4 / 66.
(1) نسبة إلى أرزنان من قرى أصبهان.
(2) وتمام كلامه في " التحبير ": 1 / 159: معروفا من
بيت الحديث وأهله، عمر المعمر الطويل حتى حدث بالكثير،
وسمع منه.
(19/527)
سَمِعَهَا مِنِ ابْنِ عَبْد الرَّحِيْمِ
عَنْهُ، وَالأَدب لابْنِ أَبِي عَاصِمٍ، وَالآحَاد
وَالمثَانِي لَهُ، وَكِتَاب(الجَامِع)لأَحْمَدَ بن
الفُرَاتِ (1) ، وَالصَّلاَة لأَبِي نُعَيْمٍ (2) .
مَوْلِدُهُ:فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَتُوُفِّيَ:فِي تَاسع جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ
ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَلَمْ يَبْقَ
بَعْدَهُ مِنْ أَصْحَابِ ابْن رِيذه سِوَى فَاطِمَة.
309 - الطَّرْقِيُّ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ
ثَابِتِ بنِ مُحَمَّدٍ *
الحَافِظُ، أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ ثَابِتِ بنِ
مُحَمَّدٍ الأَصْبَهَانِيّ.
وَطَرْق:مِنْ قُرَى أَصْبَهَان (3) .
سَكَنَ برد، وَكَانَ مُتَفَنِّناً، لَهُ تَصَانِيْفُ،
إِلاَّ أَنَّهُ جَهِلَ، وَقَالَ بِقِدَمِ الرُّوْحِ
(4) .
__________
(1) ابن خالد الضبي أبو مسعود الرازي الحافظ نزيل
أصبهان المتوفى 258 ه، من رجال التهذيب: 1 / 422 طبع
مؤسسة الرسالة.
(2) التحبير: 1 / 160، 166.
(*) الأنساب: 8 / 235 - 236، اللباب: 2 / 280، تاريخ
الإسلام: 4: 247 / 1، ميزان الاعتدال: 1 / 86 - 87،
الوافي بالوفيات: 6 / 282، لسان الميزان: 1 / 143، ذيل
بروكلمان: 1 / 623.
(3) قال السمعاني: وهي قرية كبيرة مثل البليدة من
أصبهان على عشرين فرسخا منها.
(4) نسب السمعاني في " الأنساب " هذا القول إليه بصيغة
التمريض، فقال: وحكي عنه أنه كان يقول: الروح قديمة،
فالله أعلم بصحة نسبة ذلك إليه.
وقال المؤلف في " ميزان الاعتدال ": 1 / 86، 87:
وشبهته قوله تعالى (قل الروح من أمر ربي) قالوا: وأمره
قديم، وهو شيء غير خلقه، وتلوا (ألا له الخلق والامر)
(وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا) وهذه من أردإ البدع
وأضلها، فقد علم الناس ان الحيوانات كلها مخلوقة
أجسادها وأرواحها.
(19/528)
سَمِعَ:عَبْدَ الوَهَّابِ بنَ مَنْدَة
وَطَبَقَتَه، وَجَال فِي الطَّلَب، وَلحق أَبَا
القَاسِمِ بن البُسْرِيِّ.
تُوُفِّيَ:فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ.
310 - خُوَارِزمشَاه أَبُو الفَتْحِ مُحَمَّدُ بنُ
نُوْشْتِكِين *
الملكُ، العَالِمُ، أَبُو الفَتْحِ مُحَمَّدُ بنُ
نُوْشْتِكِين، ديِّنٌ فَاضِل، خَيِّرٌ تَقِي، سَخِيٌّ،
كَثِيْرُ التِّلاَوَة وَالغَزْو، عَارِفٌ
بِالتَّفْسِيْر، كَانَ يَقُوْلُ:
سَمِعْتُ نِظَامَ المُلك يَقُوْلُ:صَلاَةُ الصُّبْح
بِغَلَسٍ تُذْهِبُ ظُلْمَةَ القَبْر.
تُوُفِّيَ:سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ، فِي
شَوَّال، وَكَانَتْ دَوْلَتُهُ بِخُوَارزم ثَلاَثِيْنَ
سَنَةً، كَانَ مِنْ أَعْدَلِ المُلُوْك، وَتَسَلْطَنَ
بَعْدَهُ ابْنُهُ أَتسز (1) .
311 - القطَائِفِيّ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عُمَرَ
بنِ عَلِيِّ بنِ حَمْد **
الشَّيْخُ، المُعَمَّرُ، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ
عُمَرَ بنِ عَلِيِّ بنِ حَمْد النُّهَاوندي،
القطَائِفِيّ، نَزِيْلُ بَغْدَادَ.
وُلِدَ:بِالدِّينَوَر، فِي سَنَةِ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَجَاءَ هُوَ وَأَبُوْهُ إِلَى
بَغْدَادَ منجفلينَ وَقتَ ظُهُوْر الغُزِّ
السّلجوقيَة.
سَمِعَ مِنْ:عَلِيّ بن المُحَسِّن التَّنُوْخِي،
وَأَبِي مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيّ، وَالقَاضِي أَبِي
يَعْلَى، وَالخَطِيْب، وَجَمَاعَة.
__________
(*) الكامل في التاريخ: 10 / 267، تاريخ الإسلام: 4:
251 / 2.
(1) انظر أخباره في " الكامل في التاريخ ": 10 / 268
و677، 11 / 67 و81 و87 و88 و95 و209.
(* *) تاريخ الإسلام: 4: 239 / 1.
(19/529)
رَوَى عَنْهُ:أَبُو المُعَمَّر الأَنْصَارِيّ،
وَعَلِيُّ بنُ أَبِي سَعِيْدٍ الخَبَّاز، وَمُحَمَّدُ
بنُ عَبْدِ المَلِكِ الهَمَذَانِيّ، وَعَبْدُ اللهِ بن
عبد الصَّمد السُّلَمِيّ.
قَالَ ابْنُ نَاصر:هُوَ رَجُلٌ صَالِح حَلَوَانِي،
مِنْ أَهْلِ السُّنَّة، وَسمَاعُهُ صَحِيْح.
وَقَالَ ابْنُ كَامِل:مَاتَ فِي السَّادس
وَالعِشْرِيْنَ مِنْ رَمَضَانَ، سَنَةَ عِشْرِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ.
312 - ابْنُ رضوَانَ أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ
اللهِ بنِ أَحْمَدَ *
الجَلِيْلُ، الرَّئِيْسُ، أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بنُ
عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ بنِ رِضوَانَ بن مُحَمَّدِ
بنِ رِضوَان البَغْدَادِيّ، المَرَاتِبِيّ.
سَمِعَ:أَبَا مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيّ، وَأَبَا يَعْلَى
بنَ الفَرَّاءِ، وَأَجَازَ لَهُ عَبْدُ العَزِيْزِ بن
عَلِيٍّ الأَزَجِي.
رَوَى عَنْهُ:مُحَمَّدُ بنُ طَاهِرٍ فِي(مُعْجَمه)،
وَأَبُو المُعَمَّر الأَنْصَارِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ
ابنُ عَسَاكِرَ، وَأَبُو القَاسِمِ بنُ السِّبْط،
وَطَائِفَة.
قَالَ ابْنُ النَّجَّار:كَانَ صَالِحاً، صَدُوْقاً،
كَثِيْرَ الصَّلاَة وَالصَّدَقَة، مَاتَ فِي جُمَادَى
الآخِرَةِ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ
مائَةٍ، وَلَهُ إِحْدَى وَثَمَانُوْنَ سَنَةً.
313 - العَطَّارُ أَبُو غَالِبٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ
البَاقِي بن أَحْمَدَ **
الشَّيْخُ، المُعَمَّرُ، أَبُو غَالِبٍ أَحْمَدُ بنُ
عَبْدِ البَاقِي بن أَحْمَدَ بنِ بِشْرٍ الكَرْخِيّ،
البَغْدَادِيّ، العَطَّار.
__________
(*) مشيخة ابن عساكر: 7 / 2، تاريخ الإسلام: 4: 254 /
1.
(* *) تاريخ الإسلام: 4: 239 / 1، الوافي بالوفيات: 7
/ 12، لسان الميزان: 1 / 210.
(19/530)
سَمِعَ:أَبَا طَالب بن غَيْلاَنَ،
وَالجَوْهَرِيّ.
وَعَنْهُ:أَبُو المُعَمَّر الأَنْصَارِيُّ، وَأَبُو
العَلاَءِ بنُ عَقِيْلٍ.
أَعرض عَنْهُ المُحَدِّثُونَ، لأَنَّ السَّمْعَانِيّ
قَالَ:سَأَلت أَبَا المُعَمَّر الأَنْصَارِيّ عَنْ
أَبِي غَالِبٍ بن بِشْرٍ، فَقَالَ:كَانَ يَشْرَبُ
إِلَى أَنْ مَاتَ - يَعْنِي:الخَمْرَ - .
مَوْلِدُهُ:فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ أَرْبَعٍ
وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَمَاتَ:فِي جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ عِشْرِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ.
314 - ابْنُ عَيْذُوْنَ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ
عَبْدِ الجَبَّارِ بن سَلاَمَةَ *
لُغَوِيُّ الْعَصْر، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ
عَبْدِ الجَبَّارِ بن سَلاَمَةَ بن عَيْذُوْنَ
الهُذَلِيّ، التُّوْنُسِيّ، المُعَمَّر.
مَوْلِدُهُ:فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
رَأَى ابْنَ البِرِّ (1) ، فَتَرَكَه لِتَهَتُّكِهِ
(2) ، وَلقِي ابْنَ رشيقٍ الشَّاعِر.
__________
(*) معجم السفر: 2 / 286 - 287، معجم الأدباء: 14 / 8
- 10، إنباه الرواة: 2 / 292 - 293، تاريخ الإسلام: 4:
237 / 2، العبر: 4 / 44، تلخيص ابن مكتوم: 145، عيون
التواريخ: 13 / 452، طبقات ابن قاضي شهبة: 2 / 158،
بغية الوعاة: 2 / 173، شذرات الذهب: 4 / 59.
(1) بكسر الباء كما في الأصل، وبه ضبطه المؤلف في "
المشتبه ": 1 / 55، فقال: وبالكسر أبو بكر محمد بن على
بن البر اللغوي شيخ ابن القطاع. وقد ضبط خطأ بفتح
الباء في " معجم الأدباء ": 14 / 9.
(2) في " معجم الأدباء ": 14 / 9: رأيته بمدينة مازر
من جزيرة صقلية، وكنت عزمت على أن أقرأ عليه لما اشتهر
من فضله وتبحره في اللغة، فاتصل بابن منكود صاحب البلد
أنه يشرب وكان يكرمه، فشق عليه، وصار يكرهه، وأنفذ
إليه، وقال: المدينة أكبر، والشراب بها أكثر، فأحوجته
الضرورة إلى الخروج منها، ولم أقرأ عليه شيئا.
(19/531)
أَخَذَ عَنْهُ:السِّلَفِيّ بِالثَّغْرِ،
وَوصفه بِإِتْقَان اللُّغَة، وَأَنَّ لَهُ قصيدَةً
أَحَدَ عشرَ أَلفَ بَيْتٍ فِي الرَّدِّ عَلَى المرتدّ
البَغْدَادِيّ (1) ، وَلَوْ قِيْلَ:لَمْ يَكُنْ فِي
زَمَانِهِ أَلغَى مِنْهُ، لَمَّا اسْتُبعِدَ، وَقَالَ
لِي:لَمْ أَرَ أَحْفَظَ لِلُّغَةِ وَالعَرَبِيَّة مِنِ
ابْنِ القطَاع، فَأَكْثَرتُ عَنْهُ.
مَاتَ ابْنُ عبدُوْنَ:سَنَة تِسْعَ عَشْرَةَ وَخَمْسِ
مائَة.
315 - البَطَلْيَوْسِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ
بنُ مُحَمَّدِ بنِ السَّيِّد *
العَلاَّمَةُ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ السَّيِّد النَّحْوِيّ، اللُّغَوِيّ،
صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
أَقرَأَ الآدَابَ، وَشَرَحَ(المُوَطَّأ)، وَلَهُ
كِتَاب(الاقتضَاب فِي شرح (2) أَدب الكِتَاب)،
وَكِتَاب(الأَسبَاب الموجبَة لاخْتِلاَف
__________
(1) هو أحمد بن يحيى بن إسحاق المشهور بابن الراوندي
المتوفى سنة 298 ه.
تقدمت ترجمته في الجزء الرابع عشر رقم (31).
(*) قلائد العقيان: 193 - 202، الصلة: 1 / 292 - 293،
بغية الملتمس: 324، معجم البلدان: 1 / 447، الاستدراك:
(خ): 244 / 2، إنباه الرواة: 2 / 141 - 143، المغرب في
حلي المغرب: 1 / 385، وفيات الأعيان: 3 / 96 - 98،
تاريخ الإسلام: 4: 247 / 2 - 248 / 1، تلخيص ابن
مكتوم: 99 - 100، مسالك الابصار: 4 / 3 / 404 - 405،
عيون التواريخ: 13 / 473 - 475، مرآة الجنان: 3 / 328،
البداية والنهاية: 12 / 198، الديباج المذهب: 1 / 441،
غاية النهاية: 1 / 449، طبقات ابن قاضي شهبة: 1 / 47 -
48، بغية الوعاة: 2 / 55 - 56، أزهار الرياض: 3 / 101
- 149، نفح الطيب: 1 / 185 و643 - 649، كشف الظنون:
48، 602، شذرات الذهب: 4 / 64 - 65، روضات الجنات: 450
- 451، هدية العارفين: 1 / 454، شجرة النور الزكية: 1
/ 130، مجلة المجمع: 12 / 56.
وبطليوس: مدينة كبيرة بالاندلس من أعمال ماردة على نهر
آنة غربي قرطبة، وكانت عاصمة بني الافطس التجيبيين في
عهد ملوك الطوائف.
(2) هذه الزيادة لا بد منها فإن البطليوسي لم يؤلف "
أدب الكتاب " وإنما شرح كتاب =
(19/532)
الأَئِمَّة (1))، وَأَشيَاء، وَنظمٌ فَائِق
(2) .
مَاتَ (3) :فِي رَجَب، سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ.
316 - البَارِعُ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ
الوَهَّابِ بنِ أَحْمَدَ *
الإِمَامُ، النَّحْوِيُّ، شَيْخُ القُرَّاءِ، أَبُو
عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
__________
= ابن قتيبة المسمى بأدب الكاتب، - وهو من الأصول
الأربعة في الأدب -، وسماه " الاقتضاب "، وقسمه ثلاثة
أجزاء، الجزء الأول في شرح الخطبة وما يتعلق بها من
ذكر أصناف الكتاب وآلاتهم، والجزء الثاني في التنبيه
على ما غلط فيه واضع الكتاب أو الناقلون عنه، وما منع
منه وهو جائز، والجزء الثالث في شرح أبياته وقد طبع في
ثلاثة أجزاء سنة 1981 بتحقيق مصطفى السقا، وحامد عبد
المجيد.
وله من التواليف غير ما ذكره المصنف شرح سقط الزند وهو
مطبوع ضمن شروح سقط الزند، قال ابن خلكان: وهو أجود من
شرح أبي العلاء صاحب الديوان الذي سماه " ضوء السقط "
وليس هذا الشرح خاصا بسقط الزند، بل ضم البطليوسي إليه
طائفة أخرى شعر أبي العلاء، بعضها من لزوم ما لا يلزم،
وبعضها الآخر من سائر دواوينه، وانفرد من بين شارحيه
بترتيب السقط على حروف المعجم.
ومن تواليفه " الحلل في إصلاح الخلل من كتاب الجمل "
وهو مطبوع بتحقيق سعيد عبد الكريم سعودي سنة 1980، و"
الحلل في شرح أبيات الجمل " ولم يطبع بعد، ومنه نسخة
خطية في مكتبة الاوقاف العامة ببغداد، وأخرى في خزانة
السيد محمد المشكاة في المكتبة المركزية بجامعة طهران.
(1) سماه ابن خلكان، وابن بشكوال، والقفطي، وابن
العماد: " التنبيه على الاسباب الموجبة لاختلاف الأمة
" وسماه السيوطي في " بغية الوعاة ": 2 / 56: " سبب
اختلاف الفقهاء "، وسماه صاحب " أزهار الرياض ": 3 /
107: " التنبيه على السبب الموجب لاختلاف العلماء في
اعتقاداتهم وآرائهم وسائر أغراضهم وأنحائهم " وقد طبع
في مصر سنة (1319) باسم " الإنصاف في التنبيه على
الاسباب التي أوجبت الاختلاف بين المسلمين في آرائهم
".
(2) ومما قاله في العلم:
أخو العلم حي خالد بعد موته * وأوصاله تحت التراب رميم
وذو الجهل ميت وهو ماش على الترى * يظن من الاحياء وهو
عديم
(3) في بلنسية التي ألقى عصا تسياره فيها وأتخذها
موطنا له، وألف معظم كتبه الجيدة فيها.
(*) مشيخة ابن عساكر: 54 / 1 - 2، المنتظم: 10 / 16 -
19، مشيخة ابن =
(19/533)
عَبْد الوَهَّابِ بن أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ
بنِ الحَسَنِ ابنِ الوَزِيْر القَاسِم بن عُبيد الله
بن سُلَيْمَانَ الحَارِثِيّ، البَغْدَادِيّ، ابْن
الدَّباس الشَّاعِر، المُلَقَّب بِالبَارع، مِنْ بَيْت
حِشْمَة وَوِزَارَة (1) .
نَسَبه هَكَذَا أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ الخَشَّاب.
وُلِدَ:سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ.
وَتَلاَ بِالرِّوَايَات عَلَى:أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ
بنِ عَلِيٍّ الخَيَّاط، وَأَبِي عَلِيٍّ بنِ
البَنَّاء، وَيُوْسُفَ الغُورِي، وَأَبِي بَكْرٍ
أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ اللِّحيَانِي، وَأَبِي
الخَطَّابِ الصُّوْفِيّ، وَالحُسَيْن بن الحَسَنِ
الإِسكَاف، وَمُحَمَّد بن مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ
البصِيْر.
وَسَمِعَ مِنَ:الحَسَنِ بنِ غَالِبٍ، وَأَبِي جَعْفَرٍ
بن المُسْلِمَة، وَالقَاضِي أَبِي يَعْلَى، وَأَبِي
الحُسَيْنِ بن النَّرْسِيّ، وَعبدِ الوَاحِد بن
بُرْهَان الأَسَدِيّ، وَعِدَّة.
وَبَرَعَ فِي اللُّغَات وَالنَّحْوِ، وَمَدَحَ
الْمُقْتَدِي، وَالمُسْتظهِرَ، وَعِدَّة وُزرَاء
وَكُبَرَاءَ، وَدَخَلَ خُرَاسَانَ وَاليَمَنَ
وَالشَّامَ، وَلعب وَعَاشرَ (2) ، ثُمَّ تَابَ
__________
= الجوزي: 73 - 75، خريدة القصر: 1 / 85، معجم
الأدباء: 10 / 147 - 154، الكامل في التاريخ: 10 /
667، إنباه الرواة: 1 / 328 - 359، وفيات الأعيان: 2 /
181 - 184، تاريخ الإسلام: 4: 256 / 1 - 3، العبر: 4 /
56، معرفة القراء: 386 - 387، تلخيص
ابن مكتوم: 63، الوافي بالوفيات: (خ): 11 / 106 - 107،
مرآة الزمان: 8 / 83، البداية والنهاية: 12 / 201،
طبقات القراء: 1 / 251، النجوم الزاهرة: 5 / 236، بغية
الوعاة: 1 / 539، كشف الظنون: 778، 1111، شذرات الذهب:
4 / 69، روضات الجنات: 248 - 249، أعيان الشيعة: 27 /
201 - 207.
(1) فإن جده القاسم بن عبيد الله كان وزير المعتضد
والمكتفي بعده، وعبيد الله بن القاسم كان وزير المعتضد
قبل ابنه القاسم.
(2) كان بينه وبين ابن الهبارية الأديب الشاعر مداعبات
لطيفة، فإنهما كانا رفيقين ومتحدين في الصحبة.
(19/534)
وَأَنَابَ، وَلَزِمَ مَسْجده بِبَابِ
المَرَاتِب (1) ، وَتَكَاثر عَلَيْهِ المُقْرِئونَ
وَالمُحَدِّثُونَ وَالنُّحَاة، وَصَنَّفَ لَهُ سِبْطُ
الخَيَّاط (2) كِتَاب(الشَّمْس المُنِيْرَة فِي
التِّسْعَة الشَّهيرَة) (3) .
قرَأَ عَلَيْهِ خلقٌ، مِنْهُم:أَبُو جَعْفَرٍ عَبْدُ
اللهِ بن أَحْمَدَ الوَاسِطِيّ الضّرِير، وَعَلِيُّ
بنُ عَسَاكِرَ البَطَائِحِي، وَأَبُو العَلاَءِ
الهَمَذَانِيّ، وَنَصْرُ اللهِ ابْن الكيَال،
وَيَعْقُوْبُ بنُ يُوْسُفَ الحَرْبِيّ، وَالحُسَيْنُ
بن عَلِيِّ بنِ مُهجِل البَاقَدْرَائِي (4) ، وَعوضٌ
المَرَاتِبِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ خَالِدِ
بنِ بختيَار، وَأَبُو المُظَفَّرِ أَحْمَدُ بنُ
أَحْمَدَ بنِ حمْدي، وَآخَرُوْنَ.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو القَاسِمِ ابْنُ عَسَاكِرَ،
وَأَبُو بَكْرٍ بنُ البَاقِلاَّنِيّ الوَاسِطِيّ،
وَأَبُو الفَرَجِ ابْنُ الجَوْزِيّ، وَأَبُو الفَتْح
المَنْدَائِيّ، وَإِبْرَاهِيْم بن حَمدِيَّة،
وَلَهُ(دِيْوَانُ)شعر (5) ، وَقَدْ أَضرَّ فِي آخِرِ
عُمُرِهِ.
__________
(1) وهو أحد أبواب دار الخلافة ببغداد، كان من أجل
أبوابها وأشرفها، وكان حاجبه عظيم القدر، نافذ
الامر...وكانت الدور فيه غالية الاثمان، عزيزة الوجود
أيام السلاطين
ببغداد، لأنه كان حرما لمن يأوي إليه، " معجم ياقوت ":
1 / 312.
(2) هو الامام الكبير الثقة المقرئ أبو محمد عبد الله
بن علي بن أحمد بن عبد الله المعروف بسبط الخياط
البغدادي، وتوفي بها سنة 541 ه.
معرفة القراء الكبار (443).
(3) أخطأ صاحب " معجم المؤلفين ": 4 / 54، فنسبه
للبارع المترجم في " معجم البلدان ": 1 / 327.
(4) نسبة إلى باقدرا من قرى بغداد من نواحي طريق
خراسان، قال ياقوت في " معجم البلدان ": 1 / 327، توفي
سنة 582 ه، ووصفه بالصلاح.
(5) قال المصنف رحمه الله في " معرفة القراء ": 1 /
387: وشعره في الذروة، وأنشد له قوله - وهو مما قاله
بمكة سنة 472 ه:
ذكر الاحباب والوطنا * والصبا والاهل والسكنا
فبكى شجوا وحق له * مدنف بالشوق حلف ضنا
من لمشتاق تميله * ذات سجع ميلت فننا
لك يا ورقاء أسوة من * لم تذيقي طرفه الوسنا =
(19/535)
قَالَ ابْنُ عَسَاكِر:مَا كَانَ بِهِ بَأْس.
وَقَالَ أَبُو الفَضْلِ بنُ شَافع:فِيْهِ تسَاهُلٌ
وَضَعف.
قَالَ ابْنُ الخَشَّاب:أَخْبَرَنَا شيخُنَا البَارع
بِكِتَاب(إِصْلاَح الْمنطق)لابْنِ السّكيت بِقِرَاءتِي
مِنْ أَصْلِهِ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ بنُ
المُسْلِمَة بقِرَاءة أَخِي الإِمَام أَبِي الْكَرم بن
فَاخر النَّحْوِيّ عَلَيْهِ سَنَةَ ثَمَانٍ
وَخَمْسِيْنَ، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ بنُ
سُوَيْدٍ، أَخْبَرْنَا ابْنُ الأَنبارِي، أَخْبَرَنَا
أَبِي، أَخْبَرْنَا ابْنُ رُسْتُمَ، أَخْبَرَنَا
المُؤلف.
مَاتَ البَارِعُ:فِي سَابع عشر جُمَادَى الآخِرَةِ،
سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
317 - ابْنُ الحُصَيْنِ هِبَةُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ
بنِ عَبْدِ الوَاحِدِ *
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ، المُسْنِدُ، الصَّدُوْق،
مُسْنِدُ الآفَاق، أَبُو القَاسِمِ هِبَةُ اللهِ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ
العَبَّاسِ بنِ الحُصَيْن الشَّيْبَانِيّ،
الهَمَذَانِيّ الأَصْل، البَغْدَادِيّ، الكَاتِب (1) .
__________
= أين قلبي ما صنعت به * ما أرى صدري له سكنا
كان يوم النفر وهو معي * فأبى أن يصحب البدنا
ولها تتمة انظرها في " الوفيات ": 3 / 184.
وأنشد له ياقوت في " معجم الأدباء ": 10 / 153:
إذا المرء أعطى نفسه كل ما اشتهت * ولم ينهها تاقت إلى
كل باطل
وساقت إليه الاثم والعار بالذي * دعته إليه من حلاوة
عاجل
(*) مشيخة ابن عساكر: 237 / 2، مشيخة ابن الجوزي: 53،
المنتظم: 10 / 24، الكامل في التاريخ: 10 / 671، تاريخ
الإسلام: 4: 269 / 2، دول الإسلام: 2 / 47، العبر: 4 /
66، المستفاد: 251، مرآة الجنان: 3 / 245، البداية
والنهاية: 12 / 203، النجوم الزاهرة: 5 / 247، شذرات
الذهب: 4 / 77.
(1) وهو خال الوزير العادل عون الدين بن هبيرة.
(19/536)
مَوْلِدُهُ:فِي رَابعِ رَبِيْعٍ الأَوّلِ،
سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ مِنْ:أَبِي
طَالِبٍ بن غَيْلاَنَ، وَأَبِي عَلِيٍّ بنِ المُذْهِب،
وَأَبِي مُحَمَّدٍ بنِ المُقْتَدِر، وَأَبِي القَاسِمِ
التَّنُوْخِي، وَالقَاضِي أَبِي الطَّيِّب
الطَّبَرِيّ، وَطَائِفَة.
وَتفرَّد برِوَايَة(مُسْنَد أَحْمَدَ (1))، وَفَوَائِد
أَبِي بَكْرٍ الشَّافِعِيّ المَشْهُوْرَة
بِـ(الغَيْلاَنِيَّات) (2)، وَبِـ(اليشكرِيَات (3))،
وَسمَاعُهُ لِكَثِيْر مِنَ(المُسْنَد)كَانَ فِي سَنَةِ
سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ، كَذَلِكَ بَيَّنَهُ ابْنُ
المُذْهِب فِي(الثَّبْت)لابْنِ الحُصَيْن،
فَقَالَ:سَمِعَ مِنِّي الكِتَابَ فِي سَنَتَيْ سِتٍّ
وَسَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ.
قُلْتُ:فَعَلَى هَذَا يَكُوْنُ سَمَاعُهُ فِي سَنَةِ
سِتٍّ، وَهُوَ فِي الخَامِسَة، وَأَملَى عِدَّة
مَجَالِس، وَتَكَاثر عَلَيْهِ الطَّلبَة.
حَدَّثَ عَنْهُ:ابْنُ نَاصر، وَالسِّلَفِيّ، وَأَبُو
العَلاَءِ العَطَّار، وَأَبُو مُوْسَى المَدِيْنِيُّ،
وَأَبُو الفَتْحِ بنُ المَنِّي الفَقِيْه، وَقَاضِي
بَغْدَاد أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ
الدَّامغَانِي، وَقَاضِي دِمَشْق أَبُو سَعْدٍ بنُ
أَبِي عَصْرُوْنَ، وَأَبُو مَنْصُوْرٍ عَبْدُ اللهِ
وَإِبْرَاهِيْمُ ابْنَا مُحَمَّدِ بنِ حَمَدِيَّه،
وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ شدَّقِينِي،
__________
(1) عن المحدث أبي علي الحسن بن علي التميمي المعروف
بابن المذهب، عن المحدث مسند بغداد أحمد بن جعفر بن
حمدان القطيعي، عن عبد الله بن الامام أحمد عن أبيه.
(2) وهي فوائد حديثية رواها أبو طالب محمد بن محمد بن
إبراهيم بن غيلان المتوفي سنة 440 ه عن أبي بكر محمد
بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي المتوفي سنة 354 ه
إملاء عن شيوخه، وهي أحد عشر جزءا.
وعندنا منه نسخة غاية في النفاسة بخط متقن واضح، وتقع
في 164 ورقة، وبآخر كل جزء منها سماعات من القرن
السادس الهجري.
(3) وهي أربع أجزاء من إملاء أبي العباس أحمد بن منصور
اليشكري المتوفى سنة 370 ه.
انظر " الرسالة المستطرفة ": 70، وشذرات الذهب: 3 /
71.
(19/537)
وَعبدُ الرَّحْمَن بن سعُوْد القَصْرِي،
وَالعَلاَّمَة مُجيرُ الدِّين مَحْمُوْد الوَاسِطِيّ،
وَعبدُ الخَالِق بن هِبَةِ اللهِ، وَالقَاضِي عُبيدُ
الله بن مُحَمَّدٍ السَّاوِي، وَعبدُ الرَّحْمَن بن
ملاَّح الشَّط، وَعَبْد اللهِ بن أَبِي بَكْرٍ بنِ
الطَّوِيْلَة، وَعَلِيُّ بن عُمَرَ الحَرْبِيّ
الوَاعِظ، وَعَبْدُ اللهِ بن أَبِي الْمجد الحَرْبِيّ،
وَهِبَةُ اللهِ بن الحَسَنِ السِّبْط، وَعَلِيُّ بنُ
مُحَمَّدٍ الأَنْبَارِيّ، وَعَبْدُ اللهِ بن نَصْرِ بن
مَزْرُوع، وَعبدُ الرَّحْمَن بن أَحْمَدَ العُمَرِيّ،
وَالحَسَنُ بن أشنَانَة، وَعَبْدُ اللهِ بن مُحَمَّدِ
بنِ عُليَان، وَلاَحِقُ بن قَنْدَرَة (1) ، وَفَاطِمَة
بِنْتُ سَعْد الخَيْر، وَعُمَرُ بن جُرِيرَة
القَطَّان، وَالمُبَارَك بن مُخْتَار السَّبتِي،
وَعَبْد اللهِ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ البَقلِي،
وَحَنْبَلُ بنُ عَبْدِ اللهِ المُكَبَّر، وَأَبُو
الفَتْحِ المَنْدَائِيُّ، وَالحُسَيْنُ بنُ أَبِي
نَصْرٍ بن القَارص، وَأَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ
الوَهَّابِ بن سُكَيْنَة، وَعُمَرُ بنُ طَبَرْزَدَ،
وَآخَرُوْنَ.
قَالَ السَّمْعَانِيّ:شَيْخٌ، ثِقَةٌ، ديِّن، صَحِيْحُ
السَّمَاع، وَاسِعُ الرِّوَايَة، تَفَرَّد
وَازْدَحَمُوا عَلَيْهِ، وَحَدَّثَنِي عَنْهُ مَعْمَرُ
بنُ الفَاخر، وَأَبُو القَاسِمِ ابنُ عَسَاكِرَ،
وَعِدَّة، وَكَانُوا يَصفُوْنَهُ بِالسَّدَادِ
وَالأَمَانَة وَالخيرِيَّة.
وَقَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ:بكَّر بِهِ أَبُوْهُ
وَبأَخِيْهِ عبد الوَاحِد، فَأَسْمَعَهُمَا، سَمِعْتُ
مِنْهُ(المُسْنَد)، وَكَانَ ثِقَةً (2) ، تُوُفِّيَ
فِي رَابِعَ عَشَرَ شَوَّالٍ، سَنَةَ خَمْسٍ
وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
__________
(1) ضبطه ابن حجر في " تبصير المنتبه ": 3 / 1140 بفتح
الدال والراء، وقال: حدث بالمسند عن ابن الحصين، ومات
سنة 600 ه.
(2) " المنتظم ": 10 / 24، و" المشيخة ": 53، ووصفه
بصحة السماع، وذكر أنه سمع منه أيضا " الغيلانيات "
جميعها، وأجزاء المزكي، وأملى بجامع القصر مجالس كثيرة
خرجها له شيخنا أبو الفضل بن ناصر، واستملاها عليه،
وكنت أحضر الاملاء وأكبت.
وقال ابن كثير في " البداية ": 12 / 203: وكان ثقة
ثبتا صحيح السماع.
(19/538)
وَقَالَ الحُسَيْنُ بنُ خسرو:دُفِنَ يَوْمَ
الجُمُعَةِ، بِبَابِ حَرْب، فِي ثَالِث يَوْمٍ مِنْ
وَفَاته (1) .
318 - ابْنُ تُوْمَرتَ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ
بنُ عَبْدِ اللهِ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الفَقِيْهُ، الأُصُوْلِيُّ،
الزَّاهِدُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ
اللهِ بنِ تُوْمَرت البَرْبَرِي، المَصْمُودي (2) ،
الهرْغِي، الخَارِجُ بِالمَغْرِبِ، المدَّعِي أَنَّهُ
علوِي حَسَنِي، وَأَنَّهُ الإِمَامُ المَعْصُوْمُ (3)
المَهْدِيّ، وَأَنَّهُ مُحَمَّدُ
__________
(1) في " المنتظم ": 10 / 24: وتوفي بين الظهر والعصر
في يوم الأربعاء رابع عشر شوال، وترك إلى يوم الجمعة،
وأشرف على غسله شيخنا أبو الفضل بن ناصر، وصلى عليه
بوصية منه في جامع القصر، ثم حمل إلى جامع المنصور،
فصلى عليه شيخنا عبد الوهاب ابن المبارك الأنماطي،
ودفن يومئذ بباب حرب عند بشر الحافي.
(*) أخبار المهدي بن تومرت للبيذق: 555 ه، الكامل في
التاريخ: 10 / 569 - 582، المعجب: 245 - 264، وفيات
الأعيان: 5 / 45 - 55، تاريخ الإسلام: 4: 258 / 2 -
263 / 2، دول الإسلام: 2 / 46، العبر: 4 / 57 - 62،
تذكرة الحفاظ: 4 / 1274، تتمة المختصر: 2 / 26 - 27،
الوافي بالوفيات: 3 / 323 - 328، عيون التواريخ: 13 /
372 - 384، مرآة الزمان: 8 / 91، 92، طبقات السبكي: 6
/ 109 - 117، البداية والنهاية: 12 / 186، 187، الحلل
الموشية: 78 - 88، رقم الحلل لابن الخطيب: 56 - 58،
تاريخ ابن خلدون: 6 / 464 - 472، وفيات ابن قنفذ: 273،
النجوم الزاهرة: 5 / 254، تاريخ الدولتين للزركشي: 1 -
5، كشف الظنون: 1518، شذرات الذهب: 4 / 70 - 72،
الاستقصا: 2 / 78 - 98، هدية العارفين: 2 / 90، دائرة
المعارف الإسلامية: 1 / 106 - 109.
(2) المصمودي بفتح الميم، وسكون الصاد، وضم الميم
الثانية، نسبة إلى مصمودة قبيلة من البربر، والهرغي
بفتح الهاء وسكون الراء نسبة إلى هرغة، وهي قبيلة
كبيرة من المصامدة في جبل السوس في أقصى المغرب.
(3) كثير من الادعياء - ومنهم المترجم - الذي يلتمسون
الدنيا بعمل الآخرة، ويظهرون للناس خلاف ما يضمرون
ينتحلون العصمة لأنفسهم، وينشؤون اتباعهم - وهم في
الغالب من الاحداث والاغمار وطلاب المنافع - على
الاعتقاد بذلك يلتمسون ضروبا من الحيل، وأفانين من
الزهد والتنسك والغيرة على الإسلام وحرماته، وجملة من
النصوص الثابتة عن المعصوم يزعمون أنها خاصة بهم
ليغرسوا في نفوس أتباعهم أن تصرفاتهم إنما تتم بإلهام
من الله وبتأييد =
(19/539)
بنُ عَبْدِ اللهِ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ
هود بن خَالِدِ بنِ تَمَّام بن عَدْنَانَ بن صَفْوَانَ
بنِ جَابِرِ بنِ يَحْيَى بنِ رَبَاح بن يَسَارِ بن
العَبَّاسِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ ابنِ الإِمَامِ
عَلِيّ بن أَبِي طَالِبٍ.
رَحَلَ مِنَ السُّوسِ الأَقْصَى شَابّاً إِلَى
المَشْرِق، فَحجَّ وَتَفَقَّهَ، وَحَصَّل أَطرَافاً
مِنَ العِلْمِ، وَكَانَ أَمَّاراً بِالمَعْرُوفِ،
نَهَّاءً عَنِ المُنْكَر، قوِيَّ النَّفْس، زَعِراً
شُجَاعاً، مَهِيْباً قَوَّالاً بِالْحَقِّ، عمَّالاً
عَلَى الْملك، غَاوياً فِي الرِّيَاسَة وَالظُهُوْر،
ذَا هيبَةٍ وَوقَار، وَجَلاَلَةٍ وَمعَامِلَة
وَتَأَلُّه، انْتفع بِهِ خلقٌ، وَاهتَدَوْا فِي
الجُمْلَةِ، وَملكُوا المَدَائِنَ، وَقهرُوا
المُلُوْكَ.
أَخَذَ عَنْ:إِلكيَا الهَرَّاسِي، وَأَبِي حَامِد
الغزَالِي، وَأَبِي بَكْرٍ الطُّرطُوشِي، وَجَاور
سَنَةً.
وَكَانَ لَهِجاً بِعِلْم الكَلاَمِ، خَائِضاً فِي
مَزَالِّ الأَقدَامِ، أَلَّف عقيدَةً لقَّبهَا بِـ
__________
= منه، فلا مجال لانكارها، أو الاسترابة منها، أو
توجيه النقد لها، فإذا تم لهم ما أرادوا، وأنسوا من
أتباعهم الانقياد التام، والخضوع المطلق، سخروهم
لمطامعهم الدنيئة، وأغراضهم الخسيسة، واستباحوا
الاموال والاعراض، وارتكبوا من المخالفات المعلومة
البطلان في شرع الله، ومع ذلك نجد هؤلاء الاغمار الذين
خدرت عقولهم يسوغون كل تصرف ناشئ عن متبوعيهم بحجة
أنهم معصومون لا يصدر عنهم إلا ما هو حق وخير، وما
يظهر لغير أتباعهم من المخالفة إنما هو بسبب جهلهم
بهم، وعدم معرفتهم بالمنزلة التي تبوؤوها.
وهذا - وهو مما يحز في القلب شائع وذائع في كثير من
الفرق التي تنتسب إلى الإسلام.
ولو علم هولاء، واتقوا الله فيما علموا، لاستيقنوا أن
الله سبحانه لم يعط العصمة لأحد من خلقه إلا لرسله
الذين اصطفاهم لتبليغ وحيه وبيانه، فهم وحدهم المحاطون
برعايته في التبليغ والبيان، فإذا وقع خطأ في البيان
نزل الوحي بالتسديد كما هو واضح في أكثر من آية في
القرآن، وما سواهم من الخلق مهما كانت منزلتهم، فهم
بشر يخطئون ويصيبون، فما أصابوا يؤخذ منهم، وما أخطؤوا
فيه، فيعذرون فيه إذا كانوا أهلا للاجتهاد ولا يقلدون
فيما أخطؤوا فيه.
(19/540)
(المُرْشِدَة)، فِيْهَا تَوحيد وَخير
بِانحرَاف (1) ، فَحَمَلَ عَلَيْهَا أَتْبَاعَه،
وَسمَّاهُم الْمُوَحِّدين، وَنَبَزَ مَنْ
خَالف(المُرْشِدَةَ)بِالتَّجسيم، وَأَبَاحَ دَمَهُ -
نَعُوذ بِاللهِ مِنَ الغَيِّ وَالهَوَى - .
وَكَانَ خَشِنَ العيشِ، فَقيراً، قَانِعاً بِاليسير،
مُقتصراً عَلَى زِيِّ (2) الفَقْرِ، لاَ لَذَّةَ لَهُ
فِي مَأْكَلٍ وَلاَ مَنْكِح، وَلاَ مَال، وَلاَ فِي
شَيْءٍ غَيْر رِيَاسَة الأَمْر، حَتَّى لَقِي الله
تَعَالَى.
لكنَّه دَخَلَ - وَاللهِ - فِي الدِّمَاء (3) لِنَيلِ
الرِّيَاسَة المُرديَة.
وَكَانَ ذَا عصاً وَرِكوَة وَدفَّاس، غَرَامُهُ فِي
إِزَالَة المُنْكَر، وَالصَّدْعِ بِالْحَقِّ، وَكَانَ
يَتبسَّمُ إِلَى مَنْ لَقِيه.
وَلَهُ فَصَاحَةٌ فِي العَرَبِيَّة وَالبَرْبَرِيَة،
وَكَانَ يُؤذَى وَيُضْرَبُ وَيَصْبِرُ،
__________
(1) قال ابن خلدون: وكان ابن تومرت قد لقي بالمشرق
أئمة الأشعرية من أهل السنة، وأخذ عنهم، واستحسن
طريقهم في الانتصار للعقائد السلفية، والذب عنها
بالحجج
العقلية الدامغة في صدر أهل البدعة، وذهب في رأيهم إلى
تأويل المتشابه من الآي والأحاديث، بعد أن كان أهل
المغرب بمعزل عن اتباعهم في التأويل، والاخذ برأيهم
فيه الاقتداء بالسلف في ترك التأويل، وإقرار
المتشابهات كما جاءت، فبصر المهدي أهل المغرب في ذلك،
وحملهم على القول بالتأويل، والاخذ بمذاهب الأشعرية في
كافة العقائد، وأعلن بإمامتهم، ووجوب تقليدهم، وألف
العقائد على رأيهم مثل " المرشدة " في التوحيد، وذكر
شيخ الإسلام في " درء تعارض العقل والنقل ": 3 / 438:
أن ابن تومرت لم يذكر في مرشدته شيئا من إثبيات
الصفات، ولا إثبات الرؤية، ولا قال: إن كلام الله غير
مخلوق ونحو ذلك من المسائل التي جرت عادة مثبتة الصفات
بذكرها، وقال: إنه رأى له كتابا في التوحيد صرح فيه
بنفي الصفات، ثم أورد له بحثا من كتابه " الدليل
والعلم " وعلق عليه، فانظره فيه.
(2) في الأصل: زيق وهو خطأ.
(3) والنبي صلى الله عليه وسلم يقول " لن يزال المؤمن
في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما ".
أخرجه البخاري في صحيحه: (6862) في أول الديات من حديث
ابن عمر، وقال ابن عمر: إن من ورطات الأمور التي لا
مخرج لمن أوقع نفسه فيها سفك الدم الحرام بغير حله.
(19/541)
أُوذِيَ بِمَكَّةَ، فَرَاح إِلَى مِصْرَ،
وَبَالَغَ فِي الإِنْكَار، فَطردُوْهُ، وَآذَوْهُ،
وَكَانَ إِذَا خَاف مِنَ البطشِ بِهِ خلَّط
وَتَبَالَه.
ثُمَّ سكنَ الثَّغْر مُدَّةً، ثُمَّ رَكِبَ البَحْر
إِلَى المَغْرِب، وَقَدْ رَأَى أَنَّهُ شَرِبَ مَاءَ
البَحْرِ مرَّتين، وَأَخَذَ يُنْكِرُ فِي الْمركب
عَلَى النَّاسِ، وَأَلزمهُم بِالصَّلاَة، فآذَوْهُ،
فَقَدِمَ المَهْدِيَّة (1) وَعَلَيْهَا ابْنُ بَادِيس،
فَنَزَلَ بِمسجد مُعَلّق، فَمتَى رَأَى مُنْكراً أَوْ
خمراً، كَسَر وَبَدَّدَ، فَالتفَّ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ،
وَاشْتَغَلُوا عَلَيْهِ، فَطَلَبَهُ ابْنُ بَادِيس،
فَلَمَّا رَأَى حَالَه، وَسَمِعَ كلاَمَهُ، سَأَله
الدُّعَاءَ، فَقَالَ:أَصْلَحَكَ اللهُ لِرعيتك.
وَسَارَ إِلَى بِجَايَة، فَبقِي يُنكِرُ كَعَادته،
فَنُفِي، فَذَهَبَ إِلَى قَرْيَة ملاَّلَة، فَوَقَعَ
بِهَا بِعَبْدِ المُؤْمِنِ (2) الَّذِي تسلطَن،
وَكَانَ أَمْرَدَ عَاقِلاً، فَقَالَ:يَا شَابّ، مَا
اسْمُكَ؟
قَالَ:عبدُ المُؤْمِن.
قَالَ:اللهُ أَكْبَرُ، أَنْتَ طَلِبَتِي، فَأَيْنَ
مقصِدُك؟
قَالَ:طلبُ العِلْم.
قَالَ:قَدْ وَجَدْتَ العِلْمَ وَالشَّرَفَ،
اصْحَبْنِي.
وَنظر فِي حليته، فَوَافَقَتْ مَا عِنْدَهُ مِمَّا
قِيْلَ:إِنَّهُ اطَّلع عَلَى كِتَابِ الجَفْرِ (3) -
فَاللهُ أَعْلَمُ - فَقَالَ:مِمَّنْ أَنْتَ؟
قَالَ:مِنْ
__________
(1) مدينة محدثة بساحل إفريقية بينها وبين القيروان
ستون ميلا، والبحر محيط بها من جهاتها الثلاثة، بناها
عبيد الله الشيعي الخارج على بني الأغلب، وهو سماها
المهدية نسبها إلى نفسه، وكان ابتداء بنيانها في سنة
ثلاث مئة " الروض المعطار ": ص 561.
(2) عبد المؤمن بن علي القيسي المتوفى 558 ه، وسترد
ترجمته في الجزء العشرين برقم (254).
(3) الجفر بفتح الجيم وسكون الفاء من أولاد المعز: ما
بلغ أربعة أشهر، والمراد هنا جلد المعز الذي كتب فيه،
وهذا الكتاب يزعم الامامية أن جعفر الصادق رحمه الله
كتب لهم فيه كل ما يحتاجون إليه، وكل ما سيقع ويكون
إلى يوم القيامة، وكان مكتوبا عنده في جلد ماعز، فكتبه
عنه هارون بن سعيد العجلي رأس الزيدية، وسماه الجفر
باسم الجلد الذي كتب فيه، وهذا زعم باطل، فإن جعفرا
الصادق كجده أمير المؤمنين لا يعلم الغيب، وقد ثبت عن
جده أمير المؤمنين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم
يخصه بشيء من دون أصحابه كما =
(19/542)
كُومِيَة (1) .
فَربط الشَّابّ، وَشوَّقه إِلَى أُمُوْرٍ عَشِقَهَا،
وَأَفضَى إِلَيْهِ بسرِّه، وَكَانَ فِي صُحبته
الفَقِيْهُ عَبْدُ اللهِ الوَنْشَرِيسِي، وَكَانَ
جَمِيْلاً نَحْويّاً، فَاتفقَا عَلَى أَنْ يُخفِي
علمَه وَفصَاحته، وَيَتظَاهِر بِالجَهْل وَاللَّكَنِ
مُدَّةً، ثُمَّ يَجعلُ إِظهَار نَفْسِهِ معجزَةً،
فَفَعَل ذَلِكَ (2) ، ثُمَّ عَمَدَ إِلَى سِتَّة مِنْ
أَجلاَد أَتْبَاعِهِ، وَسَارَ بِهِم إِلَى مَرَّاكُش،
وَهِيَ لابْنِ تَاشفِيْن، فَأَخذُوا فِي الإِنْكَار،
فَخوَّفُوا الْملك مِنْهُم، وَكَانُوا بِمسجد خرَاب،
فَأَحضرهُم الملكُ، فَكلمُوْهُ فِيمَا وَقَعَ فِيْهِ
مِنْ سَبِّ الْملك، فَقَالَ:مَا نُقِلَ مِنَ الوقيعَة
فِيْهِ، فَقَدْ قلتُه، هَلْ
__________
= في صحيح البخاري (111) و(1870) و(3172) و(3179)
و(6755) و(6903) و(6915) و(7300) من طريق أبي جحيفة
السوائي، قال: سألت عليا رضي الله عنه: هل عندكم شيء
مما ليس في القرآن، أو ما ليس عند الناس ؟ فقال: والذي
فلق الحبة، وبرأ النسمة ما عندنا إلا ما في القرآن إلا
فهما يعطى رجل في كتابه، وما في هذه الصحيفة، قال:
قلت: فما هذه الصحيفة ؟ قال: " العقل، وفكاك الاسير،
ولا يقتل مسلم بكافر ".
قال الحافظ ابن حجر: وإنما سأله أبو جحيفة عن ذلك لان
جماعة من الشيعة كانوا يزعمون أن عند أهل البيت - لا
سيما عليا - أشياء من الوحي خصهم النبي صلى الله عليه
وسلم بها لم يطلع غيرهم عليها.
ونقل العيني في " عمدته ": 1 / 161 عن ابن بطال قوله:
فيه ما يقطع بدعة الشيعة والمدعين على علي رضي الله
عنه أنه الوصي، وأنه المخصوص بعلم من عند رسول الله
صلى الله عليه وسلم لم يعرفه غيره حيث قال: ما عنده
إلا ما عند الناس من كتاب الله، ثم أحال على الفهم
الذي الناس فيه على درجاتهم ولم يخص نفسه بشيء غير ما
هو ممكن في غيره.
على أن الكتاب لا تصح نسبته إلى جعفر الصادق رحمه
الله، والذين نسبوه إليه من أجهل الناس بمعرفة
المنقولات والأحاديث والآثار، والتمييز بين صحيحها
وضعيفها، وعمدتهم في المنقولات التواريخ المنقطعة
الإسناد، وكثير منها من وضع من عرف بالكذب والاختلاق،
كأبي مخنف لوط، وهشام بن محمد بن السائب، وأمثالهما،
وغير خاف على طلبة العلم أن ما لا يعلم إلا من طريق
النقل لا يمكن الحكم بثبوته إلا بالرواية الصحيحة
السند، فإذا لم توجد، فلا يسوغ لنا شرعا وعقلا أن نقول
بثبوته، وانظر " أبجد العلوم " 2 / 214 - 216، و" لقطة
العجلان " كلاهما لصديق حسن خان، ومجلة المنار 4 / 60
للسيد رشيد رضا.
(1) بضم الكاف وسكون الواو: قبيلة صغيرة كانت تنزل
بساحل البحر من أعمال تلمسان.
(2) انظر " وفيات الأعيان ": 5 / 48.
(19/543)
مِنْ وَرَائِهِ أَقْوَال، وَأَنْتُم
تُطرُوْنَهُ وَهُوَ مَغْرُوْرٌ بكُم، فَيَا قَاضِي،
هَلْ بَلغَك أَنَّ الخَمْرَ تُبَاعُ جِهَاراً،
وَتَمْشِي الخنَازِيْرُ فِي الأَسواق، وَتُؤْخَذُ
أَمْوَالُ اليَتَامَى؟
فَذَرَفَتْ عَيْنَا الملكِ وَأَطرق، وَفَهِمَ
الدُّهَاةُ طَمَعَ ابْن تُوْمَرت فِي المُلك، فَنصح
مَالِك بن وُهَيْب الفَيْلَسُوْف سُلْطَانَه،
وَقَالَ:إِنِّيْ خَائِف عَلَيْك مِنْ هَذَا، فَاسجنْه
وَأَصْحَابَه، وَأَنفق عَلَيْهِم مُؤنتهُم، وَإِلاَّ
أَنفقتَ عَلَيْهِم خَزَائِنَك.
فَوَافَقه، فَقَالَ الوَزِيْر:يَقْبُحُ بِالملك أَنْ
يَبْكِي مِنْ وَعظه، ثُمَّ يُسيء إِلَيْهِ فِي
مَجْلِس، وَأَنْ يظْهر خوفُك، وَأَنْت سُلْطَان:مِنْ
رَجُل فَقير.
فَأَخَذتهُ نَخوَةٌ، وَصَرَفَه، وَسَأَلَهُ الدُّعَاءُ
(1) .
وَسَارَ ابْنُ تُوْمَرت إِلَى أَغمَاتَ، فَنَزَلُوا
عَلَى الفَقِيْه عَبدِ الحَقِّ المَصمودي،
فَأَكْرَمَهُم، فَاسْتشَارُوهُ، فَقَالَ:هُنَا لاَ
يَحمِيكُم هَذَا المَوْضِع، فَعليكُم بِتِينَمَلَّ (2)
، فَهِيَ يَوْمٌ عَنَّا، وَهُوَ أَحصنُ الأَمَاكنِ،
فَأُقيمُوا بِهِ بُرْهَةً كِي يُنسَى ذِكرُكُم.
فَتَجدد لابْنِ تُوْمَرت بِهَذَا الاسْمِ ذكرٌ لمَا
عِنْدَهُ، فَلَمَّا رَآهُم أَهْلُ الْجَبَل عَلَى
تِلْكَ الصُّوْرَة، علمُوا أَنَّهُم طَلَبَةُ علمٍ،
فَأَنْزَلوهُم، وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِم، ثُمَّ تسَامَع
بِهِ أَهْلُ الْجَبَل، فَتسَارعُوا إِلَيْهِم، فَكَانَ
ابْنُ تُوْمرت مَنْ رأَى فِيْهِ جَلاَدَة، عَرَضَ
عَلَيْهِ مَا فِي نَفْسِهِ، فَإِنْ أَسرع إِلَيْهِ،
أَضَافه إِلَى خوَاصِّه، وَإِن سكت، أَعرض عَنْهُ،
وَكَانَ كُهولهُم يَنهون شُبَّانَهُم وَيُحَذِّرونهُم
(3) ، وَطَالت المُدَّةُ، ثُمَّ كَثُرَ أَتْبَاعُهُ
مِنْ
__________
(1) " وفيات الأعيان ": 5 / 48 - 50.
(2) كذا الأصل بلام واحدة، وكذا هي عند ابن خلكان،
وضبطها بكسر المثناة من فوقها، وسكون الياء المثناة من
تحتها، وبعدها نون، ثم ميم مفتوحة ولام مشددة، وتكتب
في المصادر المغربية تينملل بلامين، وسترد بعد قليل
بلامين، وقد كتب فوقها في الأصل " صح ".
(3) في " الوفيات ": 5 / 51: وكان يستميل الاحداث وذوي
الغرة، وكان ذوو العقل والحلم من أهاليهم يحذرونهم من
اتباعه، ويخوفونهم من سطوة الملك...
(19/544)
جبال دَرن (1) ، وَهُوَ جبل الثَّلج،
وَطرِيقُهُ وَعرٌ ضيِّق.
قَالَ اليَسع فِي(تَارِيْخِهِ):لاَ أَعْلَم مَكَاناً
أَحصنَ مِنْ تِينَمَلل لأَنَّهَا بَيْنَ جَبَلَيْنِ،
وَلاَ يَصِلُ إِلَيهِمَا إِلاَّ الفَارِسُ، وَرُبَّمَا
نَزل عَنْ فَرسه فِي أَمَاكنَ صعبَة، وَفِي موَاضِع
يَعْبُرُ عَلَى خَشَبَة، فَإِذَا أُزِيلت الخَشَبَة،
انْقَطَع الدَّرْبُ، وَهِيَ مَسَافَة يَوْم، فَشَرعَ
أَتْبَاعُهُ يُغِيروْنَ وَيَقتلُوْنَ، وَكثُرُوا
وَقَوُوا، ثُمَّ غَدَرَ بِأَهْلِ تِيْنَمَلَل
الَّذِيْنَ آوَوْهُ، وَأَمر خوَاصَّه، فَوضعُوا فِيهِم
السَّيْف، فَقَالَ لَهُ الفَقِيْهُ الإِفْرِيْقِيّ
أَحَدُ العَشْرَة مِنْ خوَاصِّهِ:مَا هَذَا؟!قَوْمٌ
أَكرمونَا وَأَنْزَلونَا نَقتلُهُم!!
فَقَالَ لأَصْحَابِهِ:هَذَا شكَّ فِي عِصمتِي،
فَاقتلُوْهُ، فَقُتِلَ.
قَالَ اليَسع:وَكُلُّ مَا أَذْكُرُهُ مِنْ حَال
المصَامِدَة، فَقَدْ شَاهَدتُهُ، أَوْ أَخذتُهُ
مُتَوَاتِراً، وَكَانَ فِي وَصَيَّتِهِ إِلَى قَوْمه
إِذَا ظَفِرُوا بِمُرَابِطٍ أَوْ تِلِمْسَانِي أَنْ
يَحرِقوهُ.
فَلَمَّا كَانَ عَامُ تِسْعَةَ عَشرَ وَخَمْسِ مائَة،
خَرَجَ يَوْماً، فَقَالَ:تَعلمُوْنَ أَنَّ البَشِيْر -
يُرِيْد الوَنْشَرِيسِي - رَجُلٌ أُمِّي، وَلاَ يثبُت
عَلَى دَابَّة، فَقَدْ جَعَلَه الله مُبَشِّراً لَكُم،
مُطَّلِعاً عَلَى أَسرَارِكُم، وَهُوَ آيَةٌ لَكُم،
قَدْ حَفِظَ القُرْآن، وَتعلَّمَ الرُّكوب،
وَقَالَ:اقرَأَ، فَقَرَأَ الختمَةَ فِي أَرْبَعَةِ
أَيَّام، وَركب حصَاناً، وَسَاقه، فَبُهِتُوا،
وَعدُّوهَا آيَةً لِغَبَاوَتِهِم، فَقَامَ خَطِيْباً،
وَتَلاَ :{لِيَمِيْزَ اللهُ الخَبِيْثَ مِنَ
الطَّيِّبِ }[الأَنْفَال:37]، وَتَلاَ :{مِنْهُمُ
المُؤْمِنُوْنَ وَأَكْثَرُهُمُ الفَاسِقُوْنَ }[آلُ
عِمْرَان:110]، فَهَذَا البَشِيْرُ مطلع عَلَى
الأَنْفُس، مُلْهَمٌ،
__________
(1) انظر " الروض المعطار ": ص: 234، 235.
(19/545)
وَنبيُّكُم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - يَقُوْلُ:(إِنَّ فِي هَذِهِ الأُمَّةِ
مُحَدِّثين (1) ، وَإِنَّ عُمَرَ مِنْهُم (2)).
وَقَدْ صحبنَا أَقْوَامٌ أَطلعه الله عَلَى سرِّهم،
وَلاَ بُدَّ مِنَ النَّظَرِ فِي أَمرهِم، وَتَيَمُّمِ
العَدْل فِيهِم، ثُمَّ نُودِي فِي جبال المصَامدة:مَنْ
كَانَ مطيعاً لِلإِمَامِ، فَليَأْتِ، فَأَقْبَلُوا
يُهْرَعُوْنَ، فَكَانُوا يُعرضون عَلَى البَشِيْر،
فَيُخْرِجُ قَوْماً عَلَى يَمِيْنه، وَيَعُدُّهُم مِنْ
أَهْلِ الجَنَّةِ، وَقوماً عَلَى يَسَاره،
فَيَقُوْلُ:هَؤُلاَءِ شَاكُّوْنَ فِي الأَمْر، وَكَانَ
يُؤْتَى بِالرَّجُل مِنْهُم فَيَقُوْلُ:هَذَا تَائِب
رُدُّوْهُ عَلَى اليَمِين تَابَ البَارِحَة،
فَيعتَرِفُ بِمَا قَالَ، وَاتَّفَقت لَهُ فِيهِم
عَجَائِب، حَتَّى كَانَ يُطلِقُ أَهْل اليَسَار، وَهُم
يَعلمُوْنَ أَن مآلهُم إِلَى الْقَتْل، فَلاَ يَفرُّ
مِنْهُم أَحَد، وَإِذَا تجمَّع مِنْهُم عِدَّة، قتلهُم
قرَابَاتُهُم حَتَّى يَقتل الأَخُ أَخَاهُ.
قَالَ:فَالَّذِي صَحَّ عِنْدِي أَنَّهُم قُتِلَ
مِنْهُم سَبْعُوْنَ أَلْفاً عَلَى هَذِهِ الصِّفَة،
وَيُسمونه التّمْيِيْز، فَلَمَّا كَمُلَ التَّمْيِيْز،
وَجَّه جُمُوْعه مَعَ البَشِيْر نَحْو أَغمَات،
فَالتقَاهُم المرَابطون، فَهَزَمَهُمُ المرَابطون،
وَثبت خلقٌ مِنَ المصَامدة، فَقُتِلُوا، وَجُرِحَ
عُمَر الهِنْتَانِي عِدَّةَ جِرَاحَات، فَحُمِلَ عَلَى
__________
(1) في الأصل: محدثون، والوجه ما أثبت.
(2) أخرجه البخاري: 7 / 42، (3689) في فضائل أصحاب
النبي صلى الله عليه وسلم: باب مناقب عمر من حديث أبي
هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لقد
كان فيما قبلكم من الأمم
ناس محدثون، فإن يك في أمتي أحد فإنه عمر " وأخرجه
مسلم (2398) والترمذي (3694) من حديث عائشة.
وقال ابن وهب: تفسير " محدثون ": ملهمون، وقال ابن
الأثير: أراد بقوله " محدثون " أقواما يصيبون إذا ظنوا
وحدسوا، فكأنهم قد حدثوا بما قالوا.
قلت: واستشهاد ابن تومرت بالحديث في غير محله، وهو دال
على سوء طويته، وجراءته على الله ورسوله، فإن البشير
الونشيرسي قد باع نفسه من الشيطان، وصار يستلهم منه
الحيل الماكرة، والاساليب الخبيثة لاضلال الناس
وإفسادهم إرضاء لسيده ابن تومرت الذي اتخذه مطية
لاطماعه، وتحصيل مرامه، فهو من أبعد الناس عن منزلة
التحديث الجليلة التي اختص بها أمير المؤمنين عمر بن
الخطاب رضي الله عنه.
(19/546)
أَعْنَاقِهِم مُثْخَناً، فَقَالَ لَهُم
البَشِيْر:إِنَّهُ لاَ يَموتُ حَتَّى تُفتح البِلاَد.
ثُمَّ بَعْدَ مُدَّة، فَتح عينِيه، وَسلَّم، فَلَمَّا
أَتَوْا، عَزَّاهُم ابْن تُوْمرت، وَقَالَ:يَوْمٌ
بِيَوْمٍ، وَكَذَلِكَ حربُ الرُّسل.
وَقَالَ عبدُ الوَاحِد المَرَّاكُشِي (1) :سَمِعَ
ابْنَ تُوْمرت بِبَغْدَادَ مِنَ المُبَارَك بن
الطُّيُورِي، وَأَخَذَ الأُصُوْلَ عَنِ الشَّاشِيّ،
وَنَفَاهُ مِنَ الإِسْكَنْدَرِيَّةِ أَمِيْرُهَا،
فَبَلَغَنِي أَنَّهُ اسْتمرَّ يُنكر فِي الْمركب،
فَأَلْقَوْهُ، فَأَقَامَ نِصْفَ يَوْم يَعوم،
فَأَنْزَلُوا مَنْ أَطلعه، وَاحتَرَمُوْهُ، فَنَزَلَ
بِبِجَايَة، فَدرَّس وَوعظ، وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِ،
فَخَافَ صَاحِبُهَا، وَأَخْرَجه، وَكَانَ بارعاً فِي
خطِّ الرَّمل.
وَقِيْلَ:وَقَعَ بِالجفر، وَصَادف عبدَ المُؤْمِن،
ثُمَّ لقيهُمَا عبدُ الوَاحِد الشَّرْقِيّ، فَسَارُوا
إِلَى أَقْصَى المَغْرِب.
وَقِيْلَ:لقِيَ عبدَ المُؤْمِن يُؤدِّب بِأَرْضِ
متيّجَة، وَرَأَى عبدَ المُؤْمِن أَنَّهُ يَأْكُلُ
مَعَ الْملك عَلِيٍّ بن تَاشفِيْن، وَأَنَّهُ زَادَ
عَلَى أَكله، ثُمَّ اخْتطف مِنْهُ الصّحفَةَ، فَقَالَ
لَهُ العَابر:لاَ يَنْبَغِي أَنْ تَكُوْن هَذِهِ
الرُّؤيَا لَكَ، بَلْ لِمَنْ يَثُوْرُ عَلَى أَمِيْرِ
المُسْلِمِين إِلَى أَنْ يَغْلِبَ عَلَى بلاَده.
وَكَانَ ابْنُ تُوْمرت طَوِيْلَ الصَّمْت، دَائِمَ
الِانْقِبَاض، لَهُ هَيْبَةٌ فِي النُّفُوْس، قِيْلَ
لَهُ مرَّة:فُلاَن مسجُوْنٌ، فَأَتَى الحَبْسَ،
فَابْتدر السجَانُوْنَ يَتمسَّحُوْنَ بِهِ،
فَنَادَى:فُلاَن، فَأَجَابَهُ، فَقَالَ:اخْرج،
فَخَرَجَ، وَالسَّجَّانُوْنَ باهتُوْنَ، فَذَهَبَ
بِهِ، وَكَانَ لاَ يَتعذر عَلَيْهِ أَمرٌ، وَانفصل،
عَنْ تِلمسَان وَقَدِ اسْتحوذ عَلَى قلوبِ
كُبرَائِهَا، فَأَتَى فَاس، وَأَخَذَ فِي الأَمْر
بِالمَعْرُوف.
__________
(1) في " المعجب ": ص: 246 - 255.
(19/547)
قَالَ:وَكَانَ جلُّ مَا يَدعُو إِلَيْهِ
الاعتقَادَ عَلَى رَأْي الأَشْعَرِيّ، وَكَانَ أَهْلُ
الغَرْب ينَافِرُوْنَ هَذِهِ العُلُوْم، فَجمعَ
مُتَوَلِّي فَاس الفُقَهَاء، وَنَاظروهُ، فَظَهَرَ،
وَوجد جَوّاً خَالياً، وَقوماً لاَ يَدرُوْنَ
الكَلاَمَ، فَأَشَارُوا عَلَى الأَمِيْرِ بِإِخرَاجه،
فَسَارَ إِلَى مَرَّاكُش، فَبعثَوا بِخَبَرِهِ إِلَى
ابْنِ تَاشفِيْن، فَجمعَ لَهُ الفُقَهَاءَ، فنَاظره
ابْنُ وُهَيْب الفَيْلَسُوْف، فَاسْتشعر ذكَاءهُ
وَقُوَّةَ نَفْسه، فَأَشَارَ عَلَى ابْنِ تَاشفِيْن
بِقَتْلِهِ، وَقَالَ:إِنّ وَقَعَ إِلَى المصَامدة،
قَوِيَ شرُّه، فَخَافَ الله فِيْهِ، فَقَالَ:فَاحبسه،
قَالَ:كَيْفَ أَحبِسُ مسلماً لَمْ يَتعين لَنَا
عَلَيْهِ حقٌّ؟بَلْ يُسَافر.
فَذَهَبَ وَنَزَلَ بِتِينَمَلَل، وَمِنْهُ ظهر، وَبِهِ
دُفِنَ، فَبثَّ فِي المصَامدة العِلْم، وَدعَاهُم
إِلَى الأَمْر بِالمَعْرُوف، وَاسْتمَالهُم، وَأَخَذَ
يُشوِّق إِلَى المَهْدِيّ، وَيَرْوِي أَحَادِيْثَ
فِيْهِ، فَلَمَّا تَوثَّق مِنْهُم قَالَ:أَنَا هُوَ،
وَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَسَاقَ نسباً
لَهُ إِلَى عليّ، فَبَايعُوْهُ، وَأَلف لَهُم
كِتَابَ(أَعزّ مَا يَطلب)، وَوَافق المُعْتَزِلَةَ فِي
شَيْءٍ، وَالأَشعرِيَة فِي شَيْءٍ، وَكَانَ فِيْهِ
تَشيُّع (1) ، وَرتَّب أَصْحَابَه، فَمنهُم
العَشْرَةُ، فَهُمْ أَوَّل مَنْ لَبَّاهُ، ثُمَّ
الخَمْسِيْنَ، وَكَانَ يُسمِّيهم المُؤْمِنِيْنَ،
وَيَقُوْلُ:مَا فِي الأَرْضِ مَنْ يُؤمن إِيْمَانَكُم،
وَأَنْتُم العِصَابَة الَّذِيْنَ عَنَى النَّبِيّ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْلِهِ:(لاَ
يَزَالُ أَهْلُ الغَرْبِ ظَاهِرِيْنَ (2))وَأَنْتُم
تَفتحُوْنَ الرُّوْم، وَتَقتلُوْنَ الدَّجَّال،
وَمِنْكُم الَّذِي يَؤُمُّ بعِيْسَى، وَحدَّثهُم
بجزئِيَات
__________
(1) قال ابن خلدون: وكان من رأيه القول بعصمة الامام
علي على رأي الامامية من الشيعة.
(2) وتمامه: " على الحق حتى تقوم الساعة "، أخرجه مسلم
في " صحيحه " (1925) في الامارة من حديث سعد بن أبي
وقاص رضي الله عنه.
والمراد بأهل الغرب في هذا الحديث أهل الشام لانهم
بالنسبة للمدينة المنورة في الجهة الشمالية الغربية.
وانظر " فتح الباري ": 13 / 295 الطبعة السلفية، وابن
تومرت ينتقي النصوص المتشابهة، ويستدل بها، ويفسرها
كما يروق له ليكتسب بها ثقة من حوله.
(19/548)
اتَّفَقَ وُقُوْعُ أَكْثَرهَا، فَعَظُمَتْ
فِتْنَةُ القَوْم بِهِ حَتَّى قتلُوا أَبْنَاءَهُم
وَإِخْوَتهُم لِقسوتهِم وَغِلَظِ طبَاعهِم،
وَإِقدَامِهِم عَلَى الدِّمَاء، فَبَعَثَ جَيْشاً،
وَقَالَ:اقصِدُوا هَؤُلاَءِ المَارقين المُبَدِّلين
الدّين، فَادعوهُم إِلَى إِمَاتَة المُنْكَر
وَإِزَالَةِ البِدَع، وَالإِقرَار بِالمَهْدِيّ
المَعْصُوْم، فَإِنْ أَجَابُوا، فَهُمْ إِخْوَانُكُم،
وَإِلاَّ فَالسّنَةُ قَدْ أَبَاحت لَكُم قِتَالَهُم،
فَسَارَ بِهِم عبدُ المُؤْمِن يَقصِدُ مَرَّاكُش،
فَالتقَاهُ الزُّبَيْرُ بنُ أَمِيْر المُسْلِمِين،
فَكلَّموهُم بِالدَّعوَة، فَردُّوا أَقبحَ ردٍّ، ثُمَّ
انْهَزَمت المصَامدة، وَقُتِلَ مِنْهُم ملحمَة،
فَلَمَّا بلغَ الخَبَرُ ابْنَ تُوْمرت، قَالَ:أَنَجَى
عبدُ المُؤْمِن؟
قِيْلَ:نَعم.
قَالَ:لَمْ يُفْقَدْ أَحَد.
وَهَوَّن عَلَيْهِم، وَقَالَ:قتلاَكُم شُهَدَاء.
قَالَ الأَمِيْر عزِيز فِي(أَخْبَار
القَيْرَوَان):سَمَّى ابْنُ تُوْمرت أَصْحَابَه
بِالموحِّدين، وَمَنْ خَالَفه بِالمُجَسِّمِين،
وَاشْتُهِرَ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ، وَبَايعته
هَرْغَة عَلَى أَنَّهُ المَهْدِيّ، فَقصدهُ
المُلَثَّمُوْنَ، فَكسَرُوا الملثمِين، وَحَازُوا
الغنَائِم، وَوثقت نُفُوْسُهُم، وَأَتتهُم أَمْدَادُ
القبَائِل، وَوحَّدت هنتَاتَة، وَهِيَ مِنْ أَقوَى
القبَائِل.
ثُمَّ قَالَ عزِيز:لَهُم تَودُّد وَأَدبٌ وَبشَاشَة،
وَيلبَسُوْنَ الثِّيَاب القصِيْرَةَ الرّخيصَة، وَلاَ
يُخلوْنَ يَوْماً مِنْ طِرَادٍ وَمثَاقفَة وَنضَال،
وَكَانَ فِي القبَائِل مفسدُوْنَ، فَطَلَبَ ابْنُ
تُوْمرت مَشَايِخَ القبَائِل وَوعظهُم، وَقَالَ:لاَ
يَصْلُحُ دينُكُم إِلاَّ بِالنَّهْيِ عَنِ المُنْكَر،
فَابحثُوا عَنْ كُلِّ مُفسد، فَانهوهُ، فَإِنْ لَمْ
يَنْتَهِ، فَاكتُبُوا إِلَيَّ أَسْمَاءهُم، فَفَعلُوا،
ثُمَّ هدَّد ثَانِياً، فَأَخَذَ مَا تَكرَّر مِنَ
الأَسْمَاء، فَأَفردهَا، ثُمَّ جمع القبَائِلَ،
وَحضَّهُم عَلَى أَنْ لاَ يغِيبَ مِنْهُم أَحَد،
وَدفعَ تِلْكَ الأَسْمَاء إِلَى البَشِيْر،
فَتَأَمَّلهَا، ثُمَّ عَرَضَهُم رَجُلاً رَجُلاً،
فَمَنْ وَجد اسْمَه، رَدَّهُ إِلَى الشِّمَال، وَمَنْ
لَمْ يَجده، بعثَه
(19/549)
عَلَى اليَمِين، ثُمَّ أَمر بتكتيف أَهْلِ
الشِّمَال، وَقَالَ لقرَابَاتهِم:هَؤُلاَءِ أَشقيَاء
مِنْ أَهْلِ النَّار، فَلتقْتُلْ كُلُّ قبيلَة
أَشقيَاءهَا، فَقتلوهُم، فَكَانَتْ وَاقعَةً عجيبَة،
وَقَالَ:بِهَذَا الفِعْل صَحَّ دينكُم، وَقَوِيَ
أَمرُكُم.
وَأَهْلُ العَشْرَة هُم:عبدُ المُؤْمِن، وَالهزرجِي،
وَعُمَرُ بنُ يَحْيَى الهنتَاتِي، وَعَبْدُ اللهِ
البَشِيْر، وَعبدُ الوَاحِد الزوَاوِي طير الجَنَّة،
وَعَبْدُ اللهِ بن أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرُ بن أَرنَاق،
وَوَاسنَار أَبُو مُحَمَّدٍ، وَإِبْرَاهِيْمُ بن
جَامِعٍ، وَآخر (1) .
وَفِي أَوَّلِ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ؛جهَّز
عِشْرِيْنَ أَلْفَ مقَاتل عَلَيْهِم البَشِيْر، وَعبدُ
المُؤْمِن بَعْدَ أُمُوْرٍ يَطولُ شرحُهَا، فَالتَقَى
الجمعَانِ، وَاسْتَحَرَّ القتلُ بِالموحِّدين،
وَقُتِلَ البَشِيْر، وَدَام الحَرْبُ إِلَى اللَّيْل،
فَصَلَّى بِهِم عبدُ المُؤْمِن صَلاَةَ الْخَوْف،
ثُمَّ تحيَّز بِمَنْ بَقِيَ إِلَى بُستَان يُعرف
بِالبُحَيْرَة، فَرَاح مِنْهُم تَحْتَ السَّيْف
ثَلاَثَةَ عَشَرَ أَلْفاً، وَكَانَ ابْنُ تُوْمرت
مَرِيضاً، فَأَوْصَى بَاتِّبَاع عبدِ المُؤْمِن،
وَعَقَدَ لَهُ، وَلقَّبه أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ،
وَقَالَ:هُوَ الَّذِي يَفتح البِلاَدَ، فَاعضُدُوْهُ
بِأَنْفُسكُم وَأَمْوَالكُم، ثُمَّ مَاتَ فِي آخِرِ
سَنَةِ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
قَالَ اليَسع بنُ حَزْم:سمَّى ابْنُ تُوْمرت
المرَابطين بِالمُجَسِّمِين، وَمَا كَانَ أَهْلُ
المَغْرِب يَدينُوْنَ إِلاَّ بِتَنْزِيه الله -
تَعَالَى - عَمَّا لاَ يَجِبُ وَصفُهُ بِمَا يَجِبُ
لَهُ، مَعَ تركِ خوضهِم عَمَّا تَقَصْر العُقُوْلُ
عَنْ فَهمه.
إِلَى أَنْ قَالَ:فَكفَّرهُم ابْنُ تُوْمرت لِجهلهِم
العَرض وَالجَوْهَر، وَأَنَّ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ
ذَلِكَ، لَمْ يَعرفِ المَخْلُوْقَ مِنَ الخَالِق،
وَبأَنَّ مَنْ لَمْ يُهَاجِرْ
__________
(1) انظر " الاستقصا ": 2 / 92.
(19/550)
إِلَيْهِ، وَيُقَاتِل مَعَهُ، فَإِنَّهُ
حَلاَلُ الدَّم وَالحرِيْم، وَذَكَرَ أَن غضبَهُ للهِ
وَقيَامَه حسبَةٌ.
قَالَ ابْنُ خَلِّكَان:قَبْره بِالجَبَل مُعَظَّم،
مَاتَ كَهْلاً، وَكَانَ أَسْمَرَ ربعَةً، عَظِيْمَ
الهَامَة، حديدَ النَّظَر مَهِيْباً، وَآثَارُه تغنِي
عَنْ أَخْبَاره، قَدَمٌ فِي الثَّرَى، وَهَامَةٌ فِي
الثُّرِيَّا، وَنَفْسٌ تَرَى إِرَاقَةَ مَاءِ
الحَيَاةِ دُوْنَ إِرَاقَةِ مَاءِ المُحَيَّا، أَغفلَ
المرَابطون رَبطه وَحلَّه، حَتَّى دبَّ دبِيْبَ
الفَلَقِ فِي الغَسَقِ، وَكَانَ قُوتُه مِنْ غزل
أُخْته رَغِيْفاً بزَيْت، أَوْ قَلِيْل سمن، لَمْ
يَنْتقِلْ عَنْ ذَلِكَ حِيْنَ كَثُرَتْ عَلَيْهِ
الدُّنْيَا، رَأَى أَصْحَابَهُ يَوْماً، وَقَدْ مَالت
نُفُوْسُهُم إِلَى كَثْرَة مَا غنِمُوْهُ، فَأَمر
بِإِحرَاق جَمِيْعه، وَقَالَ:مَنْ أَرَادَ الدُّنْيَا،
فَهَذَا لَهُ عِنْدِي، وَمَنْ كَانَ يَبغِي الآخِرَةَ،
فَجزَاؤُه عِنْد الله، وَكَانَ يَتَمَثَّل كَثِيْراً:
تَجَرَّدْ مِنَ الدُّنْيَا فَإِنَّك إِنَّمَا ...
خَرَجْتَ إِلَى الدُّنْيَا وَأَنْتَ مُجَرَّدُ (1)
وَلَمْ يَفتتح شَيْئاً مِنَ المَدَائِن، وَإِنَّمَا
قرر القوَاعد، وَمهَّد، وَبغته المَوْت، وَافتَتَح
بَعْدَهُ البِلاَدَ عبدُ المُؤْمِن.
وَقَدْ بَلَغَنِي - فِيمَا يُقَالَ - :أَنَّ ابْنَ
تُوْمرت أَخفَى رِجَالاً فِي قُبُوْر دَوَارِسَ،
وَجَاءَ فِي جَمَاعَةٍ لِيُرِيَهُم آيَة، يَعْنِي
فَصَاحَ:أَيُّهَا الموتَى أَجيبُوا،
فَأَجَابوهُ:أَنْتَ المَهْدِيّ المَعْصُوْمُ، وَأَنْت
وَأَنْت، ثُمَّ إِنَّهُ خَاف مِنِ انتشَارِ الحِيلَةِ،
فَخسف فَوْقهُم القُبُوْر فَمَاتُوا (2) .
وَبِكُلِّ حَالٍ، فَالرَّجُل مِنْ فُحُوْل العَالَمِ،
رَام أَمراً، فَتَمَّ لَهُ، وَرَبَطَ
__________
(1) " وفيات الأعيان ": 5 / 54.
(2) ذكر بنحو مما هنا صاحب " الاستقصا ": 2 / 96 نقلا
عن صاحب القرطاس.
وعد هذا الصنيع من جراءته، وإقدامه، وتهالكه على تحصيل
مرامه.
(19/551)
البَرْبَرَ بِادِّعَاء العِصْمَة، وَأَقْدَمَ
عَلَى الدِّمَاء إِقدَامَ الخَوَارِج، وَوجد مَا
قَدَّمَ.
قَالَ الحَافِظُ مَنْصُوْر بن العمَادِيَة فِي(تَارِيخ
الثَّغْر (1)):أَملَى عليّ نسبَه فُلاَن، وَفِي ذَلِكَ
نَظَرٌ مِنْ حَيْثُ إِنَّ مُحَمَّد بن الحَسَنِ لَمْ
يُعقب.
وَلابْنِ تُوْمرت:
دَعْنِي فَفِي النَّفْسِ أَشْيَاءٌ مُخَبَّأَةٌ ...
لأَلبسن بِهَا دِرْعاً وَجِلْبَابَا
وَاللهِ لَوْ ظَفِرَتْ نَفْسِي بِبُغْيَتِهَا ... مَا
كُنْتُ عَنْ ضَرَبِ أَعْنَاقِ الوَرَى آبَى
حَتَّى أُطَهِّرَ ثَوْبَ الدِّيْنِ عَنْ دَنَسٍ ...
وَأُوجبَ الحَقَّ لِلسَّادَاتِ إِيْجَابَا
319 - ابْنُ صَدَقَةَ أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ
عَلِيٍّ النَّصِيْبِيُّ *
الوَزِيْرُ الكَبِيْرُ، جلاَلُ الدِّين، أَبُو عَلِيٍّ
الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ صَدَقَة النَّصِيْبِيّ.
تَنَقَّل فِي الأَعْمَال، ثُمَّ تَزَوَّجَ بِبنتِ
الوَزِيْر ابْنِ المُطَّلِبِ، وَوَلِيَ
__________
(1) وهي الإسكندرية بلده، وقد ترجمه المؤلف في " تذكرة
الحفاظ ": 4 / 1467، فقال: الامام الحافظ المفيد
الرحال، وجيه الدين أبو المظفر منصور بن سليم بن منصور
بن فتوح الهمداني الإسكندراني الشافعي محتسب الثغر،
وذكر له من تصانيفه " المعجم "، و" الأربعين البلدانية
"، وتاريخ بلده في مجلدين، ووصفه بالديانة والثقة
والمروءة، وبالعناية بالحديث وفنونه ورجاله وبالفقه،
وقال: توفي في الحادي من شوال سنة سبع وسبعين وست مئة.
(*) المنتظم: 10 / 9، خريدة القصر: 1 / 94 قسم شعراء
العراق، الكامل في التاريخ: 10 / 652، الفخري: 304،
تاريخ الإسلام: 4: 250 / 1، العبر: 4 / 51، الوافي
بالوفيات: 12 / 147 - 148، عيون التواريخ: 13 / 483 -
485، البداية والنهاية: 12 / 199، النجوم الزاهرة: 5 /
233، شذرات الذهب: 4 / 66، معجم الأنساب والاسرات
الحاكمة: 9، دائرة المعارف الإسلامية: 211.
(19/552)
الحِلَّةَ، ثُمَّ وَزَرَ بَعْدَ أَبِي
شُجَاعٍ، وَكَانَ شَهْماً كَافِياً مَهِيْباً
سَائِساً، فَوَزَرَ ثَلاَثَةَ أَعْوَامٍ، وَأُمْسِكَ
سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ، وَنُهِبَتْ دَارُه، وَسُجِنَ،
ثُمَّ احتَاجُوا إِلَيْهِ بَعْدَ عَام، وَوَزَرَ إِلَى
أَنْ تُوُفِّيَ فِي رَجَب، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ
وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَلَهُ يَد بَيضَاءُ
فِي النَّظمِ (1) وَالنَّثرِ، عَاشَ ثَلاَثاً
وَسِتِّيْنَ سَنَةً.
320 - البَطَائِحِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ المَأْمُوْنُ
بنُ البطَائِحِيِّ *
هُوَ وَزِيْرُ الدِّيَار المِصْرِيّة، وَالدَّوْلَة
العُبَيْدِيَّة، الملكُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ
المَأْمُوْنُ بنُ البطَائِحِي، وَكَانَ مِنْ قصَّته
أَنْ أَبَاهُ كَانَ صَاحِبَ خَبَرٍ بِالعِرَاقِ
لِلمصرِيين مِنْ أَجلاَدِ الرَّافِضَّة، فَمَاتَ،
وَنَشَأَ المَأْمُوْنُ فَقيراً صُعْلُوكاً، فَكَانَ
حمَالاً فِي السُّوق بِمِصْرَ، فَدَخَلَ مرَّةً إِلَى
دَار الأَفْضَل أَمِيْرِ الجُيُوْش مَعَ الحمَّالين،
فَرَآهُ الأَفْضَلُ شَابّاً مَلِيحاً، خفِيفَ
الحَرَكَات، فَقَالَ:مَنْ هَذَا؟
قَالَ بَعْضُهُمْ:هَذَا ابْنُ فُلاَن.
فَاسْتَخدمه فرَّاشاً مَعَ الجَمَاعَة، فَتَقَدَّم
وَتَمَيَّز، وَترقَّىبه الحَالُ إِلَى الْملك، وَهُوَ
الَّذِي أَعَان الآمِرَ بِاللهِ عَلَى الفتكِ
بِأَمِيْرِ الجُيُوْش، وَوَلِيَ منصبَه، وَكَانَ
شَهْماً مِقْدَاماً، جَوَاداً بِالأَمْوَال، سَفَّاكاً
لِلدِّمَاءِ، عُضْلَةً مِنَ العُضَلِ، ثُمَّ إِنَّهُ
عَامل أَخَا الخَلِيْفَةِ الآمِرِ عَلَى قَتلِ الآمرِ،
وَدَخَلَ مَعَهُمَا أُمَرَاء، فَعَرف بِذَلِكَ الآمرُ،
فَقَبَضَ عَلَى المَأْمُوْنِ، وَصلبَه، وَاسْتَأْصَلَه
فِي سَنَةِ تِسْعَ عَشْرَةَ وَخَمْسِ مائَة.
__________
(1) من ذلك قوله للمسترشد بالله، كما في " الوافي ":
12 / 148:
تقسم أمري فيك كيف نسيتني * وأنت بأن ترعى الحقوق حقيق
وما ذاك إلا أن شيمتك العلى * وليس لها يوما إلي طريق
لان صروف الدهر حطت محلتي * فمهبطها دون اللقاء عميق
(*) الإشارة إلى من نال الوزارة: ص: 62، وفيات
الأعيان: 5 / 599، تاريخ الإسلام: 2: 238 / 2، العبر:
4 / 44 - 45، عيون التواريخ: 13 / 452، الدرة المضية
في أخبار الدولة الفاطمية: 448، النجوم الزاهرة: 5 /
229، شذرات الذهب: 4 / 60.
(19/553)
321 - الغَزِّي أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ
بنُ يَحْيَى بنِ عُثْمَانَ *
شَاعِرُ خُرَاسَان، أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ
يَحْيَى بنِ عُثْمَانَ الكَلْبِيّ، صَاحِبُ
الدِّيْوَان.
سَمِعَ بِدِمَشْقَ مِنَ:الفَقِيْه نَصْر، وَأَقَامَ
بِنظَامِيَّة بَغْدَاد مُدَّةً، وَمدح الأَعيَانَ،
ثُمَّ تَحَوَّل إِلَى خُرَاسَانَ، وَمدح وَزِيْر
كِرْمَان، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِلاَّ قَصِيدَته:
بِجَمْعِ جَفْنَيْكِ بَيْنَ البُرْءِ وَالسَّقَمِ ...
لاَ تَسْفِكِي مِنْ دُمُوعِي بِالفِرَاقِ دَمِي
إِشَارَةٌ مِنْكِ تَكفِيْنَا وَأَحْسَنُ مَا ... رُدَّ
السَّلاَمُ غَدَاةَ البَيْنِ بِالعَنَمِ (1)
تَعْلِيْقُ قَلْبِي بِذَاتِ القِرْطِ يُؤْلِمُهُ ...
فَلْيَشْكُرِ القُرْطُ تَعْلِيْقاً بِلاَ أَلَمِ (2)
__________
(*) نزهة الالبا: 378، المنتظم: 10 / 15، الخريدة: 1 /
4 - 75 قسم الشام، الكامل في التاريخ: 10 / 666 - 667،
وفيات الأعيان: 1 / 57 - 62، تاريخ الإسلام: 4: 254 /
1 - 252 / 2، العبر: 4 / 55، الوافي بالوفيات: 6 / 51
- 54، تتمة المختصر: 2 / 57 - 58، مرآة الجنان: 3 /
230 - 232، مرآة الزمان: 8 / 81 - 82، البداية
والنهاية: 12 / 201، النجوم الزاهرة: 5 / 236، كشف
الظنون: 763، 804، شذرات الذهب: 4 / 67 - 68، إيضاح
المكنون: 1 / 520، تهذيب تاريخ ابن عساكر: 2 / 232 -
234، مجلة المجمع: 21 / 178 - 182.
(1) العنم: ضرب من الشجر له نور أحمر تشبه به الاصابع
المخضوبة، قال النابغة:
بمخضب رخص كأن بنانه * عنم على أغصانه لم يعقد
وفي الوافي بالوفيات: 6 / 54 بيت بعد هذا هو:
قد يركب الامل الماشي فيحمله * ويسمع الاسطر القاري
بلا نغم
(2) بعد هذا البيت في " الوافي بالوفيات ": ثلاثة
أبيات هي:
تضرمت جمرة في ماء وجنتها * والجمر في الماء خاب غير
مضطرم
وما نسيت ولا أنسى تبسمها * وملبس الجو غفل غير ذي علم
حتى إذا طاح عنها المرط عن دهش * وانحل بالضم عقد
السلك في الظلم
وقوله: تبسمت...الأصل في هذا المعنى بيت أبي الطمحان
القيني، وهو قوله:
أضاءت لهم أحسابهم ووجوههم * دجى الليل حتى نظم الجزع
ثاقبه
(19/554)
تَبَسَّمَتْ فَأَضَاءَ اللَّيْلُ فَالتَقَطَتْ
... حبَات مُنْتَثِر فِي ضوء مُنْتَظم
مَاتَ:بِنوَاحِي بَلخ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ، عَنْ ثَلاَث وَثَمَانِيْنَ سَنَةً
(1) .
322 - ابْنُ الأَخشيذِ أَبُو سَعْدٍ إِسْمَاعِيْلُ بنُ
الفَضْلِ بنِ أَحْمَدَ *
الشَّيْخُ، الأَمِيْنُ، المُسْنِدُ الكَبِيْرُ، أَبُو
سَعْدٍ إِسْمَاعِيْلُ بنُ الفَضْلِ بنِ أَحْمَدَ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بن الأَخشيذ الأَصْبَهَانِيّ،
التَّاجِر، وَيُعْرَفُ بِالسَّرَّاج.
سَمِعَ:أَبَا القَاسِمِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بن أَبِي
بَكْرٍ الذَّكوَانِي، وَأَبَا طَاهِر بن عَبْدِ
الرَّحِيْمِ الكَاتِب، وَعَلِيَّ بنَ القَاسِمِ
المُقْرِئ، وَأَبَا العَبَّاسِ بن النُّعْمَانِ
الصَّائِغ، وَأَبَا الفَضْل الرَّازِيّ المُقْرِئ،
وَأَحْمَدَ بنَ الفَضْلِ البَاطِرْقَانِي، وَعِدَّة
مِنْ أَصْحَاب ابْنِ المُقْرِئ، وَغَيْرِهِ، وَيُكْنَى
أَيْضاً أَبَا الفَتْح، وَبِهَا كَنَّاهُ
السَّمْعَانِيّ، وَكَنَّاهُ بِأَبِي سَعْدٍ أَبُو
طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، وَوَثَّقَهُ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ:هُوَ، وَأَبُو مُوْسَى المَدِيْنِيّ،
وَيَحْيَى بنُ مَحْمُوْدٍ الثَّقَفِيّ، وَنَاصرٌ
الويرج، وَخَلَفُ بنُ أَحْمَدَ الفَرَّاء، وَأَسَعْدُ
بنُ أَحْمَدَ الثَّقَفِيُّ، وَأَبُو
__________
(1) ومما ينشد له قوله:
إنما هذه الحياة متاع * والغبي الغبي من يصطفيها
ما مضى فات والمؤمل غيب * فخذ الساعة التي أنت فيها
وقوله:
قالوا هجرت الشعر قلت ضرورة * باب الدواعي والبواعث
مغلق
خلت الديار فلا كريم يرتجى * منه النوال ولا مليح يعشق
ومن الرزية أنه لا يشترى * ويخان فيه مع الكساد ويسرق
(*) التحبير: 1 / 101 - 104، تاريخ الإسلام: 4: 255 /
2، العبر: 4 / 55 - 56، غاية النهاية: 1 / 167، شذرات
الذهب: 4 / 68 - 69.
(19/555)
جَعْفَر الصَّيْدَلاَنِيّ، وَجَمْعٌ كَثِيْر.
قَالَ أَبُو مُوْسَى:سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ:وُلِدْتُ
لَيْلَةَ نِصْفِ شَعْبَان، سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَكَانَ اسمُ أَبِي مُحَمَّداً،
وَيُكْنَى أَبَا الفَضْل، فَغَلَبَ عَلَيْهِ الفَضْلُ.
قَالَ السَّمْعَانِيّ:كَانَ سَدِيدَ السِّيرَةِ، قرَأَ
بِروَايَات، وَنسخ أَجزَاء كَثِيْرَة، وَكَانَ وَاسِعَ
الرِّوَايَة، موثوقاً بِهِ، كَتَبَ إِلَيَّ
بِالإِجَازَةِ، فَمِنْ مَسْمُوْعه(طَبَقَات
الصَّحَابَة)لأَبِي عَرُوْبَةَ (1) مُجلَّد، سَمِعَهُ
مِنِ ابْنِ عَبْدِ الرَّحِيْمِ عَنِ ابْنِ المُقْرِئ
عَنْهُ، وَكِتَاب(الأَشْرَاف)لابْنِ المُنْذِر،
سَمِعَهُ مِنِ ابْنِ عَبْد الرَّحِيْمِ عَنِ ابْنِ
المُقْرِئ عَنْهُ، وَكِتَاب(السُّنَن)لِلْحَسَنِ بنِ
عَلِيٍّ الحُلْوَانِيّ (2) .
قُلْتُ:تُوُفِّيَ فِي شَعْبَانَ - وَقِيْلَ:فِي
رَمَضَانَ - سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ
مائَةٍ.
323 - الكُرَاعِي أَبُو مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ بنُ
عَلِيِّ بنِ مَحْمُوْد *
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ، المُعَمَّرُ، مُسْنِدُ مَرْوَ،
أَبُو مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ
__________
(1) هو الحافظ الامام الثقة محدث حران الحسين بن محمد
بن أبي معشر الحراني صاحب التاريخ.
المتوفى سنة 318 ه، تقدمت ترجمته في الجزء الرابع عشر
رقم (285) وقد غمزه ابن عساكر في تاريخه في ترجمة
معاوية بغلوه في التشيع، وشدة الميل على بني أمية،
ورده المصنف رحمه الله في السير والتذكرة بقوله: كل من
أحب الشيخين فليس بغال، بلى من تكلم فيهما فهو غال
مفتر، فإن كفرهما - والعياذ بالله - جاز عليه التكفير
واللعنة، وأبو عروبة، فمن أين جاءه التشيع المفرط ؟ !
نعم قد يكون ينال من ظلمة بني أمية كالوليد وغيره.
(2) التحبير: 1 / 101 - 104.
(*) الأنساب: 6 / 325 - 326، التحبير: 2 / 196 - 197،
معجم البلدان: 3 / 159، تاريخ الإسلام: 4: 263 / 2.
(19/556)
مَحْمُوْدٍ الزُّولهِي، التَّاجِر،
المَرْوَزِيّ، المَشْهُوْرُ بِالكُرَاعِي.
وَيُقَالُ:إِنَّ اسْمَه أَحْمَد، مِنْ قَرْيَة زُولاَه
بِنوَاحِي مَرْوَ، شَيْخٌ صَالِحٌ، صيِّنٌ دَيِّنٌ،
رَحل إِلَيْهِ النَّاسُ، وَصَارَت زُولاَه مقصداً
لطلبَة الحَدِيْث، وَكَانَ آخِرَ مَنْ حَدَّثَ عَنْ
جَدِّهِ لأُمِّهِ أَبِي غَانم الكُرَاعِي صَاحِب عَبْد
اللهِ بن الحُسَيْنِ النَّضْرِي، فَسَمِعَ مِنْهُ
نَحْواً مِنْ عِشْرِيْنَ جُزْءاً.
قَالَ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ:سَمِعْتُ مِنْهُ
بقِرَاءة أَبِي طَاهِر السِّنْجِيّ اثْنَيْ عَشَرَ
جُزْءاً، ثُمَّ أَحضره شيخنَا الخَطِيْبُ أَبُو
الفَتْحِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
المَرْوَزِيّ فِي الخَانقَاه، وَقُرِئت عَلَيْهِ
الأَجزَاء المَسْمُوْعَةُ لَهُ، فَسمِعتهَا...، إِلَى
أَنْ قَالَ:
وُلِدَ فِي العِشْرِيْنَ مِنْ شَوَّالٍ، سَنَةَ
اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
قَالَ:وَمَاتَ فِي أَوَاخر سَنَةَ أَرْبَعٍ
وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، أَوْ فِي أَوَائِل
سَنَةِ خَمْسٍ بقَرْيَته (1) .
قُلْتُ:وَمِمَّنْ رَوَى عَنْهُ بِالشَّامِ:أَبُو
عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ المَرْوَزِيّ البَاقِي إِلَى
سَنَةِ ثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَدَاوُدُ بنُ
مُحَمَّدٍ الخَالِدي.
وَمَاتَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ:أَبُو الموَاهِب أَحْمَدُ
بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُلُوْك الوَرَّاق (2) ، وَشَاعِرُ
وَقته أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عُثْمَانَ
بنِ مُحَمَّدٍ الغزِي بِبلخَ عَنْ ثَلاَثٍ
وَثَمَانِيْنَ سَنَةً، وَإِسْمَاعِيْل بن الأَخشيذ
السَّرَّاج، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ البَارع (3) ،
وَعَبْدُ اللهِ بن مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ
الغَزَال بِمَكَّةَ.
__________
(1) التحبير: 2 / 197.
(2) سترد ترجمته برقم (335).
(3) تقدمت ترجمته برقم (316).
(19/557)
وَقِيْلَ مَاتَ فِيْهَا:سهل المَسْجِدِي.
وَفِيْهَا مَاتَتْ:فَاطِمَة الجُوْزْدَانِيَّة،
وَقرَاتكين بن الأَسْعَد التركِي، وَالحَافِظُ أَبُو
عَامِرٍ مُحَمَّد بن سعدُوْنَ العَبْدرِي (1) ،
وَابْنُ تُوْمرت كَبِيْر الموحِّدين، وَالآمِرُ
بِأَحكَام الله مَنْصُوْر، وَهِبَة اللهِ بن
الأَكْفَانِي، وَهِبَة اللهِ بن القَاسِمِ المهرَانِي.
324 - ابْنُ كَادش أَبُو العِزّ أَحْمَدُ بنُ عُبَيْدِ
اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ *
الشَّيْخُ الكَبِيْرُ، أَبُو العِز أَحْمَدُ بنُ
عُبَيْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ حَمْدَانَ بن عُمَرَ بنِ
إِبْرَاهِيْمَ بنِ عِيْسَى ابْنِ صَاحِب النَّبِيّ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عُتبَةَ بنِ
فَرْقَدٍ السُّلَمِيّ، العُكْبَرِيّ،
المَعْرُوف:بِابْنِ كَادش، أَخُو المُحَدِّث أَبِي
يَاسِر مُحَمَّد.
وُلِدَ:فِي صَفَرٍ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَطَلَبَ الحَدِيْثَ، وَقرَأَ
عَلَى المَشَايِخ، وَنسخ بخطِّه الرديءِ الْمعقد
جُمْلَةً، وَجَمَعَ وَخَرَّجَ.
سَمِعَ:أَبَا الطَّيِّب الطَّبَرِيّ، وَأَقضَى
القُضَاة أَبَا الحَسَنِ المَاوردي، وَأَبَا مُحَمَّدٍ
الجَوْهَرِيّ، وَأَبَا عَلِيٍّ مُحَمَّد بن الحُسَيْنِ
الجَازِرِي، وَأَبَا طَالب العُشَارِي، وَأَبَا
الحُسَيْنِ بن النَّرْسِيّ، وَعِدَّة.
سَمِعَ مِنْهُ:ابْنُ نَاصر، وَالسِّلَفِيّ، وَأَبُو
العَلاَءِ الهَمَذَانِيّ، وَأَبُو القَاسِمِ ابنُ
عَسَاكِرَ، وَمَعْمَر بن الفَاخر، وَأَبُو مُوْسَى
المَدِيْنِيّ، وَهِبَة اللهِ
__________
(1) سترد ترجمته برقم (332).
(*) مشيخة ابن عساكر: 8 / 2، المنتظم: 10 / 28، الكامل
في التاريخ: 10 / 683، تاريخ الإسلام: 4: 270 / 1 - 2،
العبر: 4 / 68، ميزان الاعتدال: 1 / 118، البداية
والنهاية: 12 / 204، لسان الميزان: 1 / 218، النجوم
الزاهرة: 5 / 250، شذرات الذهب: 4 / 78.
(19/558)
بن السِّبْط، وَعَبْدُ اللهِ بن عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بنِ أَيُّوْبَ الحَرْبِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّار:كَانَ ضَعِيْفاً فِي
الرِّوَايَة، مُخلطاً، كَذَّاباً، لاَ يُحْتَجُّ بِهِ،
وَللأَئِمَّة فِيْهِ مَقَالٌ.
قَالَ السَّمْعَانِيّ:كَانَ ابْنُ نَاصر يُسيءُ
القَوْل فِيْهِ (1) .
وَقَالَ عَبْدُ الوَهَّابِ الأَنْمَاطِيُّ:كَانَ
مُخلطاً.
وَقَالَ ابْنُ نَاصر:لَمْ يَسْمَعْ كُلّ
كِتَاب(الجَلِيْس)مِنْ أَبِي عَلِيٍّ الجَازِرِي.
قَالَ السَّمْعَانِيّ:فَذَكَرتُ هَذَا لأَبِي القَاسِم
الدِّمَشْقِيّ، فَأَنْكَرَهُ غَايَةَ الإِنْكَار،
وَقَالَ:كَانَ صَحِيْحَ السَّمَاعِ، وَرَأَيْتُ
سَمَاعه لِهَذَا الكِتَاب فِي الأَصْل مثبتاً،
وَأَثْنَى عَلَى أَبِي الْعِزّ.
ثُمَّ قَالَ السَّمْعَانِيّ:سَمِعْتُ ابْنَ نَاصر
يَقُوْلُ:سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ سُلَيْمَانَ
يَقُوْلُ:سَمِعْتُ أَبَا الْعِزّ بن كَادش يَقُوْلُ:
وضعتُ حَدِيْثاً عَلَى رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَقرَّ عِنْدِي
بِذَلِكَ.
قَالَ عُمَرُ بنُ عَلِيٍّ القُرَشِيّ:سَمِعْتُ أَبَا
القَاسِمِ عَلِيَّ بنَ الحَسَنِ الحَافِظ
يَقُوْلُ:قَالَ لِي ابْنُ كَادش:
وَضَع فُلاَنٌ حَدِيْثاً فِي حقِّ عَلِيٍّ، وَوضعتُ
أَنَا فِي حقِّ أَبِي بَكْرٍ حَدِيْثاً، بِاللهِ
أَلَيْسَ فَعَلتُ جَيِّداً؟
قُلْتُ:هَذَا يَدُلُّ عَلَى جَهله، يَفتخِرُ
بِالكَذِبِ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - .
قَالَ ابْنُ النَّجَّار:رَأَيْتُ لَهُ كِتَاباً
سَمَّاهُ(الانتصَارَ لرُتم القِحَاب)فِيْهِ أَشعَار،
فَيَقُوْلُ:أَنشدتَنِي المُغَنِّيَةُ فُلاَنَةٌ،
وَأَنشدتَنِي سُتوت المُغَنِّيَة
__________
(1) وكذا نقل ابن الجوزي في " المنتظم ": 10 / 28 عن
ابن ناصر.
(19/559)
بِأَوَانَا (1) ، وَقَدْ قرَأَه عَلَيْهِ
ابْنُ الخَشَّاب.
قَالَ مرَّة:وُلِدْتُ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ
وَثَلاَثِيْنَ، وَسُئِلَ مرَّة، فَقَالَ:سَنَة إِحْدَى
وَثَلاَثِيْنَ.
وَقَالَ يُوْسُف الدِّمَشْقِيّ:سَأَلته، فَقَالَ:سَنَة
خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ.
وَقَالَ الصَّائِنُ بن عَسَاكِرَ:سَأَلته، فَقَالَ:فِي
المُحَرَّمِ، سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ.
مَاتَ:فِي جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ سِتٍّ
وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَفِيْهَا مَاتَ:الملكُ الأَكملُ أَحْمَد ابْن
أَمِيْرِ الجُيُوْش بِمِصْرَ، وَتَاجُ المُلُوْك
بُورِي بن الأَتَابك طُغْتِكِين صَاحِبُ دِمَشْق (2) ،
وَالمُحَدِّثُ الحُسَيْنُ بن مُحَمَّدِ بنِ خُسرو
بِبَغْدَادَ (3) ، وَفقيهُ المَغْرِب أَبُو مُحَمَّدٍ
عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي جَعْفَرٍ المُرسِي المَالِكِيّ
(4) ، وَعبدُ الكَرِيْم بن حَمْزَةَ السُّلَمِيّ (5) ،
وَشيخُ الحنَابلَة أَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ ابنُ
القَاضِي أَبِي يَعْلَى (6) ، وَأَبُو عَلِيٍّ
مَنْصُوْرُ بنُ الخَيْر المَالِقِي.
__________
(1) أوانا: بليدة كثيرة البساتين والشجر نزهة من نواحي
دجيل بغداد، قال ياقوت: وكثيرا ما يذكرها الشعراء
الخلعاء في أشعارهم.
(2) سترد ترجمته برقم (328).
(3) سترد ترجمته برقم (342).
(4) سترد ترجمته برقم (351).
(5) سترد ترجمته برقم (349).
(6) سترد ترجمته برقم (353).
(19/560)
325 - المُسْترشد بِاللهِ الفَضْلُ بنُ
المُسْتظهرِ بِاللهِ *
أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ، أَبُو مَنْصُوْرٍ الفَضْلُ
(1) ابنُ المُسْتظهر بِاللهِ أَحْمَدَ ابنِ
الْمُقْتَدِي بِأَمرِ الله عَبْد اللهِ بن مُحَمَّدِ
ابنِ القَائِم عَبْد اللهِ بن القَادِر القُرَشِيّ،
الهَاشِمِيّ، العَبَّاسِيّ، البَغْدَادِيّ.
مَوْلِدُهُ:فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ فِي أَيَّامِ جدِّه الْمُقْتَدِي،
وَخُطِبَ لَهُ بِوِلاَيَةِ العَهْدِ وَهُوَ يَرْضَعُ،
وَضُرِبَتِ السِّكَّةُ باسمِهِ.
وَسَمِعَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ مِنْ:أَبِي
الحَسَنِ بنِ العَلاَّف، وَسَمِعَ مِنْ:أَبِي
القَاسِمِ بنِ بيَان، وَمِنْ مُؤَدِّبه أَبِي
البَرَكَات بن السِّيبِي.
رَوَى عَنْهُ:وَزِيْرُه عَلِيُّ بنُ طِرَاد،
وَحَمْزَةُ بنُ عَلِيٍّ الرَّازِيّ، وَإِسْمَاعِيْلُ
بن المُلَقَّب.
وَلَهُ خطٌّ بَدِيع، وَنثر صَنِيع، وَنظم جَيِّد، مَعَ
دينٍ وَرَأْيٍ، وَشَهَامَةٍ وَشجَاعَة، وَكَانَ خليقاً
لِلإِمَامَةِ، قَلِيْلَ النَّظَير.
__________
(*) تاريخ دولة آل سلجوق: 178، المنتظم: 10 / 45 - 50
و53، 54، خريدة القصر: 1 / 29، الكامل في التاريخ: 11
/ 27 - 28، النبراس: 145، مفرج الكروب: 1 / 50 - 60،
الفخري: 302 - 303، تاريخ الإسلام: 4: 283 / 1 - 2،
دول الإسلام: 2 / 50، العبر: 4 / 75 - 77، تتمة
المختصر: 2 / 62، فوات الوفيات: 3 / 179 - 182، مرآة
الزمان: 8 / 95 - 96، طبقات السبكي: 7 / 257، البداية
والنهاية: 12 / 207، الاعلام لابن قاضي شهبة (خ) حوادث
السنة 529، النجوم الزاهرة: 5 / 256، تاريخ الخلفاء:
431 - 435، تاريخ الخميس: 2 / 361، شذرات الذهب: 4 /
86 - 88، معجم الأنساب والاسرات الحاكمة: 4.
(1) وهو الذي صنف له أبو بكر الشاشي كتاب " العمدة "
فيما ذكره ابن الصلاح في " طبقاته " والمؤلف في الصفحة
567 وباسمه اشتهر الكتاب، فإنه كان يلقب عمدة الدنيا
والدين، وعدة الإسلام والمسلمين.
(19/561)
قَالَ ابْنُ النَّجَّار:ذكر قُثَم بن طَلْحَةَ
الزَّيْنَبِيّ - وَمِنْ خطِّه نَقُلْتُ - :أَنَّ
المُسْترشد كَانَ يَتنسَّكُ فِي أَوَّل زَمَنه،
وَيَلْبَسُ الصُّوف، وَيَتعبَّدُ، وَختم القُرْآن،
وَتَفَقَّهَ، لَمْ يَكُنْ فِي الخُلَفَاء مَنْ كَتَب
أَحْسَنَ مِنْهُ، وَكَانَ يَسْتَدْرِكُ عَلَى
كُتَّابه، وَيُصلِحُ أَغَاليطَ فِي كُتبهِم، وَكَانَ
ابْنُ الأَنْبَارِيّ يَقُوْلُ:أَنَا وَرَّاق الإِنشَاء
وَمَالِكُ الأَمْر يَتولَّى ذَلِكَ بِنَفْسِهِ
الشَّرِيْفَة.
قَالَ ابْنُ النَّجَّار:كَانَ ذَا شَهَامَةٍ
وَهَيْبَة، وَشجَاعَةٍ وَإِقدَامٍ، وَلَمْ تَزَلْ
أَيَّامُه مُكَدَّرَةً بِتَشْوِيشِ المخَالفِيْن،
وَكَانَ يَخْرُجُ بِنَفْسِهِ لدفع ذَلِكَ وَمبَاشرته
إِلَى أَنْ خَرَجَ، فَكُسِرَ، وَأُسِرَ، ثُمَّ
اسْتُشْهِدَ عَلَى يَدِ الملاَحدَة، وَكَانَ قَدْ
سَمِعَ الحَدِيْثَ.
قَالَ:وَلَهُ نَظْمٌ، وَنثرٌ مليح، وَنُبْلُ رَأْي.
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ عبد المُنْعِم، أَنْبَأَنَا
الكِنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ
السَّمَرْقَنْدي، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ طِرَاد،
أَخْبَرَنَا المُسْترشِدُ بِاللهِ، أَخْبَرْنَا ابْنُ
بيَان الرَّزَّاز، أَخْبَرْنَا ابْنُ مَخْلَد،
أَخْبَرَنَا الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ
عَرَفَةَ...، فَذَكَرَ حَدِيْثاً.
قَالَ ابْنُ النَّجَّار:أَنشدنَا هِبَةُ اللهِ بنُ
الحَسَنِ بنِ السِبْط حِفْظاً لِلمُسْترشد بِاللهِ:
قَالُوا:تُقِيْمُ وَقَدْ أَحَا ... طَ بِكَ العَدُوُّ
وَلاَ تَفِرُّ
فَأَجَبْتُهُمْ:المَرْءُ مَا لَمْ ... يَتَّعِظْ
بِالوَعْظِ غِرُّ
لاَ نِلْتُ خَيراً مَا حَيِيْتُ ... وَلاَ عَدَانِي
الدَّهْرَ شَرُّ
إِنْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنْ غَيْـ ... ـرَ اللهِ
يَنْفَعُ أَوْ يَضِرُّ (1)
__________
(1) الأبيات قالها لما كسر وأشير عليه بالهزيمة وهي في
" فوات الوفيات ": 3 / 180، " طبقات السبكي ": 7 /
259، " تاريخ الخلفاء ": 433، " خريدة القصر ": 1 /
31.
(19/562)
وَلَهُ:
أَنَا الأَشْقَرُ المَوْعُوْدُ بِي فِي المَلاَحِمِ
... وَمَنْ يَمْلِكُ الدُّنْيَا بِغَيْرِ مُزَاحِمِ
سَتَبْلُغُ أَرْضَ الرُّوْمِ خَيْلِي وَتُنْتَضَى ...
بِأَقْصَى بِلاَدِ الصِّيْنِ بِيْضُ صَوَارِمِي (1)
وَقِيْلَ:إِنَّهُ قَالَ لَمَّا أُسِرَ مُسْتشهداً:
وَلاَ عَجَباً لِلأُسْدِ إِنْ ظَفِرَتْ بِهَا ...
كِلاَبُ الأَعَادِي مِنْ فَصِيْحٍ وَأَعْجَمِ
فَحَرْبَةُ وَحْشِيٍّ سَقَتْ حَمْزَةَ الرَّدَى ...
وَمَوْتُ عَلِيٍّ مِنْ حُسَامِ ابْنِ مُلْجَمِ (2)
قَالَ سَعْدُ الله بنُ نَجَا بن الوَادِي:حَكَى لِي
صَدِيْقِي مَنْصُوْرُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ قَالَ:
لَمَّا عَادَ الحَيْصَ بَيْصَ (3) إِلَى بَغْدَادَ،
وَكَانَ قَدْ هجَا الخَلِيْفَةَ المُسْترشِد طَالباً
لِذِمَامِهِ، فَقَالَ فِيْهِ:
ثَنَيْتُ رِكَابِي عَنْ دُبَيْس بنِ مَزْيَدٍ ...
مَنَاسِمُهَا مِمَّا تُغِذُّ دَوَامِي
فِرَاراً مِنَ اللُّؤْمِ المُظَاهِرِ بِالخَنَا ...
وَسُوْءِ ارْتِحَالٍ بَعْدَ سُوْءِ مُقَامِ (4)
لِيُخْصِبَ رَبْعِي بَعْدَ طُوْلِ مَحِيْلِهِ ...
بِأَبْيَضَ وَضَّاحِ الجَبِيْنِ إِمَامِ
فَإِنْ يَشْتَمِلْ طُوْلُ العَمِيْمِ بِرَأْفَةٍ ...
بِلَفْظِ أَمَانٍ أَوْ بِعَقْدِ ذِمَامِ
__________
(1) " فوات الوفيات ": 3 / 181، " طبقات السبكي ": 7 /
259، " تاريخ الخلفاء ": 433، " خريدة القصر ": 1 /
31.
(2) " فوات الوفيات ": 3 / 180، طبقات السبكي: 7 /
259، وتاريخ الخلفاء: 434.
(3) هو الأمير شهاب الدين أبو الفوارس سعد بن محمد بن
سعد بن الصيفي التميمي البغدادي المتوفى سنة 574 ه،
وإنما قيل له: حيص بيص، لأنه رأى الناس يوما في حركة
مزعجة، وأمر شديد، فقال: ما للناس في حيص بيص فبقي
عليه هذا اللقب، ومعنى هاتين الكلمتين الشدة
والاختلاط، تقول العرب: وقع الناس في حيص بيص، أي: في
ضيق وشدة، وهما اسمان جعلا واحدا، وبنيا على الفتح مثل
جاري بيت بيت.
(4) تحرف في الديوان: اللؤم إلى اللوم، والخنا إلى
الحيا.
(19/563)
فَإِنَّ القَوَافِي بِالثَّنَاء فَصِيْحَةٌ
... تُنَاضِلُ عَنْ أَنسَابِكُم وَتُحَامِي (1)
قَالَ:فَخَرَجَ لفظ الخَلِيْفَة:سُرْعَةُ العفوِ عَنْ
كَبِيْر الجُرم اسْتحقَارٌ بِالمعفو عَنْهُ.
وَبِخَطِّ قَاضِي المَارستَان قَالَ:حُكِيَ أَنَّ
الوَزِيْر عَلِيّ بن طِرَاد أَشَارَ عَلَى المُسْترشد
أَنْ يَنْزِلَ فِي مَنْزِل اخْتَاره، وَقَالَ:هُوَ
أَصْوَنُ.
قَالَ:كُفَّ يَا عَلِيّ، وَاللهِ لأَضربنَّ بسيفِي
حَتَّى يَكِلَّ سَاعِدي، وَلأَلْقَيَنَّ الشَّمْسَ
بِوَجْهِي حَتَّى يَشْحُبَ لونِي:
وَإِذَا لَمْ يَكُنْ مِنَ المَوْتِ بُدٌّ ... فَمِنَ
العَجْزِ أَنْ تَكُوْنَ جَبَانَا (2)
ابْنُ النَّجَّار:أَخْبَرَنَا زَيْنُ الأُمنَاء، عَنْ
مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ الإِسكَافِي إِمَامِ
الوَزِيْرِ، قَالَ:
لَمَّا كُنَّا مَعَ المُسْترشد بِبَابِ هَمَذَان،
كَانَ مَعَنَا إِنْسَان يُعْرَفُ بفَارِس الإِسْلاَم،
وَكَانَ يَقْرُبُ مِنْ خدمَةِ الخَلِيْفَة، فَدَخَلَ
عَلَى الوَزِيْر ابْن طِرَاد، فَقَالَ:رَأَيْتُ
السَّاعَةَ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - فَقُلْتُ:يَا رَسُوْلَ اللهِ، مَا
تَقُوْلُ فِي هَذَا الجَيْش؟
قَالَ:مَكْسُور مَقْهُور، فَأُرِيْدُ أَنْ تُطَالِعَ
الخَلِيْفَة بِهَذَا.
فَقَالَ:يَا فَارِسَ الإِسْلاَم، أَنَا أَشرتُ عَلَى
الخَلِيْفَة أَنْ لاَ يَخْرُجَ مِنْ بَغْدَادَ،
فَقَالَ:يَا عليّ، أَنْتَ عَاجز رُدَّ إِلَى بَيْتك،
فَلاَ أُبلِّغُه هَذَا، لَكِن قل لابْنِ طَلْحَةَ
صَاحِبِ الْمخزن.
فَذَهَبَ إِلَى ابْنِ طَلْحَةَ، فَأَخْبَرَهُ،
فَقَالَ:لاَ أُنهِي إِلَيْهِ مَا يُتَطَيَّرُ بِهِ،
فَاكتب هَذَا إِلَيْهِ وَاعْرِضهَا، وَأَخلِ مَوْضِع
مَقْهُور، فَكَتَبتُهَا، وَجِئْت إِلَى السُّرَادِق،
فَوَجَدْتُ نَجَا فِي الدِّهليز، وَقَدْ
__________
(1) الابيات في ديوانه: 3 / 36 عدا البيت الثالث.
(2) البيت للمتنبي: ديوانه: 4 / 241، من قصيدة مطلعها:
صحب الناس قبلنا ذا الزمانا * وعناهم من أمره ما عنانا
(19/564)
صَلَّى الخَلِيْفَة الفَجْر، وَبَيْنَ
يَدَيْهِ مصحف، وَمقَابلهُ ابْنُ سُكَيْنَة إِمَامُه،
فَدَخَلَ نَجَا الخَادِم، فَسَلَّمَ الرُّقعَة
إِلَيْهِ، وَأَنَا أَنْظُرُهُ، فَقرَأَهَا غَيْرَ
مَرَّةٍ، وَقَالَ:مَنْ كَتَبَ هَذِهِ؟
فَقَالَ:فَارِسُ الإِسْلاَم.
قَالَ:أَحضره.
فَجَاءَ، فَقَبَضَ عَلَى يَدي، فَأُرْعِدْتُ، وَقبلتُ
الأَرْض، فَقَالَ:وَعليكُم السَّلاَم.
ثُمَّ قرَأَ الرقعَة، مَرَّات ثُمَّ قَالَ:مَنْ كَتَبَ
هَذِهِ؟
قُلْتُ:أَنَا.
قَالَ:وَيْلَك، لَمْ أَخلَيت مَوْضِعَ الكَلِمَة
الأُخْرَى؟
قُلْتُ:هُوَ مَا رَأَيْتَ يَا أَمِيْر المُؤْمِنِيْنَ!
قَالَ:وَيْلَك، هَذَا المَنَام أُرِيتُه أَنَا فِي
هَذِهِ السَّاعَة.
فَقُلْتُ:يَا مَوْلاَنَا، لاَ يَكُوْن أَصدق مِنْ
رُؤيَاك، تَرْجِعُ مِنْ حَيْثُ جِئْت.
قَالَ:وَيْلَك، وَيُكَذَّبُ رَسُوْل اللهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ؟!لاَ وَاللهِ مَا
بَقِيَ لَنَا رَجْعَة، وَيَقضِي الله مَا يَشَاء.
فَلَمَّا كَانَ اليَوْمُ الثَّانِي أَوِ الثَّالِث،
وَقَعَ المَصَافُّ، وَتَم مَا تَمّ، وَكُسِرَ وَأُسِرَ
وَقُتِلَ - رَحِمَهُ اللهُ - (1) .
قَالَ ابْنُ نَاصر:خَرَجَ المُسْترشد بِاللهِ سَنَة
تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ إِلَى هَمَذَان
لِلإِصْلاَح بَيْنَ السّلاَطين، وَاخْتِلاَف الجُنْد،
وَكَانَ مَعَهُ جمعٌ كَثِيْر مِنَ الأَترَاك، فَغَدَرَ
بِهِ أَكْثَرهُم، وَلَحِقُوا بِمَسْعُوْد بنِ
مُحَمَّدِ بنِ مَلِكْشَاه، ثُمَّ التَقَى الجمعَانِ،
فَانْهَزَم جَمعُ المُسْترشد بِاللهِ فِي رَمَضَانَ،
وَقُبِضَ عَلَيْهِ، وَعَلَى خوَاصِّه، وَحُمِلُوا
إِلَى قَلْعَةٍ هُنَاكَ، فَحُبِسُوا بِهَا، وَبَقِيَ
الخَلِيْفَةُ مَعَ السُّلْطَان مَسْعُوْد إِلَى نِصْف
ذِي القَعْدَةِ، وَحُمِلَ مَعَهُم إِلَى مرَاغَة،
ثُمَّ إِنَّ البَاطِنِيَّة أَلَّفُوا عَلَيْهِ
جَمَاعَةً مِنَ الملاَحدَة، وَكَانَ قَدْ أُنْزَل
نَاحِيَة مِنَ المعَسْكَر، فَدَخَلُوا عَلَيْهِ،
فَفَتكُوا بِهِ، وَبجَمَاعَةٍ كَانُوا عَلَى بَاب
خَرَكَاهِه (2) ، وَقُتِلُوا، وَنُقِلَ، فَدُفِنَ
بِمرَاغَة، وَكَانَ مصرعُه يَوْم
__________
(1) " طبقات السبكي ": 7 / 261 وما بين حاصرتين منه.
(2) الخركاه بالفارسية: الخيمة الكبيرة.
(19/565)
الخَمِيْس، سَادس عشر ذِي القَعْدَةِ (1) .
وَجَاءَ الخَبَرُ يَوْمَ التَّاسع مِنْ مَقْتَله إِلَى
بَغْدَادَ، فَكَثُرَ النَّوحُ وَالبُكَاءُ بِهَا،
وَعُمِلَ العَزَاءُ.
وَقَالَ صَدَقَةُ بنُ الحُسَيْنِ الحَدَّاد:كَانَ قَدْ
صَلَّى الظُّهْر، وَهُوَ يَقرَأ فِي المُصْحَف، وَهُوَ
صَائِمٌ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ مِنْ شَرْجِ الخَيْمَةِ
جَمَاعَةٌ بِالسَّكَاكين، فَقتلُوْهُ، وَوقعت
الصيحَةُ، فَقُتِلَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ
أَصْحَابِهِ، مِنْهُم:أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ
سُكَيْنَة، وَابْن الخَزرِي، وَخرجُوا مُنْهَزِمِين،
فَأُخِذُوا وَقُتِلُوا ثُمَّ أُحْرِقُوا، فَبقيت يَدُ
أَحَدِهِم خَارِجَة مِنَ النَّارِ مَضْمُوْمَةً لَمْ
تَحْترِقْ، فَفُتِحَتْ، وَإِذَا فِيْهَا شعرَاتٌ مِنْ
لِحْيَتِهِ - صَلَوَاتُ اللهُ عَلَيْهِ - فَأَخَذَهَا
السُّلْطَان مَسْعُوْد، وَجَعَلهَا فِي تَعويذ ذهب،
وَجَلَسَ لِلْعَزَاء، وَجَاءَ الخَادِمُ وَمَعَهُ
المُصْحَف، وَعَلَيْهِ الدَّمُ إِلَى السُّلْطَان،
وَخَرَجَ أَهْلُ مرَاغَة فِي المُسُوح وَعَلَى
وُجُوْهِهِم الرَّمَاد، وَكَانَتْ خِلاَفَتُهُ سَبْعَ
عَشْرَةَ سَنَةً وَسِتَّة أَشْهُرٍ (2) .
قَالَ قُثَمُ بنُ طَلْحَةَ:كَانَ أَشقرَ أَعْطرَ
أَشهلَ، خفِيفَ العَارِضَيْنِ، وَخلَّف مِنَ
الذُّكور:مَنْصُوْراً الرَّاشدَ بِاللهِ، وَأَحْمَدَ،
وَعَبْدَ اللهِ، وَإِسْحَاقَ - تُوُفِّيَ قَبْلَهُ -
وَبِنتَانِ، وَوَزَرَ لَهُ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ،
وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ صَدَقَة، وَعَلِيّ بن طِرَاد،
وَأَنو شروَان.
وَقضَاتُهُ:عَلِيُّ بنُ الدَّامغَانِي، وَعَلِيُّ بنُ
الحُسَيْنِ الزَّيْنَبِيّ.
__________
(1) طبقات السبكي: 7 / 256، 260.
(2) المنتظم: 10 / 54، و" فوات الوفيات ": 3 / 180،
وجاء في " طبقات السبكي ": 7 / 260: ثمان عشرة سنة،
وفي الأصل: ثمان عشرة، وقد كتب فوق ثمان: كذا، وأثبت
في الهامش بإزائها " سبع " وفي " البداية ": 12 / 208
سبع عشرة سنة وستة أشهر وعشرين يوما.
(19/566)
قُلْتُ:بُوْيِع عِنْدَ مَوْتِ أَبِيْهِ فِي
رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَخَمْسِ
مائَة، فَكَانَتْ دَوْلَتُهُ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً
وَسَبْعَة أَشهر، وَعَاشَ سِتّاً وَأَرْبَعِيْنَ
سَنَةً، فَقِيْلَ:إِنَّ الَّذِيْنَ فَتكُوا بِهِ
جَهَّزَهُم مَسْعُوْد، وَكَانُوا سَبْعَةَ عَشَرَ
نَفْساً، فَأُمْسِكُوا، وَقَتَلَهُم السُّلْطَان،
وَأَظهر الحزنَ وَالجزعَ.
وَقِيْلَ:بَعَثَ السُّلْطَان سَنجر بن مَلِكْشَاه
إِلَى ابْنِ أَخِيْهِ مَسْعُوْد يُوَبِّخُهُ عَلَى
انتهَاك حُرمَةِ المُسْترشد، وَيَأْمُرُهُ بِرَدِّهِ
إِلَى مقرِّ عزِّهِ، وَأَنْ يَمْشِي بَيْنَ يَدَيْهِ
بِالغَاشيَة، وَيَخضَعَ، فَفَعَل ذَلِكَ ظَاهِراً،
وَعَمِلَ عَلَى قتلِهِ، وَقِيْلَ:بَلِ الَّذِي جهَّزَ
البَاطِنِيَّة عَلَيْهِ السُّلْطَان سَنجر مِنْ
خُرَاسَان، وَفِيْهِ بُعْد.
وَقِيْلَ:إِنَّ الشَّاشِيّ عَمِلَ(العُمدَة)فِي
الفِقْه لِلمُسْترشد.
وَفِي سَنَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ:كَانَ المَصَافُّ بَيْنَ
المُسْترشد وَبَيْنَ دُبيس الأَسَدِيّ، وَجذب
يَوْمَئِذٍ المُسْترشد سَيْفَه، فَانْهَزَم دُبيس
وَتَمَزَّقَ جمعُه (1) ، ثُمَّ كَانَتْ بَيْنهُمَا
وَقْعَةٌ سَنَة(519)، فَذلَّ دُبيس، وَجَاءَ وَقبَّل
الأَرْض، فَلَمْ يُعْطَ أَمَاناً، فَفَرَّ إِلَى
السُّلْطَان سَنجر، وَاسْتجَار بِهِ، فَحَبَسَهُ
خِدمَةً لِلمُسْترشد، وَصَلَّى المُسْترشدُ بِالنَّاسِ
يَوْم الأَضحَى وَخطبهُم، وَنَزَلَ، فَنحر بدنَة
بِيَدِهِ (2) .
وَفِي سَنَةِ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ (3) :وَصل
السُّلْطَانُ مَحْمُوْد، وَحَاصَرَ بَغْدَاد،
وَاسْتظهر الخَلِيْفَة.
وَفِي سَنَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ (4) :سَارَ
المُسْترشد فِي اثْنَيْ عَشَرَ أَلف
__________
(1) الكامل في التاريخ: 10 / 607، 608، والمنتظم: 9 /
242، 243.
(2) الكامل في التاريخ: 10 / 626، 628، والمنتظم: 9 /
252، 253.
(3) في المنتظم: 9 / 255، والكامل: 10 / 635: سنة
عشرين.
(4) المنتظم: 10 / 30، والكامل: 11 / 5، 6.
(19/567)
فَارِس، فَحَاصَر المَوْصِلَ ثَمَانِيْنَ
يَوْماً، فَبذل لَهُ زنكِي مُتَوَلِّيهَا أَمْوَالاً
لِيَرحل، فَأَبَى، ثُمَّ إِنَّهُ ترحَّل، وَعظمت
هيبتُه فِي النُّفُوْس، وَخضع زنكِي، وَبَعَثَ الْحمل
إِلَى المُسْترشد، وَقَدِمَ رَسُوْلُ السُّلْطَان
سَنجر، فَأُكْرِمَ، وَنفَّذ المُسْترشد لِسَنجر
خِلْعَة السّلطنَة ثُمِّنَتْ بِمائَةِ أَلْفِ دِيْنَار
وَعِشْرِيْنَ أَلْف دِيْنَار، وَعرض المُسْترشد جيوشَه
فِي هيئَة لَمْ يُعهد مِثْلهَا مِنْ دَهْرٍ طَوِيْلٍ،
فَكَانُوا خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفاً.
وَفَارق مَسْعُوْدٌ بَغْدَاد عَلَى غضب، وَانضمَّ
إِلَيْهِ دُبيس، وَعزمُوا عَلَى أَخْذِ بَغْدَاد،
فَطَلبَ المُسْترشدُ زنكِي بن آقسُنْقُر، وَهُوَ
مُحَاصر دِمَشْق، وَطلبَ نَائِب البَصْرَة بَكبَه،
فَبَيَّت مَسْعُوْدٌ طلاَئِعَ المُسْترشد،
فَانْهَزَمُوا، وَلَكِن خَامَرَ أَرْبَعَة أُمَرَاء
إِلَى المُسْترشد، فَأَنْعَمَ عَلَيْهِم بِثَمَانِيْنَ
أَلف دِيْنَار، وَسَارَ فِي سَبْعَةِ آلاَف، وَكَانَتِ
المَلْحَمَةُ فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ تِسْع كَمَا
ذكرنَا، فَانْهَزَم جَيْشُ الخَلِيْفَة، وَأَسلمُوْهُ،
فَأَسره مَسْعُوْدٌ فِي نوعِ احترَام، وَحَاز
خِزَانَته، وَكَانَتْ أَرْبَعَة آلاَف أَلف دِيْنَار،
وَمجموعُ القَتْلَى خَمْسَة أَنْفُس، وَزوَّر
السُّلْطَانُ عَلَى لِسَانِ الخَلِيْفَة كتباً إِلَى
بَغْدَادَ بِمَا شَاءَ، وَقَامَت قِيَامَة البغَادِدَة
عَلَى خَلِيفتِهِم، وَكَانَ مَحْبُوباً إِلَى
الرَّعيَّة جِدّاً، وَبذلُوا السَّيْف فِي أَجنَاد
السُّلْطَان، فَقُتِلَ مِنَ العَامَّة مائَة
وَخَمْسُوْنَ نَفْساً، وَأَشرفت الرعيَة عَلَى
البَلاَء (1) ، وَلَمَّا قُتِلَ المُسْترشد، بُوْيِع
بِالخِلاَفَةِ وَلدُهُ الرَّاشد بِاللهِ بِبَغْدَادَ.
326 - الرَّاشد بِاللهِ مَنْصُوْر بن المُسْترشد
بِاللهِ *
أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ، أَبُو جَعْفَرٍ مَنْصُوْر
ابنُ المُسْترشد بِاللهِ الفَضْل بنِ أَحْمَدَ
العَبَّاسِيّ.
__________
(1) انظر الكامل: 11 / 24 - 28، والمنتظم: 10 / 41 -
47.
(*) المنتظم: 10 / 76 - 77، تاريخ دولة آل سلجوق: 178
- 181، الخريدة: =
(19/568)
وُلِدَ:سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْس مائَة فِي
رَمَضَانَ.
فَقِيْلَ:وُلِدَ بِلاَ مَخْرَجٍ، فَفُتِقَ لَهُ مَخرج
بآلَةٍ مِنْ ذَهَبٍ، وَأُمّه أُمُّ وَلد.
خُطِبَ لَهُ بِوِلاَيَةِ العَهْد سَنَةَ ثَلاَثَ
عَشْرَةَ وَخَمْس مائَة، وَاسْتُخْلِفَ فِي ذِي
القَعْدَةِ، سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ.
وَكَانَ أَبْيَضَ مَلِيحاً، تَامَّ الشّكل، شَدِيد
الأَيد.
يُقَالَ:إِنَّهُ كَانَ بِدَارِ الخِلاَفَة أَيِّلٌ
عَظِيْم اعترضَهُ فِي البُسْتَان، فَأَحجم الخَدَمُ،
فَهجم عَلَى الأَيِّل، وَأَمسك بِقَرنَيْهِ وَرَمَاهُ،
وَطلب مِنشَاراً، فَقطع قَرنَيْهِ (1) .
وَكَانَ حَسَنَ السِّيرَةِ، مُؤثراً لِلْعدل،
فَصِيْحاً، عذْبَ العِبَارَة، أَديباً، شَاعِراً،
جَوَاداً، لَمْ تَطُلْ أَيَّامُهُ حَتَّى خَرَجَ إِلَى
المَوْصِلِ، ثُمَّ إِلَى أَذْرَبِيْجَان، وَعَاد إِلَى
أَصْبَهَانَ، فَأَقَامَ عَلَى بَابِهَا مَعَ
السُّلْطَان دَاوُد، مُحَاصراً لَهَا، فَقتلته
الملاَحدَةُ هُنَاكَ، وَكَانَ بَعْدَ خُرُوْجه مِنْ
بَغْدَادَ مَجِيْءُ السُّلْطَان مَسْعُوْد بن
مُحَمَّدِ بنِ مَلِكْشَاه، فَاجتمع بِالأَعيَان،
وَخلعُوا الرَّاشِدَ، وَبَايعُوا عَمَّه المقتفِي.
قَالَ أَبُو طَالِبٍ بنُ عبد السمِيْع:مِنْ كَلاَم
الرَّاشد:إِنَّا نَكْرَهُ الفِتَنَ إِشفَاقاً عَلَى
الرَّعِيَّة، وَنُؤْثِرُ العَدْلَ وَالأَمْنَ فِي
البَرِيَّة، وَيَأْبَى المقدورُ إِلاَّ
__________
= 1 / 32، الكامل في التاريخ: 11 / 62 - 63، النبراس:
156، الفخري: 308، تاريخ الإسلام: 4: 150 / 2 - 151 /
1، دول الإسلام: 52، 53، العبر: 4 / 89 - 90، تتمة
المختصر: 2 / 63 - 64، 66 - 67، فوات الوفيات: 4 / 168
- 169، مرآة الزمان: 8 / 101 - 102، البداية والنهاية:
12 / 213 - 214، الاعلام: خ حوادث سنة 532، النجوم
الزاهرة: 263، تاريخ الخلفاء: 436 - 437، تاريخ
الخميس: 2 / 362، شذرات الذهب: 4 / 100 - 101، معجم
الأنساب والاسرات الحاكمة: 4.
(1) في " فوات الوفيات ": 4 / 169: ومسك بقرنيه،
فقلعهما بيده، فوقع ميتا.
(19/569)
تَصَعُّبُ الأُمُوْر، وَاختلاَطُ الجُمْهُوْر،
فَنَسْأَل الله العَوْنَ عَلَى لَمِّ شَعَثِ النَّاسِ
بِإِطفَاءِ نَائِرَةِ البَأْسِ.
قَالَ أَبُو الحَسَنِ البَيْهَقِيّ فِي(وِشَاح دُمِيَة
القَصْر):الرَّاشد بِاللهِ أَعْطَاهُ الله مَعَ
الخِلاَفَة صُوْرَةً يُوْسُفِيَّة، وَسيرَةً
عُمرِيَّةً.
أَنشدنِي رَسُوْلُه لَهُ:
زَمَانٌ قَدِ اسْتَنَّتْ فِصَالُ صُرُوْفِهِ ...
وَذَلَّلَ آسَادَ الكِرَامِ لِذِي القَرْعَى (1)
أَكُوْلَتُهُ تَشْكُو صُرُوْفَ زَمَانِهِ ... وَلَيْسَ
لَهَا مَأْوَى وَلَيْسَ لَهَا مَرْعَى
فَيَا قَلْبُ لاَ تَأْسَفْ عَلَيْهِ فَرُبَّمَا ...
تَرَى القَوْمَ فِي أَكْنَافِ أَفْنَائِهِ صَرْعَى
وَلَهُ قصيدَة طَوِيْلَة مِنْهَا:
أُقْسِمُ بِاللهِ وَهلْ خَلِيْفَه ... يَحْنَثُ أَنْ
أَقْسَمَ فِي اليَمِيْنِ
لاَ تَّزِرَنَّ فِي الحُرُوْبِ صَادِقاً ... لأَكْشِفَ
العَارَ الَّذِي يَعْلُوْنِي
مُشَمِّراً عَنْ سَاقِ عَزْمِي طَالباً ... ثأْرَ
الإِمَامِ الوَالِدِ الأَمِيْنِ
عُمْرِيَ عُمْرِي وَالَّذِي قُدِّرَ لِي ... مَا
يَنْمَحِي المَكْتُوْبُ عَنْ جَبِيْنِي
قَالَ ابْنُ نَاصر:بَقِيَ الأَمْر لِلرَاشِد سَنَة،
ثُمَّ دَخَلَ مَسْعُوْد، وَفِي صُحبته أَصْحَابُ
المُسْترشد الوَزِيْرُ عَلِيّ بن طِرَاد، وَصَاحِب
الْمخزن ابْنُ طَلْحَةَ، وَكَاتِبُ الإِنشَاء ابْنُ
الأَنْبَارِيّ، وَخَرَجَ الرَّاشِدُ مَعَ غلمَانِ
دَاره طَالباً
__________
(1) استنت: أخذت في سنن واحد من المرح والنشاط،
والفصال: جمع فصيل وهو ولد الناقة إذا فصل عن امه،
والقرعى من الفصال: التي أصابها القرع، وهو داء يخرج
في أعناقها وقوائمها.
والكلام خرج مخرج الاستعارة، وأصله من المثل: " استنت
الفصال حتى القرعى " يضرب للرجل يتمدح بالشيء وهو من
غير أهله أو لمن تعد طوره، وادعى ما ليس له، انظر "
فصل المقال في شرح كتاب الأمثال " للبكري ص 402، 403.
والابيات الثلاثة في " مرآة الزمان ": 8 / 102.
(19/570)
المَوْصِل صُحْبَة زنكِي، فَأُحْضِرَ
القُضَاةُ وَالشُّهُودُ وَالعُلَمَاء عِنْد الوَزِيْر
أَبِي القَاسِمِ عَلِيّ، وَكتبُوا محضراً فِيْهِ
شهَادَة الْعُدُول بِمَا جرَى مِنَ الرَّاشد مِنَ
الظُّلم، وَأَخْذِ الأَمْوَال، وَسَفْكِ الدِّمَاءِ،
وشُرب الخَمْر، وَاسْتفتِي الفُقَهَاء فِيْمَنْ فَعل
ذَلِكَ، هَلْ تَصِحُّ إِمَامتُهُ؟وَهل إِذَا ثَبَتَ
فِسقُه بِذَلِكَ يَجوز لسُلْطَان الوَقْت أَنْ يَخلعه
وَيستبدل بِهِ؟، فَأَفْتَوْا بجَوَازِ خلعه،
وَالاستبدَال بِهِ، فَوَقَعَ الاختيَارُ مَعَ الغدِ
بِحُضُوْر مَسْعُوْد وَأُمرَائِهِ فِي دَارِ
الخِلاَفَة عَلَى عَمِّهِ أَبِي عَبْدِ اللهِ
مُحَمَّدِ بنِ المُسْتظهر بِاللهِ، وَلَقَّبوهُ
بِالمُقتفِي، وَلَهُ أَرْبَعُوْنَ سَنَةً، وَقَدْ
وَخطه شيب، وَهُوَ أَسْمَرُ، وَأُمُّه أُمُّ وَلد
صَفْرَاء تُدْعَى سِتُّ السَّادَةِ (1) .
قَالَ:ثُمَّ بَلَغَنَا أَنَّ الرَّاشد خَرَجَ مِنَ
المَوْصِلِ إِلَى بِلاَدِ أَذْرَبِيْجَان إِلَى
مُرَاغَةَ، وَكَانَ مَعَهُ جَمَاعَةٌ، فَصَادرُوا
أَهْلَهَا، وَعَاثُوا، ثُمَّ ذهبُوا إِلَى هَمَذَان،
فَقتلُوا بِهَا، وَحلقُوا لِحَى جَمَاعَةٍ مِنَ
الفُقَهَاء، وَعَتَوْا، وَمَضَوْا إِلَى نوَاحِي
أَصْبَهَان، فَانْتهبُوا القُرَى، وَحَاصرُوا البلدَ
فِي جَمعٍ مِنْ أَجنَاد دَاوُد بن مَحْمُوْدِ بنِ
مُحَمَّدٍ، فَمَرِضَ الرَّاشدُ مرضاً أَشفَى مِنْهُ،
بَلَغَنَا أَنَّ جَمَاعَة مِنَ الْعَجم فَرَّاشين
كَانُوا فِي خدمته؛اتَّصَلُوا بِهِ هُنَاكَ؛دَخَلُوا
خَرَكَاهَهُ فِي السَّابِع وَالعِشْرِيْنَ مِنْ
رَمَضَانَ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ،
فَقَتلُوْهُ
__________
(1) الكامل لابن الأثير: 11 / 40، 42.
وما وصف به الراشد في هذا المحضر يغلب على الظن أنه
كذب ملفق، وباطل منمق، أكره على توثيقه القضاة والشهود
خوفا ممن بيده الحل والعقد والسلطان، وقد تقدم في أول
ترجمة الراشد أنه كان حسن السيرة، مؤثرا للعدل، وهكذا
يحمل البغي وحب التسلط صاحبه على الكذب والافتراء
واتهام من كان قبله بما هم منه براء، والتماس الوسيلة
غير المشروعة للحصول على غايته.
فليتق الله المؤرخون، وليمحصوا الآراء، وليطرحوا
الاخبار التي يتبين لهم بطلانها وافتراؤها بالدراسة
الجادة المبنية على أسس صحيحة وسديدة ليخرجوا بذلك من
المسؤولية أمام الله الذي لا تخفى عليه خافية.
(19/571)
بِالسَّكَاكين، وَقُتِلُوا بَعْدَهُ كُلُّهُم.
وَقِيْلَ:كَانَ قَدْ سُقِيَ سُمّاً، ثُمَّ دُفِنَ
بِالمَدِيْنَةِ العَتِيْقَة فِي حُجْرَة مِنْ بِنَاء
نِظَام الْملك، وَجَاءَ الخَبَرُ إِلَى عَمِّه
المقتفِي، فَعقدُوا لَهُ العزَاء يَوْماً وَاحِداً (1)
.
وَقَالَ عبدُ الجَلِيْل كوتَاه:دُفِنَ بِجنب الجَامِع
بِمدينَة أَصْبَهَان.
قَالَ ابْنُ النَّجَّار:زُرتُ قَبْره بِجيَّ (2) ،
وَهُوَ خشب مَنْقُوْش، وَعَلَيْهِ ستر أَسودُ، فِيْهِ
كِتَابَةٌ مِنْ إِبرِيسَم، وَلَهُ فَرَّاشُوْنَ
وَخَدَمٌ، وَعَقِبُه باقٍ إِلَى آخِرِ سَنَةِ سِتِّ
مائَةٍ.
قُلْتُ:لَمَّا اسْتُخْلِفَ الرَّاشدُ، بَعَثَ إِلَيْهِ
السُّلْطَانُ مَسْعُوْد يَتعنَّتُه، وَيطلُب مِنْهُ
ذهباً كَثِيْراً، ثُمَّ قَدِمَ الأَتَابِكُ (3) زنكِي
وَغَيْرُهُ، فَحسَّنُوا لَهُ القِتَالَ لِمَسْعُوْدٍ،
وَكَانَ شُجَاعاً، فَخَافُوهُ، ثُمَّ تَغَيَّر
عَلَيْهِ زنكِي، فَقَدِمَ الْملك دَاوُدُ بنُ
مَحْمُوْدٍ إِلَى الرَّاشد، وَقصدُوا السُّلْطَان
مسعُوْداً، فَسَارَ مَسْعُوْدٌ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى،
فَنَازل بَغْدَاد يُحَاصِرُهَا، وَنهب عَسْكَرُه
وَاسطاً وَالنُّعْمَانِيَة، وَتَملَّك بَغْدَاد.
__________
(1) يقول ابن الجوزي في " المنتظم ": 10 / 76: في سبب
موت الراشد ثلاثة أقوال، أحدها: أنه سقي السم ثلاث
مرات، والثاني أنه قتله قوم من الفراشين الذين كانوا
في خدمته، والثالث: أنه قتله الباطنية، وقتلوا بعده.
(2) قال ياقوت: جي، بالفتح ثم التشديد: اسم مدينة
ناحية أصبهان القديمة، وهي الآن كالخراب منفردة، وتسمى
الآن عند العجم شهرستان، وعند المحدثين المدينة، وقد
نسب إليها المديني عالم من أصبهان، وفي جي مشهد الراشد
بن المسترشد.
(3) الاتابك: هو الذي يتولى تربية أولاد الملوك
والسلاطين، ويقوم برعايتهم، فإن " أتا " بالتركية هو
الاب و" بك " هو الأمير، فأتا بك مركب من هذين
المعنيين.
ابن خلكان: 1 / 365.
(19/572)
وَقِيْلَ:إِنَّهُ أَخرج خطَّ الرَّاشد
يَقُوْلُ:إِنِّيْ مَتَى عَسْكَرتُ أَوْ خَرَجتُ،
انعزلتُ، وَبَالَغَ عَلِيّ بن طِرَاد الوَزِيْر فِي
ذَمِّ الرَّاشد، وَخوَّف القُضَاة مِنْ غَائِلته
وَمِنْ جَوْرِه، فَحكم القَاضِي ابْنُ الكَرْخِيّ
بِخلعه، وَعَاشَ ثَلاَثِيْنَ سَنَةً - رَحِمَهُ اللهُ
وَسَامحه - .
327 - حَمْزَةُ بنُ هِبَةِ اللهِ *
ابْنِ مُحَدِّثِ نَيْسَابُوْرَ مُحَمَّد بن الحُسَيْنِ
بنِ دَاوُدَ العَلَوِيّ، الحُسَيْنِيّ،
النَّيْسَابُوْرِيّ، شَيْخٌ حُسْنُ السِّيْرَةِ،
تَفَرَّد بِأَشيَاءَ (1) .
سَمِعَ:ابْنَ مَسْرُوْرٍ، وَعبدَ الغَافِر
الفَارِسِيّ، وَعبدَ الرَّحْمَن بن مُحَمَّدٍ
الأَنْمَاطِيّ صَاحِب الإِسْمَاعِيْلِي، وَمُحَمَّدَ
بنَ الفَضْلِ النَّسوِي، وَسَمِعَ بِبَغْدَادَ،
وَكَانَ زَيدياً.
قَالَ السَّمْعَانِيّ:حَدَّثَنَا عَنْهُ جَمَاعَةٌ،
عَاشَ سِتّاً وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
تُوُفِّيَ:فِي المُحَرَّمِ، سَنَةَ ثَلاَثٍ
وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
328 - تَاجُ المُلُوْكِ بُورِي ابنُ الأَتَابَك
طُغْتِكِين **
صَاحِبُ دِمَشْقَ، تَاجُ المُلُوْك، بُورِي ابْن
صَاحِب دِمَشْق الأَتَابك
__________
(*) السياق: الورقة: 13 ب - 14 أ، التحبير: 1 / 255 -
256، المنتظم: 10 / 13، الكامل في التاريخ: 10 / 660،
المنتخب: الورقة: 60 أ - 60 ب، تاريخ الإسلام: 4: 252
/ 1 - 2.
(1) قال السمعاني في " التحبير ": 1 / 255: كان حسن
السيرة، جميل الامر، رضي الاخلاق، جامعا بين شرف
النسب، والتقوى، وحدث بالكثير، وحمل عنه، ورحلوا إليه،
وتفرد في وقته بالرواية عن جماعة.
وقال في " السياق ": وكان عنده سماع " الصحيحين "،
وغريب الخطابي، وآداب الدغولي، وكثير من التصانيف ومن
التفاريق ما لا يدخل في الحصر.
(* *) الكامل في التاريخ: 10 / 311 و312 و544 و652
و656 و657 و668 و=
(19/573)
طُغْتِكِين، مَوْلَى السُّلْطَان تُتُشَ
السَّلجوقِي.
تَمَلَّك بَعْدَ أَبِيْهِ فِي صَفَرٍ، سَنَةَ
اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ، وَكَانَ ذَا حِلْمٍ
وَكَرَمٍ، لَهُ أَثرٌ كَبِيْر فِي قتل وَزِيْرِهِ
وَالإِسْمَاعِيْليَّة (1) .
مَوْلِدُهُ:فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَلابْنِ الخَيَّاط فِيْهِ مدَائِح فِي(دِيْوَانه)،
وَقَدْ وَزر لَهُ أَيْضاً أَبُو الذوَّاد ابْن
الصُّوْفِيّ، ثُمَّ كَرِيْمُ الْملك ابْن عَمِّ
المزدقَانِي.
وَلَمَّا علم ابْنُ صَبَّاح صَاحِبُ الأَلمَوت بِمَا
جرَى عَلَى أَشيَاعه الإِسْمَاعِيْليَّة بِدِمَشْقَ،
تَنمَّر، وَنَدَبَ طَائِفَة لِقتل تَاج المُلُوْك،
فَعيَّن اثْنَيْنِ بشربوشين فِي زِيِّ الجُنْد، ثُمَّ
قدمَا، فَاجتمعَا بِنَاسٍ مِنْهُم أَجنَادٌ،
وَتَحَيَّلا عَلَى أَنَّ صَارَا مِنَ السَّلحدَانَة،
وَضمنوهُمَا، ثُمَّ وَثبا عَلَيْهِ، فَقتلاَهُ.
قَالَ أَبُو يَعْلَى ابْنِ القلاَنسِي (2) :وَثبُوا
عَلَيْهِ فِي خَامِس جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ
خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ، فَضَرَبَه الوَاحِدُ بِالسَّيْف
قَصَدَ رَأْسَهُ، فَجرحه فِي رقبته جرحاً سليماً،
وَضَرَبَه الآخرُ بِسكين فِي خَاصِرته، فَمرَّت بَيْنَ
الجلدِ وَاللَّحْم.
قُلْتُ:كَانَ تَعلَّل مِنْ ذَلِكَ، وَلَكِنَّهُ
تُوُفِّيَ فِي رَجَب، سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ، وَحلفُوا بَعْدَهُ لوَلَده شَمْس
المُلُوْك إِسْمَاعِيْل.
__________
= 670 و679 - 680، تاريخ الإسلام: 4: 270 / 2، العبر:
4 / 69، تتمة المختصر: 2 / 60، الوافي بالوفيات: 10 /
322، مرآة الزمان: 8 / 87، البداية والنهاية: 12 /
204، النجوم الزاهرة: 5 / 249، شذرات الذهب: 4 / 78،
منتخبات التواريخ: 447، تهذيب تاريخ ابن عساكر: 3 /
299، معجم الأنساب والاسرات الحاكمة: 46، 340.
(1) انظر التفصيل في " الكامل " في التاريخ: 10 / 656،
657.
(2) ص 365.
(19/574)
قَالَ ابْنُ الأَثِيْرِ:وَصَّى بِالأَمْرِ
لإِسْمَاعِيْلَ، وَوصَّى بِبَعْلَبَكَّ لاِبْنِهِ
مُحَمَّدٍ.
وَقِيْلَ:كَانَ عَجَباً فِي الجِهَادِ، لاَ يَفْتُرُ
مِنْ غَزوِ الفِرَنْج، وَلَوْ كَانَ لَهُ عَسْكَرٌ
كَثِيْر لاستَأْصلَ الفِرَنْج (1) .
329 - شَمْسُ المُلُوْك إِسْمَاعِيْلُ بنُ بُورِي بنِ
طُغْتِكِين التُّركِيُّ
صَاحِبُ دِمَشْق، شَمْسُ المُلُوْكِ، إِسْمَاعِيْلُ
بنُ بُورِي ابْن الأَتَابَك طُغْتِكِين التُّركِي.
تَملَّك بَعْدَ أَبِيْهِ فِي رَجَب، سَنَةَ سِتٍّ
وَعِشْرِيْنَ، وَكَانَ بَطَلاً شُجَاعاً، شَهْماً
مِقْدَاماً كآبَائِهِ، لَكنَّه جَبَّارٌ عَسُوْف.
استنقذَ بَانِيَاس مِنَ الفِرَنْج فِي يَوْمَيْن،
وَكَانَتِ الإِسْمَاعِيْليَّةُ بَاعوهَا لَهُم مِنْ
سَبْع سِنِيْنَ، وَسَعَّرَ بلادَهم، وَأَوطَأَهُم
ذُلاًّ، ثُمَّ سَارَ، فَحَاصَر أَخَاهُ بِبَعْلَبَكَّ،
وَنَازل حَمَاة، وَهِيَ لِلأَتَابك زنكِي، وَأَخَذَهَا
لَمَّا سَمِعَ بِأَنَّ المُسْترشد يُحَاصِرُ
المَوْصِل، وَصَادَرَ الأَغنِيَاءَ وَالدَّوَاوِيْن،
وَظَلَمَ وَعتَا، ثُمَّ بدَا لَهُ، فَكَاتَبَ
الأَتَابَك زنكِي لِيسلم إِلَيْهِ دِمَشْق، فَخَافته
أُمُّه زُمُرُّد وَالأُمَرَاء، فَهيَّأَت أُمُّهُ مَنْ
قَتَلَهُ، لأَنَّه تَهدَّدهَا لَمَّا نَصَحته بِالقتل،
وَكَانَتِ الفِرَنْجُ تخَافُه لمَا هزمهُم،
وَبَيَّتهُم، وَشنَّ الغَارَة عَلَى بلادِهِم،
وَعثَّرهُم،
__________
(1) وقال ابن الأثير في " الكامل ": 10 / 680: وكان
بوري كثير الجهاد، شجاعا مقداما، سد مسد أبيه، وفاق
عليه، وكان ممدحا أكثر الشعراء مدائحه لا سيما ابن
الخياط.
(*) الكامل في التاريخ: 11 / 20 - 21، تاريخ دمشق لابن
القلانسي 387 - 390، تاريخ الإسلام: 4: 280 / 2 - 281
/ 1، العبر: 4 / 77 - 78، تتمة المختصر: 2 / 62، مرآة
الزمان: 8 / 93، البداية والنهاية: 12 / 204، النجوم
الزاهرة: 5 / 255 - 256، شذرات الذهب: 4 / 90، منتخبات
التواريخ: 447، تهذيب تاريخ دمشق: 3 / 18.
(19/575)
وَكَانَ قَدْ تسودَن وَتَخيَّل مِنْ
أُمَرَائِهِ، وَأَخَذَ يُحَوِّل أَمْوَاله إِلَى
قَلْعَة صَرْخَدَ (1) .
قَالَ ابْنُ القلاَنسِي:بَالغ فِي الظُّلْمِ، وَصَادر
وَعذَّب، وَلَمَّا علم بِأَنَّ زنكِي عَلَى قصدِ
دِمَشْق، بَعَثَ يَسْتَحِثُّه ليُعْطِيَه إِيَّاهَا
لِهذيَانٍ تَخَيَّلَهُ، وَيَقُوْلُ:إِنْ لَمْ تجِئ،
سلَّمتُهَا إِلَى الفِرَنْج، كتب هَذَا بِيَدِهِ،
فَأَشفق النَّاسُ (2) ، فَحَمَلَ صفوَةَ المُلْكِ
دِينُهَا عَلَى حسمِ الدَّاءِ، فَأَهْلكته، وَكَثُرَ
الدُّعَاءُ لَهَا.
قُتِلَ:فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ تِسْعٍ
وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَلَهُ ثَلاَثٌ
وَعِشْرُوْنَ سَنَةً، وَتَملَّكَ بَعْدَهُ أَخُوْهُ
مَحْمُوْد، ثُمَّ تَزَوَّجت أُمّه بصَاحِب حلب زنكِي
(3) .
330 - ابْنُ الأَكْفَانِي أَبُو مُحَمَّدٍ هِبَةُ
اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، المُفَنَّنُ، المُحَدِّثُ،
الأَمِيْنُ، مفِيدُ الشَّام، أَبُو مُحَمَّدٍ هِبَةُ
اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ هِبَة اللهِ بن
عَلِيِّ بنِ فَارِسٍ الأَنْصَارِيّ،
__________
(1) صرخد: بلد تابع لمنطقة حوران من أعمال دمشق.
(2) في تاريخ الإسلام: فظهر أمره للناس، فأشفقوا من
الهلاك خاصتهم وعامتهم، وأنهوا الامر إلى زمرد الملقبة
بصفوة الملك، فحملها دينها وعقلها على النظر بما يحسم
الداء، فلم تجد بدا من هلاكه.
(3) والد نور الدين، وأخذها إلى حلب، وقام بتدبيرها
ابنها محمود الأمير معين الدين أنر إلى أن قتله جماعة
من مماليكه في سنة 533 ه، وقام بالامر بعده أخوه محمد
بن بوري صاحب بعلبك.
(*) تاريخ ابن عساكر: تاريخ الإسلام: 4: 264 / 1 - 2،
العبر: 4 / 63، وذكره المؤلف في تذكرة الحفاظ: 4 /
1275، مرآة الزمان: 8 / 81، الاعلام لابن قاضي شهبة
حوادث سنة: 524، النجوم الزاهرة: 5 / 235، كشف الظنون:
2019، شذرات الذهب: 4 / 73.
(19/576)
الدِّمَشْقِيّ، المُعَدَّل، المَعْرُوف
بِابْنِ الأَكْفَانِي.
وُلِدَ:سَنَةَ(444).
وَسَمِعَ وَهُوَ ابْنُ تِسْعِ سِنِيْنَ، وَبعد ذَلِكَ
مِنْ وَالِده، وَأَبِي القَاسِمِ الحِنَّائِي، وَأَبِي
الحُسَيْنِ مُحَمَّد بنِ مَكِّيٍّ، وَعبد الدَّائِم بن
الحَسَنِ الهِلاَلِي، وَأَبِي بَكْرٍ الخَطِيْب،
وَعَبْدِ العَزِيْزِ الكَتَّانِي، وَلاَزمه مُدَّةً،
وَأَبِي نَصْرٍ بن طَلاب، وَأَبِي الحَسَنِ ابْن أَبِي
الْحَدِيد، وَطَاهِرِ بن أَحْمَدَ القَاينِي، وَعَبْد
الجَبَّارِ بن بُرزَة الوَاعِظ، وَأَبِي القَاسِمِ بنِ
أَبِي العَلاَءِ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ، وَكَانَ أَبُوْهُ
قَدْ سَمِعَ مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الطُّبيز.
حَدَّثَ عَنْهُ:غَيْثٌ الأَرْمَنَازِي، وَأَبُو بَكْرٍ
ابْن العربِي، وَأَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، وَابْنُ
عَسَاكِرَ، وَأَخُوْهُ الصَّائِن، وَعَبْدُ
الرَّزَّاقِ النَّجَّار، وَإِسْمَاعِيْل بن عَلِيٍّ
الجَنْزَوِي (1) ، وَأَبُو طَاهِرٍ الخُشُوْعِيُّ،
وَآخَرُوْنَ.
قَالَ ابْنُ عَسَاكِر:سَمِعْتُ مِنْهُ الكَثِيْر،
وَكَانَ ثِقَةً، ثَبْتاً، متيقظاً، معْنِيّاً
بِالحَدِيْثِ وَجَمْعِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ كَانَ
عَسِراً فِي التَّحْدِيْث، وَتَفَقَّهَ عَلَى القَاضِي
المَرْوَزِيّ مُدَّةً، وَكَانَ يَنظُر فِي الوُقُوْف،
وَيُزَكِّي الشُّهُود.
وَقَالَ السِّلَفِيّ:هُوَ حَافظٌ مُكْثِرٌ ثِقَةٌ،
كَانَ تَارِيخَ الشَّام، كتب الكَثِيْرَ.
__________
(1) الجنزوي: بفتح الجيم، وسكون النون، وفتح الزاي،
وكسر الواو، بعده الياء: نسبة إلى جنزة اسم أعظم مدينة
بأران، وهي بين شروان وأذربيجان وتسميها العامة: كنجة.
منها أبو الفضل إسماعيل بن علي بن إبراهيم الجنزوي
المعدل الدمشقي قدم بغداد في صباه، وسمع بها من أبي
البركات هبة الله بن محمد بن علي البخاري، وأبي نصر
أحمد بن محمد بن عبد القاهر الطوسي وغيرهما، توفي سنة
588 ه.
انظر " الأنساب ": 3 / 323، والاكمال: 3 / 50، و"
المشتبه ": 1 / 183، و" توضيحه ": 1 / الورقة: 243،
وتبصير المنتبه: 2 / 554 - 555، و" معجم البلدان ": 2
/ 171 - 172.
(19/577)
وَقَالَ ابْنُ عَسَاكِر:مَاتَ الأَمِيْنُ فِي
سَادس المُحَرَّم، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ - رَحِمَهُ اللهُ - .
331 - ابْنُ يَرْبُوْع أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ
بنُ أَحْمَدَ بنِ سَعِيْدٍ *
الأُسْتَاذُ، الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، الحُجَّةُ،
أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ
سَعِيْدِ بنِ سُلَيْمَانَ بنِ يَرْبُوْعٍ
الشَّنْترِينِي، ثُمَّ الإِشْبِيلِيُّ، نَزِيْلُ
قُرْطُبَة.
سَمِعَ مِنْ:مُحَمَّد بن أَحْمَدَ بنِ
مَنْظُوْر(صَحِيْح البُخَارِيِّ)، وَمِنْ أَبِي
مُحَمَّدٍ بنِ خَزْرَج، وَحَاتِمِ بنِ مُحَمَّدٍ،
وَأَبِي مَرْوَانَ بنِ سِرَاجٍ، وَأَبِي عَلِيٍّ
الغَسَّانِيّ، وَعِدَّة.
وَأَجَازَ لَهُ:أَبُو العَبَّاسِ بنُ دِلْهَاث (1) .
رَوَى عَنْهُ:أَبُو القَاسِمِ بنُ بَشْكُوَال،
وَقَالَ:كَانَ حَافِظاً لِلْحَدِيْثِ وَعِلله،
عَارِفاً برِجَالِهِ، وَبَالجرحِ وَالتَّعديل، ضَابطاً
ثِقَةً، كتبَ الكَثِيْر، وَصَحِبَ أَبَا عَلِيٍّ
الغَسَّانِيّ، وَاختصَّ بِهِ، وَكَانَ أَبُو عَلِيٍّ
يُفَضِّلُهُ، وَيَصِفُهُ بِالمَعْرِفَة وَالذَّكَاء.
إِلَى أَنْ قَالَ:صَنَّفَ كِتَاب(الإِقليد فِي بيَان
الأَسَانِيْد)، وَكِتَاب
__________
(*) الصلة: 1 / 293 - 294، معجم ابن الابار: 215 -
216، تاريخ الإسلام: 4: 250 / 2، العبر: 4 / 51، تذكرة
الحفاظ: 4 / 1271 - 1272، طبقات الحفاظ: 461، شذرات
الذهب: 4 / 66، إيضاح المكنون: 1 / 113، 2 / 402، هدية
العارفين: 1 / 454.
(1) الدلهاث في الأصل: الاسد، وأبو العباس هذا: هو
أحمد بن عمر بن أنس بن دلهاث، العذري الأندلسي الدلائي
المتوفى سنة ثمان وسبعين وأربع مئة، وقد تقدمت ترجمته
في الجزء الثامن عشر برقم (296).
(19/578)
(تَاج الحليَة وَسرَاج البُغيَة فِي مَعْرِفَة
أَسَانِيْد المُوَطَّأ)، وَكِتَاب(البيَان عَمَّا فِي
كِتَاب أَبِي نَصْرٍ الكَلاَبَاذِي (1) مِنَ
النُّقصَان)، وَكِتَاب(المنهَاج فِي رِجَال مُسْلِم)،
سَمِعْتُ مِنْهُ مَجَالِسَ.
وَتُوُفِّيَ:فِي صَفَرٍ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ
وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، عَنْ ثَمَان
وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
وَفِيْهَا مَاتَ:وَزِيْرُ العِرَاقِ جلاَلُ الدِّين
أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بن عَلِيِّ بنِ صَدَقَة
وَزِيْر المُسْترشد (2) ، وَصَاحِب دِمَشْق الأَتَابك
طُغْتِكِين ظهيرُ الدِّين وَالِدُ تَاجِ المُلُوْك
بُورِي (3) ، وَالمُسْنِدُ أَبُو مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ
بنُ عَلِيٍّ الكُرَاعِي بِمَرْوَ (4) ،
وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ سَهْلٍ النَّيْسَابُوْرِيّ
المَسْجِدِي.
332 - العَبْدَرِي أَبُو عَامِرٍ مُحَمَّدُ بنُ
سعدُوْنَ بن مُرَجَّى *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الحَافِظُ، النَّاقِدُ،
الأَوحدُ، أَبُو عَامِرٍ مُحَمَّد بن سعدُوْنَ بن
مُرَجَّى بن سَعدُوْنَ القُرَشِيّ، العَبْدَرِي،
المَيُوْرقِي، المَغْرِبِيّ، الظَّاهِرِي، نَزِيْلُ
بَغْدَادَ.
مَوْلِدُهُ:بِقُرْطُبَة، وَكَانَ مِنْ بُحُوْرِ
العِلْمِ، لَوْلاَ تَجسِيمٌ فِيْهِ (5) ، نَسْأَلُ
اللهَ السَّلاَمَةَ.
__________
(1) هو أبو نصر أحمد بن محمد بن الحسين الكلاباذي
البخاري المترجم في السابع عشر برقم (58)، وكتابه ترجم
فيه لرجال البخاري.
(2) تقدمت ترجمته برقم (319).
(3) تقدمت ترجمته برقم (302).
(4) تقدمت ترجمته برقم (323).
(*) مشيخة ابن عساكر: 1 / 188، تاريخ ابن عساكر،
الصلة: 2 / 564، المنتظم: 10 / 19، معجم البلدان: 5 /
246، تاريخ الإسلام: 4: 258 / 1 - 2، العبر: 4 / 57،
تذكرة الحفاظ: 4 / 1272 - 1275، الوافي بالوفيات: 3 /
93 - 94، البداية والنهاية: 12 / 201 - 202، طبقات
الحفاظ: 461، نفح الطيب: 2 / 138 - 139، شذرات الذهب:
4 / 70.
(5) وصفه بذلك الحافظ ابن عساكر، وسيذكره المصنف
قريبا.
(19/579)
سَمِعَ مِنْ:مَالِك البَانِيَاسِيّ، وَرزق
الله التَّمِيْمِيّ، وَيَحْيَى السِّيبِي، وَطِرَاد
الزَّيْنَبِيّ، وَنَصْر بن البَطِرِ، وَالحُمَيْدِيّ،
وَابْن خَيْرُوْنَ، وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو المُعَمَّر، وَابْنُ عَسَاكِرَ،
وَيَحْيَى بن بوش، وَأَبُو الفَتْحِ المَنْدَائِيُّ،
وَجَمَاعَةٌ.
قَالَ القَاضِي أَبُو بَكْرٍ بنُ العربِي
فِي(مُعْجَمه):أَبُو عَامِرٍ العبدرِي هُوَ أَنبلُ
مَنْ لَقِيْتُهُ.
وَقَالَ ابْنُ نَاصر:كَانَ فَهماً عَالِماً، متعففاً
مَعَ فَقره، وَيَذْهَب إِلَى أَنَّ المُنَاوَلَة
كَالسَّمَاع (1) .
وَقَالَ السِّلَفِيّ:هُوَ مِنْ أَعيَان عُلَمَاءِ
الإِسْلاَم بِمدينَة السَّلاَم، متصرِّف فِي فُنُوْن
مِنَ العِلْمِ أَدباً وَنحواً، وَمَعْرِفَةً
بِالأَنسَابِ، وَكَانَ دَاوُودِيَّ المَذْهَبِ،
قُرَشِيَّ النَّسَبِ، كتب عَنِّي، وَكَتَبتُ عَنْهُ.
وَقَالَ ابْنُ نُقْطَةَ:حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ أَبِي
بَكْرٍ البندنِيجِي أَنَّ الحَافِظَ ابْنَ نَاصرٍ
لَمَّا دَفَنُوا العَبْدَرِيَّ، قَالَ:
__________
(1) المناولة المقرونة بالاجازة كالسماع عند جماعة
حكاه الحاكم عن الزهري، وربيعة، ويحيى الأنصاري،
ومجاهد، وأبي الزبير، وابن عيينة في جماعة من المكيين،
وعن علقمة، وإبراهيم، وقتادة، وأبي العالية، وابن وهب،
وابن القاسم، وأشهب، وغيرهم، وروى الخطيب بإسناده إلى
عبد الله العمري أنه قال: دفع إلي ابن شهاب صحيفة،
وقال لي: انسخ ما فيها، وحدث به عني، قلت: أو يجوز ذلك
؟ قال: نعم، ألم تر إلى الرجل يشهد على الوصية ولا
يفتحها، فيجوز ذلك، ويؤخذ به.
وقال أبو عمرو بن الصلاح: والصحيح أنها منحطة عن
السماع والقراءة، وهو قول الثوري والاوزاعي، وابن
المبارك، وأبي حنيفة والشافعي، والبويطي، والمزني
صاحبيه، وأحمد وإسحاق، ويحيى بن يحيى.
انظر " الكفاية ": ص: 330 - 333، ومقدمة ابن الصلاح:
ص: 191، 194، و" جامع الأصول ": 1 / 84 - 86، وشرح
البخاري للعيني: 2 / 26، و" توضيح الافكار ": 2 / 334.
(19/580)
خلاَ لَكِ الجَوُّ فَبِيضِي وَاصفِرِي ... (1)
مَاتَ أَبُو عَامِرٍ حَافظُ حَدِيْثِ رَسُوْل اللهِ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَنْ شَاءَ،
فَلْيَقُلْ مَا شَاءَ.
وَقَالَ الحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ:كَانَ
العَبْدَرِيُّ أَحْفَظَ شَيْخٍ لَقِيْتُهُ، وَكَانَ
فَقِيْهاً دَاوودياً، ذكر أَنَّهُ دَخَلَ دِمَشْق فِي
حَيَاة أَبِي القَاسِمِ بنِ أَبِي العَلاَءِ،
وَسَمِعتُهُ وَقَدْ ذُكِرَ مَالِك، فَقَالَ:جِلْفٌ
جَاف، ضَرَبَ هِشَامَ بنَ عَمَّارٍ بِالدُّرَّة،
وَقَرَأْتُ عَلَيْهِ(الأَمْوَال)لأَبِي عُبَيْدٍ،
فَقَالَ - وَقَدْ مرَّ قَوْلٌ لأَبِي عُبَيْدٍ - :مَا
كَانَ إِلاَّ حِمَاراً مُغَفَّلاً (2) ، لاَ يَعرِفُ
الفِقْه.
وَقِيْلَ لِي عَنْهُ:إِنَّهُ قَالَ فِي إِبْرَاهِيْمَ
النَّخَعِيّ:أَعْوَرُ سوء، فَاجتَمَعْنَا يَوْماً
عِنْد ابْن السَّمَرْقَنْدي فِي قِرَاءة
كِتَاب(الكَامِل)، فَجَاءَ فِيْهِ:وَقَالَ
السَّعْدِيُّ كَذَا، فَقَالَ:يَكْذِبُ ابْنُ عَدِيٍّ،
إِنَّمَا ذَا قَوْلُ إِبْرَاهِيْم الجَوْزَجَانِيّ،
فَقُلْتُ لَهُ:فَهُوَ السَّعْدِيّ، فَإِلَى كَمْ
نحتمِلُ مِنْكَ سوءَ الأَدَب، تَقُوْلُ فِي
إِبْرَاهِيْمَ كَذَا وَكَذَا، وَتَقُوْلُ فِي مَالِكٍ
جَاف، وَتَقُوْلُ فِي أَبِي عُبَيْدٍ؟!
فَغَضِبَ وَأَخَذته الرِّعدَة، وَقَالَ:كَانَ ابْنُ
الخَاضبَة وَالبَرَدَانِي وَغَيْرهُمَا يَخَافُونِي،
فآلَ الأَمْرُ إِلَى أَنْ تَقُوْلُ فِيَّ هَذَا؟!
فَقَالَ لَهُ ابْنُ السَّمَرْقَنْدي:هَذَا بِذَاكَ.
فَقُلْتُ:إِنَّمَا نَحْتَرِمُكَ مَا احترمتَ
الأَئِمَّة.
فَقَالَ:وَاللهِ لَقَدْ علمتُ مِنْ علم الحَدِيْث مَا
لَمْ
__________
(1) الرجز في " فصل المقال شرح الأمثال " ص: 364 لكليب
بن ربيعة، وهو كليب وائل، كان له حمى لا يقرب، فباضت
فيه قبرة فأجارها، وقال يخاطبها: يا لك من قبرة بمعمر
* خلا لك الجو فبيضي واصفري ونقري ما شئت أن تنقري
وإنما يصفر الطائر ويتغنى في الخصب.
ويقال: إنها لطرفة، انظر " مجمع الاثمال ": 239،
اللسان: قبر، والخزانة: 1 / 417.
(2) في الأصل: حمار مغفل.
(19/581)
يَعلمه غَيْرِي مِمَّنْ تَقدَّم، وَإِنِّيْ
لأَعْلَمُ مِنْ(صَحِيْح البُخَارِيِّ)وَ(مُسْلِم)مَا
لَمْ يَعلمَاهُ.
فَقُلْتُ مُسْتهزئاً:فَعلمُك إِلهَامٌ إِذاً،
وَهَاجرتُهُ، وَكَانَ سَيِّئَ الاعتقَادِ، يَعتقِدُ
مِنْ أَحَادِيْث الصِّفَات ظَاهِرهَا، بَلَغَنِي (1)
عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ فِي سُوْقِ بَاب الأَزَجِ {يَوْم
يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ }[القَلَمُ:42]فَضَرَبَ عَلَى
سَاقِهِ، وَقَالَ:سَاقٌ كَسَاقِي هَذِهِ (2) .
وَبَلَغَنِي عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ:أَهْلُ البِدَعِ
يَحْتَجُّوْنَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى :{لَيْسَ
كَمِثْلِهِ شَيْءٌ }[الشُّوْرَى:11]، أَي فِي
الإِلَهيَّةِ، فَأَمَّا فِي الصُّوْرَة، فَهُوَ
مِثْلِي وَمِثْلُكَ (3) .
قَدْ قَالَ اللهُ تَعَالَى :{يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ
لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ
اتَّقَيْتُنَّ }[الأَحزَاب:32]، أَي:فِي الحرمَة.
وَسَأَلتُه يَوْماً عَنْ أَحَادِيْثِ الصِّفَاتِ،
فَقَالَ:اخْتلف النَّاسُ فِيْهَا، فَمنهُم مَنْ
تَأَوَّلَهَا، وَمِنْهُم مَنْ أَمْسَكَ، وَمِنْهُم
مِنِ اعتَقَدَ ظَاهِرَهَا، وَمَذْهَبِي أَحَدُ (4)
هَذِهِ المَذَاهِب الثَّلاَثَةِ، وَكَانَ يُفْتِي
عَلَى مَذْهَبِ دَاوُدَ، فَبَلَغَنِي أَنَّهُ سُئِلَ
عَنْ وُجُوبِ الْغسْل عَلَى مَنْ جَامَعَ وَلَمْ
يُنْزِلْ، فَقَالَ:لاَ غُسلَ عَلَيْهِ (5) ، الآنَ
فَعَلتُ ذَا بِأُمِّ أَبِي بَكْرٍ.
__________
(1) علق العلامة المعلمي اليماني في " تذكرة الحفاظ ":
4 / 1274 على قوله " بلغني "، فقال: " بلغني " أخت "
زعموا " فإذا رأيت العالم يمتطيها للغض من مخالفيه،
فاعلم أنها مطية مهزولة ألجأته إليها الضرورة، وقد حدث
ابن عساكر عن شيخ العبدري، وشهد له أنه أحفظ شيخ لقيه
كما مر.
(2) قال المؤلف في " تذكرة الحفاظ ": هذه حكاية
منقطعة، وهذا قول الضلال المجسمة، وما اعتقد أن بلغ
بالعبدري هذا.
(3) قال المؤلف في " تذكرة الحفاظ ": تعالى الله عن
ذلك وتقدس، وهذا لا يتفوه به مؤمن، فإن الله تعالى لا
مثل له أبدا.
(4) في حاشية الأصل ما نصه: في نسخة: آخر.
(5) كان هذا الحكم في ابتداء الإسلام، ثم نسخ، والدليل
على ذلك ما أخرجه أبو =
(19/582)
إِلَى أَنْ قَالَ:وَكَانَ بَشِعَ الصُّوْرَةِ
زرِيَّ اللّباس.
وَقَالَ السَّمْعَانِيّ:هُوَ حَافظ مبرز فِي صنعَةِ
الحَدِيْث، سَمِعَ الكَثِيْر، وَنسخ بخطِّه وَإِلَى
آخر عُمُرِهِ، وَكَانَ يَنسخ وَقت السَّمَاع.
وَقَالَ ابْنُ نَاصر:فِيْهِ تسَاهُلٌ فِي السَّمَاع،
يَتحدَّث وَلاَ يُصْغِي، وَيَقُوْلُ:يكفِيْنِي
حُضُوْرُ المَجْلِسِ، وَمَذْهَبُهُ فِي القُرْآنِ
مَذْهَبُ سُوءٍ.
مَاتَ:فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ أَرْبَعٍ
وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
قُلْتُ:مَا ثَبَتَ عَنْهُ مَا قِيْلَ مِنَ التَّشبيه،
وَإِن صَحَّ، فَبُعْداً لَهُ وَسُحْقاً.
333 - الرَّازِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ
أَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ *
الشَّيْخُ، العَالِمُ، المُعَمَّرُ، الثِّقَةُ،
مُسْنِدُ الإِسْكَنْدَرِيَّة وَمِصْر، أَبُو عَبْدِ
اللهِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بن
أَحْمَدَ الرَّازِيّ، ثُمَّ المِصْرِيّ، الشُّروطِي،
المُعَدَّل، المَعْرُوف بِابْنِ الحطَاب الَّذِي
يَقُوْلُ فِيْهِ أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ فِيمَا
نَقلتُهُ مِنْ خطِّه:لَمْ يَكُ فِي وَقته فِي
الدُّنْيَا مَنْ يُدَانِيه فِي عُلُوِّ الإِسْنَادِ.
__________
= داود (215)، والدارمي: 1 / 194 من طريق أبي حازم، عن
سهل بن سعد، قال: حدثني أبي بن كعب، أن الفتيا التي
كانوا يفتون أن الماء من الماء كانت رخصة رخصها رسول
الله صلى الله عليه وسلم في بدء الإسلام، ثم أمر
بالاغتسال بعد، وإسناده صحيح، وصححه ابن خزيمة (225)،
وابن حبان (228) و(229)، والدارقطني: 1 / 126،
والبيهقي: 1 / 165، وانظر التفصيل في " شرح السنة "
للبغوي بتحقيقنا: 2 / 3 - 7.
(*) تاريخ الإسلام: 4: 267 / 2 - 268 / 1، دول
الإسلام: 2 / 47، العبر: 4 / 65، النجوم الزاهرة: 5 /
247، حسن المحاضرة: 1 / 375، شذرات الذهب: 4 / 75.
(19/583)
قُلْتُ:مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ
وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَاعْتَنَى بِهِ وَالِدُهُ المُحَدِّثُ أَبُو
العَبَّاسِ، فَسَمَّعَهُ الكَثِيْرَ فِي سَنَةِ
أَرْبَعِيْنَ، وَبعْدَهَا سَمِعَ:أَبَا الحَسَنِ بنَ
حِمِّصَة رَاوِي مَجْلِس البِطَاقَة، وَعَلِيّ بن
رَبِيْعَةَ، وَعَلِيّ بن مُحَمَّدٍ الفَارِسِيّ،
وَمُحَمَّد بن الحُسَيْنِ الطفَال، وَأَحْمَد بن
مُحَمَّدِ بنِ الفَتْح الحكيمِي، وَأَبَا الفَضْل
السَّعْدِيّ، وَتَاجُ الأَئِمَّة أَحْمَدَ بن عَلِيِّ
بنِ هَاشِم، وَمُحَمَّد بن الحُسَيْنِ بنِ سعدُوْنَ،
وَمُحَمَّد بن الحُسَيْنِ بنِ التَّرْجُمَان، وَعدد
شُيُوْخه سَبْعَة وَأَرْبَعُوْنَ، خَرَّج لَهُ عَنْهُم
أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، وَخَرَّج لَهُ أَيْضاً
السُّدَاسيَات وَرَوَى عَنْهُ هُوَ، وَيَحْيَى بن
سعدُوْنَ القُرْطُبِيّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ
العُثْمَانِيّ، وَعبد الوَاحِد بن عَسْكَر، وَمُحَمَّد
بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحَضْرَمِيُّ، وَأَبُو طَالِبٍ
أَحْمَد بن المُسَلَّمِ، وَإِسْمَاعِيْلُ بن عَوْفٍ
الفَقِيْه، وَإِسْمَاعِيْلُ بن يَاسينَ، وَعبدُ
الرَّحْمَن بن مُوْقَا، وَآخَرُوْنَ.
مَاتَ:فِي سَادس جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ خَمْسٍ
وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَلَهُ إِحْدَى
وَتِسْعُوْنَ سَنَةً.
وَفِيْهَا مَاتَ:أَبُو السعُوْد أَحْمَد بن عَلِيِّ
بنِ المُجْلِي - بِجِيمٍ سَاكنَةٍ - وَالخَطِيْب أَبُو
نَصْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْد القَاهِرِ
الطُّوْسِيّ بِالمَوْصِلِ، وَمُدَرِّس النِّظَامِيَة
أَبُو عَلِيٍّ الحَسَن بن سَلْمَانَ بن الفَتَى (1) ،
وَالشَّيْخ القُدْوَة حَمَّادُ بن مُسْلِمٍ الدَّبَّاس
(2) ، وَطَبِيْبُ الأَنْدَلُس أَبُو العَلاَءِ زُهْرُ
بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ زُهر الإِشبيلِي (3) ،
وَأَبُو غَالِبٍ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ المَاوردي (4)
،
__________
(1) سترد ترجمته برقم (358).
(2) سترد ترجمته برقم (344).
(3) سترد ترجمته برقم (345).
(4) سترد ترجمته برقم (338).
(19/584)
وَالسُّلْطَان مَحْمُوْدُ بن مُحَمَّدِ بنِ
مَلِكْشَاه (1) ، وَأَبُو القَاسِمِ هِبَةُ اللهِ بنُ
الحُصَيْنِ، وَيَحْيَى بن الْمُشرف المِصْرِيّ
التَّمَّار.
334 - ابْنُ أَبِي ذَرٍّ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ
عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ *
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ، الصَّدُوْقُ، مُسْنِدُ وَقته،
أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ ابْنِ الشَّيْخِ
أَبِي ذَرٍّ مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيْمَ
الصَّالْحَانِي، الأَصْبَهَانِيّ.
وَالصَّالْحَان:مَحلَّة مَشْهُوْرَة.
وُلِدَ:سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ، وَكَانَ آخِرَ
مَنْ حَدَّثَ عَنْ أَبِي طَاهِر بن عَبْدِ
الرَّحِيْمِ.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو مُوْسَى المَدِيْنِيّ، وَخَلَفُ
بنُ أَحْمَدَ، وَتَمِيمُ بن أَبِي الفُتُوْح
المُقْرِئ، وَسَعِيْدُ بن رَوْحٍ الصَّالحَانِي،
وَعُبيدُ الله بن أَبِي نَصْرٍ اللَّفْتُوَانِي،
وَمُحَمَّد بن أَبِي عَاصِمٍ بنِ زَيْنَة، وَمُحَمَّد
بن أَبِي نَصْرٍ الحَدَّاد الضّرِير، وَزَاهِر بن
أَحْمَدَ الثَّقَفِيّ، وَالمُخْلص مُحَمَّد بن
الفَاخر، وَأَبُو مُسْلِمٍ بن الإِخْوَة، وَإِدْرِيْس
بن مُحَمَّدٍ العَطَّار، وَمَحْمُوْد بن أَحْمَدَ
المُضَرِيّ، وَعينُ الشَّمْس بِنْت أَحْمَد الثقفِيَة،
وَعِدَّة.
مَاتَ:فِي ثَانِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ
ثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، عَنِ اثْنَتَيْنِ
وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
__________
(1) تقدمت ترجمته برقم (305).
(*) الأنساب: 8 / 13، التحبير: 2 / 186 - 187، معجم
شيوخ السمعاني: الورقة: 229 / 1، وذكره ابن الأثير في
اللباب: 2 / 230، تاريخ الإسلام: 4: 289 / 1، دول
الإسلام: 2 / 52، العبر: 4 / 83، شذرات الذهب: 4 / 96.
(19/585)
335 - ابْنُ مُلُوْكٍ أَبُو المَوَاهِبِ
أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ *
الشَّيْخُ الصَّالِحُ، الثِّقَةُ، أَبُو الموَاهِب
أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ
مُلُوْك البَغْدَادِيّ، الوَرَّاق، شَيْخٌ خَيِّر،
صَحِيْحُ السَّمَاع.
سَمِعَ:القَاضِي أَبَا الطَّيِّب الطَّبَرِيّ، وَأَبَا
مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيّ.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو القَاسِمِ ابنُ عَسَاكِرَ (1) ،
وَعبدُ الخَالِق بن هِبَةِ اللهِ البُنْدَار، وَعُمَرُ
بنُ طَبَرْزَدَ، وَجَمَاعَة، عِنْدَهُ(جُزْء
الغِطْرِيْفِيّ (2)).
تُوُفِّيَ:فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ خَمْسٍ
وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَلَهُ خَمْسٌ
وَثَمَانُوْنَ سَنَةً.
وَقَالَ ابْنُ النَّجَّار:تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ.
336 - ابْنُ عَطِيَّةَ أَبُو بَكْرٍ غَالِبُ بنُ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ غَالِبٍ **
الإِمَامُ، الحَافِظُ، النَّاقِدُ، المُجَوِّدُ، أَبُو
بَكْرٍ غَالِبُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ غَالِب بن
تَمَّام بن عَطِيَّةَ المُحَارِبِيّ، الأَنْدَلُسِيّ،
الغَرْنَاطِي، المَالِكِيّ.
__________
(*) تاريخ الإسلام: 4: 265 / 1، العبر: 4 / 64، شذرات
الذهب: 4 / 73.
(1) في مشيخته لوحة: 17 / 1 رقم (100).
(2) هو الحافظ المتقن الامام أبو أحمد محمد بن أحمد بن
الحسين الغطريفي العبدي سنة 377 ه تقدمت ترجمته في
الجزء السادس عشر برقم (253)، انظر " تاريخ جرجان ":
430، و" الأنساب ": 9 / 159، 160، و" تذكرة الحفاظ ":
3 / 971 - 972، و" العبر ": 3 / 5، 6.
(* *) فهرسة ابن عطية: 41 - 56، الصلة: 2 / 457 - 458،
بغية الملتمس: 427، تاريخ الإسلام: 4: 235 / 1 - 2،
العبر: 4 / 43، تذكرة الحفاظ: 4 / 1269 - 1270، عيون
التواريخ: 13 / 447، الديباج المذهب: 2 / 58 - 59 عند
ذكر ولده و136، طبقات المفسرين للداوودي: 2 / 23 - 24،
شذرات الذهب: 4 / 59، شجرة النور الزكية: 1 / 129،
الغنية: 253 - 255.
(19/586)
رَوَى عَنْ:أَبِيْهِ، وَالحَسَن بن عُبيد الله
الحَضْرَمِيّ، وَمُحَمَّد بن حَارِث، وَمُحَمَّد بن
أَبِي غَالِبٍ القروِي، وَرَأَى ابْنَ عَبْد البَرِّ،
وَحَجَّ سَنَة تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ، فَسَمِعَ عِيْسَى
بنَ أَبِي ذَرٍّ، وَالحُسَيْنَ بن عَلِيٍّ
الطَّبَرِيّ، وَأَبَا الفَضْل الجَوْهَرِيّ،
وَمُحَمَّدَ بنَ مُعَاذٍ التَّمِيْمِيّ المهدوِي.
رَوَى عَنْهُ:وَلَدُهُ؛صَاحِب(التَّفْسِيْر)الكَبِيْر.
قَالَ ابْنُ بَشْكُوَال (1) :كَانَ حَافِظاً
لِلْحَدِيْثِ وَطُرُقِهِ وَعِلَلِهِ، عَارِفاً
بِالرِّجَال، ذَاكِراً لِمُتُونِهِ وَمَعَانِيهِ،
قَرَأْتُ بِخَطِّ بَعْضِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ
سَمِعَهُ يذكر أَنَّهُ كرَّرَ عَلَى (2) (صَحِيْحِ
البُخَارِيِّ)سَبْعَ مائَة مرَّة.
قَالَ:وَكَانَ أَديباً شَاعِراً لُغَويّاً، دَيِّناً
فَاضِلاً، أَكْثَرَ النَّاسُ عَنْهُ، وَكُفَّ بَصَرُه
فِي آخِرِ عُمُرِهِ، وَكَتَبَ إِلَيْنَا بِإِجَازَة
مَا رَوَاهُ.
مَوْلِدُهُ:فِي سَنَةِ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَتُوُفِّيَ:فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ ثَمَانٍ
عَشْرَةَ وَخَمْس مائَة، وَلَهُ سَبْعٌ وَسَبْعُوْنَ
سَنَةً - رَحِمَهُ اللهُ - .
ابْنُهُ:
337 - عَبْد الحَقّ بن أَبِي بَكْرٍ أَبُو مُحَمَّدٍ
بنُ غَالِب بن عَطِيَّةَ المُحَارِبِيُّ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، شَيْخُ المفسِّرِيْنَ، أَبُو
مُحَمَّدٍ عَبْدُ الحَقِّ ابْن الحَافِظِ أَبِي بَكْرٍ
غَالِب بن عَطِيَّةَ المُحَارِبِيّ، الغَرْنَاطِي.
__________
(1) في " الصلة ": 2 / 458.
(2) لفظ " على " لم يرد في " الصلة ".
(*) الصلة: 2 / 386 - 387، بغية الملتمس: 376، معجم
ابن الابار: 269 - 273، صلة الصلة لابن الزبير: 2،
المرقبة العليا: 109، الديباج المذهب: 2 / 57 - 59،
وفيات ابن قنفذ: 279 و63، بغية الوعاة: 2 / 73 - 74،
طبقات المفسرين للسيوطي: 16 - 17، طبقات المفسرين
للداوودي: 1 / 260 - 261، نفح الطيب: 1 / 679، كشف
الظنون: 439 و1613، هدية العارفين: 502، شجرة النور
الزكية: 1 / 129.
(19/587)
حَدَّثَ عَنْ:أَبِيْهِ، وَعَنِ الحَافِظ أَبِي
عَلِيٍّ الغَسَّانِيّ، وَمُحَمَّد بن الفَرَجِ مَوْلَى
ابْنِ الطَّلاَّع، وَأَبِي الحُسَيْنِ يَحْيَى بن
أَبِي زَيْدٍ المُقْرِئ ابْن البيَاز، وَعِدَّة.
وَكَانَ إِمَاماً فِي الفِقْه، وَفِي التَّفْسِيْر (1)
، وَفِي العَرَبِيَّة، قوِيَّ المشَاركَة، ذكيّاً
فَطِناً مدركاً، مِنْ أَوعيَة العِلْم.
مَوْلِدُهُ:سَنَةَ ثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ،
اعْتَنَى بِهِ وَالِده، وَلحق بِهِ الكِبَار، وَطَلَبَ
العِلْمَ وَهُوَ مُرَاهِق، وَكَانَ يَتوَقَّدُ ذكَاءً،
وَلِيَ قَضَاءَ المرِيَّة فِي سَنَةِ تِسْعٍ
وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَوْلاَدُهُ؛وَأَبُو القَاسِمِ بنُ
حُبَيْش الحَافِظ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ عُبيدِ الله،
وَأَبُو جَعْفَرٍ بنُ مَضَاء، وَعبدُ المُنْعِم بن
الْفرس، وَأَبُو جَعْفَرٍ بن حَكم، وَآخَرُوْنَ.
تُوُفِّيَ:بِحصن لُوْرقَة، فِي الخَامِسِ
وَالعِشْرِيْنَ مِنْ شهرِ رَمَضَانَ، سَنَة إِحْدَى
وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَقَالَ الحَافِظُ خَلَف بن بَشْكُوَال:تُوُفِّيَ
سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ.
وَقَالَ:كَانَ وَاسِعَ المَعْرِفَة، قَوِيَّ الأَدَبِ،
مُتَفَنِّناً فِي العُلُوْمِ، أَخَذَ النَّاسُ عَنْهُ
- رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - .
__________
(1) من مؤلفاته فيه " المحرر الوجيز في تفسير الكتاب
العزيز " أحسن فيه وأبدع، وطار لحسن نيته كل مطار.
وهو أصدق شاهد لمؤلفه بإمامته في اللغة العربية،
وغيرها من فنون العلم المختلفة، يقول فيه شيخ الإسلام
في فتاويه: 2 / 194: وهو خير من تفسير الزمخشري، وأصح
نقلا وبحثا، وأبعد من البدع وإن اشتمل على بعضها، بل
هو خير منه بكثير، بل لعله أرجح هذه التفاسير، وقد
نشرت منه وزارة الاوقاف والشؤون الإسلامية المغربية
تسعة أجزاء بتحقيق لجنة من المجلس العلمي بفاس، ونشر
أجزاء منه المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في مصر.
(19/588)
338 - أَبُو غَالِبٍ المَاورديُّ مُحَمَّدُ
بنُ الحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الصَّدُوْقُ،
أَبُو غَالِبٍ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ عَلِيِّ بن
الحَسَنِ التَّمِيْمِيُّ، البَصْرِيُّ، المَاوردي.
وُلِدَ:سَنَةَ خَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ:أَبَا الحُسَيْنِ بن النَّقُّوْرِ، وَعَبْدَ
العَزِيْزِ الأَنْمَاطِيّ، وَعَبْدَ اللهِ بن
الخَلاَّل، وَعِدَّةً بِبَغْدَادَ، وَأَبَا عَمْرٍو بن
مَنْدَه، وَمَحْمُوْدَ بن جَعْفَرٍ، وَعِدَّةً
بِأَصْبَهَانَ، وَمُحَمَّد بن المَنْثُوْر (1)
الجُهَنِيّ، وَأَبَا الفَرَجِ مُحَمَّد بن أَحْمَدَ
بنِ علاَّن بِالكُوْفَةِ، وَأَبَا عَلِيٍّ
التُّسْتَرِيّ، وَعَبْدَ الْملك بن شَغَبَة
بِالبَصْرَةِ.
وَكَانَ شَيْخاً صَالِحاً عَالِماً، يَنسَخُ لِلنَّاسِ
بِالأُجرَة.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو القَاسِمِ ابْنُ عَسَاكِرَ (2) ،
وَأَبُو الفَرَجِ بنُ الجَوْزِيِّ، وَيَحْيَى بن بَوش،
وَعَبْد الوَهَّابِ بن سُكَيْنَة.
قَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ:نسخ بخطِّه الكَثِيْرَ،
وَكَانَ صَالِحاً، مَاتَ فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ خَمْسٍ
وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
قَالَ:وَرُئِي فِي المَنَامِ، فَقَالَ:غَفَرَ اللهُ
لِي بِبَرَكَات الحَدِيْثِ، وَأَعْطَانِي جَمِيْع مَا
أَمَّلْتُهُ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّار:كَانَ ثِقَةً صَالِحاً
عَفِيْفاً، حَدَّثَ بِالكَثِيْرِ.
__________
(*) المنتظم: 10 / 23، اللباب: 3 / 156 - 157، تاريخ
الإسلام: 4: 268 / 1، العبر: 4 / 65 - 66، شذرات
الذهب: 4 / 75.
(1) بنون ساكنة ثم مثلثة: أبو الحسن محمد بن القاسم بن
المنثور الجهني الكوفي المتوفى سنة 476 ه. " تبصير
المنتبه ": 4 / 1322.
(2) مشيخة ابن عساكر: لوحة: 182 / 1.
(19/589)
339 - صَاعِدُ بنُ سَيَّارِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
عَبْدِ اللهِ الإِسْحَاقِيُّ *
المُحَدِّثُ، الحَافِظُ، أَبُو العَلاَءِ (1)
الإِسْحَاقِي، الهَرَوِيّ، الدَّهَان.
حَجَّ وَحَدَّثَ بِبَغْدَادَ عَنْ:عَبْدِ الرَّحْمَنِ
بنِ أَبِي عَاصِمٍ، وَأَبِي عَامِرٍ الأَزْدِيّ،
وَشَيخِ الإِسْلاَمِ أَبِي إِسْمَاعِيْلَ، وَعَلِيَّ
بن فَضَالٍ النَّحْوِيَّ، وَعِدَّة.
قرَأَ عَلَيْهِ ابْنُ نَاصر(جَامِع أَبِي عِيْسَى)،
فَسَمِعَهُ مِنْهُ أَبُو الفَرَجِ عَبْدُ المُنْعِم بن
كُلَيْبٍ وَغَيْرهُ.
قَالَ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ (2) :كَانَ
حَافِظاً مُتْقِناً، وَاسِعَ الرِّوَايَةِ، كتب
الكَثِيْرَ، وَجَمَعَ الأَبْوَاب، وَعرفَ الرِّجَال،
حَدَّثَنَا عَنْهُ ابْنُ نَاصر، وَأَبُو العَلاَءِ
أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الفَضْل، وَأَبُو
المُعَمَّرِ الأَنْصَارِيّ.
قُلْتُ:وَرَوَى عَنْهُ الحَافِظُ أَبُو مُوْسَى
المَدِيْنِيّ، مَاتَ بقَرْيَة غُورَج (3) بِقُرْبِ
هَرَاة، فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ عِشْرِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ كَهْلاً - رَحِمَهُ اللهُ - .
__________
(*) الأنساب: 1 / 223، المنتظم: 9 / 262، التقييد:
الورقة: 113 / 1 - 2، اللباب: 1 / 52، تاريخ الإسلام:
4: 141 / 2، العبر: 4 / 46 - 47، تذكرة الحفاظ: 4 /
1270 - 1271، عيون التواريخ: 13 / 468، مرآة الجنان: 3
/ 225، البداية: 12 / 197، الجواهر المضية: 2 / 261 -
262، طبقات الحفاظ: 461، الطبقات السنية: رقم: 983،
شذرات الذهب: 4 / 61.
(1) تحرف في البداية إلى أبي الأعلى.
(2) في " الأنساب ": 1 / 223.
(3) تحرف في البداية إلى " عتورج " وانظر " معجم ياقوت
" 4 / 216.
(19/590)
340 - ابْنُ صَاعِدٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ
بنِ مُحَمَّدٍ الصَّاعِدِيُّ *
قَاضِي نَيْسَابُوْر، وَصدرُهَا وَكَبِيْرُهَا، أَبُو
سَعِيْدٍ مُحَمَّدُ ابنُ القَاضِي أَحْمَد بن
مُحَمَّدِ بنِ صَاعِدٍ الصَّاعدي.
سَمِعَ:أَبَاهُ، وَعَمَّه يَحْيَى، وَعُمَرَ بنَ
مَسْرُوْر، وَأَبَا عُثْمَانَ الصَّابونِي، وَعَبْد
الغَافِرِ بن مُحَمَّد.
وَحَدَّثَ بِبَغْدَادَ، فَرَوَى عَنْهُ ابْنُ نَاصر،
وَغَيْرُهُ، وَابْن السَّمْعَانِيّ (1) .
مَاتَ:فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ، عَنْ بِضْع وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
341 - طَاهِرُ بنُ سَهْلِ بنِ بِشْرِ بنِ أَحْمَدَ بنِ
سَعِيْدٍ **
الشَّيْخُ الكَبِيْرُ، المُسْنِدُ، أَبُو مُحَمَّدٍ
الإِسْفَرَايينِي، ثُمَّ الدِّمَشْقِيّ الصَّائِغ.
سَمَّعَهُ أَبُوْهُ المُحَدِّثُ أَبُو الفَرَجِ
مِنْ:أَبِي القَاسِمِ الحِنَائِي، وَعبدِ الدَّائِم
الهِلاَلِي، وَأَبِي الحُسَيْنِ مُحَمَّد بن مَكِّيّ
الأَزْدِيّ، وَالحَافِظ أَبِي بَكْرٍ
__________
(*) التحبير: 2 / 74 - 75، المنتظم: 10 / 33، تاريخ
الإسلام: 4: 275 / 2 - 276 / 1، العبر: 4 / 72، مرآة
الجنان: 3 / 252، النجوم الزاهرة: 5 / 251، الجواهر
المضية: 2 / 22، غاية النهاية: 2 / 84، شذرات الذهب: 4
/ 82.
(1) في " التحبير ": 2 / 74: كانت الرئاسة قد انتهت
إليه والتقدم والقضاء بنيسابور، وكانت له دنيا عريضة،
وكان يليق به القضاء لفضله وبيته، وكان مكرما للغرباء،
متواضعا، سمع الحديث الكثير، وعمر العمر الطويل حتى
حدث بالكثير، وانتشرت رواياته.
(* *) العبر: 4 / 85، ميزان الاعتدال: 2 / 335، لسان
الميزان: 3 / 206، 207، شذرات الذهب: 4 / 97، تهذيب
ابن عساكر: 7 / 48.
(19/591)
الخَطِيْب، وَأَحْمَد بن عبد الوَاحِد بن
أَبِي الْحَدِيد، وَعَبْد العَزِيْزِ بن أَحْمَدَ
الكتَانِي، وَطَائِفَة.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو القَاسِمِ الحَافِظُ،
وَالخُشُوْعِيّ، وَعبدُ الرَّحْمَن بن عَلِيٍّ
الخرقِي، وَأَبُو القَاسِمِ بنُ الحَرَسْتَانِيِّ،
وَآخَرُوْنَ.
تُوُفِّيَ:فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ إِحْدَى
وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَلَهُ نَيِّفٌ
وَثَمَانُوْنَ سَنَةً، فَإِنَّهُ وُلِدَ عَامَ
خَمْسِيْنَ، غَمَزَه ابْنُ عَسَاكِرَ، وَقَالَ:كَانَ
شَيْخاً عَسِراً، مَعَ جَهله بِالحَدِيْثِ، وَعدم
ثِقَته، حكَّ اسمَ أَخِيْهِ مِنْ
كِتَاب(الشِّهَابِ)لِلْقضَاعِي، وَأَثْبَت بدلَه اسْم
نَفْسه.
342 - ابْنُ خُسْرُو أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ
بنُ مُحَمَّدٍ *
المُحَدِّثُ، العَالِمُ، مُفِيدُ أَهْل بَغْدَادَ،
أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
خُسْرو البَلْخِيّ، ثُمَّ البَغْدَادِيّ، الحَنَفِيّ،
جَامِع(مُسْنَدِ أَبِي حَنِيْفَةَ).
سَمِعَ مِنْ:مَالِكٍ البَانِيَاسِيِّ، وَأَبِي
الحَسَنِ الأَنْبَارِيِّ، وَعبدِ الوَاحِد بن فَهْدٍ،
وَالنِّعَالِيّ، فَمَنْ بَعْدَهُم، فَأَكْثَر
وَجَمَعَ، وَأَفَاد وَتَعِبَ.
حَدَّثَ عَنْهُ:ابْنُ الجَوْزِيِّ، وَغَيْرُهُ.
قَالَ السَّمْعَانِيّ:سَأَلت عَنْهُ ابْن نَاصر،
فَقَالَ:فِيْهِ لِيْنٌ، يَذْهَب
__________
(*) مشيخة ابن الجوزي: 176 - 178، تاريخ الإسلام: 4:
271 / 1، ميزان الاعتدال: 1 / 547 - 548، الجواهر
المضية: 2 / 127 - 128، لسان الميزان: 2 / 312 - 313،
تاج التراجم: 25، الطبقات السنية: رقم: 781، كشف
الظنون: 2 / 1681.
(19/592)
إِلَى الاعتزَال، وَكَانَ حَاطِبَ ليلٍ،
وَسَأَلت عَنْهُ ابْن عَسَاكِرَ، فَقَالَ:مَا كَانَ
يَعْرِفُ شَيْئاً.
قُلْتُ:تُوُفِّيَ فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ سِتٍّ
وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
343 - ابْنُ الطَّبَرِ أَبُو القَاسِمِ هِبَةُ اللهِ
بنُ أَحْمَدَ بنِ عُمَرَ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، المُقْرِئُ، المُعَمَّرُ،
مُسْنِدُ القُرَّاء وَالمُحَدِّثِيْنَ، أَبُو
القَاسِمِ هِبَةُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ عُمَرَ
البَغْدَادِيّ، الحَرِيْرِيّ.
وُلِدَ:يَوْم عَاشُورَاء، سَنَة خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ:أَبِي الحَسَنِ مُحَمَّد بن عبد
الوَاحِد بن زوج الحرَّة، وَأَبِي إِسْحَاقَ
البَرْمَكِيّ، وَأَبِي طَالِبٍ العُشَارِي،
وَطَائِفَة، وَتَلاَ بِالرِّوَايَات عَلَى أَبِي
بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ مُوْسَى الخَيَّاط
تِلْمِيْذِ أَبِي أَحْمَدَ الفَرَضِيّ.
حَدَّثَ عَنْهُ:ابْنُ عَسَاكِرَ (1) ، وَأَبُو مُوْسَى
المَدِيْنِيُّ، وَأَبُو الفَرَجِ ابْن الجَوْزِيّ،
وَيَحْيَى بن يَاقُوْت، وَعبدُ الخَالِق بن هِبَةِ
اللهِ البُنْدَار، وَعَبْد اللهِ بن الطَّوِيْلَة،
وَعَلِيُّ بن مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الأَنْبَارِيّ،
وَفَاطِمَةُ بِنْت سَعْدِ الخَيْرِ، وَعبدُ الرَّحْمَن
بن أَحْمَدَ العُمَرِيّ، وَبقَاءُ بن حُنَّذ، وَأَبُو
الفَتْحِ المَنْدَائِيُّ، وَعُمَرُ بنُ طَبَرْزَدَ،
وَأَبُو اليُمْنِ الكِنْدِيُّ، وَتَلاَ عَلَيْهِ
الكِنْدِيّ بِستِّ رِوَايَاتٍ، وَكَانَ خَاتِمَةَ مَنْ
رَوَى عَنْهُ فِي الدُّنْيَا.
__________
(*) مشيخة ابن الجوزي: ص: 62 - 63، المنتظم: 10 / 71،
المستدرك لابن نقطة: 63، الكامل في التاريخ: 11 / 54،
دول الإسلام: 2 / 53، العبر: 4 / 86، معرفة القراء: 1
/ 392 - 393، تبصير المنتبه: 3 / 863، شذرات الذهب: 4
/ 97 - 98.
(1) في مشيخته: لوحة: 235 / 1.
(19/593)
قَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ:كَانَ صَحِيْحَ
السَّمَاع، قوِيَّ الْبدن، ثَبْتاً، كَثِيْرَ
الذِّكْرِ، دَائِمَ التِّلاَوَةِ، وَهُوَ آخِرُ مَنْ
رَوَى عَنِ ابْنِ زوج الحرّة، قَرَأْتُ عَلَيْهِ،
وَكُنْت أَجِيْءُ (1) إِلَيْهِ فِي الحَرِّ، فَنصعدُ
سطحَ المَسْجَد، فَيسبقنِي فِي الدّرج.
مَاتَ:فِي ثَانِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ إِحْدَى
وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
قَالَ أَبُو مُوْسَى:ذَهَبَ بَصَرُهُ، ثُمَّ عَادَ
بَصِيْراً.
344 - حَمَّادُ بنُ مُسْلِمِ بنِ ددُّوْهُ *
الشَّيْخُ الْقدَم، علمُ السَّالكين، أَبُو عَبْدِ
اللهِ الدَّبَّاس، الرَّحَبِيّ؛رَحْبَةُ مَالِك بن
طَوْق.
نشَأَ بِبَغْدَادَ، وَكَانَ يَجلسُ فِي غُرفَة كَاركه
(2) الدّبس، وَكَانَ مِنْ أَوليَاء الله أُولِي
الكرَامَاتِ، انْتفع بصُحبَتِه خلقٌ، وَكَانَ
يَتَكَلَّم عَلَى الأَحْوَال، كَتَبُوا مِنْ كلاَمه
نَحْواً مِنْ مائَة جُزْء، وَكَانَ قَلِيْلَ العِلْم
أُمِّيّاً.
فَعَنْهُ قَالَ:مَاتَ أَبوَاي فِي نَهَارٍ وَلِي
ثَلاَث سِنِيْنَ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ الجيلِي:سَمِعَ مِنْ أَبِي
الفَضْلِ بنِ خَيْرُوْنَ،
__________
(1) في الأصل: وكتب أخي إليه في الجزء، وهو تصحيف قبيح
وقع للناسخ، والنص في " المنتظم ": وكنت أجئ إليه في
الحر، فيقول: نصعد إلى سطح المسجد فيسبقني في الدرجة،
وكذلك ورد على الصواب عند المصنف في " معرفة القراء "
رقم (430).
(*) المنتظم: 10 / 22 - 23، الكامل في التاريخ: 10 /
671، تاريخ الإسلام: 4: 266 / 1 - 2، دول الإسلام: 2 /
47، العبر: 4 / 64، تتمة المختصر: 2 / 59، مرآة
الزمان: 8 / 85، البداية: 12 / 202، النجوم الزاهرة: 5
/ 246، شذرات الذهب: 4 / 73 - 74، منتخبات التواريخ:
473.
(2) الكلمة فارسية، ومعناها المعمل أو المصنع، أو
الدكان أو القصر.
(19/594)
وَكَانَ يَتَكَلَّمُ عَلَى آفَاتِ الأَعْمَال،
وَالإِخلاَصِ، وَالوَرَعِ، قَدْ جَاهدَ نَفْسَه
بِأَنْوَاعِ المُجَاهِدَاتِ، وَزَاوَلَ أَكْثَرَ
المِهَنِ وَالصَّنَائِع فِي طَلَبِ الحَلاَل، وَكَانَ
مكَاشفاً.
فَعَنْهُ قَالَ:إِذَا أَحَبَّ اللهُ عبداً، أَكْثَر
هَمَّهُ فِيمَا فَرَّط، وَإِذَا أَبغض عَبداً،
أَكْثَرَ هَمَّه فِيمَا قَسَمَه لَهُ.
وَقَالَ:العِلْمُ مَحَجَّةٌ، فَإِذَا طلبتَهُ لِغَير
الله، صَارَ حُجَّة.
وَقِيْلَ:كَانَ يَقْبَلُ النَّذر، ثُمَّ تَركه،
لِقَوْل النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - :(إِنَّهُ يُسْتَخْرَجُ مِنَ البَخِيْلِ
(1))، ثُمَّ صَارَ يَأْكُلُ بِالمَنَام (2) .
قَالَ المُبَارَكُ بن كَامِلٍ:مَاتَ العَارِفُ
الوَرِعُ النَّاطق بِالحِكْمَة حَمَّاد فِي سَنَةِ
خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، لَمْ أَرَ
مِثْلَهُ، كَانَ بِزِيِّ الأَغنِيَاء، وَتَارَةً
بزِيِّ الفُقَرَاء.
وَقَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ (3) :كَانَ يَتصَوَّفُ،
وَيَدَّعِي المَعْرِفَة وَالمكَاشفَة، وَعُلُوْمَ
البَاطِن، وَكَانَ عَارِياً عَنْ علمِ الشَّرع،
وَنَفَقَ عَلَى الجهَال، كَانَ ابْنُ عَقِيْلٍ
يُنَفِّرُ النَّاسَ عَنْهُ، وَبَلَغَهُ عَنْهُ أَنَّهُ
كَانَ يُعطِي المَحمُومَ لَوْزَةً وَزبِيْبَة ليبرَأَ،
فَبَعَثَ إِلَيْهِ:إِنْ عُدْتَ لِهَذَا ضربتُ عُنُقَك،
تُوُفِّيَ فِي رَمَضَانَ.
__________
(1) أخرجه من حديث عبد الله بن عمر البخاري (6693)
ومسلم (1639) كلاهما في النذر أن النبي صلى الله عليه
وسلم نهى عن النذر، وقال: " إنه لا يأتي بخير، وإنما
يستخرج به من البخيل "، وأخرجه من حديث أبي هريرة مسلم
" 1640) بلفظ " لا تنذروا، فإن النذر لا يغني من القدر
شيئا، وإنما يستخرج به من البخيل ".
(2) في " المنتظم ": 1 / 23، فصار يأكل بالمنامات،
وكان يجئ الرجل، فيقول: قد رأيت في المنام: أعط حمادا
كذا، فاجتمع له أصحاب ينفق عليهم ما يفتح له.
(3) المنتظم: 10 / 22.
(19/595)
قُلْتُ:نَقم ابْنُ الأَثِيْرِ (1) وَسِبْطُ
ابْن الجَوْزِيّ (2) هَذَا، وَعظَّمَا حمَاداً -
رَحِمَهُ اللهُ - وَكَانَ الشَّيْخ عَبْد القَادِرِ
مِنْ تَلاَمِذَته.
345 - ابْنُ زُهْر أَبُو العَلاَءِ زُهْرُ بنُ عَبْدِ
المَلِكِ بنِ مُحَمَّدٍ *
العَلاَّمَةُ الأَوحدُ، أَبُو العَلاَءِ زُهْرُ بنُ
عَبْدِ المَلِكِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مَرْوَانَ بنِ
زُهْر الإِيَادِيّ، الإِشبيلِي، الطَّبِيْب،
الشَّاعِر.
أَخَذَ الطِّبّ عَنْ أَبِيْهِ، فَسَاد فِيْهِ،
وَصَنَّفَ حَتَّى إنَّ أَهْلَ الأَنْدَلُس
لَيفتخِرُوْنَ بِهِ، وَحَمَلَ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ
الجيَّانِي، وَعَبْد اللهِ بن أَيُّوْبَ.
وَلَهُ النّظمُ الفَائِق، وَفِيْهِ كَرَمٌ وَسُؤْدُد،
لَكنَّه فِيْهِ بَذَاء، وَنَفَقَ عَلَى السُّلْطَان،
حَتَّى صَارَت إِلَيْهِ رِيَاسَةُ بَلَده.
رَوَى عَنْهُ:ابْنُهُ أَبُو مَرْوَانَ، وَأَبُو
عَامِرٍ بن يَنق، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي مَرْوَانَ.
أَلَّف كِتَاب(الأَدويَةِ المُفردَة)،
وَكِتَاب(الخَواصِّ)، وَكِتَاب(حل شكوك الرَّازِيّ
(3))، وَأَشيَاء، وَكَانَ أَبُوْهُ ملكَ الأَطبَاء،
وَكَانَ جَدُّهُ فَقِيْهاً مُفْتِياً.
تُوُفِّيَ أَبُو العَلاَءِ:بقُرْطُبَة، سَنَة خَمْسٍ
وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ منْكوباً.
__________
(1) انظر " الكامل في التاريخ ": 10 / 671.
(2) انظر " مرآة الزمان ": 8 / 85.
(*) الذخيرة ق 2 م 1 / 218 - 231، بدائع البدائه: 2 /
42، المطرب: 203، التكملة لابن الابار: 334، طبقات
الاطباء: 1 / 517 - 519، تاريخ الإسلام: 4: 266 / 2،
العبر: 4 / 64 - 65 مرآة الجنان 3 / 244، وفيات ابن
قنفذ: 275 نفح الطيب: 3 / 432، كشف الظنون: 1265،
شذرات الذهب: 4 / 74 - 75، إيضاح المكنون: 1 / 154،
دائرة المعارف الإسلامية: 1 / 183.
(3) في تاريخ الإسلام: " حل شكوك الرازي على كتب
جالينوس ".
(19/596)
346 - ظَافر بن القَاسِمِ بن مَنْصُوْرٍ *
شَاعِرُ زَمَانِهِ، أَبُو مَنْصُوْرٍ الجُذَامِيّ،
الإِسْكَنْدَرَانِي، الحَدَّاد،
لَهُ(دِيْوَانٌ)مَشْهُوْر (1) .
رَوَى عَنْهُ:أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، وَغَيْرهُ،
وَهُوَ القَائِلُ:
يَذُمُّ المُحِبُّوْنَ الرَّقِيْبَ وَلَيْتَ لِي ...
مِنَ الوَصْلِ مَا يَخْشَى عَلَيْهِ رَقِيْبُ
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ الآمِدِيّ:دَخَلت
عَلَى مُتَوَلِّي الإِسْكَنْدَرِيَّة، وَقَدْ وَرِمَ
خِنْصرُهُ مِنْ خَاتَمٍ، فَقُلْتُ:المصلحَةُ قطعُ
الخَاتم، وَطلبتُ لَهُ ظَافراً الحَدَّاد، فَقطع
الحَلْقَة وَارتجل:
قَصَّرَ عَنْ أَوْصَافِكَ العَالَمُ ... وَأَكْثَرَ
النَّاثِرُ وَالنَّاظِمُ
مَنْ يَكُنِ البَحْرُ لَهُ رَاحَةً ... يَضِيْقُ عَنْ
خِنْصَرِهِ خَاتَمُ
فَوَهَبَه الحَلْقَة، وَكَانَتْ ذهباً.
تُوُفِّيَ:سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ
مائَةٍ.
347 - ابْنُ حَمُّوْيَه أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ
بنُ حَمُّوْيَه بن مُحَمَّد **
الإِمَامُ، العَارِفُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ
بنُ حَمُّويَه بن مُحَمَّدِ بنِ حَمُّوْيَه
__________
(*) خريدة القصر: 2 / 1 - 17، معجم الأدباء: 12 / 27 -
33، وفيات الأعيان: 2 / 540 - 543، تاريخ الإسلام: 4:
282 / 1 - 2، العبر: 4 / 78، النجوم الزاهرة: 5 / 376
- 377، شذرات الذهب: 4 / 91 - 93.
(1) وأنشد له ابن خلكان وياقوت قصيدة من غرر القصائد
مطلعها:
لو كان بالصبر الجميل ملاذه * ما سح وابل دمعه ورذاذه
(* *) الأنساب: 4 / 230، المنتظم: 10 / 63 - 64،
اللباب: 1 / 392، تاريخ الإسلام: 4: 288 / 2، العبر: 4
/ 83، الوافي بالوفيات: 3 / 28، البداية: 12 / 211،
شذرات الذهب: 4 / 95.
(19/597)
الجُوَيْنِيّ، الصُّوْفِيّ، جدّ آل حَمُّوْيَه
الَّذِيْنَ رَأَسُوا بِمِصْرَ.
كَانَ ذَا تَأَلُّهٍ وَتَعَبُّدٍ وَمُجَاهِدَةٍ وَصدقٍ
(1) .
حَجَّ مَرَّتَيْنِ، وَحَدَّثَ عَنْ:عَائِشَةَ بِنْت
البِسْطَامِي، وَمُوْسَى بن عِمْرَانَ الصُّوْفِيّ،
وَطَائِفَة.
رَوَى عَنْهُ:أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ الخَشَّاب، وَابْنُ
عَسَاكِرَ، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ سُكَيْنَة،
وَآخَرُوْنَ.
قَالَ السَّمْعَانِيّ:صَاحِبُ كرَامَات وَآيَات،
اشْتُهِرَ بِتربيَة المُرِيْدين، وَلَهُ إِجَازَةٌ
مِنَ الأُسْتَاذ أَبِي القَاسِمِ القُشَيْرِيّ،
وَعَاشَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
قُلْتُ:لَهُ فِي التَّصَوُّف تَأْلِيف، وَقَبْرُهُ
يُزَارُ بقَرْيَةِ بُحَيْرَابَاذَ (2) .
تُوُفِّيَ إِلَى رِضوَان الله:فِي مُسْتهلِّ رَبِيْعٍ
الأَوّلِ، سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ -
رَحِمَهُ اللهُ - .
348 - ابْنُ عَيْذُوْنَ * (3)
ذُو الوَزَارتَيْنِ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ المَجِيد
بن عَيْذُوْنَ، وَهُوَ مَنْسُوْبٌ إِلَى
__________
(1) في " الوافي بالوفيات ": 3 / 28: وكان سنجر
والملوك يزورونه، ولا يغشى أبوابهم، ولا يقبل صلاتهم،
ولا يأكل من الاوقاف، له قطعة أرض يزرعها خادم له،
وبنى خانقاه ببحيراباذ إلى جانب داره، وأوقف عليها
أوقافا.
(2) في معجم ياقوت: من قرى جوين من نواحي نيسابور.
(*) القلائد: 145، الذخيرة: ق 2 م 2 / 668 - 727،
الصلة: 2 / 388 - 389، الخريدة: 2 / 103، بغية
الملتمس: رقم: 1570، المطرب: 127، 180، المعجب: 76،
87، 164 - 170، 112 - 134، 244، التكملة لابن الابار:
407
ووفاته سنة 520 ه، المغرب: 1 / 374، تاريخ الإسلام: 4:
274 / 2، فوات الوفيات: 2 / 388 - 393.
(3) كذا الأصل بالياء التحتية والذال المعجمة، وكتب
فوق الياء كلمة: صح وكذلك هو في كل موضع ورد في
الترجمة مع أنه ورد في تاريخ المؤلف، وفي جميع المصادر
التي ترجمت له: =
(19/598)
جدّه لأُمِّهِ عَبْد المَجِيد بن عَبْدِ اللهِ
بن عَيْذُوْنَ الفِهْرِيّ الأَنْدَلُسِيّ، اليَابُرِي
النَّحْوِيّ، الشَّاعِرُ المفلِق.
أَخَذَ عَنْ أَبِي الحجَّاج الأَعْلَم، وَعَاصِمِ بنِ
أَيُّوْبَ، وَأَبِي مَرْوَانَ بن سرَاج، وَلَهُ نَظْمٌ
فَائِق، وَمُؤلَّف فِي الانتصَار لأَبِي عُبَيْدٍ
عَلَى ابْنِ قُتَيْبَة، وَكَانَ مِنْ بُحُوْر الآدَاب،
كتب الإِنشَاءَ لِلمُتَوكِّلِ بنِ الأَفْطَس صَاحِب
بَطَلْيَوْسَ وَأُشبونَة، وَلَهُ فِيهِم مرثيَة باهرَة
(1) أَوَّلُهَا:
الدَّهْرُ يَفْجَعُ بَعْدَ العَيْنِ بِالأَثَرِ ...
فَمَا البُكَاءُ عَلَى الأَشْبَاحِ وَالصُّوَرِ
ثُمَّ تَضَعْضع، وَاحتَاج، وَعُمِّرَ، فَقَالَ أَبُو
بَكْرٍ بنُ زُهر:دَخَلَ عَلَيْنَا رَجُل رَثُّ
الهيئَة، كَأَنَّهُ بدوِي، فَقَالَ:يَا بُنَيَّ،
اسْتَأْذِن لِي عَلَى الوَزِيْر أَبِي مَرْوَانَ.
فَقُلْتُ:هُوَ نَائِم.
فَقَالَ:مَا هَذَا الكِتَاب؟
قُلْتُ:وَمَا سُؤَالك عَنْهُ؟!هَذَا مِنْ
كِتَاب(الأَغَانِي).
فَقَالَ:تُقَابِله؟
فَقُلْتُ:مَا هُنَا أَصل.
قَالَ:إِنِّيْ حَفِظته فِي الصِّغَر.
فَتبسَّمتُ، فَقَالَ:فَأَمسك عليَّ، فَأَمسكت،
فَوَاللهِ مَا أَخْطَأَ شَيْئاً، وَقرَأَ نَحْواً مِنْ
كُرَّاسَينِ، فَقُمْتُ مُسْرِعاً إِلَى أَبِي،
فَخَرَجَ حَافِياً وَعَانقهُ، وَقبَّل يَدَه
وَاعْتَذَرَ، وَسَبَّنِي وَهُوَ يُخَفِّض عَلَيْهِ،
ثُمَّ حَادثه، وَوهبه مركوباً، ثُمَّ قُلْتُ:يَا أَبتِ
مَنْ هَذَا؟
قَالَ:وَيْحَك!هَذَا أَديبُ الأَنْدَلُس ابْنُ
عَيْذُوْنَ، أَيْسَرُ مَحْفُوْظَاته
كِتَاب(الأَغَانِي).
__________
= " عبدون، بالباء الموحدة والدال المهملة، ولم يرد له
ذكر في كتب المشتبه تحت: " عيذون ". وانظر الجزء
الثامن عشر ص 598 ت 2.
(1) في " وفيات الوفيات ": 2 / 388: ومن شعره قصيدته
الرائية التي رثى بها ملوك بني الافطس، وذكر فيها من
أباده الحدثان من ملوك كل زمان، ثم أوردها بتمامها،
وهي مشروحة بقلم عبد الملك بن عبد الله بن بدرون
الحضرمي المتوفى بعد سنة 608 ه، واسم شرحه " كمامة
الزهر وصدفة الدر " نشره دوزي بليدن عام 1860 م.
(19/599)
تُوُفِّيَ ابْنُ عيذُوْنَ:بيَابُرَة، سَنَة
سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
349 - عَبْدُ الكَرِيْمِ بنُ حَمْزَةَ بن الخَضِرِ بن
العَبَّاسِ *
الشَّيْخُ الثِّقَةُ، المُسْنِدُ، أَبُو مُحَمَّدٍ
السُّلَمِيّ، الدِّمَشْقِيّ، الحَدَّاد، وَكيل
المُقْرِئِين.
سَمِعَ:أَبَا القَاسِمِ الحِنَّائِي، وَأَبَا بَكْرٍ
الخَطِيْب، وَمُحَمَّد بن مَكِّيّ الأَزْدِيّ، وَعبد
الدَّائِم بن الحَسَنِ الهِلاَلِي، وَأَحْمَد بن عبد
الوَاحِد بن أَبِي الْحَدِيد، وَعُبيد الله بن عَبْدِ
اللهِ الدَّارَانِيّ، وَعَبْد العَزِيْزِ بن أَحْمَدَ
الكتَانِي، وَجَمَاعَة.
وَأَجَازَ لَهُ مِنْ بَغْدَادَ:أَبُو جَعْفَرٍ بنُ
المُسْلِمَة.
وَمِنْ وَاسِط:أَبُو الحَسَنِ بنُ مَخْلَدٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو القَاسِمِ بنُ الحَرَسْتَانِيِّ،
وَالسِّلَفِيّ، وَابْنُ عَسَاكِرَ (1) ،
وَإِسْمَاعِيْل الجَنْزَوِي (2) ، وَعبد الرَّحْمَن بن
الخرقِي، وَأَبُو طَاهِرٍ الخُشُوْعِيُّ، وَآخَرُوْنَ،
وَآخِر مَنْ حَدَّثَ عَنْهُ:ابْنُ الحَرَسْتَانِيّ
المَذْكُور.
قَالَ الحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ:كَانَ شَيْخاً
ثِقَةً، مَسْتُوْراً سهلاً، قَرَأْتُ عَلَيْهِ
الكَثِيْر.
وَتُوُفِّيَ:فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ سِتٍّ
وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
__________
(*) تاريخ ابن عساكر، تاريخ الإسلام: 4: 272 / 1،
العبر: 4 / 69، مرآة الزمان: 8 / 87 - 88، النجوم
الزاهرة: 5 / 249، شذرات الذهب: 4 / 78.
(1) مشيخة ابن عساكر: 122 / 2 - 123 / 1.
(2) بفتح الجيم وسكون النون، وفي آخرها الزاي
المكسورة: نسبة إلى جنزة: بلدة من بلاد أذربيجان
مشهورة من ثغرها.
(19/600)
350 - أَبُو الحُسَيْنِ بنُ الفَرَّاءِ
مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، الفَقِيْهُ، القَاضِي، أَبُو
الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ ابنُ القَاضِي الكَبِيْر أَبِي
يَعْلَى مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
خَلَفِ بنِ الفَرَّاءِ الحَنْبَلِيّ، البَغْدَادِيّ.
وُلِدَ:سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ.
وَسَمِعَ:أَبَاهُ، وَأَبَا جَعْفَرٍ بن المُسْلِمَة،
وَأَبَا بَكْرٍ الخَطِيْب، وَعَبْد الصَّمَدِ بن
المَأْمُوْن، وَأَبَا المُظَفَّر هنَّاد النَّسفِي،
وَأَبَا الحُسَيْنِ بن الْمُهْتَدي بِاللهِ، وَأَبَا
الحُسَيْنِ بن النَّقُّوْرِ، وَعِدَّةٍ.
وَأَجَازَ لَهُ:أَبُو مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيُّ،
وَتَفَقَّهَ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيْهِ، وَبَرَعَ
وَنَاظر، وَدرس وَصَنَّفَ، وَكَانَ يُبَالِغُ فِي
السُّنَّةِ، وَيلهَجُ بِالصفَة، وَجَمَعَ طَبَقَاتِ
الفُقَهَاء الحنَابلَة.
حَدَّثَ عَنْهُ:السِّلَفِيّ، وَابْنُ عَسَاكِرَ (1) ،
وَأَبُو مُوْسَى المَدِيْنِيّ، وَتَمَّامُ بن الشنَّا،
وَذَاكرُ الله الحَرْبِيّ، وَمُظَفَّر بن البَري،
وَعَلِيّ بن عُمَرَ الوَاعِظ، وَعَبْد اللهِ بن
مُحَمَّدِ بنِ عُليَّانَ، وَمُحَمَّد بن غَنِيْمَة بن
القَاق، وَعِدَّة.
__________
(*) المنتظم: 10 / 29، الكامل في التاريخ: 10 / 683،
تاريخ الإسلام: 4: 272 / 2 - 273 / 1، العبر: 4 / 69 -
70، الوافي بالوفيات: 1 / 159 - 160، مرآة الجنان: 3 /
252، مرآة الزمان: 8 / 88، البداية: 12 / 204، ذيل
طبقات الحنابلة: 1 / 176 - 177، مناقب الامام أحمد:
529، المنهج الاحمد: 2 / 275، كشف الظنون: 432، 458،
شذرات الذهب: 4 / 79، إيضاح المكنون: 1 / 547 و2 /
280.
(1) مشيخة ابن عساكر: 208 / 2 - 209 / 1.
(19/601)
وَقَالَ السِّلَفِيّ:كَانَ أَبُو الحُسَيْنِ
مُتَعَصِّباً فِي مَذْهَبِهِ، وَكَانَ كَثِيْراً مَا
يَتَكَلَّم فِي الأَشَاعِرَة وَيُسْمِعُهُم، لاَ
تَأْخُذُه فِي اللهِ لَوْمَةُ لاَئِم، وَلَهُ
تَصَانِيْف فِي مَذْهَبِهِ، وَكَانَ دَيِّناً ثِقَةً،
ثَبْتاً، سَمِعْنَا مِنْهُ.
وَقَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ (1) :كَانَ لَهُ بَيْت فِي
دَارِهِ بِبَابِ المَرَاتِب، يَبِيْتُ وَحْدَه،
فَعَلِمَ مَنْ كَانَ يَخدُمُهُ بِأَنَّ لَهُ مَالاً،
فَذَبَحوهُ ليلاً، وَأَخَذُوا المَال لَيْلَةَ
عَاشُورَاء، سَنَة سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ
مائَةٍ، ثُمَّ وَقعُوا بِهِم فَقُتِلُوا.
وَقَالَ ابْنُ النَّجَّار:تَمَيز وَصَنَّفَ فِي
الأَصْلين وَالخلاَف وَالمَذْهَب، وَكَانَ دَيِّناً
ثِقَةً، حَمَيْدَ السِّيرَةِ - رَحِمَهُ اللهُ - .
351 - ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ عَبْدُ اللهِ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ الخشنِيُّ *
الإِمَامُ العَلاَّمَةُ، فَقِيْهُ المَغْرِب، شَيْخُ
المَالِكِيَّة، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ
أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بن
أَحْمَدَ الخُشنِي، المُرسِي.
سَمِعَ مِنْ:أَبِي عُمَرَ بنِ عَبْد البَرِّ، وَابْنِ
دِلهَاث العُذْرِيّ، وَأَبِي الوَلِيْدِ البَاجِي،
وَابْنِ مَسْرُوْر، وَمُحَمَّدِ بن سعدُوْنَ القروِي،
وَحَاتِم بن مُحَمَّد، سَمِعَ مِنْهُ(الْمُلَخَّص)،
أَخْبَرَنَا القَابِسِيّ، وَحَجَّ، فَسَمِعَ بِمَكَّةَ
مِنَ الحُسَيْن بن عَلِيٍّ الطَّبَرِيّ، وَأَخَذَ
الفِقْه بقُرْطُبَة عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ أَحْمَد بن
رزق المَالِكِيّ، وَانتهت إِلَيْهِ الإِمَامَةُ فِي
مَعْرِفَةِ المَذْهَب، وَكَانَ رَأْساً فِي
__________
(1) المنتظم: 10 / 29. و" باب داره " لم ترد فيه.
(*) الصلة: 1 / 294، بغية الملتمس: 337، تاريخ
الإسلام: 4: 271 / 1 - 2، العبر: 4 / 69، طبقات
المفسرين للداوودي: 1 / 248، شذرات الذهب: 4 / 78،
شجرة النور الزكية: 1 / 131، الغنية: 213 - 214.
(19/602)
التَّفْسِيْر، لَهُ مَعْرِفَةٌ بِالحَدِيْثِ،
لَهُ حُرمَة وَجَلاَلَة، وَفِيْهِ تَعبُّد، وَلَهُ
بِرٌّ وَمَعْرُوْف.
أَخَذَ عَنْهُ:أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ عِيْسَى
التَّمِيْمِيّ قَاضِي سبتَة، وَجَمَاعَة، أَصَابه
شَيْءٌ مِنَ الفَالِج، وَلَمْ يَتَغَيَّرْ حِفْظه.
مَاتَ:فِي ثَالِث رَمَضَانَ، سَنَة سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ، عَنْ ثَمَانِيْنَ سَنَةً.
وَرَوَى عَنْهُ:أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ مَنْصُوْرٍ،
وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ شبُّونه، وَعُمِّر، وَارْتَحَلَ
إِلَيْهِ النَّاسُ مِنْ كُلِّ قُطر - رَحِمَهُ اللهُ -
.
352 - أَبُو غَالِبٍ بنُ البَنَّاءِ أَحْمَدُ بنُ
الحَسَنِ بنِ أَحْمَدَ *
الشَّيْخُ الصَّالِحُ، الثِّقَةُ، مُسْنِدُ بَغْدَادَ،
أَبُو غَالِبٍ أَحْمَدُ ابنُ الإِمَامِ أَبِي عَلِيٍّ
الحَسَن بن أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ اللهِ بن البَنَّاء
البَغْدَادِيّ، الحَنْبَلِيّ.
سَمِعَ:أَبَا مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيّ، وَتَفَرَّد
عَنْهُ بِأَجزَاء عَالِيَةٍ، وَأَبَا الحُسَيْنِ بن
حسنُوْنَ النَّرْسِيّ، وَالقَاضِي أَبَا يَعْلَى بن
الفَرَّاءِ، وَأَبَا الغنَائِم بن المَأْمُوْن،
وَأَبَا الحُسَيْنِ بن الغرِيق، وَوَالِده أَبَا عليّ،
وَعِدَّة، وَلَهُ(مشيخَة)بِانتقَاء الحَافِظ ابْن
عَسَاكِرَ.
وُلِدَ:فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ
مائَةٍ، وَلَهُ إِجَازَةٌ مِنَ الفَقِيْه أَبِي
إِسْحَاقَ البَرْمَكِيّ، وَالقَاضِي أَبِي الطَّيِّب
الطَّبَرِيّ.
__________
(*) المنتظم: 10 / 31، مشيخة ابن الجوزي: 69 - 71 ،
تاريخ الإسلام: 4: 273 / 1 - 2، دول الإسلام: 2 / 48،
العبر: 4 / 71، وذكره المؤلف في تذكره الحفاظ: 4 /
1288، شذرات الذهب: 4 / 79 - 80.
(19/603)
حَدَّثَ عَنْهُ:السِّلَفِيّ، وَابْنُ عَسَاكِر
(1) ، وَأَبُو مُوْسَى المَدِيْنِيّ، وَهِبَةُ اللهِ
بن مَسْعُوْدٍ البَاذبينِي (2) ، وَأَبُو الفَرَجِ
مُحَمَّد بن هِبَةِ اللهِ الوَكِيْل، وَإِسْمَاعِيْل
بن عَلِيٍّ القَطَّان، وَعُمَرُ بنُ طَبَرْزَدَ،
وَخَلْق، وَكَانَ مِنْ بَقَايَا الثِّقَات.
مَاتَ:فِي صَفَرٍ - وَقِيْلَ:مَاتَ فِي رَبِيْعٍ
الأَوَّلِ - سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ
مائَةٍ.
وَفِيْهَا مَاتَ:أَسَعْدُ بن أَبِي نَصْرٍ المِيهنِي
الشَّافِعِيّ (3) صَاحِب(التعليقَة)، وَالحَافِظُ
أَبُو نَصْرٍ الحَسَن بن مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ
اليُونَارتِي الأَصْبَهَانِيّ (4) ، وَأَبُو الحَسَنِ
عَلِيُّ بنُ الزَّاغُوْنِيِّ الفَقِيْه، وَأَبُو
بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ المَزْرَفِي (5) ،
وَأَبُو خَازِم مُحَمَّد بن أَبِي يَعْلَى مُحَمَّدِ
بنِ الحُسَيْنِ بنِ الفَرَّاء الفَقِيْه.
353 - أَبُو خَازِمٍ بنُ الفَرَّاءِ مُحَمَّدُ بنُ
مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الفَقِيْهُ، القُدْوَةُ،
الزَّاهِدُ، العَابِدُ، أَبُو خَازِمٍ مُحَمَّد ابْن
__________
(1) في " مشيخة ابن عساكر ": لوحة: 4 / 1.
(2) بفتح الذال المعجمة، وكسر الباء المعجمة بواحدة،
وسكون الياء المعجمة من تحتها باثنتين، وكسر النون
نسبة إلى باذبين قرية تحت واسط. وهبة الله: هو أبو
القاسم هبة الله بن مسعود بن الحسن بن الزقطر
الباذبيني المتوفى سنة 592 ه. الاستدراك 1 / الورقة
47.
(3) سترد ترجمته برقم (374).
(4) سترد ترجمته برقم (365).
(5) سترد ترجمته برقم (372).
(*) المنتظم: 10 / 34، مناقب الامام أحمد: 529، تاريخ
الإسلام: 4: 276 / 1، العبر: 4 / 73، وذكره المؤلف في
تذكرة الحفاظ: 4 / 1288، الوافي بالوفيات: 1 / 160،
البداية: 12 / 206، ذيل طبقات الحنابلة: 1 / 184،
النجوم =
(19/604)
القَاضِي الكَبِيْر أَبِي يَعْلَى مُحَمَّدِ
بنِ الحُسَيْنِ بنِ الفَرَّاء البَغْدَادِيّ،
الحَنْبَلِيّ.
وُلِدَ:سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ، فَمَاتَ أَبُوْهُ
وَهُوَ يَرْضَعُ.
وَسَمِعَ مِنْ:أَبِي جَعْفَرٍ بنِ المُسْلِمَةِ،
وَعبدِ الصَّمدِ بنِ المَأْمُوْنِ، وَجَابِر بن
يَاسينَ، وَطَائِفَةٍ.
وَتَفَقَّهَ عَلَى:القَاضِي يَعْقُوْب البرزبينِي
تِلْمِيْذ أَبِيْهِ، حَتَّى بَرَعَ فِي العِلْمِ،
وَصَنَّفَ(التَّبصرَة)فِي الخلاَف، وَكِتَاب(رُؤُوْس
المَسَائِل)، وَشرح(مُخْتَصَر الخرقِي).
حَدَّثَ عَنْهُ:أَوْلاَدُهُ؛أَبُو يَعْلَى مُحَمَّد،
وَأَبُو الفَرَجِ عَلِيٌّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ
الرَّحِيْمِ، وَابْنُ نَاصرٍ، وَيَحْيَى بن بَوْش،
وَآخَرُوْنَ.
وَقَدْ مرَّ أَخُوْهُ الإِمَامُ أَبُو الحُسَيْنِ بنُ
أَبِي يَعْلَى (1) .
تُوُفِّيَ أَبُو خَازِم:فِي صَفَرٍ، سَنَةَ سَبْعٍ
وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَعَاشَ سَبْعِيْنَ
سَنَةً، وَكنوهُ بكُنْيَة عَمّه أَبِي خَازِم مُحَمَّد
الرَّاوِي عَنِ الدَّارَقُطْنِيِّ.
354 - أَبُو الحَسَنِ بنُ الزَّاغُوْنِيِّ عَلِيُّ بنُ
عُبَيْدِ اللهِ بنِ نَصْرٍ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، شَيْخُ الحَنَابِلَةِ، ذُو
الفُنُوْنِ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ عُبَيْدِ
اللهِ
__________
= الزاهرة: 5 / 251، المنهج الاحمد: 2 / 279 - 280،
شذرات الذهب: 4 / 82، إيضاح المكنون: 2 / 448، هدية
العارفين: 2 / 86.
(1) انظر الصفحة 601 رقم الترجمة (350).
(*) المنتظم: 10 / 32، مشيخة ابن الجوزي: ص: 79 - 81،
مناقب الامام أحمد: 529، اللباب: 2 / 53، الكامل لابن
الأثير: 11 / 9، تاريخ الإسلام: 4: 275 / 1، دول
الإسلام: 2 / 48، العبر: 4 / 72، الوافي بالوفيات: م:
12 / 112، مرآة الجنان: 3 / 852، شذرات الذهب: 4 / 80
- 81، إيضاح المكنون: 2 / 145، هدية العارفين: 1 /
696.
(19/605)
بن نَصْر بن عُبيد الله بن سَهْلِ بنِ
الزَّاغونِي البَغْدَادِيّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
وُلِدَ:سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ:أَبِي جَعْفَرٍ بنِ المُسْلِمَة، وَعبدِ
الصَّمدِ بنِ المَأْمُوْنِ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ بنِ
هَزَارْمَرْدَ، وَابْنِ النَّقُّوْرِ، وَابْنِ
البُسْرِيّ، وَعَدَدٍ كَثِيْر، وَعُنِيَ بِالحَدِيْثِ،
وَقَرَأَ الكَثِيْرَ، وَأَسَمَعَ أَخَاهُ المُعَمَّرَ
أَبَا بَكْرٍ بنَ الزَّاغونِي.
حَدَّثَ عَنْهُ:السِّلَفِيّ، وَابْنُ نَاصر، وَابْنُ
عَسَاكِرَ (1) ، وَأَبُو مُوْسَى المَدِيْنِيّ،
وَعَلِيُّ بنُ عَسَاكِرَ البطَائِحِي، وَأَبُو
القَاسِمِ بنُ شدّقينِي، وَمَسْعُوْدُ بنُ غَيْث
الدَّقَّاق، وَأَبُو الفَرَجِ ابْنُ الجَوْزِيِّ،
وَبَرَكَاتُ بن أَبِي غَالِبٍ، وَعُمَرُ بن
طَبَرْزَدَ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ مِنْ بُحُوْرِ العِلْمِ، كَثِيْرَ
التَّصَانِيْف، يَرْجِعُ إِلَى دِينٍ وَتَقوَى،
وَزُهْد وَعِبَادَة.
قَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ (2) :صَحِبتُه زَمَاناً،
وَسَمِعْتُ مِنْهُ، وَعلقتُ عَنْهُ الفِقْه وَالوعظ.
وَمَاتَ:فِي سَابع عشر المُحَرَّمِ، سَنَةَ سَبْعٍ
وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَكَانَ الجَمْعُ
يَفوتُ الإِحصَاءَ.
قَالَ ابْنُ الزَّاغونِيِّ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ:
إِنِّيْ سَأَذْكُرُ عَقْدَ دِيْنِي صَادِقاً ...
نَهْجَ ابْنِ حَنْبَلٍ الإِمَامِ الأَوْحَدِ
منهَا:
عَالٍ عَلَى العَرْشِ الرَّفِيْعِ بِذَاتِهِ ...
سُبْحَانَهُ عَنْ قَوْلِ غَاوٍ مُلْحِدِ
__________
(1) مشيخة ابن عساكر: 144 / 1 - 2.
(2) المنتظم: 10 / 32.
(19/606)
قد ذكرنَا أَن لفظَة(بِذَاته)لاَ حَاجَةَ
إِلَيْهَا، وَهِيَ تَشْغَبُ النُّفُوْسَ، وَتركُهَا
أَوْلَى - وَاللهُ أَعْلَمُ - .
قُلْتُ:وَقَالَ السَّمْعَانِيّ:سَمِعْتُ حَامِد بن
أَبِي الفَتْحِ، سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ
الزَّاغونِي يَقُوْلُ:
حَكَى بعضهُم مِمَّنْ يُوْثَقُ بِهِ أَنَّهُ رَأَى فِي
المَنَامِ ثَلاَثَةً، يَقُوْلُ وَاحِدٌ
مِنْهُم:اخْسِفْ، وَآخر يَقُوْلُ:أَغْرِقْ، وَآخر
يَقُوْلُ:أَطْبِق - يَعْنِي:الْبَلَد - فَأَجَابَ
أَحَدُهُم:لاَ، لأَن بِالقُرْبِ مِنَّا
ثَلاَثَة:عَلِيّ بن الزَّاغونِي، وَأَحْمَد بن
الطَّلاَيَة، وَمُحَمَّد بن فُلاَن.
أَملَى عليَّ القَاضِي عَبْدُ الرَّحِيْمِ بن
الزَّرِيْرَانِي (1) أَنَّهُ قرَأَ بِخَطِّ أَبِي
الحَسَنِ بنِ الزَّاغونِي:قرَأَ أَبُو مُحَمَّدٍ
الضّرِير عليَّ القُرْآن لأَبِي عَمْرٍو، وَرَأَيْتُ
فِي المَنَامِ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَرَأْتُ عَلَيْهِ القُرْآن
مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ بِهَذِهِ القِرَاءة،
وَهُوَ يَسْمَع، وَلَمَّا بلغت فِي الحَجّ إِلَى
قَوْلِهِ :{إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِيْنَ آمَنُوا
وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ }[الحَجّ:14]الآيَة، أَشَارَ
بِيَدِهِ، أَي:اسْمَعْ، ثُمَّ قَالَ:هَذِهِ الآيَة
مَنْ قرَأَهَا، غُفِرَ لَهُ، ثُمَّ أَشَارَ أَن
اقرَأْ، فَلَمَّا بلغتُ أَوّل يَس، قَالَ لِي:هَذِهِ
السُّورَة مَنْ قرَأَهَا، أَمِنَ مِنَ الفَقْر،
وَذَكَرَ بَقِيَّةَ المَنَام.
وَرَأَيْتُ لأَبِي الحَسَن بخطِّه مقَالَةً فِي
الْحَرْف وَالصَّوت عَلَيْهِ فِيْهَا مآخذُ (2) ،
وَاللهُ يغفِرُ لَهُ، فَيَا لَيتَهُ سَكَتَ.
__________
(1) في معجم البلدان: زريران، بفتح الزاي، وكسر الراء،
وياء ساكنة، وراء أخرى، وآخره نون: قرية بينها وبين
بغداد سبعة فراسخ على جادة الحاج إذا أرادوا الكوفة من
بغداد .
(2) وانظر كتاب " دفع شبه التشبيه " لابن الجوزي.
(19/607)
355 - أَبُو عَلِيٍّ الفَارِقِيُّ الحَسَنُ
بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ برهونَ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الفَقِيْهُ، شَيْخُ
الشَّافعيَة، أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ بنِ بَرهون الفَارِقِي.
وُلِدَ:بِمَيَّافَارِقينَ، سَنَةَ ثَلاَثٍ
وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَتَفَقَّهَ بِهَا
عَلَى أَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بنِ بَيَانٍ
الكَازْرُوْنِي، ثُمَّ ارْتَحَلَ إِلَى بَغْدَادَ،
وَلَزِمَ الشَّيْخ أَبَا إِسْحَاقَ حَتَّى بَرَعَ
وَفَاقَ وَحَفِظَ(المُهَذَّبِ)، ثُمَّ تَفَقَّهَ عَلَى
أَبِي نَصْرٍ بن الصَّبَّاغِ، وَحَفِظَ
عَلَيْهِ(الشَّامِلُ)كُلُّهُ.
وَسَمِعَ مِنْ:أَبِي جَعْفَرٍ بنِ المُسْلِمَةِ،
وَأَبِي الغَنَائِمِ بنِ المَأْمُوْنِ، وَجَمَاعَة.
حَدَّثَ عَنْهُ:الصَّائِنُ بنُ عَسَاكِرَ، وَأَبُو
سَعْدٍ بنُ عَصْرُوْنَ، وَطَائِفَة.
قَالَ السَّمْعَانِيّ:كَانَ إِمَاماً زَاهِداً
وَرِعاً، قَائِماً بِالْحَقِّ، سَمِعْتُ عُمَرَ بن
الحَسَنِ الهَمَذَانِيّ يَقُوْلُ:
كَانَ أَبُو عَلِيٍّ الفَارقِي يَقُوْلُ لَنَا:كررتُ
البَارِحَةَ الرُّبُعَ الفُلاَنِي مِنَ(الْمُهَذّب)،
كررتُ البَارِحَة الرُّبع الفُلاَنِي مِنَ(الشَّامل).
وَلِيَ قَضَاءَ وَاسِط، فَحُمِدَ، وَدَامَ بِهَا إِلَى
أَنْ تُوُفِّيَ مُمَتَّعاً بِحوَاسِّه، عَاشَ خَمْساً
وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
__________
(*) المنتظم: 10 / 37، الكامل لابن الأثير: 11 / 17،
طبقات ابن الصلاح: الورقة: 10، وفيات الأعيان: 2 / 77،
تاريخ الإسلام: 4: 278 / 1، العبر: 4 / 74، الوافي
الوفيات: 11 / 370 - 371، مرآة الجنان: 3 / 253، طبقات
السبكي: 7 / 57 - 60، طبقات الاسنوي: 2 / 256 - 257،
البداية: 12 / 206، طبقات ابن هداية الله: 75، كشف
الظنون: 1913، شذرات الذهب: 4 / 85، روضات الجنات:
221، هدية العارفين: 1 / 279.
(19/608)
وَقَالَ ابْنُ النَّجَّار:وَلِيَ قَضَاءَ
وَاسِط فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ، وَعُزِلَ فِي سَنَةِ ثَلاَثَ عَشْرَةَ،
وَلاَزَمَ الإِشغَال (1) بِوَاسِط، وَكَانَ إِمَاماً
وَرِعاً مَهِيْباً، لاَ تَأْخُذُهُ فِي اللهِ لَوْمَةُ
لاَئِمٍ.
رَوَى عَنْهُ أَهْلُ وَاسِط، وَكَانَ مَعْدُوْداً فِي
الأَذكيَاء.
مَاتَ:فِي المُحَرَّمِ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ،
وَعَلَيْهِ تَفَقَّهَ فَقِيْهُ الشَّام أَبُو سَعْدٍ
بنُ أَبِي عَصْرُوْنَ (2) .
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ:القُدْوَة الزَّاهِد أَبُو
الوَفَاء أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الشِّيرَازِي،
وَأَحْمَد بن عَلِيِّ بنِ حَسَنِ بنِ سَلْمَوَيْهِ
الصُّوْفِيّ بِنَيْسَابُوْرَ، وَالطَّبِيْب
الفَيْلَسُوْف أُمَيَّة بن عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ
أَبِي الصَّلْتِ الدَّانِي (3) ، وَأَبُو الحُسَيْنِ
سُلَيْمَان بن مُحَمَّدِ بنِ الطّرَاوَة نَحْوِي
زَمَانه، وَأَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ
خَلَفِ بنِ البَاذش المُقْرِئُ، وَأَبُو القَاسِمِ
هِبَةُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ الوَاسِطِيّ.
356 - ابْنُ قِبْلَيل أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ
عُمَرَ بنِ خَلَفٍ *
شَيْخُ المَالِكِيَّة، أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ
عُمَرَ بنِ خَلَفِ بنِ قِبْلَيل (4) الهَمَذَانِيّ،
الغَرْنَاطِي، الفَقِيْه.
__________
(1) في تاريخ المؤلف: ولازم الافادة بواسط.
(2) وفي سؤالات الحافظ السلفي لخميس الحوزي: 47 - 48:
وسألته عن أبي علي ابن برهون قاضي واسط، فقال: متقدم
في الفقه من أصحاب الشيخين أبي إسحاق الشيرازي، وأبي
نصر الصباغ، قضى بواسط بعد أبي تغلب، فظهر من عقله
وعدله وحسن سيرته ما زاد على الظن، وسمع الخطيب، وابن
النقور، والصريفيني، وابن حمدويه، وابن الغريق، وأصوله
حسنة، وسماعاته صحيحة.
(3) سترد ترجمته برقم (375).
(*) بغية الملتمس: 184، تكملة الصلة: 1 / 135، تاريخ
الإسلام، 4: 270 / 2، الديباج المذهب: 1 / 220.
(4) في بغية الملتمس: قبلال.
(19/609)
تَحَمَّل عَنْ:مُحَمَّدِ بنِ فَرج الطلاعِي،
وَأَبِي عَلِيٍّ الغَسَّانِيّ الحَافِظ، وَأَصْبَغ بن
مُحَمَّد.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ عَبْدِ
الرَّحِيْمِ، وَأَبُو خَالِدٍ بن رِفَاعَةَ، وَأَبُو
جَعْفَرٍ بنُ البَاذَش، وَأَبُو القَاسِمِ بنُ
بَشْكُوَال.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الأَبَّار:دَارت عَلَيْهِ
الفُتْيَا، وَكَانَ مِنْ جِلَّةِ الفُقَهَاء
المُشَاورِيْنَ.
تُوُفِّيَ:فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ سِتٍّ
وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
357 - ابْنُ الرُّطَبِي أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ
سَلاَمَةَ بن عُبَيْدِ اللهِ *
العَلاَّمَةُ، المُفْتِي، أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ
بنُ سَلاَمَةَ بن عُبَيْدِ اللهِ بنِ مَخْلد
الكَرْخِيّ، الشَّافِعِيّ، ابْن الرُّطَبِي (1) ،
أَحَد أَذكيَاءِ الْعَصْر.
رَوَى عَنْ:أَبِي القَاسِمِ بنِ البُسْرِيِّ،
وَجَمَاعَةٍ.
وَتَفَقَّهَ:بِالشَّيْخ أَبِي إِسْحَاقَ، وَبِابْنِ
الصَّبَّاغ، وَلاَزَمَ أَبَا بَكْرٍ الشَّاشِيّ،
وَمَضَى إِلَى أَصْبَهَانَ، وَجَالَس مُحَمَّد بن
ثَابِتٍ الْخُجَنْدِي، وَبَرَعَ وَسَاد، وَوَلِيَ
قَضَاءَ الحرِيْم وَالحِسبَة، وَأَدَّبَ أَوْلاَدَ
الخَلِيْفَة، وَكَانَ مِنْ رِجَالِ العِلْمِ عَقْلاً
وَسَمتاً وَوقَاراً.
__________
(*) تبيين كذب المفتري: 321 - 332، المنتظم: 10 / 31،
الكامل في التاريخ: 11 / 9، تاريخ الإسلام: 4: 273 /
2، العبر 4 / 71، المشتبه: 1 / 319، وذكره المؤلف في
تذكرة الحفاظ: 4 / 1288، الوافي بالوفيات: 6 / 396 -
397، مرآة الزمان: 8 / 89، مرآة الجنان: 3 / 252،
طبقات السبكي: 6 / 18 - 19، طبقات الاسنوي: 1 / 585 -
586، البداية: 12 / 205، تبصير المنتبه: 2 / 629.
(1) ضبطه - كما في الأصل - غير واحد من الأئمة، بضم
الراء، وفتح الطاء، وأخطأ محققا طبقات السبكي فضبطاه
بفتح الراء.
(19/610)
رَوَى عَنْهُ:ابْنُ عَسَاكِر، وَيَحْيَى بنُ
ثَابِتٍ البَقَّالُ، وَيَحْيَى بن بوش، وَكَانَ
بَصِيْراً بِالكَلاَم، وَبِهِ تَأَدَّبَ الرَّاشد
بِاللهِ، وَكَانَ رَأْساً فِي المَذْهَب.
تُوُفِّيَ:سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ
مائَةٍ، فِي أَوّل رَجَب، بِبَغْدَادَ.
358 - ابْنُ الفَتَى أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ
سَلْمَانَ بنِ عَبْدِ اللهِ *
العَلاَّمَةُ، مُدَرِّس النِّظَامِيَة، أَبُو عَلِيٍّ
الحَسَنُ بنُ سَلْمَانَ بن عَبْدِ اللهِ أَبِي طَالِبٍ
بنِ مُحَمَّدٍ النَّهْرَوَانِي، ثُمَّ
الأَصْبَهَانِيّ.
سَمِعَ مِنَ:الرَّئِيْس أَبِي عَبْدِ اللهِ
الثَّقَفِيّ.
رَوَى عَنْهُ:أَبُو المُعَمَّر الأَنْصَارِيّ،
وَغَيْرُهُ، وَكَانَ وَاعِظاً باهراً مُتَضَلِّعاً
مِنَ الفِقْهِ وَالكَلاَمِ، وَافِرَ الجَلاَلَة.
قَالَ أَبُو المُعَمَّرِ:لَمْ تَرَ عَينَاي مِثْله.
وَقَالَ ابْنُ عَسَاكِر فِي(طَبَقَات
الأَشعرِيَة):كَانَ مِمَّنْ يَملأُ العينَ جَمَالاً،
وَالأُذُنَ بيَاناً، وَيُرْبِي عَلَى أَقرَانه فِي
النَّظَر، لأَنَّه كَانَ أَفصحَهُم لِسَاناً،
تَفَقَّهَ بِأَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ ثَابِتٍ
الْخُجَنْدِي مُدَرِّسِ نِظَامِيَّةِ أَصْبَهَانَ.
قِيْلَ:إِنَّهُ سُئِلَ:مَا عَلاَمَةُ قبُول صومِ
رَمَضَانَ؟
قَالَ:أَنْ يَموتَ فِي شَوَّالٍ قَبْل التلبُّسِ
بِرَدِيءِ الأَعْمَال، فَمَاتَ فِي سَادس شَوَّالٍ،
سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَأَظهر
عَلَيْهِ أَهْلُ بَغْدَادَ مِنَ الْجزع مَا لَمْ
يُعْهَدْ مِثْلُه (1) .
__________
(*) تبيين كذب المفتري: 318 - 320، المنتظم: 10 / 22،
الكامل في التاريخ: 10 / 670 - 671، تاريخ الإسلام: 4:
265 / 2.
(1) " تبيين كذب المفتري ": ص 319 - 320. وفيه: ودفن
بتربة الشيخ أبي إسحاق
(19/611)
قُلْتُ:وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ عَسَاكِرَ (1) .
وَقَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ:وَعَظَ بِجَامِع القَصْرِ،
وَكَانَ يَقُوْلُ:أَنَا فِي الْوَعْظ مبتدئٌ، أَنشَأَ
خُطباً كَانَ يُورِدُهَا، وَيَنْظِمُ فِيْهَا مَذْهَب
الأَشْعَرِيّ فَنَفَقَتْ، وَمَالَ عَلَى
المُحَدِّثِيْنَ وَالحنَابلَة، فَاسْتُلِبَ عَاجِلاً
(2) .
قُلْتُ:تُوُفِّيَ كَهْلاً، وَكَانَ أَبُوْهُ (3) أَبُو
عَبْدِ اللهِ رَأْساً فِي اللُّغَة وَالنَّحْوِ، لَهُ
كِتَاب(القَانُوْنِ)عشر مجلَّدَات فِي اللُّغَة،
وَفسَّر القُرْآن، وَأَلَّف فِي علل القِرَاءات،
أَخَذَ عَنِ ابْنِ بُرْهَان، وَحَدَّثَ عَنِ ابْنِ
غَيْلاَنَ، وَتَخَرَّجَ بِهِ أُدبَاءُ أَصْبَهَانَ.
وَرَوَى عَنْهُ:السِّلَفِيّ.
مَاتَ:سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ،
تَأَدَّب بِهِ أَوْلاَدُ نِظَامُ المُلك، وَقَدْ
شَاخَ.
359 - دُبَيْس أَبُو الأَعزّ بن صَدَقَةَ بن
مَنْصُوْرٍ الأَسَدِيُّ *
صَاحِب الحِلَّة (4) ، الملِكُ، نُور الدَّوْلَة،
أَبُو الأَعزّ دُبَيسُ ابنُ الملكِ
__________
(1) في " المشيخة ": 44 / 1 - 2.
(2) المنتظم: 10 / 22.
(3) له ترجمة في: الوافي بالوفيات: 13 م / 106 - 107،
ومعجم الأدباء: 11 / 251 - 253، وإنباه الرواة: 2 / 26
- 28، ومرآة الجنان: 3 / 156، وطبقات المفسرين
للسيوطي: 13، وكشف الظنون: 163، وروضات الجنات: 322،
وبغية الوعاة: 1 / 595، وطبقات ابن قاضي شهبة: 1 /
355، وتلخيص ابن مكتوم: 75، وشذرات الذهب: 3 / 399،
وطبقات المفسرين للداوودي: 1 / 192 - 193.
(*) المنتظم: 10 / 52 - 53، تاريخ آل سلجوق: 178،
الشريشي 2 / 218، الكامل في التاريخ 11 / 30، وفيات
الأعيان: 2 / 263، تاريخ الإسلام: 4: 281 / 2 - 282 /
1، العبر: 4 / 78، تتمة المختصر: 2 / 51 و58، 63، مرآة
الزمان: 8 / 94، البداية: 12 / 202 و209، تاريخ ابن
خلدون: 4 / 285، النجوم الزاهرة: 5 / 256، شذرات
الذهب: 4 / 90 - 91.
(4) قال ياقوت: هي حلة بني مزيد: مدينة كبيرة بين
الكوفة وبغداد كانت تمسى الجامعين.
وقال صاحب الروض المعطار: 197 هي مدينة كبيرة منيفة
على شط الفرات يتصل بها من جانبها الشرقي، وتمتد
بطوله.
(19/612)
سَيْف الدَّوْلَة صَدَقَةَ بنِ مَنْصُوْرِ بنِ
دُبيسٍ الأَسَدِيّ.
كَانَ أَديباً، جَوَاداً، مُمَدَّحاً، مِنْ نُجَبَاءِ
العربِ، تَرَامت بِهِ الأَسفَارُ إِلَى الأَطرَاف،
وَجَالَ فِي خُرَاسَانَ، وَاسْتَوْلَى عَلَى كَثِيْرٍ
مِنْ بِلاَدِ العِرَاق، وَخِيفَ مِنْ سَطوَتِهِ،
وَحَارَبَ المُسْترشِدَ بِاللهِ، ثُمَّ فَرَّ مِنَ
الحِلَّةِ إِلَى صَاحِبِ مَاردِينَ نَجمِ الدّين،
وَصَاهَرَهُ، وَصَارَ إِلَى الشَّامِ، وَأَمرُهَا فِي
شِدَّةٍ مِنَ الفِرَنْج، ثُمَّ ردَّ إِلَى العِرَاقِ،
وَجَرَتْ لَهُ هَنَاةٌ، فَفَرَّ إِلَى سَنْجَر صَاحِبِ
خُرَاسَان، فَأَقْبَل عَلَيْهِ، ثُمَّ أَمسكه مِنْ
أَجْل الخَلِيْفَة مُدَّةً، ثُمَّ أَطْلَقَهُ، فَلحِقَ
بِالسُّلْطَان مَسْعُوْد، فَقَتَلَهُ غَدراً
بِمَرَاغَةَ، فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ تِسْعٍ
وَعِشْرِيْنَ، وَأَرَاح اللهُ الأُمَّةَ مِنْهُ،
فَقَدْ نَهَبَ وَأَرجَفَ، وَفعل العَظَائِمَ، وَلَمَّا
هَرَبَ فِي خوَاصِّهِ، قصد مُرِّيّ بن رَبِيْعَةَ
أَمِيْر عربِ الشَّام، فَهَلَكُوا فِي البَرِيَّة مِنَ
العَطشِ، وَمَاتَ عِدَّةٌ مِنْ مَمَالِيكِهِ، فَحصل
فِي حِلَّة مكتُوْم بنِ حَسَّانٍ، فَبَادَرَ إِلَى
مُتَوَلِّي دِمَشْق تَاجِ المُلُوْكِ، فَأَخْبَرَهُ
بِهِ، فَبَعَثَ خَلِيْلاً، فَأَحضَرُوهُ إِلَى
دِمَشْقَ، فَاعْتقله مُكرَّماً، ثُمَّ أَطْلَقَهُ
لِلأَتَابِكِ زنكِي لِيُطلق مِنْ أَسره ولدَه سُوْنج
بن تَاج المُلُوْك، وَكَانَ دُبيس شِيْعِيّاً
كآبَائِهِ، وَلَهُ نَظْمٌ جَيِّد.
وَأَمَّا أَخُوْهُ:
360 - تَاجُ المُلُوْك سَيْفُ الدَّوْلَة بَدْرَانُ *
فَشَاعِرٌ مُحسن، تَحَوَّل بَعْدَ مَوْتِ أَبِيْهِ
إِلَى مِصْرَ، فَأَقْبَلُوا عَلَيْهِ مُدَّة، ثُمَّ
نُفِيَ إِلَى حلب.
مَاتَ بَعْدَ دُبيس بِسَنَةٍ، وَسِيرَةُ دُبيس
وَأَقَارَبِه تَحْتمل أَنْ تُعْمَل فِي مُجَيْلِيدٍ.
__________
(*) خريدة القصر، وفيات الأعيان: 2 / 264 ذكره في
ترجمة أخيه، تاريخ الإسلام: 4: 285 / 2 - 286 / 2،
النجوم الزاهرة: 5 / 260.
(19/613)
361 - ابْنُ الحَاجِّ أَبُو عَبْدِ اللهِ
مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ خَلَفٍ *
شَيْخُ الأَنْدَلُس، وَمُفتيهَا، وَقَاضِي
الجَمَاعَةِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ
أَحْمَدَ بنِ خَلَفِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ لُبٍّ
التُّجِيْبِيّ، القُرْطُبِيّ، المَالِكِيّ، ابْن
الحَاج.
تَفقَّه بِأَبِي جَعْفَرٍ بن رزق، وَتَأَدَّب بِأَبِي
مَرْوَانَ بنِ سِرَاجٍ، وَسَمِعَ الكَثِيْر مِنْ أَبِي
عَلِيٍّ الغَسَّانِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ الفَرَجِ،
وَخَازِمِ بنِ مُحَمَّدٍ، وَعِدَّةٍ.
قَالَ ابْنُ بَشْكُوَال:كَانَ مِنْ جِلَّةِ
العُلَمَاءِ، مَعْدُوْداً فِي المُحَدِّثِيْنَ
وَالأُدبَاء، بَصِيْراً بِالفَتْوَى، كَانَتِ
الفَتْوَى تَدورُ عَلَيْهِ لِمَعْرِفَتِهِ وَدِينِهِ
وَثِقَتِهِ، وَكَانَ مُعتَنِياً بِالآثَارِ، جَامِعاً
لَهَا، ضَابطاً لأَسْمَاءِ رِجَالِهَا وَرُوَاتِهَا،
مُقَيِّداً لِمعَانِيْهَا وَغرِيبهَا، ذَاكراً
لِلأَنسَاب وَاللُّغَة وَالنَّحْو.
إِلَى أَنْ قَالَ:قَيَّدَ العِلْمَ عُمُرَه كُلَّه،
مَا أَعْلَمُ أَحَداً فِي وَقته عُنِيَ بِالعلم
كعنَايته، سَمِعْتُ مِنْهُ، وَكَانَ ليِّناً حليماً
مُتَوَاضِعاً، لَمْ يُحْفَظْ لَهُ جَوْرٌ فِي
قَضِيَّة، وَكَانَ كَثِيْرَ الْخُشُوع وَالذِّكر،
قُتِلَ ظُلماً يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَهُوَ سَاجِد، فِي
صَفَرٍ، سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ،
وَلَهُ إِحْدَى وَسَبْعُوْنَ سَنَةً (1) .
قُلْتُ:رَوَى عَنْهُ:أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ
عَبْدِ المَلِكِ بنِ عَمِيْرَةَ، وَأَحْمَدُ بن
يُوْسُفَ بنِ رُشْد، وَابْن بَشْكُوَالٍ، وَوَلَدُه
أَبُو القَاسِمِ مُحَمَّدُ بنُ
__________
(*) الصلة: 2 / 580 - 581، تاريخ الإسلام: 4: 284 / 1،
العبر: 4 / 79، أزهار الرياض: 3 / 61، شذرات الذهب: 4
/ 93 - 94، الغنية: 117 - 122.
(1) الصلة: 2 / 580.
(19/614)
الحَاج، وَعَبْدُ اللهِ بن مُغِيْث قَاضِي
الجَمَاعَة، وَعَبْدُ اللهِ بن خَلَفٍ الفِهْرِيّ،
وَأَبُو بَكْرٍ بنُ طَلْحَةَ المُحَارِبِيُّ، وَأَبُو
الحَسَنِ بنُ النِّعمَة، وَهُوَ مِنْ أَجدَادِ
شَيخِنَا أَبِي الوَلِيْدِ إِمَامِ المَالِكِيَّةِ
بِدِمَشْقَ.
362 - الفُرَاوِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ
الفَضْلِ بنِ أَحْمَدَ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الفَقِيْهُ، المُفْتِي،
مُسْنِدُ خُرَاسَان، فَقِيْهُ الْحرم، أَبُو عَبْدِ
اللهِ مُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ بنِ أَحْمَدَ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ أَبِي العَبَّاسِ الصَّاعدي، الفُرَاوِي
(1) ، النَّيْسَابُوْرِيّ، الشَّافِعِيّ.
وُلِدَ:فِي سَنَةِ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ تَقدِيراً، لأَنَّ شَيْخُ الإِسْلاَمِ أَبَا
عُثْمَانَ الصَّابونِيَّ أَجَازَ لَهُ فِيْهَا.
وَسَمِعَ(صَحِيْح مُسْلِم)مِنْ:أَبِي الحُسَيْنِ عَبْد
الغَافِرِ بن مُحَمَّدٍ
__________
(*) تبيين كذب المفتري: 322، المنتظم: 10 / 65، معجم
البلدان: 4 / 245، الكامل في التاريخ: 11 / 46، طبقات
ابن الصلاح: 20 / 1، وفيات الأعيان: 4 / 290 - 291،
تاريخ الإسلام: 4: 289 / 1 - 290 / 1، دول الإسلام: 2
/ 52، العبر: 4 / 83، الوافي بالوفيات: 4 / 423، مرآة
الزمان: 8 / 97 - 98، طبقات السبكي: 6 / 166 - 170،
طبقات الاسنوي: 2 / 276، البداية والنهاية: 12 / 211،
وفيات ابن قنفذ: 276، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة:
1 / 352، شذرات الذهب: 96، إيضاح المكنون: 2 / 429،
هدية العارفين: 2 / 87، مجمع الآداب: 4 / 3 / 484 -
485.
(1) بظم الفاء كما في الأصل، والأنساب، واللباب، ولب
اللباب، ووفيات الأعيان، وضبطها ياقوت بالفتح، وكذا
المؤلف في " المشتبه ": 500، قال ابن ناصر الدين في "
توضيح المشتبه ": 2 / 193: جزم بالضم ابن السمعاني
وغيره، وبالفتح آخرون، وهو الأكثر فيما ذكره الصدر
الحسن بن محمد البكري، وفي " تبصير المنتبه ": 3 /
1100: اختلف في ضم الفاء وفتحها، قال ابن نقطة: الفتح
أكثر وأشهر.
وهذه النسبة إلى فراوة: بلدة في طرف خراسان مما يلي
خوارزم بناها عبد الله بن طاهر في خلافة المأمون، وهو
يومئذ أمير خراسان.
(19/615)
الفَارِسِيّ، وَسَمِعَ(جُزْء ابْن نُجيد)مِنْ
عُمَرَ بن مَسْرُوْر الزَّاهِد، وَسَمِعَ مِنْ أَبِي
عُثْمَانَ الصَّابونِي أَيْضاً، وَمِنْ:أَبِي سَعْدٍ
الكَنْجَرُوذِي، وَالحَافِظ أَبِي بَكْرٍ
البَيْهَقِيّ، وَمُحَمَّد بن عَلِيٍّ الخَبَّازِيّ،
وَأَبِي يَعْلَى إِسْحَاق الصَّابونِي، وَأَحْمَدَ بنِ
مَنْصُوْرٍ المَغْرِبِيّ، وَعَبْدِ اللهِ بن مُحَمَّدٍ
الطُّوْسِيّ، وَأَحْمَد بن الحَسَنِ الأَزْهَرِيّ،
وَأَبِي القَاسِمِ القُشَيْرِيّ، وَأَبِي سَعِيْدٍ
مُحَمَّد بن عَلِيٍّ الخَشَّاب، وَمُحَمَّدِ بن عَبْدِ
اللهِ بن عُمَرَ العَدَوِيّ الهَرَوِيّ، وَعبدِ
الرَّحْمَن بن عَلِيٍّ التَّاجِر، وَنَصْرِ بن عَلِيٍّ
الطُّوْسِيّ الحَاكِم، وَعَلِيِّ بن يُوْسُفَ
الجُوَيْنِيّ، وَإِسْمَاعِيْل بن مَسْعَدَةَ بن
الإِسْمَاعِيْلِي، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ زَاهِر،
وَأَبِي عَامِرٍ مَحْمُوْدِ بن القَاسِمِ الأَزْدِيّ،
وَإِمَامِ الحَرَمَيْنِ أَبِي المَعَالِي، وَأَبِي
الوَلِيْدِ الحَسَن بن مُحَمَّدٍ البَلْخِيّ،
وَالقَاضِي مُحَمَّدِ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ النسوِي،
وَالأَمِيْرِ مُظَفَّر بن مُحَمَّدٍ المِيكَالِي،
وَعَلِيِّ بن مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ اللحسَانِي.
وَسَمِعَ(صَحِيْح البُخَارِيِّ)مِنْ:سَعِيْدِ بنِ
أَبِي سَعِيْدٍ العيَار، وَأَبِي سهلٍ الْحَفْصِي.
وَسَمِعَ أَيْضاً مِنْ:أَبِي عُثْمَانَ البَحيرِي،
وَالشَّيْخ أَبِي إِسْحَاقَ الشِّيرَازِي، وَطَائِفَة.
وَبِبَغْدَادَ مِنْ:أَبِي نَصْرٍ الزَّيْنَبِيِّ،
وَتَفَرَّد بِـ(صَحِيْحِ مُسْلِمٍ)، وَبِالأَسْمَاء
وَالصِّفَاتِ، وَدَلاَئِلِ النُّبُوَّةِ،
وَالدَّعوَاتِ الكَبِيْرِ، وَبِالبَعْثِ
لِلبَيهَقِيِّ.
قَالَهُ السَّمْعَانِيّ، وَقَالَ:هُوَ إِمَامٌ مفتٍ،
مُنَاظر وَاعِظ، حسنُ الأَخلاَق وَالمعَاشرَة، مكرمٌ
لِلْغربَاء، مَا رَأَيْتُ فِي شُيُوْخِي مِثْله،
وَكَانَ جَوَاداً كَثِيْرَ التبسُّم.
قُلْتُ:رَوَى عَنْهُ:أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ،
وَيُوْسُفُ بن آدَمَ، وَأَبُو العَلاَءِ
(19/616)
العَطَّار، وَأَبُو القَاسِمِ ابنُ عَسَاكِرَ
(1) ، وَأَبُو الحَسَنِ المُرَادِيّ، وَابْنُ يَاسِر
الجيَّانِي، وَأَبُو الخَيْرِ القَزْوِيْنِيّ، وَابْن
صَدَقَة الحَرَّانِيُّ، وَأَبُو سَعْدٍ بنُ
الصَّفَّارُ، وَعبدُ السَّلام بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ
الأَكَاف، وَعبدُ الرَّحِيْم بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ
الشّعرِي، وَمَنْصُوْرُ بن عَبْد المُنْعِمِ
الفُرَاوِي، وَأَبُو الفُتُوْح مُحَمَّد بن المُطَهَّر
الفَاطِمِي، وَأَبُو المفَاخر سَعِيْد بن
المَأْمُوْني، وَالمُؤَيَّد بن مُحَمَّدٍ الطُّوْسِيّ،
وَعِدَّة.
وَبِالإِجَازَة:القَاضِي أَبُو القَاسِمِ بنُ
الحَرَسْتَانِيِّ، وَغَيْرُهُ.
ذكره عَبْد الغَافِرِ فِي(سيَاقه)، فَقَالَ:فَقِيْهُ
الحرمِ، البَارعُ فِي الفِقْه وَالأُصُوْل، الحَافِظُ
لِلْقوَاعدِ، نَشَأَ بَيْنَ الصُّوْفِيَّة، وَوصل
إِلَيْهِ بركَةُ أَنفَاسِهِم، دَرسَ الأُصُوْل
وَالتَّفْسِيْرَ عَلَى زَيْنِ الإِسْلاَمِ
القُشَيْرِيِّ، ثُمَّ اخْتلف إِلَى مَجْلِس أَبِي
المَعَالِي، وَلاَزَمَ دَرسَه مَا عَاشَ، وَتَفَقَّهَ،
وَعلَّق عَنْهُ الأُصُوْلَ، وَصَارَ مِنْ جُمْلَةِ
المَذكُورِيْنَ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَحَجَّ، وَعَقَدَ
المَجْلِس بِبَغْدَادَ وَسَائِرِ البِلاَدِ، وَأَظهر
العِلْمَ بِالحَرَمَيْنِ، وَكَانَ مِنْهُ بِهِمَا
أَثرٌ، وَذِكْرٌ، وَمَا تَعدَّى حدَّ العُلَمَاء
وَسِيرَةَ الصَّالِحِيْنَ مِنَ التَّوَاضُعِ
وَالتَّبَذُّلِ فِي المَلبَسِ وَالعيش، وَتَسَتَّر
بِكِتَابَة الشُّروط لاتصَاله بِالزمرَّة الشحَامِيَة
مُصَاهرَةً، وَدرَّس بِالمدرسَة النَّاصحيَة، وَأَمَّ
بِمسجد المطرّز، وَعَقَدَ بِهِ مَجْلِسَ الإِملاَء فِي
الأُسْبُوْع يَوْمَ الأَحَد، وَلَهُ مَجَالِسُ
الْوَعْظ المشحونَة بِالفَوَائِد وَالمُبَالَغَة فِي
النُّصْح، حَدَّثَ بِـ(الصَّحِيْحَيْنِ)، وَ(غَرِيْب
الحَدِيْث)لِلْخطَابِي، وَاللهِ يَزِيْد فِي مُدَّته،
وَيَفسَحُ فِي مُهْلَته، إِمْتَاعاً للمُسْلِمِين
بفَائِدته.
__________
(1) مشيخة ابن عساكر: 205 / 2.
(19/617)
قَالَ السَّمْعَانِيّ:سَمِعْتُ عبدَ
الرَّشِيْد بن عَلِيٍّ الطَّبَرِيّ بِمَرْو
يَقُوْلُ:الفُرَاوِي أَلفُ رَاوِي.
وَحَكَى وَالِدُه الفَضْلُ بنُ أَحْمَدَ عَنِ
الأَمِيْر أَبِي الحَسَنِ السمحورِي:أَنَّهُ رَأَى فِي
سَنَةِ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ النَّبِيّ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَقُوْلُ لابْنِي
مُحَمَّد:قَدْ جَعَلتُك فِي عقد المَجْلِس.
قَالَ ابْنُ عَسَاكِر:إِلَى الفُرَاوِي كَانَتْ رحلتِي
الثَّانِيَة، وَكَانَ يُقْصَدُ مِنَ النَّوَاحِي لِمَا
اجْتَمَع فِيْهِ مِنْ عُلُوِّ الإِسْنَاد، وَوُفُورِ
العِلْم، وَصحَّةِ الاعتقَاد، وَحُسنِ الخلقِ،
وَالإِقبالِ بِكُلِّيَّتِهِ عَلَى الطَّالب (1) .
قَالَ السَّمْعَانِيُّ:وَسَمِعْتُ الفُرَاوِي
يَقُوْلُ:
كُنَّا نَسْمَعُ(مُسْنَدَ أَبِي عَوَانَةَ)عَلَى
القُشَيْرِيِّ، وَكَانَ يَحْضُرُ رَئِيْس يَجْلِسُ
بِجنب الشَّيْخِ، فَغَاب يَوْماً، وَكَانَ الشَّيْخ
يَجْلِسُ وَعَلَيْهِ قَمِيْصٌ أَسودُ خشن، وَعِمَامَةٌ
صَغِيرَةٌ، وَكُنْتُ أَظُنّ أَنَّ السَّمَاع عَلَى
ذَلِكَ الْمُحْتَشَمَ، فَشرع أَبِي فِي القِرَاءةِ،
فَقُلْتُ:عَلَى مَنْ تَقرَأُ وَالشَّيْخ مَا حضَر؟
فَقَالَ:وَكَأَنَّك تَظُنّ أَن شيخَك ذَلِكَ الشَّخْص؟
قُلْتُ:نَعم.
فَضَاق صَدْرُهُ وَاسْترجع، وَقَالَ:يَا بُنَيَّ شيخُك
هَذَا القَاعِد، ثُمَّ أَعَاد لِي مِنْ أَوَّل
الكِتَاب.
ثُمَّ قَالَ السَّمْعَانِيّ:سَمِعْتُ عَبْدَ
الرَّزَّاقِ بن أَبِي نَصْرٍ الطَّبَسِي يَقُوْلُ:
قَرَأْت(صَحِيْح مُسْلِم)عَلَى الفُرَاوِي سَبْعَ
عَشْرَةَ نَوْبَة، وَقَالَ:أُوصيك أَنْ تحضر غسلِي،
وَأَن تُصلِي عَلَيَّ فِي الدَّار، وَأَنْ تُدْخِلِ
لِسَانك فِي فِيَّ،
__________
(1) " تبيين كذب المفتري ": ص: 324 - 325، وتمام
كلامه: فأقمت في صحبته سنة كاملة، وغنمت من مسموعاته
فوائد حسنة طائلة، وكان مكرما لموردي عليه، عرافا بحق
قصدي إليه.
(19/618)
فَإِنَّك قَرَأْت بِهِ كَثِيْراً حَدِيْث
رَسُوْل اللهِ (1) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - .
قَالَ السَّمْعَانِيّ:فَصُلِّيَ عَلَيْهِ بُكْرَةً،
وَمَا وَصلُوا بِهِ إِلَى المَقْبَرَة إِلَى بَعْدَ
الظُّهْر مِنَ الزِّحَام، وَأَذْكُر أَنَّا كُنَّا فِي
رَمَضَانَ، سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ،
فَحملنَا مِحَفَّتَهُ عَلَى رقَابِنَا إِلَى قَبْرِ
مُسْلِم لإِتْمَام(الصَّحِيح)، فَلَمَّا فَرَغَ
القَارِئ مِنَ الكِتَاب، بَكَى الشَّيْخُ، وَدَعَا
وَأَبْكَى الحَاضرِيْنَ، وَقَالَ:لَعَلَّ هَذَا
الكِتَاب لاَ يُقرَأُ عليَّ بَعْدَ هَذَا.
فَتُوُفِّيَ - رَحِمَهُ اللهُ - :فِي الحَادِي
وَالعِشْرِيْنَ مِنْ شَوَّال، وَدُفِنَ عِنْد إِمَامِ
الأَئِمَّة ابْنِ خُزَيْمَةَ.
قَالَ:وَقد أَملَى أَكْثَر مِنْ أَلف مَجْلِس.
قُلْتُ:وَخَرَّجُوا لَهُ أَحَادِيْث سُدَاسيَة
سَمِعْنَاهَا، وَمائَة حَدِيْثٍ عَوَالِي عِنْد
أَصْحَابِ ابْنِ عَبدِ الدَّائِمِ، وَلَهُ
أَرْبَعُوْنَ المسَاوَاة وَغَيْرُ ذَلِكَ.
363 - ابْنُ آسَةَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ
القَاهِرِ بنِ الخَضِرِ *
الإِمَامُ، العَالِمُ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَلِيُّ بنُ
عَبْدِ القَاهِرِ بن آسَة، وَاسْمُهُ الخَضِرُ بنُ
عَلِيٍّ المَرَاتِبِيّ، الفَرَضِيّ، تِلْمِيْذُ أَبِي
حَكِيْم الخبْرِي.
سَمِعَ مِنْ:عبد الصَّمد بن المَأْمُوْن، وَأَبِي
الحُسَيْنِ بن الْمُهْتَدي بِاللهِ، وَابْن
النَّقُّوْرِ، وَأَلَّف فِي الفَرَائِضِ، وَكَانَ
خَيِّراً صَالِحاً.
رَوَى عَنْهُ:هِبَة اللهِ بن الحَسَنِ السِّبْط،
وَطَائِفَة.
عَاشَ:خَمْساً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
تُوُفِّيَ:فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ - رَحِمَهُ اللهُ - .
__________
(1) طبقات السبكي: 6 / 169، وعلق على الخبر بقوله:
أملى الفراوي أكثر من ألف مجلس، وانفرد بعلو الإسناد
مع البصر بالعلم والديانة المتينة.
(*) تاريخ الإسلام: 4: 288 / 1.
(19/619)
364 - الخَلاَّلُ أَبُو عَبْدِ اللهِ
الحُسَيْنُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ الحُسَيْنِ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الصَّدُوْقُ، مُسْنِدُ
أَصْبَهَان، شَيْخُ العَرَبِيَّة، بَقِيَّةُ السَّلَف،
أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ
بنِ الحُسَيْنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ
الأَصْبَهَانِيّ، الخَلاَّل، الأَثرِي، الأَدِيْب.
وُلِدَ:فِي صَفَرٍ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وسَمِعَ:أَحْمَد بن مَحْمُوْدٍ الثَّقَفِيّ،
وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ مَنْصُوْرٍ سِبْط بحرويه،
وَعَبْدَ الرَّزَّاقِ بنَ شمَّة، وَأَبَا الفَضْل
عَبْدَ الرَّحْمَنِ بن أَحْمَدَ الرَّازِيّ،
وَسَعِيْدَ بنَ أَبِي سَعِيْدٍ العَيَّار، وَأَحْمَدَ
بنَ الفَضْلِ البَاطِرْقَانِي، وَعبدَ الرَّحْمَن بنَ
مَنْدَة، وَأَخويه عَبْدَ الوَهَّابِ، وَعُبيدَ الله،
وَخَلْقاً كَثِيْراً.
وَسَمِعَ بِبَغْدَادَ فِي الكُهُوْلَة مِنْ:أَبِي
القَاسِمِ بنِ بَيَانٍ، وَطَائِفَة.
حَدَّثَ عَنْهُ:السِّلَفِيّ، وَالسَّمْعَانِيّ،
وَابْنُ عَسَاكِرَ (1) ، وَالمَدِيْنِيّ، وَمَعْمَر،
وَبَنوهُ، وَأَبُو الْمجد زَاهِرُ بنُ أَحْمَدَ،
وَأَبُو نَجِيْحٍ فَضلُ الله بن عُثْمَانَ،
وَالمُؤَيَّدُ بن الإِخْوَة، وَمَحْمُوْدُ بن أَحْمَدَ
المُضَرِيّ، وَتَقيَةُ بِنْتُ أَموسَان، وَخَلْقٌ
سِوَاهُم.
قَالَ السَّمْعَانِيّ:رَأَيْتُهُ بَعْدَ أَنْ كَبِرَ
وَأَضرَّ، وَكَانَ حَسَنَ المُعَاشرَة وَالمُحَاورَة،
بَسَّاماً، كَثِيْرَ المَحْفُوْظ، قرَأَ عَلَيْهِ
ابْنُ نَاصر بِبَغْدَادَ(صَحِيْح البُخَارِيِّ)،
وَكَانَ عَزِيزَ النَفْس قَانِعاً، لاَ يَقبلُ مِنْ
أَحَد شَيْئاً مَعَ فَقره،
__________
(*) ذكره السمعاني في التحبير: 1 / 131 في ترجمة ابن
عمه، تاريخ دمشق: م 1 / 75، وما بعدها، دول الإسلام: 2
/ 53، وذكره المؤلف في تذكرة الحفاظ: 4 / 1277، بغية
الوعاة: 1 / 536.
(1) مشيخة ابن عساكر: 52 / 1.
(19/620)
خَرَّج لَهُ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي نَصْرٍ
اللفتوَانِي(مُعْجَماً)فِي أَكْثَر مِنْ عَشْرَة
أَجزَاء.
تُوُفِّيَ:فِي حَادِي عشر جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ
اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَكَانَ
يُلَقَّبُ بِالأَثرِي.
قَالَ ابْنُ النَّجَّار:لَمْ يُحَدِّثنَا عَنْهُ مِنْ
بَلَده إِلاَّ دَاوُدُ بن سُلَيْمَانَ بن نِظَام
الْملك، وَكَانَ مِنَ الأُدبَاء الفُضَلاَء، سَمِعَ
الكَثِيْرَ.
365 - اليُونَارتِيُّ أَبُو نَصْرٍ الحَسَنُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، المُفِيْدُ، الحَافِظُ، أَبُو
نَصْرٍ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بن
أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ اليُونَارتِي (1) ،
الأَصْبَهَانِيّ.
وَيُونَارتُ:قَرْيَة عَلَى بَابِ أَصْبَهَان.
وُلِدَ:سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ:أَبَا بَكْرٍ بنَ مَاجَه، وَأَبَا مَنْصُوْرٍ
بن شَكْرُويه، وَعِدَّة، وَلَمْ يَلحق أَبَا عَمْرٍو
بن مَنْدَه، وَارْتَحَلَ فَأَكْثَر عَنْ أَبِي بَكْرٍ
بنِ خَلَفٍ وَطَبَقَته بِنَيْسَابُوْرَ، وَلقِيَ أَبَا
عَامِرٍ الأَزْدِيّ بِهَرَاةَ، وَلقِي بِبلخ أَبَا
القَاسِمِ أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدٍ الخَلِيْلِي،
وَبِبَغْدَادَ أَحْمَدَ بنَ عَبْد القَادِرِ
اليُوسفِي، وَابْن العلاَف.
رَوَت عَنْهُ:فَاطِمَةُ بِنْتُ سَعْدِ
الخَيْرِ(جُزْءاً)مَشْهُوْراً بِهِ.
__________
(*) الأنساب: الورقة / 603 أ، المنتظم: 10 / 32، معجم
البلدان: 5 / 453، اللباب: 3 / 421، تاريخ الإسلام: 4:
274 / 1، العبر: 4 / 71 - 72، تذكرة الحفاظ: 4 / 1286
- 1288، الوافي بالوفيات: 12 / 215، البداية والنهاية:
12 / 205، طبقات الحفاظ: 465، شذرات الذهب: 4 / 80.
(1) تحرف في " المنتظم ": 10 / 32 إلى " التورتاني "،
وفي " البداية ": 12 / 205 إلى " البورباري ".
(19/621)
وَقَالَ السَّمْعَانِيّ:قَالَ لِي
إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظ:مَا كَانَ لَهُ
كَبِيْرُ مَعْرِفَةٍ، غَيْر أَنَّهُ كَانَ نَظيفَ
الأَجزَاء.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَنده:كَانَ حَافِظاً
لأَحَادِيْثِ رَسُوْل اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - وَلأَطرَافٍ مِنَ الأَدبِ وَالنَّحْو،
حسنَ الْخلق، شُجَاعاً، سَمِعْنَا مِنْهُ(طَبَقَات
السَّمَرْقَنْديين)لِلإِدرِيسِي.
قُلْتُ:تُوُفِّيَ فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ سَبْعٍ
وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، عَنْ نَيِّفٍ
وَسِتِّيْنَ سَنَةً - رَحِمَهُ اللهُ - .
366 - الصَّيْرَفِيُّ أَبُو الفَرَجِ سَعِيْدُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ بَكْرٍ *
الشَّيْخُ الصَّالِحُ، العَالِمُ، الثِّقَةُ،
بَقِيَّةُ المَشَايِخ، أَبُو الفَرَجِ سَعِيْدُ بن
أَبِي الرَّجَاءِ مُحَمَّد بن أَبِي مَنْصُوْرٍ بَكْر
بن أَبِي الفَتْحِ بن بَكْرِ بنِ حجَاج
الأَصْبَهَانِيّ، الصَّيْرَفِيّ، السِّمْسَار فِي
العقَار.
وُلِدَ:فِي حُدُوْدِ عَام أَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ:أَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ النُّعْمَانِ
الصَّائِغ(مُسْنَدَ العَدَنِيّ (1))فِي سَنَةِ سِتٍّ
وَأَرْبَعِيْنَ، وَسَمِعَ(مُسْنَد أَحْمَدَ بن
مَنِيْع)مِنْ عبد الوَاحِد بن أَحْمَدَ المُعَلِّم،
وَسَمِعَ مِنِ:ابْنِ النُّعْمَانِ، وَمِنْ سِبْط
بحرويه(مُسْنَدَ أَبِي يَعْلَى (2))ملفقاً، وَسَمِعَ
مِنْ مَنْصُوْر بن الحُسَيْنِ التَّانِي، وَأَحْمَد بن
الفَضْلِ
__________
(*) دول الإسلام: 2 / 53، العبر: 4 / 87، شذرات الذهب:
4 / 99.
(1) هو الحافظ المسند أبو عبد الله محمد بن يحيى بن
أبي عمر العدني المكي المتوفي سنة 243 ه من رجال "
التهذيب " تقدمت ترجمته في الجزء الثاني عشر برقم 622.
(2) مسند أبي يعلى الذي عند أهل أصبهان من طريق ابن
المقرئ عنه كبير جدا بخلاف رواية أبي عمر بن حمدان
عنه، فإنه مختصر كما في " السير " 14 / 180 وعندنا
نسخة من رواية ابن حمدان يسر الله نشرها.
(19/622)
البَاطِرْقَاني، وَأَبِي المُظَفَّر بن
شَبِيْبٍ، وَأَبِي نَصْرٍ إِبْرَاهِيْم بن مُحَمَّدٍ
الكِسَائِيّ، وَأَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ هَاموشَة،
وَأَبِي مُسْلِمٍ مُحَمَّد بن عَلِيِّ بنِ مهربزد،
وَسَعِيْد العيَّار، وَبنِي مَنده، وَخَلْق.
حَدَّثَ عَنْهُ:السِّلَفِيّ، وَابْنُ عَسَاكِرَ،
وَأَبُو مُوْسَى، وَالسَّمْعَانِيّ، وَأَبُو الخَيْرِ
عَبْدُ الرَّحِيْمِ بن مُوْسَى، وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي
القَاسِمِ بنِ فَضْلٍ، وَمَحْمُوْدُ بنُ أَحْمَدَ
الثَّقَفِيّ، وَمَحْفُوْظُ بنُ أَحْمَدَ الثَّقَفِيُّ،
وَأَبُو الْمجد زَاهِرُ بن أَحْمَدَ، وَأَبُو مُسْلِمٍ
بنُ الإِخْوَة، وَعَائِشَة بِنْت مَعْمر، وَعينُ
الشَّمْس بِنْت سُلِيم، وَزليخَا بِنْتُ أَبِي حَفْصٍ
الغضَائِرِيُّ، وَآخَرُوْنَ، وَكَانَ عَبْدُ
الرَّحِيْمِ بنُ الإِخْوَة يَقُوْلُ:حَدَّثَنَا
سَعِيْدُ بنُ أَبِي الرَّجَاءِ الدُّوْرِيّ، لأَنَّه
كَانَ يُسَمْسِرُ فِي الدُّور.
وَقَالَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيُّ:لاَ
بَأْسَ بِهِ، كَثِيْرُ السَّمَاع.
وَقَالَ السَّمْعَانِيّ:شَيْخٌ صَالِحٌ مُكْثِرٌ،
صَحِيْحُ السَّمَاع، سَمَّعَهُ خَالُه، وَطَالَ
عُمُرُهُ، وَكَانَ حرِيصاً عَلَى الرِّوَايَة،
سَمِعْتُ مِنْهُ الكَثِيْرَ، وَقَالَ لِي:رويتُ
بِبَغْدَادَ جُزْءاً وَاحِداً.
مَاتَ:فِي تَاسع عشر صفرٍ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ
وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
قُلْتُ:خَالُهُ هُوَ المُحَدِّث مُحَمَّد بن أَحْمَدَ
الخَلاَّل.
367 - ابْنُ القُشَيْرِيِّ عَبْدُ المُنْعِمِ بنُ
عَبْدِ الكَرِيْمِ بنِ هَوَازِنَ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، المُسْنِدُ، المُعَمَّرُ، أَبُو
المُظَفَّرِ ابنُ
__________
(*) الأنساب: 10 / 156، المنتظم: 10 / 75، التقييد:
الورقة: 162 أ، العبر: 4 / 88، طبقات السبكي: 7 / 192
- 193، طبقات الاسنوي: 2 / 318 - 319، البداية
والنهاية: 12 / 213، شذرات الذهب: 4 / 99.
(19/623)
الأُسْتَاذِ أَبِي القَاسِمِ عَبدِ الكَرِيْمِ
بنِ هَوَازِن القُشَيْرِيّ، النَّيْسَابُوْرِيّ.
وُلِدَ:سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ.
وَسَمِعَ(مُسْنَدَ أَبِي يَعْلَى)مِنْ:أَبِي سَعْدٍ
مُحَمَّد بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ الكَنْجَرُوذِي،
وَسَمِعَ(مُسْنَدَ أَبِي عوَانَة)مِنْ وَالِده،
وَسَمِعَ مِنْ أَبِي عُثْمَانَ سَعِيْد بن مُحَمَّدٍ
البحيرِي، وَالحَافِظِ أَبِي بَكْرٍ البَيْهَقِيّ،
وَالحَسَنِ بن مُحَمَّدٍ الدّربندي، وَأَحْمَدَ بنِ
مَنْصُوْرِ بنِ خَلَفٍ المَغْرِبِيّ، وَبِمَكَّةَ مِنْ
أَبِي عَلِيٍّ الشَّافِعِيّ، وَأَبِي القَاسِمِ
الزَّنجَانِي، وَبِبَغْدَادَ مِنْ أَبِي الحُسَيْنِ بن
النَّقُّوْرِ، وَعَبْد العَزِيْزِ بن عَلِيٍّ
الأَنْمَاطِيّ، وَأَبِي القَاسِمِ يُوْسُف
المِهروَانِي، وَحَدَّثَ بِبَغْدَادَ، وَغَيْرهَا.
حَدَّثَ عَنْهُ:عَبْدُ الوَهَّابِ الأَنْمَاطِيُّ،
وَأَبُو الفَتْحِ بنُ عَبْد السَّلاَمِ، وَأَبُو
سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ، وَابْنُ عَسَاكِرَ، وَعبدُ
الرَّحِيْم بن أَبِي القَاسِمِ الشّعرِي، وَأُخْته
زَيْنَب الشَّعْرِيَّة، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ السَّمْعَانِيّ:شَيْخٌ ظرِيف، مَسْتُوْرُ
الحَال، سلِيمُ الجَانب، غَيْرُ مدَاخِل لِلأُمُوْر،
رباهُ أَخُوْهُ أَبُو نَصْرٍ، وَحَجَّ مَعَهُ،
وَخَرَجَ ثَانِياً، فَأَقَامَ بِبَغْدَادَ، وَمَضَى
إِلَى كِرْمَان، سَمِعْتُ مِنْهُ(مُسْنَد أَبِي
عَوَانَة)، وَأَحَادِيْث السَّرَّاج مجلَّدَة،
وَ(الرِّسَالَة)لأَبِيْهِ، وَكَانَ حَسَنَ الإِصغَاء
لِمَا يُقرَأُ عَلَيْهِ، كَانَ ابْنُ عَسَاكِر
يُفَضِّلُه فِي ذَلِكَ عَلَى الفُرَاوِي.
وَقَالَ عبد الغَافِرِ:خَرَّج لَهُ أَخُوْهُ أَبُو
نَصْرٍ فَوَائِد.
وَقَالَ ابْنُ النَّجَّار:لزم البَيْت، وَاشْتَغَل
بِالعِبَادَة، وَكِتَابَةِ المَصَاحِف، وَكَانَ لطيفَ
المُعَاشرَة، ظرِيفاً كَرِيْماً، خَرَّج لَهُ أَخُوْهُ
فَوَائِدَ
(19/624)
عَشْرَة أَجزَاء، مَاتَ:بَيْنَ الْعِيدَيْنِ،
سَنَة اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ -
رَحِمَهُ اللهُ - .
368 - بِنْتُ زَعْبَلٍ أُمُّ الخَيْرِ فَاطِمَةُ
بِنْتُ عَلِيِّ بنِ مُظَفَّرٍ *
الشيخَةُ، العَالِمَةُ، المُقْرِئَةُ، الصَّالِحَةُ،
المعمَرَّةُ، مُسْنِدَةُ نَيْسَابُوْرَ، أُمُّ
الخَيْرِ فَاطِمَةُ بِنْت عَلِيِّ بنِ مُظَفَّر بن
الحَسَنِ بنِ زَعْبَل بن عَجْلاَنَ البَغْدَادِيَّة،
ثُمَّ النَّيْسَابُوْرِيَة.
وُلِدَتْ:فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ.
وَسَمِعَتْ مِنْ:أَبِي الحُسَيْنِ عَبْد الغَافِرِ
الفَارِسِيّ، فَكَانَتْ آخرَ مَنْ حَدَّثَ عَنْهُ.
قَالَ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ:امْرَأَةٌ
صَالِحَةٌ عَالِمَةٌ، تُعَلِّمُ الجَوَارِي القُرْآن،
سَمِعَتْ مِنْ عَبْد الغَافِرِ جَمِيْعَ(صَحِيْح
مُسْلِم)، وَ(غَرِيْب الحَدِيْث)لِلْخطَابِي، وَغَيْر
ذَلِكَ.
قُلْتُ:حَدَّثَ عَنْهَا:أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ،
وَأَبُو القَاسِمِ ابنُ عَسَاكِرَ، وَالمُؤَيَّد بن
مُحَمَّدٍ، وَزَيْنَبُ الشعْرِيَّة، وَجَمَاعَة.
تُوُفِّيَت:فِي أَوَائِل المُحَرَّمِ، سَنَةَ
اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَقِيْلَ:تُوُفِّيَت فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ
وَثَلاَثِيْنَ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ تَاجِ
الأُمَنَاءِ، عَنِ المُؤَيَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ
الطُّوْسِيّ، وَزَيْنَب بِنْتِ أَبِي القَاسِمِ، أَن
فَاطِمَةَ بِنْت الحَسَنِ العَجْلاَنِيَة
__________
(*) التحبير: 2 / 430 - 431، الأنساب: 6 / 279،
اللباب: 2 / 68، العبر: 4 / 89، المشتبه: 1 / 312،
مرآة الجنان: 3 / 260، شذرات الذهب: 4 / 100.
(19/625)
أَخْبَرَتْهُم فِي سَنَةِ إِحْدَى
وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، قَالَتْ:
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الغَافِرِ بن مُحَمَّدٍ
الفَارِسِيّ فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ إِحْدَى
وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو
عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ
سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيْدٍ،
وَسُلَيْمَانُ بن أَيُّوْبَ صَاحِب البَصْرِيُّ،
وَأَبُو كَامِلٍ، قَالُوا:
حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ
أَبِي المَلِيْح، عَنْ أَبِيْهِ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم -
قَالَ:(لاَ يَقْبَلُ اللهُ صَلاَةً بِغَيْرِ طُهُورٍ،
وَلاَ صَدَقَةً مِنْ غُلُولٍ).
رَوَاهُ:النَّسَائِيُّ (1) ، عَنْ قُتَيْبَةَ،
فَوَافَقْنَاهُ.
369 - ابْنُ المُؤَذِّنِ أَبُو سَعْدٍ إِسْمَاعِيْلُ
بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ المَلِكِ *
الإِمَامُ، الفَقِيْهُ الأَوحدُ، أَبُو سَعْدٍ
إِسْمَاعِيْلُ ابنُ الحَافِظ المُؤَذِّنِ أَبِي
صَالِحٍ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عَلِيٍّ
النَّيْسَابُوْرِيّ، الوَاعِظُ، المَشْهُوْرُ
بِالكِرْمَانِيّ، لِسُكنَاهُ بِهَا.
قَالَ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ:كَانَ ذَا رَأْيٍ
وَعقل وَعلم، بَرَعَ فِي
__________
(1) 1 / 87، 88 في الطهارة: باب فرض الوضوء، وأخرجه
مسلم (224) في الطهارة: باب وجوب الطهارة للصلاة من
طريق سعيد بن منصور، وقتيبة بن سعيد، وأبي كامل
الجحدري، ثلاثتهم عن أبي عوانة، عن سماك بن حرب، عن
مصعب بن سعد، عن ابن عمر.
والطهور بضم الطاء: فعل التطهير، والغلول بضم الغين:
أصله الخيانة في خفية، والمراد مطلق الخيانة والحرام.
(*) التحبير: 1 / 80 - 82، المختار من ذيل تاريخ بغداد
للسمعاني: الورقة / 140، مشيخة ابن عساكر: 26 / 2،
تبيين كذب المفتري: 325 - 326، المنتظم: 10 / 74،
مشيخة ابن الجوزي: 109 - 110، المنتخب: الورقة / 44 ب
- 45 أ، طبقات ابن الصلاح: الورقة: 43 / أ، طبقات
النووي: الورقة / 69، العبر: 4 / 87، تذكرة الحفاظ: 4
/ 1277، طبقات السبكي: 7 / 44، طبقات الاسنوي: 2 /
409، شذرات الذهب: 4 / 99.
(19/626)
الفِقْه، وَكَانَ لَهُ عِزٌّ وَوجَاهَةٌ
عِنْدَ المُلُوْكِ.
تَفَقَّهَ عَلَى أَبِي المَعَالِي الجُوَيْنِيّ،
وَأَبِي المُظَفَّر السَّمْعَانِيّ، وَأَسْمَعَهُ
أَبُوْهُ مِنْ طَائِفَة.
وُلِدَ:سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ - أَوِ
اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ - وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
سَمِعَ:أَبَاهُ، وَأَبَا حَامِد أَحْمَد بن الحَسَنِ
الأَزْهَرِيّ، وَأَحْمَد بن مَنْصُوْرٍ المَغْرِبِيّ،
وَالحَاكِمَ أَحْمَدَ بن عَبْدِ الرَّحِيْمِ
الإِسْمَاعِيْلِي، وَبَكْرَ بن مُحَمَّدِ بنِ حِيْدٍ،
وَشُجَاعَ بنَ طَاهِر، وَشَبِيْبَ بن أَحْمَدَ
البَسْتِيغِي (1) ، وَصَاعِدَ بن مَنْصُوْرٍ
الأَزْدِيّ، وَالأُسْتَاذ أَبَا القَاسِمِ
القُشَيْرِيّ، وَأَبَا سهلٍ الحَفصي، وَيَعْقُوْب بن
أَحْمَدَ الصَّيْرَفِيّ، وَعِدَّة.
وَلَهُ إِجَازَة مِنْ:أَبِي سَعْدٍ الكَنْجَرُوذِي.
حَدَّثَ عَنْهُ:ابْنُ طَاهِر فِي(مُعْجَمه)، وَأَبُو
القَاسِمِ ابنُ عَسَاكِرَ، وَأَبُو مُوْسَى
المَدِيْنِيّ، وَالقَاضِي أَبُو سَعْدٍ بنُ أَبِي
عَصْرُوْنَ، وَعبدُ الخَالِق بن الصَّابونِي، وَهِبَةُ
اللهِ بن الحَسَنِ السِّبْطِ، وَعَلِيّ بن فَاذشَاه،
وَعبدُ الوَاحِد بن أَبِي المطهَّر الصَّيْدَلاَنِيّ،
وَأَبُو الفَرَجِ ابْنُ الجَوْزِيِّ، وَآخَرُوْنَ.
وَعَمِلَ
__________
(1) البستيغي: بفتح الباء، وسكون السين، وكسر التاء،
وسكون الياء، وبعدها الغين المعجمة: هذه النسبة إلى
بستيغ، وهي قرية بسواد نيسابور، وشبيب هذا ولد سنة
ثلاث وتسعين وثلاث مئة، وقد ذكر أبو القاسم زاهر
الشحامي - فيما قاله صاحب " التوضيح ": 2 / الورقة 59
- أنه سمع منه، وأنه لم يكن يعرف بالحديث، وكان كراميا
مغاليا في معتقده، توفي سنة نيف وستين وأربع مئة، وفي
" الاستدراك " لابن نقطة يروي عن أبي نعيم عبد الملك
بن الحسن الاسفراييني، وأبي الحسن محمد بن الحسين بن
داود العلوي، قال عبد الغافر بن إسماعيل: توفي سنة نيف
وستين وأربع مئة، وسماعه صحيح، وهو شيخ صالح، مشتغل
بكسبه.
(19/627)
الرسليَة مِنْ مَلِك كِرْمَان (1) ،
وَقرَأَ(الإِرشَاد (1))عَلَى إِمَام الحَرَمَيْنِ،
وَكَانَ وَافِرَ الجَلاَلَة، كَامِلَ الحِشْمَةِ.
مَاتَ:لَيْلَة الْفطر، سَنَة اثْنَتَيْنِ
وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، بِكِرمَانَ، وَقَعَ
لَنَا ثَمَانِيَة أَجزَاء مِنْ حَدِيْثِهِ.
370
- عِيْسَى بنُ مُحَمَّدِ* بنِ عَبْدِ اللهِ (3) بنِ
عِيْسَى بنِ مُؤَمَّلِ بنِ أَبِي البَحْرِ
الشَّيْخُ، العَالِمُ، المُعَمَّرُ، أَبُو الأَصْبَغِ
الزُّهْرِيّ، الشَّنْتَرِينِي.
سَمِعَ مِنْ:كَرِيْمَةَ، وَالحبَالِ، وَأَبِي مَعْشَرٍ
الطَّبَرِيّ، وَأَبِي الوَلِيْدِ البَاجِي، وَابْن
دِلْهَاث، وَعِدَّة.
أَخَذَ النَّاسُ عَنْهُ، وَسكنَ العُدوَةَ.
قَالَ ابْنُ بَشْكُوَال (4) :كتبَ لِي القَاضِي أَبُو
الفَضْلِ أَنَّهُ تُوُفِّيَ نَحْو سَنَة
__________
(1) في " تبيين كذب المفتري ": ص: 326: وسكن كرمان إلى
أن مات، وكان وجيها عند سلطانها، معظما في أهلها،
محترما بين العلماء في سائر البلاد.
وقال السمعاني في " التحبير ": 1 / 81: ثم سافر إلى
كرمان، فوقع مورده موقعا حسنا من الملك، وحظي بالقبول
عند الصاحب مكرم بن العلاء، وظهر له العز، والجاه،
والثروة، والتجميل، وبقي عندهم مكرما مبجلا إلى حين
وفاته، وقال ابن الجوزي في " المنتظم ": 10 / 74:
وكانت له قدم عند الملوك والسلاطين.
(2) قال ابن عساكر في " التبيين ": لقيته ببغداد سنة
إحدى وعشرين وخمس مئة، وسمعت منه، وسأله بعض
البغداديين: هل قرأت كتاب الارشاد على الامام أبي
المعالي ؟ فقال: نعم، فاستأذنه في قراءته عليه، فأذن
له، فشرع في قراءته على عادة أصحاب
الحديث، فلما قرأ منه نحو صفحة، قال له: إن هذا العلم
لا يقرأ كما يقرأ الحديث للرواية، وإنما يقرأ شيئا
فشيئا للدراية، فإن أردت أن تقرأه كما قرأناه، وإلا
فاتركه.
(*) الصلة: 2 / 440 - 441 وفيه عيسى بن محمد بن عبد
الله بن عيسى بن مؤمل، الغنية: 249 - 252.
(3) زيادة من الصلة وتاريخ الإسلام.
(4) الصلة: 2 / 441.
(19/628)
ثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَأَنَّهُ
أَخَذَ عَنْهُ.
قُلْتُ:رَوَى عَنْهُ أَبُو بَكْرٍ بنُ خَيْر (1) ،
وَقَدْ رَوَى ابْنُ دِحْيَة عَنِ ابْنِ خَيْر عَنْهُ،
عَنْ كَرِيْمَة مِنَ الصَّحِيح.
371 - البَآّرُ أَبُو نَصْرٍ إِبْرَاهِيْمُ بنُ
الفَضْلِ الأَصْبَهَانِيُّ *
الشَّيْخُ، العَالِمُ، المُحَدِّثُ، الرّحَالُ،
المُكْثِرُ، أَبُو نَصْرٍ إِبْرَاهِيْمُ بنُ الفَضْلِ
الأَصْبَهَانِيّ، البَآّرُ، وَيُلَقَّبُ بِدَعْلَجٍ،
كَانَ أَبُوْهُ يَحْفِرُ الْآبَار.
وُلِدَ:سَنَةَ بِضْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ:أَبِي الحُسَيْنِ بن النَّقُّوْرِ
وَطَبَقَتِهِ بِبَغْدَادَ، وَمِنَ الفَضْلِ بن عَبْدِ
اللهِ بن الْمُحب وَطَبَقَتِهِ بِنَيْسَابُوْرَ،
وَمِنْ أَبِي القَاسِمِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ
مَنْدَه، وَطَائِفَةٍ بِأَصْبَهَانَ، وَمِنْ أَبِي
إِسْمَاعِيْلَ الأَنْصَارِيّ، وَجَمَاعَةٍ بِهَرَاةَ.
قَالَ السَّمْعَانِيّ:رحلَ، وَسَمِعَ، وَنسخَ،
وَجَمَعَ، وَمَا أَظُنُّ أَنْ أَحَداً بَعْد ابْن
طَاهِر رَحل وَطَوَّف مِثلَهُ، أَوْ جَمَعَ جَمعَهُ،
إِلاَّ أَنَّ الإِدبار لَحِقَه فِي آخِرِ الأَمْرِ،
وَكَانَ يَقفُ فِي أَسواق أَصْبَهَان، وَيَرْوِي مِنْ
حِفْظِهِ بِالإِسْنَادِ، وَسَمِعْتُ أَنَّهُ يَضَعُ
فِي الحَال.
قَالَ لِي إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظ:اشكرِ
الله كَيْفَ مَا لَحِقْتَ البَآّر، وَأَسَاء
الثَّنَاءَ عَلَيْهِ (2) .
__________
(1) هو أبو بكر محمد بن خير بن عمر بن خليفة الاشبيلي
صاحب الفهرسة المتوفى سنة 575 ه.
وسترد ترجمته في الجزء الحادي والعشرين برقم (34).
(*) الأنساب: 2 / 27، اللباب: 1 / 106، تاريخ الإسلام:
4: 285 / 1 - 2، العبر: 4 / 81 - 82، ميزان الاعتدال:
1 / 52 - 53، الوافي بالوفيات: 6 / 90 - 91، لسان
الميزان: 1 / 89، شذرات الذهب: 4 / 94 - 95.
(2) وفي " الأنساب ": 2 / 27: كان كذابا غير موثوق به،
وسمعت أنه يضع الحديث، ويركب المتون على الأسانيد، لما
دخلت أصبهان، وجدت الالسنة كلها متفقة على جرحه وطرحه.
(19/629)
قُلْتُ:رَوَى عَنْهُ:السِّلَفِيّ، وَيَحْيَى
الثَّقَفِيّ، وَدَاوُدُ بن نِظَام الْملك، وَغَيْرهُم.
قَالَ السِّلَفِيُّ:يُسَمَّى بِدَعِلْجٍ، لَهُ
مَعْرِفَةٌ، سَمِعْنَا بِقِرَاءتِه كَثِيْراً،
وَغَيْرُهُ أَرْضَى مِنْهُ.
وَقَالَ مَعْمَرُ بنُ الفَاخر:رَأَيْتُ إِبْرَاهِيْمَ
البَآّر وَاقفاً فِي السُّوق، وَقَدْ رَوَى
أَحَادِيْثَ مُنْكَرَة بِأَسَانِيْدَ صِحَاح، فَكُنْت
أَتَأَمَّلُه تَأَمُّلاً مفرطاً، ظنّاً مِنِّي أَنَّ
الشَّيْطَانَ عَلَى صُوْرته.
وَقَالَ ابْنُ طَاهِر:حَدّثت الآبارِيَّ عَنْ مَشَايِخ
مكِّيين وَمصرِيين، فَبعدَ أَيَّامٍ بَلَغَنِي أَنَّهُ
حَدَّثَ عَنْهُم، فَبلغتِ القِصَّةُ إِلَى شَيْخِ
الإِسْلاَمِ الأَنْصَارِيّ (1) ، فَسَأَلَهُ عَنْ لُقي
هَؤُلاَءِ بِحَضْرَتِي، فَقَالَ:سَمِعْتُ مَعَ هَذَا،
قُلْتُ:مَا رَأَيتُكَ قَطُّ إِلاَّ هَا هُنَا.
قَالَ لَهُ الشَّيْخ:أَحججتَ؟
قَالَ:نَعَمْ.
قَالَ:فَمَا علاَمَاتُ عرفَات؟
قَالَ:دَخَلنَاهَا بِاللَّيْلِ.
قَالَ:يَجُوزُ، فَمَا علاَمَة مِنَى؟
قَالَ:كُنَّا بِهَا بِاللَّيْلِ.
فَقَالَ:ثَلاَثَة أَيَّامٍ وَثَلاَث لَيَالٍ لَمْ
يُصْبِح لَكُم الصُّبْح؟!لاَ بَارَكَ اللهُ فِيكَ.
وَأَمر بِإِخرَاجه مِنَ الْبَلَد، وَقَالَ:هَذَا
دجَّال.
ثُمَّ انْكَشَفَ أَمرُهُ حَتَّى صَارَ آيَةً فِي
الْكَذِب (2) .
__________
(1) هو أبو إسماعيل عبد الله بن محمد بن علي الهروي
الحنبلي المتوفى سنة 481 ه صاحب كتاب " منازل السائرين
" وغير من المؤلفات.
له ترجمة في الجزء 18 من هذا الكتاب برقم (260).
(2) وفي " لسان الميزان ": 1 / 90 نقلا عن ابن النجار:
وكان يكذب لنفسه ولغيره في الاجازات حتى كان له جزء
استدعى إجازات كل حين يلحق فيه أسماء أقوام من أهل
الثروة، ويكتب لهم عن أولئك المشايخ أحاديث تقرأ
عليهم، ويحدثهم بها، فقال لي أبو محمد السمرقندي: قد
عزمت على أن آخذ منه الجزء ولا أرده إليه، ففعل ذلك،
فوجدته =
(19/630)
قَالَ ابْنُ الفَاخر:تُوُفِّيَ فِي شَوَّالٍ،
سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَفِيْهَا مَاتَ:صَاحِبُ الحِلَة تَاج المُلُوْك
بَدْرَان بنُ صَدَقَةَ الأَسَدِيّ المزِيدي الشَّاعِر
(1) ، وَصَاحِبُ جَعْبَرَ (2) بَدْرَانُ بنُ مَالِكِ
بنِ سَالِمٍ العُقَيْلِيّ، وَزَيْنُ القُضَاة
سُلْطَانُ ابْن القَاضِي يَحْيَى بن عَلِيِّ بنِ
عَبْدِ العَزِيْزِ القُرَشِيّ بِدِمَشْقَ، وَعَبْدُ
اللهِ بن عِيْسَى السَّرَقُسْطِي الَّذِي
حَفِظ(صَحِيْح البُخَارِيِّ)وَ(سُنَن أَبِي دَاوُدَ)،
وَعَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ الموحّد الوَكِيْل ابْن
البقشلاَمِ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ قُبَيس المَالِكِيّ،
وَأَبُو سَهْلٍ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ ابْن
سَعْدَوَيْه الأَصْبَهَانِيّ، وَالقُدْوَةُ مُحَمَّدُ
بنُ حَمُّوَيْه الجُوَيْنِيّ (3) ، وَالوَاعِظُ أَبُو
بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ حَبِيْبٍ
العَامِرِيّ، وَالفُرَاوِي، وَابْن أَبِي ذَرٍّ
الصَّالحَانِي (4) .
372 - المِزْرفِيُّ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ
الحُسَيْنِ بنِ عَلِيٍّ *
الإِمَامُ، شَيْخُ القُرَّاءِ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ
بنُ الحُسَيْنِ بنِ عَلِيٍّ
__________
= ألحق على الهوامش أسماء جماعة لم يكن لهم ذكر في صدر
الاستدعاء، فحبسه السمرقندي، ولم يرده إليه، ثم ترك
الاشتغال بالحديث، واشتغل بالكدية، وكشف قناع الوقاحة
حتى كان يدخل في التهاني والتعازي، ويروي الحديث،
ويقنع منهم بالنزر اليسير.
(1) تقدمت ترجمته برقم (360).
(2) جعبر: قلعة على الفرات بين بالس والرقة قرب صفين.
" معجم البلدان ": 2 / 142.
(3) تقدمت ترجمته برقم (347).
(4) تقدمت ترجمته برقم (334).
(*) المنتظم: 10 / 33 - 34، مشيخة ابن الجوزي: 59 -
61.
معجم البلدان: 5 / 121، تاريخ الإسلام: 4: 276 / 1،
العبر: 4 / 72 - 73، معرفة القراء الكبار: 1 / 391 -
392، طبقات القراء: 2 / 131، والنجوم الزاهرة: 5 /
251، شذرات الذهب: 4 / 81 - 82.
وضبطت الميم في الأصل بالكسر، وهي في المشتبه كذلك بخط
المصنف، وقد نص السمعاني وابن نقطة وغيرهما على فتحها،
وهي نسبة المرزقة قرية كبيرة بالقرب من بغداد على طريق
الموصل.
(19/631)
البَغْدَادِيّ.
وَمِزْرفَةُ:دُوْنَ عُكبرَا.
وُلِدَ:سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ.
وَسَمِعَ:أَبَا حَفْصٍ بن المُسْلِمَة وَطَبَقَته،
وَتَلاَ عَلَى أَصْحَابِ الحمَامِي.
رَوَى عَنْهُ:ابْنُ عَسَاكِر، وَابْنُ أَبِي
عَصْرُوْنَ، وَأَبُو مُوْسَى المَدِيْنِيّ، وَابْنُ
الجَوْزِيّ (1) ، وَأَبُو الفَتْحِ المَنْدَائِيُّ.
وَكَانَ ثِقَةً، مُتْقِناً.
تُوُفِّيَ:سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ
مائَةٍ.
373 - العَجَلِيُّ أَبُو سَعْدٍ عُثْمَانُ بنُ عَلِيِّ
بنِ شرَافٍ *
شَيْخُ الشَّافعيَة، القُدْوَةُ الكَبِيْر، أَبُو
سَعْدٍ عُثْمَانُ بنُ عَلِيِّ بنِ شرَاف (2)
المَرْوَزِيّ، البَنْجَدِيهِي، العَجَلِيّ -
بِفَتحَتَينِ (3) - نِسبَة إِلَى نِجَارَة العَجَلَةِ.
وُلِدَ:سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ، وَلاَزَمَ القَاضِي حُسَيْناً، وَبَرَعَ فِي
الفِقْه.
__________
(1) وفي المنتظم: 10 / 34: وسمعت منه الحديث، وكان ثقة
ثبتا عالما حسن العقيدة.
(*) التحبير: 1 / 549، الأنساب: 8 / 399، معجم
البلدان: 5 / 106، تاريخ الإسلام: 4: 272 / 1، طبقات
السبكي: 7 / 208 - 209، طبقات الاسنوي: 2 / 213.
(2) شراف في الأصل بتشديد الراء، وضبطه السبكي في "
الطبقات " بالتخفيف.
(3) قال السمعاني في " الأنساب ": رأيتها مضبوطة بخط
أبي بكر محمد بن ياسر الجياني، فسألته عن هذا التقييد،
فقال: جرى بيني وبينه كلام، فقال: هذه النسبة إلى
العجلة، وهي المنجنون الذي يدار على الثور والفرس،
ولعل واحدا من أجداده كان يعمله.
(19/632)
وَسَمِعَ مِنْ:أَبِي مَسْعُوْدٍ أَحْمَدَ بن
مُحَمَّدٍ البَجَلِيّ، وَسَعِيْد بن أَبِي سَعِيْدٍ
العَيَّار، وَالقَاضِي حُسَيْن، وَجَمَاعَة.
أَثْنَى عَلَيْهِ:أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ وَوصفه
بِالزُّهْد وَالوَرَع وَالإِمَامَةِ، وَأَنَّهُ كَانَ
لاَ يُمَكِّنُ أَحَداً مِنَ الغِيبَة عِنْدَهُ،
وَأَنَّهُ مَاتَ بِبَنْجَدِيه (1) ، فِي شَعْبَانَ،
سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
374 - المِيْهنِيُّ أَبُو الفَتْحِ أَسَعْدُ بنُ أَبِي
نَصْرٍ بنِ الفَضْلِ *
شَيْخُ الشَّافعيَة، مَجْدُ الدِّين، أَبُو الفَتْحِ
أَسَعْدُ بنُ أَبِي نَصْرٍ بنِ الفَضْلِ القُرَشِيّ،
العُمَري، المِيهنِي، صَاحِب(التعليقَة)البديعَة (2) .
تَفقه بِمَرْو، وَسَارَ إِلَى غَزْنَةَ وَشَاعَ
فَضلُهُ، وَتَخَرَّجَ بِهِ الكِبَارُ، وَمَدَحَهُ
أَبُو إِسْحَاقَ الغزِّي، ثُمَّ قَدِمَ بَغْدَاد،
وَدرَّس بِالنِّظَامِيَة سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْس مائَة،
ثُمَّ عُزِلَ بَعْد سِتِّ سِنِيْنَ، ثُمَّ وَلِيَهَا
سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ، وَنشر العِلْم.
تَفقَّه عَلَى العَلاَّمَة أَبِي المُظَفَّر
السَّمْعَانِيّ، وَالمُوفَّق الهَرَوِيّ، وَكَانَ
يَتوَقَّدُ ذكَاءً، وَأَخَذَ الأُصُوْل عَنْ أَبِي
عَبْدِ اللهِ الفُرَاوِي، وَسَمِعَ مِنْ إِسْمَاعِيْل
بن الحَسَنِ الفَرَائِضِي، وَلَمْ يَرو.
__________
(1) بنج بالفارسية: خمسة، وديه، قرية، فالمعنى خمس قرى
وقد تقدم التعريف بها.
(*) تبيين كذب المفتري: 320، المنتظم: 10 / 13، الكامل
في التاريخ: 10 / 281، طبقات ابن الصلاح: الورقة / 41
ب، وفيات الأعيان: 1 / 207 - 208، تاريخ الإسلام: 4:
273 / 2 - 274 / 1، دول الإسلام: 2 / 48، العبر: 4 /
71، تذكرة الحفاظ: 4 / 1288، طبقات السبكي: 7 / 42 -
43، طبقات الاسنوي: 2 / 424 - 425، البداية والنهاية:
12 / 200 - 205، النجوم الزاهرة: 5 / 252، كشف الظنون:
1113، شذرات الذهب: 4 / 80، هدية العارفين: 1 / 204.
(2) قال ابن عساكر في " التبيين ": ص 320: ونسخ
بتعليقته سائر التعاليق.
(19/633)
وَنَقَلَ السَّمْعَانِيُّ أَنَّ فَقِيْهاً
سَمِعَ أَسْعَدَ المِيهنِيَّ يَلْطِمُ وَجْهَه
وَيَقُوْلُ :{يَا حَسْرَتَي (1) عَلَى مَا فَرَّطْتُ
فِي جَنْبِ (2) اللهِ }[الزُّمَرُ:56]وَبَكَى،
وَردَّدَ الآيَةَ، إِلَى أَنْ مَاتَ بِهَمَذَان، فِي
سَنَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ (3) ، وَكَانَ قَدْ
نُفِّذَ رَسُوْلاً إِلَى سَنْجَر بِمَرْوَ،
وَرَسُوْلاً إِلَى هَمَذَان، وَخلَّف أَمْوَالاً
كَثِيْرَة، وَعبيداً.
وَعَاشَ سِتّاً وَسِتِّيْنَ سَنَةً، وَقَدْ ذَكَرَهُ
الحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي(تَبيِينِ كَذِبِ
المُفترِي (4)).
وَمِيْهنَةُ:قَرِيْبَة مِنْ طُوْس، صَغِيرَة.
375 - ابْنُ أَبِي الصَّلْتِ أَبُو الصَّلْتِ
أُمَيَّةُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ الدَّانِي *
العَلاَّمَةُ، الفَيْلَسُوْفُ، الطَّبِيْبُ،
الشَّاعِرُ، المُجَوِّدُ (5) ، أَبُو الصَّلْتِ
أُمَيَّة بن
__________
(1) الالف في " يا حسرتا " هي ياء المتكلم، والمعنى:
يا حسرتي على الاضافة، قال الفراء في معاني القرآن: 2
/ 421: والعرب تحول الياء إلى الالف في كل كلام معناه
الاستغاثة، يخرج على لفظ الدعاء.
(2) قال الراغب: أصل الجنب: الجارحة، ثم يستعار
للناحية والجهة التي تليها كعادتهم في استعارة سائر
الجوارح لذلك نحو اليمين والشمال، والمراد هنا الجهة
مجازا، والكلام على حذف مضاف، أي: في جنب طاعة الله أو
في حقه تعالى، أي: ما يحق له سبحانه ويلزم، وهو طاعته
عزوجل...والتفريط في جهة الطاعة كناية عن التفريط في
الطاعة نفسها، لان من ضيع جهة ضيع ما فيها بطريق
الأولى الابلغ.
وانظر " زاد المسير ": 7 / 192 بتحقيقنا.
(3) أي: وخمس مئة، وعلى هذا جميع من ترجم له، وخالف
ابن الجوزي وابن الأثير، فأرخا وفاته سنة ثلاث وعشرين
وخمس مئة.
(4) ص: 320.
(*) تاريخ الحكماء: 80، خريدة القصر: 1 / 223 - 343،
معجم الأدباء: 7 / 52 - 70، الكامل في التاريخ: 11 /
18، تحفة القادم: 3، طبقات الاطباء: 501 - 514،
المغرب: 1 / 256، وفيات الأعيان: 1 / 243 - 247، تاريخ
الإسلام: 4: 277 / 1 - 2، العبر: 4 / 74، حسن
المحاضرة: 1 / 539، نفح الطيب: 2 / 105، شذرات الذهب:
4 / 83 - 85.
(5) انظر تآليفه في " وفيات الأعيان ": 1 / 247، و"
معجم الأدباء ": 7 / 64، وقد صنفها وهو في اعتقال
الأفضل بمصر.
(19/634)
عَبْد العَزِيْزِ بن أَبِي الصَّلْتِ
الدَّانِي، صَاحِب الكُتُب.
وُلِدَ:سَنَةَ سِتِّيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَتَنَقَّلَ، وَسَكَنَ الإِسْكَنْدَرِيَّة، ثُمَّ
رُدَّ إِلَى الْغرب، وَأَقْبَلَ عَلَيْهِ عَلِيُّ بنُ
بَادِيسَ، وَكَانَ رَأْساً فِي النُّجُوْم وَالوَقْتِ
وَالموسيقَى، عجباً فِي لعب الشَّطرنج، رَأْساً فِي
الْمنطق وَهَذَيَانِ الأَوَائِل، سجنه صَاحِبُ مِصْرَ
مُدَّةً (1) لِكَوْنِهِ غَرَّق لَهُ سَفِيْنَةً
مُوقرَةً صُفْراً، فَقَالَ لَهُ:أَنَا أَرْفَعُهُ،
وَعَمَدَ إِلَى حبَالٍ دَلاَّهَا مِنْ سَفِيْنَة،
وَنَزَلَ البحرِيَةُ، فَرَبَطُوا السَّفِيْنَةَ، ثُمَّ
اسْتُقِيَتْ بِدوَالِيبَ، فَارتفعت، وَوصلَت، لَكِن
تَقطَّعتِ الحبَال، فَوَقَعت، فَغَضِبَ الأَمِيْرُ
عَلَيْهِ.
مَاتَ:بِالمهديَة، فِي آخِرِ سَنَةِ ثَمَانٍ
وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ (2) .
376 - الإِسلاَمِيُّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ
أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ *
العَلاَّمَةُ، شَيْخُ الحَنَفِيَّة بِبَلْخَ، أَبُو
الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ
__________
(1) انظر تفصيل الخبر في " طبقات الاطباء ": 2 / 52،
قال المقري: سجنه ملك مصر في خزانة الكتب، فخرج في
فنون العلم إماما، وأمتن علومه الفلسفة، والطب،
والتلحين، وله في ذلك تواليف تشهد بفضله ومعرفته.
(2) ونظم أبياتا، وأوصى أن تكتب على قبره، وهي آخر شيء
قاله وهي:
سكنتك يا دار الفناء مصدقا * بأني إلى دار البقاء أصير
وأعظم ما في الامر أني صائر * إلى عادل في الحكم ليس
يجور
فيا ليت شعري كيف ألقاه عندها * وزادي قليل والذنوب
كثير
فإن أك مجزيا بذنبي فإنني * بشر عقاب المذنبين جدير
وإن يك عفو منه عني ورحمة * فثم نعيم دائم وسرور
وله ديوان شعر وقع للعماد الاصفهاني بدمشق، فانتخب منه
الشئ الكثير، وأودعه في " خريدة القصر ": 1 / 224 -
343.
(*) التحبير: 1 / 561، تاريخ الإسلام: 4: 279 / 1،
الجواهر المضية: 2 / 537، الطبقات السنية: رقم 1442.
(19/635)
عَلِيٍّ السِّجْزِيُّ، ثُمَّ البَلْخِيُّ،
الزَّاهِدُ.
حَدَّثَ عَنْ:سَعِيْدٍ العَيَّارِ، وَمَنْصُوْرِ بنِ
إِسْحَاقَ الحَافِظِ، وَأَبِي عَلِيٍّ الوخشِي.
سَمِعَ مِنْهُ(سُنَن أَبِي دَاوُدَ)وَسَمِعَ مِنَ
العَيَّارِ(صَحِيْحَ البُخَارِيِّ).
أَجَازَ لأَبِي سَعْدٍ السَّمْعَانِيّ (1) ،
وَقَالَ:مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ
مائَةٍ.
بِعَوْنِهِ تَعَالَى وَتَوفِيقِهِ تَمَّ الجُزْءُ
التَّاسعَ عَشَرَ مِنْ(سِيَرِ أَعْلاَمِ
النُّبَلاَءِ)، وَيَلِيهِ الجُزْءُ العِشْرُوْنَ،
وَأَوَّلُهُ تَرْجَمَةُ هِبَةُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ
بنِ أَحْمَدَ الوَاسِطِيُّ.
__________
(1) ووصفه في " التحبير ": 1 / 561 بقوله: كان مقدم
أصحاب أبي حنيفة ببلخ، وعمر العمر الطويل حتى حدث
بالكثير، وحمل عنه، وكان زاهدا عفيفا، حسن السيرة.
(19/636)
الجُزءُ العِشْرُوْنَ
1 - الوَاسِطِيُّ أَبُو القَاسِمِ هِبَةُ اللهِ بنُ
عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ *
الإِمَامُ، الثِّقَةُ، المُحَدِّثُ، أَبُو القَاسِمِ
هِبَةُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ
الوَاسِطِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ، الشُّرُوْطِيُّ.
سَمِعَ: ابْنَ المُسْلِمَةِ (1) ، وَأَبَا بَكْرٍ
الخَطِيْبَ، وَأَبَا الغَنَائِمِ بنَ المَأْمُوْنِ،
وَطَبَقَتَهُم.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ عَسَاكِرَ (2) ، وَأَبُو مُوْسَى
المَدِيْنِيُّ، وَطَائِفَةٌ، آخِرُهُم: عُمَرُ بنُ
طَبَرْزَدَ.
قَالَ السَّمْعَانِيُّ: شَيْخٌ ثِقَةٌ صَالِحٌ
مُكْثِرٌ، نَسَخَ، وَحَصَّلَ الأُصُوْلَ، وَحَدَّثَنَا
عَنْهُ جَمَاعَةٌ، وَسَمِعْتُهُم يُثنُوْنَ عَلَيْهِ،
وَيَصِفُوْنَهُ بِالفَضْلِ وَالعِلْمِ وَالاشتِغَالِ
بِمَا يَعْنِيْهِ.
__________
(*) المنتظم 10 / 41، تاريخ الإسلام 4 / 280 / 1،
العبر 4 / 75، شذرات الذهب 4 / 86.
(1) وهو أبو جعفر محمد بن أحمد بن محمد البغدادي ابن
المسلمة، مرت ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (102).
(2) انظر " مشيخة " ابن عساكر ورقة 236 / 1.
(20/5)
مَاتَ: فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ ثَمَانٍ
وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، عَنْ سِتٍّ
وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
2 - الحَاكمِيُّ أَبُو القَاسِمِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ
عَبْدِ المَلِكِ بنِ عَلِيٍّ *
العَلاَّمَةُ، أَبُو القَاسِمِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ
عَبْدِ المَلِكِ (1) بنِ عَلِيٍّ الطُّوْسِيُّ،
الحَاكمِيُّ، الشَّافِعِيُّ، صَاحِبُ إِمَامِ
الحَرَمَيْنِ.
سَمِعَ: أَحْمَدَ بنَ الحَسَنِ الأَزْهَرِيَّ، وَأَبَا
صَالِحٍ المُؤَذِّنَ.
وَبَرَعَ فِي المَذْهَبِ، وَسَافَرَ إِلَى العِرَاقِ
وَالشَّامِ مَعَ الغَزَّالِيِّ، وَهُوَ مَدْفُوْنٌ
إِلَى جَنْبِهِ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ
مائَةٍ، عَنْ سنٍّ عَالِيَةٍ.
3 - ابْنُ البَنَّاءِ أَبُو عَبْدِ اللهِ يَحْيَى بنُ
الحَسَنِ بنِ أَحْمَدَ **
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الصَّادِقُ، العَابِدُ،
الخَيِّرُ، المُتَّبِعُ، الفَقِيْهُ، بَقِيَّةُ
المَشَايِخِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ يَحْيَى ابْنُ
الإِمَامِ أَبِي عَلِيٍّ الحَسَنِ بنِ أَحْمَدَ بنِ
البَنَّاءِ البَغْدَادِيُّ، الحَنْبَلِيُّ.
رَوَى شَيْئاً كَثِيْراً عَنْ: عَبْدِ الصَّمَدِ بنِ
المَأْمُوْنِ، وَأَبِي الحُسَيْنِ بنِ المُهْتَدِي
بِاللهِ، وَأَبِي الحُسَيْنِ بنِ الآبَنُوْسِيِّ،
وَابْنِ النَّقُّوْرِ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ عَسَاكِرَ، وَأَبُو مُوْسَى
المَدِيْنِيُّ، وَابْنُ الجَوْزِيِّ،
__________
(*) المنتظم 10 / 52، تاريخ الإسلام 4 / 281 / 1،
الوافي بالوفيات 9 / 154، طبقات السبكي 7 / 47، 48،
طبقات الاسنوي 1 / 433، 434، البداية 12 / 209 وفيه
الحاكم، تهذيب ابن عساكر 3 / 47.
(1) في " البداية ": عبد الله بدلا من عبد الملك.
(* *) العبر 4 / 86، ذيل طبقات الحنابلة 1 / 189، 190،
شذرات الذهب 4 / 98.
(20/6)
وَعُمَرُ بنُ طَبَرْزَدَ، وَيَحْيَى بنُ
يَاقُوْتٍ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ سَعْدِ الخَيْرِ،
وَآخَرُوْنَ.
قَالَ السَّمْعَانِيُّ: سَمِعْتُ الحَافِظَ عَبْدَ
اللهِ بنَ عِيْسَى الأَنْدَلُسِيَّ يُثْنِي عَلَى
يَحْيَى بنِ البَنَّاءِ، وَيَمدَحُهُ وَيُطرِيهِ،
وَيَصِفُهُ بِالعِلْمِ وَالتَّمْيِيْزِ وَالفَضْلِ،
وَحُسْنِ الأَخلاَقِ، وَتَركِ الفُضُولِ، وَعِمَارَةِ
المَسْجَدِ وَمُلاَزَمَتِهِ، مَا رَأَيْتُ مِثْلَهُ
فِي حَنَابِلَةِ بَغْدَادَ (1) .
قَالَ السَّمْعَانِيُّ: وَكَذَا كُلُّ مَنْ سَمِعَهُ
كَانَ يُثْنِي عَلَيْهِ، وَيَمدَحُهُ.
وُلِدَ: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ.
وَتُوُفِّيَ: فِي ثَامنِ رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ
إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَقَدْ مَرَّ أَخُوْهُ أَبُو غَالِبٍ (2) .
وَمَاتَ قَبْلَهُمَا أَخُوْهُمَا أَبُو الفَضْلِ
إِبْرَاهِيْمُ (3) بنُ البَنَّاءِ سَنَةَ ثَمَانِي
عَشْرَةَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَلَهُ سَبْعُوْنَ سَنَةً،
يَرْوِي عَنِ ابْنِ المُهْتَدِي بِاللهِ، وَابْنِ
النَّقُّوْرِ.
سَمِعَ مِنْهُ: يَحْيَى بنُ بَوْشٍ.
وَفِيْهَا (4) تُوُفِّيَ: أَبُو القَاسِمِ تَمِيْمٌ
الجُرْجَانِيُّ (5) ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ
بنُ مُحَمَّدِ بنِ الفَرْحَانِ السُّمْنَانِيُّ،
وَطَاهِرُ بنُ سَهْلٍ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ (6)
بِدِمَشْقَ، وَأَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي
عَلِيٍّ الهَمَذَانِيُّ (7) المُحَدِّثُ، وَهِبَةُ
اللهِ بنُ الطَّبَرِ الحَرِيْرِيُّ المُقْرِئُ (8) .
__________
(1) انظر " ذيل طبقات الحنابلة " 1 / 189.
(2) في الجزء التاسع عشر برقم (352)، ومرت ترجمة
أبيهما الحسن في الجزء الثامن عشر برقم (185).
(3) لم نعثر له على مصادر ترجمته.
(4) أي في سنة 531.
(5) سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (11).
(6) مرت ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (341).
(7) انظر ترجمته في العبر 4 / 85، النجوم الزاهرة 5 /
260، شذرات الذهب 4 / 97.
(8) مرت ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (343).
(20/7)
4 - الغَازِي أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بنُ
عُمَرَ بنِ مُحَمَّدٍ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُتْقِنُ،
المُسْنِدُ، الصَّالِحُ، الرَّحَالُ، أَبُو نَصْرٍ
أَحْمَدُ بنُ عُمَرَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ
بنِ مُحَمَّدٍ الأَصْبَهَانِيُّ، الغَازِي.
وُلِدَ: فِي حُدُوْدِ سَنَةِ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَجَالَ، وَطَوَّفَ، وَجَمَعَ فَأَوعَى.
سَمِعَ: أَبَا الحُسَيْنِ بنَ النَّقُّوْرِ، وَعَبْدَ
البَاقِي بنَ مُحَمَّدٍ العَطَّارَ، وَأَبَا القَاسِمِ
بنَ البُسْرِيِّ، وَعِدَّةً بِبَغْدَادَ، وَأَبَا
عليٍّ التُّسْتَرِيَّ بِالبَصْرَةِ، وَمُحَمَّدَ بنَ
عَبْدِ المَلِكِ المُظَفَّرِيَّ بسَرَخْس، وَعَبْدَ
الرَّحْمَنِ بنَ مندَةَ، وَأَخَاهُ أَبَا عَمْرٍو،
وَابْنَ شَكْرُويه (1) ، وَخَلْقاً كَثِيْراً
بِأَصْبَهَانَ، وَالفَضْلَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ
المُحِبِّ، وَطَبَقَتَهُ بِنَيْسَابُوْرَ، وَأَبَا
عَامِرٍ الأَزْدِيَّ، وَأَبَا إِسْمَاعِيْلَ
الأَنْصَارِيَّ، وَطَبَقَتَهُمَا بِهَرَاةَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: السِّلَفِيُّ، وَالسَّمْعَانِيُّ،
وَأَبُو مُوْسَى المَدِيْنِيُّ، وَابْنُ عَسَاكِرَ،
وَالمُؤَيَّدُ بنُ الإِخْوَةِ، وَمَحْمُوْدُ بنُ
أَحْمَدَ المُضَرِيُّ (2) ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ السِّلَفِيُّ: كَانَ مِنْ أَهْلِ المَعْرِفَةِ
وَالحِفْظِ، سَمِعْنَا بقِرَاءتِهِ كَثِيْراً،
وَأَملَى عليَّ (3) .
__________
(*) الأنساب 9 / 115، 116، التحبير 1 / 261، المنتظم
10 / 73، 74، التقييد الورقة 25 / 2، تذكرة الحفاظ 4 /
1276، 1277، العبر 4 / 86، 87، الوافي 7 / 262، 263،
طبقات الحفاظ 450، شذرات الذهب 4 / 98.
(1) هو أبو منصور محمد بن أحمد بن علي الأصبهاني
السيني، مرت ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (256).
(2) بضم الميم وفتح الضاد المعجمة كما في الأصل و"
المشتبه " 595 و" تبصير المنتبه " 4 / 1369، وقد تصحفت
في " تذكرة الحفاظ " 4 / 1276 إلى " المصري " بالصاد
المهملة.
(3) انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1276.
(20/8)
وَقَالَ السَّمْعَانِيُّ: ثِقَةٌ، حَافِظٌ،
دَيِّنٌ، وَاسِعُ الرِّوَايَةِ، كتبَ الكَثِيْرَ،
وَحصَّلَ الكُتُبَ، مَا رَأَيْتُ فِي شُيُوخِي
أَكْثَرَ رِحلَةً مِنْهُ، أَكْثَرتُ عَنْهُ، وَكَانَ
جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا يُفَضِّلُونَهُ عَلَى
إِسْمَاعِيْلَ بنِ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيِّ فِي
الإِتْقَانِ وَالمَعْرِفَةِ، وَلَمْ يَبلغْ هَذَا
الحدَّ، لَكنَّهُ أَعْلَى إِسْنَاداً مِنْ
إِسْمَاعِيْلَ، مَاتَ فِي ثَالِثِ رَمَضَانَ، سَنَة
اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ،
وَشَهِدتُهُ، وَصَلَّى عَلَيْهِ إِسْمَاعِيْلُ
الحَافِظُ (1) .
5 - زَاهِرُ بنُ طَاهِرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ
النَّيْسَابُوْرِيُّ *
ابْنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ مَرْزُبَانَ، الشَّيْخُ، العَالِمُ،
المُحَدِّثُ المُفِيْدُ، المُعَمَّرُ، مُسْنِدُ
خُرَاسَانَ، أَبُو القَاسِمِ ابْنُ الإِمَامِ أَبِي
عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّيْسَابُوْرِيُّ،
الشَّحَّامِيُّ، المُسْتَمْلِي، الشُّرُوطِيُّ،
الشَّاهدُ.
وُلِدَ: فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ سِتٍّ
وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَاعْتَنَى بِهِ أَبُوْهُ (2) ، فَسَمَّعَهُ فِي
الخَامِسَةِ وَمَا بَعْدَهَا، وَاسْتجَازَ لَهُ.
أَجَازَ لَهُ: أَبُو الحُسَيْنِ عَبْدُ الغَافِرِ
الفَارِسِيُّ (3) ، وَأَبُو حَفْصٍ بنُ
__________
(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1276، 1277، وإسماعيل
الحافظ هو أبو القاسم إسماعيل بن محمد التيمي، سترد
ترجمته في هذا الجزء برقم (49).
(*) المنتظم 10 / 79، 80، الكامل 11 / 71، دول الإسلام
2 / 53، العبر 4 / 91، 92، ميزان الاعتدال 2 / 64،
المغني في الضعفاء 1 / 236، المستفاد من ذيل تاريخ
بغداد 118 - 120، البداية 12 / 215، لسان الميزان 2 /
470، كشف الظنون 1 / 370، شذرات الذهب 4 / 102، هدية
العارفين 1 / 372، الرسالة المستطرفة 74، تاريخ
بروكلمان 6 / 246 (النسخة العربية).
(2) طاهر، مرت ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (231).
(3) مرت ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (13).
(20/9)
مَسْرُوْرٍ (1) ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ
الجَوْهَرِيُّ (2) مُسْنِدُ بَغْدَادَ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي عُثْمَانَ سَعِيْدِ بنِ
مُحَمَّدٍ البحِيرِيِّ (3) ، وَأَبِي سَعْدٍ
الكَنْجَرُوْذِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
حَمْدُوْنَ، وَأَبِي يَعْلَى بنِ الصَّابُوْنِيِّ،
وَأَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ المُقْرِئِ،
وَمُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الخَشَّابِ، وَأَبِي
الوَلِيْدِ الحَسَنِ بنِ مُحَمَّدٍ الدَّرْبَنْدِيِّ،
وَأَبِي بَكْرٍ البَيْهَقِيِّ، وَسَعِيْدِ بنِ
مَنْصُوْرٍ القُشَيْرِيِّ، وَأَبِي سَعْدٍ أَحْمَدَ
بنِ أَبِي شَمْسٍ، وَأَحْمَدَ بنِ مَنْصُوْرٍ
المَغْرِبِيِّ (4) ، وَسَعِيْدِ بنِ أَبِي سَعِيْدٍ
العَيَّارِ، وَعَدَدٍ كَثِيْرٍ.
وَسَمِعَ مِنْ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ البَحَّاثِيِّ
(5) (كِتَابَ ابْنِ حِبَّانَ).
وَسَمِعَ مِنَ البَيْهَقِيِّ (سُنَنَهُ الكَبِيْرَ)،
وَمِنَ الكَنْجَرُوْذِيِّ أَكْثَرَ (مُسْنَدِ أَبِي
يَعْلَى).
وَرَوَى الكَثِيْرَ، وَاسْتَمْلَى عَلَى جَمَاعَةٍ،
وَخَرَّجَ، وَجَمَعَ، وَانتقَى لِنَفْسِهِ
السُّبَاعِيَّاتِ (6) ، وَأَشيَاءَ تَدُلُّ عَلَى
اعتنَائِهِ بِالفَنِّ، وَمَا هُوَ بِالمَاهرِ فِيْهِ،
وَهُوَ وَاهٍ مِنْ قِبَلِ دِيْنِهِ.
وَكَانَ ذَا حبٍّ للرِّوَايَةِ، فَرَحَلَ لَمَّا
شَاخَ، وَرَوَى الكَثِيْر بِبَغْدَادَ، وَبِهرَاةَ،
__________
(1) مرت ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (8).
(2) مرت ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (30).
(3) مرت ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (49)، وقد
تحرفت نسبته في " المستفاد من ذيل تاريخ بغداد " 118
إلى " النجيرمي ".
(4) في الأصل: " الغربي " وهو خطأ، وقد مرت ترجمته في
الجزء الثامن عشر برقم (42).
(5) بفتح الباء الموحدة والحاء المهملة المشددة وفي
آخرها الثاء المثلثة، نسبة إلى البحاث، وهو لقب بعض
أجداده، وهو مترجم في " الاستدراك " لابن نقطة: باب
البحاثي والبجاني.
(6) منه نسخة في الظاهرية ضمن مجموع 89 (ق 260 - 275)
ويوجد أيضا نسخة من " السداسيات " له ضمن مجموع 107 (ق
284 - 288) بخط الضياء وروايته.
انظر " فهرس الظاهرية للمنتخب من كتب الحديث "
للالباني: 317، 318.
(20/10)
وَأَصْبَهَانَ، وَهَمَذَانَ، وَالرَّيِّ،
وَالحِجَازِ، وَنَيْسَابُوْرَ.
وَاسْتَمْلَى عَلَى أَبِي بَكْرٍ بنِ خَلَفٍ (1)
الأَدِيْبِ فَمَنْ بَعْدَهُ، وَخَرَّجَ لِنَفْسِهِ
أَيْضاً عَوَالِي مَالِكٍ، وَعَوَالِي ابْنِ
عُيَيْنَةَ، وَمَا وَقَعَ لَهُ مِنْ عَوَالِي ابْنِ
خُزَيْمَةَ، فَجَاءَ أَزْيَدَ مِنْ ثَلاَثِيْنَ
جُزْءاً، وَعَوَالِي السَّرَّاجِ (2) ، وَعَوَالِي
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ بِشْرٍ (3) ، وَعَوَالِي
عَبْدِ اللهِ بنِ هَاشِمٍ (4) ، وَ(تُحْفَتَي
العِيدَينِ)، وَ(مشيختَهُ)، وَأَملَى نَحْواً مِنْ
أَلفِ مَجْلِسٍ، وَكَانَ لاَ يَملُّ مِنَ
التَّسمِيْعِ.
قَالَ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ: كَانَ مُكْثِراً،
متيَقِّظاً، وَرَدَ عَلَيْنَا مَرْوَ قصداً
لِلرِّوَايَةِ بِهَا، وَخَرَجَ مَعِي إِلَى
أَصْبَهَانَ لاَ شُغْلَ لَهُ إِلاَّ الرِّوَايَةُ
بِهَا، وَازدحَمَ عَلَيْهِ الخَلْقُ، وَكَانَ يَعرفُ
الأَجزَاءَ، وَجَمَعَ وَنسخَ وَعُمِّرَ.
قَرَأْتُ عَلَيْهِ (تَارِيخَ نَيْسَابُوْرَ) فِي
أَيَّامٍ قلاَئِلَ، كُنْتُ أَقرَأُ فِيْهِ سَائِرَ
النَّهَارِ، وَكَانَ يُكرِمُ الغُربَاءَ،
وَيُعِيرُهُمُ الأَجزَاءَ، وَلَكِنَّهُ كَانَ يُخِلُّ
بِالصَّلَوَاتِ إِخلاَلاً ظَاهِراً وَقتَ خُرُوْجِهِ
مَعِي إِلَى أَصْبَهَانَ، فَقَالَ لِي أَخُوْهُ
وَجيهٌ: يَا فُلاَنُ! اجْتهدْ حَتَّى يَقعُدَ، لاَ
يَفتَضِح بِتركِ الصَّلاَةِ.
وَظهرَ الأَمْرُ كَمَا قَالَ وَجيه، وَعَرَفَ أَهْلُ
أَصْبَهَانَ ذَلِكَ،
__________
(1) هو أبو بكر أحمد بن علي بن عبد الله النحوي
النيسابوري، مرت ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم
(242).
(2) هو الحافظ أبو العباس محمد بن إسحاق بن إبراهيم
الثقفي النيسابوري المتوفى سنة 313 ه، مرت ترجمته في
الجزء الرابع عشر برقم (216)، ومن حديثه أحد عشر جزءا
تحتوي على فوائده برواية زاهر الشحامي صاحب الترجمة
وهي في الظاهرية بدمشق مجموع 84 (ق 1 - 211) انظر "
فهرس منتخب الحديث " 295.
(3) هو الحافظ الثقة أبو محمد عبد الرحمن بن بشر بن
الحكم النيسابوري، المتوفى سنة 260 ه، مرت ترجمته في
الجزء الثاني عشر برقم (138)، وذكر المؤلف في ترجمته
أنه سمع عواليه برواية زاهر الشحامي صاحب الترجمة.
(4) هو الحافظ المتقن أبو عبد الرحمن عبد الله بن هاشم
ابن حيان المتوفى سنة 265 ه، مرت ترجمته في الجزء
الثاني عشر برقم (126) وقد سمع المؤلف أيضا عواليه
برواية زاهر.
(20/11)
وَشَغَبُوا (1) عَلَيْهِ، وَتركَ أَبُو
العَلاَءِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ
الرِّوَايَةَ عَنْهُ، وَأَنَا فَوَقْتَ قِرَاءتِي
عَلَيْهِ (التَّارِيْخ) مَا كُنْتُ أَرَاهُ يُصَلِّي،
وَعَرَّفَنَا بِترْكِهِ الصَّلاَةَ أَبُو القَاسِمِ
الدِّمَشْقِيُّ، قَالَ:
أَتيتُهُ قَبْلَ طُلُوْعِ الشَّمْسِ فَنَبَّهُوهُ،
فَنَزَلَ لنقرَأَ عَلَيْهِ، وَمَا صَلَّى، وقِيْلَ
لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: لِي عُذرٌ، وَأَنَا
أَجْمَعُ الصَّلَوَاتِ كُلَّهَا (2) ، وَلَعَلَّهُ
تَابَ، وَاللهُ يَغفِرُ لَهُ، وَكَانَ خَبِيْراً
بِالشُّرُوطِ، وَعَلَيْهِ العُمْدَةُ فِي مَجْلِسِ
الحُكْمِ.
مَاتَ: بِنَيْسَابُوْرَ، فِي عَاشرِ رَبِيْعٍ الآخرِ،
سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ (3) .
قُلْتُ: الشَّرَهُ يَحمِلُنَا عَلَى الرِّوَايَةِ
لِمِثْلِ هَذَا.
وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو مُوْسَى المَدِيْنِيُّ،
وَالسَّمْعَانِيُّ، وَابْنُ عَسَاكِرَ (4) ، وَصَاعِدُ
بنُ رَجَاءٍ، وَمَنْصُوْرُ بنُ أَبِي الحَسَنِ
الطَّبَرِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ القَاسِمِ الثَّقَفِيُّ،
وَمَحْمُوْدُ بنُ أَحْمَدَ المُضَرِيُّ، وَأَبُو
أَحْمَدَ بنُ سُكَيْنَةَ، وَأَبُو المَجدِ زَاهِرٌ
الثَّقَفِيُّ، وَعَبْدُ اللَّطِيْفِ بنُ مُحَمَّدٍ
الخُوَارِزْمِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ الجُنَيْدِ، وَعَبْدُ البَاقِي بنُ
عُثْمَانَ الهَمَذَانِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ
بَرَكَةَ البَيِّعُ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ حَمَدِيَّةَ
(5) ، وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ
يَعِيشَ، وَمَوْدُوْدُ بنُ مُحَمَّدٍ الهَرَوِيُّ،
وَالمُؤَيَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الطُّوْسِيُّ، وَزَيْنَبُ
الشَّعْرِيَّةُ (6) ، وَعبدُ
__________
(1) في " القاموس ": وشغبهم وبهم وعليهم كمنع وفرح:
هيج الشر عليهم، وورد في " المستفاد ": وشنعوا.
(2) قال ابن الجوزي: ومن الجائز أن يكون به مرض،
والمريض يجوز له الجمع بين الصلوات، فمن قلة فقه هذا
القادح رأى هذا الامر المحتمل قدحا.
انظر " المنتظم " 10 / 80.
(3) الخبر في " المستفاد من ذيل تاريخ بغداد " 119،
120.
(4) انظر " مشيخة ابن عساكر " 66 / 2، 67 / 1.
(5) ضبطه ابن نقطة بفتح الحاء المهملة والميم، وكسر
الدال، وتشديد الياء المعجمة باثنتين من تحتها، وذكر
ترجمة إبراهيم هذا، وأن وفاته سنة 592 ه. انظر "
الاستدراك " باب حمدويه وحمدونه وحمديه.
(6) بفتح الشين المعجمة وسكون العين المهملة كما ضبطها
ابن نقطة في " الاستدراك " =
(20/12)
المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ الهَرَوِيُّ،
وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَعَاشَ: سَبْعاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
وَمَاتَ مَعَهُ: أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ
المَلِكِ بنِ أَبِي جَمْرَةَ (1) المُرْسِيُّ الَّذِي
أَجَازَ لَهُ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ، وَالفَقِيْهُ
أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ الخَلِيْلِ
النَّسَفِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ عَبْدُ اللهِ بنُ
أَحْمَدَ بنِ يُوْسُفَ اليُوْسُفِيُّ (2) ، وَأَبُو
القَاسِمِ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدِ
اللهِ الخَطِيبِيُّ (3) بِأَصْبَهَانَ، وَأَبُو
القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ أَفلحَ البَغْدَادِيُّ
الشَّاعِرُ (4) ، وَجَمَالُ الإِسْلاَمِ أَبُو
الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ المُسَلَّمِ (5) الشَّافِعِيُّ،
وَأُمُّ المُجْتَبَى فَاطِمَةُ (6) بِنْتُ نَاصرٍ
العَلَوِيِّ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي
نَصْرٍ اللَّفْتُوَانِيُّ (7) المُحَدِّثُ،
وَمُحَمَّدُ بنُ حَمْدٍ الأَصْبَهَانِيُّ
الطِّيْبِيُّ، وَصَاحِبُ دِمَشْقَ شِهَابُ الدِّينِ
مَحْمُوْدُ (8) بنُ بُورِي، وَهِبَةُ اللهِ بنُ سَهْلِ
بنِ عُمَرَ بنِ البِسْطَامِيِّ السَّيِّدِيّ (9) .
__________
= باب الشعري والشعري، وأورد ترجمتها، وانظر حاشية
الإكمال 2 / 588، وستأتي ترجمتها في الجزء الحادي
والعشرين للمؤلف.
(1) سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (51).
(2) سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (38).
(3) له ترجمة في " الاستدراك " باب الحطيني والخطيبي.
وانظر حاشية " الأنساب " 5 / 153.
(4) مترجم في المنتظم 10 / 80 - 84، البداية 12 / 215،
216، وتحرف اسمه فيه إلى
يحيى بن يحيى بن علي بن أفلح، النجوم الزاهرة 5 / 264،
ومرآة الزمان 8 / 102.
(5) سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (14).
(6) ترجمها أبو سعد السجعاني في " التحبير " 2 / 434،
فقال: أم المجتبى فاطمة بنت السيد ناصر بن الحسن بن
الحسين بن طلحة العلوي من أهل أصبهان، امرأة علوية
معمرة، سمعت أبا الطيب عبد الرزاق بن شمه، وابا عثمان
العيار، وأبا القاسم بن إبراهيم وغيرهم، كتبت عنها
بأصبهان، وماتت في سنة ثلاث وثلاثين وخمس مئة.
(7) سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (45).
(8) سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (26).
(9) وهو صاحب الترجمة الآتية.
(20/13)
6 - السَّيِّدِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ هِبَةُ
اللهِ بنُ سَهْلِ بنِ عُمَرَ بنِ مُحَمَّدٍ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الصَّالِحُ، العَابِدُ،
مُسْنِدُ وَقتِهِ، أَبُو مُحَمَّدٍ هِبَةُ اللهِ بنُ
سَهْلِ بنِ عُمَرَ ابْنِ الشَّيْخِ أَبِي عُمَرَ
مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ بنِ أَبِي الهَيْثَمِ
البِسْطَامِيُّ، ثُمَّ النَّيْسَابُوْرِيُّ،
المَعْرُوفُ بِالسَّيِّدِيِّ.
وُلِدَ: فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ ثَلاَثٍ
وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
سَمِعَ: أَبَا حَفْصٍ بنَ مَسْرُوْرٍ، وَأَبَا
الحُسَيْنِ عَبْدَ الغَافِرِ الفَارِسِيَّ، وَأَبَا
عُثْمَانَ سَعِيْدَ بنَ مُحَمَّدٍ البَحِيرِيَّ،
وَأَبَا يَعْلَى الصَّابُوْنِيَّ، وَأَبَا بَكْرٍ
البَيْهَقِيَّ، وَأَبَا سَعْدٍ الكَنْجَرُوْذِيَّ،
وَطَائِفَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ عَسَاكِرَ (1) ،
وَالسَّمْعَانِيُّ، وَالمُؤَيَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ
الطُّوْسِيُّ، وَالقُطْبُ النَّيْسَابُوْرِيُّ،
وَجَمَاعَةٌ.
وَبِالإِجَازَةِ: أَبُو القَاسِمِ بنُ
الحَرَسْتَانِيِّ.
قَالَ السَّمْعَانِيُّ: شَيْخٌ عَالِمٌ خَيِّرٌ،
كَثِيْرُ العِبَادَةِ وَالتَّهَجُّدِ، وَلَكِنَّهُ
عَسِرُ الخُلُقِ، بَسِرُ الوَجْهِ، لاَ يَشتهِي
الرِّوَايَةَ، وَلاَ يُحِبُّ أَصْحَابَ الحَدِيْثِ،
كُنَّا نَقرَأُ عَلَيْهِ بِجُهْدٍ جَهِيْدٍ
وَبِالشَّفَاعَاتِ، وَكَانَ زَوجَ بِنْتِ إِمَامِ
الحَرَمَيْنِ أَبِي المَعَالِي، وَكَانَ أَحَدَ
الفُقَهَاءِ، وَتَفَرَّد بِـ (المُوَطَّأ)، وَبِـ
(جُزءِ ابْنِ نُجَيْدٍ)،
__________
(*) الأنساب 7 / 217، التحبير 2 / 356 - 360، التقييد:
الورقة 219 / 1، 2، تكملة الإكمال: الورقة 70 / 2،
المنتخب: الورقة 140 / 2، اللباب 2 / 164، العبر 4 /
93، دول الإسلام 2 / 54، ملخص تاريخ الإسلام الورقة 10
/ 1، طبقات السبكي 7 / 326، 327، طبقات الاسنوي 2 /
50، شذرات الذهب 4 / 103.
والسيدي: نسبة إلى جده السيد أبي الحسن محمد بن علي
الهمذاني المعروف بالوصي - وقد تصحف في " الأنساب " 7
/ 217 إلى الوضئ - مرت ترجمته في الجزء السابع عشر
برقم (43).
(1) انظر " مشيخة ابن عساكر " 236 / 1.
(20/14)
وَأَشيَاءَ (1) .
مَاتَ: فِي الخَامِسِ وَالعِشْرِيْنَ مِنْ صفرٍ،
سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَلَهُ
تِسْعُوْنَ سَنَةً.
قُلْتُ: سَمِعْنَا (المُوَطَّأَ) مِنْ طَرِيقِهِ
بِفَوتٍ قَدِيْمٍ، وَهُوَ المُسَاقَاةُ، وَالقِرَاضُ،
وَالفَرَائِضُ.
7 - أَنُو شروَانَ بنُ خَالِدٍ أَبُو نَصْرٍ
القَاشَانِيُّ
الوَزِيْرُ الكَبِيْرُ، أَبُو نَصْرٍ القَاشَانِيُّ
(2) .
وَزَرَ لِلمُسْترشدِ (3) ، وَوَزَرَ لِلسُّلْطَانِ
مَحْمُوْدِ (4) بنِ مُحَمَّدٍ.
__________
(1) انظر " التحبير " 2 / 357.
(*) المنتظم 10 / 77، 78، الكامل 11 / 70، 71، مختصر
تاريخ دولة آل سلجوق 104 - 106 و140 - 142، وفيات
الأعيان 4 / 67، الفخري 306، العبر 4 / 90، المشتبه
495، وفيهما نوشروان بحذف الالف أوله وتابعه ابن حجر،
الوافي 9 / 427، 428، البداية والنهاية 12 / 214،
تبصير المنتبه 3 / 1447، النجوم الزاهرة 5 / 261، كشف
الظنون 2 / 1240، 1241، شذرات الذهب 4 / 101، هدية
العارفين 1 / 228، طبقات أعلام الشيعة: مجلد القرن
السادس / 28 وفيهما أنو شيروان بزيادة ياء، معجم
الأنساب والاسر الحاكمة 10 و339 و340.
(2) نسبة إلى قاشان: بلدة قرب أصبهان، وقد ضبطها ياقوت
بالقاف والشين المعجمة، وضبطها السمعاني بالمعجمة
والمهملة معا، وضبطها المؤلف بالمهملة وتابعه ابن حجر،
وقد تصحفت هذه النسبة في " شذرات الذهب " إلى
الغاساني، بالغين، وزاد ابن كثير نسبة " القيني " نسبة
إلى قين، من قرى قاشان، وتابعه ابن تغري بردي.
(3) مرت ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (325).
(4) هو السلطان محمود بن محمد بن ملكشاه السلجوقي، مرت
ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (305)، وذكر
الأصبهاني في " مختصر تاريخ دولة آل سلجوق " ص 104 أن
أنوشروان كان قد وزر لابيه السلطان محمد، وهو الذي
ذكره ابن الجوزي في " المنتظم "، وذكر الأصبهاني ص 162
أنه وزر لأخيه السلطان مسعود، وهو الذي ذكره ابن تغري
بردي في " النجوم الزاهرة ".
وقد قصر صاحب " معجم الأنساب والاسرات الحاكمة " فلم
يذكره مع وزراء السلطان محمد انظر ص 338.
(20/15)
وَكَانَ عَاقِلاً، سَائِساً، رَزِيناً، وَافرَ
الجَلاَلَةِ، حَسَنَ السِّيْرَةِ، مُحِبّاً
لِلْعُلَمَاءِ (1) ، أَحضرَ ابْنَ الحُصَيْنِ (2)
إِلَى دَارِهِ، فَسَمَّعَ أَوْلاَدَهُ (المُسْنَدَ)
بقِرَاءةِ ابْنِ الخَشَّابِ (3) ، وَسَمِعَهُ خَلْقٌ.
وَقَدْ حَدَّثَ عَنِ السَّاوِي (4) .
رَوَى عَنْهُ الحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ، ثُمَّ أَسنَّ
وَتَضَعْضَعَ، وَلَزِمَ المَنْزِلَ، وَكَانَ
مَهِيْباً، عَظِيْمَ الخِلْقَةِ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ
مائَةٍ (5) .
8
- عَبْدُ الغَافِرِ* بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ عَبْدِ
الغَافِرِ (6) بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الغَافِرِ
الفَارِسِيُّ
الإِمَامُ، العَالِمُ،
__________
(1) وهو الذي أشار على الحريري أن يعمل " مقاماته "،
وإياه عني الحريري بقوله في المقدمة: فأشار من إشارته
حكم وطاعته غنم...انظر تفصيل ذلك في " وفيات الأعيان "
4 / 63، 64، و" المنتظم " 10 / 77، و" البداية " 12 /
214.
(2) هو أبو القاسم هبة الله بن محمد بن عبد الواحد ابن
الحصين، مسند العراق، متوفى سنة 525، مرت ترجمته في
الجزء التاسع عشر برقم (317).
(3) هو أبو محمد عبد الله ابن الخشاب، سترد ترجمته في
هذا الجزء برقم (337).
(4) انظر " الوافي " 9 / 427.
(5) وقد ألف كتابا في تاريخ السلاجقة بالفارسية، سماه
" فتور زمان الصدور المنبي عن القرون الخالية في
العصور " وترجمه إلى العربية مع الاختصار العماد
الأصبهاني، وضمنه كتابه " نصرة الفطرة وعصرة القطرة "
الذي طبع بالقاهرة سنة 1318.
انظر " وفيات الأعيان " 4 / 67، و" تاريخ " بروكلمان 6
/ 7 (النسخة العربية).
(*) التحبير 1 / 507 - 509، وفيات الأعيان 3 / 225،
مجمع الآداب ج ع ق 2 / 1133، 1134، تاريخ الإسلام 4 /
282 / 2، العبر 4 / 79، تذكرة الحفاظ 4 / 1275، مرآة
الجنان 3 / 259، طبقات السبكي 7 / 171 - 173، طبقات
الاسنوي 2 / 275، 276، البداية والنهاية 12 / 235
(حوادث 551)، طبقات النحاة لابن قاضي شهبة: ق 188، كشف
الظنون: 308، 1602، شذرات الذهب 4 / 93، هدية العارفين
1 / 587، تاريخ بروكلمان 6 / 245، 246 (النسخة
العربية).
(6) تحرف في " البداية " إلى عبد القادر.
(20/16)
البَارعُ، الحَافِظُ، أَبُو الحَسَنِ ابْنُ
الحَافِظِ أَبِي عَبْدِ اللهِ ابْنِ الشَّيْخِ
الكَبِيْرِ أَبِي الحُسَيْنِ الفَارِسِيُّ، ثُمَّ
النَّيْسَابُوْرِيُّ.
مُصَنِّفُ: كِتَابِ (مَجْمَعِ الغَرَائِبِ (1)) فِي
غَرِيْبِ الحَدِيْثِ، وَكِتَابِ (السِّيَاقِ
لِتَارِيخِ نَيْسَابُوْرَ (2))، وَكِتَابِ (المُفْهِمِ
لشرحِ مُسْلِمٍ).
وُلِدَ: سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ.
وَأَجَازَ لَهُ مِنْ بَغْدَادَ: أَبُو مُحَمَّدٍ
الجَوْهَرِيُّ، وَغَيْرُهُ.
وَمِنْ نَيْسَابُوْرَ: أَبُو سَعْدٍ
الكَنْجَرُوْذِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ
الحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ الطَّبَرِيُّ المُقْرِئُ.
وَسَمِعَ مِنْ: جدِّهِ لأُمِّهِ أَبِي القَاسِمِ
القُشَيْرِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ مَنْصُوْرٍ
المَغْرِبِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الرَّحِيْمِ
الإِسْمَاعِيلِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ
الأَزْهَرِيِّ، وَالفَضْلِ بنِ المُحِبِّ، وَمُحَمَّدِ
بنِ عُبَيْدِ (3) اللهِ الصَّرَّامِ، وَأَبِي نَصْرٍ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن عَلِيٍّ التَّاجِرِ، وَخَلْقٍ
كَثِيْرٍ.
وَتَفَقَّهَ بِإِمَامِ الحَرَمَيْنِ (4) ، وَبَرَعَ
فِي المَذْهَبِ، وَارْتَحَلَ إِلَى غَزْنَةَ
وَالهِنْدِ وَخُوَارِزْمَ، وَلقِيَ الكِبَارَ،
وَوَلِيَ خَطَابَةَ نَيْسَابُوْرَ.
وَكَانَ فَقِيْهاً مُحَقِّقاً، وَفَصِيْحاً
مُفَوَّهاً، وَمُحَدِّثاً مُجَوِّداً، وَأَدِيباً
كَامِلاً.
مَاتَ: سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ
(5) .
وَآخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو سَعْدٍ عَبْدُ
اللهِ بنُ عُمَرَ الصَّفَّارُ.
__________
(1) انظر النسخ الخطية للكتاب في " تاريخ " بروكلمان 6
/ 245، 246 (النسخة العربية).
(2) وهو تكملة لكتاب " تاريخ نيسابور " للحاكم
الونيسابوري.
انظر نسخه الخطية في بروكلمان 6 / 246.
(3) تحرف في " تذكرة الحفاظ " 4 / 1276 و" طبقات "
السبكي 7 / 172 إلى " عبد "، وقد مرت ترجمة الصرام هذا
في الجزء الثامن عشر برقم (247).
(4) أبي المعالي عبد الملك الجويني، مرت ترجمته في
الجزء الثامن عشر برقم (240).
(5) ذكره ابن كثير في وفيات سنة 551 ه.
(20/17)
وَفِيْهَا مَاتَ: شَمْسُ المُلُوْكِ
إِسْمَاعِيْلُ (1) بنُ تَاجِ المُلُوْكِ مَقْتُولاً،
وَملكُ العربِ نُورُ الدَّوْلَةِ دُبَيْسُ بنُ
صَدَقَةَ الأَسَدِيُّ (2) ، وَالمُسْتَرشِدُ (3)
بِاللهِ بنُ المُسْتظهِرِ، وَقَاضِي الجَمَاعَةِ أَبُو
عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ خَلَفِ بنِ
الحَاجِّ التُّجِيْبِيُّ (4) ، وَالعَلاَّمَةُ
مُحَمَّدُ بنُ أَبِي الخيَارِ العَبْدَرِيُّ (5)
القُرْطُبِيُّ.
9 - ابْنُ قُبَيسٍ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ
مَنْصُوْرِ بنِ مُحَمَّدٍ الغَسَّانِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الفَقِيْهُ، النَّحْوِيُّ،
الزَّاهِدُ، العَابِدُ، القُدْوَةُ، أَبُو الحَسَنِ
عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ مَنْصُوْرِ بنِ مُحَمَّدِ
بنِ قُبَيْسٍ الغَسَّانِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ،
المَالِكِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ.
وَسَمِعَ: أَبَاهُ، وَأَبَا القَاسِمِ
السُّمَيْسَاطِيَّ، وَأَبَا بَكْرٍ الخَطِيْبَ،
وَأَبَا نَصْرٍ بنَ طَلاَّبٍ، وَغَنَائِمَ الخَيَّاطَ،
وَأَبَا الحَسَنِ بنَ أَبِي الحَدِيْدِ، وَجَمَاعَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو القَاسِمِ ابْنُ عَسَاكِرَ (6)
، وَالسِّلَفِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ الجَنْزَوِيُّ (7)
، وَأَبُو القَاسِمِ بنُ الحَرَسْتَانِيِّ،
وَآخَرُوْنَ.
__________
(1) مرت ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (329).
(2) مرت ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (359).
(3) مرت ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (325).
(4) مرت ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (361).
(5) مرت ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (332).
(*) إنباه الرواة 2 / 232، مرآة الزمان 8 / 96، تاريخ
الإسلام 4 / ق 288 / 1، العبر 4 / 82، تلخيص ابن
مكتوم: 127، 128، مرآة الجنان 3 / 257، 258، النجوم
الزاهرة 5 / 259، شذرات الذهب 4 / 95، وتحرف في
الاخيرين إلى " ابن قيس ".
(6) انظر " مشيخة " ابن عساكر: ورقة 139 / 2.
(7) قال ابن نقطة في " الاستدراك ": بفتح الجيم وسكون
النون وفتح الزاي وكسر الواو وبعدها ياء، هو أبو الفضل
إسماعيل بن علي بن إبراهيم الجنزوي المعدل
الدمشقي..وفي " معجم البلدان " 2 / 171، 172: جنزة:
اسم أعظم مدينة بأران، وهي بين شروان =
(20/18)
قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: كَانَ ثِقَةً،
مُتَحَرِّزاً، مُتَيَقِّظاً، مُنْقَطِعاً فِي بَيْتِهِ
بدَرْبِ النَّقَّاشَةِ، أَوْ بَيْتِهِ فِي المنَارَةِ
الشَّرْقِيَّةِ بِالجَامِعِ، وَكَانَ فَقِيْهاً،
مُفْتِياً، يُقْرِئُ النَّحْوَ وَالفَرَائِضَ، وَكَانَ
مُتَغَالياً فِي السُّنَّةِ، مُحِبّاً لأَصْحَابِ
الحَدِيْثِ، قَالَ لِي غَيْرَ مَرَّةٍ: إِنِّيْ
لأَرْجُو أَنْ يُحْيِيَ اللهُ بِكَ هَذَا الشَّأْنَ
فِي هَذَا البلدِ، وَكَانَ لاَ يُحَدِّثُ إِلاَّ مِنْ
أَصلٍ، سَمِعْتُ مِنْهُ الكَثِيْرَ، وَمَاتَ يَوْمَ
عَرفةَ، سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَقَالَ السِّلَفِيُّ: كَانَ يَسكنُ المنَارَةَ،
وَكَانَ زَاهِداً، عَابِداً، ثِقَةً، لَمْ يَكُنْ فِي
وَقتِهِ مِثْلُهُ بِدِمَشْقَ، وَهُوَ مُقَدَّمٌ فِي
عُلُوْمٍ شَتَّى، مُحَدِّثٌ ابْنُ مُحَدِّثٍ (1) .
10 - القَارِئُ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
بنِ صَالِحٍ *
الشَّيْخُ الصَّدُوْقُ، المُعَمَّرُ، المُسْنِدُ،
أَبُو مُحَمَّدٍ إِسْمَاعِيْلُ ابنُ أَبِي القَاسِمِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابنِ أَبِي بَكْرٍ صَالِحٍ
النَّيْسَابُوْرِيُّ (2) ، القَارِئُ.
قَالَ ابْنُ نُقْطَة: سَمِعَ مِنْ أَبِي الحُسَيْنِ
عَبْدِ الغَافِرِ بنِ مُحَمَّدٍ الفَارِسِيِّ
(صَحِيْحَ مُسْلِمٍ)، وَأَحَادِيْثَ يَحْيَى بنِ
يَحْيَى التَّمِيْمِيِّ (3) ، وَسَمِعَ مِنْ أَبِي
__________
= وأذربيجان..ويقول بعضهم في النسبة إليها: جنزوي،
ونسب هكذا أبو الفضل إسماعيل.
وقد تصحفت نسبته في " العبر " 4 / 266، إلى " الخبزوي
" بالخاء المعجمة والباء الموحدة، وتحرفت في " الوافي
" 159، 160، إلى " الجيروني "، وستأتي ترجمته في الجزء
الحادي والعشرين.
(1) الخبر في " تاريخ الإسلام " 4 / 288 / 1.
(*) التحبير 1 / 94 - 97، معجم البلدان 3 / 68
(رمجار)، العبر 4 / 84، 85، النجوم الزاهرة 5 / 260،
شذرات الذهب 4 / 97، وتصحف فيه إلى الغازي.
والقارئ: قال السمعاني: وأظن أن والده أبا القاسم كان
يقرأ بين يديه، فقيل له القارئ لذلك.
وقال ابن تغري بردي: كان رأسا في علم القرآن.
(2) زاد السمعاني في " التحبير " نسبة الرمجاري، وقال:
رمجار: محلة بنيسابور اه. وفيها ترجمه ياقوت.
(3) المتوفى سنة 226 ه، مرت ترجمته في الجزء العاشر
برقم (167).
(20/19)
حَفْصٍ بنِ مَسْرُوْرٍ عِدَّةَ أَجزَاءٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو العَلاَءِ العَطَّارُ، وَأَبُو
القَاسِمِ ابْنُ عَسَاكِرَ، وَأَبُو سَعْدٍ
السَّمْعَانِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ
القُشَيْرِيُّ، وَزَيْنَبُ الشَّعْرِيَّةُ،
وَآخَرُوْنَ.
قَالَ السَّمْعَانِيُّ (1) : شَيْخٌ صَالِحٌ،
عَفِيْفٌ، صُوْفِيٌّ، نَظيفٌ، مُوَاظِبٌ عَلَى
الجَمَاعَةِ، خَدَمَ الأُسْتَاذَ أَبَا القَاسِمِ
القُشَيْرِيَّ، مَوْلِدُهُ فِي رَجَبٍ سَنَةَ تِسْعٍ
وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَقَالَ ابْنُ نُقْطَة: رَوَى عَنْهُ (الصَّحِيْحَ)
أَبُو سَعْدٍ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ المُحَسِّنِ
القُشَيْرِيُّ، وَسَمِعْتُ مِنْ زَيْنَبَ
الشَّعْرِيَّةِ (جُزءَ ابْنِ نُجَيْدٍ) بِسَمَاعِهَا
مِنْهُ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ
مائَةٍ.
قُلْتُ: وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ أَبُو القَاسِمِ بنُ
الحَرَسْتَانِيِّ بِالإِجَازَةِ بِأَجزَاءِ عُمَرَ بنِ
مَسْرُوْرٍ.
مَاتَ: فِي العِشْرِيْنَ مِنْ رَمَضَانَ، سَنَةَ
إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، أَرَّخَهُ
السَّمْعَانِيُّ.
11 - تَمِيْمُ بنُ أَبِي سَعِيْدٍ بنِ أَبِي
العَبَّاسِ الجُرْجَانِيُّ *
الشَّيْخُ الفَاضِلُ، المُؤَدِّبُ، مُسْنِدُ هَرَاةَ،
أَبُو القَاسِمِ الجُرْجَانِيُّ.
مَوْلِدُهُ: بَعْدَ الأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي حَفْصٍ بنِ مَسْرُوْرٍ، وَأَبِي
عَامِرٍ الحَسَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
__________
(1) في " التحبير " 1 / 94.
(*) التحبير 1 / 144 - 148، العبر 4 / 85، مرآة الجنان
3 / 259، شذرات الذهب 4 / 97.
(20/20)
عليٍّ النَّسَوِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ حَمْدُوْنَ السُّلَمِيِّ، وَأَبِي
سَعْدٍ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
الكَنْجَرُوْذِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بنِ
مَنْصُوْرٍ المَغْرِبِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ
بنِ عَلِيِّ بنِ عُبَيْدِ اللهِ البَحَّاثِيِّ،
فَسَمِعَ مِنْهُ كِتَابَ (الأَنْوَاعِ
وَالتَّقَاسِيمِ) لأَبِي حَاتِمٍ بنِ حِبَّانَ،
وَسَمِعَ (مُسْنَدَ أَبِي يَعْلَى) مِنْ أَبِي سَعْدٍ.
وَانْتَهَى إِلَيْهِ بِهَرَاةَ عُلُوُّ الإِسْنَادِ،
كَانَ قَدِ اعْتَنَى بِهِ خَالُهُ الحَافِظُ عَبْدُ
اللهِ (1) بنُ يُوْسُفَ، فَسَمَّعَهُ بِنَيْسَابُوْرَ
مِنَ المَذْكُوْرِيْنَ.
قَالَ السَّمْعَانِيُّ (2) : لَمْ أَلقَهُ، وَأَجَازَ
لِي، وَكَانَ ثِقَةً صَالِحاً، يُعَلِّمُ
الصِّبْيَانَ، سَمِعَ: ابْنَ مَسْرُوْرٍ، وَعَبْدَ
الغَافِرِ (3) ، وَأَبَا عُثْمَانَ الصَّابُوْنِيَّ،
وَأَبَا عُثْمَانَ البَحِيْرِيَّ (4) ،
وَالبَيْهَقِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ
العُمَرِيَّ، وَأَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بنَ الحَسَنِ
بنِ عَلِيٍّ الطَّبَرِيَّ.
وَمِنْ سَمَاعَاتِهِ: (مُعْجَمُ الحَاكِمِ) سَمِعَهُ
مِنَ البَيْهَقِيِّ، أَخْبَرَنَا الحَاكِمُ، وَالقدرُ
الَّذِي عِنْدَ أَبِي سَعْدٍ (5) ، وَذَلِكَ خَمْسَةٌ
وَثَلاَثُوْنَ جُزْءاً مِنْ (مُسْنَدِ أَبِي يَعْلَى)،
وَكِتَابُ (المُتَّفق) لِلْجَوْزَقِيِّ (6) ،
وَكِتَابُ (التَّرغِيب) لِحُمَيدِ بنِ زَنْجَوَيْه (7)
، أَخْبَرَنَا العُمَرِيُّ، أَخْبَرْنَا ابْنُ أَبِي
__________
(1) مرت ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (86).
(2) في " التحبير " 1 / 144 - 148.
(3) الفارسي، مرت ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم
(13) وقد تحرف اسمه في " التحبير " إلى عبد الفار.
(4) تحرف في " التحبير " إلى " الحيري "، وقد مرت
ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (49).
(5) أي الكنجروذي.
(6) هو أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد الجوزقي
الشيباني، المتوفى سنة 388 ه، مرت ترجمته في الجزء
السادس عشر برقم (352).
(7) المتوفى سنة 251، مرت ترجمته في الجزء الثاني عشر
برقم (3).
(20/21)
شُرَيْحٍ، أَخْبَرَنَا الرَّذَانِيُّ (1)
عَنْهُ سِوَى الجُزْءَ الخَامِسِ مِنْ تَجْزِئَة
عَشْرَة.
قُلْتُ: وَرَوَى عَنْهُ: أَبُو القَاسِمِ ابْنُ
عَسَاكِرَ، وَأَبُو رَوْحٍ عَبْدُ المُعِزِّ بنُ
مُحَمَّدٍ الهَرَوِيُّ، وَطَائِفَةٌ.
قَالَ ابْنُ نُقْطَةَ: ذَكَرَ لِي يَحْيَى بنُ عَلِيٍّ
المَالِقِيُّ أَنَّهُ لَمَّا قَدِمَ أَبُو جَعْفَرٍ
بنُ خَولَةَ الغَرْنَاطِيُّ مِنَ الهِنْدِ إِلَى
هَرَاةَ، أَخرجَ إِلَيْهِم بَقِيَّةَ الأَصْلِ بِـ
(مُسْنَدَ أَبِي يَعْلَى)، وَفِيْهِ سَمَاعُ أَبِي
رَوْحٍ مِنْ تَمِيْمٍ.
قَالَ يَحْيَى: فَكَمُلَ لَهُ (المُسْنَدُ) سَمَاعاً
مِنْ تَمِيْمٍ بِتِلْكَ المُجَلَّدَةِ.
أَخْبَرْنَا ابْنُ الخَلاَّلِ، أَخْبَرَنَا عَتِيْقٌ
السَّلْمَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ
الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا تَمِيْمٌ الجُرْجَانِيُّ
بِهَرَاةَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ
مائَةٍ...، فَذَكَرَ حَدِيْثاً.
فَهَذَا آخِرُ العَهْدِ بتَمِيْمٍ، وَلاَ أَدْرِي
مَتَى تُوُفِّيَ (2) .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ
التَّمِيْمِيُّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ المُعِزِّ بنُ
مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا تَمِيْمُ بنُ أَبِي سَعِيْدٍ
المُعَلِّمُ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ، أَخْبَرَنَا
أَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرُوْذِيُّ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ
وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو
عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى
المَوْصِلِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيْعِ
الزَّهْرَانِيُّ، حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، عَنِ
__________
(1) بفتح الراء والذال المعجمة المخففة وفي آخرها
النون، نسبة إلى رذان، وهي قرية من قرى نسا، ويقال لها
أيضا: ريان، بالياء مثقلة أو مخففة، والرذاني هذا: هو
أبو جعفر محمد بن أحمد بن أبي عون عبد الجبار النسوي،
متوفى سنة 313 ه، مرت ترجمته في الجزء الرابع عشر برقم
(240)، وقد تحرفت نسبته في " التحبير " 1 / 146 إلى "
الراذاني " بزيادة ألف بعد الراء، وهو خطأ أوقع محققة
الكتاب بعزو هذه النسبة إلى راذان، من قرى بغداد، دون
ذكر اسم صاحب النسبة.
(2) ذكره المؤلف في آخر ترجمة ابن البناء الواردة برقم
(3) مع وفيات سنة 331 ه.
(20/22)
الزُّهْرِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:
أَنَّ أَبَا بَكْرٍ بَعَثَهُ فِي الحَجَّةِ الَّتِي
أَمَرَ لَهُ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- قَبْلَ حَجَّةِ الوَدَاعِ فِي يَوْمِ
النَّحْرِ فِي رَهْطٍ يُؤذِّنُ فِي النَّاسِ: (أَنْ
لاَ يَحُجَّ بَعْدَ العَامِ مُشْرِكٌ، وَلاَ
يَطُوْفَنَّ بِالبَيْتِ عُريَانُ).
أَخْرَجَهُ: البُخَارِيُّ (1) ، عَنِ الزَّهْرَانِيِّ.
12 - قَاضِي المَرَسْتَانِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ
البَاقِي بنِ مُحَمَّدٍ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، العَالِمُ، المُتَفَنِّنُ،
الفَرَضِيُّ، العَدْلُ، مُسْنِدُ العصرِ، القَاضِي،
أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي بنِ
مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بنِ الرَّبِيْعِ بنِ ثَابِتِ بنِ وَهْبِ
بنِ مَشْجَعَةَ (2) بنِ الحَارِثِ بنِ عَبْدِ اللهِ
ابنِ شَاعِرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- وَأَحَدِ الثَّلاَثَةِ الَّذِيْنَ
خُلِّفُوا كَعْبِ بنِ مَالِكِ بنِ عَمْرِو بنِ
القَيْنِ الخَزْرَجِيُّ، السَّلَمِيُّ (3) ،
الأَنْصَارِيُّ، البَغْدَادِيُّ، النَّصْرِيُّ - مِنْ
مَحَلَّةِ النَّصْرِيَّةِ (4) -
__________
(1) رقم (4363) في المغازي: باب حج أبي بكر بالناس في
سنة تسع، وأخرجه أيضا من
طرق عن الزهري به (369) و(1622) و(3177) و(4655)
و(4656) و(4657)، ومسلم (1347) وأبو داود (1947)
والنسائي 5 / 234، وابن جرير (16437) وانظر " جامع
الأصول " 2 / 152 - 156، و" فتح الباري " 8 / 318 -
320.
(*) الأنساب: (النصري)، تاريخ ابن عساكر، المنتظم 10 /
92 - 94، معجم البلدان 5 / 288، اللباب 3 / 311، 312،
الكامل 11 / 80، مرآة الزمان 8 / 108، 109، العبر 4 /
96، 97، المستفاد من ذيل تاريخ بغداد 20، 21، البداية
12 / 217، 218، ذيل طبقات الحنابلة 1 / 192 - 198،
لسان الميزان 5 / 241 - 243، النجوم الزاهرة 5 / 267،
كشف الظنون 1 / 138، شذرات الذهب 4 / 108 - 110،
وللمستشرق سوتر بحث بالالمانية في أخباره وتآليفه.
(2) بفتح الميم وسكون الشين المعجمة وفتح الجيم وبعدها
عين مهملة، وقد تصحف في " البداية " 12 / 217 بالسين
المهملة.
(3) بفتح السين واللام، نسبة إلى بني سلمة: حي من
الانصار.
(4) وهي محلة بالجانب الغربي من بغداد، منسوبة إلى أحد
أصحاب المنصور، يقال له: نصر " معجم " ياقوت 5 / 287،
288.
(20/23)
الحَنْبَلِيُّ، البَزَّازُ (1) ، المَعْرُوفُ:
بقَاضِي المَرَسْتَان، وَيُعْرَف أَبُوْهُ بِصِهر
هِبَةَ.
مَوْلِدُهُ: فِي عَاشرِ صفرٍ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ
وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
بَكَّرَ بِهِ أَبُوْهُ، وَسَمَّعَهُ مِنْ أَبِي
إِسْحَاقَ البَرْمَكِيِّ (2) (جُزءَ الأَنْصَارِيِّ)
وَمَا مَعَهُ حُضُوْراً فِي السَّنَةِ الرَّابِعَةِ،
وَسَمِعَ الكَثِيْرَ بِإِفَادَةِ جَارِهِم المُحَدِّثِ
الرَّحَّالِ عَبْدِ المُحْسِنِ الشِّيْحِيِّ
السَّفَّارِ مِنْ عَلِيِّ بنِ عِيْسَى
البَاقِلاَّنِيِّ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيِّ،
وَالقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ الطَّبَرِيِّ، وَعُمَرَ
بنِ الحُسَيْنِ الخَفَّافِ، وَأَبِي طَالِبٍ
العُشَارِيِّ، وَأَبِي الحُسَيْنِ بنِ حَسْنُوْنَ
النَّرْسِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ عُمَرَ البَرْمَكِيِّ،
وَأَبِي الحُسَيْنِ بنِ الآبَنُوْسِيّ، وَالقَاضِي
أَبِي يَعْلَى بنِ الفَرَّاءِ، وَأَبِي جَعْفَرٍ بنِ
المُسْلِمَةِ، وَمُحَمَّدِ بنِ وِشَاحٍ
الزَّيْنَبِيِّ، وَجَابِرِ بنِ يَاسِينَ، وَعَبْدِ
الصَّمَدِ بنِ المَأْمُوْنِ، وَأَحْمَدَ بنِ عُثْمَانَ
المَخبَزِيِّ، وَعَلِيِّ ابْنِ الشَّيْخِ أَبِي
طَالِبٍ المَكِّيِّ، وَأَبِي الحُسَيْنِ بنِ
المُهْتَدِي بِاللهِ، وَأَبِي الفَضْلِ هِبَةِ اللهِ
بنِ أَحْمَدَ بنِ المَأْمُوْنِ، وَخَدِيْجَةَ بِنْتِ
مُحَمَّدٍ الشَّاهجَانِيَّةِ، وَعَلِيِّ بنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بنِ عَلِيَّكَ، وَوَالِدِهِ أَبِي طَاهِرٍ
عَبْدِ البَاقِي حَدَّثَهُ عَنِ ابْنِ الصَّلْتِ
المُجْبِرِ، وَالحَافِظِ أَبِي بَكْرٍ الخَطِيْبِ،
وَأَبِي الغَنَائِمِ مُحَمَّدِ بنِ الدَّجَاجِيِّ،
وَعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ عَلِيٍّ الأَنْمَاطِيِّ،
وَأَبِي الحَسَنِ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
البيضَاوِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ
بنِ حُمَّدُوْهُ (3) ، وَهَنَّادِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ
النَّسَفِيِّ، وَالشَّرِيْفِ أَبِي جَعْفَرٍ بنِ أَبِي
مُوْسَى - وَبِهِ تَفَقَّهَ - وَالحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ
المُقْرِئِ.
وَسَمِعَ بِمِصْرَ مِنْ:
__________
(1) بزايين، وقد تصحف في " المنتظم " 10 / 93 إلى
البزار، براء آخره.
(2) هو أبو إسحاق إبراهيم بن عمر بن أحمد البغدادي
الحنبلي البرمكي المتوفي سنة 445 ه، مرت ترجمته في
الجزء السابع عشر برقم (405).
(3) بضم الحاء وتثقيل الميم المفتوحة، بغير ياء بعد
الواو، وبعضهم يقول: حمدويه، بزيادة الياء وضم الميم
المثقلة.
انظر " المشتبه " 1 / 249، و" تبصير المنتبه " 1 / 460
و" الاستدراك " باب حمدويه وحمدونة وفي الاخيرين ترجمة
أبي بكر هذا.
(20/24)
أَبِي إِسْحَاقَ الحَبَّالِ الحَافِظِ،
وَبِمَكَّةَ مِنْ: أَبِي مَعْشَرٍ الطَّبَرِيِّ،
وَمِنْ عددٍ كَثِيْرٍ.
وَلَهُ (مَشْيَخَةٌ) فِي ثَلاَثَةِ أَجزَاءَ،
وَأُخْرَى خَرَّجهَا السَّمْعَانِيُّ فِي جُزءٍ.
وَأَجَازَ لَهُ: أَبُو القَاسِمِ التَّنُوخِيُّ،
وَأَبُو الفَتْحِ بنُ شِيْطَا، وَالقَاضِي أَبُو
عَبْدِ اللهِ بنُ سلاَمَةَ القُضَاعِيُّ، وَتَفَقَّهَ
قَلِيْلاً عِنْدَ القَاضِي أَبِي يَعْلَى، وَشَهِدَ
عِنْدَ قَاضِي القُضَاةِ أَبِي الحَسَنِ بنِ
الدَّامَغَانِيِّ.
وَرَوَى الكَثِيْرَ، وَشَاركَ فِي الفَضَائِلِ،
وَانْتَهَى إِلَيْهِ عُلُوُّ الإِسْنَادِ، وَحَدَّثَ
وَهُوَ ابْنُ عِشْرِيْنَ سَنَةً فِي حَيَاةِ
الخَطِيْبِ.
حَدَّثَ عَنْهُ خَلْقٌ، مِنْهُم: السِّلَفِيُّ،
وَالسَّمْعَانِيُّ، وَابْنُ نَاصرٍ، وَابْنُ
عَسَاكِرَ، وَابْنُ الجَوْزِيِّ، وَأَبُو مُوْسَى
المَدِيْنِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُسْلِمِ بنِ
جُوَالِقَ، وَالمُكَرَّمُ بنُ هِبَةِ اللهِ
الصُّوْفِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ سُكَيْنَةَ (1) ،
وَأَحْمَدُ بنُ تَزمش، وَسَعِيْدُ بنُ عَطَّافٍ،
وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَعِيشَ الأَنْبَارِيُّ،
وَعَبْدُ اللهِ بنُ المُظَفَّرِ بنِ البَوَّابِ،
وَيُوْسُفُ بنُ المُبَارَكِ بنِ كَامِلٍ، وَعَبْدُ
اللَّطِيْفِ بنُ أَبِي سَعْدٍ، وَأَبُو عَلِيٍّ
ضِيَاءُ بنُ الخُرَيفِ، وَعُمَرُ بنُ طَبَرْزَدَ،
وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ الأَخْضَرِ، وَأَبُو اليُمْنِ
الكِنْدِيُّ، وَالحُسَيْنُ بنُ شُنَيفٍ، وَأَحْمَدُ
بنُ يَحْيَى بنِ الدَّبِيْقِيِّ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ
بنُ مَعَالِي بنِ مَنِيْنَا، وَخَلْقٌ.
وَبِالإِجَازَةِ: المُؤَيَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ
الطُّوْسِيُّ، وَغَيْرهُ.
وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيْهِ أَبُو القَاسِمِ ابْنُ
عَسَاكِرَ بِكَلاَمٍ مُرْدٍ فَجٍّ، فَقَالَ: كَانَ
يُتَّهَمُ بِمَذْهَبِ الأَوَائِل، وَيُذكرُ عَنْهُ
رِقَّةُ دِيْنٍ.
قَالَ: وَكَانَ يَعرفُ الفِقْه عَلَى مَذْهَبِ
__________
(1) ضبطه ابن نقطة بضم السين المهملة وفتح الكاف،
وأورد ترجمته، وهو أبو أحمد عبد الوهاب بن علي ابن
سكينة، المتوفى سنة 607 ه.
" الاستدراك " باب سكينة وسكينة، وستأتي ترجمته في
الجزء الحادي والعشرين للمؤلف برقم (262).
(20/25)
أَحْمَدَ، وَالفَرَائِض وَالحسَابَ
وَالهَنْدَسَةَ، وَيَشْهَدُ عِنْد القُضَاةِ،
وَيَنْظرُ فِي وُقُوفِ البَيْمَارَسْتَانِ العضديّ (1)
.
وَقَالَ أَبُو مُوْسَى المَدِيْنِيُّ: كَانَ إِمَاماً
فِي فُنُوْنٍ، وَكَانَ يَقُوْلُ:
حفظتُ القُرْآنَ وَأَنَا ابْنُ سَبْعٍ، وَمَا مِنْ
علمٍ إِلاَّ وَقَدْ نَظرتُ فِيْهِ، وَحصَّلْتُ مِنْهُ
الكُلَّ أَوِ البَعْضَ، إِلاَّ هَذَا النَّحْوَ،
فَإِنِّي قَلِيْلُ البِضَاعَةِ فِيْهِ، وَمَا أَعْلَمُ
أَنِّي ضَيَّعْتُ سَاعَةً مِنْ عُمُرِي فِي لَهْوٍ
أَوْ لَعِبٍ (2) .
وَقَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ (3) : ذَكَرَ لَنَا أَبُو
بَكْرٍ القَاضِي أَنَّ مُنَجِّمَيْنِ حضَرَا عِنْد
وِلاَدتِي، فَأَجْمَعَا عَلَى أَنَّ العُمُرَ اثنتَانِ
وَخَمْسُوْنَ سَنَةً، فَهَا أَنَا قَدْ جَاوَزْتُ
التِّسْعِيْنَ.
قُلْتُ: هَذَا يَدلُّ عَلَى حُسنِ مُعتقدِهِ.
قَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ (4) : وَكَانَ حَسَنَ
الصُّوْرَةِ، حُلوَ المنطقِ، مليحَ المُعَاشَرَةِ،
كَانَ يُصَلِّي فِي جَامِعِ المَنْصُوْر، فَيجِيْء فِي
بَعْضِ الأَيَّامِ، فَيَقِفُ وَرَاءَ مَجْلِسِي
وَأَنَا أَعظُ، فَيُسلِّم عليَّ.
اسْتملَى عَلَيْهِ شَيْخُنَا ابْنُ نَاصرٍ، وَقَرَأْتُ
عَلَيْهِ الكَثِيْرَ، وَكَانَ ثِقَةً فَهِماً، ثَبْتاً
حُجَّةً، مُتفنِّناً، مُنْفَرِداً فِي الفَرَائِضِ.
قَالَ لِي يَوْماً: صَلَّيْتُ الجُمُعَةَ، وَجلَسْتُ
أَنظر إِلَى النَّاسِ، فَمَا رَأَيْتُ أَحَداً أَودُّ
أَنْ أَكُوْنَ مِثْلَهُ، وَكَانَ قَدْ سَافرَ،
فَوَقَعَ فِي أَسْرِ الرُّوْمِ، وَبَقِيَ
__________
(1) الذي انشأه عضد الدولة أبو شجاع فنا خسرو بن بويه
في الجانب الغربي من بغداد، ورتب فيه الاطباء والخدم،
ونقل إليه من الادوية والاشربة والعقاقير شيئا كثيرا،
وافتتح في صفر سنة 372 ه.
انظر " البداية والنهاية " 11 / 299، و" تاريخ
البيمارستانات في الإسلام " للدكتور أحمد عيسى ص 187 -
197، وعضد الدولة هذا مرت ترجمته في الجزء السادس عشر
برقم (175).
(2) انظر: " ذيل طبقات الحنابلة " لابن رجب 1 / 193.
(3) في " المنتظم " 10 / 92.
(4) في " المنتظم " 10 / 93، 94.
(20/26)
سَنَةً وَنِصْفاً، وَقَيَّدُوْهُ وَغَلُّوْهُ،
وَأَرَادُوْهُ عَلَى كلمَةِ الكُفْرِ، فَأَبَى،
وَتَعَلَّمَ مِنْهُم الخطَّ الرُّوْمِيَّ.
سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: مَنْ خَدَمَ المحَابرَ،
خَدَمَتْهُ المَنَابِرُ، يَجِبُ عَلَى المُعَلِّمِ
أَنْ لاَ يُعَنِّفَ، وَعَلَى المتعلِّمِ أَنْ لاَ
يَأْنفَ.
وَرَأَيْتُهُ بَعْدَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ سَنَةً
صَحِيْحَ الحوَاسِّ، لَمْ يَتغَيَّرْ مِنْهَا شَيْءٌ،
ثَابِتَ العَقْلِ، يَقرَأُ الخطَّ الدَّقيقَ مِنْ
بُعْدٍ، وَدخلنَا عَلَيْهِ قَبْلَ مَوْتِهِ
بِمُدَيدَةٍ، فَقَالَ: سَالَتْ فِي أُذُنِي مَادَّةٌ،
فَقَرَأَ عَلَيْنَا مِنْ حَدِيْثِهِ، وَبَقِيَ عَلَى
هَذَا نَحْواً (1) مِنْ شَهْرَيْنِ، ثُمَّ زَالَ
ذَلِكَ، ثُمَّ مرضَ، فَأَوْصَى أَنْ يُعمَّقَ قَبْره
زِيَادَةً عَلَى العَادَة، وَأَنَّ يُكتبَ عَلَى
قَبْرِهِ: {قُل: هُوَ نَبَأٌ عَظِيْمٌ أَنْتُم عَنْهُ
مُعرِضُونَ} [ص: 67 و68] وَبَقِيَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ
لاَ يَفتُرُ مِنْ قِرَاءة القُرْآنِ، إِلَى أَنْ
تُوُفِّيَ قَبْلَ الظُّهْر، ثَانِي رَجَب، سَنَةَ
خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَقَالَ السَّمْعَانِيُّ: مَا رَأَيْتُ أَجْمَعَ
لِلْفنُوْنِ مِنْهُ، نَظَرَ فِي كُلِّ علمٍ، فَبرعَ
فِي الحسَابِ وَالفَرَائِضِ، سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ:
تُبتُ مِنْ كُلِّ علمٍ تَعلَّمتُهُ إِلاَّ الحَدِيْثَ
وَعِلمَهُ، وَرَأَيْتهُ وَمَا تَغَيَّرَ عَلَيْهِ مِنْ
حَوَاسِّهِ شَيْءٌ، وَكَانَ يَقرَأُ الخَطَّ البعيدَ
الدَّقيق، وَكَانَ سرِيعَ النَّسْخِ، حَسَنَ القِرَاءة
لِلْحَدِيْثِ، وَكَانَ يَشتَغِلُ بِمُطَالَعَة
الأَجزَاءِ الَّتِي مَعِي، وَأَنَا مُكِبٌّ عَلَى
القِرَاءةِ، فَاتَّفَقَ أَنَّهُ وَجَدَ جُزْءاً مِنْ
حَدِيْثِ الخُزَاعِيِّ قَرَأْتُهُ بِالكُوْفَةِ عَلَى
عُمَرَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ العَلَوِيِّ (2)
بِإِجَازتِهِ مِنْ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ العَلَوِيِّ، وَفِيْهِ حِكَايَاتٌ
مليحَةٌ، فَقَالَ: دَعْهُ عِنْدِي.
فَرَجَعتُ مِنَ الغَدِ، فَأَخْرَجَهُ وَقَدْ نَسَخَهُ،
وَقَالَ: اقْرَأْهُ حَتَّى أَسْمَعَهُ.
فَقُلْتُ: يَا سيِّدِي، كَيْفَ يَكُوْنُ هَذَا؟!
ثُمَّ قَرَأْتُهُ، فَقَالَ لِلْجَمَاعَةِ: اكتُبُوا
اسْمِي.
__________
(1) في الأصل نحو، والصواب ما أثبتناه.
(2) سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (86).
(20/27)
قُلْتُ: هَذَا الجُزْءُ فِي وَقْفِ الشَّيْخِ
الضِّيَاء، وَأَوّلُهُ بخطِّهِ: حَدَّثَنَا أَبُو
سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ.
قَالَ السَّمْعَانِيُّ: وَقَالَ لِي: أَسَرَتْنِي
الرُّوْمُ، وَكَانُوا يَقُوْلُوْنَ لِي: قل:
المَسِيْحُ ابْنُ اللهِ حَتَّى نَفعلَ وَنصنعَ فِي
حَقِّكَ، فَمَا قُلْتُ، وَتَعَلَّمْتُ خطَّهُم،
وَكَانَ لاَ يَعرِفُ علمَ النَّحْوِ، سَمِعْتُهُ
يَقُوْلُ: الذُّبَابُ إِذَا وَقَعَ عَلَى البيَاضِ
سَوَّدَهُ، وَعَلَى السَّوَادِ بَيَّضَهُ، وَعَلَى
التُّرَابِ برغَثَهُ، وَعَلَى الجُرْحِ قَيَّحَهُ،
سَمِعْتُ مِنْهُ (الطَّبَقَاتِ) لابْنِ سَعْدٍ،
وَ(المَغَازِي) لِلْوَاقِدِيِّ، وَأَكْثَرَ مِنْ
مائَتَيْ جُزءٍ، وَقَالَ لِي: وُلِدْتُ بِالكَرْخِ،
ثُمَّ انتقَلْنَا إِلَى النَّصْرِيَّةِ وَلِي
أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ.
قَالَ ابْنُ نُقْطَةَ: حَدَّثَ القَاضِي أَبُو بَكْرٍ
بِـ (صَحِيْحِ البُخَارِيِّ)، عَنْ أَبِي الحُسَيْنِ
بنِ المُهْتَدِي بِاللهِ، أَخْبَرَنَا أَبُو الفَتْحِ
بنُ أَبِي الفَوَارِسِ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ
عَبْدِ اللهِ النُّعَيمِيّ، أَخْبَرَنَا الفَرَبْرِيُّ
عَنْهُ.
13 - ابْنُ السَّمَرْقَنْديِّ إِسْمَاعِيْلُ بنُ
أَحْمَدَ بنِ عُمَرَ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، المُحَدِّثُ المُفِيْدُ،
المُسْنِدُ، أَبُو القَاسِمِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ
أَحْمَدَ بنِ عُمَرَ بنِ أَبِي الأَشْعَثِ
السَّمَرْقَنْديُّ، الدِّمَشْقِيُّ المَوْلِدِ،
البَغْدَادِيُّ الوَطَنِ، صَاحِبُ المَجَالِسِ
الكَثِيْرَةِ.
وُلِدَ: بِدِمَشْقَ، فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ أَرْبَعٍ
وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، فَهُوَ أَصْغَرُ مِنْ
أَخِيْهِ الحَافِظِ عَبْدِ اللهِ (1) .
__________
(*) المنتظم 10 / 98، 99، الكامل لابن الأثير 11 / 90،
مرآة الزمان 8 / 109، 4 / 99، دول الإسلام 2 / 55،
المستفاد من ذيل تاريخ بغداد 85، 86، الوافي بالوفيات
9 / 88، طبقات السبكي 7 / 46 البداية والنهاية 12 /
218، النجوم الزاهرة 5 / 269، ذيل تذكرة الحفاظ لابن
فهد المكي: 72، شذرات الذهب 4 / 112، تهذيب تاريخ دمشق
3 / 13، 14.
(1) مرت ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (269).
(20/28)
سَمِعَا: أَبَا بَكْرٍ الخَطِيْبَ، وَعَبْدَ
الدَّائِمِ بنَ الحَسَنِ، وَأَبَا نَصْرٍ بنَ
طَلاَّبٍ، وَأَحْمَدَ بنَ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ أَبِي
الحَدِيْدِ، وَعَبْدَ العَزِيْزِ الكتَانِيَّ.
ثُمَّ انتقلَ بِهِمَا الوَالِدُ إِلَى بَغْدَادَ،
فَسمِعَا مِنْ: أَبِي جَعْفَرٍ بنِ المُسْلِمَةِ،
وَأَبِي مُحَمَّدٍ بنِ هَزَارْمَرْدَ، وَعَبْدِ
العَزِيْزِ بنِ عَلِيٍّ السُّكَّرِيِّ، وَأَبِي
الحُسَيْنِ بنِ النَّقُّوْرِ، وَأَحْمَدَ بنِ عَلِيِّ
بنِ مُنْتَابٍ، وَمَالِكٍ البَانِيَاسِيِّ، وَطَاهِرِ
بنِ الحُسَيْنِ القَوَّاسِ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ
عَبْدِ الوَاحِدِ القَطَّانِ، وَعَاصِمِ بنِ الحَسَنِ،
وَابْنِ الأَخْضَرِ الأَنْبَارِيِّ، وَجَعْفَرِ بنِ
يَحْيَى الحكَّاكِ، وَمُحَمَّدِ بنِ هِبَةِ اللهِ
اللاَّلْكَائِيِّ، وَابْنِ خَيْرُوْنَ، وَرِزقِ اللهِ
التَّمِيْمِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ عَلِيِّ بنِ أَبِي
عُثْمَانَ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ أَبِي
الصَّقْرِ، وَيُوْسُفَ بنِ الحَسَنِ التَّفَكُّرِيِّ،
وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ مَسْعَدَةَ، وَطِرَادٍ
الزَّيْنَبِيِّ، وَالنِّعَالِيِّ (1) ، وَعَبْدِ
الكَرِيْمِ بنِ رِزْمَةَ، وَأَبِي عَلِيٍّ بنِ
البَنَّاءِ، وَأَحْمَدَ بنِ الحُسَيْنِ العَطَّارِ،
وَعَبْدِ اللهِ بنِ الحَسَنِ الخَلاَّلِ، وَيُوْسُفَ
بنِ المِهْرَوَانِيِّ، وَعَبْدِ السَّيِّدِ بنِ
مُحَمَّدٍ الصَّبَّاغِ، وَأَبِي نَصْرٍ
الزَّيْنَبِيِّ، وَوَالِدِهِ، وَأَبِي إِسْحَاقَ
الشِّيرَازِيِّ، وَعَبْدِ البَاقِي بنِ مُحَمَّدٍ
العَطَّارِ، وَابْنِ البُسْرِيِّ، وَعَدَدٍ كَثِيْرٍ.
ثُمَّ قَدِمَ إِسْمَاعِيْلُ الشَّامَ، وَسَمِعَ
بِالقُدْسِ مِنْ مَكِّيٍّ الرُّمَيْلِيِّ (2) ،
عُمِّرَ، وَرَوَى الكَثِيْرَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: السِّلَفِيُّ، وَابْنُ عَسَاكِرَ (3)
، وَالسَّمْعَانِيُّ، وَأَعزُّ بنُ عَلِيٍّ
الظَّهِيرِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ أَحْمَدَ
الكَاتِبُ، وَسَعِيْدُ بنُ عَطَّافٍ، وَيَحْيَى بنُ
__________
(1) هو أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن طلحة النعالي
البغدادي، سنة 493 ه، مرت ترجمته في الجزء التاسع عشر
برقم (57).
(2) نسبة إلى الرميلة، وهي من قرى الأرض المقدسة، وقد
مرت ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (99).
(3) انظر " مشيخة " ابن عساكر 27 / 1.
(20/29)
يَاقُوْتٍ، وَعُمَرُ بنُ طَبَرْزَدَ، وَزَيْدُ
بنُ الحَسَنِ الكِنْدِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي
تَمَّامٍ بنُ لُزُّوا، وَعَلِيُّ بنُ هبَلٍ
الطَّبِيْبُ، وَسُلَيْمَانُ بنُ مُحَمَّدٍ
المَوْصِلِيُّ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ الأَخْضَرِ،
وَمُوْسَى بنُ سَعِيْدِ بنِ الصَّيْقَلِ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ السَّمْعَانِيُّ: قَرَأْتُ عَلَيْهِ الكُتُبَ
الكِبَارَ وَالأَجزَاءَ، وَسَمِعْتُ أَبَا العَلاَءِ
العَطَّارَ بِهَمَذَانَ يَقُوْلُ: مَا أَعدِلُ بِأَبِي
القَاسِمِ بنِ السَّمَرْقَنْديِّ أَحَداً مِنْ
شُيُوْخِ العِرَاقِ وَخُرَاسَانَ (1) .
وَقَالَ عُمَرُ البِسْطَامِيُّ: أَبُو القَاسِمِ
إِسْنَادُ خُرَاسَانَ وَالعِرَاقِ (2) .
قَالَ ابْنُ السَّمَرْقَنْديِّ: مَا بَقِيَ أَحَدٌ
يَرْوِي (مُعْجَمَ ابْنِ جُمَيْعٍ) غَيْرِي وَلاَ عَنْ
عَبْدِ الدَّائِمِ الهِلاَلِيِّ، وَأَنْشَدَ:
وَأَعْجَبُ مَا فِي الأَمْرِ أَنْ عِشْتُ بَعْدَهُم
... عَلَى أَنَّهُم مَا خَلَّفُوا فِيَّ مِنْ بَطْشِ
قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: كَانَ ثِقَةً، مُكْثِراً،
صَاحِبَ أُصُوْلٍ، دَلاَّلاً فِي الكُتُبِ، سَمِعْتُهُ
يَقُوْلُ: أَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ فِي ابْنِ
النَّقُّوْرِ (3) .
قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: وَعَاشَ إِلَى أَنْ خَلَتْ
بَغْدَادُ، وَصَارَ مُحَدِّثَهَا كَثْرَةً
وَإِسْنَاداً، حَتَّى صَارَ يَطلُبُ عَلَى
التَّسمِيْعِ بَعْدَ حِرصِهِ عَلَى التَّحْدِيْثِ،
أَملَى بِجَامِع المَنْصُوْر أَزْيَدَ مِنْ ثَلاَثِ
مائَةِ مَجْلِسٍ، وَكَانَ لَهُ بَخْتٌ فِي بَيعِ
الكُتُبِ، بَاعَ مرَّةً (صَحِيْحَيْ (4)) البُخَارِيِّ
وَمُسْلِمٍ فِي مُجَلَّدَةٍ لَطِيفَةٍ بِخَطِّ
الصُّوْرِيِّ
__________
(1) انظر " المنتظم " 10 / 98.
(2) انظر " طبقات " السبكي 7 / 46، وشرح كلمة إسناد
بقوله: يعني مسنده.
(3) يعني لكثرة ملازمته له، وسماعه منه، تشبيها بأبي
هريرة رضي الله عنه الذي كان شديد الملازمة للنبي صلى
الله عليه وسلم.
وابن النقور هو أبو الحسين أحمد بن محمد بن أحمد
البغدادي البزاز، المتوفي سنة 470 ه، مرت ترجمته في
الجزء الثامن عشر برقم (180).
(4) في الأصل: " صحيح "، والمثبت من " تهذيب تاريخ
دمشق ".
(20/30)
بِعِشْرِيْنَ دِيْنَاراً، وَقَالَ:
وَقعَتْ عَلَيَّ بِقِيرَاطٍ، لأَنِّي اشْتَرَيْتُهَا
وَكِتَاباً آخرَ بِدِيْنَارٍ وَقيرَاطٍ، فَبِعتُ
الكِتَابَ بدِيْنَارٍ (1) .
قَالَ السِّلَفِيُّ: هُوَ ثِقَةٌ، لَهُ أُنْسٌ
بِمَعْرِفَةِ الرِّجَالِ، وَقَالَ:
وَكَانَ ثِقَةً، يَعرفُ الحَدِيْثَ، وَسَمِعَ
الكُتُبَ، وَكَانَ أَخُوْهُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَالِماً
ثِقَةً فَاضِلاً، ذَا لسنٍ.
وَقَالَ ابْنُ نَاصرٍ: كَانَ دَلاَّلاً، وَكَانَ
سَيِّئَ المعَامِلَةِ، يُخَافُ مِنْ لِسَانِهِ،
يُخَالطُ الأَكَابِر بِسَبَبِ الكُتُبِ.
تُوُفِّيَ: فِي السَّادِسِ وَالعِشْرِيْنَ مِنْ ذِي
القَعْدَةِ، سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ
مائَةٍ.
وَقَدْ رَأَى أَنَّهُ يُقبِّلُ قَدَمَ النَّبِيِّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَيُمِرُّ
عَلَيْهَا وَجهَهُ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ الخَاضِبَةِ:
أَبشِرْ بِطُولِ البقَاءِ، وَبِانْتِشَارِ حَدِيْثِكَ،
فَتقبيلُ رِجْلَيْهِ اتِّبَاعُ أَثرِهِ (2) .
14 - جَمَالُ الإِسْلاَمِ عَلِيُّ بنُ المُسَلَّمِ بنِ
مُحَمَّدٍ السُّلَمِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، مُفْتِي
الشَّامِ، جَمَالُ الإِسْلاَمِ، أَبُو الحَسَنِ
__________
(1) انظر " تهذيب ابن عساكر " 3 / 13، 14.
(2) انظر خبر هذه الرؤيا بأطول مما هنا في " المنتظم "
10 / 98، و" مرآة الزمان 8 / 109، 110، و" المستفاد من
ذيل تاريخ بغداد " 85، 86.
(*) تاريخ ابن القلانسي: 424، تبيين كذب المفتري 326،
327، مرآة الزمان 8 / 103، العبر 4 / 92، المشتبه:
588، دول الإسلام 2 / 53، الوافي بالوفيات 12 / 203
(مخطوط)، مرآة الجنان 3 / 261، طبقات السبكي 7 / 235 -
237، طبقات الاسنوي 2 / 428، 429، طبقات الشافعية لابن
قاضي شهبة: ورقة 33، تبصير المنتبه 4 / 1282، طبقات
المفسرين للسيوطي 26، الدارس للنعيمي 1 / 180، 181،
طبقات المفسرين للداوودي 1 / 435، 436، مختصر تنبيه
الطالب: 33، طبقات المفسرين للادنة وي ورقة 40 / 1،
كشف الظنون: 18، شذرات الذهب 4 / 102، هدية العارفين 1
/ 696، 697.
(20/31)
عَلِيُّ بنُ المُسَلَّمِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
عَلِيِّ بنِ الفَتْحِ السُّلَمِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ،
الشَّافِعِيُّ، الفَرَضِيُّ.
سَمِعَ: أَبَا نَصْرٍ بنَ طَلاَّبٍ الخَطِيْبَ،
وَعَبْدَ العَزِيْزِ بنَ أَحْمَدَ الكَتَانِيَّ،
وَأَبَا الحَسَنِ بنَ أَبِي الحَدِيْدِ، وَنجَا
العَطَّارَ، وَغَنَائِمَ بنَ أَحْمَدَ، وَابْنَ أَبِي
العَلاَءِ المَصِّيْصِيَّ، وَالفَقِيْهَ نَصْراً
المَقْدِسِيَّ، وَعِدَّةً.
وَتَفَقَّهَ عَلَى القَاضِي أَبِي المُظَفَّرِ
المَرْوَزِيِّ، وَكَانَ مُعِيداً لِلْفَقِيْهِ نَصْرٍ
(1) .
وَقَالَ الغَزَّالِيُّ فِيمَا حَكَاهُ ابْنُ عَسَاكِرَ
أَنَّهُ قَالَ: خَلَّفتُ بِالشَّامِ شَابّاً إِنْ
عَاشَ كَانَ لَهُ شَأْنٌ.
فَكَانَ كَمَا تَفرَّسَ فِيْهِ، وَدرَّسَ بحَلْقَةِ
الغزَّالِيِّ مُدَّةً، ثُمَّ وَلِيَ تدرِيسَ
الأَمِينِيَّةِ (2) فِي سَنَةِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ.
قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: سَمِعْنَا مِنْهُ الكَثِيْرَ،
وَكَانَ ثِقَةً ثَبْتاً، عَالِماً بِالمَذْهَبِ
وَالفَرَائِضِ، يَحفظُ كِتَابَ (تَجرِيْدِ
التَّجرِيْدِ) لأَبِي حَاتِمٍ القَزْوِيْنِيِّ (3) ،
وَكَانَ حَسَنَ الخَطِّ، مُوفَّقاً فِي الفتَاوَى،
عَلَى فَتَاويه عُمدَةُ أَهْلِ الشَّامِ، وَكَانَ
كَثِيْرَ
__________
(1) هو الفقيه أبو الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي
النابلسي، المتوفى سنة 490 ه. مرت ترجمته في الجزء
التاسع عشر برقم (72).
(2) قيل: إنها أول مدرسة بنيت بدمشق للشافعية، بناها
أتابك العساكر بدمشق، وكان يلقب أمين الدولة، ربيع
الإسلام، أمين الدين كمشتكين بن عبد الله الطغتكي،
نائب قلعة بصرى وقلعة صرخد، توفي سنة 541 ه، ووقف
المدرسة سنة أربع عشرة، وصاحب الترجمة هو أول من
درس فيها، وتقع قبلي باب الزيادة من أبواب الجامع
الأموي، وهو الباب المفتوح في حرم المسجد من جهة
القبلة، المؤدي إلى سوق الصاغة اليوم.
انظر " مختصر تنبيه الطالب وإرشاد الدارس " ص 33 - 35.
(3) هو أبو حاتم محمود بن حسن الطبري القزويني
الشافعي، صاحب التصانيف الكثيرة، مرت ترجمته في الجزء
الثامن عشر برقم (66) ولم يذكر سنة وفاته، وتحرفت
كنيته في " طبقات " الاسنوي 2 / 428 إلى أبي حامد.
(20/32)
عِيَادَةِ المَرْضَى، وَشُهُوْدِ الجَنَائِزِ،
مُلاَزِماً لِلتَّدرِيس، حسنَ الأَخلاَقِ، وَلَهُ
مُصَنَّفَاتٌ فِي الفِقْهِ وَالتَّفْسِيْر، وَكَانَ
يَعقدُ مَجْلِسَ التَّذكيرِ، وَيُظهِرُ السُّنَّةَ،
وَيَرُدُّ عَلَى المُخَالِفِيْن، لَمْ يُخلِّفْ
بَعْدَهُ مِثْلَهُ (1) .
قُلْتُ: المُخَالفُوْنَ يَعْنِي بِهِم الرَّافِضَّةَ،
وَكَانَتِ الدَّوْلَةُ لَهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: السِّلَفِيُّ، وَابْنُ عَسَاكِرَ (2)
، وَابْنُهُ (3) القَاسِمُ، وَخطيبُ دُومَةَ عَبْدُ
اللهِ بنُ حَمْزَةَ الكِرْمَانِيُّ، وَعَبْدُ
الوَهَّابِ بنُ عَلِيٍّ وَالِدُ كَرِيْمَة، وَمَكِّيُّ
بنُ عَلِيٍّ، وَيَحْيَى بنُ الخضِرِ الأُرْمَوِيُّ،
وَإِسْمَاعِيْلُ الجَنْزَوِيُّ (4) ، وَأَبُو طَاهِرٍ
الخُشُوْعِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ الخصِيْبِ، وَالقَاضِي
أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ
الحَرَسْتَانِيِّ، وَأَملَى عِدَّةَ مَجَالِس.
وَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي كِتَابِ
(تَبيِينِ كَذِبِ المفترِي (5))، وَقَالَ: عُنِيَ
بِكَثْرَةِ المُطَالَعَةِ وَالتّكرَارِ، فَلَمَّا
قَدِمَ الفَقِيْهُ نَصْرٌ المَقْدِسِيُّ لاَزمَهُ،
وَلاَزَمَ الغزَالِيَّ مُدَّةَ مُقَامِه بِدِمَشْقَ،
وَهُوَ الَّذِي أَمرَهُ بِالتَّصَدُّرِ بَعْدَ شَيْخِه
نَصْرٍ، وَكَانَ يُثنِي عَلَى عِلمِهِ وَفهمِهِ،
وَكَانَ عَالِماً بِالتَّفْسِيْرِ وَالأُصُوْلِ
وَالفِقْهِ وَالتَّذكيرِ وَالفَرَائِضِ وَالحسَابِ
وَتعبِير المَنَامَاتِ، تُوُفِّيَ فِي ذِي القَعْدَةِ،
سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ،
سَاجِداً فِي صَلاَةِ الفَجْرِ.
قُلْتُ: مَاتَ فِي عَشْرِ التِّسْعِيْنَ (6) .
__________
(1) أورد هذا النص السبكي في " طبقاته الكبرى " 7 /
236.
(2) انظر " مشيخة " ابن عساكر: لوحة 152 / 2.
(3) في الأصل: " وابن " وهو خطأ.
انظر ترجمة القاسم ابن عساكر في الجزء الحادي والعشرين
من هذا الكتاب.
(4) انظر ص 12 ت (4).
(5) ص 326، 327.
(6) ذكر السبكي والاسنوي من مصنفاته كتاب " أحكام
الخناثى ". قال الاسنوي: وهو =
(20/33)
وَمَاتَ: ابْنُهُ الفَقِيْهُ إِسْمَاعِيْلُ
بنُ عَلِيٍّ بِأَصْبَهَانَ، بَعْدَ سَنَةِ سَبْعِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ، وَكَانَ قَدْ سَكَنَ أَصْبَهَانَ،
وَجَاءتْهُ الأَوْلاَدُ، وَقَدِمَ قُبَيْلَ مَوْتِهِ،
فَبَاع مُلكاً لَهُ، وَرجعَ إِلَى أَصْبَهَانَ، سَمِعَ
مِنْهُ الحَافِظُ أَبُو المَوَاهِبِ.
15 - ابْنُ تَوْبَةَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ
مُحَمَّدٍ الأَسَدِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، المُقْرِئُ، المُسْنِدُ، أَبُو
الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
عَبْدِ الجَبَّارِ بنِ تَوبَةَ الأَسَدِيُّ،
العُكْبَرِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ.
وَتَلاَ بِالرِّوَايَاتِ عَلَى أَصْحَابِ أَبِي
الحَسَنِ بنِ الحَمَّامِيِّ، وَقرَأَ شَيْئاً مِنَ
الفِقْهِ عَلَى الشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ.
وَكَانَ جَلِيْلاً مَهِيْباً وَقُوْراً.
سَمِعَ: أَبَا جَعْفَرٍ بنَ المُسْلِمَةِ، وَأَبَا
بَكْرٍ الخَطِيْبَ، وَعَبْدَ الصَّمَدِ بنَ
المَأْمُوْنِ، وَالصَّرِيْفِيْنِيَّ.
قَالَ السَّمْعَانِيُّ: هُوَ صَالِحٌ خَيِّرٌ، حَسَنُ
الأَخْذِ، قَرَأْتُ عَلَيْهِ الكَثِيْرَ، كُنْتُ
أُقَدِّمُ السَّمَاعَ عَلَيْهِ عَلَى غَيْرِهِ (1) .
قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ: ابْنُ عَسَاكِرَ، وَالتَّاجُ
الكِنْدِيُّ.
وَمَاتَ: فِي صَفَرٍ، سَنَة خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ.
__________
= تصنيف مفيد في بابه، وقد أودعت محاسنه في تصنيفي "
إيضاح المشكل من أحكام الخنثى المشكل "، ونبهت على ما
قال فيه من الغلط، وزدت عليه من المسائل والفوائد
أضعاف ما ذكره، ولله الحمد.
انظر " طبقاته " 2 / 429.
(*) المنتظم 10 / 91، 92، معرفة القراء الكبار 1 /
393، العبر 4 / 96، غاية النهاية لابن الجزري 2 / 84،
شذرات الذهب 4 / 107.
(1) انظر " معرفة القراء الكبار " 1 / 393.
(20/34)
وَسَمِعْتُ (سَبْعَةَ) ابْنِ مُجَاهِدٍ مِنْ
عُمَرَ بنِ القوَّاسِ، عَنِ الكِنْدِيِّ، أَخْبَرْنَا
ابْنُ تَوبَةَ، أَخْبَرَنَا الصَّرِيْفِيْنِيُّ،
أَخْبَرَنَا الكِنَانِيُّ، عَنْهُ.
أَخُوْهُ:
16 - عَبْدُ الجَبَّارِ أَبُو مَنْصُوْرٍ بنُ أَحْمَدَ
بنِ مُحَمَّدٍ *
الإِمَامُ، المُقْرِئُ، الفَقِيْهُ، القُدْوَةُ، أَبُو
مَنْصُوْرٍ عَبْدُ الجَبَّارِ بنُ أَحْمَدَ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ بنِ تَوبَةَ
العُكْبَرِيُّ، الشَّافِعِيُّ.
كَانَ أَصْغَرَ مِنْ أَخِيْهِ.
سَمِعَ حُضُوْراً مِنْ: أَبِي الغَنَائِمِ بنِ
المَأْمُوْنِ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي مُحَمَّدٍ بنِ هَزَارْمَرْدَ،
وَأَبِي الحُسَيْنِ بنِ النَّقُّوْرِ.
وَعَنْهُ: ابْنُ عَسَاكِرَ (1) ، وَالسَّمْعَانِيُّ،
وَالتَّاجُ الكِنْدِيُّ، وَيُوْسُفُ بنُ المُبَارَكِ
الخَفَّافُ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ الأَخْضَرِ،
وَآخَرُوْنَ.
قَالَ السَّمْعَانِيُّ: كَانَ حَسَنَ الإِصغَاءِ،
ثِقَةً، صَالِحاً، قَيِّماً بِكِتَابِ اللهِ، صَحِبَ
الشَّيْخَ أَبَا إِسْحَاقَ، وَخَدَمَهُ، وَكَانَ
كَثِيْرَ البُكَاءِ، أَكْثَرتُ عَنْهُ، تُوُفِّيَ فِي
ثَالِث جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ خَمْسٍ
وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
17 - الشَّاذْيَاخِيُّ عَبْدُ الوَهَّابِ بنِ شَاه بنِ
أَحْمَدَ **
الشَّيْخُ الصَّالِحُ، المَأْمُوْنُ، أَبُو الفُتُوْحِ
عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ شَاه بنِ أَحْمَدَ
__________
(*) المنتظم 10 / 90، 91، العبر 4 / 96، شذرات الذهب 4
/ 107.
(1) انظر " مشيخة " ابن عساكر 100 / 1.
(* *) الأنساب 7 / 241، التحبير 1 / 501 - 502،
التقييد: الورقة 158، العبر 4 / 96، ملخص تاريخ
الإسلام: الورقة 18 / 2، شذرات الذهب 4 / 107.
والشاذياخي: ذكر السمعاني أنها نسبة إلى موضعين:
أحدهما إلى باب نيسابور مثل قرية متصلة بالبلد بها دار
السلطان، ومنها صاحب الترجمة.
والموضع الآخر قرية ببلخ على أربعة فراسخ منها. وانظر
" معجم البلدان " 3 / 305 - 307.
(20/35)
بنِ عَبْدِ اللهِ النَّيْسَابُوْرِيُّ،
الشَّاذْيَاخِيُّ، الخَرَزِيُّ.
كَانَ لَهُ حَانُوْتٌ يَتبلَّغُ فِيْهِ مِنْ بَيعِ
الخَرَزِ.
سَمِعَ (الصَّحِيْحَ) مِنْ أَبِي سهلٍ الحفْصيِّ،
وَسَمِعَ (الرِّسَالَةَ) مِنْ أَبِي القَاسِمِ
القُشَيْرِيِّ، وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي حَامِدٍ
الأَزْهَرِيِّ، وَعَبْدِ الحَمِيْدِ بنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ البَحِيْرِيِّ، وَحَسَّانٍ المَنِيْعِيِّ،
وَنَصْرِ بنِ عَلِيٍّ الحَاكِمِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ مُكَرَّمٍ، وَأَبِي صَالِحٍ
المُؤَذِّنِ، وَعِدَّةٍ.
رَوَى عَنْهُ السَّمْعَانِيُّ، وَقَالَ (1) : كَانَ
مِنْ أَهْلِ الخَيْرِ وَالصَّلاَحِ، وُلِدَ سَنَةَ
ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ.
قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ: ابْنُ عَسَاكِرَ (2) ،
وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عَلِيٍّ المُغِيثيُّ،
وَمَنْصُوْرٌ الفُرَاوِيّ، وَالمُؤَيَّدُ
الطُّوْسِيُّ، وَزَيْنَبُ الشَّعْرِيَّةُ.
قَالَ ابْنُ نُقْطَةَ: سَمِعَ مِنْهُ جَمِيْعَ
(الصَّحِيْحِ) مَنْصُوْرٌ، وَالمُؤَيَّدُ،
وَالشَّعْرِيَّةُ.
قَالَ السَّمْعَانِيُّ: تُوُفِّيَ فِي شَوَّالٍ،
سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ بنُ عَسَاكِرَ، عَنْ
زَيْنَبَ الشَّعْرِيَّةَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ
الوَهَّابِ بنُ شَاه، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ
القُشَيْرِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ
بنِ فُوْرَك، حَدَّثَنَا ابْنُ خُرَّزَاذَ، حَدَّثَنَا
الحَسَنُ بنُ الحَارِثِ الأَهْوَازِيُّ، حَدَّثَنَا
سَلَمَةُ بنُ سَعِيْدٍ، حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بنُ أَبِي
عِمْرَانَ، حَدَّثَنَا عَلْقَمَةُ بنُ مَرْثَدٍ، عَنْ
زَاذَانَ، عَنِ البَرَاءِ بنِ عَازِبٍ:
سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (حَسِّنُوا القُرْآنَ
__________
(1) في " التحبير " 1 / 501 و502.
(2) انظر " مشيخته " لوحة 131.
(20/36)
بِأَصوَاتِكُم، فَإِنَّ الصَّوتَ الحَسَنَ
يَزِيْدُ القُرْآنَ حُسْناً (1)).
صَدَقَةُ: صَدُوْقٌ.
18 - عِمَادُ الدَّوْلَةِ بنُ هُودٍ *
كَانَ أَحَدَ مُلُوْكِ الأَنْدَلُسِ فِي حُدُوْدِ
الخَمْسِ مائَةِ، وَهُوَ مِنْ بَيْتِ مَمْلَكَةٍ
تَملَّكُوا شرقَ الأَنْدَلُسِ، فَلَمَّا اسْتولَى
المُلَثَّمُوْنَ عَلَى الأَنْدَلُسِ، أَبقَى يُوْسُفُ
بنُ تَاشفِيْنَ عَلَى ابْنِ هودٍ، فَلَمَّا تَملَّكَ
عَلِيُّ بنُ يُوْسُفَ بَعْدَ أَبِيْهِ كَانَ فِيْهِ
سلاَمَةُ باطنٍ، فَحَسَّنَ لَهُ وُزَرَاؤُهُ أَخْذَ
المُلكِ مِنِ ابْنِ هُودٍ، حَتَّى قَالُوا لَهُ: إِن
أَمْوَالَ المُسْتَنْصِرِ العُبيديِّ صَارَت فِي غلاَء
مِصْرَ المُفرِطِ تَحَوَّلَتْ كُلُّهَا إِلَى بنِي
هُودٍ،
وَقَالُوا: الشَّرْعُ يَأْمرُكَ أَنْ تَسْعَى فِي
خلعهِم، لِكَوْنِهِم مُسَالِمِينَ الرُّوْمَ،
فَجَهَّزَ لَهُم الأَمِيْرَ أَبَا بَكْرٍ بنَ تيفلوت
(2) ، فَتحصَّنَ عمَادُ الدَّوْلَةِ بِرُوْطَةَ (3) ،
وَكَتَبَ إِلَى عَلِيِّ بنِ تَاشفِيْنَ يَسْتَعطِفُهُ
فِي المُسَالَمَةِ وَيَقُوْلُ:
لَكُم فِيمَا فَعلَه أَبوكم أُسْوَةٌ
__________
(1) اسناده قوي على شرط مسلم، وأخرجه الحاكم 1 / 575
من طريق أبي محمد عبد الله
بن عبد الرحمن السمرقندي، حدثنا محمد بن بكر حدثنا
صدقة بهذا الإسناد بلفظ " زينوا " وأخرج القسم الأول
منه من غير هذه الطريق عن البراء أحمد 4 / 285 و296
و304، وأبو داود (1468) والدارمي 2 / 474، والنسائي 2
/ 179 - 180، وابن ماجه (1342) والحاكم 1 / 575،
وإسناده صحيح.
(*) الكامل لابن الأثير 9 / 289، الحلة السيراء 2 /
248، 249، المغرب في حلي المغرب 2 / 438، أعمال
الاعلام 202، الحلل الموشية: 71، تاريخ ابن خلدون 4 /
163، نفح الطيب 1 / 441، الاستقصا في أخبار المغرب
الاقصى 2 / 66، 67، معجم الأنساب والاسرات الحاكمة:
90.
واسمه: عبد الملك بن أحمد بن يوسف بن هود الجذامي، أبو
مروان.
(2) هو أبو بكر بن إبراهيم المعروف بابن تيفلوت - وورد
في " نفح الطيب " " تيفلويت " بزيادة ياء بعد الواو -
أحد أمراء المرابطين، وكان واليا على سرقسطة، توفي سنة
510 ه.
مترجم في " الاستقصا في أخبار المغرب الاقصى " 2 / 65،
و" الاحاطة " 1 / 404 - 409.
(3) روطة: حصن من أعمال سرقسطة حصين جدا. " معجم
البلدان " 3 / 96.
(20/37)
حَسَنَةٌ، وَسيعلمُ مُبْرِمُ هَذَا الرَّأْي
عِنْدكُم سوءَ مَغَبَّتِهِ، وَاللهُ حسيبُ مَنْ مَعِي،
وَحسبنَا اللهُ وَكَفَى.
فَأَمرَ عَلِيُّ بنُ يُوْسُفَ بِالكَفِّ، وَأَنَّى
ذَلِكَ، وَقَدْ أَدْخَلته الرعيَّةُ سَرَقُسْطَة،
وَكَانَ ابْنُ رُذمِيْر اللعينُ صَاحِبُ مَمْلَكَةِ
أَرَغُوْنَة مِنْ شرقِ الأَنْدَلُسِ قِسِّيْساً
مُجَرَّباً، دَاهِيَةً مترهِّباً، فَقوِيَ عَلَى
بِلاَدِ ابْنِ هودٍ وَطوَاهَا، وَقنعَ عمَادُ
الدَّوْلَةِ بن هود بِدَارِ سُكْنَاهُ، وَكَانَ ابْنُ
رُذمِيْر لاَ يَتَجَهَّزُ إِلاَّ فِي عَسْكَرٍ
قَلِيْلٍ كَامِلِ العُدَّةِ، فَيَلقَى بِالأَلفِ
آلاَفاً.
قَالَ اليَسعُ بنُ حَزْمٍ: حَدَّثَنِي عَنْهُ أَبُو
القَاسِمِ هِلاَلٌ أَحَدُ وُجُوهِ العربِ، قَالَ:
كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ المُرَابِطِيْنَ أَمرٌ
أَلجَأَنِي إِلَى الوُفُوْدِ عَلَى ابْنِ رُذمِيْر،
فَرحَّبَ بِي، وَأَمرَ لِي برَاتبٍ كَبِيْرٍ، فَحَضَرت
مَعَهُ حرباً طُعن عَنْهُ حصَانُهُ، فَوَقَفتُ
عَلَيْهِ ذَابّاً عَنْ حَوزتِهِ، فَلَمَّا انْصرفنَا
إِلَى رشقَة، أَمرَ الصوَّاغِيْنَ بعملِ كَأْس مِنْ
ذَهَبٍ رَصَّعه بِالدُّرِّ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ: لاَ
يَشربُ مِنْهُ إِلاَّ مَنْ وَقَفَ عَلَى سُلْطَانِهِ.
فَحَضَرتُ يَوْماً، فَأَخْرَجَ الكَأْسَ، وَملأَهُ
شرَاباً، وَنَاولنِي بحضرَةِ أَلفِ فَارِسٍ،
وَرَأَيْتُ أَعْنَاقَهُم قَدِ اسودَّتْ مِنْ صدَأِ
الدُّرُوْعِ.
قَالَ: فَنَادَيتُ، وَقُلْتُ: غَيْرِي أَحقُّ بِهِ.
فَقَالَ: لاَ يَشربُ هَذَا إِلاَّ مَنْ عَمِلَ
عَملَكَ.
وَكَانَ هِلاَلٌ هَذَا مِنْ قَرْيَة هِلاَلِ بنِ
عَامِرٍ، تَابَ بَعْدُ، وَغَزَا مَعَنَا، فَكَانَ
إِذَا حَضَرَ فِي الصَّفِّ جَبَلاً رَاسياً يَمنعُ
تَهَائِمَ الجُيُوْشِ أَنْ تَمِيدَ، وَقَلْباً فِي
البسَالَةِ قَاسياً، يَقُوْلُ فِي مُقَارعَة
الأَبْطَالِ: هَلْ مِنْ مزِيدٍ؟
أَبْصَرتُهُ -رَحِمَهُ اللهُ- أُمَّةً وَحْدَهُ،
يَتحَامَاهُ الفَوَارِسُ، فَحَدَّثَنِي عَنِ ابْنِ
رُذمِيْر وَإِنصَافِهِ، قَالَ: كُنْتُ مَعَهُ
بِظَاهِرِ رُوطَةَ، وَقَدْ وَجَّه إِلَيْهِ عمَادُ
الدَّوْلَةِ وَزِيْرَهُ أَبَا مُحَمَّدٍ عَبْدَ اللهِ
بنَ هَمُشْك (1) الأَمِيْرَ رَسُوْلاً، فَطَلبَ
فَارِسٌ مِنِ ابْنِ رُذمِيْر أَنْ يُمكَّنَ مِنْ
مبَارزَةِ ابْنِ هَمُشْك، فَقَالَ: لاَ، هُوَ عِنْدنَا
ضَيفٌ.
فَسَمِعَ بِذَلِكَ ابْنَ هَمُشْك، وَأَمْضَى ابْنُ
رُذمِيْر حَاجتَهُ،
__________
(1) بفتح الهاء وضم الميم وسكون الشين، انظر ضبطه
ومعناه في " الاحاطة " 1 / 297.
(20/38)
وَصرفَهُ.
فَقَالَ: لاَ بُدَّ لِي مِنْ مُبَارزَةِ هَذَا.
فَأَمرَ الملكُ ذَاكَ الفَارِسَ بِالمبَارزَةِ،
وَقَالَ: هَذَا أَشجعُ الرُّوْمِ فِي زَمَانِهِ.
فَانْصَرَفَ عَبْدُ اللهِ يُرِيْدُ رُوطَةَ، وَخَرَجَ
وَرَاءهُ الرُّوْمِيُّ شَاكّاً فِي سلاَحِه، وَمَا
مَعَ ابْنِ هَمُشْك درعٌ وَلاَ بيضَةٌ، فَأَخَذَ
رُمحَهُ وَطَارِقتَهُ مِنْ غُلاَمِهِ، وَقصدَ
الرُّوْمِيَّ، فَحَمَلَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى الآخر
حملاَت، ثُمَّ ضربَهُ ابْنُ هَمُشْك فِي الطَّارقَةِ،
فَأَعَانَهُ اللهُ، فَانقطعَ حِزَامُ الفَارِس،
فَوَقَعَ بسرجِهِ إِلَى الأَرْضِ، فَطعنه ابْن
هَمُشْك، فَقَتَلَهُ، وَالملكُ يُشَاهِدُهُ عَلَى
بُعْد، فَهمَّتِ الرُّوْمُ بِالحملَةِ عَلَى ابْنِ
هَمُشْك، فَمنعهُم الملكُ، وَنَزَلَ غُلاَم ابْن
هَمُشْك، فَجرَّدَ الفَارِسَ، وَسَلَبَهُ، وَأَخَذَ
فَرسَهُ، وَذَهَبَ لَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى
نَاحِيَتِنَا، فَمَا أَدْرِي مِمَّ أَعْجَبُ: مِنْ
إِنصَافِ الملكِ؟ أَوْ مِنِ ابْنِ هَمُشْك كَيْفَ
مَضَى وَلَمْ يُعرِّجْ إِلَيْنَا؟!
وَأَقَامَ ابْنُ رُذمِيْر مُحَاصِراً (1) سَرَقُسْطَة
زَمَاناً، وَأَخَذَ كَثِيْراً مِنْ حُصُوْنِهَا،
فَلَمَّا رَأَى أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ
غَلْبُوْنَ القَائِدُ مَا حلَّ بِتِلْكَ البِلاَد مِنَ
الرُّوْمِ، ثَار بدورقَة وَقَلْعَة أَيُّوْب وَملينَة،
وَجَمَعَ وَحشد، وَكَافح ابْنَ رُذمِيْر، وَاسْتَوْلَى
أَبُو بَكْرٍ بنُ تيفلوت عَلَى سَرَقُسْطَة، وَأَقَامَ
بقَصْرهَا فِي لذَّاتِهِ.
وَأَمَّا ابْنُ غَلبُوْنَ، فَأَحْسَنَ السِّيْرَةَ،
وَعدلَ وَجَاهدَ وَرُزِقَ الجُنْدَ، رَأَيْتُهُ
رَجُلاً طُوَالاً جِدّاً، وَاجتمعتُ بِهِ، أَقَامَ
مُثَاغراً لابْنِ رُذمِيْر شَجَىً فِي حلقِهِ، التَقَى
مَرَّةً فِي أَلفِ فَارِسٍ لابْنِ رُذمِيْر، وَالآخر
فِي أَلفٍ، فَاشتدَّ بَيْنهُمَا القِتَالُ وَطَالَ،
ثُمَّ حَمَلَ ابْنُ غلبُوْنَ عَلَى ابْنِ رُذمِيْر،
فَصَرَعَهُ عَنْ حصَانه، فَدَفَعَ عَنْهُ أَصْحَابُه،
فَسَلِمَ، ثُمَّ انْهَزَمُوا، وَنَجَا (2) اللعينُ فِي
نَحْوِ المائَتَيْنِ فَقَطْ.
وَأَمَّا ابْنُ تيفلوت، فَإِنَّهُ رَاسلَ ابْنَ
غَلبُوْنَ وَخَدَعَهُ، حَتَّى حسَّنَ لَهُ زِيَارَةَ
أَمِيْرِ المُسْلِمِينَ عَلِيِّ بنِ
__________
(1) في الأصل: محاصر والصواب ما أثبتناه.
(2) في الأصل: أو نجا والصواب ما أثبتناه.
(20/39)
يُوْسُفَ، فَاسْتَخلفَ عَلَى بِلاَدِهِ
وَلدَهُ أَبَا المُطَرِّفِ، وَكَانَ مِنَ الأَبْطَالِ
المَوْصُوْفِيْن أَيْضاً، فَقَدِمَ مُحَمَّدٌ
مَرَّاكُش، فَأُمسِكَ، وَأُلزِمَ بِأَنْ يُخَاطِبَ
بَنِيهِ فِي إِخلاَءِ بِلاَدِهِ لِلمُرَابِطِيْنَ،
فَأَخلَوهَا طَاعَةً لأَبِيْهِم، وَتَرَحَلُّوا إِلَى
غربِ الأَنْدَلُسِ، فَفَرح بِذَلِكَ ابْنُ رُذمِيْر،
وَحَصَرَ سَرَقُسْطَة، وَصنعَ عَلَيْهَا بُرْجَيْنِ
عَظِيْمَينِ مِنْ خشبٍ، وَإِنَّ أَهْلهَا لَمَّا
يَئسُوا مِنَ الغِيَاثِ، خَرَجُوا، وَأَحرقُوا
البُرجَيْنِ، وَاقْتَتَلُوا أَشدَّ قِتَالٍ، وَكَتبُوا
إِلَى ابْنِ تَاشفِيْنَ يَسْتَصرخونَ بِهِ، وَمَاتَ
ابْنُ تيفلوت، وَذَلِكَ فِي سَنَةِ إِحْدَى عَشْرَةَ
وَخَمْس مائَة، فَأَنجدَهُم بِأَخِيْهِ تَمِيْمِ بنِ
يُوْسُفَ، فَقَدِمَ فِي جَيْشٍ كَبِيْرٍ، وَعَنَّى
ابْنُ رُذمِيْر جُيُوْشَهُ، فَفَرح أَهْلُ سَرَقُسْطَة
بِتَمِيْمٍ، فَكَانَ عَلَيْهِم لاَ لَهُم، جَاءَ
مُوَاجِهَ المَدِيْنَةِ، ثُمَّ نَكَّبَ عَنْهَا،
وَكَانَ طَائِفَةٌ مِنْ خَيلِهَا وَرَجِلِهَا قَدْ
تَلَقَّوهُ، فَحَمَلَ عَلَيْهِم حَملَةً قَتَلَ
مِنْهُم جَمَاعَةً كَثِيْرَةً، ثُمَّ نَكَّبَ عَن
لقَاءِ العَدُوِّ، وَانْصَرَفَ إِلَى جهَاتِ
المورَالَة، وَاشتدَّ البَلاَءُ عَلَى البلدِ، ثُمَّ
سَلَّمُوْهُ بِالأَمَانِ، عَلَى أَنَّ مَنْ شَاءَ
أَقَامَ بِهِ.
وكَانَ ابْنُ رُذمِيْرَ مَعْرُوْفاً بِالوَفَاء،
حَدَّثَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ: أَنَّ رَجُلاً كَانَتْ
لَهُ بِنْتٌ مِنْ أَجْمَلِ النِّسَاءِ، فَفَقدهَا،
فَأُخبِرَ أَنَّ كَبِيْراً مِنْ رُؤُوْسِ الرُّوْمِ
خَرَجَ بِهَا إِلَى سَرَقُسْطَة، فَتَبِعَهُ أَبوَاهَا
وَأَقَارِبُهَا، فَشكوهُ إِلَى ابْنِ رُذمِيْر،
فَأَحضرَهُ، وَقَالَ: عَلَيَّ بِالنَّارِ، كَيْفَ
تَفْعَلُ هَذَا بِمَنْ هُوَ فِي جِوَارِي؟
فَقَالَ الرُّوْمِيُّ: لاَ تَعجل عليَّ، فَإِنَّهَا
فَرَّتْ إِلَى دِيننَا.
فَجِيْءَ بِهَا، فَأَنْكَرَتْ أَبويهَا وَارتدَّتْ.
وَلَمَّا دَخَلَ سَرَقُسْطَة، أَقرَّهُم عَلَى
الصَّلاَةِ فِي جَامِعهَا سَبْعَةَ أَعْوَام، وَبعدَ
ذَلِكَ يَعملُ مَا يَرَى، وَحَاصَرَ قُتُنْدَة (1)
بَعْد سَرَقُسْطَة سَنَتَيْنِ.
فَلَمَّا كَانَ فِي آخِرِ سَنَةِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ،
قَصَدَهُ عَبْدُ اللهِ بنُ حيونَة فِي جَيْشٍ فِيهِم
قَاضِي المرِيَّة أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ الفَرَّاءِ،
وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ سُكَّرَة، فَبَرَزَ لَهُم
اللعينُ، فَقتل خلقاً، وَأُسِرَ آخرُوْنَ،
__________
(1) وهي ثغر سرقسطة من قرى مرسية: انظر " معجم البلدان
" 4 / 310، و" المغرب " 2 / 264.
(20/40)
وَاسْتُشْهِدَ المَذْكُوْرَانِ.
فَبنَى عَلَيْهِم ابْنُ رُذمِيْر قُبُوْراً، ثُمَّ
سُلِّمَ البلدُ إِلَيْهِ، وَأَخَذَ فِي تِلْكَ
المُدَّةِ دورقَة وَقَلْعَة أَيُّوْب، وَطَرَسُوْنَة،
وَأَكْثَرَ مِنْ مائَتَيْ مُسَوَّر، وَلَمْ يَبْقَ
أَكْثَرُ مِنْ ثَلاَثَة مَدَائِنَ لَمْ يَأْخذْهَا،
وَبَقِيَ مِنْ أَعْمَالِ بنِي هود لارِدَة (1) ،
وَإِفرَاغَة، وَطُرْطُوْشَة، وَغَيْر ذَلِكَ،
معَامِلَة عَشْرَة أَيَّام لَمْ يظفرِ اللَّعين بِهَا،
فَقَامَ بِلارِدَة الهُمَامُ البطلُ أَبُو مُحَمَّدٍ
(2) ، وَقَامَ بِإِفرَاغَة الزَّاهِدُ المُجَاهِدُ
مُحَمَّدُ مَردنِيش الجُذَامِيُّ (3) جدُّ الأَمِيْر
مُحَمَّدِ بنِ سَعْدٍ.
19 - أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ هُودٍ
المُسْتَنْصِرُ بِاللهِ الأَنْدَلُسِيُّ *
المُلَقَّبُ بِالمُسْتَنْصِرِ بِاللهِ
الأَنْدَلُسِيُّ، مِنْ بَيْتِ مَمْلَكَةٍ وَحِشْمَةٍ
وَأَمْوَالٍ عَظِيْمَةٍ، وَكَانَ بِيَدِهِ قِطعَةٌ
مِنَ الأَنْدَلُسِ، فَاسْتعَانَ بِالفِرَنْجِ عَلَى
إِقَامَةِ دَوْلَتِهِ.
ذَكَرَهُ اليَسعُ بنُ حَزْمٍ، فَقَالَ: انعقدَ
الصُّلحُ بَيْنَ المُسْتَنْصِرِ بن هودٍ وَبَيْنَ
السُّليطينِ (4) ملكِ الرُّوْمِ وَهُوَ ابْنُ بِنْتِ
أَذفونش إِلَى مُدَّةِ عِشْرِيْنَ سَنَةً، عَلَى أَنْ
يَدفعَ لِلْفرنجِ رُوطَةَ، وَيدفعُوا إِلَيْهِ
حُصُوْناً عِوَضَهَا، وَيُعِينوهُ بِخَمْسِيْنَ
أَلْفاً مِنَ الرُّوْمِ، يَخْرُجُ بِهَا إِلَى بِلاَدِ
المُسْلِمِيْنَ لِيَملِكَ، فَجَعَلَ اللهُ تَدمِيْرَهُ
فِي تَدبِيرِهِ.
وَكُنَّا نَجِدُ فِي الآثَارِ عَنِ السَّلَفِ فَسَادَ
الأَنْدَلُسِ عَلَى يَدَي بَنِي هود،
__________
(1) بالراء المكسورة والدال المهملة: مدينة مشهورة من
مدن الثغر على نهر سيقر شرقي قرطبة.
انظر " معجم البلدان " 5 / 7، و" المغرب " 2 / 459.
(2) هو الأمير المجاهد أبو محمد عبد الله بن عياض،
سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (154).
(3) سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (151).
(*) الكامل لابن الأثير 9 / 289، الحلة السيراء 2 /
249 - 251، المغرب في حلي المغرب 2 / 438، أعمال
الاعلام: 203، صفة جزيرة الأندلس: 97، تاريخ ابن خلدون
4 / 163، نفح الطيب 1 / 441، معجم الأنساب والاسرات
الحاكمة: 90.
(4) انظر تعليق الدكتور حسين مؤنس على " الحلة السيراء
" 2 / 249 في التعريف بهذا السليطين وسبب تسميته بذلك.
(20/41)
وَصلاَحَهَا بَعْدُ عَلَى أَيديهِم، فَخَرَجَ
اللعينُ السُّليطينُ وَابْنُ هود فِي نَحْوٍ مِنْ
أَرْبَعِيْنَ أَلْفَ فَارِسٍ، وَتَاشفِيْنُ
بِالزّهرَاءِ، فَقصد ابْنُ هود جِهَة إِشْبِيْلِيَةَ،
وَبَقِيَ يُنفقُ عَلَى جُيُوْشِ السُّليطين نَحْو
ثَمَانِيَةِ أَشهرٍ، وَشرطَ عَلَيْهِم أَنَّهُم لاَ
يَأْسِرُوْنَ أَحَداً.
فَحَدَّثَنِي المُسْتَنْصِرُ - وَقَدْ نَدمَ عَلَى
فِعْلِهِ مِنْ شيطنَةِ الشَّبِيْبَة وَطَلبِ مُلكِ
آبَائِهِ - فَقَالَ لِي: الَّذِي أَنفقتُ فِي تِلْكَ
السَّفْرَةِ مِنَ الذَّهبِ الخَالصِ ثَلاَثَةُ آلاَفِ
أَلفِ دِيْنَارٍ، وَالَّذِي دفعتُ إِلَيْهِم مِنْ
مَخَازنِ رُوطَةَ مِنَ الدُّرُوْعِ أَرْبَعُوْنَ (1)
أَلفَ درعٍ، وَمِنَ البيضِ مِثْلهَا، وَمِنَ
الطَّوَارقِ ثَلاَثُوْنَ (2) أَلْفاً.
وَذَكَرَ لِي جَمَاعَةٌ أَنَّهُ دفَعَ إِلَى
السُّلَيْطِيْنِ خيمَةً كَانَ يَحملهَا أَرْبَعُوْنَ
بَغْلاً.
وَذَكَرَ لِي مُحَمَّد بن مَالِكٍ الشَّاعِر: أَنَّهُ
أَبصرَ تِلْكَ الخيمَةَ، قَالَ: فَمَا سُمِعَ
بِأَكْبَرَ مِنْهَا قَطُّ، وَلَمَّا طَالَتْ
إِقَامتُهُ عَلَى البِلاَدِ، وَلَمْ يَخْرُجْ إِلَى
ابْنِ هود أَحَدٌ، رَجَعَ وَمَعَهُ ابْنُ هُودٍ،
وَلَمْ يَكُنْ مَعَ ابْنِ هودٍ إِلاَّ نَحْوٌ مِنْ
مائَتَيْ فَارِسٍ، فَأَقَامَ ابْنُ هُودٍ
بِطُلَيْطُلَةَ لِيَذْهَبَ مِنْهَا إِلَى حُصُوْنِهِ
الَّتِي عُوِّضَ بِهَا - وَبِئسَ لِلظَّالِمِين
بَدَلاً - ثُمَّ إِنَّ قُرْطُبَةَ اضْطَرَب أَمرُهَا،
وَاشْتَغَل أَمِيْرُ المُسْلِمِيْنَ بِمَا دَهَمَهُ
مِنْ خُرُوْجِ التُّومَرْتيَّة (3) ، فَجَاءَ
المُسْتَنْصِرُ بِاللهِ أَحْمَدُ مِنْ مدينَةِ غرليطش،
وَقصَدَ قُرْطُبَةَ، وَكَانَ مُحَبَّباً إِلَى
النَّاسِ بِالصِّيتِ، فَبَرَزَ إِلَيْهِ ابْنُ
حَمْدِينَ زَعِيم قُرْطُبَةَ بِعَسْكَرهَا، فَقصدَ
عَسْكَرُهَا نَحْوَ ابْنِ هودٍ طَائِعين، فَفَرَّ
حِيْنَئِذٍ ابْنُ حَمدين إِلَى بُليدَة، وَدَخَلَ
ابْنُ هودٍ قُرْطُبَةَ بِلاَ كلفَةٍ وَلاَ ضربَة وَلاَ
طعنَة، فَاسْتوزَرَ أَبَا سَعِيْدٍ المَعْرُوفَ بِفَرج
الدَّلِيْل، وَكَاتَبَ نُوَّاب البِلاَد، فَفَرحُوا
بِهِ لأَصَالتِهِ فِي الملكِ.
ثُمَّ خَرَجَ فَرجُ الدَّلِيْل إِلَى حِصنِ المُدَوّر،
فَقِيْلَ لابْنِ هُودٍ: قَدْ نَافقَ وَفَارق. فَخَرَجَ
بِنَفْسِهِ، وَاسْتَنْزَلَهُ مِنَ
__________
(1) في الأصل: أربعين.
(2) في الأصل: ثلاثين.
(3) هم جماعة محمد بن عبد الله ابن تومرت، مهدي
المغرب، زعيم الموحدين، مرت ترجمته في الجزء التاسع
عشر برقم (318)، وقد خلف بعده السلطان عبد المؤمن بن
علي،
سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (254).
(20/42)
الْحصن، فَنَزَلَ غَيْر مُظهِرٍ خِلاَفاً،
وَكَانَ رَجُلاً صالحاً، فَقَتَلَهُ صَبْراً، فَسَاء
ذَاكَ أَهْلَ قُرْطُبَةَ، وَثَارَت نُفُوْسهُم، وَعظم
عَلَيْهِم قتل أَسدٍ مِنْ أُسدِ الله، فَزحفُوا إِلَى
القَصْرِ، فَفَرَّ ابْنُ هود مِنْ قُرْطُبَةَ،
فَقصدهَا ابْن حَمدين، فَأَدخله أَهْلُه، وَكثر
الْهَيْج، وَاشتدَّ البَلاَء بِالأَنْدَلُسِ، وَغَلَتْ
مرَاجلُ الفِتْنَة.
وَأَمَّا أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ عِيَاضٍ فَكَانَ عَلَى
مَمْلَكَةِ لاَرِدَةَ، فَخَرَجَ فِي خَمْسِ مائَة
فَارِسٍ، لِيَسعَى فِي إِصْلاَحِ أَمرِ الأُمَّةِ،
وَقَصَدَهُ أَهْلُ مُرْسِيَّة وَبَلَنْسِية
لِيُمَلِّكوهُ عَلَيْهِم، فَامْتَنَعَ، ثُمَّ بَايَعَ
أَهْلَ بَلَنْسِيَة عَنِ الخَلِيْفَةِ عَبْدِ اللهِ
العَبَّاسِيِّ، ثُمَّ اتَّفَقَ ابْنُ عِيَاضٍ وَابْنُ
هود عَلَى أَنَّ اسْمَ الخِلاَفَةِ لأَمِيْرِ
المُؤْمِنِيْنَ العَبَّاسِيِّ، وَأَنَّ النَّظَرَ فِي
الجُيُوْشِ وَالأَمْوَالِ لاِبْنِ عيَاضٍ -رَحِمَهُ
اللهُ- وَأَنَّ السَّلطنَةَ لابْنِ هودٍ.
قَالَ اليَسعُ: فَكَتَبتُ بَيْنَهُمَا عَهداً هَذَا
نَصُّهُ:
كِتَابُ اتِّفَاقٍ وَنظَامٍ وَائْتِلاَفٍ لِجَمعِ
كَلِمَةِ الإِسْلاَمِ يَفرحُ بِهِ المُؤْمِنُوْنَ،
انعقدَ بَيْنَ الأَمِيْرِ المُسْتَنْصِرِ بِاللهِ
أَحْمَدَ، وَبَيْنَ المُجَاهِدِ المُؤَيَّدِ أَبِي
مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللهِ بنِ عِيَاضٍ، وَصلَ اللهُ
بِهِمَا أَبْوَابَ التَّوفِيقِ...، إِلَى أَنْ قَالَ:
وَأَنَا لِي فِي جَزِيْرَةِ الأَنْدَلُسِ غُربَاء فِي
مَادَّةِ الرُّوْمِ، فَلِمَ لاَ تَعزمُ عَلَى
إِذَاعَةِ العَدْلِ، وَتَرُومُ؟ وَقَدْ تَوجّهَ
نَحْوكم كَاتِبُنَا ابْنُ اليَسعِ، وَكُلّ مَا عقدَهُ
وَفِي أُمُوْرِكُم اعتمدَهُ أَمضَيْنَاهُ.
قَالَ: فَلَمَّا وَصلْتُ المَدِيْنَةَ، وَقَرَأْتُ
الكِتَابَ، فَرحُوا...، إِلَى أَنْ قَالَ:
فَأَغَارتِ الرُّوْمُ عَلَى أَحْوَازِ شَاطِبَةَ،
فَبعثَنِي عَبْدُ اللهِ بنُ عِيَاضٍ إِلَى
المُسْتَنْصِرِ يَقُوْلُ لَهُ: أَنَا أَحتفلُ
لِلْقَاءِ القَوْمِ، فَلاَ تخرجْ.
فَلَمَّا جِئْتُه بِهَذِهِ الرِّسَالَة، قَالَ لِي:
إِنَّمَا تُرِيْدُ أَنْ تُفْسِدَ مَا بَيْنِي وَبَيْنَ
الرُّوْمِ مِنْ وَكيدِ الذّمَّةِ، وَإِذَا أَنَا
خَرَجتُ، وَاجتمعتُ بِملوكهِم، رَدُّوا مَا أَخَذُوهُ.
فَأَعْلَمتُ ابْنَ عِيَاض، فَقَالَ لِي: يَحسبُ هَذَا
أَنَّ الرُّوْمَ تَفِي لَهُ، سيتبَعُ رَأْيِي حِيْنَ
لاَ
(20/43)
يَنفعُهُ، فَتضرَّعْتُ إِلَى المُسْتَنْصِرِ،
فَأَبَى، فَخَرَجْنَا (1) جَمِيْعاً نؤمُّ العَدُوَّ،
حَتَّى وَصلنَا، فَأَمَرَانِي بِكِتَابَيْنِ عَنْهُمَا
إِلَى الْملكَيْنِ مُوَنَّق وَفرَاندَة، وَكِتَاب عَنِ
ابْنِ عيَاض إِلَى صِهْرِهِ أَبِي مُحَمَّدٍ ليصلَ
بِعَسْكَرِ بَلَنْسِيَةَ.
فَقَالَ لَهُ ابْنُ عِيَاضٍ: يَقربُ صيدُنَا،
وَالحَرْبُ خُدعَة، فَأَبَى، وَقَالَ: إِذَا وَصلَهُم
كِتَابِي، رُدُّوا الغَنَائِمَ، فَلَمْ يُغْنِ
كِتَابُهُ شَيْئاً.
إِلَى أَنْ قَالَ: فَالتقينَا نَحْنُ وَالرُّوْمُ،
فَكَمَنُوا لَنَا أَلفَي فَارِسٍ، وَظهرَ لَنَا
أَرْبَعَةُ آلاَفٍ، وَنَحْنُ نَحْوُ الأَلْفَيْن،
وَوَقَعَ الحَرْبُ، فَمَاتَ مِنْ أَهْلِ بَلَنْسِيَة
نَحْوُ سَبْع مائَة، وَمِنَ الرُّوْمِ نَحْوُ الأَلف،
وَفَرَّ أَهْلُ مُرْسِيَة عَنِ ابْنِ عيَاضٍ، وَفَرَّ
ابْنُ هُودٍ، فَثبتَ ابْنُ عِيَاض فِي نَحْو مائَة
فَارِس، وَانكسَرَتِ الرُّوْمُ، لَكِن خَرَجَ
كَمِينهُم، فَانكسرنَا بَعْدَ بَأْسٍ شَدِيدٍ،
وَاسْتُشْهِدَ الأَمِيْرُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ
اللهِ بنُ مِرْدنِيش صهر ابْنِ عِيَاضٍ، وَأَحْمَدُ
بنُ مِرْدنِيش، فَشَقَّ حِيْنَئِذٍ ابْنُ عِيَاضٍ
وَسطَ الرُّوْمِ، وَجَاز نَهْرَ شُقَرَ، حَتَّى وَصل
مدينَة جنجَالَة، وَتوصل الفَلُّ إِلَيْهِ، وَفقدنَا
ابْنَ هُود، وَدخلنَا مُرْسِيَة، وَاسْتبشر أَهْلُهَا
بسلاَمَةِ الملكِ المُجَاهِد عَبْدِ اللهِ بنِ
عِيَاضٍ، وَذَلِكَ سَنَةَ بِضْعٍ وَثَلاَثِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ.
20 - العُثْمَانِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ
أَحْمَدَ بنِ يَحْيَى *
العَلاَّمَةُ، المُفْتِي، أَبُو عَبْدِ اللهِ
مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ يَحْيَى العُثْمَانِيُّ،
المَقْدِسِيُّ، الشَّافِعِيُّ، الأَشْعَرِيُّ،
نَزِيْلُ بَغْدَادَ، مِنْ ذُرِّيَّةِ مُحَمَّدِ بنِ
عَبْدِ اللهِ الدِّيباجِ (2) .
__________
(1) في الأصل: فخرج، وهو خطأ.
(*) الأنساب 5 / 392 (الديباجي)، تبيين كذب المفتري:
321، المنتظم 10 / 33، الكامل 11 / 9، مرآة الزمان 8 /
88، تاريخ الإسلام 4 / ق 275 / 1، الوافي بالوفيات 2 /
109، طبقات السبكي 6 / 88، 89، طبقات الاسنوي 1 / 528،
البداية والنهاية 12 / 205، تاريخ الانس الجليل 1 /
267.
(2) وقد لقب بالديباج لحسنه، مرت ترجمته في الجزء
السادس برقم (107).
(20/44)
مَوْلِدُهُ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ
(1) وَأَرْبَعِ مائَةٍ، بِبَيْرُوْت.
وَأَخَذَ عَنِ: الفَقِيْهِ نَصْرٍ (2) .
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ عَسَاكِرَ (3) ، وَالمُبَارَكُ
بنُ كَامِلٍ.
وَدرَّسَ وَأَقرَأَ، وَوعظ، وَحَجَّ مَرَّات.
وَرَوَى عَنِ: الحُسَيْنِ بنِ عَلِيٍّ الطَّبَرِيِّ.
قَالَ ابْنُ كَامِلٍ: لَمْ أَرَ فِي زَمَانِي
مِثْلَهُ، جمعَ العِلْم وَالعمل وَالزُّهْد وَالوَرَع
وَالمُروءة وَحُسْنَ الخُلُقِ، وَكَانَ يَوْمُ
جِنَازَتِهِ يَوْماً مَشْهُوْداً.
قَالَ أَبُو الفَرَجِ ابْنُ الجَوْزِيِّ (4) :
رَأَيْتهُ يَعظُ بِجَامِعِ القَصْرِ، وَكَانَ غَالياً
فِي مَذْهَبِ الأَشْعَرِيِّ.
وَقَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ (5) : كَانَ يُفْتِي
وَيُنَاظِرُ وَيُذكِّرُ، وَكَانَتْ مَجَالِسُ تذكيرِهِ
قَلِيْلَةَ الحشوِ، عَلَى طرِيقَةِ المُتَقَدِّمِيْنَ،
مَاتَ فِي سَابعَ عشرَ صَفَرٍ، سَنَةَ سَبْعٍ (6)
وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
قُلْتُ: غُلاَةُ المُعْتَزِلَةِ، وَغُلاَة الشِّيْعَة،
وَغُلاَة الحَنَابِلَة، وَغُلاَة الأَشَاعِرَةِ،
وَغلاَة المُرْجِئَة، وَغُلاَة الجَهْمِيَّة، وَغُلاَة
الكَرَّامِيَّة قَدْ مَاجت بِهِم الدُّنْيَا،
وَكثرُوا، وَفِيهِم أَذكيَاءُ وَعُبَّاد وَعُلَمَاء،
نَسْأَلُ اللهَ العفوَ وَالمَغْفِرَة
__________
(1) في " الوافي ": وأربعين.
(2) المقدسي. انظر ص 27 ت (1).
(3) انظر " مشيخة " ابن عساكر 175 / 1.
(4) في " المنتظم " 10 / 33.
(5) في " تبيين كذب المفتري ": 321.
(6) في " الوافي " سنة ست، وقيل: سنة تسع.
(20/45)
لأَهْل التَّوحيد، وَنبرَأُ إِلَى اللهِ مِنَ
الهَوَى وَالبِدَع، وَنُحبُّ السُّنَّةَ وَأَهْلَهَا،
وَنُحِبُّ العَالِمَ عَلَى مَا فِيْهِ مِنَ
الاتِّبَاعِ وَالصِّفَاتِ الحمِيدَة، وَلاَ نُحبُّ مَا
ابْتدعَ فِيْهِ بتَأْوِيْلٍ سَائِغٍ، وَإِنَّمَا
العِبرَةُ بِكَثْرَةِ المَحَاسِنِ.
21 - الدَّهَّانُ عَبْدُ الجَبَّارِ بنُ عَبْدِ
الوَهَّابِ بنِ عَبْدِ اللهِ *
الشَّيْخُ، أَبُو الحَسَنِ عَبْدُ الجَبَّارِ بنُ
عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
الدَّهَّانِ النَّيْسَابُوْرِيُّ، البَيِّعُ، شَيْخٌ
سَدِيدُ الطّرِيقَةِ، مِنْ بَيْتِ ثَروَةٍ وَمُروءةٍ.
سَمِعَ: أَبَا بَكْرٍ البَيْهَقِيَّ فَأَكْثَرَ،
وَسَعِيْدَ بنَ أَبِي سَعِيْدٍ العَيَّارَ،
وَجَمَاعَةً.
وَرَوَى الكَثِيْرَ، فَسَمِعَ مِنْهُ (السُّنَنَ
الكَبِيْرَ) عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ الشَّعرِيُّ.
وَقَالَ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ (1) : أَجَازَ
لِي فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ،
وَهُوَ شَيْخٌ ثِقَةٌ، مِنْ أَهْلِ الخَيْرِ
وَالأَمَانَةِ، عِنْدَهُ تَصَانِيْفُ البَيْهَقِيِّ،
وَسَمِعَ: أَبَا طَاهِرٍ مُحَمَّدَ بنَ عَلِيٍّ
الحَافِظَ الزَّرَّادَ (2) ، وَأَبَا يَعْلَى بنَ
الصَّابُوْنِيِّ.
وَذكره أَيْضاً عَبْدُ الغَافِرِ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ،
وَلَمْ يذكُرَا لَهُ وَفَاةً.
لَمْ يُدْرِكْهُ ابْنُ عَسَاكِرَ.
__________
(*) التحبير 1 / 430، معجم شيوخ السمعاني: الورقة 148
/ 2، المنتخب: الورقة 107.
(1) في " التحبير " 1 / 430.
(2) في الأصل: " الرزاز " وهو خطأ، والتصويب من "
التحبير " وهو أبو طاهر محمد بن علي بن محمد بن بويه
الزراد، نسبة إلى صنعة الدروع والسلاح. مترجم في "
الأنساب " 6 / 261، و" توضيح المشتبه " 1 / ورقة 87 /
2.
(20/46)
22 - ابْنُ سَعْدُوَيْه أَبُو سَهْلٍ
مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدٍ *
الثِّقَةُ، العَالِمُ، أَبُو سَهْلٍ مُحَمَّدُ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سَعْدُويه
الأَصْبَهَانِيُّ، الأَمِيْنُ.
صَالِحٌ خَيِّرٌ صَدُوْقٌ مُكْثِرٌ.
سَمِعَ: إِبْرَاهِيْمَ سِبْطَ بَحْرُويه (1) ، وَأَبَا
الفَضْلِ بنَ بُنْدَارَ (2) ، وَالحَافِظَ مُحَمَّدَ
بنَ الفَضْلِ الحَلاَوِي.
أَكْثَرَ عَنْهُ: أَبُو القَاسِمِ ابْنُ عَسَاكِرَ،
وَأَبُو مُوْسَى المَدِيْنِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ
مَعْمَرٍ، وَآخَرُوْنَ.
وَأَجَازَ لابْنِ السَّمْعَانِيِّ أَبِي سَعْدٍ،
وَقَالَ (3) : مِنْ سَمَاعِهِ (مُسْنَدُ
الرُّويَانِيِّ (4))، وَ(الغُرَرُ وَالدُّرر) لَهُ،
سَمِعهُمَا مِنِ ابْنِ بُنْدَارَ، عَنِ ابْنِ فناكِي
(5) ، عَنْهُ، وَكِتَابُ (العِلْم) لابْنِ مَرْدُويه
(6) ، سَمِعَهُ مِنَ الحَلاَوِي عَنْهُ، مَوْلِدُهُ
فِي سَنَةِ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
قَالَ: وَمَاتَ فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ
ثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
__________
(*) التحبير 2 / 55، 56، معجم شيوخ السمعاني الورقة
197 / 2، المنتظم 10 / 63، تاريخ الإسلام 4 / 288 / 2،
العبر 4 / 82، 83، غاية النهاية 2 / 45، شذرات الذهر 4
/ 95.
(1) هو أبو القاسم إبراهيم بن منصور بن إبراهيم
الأصبهاني، المعروف بسبط بحرويه، مرت ترجمته في الجزء
الثامن عشر برقم (33).
(2) مرت ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (73).
(3) في " التحبير " 2 / 56.
(4) هو الحافظ أبو بكر محمد بن هارون الروياني،
المتوفى سنة 307 ه، مرت ترجمته في الجزء الرابع عشر
برقم (284).
(5) هو أبو القاسم جعفر بن عبد الله بن فناكي الرازي،
المتوفى سنة 383 ه، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر
برقم (319).
(6) هو الحافظ أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه
الأصبهاني، المتوفى سنة 410 ه، مرت ترجمته في الجزء
السابع عشر برقم (188).
(20/47)
23 - بَدْرٌ أَبُو النَّجمِ بنُ عَبْدِ اللهِ
الأَرْمَنِيُّ الشِّيْحِيُّ *
الشَّيْخُ، أَبُو النَّجمِ بَدرُ بنُ عَبْدِ اللهِ
الأَرمنِيُّ، الشِّيحِيُّ (1) .
سَمَّعَهُ مَوْلاَهُ المُحَدِّثُ عَبْدُ المُحْسِنِ
(2) الكَثِيْرَ مِنْ: أَبِي جَعْفَرٍ بنِ
المُسْلِمَةِ، وَأَبِي بَكْرٍ الخَطِيْبِ، وَأَبِي
الغَنَائِمِ بنِ المَأْمُوْنِ، وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ: السَّمْعَانِيُّ، وَابْنُ عَسَاكِرَ،
وَأَبُو مُوْسَى المَدِيْنِيُّ، وَابْنُ الجَوْزِيِّ،
وَمُحَمَّدُ بنُ هِبَةِ اللهِ الوَكِيْلُ.
وَكَانَ عَرِيّاً مِنَ الفضِيْلَةِ، يُقَالَ: طُلِبَ
مِنْهُ أَنْ يُجِيْزَ، فَقَالَ: كَمْ ذَا (3) ؟! مَا
بَقِيَ عِنْدِي إِجَازَةٌ.
مَاتَ: فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ
وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَعَاشَ ثَمَانِيْنَ
سَنَةً.
وَابْنُهُ مُحَمَّدُ بنُ بَدْرٍ بَقِيَ إِلَى حُدُوْدِ
السَّبْعِيْنَ، يَرْوِي عَنْ أَبِي الحَسَنِ بنِ
العلاَّف، رَوَى عَنْهُ المُوفَّقُ عَبْدُ اللَّطِيْفِ
بِحَلَبَ.
24 - ابْنُ مَوْهَبٍ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ
عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ **
أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدِ بنِ مَوْهَبٍ الجُذَامِيُّ،
الأَنْدَلُسِيُّ، المَرِيِّيُّ، المُحَدِّثُ.
__________
(*) الأنساب 7 / 442، 443 (الشيحي)، المنتظم 10 / 74،
اللباب 2 / 221 وتحرف اسمه فيه إلى " برد "، النجوم
الزاهرة 5 / 262.
(1) بكسر الشين المعجمة وسكون الياء المثناة التحتية
وفي آخرها الحاء المهملة، نسبة إلى شيحة، وهي قرية من
قرى حلب.
وقد تصحفت في " المنتظم " إلى الشيخي، بالخاء المعجمة.
(2) بن محمد بن علي التاجر الشيحي، المتوفى سنة 478 ه،
مرت ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (79).
(3) في " النجوم الزاهرة ": كم تستجيزون !
(* *) الصلة 2 / 426، بغية الملتمس: 410، معجم الأدباء
14 / 5، العبر 4 / 88، =
(20/48)
رَوَى عَنْ: أَبِي العَبَّاسِ العُذْرِيِّ،
وَأَبِي إِسْحَاقَ بنِ وَرْدُوْنَ، وَأَبِي بَكْرٍ
ابْنِ صَاحِبِ الأَحباسِ.
وَأَجَازَ لَهُ: أَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ البَرِّ،
وَأَبُو الوَلِيْدِ البَاجِي.
قَالَ ابْنُ بَشْكُوَال (1) : كَانَ مِنْ أَهْلِ
المَعْرِفَةِ وَالعِلْمِ وَالذّكَاءِ وَالفهْمِ، لَهُ
(تَفْسِيْرٌ) مُفِيْدٌ، وَمَعْرِفَةٌ بِأُصُوْلِ
الدِّينِ، حَجَّ، وَأَخَذُوا عَنْهُ، وَأَجَازَ لَنَا،
مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَتُوُفِّيَ فِي جُمَادَى
الأُوْلَى، وَلَهُ إِحْدَى وَتِسْعُوْنَ سَنَةً، عَامَ
اثْنَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ، مِنْهُم: عَبْدُ
اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الأَشِيْرِيّ (2) .
25 - الأَمِيْنُ أَبُو مَنْصُوْرٍ عَلِيُّ بنُ عَلِيِّ
بنِ عُبَيْدِ اللهِ *
الشَّيْخُ، أَبُو مَنْصُوْرٍ عَلِيُّ بنُ عَلِيِّ بنِ
عُبَيْدِ اللهِ البَغْدَادِيُّ، الأَمِيْنُ (3) ،
رَاوِي (الجعديَّات) عَنِ ابْنِ هَزَارْمَرْدَ
الصِّرِيفِيْنِيّ.
وَسَمِعَ أَيْضاً مِنَ: النِّعَالِيِّ، وَجَعْفَرٍ
السَّرَّاجِ.
رَوَى عَنْهُ: وَلدُه أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ
الوَهَّابِ بنُ سُكَيْنَةَ، وَأَبُو سَعْدٍ
السَّمْعَانِيُّ، وَابْنُ عَسَاكِرَ (4) ، وَأَبُو
مُوْسَى المَدِيْنِيُّ، وَابْنُ الجَوْزِيِّ،
وَآخَرُوْنَ.
__________
= الوافي بالوفيات خ 12 / 91، مرآة الجنان 3 / 260،
طبقات المفسرين للسيوطي: 24، طبقات المفسرين للداوودي
1 / 409، 410، طبقات المفسرين للادنه وي 39 / 2، شذرات
الذهب 4 / 99، 100، هدية العارفين 1 / 696.
(1) في " الصلة " 2 / 426.
(2) سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (294).
(*) المنتظم 10 / 79، مرآة الزمان 8 / 101، العبر 4 /
88، 89، شذرات الذهب 4 / 100، ولقب بالامين لأنه كان
أمينا على أموال الايتام ببغداد.
(3) في " المنتظم ": يعرف بابن سكينة.
(4) انظر " مشيخة " ابن عساكر 147 / 1.
(20/49)
وَكَانَ نَاظَرَ الأَيْتَامِ، دَيِّناً
خَيِّراً، مُتَعَبِّداً صَوَّاماً، ثِقَةً
مُتَوَاضِعاً.
مَاتَ: فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ
وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، فِي عَشْرِ
التِّسْعِيْنَ.
26 - صَاحِبُ دِمَشْقَ مَحْمُوْدُ بنُ بُورِي بنِ
طُغْتِكِينَ *
الملكُ، شِهَابُ الدِّينِ، أَبُو القَاسِمِ مَحْمُوْدُ
ابنُ تَاجِ المُلُوْكِ بُورِي ابنِ الأَتَابِكِ
طُغْتِكِيْنَ.
تَملَّكَ بَعْدَ مَقْتَلِ أَخِيْهِ (1) ، بِإِعَانَةِ
أُمِّهِ زُمُرُّدٍ، وَكَانَ مقدمَ عَسْكَرِهِ معِين
الدِّينِ (2) أَنُر.
قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: كَانَتِ الأُمُوْرُ تجرِي فِي
أَيَّامِهِ عَلَى اسْتِقَامَةٍ، إِلَى أَنْ وَثَبَ
عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ خَدَمِهِ، فَقتلُوْهُ فِي
شَوَّالٍ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ
مائَةٍ، وَجَاءَ أَخُوْهُ مِنْ بَعْلَبَكَّ،
فَتَسَلَّمَ دِمَشْقَ بِلاَ مُنَازعَةٍ.
قَالَ أَبُو يَعْلَى بنُ القلاَنسِيِّ: قَتَلَهُ
أَلَبقش (3) الأَرمنِيُّ، وَيُوْسُفُ الخَادِمُ
الَّذِي وَثِقَ بِهِ فِي نَوْمِهِ، وَالفَرَّاشُ،
فَكَانُوا ثَلاَثتُهُم يَبِيْتُوْنَ حَوْلَ فِرَاشِهِ،
فَقَتَلُوْهُ وَهُوَ نَائِمٌ، وَخَرَجُوا خُفْيَةً،
ثُمَّ طُلِبُوا، فَهَرَبَ أَلَبقش، وَصُلِبَ الآخرَانِ
(4) .
__________
(*) الكامل 11 / 68، مرآة الزمان 8 / 104، وفيات
الأعيان 1 / 296، المختصر 3 / 14، العبر 4 / 92، دول
الإسلام 2 / 54، تتمة المختصر 2 / 67، البداية
والنهاية 12 / 215، النجوم الزاهرة 5 / 264، 265،
شذرات الذهب 4 / 103.
(1) شمس الملوك إسماعيل بن بوري، مرت ترجمته وترجمة
أبية بوري في الجزء التاسع عشر برقم (329)، (328).
(2) في الأصل: أمين الدين.
والتصويب من ترجمته التي سترد في هذا الجزء برقم
(148).
(3) كذا الأصل، وفي تاريخ ابن القلانسي ص 421، و"
وفيات الأعيان " 1 / 296: البغش، بالغين المعجمة.
(4) انظر " مرآة الزمان " 8 / 104، و" النجوم الزاهرة
" 5 / 265.
(20/50)
أَخُوْهُ:
27 - جَمَالُ الدِّيْنِ مُحَمَّدٌ أَبُو المُظَفَّرِ *
وَأَخُوْهُ الملكُ جَمَالُ الدِّيْنِ، أَبُو
المُظَفَّرِ مُحَمَّدٌ.
قِيْلَ: هُوَ عمِلَ عَلَى أَخِيْهِ، ثُمَّ تَملَّكَ،
فَأَسَاءَ السِّيرَةَ، فَمَا مَتَّعَهُ اللهُ، فَمَاتَ
بَعْدَ مَحْمُوْدٍ بِعَشْرَةِ أَشهُرٍ، فَأَجلسُوا فِي
المُلكِ وَلدَه أَبق (1) وَهُوَ مُرَاهِقٌ، وَدُفِنَ
بِتربَةِ جدِّهِ طُغْتِكِين بِظَاهِرِ دِمَشْقَ.
28 - ابْنُ خَفَاجَةَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي
الفَتْحِ بنِ عَبْدِ اللهِ **
شَاعِرُ وَقتِهِ، أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ
أَبِي الفَتْحِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ خَفَاجَةَ
الأَنْدَلُسِيُّ.
لَهُ (دِيْوَانٌ) مَشْهُوْرٌ، وَلَمْ يَتعرَّضْ
لِمَدحِ مُلُوْكِ الأَنْدَلُسِ، وَهُوَ القَائِلُ:
وَالشَّمْسُ تَجْنَحُ لِلْغُرُوْبِ عَلِيلَةً ...
وَالرَّعدُ يَرقِي وَالغَمَامَة تَنْفُثُ (2)
تُوُفِّيَ: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ
مائَةٍ، وَلَهُ ثَلاَثٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً.
__________
(*) الكامل 11 / 68 و73، مرآة الزمان 8 / 104، وفيات
الأعيان 1 / 296، المختصر 3 / 15، العبر 4 / 93، تتمة
المختصر 2 / 68، الوافي بالوفيات 2 / 273، البداية
والنهاية 12 / 216 وتحرف اسمه فيه إلى محمود، النجوم
الزاهرة 5 / 265 و266، شذرات الذهب 4 / 105.
(1) سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (253).
(* *) قلائد العقيان: 231، المطمح: 86، الذخيرة ق 3 م
541 2 - 652، الخريدة 2 / 147 و3 / 548، بغية الملتمس:
202، المطرب: 109، تكملة الصلة 1 / 175، معجم أصحاب
الصدفي: 59، المغرب في أخبار المغرب 2 / 368، وفيات
الأعيان 1 / 56، 57، مسالك الابصار للعمري 11 / 255،
صفة الجزيرة: 103، نفح الطيب (انظر الفهرس)، تاريخ
بروكلمان 5 / 127.
(2) البيت في " ديوانه " ص 62 وفيه " مريضة " بدل "
عليلة " وقبله هذان البيتان:
وعشي أنس أضجعتني نشوة * فيه تمهد مضجعي وتدمث
خلعت علي به الاراكة ظلها * والغصن يصغي والحمام يحدث
وانظر نماذج من نثره في " الذخيرة " ق 3 / م 2 / 542 -
562.
(20/51)
29 - المُوْسَوِيُّ أَبُو البَرَكَاتِ
مَهْدِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الحُسَيْنِيُّ *
الوَاعِظُ الكَبِيْرُ، أَبُو البَرَكَاتِ مَهْدِيُّ
بنُ مُحَمَّدٍ الحُسَيْنِيُّ، المُوْسَوِيُّ.
وُلِدَ: بِأَصْبَهَانَ، وَنَشَأَ بِبَغْدَادَ.
وَسَمِعَ: ابْنَ طَلْحَةَ النِّعَالِيَّ، وَابْن
البَطِرِ (1) .
قَالَ السَّمْعَانِيُّ: كَتَبْتُ عَنْهُ، وَخُسِفَ
بِجَنْزَةَ (2) ، فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ، فَهَلَكَ فِيْهَا عَالَمٌ لاَ
يُحْصَوْنَ مِنَ المُسْلِمِيْنَ، مِنْهُم هَذَا
الوَاعِظُ.
30 - البَدِيْعُ أَبُو القَاسِمِ هِبَةُ اللهِ بنُ
الحُسَيْنِ البَغْدَادِيُّ **
بَدِيْعُ الزَّمَانِ، وَمَنْ يُضْرَبُ بِهِ المَثَلُ
فِي عَملِ الأَسْطُرْلاَبِ وَآلاَتِ النُّجُوْمِ،
أَبُو القَاسِمِ هِبَةُ اللهِ بنُ الحُسَيْنِ (3)
البَغْدَادِيُّ، الأَسْطُرْلاَبِيُّ.
__________
(*) المنتظم 10 / 88، مرآة الزمان 8 / 106.
(1) هو أبو الخطاب نصر بن أحمد بن عبد الله بن البطر،
المتوفى سنة 494 ه، مرت ترجمته في الجزء التاسع عشر
برقم (29)، وقد تصحف في " المنتظم " 10 / 88، إلى ابن
النظر بالنون والظاء المعجمة.
(2) بفتح الجيم وسكون النون وبعدها زاي، بلدة من بلاد
أذربيجان مشهورة من ثغرها، وتسميها العامة كنجة.
انظر " الأنساب " 3 / 324، و" معجم " ياقوت 2 / 171،
و" الكامل " 11 / 77.
وسيعيد المؤلف ذكر هذا الخسف في ترجمة المقتفي لامر
الله رقم (273) في حوادث سنة 533.
(* *) معجم الأدباء 19 / 273 - 275، اخبار العلماء
بأخبار الحكماء: 222، مرآة الزمان 8 / 112، طبقات
الاطباء 1 / 376 - 380، وفيات الأعيان 6 / 50 - 53،
تاريخ ابن العبري 363 - 366، المختصر 3 / 15، المستفاد
من ذيل تاريخ بغداد: 245، 246، تتمة المختصر 2 / 68،
مرآة الجنان 3 / 261، النجوم الزاهرة 5 / 275 (وفيات
سنة 539)، كشف الظنون 1 / 739 و765 و776، شذرات الذهب
4 / 103، 104، هدية العارفين 2 / 505.
(3) في " النجوم الزاهرة " و" كشف الظنون ": الحسن.
(20/52)
كَانَ النَّاسُ يَتنَافَسُوْنَ فِي شِرَاءِ
عَمَلِه، فَحَصَّلَ أَمْوَالاً.
وَلَهُ نَظْمٌ جَيِّدٌ (1) ، وَخَلاَعَةٌ وَمُجُوْنٌ.
رَتَّبَ (دِيْوَانَ ابْنِ الحَجَّاجِ) عَلَى مائَةٍ
وَأَرْبَعِيْنَ بَاباً، وَسَمَّاهُ (دُرَّةَ التَّاجِ،
فِي شِعْرِ ابْن حَجَّاجٍ).
وَقِيْلَ: كَانَ بَارِعاً فِي الطِّبِّ
وَالفَلْسَفَةِ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: هُوَ وَحِيدُ دَهْرِه،
وَفَرِيْدُ عَصرِه فِي عِلمِ الهَيْئَةِ، مَاتَ
بِالفَالِجِ، سَنَةَ أَرْبَعٍ (2) وَثَلاَثِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ.
31 - ابْنُ بِطْرِيْقٍ أَبُو القَاسِمِ يَحْيَى بنُ
بِطْرِيْقٍ الطَّرَسُوْسِيُّ *
المُسْنِدُ، المُقْرِئُ، أَبُو القَاسِمِ يَحْيَى بنُ
بِطْرِيْقٍ الطَّرَسُوْسِيُّ، ثُمَّ الدِّمَشْقِيُّ.
قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: مَسْتُوْرٌ، حَافِظٌ
لِلْقُرْآنِ، سَمِعَ: أَبَا الحُسَيْنِ مُحَمَّدَ بنَ
مَكِّيٍّ، وَأَبَا بَكْرٍ الخَطِيْبَ، تُوُفِّيَ فِي
رَمَضَانَ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ
مائَةٍ.
قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ: ابْنُ عَسَاكِرَ، وَعَبْدُ
الخَالِقِ بنُ أَسَدٍ، وَالقَاسِمُ بنُ الحَافِظِ،
وَآخَرُوْنَ.
__________
(1) أورد ياقوت في " معجمه " وابن أبي أصيبعة في "
طبقاته " بعض نظمه، ومنه قوله:
أهدي لمجلسك الشريف وإنما * أهدي له ما حزت من نعمائه
كالبحر يمطره السحاب وماله * فضل عليه لأنه من مائه
(2) أورده سبط ابن الجوزي وابن تغري بردي في وفيات سنة
539.
(*) العبر 4 / 94، شذرات الذهر 4 / 105.
(20/53)
32 - ابْنُ عَطَّافٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ
بنِ مُحَمَّدٍ الهَمْدَانِيُّ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الصَّادِقُ، أَبُو الفَضْلِ
مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَطَّافٍ
الهَمْدَانِيُّ، الجَزَرِيُّ (1) ، ثُمَّ
المَوْصِلِيُّ.
قَدِمَ بَغْدَادَ، وَسَمِعَ مِنْ: مَالِكٍ
البَانِيَاسِيِّ، وَطِرَادٍ الزَّيْنَبِيِّ، وَابْنِ
طَلْحَةَ النِّعَالِيِّ، فَمَنْ بَعْدَهُم.
وَعَمِلَ (المُعْجَمَ) وَ(الطِّبَّ النَّبَوِيَّ)،
وَغَيْرَ ذَلِكَ.
وَارْتَحَلَ إِلَى الكُوْفَةِ، وَآمُلَ، وَهَمَذَانَ.
رَوَى عَنْهُ: وَلَدُهُ؛ سَعِيْدٌ، وَابْنُ عَسَاكِرَ
(2) ، وَأَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ.
مَاتَ: فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ، وَلَهُ سَبْعُوْنَ سَنَةً.
33 - عَطَاءُ بنُ أَبِي سَعْدٍ بنِ عَطَاءٍ أَبُو
مُحَمَّدٍ الثَّعْلَبِيُّ **
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الزَّاهِدُ، أَبُو مُحَمَّدٍ
الثَّعْلَبِيُّ، الهَرَوِيُّ، الفُقَّاعِيُّ (3) ،
الصُّوْفِيُّ، تِلْمِيْذُ شَيْخِ الإِسْلاَمِ أَبِي
إِسْمَاعِيْلَ الأَنْصَارِيِّ (4) .
مَوْلِدُهُ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ، بِمَالِيْنَ.
سَمِعَ مِنْ: شَيْخِهِ، وَمِنْ: أَبِي القَاسِمِ بنِ
البُسْرِيِّ، وَأَبِي نَصْرٍ الزَّيْنَبِيِّ،
__________
(*) الأنساب 3 / 249، 250 (الجزري)، اللباب 1 / 277،
تبصير المنتبه 1 / 323.
(1) نسبة إلى جزيرة ابن عمر، لأنه ولد بها.
(2) انظر " مشيخة " ابن عساكر لوحة 212.
(* *) الأنساب 9 / 322، 323 (الفقاعي)، المنتظم 10 /
91، اللباب 2 / 437.
(3) نسبة إلى بيع الفقاع وعمله، وهو شراب يتخذ من
الشعير، سمي به لما يعلوه من الزبد.
(4) الذي مرت ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (260).
(20/54)
وَعِدَّةٍ بِبَغْدَادَ، وَمِنْ: فَاطِمَةَ
بِنْتِ الدَّقَّاقِ بِنَيْسَابُوْرَ.
رَوَى عَنْهُ بَنُوْهُ الثَّلاَثَةُ، وَقَدْ سَمِعَ
أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ مِنَ الثَّلاَثَةِ عَنْ
أَبِيْهِم.
وَرَوَى عَنْهُ: أَبُو القَاسِمِ ابْنُ عَسَاكِرَ (1)
، وَمَحْمُوْدُ بنُ الفَضْلِ.
قَالَ السَّمْعَانِيُّ: كَانَ مِمَّنْ يُضْرَبُ بِهِ
المَثَلُ فِي إِرَادَةِ شَيْخِ الإِسْلاَمِ وَالجِدِّ
فِي خِدْمَتِه، وَلَهُ حِكَايَاتٌ وَمَقَامَاتٌ فِي
خُرُوْجِ شَيْخِه إِلَى بَلْخَ فِي المِحنَةِ، وَجَرَى
بَيْنَهُ وَبَيْنَ الوَزِيْرِ نِظَامِ المُلْكِ
مُحَاوَرَةٌ وَمُرَادَدَةٌ، وَاحتَمَلَ لَهُ
النِّظَامُ (2) .
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَنَّ عَطَاءً قُدِّمَ لِلْخَشَبَةِ
لِيُصْلَبَ، فَنَجَّاهُ اللهُ لِحُسْنِ نِيَّتِهِ،
فَلَمَّا أُطلِقَ، عَادَ إِلَى التَّظَلُّمِ، وَمَا
فَتَرَ، وَخَرَجَ مَعَ النِّظَامِ مَاشِياً إِلَى
الرُّوْمِ، فَمَا رَكِبَ، وَكَانَ يَخُوضُ الأَنْهَارَ
مَعَ الخَيلِ، وَيَقُوْلُ: شَيْخِي فِي المِحنَةِ،
فَلاَ أَسْتَرِيحُ.
قَالَ لِي ابْنُه مُحَمَّدٌ، عَنْهُ، قَالَ: كُنْتُ
أَعدُو فِي مَوْكِبِ النِّظَامِ، فَوَقَعَ نَعلِي،
فَمَا الْتَفَتُّ، وَرَمَيتُ الأُخْرَى، فَأَمسَكَ
النِّظَامُ الدَّابَّةَ، وَقَالَ: أَيْنَ نَعْلاَكَ؟
فَقُلْتُ: وَقَعَ أَحَدُهُمَا، فَخَشِيتُ أَنْ
تَسبِقَنِي إِنْ وَقَفتُ.
قَالَ: فَلِمَ رَمَيتَ الأُخْرَى؟
فَقُلْتُ: لأَنَّ شَيْخِي أَخْبَرَنَا: أَنَّ
النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهَى
أَنْ يَمْشِيَ الرَّجُلُ فِي نَعْلٍ وَاحِدٍ (3) ،
فَمَا أَرَدتُ أَنْ أُخَالِفَ السُّنَّةَ.
فَأَعْجَبَهُ، وَقَالَ: أَكْتُبُ - إِنْ شَاءَ اللهُ -
حَتَّى يَرْجِعَ شَيْخُكَ إِلَى هَرَاةَ.
وَقَالَ لِي: اركَبْ بَعْضَ الجَنَائِبِ.
فَأَبَيْتُ، وَعَرَضَ عَلَيَّ مَالاً، فَأَبَيْتُ (4)
.
__________
(1) انظر " مشيخة " ابن عساكر 137 / 2.
(2) انظر " الأنساب " 9 / 322.
(3) أخرجه مالك في " الموطأ " 2 / 922 من طريقه مسلم
(2099) في اللباس والزينة عن أبي الزبير، عن جابر، وهو
في المسند 3 / 293 و325 و344 و362 و367، وفي الباب عن
أبي هريرة عن مالك 2 / 916، والبخاري (5855) ومسلم
(2098) وأحمد 2 / 245 و443 و477 و480 و528.
(4) الخبر في " المنظم " 10 / 91.
(20/55)
قَالَ لِي ابْنُهُ: وَقُدِّمَ أَبِي
بِأَصْبَهَانَ لِيُصلَبَ بَعْدَ أَنْ حَبَسُوهُ
مُدَّةً، فَقَالَ لَهُ الجَلاَّدُ: صَلِّ
رَكْعَتَيْنِ.
قَالَ: لَيْسَ ذَا وَقتَ صَلاَةٍ، اشْتَغِلْ بِمَا
أُمرتَ بِهِ، فَإِنِّي سَمِعْتُ شَيْخِي يَقُوْلُ:
إِذَا عَلَّقْتَ الشَّعيرَ عَلَى الدَّابَةِ فِي
أَسفَلِ العَقَبَةِ، لاَ تُوصِلُكَ فِي الحَالِ إِلَى
أَعلاَهَا، الصَّلاَةُ نَافِعَةٌ فِي الرَّخَاءِ لاَ
فِي حَالَةِ البَأْسِ.
فَوَصَلَ مُسْرِعٌ مِنَ السُّلْطَانِ وَمَعَهُ
الخَاتَمُ بِتَسرِيحِهِ، كَانَتِ الخَاتُوْنُ
مَعنِيَّةً (1) فِي حَقِّهِ، فَلَمَّا (2) أُطلِقَ،
رَجَعَ إِلَى التَّظَلُّمِ وَالتَّشنِيعِ.
قَالَ السَّمْعَانِيُّ: سَمِعْتُ عَبْدَ الخَالِقِ بنَ
زِيَادٍ يَقُوْلُ:
أَمرَ بَعْضُ الأُمَرَاءِ أَنْ يُضرَبَ عَطَاءٌ
الفُقَّاعِيُّ فِي مِحْنَةِ الشَّهِيْد عَبْدِ
الهَادِي بنِ شَيْخِ الإِسْلاَمِ مائَةً، فَبُطِحَ
عَلَى وَجْهِه، فَكَانَ يُضرَبُ إِلَى أَنْ ضُرِبَ
سِتِّيْنَ، فَشَكُّوا كَمْ ضُرِبَ خَمْسِيْنَ أَوْ
سِتِّيْنَ؟
فَقَالَ عَطَاءٌ: خُذُوا بِالأَقلِّ احتِيَاطاً.
وَحُبِسَ مَعَ نِسَاءٍ، وَكَانَ فِي المَوْضِعِ
أَترسَةٌ، فَقَامَ بِجُهدٍ مِنَ الضَّربِ، وَأَقَامَ
الأَترِسَةَ بَيْنَهُ وَبَينَهُنَّ، وَقَالَ: نَهَى
رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
عَنِ الخَلوَةِ بِالأَجْنَبِيَّةِ (3) .
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَطَاءٍ: تُوُفِّيَ أَبِي
تَقدِيراً سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ
مائَةٍ.
__________
(1) في الأصل: معينة.
(2) في الأصل: فكما.
(3) ورد النهي عن الخلوة بالمرأة الاجنبية عنه صلى
الله عليه وسلم عن غير واحد من الصحابة، فأخرجه
البخاري (1861) و(3006) و(3061) و(5233) ومسلم (1341)،
وأحمد 1 / 222 من حديث ابن عباس، وأخرجه مسلم (2173)
من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، وأخرجه أحمد 1 /
18 و26، والطيالسي ص 7، والترمذي (2165) وأبو يعلى
(137) والحاكم 1 / 113 - 115، وأخرجه أحمد 3 / 446 من
حديث عامر بن ربيعة، وأخرجه البخاري (5232)، ومسلم
(2172) والترمذي (1171) وأخرجه مسلم (2171) من حديث
جابر بن عبد الله.
(20/56)
34 - الزَّوْزَنِيُّ أَبُو سَعْدٍ أَحْمَدُ
بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ *
الشَّيْخُ، المُسْنِدُ الكَبِيْرُ، أَبُو سَعْدٍ
أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ مَحْمُوْدِ
بنِ مَاخُرَّةَ (1) الزَّوْزَنِيُّ، ثُمَّ
البَغْدَادِيُّ، مِنْ مَشَاهِيْرِ الصَّوَفَةِ.
وُلِدَ: سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ.
سَمِعَ: القَاضِي أَبَا يَعْلَى، وَأَبَا جَعْفَرٍ بنَ
المُسْلِمَةِ، وَأَبَا الحُسَيْنِ بنَ الغَرِيْقِ،
وَابْنَ هَزَارْمَرْدَ، وَأَبَا عَلِيٍّ بنَ وِشَاحٍ،
وَأَبَا بَكْرٍ الخَطِيْبَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ عَسَاكِرَ (2) ،
وَالسَّمْعَانِيُّ، وَعَبْدُ الخَالِقِ بنُ أَسَدٍ،
وَابْنُ الجَوْزِيِّ، وَابْنُ طَبَرْزَدَ، وَأَبُو
أَحْمَدَ بنُ سُكَيْنَةَ، وَأَبُو حَامِدٍ بنُ
النَّخَّاسِ (3) ، وَيُوْسُفُ بنُ كَامِلٍ،
وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ مُسْرِفاً عَلَى نَفْسِهِ، لَعَّاباً،
حُفَظَةً لِلنَّظمِ وَالنَّادرَةِ.
قَالَ السَّمْعَانِيُّ: كَانَ مُنْهَمِكاً فِي
الشُّربِ (4) - سَامَحَهُ اللهُ -.
وَقَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ (5) : يَنسِبُونَه إِلَى
التَّسمُّحِ فِي دِيْنِهِ.
قَالَ السَّمْعَانِيُّ: قَرَأْتُ عَلَيْهِ الكَثِيْرَ،
وَحَدَّثَنِي ابْنُ نَاصِرٍ الحَافِظُ، قَالَ:
__________
(*) الأنساب 6 / 322، المنتظم 10 / 97، 98، مشيخة ابن
الجوزي 92، 93، مرآة الزمان 8 / 109، العبر 4 / 98،
تبصير المنتبه 4 / 1243، النجوم الزاهرة 5 / 269،
شذرات الذهر 4 / 112.
والزوزني: نسبة إلى زوزن، وهي بلدة كبيرة حسنة بين
هراة ونيسابور.
(1) بضم الخاء المعجمة وتشديد الراء، كما في " تبصير
المنتبه " 4 / 1243، وقد تحرف في " العبر " إلى ماخوة،
بالواو.
(2) " مشيخة " ابن عساكر لوحة 17 / 2.
(3) بالخاء المعجمة كما في " المشتبه ": 634.
وفي الأصل: النحاس بمهملة.
(4) قال ابن الجوزي بعد إيراد قول السمعاني هذا: فلا
أدري من أين علم ذلك.
(5) في " المنتظم " 10 / 97.
(20/57)
كَانَ أَبُو سَعْدٍ الزَّوْزَنِيُّ
مُتَسَمِّحاً، فَرَأَيْتُهُ فِي النَّوْمِ، فَقُلْتُ:
مَا فَعَلَ اللهُ بِكَ؟
قَالَ: غَفَرَ لِي.
قُلْتُ: فَأَيْنَ أَنْتَ؟
قَالَ: فِي الجَنَّةِ (1) .
قَالَ ابْنُ نَاصِرٍ: لَوْ حَدَّثَنِيْهِ غَيْرِي مَا
صَدَّقتُهُ.
قَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ (2) : مَاتَ فِي شَعْبَانَ،
سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَفِيْهَا مَاتَ: شَيْخُ الحَنَفِيَّةِ العَلاَّمَةُ
أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ عُمَرَ
بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ مَازَةَ البُخَارِيُّ
الحَنَفِيُّ (3) ، وَمُحَدِّثُ بَغْدَادَ أَبُو
القَاسِمِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَحْمَدَ بنِ
السَّمَرْقَنْدِيِّ (4) ، وَزَاهِدُ الأَنْدَلُسِ
أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُوْسَى
ابْنُ العَرِيْفِ الصِّنْهَاجِيُّ الصُّوْفِيُّ
المُقْرِئُ (5) ، وَفَقِيْهُ مَرْوَ أَبُو إِسْحَاقَ
إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَحْمَدَ المَرْوَرُّوْذِيُّ (6) ،
وَالحُسَيْنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ فُطَيْمَةَ
البَيْهَقِيُّ (7) ، وَعَبْدُ الجَبَّارِ بنُ
مُحَمَّدٍ الخُوَارِيُّ (8) ، وَالزَّاهِدُ أَبُو
الحَكَمِ بنُ بَرَّجَانَ (9) الإِشْبِيْلِيُّ،
وَشَرَفُ الإِسْلاَمِ أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ
الوَهَّابِ (10) ابْنُ الشَّيْخِ أَبِي الفَرَجِ
الحَنْبَلِيُّ، وَالعَلاَّمَةُ أَبُو عَبْدِ اللهِ
مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ المَازَرِيُّ (11)
__________
(1) أورد هذا الخبر ابن الجوزي في " المنتظم " 10 /
98.
(2) في " المنتظم " 10 / 98.
(3) سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (57).
(4) تقدمت ترجمته في هذا الجزء برقم (13).
(5) سترد ترجمته برقم (68).
(6) مترجم في الأنساب 9 / 325 (الفلخاري) نسبة إلى
فلخار من قرى مرو الروذ، معجم
البلدان 4 / 272، 273، اللباب 2 / 438، طبقات السبكي 7
/ 31، 32، طبقات الاسنوي 2 / 390، 391، طبقات ابن
هداية الله 204، 205 وتحرفت نسبته فيه إلى المروزي.
(7) سترد ترجمته برقم (37).
(8) سترد ترجمته برقم (43).
(9) سترد ترجمته برقم (44).
(10) سترد ترجمته برقم (63).
(11) سترد ترجمته برقم (64).
(20/58)
المَالِكِيُّ، وَالعَلاَّمَةُ أَبُو عَبْدِ
اللهِ مُحَمَّدُ بنُ سُلَيْمَانَ البُوْنِيُّ
الأَنْدَلُسِيُّ (1) ، وَأَبُو الكَرَمِ نَصْرُ اللهِ
بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الجَلَخْتِ (2)
الوَاسِطِيُّ، وَهِبَةُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ
طَاوُوْسٍ (3) إِمَامُ جَامِعِ دِمَشْقَ، وَأَبُو
مُحَمَّدٍ يَحْيَى بنُ عَلِيِّ بنِ الطَّرَّاحِ (4) .
35 - ابْنُ الجَلَخْتِ نَصْرُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
مُحَمَّدٍ الأَزْدِيُّ *
الشَّيْخُ، العَالِمُ، الصَّالِحُ، الثِّقَةُ،
مُسْنِدُ وَاسِطَ، أَبُو الكَرَمِ نَصْرُ اللهِ (5)
بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مَخْلَدِ بنِ
أَحْمَدَ بنِ خَلَفٍ الأَزْدِيُّ، الوَاسِطِيُّ.
سَمِعَ: أَبَاهُ (6) ، وَأَبَا تَمَّامٍ عَلِيَّ بنَ
مُحَمَّدٍ العَبْدِيَّ القَاضِي، وَسَعِيْدَ بنَ
كَثِيْرٍ الشَّاهِدَ، وَعَلِيَّ بنَ مُحَمَّدٍ
الحَوْزِيَّ.
وَعَنْهُ: السَّمْعَانِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ
يَحْيَى بنِ الرَّبِيْعِ، وَعَلِيُّ بنُ عَلِيِّ بنِ
نَغُوْبَا، وَحُسَيْنُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَأَبُو
الفَتْحِ المَنْدَائِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ
بنِ فَضْلِ اللهِ، وَهُوَ آخِرُ مَنْ رَوَى عَنْهُ،
كَمَا أَنَّهُ آخِرُ مَنْ رَوَى عَنْ أَبِي تَمَّامٍ.
قَالَ السَّمْعَانِيُّ: انْحَدَرتُ إِلَيْهِ (7) ،
وَهُوَ شَيْخٌ صَالِحٌ ثِقَةٌ، مِنْ بَيْتِ
الحَدِيْثِ.
__________
(1) مترجم في " الصلة " لابن بشكوال 2 / 584، والبوني:
نسبة إلى بونة: بلد بإفريقية.
(2) هو صاحب الترجمة الآتية.
(3) سترد ترجمته برقم (58).
(4) سترد ترجمته برقم (47).
(*) سؤالات الحافظ السلفي 45، 46، الأنساب 3 / 278
و279، المنتظم 10 / 101، اللباب 1 / 286، تبصير
المنتبه 2 / 551، النجوم الزاهرة 5 / 270.
(5) ورد اسمه في " المنتظم " نصر بن أحمد بن مخلد
الأزدي.
(6) أبو الحسن محمد بن محمد بن مخلد، متوفى سنة 468 ه،
ومرت ترجمته في الثامن عشر برقم (207).
(7) انظر " الأنساب " 3 / 279.
(20/59)
وَقَالَ خَمِيْسٌ الحَوْزِيُّ: ثِقَةٌ،
صَالِحٌ (1) .
قُلْتُ: تُوُفِّيَ فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ سِتٍّ
وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ (2) .
36 - ابْنُ البَدَنِ عَبْدُ الخَالِقِ بنُ عَبْدِ
الصَّمَدِ البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ الثِّقَةُ، المُقْرِئُ، الصَّالِحُ، أَبُو
المَعَالِي عَبْدُ الخَالِقِ بنُ عَبْدِ الصَّمَدِ بنِ
عَلِيِّ بنِ البَدَنِ البَغْدَادِيُّ، الصَّفَّارُ.
سَمِعَ: أَبَا الحُسَيْنِ بنَ المُهْتَدِي بِاللهِ،
وَعَبْدَ الصَّمَدِ بنَ المَأْمُوْنِ، وَأَبَا
جَعْفَرٍ بنَ المُسْلِمَةِ، وَالصَّرِيْفِيْنِيَّ،
وَعِدَّةً.
وَعَنْهُ: ابْنُ عَسَاكِرَ (3) ، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ
سُكَيْنَةَ، وَأَبُو شُجَاعٍ بنُ المَقْرُوْنِ،
وَسُلَيْمَانُ المَوْصِلِيُّ، وَأَخُوْهُ؛ عَلِيُّ بنُ
مُحَمَّدٍ.
قَالَ السَّمْعَانِيُّ: شَيْخٌ ثِقَةٌ، قَيِّمٌ
بِكِتَابِ اللهِ، كَثِيْرُ البُكَاءِ، حَسَنُ
الإِصغَاءِ، مُوَاظبٌ عَلَى الجَمَاعَةِ، ذَهَبَتْ
أُصُوْلُه، وَسَمَاعُه كَثِيْرٌ فِي أُصُوْلِ
النَّاسِ، قَرَأْتُ عَلَيْهِ الكَثِيْرَ، وُلِدَ
سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَقَالَ ابْنُ شَافِعٍ: وُلِدَ سَنَةَ سِتٍّ
وَخَمْسِيْنَ، وَتُوُفِّيَ فِي سَلْخِ جُمَادَى
الأُوْلَى، سَنَة ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ
مائَةٍ.
37 - ابْنُ فُطَيْمَةَ الحُسَيْنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ
عَلِيٍّ الخُسْرَوْجِرْدِيُّ **
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الفَقِيْهُ، المُسْنِدُ،
القَاضِي، أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ
__________
(1) لم ترد هذه العبارة في ترجمة ابن الجلخت في
المطبوع من " سؤالات السلفي " بتحقيق مطاع الطرابيشي.
(2) لم يذكر ابن الأثير في " اللباب " سنة وفاته،
وإنما ذكر وفاة أبيه سنة 468 ه.
(*) المنتظم 10 / 109، العبر 4 / 103، 104، شذرات
الذهب 4 / 116.
(3) انظر " مشيخة " ابن عساكر لوحة 105 / 1.
(* *) معجم شيوخ السمعاني: الورقة 87 / 1، التحبير 1 /
222 - 225، معجم البلدان =
(20/60)
أَحْمَدَ بنِ عَلِيِّ بنِ حَسَنِ بنِ
فُطَيْمَةَ الخُسْرَوْجِرْدِيُّ، الشَّافِعِيُّ،
قَاضِي بَيْهَقَ.
وُلِدَ: سَنَةَ بِضْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ.
وَسَمِعَ: كِتَابَ (السُّنَنِ وَالآثَارِ) مِنَ
البَيْهَقِيِّ، وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي سَعِيْدٍ
مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الخَشَّابِ، وَأَبِي القَاسِمِ
القُشَيْرِيِّ، وَأَبِي مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدِ بنِ
أَحْمَدَ السُّوْرِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بنِ
مَنْصُوْرٍ المَغْرِبِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ القَاسِمِ
الصَّفَّارِ (1) ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ عَسَاكِرَ (2) ،
وَالسَّمْعَانِيُّ، وَطَائِفَةٌ.
قَالَ السَّمْعَانِيُّ: كَثِيْرُ السَّمَاعِ، حَسَنُ
السِّيْرَةِ، مَلِيحُ المُجَالَسَةِ، مَا رَأَيْتُ
أَخفَّ رُوحاً مِنْهُ (3) مَعَ السَّخَاءِ وَالبَذْلِ،
سَمِعْتُ مِنْهُ الكَثِيْرَ، وَكَتَبَ لِي أَجزَاءً،
وَمِنَ العَجبِ أَنَّهُ قُطِعتْ أَصَابعُهُ
بِكَرْمَانَ مِنْ عِلَّةٍ، فَكَانَ يَأْخُذُ القَلَمَ،
وَيَتْرُكُ الوَرَقَ تَحْتَ رِجْلِه، وَيُمْسِكُ
القَلَمَ بِكَفَّيهِ، فَيَكتُبُ خَطّاً مَلِيحاً
سَرِيعاً، يَكتُبُ فِي اليَوْمِ خَمْسَ طَاقَاتٍ
خَطّاً وَاسِعاً، تَفَقَّهَ بِمَرْوَ عَلَى جَدِّي
أَبِي المُظَفَّرِ، وَحَجَّ، خَرَجتُ نَحْوَ
أَصْبَهَانَ، فَتَركتُ القَافِلَةَ، وَمَضَيتُ إِلَى
خُسْرَوْجِرْدَ مَعَ رَفِيقٍ لِي رَاجِلَينِ،
فَدَخَلْنَا دَارَه، وَسلَّمنَا عَلَى أَصْحَابِه،
فَمَا الْتَفَتُوا عَلَيْنَا، ثُمَّ خَرَجَ الشَّيْخُ،
فَاسْتَقبَلنَاهُ، فَأَقْبَلَ عَلَيْنَا، وَقَالَ:
لِمَ جِئْتُم؟
قُلْنَا: لِنَقرَأَ عَلَيْكَ جُزْأَيْنِ مِنْ
(مَعْرِفَةِ الآثَارِ) لِلْبَيْهَقِيِّ.
فَقَالَ: لَعَلَّكُم سَمِعتُمُ
__________
= 1 / 538 (بيهق) و2 / 370 (خسر وجرد)، طبقات السبكي 7
/ 73، طبقات الاسنوي 1 / 248.
(1) تحرف في " التحبير " 1 / 223 إلى " الصفاد "
بالدال، ومحمد بن القاسم هذا مرت ترجمته في الجزء
الثامن عشر برقم (223).
(2) انظر " مشيخة " ابن عساكر 49 / 2.
(3) زيادة يقتضيها السياق.
(20/61)
الكِتَابَ مِنَ الشَّيْخِ عَبْدِ الجَبَّارِ
(1) ، وَفَاتَكُم هَذَا القدرُ؟
قُلْنَا: بَلَى.
وَكَانَ الجُزْءانِ فَوتاً لِعَبْدِ الجَبَّارِ،
فَقَالَ: تَكُوْنُوْنَ عِنْدِي اللَّيْلَةَ، فَإِنَّ
لِي مُهِمّاً، أُرِيْدُ أَنْ أَخرُجَ إِلَى
سَتْرَوَارَ (2) ، فَإِنَّ ابْنِي كَتَبَ إِلَيَّ
أَنَّ ابْنَ أُسْتَاذِي جَائِي (3) فِي هَذِهِ
القَافِلَةِ، فَأُرِيْدُ أَنْ أُسَلِّمَ عَلَيْهِ،
وَأَسْأَلَه أَنْ يُقِيمَ عِنْدِي أَيَّاماً.
وَسَمَّانِي، فَتَبَسَّمتُ، فَقَالَ لِي: تَعرِفُهُ؟
قُلْتُ: هُوَ بَيْنَ يَدَيكَ.
فَقَامَ وَنَزَلَ وَبَكَى، وَكَادَ أَنْ يُقَبِّلَ
رِجْلَيَّ، ثُمَّ أَخرَجَ الكُتُبَ وَالأَجزَاءَ،
وَوَهَبَنِي بَعْضَ أُصُوْلِه، فَكُنْتُ عِنْدَهُ
ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ (4) .
تُوُفِّيَ: بِخُسْرَوْجِرْدَ، فِي ثَالِثَ عَشَرَ
رَمَضَانَ، سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ
مائَةٍ.
38 - اليُوْسُفِيُّ أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ اللهِ بنُ
أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ القَادِرِ *
الشَّيْخُ، العَالِمُ، الدَّيِّنُ، الخَيِّرُ،
المُسْنِدُ، أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ اللهِ بنُ
أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ القَادِرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
يُوْسُفَ اليُوْسُفِيُّ، الحَرْبِيُّ (5) ،
النَّجَّارُ، المُجَاوِرُ بِمَكَّةَ زَمَاناً.
وُلِدَ: فِي أَوَّلِ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ.
وَسَمِعَ: أَبَا جَعْفَرٍ بنَ المُسْلِمَةِ، وَعَبْدَ
الصَّمَدِ بنَ المَأْمُوْنِ، وَابْنَ
__________
(1) هو الشيخ أبو محمد عبد الجبار بن محمد بن أحمد
الخواري المنيعي، سترد ترجمته برقم (43).
(2) في الأصل سنزوار، وذكرها ياقوت في مادة خسروجرد،
بالباء الموحدة، ولم يفرد لها ترجمة مستقلة، وانظر
معجم البلدان 2 / 370.
(3) كذا الأصل بإثبات الياء، وله وجه في العربية،
والجادة (جاء) بحذفها، وانظر الرسالة للامام الشافعي
فقرة رقم (185).
(4) الخبر بطوله بنحوه في " التحبير " 1 / 222 - 225.
(*) الأنساب 4 / 100 (الحربي).
(5) نسبة إلى الحربية: مجلة معروفة بغربي بغداد عند
باب حرب، قرب قبر بشر الحافي وأحمد بن حنبل.
انظر " معجم البلدان " 2 / 237، و" الأنساب " 4 / 99.
(20/62)
المُهْتَدِي بِاللهِ، وَالصَّرِيْفِيْنِيَّ.
وَعَنْهُ: السِّلَفِيُّ، وَالسَّمْعَانِيُّ، وَابْنُ
عَسَاكِرَ (1) ، وَعَبْدُ المُجِيْبِ بنُ زُهَيْرٍ،
وَمَحَاسِنُ بنُ أَبِي بَكْرٍ، وَضِيَاءُ بنُ
جَنْدَلٍ، وَالتَّاجُ الكِنْدِيُّ، وَخَلْقٌ.
قَالَ السَّمْعَانِيُّ: دَيِّنٌ خَيِّرٌ صَالِحٌ، مِنْ
بَيْتِ الحَدِيْثِ، جَرَى أَمرُه عَلَى سَدَادٍ
وَاسْتِقَامَةٍ، مَاتَ بِالحَرْبِيَّةِ، فِي رَجَبٍ،
سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: آخِرُ مَنْ رَوَى عَنْهُ:
أَبُو عَلِيٍّ عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي بَكْرٍ بنِ
طُلَيْبٍ.
39 - القَاضِي الزَّكِيُّ أَبُو المُفَضَّلِ يَحْيَى
بنُ عَلِيٍّ القُرَشِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الفَقِيْهُ الكَبِيْرُ،
القَاضِي، أَبُو المُفَضَّلِ (2) يَحْيَى بنُ عَلِيِّ
بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ
القُرَشِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ، الشَّافِعِيُّ،
وَيَعْرِفُ فِي وَقْتِهِ: بِابْنِ الصَّائِغِ.
قَالَ سِبْطُه حَافِظُ الشَّامِ أَبُو القَاسِمِ:
قَالَ لِي: إِنَّهُ وُلِدَ سَنَةَ ثَلاَثٍ
وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
سَمِعَ: عَبْدَ العَزِيْزِ بنَ أَحْمَدَ
الكَتَّانِيَّ، وَالحَسَنَ بنَ عَلِيِّ بنِ
البُرِّيِّ، وَحَيْدَرَةَ بنَ عَلِيٍّ، وَعَبْدَ
الرَّزَّاقِ بنَ الفُضَيْلِ، وَأَبَا القَاسِمِ بنَ
أَبِي العَلاَءِ.
وَارْتَحَلَ إِلَى بَغْدَادَ، فَسَمِعَ بِهَا،
وَتَفَقَّهَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ الشَّاشِيِّ،
وَبِدِمَشْقَ
__________
(1) انظر " مشيخة " ابن عساكر 89 / 1.
(*) الكامل لابن الأثير 11 / 77، مرآة الزمان 8 / 106،
العبر 4 / 93، طبقات السبكي 7 / 334، 335، طبقات
الاسنوي 2 / 141، 142، النجوم الزاهرة 5 / 266، الثغر
البسام: 44، شذرات الذهب 4 / 105.
(2) في جميع مصادر الترجمة المثبتة: أبو الفضل، بدون
ميم أوله.
(20/63)
عَلَى القَاضِي المَرْوَزِيِّ، وَالفَقِيْهِ
نَصْرٍ.
وَكَانَ عَالِماً بِالعَرَبِيَّةِ، نَابَ فِي
القَضَاءِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ
البَلاَسَاغُوْنِيِّ (1) ، ثُمَّ عَنْ أَبِي سَعْدٍ
مُحَمَّدِ بنِ نَصْرٍ الهَرَوِيِّ، ثُمَّ قُتِلَ
الهَرَوِيُّ، وَحَجَّ جَدِّي، فَكَانَ وَلَدُهُ
القَاضِي أَبُو المَعَالِي (2) هُوَ الحَاكِمَ ...
إِلَى أَنْ قَالَ: وَكَانَ ثِقَةً، حُلوَ
المُحَاضَرَةِ، فَصِيْحاً، أَخْبَرَنَا جَدِّي،
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ بِقِرَاءةِ أَبِي
الفَرَجِ الحَنْبَلِيِّ فِي سَنَةِ خَمْسٍ
وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ...، فَذَكَرَ
حَدِيْثاً.
قُلْتُ: وَرَوَى عَنْهُ: نَافِلتُهُ أَبُو القَاسِمِ
(3) بنُ الحَافِظُ (4) ، وَعَبْدُ الخَالِقِ بنُ
أَسَدٍ، وَدُفنَ عِنْدَ مَسْجِدِ القَدَمِ (5) ، فِي
الخَامِسِ وَالعِشْرِيْنَ مِنْ رَبِيْعٍ الأَوَّلِ،
سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
40 - الفُضَيْلِيُّ أَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ
إِسْمَاعِيْلَ بنِ الفُضَيْلِ*
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ، مُسْنِدُ هَرَاةَ، أَبُو
الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ الفُضَيْلِ
بنِ مُحَمَّدِ بنِ الفُضَيْلِ الأَنْصَارِيُّ،
الفُضَيْلِيُّ، الهَرَوِيُّ، المُزَكِّي.
__________
(1) بالسين المهملة والغين المعجمة، نسبة إلى
بلاساغون: بلدة من ثغور الترك وراء نهر سيحون قريبة من
كاشغر.
انظر " الأنساب " 2 / 351 و" معجم البلدان " 1 / 476،
وفيهما ترجمة أبي عبد الله البلاساغوني هذا وفي الأصل
البلاشاغوني بالمعجمة.
(2) سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (82).
(3) انظر " مشيخة " ابن عساكر 179 / 1. والنافلة: ولد
الولد.
(4) كذا الأصل وهو خطأ، والصواب حذف لفظ " بن " قبل
لفظ " الحافظ " أو إثبات لفظ " عساكر " بدل لفظ "
الحافظ ".
(5) والقدم قرية تقع جنوبي دمشق بعد حي الميدان. انظر
" ثمار المقاصد في ذكر المساجد " ص 244، 245.
(*) التحبير 2 / 94 - 96، الأنساب 9 / 315، العبر 4 /
93، ملخص تاريخ الإسلام: الورقة 13، بغية الوعاة 1 /
55، شذرات الذهب 4 / 105.
(20/64)
سَمِعَ: مُحَلَّمَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ
الضَّبِّيَّ، وَأَبَا عُمَرَ عَبْدَ الوَاحِدِ بنَ
أَحْمَدَ المَلِيْحِيَّ، وَسَعِيْدَ بنَ أَبِي
سَعِيْدٍ العَيَّارَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: السَّمْعَانِيُّ، وَابْنُ عَسَاكِرَ،
وَأَبُو رَوْحٍ عَبْدُ المُعِزِّ، وَجَمَاعَتُهُ.
قَالَ السَّمْعَانِيُّ فِي (تَحْبِيْرِهِ (1)): أَملَى
مُدَّةً بِجَامِعِ هَرَاةَ، وَأَجَازَ لِي، وَوَرَدَ
مَرْوَ وَأَنَا بِالعِرَاقِ.
قُلْتُ: فَمَاتَ غَرِيْباً بِمَرْوَ، فِي صَفَرٍ،
سَنَةَ أَرْبَعٍ (2) وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَمِنْ مَرْوِيَّاتِهِ (صَحِيْحُ البُخَارِيِّ)،
سَمِعَهُ مِنَ: المَلِيْحِيِّ، عَنِ النُّعَيْمِيِّ،
عَنِ الفَرَبْرِيِّ، عَنْهُ.
وَفِيْهَا مَاتَ: أَحْمَدُ بنُ مَنْصُوْرِ بنِ
المُؤَمِّلِ الغَزَّالُ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ طَاهِرٍ
الخُشُوْعِيُّ (3) وَالِدُ بَرَكَاتٍ (4) ، وَشَاعِرُ
الأَنْدَلُسِ جَعْفَرُ (5) بنُ مُحَمَّدِ بنِ شَرَفٍ
الوَزِيْرُ، وَالقَاضِي أَبُو المُظَفَّرِ شَبِيْبُ
بنُ الحُسَيْنِ البَرُوْجِرْدِيُّ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ
أَبِي حِكِيْمٍ الخَبْرِيِّ (6) ، وَأَبُو نَصْرٍ
مُحَمَّدُ بنُ مَحْمُوْدٍ السَّرْخَسِيُّ السره مرد،
وَأَبُو
__________
(1) 2 / 95.
(2) ذكر السيوطي وفاته سنة سبع.
(3) نسبة إلى الخشوع في الصلاة.
قال ابن عساكر في ترجمة طاهر بن بركات بن إبراهيم
الخشوعي: وسألت ابنه لم سموا الخشوعيين ؟ فقال: كان
جدنا الأعلى يؤم الناس، فتوفي في المحراب، فسمي
الخشوعي.
انظر " تهذيب ابن عساكر " 7 / 47.
(4) ستأتي ترجمة بركات بن إبراهيم بن طاهر الخشوعي هذا
في الجزء الحادي والعشرين برقم (186).
(5) مترجم في الصلة 1 / 130، بغية الملتمس: 256،
الوافي بالوفيات 11 / 149، بغية الوعاة 1 / 486.
(6) بفتح الخاء المعجمة وسكون الباء الموحدة بعدها
الراء المهملة، نسبة إلى خبر، وهي قرية بنواحي شيراز
بن فارس.
وفاطمة هذه لها ترجمة في هذه النسبة في " الأنساب " 5
/ 39، 40.
(20/65)
القَاسِمِ يَحْيَى بنُ بِطْرِيْقٍ (1)
بِدِمَشْقَ، وَالقَاضِي يَحْيَى بنُ عَلِيِّ بنِ
عَبْدِ العَزِيْزِ القُرَشِيُّ (2) .
41
- يُوْسُفُ بنُ أَيُّوْبَ * بنِ يُوْسُفَ بنِ حُسَيْنِ
بنِ وَهْرَةَ (3) الهَمَذَانِيُّ
الإِمَامُ، العَلَمُ، الفَقِيْهُ، القُدْوَةُ،
العَارِفُ، التَّقِيُّ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو
يَعْقُوْبَ الهَمَذَانِيُّ (4) ، الصُّوْفِيُّ، شَيْخُ
مَرْوَ.
وُلِدَ: فِي حُدُوْدِ سَنَةِ أَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ.
وَقَدِمَ بَغْدَادَ شَابّاً أَمردَ، وَسَمِعَ مِنْ:
أَبِي جَعْفَرٍ بنِ المُسْلِمَةِ، وَعَبْدِ الصَّمَدِ
بنِ المَأْمُوْنِ، وَابْنِ المُهْتَدِي بِاللهِ،
وَأَبِي بَكْرٍ الخَطِيْب، وَابْنِ هَزَارْمَرْدَ،
وَابْنِ النَّقُّوْرِ، وَعِدَّةٍ.
وَسَمِعَ بِأَصْبَهَانَ مِنْ: حَمْدِ بنِ وَلْكِيْزَ،
وَطَائِفَةٍ.
وَبِبُخَارَى مِنْ: أَبِي الخَطَّابِ مُحَمَّدِ بنِ
إِبْرَاهِيْمَ الطَّبَرِيِّ.
وَبِسَمَرْقَنْدَ مِنْ: أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
الفَضْلِ الفَارِسِيِّ.
وَكَتَبَ الكَثِيْرَ، وَعُنِيَ بِالحَدِيْثِ،
وَأَكْثَرَ التِّرحَالَ، لَكِنْ تَفرَّقَتْ أَجزَاؤُه
__________
(1) تقدمت ترجمته برقم (31).
(2) تقدمت ترجمته برقم (39).
(*) الأنساب 2 / 330 (البوزنجردي)، المنتظم 9 / 171
و10 / 94، 95، اللباب 1 / 186، الكامل 11 / 80، مرآة
الزمان 8 / 109، وفيات الأعيان 7 / 78 - 81، العبر 4 /
97، دول الإسلام 52 / 55، مرآة الجنان 3 / 264، 265،
طبقات الاسنوي 2 / 531، البداية والنهاية 12 / 218،
ملخص تاريخ الإسلام: ق 21، النجوم الزاهرة 5 / 268،
طبقات الشعراني 1 / 159، شذرات الذهب 4 / 110، هدية
العارفين 2 / 552، جامع كرامات الأولياء 2 / 289 -
291.
(3) ضبط في الأصل بفتح الواو وسكون الهاء، وضبطه ابن
خلكان 7 / 80 بفتحهما وقد تحرف في " البداية " إلى
زهرة بالزاي بدل الواو.
(4) زاد السمعاني نسبة: البوزنجردي، وفيها ترجمة، وهي
نسبة إلى بوزنجرد من قرى همذان، فيها ولد، وقد تحرفت
في " الكامل " إلى بروجرد.
(20/66)
بَيْنَ الكُتُبِ، فَمَا كَانَ يَتفرَّغُ
لإِخرَاجِهَا، كَانَ مَشْغُوْلاً بِالعِبَادَةِ، مِنْ
أَوْلِيَاءِ اللهِ.
قَالَ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ: هُوَ الإِمَامُ،
الوَرِعُ، التَّقِيُّ، النَّاسكُ، العَامِلُ
بِعِلْمِه، وَالقَائِمُ بِحقِّهِ، صَاحِبُ الأَحْوَالِ
وَالمَقَامَاتِ، انتَهتْ إِلَيْهِ تَربِيَةُ
المُرِيْدِينَ الصَّادِقِينَ، وَاجتَمَعَ فِي
رِبَاطِهِ جَمَاعَةٌ مِنَ المُنْقَطِعِينَ إِلَى اللهِ
مَا لاَ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُوْنَ فِي غَيْرِهِ مِنَ
الرُّبُطِ مِثْلُهُم، وَكَانَ عُمُرَهُ عَلَى
طَرِيقَةٍ مَرضِيَّةٍ، وَسَدَادٍ وَاسْتقَامَةٍ، سَارَ
مِنْ قَرْيَتِه إِلَى بَغْدَادَ، وَقصَدَ الشَّيْخَ
أَبَا إِسْحَاقَ، فَتفقَّه عَلَيْهِ، وَلاَزَمَه
مُدَّةً حَتَّى بَرَعَ، وَفَاقَ أَقرَانَه، خُصُوْصاً
فِي عِلمِ النَّظَرِ، وَكَانَ أَبُو إِسْحَاقَ
يُقدِّمُه عَلَى عِدَّةٍ مَعَ صِغَرِ سِنِّهِ؛
لِعِلمِهِ بِحُسنِ سِيرَتِه وَزُهْدِهِ، ثُمَّ تَركَ
كُلَّ مَا كَانَ فِيْهِ مِنَ المُنَاظرَةِ،
وَاشْتَغَلَ بِالعِبَادَة، وَدَعوَةِ الخَلقِ
وَإِرشَادِ الأَصْحَابِ، أَخرَجَ لَنَا أَكْثَرَ مِنْ
عِشْرِيْنَ جُزْءاً سَمِعْنَاهَا، وَقَدْ قَدِمَ
بَغْدَادَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَظَهَرَ
لَهُ قَبُولٌ تَامٌّ، وَوَعَظَ، وَازْدَحَمُوا
عَلَيْهِ، ثُمَّ رَجَعَ، وَسَكَنَ مَرْوَ، ثُمَّ سَارَ
إِلَى هَرَاةَ، وَأَقَامَ بِهَا مُدَّةً، ثُمَّ رَجَعَ
إِلَى مَرْوَ، ثُمَّ سَارَ إِلَى هَرَاةَ ثَانِياً (1)
، فَتُوُفِّيَ فِي الطَّرِيْقِ، بِقُرْبِ بَغْشُوْرَ
(2) ، سَمِعْتُ صَافِيَ بنَ عَبْدِ اللهِ الصُّوْفِيَّ
يَقُوْلُ:
حَضَرتُ مَجْلِسَ يُوْسُفَ فِي النِّظَامِيَّةِ،
فَقَامَ ابْنُ السَّقَّاءِ، فَآذَى الشَّيْخَ،
وَسَأَلَهُ عَنْ مَسْأَلَةٍ، فَقَالَ: اجلِسْ، إِنِّيْ
أَجِدُ مِنْ كَلاَمِكَ رَائِحَةَ الكُفْرِ،
وَلَعَلَّكَ تَمُوتُ عَلَى غَيْرِ الإِسْلاَمِ.
فَاتَّفَقَ أَنَّ ابْنَ السَّقَّاءِ
__________
(1) في الأصل ثلاث كلمات مطموسة لم نتبينها، وقد
استظهرناها كما أثبتنا من مصادر الترجمة، ونص كلام
السمعاني - الذي اختصره الذهبي - فيما نقله ابن خلكان:
نزل مرو وسكنها، وخرج إلى هراة، وأقام بها مدة، ثم سئل
الرجوع إلى مرو في آخر عمره، فأجاب ورجع إليها، وخرج
إلى هراة ثانيا، وعزم على الرجوع إلى مرو في آخر عمره،
وخرج منها متوجها إلى مرو، فأدركته منيته.
(2) ضبطها ابن خلكان بفتح الباء الموحدة وسكون الغين
المعجمة وبعد الواو الساكنة راء، وقال: هي بليدة
بخراسان بين مرو وهراة.
وانظر الخبر في " الوفيات " 7 / 79، 80.
(20/67)
ذَهَبَ فِي صُحْبَةِ رَسُوْلِ طَاغِيَةِ
الرُّوْمِ، وَتَنَصَّرَ بِقُسْطَنْطِيْنِيَّةَ،
وَسَمِعْتُ مَنْ أَثِقُ بِهِ: أَنَّ ابْنَيْ أَبِي
بَكْرٍ الشَّاشِيِّ قَامَا فِي مَجْلِسِ وَعْظِهِ،
وَقَالاَ لَهُ: إِنْ كُنْتَ تَنْتَحِلُ مَذْهَبَ
الأَشْعَرِيِّ، وَإِلاَّ فَانْزِلْ.
فَقَالَ: اقعُدَا، لاَ مُتِّعْتُمَا بِشَبَابِكُمَا.
فَسَمِعْتُ جَمَاعَةً أَنَّهُمَا مَاتَا قَبْلَ أَنْ
يَتَكَهَّلاَ (1) .
وَسَمِعْتُ السَّيِّدَ إِسْمَاعِيْلَ بنَ عَوَضٍ
العَلَوِيَّ، سَمِعْتُ يُوْسُفَ بنَ أَيُّوْبَ
يَقُوْلُ لِلْفَصِيحِ - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِهِ،
فَخَرَجَ عَلَيْهِ، وَرَمَاهُ بِأَشيَاءَ -: هَذَا
الرَّجُلُ يُقتَلُ، وَسَتَرَوْنَ ذَلِكَ.
فَكَانَ كَمَا جَرَى عَلَى لِسَانِه.
وَقَالَ جَدِّي أَبُو المُظَفَّرِ السَّمْعَانِيُّ:
مَا قَدِمَ عَلَيْنَا مِنَ العِرَاقِ مِثْلُ يُوْسُفَ
الهَمَذَانِيِّ، وَقَدْ تَكَلَّمَ مَعَهُ فِي
مَسْأَلَةِ البَيعِ الفَاسِدِ، فَجَرَى بَيْنَهُمَا
سَبْعَةَ عَشَرَ مَجْلِساً فِي المَسْأَلَةِ...
إِلَى أَنْ قَالَ أَبُو سَعْدٍ: سَمِعْتُ يُوْسُفَ
الإِمَامَ يَقُوْلُ:
خَلَوتُ نُوَباً عِدَّةً، كُلُّ نَوْبَةٍ أَكْثَرُ
مِنْ خَمْسِ سِنِيْنَ وَأَقلَّ، وَمَا كَانَ يَخْرُجُ
حُبُّ المُنَاظَرَةِ وَالخِلاَفِ مِنْ قَلْبِي، إِلَى
أَنْ وَصَلتُ إِلَى فُلاَنٍ السِّمْنَانِيِّ، فَلَمَّا
رَأَيْتُهُ، خَرَجَ جَمِيْعُ ذَلِكَ مِنْ قَلْبِي،
كَانَتِ المُنَاظَرَةُ تَقطَعُ عَلَيَّ الطَّرِيْقَ.
سُئِلَ أَبُو الحُسَيْنِ المَقْدِسِيُّ: هَلْ رَأَيْتَ
وَلِيّاً للهِ؟
قَالَ: رَأَيْتُ فِي سِيَاحَتِي أَعْجَمِياً بِمَرْوَ
يَعِظُ، وَيَدْعُو إِلَى اللهِ، يُقَالَ لَهُ:
يُوْسُفُ.
قَالَ أَبُو سَعْدٍ: وَلَمَّا عَزَمتُ عَلَى
الرِّحلَةِ، دَخَلتُ عَلَى شَيْخِنَا يُوْسُفَ
مُودِّعاً، فَصَوَّبَ عَزمِي، وَقَالَ: أُوصِيكَ: لاَ
تَدْخُلْ عَلَى السَّلاَطِينِ، وَأَبصِرْ مَا تَأْكُلُ
لاَ يَكُوْنُ حَرَاماً.
قُلْتُ: وَرَوَى عَنْهُ: أَبُو القَاسِمِ ابْنُ
عَسَاكِرَ، وَأَبُو رَوْحٍ عَبْدُ المُعِزِّ،
وَجَمَاعَةٌ.
__________
(1) الخبر في " المنتظم " 9 / 171، و" وفيات الأعيان "
7 / 78، 79، و" طبقات " الاسنوي 2 / 532.
(20/68)
مَاتَ: فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ خَمْسٍ
وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَلَهُ بِضْعٌ
وَتِسْعُوْنَ سَنَةً -رَحِمَهُ اللهُ-.
وَأَمَّا ابْنُ السَّقَّاءِ المَذْكُوْرُ، فَقَالَ
ابْنُ النَّجَّارِ: سَمِعْتُ عَبْدَ الوَهَّابِ بنَ
أَحْمَدَ المُقْرِئَ يَقُوْلُ:
كَانَ ابْنُ السَّقَّاءِ مُقْرِئاً مُجَوِّداً،
حَدَّثَنِي مَنْ رَآهُ بِالقُسْطَنْطِيْنِيَّةِ
مَرِيْضاً عَلَى دَكَّةٍ، فَسَأَلتُه: هَلِ القُرْآنُ
بَاقٍ عَلَى حِفْظِكَ؟
مَا أَذْكُرُ مِنْهُ إِلاَّ آيَةً وَاحِدَةً:
{رُبَّمَا يَوَدُّ الَّذِيْنَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا
مُسْلِمِيْنَ} [الحِجْرُ: 3]، وَالبَاقِي نَسيتُهُ (1)
.
42 - القَزَّازُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
عَبْدِ الوَاحِدِ الشَّيْبَانِيُّ *
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ، الثِّقَةُ، أَبُو مَنْصُوْرٍ
عَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنُ المُحَدِّثِ أَبِي غَالِبٍ
مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ حَسَنِ بنِ
مَنَازِلَ (2) بنِ زُرَيْقٍ الشَّيْبَانِيُّ،
البَغْدَادِيُّ، الحَرِيْمِيُّ (3) ، القَزَّازُ.
رَاوِي (تَارِيْخ الخَطِيْبِ) عَنْهُ، سِوَى الجُزْءِ
السَّادِسِ بَعْدَ الثَّلاَثِيْنَ، غَابَ لِوَفَاةِ
أُمِّهِ.
وَسَمِعَ: أَبَا جَعْفَرٍ بنَ المُسْلِمَةِ، وَأَبَا
عَلِيٍّ بنَ وِشَاحٍ، وَعَبْدَ الصَّمَدِ بنَ
المَأْمُوْنِ، وَأَبَا الحُسَيْنِ بنَ المُهْتَدِي
بِاللهِ، وَطَائِفَةً.
وَلَهُ (مَشْيَخَةٌ).
__________
(1) الخبر في " وفيات الأعيان " 7 / 79، و" طبقات "
الاسنوي 2 / 531، و" النجوم الزاهرة " 4 / 111.
(*) الأنساب 6 / 274 (الزريقي) و10 / 132 (القزاز)،
المنتظم 10 / 90، اللباب 2 / 67 و3 / 33، مرآة الزمان
8 / 107، المشتبه 1 / 315 و567، العبر 4 / 95، 96،
تبصير المنتبه 3 / 1168 و1247، شذرات الذهب 4 / 106.
(2) تحرف في " المنتظم " إلى مبارك.
(3) نسبة إلى الحريم الطاهري: محلة كبيرة ببغداد.
(20/69)
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ عَسَاكِرَ (1) ،
وَالسَّمْعَانِيُّ، وَأَبُو مُوْسَى المَدِيْنِيُّ،
وَابْنُ الجَوْزِيِّ، وَأَحْمَدُ بنُ بذَالٍ،
وَأَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ العَاقُوْلِيّ، وَأَحْمَدُ
بنُ الحَسَنِ الدَّبِيْقِيُّ، وَعُمَرُ بنُ
طَبَرْزَدَ، وَأَبُو اليُمْنِ الكِنْدِيُّ، وَعِدَّةٌ،
وَابْنُهُ؛ أَبُو السَّعَادَاتِ نَصْرُ اللهِ
القَزَّازُ، وَبِالإِجَازَةِ المُؤَيَّدُ
الطُّوْسِيُّ.
وَكَانَ شَيْخاً صَالِحاً مُتَودِّداً، سَلِيمَ
القَلْبِ، حَسَنَ الأَخلاَقِ، صَبُوْراً، مُشْتَغِلاً
بِمَا يَعْنِيْهِ.
وُلِدَ: فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ ظَنّاً.
وَتُوُفِّيَ: فِي رَابِعَ عَشَرَ شَوَّالٍ، سَنَةَ
خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَصَلَّى
عَلَيْهِ أَخُوْهُ أَبُو الفَتْحِ، سَمِعَ الكَثِيْرَ،
وَرَوَاهُ، وَكَانَ صَحِيْحَ السَّمَاعِ، أَثْنَى
عَلَيْهِ السَّمْعَانِيُّ وَغَيْرُهُ.
وَمَاتَ مَعَهُ: القَاضِي أَبُو بَكْرٍ (2) ، وَأَبُو
عَلِيٍّ أَحْمَدُ بنُ سَعْدٍ العِجْلِيُّ البَدِيْعُ
(3) ، وَالحَافِظُ إِسْمَاعِيْلُ التَّيْمِيُّ (4) ،
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَكِّيٍّ القَيْسِيُّ
اللُّغَوِيُّ (5) ، وَالمُحَدِّثُ رَزِيْنٌ
العَبْدَرِيُّ (6) ، وَعَبْدُ الجَبَّارِ بنُ أَحْمَدَ
بنِ تَوْبَةَ (7) ، وَعَبْدُ الوَهَّابِ
الشَّاذْيَاخِيُّ (8) ، وَعَطَاءُ (9) بنُ أَبِي
سَعْدٍ خَادِمُ شَيْخِ
__________
(1) انظر " مشيخة " ابن عساكر 110 / 1.
(2) تقدمت ترجمته برقم (12).
(3) سترد ترجمته مرتين برقم (56) ص 95 وص 144.
(4) سترد ترجمته برقم (49).
(5) مترجم في الصلة لابن بشكوال 1 / 129، 130، بغية
المتمس 259، 260، إنباه الرواة 1 / 267، المغرب في حلي
المغرب 1 / 108، تلخيص ابن مكتوم 47، الوافي بالوفيات
11 / 149، طبقات ابن قاضي شهبة 1 / 288، بغية الوعاة 1
/ 487.
(6) سترد ترجمته برقم (129).
(7) تقدمت ترجمته برقم (16).
(8) تقدمت ترجمته برقم (17).
(9) تقدمت ترجمته برقم (33).
(20/70)
الإِسْلاَمِ يُوْسُفَ (1) الهَمَذَانِيِّ
الزَّاهِدِ.
43 - الخُوَارِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الجَبَّارِ
بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، المُفْتِي، المُعَمَّرُ،
الثِّقَةُ، إِمَام جَامِعِ نَيْسَابُوْرَ
المَنِيْعِيِّ (2) ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ
الجَبَّارِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ الخُوَارِيُّ،
البَيْهَقِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي بَكْرٍ البَيْهَقِيّ فَأَكْثَرَ.
وَمِنْ: أَبِي الحَسَنِ الوَاحِدِيِّ المُفَسِّرِ،
وَأَبِي القَاسِمِ القُشَيْرِيِّ، وَأَبِي القَاسِمِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَحْمَدَ أَخِي الوَاحِدِيِّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: السَّمْعَانِيُّ، وَابْنُ عَسَاكِرَ
(3) ، وَأَبُو الحَسَنِ المُرَادِيُّ، وَأَبُو
الخَيْرِ أَحْمَدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الطَّالْقَانِيّ،
وَمُحَمَّدُ بنُ فَضْلِ اللهِ السَّالاَرِيُّ، وَأَبُو
سَعْدٍ الصَّفَّارُ، وَمَنْصُوْرُ بنُ عَبْدِ
المُنْعِمِ الفُرَاوِيُّ، وَالحَافِظُ أَحْمَدُ بنُ
مُحَمَّدٍ الشَّوْكَانِيُّ، وَالمُؤَيَّدُ بنُ
مُحَمَّدٍ الطُّوْسِيُّ، وَزَيْنَبُ الشَّعْرِيَّةُ،
وَآخَرُوْنَ.
__________
(1) كذا الأصل وهو خطأ، والصواب أن عطاء هو خادم شيخ
الإسلام أبي إسماعيل الأنصاري.
انظر ترجمة عطاء التي تقدمت برقم (33).
(*) الأنساب 5 / 196، التحبير 1 / 423 - 425، معجم
البلدان 2 / 394، المشتبه 257، العبر 4 / 99، 100،
طبقات السبكي 7 / 144، طبقات الاسنوي 1 / 484، 485،
تبصير المنتبه 2 / 553، النجوم الزاهرة 5 / 270، ذيل
تذكرة الحفاظ لابن فهد المكي: 73، شذرات الذهب 4 /
113، والخواري: بضم الخاء وفتح الواو، نسبة إلى خوار،
وهي بلدة من أعمال بيهق، ووهم ابن العماد في " الشذرات
" فحسبه من خوار التي هي من عمل الري.
(2) وسمي الجامع المنيعي لأنه عمره الرئيس أبو علي
حسان بن سعيد ابن منيع المخزومي المنيعي.
انظر " معجم البلدان " 5 / 217.
(3) انظر " مشيخة " ابن عساكر ورقة 101.
(20/71)
وَكَانَ مُتَوَاضِعاً، خَيِّراً، بَصِيْراً
بِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ.
قَالَ السَّمْعَانِيُّ (1) : فَمَنْ جُمْلَةِ مَا
سَمِعْتُ مِنْهُ بِنَيْسَابُوْرَ كِتَابُ (مَعْرِفَةِ
السُّنَنِ وَالآثَارِ) لِلْبَيْهَقِيِّ، وَرَأَيْتُ
فِي جُزْأَيْنِ مِنْهُ سَمَاعَه مُلحَقاً، وَذَكَرَ
ابْنُ حَبِيْبٍ الحَافِظُ أَنَّه طَالَعَ أَصلَ
البَيْهَقِيِّ، فَلَمْ يَجِدْ سَمَاعَ عَبْدِ
الجَبَّارِ لِجُزْأَيْنِ.
قَالَ السَّمْعَانِيُّ: فَقَرَأْتُهُمَا عَلَى
القَاضِي ابْنِ فُطَيْمَةِ (2) ، وَكَانَ سَمِعَ
الكِتَابَ كُلَّه.
قَالَ: وَأَكْثَرُ سَمَاعِ عَبْدِ الجَبَّارِ
بِقِرَاءةِ ابْنِهِ مُحَمَّدٍ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ
وَخَمْسِيْنَ، ثُمَّ ذَكَرَ شَيْخُنَا عَبْدُ
الجَبَّارِ أَنَّهُ وَجَدَ سَمَاعَه بِالجُزْأَيْنِ
فِي نُسْخَةِ الأَصْلِ بِنَيْسَابُوْرَ.
تُوُفِّيَ: فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ.
44 - ابْنُ بَرَّجَانَ عَبْدُ السَّلاَمِ بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ اللَّخْمِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، العَارِفُ، القُدْوَةُ، أَبُو
الحَكَمِ عَبْدُ السَّلاَمِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
ابنِ أَبِي الرِّجَالِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ اللَّخْمِيُّ، المَغْرِبِيُّ،
الإِفْرِيْقِيُّ، ثُمَّ الأَنْدَلُسِيُّ،
الإِشْبِيْلِيُّ، شَيْخُ الصُّوْفِيَّةِ.
__________
(1) في " التحبير " 1 / 424، 425.
(2) الذي تقدمت ترجمته برقم (37).
(3) كذا قال في " التحبير "، وقال في " الأنساب ":
توفي سنة ثلاث أو أربع.
(*) تكملة الصلة رقم 1797، وفيات الأعيان 4 / 236،
237، العبر 4 / 100، دول الإسلام 2 / 55، فوات الوفيات
2 / 323، مرآة الجنان 3 / 267، 268، أعمال الاعلام:
248 القاموس المحيط: (برج)، لسان الميزان 4 / 13، 14،
ذيل تذكرة الحفاظ لابن فهد المكي: ص 73، النجوم
الزاهرة 5 / 270، طبقات المفسرين للسيوطي: 25، طبقات
المفسرين للداوودي 1 / 300، 301، مفتاح السعادة 2 /
111، 112، طبقات المفسرين للادنه وي 141 / 1، كشف
الظنون 1 / 69، 70، و2 / 1031، شذرات الذهب 4 / 133،
هدية العارفين 1 / 570.
(20/72)
سَمِعَ (صَحِيْح البُخَارِيِّ) مِنْ: أَبِي
عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مَنْظُوْرٍ
صَاحِبِ أَبِي ذَرٍّ الهَرَوِيِّ، وَحَدَّثَ بِهِ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو القَاسِمِ القَنْطَرِيُّ، وَأَبُو
مُحَمَّدٍ عَبْدُ الحَقِّ الأَزْدِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ
اللهِ بنُ خَلِيْلٍ القَيْسِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ الأَبَّارِ: كَانَ مِنْ
أَهْلِ المَعْرِفَةِ بِالقِرَاءاتِ وَالحَدِيْثِ،
وَالتَّحْقِيْقِ بِعِلْمِ الكَلاَمِ وَالتَّصَوُّفِ
مَعَ الزُّهْدِ وَالاجْتِهَادِ فِي العِبَادَةِ،
وَلَهُ تَصَانِيْفُ مُفِيْدَةٌ، مِنْهَا (تَفْسِيْر
القُرْآن (1)) لَمْ يُكْمِلْهُ، وَكِتَابُ (شَرْحِ
أَسْمَاءِ اللهِ الحُسْنَى (2))، وَقَدْ رَوَاهُمَا
عَنْهُ القَنْطَرِيُّ، تُوُفِّيَ مُغَرَّباً عَنْ
وَطَنِه بِمَرَّاكُشَ، فِي سَنَةِ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ (3) ، وَقَبْرُهُ بِإِزَاءِ قَبْرِ
الزَّاهِدِ الكَبِيْرِ أَبِي العَبَّاسِ بنِ
العَرِيْفِ (4) .
قُلْتُ: أُخِذَ هَذَانِ، وَغُرِّبَا، وَاعْتُقِلاَ،
تَوَهَّمَ ابْنُ تَاشفِيْنَ (5) أَنْ يَثُورَا
__________
(1) قال ابن خلكان: وأكثر كلامه فيه على طريق أرباب
الأحوال والمقامات.
وقال حاجي خليفة: وقد استنبطوا من رموزاته أمورا
فأخبروا بها قبل الوقوع. اه.
ويقال: من ذلك ما استنبطه ابن الزكي في مدحه للسلطان
صلاح الدين حين فتحه حلب بقوله: وفتحك القلعة الشهباء
في صفر * مبشر بفتوح القدس في رجب فكان كما قال، قيل
له: من أين لك هذا ؟ قال: أخذته من تفسير ابن برحان في
قوله تعالى: (غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد
غلبهم سيغلبون في بعض سنين).
انظر " لسان الميزان " 4 / 14، و" طبقات " الداوودي.
1 / 300، و" مفتاح السعادة " 2 / 112.
(2) قال حاجي خليفة: وهو كتاب كبير جمع فيه من أسماء
الله تعالى ما زاد على المئة والثلاثين، كلها مشهورة
مروية، وفصل الكلام في كل اسم على ثلاثة فصول، الأول
في استخراجها، الثاني في الطريق إلى تقرب مسالكها،
الثالث في الإشارة إلى التعبد بحقائقها.
(3) تحرفت سنة وفاته في " مفتاح السعادة " إلى 727،
وفي " كشف الظنون " 1 / 70 إلى 627.
(4) سترد ترجمته برقم (68).
(5) وهو علي بن يوسف بن تاشفين، سترد ترجمته برقم
(75).
(20/73)
عَلَيْهِ كَمَا فَعَلَ ابْنُ تُوْمَرْتَ (1) .
45 - اللَّفْتُوَانِيُّ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ
شُجَاعِ بنِ أَحْمَدَ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ المُفِيْدُ، أَبُو بَكْرٍ
مُحَمَّدُ ابنُ أَبِي نَصْرٍ شُجَاعِ بنِ أَحْمَدَ بنِ
عَلِيٍّ اللَّفْتُوَانِيُّ، الأَصْبَهَانِيُّ.
سَمِعَ: عَبْدَ الوَهَّابِ بنَ مَنْدَةَ، وَسَهْلَ بنَ
عَبْدِ اللهِ الغَازِي، وَسُلَيْمَانَ بنَ
إِبْرَاهِيْمَ الثَّقَفِيَّ، وَأَبَا مَنْصُوْرٍ بنَ
شَكْرُوَيْه، وَمَحْمُوْداً الكَوْسَجَ، وَأَبَا
الخَيْرِ بنَ رَرَا، وَالثَّقَفِيَّ، وَعِدَّةً.
وَبِبَغْدَادَ مِنْ: رِزْقِ اللهِ التَّمِيْمِيِّ،
وَطِرَادِ بنِ مُحَمَّدٍ الزَّيْنَبِيِّ، وَابْنِ
البَطِرِ.
وَكَتَبَ مَا لاَ يُوْصَفُ، وَسَمِعَ الكَثِيْرَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو مُوْسَى المَدِيْنِيُّ، وَابْنُ
عَسَاكِرَ (2) ، وَأَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ،
وَابْنُهُ؛ عُبَيْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ،
وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ شَيْخاً صَالِحاً، ثِقَةً عَابِداً، فَقِيراً
قَانِعاً.
مَوْلِدُهُ: سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ.
وَقَالَ أَبُو مُوْسَى: لَمْ أَرَ فِي شُيُوْخِي
أَكْثَرَ كُتُباً وَتَصْنِيفاً مِنْهُ، اسْتَغرَقَ
عُمُرَه فِي طَلَبِ الحَدِيْثِ، وَكِتْبَتِهِ
وَتَصْنِيفِهِ وَنَشرِهِ.
__________
(1) مرت ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (318)، وانظر
" لسان الميزان " 4 / 14، و" طبقات " الداوودي 1 /
300.
(*) الأنساب: (اللفتواني)، التحبير 2 / 134 - 136،
المنتظم 10 / 84، معجم البلدان 5 / 20، الكامل لابن
الأثير 11 / 72، اللباب 3 / 132، الوافي بالوفيات 3 /
148، واللفتواني: بفتح اللام، وسكون الفاء، وضم التاء
كما في الأصل و" اللباب " وفتحها ياقوت، نسبة إلى
لفتوان، وهي إحدى قرى أصبهان.
(2) انظر " مشيخة " ابن عساكر: 188 / 2.
(20/74)
وَقَالَ السَّمْعَانِيُّ (1) : كَانَ شَيْخاً
صَالِحاً، كَثِيْرَ الصَّلاَةِ، حَسنَ الطَّرِيقَةِ،
خَشِنَهَا، سَمِعْتُ مِنْهُ الكَثِيْرَ، وَمَا دَخَلتُ
عَلَيْهِ إِلاَّ وَهُوَ مُشْتَغِلٌ بِخَيْرٍ؛
يُصَلِّي، أَوْ يَنسَخُ، أَوْ يَتْلُو، وَكَانَ
يَقرَأُ قِرَاءةً غَيْرَ مَفْهُوْمَةٍ، وَهُوَ عَارِفٌ
بِالحَدِيْثِ وَطُرِقِه، كَتَبَ عَمَّنْ أَقْبَلَ
وَأَدبَرَ، وَخَطُّهُ لاَ يُمكِنُ قِرَاءتُه لِكُلِّ
أَحَدٍ، فَكَانَ يَقُوْلُ: يَكفِي مِنَ السَّمَاعِ
شَمُّه.
قُلْتُ: هَذَا غَيْرُ مُسَلَّمٍ.
مَاتَ: فِي الحَادِي وَالعِشْرِيْنَ مِنْ جُمَادَى
الأُوْلَى، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ
مائَةٍ.
وَكَانَ وَالِدُهُ مِنْ مَشْيَخَةِ السِّلَفِيِّ.
46 - ابْنُ السَّلاَّلِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
أَحْمَدَ الكَرْخِيُّ *
الإِمَامُ الفَاضِلُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ
بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ أَحْمَدَ بنِ
السَّلاَّلِ الكَرْخِيُّ، الوَرَّاقُ، الحَبَّارُ،
لَهُ حَانُوْتٌ عِنْد بَابِ النُّوْبِيِّ (2) .
سَمِعَ: أَبَا جَعْفَرٍ بنَ المُسْلِمَةِ، وَأَبَا
الغَنَائِمِ بنَ المَأْمُوْنِ، وَجَابِرَ بنَ
يَاسِيْنَ.
وَمِنْ: أَبِي عَلِيٍّ مُحَمَّدِ بنِ وِشَاحٍ، وَأَبِي
الحَسَنِ بنِ البَيْضَاوِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ
سِياوشَ الكَازَرُوْنِيِّ، وَتَفَرَّدَ فِي وَقتِهِ
عَنْ هَؤُلاَءِ الثَّلاَثَةِ.
مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ 447.
__________
(1) في " التحبير " 2 / 134، 135.
(*) الأنساب 4 / 36 (الحبار)، المنتظم 10 / 123،
اللباب 1 / 334، النجوم الزاهرة 5 / 280.
(2) ببغداد، يبيع الحبر والاقلام. انظر " الأنساب " 4
/ 36.
(20/75)
قَالَ السَّمْعَانِيُّ: كَانَ فِي خُلُقه
زعَارَّةٌ، وَكُنَّا نَسْمَعُ عَلَيْهِ بِجَهدٍ،
وَهُوَ يُتَّهَمُ، مَعْرُوْفٌ بِالتَّشَيُّعِ.
قَالَ الحَافِظُ ابْنُ نَاصِرٍ: كُنْتُ أَمضِي إِلَى
الجُمُعَةِ وَقَدْ قَارَبَ الوَقْتُ، فَأَرَى ابْنَ
السَّلاَّلِ فِي دُكَّانِه فَارِغَ القَلْبِ، لَيْسَ
عَلَى خَاطِرِه الصَّلاَةُ.
قُلْتُ: حَدَّثَ عَنْهُ: السَّمْعَانِيُّ، وَعُمَرُ
بنُ طَبَرْزَدَ، وَسُلَيْمَانُ المَوْصِلِيُّ، وَأَبُو
الفَرَجِ ابْنُ الجَوْزِيِّ، وَالنَّفِيْسُ بنُ
وَهْبَانَ، وَبِالإِجَازَةِ أَبُو مَنْصُوْرٍ بنُ
عُفَيْجَةَ، وَأَبُو القَاسِمِ ابْنُ صَصْرَى.
وَعَاشَ: أَرْبَعاً وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
تُوُفِّيَ: فِي جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ إِحْدَى
وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَفِيْهَا مَاتَ: أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ الإِخْوَةِ (1) الوَكِيْلُ بِبَغْدَادَ،
وَأَبُو البَرَكَاتِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي سَعْدٍ
شَيْخُ الشُّيُوْخِ (2) ، وَأَبُو جَعْفَرٍ حَنْبَلُ
بنُ عَلِيٍّ البُخَارِيُّ (3) ، وَالأَتَابِكُ زِنْكِي
(4) بنُ آقْسُنْقُرَ، وَالمُحَدِّثُ سَعْدُ الخَيْرِ
بنُ مُحَمَّدٍ البَلَنْسِيُّ (5) ، وَظَاهِرُ بنُ
أَحْمَدَ المَسَامِيْرِيُّ (6) ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ
سِبْطُ الخَيَّاطِ (7) ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ
الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ المُحَارِبِيُّ
صَاحِبُ (التَّفْسِيْرِ (8))، وَأَبُو الحَسَنِ
مُحَمَّدُ بنُ طِرَادٍ الزَّيْنَبِيُّ (9) ، وَأَبُو
الفَتْحِ مُحَمَّدُ بنُ
__________
(1) سترد ترجمته برقم (94).
(2) سترد ترجمته برقم (95).
(3) سترد ترجمته برقم (182).
(4) سترد ترجمته برقم (123).
(5) سترد ترجمته برقم (93).
(6) سترد ترجمته برقم (106).
(7) سترد ترجمته برقم (80).
(8) مرت ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (337) بعد
ترجمة أبيه.
(9) مترجم في المنتظم 10 / 123، الكامل 11 / 118،
الوافي بالوفيات 3 / 169، البداية والنهاية 12 / 222،
وأخوه الوزير علي سترد ترجمته هنا برقم (90).
(20/76)
مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الخَشَّابُ
(1) سَمِعَ القُشَيْرِيَّ، وَوَجِيْهُ بنُ طَاهِرٍ
الشَّحَّامِيُّ (2) ، وَالمُقْرِئُ يَحْيَى بنُ
الخَلُوْفِ الغَرْنَاطِيُّ (3) .
47 - ابْنُ الطَّرَّاحِ يَحْيَى بنُ عَلِيِّ بنِ
مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ، العَالِمُ، الصَّالِحُ، المُسْنِدُ، أَبُو
مُحَمَّدٍ يَحْيَى بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
عَلِيِّ بنِ الطَّرَّاحِ البَغْدَادِيُّ، المُدِيْرُ.
وُلِدَ: سَنَةَ بِضْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ.
وَسَمِعَ: عَبْدَ الصَّمَدِ بنَ المَأْمُوْنِ، وَأَبَا
الحُسَيْنِ بنَ المُهْتَدِي بِاللهِ، وَأَبَا بَكْرٍ
الخَطِيْبَ، وَأَبَا الحُسَيْنِ بنَ النَّقُّوْرِ،
وَمُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ بنِ المُهْتَدِي بِاللهِ،
وَجَمَاعَةً.
وَعَنْهُ: ابْنُ عَسَاكِرَ، وَابْنُ السَّمْعَانِيِّ،
وَابْنُ الجَوْزِيِّ، وَابْنُ طَبَرْزَدَ، وَابْنُ
الأَخْضَرِ، وَالكِنْدِيُّ، وَعَبْدُ الكَرِيْمِ بنُ
مُبَارَكٍ البَلَدِيُّ، وَسُلَيْمَانُ بنُ مُحَمَّدٍ
المَوْصِلِيُّ، وَيَحْيَى بنُ يَاقُوْتٍ،
وَحَفِيْدَتُهُ؛ سِتُّ الكَتَبَةِ بِنْتُ عَلِيٍّ،
وَآخَرُوْنَ.
قَالَ السَّمْعَانِيُّ: كَتَبْتُ عَنْهُ الكَثِيْرَ،
وَكَانَ صَالِحاً، سَاكِناً، مُشْتَغِلاً بِمَا
يَعْنِيْهِ، كَثِيْرَ الرَّغبَةِ فِي الخَيْرِ، وَفِي
زِيَارَةِ القُبُوْرِ، سَمَّعَهُ أَبُوْهُ، وَحصَّلَ
لَهُ الأَجزَاءَ، وَكَانَ مُدِيْرَ قَاضِي القُضَاةِ
أَبِي القَاسِمِ الزَّيْنَبِيِّ (4) .
__________
(1) مترجم في الأنساب 5 / 120، والوافي بالوفيات 1 /
165 وفيه وفاته سنة 540.
(2) سترد ترجمته برقم (67).
(3) مترجم في معرفة القراء الكبار 2 / 407، 408، وغاية
النهاية 2 / 369، 370.
(*) المنتظم 10 / 101، 102، العبر 4 / 101، البداية
والنهاية 12 / 218، النجوم الزاهرة 5 / 270، شذرات
الذهب 4 / 114.
(4) انظر " المنتظم " 10 / 101، 102.
(20/77)
تُوُفِّيَ: فِي رَابِعَ عَشَرَ (1) رَمَضَانَ،
سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَقَدْ
نَاطَحَ الثَّمَانِيْنَ.
وَفِيْهَا مَاتَ: أَبُو سَعْدٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ
الزَّوْزَنِيُّ (2) ، وَأَبُو القَاسِمِ إِسْمَاعِيْلُ
بنُ السَّمَرْقَنْدِيِّ (3) ، وَأَبُو العَبَّاسِ بنُ
العَرِيْفِ (4) الزَّاهِدُ بِالغَربِ، وَأَبُو عَبْدِ
اللهِ بنُ فُطَيْمَةَ البَيْهَقِيُّ (5) ، وَعَبْدُ
الجَبَّارِ بنُ مُحَمَّدٍ الخُوَارِيُّ (6) ،
وَالزَّاهِدُ أَبُو الحَكَمِ عَبْدُ السَّلاَمِ بنُ
بَرَّجَانَ (7) ، وَالعَلاَّمَةُ عُمَرُ بنُ عَبْدِ
العَزِيْزِ بنِ مَازَةَ الحَنَفِيُّ (8) ، وَشَرَفُ
الإِسْلاَمِ عَبْدُ الوَهَّابِ ابْنُ الشَّيْخِ أَبِي
الفَرَجِ الحَنْبَلِيُّ (9) ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ
مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ المَازَرِيُّ (10) ، وَأَبُو
الكَرَمِ نَصْرُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الجَلَخْتِ
الوَاسِطِيُّ (11) ، وَالإِمَامُ هِبَةُ اللهِ بنُ
أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ طَاوُوْسٍ المُقْرِئُ
(12) ، وَأَبُو مَنْصُوْرٍ مَحْمُوْدُ بنُ أَحْمَدَ
بنِ مَاشَاذَةَ الوَاعِظُ (13) .
__________
(1) في " المنتظم ": رابع عشرين.
(2) تقدمت ترجمته برقم (34).
(3) تقدمت ترجمته برقم (13).
(4) سترد ترجمته برقم (68).
(5) تقدمت ترجمته برقم (37).
(6) تقدمت ترجمته برقم (43).
(7) تقدمت ترجمته برقم (44).
(8) سترد ترجمته برقم (57).
(9) سترد ترجمته برقم (63).
(10) سترد ترجمته برقم (64).
(11) تقدمت ترجمته برقم (35).
(12) سترد ترجمته برقم (58).
(13) سترد ترجمته برقم (78).
(20/78)
48 - أَبُو البَدْرِ الكَرْخِيُّ
إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَنْصُوْرٍ
الشَّيْخُ، الفَقِيْهُ، العَالِمُ، المُسْلِمُ، أَبُو
البَدْرِ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَنْصُوْرِ
بنِ عُمَرَ البَغْدَادِيُّ، الكَرْخِيُّ، المُنْفَرِدُ
بِسَمَاعِ (أَمَالِي ابْنِ سَمْعُوْنَ (1)) عَنْ
خَدِيْجَةَ الشَّاهجَانِيَّةِ.
وَسَمِعَ أَيْضاً مِنْ: أَبِي الغَنَائِمِ بنِ
المَأْمُوْنِ، وَأَبِي بَكْرٍ الخَطِيْبِ، وَأَبِي
مُحَمَّدٍ بنِ هَزَارْمَرْدَ، وَأَبِي الحُسَيْنِ بنِ
النَّقُّوْرِ.
وَلَهُ (مَشْيَخَةٌ) مَروِيَّةٌ.
صَحِبَ الشَّيْخَ أَبَا إِسْحَاقَ (2) لِلتَّفَقُّهِ.
وَوُلِدَ: فِي حُدُوْدِ سَنَةِ خَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ.
قَالَهُ أَبُو سَعْدٍ (3) .
قَالَ: وَأَصلُهُ مِنْ كَرْخ جُدَّانَ (4) ، وَكَانَ
يَسكُنُ فِي دَارِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ
الإِسْفَرَايِيْنِيِّ، وَهُوَ شَيْخٌ صَالِح مُعَمَّرٌ
ثِقَةٌ، عَجِزَ عَنِ المَشْيِ، مَاتَ فِي التَّاسعِ
وَالعِشْرِيْنَ مِنْ رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ
تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
قُلْتُ: حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ عَسَاكِرَ (5) ،
وَالسَّمْعَانِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ
__________
(*) الأنساب 10 / 394، المنتظم 10 / 112، 113، العبر 4
/ 106، البداية والنهاية 12 / 219، النجوم الزاهرة 5 /
276، شذرات الذهر 4 / 121.
(1) هو أبو الحسين محمد بن أحمد بن إسماعيل البغدادي
الواعظ، المتوفى سنة 387 ه.
مرت ترجمته في الجزء السادس عشر برقم (376).
(2) الشيرازي، مرت ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم
(237).
(3) في الأنساب " 10 / 394.
(4) قال ياقوت: بضم الجيم وسمعت بعضهم بفتحها، والضم
أشهر، والدال مشددة وآخره نون: بليدة في آخر ولاية
العراق، وهو الحد بين شهر زور والعراق. " معجم البلدان
" 4 / 449.
(5) انظر " مشيخة " ابن عساكر 23 / 2.
(20/79)
سُكَيْنَةَ، وَابْنُ طَبَرْزَدَ، وَعَبْدُ
اللهِ بنُ عُثْمَانَ سِبْطُ ابْنِ هَدِيَّةَ، وَعَبْدُ
العَزِيْزِ بنُ مِنَيْنَا، وَعَبْدُ المَلِكِ بنُ
المُبَارَكِ القَاضِي، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ هِبَةِ
اللهِ، وَالحَسَنُ بنُ مُسْلِمٍ الفَارِسِيُّ
الزَّاهِدُ، وَتُرْكُ بنُ مُحَمَّدٍ العَطَّارُ؛
خَاتِمَةُ مَنْ رَوَى عَنْهُ.
49 - التَّيْمِيُّ أَبُو القَاسِمِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ الفَضْلِ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، الحَافِظُ، شَيْخُ
الإِسْلاَمِ، أَبُو القَاسِمِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ الفَضْلِ بنِ عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ بنِ
طَاهِرٍ القُرَشِيُّ، التَّيْمِيُّ، ثُمَّ
الطَّلْحِيُّ (1) ، الأَصْبَهَانِيُّ، المُلَقَّبُ:
بِقِوَامِ السُّنَّةِ، مُصَنِّفُ كِتَابِ
(التَّرْغِيْبِ وَالتَّرْهِيْبِ).
مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
سَمِعَ: أَبَا عَمْرٍو عَبْدَ الوَهَّابِ بنَ أَبِي
عَبْدِ اللهِ بنِ مَنْدَةَ، وَعَائِشَةَ بِنْتَ
الحَسَنِ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ مُحَمَّدٍ الطَّيَّانَ
(2) ، وَأَبَا الخَيْرِ مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ بنِ
رَرَا، وَالقَاضِي أَبَا مَنْصُوْرٍ بنَ شَكْرُوَيْه،
وَأَبَا عِيْسَى عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ مُحَمَّدِ بنِ
زِيَادٍ، وَسُلَيْمَانَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ الحَافِظَ،
وَمُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ السِّمْسَارَ،
وَأَحْمَدَ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الذَّكْوَانِيَّ،
وَالرَّئِيْسَ أَبَا عَبْدِ اللهِ الثَّقَفِيَّ،
وَطَبَقَتَهُم بِأَصْبَهَانَ، وَأَبَا نَصْرٍ
مُحَمَّدَ بنَ مُحَمَّدٍ الزَّيْنَبِيَّ، وَعَاصِمَ
بنَ الحَسَنِ، وَخَلْقاً
__________
(*) الأنساب 3 / 368، 369 (الجوزي)، المنتظم 10 / 90،
اللباب 1 / 309، 310، الكامل 11 / 80، مرآة الزمان 8 /
107، تذكرة الحفاظ 4 / 1277 - 1282، العبر 4 / 94، دول
الإسلام 2 / 55، الوافي بالوفيات 9 / 211، مرآة الجنان
3 / 263، طبقات الاسنوي 1 / 359، 361، البداية
والنهاية 12 / 217، النجوم الزاهرة 5 / 267، طبقات
المفسرين للسيوطي: 8، طبقات الحفاظ ص 463، طبقات
المفسرين للداوودي 1 / 112 - 114، كشف الظنون 123،
211، 400، شذرات الذهب 4 / 105، 106، هدية العارفين 1
/ 211، الرسالة المستطرفة: 57، تاريخ بروكلمان 6 / 39،
40.
(1) نسبة إلى الصحابي الجليل طلحة بن عبيد الله من جهة
أمه كما سيذكر المؤلف.
(2) نسبة إلى حرفة الطين المعلومة، وقد تحرفت في "
تذكرة الحفاظ " 4 / 1278 إلى " الطيار " بالراء آخره.
(20/80)
بِبَغْدَادَ، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ خَلَفٍ
الشِّيْرَازِيَّ، وَأَبَا نَصْرٍ مُحَمَّدَ بنَ سَهْلٍ
السَّرَّاجَ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ أَحْمَدَ
الوَاحِدِيَّ، وَأَقْرَانَهُم بِنَيْسَابُوْرَ،
وَأَقدَمُ سَمَاعِهِ مِنْ: مُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ
الطِّهْرَانِيّ؛ صَاحِبِ ابْنِ مَنْدَةَ، فِي سَنَةِ
سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ، وَهُوَ ابْنُ عَشْرِ سِنِيْنَ.
وَسَمِعَ بِمَكَّةَ، وَجَاوَرَ سَنَةً، وَأَملَى،
وَصَنَّفَ، وَجَرَحَ وَعَدَّلَ، وَكَانَ مِنْ
أَئِمَّةِ العَرَبِيَّةِ أَيْضاً، وَفِي تَوَالِيفِه
الأَشيَاءُ المَوْضُوْعَةُ كَغَيْرِهِ مِنَ
الحُفَّاظِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ،
وَأَبُو العَلاَءِ الهَمَذَانِيُّ، وَأَبُو طَاهِرٍ
السِّلَفِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ ابْنُ عَسَاكِرَ (1)
، وَأَبُو مُوْسَى المَدِيْنِيُّ، وَأَبُو سَعْدٍ
الصَّائِغُ، وَيَحْيَى بنُ مَحْمُوْدٍ الثَّقَفِيُّ -
وَهُوَ سِبْطُه - وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
حَمْدٍ (2) الخَبَّازُ، وَأَبُو الفَضَائِلِ
مَحْمُوْدُ بنُ أَحْمَدَ العَبْدَكوِيُّ، وَأَبُو
نَجِيْحٍ فَضْلُ اللهِ بنُ عُثْمَانَ، وَالمُؤَيَّدُ
بنُ الإِخْوَةِ، وَأَبُو المَجْدِ زَاهِرُ بنُ
أَحْمَدَ الثَّقَفِيُّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ أَبُو مُوْسَى المَدِيْنِيُّ: أَبُو القَاسِمِ
إِسْمَاعِيْلُ الحَافِظُ إِمَامُ أَئِمَّةِ وَقتِه،
وَأُسْتَاذُ عُلَمَاءِ عَصرِه، وَقُدْوَةُ أَهْلِ
السُّنَّةِ فِي زَمَانِهِ، حَدَّثَنَا عَنْهُ
جَمَاعَةٌ فِي حَالِ حَيَاتِهِ، أُصمِتَ فِي صَفَرٍ
سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، ثُمَّ
فُلِجَ بَعْدَ مُدَّةٍ، وَمَاتَ يَوْمَ النَّحْرِ،
سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ، وَاجْتَمَعَ فِي
جِنَازَتِه جَمعٌ لَمْ أَرَ مِثْلَهُم كَثْرَةً،
وَكَانَ أَبُوْهُ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدٌ صَالِحاً
وَرِعاً، سَمِعَ مِنْ سَعِيْدٍ العَيَّارِ، وَقَرَأَ
القُرْآنَ عَلَى أَبِي المُظَفَّرِ بنِ شَبِيْبٍ،
وَتُوُفِّيَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ...، إِلَى أَنْ قَالَ: وَوَالِدَتُه
(3) كَانَتْ مِنْ ذُرِّيَّةِ طَلْحَةَ بنِ عُبَيْدِ
__________
(1) انظر " مشيخة " ابن عساكر: 29 / 2.
(2) في " تذكرة الحفاظ " 4 / 1278: حميد.
(3) في " تذكرة الحفاظ " 4 / 1278: ووالده، وهو خطأ،
وسينقل المؤلف أيضا في نهاية الترجمة ص 88 أن نسبته
الطلحي هي من جهة أمه.
(20/81)
اللهِ التَّيْمِيِّ؛ أَحَدِ العَشْرَةِ -
رَضِيَ اللهُ عَنْهُم -.
قَالَ أَبُو مُوْسَى: قَالَ إِسْمَاعِيْلُ:
سَمِعْتُ مِنْ عَائِشَةَ (1) وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعِ
سِنِيْنَ، وَقَدْ سَمِعَ مِنْ أَبِي القَاسِمِ بنِ
عَلِيَّكَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ.
قَالَ أَبُو مُوْسَى: وَلاَ أَعْلَمُ أَحَداً عَابَ
عَلَيْهِ قَوْلاً وَلاَ فِعلاً، وَلاَ عَانَدَه أَحَدٌ
إِلاَّ وَنَصرَه اللهُ، وَكَانَ نَزِهَ النَّفْسِ عَنِ
المَطَامعِ، لاَ يَدخُلُ عَلَى السَّلاَطِيْنِ، وَلاَ
عَلَى مَنِ اتَّصلَ بِهِم، قَدْ أَخلَى دَاراً مِنْ
مُلكِهِ لأَهْلِ العِلْمِ مَعَ خِفَّةِ ذَاتِ يَدِه،
وَلَوْ أَعْطَاهُ الرَّجُلُ الدُّنْيَا بِأَسرِهَا
لَمْ يَرْتَفِعْ عِنْدَهُ، أَملَى ثَلاَثَةَ آلاَفٍ
وَخَمْسَ مائَةِ مَجْلِسٍ، وَكَانَ يُمْلِي عَلَى
البَدِيْهَةِ (2) .
وَقَالَ الحَافِظُ يَحْيَى بنُ مَنْدَةَ: كَانَ أَبُو
القَاسِمِ حَسَنَ الاعْتِقَادِ، جَمِيْلَ
الطَّرِيقَةِ، قَلِيْلَ الكَلاَمِ، لَيْسَ فِي وَقتِه
مِثْلُهُ (3) .
وَقَالَ عَبْدُ الجَلِيْلِ كُوتَاه: سَمِعْتُ
أَئِمَّةَ بَغْدَادَ يَقُوْلُوْنَ:
مَا رَحَلَ إِلَى بَغْدَادَ بَعْدَ الإِمَامِ أَحْمَدَ
أَفْضَلُ وَلاَ أَحْفَظُ مِنْ إِسْمَاعِيْلَ (4) .
قُلْتُ: هَذَا قَوْلُ مَنْ لاَ يَعلَمُ.
وَقَالَ أَبُو مُوْسَى المَدِيْنِيُّ فِي ذِكرِ مَنْ
هُوَ عَلَى رَأْسِ المائَةِ الخَامِسَةِ: لاَ أَعْلَمُ
أَحَداً فِي دِيَارِ الإِسْلاَمِ يَصلُحُ لِتَأْوِيْلِ
الحَدِيْثِ إِلاَّ إِسْمَاعِيْلَ الحَافِظَ (5) .
__________
(1) بنت الحسن الوركانية، المتوفاة سنة 460 ه، مرت
ترجمتها في الجزء الثامن عشر برقم (142).
(2) انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1278، 1279، و" طبقات "
الاسنوي 1 / 360.
(3) انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1279.
(4) انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1279 و" طبقات "
الاسنوي 1 / 360.
(5) " تذكرة الحفاظ " 4 / 1279.
(20/82)
قُلْتُ: وَهَذَا تَكلُّفٌ، فَإِنَّهُ (1)
عَلَى رَأْسِ المائَةِ الخَامِسَةِ مَا اشْتُهِرَ،
إِنَّمَا اشْتُهِرَ قَبْلَ مَوْتِه بِعِشْرِيْنَ
عَاماً.
وَرُوِيَ عَنْ إِسْمَاعِيْلَ الحَافِظِ أَنَّهُ قَالَ:
مَا رَأَيْتُ فِي عُمُرِي مَنْ يَحفَظُ حِفْظِي.
قَالَ أَبُو مُوْسَى: وَقرَأَ بِرِوَايَاتٍ عَلَى
جَمَاعَةٍ مِنَ القُرَّاءِ، وَأَمَّا التَّفْسِيْرُ
وَالمَعَانِي وَالإِعرَابُ، فَقَدْ صَنَّفَ فِيْهِ
كُتُباً بِالعَرَبِيَّةِ وَبِالفَارِسِيَّةِ، وَأَمَّا
عِلمُ الفِقْهِ، فَقَدْ شُهِرَتْ فَتَاوِيهِ فِي
البَلَدِ وَالرَّسَاتِيقِ (2) .
قَالَ أَبُو المَنَاقِبِ مُحَمَّدُ بنُ حَمْزَةَ
العَلَوِيُّ: حَدَّثَنَا الإِمَامُ الكَبِيْرُ،
بَدِيْعُ وَقتِه، وَقَرِيعُ دَهْرِه، أَبُو القَاسِمِ
إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ...، فَذَكَرَ حَدِيْثاً.
وَبَلَغَنَا عَنْ أَبِي القَاسِمِ تَعبُّدٌ وَأَورَادٌ
وَتَهجُّدٌ، فَقَالَ أَبُو مُوْسَى:
سَمِعْتُ مَنْ يَحكِي عَنْهُ فِي اليَوْمِ الَّذِي
قَدِمَ بِوَلَدِه مَيِّتاً، وَجَلَسَ لِلتَّعزِيَةِ،
أَنَّهُ جَدَّدَ الوُضُوْءَ فِي ذَلِكَ اليَوْمِ
مَرَّاتٍ نَحْوَ الثَّلاَثِيْنَ، كُلُّ ذَلِكَ
يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَسَمِعْتُ بَعْضَ أَصْحَابِه:
أَنَّهُ كَانَ يُمْلِي شَرْحَ (صَحِيْحِ مُسْلِمٍ)
عِنْدَ قَبْرِ وَلَدِهِ أَبِي عَبْدِ اللهِ، وَيَوْمَ
تَمَامِه عَمِلَ مَأْدُبَةً (3) وَحَلاَوَةً
كَثِيْرَةً، وَكَانَ ابْنُهُ (4) وُلِدَ فِي سَنَةِ
خَمْسِ مائَةٍ، وَنَشَأَ، وَصَارَ إِمَاماً فِي
اللُّغَةِ وَالعُلُوْمِ حَتَّى مَا كَانَ يَتقدَّمُهُ
كَبِيْرُ أَحَدٍ فِي الفَصَاحَةِ وَالبَيَانِ
وَالذَّكَاءِ، وَكَانَ أَبُوْهُ يُفضِّلُه عَلَى
نَفْسِهِ فِي اللُّغَةِ
__________
(1) في الأصل: فإن، وهو خطأ.
وفي " التذكرة ": فإن الرجل ما كان في رأس المئة قد
اشتهر.
(2) انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1279 وفيه: سرت فتاواه
بدل شهرت.
(3) على هامش النسخة: مائدة.
(4) أبو عبد الله محمد، ترجمه المؤلف في " تذكرة
الحفاظ " 4 / 1280، والاسنوي في " الطبقات " 1 / 361،
وابن المعاد في " الشذرات " 4 / 106.
(20/83)
وَجَرَيَانِ اللِّسَانِ، أَمْلَى جُمْلَةً
مِنْ شَرْحِ (الصَّحِيْحَيْنِ)، وَلَهُ تَصَانِيْفُ
كَثِيْرَةٌ مَعَ صِغَرِ سِنِّهِ، مَاتَ بِهَمَذَانَ،
سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ، وَفَقَدَهُ أَبُوْهُ،
وَسَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَسَنٍ يَقُوْلُ:
كُنَّا مَعَ الشَّيْخِ أَبِي القَاسِمِ، فَالْتَفَتَ
إِلَى أَبِي مَسْعُوْدٍ الحَافِظِ، فَقَالَ: أَطَالَ
اللهُ عُمُرَك، فَإِنَّك تَعِيشُ طَوِيْلاً، وَلاَ
تَرَى مِثْلَكَ، فَهَذَا مِنْ كَرَامَاتِهِ (1) ...
إِلَى أَنْ قَالَ الحَافِظُ أَبُو مُوْسَى: وَلَهُ
(التَّفْسِيْرُ) فِي ثَلاَثِيْنَ مُجَلَّداً، سَمَّاهُ
(الجَامِعَ)، وَلَهُ (تَفْسِيْرٌ) آخَرُ فِي أَرْبَعِ
مُجَلَّدَاتٍ، وَلَهُ (المُوَضّحُ) فِي التَّفْسِيْرِ
فِي ثَلاَثِ مُجَلَّدَاتٍ، وَكِتَابُ (المُعْتَمَدِ)
فِي التَّفْسِيْر عَشْرُ مُجَلَّدَاتٍ، وَكِتَاب
(السُّنَّةِ) مُجَلَّدٌ، وَكِتَابُ (سِيَرِ السَّلَفِ
(2)) مُجَلَّدٌ ضَخْمٌ، وَكِتَابُ (دَلاَئِلِ
النُّبُوَّةِ) مُجَلَّدٌ، وَكِتَابُ (المَغَازِي)
مُجَلَّدٌ، وَأَشيَاءُ كَثِيْرَةٌ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ نَاصِرٍ الحَافِظُ: حَدَّثَنَا
أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ ابْنُ أَخِي
إِسْمَاعِيْلَ الحَافِظ، حَدَّثَنِي أَحْمَدُ
الأَسْوَارِيُّ الَّذِي تَولَّى غَسْلَ عَمِّي -
وَكَانَ ثِقَةً -:
أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُنَحِّي عَنْ سَوْأَتِه
الخِرْقَةَ لأَجْلِ الغُسْلِ، قَالَ: فَجَبَذَهَا
إِسْمَاعِيْلُ بِيَدِهِ، وَغَطَّى فَرْجَهَ.
فَقَالَ الغَاسِلُ: أَحَيَاةٌ بَعْدَ مَوْتٍ (3) ؟!
قَالَ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ: أَبُو القَاسِمِ
هُوَ أُسْتَاذِي فِي الحَدِيْثِ، وَعَنْهُ أَخَذتُ
هَذَا القَدْرَ، وَهُوَ إِمَامٌ فِي التَّفْسِيْرِ
وَالحَدِيْثِ وَاللُّغَةِ وَالأَدبِ، عَارِفٌ
بِالمُتُوْنِ وَالأَسَانِيْدِ، كُنْتُ إِذَا سَأَلتُه
عَنِ المُشكلاَتِ، أَجَابَ فِي الحَالِ، وَهَبَ
أَكْثَرَ أُصُوْلِه فِي آخِرِ عُمُرِهِ، وَأَملَى
بِالجَامِعِ قَرِيْباً مِنْ ثَلاَثَةِ آلاَفِ مَجْلِسٍ
(4) ، وَكَانَ أَبِي يَقُوْلُ:
مَا رَأَيْتُ بِالعِرَاقِ مَنْ يَعرِفُ الحَدِيْثَ
وَيَفهَمُهُ غَيْرَ
__________
(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1280.
(2) انظر نسخه الخطية في " تاريخ " بروكلمان 6 / 40.
(3) انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1280، و" المنتظم " 10
/ 90.
(4) انظر " الأنساب " 3 / 368.
(20/84)
اثْنَيْنِ: إِسْمَاعِيْلَ الجُوْزِيِّ (1)
بِأَصْبَهَانَ، وَالمُؤْتَمَنِ السَّاجِيِّ (2)
بِبَغْدَادَ.
قَالَ أَبُو سَعْدٍ: تَلمذتُ لَهُ، وَسَأَلتُهُ عَنْ
أَحْوَالِ جَمَاعَةٍ، قَالَ: وَرَأَيْتُهُ وَقَدْ
ضَعُفَ، وَسَاءَ حِفْظُه (3) .
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ الدَّقَّاقُ:
كَانَ أَبُو القَاسِمِ عَدِيْمَ النَّظِيْرِ، لاَ
مِثْلَ لَهُ فِي وَقتِه، كَانَ مِمَّنْ يُضْرَبُ بِهِ
المَثَلُ فِي الصَّلاَحِ وَالرَّشَادِ (4) .
وَقَالَ أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ: هُوَ فَاضِلٌ فِي
العَرَبِيَّةِ وَمَعْرِفَةِ الرِّجَالِ.
وَقَالَ أَبُو عَامِرٍ العَبْدَرِيُّ (5) : مَا
رَأَيْتُ أَحَداً قَطُّ مِثْلَ إِسْمَاعِيْلَ،
ذَاكَرْتُهُ، فَرَأَيْتُهُ حَافِظاً لِلْحَدِيْثِ،
عَارِفاً بِكُلِّ عِلْمٍ، مُتَفَنِّناً، اسْتُعجِلَ
عَلَيْهِ بِالخُرُوجِ.
رَوَى السِّلَفِيُّ هَذَا عَنِ العَبْدَرِيِّ.
وَقَالَ السِّلَفِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا الحُسَيْنِ بنَ
الطُّيُوْرِيِّ غَيْرَ مَرَّةٍ يَقُوْلُ:
مَا قَدِمَ عَلَيْنَا مِنْ خُرَاسَانَ مِثْلُ
إِسْمَاعِيْلَ بنِ مُحَمَّدٍ (6) .
قُلْتُ: قَوْلُ أَبِي سَعْدٍ (7) السَّمْعَانِيِّ
فِيْهِ: الجُوْزِيُّ - بِضَمِّ الجِيمِ وَبِزَايٍ -
هُوَ لَقَبُ أَبِي القَاسِمِ، وَهُوَ اسْمُ طَائِرٍ
صَغِيْرٍ (8) .
وَقَدْ سُئِلَ أَبُو القَاسِمِ التَّيْمِيُّ -رَحِمَهُ
اللهُ-: هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: للهِ حَدٌّ، أَوْ
__________
(1) سيذكر المؤلف قريبا معنى هذه النسبة.
(2) مرت ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (195)، وانظر
" تبصير المنتبه " 1 / 371.
(3) انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1280، 1281.
(4) " تذكرة الحفاظ " 4 / 1281.
(5) تصحفت إلى " الغندري " في " شذرات الذهب " 4 /
106.
(6) " تذكرة الحفاظ " 4 / 1281.
(7) في الأصل: أبي بكر، وهو خطأ.
(8) بلغة أهل أصبهان، وكان يكره هذا اللقب، ولكنه عرف
به.
انظر " الأنساب " 3 / 386، و" اللباب " 1 / 309.
(20/85)
لاَ؟ وَهَلْ جَرَى هَذَا الخِلاَفُ فِي
السَّلَفِ؟
فَأَجَابَ: هَذِهِ مَسْأَلَةٌ أَسْتَعفِي مِنَ
الجَوَابِ عَنْهَا؛ لِغُمُوْضِهَا، وَقِلَّةِ وُقُوفِي
عَلَى غَرَضِ السَّائِلِ مِنْهَا، لَكِنِّي أُشِيرُ
إِلَى بَعْضِ مَا بَلَغَنِي: تَكَلَّمَ أَهْلُ
الحَقَائِقِ فِي تَفْسِيْرِ الحَدِّ بِعِبَارَاتٍ
مُخْتَلِفَةٍ، مَحْصُوْلُهَا أَنَّ حَدَّ كُلِّ شَيْءٍ
مَوْضِعُ بَيْنُونَتِه عَنْ غَيْرِهِ، فَإِنْ كَانَ
غَرَضُ القَائِلِ: لَيْسَ للهِ حَدٌّ: لاَ يُحِيطُ
عِلمُ الحَقَائِقِ بِهِ، فَهُوَ مُصِيْبٌ، وَإِنْ
كَانَ غَرَضُهُ بِذَلِكَ: لاَ يُحِيطُ عِلمُهُ
تَعَالَى بِنَفْسِهِ، فَهُوَ ضَالٌّ، أَوْ كَانَ
غَرَضُهُ: أَنَّ اللهَ بِذَاتِه فِي كُلِّ مَكَانٍ،
فَهُوَ أَيْضاً ضَالٌّ.
قُلْتُ: الصَّوَابُ الكَفُّ عَنْ إِطلاَق ذَلِكَ، إِذْ
لَمْ يَأْتِ فِيْهِ نَصٌّ، وَلَوْ فَرَضنَا أَنَّ
المَعْنَى صَحِيْحٌ، فَلَيْسَ لَنَا أَن نَتَفَوَّهَ
بِشَيْءٍ لَمْ يَأْذنْ بِهِ اللهُ؛ خَوْفاً مِنْ أَنْ
يَدخُلَ القَلْبَ شَيْءٌ مِنَ البِدْعَةِ، اللَّهُمَّ
احْفَظْ عَلَيْنَا إِيْمَانَنَا.
وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو القَاسِمِ ابْنُ عَسَاكِرَ أَبَا
نَصْرٍ الحَسَنَ بنَ مُحَمَّدٍ اليُوْنَارَتِيَّ (1)
الحَافِظَ، فَرجَّحَه عَلَى أَبِي القَاسِمِ
إِسْمَاعِيْلَ - فَاللهُ أَعْلَمُ - وَكَأَنَّ ابْنَ
عَسَاكِرَ لَمَّا رَأَى إِسْمَاعِيْلَ بنَ مُحَمَّدٍ
وَقَدْ كَبِرَ وَنَقَصَ حِفْظُهُ، قَالَ هَذَا.
قَدْ مَرَّ أَنَّهُ مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ
وَثَلاَثِيْنَ.
وَفِيْهَا مَاتَ: الإِمَامُ الكَبِيْرُ المُحَدِّثُ
أَبُو الحَسَنِ رَزِيْنُ بنُ مُعَاوِيَةَ
العَبْدَرِيُّ (2) السَّرَقُسْطِيُّ المُجَاوِرُ،
وَالفَقِيْهُ البَدِيْعُ أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بنُ
سَعْدٍ العِجْلِيُّ الهَمَذَانِيُّ (3) ،
وَالعَلاَّمَةُ اللُّغَوِيُّ الإِمَامُ أَبُو عَبْدِ
اللهِ جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَكِّيِّ بنِ أَبِي
طَالِبٍ القَيْسِيُّ القُرْطُبِيُّ (4) ، وَمُسْنِدُ
بَغْدَادَ أَبُو مَنْصُوْرٍ عَبْدُ
__________
(1) المتوفى سنة 527 ه، مرت ترجمته في الجزء التاسع
عشر برقم (365).
(2) سترد ترجمته برقم (129).
(3) سترد ترجمته برقم (56) وسيكررها في الصفحة (144)
بعد الترجمة (85).
(4) ذكرت مصادر ترجمته في نهاية الترجمة رقم (42).
(20/86)
الرَّحْمَن بنُ مُحَمَّدِ بنِ زُرَيْقٍ
الشَّيْبَانِيُّ القَزَّازُ (1) ، وَمُسْنِدُ العَصرِ
قَاضِي المَرَسْتَانِ (2) أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ
عَبْدِ البَاقِي الأَنْصَارِيُّ البَغْدَادِيُّ،
وَالزَّاهِدُ القُدْوَةُ يُوْسُفُ بنُ أَيُّوْبَ
الهَمَذَانِيُّ (3) بِمَرْوَ، وَمُسْنِدُ
نَيْسَابُوْرَ أَبُو الفُتُوْحِ عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ
شَاه الشَّاذْيَاخِيُّ (4) ، وَالمُعَمَّرُ أَبُو
الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
تَوْبَةَ (5) الأَسَدِيُّ العُكْبَرِيُّ، وَأَخُوْهُ؛
أَبُو مَنْصُوْرٍ عَبْدُ الجَبَّارِ (6) .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ مَحْمُوْدٍ
الفَقِيْهُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ
الهَادِي، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بنُ مَحْمُوْدٍ،
أَخْبَرَنَا جَدِّي لأُمِّي؛ إِسْمَاعِيْلُ بنُ
مُحَمَّدٍ الحَافِظُ بِأَصْبَهَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو
نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ سَهْلٍ السَّرَّاجُ، أَخْبَرَنَا
عَبْدُ المَلِكِ بنُ الحَسَنِ الأَزْهَرِيُّ،
حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ
عَلِيِّ بنِ عَفَّانَ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ مَسْعُوْدٍ
الهَمَذَانِيُّ، قَالاَ:
حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ
شَقِيْقٍ، عَنْ مَسْرُوْقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-: (إِذَا أَطْعَمَتِ المَرْأَةُ مِنْ بَيْتِ
زَوْجِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ، فَلَهَا أَجْرُهَا،
وَلَهُ مِثْلُهُ، وَلِلْخَازِنِ مِثْلُ ذَلِكَ، لَهُ
بِمَا احْتَسَبَ، وَلَهَا بِمَا أَنْفَقَتْ (7)).
قَالَ أَبُو مُوْسَى المَدِيْنِيُّ: سَأَلتُ
إِسْمَاعِيْلَ يَوْماً: أَلَيْسَ قَدْ رُوِيَ عَنِ
ابْنِ
__________
(1) تقدمت ترجمته برقم (42).
(2) تقدمت ترجمته برقم (12).
(3) تقدمت ترجمته برقم (41).
(4) تقدمت ترجمته برقم (17).
(5) تقدمت ترجمته برقم (15).
(6) تقدمت ترجمته برقم (16).
(7) إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (1425)، و(1437)
و(1439) و(1440) و(1444) و(2065)، ومسلم (1024)
والترمذي (672) وأبو داود (1685) من طريق الأعمش
ومنصور، كلاهما عن شقيق أبي وائل بهذا الإسناد، وأخرجه
الترمذي (671) والنسائي 5 / 65 من طريق شعبة، عن عمرو
بن مرة، عن أبي وائل، عن عائشة.
(20/87)
عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: اسْتوَى: قَعَدَ (1) ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ لَهُ: إِسْحَاقُ بنُ رَاهويه يَقُوْلُ:
إِنَّمَا يُوْصَفُ بِالقُعُوْدِ مَنْ يَمَلُّ
القِيَامَ.
قَالَ: لاَ أَدْرِي أَيشٍ يَقُوْلُ إِسْحَاقُ.
وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: أَخْطَأَ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي
حَدِيْثِ الصُّوْرَةِ، وَلاَ يُطعَنُ عَلَيْهِ
بِذَلِكَ، بَلْ لاَ يُؤْخَذُ عَنْهُ هَذَا فَحَسْبُ.
قَالَ أَبُو مُوْسَى: أَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَنَّهُ
قَلَّ إِمَامٌ إِلاَّ وَلَهُ زَلَّةٌ، فَإِذَا تُرِكَ
لأَجْلِ زَلَّتِه، تُرِكَ كَثِيْرٌ مِنَ الأَئِمَّةِ،
وَهَذَا لاَ يَنْبَغِي أَنْ يُفعَلَ.
وَعَنْ أَبِي مَسْعُوْدٍ عَبْدِ الرَّحِيْمِ، قَالَ:
كُنَّا نَمضِي مَعَ أَبِي القَاسِمِ إِلَى بَعْضِ
المَشَاهِدِ، فَإِذَا اسْتَيقَظْنَا مِنَ اللَّيْلِ،
رَأَينَاهُ قَائِماً يُصَلِّي.
وَذَكَرَ أَبُو مُوْسَى فِي نِسبَةِ أَبِي القَاسِمِ
التَّيْمِيِّ الطَّلْحِيِّ: أَنَّ ذَلِكَ النَّسَبَ
لَهُ مِنْ جِهَةِ أُمِّهِ، ثُمَّ قَالَ: وَابْن أُخْتِ
القَوْمِ مِنْهُم.
__________
(1) في ثبوت ذلك عن ابن عباس وقفة، فقد نقل عنه محيي
السنة البغوي في تفسيره وأكثر المفسرين أن معناه:
ارتفع، وقال الحافظ ابن كثير في تفسيره عند قوله تعالى
(ثم استوى على العرش) من سورة الاعراف الآية 54 ما
نصه: فللناس في هذا المقام مقالات كثيرة جدا، ليس هذا
موضع بسطها، وإنما يسلك في هذا المقام مذهب السلف
الصالح: مالك، والاوزاعي، والثوري، والليث بن سعد
والشافعي، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه وغيرهم، من
أئمة المسلمين قديما وحديثا وهو إمرارها كما جاءت من
غير تكييف ولا تشبيه ولا تعطيل، والظاهر المتبادر إلى
أذهان المشبهين منفي عن الله، فإن الله لا يشبهه شيء
من خلقه، و(ليس كمثله شيء وهو السميع البصير)، بل
الامر كما قال الأئمة - منهم نعيم بن حماد الخزاعي شيخ
البخاري -: " من شبه الله بخلقه فقد كفر ". ومن جحد ما
وصف الله به نفسه فقد كفر ".
وليس فيما وصف الله به نفسه ولا رسوله تشبيه، فمن أثبت
لله تعالى ما وردت به الآيات الصريحة والاخبار
الصحيحة، على الوجه الذي يليق بجلال الله تعالى، ونفى
عن الله تعالى النقائص، فقد سلك سبل الهدى.
وانظر لزاما " فتح الباري " 13 / 405 - 408 الطبعة
السلفية.
(20/88)
50 - ابْنُ الجَوَالِيْقِيِّ مَوْهُوْبُ بنُ
أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ *
العَلاَّمَةُ، الإِمَامُ، اللُّغَوِيُّ، النَّحْوِيُّ،
أَبُو مَنْصُوْرٍ مَوْهُوْبُ بنُ أَحْمَدَ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ الخَضِرِ بنِ الحَسَنِ بنِ
الجَوَالِيْقِيِّ، إِمَامُ الخَلِيْفَةِ المُقْتَفِي.
مَوْلِدُهُ: سَنَةَ 466.
سَمِعَ: أَبَا القَاسِمِ بنَ البُسْرِيِّ، وَأَبَا
طَاهِرٍ بنَ أَبِي الصَّقْرِ، وَالنَّقِيْبَ طِرَادَ
بنَ مُحَمَّدٍ الزَّيْنَبِيَّ، وَعِدَّةً.
وَطَلَبَ بِنَفْسِهِ مُدَّةً، وَنَسخَ الكَثِيْرَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: بِنْتُهُ؛ خَدِيْجَةُ،
وَالسَّمْعَانِيُّ، وَابْنُ الجَوْزِيِّ، وَالتَّاجُ
الكِنْدِيُّ، وَيُوْسُفُ بنُ كَامِلٍ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ السَّمْعَانِيُّ: إِمَامٌ فِي النَّحْوِ
وَاللُّغَة، مِنْ مَفَاخِرِ بَغْدَادَ، قَرَأَ الأَدبَ
عَلَى أَبِي زَكَرِيَّا التِّبْرِيْزِيِّ، وَلاَزَمَه،
وَبَرَعَ، وَهُوَ ثِقَةٌ وَرِعٌ، غَزِيْرُ الفَضْلِ،
__________
(*) الأنساب 3 / 337، نزهة الالبا: 396 - 398، المنتظم
10 / 118، معجم الأدباء 19 / 205 - 207، اللباب 1 /
301، الكامل 11 / 106، 107، إنباه الرواة 3 / 335 -
337، وفيات الأعيان 5 / 342 - 344، المختصر 3 / 17،
تذكرة الحفاظ 4 / 1286، العبر 4 / 110، تلخيص ابن
مكتوم: 257 - 259، المستفاد من ذيل تاريخ بغداد: 236،
237، تتمة المختصر 2 / 72، مرآة الجنان 3 / 271 - 273،
البداية والنهاية 12 / 220، ذيل طبقات الحنابلة 1 /
204 - 207، طبقات ابن قاضي شهبة: ورقة 260، النجوم
الزاهرة 5 / 277، بغية الوعاة 2 / 308، كشف الظنون 48،
741، 1577، 1586، 1739، شذرات الذهب 4 / 127، هدية
العارفين 2 / 483، تاريخ بروكلمان 5 / 163، 164، معجم
المطبوعات: 719. والجواليقي وانظر مقدمة العلامة أحمد
شاكر لكتاب " المعرب ".
قال السمعاني: هذه النسبة إلى الجوالق، وهي جمع جوالق،
ولعل بعض أجداد المنتسب إليها كان يبيعها أو يعملها.
قال ابن خلكان: وهي نسبة شاذة، لان الجموع لا ينسب
إليها، بل ينسب إلى آحادها، إلا ما جاء شاذا مسموعا في
كلمات محفوظة، مثل قولهم: رجل أنصاري، في النسبة إلى
الانصار..
(20/89)
وَافِرُ العَقْلِ، مَلِيْحُ الخَطِّ، كَثِيْرُ
الضَّبْطِ، صَنَّفَ التَّصَانِيْفَ، وَشَاعَ ذِكْرُهُ
(1) .
وَقَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ (2) : قَرَأَ الأَدبَ
سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً عَلَى التِّبْرِيْزِيِّ،
وَانْتَهَى إِلَيْهِ عِلمُ اللُّغَةِ، وَدرَّسَ
العَرَبِيَّةَ بِالنِّظَامِيَةِ، وَكَانَ المُقْتَفِي
(3) يَقرَأُ عَلَيْهِ شَيْئاً مِنَ الكُتُبِ، وَكَانَ
مُتَوَاضِعاً، طَوِيْلَ الصَّمْتِ، مُتَثَبِّتاً،
يَقُوْلُ كَثِيْراً: لاَ أَدْرِي.
مَاتَ: فِي المُحَرَّمِ، سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ
مائَةٍ، وَغَلطَ مَنْ قَالَ: سَنَةَ تِسْعٍ
وَثَلاَثِيْنَ (4) .
وَقَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: هُوَ إِمَامُ أَهْلِ
عَصرِهِ فِي اللُّغَةِ، كَتَبَ الكَثِيْرَ بِخَطِّهِ
المَلِيْحِ المُتْقَنِ، مَعَ مَتَانَةِ الدِّينِ،
وَصَلاَحِ الطَّرِيقَةِ، وَكَانَ ثِقَةً، حُجَّةً،
نَبِيلاً.
وَقَالَ الكَمَالُ الأَنْبَارِيُّ (5) : أَلَّفَ فِي
العَرُوضِ، وَشَرَحَ (أَدَبَ الكَاتِبِ (6))، وَعَمِلَ
كِتَابَ (المُعَرَّبِ (7)) وَ(التَّكْمِلَةَ فِي
لَحْنِ العَامَّةِ (8))، قَرَأْتُ عَلَيْهِ، وَكَانَ
مُنتَفَعاً بِهِ لِديَانَتِه، وَحُسنِ سِيرَتِه،
وَكَانَ يَختَارُ
__________
(1) انظر " الأنساب " 3 / 337.
(2) في " المنتظم " 10 / 118.
(3) سترد ترجمته برقم (273).
(4) قاله السمعاني وابن الأثير والقفطي والانباري وابن
خلكان وياقوت، وغلط السيوطي في " البغية " فذكر وفاته
سنة 465، وهي سنة ولادته في رواية، وتبعه حاجي خليفة
في " كشف الظنون ".
(5) في " نزهة الالباب " 396، 397.
(6) طبع شرحه هذا بمصر بمكتبة القدسي سنة 1350 ه مصدرا
بمقدمة بليغة وافية لشيخ الأدب وحجة العرب مصطفى صادق
الرافعي رحمه الله.
(7) طبع بتحقيق وشرح العلامة أحمد شاكر بمطبعة دار
الكتب بمصر سنة 1969 م.
(8) أكمل به " درة الغواص " للحريري كما ذكر ابن خلكان
وياقوت، وقد طبع بتحقيق الأستاذ عز الدين التنوخي
بمطبعة ابن زيدون بدمشق سنة 1355، بعناية المجمع
العلمي العربي بدمشق.
(20/90)
فِي النَّحْوِ مَسَائِلَ غَرِيْبَةً، وَكَانَ
فِي اللُّغَة أَمثلَ مِنْهُ فِي النَّحْوِ.
قَالَ ابْنُ شَافِعٍ: كَانَ مِنَ المُحَامِينَ عَنِ
السُّنَّةِ.
قُلْتُ: خَلَّفَ وَلَدَيْنِ؛ إِسْمَاعِيْلَ (1)
وَإِسْحَاقَ (2) ، مَاتَا فِي عَامٍ، سَنَةَ خَمْسٍ
وَسَبْعِيْنَ.
فَأَمَّا أَبُو مُحَمَّدٍ إِسْمَاعِيْلُ: فَكَانَ مِنْ
أَئِمَّةِ العَرَبِيَّةِ، كَتَّبَ أَيْضاً أَوْلاَدَ
الخُلَفَاءِ مَعَ دِينٍ وَنَزَاهَةٍ وَسَعَةِ عِلمٍ.
قَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ: مَا رَأَينَا وَلَداً
أَشْبَهَ أَبَاهُ مِثْلَ إِسْمَاعِيْلَ بنِ
الجَوَالِيْقِيِّ (3) .
قُلْتُ: رَوَى عَنِ: ابْنِ كَادِشٍ، وَابْنِ
الحُصَيْنِ.
51 - ابْنُ أَبِي جَمْرَةَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ
المَلِكِ بنِ مُوْسَى الأُمَوِيُّ *
الإِمَامُ، المُعَمَّرُ، المُسْنِدُ، أَبُو العَبَّاسِ
أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ (4) مُوْسَى بنِ
أَبِي جَمْرَةَ الأُمَوِيُّ مَوْلاَهُمُ، المُرْسِيُّ،
المَالِكِيُّ.
سَمِعَ: أَبَاهُ، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي جَعْفَرٍ،
وَهِشَامَ بنَ أَحْمَدَ.
__________
(1) مترجم في: معجم الأدباء 7 / 45 - 47، إنباه الرواة
1 / 210، تلخيص ابن مكتوم: 40، الوافي 9 / 230، مرآة
الزمان 8 / 226، البداية والنهاية 12 / 305، ذيل طبقات
الحنابلة 1 / 346، 347، طبقات ابن قاضي شهبة 1 / 279،
280، بغية الوعاة 1 / 457، شذرات الذهب 4 / 249، 250.
(2) مترجم في: معجم الأدباء 6 / 88، 89، إنباه الرواة
1 / 230، تلخيص ابن مكتوم: 41، الوافي 8 / 427، مرآة
الزمان 8 / 226.
(3) انظر " الوافي بالوفيات " 9 / 230 و" طبقات " ابن
رجب 1 / 347.
(*) تكملة الصلة 1 / 46، العبر 4 / 91، الديباج المذهب
1 / 217، غاية النهاية 1 / 77، النجوم الزاهرة 5 /
265، شذرات الذهر 4 / 102.
(4) سقط لفظ " بن " من الأصل، واستدرك من " الديباج
المذهب " و" غاية النهاية ".
(20/91)
وَانْفَرَدَ فِي زَمَانِهِ بِإِجَازَةِ
الإِمَامِ أَبِي عَمْرٍو الدَّانِيِّ، وَأَجَازَ لَهُ
أَيْضاً أَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ البَرِّ.
ذَكَرهُ الأَبَّارُ، وَقَالَ: حَدَّثَ عَنْهُ
وَلَدُهُ؛ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدٌ شَيْخُنَا.
قُلْتُ: سَمِعَ مِنْهُ وَلَدُه أَبُو بَكْرٍ كِتَابَ
(التَّيْسِيْرِ) فِي السَّبْعِ، وَعَاشَ إِلَى قُربِ
سَنَةِ سِتِّ مائَةٍ.
وَتُوُفِّيَ أَبُو العَبَّاسِ: فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ
وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
52 - الشَّاطِبِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ
عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ *
الإِمَامُ، المُسْنِدُ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ
بنُ عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ اللَّخْمِيُّ،
الأَنْدَلُسِيّ، الشَّاطِبِيُّ، سِبْطُ الحَافِظِ
ابْنِ عَبْدِ البَرِّ.
أَجَازَ لَهُ جَدُّهُ تَصَانِيْفَهُ فِي سَنَةِ
اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَكَانَ مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ 443.
وَقَدْ سَمِعَ (الصَّحِيْحَيْنِ) مِنْ أَبِي
العَبَّاسِ بنِ دِلْهَاثٍ العُذْرِيِّ، وَ(صَحِيْحَ
البُخَارِيِّ) مِنَ القَاضِي أَبِي الوَلِيْدِ
البَاجِيِّ.
وَوَلِيَ قَضَاءَ مَدِينَةِ أَغْمَاتَ (1) .
رَوَى عَنْهُ: حَفِيْدُهُ لِبِنتِهِ؛ عُمَرُ بنُ
عَبْدِ اللهِ الأَغْمَاتِيُّ، وَعِيْسَى بنُ
المَلْجُوْمِ، وَأَجَازَ لابْنِ بَشْكُوَال.
مَاتَ: فِي صَفَرٍ، سَنَةَ ثَلاَثٍ - أَوِ اثْنَتَيْنِ
- وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَعَاشَ تِسْعِيْنَ
عَاماً.
__________
(*) لم نعثر له على مصدر ترجمة.
(1) بلدة بأقصى بلاد المغرب قريبة من مراكش.
(20/92)
53 - أَبُو المَعَالِي الفَارِسِيُّ مُحَمَّدُ
بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ مُحَمَّدٍ *
الشَّيْخُ الثِّقَةُ، الجَلِيْلُ، المُسْنِدُ، أَبُو
المَعَالِي مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ مُحَمَّدِ
بنِ حُسَيْنِ بنِ القَاسِمِ الفَارِسِيُّ، ثُمَّ
النَّيْسَابُوْرِيُّ.
قَالَ السَّمْعَانِيُّ (1) : ثِقَةٌ مُكْثِرٌ، سَمِعَ
(السُّنَنَ الكَبِيْرَ) مِنْ أَبِي بَكْرٍ
البَيْهَقِيِّ، وَ(صَحِيْحَ البُخَارِيِّ) مِنْ
سَعِيْدٍ العَيَّارِ، وَسَمِعَ مِنْ أَبِي حَامِدٍ
الأَزْهَرِيِّ، وَسَمِعَ أَيْضاً كِتَابَ (المَدْخَلِ
إِلَى السُّنَنِ) مِنَ البَيْهَقِيِّ.
مَوْلِدُه: سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ، فِي
شَعْبَانِهَا، وَتُوُفِّيَ فِي ثَالِثِ جُمَادَى
الآخِرَةِ، سَنَة تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ
مائَةٍ.
قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ: ابْنُ عَسَاكِرَ (2) ،
وَالسَّمْعَانِيُّ، وَمَنْصُوْرُ بنُ الفُرَاوِيِّ،
وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عَلِيِّ بنِ حَمَكَ المُغِيْثيُّ،
وَالمُؤَيَّدُ الطُّوْسِيُّ، وَزَيْنَبُ بِنْتُ أَبِي
القَاسِمِ الشَّعْرِيَّةُ، وَطَائِفَةٌ.
وَأَجَازَ لِعَبْدِ الرَّحِيْمِ بنِ أَبِي سَعْدٍ
السَّمْعَانِيِّ.
54 - ابْنُ بَاجَةَ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ
الصَّائِغِ السَّرَقُسْطِيُّ **
فَيْلَسُوْفُ الأَنْدَلُس، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ
يَحْيَى بنِ الصَّائِغِ السَّرَقُسْطِيُّ، الشَّاعِرُ.
__________
(*) التحبير 2 / 97 وكنتيه فيه أبو نصر، العبر 4 /
109، النجوم الزاهرة 5 / 276، شذرات الذهب 4 / 124،
125.
(1) " التحبير " 2 / 97 بنحوه.
(2) انظر " مشيخة " ابن عساكر 179 / 2.
(* *) قلائد العقيان: 300 - 306، الخريدة (قسم شعراء
المغرب والاندلس) 2 / 332 - 334، أخبار العلماء بأخبار
الحكماء: 406، طبقات الاطباء لابن أبي أصيبعة: 515 -
517، المغرب في حلي المغرب 2 / 119، وفيات الأعيان 4 /
429 - 431، الوافي بالوفيات 2 / 240 - 242، نفح الطيب
7 / 17 - 25 و27، شذرات الذهب 4 / 103، هدية العارفين
2 / 87 دائرة المعارف الإسلامية 1 / 95، الاعلام بمن
حل مراكش وأغمات من الاعلام 2 / 384 ه.
(20/93)
كَانَ يُضْرَبُ بِهِ المَثَلُ فِي الذَّكَاءِ،
وَآرَاءِ الأَوَائِلِ، وَالطِّبِّ، وَالمُوْسِيْقَا،
وَدَقَائِقِ الفَلْسَفَةِ.
يُنَظَّرُ بِالفَارَابِيِّ، وَقَدْ سَعَوْا فِي
قَتْلِهِ.
وَعَنْهُ أَخَذَ: ابْنُ رُشْدٍ الحَفِيْدُ، وَابْنُ
الإِمَامِ الكَاتِبُ.
مَاتَ: بِفَاسَ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ، وَلَمْ يَتكهَّلْ (1) .
55 - ابْنُ خَيْرُوْنَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ
بنِ الحَسَنِ البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، المُعَمَّرُ، شَيْخُ
القُرَّاءِ، أَبُو مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ
المَلِكِ بنِ الحَسَنِ بنِ خَيْرُوْنَ البَغْدَادِيُّ،
المُقْرِئُ، الدَّبَّاسُ، مُصَنِّفُ كِتَابِ
(المِفْتَاحِ) فِي القِرَاءاتِ العَشْرِ، وَكِتَابِ
(المُوَضّحِ) فِي القِرَاءاتِ.
مَوْلِدُهُ: فِي رَجَبٍ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
فَبَادرَ عَمُّه الحَافِظُ أَبُو الفَضْلِ، وَأَخَذَ
لَهُ الإِجَازَةَ مِنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيِّ،
وَأَبِي الحُسَيْنِ بنِ النَّرْسِيِّ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي جَعْفَرٍ بنِ المُسْلِمَةِ
كِتَابَ (النَّسَبِ) لِلزُّبَيْرِ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي بَكْرٍ الخَطِيْبِ أَكْثَرَ
(تَارِيْخِهِ)، وَمِنْ أَبِي مُحَمَّدٍ بنِ
هَزَارْمَرْدَ، وَعَبْدِ الصَّمَدِ بنِ المَأْمُوْنِ،
وَعِدَّةٍ.
وَتَلاَ بِالرِّوَايَاتِ عَلَى: عَبْدِ السَّيِّدِ بنِ
عَتَّابٍ، وَجَدِّه لأُمِّهِ أَبِي البَرَكَاتِ عَبْدِ
المَلِكِ بنِ أَحْمَدَ، وَأَبِي الفَضْلِ بنِ
خَيْرُوْنَ.
__________
(1) انظر مؤلفاته في " طبقات الاطباء " 516، و" هدية
العارفين " 2 / 87.
(*) المنتظم 10 / 115، الاستدراك لابن نقطة: باب خيرون
وجبرون، وباب الخيروني والجيروني والجنزوي، الكامل في
التاريخ 11 / 103، العبر 4 / 109، معرفة القراء الكبار
1 / 399، دول الإسلام 2 / 57، مرآة الجنان 3 / 271،
النشر في القراءات العشر 1 / 86، غاية النهاية 2 /
192، تبصير المنتبه 2 / 545 و554، النجوم الزاهرة 5 /
276، كشف الظنون: 1769، شذرات الذهب 4 / 2125، هدية
العارفين 2 / 88، 89.
(20/94)
وَكَانَ يَنسخُ (تَارِيْخَ الخَطِيْبِ)،
وَيَبِيعُهُ.
قَالَ السَّمْعَانِيُّ: ثِقَةٌ صَالِحٌ، مَا لَهُ
شُغلٌ سِوَى التِّلاَوَةِ وَالإِقْرَاءِ.
وَقَالَ ابْنُ الخَشَّابِ: كَانَ شَافِعِيّاً، مِنْ
أَهْلِ السُّنَّةِ.
قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ: ابْنُ عَسَاكِرَ (1) ، وَأَبُو
مُوْسَى، وَابْنُ الجَوْزِيِّ، وَالكِنْدِيُّ،
وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَعْدٍ الفَقِيْهُ،
وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ المَوْصِلِيُّ، وَعِدَّةٌ.
وَآخِرُ مَنْ رَوَى عَنْهُ بِالإِجَازَةِ: أَبُو
مَنْصُوْرٍ بنُ عُفَيْجَةَ (2) .
وَتَلاَ عَلَيْهِ بِالرِّوَايَاتِ: أَبُو اليُمْنِ
الكِنْدِيُّ، وَيَحْيَى الأَوَانِيُّ (3) ،
وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ بَقَاءٍ اللَّبَّانُ.
مَاتَ: فِي رَجَبٍ، سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ، بِبَغْدَادَ.
56 - العِجْلِيُّ أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بنُ سَعْدِ
بنِ عَلِيٍّ *
المُحَدِّثُ، الإِمَامُ، أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بنُ
سَعْدِ بنِ عَلِيِّ بنِ الحَسَنِ بنِ القَاسِمِ بنِ
عِنَانٍ العِجْلِيُّ، البَدِيْعُ الهَمَذَانِيُّ،
ابْنُ أَبِي مَنْصُوْرٍ، أَحَدُ الأَعيَانِ.
__________
(1) انظر " مشيخة " ابن عساكر 195 / 2.
(2) هو أبو منصور محمد بن عبد الله بن المبارك بن كرم
البندنيجي، يعرف بابن عفيجة، وعفيجة لقب لوالده عبد
الله، تحرف في " غاية النهاية " 2 / 192 إلى " عفحه "
هكذا غير منقوط، وأبو منصور هذا متوفى سنة 625 ه،
ستأتي ترجمته في الجزء الثاني والعشرين، وذكره المؤلف
في الترجمة رقم (46) وأنه روى بالاجازة عن صاحب
الترجمة ابن السلال.
(3) نسبة إلى أوانا، وهي قرية على عشرة فراسخ من بغداد
عند صريفين على الدجلة.
(*) الأنساب 8 / 401، تذكرة الحفاظ 4 / 1281، الوافي
بالوفيات 6 / 384، 385، طبقات السبكي 6 / 17، 18،
طبقات الاسنوي 2 / 214، وسيعيد المؤلف ترجمته عقب
الترجمة (85).
(20/95)
رَحلَ، وَكَتَبَ، وَجَمَعَ، وَأَملَى.
سَمِعَ: أَبَا الفَرَجِ عَلِيَّ بنَ مُحَمَّدِ بنِ
عَبْدِ الحَمِيْدِ البَجَلِيَّ، وَبَكْرَ بنَ حَيْدٍ،
وَيُوْسُفَ بنَ مُحَمَّدٍ الخَطِيْبَ، وَعَبْدَ
الرَّحْمَنِ بنَ مُحَمَّدِ بنِ شَاذِي، وَأَحْمَدَ بنَ
عِيْسَى بنِ عَبَّادٍ الدِّيْنَوَرِيَّ، وَأَبَا
إِسْحَاقَ الشِّيْرَازِيَّ، وَعِدَّةً بِهَمَذَانَ،
وَسُلَيْمَانَ الحَافِظَ، وَالثَّقَفِيَّ الرَّئِيْسَ،
وَطَائِفَةً بِأَصْبَهَانَ، وَعَبْدَ الكَرِيْمِ بنَ
أَحْمَدَ الوَزَّانَ، وَجَمَاعَةً بِالرَّيِّ،
وَالشَّافِعِيَّ بنَ دَاوُدَ التَّمِيْمِيَّ
بِقَزْوِيْنَ، وَأَبَا الغَنَائِمِ بنَ أَبِي
عُثْمَانَ، وَعِدَّةً بِبَغْدَادَ، وَالحُسَيْنَ بنَ
مُحَمَّدٍ الدِّهْقَانَ بِالكُوْفَةِ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ نَاصِرٍ، وَالسَّمْعَانِيُّ،
وَابْنُ عَسَاكِرَ (1) ، وَالمُبَارَكُ بنُ كَامِلٍ،
وَابْنُ الجَوْزِيِّ، وَآخَرُوْنَ.
وَهُوَ سِبْطُ مُحَمَّدِ بنِ عُثْمَانَ
القُوْمَسَانِيِّ (2) .
قَالَ السَّمْعَانِيُّ: شَيْخٌ، فَاضِلٌ، ثِقَةٌ،
جَلِيْلُ القَدرِ، وَاسِعُ الرِّوَايَةِ، سَمَّعَهُ
أَبُوْهُ، وَسَمِعْتُ مِنْهُ، وُلِدَ سَنَةَ ثَمَانٍ
وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَأَوَّلُ سَمَاعِه
فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَسِتِّيْنَ، وَتُوُفِّيَ فِي
رَجَبٍ، سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ
(3) .
وَذَكَرَ ابْنُ النَّجَّارِ: أَنَّ قَبْرَهُ يُقصَدُ
بِالزِّيَارَةِ.
وَقَالَ شِيْرَوَيْه: يَرْجِعُ إِلَى نَصِيْبٍ مِنْ
كُلِّ العُلُوْمِ، وَكَانَ يُدَارِي، وَيَقُومُ
بِحُقُوقِ النَّاسِ، مَقْبُوْلاً بَيْنَ الخَاصِّ
وَالعَامِّ.
__________
(1) انظر " مشيخة " ابن عساكر 6 / 1.
(2) مرت ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (220).
(3) الخبر في " الأنساب " 8 / 401 بنحوه.
(20/96)
57 - ابْنُ مَازَةَ عُمَرُ بنُ عَبْدِ
العَزِيْزِ بنِ عُمَرَ البُخَارِيُّ *
شَيْخُ الحَنَفِيَّةِ، عَالِمُ المَشْرِقِ، أَبُو
حَفْصٍ عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ عُمَرَ بنِ
عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ مَازَةَ البُخَارِيُّ.
تَفقَّه بِأَبِيْهِ العَلاَّمَةِ أَبِي المَفَاخِرِ،
حَتَّى بَرعَ، وَصَارَ يُضْرَبُ بِهِ المَثَلُ،
وَعَظُمَ شَأْنُه عِنْدَ السُّلْطَانِ، وَبَقِيَ
يَصْدُرُ عَنْ رَأْيِه، إِلَى أَنْ رَزَقَه اللهُ
-تَعَالَى- الشَّهَادَةَ عَلَى يَدِ الكَفَرَةِ، بَعْد
وَقْعَةِ قَطَوَانَ وَانْهِزَامِ المُسْلِمِيْنَ (1) .
قَالَ السَّمْعَانِيُّ: فَسَمِعْتُ أَنَّهُ لَمَّا
خَرَجَ، كَانَ يُودِّعُ أَصْحَابَه وَأَوْلاَدَه
وَدَاعَ مَنْ لاَ يَرْجِعُ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى
- سَمِعَ: أَبَاهُ، وَعَلِيَّ بنَ مُحَمَّدِ بنِ
خِدَامٍ (2) ، لَقِيْتُهُ بِمَرْوَ، وَحَضَرتُ
مُنَاظَرَتَه، وَقَدْ حَدَّثَ عَنْ: أَبِي سَعْدٍ بنِ
الطُّيُوْرِيِّ، وَأَبِي طَالِبٍ بنِ يُوْسُفَ،
وَكَانَ يُعرَفُ بِالحُسَامِ، تَفقَّه عَلَيْهِ خَلقٌ،
وَسَمِعَ مِنْهُ أَبُو عَلِيٍّ بنُ الوَزِيْرِ
الدِّمَشْقِيُّ، قُتِلَ صَبْراً بِسَمَرْقَنْدَ، فِي
صَفَرٍ، سَنَة سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ،
وَلَهُ ثَلاَثٌ وَخَمْسُوْنَ سَنَةً (3) .
__________
(*) الكامل في التاريخ 11 / 86، دول الإسلام 2 / 55،
الجواهر المضية 2 / 649، 650، النجوم الزاهرة 5 / 268،
269، تاج التراجم 46، 47، طبقات الفقهاء لطاش كبري:
93، مفتاح السعادة 2 / 277، كتائب أعلام الاخبار رقم
(342)، الطبقات السنية رقم (1629)، كشف الظنون: 11،
46، 113، 563، 569، 1222، 1224، 1228، 1403، 1404،
1431، 1435، 1471، 1998، الفوائد البهية: 149، هدية
العارفين 1 / 783، إيضاح المكنون 2 / 124، تذكرة
النوادر: 57، تاريخ بروكلمان 6 / 294 - 296.
(1) انظر تفصيل هذه الوقعة في " الكامل " 11 / 81 -
86.
وقطوان: قرية من قرى سمرقند على خمسة فراسخ منها. "
معجم البلدان " 4 / 375.
(2) بكسر الخاء المعجمة ودال مهملة، وضبطه ابن نقطة
بالذال المعجمة.
انظر " الأنساب " 5 / 56، 57 (الخدامي)، و" المشتبه "
146، و" تبصير المنتبه " 1 / 312، و" الاستدراك " باب
الجذامي والخذامي.
(3) وله عدة مؤلفات منها: " الفتاوى الكبرى " و"
الفتاوى الصغرى " و" الفتاوى الخاصية " و" عمدة
الفتاوى " و" الواقعات الحسامية في مذهب الحنفية "، و"
أصول الفقه " =
(20/97)
58 - ابْنُ طَاوُوْسٍ أَبُو مُحَمَّدٍ هِبَةُ
اللهِ بنُ أَحْمَدَ البَغْدَادِيُّ *
إِمَامُ جَامِعِ دِمَشْقَ، وَمُقْرِئُهُ، أَبُو
مُحَمَّدٍ هِبَةُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ اللهِ
بنِ عَلِيِّ بنِ طَاوُوْسٍ البَغْدَادِيُّ، ثُمَّ
الدِّمَشْقِيُّ (1) .
أَتقَنَ السَّبْعَ عَلَى أَبِيْهِ أَبِي البَرَكَاتِ.
وَسَمِعَ الكَثِيْرَ، وَنَسخَ، وَأَدَّبَ بِسُوْقِ
الأَحَدِ (2) ، ثُمَّ وَلِي إِمَامَةَ الجَامِعِ.
سَمِعَ: أَبَا العَبَّاسِ بنَ قُبَيْسٍ، وَأَبَا
القَاسِمِ بنَ أَبِي العَلاَءِ، وَمَالِكاً
البَانِيَاسِيَّ، وَابْنَ الأَخْضَرِ، وَأَبَا
مَنْصُوْرٍ بنَ شَكْرُوَيْه (3) ، وَسُلَيْمَانَ
الحَافِظَ.
وَكَانَ ثِقَةً، مُتصوِّناً.
مَاتَ: فِي المُحَرَّمِ، سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ، عَنْ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
وَكَانَ ذَهبَ مَعَ الرَّسُولِ إِلَى أَصْبَهَانَ،
مِنْ تُتُشَ (4) .
__________
= و" مسائل دعوى الحيطان والطرق وسيل الماء " وغيرها.
انظر النسخ الخطية لهذه المؤلفات في " تاريخ "
بروكلمان 6 / 295، 296 (النسخة العربية).
(*) الأنساب 3 / 410، 411 (الجيروني)، المنتظم 10 /
101، معجم البلدان 2 / 199 (جيرون)، الكامل في التاريخ
11 / 90، اللباب 1 / 322، مرآة الزمان 8 / 110 العبر 4
/ 101، معرفة القراء الكبار 1 / 394، 395، طبقات
السبكي 7 / 324، غاية النهاية 2 / 349، النجوم الزاهرة
5 / 270، شذرات الذهب 4 / 114.
(1) أورده السمعاني في نسبة " الجيروني " نسبة إلى
جيرون: موضع بدمشق قال ياقوت: والمعروف اليوم أن بابا
من أبواب الجامع الأموي بدمشق وهو بابه الشرقي يقال
له: باب جيرون.
(2) أي في مسجد بسوق الأحد يعرف بمسجد العباسي، وسوق
الأحد يقع في الجهة الشرقية من جيرون.
انظر " ثمار المقاصد في ذكر المساجد " ص 83، 84.
(3) تصحف في " غاية النهاية " و" معرفة القراء " إلى "
سكرويه " بالسين المهملة.
(4) وهو صاحب دمشق تاج الدولة تتش بن ألب أرسلان
السلجوقي، مرت ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (46).
وقد ذهب ابن طاووس صاحب الترجمة صحبة أبيه إلى السلطان
ملكشاه.
(20/98)
رَوَى عَنْهُ: السَّمْعَانِيُّ - وَمَدَحَهُ -
وَالسِّلَفِيُّ - وَوَثَّقَهُ - وَابْنُ عَسَاكِرَ،
وَابْنُه القَاسِمُ، وَالقَاضِي ابْنُ
الحَرَسْتَانِيِّ، وَأَبُو المَحَاسِنِ بنُ أَبِي
لُقْمَةَ.
وَعِنْدِي مِنْ عَوَالِيْهِ.
59 - غَانِمُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ بنِ مُحَمَّدِ
بنِ عَلِيٍّ الأَصْبَهَانِيُّ *
الشَّيْخُ المُعَمَّرُ، الثِّقَةُ، أَبُو الوَفَاءِ
الأَصْبَهَانِيُّ، الجُلُوْدِيُّ.
مَوْلِدُهُ: فِي رَجَبٍ، سَنَةَ ثَمَانٍ
وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
سَمِعَ: (صَحِيْحَ البُخَارِيِّ) مِنْ سَعِيْدِ بنِ
أَبِي سَعِيْدٍ العَيَّارِ، وَسَمِعَ أَيْضاً مِنْ
أَبِي نَصْرٍ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الكَاغَدِيِّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ عَسَاكِرَ (1) ،
وَالسَّمْعَانِيُّ، وَدَاوُدُ بنُ مُعَمَّرٍ،
وَآخَرُوْنَ.
وَقَرَأْتُ (صَحِيْحَ البُخَارِيِّ) عَلَى أَبِي
العَبَّاسِ الحَجَّارِ لأَوْلاَدِي بِإِجَازَتِه مِنِ
ابْنِ مَعْمَرٍ.
وَمِمَّنْ رَوَى عَنْهُ: أَبُو مُوْسَى المَدِيْنِيُّ.
تُوُفِّيَ: فِي ثَالِث ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ ثَمَانٍ
وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
حَطَّ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي نَصْرٍ
اللَّفْتُوَانِيُّ (2) ، قَالَ: لأَنَّه كَانَ
يَمِيْلُ إِلَى الأَشْعَرِيَّةِ، فَانْظُرْ، تَرَ.
__________
(*) التحبير 2 / 5، 6، معجم شيوخ السمعاني: الورقة
188، التقييد: الورقة 188 / 1، ملخص تاريخ الإسلام:
الورقة 35 / 1.
(1) انظر " مشيخة " ابن عساكر 160 / 1.
(2) الذي تقدمت ترجمته برقم (45).
(20/99)
60 - غَانِمُ بنُ خَالِدِ بنِ عَبْدِ
الوَاحِدِ بنِ أَحْمَدَ الأَصْبَهَانِيُّ *
الشَّيْخُ، أَبُو القَاسِمِ ابْنُ الشَّيْخِ أَبِي
طَاهِرٍ الأَصْبَهَانِيُّ، التَّاجِرُ.
سَمِعَ مِنْ: عَبْدِ الرَّزَّاقِ بن شَمِهَ (1)
(سُنَنَ مُوْسَى بنِ طَارِقٍ (2)) سِوَى الجُزْءِ
الرَّابِعِ، وَتَفَرَّدَ بِعُلُوِّهُ.
وَسَمِعَ أَيْضاً مِنَ: البَاطَرْقَانِيِّ (3) ،
وَأَبِي مُسْلِمٍ بنِ مِهْرَبْزُدَ (4) ، وَعَبْدِ
اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ الكَرْوِيِّ، وَطَائِفَةٍ.
وَكَانَ مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ
وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، بِأَصْبَهَانَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: السَّمْعَانِيُّ، وَابْنُ عَسَاكِرَ
(5) ، وَأَحْمَدُ ابْنُ الحَافِظِ أَبِي العَلاَءِ،
وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الرُّوَيْدَشْتِيُّ،
وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي طَاهِرٍ بنِ غَانِمٍ
حَفِيْدُهِ، وَحَفِيْدُه الآخَرُ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي
نَصْرٍ.
قَالَ السَّمْعَانِيُّ (6) : كَانَ سَدِيداً، ثِقَةً،
مُكْثِراً، تُوُفِّيَ فِي رَجَبٍ، سَنَةَ ثَمَانٍ (7)
وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
قُلْتُ: وَأَبُوْهُ مِنْ مَشَايِخِ السِّلَفِيِّ.
__________
(*) التحبير 2 / 6 - 8، تذكرة الحفاظ 4 / 1283.
(1) مرت ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (82).
(2) مرت ترجمته في الجزء التاسع برقم (112).
(3) وهو أبو بكر أحمد بن الفضل بن محمد الباطرقاني
الأصبهاني، مرت ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (98).
(4) مرت ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (79).
(5) انظر " مشيخة " ابن عساكر 160 / 1.
(6) في " التحبير " 2 / 6 و8.
(7) في " التحبير " سنة خمس.
(20/100)
61 - أَبُو جَعْفَرٍ الهَمَذَانِيُّ مُحَمَّدُ
بنُ الحَسَنِ بنِ مُحَمَّدٍ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الحَافِظُ، الرَّحَّالُ،
الزَّاهِدُ، بَقِيَّةُ السَّلَفِ وَالأَثْبَاتِ، أَبُو
جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ ابنُ أَبِي عَلِيٍّ الحَسَنِ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ الهَمَذَانِيُّ.
وُلِدَ: بَعْدَ الأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَقَدِمَ بَغْدَادَ سَنَةَ سِتِّيْنَ، فَسَمِعَ بِهَا
قَلِيلاً، ثُمَّ ارْتَحَلَ، فَسَمِعَ مِنْ: أَبِي
الحُسَيْنِ بنِ النَّقُّوْرِ، وَأَبِي القَاسِمِ بنِ
البُسْرِيِّ، وَأَبِي نَصْرٍ الزَّيْنَبِيِّ،
وَخَلْقٍ.
وَبِنَيْسَابُوْرَ مِنَ: الفَضْلِ بنِ المُحِبِّ،
وَأَبِي صَالِحٍ المُؤَذِّنِ، وَخَلْقٍ.
وَبِمَكَّةَ مِنْ: أَبِي عَلِيٍّ الشَّافِعِيِّ،
وَسَعْدٍ الزَّنْجَانِيِّ.
وَبِجُرْجَانَ مِنْ: إِسْمَاعِيْلَ بنِ مَسْعَدَةَ،
وَطَائِفَةٍ.
وَبِمَرْوَ مِنْ: أَبِي الخَيْرِ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي
عِمْرَانَ.
وَبِهَرَاةَ مِنْ: أَبِي إِسْمَاعِيْلَ
الأَنْصَارِيِّ، وَعِدَّةٍ، وَبِهَمَذَانَ.
وَحَدَّثَ بِـ (الجَامِعِ) لأَبِي عِيْسَى عَنْ: أَبِي
عَامِرٍ الأَزْدِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
العَلاَءِ، وَثَابِتِ بنِ سَهْلَكَ القَاضِي، عَنِ
الجَرَّاحِيِّ.
وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ أَهْلِ الأَثَرِ، وَمِنْ
كُبَرَاءِ الصُّوْفِيَّةِ.
قَالَ السَّمْعَانِيُّ: سَافَرَ الكَثِيْرَ إِلَى
البُلْدَانِ الشَّاسِعَة، وَنَسخَ بِخَطِّهِ، وَمَا
أَعْرِفُ أَحَداً فِي عَصرِهِ سَمِعَ أَكْثَرَ مِنْهُ.
وَعَنْهُ، قَالَ: دَخَلْتُ بَغْدَادَ سَنَةَ
سِتِّيْنَ، وَكُنْت أَسْمَعُ وَلاَ أَدَعُهُم
يَكتُبُوْنَ اسْمِي؛ لأَنِّي كُنْتُ لاَ أَعْرِفُ
العَرَبِيَّةَ، حَتَّى دَخَلتُ البَادِيَةَ، وَكُنْتُ
أَدُورُ مَعَ الظَّاعِنِيْنَ مِنَ العَرَبِ حَتَّى
رَجَعتُ إِلَى بَغْدَادَ، فَقَالَ لِي الشَّيْخُ أَبُو
إِسْحَاقَ: رَجَعتَ إِلَيْنَا عَرَبِيّاً.
فَكَانَ يُسَمِّينِي الخَثْعَمِيَّ؛ لإِقَامَتِي
فِيهِم.
__________
(*) العبر 4 / 85، النجوم الزاهرة 5 / 260، شذرات
الذهب 4 / 97.
(20/101)
قَالَ السَّمْعَانِيُّ: كَانَ خَطُّه
رَدِيئاً، وَمَا كَانَ لَهُ كَبِيْرُ مَعْرِفَةٍ
بِالحَدِيْثِ - عَلَى مَا سَمِعْتُ - وَسَمِعْتُ
مُحَمَّدَ بنَ أَبِي طَاهِرٍ بِأَصْبَهَانَ، سَمِعْتُ
أَبَا جَعْفَرٍ بنَ أَبِي عَلِيٍّ يَقُوْلُ:
تَعسَّر عَلَيَّ شَيْخٌ بِجُرْجَانَ، فَحَلَفتُ أَنْ
لاَ أَخرُجَ مِنْهَا حَتَّى أَكْتُبَ جَمِيْعَ مَا
عِنْدَهُ، فَأَقَمْتُ مُدَّةً، وَكَانَ يُخْرِجُ
إِلَيَّ الأَجزَاءَ وَالرِّقَاعَ، حَتَّى كَتَبتُ
جَمِيْعَ مَا وَجَدْتُ.
قُلْتُ: حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ طَاهِرٍ المَقْدِسِيُّ،
وَأَبُو العَلاَءِ العَطَّارُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ
بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ المُعَزّمِ، وَآخَرُوْنَ.
وَهُوَ الَّذِي قَامَ فِي مَجْلِسِ وَعظِ إِمَامِ
الحَرَمَيْنِ، وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ فِي مَسْأَلَةِ
العُلُوِّ، فَقَالَ: مَا قَالَ عَارِفٌ قَطُّ: يَا
أَللهُ، إِلاَّ وَقَامَ مِنْ بَاطِنِه قَصْدُ تَطلُّبِ
العُلُوِّ، لاَ يَلتَفِتُ يَمنَةً وَلاَ يَسرَةً،
فَهَلْ لِدَفعِ هَذِهِ الضَّرُوْرَةِ مِنْ حِيلَةٍ؟!
فَقَالَ: يَا حَبِيْبِي، مَا ثَمَّ إِلاَّ
الحَيْرَةُ...، وَذَلِكَ فِي تَرْجَمَةِ أَبِي
المَعَالِي (1) .
تُوُفِّيَ أَبُو جَعْفَرٍ: فِي نِصْفِ ذِي القَعْدَةِ،
سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
62 - الجَوْهَرِيُّ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ
أَحْمَدَ بنِ حَسَنِ بنِ أَسَدٍ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الرَّئِيْسُ، المُحْتَشِمُ،
أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَسَنِ بنِ
أَسَدٍ البَرُوْجِرْدِيُّ.
وَبَرُوْجِرْدُ: عِنْدَ هَمَذَانَ.
كَتَبَ الكَثِيْرَ، وَاسْتَنسَخَ، وَعَمِلَ
(مُعْجَماً) لِنَفْسِهِ فِي مُجَلَّدٍ.
سَمِعَ: السَّلاَّرَ مَكِّيَّ بنَ عَلاَّنَ، وَأَبَا
مُطِيْعٍ الصَّحَّافَ، وَأَبَا الفَتْحِ أَحْمَدَ بنَ
السُّوْذَرْجَانِيِّ، وَعَلِيَّ بنَ الأَخْرَمِ
المَدِيْنِيَّ، وَنَصْرَ اللهِ الخُشْنَامِيَّ،
وَأَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدٍ الخَلِيْلِيَّ بِبَلْخَ،
وَأَبَا الحَسَنِ بنَ العَلاَّفِ، وَنَحْوَهُم.
__________
(1) في الجزء الثامن عشر برقم (240).
(*) المنتظم 10 / 70.
(20/102)
وَكَانَ وَاسِعَ الرِّحلَةِ، كَثِيْرَ
المَالِ.
رَوَى عَنْهُ: يَحْيَى بنُ بَوْش.
قَالَ ابْنُ نَاصِرٍ: مَا كَانَ يَعرِفُ الحَدِيْثَ،
كَانَ تَاجِراً.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ، وَوُلِدَ سَنَةَ سِتِّيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
63 - شَرَفُ الإِسْلاَمِ عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ عَبْدِ
الوَاحِدِ بنِ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، الوَاعِظُ،
شَيْخُ الحَنَابِلَةِ بِدِمَشْقَ، شَرَفُ الإِسْلاَمِ،
أَبُو القَاسِمِ (1) عَبْدُ الوَهَّابِ ابنُ أَجَلِّ
الحَنَابِلَةِ الشَّيْخِ أَبِي الفَرَجِ عَبْدِ
الوَاحِدِ (2) بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ
الأَنْصَارِيُّ، الشِّيْرَازِيُّ الأَصْل،
الدِّمَشْقِيُّ.
تَفقَّهَ عَلَى أَبِيْهِ.
وَحَدَّثَ بِالإِجَازَةِ عَنْ: أَبِي طَالِبٍ بنِ
يُوْسُفَ.
وَصَارَ لَهُ القَبُولُ الزَّائِدُ فِي الوَعظِ،
وَزَادتْ حِشمَتُهُ، وَرِئَاسَتُهُ، وَبَعَثَهُ
المَلِكُ بُوْرِي (3) رَسُوْلاً إِلَى المُسْتَرْشِدُ
بِاللهِ يَسْتَصْرِخُ بِهِ عَلَى غَزوِ الفِرَنْجِ،
وَأَنَّهُم أَخَذُوا كَثِيْراً مِنَ الشَّامِ.
__________
(*) تاريخ ابن القلانسي: 429، 430، العبر 4 / 100، دول
الإسلام 2 / 55، ذيل طبقات الحنابلة 1 / 198 - 201،
ذيل تذكرة الحفاظ لابن فهد المكي: ص 72، طبقات
المفسرين للداوودي 1 / 362، 363، مختصر تنبيه الطالب:
ص 124، شذرات الذهب 4 / 113، 114، إيضاح المكنون 2 /
529، هدية العارفين 1 / 638.
(1) قال ابن رجب: كذا كناه ابن القلانسي في " تاريخه "
وكناه المنذري وغيره أبا البركات.
(2) في " ذيل تذكرة الحفاظ " لابن فهد: عبد الرحمن بدل
عبد الواحد.
(3) وهو تاج الملوك بوري بن طغتكين، مرت ترجمته في
الجزء التاسع عشر برقم (328).
(20/103)
وَقَفَ المَدْرَسَةَ الكُبْرَى (1) شِمَالِيَّ
جَامِعِ دِمَشْقَ، وَكَانَ ذَا لَسَنٍ وَفَصَاحَةٍ
وَصُوْرَةٍ كَبِيْرَةٍ.
أَثْنَى عَلَيْهِ السِّلَفِيُّ، وَوَثَّقَهُ، سَمِعَ
مِنْ أَبِيْهِ.
وَقَالَ أَبُو يَعْلَى حَمْزَةُ بنُ القَلاَنسِيِّ (2)
: تُوُفِّيَ بِمَرَضٍ حَادٍّ، وَكَانَ عَلَى
الطَّرِيقَةِ المَرْضِيَّةِ، وَالخِلاَلِ
الرَّضِيَّةِ، وَوُفُورِ العِلْمِ، وَحُسنِ الوَعْظِ،
وَقُوَّةِ الدِّينِ، وَكَانَ يَوْمُ دَفنِهِ يَوْماً
مَشْهُوْداً مِنْ كَثْرَة المُشَيِّعِينَ لَهُ
وَالبَاكِينَ عَلَيْهِ، مَاتَ فِي صَفَرٍ، سَنَةَ
سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
قُلْتُ: كَانَ يُنَاظِرُ عَلَى قَوَاعدِ عَقَائِدِ
الحَنَابِلَةِ، جَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الفَقِيْهِ
الفَنْدَلاَوِيِّ (3) بُحُوثٌ وَسَبٌّ، وَكَانَ
الفَنْدَلاَوِيُّ أَشْعَرِيّاً - رَحِمَ اللهُ
الجَمِيْعَ - (4) .
64 - المَازَرِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ
عَلِيِّ بنِ عُمَرَ بنِ مُحَمَّدٍ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، البَحْرُ،
المُتَفَنِّنُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ
عَلِيِّ بنِ
__________
(1) وتسمى المدرسة الشريفية أو الحنبلية، وهي عند
القباقبية العتيقة.
انظر " مختصر تنبيه الطالب " ص 124.
(2) في " تاريخه " ص 430، بتحقيق د. سهيل زكار.
(3) سترد ترجمته برقم (133) وهو أبو الحجاج يوسف بن
دوناس المالكي.
(4) قال ابن رجب: ولشرف الإسلام تصانيف في الفقه
والاصول، منها " المنتخب في الفقه " في مجلدين، و"
البرهان في أصول الدين " " رسالة في الرد على الأشعرية
"..الخ انظر " ذيل طبقات الحنابلة " 1 / 199، و" هدية
العارفين " 1 / 638.
(*) وفيات الأعيان 4 / 285، دول الإسلام 2 / 55، العبر
4 / 100، 101، الوافي بالوفيات 4 / 151، مرآة الجنان 3
/ 267، 268، الديباج المذهب 2 / 250 - 252، وفيات ابن
قنفذ 277، 278، ذيل تذكرة الحفاظ لابن فهد المكي 72 -
73، النجوم الزاهرة 5 / 269، أزهار الرياض 3 / 165،
كشف الظنون 557، شذرات الذهب 4 / 114، إيضاح المكنون 1
/ 156، هدية العارفين 2 / 88، شجرة النور 1 / 127،
128، وللاستاذ حسن حسني عبد =
(20/104)
عُمَرَ بنِ مُحَمَّدٍ التَّمِيْمِيُّ،
المَازَرِيُّ، المَالِكِيُّ.
مُصَنِّفُ كِتَابِ (المُعْلِم بِفَوَائِدِ شَرْحِ
مُسْلِم (1))، وَمُصَنِّفُ كِتَابِ (إِيضَاحِ
المَحْصُوْلِ فِي الأُصُوْلِ)، وَلَهُ تَوَالِيفُ فِي
الأَدبِ، وَكَانَ أَحَدَ الأَذكِيَاءِ
المَوْصُوْفِيْنَ، وَالأَئِمَّةِ المُتبحِّرِيْنَ،
وَلَهُ شَرْحُ كِتَابِ (التَّلْقِيْنِ) لِعَبْدِ
الوَهَّابِ (2) المَالِكِيِّ فِي عَشْرَةِ أَسفَارٍ،
هُوَ مِنْ أَنْفَسِ الكُتُبِ.
وَكَانَ بَصِيْراً بِعِلْمِ الحَدِيْثِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: القَاضِي عِيَاضٌ، وَأَبُو جَعْفَرٍ
بنُ يَحْيَى القُرْطُبِيُّ الوَزْغِيُّ.
مَوْلِدُهُ: بِمَدِينَةِ المَهْدِيَّةِ مِنْ
إِفْرِيْقِيَةَ، وَبِهَا مَاتَ، فِي رَبِيْعٍ
الأَوَّلِ، سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ
مائَةٍ، وَلَهُ ثَلاَثٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً.
وَمَازَرُ: بُلَيدَةٌ مِنْ جَزِيْرَةِ صَقَلِّيَّةَ
بِفَتحِ الزَّايِ، وَقَدْ تُكسَرُ.
قَيَّدَه ابْنُ خَلِّكَانَ (3) .
قِيْلَ: إِنَّهُ مَرِضَ مَرضَةً، فَلَمْ يَجِدْ مَنْ
يُعَالِجُه إِلاَّ يَهُوْدِيٌّ، فَلَمَّا عُوفِيَ
عَلَى يَدِه، قَالَ: لَوْلاَ الْتِزَامِي بِحِفظِ
صنَاعَتِي، لأَعدمتُكَ المُسْلِمِيْنَ.
فَأَثَّرَ هَذَا
__________
= الوهاب كتاب عنه طبع في تونس سنة 1955 م.
وانظر كتاب " المازري الفقيه والمتكلم " وكتابه "
المعلم " للسيد محمد الشاذلي النيفر.
(1) وعليه بنى القاضي عياض كتابه " إكمال المعلم بشرح
صحيح مسلم " وقد ضمن الابي هذين الشرحين في كتابه "
إكمال إكمال المعلم " بالاضافة إلى شرحي النووي
والقرطبي مع زيادات مفيدة من كلام ابن عرفة شيخه
وغيره.
وطبع شرح الابي وبذيله شرح السنوسي المسمى " مكمل
إكمال الإكمال " في سبعة أجزاء في مطبعة السعادة بمصر
سنة 1327 ه.
(2) ابن علي بن نصر التغلبي البغدادي المتوفى سنة 422
ه، مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (287).
قال ابن فرحون: ولم يبلغنا أنه أكمله. انظر " الديباج
المذهب " 2 / 251.
(3) في " وفيات الأعيان " 4 / 285.
(20/105)
عِنْد المَازَرِيِّ، فَأَقْبَل عَلَى تَعلُّمِ
الطِّبِّ، حَتَّى فَاق فِيْهِ، وَكَانَ مِمَّنْ
يُفْتِي فِيْهِ، كَمَا يُفْتِي فِي الفِقْهِ.
وَقَالَ القَاضِي عِيَاضٌ فِي (المَدَارِكِ (1)):
المَازَرِيُّ يُعرَفُ بِالإِمَامِ، نَزِيْلُ
المَهْدِيَّةِ، قِيْلَ: إِنَّهُ رَأَى رُؤْيَا،
فَقَالَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! أَحقٌّ مَا يَدعُوْنَنِي
بِهِ؟ إِنَّهُم يَدعُوْنَنِي بِالإِمَامِ.
فَقَالَ: وَسِّعْ صَدْرَكَ لِلْفُتْيَا (2) .
ثُمَّ قَالَ: هُوَ آخِرُ المُتَكَلِّمِينَ مِنْ
شُيُوْخِ إِفْرِيْقِيَةَ بِتَحْقِيْقِ الفِقْهِ،
وَرُتبَةِ الاجْتِهَادِ، وَدِقَّةِ النَّظَرِ، أَخَذَ
عَنِ: اللَّخْمِيِّ (3) ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ
الحَمِيْدِ (4) السُّوْسِيِّ، وَغَيْرِهِمَا
بِإِفْرِيْقِيَةَ، وَدرَّسَ أُصُوْلَ الفِقْهِ
وَالدِّينِ، وَتَقدَّمَ فِي ذَلِكَ، فَجَاءَ سَابقاً،
لَمْ يَكُنْ فِي عَصرِه لِلمَالِكيَّةِ فِي أَقطَارِ
الأَرْضِ أَفْقَهُ مِنْهُ، وَلاَ أَقوَمُ
بِمَذْهَبِهِم، سَمِعَ الحَدِيْثَ، وَطَالعَ
مَعَانِيهِ، وَاطَّلعَ عَلَى عُلُوْمٍ كَثِيْرَةٍ مِنَ
الطِّبِّ وَالحسَابِ وَالآدَابِ وَغَيْرِ ذَلِكَ،
فَكَانَ أَحَدَ رِجَالِ الكَمَالِ، وَإِلَيهِ كَانَ
يُفزَعُ فِي الفُتْيَا فِي الفِقْهِ، وَكَانَ حَسَنَ
الخُلُقِ، مَلِيحَ المُجَالَسَةِ، كَثِيْرَ
الحِكَايَةِ وَالإِنشَادِ، وَكَانَ قَلَمُه أَبلَغُ
مِنْ لِسَانِه، أَلَّفَ فِي الفِقْهِ وَالأُصُوْلِ،
وَشَرَحَ كِتَابَ مُسْلِمٍ، وَكِتَابَ
(التَّلْقِيْنِ)، وَشَرَحَ (البُرْهَانَ) لأَبِي
المَعَالِي الجُوَيْنِيِّ (5) .
__________
(1) لم نجد هذا النص في المطبوع منه.
(2) انظر " الديباج المذهب " 2 / 250.
(3) وهو أبو الحسن علي بن محمد الربعي المعروف
باللخمي، متوفى سنة 478 ه، مترجم في " ترتيب المدارك "
4 / 797 و" شجرة النور " 1 / 117.
(4) في الأصل: عبد الحق، وهو خطأ، وهو أبو محمد عبد
الحميد بن محمد القيرواني المعروف بابن الصائغ، متوفى
سنة 486 ه، مترجم في " ترتيب المدارك " 4 / 794 - 796،
و" الديباج المذهب " 2 / 25 و" شجرة النور " 1 / 117.
(5) انظر " الديباج المذهب " 2 / 251، وانظر بقية
تصانيفه في " شجرة النور " 1 / 127.
(20/106)
وَثَمَّ مَازَرِيٌّ آخَرُ مُتَأَخِّرٌ (1) ،
سَكَنَ الإِسْكَنْدَرِيَّةَ، وَشَرَحَ (الإِرْشَادَ
(2)) المُسَمَّى بِـ (المِهَادِ).
وَلِصَاحِبِ التَّرْجَمَةِ تَأْلِيْفٌ فِي الرَّدِّ
عَلَى (الإِحْيَاءِ)، وَتَبيِينِ مَا فِيْهِ مِنَ
الوَاهِي وَالتَّفَلْسُفِ، أَنْصَفَ فِيْهِ -رَحِمَهُ
اللهُ-.
65 - الفَتْحُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ
خَاقَانَ القَيْسِيُّ *
الأَدِيْبُ الكَبِيْرُ، مُصَنِّفُ كِتَابِ (قَلاَئِدِ
العِقْيَانِ (3))، أَبُو نَصْرٍ الفَتْحُ (4) بنُ
مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ (5) بنِ خَاقَانَ
القَيْسِيُّ، الإِشْبِيْلِيُّ.
جَمَعَ فِي كِتَابِهِ عِدَّةً مِنْ شُعَرَاءِ
المَغْرِبِ، وَتَرْجَمَهُم.
وَلَهُ كِتَابُ (مُلَحِ أَهْلِ الأَنْدَلُسِ).
__________
(1) انظر " الديباج المذهب " 2 / 252 و" معجم المؤلفين
" 12 / 22.
(2) وهو " الارشاد في أصول الدين " لأبي المعالي
الجويني.
(*) الخريدة قسم شعراء المغرب والاندلس 3 / 538 - 548،
معجم الأدباء 16 / 186 - 192، معجم ابن الابار 313،
المغرب 1 / 259، 260، وفيات الأعيان 4 / 23، 24،
المختصر في أخبار البشر 3 / 15، تتمة المختصر 2 / 69،
مسالك الابصار للعمري 11 / 394، الاحاطة 4 / 248 -
253، نفح الطيب 7 / 29 و33 و36، كشف الظنون: 1354،
شذرات الذهب 4 / 107، إيضاح المكنون 1 / 168، هدية
العارفين 1 / 814، معجم المطبوعات العربية 1434، تاريخ
بروكلمان 6 / 106 - 108 (النسخة العربية)، دائرة
المعارف الإسلامية 2 / 86.
(3) في محاسن الأعيان. وانظر ما فعله لما أراد تأليف
هذا الكتاب في " معجم الأدباء " 16 / 187، 188، وفيه
أنه من أرضته صلته أحسن في كتابه وصفه ونعته، وكل من
تغافل عن بره هجاه وثلبه. وهذا الكتاب مطبوع عدة
طبعات.
ومنه مختصر لابن فضل الله العمري المتوفى سنة 749 ه.
والعقيان بكسر العين: الذهب الخالص.
(4) ورد اسمه في " الاحاطة " هكذا: الفتح بن علي بن
أحمد بن عبيد الله. كذا في الأصل، وفي جميع مصادر
ترجمته: عبيد الله.
(6) واسمه " مطمح الانفس ومسرح التأنس في ملح أهل
الأندلس " وقد قسمه ثلاث أقسام: الأول يشتمل على سرد
غرر الوزراء وتناسق درر الكتاب والبلغاء، والثاني
يشتمل على محاسن أعلام العلماء وأعيان القضاة
والفقهاء، والثالث يشتمل على سرد محاسن الأدباء. وهو =
(20/107)
وَكَانَ كَثِيْرَ التِّرحَالِ، مِنْ أَذكيَاءِ
الرِّجَالِ، وَكَانَ لَعَّاباً، خَلِيعَ العِذَارِ.
أَمَرَ بِقَتْلِهِ المَلِكُ عَلِيُّ بنُ يُوْسُفَ بنِ
تَاشفِيْنَ، فَذُبِحَ بِالخَانِ، بِمَرَّاكُشَ، سَنَة
خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَقِيْلَ: بَلْ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ (1) -
فَاللهُ أَعْلَمُ -.
66 - بَهْجَةُ المُلْكِ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ الصُّوْرِيُّ *
الرَّئِيْسُ الكَبِيْرُ، أَبُو طَالِبٍ عَلِيُّ بنُ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ
بنِ عَلِيِّ بنِ عِيَاضِ بنِ أَبِي عَقِيْلٍ
الصُّوْرِيُّ، ثُمَّ الدِّمَشْقِيُّ.
أَجدَادُه مِنْ قُضَاةِ صُوْرَ.
وَكَانَ شَيْخاً، مَهِيْباً، دَيِّناً.
سَمِعَ بِمِصْرَ مِنَ: القَاضِي الخِلَعِيِّ، وَسَمِعَ
بِبَغْدَادَ مِنْ: أَبِي القَاسِمِ بنِ بَيَانٍ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ عَسَاكِرَ (2) ، وَابْنُه
القَاسِمُ، وَطَائِفَةٌ.
قَالَ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ: قَرَأْتُ
عَلَيْهِ (مُعْجَمَ ابْنِ الأَعْرَابِيِّ)، مَوْلِدُهُ
بِصُوْرَ، سَنَة نَيِّفٍ وَسِتِّيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ.
وَقَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: أَصلُه مِنْ حَرَّانَ،
وَلَهُ سَمَاعٌ مِنَ الفَقِيْهِ نَصْرٍ، وَكَانَ
__________
= مطبوع في مطبعة السعادة بمصر سنة 1325 ه.
ونشر كل قسم محققا على حدة في مجلة " المورد "
العراقية، ثم نشرته مؤسسة الرسالة سنة 1403 بتحقيق
محمد علي شوابكة وانظر النسخ الخطية لبقية مصنفاته في
" تاريخ " بروكلمان 6 / 108.
(1) وذكر ابن الابار أنه توفي سنة 528 ه، قال: وقيل:
سنة تسع وعشرين.
(*) الأنساب 8 / 105 (الصوري)، النجوم الزاهرة 5 /
273.
(2) انظر " مشيخة " ابن عساكر 144 / 2.
(20/108)
مِنْ أَعْيَانِ البَلَدِ، ذَا حَظٍّ مِنْ
صَلاَةٍ وَصِيَامٍ وَوَقَارٍ، حَكَى لِي عَتِيْقُهُ
نُوشتِكينُ أَنَّهُ سَمِعَهُ فِي مَرَضِهِ يَقُوْلُ:
تَلَوتُ أَرْبَعَةَ آلاَفِ خَتْمَةٍ.
تُوُفِّيَ: فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ سَبْعٍ
وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
67 - وَجِيْهُ بنُ طَاهِرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ الشَّحَّامِيُّ *
الشَّيْخُ، العَالِمُ، العَدْلُ، مُسْنِدُ خُرَاسَانَ،
أَبُو بَكْرٍ، أَخُو زَاهِرٍ (1) ، الشَّحَّامِيُّ،
النَّيْسَابُوْرِيُّ، مِنْ بَيْتِ العَدَالَةِ
وَالرِّوَايَةِ.
وُلِدَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ.
وَرَحَلَ فِي الحَدِيْثِ.
سَمِعَ: أَبَا القَاسِمِ القُشَيْرِيَّ، وَأَبَا
حَامِدٍ الأَزْهَرِيَّ، وَأَبَا المُظَفَّرِ مُحَمَّدَ
بنَ إِسْمَاعِيْلَ الشُّجَاعِيَّ، وَأَبَا نَصْرٍ
عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ مُحَمَّدٍ التَّاجِرَ،
وَيَعْقُوْبَ بنَ أَحْمَدَ الصَّيْرَفِيَّ، وَأَبَا
صَالِحٍ المُؤَذِّنَ، وَعَلِيَّ بنَ يُوْسُفَ
الجُوَيْنِيَّ، وَشبِيْبَ بنَ أَحْمَدَ
البَسْتِيْغِيَّ، وَأَبَا سَهْلٍ الحَفْصِيَّ،
وَعُمَرَ وَعَائِشَةَ وَلَدَي أَبِي عُمَرَ
البِسْطَامِيِّ، وَمُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى المُزَكِّي،
وَأَبَا الحَسَنِ الوَاحِدِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ
عُبَيْدِ اللهِ الصَّرَّامَ، وَعِدَّةً
بِنَيْسَابُوْرَ، وَبِيْبَى الهَرْثَمِيَّةَ، وَأَبَا
عَطَاءٍ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ مُحَمَّدٍ
الجَوْهَرِيَّ، وَنَجِيْبَ بنَ مَيْمُوْنٍ، وَأَبَا
إِسْمَاعِيْلَ الأَنْصَارِيَّ، وَطَائِفَةً بِهَرَاةَ،
وَإِسْمَاعِيْلَ بنَ مَسْعَدَةَ الإِسْمَاعِيْلِيَّ
بِجُرْجَانَ، وَأَبَا نَصْرٍ مُحَمَّدَ بنَ مُحَمَّدٍ
الزَّيْنَبِيَّ، وَعَاصِمَ بنَ الحَسَنِ بِبَغْدَادَ،
وَأَبَا نَصْرٍ مُحَمَّدَ بنَ وَدْعَانَ
بِالمَدِيْنَةِ.
__________
(*) المنتظم 10 / 124، تكملة الإكمال: الورقة 249 / 2،
دول الإسلام 2 / 58، العبر 4 / 113، البداية والنهاية
12 / 222، النجوم الزاهرة 5 / 280، شذرات الذهب 4 /
130.
(1) الذي تقدمت ترجمته برقم (5).
(20/109)
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ عَسَاكِرَ،
وَالسَّمْعَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ
الطَّبَسِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ فَضْلِ اللهِ
السَّالاَرِيُّ، وَمَنْصُوْرٌ الفُرَاوِيُّ، وَعَبْدُ
الوَاحِدِ بنُ عَلِيِّ بنِ حَمُّوَيْه، وَمَجْدُ
الدِّيْنِ سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ القَاسِمِ
الشَّهْرُزُوْرِيُّ، وَالمُؤَيَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ
الطُّوْسِيُّ، وَزَيْنَبُ الشَّعْرِيَّةُ، وَالقَاسِمُ
بنُ عَبْدِ اللهِ الصَّفَّارُ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ
عُثْمَانَ القَارِئُ، وَخَلْقٌ.
قَالَ السَّمْعَانِيُّ: كَتَبْتُ عَنْهُ الكَثِيْرَ،
وَكَانَ يُمْلِي فِي الجَامِعِ الجدِيدِ
بِنَيْسَابُوْرَ كُلَّ جُمُعَةٍ مَكَانَ أَخِيْهِ،
وَكَانَ كَخيرِ الرِّجَالِ، مُتَوَاضِعاً مُتودِّداً،
أَلُوْفاً، دَائِمَ الذِّكرِ، كَثِيْرَ التِّلاَوَةِ،
وَصُولاً لِلرَّحِمِ، تَفَرَّد فِي عَصرِه بِأَشيَاءَ،
وَمِنْ مَسموعِه كِتَابُ (الزُّهْرِيَّاتِ) مِنِ ابْنِ
أَبِي حَامِدٍ الأَزْهَرِيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو
سَعْدٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ حَمْدُوْنَ،
أَخْبَرَنَا أَبُو حَامِدٍ ابْنُ الشَّرْقِيِّ،
حَدَّثَنَا الذُّهْلِيُّ المُصَنّفُ، وَ(رِسَالَةُ
القُشَيْرِيِّ) سَمِعَهَا مِنَ المُؤلِّفِ.
مَرضَ أُسْبُوْعاً، وَتُوُفِّيَ فِي ثَامِنَ عَشَرَ
جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، أَنْبَأَنَا
أَبُو القَاسِمِ بنُ عَبْدِ اللهِ، أَخْبَرَنَا
وَجِيْهُ بنُ طَاهِرٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ
القُشَيْرِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ
الخَفَّافُ، حَدَّثَنَا أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ،
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا بَكْرٌ، عَنْ
جَعْفَرٍ، عَنْ رَبِيْعَةَ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ
عَبْدِ اللهِ بنِ مَالِكِ بنِ بُحَيْنَةَ -رَضِيَ
اللهُ عَنْهُ-:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- كَانَ إِذَا صَلَّى (1) ، فَرَّجَ بَيْنَ
يَدَيْهِ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ إِبْطَيْهِ.
أَخْرَجَهُ: أَحْمَدُ، وَالبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ،
وَالنَّسَائِيُّ، عَنْ قُتَيْبَةَ (2) .
__________
(1) في المخطوط صلى، وفي الهامش سجد، وهي إحدى
الروايات في مسلم.
(2) أخرجه البخاري (390) و(391) و(807) و(3564) ومسلم
(495) والنسائي 2 / 212، وأحمد 5 / 345.
(20/110)
وَبِهِ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا
بَكْرُ بنُ مُضَرَ، عَنِ ابْنِ الهَادِ، عَنْ
مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عَامِرِ بنِ
سَعْدٍ، عَنِ العَبَّاسِ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ:
أَنَّهُ سَمِعَ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (إِذَا سَجَدَ
العَبْدُ، سَجَدَ مَعَهُ سَبْعَةُ آرَابٍ: وَجْهُهُ،
وَكَفَّاهُ، وَرُكْبَتَاهُ، وَقَدَمَاهُ).
أَخْرَجَهُ: أَحْمَدُ، وَمُسْلِمٌ، وَالتِّرْمِذِيُّ،
وَالنَّسَائِيُّ، عَنْ قُتَيْبَةَ (1) ،
فَوَافَقْنَاهُم بِعُلُوٍّ.
68 - ابْنُ العَرِيْفِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
مُوْسَى بنِ عَطَاءِ اللهِ الصِّنْهَاجِيُّ *
الإِمَامُ، الزَّاهِدُ، العَارِفُ، أَبُو العَبَّاسِ
ابْنُ العَرِيْفِ الصِّنْهَاجِيُّ، الأَنْدَلُسِيُّ،
المَرِيِّيُّ، المُقْرِئُ، صَاحِبُ المَقَامَاتِ
وَالإِشَارَاتِ.
صَحبَ: أَبَا عَلِيٍّ بنَ سُكَّرَةَ الصَّدَفِيَّ،
وَأَبَا الحَسَنِ البَرْجِيَّ (2) ، وَمُحَمَّدَ بنَ
الحَسَنِ اللَّمَغَانِيَّ، وَأَبَا الحَسَنِ بنَ
شَفِيْعٍ المُقْرِئَ، وَخَلَفَ بنَ مُحَمَّدٍ
العُرَيْبِيَّ (3) ،
__________
(1) أخرجه أحمد 1 / 306 و308، ومسلم (231) والترمذي
(272) والنسائي 2 / 208.
(*) الصلة 1 / 81، بغية الملتمس: 166، معجم ابن
الابار: 15 - 19، المطرب: 90، المغرب 2 / 211، وفيات
الأعيان 1 / 168 - 170، العبر 4 / 98، 99، الوافي
بالوفيات 8 / 133 - 135، أعمال الاعلام 248، النجوم
الزاهرة 5 / 270، نيل الابتهاج: 58، نفح الطيب 3 /
229، 230، شذرات الذهب 4 / 112.
(2) بفتح الباء الموحدة وسكون الراء المهملة بعدها
جيم، نسبة إلى برجة، وهي بلد من أعمال المرية، وأبو
الحسن هذا هو علي بن محمد بن عبد الله الجذامي، متوفى
بعد سنة 506، مترجم في " معجم البلدان " 1 / 374 و"
الاستدراك " لابن نقطة باب البرجي والبرجي، وقد تحرفت
نسبته في " معجم " ابن الابار ص 16 إلى " البرجني ".
(3) كذا ضبط في الأصل مصغرا، وسيذكره المؤلف نقلا عن
ابن شكوال: " العربي "، وقد ترجمه في " الصلة " 1 /
175، وقال: يعرف بابن العربي.
(20/111)
وَعَبْدَ القَادِرِ بنَ مُحَمَّدٍ
الصَّدَفِيَّ، وَأَبَا خَالِدٍ المُعْتَصِمَ (1) ،
وَأَبَا بَكْرٍ بنَ الفَصِيْحِ.
واختصَّ بصُحبَة أَبِي بَكْرٍ عَبْدِ البَاقِي بنِ
مُحَمَّدِ بنِ بُرْيَالَ (2) ، وَمُحَمَّدِ بنِ
يَحْيَى بنِ الفَرَّاءِ، وَبأَبِي عُمَرَ أَحْمَدَ بنِ
مَرْوَانَ بنِ اليُمْنَالِشِ الزَّاهِدِ.
قَالَهُ: ابْنُ مَسْدِي.
وَقَالَ ابْنُ بَشْكُوَال (3) : رَوَى عَنْ: أَبِي
خَالِدٍ يَزِيْدَ مَوْلَى المُعْتَصِمِ، وَأَبِي
بَكْرٍ عُمَرَ بنِ رِزْقٍ، وَعَبْدِ القَادِرِ بنِ
مُحَمَّدٍ القَرَوِيِّ، وَخَلَفِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
العَرَبِيِّ (4) ، وَسَمِعَ مِنْ جَمَاعَةٍ مِنْ
شُيُوْخنَا، وَكَانَتْ عِنْدَهُ مُشَاركَةٌ فِي
أَشيَاءَ مِنَ العِلْمِ، وَعنَايَةٌ بِالقِرَاءاتِ
وَجَمْعِ الرِّوَايَاتِ، وَاهتمَامٌ بِطُرُقِهَا
وَحَمَلتِهَا، وَقَدِ اسْتَجَازَ مِنِّي تَأْلِيْفِي
هَذَا، وَكتبَه عَنِّي، وَاسْتجزتُه أَنَا أَيْضاً
فِيمَا عِنْدَهُ، وَلَمْ أَلقَه، وَكَاتَبنِي
مَرَّاتٍ، وَكَانَ مُتنَاهياً فِي الفَضْلِ
وَالدِّينِ، مُنْقَطِعاً إِلَى الخَيْرِ، وَكَانَ
العُبَّادُ وَالزُّهَّادُ يَقصدُوْنَهُ،
وَيَأْلفُوْنَهُ، وَيَحْمَدُوْنَ صُحْبتَه، وَسُعِي
بِهِ إِلَى السُّلْطَانِ، فَأَمرَ بِإِشخَاصِه إِلَى
حضَرتِه بِمَرَّاكُشَ، فَوصَلَهَا، وَتُوُفِّيَ بِهَا.
قُلْتُ فِي (تَارِيْخِي): إِنَّ مَوْلِدَ ابْن
العَرِيْفِ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَلاَ يَصِحُّ.
وَكَانَ النَّاسُ قَدِ ازدحَمُوا عَلَيْهِ،
يَسْمَعُوْنَ كَلاَمَه وَموَاعِظَه، فَخَافَ ابْنُ
__________
(1) سيورد المؤلف اسمه نقلا عن ابن بشكوال: أبا خالد
يزيد مولى المعتصم.
(2) بموحدة مضمومة وياء، كما في " تبصير المنتبه " 1 /
219.
(3) في " الصلة " 1 / 81.
(4) لفظ " بن " زيادة من " الصلة ".
(20/112)
تَاشفِيْنَ (1) سُلْطَانُ الوَقْتِ مِنْ
ظُهُوْرِه، وَظَنَّ أَنَّهُ مِنْ أُنْمُوْذَجِ ابْنِ
تُوْمَرْتَ، فَيُقَالُ: إِنَّهُ قَتلَه سِرّاً،
فَسقَاهُ - وَاللهُ أَعْلَمُ -.
وَقَدْ قرَأَ بِالرِّوَايَاتِ عَلَى اثْنَيْنِ مِنْ
بَقَايَا أَصْحَاب أَبِي عَمْرٍو الدَّانِي، وَلَبِسَ
الخِرْقَةَ (2) مِنْ أَبِي بَكْرٍ عَبْد البَاقِي
المَذْكُوْر آخرِ أَصْحَاب أَبِي عُمَرَ
الطَّلَمَنْكِيِّ وَفَاةً.
قَالَ ابْنُ مَسْدِي: ابْنُ العَرِيْف مِمَّنْ ضَرَبَ
عَلَيْهِ الكَمَالُ رِوَاقَ التعرِيف، فَأَشرقت
بِأَضرَابِه البِلاَد، وَشَرِقت بِهِ جَمَاعَةُ
الحُسَّاد، حَتَّى لَسَعَوْا بِهِ إِلَى سُلْطَان
عصره، وَخوَّفُوهُ مِنْ عَاقبَة أَمرِه، لاشتمَال
القُلوبِ عَلَيْهِ، وَانضِوَاءِ الغُربَاء إِلَيْهِ،
فَغُرِّب إِلَى مَرَّاكُش، فَيُقَالُ: إِنَّهُ سُمَّ،
وَتُوُفِّيَ شهيداً، وَكَانَ لَمَّا احتُمل إِلَى
مَرَّاكُش، اسْتوحش، فَغرَّقَ فِي البَحْرِ جَمِيْعَ
مُؤلَّفَاته، فَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا إِلاَّ مَا كُتِبَ
مِنْهَا عَنْهُ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ بنُ الرِّزْقِ الحَافِظُ،
وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ ذِي النُّوْنِ، وَأَبُو
العَبَّاسِ الأَنْدَرَشِيُّ (3) ، وَلَبِسَ مِنْهُ
الخِرْقَة، وَصَحِبَ جَدِّي الزَّاهِدَ مُوْسَى بنَ
مَسْدِي، وَلَعَلَّهُ آخِرُ مَنْ بَقِيَ مِنْ
أَصْحَابِهِ.
ثُمَّ قَالَ: مولدُ ابْنُ العَرِيْفِ فِي جُمَادَى
الأُوْلَى، سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ.
__________
(1) يقصد علي بن يوسف بن تاشفين، سترد ترجمته برقم
(75).
(2) قال القاشاني وهو من صوفية القرن الثامن الهجري في
كتابه " اصطلاحات الصوفية " ص 159، 160: خرقة التصوف:
هي ما يلبسه المريد من يد شيخه الذي يدخل في إرادته،
ويتوب على يده، لامور، منها التزيي بزي المراد ليتلبس
باطنه بصفاته، كما تلبس ظاهره بلباسه، وهو لباس التقوى
ظاهرا وباطنا..ومنها وصول بركة الشيخ الذي لبسه من يده
المباركة إليه..الخ.
وانظر " المقاصد الحسنة " ص 331 للسخاوي.
(3) نسبة إلى حصن أندرش من المرية، وكان قد سكنه، كما
ذكر ابن حجر في ترجمته في " لسان الميزان " 1 / 259،
260.
(20/113)
قُلْتُ: هَذَا القَوْلُ أَشْبَهُ بِالصّحَّة
مِمَّا تَقدَّم، فَإِنَّ شُيُوْخَه عَامَّتُهُم
كَانُوا بَعْد الخَمْس مائَة، فَلَقِيَهُم وَعُمره
عِشْرُوْنَ سَنَةً.
ثُمَّ قَالَ: وَأَقدمُ شُيُوْخه سِنّاً وَإِسْنَاداً
عَبْدُ البَاقِي بنُ مُحَمَّدٍ الحِجَارِيُّ (1)
الزَّاهِد، وَكَانَ عَبْدُ البَاقِي قَدْ حمله
أَبُوْهُ وَهُوَ ابْنُ عشرِ سِنِيْنَ إِلَى أَبِي
عُمَرَ الطَّلَمَنْكِيِّ، فَقَرَأَ عَلَيْهِ القُرْآن،
وَقَدْ ذكرنَاهُ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَخَمْس
مائَة، وَأَنَّهُ عَاشَ ثَمَانِياً وَثَمَانِيْنَ
سَنَةً.
قَالَ: وَتُوُفِّيَ أَبُو العَبَّاسِ بنُ العَرِيْفِ
بِمَرَّاكُش، لَيْلَة الجُمُعَةِ، الثَّالِثَ
وَالعِشْرِيْنَ مِنْ رَمَضَانَ، سَنَةَ سِتٍّ
وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَأَمَّا ابْنُ بَشْكُوَال، فَقَالَ (2) : فِي صَفَرٍ،
بَدَلَ رَمَضَانَ - فَاللهُ أَعْلَمُ -.
ثُمَّ قَالَ ابْنُ بَشْكُوَال: وَاحتفل النَّاسُ
بِجِنَازَتِه، وَنَدِمَ السُّلْطَانُ عَلَى مَا كَانَ
مِنْهُ فِي جَانِبِه، فَظهرت لَهُ كَرَامَاتٌ
-رَحِمَهُ اللهُ- (3) .
69 - الحُلْوَانِيُّ أَبُو المَعَالِي عَبْدُ اللهِ
بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، أَبُو المَعَالِي عَبْدُ
اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
__________
(1) نسبة إلى وادي الحجارة: بلد بالاندلس. انظر "
الأنساب " 4 / 61، و" معجم البلدان " 5 / 343 وفيهما
ترجمته.
(2) في " الصلة " 1 / 81.
(3) وانظر بعض شعره في " معجم " ابن الابار 18، 19، و"
وفيات الأعيان " 1 / 169، و" بغية الملتمس " 166.
(*) الأنساب 4 / 194، 195، المنتظم 10 / 113، الكامل
11 / 103، اللباب 1 / 381، القاموس المحيط: (حلو)،
تبصير المنتبه 2 / 511، شذرات الذهب 4 / 122، تاج
العروس 10 / 96، والحلواني: ضبطت في الأصل بضم الحاء
وبنون قبل الياء، وأما في " الأنساب " فهي الحلوائي،
بفتح الحاء وبهمزة آخره، نسبة إلى بيع الحلوى وعملها،
وكذا ضبطها ابن الأثير وابن حجر لكن بنون آخره.
وذكر صاحب " القاموس " وابن حجر أنه يقال بالهمز
وبالنون.
(20/114)
حَمْدُوَيْه الحُلْوَانِيُّ، المَرْوَزِيُّ،
البَزَّازُ.
فَقِيهٌ، عَالِمٌ، عَامِلٌ، مُؤثرٌ، كَبِيْرُ
القَدْرِ، كَثِيْرُ المَال.
وُلِدَ: سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ.
وَارْتَحَلَ، وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي بَكْرٍ بنِ خَلَفٍ
الشِّيْرَازِيِّ وَنَحْوِهِ بِنَيْسَابُوْرَ، وَمِنْ
ثَابِتِ بنِ بُنْدَارَ وَطَبَقَتِه بِبَغْدَادَ،
وَمِنْ أَصْحَابِ أَبِي نُعَيْمٍ بِأَصْبَهَانَ.
وَسَكَنَ غَزْنَةَ مُدَّةً، وَاشْتَرَى كُتُباً
كَثِيْرَةً وَقَفهَا، وَأَنشَأَ رِباطاً لِلمُحَدِّثين
بِمَرْوَ.
أَخَذَ عَنْهُ: السَّمْعَانِيُّ، وَابْنُ عَسَاكِرَ،
وَطَائِفَةٌ.
تُوُفِّيَ: فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ تِسْعٍ
وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
70 - ابْنُ المُهْتَدِي بِاللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ
اللهِ بنِ أَحْمَدَ *
الخَطِيْبُ، شَيْخُ القُرَّاءِ، أَبُو الفَضْلِ
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الصَّمَدِ
ابْنِ الخَلِيْفَةِ المُهْتَدِي بِاللهِ (1) مُحَمَّدِ
ابْنِ الوَاثِقِ هَارُوْنَ الهَاشِمِيُّ،
العَبَّاسِيُّ، الرَّشِيْدِيُّ، البَغْدَادِيُّ.
مَوْلِدُه: سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: عَبْدِ الصَّمَدِ بنِ المَأْمُوْنِ،
وَأَبِي الحُسَيْنِ ابْنِ المُهْتَدِي بِاللهِ، لَكِن
احْتَرَقَ سَمَاعُهُ مِنْهُمَا، وَيَجْتَمِع هُوَ
وَأَبُو الحُسَيْنِ (2) جَدُّهُمَا فِي عَبْدِ
الصَّمَدِ.
__________
(*) معرفة القراء الكبار 1 / 395، المستفاد من ذيل
تاريخ بغداد: 15، 16، غاية النهاية 2 / 176، النجوم
الزاهرة 5 / 273.
(1) مرت ترجمة المهتدي بالله في الجزء الثاني عشر برقم
(209).
(2) مرت ترجمة أبي الحسين ابن المهتدي بالله في الجزء
الثامن عشر برقم (117).
(20/115)
وَأَمَّا عَمُّ صَاحِبِ التَّرْجَمَة، فَهُوَ
القَاضِي أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ (1) بنُ أَحْمَدَ
بنِ مُحَمَّدٍ، شَيْخٌ جَلِيْلٌ، يَرْوِي عَنْ أَبِي
الحَسَنِ بنِ رَزْقُوَيْه.
نَعَم، وَرَوَى صَاحِبُ التَّرْجَمَة عَنْ: أَبِي
الحُسَيْنِ بنِ النَّقُّوْرِ، وَأَبِي القَاسِمِ بنِ
البُسْرِيِّ (2) ، وَجَمَاعَةٍ.
وَتَلاَ بِرِوَايَاتٍ عَلَى تِلْمِيْذ الحَمَّامِيِّ
أَبِي الخَطَّابِ أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ الصُّوْفِيِّ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو اليُمْنِ الكِنْدِيُّ، وَتَلاَ
عَلَيْهِ بِخَمْس رِوَايَاتٍ، وَرَوَى عَنْهُ أَيْضاً
عُمَرُ بنُ طَبَرْزَدَ.
وَكَانَ خَطِيْباً بِجَامِع القَصْرِ، ثِقَةً،
صَالِحاً، سَرَدَ الصَّوْمَ أَزيدَ مِنْ خَمْسِيْنَ
سَنَةً.
تُوُفِّيَ: فِي جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ سَبْعٍ
وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
71 - البِطْرَوْجِيُّ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
بنِ مُحَمَّدٍ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، العَالِمُ، الفَقِيْهُ،
الحَافِظُ الكَبِيْرُ، أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ البَارِي
الأَنْدَلُسِيُّ، البِطْرَوْجِيُّ - وَيُقَالُ:
البِطْرَوْشِيُّ - القُرْطُبِيُّ.
__________
(1) مرت ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (115).
(2) تصحف في " معرفة القراء " 1 / 395 و" غاية النهاية
" 2 / 176 إلى ابن البشرى.
(*) الصلة 1 / 82، معجم البلدان 1 / 447 (بطروش)،
تذكرة الحفاظ 4 / 1293، 1294، العبر 4 / 114، الوافي
بالوفيات 7 / 38، 39، مرآة الجنان 3 / 275، شذرات
الذهب 4 / 130.
والبطروجي أو البطروشي، بالكسر ثم السكون وفتح الراء
وسكون الواو وشين معجمة نسبة إلى بطروش: بلدة
بالاندلس، وهي مدينة فحص البلوط فيما حكاه عنهم
السلفي. انظر ياقوت.
(20/116)
رَوَى عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ الفَرَجِ
الطَّلاَّعِيِّ فَأَكْثَر، وَأَبِي عَلِيٍّ
الغَسَّانِيِّ، وَأَبِي الحَسَنِ العَبْسِيِّ (1) ،
وَخَازِمِ بنِ مُحَمَّدٍ، وَخَلَفِ بنِ مُدِيْرٍ،
وَخَلَفِ بنِ النَّخَّاسِ الخَطِيْبِ.
وَتَلاَ عَلَى: عِيْسَى بنِ خَيْرَةَ.
وَتَفَقَّهَ عَلَى: عَبْدِ الصَّمَدِ بنِ أَبِي
الفَتْحِ، وَأَبِي الوَلِيْدِ بنِ رُشْدٍ، وَعرض
(المُسْتخرجَة (2)) عَلَى أَصْبَغَ بنِ مُحَمَّدٍ (3)
.
وَأَجَازَ لَهُ: أَبُو المُطَرِّفِ الشَّعْبِيُّ،
وَأَبُو دَاوُدَ بنُ نَجَاحٍ، وَطَائِفَةٌ.
وَكَانَ عَلاَّمَةً فِي مَذْهَب مَالِك، مُحَدِّثاً،
حَافِظاً، نَاقداً، مُجَوِّداً، مُسْتحضراً، كَثِيْرَ
التَّصَانِيْف، مُتبحِّراً فِي العِلْمِ، لَكنه
قَلِيْلُ العَرَبِيَّة، رَثُّ الهَيْئَةِ، فِيْهِ
خفَّةٌ -رَحِمَهُ اللهُ-.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو القَاسِمِ بنُ بَشْكُوَال -
وَقَالَ (4) : كَانَ مِنْ أَهْلِ الحِفْظِ لِلْفِقه
وَالحَدِيْثِ وَالرِّجَالِ وَالتَّوَارِيخِ،
مُقَدَّماً فِي ذَلِكَ عَلَى أَهْلِ عصره -
وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ الفَخَّارِ،
وَيَحْيَى بنُ مُحَمَّدٍ الفِهْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ
عَبْدِ العَزِيْزِ الشَّقُوْرِيُّ (5) ، وَأَبُو
مُحَمَّدٍ بنُ عُبَيْدِ اللهِ الحَجْرِيُّ، وَخَلْقٌ
كَثِيْرٌ.
__________
(1) تصحف في " تذكرة الحفاظ " 4 / 1293 إلى " القيسي
".
(2) هي " المستخرجة من الاسمعة المسموعة غالبا من
الامام مالك بن أنس مما ليس في المدونة " في الفقه
المالكي، تأليف أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عبد
العزيز العتبي، المتوفى سنة 255 ه، وتعرف أيضا
بالعتبية، أكثر فيها من الروايات المطروحة والمسائل
الشاذة.
وقد مرت ترجمة العتبي في الجزء الثاني عشر برقم (132).
وانظر ذكر " المستخرجة " في " ترتيب المدارك " 3 /
145، 146.
(3) مرت ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (197).
(4) في " الصلة " 1 / 82.
(5) نسبة إلى شقورة: ناحية بقرطبة. " الأنساب " 7 /
366، 367.
(20/117)
مَاتَ: لِثَلاَثٍ بَقِيْنَ مِنَ المُحرم،
سَنَة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
72 - المَصِّيْصِيُّ نَصْرُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
عَبْدِ القَوِيِّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، المُفْتِي، الأُصُوْلِيُّ،
شَيْخُ دِمَشْق، أَبُو الفَتْحِ نَصْرُ اللهِ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ القَوِيِّ المَصِّيْصِيُّ، ثُمَّ
اللاَّذِقِيُّ، ثُمَّ الدِّمَشْقِيُّ، الشَّافِعِيُّ،
الأَشْعَرِيُّ نَسَباً وَمَذْهَباً.
كَذَا قَالَ الحَافِظُ أَبُو القَاسِمِ (1) .
وَقَالَ: نشَأَ بِصُوْرَ، وَسَمِعَ بِهَا مِنَ:
الحَافِظِ أَبِي بَكْرٍ الخَطِيْبِ، وَعُمَرَ بنِ
أَحْمَدَ الآمِدِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ
مُحَمَّدٍ الأَبْهَرِيِّ، وَالفَقِيْهِ نَصْرٍ،
وَتَفَقَّهَ عَلَيْهِ، وَسَمِعَ بِبَغْدَادَ مِنْ:
عَاصِمِ بنِ الحَسَنِ، وَرِزْقِ اللهِ التَّمِيْمِيِّ،
وَبِأَصْبَهَانَ مِنْ: أَبِي مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدِ بنِ
عَلِيِّ بنِ شَكْرُوَيْه، وَالوَزِيْرِ نِظَامِ
المُلْكِ، وَبِالأَنْبَارِ مِنْ: خَطِيبِهَا أَبِي
الحَسَنِ بنِ الأَخْضَرِ، وَبِدِمَشْقَ مِنْ: أَبِي
القَاسِمِ بنِ أَبِي العَلاَءِ، وَأَخَذَ عِلمَ
الكَلاَمِ عَنْ: أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ عَتِيْقٍ
القَيْرَوَانِيِّ...
إِلَى أَنْ قَالَ: وَكَانَ مُتَصِلِّباً فِي
السُّنَّةِ، حَسَنَ الصَّلاَة، مُتَجَنِّباً أَبْوَابَ
السَّلاَطِيْنِ، وَكَانَ مُدَرِّس الزَّاويَة الغربيَة
-يَعْنِي: الغَزَّاليَةَ (2) - بَعْد شَيْخِهِ
الفَقِيْهِ نَصْرٍ، وَقَدْ وَقَفَ وُقُوَفاً فِي
البِرِّ.
وُلِدَ: بِاللاَّذِقِيَّةِ، سَنَةَ ثَمَانٍ
وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
__________
(*) تاريخ ابن القلانسي: 460، الأنساب: (المصيصي)
و(اللاذقي)، تبيين كذب المفتري: 330، المنتظم 10 /
129، معجم البلدان 5 / 6، اللباب 3 / 221 و398، دول
الإسلام 2 / 58، تذكرة الحفاظ 4 / 1294، العبر 4 /
116، طبقات السبكي 7 / 320، 321، طبقات
الاسنوي 2 / 431، 432، البداية 12 / 223، الدارس 1 /
102، شذرات الذهب 4 / 131، والمصيصة: مدينة على شاطئ
جيحان من ثغور الشام بين أنطاكية وبلاد الروم تقارب
طرسوس. " معجم البلدان 522 / 145.
(1) في " تبيين كذب المفتري " ص 330.
(2) بالجامع الأموي شمالي مشهد عثمان.
وسميت الزاوية الغزالية لان الامام أبا حامد الغزالي
درس فيها. انظر " مختصر تنبيه الطالب " 64، 65.
(20/118)
وَقَالَ السَّمْعَانِيُّ: إِمَامٌ، مُفتٍ،
فَقِيْهٌ أُصُوْلِيٌّ، متكلّم، ديِّنٌ، خَيِّر،
كَتَبْتُ عَنْهُ.
قُلْتُ: حَدَّثَ عَنْهُ أَيْضاً: القَاسِمُ ابْنُ
عَسَاكِرَ، وَمَكِّيُّ بنُ عَلِيٍّ، وَجَابِرُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ اللِّحْيَةِ، وَعَسْكَرُ بنُ خَلِيْفَةَ
الحَمَوِيَّانِ، وَيُوْسُفُ بنُ مَكِّيٍّ، وَالخَضِرُ
بنُ كَامِلٍ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
سَيِّدِهِم، وَزَيْنَبُ بِنْتُ إِبْرَاهِيْمَ
القَيْسِيِّ، وَابْنُ الحَرَسْتَانِيِّ، وَهِبَةُ
اللهِ بنُ طَاوُوْسٍ، وَأَبُو المَحَاسِنِ بنُ أَبِي
لُقْمَةَ.
مَاتَ: فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ
وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمَاعُهُ مِنَ الخَطِيْبِ فِي سَنَةِ سِتٍّ
وَخَمْسِيْنَ.
انْتَهَى إِلَيْهِ عُلُوُّ الإِسْنَادِ بِدِمَشْقَ.
73 - أَبُو سَعْدٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
أَحْمَدَ الأَصْبَهَانِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الحَافِظُ، الثِّقَةُ،
المُسْنِدُ، مُحَدِّثُ أَصْبَهَانَ، أَبُو سَعْدٍ (1)
أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ (2) بنِ الحَسَنِ
بنِ عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ بنِ سُلَيْمَانَ
البَغْدَادِيُّ الأَصْل، الأَصْبَهَانِيُّ.
وُلِدَ: بِأَصْبَهَانَ، فِي صَفَرٍ، سَنَةَ ثَلاَثٍ
وَسِتِّيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَكَانَ أَصْغَر مِنْ أُخْته فَاطِمَةَ (3) بِنْتِ
البَغْدَادِيِّ بِبِضْعَ عَشْرَةَ سَنَةً.
__________
(*) المنتظم 10 / 116، 117، الكامل 11 / 107، دول
الإسلام 2 / 57، تذكرة الحفاظ 4 / 1284 - 1286، العبر
4 / 110، الوافي بالوفيات 7 / 325، البداية 12 / 220،
النجوم الزاهرة 5 / 278، شذرات الذهب 4 / 125.
(1) كنيته في " الكامل " و" النجوم الزاهرة ": أبو
سعيد.
(2) لم يرد اسم أحمد في: " المنتظم "، " الكامل "، "
تذكرة الحفاظ "، " البداية والنهاية ".
(3) سترد ترجمتها برقم (88).
(20/119)
سَمِعَ: أَبَاهُ أَبَا الفَضْلِ، وَأَبَا
القَاسِمِ بنَ مَنْدَةَ، وَأَخَاهُ عَبْدَ الوَهَّابِ،
وَعَبْدَ الجَبَّارِ بنَ بُرْزَةَ (1) الوَاعِظَ،
وَحَمْدَ بنَ وَلْكِيْزَ، وَأَبَا إِسْحَاقَ
الطَّيَّانَ، وَابْن مَاجَه الأَبْهَرِيَّ،
وَمُحَمَّدَ بنَ عُمَرَ بنِ سُسُّوَيْه (2) ،
وَمُحَمَّدَ بنَ بَدِيْعٍ الحَاجِبَ، وَأَبَا
مَنْصُوْرٍ بنَ شَكْرُوَيْه، وَسُلَيْمَانَ بنَ
إِبْرَاهِيْمَ، وَعِدَّةً.
وَارْتَحَلَ إِلَى بَغْدَادَ، وَلَهُ سِتَّ عَشْرَةَ
سَنَةً وَقَدْ تَنبَّه، فَصَادف أَبَا نَصْرٍ
الزَّيْنَبِيَّ قَدْ مَاتَ (3) ، فَصَاحَ،
وَتَلَهَّفَ، وَسَمِعَ مِنْ: عَاصِمِ بنِ الحَسَنِ،
وَمَالِكٍ البَانِيَاسِيِّ، وَأَبِي الغَنَائِمِ بنِ
أَبِي عُثْمَانَ، وَرِزْقِ اللهِ، وَعِدَّةٍ.
وَقَدْ حَدَّثَهُ: مَحْمُوْدُ بنُ جَعْفَرٍ
الكَوْسَجُ، عَنْ جَدِّ أَبِيْهِ الحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ
البَغْدَادِيِّ - وَهُم بَيْتُ رِوَايَةٍ وَحَدِيْث -.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ نَاصِرٍ، وَابْنُ عَسَاكِرَ،
وَالسَّمْعَانِيُّ، وَأَبُو مُوْسَى المَدِيْنِيُّ،
وَابْنُ الجَوْزِيِّ، وَابْنُ طَبَرْزَدَ، وَمُحَمَّدُ
بنُ عَلِيٍّ القُبَّيْطِيُّ، وَخَلْقٌ مِنَ
البَغَادِدَةِ وَالأَصْبَهَانِيِّينَ، خَاتِمَتُهُم:
مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ بَدْرٍ الرَّارَانِيُّ
(4) .
قَالَ السَّمْعَانِيُّ: ثِقَةٌ حَافِظٌ، دَيِّنٌ
خَيِّرٌ، حَسَنُ السِّيْرَةِ، صَحِيْحُ العَقِيدَةِ،
عَلَى طرِيقَةِ السَّلَفِ الصَّالِح، تَاركٌ
لِلتَّكَلُّفِ، كَانَ يَخْرُجُ إِلَى السُّوق وَعَلَى
رَأْسِه طَاقيَّةٌ، وَكَانَ يَصُوْمُ فِي طَرِيْق
الحِجَاز (5) .
__________
(1) بضم الباء الموحدة وسكون الراء وفتح الزاي بعدها
تاء مربوطة، كما في " تبصير المنتبه " 1 / 74، وقد
تحرف في " الوافي " 7 / 325 إلى " يزدة ".
(2) بمهملتين، الأولى مضمومة، والثانية مشددة.
انظر " تبصير المنتبه " 2 / 681.
(3) وذلك سنة 479 ه، مرت ترجمته في الجزء الثامن عشر
برقم (228).
(4) براءين، نسبة إلى راران: من قرى أصبهان، وقد تحرفت
في " تذكرة الحفاظ " 4 / 1284 إلى (الراذاني) بذال بدل
الراء الثانية.
انظر " توضيح المشتبه ": الراراني.
(5) انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1285.
(20/120)
وَقَالَ فِي (التَّحْبِيرِ (1)): كَانَ
حَافِظاً كَبِيْراً، تَامّ المَعْرِفَة، يَحفظ جَمِيْع
(صَحِيْح مُسْلِم)، وَكَانَ يُمْلِي مِنْ حِفْظِهِ،
قَدِمَ مرَّة مِنْ حجِّه، فَاسْتقبله الْخلق وَهُوَ
عَلَى فَرَس يَسير بِسَيرهِم، فَلَمَّا قرب مِنْ
أَصْبَهَان، ركضَ فَرَسَه، وَتركَ النَّاسَ، وَقَالَ:
أَردتُ السُّنَّةَ: إِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يُوضِعُ رَاحِلَتَهُ إِذَا
رَأَى جُدُرَ المَدِيْنَة (2) .
وَكَانَ حُلو الشَّمَائِل، اسْتمليت عَلَيْهِ
بِمَكَّةَ وَالمَدِيْنَة، وَكَتَبَ عَنِّي، قَالَ لِي
مرَّة: أَوْقَفتُكَ، وَاعْتَذَرَ.
فَقُلْتُ: يَا سيدِي، الوُقُوْف عَلَى بَابِ
المُحَدِّث عزّ.
فَقَالَ: لَكَ بِهَذِهِ الكَلِمَة إِسْنَاد (3) ؟
قُلْتُ: لاَ.
قَالَ: أَنْتَ إِسْنَادهَا (3) .
وَسَمِعْتُ إِسْمَاعِيْلَ بن مُحَمَّدٍ الحَافِظ
يَقُوْلُ: رَحل أَبُو سَعْدٍ إِلَى أَبِي نَصْرٍ
الزَّيْنَبِيّ، فَدَخَلَ بَغْدَاد وَقَدْ مَاتَ،
فَجَعَلَ أَبُو سَعْدٍ يَلطم عَلَى رَأْسه، وَيَبْكِي،
وَيَقُوْلُ: مِنْ أَيْنَ أَجد عَلِيّ بن الجَعْدِ،
عَنْ شُعْبَةَ (4) ؟!
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ مَرْزُوْق الحَافِظُ: أَبُو
سَعْدٍ بنُ البَغْدَادِيّ شعلَةُ نَار.
قَالَ السَّمْعَانِيُّ: وَسَمِعْتُ مَعْمَر بن الفَاخر
يَقُوْلُ: أَبُو سَعْدٍ يَحفظ
__________
(1) عزا المؤلف هنا قول السمعاني إلى " التحبير "،
وعزاه في " تذكرة الحفاظ " إلى " معجمه " وهو الصواب،
إذ لم يرد في المطبوع من " التحبير " بتحقيق منيرة
ناجي سالم تراجم لمن اسمه أحمد.
(2) أخرجه من حديث أنس بن مالك البخاري (1802) و(1886)
وأحمد 3 / 159 أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا
قدم من سفر، فنظر إلى جدرات المدينة أوضع راحلته، وإن
كان على دابة حركها من حبها.
وقوله: يوضع هو، من أوضع البعير راكبه: إذا حمله على
سرعة السير، وفي صحيح البخاري 3 / 417 من حديث ابن
عباس أنه دفع مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة،
فسمع النبي صلى الله عليه وسلم وراءه زجرا شديدا وضربا
للابل، فأشار بسوطه إليهم، وقال: أيها الناس عليكم
بالسكينة فإن البرليس بالايضاع ".
(3) في " تذكرة الحفاظ " 4 / 1285: أستاذ..أستاذها،
وقد أشير في الحاشية أنه في نسخة أخرى كما هنا.
(4) انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1284.
(20/121)
(صَحِيْح مُسْلِم)، وَكَانَ يَتَكَلَّم عَلَى
الأَحَادِيْث بكَلاَمٍ مَليحٍ (1) .
وَقَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: هُوَ إِمَام فِي الزُّهْد
وَالحَدِيْث، وَاعِظ، كتب عَنْهُ شُجَاع الذُّهْلِيّ،
وَابْن نَاصر، كَانَ إِذَا أَكل اغْرَوْرَقَتْ
عينَاهُ، وَيَقُوْلُ: كَانَ دَاوُدُ -عَلَيْهِ
السَّلاَمُ- إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُل بَكَى (2) .
قَالَ أَبُو الفَتْحِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ
النَّطَنْزِيّ (3) : كُنْت بِبَغْدَادَ، فَاقترض
مِنِّي أَبُو سَعْدٍ بنُ البَغْدَادِيّ عَشْرَة
دَنَانِيْر، فَاتَّفَقَ أَنِّي دَخَلت عَلَى
السُّلْطَان مَسْعُوْد بن مُحَمَّدٍ، فَذَكَرْتُ لَهُ
ذَلِكَ، فَبَعَثَ مَعِي إِلَيْهِ خَمْس مائَة
دِيْنَارٍ، فَأَبَى أَنْ يَأْخذهَا (4) .
قَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ (5) : حَجَّ أَبُو سَعْدٍ
إِحْدَى عَشْرَةَ حجَّة، وَتردد مرَاراً، وَسَمِعْتُ
مِنْهُ الكَثِيْر، وَرَأَيْت أَخلاَقه اللطيفَة،
وَمَحَاسِنَه الجَمِيْلَة، مَاتَ بِنُهَاوَنْدَ،
رَاجِعاً مِنَ الحَجّ، فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ
أَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَحُمِلَ إِلَى
أَصْبَهَانَ، فَدُفِنَ بِهَا.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحِيْمِ الحَاجِي: مَاتَ فِي
رَبِيْعٍ الآخِرِ مِنْهَا.
وَمَاتَ: ابْنُهُ أَبُو سَعِيْدٍ عَبْد اللَّطِيْفِ بن
البَغْدَادِيّ بِأَصْبَهَانَ، سَنَةَ ثَمَانٍ
وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
يَرْوِي عَنْ: أَبِي مُطِيع، وَأَبِي الفَتْحِ
الحَدَّاد، وَطَائِفَة.
أَنْبَأَنَا بِكِتَاب (مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ)
لأَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ مَنْدَةَ جَمَالُ الدِّيْنِ
__________
(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1285.
(2) انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1285.
(3) بفتح النون والطاء المهملة وسكون النون وفي آخرها
زاي، نسبة إلى نظنز: بليدة بنواحي أصبهان. " اللباب "
3 / 316.
(4) انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1285.
(5) في " المنتظم " 10 / 117.
(20/122)
يَحْيَى بنُ الصَّيْرَفِيّ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا بِهِ مُحَمَّد بن عَلِيٍّ القُبَّيْطِيّ
قِرَاءةً عَلَيْهِ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ
الحَافِظ، أَخْبَرَنَا بِهِ غَيْر وَاحِد مُلفَّقاً،
قَالُوا: أَخْبَرَنَا المُؤلف -رَحِمَهُ اللهُ-.
74 - ابْنُ مُغِيْثٍ أَبُو الحَسَنِ يُوْنُسُ بنُ
مُحَمَّدٍ القُرْطُبِيُّ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، الحَافِظُ، المُفْتِي
الكَبِيْر، أَبُو الحَسَنِ يُوْنُس بن مُحَمَّدِ بنِ
مُغِيْثِ بن مُحَمَّدِ ابْنِ الإِمَامِ المُحَدِّثِ
يُوْنُس بن عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مُغِيْثٍ
القُرْطُبِيّ، المَالِكِيّ.
مَوْلِدُهُ: فِي رَجَبٍ، سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ بَعْد السِّتِّيْنَ مِنْ: حَاتِم بن
مُحَمَّدٍ، وَأَبِي عُمَرَ بن الحَذَّاء، وَمُحَمَّد
بن مُحَمَّدِ بنِ بَشِيْر، وَأَبِي مَرْوَانَ بن
سرَاج، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ مَنْظُوْر،
وَمُحَمَّد بن سَعْدُوْنَ القَرَوِيّ، وَأَبِي
جَعْفَرٍ بن رِزْقٍ، وَمُحَمَّد بن الفَرَجِ، وَأَبِي
عَلِيٍّ الغَسَّانِيّ الحَافِظ.
قَالَ ابْنُ بَشْكُوَال (1) : كَانَ عَارِفاً
بِاللُّغَةِ وَالإِعرَاب، ذَاكراً لِلْغَرِيْب
وَالأَنسَاب، وَافرَ الأَدبِ، قَدِيْم الطَّلَب،
نَبِيهَ البَيْتِ وَالحسبِ، جَامِعاً لِلْكُتُبِ،
رَاوِيَةً لِلأَخْبَار، أَنِيسَ المُجَالَسَة،
فَصِيْحاً، مُشَاوراً، بَصِيْراً بِالرِّجَال
وَأَزْمَانِهِم وَثِقَاتِهِم، عَارِفاً بِعُلَمَاءِ
الأَنْدَلُس وَمُلُوكِهَا، أَخَذَ النَّاسُ عَنْهُ
كَثِيْراً، قَرَأْتُ عَلَيْهِ، وَأَجَازَ لِي،
تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَة اثْنَتَيْنِ
وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَصَلَّى عَلَيْهِ
وَلده أَبُو الوَلِيْدِ.
__________
(*) الصلة 2 / 688، تذكرة الحفاظ 4 / 1277، العبر 4 /
90، شذرات الذهب 4 / 101، 102.
(1) في " الصلة " 2 / 688.
(20/123)
قُلْتُ: وَحَدَّثَ عَنْهُ أَيْضاً: مُحَمَّد
بن عَبْدِ اللهِ بنِ مُفَرج القَنْطَرِيّ الحَافِظ،
وَمُحَمَّد بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عُبَادَةَ
الجَيَّانِيّ، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ الرَّحِيْمِ بن
الْفرس، وَأَبُو مُحَمَّدٍ عُبَيْد اللهِ، وَعَبْد
اللهِ بن طَلْحَةَ المُحَارِبِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ
بنُ حُبيش، وَعَبْد الرَّحْمَنِ بن مُحَمَّدِ بنِ
الشَّرَّاط، وَآخَرُوْنَ. وَكَانَ مِنْ جِلَّةِ
العُلَمَاء فِي عصره -رَحِمَهُ اللهُ-.
75 - ابْنُ تَاشفِيْنَ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ
يُوْسُفَ البَرْبَرِيُّ *
السُّلْطَانُ، صَاحِبُ المَغْرِبِ، أَمِيْرُ
المُسْلِمِيْنَ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ ابْنُ صَاحِبِ
الغربِ يُوْسُفَ بنِ تَاشفِيْنَ البَرْبَرِيُّ، ملكُ
المُرَابِطِيْنَ.
تَولَّى بَعْدَ أَبِيْهِ سَنَةَ خَمْسِ مائَةٍ (1) .
وَكَانَ شُجَاعاً، مُجَاهِداً، عَادِلاً، ديِّناً،
وَرِعاً، صَالِحاً، مُعَظِّماً لِلْعُلَمَاءِ،
مُشَاوراً لَهُم، نَفَقَ فِي زَمَانِهِ الفِقْهُ
وَالكُتُبُ وَالفُرُوْعُ، حَتَّى تَكَاسَلُوا عَنِ
الحَدِيْثِ وَالآثَارِ، وَأُهِيْنَتِ الفَلْسَفَةُ،
وَمُجَّ الكَلاَمُ، وَمُقِتَ، وَاسْتحكمَ فِي ذِهنِ
عَلِيٍّ أَنَّ الكَلاَمَ بِدعَةٌ مَا عَرفهُ
السَّلَفُ، فَأَسرفَ فِي ذَلِكَ، وَكَتَبَ يَتهدَّدُ،
وَيَأْمرُ بِإِحرَاقِ الكُتُبِ، وَكَتَبَ يَأْمرُ
بِإِحرَاقِ تَوَالِيفِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ،
وَتوعَّدَ بِالقتلِ مَنْ كَتَمَهَا، وَاعْتَنَى
بِعِلْمِ الرَّسَائِلِ وَالإِنشَاءِ، وَعُمِّرَ (2) .
__________
(*) المعجب: 252 - 261، وفيات الأعيان 5 / 49 (في
ترجمة ابن تومرت) و7 / 123 و125، 126، دول الإسلام 2 /
56، العبر 4 / 102، الاحاطة 4 / 58، 59، الحلل الموشية
61 - 90، تاريخ ابن خلدون 6 / 188، 189، النجوم
الزاهرة 5 / 272، جذوة الاقتباس: 291، نفح الطيب 4 /
377، شذرات الذهب 4 / 115، الاستقصا في أخبار المغرب
الاقصى 2 / 61 - 69، معجم الأنساب والاسرات الحاكمة:
113.
(1) انظر " الكامل " 10 / 417.
(2) انظر " المعجب " ص 254، 255.
(20/124)
وَلَمَّا التَقَى عَسْكَرُه العَدُوَّ،
انْهَزَمُوا (1) ، وَاختلَّتِ الأَنْدَلُسُ، وَظهرَ
بِهَا المُنْكَرُ، وَقُتِلَ خَلْقٌ مِنَ
المُرَابِطِيْنَ، وَأَخَذَ يَتهَاونُ، وَيَقنعُ
بِالاسْمِ، وَأَقْبَلَ عَلَى العِبَادَةِ وَأَهملَ
الرَّعَايَا، وَعَجَزَ، حَتَّى قِيْلَ: إِنَّهُ رَفعَ
يَدَيْهِ، وَدَعَا، فَقَالَ: اللَّهُمَّ قَيِّضْ
لِهَذَا الأَمْرِ مَنْ يَقوَى عَلَيْهِ.
وَابتُلِيَ بِنُوَّابٍ ظَلَمَةٍ، ثُمَّ خَرَجَ
عَلَيْهِ ابْنُ تُوْمَرْتَ، وَحَارَبه عَبْدُ
المُؤْمِنِ، وَقَوِيَ عَلَيْهِ، وَأَخَذَ البِلاَدَ،
وَوَلَّتْ أَيَّام المُلَثَّمَةِ (2) ، فَمَاتَ إِلَى
رَحْمَةِ اللهِ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَعُهِدَ بِالأَمْرِ إِلَى ابْنِهِ يُوْسُفَ،
فَقَاوَمَ عَبْدَ المُؤْمِنِ مُدَيدَةً، ثُمَّ انزَوَى
إِلَى وَهرَانَ، وَتَفَرَّقتْ جُمُوْعُه، فَظَفِرَ
بِهِ الموحِّدُوْنَ، وَهَلَكَ فِي سَنَةِ أَرْبَعِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَعِنْدِي فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: أَنَّ الَّذِي وَلِيَ
بَعْدَ عَلِيٍّ وَلدُهُ تَاشفِيْنُ (3) ، فَحَارَبَ
الموحِّدينَ مديدَةً، ثُمَّ تَحصَّنَ بِوَهْرَانَ،
وَأَنَّهُ هَلَكَ فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ تِسْعٍ (4) ،
وَصَلبُوهُ.
__________
(1) انظر " الكامل " 10 / 586.
(2) وهم المرابطون، وسموا الملثمين لانهم كانوا
يتلثمون ولا يكشفون وجوههم، وذلك سنة لهم يتوارثونها
خلفا عن سلف، ذلك أن أصل هؤلاء القوم من حمير بن سبأ،
وكانت حمير تتلثم لشدة الحر والبرد، وقيل: كان اللثام
لاسباب أخرى. انظر " وفيات الأعيان " 7 / 128، 129.
(3) وهو الذي ذكره المؤلف في " العبر " 4 / 102، وابن
خلكان في " وفيات الأعيان " 7 / 124، وابن الأثير في "
الكامل " 10 / 417 و579، وابن العماد في " الشذرات " 4
/ 115.
(4) وثلاثين.
انظر " الكامل " 10 / 579، 580 و11 / 102، و" وفيات
الأعيان " 7 / 126، 127، وقد ذكر المؤلف في " دول
الإسلام " 2 / 56 أنه خرج منهزما، وأحاطوا به، فهمز
فرسه، فاقتحم به البحر، فغرق في سنة أربعين.
(20/125)
76 - النَّسَفِيُّ أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ *
العَلاَّمَةُ، المُحَدِّثُ، أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ لُقْمَانَ النَّسَفِيُّ،
الحَنَفِيُّ، مِنْ أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ.
وَهُوَ مُصَنِّفُ (تَارِيخِهَا) المُلَقَّبِ بِالقَنْد
(1) .
وَنَظَمَ (الجَامِعَ الصَّغِيْرَ (2)).
وَكَانَ صَاحِبَ فُنُوْنٍ، أَلَّفَ فِي الحَدِيْثِ،
وَالتَّفْسِيْرِ، وَالشُّروطِ، وَلَهُ نَحْوٌ مِنْ
مائَةِ مُصَنَّفٍ (3) .
__________
(*) التحبير 1 / 527 - 529، معجم الأدباء 16 / 70، 71،
العبر 4 / 102، عيون التواريخ 12 / 375، مرآة الجنان 3
/ 268، الجواهر المضية 1 / 394 - 395، لسان الميزان 4
/ 327، تاج التراجم: 34، 35، طبقات المفسرين للسيوطي:
27، طبقات المفسرين للداوودي 2 / 5 - 7، مفتاح السعادة
1 / 127، 128، طبقات المفسرين لطاش كبري: 92، كتائب
أعلام الاخيار: رقم (307)، الطبقات السنية: رقم
(1646)، طبقات المفسرين للادنه وي 41 / 2، كشف الظنون
1 / 247، 296، 415، 418، 519، 553، 564، 602، 668،
706، 756، و2 / 1114، 1125، 1145، 1230، 1356، 1602،
1686، 1731، 1867، 1868، 1871، 1929، 2027، 2048،
2054، شذرات الذهب 4 / 115، الفوائد البهية: 149، 150
هدية العارفين 1 / 783، إيضاح المكنون 1 / 25، 117،
فهرس الفهارس 1 / 215، معجم المطبوعات: 1854.
(1) في الأصل: الفتد، وهو خطأ، والقند، معناه العسل.
انظر " مفتاح السعادة " 1 / 127، و" كشف الظنون " 2 /
1356.
(2) في الفروع للامام محمد بن الحسن الشيباني، وقد رتب
النسفي منظومته على عشرة أبواب بحسب الاختلاف
والائتلاف بين الأئمة، وهم أبو حنيفة وصاحباه وزفر
والشافعي ومالك رضي الله عنهم.
انظر " لسان الميزان " 4 / 327.
(3) قال السمعاني: وأما مجموعاته في الحديث فطالعت
منها الكثير، وتصفحتها، فرأيت فيها من الخطأ وتغيير
الأسماء، وإسقاط بعضها شيئا كثيرا وأوهاما غير محصورة،
ولكن كان مرزوقا في الجمع والتصنيف.
انظر " التحبير " 1 / 528، وانظر بقية تصانيفه في "
هدية العارفين " 1 / 783، و" كشف الظنون " (راجع مصادر
الترجمة ".
وقد طبع منها " طلبة الطلبة في الاصطلاحات الفقهية على
مذهب ألفاظ كتب الحنفية " في الآستانة 1311 ه، و"
العقائد
النسفية " في مجموع من أمهات المتون في مصر.
(20/126)
حَجَّ، وَسَمِعَ بِبَغْدَادَ مِنْ: أَبِي
القَاسِمِ بنِ بَيَانٍ فِي الكُهُوْلَةِ، فَإِنَّهُ
وُلدَ نَحْوَ سَنَةِ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ.
وَحَدَّثَ عَنْ: إِسْمَاعِيْلَ بنِ مُحَمَّدٍ
النُّوْحِيِّ (1) ، وَالحَسَنِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ
القَاضِي، وَمَهْدِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ العَلَوِيِّ،
وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَلِيِّ بنِ عِيْسَى النَّسَفِيِّ،
وَأَبِي اليُسْرِ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ
النَّسَفِيِّ، وَحُسَيْنٍ الكَاشْغَرِيِّ، وَأَبِي
مُحَمَّدٍ الحَسَنِ بنِ أَحْمَدَ السَّمَرْقَنْدِيِّ،
وَعَلِيِّ بنِ الحَسَنِ المَاتُرِيْدِيِّ.
رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ
التُّوربُشْتِيُّ، وَوَلَدُه؛ أَبُو اللَّيْثِ
أَحْمَدُ بنُ عُمَرَ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ.
قَالَ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ (2) : مَاتَ
بِسَمَرْقَنْدَ، فِي ثَانِي عَشَرَ جُمَادَى
الأُوْلَى، سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ
مائَةٍ.
77 - مَلِكُ الخَطَا كُوْخَانُ * (3)
طَاغِيَةُ التُّركِ وَالخَطَا، مِنْ أَبْطَالِ
المُلُوْكِ.
أَقْبَلَ فِي ثَلاَثِ مائَةِ أَلْفِ فَارِسٍ - فِيْمَا
قِيْلَ - وَكسرَ السُّلْطَانَ سَنْجَرَ
السَّلْجُوْقِيَّ، وَاسْتَوْلَى عَلَى بُخَارَى
وَسَمَرْقَنْدَ فِي سَنَةِ سِتٍّ، فَمَا أَمهلَهُ
اللهُ،
__________
(1) نسبة إلى نوح أحد أجداده، وقد تحرفت في " لسان
الميزان " 4 / 327 إلى التنوخي.
(2) في " التحبير " 1 / 529.
(*) الكامل في التاريخ 11 / 81 و82 و85، 86، المختصر 3
/ 15، 16، دول الإسلام 2 / 56، العبر 4 / 103، تتمة
المختصر 2 / 69، تاريخ ابن خلدون 4 / 396، 397، النجوم
الزاهرة 5 / 272 و268، شذرات الذهب 4 / 115.
والخطا: اسم يطلق على بلاد الصين جميعها.
(3) قال ابن الأثير: " كو "، بلسان الصين: لقب لاعظم
ملوكهم.
و" خان ": لقب لملوك الترك. فمعناه: أعظم الملوك. "
الكامل " 11 / 83.
(20/127)
وَهَلَكَ فِي رَجَبٍ، سَنَةَ سَبْعٍ
وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ (1) .
وَكَانَ سَائِساً، مُحِبّاً لِلْعدلِ، دَاهِيَةً.
وَحكمتِ الخَطَا عَلَى بِلاَدِ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ،
إِلَى أَنْ تَملَّكَ عَلاَءُ الدِّيْنِ
خُوَارِزْمْشَاه، فَاسْتردَّ ذَلِكَ (2) .
78 - ابْنُ مَاشَاذه مَحْمُوْدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ
عَبْدِ المُنْعِمِ الأَصْبَهَانِيُّ *
العَلاَّمَةُ الكَبِيْرُ، المُفْتِي، أَبُو مَنْصُوْرٍ
مَحْمُوْدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ المُنْعِمِ بنِ
أَحْمَدَ بنِ مَاشَاذه الأَصْبَهَانِيُّ،
الشَّافِعِيُّ (3) .
تَفقَّهَ عَلَى: أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ ثَابِتٍ
الخُجَنْدِيِّ، وَعَبْدِ الوَهَّابِ بنِ مُحَمَّدٍ
الفَامِيِّ.
وَسَمِعَ مِنْ: شُجَاعِ بنِ عَلِيٍّ المَصْقَلِيِّ،
وَأَخِيْهِ؛ أَحْمَدَ، وَأَبِي طَاهِرٍ أَحْمَدَ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ النَّقَّاشِ، وَأَبِي سَهْلٍ
حَمْدِ بنِ وَلْكِيْزَ، وَمُحَمَّدِ بنِ بَدِيْعٍ
الحَاجِبِ، وَعَبْدِ الجَبَّارِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ
بُرْزَةَ الجَوْهَرِيِّ، وَعَائِشَةَ
الوَرْكَانِيَّةِ.
وَأَمْلَى عِدَّةَ مَجَالِسَ، وَكَانَ إِمَاماً فِي
التَّفْسِيْرِ وَالمَذْهَبِ وَالخِلاَفِ وَالوَعْظِ.
__________
(1) انظر " الكامل " 11 / 83 - 86، و" تاريخ " ابن
خلدون 4 / 396، 397.
(2) سنة اثنتي عشرة وست مئة.
انظر " الكامل " 12 / 309 - 312.
(*) الأنساب 3 / 341 (الجوباري)، التحبير 2 / 271،
272، تبيين كذب المفتري: 327، المنتظم 10 / 101، معجم
البلدان 2 / 176، اللباب 1 / 302، طبقات السبكي 7 /
285، طبقات المفسرين للسيوطي: 40، طبقات المفسرين
للداوودي، 2 / 308، 309.
و" ماشاذه " تصحف في " المنتظم " إلى: ماسادة "
بمهملتين، وورد في " التحبير " و" طبقات " السكي: " ما
شادة " بدال مهملة.
(3) أورده السمعاني في نسبة الجورباري، وهي نسبة إلى
جوربارة: محلة معروفة بأصبهان.
(20/128)
عَظَّمَهُ: ابْنُ النَّجَّارِ.
وَرَوَى عَنْهُ: السَّمْعَانِيُّ، وَابْنُ عَسَاكِرَ.
وَصَنَّفَ كِتَاباً فِي آدَابِ الدِّينِ، وَمَنَاقِبِ
الدَّوْلَةِ العَبَّاسِيَّةِ، ثُمَّ عَرضَه عَلَى
المُسْترشِدِ بِاللهِ، فَقَبِلَهُ، وَشرَّفَه.
قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ (1) : شَيْخُنَا أَبُو
مَنْصُوْرٍ مِنْ أَعْيَانِ العُلَمَاءِ، وَمَشَاهِيْرِ
الفُضَلاَءِ الفُهمَاءِ، قَدِمَ بَغْدَادَ حَاجّاً
سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ، فَلَمْ يَبْقَ بِهَا
مِنَ المَذْكُوْرِيْنَ أَحَدٌ إِلاَّ تَلَقَّاهُ،
وَسُرُّوا بِقُدُومِهِ، وَعَقَدَ المَجْلِسَ فِي
جَامِعِ القَصْرِ...، إِلَى أَنْ قَالَ:
وَعَانَيتُ عُلُوَّ (2) مَرْتَبَتِهِ فِي بَلَدِهِ،
وَحِشمَتِهِ فِي نَفْسِهِ وَوَلَدِهِ.
وَقَالَ السَّمْعَانِيُّ (3) : ارْتفعَ أَمرُهُ حَتَّى
صَارَ أَوحدَ وَقتِهِ، وَالمرجُوعَ إِلَيْهِ، وُجِئَ
بِالسِّكِّينِ نُوباً عِدَّةً، وَحَمَاهُ اللهُ،
وَكَانَ كَثِيْرَ الصَّلاَةِ وَالذِّكرِ بِاللَّيْلِ،
وُلِدَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ فَجْأَةً، لَيْلَةَ الجُمُعَةِ،
ثَانِي عَشَرَ رَبِيْعٍ الآخرِ، سَنَةَ سِتٍّ
وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
سِبْطَا الخَيَّاطِ:
79 - أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ عَلِيِّ بنِ
أَحْمَدَ البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، المُسْنِدُ، المُقْرِئُ،
الصَّالِحُ، بَقِيَّةُ السَّلَفِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ
الحُسَيْنُ بنُ عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ اللهِ
البَغْدَادِيُّ.
__________
(1) في " تبيين كذب المفتري ": 327.
(2) في الأصل: علوم، والتصويب من المصدر المذكور.
(3) في " التحبير " 2 / 272 بنحوه.
(*) الأنساب 5 / 225 (الخياط)، المنتظم 10 / 104،
العبر 4 / 101، 102، غاية النهاية 1 / 246، النجوم
الزاهرة 5 / 273، شذرات الذهب 4 / 114، 115.
(20/129)
كَانَ أَسنَّ مِنْ أَخِيْهِ.
وُلِدَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ.
سَمِعَ الكَثِيْر بِإِفَادَة ابْنِ الخَاضِبَةِ (1) .
سَمِعَ: أَبَا مُحَمَّدٍ الصَّرِيْفِيْنِيَّ، وَعَبْدَ
الصَّمَدِ بنَ المَأْمُوْنِ، وَأَبَا الحُسَيْنِ بنَ
النَّقُّوْرِ، وَأَبَا مَنْصُوْرٍ العُكْبَرِيَّ
النَّدِيْمَ، وَمَنْ بَعْدَهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ عَسَاكِرَ، وَالسَّمْعَانِيُّ،
وَابْنُ الجَوْزِيِّ، وَأَبُو اليُمْنِ الكِنْدِيُّ،
وَجَمَاعَةٌ.
قَالَ السَّمْعَانِيُّ: صَالِحٌ، حَسَنُ الإِقْرَاءِ،
دَيِّنٌ، يَأْكُلُ مِنْ كَدِّ يَدِه، سَمِعَ
الكَثِيْرَ بِإِفَادَةِ ابْنِ الخَاضِبَةِ فِي
مَجْلِسِ عَفِيْفٍ القَائِمِيِّ (2) .
وَقَالَ أَبُو الفَرَجِ ابْنُ الجَوْزِيِّ (3) :
قَرَأْتُ عَلَيْهِ القُرْآنَ، مَاتَ فِي ذِي
الحِجَّةِ، سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ
مائَةٍ.
أَخُوْهُ:
80 - أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيِّ بنِ
أَحْمَدَ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، مُقْرِئ
العِرَاق، شَيْخ النُّحَاة، أَبُو مُحَمَّدٍ
__________
(1) هو أبو بكر محمد بن أحمد بن عبدا لباقي، المتوفى
سنة 489، مرت ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (61).
(2) هذه النسبة إلى القائم بأمر الله أمير المؤمنين،
وكان له جماعة من الخدم سمعوا
الحديث، وانتسبوا إليه، منهم عفيف هذا، انظر ترجمته في
" الأنساب " 10 / 36.
(3) في " المنتظم " 10 / 104.
(*) الأنساب 5 / 225، نزهة الالبا: 402، 403، خريدة
القصر 1 / 83، 84، مناقب الامام أحمد: 530، المنتظم 10
/ 122، الكامل في التاريخ 11 / 118، إنباه الرواة 2 /
122، 123، مرآة الزمان 8 / 117، العبر 4 / 113، دول
الإسلام 2 / 57، معرفة القراء الكبار 2 / 403 - 406،
تلخيص ابن مكتوم: 94، مرآة الجنان 6 / 86، البداية
والنهاية 12 / 222، ذيل طبقات الحنابلة 1 / 209 - 212،
غاية النهاية 1 / 434، 435، النشر =
(20/130)
عَبْد اللهِ بن عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ، سِبْطُ
الإِمَامِ الزَّاهِدِ العَابِدِ أَبِي مَنْصُوْرٍ (1)
الخَيَّاط، وَإِمَامُ مَسْجِد ابْنِ جَرْدَةَ.
وُلد: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ، فِي شَعْبَانَ.
وَتلقَّن القُرْآن مِنْ أَبِي الحَسَنِ بنِ الفَاعوس.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي الحُسَيْنِ بنِ النَّقُّوْرِ،
وَأَبِي مَنْصُوْرٍ مُحَمَّد بن مُحَمَّدٍ
العُكْبَرِيّ، وَرِزْق اللهِ التَّمِيْمِيّ، وَطِرَادٍ
الزَّيْنَبِيّ، وَنَصْر بن البَطِرِ، وَعِدَّةٍ.
وَتَلاَ بِالرِّوَايَات عَلَى: جدّه أَبِي مَنْصُوْرٍ
الخَيَّاط، وَأَبِي الخَطَّابِ بن الجَرَّاحِ،
وَثَابِتِ بنِ بُنْدَارَ، وَالشَّرِيْف عَبْد
القَاهِرِ بن عَبْدِ السَّلاَمِ، وَأَبِي طَاهِرٍ بنِ
سَوَّارٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ الوَكِيْل،
وَالمُعَمَّر يَحْيَى بن أَحْمَدَ السِّيْبِيِّ (2)
صَاحِبِ الحَمَّامِيِّ، وَأُبَيٍّ النَّرْسِيِّ،
وَأَبِي الْعِزّ القَلاَنسِيّ.
وَتَصدر لِلإِقْرَاءِ، وَصَنَّفَ الكُتُب الشهيرَة
(كَالمُبهِجِ (3)) وَ(الإِيجَاز (4)) وَ(الكِفَايَة
(5))، وَأَمَّ بِمسجد ابْن جَرْدَةَ بِضْعاً
وَخَمْسِيْنَ
__________
= 1 / 83، 84، طبقات النحاة واللغويين لابن قاضي شهبة:
337 - 339، كشف الظنون: 52، 206، 338، 1344، 1499،
1582، شذرات الذهب 4 / 128 - 130، هدية العارفين 1 /
455، 456.
(1) محمد بن أحمد بن علي البغدادي الزاهد المقرئ،
المتوفى سنة 499 ه، مرت ترجمته في الجزء التاسع عشر
برقم (137).
(2) نسبة إلى سيب، قال السمعاني: وظني أنها قرية
بنواحي قصر ابن هبيرة.
وقد تصحفت هذه النسبة في " معرفة القراء الكبار " 2 /
407 إلى " السبتي " بالباء الموحدة والتاء المثناة.
(3) في القراءات الثمان وقراءة ابن محيصن والاعمش
واختيار خلف واليزيدي.
(4) في القراءات السبع.
(5) في القراءات الست التي قرأها الشيخ الثقة أبو
القاسم هبة الله بن أحمد بن عمر بن الطبري البغدادي،
المتوفى سنة 531 ه.
وله كتب أخرى ذكرها المؤلف في " معرفة القراء الكبار "
2 / 404، وابن الجزري في " غاية النهاية " 1 / 435 و"
النشر " 1 / 83، 84، 85.
(20/131)
سَنَة، وَكَانَ مِنْ أَطيب النَّاس صَوْتاً
بِالقُرْآنِ، وَختم عَلَيْهِ خلق كَثِيْر.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ عَسَاكِرَ، وَالسَّمْعَانِيّ،
وَابْن الجَوْزِيِّ، وَيَحْيَى بن طَاهِر، وَمَحْمُوْد
بن الدَّارِيج (1) ، وَإِسْمَاعِيْل بن إِبْرَاهِيْمَ
السِّيْبِيّ، وَعَبْد اللهِ بن المُبَارَكِ بن
سُكَيْنَة، وَعَبْد العَزِيْزِ بن مَنِيْنَا، وَأَبُو
اليُمْنِ الكِنْدِيُّ، وَخَلْق.
وَتَلاَ عَلَيْهِ: الشِّهَاب مُحَمَّد بن يُوْسُفَ
الغَزْنَوِيّ، وَأَبُو الفَتْحِ نَصْرُ اللهِ بنُ
الكَيَّالِ، وَصَالِح بن عَلِيٍّ الصرصرِي، وَالتَّاج
الكِنْدِيّ، وَعَبْد الوَاحِدِ بن سُلْطَان،
وَالمُبَارَك بن المُبَارَكِ بن زُرَيْقٍ الحَدَّاد،
وَمُحَمَّد بن مُحَمَّدِ بنِ (2) هَارُوْنَ الحِلِّيُّ
ابْنُ الكَالِ (3) ، وَحَمْزَة بن القُبَّيْطِيّ،
وَابْن سُكَيْنَة، وَزَاهِر بن رُسْتُمَ.
وَقرَأَ عَلَيْهِ النَّحْو: جَمَاعَة.
قَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ (4) : لَمْ أَسْمَعْ قَارِئاً
قَطُّ أَطيب صَوْتاً مِنْهُ، وَلاَ أَحْسَن أَدَاء
عَلَى كبر سنّه، وَكَانَ لطيف الأَخلاَق، ظَاهِر
الكَيَاسَة وَالظَّرَافَة، حَسنَ المُعَاشَرَة
لِلْعوَامِّ وَالخَوَاصِّ.
وَقَالَ السَّمْعَانِيُّ: كَانَ مُتَوَاضِعاً
مُتودداً، حسن القِرَاءة فِي المِحْرَاب، خُصُوْصاً
ليَالِي رَمَضَان، وَقَدْ تَخَرَّجَ عَلَيْهِ خلق،
وَخَتَمُوا عَلَيْهِ، وَلَهُ تَصَانِيْفُ
__________
(1) بالجيم آخره، كما في " تبصير المنتبه " 2 / 577،
وقد تصحف في " معرفة القراء " 2 / 404 إلى " الداريح "
بالحاء المهملة.
(2) ما بين حاصرتين سقط من الأصل، واستدرك من ترجمة
محمد هذا في " معرفة القراء " 2 / 453، و" غاية
النهاية " 2 / 256، 257.
(3) بكاف بعدها ألف ثم لام، كما في " تبصير المنتبه "
3 / 1181، وقد تحرف في " معرفة القراء " 2 / 404 إلى "
الكيال ".
والحلي، بكسر الحاء وتشديد اللام، نسبة إلى الحلة
المزيدية.
انظر تعليق المعلمي على " الإكمال " 2 / 114، 115.
(4) في " المنتظم " 10 / 122.
(20/132)
القِرَاءات، وَخُولِف فِي بَعْضهَا،
وَشَنَّعُوا عَلَيْهِ، ثُمَّ سَمِعْتُ أَنَّهُ رَجَعَ
عَنْ ذَلِكَ، كَتَبْتُ عَنْهُ، وَعلَّقت عَنْهُ مِنْ
شِعْرِهِ (1) .
وَقَدْ ذَكَرَهُ أَحْمَد بن صَالِحٍ، وَبَالَغَ فِي
تَعْظِيْمه، وَقَالَ: لَمْ يُخَلِّف فِي فُنُوْنِهِ
مِثْله (2) .
وَقَالَ أَبُو الفَرَجِ ابْنُ الجَوْزِيِّ (3) : مَا
رَأَيْتُ أَكْثَر جَمعاً مِنْ جَمعِ جِنَازَتِهِ.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ جَرِيْرٍ القُرَشِيّ: دُفِنَ
بِبَابِ حَرْب عِنْد جدّه أَبِي مَنْصُوْرٍ عَلَى
دَكَّةِ الإِمَام أَحْمَد، وَكَانَ الْجمع يَفوت
الإِحصَاء، غلَّق أَكْثَر البَلَد (4) .
تُوُفِّيَ: فِي الثَّانِي وَالعِشْرِيْنَ مِنْ رَبِيْع
الآخرِ، سَنَة إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ
مائَةٍ.
قُلْتُ: وَمَاتَ فِي العَامِ مَعَهُ: العَلاَّمَة
الكَبِيْر، البَحْر الأَوْحَد، المُفَسِّرُ، أَبُو
مُحَمَّدٍ عَبْدُ الحَقِّ (5) بنُ غَالِبِ بنِ عَبْدِ
المَلِكِ بنِ غَالِب بن تَمَّام بن عَطِيَّةَ
المُحَارِبِيّ الأَنْدَلُسِيّ الغَرْنَاطِي، صَاحِب
(التَّفْسِيْر) عَنْ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ سَنَةً.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: قرَأَ الأَدب عَلَى أَبِي
الْكَرم بن فَاخِرٍ، وَلاَزمه نَحْواً مِنْ عِشْرِيْنَ
سَنَةً، قرَأَ عَلَيْهِ فِيْهَا (كِتَاب) سِيبَوَيْهٍ،
وَ(شَرْحَهُ) لِلسِّيرَافِي، وَ(الْمُحْتَسب) لابْنِ
جِنِّيّ، وَ(المقُتضَب) لِلمُبرِّدِ، وَ(الأُصُوْل)
لابْنِ
__________
(1) انظر " معرفة القراء " 2 / 405، و" ذيل طبقات
الحنابلة " 1 / 21 وفيه شيء من شعره، و" غاية النهاية
" 1 / 435.
(2) انظر " معرفة القراء " 2 / 405 بأطول مما هنا، و"
ذيل طبقات الحنابلة " 1 / 210، و" غاية النهاية " 1 /
435.
(3) في " المنتظم " 10 / 122.
(4) انظر " معرفة القراء " 2 / 405، 406.
(5) وقد مرت ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (337).
(20/133)
السَّرَّاج (1) ، وَأَشيَاء.
قَرَأْت (بِالمُبهِجِ) لَهُ عَلَى أَبِي أَحْمَدَ بنِ
سُكَيْنَة.
81 - الأَنْمَاطِيُّ عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ
المُبَارَكِ بنِ أَحْمَدَ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الحَافِظُ المُفِيْد، الثِّقَة،
المُسْنِدُ، بَقِيَّة السَّلَف، أَبُو البَرَكَاتِ
عَبْد الوَهَّابِ بن المُبَارَكِ بن أَحْمَدَ بنِ
الحَسَنِ بنِ بُنْدَارَ البَغْدَادِيُّ،
الأَنْمَاطِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ.
وَسَمِعَ (الجَعدِيَات): مِنْ أَبِي مُحَمَّدٍ
الصَّرِيْفِيْنِيّ، وَسَمِعَ مِنِ: ابْنِ
النَّقُّوْرِ، وَابْن البُسْرِيّ، وَعَبْد العَزِيْزِ
الأَنْمَاطِيّ، وَأَبِي نَصْرٍ الزَّيْنَبِيّ،
وَعَاصِمِ بنِ الحَسَنِ، وَرِزْق اللهِ التَّمِيْمِيّ،
فَمَنْ بَعْدهُم.
وَجَمَعَ فَأَوعَى، وَقَدْ قرَأَ عَلَى أَبِي
الحُسَيْنِ بنِ الطُّيُوْرِيِّ (2) جَمِيْع مَا
عِنْدَهُ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ نَاصِرٍ، وَابْن عَسَاكِرَ،
وَالسَّمْعَانِيّ، وَأَبُو مُوْسَى المَدِيْنِيُّ،
وَابْن الجَوْزِيِّ، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ سُكَيْنَةَ،
وَعُمَر بن طَبَرْزَدَ، وَيُوْسُف بن كَامِل، وَعَبْد
العَزِيْزِ بن الأَخْضَر، وَعَبْد العَزِيْزِ بن
مَنِيْنَا، وَأَحْمَد بن
__________
(1) هو قيد الطبع في مؤسسة الرسالة، ويقع في ثلاثة
أجزاء.
(*) المنتظم 10 / 108، 109، مناقب الامام أحمد: 529،
صفة الصفوة 2 / 498، ذيل تاريخ بغداد 1 / 380 - 384،
تذكرة الحفاظ 4 / 1282 - 1284، دول الإسلام 4 / 56،
العبر 4 / 104، البداية والنهاية 12 / 219، ذيل طبقات
الحنابلة 1 / 201 - 203، شذرات الذهب 4 / 116، 117.
(2) المتوفى سنة 500 ه، مرت ترجمته في الجزء التاسع
عشر برقم (132).
(20/134)
أَزْهَر، وَأَحْمَد بن يَحْيَى الدَّبِيْقِيّ
(1) ، وَعَبْد الرَّحْمَنِ بن أَحْمَدَ بنِ هديَّةَ
(2) ، وَخَلْق، وَمِنَ القُدَمَاء الحَافِظُ مُحَمَّد
بن طَاهِر، وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ.
قَالَ السَّمْعَانِيُّ: هُوَ حَافِظ ثِقَة مُتْقِن،
وَاسِع الرِّوَايَة، دَائِم البِشر، سرِيع الدمعَة،
حَسَنُ المُعَاشَرَة، خَرَجَ التَّخَارِيج، وَجَمَعَ
مِنَ المَرْوِيَّات مَا لاَ يُوْصَف، وَكَانَ متصدياً
لنشر الحَدِيْث، قَرَأْت عَلَيْهِ شَيْئاً كَثِيْراً
(3) .
قُلْتُ: مَاتَ فِي المُحَرَّمِ، سَنَةَ ثَمَانٍ
وَثَلاَثِيْنَ، وَكَانَ عَلَى طرِيقَة السَّلَف، وَمَا
تَزَوَّجَ قَطُّ.
وَقَالَ السِّلَفِيّ: كَانَ رَفِيقُنَا عَبْد
الوَهَّابِ حَافِظاً ثِقَة، لَدَيهِ مَعْرِفَة جيدَة
(4) .
وَقَالَ ابْنُ نَاصِرٍ: كَانَ بَقِيَّةَ الشُّيُوْخ،
سَمِعَ الكَثِيْر، وَكَانَ يَفْهَمُ، مَضَى
مَسْتُوْراً، وَكَانَ ثِقَةً، لَمْ يَتزوَّج قَطُّ (5)
.
وَقَالَ السَّمْعَانِيُّ أَيْضاً: لَعَلَّهُ مَا
بَقِيَ جُزْء إِلاَّ قرَأَه، وَحصَّل نُسختَه، وَنسخ
الكُتُب الكِبَار مِثْلَ (الطَّبَقَات) لابْنِ سَعْدٍ،
وَ(تَارِيْخِ الخَطِيْبِ)، وَكَانَ متفرغاً
لِلرِّوَايَةِ، وَكَانَ لاَ يَجُوْزُ الإِجَازَة عَلَى
الإِجَازَة، وَصَنَّفَ فِي ذَلِكَ
__________
(1) بدال مهملة مفتوحة بعدها باء موحدة مكسورة ثم
مثناة تحتية، نسبة إلى الدبيقية: قرية من قرى نهر عيسى
بالعراق.
وقد تصحفت في " تذكرة الحفاظ " 4 / 1284 و" ذيل طبقات
الحنابلة " 1 / 203 إلى " الديبقي " بتقديم المثناة
التحتية على الموحدة.
(2) بالياء المثناة التحتية بعد الدال، كما في " تبصير
المنتبه " 4 / 1450، وقد تصحف في " تذكرة الحفاظ " 4 /
1282، و" ذيل تاريخ بغداد " 1 / 381 إلى " هدبة "
بالباء الموحدة.
(3) انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1282، 1283، و" ذيل
تاريخ بغداد " 1 / 383، 384.
(4) انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1283، و" ذيل طبقات
الحنابلة " 1 / 202.
(5) انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1283، و" ذيل تاريخ
بغداد " 1 / 383، و" ذيل طبقات الحنابلة " 1 / 202.
(20/135)
شَيْئاً، قَرَأْت عَلَيْهِ (الجعديَات)
وَ(تَارِيخ الفَسَوِيِّ) وَانتقَاء البَقَّال عَلَى
المُخَلِّص (1) .
وَقَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ (2) : كُنْت أَقرَأُ
عَلَيْهِ وَهُوَ يَبْكِي، فَاسْتفدتُ بِبُكَائِهِ
أَكْثَر مِنِ اسْتفَادتِي بِرِوَايَته، وَانتفعت بِهِ
مَا لَمْ أَنْتفعْ بِغَيْره.
وَقَالَ أَبُو مُوْسَى المَدِيْنِيُّ فِي
(مُعْجَمِهِ): هُوَ حَافِظُ عَصرِهِ بِبَغْدَادَ.
قُلْتُ: وَمَاتَ مَعَهُ فِي عَامِ ثَمَانِيَةٍ:
الشَّيْخ المُسْنِدُ أَبُو المَعَالِي عَبْدُ
الخَالِقِ بنُ البَدَنِ الصَّفَّارُ (3) ، وَمُسْنَدَ
أَصْبَهَانَ غَانِمُ بنُ خَالِدِ بنِ عَبْدِ الوَاحِدِ
التَّاجِر (4) ، وَالمُسْنِدُ أَبُو الحَسَنِ
مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ صِرْمَا (5) - وَهُوَ
ابْنُ عَمَّةِ ابْنِ نَاصر - وَالخَطِيْب أَبُو بَكْرٍ
مُحَمَّدُ بنُ الْخضر المُحَوَّلِيّ (6) المُقْرِئُ،
وَالقَاضِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ القَاسِمِ بنِ
المُظَفَّر بن الشَّهْرُزُوْرِيِّ (7) المَوْصِلِيّ،
وَالشَّيْخ أَبُو القَاسِمِ مَحْمُوْد بن عُمَرَ
الزَّمَخْشَرِيّ الخُوَارِزْمِيّ النَّحْوِيّ
المُعْتَزِلِي (8) ،
__________
(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1283 و" ذيل طبقات
الحنابلة " 1 / 202.
والمخلص هو أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن بن العباس
البغدادي، المتوفى سنة 393 ه، مرت ترجمته في الجزء
السادس عشر برقم (353).
والبقال هو أحمد بن عمر بن علي بن الفضل الوراق،
المتوفى سنة 399 ه.
انظر " تاريخ بغداد " 4 / 293 و" تاريخ " سزكين 1 /
352، و" فهرس الظاهرية المنتخب من مخطوطات الحديث "
401 وفيه أحمد بن محمد ابن البقال، وهو خطأ.
(2) في " المنتظم " 10 / 108، وانظر " صفة الصفوة " 2
/ 499.
(3) تقدمت ترجمته برقم (36).
(4) تقدمت ترجمته برقم (60).
(5) مترجم في " المنتظم " 10 / 110، و" الوافي
بالوفيات " 2 / 67.
(6) مترجم في " المنتظم " 10 / 110 و" معرفة القراء
الكبار " 1 / 399، و" غاية النهاية " 2 / 137.
والمحولي، على صيغة اسم المفعول، نسبة إلى المحول:
قرية على فرسخين من بغداد، وإلى موضع ببغداد يقال له:
باب المحول.
(7) سترد ترجمته برقم (83).
(8) سترد ترجمته برقم (91).
(20/136)
وَالوَزِيْر عَلِيّ بن طِرَادٍ الزَّيْنَبِيّ
(1) ، وَأَبُو الوَفَاء غَانِمُ بنُ أَحْمَدَ بنِ
حَسَنٍ الجُلُودِيُّ الأَصْبَهَانِيّ (2) ، وَشيخ
الْوَعْظ أَبُو الفُتُوْحِ مُحَمَّد بن الفَضْلِ
الإِسْفَرَايِيْنِي (3) ابْنُ المُعْتَمِد
المُتَكَلِّم.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ وَغَيْرهُ إِجَازَة،
قَالُوا:
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ
الوَهَّابِ بنُ المُبَارَكِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ
بنُ مُحَمَّدٍ الخَطِيْبُ، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ
بنُ حَبَابَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ
البَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ الجَعْدِ،
حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ
التُّسْتَرِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ سِيْرِيْنَ:
أَنَّ أُمَّ عَطِيَّةَ قَالَتْ: تُوُفِّيَت إِحْدَى
بَنَاتِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- فَأَمرنَا أَن نغسلهَا ثَلاَثاً أَوْ
خَمْساً أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، إِنْ رَأَيتُنَّ،
وَأَن تَجْعَلْنَ فِي الآخِرَةِ شَيْئاً مِنْ سِدْرٍ
وَكَافُوْر (4) .
مُتَّفق عَلَى صِحَّته، وَقَدْ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ
نَازلاً، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ شُعَيْبِ بنِ
اللَّيْثِ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ يَحْيَى
بنِ أَيُّوْبَ، عَنْ مَالِكِ بنِ أَنَسٍ، عَنْ
أَيُّوْبَ، عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ، فَوَقَعَ
مُصَافحَةً لِشُيُوْخِنَا.
82 - ابْنُ الزَّكِيِّ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ
عَلِيٍّ القُرَشِيُّ *
قَاضِي دِمَشْقَ، القَاضِي المُنْتَجَبُ، أَبُو
المَعَالِي مُحَمَّد ابْنُ القَاضِي
__________
(1) سترد ترجمته برقم (90).
(2) تقدمت ترجمته برقم (59).
(3) سترد ترجمته برقم (84).
(4) هو في " الموطأ " 1 / 222، والبخاري (167) و(1253)
و(1254) و(1255) و(1256) و(1257) و(1258) و(1259)
و(1260) (1261) و(1262) و(1263) ومسلم (939) وأخرجه
أبو داود (3142) والترمذي (990) والنسائي 4 / 28 - 29،
وابن ماجه (1458).
(*) التحبير 2 / 250، 251، العبر 4 / 103، طبقات
الاسنوي 2 / 142، النجوم الزاهرة 5 / 272، شذرات الذهب
4 / 116.
(20/137)
أَبِي المُفَضَّلِ يَحْيَى بنِ عَلِيِّ بنِ
عَبْدِ العَزِيْزِ القُرَشِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ،
الشَّافِعِيُّ، وَيُعْرَفُ أَيْضاً بِابْنِ
الصَّائِغِ.
سَمِعَ: أَبَا القَاسِمِ بنَ أَبِي العَلاَءِ،
وَالحَسَنَ بنَ أَبِي الحَدِيْدِ، وَالفَقِيْهَ نَصراً
المَقْدِسِيَّ، وَأَبَا مُحَمَّدٍ بنَ البُرِّيِّ،
وَعِدَّةً، وَالقَاضِي الخِلَعِيِّ بِمِصْرَ،
وَغَيْرَهُ، وَعَلِيَّ بنَ عَبْدِ المَلِكِ
الدَّبِيْقِيَّ بِعَكَّا، وَحضر درس الفَقِيْه نَصْر،
وَتَفَقَّهَ بِهِ.
وَنَابَ عَنْ أَبِيْهِ فِي القَضَاءِ سَنَة عَشْرٍ
لَمَّا حَجَّ أَبُوْهُ، ثُمَّ اسْتَقَلَّ بِالقَضَاءِ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ أُخْتِهِ الحَافِظُ أَبُو
القَاسِمِ، وَقَالَ: كَانَ نَزِهاً عَفِيْفاً صَلِيباً
فِي الحَكَمِ، وُلِدَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَقَالَ السَّمْعَانِيُّ: كَانَ مَحْمُوْداً، حَسَنَ
السِّيْرَةِ، شَفُوقاً وَقُوْراً، حَسَنَ المَنْظَر،
مُتودِّداً (1) .
رَوَى عَنْهُ: السَّمْعَانِيّ، وَابْنُ عَسَاكِرَ (2)
، وَابْنه، وَطَرْخَان الشَّاغُوْرِيّ، وَأَبُو
المَحَاسِنِ بن أَبِي لُقْمَةَ، وَآخَرُوْنَ.
وَهُوَ وَالِدُ القُضَاة بنِي الزَّكِيّ.
مَاتَ: فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ سَبْعٍ
وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَدفن عِنْد أَبِيْهِ
بِمسجدِ القَدَمِ (3) .
__________
(1) انظر " التحبير " 2 / 250.
(2) انظر " مشيخة " ابن عساكر: 219 / 2.
(3) تقدم التعريف به في حواشي الترجمة رقم (39).
(20/138)
83 - ابْنُ الشَّهْرُزُوْرِيِّ أَبُو بَكْرٍ
مُحَمَّدُ بنُ القَاسِمِ بنِ مُظَفَّرٍ *
القَاضِي الكَبِيْر، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ
القَاسِمِ بنِ مُظَفَّرٍ، ابْنُ الشَّهْرُزُوْرِيّ
المَوْصِلِيُّ، الشَّافِعِيّ.
شيخ عَالِم وَقور، وَافر الجَلاَلَة، وَلِيَ القَضَاءَ
بِأَمَاكنَ، وَيُلَقَّبُ بِقَاضِي الخَافِقَيْنِ.
تَفَقَّهَ عَلَى: الشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ، وَسَمِعَ
مِنْهُ، وَمِنْ أَبِي القَاسِمِ عَبْد العَزِيْزِ
الأَنْمَاطِيِّ، وَأَبِي نَصْرٍ الزَّيْنَبِيِّ،
وَسَمِعَ بِنَيْسَابُوْرَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ
خَلَفٍ وَعُثْمَانَ بنِ مُحَمَّدٍ المَحْمِيِّ.
رَوَى عَنْهُ: السَّمْعَانِيُّ، وَابْنُ عَسَاكِرَ (1)
، وَابْنُ طَبَرْزَدَ، وَطَائِفَةٌ.
وَقَدِمَ دِمَشْق غَيْرَ مَرَّةٍ رَسُوْلاً.
مَاتَ: فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ ثَمَانٍ
وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَلَهُ خَمْس
وَثَمَانُوْنَ سَنَةً.
84 - ابْنُ المُعْتَمِدِ أَبُو الفُتُوْحِ مُحَمَّدُ
بنُ الفَضْلِ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ **
الوَاعِظ الكَبِيْر، المُتَكَلِّم، أَبُو الفُتُوْحِ
مُحَمَّد بنُ الفَضْلِ الإِسْفَرَايِيْنِي،
__________
(*) الأنساب 7 / 418، 419، الخريدة (قسم الشام) 2 /
322، المنتظم 10 / 112، اللباب 2 / 216، 217، تاريخ
إربل 1 / 203 - 206، وفيات الأعيان 4 / 69، 70، تذكرة
الحفاظ 4 / 1283، الوافي بالوفيات 4 / 339، طبقات
السبكي 6 / 174، 175، شذرات الذهب 4 / 123 (وفيات
539).
(1) انظر " مشيخة " ابن عساكر: 206 / 2.
(* *) تبيين كذب المفتري: 328، 329، المنتظم 10 / 110
- 112، الكامل في التاريخ 11 / 96، 97، مرآة الزمان 8
/ 111، العبر 4 / 105، الوافي بالوفيات 4 / 323، 324،
مرآة الجنان 3 / 269، طبقات السبكي 6 / 170 - 173،
طبقات الاسنوي 1 / 107،
108، كشف الظنون 220، 1926، شذرات الذهب 4 / 118، هدية
العارفين 2 / 88.
(20/139)
المَعْرُوف بِابْنِ المُعْتَمِدِ.
كَانَ رَأْساً فِي الوَعظِ، فَصِيْحاً، عذب العبَارَة،
حُلْو الإِيرَاد، ظرِيفاً، عَالِماً، كَثِيْر
المَحْفُوْظ، صُوْفِيَّ الشَّارَة، جَيِّد التَّصنِيف.
وُلِدَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي الحَسَنِ بنِ الأَخْرَم،
وَشِيْرَوَيْهِ الدَّيْلَمِيّ.
رَوَى عَنْهُ: السَّمْعَانِيّ، وَابْن عَسَاكِرَ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: كَانَ مِنْ أَفرَاد الدَّهْر
فِي الْوَعْظ، دَقِيق الإِشَارَة، وَكَانَ أَوحد
وَقتِه فِي مَذْهَب الأَشْعَرِيّ، وَلَهُ فِي
التَّصَوُّف قَدَمٌ رَاسخ، صَنّف فِي الحقيقَة كُتباً،
مِنْهَا كِتَاب (كشف الأَسرَار) وَكِتَاب (بَيَان
القَلْب)، وَكِتَاب (بَث السِّرّ)، وَكُلُّ كتبه نُكتٌ
وَإِشَارَات، ظهر لَهُ الْقبُول التَّام بِبَغْدَادَ،
وَكَانَ يَتَكَلَّم بِمَذْهَب الأَشْعَرِيّ، فَثَارت
الحَنَابِلَة، فَأَمر المُسْترشد بِإِخرَاجه، فَلَمَّا
وَلِي المُقْتَفِي رَجَعَ إِلَى بَغْدَادَ، وَعَاد
فَعَادت الفِتَنُ، فَأَخرجُوهُ إِلَى بَلَده (1) .
قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ (2) : هُوَ أَجرَأُ مَنْ
رَأَيْتُهُ لِسَاناً وَجَنَاناً، وَأَكْثَرهُم فِيمَا
يُورد إِعرَاباً وَإِحسَاناً، وَأَسرعهُم جَوَاباً،
وَأَسلسهُم خطَاباً، مَعَ مَا رُزِقَ بَعْدَ صِحَّةِ
العقيدَةِ مِنَ الخِصَال الحمِيدَةِ، وَإِرشَاد
الْخلق، وَبَذْلِ النَّفْس فِي نُصْرَة الحَقِّ...،
إِلَى أَنْ قَالَ:
فَمَاتَ مبطوناً شهيداً غرِيباً، لاَزمتُ مَجْلِسه،
فَمَا رَأَيْتُ مِثْله وَاعِظاً.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: قَرَأْت فِي كِتَاب أَبِي
بَكْرٍ المَارستَانِي، قَالَ: حَدَّثَنِي
__________
(1) انظر " طبقات " الاسنوي 1 / 108.
(2) في " تبيين كذب المفتري ": 328.
(20/140)
قَاضِي القُضَاة أَبُو طَالِبٍ بنُ
الحَدِيْثيِّ (1) ، قَالَ:
مرّ بِنَا أَبُو الفُتُوْحِ وَحَوْلَهُ خلق، مِنْهُم
مَنْ يَصيح: لاَ نحرف ولاَ نصوب بَلْ عبَادَة، فَرجمه
العوَامُّ حَتَّى تَرَاجَمُوا بِكَلْب مَيت، وَعظمت
الفِتْنَة، لَوْلاَ قُرْبُهَا مِنْ بَاب النُّوْبِي،
لَهلكَ جَمَاعَة، فَاتَّفَقَ جَوَاز عَمِيدِ بَغْدَاد
مُوَفَّق الْملك، فَهَرَبَ مَنْ مَعَهُ، فَنَزَلَ،
وَدَخَلَ إِلَى بَعْضِ الدَّكَاكِينِ، وَأَغلقهَا،
ثُمَّ اجْتَمَع بِالسُّلْطَانِ، فَحكَى لَهُ، فَأَمر
بِالقبضِ عَلَى أَبِي الفُتُوْحِ وَتَسفِيرِهِ إِلَى
هَمَذَان، ثُمَّ إِلَى إِسْفَرَايِيْنَ، وَأَشْهَد
عَلَيْهِ أَنَّهُ مَتَى خَرَجَ مِنْهَا، فَدمُهُ هدر.
قَالَ السَّمْعَانِيُّ: أُزعِجَ عَنْ بَغْدَاد،
فَأَدْرَكه المَوْت بِبِسْطَامَ، فِي ثَانِي ذِي
الحِجَّةِ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ
مائَةٍ، فَدُفِنَ بِجنب الشَّيْخ أَبِي يَزِيْدَ
البِسْطَامِي.
قَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ فِي (الْمُنْتَظِم (2)):
قَدِمَ السُّلْطَان مَسْعُوْد بَغْدَاد وَمَعَهُ
الحَسَنُ بنُ أَبِي بَكْرٍ النَّيْسَابُوْرِيّ
الحَنَفِيّ، أَحَدُ المُنَاظرِيْنَ، فَجَالَستُه،
فَجَلَسَ بِجَامِعِ القَصْرِ، وَكَانَ يَلعن
الأَشْعَرِيّ جهراً، وَيَقُوْلُ: كُن شَافِعِياً وَلاَ
تَكُنْ أَشعرِياً، وَكُنْ حَنفِياً وَلاَ تَكُنْ
مُعْتَزِلياً، وَكُنْ حَنْبَلياً، وَلاَ تَكُنْ
مُشبِّهاً.
وَكَانَ عَلَى بَابِ النِّظَامِيَّة اسْم
الأَشْعَرِيّ، فَأَمر السُّلْطَان بِمحوِهِ، وَكَتَبَ
مَكَانَهُ: الشَّافِعِيّ، وَكَانَ الإِسْفَرَايِيْنِي
يَعظ فِي رِبَاطه، وَيذكر مَحَاسِن مَذْهَب
الأَشْعَرِيّ، فَتقع الخُصُومَاتُ، فَذَهَبَ
الغَزْنَوِيّ، فَأَخبر السُّلْطَانَ بِالفِتَنِ،
وَقَالَ: إِنَّ أَبَا الفُتُوْح صَاحِبُ فِتْنَةٍ،
وَقَدْ رُجم غَيْرَ مَرَّةٍ، وَالصَّوَاب إِخرَاجه.
فَأُخْرِجَ، وَعَاد الحَسَن النَّيْسَابُوْرِيّ إِلَى
وَطَنه، وَقَدْ كَانَتِ اللَّعْنَة قَائِمَة فِي
__________
(1) نسبة إلى الحديثة: بلدة على الفرات، وأبو طالب هذا
هو روح بن أحمد بن محمد البغدادي الحديثي، متوفى سنة
570 ه، ستأتي ترجمته في الجزء الحادي والعشرين برقم
(7).
(2) 10 / 106 - 108 و110.
(20/141)
الأَسواقِ، وَكَانَ بَيْنَ الإِسْفَرَايِيْنِي
وَبَيْنَ الوَاعِظِ أَبِي الحَسَنِ الغَزْنَوِيِّ
شَنآن، فَنُوْدِيَ فِي بَغْدَادَ أَنْ لاَ يَذْكُرَ
أَحَدٌ مَذْهَباً.
قُلْتُ: لَمَّا سَمِعَ ابْنُ عَسَاكِرَ بِوَفَاةِ
الإِسْفَرَايِيْنِي، أَملَى مَجْلِساً فِي المَعْنَى،
سَمِعْنَاهُ بِالاتِّصَالِ، فَيَنْبَغِي لِلمُسْلِمِ
أَنْ يَسْتَعيذَ مِنَ الفِتَنِ، وَلاَ يَشغَبَ بِذِكرِ
غَرِيْبِ المَذَاهِبِ لاَ فِي الأُصُوْلِ وَلاَ فِي
الفُرُوْعِ، فَمَا رَأَيْتُ الحركَةَ فِي ذَلِكَ
تُحَصِّلُ خَيْراً، بَلْ تُثِيرُ شَرّاً وَعَدَاوَةً
وَمَقْتاً لِلصُّلحَاءِ وَالعُبَّادِ مِنَ
الفَرِيْقَيْنِ، فَتمسَّكْ بِالسّنَة، وألزم الصَّمْت،
وَلاَ تَخضْ فِيمَا لاَ يَعْنِيكَ، وَمَا أَشكلَ
عَلَيْكَ فَرُدَّهُ إِلَى اللهِ وَرَسُوْلِه، وَقِفْ،
وَقُلْ: اللهُ وَرَسُوْلُه أَعْلَمُ.
85 - شُرَيْحُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ شُرَيْحِ بنِ
أَحْمَدَ الرُّعَيْنِيُّ *
ابْنِ مُحَمَّدِ بنِ شُرَيْح بن يُوْسُفَ بنِ
شُرَيْحٍ، الشَّيْخ، الإِمَام الأَوْحَدُ، المُعَمَّر،
الخَطِيْب، شَيْخ المُقْرِئِين وَالمُحَدِّثِيْنَ،
أَبُو الحَسَنِ الرُّعَيْنِيّ، الإِشْبِيْلِيّ،
المَالِكِيّ، خطيب إِشْبِيْلِيَةَ.
وُلِدَ: فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ إِحْدَى
وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
تَلاَ عَلَى: وَالِدِهِ العَلاَّمَةِ أَبِي عَبْدِ
اللهِ بِكِتَابِه (الكَافِي) فِي السَّبْعِ، وَحَمَلَ
عَنْهُ عِلْماً كَثِيْراً، وَأَجَازَ لَهُ
مَرْوِيَّاته أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ حَزْمٍ الظَّاهِرِي.
وَسَمِعَ (صَحِيْحَ البُخَارِيِّ) مِنْ: أَبِي عَبْدِ
اللهِ بنِ مَنْظُوْر صَاحِب أَبِي ذَرٍّ الهَرَوِيِّ،
وَسَمِعَ مِنْ: عَلِيّ بن مُحَمَّدٍ البَاجِي، وَأَبِي
مُحَمَّدٍ بنِ خَزْرَج، وَطَائِفَة.
__________
(*) الصلة 1 / 234، 235، بغية الملتمس: 318، العبر 4 /
107، معرفة القراء الكبار 1 / 397، 398، دول الإسلام 2
/ 57، غاية النهاية 1 / 324، 325، النجوم الزاهرة 5 /
276، بغية الوعاة 2 / 3، شذرات الذهب 4 / 122.
(20/142)
قَالَ أَبُو الوَلِيْدِ بنُ الدَّبَّاغ: لَهُ
إِجَازَة مِنِ ابْنِ حَزْم، أَخْبَرَنِي بِذَلِكَ
ثِقَةً نَبيلٌ من أَصْحَابِنَا أَنَّهُ أَخْبَرَهُ
بِذَلِكَ، وَلاَ أَعْلَم فِي شُيُوْخنَا أَحَداً
عِنْدَهُ عَنِ ابْنِ حزم غَيْره، وَقَدْ سَأَلته: هَلْ
أَجَازَ لَهُ ابْن حَزْمٍ؟
فَسَكَتَ، وَأَحْسِبُهُ سَكَتَ عَنِ ابْنِ حزمٍ
لِمَذْهَبِهِ.
قُلْتُ: وَعَاينتُ فِي سَفِيْنَةٍ تَوَالِيفَ لابْنِ
حَزْم بِخَطِّ السِّلَفِيّ، وَقَدْ كتب:
كَتَبَ إِلَيَّ أَبُو الحَسَنِ شُرَيْح بن مُحَمَّدٍ،
قَالَ: كَتَبَ إِلَيْنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ حَزْمٍ.
قَالَ الحَافِظُ خَلَفُ بنُ بَشْكُوَال (1) : كَانَ
أَبُو الحَسَنِ مِنْ جِلَّةِ المُقْرِئِينَ،
مَعْدُوْداً فِي الأُدَبَاء وَالمُحَدِّثِيْنَ،
خَطِيْباً بَلِيْغاً، حَافِظاً محسناً فَاضِلاً،
مَلِيْح الخَطِّ، وَاسِع الْخلق، سَمِعَ مِنْهُ
النَّاس كَثِيْراً، وَرَحَلُوا إِلَيْهِ، وَاسْتُقضِي
بِبَلَدِهِ، ثُمَّ صُرف عَنِ القَضَاء، لَقِيْتُهُ فِي
سَنَةِ سِتَّ عَشْرَةَ، فَأَخَذتُ عَنْهُ.
وَقَالَ اليَسع بن حَزْم: هُوَ إِمَام فِي التَّجويد
وَالإِتْقَان، عَلَمٌ مِنْ أَعْلاَم البيَان، بَذَّ
فِي صِنَاعَة الإِقْرَاء، وَبَرَّزَ فِي العَرَبِيَّة
مَعَ علم الحَدِيْث وَفِقهِ الشرِيعَةِ، كَانَ إِذَا
صَعِدَ المِنْبَر حنّ إِلَيْهِ جذع الخطَابَة،
وَسُمِعَ لَهُ أَنِيْنُ الاسْتطَابَةِ، مَعَ خُشُوعٍ
وَدُمُوع، رحلتُ إِلَيْهِ عَام أَرْبَعَة
وَعِشْرِيْنَ، فَحملت عَنْهُ.
قُلْتُ: وَحَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ
خَيْر اللَّمْتُوْنِيّ، وَمُحَمَّد بن خَلَف بن صَاف،
وَمُحَمَّد بن جَعْفَرِ بنِ حُمَيْدٍ البَلَنْسِيّ،
وَأَبُو بَكْرٍ بنُ الْجد الفِهْرِيّ، وَمُحَمَّد بن
إِبْرَاهِيْمَ بنِ الفَخَّارِ، وَمُحَمَّد بن يُوْسُفَ
بنِ مفرج البَاقِي بتِلِمْسَان إِلَى سَنَةِ سِتّ
مائَة، وَأَحْمَد بن عَلِيٍّ الحصَار، وَإِبْرَاهِيْم
بن مُحَمَّدِ بنِ ملكُوْن النَّحْوِيّ، وَنَجَبَة بنُ
يَحْيَى، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ عُبَيْدِ اللهِ
الحَجْرِيّ،
__________
(1) في " الصلة " 1 / 234، 235.
(20/143)
وَخَلْق، آخرهُم: عَبْد الرَّحْمَنِ بن
عَلِيٍّ الزُّهْرِيّ الَّذِي حَدَّثَ عَنْهُ بـ
(صَحِيْح البُخَارِيِّ) فِي سَنَةِ 613.
وَتَلاَ عَلَيْهِ بِالسَّبْع عدد كَثِيْر، مِنْهُم:
أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مِقْدَام
الرُّعَيْنِيّ، وَمُحَمَّد بن عَلِيِّ بنِ حسنُوْنَ
الكُتَامِيّ، وَمَاتَا فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّ
مائَةٍ، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ بنِ الغَاسلِ،
وَآخِرُ مَنْ رَوَى عَنْهُ فِي الدُّنْيَا
بِالإِجَازَةِ أَبُو القَاسِمِ أَحْمَدُ بنُ يَزِيْدَ
بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ بَقِيَ البَقَوِيّ،
البَاقِي إِلَى سَنَة خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ
مائَةٍ.
مَاتَ شُرَيْح: فِي الثَّالِث وَالعِشْرِيْنَ مِنْ
جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ تِسْعٍ (1) وَثَلاَثِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ، وَكَانَتْ جِنَازَته مَشْهُوْدَة.
وَفِيْهَا مَاتَ: رَئِيْس الشَّافِعِيَّة أَبُو
مَنْصُوْرٍ سَعِيْد بن مُحَمَّدِ بنِ الرَّزَّاز
البَغْدَادِيّ (2) مُدَرِّس النِّظَامِيَّة.
56 - البَدِيْعُ الهَمَذَانِيُّ أَبُو عَلِيٍّ
أَحْمَدُ بنُ سَعْدٍ * (تَقَدَّم)
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، المُتْقِن، الفَقِيْه،
مُفِيْد هَمَذَان، أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بن سَعْدِ
بنِ عَلِيِّ بنِ الحَسَنِ بنِ القَاسِمِ بن عِنَانٍ
العِجْلِيّ، الهَمَذَانِيّ، المَعْرُوف بِالبَدِيْع.
وُلِدَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ.
وَسَمَّعَهُ أَبُوْهُ، ثُمَّ طلب بِنَفْسِهِ، وَرَحَلَ
وَجَمَعَ.
سَمِعَ مِنْ: أَبِي الفَرَجِ عَلِيّ بن مُحَمَّدِ بنِ
عَبْدِ الحَمِيْدِ كِتَاب (المُتحَابِّين)
__________
(1) في " بغية الملتمس " و" غاية النهاية ": سنة سبع.
(2) سترد ترجمته برقم (103).
(*) تقدمت ترجمته برقم (56) وذكرت مصادر ترجمته هناك.
(20/144)
لابْنِ لاَل (1) ، وَسَمِعَ مِنْ: بَكْر بن
حَيْدٍ، وَيُوْسُف بن مُحَمَّدٍ الهَمَذَانِيّ،
وَالشَّيْخ أَبِي إِسْحَاقَ لمَا مرَّ بِهِم، وَسَمِعَ
بِأَصْبَهَانَ مِنْ: سُلَيْمَانَ الحَافِظ،
وَالرَّئِيْس الثَّقَفِيّ، وَبِبَغْدَادَ مِنْ (2) :
أَبِي الغَنَائِمِ بنِ أَبِي عُثْمَانَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ عَسَاكِرَ (3) ، وَابْنُ
السَّمْعَانِيّ، وَابْنُ الجَوْزِيِّ.
قَالَ أَبُو سَعْدٍ: إِمَام ثِقَة، جَلِيْل الْقدر،
وَاسِع الرِّوَايَة، لَهُ نَظْمٌ.
وَقَالَ شِيْرَوَيْه: فَاضِل، يُرْجِع إِلَى عُلُوْمِ
فِقهٍ وَأَدب، وَحَدَّثَ وَوَعظَ.
تُوُفِّيَ: فِي رَجَبٍ، سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ، وَقَبْره يُزَار.
86 - الزَّيْدِيُّ أَبُو البَرَكَاتِ عُمَرُ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدٍ*
الشَّيْخُ، العَلاَّمَة، المُقْرِئ، النَّحْوِيّ،
عَالِم الكُوْفَة، وَشيخ الزَّيْديَة، أَبُو
البَرَكَاتِ عُمَرُ بن إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدِ
بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ عَلِيِّ بنِ
الحُسَيْنِ بنِ عَلِيِّ بنِ حَمْزَةَ بن يَحْيَى بنِ
الحُسَيْنِ ابنِ الشَّهِيْدِ زَيْدِ بنِ عَلِيٍّ
العَلَوِيُّ، الزَّيْدِيُّ، الكُوْفِيُّ، الحَنَفِيّ،
إِمَام مَسْجِد أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيِّ.
__________
(1) هو الامام أبو بكر أحمد بن علي بن أحمد الهمذاني
المعروف بابن لال، متوفى سنة 318 ه.
مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (41).
(2) زيادة يقتضيها السياق.
(3) انظر " مشيخة " ابن عساكر: 6 / 1.
(*) الأنساب 6 / 341، 342، تاريخ ابن عساكر م 30 / 483
- 484، نزهة الالبا: 399، 400، المنتظم 10 / 114، معجم
الأدباء 15 / 257 - 261، اللباب 2 / 86، إنباه الرواة
2 / 324 - 327، ميزان الاعتدال 3 / 181، العبر 4 /
108، تاريخ الإسلام وفيات 539، تلخيص ابن مكتوم: 159،
البداية والنهاية 12 / 219، طبقات النحاة لابن قاضي
شهبة 2 / 194، لسان الميزان 4 / 280 - 282، النجوم
الزاهرة 5 / 276، تاج التراجم: 48، بغية الوعاة 2 /
215، طبقات المفسرين للداوودي، 2 / 1، طبقات المفسرين
للادنه وي: 142، كشف الظنون 2 / 1562، شذرات الذهب 4 /
122، 123، هدية العارفين 1 / 783، أعيان الشيعة 42 /
216 - 219، تاريخ بروكلمان 2 / 247 (النسخة العربية).
(20/145)
وُلِدَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَلَهُ إِجَازَة مِنْ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ العَلَوِيِّ، تَفَرَّدَ بِهَا.
وَسَمِعَ: أَبَا بَكْرٍ الخَطِيْبَ، وَأَبَا
الحُسَيْنِ بنَ النَّقُّوْرِ، وَابْنَ البُسْرِيِّ،
وَأَبَا الفَرَجِ بنَ عَلاَّنَ، وَأَبَا القَاسِمِ بنَ
المَنْثُوْرِ الجُهَنِيَّ، وَمِنْ مُحَمَّدِ بنِ
الحَسَنِ الأَنْمَاطِيِّ.
وَسكنَ الشَّام مُدَّة.
وَأَخَذَ العَرَبِيَّةَ عَنْ أَبِي القَاسِمِ زَيْدِ
بنِ عَلِيٍّ الفَارِسِيِّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: السَّمْعَانِيُّ، وَابْنُ عَسَاكِرَ
(1) ، وَأَبُو مُوْسَى، وَعِدَّة.
وَتَلاَ عَلَيْهِ بِالقِرَاءات: يَعيشُ بنُ صَدَقَةَ.
قَالَ السَّمْعَانِيُّ: شَيْخ كَبِيْر، لَهُ
مَعْرِفَةٌ بِالفِقْه وَالحَدِيْث وَاللُّغَة
وَالتَّفْسِيْرِ وَالنَّحْوِ، وَلَهُ التَّصَانِيْف
فِي النَّحْوِ، وَهُوَ فَقِيرٌ قَانِع بِاليَسِيْر،
سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: أَنَا زَيدِيُّ المَذْهَب،
لَكِنِّي أُفتِي عَلَى مَذْهَب السُّلْطَان (2) .
وَحَكَى الحَافِظ ابْن عَسَاكِرَ، عَنٍْ شَيْخ
حَدَّثَهُ، عَنْ أَبِي البَرَكَات أَنَّهُ يَقُوْلُ
بالقَدَرِ وَبِخَلْقِ القُرْآنِ (3) .
تُوُفِّيَ: فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ 539.
__________
(1) انظر مشيخة " ابن عساكر: 154 / 2.
(2) يعني مذهب أبي حنيفة رحمه الله.
انظر " الأنساب " 6 / 341، 342.
(3) انظر " ميزان الاعتدال " 3 / 181 و" معجم الأدباء
" 15 / 261.
ونقل المؤلف في " الميزان " و" العبر " أنه كان جارودي
المذهب، ولا يرى الغسل من الجنابة.
انظر مذهب الجارودية في " الملل والنحل " للشهرستاني 1
/ 211.
(20/146)
87 - ابْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ أَبُو الحَسَنِ
عَلِيُّ بنُ هِبَةِ اللهِ البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ، العَالِمُ، المُحَدِّثُ، المُسْنِدُ، أَبُو
الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ عَبْدِ
السَّلاَم بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ يَحْيَى
البَغْدَادِيّ، الكَاتِب.
وُلِدَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ.
وَسَمِعَ: أَبَا مُحَمَّدٍ الصَّرِيْفِيْنِيّ، وَأَبَا
الحُسَيْنِ بنَ النَّقُّوْرِ، وَأَبَا القَاسِمِ بنَ
البُسْرِيِّ، وَأَبَا مَنْصُوْرٍ العُكْبَرِيّ،
وَالحَافِظ الأَمِيْر أَبَا نَصْرٍ بن مَاكُوْلاَ،
وَعِدَّة.
وَعَنْهُ: ابْنُ عَسَاكِرَ (1) ، وَابْن
السَّمْعَانِيّ، وَبُزْغُش مَوْلَى ابْنِ حَمْدِي،
وَإِسْحَاقُ بنُ عَلِيٍّ البَقَّال، وَأَبُو شُجَاعٍ
مُحَمَّدُ بنُ المَقْرُوْنِ، وَالمُبَارَك بن
المُبَارَكِ الحَدَّاد، وَالوَزِيْر يَحْيَى بن
زَبَادَةَ (2) ، وَيَحْيَى بن يَاقُوْت، وَعُمَر بن
طَبَرْزَدَ، وَزَيْد بن الحَسَنِ الكِنْدِيّ،
وَسُلَيْمَان بن المَوْصِلِيّ، وَيُوْسُف بن أَبِي
حَامِد الأُرْمَوِيّ، وَخَلْق.
قَالَ السَّمْعَانِيُّ: شَيْخ كَبِيْر، مِنْ بَيْتِ
الرِّئَاسَةِ وَالتَّقَدُّمِ، وَاسِع الرِّوَايَةِ،
صَاحِب أُصُوْلٍ حَسَنَةٍ مَلِيحَةٍ، سَمِعَ
بِنَفْسِهِ، وَأَكْثَر، وَنَقَلَ وَجَمَعَ، أَكْثَرُ
سَمَاعِهِ بقِرَاءة ابْنِ الخَاضِبَةِ، قَرَأْت
عَلَيْهِ الكَثِيْر، وَكَانَ يَنحدر إِلَى وَاسِط مِنْ
جِهَةِ الخَلِيْفَة عَلَى الأَعْمَال الَّتِي بِهَا،
مَاتَ فِي سَابع رَجَبٍ، سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ.
__________
(*) المنتظم 10 / 115، العبر 4 / 108، النجوم الزاهرة
5 / 276، شذرات الذهب 4 / 122.
(1) انظر " مشيخة " ابن عساكر: 153 / 2.
(2) بموحدة مخففا، كما في " تبصير المنتبه " 2 / 647.
(20/147)
88 - فَاطِمَةُ بِنْتُ البَغْدَادِيِّ أُمُّ
البَهَاءِ بِنْتُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ *
الشَّيْخَةُ، العَالِمَة، الوَاعِظَة، الصَّالِحَة،
المُعَمَّرَة، مُسْنَدَة أَصْبَهَان، أُمُّ البَهَاءِ
فَاطِمَةُ بِنْت مُحَمَّد ابنِ أَبِي سَعْدٍ أَحْمَد
بن الحَسَنِ بنِ عَلِيِّ بنِ البَغْدَادِيِّ
الأَصْبَهَانِيِّ.
مَوْلِدهَا: بَعْد الأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَسَمِعَتْ مِنْ: أَحْمَد بنِ مَحْمُوْدٍ (1)
الثَّقَفِيّ، وَإِبْرَاهِيْم بن مَنْصُوْرٍ سِبْط
بحرويه، وَأَبِي الفَضْلِ عَبْد الرَّحْمَنِ بن
أَحْمَدَ الرَّازِيّ المُقْرِئ، وَسَعِيْد بن أَبِي
سَعِيْدٍ العَيَّار.
وَعُمِّرتْ، وَتَفردت بِأَشيَاءَ.
حَدَّثَ عَنْهَا: السَّمْعَانِيّ، وَابْن عَسَاكِرَ،
وَأَبُو مُوْسَى المَدِيْنِيُّ، وَمُحَمَّد بن أَبِي
طَالِبٍ بن شَهْرَيَار، وَعَبْد اللَّطِيْفِ بن
مُحَمَّدٍ الخُوَارِزْمِيّ، وَمُحَمَّد بن مُحَمَّدِ
بنِ مُحَمَّدٍ الرَّارَانِيّ، وَجَعْفَر بن مُحَمَّد
آيوسَان، وَابْنُ بِنْتِهَا دَاوُد بن مَعْمَرٍ.
قَالَ السَّمْعَانِيُّ (2) : شَيخَةٌ، مُعَمَرَّةٌ،
مُسْنَدَةٌ، وَأَرَّخَ مَوْلِدَهَا.
وَقَالَ أَبُو مُوْسَى: تُوُفِّيَتْ فِي الخَامِسِ
وَالعِشْرِيْنَ مِنْ رَمَضَانَ، سَنَةَ تِسْعٍ
وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
قَالَ: وَلَهَا قَرِيْبٌ مِنْ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ
سَنَةً.
__________
(*) التحبير 2 / 432، 433، معجم شيوخ السمعاني: الورقة
267 / ب، العبر 4 / 109، شذرات الذهب 4 / 123.
(1) في " التحبير " 2 / 432: محمد، وهو خطأ، وأحمد بن
محمود الثقفي أبو طاهر مرت
ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (63).
(2) " التحبير " 2 / 432، 433.
(20/148)
89 - أَكز حُسَامُ الدِّيْنِ الحَاجِبُ *
وَاقفُ المَدْرَسَةِ الأَكزِيَّةِ (1) بِدِمَشْقَ،
حُسَامُ الدّينِ الحَاجِبُ.
مِنْ كُبَرَاءِ أُمَرَاءِ دِمَشْقَ.
أُمسِكَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ، وَسُمِلَتْ
عَينَاهُ، وَسُجِنَ، وَأُخِذتْ أَمْوَالُهُ.
90 - ابْنُ طِرَادٍ عَلِيُّ بنُ طِرَادِ بنِ مُحَمَّدٍ
الهَاشِمِيُّ **
الوَزِيْرُ الكَبِيْرُ، أَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ ابنُ
النَّقيبِ الكَامِلِ أَبِي الفَوَارِسِ طِرَادِ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الهَاشِمِيُّ، العَبَّاسِيُّ،
الزَّيْنَبِيُّ، البَغْدَادِيُّ.
مرَّ أَبُوْهُ (2) وَأَعمَامُهُ (3) .
وُلِدَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ.
سَمِعَ مِنْ: أَبِيْهِ، وَعَمَّيْهِ؛ أَبِي نَصْرٍ
وَأَبِي طَالِبٍ، وَأَبِي القَاسِمِ بنِ
__________
(*) مختصر تنبيه الطالب: 30.
(1) انظر موقعها في " مختصر تنبيه الطالب " ص 30.
(* *) الأنساب 6 / 346 (الزينبي)، المنتظم 10 / 109،
الكامل في التاريخ 11 / 97، الفخري: 305، 306، دول
الإسلام 2 / 56، العبر 4 / 104، البداية والنهاية 12 /
219، النجوم الزاهرة 5 / 273 و274، شذرات الذهب 4 /
117.
(2) أبو الفوارس طراد المتوفى سنة 491، مرت ترجمته في
الجزء التاسع عشر برقم (24).
(3) عمه أبو نصر محمد بن محمد، المتوفى سنة نيف وسبعين
وأربع مئة، مرت ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم
(228).
وأعمامه أبو يعلى حمزة بن محمد المتوفى سنة 514 ه،
وأبو طالب نور الهدى الحسين بن محمد المتوفى سنة 512
ه، وأبو تمام محمد بن محمد، وأبو منصور محمد بن محمد،
مرت تراجمهم في الجزء التاسع عشر، وكذا جده أبو الحسن
محمد بن علي المتوفى سنة 427 ه مرت ترجمته في الجزء
التاسع عشر.
(20/149)
البُسْرِيِّ، وَرِزقِ اللهِ التَّمِيْمِيِّ،
وَابْنِ طَلْحَةَ النِّعَالِيِّ، وَنظَامِ المُلْكِ
(1) ، وَعِدَّةٍ.
وَأَجَازَ لَهُ: أَبُو جَعْفَرٍ بنُ المُسْلِمَةِ.
رَوَى الكَثِيْرَ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو أَحْمَدَ بنُ سُكَيْنَةَ،
وَأَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ
ابْنُ عَسَاكِرَ (2) ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
أَحْمَدَ بنِ عَصِيَّةَ، وَطَائِفَةٌ سِوَاهُم.
وَكَانَ يَصلحُ لإِمرَةِ المُؤْمِنِيْنَ، وَلِي
أَوَّلاً نَقَابَةَ العَبَّاسِيِّيْنَ بَعْدَ
وَالِدِهِ، وَعَظُمَ شَأْنُهُ، إِلَى أَنْ وَزَرَ
لِلمُسْترشِدِ سَنَةَ 523، فَقَلَّدَ أَخَاهُ أَبَا
الحَسَنِ مُحَمَّدَ بنَ طِرَادٍ النَّقَابَةَ.
ثُمَّ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ قُبِضَ
عَلَى الوَزِيْرِ عَلِيٍّ، وَحُبِسَ وَاحتِيْطَ عَلَى
أَمْوَالِهِ وَنَائِبِهِ، وَأَقَامُوا فِي نِيَابَةِ
الوزَارَةِ مُحَمَّدَ بنَ الأَنْبَارِيِّ، ثُمَّ
أُطْلِقَ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَقُرِّرَ
عَلَيْهِ مَالٌ يَزِنُهُ، وَوَزَرَ أَنُوشروَانُ (3)
قَلِيْلاً، ثُمَّ أُعِيْدَ ابْنُ طِرَادٍ إِلَى
الوزَارَةِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ، وَزِيْدَ فِي
تَفخِيمِهِ.
ثُمَّ سَارَ فِي خِدمَةِ المُسْترشِدِ لِحَرْبِ
مَسْعُوْدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مَلِكْشَاه، فَلَمَّا
قُتِلَ المُسْترشدُ قَبضُوا عَلَى الوَزِيْرِ.
ثُمَّ تَوجَّهَ مَسْعُوْدٌ بجَيْشِهِ إِلَى بَغْدَادَ
وَمَعَهُ الوَزِيْرُ أَبُو القَاسِمِ، فَوَصَلَ
الوَزِيْرُ سَالِماً، وَقَدْ هَرَبَ الرَّاشدُ بِاللهِ
وَلَدُ المُسْترشدِ إِلَى المَوْصِلِ، فَدبَّرَ
الوَزِيْرُ فِي خلعِهِ، وَبَايعَ المُقْتَفِي،
فَاسْتوزَرَهُ، وَعظم مُلكُه، فَلَمْ (4) يَزَلْ عَلَى
الوزَارَةِ إِلَى أَنْ هَرَبَ إِلَى دَارِ
__________
(1) هو الحسن بن علي الطوسي، مرت ترجمته في الجزء
التاسع عشر برقم (53).
(2) انظر " مشيخة " ابن عساكر 143 / 2.
(3) تقدمت ترجمته برقم (7).
(4) في الأصل: فلما.
(20/150)
السُّلْطَانِ مُسْتجيراً بِهَا لأَمرٍ
خَافَهُ، وَنَاب فِي الوزَارَةِ قَاضِي القُضَاةِ
الزَّيْنَبِيُّ، وَذَلِكَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ
وَثَلاَثِيْنَ.
ثُمَّ اسْتوزَرَ المُقْتَفِي ابْنَ جَهِيرٍ (1) ،
ثُمَّ قَدِمَ السُّلْطَانُ مَسْعُوْدٌ بَغْدَادَ
سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ، وَلَزِمَ ابْنُ طِرَادٍ
بَيْتَهُ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ.
قَالَ السَّمْعَانِيُّ: كَانَ عَلِيُّ بنُ طِرَادٍ
صدراً، مَهِيْباً، وَقُوْراً، دقيقَ النَّظَرِ، حَادَّ
الفرَاسَةِ، عَارِفاً بِالأُمُوْرِ السَّنِيَّةِ
العِظَامِ، شُجَاعاً، جَرِيئاً، خلعَ الرَّاشدَ،
وَجَمَعَ النَّاسَ عَلَى خَلعِهِ وَمُبَايعَةِ
المُقْتَفِي فِي يَوْمٍ.
ثُمَّ إِنَّ المُقْتَفِي تَغَيَّرَ رَأْيُهُ فِيْهِ،
وَهَمَّ بِالقبضِ عَلَيْهِ، فَالتَجَأَ إِلَى دَارِ
السُّلْطَانِ.
فَلَمَّا قَدِمَ السُّلْطَانُ، أَمرَ بِحملِهِ إِلَى
دَارِهِ مُكَرَّماً، فَاشْتَغَلَ بِالعِبَادَةِ،
وَكَانَ كَثِيْرَ التِّلاَوَةِ وَالصَّلاَةِ، دَائِمَ
البِشْرِ، لَهُ إِدرَارٌ عَلَى القُرَّاءِ
وَالزُّهَّادِ.
قَرَأْتُ عَلَيْهِ الكَثِيْرَ، وَكَانَ يُكرمنِي
غَايَةَ الإِكرَامِ، وَأَوّلُ مَا دَخَلتُ عَلَيْهِ
فِي وَزَارتِهِ قَالَ: مَرْحَباً بصنعَةٍ لاَ تَنفُقُ
إِلاَّ عِنْدَ المَوْتِ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ الجِيْلِيُّ: مَاتَ
الوَزِيْرُ شرفُ الدّينِ عَلِيُّ بنُ طِرَادٍ فِي
مُسْتهلِّ رَمَضَانَ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ، وَشَيَّعَهُ وَزِيْرُ الوَقْتِ أَبُو
نَصْرٍ بنُ جَهِيْرٍ وَخَلاَئِقُ -رَحِمَهُ اللهُ-.
91 - الزَّمَخْشَرِيُّ أَبُو القَاسِمِ مَحْمُوْدُ بنُ
عُمَرَ بنِ مُحَمَّدٍ *
العَلاَّمَةُ، كَبِيْرُ المُعْتَزِلَةِ، أَبُو
القَاسِمِ مَحْمُوْدُ بنُ عُمَرَ بنِ مُحَمَّدٍ
__________
(1) سترد ترجمته برقم (190).
(*) الأنساب 6 / 297، 298، نزهة الالبا: 391 - 393،
المنتظم 10 / 112، معجم البلدان 3 / 147، معجم الأدباء
19 / 126 - 135، اللباب 2 / 74، الكامل 11 / 97، إنباه
الرواة 3 / 265 - 272، وفيات الأعيان 5 / 168 - 174،
المختصر في أخبار البشر 3 / 16، إشارة التعيين: الورقة
53، 54، البدر السافر ورقة 193، تاريخ الإسلام: وفيات
538، ميزان الاعتدال 4 / 78، العبر 4 / 106، دول
الإسلام 2 / 56، تذكرة الحفاظ 4 / 1283، تلخيص ابن
مكتوم: 243، 244، المستفاد من ذيل تاريخ بغداد: 228،
229، تتمة =
(20/151)
الزَّمَخْشَرِيُّ، الخُوَارِزْمِيُّ،
النَّحْوِيُّ (1) ، صَاحِبُ (الكَشَّافِ (2))،
وَ(المُفَضَّلِ (3)).
رحلَ وَسَمِعَ بِبَغْدَادَ مِنْ: نَصْرِ بنِ البَطِرِ،
وَغَيْرِهِ.
__________
= المختصر 2 / 70، 71، مرآة الجنان 3 / 269 - 271،
البداية والنهاية 12 / 219، الجواهر المضية 2 / 160،
161، العقد الثمين 7 / 137 - 150، طبقات المعتزلة: 20،
طبقات ابن قاضي شهبة 2 / 241 - 244، لسان الميزان 6 /
4، النجوم الزاهرة 5 / 274، تاج التراجم: 71، بغية
الوعاة 2 / 279، 280، طبقات المفسرين للسيوطي: 41،
طبقات المفسرين للداوودي 2 / 314 - 316، طبقات الفقهاء
لطاش كبري: 94، 95، مفتاح السعادة 2 / 97 - 100، أزهار
الرياض 3 / 282 - 325، كشف الظنون: 74، 117، 121، 164،
185، 616، 781، 831، 832، 833، 1009، 1056، 1082،
1217،، 1326، 1398، 1427، 1475، 1478، 1584، 1674،
1734، 1774، 1791، 1798، 1877، 1890، 1955، 1987،
شذرات الذهب 4 / 118 - 121، الفوائد البهية: 209، 210،
روضات الجنات: 681 - 684، إيضاح المكنون 1 / 67 و2 /
86، هدية العارفين 2 / 402، 403، معجم المطبوعات: 973،
الفهرس التمهيدي 259 و303، كنوز الاجداد: 291 - 294،
تاريخ بروكلمان 5 / 215 - 238، وانظر كتاب " الزمخشري
" للدكتور أحمد محمد الحوفي، ففيه دراسة وافية عن
حياته وآرائه ثم عن مؤلفاته وآثاره، نشر الهيئة
المصرية العامة للكتاب، وكتاب " منهج الزمخشري في
تفسير القرآن وبيان إعجازه " لمصطفى الصاوي.
(1) وكان قد جاور بمكة زمانا، فصار يقال له: جار الله.
" وفيات الأعيان " 5 / 169.
(2) وقد قال فيه يمدحه:
إن التفاسير في الدنيا بلا عدد * وليس فيها لعمري مثل
كشافي
إن كنت تبغي الهدى فالزم قراءته * فالجهل كالداء
والكشاف كالشافي
وعلى هذا الكتاب شروح وتعليقات وردود على آرائه في
الاعتزال ونقد لبعض المسائل النحوية، ومنه مختصرات،
انظر ذلك في " كشف الظنون " 2 / 1475 - 1484، وانظر ما
طبع منها والنسخ الخطية لما لم يطبع في " تاريخ "
بروكلمان 5 / 217 - 224.
(3) في النحو، وهو من أمهات الكتب وأنفسها في تعليم
النحو، وهو مطبوع عدة مرات، وقد اعتنى العلماء بهذا
الكتاب، فوضعوا له شروحا عدة، انظرها في " كشف الظنون
" 2 / 1774 - 1776، وانظر ما طبع منها في " تاريخ "
بروكلمان 5 / 225 - 227.
وقد اختصر الزمخشري كتابه " المفصل " هذا بكتاب "
الانموذج في النحو " وجعله مقدمة نافعة للمبتدئ
كالكافية، وعليه عدة شروح أيضا طبع بعضها، انظر "
تاريخ " بروكلمان 5 / 227 - 229، و" كشف الظنون " 1 /
185.
(20/152)
وَحَجَّ، وَجَاورَ، وَتَخَرَّجَ بِهِ
أَئِمَّةٌ.
ذَكَرَ التَّاجُ الكِنْدِيُّ أَنَّهُ رَآهُ عَلَى
بَابِ الإِمَامِ أَبِي مَنْصُوْرٍ بنِ الجوَالِيقِيِّ
(1) .
وَقَالَ الكَمَالُ الأَنْبَارِيُّ (2) : لَمَّا قَدِمَ
الزَّمَخْشَرِيُّ لِلْحَجِّ، أَتَاهُ شَيْخُنَا أَبُو
السَّعَادَاتِ بنُ الشَّجرِيِّ (3) مُهَنِّئاً
بِقدومِهِ، وَقَالَ:
كَانَتْ مُسَاءلَةُ الرُّكبَانِ تُخْبرنِي ... عَنْ
أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ (4) أَطيبَ الخَبَرِ
حَتَّى الْتَقَيْنَا فَلاَ وَاللهِ مَا سَمِعَتْ ...
أُذنِي بِأَحْسَنَ مِمَّا قَدْ رَأَى بَصْرِي (5)
وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَلَمْ يَنطقِ الزَّمَخْشَرِيُّ
حَتَّى فَرغَ أَبُو السَّعَادَاتِ، فَتَصَاغرَ لَهُ
وَعظَّمَهُ، وَقَالَ:
إِنَّ زَيدَ الْخَيل دَخَلَ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَرَفَعَ (6)
صَوْتَهُ بِالشَّهَادَتَيْنِ، فَقَالَ لَهُ: (يَا
زَيْد (7) ! كُلُّ رَجُلٍ وُصفَ لِي وَجَدْتُهُ دُوْنَ
__________
(1) تقدمت ترجمته برقم (50).
(2) في نزهة الالبا: 392.
(3) سترد ترجمته برقم (126).
(4) في " نزهة الالبا " و" معجم الأدباء ": " دواد "
بدل " علي ".
(5) وأورد الأنباري بعدهما أنه أنشده أيضا: وأستكبر
الاخبار قبل لقائه * فلما التقينا صغر الخبر الخبر
والابيات أيضا في " معجم الأدباء " 19 / 128، و"
المستفاد من ذيل تاريخ بغداد " 228.
وقد أورد ابن خلكان البيتين الأولين في ترجمة جعفر بن
فلاح، ونسبهما إلى ابن هانئ الأندلسي، ورواية البيت
الأول: " عن جعفر بن فلاح " بدل: " عن أحمد بن دواد "
ثم قال بعد ذكر البيتين: والناس يروون هذين البيتين
لأبي تمام في القاضي أحمد بن أبي دواد، وهو غلط، لان
البيتين ليسا لأبي تمام، وهم يروونهما عن أحمد بن
دواد، وهو ليس بابن دواد، بل ابن أبي دواد، ولو قال
كذا لما استقام الوزن.
" وفيات الأعيان " 1 / 361، 362، ثم أورد ابن خلكان
الابيات الثلاثة في ترجمة ابن الشجري 6 / 46.
(6) في " نزهة الالبا ": فحين بصر بالنبي صلى الله
عليه وسلم " رفع صوته.
(7) في " نزهة الالبا ": يا زيد الخيل.
(20/153)
الصِّفَةِ إِلاَّ أَنْتَ، فَإِنَّك فَوْقَ مَا
وُصِفْتَ (1) ، وَكَذَلِكَ الشَّرِيْفُ (2))، وَدَعَا
لَهُ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ.
قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ بِالإِجَازَةِ: أَبُو طَاهِرٍ
السِّلَفِيُّ، وَزَيْنَبُ بِنْتُ الشَّعْرِيِّ.
وَرَوَى عَنْهُ أَنَاشيدَ: إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ
اللهِ الخُوَارِزْمِيُّ، وَأَبُو سَعْدٍ أَحْمَدُ بنُ
مَحْمُوْدٍ الشَّاشِيُّ، وَغَيْرُهُمَا.
وَكَانَ مَوْلِدُهُ بزَمَخْشَرَ - قَرْيَةٍ مِنْ
عَمَلِ خُوَارِزْم - فِي رَجَبٍ، سَنَةَ سَبْعٍ
وَسِتِّيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَكَانَ رَأْساً فِي البلاغَةِ وَالعَرَبِيَّةِ
وَالمَعَانِي وَالبيَانِ، وَلَهُ نَظْمٌ جَيِّدٌ.
قَالَ السَّمْعَانِيُّ: أَنشدنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ
عَبْدِ اللهِ، أَنشدنِي الزَّمَخْشَرِيُّ لِنَفْسِهِ
يَرْثِي أُسْتَاذَهُ أَبَا مُضَرَ النَّحْوِيَّ (3) :
وَقَائِلَةٍ: مَا هَذِهِ الدُّرَرُ الَّتِي ...
تُسَاقِطُهَا عينَاك (4) سِمْطَيْنِ سِمْطَيْنِ؟
فَقُلْتُ: هُوَ الدُّرُّ الَّذِي قَدْ حشَا بِهِ(5)
... أَبُو مُضَرَ أُذْنِي تَسَاقَطَ مِنْ عَيْنِي
__________
(1) أورده ابن سعد في " الطبقات " 1 / 321 بلفظ: " ما
ذكر لي رجل من العرب إلا رأيته دون ما ذكر لي اإلا ما
كان من زيد، فإنه لم يبلغ كل ما فيه " وابن حجر في "
الإصابة " 1 / 573 في ترجمة زيد الخيل بلفظ " ما وصف
لي أحد في الجاهلية فرأيته في الإسلام إلا رأيته دون
الصفة غيرك ".
(2) ما بين حاصرتين مستدرك من " نزهة الالبا ".
(3) وهو محمود بن جرير الضبي الأصبهاني، مات بمرو سنة
سبع وخمس مئة، مترجم في " معجم الأدباء " 19 / 123،
124، و" بغية الوعاة " 2 / 276، وسماه ابن خلكان
منصورا.
والبيتان في " وفيات الأعيان " 5 / 172، و" معجم
الأدباء " 19 / 124، و" إنباه الرواة " 3 / 267، و"
المستفاد من ذيل تاريخ بغداد " 229، و" بغية الوعاة "
2 / 276، و" العقد الثمين " 7 / 148، و" النجوم
الزاهرة ؟ ؟ 274، و" شذرات الذهب " 4 / 120.
(4) في " الوفيات " و" العقد الثمين " و" النجوم " و"
الشذرات ": تساقط من عينيك.
(5) في " الوفيات " و" العقد الثمين " و" النجوم ":
الذي كان قد حشا.
(20/154)
أَنْبَأَنِي عِدَّةٌ، عَنْ أَبِي المُظَفَّرِ
بنِ السَّمْعَانِيِّ، أَنشدنَا أَحْمَدُ بنُ
مَحْمُوْدٍ القَاضِي بِسَمَرْقَنْدَ، أَنشدنَا
أُسْتَاذِي مَحْمُوْدُ بنُ عُمَرَ:
أَلاَ قُلْ لِسُعْدَى: مَا لَنَا فِيكِ مِنْ وَطَرٍ
... وَمَا تَطَّبينَا (1) النُّجْلَ مِنْ أَعْيَنِ
البَقَرْ
فَإِنَّا اقتصرنَا بِالَّذِيْنَ تَضَايَقَتْ ...
عيونُهُم وَاللهُ يَجزِي مَنِ اقتصرْ
مليحٌ وَلَكِنْ عِنْدَهُ كُلُّ جَفوَةٍ ... وَلَمْ
أَرَ فِي الدُّنْيَا صفَاءً بِلاَ كَدَرْ
وَلَمْ أَنْسَ إِذْ غَازَلْتُهُ قُرْبَ رَوْضَةٍ ...
إِلَى جَنْبِ حَوْضٍ فِيْهِ لِلمَاءِ مُنْحَدَرْ
فَقُلْتُ لَهُ: جِئنِي بوَرْدٍ، وَإِنَّمَا ...
أَردْتُ بِهِ وَردَ الخُدودِ وَمَا شَعَرْ
فَقَالَ: انتظرنِي رَجْعَ طَرْفٍ أَجِئْ بِهِ ...
فَقُلْتُ لَهُ: هَيْهَاتَ مَا فِيَّ (2) مُنْتَظَرْ
فَقَالَ: وَلاَ وَرْدٌ سِوَى الخَدِّ حَاضِرٌ ...
فَقُلْتُ لَهُ: إِنِّيْ قَنِعْتُ بِمَا حَضَرْ (3)
قُلْتُ: هَذَا شعرٌ ركيكٌ لاَ رَقِيق.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: قَرَأْتُ عَلَى زَيْنَبَ
بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِنَيْسَابُوْرَ، عَنِ
الزَّمَخْشَرِيِّ، أَخْبَرْنَا ابْنُ البَطِرَةِ...،
فَذَكَرَ حَدِيْثاً مِنْ (المَحَامِلِيَّاتِ).
قَالَ السَّمْعَانِيُّ: بَرَعَ فِي الآدَابِ،
وَصَنَّفَ التَّصَانِيْفَ، وَرَدَ العِرَاقَ
وَخُرَاسَانَ، مَا دَخَلَ بَلَداً إِلاَّ وَاجتمعُوا
عَلَيْهِ، وَتَلْمَذُوا لَهُ، وَكَانَ عَلاَّمَةً
نَسَّابَةً، جَاور مُدَّةً حَتَّى هَبَّتْ عَلَى
كَلاَمِهِ رِيَاحُ البَادِيَةِ، مَاتَ لَيْلَةَ
عرفَةَ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ
مائَةٍ.
وَقَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ (4) : لَهُ (الفَائِقُ) فِي
غَرِيْبِ الحَدِيْثِ، وَ(رَبِيْعُ
__________
(1) تطبينا: تستميلنا، وفي " الوفيات " و" العقد
الثمين ": تطلبين، وليس بشيء.
(2) في " الوفيات " و" العقد الثمين ": ما لي.
(3) الابيات في " وفيات الأعيان " 5 / 172، و" العقد
الثمين " 7 / 147.
(4) في " وفيات الأعيان " 5 / 168، 169.
(20/155)
الأَبرَارِ)، وَ(أَسَاسُ البلاغَةِ)،
وَ(مُشتَبه أَسَامِي الرُّوَاةِ)، وَكِتَابُ
(النَّصَائِح)، وَ(المنهَاجُ فِي الأُصُوْلِ)،
وَ(ضَالَّةُ النَّاشدِ (1)).
قِيْلَ: سقطَتْ رِجْلُهُ، فَكَانَ يَمْشِي عَلَى جَاون
خشب، سَقَطت مِنَ الثَّلجِ (2) .
وَكَانَ دَاعِيَةً إِلَى الاعتزَالِ، اللهُ
يُسَامِحُهُ.
92 - البَحِيْرِيُّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ
اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ *
الشَّيْخُ الثِّقَةُ، الصَّالِحُ، مُسْنِدُ
نَيْسَابُوْرَ، أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُحَمَّدٍ
البَحِيْرِيُّ، النَّيْسَابُوْرِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ.
سَمِعَ: أَبَا بَكْرٍ البَيْهَقِيَّ، وَأَحْمَدَ بنَ
مَنْصُوْرٍ المَغْرِبِيَّ، وَالإِمَامَ أَبَا
القَاسِمِ القُشَيْرِيَّ، وَوَالِدَهُ، وَعَمَّهُ
عَبْدَ الحَمِيْدِ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنَ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ المِيكَالِيَّ، وَأَبَا سهلٍ الحفصيَّ،
وَعِدَّةً.
وَتَفَرَّدَ بِسَمَاعِ (المُتَّفق وَالمُفتَرَقِ)
لِلْجَوْزَقِي (3) ، عَنِ المَغْرِبِيِّ.
__________
(1) طبع من كتبه: " أساس البلاغة " و" الفائق في غريب
الحديث " و" الامكنة والجبال والمياه والبقاع المشهورة
في أشعار العرب " و" النصائح الكبار " ويسمى كذلك
بالمقامات، و" المستقصى في الأمثال "، و" نوابغ الكلم
" و" أطواق الذهب " و" النصائح الصغار " و" أعجب العجب
في شرح لامية العرب " و" مقدمة الأدب " و" ربيع
الابرار " انظر " معجم المطبوعات " 973 - 976، وانظر
النسخ الخطية لبعض كتبه غير المطبوعة في " تاريخ "
بروكلمان 5 / 216 - 238، وانظر بقية تصانيفه في " معجم
الأدباء " 19 / 133 - 135، و" وفيات الأعيان " 5 /
168، 169، و" هدية العارفين " 2 / 402، 403.
(2) انظر " وفيات الأعيان " 5 / 169 و" معجم الأدباء "
19 / 127، وفيهما سبب آخر لقطع رجله.
(*) التحبير 1 / 394، العبر 4 / 110، شذرات الذهب 4 /
125، 126.
(3) وهو أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد، المتوفى
سنة 388 ه، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر برقم
(364).
(20/156)
حَدَّثَ عَنْهُ: السَّمْعَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ
بنُ فَضْلِ اللهِ السَّالارِيُّ، وَالمُؤَيَّدُ بنُ
مُحَمَّدٍ الطُّوْسِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَأَجَازَ لِعَبْدِ الرَّحِيْمِ بنِ السَّمْعَانِيِّ.
وَهُوَ مِنْ بَيْتِ رِوَايَةٍ وَدِينٍ.
مَاتَ: فِي جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَمَاتَ أَبُوْهُ العَدْلُ الجَلِيْلُ أَبُو الحَسَنِ
عَبْدُ اللهِ (1) بَعْدَ السِّتِّيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ.
يَرْوِي عَنْ: أَبِي نُعَيْمٍ عَبْدِ المَلِكِ
الإِسْفَرَايِيْنِيِّ، وَجَمَاعَةٍ.
يَرْوِي عَنْهُ: زَاهِرٌ الشَّحَّامِيُّ فِي
(مَشْيَخَتِهِ).
__________
(1) مرت ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (163).
(20/157)