سير أعلام
النبلاء، ط الرسالة الطَّبَقَةُ الثَّلاَثُوْنَ
305 - ابْنُ الفَاخِرِ أَبُو أَحْمَدَ مَعْمَرُ بنُ عَبْدِ
الوَاحِدِ القُرَشِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الوَاعِظُ، العَالِمُ، المُحَدِّثُ
المُفِيْدُ، الرَّحَّالُ، الثِّقَة، أَبُو أَحْمَدَ
مَعْمَرُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ رَجَاءِ (1) بنِ عَبْدِ
الوَاحِدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الفَاخِرِ بنِ أَحْمَدَ
القُرَشِيّ، العَبْشَمِيّ، السَّمُرِيُّ،
الأَصْبَهَانِيُّ، المُعَدَّلُ.
مَوْلِده: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ.
سَمِعَ: أَبَا الفَتْحِ أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدٍ
الحَدَّادَ، وَأَبَا المَحَاسِنِ الرُّوْيَانِيَّ شَيْخَ
الشَّافِعِيَّةِ، وَأَبَا عَلِيٍّ أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدِ
بنِ الفَضْلِ بنِ شَهْرَيَارَ، وَأَبَا طَاهِرٍ
المُحَسَّدَ بنَ أَبِي الحُسَيْنِ، وَغَانِمَ بنَ
مُحَمَّدٍ البَرْجِيَّ، وَأَبَا عَلِيٍّ الحَدَّادَ،
وَالحَافِظَ أَبَا زَكَرِيَّا بنَ مَنْدَةَ، وَعَبْدَ
الصَّمَدِ بنَ أَحْمَدَ العَنْبَرِيَّ، وَعَبْدَ الوَاحِدِ
بنَ مُحَمَّدٍ الدَّشْتَجَ، وَمُحَمَّدَ بنَ أَبِي
عَدْنَانَ، وَعِدَّةً بِأَصْبَهَانَ، وَهِبَةَ اللهِ بنَ
__________
(*) المنتظم 10 / 229، الكامل 11 / 349، دول الإسلام 2 /
78، العبر 4 / 189، تذكرة الحفاظ 4 / 1319 - 1321،
المستفاد من ذيل تاريخ بغداد: 231، 232، مرآة الجنان 3 /
377، البداية والنهاية 12 / 260، شذرات الذهب 4 / 214.
(1) في " الكامل " و" البداية ": رجار.
(20/485)
الحُصَيْنِ، وَأَبَا غَالِبٍ بنَ
البَنَّاءِ، وَأَحْمَدَ بنَ رِضْوَانَ، وَأَبَا العِزِّ
بنَ كَادِشٍ، وَقَاضِي المَرَسْتَانِ، وَعِدَّةً
بِبَغْدَادَ، وَارْتَحَلَ إِلَيْهَا غَيْرَ مَرَّةٍ.
وَأَجَازَ لَهُ: أَبُو الحُسَيْنِ بنُ العَلاَّفِ،
وَإِسْمَاعِيْل بن الحَسَنِ السَّنْجَبَسْتِيّ صَاحِب
أَبِي بَكْرٍ الحِيْرِيّ، وَلَمْ يَزَلْ يَكتب حَتَّى
أَخَذَ عَنِ الحَافِظ أَبِي القَاسِمِ بنِ عَسَاكِرَ،
وَسَمِعَ أَوْلاَده، وَأَفَاد الغربَاء.
لَهُ سَبْع رحلاَت إِلَى بَغْدَادَ، وَسَمِعَ
بِالحَرَمَيْنِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ، وَابْن
عَسَاكِرَ، وَابْن الجَوْزِيِّ، وَعَبْد الغَنِيِّ، وَابْن
قُدَامَةَ، وَابْن الأَخْضَر، وَعُمَر بن جَابِرٍ، وَأَبُو
حَفْصٍ السُّهْرَوَرْدِيّ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ
المُقَيَّرِ، وَآخَرُوْنَ.
ذَكَرَهُ السَّمْعَانِيّ، فَقَالَ: شَابٌّ كَيِّس، حسن
العَشْرَة وَالصُّحْبَة، سخِي متودد، يُرَاعِي حُقُوقَ
الأَصْدِقَاءِ، وَيَقْضِي حَوَائِجَهُم، أَكْثَرُ مَا
سَمِعْتُ بِأَصْبَهَانَ كَانَ بِإِفَادَتِهِ، كَانَ
يَدُورُ مَعِي مِنَ الصَّبَاح إِلَى اللَّيْلِ عَلَى
الشُّيُوْخِ - شَكَرَ اللهُ سَعيَهُ - ثُمَّ كَانَ
يُنفِّذُ إِلَيَّ الأَجزَاءَ لأَنسخَهَا، وَيَكْتُبُ
إِلَيَّ بِوَفَاةِ الشُّيُوْخِ، كَتبَ لِي جُزْءاً عَنْ
شُيُوْخِه، وَحَدَّثَنِي بِهِ (1) .
وَقَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ (2) : كَانَ مِنَ الحُفَّاظِ
الوُعَّاظِ، وَلَهُ مَعْرِفَةٌ حَسَنَةٌ بِالحَدِيْثِ،
كَانَ يُخَرِّجُ وَيُمْلِي، سَمِعْتُ مِنْهُ
بِالمَدِيْنَةِ، مَاتَ بِالبَادِيَة ذَاهِباً إِلَى
الحَجّ، فِي ذِي القَعْدَةِ، فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ
وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَقَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: كَانَ سرِيع الكِتَابَة،
مَوْصُوَفاً بِالحِفْظ وَالمَعْرِفَة وَالثِّقَة
وَالصَّلاَح وَالمُروءة وَالوَرَعِ، صَنّف كَثِيْراً فِي
الحَدِيْثِ وَالتَّوَارِيخ وَالمَعَاجِم،
__________
(1) انظر " المستفاد ": 232.
(2) في " المنتظم " 10 / 229.
(20/486)
وَكَانَ مُعَظَّماً بِبلده، ذَا قبُول
وَوجَاهَة.
قُلْتُ: آخر مَنْ رَوَى عَنْهُ بِالإِجَازَةِ: عِيْسَى بن
سَلاَمَةَ الخَيَّاط، فَسَمِعَ مِنْهُ عَفِيْف الدِّيْنِ
الآمِدِيّ تِسْعَة مَجَالِس لِمَعْمَرٍ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَافِظِ بنُ بَدْرَانَ، أَخْبَرَنَا
أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ قُدَامَةَ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرُ بنُ
الفَاخر، أَخْبَرَنَا أَبُو الفَتْحِ الحَدَّادُ،
أَخْبَرْنَا ابْنُ عبدكويه، أَخْبَرَنَا الطَّبَرَانِيُّ،
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، حَدَّثَنَا
القَعْنَبِيُّ، حَدَّثَنَا مُغِيرَة بن عَبْدِ
الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ،
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-: (لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحاً بِتَوْبَةِ
أَحَدِكُم مِنْ أَحَدِكُم بِضَالَّتِهِ إِذَا وَجَدَهَا
(1)).
قَالَ ابْنُ مَشِّقْ: مَاتَ مَعْمَرٌ فِي ثَالِثَ عَشَرَ
ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ
مائَةٍ، عَاشَ سَبْعِيْنَ سَنَةً.
306 - ابْنُ خُضَيْرٍ أَبُو طَالِبٍ المُبَارَكُ بنُ
عَلِيٍّ البَغْدَادِيُّ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الصَّادِقُ، المُفِيْد، أَبُو
طَالِبٍ المُبَارَك بن عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ
ابْنُ خُضَيْرٍ البَغْدَادِيّ، الصَّيْرَفِيّ، البَزَّاز.
وُلِدَ: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه مسلم في أول كتاب التوبة (2) من
طريق القعنبي - عبد الله بن مسلمة - بهذا الإسناد، وأخرجه
الترمذي (3538) من طريق قتيبة عن المغيرة، واقتصر ابن
الأثير على نسبته للترمذي فقصر، ولم يستدركه عليه صديقنا
الشيخ عبد القادر.
وفي الباب عن ابن مسعود والبراء بن عازب، وأنس بن مالك،
والنعمان بشير وهي مخرجه في " شرح السنة " 5 / 83 - 88،
وجامع الأصول 2 / 508 - 511.
(*) العبر 4 / 179، تذكرة الحفاظ 4 / 1319، تبصير المنتبه
1 / 445، النجوم الزاهرة 5 / 376، شذرات الذهب 4 / 206.
(20/487)
وَسَمِعَ بِنَفْسِهِ مَا لاَ يُوْصَف
كَثْرَةً مِنْ: جَعْفَر السَّرَّاج، وَالحَاجِب أَبِي
الحَسَنِ بنِ العَلاَّفِ، وَأَبِي سَعْدٍ بنِ خُشَيْشٍ،
وَأَبِي الغَنَائِمِ النَّرْسِيِّ، وَأَبِي القَاسِمِ بنِ
بَيَانٍ، وَأَبِي عَلِيٍّ بنِ نَبْهَانَ، وَأَبِي سَعْدٍ
بنِ الطُّيُوْرِيِّ، وَأَبِي العِزِّ مُحَمَّدِ بنِ
المُخْتَارِ، وَيَنْزِل إِلَى قَاضِي المَرَسْتَان،
وَإِسْمَاعِيْل بن السَّمَرْقَنْدِي، بَلْ وَإِلَى ابْنِ
نَاصر، وَابْن البَطِّيِّ، وَارْتَحَلَ، فَسَمِعَ
بِدِمَشْقَ مِنْ: هِبَة اللهِ بن الأَكْفَانِي، وَعَبْد
الكَرِيْم بن حَمْزَةَ.
وَبُورك لَهُ فِي حَدِيْثِهِ، وَحَدَّثَ بِأَكْثَر
مَسْمُوْعَاته مرَاراً.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ السَّمْعَانِيّ، وَأَبُو القَاسِمِ
ابْنُ عَسَاكِرَ، وَأَبُو الفَضْلِ بنُ شَافع، وَأَبُو
الفَرَجِ ابْنُ الجَوْزِيِّ - فَأَكْثَر - وَأَحْمَد بن
البَنْدَنِيْجِيّ، وَابْن الأَخْضَر، وَأَبُو طَالِبٍ بنُ
عَبْدِ السَّمِيْعِ، وَالحَافِظ عَبْد الغَنِيِّ،
وَالشَّيْخ مُوَفَّق الدِّيْنِ، وَمَنْصُوْر بن المُعَوّجِ
(1) ، وَأَحْمَد بن المُعِزِّ الحَرَّانِيّ، وَخَلْقٌ،
وَبِالإِجَازَة: الرَّشِيْد بن مَسْلَمَةَ.
قَالَ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ: سَمِعَ الكَثِيْر،
وَنسخ، وَلَهُ جِدٌّ فِي الطَّلَب عَلَى كِبَرِ السِّنِّ،
وَهُوَ جَمِيْل الأَمْر، سَدِيد السيرَة، خَرَّج لَهُ
أَبُو القَاسِمِ الدِّمَشْقِيّ جُزْءاً، سَمِعْتُ مِنْهُ،
وَسَمِعَ مِنِّي.
وَقَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: كَانَ مِنَ المُكْثِرِيْنَ
سَمَاعاً وَكِتَابَة وَتَحصيلاً إِلَى آخِرِ عُمُرِهِ،
وَلَهُ فِي ذَلِكَ جِدٌّ وَاجْتِهَاد، وَكَانَتْ لَهُ حَال
وَاسِعة مِنَ الدُّنْيَا، فَأَنفقهَا فِي طَلَبِ
الحَدِيْثِ وَعَلَى أَهْله إِلَى أَنِ افْتقر، كتب
الكَثِيْر، وَحصَّل الأُصُوْل الحسَان، وَكَانَ عَفِيْفاً،
نَزِهاً، صَالِحاً، مُتَدَيِّناً، يَسرد الصَّوْم، وَكَانَ
يَمْشِي كَثِيْراً
__________
(1) في الأصل: " المعبوج " وهو خطأ، وهو الشيخ أبو غالب
منصور بن أحمد بن أبي غالب محمد البغدادي المراتبي ابن
المعوج، متوفى سنة 643، ستأتي ترجمته في الجزء الثاني
والعشرين.
(20/488)
فِي الطَّلَب، وَيُحَدِّث مِنْ لَفظِهِ،
وَيدُورُ عَلَى المكَاتِبِ، وَيُحَدِّث الصِّبْيَانَ،
وَكَانَ صَدُوْقاً مَعَ قَلَّة مَعْرِفَتِهِ بِالعِلْمِ
وَسُوءِ فَهمِه، وَكَانَ خطُّه رَدِيئاً كَثِيْرَ السقم.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ الشّعَار: مَاتَ شَيْخنَا ابْنُ
خُضَيْرٍ لَيْلَة الجُمُعَة، ثَالِثَ عَشَرَ ذِي
الحِجَّةِ، مِنْ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ
مائَةٍ فَجْأَةً -رَحِمَهُ اللهُ-.
307 - نَفِيْسَةُ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ
البَزَّازَةُ البَغْدَادِيَّةُ *
وَتُسَمَّى: فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدِ بن عَلِيٍّ
البَزَّازَةَ، البَغْدَادِيَّةَ، أُخْتَ أَبِي الفَرَجِ
بنِ البَزَّازَةِ.
سَمِعَتْ مِنْ: طِرَادٍ الزَّيْنَبِيِّ، وَابْنِ طَلْحَةَ
النِّعَالِيِّ.
وَعَنْهَا: الحَافِظُ عَبْدُ الغَنِيِّ، وَالشَّيْخُ
المُوَفَّقُ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الكَاشْغَرِيُّ،
وَعِدَّةٌ، وَمِنَ القُدَمَاءِ: أَبُو سَعْدٍ
السَّمْعَانِيُّ.
وَأَجَازت لابْنِ مَسْلَمَةَ.
تُوُفِّيَت: فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ ثَلاَثٍ
وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
308 - ابْنُ الزُّبَيْرِ أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ
إِبْرَاهِيْمَ الغَسَّانِيُّ **
القَاضِي الرَّشِيْدُ، أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ
عَلِيِّ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدِ
__________
(*) العبر 4 / 183، النجوم الزاهرة 5 / 380، شذرات الذهب 4
/ 210، أعلام النساء 5 / 190، 191.
(* *) خريدة القصر (قسم مصر) 1 / 200 - 202، معجم الأدباء
4 / 51 - 66، معجم البلدان 1 / 192، الروضتين 1 / 147،
وفيات الأعيان 1 / 160 - 164، الطالع السعيد: 47 - 50،
الوافي بالوفيات 7 / 220 - 225، مرآة الجنان 3 / 367 -
369، طبقات الاسنوي 1 / 116 - 118، النجوم الزاهرة 5 /
373، 374، بغية الوعاة 1 / 337، 338، حسن المحاضرة 1 /
540، كشف الظنون: 169، 606، شذرات الذهب 4 / 197، 203، =
(20/489)
بنِ الزُّبَيْرِ الغَسَّانِيُّ،
الأُسْوَانِيُّ، الكَاتِبُ البَلِيْغُ.
لَهُ (دِيْوَان)، وَلَهُ كِتَاب (الجَنَانِ (1)).
وَلأَخِيْهِ المُهَذَّبِ الحَسَنِ (2) (دِيْوَان) أَيْضاً.
وَلَهُمَا يَدٌ فِي النّظم وَالنثر وَرِئَاسَة وَحِشْمَة،
فَالمُهَذَّبُ أَشعرُهُمَا (3) ، وَالرَّشِيْد
أَعْلَمُهُمَا.
وَلِي الرَّشِيْد نَظَرَ الإِسْكَنْدَرِيَّة مُكرهاً،
ثُمَّ قُتل ظُلماً فِي المُحَرَّمِ، سَنَةَ ثَلاَثٍ
وَسِتِّيْنَ، لِمَيْلِهِ إِلَى أَسَدِ الدِّيْنِ
شِيرْكُوْه.
__________
= 204، روضات الجنات: 76، 77، هدية العارفين 1 / 86، معجم
المطبوعات: 447، أعيان الشيعة 9 / 84 - 97، تاريخ بروكلمان
5 / 155 (النسخة العربية).
(1) في " وفيات الأعيان " و" معجم الأدباء ": " جنان
الجنان ورياض الاذهان " وهو كما قال ياقوت في أربع مجلدات،
يشتمل على شعر شعراء مصر ومن طرأ عليهم.
وهو تكملة لكتاب " يتيمة الدهر " للثعالبي.
انظر " تاريخ " بروكلمان 5 / 155.
وله أيضا كتاب " منية الالمعي وبلغة المدعي " وقد سماه
حاجي خليفة: " أمنية الالمعي.." وقال: وهي المقامة
الحصيبية، رمى بها غرض الفكاهة، وأملاها بلسان الدعابة،
وذكر فيها علوما جمة، ثم شرح ما فيها من ألفاظ لغوية،
ومسائل علمية، فصار نزهة للناظرين.
وقد طبع في إيليا بنفقة محمد محمود الحبال سنة 1318 ه،
واختصر الشرح الشيخ طاهر الجزائري، وجعل في صدر المقالة
ترجمة للمؤلف، طبع سنة 1320 ه انظر " معجم المطبوعات ".
وقد جعل بروكلمان كتاب " أمنية الالمعي.
" والمقامة الحصيبية كتابين مستقلين.
انظر " تاريخه " 5 / 155 (النسخة العربية).
وانظر بقية تصانيفه في " معجم الأدباء " 4 / 54، 55، و"
هدية العارفين " 1 / 86.
(2) المتوفى سنة 561 ه، مترجم في: النكت العصرية: 35،
الخريدة (قسم شعراء مصر) 1 / 204 - 225، معجم الأدباء 9 /
47 - 70، الروضتين 1 / 147، وفيات الأعيان 1 / 161، الطالع
السعيد: 100، الوافي بالوفيات 12 / 131 - 138، فوات
الوفيات 1 / 337 - 342، حسن المحاضرة 1 / 242، تاريخ
الدولتين الموحدية والحفصية للزركشي: 95، طبقات المفسرين
للداوودي 1 / 135، شذرات الذهب 4 / 197، أعيان الشيعة 22 /
181.
(3) في ترجمته من " الخريدة " و" معجم الأدباء " و" الوافي
" و" فوات الوفيات " كثير من شعره، فانظره.
(20/490)
وَكَانَ أَسودَ، صَاحِبَ فُنُوْنٍ.
وَمَاتَ أَخُوْهُ قَبْلَهُ بعَامَين.
309 - ابْنُ الكُرَيْدِيِّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ
مَهْدِيِّ الهِلاَلِيُّ *
الشَّيْخُ، العَالِمُ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ
مَهْدِيِّ بن مُفَرّج الهِلاَلِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ،
طَبِيْبُ المَرَسْتَانِ.
سَمِعَ: أَبَا الفَضْلِ بنَ الكُرَيْدِيِّ، وَأَبَا
القَاسِمِ النَّسِيبَ، وَأَبَا طَاهِرٍ الحِنَّائِيَّ،
وَبِبَغْدَادَ أَبَا بَكْرٍ الأَنْصَارِيَّ، وَغَيْرهُ.
نَسَخَ بِخَطِّهِ الكَثِيْر.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو القَاسِمِ ابْنُ عَسَاكِرَ، وَأَبُو
نَصْرٍ ابْنُ الشِّيْرَازِيِّ، وَمُكرم القُرَشِيّ،
وَكَرِيْمَةُ الزُّبَيْرِيَّةُ، وَآخَرُوْنَ.
مَاتَ: فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ، وَقَدْ قَارب الثَّمَانِيْنَ.
310 - السَّوِيْقِيُّ أَبُو عَاصِمٍ قَيْسُ بنُ مُحَمَّدِ
بنِ إِسْمَاعِيْلَ **
الشَّيْخُ الصَّالِح، أَبُو عَاصِمٍ قَيْس بن مُحَمَّدِ
بنِ إِسْمَاعِيْلَ الأَصْبَهَانِيّ، السَّوِيْقِيّ،
الصُّوْفِيّ، المُؤَذِّنُ بِجَامِع أَصْبَهَانَ، رَفِيقُ
أَبِي نَصْرٍ اليُوْنَارَتِيِّ إِلَى بَغْدَادَ.
سَمِعَ مِنْ: أَبِي الحَسَنِ بنِ العَلاَّفِ، وَالحَسَن بن
مُحَمَّدٍ التِّكَكِيّ، وَأَبِي غَالِبٍ البَاقِلاَّنِي،
وَعِدَّة.
__________
(*) مترجم في تاريخ ابن عساكر.
(* *) العبر 4 / 179، شذرات الذهب 4 / 206.
(20/491)
وَانتَقَى لَهُ اليُوْنَارَتِيُّ جُزْءاً
رَوَاهُ غَيْرَ مَرَّةٍ.
قَالَ السَّمْعَانِيُّ: مَا اتَّفَقَ لِي السَّمَاعُ
مِنْهُ، وَحَدَّثَنِي عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُم مُحَمَّدُ
بنُ أَبِي نَصْرٍ الخُوِنْجَانِيُّ (1) .
قُلْتُ: وَرَوَى عَنْهُ بِالإِجَازَةِ: ابْن اللَّتِّيِّ،
وَكَرِيْمَة القُرَشِيَّة.
تُوُفِّيَ: فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَة اثْنَتَيْنِ
وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
311 - الزَّاغُوْلِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ
الحُسَيْنِ بنِ مُحَمَّدٍ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الحَافِظُ، الزَّاهِدُ، القُدْوَةُ،
أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ بنِ عَلِيِّ بنِ يَعْقُوْبَ
المَرْوَزِيُّ (2) ، الزَّاغُوْلِيُّ، الأَرُزِّيُّ.
وَزَاغُولُ: قَرْيَةٌ مِنْ نَاحِيَة بَنْجدِيْه (3) .
ذَكَره الحَافِظُ السَّمْعَانِيُّ، وَحَدَّثَ عَنْهُ هُوَ
وَوَلَدُهُ أَبُو المُظَفَّرِ عَبْدُ الرَّحِيْمِ،
فَقَالَ:
تَفَقَّهَ عَلَى وَالِدِي أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدٍ،
وَالمُوَفَّقِ بنِ عَبْدِ الكَرِيْمِ
__________
(1) بضم الخاء المعجمة وكسر الواو وسكون النون وفتح الجيم
وفي آخرها النون، نسبة إلى خونجان: قرية من قرى أصبهان،
مترجم في " الأنساب " 5 / 211.
(*) الأنساب 6 / 221، اللباب 2 / 53، الوافي بالوفيات 2 /
373، طبقات السبكي 6 / 99، 100، طبقات الاسنوي 1 / 115،
كشف الظنون: 1367، شذرات الذهب 4 / 187، 188، هدية
العارفين 2 / 94.
(2) كذا في الأصل بالزاي، وهي نسبة إلى مرو الشاهجان أشهر
مدن خراسان، لكن صاحب الترجمة من زاغول، وهي من مر الروذ
كما ذكر السمعاني في " الأنساب " 6 / 221، فالصواب في هذه
النسبة: " المروذي " بالراء المشددة والذال وانظر " معجم
البلدان " 3 / 126 (زاغول) و5 / 112، 113 (مرو).
(3) وكتب منفصلة هكذا بنج ديه، وهي من أعمال مرو الروز،
ومعناه بالعربي: خمس قرى، ويقال في النسبة إليها:
البنجديهي، والبندهي، والفنجديهي.
انظر " وفيات الأعيان " 4 / 391، وحاشية " الأنساب " 2 /
309.
(20/492)
الهَرَوِيِّ، وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي
الفَتْحِ نَصْرِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الحَنَفِيِّ، وَمُحْيِي
السُّنَّةِ أَبِي مُحَمَّدٍ البَغَوِيِّ، وَعِيْسَى بنِ
شُعَيْبٍ السِّجْزِيِّ، وَغَيْرِهِم، وَكَانَ صَالِحاً،
خشن الْعَيْش، قَانِعاً بِاليَسِيْر، عَارِفاً
بِالحَدِيْثِ وَطرقه، اشْتَغَل بِطَلبه وَجَمْعِه طُول
عُمُره، وَجَمَعَ، وَصَنَّفَ، وَكَانَ عَارِفاً
بِاللُّغَةِ، كتب الكَثِيْر، وَرَحَلَ إِلَى هَرَاة،
سَمِعْتُ مِنْهُ وَبقِرَاءته، جمع كِتَاباً كَبِيْراً
أَكْثَر مِنْ أَرْبَع مائَة مجلدَة، يَشتمل عَلَى
التَّفْسِيْر وَالحَدِيْث وَالفِقْه وَاللُّغَة، سَمَّاهُ
(قَيْد الأَوَابد)، وُلِدَ سَنَةَ بِضْعٍ وَسَبْعِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَقَالَ أَبُو سَعْدٍ فِي (مُعْجَم) وَلَدِه عَبْد
الرَّحِيْمِ: وُلِدَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ،
وَتُوُفِّيَ فِي ثَانِيَ عَشَرَ جُمَادَى الآخِرَة، سَنَة
تِسْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
قُرَئ عَلَى أَبِي الفَضْلِ بنِ عَسَاكِرَ، وَأَجَازَهُ
لَنَا عَنْ عَبْدِ الرَّحِيْمِ بنِ أَبِي سَعْدٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ
الأَرُزِّيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الفَتْحِ الحَنَفِيّ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّبَّاس،
حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرَّفَّاءُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ
بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بنُ عُمَرَ،
حَدَّثَنَا مَنْصُوْرُ بنُ أَبِي الأَسْوَدِ، عَنْ أَبِي
الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ
عَائِشَةَ، قَالَتْ:
كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
يُجنبُ ثُمَّ يَنَامُ وَلاَ يَمَسُّ مَاءً (1) .
__________
(1) وأخرجه أبو داود (228) والترمذي (118) وابن ماجه (583)
والبيهقي 1 / 201 من طريقين عن أبي إسحاق بهذا الإسناد،
وصححه الدارقطني والبيهقي، وله شاهد عند ابن خزيمة (211)،
وابن حبان (232) وأحمد 1 / 25، ولمسلم (739) عن عائشة
قالت: كان ينام أول الليل ويحيي آخره، ثم إن كانت له حاجة
إلى أهله قضى حاجته، ثم ينام، فإذا كان عند النداء الأول،
وثب، فأفاض عليه الماء، وإن لم يكن جنبا توضأ وضوء الرجل
للصلاة، ثم صلى الركعتين.
(20/493)
312 - البَاذَرَائِيُّ أَبُو المَكَارِمِ
المُبَارَكُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ المُعَمَّرِ *
الشَّيْخُ الصَّالِح الصَّدُوْق، أَبُو المَكَارِمِ
المُبَارَكُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ المُعَمَّرِ
البَاذَرَائِيُّ، البَغْدَادِيُّ.
سَمِعَ مِنْ: أَبِي الخَطَّابِ بن البَطِرِ، وَأَبِي
بَكْرٍ الطُّرَيْثِيْثِيّ، وَعَلِيّ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ
أَبِي الخَطَّابِ الجَرَّاحِ، وَجَمَاعَة.
وَعَنْهُ: تَمِيْم البَنْدَنِيْجِيّ، وَالحَافِظ عَبْد
الغَنِيِّ، وَالحَافِظ عَبْد القَادِر الرُّهَاوِيّ،
وَالشَّيْخ المُوَفَّق، وَعَلِيّ بن ثَابِتٍ
الطَّالبَانِي، وَعَلِيّ بن الحُسَيْنِ بن يوحن
البَاورِّيّ، وَجَمَاعَة.
قَالَ الشَّيْخُ المُوَفَّق: هُوَ شَيْخ صَالِح ضَعِيْف،
أَكْثَرُ أَوقَاته مُسْتلقٍ عَلَى قفَاهُ، وَكَانَ
يَسْأَلنَا عَنِ الصَّلاَة قَاعِداً لعجزِهِ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ فِي العِشْرِيْنَ مِنْ جُمَادَى
الآخِرَة، سَنَة سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ (1) وَخَمْسِ مائَةٍ،
وَكَانَ زَاهِداً، مقصوداً بِالزِّيَارَة، مُعَمَّراً.
313 - ابْنُ الدَّامَغَانِيِّ جَعْفَرُ بنُ عَبْدِ اللهِ
بنِ مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيُّ **
الشَّيْخُ، أَبُو مَنْصُوْرٍ جَعْفَرُ بنُ عَبْدِ اللهِ
ابنِ قَاضِي القُضَاة أَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بنِ
عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الدَّامَغَانِيِّ
البَغْدَادِيُّ.
__________
(*) معجم البلدان 1 / 317 (بادرايا)، الاستدراك لابن نقطة:
باب البادرائي والبادراني والمادرائي، العبر 4 / 200،
النجوم الزاهرة 6 / 66، شذرات الذهب 4 / 224.
والباذرائي ضبطت في الأصل بالذال المعجمة، وضبطها ابن نقطة
بالدال المهملة المفتوحة، وهي نسبة إلى بادرايا من أعمال
واسط، وقد تحرفت في " الشذرات " إلى الباورائي، بالواو بدل
الدال.
(1) في " معجم البلدان " 1 / 317: سنة 552، وهو خطأ.
(* *) المختصر المحتاج إليه من تاريخ ابن الدبيثي: 272،
العبر 4 / 204، الوافي بالوفيات 11 / 108، شذرات الذهب 4 /
227.
(20/494)
شيخٌ رَئِيْس، كَاتِبٌ مَحْمُوْدُ
الطّرِيقَةِ.
سَمِعَ مِنْ: أَبِي مُسْلِمٍ السِّمْنَانِيّ، وَثَابِتِ
بنِ بُنْدَار، وَأَبِي طَاهِرٍ بنِ سِوَارٍ، وَابْنِ
العَلاَّفِ، وَعِدَّةٍ.
وَكَانَ صَدُوْقاً، مُكْثِراً.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ الأَخْضَر، وَأَحْمَد بن أَحْمَدَ
البَنْدَنِيْجِيّ، وَابْنُه يَحْيَى بن جَعْفَرٍ،
وَآخَرُوْنَ.
مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ تِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَمَاتَ: فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَة ثَمَانٍ
وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
يُلَقَّبُ: مُهَذَّبَ الدَّوْلَة، تَولَّى الإِشرَاف عَلَى
دِيْوَان العمَائِر (1) .
314 - الصَّائِنُ ابْنُ عَسَاكِرَ أَبُو الحُسَيْنِ هِبَةُ
اللهِ بنُ الحَسَنِ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، العَالِم، الفَقِيْه، المُفْتِي،
المُحَدِّث، صَائِن الدِّيْنِ، أَبُو الحُسَيْنِ (2)
هِبَةُ اللهِ بنُ الحَسَنِ بنِ هِبَة اللهِ بنِ عَبْدِ
اللهِ الدِّمَشْقِيُّ، الشَّافِعِيُّ، ابْنُ عَسَاكِرَ،
أَخُو الحَافِظِ (3) .
وُلِدَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَتَلاَ بِالرِّوَايَاتِ عَلَى أَبِي الوَحْشِ سُبَيْعٍ
صَاحِب الأَهْوَازِيّ، وَعَلَى
__________
(1) انظر " الوافي " 11 / 108 والزيادة منه.
(*) خريدة القصر (قسم الشام) 1 / 281، وفيات الأعيان 3 /
311، العبر 4 / 184، فوات الوفيات 4 / 235، 236، طبقات
السبكي 7 / 324، 325، طبقات الاسنوي 2 / 215، 2116، النجوم
الزاهرة 5 / 380، الدارس 1 / 84، شذرات الذهب 4 / 210.
(2) في " طبقات " الاسنوي: أبو الحسن.
(3) أبي القاسم، سترد ترجمته برقم (354).
(20/495)
مُصَنّف (المُقْنِعِ) فِي القِرَاءات
أَحْمَدَ بنِ خَلَفٍ الأَنْدَلُسِيِّ.
وَسَمِعَ مِنَ: النَّسِيْبِ (1) وَطَبَقَتِهِ، وَوُجد لَهُ
سَمَاع مِنْ أَبِي الحَسَنِ بنِ أَبِي الْجرْو (2) صَاحِب
ابْنِ السِّمْسَار، فَلَمْ يَرْوِهِ، وَقَالَ: لاَ
أَحقُّه.
وَتَفَقَّهَ وَبَرَعَ، وَرَحَلَ، فَسَمِعَ مِنْ: أَبِي
عَلِيٍّ بنِ نَبْهَانَ، وَأَبِي عَلِيٍّ بنِ المَهْدِيّ،
وَعِدَّة.
وَسَمِعَ: (سُنَن الدَّارَقُطْنِيِّ) وَكتبه.
وَقرَأَ الأُصُوْل وَالنَّحْو، وَتَقدم، وَسَمِعَ
الكَثِيْر، وَدرس بِالغَزَّاليَةِ (3) .
وَحَدَّثَ أَيْضاً بِـ (الطَّبَقَاتِ) لابْنِ سَعْدٍ.
وَعُرِضت عَلَيْهِ خطَابَةُ دِمَشْقَ، فَامْتَنَعَ،
وَاجتهد بِهِ خَالُه القَاضِي أَبُو المَعَالِي مُحَمَّد
بن يَحْيَى القُرَشِيّ (4) أَنْ يَنوبَ عَنْهُ فِي الحكم،
فَأَبَى (5) .
حَدَّثَ عَنْهُ: أَخُوْهُ، وَابْنُ أَخِيْهِ القَاسِم،
وَابْنُ أَخِيْهِ زَين الأُمَنَاءِ، وَأَبُو القَاسِمِ
ابْنُ صَصْرَى، وَسيفُ الدَّوْلَة مُحَمَّد بن غَسَّانَ،
وَمُكْرَم بن أَبِي الصَّقْرِ، وَالمُفْتِي فَخْر
الدِّيْنِ ابْن عَسَاكِرَ، وَجَمَاعَة.
مَاتَ: فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسِتِّيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَلَقَدْ كتب بِخَطِّهِ مِنَ العِلْمِ شَيْئاً كَثِيْراً.
__________
(1) علي بن إبراهيم، المتوفى سنة 508، مرت ترجمته في الجزء
التاسع عشر برقم (212).
(2) كذا ضبط في الأصل بالجيم والراء بعدها واو. وفي "
طبقات " السبكي: الخير.
(3) انظر " مختصر تنبيه الطالب ": 64، 65.
(4) الذي تقدمت ترجمته برقم (82).
(5) انظر " طبقات " السبكي 7 / 325.
(20/496)
315 - عَبْدُ الخَالِقِ بنُ أَسَدِ بنِ
ثَابِتٍ أَبُو مُحَمَّدٍ الدِّمَشْقِيُّ *
الفَقِيْه، الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، المُفْتِي، أَبُو
مُحَمَّدٍ الدِّمَشْقِيُّ، الحَنَفِيُّ، الطَّرَابُلُسِيُّ
الأَصْلِ.
كَانَ فَقِيْهاً شَافِعِيّاً، ثُمَّ تَحَوَّلَ حنفِياً،
وَتَفَقَّهَ عَلَى البَلْخِيّ.
وَرَحَلَ فِي الحَدِيْثِ، وَصَنَّفَ، وَخَرَجَ، وَدرس
بِالمُعِيْنِيَّةِ وَبِالصَّادرِيَة (1) ، وَوعظ النَّاس،
وَكَانَ يُلَقَّبُ تَاج الدِّيْنِ.
سَمِعَ: جَمَال الإِسْلاَمِ عَلِيَّ بنَ المُسَلَّمِ،
وَعَبْد الكَرِيْم بن حَمْزَةَ، وَطَاهِر بن سَهْل
الإِسْفَرَايِيْنِي، وَعَلِيّ بن قُبَيْس المَالِكِيّ،
وَيَحْيَى بن بِطْرِيْقٍ، وَنَصْرَ اللهِ المَصِّيْصِيّ.
وَبِبَغْدَادَ مِنْ قَاضِي المَرَسْتَان، وَأَبِي
القَاسِمِ بنِ السَّمَرْقَنْدِيِّ، وَأَحْمَد بن مُحَمَّدٍ
الزَّوْزَنِيّ، وَعَبْد الوَهَّابِ الأَنْمَاطِيّ،
وَطَبَقَتِهِم.
وَبِالكُوْفَةِ أَبَا البَرَكَات عُمَرَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ
العَلَوِيّ، وَبِهَمَذَان هِبَة اللهِ ابْن أُخْت
الطَّوِيْل، وَبِأَصْبَهَانَ فَاطِمَة بِنْت
البَغْدَادِيّ، وَعَتِيْق بن أَحْمَدَ الرُّوَيْدَشْتِيّ.
وَصَنَّفَ (مُعْجَماً) لِشُيُوْخِه.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ غَالِبٌ، وَسيف الدَّوْلَة
مُحَمَّد بن غَسَّانَ، وَإِسْمَاعِيْل بن يَدَاش
السَّلاَّرُ، وَآخَرُوْنَ.
__________
(*) العبر 4 / 187، تذكرة الحفاظ 4 / 1320 وتحرف فيه اسم
أبيه أسد إلى أسعد، الجواهر المضية 2 / 368 - 370، النجوم
الزاهرة 5 / 381، تاج التراجم: 37، الدارس 1 / 538،
الطبقات السنية رقم (1153)، مختصر تنبيه الطالب: 93 و107،
كشف الظنون: 172، 1654، شذرات الذهب 4 / 212، هدية
العارفين 1 / 509.
(1) وكلاهما من مدارس الأئمة الحنفية، انظر عنهما " مختصر
تنبيه الطالب " 4 ؟ و106، 107، وتحرف اسم المعينية في "
الشذرات " إلى المعتبية، بمثناة فوقية بعدها باء موحدة.
(20/497)
وَعفرَةُ أَمهرُ فِي الحَدِيْثِ مِنْهُ.
مَاتَ: فِي المُحَرَّمِ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَلَهُ شعرٌ حسن، فَمِنْهُ:
قَلَّ الحِفَاظُ فَذُو العَاهَاتِ مُحتَرَمُ ...
وَالشَّهْمُ ذُو الفَضْلِ يُؤذَى مَع سَلاَمَتِهِ
كَالقَوْسِ يُحْفَظُ عَمداً وَهُوَ ذُو عِوَجٍ ...
وَيُنبَذُ السَّهْمُ قَصْداً لاستِقَامَتِهِ (1)
عَاشَ: نَيِّفاً وَسِتِّيْنَ سَنَةً.
316 - ابْنُ النَّقُّوْرِ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
أَحْمَدَ البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ، المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، الخَيِّرُ، أَبُو
بَكْرٍ عَبْدُ اللهِ ابْنُ الشَّيْخِ أَبِي مَنْصُوْرٍ
مُحَمَّدِ ابْنِ الشَّيْخِ الكَبِيْرِ أَبِي الحُسَيْنِ
أَحْمَدَ بن مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ النَّقُّوْرِ
البَغْدَادِيُّ، البَزَّازُ.
وُلِدَ: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
سَمِعَ: المُبَارَكَ بنَ عَبْدِ الجَبَّارِ
الصَّيْرَفِيَّ، وَأَبَا الحَسَنِ عَلِيَّ بنَ مُحَمَّدٍ
العَلاَّفَ، وَأَحْمَدَ بنَ المُظَفَّرِ بنِ سَوْسَنٍ،
وَالحَسَنَ بنَ مُحَمَّدٍ التِّكَكِيَّ، وَوَالِدَه أَبَا
مَنْصُوْرٍ، وَأَبَا القَاسِمِ بنَ بَيَانٍ، وَأَبَا
البَرَكَاتِ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ الوَكِيْلَ،
وَأَبَا سَعْد الأَسَدِيّ، وَأَبَا القَاسِمِ عَلِيّ بن
الحُسَيْنِ الرَّبَعِيَّ، وَهِبَة اللهِ بنَ أَحْمَدَ بنِ
النَّرْسِيِّ، وَأَبَا مُحَمَّدٍ القَاسِمَ بنَ عَلِيٍّ
الحَرِيْرِيَّ الأَدِيْبَ، وَهِبَةَ اللهِ بنَ أَحْمَدَ
المَوْصِلِيَّ، وَعِدَّةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ، وَعُمَرُ
بنُ عَلِيٍّ القُرَشِيّ، وَعُمَر
__________
(1) البيتان في " الجواهر المضية " 2 / 369 وفيه " ينفذ "
بدل " ينبذ ".
(*) العبر 4 / 190، 191، النجوم الزاهرة 5 / 384، شذرات
الذهب 4 / 215.
(20/498)
العُلَيْمِيّ، وَالحَافِظ عَبْد الغَنِيِّ،
وَالشَّيْخ المُوَفَّق، وَمُحَمَّد بن عِمَاد، وَعَبْد
العَزِيْزِ بن باقَا، وَالفَخْرُ مُحَمَّد بن
إِبْرَاهِيْمَ الإِرْبِلِيُّ، وَعَبْد اللَّطِيْفِ بن
يُوْسُفَ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ عُمَرُ بنُ عَلِيٍّ: طَلَبَ أَبُو بَكْرٍ
بِنَفْسِهِ، وَقَرَأَ، وَكَتَبَ، وَكَانَ مِنْ أَهْلِ
الدِّيْنِ وَالصَّلاَحِ، وَمِنَ التَّحرِّي عَلَى دَرَجَة
رفِيعَةٍ، قلَّ مَا رَأَيْتُ فِي شُيُوْخِنَا أَكْثَر
تَثبُّتاً (1) مِنْهُ.
قَالَ ابْنُ مَشِّقْ: تُوُفِّيَ عَاشِرَ شَعْبَانَ، سَنَة
خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
317 - ابْنُ هِلاَلٍ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
المُسَلَّمِ الأَزْدِيُّ *
الشَّيْخُ الجَلِيْل، العَدْلُ، الأَمِيْنُ، المُسْنِدُ،
أَبُو المَكَارِمِ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
المُسَلَّمِ بنِ الحَسَنِ بنِ هِلاَلٍ الأَزْدِيُّ،
الدِّمَشْقِيُّ.
سَمَّعَهُ أَبُوْهُ حُضُوْراً جُزْءاً مِنْ حَدِيْثِ
خَيْثَمَة علَى الشَّيْخ عَبْدِ الكَرِيْم
الكَفْرَطَابِيِّ.
وَسَمِعَ مِنَ: الشَّرِيْفِ النَّسِيْبِ، وَأَبِي طَاهِرٍ
الحِنَّائِيِّ، وَأَبِي الحَسَنِ بنِ المَوَازِينِيِّ.
وَأَجَازَ لَهُ: الفَقِيْه نَصْر بن إِبْرَاهِيْمَ
المَقْدِسِيّ، وَسَهْل بن بِشْرٍ الإِسْفَرَايِيْنِي،
وَعَبْد اللهِ بن عَبْدِ الرَّزَّاقِ الكَلاَعِيّ.
وَكَانَ مَوْلِدُهُ: فِي جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ
تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَتَفَرَّد بِبَعْض مَرْوِيَّاتِهِ وَإِجَازَاتِه عَنْ
نَصْرٍ وَغَيْرِهِ.
__________
(1) في الأصل: تثبيتا.
(*) العبر 4 / 191، النجوم الزاهرة 5 / 384، شذرات الذهب 4
/ 251.
(20/499)
وَكَانَ عَدلاً كَبِيْراً، متجملاً، حَجَّ
غَيْرَ مَرَّةٍ، وَوَقَفَ، وَتَصدَّقَ، وَكَانَ ذَا حظٍّ
مِنْ صَلاَةٍ وَتِلاَوَةٍ وَصِيَامٍ، وَأُثنِي عَلَيْهِ
بِهَذَا وَبِغَيْرِهِ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: الحَافِظُ أَبُو القَاسِمِ ابْنُ
عَسَاكِرَ، وَابْنه، وَابْن أَخِيْهِ زَين الأُمَنَاءِ،
وَأَبُو القَاسِمِ ابْنُ صَصْرَى، وَالحَافِظُ عَبْدُ
الغَنِيِّ، وَالشَّيْخ أَبُو عُمَرَ، وَمُوَفَّقُ
الدِّيْنِ أَخُوْهُ، وَالشِّهَابُ مُحَمَّد بن خَلَفِ بنِ
رَاجحٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ غَسَّانَ، وَآخَرُوْنَ.
مَاتَ: فِي عَاشرِ جُمَادَى الآخِرَة، سَنَة خَمْسٍ
وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ (1) مائَةٍ، وَدُفِنَ بِمَقْبَرَة
بَابِ الفَرَادِيْس.
وَفِي أَوْلاَده مَشَايِخُ وَرُوَاةٌ وَنُبَلاَءُ.
318 - الفَارِقِيُّ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ
عَبْدِ الحَمِيْدِ *
زَاهِدُ العِرَاقِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ (2) مُحَمَّدُ بنُ
عَبْدِ المَلِكِ بنِ عَبْدِ الحَمِيْدِ، نَزِيْلُ
بَغْدَادَ.
كَانَ يُذكِّرُ بَعْدَ الصَّلاَةِ بِجَامِعِ القَصْرِ،
يَجْلِسُ عَلَى آجُرَّتين، وَكَانَ يَحضُرُه العُلَمَاءُ
وَالرُّؤَسَاءُ، وَلَهُ عبَارَةٌ عذبَة عَلَى لِسَانِ
الفَقْرِ، وَلَهُ حَالٌ وَتَأَلُّهٌ، وَمُجَاهِدَاتٌ،
وَكَانَ حَسَنَ النَّزْهِ، مَليحَ الوَجْهِ، لَهُ
فَصَاحَةٌ وَبيَانٌ (3) .
حَدَّثَ عَنْ: جَعْفَر السَّرَّاجِ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ سُكَيْنَةَ.
__________
(1) في الأصل: وأربع، وهو خطأ.
(*) المنتظم 10 / 229، الكامل 11 / 350، المختصر 3 / 48،
العبر 4 / 188، 189، تتمة المختصر 2 / 118، الوافي
بالوفيات 4 / 44، البداية والنهاية 12 / 260، شذرات الذهب
4 / 214.
والفارقي: نسبة إلى ميافارقين، فخففت النسبة، انظر "
الأنساب " 9 / 217.
(2) في " الكامل " و" المختصر " و" تتمة المختصر " أبو
محمد
(3) وانظر بعض شعره في " الوافي " 4 / 44.
(20/500)
وَلَهُ كَلاَمٌ فِي المَحَبَّة وَالذَّوقِ،
يَتَغَالَى فِيْهِ الفُضَلاَء وَيَكْتُبونه (1) .
وَكَانَ فَقِيراً، مُتقلِّلاً، لاَ يَدَّخِرُ شَيْئاً،
لَمْ يَجِئْ بَعْد الشَّيْخ عَبْدِ القَادِرِ مِثْلُ
الفَارِقِيّ.
وَعَاشَ: سَبْعاً وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
تُوُفِّيَ: فِي رَجَبٍ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ.
319 - فُورجه مَحْمُوْدُ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ بنِ
عَلِيِّ الأَصْبَهَانِيُّ *
الشَّيْخُ الأَمِيْنُ، المُعَمَّرُ، أَبُو القَاسِمِ
مَحْمُوْدُ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ بنِ عَلِيِّ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الأَصْبَهَانِيُّ،
التَّاجِرُ، المَعْرُوفُ بِفُورجه.
سَمِعَ (جُزءَ لُوَيْن) مِنْ: أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ
أَحْمَدَ بنِ مَاجَه.
وَسَمِعَ مِنْ: سُلَيْمَانَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الحَافِظِ،
وَالرَّئِيْسِ أَبِي عَبْدِ اللهِ الثَّقَفِيِّ،
وَمُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ
المَدِيْنِيِّ، وَمِنْ جَدِّه عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ،
وَخَرَّجُوا لَهُ فَوَائِدَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: السَّمْعَانِيّ، وَيُوْسُفُ بن أَحْمَدَ
الشِّيْرَازِيُّ، وَيُوْسُف العَاقُوْلِيّ، وَعَلِيُّ بنُ
نَصْرٍ، وَعَبْدُ السَّلاَمِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ
سُكَيْنَةَ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ الأَخْضَرِ،
وَثَابِتُ بنُ مُشَرِّفٍ، وَعَلِيُّ بنُ بُوْرندَازَ (2) ،
وَعَبْدُ القَادِر بنُ عَبْدِ اللهِ الرُّهَاوِيُّ،
وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ غَانِمٍ،
وَمُحَمَّدُ بنُ
__________
(1) انظر " الوافي " 4 / 44.
(*) العبر 4 / 191، دول الإسلام 2 / 78، شذرات الذهب 4 /
216.
وفورجه ذكر في " المشتبه " و" تبصير المنتبه " من غير نص
على ضبطه، وضبط فيهما بالقلم بضم الفاء وفتح الراء والجيم.
وقد ضبطه الصفدي في " الوافي " 3 / 24 بالفاء المضمومة
وبعد الواو والراء جيم مشددة.
(2) المتوفى سنة 623، ستأتي ترجمته في الجزء الثاني
والعشرين.
(20/501)
مَحْمُوْد الرُّوَيْدَشْتِيُّ،
وَمَحْمُوْدُ بنُ مُحَمَّدٍ اللّبَّادُ، وَمُعَاوِيَةُ بنُ
مَحْمُوْدٍ الخَبَّازُ، وَعِدَّة.
وَبِالإِجَازَة: ابْنُ اللَّتِّيِّ، وَعَلَم الدِّيْنِ
عَلِيُّ بنُ الصَّابُوْنِيِّ، وَكَرِيْمَةُ القُرَشِيَّةُ،
وَأُخْتهَا صَفِيَّةُ.
مَاتَ: بِأَصْبَهَانَ، فِي صَفَرٍ، سَنَة خَمْسٍ
وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَبِهِ خُتِمَ حَدِيْثُ لُوَيْن عَالِياً.
وَقَالَ ابْنُ غَانِمٍ المَذْكُوْرُ: مَاتَ فِي سَابع
رَبِيْعٍ الأَوّلِ.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ: المُحَدِّثُ أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ
بنُ صَالِحِ بنِ شَافِعٍ الجِيْلِيُّ (1) ، وَأَبُو بَكْرٍ
أَحْمَدُ (2) بنُ عَبْدِ البَاقِي بنِ البَطِّيِّ أَخُو
أَبِي الفَتْحِ، وَأَحْمَد بن المُبَارَكِ ابْن
الشَّدَنْكِ الحَرِيْمِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ
النَّقُّوْرِ (3) ، وَأَبُو المَكَارِمِ بنُ هِلاَلٍ
الدِّمَشْقِيّ (4) ، وَمُحَمَّدُ بنُ بَرَكَةَ
الصِّلَحِيُّ الصُّوْفِيُّ (5) ، وَأَبُو المَعَالِي
مُحَمَّدُ بنُ حَمْزَةَ بنِ الموَازِينِيِّ أَخُو أَحْمَدَ
(6) ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ السكن، وَحجَّةُ
الدِّيْنِ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي مُحَمَّدٍ بنِ ظَفَرٍ ذُو
التَّصَانِيْف بِحمَاه (7) ، وَالمُبَارَكُ بن عَلِيِّ بنِ
عَبْدِ البَاقِي الخَيَّاط - رَوَى بِدِمَشْقَ - وَصَاحِبُ
المَوْصِل قُطْبُ الدِّيْنِ مَوْدُوْدُ (8) بنُ زِنْكِي،
وَيُوْسُفُ بنُ مَكِّيٍّ الحَارِثِيُّ إِمَامُ جَامِعِ
دِمَشْقَ.
__________
(1) سترد ترجمته برقم (355).
(2) أورده المؤلف في نهاية ترجمة أخيه أبي الفتح المتقدمة
برقم (304) وذكرت هناك مصادر ترجمته.
(3) تقدمت ترجمته برقم (316).
(4) تقدمت ترجمته برقم (317).
(5) مترجم في " الوافي بالوفيات " 2 / 248، وذكر وفاته سنة
566.
(6) وأحمد هذا متوفى سنة 585، ستأتي ترجمته في الجزء
الحادي والعشرين برقم (80).
(7) سترد ترجمته برقم (336).
(8) سترد ترجمته برقم (335).
(20/502)
320 - أَبُو زُرْعَةَ المَقْدِسِيُّ
طَاهِرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ طَاهِرٍ *
الشَّيْخُ، العَالِمُ، المُسْنِدُ، الصَّدُوْقُ،
الخَيِّرُ، أَبُو زُرْعَةَ طَاهِرُ ابْنُ الحَافِظِ
مُحَمَّدِ بنِ طَاهِر بنِ عَلِيٍّ الشَّيْبَانِيُّ،
المَقْدِسِيُّ، ثُمَّ الرَّازِيُّ، ثُمَّ الهَمَذَانِيُّ.
وُلِدَ: بِالرَّيِّ، سَنَة ثَمَانِيْنَ - وَقِيْلَ: سَنَةَ
إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ - وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ
المُقَوِّمِيِّ، وَمَكِّيِّ بنِ مَنْصُوْرٍ الكَرْجِيِّ
(1) ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ الكَامخِي بِسَاوَةَ،
وَعَبْدُوسِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدُوْسٍ بِهَمَذَانَ،
وَأَبِي القَاسِمِ بنِ بَيَانٍ بِبَغْدَادَ.
وَحَجّ مَرَّاتٍ، وَكَانَ يَقْدَمُ بَغْدَادَ، وَيُحَدِّثُ
بِهَا، وَتَفَرَّدَ بِالكُتُبِ وَالأَجزَاءِ.
وَحَدَّثَ بِـ (سُنَن النَّسَائِيّ المُجْتَبَى) عَنْ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ حَمْدٍ الدُّوْنِيّ، وَسَمِعَ
بِبَغْدَادَ أَيْضاً مِنْ أَبِي الحَسَنِ بنِ العَلاَّفِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: السَّمْعَانِيّ، وَابْن الجَوْزِيِّ،
وَأَحْمَد بن صَالِحٍ الجِيْلِيّ، وَأَحْمَد بن طَارِقٍ،
وَالحَافِظ عَبْد الغَنِيِّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ
قُدَامَةَ، وَعَبْد العَزِيْزِ بن الأَخْضَر، وَالمُوَفَّق
عَبْد اللَّطِيْفِ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ
الزُّبَيْدِيّ، وَأَحْمَدُ بنُ البَرَّاجِ، وَعَبْدُ
العَزِيْزِ بن أَحْمَدَ بنِ بَاقَا، وَالمُهَذَّب بن
فُنَيْدَةَ، وَعَلِيّ بن الجَوْزِيّ، وَأَبُو حَفْصٍ
السُّهْرَوَرْدِيّ، وَالأَنْجَبُ الحَمَّامِيّ، وَأَبُو
بَكْرٍ بنُ بَهْرُوْزَ، وَأَبُو تَمَّامٍ بنُ أَبِي
الفَخَّارِ، وَعَبْدُ اللَّطِيْفِ بنُ مُحَمَّدٍ
القُبَّيْطِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدِ
بنِ الخَازِنِ، وَآخَرُوْنَ.
__________
(*) العبر 4 / 192، 193، دول الإسلام 2 / 79، البداية
والنهاية 12 / 264 ، شذرات الذهب 4 / 217.
(1) بفتح الكاف والراء، نسبة إلى الكرج: بليدة بين همذان
وأصبهان. " المشتبه " 546.
(20/503)
قَالَ عُمَرُ بنُ عَلِيٍّ القُرَشِيّ:
بَدَأْتُ بقِرَاءة (سُنَن ابْنِ مَاجَه) عَلَى أَبِي
زُرْعَةَ، قَدِمَ عَلَيْنَا حَاجّاً، وَقَالَ لَنَا:
الكِتَاب سَمَاعِي مِنْ أَبِي مَنْصُوْرٍ المُقَوِّمِيّ،
وَكَانَ سَمَاعِي فِي نُسْخَةٍِ عِنْدِي بِخَطِّ أَبِي،
وَفِيْهَا سَمَاعُ إِسْمَاعِيْلَ الكَرْمَانِيّ،
فَطَلَبَهَا مِنِّي، فَدَفَعتُهَا إِلَيْهِ مِنْ أَكْثَر
مِنْ ثَلاَثِيْنَ سَنَةً.
ثُمَّ قَالَ القُرَشِيّ: وَتحققْنَا أَنَّ لَهُ إِجَازَة
المُقَوِّمِيّ، فَقُرِئَ الكِتَاب عَلَيْهِ إِجَازَةً إِنْ
لَمْ يَكُنْ سَمَاعاً.
قُلْتُ: قَدْ سَمِعَ مِنَ المُقَوِّمِيّ كِتَاب (فَضَائِل
القُرْآن) لأَبِي عُبَيْدٍ، فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ
أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ، فَيَكُوْن سَمَاعه لِذَلِكَ
حُضُوْراً فِي الرَّابِعَةِ، وَسَمِعنَا مِنْ طرِيقِه
(مُسْنَد الشَّافِعِيّ)، وَ(المُجْتَبَى)، وَ(سُنَن ابْنِ
مَاجَه)، وَأَجزَاء.
وَقَدْ سَمَّاهُ السَّمْعَانِيّ فِي (الذّيل) دَاوُدَ،
فَوَهِمَ - وَقِيْلَ: اسْمُه الفَضْلُ
-قَالَ: وَوُلِدَ سَنَةَ ثَمَانِيْنَ.
وَقَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: طوَّف بِأَبِي زُرْعَةَ
طَاهِرٍ أَبُوْهُ، وَسَمَّعَهُ...، إِلَى أَنْ قَالَ:
وَكَانَ تَاجراً لاَ يَفْهَم شَيْئاً مِنَ العِلْمِ،
وَكَانَ شَيْخاً صَالِحاً، حمل جَمِيْعَ كُتُب وَالِدِه -
وَكَانَتْ كُلُّهَا بِخَطِّهِ - إِلَى الحَافِظِ أَبِي
العَلاَءِ العَطَّارِ، وَوقفَهَا، وَسلَّمهَا إِلَيْهِ،
فَسَمِعْتُ مَنْ يذكُرُ أَنَّهَا كَانَتْ فِي ثَلاَثِيْنَ
غِرَارَةً، رَأَيْتُ أَكْثَرهَا فِي خِزَانَة أَبِي
العَلاَءِ.
وَقِيْلَ: إِنَّ أَبَا زُرْعَةَ حَجَّ عِشْرِيْنَ مرَّة.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الدُّبَيْثِيّ: تُوُفِّيَ فِي
رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَة سِتٍّ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ
مائَةٍ، بِهَمَذَانَ.
ثُمَّ قَالَ: وَمَا كَانَ يَعرفُ شَيْئاً.
(20/504)
321 - ابْنُ الخَلاَّلِ أَبُو الحَجَّاجِ
يُوْسُفُ بنُ مُحَمَّدٍ المِصْرِيُّ *
الأَدِيْبُ البَلِيْغُ، مُوَفَّقُ الدِّيْنِ، أَبُو
الحَجَّاجِ يُوْسُفُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الخَلاَّلِ
المِصْرِيُّ، كَاتِبُ السِّرِّ لِلْحَافِظِ العُبَيْدِيِّ
وَلِمَنْ بَعْدَهُ.
أَسنَّ وَأَضرَّ، وَلَزِمَ بَيْتَه، وَلَهُ النّظم
وَالنثر.
قَالَ القَاضِي الفَاضِل: ترددتُ إِلَيْهِ، وَمثلْتُ
بَيْنَ يَدَيْهِ، وَتَدربتُ، وَكُنْتُ قَدْ حَفِظتُ كِتَاب
(الحمَاسَة)، فَأَمرَنِي أَنْ أَحُلَّ أَشعَارَ الكِتَابِ،
فَفَعَلتُ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ.
مَاتَ: سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
322 - يَحْيَى بنُ ثَابِتِ بنِ بُنْدَارَ بنِ
إِبْرَاهِيْمَ الدِّيْنَوَرِيُّ **
الشَّيْخُ الجَلِيْل، المُسْنِدُ، العَالِمُ، أَبُو
القَاسِمِ الدِّيْنَوَرِيُّ الأَصْلِ، البَغْدَادِيُّ،
البَقَّالُ، الوَكِيْلُ.
سَمِعَ: أَبَاهُ المُقْرِئَ أَبَا المَعَالِي، وَابْنَ
طَلْحَةَ النِّعَالِيّ، وَطِرَادَ بنَ مُحَمَّدٍ
الزَّيْنَبِيَّ، وَجَمَاعَةً.
وَحَدَّثَ بِـ (صَحِيْح الإِسْمَاعِيْلِيّ)، وَبِـ
(المُوَطَّأِ)، وَأَشيَاءَ عَنْ أَبِيْهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: السَّمْعَانِيّ، وَعُمَر بن عَلِيٍّ
القُرَشِيّ، وَابْن الجَوْزِيِّ، وَابْن قُدَامَةَ،
وَعَبْد الغَنِيِّ الحَافِظ، وَالمُوَفَّق عَبْد
اللَّطِيْفِ، وَالفَخْر الإِرْبِلِيّ،
__________
(*) الكامل في التاريخ 11 / 366، المختصر 3 / 50، العبر 4
/ 194، تتمة المختصر 2 / 121، البداية والنهاية 12 / 264،
حسن المحاضرة 2 / 233، شذرات الذهب 4 / 219.
(* *) العبر 4 / 194، دول الإسلام 2 / 79، شذرات الذهب 4 /
218.
(20/505)
وَأَبُو المُنَجَّا بن اللَّتِّيِّ،
وَأَبُو حَفْصٍ السُّهْرَوَرْدِيّ، وَمُحَمَّد بن عِمَادٍ،
وَعَبْد العَزِيْزِ بن بَاقَا، وَعَبْدُ اللَّطِيْفِ بن
مُحَمَّدِ بنِ القُبَّيْطِيّ، وَأَبُو الكَرَمِ مُحَمَّد
بن دُلَف، وَعَلِيّ بن فَائِق، وَآخَرُوْنَ.
وَسَمَاعُهُ صَحِيْحٌ.
مَاتَ: فِي خَامِسِ رَبِيْعٍ الأَوّلِ، سَنَة سِتٍّ
وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، عَنْ نَيِّفٍ وَثَمَانِيْنَ
سَنَةً.
وَقَدْ رَوَى: الحَافِظُ أَبُو القَاسِمِ ابْنُ عَسَاكِرَ
عَنْهُ بِالإِجَازَةِ، وَالرَّشِيْدُ بنُ مَسْلَمَةَ.
وَفِيْهَا مَاتَ: الوَزِيْر الكَبِيْر أَبُو جَعْفَرٍ
أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ البَلَدِيِّ (1) قَتَلَه
رَئِيْس الرُّؤَسَاء لَمَّا وَزرَ، وَأَبُو زُرْعَةَ
المَقْدِسِيُّ (2) ، وَعَبْد الرَّحِيْمِ بن أَبِي
الوَفَاء الحَاجِّيّ (3) ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ
سعَادَة بِشَاطِبَةَ (4) ، وَالمُسْتَنْجِد بِاللهِ (5) ،
وَالمُحَدِّثُ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
أَحْمَدَ بنِ أَبِي لَيْلَى الأَنْصَارِيّ المُرْسِيّ.
323 - ابْنُ هُذَيْلٍ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ
البَلَنْسِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، المُعَمَّر، مُقْرِئُ العصرِ، أَبُو
الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ هُذَيْلٍ
البَلَنْسِيُّ.
__________
(1) سترد ترجمته برقم (368).
(2) تقدمت ترجمته برقم (320).
(3) سترد ترجمته برقم (357).
(4) سترد ترجمته برقم (324).
(5) تقدمت ترجمته برقم (274).
(*) العبر 4 / 187، 188، دول الإسلام 2 / 78، معرفة القراء
الكبار 2 / 416 - 418، غاية النهاية 1 / 573، 574، النجوم
الزاهرة 5 / 382، شذرات الذهب 4 / 213.
(20/506)
وُلِدَ: سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَأَكْثَر عَنْ زَوجِ أُمِّه أَبِي دَاوُدَ سُلَيْمَان بن
نَجَاحٍ، وَتَلاَ عَلَيْهِ بِالسَّبْع، وَسَمِعَ مِنْهُ
الكُتُب، وَهُوَ أَثْبَت النَّاس فِيْهِ، وَصَارَت
إِلَيْهِ أُصُوْل أَبِي دَاوُدَ.
وَسَمِعَ (صَحِيْح البُخَارِيِّ) مِنْ أَبِي مُحَمَّدٍ
الرّكلِيّ (1) ، وَ(صَحِيْحَ مُسْلِم) مِنْ طَارِقِ بنِ
يَعِيْشَ، وَ(سُنَنَ أَبِي دَاوُدَ) مِنْهُ، وَأَجَازَ
لَهُ: أَبُو الحُسَيْنِ بنُ البَيَّازِ (2) ، وَخَازِم بن
مُحَمَّد.
قَالَ الأَبَّار: كَانَ مُنْقَطِع القَرِيْنِ فِي الفَضْلِ
وَالزُّهْد وَالوَرَع مَعَ العدَالَة وَالتقلُّل مِنَ
الدُّنْيَا، صَوَّاماً قَوَّاماً، كَثِيْر الصَّدَقَة،
طَوِيْل الاحْتِمَال عَلَى مُلاَزِمَة الطَّلبَةِ لَهُ
لَيلاً وَنَهَاراً، انْتَهَت إِلَيْهِ رِئَاسَة الإِقْرَاء
لِعُلُوِّهِ وَإِمَامَتِهِ فِي التَّجويدِ وَالإِتْقَانِ،
وَحَدَّثَ عَنْ جِلَّةٍ لاَ يُحصَوْنَ، وَكَانَتْ لَهُ
ضَيعَةٌ.
قُلْتُ: تَلاَ عَلَيْهِ: ابْنُ فِيْرُّه (3) الشَّاطِبِيّ،
وَمُحَمَّد بن سَعِيْدٍ المُرَادِيُّ، وَأَبُو جَعْفَرٍ
الحَصَّارُ، وَابْنُ نُوْحٍ الغَافِقِيُّ، وَالحُسَيْنُ
بنُ رُلاَلَ، وَعِدَّة.
وَرَوَى عَنْهُ: الحَسَنُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ
التُّجِيْبِيُّ، وَسِبْطَتُهُ زَيْنَبُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ،
وَتُوُفِّيَا سَنَة خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ.
تُوُفِّيَ: فِي رَجَبٍ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ.
__________
(1) نسبة إلى ركلة من عمل سرقسطة بالاندلس. " معجم البلدان
" 3 / 64.
(2) في الأصل: " البنان " وهو خطأ، والمثبت من " توضيح
المشتبه " لابن ناصر الدين، ضبطه بموحدة مفتوحة ثم مثناة
تحت مشددة وبعد الالف زاي، وهو يحيى بن إبراهيم بن أبي
المرسي أبو الحسين ابن البياز، متوفى سنة 496 ه، مترجم في
" الصلة " 2 / 670 وتحرف فيه إلى " ابن البيان " بالنون
آخره، و" العبر " 3 / 344، و" شذرات الذهب " 3 / 404،
وتصحف فيهما إلى " ابن البيار " بالراء.
(3) بكسر الفاء وسكون الياء وضم الراء المشددة. انظر "
المشتبه " 514.
(20/507)
324 - ابْنُ سَعَادَةَ أَبُو عَبْدِ اللهِ
مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ المُرْسِيُّ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، شَيْخُ الأَنْدَلُسِ، أَبُو
عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ بنِ سَعَادَةَ
المُرْسِيُّ، مَوْلَى سَعِيْدِ بنِ نَصْرٍ، نَزِيْلُ
شَاطِبَةَ.
لاَزم أَبَا عَلِيٍّ الصَّدَفِيّ، وَصَاهَرَه، وَصَارَت
إِلَيْهِ أَكْثَرُ أُصُوْلِه.
وَتَفَقَّهَ عَلَى: أَبِي مُحَمَّدٍ بنِ جَعْفَرٍ.
وَارْتَحَلَ، فَسَمِعَ: ابْنَ عَبَّاسَةَ، وَأَبَا بَحْرٍ
بنَ العَاصِ، وَبِالثَّغْرِ أَبَا الحَجَّاجِ
المَيُوْرقِيّ، وَبِالمَهدِيَّةِ أَبَا عَبْدِ اللهِ
المَازَرِيَّ (1) ، فَسَمِعَ مِنْهُ (المُعْلمَ)،
وَبِمَكَّةَ مِنْ رَزِيْنٍ العَبْدَرِيِّ (2) ، وَابْن
الغَزَالِ صَاحِبِ كَرِيْمَةَ.
قَالَ الأَبَّارُ (3) : عَارِفٌ بِالآثَارِ، مُشَارك فِي
التَّفْسِيْرِ، حَافِظٌ لِلْفُرُوْعِ، بَصِيْرٌ
بِاللُّغَةِ، مُتَصَوِّفٌ، ذُو حظٍّ مِنْ علم الكَلاَمِ،
فَصيح مُفَوَّهٌ، مَعَ الوقَارِ وَالحلمِ وَالخشوعِ
وَالصَّوْمِ، وَلِي خِطَابَةَ مُرْسِيَة، ثُمَّ قَضَاء
شَاطِبَة، وَأَقرَأَ، سَمِعَ مِنْهُ أَبُو الحَسَنِ بنُ
هُذَيلٍ وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ، وَصَنَّفَ كِتَابَ
(شَجَرَةَ الوَهْمِ المُتَرَقِّيَةَ إِلَى ذِرْوَةِ
الفَهْمِ) لَمْ يُسبقْ إِلَى مِثْلِهِ، حَدَّثَنَا عَنْهُ
أَكَابِرُ شُيُوْخِنَا، مَاتَ فِي أَوَّلِ سَنَةِ سِتٍّ
وَسِتِّيْنَ (4) وَخَمْسِ مائَةٍ، وَلَهُ سَبْعُوْنَ
عَاماً.
__________
(*) بغية الملتمس: 142، 143، تكملة الصلة 2 / 505 - 507،
معجم ابن الابار: 183 - 185، العبر 4 / 193، الوافي
بالوفيات 5 / 250، الديباج المذهب 2 / 262، 263، بغية
الوعاة 1 / 277، نفح الطيب 2 / 158 - 160، شذرات الذهب 4 /
218، إيضاح المكنون 2 / 41، هدية العارفين 2 / 96.
(1) تقدمت ترجمته برقم (64).
(2) تقدمت ترجمته برقم (129).
(3) انظر " المعجم ": 183، 184.
(4) في " معجم " ابن الابار 184: وقيل: توفي آخر ذي الحجة
سنة 65، ودفن أول يوم من سنة 66. وانظر " نفح الطيب " 2 /
160.
(20/508)
325 - الجَيَّانِيُّ أَبُو بَكْرٍ
مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ *
العَلاَّمَةُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ
عَبْدِ اللهِ بنِ يَاسِرٍ الأَنْصَارِيُّ، الجَيَّانِيُّ.
وُلِدَ: بِالأَنْدَلُسِ، بِجَيَّانَ، فِي شَعْبَانَ،
سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَأَكْثَرَ التِّرحَالَ إِلَى القَيْرَوَانِ وَمِصْرَ
وَالحِجَازِ وَالشَّامِ وَالعِرَاقِ وَخُرَاسَانَ وَمَا
وَرَاءَ النَّهْرِ، وَتَفَقَّهَ بِبُخَارَى، وَمَهَرَ فِي
الخِلاَفِ وَالجَدَلِ، ثُمَّ طَلبَ الحَدِيْثَ، وَتَقدَّمَ
فِيْهِ، وَسَكَنَ بَلْخَ، وَكَتَبَ الكَثِيْرَ، ثُمَّ
قَدِمَ بَغْدَادَ، وَحَدَّثَ بِهَا، وَحَجَّ، ثُمَّ
اسْتَوْطَنَ حَلَبَ، وَوَقَفَ بِجَامِعِهَا كُتُبَهُ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: كَانَ صَدُوْقاً، مُتَدَيِّناً،
سَمِعَ: ابْنَ الحُصَيْنِ، وَأَبَا مَنْصُوْرٍ بنَ
مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ المَرْوَزِيَّ الكُرَاعِيَّ،
وَأَبَا عَمْرٍو عُثْمَانَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ الشَّرِيْكِ
البَلْخِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ الفَضْلِ الفُرَاوِيَّ،
وَسَهْلَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ المَسْجِدِيَّ
النَّيْسَابُوْرِيَّ، وَجَمَالَ الإِسْلاَمِ عَلِيَّ بنَ
المُسَلَّمِ.
وَعَنْهُ: أَبُو الفَتْحِ بنُ الحُصْرِيِّ، وَأَبُو
المُظَفَّرِ بنُ السَّمْعَانِيِّ، وَالقَاضِي أَبُو
المَحَاسِنِ بنُ شَدَّادٍ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ
عُلْوَانَ، وَأَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بنُ قُشَامٍ،
وَآخَرُوْنَ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: قَرَأْت بِخَطِّهِ، قَالَ:
كُنْتُ مُشْتَغِلاً بِالجَدَلِ وَالخِلاَفِ، مُجِدّاً فِي
ذَلِكَ، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- فِي النَّوْمِ، فَوَقَفَ عَلَى رَأْسِي،
وَقَالَ لِي: قُمْ يَا أَبَا بَكْرٍ.
فَلَمَّا قُمْتُ، تَنَاول يَدِي، فَصَافَحنِي، ثُمَّ
وَلَّى، وَقَالَ لِي:
__________
(*) الاستدراك لابن نقطة: باب الجياني والحنائي...تكملة
الصلة: 500، العبر 4 / 183، الوافي بالوفيات 4 / 163،
طبقات السبكي 6 / 153، 154، النجوم الزاهرة 5 / 380، نفح
الطيب 2 / 157، شذرات الذهب 4 / 210، تاريخ بروكلمان 6 /
277.
(20/509)
تَعَالَ خَلْفِي.
فَتبِعتُهُ نَحْواً مِنْ عَشْرِ خُطُوَاتٍ، وَانتهيتُ،
فَأَتيتُ أَبَا طَالِبٍ إِبْرَاهِيْمَ بنَ هِبَةِ اللهِ
الدِّيَارِيَّ الزَّاهِدَ، وَكُنْتُ لاَ أُمضِي أَمراً
دُوْنَهُ، فَقصصتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ لِي: يُرِيْدُ مِنْكَ
رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ
تَترُكَ الخلاَفَ، وَتَشتَغِلَ بِحَدِيْثِه، إِذْ قَدْ
أَمرك بِاتِّبَاعه.
فَتركتُ الخلاَفَ، وَكَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنَ
الحَدِيْثِ، وَأَقْبَلتُ عَلَى الحَدِيْث.
قَالَ ابْنُ الحُصْرِيِّ: أَبُو بَكْرٍ الجَيَّانِيُّ
حَافِظٌ، عَالِمٌ بِالحَدِيْثِ، وَفِيْهِ فَضلٌ، ذَكَرَ
بَعْضُ الحَلَبِيِّيْنَ أَنَّ الجَيَّانِيَّ مَاتَ فِي
لَيْلَةِ السَّبْتِ، سَابِعَ رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ
ثَلاَثٍ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَقَالَ أَبُو المَوَاهِبِ بنُ صَصْرَى: مَاتَ بِحَلَبَ،
فِي جُمَادَى الأُوْلَى، وَقَدْ بَلغَ السَّبْعِيْنَ.
قَالَ مَحْمُوْدُ بنُ أَرْسَلاَنَ فِي (تَارِيْخِ
خُوَارِزْمَ): حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ يَاسِرٍ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُعْتَصِمٍ بِبَلْخَ، حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ الدَّقَّاقُ، أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ
عَلِيٍّ المُقْرِئُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ
بنِ مَنْدَةَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ حَمْزَةَ،
وَمُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو الرَّزَّازُ، قَالاَ:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى بنِ حَيَّانَ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ
بنُ وَاسِعٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ سِيْرِيْنَ:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوْعاً: (تَحْرُمُ النَّارُ
عَلَى كُلِّ هَيِّنٍ لَيِّنٍ قَرِيْبٍ سَهْلٍ (1)).
هَذَا مُسَلْسَلٌ بِالمُحَمَّدينَ.
__________
(1) إسناده تالف محمد بن عيسى هو المدائني قال الدارقطني:
ضعيف، متروك، وقال الحاكم: متروك، وقال أبو أحمد الحاكم
شيخ صاحب المستدرك: حدث عن مشايخه بما لا يتابع عليه،
وسمعت من يحكي أنه كان مغفلا لم يكن يدري ما الحديث، وشيخه
فيه محمد بن الفضل - وهو ابن عطية بن عمر العبدي مولاهم
الكوفي - كذبوه.
لكن متن الحديث صحيح جاء من غير وجه، وقد تقدم الكلام عليه
في الجزء السادس عشر ص 103.
(20/510)
326 - الرَّحَبِيُّ أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ
بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ *
الشَّيْخُ، أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بن مُحَمَّدِ بنِ
أَحْمَدَ بنِ هِبَةِ اللهِ بنِ الرَّحَبِيُّ، بَوَّابُ
الحرِيْمِ.
سَمِعَ: النِّعَالِيّ، وَعَلِيّ بن أَحْمَدَ بنِ الْخلّ،
وَابْن خُشَيْش.
وَكَانَ لاَ بَأْسَ بِهِ.
وَعَنْهُ: ابْنُ الأَخْضَر، وَعَبْد الغَنِيِّ،
وَالمُوَفَّق، وَعَبْد العَزِيْزِ بن دُلَفٍ، وَوَاثِلَة
بن بَقَاءٍ، وَعِدَّة.
مَاتَ: فِي صَفَرٍ، سَنَة سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ
مائَةٍ، وَلَهُ خَمْسٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً.
327 - البَطَلْيَوْسِيُّ أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ
عَلِيِّ بنِ الحَسَنِ **
العَلاَّمَةُ، أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ
الحَسَنِ بنِ عَلِيِّ بنِ عُمَرَ الأَنْصَارِيُّ،
الأَنْدَلُسِيُّ، البَطَلْيَوْسِيُّ، وَيُعْرَفُ: بِابْنِ
الفَرَّاءِ.
سَمِعَ بِالثَّغْرِ مِنْ: أَبِي بَكْرٍ الطُّرْطُوْشِيّ
(1) ، وَغَيْرِهِ، وَمدَّهَا إِلَى خُرَاسَانَ، فَأَخَذَ
عَنْ: أَبِي نَصْرٍ عَبْدِ الرَّحِيْمِ بنِ القُشَيْرِيِّ،
وَسَهْل بن إِبْرَاهِيْمَ السُّبْعِيِّ، وَمُحَمَّد بن
الفَضْلِ الفُرَاوِيّ، وَطَائِفَة، وَالأَدِيْب أَحْمَد بن
مُحَمَّدٍ المَيْدَانِيّ.
وَحَدَّثَ بِبَغْدَادَ وَبِالشَّامِ، وَجَمَعَ وَصَنَّفَ،
وَكَانَ ذَا تَعبُّدٍ وَخَشْيَةٍ
__________
(*) العبر 4 / 196، النجوم الزاهرة 6 / 66، شذرات الذهب 4
/ 220.
(* *) الأنساب 2 / 241، 242، اللباب 1 / 160، تكملة الصلة:
260، المختصر المحتاج إليه 1 / 284، الوافي بالوفيات 12 /
145، نفح الطيب 2 / 509، ونسبته إلى بطليوس من مدن
الأندلس.
(1) بسكون الراء بين الطاءين المهملتين المضمومتين وفي
آخرها الشين المعجمة، نسبة إلى طرطوشة، وهي بلدة من آخر
بلاد المسلمين بالاندلس، وقد مرت ترجمته في الجزء التاسع
عشر برقم (285).
(20/511)
وَخَوفٍ، وَحَدَّثَ بِـ (صَحِيْحِ
مُسْلِمٍ) بِبَغْدَادَ، فِي سَنَةِ 566.
رَوَى عَنْهُ: القَاضِي عُمَر بن عَلِيٍّ القُرَشِيّ،
وَابْنه؛ عَبْد اللهِ بن عُمَرَ، وَالمُوَفَّق عَبْد
اللَّطِيْفِ، وَمُحَمَّد بن إِسْمَاعِيْلَ بن أَبِي
الصَّيْف، وَالفَخْر الإِرْبِلِيّ، وَالقَاضِي أَبُو
نَصْرٍ ابْنُ الشِّيْرَازِيِّ.
وَذكره: أَبُو المَوَاهِب بن صَصْرَى.
مَاتَ: بِحَلَبَ، فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ
مائَةٍ، وَقَدْ بلغَ الثَّمَانِيْنَ.
وَقَدْ وَهِمَ السَّمْعَانِيّ (1) ، وَذَكَرَ وَفَاته
سَنَة ثَمَانٍ - أَوْ تِسْع - وَأَرْبَعِيْنَ (2) .
وَمَاتَ مَعَهُ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ: أَبُو الفَضْلِ
أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ شُنَيْفٍ الدَّارَقَزِّيُّ (3)
شَيْخ القُرَّاءِ وَبَقِيَّة أَصْحَاب ابْنِ سِوَارٍ،
وَخُوَارِزْم شَاه أَرْسَلاَن (4) بنُ أُتْسِز،
وَالأَمِيْر نَجْمُ الدِّيْنِ وَالِد السَّلاَطِيْن (5) ،
وَأَبُو مَنْصُوْرٍ جَعْفَر بن عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ
بنِ الدَّامَغَانِيّ (6) ، وَمَلِكُ النُّحَاةِ أَبُو
نِزَارٍ الحَسَنُ بنُ صَافِي البَغْدَادِيُّ (7)
بِدِمَشْقَ، وَشَيْخُ المَالِكِيَّةِ أَبُو طَالِبٍ
صَالِحُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بن سَنَدٍ
__________
(1) في " الأنساب " 2 / 242.
(2) ولم يتابعه ابن الأثير في " اللباب "، بل صوب ما أورده
المؤلف هنا.
(3) نسبة إلى دار القز: محلة كبيرة ببغداد، كما في " معجم
البلدان " 2 / 422، وقال السمعاني في النسبة إليها:
الدرقزي، وانظر ترجمته في العبر 4 / 202، الوافي بالوفيات
7 / 404، ذيل طبقات الحنابلة 1 / 223، 224، غاية النهاية 1
/ 117، وشذرات الذهب 4 / 226.
(4) ستأتي ترجمته في الجزء الحادي والعشرين برقم (11).
(5) سترد ترجمته برقم (370).
(6) تقدمت ترجمته برقم (313).
(7) مترجم في: خريدة القصر (قسم العراق) 1 / 88 - 92، معجم
الأدباء 8 / 122، إنباه الرواة 1 / 305 - 310، مرآة الزمان
8 / 186، وفيات الأعيان 2 / 92 - 94، المختصر 3 / 54،
إشارة التعيين: 14، 15، العبر 4 / 204، تلخيص ابن مكتوم:
56، 57، تتمة =
(20/512)
الإِسْكَنْدَرَانِي ابْنُ بِنْت مُعَافَى
(1) ، وَالعَدْل أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ المُبَارَكِ
بنِ نَغُوْبَا الوَاسِطِيّ، وَأَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ
بنُ الحَسَنِ بنِ حُسَيْنٍ الصَّيْدَلاَنِيّ (2)
الأَصْبَهَانِيّ تَفَرَّد بِإِجَازَة بِيْبَى، وَكُلاَرُ،
وَصَاحِبُ (تَارِيخِ خُوَارِزْمَ) أَبُو مُحَمَّدٍ
مَحْمُوْد بن مُحَمَّدِ بنِ عَبَّاسٍ الخُوَارِزْمِيّ
الشَّافِعِيّ (3) ، وَأَبُو الفَتْحِ مَسْعُوْد بن
مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدٍ المَرْوَزِيّ المَسْعُوْدِيّ خطيب
مَرْو.
328 - ابْنُ بُنْدَارَ أَبُو المَحَاسِنِ يُوْسُفُ بنُ
عَبْدِ اللهِ الدِّمَشْقِيُّ *
شَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ، أَبُو المَحَاسِنِ يُوْسُف بن
عَبْدِ اللهِ بنِ بُنْدَارَ الدِّمَشْقِيُّ، نَزِيْلُ
بَغْدَادَ.
رَوَى عَنْ: هِبَة اللهِ بنِ البُخَارِيِّ،
وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ المُؤَذِّنِ.
وَعَنْهُ: ابْنُهُ؛ قَاضِي مِصْرَ زَيْنُ الدِّيْنِ
عَلِيٌّ، وَأَبُو الخَيْرِ الجِيْلاَنِيُّ.
بَرَعَ فِي الفِقْهِ وَالأُصُوْلِ وَالخِلاَفِ وَالجَدَلِ،
وَدرَّسَ بِالنِّظَامِيَّةِ، وَنُفِّذ رَسُوْلاً عَنِ
الخِلاَفَة، فَمَاتَ بِخُوْزِسْتَانَ، فِي شَوَّالٍ،
سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
__________
= المختصر 2 / 125، الوافي بالوفيات 12 / 56، مرآة الجنان
3 / 386، البداية والنهاية 12 / 372، البلغة للفيروزآبادي:
59، طبقات ابن قاضي شهبة 1 / 302 - 304، النجوم الزاهرة 6
/ 68، بغية الوعاة 1 / 504، 505، شذرات الذهب 4 / 227،
روضات الجنات: 220، هدية العارفين 1 / 279، تهذيب تاريخ
دمشق لبدران 4 / 166، أعيان الشيعة 22 / 5، الحلل
السندسية: 102 - 104.
(1) انظر " النجوم الزاهرة " 6 / 69.
(2) سترد ترجمته برقم (339).
(3) مترجم في " طبقات السبكي " 7 / 289 - 291، " طبقات "
الاسنوي 2 / 352، " الإعلان بالتوبيخ ": 126، " كشف الظنون
" 293، 294، و" هدية العارفين " 2 / 403، 404.
(*) المنتظم 10 / 226، الكامل 11 / 333، مرآة الزمان 8 /
171، طبقات الاسنوي 1 / 540، 541، البداية والنهاية 12 /
255، النجوم الزاهرة 5 / 380.
(20/513)
قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: انْتَهَتْ إِلَيْهِ
رِئَاسَةُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، وَعَمِلَ الوَعظَ،
وَلَمْ يَكُنْ فِيْهِ بِذَاكَ، وَاسمُ أَبِيْهِ رَمَضَانُ
مِنْ أَهْلِ مَرَاغَةَ، وُلِدَ لَهُ يُوْسُفُ بِدِمَشْقَ.
قَالَ: فَسَافَرَ يُوْسُفُ، وَتَفَقَّهَ بِأَسْعَدَ
المِيْهَنِيِّ، وَأَعَادَ لَهُ، وَكَانَ حَسَنَ
المُنَاظَرَةِ، صُلْبَ الاعْتِقَاد.
329 - شَاورُ أَبُو شُجَاعٍ شَاورُ بنُ مُجِيْرٍ
السَّعْدِيُّ *
وَزِيْرُ الدِّيَارِ المِصْرِيَّةِ، الْملك، أَبُو شُجَاعٍ
شَاورُ بنُ مُجِيْرٍ السَّعْدِيُّ (1) ، الهَوَازِنِيُّ.
كَانَ الصَّالِح بن رُزِّيْكٍ قَدْ وَلاَّهُ الصّعيد.
وَكَانَ شَهْماً، شُجَاعاً، فَارِساً، سَائِساً.
وَلَمَّا قُتل الصَّالِح، ثَار شَاور، وَحشد، وَجَمَعَ،
أَقْبَل عَلَى وَاحَاتٍ يَخترق البَرَّ حَتَّى خَرَجَ
عِنْد تَرُوْجَه (2) ، وَقَصدَ القَاهِرَةَ، فَدَخَلَهَا،
وَقَتَلَ العَادِلَ رُزِّيْكَ بنَ الصَّالِحِ،
وَاسْتَقَلَّ بِالأَمْرِ، ثُمَّ تَزَلزَلَ أَمرُهُ،
فَسَارَ إِلَى نُوْرِ الدِّيْنِ صَاحِبِ الشَّامِ،
فَأَمدَّه بِأَسَدِ الدِّيْنِ بنِ شِيرْكُوْه (3) ،
فَثبَّتَهُ فِي مَنصِبِهِ،
__________
(*) الكامل 11 / 335 - 341، مرآة الزمان 8 / 171 - 173،
الروضتين 1 / 156 - 158، وفيات الأعيان 2 / 439 - 448،
مفرج الكروب 1 / 158، المختصر 3 / 45، 46،
العبر 4 / 186، دول الإسلام 2 / 77، تتمة المختصر 2 / 115،
116، البداية والنهاية 12 / 259، تاريخ ابن خلدون 5 / 246،
اتعاظ الحنفا: 288، النجوم الزاهرة 5 / 382، حسن المحاضرة
2 / 215، 216، شذرات الذهب 4 / 212.
(1) أورد ابن خلكان نسبه إلى والد حليمة مرضع رسول الله
صلى الله عليه وسلم.
" وفيات الأعيان " 2 / 439.
(2) ضبطت في الأصل بفتح التاء وضم الراء، وكذلك ضبطها
ياقوت في معجم البلدان أما ابن خلكان فضبطها بفتح التاء
المثناة الفوقية والراء وبعد الواو الساكنة جيم ثم هاء
ساكنة، وهي قرية بالقرب من الإسكندرية " وفيات الأعيان " 2
/ 443.
(3) سترد ترجمته برقم (369).
(20/514)
فَتلاَءمَ عَلَى شِيرْكُوْه، وَلَمْ يَفِ
لَهُ، وَعَمِلَ قبَائِح، وَاسْتنجد بِالفِرَنْج، وَكَادُوا
أَنْ يَملِكُوا مِصْر، وَجَرَتْ أُمُوْرٌ عَجِيْبَة، ثُمَّ
اسْتظهر شِيرْكُوْه، وَتَمرض، فَعَادَهُ شَاور، فَشدّ
عَلَيْهِ جُرديك النُّوْرِيّ (1) ، فَقَتَلَهُ فِي
رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ.
وَقِيْلَ: بَلْ قَتَله صَلاَح الدِّيْنِ لاَ جُرديك (2) .
قَالَ إِمَام مَسْجِد الزُّبَيْر إِبْرَاهِيْمُ بن
إِسْمَاعِيْلَ الهَاشِمِيّ: تَملك شَاورُ البِلاَد وَلَمَّ
شَعثَ القَصْر، وَأَدر الأَرزَاق الكَثِيْرَة عَلَى أَهْلِ
القَصْر، وَكَانَ قَدْ نَقصهُمُ الصَّالِحُ أَشيَاءَ
كَثِيْرَةً، وَتَجبَّر وَظلم - أَعنِي: شَاور - فَخَرَجَ
عَلَيْهِ الأَمِيْر ضرغَام (3) وَأُمَرَاءُ، وَتَهَيَّؤُوا
لِحَرْبِهِ، فَفَرَّ إِلَى الشَّامِ، وَقُتِلَ وَلدُه طيٌّ
فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ، وَاختبط
النَّاسُ، وَأَقْبَلت الرُّوْم إِلَى الحَوْفِ،
فَحَاصَرُوا بَلْبِيْسَ، وَجَرَتْ وَقْعَة كُبْرَى قُتِلَ
فِيْهَا خلق، وَرد العَدُوّ إِلَى الشَّامِ، فَأَتَى
شَاور، فَاجْتَمَعَ بِنُوْرِ الدِّيْنِ، فَأَكْرَمَه،
وَوعده بِالنُّصرَة.
وَقَالَ شَاور لَهُ: أَنَا أُملِّكُكَ مِصْر، فَجَهَّزَ
مَعَهُ شِيرْكُوْه بَعْد عُهُود وَأَيمَان، فَالتَقَى
شِيرْكُوْه هُوَ وَعَسْكَر ضرغَام، فَانْكَسَرَ
المِصْرِيّون، وَحُوصر ضرغَام بِالقَاهِرَةِ، وَتَفلُّل
جَمعُه، فَهَرَبَ، فَأُدْرَك، وَقُتِلَ عِنْد جَامِع ابْن
طولُوْنَ، وَطيفَ بِرَأْسِهِ، وَدَخَلَ شَاور، فَعَاتبه
العَاضد عَلَى مَا فَعل مِنْ تَطرِيقِ التّرْك إِلَى
مِصْرَ، فَضمن لَهُ أَنْ يَصرِفَهُم، فَخلع عَلَيْهِ،
فَكَتَبَ إِلَى الرُّوْمِ يَسْتَنفرهُم وَيُمَنِّيهِم،
فَأُسقط فِي يَد شِيرْكُوْه، وَحَاصَرَ القَاهِرَة،
فَدهمته الرُّوْم، فَسبق إِلَى بَلْبِيْس، فَنَزَلهَا،
فَحَاصَرَه العَدُوّ بِهَا شَهْرَيْنِ، وَجَرَتْ لَهُ
مَعَهُم وَقعَاتٌ، ثُمَّ فَترُوا، وَترحَّلُوا، وَبَقِيَ
خلق مِنَ الرُّوْم يَتَقَوَّى بِهِم شَاور، وَقرَّر لَهُم
مَالاً، ثُمَّ فَارقُوهُ.
__________
(1) نسب كذلك لأنه عتيق نور الدين الشهيد.
(2) انظر " وفيات الأعيان " 2 / 440، 441.
(3) انظر ترجمته في " وفيات الأعيان " 2 / 442، 443.
(20/515)
وَبَالغ شَاور فِي الْعَسْف وَالمُصَادرَة،
وَتَمَنَّوْا أَنْ يَلِيَ شِيرْكُوْه عَلَيْهِم، فَسَارَ
إِلَيْهِم ثَانِياً مِنَ الشَّامِ، فَاسْتصرخَ شَاورُ -
لاَ سلَّمَهُ اللهُ - بِمَلِكِ الفِرَنْجِ مَرِّي، فَبَادر
فِي جَمعٍ عَظِيْم، فَعَبَرَ شِيرْكُوْه إِلَى نَاحِيَة
الصّعيدِ، ثُمَّ نَزَلَ بِأَرْضِ الجِيْزَةِ، وَنَزَلت
الفِرَنْجُ بِإِزَائِهِ فِي الفُسْطَاطِ، وَقرر شَاور
لِلْفرنج أَرْبَعَ مائَةِ أَلْفِ دِيْنَار وَإِقَامَات،
ثُمَّ ترحَّل شِيرْكُوْه إِلَى نَحْو الصّعيد، فَتبعه
شَاور وَالفِرَنْج، وَنُهِبَ لِلْفرنج أَشيَاءُ كَثِيْرَة،
وَرَجَعُوا مغلُولين، فَنَزَلُوا بِالجِيْزَة، فَردَّ
شِيرْكُوْه، وَقَدِمَ الإِسْكَنْدَرِيَّةَ، وَتبعتْهُ
الفِرَنْجُ، فَفَتَح أَهْلُ الثَّغْرِ لِشِيرْكُوْه،
وَفرحُوا بِهِ فَاسْتَخلف بِهَا ابْن أَخِيْهِ صَلاَح
الدِّيْنِ، وَكر إِلَى الفَيُّوْمِ، وَنهب جُنْده القرَى
وَظلمُوا، وَذَهَبَ هُوَ فَصَادر أَهْل الصّعيد،
وَبَالَغَ، وَحَاصَرَ شَاورُ وَالرُّوْمُ
الإِسْكَنْدَرِيَّةَ وَبِهَا صَلاَحُ الدِّيْنِ، وَاشتدَّ
القِتَال، ثُمَّ قَدِمَ شِيرْكُوْه مِصْر، وَترددت
الرُّسُل فِي الصُّلح، وَرجعت الرُّوْم إِلَى بِلادِهِم،
ثُمَّ أَقْبَل الطَّاغِيَة مَرِّي فِي جُيُوْشه، وَغدر،
وَخَنْدَق شَاور عَلَى مِصْرَ، وَعظم الْخطب، وَاسْتبَاحت
الرُّوْم بَلْبِيْس قَتلاً وَسَبْياً، وَهَرَبَ
المِصْرِيّون عَلَى الصَّعبِ وَالذَّلُولِ، وَأُحرِقَت
دُور مِصْر، وَتَهَتَّكَتِ الأَسْتَارُ، وَعَمَّ
الدَّمَارُ، وَدَام البَلاَءُ أَشْهُراً يُحَاصِرهُمُ
الطَّاغِيَةُ، فَطَلبُوا المُهَادنَة، فَاشترط الكلبُ
شُرُوطاً لاَ تُطَاق، فَأَجْمَع رَأْي العَاضد وَأَهْل
القَصْر عَلَى الاسْتصرَاخ بِنُوْرِ الدِّيْنِ، فَكرَّ
شِيرْكُوْه فِي جَيْشِهِ، فَتقهقر العَدُوّ إِلَى
السَّاحِل وَفِي أَيديهِم اثْنَا عَشرَ أَلفَ أَسِيْرٍ،
وَقَدِمَ شِيرْكُوْه، فَمَا وَسِعَ شَاورَ إِلاَّ
الخُرُوجُ إِلَيْهِ متنصِّلاً مُعتذِراً، فَصفحَ عَنْهُ،
وَقبل عُذْرَهُ، وَبَرَزتِ الخِلَعُ لِشِيرْكُوْه وَشَاور
وَفِي النُّفُوْس مَا فِيْهَا، وَتَحَرَّز هَذَا مِنْ
هَذَا، إِلَى أَنْ وَقَعَ لِشَاورَ أَنْ يَعمل دَعْوَةً
لِشِيرْكُوْه، وَرَكِبَ إِلَيْهِ، فَأَحسَّ شِيرْكُوْه
بِالمَكِيدَةِ، فَعَبَّى جُندَه، وَأَخَذَ شَاور
أَسِيْراً، وَانْهَزَم عَسْكَرُه، ثُمَّ قُتِلَ، وَأُسِرَ
أَوْلاَدُه وَأَعْوَانُه، وَعُذّبُوا، ثُمَّ ضُربت
أَعْنَاقُهُم، وَتَمَكَّنَ شِيرْكُوْه ثَمَانِيَة
وَخَمْسِيْنَ يَوْماً، ثُمَّ مَاتَ بِالخَوَانِيْق.
وَقِيْلَ:
(20/516)
بَلْ سَمَّهُ العَاضدُ فِي مِنديلِ
الحَنَكِ الَّذِي لِلْخِلْعَةِ.
330 - مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
خَلِيْلٍ القَيْسِيُّ *
الفَقِيْهُ، المُعَمَّرُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ القَيْسِيّ،
اللَّبْلِيُّ، المَالِكِيّ، صَاحِب مَالِك بن وُهَيْبٍ.
يَرْوِي عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ فَرَجٍ الطَّلاَّعِيِّ،
وَأَبِي عَلِيٍّ الغَسَّانِيِّ الحَافِظِ، وَخَازِمِ بنِ
مُحَمَّدٍ، وَأَبِي الحُسَيْنِ بنِ سِرَاجٍ، وَأَبِي
عَلِيٍّ بنِ سُكَّرَةَ، وَطَائِفَةٍ.
قَالَ الأَبَّارُ: كَانَ مِنْ أَهْلِ الدِّرَايَةِ
وَالرِّوَايَةِ، نَزَلَ فَاسَ، ثُمَّ مَرَّاكُشَ، أَخَذَ
عَنْهُ: شَيْخنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الأَنْدَرَشِيّ،
وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ عَبْدِ الحَقِّ قَاضِي
تِلِمْسَان، وَسَمِعَ مِنَ الغَسَّانِيِّ (صَحِيْحَ
مُسْلِمٍ)، وَتُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعِيْنَ وَخَمْسِ
مائَةٍ.
وَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: سَمِعَ مِنْهُ يَعِيْشُ بنُ
القَدِيْمِ، وَآخِرُ مَنْ حَمَلَ عَنْهُ: شَيْخنَا
إِسْحَاقُ بنُ عَامِرٍ الطَّوْسِيُّ - بِفَتحِ الطَّاءِ -
الكَاتِبُ.
وَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ فِي مَكَانٍ آخَرَ: أَخْبَرَنَا
بِـ (المُوَطَّأِ) إِسْحَاقُ الطَّوْسِيُّ، أَنْبَأَنَا
ابْنُ خَلِيْلٍ، أَخْبَرْنَا ابْنُ الطَّلاَّعِ.
قُلْتُ: صرَّحَ ابْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ رِوَايَتَهُ
(لِلْمُوَطَّأِ) عَنِ الطَّوْسِيِّ مُنَاوَلَةٌ، وَأَنَّ
رِوَايَةَ القَيْسِيِّ عَنِ الطَّلاَّعِيّ إِجَازَةٌ إِنْ
لَمْ يَكُنْ سَمَاعاً.
__________
(*) معجم ابن الآبار 188، 189، وفيه محمد بن عبيد الله،
العبر 4 / 211، النجوم الزاهرة 6 / 75، شذرات الذهب 4 /
238.
(20/517)
331 - ابْنُ قُزْمَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ
بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ *
الإِمَامُ، الفَقِيْهُ، أَبُو مَرْوَانَ عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ
قُزْمَانَ القُرْطُبِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: مُحَمَّد بن فَرَجٍ الطَّلاَّعِيّ،
وَالحَافِظ أَبِي عَلِيٍّ الغَسَّانِيِّ، وَأَبِي الحَسَنِ
العَبْسِيِّ.
وَتَفَقَّهَ: بِأَبِي الوَلِيْدِ بنِ رُشْدٍ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو الخَطَّابِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ
بنِ وَاجِبٍ البَلَنْسِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عَلِيٍّ
الخَوْلاَنِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ اليَتِيْمِ.
قَالَ ابْنُ بَشْكُوَال (1) : كَانَ مِنْ كِبَارِ
العُلَمَاءِ، وَجِلَّةِ الفُقَهَاءِ، مُقدَّماً فِي
الأُدَبَاء، تُوُفِّيَ فِي مُسْتهلِّ ذِي القَعْدَةِ،
سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
332 - عُلَيْمُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ القُرَشِيُّ **
الإِمَامُ، الحَافِظُ، أَبُو مُحَمَّدٍ القُرَشِيُّ،
العَدَوِيُّ، العُمَرِيُّ، الأَنْدَلُسِيُّ، وَيُكْنَى
أَيْضاً: بِأَبِي الحَسَنِ.
مَوْلِدُهُ: بِشَاطِبَةَ، فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَخَمْسِ
مائَةٍ.
وَسَمِعَ: أَبَا عَبْدِ اللهِ بنَ مُغَاوِرٍ، وَأَبَا
جَعْفَرٍ بنَ جَحْدَرٍ، وَأَبَا عَبْدِ اللهِ بنَ غُلاَم
الْفرس الدَّانِي، وَأَبَا إِسْحَاقَ بن جَمَاعَة، وَأَبَا
القَاسِمِ بنَ وَرد، وَعِدَّة.
__________
(*) الصلة لابن بشكوال 2 / 353، المشتبه: 524، تبصير
المنتبه 3 / 1127.
(1) في " الصلة " 2 / 353.
(* *) لم نعثر على مصدر ترجمه.
(20/518)
قَالَ الأَبَّار: كَانَ أَحَدَ العُلَمَاءِ
الزُّهَّاد، أَقَرَأَ القُرْآنَ وَالفِقْه، وَكَانَ
صَاحِبَ فُنُوْن، كَثِيْر المَحْفُوْظ جِدّاً، لاَ
سِيَّمَا (المُوَطَّأ) وَ(الصَّحِيْحَيْنِ)، وَكَانَ
يَقُوْلُ: مَا حَفِظت شَيْئاً فَنسيته، وَكَانَ مَيَّالاً
إِلَى السُّنَن وَالآثَار وَعُلُوْم القُرْآن، مَعَ حَظّ
مِنْ علم النَّحْو وَالشّعر وَالمَيْل إِلَى الزُّهْد،
مَعَ الوَرَع وَالتَّوَاضع، وَكَانَ مُعَظَّماً فِي
النُّفُوْس، كَثِيْر التَّوَاضع وَالمَحَاسِن.
تُوُفِّيَ: بِبَلَنْسِيَةَ، فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ
أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ -رَحِمَهُ اللهُ-.
333 - الزَّكِيُّ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ
عَلِيٍّ القُرَشِيُّ *
قَاضِي دِمَشْقَ، الإِمَامُ، زَكِيُّ الدِّيْنِ، أَبُو
الحَسَنِ عَلِيُّ ابْنُ القَاضِي المُنْتَجبِ أَبِي
المَعَالِي مُحَمَّدِ ابْنِ القَاضِي الزَّكِيِّ يَحْيَى
بنِ عَلِيٍّ القُرَشِيُّ، الشَّافِعِيُّ.
فَقيه ديِّن خَيْر، عَالِم، مَحْمُوْد الأَحكَام،
اسْتَعفَى مِنَ الحُكْمِ، فَأُعفِي، وَحَجّ مِنْ طَرِيْقِ
العِرَاق، وَرجع، فَأَقَامَ بِبَغْدَادَ سَنَةً،
وَتُوُفِّيَ.
سَمِعَ مِنْ: عَبْدِ الكَرِيْمِ بنِ حَمْزَةَ،
وَجَمَاعَةٍ.
سَمِعَ مِنْهُ: أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ الخَشَّاب، وَأَبُو
طَالِبٍ بنُ عَبْدِ السَّمِيْعِ، وَابْن الأَخْضَر.
مَوْلِده: سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَمَاتَ: فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ -رَحِمَهُ اللهُ-.
__________
(*) الكامل 11 / 350، وفيات الأعيان 4 / 236، العبر 4 /
188، طبقات السبكي 7 / 235، طبقات الاسنوي 2 / 9، 10،
النجوم الزاهرة 5 / 382، شذرات الذهب 4 / 213.
(20/519)
334 - ابْنُ قُرْقُوْلَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ
يُوْسُفَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الحَمْزِيُّ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ
بنُ يُوْسُفَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ
بَادِيسَ ابنِ القَائِدِ الحَمْزِيُّ، الوَهْرَانِيُّ،
المَعْرُوف: بِابْنِ قُرْقُوْل، مِنْ قَرْيَة حَمْزَةَ (1)
، مِنْ عَمل بِجَايَةَ.
مَوْلِدُهُ: بِالمَرِيَّةِ؛ إِحْدَى مَدَائِنِ
الأَنْدَلُس.
سَمِعَ مِنْ: جَدِّهِ لأُمِّهِ أَبِي القَاسِمِ بنِ وَردٍ،
وَمِنْ: أَبِي الحَسَنِ بنِ نَافِعٍ، وَرَوَى عَنْهُمَا،
وَعَنْ: أَبِي الحَسَنِ بنِ اللواز، وَأَبِي العَبَّاسِ
بنِ العَرِيْفِ الزَّاهِدِ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ
الحَاجِّ الشَّهِيْدِ.
وَحَمَلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الخَفَاجِيِّ
(دِيْوَانَهُ).
وَكَانَ رَحَّالاً فِي العِلْمِ، نَقَّالاً، فَقِيْهاً،
نَظَّاراً، أَدِيباً، نَحْوياً، عَارِفاً بِالحَدِيْثِ
وَرِجَالِهِ، بَدِيْعَ الكِتَابَةِ.
رَوَى عَنْهُ عِدَّةٌ، مِنْهُم: يُوْسُفُ بنُ مُحَمَّدِ
بنِ الشَّيْخ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عَلِيٍّ
السُّمَاتِيُّ (2) .
وَكَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ، لَهُ كِتَابُ
(المَطَالِعِ عَلَى الصَّحِيْحِ (3)) غَزِيْر الفَوَائِدِ.
__________
(*) تكملة الصلة: 151، وفيات الأعيان 1 / 62، 63، العبر 4
/ 205، 206، الوافي بالوفيات 6 / 171، مرآة الجنان 4 /
171، البداية والنهاية 12 / 277 وتحرف اسمه فيه إلى ابن
قسرول، كشف الظنون 1687 و1715، شذرات الذهب 4 / 231، هدية
العارفين 1 / 9، معجم المصنفين للتونكي 4 / 486، 487،
تاريخ بروكلمان 6 / 277، 278.
(1) انظر " الأنساب " 4 / 220 و" معجم البلدان " 3 / 302
و" وفيات الأعيان " 1 / 63.
(2) بضم أوله والتخفيف وبعد الالف مثناة فوقية، نسبة إلى
سماتة، وهي بطن من نفزة. انظر " تبصير المنتبه " 2 / 747.
(3) وضعه على مثال " مشارق الانوار " للقاضي عياض. قال
حاجي خليفة: اختصره =
(20/520)
انتقلَ مِنْ مَالَقَةَ إِلَى سَبْتَةَ،
ثُمَّ إِلَى سَلاَ، ثُمَّ إِلَى فَاسَ، وَتَصدَّرَ
لِلإِفَادَةِ.
وَكَانَ رَفِيقاً لأَبِي زَيْدٍ السُّهَيْلِيِّ وَصَدِيقاً
لَهُ، فَلَمَّا فَارَقَهُ وَتَحَوَّل إِلَى مَدِينَة سَلاَ
(1) ، نَظمَ فِيْهِ أَبُو زَيْدٍ أَبيَاتاً، وَبَعَثَ
بِهَا إِلَيْهِ، وَهِيَ:
سَلاَ عَنْ سَلاَ إِنَّ المَعَارِفَ وَالنُّهَى ... بِهَا
وَدَّعَا أُمَّ الرَّبَابِ وَمَأْسَلاَ
بكيتُ أَسَىً أَيَّامَ كَانَ بِسَبْتَةٍ ... فَكَيْفَ
التَأَسِّي حِيْنَ مَنْزِله سَلاَ
وَقَالَ أُنَاس: إِنَّ فِي الْبعد سَلوَةً ... وَقَدْ
طَالَ هَذَا البُعدُ وَالقَلْبُ مَا سَلاَ
فَليت أَبَا إِسْحَاقَ إِذْ شَطَّتِ النَّوَى ...
تَحيَّتَهُ الحُسْنَى مَعَ الرِّيْحِ أَرْسَلا
فَعَادَتْ دَبُورُ الرِّيْح عِنْدِي كَالصَّبَا ... بِذِي
غُمَرٍ إِذْ أَمرُ زَيدٍ تَبسَّلاَ
فَقَدْ كَانَ يُهدينِي الحَدِيْث مُوصَّلاً ... فَأَصْبَحَ
موصولَ الأَحَادِيْثِ مُرْسَلا
وَقَدْ كَانَ يُحْيِي العِلْمَ وَالذِّكرَ عِنْدَنَا ...
أَوَانَ دَنَا فَالآنَ بِالنَّأْي كسَّلاَ
فَلِلَّهِ أُمٌّ بِالمَرِيَّةِ أَنْجَبت ... بِهِ وَأَبٌ
مَاذَا مِنَ الخَيْرِ أَنسَلاَ؟
تُوُفِّيَ ابْنُ قُرْقُوْل: فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ تِسْعٍ
وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَلَهُ أَرْبَعٌ وَسِتُّوْنَ
سَنَةً.
335 - مَوْدُوْدُ بنُ زِنْكِي بنِ آقْسُنْقُرَ
التُّرْكِيُّ *
السُّلْطَانُ، صَاحِب المَوْصِل، قُطْب الدِّيْنِ،
مَوْدُوْدُ ابنُ الأَتَابَكِ زِنْكِي بنِ آقْسُنْقُر
التُّرْكِيّ، الأَعْرَجُ.
__________
= يعني مشارق الانوار - واستدرك عليه، وأصلح فيه أوهاما.
انظر نسخه الخطية في " تاريخ بروكلمان 6 / 277.
وانظر مختصراته فيه 6 / 277، 288.
(1) مدينة بأقصى المغرب. " معجم البلدان " 3 / 231.
وأبو زيد: هو عبد الرحمن بن عبد الله السهيلي الأندلسي
المالقي.
صاحب " الروض الانف " في شرح السيرة النبوية لابن هشام
المتوفى سنة 581 ه.
(*) الكامل 11 / 355، 356، الباهر: 94، مرآة الزمان 8 /
175، الروضتين =
(20/521)
تَمَلَّكَ بَعْدَ أَخِيْهِ غَازِي (1) ،
وَكَانَ لاَ بَأْسَ بِسِيرَتِهِ، وَهُوَ الَّذِي نَكب
وَزِيْرهُم الجَوَاد، وَكَانَ يَنوب فِي مَمْلَكته زَيْنُ
الدِّيْنِ عَلِيٌّ صَاحِبُ إِرْبِلَ.
وَكَانَتْ (2) أَيَّامه اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ سَنَةً.
تُوُفِّيَ: فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَخلَّف أَوْلاَداً، مِنْهُم: السُّلْطَان عِزّ الدِّيْنِ
مَسْعُوْد، وَالسُّلْطَان سَيْف الدِّيْنِ غَازِي الَّذِي
تَمَلَّكَ بَعْدَ أَبِيْهِ، وَهُوَ أَخُو صَاحِب الشَّام
نُوْر الدِّيْنِ.
336 - ابْنُ ظَفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي مُحَمَّدٍ بنِ
مُحَمَّدٍ الصَّقَلِّيُّ *
العَلاَّمَةُ البَارعُ، حُجَّةُ الدِّيْنِ، أَبُو عَبْدِ
اللهِ (3) مُحَمَّدُ بنُ أَبِي مُحَمَّدٍ (4) بنِ
مُحَمَّدِ بنِ ظَفَرٍ الصَّقَلِّيُّ، صَاحِبُ كِتَابِ
(خَيْرِ البَشَرِ)، وَكِتَابِ
__________
= 1 / 186، 187، وفيات الأعيان 5 / 302، 303، مفرج الكروب
1 / 177، 188 - 190، المختصر 3 / 49، دول الإسلام 2 / 78،
العبر 4 / 191، تتمة المختصر 2 / 120، البداية
والنهاية 12 / 261، النجوم الزاهرة 5 / 383، شذرات الذهب 4
/ 216.
(1) الذي تقدمت ترجمته برقم (41).
(2) في الأصل: وكان.
(*) الخريدة (قسم الشام) 3 / 49، معجم الأدباء 19 / 48،
49، وفيات الأعيان 4 / 395 - 397، الوافي بالوفيات 1 /
141، 142، العقد الثمين 2 / 344 - 348، بغية الوعاة 1 /
142، 143، كشف الظنون: 741 وغيرها، هدية العارفين 2 / 96،
تاريخ بروكلمان 5 / 147 و152 (ضمن ترجمة الحريري).
وظفر: بفتح الظاء المعجمة والفاء وبعدها راء، كذا ضبطه ابن
خلكان.
قال الصفدي: ورأيت بعضهم يقول: ابن ظفر بضم الظاء والفاء،
والاول أشهر.
(3) في " العقد الثمين " نقلا عن القطيعي في " ذيل تاريخ
بغداد ": أبو هاشم، وفي هدية العارفين ": أبو جعفر.
(4) في " الوافي ": محمد بن محمد بن ظفر.
وفي " بغية الوعاة " و" هدية العارفين " محمد بن عبد الله
بن محمد بن ظفر.
(20/522)
(سُلْوَانِ المطَاعِ فِي عُدوَانِ
الأَتْبَاعِ) وَكِتَابِ (شَرحِ المَقَامَاتِ (1)).
وَكَانَ قصِيْراً، لَطيف الشّكلِ، وَلَهُ نَظْمٌ (2)
وَفَضَائِل.
سكن حَمَاةَ، وَنَشَأَ بِمَكَّةَ، وَأَكْثَرَ الأَسفَارَ.
وَكَانَ فَقِيْراً، أَخَذَ بِنْتَهُ زَوْجُهَا، فَبَاعَهَا
فِي بَعْضِ البِلاَدِ (3) .
مَاتَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ،
بِحَمَاةَ.
337 - ابْنُ الخَشَّابِ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ
أَحْمَدَ البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، المُحَدِّثُ، إِمَامُ
النَّحْوِ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ
أَحْمَدَ بنِ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ نَصْرٍ
البَغْدَادِيُّ، ابْنُ الخَشَّابِ، مَنْ يُضْرَبُ بِهِ
المَثَلُ فِي العَرَبِيَّةِ، حَتَّى قِيْلَ: إِنَّهُ
بَلَغَ رُتْبَةَ أَبِي عَلِيٍّ الفَارِسِيِّ.
__________
(1) انظر نسخه الخطية في " تاريخ " بروكلمان 5 / 147.
وله أيضا شرح " درة الغواص " للحريري. انظر بروكلمان 5 /
152.
وله مؤلفات كثيرة، انظرها في " معجم الأدباء " 19 / 48،
49، و" هدية العارفين " 2 / 96.
(2) أورد منه ابن خلكان قوله: على قدر فضل المرء تأتي
خطوبه * ويعرف عند الصبر فيما يصيبه ومن قل فيما يتقيه
اصطباره * فقد قال فيما يرتجيه نصيبه (3) انظر " وفيات
الأعيان " 4 / 397، و" الوافي " 1 / 141.
(*) خريدة القصر 1 / 82، المنتظم 10 / 238، 239، معجم
الأدباء 12 / 47 - 53، الكامل 11 / 375، 376، إنباه الرواة
2 / 99 - 103، مرآة الزمان 8 / 180، وفيات الأعيان 3 / 102
- 104، المختصر في أخبار البشر 3 / 52، العبر 4 / 196،
197، تلخيص ابن مكتوم: 88، 89، المستفاد من ذيل تاريخ
بغداد: 134 - 136، تتمة المختصر 2 / 124، مسالك الابصار ج
4 م 2 / 311 - 316، مرآة الجنان 3 / 381، 382، البداية
والنهاية 12 / 269، ذيل طبقات الحنابلة 1 / 316، 323،
طبقات ابن قاضي شهبة 2 / 17 - 20، النجوم الزاهرة 6 / 65،
بغية الوعاة 2 / 29 - 31، كشف الظنون: 108، 602 وغيرها،
شذرات الذهب 4 / 220 - 222، الفلاكة والمفلوكون 78، 79،
هدية العارفين 1 / 456، معجم المطبوعات: 93، تاريخ
بروكلمان 5 / 167 - 169.
(20/523)
وُلِدَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي القَاسِمِ عَلِيّ بن الحُسَيْنِ
الرَّبَعِيّ، وَأُبَيٍّ النَّرْسِيّ، وَيَحْيَى بن عَبْدِ
الوَهَّابِ بنِ مَنْدَةَ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ البَارع،
وَأَبِي غَالِبٍ البَنَّاءِ، وَهِبَة اللهِ بن الحُصَيْنِ،
وَعِدَّةٍ.
وَقرَأَ كَثِيْراً، وَحصَّل الأُصُوْلَ.
وَأَخَذَ الأَدَبَ عَنْ: أَبِي عَلِيٍّ بنِ المُحَوَّلِ
شَيْخِ اللُّغَةِ، وَأَبِي السَّعَادَاتِ بن الشَّجَرِيِّ،
وَعَلِيِّ بنِ أَبِي زَيْدٍ الفَصِيْحِيِّ، وَأَبِي
مَنْصُوْرٍ مَوْهُوْبِ بنِ الجَوَالِيْقِيّ، وَأَبِي
بَكْرٍ بنِ جَوَامرد النَّحْوِيِّ.
وَفَاقَ أَهْلَ زَمَانِهِ فِي علمِ اللِّسَانِ، وَكَتَبَ
بِخَطِّهِ المَلِيْحِ المَضْبُوْطِ شَيْئاً كَثِيْراً،
وَبَالَغَ فِي السَّمَاعِ حَتَّى قَرَأَ عَلَى
أَقْرَانِهِ، وَحصَّلَ مِنَ الكُتُبِ شَيْئاً لاَ
يُوْصَفُ، وَتَخَرَّجَ بِهِ فِي النَّحْوِ خَلقٌ.
حَدَّثَ عَنْهُ: السَّمْعَانِيّ، وَأَبُو اليُمْنِ
الكِنْدِيُّ، وَالحَافِظ عَبْد الغَنِيِّ، وَالشَّيْخ
المُوَفَّق، وَأَبُو البَقَاءِ العُكْبَرِيّ، وَمُحَمَّد
بن عِمَاد، وَفَخْر الدِّيْنِ بنُ تَيْمِيَةَ، وَمَنْصُوْر
بن أَحْمَدَ بنِ المُعَوّجِ (1) .
قَالَ السَّمْعَانِيُّ: هُوَ شَابّ كَامِل فَاضِل، لَهُ
مَعْرِفَةٌ تَامَّة بِالأَدب وَاللُّغَة وَالنَّحْو
وَالحَدِيْث، يَقْرَأُ الحَدِيْث قِرَاءة حَسَنَة
صَحِيْحَة سرِيعَة مَفْهُوْمَة، سَمِعَ الكَثِيْر، وَحصَّل
الأُصُوْل مِنْ أَيِّ وَجهٍ، كَانَ يَضنُّ بِهَا، سَمِعْتُ
بقِرَاءتِه كَثِيْراً، وَكَانَ يُدِيْم القِرَاءة طُول
النَّهَارِ مِنْ غَيْرِ فُتُورٍ، سَمِعْتُ أَبَا شُجَاعٍ
البِسْطَامِيَّ يَقُوْلُ:
قَرَأَ عَلَيَّ ابنُ الخَشَّابِ (غَرِيْبَ الحَدِيْثِ)
لأَبِي مُحَمَّدٍ
__________
(1) تقدم التعريف به في حواشي ترجمة ابن خضير رقم (306).
(20/524)
القُتَبِيِّ (1) قِرَاءةً مَا سَمِعْتُ
قَبْلَهَا مِثْلَهَا فِي الصِّحَّةِ وَالسُّرعَةِ، وَحضَر
جَمَاعَة مِنَ الفُضَلاَءِ، فَكَانُوا يُرِيْدُوْنَ أَنْ
يَأْخُذُوا عَلَيْهِ فَلْتَةَ لِسَانٍ، فَمَا قَدَرُوا.
وَقَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: أَخَذَ ابْنُ الخَشَّابِ
الحِسَابَ وَالهَنْدَسَة عَنْ أَبِي بَكْرٍ قَاضِي
المَرَسْتَان، وَأَخَذَ الفَرَائِض عَنْ أَبِي بَكْرٍ
المَزْرَفِيّ (2) ، وَكَانَ ثِقَةً، وَلَمْ يَكُنْ فِي
دِيْنِهِ بِذَاكَ، وَقَرَأْتُ بِخَطِّ الشَّيْخ
المُوَفَّق:
كَانَ ابْنُ الخَشَّاب إِمَامَ أَهْل عصرِه فِي عِلمِ
العَرَبِيَّة، حَضَرتُ كَثِيْراً مِنْ مَجَالِسِهِ، وَلَمْ
أَتَمَكَّنْ مِنَ الإِكثَارِ عَنْهُ لِكَثْرَة الزِّحَامِ
عَلَيْهِ، وَكَانَ حَسَنَ الكَلاَمِ فِي السُّنَّةِ
وَشَرحِهَا (3) .
قَالَ ابْنُ الأَخْضَرِ: كُنْت عِنْدَهُ وَعِنْدَهُ
جَمَاعَةٌ مِنَ الحَنَابِلَةِ، فَسَأَلَهُ مَكِّيٌّ
الغَرَّادُ (4) : هَلْ عِنْدَكَ كِتَابُ (الجِبَالِ)؟
فَقَالَ: يَا أَبْلَهُ! مَا تَرَاهُم حَوْلِي (5) ؟
__________
(1) هو أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري،
الامام الأديب الشهير، المتوفى سنة 276 ه، وهو مترجم في
الجزء (13) برقم (138) وقد تحرفت هذه النسبة في " طبقات "
ابن رجب 1 / 317 إلى " المقتفي " وجاءت العبارة فيه موهمة
أن المقتفي سمع " غريب الحديث " على ابن الخشاب.
وانظر " إنباه الرواة " 2 / 101، 102، و" المستفاد ": 136.
(2) بفتح الميم وسكون الزاي وفتح الراء وفي آخرها فاء،
نسبة إلى المزرفة، وهي قرية كبيرة بالقرب من بغداد، تحرفت
في " معجم الأدباء " 12 / 49 إلى " المرزوقي "، وتصحفت في
" بغية الوعاة " 2 / 29 إلى " المزرقي " بالقاف، انظر "
المشتبه " 587، و" تبصير المنتبه " 4 / 1361، و" اللباب "
3 / 203، و" استدراك " ابن نقطة: باب المزرفي والمزرفن،
وفيه ترجمته.
(3) انظر " طبقات " ابن رجب 1 / 316، 317.
وقال ابن رجب 1 / 319: وكان الحافظ أبو محمد الاخضر يقول
في روايته عنه: حدثنا حجة الإسلام أبو محمد بن الخشاب،
وكذلك يقول الشيخ موفق الدين المقدسي في تصانيفه حين يروي
عن ابن الخشاب.
وكان ثقة في الحديث والنقل، صدوقا حجة نبيلا.
(4) ضبطه المؤلف في " المشتبه " 450 بالغين المعجمة والراء
المشددة وبعد الالف دال، وقد تصحف في " طبقات " ابن رجب 1
/ 321 إلى " القراد " بالقاف، وتصحف فيه أيضا كتاب "
الجبال " إلى " الخيال ".
(5) انظر " معجم الأدباء " 12 / 50، و" بغية الوعاة " 2 /
30.
(20/525)
وَقِيْلَ: إِنَّهُ سُئِلَ: أَيُمَدُّ
القَفَا أَوْ يُقْصَرُ؟
فَقَالَ: يُمدُّ، ثُمَّ يُقْصَرُ.
وَكَانَ مَزَّاحاً (1) .
وَقِيْلَ: عرضَ اثْنَانِ عَلَيْهِ شِعراً لَهُمَا،
فَسَمِعَ لِلأَوَّلِ، ثُمَّ قَالَ: أَنْتَ أَردَأُ شِعراً
مِنْهُ.
قَالَ: كَيْفَ تَقُوْلُ هَذَا وَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلَ
الآخَرِ؟!
قَالَ: لأَنَّ هَذَا لاَ يَكُوْنُ أَردَأَ (2) .
وَقَالَ لِرَجُلٍ: مَا بِكَ؟
قَالَ: فُؤَادِي.
قَالَ: لَوْ لَمْ تَهَمْزِهُ، لَمْ يُوْجِعْكَ.
قَالَ حَمْزَةُ بنُ القُبَّيْطِيِّ: كَانَ ابْنُ الخَشَّاب
يَتعمَّمُ بِالعِمَامَةِ، وَتبَقَى مُدَّةً حَتَّى
تَسوَدَّ وَتَتَقَطَّعَ مِنَ الوَسَخِ، وَعَلَيْهَا ذَرَقُ
العَصَافِيْرِ (3) .
وَقَالَ ابْنُ الأَخْضَر: مَا تَزَوَّجَ ابْنُ الخَشَّاب
وَلاَ تَسَرَّى، وَكَانَ قَذِراً يَسْتَقِي بِجَرَّةٍ
مَكْسُوْرَةٍ، عُدنَاهُ فِي مَرَضِهِ، فَوَجَدنَاهُ
بِأَسوَأِ حَالٍ، فَنقَلَهُ القَاضِي أَبُو القَاسِمِ بنُ
الفَرَّاء إِلَى دَارِهِ، وَأَلْبَسَه ثَوْباً نَظيفاً،
وَأَحضر الأَشْرِبَة وَالمَاوردَ، فَأَشْهَدنَا بِوقْفِ
كُتُبِهِ، فَتفرَّقَتْ، وَبَاع أَكْثَرَهَا أَوْلاَدَ
العَطَّارِ حَتَّى بَقِيَ عُشرُهَا، فَتُرِكَ بِرِباطِ
المَأْمُوْنِيَّةِ (4) .
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ (5) : كَانَ بَخِيلاً
مُتَبذِّلاً، يَلعب بِالشطرنجِ عَلَى الطَّرِيْقِ، وَيَقفُ
عَلَى المُشَعْوِذِ، وَيَمزَحُ، أَلَّفَ فِي الردِّ عَلَى
الحَرِيْرِيِّ فِي
__________
(1) انظر " معجم الأدباء " 12 / 51، و" طبقات " ابن رجب 1
/ 320، و" بغية الوعاة " 2 / 30.
(2) انظر " طبقات " ابن رجب 1 / 321.
(3) انظر " معجم الأدباء " 12 / 51، و" طبقات " ابن رجب 1
/ 320.
(4) انظر " طبقات " ابن رجب 1 / 319.
(5) انظر " المستفاد من ذيل تاريخ بغداد " 135، و" إنباه
الرواة " 2 / 99، و" معجم الأدباء " 12 / 50.
(20/526)
(مَقَامَاتِهِ (1))، وَشَرَحَ (اللُّمَعَ)،
وَصَنَّفَ فِي الردِّ عَلَى أَبِي زَكَرِيَّا
التِّبْرِيْزِيّ (2) .
قَالَ القِفْطِيُّ (3) : عِبَارتُه أَجْوَدُ مِنْ قَلمِهِ،
وَكَانَ ضيق العَطَن، مَا كَمَّل تَصنِيفاً.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: سَمِعْتُ المُبَارَك بن
المُبَارَكِ النَّحْوِيّ يَقُوْلُ:
كَانَ ابْنُ الخَشَّاب إِذَا نُودِي عَلَى كِتَاب،
أَخَذَهُ وَطَالَعَه، وَغلَّ وَرقه، ثُمَّ يَقُوْلُ: هُوَ
مَقْطُوْع، فَيَشْتَرِيهِ بِرخص.
قُلْتُ: لَعَلَّهُ تَابَ، فَقَدْ قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ
أَبِي الفَرَجِ الجُبَّائِيّ (4) : رَأَيْتُ ابْنَ
الخَشَّاب وَعَلَيْهِ ثِيَاب بيضٌ، وَعَلَى وَجهه نورٌ،
فَقُلْتُ: مَا فَعَلَ اللهُ بِكَ؟
قَالَ: غَفَر لِي، وَدَخَلتُ الجَنَّة، إِلاَّ أَنَّ اللهَ
أَعرضَ عَنِّي وَعَنْ كَثِيْر مِنَ العُلَمَاءِ مِمَّنْ
لاَ يَعمَلُ (5) .
مَاتَ: فِي ثَالِث رَمَضَانَ، سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ.
__________
(1) طبعت استدراكاته هذه باستانبول سنة 1328 ه، وطبعت
ملحقة بمقامات الحريري في مصر سنة 1329 ه ومعها كتاب "
انتصار " ابن بري للحريري.
(2) وصنف أيضا كتاب " المرتجل " شرح " الجمل " للجرجاني
(في " معجم الأدباء " و" طبقات " ابن رجب: للزجاجي، وهو
خطأ) لكنه ترك أبوابا من وسط الكتاب ما تكلم عليها، كما
أنه لم يتم شرح " اللمع "، وله كتاب " الرد على ابن بابشاذ
" (في " طبقات " ابن رجب: نادستاد، وهو خطأ) انظر بقية
تصانيفه في " معجم الأدباء " 12 / 51، 52، و" إنباه الرواة
" 2 / 100، و" هدية العارفين " 1 / 456.
وانظر النسخ الخطية لبعضها في " تاريخ " بروكلمان 5 / 168،
169.
(3) في " إنباه الرواة " 2 / 99، 100.
(4) تصحفت هذه النسبة في " المنتطم " 10 / 238 إلى "
الجياني " وقد تقدم ضبطها في الصفحة 434 تعليق رقم (1) في
ترجمة الرستمي رقم (283).
(5) انظر " المنتظم " 10 / 238، 239، و" معجم الأدباء " 12
/ 52، و" طبقات " ابن رجب 1 / 222، 223.
(20/527)
أَخْبَرْنَا ابْنُ الفَرَّاءِ، أَخْبَرْنَا
ابْنُ قُدَامَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ
الخَشَّابِ...، فَذَكَرَ حَدِيْثاً.
338 - الصَّيْدَلاَنِيُّ القَاسِمُ بنُ الفَضْلِ بنِ
عَبْدِ الوَاحِدِ *
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ، العَالِمُ، المُحَدِّثُ، مُسْنِدُ
أَصْبَهَانَ، أَبُو المُطَهَّرِ القَاسِمُ بنُ الفَضْلِ
بنِ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ الفَضْلِ الأَصْبَهَانِيُّ،
الصَّيْدَلاَنِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ نَيِّفٍ وَسَبْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: رِزْق اللهِ التَّمِيْمِيّ، وَالرَّئِيْسِ
أَبِي عَبْدِ اللهِ الثَّقَفِيِّ، وَمَكِّيِّ بنِ
مَنْصُوْرٍ الكَرْجِيِّ، وَسُلَيْمَانَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ
الحَافِظِ، وَجَدِّهِ لأُمِّهِ أَبِي مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدِ
بنِ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَجَمَاعَةٍ
كَثِيْرَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الجَنْزِيُّ (1) ،
ثُمَّ الأَصْبَهَانِيُّ بِـ (مُسْنَد الشَّافِعِيِّ)،
وَالحَافِظُ عَبْدُ القَادِرِ الرُّهَاوِيُّ، وَأَبُو
نِزَارٍ رَبِيْعَةُ بنُ الحَسَنِ اليَمَنِيّ، وَمُحَمَّد
بن مَسْعُوْدِ بنِ أَبِي الفَتْحِ المَدِيْنِيّ،
وَمُحَمَّد بن أَبِي سَعِيْدٍ بنِ طَاهِر، وَمُعَاوِيَة بن
مُحَمَّدِ بنِ الفَضْل، وَآخَرُوْنَ، وَمِنَ القُدَمَاء:
أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ.
وَرَوَى عَنْهُ بِالإِجَازَةِ: الشَّيْخ مُوَفَّق
الدِّيْنِ المَقْدِسِيّ، وَكَرِيْمَة بِنْت الحَبَقْبَقِ،
وَعَجِيْبَة.
قَالَ السَّمْعَانِيُّ: كَانَ مُتَمَيِّزاً، حرِيصاً عَلَى
طلب الحَدِيْث، مَلِيْح الخَطِّ، سَمِعَ وَبَالَغَ.
قُلْتُ: وَسَمَّعَ وَلده المُعَمَّر عَبْد الوَاحِدِ بن
أَبِي المُطَهَّر الكَثِيْر.
__________
(*) العبر 4 / 199، النجوم الزاهرة 6 / 66، شذرات الذهب 4
/ 223.
(1) بجيم مفتوحة ثم نون ساكنة بعدها زاي. " تبصير المنتبه
" 1 / 362.
(20/528)
تُوُفِّيَ: فِي نِصْفِ جُمَادَى الأُوْلَى،
سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَلَهُ
نَيِّفٌ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ: أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَد بن مُحَمَّدِ
بنِ الرَّحَبِيّ (1) ، وَابْن الخَشَّابِ (2) ، وَعَبْد
اللهِ بن مَنْصُوْرِ بنِ المَوْصِلِيّ (3) ، وَالعَاضد (4)
بِمِصْرَ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ النّعمَة المَرِيِّيّ (5)
بِبَلَنْسِيَةَ، وَأَبُو المُظَفَّرِ مُحَمَّد بن أَسْعَدَ
بن الحَلِيْم (6) العِرَاقِي، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ بن الْفرس الغَرْنَاطِي
(7) ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ
الرِّمَامَةِ قَاضِي فَاس، وَأَبُو المَكَارِمِ المُبَارَك
بن مُحَمَّدٍ البَاذَرَائِيّ (8) ، وَالشَّاعِر المَجِيْد
أَبُو الفُتُوْحِ نَصْر اللهِ ابْن قلاَقس
الإِسْكَنْدَرَانِي (9) ، وَوَجِيْه بن هِبَةِ اللهِ
السَّقَطِيّ (10) ، وَأَبُو بَكْرٍ يَحْيَى بن سعدُوْنَ بن
تَمَّام القُرْطُبِيّ المُقْرِئ (11) .
__________
(1) تقدمت ترجمته برقم (326).
(2) تقدمت ترجمته برقم (337).
(3) انظر " النجوم الزاهرة " 6 / 66.
(4) مرت ترجمته في الجزء الخامس عشر برقم (78).
(5) سترد ترجمته برقم (366).
(6) مترجم في العبر 4 / 199، الوافي 2 / 203، الجواهر
المضية 2 / 32، النجوم الزاهرة 6 / 66، شذرات الذهب 4 /
218 (وفيات 566) وفيها جميعا: ابن الحكيم، بالكاف بدل
اللام
وهو خطأ، فقد ترجمه مع الناص على أنه باللام ابن الأثير في
" اللباب " 1 / 383 (الحليمي)، وابن نقطة في " الاستدراك "
باب حكيم وحليم، وابن حجر في " تبصير المنتبه " 1 / 448.
وانظر حاشية المعلمي على " الإكمال " 2 / 493 و3 / 81،
وعلى " الأنساب " 4 / 199.
(7) مترجم في العبر 4 / 199، الوافي 3 / 245، وشذرات الذهب
4 / 223.
(8) تقدمت ترجمته برقم (312).
(9) سترد ترجمته برقم (348).
(10) انظر " النجوم الزاهرة " 6 / 66.
(11) سترد ترجمته برقم (349).
(20/529)
339 - الصَّيْدَلاَنِيُّ مُحَمَّدُ بنُ
الحَسَنِ بنِ الحُسَيْنِ الأَصْبَهَانِيُّ *
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ، المُعَمَّرُ، مُسْنِدُ وَقتِهِ،
أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ الحُسَيْنِ
الأَصْبَهَانِيُّ، الصَّيْدَلاَنِيُّ.
أَجَازَ لَهُ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَفِيْفٍ
البُوْشَنْجِيُّ كُلاَرُ، وَبِيْبَى بِنْتُ عَبْدِ
الصَّمَدِ الهَرْثَمِيَّةُ، وَشَيْخُ الإِسْلاَمِ عَبْدُ
اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَالزَّاهِدُ
مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ العُمَيْرِيُّ، وَنَجِيْبُ بنُ
مَيْمُوْنٍ الوَاسِطِيُّ.
وَسَمِعَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ مِنْ:
سُلَيْمَانَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الحَافِظِ، وَرِزْقِ اللهِ
التَّمِيْمِيِّ، وَالرَّئِيْسِ الثَّقَفِيِّ، وَأَبِي
نَصْرٍ أَحْمَدَ بنِ سُمَيْرٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ
بنِ مُحَمَّدِ بنِ فَضلويه، وَمُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ
السُّكَّرِيِّ، وَثَلاَثَتُهُم سَمِعُوا مِنْ أَبِي عَبْدِ
اللهِ الجُرْجَانِيِّ.
وَسَمِعَ مِنْ: عُمَر بن أَحْمَدَ السِّمْسَار، وَمَكِّيٍّ
الكَرَجِيِّ، وَمُحَمَّدِ بن مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ
الوَهَّابِ المَدِيْنِيّ.
خَرَّج لَهُ: أَحْمَد بن عُمَرَ النَّاينِي جُزْءاً،
سَمَّاهُ (لآلِي القلاَئِد).
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدُ العَظِيْمِ بنُ عَبْدِ اللَّطِيْفِ
الشَّرَابِيّ، وَالحَافِظُ عَبْدُ القَادِرِ
الرُّهَاوِيُّ، وَعَبْدُ الكَرِيْمِ بنُ مُحَمَّدٍ
المُؤَدِّبُ، وَالعِمَادُ أَحْمَدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ
أَمِيْركَا البَاقِي إِلَى بَعْدِ سَنَةِ ثَلاَثِيْنَ
وَسِتِّ مائَةٍ.
وَأَجَازَ أَبُو جَعْفَرٍ (1) : لِلْعَلَمِ ابْنِ
الصَّابُوْنِيّ، وَكَرِيْمَةَ الميطورِيَة، وَعَجِيْبَة
البَاقدَارِيَّةِ.
__________
(*) العبر 4 / 204، النجوم الزاهرة 6 / 69، شذرات الذهب 4
/ 228.
(1) في الأصل: أبا، وهو خطأ.
(20/530)
مَاتَ: فِي السَّادِس وَالعِشْرِيْنَ مِنْ
ذِي القَعْدَةِ، سَنَة ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ
مائَةٍ.
وَانْتَهَى إِلَيْهِ عُلُوُّ الإِسْنَادِ.
340 - نُوْرُ الدِّيْنِ مَحْمُوْدُ بنُ مَحْمُوْدِ بنِ
زِنْكِي التُّرْكِيُّ *
صَاحِبُ الشَّامِ، المَلِكُ العَادِلُ، نُوْرُ الدِّيْنِ،
نَاصِرُ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ، تَقِيُّ المُلُوْكِ،
لَيْثُ الإِسْلاَمِ، أَبُو القَاسِمِ مَحْمُوْدُ ابنُ
الأَتَابَكِ قَسِيمِ الدَّوْلَةِ أَبِي سَعِيْدٍ زِنْكِي
ابنِ الأَمِيْرِ الكَبِيْرِ آقْسُنْقُرَ التُّرْكِيُّ،
السّلطَانِيُّ، المَلِكْشَاهِيُّ.
مَوْلِدُهُ: فِي شَوَّالٍ، سَنَة إِحْدَى عَشْرَةَ
وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَلِي جدُّه نِيَابَةَ حَلَبَ لِلسُّلْطَانِ مَلِكْشَاه
بنِ أَلب آرسلاَن السَّلْجُوْقِيِّ.
وَنَشَأَ قسيمُ الدَّوْلَة بِالعِرَاقِ، وَنَدبَهُ
السُّلْطَانُ مَحْمُوْدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَلِكْشَاه
بِإِشَارَةِ المُسْتَرشِدِ لإِمْرَةِ المَوْصِلِ وَدِيَارِ
بَكْرٍ وَالبِلاَدِ الشَّامِيّةِ، وَظَهَرَتْ شَهَامتُهُ
وَهَيبَتُهُ وَشَجَاعَتُه، وَنَازَلَ دِمَشْقَ،
وَاتَّسَعَتْ مَمَالِكُهُ، فَقُتِلَ عَلَى حِصَارِ
جَعْبَرَ سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ (1) ، فَتَمَلَّكَ
ابْنُه نُوْر الدِّيْنِ هَذَا حلبَ، وَابْنُه
__________
(*) منتخبات من كتاب التاريخ لشاهنشاه: 268، تاريخ ابن
القلانسي (انظر الفهرس)، المنتظم 10 / 248، 249، الكامل 11
/ 402 - 405 (وأخباره فيه من حوادث سنة 542 - سنة 569)،
مرآة الزمان 8 / 187 و191 - 205، الروضتين في أخبار
الدولتين النورية والصلاحية 1 / 48 - 230، وفيات الأعيان 5
/ 184 - 189، مفرج الكروب 1 / 109 وما بعدها، المختصر 3 /
83، العبر 4 / 208، 209، دول الإسلام 2 / 83، تتمة المختصر
2 / 127، 128، أمراء دمشق في الإسلام: 147، البداية
والنهاية 12 / 277 - 287، الجواهر المضية 2 / 158، تاريخ
ابن خلدون 5 / 253، الكواكب الدرية في السيرة النورية لابن
قاضي شهبة تحقيق الدكتور محمود زايد، النجوم الزاهرة 6 /
71، الدارس 1 / 99 و331، شذرات الذهب 4 / 228 - 231.
وللدكتور عماد الدين خليل مؤلف باسم " نور الدين محمود "،
وقد طبعت ترجمته من " تاريخ " ابن عساكر في نشرة المعهد
الفرنسي العلمية بتحقيق نيكيتا إيليسيف.
(1) وقد تقدمت ترجمته في هذا الجزء برقم (123).
(20/531)
الآخِر (1) المَوْصِلَ.
وَكَانَ نُوْر الدِّيْنِ حَامِل رَايَتَيِ العَدْل
وَالجِهَاد، قلَّ أَنْ تَرَى العُيُونُ مِثْلَه، حَاصرَ
دِمَشْق، ثُمَّ تَمَلَّكَهَا، وَبَقِيَ بِهَا عِشْرِيْنَ
سَنَةً.
افتَتَح أَوَّلاً حُصُوْناً كَثِيْرَة، وَفَامِيَةَ،
وَالرَّاوندَانَ، وَقَلْعَةَ إِلبِيْرَةَ، وَعزَازَ،
وَتلَّ بَاشرَ، وَمَرْعَشَ، وَعَيْنَ تَابَ، وَهَزَمَ
البُرْنُسَ صَاحِبَ أَنطَاكيَة، وَقتلَهُ فِي ثَلاَثَة
آلاَفٍ مِنَ الفِرَنْجِ، وَأَظهرَ السُّنَّةَ بِحَلَبَ،
وَقمعَ الرَّافِضَّةَ.
وَبَنَى المَدَارِسَ بِحَلَبَ وَحِمْصَ وَدِمَشْقَ
وَبَعْلَبَكَّ وَالجَوَامِعَ وَالمَسَاجِدَ، وَسُلِّمت
إِلَيْهِ دِمَشْقُ لِلْغلاَءِ وَالخوف، فَحَصَّنهَا،
وَوسَّع أَسواقهَا، وَأَنشَأَ المَارستَان وَدَار
الحَدِيْث وَالمدَارس وَمَسَاجِدَ عِدَّةً، وَأَبطل
المُكُوْس مِنْ دَار بِطِّيخ وَسُوْقِ الغنمِ وَالكيَالَة
وَضمَان النَّهْرِ وَالخَمْر، ثُمَّ أَخَذَ مِنَ العَدُوّ
بَانِيَاسَ وَالمُنَيْطِرَةَ (2) ، وَكسر الفِرَنْجَ
مَرَّات، وَدوَّخهُم، وَأَذَلَهَّم.
وَكَانَ بَطَلاً، شُجَاعاً، وَافر الهَيْبَة، حسن
الرَّمْي، مليح الشّكل، ذَا تَعبُّد وَخوف وَورعٍ، وَكَانَ
يَتعرَّضُ لِلشَّهَادَة، سَمِعَهُ كَاتِبه أَبُو اليُسْرِ
يَسْأَل الله أَنْ يَحشُرَهُ مِنْ بُطُوْنِ السِّبَاعِ
وَحَوَاصِل الطَّير.
وَبَنَى دَار العَدْل، وَأَنْصَفَ الرَّعِيَّة، وَوَقَفَ
عَلَى الضُّعَفَاء وَالأَيْتَام وَالمُجَاوِرِيْنَ، وَأَمر
بِتكمِيْل سُور المَدِيْنَة النَّبَوِيَّة، وَاسْتخرَاجِ
العينِ بِأُحُد دَفَنهَا السَّيْل، وَفتح درب الحِجَاز،
وَعَمَّر الخوَانق وَالرُّبط وَالجسور وَالخَانَات
بِدِمَشْقَ وَغَيْرهَا، وَكَذَا فَعلَ إِذْ ملك حَرَّانَ
وَسِنْجَارَ وَالرُّهَا وَالرَّقَّة وَمَنْبِجَ وَشَيْزَر
وَحِمْص وَحَمَاة وَصَرْخَد وَبَعْلَبَكَّ وَتَدمُرَ.
وَوَقَفَ كُتباً كَثِيْرَةً مُثَمَّنَة،
__________
(1) غازي، تقدمت ترجمته برقم (124).
(2) وهو حصن بالشام قريب من طرابلس. " معجم البلدان " 5 /
217.
(20/532)
وَكسر الفِرَنْج وَالأَرمنَ عَلَى حَارم
وَكَانُوا ثَلاَثِيْنَ أَلْفاً، فَقَلَّ مَنْ نَجَا،
وَعَلَى بَانِيَاس.
وَكَانَتِ الفِرَنْج قَدِ اسْتضرَّت عَلَى دِمَشْقَ،
وَجَعَلُوا عَلَيْهَا قطيعَةً، وَأتَاهُ أَمِيْر الجُيُوْش
شَاور مُسْتجيراً بِهِ، فَأَكْرَمَه، وَبَعَثَ مَعَهُ
جَيْشاً لِيَرُدَّ إِلَى منصبِهِ، فَانْتصرَ، لَكنه
تَخَابثَ وَتلاَءم، ثُمَّ اسْتنجَدَ بِالفِرَنْجِ، ثُمَّ
جَهَّز نُوْرُ الدِّيْنِ -رَحِمَهُ اللهُ- جَيْشاً لَجِباً
مَعَ نَائِبِهِ أَسَدِ الدِّيْنِ شِيرْكُوْه، فَافْتَتَحَ
مِصْرَ، وَقهرَ دَوْلَتهَا الرَّافضيَة، وَهربت مِنْهُ
الفِرَنْج، وَقُتِلَ شَاور، وَصَفَتِ الدِّيَار
المِصْرِيَّة لِشِيرْكُوْه نَائِب نُوْر الدِّيْنِ، ثُمَّ
لِصَلاَح الدِّيْنِ، فَأَبَاد العُبَيْدِيِّيْنَ،
وَاسْتَأْصَلَهُم، وَأَقَامَ الدعوَة العَبَّاسِيَّة.
وَكَانَ نُوْر الدِّيْنِ مَلِيْح الخَطِّ، كَثِيْر
المُطَالَعَة، يُصَلِّي فِي جَمَاعَةٍ، وَيَصُوْم،
وَيَتلو، وَيُسَبِّح، وَيَتحرَّى فِي القُوْت، وَيَتجنَّب
الكِبْر، وَيَتَشَبَّه بِالعُلَمَاءِ وَالأَخيَار.
ذكر هَذَا وَنَحْوَهُ الحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ، ثُمَّ
قَالَ:
رَوَى الحَدِيْثَ، وَأَسْمَعَهُ بِالإِجَازَةِ، وَكَانَ
مَنْ رَآهُ شَاهَد مِنْ جَلاَلِ السَّلطَنَةِ وَهَيْبَةِ
المُلْكِ مَا يَبْهَرُهُ، فَإِذَا فَاوضه، رَأَى مِنْ
لَطَافته وَتوَاضعه مَا يُحَيِّرُه.
حَكَى مَنْ صَحِبَه حَضَراً وَسفراً أَنَّهُ مَا سَمِعَ
مِنْهُ كلمَة فُحشٍ فِي رِضَاهُ وَلاَ فِي ضَجَرِه،
وَكَانَ يُوَاخِي الصَّالِحِيْنَ، وَيزُورهُم، وَإِذَا
احْتَلَم مَمَالِيْكُه أَعتَقَهُم، وَزَوَّجَهُم
بِجَوَارِيه، وَمتَى تَشَكَّوْا مِنْ وُلاَتِهِ عَزَلَهُم،
وَغَالِبُ مَا تَمَلَّكَه مِنَ البُلْدَانِ تَسَلَّمه
بِالأَمَانِ، وَكَانَ كُلَّمَا أَخَذَ مدينَةً، أَسقطَ
عَنْ رَعِيَّتِهِ قِسطاً.
وَقَالَ أَبُو الفَرَجِ ابْنُ الجَوْزِيِّ (1) : جَاهدَ،
وَانتزعَ مِنَ الكُفَّارِ نَيِّفاً وَخَمْسِيْنَ مَدِينَةً
وَحِصناً، وَبَنَى بِالمَوْصِلِ جَامِعاً غَرِمَ عَلَيْهِ
سَبْعِيْنَ (2) أَلْفَ
__________
(1) في " المنتظم " 10 / 248، 249.
(2) في " المنتظم ": ستين.
(20/533)
دِيْنَارٍ، وَتَرَكَ المُكُوسَ قَبْل
مَوْتِه، وَبَعَثَ جُنُوْداً فَتَحُوا مِصْرَ، وَكَانَ
يَمِيْلُ إِلَى التَّوَاضُعِ وَحُبِّ العُلَمَاءِ
وَالصُّلَحَاءِ، وَكَاتَبَنِي مِرَاراً، وَعَزَمَ عَلَى
فَتْحِ بَيْتِ المَقْدِسِ، فَتُوُفِّيَ فِي شَوَّالٍ،
سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَقَالَ المُوَفَّقُ عَبْدُ اللَّطِيْفِ: كَانَ نُوْرُ
الدِّيْنِ لَمْ يَنشفْ لَهُ لِبدٌ مِنَ الجِهَاد، وَكَانَ
يَأْكُل مِنْ عَمل يَده، يَنسخ تَارَة، وَيَعْمَل
أَغلاَفاً تَارَة، وَيَلْبَس الصُّوف، وَيُلاَزم
السجَّادَة وَالمُصْحَف، وَكَانَ حنفِياً، يُرَاعِي
مَذْهَب الشَّافِعِيّ وَمَالِك، وَكَانَ ابْنُهُ الصَّالِح
إِسْمَاعِيْل أَحْسَنَ أَهْل زَمَانِهِ.
وَقَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ (1) : ضُربت السِّكَّة وَالخطبَة
لنُوْر الدِّيْنِ بِمِصْرَ، وَكَانَ زَاهِداً، عَابِداً،
متمسِّكاً بِالشَّرع، مُجَاهِداً، كَثِيْر البِرِّ
وَالأَوقَافِ، لَهُ مِنَ المَنَاقِب مَا يَسْتَغرقُ
الوَصْفَ.
تُوُفِّيَ: فِي حَادِي عَشَرِ شَوَّالٍ، بِقَلْعَةِ
دِمَشْقَ، بِالخَوَانِيْقِ، وَأَشَارُوا عَلَيْهِ
بِالفصدِ، فَامْتَنَعَ، وَكَانَ مَهِيْباً فَمَا رُوجِعَ،
وَكَانَ أَسْمَرَ، طَوِيْلاً، حَسنَ الصُّوْرَة، لَيْسَ
بِوجهِهِ شَعرٌ سِوَى حَنَكِهِ، وَعهد بِالملك إِلَى
ابْنِهِ وَهُوَ ابْنُ إِحْدَى عَشْرَةَ سَنَةً.
وَقَالَ ابْنُ الأَثِيْرِ (2) : كَانَ أَسْمَر، لَهُ
لِحيَة فِي حَنكه، وَكَانَ وَاسِع الجبهَة، حسن
الصُّوْرَة، حُلْو العينِيْنَ، طَالعتُ السِّيَر، فَلَمْ
أَرَ فِيْهَا بَعْد الخُلَفَاء الرَّاشدين وَعُمَر بن
عَبْدِ العَزِيْزِ أَحْسَنَ مِنْ سِيرته، وَلاَ أَكْثَر
تَحرِّياً مِنْهُ لِلْعدل، وَكَانَ لاَ يَأْكُل وَلاَ
يَلبس وَلاَ يَتصرف إِلاَّ مِنْ ملك لَهُ قَدِ اشترَاهُ
مِنْ سَهْمه مِنَ الغَنِيْمَة، لَقَدْ طلبت زَوجته مِنْهُ،
فَأَعْطَاهَا ثَلاَثَة دَكَاكِيْنَ، فَاسْتقلَّتْهَا،
فَقَالَ: لَيْسَ لِي إِلاَّ هَذَا، وَجَمِيْع مَا بِيدِي
أَنَا فِيْهِ خَازنٌ
__________
(1) في " وفيات الأعيان " 5 / 185 و187، 188.
(2) في " الكامل " 11 / 403.
(20/534)
لِلمُسْلِمِيْنَ.
وَكَانَ يَتهجَّد كَثِيْراً، وَكَانَ عَارِفاً بِمَذْهَب
أَبِي حَنِيْفَةَ، لَمْ يَتركْ فِي بِلاَدِه عَلَى
سَعَتهَا مُكساً، وَسَمِعْتُ أَن حَاصل أَوقَافه فِي
البِرِّ فِي كُلِّ شَهْر تِسْعَةُ آلاَف دِيْنَارٍ
صُوْرِيَّةٍ.
قَالَ لَهُ الْقطْب النَّيْسَابُوْرِيّ (1) : بِاللهِ لاَ
تُخَاطر بِنَفْسِك، فَإِنْ أُصبتَ فِي مَعْرَكَة لاَ
يَبْقَى لِلمُسْلِمِيْنَ أَحَدٌ إِلاَّ أَخَذَهُ السَّيْف،
فَقَالَ: وَمَنْ مَحْمُوْدٌ حَتَّى يُقَالَ هَذَا؟! حَفِظ
الله البِلاَدَ قَبْلِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ (2) .
قُلْتُ: كَانَ دَيِّناً، تَقِيّاً، لاَ يَرَى بذلَ
الأَمْوَال إِلاَّ فِي نَفع، وَمَا لِلشُّعَرَاء عِنْدَهُ
نَفَاق، وَفِيْهِ يَقُوْلُ أُسَامَةُ (3) :
سُلْطَانُنَا (4) زَاهِد وَالنَّاس قَدْ زَهِدُوا ... لَهُ
فُكُلٌّ عَلَى الخيرَات (5) مُنْكَمِشُ
أَيَّامُه مِثْلُ شَهْر الصَّوْم طَاهِرَةٌ ... مِنَ
المَعَاصِي وَفِيْهَا الْجُوع وَالعطشُ
قَالَ مَجْد الدِّيْنِ ابْن الأَثِيْرِ فِي نَقل سِبْط
الجَوْزِيّ (6) عَنْهُ: لَمْ يَلبس نُوْر الدِّيْنِ
حَرِيْراً وَلاَ ذهباً، وَمَنَع مِنْ بيع الخَمْر فِي
بِلاَده - قُلْتُ: قَدْ لبس خِلْعَة الخَلِيْفَة وَالطّوق
الذَّهَبِ - قَالَ: وَكَانَ كَثِيْرَ الصَّوْم، وَلَهُ
أَورَاد فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَيُكثر اللّعب
بِالكُرَة، فَأَنْكَر عَلَيْهِ فَقير، فَكتب إِلَيْهِ:
وَاللهِ مَا أَقصدُ اللعبَ، وَإِنَّمَا نَحْنُ فِي ثَغرٍ،
فَرُبَّمَا وَقَعَ الصَّوْت، فَتكُوْنُ الخَيلُ قَدْ
أَدمَنَتْ عَلَى الانعطَافِ وَالكَرِّ وَالفَرِّ.
وَأُهدِيَتْ لَهُ عِمَامَةٌ مِنْ مِصْرَ مُذَهَّبَةٌ،
فَأَعْطَاهَا
__________
(1) المتوفى سنة 578، ستأتي ترجمته في الجزء الحادي
والعشرين، وقد تحرفت نسبته في " الكامل " 11 / 404 إلى "
النشاوي ".
(2) وانظر " مرآة الزمان " 8 / 194.
(3) البيتان في " ديوانه " ص 158.
(4) في " ديوانه ": أميرنا.
(5) في " ديوانه ": الطاعات.
(6) في " مرآة الزمان " 8 / 193.
(20/535)
لابْنِ حَمُّوَيْه شَيْخِ الصُّوْفِيَّةِ،
فَبِيعتْ بِأَلفِ دِيْنَارٍ.
قَالَ (1) : وَجَاءهُ رَجُل طلبه إِلَى الشَّرع، فَجَاءَ
مَعَهُ إِلَى مَجْلِس كَمَال الدِّيْنِ الشَّهْرُزُوْرِيّ،
وَتَقدمه الحَاجِب يَقُوْلُ للقَاضِي: قَدْ قَالَ لَكَ:
اسْلُكْ مَعَهُ مَا تَسلكُ مَعَ آحَادِ النَّاسِ.
فَلَمَّا حَضَر سَوَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَصمه،
وَتَحَاكمَا، فَلَمْ يثبتْ لِلرَّجُلِ عَلَيْهِ حَقٌّ،
وَكَانَ مِلْكاً، ثُمَّ قَالَ السُّلْطَانُ: فَاشْهَدُوا
أَنِّي قَدْ وَهَبْتُهُ لَهُ.
وَكَانَ يَقعد فِي دَارِ العَدْل فِي الجُمُعَة أَرْبَعَة
أَيَّام، وَيَأْمر بِإِزَالَة الحَاجِب وَالبوَّابين،
وَإِذَا حَضَرت الحَرْب، شدَّ قَوسَينِ وَتَرْكَاشَيْنِ
(2) ، وَكَانَ لاَ يَكِلُ (3) الجُنْدَ إِلَى الأُمَرَاءِ،
بَلْ يُباشر عدَدَهُم وَخُيُولَهُم، وَأَسَرَ إِفرنجياً،
فَافْتكَّ نَفْسه مِنْهُ بِثَلاَثِ مائَةِ أَلْف دِيْنَار،
فَعند وُصُوْلِهِ إِلَى مَأْمنه مَاتَ، فَبنَى بِالمَالِ
المَارستَانَ وَالمَدْرَسَةَ.
قَالَ العِمَادُ فِي (البَرْقِ الشَّامِيِّ): أَكْثَر
نُوْر الدِّيْنِ عَام مَوْته مِنَ البِرّ وَالأَوقَاف
وَعمَارَة المَسَاجِد، وَأَسقط مَا فِيْهِ حَرَام، فَمَا
أَبقَى سِوَى الجِزْيَة وَالخَرَاج وَالعُشر، وَكَتَبَ
بِذَلِكَ إِلَى جَمِيْع البِلاَد، فَكَتَبتُ لَهُ أَكْثَرَ
مِنْ أَلف مَنْشُوْر.
قَالَ: وَكَانَ لَهُ بِرَسْمِ نَفَقَةٍ خَاصَّةٍ فِي
الشَّهْرِ مِنَ الجِزْيَةِ مَا يَبلُغُ أَلْفَي قِرْطَاسٍ
يَصْرِفُهَا فِي كسوتِهِ وَمَأْكُوله وَأُجْرَةِ
طَبَّاخِهِ وَخَيَّاطِهِ كُلّ سِتِّيْنَ قِرْطَاساً
بِدِيْنَارٍ.
__________
(1) في " مرآة الزمان " 8 / 193 و194 و195.
(2) التركاش: كلمة فارسية، معناها: الجعبة. " معجم الألفاظ
الفارسية المعربة ": 36.
(3) في الأصل: لا يتكل.
(20/536)
قَالَ سِبْط الجَوْزِيّ (1) : كَانَ لَهُ
عجَائِزُ، فَكَانَ يَخِيطُ الكوَافِي، وَيَعْمَلُ
السَّكَاكِرَ (2) ، فَيَبِعْنهَا لَهُ سرّاً، وَيُفْطِر
عَلَى ثمنهَا.
قَالَ ابْنُ وَاصِلٍ: كَانَ مِنْ أَقوَى النَّاس قَلْباً
وَبدناً، لَمْ يُرَ عَلَى ظهر فَرَس أَحَد أَشدَّ مِنْهُ،
كَأَنَّمَا خلق عَلَيْهِ لاَ يَتحرك، وَكَانَ مِنْ أَحْسَن
النَّاس لعباً بِالكرَة، يَجرِي الفرسُ وَيَخطِفهَا مِنَ
الهوَاء، وَيَرمِيهَا بِيَدِهِ إِلَى آخِر المَيْدَان،
وَيُمْسِك الجُوْكَانَ (3) بِكُمِّه تَهَاوُناً بِأَمره،
وَكَانَ يَقُوْلُ: طَالمَا تَعرضتُ لِلشَّهَادَة، فَلَمْ
أُدْرِكْهَا.
قُلْتُ: قَدْ أَدْركهَا عَلَى فِرَاشه، وَعَلَى أَلسَنَة
النَّاس: نُوْر الدِّيْنِ الشَّهِيْد، وَالَّذِي أَسقط
مِنَ المُكُوْس فِي بِلاَده ذكرتُه فِي (تَارِيْخِنَا
الكَبِيْر) مفصَّلاً، وَمَبْلَغُه فِي العَامِ خَمْسُ
مائَةِ أَلْفِ دِيْنَارٍ، وَسِتَّةٌ وَثَمَانُوْنَ أَلفَ
دِيْنَارٍ، وَأَرْبَعَة وَسَبْعُوْنَ دِيْنَاراً مِنْ نَقد
الشَّام، مِنْهَا عَلَى الرّحبَة سِتَّةَ عَشَرَ أَلفَ
دِيْنَار، وَعَلَى دِمَشْقَ خَمْسُوْنَ أَلْفاً وَسَبْعُ
مائَةٍ وَنَيِّف، وَعَلَى المَوْصِل ثَمَانِيَة
وَثَلاَثُوْنَ أَلْفَ دِيْنَار، وَعَلَى جَعْبَر سَبْعَة
آلاَف دِيْنَار وَنَيِّف، وَفِي الكِتَابِ: فَأَيقنُوا
أَنَّ ذَلِكَ إِنعَام مُسْتمر عَلَى الدّهور، باقٍ إِلَى
يَوْم النُّشُوْر، فَـ {كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُم
وَاشْكُرُوا لَهُ، بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُوْر}
[سَبَأُ: 15]، {فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ،
فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِيْنَ يُبَدِّلُوْنَهُ}
[البَقَرَةُ: 181].
وَكَتَبَ فِي رَجَبٍ، سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ
مائَةٍ.
__________
(1) في " مرآة الزمان " 8 / 197.
(2) في كتب اللغة: السكر: ما يسد به النهر ونحوه والمسناة،
وكل ما يسد من شق أو بثق والجمع سكور، وقد يكون المراد
المزلاج الذي يوضع خلف الباب لاغلاقة، ولا زال أهل الشام
إلى يومنا هذا يستعملون كلمة السكر للمزلاج.
وفي مرآة الزمان: ويعمل الكساكير للابواب.
(3) الجوكان: كلمة فارسية، وهي عصا لعبة الكولف، وكل عصا
معكوفة، وتعريبها: الصولج والصولجانة.
انظر " معجم الألفاظ الفارسية المعربة " 109.
(20/537)
قَالَ سِبْطُ الجَوْزِيِّ (1) : حَكَى لِي
نَجْمُ الدِّيْنِ بنُ سَلاَّمٍ عَنْ وَالِدِه:
أَنَّ الفِرَنْجَ لَمَّا نَزلَتْ عَلَى دِمْيَاطَ، مَا
زَال نُوْرُ الدِّيْنِ عِشْرِيْنَ يَوْماً يَصُوْمُ، وَلاَ
يُفْطِرُ إِلاَّ عَلَى المَاءِ، فَضَعُفَ وَكَادَ يَتلَفُ،
وَكَانَ مَهِيْباً، مَا يَجسُرُ أَحَدٌ يُخَاطِبَه فِي
ذَلِكَ.
فَقَالَ إِمَامُه يَحْيَى: إِنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي النَّوْمِ
يَقُوْلُ: يَا يَحْيَى، بَشِّرْ نُوْرَ الدِّيْنِ
بِرَحِيْلِ الفِرَنْجِ عَنْ دِمْيَاطَ.
فَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! رُبَّمَا لاَ يُصدِّقُنِي.
فَقَالَ: قُلْ لَهُ: بِعَلاَمَةِ يَوْمِ حَارِمَ.
وَانتَبَهَ يَحْيَى، فَلَمَّا صَلَّى نُوْرُ الدِّيْنِ
الصُّبْحَ، وَشَرَعَ يَدْعُو، هَابَهُ يَحْيَى، فَقَالَ
لَهُ: يَا يَحْيَى، تُحَدِّثُنِي أَوْ أُحَدِّثُكَ؟
فَارْتَعَدَ يَحْيَى، وَخَرسَ، فَقَالَ: أَنَا
أُحَدِّثُكَ، رَأَيْتَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هَذِهِ اللَّيْلَةَ، وَقَالَ لَكَ
كَذَا وَكَذَا.
قَالَ: نَعَمْ، فَبِاللهِ يَا مَوْلاَنَا، مَا مَعْنَى
قَوْلِه بِعَلاَمَةِ يَوْمِ حَارِمَ؟
فَقَالَ: لَمَّا التَقَينَا العَدُوَّ، خِفْتُ عَلَى
الإِسْلاَمِ، فَانْفرَدْتُ، وَنَزَلْتُ، وَمَرَّغْتُ
وَجْهِي عَلَى التُّرَابِ، وَقُلْتُ: يَا سَيِّدِي مَنْ
مَحْمُوْدٌ فِي الْبَين، الدِّيْنُ دِيْنُكَ، وَالجُنْدُ
جُنْدُكَ، وَهَذَا اليَوْمَ افْعَلْ مَا يَلِيْقُ
بِكَرَمِكَ.
قَالَ: فَنَصَرَنَا اللهُ عَلَيْهِم.
وَحَكَى لِي تَاج الدِّيْنِ، قَالَ: مَا تَبسَّم نُوْر
الدِّيْنِ إِلاَّ نَادراً، حَكَى لِي جَمَاعَة مِنَ
المُحَدِّثِيْنَ أَنَّهُم قَرَؤُوا عَلَيْهِ حَدِيْث
التَّبَسُّمِ، فَقَالُوا لَهُ: تَبسَّمْ.
قَالَ: لاَ أَبتسمُ مِنْ غَيْرِ عجب (2) .
قُلْتُ: الخَبَر لَيْسَ بصَحِيْح، وَلَكِنَّ التَّبَسُّم
مُسْتَحَبٌّ، قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-: (تَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيْكَ صَدَقَةٌ
(3)).
وَقَالَ جَرِيْرُ بنُ عَبْدِ اللهِ: مَا حَجَبنِي
__________
(1) في " مرآة الزمان " 8 / 199، 200.
(2) انظر " مرآة الزمان " 8 / 202.
(3) أخرجه مطولا من حديث أبي ذر البخاري في " الأدب المفرد
" (891) والترمذي (1977)، وصححه ابن حبان (864)، وله طريق
آخر عند أبي ذر، عند أحمد 5 / 168 بإسناد صحيح يتقوى به.
وفي حديث أبي جرير الهجيمي عند أبي داود (4084) وأحمد 5 /
63، =
(20/538)
رَسُوْل اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- مُنْذُ أَسلمتُ، وَلاَ رَآنِي إِلاَّ تَبسَّم
(1) .
وَقَبْرُ نُوْر الدِّيْنِ بِتُربته عِنْد بَابِ
الخَوَّاصينَ يُزَار (2) .
وَتَمَلَّكَ بَعْدَهُ ابْنُهُ الْملك الصَّالِحُ (3)
أَشْهُراً، وَسلَّم دِمَشْق إِلَى السُّلْطَانِ صَلاَحِ
الدِّيْنِ، وَتَحَوَّلَ إِلَى حَلَبَ، فَدَامَ صَاحِبُهَا
تِسْع سِنِيْنَ، وَمَاتَ بِالقُوْلَنْجِ، وَلَهُ
عِشْرُوْنَ سَنَةً، وَكَانَ شَابّاً دَيِّناً -رَحِمَهُ
اللهُ-.
341 - حَفَدَه أَبُو مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَسْعَدَ
بنِ مُحَمَّدِ الطُّوْسِيُّ *
الشَّيْخُ، الفَقِيْهُ، العَلاَّمَة، الوَاعِظ، الإِمَام،
مَجْدُ الدِّيْنِ، أَبُو مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ بنُ
أَسْعَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ الطُّوْسِيُّ،
العَطَّارِيُّ (4) ، الشَّافِعِيُّ، حَفَدَه.
تَفقه بِمَرْوَ عَلَى: الإِمَامِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ
بنِ مَنْصُوْرٍ السَّمْعَانِيّ، وَبِطُوْسَ
__________
= وصححه ابن حبان (501): " لا تحقرن من المعروف شيئا ولو
أن تفرغ من دلوك في إناء المستسقي، وأن تكلم أخاك ووجهك
إليه منبسط " وفي صحيح مسلم (2626) من حديث أبي ذر قال لي
النبي صلى الله عليه وسلم: " لا تحقرن من المعروف شيئا ولو
أن تلقى أخاك بوجه طلق ".
(1) أخرجه البخاري (3822)، ومسلم (2475) والترمذي (3820)
و(3821) وفي " المسند " 4 / 190 و191، والترمذي (3645)
وشرح السنة (3350) من حديث الحارث بن جزء قال: " ما رأيت
أحدا أكثر تبسما من رسول الله صلى الله عليه وسلم " وفي
صحيح مسلم (2322) من حديث جابر بن سمرة قال: " كان صلى
الله عليه وسلم لا يقوم من مصلاه الذي يصلي فيه الصبح حتى
تطلع الشمس، فإذا طلعت قام، وكانوا يتحدثون، فيأخذون في
أمر الجاهلية فيضحكون، ويتبسم صلى الله عليه وسلم ".
(2) وقد بني بجوار القبر مسجد باسمه، ويقع اليوم في سوق
الخياطين بدمشق.
(3) أبو الفتح إسماعيل صاحب حلب، ستأتي ترجمته في الجزء
الحادي والعشرين برقم (54).
(*) التحبير 2 / 89، 90، المنتظم 10 / 279 (وفيات 573)،
وفيات الأعيان 4 / 238، 239، تلخيص مجمع الآداب ج 4 ق 890
2، 891، العبر 4 / 213، تذكرة الحفاظ 4 / 1333، 1334،
المختصر المحتاج إليه 1 / 26، دول الإسلام 2 / 85، الوافي
بالوفيات 2 / 202، 203، طبقات السبكي 6 / 92، 93، طبقات
الاسنوي 1 / 441، 442، البداية والنهاية 12 / 299، النجوم
الزاهرة 6 / 77، شذرات الذهب 4 / 240.
(4) تحرفت في " الشذرات " إلى العطاردي " بزيادة دال.
(20/539)
عَلَى: أَبِي حَامِد الغَزَّالِيّ،
وَبِمَرْوَ الرُّوْذِ عَلَى مُحْيِي السُّنَّةِ أَبِي
مُحَمَّدٍ الحُسَيْن بن مَسْعُوْدٍ البَغَوِيّ، وَسَمِعَ
مِنْهُ كِتَابَيه (مَعَالِم التَّنْزِيل) وَ(شرح
السُّنَّة) وَكتبهُمَا، وَاشْتَغَل بِبُخَارَى عَلَى
العَلاَّمَة بُرْهَان الدِّيْنِ عَبْد العَزِيْزِ بنِ
مَازَةَ الحَنَفِيّ.
وَقَدِمَ أَذْرَبِيْجَان وَالجَزِيْرَة، وَوعظ، وَنفق
سوقه، وَازْدَحَمُوا عَلَيْهِ لحسن تَذْكِيره، وَلاَ
أَعْلَم لِمَ لقب بِحَفَدَه (1) .
قَالَ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ (2) : كَتَبْتُ عَنْهُ
بِمَرْوَ وَنَيْسَابُوْر، وَكَانَ فَقِيْهاً، وَاعِظاً،
شَاطراً، جلداً، فَصِيْحاً، سَمِعَ مِنْ عَبْدِ الغَفَّارِ
الشِّيْرَوِيّ، وَالحَافِظِ أَبِي الفِتْيَانِ
الرَّوَّاسِيِّ، وَنَاصرِ بنِ أَحْمَدَ العيَاضِي.
قُلْتُ: وَحَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو أَحْمَدَ بنُ سُكَيْنَةَ،
وَابْنُ الأَخْضَرِ، وَشَمْس الدِّيْنِ عَبْد الغَفُوْرِ
بن بدل التِّبْرِيْزِيّ البُزُوْرِيّ، وَأَبُو المَوَاهِبِ
بنُ صَصْرَى، وَالقَاضِي بَهَاءُ الدِّيْنِ يُوْسُف بن
شَدَّادٍ، وَأَبُو المَجْدِ مُحَمَّد بن الحُسَيْنِ
القَزْوِيْنِيّ.
مَوْلِده: سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَتُوُفِّيَ: بِتِبْرِيْزَ، فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ
إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ (3) وَخَمْسِ مائَةٍ.
342 - ابْنُ الرِّخْلَةِ صَالِحُ بنُ المُبَارَكِ بنِ
مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ، العَالِمُ، المُقْرِئ، المُعَمَّرُ، أَبُو
مُحَمَّدٍ صَالِحُ بنُ المُبَارَكِ بنِ
__________
(1) وابن خلكان قبله لم يعلم أيضا.
" وفيات الأعيان " 4 / 239.
(2) في " التحبير " 2 / 90.
(3) وقيل: سنة ثلاث وسبعين، وفيها أورده ابن الجوزي وابن
كثير، وهو ما رجحه السبكي.
(*) العبر 4 / 214، المشتبه: 311، القاموس المحيط: (رخل)،
تبصير المنتبه 2 / 597، النجوم الزاهرة 6 / 80، شذرات
الذهب 4 / 241.
(20/540)
مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الوَاحِدِ
البَغْدَادِيُّ، الكَرْخِيُّ، القَزَّازُ، عُرفَ: بِابْنِ
الرِّخْلَةِ.
سَمِعَ مِنْ: أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ طَلْحَةَ
النِّعَالِيّ، وَمِنْ أَبِي الحُسَيْنِ بنِ
الطُّيُوْرِيِّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: تَمِيْمُ بنُ أَحْمَدَ البَنْدَنِيْجِيّ،
وَمُحَمَّد بن مَشِّق، وَالشَّيْخ العِمَاد إِبْرَاهِيْم
بن عَبْدِ الوَاحِدِ المَقْدِسِيّ، وَأَبُو الحَسَنِ
مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ النَّرْسِيُّ، وَأَبُو المَعَالِي
مُحَمَّد بن أَحْمَدَ بنِ صَالِحٍ الجِيْلِيّ (1) ،
وَجَمَاعَة.
وَإِنْ كَانَ الحَافِظ عَبْد القَادِرِ الرُّهَاوِيّ قَدْ
حَمل عَنْهُ، فَذَلِكَ الَّذِي يغلِبُ عَلَى ظَنِّي.
وَقَدْ تُوُفِّيَ: فِي صَفَرٍ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ
وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ -رَحِمَهُ اللهُ-.
343 - عَلِيُّ بنُ حُمَيْدِ بنِ عَمَّارٍ أَبُو الحَسَنِ
الطَّرَابُلُسِيُّ *
الشَّيْخُ الصَّدُوْقُ، الجَلِيْلُ، أَبُو الحَسَنِ
الطَّرَابُلُسِيُّ، ثُمَّ المَكِّيُّ، النَّحْوِيُّ،
المُقْرِئُ، رَاوِي (صَحِيْحِ البُخَارِيِّ) عَنْ عِيْسَى
بنِ أَبِي ذَرٍّ الهَرَوِيِّ، وَالمُنْفَرِدِ بِذَلِكَ،
بَقِيَ إِلَى سَنَةِ إِحْدَى (2) وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِ
مائَةٍ.
رَوَى عَنْهُ: المُحَدِّث مُحَمَّد بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ
التُّجِيْبِيّ الأَنْدَلُسِيّ، وَنَاصِرُ بن عَبْدِ اللهِ
المِصْرِيّ العَطَّار، وَعَبْد الرَّحْمَنِ بن أَبِي
حَرَمِيّ بن بَنِينَ المَكِّيّ، وَسُلَيْمَان بن أَحْمَدَ
السَّعْدِيّ المُغَرْبِل.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ عَاشَ إِلَى سَنَة خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ،
وَحَدَّثَ فِيْهَا.
__________
(1) في الأصل: الجبلي، بموحدة بعد الجيم، وهو خطأ.
انظر الترجمة الواردة برقم (355) وحاشية " الإكمال " 3 /
228.
(*) العقد الثمين 6 / 156، 157.
(2) سيذكر المؤلف في نهاية الترجمة أنه عاش إلى سنة خمس
وسبعين في قول، وفي " العقد الثمين " أن وفاته سنة ست
وسبعين.
(20/541)
344 - شُهْدَةُ بِنْتُ المُحَدِّثِ أَبِي
نَصْرٍ أَحْمَدَ بنِ الفَرَجِ الدِّيْنَوَرِيِّ *
ثُم البَغْدَادِيِّ، الإِبَرِيِّ (1) الجهَةِ،
المُعَمَّرَةُ، الكَاتِبَةُ، مُسْنِدَةُ العِرَاقِ، فَخْرُ
النِّسَاءِ.
وُلدت: بَعْد الثَّمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَسَمِعَتْ مِنْ: أَبِي الفَوَارِسِ طِرَادٍ
الزَّيْنَبِيِّ، وَابْنِ طَلْحَةَ النِّعَالِيّ، وَأَبِي
الحَسَنِ بنِ أَيُّوْبَ، وَأَبِي الخَطَّابِ بن البَطِرِ،
وَعَبْد الوَاحِدِ بن عُلْوَانَ، وَأَحْمَد بن عَبْدِ
القَادِرِ اليُوْسُفِيّ، وَثَابِت بن بُنْدَارَ،
وَمَنْصُوْر بن حِيْدٍ، وَجَعْفَر السَّرَّاج، وَعِدَّة.
وَلَهَا (مَشْيَخَة) سَمِعْنَاهَا.
حَدَّثَ عَنْهَا: ابْنُ عَسَاكِرَ، وَالسَّمْعَانِيّ،
وَابْن الجَوْزِيِّ، وَعَبْد الغَنِيِّ، وَعَبْد القَادِرِ
الرُّهَاوِيّ، وَابْن الأَخْضَرِ، وَالشَّيْخ المُوَفَّق،
وَالشَّيْخ العِمَاد، وَالشِّهَاب بن رَاجِحٍ، وَالبَهَاء
عَبْد الرَّحْمَنِ، وَالنَّاصح، وَالفَخْر الإِرْبِلِيّ،
وَتَاج الدِّيْنِ عَبْد اللهِ بن حَمُّوَيْه، وَأَعَزُّ
بنُ العُلَّيْقِ (2) ، وَإِبْرَاهِيْم بن الخَيِّرِ،
وَبَهَاء الدِّيْنِ بن الجُمَّيْزِيّ، وَمُحَمَّد بن
المنِّيّ، وَأَبُو القَاسِمِ بنُ قميْرَة، وَخَلْقٌ
كَثِيْرٌ.
__________
(*) الأنساب 1 / 118 (الابري)، المنتظم 10 / 228، الكامل
11 / 454، مرآة الزمان 8 / 224، وفيات الأعيان 2 / 477،
478، المختصر 3 / 61، العبر 4 / 220، دول الإسلام 2 / 87،
تتمة المختصر 2 / 136، نزهة الجلساء في أشعار النساء
للسيوطي: 61، شذرات الذهب 4 / 248، الدر المنثور: 256،
257، أعلام النساء 2 / 309 - 312.
(1) بكسر الهمزة وفتح الباء الموحدة وفي آخرها الراء
المهملة، نسبة إلى بيع الابر وعملها، وهي جمع إبرة.
(2) ضبطه ابن حجر بضم العين وتشديد اللام الممالة.
" تبصير المنتبه " 3 / 965، وستأتي ترجمة أعز بن العليق في
الجزء الثاني والعشرين.
(20/542)
قَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ (1) : قَرَأْت
عَلَيْهَا، وَكَانَ لَهَا خطّ حسن، وَتزوجت بِبَعْض
وُكلاَء الخَلِيْفَة، وَخَالطت الدّور وَالعُلَمَاء،
وَلَهَا بر وَخير، وَعُمِّرت حَتَّى قَاربت المائَة،
تُوُفِّيَت فِي رَابِعَ عَشَرَ المُحَرَّمِ، سَنَةَ
أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَحضرهَا خلق
كَثِيْر وَعَامَّة العُلَمَاء.
وَقَالَ الشَّيْخُ المُوَفَّق: انْتَهَى إِلَيْهَا
إِسْنَاد بَغْدَاد، وَعُمِّرت حَتَّى أَلحقت الصّغَار
بِالكِبَار، وَكَانَتْ تَكتبُ خَطّاً جَيِّداً، لَكنه
تَغَيَّرَ لِكبرهَا.
وَمَاتَ مَعَهَا: أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ النَّاعِمِ
الوَكِيْلُ، وَأَسَعْدُ بنُ بلدرك بنِ أَبِي اللِّقَاءِ
البوَّاب (2) ، وَالأَمِيْر شِهَاب الدِّيْنِ سَعْد بن
مُحَمَّدِ بنِ سَعْدِ بنِ صَيفِيٍّ الشَّاعِرُ الْحَيْصُ
بَيْص (3) ، وَأَبُو صَالِحٍ سَعْد الله بن نَجَا بن
الوَادِي الدّلاَل (4) ، وَأَبُو رَشِيْدٍ عَبْد اللهِ بن
عُمَرَ الأَصْبَهَانِيّ (5) ، وَأَبُو نَصْرٍ عَبْد
الرَّحِيْمِ (6) بن عَبْدِ الخَالِقِ بن يُوْسُفَ، وَعُمَر
بن مُحَمَّدٍ العُلَيْمِيّ (7) ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ
المُجَاهِد الإِشْبِيْلِيّ الزَّاهِد (8) ، وَمُحَمَّد بن
نَسِيم العَيْشُوْنِيّ (9) .
345 - ابْنُ مَاشَاذَه مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَبِي
الفَرَجِ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، المُعَمَّر، المُقْرِئ،
المُجَوِّدُ، المُحَرِّر، مُسْنِدُ أَصْبَهَانَ، أَبُو
__________
(1) في " المنتظم " 10 / 288.
(2) سترد ترجمته برقم (360).
(3) ستأتي ترجمته في الجزء الحادي والعشرين برقم (14).
(4) مترجم في " الوافي " 15 / 185.
(5) سترد ترجمته برقم (358).
(6) ستأتي ترجمته في الجزء الحادي والعشرين برقم (5).
(7) ستأتي ترجمته في الجزء الحادي والعشرين برقم (6).
(8) مترجم في العبر 4 / 220، وشذرات الذهب 4 / 248.
(9) مترجم في العبر 4 / 221، وشذرات الذهب 4 / 249.
(*) العبر 4 / 215، شذرات الذهب 4 / 242، 243.
(20/543)
بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَبِي
الفَرَجِ بنِ مَاشَاذَه الأَصْبَهَانِيُّ، السُّكَّرِيُّ،
المُقْرِئُ، خَاتِمَةُ مَنْ سَمِعَ مِنْ سُلَيْمَانَ بنِ
إِبْرَاهِيْمَ الحَافِظ.
وَسَمِعَ مِنَ: الرَّئِيْس أَبِي عَبْدِ اللهِ
الثَّقَفِيّ، وَمَكِّيّ بن مَنْصُوْرٍ الكَرَجِيِّ،
وَجَمَاعَة.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ مَكِّيٍّ الحَنْبَلِيّ،
وَعَبْد القَادِرِ الحَافِظ، وَعَبْد الأَعْلَى بن
مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ الرُّسْتَمِيّ، وَإِسْحَاق بن
مُطَهَّرٍ اليَزْدِيّ، وَأَحْمَد بن إِبْرَاهِيْمَ بنِ
سُفْيَانَ بن مَنْدَةَ، وَجَامِع بن أَحْمَدَ الخَبَّاز
الأَصْبَهَانِيُّون، وَبِالإِجَازَة: كَرِيْمَة
القُرَشِيَّة.
وَكَانَ مِنْ كِبَارِ المُقْرِئِيْنَ، وَمَا علمتُ عَلَى
مَنْ تَلاَ.
مَاتَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ،
وَلَهُ نَيِّفٌ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً.
346 - المَعْدَانِيُّ أَبُو القَاسِمِ رَجَاءُ بنُ حَامِدِ
بنِ رَجَاءٍ *
الشَّيْخُ، الثِّقَةُ، المُعَمَّرُ، أَبُو القَاسِمِ
رَجَاءُ بنُ حَامِدِ بنِ رَجَاءِ بنِ عُمَرَ
الأَصْبَهَانِيُّ، المَعْدَانِيُّ.
سَمِعَ مِنْ: رِزْق اللهِ التَّمِيْمِيّ، وَسُلَيْمَان
الحَافِظ، وَمَكِّيّ بن عَلاَّنَ، وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدُ القَادِرِ الرُّهَاوِيُّ، وَأَبُو
نِزَارٍ رَبِيْعَةُ اليَمَنِيُّ، وَسُلَيْمَان بنُ دَاوُدَ
بن مَاشَاذَه، وَمَحْمُوْد بن مُحَمَّدٍ الوَرْكَانِيّ،
وَسِبْطهُ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ أَبِي الفَضَائِلِ،
وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي المَعَالِي
الوَثَّابِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَأَجَازَ لِكَرِيْمَةَ، وَغَيْرِهَا.
__________
(*) لم نعثر على مصدر ترجمه.
(20/544)
لَم أَظفَرْ لَهُ بِوَفَاةٍ، تُوُفِّيَ
سَنَةَ نَيِّفٍ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
347 - نَصْرُ بنُ سَيَّارِ بنِ صَاعِدِ بنِ سَيَّارٍ أَبُو
الفَتْحِ الكِنَانِيُّ * (1)
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الفَقِيْهُ، المُعَمَّرُ، مُسْنِدُ
خُرَاسَانَ، شَرَفُ الدِّيْنِ، أَبُو الفَتْحِ
الكِنَانِيُّ، الهَرَوِيُّ، الحَنَفِيُّ، القَاضِي.
سَمِعَ الكَثِيْر مِنْ: جدّه القَاضِي أَبِي العَلاَءِ
صَاعِد بن سَيَّار بن يَحْيَى بنِ مُحَمَّدِ بنِ
إِدْرِيْسَ، وَالقَاضِي أَبِي عَامِرٍ مَحْمُوْد بن
القَاسِمِ الأَزْدِيّ - سَمِعَ مِنْهُ (جَامِع أَبِي
عِيْسَى)- وَنَجِيْب بن مَيْمُوْنٍ الوَاسِطِيّ،
وَالزَّاهِد مُحَمَّد بن عَلِيٍّ العُمَيْرِيّ، وَأَبِي
عَطَاءٍ عَبْد الأَعْلَى بن عَبْدِ الوَاحِدِ
المَلِيْحِيّ، وَأَبِي نَصْرٍ أَحْمَد بن أَمِيْرجه،
وَجَمَاعَة.
وَلَهُ إِجَازَة مِنْ: شَيْخِ الإِسْلاَمِ أَبِي
إِسْمَاعِيْلَ الأَنْصَارِيِّ، وَأَبِي القَاسِمِ أَحْمَد
بن مُحَمَّدٍ الخَلِيْلِيّ.
وَقَدْ سَمِعَ مِنْ: جَدِّهِ (صَحِيْح الإِسْمَاعِيْلِيّ).
قَالَ السَّمْعَانِيُّ فِي (التَّحْبِيْر (2)): سَمِعْتُ
مِنْهُ (الجَامِع) لِلتِّرْمِذِيِّ، وَ(الزُّهْدَ)
لِسَعِيْدِ بنِ مَنْصُوْرٍ، رَوَاهُ عَنْ جَدِّهِ.
قَالَ (3) : وَكَانَ فَقِيْهاً، مُنَاظِراً، فَاضِلاً،
مُتَدَيِّناً، حَسَنَ السِّيْرَةِ، مَطْبُوْعَ الحَرَكَات،
تَاركاً لِلتَّكَلُّفِ، سَلِيم الجَانب، وُلِدَ سَنَةَ
خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
__________
(*) التحبير 2 / 343 - 345، دول الإسلام 2 / 86، العبر 4 /
216، الجواهر المضية 2 / 195، شذرات الذهب 4 / 244.
(1) أورد السمعاني في " التحبير " نسبه إلى عدنان، وقال:
هكذا كتب نسبه بخطه في الاجازة.
(2) 2 / 344، 345.
(3) في " التحبير " 2 / 344.
(20/545)
قُلْتُ: حَدَّثَ عَنْهُ: هُوَ، وَابْنه
عَبْد الرَّحِيْمِ، وَزِنْكِي بن أَبِي الوَفَاء،
وَمَوْدُوْد بن مَحْمُوْدٍ، وَضِيَاء الدِّيْنِ أَبُو
بَكْرٍ بنُ عَلِيٍّ المَامنجِي، وَالحَافِظ عَبْد
القَادِرِ الرُّهَاوِيّ، وَبِالإِجَازَة: ابْن
الشِّيْرَازِيّ.
مَاتَ: يَوْم عَاشُوْرَاءَ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ
وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
348 - ابْنُ قَلاَقِسَ أَبُو الفُتُوْحِ نَصْرُ اللهِ بنُ
عَبْدِ اللهِ اللَّخْمِيُّ *
الشَّاعِرُ المَجِيْدُ، البَلِيْغُ، أَبُو الفُتُوْحِ
نَصْرُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ (1) بنِ مَخْلُوْفٍ
اللَّخْمِيُّ، الإِسْكَنْدَرِيُّ، وَيُلَقَّبُ: بِالقَاضِي
الأَعزِّ.
وَ (دِيْوَانه) مَشْهُوْر (2) .
وَلَهُ فِي السِّلَفِيّ مدَائِحُ، وَنَظْمُهُ بَدِيْعٌ.
وَدَخَلَ اليَمَنَ، وَمَدَحَ الكِبَارَ.
مَاتَ: شَابّاً، فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ (3) .
349 - القُرْطُبِيُّ أَبُو بَكْرٍ يَحْيَى بنُ سَعْدُوْنَ
بنِ تَمَّامٍ **
الإِمَامُ، شَيْخُ المَوْصِل، أَبُو بَكْرٍ يَحْيَى بنُ
سَعْدُوْنَ بنِ تَمَّامٍ
__________
(*) الخريدة (قسم مصر) 1 / 145، معجم الأدباء 19 / 226 -
228، الروضتين 1 / 205، وفيات الأعيان 5 / 385 - 389،
المختصر 3 / 52، تتمة المختصر 2 / 124، مرآة الجنان 3 /
383، البداية والنهاية 12 / 269، حسن المحاضرة 1 / 564،
شذرات الذهب 4 / 224 وتحرف اسمه فيه إلى ابن ملامس بميمين،
معجم المطبوعات: 217، 218، تاريخ بروكلمان 5 / 64 (النسخة
العربية).
(1) في " حسن المحاضرة ": نصير الدين عبد الله، وهو خطأ.
(2) طبع في مطبعة الجوائب بمصر سنة 23 هـ . وانظر بروكلمان
5 / 64.
(3) تحرفت سنة وفاته في " حسن المحاضرة " إلى 607.
(* *) الأنساب 10 / 99، معجم الأدباء 20 / 14، 15، معجم
البلدان 4 / 324، اللباب =
(20/546)
الأَزْدِيُّ، القُرْطُبِيُّ، المُقْرِئُ،
النَّحْوِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ،
وَيُلَقَّبُ: بِصَائِنُ الدِّيْنِ.
أَخَذَ القِرَاءاتِ عَنْ: أَبِي القَاسِمِ خَلَفِ بنِ
النَّخَّاسِ بقُرْطُبَةَ، وَعَنْ أَبِي القَاسِمِ بنِ
الفَحَّام بِالإِسْكَنْدَرِيَّة.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي مُحَمَّدٍ بنِ عَتَّاب، وَمُحَمَّد
بن بَرَكَات السَّعِيْدِيّ، وَأَبِي صَادِق مُرشد
المَدِيْنِيِّ، وَأَبِي جَعْفَرٍ أَحْمَد بن عَبْدِ
الحَقِّ، وَأَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدٍ الضّرِير
مُقْرِئ المَهْدِيَّةِ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ
بنِ أَحْمَدَ الرَّازِيّ صَاحِب (السُّدَاسِيَات)،
وَالمُحَدِّث رَزِيْن بن مُعَاوِيَةَ، وَسَارَ إِلَى أَنْ
بلغَ خُوَارِزْمَ، وَأَخَذَ عَنِ الزَّمَخْشَرِيّ.
وَسَمِعَ بِبَغْدَادَ مِنِ: ابْنِ الحُصَيْنِ، وَأَبِي
العِزِّ بن كَادِشَ.
وَبِدِمَشْقَ مِنْ: جَمَالِ الإِسْلاَمِ السُّلَمِيِّ.
وَكَانَ ثِقَةً، مُتْقِناً، بارعاً فِي العَرَبِيَّة،
بَصِيْراً بِعِلَل القِرَاءات، دَيِّناً، خَيِّراً،
نَاسِكاً، وَافِرَ الحُرْمَةِ، تَخَرَّجَ بِهِ أَئِمَّةٌ.
تَلاَ عَلَيْهِ: الفَخْر مُحَمَّد بن أَبِي الفَرَجِ
المَوْصِلِيّ، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ الكَرِيْمِ
البَوَازِيْجِيّ (1) ، وَالقَاضِي بَهَاءُ الدِّيْنِ
يُوْسُفُ بنُ شَدَّادٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
__________
= 3 / 26، الكامل 11 / 276، إنباه الرواة 4 / 37، 38،
تكملة الصلة لابن الابار: 724، الروضتين 1 / 205، المغرب 1
/ 135، وفيات الأعيان 6 / 171 - 173، صلة الصلة لابن
الزبير: 177، المختصر 3 / 52، العبر 4 / 200، 201، معرفة
القراء الكبار 2 / 429، 430، تتمة المختصر 2 / 124، مرآة
الجنان 3 / 380 - 383، البداية والنهاية 12 / 270، غاية
النهاية 2 / 372، النجوم الزاهرة 6 / 66، بغية الوعاة 2 /
334، نفح الطيب 2 / 116 - 118، شذرات الذهب 4 / 225، هدية
العارفين 2 / 521، إيضاح المكنون 1 / 476.
(1) أورده المؤلف في " المشتبه " 97، ونقل عن الفرضي أنه
قرأ بالسبع على ابن سعدون القرطبي صاحب الترجمة كما ذكر
هنا، ثم قال: وإنما الذي قرأ على ابن سعدون والده أبو
الفضل عبد الكريم بن أحمد القرشي الضرير.
والبوازيجي نسبة إلى البوازيج: بلدة قديمة على دجلة فوق
بغداد. " الأنساب " 2 / 321.
(20/547)
الكَالِ الحِلِّيُّ، وَأَبُو جَعْفَرٍ
القُرْطُبِيّ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: الحَافِظَان؛ ابْن عَسَاكِرَ
وَالسَّمْعَانِيّ، وَأَبُو الحَسَنِ القَطِيْعِيّ، وَعَبْد
اللهِ بن حُسَيْنٍ المَوْصِلِيّ، وَعِدَّة.
تُوُفِّيَ: بِالمَوْصِل، يَوْمَ عِيْدِ الفِطْرِ، سَنَةَ
سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
قَالَ ابْنُ شَدَّادٍ: كُنْت أَرَى مَنْ يَأْتِي
الشَّيْخَ، فَيُعْطِيهِ شَيْئاً ملفوَفاً وَيَذْهَب، ثُمَّ
تَقصَّينَا (1) ذَلِكَ، فَعَلِمنَا أَنَّهَا دَجَاجَةٌ
مَسمُوطَة كَانَتْ بِرَسمِهِ كُلَّ يَوْم، يَشْتَرِيهَا
ذَلِكَ الرَّجُل وَيسمِطُهَا، فَإِذَا قَامَ الشَّيْخ
تَولَى طَبْخَهَا.
قَالَ: وَلاَزمتُه إِحْدَى عَشْرَةَ سَنَةً (2) .
350 - البَطَائِحِيُّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ
عَسَاكِرَ *
الإِمَامُ، مُقْرِئُ العِرَاقِ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ
بنُ عَسَاكِرَ بنِ المُرَحَّبِ البَطَائِحِيُّ، الضّرِيرُ.
تَلاَ بِالرِّوَايَات الكَثِيْرَة عَلَى: أَبِي العِزِّ
القَلاَنسِيّ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ البَارع، وَأَبِي
بَكْرٍ المَزْرَفِيّ (3) ، وَعُمَر بن إِبْرَاهِيْمَ
الزَّيْدِيّ، وَتَقَدَّمَ فِي هَذَا الشَّأْنِ.
__________
(1) في الأصل: توصينا. وفي مصادر الترجمة: تقفينا.
(2) انظر " إنباه الرواة " 4 / 38، و" وفيات الأعيان " 6 /
172، و" نفح الطيب " 2 / 117.
(*) المنتظم 10 / 267، معجم الادبا 14 / 61، 62، الكامل 11
/ 435 (سنة 571)، إنباه الرواة 2 / 298، العبر 4 / 215،
معرفة القراء الكبار 2 / 434، دول الإسلام 2 / 86،
المشتبه: 582، تلخيص ابن مكتوم: 146، نكت الهميان: 214،
215، البداية والنهاية 12 / 296، ذيل طبقات الحنابلة 1 /
335 - 337، غاية النهاية 1 / 566، طبقات ابن قاضي شهبة 2 /
169، تبصير المنتبه 4 / 1275، النجوم الزاهرة 6 / 80،
شذرات الذهب 4 / 242.
والبطائحي: نسبة إلى البطائح: قرية بين واسط والبصرة.
قال ياقوت: وسميت بطائح واسط لان المياه تبطحت فيها أي
سالت، وكانت قديما قرى متصلة وأرضا عامرة.
(3) تصحفت في " معجم الأدباء " 14 / 62 إلى " المرزقي "
بالراء ثم زاي ثم قاف، وفي =
(20/548)
وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِي طَالِبٍ بن
يُوْسُفَ، وَهِبَة اللهِ بن الحُصَيْنِ.
وَلَهُ مُصَنَّفٌ فِي القِرَاءاتِ.
وَكَانَ يَدْرِي العَرَبِيَّة جَيِّداً.
أَخَذَ عَنْهُ القِرَاءاتِ: الوَزِيْرُ عَوْن الدِّيْنِ،
وَعَبْد العَزِيْزِ بن دُلَفٍ، وَالخَطِيْب بَهَاء
الدِّيْنِ بن الجُمَّيْزِيّ (1) ، وَعِدَّة.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ الأَخْضَرِ، وَعَبْدُ الغَنِيِّ،
وَعَبْد القَادِرِ الرُّهَاوِيّ، وَابْن بَاقَا،
وَالشَّيْخ المُوَفَّق، وَآخَرُوْنَ.
قَرَأْت بِخَطِّ الشَّيْخ مُوَفَّق الدِّيْنِ: سَمِعْنَا
مِنَ البَطَائِحِيّ (الإِبَانَةَ) لابْنِ بَطَّةَ (2) ،
وَ(الزُّهْدَ) لأَحْمَدَ، وَكَانَ مُقْرِئَ بَغْدَادَ،
وَكَانَ عَالِماً بِالعَرَبِيَّةِ، إِمَاماً فِي
السُّنَّةِ.
وَقَالَ الضِّيَاءُ: قِيْلَ: وُلِدَ سَنَةَ تِسْعِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
تُوُفِّيَ: فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ
وَسَبْعِيْنَ (3) وَخَمْسِ مائَةٍ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَافِظِ بِنَابُلُسَ، أَخْبَرْنَا
ابْنُ قُدَامَةَ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ عَسَاكِر
بِقِرَاءتِي، أَخْبَرَكُم أَبُو طَالِبٍ اليُوْسُفِيُّ،
أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ البَرْمَكِيُّ، أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بنُ بُخَيْتٍ، أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ
مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الأَثْرَمُ،
حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ،
أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي
__________
= " غاية النهاية " 1 / 556 و" إنباه الرواة " 2 / 298 إلى
" المزرقي " بالقاف آخره، وقد تقدم ضبط هذه النسبة في ص
525 تعليق رقم (2).
(1) تحرفت في " طبقات " ابن رجب 1 / 336 إلى " الجمري ".
(2) المتوفى سنة 387، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر برقم
(389).
(3) أورده في " الكامل " في وفيات سنة 571.
(20/549)
لَيْلَى، عَنْ صُهَيْبٍ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
قَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ: {لِلَّذِيْنَ أَحْسَنُوا الحُسْنَى
وَزِيَادَةٌ} [يُوْنُسُ: 26]، قَالَ: (إِذَا دَخَلَ أَهْلُ
الجَنَّةِ الجَنَّةَ، وَأَهْلُ النَّارِ النَّارَ نَادَى
مُنَادٍ: يَا أَهْلَ الجَنَّةِ! إِنَّ لَكُم عِنْدَ اللهِ
عَهْداً، يُرِيْد أَنْ يُنْجِزَكُمُوْهُ.
قَالُوا: أَلَمْ يُبَيِّضْ وُجُوْهَنَا، وَيُثقِّلْ
مَوَازِيننَا، وَيُدخِلْنَا الجَنَّة، وَيُجِرْنَا مِنَ
النَّارِ؟
فَيكشف الحجَاب، فَيْنظُرُوْنَ إِلَيْهِ، فَوَاللهِ مَا
أَعْطَاهُم الله شَيْئاً أَحَبَّ إِلَيْهِم مِنْ ذَلِكَ،
وَلاَ أَقرَّ لأَعْيُنِهِم مِنْهُ) (1) .
351
- تَجَنِّي* بِنْتُ عَبْدِ اللهِ أُمُّ عتبٍ (2)
الوَهْبَانِيَّةُ (3)
عَتِيْقَةُ أَبِي المَكَارِمِ بنِ وَهْبَانَ.
وَهِيَ آخِرُ مِنْ سَمِعَ مِنْ طِرَادٍ الزَّيْنَبِيٍّ
وَأَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ طَلْحَةَ النِّعَالِيّ مَوْتاً
بِبَغْدَادَ.
حَدَّثَ عَنْهَا: السَّمْعَانِيّ، وَابْن عَسَاكِرَ،
وَالشَّيْخ المُوَفَّق، وَالنَّاصح ابْن الحَنْبَلِيّ،
وَالبَهَاء عَبْد الرَّحْمَنِ، وَأَبُو الفُتُوْحِ بنُ
الحُصْرِيِّ، وَهِبَة اللهِ بن
__________
(1) صحيح، وأخرجه أحمد 4 / 333 من طريق عفان بهذا الإسناد،
وهو من طرق عن حماد بن سلمة به في " المسند " 4 / 332
و333، والطيالسي (1315) ومسلم (181) والترمذي (2552)
والطبري (1726) وابن ماجه (187) والآجري ص 261.
(*) الاستدراك لابن نقطة: باب تجني ونحيي، دول الإسلام 2 /
88، العبر 4 / 223، المشتبه 1 / 110، المستفاد من ذيل
تاريخ بغداد: 268، 269، الوافي 10 / 379، القاموس: (جنى)،
تبصير المنتبه 1 / 194، الدارس 2 / 93، شذرات الذهب 4 /
250، تاج العروس 10 / 78، حاشية الإكمال 1 / 503، أعلام
النساء 1 / 165، 166.
وتجني ضبطها القاموس تجني بالضم وسكون الجيم، وصوابه بفتح
التاء والجيم وتشديد النون المكسورة بعدها ياء.
(2) في " المشتبه ": ويقال: أم الحباء.
(3) تحرفت في " العبر " 4 / 223 إلى الوهابية.
(20/550)
الحَسَن الدَّوَامِيّ، وَمُحَمَّد بن
عَبْدِ الكَرِيْمِ السَّيِّدِيّ، وَفَخْرُ النِّسَاءِ
بِنْتُ الوَزِيْر مُحَمَّد بن رَئِيْسِ الرُّؤَسَاءِ،
وَإِبْرَاهِيْم بن الخَيِّرِ، وَيَحْيَى بن قُمَيْرَةَ،
وَآخَرُوْنَ.
قَالَ ابْنُ الدُّبَيْثِيّ: أَجَازت لَنَا، وَتُوُفِّيَت
فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِ
مائَةٍ.
352
- خَدِيْجَةُ* بِنْتُ أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ (1) بنِ
عَبْدِ الكَرِيْمِ النُّهْرُوَانِيِّ
فَخْرُ النِّسَاءِ بِنْتُ النُّهْرُوَانِيِّ، امْرَأَة
صَالِحَة مُعَمَّرَة.
رَوَتْ عَنِ: ابْنِ طَلْحَةَ النِّعَالِيّ.
حَدَّثَ عَنْهَا: ابْنُ أَخِيْهَا؛ عَلِيُّ بنُ رَوْحٍ،
وَالشَّيْخ المُوَفَّق، وَنَصْر بن عَبْدِ الرَّزَّاقِ،
وَالشَّيْخ العِمَاد المَقْدِسِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
تُوُفِّيَت: فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ سَبْعِيْنَ وَخَمْسِ
مائَةٍ.
وَآخِرُ مَنْ تَبقَّى مِنْ أَصْحَابِهَا بِالسَّمَاع:
المُقْرِئُ إِبْرَاهِيْمُ بنُ الخَيِّرِ.
وَفِيْهَا مَاتَ: أَحْمَدُ بنُ المُبَارَكِ بنِ سَعْدٍ
المُرَقَّعَاتِيّ، وَقَاضِي القُضَاة أَبُو طَالِبٍ رَوْح
بن أَحْمَدَ الحَدِيْثِي (2) ، وَعَبْد اللهِ بن عَبْدِ
الصَّمَدِ السُّلَمِيّ وَالِد أَحْمَد العَطَّار، وَأَبُو
بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ الطُّوْسِيّ
(3) ، وَمُحَمَّد بن
__________
(*) العبر 4 / 210، النجوم الزاهرة 6 / 75، شذرات الذهب 4
/ 237، أعلام النساء 1 / 320.
(1) في " شذرات الذهب ": الحسين.
(2) ستأتي ترجمته في الجزء الحادي والعشرين برقم (7).
(3) ستأتي ترجمته في الجزء الحادي والعشرين برقم (21).
(20/551)
عَبْد اللهِ بن مُحَمَّدِ بنِ خَلِيْل
القَيْسِيّ اللَّبْلِيّ (1) .
353 - عَبْدُ الحَقِّ ابْنُ الحَافِظِ عَبْدِ الخَالِقِ
بنِ أَحْمَدَ اليُوْسُفِيُّ
ابْنِ عَبْدِ القَادِرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ،
الشَّيْخُ، العَالِمُ، الخَيِّرُ، المُسْنِدُ، الثِّقَةُ،
أَبُو الحُسَيْنِ البَغْدَادِيُّ، اليُوْسُفِيُّ، مِنْ
بَيْتِ الحَدِيْثِ وَالفَضْلِ.
وُلِدَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَأَسْمَعَهُ أَبُوْهُ (2) الكَثِيْر مِنْ: أَبِي
الحُسَيْنِ بنِ الطُّيُوْرِيِّ، وَأَبِي القَاسِمِ
الرَّبَعِيّ، وَجَعْفَر بن أَحْمَدَ السَّرَّاج، وَأَبِي
الحَسَنِ بنِ العَلاَّفِ، وَأَبِي سَعْدٍ بنِ خُشَيْش،
وَأَبِي القَاسِمِ بنِ بَيَانٍ، وَأَبِي طَالِبٍ بن
يُوْسُفَ، وَخَلْق.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ الأَخْضَرِ، وَابْن
الحُصْرِيِّ، وَعَبْد القَادِرِ الرُّهَاوِيّ، وَعَبْد
الغَنِيِّ، وَابْن قُدَامَةَ، وَابْن رَاجِحٍ، وَحَمْد بن
صُدَيْقٍ، وَأَبُو الحَسَنِ ابْنُ القَطِيْعِيِّ، وَعَبْد
الرَّحْمَنِ بن بختيَار، وَعُمَر (3) بن بطَاح، وَقَيْصَر
البَوَّاب، وَإِبْرَاهِيْم بن الخَيِّرِ، وَأَعزّ بن
العُلَّيْقِ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ الجُمَّيْزِيّ،
وَمُحَمَّد بن عَبْدِ الكَرِيْمِ السَّيِّدِيّ، وَخَلْق.
قَالَ أَبُو الفَضْلِ بنُ شَافِعٍ: هُوَ أَثْبَتُ
أَقرَانِه.
__________
(1) تقدمت ترجمته برقم (330).
(*) الكامل 11 / 461، العبر 4 / 224، دول الإسلام 2 / 88،
النجوم الزاهرة 6 / 86، شذرات الذهب 4 / 251.
(2) الذي تقدمت ترجمته برقم (187).
(3) في الأصل: قمر، والتصويب من " المشتبه " 645 و" تبصير
المنتبه " 1 / 1423.
وبطاح ضبط في " المشتبه " ضبط قلم بفتح الباء وتشديد
الطاء، وضبط في " تبصير المنتبه " بالعبارة بموحدة مكسورة
مخففا.
(20/552)
وَقَالَ ابْنُ الأَخْضَر: كَانَ لاَ
يُحَدِّث بِمَا سَمِعَهُ حُضُوْراً تَوَرُّعاً.
وَقَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ: كَانَ حَافِظاً لِكِتَابِ
اللهِ، دَيِّناً، ثِقَةً.
وَقَالَ البَهَاءُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: سَمِعْنَا عَلَيْهِ
كَثِيْراً، وَكَانَ مِنْ بَيْت الحَدِيْث، وَكَانَ
صَالِحاً، فَقيراً، وَكَانَ عسراً فِي السَّمَاع جِدّاً،
وَرُزقت مِنْهُ حظاً، وَكَانَ يُعِيْرُنِي الأَجزَاءَ،
فَأَكْتُبُهَا، وَكَانَ يَتلُو فِي اليَوْمِ عِشْرِيْنَ
جُزْءاً.
قُلْتُ: مَاتَ فِي جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ خَمْسٍ
وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَفِيْهَا مَاتَ: أَبُو الفَتْحِ أَحْمَدُ بنُ أَبِي
الوَفَاءِ الصَّائِغُ (1) ، وَأَبُو يَحْيَى اليَسعُ بنُ
حَزْمٍ الغَافِقِيُّ (2) ، وَتَجَنِّي الوَهْبَانِيَّة (3)
، وَالمُسْتَضِيْءُ بِأَمْرِ اللهِ (4) ، وَعَبْد
المُحْسِنِ بن تُرَيْك البَيِّعُ، وَالمُحَدِّث عَلِيّ بن
أَحْمَدَ الحُسَيْنِيّ الزَّيْدِيّ (5) القُدْوَة، وَأَبُو
المَعَالِي عَلِيّ بن هِبَةِ اللهِ بنِ خَلْدُوْنَ،
وَالمُحَدِّثُ أَبُو المَحَاسِنِ عُمَر بن عَلِيٍّ
القُرَشِيّ (6) عَمّ كَرِيْمَة، وَعِيْسَى بن أَحْمَدَ
أَبُو هَاشِمٍ الدوشَابِي (7) الهَرَّاس، وَالحَافِظُ
أَبُو بَكْرٍ بنُ خَيْر اللَّمْتُوْنِيّ (8) ، وَالحَافِظُ
أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ
__________
(1) ستأتي ترجمته في الجزء الحادي والعشرين برقم (48).
(2) مترجم في: معجم ابن الابار: 334 - 336، تكملة الصلة:
744، 745، المغرب 2 / 88، العبر 4 / 222، 223، معرفة
القراء الكبار 2 / 436، 437، المغني في الضعفاء 2 / 756،
ميزان الاعتدال 4 / 446، غاية النهاية 2 / 385، لسان
الميزان 6 / 299، 270، حسن المحاضرة 1 / 496، نفح الطيب 2
/ 379، كشف الظنون: 306، شذرات الذهب 4 / 250، هدية
العارفين 2 / 536.
(3) تقدمت ترجمتها برقم (351).
(4) ستأتي ترجمته في الجزء الحادي والعشرين برقم (24).
(5) ستأتي ترجمته في الجزء الحادي والعشرين برقم (49).
(6) ستأتي ترجمته في الجزء الحادي والعشرين برقم (50).
(7) ستأتي ترجمته في الجزء الحادي والعشرين برقم (31).
(8) ستأتي ترجمته في الجزء الحادي والعشرين برقم (34).
(20/553)
أَبِي غَالِبٍ البَاقدَارِي (1) ، وَمنوجهر
بن تُركَانشَاه، وَأَبُو مُحَمَّدٍ المُبَارَك بن عَلِيِّ
بن الطَّبَّاخِ بِمَكَّةَ.
354 - ابْنُ عَسَاكِرَ ثِقَةُ الدِّيْنِ أَبُو القَاسِمِ
الدِّمَشْقِيُّ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، الحَافِظُ الكَبِيْرُ،
المُجَوِّدُ، مُحَدِّثُ الشَّامِ، ثِقَةُ الدِّيْنِ (2) ،
أَبُو القَاسِمِ الدِّمَشْقِيُّ، الشَّافِعِيُّ، صَاحِبُ
(تَارِيْخِ دِمَشْقَ).
نَقَلْتُ تَرْجَمَتَهُ مِنْ خطّ وَلدِه المُحَدِّث أَبِي
مُحَمَّدٍ القَاسِم بن عَلِيٍّ، فَقَالَ:
وُلِدَ فِي المُحَرَّمِ، فِي أَوِّلِ الشَّهْر، سَنَة
تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَسَمَّعَهُ
أَخُوْهُ صَائِنُ الدِّيْنِ (3) هِبَة اللهِ فِي سَنَةِ
خَمْسٍ وَخَمْسِ مائَةٍ وَبعدهَا، وَارْتَحَلَ
__________
(1) ستأتي ترجمته في الجزء الحادي والعشرين برقم (26).
(*) خريدة القصر (قسم الشعراء الشام) 1 / 274 - 280،
المنتظم 10 / 261، معجم الأدباء 13 / 73 - 87، مرآة الزمان
8 / 212 - 214، جامع المسانيد للخوارزمي 2 / 539، الروضتين
1 / 10 و2 / 261، وفيات الأعيان 3 / 309 - 311، المختصر 3
/ 59، العبر 4 / 212، 213، دول الإسلام 2 / 85، تذكرة
الحفاظ 4 / 1328 - 1334، المستفاد من ذيل تاريخ بغداد: 186
- 189، تتمة المختصر 2 / 132، 133، الوافي بالوفيات ج 19 /
ق 144 - 148، مرآة الجنان 3 / 393 - 396، طبقات السبكي 7 /
215 - 223، طبقات الاسنوي 2 / 216، 217، البداية والنهاية
12 / 294، النجوم الزاهرة 6 / 77، طبقات الحفاظ: 474، 475،
الدارس للنعيمي 1 / 100، 101، مفتاح السعادة 1 / 266، 267،
و2 / 352، تاريخ الخميس 2 / 366، الزيارات بدمشق: 73، كشف
الظنون: 54، 57، 103، 162، 294، 340، 342، 526، 574، 974،
1736، 1737، 1836، شذرات الذهب 4 / 239، 240، أبجد العلوم
2 / 375 و3 / 790، 791، هدية العارفين 1 / 701 - 702،
إيضاح المكنون 1 / 224 تهذيب تاريخ دمشق لبدران 1 / 7 -
10، منتخبات التواريخ: 478، 479، معجم المطبوعات: 181،
182، كنوز الاجداد 306 - 313، تاريخ بروكلمان 6 / 69 - 73،
فهرس مخطوطات الظاهرية: المنتخب من مخطوطات الحديث: 79 -
84.
وانظر كتاب " ابن عساكر في ذكرى مرور تسع مئة سنة على
ولادته " طبعه المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب
والعلوم الاجتماعية في سورية، ففيه ترجمات ابن عساكر من
المراجع القديمة والحديثة، مع ذكر مؤلفاته.
(2) في " المختصر ": نور الدين، وهو خطأ.
(20/554)
إِلَى العِرَاقِ فِي سَنَةِ عِشْرِيْنَ،
وَحَجّ سَنَة إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ.
قُلْتُ: وَارْتَحَلَ إِلَى خُرَاسَانَ عَلَى طَرِيْق
أَذْرَبِيْجَانَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ
مائَةٍ.
وَهُوَ عَلِيُّ ابْنُ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ الحَسَنِ
بنِ هِبَةِ اللهِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الحُسَيْنِ،
فَعَسَاكِرُ لاَ أَدْرِي لَقَبُ مَنْ هُوَ مِنْ أَجدَادِه؟
أَوْ لَعَلَّهُ اسْمٌ لأَحدِهِم.
سَمِعَ: الشَّرِيْف أَبَا القَاسِمِ النَّسِيْبَ،
وَعِنْدَهُ عَنْهُ الأَجزَاء العِشْرُوْنَ الَّتِي
خَرَّجهَا لَهُ شَيْخُه الحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ
الخَطِيْبُ، سَمِعْنَاهَا بِالاتِّصَالِ، وَسَمِعَ مِنْ:
قَوَامِ بنِ زَيْدٍ صَاحِبِ ابْنِ هَزَارْمَرْدَ
الصَّرِيْفِيْنِيّ، وَمِنْ: أَبِي الوَحْشِ سُبَيْعِ بنِ
قِيْرَاطٍ صَاحِبِ الأَهْوَازِيِّ، وَمِنْ أَبِي طَاهِرٍ
الحِنَّائِيّ، وَأَبِي الحَسَنِ بنِ المَوَازِيْنِيِّ،
وَأَبِي الفَضَائِلِ المَاسِحِ، وَمُحَمَّد بن عَلِيِّ بنِ
أَبِي العَلاَءِ المَصِّيْصِيّ، وَالأَمِيْن هِبَة اللهِ
بن الأَكْفَانِيِّ، وَعَبْد الكَرِيْمِ بن حَمْزَةَ،
وَطَاهِر بن سَهْلٍ الإِسْفَرَايِيْنِيّ، وَخَلْق
بِدِمَشْقَ.
وَأَقَامَ بِبَغْدَادَ خَمْسَة أَعْوَام يُحصِّل العِلْم،
فَسَمِعَ مِنْ: هِبَة اللهِ بنِ الحُصَيْنِ، وَعَلِيِّ بنِ
عَبْدِ الوَاحِدِ الدِّيْنَوَرِيِّ، وَقَرَاتِكِيْن بن
أَسْعَد، وَأَبِي غَالِبٍ ابْنِ البَنَّاءِ، وَهِبَة اللهِ
بن أَحْمَدَ بنِ الطَّبرِ، وَأَبِي الحَسَنِ البَارِع،
وَأَحْمَد بن مُلُوْك الوَرَّاق، وَالقَاضِي أَبِي بَكْرٍ،
وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
وَبِمَكَّةَ مِنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ المِصْرِيّ،
المُلَقَّب بِالغَزَالِ (1) .
وَبِالمَدِيْنَة مِنْ: عَبْدِ الخَلاَّقِ بن عَبْدِ
الوَاسِعِ الهَرَوِيّ.
وَبِأَصْبَهَانَ مِنَ: الحُسَيْن بن عَبْدِ المَلِكِ
الخَلاَّل، وَغَانِم بن خَالِدٍ،
__________
(1) بتخفيف الزاي، انظر " المشتبه ": 484.
(20/555)
وَإِسْمَاعِيْل بن مُحَمَّدٍ الحَافِظ،
وَخَلْق.
وَبِنَيْسَابُوْرَ مِنْ: أَبِي عَبْدِ اللهِ الفُرَاوِيّ،
وَأَبِي مُحَمَّدٍ السَّيِّدِيّ، وَزَاهِر الشَّحَّامِيّ،
وَعَبْد المُنْعِمِ بن القُشَيْرِيّ، وَفَاطِمَة بِنْت
زَعْبَل، وَخَلْق.
وَبِمَرْوَ مَنْ: يُوْسُف بن أَيُّوْبَ الهَمَذَانِيّ
الزَّاهِد، وَخَلْق.
وَبِهَرَاةَ مِنْ: تَمِيْمِ بنِ أَبِي سَعِيْدٍ
المُؤَدِّبِ، وَعِدَّة.
وَبِالكُوْفَةِ مِنْ: عُمَرَ بن إِبْرَاهِيْمَ الزَّيْدِيّ
الشَّرِيْف، وَبِهَمَذَانَ وَتِبْرِيْز وَالمَوْصِل.
وَعَمِلَ (أَرْبَعِيْنَ) حَدِيْثاً بُلدَانِيَّة.
وَعددُ شُيُوْخِهِ الَّذِي فِي (مُعْجَمِهِ): أَلفٌ
وَثَلاَثُ مائَةٍ شَيْخٍ بِالسَّمَاعِ، وَسِتَّةٌ
وَأَرْبَعُوْنَ (1) شَيْخاً أَنشَدُوْهُ، وَعَنْ
مائَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ شَيْخاً بِالإِجَازَةِ، الكُلُّ
فِي (مُعْجَمِهِ)، وَبِضْعٌ وَثَمَانُوْنَ امْرَأَةً
لَهُنَّ (مُعْجَمٌ) صَغِيْرٌ سَمِعْنَاهُ.
وَحَدَّثَ بِبَغْدَادَ، وَالحِجَازِ، وَأَصْبَهَانَ،
وَنَيْسَابُوْرَ.
وَصَنَّفَ الكَثِيْرَ.
وَكَانَ فَهِماً، حَافِظاً، مُتْقِناً، ذَكِيّاً،
بَصِيْراً بِهَذَا الشَّأْن، لاَ يُلحَقُ شَأْؤُه، وَلاَ
يُشق غُبَاره، وَلاَ كَانَ لَهُ نَظير فِي زَمَانِهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مَعْمَر بن الفَاخِرِ، وَالحَافِظُ أَبُو
العَلاَءِ العَطَّار، وَالحَافِظُ أَبُو سَعْدٍ
السَّمْعَانِيُّ، وَابْنه؛ القَاسِم بن عَلِيٍّ،
وَالإِمَامُ أَبُو جَعْفَرٍ القُرْطُبِيّ، وَالحَافِظُ
أَبُو المَوَاهِبِ بن صَصْرَى، وَأَخُوْهُ؛ أَبُو
القَاسِمِ ابْنُ صَصْرَى، وَقَاضِي دِمَشْق أَبُو
القَاسِمِ بنُ الحَرَسْتَانِيِّ، وَالحَافِظ عَبْد
القَادِرِ الرُّهَاوِيّ، وَالمُفْتِي
__________
(1) في الأصل: وأربعين.
(20/556)
فَخْر الدِّيْنِ عَبْد الرَّحْمَنِ بن
عَسَاكِرَ، وَأَخوَاهُ؛ زَيْنُ الأُمَنَاءِ حَسَنٌ،
وَأَبُو نَصْرٍ عَبْد الرَّحِيْمِ، وَأَخُوْهُم؛ تَاجُ
الأُمَنَاءِ أَحْمَدُ، وَوَلَدُهُ؛ العِزُّ النَسَّابَةُ،
وَيُوْنُس بن مُحَمَّدٍ الفَارِقِيّ، وَعَبْد الرَّحْمَنِ
بن نَسِيم، وَالفَقِيْه عَبْد القَادِرِ بن أَبِي عَبْدِ
اللهِ البَغْدَادِيّ، وَالقَاضِي أَبُو نَصْرٍ ابْنُ
الشِّيْرَازِيِّ، وَعَلِيّ بن حجَاج البَتَلْهِيّ، وَأَبُو
عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ نَصْرٍ القُرَشِيّ ابْن أَخِي
الشَّيْخ أَبِي البَيَانِ، وَأَبُو المَعَالِي أَسْعَد
وَالسَّدِيْد مَكِّيّ ابْنَا المُسَلَّمِ بنِ عَلاَّنَ،
وَمُحَمَّد بن عَبْدِ الكَرِيْمِ بن الهَادِي المُحْتَسِب،
وَفَخْر الدِّيْنِ مُحَمَّد بن عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ
الشِّيْرَجِيّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ وَعَبْد
العَزِيْزِ ابْنَا أَبِي طَاهِرٍ الخُشُوْعِيّ، وَعَبْد
الوَاحِدِ بن أَحْمَدَ بنِ أَبِي المَضَاءِ، وَنَصْر اللهِ
بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ فِتْيَانَ الأَنْصَارِيّ،
وَعَبْد الجَبَّارِ بن عَبْدِ الغَنِيِّ بن
الحَرَسْتَانِيّ، وَمُحَمَّد بن أَحْمَدَ المَاكِسِيْنِيّ
(1) ، وَمَحَاسِن بن أَبِي القَاسِمِ الجَوْبَرَانِيّ،
وَسَيْف الدَّوْلَةِ مُحَمَّد بن غَسَّانَ، وَعَبْد
الرَّحْمَنِ بن شُعْلَةَ (2) البَيْتَ سَوَائِيُّ،
وَخَطَّابُ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ المِزِّيّ، وَعَتِيْق بن
أَبِي الفَضْلِ
السَّلْمَانِيّ، وَعُمَر بن عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ
البَرَاذعِيّ، وَمُحَمَّد بن رُوْمِيٍّ السَّقْبَانِيّ،
وَالرَّشِيْد أَحْمَد بن المَسْلَمَةِ، وَبَهَاءُ
الدِّيْنِ عَلِيُّ بنُ الجُمَّيْزِيّ، وَخَلْق.
وَقَدْ رَوَى لِشُيُوْخِي نَحْوٌ مِنْ أَرْبَعِيْنَ
نَفْساً مِنْ أَصْحَابِ الحَافِظ أَفردت لَهُم جُزْءاً.
__________
(1) بكسر الكاف والسين المهملة، نسبة إلى " ماكسين، وهي
مدينة بالجزيرة على الخابور، وقد تحرفت في كتاب " ابن
عساكر في ذكرى مرور تسع مئة سنة على ولادته " طبع المجلس
الأعلى لرعاية الفنون في الترجمة المأخوذة من " سير
النبلاء " ص 35 إلى " الماليني ".
(2) ضبطها ابن الصابوني في " تكملة إكمال الإكمال " ص 220
بضم الشين المعجمة وسكون العين المهملة وفتح اللام - تحرفت
في كتاب " ابن عساكر " ص 35 إلى " شهلة بالهاء بدل العين -
وهو أبو الحسن عبد الرحمن بن راشد بن شعلة بن راشد البيت
سوائي، نسبة إلى بيت سوا، وهي قرية من غوطة دمشق الشرقية.
(20/557)
وَكَانَ لَهُ إِجَازَات عَالِيَة،
فَأَجَازَ لَهُ مُسْند بَغْدَادَ الحَاجِب أَبُو الحَسَنِ
بنُ العَلاَّف، وَأَبُو القَاسِمِ بنُ بَيَان، وَأَبُو
عَلِيٍّ بنُ نَبْهَانَ الكَاتِب، وَأَبُو الفَتْحِ
أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَدَّاد، وَغَانِم البَرْجِيّ،
وَأَبُو عَلِيٍّ الحَدَّاد المُقْرِئ، وَعَبْد الغَفَّارِ
الشِّيْرَوِيّ، وَصَاحِب القَاضِي أَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ
بنِ الحَسَنِ الحِيْرِيّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم أَجَازُوا
لَهُ وَهُوَ طِفْل.
قَالَ ابْنُهُ القَاسِم: رُوِي عَنْهُ أَشيَاء مِنْ
تَصَانِيْفه بِالإِجَازَةِ فِي حيَاته، وَاشْتُهِرَ
اسْمُهُ فِي الأَرْضِ، وَتَفَقَّهَ فِي حدَاثته عَلَى
جَمَال الإِسْلاَمِ أَبِي الحَسَنِ السُّلَمِيّ
وَغَيْرِهِ، وَانتفع بصحبَة جدّه لأُمِّهِ القَاضِي أَبِي
المُفَضَّل عِيْسَى (1) بن عَلِيٍّ القُرَشِيّ فِي
النَّحْوِ، وَعلَّق مَسَائِل مِنَ الخلاَف عَنْ أَبِي
سَعْدٍ بنِ أَبِي صَالِحٍ الكَرْمَانِيّ بِبَغْدَادَ،
وَلاَزَمَ الدَّرسَ وَالتَّفَقُّهَ بِالنِّظَامِيَّةِ
بِبَغْدَادَ، وَصَنَّفَ وَجَمَعَ فَأَحْسَنَ.
قَالَ: فَمَنْ ذَلِكَ (تَارِيخُهُ (2)) فِي ثَمَانِ مائَةِ
جُزءٍ - قُلْتُ: الجُزْء عِشْرُوْنَ
__________
(1) تحرف في الترجمة المطبوعة في كتاب " ابن عساكر " ص 36
إلى " يحيى ".
(2) واسمه " تاريخ مدينة دمشق حماها الله وذكر فضلها
وتسمية من حلها من الاماثل، أو اجتاز بنواحيها من وارديها
وأهلها " وهو من أعظم وأوعب ما ألف في تاريخ المدن، ألفه
ابن عساكر على نسق " تاريخ بغداد " للخطيب، لكنه أعظم منه
حجما، إذ يقع في ثمانين مجلدا، ترجم فيه للاعيان والعلماء
والمشاهير ممن سكن دمشق أو اجتاز بها منذ زمن الصحابة حتى
عصره، بل إنه ترجم لبعض الأقدمين كسليمان وشعيب عليهما
السلام، وقد رتب أسماء المترجمين على حروف المعجم مقدما
تراجم من اسمه أحمد، مع مراعاة أسماء آبائهم.
وقد تبنى مجمع اللغة العربية بدمشق مشروع طبع هذا السفر
العظيم، وهو أحق به وأهله، فطبع المجلد الأول سنة 1951
والقسم الأول من المجلد والثاني سنة 1954 بتحقيق الدكتور
صلاح الدين المنجد، وصدر المجلد العاشر سنة 1963 بتحقيق
الشيخ محمد أحمد دهمان، يبدأ بترجمة بسر بن أبي أرطاة
وينتهي بترجمة ثابت بن أقرم.
وفي أواخر عام 1976 طبع مجلد بتحقيق الدكتور شكري فيصل فيه
تراجم حرف العين المتلوة بالالف يبدأ بترجمة عاصم بن
بهدلة، وينتهي بترجمة عائذ بن محمد، ثم تلاه سنة 1982 م
مجلد آخر بتحقيق الدكتور شكري فيصل والاستاذين رياض مراد
وروحية النحاس، يبدأ بترجمة عبادة بن أوفى، وينتهي بترجمة
عبد الله بن =
(20/558)
وَرقَةً، فَيَكُوْنُ سِتَّةَ عَشَرَ أَلفَ
وَرقَةٍ -.
قَالَ: وَجَمَعَ (المُوَافِقَات) فِي اثْنَيْنِ
وَسَبْعِيْنَ جُزْءاً، وَ(عَوَالِي مَالِك)، وَ(الذَّيْل)
عَلَيْهِ خَمْسِيْنَ جُزْءاً، وَ(غَرَائِب مَالِك) عَشْرَة
أَجزَاء، وَ(المُعْجَم) فِي اثْنَيْ عَشَرَ جُزْءاً -
قُلْتُ: هُوَ رِوَايَة مُجرَّدَة لَمْ يُتَرْجِمْ فِيْهِ
شُيُوْخَه (1) -.
قَالَ: وَلَهُ (مَنَاقِبُ الشُّبَّانِ) خَمْسَةَ عَشَرَ
جُزْءاً، وَ(فَضَائِل أَصْحَاب الحَدِيْث) أَحَدَ عشرَ
جزءاً، (فَضل الجُمُعَة) مُجَلَّد (2) ، وَ(تَبْيِين كذب
المفترِي فِيمَا نُسب إِلَى الأَشْعَرِيّ) (3)
__________
= ثوب، وكان صدر عام 1981 م جزء ثالث بتحقيق الاستاذين
مطاع الطرابيشي وسكينة الشهابي يبدأ بترجمة عبد الله بن
جابر، وينتهي بترجمة عبد الله بن زيد، وصدر أيضا المجلد
الأخير المشتمل على تراجم النساء حققته الفاضلة سكينة
الشهابي وذلك سنة 1982 م.
كما قام المجمع بنشر بعض أجزاء هذا التاريخ بطريقة التصوير
للنسخة الخطية، فصور جزءا يضم جملة من تراجم
العبادلة تبدأ بعد الله بن عمران وتنتهي بعبد الله بن قيس،
وذلك سنة 1978 م.
وأفرد بالطبع من هذا " التاريخ " ترجمة علي بن أبي طالب
رضي الله عنه بتحقيق محمد باقر المحمودي، وأفردت بالطبع
أيضا ترجمة الزهري، بتحقيق شكر الله بن نعمة الله قوجاني،
نشر مؤسسة الرسالة سنة 1982 م.
وقد عكف على " تاريخ " ابن عساكر عدد كبير من العلماء
يقتبسون منه ويختصرونه ويذيلون عليه، انظر " كشف الظنون "
294، وانظر النسخ الخطية لهذه المختصرات في " تاريخ "
بروكلمان 6 / 71، 72 (النسخة العربية).
وممن اختصره إمامنا الذهبي في عشر مجلدات، انظر " الوافي "
2 / 164 و" الإعلان بالتوبيخ ": 631 وقد رآه السخاوي بخط
الذهبي، و" شذرات الذهب " 6 / 156.
واختصره الشيخ عبد القادر بدران، وطبع من مختصره سبعة
أجزاء تنتهي بترجمة عبد الله بن سيار.
وممن اختصره العلامة ابن منظور صاحب لسان العرب، وتتولى
الآن دار الفكر في دمشق نشر هذا المختصر.
(1) انظر " تاريخ " بروكلمان 6 / 73، وعندنا منه نسخة
مصورة.
(2) كذا الأصل بدون هاء، وقد توهم المشرف على كتاب " ابن
عساكر الفاصلة الموجودة بعدها في الأصل هاء، فأثبت في
الكتاب ص 36: " مجلدة " وكذا فعل فيما سيأتي من كلمة "
مجلد ".
(3) طبع في دمشق سنة 1347 ه، ومنه مختصر مع زيادة الطبقات
بعنوان " أشرف المفاخر العلية في مناقب الأئمة الأشعرية "
لعبد الله بن أسعد اليمني. انظر بروكلمان 6 / 72.
(20/559)
مُجَلَّد، وَ(المُسَلْسَلاَت) مُجَلَّد،
وَ(السُّبَاعِيَات) سَبْعَة أَجزَاء، (مَنْ وَافقت
كُنْيَتُهُ كُنْيَة زوجتِهِ) أَرْبَعَة أَجزَاء، وَ(فِي
إِنشَاء دَار السُّنَّةِ) ثَلاَثَة أَجزَاء، (فِي يَوْم
المَزِيد) ثَلاَثَة أَجزَاء، (الزَّهَادَة فِي
الشَّهَادَة) مُجَلَّد، (طُرُقُ قَبضِ العِلْمِ)، (حَدِيْث
الأَطِيط)، (حَدِيْث الهُبُوطِ وَصحَّتُه)، (عَوَالِي
الأَوْزَاعِيِّ وَحَالُهُ) جُزآن.
وَمِنْ تَوَالِيفِ ابْنِ عَسَاكِرَ اللَّطِيفَةِ:
(الخُمَاسِيَّات) جُزء، (السُّدَاسِيَات) جُزء، (أَسْمَاءُ
الأَمَاكن الَّتِي سَمِعَ فِيْهَا)، (الخِضَاب)، (إِعزَاز
الهِجْرَة عِنْد إِعواز النُّصرَة)، (المَقَالَة
الفَاضحَة)، (فَضل كِتَابَة القُرْآن)، (مَنْ لاَ يَكُوْن
مُؤتَمناً لاَ يَكُوْن مُؤذِّناً)، (فَضل الكَرَم عَلَى
أَهْلِ الحَرَم)، (فِي حَفرِ الخَنْدَق)، (قَوْلُ
عُثْمَان: مَا تَغَنَّيتُ (1))، (أَسْمَاء صحَابَة
المُسْنَدِ)، (أَحَادِيْثُ رَأْسِ مَالِ شُعْبَةَ)،
(أَخْبَارُ سَعِيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ)، (مُسلسل
العِيْدِ)، (الأُبْنَةُ (2))، (فَضَائِلُ (3) العَشْرَةِ)
جُزآنِ، (مَنْ نَزَلَ المِزَّةَ)، (فِي الرَّبوَةِ
وَالنَّيربِ)، (فِي كَفْر سُوْسِيَّةَ (4))، (رِوَايَةُ
__________
(1) كذا في الأصل بالغين المعجمة، وهي كذلك في حديث ابن
ماجه (311) عن عقبة بن صهبان قال: سمعت عثمان بن عفان
يقول: " ما تغنيت ولا تمنيت ولا مسست ذكري بيميني منذ
بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم " وكذا ورد في "
اللسان " نقلا عن " النهاية " بلفظ " ما تغنيت ولا تمنيت
ولا شربت خمرا في جاهلية ولا إسلام " وتصحف في المطبوع من
النهاية إلى " تغيت "، وقد شرح المحب الطبري في " الرياض
النضرة " قوله: " تغنيت " بأنه من الغناء، بالكسر والمد،
وهو الصوت المطرب المعروف عند أهل اللهو واللعب، وهو ما
شرحه السندي في " حاشيته على ابن ماجة " 1 / 131، وقوله: "
ما تمنيت " أي: ما كذبت.
انظر " اللسان " و" النهاية ": مادة: مني.
(2) مخطوط في الظاهرية مجموع 9، انظر " المنتخب من مخطوطات
الحديث " للالباني: 80.
(3) غيرها في كتاب " ابن عساكر " ص 36 إلى " فضل ".
(4) ضبطت في " معجم البلدان " 4 / 469 بالقلم بتشديد
الياء، بعد السين المهملة، وقد أثبتها في كتاب " ابن عساكر
" ص 36 " سوسة " بغير ياء مع أن الأصل المنقول عنه بياء.
(20/560)
أَهْلِ صَنْعَاءَ)، (أَهْل الحِمرِيين
(1))، (فَذَايَا (2))، (بَيْت قُوفَا (3))، (البَلاَط)،
(قَبْر سَعْد)، (جِسْرِيْن)، (كفر بَطنَا)، (حرستَا)،
(دُومَا مَعَ مِسْرَابَا)، (بَيْت سَوَا)، (جَرْكَانَ
(4))، (جَدَيَا وَطَرْمِيس (5))، (زَمْلَكَا)، (جَوْبَر)،
(بَيْت لِهْيَا (6))، (بَرزَة)، (مَنِيْنَ)، (يَعقُوبَا
(7))، (أَحَادِيْثُ بَعْلَبَكَّ)، (فَضل عَسْقَلاَن)،
(القُدْس)، (المَدِيْنَة)، (مَكَّة)، كِتَاب (الجِهَاد)،
(مُسْنَدُ أَبِي حَنِيْفَةَ وَمَكْحُوْلٍ)،
__________
(1) كذا ورد في الأصل، وهو موافق ل " معجم الأدباء " 13 /
80، وهو نسبة إلى موضع بظاهر دمشق يسميه العامة: الحمرية،
ويقال له: " الحميريون " أورده ياقوت في " معجمه " 2 / 307
وقال: محلة بظاهر دمشق على القنوات.
وقد سمي هذا الموضع باسم جماعة من قبيلة حمير نزلوا فيه.
وقد تصحف في " هدية العارفين " إلى " فضل الجمرتين ".
(2) فذايا، بالفاء والذال المعجمة: من قرى دمشق " معجم
البلدان " 4 / 241، ويقصد كتاب " حديث جماعة من أهل فذايا
" كما قال ياقوت في " معجم الأدباء " 13 / 80، وكذا
المقصود بالنسبة لما سيورده من أسماء القرى والمواضع.
(3) في الأصل: قيوفا، وهو خطأ، فقد ضبطها ياقوت بضم القاف
وسكون الواو وفاء مقصورة، وهي من قرى دمشق.
" معجم البلدان " 1 / 521.
(4) كذا في الأصل، وهو خطأ، والصواب: حردان، بضم الحاء
المهملة وسكون الراء والدال المهملة: من قرى دمشق.
" معجم البلدان " 2 / 40، ومنه نسخة خطية، انظر فهرس
الظاهرية المنتخب من مخطوطات الحديث: ص 83.
(5) وكلاهما من قرى دمشق، وقد تحرف اسم " طرميس " في كتاب
" ابن عساكر " إلى
" طرمس " بحذف الياء، وذكر على الصواب فيه ص 359.
(6) ضبطها ياقوت بكسر اللام وسكون الهاء وياء وألف مقصورة
وقال: كذا يتلفظ به، والصحيح بيت الالاهة، وهي قرية مشهورة
بغوطة دمشق، وللشعراء فيها أشعار كثيرة، منها قول أحمد بن
منير الاطرابلسي:
سقاها وروى من النيربين * إلى الغيضتين وحموريه
إلى بيت لهيا إلى برزة * دلاح مكفكفة الاوعيه
والنسبة إليها بتلهي، وقد نسب إليها خلق كثير من أهل
الرواية.
وهذه القرية قد دثرت وأقيم مكانها البنك المركزي.
(7) يعقوبا بالياء التحتية المثناة: قرية من قرى غوطة دمشق
ذكرها ابن طولون في كتابه " ضرب الحوطة " في حرف الياء.
(20/561)
(العَزلُ) وَغَيْر ذَلِكَ،
وَ(الأَرْبَعُوْنَ الطّوَال) مُجيليد، وَ(الأَرْبَعُوْنَ
البَلَديَة) جُزْء (1) ، وَ(الأَرْبَعُوْنَ فِي الجِهَادِ
(2))، وَ(الأَرْبَعُوْنَ الأَبْدَال (3))، وَ(فضل
عَاشُورَاء) ثَلاَثَة أَجزَاء، وَ(طرق قبض العِلْم (4))
جُزْء، كِتَاب (الزلاَزل) مجيليد، (المصَاب بِالوَلَد)
جُزْآنِ، (شُيُوْخ النَّبَل (5)) مُجيليد، (عَوَالِي
شُعْبَةَ) اثْنَا عَشرَ جُزْءاً، (عَوَالِي سُفْيَانَ)
أَرْبَعَةُ أَجزَاءٍ، (مُعْجَم القُرَى وَالأَمصَار) جُزء،
وَسَرَدَ لَهُ عِدَّةَ تَوَالِيفَ (6) .
قَالَ: وَأَملَى أَرْبَع مائَة مَجْلِس وَثَمَانِيَة.
قَالَ: وَكَانَ موَاظباً عَلَى صَلاَة الجَمَاعَة
وَتِلاَوَة القُرْآن، يَخْتِم كُلّ جُمُعَة، وَيَخْتِم فِي
رَمَضَانَ كُلّ يَوْم، وَيَعتكَفُ فِي المنَارَة
الشَّرْقِيَّة، وَكَانَ كَثِيْرَ النَّوَافل وَالأَذكَار،
يُحيِي لَيْلَة النِّصْف وَالعيدين بِالصَّلاَة وَالتسبيح،
وَيُحَاسِب نَفْسه عَلَى لحظَة تَذْهَب فِي غَيْر طَاعَة،
قَالَ لِي:
لَمَّا حَمَلَت بِي أُمِّي، رَأَتْ فِي مَنَامهَا قَائِلاً
يَقُوْلُ: تَلِدِينَ غُلاَماً يَكُوْن لَهُ شَأْن.
وَحَدَّثَنِي أَنَّ أَبَاهُ رَأَى رُؤْيَا مَعْنَاهُ يُولد
لَكَ وَلدٌ يُحْيِي الله بِهِ السّنَة، وَلَمَّا عزم عَلَى
الرّحلَة،
__________
(1) انظر " تاريخ " بروكلمان 6 / 72.
(2) طبع بتحقيق الشيخ عبد الله بن يوسف في دار الخلفاء
للكتاب الإسلامي - الكويت.
(3) انظر المنتخب من مخطوطات الحديث: ص 79.
(4) ذكره المؤلف آنفا، فهو تكرار.
(5) طبع في دار الفكر بدمشق سنة 1980 م بتحقيق الاستاذة
الفاضلة سكينة الشهابي.
وقد اختصر الذهبي هذا الكتاب وزاده فوائد ومحاسن.
انظر " رونق الألفاظ " لسبط ابن حجر: ق 180، " وشذرات
الذهب " 6 / 155.
(6) وطبع من مؤلفاته كتاب " كشف المغطى في فضل الموطا "
سنة 1954 م، وطبع المجلس الرابع عشر من الامالي في " ذم من
لا يعمل بعلمه " والمجلس الثالث والخمسون في " ذم قرناء
السوء " بدمشق سنة 1978 في دار الفكر.
وانظر كل ما ذكرته المصادر من مؤلفاته في كتاب " ابن عساكر
في ذكرى مرور تسع مئة سنة على ولادته " ص 344 - 360.
(20/562)
قَالَ لَهُ أَبُو الحَسَنِ بنُ قُبَيْس (1)
: أَرْجُو أَنْ يُحِيي الله بِك هَذَا الشَّأْن.
وَحَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: كُنْتُ يَوْماً أَقرَأُ عَلَى
أَبِي الفَتْحِ المُخْتَار بن عَبْدِ الحَمِيْدِ وَهُوَ
يَتحدّث مَعَ الجَمَاعَة، فَقَالَ:
قَدِمَ عَلَيْنَا أَبُو عَلِيٍّ بنُ الوَزِيْر، فَقُلْنَا:
مَا رَأَينَا مِثْله.
ثُمَّ قَدِمَ عَلَيْنَا أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ،
فَقُلْنَا: مَا رَأَينَا مِثْله.
حَتَّى قَدِمَ عَلَيْنَا هَذَا، فَلَمْ نَر مِثْله (2) .
قَالَ القَاسِم: وَحَكَى لِي أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ الأَنْصَارِيّ الحَنْبَلِيّ، عَنْ أَبِي
الحَسَنِ سَعْد الخَيْر، قَالَ: مَا رَأَيْتُ فِي سنِّ
أَبِي القَاسِمِ الحَافِظ مِثْله (3) .
وَحَدَّثَنَا التَّاج مُحَمَّد بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ
المَسْعُوْدِيّ، سَمِعْتُ الحَافِظَ أَبَا العَلاَءِ
الهَمَذَانِيّ (4) يَقُوْلُ لبَعْض تَلاَمِذته - وَقَدِ
اسْتَأَذنه أَنْ يَرحل - فَقَالَ:
إِنْ عَرَفْت أُسْتَاذاً أَعْلَم مِنِّي (5) أَوْ فِي
الفَضْلِ مِثْلِي، فَحِيْنَئِذٍ آذنُ إِلَيْك أَنْ تُسَافر
إِلَيْهِ، اللَّهُمَّ إِلاَّ أَنْ تُسَافر إِلَى الحَافِظ
ابْن عَسَاكِرَ، فَإِنَّهُ حَافِظ كَمَا يَجِبُ.
فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا الحَافِظُ؟
فَقَالَ: حَافِظ الشَّامِ أَبُو القَاسِمِ، يَسكنُ
دِمَشْق...، وَأَثْنَى عَلَيْهِ.
وَكَانَ يَجرِي ذِكْرُهُ عِنْد ابْن شَيْخه وَهُوَ
الخَطِيْب أَبُو
__________
(1) وهو من شيوخه الذين يروي عنهم في " تاريخ "، فيقول:
أخبرنا أبو الحسن، وهو أبو الحسن علي بن أحمد بن منصور بن
قبيس الغساني المالكي، تقدمت ترجمته في هذا الجزء برقم (9)
وهو أحد الشيوخ الذين يروي " تاريخ بغداد " من طريقهم.
(2) انظر " تذكرة الحفاظ 4 / 1331، و" معجم الأدباء " 13 /
83، 84، و" طبقات " السبكي 7 / 217.
(3) انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1331.
(4) ستأتي ترجمته في الجزء الحادي والعشرين.
(5) ما بين حاصرتين مستدرك من " طبقات " السبكي 7 / 218
ليصح السياق.
وفي " تذكرة الحفاظ ": إن عرفت أحدا أفضل مني.
وقد حذف في كتاب " ابن عساكر " ص 37 لفظ " أو " دونما
إشارة إلى ذلك.
(20/563)
الفَضْل بن أَبِي نَصْرٍ الطُّوْسِيّ،
فَيَقُوْلُ:
مَا نَعلم مَنْ يَسْتَحقُّ هَذَا اللَّقَب اليَوْم -
أَعنِي: الحَافِظ - وَيَكُوْن حقيقاً بِهِ سِوَاهُ.
كَذَا حَدَّثَنِي أَبُو المَوَاهِبِ بن صَصْرَى.
وَقَالَ: لَمَّا دَخَلت هَمَذَان أَثْنَى عَلَيْهِ
الحَافِظُ أَبُو العَلاَءِ، وَقَالَ لِي: أَنَا أَعْلَم
أَنَّهُ لاَ يُسَاجل الحَافِظ أَبَا القَاسِمِ فِي شَأْنه
أَحَد، فَلَو خَالَقَ النَّاس وَمَازجهُم كَمَا أَصْنَع،
إِذاً لاجْتَمَعَ عَلَيْهِ المُوَافِق وَالمُخَالِفُ.
وَقَالَ لِي أَبُو العَلاَءِ يَوْماً: أَيُّ شَيْءٍ فُتِحَ
لَهُ، وَكَيْفَ تَرَى النَّاسَ لَهُ؟
قُلْتُ: هُوَ بعيد مِنْ هَذَا كُلّه، لَمْ يَشتغل مُنْذُ
أَرْبَعِيْنَ سَنَةً إِلاَّ بِالجمع وَالتصنِيف
وَالتسمِيْع حَتَّى فِي نُزهه وَخلوَاته.
فَقَالَ: الحَمْدُ للهِ، هَذَا ثَمَرَة العِلْم، أَلاَ
إِنَّا (1) قَدْ حَصَلَ لَنَا هَذِهِ الدَّارُ وَالكُتُب
وَالمَسْجَد، هَذَا يَدلّ عَلَى قلّة حُظُوظ أَهْل
العِلْمِ فِي بِلاَدكُم.
ثُمَّ قَالَ لِي: مَا كَانَ يُسَمَّى أَبُو القَاسِمِ
بِبَغْدَادَ إِلاَّ شعلَة نَار مِنْ تَوقُّده وَذكَائِهِ
وَحُسن إِدرَاكه (2) .
وَرَوَى زَين الأُمَنَاءِ، حَدَّثَنَا (3) ابْنُ
القَزْوِيْنِيّ، عَنْ وَالِده مُدَرِّس النِّظَامِيَّة،
قَالَ:
حَكَى لَنَا الفُرَاوِيّ، قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا ابْنُ
عَسَاكِرَ، فَقَرَأَ عَلَيَّ فِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ
فَأَكْثَر، فَأَضجَرَنِي، وَآليتُ أَنْ أُغلِقَ بَابِي،
وَأَمتنعَ، جرَى هَذَا الخَاطر لِي بِاللَّيْلِ، فَقَدم
مِنَ الغَدِ شَخْص، فَقَالَ: أَنَا رَسُوْل اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَيْك، رَأَيْتهُ فِي
النَّوْمِ، فَقَالَ: امْضِ إِلَى الفُرَاوِيّ، وَقُلْ
لَهُ: إِن قَدِمَ بلدكُم رَجُل مِنْ أَهْلِ الشَّامِ
أَسْمَر يَطلب حَدِيْثِي، فَلاَ يَأْخُذْكَ مِنْهُ ضَجَرٌ
وَلاَ مَلَلٌ.
قَالَ:
__________
(1) تحرف في كتاب " ابن عساكر " ص 38 إلى " أنه ".
(2) انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1331، 1332، و" طبقات "
السبكي 7 / 218، و" معجم الأدباء " 13 / 84، 85.
(3) سقط لفظ " حدثنا " من كتاب " ابن عساكر " ص 38، فأوهم
أن زين الامناء هو ابن القزويني.
(20/564)
فَمَا كَانَ الفُرَاوِيّ يَقُومُ حَتَّى
يَقُومَ الحَافِظ أَوَّلاً (1) .
قَالَ أَبُو المَوَاهِب: وَأَنَا كُنْتُ أُذَاكِرُه فِي
خَلَوَاتِهِ عَنِ الحُفَّاظِ الَّذِيْنَ لَقِيَهُم،
فَقَالَ: أَمَّا بِبَغْدَادَ، فَأَبُو عَامِرٍ
العَبْدَرِيّ، وَأَمَّا بِأَصْبَهَانَ، فَأَبُو نَصْرٍ
اليُوْنَارَتِيّ، لَكِن إِسْمَاعِيْل الحَافِظ كَانَ أَشهر
مِنْهُ.
فَقُلْتُ لَهُ: فَعَلَى هَذَا مَا رَأَى سيدنَا مِثْل
نَفْسه.
فَقَالَ: لاَ تَقُلْ هَذَا، قَالَ اللهُ -تَعَالَى-:
{فَلاَ تُزَكُّوا أَنْفُسَكُم} [النَّجْمُ: 32].
قُلْتُ: فَقَدْ قَالَ: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ
فَحَدِّثْ} [الضُّحَى: 11].
فَقَالَ: نَعَمْ، لَوْ قَالَ قَائِل: إِنَّ عَيْنِي لَمْ
تَرَ مِثْلِي، لَصَدَقَ (2) .
قَالَ أَبُو المَوَاهِبِ: وَأَنَا أَقُوْل: لَمْ أَرَ
مِثْله وَلاَ مَنِ اجْتَمَع فِيْهِ مَا اجْتَمَع فِيْهِ
مِنْ لُزُوم طرِيقَة وَاحِدَة مُدَّة أَرْبَعِيْنَ سَنَةً
مِنْ لُزُوم الجَمَاعَة فِي الخَمْس فِي الصَّفّ الأَوّل
إِلاَّ مِنْ عذر، وَالاعتكَاف فِي رَمَضَانَ وَعشر ذِي
الحِجَّةِ وَعدم التَّطَلُّع إِلَى تَحْصِيل الأَملاَك
وَبنَاء الدّور، قَدْ أَسقط ذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ، وَأَعرض
عَنْ طلب المنَاصب مِنَ الإِمَامَة وَالخطَابَة،
وَأَبَاهَا بَعْدَ أَنْ عرضت عَلَيْهِ، وَقِلَّةِ
التِفَاتِه إِلَى الأُمَرَاءِ، وَأَخذِ نَفْسه بِالأَمْرِ
بِالمَعْرُوف وَالنَّهْي عَنِ المُنْكَر، لاَ تَأْخُذُه
فِي اللهِ لَوْمَة لاَئِم.
قَالَ لِي: لَمَّا عزمت عَلَى التَّحْدِيْث وَاللهِ
الْمطلع أَنَّهُ مَا حَمَلَنِي عَلَى ذَلِكَ حبّ
الرِّئَاسَة وَالتَّقَدُّم، بَلْ قُلْتُ: مَتَى أَروِي
كُلّ مَا قَدْ سمِعته، وَأَيُّ فَائِدَة فِي كَونِي
أُخلِّفُهُ بَعْدِي صَحَائِف؟ فَاسْتَخرتُ الله،
وَاسْتَأْذنت أَعيَان شُيُوْخِي وَرُؤَسَاء البَلَد،
وَطُفت عَلَيْهِم، فُكُلٌّ قَالَ: وَمَنْ أَحقّ بِهَذَا
مِنْكَ؟
فَشرعت فِي ذَلِكَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ، فَقَالَ
لِي وَالِدِي أَبُو القَاسِمِ الحَافِظُ: قَالَ لِي جَدِّي
القَاضِي أَبُو المُفَضَّل لَمَّا قَدَمت مِنْ سفرِي:
__________
(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1330 و" طبقات " السبكي 7 /
219.
(2) انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1332 و" طبقات " السبكي 7 /
221، 222.
(20/565)
اجْلِسْ إِلَى سَارِيَةٍ مِنْ هَذِهِ
السَّوَارِي حَتَّى نَجلس إِلَيْك.
فَلَمَّا عزمت عَلَى الجُلُوْس اتَّفَقَ أَنَّهُ مرضَ،
وَلَمْ يُقدَّرْ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ الخُرُوجُ إِلَى
المَسْجَد (1) ...، إِلَى أَنْ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ
القَاسِم:
وَكَانَ أَبِي -رَحِمَهُ اللهُ- قَدْ سَمِعَ أَشيَاء لَمْ
يُحصِّلْ مِنْهَا نُسَخاً اعتمَاداً عَلَى نسخ رفِيقه
الحَافِظ أَبِي عَلِيٍّ بنِ الوَزِيْر (2) ، وَكَانَ مَا
حَصلَه ابْن الوَزِيْر لاَ يُحصله أَبِي، وَمَا حَصلَه
أَبِي لاَ يُحصله ابْن الوَزِيْر، فَسَمِعْتُ أَبِي
لَيْلَة يَتحدّث مَعَ صَاحِب لَهُ فِي الجَامِع، فَقَالَ:
رحلتُ وَمَا كَأَنِّيْ رحلتُ، كُنْت أَحسب أَنَّ ابْنَ
الوَزِيْر يَقدَمُ بِالكُتُب مِثْل (الصَّحِيْحَيْنِ)
وَكُتُبِ البَيْهَقِيّ وَالأَجزَاء، فَاتَّفَقَ سُكنَاهُ
بِمَرْوَ، وَكُنْت أُؤمل وُصُوْل رفِيق آخر لَهُ يُقَالَ
لَهُ: يُوْسُف بن فَارّوا الجَيَّانِيّ، وَوُصُوْل
رَفِيقنَا أَبِي الحَسَنِ المُرَادِيّ (3) ، وَمَا أَرَى
أَحَداً مِنْهُم جَاءَ، فَلاَ بُدَّ مِنَ الرّحلَة
ثَالِثَةً وَتَحصيل الكُتُب وَالمهمَات.
قَالَ: فَلَمْ يَمض إِلاَّ أَيَّام يَسِيْرَة حَتَّى
قَدِمَ أَبُو الحَسَنِ المُرَادِيّ، فَأَنْزَلَهُ أَبِي
فِي مَنْزِلنَا، وَقَدِمَ بِأَرْبَعَة أَسفَاط كتب
مَسْمُوْعَة، فَفَرح أَبِي بِذَلِكَ شدِيداً، وَكفَاهُ
الله مُؤنَة السَّفَر، وَأَقْبَلَ عَلَى تِلْكَ الكُتُب،
فَنسخ وَاستنسخَ وَقَابَلَ، وَبَقِيَ مِنْ مَسْمُوْعَاته
أَجزَاء نَحْو الثَّلاَث مائَة، فَأَعَانه عَلَيْهَا أَبُو
سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ، فَنقل إِلَيْهِ مِنْهَا جُمْلَةً
حَتَّى لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ أَكْثَر مِنْ عِشْرِيْنَ
جُزْءاً، وَكَانَ كُلَّمَا حصل لَهُ جُزْء مِنْهَا
كَأَنَّهُ قَدْ حصل عَلَى ملك الدُّنْيَا (4) .
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: قَرَأْت بِخَطِّ مَعْمَر بن
الفَاخِرِ فِي (مُعْجَمِهِ): أَخْبَرَنِي
__________
(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1332.
(2) الذي تقدمت ترجمته برقم (113).
(3) تقدمت ترجمته برقم (122).
(4) انظر " طبقات " السبكي 7 / 219، 220.
(20/566)
أَبُو القَاسِمِ الحَافِظُ إِمْلاَءً
بِمِنَى وَكَانَ مِنْ أَحْفَظ مَنْ رَأَيْتُ وَكَانَ
شَيْخنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ الإِمَام يُفضله
عَلَى جَمِيْع مَنْ لقينَاهُم، قَدِمَ أَصْبَهَان وَنَزَلَ
فِي دَارِي، وَمَا رَأَيْتُ شَابّاً أَحْفَظَ وَلاَ أَورعَ
وَلاَ أَتقنَ مِنْهُ، وَكَانَ فَقِيْهاً أَدِيباً
سَنِيّاً، سَأَلتُه عَنْ تَأَخُّره عَنِ الرّحلَة إِلَى
أَصْبَهَانَ، قَالَ: اسْتَأَذنتُ أُمِّي فِي الرّحلَة
إِلَيْهَا، فَمَا أَذِنَتْ (1) .
قَالَ السَّمْعَانِيُّ: أَبُو القَاسِمِ كَثِيْرُ
العِلْمِ، غزِيْر الفَضْل، حَافِظ مُتْقِن، ديِّن خَيِّر،
حسن السَّمْت، جَمع بَيْنَ مَعْرِفَة المُتُوْنِ
وَالأَسَانِيْد، صَحِيْح القِرَاءة، متثبِّت مُحتَاط...،
إِلَى أَنْ قَالَ:
جَمع مَا لَمْ يَجْمَعْهُ غَيْرُهُ، وَأَرْبَى عَلَى
أَقرَانِهِ، دَخَلَ نَيْسَابُوْرَ قَبْلِي بِشَهْرٍ،
سَمِعْتُ مِنْهُ، وَسَمِعَ مِنِّي، وَسَمِعْتُ مِنْهُ
(مُعْجَمَه)، وَحصَّل لِي بِدِمَشْقَ نُسْخَةً مِنْهُ،
وَكَانَ قَدْ شَرَعَ فِي (التَّارِيْخِ الكَبِيْرِ
لِدِمَشْقَ)، ثُمَّ كَانَتْ كُتُبُه تَصِلُ إِلَيَّ،
وَأُنفذُ جَوَابَهَا (2) .
سَمِعْتُ الحَافِظُ عَلِيّ بن مُحَمَّد يَقُوْلُ: سَمِعْتُ
الحَافِظُ (3) أَبَا مُحَمَّدٍ المُنْذِرِيّ يَقُوْلُ:
سَأَلت شَيْخنَا أَبَا الحَسَنِ عَلِيّ بن المُفَضَّلِ
الحَافِظ عَنْ أَرْبَعَة تَعَاصرُوا، فَقَالَ: مَنْ هُم؟
قُلْتُ: الحَافِظ ابْن عَسَاكِرَ، وَالحَافِظ ابْن نَاصِر.
فَقَالَ: ابْنُ عَسَاكِرَ أَحْفَظ.
قُلْتُ: ابْنُ عَسَاكِرَ وَأَبُو مُوْسَى المَدِيْنِيُّ؟
قَالَ: ابْنُ عَسَاكِرَ.
قُلْتُ: ابْنُ عَسَاكِرَ وَأَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ؟
فَقَالَ: السِّلَفِيّ شَيْخنَا، السِّلَفِيُّ شَيْخنَا (4)
.
قُلْتُ: لَوَّحَ بِأَنَّ ابنَ عَسَاكِرَ أَحْفَظ، وَلَكِن
تَأَدَّبَ مَعَ شَيْخِهِ، وَقَالَ لفظاً
__________
(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1333.
(2) انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1330.
(3) لفظ " الحافظ " سقط من ترجمة " سير النبلاء " الموجودة
في كتاب " ابن عساكر ".
(4) انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1333، وطبقات " السبكي 7 /
220.
(20/567)
مُحْتَمَلاً أَيْضاً لِتفْضِيْلِ أَبِي
طَاهِرٍ - فَاللهُ أَعْلَمُ -.
وَبَلَغَنَا أَنَّ الحَافِظ عَبْد الغَنِيِّ المَقْدِسِيَّ
بَعْد مَوْتِ ابْن عَسَاكِرَ نَفَّذ (1) مَنِ اسْتَعَار
لَهُ شَيْئاً مِنْ (تَارِيْخِ دِمَشْقَ)، فَلَمَّا طَالعه،
انْبَهَرَ لِسعَة حِفْظ ابْن عَسَاكِرَ، وَيُقَالُ: نَدِمَ
عَلَى تَفويت السَّمَاع مِنْهُ، فَقَدْ كَانَ بَيْنَ ابْن
عَسَاكِرَ وَبَيْنَ المَقَادِسَةِ وَاقِعٌ - رَحِمَ اللهُ
الجَمِيْع -.
وَلأَبِي عَلِيٍّ الحُسَيْن بن عَبْدِ اللهِ بنِ رَوَاحَة
يَرْثِي الحَافِظ ابْن عَسَاكِرَ (2) :
ذَرَا السَّعْيَ فِي نَيلِ العَلَى وَالفَضَائِل ... مَضَى
مَنْ إِلَيْهِ كَانَ شدُّ الرَّوَاحِلِ
وَقُولاَ لِسَارِي البَرْقِ: إِنِّيْ نَعَيتُه (3) ...
بِنَارِ أَسَىً أَوْ دَمْعِ سُحْبٍ هَوَاطلِ
وَمَا كَانَ إِلاَّ البَحْرَ غَارَ وَمَنْ يُرِدْ ...
سَوَاحِلَهُ لَمْ يَلْقَ غَيْرَ جَدَاوِلِ
وَهَبْكُمْ رَوَيتُم عِلْمَه عَنْ رُوَاته ... وَلَيْسَ
(4) عَوَالِي صَحبِه بِنَوازِلِ
فَقَدْ فَاتَكُم نورُ الهُدَى بِوَفَاتِهِ ... وَعزُّ
التُّقَى (5) مِنْهُ وَنُجْحُ الوَسَائِلِ
__________
(1) غيرها في كتاب " ابن عساكر " ص 40 إلى " أنفذ ".
(2) الابيات ضمن قصيدة طويلة في رثاء ابن عساكر في ترجمة
الحسين بن عبد الله بن رواحة الأنصاري في " معجم الأدباء "
10 / 48 - 55.
(3) في " معجم الأدباء ": فقولا..معينة.
(4) في " معجم الأدباء ": فليس.
(5) في " معجم الأدباء ": ونور التقى.
(20/568)
خَلتْ سُنَّةُ المُخْتَارِ مِنْ ذَبِّ
نَاصِرٍ ... فَأَقْرَبُ مَا نَخشَاهُ بِدعَة خَاذِلِ (1)
نَحَا (2) لِلإِمَامِ الشَّافِعِيِّ مَقَالَةً ...
فَأَصْبَح شَافِي عَيِّ كُلِّ مُجَادِلِ (3)
وَسدَّ مِنَ التَّجسيمِ بَابَ ضَلاَلَةٍ ... وَردَّ مِنَ
التَّشبيه شُبهَةَ بَاطِلِ
قُتل نَاظمُهَا عَلَى عكَا، سَنَة خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ.
وَمِنْ نَظْمِ الحَافِظِ أَبِي القَاسِمِ:
أَلاَ إِنَّ الحَدِيْث أَجَلُّ علمٍ ... وَأَشرفُه
الأَحَادِيْث العَوَالِي
وَأَنفعُ كُلُّ نوعٍ مِنْهُ عِنْدِي ... وَأَحْسَنُه
الفَوَائِدُ وَالأَمَالِي (4)
فَإِنَّكَ لَنْ تَرَى لِلْعِلْمِ شَيْئاً ... تُحَقِّقُه
كَأَفْوَاهِ الرِّجَالِ
فَكُنْ - يَا صَاحِ - ذَا حِرْصٍ عَلَيْهِ ... وَخُذهُ
عَنِ الشُّيُوْخِ بِلاَ مَلاَلِ
وَلاَ تَأْخُذْه مِنْ صُحُفٍ فَتُرمَى ... مِنَ التَّصحيفِ
بِالدَّاءِ العُضَالِ (5)
وَلَهُ:
أَيَا نَفُْس - وَيْحَكِ - جَاءَ المَشِيْب ... فَمَا ذَا
التَّصَابِي وَمَا ذَا الغَزَلْ
__________
(1) في " معجم الأدباء ": فأيسر ما لاقته بدعة جاهل.
(2) كذا الأصل، وفي " معجم الأدباء ": نما، بالميم بعد
النون.
(3) في " معجم الأدباء ": فأصبح يثني عنه كل مجادل.
(4) في " وفيات الأعيان ": الفرائد في الامالي.
وفي " مرآة الجنان ": الفوائد في الامالي.
(5) الابيات في " وفيات الأعيان " 3 / 310، و" مرآة الجنان
" 3 / 294، و" شذرات الذهب " 4 / 399، 340.
(20/569)
تَولَّى شَبَابِي كَأَنْ لَمْ يَكُنْ ...
وَجَاءَ مَشِيبِي كَأَنْ لَمْ يَزَلْ
كَأَنِّيْ بِنَفْسِي عَلَى غِرَّةٍ ... وَخَطْبُ
المَنُوْنِ بِهَا قَدْ نَزلْ
فَيَا لَيْتَ شِعْرِي مِمَّنْ (1) أَكُوْن ... وَمَا قدَّر
اللهُ لِي فِي الأَزَلْ (2)
وَلابْنِ عَسَاكِر شِعْرٌ حسن يُملِيه عَقِيب كَثِيْرٍ
مِنْ مَجَالِسه، وَكَانَ فِيْهِ انجمَاع عَنِ النَّاس،
وَخَير، وَتَركٌ لِلشهَادَاتِ عَلَى الحُكَّام وَهَذِهِ
الرعونَات.
تُوُفِّيَ: فِي رَجَبٍ، سَنَة إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ، لَيْلَة الاثْنَيْن، حَادِي عشر
الشَّهْر، وَصَلَّى عَلَيْهِ القُطْب النَّيْسَابُوْرِيّ
(3) ، وَحضره السُّلْطَان صَلاَح الدِّيْنِ، وَدُفن عِنْد
أَبِيْهِ بِمَقْبَرَة بَاب الصَّغِيْر.
أَخْبَرَنَا الإِمَامُ أَبُو الحُسَيْنِ (4) عَلِيُّ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ اليُوْنِيْنِيّ بِبَعْلَبَكَّ
سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ، أَخْبَرَنَا القَاضِي عَبْد
الوَاحِدِ بن أَحْمَدَ بنِ أَبِي المَضَاءِ فِي سَنَةِ
سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ بقِرَاءة الحَافِظ
أَبِي مُوْسَى المَقْدِسِيّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ الشَّافِعِيّ إِمْلاَءً
بِبَعْلَبَكَّ سَنَة إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ
مائَةٍ، أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ
بِأَصْبَهَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ أَحْمَدُ بنُ
مَحْمُوْدٍ الثَّقَفِيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ
مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ
الحَسَنِ بنِ قُتَيْبَةَ، وَمُحَمَّد بن الفَيْضِ،
وَالحُسَيْن بن عَبْدِ اللهِ الرَّقِّيّ، قَالُوا:
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ هِشَامِ بنِ يَحْيَى
الغَسَّانِيّ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عُرْوَةَ بنِ
رُوَيْم
__________
(1) في معجم الأدباء: فيمن.
(2) الابيات في " وفيات الأعيان " 3 / 310، و" مرآة الجنان
" 3 / 394، و" البداية والنهاية " 12 / 294، وهي ما عدا
البيت الثالث في " الخريدة " 1 / 274، و" معجم الأدباء "
13 / 86، و" مرآة الزمان " 8 / 214، و" النجوم الزاهرة " 6
/ 77، والاول والرابع في " طبقات " الاسنوي 2 / 217.
(3) المتوفى سنة 578 ه، ستأتي ترجمته في الجزء الحادي
والعشرين.
(4) تحرف في كتاب " ابن عساكر " إلى " أبو الحسن "، وهو
مترجم في " مشيخة " الذهبي ورقة 99.
(20/570)
اللَّخْمِيّ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ،
عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-: (مَنْ كَانَ ذَا وُصلَةٍ لأَخِيْهِ المُسْلِمِ
إِلَى ذِي سُلْطَانٍ فِي تَبْلِيْغِ بِرٍّ أَوْ تَيْسِيْرِ
عَسِيْرٍ، أَعَانَهُ اللهُ عَلَى إِجَازَةِ الصِّرَاطِ
يَوْمَ دَحْضِ الأَقْدَامِ (1)).
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ
بِقِرَاءتِي، أَخْبَرَنَا زَين الأُمَنَاءِ الحَسَن بن
مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا عَمِّي الحَافِظُ أَبُو القَاسِمِ
عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ
النَّسِيْب، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
التَّمِيْمِيّ، أَخْبَرَنَا يُوْسُفُ بنُ القَاسِمِ
المَيَانَجِيّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ
التَّمِيْمِيّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ حَاتِمٍ
الطَّوِيْل، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ
عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
كَانَ إِذَا اشْتَكَى، قَرَأَ عَلَى نَفْسِهِ
بِالمُعَوِّذَاتِ، وَنفث، أَوْ نُفث (2) عَلَيْهِ.
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (3) .
أَمَا أَحْمَد بن حَاتِمِ بنِ مَخْشِي (4) ، عَنْ مَالِكٍ،
فَشيخ بَصْرِيّ، وَأَمَّا الطَّوِيْل فَبَغْدَادِيّ.
__________
(1) إسناده تالف، إبراهيم بن هشام كذبه أبو حاتم وأبو
زرعة، وقال المؤلف في " ميزان الاعتدال " 4 / 378: هو أحد
المتروكين الذين مشاهم ابن حبان فلم يصب، وأبوه لا يعرف،
وأخرجه ابن حبان في صحيحه (520) من طريق إبراهيم بن هشام
بهذا الإسناد، وأورده السيوطي في " الجامع الكبير " ص 824،
وزاد نسبة للخرائطي في " مكارم الاخلاق " وابن عساكر.
(2) في الأصل: تفث، بالتاء أوله، وهو خطأ.
(3) أخرجه البخاري (4439) (5016) و(5735) و(5751) ومسلم
(2192)، وهو في " الموطأ " 2 / 942 - 943.
(4) بالميم أوله، وتحرف في كتاب " ابن عساكر " ص 42 إلى "
يخشى ".
انظر " الجرح والتعديل " 2 / 48.
(20/571)
355 - ابْنُ شَافِعٍ أَبُو الفَضْلِ
أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ الجِيْلِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُفِيْدُ، مُحَدِّثُ بَغْدَادَ،
أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ صَالِحِ بنِ شَافع بن صَالِحِ
بنِ حَاتِمٍ الجِيْلِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ،
المُعَدَّلُ.
وُلِدَ: سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمَّعَهُ أَبُوْهُ مِنْ: أَبِي غَالِبٍ ابْنِ
البَنَّاءِ، وَهِبَة اللهِ بن الطَّبرِ، وَهِبَة اللهِ بن
عَبْدِ اللهِ الشُّرُوْطِيّ، وَالقَاضِي أَبِي بَكْرٍ،
وَبدر الشِّيْحِيّ.
ثُمَّ طلب هُوَ بِنَفْسِهِ، وَتَلاَ بِالرِّوَايَات عَلَى
أَبِي مُحَمَّدٍ سِبْط الخَيَّاط، وَلاَزَمَ الحَدِيْث،
فَأَكْثَر مِنْهُ، وَاقتفَى أَثر ابْن نَاصِر، وَحذَا
حذوهُ، وَتَخَرَّجَ بِهِ، وَاسْتملَى لَهُ، ثُمَّ كَانَ
قَارِئ الحَدِيْث بِمَجْلِس ابْن هُبَيْرَةَ الوَزِيْر.
وَكَانَ مَلِيْح الخَطِّ، مُتْقِناً، وَرِعاً، دَيِّناً،
عَلَى سمت السَّلَف، علق (تَارِيخاً) عَلَى السِّنِيْنَ
مَا بَيَّضَه.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ الأَخْضَر، وَالحَافِظُ عَبْدُ
الغَنِيِّ، وَالشَّيْخُ المُوَفَّقُ.
قَالَ المُوَفَّق: إِمَام، ثِقَة، حَافِظ، إِمَام فِي
السُّنَّةِ، يَقرَأُ قِرَاءة مليحَة بِصَوْت رفِيع (1) .
وَقَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: كَانَ حَافِظاً، حُجَّة،
ثَبْتاً، وَرِعاً، سنيّاً، صَحِيْح النَّقْل.
وَقِيْلَ: كَانَ ذَا حلم، وَسُؤْدُد، وَصِفَات حَمِيدَة
(2) .
__________
(*) المنتظم 10 / 230 - 231، الكامل 11 / 359، المختصر
المحتاج إليه 1 / 183، العبر 4 / 190، الوافي بالوفيات 6 /
421، 422، ذيل طبقات الحنابلة 1 / 311 - 313، كشف الظنون:
279، شذرات الذهب 4 / 215، إيضاح المكنون 1 / 212، هدية
العارفين 1 / 86.
(1) انظر " طبقات " ابن رجب 1 / 312.
(2) انظر " طبقات " ابن رجب 1 / 312.
(20/572)
مَاتَ: فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ خَمْسٍ
وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، كَهْلاً -رَحِمَهُ اللهُ-.
ذَيَّل عَلَى (تَارِيْخ الخَطِيْبِ) عَلَى السِّنِيْنَ
إِلَى بَعْد السِّتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، فَذَكَرَ
الحوَادثَ وَالوَفِيَّات.
قَالَ عُمَرُ بنُ عَلِيٍّ القُرَشِيّ: هُوَ أَحَد
العُلَمَاء الأَثْبَاتِ، كتب الكَثِيْر، وَنَال رِئَاسَةً
مَعَ علمٍ وَدينٍ وَتثبُّت وَإِتْقَان -رَحِمَهُ اللهُ-.
356 - أَبُو الخَيْرِ عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ مُحَمَّدِ
بنِ أَحْمَدَ الأَصْبَهَانِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، العَالِمُ الكَبِيْر، أَبُو
الخَيْرِ عَبْد الرَّحِيْمِ بن مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ
حَمْدَانَ بن مُوْسَى الأَصْبَهَانِيُّ.
وُلِدَ: فِي صَفَرٍ، سَنَةَ خَمْسِ مائَةٍ.
وَرَوَى عَنْ: غَانِم البَرْجِيّ، وَأَبِي عَلِيٍّ
الحَدَّادِ، وَجَعْفَر الثَّقَفِيّ، وَعَبْد الوَاحِدِ بن
مُحَمَّدٍ الدَّشْتَج، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ الوَاحِدِ
الدَّقَّاق، وَطَبَقَتهِم، وَفِي الرّحلَة مِنِ: ابْنِ
الحُصَيْن، وَأَبِي العِزِّ بن كَادِشٍ، وَخَلْقٍ.
ثُمَّ قَدِمَ بَغْدَادَ بَعْد السِّتِّيْنَ وَخَمْسِ
مائَةٍ، وَأَملَى بِجَامِع القَصْر، اسْتملَى عَلَيْهِ
أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ الأَخْضَرِ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: سَأَلْتُ ابْنَ الأَخْضَر
عَنْهُ، فَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَوصفه بِالحِفْظ
وَالمَعْرِفَة، وَقَالَ: كَانُوا يُفضلونه عَلَى مَعْمَرِ
بن الفَاخِرِ.
ثُمَّ قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: كَانَ مِنْ حُفَّاظ
الحَدِيْث، سَمِعْتُ جَمَاعَةً
__________
(*) تذكرة الحفاظ 3 / 1321 - 1323، المستفاد من ذيل تاريخ
بغداد 159، 160، لسان الميزان 4 / 7، 8، طبقات الحفاظ 510،
شذرات الذهب 4 / 228.
(20/573)
يَقُوْلُوْنَ:
كَانَ يَحفظ (الصَّحِيْحَيْنِ)، وَكَانُوا يُفَضِّلُونه
عَلَى الحَافِظ أَبِي مُوْسَى فِي الحِفْظِ (1) .
قُلْتُ: حَدَّثَ عَنْهُ: الحَافِظ عَبْد الغَنِيِّ،
وَالشَّيْخ مُوَفَّق الدِّيْنِ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: أَخرج إِلَيَّ شَيْخنَا أَبُو
عَبْدِ اللهِ الحَنْبَلِيّ بِأَصْبَهَانَ محضراً فِي أَبِي
الخَيْرِ، وَفِيْهِ خطُّ إِسْمَاعِيْل بن مُحَمَّدِ بنِ
الفَضْل، وَأَبِي نَصْرٍ الغَازِي، وَمُحَمَّد بن أَبِي
نَصْرٍ اللَّفْتُوَانِيّ، وَكُوتَاه عَلَيْهِ، وَكلهُم
شَهِدُوا أَنَّهُ لاَ يُحْتَجّ بِنقله، وَلاَ يُقبل
قَوْلُه، وَلاَ يُوثَقُ بِهِ فِي ديَانتِهِ وَسُوء
سِيرَتِه.
وَقَرَأْتُ بِخَطِّ عُبَيْد اللهِ بن مُحَمَّدٍ
الخُجَنْدِيّ سُؤَالاً سَأَلُه الحَافِظَ أَبَا مُوْسَى
عَنْ إِجَازَات البَغْدَادِيِّيْنَ لِمَسْعُوْد
الثَّقَفِيّ، وَهُم الخَطِيْب، وَابْن المُهْتَدِي
بِاللهِ، وَابْن المَأْمُوْن، وَتَمَامُ العَشْرَة (2) ،
الَّذِيْنَ نَقلهُم عَبْد الرَّحِيْمِ بن مُوْسَى،
وَأَحَال عَلَى مَوَاضِع طُلبت، فَلَمْ تُوجد، وَتَكلّم
النَّاس فِي ذَلِكَ، وَسَأَلَهُ أَيْضاً عَنْ إِجَازَات
ابْن هَاجَرٍ، فَكَتَبَ مَا نصُّه:
اغْترت الأَغرَارُ بِهَذِهِ الإِجَازَات، وَضيَّعُوا
أَوقَاتَهُم فِي القِرَاءةِ بِهَا، وَبتسويف المدعِي لَهَا
بِإِظهَارهَا إِلَى أَنْ تحقّق بُطلاَنُهَا بَعْد طول
المُدَّة، وَالرُّجُوْعُ إِلَى الحَقِّ أَوْلَى، فَمَنْ
قَرَأَ عَلَى الرَّئِيْس مَسْعُوْدٍ بِإِجَازَةِ هَؤُلاَءِ
فَقَدْ ضلَّ سَعيُهُ، وَخَابَ أَملُهُ، وَقَدْ أَشْهَدَ
الرَّئِيْسُ عَلَى نَفْسِهِ بِبُطلاَنِ بَعْضِهَا (3) .
قَالَ الضِّيَاء: سَمِعْتُ الإِمَامَ عَبْدَ اللهِ
الجُبَّائِيَّ يَقُوْلُ:
كَانَ أَبُو الخَيْرِ يَحفظُ (صَحِيْحَ البُخَارِيِّ)
وَيَقُوْلُ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَقرَأَ الْمَتْن حَتَّى
أَقرَأَ لَهُ
__________
(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1321، 1322، و" المستفاد ":
159.
(2) في الأصل: عشرة. بدون أل التعريف. والمثبت من " تذكرة
الحفاظ ".
(3) انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1322 و" المستفاد " 159،
160.
(20/574)
الإِسْنَاد، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَقرَأَ
الإِسْنَاد حَتَّى أَقرَأَ الْمَتْن (1) .
وَقَرَأْت بِخَطِّ الشَّيْخ الضِّيَاء: سَمِعْتُ الإِمَام
مُحَمَّد بن أَبِي سَعِيْدٍ بِأَصْبَهَانَ يَقُوْلُ:
أَرْسَل إِلَيَّ وَلد الحَافِظ أَبِي العَلاَءِ مِنْ
هَمَذَان يَسْأَلنِي عَنْ أَبِي الخَيْرِ بن مُوْسَى: مَا
صَحَّ عِنْدَك فِيْهِ؟
فَأَرْسَلت إِلَيْهِ: عِنْدِي دَرْجٌ فِيْهِ جَرْحُه،
وَدَرْجٌ فِيْهِ تَعديلُه، وَالتَّعدِيلُ - وَاللهُ
أَعْلَمُ - أَقْرَبُ.
ثُمَّ قَالَ: لأَنَّه تَكَلَّمَ فِيْهِ الحَافِظُ أَبُو
مُوْسَى مِنْ أَجْل إِجَازَاتِ مَسْعُوْدٍ الثَّقَفِيِّ
(2) .
قُلْتُ: تُوُفِّيَ فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ ثَمَانٍ
وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
357 - الحَاجِّيُّ أَبُو مَسْعُوْدٍ عَبْدُ الرَّحِيْمِ
بنُ عَلِيِّ بنِ حَمْدٍ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الحَافِظُ، العَدْل، أَبُو
مَسْعُوْدٍ عَبْدُ الرَّحِيْمِ ابنُ أَبِي الوَفَاءِ
عَلِيِّ بنِ حَمْدِ بنِ عِيْسَى الأَصْبَهَانِيُّ،
الحَاجِّيُّ، سِبْطُ الشَّيْخ غَانِم البَرْجِيّ.
سَمِعَ مِنْ: جدّه غَانِم، وَأَبِي عَلِيٍّ الحَدَّادِ،
وَعَبْد الغَفَّارِ بن مُحَمَّدٍ الشِّيْرَوِيّ -
ارْتَحَلَ إِلَيْهِ - وَأَبِي القَاسِمِ بنِ الحُصَيْنِ،
وَأَبِي العِزِّ بن كَادِشٍ، وَعِدَّة.
وَعَنْهُ: السَّمْعَانِيّ، وَابْن عَسَاكِرَ (3) ، وَعَبْد
القَادِرِ الرُّهَاوِيّ، وَطَائِفَة. وَبِالإِجَازَة: ابْن
اللَّتِّيِّ، وَكَرِيْمَة الزُّبَيْرِيَّة.
__________
(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1322.
(2) انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1323.
(*) العبر 4 / 193، شذرات الذهب 4 / 217.
والحاجي بتشديد الجيم يطلقه الاعاجم على من حج. انظر حاشية
" الأنساب " 4 / 13.
(3) انظر " مشيخة " ابن عساكر: ق 111.
(20/575)
وَعَاشَ: بِضْعاً وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
قَالَ السَّمْعَانِيُّ: شَابّ كيس متودد، حَسَن
السِّيْرَةِ، لَهُ أُنسه بِالحَدِيْثِ، وَهُوَ أَحَد
الشُّهُود المُعدَّلين.
قُلْتُ: سَمِعَ مِنْهُ ابْن عَسَاكِرَ (المُعْجَم
الكَبِيْر) لِلطَّبَرَانِيِّ.
تُوُفِّيَ: فِي الثَّانِي وَالعِشْرِيْنَ مِنْ شَوَّال،
سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
358 - أَبُو رَشِيْدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ بنِ عَبْدِ
اللهِ الأَصْبَهَانِيُّ *
الشَّيْخُ الكَبِيْرُ، المُعَمَّرُ، عَبْدُ اللهِ بنُ
عُمَرَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ، أَبُو رَشِيْدٍ
الأَصْبَهَانِيُّ، مِنْ بَقَايَا أَصْحَاب الرَّئِيْس
الثَّقَفِيّ، وَأَحْمَد بن أَشْتَةَ.
عَاشَ: نَيِّفاً وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
تُوُفِّيَ: فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ أَرْبَعٍ
وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
أَجَازَ: لابْنِ اللَّتِّيّ، وَكَرِيْمَة.
وَسَمِعَ مِنْهُ أَحَادِيْث: ابْنُ نَظيف مُحَمَّد بن
مَحْمُوْدٍ الوَاعِظ الهَمَذَانِيّ، وَمُحَمَّد بن أَبِي
سَعِيْدٍ الأَدِيْب الأَصْبَهَانِيّ، وَمُحَمَّد بن
مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ المُقْرِئ، وَأَخُوْهُ؛
أَحْمَد، وَمُحَمَّد بن أَبِي الحَسَنِ القَصَّار،
وَالحُسَيْن بن الحَسَنِ الكَوْسَج الأَصْبَهَانِيون.
__________
(*) العبر 4 / 220، شذرات الذهب 4 / 248.
(20/576)
359 - البَرَوِيُّ أَبُو مَنْصُوْرٍ
مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ *
مُفْتِي الشَّافِعِيَّةِ، أَبُو مَنْصُوْرٍ (1) مُحَمَّدُ
بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سَعْدٍ (2) الفَقِيْهُ
الخُرَاسَانِيُّ، الوَاعِظُ، صَاحِبُ (التَّعْلِيقَةِ) فِي
الخِلاَفِ (3).
وَهُوَ أَكْبَرُ (4) أَصْحَابِ ابْنِ يَحْيَى (5) .
أَلَّفَ جَدَلاً مَشْهُوْراً، وَاشْتَغَلُوا بِهِ.
قَدِمَ بَغْدَادَ، وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِ كَثِيْراً،
فَمَاتَ بَعْدَ أَشهُرٍ فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ سَبْعٍ
وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَلَهُ خَمْسُوْنَ سَنَةً
(6) .
وَقَدْ درَّسَ بِالبَهَائِيَّةِ، وَكَانَ أَحَدَ
الأَذكيَاءِ.
__________
(*) المنتظم 10 / 239، الكامل 11 / 376، مرآة الزمان 8 /
182، 183، وفيات الأعيان 4 / 225، 226، المختصر المحتاج
إليه 1 / 116، العبر 4 / 200، الوافي بالوفيات 1 / 279،
280، مرآة الجنان 3 / 382، 383، طبقات السبكي 6 / 389 -
391، طبقات الاسنوي 1 / 260 - 263، البداية والنهاية 12 /
269، تاريخ ابن الفرات م 4 ج 1 / 206، شذرات الذهب 4 /
224.
البروي: ضبطها ابن خلكان بفتح الباء الموحدة والراء وبعدها
واو، قال: ولا أعلم هذه النسبة إلى أي شيء هي، ولا ذكرها
السمعاني، وغالب ظني أنها من نواحي طوس.
وضبطها ابن العماد بفتح الموحدة وتشديد الراء المضمومة
نسبة إلى برويه: جد.
فإن كانت نسبة إلى الجد فقد ذكرها السمعاني في " الأنساب "
2 / 177 (البرويي) ولم يذكر صاحب الترجمة.
وقد تحرفت هذه النسبة في " الكامل " إلى " البوري " وفي "
البداية " إلى " الدوي ".
(1) في " المنتظم " و" البداية ": أبو المظفر. وفي " العبر
" و" الشذرات ": أبو حامد.
(2) وقيل اسمه: محمد بن محمد بن أحمد بن إسماعيل كما في "
طبقات " السبكي 6 / 389، وفيه: ومنهم من قال: محمد بن محمد
بن محمد بن إسماعيل بن عبد الله.
(3) انظر عن هذه التعليقة " طبقات " الاسنوي 1 / 261.
(4) في الأصل " أكثر " مجودة، والصواب ما أثبتناه.
(5) وهو محمد بن يحيى الشافعي، تقدمت ترجمته برقم (208).
(6) انظر في سبب موته " الكامل " 11 / 376 و" مرآة الزمان
" 8 / 183 و" طبقات " السبكي 6 / 390، و" الوافي " 1 /
280.
(20/577)
360 - الجِبْرِيْلِيُّ أَبُو أَحْمَدَ
أَسَعْدُ بنُ بلدركَ بنِ أَبِي اللِّقَاءِ *
الشَّيْخُ، المُعَمَّرُ، أَبُو أَحْمَدَ أَسَعْدُ (1) بنُ
بلدرك بنِ أَبِي اللِّقَاءِ الجِبْرِيْلِيُّ، البَوَّابُ.
وُلِدَ: فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ سَبْعِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
سَمِعَ - وَهُوَ كَبِيْر - مِنْ: أَبِي الخَطَّابِ بن
الجَرَّاحِ، وَأَبِي الحَسَنِ بنِ العَلاَّفِ.
وَعَنْهُ: ابْنُ الأَخْضَرِ، وَالشَّيْخ المُوَفَّق،
وَالبَهَاء عَبْد الرَّحْمَنِ، وَمُحَمَّدُ بنُ
المَنِّيِّ، وَآخَرُوْنَ.
تُوُفِّيَ: فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ أَرْبَعٍ
وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
361 - ابْنُ العَصَّارِ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ
الرَّحِيْمِ السُّلَمِيُّ **
العَلاَّمَةُ، الأَدِيْبُ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ
عَبْدِ الرَّحِيْمِ بنِ الحَسَنِ السُّلَمِيُّ، ثُمَّ
العَبَّاسِيُّ، الرَّقِّيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ،
اللُّغَوِيُّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ (2) .
وُلِدَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي الغَنَائِمِ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ
بنِ المُهْتَدِي بِاللهِ، وَأَبِي العِزِّ بنِ كَادِشٍ.
__________
(*) العبر 4 / 219، البداية 12 / 301، شذرات الذهب 4 /
246.
(1) تحرف اسمه في " شذرات الذهب " إلى: أحمد بن أسعد.
(* *) معجم الأدباء 14 / 10، 11، الكامل 11 / 469، إنباه
الرواة 2 / 291، 292، العبر 4 / 229، 230، تلخيص ابن
مكتوم: 144، 145، الوافي خ 12 / 96، مرآة الجنان 3 / 405،
طبقات ابن قاضي شهبة 2 / 164، 165، بغية الوعاة 2 / 175،
شذرات الذهب 4 / 257.
(2) قال ياقوت: لا أعرف له مصنفا ولا سمعت له شعرا. " معجم
الأدباء " 14 / 11.
(20/578)
وَطَلَبَ الحَدِيْثَ، وَقرَأَ كَثِيْراً.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو الفُتُوْحِ بنُ الحُصْرِيِّ،
وَغَيْرهُ.
وَكَانَ عَجَباً فِي اللُّغَة، ثَبْتاً فِي النَّقلِ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: لَمْ يَكُنْ لَهُ عيب سِوَى
تَقنِيطِه عَلَى نَفْسِهِ، وَلَهُ فِي ذَلِكَ حِكَايَاتٌ،
وَخَلَّفَ مَالاً طَائِلاً.
قُلْتُ: أَخَذَ عَنْ أَبِي مَنْصُوْرٍ بنِ
الجَوَالِيْقِيِّ، وَبِمِصْرَ عَنْ صَاحِب الإِنشَاءِ
أَبِي الحَجَّاجِ يُوْسُفَ بنِ الخَلاَّلِ.
وَكَانَ مَلِيْحَ الخَطِّ، أَنِيقَ الضَّبْطِ، سَافرَ فِي
التِّجَارَةِ، ثُمَّ تَصَدَّرَ لِلإِفَادَةِ، وَأَقرَأَ
كتب الأَدب، وَلَهُ مَعْرِفَةٌ قَوِيَّةٌ بِالنَّحْوِ،
وَكَانَ يَأْخذُ بِمِصْرَ النَّحْوَ عَنِ ابْنِ بَرِّيٍّ
(1) ، وَكَانَ ابْنُ بَرِّيٍّ يَسْتَفِيدُ مِنْهُ
اللُّغَةَ، وَكَانَ يَحفظُ مِنْ أَشعَارِ العَرَبِ مَا لاَ
يُوْصَفُ.
وَهُوَ خَالُ المُحَدِّثِ أَحْمَدَ بنِ طَارِقٍ
الكَرْكِيِّ (2) .
مَاتَ: فِي ثَالِثِ المُحَرَّمِ، سَنَةَ سِتٍّ
وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَفِيْهَا مَاتَ: السِّلَفِيُّ (3) ، وَأَبُو الضِّيَاءِ
بَدْرٌ الجذَادَاذِي (4) رَاوِي (الصَّحِيْح)، وَشَمْس
الدَّوْلَة تُوْرَانْشَاه (5) بنُ أَيُّوْبَ، وَأَبُو
المَفَاخِرِ سَعِيْدُ بنُ
__________
(1) المتوفى سنة 582 ه، ستأتي ترجمته في الجزء الحادي
والعشرين.
(2) المتوفى سنة 592 ه، ستأتي ترجمته في الجزء الحادي
والعشرين برقم (144).
(3) ستأتي ترجمته في الجزء الحادي والعشرين برقم (1).
(4) لم أجد هذه النسبة ولا صاحبها.
(5) ستأتي ترجمته في الجزء الحادي والعشرين برقم (9).
(20/579)
الحُسَيْنِ المَأْمُوْنِيُّ (1) ، وَأَبُو
المَعَالِي عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ
صَابِرٍ (2) ، وَعَبْدُ الجَبَّارِ بنُ يَحْيَى بنِ
الأَعْرَابِيِّ، وَأَبُو الفَهْمِ عَبْد الرَّحْمَنِ بن
عَبْدِ العَزِيْزِ بن أَبِي العَجَائِزِ (3) ، وَغَازِي بن
مَوْدُوْدٍ صَاحِب المَوْصِل (4) ، وَأَبُو العِزِّ
مُحَمَّد بن مُحَمَّدِ بنِ مَوَاهِبَ بنِ الخُرَاسَانِيِّ
(4).
362 - الحَظِيْرِيُّ أَبُو المَعَالِي سَعْدُ بنُ عَلِيِّ
بنِ قَاسِمٍ *
الأَنْصَارِيُّ، الوَرَّاقُ، الشَّاعِرُ، عُرفَ بِدَلاَّلِ
الكُتُبِ.
صَنّفَ كِتَابَ (زِيْنَةِ الدَّهْرِ، وَعُصْرَةِ أَهْلِ
العَصْرِ) ذَيَّل بِهِ عَلَى (دُمْيَةِ القَصْرِ)
لِلْبَاخَرْزِيِّ، وَلَهُ كِتَاب (لمح المُلح (5)) يَدلّ
عَلَى سعَة اطِّلَاعه.
__________
(1) مترجم في " العبر " 4 / 229، و" حسن المحاضرة " 1 /
375 وفيه سعد، و" شذرات الذهب " 4 / 257.
(2) ستأتي ترجمته في الجزء الحادي والعشرين برقم (40).
(3) ستأتي ترجمته في الجزء الحادي والعشرين برقم (41).
(4) ستأتي ترجمته في الجزء الحادي والعشرين برقم (30).
(*) الخريدة (القسم الرابع) 1 / 28، المنتظم 10 / 241،
242، معجم الأدباء 11 / 194 - 197، وفيات الأعيان 2 / 366
- 368، الوافي بالوفيات 15 / 169 - 176، النجوم الزاهرة 6
/ 68، مفتاح السعادة 1 / 263، كشف الظنون: 121، خزانة
البغدادي 3 / 118، هدية العارفين 1 / 384، الفهرس التمهيدي
271، تاريخ بروكلمان 5 / 13، 14.
(5) قال الصفدي: وهو كتاب جمع فيه ما وقع لغيره من الجناس
نظما ونثرا.
انظر نسخه الخطية في " تاريخ " بروكلمان 5 / 14 (النسخة
العربية)، وانظر فيه كتاب " الاعجاز في الاحاجي والالغاز "
له، ونشر منه اثنا عشر لغزا ملحقة بكتاب محمد شكري المكي:
" شرح اللفظ اللائق في المعنى الرائق " لأبي بكر شهاب
الدين أحمد بن هارون، المطبوع في القاهرة سنة 1318 ه.
قال الصفدي: وله " ديوان " صغير الحجم إلا أن أكثره مصنوع
مجدول تقرأ القصيدة منه على عدة وجوه.
ثم أورد بعض نظمه، انظر " الوافي " 15 / 170 - 176، وانظر
" وفيات الأعيان " 2 / 366 - 368.
(20/580)
تُوُفِّيَ: فِي صَفَرٍ، سَنَة ثَمَانٍ
وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، بِبَغْدَادَ.
وَالحَظِيْرَةُ: مَحلَّة فَوْقُ بِبَغْدَادَ.
363 - ابْنُ الدَّهَّانِ سَعِيْدُ بنُ المُبَارَكِ بنِ
الدَّهَّانِ البَغْدَادِيُّ *
العَلاَّمَةُ، أَبُو مُحَمَّدٍ سَعِيْدُ بنُ المُبَارَكِ
بنِ الدَّهَّانِ البَغْدَادِيُّ، النَّحْوِيُّ، صَاحِبُ
التَّصَانِيْفِ.
وُلِدَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ - وَهُوَ كَبِيْر - مِنِ: ابْنِ الحُصَيْن،
وَأَبِي غَالِبٍ ابْنِ البَنَّاءِ.
وَشَرَحَ (الإِيضَاحَ) لأَبِي عَلِيٍّ فِي ثَلاَثَة
وَأَرْبَعِيْنَ مُجَلَّداً، وَشَرَحَ (اللُّمَعَ (1)).
ثُمَّ نَزَلَ المَوْصِلَ، وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِ،
وَبَالَغَ الجَوَادُ (2) فِي إِكرَامِه، وَقرَّر لَهُ.
قَالَ القِفْطِيُّ (3) : ذهب إِلَى أَصْبَهَانَ، وَاستفَاد
مِنْ كتبهَا، وَقَدْ غرقت
__________
(*) الخريدة 1 / 82، 83، معجم الأدباء 11 / 219 - 223،
إنباه الرواة 2 / 47 - 51، وفيات الأعيان 2 / 382 - 385،
إشارة التعيين: 20، العبر 4 / 207، تلخيص ابن مكتوم: 77،
مسالك الابصار ج 4 م 2 / 255، نكت الهميان: 158، 159، مرآة
الجنان 3 / 390، طبقات ابن قاضي شهبة 1 / 352 - 354،
النجوم الزاهرة 6 / 72، بغية الوعاة 1 / 587، طبقات
المفسرين للداوودي 1 / 183، 184، كشف الظنون: 72، 116،
212، 438، 752، 872، 960، 1156، 1212، 1265، 1438، 1563،
1630، 1977، شذرات الذهب 4 / 233، الفلاكة والمفلوكين 126،
127، روضات الجنات 314، 315، هدية العارفين 1 / 391، تاريخ
بروكلمان 5 / 169، 170 (النسخة العربية).
(1) لابن جني شرحا كبيرا في مجلدين، وسماه " الغرة ".
قال ابن خلكان: ولم أر مثله مع كثرة شروح هذا الكتاب: "
وفيات الأعيان " 2 / 382.
(2) أبو جعفر الأصبهاني الوزير، تقدمت ترجمته برقم (236).
(3) في " إنباه الرواة " 2 / 47، 48.
(20/581)
كتبه بِبَغْدَادَ فِي غَيبتِه، ثُمَّ
نُقِلَتْ إِلَيْهِ إِلَى المَوْصِل، فَشرع فِي تَبخيرهَا
بِاللاَّذن ليقْطع رِيْحَهَا الرَّدِيْءَ، فَطَلَعَ ذَلِكَ
إِلَى رَأْسِهِ، وَأَحَدثَ لَهُ العَمَى.
وَلَهُ كِتَابُ (سَرِقَات المُتَنَبِّي) مُجَلَّد،
وَكِتَاب (التَّذْكِرَة) سَبْع مُجَلَّدَاتٍ (1) .
قَالَ العِمَاد الكَاتِب: هُوَ سِيْبَوَيْه عَصرِهِ،
وَوحيدُ دَهْرِهِ، لَقِيْتُهُ وَكَانَ حِيْنَئِذٍ يُقَالُ:
نُحَاةُ بَغْدَادَ أَرْبَعَةٌ: ابْنُ الجَوَالِيْقِيّ (2)
، وَابْنُ الشَّجَرِيِّ (3) ، وَابْن الخَشَّاب (4) ،
وَابْن الدَّهَّانِ (5) .
قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: لَقبه نَاصِح الدِّيْنِ،
تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ (6)
.
364 - عَبْدُ النَّبِيِّ ابنُ المَهْدِيِّ عَلِيِّ بنِ
مَهْدِيٍّ *
كَانَ أَبُوْهُ قَدْ وَعظَ، وَاشْتَغَل، وَدَعَا إِلَى
نَفْسِهِ، وَجَرَتْ لَهُ أُمُوْر،
__________
(1) انظر بقية مصنفاته في " إنباه الرواة " 2 / 50، و"
معجم الأدباء " 11 / 221، 222، و" وفيات الأعيان " 2 /
382، و" هدية العارفين " 1 / 391.
وانظر " تاريخ " بروكلمان 5 / 170 (النسخة العربية).
(2) تقدمت ترجمته برقم (50).
(3) تقدمت ترجمته برقم (126).
(4) تقدمت ترجمته برقم (337).
(5) انظر " إنباه الرواة " 2 / 51.
(6) انظر " وفيات الأعيان " 2 / 383 ولم أجد فيه قوله:
لقبه ناصح الدين.
(*) الكامل 11 / 396 (حوادث سنة 569)، مفرج الكروب: 238 -
243، المختصر 3 / 54، العبر 4 / 207، تتمة المختصر 2 /
126، مرآة الجنان 3 / 390، البداية والنهاية 12 / 273،
274، النجوم الزاهرة 6 / 69 و72، شذرات الذهب 4 / 234،
بلوغ المرام: 18.
(20/582)
وَغلبَ عَلَى اليَمَنِ، وَعسف وَظلم،
وَفجر، وَشقَّق بُطُوْن الحبالَى، وَتَمرَّد عَلَى اللهِ،
وَكَانَ مِنْ دُعَاة البَاطِنِيَّة، فَقصمه الله سَنَةَ
نَيِّفٍ وَخَمْسِيْنَ (1) .
فَقَامَ بَعْدَهُ عَبْد النَّبِيّ هَذَا، فَفَعَل
كَأَبِيْهِ، وَسبَى الحرِيْم، وَتزَنْدَق، وَبَنَى عَلَى
قَبْر أَبِيْهِ المَهْدِيّ قُبَّة عَظِيْمَة، وَزخرفهَا،
وَعَمِلَ أَسْتَار الحَرِيْر عَلَيْهَا وَقَنَادِيْل
الذَّهَبِ، وَأَمر النَّاس بِالحَجّ إِلَيْهَا، وَأَنْ
يَحمِلَ كُلُّ أَحَدٍ إِلَيْهَا مَالاً، وَلَمْ يَدَعْ
أَحَدٌ زِيَارَتَهَا (2) إِلاَّ وَقَتَلَهُ، وَمَنَعهُم
مِنْ حَجَّ بَيْت الله، فَتَجَمَّع بِهَا أَمْوَال لاَ
تُحصَى، وَانهمك فِي الفوَاحش إِلَى أَنْ أَخَذَهُ الله
عَلَى يَد شَمْسِ الدَّوْلَةِ (3) أَخِي السُّلْطَان
صَلاَح الدِّيْنِ، عذَّبه، ثُمَّ قَتَلَهُ، وَأَخَذَ
خَزَائِنه، فَلله الْحَمد عَلَى مصرع هَذَا الزِّنْدِيْق،
وَكَانَ ذَلِكَ فِي قرب سَنَة سَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ،
فَإِنَّ مُضِيَّ شَمْس الدَّوْلَةِ تُوْرَانَ شَاه إِلَى
اليَمَنِ وَأَخْذِهَا كَانَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ
وَسِتِّيْنَ، فَأَسر هَذَا المُجرمَ، وَشَنَقَهُ،
وَتَملَّكَ زَبِيْدَ وَعَدَنَ وَصَنْعَاءَ (4) .
وَلِعَبْدِ النَّبِيِّ أَخْبَارٌ فِي الجَبَرُوْتِ
وَالعُتُوِّ - فَلاَ رَحِمَهُ اللهُ -.
365 - الطَّاهِرِيُّ أَبُو المَكَارِمِ مُحَمَّدُ بنُ
أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ *
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ، أَبُو المَكَارِمِ مُحَمَّدُ بنُ
أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ
عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ طَاهِرِ بنِ
الحُسَيْنِ الخُزَاعِيُّ، الحَرِيْمِيُّ.
سَمِعَ: الحُسَيْن ابْن البُسْرِيِّ، وَشُجَاعاً
الذُّهْلِيّ، وَأَبَا العِزِّ بن المُخْتَارِ، وَعِدَّةٍ.
__________
(1) وقد تقدمت ترجمته برقم (214) وذكر وفاته سنة أربع
وخمسين وخمس مئة.
(2) في الأصل: زياتها.
(3) ستأتي ترجمته في الجزء الحادي والعشرين برقم (9).
(4) انظر " الكامل " 11 / 396 - 399، و" البداية " 12 /
273، 274.
(*) لم نعثر على مصدر ترجمه.
(20/583)
وَعَنْهُ: ابْنُ الأَخْضَر، وَأَحْمَد بن
البَنْدَنِيْجِيّ، وَابْن السَّمْعَانِيّ.
وَكَانَ مِنْ أَعيَان التُّجَّار.
حَدَّثَ بِخُرَاسَانَ، وَرَوَى عَنْهُ الشَّيْخ
المُوَفَّق.
تُوُفِّيَ: فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَة ثَمَانٍ
وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
366 - ابْنُ النِّعْمَةِ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ
خَلَفٍ الأَنْصَارِيُّ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، ذُو الفُنُوْنِ، أَبُو الحَسَنِ
عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ خَلَفِ بن مُحَمَّدِ بنِ
النِّعْمَةِ الأَنْصَارِيُّ، الأَنْدَلُسِيُّ،
المَرِيِّيُّ، شَيْخُ بَلَنْسِيَةَ.
أَخَذَ عَنِ: الإِمَامِ أَبِي الحَسَنِ بنِ شَفِيْعٍ،
وَعَبَّاد بن سَرْحَانَ.
وَقَدِمَ بِهِ أَبُوْهُ إِلَى بَلَنْسِيَة سَنَة سِتٍّ
وَخَمْسِ مائَةٍ، فَتلاَ بِهَا عَلَى مُوْسَى بن خَمِيْس،
وَاختص بِهِ، وَرَوَى عَنْ: أَبِي بَحْر بن العَاصِ،
وَخُلَيْص بن عَبْدِ اللهِ.
وَتَفَقَّهَ بقُرْطُبَة عَلَى أَبِي الوَلِيْدِ بنِ
رُشْدٍ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ الحَاجِّ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي مُحَمَّدٍ بنِ عَتَّاب، وَأَبِي
عَلِيٍّ بنِ سُكَّرَةَ، وَعِدَّة.
تَصَدَّرَ لإِقْرَاء القِرَاءات وَالفِقْه وَالنَّحْو
وَالحَدِيْث.
قَالَ الأَبَّار: كَانَ عَالِماً، مُتْقِناً، حَافِظاً
لِلْفقه وَالتَّفَاسِيْر وَمَعَانِي الآثَار، مقدَّماً فِي
عِلمِ اللِّسَان، فَصِيْحاً، مُفَوَّهاً، وَرِعاً،
فَاضِلاً، مُعَظَّماً، لَيِّنَ
__________
(*) بغية الملتمس: 424، معجم ابن الابار: 298، 299، تكملة
الصلة: 669، العبر 4 / 198، مرآة الجنان 3 / 382، غاية
النهاية 1 / 553، النجوم الزاهرة 6 / 66، بغية الوعاة 2 /
171، طبقات المفسرين للسيوطي: 23، 24، طبقات المفسرين
للداوودي 1 / 407، 408، نيل الابتهاج: 200، شذرات الذهب 4
/ 223، إيضاح المكنون 2 / 28، هدية العارفين 1 / 700.
(20/584)
الجَانبِ، وَلِي الشُّوْرَى وَخِطَابَةَ
بَلَنْسِيَة مُدَّة، وَانتهت إِلَيْهِ رِئَاسَة الإِقْرَاء
وَالفَتْوَى، لَهُ كِتَاب (رَيِّ الظَّمْآن) فِي تَفْسِيْر
القُرْآن، كَبِيْر، وَ(شرح سُنَن النَّسَائِيّ)، بَلغَ
فِيْهِ الغَايَة مِنَ الاحْتِفَال وَالإِكثَار،
وَأَخْبَرَنَا عَنْهُ جَمَاعَة، وَهُوَ خَاتِمَة
العُلَمَاءِ بِشرقِ الأَنْدَلُس.
تُوُفِّيَ: فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ (1) ، فِي عَشْرِ الثَّمَانِيْنَ
-رَحِمَهُ اللهُ-.
367 - البَيْهَقِيُّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ زَيْدِ
بنِ أَمِيْرَكَ *
الوَزِيْرُ، العَلاَّمَةُ، ذُو التَّصَانِيْفِ، شَرَفُ
الدِّيْنِ، وَحُجَّةُ الدِّيْنِ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ
ابنُ أَبِي القَاسِمِ زَيْدِ بنِ أَمِيْركَ
الأَنْصَارِيُّ، الأَوسِيُّ، الخُزَيْمِيُّ - نِسبَة إِلَى
خُزَيْمَةَ بنِ ثَابِتٍ (2) - البُسْتِيُّ، ثُمَّ
البَيْهَقِيُّ.
مَوْلِده: سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَوَلِيَ قَضَاءَ بَيْهَقَ سَنَة 526.
قَالَ أَبُو النَّضْرِ الفَامِيُّ: صَدرُ السَّيْف
وَالقلم، وَاختَار سُؤْدُده كَنَارٍ فِي العَلَم، نَادرَة
الدَّهْر، افْتَتَحَ وِلاَيَة هَرَاة خَمْسَ عَشْرَةَ
سَنَةً، وَإِلَيه الحلّ وَالعقد.
قُلْتُ: مَدَحَه الحَيْصَ بَيْصَ.
__________
(1) في " بغية الملتمس ": توفي في حدود السبعين وخمس مئة.
(*) معجم الأدباء 13 / 219 - 240، الوافي بالوفيات خ 12 /
284، 285، كشف الظنون: 289، إيضاح المكنون 1 / 3، 36، 180،
هدية العارفين 1 / 699، 700، أعيان الشيعة 41 / 257 - 269،
الذريعة 4 / 149 و7 / 113، دائرة المعارف الإسلامية 4 /
431.
(2) أورد ياقوت نسبه إلى خزيمة بن ثابت نقلا عن كتاب لصاحب
الترجمة ترجم فيه نفسه، سماه " مشارب التجارب ".
انظر " معجم الأدباء " 13 / 219.
(20/585)
وَذَكَرَهُ العِمَاد الكَاتِب، فَقَالَ:
كَانَ مِنْ أَعيَان الأَنَام، وَأَعْوَان الكِرَام،
وَأَجَوَاد الورَى، وَأَطوَاد النُّهَى، حَدَّثَنِي
وَالِدِي أَنَّهُ لَمَّا مَضَى إِلَى الرَّيِّ عَقيبَ
النّكبَةِ، أَصْبَحَ وَشَرَفُ الدِّيْنِ البَيْهَقِيّ قَدْ
قَصَدهُ فِي مَوْكِبِهِ وَهُوَ حِيْنَئِذٍ وَالِي
الرَّيِّ، فَنَقَلَهُ إِلَى مَنْزِلِهِ، وَكَانَ يَترشَّحُ
حِيْنَئِذٍ لِوزَارَةِ السُّلْطَانِ سَنْجَرَ.
قَالَ: وَأَظُنّ أَنَّهُ نُكِبَ فِي وَاقعَةِ سَنْجَرَ
مَعَ الخَطَا، وَكَانَ أَبِي يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ
مِثْلَه.
قُلْتُ: هُوَ القَائِلُ:
يَا خَالِقَ العَرشِ حَمَلْتَ الوَرَى ... لَمَّا طَغَى
المَاءُ عَلَى جَارِيَه
وَعبدُكَ الآنَ طَغَى مَاؤُه ... فَاحْمِلْهُ - يَا رَبِّ
- عَلَى جَارِيَه (1)
وَشعره كَثِيْر سَائِر (2) .
قَالَ يَاقُوْت الحَمَوِيُّ (3) : لَهُ كِتَاب (إِعجَاز
القُرْآن)، وَ(فَرَائِض)، وَ(أُصُوْل فِقْه)، وَ(مَعَارج
نَهج البلاغَة)، وَكِتَاب (إِيضَاح البرَاهين) فِي
الأُصُوْل، وَ(إِثْبَات الْحَشْر)، وَ(الوَقيعَة فِي
مُنْكَر الشَّرِيعَة)، وَ(دِيْوَانُه)، وَتَوَالِيف فِي
التَّرسُّل، وَ(غرر الأَمثَال)، وَكِتَاب (الانتصَار مِنَ
الأَشْرَار)، وَ(شرح المَقَامَات)، وَ(مَجَامِع الأَمثَال)
فِي أَرْبَع مُجَلَّدَاتٍ، وَ(أَطعمَة المَرْضَى)،
وَكِتَاب (المُعَالجَات الاعتبَارِيَة)، وَكِتَاب
(السُّموم)، وَ(تَفَاسير العقَاقير)، وَفِي التَّنْجِيم،
وَفِي الأَسْطُرْلاَبِ، وَالكرَة، وَالقِرَانَات، وَقَصَصِ
الأَنْبِيَاء، وَكِتَاب (الإِمَارَات (4) فِي شرح
الإِشَارَات)، وَشرح
__________
(1) البيتان في " معجم الأدباء " 13 / 232.
(2) انظر بعضه في " معجم الأدباء " 13 / 233 - 240.
(3) في " معجم الأدباء " 13 / 225 - 228.
(4) في " معجم الأدباء ": الامانات.
(20/586)
النُّحَاة، وَ(تَارِيخ بَيْهَق)، وَأَشيَاء
عِدَّة ذكرهَا يَاقُوْت (1) .
مَاتَ: بِبَيْهَقَ، سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ
مائَةٍ.
368 - ابْنُ البَلَدِيِّ أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدٍ *
وَزِيْرُ المُسْتَنْجِدِ بِاللهِ، أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ
بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدٍ، مِنْ رِجَالِ الدَّهْرِ
سَعْداً وَدهَاءً وَنُبلاً، فَلَمَّا تُوُفِّيَ
المُسْتَنْجِدُ، طَلَبوهُ لِلْعزَاءِ، وَلأَخْذِ بَيْعَة
المُسْتَضِيْء، فَلَمَّا دَخَلَ أُدخل بَيْتاً، وَقُتِلَ،
وَقُطع، وَرُمِي فِي دِجْلَة، وَأَخَذَ البَيْعَة
الوَزِيْر الْجَدِيد أَبُو الفَرَجِ ابْنُ رَئِيْس
الرُّؤَسَاء (2) .
وَكَانَتْ وِزَارَة ابْن البَلَدِيّ سِتّ سِنِيْنَ،
فَوَجَدُوا فِي أَورَاقه خطّ الخَلِيْفَة المُسْتَنْجِد
يَأْمر ابْن البَلَدِيّ بِالقبض عَلَى ابْنِ رَئِيْس
الرُّؤَسَاء وَقُطْب الدِّيْنِ قَيْمَاز، وَكِتَابَةَ
الوَزِيْر إِلَى الخَلِيْفَة يَنْهَاهُ عَنْ ذَلِكَ،
فَعلمَا بَرَاءة سَاحتِه، وَنَدِمَا عَلَى قَتلِه (3) ،
ثُمَّ اقْتصّ الله لَهُ مِنِ ابْنِ رَئِيْس الرُّؤَسَاء،
وَقُتِلَ.
قُتل ابْنُ البَلَدِيّ: فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَة سِتٍّ
وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
369 - شِيرْكُوْه بنُ شَاذِي بنِ مَرْوَانَ بنِ يَعْقُوْبَ
الدُّوِيْنِيُّ **
الملكُ المَنْصُوْرُ، فَاتِحُ الدِّيَارِ المِصْرِيَّةِ،
أَسَدُ الدِّيْنِ شِيرْكُوْه بنُ شَاذِي
__________
(1) نقلا عن صاحب الترجمة في كتابه " مشارب التجارب " انظر
" معجم الأدباء " 13 / 228.
(*) المنتظم 10 / 233، الكامل 11 / 361، 362، مرآة الزمان
8 / 178، العبر 4 / 192، شذرات الذهب 4 / 216، 217.
(2) انظر " الكامل " 11 / 361.
(3) انظر " الكامل " 11 / 362.
(* *) الكامل 11 / 335 - 342، مرآة الزمان 8 / 173،
الروضتين 1 / 154 و156 و158 و160، وفيات الأعيان 2 / 479 -
481، مفرج الكروب 1 / 148 - 168، المختصر 2 / 45، =
(20/587)
بنِ مَرْوَانَ بنِ يَعْقُوْبَ
الدُّوِيْنِيُّ، الكُرْدِيُّ، أَخُو الأَمِيْر نَجْمِ
الدِّيْنِ أَيُّوْبَ (1) .
مَوْلِدُهُ: بِدُوَيْنَ؛ بليدَة بِطرف أَذْرَبِيْجَانَ
مِمَّا يَلِي بِلاَدَ الكُرْجِ - بِضَمِّ أَوَّلِه (2)
وَكَسْرِ ثَانِيهِ - وَيُقَالُ فِي النِّسبَة إِلَيْهَا:
دُوَيْنِيّ بِفَتْحِ ثَانِيهِ (3) .
نشَأَ هُوَ وَأَخُوْهُ بِتَكْرِيْتَ لَمَّا كَانَ
أَبُوْهُمَا شَاذِي نَقيب قلعتهَا، وَشَاذِي بِالعربِي:
فَرْحَان (4) ، أَصلهُم مِنَ الكُرْد الروَادِيَّة فَخِذ
مِنَ الهذبَانِيَّة.
وَأَنْكَر طَائِفَة مِنْ أَوْلاَده أَنْ يَكُوْنُوا
أَكْرَاداً، وَقَالُوا: بَلْ نَحْنُ عَرَبٌ نَزلنَا
فِيهِم، وَتزوّجنَا مِنْهُم.
نعم قَدِمَ الأَخوَان الشَّام، وَخدمَا، وَتَنَقَّلَتْ
بِهِمَا الأَحْوَال إِلَى أَنْ صَارَ شِيرْكُوْه مِنْ
أَكْبَر أُمَرَاء نُوْر الدِّيْنِ، وَصَارَ مقدم جُيُوْشه.
وَكَانَ أَحَدَ الأَبْطَال المَذْكُوْرِيْنَ، وَالشجعَان
المَوْصُوْفِيْن، تُرعَبُ الفِرَنْج مِنْ ذِكْرِهِ، ثُمَّ
جهّزه نُوْر الدِّيْنِ فِي جَيْش إِلَى مِصْرَ لاختلاَل
أَمرهَا، وَطَمِعَ الفِرَنْج فِيْهَا، فَسَارَ إِلَيْهَا
غَيْرَ مَرَّةٍ، فَسلك أَوَّلاً عَلَى طَرِيْق وَادِي
الغزلاَن، وَخَرَجَ مِنْ عِنْد إِطفِيح (5) ، وَجَهَّزَ
وَلدَ أَخِيْهِ صَلاَحَ الدِّيْنِ إِلَى
الإِسْكَنْدَرِيَّة.
__________
= 46، دول الإسلام 2 / 77، العبر 4 / 186، 187، تتمة
المختصر 3 / 115 - 117، طبقات السبكي 7 / 352 - 354،
البداية والنهاية 12 / 252، 253 و255 و259، تاريخ ابن
خلدون 5 / 281 - 283، النجوم الزاهرة 5 / 381 و387 - 389،
حسن المحاضرة 2 / 3، 4، 216، شذرات الذهب 4 / 211، تهذيب
تاريخ دمشق لبدران 6 / 360.
(1) سترد ترجمته عقب هذه الترجمة.
(2) ضبط ياقوت أوله بالفتح.
" معجم البلدان " 2 / 491.
(3) ضبط السمعاني ثانيها بالكسر في " الأنساب " 5 / 375.
(4) وشيركوه بالعربي: أسد الجبل، فشير: أسد، وكوه: جبل،
كما قال ابن خلكان في " وفيات الأعيان " 2 / 481.
(5) بكسر أوله والفاء وياء ساكنة وحاء مهملة: بلد بالصعيد
الادنى من أرض مصر على شاطئ النيل في شرقيه. " معجم
البلدان " 1 / 218.
(20/588)
وَجَرَتْ لَهُ أُمُوْر يَطُول شَرحُهَا (1)
، وَحُرُوْب، وَحِصَار، وَأَقْبَلت الفِرَنْج، وَأَحَاطُوا
بِبَلْبِيْسَ، وَاسْتبَاحُوهَا فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ
وَسِتِّيْنَ، فَاسْتغَاثَ المِصْرِيّونَ بِنُوْرِ
الدِّيْنِ، فَبَعَثَ إِلَيْهِم أَسَد الدِّيْنِ، فَطرد
عَنْهُم العَدُوّ، وَدَخَلَ القَاهِرَة، وَتَمَكَّنَ،
فَعزم شَاور (2) وَزِيْر مِصْر عَلَى الْفَتْك بِهِ،
فَبَادر وَبَتّه، وَاسْتقلَّ بوزَارَة العَاضد، وَدَان
لَهُ الإِقْلِيْم، فَبقِي شَهْرَيْنِ، وَبغته الأَجَل
بِالخَوَانِيْق شهيداً، فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ
أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ، فَقَامَ فِي الدَّسْتِ بَعْدَهُ
صَلاَح الدِّيْنِ، وَلَمَّا ضَايقت الفِرَنْج شِيرْكُوْه
مَا كَانُوا يُقْدِمُوْنَ عَلَيْهِ، قَتَلَهُ خَانوقٌ فِي
لَيْلَة، وَكَانَ يَعتلُّ بِهِ لِكَثْرَة أَكله اللَّحْم
(3) .
وَخلَّف وَلَدَه صَاحِب حِمْص نَاصِر الدِّيْنِ (4) ،
وَأَبَا (5) صَاحِبهَا الملكِ المُجَاهِدِ شِيرْكُوْه (6)
، وَجَدَّ صَاحِبهَا الْملك المَنْصُوْر نَاصِر الدِّيْنِ
إِبْرَاهِيْم (7) .
أَخُوْهُ الأَمِيْرُ الكَبِيْرُ:
370 - نَجْمُ الدِّيْنِ أَيُّوْبُ *
وَالِدُ المُلُوْكِ.
__________
(1) انظر " الكامل " 11 / 298 - 301 و324 - 327.
(2) تقدمت ترجمته برقم (329).
(3) انظر " الكامل " 11 / 335 - 342.
(4) انظر " وفيات الأعيان " 2 / 480.
(5) في الأصل: وأبو، وهو خطأ.
(6) انظر " وفيات الأعيان " 2 / 480، 481.
(7) انظر " وفيات الأعيان " 2 / 481، وما بين حاصرتين منه.
(*) الكامل 11 / 393، 394، مرآة الزمان 1 / 184، 185،
الروضتين 1 / 209 - 213، وفيات الأعيان 1 / 255 - 261،
المختصر 3 / 53، 54، العبر 4 / 203، 204، تتمة المختصر 2 /
125، الوافي بالوفيات 10 / 47 - 51، البداية والنهاية 12 /
270 و271، 272، شذرات الذهب 4 / 226، 227.
(20/589)
وَلِيَ نِيَابَةَ بَعْلَبَكَّ لِلأَتَابَك
زِنْكِي، وَأَنشَأَ الخَانكَاه بِهَا، ثُمَّ كَانَ مِنْ
أَعيَانِ أُمَرَاءِ دِمَشْقِ، وَلَمَّا تَمَلَّكَ مِصْر
وَلدُهُ، أَذن لَهُ نُوْر الدِّيْنِ، فَسَارَ إِلَى
ابْنِهِ، فَبَالغ فِي مُلتقَاهُ، وَخَرَجَ لِتلقِّيه
الخَلِيْفَةُ الرَّافضِيُّ العَاضد.
وَكَانَ مِنْ رِجَالِ العَالَمِ عَقْلاً وَخِبْرَةً.
شبَّ بِهِ الْفرس، فَمَاتَ بَعْدَ أَيَّام فِي ذِي
الحِجَّةِ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ
(1) .
ثُمَّ نُقل هُوَ وَأَخُوْهُ إِلَى تُربَةٍ بِقُرْبِ
الحُجْرَة النَّبويَةِ بَعْد عشر سِنِيْنَ.
وَلَهُ عِدَّةُ بنِيْنَ وَبنَات -رَحِمَهُ اللهُ-.
371 - يُوْسُفُ بنُ آدَمَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ آدَمَ
المَرَاغِيُّ الدِّمَشْقِيُّ *
المُحَدِّثُ الصَّالِحُ، أَبُو يَعْقُوْبَ المَرَاغِيُّ،
ثُمَّ الدِّمَشْقِيّ، مِنْ مَشَايِخ السّنَة.
سَمِعَ مِنَ: الحَافِظ ابْن نَاصِر، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ
الزَّاغُوْنِيِّ، وَجَمَاعَة.
وَحَدَّثَ بِـ (صَحِيْحِ مُسْلِمٍ) عَنِ الفُرَاوِيّ، مَا
أَدْرِي بِالسَّمَاع - وَهُوَ أَظهر - أَوْ بِالإِجَازَةِ؟
وَسَمِعَهُ مِنْهُ المُحَدِّثَان: عَبْد الرَّزَّاقِ
الجِيْلِيّ، وَمُحَمَّد بن مَشِّق.
وَرَوَى عَنْهُ: الشَّيْخ سلاَمَة الحَدَّاد، وَهِلاَل بن
مَحْفُوْظ الرَّسْعَنِيّ، وَطَائِفَة.
__________
(1) ورثاه عمارة اليمني بقصيدة طويلة أولها:
هي الصدمة الأولى فمن بان صبره * على هول ملقاها تضاعف
أجره
انظر " النكت العصرية " 260، و" الروضتين " 1 / 212، و"
وفيات الأعيان " 1 / 259 و261.
(*) لم نعثر على مصدر ترجمه.
(20/590)
وَحَدَّثَ بِدِمَشْقَ وَبِبَغْدَادَ
وَنَصِيْبِيْنَ، وَنسخ الكَثِيْر.
وُلِدَ: سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَكَانَ أَمَّاراً بِالعُرف، دَاعِياً إِلَى الأَثَرِ
بزعَارَة.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: كَانَ كَثِيْرَ الشَّغب، مُثيراً
لِلْفِتَنِ بَيْنَ الطّوَائِف.
قَالَ أَبُو الحَسَنِ القَطِيْعِيّ: كَانَ إِذَا بلغه أَن
قَاضِياً أَشعرِياً عقد نَكَاحاً، فَسخَ نِكَاحه، وَأَفتَى
بِأَنَّ الطَّلاَق لاَ يَقعُ فِي ذَلِكَ النِّكَاحِ،
فَأَثَار فِتَناً، فَأَخْرَجَهُ صَاحِب دِمَشْق مِنْهَا،
فَسَكَنَ حَرَّان، ثُمَّ تَمَلَّكَها نُوْر الدِّيْنِ،
فَالتمَسَ مِنْهُ العَوْد إِلَى دِمَشْقَ لِيَزُورَ
أُمَّه، فَأَذِنَ لَهُ بِشَرْط أَنْ لاَ يَدخل البَلَدَ،
فَجَاءَ وَنَزَلَ بِكَهفِ آدَمَ، فَخَرَجتْ أُمُّهُ
إِلَيْهِ، ثُمَّ دَخَلَ البَلَدَ يَوْمَ جُمُعَةٍ، فَخَافَ
وَالِيهَا مِنْ فِتَنِهِ، فَأَمَرَهُ بِالعَوْدِ إِلَى
حَرَّان، فَعَاد إِلَيْهَا، لَقِيْتُهُ بِهَا، وَكَتَبتُ
عَنْهُ.
قَالَ: وَبِهَا مَاتَ، فِي قُرب رَبِيْع الأَوّل، سَنَة
تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
قُلْتُ: كَانَ فِي سَنَةِ نَيِّفٍ وَخَمْسِيْنَ قَدْ
ضَرَبَ السَّيْفُ البَلْخِيُّ الوَاعِظ أَنفَ يُوْسُف بن
آدَمَ بِدِمَشْقَ، فَأَدمَاهُ، فَنفَى نُوْر الدِّيْنِ
ابْن آدَمَ مِنْ دِمَشْقَ، وَكَانَ مِنْ عوَامِّ
المُحَدِّثِيْنَ، مَزجِيَّ البِضَاعَة.
أَنْبَأَنِي أَحْمَد بن سَلاَمَةَ، عَنْ عَبْدِ الغَنِيِّ
الحَافِظ، أَخْبَرَنَا يُوْسُفُ بنُ آدَمَ فِي سَنَةِ
أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا
جَعْفَرُ بنُ زَيْدٍ الحَمَوِيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو
الحَسَنِ ابْن الزَّاغُوْنِيِّ (ح).
وَقَرَأْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ أَبِي بَكْرٍ الأَسَدِيّ،
أَخْبَرَنَا يُوْسُفُ بنُ خَلِيْلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ
اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ السَّلاَمِ،
أَخْبَرَنَا جَدِّي، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الصَّرِيْفِيْنِيّ،
أَخْبَرَنَا الكَتَّانِيّ، أَخْبَرَنَا البَغَوِيُّ،
حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو
مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ،
قَالَ:
كَانُوا يَكْرَهُوْنَ أَنْ يُظهِرَ الرَّجُلُ أَحْسَنَ مَا
عِنْدَهُ.
(20/591)
372 - ابْنُ عَبْدٍ الخَضِرُ بنُ شِبْلِ
بنِ الحُسَيْنِ الحَارِثِيُّ *
الفَقِيْهُ، العَلاَّمَةُ، أَبُو البَرَكَاتِ الخَضِرُ بنُ
شِبْلِ بنِ الحُسَيْنِ بنِ عَبْدِ الوَاحِدِ الحَارِثِيُّ،
الدِّمَشْقِيُّ، الشَّافِعِيُّ، مُدَرِّسُ الغَزَاليَّةِ
وَالمُجَاهِديَّةِ (1) ، وَخَطيبُ دِمَشْقَ.
مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ.
وَسَمِعَ: أَبَا القَاسِمِ النَّسِيْب، وَأَبَا طَاهِرٍ
الحِنَّائِيّ، وَسُبَيْعَ بنَ قِيْرَاط، وَعِدَّة.
وَتَفَقَّهَ بِجَمَال الإِسْلاَمِ (2) ، وَغَيْرهِ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو القَاسِمِ ابْنُ عَسَاكِرَ، وَابْنه؛
بَهَاء الدِّيْنِ، وَأَبُو نَصْرٍ ابْنُ الشِّيْرَازِيِّ،
وَجَمَاعَة.
قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: كتب كَثِيْراً مِنَ الفِقْهِ
وَالحَدِيْث، وَدرَّس سَنَة ثَمَانِي عَشْرَةَ وَأَفتَى،
وَكَانَ سَدِيْد الفتَاوَى، وَاسِع المَحْفُوْظ، ثَبْتاً،
ذَا مُروءة ظَاهِرَة، يَتَكَلَّم فِي الخلاَف وَالأُصُوْل،
لَزِمت دَرسه مُدَّة، تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ
وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ (3) .
373 - عُمَارَةُ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ عَلِيِّ بنِ
زَيْدَانَ الحَكَمِيُّ **
العَلاَّمَةُ، أَبُو مُحَمَّدٍ عُمَارَةُ بنُ عَلِيِّ بنِ
زَيْدَانَ الحَكَمِيُّ، المَذْحِجِيُّ،
__________
(*) مرآة الزمان 8 / 168، 169، العبر 4 / 177، طبقات
السبكي 7 / 83، طبقات الاسنوي 2 / 109، النجوم الزاهرة 5 /
375، الدارس 1 / 105، مختصر تنبيه الطالب: 65 و72، شذرات
الذهب 4 / 205، تهذيب تاريخ دمشق لبدران 5 / 165.
(1) انظر " مختصر تنبيه الطالب ": 65 و72.
(2) تقدمت ترجمته برقم (14).
(3) انظر " تهذيب تاريخ دمشق " لبدران 5 / 165.
(* *) الخريدة (قسم الشام) 3 / 101، الكامل 11 / 396، 397
و400، 401، مرآة =
(20/592)
اليَمَنِيُّ، الشَّافِعِيُّ، الفَرَضِيُّ،
الشَّاعِرُ، صَاحِبُ (الدِّيْوَانِ) المَشْهُوْرِ.
وُلِدَ: سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَتَفَقَّهَ بِزَبِيْدَ مُدَّةً، وَحَجّ سَنَة تِسْعٍ
وَأَرْبَعِيْنَ، وَنفذه أَمِيْر مَكَّة قَاسم بن
فُلَيْتَةَ رَسُوْلاً إِلَى الفَائِز بِمِصْرَ،
فَامْتَدَحه بِهَذِهِ الكَلِمَة:
الحمدُ لِلْعِيس (1) بَعْد العَزْم وَالهممِ ... حَمداً
يَقوم بِمَا أَولَتْ مِنَ النِّعمِ
لاَ أَجحدُ الحَقَّ عِنْدِي لِلرِّكَاب يَدٌ ... تَمنَّتِ
اللُّجْمَ فِيْهَا رُتْبَةَ الخُطُمِ
قَرَّبْنَ بَعْد مَزَار العزِّ مِنْ نَظرِي ... حَتَّى
رَأَيْتُ إِمَام الْعَصْر مِنْ أَممِ
فَهَلْ درَى البَيْتُ أَنِّي بَعْد فُرقتِه ... مَا سرتُ
مِنْ حرمٍ إِلاَّ إِلَى حرمِ؟
حَيْثُ الخِلاَفَةُ مضروبٌ سُرَادِقُهَا ... بَيْنَ
النَّقِيضَيْنِ مِنْ عَفْوٍ وَمِنْ نِقَمِ
وَلِلإِمَامَةِ أَنوَارٌ مُقَدَّسَةٌ ... تَجْلُو
البَغِيضَيْنِ مِنْ ظُلْمٍ وَمِنْ ظُلَمِ
وَللنُّبُوَّةِ آيَات تَنصُّ (2) لَنَا ... عَلَى
الخَفِيَّيْنِ مِنْ حُكْمٍ وَمِنْ حِكَمِ
وَللمَكَارِمِ أَعْلاَمٌ تُعلِّمنَا ... مَدحَ
الجَزِيلَيْنِ مِنْ بَأْسٍ وَمِنْ كَرَمِ
__________
= الزمان 8 / 189 - 191، الروضتين 1 / 219 - 277، وفيات
الأعيان 3 / 431 - 436، مفرج الكروب 1 / 212 - 216 و243 -
246 و251 - 257، المختصر 3 / 54، 55، العبر 4 / 208، دول
الإسلام 2 / 84، تتمة المختصر 2 / 126، 127، طبقات الاسنوي
2 / 565 - 568، البداية والنهاية 12 / 276، 277، صبح
الاعشى 3 / 526، السلوك 1 / 53، النجوم الزاهرة 6 / 70، 71
و73، حسن المحاضرة 1 / 406، كشف الظنون: 1777، شذرات الذهب
4 / 234، 235، معجم المطبوعات: 1377 - 1379، تاريخ
بروكلمان 6 / 80 - 82، وقد ألف الدكتور ذو النون المصري
كتاب " عمارة اليمني " طبع سنة 1966 م.
(1) قال العلامة أبو شامة في " الروضتين " 1 / 227: وعندي
في قوله الحمد للعيس - وإن كانت القصيدة فائقة - نفرة
عظيمة، فإنه أقام ذلك مقام قولنا: الحمد لله، ولا ينبغي أن
يفعل ذلك مع غير الله عزوجل، فله الحمد وله الشكر، فهذا
اللفظ كالمتعين لجهة الربوبية المقدسة، وعلى ذلك اطراد
استعمال السلف والخلف رضي الله عنهم. اه.
وقد قال مثل هذا القول سبط ابن الجوزي في " مرآة الزمان "
8 / 189.
(2) في " الروضتين ": تضئ.
(20/593)
وَلِلْعُلَى أَلسُنٌ تُثْنِي مَحَامِدُهَا
... عَلَى الحَمِيدَيْنِ مِنْ فِعلٍ وَمِنْ شِيَمِ
مِنْهَا:
لَيْتَ الكَوَاكِبَ تدنُو لِي فَأَنظِمَهَا ... عُقُودَ
مدحٍ فَمَا أَرْضَى لَكُم كَلمِي (1)
ثُمَّ اسْتَوْطَنَ بَعْدُ مِصْر.
قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ (2) : كَانَ شَدِيد التَّعَصُّب
لِلسُّنَّةِ، أَدِيْباً مَاهراً، رَائِجاً فِي الدَّوْلَة،
ثُمَّ تَملك صَلاَح الدِّيْنِ، فَامْتَدَحه، ثُمَّ إِنَّهُ
شرع فِي اتِّفَاقٍ مَعَ رُؤسَاء فِي إِعَادَة دَوْلَة
العُبيديين، فَنُقل أَمرُهُم إِلَى صَلاَح الدِّيْنِ،
فَشنقَ عُمَارَة فِي ثَمَانِيَةٍ، فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ
تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَقَدْ نُسِبَ إِلَى عُمَارَةَ بَيْتٌ، فَرُبَّمَا وُضِعَ
عَلَيْهِ، فَأَفْتَوْا بِقَتْلِهِ، وَهُوَ:
قَدْ كَانَ أَوَّلُ هَذَا الأَمْرِ مِنْ رَجُلٍ ... سَعَى
إِلَى أَنْ دَعَوْهُ سَيِّدَ الأُمَمِ (3)
وَهُوَ مِنْ بَيْت إِمْرَة وَتَقدُّم، مِنْ تَهَائِمِ
اليَمَن، مِنْ وَادِي وَسَاع، يَكُوْن عَنْ مَكَّةَ أَحَدَ
عَشَرَ يَوْماً.
قَالَ عُمَارَةُ: كَانَ القَاضِي مُحَمَّد بن أَبِي
عَقَامَةَ (4) الحفَائِلِي رَأْسُ أَهْل
__________
(1) انظر القصيدة بتمامها في " الروضتين " 1 / 225، 226،
و" وفيات الأعيان " 3 / 432، 433، وانظر قسما كبيرا منها
في " طبقات " الاسنوي 2 / 566، 567.
(2) في " وفيات الأعيان " 3 / 433 و434، 435، وانظر في سبب
قتله " صبح الاعشى " 3 / 532.
(3) البيت في " النكت العصرية " 352 - 355، و" الروضتين "
1 / 220، و" وفيات الأعيان " 3 / 435، و" مرآة الزمان " 8
/ 190، و" البداية والنهاية " 12 / 276، و" النجوم الزاهرة
" 6 / 70، وفيها: " الدين " بدل " الامر "، وفي " النكت
العصرية " و" المرآة " و" النجوم ": وكان بدل قد كان، وهو
من قصيدة يمدح بها شمس الدولة تورانشاه، ويحرضه على أخذ
اليمن، ومطلعها:
العلم مذ كان محتاج إلى العلم * وشفرة السيف تستغني عن
القلم
(4) المتوفى سنة 554. انظر " النجوم الزاهرة " 5 / 330،
331.
(20/594)
العِلْمِ وَالأَدب بِزَبِيْدَ يَقُوْلُ
لِي:
أَنْتَ خَارِجِيُّ هَذَا الوَقْت وَسَعيدُه، لأَنَّك
أَصْبَحتَ تُعدّ مِنْ أَكَابِر التُّجَّار وَأَهْل
الثَّروَة، وَمِنْ أَعْيَانِ الفُقَهَاء الَّذِيْنَ
أَفتَوا، وَمِنْ أَفْضَلِ أَهْلِ الأَدب، فَهَنِيئاً لَكَ.
وَحَكَى عُمَارَةُ: أَنَّ الصَّالِح بنَ رُزِّيْكٍ
فَاوَضَه، وَقَالَ: مَا تَعتقدُ فِي أَبِي بَكْرٍ
وَعُمَرَ؟
قُلْتُ: أَعْتَقِد أَنَّه لَولاَهُمَا لَمْ يَبْقَ
الإِسْلاَمُ عَلَيْنَا وَلاَ عَلَيْكُم، وَأَنَّ
مَحَبَّتَهُمَا وَاجِبَة.
فَضَحِكَ، وَكَانَ مُرتَاضاً حصيفاً، قَدْ سَمِعَ كَلاَم
فُقَهَاءِ السُّنَّة.
قُلْتُ: هَذَا حِلمٌ مِنَ الصَّالِح عَلَى رَفضِه.
وَلِعُمَارَةَ فِيْهِ:
وَلَوْ لَمْ يَكُنْ يَدْرِي (1) بِمَا جَهلَ الورَى ...
مِنَ الفَضْلِ لَمْ تَنفُقْ عَلَيْهِ (2) الفَضَائِلُ
لَئِنْ كَانَ مِنَّا قَابَ قوسٍ فَبَينَنَا ... فَرَاسخُ
مِنْ إِجْلاَلِهِ وَمَرَاحِلُ (3)
وَلَهُ:
لِي فِي هَوَى (4) الرَّشَأِ العُذْرِيِّ أَعذَارُ ...
لَمْ يَبْقَ لِي مُذْ أَقرَّ الدَّمْعُ إِنْكَارُ
لِي فِي القُدودِ وَفِي لَثمِ الخُدودِ وَفِي ... ضَمِّ
النُّهودِ لُبَانَاتٌ وَأَوطَارُ
هَذَا اخْتيَارِي فَوَافِقْ إِن رَضِيتَ بِهِ ... أَوْ لاَ
فَدَعْنِي وَمَا أَهوَى وَأَختَارُ
لُمْنِي جُزَافاً وَسَامِحنِي مُصَارفَةً ... فَالنَّاسُ
فِي دَرَجَاتِ الحُبِّ أَطوَارُ (5)
__________
(1) في " الروضتين ": أدرى.
(2) في " الروضتين ": لديه.
(3) البيتان في " الروضتين " 1 / 226.
(4) في " النكت العصرية ": ما عن هوى.
(5) الابيات في " النكت العصرية " 265، و" الروضتين " 1 /
225، والثلاثة الأولى منها في " الكامل " 11 / 401، و"
البداية " 12 / 276.
(20/595)
وَلَهُ بَيْتٌ كَيِّسٌ فِي العُبيديين:
أَفَاعِيلُهُم فِي الجُودِ أَفعَالُ سُنَّةٍ ... وَإِنْ
خَالَفُونِي فِي اعْتِقَادِ التَّشَيُّعِ (1)
قُلْتُ: يَا ليتَه تَشيُّعٌ فَقَطْ، بَلْ يَا ليته ترفُّض،
وَإِنَّمَا يُقَالُ: هُوَ انحَلاَل وَزَنْدَقَة.
وَلِعُمَارَةَ فَضَائِلُ وَأَخْبَار يَطولُ بثُّهَا، سُقت
مِنْهَا فِي (تَارِيْخِنَا الكَبِيْرِ (2)).
وَصُلِبَ مَعَهُ دَاعِي الدعَاة قَاضِي الدِّيَارِ
المِصْرِيَّة أَبُو القَاسِمِ هِبَةُ اللهِ (3) بنُ
كَامِلٍ، وَكَانَ صَاحِبَ فُنُوْنٍ.
374 - العُثْمَانِيُّ عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
بنِ يَحْيَى *
القَاضِي، الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ
اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ يَحْيَى بنِ
إِسْمَاعِيْلَ بنِ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
إِسْمَاعِيْلَ بنِ الوَلِيْدِ بنِ عَمْرِو بنِ مُحَمَّدِ
بنِ خَالِدِ ابنِ الدِّيْبَاجِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ
بنِ عَمْرِو ابنِ الشَّهِيْدِ عُثْمَانَ بنِ
__________
(1) البيت في " النكت العصرية " ورواية صدره فيه: "
مذاهبهم في الجود مذهب سنة "، وهو من قصيدة كتب بها إلى
الملك الناصر ولم ينشدها، وترجمها بشكاية المتظلم ونكاية
المتألم، وهي في " النكت العصرية " 287 - 291.
(2) وله مصنفات منها كتاب " أخبار اليمن " طبع في القاهرة
سنة 1957 بتحقيق الدكتور حسن سليمان محمود، وكتاب " النكت
العصرية في أخبار الوزراء المصرية " وهو ترجمة لنفسه بقلمه
ووصف لمساجلاته الشعرية مع الوزراء، وقد طبعه المستشرق
الفرنسي ديرنبورغ مع مختارات من " ديوانه " وقطع شعرية
ونثرية وسيرته ضمن كتاب " عمارة اليمني " سيرته وآثاره،
صدر منه مجلدان سنتي 1897 و1902 في شالون بفرنسا.
انظر " معجم المطبوعات " 1378، وانظر النسخ الخطية لديوانه
وبعض قصائده في " تاريخ " بروكلمان 6 / 81، 82.
(3) ذكرت مصادر ترجمته في حواشي الترجمة رقم (234).
(*) العبر 4 / 214، 215، لسان الميزان 3 / 309، النجوم
الزاهرة 6 / 80، حسن المحاضرة 1 / 375، شذرات الذهب 4 /
241، 242، فهرس الظاهرية المنتخب من مخطوطات الحديث
للالباني: ص 278.
(20/596)
عَفَّانَ الأُمَوِيُّ، العُثْمَانِيُّ،
الدِّيْبَاجِيُّ، الإِسْكَنْدَرَانِيُّ، صَاحِبُ تِلْكَ
الفَوَائِدِ الَّتِي نَروِيهَا.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ، وَأَبِي القَاسِمِ بنِ الفَحَّام،
وَأَبِي عَبْدِ اللهِ الرَّازِيّ، وَأَبِي بَكْرٍ
مُحَمَّدِ بنِ الوَلِيْدِ الطُّرْطُوْشِيّ (1) ، وَأَبِي
الفَضْلِ جَعْفَر بن إِسْمَاعِيْلَ بن خَلَفٍ المُقْرِئ،
وَعَبْد اللهِ بن يَحْيَى بنِ حَمُّودٍ، وَعِدَّة.
وَمَا علمتُه رَحَل.
رَوَى عَنْهُ: الحَافِظ عَبْد الغَنِيِّ، وَالحَافِظ
عَلِيّ بن المُفَضَّلِ، وَالحَافِظ عَبْد القَادِرِ،
وَحَمَّادٌ الحَرَّانِيّ، وَجَعْفَر بن عَلِيٍّ
الهَمَذَانِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَيُعرفُ فِي زَمَانِهِ بِابْنِ أَبِي اليَابِسِ (2) .
قَالَ ابْنُ المُفَضَّلِ: كَانَتْ عِنْدَهُ فُنُوْنٌ
عِدَّة، وُلِدَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ، وَمَاتَ فِي شَوَّالٍ، سَنَة اثْنَتَيْنِ
وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
قُلْتُ: كَانَ ثِقَةً فِي نَفْسِهِ.
وَقَدْ قَالَ حَمَّادٌ الحَرَّانِيّ: رَمَى أَبُو طَاهِرٍ
السِّلَفِيُّ العُثْمَانِيَّ بِالكَذِبِ، فَذَكَر لِي
جَمَاعَة مِنْ أَعيَانِ أَهْل الإِسْكَنْدَرِيَّة أَنَّ
العُثْمَانِيَّ كَانَ صَحِيْحَ السَّمَاعَات، ثِقَةً،
ثَبْتاً، صَالِحاً، مُتَعَفِّفاً، يُقْرِئُ النَّحْو
وَاللُّغَة وَالحَدِيْث، وَسَمِعْتُ جَمَاعَةً
يَقُوْلُوْنَ: إِنَّهُ كَانَ يَقُوْلُ: بَيْنِي وَبَيْنَ
السِّلَفِيِّ وقفَةٌ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ (3) .
قَالَ الأَبَّار: أَكْثَر أَبُو عَبْدِ اللهِ
التُّجِيْبِيُّ عَنْ أَبِي الحَجَّاجِ الثَّغْرِيِّ،
وَقَالَ:
__________
(1) تحرفت في " لسان الميزان " و" حسن المحاضرة " إلى
الطرسوسي.
راجع الصفحة 511 تعليق رقم (1) الترجمة (327).
(2) كذا في الأصل، ومثله في " العبر " و" الشذرات ". وفي "
لسان الميزان ": ابن أبي الياس.
(3) انظر " لسان الميزان " 3 / 309.
(20/597)
لَمْ أَرَ أَفْضَلَ مِنْهُ، وَلَمْ أَرَ
بِالبِلاَدِ المَشْرِقيَّةِ أَفْضَلَ مِنْ أَبِي مُحَمَّدٍ
العُثْمَانِيِّ، وَلاَ أَزْهَدَ وَلاَ أَورعَ مِنْهُ.
قُلْتُ: خَرَّجَ تِلْكَ الفَوَائِدَ (1) فِي سَنَةِ
أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَحَدَّثَ بِهَا فِي
ذَلِكَ الوَقْتِ، وَهَلُمَّ جَرّاً.
وَكَانَ أَبُوْهُ مِنْ عُلَمَاء الثَّغْرِ.
375 - ابْنُ بُنَيْمَانَ مُحَمَّدُ بنُ بُنَيْمَانَ بنِ
يُوْسُفَ الهَمَذَانِيُّ *
الشَّيْخُ، العَالِمُ، الأَدِيْبُ، الصَّالِحُ،
المُعَمَّرُ، أَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ بُنَيْمَانَ
بنِ يُوْسُفَ الهَمَذَانِيُّ، المُؤَذِّنُ، المُؤَدِّبُ،
سِبْطُ الحَافِظِ حَمْدِ بنِ نَصْرٍ الأَعْمَشِ.
سَمِعَ مِنْ: جَدِّهِ، وَعَبْدُوْسِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ
عَبْدُوْسٍ، وَالسَّلاَّرِ مَكِّيِّ بنِ مَنْصُوْرٍ
الكَرَجِيِّ، وَالحَسَنِ بنِ يَاسِيْنَ، وَسَعْدِ بنِ
عَلِيٍّ العِجْلِيِّ المُفْتِي، وَمُحَمَّدِ بنِ جَامِعٍ
الجَوْهَرِيِّ القَطَّانِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ
حَمْدٍ الدُّوْنِي، وَعِنْدَهُ (المُجْتَبَى)، وَ(عَمَلُ
يَوْمٍ وَلَيلَةٍ) لابْنِ السُّنِّيِّ عَنِ الدُّوْنِي.
وَعَنْهُ: الحَافِظُ أَبُو المَوَاهِبِ بنُ صَصْرَى،
وَيُوْسُفُ بنُ أَحْمَدَ الشِّيْرَازِيُّ، وَصَالِحُ بنُ
المُعَزِّمِ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
الكَرَابِيْسِيِّ، وَأَحْمَدُ بنُ آدَمَ الكَرَابِيْسِيُّ،
وَآخَرُوْنَ.
قَالَ السَّمْعَانِيُّ (2) : هُوَ أَبُو الفَضْلِ
الأُشْنَانِيُّ، شَيْخٌ أَدِيْبٌ فَاضِلٌ، جَمِيْلُ
الطَّرِيقَةِ، ثِقَةٌ، لَهُ سَمتٌ وَوَقَارٌ وَتَوَدُّدٌ
وَصَلاَحٌ، مُكْثِرٌ مِنَ الحَدِيْثِ،
__________
(1) انظر " فهرس الظاهرية المنتخب من مخطوطات الحديث ": ص
278.
(*) التحبير 2 / 101، 102، معجم شيوخ السمعاني: ق 207 / 1.
(2) في " التحبير " 2 / 101، 102.
(20/598)
قَرَأَ الأَدَبَ عَلَى أَبِي المُظَفَّرِ
الأَبِيْوَرْدِيِّ، سَمِعْتُ مِنْ لَفْظِهِ كِتَابَ
(سُنَنِ التَّحْدِيْثِ) لِصَالِحِ بنِ أَحْمَدَ
الهَمَذَانِيِّ، وَ(جُزْءِ الذُّهْلِيِّ).
قُلْتُ: تُوُفِّيَ بِهَمَذَانَ، فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ
ثَلاَثٍ وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَلَهُ تِسْعٌ
وَثَمَانُوْنَ سَنَةً وَأَشهُرٌ.
بِعَوْنِهِ -تَعَالَى- وَتَوْفِيقِهِ تَمَّ الجُزْءُ
العِشْرُوْنَ مِنْ (سِيَرِ أَعْلاَمِ النُّبَلاَءِ).
وَيَلِيْهُ الجُزْءُ الحَادِي وَالعِشْرُوْنَ، وَأَوَّلُهُ
تَرْجَمَةُ أَبِي طَاهِرٍ السِّلَفِيِّ.
(20/599)
وقدْ جاءَ فِي آخِرِ المُجَلَّدِ الثَّانِي
عَشَرَ مِن الأَصلِ مَا نَصُّهُ:
تَمَّ الجزءُ الثَّانِي عَشرَ مِن (سِيَرْ أَعْلاَمِ
النُّبَلاَءِ) لِلشَّيخِ الإِمامِ العالمِ العاملِ
الحجَّةِ النَّاقدِ البارعِ جَامعِ أَشتاتِ الفُنونِ
مُؤرِّخِ الإسلامِ شَمسِ الدِّينِ أَبِي عَبدِ اللهِ
مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ عُثْمَانَ الذَّهَبِيِّ فَسَحَ
اللهُ فِي مُدَّتِه، وَهِي أوَّلُ نُسخةٍ نُسختْ مِن خَطِّ
المُصنِّفِ وقُوبلَتْ عَلَيْهِ بِحسبِ الإِمكانِ، وَللهِ
الحمدُ والمِنَّةُ، وَبِه التَّوفِيقُ والعِصمةُ،
وَيَتلُوه فِي الجُزءِ الَّذي يَلِيهِ - إنْ شاءَ اللهُ
تَعَالَى - وَهُوَ الثَّالثَ عَشَرَ تَرجَمةُ أَبِي طَاهرٍ
السِّلَفِيِّ، وكانَ الفَراغُ مِن كِتَابَتِه لَيلةَ
الجُمعةِ، لِثَلاثٍ بَقِينَ مِن جُمادى الأُولى، سَنةَ
اثنَتَيْنِ وأَربَعِينَ وسَبعِ مائةٍ.
الحمدُ للهِ وَحْدَهُ، وَصَلَوَاتُهُ عَلَى سَيِّدِنَا
مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسلِيماً.
(20/600)
الجُزءُ الحَادِي وَالعِشْرُونَ
1 - السِّلَفِيُّ أَبُو طَاهِرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ
بنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ *
هُوَ: الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، المُحَدِّثُ، الحَافِظُ،
المُفْتِي، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، شَرَف المُعَمِّرِيْنَ،
أَبُو طَاهِرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الأَصْبَهَانِيّ،
الجَرْوَانِيّ.
__________
(*) ترجم له الجم الغفير، منهم على سبيل المثال لا الحصر:
السمعاني في (السلفي) من الأنساب، وذيل تاريخ بغداد كما دل
عليه اختيار ابن منظور منه: الورقة: 99، وابن عساكر في
تاريخ دمشق (التهذيب: 1 / 449)، وابن الأثير في الكامل: 11
/ 191، واللباب: 1 / 550، وابن نقطة في التقييد: الورقة:
40، وفي (السلفي) من إكمال الإكمال، وابن الدبيثي في
تاريخه: الورقة: 185 (شهيد علي)، وابن النجار في التاريخ
المجدد كما دل عليه المستفاد للدمياطي: الورقة: 21، وسبط
ابن الجوزي في المرآة: 8 / 362، والنووي في طبقات
الشافعية: الورقة: 42، وأبو شامة في الروضتين، وابن خلكان
في الوفيات: 1 / 150، والذهبي في تاريخ الإسلام: الورقة 61
(أحمد الثالث 2917 / 14) والمختصر المحتاج إليه من تاريخ
ابن الدبيثي: 1 / 206، والعبر: 4 / 227، والتذكرة: 4 /
1298، والميزان: 1 / 155، وأهل المئة: 134، والصفدي في
الوافي: 7 / 351، والسبكي في طبقاته: 6 / 32، وابن كثير في
البداية: 12 / 307، وابن حجر في اللسان: 1 / 299،
والتبصير: 2 / 738، والعيني في عقد الجمان: 16 / الورقة:
630، وغيرها، وفي كتابيه: معجم شيوخ بغداد، ومعجم السفر
معلومات مفصلة عن حياته ونشاطه العلمي، لانهما تناولا
شيوخه، وانظر تعليق الدكتور بشار عواد على كتاب أهل المئة
للذهبي: 134، وراجع مقالا له في نقد المطبوع من (معجم
السفر) في مجلة المورد: م 8 العدد الأول، بغداد 1979.
(21/5)
وَيُلَقَّبُ جدّه أَحْمَد: سِلَفَةَ،
وَهُوَ الْغَلِيظ الشفَةِ، وَأَصله بِالفَارِسيَّة سلبَة،
وَكَثِيْراً مَا يَمزجُوْنَ البَاء بِالفَاء (1) ،
فَالسِّلَفِيُّ مُسْتفَاد مَعَ السَّلَفِيّ -بِفَتحتين-
وَهُوَ مَنْ كَانَ عَلَى مَذْهَب السَّلَف، وَمِنْهُم:
أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الرَّحْمَانِ بن عَبْدِ اللهِ
السَّرْخَسِيّ، يَرْوِي عَنْ أَبِي الفِتْيَانِ
الرَّوَّاسِيّ.
وَالسُّلَفِيّ -بِضَمٍّ ثُمَّ فَتحٍ- قَيْس بن الحَجَّاجِ
السُّلَفِيّ، وَرَافِع بن عُقَيْبٍ، وَمُحَمَّد بن خَالِدِ
بنِ خَلِيّ، وَعَبْد اللهِ بن عَبْدِ الأَعْلَى، وَأَبُو
الأَخْيَلِ مِنْ ذُرِّيَّة سُلَفِ بنِ يَقطنَ، وَهُم
بَطْنٌ مِنَ الكَلاَعِ، وَالكَلاَع قبيلَة مِنْ حِمْيَر.
وَبكسرٍ وَسكُوْنٍ: إِسْمَاعِيْل بن عَبَّادٍ السِّلْفِيّ
القَطَّان، عَنْ عَبَّاد الرَّوَاجِنِيّ (2) ، مَنْسُوْب
إِلَى دَرْبِ السِّلْفِيّ، وَهُوَ مِنْ قطيعَةِ الرَّبِيْع
بِبَغْدَادَ.
وَبِفَتحَتَيْنِ وَقَافٍ: أَبُو عَمْرٍو أَحْمَد بن رَوْحٍ
السَّلَقِيّ، هَجَاهُ البُحْتُرِيُّ (3) .
__________
(1) راجع عن هذا الموضوع ما كتبه المعنيون بضبط المشتبه
مثل السمعاني في (السلفي) من (الأنساب)، وابن الأثير في
(اللباب): 1 / 550، والذهبي في (المشتبه): 364، وابن خلكان
في (الوفيات): 1 / 107، وابن حجر في (التبصير): 738، وابن
ناصر الدين في (توضيح المشتبه): 2 / الورقة: 72 (ظاهرية)
وهو أحسنها وأكثرها استيعابا.
(2) هذه نسبة خاصة بأبي سعيد عباد بن يعقوب المذكور، قال
السمعاني في (الأنساب): سألت أستاذي الحافظ إسماعيل بن
محمد بن الفضل الاصفهاني عن هذه النسبة فقال:..وأصل هذه
النسبة: الدواجن، بالدال المهملة، وهي جمع داجن، وهي الشاة
التي تسجن في البيوت، فجعلها الناس: الرواجن، بالراء ونسب
عباد إلى ذلك، ثم قال السمعاني: وظني ان الرواجن بطن من
بطون القبائل.
انظر (الأنساب) و(اللباب).
(3) وفاته ذكر السلقي، بكسر السين المهملة، منسوب إلى درب
السلق ببغداد، وممن نسب هكذا إسماعيل بن عباد السلقي
المتوفى سنة 320 كما في (أنساب) السمعاني و(توضيح) ابن
ناصر الدين (لمشتبه) الذهبي.
(21/6)
وَبزِيَادَة يَاء: إِسْمَاعِيْلُ بن
عَلِيٍّ السَّيْلَقِيّ مِنْ كِبَارِ مَشْيَخَة السِّلَفِيّ
صَاحِب التَّرْجَمَة.
وُلِدَ الحَافِظُ أَبُو طَاهِرٍ: فِي سَنَةِ خَمْسٍ
وَسَبْعِيْنَ، أَوْ قَبْلهَا بِسَنَةٍ، وَهَذَا مُطَابقٌ
لِمَا رَوَاهُ أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ
القَطِيْعِيّ فِي (تَارِيْخِهِ)، قَالَ:
سَمِعْتُ الحَافِظَ عَبْد الغَنِيِّ بن عَبْدِ الوَاحِدِ
بَعْد عَوْده مِنْ عِنْد السِّلَفِيّ يَقُوْلُ:
سَأَلته عَنْ مَوْلِده، فَقَالَ: أَنَا أَذْكُر قتل نِظَام
المُلْكِ -يَعْنِي: الوَزِيْرَ الَّذِي وَقَفَ المَدْرَسَة
النِّظَامِيَّة بِبَغْدَادَ -وَكَانَ عُمُرِي نَحْو عشر
سِنِيْنَ؛ قُتِلَ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ، وَقَدْ كتب عَنِّي بِأَصْبَهَانَ أَوّل سَنَة
اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَأَنَا
ابْنُ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً أَوْ أَكْثَر، أَوْ أَقلّ
بِقَلِيْلٍ، وَمَا فِي وَجْهِي شعرَة، كَالبُخَارِيّ
-رَحِمَهُ الله-.
يَعْنِي: لَمَّا كَتَبُوا عَنْهُ.
وَقَالَ الإِمَامُ أَبُو شَامَة (1) : سَمِعْتُ شَيْخَنَا
عَلَم الدِّيْنِ السَّخَاوِيّ يَقُوْلُ:
سَمِعْتُ يَوْماً أَبَا طَاهِرٍ السِّلَفِيّ يُنشد
لِنَفْسِهِ مَا قَالَهُ قَدِيْماً:
أَنَا مِنْ أَهْلِ الحدِيـ ... ـثِ وَهُم خَيْر فِئَه
جُزْتُ تِسْعِيْنَ وَأَر ... جُو أَنْ أَجُوزنَّ المِئه
قَالَ: فَقِيْلَ لَهُ: قَدْ حقّق الله رَجَاءك، فَعلمتُ
أَنَّهُ قَدْ جَاز المائَة، وَذَلِكَ فِي سَنَةِ
اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَقَدْ ذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ: أَنَّ السِّلَفِيّ مِمَّنْ
نَيّف عَلَى المائَة عَامٍ، حَتَّى إِنَّ تِلْمِيْذَه
الوَجِيْهَ عَبْد العَزِيْزِ بنَ عِيْسَى (2) قَالَ: مَاتَ
وَلَهُ مائَةٌ وَسِتّ سِنِيْنَ.
__________
(1) في (الروضتين):
(2) اللخمي المعروف بقارئ الحافظ السلفي.
(21/7)
وَأَوّل سَمَاعٍ حَضَرَهُ السِّلَفِيّ
مُتَفَرِّجاً مَعَ الصِّبْيَانِ مَجْلِسُ رِزْقِ اللهِ
التَّمِيْمِيِّ الحَنْبَلِيّ، إِذْ قَدِمَ عَلَيْهِم
رَسُوْلاً أَصْبَهَان، فَقَالَ السِّلَفِيّ -فِيمَا
قرَأْته عَلَى عَبْدِ المُؤْمِنِ الحَافِظ (1) -
أَخْبَرْنَا ابْنُ رَوَاجٍ، أَخْبَرَنَا السِّلَفِيُّ،
قَالَ:
شَاهدتُ رِزْق اللهِ يَوْم دُخُوْله إِلَى البَلَدِ،
وَكَانَ يَوْماً مَشْهُوْداً كَالعِيْد، بَلْ أَبلغ فِي
المزِيد، وَحَضَرت مَجْلِسه فِي الجَامِع الجورجيرِيّ (2)
، وَقَالَ لِي أَحْمَدُ بنُ مَعْمَرٍ العَبْدِيُّ: قَدِ
استجزته لَكَ فِي جُمْلَةِ مَنْ كَتَبتُ مِنْ صِبيَاننَا.
قَالَ السِّلَفِيُّ فِي (مُعْجَم أَصْبَهَان (3)):
الوَاعِظَةُ أَرْوَى بِنْت مُحَمَّد هِيَ ابْنَة عَمّ
جَدَّتِي فَاطِمَة الشَّعبيَّةِ مقدّمَة الوَاعِظَات،
رَأَيْتُهَا وَحَضَرت عِنْدَهَا كَثِيْراً، وَقَدْ
سَمِعَتْ مِنْ أَبِي سَعْدٍ المَالِيْنِيِّ،
وَالنَّقَّاشِ، وَمَاتَتْ سَنَة ثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ.
وَقَالَ: أَوّل مَنْ سَمِعْتُ مِنْهُ وَكَتَبت عَنْهُ
مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ
المَدِيْنِيّ (4) ، سَمِعَ فِي تِسْع وَأَرْبَع مائَة مِنْ
أَحْمَد بن عَبْدِ الرَّحْمَانِ اليَزْدِيّ.
وَسَمِعَ السِّلَفِيّ كَثِيْراً مِنَ الرَّئِيْس أَبِي
عَبْدِ اللهِ القَاسِمِ بنِ الفَضْلِ الثَّقَفِيِّ، وَلَهُ
سَمَاعٌ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَمَاتَ هُوَ وَالمَدِيْنِيّ عَام تِسْعَة وَثَمَانِيْنَ.
وَسَمِعَ أَيْضاً بِأَصْبَهَانَ مِنْ رَئِيْس المُؤذنِيْنَ
أَبِي مَسْعُوْدٍ مُحَمَّد
__________
(1) يعني عبد المؤمن الدمياطي المتوفى سنة 705 شيخ الذهبي.
(2) قال ياقوت في (جورجير) من (معجم البلدان): 2 / 146:
(بعد الراء جيم أخرى وياء وراء، محلة بأصبهان، وبها جامع
يعرف بها، وكان بها جماعة من الأئمة قديما وحديثا) ونسب
ياقوت إلى المحلة جملة من العلماء.
(3) لم يصل إلينا هذا المعجم فيما أعلم، وهو معجم لشيوخه
الاصبهانيين.
(4) منسوب إلى مدينة أصبهان المعروفة بجي.
(21/8)
وَأَحْمَد (1) ابْنَيْ عَبْدِ اللهِ
السُّوْذَرْجَانِيّ، رَوَيَا لَهُ عَنْ عَلِيِّ بنِ
مَيْلَةَ.
وَسَمِعَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ
الوَاحِدِ بنِ مُحَمَّدٍ، وَقَالَ:
لَمْ يَمُتْ أَحَد مِنْ شُيُوْخِي قَبْلَه، وَلاَ
حَدَّثَنَا عَنْ أَبِي مَنْصُوْرٍ بنِ مِهْرَبزدَ صَاحِب
أَبِي عَلِيٍّ الصّحَّاف سِوَاه.
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الكَاغَدِيّ،
عَنْ عَلِيِّ بنِ مَيْلَةَ.
وَحَدَّثَ السِّلَفِيّ عَنْ: أَبِي مُطِيع مُحَمَّد بن
عَبْدِ الوَاحِدِ الصّحاف صَاحِب ابْنِ مَرْدَوَيْه،
وَعَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ القُوْسَانِيّ،
وَأَبِي طَالِبٍ أَحْمَد بن أَبِي هَاشِمٍ الكُنْدُلاَنِيّ
(2) ، وَأَحْمَد بن عَبْدِ الغَفَّارِ بن أَشْتَه (3) ،
وَإِسْمَاعِيْل بن عَلِيٍّ السَّيْلَقِيّ، وَأَبِي
الفَضْلِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ
سَلِيْمٍ المُؤَدِّبِ، وَأَبِي الفَتْحِ أَحْمَدَ بنِ
مُحَمَّدٍ الحَدَّادِ -وَتَلاَ عَلَيْهِ إِلَى الخوَاتيمِ-
وَعَبْدِ الرَّحْمَانِ بن مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ
النَّصْرِيّ السِّمْسَار -بَقِيَّة أَصْحَاب
الجُرْجَانِيّ- وَسَعِيْد بن مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى
الجَوْهَرِيّ -صَاحِب (4) ابْنِ مَيْلَةَ- وَمَكِّيّ بن
مَنْصُوْرٍ الكَرَجِيّ السَّلاَّر -صَاحِب القَاضِي أَبِي
بَكْرٍ الحِيْرِيّ (5) - وَأَبِي سَعْدٍ مُحَمَّد بن
مُحَمَّدٍ المُطَرِّز -وَتَلاَ عَلَيْهِ ختمَة- وَأَبِي
الفَتْحِ مُحَمَّد بن أَحْمَدَ بنِ الحَارِثِ الأَخْرَم
-صَاحِب غُلاَم مُحْسِن- وَالحَافِظ أَحْمَد بن مُحَمَّدِ
ابْن الحَافِظ أَبِي بَكْرٍ بنِ مَرْدَوَيْه، وَالحَافِظ
أَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ بُشْرَوَيْه -وَسَمِعَ مِنْهُ
(مُعْجَمه)- وَأَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ قُوْلَوَيْه،
وَالمُقْرِئ إِسْمَاعِيْل بن الحَسَنِ العَلَوِيّ،
__________
(1) مات سنة 496 الحاجي: (الوفيات) الترجمة 207، الجزري:
(غاية) 1 / 71 وسوذرجان قرية من قرى أصبهان (معجم البلدان)
3 / 184.
(2) منسوب إلى كندلان من قرى أصبهان، وهو عربي من قريش،
مات في محرم سنة (493) كما في (أنساب) السمعاني و(لباب)
ابن الأثير وغيرهما.
(3) انظر عن تقييد هذا الاسم وضبطه (مشتبه) الذهبي، ص 28.
(4) الصاحب هنا بمعنى التلميذ.
(5) هذا من أهل حيرة نيسابور، وليس من أهل حيرة الكوفة.
(21/9)
وَالمُحَدِّث بُنْدَار بن مُحَمَّدٍ
الخُلْقَانِيّ (1) .
وَأَبِي القَاسِمِ عَبْد اللهِ بن أَحْمَدَ بنِ بَلِّيْزَة
(2) الخِرَقِيّ، وَتَلاَ عَلَيْهِ لِقُنْبُلَ (3) عَنْ
قِرَاءته فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ عَلَى ابْنِ زَنْجَوَيْه، وَأَبِي حَفْصٍ عُمَرَ
بنِ الحَسَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمٍ المُعَلِّم
-صَاحِب غُلاَم مُحْسِنٍ- وَأَبِي نَصْرٍ الفَضْل بن
عَلِيٍّ الحَنَفِيّ -صَاحِب ابْن مَيْلَةَ- وَأَبِي
القَاسِمِ الفَضْل بن عَلِيٍّ السُّكَّرِيّ -صَاحِب أَبِي
بَكْرٍ ابْنِ أَبِي عَلِيٍّ الذَّكْوَانِيّ- وَفَضْلاَن بن
عُثْمَانَ القَيْسِيّ -صَاحِب الذَّكْوَانِيّ أَيْضاً-
وَأَبِي عَلِيٍّ المُطَهَّر بن بُطَّةَ (4) -رَوَى عَنِ
الحَمَّال- وَلاَحِق بن مُحَمَّدٍ التَّمِيْمِيّ -يَرْوِي
عَنِ الفَضْلِ بنِ شَهْرَيَار-.
وَتَلاَ لقَالُوْنَ أَيْضاً عَلَى: أَبِي سَعْدٍ نَصْر بن
مُحَمَّدٍ الشِّيْرَازِيّ صَاحِب أَبِي الفَضْلِ
الرَّازِيّ فِي خلقٍ كَثِيْرٍ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي
نُعَيْمٍ، وَابْن رِيْذَةَ.
وَنَزَلَ إِلَى الحَافِظِ إِسْمَاعِيْل بن مُحَمَّدِ بنِ
الفَضْل الطَّلْحِيّ (5) ، وَالفَضْل بن مُحَمَّدٍ
الدَّيْلَمِيّ، وَعِدَّة.
وَسَمِعَ مِنَ النِّسَاءِ بِأَصْبَهَانَ، مِنْ أُمِّ
سَعْدٍ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ
أَحْمَدَ تَروِي عَنِ: ابْنِ عَبْدكويه، وَالجَمَّالِ،
وَابْن أَبِي عَلِيٍّ، وَمِنْ أَمَةِ العَزِيْزِ بِنْتِ
مُحَمَّدِ بنِ الجُنَيْدِ -سَمِعَتِ الجَمَّالَ- وَمِنْ
سَارَةَ أُخْتِ شَيْخِهِ أَبِي طَالِبٍ الكُنْدُلاَنِيّ،
وَفَاطِمَة بِنْت مَاجَه -تروِي عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ بنِ
حَسْنَوَيْه- وَمِنْ لاَمِعَةَ بِنْتِ سَعِيْدٍ
البَقَّالِ، وَقَدْ سَمِعُوا مِنْهَا فِي حَيَاةِ أَبِي
نُعَيْمٍ الحَافِظِ، فَعمل (مُعْجَمَ) شُيُوْخِهِ
الأَصْبَهَانِيّ فِي مُجَلَّدٍ كَبِيْرٍ.
__________
(1) منسوب إلى بيع الخلق من الثياب.
(2) بفتح الباء الموحدة وتثقيل اللام وكسرها انظر عن ضبطها
(مشتبه الذهبي) ص 90.
(3) (المشتبه) ص 536.
(4) بضم الباء الموحدة ولم يذكره الذهبي في (المشتبه) مع
أنه ذكر جملة من الاصبهانيين (المشتبه): ص 84.
(5) نسبة إلى طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه، ومن ذريته
جماعة بأصبهان كما يظهر من (أنساب) السمعاني، و(لباب) ابن
الأثير.
(21/10)
وَارْتَحَلَ، وَلَهُ أَقلُّ مِنْ
عِشْرِيْنَ سَنَةً، فَدَخَلَ بَغْدَادَ وَلَحِقَ بِهَا
أَبَا الخَطَّاب ابْنَ البَطِرِ، وَسَمِعَ مِنْهُ نَحْواً
مِنْ عِشْرِيْنَ جُزْءاً، كَانَ يَتَفَرَّد بِهَا،
فَتَفَرَّد هُوَ بِهَا عَنْهُ؛ كَالدُّعَاء
لِلمَحَامِلِيّ، وَالأَجزَاء (المَحَامِلِيَّات)
الثَّلاَثَة.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ
الطُّرَيْثِيْثِيّ، وَالحُسَيْن بن عَلِيِّ بنِ
البُسْرِيِّ، وَثَابِت بن بُنْدَار، وَأَبِي سَعْدٍ
الحُسَيْن بن الحُسَيْنِ الفَانِيْدِيّ، وَأَبِي مُسْلِمٍ
عَبْد الرَّحْمَانِ بن عُمَرَ السِّمْنَانِيّ، وَعَلِيّ بن
مُحَمَّدِ بنِ العَلاَّفِ الحَاجِب، وَعَلِيّ بن
الحُسَيْنِ الرَّبَعِيّ، وَأَبِي الخَطَّابِ ابْن
الجَرَّاح، وَقَاضِي المَوْصِل أَبِي نَصْرٍ مُحَمَّد بن
عَلِيِّ بنِ وَدْعَانَ صَاحِب تِيك الأَرْبَعِيْنَ (1)
المَكْذُوْبَة، وَالمُبَارَك بن عَبْدِ الجَبَّارِ ابْن
الطُّيُوْرِيّ، وَجَعْفَر بن أَحْمَدَ السَّرَّاج،
وَالمُعَمَّر بن مُحَمَّدٍ الحَبَّال، وَمَنْصُوْر بن
بَكْرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ حِيْدٍ (2) ، وَأَبِي الفَضْلِ
مُحَمَّد بن مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ ابْن الصَّبَّاغ،
وَأَبِي طَاهِرٍ مُحَمَّد بن أَحْمَدَ بنِ قيدَاس، وَأَبِي
البَرَكَات مُحَمَّد بن المُنْذِرِ بن طَيْبَانَ (3) ،
وَأَبِي البَرَكَات مُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ الوَكِيْل،
وَأَبِي مَنْصُوْرٍ الخَيَّاط، وَأَبِي سَعْدٍ مُحَمَّد بن
عَبْدِ المَلِكِ الأَسَدِيِّ، وَأَبِي يَاسِر مُحَمَّد بن
عَبْدِ العَزِيْزِ الخَيَّاط، وَالشَّرِيْف مُحَمَّد بن
عَبْدِ السَّلاَمِ الأَنْصَارِيِّ، وَأَبِي سَعْدٍ
مُحَمَّد بن عَبْدِ المَلِكِ بن خُشَيْش، وَأَبِي غَالِبٍ
مُحَمَّد بن الحَسَنِ البَاقِلاَّنِيّ، وَعَلِيّ بن
الخَلِّ البَزَّاز، وَأَبِي تُرَاب عَبْد الخَالِقِ بن
مُحَمَّدِ بنِ خَلَفٍ المُؤَدِّب -صَاحِب هبَة
__________
(1) يعني الأربعين حديثا.
(2) بكسر الحاء المهملة وسكون الياء آخر الحروف (المشتبه)
ص 182.
وهو مستفاد مع (حيد) بفتحتين، و(حند) بضم الحاء المهملة
وفتح النون المشددة، و(جند) بالجيم والنون المفتوحتين.
(3) قيده الذهبي في (المشتبه) قال: (وبمهملة ثم ياء...وأبو
البركات محمد بن المنذر بن طيبان، عن أبي القاسم بن بشران،
وعنه السلفي..) ص: 425.
(21/11)
الله اللاَّلْكَائِيّ (1) - وَأَحْمَد بن
سُوْسَن التَّمَّار، وَالحَافِظ أَبِي عَلِيٍّ
البَرَدَانِيّ (2) ، وَالحَافِظ شُجَاع بن فَارِس
الذُّهْلِيّ، وَالحَافِظ مُؤْتَمَن بن أَحْمَدَ
السَّاجِيّ، وَالمُفِيْد أَبِي مُحَمَّدٍ ابْن الآبنوسِيّ،
وَالحَافِظ أَبِي عَامِرٍ العَبْدَرِيّ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ
عَمل لَهُم (المُعْجَم) (3) فِي مُجَلَّدٍ تَامّ، فِيهِم
عدد مِنْ أَصْحَابِ ابْن غَيْلاَنَ وَالجَوْهَرِيّ،
وَنَزَلَ إِلَى أَصْحَاب أَبِي الحَسَنِ ابْن
النَّقُّوْرِ.
وَجَالَس فِي الفِقْه إِلْكِيَا الهَرَّاسِيّ، وَيُوْسُف
بن عَلِيٍّ الزَّنْجَانِيّ، وَأَبَا بَكْرٍ الشَّاشِيّ.
وَأَخَذَ الأَدب عَنْ أَبِي زَكَرِيَّا يَحْيَى بن عَلِيٍّ
التَّبْرِيْزِيّ.
وَلَمْ يَتفق لَهُ لُقِيُّ أَبِي حَامِد الغَزَالِيّ
فَإِنَّهُ كَانَ قَدْ فَارق بَغْدَاد، وَحَجّ، وَقَدِمَ
الشَّام، ثُمَّ ارْتَحل مِنْهَا إِلَى خُرَاسَانَ.
لَمْ يَسْمَعْ بِبَغْدَادَ مِنَ النِّسَاء سِوَى ثَمَانِي
شَيْخَات، وَسَافَرَ مِنْهَا بَعْد أَرْبَع سِنِيْنَ
وَسَمِعَ بِالكُوْفَةِ مِنْ: أَبِي البَقَاءِ الحَبَّالِ،
وَجَمَاعَة.
وَحَجّ، فَسَمِعَ بِمَكَّةَ مِنْ: أَبِي شَاكِر
العُثْمَانِيّ صَاحِب أَبِي ذَرٍّ الحَافِظ، وَمِنَ:
الحُسَيْن بن عَلِيٍّ الطَّبَرِيّ الفَقِيْه.
وَبِالمَدِيْنَة مِنْ: أَبِي الفَرَجِ القَزْوِيْنِيّ،
وردّ إِلَى بَغْدَادَ، فَأَقَامَ بِهَا عَامَيْنِ مُكبّاً
عَلَى العِلْم وَالفَضَائِلِ.
ثُمَّ ارْتَحَلَ سَنَةَ خَمْسِ مائَةٍ، فَسَمِعَ مِنْ:
مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ العَسْكَرِيِّ، وَطَائِفَةٍ
__________
(1) في الأصل: الالكائي، وهو وهم من الناسخ، وهذه النسبة
إلى بيع اللوالك التي تلبس في الارجل كما في (أنساب)
السمعاني و(لباب) ابن الأثير.
(2) في (أنساب) السمعاني و(لباب) ابن الأثير بضم الباء
الموحدة، وما هنا هو المعتمد يقويه ما ورد في (معجم
البلدان) و(مشتبه) الذهبي 61 وغيره من كتب المشتبه.
(3) يريد بذلك المشيخة البغدادية، وقد وصلت إلينا، وعندي
نسخة مصورة منها.
(21/12)
بِالبَصْرَةِ، وَمِنَ المُفْتِي أَبِي
بَكْرٍ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ زَنْجَوَيْه صَاحِب
أَبِي عَلِيٍّ بنِ شَاذَانَ بِزَنْجَانَ (1) ، وَمِنْ
أَبِي غَالِبٍ مُحَمَّد بن أَحْمَدَ العَدْل صَاحِب ابْن
شُبَانَةَ (2) بِهَمَذَانَ، وَمِنْ أَبِي سَعِيْدٍ عَبْد
الرَّحْمَانِ بن عَبْدِ العَزِيْزِ الشَّافِعِيّ
بِأَبْهَرَ، وَمِنْ أَبِي نُعَيْمٍ مُحَمَّد بن عَلِيِّ
بنِ زبزب بِوَاسِط، وَمِنْ أَبِي القَاسِمِ مَحْمُوْد بن
سعَادَة الهِلاَلِيّ بِسَلَمَاسَ (3) ، وَمِنْ مُحَمَّدِ
بنِ الحَسَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ بن فَدُوْيَه
الكُوْفِيّ بِالحِلَّةِ، وَمِنْ أَبِي سَعْدٍ أَحْمَد بن
الخصِيْب الخَانسَارِيّ بِجَرْبَاذَقَانَ، وَمِنْ أَحْمَد
بن إِسْحَاقَ الأَدِيْب بِسَاوَة، وَمِنْ قَاضِي
الدِّيْنَوَرِ أَبِي طَالِبٍ نَصْرِ بنِ الحُسَيْنِ
بِالدِّيْنَوَرِ، وَمِنْ مُوَحِّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
عَبْدِ الوَاحِدِ القَاضِي بِتُسْتَرَ، وَمِنْ أَبِي
طَاهِرٍ حَمْدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ الكَوْسَجِ
بِالكَرَجِ، وَمِنْ رَاشِدِ بنِ عَلِيٍّ المُقْرِئِ
بِالأَهْوَازِ، وَمِنْ أَحْمَد بنِ عُمَرَ بنِ مُحَمَّدِ
بنِ نَاتَانَ بِتَفْلِيْسَ، وَمِنْ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ
بنِ مَهْدِيٍّ السُّرُنْجِيّ بِنَصِيْبِيْنَ، وَمِنْ أَبِي
طَاهِرٍ أَحْمَد بن عَلِيٍّ بِشَابُرْخُوَاسْتَ (4) ،
وَمِنْ أَبِي نَصْرٍ عَبْد الوَاحِدِ بن مُحَمَّد
بِالكَنْكَوَر (5) ، وَمِنْ أَبِي الفَتْحِ أَحْمَد بن
مُحَمَّدِ بنِ رُشَيْدٍ الأَدَمِيّ بِشَهْرَسْتَانَ،
وَمِنْ أَبِي تَمَّامٍ مُحَمَّد بن مُحَمَّدِ بنِ بَنْبَقَ
بِالنُّعْمَانِيَّةِ، وَمِنَ القَاضِي مَسْعُوْدِ بنِ
عَلِيٍّ الملحِيّ بِأَرْدَبِيْلَ، وَمِنَ القَاضِي سَالِمِ
بنِ مُحَمَّد
__________
(1) قيده ياقوت بكسر الزاي وقيده السمعاني بفتحه، واخترنا
الفتح، ويقويه ما ورد في (مراصد الاطلاع) بالفتح أيضا،
والسمعاني على أية حال أعلم بتلك البلاد.
(2) هو أحمد بن الفضل بن شبانة الهمذاني الكاتب قيده
الذهبي في (المشتبه) ص:
386.
(3) بفتح السين المهملة واللام مدينة مشهورة بأذربيجان كما
في معجم ياقوت و(مراصد الاطلاع).
(4) ويقال فيها أيضا (سابورخواست) بلدة بين خوزستان
وأصفهان، ذكر ياقوت وصاحب (المراصد) اللفظين معا في
معجميهما.
(5) هكذا وجدناها مقيدة في الأصل بفتح الكافين، وقد قيدها
ياقوت بكسر الكافين، وتابعه ابن عبد الحق في (مراصده)
وقالا: هي بليدة بين همذان وقرميسين.
(21/13)
العِمْرَانِيّ بِآمِدَ.
وَمِنَ القَاضِي عَبْد الجَبَّارِ بن سَعْدٍ بِالأَشْتَر
(1) ، وَمِنْ أَبِي الفَتْحِ أَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ
حَامِدٍ الحَرَّانِيّ بِمَاكِسِيْنَ، وَمِنَ القَاضِي
عَبْد الكَرِيْمِ بن حَمْدٍ الجُرْجَانِيّ
بِمَأْمُوْنِيَّةِ زَرَنْدَ، وَمِنْ قَاضِي نَهْرِ
الدَّيْرِ عَبْدِ الوَاحِدِ بن أَحْمَدَ بِهَا (2) ،
وَمِنْ مَيْمُوْن بن عُمَرَ البَابِيِّ الفَقِيْه بِبَابِ
الأَبْوَابِ، وَمِنْ أَبِي صَادِق المَدِيْنِيّ بِمِصْرَ،
وَمِنَ القَاضِي أَبِي المَحَاسِن الرُّوْيَانِيّ
بِالرَّيِّ، وَمِنَ القَاضِي إِسْمَاعِيْل بن عَبْدِ
الجَبَّارِ المَاكِيّ (3) بقَزْوِيْن، وَمِنْ أَبِي
عَلاَّنَ سَعْد بن عَلِيٍّ المُضَرِيّ بِمَرَاغَةَ، وَمِنْ
أَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ الرَّازِيّ
بِالإِسْكَنْدَرِيَّة، وَمِنْ خلقٍ كَثِيْر بِهَا، وَمِنْ
أَبِي طَاهِرٍ مُحَمَّد بن الحُسَيْنِ الحِنَّائِيّ
بِدِمَشْقَ، وَمِنْ أَبِي مَنْصُوْرٍ مُحَمَّد بن عَبْدِ
الوَاحِدِ بنِ غَزْوٍ بِنَهَاوَنْد.
وَسَمِعَ بِأَبْهَرَ مِنْ: أَبِي العَلاَءِ أَحْمَد بن
إِسْمَاعِيْلَ الطَّبَّاخِيّ بِسَمَاعه مِنْ جدّه لأُمِّهِ
مُحَمَّد بن عَبْدِ العَزِيْزِ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ
وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ بِصُوْر مِنْ: أَبِي الفَضْلِ أَحْمَدَ بنِ
الحُسَيْنِ الكَامِلِي المُسْتَمْلِي عَنْ عُمَرَ بنِ
أَحْمَدَ الآمِدِيّ، وَسَمِعَ بقَزْوِيْن مِنَ الخَلِيْل
بن عَبْدِ الجَبَّارِ التَّمِيْمِيّ رَاوِي نُسْخَة
فُلَيْحٍ (4) .
وَسَمِعَ بِصَرِيْفِيْنَ وَاسِطَ مِنْ رَجَبِ بنِ
مُحَمَّدٍ الشُّرُوْطِيّ، وَبِمَيَّافَارِقِيْنَ مِنْ
مُفْتِيْهَا شَرِيْفِ بنِ فَيَّاضٍ، وَبِالرَّحْبَةِ مِنْ
أَبِي مَنْصُوْرٍ ضَبَّةَ بنِ أَحْمَدَ
__________
(1) المعروف أنها (أشتر) بغير ألف ولام ذكرها ياقوت،
وقيدها بفتح الهمزة وسكون الشين المعجمة وفتح التاء ثالث
الحروف، وذكر أنها ناحية من نهاوند وهمذان.
(2) يعني بنهر الدير.
(3) لم يذكر السمعاني هذه النسبة في (الأنساب) ولا
استدركها عليه ابن الأثير في (اللباب)، وقد وضع الناسخ
عليها لفظة (صح) دلالة على صحة كتابتها، ولعله منسوب إلى
جد له ؟.
(4) فليح بن سليمان بن أبي المغيرة المدني، قال أبو الحجاج
المزي: وفليح لقب غلب عليه، واسمه عبد الملك توفي سنة 168
وقد تكلموا فيه مع أن أصحاب الكتب الستة قد احتجوا به راجع
(تهذيب الكمال) نسخة دار الكتب المصرية 25 حديث، و(ميزان)
الذهبي 3 / 365، و(تهذيب التهذيب) لابن حجر 8 / 303
وغيرها.
(21/14)
القُضَاعِيّ الشُّرُوْطِيّ، وَبِالدُّون
(1) مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بن حَمْدٍ السُّفْيَانِيّ،
وَبِالفَرَكِ (2) مِنْ بَدْر بن دُلَفٍ الفَرَكِيّ،
وَبقَرْقِيْسِيَا عَلِيّ بن إِبْرَاهِيْمَ الخَطِيْبِيّ،
وَبقَرْمِيْسِيْنَ عَلِيّ بن مُنِيْر الحَرَّانِيّ،
وَبِشَرْوَانَ عَلِيّ بن أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ المُفَضّض
وَلَيَّنَه، وَبِزَرَنْدَ عَبْد الرَّزَّاقِ بن حَسَنٍ،
وَبأَبْهَرَ أَيْضاً مِنْ رَئِيْسِهَا عَبْدِ الوَارِثِ بن
مُحَمَّدٍ الأَسَدِيّ بِسَمَاعه مِنْ أَبِيْهِ فِي سَنَةِ
تِسْعَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ؛ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ
بنُ لُؤْلُؤٍ الوَرَّاقُ، وَبِالفَارُوْثِ مِنْ عَسْكَرِ
بنِ حَسَنِ بنِ سَنْبَرَ، وَبِمَدِيْنَةِ القَصْرِ مِنْ
غَالِبِ بنِ عَلِيٍّ، وَبِفَيْدَ (3) مِنْ فَرَجِ بنِ
إِبْرَاهِيْمَ، وَبِعَرَابَانَ كَلاَّب (4) بن حوَارِيّ
التَّنُوْخِيّ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ آخرَ، عَنْ عَبْدِ
الغَافِرِ الفَارِسِيِّ، وَبِدَارَيَّا مُحَمَّد بن
عَلِيِّ بنِ حُجَيْجَةَ، وَبعَسْكَر مُكْرَمٍ (5)
المُبَارَك بن مُحَمَّدِ بنِ مَنْصُوْرٍ الدِّيْبَاجِيّ،
وَبِحَانِيّ (6) مُبَارَكَة بِنْت أَبِي الحَسَنِ
الحَنْبَليَّة، وَبِثغرنَشَوَى (7) مُفَرّج بن أَبِي
عَبْدِ اللهِ، وَبِالدُّوْنَق نَصْر بن مَنْصُوْرٍ
__________
(1) قرية من أعمال دينور كما في (معجم) ياقوت، و(مراصد)
البغدادي.
(2) الفرك: قرية من قرى أصبهان، قيدها السمعاني بفتح الفاء
والراء، وتابعه في هذا التقييد عز الدين ابن الأثير في
(اللباب) 2 / 207، أما ياقوت فقيدها بفتح الفاء وسكون
الراء، لكنه ذكر أن بعضهم يفتح الراء أيضا، وتابعه في ذلك
ابن عبد الحق البغدادي في (مراصده) وما عند السمعاني أضبط.
(3) بفتح الفاء وسكون الياء آخر الحروف بليدة في نصف طريق
مكة من الكوفة كما في (معجم) ياقوت.
(4) قال الذهبي في (كلاب) من (المشتبه): (وبالتثقيل..وكلاب
بن الحواري التنوخي، شيخ للسلفي) (ص 555).
أما عرابان التي سمع فيها من هذا الشيخ فيقال فيها (عربان)
من غير ألف كما في (معجم) ياقوت.
(5) بلدة من نواحي خوزستان.
(6) مدينة من مدن ديار بكر.
(7) بالتحريك والقصر، مدينة بأذربيجان، وتعرف أيضا بنخجوان
أو نقجوان (معجم ياقوت).
(21/15)
الدُّوْنَقِيّ (1) ، وَبِالزُّزّ (2) مِنْ
مَانكيل بن مُحَمَّدٍ، وَبِتَدْمُرَ أَبيَاتاً مِنْ
وُهَيْب التَّمِيْمِيّ، وَبِسرَاي (3) -دَارِ مَمْلَكَةِ
أُزْبَك خَانَ- مِنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَلِيٍّ
السُّفُنِيّ، وَسَمِعَ بِمَارْدِيْنَ، وَسُهْرَوَرْدَ،
وَدَبِيْلَ، وَجَوِّيْث (4) ، وَخِلاَط، وَقَهج، وَغَيْر
ذَلِكَ، وَأَفْرَدَ مِنْ ذَلِكَ (الأَرْبَعِيْنَ
البلديَّة).
(5) وَأَملَى مَجَالِس بِسَلَمَاسَ وَهُوَ شَابّ، وَانْتخب
عَلَى غَيْر وَاحِد مِنَ المَشَايِخ، وَكَتَبَ العَالِي
وَالنَّازل، وَنسخ مِنَ الأَجزَاء مَا لاَ يُحصَى كَثْرَة،
فَكَانَ يَنسخ الجُزْء الضَخْم فِي لَيْلَة، وَخطّه
مُتْقَن سرِيع، لَكنه مُعَلّق مغْلق.
وَبَقِيَ فِي الرّحلَة ثَمَانِيَةَ عشرَ عَاماً، يَكتب
الحَدِيْث وَالفِقْه وَالأَدب وَالشّعر.
وَقَدِمَ دِمَشْق سَنَة تِسْعٍ وَخَمْسِ مائَةٍ، فَأَقَامَ
بِهَا سَنَتَيْنِ (6) ، يَكتب العِلْم مقيماً
بِالخَانقَاه.
وَقَدْ جَمعُوا لَهُ مِنْ جُزَازِهِ وَتعَالِيقِهِ
(مُعْجَم السَّفَر) فِي مُجَلَّدٍ كَبِيْرٍ (7) .
ثُمَّ اسْتَوْطَنَ ثغر الإِسْكَنْدَرِيَّة بِضْعاً
وَسِتِّيْنَ سَنَةً وَإِلَى أَنْ مَاتَ،
__________
(1) قال السمعاني في (الدونقي) من (الأنساب)، وتابعه ابن
الأثير في (اللباب): بضم الدال وسكون الواو وفتح النون وفي
آخرها القاف، هذه النسبة إلى دونق وهي قرية من قرى
نهاوند).
وقيدها ياقوت بفتح الدال.
(2) ناحية من نواحي همذان (معجم البلدان).
(3) لعلها هي التي ذكرها ياقوت باسم (سراو).
(4) قيدها الناسخ في الأصل بفتح الجيم وتشديد الواو، وهو
بذلك يتابع أبا سعد السمعاني في (الأنساب) حيث قال في
(الجويثي): (بفتح الجيم وكسر الواو المشددة وسكون الياء
المثناة من تحتها وفي آخرها الثاء المثلثة، هذه النسبة إلى
الجويث، وهي بلدة بنواحي البصرة.
أما ياقوت فذكرها بضم الجيم وفتح الواو وتخفيفها، وذكر
أنها موضع بين بغداد وأوانا، فلعل تلك غيرها لم يعرفها.
(5) ويقال فيها (البلدانية) أيضا.
(6) في الأصل سنتان وهو وهم من الناسخ وقد ذكر في (تاريخ
الإسلام): أنه أقام بدمشق عامين (الورقة: 62 نسخة أحمد
الثالث 2917 / 14).
(7) الذي جمعه هو العلامة الحافظ زكي الدين عبد العظيم
المنذري المتوفى سنة 656.
وكتبه كما يجئ لا كما يجب لذلك لم يكن ترتيبه كما ينبغي،
وقد بقيت عبارة المنذري عن جمع =
(21/16)
يَنشر العِلْم، وَيُحَصّل الكُتُب الَّتِي
قل مَا اجْتَمَع لعَالِمٍ مِثْلهَا فِي الدُّنْيَا.
ارْتَحَلَ إِلَيْهِ خلق كَثِيْر جِدّاً، وَلاَ سِيَّمَا
لما زَالت دَوْلَة الرّفض (1) عَنْ إِقْلِيْم مِصْر
وَتَملّكهَا عَسْكَر الشَّام، فَارْتَحَلَ إِلَيْهِ
السُّلْطَان صَلاَح الدِّيْنِ وَإِخْوَته وَأُمرَاؤُه،
فَسمِعُوا مِنْهُ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الحَافِظ مُحَمَّدُ بنُ طَاهِرٍ
المَقْدِسِيّ، وَالمُحَدِّث سَعْد الخَيْر (2) -وَهُمَا
مِنْ شُيُوْخِهِ- وَأَبُو العِزِّ مُحَمَّد بن عَلِيٍّ
المُلْقَابَاذِيّ، وَعَلِيّ بن إِبْرَاهِيْمَ
السَّرَقُسْطِيّ، وَطَيِّب بن مُحَمَّدٍ المَرْوَزِيّ،
وَقَدْ رَوَى أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ عَنِ
الثَّلاَثَة عَنِ السِّلَفِيّ.
وَمِمَّنْ رَوَى عَنْهُ: يَحْيَى بنُ سَعْدُوْنَ
القُرْطُبِيّ، وَالصَّائِن هِبَة اللهِ بن عَسَاكِرَ،
وَحَدَّثَ عَنْهُمَا الحَافِظَان: ابْن السَّمْعَانِيّ،
وَأَبُو القَاسِمِ ابْنُ عَسَاكِرَ عَنْهُ.
وَرَوَى عَنْهُ بِالإِجَازَةِ خلق مَاتُوا قَبْله،
مِنْهُم: القَاضِي عِيَاض بن مُوْسَى.
وَحَدَّثَ عَنْهُ مِنَ الأَئِمَّةِ: عُمَر بن عَبْدِ
المَجِيْدِ المَيَانَشِيّ، وَحَمَّاد الحَرَّانِيّ،
وَالحَافِظَان؛ عَبْد الغَنِيِّ (3) وَعَبْد القَادِرِ
الرُّهَاوِيّ، وَعَلِيّ بن
__________
= الكتاب من الجزازات موجودة في صدر نسخة مكتبة عارف حكمت
بالمدينة المنورة من (معجم السفر).
انظر التفاصيل في مقال الدكتور بشار عواد عن (معجم السفر))
في مجلة المورد م (8) عدد (1) ص: 381.
(1) يعني دولة بني عبيد المعروفة خطأ بالدولة الفاطمية.
(2) هو أبو الحسن سعد الخير بن محمد سهل الأندلسي الأنصاري
المتوفي سنة 541.
راجع (المنتظم) 10 / 121 و(عبر) الذهبي 4 / 112 و(عقد
الجمان) للعيني 16 / الورقة 164 وغيرها.
(3) يعني عبد الغني المقدسي المتوفى سنة 600 صاحب كتاب
(الكمال في أسماء الرجال) وغيره من الكتب النافعة.
(21/17)
المُفَضَّل الحَافِظ، وَأَبُو البَرَكَاتِ
ابْن الجَبَّابِ (1) ، وَالشِّهَاب ابْن رَاجِحٍ، وَأَبُو
نزَار رَبِيْعَة بن الحَسَنِ اليَمَنِيّ، وَأَبُو
النَّجْمِ فَرْقَد الكِنَانِيّ، وَعَبْد الرَّحِيْمِ بن
أَبِي الفَوَارِسِ القَيْسِيّ، وَالصَّائِن عَبْد
الوَاحِدِ بن إِسْمَاعِيْلَ الأَزْدِيّ، وَأَبُو النَّجْمِ
بن رسلاَن الوَاعِظ، وَالسُّلْطَان يُوْسُف بن أَيُّوْبَ،
وَأَخُوْهُ السُّلْطَان أَبُو بَكْرٍ العَادل، وَأَبُو
الفُتُوْحِ مُحَمَّد بن مُحَمَّدٍ البَكْرِيّ، وَابْنُه
أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّد، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ الغَفَّارِ
الهَمَذَانِيّ، وَالأَمِيْر مُحَمَّد بن مَحْمُوْدٍ
الدُّوْنِيّ، وَظَافر بن عُمَرَ بنِ مُقَلّد
الدِّمَشْقِيّ، وَعَبْد اللهِ بن عُمَرَ الشَّافِعِيّ
قَاضِي اليَمَن، وَمُرْتَضَى بن حَاتِمٍ، وَظَافر بن
شَحْمٍ، وَعَلِيّ بن زَيْدٍ التَّسَارَسِيّ (2) ، وَعَلِيّ
بن مُخْتَار العَامِرِيّ، وَجَعْفَر بن عَلِيٍّ
الهَمْدَانِيّ، وَعَبْد الغَفَّارِ بن شُجَاعٍ
المَحَلِّيّ، وَالفَخْر (3) مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيْمَ
الفَارِسِيّ، وَالحَسَن بن مُحَمَّدٍ الأَوقِيّ، وَنَصْر
بن جرْو، وَعَبْد الصَّمَدِ الغَضَارِيّ، وَعِيْسَى بن
الوَجِيْه بن عِيْسَى، وَمُحَمَّد بن عِمَاد الحَرَّانِيّ،
وَالفَخْر مُحَمَّد بن عَبْدِ الوَهَّابِ، وَإِبْرَاهِيْم
بن عَلِيٍّ المَحَلِّيّ، وَدِرْع بن فَارِس العَسْقَلانِيّ
الشِّيْرَجِيّ، وَعَبْد الخَالِقِ بن إِسْمَاعِيْلَ
التِّنِّيْسِيّ (4) ، وَعَلِيّ بن مُحَمَّدِ بنِ رَحَّالٍ
(5) ، وَمُحَمَّد بن مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدٍ
المَأْمُوْنِيّ، وَعَبْد اللهِ بن عَبْدِ الجَبَّارِ
العُثْمَانِيّ، وَإِبْرَاهِيْم بن عَبْدِ الرَّحْمَانِ
ابْن الجَبَّابِ، وَأَخُوْهُ؛ مُحَمَّد، وَأَبُو القَاسِمِ
عَبْدُ الرَّحْمَانِ ابْن
__________
(1) أبو البركات عبد القوي ابن الجباب المصري وستأتي
ترجمته في هذا الكتاب.
وانظر عن ضبط الجباب (مشتبه) الذهبي، ص 205.
(2) لم يذكر السمعاني هذه النسبة في (الأنساب)، ولا
استدركها عليه ابن الأثير في (اللباب)، وهو منسوب إلى
(تسارس) قصر ببرقة راجع (معجم البلدان)، و(مراصد الاطلاع)
في هذه المادة.
(3) يعني فخر الدين، وهذا من أسلوب المؤلف.
(4) نسبة إلى (تنيس) البلد المشهور بمصر.
(5) قال الذهبي في (المشتبه): (وبحاء مثقلة وعلي بن محمد
رحال، عن السلفي، حدثنا عنه أبو المعالي القرافي) (ص 309).
(21/18)
الصَّفْرَاوِيِّ.
وَعَبْد الرَّحِيْمِ بن الطُّفَيْل، وَالحَسَن بن هِبَةِ
اللهِ بنِ دِيْنَارٍ، وَيُوْسُف بن عَبْدِ المُعْطِي ابْن
المخيلِيّ، وَالوَجِيْه مُحَمَّد ابْن تَاجِرِ عَيْنه،
وَعَلِيّ بن إِسْمَاعِيْلَ بن جُبَارَةَ، وَحَمْزَة بن
أَوْسٍ الغَزَّال، وَيَحْيَى بن عَبْدِ العَزِيْزِ
الأَغْمَاتِيّ، وَأَخُوْهُ نَاصِر، وَحُسَيْن بن يُوْسُفَ
الشَّاطِبِيّ، وَعَبْد العَزِيْزِ بن النَّقَّارِ،
وَمُظَفَّر بن عَبْدِ المَلِكِ الفُوِّيّ (1) ،
وَمَنْصُوْر بن سَنَد ابْن الدِّمَاغِ، وَعَلَم الدِّيْنِ
عَلِيّ بن مُحَمَّدٍ السَّخَاوِيّ، وَعَلَم الدِّيْنِ
عَلِيّ بن مَحْمُوْدٍ ابْن الصَّابُوْنِيّ، وَابْن
أَخِيْهِ الشِّهَاب أَحْمَد بن مُحَمَّدٍ، وَفَاضِل بن
نَاجِي المخيلِيّ، وَيُوْسُف بن يَعْقُوْبَ السَّاوِيّ،
وَأَبُو الوَفَاء عَبْد المَلِكِ ابْن الحَنْبَلِيّ،
وَأَبُو القَاسِمِ بنُ رَوَاحَةَ، وَأَحْمَد بن مُحَمَّدِ
ابْن الجَبَّابِ، وَعَلِيّ بن أَبِي بَكْرٍ الدَّيْبُلِيّ
(2) ، وَعَلِيّ بن عَبْدِ الرَّحْمَانِ المَنْبِجِيّ،
وَعُمَر بن أَمِيْر ملك الحَنَفِيّ، وَعَبْد الوَاحِدِ بن
أَبِي القَاسِمِ الدِّمَشْقِيّ، وَتَمَّام بن عَبْدِ
الهَادِي ابْن الحَنْبَلِيّ، وَعَبْد العَزِيْزِ بن عَبْدِ
اللهِ ابْن الصَّوَّاف، وَعُمَر ابْن الشَّيْخ أَبِي
عُمَرَ بن قُدَامَةَ (3) ، وَأَبُو مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ
بنُ عَقِيْل ابْن الصُّوْفِيّ، وَمَحْمُوْد بن موسك
الهَذَبَانِيّ، وَمُحَمَّد بن يَحْيَى ابْن السَّدَّارِ،
وَبشَارَة بن طلاَئِع، وَعَبْد اللهِ بن يُوسُف القابسيّ،
وَصدقَة بن عبد الله الْأَدِيب، وَعلي مَنْصُور بن
مَخْلُوْف، وَسُلَيْمَان بن حَسَنٍ البَزَّاز، وَعَبْد
اللهِ بن يَحْيَى المَهْدَوِيّ، وَحَسَّان بن أَبِي
القَاسِمِ المَهْدَوِيّ، وَعَبْد الحَكِيْمِ بن حَاتِمٍ،
وَسِتّ الحُسْنِ بِنْت الوَجِيْه بن عِيْسَى، وَعَبْد
الكَافِي السّلاَوِيّ، وَعَبْد اللهِ بن
إِسْمَاعِيْلَ بن رَمَضَان، وَالحُسَيْن بن صَادِق
المَقْدِسِيّ، وَنَصْر اللهِ ابْن نَقَّاشِ السِّكَّةِ،
وَعَبْد
__________
(1) نسبة إلى (فوة) - بضم الفاء وتشديد الواو المفتوحة -
بلدة قريبة من الإسكندرية.
(2) منسوب إلى (الديبل) - بالفتح ثم السكون وباء موحدة
مضمومة ولام - مدينة مشهورة على ساحل بحر الهند (معجم
ياقوت) و(مراصد البغدادي).
(3) يعني: المقدسي.
(21/19)
الكَرِيْم بن كُلَيْبٍ الحَرَّانِيّ.
وَهِبَة اللهِ ابْن نَقَّاشِ السِّكَّةِ أَخُو
المَذْكُوْر، وَعَبْد الوَهَّابِ بن روَاجٍ الأَزْدِيّ،
وَبَهَاء الدِّيْنِ عَلِيّ ابْن الجُمَّيْزِيّ، وَشُعَيْب
بن يَحْيَى الزَّعْفَرَانِيّ، وَأَحْمَد بن عَلِيِّ بنِ
بَدْر الدِّمَشْقِيّ، وَعَبْد الخَالِقِ بن حَسَنِ بنِ
هَيَّاجٍ، وَعَبْد المُحْسِنِ السطحِيّ، وَعَلِيّ بن
عَبْدِ الجَلِيْلِ الرَّازِيّ، وَقَيْمَاز (1)
المُعَظَّمِيّ، وَهِبَة اللهِ بن مُحَمَّدِ بنِ مُفَرِّجِ
ابْن الوَاعِظ وَسِبْطهُ أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ
الرَّحْمَانِ بن مَكِّيّ، وَخَلْق، آخرهُم مَوْتاً: رَاوِي
المُسَلْسَلِ (2) عَنْهُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ
الحَسَنِ بنِ عَبْدِ السَّلاَمِ السَّفَاقُسِيّ.
وَبِالإِجَازَة: تَاج الدِّيْنِ أَحْمَدَ ابْن
الشِّيْرَازِيّ، وَالنُّوْر البَلْخِيّ، وَعُثْمَان بن
عَلِيِّ ابْن خَطِيْبِ القَرَافَةِ، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ
الوَاحِدِ المَقْدِسِيّ الحَافِظ، وَمَكِّيّ بن عَلاَّنَ
القَيْسِيّ، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ الهَادِي
الجَمَّاعِيْليّ، وَعِدَّة.
وَمِمَّنْ سَمِعَ مِنْهُ أَيْضاً: أَبُو الحَسَنِ
مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ يَاقُوْت.
وَرَوَى عَنْهُ بِالإِجَازَةِ العَامَّة (3) : الزِّين
أَحْمَدُ بن عَبْدِ الدَّائِمِ (4) ، وَطَائِفَة؛ فَبين
ابْن طَاهِر وَبَيْنَ
__________
(1) هكذا هي مرسومة في الأصل، وتكتب أيضا: قايماز.
(2) يعني: الحديث المسلسل بالاولية، وهو من نعوت الأسانيد،
وفيه يتتابع رجال الإسناد
ويتواردون واحدا بعد واحد، بشرط أن يكون أول حديث سمعه
جميع رجال السند من شيخ معين من شيوخهم ونص هذا الحديث
(الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحكم من في
السماء) قال شعيب: وهو حديث صحيح بشواهده، أخرجه من حديث
عبد الله بن عمر وأبو داود (4941) والترمذي (1925) وحسنه،
والحاكم 4 / 179، وصححه مع أن فيه أبا قابوس لم يرو عنه
غير ابن دينار، ولم يوثقه سوى ابن حبان على قاعدته في
توثيق من لم يجرح، ورواه أبو يعلى والطبراني في معاجمه
الثلاثة من طريق أبي إسحاق السبيعي، عن أبي عبيدة، عن ابن
مسعود، ورجاله ثقات إلا أن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه ابن
مسعود، ورواه الطبراني (2502) من حديث جرير بن عبد الله
البجلي ورجاله رجال الصحيح كما قال الهيثمي في (المجمع) 8
/ 187 وانظر ما تبقى من الشواهد فيه.
(3) من المعروف أن الامام السلفي قد أجاز المسلمين عامة
قبل موته، فروى بعضهم بهذه الاجازة العامة.
(4) يعني: المقدسي.
(21/20)
السَّفَاقُسِيّ فِي الوَفَاة مائَة (1)
وَسَبْع وَأَرْبَعُوْنَ سَنَةً، وَذَا مَا لَمْ يَتّفق
مِثْلُه لأَحدٍ فِي كِتَابِ (السَّابِقِ وَاللاَّحِقِ
(2)).
وَلَقَدْ خَرَّجَ (الأَرْبَعِيْنَ البَلَدِيَّةَ) الَّتِي
لَمْ يُسبق إِلَى تخرِيجهَا، وَقل أَنْ يَتَهَيَّأَ ذَلِكَ
إِلاَّ لِحَافِظ عُرف بِاتِّسَاعِ الرّحلَةِ.
وَلَهُ كِتَاب (السَّفِيْنَة الأَصْبَهَانِيَّة) فِي جُزْء
ضَخْم، روينَاهُ، وَ(السَّفِيْنَة البَغْدَادِيَّة) فِي
جُزْءيْنِ كَبِيْرِيْنَ، وَ(مقدمَة معَالِم السُّنَن)،
وَ(الوجِيْز فِي المجَاز وَالمجِيْز)، وَ(جُزْء شَرط
القِرَاءة عَلَى الشُّيُوْخِ)، وَ(مَجْلِسَان فِي فَضل
عَاشُورَاء).
وَانْتخب عَلَى جَمَاعَة مِنْ كِبَارِ المَشَايِخ كجَعْفَر
بن أَحْمَدَ السَّرَّاج، وَأَبِي الحُسَيْن ابْن
الطُّيُوْرِيّ، وَأَبِي الحَسَنِ ابْنِ الفَرَّاءِ
المَوْصِلِيّ، وَكَانَ مُكبّاً عَلَى الكِتَابَة
وَالاشتغَال وَالرِّوَايَة، لاَ رَاحَة لَهُ غَالِباً
إِلاَّ فِي ذَلِكَ.
قَالَ الحَافِظُ المُنْذِرِيّ: سَمِعْتُ الحَافِظَ ابْنَ
المُفَضَّلِ يَقُوْلُ:
عِدَّة شُيُوْخ الحَافِظ السِّلَفِيّ بِأَصْبَهَانَ تَزِيد
عَلَى سِتِّ مائَةِ نَفْس، وَ(مَشْيَخَته البَغْدَادِيَّة)
خَمْسَة وَثَلاَثُوْنَ جُزْءاً، وَكُلّ مَنْ سَمِعَ مِنْ
أَبِي صَادِق المَدِيْنِيّ وَمُحَمَّد بن أَحْمَدَ
الرَّازِيّ المُعَدَّل مِنَ المِصْرِيّين فَأَكْثَره
بِإِفَادته.
__________
(1) في الأصل: (مئتين) كذا بالنصب، ولا يستقيم المعنى من
حيث الضبط النحوي والواقع التاريخي، وما أثبتاه هو الصواب،
لان شرف الدين أبا بكر محمد بن الحسن السفاقسي توفي سنة
(654)، وكانت وفاة ابن طاهر المقدسي سنة (507).
قال الذهبي في (تاريخ الإسلام): (وبقي أبو بكر محمد بن
الحسن السفاقسي إلى سنة أربع وخمسين، فروى عن السلفي
المسلسل بأول حديث رواه حضورا، ولم يكن عنده سواه، وهو ابن
أخت الحافظ علي بن المفضل) (الورقة: 62 أحمد الثالث 2917 /
14) وقال في ترجمته من (العبر): (ولد في أول سنة ثلاث
وسبعين وأحضره خاله الحافظ ابن المفضل قراءة المسلسل
بالاولية عند السلفي واستجازه له) .
(2) يعني كتاب (السابق واللاحق في تباعد ما بين الروايين
عن شيخ واحد) للخطيب البغدادي المتوفى 463، ويكاد يكون
الوحيد في فنه وقد طبعته دار طيبة بالرياض بتحقيق محمد ابن
سطر الزهراني سنة 1402 ه.
(21/21)
وَلَهُ تَصَانِيْفُ كَثِيْرَة، وَكَانَ
يَسْتَحسن الشّعر، وَيَنْظمه، وَيُثيب مَنْ يَمدحه.
وَرَأَى عِدَّة مِنَ الحُفَّاظِ، كَأَبِي القَاسِمِ
إِسْمَاعِيْل بن مُحَمَّدٍ، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ
الوَاحِدِ الدَّقَّاق، وَيَحْيَى بن مَنْدَةَ، وَأَبِي
نَصْرٍ اليُوْنَارْتِي بِأَصْبَهَانَ، وَكَأَبِي عَلِيٍّ
البَرَادَانِيّ، وَشُجَاع الذُّهْلِيّ، وَالمُؤْتَمَن
السَّاجِيّ بِبَغْدَادَ، وَمُحَمَّد بن طَاهِرٍ
المَقْدِسِيّ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ ابْنِ
السَّمَرْقَنْدِيِّ، وَعِدَّة.
وَأَخَذَ التَّصُوْف عَنْ: مَعْمَرِ بنِ أَحْمَدَ
اللُّنْبَانِيّ، وَالفِقْه عَنْ: إِلْكِيَا أَبِي الحَسَنِ
الطَّبَرِيّ، وَأَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ
الشَّاشِيّ، وَالفَقِيْه يُوْسُف الزَّنْجَانِيّ، وَالأَدب
عَنْ: أَبِي زَكَرِيَّا التَّبْرِيْزِيّ، وَأَبِي الكَرَمِ
بن فَاخِرٍ، وَعَلِيّ بن مُحَمَّدٍ الفَصِيْحِيّ.
وَأَخَذَ حُرُوف القِرَاءاتِ عَنْ: أَبِي طَاهِرٍ بن
سَوَّارٍ (1) ، وَأَبِي مَنْصُوْرٍ الخَيَّاط، وَأَبِي
الخَطَّابِ بن الجَرَّاحِ.
وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: مَتَى لَمْ يَكُنِ الأَصْل بخطِّي
لَمْ أَفرح بِهِ.
وَكَانَ جَيِّد الضَّبْط، كَثِيْر الْبَحْث عَمَّا يُشكل
عَلَيْهِ.
قَالَ: وَكَانَ أَوحد زَمَانه فِي علم الحَدِيْث،
وَأَعْرفهِم بِقَوَانِيْنِ الرِّوَايَة وَالتحَدِيْث، جمع
بَيْنَ عُلُوّ الإِسْنَادِ وَغُلُوِّ الانتقَاد،
وَبِذَلِكَ كَانَ يَنْفَرِد عَنْ أَبْنَاء جنسه.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الأَوقِيّ: سَمِعْتُ أَبَا طَاهِرٍ
السِّلَفِيّ يَقُوْلُ: لِي سِتُّوْنَ سَنَةً
بِالإِسْكَنْدَرِيَّة مَا رَأَيْتُ منَارتهَا إِلاَّ مِنْ
هَذِهِ الطَّاقَة.
وَأَشَارَ إِلَى غُرفَة يَجْلِس فِيْهَا.
__________
(1) قيده الذهبي بكسر السين المهملة وفتح الواو المخففة،
وقال: (سوار: أبو طاهر بن سوار المقرئ صاحب المستنير
وأولاده) المشتبه: 376.
(21/22)
وَقَالَ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ فِي
(ذَيله (1)): السِّلَفِيُّ ثِقَةٌ، وَرع، مُتْقِن،
مُتَثَبِّت، فَهِم، حَافِظ، لَهُ حَظّ مِنَ العَرَبِيَّة،
كَثِيْر الحَدِيْثِ، حَسَن الفَهْمِ وَالبصِيْرَة فِيْهِ.
رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ طَاهِرٍ المَقْدِسِيّ؛
فَسَمِعْتُ أَبَا العَلاَءِ أَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ
الفَضْل الحَافِظ بِأَصْبَهَانَ يَقُوْلُ:
سَمِعْتُ ابْنَ طَاهِرٍ يَقُوْلُ:
سَمِعْتُ أَبَا طَاهِرٍ الأَصْبَهَانِيَّ -وَكَانَ مِنْ
أَهْلِ الصَّنْعَةِ- يَقُوْلُ:
كَانَ أَبُو حَازِمٍ العبدَويّ إِذَا رَوَى عَنْ أَبِي
سَعْدٍ المَالِيْنِيِّ يَقُوْلُ:
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ حَفْصٍ الحَدِيْثيُّ، هَذَا أَوْ
نَحْوهُ.
وَقَدْ صَحِبَ السِّلَفِيّ وَالِدِي مُدَّة بِبَغْدَادَ،
ثُمَّ سَافر إِلَى الشَّامِ، وَمَضَى إِلَى صُوْر، وَركب
البَحْر إِلَى مِصْرَ، وَأَجَازَ لِي مَرْوِيَّاته فِي
سَنَةِ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَقَالَ عَبْدُ القَادِرِ الرُّهَاوِيّ: سَمِعْتُ مَنْ
يَحكِي عَنِ ابْن نَاصِرٍ، أَنَّهُ قَالَ عَنِ
السِّلَفِيّ: كَانَ بِبَغْدَادَ كَأَنَّهُ شعلَة نَار فِي
تَحْصِيل الحَدِيْث.
وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ أَبِي الصَّقْرِ يَقُوْلُ: كَانَ
السِّلَفِيّ إِذَا دَخَلَ عَلَى هِبَة اللهِ ابْن
الأَكْفَانِيِّ يَتلقَاهُ، وَإِذَا خَرَجَ يُشيعه.
ثُمَّ قَالَ عَبْدُ القَادِرِ: كَانَ لَهُ عِنْد مُلُوْك
مِصْر الجَاهُ وَالكَلِمَة النَّافذَة مَعَ مخَالفته لَهُم
فِي المَذْهَب -يُرِيْد عَبْد القَادِرِ الملوكَ
البَاطِنِيَّة المتظَاهِرِيْنَ بِالرّفض (2) - وَقَدْ
بَنَى الوَزِيْر العَادل ابْن السَّلاَّرِ مَدْرَسَة
كَبِيْرَة (3) ، وَجَعَله مُدرِّسهَا عَلَى الفُقَهَاء
الشَّافِعِيَّة، وَكَانَ ابْن السَّلاَّر لَهُ مَيْل إِلَى
السُّنَّةِ.
__________
(1) يعني: في التاريخ الذي ذيل به على (تاريخ بغداد)
للخطيب البغدادي، وقد ضاع الكتاب، ولم يصل إلينا غير
اختصار وانتقاء منه لابن منظور صاحب اللسان، فانظره،
الورقة: 99.
(2) يعني الملوك العبيديين المعروفين عند بعض المؤرخين خطأ
بالفاطميين.
(3) في هامش الأصل ما نصه: هذه أول مدرسة بنيت بإقليم مصر
فيما علمت.
(21/23)
قَالَ عَبْدُ القَادِرِ الحَافِظُ: وَكَانَ
أَبُو طَاهِرٍ لاَ تَبدو مِنْهُ جفوَة لأَحدٍ، وَيَجْلِس
لِلْحَدِيْثِ فَلاَ يَشرب مَاء، وَلاَ يَبزق، وَلاَ
يَتورك، وَلاَ تَبدو لَهُ قَدمٌ، وَقَدْ جَاز المائَة.
بَلَغَنِي أَن سُلْطَان مِصْر حضَر عِنْدَهُ لِلسَمَاع،
فَجَعَلَ يَتحدّث مَعَ أَخِيْهِ، فَزَبَرَهُمَا، وَقَالَ:
أَيش هَذَا؟ نَحْنُ نَقرَأُ الحَدِيْث، وَأَنْتُمَا
تَتَحَدَّثَان؟!
وَبَلَغَنِي أَن مُدَّة مُقَامه بِالإِسْكَنْدَرِيَّة (1)
مَا خَرَجَ مِنْهَا إِلَى بُستَانٍ وَلاَ فُرجَة سِوَى
مرَّة وَاحِدَة، بَلْ كَانَ لاَزماً مَدْرَسَته، وَمَا
كُنَّا نَكَاد نَدْخُل عَلَيْهِ إِلاَّ وَنرَاهُ مطَالعاً
فِي شَيْءٍ، وَكَانَ حليماً متحمّلاً لجفَاء الغربَاء.
خَرَجَ مِنْ بَغْدَادَ سَنَة خَمْس مائَة إلَى وَاسِط
وَالبَصْرَة، وَدَخَلَ خُوْزِسْتَان وَبلاَد السِّيس
وَنَهَاوَنْد، ثُمَّ مَضَى إِلَى الدَّرْبَنْد، وَهُوَ
آخِرُ بلاَد الإِسْلاَم، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى تَفلَيْسَ
وَبلاَد أَذْرَبِيْجَان، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى دِيَار
بَكْرٍ، وَعَاد إِلَى الجَزِيْرَة وَنَصِيْبِيْن
وَمَاكِسِيْنَ، ثُمَّ صعد إِلَى دِمَشْقَ.
وَلَمَّا دَخَلَ الإِسْكَنْدَرِيَّة رَآهُ كبرَاؤهَا
وَفضلاؤهَا، فَاسْتحسنُوا عِلْمه وَأَخلاَقه وَآدَابه،
فَأَكرمُوْهُ، وَخدمُوْهُ، حَتَّى لزمُوْهُ عِنْدَهُم
بِالإِحسَان.
وَحَدَّثَنِي رفِيق لِي، عَنِ ابْن شَافِعٍ (2) ، قَالَ:
السِّلَفِيّ شَيْخ العُلَمَاء.
وَسَمِعْتُ بَعْضَ فُضلاَء هَمَذَانَ يَقُوْلُ:
السِّلَفِيّ أَحْفَظ الحُفَّاظ.
قَالَ الحَافِظُ أَبُو القَاسِمِ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي
تَرْجَمَة السِّلَفِيّ: حَدَّثَ
__________
(1) زاد في (تاريخ الإسلام): (وهي أربع وستون سنة)
(الورقة: 63 - أحمد الثالث 2917 / 14).
(2) هو أحمد بن صالح بن شافع بن صالح الجيلي الأصل
البغدادي المتوفى سنة 565، صنف تاريخا على السنين، بدأ فيه
بالسنة التي توفي فيها أبو بكر الخطيب البغدادي وهي سنة
463، ووصل به إلى بعد الستين وخمس مئة، وكان من الرواة
المتقنين الضابطين المحققين، راجع ابن الدبيثي: (ذيل تاريخ
مدينة السلام) م: 4 الترجمة 711 من تحقيق الدكتور بشار،
وابن رجب: (الذيل) 1 / 311.
(21/24)
بِدِمَشْقَ، وَسَمِعَ مِنْهُ بَعْض
أَصْحَابنَا، وَلَمْ أَظفر بِالسَّمَاع مِنْهُ، وَسَمِعْتُ
بقِرَاءته مِنْ عِدَّة شُيُوْخ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى
مِصْرَ، وَسَمِعَ بِهَا، وَاسْتَوْطَنَ
الإِسْكَنْدَرِيَّة، وَتَزَوَّجَ بِهَا امرَأَة ذَات
يَسَار، وَحصلت لَهُ ثروَة بَعْد فَقر وَتَصَوُّفٍ،
وَصَارَت لَهُ بِالإِسْكَنْدَرِيَّة وَجَاهَة، وَبَنَى
لَهُ أَبُو مَنْصُوْرٍ عَلِيّ بن إِسْحَاقَ بنِ السَّلاَّر
المُلَقَّب بِالعَادل أَمِيْر مِصْرَ مَدْرَسَة، وَوَقَفَ
عَلَيْهَا.
أَجَازَ لِي جَمِيْع حَدِيْثه، وَحَدَّثَنِي عَنْهُ أَخِي
(1) .
سَمِعْتُ الإِمَام أَبَا الحُسَيْنِ ابْنَ الفَقِيْه
يَقُوْلُ: سَمِعْتُ الحَافِظَ زَكِيّ الدِّيْنِ عَبْد
العَظِيْم يَقُوْلُ:
سَأَلت الحَافِظ أَبَا الحَسَنِ عَلِيّ بن المُفَضَّلِ
عَنْ أَرْبَعَة تَعَاصرُوا، فَقُلْتُ: أَيُّمَا أَحْفَظ
أَبُو القَاسِمِ ابْنُ عَسَاكِرَ أَوْ أَبُو الفَضْلِ بنُ
نَاصِر؟
فَقَالَ: ابْن عَسَاكِرَ.
قُلْتُ: أَيُّمَا أَحْفَظ ابْن عَسَاكِرَ، أَوْ أَبُو
مُوْسَى المَدِيْنِيُّ؟
قَالَ: ابْن عَسَاكِرَ.
قُلْتُ: أَيُّمَا أَحْفَظ ابْن عَسَاكِرَ، أَوْ أَبُو
طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ؟
قَالَ: السِّلَفِيّ شَيْخنَا! السِّلَفِيُّ شَيْخنَا!
قُلْتُ: فَهَذَا الجَوَاب مُحْتَمل كَمَا تَرَى،
وَالظَّاهِر أَنَّهُ أَرَادَ بِالسِّلَفِيّ المبتدَأَ
وَبشيخنَا الخَبَر، وَلَمْ يَقصد الوَصْفَ، وَإِلاَّ فَلاَ
يَشكُّ عَارِف بِالحَدِيْثِ أَنَّ أَبَا القَاسِمِ حَافِظ
زَمَانه، وَأَنَّهُ لَمْ يَرَ مِثْل نَفْسه.
قَالَ الحَافِظُ عَبْد القَادِرِ: وَكَانَ السِّلَفِيّ
آمراً بِالمَعْرُوف، نَاهياً عَنِ المُنْكَر، حَتَّى
إِنَّهُ قَدْ أَزَال (2) مِنْ جِوَاره مُنْكرَات
كَثِيْرَة.
وَرَأَيْتهُ يَوْماً وَقَدْ جَاءَ جَمَاعَة مِنَ
المُقْرِئِين بِالأَلحَان، فَأَرَادُوا أَنْ يَقرَؤُوا،
فَمنعهُم مِنْ ذَلِكَ، وَقَالَ: هَذِهِ القِرَاءة بدعَة،
بَلِ اقرَؤُوا تَرْتِيْلاً، فَقَرَؤُوا كَمَا أَمرهُم.
__________
(1) يعني: الصائن هبة الله ابن عساكر المتوفى 563.
(2) في الأصل: زال.
(21/25)
أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ (1) بنُ سَلاَمَةَ،
عَنِ الحَافِظ عَبْد الغَنِيِّ بن عَبْدِ الوَاحِدِ،
وَمِنْ خَطِّهِ نَقَلْتُ جُزْءاً فِيْهِ نَقلُ خُطُوط
المَشَايِخ لِلسِّلَفِيِّ بِالقِرَاءات، وَأَنَّهُ قرَأَ
بِحرف عَاصِم، عَلَى أَبِي سَعْدٍ المُطَرِّز، وَقرَأَ
بِرِوَايَتَي حَمْزَة وَالكِسَائِيّ، عَلَى مُحَمَّدِ بنِ
أَبِي نَصْرٍ القَصَّار، وَقرَأَ لقَالُوْنَ عَلَى نَصْر
بن مُحَمَّدٍ الشِّيْرَازِيّ، وَبرِوَايَة قُنْبُل، عَلَى
عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ الخِرَقِيّ.
وَقَدْ قرَأَ عَلَى بَعْضهِم فِي سَنَةِ إِحْدَى
وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
قَالَ الحَافِظُ ابْنُ نُقْطَةَ (2) : كَانَ السِّلَفِيُّ
جَوَّالاً فِي الآفَاق، حَافِظاً، ثِقَة، مُتْقِناً،
سَمِعَ مِنْهُ أَشيَاخه وَأَقرَانه، وَسَأَل عَنْ أَحْوَال
الرِّجَال شُجَاعاً الذُّهْلِيّ، وَالمُؤْتَمَن
السَّاجِيّ، وَأَبَا عَلِيٍّ البَرَادَانِيّ، وَأَبَا
الغَنَائِم النَّرْسِيّ، وَخَمِيْساً الحَوْزِيّ (3) ،
سُؤَال ضَابط مُتْقِن.
قَالَ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ العَظِيْمِ المُنْذِرِيّ
بِمِصْرَ، قَالَ:
لَمَّا أَرَادُوا أَنْ يَقرَؤُوا (سُنَنَ النَّسَائِيِّ)
عَلَى أَبِي طَاهِرٍ السِّلَفِيِّ، أَتَوْهُ بِنُسْخَة
سَعْدِ الخَيْرِ، وَهِيَ مصحّحَة، قَدْ سَمِعَهَا مِنَ
الدُّوْنِيِّ، فَقَالَ: اسْمِي فِيْهَا؟
قَالُوا: لاَ.
فَاجتذَبَهَا مَنْ يَدِ القَارِئِ بِغَيْظٍ، وَقَالَ: لاَ
أُحَدِّث إِلاَّ مِنْ أَصَّلَ فِيْهِ اسْمِي.
وَلَمْ يُحَدِّث بِالكِتَابِ.
قُلْتُ: وَكَانَ السِّلَفِيّ قَدِ انْتخب جُزْءاً
كَبِيْراً مِنَ الكِتَاب بِخَطِّهِ، سَمِعْنَاهُ مِنْ
أَصْحَابِ جَعْفَر الهَمَذَانِيّ، أَخْبَرَنَا
السِّلَفِيُّ.
__________
(1) هو أبو العباس أحمد بن أبي الخير بن سلامة الدمشقي
الحنبلي الحداد ثم الخياط المنادي المقرئ 589 - 678 انظر
(معجم شيوخ الذهبي الكبير) م: 1 الورقة: 6.
(2) (التقييد)، الورقة: 41 (نسخة الأزهر).
(3) حقق الأستاذ مطاع الطرابيشي (سؤالات الحافظ السلفي)
لخميس الحوزي، وصدرت من مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق
في مطبعة الحجاز بدمشق 1396 / 1976 في 164 صفحة مع
الفهارس.
(21/26)
قَالَ ابْن نُقْطَة: قَالَ لِي عَبْد
العَظِيْم: قَالَ لِي أَبُو الحَسَنِ المَقْدِسِيّ:
حَفِظت أَسْمَاءً وَكنَى، ثُمَّ ذَاكرت السِّلَفِيّ بِهَا،
فَجَعَلَ يذكرهَا مِنْ حِفْظِهِ وَمَا قَالَ لِي:
أَحْسَنت.
ثُمَّ قَالَ: مَا هَذَا شَيْء مليح مِنِّي، أَنَا شَيْخ
كَبِيْر فِي هَذِهِ البلدَة هَذِهِ السِنِيْنَ لاَ
يذَاكرنِي أَحَد، وَحفظِي هَكَذَا.
قَالَ العِمَاد الكَاتِب: وَسكنَ السِّلَفِيّ
الإِسْكَنْدَرِيَّة، وَسَارَتْ إِلَيْهِ الرِّجَال، وَتبرك
بزِيَارته المُلُوْك وَالأَقيَال، وَلَهُ شعر وَرَسَائِل
وَمُصَنَّفَات، ثُمَّ أَوْرَد لَهُ مُقطّعَات مِنْ
شِعْرِهِ.
قَرَأْت بِخَطِّ السَّيْف أَحْمَد (1) ابْن المَجْدِ:
سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ سَلاَمَةَ النَّجَّار يَقُوْلُ:
إِنَّ الحَافِظَيْنِ عَبْد الغَنِيِّ وَعَبْد القَادِرِ
أَرَادَ سَمَاع كِتَاب اللاَّلْكَائِيّ (2) ، يَعْنِي شرح
السّنَّة عَلَى السِّلَفِيّ، فَأَخَذَ يَتعلل عَلَيْهِمَا
مرَّة، وَيدَافعهُم مَرَّةً أُخْرَى بِالأَصْل، حَتَّى
كَلَّمتْه امْرَأَته فِي ذَلِكَ.
قَالَ ابْن النَّجَّار (3) : عُمِّر السِّلَفِيّ حَتَّى
أَلحق الصّغَار بِالكِبَار، سَمِعَ مِنْهُ بِبَغْدَادَ:
أَبُو عَلِيٍّ البَرَادَانِيّ، وَعَبْد المَلِكِ بن
عَلِيِّ بنِ يُوْسُفَ، وَهَزَارَسْب (4) بن عَوَضٍ،
وَمَحْمُوْد بن الفَضْلِ، وَأَبُو الحَسَنِ
الزَّعْفَرَانِيّ،
__________
(1) سيف الدين أبو العباس أحمد بن المجد عيسى بن عبد الله
المقدسي، المتوفى سنة 643.
انظر الحسيني: (صلة التكملة)، وفيات سنة 643 كوبريللي
1101، وابن ناصر الدين: (التبيان) الورقة 155 وابن رجب: 2
/ 241.
(2) في الأصل: الالكائي.
(3) يعني في التاريخ الذي ذيل به على الخطيب، وهو المعروف
بالتاريخ المجدد لمدينة السلام وأخبار فضلائها الاعلام ومن
وردها من علماء الانام، وترجمة السلفي في القسم الضائع
منه، ولكن انظر (المستفاد)، الورقة: 21.
(4) في الأصل: وهزارست وهو وهم من الناسخ، توفي سنة 515،
ابن الجوزي:
(المنتظم) 9 / 231، الذهبي: (العبر) 4 / 36، ابن الأثير:
(الكامل): 10 / 227، العيني: (عقد الجمان): 15 / الورقة
795.
(21/27)
وَرَوَى لِي عَنْهُ أَكْثَر مِنْ مائَة
شَيْخ.
قَرَأْت بِخَطِّ عُمَر بن الحَاجِبِ أَن (مُعْجَم
السَّفَر) لِلسِّلَفِيِّ يَشتَمِلُ عَلَى أَلْفَي شَيْخٍ،
كَذَا قَالَ، وَمَا أَحْسِبُهُ يَبلغ ذَلِكَ.
قَالَ الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ الأَوقِيُّ: كَانُوا
يَأْتُوْنَ السِّلَفِيّ، وَيطلبُوْنَ مِنْهُ دُعَاءً
لِعُسْرِ الوِلاَدَةِ، فَيكتبُ لِمَنْ يَقصِدهُ، قَالَ:
فَلَمَّا كثر ذَلِكَ، نَظرت فِيمَا يَكتب، فَوَجَدته
يَكتُبُ: اللَّهُمَّ إِنَّهُم قَدْ أَحْسَنُوا ظنّهُم بِي،
فَلاَ تُخيِّب ظَنَّهُم فِيَّ.
قَالَ: وَحضر عِنْدَهُ السُّلْطَان صَلاَح الدِّيْنِ
وَأَخُوْهُ الْملك العَادل لسَمَاع الحَدِيْث، فَتحدثَا،
فَأَظهر لَهُمَا الكرَاهَة، وَقَالَ:
أَنْتُمَا تَتحدثَان، وَحَدِيْث النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُقرَأُ؟!
فَأَصغَيَا عِنْد ذَلِكَ.
قُلْتُ: وَقَدْ حَدَّثَ السُّلْطَان عَنْهُ.
قَالَ الحَافِظُ زَكِيّ الدِّيْنِ عَبْد العَظِيْمِ: كَانَ
السِّلَفِيّ مُغْرَىً بِجمع الكُتُب وَالاستكثَار مِنْهَا،
وَمَا كَانَ يَصل إِلَيْهِ مِنَ المَال كَانَ يُخْرِجه فِي
شرَائِهَا، وَكَانَ عِنْدَهُ خَزَائِن كتب، وَلاَ يَتفرغ
لِلنظر فِيْهَا، فَلَمَّا مَاتَ وَجَدُوا مُعْظَم الكُتُب
فِي الخَزَائِن قَدْ عَفنَتْ، وَالتصق بَعْضهَا بِبَعْض
لندَاوَة الإِسْكَنْدَرِيَّة، فَكَانُوا يَسْتَخلصونهَا
بِالفَأْس، فَتَلِفَ أَكْثَرهَا.
قَالَ السَّيْف أَحْمَد ابْن المَجْدِ الحَافِظ: سَمِعْتُ
أَحْمَدَ بنَ سَلاَمَةَ النَّجَّارَ يَقُوْلُ:
أَرَادَ عَبْد الغَنِيِّ وَعَبْد القَادِرِ الحَافِظَان
سَمَاع كِتَاب اللاَّلْكَائِيّ، يَعْنِي (شرح السّنَة)،
عَلَى السِّلَفِيّ، فَأَخَذَ يَتعلل عَلَيْهِمَا مرَّة،
وَيدَافعهُم عَنْهُ أُخْرَى بِأَصل السَّمَاع، حَتَّى
كَلَّمتْه امْرَأَته فِي ذَلِكَ.
قُلْتُ: مَا أَظنّه حَدَّثَ بِالكِتَابِ.
بَلَى حَدَّثَ مِنْهُ بكَرَامَات الأَوْلِيَاء.
قَرَأْت بِخَطِّ عُمَر بن الحَاجِب: أَن (مُعْجَم
السَّفَر) لِلسِّلَفِيِّ يَشتمل عَلَى
(21/28)
أَلْفَي شَيْخ (1) .
أَنْشَدَنِي أَبُو بَكْرٍ الدَّشْتِيّ، وَإِسْحَاق
الأَسَدِيّ، قَالاَ:
أَنشدنَا ابْن رَوَاحَةَ: أَنْشَدَنِي أَبُو طَاهِرٍ
السِّلَفِيُّ لِنَفْسِهِ:
كَمْ جُلْتُ طُوْلاً وَعَرْضاً ... وَجُبْتُ أَرْضاً
فَأَرْضَا
وَمَا ظَفرْتُ بِخِلٍّ ... مِنْ غَيْرِ غِلٍّ فَأَرْضَى
أَنْبَأَنِي أَحْمَد (2) بن سَلاَمَةَ، عَنِ الحَافِظ
عَبْد الغَنِيِّ بن سُرُوْر، أَنشدنَا أَبُو طَاهِرٍ
السِّلَفِيُّ لِنَفْسِهِ فِي رَجَبٍ، سَنَةَ سِتٍّ
وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ:
دعُوْنِي عَنْ أَسَانِيْدِ الضَّلاَلِ ... وَهَاتُوا مِنْ
أَسَانِيْدٍ عَوَالِي
رخَاصٍ عِنْد أَهْل الجَهْل طُرّاً ... وَعِنْد
العَارِفِيْن بِهَا غوَالِي
عَنْ أَشيَاخِ الحَدِيْث وَمَا رَوَاهُ ... إِمَامٌ فِي
العلُوْم عَلَى الكَمَالِ
كَمَالِكٍ (3) اوْ كَمَعْمَرٍ (4) المزكَّى ... وَشُعْبَة
(5) ، أَوْ كسُفْيَان (6) الهِلاَلِي
وَسُفْيَان (7) العِرَاق وَلَيْث (8) مِصْرٍ ... فَقِدماً
كَانَ مَعْدُومَ المِثَالِ
__________
(1) هذه إعادة لا مسوغ لها من المؤلف، فقد سبق له قبل قليل
نقله رواية السيف ابن المجد ورواية ابن الحاجب.
(2) شيخ الذهبي أحمد بن سلامة بن إبراهيم بن سلامة بن
معروف، أبو العباس الدمشقي الحنبلي الحداد ثم الخياط
المناوي المقرئ (588 - 678) الذهبي: (معجم الشيوخ) 1 /
الورقة: 6 من نسخة الدكتور بشار المصورة.
(3) هو مالك بن أنس صاحب المذهب، المتوفى سنة 179.
(4) معمر بن راشد الأزدي، مولاهم، أبو عروة البصري،
المتوفى سنة 154.
(5) شعبة بن الحجاج بن الورد العتكي، مولاهم، أبو بسطام
الواسطي البصري، المتوفى سنة 160.
(6) يعني سفيان بن عيينة الهلالي الكوفي ثم المكي، المتوفى
سنة 198.
(7) أبو عبد الله سفيان بن سعيد الثوري إمام أهل الكوفة،
المتوفى سنة 161.
(8) أبو الحارث الليث بن سعد بن عبد الرحمان الفهمي
المصري، المتوفى سنة 175.
(21/29)
وَالأَوْزَاعِيِّ (1) فَهْوَ لَهُ بِشرع
الـ ... ـنَّبِيّ المُصْطَفَى أَوْفَى اتِّصَالِ
وَمِسْعَرٍ (2) الَّذِي فِي كُلِّ عِلْمٍ ... يُشَارُ
كَذَا إِلَيْهِ كَالهِلاَلِ
وَزَائِدَةٍ (3) وَزِدْ أَيْضاً جَرِيْراً (4) ... فُكُلُّ
مِنْهُمَا رَجُل النِّضَالِ
وَكَابْن مُبَارَكٍ (5) أَوْ كَابْن وَهْبٍ(6) ...
وَكَالقَطَّان (7) ذِي شَرَفٍ وَحَالِ
وَحَمَّادٍ (8) ، وَحَمَّادٍ (9) جَمِيْعاً ... وَكَابْنِ
الدَّسْتُوَائِيّ (10) الْجمال
وَبَعْدَهُم وَكِيْعٌ (11) ، وَابْنُ مَهْدِيٍّ(12) ...
المَهْدِيُّ فِي كُلِّ الخِلاَّلِ
وَمكِّيٍّ (13) وَوَهْبٍ (14) وَالحُمَيْدِيّ ... عَبْدِ
اللهِ (15) لَيْثٍ ذِي صِيَالِ
وَضَحَّاكٍ (16) عقيب يَزِيْدَ (17) أَعنِي ... ابْنَ
هَارُوْنَ المحقّقَ فِي الخِصَالِ
__________
(1) الامام المشهور أبو عمرو عبد الرحمان بن عمرو، المتوفى
سنة 157.
(2) يعني مسعر بن كدام الهلالي الكوفي الثبت الثقة،
المتوفى سنة 153 أو سنة 155.
(3) هو أبو الصلت زائدة بن قدامة الثقفي الكوفي، المتوفى
سنة 160.
(4) جرير بن عبد الحميد بن قرط الضبي الكوفي، نزيل الري،
المتوفى سنة 188.
(5) يعني عبد الله بن المبارك الامام المشهور، المتوفى سنة
181.
(6) عبد الله بن وهب بن مسلم القرشي، مولاهم، أبو محمد
المصري الفقيه، المتوفى سنة 197.
(7) يحيى بن سعيد بن فروخ التميمي، أبو سعيد القطان
المصري، المتوفى سنة 198.
(8) حماد بن زيد بن درهم الأزدي الجهضمي البصري، المتوفى
سنة 179.
(9) حماد بن أسامة القرشي الكوفي، المتوفى سنة 201.
(10) أبو بكر هشام بن أبي عبد الله الدستوائي البصري
البكري، المتوفى سنة 153 أو سنة 154.
(11) وكيع بن الجراح الرؤاسي، أبو سفيان، الكوفي، المتوفى
سنة 196.
(12) عبد الرحمان بن مهدي بن حسان العنبري، مولاهم، أبو
سعيد البصري الثقة الثبت، المتوفى سنة 198.
(13) أبو السكن مكي بن إبراهيم بن بشير التميمي البلخي،
المتوفى سنة 215.
(14) وهب بن جرير بن حازم بن زيد، أبو عبد الله الأزدي
البصري، المتوفى سنة 206.
(15) عبد الله بن الزبير بن عيسى الحميدي القرشي صاحب
الشافعي، المتوفى سنة 219.
(16) لا ريب أنه يريد الضحاك بن مخلد بن الضحاك بن مسلم
الشيباني، وهو أبو عاصم النبيل، المتوفى سنة 212.
(17) يزيد بن هارون بن زاذان السلمي، مولاهم، أبو خالد
الواسطي، المتوفى سنة 206.
(21/30)
كَذَاكَ طيَالِسِيَّا البَصْرَةِ (1)
اذكُرْ ... فَمَا رَوَيَاهُ مِنْ أَثرٍ لآلِي
وَعَفَّانُ (2) نَعَمْ وَأَبُو نُعَيْمٍ(3) ... حَمِيدَا
الحَالِ مَرْضِيَّا الفِعَالِ
وَيَحْيَى (4) شَيْخُ نَيْسَابُوْر ثُمَّ الـ ... إِمَامُ
الشَّافِعِيُّ المُقْتَدَى لِي
كَذَاكُم ابْنُ خَالِدٍ (5) المُكَنَّى ... أَبَا ثَوْرٍ
وَكَانَ حَوَى المَعَالِي
وَأَيْضاً فَالصَّدُوْقُ أَبوْ عُبَيْدٍ(6) ...
فَأَعْلاَمٌ مِنْ أرْبَابِ المَقَالِ
كيَحْيَى (7) ، وَابْن حَنْبَل المُعَلَّى ... بِمَعْرِفَة
المتُوْنِ وَبِالرِّجَالِ
وَإِسْحَاق التَّقِي وَفتَى نُجَيْحٍ ... وَعَبْدِ اللهِ
ذِي مدحٍ طُوَالِ
إِسْحَاقُ: هُوَ ابْن رَاهُويه (8) ، وَفتَى نُجَيْحٍ:
ابْنُ المَدِيْنِيِّ (9) ، وَعَبْدِ اللهِ: ابْن أَبِي
شَيْبَةَ (10).
__________
(1) طيالسيا البصرة هما: أبو داود سليمان بن داود بن
الجارود الطيالسي الفارسي الأصل البصري، المتوفى سنة 203،
وأبو الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي، مولى باهلة
المتوفى سنة 227.
(2) عفان بن مسلم بن عبد الله الباهلي، أبو عثمان الصفار
البصري، المتوفى سنة 219.
(3) الفضل بن دكين الكوفي الاحول، أبو نعيم الملائي،
المتوفى سنة 218 أو سنة 219.
(4) نظنه يريد أبا زكريا يحيى بن بكير بن عبد الرحمن
التميمي النيسابوري، الامام الثقة الثبت، المتوفى سنة 226.
(5) إبراهيم بن خالد بن أبي اليمان الكلبي، أبو ثور الفقيه
صاحب الشافعي، ثقة، مات سنة 240.
(6) من المؤكد أنه يقصد القاسم بن سلام البغدادي الامام
المشهور، المتوفى سنة 224.
(7) هو يحيى بن معين، أبو زكريا البغدادي، الثقة الحافظ
المشهور إمام الجرح والتعديل، مات سنة 236.
(8) إسحاق بن إبراهيم بن مخلد الحنظلي، أبو محمد بن راهويه
المروزي، قرين أحمد ابن حنبل، مات سنة 238.
(9) يعني علي بن المديني الناقد المحدث المشهور، المتوفى
سنة 234.
(10) عبد الله بن محمد بن أبي شيبة إبراهيم بن عثمان
الواسطي الأصل الكوفي صاحب التصانيف، المتوفى سنة 235.
(21/31)
وَعُثْمَانَ (1) الرَّضِيِّ أَخِيْهِ
أَيْضاً ... وَكَالطُّوْسِيِّ (2) رُكنِ الابتهَالِ
وَكَالنَّسَوِيّ (3) أَعْنِيْه زُهَيْراً ... وَيُعْرَفُ
بِابْنِ حَرْبٍ فِي المَجَالِ
وَكَالذُّهْلِيِّ (4) شَمْسِ الشَّرْقِ عَدْل ...
يُعدِّلُه المُعَادِي وَالمُوَالِي
وَأَصْحَابِ الصِّحَاح الخَمْسَةِ اعْلَم ... رِجَالٍ فِي
الشّرِيعَةِ كَالجِبَالِ
وَكَابْنِ شُجَاعٍ البَلْخِيِّ (5) ثُمَّ الـ ...
سَمَرْقَنْدِيِّ (6) مَنْ هُوَ رَأْس مَالِي
وَبُو شَنْجِيِّهِم (7) ثُمَّ ابْنِ نَصْرٍ(8) ...
بِمَرْوَ مُقَدَّمٍ فِيهِم ثمَال
وَبِالرَّيِّ ابْنُ وَارَةَ (9) ذُو افْتِنَانٍ ...
وَتِرْبَاهُ كَذَاكَ عَلَى التَّوَالِي
تِرْبَاهُ هُمَا: أَبُو زُرْعَةَ (10) ، وَأَبُو حَاتِمٍ
(11) .
كَذَاكَ ابْنُ الفُرَاتِ (12) وَكَانَ سَيْفاً ... عَلَى
البِدْعِيِّ يَطعُنُ كَالأَلاَلِ
كَذَا الحَرْبِيُّ (13) أَحربهِ وَحربُ ... ابْنُ
إِسْمَاعِيْلَ خَيَرٌ ذُو منَالِ
__________
(1) هو أخو عبد الله المقدم ذكره، توفي سنة 239.
(2) أبو هاشم زياد بن أيوب بن زياد البغدادي، أبو هاشم
الطوسي الذي لقبه الامام أحمد بشعبة الصغير، توفي سنة 252.
(3) زهير بن حرب بن شداد، أبو خيثمة النسائي، نزيل بغداد،
المتوفى سنة 234.
(4) محمد بن يحيى الذهلي النيسابوري الثقة الحافظ، المتوفى
سنة 258 على الصحيح.
(5) الحسن بن شجاع، أبو علي البلخي، المتوفى سنة 244.
(6) الحافظ العلم أبو محمد رجاء بن مرجى السمرقندي مفيد
بغداد، توفي سنة 249.
(7) ما نظنه قصد غير محمد بن إبراهيم بن سعيد البوشنجي.
المتوفى سنة 290، فهو وإن تأخرت وفاته فقد روى عنه البخاري
وعاش بضعا وثمانين سنة، وكان حافظا فقيها ثقة.
(8) الامام الحافظ أبو عبد الله أحمد بن نصر القرشي
النيسابوري، المتوفى سنة 245.
(9) أبو عبد الله محمد بن مسلم بن عثمان بن وارة الرازي،
الحافظ الثبت، المتوفى سنة 270.
(10) أبو زرعة عبيد الله بن عبد الكريم الرازي الناقد
المشهور، المتوفى سنة 264.
(11) أبو حاتم محمد بن إدريس الرازي، المتوفى سنة 277.
(12) أحمد بن الفرات، الحافظ الحجة أبو مسعود الرازي صاحب
التصانيف، المتوفى سنة 258.
(13) أبو إسحاق إبراهيم بن إسحاق البغدادي الحربي، المتوفى
سنة 285.
(21/32)
وَيَعْقُوْبٌ وَيَعْقُوْبَانِ (1) أَيْضاً
... سِوَاهُ وَابْنُ سَنْجَرٍ (2) الثِّمَالِ
يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ (3) ، وَيَعْقُوْبُ (4) بن
إِبْرَاهِيْمَ الدَّوْرَقِيُّ، وَيَعْقُوْب (5)
الفَسَوِيُّ.
وَصَالِحٌ الرِّضَى وَأَخُوْهُ مِنْهُم ... كَذَاكَ
الدَّارِمِيُّ (6) أَخُو المَعَالِي
وَصَالِحٌ المُلَقَّبُ (7) وَابْن عَمْرٍو ... دِمَشْقِيٌّ
(8) حَلِيْمٌ ذُو احتِمَالِ
وَنجلُ جَرِيْرٍ (9) إِذْ تُوُفِّيَ وَتُرْبِي ...
مَنَاقِبُه عَلَى عددِ الرِّمَالِ
كَذَا ابْنُ خُزَيْمَةَ (10) السُّلَمِيُّ ثُمَّ ابْـ ...
ـن مَنْدَةَ (11) مُقْتَدَى مُدُنِ الجِبَالِ
وَخَلْقٌ تَقْصُرُ الأَوْصَافُ عَنْهُم ... وَعَنْ
أَحْوَالِهِم حَال السُّؤَالِ
سَمَوا بِالعِلْمِ حِيْنَ سَمَا سِوَاهُم ... لَدَى
الجُهَّالِ بِالرِّمَمِ البَوَالِي
وَمَعْ هَذَا المَحَلِّ وَمَا حَوَوْهُ ... فَآلُهُمُ
كَذَلِكَ خَيْرُ آلِ
__________
(1) في الأصل: ويعقوبين.
(2) الحافظ الكبير محمد بن سنجر، المتوفى سنة 258، وكان في
الأصل من أهل جرجان ثم سكن مصر.
(3) مات سنة 262.
(4) مات سنة 252.
(5) صاحب التاريخ المشهور، وهو يعقوب بن سفيان، توفي سنة
277.
(6) أبو سعيد عثمان بن سعيد الدارمي المتوفى سنة 280.
(7) في الأصل: (وصالح الملقب جزرة) ولا يستقيم البيت بها،
وكأن (جزرة)، وهو لقب صالح بن محمد بن عمر البغدادي،
المتوفى سنة 293، قد أضيف إلى النص للتوضيح، ولم يكن من
الأصل، والسلفي إنما أراد القول ب (الملقب): جزرة، لأنه
مشهور بذلك.
(8) لم نجد دمشقيا عرف بابن عمرو من طبقة صالح جزرة، ولكن
يحتمل أنه قصد الحافظ العلامة أحمد بن عمرو بن عبد الخالق
البصري المعروف بالبزار، صاحب المسند المشهور، المتوفى سنة
292، والبزار قد سكن الشام آخر عمره، وتوفي بالرملة.
(9) يعني محمد بن جرير الطبري صاحب (التاريخ) و(التفسير)،
المتوفى سنة 310.
(10) إمام الأئمة أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة السلمي
النيسابوري، المتوفى سنة 311.
(11) آل مندة العبديون الاصبهانيون من بيوتات العلم
المشهورة التي خرجت العديد من العلماء، والذي أشار السلفي
إليه هنا هو أبو عبد الله محمد بن يحيى بن مندة، المتوفى
سنة 301.
(21/33)
مَضَوْا وَالذِّكْرُ مِنْ كُلِّ جَمِيْلٍ
... عَلَى المعهودِ فِي الحُقُبِ الخوَالِي
أَطَاب الله مَثْوَاهُم فَقِدْماً ... تَعَنَّوا فِي
طِلاَبِهِمُ العَوَالِي
وَبعدَ حُصُولهَا لَهُمُ تَصَدَّوا ... كَذَلِكَ
لِلرِّوَايَةِ وَالأَمَالِي
وَتُلْفِي الكُلَّ مِنْهُم حِيْنَ يُلْقَى ... مِنْ آثَارِ
العِبَادَةِ كَالخِلاَلِ
وَهَا أَنَا شَارعٌ فِي شَرحِ دينِي ... وَوصف عقيدتِي
وَخفِيِّ حَالِي
وَأَجهدُ فِي البيَانِ بقَدْرِ وُسعِي ... وَتَخليصِ
العُقُوْلِ مِنَ العِقَالِ
بشعرٍ لاَ كشعرٍ بَلْ كسحرٍ ... وَلفظٍ كَالشَّمُوْلِ بَلِ
الشِّمَالِ
فَلَسْت الدَّهْر إِمَّعَةً وَمَا إِنْ ... أَزِلُّ وَلاَ
أَزولُ لذِي النِّزَالِ
فَلاَ تَصْحَبْ سِوَى السُّنِّيّ دِيْناً ... لِتَحْمَدَ
مَا نَصَحْتُكَ فِي المآلِ
وَجَانِبْ كُلَّ مُبْتَدِعٍ تَرَاهُ ... فَمَا إِنْ
عِنْدَهُم غَيْرُ المُحَالِ
وَدعْ آرَاءَ أَهْلِ الزَّيغِ رَأْساً ... وَلاَ تغرركَ
حذلقَةُ الرُّذَالِ
فَلَيْسَ يَدومُ لِلبدعِيّ رَأْيٌ ... وَمِنْ أَيْنَ
المقرُّ لذِي ارْتحَالِ
يُوَافَى حَائِراً فِي كُلِّ حَالٍ ... وَقَدْ خَلَّى
طَرِيْقَ الإِعتدَالِ
وَيَتْرُك دَائِباً رَأْياً لِرَأْيٍ ... وَمِنْهُ كَذَا
سرِيعُ الإِنتقَالِ
وَعمدَةُ مَا يَدين بِهِ سفَاهاً ... فَأَحدَاثٌ مِنْ
أَبْوَابِ الجِدَالِ
وَقول أَئِمَّةِ الزَّيغ الَّذِي لاَ ... يُشَابههُ سِوَى
الدَّاءِ العُضَالِ
كَمعْبدٍ (1) المضلَّلِ فِي هَوَاهُ ... وَوَاصِلٍ (2)
أَوْ كغَيْلاَن (3) المِحَالِ
__________
(1) معبد بن عبد الله الجهني البصري، أول من قال بالقدر في
البصرة، قتل سنة 80.
(2) واصل بن عطاء الغزال، رأس المعتزلة والمتكلمين، وتنسب
إليه طائفة (الواصلية) من المعتزلة. مات سنة 131.
(3) أبو مروان غيلان بن مسلم الدمشقي، وإليه تنسب فرقة
(الغيلانية) من القدرية، قتله الخليفة هشام بن عبد الملك.
(21/34)
وَجعدٍ (1) ثُمَّ جَهْمٍ (2) وَابْن
حَرْبٍ(3) ... حَمِيْرٌ يَسْتَحِقُّوْنَ المخَالِي
وَثَوْرٍ (4) كَاسمه أَوْ شِئْتَ فَاقَلِبْ ... وَحَفْصِ
(5) الفردِ (6) قِردٍ ذِي افْتعَالِ
وَبشرٍ (7) لاَ أَرَى بُشرَى فَمِنْهُ ... تَولَّدَ كُلّ
شَرٍّ وَاختلاَلِ
وَأَتْبَاعُ ابْن كُلاَّبٍ (8) كِلاَبٌ ... عَلَى
التّحقيقِ هُم مِنْ شَرِّ آلِ
كَذَاكَ أَبُو الهُذَيْلِ (9) وَكَانَ مَوْلَىً ...
لِعَبْدِ القَيْسِ قَدْ شَانَ المَوَالِي
وَلاَ تَنْسَ ابْنَ أَشْرَسٍ المُكنَّى ... أَبَا مَعْنٍ
ثُمَامَةَ (10) فَهُوَ غَالِي
وَلاَ ابْنَ الحَارِثِ البَصْرِيَّ ذَاكَ الـ ... مُضِلَّ
عَلَى اجْتِهَادٍ وَاحتِفَالِ
وَلاَ الكُوْفِيَّ أَعْنِيه ضِرَارَ بـ ... ـن عَمْرٍو
فَهْوَ لِلبَصْرِيِّ تَالِي
كَذَاكَ ابْنُ الأَصَمِّ (11) ، وَمِنْ قَفَاهُ ... مِنَ
اوْبَاشِ البَهَاشِمَةِ (12) النِّغَالِ
__________
(1) الجعد بن درهم الذي كان مؤدبا لمروان بن محمد آخر
الامويين، وكان من القائلين بخلق القرآن، قتله خالد
القسري.
(2) جهم بن صفوان، وهو مشهور بآرائه التي أثرت في تكوين
آراء المعتزلة، ومات سنة 128.
(3) جعفر بن حرب الهمداني، من أئمة معتزلة بغداد، مات سنة
236.
(4) ثور بن يزيد الكلاعي، أبو خالد الحمصي، وكان قدريا،
مات سنة 153.
(5) أحد المبتدعة كما في (ميزان) الذهبي 1 / 564.
(6) في الميزان: (القرد) بالقاف، ولعل الذي ورد هنا هو
الصحيح، وانظر الفهرست لابن النديم: 255.
(7) لدينا اثنان يعرفان بهذا الاسم من كبار المعتزلة:
الأول: بشر بن المعتمر البغدادي، المتوفى سنة 210، وإليه
تنسب الطائفة (البشرية)، والثاني هو: بشر بن غياث بن عبد
الرحمان المريسي، المتوفى سنة 218، وإليه تنسب الطائفة
(المريسية)، ولعله هو المقصود هنا.
(8) عبد الله بن سعيد بن كلاب - بضم الكاف وتشديد اللام -
البصري المتكلم، رئيس الطائفة المعروفة بالكلابية، وضبطه
الذهبي في (المشتبه): 555.
(9) أبو الهذيل العلاف شيخ المعتزلة البصريين، المتوفي سنة
226.
(10) كان ثمامة بن أشرس من كبار المعتزلة، ومات سنة 213.
(11) البصري وضرار بن عمرو القاضي وابن الأصم من كبار
المعتزلة.
(12) نسبة إلى أبي هاشم عبد السلام بن أبي علي الجبائي،
رئيس معتزلة البصرة بعد أبيه، والمتوفى سنة 321، وتسمى
فرقته (البهشمية) وأتباعها: البهاشمة.
(21/35)
وَعَمْرٌو هَكَذَا أَعنِي ابْنَ بَحْرٍ(1)
... وَغَيْرهُم مِنْ أَصْحَابِ الشِّمَالِ (2)
فَرَأْيُ أُولاَءِ لَيْسَ يُفِيدُ شَيْئاً ... سِوَى
الهَذَيَانِ مِنْ قِيْلٍ وَقَالِ
وَكُلُّ هَوَىً وَمُحْدَثَةٍ ضَلاَلٌ ... ضَعِيْفٌ فِي
الحقيقَةِ كَالخيَالِ
فَهَذَا مَا أَدِينُ بِهِ إِلهِي ... تَعَالَى عَنْ
شَبِيْهٍ أَوْ مِثَالِ
وَمَا نَافَاهُ مِنْ خُدَعٍ وَزُوْرٍ ... وَمِنْ بِدَعٍ
فَلَمْ يَخَطُرْ بِبَالِي
صدق النَّاظمُ -رَحِمَهُ الله- وَأَجَاد، فَلأَن يَعِيْش
المُسْلِم أَخرس أَبكَم خَيْر لَهُ مِنْ أَنْ يَمتلِئَ
بَاطِنه كَلاَماً وَفَلْسَفَةً!
أَنشدنَا أَبُو الغَنَائِمِ بنُ عَلاَّنَ فِي كِتَابِهِ،
عَنِ القَاسِمِ بن عَلِيِّ بنِ الحَسَنِ الحَافِظ،
أَخْبَرَنَا أبي، أَنْشَدَنَا أَبُو سَعْدٍ عَبْد
الكَرِيْمِ بن مُحَمَّد بِدِمَشْقَ، أَنْشَدَنَا أَبُو
العِزِّ مُحَمَّد بن عَلِيٍّ البُسْتِيّ بِمُلْقَابَاذَ
(ح).
وَأَنْشَدَنَا أَبُو الحُسَيْنِ اليُوْنِيْنِيّ،
أَنْشَدَنَا جَعْفَرُ بنُ عَلِيٍّ المُقْرِئ، قَالاَ:
أَنْشَدَنَا الحَافِظُ أَبُو طَاهِرٍ أَحْمَدُ بنُ
مُحَمَّدٍ لِنَفْسِهِ:
إِنَّ عِلْمَ الحَدِيْثِ عِلْمُ رِجَالٍ ... تَرَكُوا
الابتدَاعَ لِلاتِّبَاعِ
فَإِذَا جَنَّ لَيْلُهُم كَتَبُوهُ ... وَإِذَا أَصْبَحُوا
غَدَوا لِلسَّمَاعِ (3)
أَنْشَدَنَا أَبُو الفَتْحِ القُرَشِيّ، أَنْشَدَنَا
يُوْسُفُ السَّاوِيُّ، أَنْشَدَنَا السِّلَفِيُّ
لِنَفْسِهِ:
لَيْسَ عَلَى الأَرْضِ فِي زَمَانِي ... مَنْ شَانهُ فِي
الحَدِيْثِ شَانِي
__________
(1) يعني الجاحظ الأديب المشهور، وكان معتزليا كما هو
معروف.
(2) إشارة إلى قوله تعالى: (وأصحاب الشمال ما أصحاب
الشمال. في سموم وحميم. وظل من يحموم. لا باردولا كريم) [
الواقعة: 41 - 43 ]. وقوله تعالى: (وأما من أوتي كتابه
بشماله فيقول ياليتني لم أوت كتابيه) [ الحاقة: 25 ].
(3) في (الوافي) للصفدي 7 / 353: فإذا الليل جنهم.
(21/36)
نَظماً وَضبطاً يَلِي عُلُوّاً ... فِيْهِ
عَلَى رغْمِ كُلِّ شَانِي (1)
أَنْشَدَنَا أَبُو الحُسَينِ ابْن الفَقِيْه (2) ، وَأَبُو
عَلِيٍّ القَلاَنسِيّ، قَالاَ:
أَنْشَدَنَا أَبُو الفَضْلِ الهَمْدَانِيّ، أَنْشَدَنَا
أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ لِنَفْسِهِ:
لَيْسَ حُسْنُ الحَدِيْثِ قربَ رِجَالٍ ... عِنْدَ
أَربَابِ علمِهِ النَّقَّادِ
بَلْ عُلُوُّ الحَدِيْثِ عِنْد أُولِي الإِتْـ ... ـقَانِ
وَالحِفْظِ صِحَّةُ الإِسْنَادِ
فَإِذَا مَا تَجَمَّعَا فِي حَدِيْثٍ ... فَاغتَنِمْهُ
فَذاكَ أَقْصَى المُرَادِ
قَدْ مَرَّ ذِكْرُ مَوْلِدِهِ وَأَنَّهُ عَلَى
التَّقْدِيْرِ، وَقَدْ قَالَ المُحَدِّثُ مُحَمَّد بن
عَبْدِ الرَّحْمَانِ بن عَلِيٍّ التُّجِيْبِيّ
الأَنْدَلُسِيُّ:
سَمِعْتُ عَلَى السِّلَفِيِّ، وَوجدت بِخَطِّهِ مُقيداً:
مَوْلِدِي بِأَصْبَهَانَ، سَنَة اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ تخمِيناً لاَ يَقيناً.
وَيُقوِيّ هَذَا مَا تَقدم عَنِ السَّخَاوِيّ، وَالأَظهر
خِلاَفه مِنْ قَوْله لما كَتَبُوا عَنْهُ وَهُوَ أَمرد،
وَمِنْ قَوْله وَقت قَتْلَةِ نِظَامِ المُلْكِ.
وَقَالَ القَاضِي شَمْس الدِّيْنِ أَحْمَد بن خَلِّكَانَ
(3) : كَانَتْ وِلاَدَتُه بِأَصْبَهَانَ، سَنَة
اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ تَقَرِيْباً.
قَالَ: وَوجدت العُلَمَاء بِمِصْرَ وَالمُحَدِّثِيْنَ مِنْ
جملتهِم الحَافِظ المُنْذِرِيّ يَقُوْلُوْنَ فِي مَوْلِد
السِّلَفِيّ هَذِهِ المَقَالَة، ثُمَّ وَجَدْت فِي كِتَاب
(زهر الرِّيَاض) لأَبِي القَاسِمِ ابْنِ الصَّفْرَاوِيِّ:
أَنَّ السِّلَفِيّ كَانَ يَقُوْلُ:
مَوْلِدِي -بِالتخمِين لاَ بِاليقين- سَنَةَ ثَمَانٍ
وَسَبْعِيْنَ.
فَيَكُوْن مَبْلَغ عُمُره عَلَى مقتضَى ذَلِكَ ثَمَانِياً
وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
ثُمَّ قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: وَرَأَيْت فِي (تَارِيخ
ابْن النَّجَّار) مَا يَدلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا
__________
(1) في (الوافي) للصفدي (نقلا ونقدا ولا علوا) وقوله (ولا)
لعله مصحف في المطبوع.
(2) يعني اليونيني.
(3) (وفيات الأعيان): 1 / 106 - 107.
(21/37)
قَالَهُ الصَّفْرَاوِيّ، فَإِنَّهُ قَالَ:
قَالَ عَبْدُ الغَنِيّ المَقْدِسِيّ: سَأَلت السِّلَفِيَّ
عَنْ مَوْلِده، فَقَالَ: أَنَا أَذْكُر قتلَ نِظَامِ
المُلْكِ سَنَة خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ وَلِي نَحْو عشر
سِنِيْنَ، وَلَوْ كَانَ مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ
وَسَبْعِيْنَ عَلَى مَا يَقوله أَهْل مِصْرَ مَا كَانَ
يَقُوْلُ: أَذْكُر قتلَ نِظَامِ المُلْكِ، فَيَكُوْن عَلَى
مَا قَالُوْهُ عُمره ثَلاَثَ عَشْرَةَ سَنَةً، أَوْ
أَرْبَعَ عَشْرَةَ، وَلَمْ تَجرِ العَادَة أَنَّ مَنْ
سِنُّه هَكَذَا أَنْ يَقُوْلَ: أَذْكُر القِصَّةَ
الفُلاَنِيَّةَ.
قَالَ: فَقَدْ ظَهَرَ بِهَذَا أَن قَوْل الصَّفْرَاوِيّ
تِلْمِيْذه أَقْرَب إِلَى الصّحَّة.
قُلْتُ: أَرَى أَنَّ الْقَوْلَيْنِ بعيدَان، وَهُمَا سَنَة
اثْنَتَيْنِ، وَسَنَة ثَمَانٍ، فَإِنَّهُ قَدْ حَدَّثَ فِي
سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ فِي أَوَّلهَا، وَقَدْ
مرّ أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ ابْن سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً،
أَكْثَر أَوْ أَقلّ بِقَلِيْلٍ.
فَلَو كَانَ مَوْلِدُهُ سَنَة اثْنَتَيْنِ، لَكَانَ ابْنَ
عِشْرِيْنَ سَنَةً تَامَّة، وَلَوْ كَانَ عَلَى مَا
قَالَهُ الصَّفْرَاوِيّ، لَكَانَ قَدْ كَتَبُوا عَنْهُ
وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ، وَهَذَا بعيد جِدّاً،
فَتعيّن أَنّ مَوْلِده عَلَى هَذَا يَكُوْن فِي سَنَةِ
أَرْبَعٍ أَوْ خَمْس وَسَبْعِيْنَ، وَأَنَّهُ مِمَّنْ
جَاوَزَ المائَةَ بِلاَ تَرَدُّدٍ (1) .
قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: مَعَ أَنَّا مَا علمنَا أَحَداً
مُنْذُ ثَلاَث مائَة سَنَةٍ إِلَى الآنَ بلغَ المائَة
-فَضْلاً عَنْ أَنَّهُ زَادَ عَلَيْهَا- سِوَى القَاضِي
أَبِي الطَّيِّبِ الطَّبَرِيّ: فَإِنَّهُ عَاشَ مائَة
وَسَنَتَيْنِ.
قُلْتُ: هَذَا الكَلاَم لاَ يَدلُّ عَلَى نَفِي تَعمِيْر
المائَة، بَلْ فِيْهِ اعترَاف فِي الطَّبَرِيّ -رَحِمَهُ
الله- وَمَا قَالَهُ الصَّفْرَاوِيّ فَقَاله بِاجتهَاده،
وَمَا تُوبع عَلَيْهِ، بَلَى خُولف.
وَقَدْ كُنْت أَلّفْت جُزْءاً كَبِيْراً فِيْمَنْ جَاوَزَ
المائَةَ مِنَ المَشَايِخ (2) ، وَمِنْهُم:
__________
(1) لذا ذكره الذهبي في (أهل المئة فصاعدا) (المورد م: 3،
عدد: 3، ص: 134).
(2) حققه ونشره الدكتور بشار عواد معروف في مجلة المورد
البغدادية (م: 3 عدد: 3 سنة 1973.
وذكر الدكتور بشار في رده على محققة الجزء الأول من (معجم
السفر) أن قول ابن =
(21/38)
أَنَس بنُ مَالِكٍ، وَأَبُو الطُّفَيْلِ،
وَغَيْرهُمَا مِنَ الصَّحَابَةِ، وَسُوَيْد بن غَفَلَة،
وَأَبُو رَجَاءٍ العُطَارِدِيّ، وَعِدَّة مِنَ
التَّابِعِيْنَ، وَالحَسَن بن عَرَفَةَ العَبْدِيُّ،
وَأَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ، وَبَدْر بن الهَيْثَمِ،
وَسُلَيْمَان بن أَحْمَدَ الطَّبَرَانِيّ، وَالفَقِيْه
عَبْد الوَاحِدِ الزُّبَيْرِيّ بِمَا وَرَاء النَّهْر،
وَشَيْخُنَا رُكْن الدِّيْنِ الطَّاوُوْسِيّ، وَبِالأَمس
مُسْنِد الدُّنْيَا شِهَاب الدِّيْنِ أَحْمَدَ ابْن
الشِّحْنَةِ.
قَالَ المُحَدِّثُ وَجِيْه الدِّيْنِ عَبْد العَزِيْزِ بن
عِيْسَى اللَّخْمِيّ قَارِئُ الحَافِظِ السِّلَفِيّ:
تُوُفِّيَ الحَافِظ فِي صَبِيْحَة يَوْمَ الجُمُعَةِ،
خَامِسَ شَهْرِ رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ سِتٍّ
وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَلَهُ مائَةُ سَنَةٍ
وَسِتُّ سِنِيْنَ.
كَذَا قَالَ فِي سِنِّه، فَوَهِمَ الوَجِيْه.
ثُمَّ قَالَ: وَلَمْ يَزَلْ يُقرَأُ عَلَيْهِ الحَدِيْث
يَوْمَ الخَمِيْسِ إِلَى أَنْ غربتِ الشَّمْس مِنْ لَيْلَة
وَفَاته، وَهُوَ يَردّ عَلَى القَارِئ اللَّحْنَ الخفِيَّ،
وَصَلَّى يَوْمَ الجُمُعَةِ الصُّبْح عِنْد انفجَار
الفَجْر، وَتُوُفِّيَ بَعْدهَا فُجَاءةً.
قُلْتُ: وَكَذَا أَرَّخَ مَوْتَهُ غَيْرُ وَاحِد -رَحِمَهُ
الله وَغفر لَهُ- وَقَبْره مَعْرُوف بِظَاهِرِ
الإِسْكَنْدَرِيَّة، وَكَانَ يَطَأُ أَهْلَه وَيَتمتَّع
وَإِلَى قَرِيْب وَفَاتِه، وَإِنَّمَا تَزَوَّجَ وَقَدْ
أَسنَّ بَعْدَ سَنَةِ خَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ (1) : لَقَبُهُ صَدْر الدِّيْنِ.
__________
= خلكان بعدم وجود من جاوز المئة خلال الثلاث مئة سنة التي
سبقت عصره هو قول ساقط لا قيمة له، وذكر له عددا كبيرا ممن
جاوزوا المئة بيقين خلال الفترة المذكورة (انظر التفاصيل
في مجلة المورد م: 8 عدد: 1 ص: 387).
(1) (وفيات الأعيان) 1 / 105.
(21/39)
2 - أَبُو العَلاَءِ الهَمْدَانِيُّ
الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ بنِ أَحْمَدَ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُقْرِئُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ،
أَبُو العَلاَءِ الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ بنِ
أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سَهْلِ بنِ سَلَمَةَ بنِ عثكل
بنِ إِسْحَاقَ بنِ حَنْبَلٍ الهَمَذَانِيُّ، العَطَّارُ،
شَيْخ هَمَذَانَ بِلاَ مدَافعَة.
مَوْلِدُهُ: فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ ثَمَانٍ
وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَأَوّل سَمَاعه فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ، وَبعدهَا
سَمِعَ مِنْ: عَبْدِ الرَّحْمَانِ بن حَمْدٍ الدُّوْنِيّ،
وَخَلْقٍ بِهَمَذَانَ.
وَسَمِعَ بِبَغْدَادَ مِنْ: أَبِي القَاسِمِ بنِ بَيَانٍ،
وَأَبِي عَلِيٍّ بنِ نَبْهَانَ، وَأَبِي عَلِيٍّ ابْنِ
المَهْدِيِّ، وَطَبَقَتهِم.
وَبِأَصْبَهَانَ مِنْ: أَبِي عَلِيٍّ الحَدَّاد،
وَمَحْمُوْد الأَشْقَر، وَخَلْقٍ.
وَقرَأَ بِالرِّوَايَات الكَثِيْرَة عَلَى: الحَدَّاد،
وَعَلَى: أَبِي عَبْدِ اللهِ البَارِع، وَأَبِي بَكْرٍ
المَزْرَفِيّ، وَجَمَاعَة.
وَارتحل إِلَى خُرَاسَانَ، فَسَمِعَ مِنْ: مُحَمَّدِ بنِ
الفَضْلِ الفُرَاوِيِّ (1) (صَحِيْحَ مُسْلِمٍ)، وَمَا
زَالَ يَسْمَعُ وَيَرحل وَيُسَمِّعُ أَوْلاَده.
وَآخر قَدَمَاته إِلَى بَغْدَادَ، وَكَانَ بَعْد
الأَرْبَعِيْنَ، فَقَرَأَ لأَوْلاَده عَلَى: أَبِي
الفَضْلِ الأُرْمَوِيّ، وَابْن نَاصِر، وَابْن
الزَّاغُوْنِيِّ، فَحَدث إِذْ ذَاكَ بِهَا وَأَقرَأَ.
__________
(*) ترجم له غير واحد منهم: ابن الجوزي في المنتظم 10 /
248، وفي مناقب أحمد: 532، وياقوت في إرشاد الاريب: 3 /
26، وابن الأثير في الكامل: 11 / 167، وسبط ابن الجوزي: 8
/ 300، والدمياطي في المستفاد، الورقة 30، والذهبي في
العبر 4 / 206، والمختصر المحتاج إليه: 1 / 276 - 277،
ومعرفة القراء الورقة 169، وتاريخ الإسلام الورقة 22 (أحمد
الثالث 2917 / 14)، وابن كثير في البداية 2 / 286، والعيني
في عقد الجمان 16 / الورقة 552، والجزري في غاية النهاية 1
/ 204، وابن العماد في الشذرات: 4 / 131 وغيرهم.
(1) الفراوي بضم الفاء، وقد فتحها بعضهم.
(21/40)
فَتَلاَ عَلَيْهِ بِالعَشْرَةِ: أَبُو
أَحْمَدَ عَبْد الوَهَّابِ ابْن سُكَيْنَة (1) .
وَرَوَى عَنْهُ: هُوَ، وَأَبُو المَوَاهِبِ بن صَصْرَى،
وَعَبْد القَادِرِ بن عَبْدِ اللهِ الرُّهَاوِيّ،
وَيُوْسُف بن أَحْمَدَ الشِّيْرَازِيّ، وَمُحَمَّد بن
مَحْمُوْدٍ الحَمَّامِيّ، وَعَتِيْق بن بَدَلٍ المَكِّيّ،
وَأَوْلاَدُه: أَحْمَد، وَعَبْد البَرِّ، وَفَاطِمَة،
وَأَسباطُه: القَاضِي عَلِيّ، وَمُحَمَّد، وَعَبْد
الحَمِيْدِ، بَنُوْ عَبْدِ الرَّشِيْدِ بنِ عَلِيِّ بنِ
بُنَيْمَانَ، وَآخَرُوْنَ.
وَرَوَى عَنْهُ بِالإِجَازَةِ: أَبُو الحَسَنِ ابْنُ
المُقَيَّرِ، وَغَيْرهُ.
قَالَ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ: هُوَ حَافِظ،
مُتْقِن، وَمُقْرِئٌ فَاضِل، حَسَن السِّيْرَةِ، جَمِيْل
الأَمْر، مَرضِيّ الطّرِيقَة، عزِيز النَّفْس، سخِيّ بِمَا
يَملكه، مكرم لِلْغربَاء، يَعرف الحَدِيْث وَالقِرَاءات
وَالآدَاب مَعْرِفَةً حَسَنَةً، سَمِعْتُ مِنْهُ
بِهَمَذَانَ.
وَقَالَ الحَافِظُ عَبْد القَادِرِ (2) : شَيْخنَا أَشهر
مِنْ أَنْ يُعرّف؛ تَعذّر وُجُوْد مِثْله مِنْ أَعصَار
كَثِيْرَة، عَلَى مَا بَلَغَنَا مِنْ سير العُلَمَاء
وَالمَشَايِخ، أَربَى عَلَى أَهْلِ زَمَانه فِي كَثْرَة
السَمَاعَات، مَعَ تَحْصِيل أُصُوْل مَا سَمِعَ، وَجُوْدَة
النُّسخ، وَإِتْقَان مَا كتبه بِخَطِّهِ؛ فَإِنَّهُ مَا
كَانَ يَكتب شَيْئاً إِلاَّ منقوطاً معرباً، وَأَوّل
سَمَاعه مِنَ الدُّوْنِيّ سَنَة (3) 495، وَبَرَعَ عَلَى
حُفَّاظ عصره فِي حِفْظِ مَا يَتعلّق بِالحَدِيْثِ مِنَ
الأَنسَاب وَالتَّوَارِيخ وَالأَسْمَاء وَالكنَى وَالقصص
وَالسير.
__________
(1) سيأتي ذكر ابن سكينة المتوفى سنة 607، وهو شيخ زهاد
العراق في زمانه، ويشتبه ب (سكينة) بكسر السين وتشديد
الكاف وهو غيره.
(2) يعني الرهاوي.
(3) هكذا قيدها الناسخ بالقلم الهندي.
(21/41)
وَلَقَدْ كَانَ يَوْماً فِي مَجْلِسِهِ،
وَجَاءته فَتوَى فِي أَمر عُثْمَان -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-
فَأَخَذَهَا، وَكَتَبَ فِيْهَا مِنْ حِفْظِهِ -وَنَحْنُ
جُلُوْس- درجاً طَوِيْلاً، ذكر فِيْهِ نسبهُ، وَمَوْلِده،
وَوَفَاته، وَأَوْلاَده، وَمَا قِيْلَ فِيْهِ، إِلَى غَيْر
ذَلِكَ.
وَلَهُ التَّصَانِيْف فِي الحَدِيْثِ، وَفِي الزُّهْد
وَالرَّقَائِق، وَقَدْ صَنَّفَ كِتَاب (زَادَ المُسَافِر)
فِي خَمْسِيْنَ مُجَلَّداً، وَكَانَ إِمَاماً فِي
الحَدِيْثِ وَعلُوْمه.
وَحَصّل مِنَ القِرَاءات مَا إِنَّهُ صَنّف فِيْهَا
العَشْرَة (1) وَالمفردَات، وَصَنَّفَ فِي الْوَقْف
وَالابْتِدَاء، وَفِي التَّجْوِيد، وَكِتَاباً فِي مَاءات
القُرْآن، وَفِي الْعدَد، وَكِتَاباً فِي مَعْرِفَةِ
القُرَّاء فِي نَحْو مِنْ عِشْرِيْنَ مُجَلَّداً،
استُحْسِنَت تَصَانِيْفه، وَكُتِبت، وَنُقِلَتْ إِلَى
خُوَارِزْم وَإِلَى الشَّامِ، وَبَرَعَ عِنْدَهُ جَمَاعَة
كَثِيْرَة فِي القِرَاءات.
وَكَانَ إِذَا جرَى ذَكَرَ القُرَّاء يَقُوْلُ: فُلاَن
مَاتَ عَام كَذَا وَكَذَا، وَمَاتَ فُلاَن فِي سَنَةِ
كَذَا وَكَذَا، وَفُلاَن يَعلو إِسْنَاده عَلَى فُلاَن
بِكَذَا.
وَكَانَ عَالِماً، إِمَاماً فِي النَّحْوِ وَاللُّغَة.
سَمِعْتُ أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ مَا حَفِظ كِتَاب
(الجَمْهَرَةِ).
وَخَرَّج لَهُ تَلاَمِذَةً فِي العَرَبِيَّة أَئِمَّة
يُقْرِؤُونَ بِهَمَذَانَ، وَبَعْض أَصْحَابه رَأَيْتهُ،
فَكَانَ مِنْ مَحْفُوْظَاته كِتَاب (الغرِيبين) لأَبِي
عُبَيْدٍ الهَرَوِيّ...، إِلَى أَنْ قَالَ:
وَكَانَ مُهيناً لِلمَال، بَاعَ جَمِيْع مَا وَرثه،
وَكَانَ مِنْ أَبْنَاءِ التُّجَّار، فَأَنفقه فِي طَلَبِ
العِلْمِ، حَتَّى سَافر إِلَى بَغْدَادَ وَإِلَى
أَصْبَهَانَ مَرَّات مَاشياً يَحمل كتبه عَلَى ظَهْرِهِ،
سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: كُنْتُ أَبَيْت بِبَغْدَادَ فِي
المَسَاجِدِ، وَآكلُ خُبْز الدُّخْنِ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا الفَضْل بن بُنَيْمَانَ الأَدِيْب
يَقُوْلُ:
رَأَيْتُ أَبَا العَلاَءِ العَطَّار فِي مَسْجِد مِنْ
مَسَاجِد بَغْدَاد يَكتب وَهُوَ قَائِمٌ؛ لأَنَّ
السِّرَاجَ كَانَ عَالِياً...،
__________
(1) يريد بها القراءات العشر.
(21/42)
إِلَى أَنْ قَالَ:
فَعظم شَأْنه فِي القُلُوْب، حَتَّى إِنْ كَانَ ليمرّ فِي
هَمَذَان فَلاَ يَبْقَى أَحَد رَآهُ إِلاَّ قَامَ، وَدَعَا
لَهُ حَتَّى الصِّبْيَان وَاليَهُوْد، وَرُبَّمَا كَانَ
يَمضِي إِلَى بلدَة مُشْكَانَ يُصَلِّي بِهَا الجُمُعَة،
فَيتلقَاهُ أَهْلهَا خَارِج البَلَد، المُسْلِمُوْنَ عَلَى
حدَة، وَاليَهُوْد عَلَى حدَة، يَدعُوْنَ لَهُ، إِلَى أَنْ
يَدخل البَلَد.
وَكَانَ يُفتح عَلَيْهِ مِنَ الدُّنْيَا جُمَلٌ، فَلَمْ
يَدَّخِرهَا، بَلْ يُنفقهَا عَلَى تَلاَمِذته، وَكَانَ
عَلَيْهِ رُسُوم لأَقْوَام، وَمَا كَانَ يَبرح عَلَيْهِ
أَلف دِيْنَار هَمَذَانِيَة أَوْ أَكْثَر مِنَ الدَّيْنِ،
مَعَ كَثْرَة مَا كَانَ يُفتح عَلَيْهِ.
وَكَانَ يَطلب لأَصْحَابِهِ مِنَ النَّاس، وَيَعز
أَصْحَابه وَمَنْ يَلوذ بِهِ، وَلاَ يَحضر دَعْوَة حَتَّى
يَحضر جَمَاعَة أَصْحَابه، وَكَانَ لاَ يَأْكُل مِنْ
أَمْوَال الظَّلمَة، وَلاَ قَبِلَ مِنْهُم مَدْرَسَة قَطُّ
وَلاَ رباطاً، وَإِنَّمَا كَانَ يُقْرِئُ فِي دَارِهِ،
وَنَحْنُ فِي مَسْجده سُكَّانٌ.
وَكَانَ يُقْرِئُ نِصْف نَهَاره الحَدِيْث، وَنِصْفه
القُرْآن وَالعِلْم، وَلاَ يَغشَى السَّلاَطِيْن، وَلاَ
تَأْخُذُهُ فِي اللهِ لُوْمَة لاَئِم، وَلاَ يُمكِّن
أَحَداً فِي محلَّته (1) أَنْ يَفعل مُنْكراً، وَلاَ
سَمَاعاً، وَكَانَ يُنَزِّلُ كُلّ إِنْسَان مَنْزِلته،
حَتَّى تَأَلَّفت القُلُوْب عَلَى مَحَبَّته وَحسنِ الذّكر
لَهُ فِي الآفَاق البعيدَة، حَتَّى أَهْل خُوَارِزْم
الَّذِيْنَ هُم مُعْتَزِلَة مَعَ شدته فِي الحَنْبَلَةِ.
وَكَانَ حَسَنَ الصَّلاَة، لَمْ أَرَ أَحَداً مِنْ
مَشَايِخنَا أَحْسَن صَلاَة مِنْهُ، وَكَانَ مُتَشَدِّداً
فِي أَمر الطّهَارَة، لاَ يَدع أَحَداً يَمس مَدَاسه،
وَكَانَتْ ثيَابه قصَاراً، وَأَكمَامه قصَاراً،
وَعِمَامَته نَحْو سَبْعة أَذرع.
__________
(1) في (تذكرة الحفاظ) 6 / 1324: ولا يمكن أحدا يعمل في
مجلسه منكرا.
وما ورد هنا أثبت، ويقويه ما ورد بعده بقوله (ولا سماعا)
فمن غير المعقول أن يكون السماع (أي الغناء) في مجلس من
مثل مجلس الحافظ أبي العلاء.
(21/43)
وَكَانَتِ السُّنَّةُ شعَاره وَدِثَاره
اعْتِقَاداً وَفِعْلاً، بِحَيْثُ إِنَّهُ كَانَ إِذَا
دَخَلَ (1) مَجْلِسه (2) رَجُلٌ، فَقَدّم رِجْله اليُسْرَى
كلَّفه أَن يَرْجِع، فَيقدّم اليُمْنَى، وَلاَ يَمس
الأَجزَاء إِلاَّ عَلَى وَضوء، وَلاَ يَدع شَيْئاً قَطُّ
إِلاَّ مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ تَعَظِيْماً لَهَا.
قُلْتُ (3) : هَذَا لَمْ يَرد فِيْهِ ثوَاب...، إِلَى أَنْ
قَالَ:
سَمِعْتُ مَنْ أَثق بِهِ عَنْ عَبْدِ الغَافِرِ بن
إِسْمَاعِيْلَ الفَارِسِيّ أَنَّهُ قَالَ فِي الحَافِظ
أَبِي العَلاَءِ، لَمَّا دَخَلَ نَيْسَابُوْر: مَا دَخَلَ
نَيْسَابُوْر مِثْلك.
وَسَمِعْتُ الحَافِظَ أَبَا القَاسِمِ عَلِيّ بن الحَسَنِ
(4) يَقُوْلُ -وَذَكَرَ رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِهِ رَحل-:
إِنْ رَجَعَ وَلَمْ يَلق الحَافِظ أَبَا العَلاَءِ ضَاعت
رحلته.
قُلْتُ: كَانَ أَبُو العَلاَءِ الحَافِظ فِي القِرَاءات
أَكْبَر مِنْهُ فِي الحَدِيْثِ، مَعَ كَوْنه مِنْ أَعيَان
أَئِمَّة الحَدِيْث، لَهُ عِدَّةُ رحلاَت إِلَى بَغْدَادَ
وَأَصْبَهَان وَنَيْسَابُوْر.
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْيَةَ (5) صَبِيْحٌ الأَسْوَدُ (6) ،
أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ ابْنُ المُقَيَّرِ،
__________
(1) إضافة من (تذكرة الحفاظ) 4 / 1326 لا يستقيم المعنى
بغيرها، ويقويها أن الرواية وردت مطابقة للتذكرة في (تاريخ
الإسلام) الورقة 23 (أحمد الثالث 2917 / 14).
(2) في هامش نسخة الأصل (مسجده)، وكأن الناسخ أراد
تصحيحها، وهو تصحيح غير موفق لما دل عليه المعنى، ولما ورد
في كتب الذهبي الأخرى، ومنها (تاريخ الإسلام) و(تذكرة
الحفاظ).
(3) القول للذهبي مؤلف الكتاب.
(4) يعني ابن عساكر، المتوفى سنة 571.
(5) في (تذكرة الحفاظ) 4 / 1327 (أبو سعيد) مصحف، وقد ذكر
الذهبي في (المشتبه)) مثل هذا الاسم، ولكنه لم يذكر هذه
الكنية (396)، وقد ترجم الذهبي لصبيح هذا في معجم شيوخه
فقال: (صبيح بن عبد الله عتيق صواب سمع ابن المقير..مات في
صفر سنة سبع وتسعين وست سنة، وكان خيرا دينا من أبناء
الثمانين) (م: 1، الورقة: 62) وترجم له في وفيات سنة 697
من (تاريخ الإسلام)، وذكر مثل الذي ذكره في (معجم شيوخه)
(الورقة 267، أيا صوفيا 3014) ومن أسف لم يذكر كنيته في
كلا الكتابين.
(6) ذكر الذهبي في (تاريخ الإسلام) أنه كان حبشيا.
(21/44)
أَخْبَرَنَا أَبُو العَلاَءِ الهَمَذَانِيّ
مُكَاتَبَة، أَخْبَرْنَا أَبُو عَلِيٍّ المُقْرِئُ،
أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بنُ خَلاَّدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ غَالِبٍ،
حَدَّثَنَا القَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ خُبَيْب (1)
بن عَبْدِ الرَّحْمَانِ، عَنْ حَفْصِ بنِ عَاصِمٍ، عَنْ
أَبِي سَعِيْدٍ، أَوْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-: (سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ فِي ظِلِّهِ،
يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ؛ إِمَامٌ عَادِلٌ...)،
وَذَكَرَ الحَدِيْثَ (2) .
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا نَصْرُ
بنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، أَنْبَأَنَا الحَافِظُ، أَبُو
العَلاَءِ الهَمَذَانِيّ، أَخْبَرْنَا أَبُو عَلِيٍّ
مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الهَاشِمِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ
اللهِ بنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَحْرٍ مُحَمَّد بن
الحَسَنِ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ الفَضْلِ الوَاسِطِيّ،
حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ، أَخْبَرَنَا أَبُو
مَالِكٍ الأَشْجَعِيّ سَعْد بن طَارِقٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ
(3) ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-: (المَعْرُوْفُ كُلُّهُ صَدَقَةٌ، وَإِنَّ
آخِرَ مَا تَعَلَّقَ بِهِ الجَاهِلِيَّةُ مِنْ كَلاَمِ
النُّبُوَّةِ: إِذَا لَمْ تَسْتَحِي فَافْعَلْ مَا شِئْتَ)
(4) .
__________
(1) بضم الخاء المعجمة وفتح الباء الموحدة (المشتبه): 215.
(2) قال شعيب: (وشاب نشأ في عبادة الله عزوجل، ورجل قلبه
معلق بالمسجد إذا خرج منه حتى يعود إليه، ورجلان تحابا في
الله، اجتمعا على ذلك، وتفرقا، ورجل ذكر الله خاليا، ففاضت
عيناه، ورجل دعته ذات حسب وجمال، فقال: إني أخاف الله،
ورجل تصدق بصدقة، فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق
يمينه).
أخرجه مالك في (الموطأ) 3 / 127، 128 بشرح السيوطي من طريق
خبيب بن عبد الرحمن بهذا الإسناد، ومن طريق مالك أخرجه
الترمذي (2391)، وأخرجه البخاري برقم (660) و(1423)
و(6479) و(6806)، ومسلم (1031)، والنسائي 8 / 222 كلهم من
طريق عبيد الله بن عمر، عن حبيب.
(3) بكسر أوله وسكون الموحدة كما في (التقريب) 1 / 243
وغيره.
(4) قال شعيب: إسناده صحيح، وأبو مالك الاشجعي اسمه سعد بن
طارق، وأخرجه أحمد في (المسند) 5 / 405، والخطيب في
(تاريخه) 2 / 135، 136 من طريق يزيد بن هارون بهذا
الإسناد، وأخرجه دون قوله (المعروف كله صدقة) البخاري 6 /
380، في الأنبياء: =
(21/45)
تُوُفِّيَ أَبُو العَلاَءِ الهَمَذَانِيُّ
بِهَا (1) ، فِي جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ تِسْعٍ
وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَلَهُ نَيِّفٌ
وَثَمَانُوْنَ سَنَةً.
وَفِيْهَا مَاتَ: صَاحِب الشَّام الْملك نُوْر الدِّيْنِ
مَحْمُوْد بن زَنْكِي التُّرْكِيّ عَنْ بِضْع وَخَمْسِيْنَ
سَنَةً، وَالمُسْنِدُ أَبُو عَبْدِ اللهِ أَحْمَدُ بنُ
عَلِيِّ بنِ المُعَمَّر العَلَوِيّ النَّقِيْب
بِبَغْدَادَ، وَأَبُو الحَسَنِ دَهْبَل بن عَلِيِّ بنِ
كَارِهٍ الحَرِيْمِيّ، وَشَيْخ النَّحْو أَبُو مُحَمَّدٍ
سَعِيْد بن المُبَارَكِ ابْن الدَّهَّانِ البَغْدَادِيّ،
وَمُسْنَد المَغْرِب أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ
بنِ حُنَيْنٍ (2) الكِنَانِيّ (3) بفَاس عَنْ ثَلاَث
وَتِسْعِيْنَ سَنَةً، وَالمُسْنِدُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ
اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ هِبَةِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ ابْن
النَّرْسِيِّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ بنُ قرْقُول الحَمْزِيّ،
وَأَبُو تَمِيْمٍ سَلْمَان بن عَلِيٍّ الرَّحَبِيّ
الخَبَّاز، وَعَبْد النَّبِيّ بن المَهْدِيّ الخَارِجِيّ
الْمُتَغَلب عَلَى اليَمَنِ، وَالفَقِيْه عُمَارَة بن
عَلِيٍّ اليَمَنِيّ شَاعِر وَقته، وَأَبُو شُجَاعٍ
مُحَمَّد بن الحُسَيْنِ المَادَرَائِيّ الحَاجِب.
وَفِي أَوْلاَد الحَافِظ أَبِي العَلاَءِ جَمَاعَةٌ
نُجبَاءُ؛ أصغرهُم: الحَافِظ الرَّحَّال
__________
= باب ما ذكر عن بني إسرائيل، و10 / 434 في الأدب: باب إذا
لم تستح فاصنع ما شئت، وأبو داود (4797)، وابن ماجه (4183)
من طريق منصور بن المعتمر، عن ربعي بن حراش، عن أبي مسعود
عقبة البدري قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن مما
أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح، فاصنع ما
شئت).
قال الحافظ تعليقا على قوله (عن أبي مسعود): هذا هو
المحفوظ،
ورواه إبراهيم بن سعد، عن منصور، عن عبد الملك، فقال: عن
ربعي بن حراش، عن حذيفة، حكاه الدار قطني في (العلل) قال:
ورواه أبو مالك الاشجعي أيضا عن ربعي، عن حذيفة.
قال الحافظ: وليس ببعيد أن يكون ربعي سمعه من أبي مسعود
ومن حذيفة جميعا.
(1) يعني بهمذان.
(2) شطح قلم الناسخ فكتبها (حسين) وهو مشهور سيأتي.
(3) في (تذكرة الحفاظ) 4 / 1327: (الكتاني) مصحف.
(21/46)
مُفِيْد هَمَذَان أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ
بنُ الحَسَنِ، سَمِعَ مِنْ أَبِي الوَقْت (1)
وَالبَاغَبَانِ (2) ، وَبِأَصْبَهَانَ مِنْ: أَبِي رشيْدٍ
عَبْد اللهِ بن عُمَرَ، وَالحَافِظ أَبِي مُوْسَى (3) ،
وَقرَأَ كَثِيْراً، وَحصَّل الأُصُوْل، رَوَى عَنْهُ أَبُو
الحَسَنِ ابْنُ القَطِيْعِيِّ (4) ، مَاتَ كَهْلاً سَنَةَ
خَمْسٍ وَسِتِّ مائَةٍ.
3 - الخَطِيْبِيُّ أَبُو حَنِيْفَةَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ
اللهِ بنِ عَلِيٍّ الأَصْبَهَانِيُّ *
الفَقِيْهُ، أَبُو حَنِيْفَةَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ
بنِ عَلِيٍّ الأَصْبَهَانِيُّ، الخَطِيْبِيُّ،
الحَنَفِيُّ.
رَوَى عَنْ: جَدِّهِ لأُمِّهِ؛ حَمْد بن صَدَقَةَ، وَأَبِي
مُطِيْعٍ الصَّحَّافِ، وَأَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ
أَحْمَدَ بنِ مَرْدَوَيْه، وَأَبِي مُحَمَّدٍ الدُّوْنِيّ،
وَأَبِي الفَتحِ الحَدَّادِ.
وَأَملَى عِدَّةَ مَجَالِسَ، وَحَدَّثَ بِأَصْبَهَانَ،
وَمَكَّة، وَبَغْدَاد.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو طَالِبٍ بنُ عَبْدِ السَّمِيْعِ،
وَالإِمَام المُوَفَّق بن قُدَامَةَ، وَابْن الأَخْضَرِ،
وَأَبُو القَاسِمِ بنُ صَصْرَى، وَآخَرُوْنَ.
وَهُوَ مِنْ بَيْت علمٍ وَرِوَايَةٍ.
__________
(1) يعني أبا الوقت عبد الأول بن عيسى السجزي الهروي، أعظم
رواة (الجامع الصحيح) للبخاري في عصره.
(2) أبو الخير محمد بن أحمد الباغبان الأصبهاني، المتوفى
559، والباغبان نسبة إلى حفظ الباغ وهو البستان، واللاحقة
(بان) أداة تدل على المحافظة في الفارسية، ومثلها (وان)،
مثل (كاروان)، وتقلب العامة في العراق (الباء) من (بان)
واوا فتجعل (الباغبان) (الباغوان).
راجع (الوفيات) للحاجي وتعليق المحققين عليها في الترجمة
176.
(3) يعني: المديني الحافظ المشهور.
(4) صاحب (تاريخ بغداد) المسمى بدرة الاكليل في تتمة
التذييل، المتوفى سنة 634.
(*) ترجم له الذهبي في (تاريخ الإسلام) الورقة 43 (أحمد
الثالث 2917 / 14).
(21/47)
تُوُفِّيَ: بِأَصْبَهَانَ، سَنَةَ إِحْدَى
وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَلَهُ ثَلاَثٌ
وَثَمَانُوْنَ سَنَةً.
4 - ابْنُ البُوْقِيِّ أَبُو جَعْفَرٍ هِبَةُ اللهِ بنُ
يَحْيَى بنِ حَسَنٍ *
شَيْخ الشَّافِعِيَّة بِوَاسِطَ، أَبُو جَعْفَرٍ هِبَةُ
اللهِ بنُ يَحْيَى بنِ حَسَنٍ (1) الوَاسِطِيّ، ابْنُ
البُوْقِيِّ، العَطَّارُ.
سَمِعَ: أَبَا نُعَيْمٍ الجُمَّارِيّ، وَأَبَا نُعَيْمٍ بن
زَبْزَبٍ، وَخَمِيْساً الحَافِظ.
وَتَفَقَّهَ، وَبَرَعَ عَلَى أَبِي عَلِيٍّ الفَارِقِيِّ،
وَاسْتَقْدَمَهُ ابْنُ هُبَيْرَةَ (2) .
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ الأَخْضَر، وَإِبْرَاهِيْمُ
الكَاشْغَرِيُّ، وَكَانَ بَصِيْراً بِالخِلاَفِ، عَلِيْماً
بِالفَرَائِضِ.
مَاتَ: بِوَاسِط، فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ إِحْدَى
وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، فِي عَشْرِ التِّسْعِيْنَ.
5 - اليُوْسُفِيُّ أَبُو نَصْرٍ عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ
عَبْدِ الخَالِقِ **
الشَّيْخُ الصَّالِحُ، أَبُو نَصْرٍ عَبْدُ الرَّحِيْمِ
بنُ عَبْدِ الخَالِقِ بنِ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ القَادِرِ
بن مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ البَغْدَادِيُّ، الخَيَّاطُ.
__________
(*) ترجم له الذهبي في (تاريخ الإسلام) الورقة 44 (أحمد
الثالث 2917 / 14) والسبكي في (طبقات الشافعية) 7 / 328
وفي (الطبقات الوسطى).
(1) في (طبقات) السبكي (الحسين)، وجاء صحيحا في طبقاته
الوسطى (الحسن).
(2) يعني الوزير المشهور عون الدين بن هبيرة.
(* *) ترجم له ابن الدبيثي في (تاريخه)، والذهبي في
(المختصر المحتاج إليه): 3 / 24، و(العبر): 4 / 220،
و(تاريخ الإسلام) الورقة 53 (أحمد الثالث 2917 / 14)، وابن
=
(21/48)
رَوَى عَنِ: ابْنِ نَبْهَانَ، وَابْنِ
بَيَانٍ، وَأَبِي طَالِبٍ اليُوْسُفِيِّ.
وَعَنْهُ: ابْنُ الأَخْضَرِ، وَالشَّيْخُ المُوَفَّقُ،
وَالبَهَاء عَبْد الرَّحْمَانِ، وَالشَّمْس البُخَارِيّ،
وَكَتَائِبُ بنُ مَهْدِيٍّ، وَعَبْدُ الحَقّ
الفَيَّالِيُّ، وَعَبْدُ الحَقِّ بنُ خَلَفٍ، وَآخَرُوْنَ.
تُوُفِّيَ: بِمَكَّةَ، قَبْلَ أَخِيْهِ، فِي سَنَةِ
أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَلَهُ تِسْعٌ
وَسِتُّوْنَ سَنَةً، وَكَانَ دَيِّناً، خَيِّراً، ذَا
مُروءةٍ تَامَّةٍ.
6 - العُلَيْمِيُّ أَبُو الخَطَّابِ عُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ
بنِ عَبْدِ اللهِ *
المُحَدِّثُ، العَالِمُ، الرّحَّالُ، أَبُو الخَطَّابِ
عُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ خَضِرِ بنِ
مُسَافِرٍ العُلَيْمِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ، السَّفَّارُ،
عُرِفَ: بِابْنِ حَوشكَاشَ (1) .
سَمِعَ مِن: الفَقِيْه نَصْر اللهِ المصِّيْصِيّ، وَنَصْر
بن مَطْكُوْدٍ، وَأَبِي القَاسِمِ بنِ البُنِّ، وَأَبِي
الأَسَعْدِ ابْنِ القُشَيْرِيِّ، وَنَصْر بن المُظَفَّر
البَرْمَكِيّ، وَعَبْد اللهِ بن الفُرَاوِيّ، وَهِبَة
اللهِ الدَّقَّاق، وَعَبْد اللهِ بن رِفَاعَةَ،
وَالسِّلَفِيّ، وَعَدَد كَثِيْر بِخُرَاسَانَ، وَالعِرَاق
(2) ، وَمِصْر، وَالشَّام.
وَكَتَبَ الكَثِيْر، وَكَانَ صَدُوْقاً، حَمِيْدَ
__________
= العماد في (الشذرات) 4 / 248.
والبيت اليوسفي من البيوتات البغدادية المشهورة بالعلم
والفضل، وقد اشتهر منهم غير واحد.
(*) ترجم له ابن الدبيثي، الورقة: 199 (باريس 5922)، وابن
النجار في (التاريخ المجدد) الورقة: 132 (باريس) والذهبي
في (تاريخ الإسلام)، الورقة: 53 (أحمد الثالث 2917 / 14)،
و(المختصر المحتاج إليه) 3 / 104، و(العبر) 4 / 220، وابن
العماد في (الشذرات) 4 / 248.
(1) كذا في الأصل، وفي تاريخ ابن الدبيثي: (حوائج كش) وفي
(تاريخ الإسلام) و(المختصر المحتاج إليه): (حوائج كاش)).
(2) ذكر ابن الدبيثي أنه ورد بغداد مرتين أولاهما في سنة
559، والثانية في سنة 568.
(21/49)
السيرَة، جَيِّدَ الفَهْمِ وَالمَعْرِفَة.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ الأَخْضَر (1) ، وَزَيْنُ
الأُمَنَاءِ، وَطَائِفَة.
مَاتَ: فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ، بِدِمَشْقَ، وَلَهُ أَرْبَعٌ
وَخَمْسُوْنَ سَنَةً (2) .
7 - الحَدِيْثِيُّ أَبُو طَالِبٍ رَوْحُ بنُ أَحْمَدَ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ *
قَاضِي القُضَاةِ، أَبُو طَالِبٍ رَوْحُ بنُ أَحْمَدَ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ صَالِحٍ الحَدِيْثِيُّ، ثُمَّ
البَغْدَادِيُّ، الشَّافِعِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ: إِسْمَاعِيْل بن الفَضْلِ الجُرْجَانِيّ،
وَمُحَمَّد بن عَبْدِ البَاقِي البَجَلِيّ، وَهِبَة اللهِ
بن الحُصَيْنِ.
__________
(1) قال ابن الدبيثي في تاريخه: (ذكره شيخنا عبد العزيز
الاخضر فأثنى عليه، وروى عنه في مصنفاته، وحدثنا عنه).
(2) لم يذكر ابن الدبيثي مولده ووفاته، ووجدناها بحاشية
النسخة بخط الحافظ عبد العظيم المنذري نقلا عن شيخه أبي
البركات الحسن بن محمد بن الحسن بن هبة الله الشافعي كما
نقلها ابن النجار عن هذا الشيخ نفسه، وقال ابن النجار في
تاريخه: (سمعت عبد العزيز بن عبد الملك الدمشقي ببغداد
يقول: سمعت أبا الفضل عبد الله بن محمد بن عبد الله
العليمي يقول: لما كان أخي ببغداد يسمع الحديث عاهد الشريف
أبا الحسن الزيدي وصبيحا النصري أنه يوقف كتبه وأجزاءه،
ويرسلهما إليهما لتكون في خزانتهما ببغداد، فلما مرض مرض
الموت، أوصى إلي بذلك، فلما توفي، أنفذتها إلى مسجد
الزيدي، قلت (أي ابن النجار): وصلت إلى بغداد بعد وفاة
الزيدي فتسلمها صبيح، وهي الآن في خزانة الزيدي) (الورقة
133 - باريس) وذكر ابن الدبيثي مثل هذا.
(*) ترجم له ابن الجوزي في المنتظم ، وابن الدبيثي:
(الورقة: 51 باريس 5922)، والذهبي في تاريخ الإسلام
(الورقة: 35 أحمد الثالث 2917 / 14) والمختصر المحتاج إليه
، ومحي الدين القرشي في الجواهر المضية وابن كثير في
البداية: ، والعيني في عقد الجمان: (16 / الورقة 574)،
وذكر ابن الجوزي ونقل عنه البدر العيني انه كان ينبز
بالرفض.
(21/50)
سَمِعَ مِنْهُ: عُمَرُ بنُ عَلِيٍّ
القُرَشِيُّ.
وَرَوَى عَنْهُ: إِسْفَنْديَار ابْنُ المُوَفَّقِ،
وَبِالإِجَازَة ابْنُ مَسْلَمَةَ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ (1) : كَانَ مُتَدَيِّناً، حسنَ
الطَّرِيقَةِ، عَفِيْفاً، نَزهاً، وَلاَّهُ المُسْتَضِيْءُ
القَضَاءَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَسِتِّيْنَ بَعْدَ امتِنَاعٍ
مِنْهُ شَدِيد، وَلَمْ يَزَلْ عَلَى القَضَاءِ حَتَّى
تُوُفِّيَ فِي المُحَرَّمِ، سَنَةَ سَبْعِيْنَ وَخَمْسِ
مائَةٍ.
ابْنُهُ:
8 - أَبُو المَعَالِي عَبْدُ المَلِكِ بنُ رَوْحٍ *
الإِمَامُ، القَاضِي، الزَّاهِدُ، العَابِدُ، القَانِتُ،
أَبُو المَعَالِي عَبْدُ المَلِكِ بنُ رَوْحٍ، استَنَابَه
(2) أَبُوْهُ فِي القَضَاءِ بِحَرِيْمِ دَارِ الخِلاَفَةِ.
وَسَمِعَ مِنْ: عَلِيِّ بنِ الصَّبَّاغِ، وَمُحَمَّدِ بنِ
مُحَمَّدِ ابْن السَّلاَّلِ، وَالأُرْمَوِيِّ.
انتَقَى لَهُ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ الزَّيْدِيُّ جُزْءاً.
وَرَوَى عَنْهُ: عَبْدُ المَلِكِ بنُ أَبِي مُحَمَّدٍ
البَرَدَانِيُّ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ (3) : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ
سَعِيْدٍ الحَافِظُ (4) ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ المَلِكِ بنُ
أَبِي مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ المَلِكِ ابْنُ
الحَدِيْثِيِّ، أَخْبَرْنَا ابْنُ السَّلاَّلِ...،
فَذَكَرَ حَدِيْثاً.
__________
(1) لم يصل إلينا هذا القسم من (تاريخ) ابن النجار.
* ترجم له ابن الدبيثي: (الورقة: 137 - باريس 5922) وابن
النجار (الورقة: 6 ظاهرية) والذهبي في المختصر المحتاج
إليه: ، وتاريخ الإسلام (الورقة: 36 - أحمد الثالث 2917 /
14).
(2) ذكر ابن الدبيثي أنه شهد عند والده في أول ولايته
لقضاء القضاة في يوم السبت ثاني عشر من شهر ربيع الآخر سنة
566.
(3) (التاريخ المجدد) الورقة: 6 ظاهرية.
(4) يعني ابن الدبيثي.
(21/51)
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ (1) : سَمِعْتُ
جَارنَا عَلِيَّ بنَ أَحْمَدَ القَوَّاسَ يَقُوْلُ:
كَانَ القَاضِي عَبْدُ المَلِكِ ابْنُ الحَدِيْثِيِّ
يَخْرُجُ مِنْ دَارِ وَالِدِه قَاضِي القُضَاةِ رَاكِباً
بِالعِمَامَة الكَبِيْرَةِ، وَالقمِيْصِ،
وَالطَّيْلَسَانِ، وَالوكلاَءُ وَالرَّكَّابِيَّةُ بَيْنَ
يَدِي فَرسه، إِلَى بَاب مَنْزِله، فَإِذَا نَزل وَدَخَلَ
دَاره، خَرَجَ مَاشياً، عَلَيْهِ ثِيَاب قصِيْرَة صغِيرَة
الأَكمَام، وَعِمَامَة لطيفَة، وَالمصلَى عَلَى كَتِفِهِ،
حَتَّى يَأْتِي مَسْجِد السُّوق، فَيُصَلِّي السّنَّة،
ثُمَّ يَخْرُج، وَيُقيم الصَّلاَة، وَيَؤمُّ بِالنَّاسِ،
وَكَانَ يُسحِّر فِي ليَالِي رَمَضَانَ، وَكَانَ يَعرف
الموَاقيت.
حَجَّ ابْن الحَدِيْثِيّ سَنَة تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ،
وَقَدِمَ وَقَدْ مَاتَ أَبُوْهُ، فَخوطب فِي أَنْ يَلِي
قَضَاء القُضَاة، فَلَمْ يُجِبْ، وَتردَّد الكَلاَم فِي
ذَلِكَ أَيَّاماً، وَمَرِضَ، فَمَاتَ فِي صَفَرٍ، سَنَةَ
سَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ (2) -رَحْمَةُ اللهِ
عَلَيْهِ-.
9 - المَأْمُوْنِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ هَارُوْنُ بنُ
العَبَّاسِ بنِ مُحَمَّدٍ العَبَّاسِيُّ *
العَلاَّمَةُ، الأَدِيْبُ، الأَخْبَارِيُّ، أَبُو
مُحَمَّدٍ هَارُوْنُ بنُ العَبَّاسِ بنِ مُحَمَّدٍ
العَبَّاسِيُّ، المَأْمُوْنِيُّ، البَغْدَادِيُّ،
مُصَنِّفُ (التَّارِيْخ) عَلَى السِّنِيْنَ، وَلَهُ (شرح
المَقَامَات)، وَكِتَاب (أَخْبَار الأَوَائِل).
__________
(1) (التاريخ المجدد)، الورقة: 6 ظاهرية.
(2) كانت وفاته على ما ذكر ابن الدبيثي في يوم الأحد
الرابع والعشرين من صفر سنة 570، وقال: (وقد توفي والده
قاضي القضاة في محرم من هذه السنة فندب إلى توليته قضاء
القضاة، وعين عليه في ذلك، فمرض، ومات قبل تمام ذلك).
(الورقة 137 باريس 5922) ولم يشر ابن الدبيثي كما رأيت إلى
ممانعة منه في تولي قضاء القضاة.
(*) ترجم له الذهبي في تاريخ الإسلام، الورقة: 50 (أحمد
الثالث 2917 / 14) والعبر: 4 / 217، وابن العماد في
الشذرات: 4 / 245.
(3) هكذا ذكر له الذهبي ثلاثة كتب، والذي في (تاريخ
الإسلام) يشير إلى أن (أخبار الاوائل) جزء من تاريخه الذي
على السنين، قال في (تاريخ الإسلام): (وصنف شرحا =
(21/52)
وَحَدَّثَ عَنْ: قَاضِي المَارستَانِ (1) .
مَاتَ: فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسَبْعِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ.
10 - صَاحِبُ اليَمَنِ المَلِكُ المُعَظَّمُ شَمْسُ
الدَّوْلَةِ تُوْرَانْشَاه بنُ أَيُّوْبَ
أَخُو السُّلْطَانِ صَلاَحِ الدِّيْنِ، هُوَ أَسَنُّ مِنَ
السُّلْطَانِ، فَكَانَ يَحترِمُهُ وَيَرَى لَهُ.
جهّزه فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ إِلَى بلاَد
النُّوْبَة، فَرَجَعَ بغَنَائِم كَثِيْرَة، ثُمَّ بعثَه
عَلَى اليَمَنِ، فَظَفِرَ بِعَبْدِ النَّبِيّ المتغلِّب
عَلَيْهَا، وَقتله، وَاسْتَوْلَى عَلَى مُعْظَم اليَمَن،
وَكَانَ بَطَلاً شُجَاعاً جَوَاداً مُمَدَّحاً.
ثُمَّ إِنَّهُ ملَّ مِنْ سكنَى اليَمَن، وَلَمْ تُوَافقه،
فَاستنَاب عَلَيْهَا، وَقَدِمَ فِي آخِرِ سَنَةِ إِحْدَى
وَسَبْعِيْنَ، فَعمل نِيَابَة السّلطنَة بِدِمَشْقَ، ثُمَّ
تَحَوَّلَ إِلَى مِصْرَ فِي عَام أَرْبَعَة وَسَبْعِيْنَ،
وَاتفق مَوْته بِالإِسْكَنْدَرِيَّة فِي صَفَرٍ، سَنَة
سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ، فَنقل فِي تَابوت إِلَى دِمَشْقَ،
وَدُفِنَ بِالمَدْرَسَة الشَّامِيّة عِنْد أُخْته
شَقِيقَته.
وَمَعْنَى تُوْرَانْشَاه: مَلِك الشَّرْق.
وَكَانَتِ الإِسْكَنْدَرِيَّة لَهُ إِقطَاعاً، وَكَانَ
نوَابه بِاليمَنِ يَحملُوْنَ إِلَيْهِ الأَمْوَال مِنْ
زَبَيْد وَعدن، وَكَانَ لاَ يَدّخر شَيْئاً، وَفِيْهِ
لَعِب وَلذَّة محظورَة وَعُسْفٌ.
__________
= لمقامات الحريري مختصرا، وجمع تاريخا على السنين فيه
أخبار الاوائل والحوادث والدول في مجلدين) (الورقة: 50 من
النسخة المذكورة) فلعله أفرد أخبار الاوائل في كتاب مستقل.
(1) يعني محمد بن عبدا لباقي الأنصاري المتوفى 535.
(*) وتكتب أيضا (توران شاه) منفصلة، وقد ترجم له غير واحد
من الذين أرخو العصره منهم: سبط ابن الجوزي: 8 / 362، وابن
خلكان: 1 / 306، والخزرجي في العقود اللؤلؤية: 1 / 26
والذهبي في تاريخ الإسلام الورقة 64 (أحمد الثالث 2917 /
14) والعبر: 4 / 228، والعرشي في بلوغ المرام: 41، وغيرهم.
(21/53)
مَاتَ: وَعَلَيْهِ مائَتَا أَلف دِيْنَار.
وَلَهُ إِخْوَة نُجبَاء: صَلاَح الدِّيْنِ السُّلْطَان،
وَسيف الدِّيْنِ العَادل، وَشَاهنشَاه وَالِد فَرُّوخشَاه
صَاحِب بَعْلَبَكَّ، وَوَالِد الْملك تَقِي الدِّيْنِ
عُمَر صَاحِب حَمَاة، وَتَاج المُلُوْك بُوْرِي الَّذِي
قُتل عَلَى حلب، وَسيف الإِسْلاَم طُغْتِكِيْن الَّذِي
تَملك اليَمَن أَيْضاً، وَرَبِيْعَة خَاتُوْنَ، وَسِتّ
الشَّام (1) .
11 - مَلِكُ المَوْصِلِ غَازِي بنُ مَوْدُوْدِ بنِ زنْكِي
التُّرْكِيُّ *
المَلِكُ، سَيْفُ الدِّيْنِ غَازِي ابْنُ صَاحِبِ
المَوْصِلِ قُطْبِ الدِّيْنِ مَوْدُوْدِ ابْنِ الأَتَابكِ
زنْكِي ابْنِ قَسيْمِ الدَّوْلَةِ آقْسُنْقُرَ
التُّرْكِيُّ، المَوْصِلِيُّ.
تَمَلَّكَ بَعْدَ أَبِيْهِ مِنْ تَحْت يَدِ عَمّه الْملك
نُوْر الدِّيْنِ، وَطَالت أَيَّامه، فَلَمَّا تَسَلَّطن
صَلاَح الدِّيْنِ، وَحَاصَرَ حلب، نَفَّذ غَازِي جَيْشه
مَعَ أَخِيْهِ مَسْعُوْد يُنجد ابْنَ عَمِّهِ، فَالتَقَوا
هُم وَصَلاَح الدِّيْنِ عِنْد قرُوْنِ حَمَاة، فَانْكسر
مَسْعُوْد، فَأَقْبَل غَازِي بِنَفْسِهِ ليَأْخذ
بِالثَّأْر، فَوَقَعَ المَصَافّ عَلَى تلّ السُّلْطَان
بِقُرْبِ حلب، فَانْكسرت مَيْسَرَة صَلاَح الدِّيْنِ،
فَحَمَلَ السُّلْطَان بِنَفْسِهِ، فَكسر المَوَاصِلَةَ،
فَقبح الله القِتَال عَلَى المُلْكِ، مَا أَردَأَه.
مَاتَ غَازِي -رَحِمَهُ الله-: بِالسّلِّ، فِي صَفَرٍ،
سَنَة سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ وَخَمْس
__________
(1) ستأتي تراجمهم في هذا الكتاب.
* ترجم له ابن الأثير في التاريخ الباهر: 175 146 وغيرها،
وذكره في غير موضع من الكامل، وترجم له سبط ابن الجوزي: 8
/ 363، وابن خلكان: 4 / 3، وابن واصل في مفرج الكروب: 1 /
190، والذهبي في تاريخ الإسلام: الورقة 67 (أحمد الثالث
2917 / 14) والعبر: 4 / 230، وابن الوردي: 2 / 90، وابن
تغري بردي في النجوم: 6 / 88، والمقريزي في السلوك: ج 1 ق
1 ص 58 فما بعد، وابن العماد في الشذرات: 4 / 257.
(21/54)
مائَة (1) ، وَتَملّك المَوْصِل أَخُوْهُ
الْملك عِزّ الدِّيْنِ مَسْعُوْد.
12 - خُوَارِزمْشَاه أَرْسَلاَنُ بنُ آتسز بن مُحَمَّدِ
بنِ نُوشْتِكِيْنَ *
السُّلْطَان أَرْسَلاَن بنُ خُوَارِزْم شَاه (2) آتسز (3)
ابْنِ الأَمِيْر مُحَمَّدِ بنِ نُوشْتِكِيْن (4) .
تَمَلَّكَ بَعْدَ أَبِيْهِ.
كَانَ جَدّهُم نُوشْتِكِيْن مَمْلُوْكاً لِرَجُلٍ،
فَاشترَاهُ أَمِيْر مِنَ السُّلْجُوْقِيَّة اسْمه بلكَا
بِك فَكَبِرَ نُوشْتِكِيْن، وَنَشَأَ نَجيباً عَاقِلاً،
فَوُلد لَهُ مُحَمَّد، فَأَشغله فِي العِلْمِ وَالأَدب،
وَطلع نبيلاً كَامِلاً، وَسَاد، وَتَأَمّر، وَنَاب فِي
حُدُوْدِ الخَمْس مائَة بِخُوَارِزْمَ، وَلقّبوهُ
خُوَارِزْمشَاه، فَعَدَلَ، وَأَحْسَن السيَاسَة، وَقرّب
العُلَمَاء، وَعظم شَأْنه عِنْد مَخْدُومه السُّلْطَان
سَنْجَر، ثُمَّ تُوُفِّيَ، فَقَامَ فِي وِلاَيته ابْنه
آطسز خُوَارِزْمشَاه، ثُمَّ بَنُوْهُ، فَوَلِيَ أَرْسَلاَن
هَذَا، فَكَانَ مِنْ كِبَارِ المُلُوْك كَأَبِيْهِ.
رَجَعَ مِنْ مُحَارِبَة الخَطَا مَرِيْضاً، فَمَاتَ فِي
سَنَةِ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، فَتَمَلَّكَ
بَعْدَهُ ابْنه سُلْطَان شَاه مَحْمُوْد، وَكَانَ ابْنه
الآخر تَكِشّ مقيماً عَلَى مدينَة جَنْد، فَلَمَّا سَمِعَ،
تَنمَّر وَأَنِف مِنْ سَلْطَنَة أَخِيْهِ الصَّغِيْر،
وَسَارَ إِلَى ملك
__________
(1) وقد ذكر ابن الأثير أنه كان لا يحب الظلم على شح فيه
وجبن، وذكر الذهبي في (تاريخ الإسلام) أنه عاش نحوا من
ثلاثين سنة، وأنه تعاطى الخمر والزنى بعد موت نور الدين
فمقته أهل الخير (الورقة 67 احمد الثالث 2917 / 14).
(*) أخباره في التواريخ المستوعبة لعصره ولا سيما ابن
الأثير في الكامل.
وتناول الذهبي أخباره في قسم الحوادث من تاريخ الإسلام
(أحمد الثالث 2917 / 15) وترجم له في تاريخ الإسلام،
الورقة 18 (أحمد الثالث 2917 / 14).
(2) هكذا ترد متصلة تارة ومنفصلة أخرى.
(3) وتكتب أيضا: (آطسز) ومعناها بالتركية: بغير اسم، كما
سترد بعد قليل.
(4) وترد في بعض الكتب (نشتكين) بغير واو.
(21/55)
الخَطَا، فَأَمده بجَيْش، وَأَقْبَلَ،
فَتَأَخّر أَخُوْهُ مُحَمَّد وَأُمّه إِلَى صَاحِب
نَيْسَابُوْر المُؤَيَّد، وَاسْتَوْلَى عَلاَء الدِّيْنِ
تَكِشّ عَلَى البِلاَد، ثُمَّ التقَى هُوَ وَالمُؤَيَّد،
فَانحطم جمع المُؤَيَّد، وَأُسِرَ هُوَ، وَذُبِحَ صَبْراً،
وَهَرَبَ مَحْمُوْد وَأُمّه إِلَى دِهِسْتَان، ثُمَّ
حَاصرهُم تَكِشّ، وَافتَتَح البَلَد، فَهَرَبَ مَحْمُوْد
وَأُسرت أُمّه، فَقُتلت، وَالتَجَأَ مَحْمُوْد إِلَى
السُّلْطَانِ غِيَاث الدِّيْنِ صَاحِب غَزْنَة،
فَاحْتَرَمه، وَتَمَلَّكَ بَعْدَ المُؤَيَّد وَلده
مُحَمَّد بن أَيَبَةَ.
وَأَمَّا تَكِشّ، فَامتدت أَيَّامه، وَقَهَرَ المُلُوْكَ.
13 - ابْنُ حُنَيْنٍ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ
بنِ حُنَيْنٍ الكِنَانِيُّ *
الإِمامُ الكَبِيْرُ، مُسْنِدُ المَغْرِبِ، أَبُو الحَسَنِ
عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ حُنَيْنٍ الكِنَانِيُّ،
القُرْطُبِيُّ، المَالِكِيُّ، المُقْرِئُ، نَزِيْلُ
مَدِيْنَةِ فَاسٍ.
مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ.
وَقرَأَ بِالرِّوَايَات عَلَى: أَبِي الحَسَنِ العَبْسِيّ
صَاحِب أَبِي العَبَّاسِ بن نَفِيْسٍ، فَكَانَ خَاتمَة
أَصْحَاب العَبْسِيّ.
وَسَمِعَ (المُوَطَّأ) مِنْ: مُحَمَّدِ بنِ فَرَجٍ
الطَّلاَّعِيّ.
وَرَوَى أَيْضاً عَنْ: خَازِم بن مُحَمَّدٍ، وَأَبِي
الحَسَنِ بنِ شَفِيْعٍ.
وَتَلاَ بِجَيَّانَ عَلَى: أَبِي عَامِرٍ مُحَمَّد بن
حَبِيْبٍ.
وَحَجّ فِي سَنَةِ خَمْسِ مائَةٍ.
__________
(*) ترجم له ابن الابار في التكملة: 3 / الورقة: 66 نسخة
الأزهر المصورة في خزانة الدكتور بشار عواد معروف، والذهبي
في تاريخ الإسلام، الورقة 25 (أحمد الثالث 2917 / 14)،
والعبر: 4 / 204، وابن العماد في الشذرات: 4 / 234.
(21/56)
قَالَ الأَبَّار فِي (تَارِيْخِهِ (1)):
فَلقِي أَبَا حَامِد الغَزَّالِيّ، وَصحبه، وَسَمِعَ
مِنْهُ كَثِيْراً مِنْ (مُوَطَّأِ يَحْيَى (2) بن
بُكَيْرٍ) بِسَمَاعه مِنَ الفَقِيْه نَصْر، وَأَقَامَ
تِسْعَة أَشهر يُقْرِئُ القُرْآن بِبَيْتِ المَقْدِس.
طَالَ عُمُرُهُ، وَتَصدّر لِلإِقْرَاءِ.
رَوَى عَنْهُ مَنْ شُيُوْخنَا (3) : أَبُو القَاسِمِ بنُ
بَقِيٍّ، وَأَبُو زَكَرِيَّا التَّادَلِيّ، فَأَخْبَرَنَا
التَّادَلِيّ بِكِتَابِ (الشِّهَاب) لِلْقُضَاعِيِّ
سَمَاعاً، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو (4) الحَسَنِ بنُ حُنَيْنٍ، حَدَّثَنَا
العَبْسِيّ، حَدَّثَنَا المُؤلف (5) ، ثُمَّ قَالَ
الأَبَّار (6) : تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ.
قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ بِقُوْص مُحَمَّد بن عَبْدِ
الحَمِيْدِ بن صَالِحٍ الهسكورِيُّ (المُوَطَّأ) أَوْ
بَعْضه، فَقَالَ صَاحِب كِتَاب (الإِمَامِ):
قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ المُحْسِنِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ
القُوْصِيّ بِهَا أَنَّهُ سَمِعَ الهسكورِيّ -قَدِمَ
عَلَيْهِم- عَنِ ابْنِ الحُنَيْنِ...، فَذَكَرَ حَدِيْثاً.
14 - ابْنُ الشَّهْرُزُوْرِيِّ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ
بنِ القَاسِمِ *
الإِمَامُ، قَاضِي القُضَاةِ، كَمَالُ الدِّيْنِ، أَبُو
الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ
__________
(1) (التكمله): 3 / الورقة: 66.
(2) العبارة قد توهم، وأصلها كما وردت عند ابن الابار:
(وسمع منه أكثر الموطأ رواية ابن بكير).
(3) أي من شيوخ ابن الابار.
(4) إضافة يقتضيها السياق.
(5) هذا من تصرفات الذهبي في النقل، فمعلوم أن الذهبي
يرتضي النقل بالمعنى، ولا يلتزم بأصل النص وحرفيته (انظر
كتاب الدكتور بشار عواد معروف: الذهبي ومنهجه: ص: 434 فما
بعد القاهرة 1976) قال ابن الابار: (وروى لنا عنه من
شيوخنا أبو القاسم بن بقي، وأبو زكريا التادلي، قرأت عليه
(الشهاب) للقضاعي ببلنسية، وحدثني به عنه سماعا عن العبسي
عن مؤلفه).
(6) (التكملة) الورقة: 66 من النسخة السابقة.
(*) ترجم له العماد في القسم الشامي من الخريدة: 2 / 323،
وابن الجوزي في المنتظم: =
(21/57)
القَاسِم بن مُظَفَّر بن عَلِيٍّ، ابْنُ
الشَّهْرُزُوْرِيِّ المَوْصِلِيُّ، الشَّافِعِيُّ،
بَقِيَّةُ الأَعْلاَمِ.
مَوْلِدُهُ: سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: جدّه لأُمِّهِ؛ عَلِيّ بن أَحْمَدَ بنِ
طَوْقٍ، وَأَبِي البَرَكَات بن خَمِيْس، وَبِبَغْدَادَ
مِنْ: نُوْر الهُدَى الزَّيْنَبِيّ، وَطَائِفَة.
وَكَانَ وَالِدُهُ (1) أَحَد عُلَمَاء زَمَانه يُلَقَّبُ:
بِالمُرْتَضَى، تَفَقَّهَ بِبَغْدَادَ، وَوعظ، وَلَهُ
نَظْمٌ فَائِق، وَفَضَائِل، وَوَلِيَ قَضَاءَ المَوْصِل،
وَهُوَ القَائِلُ:
يَا ليلَ (2) مَا جِئْتكُم زَائِراً ... إِلاَّ وَجَدْت
الأَرْض تُطوَى لِي
وَلاَ ثَنَيْتُ العَزْم عَنْ بَابكُم ... إِلاَّ
تَعثَّرْتُ بِأَذْيَالِي
مَاتَ: سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَخَمْسِ مائَةٍ، كَهْلاً.
وَكَمَال الدِّيْنِ حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنَا صَصْرَى (3) ،
وَالشَّيْخ المُوَفَّق، وَالبَهَاء عَبْد الرَّحْمَانِ،
وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ الأَخْضَرِ، وَالقَاضِي شَمْس
الدِّيْنِ عُمَر بن
__________
= 10 / 268، وابن الأثير في الكامل: 11 / 180، وسبط ابن
الجوزي في المرآة: 8 / 340، وابن خلكان في الوفيات: 4 /
241، والذهبي في تاريخ الإسلام الورقة: 46 (أحمد الثالث
2917 / 14) والعبر: 4 / 215، وابن الوردي في تتمة المختصر:
2 / 87، والصفدي في الوافي: 3 / 331، والسبكي في الطبقات
الكبرى: 6 / 117، وابن كثير في البداية: 12 / 296، والعيني
في عقد الجمان: 16 / الورقة 602، وابن تغري بردي في
النجوم: 6 / 80، وابن العماد في الشذرات: 4 / 243 وغيرهم.
(1) انظر ترجمته عند العماد الأصبهاني في (الخريدة) (قسم
الشام): 2 / 308، وابن خلكان في (الوفيات): 3 / 49
(2) هكذا وردت في أصل النسخة مفتوحة ومعناها عندئذ: يا
ليلى وهو منادى مرخم.
(3) هما: أبو المواهب الحسن بن هبة الله بن محفوظ، المتوفى
سنة 586، وأبو القاسم الحسين بن هبة الله المتوفى سنة 626.
(21/58)
المُنَجَّى (1) ، وَآخَرُوْنَ.
وَشيخه فِي الفِقْه: أَسْعَد المِيْهَنِيّ.
وَلِيَ قَضَاءَ بَلَده، وَذَهَبَ فِي الرُّسْلِيَّةِ (2)
مِنْ صَاحِب المَوْصِل زَنْكِي الأَتَابك، ثُمَّ وَفَدَ
عَلَى وَلد زَنْكِي نُوْر الدِّيْنِ، فَبَالغ فِي
احْتِرَامه بِحَلَبَ، وَنفَّذَه رَسُوْلاً إِلَى
المُقْتَفِي.
وَقَدْ أَنشَأَ بِالمَوْصِل مَدْرَسَة، وَبِطَيْبَةَ
رِبَاطاً.
ثُمَّ إِنَّهُ وَلِيَ قَضَاءَ دِمَشْقَ لنُوْر الدِّيْنِ،
وَنظر الأَوقَاف، وَنظر الخزَانَة، وَأَشيَاء، فَاسْتنَاب
ابْنه أَبَا حَامِد بِحَلَبَ، وَابْن أَخِيْهِ أَبَا
القَاسِمِ بحَمَاة، وَابْنه الآخر فِي قَضَاء حِمْص.
وَقَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: وَلِيَ قَضَاءَ دِمَشْق سَنَة
555، وَكَانَ أَديباً، شَاعِراً، فَكه المَجْلِس،
يَتَكَلَّم فِي الأُصُوْل كَلاَماً حسناً، وَوَقَفَ
وُقُوْفاً كَثِيْرَة، وَكَانَ خَبِيْراً بِالسيَاسَة
وَتَدبِير الْملك.
وَقَالَ أَبُو الفَرَجِ ابْنُ الجَوْزِيِّ (3) : كَانَ
رَئِيْس أَهْل بَيْتِهِ، بَنَى مَدْرَسَة بِالمَوْصِل،
وَمَدْرَسَة بِنَصِيْبِيْن، وَوَلاَّهُ نُوْر الدِّيْنِ
القَضَاء، ثُمَّ اسْتَوْزَره، وَرَدَ رَسُوْلاً، فَقِيْلَ:
إِنَّهُ كتب قِصَّة عَلَيْهَا مُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ
الرَّسُول، فَكَتَبَ المُقْتَفِي: صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ.
وَقَالَ سِبْط ابْنِ الجَوْزِيِّ (4) : لمَا جَاءَ
الشَّيْخ أَحْمَد بن قُدَامَةَ وَالِد
__________
(1) في الأصل (المنجا) بالالف القائمة وقد غيرناها
ومثيلاتها وكتبناها بالصورة التي يجب أن تكون عليها
(2) أي السفارة.
(3) (المنتظم) 10 / 268، وقد سقط من نص المنتظم شيء أذهب
بالمعنى وانتبه إليه محققه المرحوم سالم الكرنكوي.
(4) (مرآة الزمان): 8 / 341.
(21/59)
الشَّيْخ أَبِي عُمَرَ إِلَى دِمَشْقَ،
خَرَجَ إِلَيْهِ أَبُو الفَضْلِ، وَمَعَهُ أَلف دِيْنَار،
فَعَرضهَا عَلَيْهِ، فَأَبَى، فَاشْتَرَى بِهَا الهَامَةَ
(1) ، وَوقفهَا عَلَى المقَادسَة.
قَالَ: وَقَدِمَ السُّلْطَان صَلاَح الدِّيْنِ سَنَة
سَبْعِيْنَ، فَأَخَذَ دِمَشْق، وَنَزَلَ بِدَارِ
العَقِيْقِيّ، ثُمَّ إِنَّهُ مَشَى إِلَى دَار القَاضِي
كَمَال الدِّيْنِ، فَانزعج، وَأَسرع لِتلقيه، فَدَخَلَ
السُّلْطَان، وَبَاسطه، وَقَالَ: طِبْ نَفْساً، فَالأَمْر
أَمرك، وَالبَلَد بَلَدك.
وَلَمَّا تُوُفِّيَ كَمَال الدِّيْنِ، رثَاهُ وَلده
مُحْيِي الدِّيْنِ بقصيدَة أَوَّلُهَا -وَكَانَ بِحَلَبَ-:
أَلِمُّوا بسَفْحَيْ قَاسِيُوْنَ وَسَلِّمُوا ... عَلَى
جَدَثٍ بَادِي السَّنَا وَترَحَّمُوا
وَأَدُّوا إِلَيْهِ عَنْ كئِيبٍ تحيَّةً ... مُكلِّفُكُم
إِهدَاءهَا القَلْبُ وَالفمُ
قُلْتُ: تُوُفِّيَ فِي سَادس المُحَرَّم، سَنَة
اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
15 - ابْنُهُ: مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ القَاسِمِ
ابْنُ الشَّهْرُزُوْرِيِّ *
وَمَاتَ ابْنه: قَاضِي القُضَاةِ، أَبُو حَامِدٍ مُحَمَّدٌ
سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ.
__________
(1) القرية المشهورة بالغوطة الغربية من دمشق.
(*) ترجم له العماد في القسم الشامي من الخريدة: 2 / 329،
وابن الأثير في الكامل: 12 / 25، وابن الدبيثي في تاريخه،
الورقة 124 (باريس 5921) والمنذري في التكمله: 1 / 241
وابن خلكان في الوفيات: 4 / 246، والدمياطي في المستفاد،
الورقة 13، والصفدي في الوافي: 1 / 210، وفيه أن وفاته سنة
584، وهو وهم، وابن الملقن في العقد المذهب، الورقة: 71،
والعيني في عقد الجمان / 17 / الورقة 102، وابن عبد الهادي
في معجم الشافعية، الورقة: 55، وغيرهم كثير.
(21/60)
وَكَانَ مِنْ تَلاَمِذَة أَبِي مَنْصُوْرٍ
ابْن الرَّزَّازِ.
وَوَلِيَ قَضَاءَ حلب، ثُمَّ المَوْصِل، وَدرّس
بِنظامِيتهَا، وَتَمَكَّنَ مِنْ صَاحِبهَا مَسْعُوْد
جِدّاً.
وَكَانَ سَرِيّاً عَالِماً أَديباً جَوَاداً، بَذَلَ
بِبَغْدَادَ لفُقَهَائِهَا نَوْبَةً عَشْرَة آلاَف
دِيْنَار، وَرُبَّمَا أدَى عَنِ الغرِيْم الدِّينَار
وَالدِّيْنَارَيْن.
وَلَهُ فِي جَرَادَةٍ:
لَهَا فَخِذَا بَكْرٍ وَسَاقَا نَعَامَةٍ ... وَقَادِمَتَا
نَسْرٍ وَجُؤجُؤُ ضَيْغَمِ
حَبَتْهَا أَفَاعِي الرَّمْلِ بَطْناً وَأَنْعَمَتْ ...
عَلَيْهَا جِيَاد الخَيْلِ بِالرَّأْسِ وَالفَمِ
16 - الحَيْصَ بَيْصَ سَعْدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَعْدٍ
التَّمِيْمِيُّ *
الشَّاعِرُ المَشْهُوْرُ، الأَمِيْرُ شِهَابُ الدِّيْنِ،
أَبُو الفَوَارِسِ سَعْدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَعْدِ بنِ
صَيفِيٍّ التَّمِيْمِيُّ، الأَدِيْبُ، الفَقِيْهُ،
الشَّافِعِيُّ.
سَمِعَ مِنْ: أَبِي طَالِبٍ الزَّيْنَبِيّ، وَأَبِي
المَجْدِ مُحَمَّد بن جَهْوَرٍ.
رَوَى عَنْهُ: القَاضِي بَهَاء الدِّيْنِ بن شَدَّادٍ،
وَمُحَمَّد ابْن المَنِّيِّ.
__________
(*) ترجم له غير واحد منهم العماد الأصبهاني في القسم
العراقي من الخريدة ترجمة حافلة: 1 / 202 فما بعد، وياقوت
في إرشاد الاريب: 4 / 233، وابن الجوزي في المنتظم: 10 /
288، وسبطه في المرآة: 8 / 352، وابن خلكان في الوفيات: 2
/ 362، والذهبي في تاريخ الإسلام الورقة: 51 (أحمد الثالث
2917 / 14) والعبر: 4 / 219، والسبكي في الطبقات الكبرى: 7
/ 91، وابن كثير في البداية: 12 / 301، وابن حجر في
اللسان: 3 / 19، والعيني في عقد الجمان: 16 / الورقة 618.
(21/61)
وَلَهُ (دِيْوَان (1))، وَترسّلٌ،
وَبلاغَةٌ، وَبَاع فِي اللُّغَة، وَيد فِي المُنَاظَرَة،
وَكَانَ يَتحدّث بِالعَرَبِيَّة، وَيلبس زِيّ الْعَرَب.
مَاتَ: فِي شَعْبَان، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ.
17 - أَبُو المَسْعُوْدِيِّ عَبْدُ الرَّحْمَانِ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ مَسْعُوْدٍ المَرْوَزِيُّ *
الشَّيْخُ الصَّالِحُ، أَبُو حَامِدٍ عَبْدُ الرَّحْمَانِ
بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَسْعُوْدِ بنِ أَحْمَدَ المَرْوَزِيّ،
البَنْجَدِيْهِيُّ، الخَمْقَرِيُّ (2) .
قَالَ السَّمْعَانِيُّ فِي (التَّحْبِيْر (3)): شَيْخ
صَالِح مُعَمَّر عَفِيْف، مِنْ أَهْلِ بَنْجَ دِيه.
تَفَرَّد برِوَايَة (جَامِع التِّرْمِذِيّ) عَنِ: القَاضِي
أَبِي سَعِيْدٍ مُحَمَّد بن عَلِيٍّ البَغَوِيّ
الدَّبَّاس.
سَمِعْتُ مِنْهُ، وَنَشَأَ لَهُ وَلد اسْمه مُحَمَّد،
فَهِم الحَدِيْث، وَبَالَغَ فِي طلبه، وَرَحَلَ إِلَى
العِرَاقِ وَالشَّام.
قُلْتُ: عَنَى بِهِ التَّاجَ المَسْعُوْدِيَّ ابْنَ
شَارِحِ (المَقَامَات).
وَقَدْ رَوَى (جَامِعَ التِّرْمِذِيّ): القَاضِي أَبُو
نَصْرٍ ابْنُ الشِّيْرَازِيِّ، عَنْ أَبِي
__________
(1) طبع ديوان حيص بيص في بغداد على نفقة وزارة الاعلام
1395 1394 / 1974 1975 في ثلاثة أجزاء بمطابع دار الحرية
بتحقيق مكي السيد جاسم وشاكر هادي شكر.
(*) ترجم له السمعاني في التحبير: 1 / 411، وفي معجم
شيوخه: الورقة 144، ولم يذكر تاريخ وفاته لتأخرها عن وفاته
كما يبدو.
وترجم له الذهبي في المتوفين على التقريب من أهل الطبقة
السابعة والخمسين من تاريخ الإسلام لعدم تأكده من تاريخ
وفاته، الورقة: 39 (أحمد الثالث 2917 / 14).
(2) نسبة إلى خمقر بفتح الخاء المعجمة وسكون الميم وفتح
القاف، وهي في الأصل نسبة إلى بنج دية، فكأنه نسبه مرتين
إلى النسبة نفسها، ومعنى بنج ديه، ويقال فيها أيضا: فنج
ديه خمس قرى.
وقد أشار إلى هذا التوافق في النسبة ابو سعد السمعاني في
(الأنساب) وتابعه ابن الأثير في (اللباب).
(3) 1 / 411.
(21/62)
حَامِدٍ هَذَا بِالإِجَازَةِ.
وَأَظُنُّهُ تُوُفِّيَ: سَنَةَ بِضْعٍ وَسِتِّيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ.
18 - ابْنُ صِيْلاَ أَبُو بَكْرٍ عَتِيْقُ بنُ عَبْدِ
العَزِيْزِ بنِ عَلِيٍّ الحَرْبِيُّ *
الشَّيْخُ، المُسْنِدُ، أَبُو بَكْرٍ عَتِيْقُ بنُ عَبْدِ
العَزِيْزِ بنِ عَلِيِّ بنِ صِيْلاَ الحَرْبِيُّ،
الخَبَّازُ.
سَمِعَ مِنْ: عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ عُلْوَان، وَأَحْمَد بن
عَبْدِ القَادِرِ اليُوْسُفِيّ، وَطَائِفَة.
رَوَى عَنْهُ: وَلَدَاهُ؛ عَبْدُ الرَّحْمَانِ وَعَبْد
العَزِيْزِ، وَابْن الأَخْضَرِ، وَعَبْد الرَّزَّاقِ
الجِيْلِيّ، وَأَحْمَد بن أَحْمَدَ البَنْدَنِيْجِيّ،
وَالبَهَاء عَبْد الرَّحْمَانِ المَقْدِسِيّ، وَأَبُو
القَاسِمِ بنُ أَبِي الحَسَنِ المَالِحَانِيّ (1) ،
وَالأَنْجَب بن مُحَمَّدِ بنِ صِيْلاَ الحَمَامِيّ.
مَاتَ: فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسَبْعِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ، وَلَهُ خَمْسٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً.
__________
(*) ترجم له ابن النجار في التاريخ المجدد، الورقة 120
ظاهرية، والذهبي في تاريخ الإسلام: الورقة: 49 (أحمد
الثالث 2917 / 14)، قال ابن النجار: (وقد سماه أبو الحسن
علي بن محمد الشهرستاني النيسابوري لما سمع عليه محمدا،
وذكره ابن السمعاني في المحمدين) (يعني من كتابه الذي ذيل
به على الخطيب).
(1) بفتح الميم وسكون الالف وكسر اللام وفتح المهملة وبعد
الالف نون نسبة إلى بيع السمك المالح، كما في (أنساب)
السمعاني و(لباب) ابن الأثير.
(21/63)
19 - السَّقْلاَطُوْنِيُّ أَبُو شَاكِرٍ
يَحْيَى بنُ يُوْسُفَ البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ، أَبُو شَاكِرٍ يَحْيَى بنُ يُوْسُفَ
البَغْدَادِيُّ، السَّقْلاَطُوْنِيُّ (1) ، الخَبَّازُ،
وَيُعْرَفُ: بصَاحِبِ ابْن بَالاَنَ.
رَوَى عَنْ: ثَابِتِ بنِ بُنْدَار، وَالحُسَيْن ابْنِ
البُسْرِيِّ، وَالمُبَارَك ابْن الطُّيُوْرِيِّ،
وَجَمَاعَة.
رَوَى عَنْهُ: الشَّيْخ المُوَفَّق، وَابْن الأَخْضَرِ،
وَالبَهَاء عَبْد الرَّحْمَانِ، وَالمُبَارَك بن عَلِيٍّ
المُطَرِّز، وَبَهَاء الدِّيْنِ ابْن الجُمَّيْزِيِّ،
وَآخَرُوْنَ.
مَاتَ: فِي شَعْبَان، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسَبْعِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ، عَنْ سنّ عَالِيَة.
20 - شَمْلَةُ التُّرُكْمَانِيُّ **
السُّلْطَانُ المُتَغَلِّبُ عَلَى مَمْلَكَةِ فَارِس.
أَنشَأَ قلاعاً، وَظلم، وَتَمرّد، وَقوِيَ عَلَى
السُّلْجُوْقِيَّةِ، وَكَانَ يظْهر
__________
(*) ترجم له ابن الدبيثي في تاريخه بدلالة المختصر المحتاج
إليه 3 / 252، والذهبي في العبر: 4 / 218، وسقطت ترجمته من
تاريخ الإسلام (نسخة أحمد الثالث 2917 / 14) بعد الورقة:
51، وترجم له ابن العماد أيضا 4 / 246.
(1) نقل الدكتور مصطفى جواد عن ذيل المعجمات العربية
للمستشرق الهولندي دوزي عن السقلاطون قوله: (نوع من النسيج
الحرير الموشى بالذهب، وأصله رومي إلا ان بغداد اختصت
بنسجه وحوكه) وذكر أن اسمه انتقل إلى اللغات الاوروبية
(حاشية المختصر المحتاج إليه: 3 / 252) وتوهم المشرفون على
طبع النجوم الزاهرة، فقالوا في السقلاطوني: (نسبة إلى
سقلاطون بلد بالروم تصنع فيه الملابس الملونة بالالوان
القرمزية) .
(**) أخباره في التواريخ المستوعبة لعصره، ولا سيما الجزء
الحادي عشر من تاريخ ابن الأثير، وقد ترجم له ابن الجوزي
في المنتظم: 10 / 255، والذهبي في تاريخ الإسلام الورقة:
35 (أحمد الثالث 2917 / 14) والعبر: 4 / 211، وابن كثير في
البداية: 12 / 291 وغيرهم.
ترجم له الذهبي في (تاريخ الإسلام) الورقة: 36 (أحمد
الثالث 2917 / 14).
(21/64)
طَاعَة الخُلَفَاء.
وَدَام ملكه أَزْيدَ مِنْ عِشْرِيْنَ سَنَةً، وَبدَّع فِي
الأَكرَاد، ثُمَّ تَجَهَّز لِحَرْب جَيْشٍ مِنَ
التُّرُكْمَان، فَاسْتَعَانوا بِالبَهْلَوَان صَاحِب
أَذْرَبِيْجَان، وَعُمِلَ مَصَافٌّ كَبِيْر، فَوَقَعَ فِي
شَمْلَةَ سَهْم، وَانفلَّ جَيْشُه، وَأُخِذَ أَسِيْراً
هُوَ وَابْنُه وَابْنُ أَخِيْهِ، وَزَال ملكُهُ، وَمَاتَ
بَعْدَ يَوْمَيْنِ، وَفرح بِذَلِكَ المُسْلِمُوْنَ.
هَلَكَ: سَنَة 570.
21 - الطُّوْسِيُّ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ
مُحَمَّدٍ *
الفَقِيْهُ، الإِمَامُ، نَاصِحُ المُسْلِمِيْنَ، أَبُو
بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي
القَاسِمِ الطُّوْسِيُّ، الشَّافِعِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ بنِ الأَخْرَم،
وَنَصْر اللهِ الخُشْنَامِيّ، وَالفَضْل بن عَبْدِ
الوَاحِدِ التَّاجِر، وَهُم مِنْ أَصْحَابِ الحِيْرِيِّ.
وَلَهُ أَرْبَعُوْنَ حَدِيْثاً سَمِعْنَاهَا، خَرَّجهَا
لَهُ: عَلِيّ بن عُمَرَ الطُّوْسِيّ.
رَوَى عَنْهُ: عُثْمَان بن أَبِي بَكْرٍ الخُبُوْشَانِيّ،
وَمُحَمَّد بن أَبِي طَاهِرٍ العَطَّارِيّ، وَأَبُو
حَامِدٍ مُحَمَّد بن مُحَمَّدٍ السِّمْنَانِيّ، وَالحَسَن
بن عُبَيْدِ اللهِ القُشَيْرِيّ، وَالحُرَّةُ زَيْنَبُ
الشَّعْرِيَّةُ، وَابْنَاهَا المُؤَيَّدُ وَبِيْبَى؛
وَلدَا النَّجِيْب مُحَمَّد بن عَلِيٍّ، وَالحَافِظ عَبْد
القَادِرِ الرُّهَاوِيُّ، وَآخَرُوْنَ، وَكَانَ أَسندَ
مَنْ تَبقَّى بِنَيْسَابُوْرَ فِي وَقْتِهِ.
مَاتَ: سَنَةَ سَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
__________
(*) ترجم له الذهبي في (تاريخ الإسلام) الورقة: 36 (أحمد
الثالث 2917 / 14).
(21/65)
22 - قَايْمَازُ مَوْلَى المُسْتَنْجِدِ
بِاللهِ *
مَلِكُ الأُمَرَاءِ، قُطْبُ الدِّيْنِ، ارْتفعَ شَأْنُهُ،
وَعلاَ محلُّه فِي دَوْلَةِ أُسْتَاذهِ، فَلَمَّا
اسْتُخْلِفَ المُسْتَضِيْءُ، عَظُمَ قَايْمَاز، وَصَارَ
هُوَ الكُلّ؛ فَلَقَدْ رَام المُسْتَضِيْءُ تَوليَةَ
وَزِيْرٍ، فَمنعَه قَايْمَاز، وَأَغلق بَابَ النُّوْبِيِّ،
وَهَمَّ بشقِّ العصَا، وَخَرَجَ فِي جَيْشِهِ مِنْ
بَغْدَادَ، وَكَانَ سَمحاً، كَرِيْماً، طلقَ المُحيَّا،
قَلِيْل الظُّلم، فَأَتَاهُ الأَجَلُ بِنَاحيَة المَوْصِل،
وَسَكَنَت النَّائِرَةُ.
مَاتَ: فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ سَبْعِيْنَ وَخَمْسِ
مائَةٍ.
23 - صَدَقَةُ بنُ الحُسَيْنِ أَبُو الفَرَجِ ابْنُ
الحَدَّادِ البَغْدَادِيُّ **
العَلاَّمَةُ، أَبُو الفَرَجِ ابْنُ الحَدَّادِ
البَغْدَادِيُّ، الحَنْبَلِيُّ، النَّاسِخُ، الفَرَضِيُّ،
المُتَكَلِّمُ، المتَّهَمُ فِي دِيْنِهِ.
نسخ الكَثِيْر بِخَطٍّ مَنْسُوْب.
__________
(*) ذكر أخباره مؤرخو عصره مثل ابن الجوزي وسبطه وابن
الأثير، وترجم له ابن الجوزي ترجمة مفردة في المنتظم: 10 /
255، وابن الفوطي في الملقبين بقطب الدين من تلخيصه: 4 /
الترجمة 2864، والذهبي في تاريخ الإسلام الورقة: 36 (أحمد
الثالث 2917 / 14) والعبر: 4 / 211، وابن كثير في البداية:
12 / 291، وغيرهم.
(* *) ترجم له ابن الجوزي في المنتظم: 10 / 276، وصيد
الخاطر: 239، وابن الأثير في الكامل: 11 / 183، وابن
الدبيثي في تاريخه: الورقة 82 (باريس: 5922)، وسبط ابن
الجوزي في المرآة: 8 / 344، والذهبي في تاريخ الإسلام:
الورقة 48 (أحمد الثالث 2917 / 14)، وابن كثير في البداية:
12 / 298، والعيني في عقد الجمان: 16 ك الورقة 608، ومقدمة
المجلد الأول من تاريخ ابن الدبيثي المطبوع: 1 / 40، وابن
رجب في الذيل: 1 / 339، وابن العماد في الشذرات: 4 / 245.
(21/66)
وَأَخَذَ عَنِ: ابْن عَقِيْلٍ، وَابْن
الزَّاغُوْنِيِّ، وَسَمِعَ مِنِ: ابْن مَلَّةَ،
وَاشْتَغَلَ مُدَّة، وَأَمَّ بِمسجد كَانَ يَسكنُه،
وَنَاظر، وَأَفتَى.
قَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ (1) : يظْهر مِنْ فَلتَات لِسَانه
مَا يَدلّ عَلَى سوء عَقِيدَته، وَكَانَ لاَ يَنضبط،
وَلَهُ مَيْلٌ إِلَى الفَلاَسِفَة، قَالَ لِي مرَّةً:
أَنَا الآنَ أُخَاصِم فَلَكَ الْفلك (2) .
وَقَالَ لِي القَاضِي أَبُو يَعْلَى الصَّغِيْر: مُذْ كتب
صَدَقَةُ (الشِّفَاءَ) لابْن سِيْنَا تَغَيَّر.
وَقَالَ لِلظَّهِيْرِ الحَنَفِيِّ: إِنِّيْ لأَفرح
بِتعثيرِي؛ لأَنَّ الصَّانع يَقصدنِي.
مَاتَ: فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسَبْعِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ، وَهُوَ فِي عَشْرِ الثَّمَانِيْنَ.
وَكَانَ يَطلب مِنْ غَيْرِ حَاجَة (3) ، وَخَلَّفَ ثَلاَث
مائَة دِيْنَارٍ.
وَرويت لَهُ مَنَامَات نَجسَة -أَعَاذَنَا الله مِنَ
الشقَاوَة-.
__________
(1) (المنتظم) 10 / 276.
(2) كذا وردت في الأصل، وفي (المنتظم) لابن الجوزي الذي
ينقل عنه: (أنا لا اخاصم إلا من فوق الفلك) وفي (تاريخ
الإسلام): (انا اخاصم الآن فوق الفلك).
(3) نقل ابن رجب عن ابن النجار قوله: (وقد نسخ بخطه كثيرا
للناس من سائر الفنون، وكان قوته من أجرة نسخه، ولم يطلب
من أحد شيئا، ولا سكن مدرسة، ولم يزل قليل الحظ، منكسر
الاغراض، متنغص العيش، مقترا عليه أكثر عمره..فكان ربما
شكا حاله لمن يأنس به، فيشنع عليه من له فيه غرض، ويقول:
هو يعترض على الاقدار، وينسبه إلى اشياء الله أعلم
بحقيقتها) (الذيل: 1 / 340 339)، ويظهر لنا ان ابن الجوزي
قد حط عليه في تاريخه حطا بليغا لم يكن كله من الحق، قال
ابو الحسن القطيعي في ما نقل عنه الحافظ ابن رجب: (كان
بينه وبين ابن الجوزي مباينة شديدة، وكل واحد يقول في
صاحبه مقالة الله اعلم بها) (الذيل: 1 / 340) وقد أثنى
عليه محدث بغداد المحب ابن النجار في تاريخه، وقال: (وله
مصنفات حسنة في أصول الدين، وقد جمع تاريخا على السنين بدأ
فيه وقت وفاة شيخه ابن الزاغوني سنة سبع وعشرين وخمس مئة،
مذيلا به على تاريخ شيخه، ولم يزل يكتب فيه إلى قريب من
وقت وفاته، يذكر فيه الحوادث والوفيات) (الذيل: 1 / 339)
وتاريخ صدقة هذا من مصادر ابن الدبيثي الرئيسة في تاريخه
الذي ذيل به على ذيل ابن السمعاني، (انظر مقدمة (ذيل تاريخ
مدينة السلام) لابن الدبيثي: 1 / 40).
(21/67)
24 - المُسْتَضِيْءُ بِأَمْرِ اللهِ أَبُو
مُحَمَّدٍ الحَسَنُ ابْنُ المُسْتَنْجِد بِاللهِ *
الخَلِيْفَةُ، أَبُو مُحَمَّدٍ الحَسَنُ ابْنُ
المُسْتَنْجِدِ بِاللهِ يُوْسُفَ ابْنِ المُقْتَفِي
مُحَمَّدِ ابْنِ المُسْتَظهرِ أَحْمَدَ ابْنِ المُقْتَدِي
الهَاشِمِيُّ، العَبَّاسِيُّ.
بُوْيِع بِالخِلاَفَةِ وَقت مَوْت أَبِيْهِ، فِي رَبِيْعٍ
الآخِرِ (1) ، سَنَة سِتٍّ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ،
وَقَامَ بِأَمر البَيْعَة عَضُد الدِّيْنِ أَبُو الفَرَجِ
ابْنُ رَئِيْس الرُّؤَسَاءِ، فَاسْتَوْزَره يَوْمَئِذٍ.
وُلِدَ: سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَأُمُّه أَرْمَنِيَّةٌ، اسْمهَا: غَضَّةُ.
وَكَانَ ذَا حلم وَأَنَاة وَرَأْفَةٍ وَبرّ وَصَدَقَات.
قَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ فِي (المُنْتَظَمِ (2)):
بُوْيِعَ، فَنُوْدِيَ بِرفع المكوسِ، وَرد المظَالِم،
وَأَظهر مِنَ العَدْل وَالكرم مَا لَمْ نَره مِنْ
أَعمَارنَا، وَفرّق مَالاً عَظِيْماً عَلَى
الهَاشِمِيِّيْنَ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّار (3) : بُوْيِعَ وَلَهُ إِحْدَى
وَعِشْرُوْنَ سَنَةً -فَأَظنُّهُ وَهِمَ (4) -. قَالَ:
__________
(*) أخباره في التواريخ المستوعبة لعصره كالمنتظم لابن
الجوزي، والكامل لابن الأثير، وغيرهما وقد ترجم له غير
واحد، من كتاب التراجم، منهم: ابن الدبيثي في تاريخه،
الورقة 22 (باريس 5922)، والذهبي في تاريخ الإسلام، الورقة
55 (أحمد الثالث 2917 / 14)، العبر: 4 / 223، والسبط في
المرآة: 8 / 356، وابن كثير في البداية: 12 / 304، والبدر
العيني في عقد الجمان: 16 / الورقة 620 فما بعد، وغيرهم.
(1) كان ذلك في يوم السبت التاسع منه (ابن الكازروني:
(مختصر التاريخ)، ص: 237).
(2) (المنتظم) 10 / 233.
(3) لم يصل إلينا هذا القسم من (تاريخ) ابن النجار.
(4) الاعتراض للذهبي وهو على حق في اعتراضه، لان الرجل ولد
سنة 536 وولي الخلافة سنة 566 بإجماع جمهور المؤرخين.
(21/68)
وَكَانَ حليماً، رحيماً، شفِيقاً، ليّناً،
كَرِيْماً، نَقَلْتُ مَنْ خطِّ أَبِي طَالِبٍ بن عَبْدِ
السَّمِيْعِ، قَالَ:
كَانَ المُسْتَضِيْء مِنَ الأَئِمَّةِ الموفّقين، كَثِيْر
السّخَاء، حَسَن السِّيْرَةِ...، إِلَى أَنْ قَالَ:
اتَّصل بِي أَنَّهُ وَهب فِي يَوْمٍ لِحظَايَا وَجِهَاتٍ
أَزْيَدَ مِنْ خَمْسِيْنَ أَلْفَ دِيْنَارٍ.
عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ دُلَفٍ: حَدَّثَنَا مَسْعُوْدُ
ابْنُ النَّادِرِ (1) ، قَالَ:
كُنْتُ أُنَادِم أَمِيْر المُؤْمِنِيْنَ المُسْتَضِيْء،
وَكَانَ صَاحِبَ الْمخزن ابْنُ العَطَّارِ قَدْ صَنَعَ
شَمْعَدَاناً ثمنَ أَلف دِيْنَار، فَحضر وَفِيْهِ
الشّمعَة، فَلَمَّا قُمْت، قَامَ الخَادِم بِهَا بَيْنَ
يَدَيَّ، فَأَطلق لِي التَّوْرَ (2) .
قَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ (3) : وَفرّق أَمْوَالاً فِي
الْعلوِيين وَالعُلَمَاء وَالصُّوْفِيَّة.
كَانَ دَائِم الْبَذْل لِلمَال، لَيْسَ لَهُ عِنْدَهُ
وَقْعٌ، وَلَمَّا اسْتُخْلف، خلع عَلَى أَربَاب
الدَّوْلَة، فَحكَى خَيَّاطُ الْمخزن (4) لِي أَنَّهُ
فَصَّل أَلْفاً وَثَلاَثِ مائَةٍ قبَاء إِبرِيسمٍ،
وَوَلَّى قَضَاء القُضَاة رَوْحَ بنَ الحَدِيْثِيِّ،
وَأَمر سَبْعَةَ عَشَرَ مَمْلُوْكاً.
قَالَ: وَاحتجب عَنْ أَكْثَر النَّاس فَلَمْ يَرْكَبْ
إِلاَّ مَعَ الْخَدَم، وَلَمْ يَدخلْ عَلَيْهِ
__________
(1) في الأصل: (البادر) بالباء وكذلك في الكامل لابن
الأثير وهو تصحيف، والصحيح ما أثبتناه، وقد قيده الزكي
المنذري بالحروف فقال: (بالنون وبعد الالف دال وراء
مهملتان) (التكملة: 1 / 229) وتوفي مسعود هذا سنة 586.
(2) التور: قال صاحب القاموس: (الجريان، والرسول بين
القوم، واناء يشرب فيه) (مادة: تور)، والظاهر ان التور هنا
تعني الجراية، اي: المعاش المخصص لبعض الناس.
(3) (المنتظم): 10 / 233.
(4) المخزن يشبه وزارة المالية في عصرنا أو الخزينة
المركزية، وكان له في هذا العصر ديوان كبير خاص به يسمى
متوليه (صاحب المخزن)، وتحت إمرته عدة موظفين، لكل منهم
اختصاصه، فمنهم (خياط المخزن) الذي كان مسؤولا عن تجهيز
الثياب الخاصة ونحوها.
(21/69)
غَيْر الأَمِيْر قُطْب الدِّيْنِ
قَايْمَاز.
وَفِي (1) خِلاَفَتِهِ زَالت دَوْلَة العُبَيْدِيَّة
بِمِصْرَ، وَخُطِبَ لَهُ بِهَا، وَجَاءَ الخَبَر، فَغلقت
(2) الأَسواق لِلمسرَّة، وَعملت القبَاب، وَصنّفتُ
كِتَاباً سَمَّيتُه (النَّصْر عَلَى مِصْرَ)، وَعرضته
عَلَى الإِمَامِ المُسْتَضِيْء.
قُلْتُ: وَخُطِبَ لَهُ بِاليَمَنِ، وَبرقَةَ، وَتَوْزَرَ،
وَإِلَى بلاَد التُّرْكِ، وَدَانت لَهُ المُلُوْك، وَكَانَ
يَطلب ابْن الجَوْزِيّ، وَيَأْمرُه أَنْ يَعظ بِحَيْثُ
يَسْمَع، وَيَمِيْل إِلَى مَذْهَب الحَنَابِلَة، وَضَعف
بدَوْلَته الرّفض بِبَغْدَادَ وَبِمِصْرَ وَظهرت
السُّنَّة، وَحصل الأَمن -وَللهِ المِنَّةُ-.
وَللحَيْصَ بَيْص فِيْهِ (3) :
يَا إِمَامَ الهُدَى عَلَوْتَ عَنِ الجُو ... دِ بِمَالٍ
وَفِضَّةٍ وَنَضَارِ
فَوَهَبْتَ الأَعَمَارَ وَالأَمْنَ وَالبُلـ ... ـدَانَ
فِي سَاعَةٍ مَضَتْ مِنْ نَهَارِ
فَبمَاذَا نُثْنِي عَلَيْكَ وَقَدْ جَا ... وَزتَ فَضلَ
البُحُوْرِ وَالأَمطَارِ؟!
إِنَّمَا أَنْتَ مُعْجِزٌ مُسْتقلٌّ ... خَارقٌ
لِلْعُقُوْلِ وَالأَفكَارِ
جَمَعَتْ نَفْسُكَ الشَّرِيْفَةُ بِالبَأْ ... سِ
وَبِالجُودِ بَيْنَ مَاءٍ وَنَارِ
مَاتَ المُسْتَضِيْءُ: فِي شَوَّالٍ (4) ، سَنَةَ خَمْسٍ
وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَبَايعُوا بَعْدَهُ وَلده
النَّاصِر لِدِيْنِ اللهِ.
وَمِنْ حَوَادِثِ أَيَّامِهِ: خَرَجَ صَلاَح الدِّيْنِ
بِالمِصْرِيّين، فَأَغَار بِغَزَّةَ وَعَسْقَلاَن عَلَى
الفِرنْج، وَافْتَتَح قَلْعَة أَيْلَةَ، وَسَارَ إِلَى
الإِسْكَنْدَرِيَّة، وَسَمِعَ
__________
(1) نقل الذهبي كلام ابن الجوزي هذا من حوادث سنة 567
(المنتظم: 10 / 237) وقد تصرف الذهبي بالنص تصرفا كبيرا.
(2) في (المنتظم): (علقت) بالعين المهملة، مصحف.
(3) لم ترد هذه الابيات في ديوان الحيص بيص الذي حققه
السيدان مكي السيد جاسم وشاكر هادي شكر (بغداد 1975 1974).
(4) عشية السبت سلخ شوال كما ذكر غير واحد.
(21/70)
مِنَ السِّلَفِيِّ.
وَخَرَجَ مَلِك الخَزَرِ مِنَ الدَّرْبَنْدِ، وَأَخَذَ
مدينَة دُوَيْنَ (1) ، وَقَتَلَ بِهَا مِنَ المُسْلِمِيْنَ
ثَلاَثِيْنَ أَلْفاً.
وَظهر بِدِمَشْقَ مَغْرِبِيٌّ شَيطَانٌ ادَّعَى
الرُّبوبيَّة، فَقُتل.
وَفِي سَنَةِ 67 (2) : أُمسك الوَزِيْر ابْنُ رَئِيْس
الرُّؤَسَاءِ.
قَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ (3) : وَعظت بِالحَلْبَةِ فِي
رَمَضَانَ، فَقُطِّعَت شُعُور مائَة وَعِشْرِيْنَ نَفْساً.
وَفِيْهَا: هَلَكَ العَاضد آخر خُلَفَاء العُبَيْدِيَّة
بِمِصْرَ، وَخُطِبَ قَبْل مَوْته بِثَلاَث لِلمُسْتَضِيْء
العَبَّاسِيّ -وَللهِ الحَمْدُ- فَزُيِّنت بَغْدَادُ،
وَعَمِلَ صَلاَح الدِّيْنِ لِلْعَاضد العزَاء، وَأَغرب فِي
الْحزن وَالبُكَاء، وَتَسَلَّمَ القَصْر بِمَا حوَى،
وَاحْتِيْطَ عَلَى آل القَصْر، وَأُفْرِدُوا بِمَوْضِعٍ،
وَمُنِعُوا مِنَ النِّسَاء؛ لِئَلاَّ يَتنَاسلُوا،
وَقَدِمَ أُسْتَاذ دَار (4) المُسْتَضِيْء صَنْدَلٌ
الخَادِمُ رَسُوْلاً فِي جَوَاب البشَارَة، فَلَبَّسَ
نُوْر الدِّيْنِ الخِلْعَة: فَرجيَّةٌ، وَجُبَّةٌ،
وَقبَاءٌ، وَطوقٌ أَلفَ دِيْنَار، وَحصَان بسرجٍ مثمّن،
وَسَيْفَانِ، وَلوَاء، وَحصَان آخر بِجنب، وَقُلّد
السّيفَيْن، إِشَارَة إِلَى الْجمع لَهُ بَيْنَ مِصْر
وَالشَّام.
وَنُفِّذ إِلَى صَلاَح الدِّيْنِ تَشرِيفٌ نَحْو ذَلِكَ
وَدُوْنَهُ، مَعَهُ خِلَعٌ سود لِخُطَبَاء مِصْر،
وَاتَّخَذ نُوْر الدِّيْنِ الحَمَامَ، وَدرجتْ عَلَى
الطَّيَرَانِ.
__________
(1) ويفتح دال دوين أيضا.
(2) يعني: 567.
(3) (المنتظم): 10 / 237.
(4) أستاذ الدار، ويقول فيه المصريون: (استدار)، منصب
يماثل مدير التشريفات في عصرنا.
(21/71)
وَقَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ (1) : وَفِي
سَنَةِ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ جلَسْت يَوْم عَاشُورَاء
بِجَامِع المَنْصُوْر، فَحزر الْجمع بِمائَةِ أَلْف،
وَخُتن إِخْوَة المُسْتَضِيْء، فَذبح أَلف شَاة، وَعُمِلَ
عِشْرُوْنَ أَلفَ خشكنَانكَة.
وَفِيْهَا: حَاصر عَسْكَر مِصْر أَطْرَابُلُس المَغْرِب،
وَأَخَذوهَا.
وَافْتَتَح شَمْس الدَّوْلَةِ أَخُو صَلاَح الدِّيْنِ
برقَة ثُمَّ اليَمَن، وَأَسَرَ ابْن مَهْدِيٍّ الأَسْوَد،
وَكَانَ خَبِيْث الاعْتِقَاد.
وَسَارَ صَلاَح الدِّيْنِ، فَنَازل الكَرَك، ثُمَّ ترحل
لحصَانتهَا.
وَفِيْهَا: هزم مَلِيْح بن لاَونَ الأَرْمَنِيّ
السِّيْسِيّ عَسْكَر صَاحِب الرُّوْم، وَكَانَ مُصَافِياً
لنُوْر الدِّيْنِ، يُبَالِغ فِي خِدْمَته، وَيُحَارِب
مَعَهُ الفِرنْج، وَلَمَّا عُوتِبَ نُوْر الدِّيْنِ فِي
إِعطَائِهِ سِيْسَ، قَالَ:
أَسْتعين بِهِ عَلَى قِتَال أَهْل ملّته، وَأُرِيح
طَائِفَة مِنْ جندِي، وَهُوَ سدٌّ بَيْنِي وَبَيْنَ صَاحِب
قُسْطَنْطِيْنِيَّة.
قُلْتُ: وَقَدْ هزم مَلِيْحٌ عَسْكَر قُسْطَنْطِيْنِيَّةَ.
وَفِيْهَا: سَارَ نُوْر الدِّيْنِ إِلَى المَوْصِل، ثُمَّ
افْتَتَح بَهَسْنَا وَمَرْعَشَ، وَسيّر قليج رسلاَن
يوادِدُ نُوْر الدِّيْنِ وَيَخضع لَهُ.
وَفِي سَنَةِ 569: وَقَعَ بِالسَّوَاد برد كَالنارنج،
وَزَنَتْ مِنْهُ بردَة سَبْعَة أَرطَال، قَالَهُ ابْنُ
الجَوْزِيِّ (2) .
وَقَالَ (3) : زَادت دِجْلَة أَكْثَر مِنْ كُلِّ زِيَادَات
بَغْدَاد بذِرَاع وَكسر، وَخَرَجَ النَّاس إِلَى الصّحرَاء
وَبَكَوْا، وَكَانَ آيَة مِنَ الآيَات، وَدَام الْغَرق
أَيَّاماً.
__________
(1) (المنتظم): 10 / 239.
(2) (المنتظم): 10 / 244.
(3) فصل ذلك تفصيلا واسعا في (المنتظم): 10 / 247 244.
(21/72)
25 - ابْنُ غَانِيَةَ أَبُو زَكَرِيَّا
يَحْيَى بنُ عَلِيٍّ البَرْبَرِيُّ *
الأَمِيْرُ، المُجَاهِدُ، أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بنُ
عَلِيِّ ابْنِ غَانِيَةَ (1) البَرْبَرِيُّ، أَخُو
الأَمِيْرِ مُحَمَّد (2) .
وَجّه بِهِمَا أَمِيْر المُسْلِمِيْنَ عَلِيّ بن يُوْسُفَ
بنِ تَاشفِيْن إِلَى الأَنْدَلُسِ عَلَى وِلاَيَة بَعْض
مدنهَا (3) ، فَكَانَ يَحْيَى مِنْ حَسَنَات الزَّمَان،
قَدْ حصّل الفِقْه وَالسّنَّة، وَفِيْهِ دين وَورع،
وَكَانَ مِمَّنْ يُضْرَبُ بِشَجَاعَته المَثَل، حَتَّى
قِيْلَ: كَانَ يُعدّ بِخَمْسِ مائَة فَارِس، فَأَصْلَحَ
اللهُ عَلَى يَدَيْهِ أَشيَاء وَدفعَ بِهِ مَكَاره.
وَلِي بَلَنْسِيَة، ثُمَّ قُرْطُبَة، وَغَزَا عِدَّة
غَزَوَات، وَسبَى، وَغنم.
وَأَكْبَر غَزَوَاته نَوْبَة مدينَة سَالِم لقِي فِيْهَا
جَيْشاً ضَخْماً، فَهَزمهُم، وَنَازل المَدِيْنَة،
وَأَقَامَ عَلَى قَبْر المَنْصُوْر مُحَمَّد بن أَبِي
عَامِرٍ سَبْعَة أَيَّام، وَرجع سَالِماً غَانِماً،
وَبَقِيَ إِلَى آخر دَوْلَة المرَابطين، وَلَمْ يُعْقِبْ،
فَاضْطَّرَبَ أَمر أَخِيْهِ مُحَمَّد، وَبَقِيَ يَجول فِي
الأَنْدَلُس، وَدعوَة المَصَامِدَة تَنْتَشر.
ثُمَّ إِنَّهُ قصد دَانِيَة، وَعدَّى مِنْهَا إِلَى
جَزِيْرَة مَيُوْرْقَة، فَتملّكهَا، وَأَخَذَ الجزِيْرتين
اللَّتين حَوْلَهَا: مَنُوْرَقَة وَيَابِسَةَ.
وَيُقَالُ: إِنَّ ابْن تَاشفِيْن أَبعده إِلَيْهَا عَلَى
طَرِيْق الاعْتِقَالِ، وَمَيُوْرْقَة هَذِهِ طيبَة خصبَة،
نَحْو ثَلاَثِيْنَ فَرْسَخاً، عَدِيْمَة الهوَامّ
وَالوُحُوش،
__________
(*) إن ذكر الذهبي ليحيى بن علي ابن غانية في هذه الطبقة
يثير كثيرا من اللبس، حيث توفي هذا الأمير سنة 543 كما ذكر
غير واحد من الذين أرخوا له (انظر التفاصيل في دائرة
المعارف الإسلامية 1 / 357 356 والاعلام للزركلي 9 / 198).
وقد فصل عبد الواحد المراكشي أخبارهم وسيرهم في كتابه
(المعجب): ص 342 فما بعد.
(1) غانية: لقب لام يحيى هذا، وكانت من قريبات يوسف بن
تاشفين سلطان المرابطين في المغرب العربي.
(2) إضافة يقتضيها السياق يظهر أنها سقطت من النسخ يدل
عليها ما سيأتي من كلام وكان محمد هو الاخ الاصغر ليحيى.
(3) كان ذلك سنة 520 ه.
(21/73)
فَأَقَامَ مُحَمَّدُ ابْنُ غَانِيَةَ
بِهَا، وَأَقَامَ الدعوَة لِبَنِي العَبَّاسِ عَلَى
قَاعِدَة المُرَابطين إِلَى أَنْ مَاتَ (1) ، فَخلفه ابْنه
إِسْحَاق، وَكثر الدَّاخلُوْنَ إِلَيْهِ، وَأَقْبَلَ عَلَى
الغَزْو فِي البَحْر، وَكثرت أموَاله مِنَ الغَنَائِم،
وَبَقِيَ يهَادِي الموحّدين، وَيَحْمِل إِلَيْهِم،
وَيدَارِيهِم إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ
وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، استُشهد فِي بلاَد الفِرنْج
مِنْ طعنَة فِي عُنُقه، وَخَلَّف ثَمَانِيَة بَنِيْنَ (2)
، فَوَلِيَ المَمْلَكَةَ بَعْدَهُ بِعَهْد مِنْهُ ابْنُهُ
الأَمِيْرُ عَلِيُّ (3) بنُ إِسْحَاقَ ابْنُ غَانِيَةَ.
26 - الرُّصَافِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ
غَالِبٍ الأَنْدَلُسِيُّ *
شَاعِرُ المَغْرِبِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ
غَالِبٍ الأَنْدَلُسِيُّ، الرَّفَّاءُ، مِنْ رُصَافَةِ
الأَنْدَلُسِ.
سَار نَظْمُه فِي الآفَاق، وَتُوُفِّيَ: فِي رَمَضَانَ،
سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ،
بِمَالقَة.
وَرُصَافَةُ: بُليدَة بِقُرْبِ بَلَنْسِيَة، أَنشَأَهَا
عَبْد الرَّحْمَانِ بن مُعَاوِيَةَ الدَّاخلُ.
__________
(1) مات سنة 546 كما هو معروف.
وقد نقل الذهبي جميع هذا الاخبار من عبد الواحد المراكشي
(المعجب: ص 344 343).
(2) ذكر هم عبد الواحد المراكشي وهم: علي، ويحيى، وأبو
بكر، وسير، وتاشفين، ومحمد، والمنصور، وإبراهيم.
(3) المراكشي: (المعجب): ص 345 فما بعد.
(*) ترجم له ابن الابار في التكملة: 2 / 520، وابن خلكان
في الوفيات: 4 / 432، والذهبي في تاريخ الإسلام: الورقة 46
(أحمد الثالث 2917 / 14)، والصفدي في الوافي: 4 / 29، وابن
العماد في الشذرات 4 / 241.
وفي تعليق الدكتور الفاضل إحسان عباس على ترجمته في وفيات
الأعيان مصادر أخرى فراجعها إن أردت استزادة.
(21/74)
27 - عَضُدُ الدِّيْنِ مُحَمَّدُ بنُ
عَبْدِ اللهِ بنِ هِبَة اللهِ البَغْدَادِيُّ *
وَزِيْرُ العِرَاقِ، الأَوْحَدُ، المُعَظَّمُ، عَضُدُ
الدِّيْنِ، أَبُو الفَرَجِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ
هِبَة اللهِ بنِ مُظَفَّرِ ابْن الوَزِيْرِ الكَبِيْرِ
رَئِيْسِ الرُّؤَسَاءِ، أَبِي القَاسِمِ عَلِيِّ ابْنِ
المُسْلِمَةِ البَغْدَادِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: هِبَة اللهِ بن الحُصَيْنِ، وَعُبَيْد
اللهِ بن مُحَمَّدِ ابْنِ البَيْهَقِيِّ، وَزَاهِر بن
طَاهِر.
حَدَّثَ عَنْهُ: حَفِيْده؛ دَاوُد بن عَلِيٍّ، وَغَيْرهُ.
وَعَمِلَ الأُسْتَاذُ دَارِيَّةً لِلمُقْتَفِي
وَللمُسْتَنْجِدِ، ثُمَّ وَزَرَ لِلإِمَامِ
المُسْتَضِيْءِ.
وَكَانَ جَوَاداً، سَرِيّاً، مَهِيْباً، كَبِيْرَ
القَدْرِ.
قَالَ المُوَفَّقُ عَبْدُ اللَّطِيْفِ: كَانَ إِذَا وَزَنَ
الذَّهَب، يَرمِي تَحْتَ الحُصْرِ قُرَاضَة كَثِيْرَة
ليَأْخذهَا الفَرَّاشُوْنَ، وَلاَ يَرَى صَبِيّاً مِنَّا
إِلاَّ وَضَع فِي يَدِهِ دِيْنَاراً، وَكَذَا كَانَ
وَلدَان لَهُ يَفعلاَن؛ وَهُمَا: كَمَال الدِّيْنِ،
وَعِمَاد الدِّيْنِ.
قَالَ: وَكَانَ وَالِدِي مُلاَزِمَهُ عَلَى قِرَاءة
القُرْآن وَالحَدِيْث، اسْتَوْزَره المُسْتَضِيْء أَوّل
مَا بُوْيِع، وَاسْتَفْحَلَ أَمره، وَكَانَ المُسْتَضِيْء
كَرِيْماً رُؤُوَفاً،
__________
(*) ترجم له ابن الجوزي في المنتظم: 10 / 280، وابن الأثير
في الكامل: 11 / 182، وابن الدبيثي في تاريخه: 2 / الترجمة
220 (بتحقيق الدكتور بشار)، وسبط ابن الجوزي في المرآة: 8
/ 220، وأبو شامة في الروضتين: 1 / 278، وابن الفوطي في
الملقبين بعضد الدين من تلخيصه: 4 / الترجمة 644، والذهبي
في تاريخ الإسلام، الورقة: 50 (أحمد الثالث 2917 / 14)،
والمختصر المحتاج إليه: 1 / 55، والصفدي في الوافي: 3 /
335، وغيرهم.
(21/75)
وَكَانَ الوَزِيْر ذَا انصبَاب إِلَى
أَهْلِ العِلْمِ وَالتَصَوُّف، يُسبغ عَلَيْهِم النِّعَم،
وَيَشتغل هُوَ وَأَوْلاَده بِالحَدِيْثِ وَالفِقْه
وَالأَدب، وَكَانَ النَّاسُ مَعَهُم فِي بُلَهْنِيَّةٍ (1)
، ثُمَّ وَقعتْ كدورَات وَإِحن بَيْنَهُ وَبَيْنَ قُطْب
الدِّيْنِ قَايْمَاز.
قُلْتُ: وَقَدْ عُزِلَ (2) ، ثُمَّ أُعيد (3) ،
وَتَمَكَّنَ، ثُمَّ تَهَيَّأَ لِلْحَجِّ، وَخَرَجَ فِي
رَابع ذِي القَعْدَةِ (4) فِي مَوْكِب عَظِيْم، فَضَرَبَه
باطنِيٌّ عَلَى بَاب قَطُفْتَا (5) أَرْبَع ضربَات،
وَمَاتَ ليَوْمه مِنْ سَنَةِ ثَلاَثٍ وَسَبْعِيْنَ،
وَكَانَ قَدْ هَيَّأَ سِتّ مائَة جمل، سبَّل مِنْهَا
مائَة، صَاح البَاطِنِيُّ: مَظْلُوْم! مَظْلُوْم!
وَتَقرّب، فَزجره الغلمَان، فَقَالَ: دعُوْهُ.
فَتَقَدَّم إِلَيْهِ، فَضَرَبَه بِسكين فِي خَاصرته،
فَصَاح الوَزِيْر: قَتَلنِي، وَسقط، وَانْكَشَفَ رَأْسه،
فَغطَى رَأْسه بكمّه، وَضرب البَاطِنِيُّ بِسيف، فَعَاد
وَضرب الوَزِيْر، فَهبّروهُ بِالسُّيوف، وَكَانَ مَعَهُ
اثْنَانِ، فَأُحرقُوا، وَحُمِلَ الوَزِيْر إِلَى دَار،
وَجُرِحَ الحَاجِب (6) ، وَكَانَ الوَزِيْر قَدْ رَأَى فِي
النَّوْمِ أَنَّهُ معَانق عُثْمَان -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-
وَحَكَى عَنْهُ ابْنه أَنَّهُ اغْتَسَلَ قَبْل
__________
(1) بلهنية بضم الباء: أي سعة ورفاهية.
(2) قال ابن الدبيثي: (فلم يزل على أمره، وله أعداء يسعون
في فساد حاله، والامام المستضئ بأمر الله رضي الله عنه
يدفع عنه، حتى تم لهم ما راموه، فعزل في اليوم العاشر من
شوال سنة سبع وستين وخمس مئة، ولزم بيته، ثم لم يزالوا
متتبعين له، عاملين في أذاه حتى أدت الحال إلى خروجه من
داره ومنزله بأهله إلى الحريم الطاهري بالجانب الغربي)
(التاريخ: 2 / الترجمة: 220).
(3) وذلك في ذي القعدة سنة 570، كما في (تاريخ) ابن
الدبيثي المذكور و(مختصر التاريخ) لابن الكازروني: ص: 241
240.
(4) سنة 573. وفي (تاريخ) ابن الدبيثي: خامس ذي القعدة.
(5) قطفتا: بالفتح ثم الضم والفاء ساكنة: اسم قرية كانت
مجاورة لمقبرة الشيخ معروف الكرخي وقد صارت في ذلك التاريخ
محلة مشهورة من محال الجانب الغربي.
(6) يعني حاجب الباب، وهو أبو سعد ابن المعوج.
وتفاصيل الحادثة في كتاب (المنتظم) لابن الجوزي و(تاريخ)
ابن الدبيثي.
(21/76)
خُرُوْجه، وَقَالَ: هَذَا غسل الإِسْلاَم،
فَإِنَّنِي مَقْتُول بِلاَ شكّ.
ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ الظُّهْر، وَمَاتَ الحَاجِب
بِاللَّيْلِ.
وَعُمِلَ عزَاء الوَزِيْر، فَقَلَّ مَنْ حضَر كنَحْو
عزَاءِ عَامِّيٍّ؛ إِرضَاءً لِصَاحِب المخزنِ (1) ، ثُمَّ
عَمل نِيَابَة الوزَارَة.
وَقِيْلَ: إِنَّ الوَزِيْر بَقِيَ يَقُوْلُ: الله! الله!
كَثِيْراً، وَقَالَ: ادفنُوْنِي عِنْد أَبِي.
وَفِيْهَا -أَيْ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسَبْعِيْنَ- تُوُفِّيَ:
أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ القَاصّ
المُقْرِئ العَابِدُ، وَأَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ بكرُوْسٍ الحَنْبَلِيّ الزَّاهِد، وَصَدَقَة
بن الحُسَيْنِ ابْنِ الحَدَّاد النَّاسخ الفَرَضِيّ
-مطعُوْنٌ فِيْهِ- وَأَبُو بَكْرٍ عَتِيْق بن عَبْدِ
العَزِيْزِ بنِ صِيْلاَ الخَبَّاز، وَأَبُو الحَسَنِ
عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ اللَّوَاتِيّ الفَاسِيّ الفَقِيْه،
وَالمُسْنِدُ مُحَمَّد بن بُنَيْمَانَ الهَمَذَانِيّ،
وَأَبُو الثَنَاءِ مُحَمَّد بن مُحَمَّدِ بنِ هِبَة اللهِ
ابْن الزَّيْتُوْنِيّ، وَهَارُوْن بن العَبَّاسِ
المَأْمُوْنِيّ الأَدِيْب المُؤَرِّخ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ
لاَحِق بن عَلِيِّ بنِ كَارِهٍ، وَأَبُو شَاكِر يَحْيَى بن
يُوْسُفَ السَّقْلاَطُوْنِيّ، وَأَبُو الغَنَائِمِ هِبَة
اللهِ بن مَحْفُوْظ بن صَصْرَى الدِّمَشْقِيُّ،
وَآخَرُوْنَ.
28 - الرِّفَاعِيُّ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ
بنِ أَحْمَدَ بنِ يَحْيَى *
الإِمَامُ، القُدْوَةُ، العَابِدُ، الزَّاهِدُ، شَيْخُ
العَارِفِيْن، أَبُو العَبَّاسِ
__________
(1) بسبب العداوة التي كانت بينه وبين صاحب المخزن أبي بكر
منصور بن نصر ابن العطار.
(*) ترجم له ابن الأثير في الكامل: 11 / 200، وسبط ابن
الجوزي في المرآة: 8 / 370، وابن خلكان في الوفيات: 1 /
171، والذهبي في العبر: 4 / 233، وتاريخ الإسلام، الورقة
72 (أحمد الثالث 2917 / 14)، والصفدي في الوافي: 7 / 219،
والسبكي في الطبقات الكبرى: 6 / 23، وابن كثير في البداية:
12 / 312، والعيني في عقد الجمان: 16 / الورقة 651، وابن
العماد في الشذرات: 4 / 259.
وفي خزانة كتب الدكتور بشار عواد معروف نسخة =
(21/77)
أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَسَنِ عَلِيِّ بنِ
أَحْمَدَ بنِ يَحْيَى بنِ حَازِمِ بنِ عَلِيِّ بنِ
رِفَاعَةَ الرِّفَاعِيُّ، المَغْرِبِيُّ، ثُمَّ
البَطَائِحِيُّ.
قَدِمَ أَبُوْهُ مِنَ المَغْرِب، وَسكنَ البطَائِح
بقَرْيَة أُمِّ عُبَيْدَةَ، وَتَزَوَّجَ بِأُخْت مَنْصُوْر
الزَّاهِد، وَرُزِق مِنْهَا الشَّيْخ أَحْمَد وَإِخْوَته.
وَكَانَ أَبُو الحَسَنِ مُقْرِئاً، يَؤُمّ بِالشَّيْخ
مَنْصُوْر، فَتُوُفِّيَ وَابْنه أَحْمَد حَمْلٌ، فَربّاهُ
خَاله، فَقِيْلَ: كَانَ مَوْلِدُهُ فِي أَوَّلِ سَنَة
خَمْس مائَة.
قِيْلَ: إِنَّهُ أَقسم عَلَى أَصْحابه إِنْ كَانَ فِيْهِ
عيب يُنبِّهونه عَلَيْهِ فَقَالَ الشَّيْخُ عُمَر
الفَارُوْثِيُّ: يَا سيّدِي! أَنَا أَعْلَم فِيك عَيباً
(1) .
قَالَ: مَا هُوَ؟
قَالَ: يَا سيّدِي! عَيْبك أَننَّا مِنْ أَصْحَابك.
فَبَكَى الشَّيْخ وَالفُقَرَاءُ، وَقَالَ -أَيْ عُمَرُ-:
إِنْ سَلِمَ الْمركب حَمَلَ مَنْ فِيْهِ.
قِيْلَ: إِنَّ هرَّة نَامت عَلَى كُمِّ الشَّيْخ أَحْمَد،
وَقَامَت الصَّلاَة، فَقص كُمَّه وَمَا أَزعجهَا، ثُمَّ
قَعَدَ، فَوَصَلَهُ، وَقَالَ: مَا تَغَيَّر شَيْء.
وَقِيْلَ: تَوضَّأَ، فَنَزَلت بعوضَة عَلَى يَده، فَوَقَفَ
لَهَا حَتَّى طَارت.
__________
= مصورة من كتاب (ترياق المحبين في سيرة سلطان العارفين)
لتقي الدين أبي الفرج عبد الرحمن ابن عبد المحسن الواسطي.
ومما تجدر الإشارة إليه أن الذهبي قد ترجم له في (تاريخ
الإسلام) ترجمة حافلة اختصرها من كتاب آخر مؤلف في سيرته،
قال: (نقلت اكثر ما ها هنا عن يعقوب من كتاب مناقب ابن
الرفاعي رضي الله عنه جمع الشيخ محيي الدين أحمد بن سليمان
الهمامي الحسيني الرفاعي شيخ الرواق المعمور بالهلالية
بظاهر القاهرة سمعه منه الشيخ ابو عبد الله محمد ابن أبي
بكر ابن الشيخ أبي طالب الأنصاري الرفاعي الدمشقي، ويعرف
بشيخ حطين بالقاهرة في سنة ثمانين وست مئة، وقد كتبه عنه
مناولة، وأجازه المولى شمس الدين أبو عبد الله محمد بن
إبراهيم الجزري، وأودعه تاريخه في سنة خمس وسبع مئة، فأوله
قال..الخ).
قلنا: توفي الشمس ابن الجزري سنة 739 وتاريخه من التواريخ
المستوعبة وقد سماه: (حوادث الزمان وأنبائه ووفيات الأكابر
والأعيان من أبنائه).
(1) في الأصل: (عيب) وهو خطأ.
(21/78)
وَعَنْهُ، قَالَ: أَقْرَب الطَّرِيْق
الانْكِسَار وَالذّلّ وَالافْتِقَار، تُعظِّم أَمر الله،
وَتُشفق عَلَى خلق الله، وَتَقتدِي بسُنَّةِ رَسُوْلِ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وَقِيْلَ: كَانَ شَافِعِيّاً، يَعرف الفِقْه.
وَقِيْلَ: كَانَ يَجْمَع الْحَطب، وَيَجِيْء بِهِ إِلَى
بيُوت الأَرَامل، وَيَملأُ لَهُم بِالجرَّة.
قيل لَهُ: أَيش أَنْتَ يَا سيّدِي؟
فَبَكَى، وَقَالَ: يَا فَقيرُ! وَمَنْ أَنَا فِي البَيْنِ،
ثَبِّتْ نَسَبْ وَاطْلُب مِيْرَاث (1) .
وَقَالَ (2) : لَمَّا اجْتَمَع القَوْم، طلب كُلّ وَاحِد
شَيْئاً (3) ، فَقَالَ هَذَا اللاش أَحْمَد: أَيْ رَبِّ
عِلْمُك مُحِيط بِي وَبطلبِي، فَكُرِّرَ عليّ القَوْل.
قُلْتُ: أَيْ مَوْلاَيَ، أُرِيْد أَنْ لاَ أُرِيْد،
وَأَخْتارُ أَنْ لاَ يَكُوْن لِي اخْتيَار، فَأُجبت،
وَصَارَ الأَمْر لَهُ وَعَلَيْهِ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ رَأَى فَقيراً يَقتل قملَةً، فَقَالَ:
لاَ وَاخذك الله، شَفَيت غَيظك؟!
وَعَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: لَوْ أَنَّ عَنْ يَمِيْنِي
جَمَاعَة يُروِّحونِي بِمرَاوح النَّدّ وَالطيب، وَهُم
أَقْرَب النَّاس إِلَيَّ، وَعَنْ يَسَارِي مِثْلهُم
يَقرضون لحمِي بِمقَارِيض، وَهُم أَبغضُ النَّاس إِلَيَّ،
مَا زَادَ هَؤُلاَءِ عِنْدِي، وَلاَ نَقص هَؤُلاَءِ
عِنْدِي بِمَا فَعلُوْهُ، ثُمَّ تَلاَ: {لِكَيْ لاَ
تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُم، وَلاَ تَفْرَحُوا بِمَا
آتَاكُمْ}
__________
(1) هكذا وردت في الأصل وهي حكاية مثل ليس فيها التزام
بقواعد النحو.
(2) أي أحمد، وفي (طبقات الشافعية الكبرى) أن القائل هو
يعقوب، وهو غير معقول، بسبب العبارة الآتية (فقال هذا
اللاش أحمد).
(3) هكذا هي في الأصل وفي (تاريخ الإسلام) وفي (طبقات
الشافعية الوسطى) للسبكي وفي نسخ من طبقاته الكبرى.
وقد غيرها محققو الطبقات الكبرى إلى (شيئا) حسب القواعد
النحوية، وكثير من مثل هذا الكلام لانجد التزاما بالقواعد
النحوية فيه فالاولى تثبيته كما جاء.
(21/79)
[الْحَدِيد: 23]
وَقِيْلَ: أُحضر بَيْنَ يَدَيْهِ طبق تَمر، فَبقِي يُنقِّي
لِنَفْسِهِ الحشفَ يَأْكله، وَيَقُوْلُ: أَنَا أَحقّ
بِالدُّوْنِ، فَإِنِّي مِثْله دُوْنٌ.
وَكَانَ لاَ يَجْمَع بَيْنَ لبس قمِيْصين، وَلاَ يَأْكُل
إِلاَّ بَعْد يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةٍ أَكلَةً، وَإِذَا
غسل ثَوْبه، يَنْزِلُ فِي الشَّطّ كَمَا هُوَ قَائِم
يَفْركُهُ، ثُمَّ يَقف فِي الشَّمْسِ حَتَّى يَنشف،
وَإِذَا وَرد ضيفٌ، يَدور عَلَى بيُوت أَصْحَابه يَجْمَع
الطَّعَام فِي مِئْزَر.
وَعَنْهُ قَالَ: الْفَقِير المتمكّن إِذَا سَأَلَ حَاجَة،
وَقُضيت لَهُ، نَقَصَ تَمكُّنه دَرَجَة.
وَكَانَ لاَ يَقوم لِلرُّؤَسَاء، وَيَقُوْلُ: النَّظَر
إِلَى وُجُوْهِهِم يُقسِّي القَلْب.
وَكَانَ كَثِيْرَ الاسْتِغْفَار، عَالِي المِقْدَار،
رَقِيق القَلْب، غزِيْر الإِخْلاَص.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ،
فِي جُمَادَى الأُوْلَى -رَحِمَهُ الله- (1) .
__________
(1) وقال المؤلف في (العبر) بعد هذا المدح الكثير: (ولكن
أصحابه فيهم الجيد والردئ، وقد كثر الزغل فيهم، وتجددت لهم
أحوال شيطانية منذ أخذت التتار العراق من دخول النيران
وركوب السباع واللعب بالحيات، وهذا لا عرفه الشيخ ولا
صلحاء أصحابه، فنعوذ بالله من الشيطان).
وقال في (تاريخ الإسلام): (ولهم أحوال عجيبة من أكل الحيات
حية، والنزول في التنانير وهي تتضرم نارا، والدخول إلى
الافرنة، وينام الواحد منهم في جانب الفرن، والخباز يخبز
في الجانب الآخر، وتوقد لهم النار العظيمة، ويقام السماع
فيرقصون عليها إلى أن تنطفئ) (الورقة: 74 أحمد الثالث 2917
/ 14).
(21/80)
29 - الكُشْمِيْهَنِيُّ مُحَمَّدُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ *
الإِمَامُ، الخَطِيْبُ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَانِ
مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بن أَبِي
بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي تَوبَةَ الكُشْمِيْهَنِيُّ،
المَرْوَزِيُّ، الشَّافِعِيُّ، الوَاعِظُ.
سَمِعَ: أَبَا بَكْرٍ السَّمْعَانِيّ، وَالنُّعْمَان بن
أَبِي حَرْب، وَعَلِيّ بن حَسَّانٍ المَنِيْعِيّ، وَأَبَا
مَنْصُوْرٍ الكُرَاعِيّ، وَأَبَا نَصْرٍ مُحَمَّد بن
مُحَمَّدٍ المَاهَانِيَّ، وَإِسْمَاعِيْل ابْن
البَيْهَقِيّ.
وَسَمِعَ بِبَغْدَادَ: أَبَا غَالِب ابْن البَنَّاءِ،
وَطَبَقَته، وَبِنَيْسَابُوْرَ: أَبَا عَبْدِ اللهِ
الفُرَاوِيّ، وَعِدَّة، وَبِالكُوْفَةِ: عُمَر
الزَّيْدِيّ، وَبِمَكَّةَ: عَتِيْق بن أَحْمَدَ
الأَزْدِيّ، وَبِهَمَذَانَ: أَبَا جَعْفَرٍ بنَ أَبِي
عَلِيٍّ.
ثُمَّ قَدِمَ بَغْدَادَ سَنَة سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ (1)
بِآلِهِ، فَسكنهَا، وَحَدَّثَ بِـ (صَحِيْح مُسْلِم) عِنْد
الوَزِيْر ابْنِ هُبَيْرَةَ.
وَرَوَى بِحَلَبَ، وَعَاد إِلَى مَرْو.
رَوَى عَنْهُ: أَحْمَدُ ابْنُ البَنْدَنِيْجِيِّ، وَابْن
الحُصْرِيّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ عُلْوَانَ،
وَإِبْرَاهِيْم بن عُثْمَانَ الكَاشَغْرِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ أَبُوْهُ كَبِيْر الصُّوْفِيَّة.
__________
(*) ترجم له ابن الدبيثي في تاريخه، الورقة: 108 (شهيد
علي)، والبنداري في تاريخ بغداد، الورقة: 67، والذهبي في
المختصر المحتاج إليه: 1 / 120، وتاريخ الإسلام، الورقة:
76 (أحمد الثالث 2917 / 14).
(1) يعني وخمس مئة.
(21/81)
قَالَ السَّمْعَانِيُّ: أَبُو عَبْدِ
الرَّحْمَانِ وَاعِظٌ، وَرِعٌ، دَيِّن، كَتَبْتُ عَنْهُ،
وَقَالَ لِي: إِنَّهُ وُلِدَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ فِي المُحَرَّمِ، سَنَةَ ثَمَانٍ
وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
30 - ابْنُ مَوَاهِبَ أَبُو العِزِّ مُحَمَّدُ بنُ
مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيُّ *
العَلاَّمَةُ، الأَدِيْبُ، أَبُو العِزِّ مُحَمَّدُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ مَوَاهِبَ بنِ مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيُّ،
ابْنُ الخُرَاسَانِيِّ، النَّحْوِيُّ، الشَّاعِرُ.
وُلِدَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنَ: الحُسَيْن ابْن البُسْرِيِّ، وَأَبِي
سَعْدٍ بنِ خُشَيْش، وَأَبِي الحُسَيْن ابْن
الطُّيُوْرِيّ، وَابْن سَوْسَن التَّمَّار.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ الأَخْضَر، وَأَبُو الفُتُوْحِ ابْن
الحُصْرِيِّ، وَمُحَمَّد بن رَجَب الخَازن، وَالبَهَاء
عَبْد الرَّحْمَانِ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ ابْن
الدُّبَيْثِيّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ العِمَاد الكَاتِب (1) : هُوَ علاَّمَة الزَّمَان
فِي الأَدب وَالنَّحْو، متبحِّر فِي علم الشّعر، قَادِر
عَلَى النّظم، لَهُ خَاطر كَالمَاء الجَارِي،
وَ(دِيْوَانه) فِي
__________
(*) ترجم له ياقوت في إرشاده: 7 / 101، وابن الدبيثي في
تاريخه، الورقة: 107 (شهيد علي)، والذهبي في تاريخ
الإسلام، الورقة 68 (أحمد الثالث 2917 / 14)، والمختصر
المحتاج إليه:: 1 / 119، والصفدي في الوافي: 1 / 150، وابن
شاكر في فوات الوفيات: 3 / 238 (ط. عباس)، والقفطي في
الانباه: 3 / 213، وصاحب العسجد المسبوك، الورقة: 91،
والسيوطي في البغية: 1 / 235، وابن العماد في الشذرات: 5 /
257.
وذكره ابن الفوطي في الملقبين بفخر الرؤساء من تلخيصه: 4 /
الترجمة 2428 ونقل ترجمته عن ياقوت.
(1) (الخريدة) القسم العراقي: ج 3 ق 1 ص 229 228.
(21/82)
خَمْسَةَ عَشَرَ مُجَلَّداً، وَكَانَ
وَاسِع العبَارَة، غزِيْر العِلْم، ذَكِيّاً.
وَقَالَ ابْنُ الدُّبَيْثِيّ (1) : هُوَ صَاحِبُ العروضِ
وَالنّوَادر المَنْسُوْبَة إِلَى حدَّة الخَاطر، أَخَذَ
الأَدب عَنِ ابْنِ الجَوَالِيْقِيّ، وَمدح الخُلَفَاء
وَالوُزَرَاء، سَمِعْنَا مِنْهُ آخر عُمُرِهِ، إِلاَّ
أَنَّهُ تَغَيَّر تَغَيُّر سَهْوٍ وَغفلَة.
تُوُفِّيَ: فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَمَاتَ: أَخُوْهُ أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ
(2) فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَسِتِّيْنَ، فَكَانَ الأَسنّ،
حَدَّثَ عَنْ أَبِي الحُسَيْنِ ابْنِ الطُّيُوْرِيّ.
31 - الدُّوْشَابِيُّ أَبُو هَاشِمٍ عِيْسَى بنُ أَحْمَدَ
الهَاشِمِيُّ *
الشَّيْخُ، المُعَمَّرُ، أَبُو هَاشِمٍ عِيْسَى بنُ
أَحْمَدَ الهَاشِمِيُّ، الدُّوْشَابِيُّ، العَبَّاسِيُّ،
البَغْدَادِيُّ، الهَرَّاسُ.
رَوَى عَنِ: الحُسَيْن بن عَلِيّ ابْن البُسْرِيِّ.
قَالَ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ (3) : كَتَبْتُ عَنْهُ
حَدِيْثَيْنِ.
__________
(1) (ذيل تاريخ مدينة السلام)، الورقة 107 (شهيد علي).
(2) ترجم له ابن الدبيثي في تاريخه، الورقة: 103 (شهيد
علي)، والذهبي في المختصر المحتاج إليه: 1 / 115.
(*) ترجم له السمعاني في (الدوشابي) من الأنساب، وتابعه
ابن الأثير في اللباب ولم يذكر تاريخ وفاته، والذهبي في
المختصر المحتاج إليه: 3 / 152، وتاريخ الإسلام، الورقة:
57 (أحمد الثالث 2917 / 14)، والعبر 4 / 255، وابن العماد
في الشذرات 4 / 252، وابن تغري بردي في النجوم 6 / 86.
كما ترجم له ابن النجار في تاريخه، ولكن ترجمته سقطت بسبب
الخرم الحاصل في النسخة الباريسية (انظر الورقة: 134)،
وابن الدبيثي فيمن اسمه (عيسى) من نسخة كيمبرج.
(3) في (ذيل تاريخ بغداد) ولم تصل إلينا ترجمته، ولكن راجع
(الدوشابي) من (الأنساب).
(21/83)
قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ: البَهَاء عَبْد
الرَّحْمَانِ، وَقَاضِي حَرَّانَ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ
اللهِ بنُ نَصْرٍ، وَحَمْد بن صُدَيْقٍ، وَأَبُو الحَسَنِ
ابْنُ المُقَيَّرِ، وَآخَرُوْنَ.
تُوُفِّيَ: فِي رَجَبٍ، سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ.
32 - ابْنُ العَطَّارِ أَبُو بَكْرٍ مَنْصُوْرُ بنُ نَصْرٍ
الحَرَّانِيُّ *
الصَّاحِبُ، الوَزِيْرُ، ظَهِيْرُ الدِّيْنِ أَبُو بَكْرٍ
مَنْصُوْرُ بنُ نَصْر ابْنُ العَطَّار الحَرَّانِيُّ،
ثُمَّ البَغْدَادِيُّ.
كَانَ أَبُوْهُ مِنْ كُبَرَاء التُّجَّار.
نشَأَ أَبُو بَكْرٍ، وَتَفَقَّهَ، وَسَمِعَ مِنِ: ابْنِ
نَاصِر، وَابْن الزَّاغُوْنِيِّ.
وَلَمَّا مَاتَ أَبُوْهُ، خلّف لَهُ نِعمَة، فَبسط يَده،
وَخَالط الدَّوْلَة وَالأَعيَان، وَبَذَلَ، وَاتصل
بِالمُسْتَضِيْء قَبْل الخِلاَفَة، فَلَمَّا بُوْيِع،
وَلاَّهُ أَوَّلاً مشَارفَة الخزَانَة، ثُمَّ نَظرهَا مَعَ
وَكَالته، فَلَمَّا قُتِلَ الوَزِيْر عَضُد الدِّيْنِ (1)
، ردّ
__________
(*) أخباره في التواريخ المستغرقة لعصره ولا سيما المنتظم
لابن الجوزي والكامل لابن الأثير والمرآة لسبط ابن الجوزي،
وأفرد الذهبي له ترجمة في تاريخ الإسلام، الورقة 60 (أحمد
الثالث 2917 / 14)، والمختصر المحتاج إليه: 3 / 191 نقلا
عن ابن الدبيثي.
(1) يعني عضد الدين محمد بن عبد الله المعروف بابن
المسلمة، وكان مقتله سنة 573 كما مر في ترجمته قبل قليل،
وقد صرح سبط ابن الجوزي باتهام ابن العطار في التواطؤ مع
الباطنية لقتل الوزير عضد الدين المذكور فقال: (حكى لي
والدي رحمه الله، قال: كنت جالسا عند ابن العطار صاحب
المخزن في ذلك اليوم فجعل يقول: يا حسام الدين إلى أين بلغ
الساعة ؟ وهو قلق يقوم ويقعد فلما جاء الخبر بقتله قام
قائما وقال: الله اكبر يا ثارات طبر، يا ثارات عز الدين،
يعني ابني الوزير ابن هبيرة فإنهما قتلا في أيام ابن رئيس
الرؤساء.
قال أبي: ومضيت مع صاحب المخزن إلى عزاء ابن رئيس الرؤساء
فعزاهم، وجعل يقول: قتل الله من قتل أباكم شر قتلة ومثل به
أقبح مثلة.
فكان كما قال قتل ابن العطار شر قتلة ومثل به أقبح مثلة)
المرآة: 8 / 220).
(21/84)
المُسْتَضِيْء مقَاليد الأُمُوْر إِلَى
هَذَا، وَصَارَ يُوَلِّي وَيَعزل، وَكَانَ ذَا سطوَةٍ
وَجبروت، وَشِدَّة وَطأَة، فَلَمَّا مَاتَ المُسْتَضِيْء،
خلاَّهُ النَّاصِر فِي نَظَرَ الخزَانَة قَلِيْلاً، ثُمَّ
أَخَذَهُ، وَسَجَنَهُ أَيَّاماً، فَمَاتَ عَنِ اثْنَتَيْنِ
وَأَرْبَعِيْنَ سَنَةً، فَحُمِلَ إِلَى بَيْت أُخْته،
فَكفِّن، وَأُخْرِج بَعْد الصُّبْح، فَعَلِمَ بِهِ
النَّاس، فَرجمُوْهُ، ثُمَّ رمِي، فَطرح مِنْ تَابوته،
وَمزق الْكَفَن، وَسحب بِحبل، وَالصِّبْيَان يَصيحُوْنَ:
بِاسْمِ اللهِ يَا مَوْلاَنَا، حَتَّى أُلقِي فِي
المدبغَة، إِلاَّ أَنَّهُ كَانَ نَقمَة وَعَذَاباً عَلَى
الرَّافِضَّة.
مَاتَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
33 - حَفِيْدُ الشَّاشِيِّ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ *
العَلاَّمَةُ، أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ
ابْنِ شَيْخِ الشَّافِعِيَّةِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ
أَحْمَدَ الشَّافِعِيُّ، الشَّاشِيُّ، ثُمَّ
البَغْدَادِيُّ، مُدَرِّسُ النِّظَامِيَّةِ، وَأَحَد
المُصَنّفِيْنَ.
تَفَقَّهَ عَلَى: أَبِيْهِ، وَعَلَى أَبِي الحَسَنِ ابْن
الخَلِّ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي الوَقْتِ.
مَاتَ قَبْلَ الكُهُوْلَة، سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ.
34 - ابْنُ خَيْرٍ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ خَيْرِ بنِ
عُمَرَ بنِ خَلِيْفَةَ اللَّمْتُوْنِيُّ **
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، البَارِعُ، الحَافِظُ، المُجَوِّدُ،
المُقْرِئُ، الأُسْتَاذُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ
__________
(*) ترجم له ابن الدبيثي في تاريخه، الورقة: 163 (شهيد
علي)، والذهبي في تاريخ الإسلام، الورقة: 61 (أحمد الثالث
2917 / 14)، والسبكي في الطبقات 6 / 22.
(* *) ترجم له ابن الابار في التكملة: 2 / 523، والذهبي في
تاريخ الإسلام، الورقة 58 (أحمد الثالث 2917 / 14)،
والعبر: 4 / 225، وتذكرة الحفاظ: 4 / 1366، وابن العماد في
الشذرات: 4 / 252، والتكاني في فهرس الفهارس: 1 / 286،
والسيد الزبيدي في =
(21/85)
بنُ خَيْرِ بنِ عُمَرَ بنِ خَلِيْفَةَ
اللَّمْتُوْنِيُّ، الإِشْبِيْلِيُّ، عَالِمُ الأَنْدَلُسِ.
وُلِدَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِ مائَةٍ.
أَخَذَ القِرَاءات عَنْ: شُرَيْح، وَلاَزمه، وَهُوَ أَنبل
أَصْحَابه، وَسَمِعَ مِنْهُ، وَمِنْ: أَبِي مَرْوَانَ
البَاجِيّ، وَالقَاضِي أَبِي بَكْرٍ ابْنِ العَرَبِيّ،
وَارْتَحَلَ إِلَى قُرْطُبَة، فَأَخَذَ عَنْ: أَبِي
جَعْفَرٍ بن عَبْدِ العَزِيْزِ، وَأَبِي القَاسِمِ ابْن
بَقِي، وَابْن مُغِيْث، وَابْن أَبِي الخِصَال، وَخَلْق،
حَتَّى سَمِعَ مِنْ رفَاقه.
قَالَ الأَبَّار (1) : كَانَ مُكْثِراً إِلَى الغَايَة،
وَسَمِعَ مِنْ أَكْثَر مِنْ مائَة نَفْس، وَلاَ نَعلم
أَحَداً مِنْ طَبَقَتِهِ مِثْله (2) ، تَصدّر بِإِشبيليَة
لِلإِقْرَاءِ وَالإِسْمَاع، وَكَانَ مُقْرِئاً مُجَوِّداً،
وَمُحَدِّثاً مُتْقِناً، أَديباً، لُغوياً، وَاسِع
المَعْرِفَة، رِضَىً، مَأْمُوْناً، وَلَمَّا مَاتَ،
بِيْعَتْ كتبه بِأَغلَى ثمن لصحتهَا، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ
نَظير فِي هَذَا الشَّأْن، مَعَ الحظّ الأَوفر مِنْ علم
اللِّسَان، أَكْثَر عَنْهُ شَيْخنَا ابْنُ وَاجِب.
مَاتَ: فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ خَمْسٍ
وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَكَانَتْ لَهُ جَنَازَة
مَشْهُوْدَة.
وَلِي إِمَامَة جَامِع قُرْطُبَة، وَتَلاَ (3) عَلَيْهِ:
ابْنُ أُخْته المُعَمَّرُ، أَبُو الحُسَيْنِ ابْن
السَّرَّاج بِرِوَايَات، وَسَمِعَ مِنْهُ (التَّفْسِيْر)
لِلنّسَائِي، وَكِتَاب (الخصَائِص) لَهُ.
__________
= (خير) من التاج. وقد طبع معجم شيوخه، وهو (فهرسة ما رواه
عن شيوخه).
(1) (التكملة): 1 / 524. ونقل ما قبل هذا منه أيضا، وهذه
عادته.
(2) تصرف الذهبي تصرفا كبيرا بعبارات ابن الابار - وهذه
عادته رحمه الله - وأصل الكلام في التكملة لابن الابار:
(وكان من الاكثار في تقييد الآثار، والغاية بتحصيل الرواية
بحيث يأخذ عن أصحابه الذين شركهم في السماع من شيوخه.
وعدد من سمع منه أو كتب إليه نيف ومئة رجل قد احتوى على
أسمائهم برنامج له ضخم في غاية الاحتفال والإفادة لا يعلم
لأحد من طبقته مثله) فتأمل ذلك !
(3) المعلومات الأخيرة هذه لم ترد عند ابن الابار.
(21/86)
35 - خَطِيْبُ المَوْصِلِ عَبْدُ اللهِ بنُ
أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ الطُّوْسِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، العَالِمُ، الفَقِيْهُ،
المُحَدِّثُ، مُسْنِدُ العَصْرِ، خَطِيْبُ المَوْصِلِ،
أَبُو الفَضْلِ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ
بنِ عَبْدِ القَاهِرِ بنِ هِشَامٍ الطُّوْسِيُّ، ثُمَّ
البَغْدَادِيُّ، ثُمَّ المَوْصِلِيُّ، الشَّافِعِيُّ.
وُلِدَ: فِي صَفَرٍ، سَنَة سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَاعتنَى بِهِ أَبُوْهُ، فَسَمِعَ حُضُوْراً مِنْ: أَبِي
عَبْدِ اللهِ ابْنِ طَلْحَةَ النِّعَالِيّ، وَطِرَاد (1)
الزَّيْنَبِيّ.
وَسَمِعَ مِنْ: نَصْر ابْن البَطِرِ، وَأَبِي بَكْرٍ
الطُّرَيْثِيْثِيّ، وَأَحْمَد بن عَبْدِ القَادِرِ
اليُوْسُفِيّ، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ السَّلاَمِ
الأَنْصَارِيِّ، وَأَبِي الحَسَنِ بنِ أَيُّوْبَ،
وَجَعْفَر السَّرَّاج، وَمَنْصُوْر بن حِيْدٍ (2) ،
وَالحُسَيْن بن عَلِيّ ابْن البُسْرِيِّ، وَأَبِي غَالِبٍ
البَاقِلاَّنِيّ، وَأَبِي مَنْصُوْرٍ الخَيَّاط.
وَسَمِعَ بِأَصْبَهَانَ مِنْ: أَبِي عَلِيٍّ الحَدَّاد،
وَبِنَيْسَابُوْرَ مِنْ: أَبِي نَصْرٍ ابْن القُشَيْرِيّ،
وَبتِرْمِذَ: مِنْ مَيْمُوْنِ بنِ مَحْمُوْدٍ،
وَبِالمَوْصِل: مِنْ أَبِيْهِ، وَعَمِّهِ، وَوَلِيَ
خطَابتهَا زَمَاناً، وَقصدهُ الرَّحَّالوْنَ، وَكَانَ
ثِقَةً فِي نَفْسِهِ.
وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ الحَازِمِيّ إِذَا رَوَى عَنْهُ،
قَالَ: أَخْبَرَنَا مِنْ أَصْلِهِ (3)
__________
(*) ترجم له ابن الدبيثي في تاريخه ولكن ترجمته سقطت من
المجلد الباريسي ذي الرقم 5922 (وهي بين الورقتين 87 - 88
ودلالة ذلك في المختصر المحتاج إليه 2 / 131)، وابن الفوطي
في الملقبين بمجد الدين من تلخيصه: 5 / الترجمة 284،
والذهبي في تاريخ الإسلام، الورقة 75 (أحمد الثالث 2917 /
14)، والعبر: 4 / 234، والسبكي في الطبقات الكبرى: 7 /
119، وابن تغري بردي في النجوم: 6 / 94.
وله ذكر في تذكرة الحفاظ: 4 / 1341.
(1) على وزن (كتاب) ويخطئ من يقيده بفتح الطاء المهملة
وتشديد الراء، قال ذلك السيد الزبيدي في (طرد) من تاج
العروس.
(2) انظر عن الضبط (مشتبه) الذهبي: 182.
(3) الأصل هنا: الكتاب أو الجزء الذي عليه سماع الشيخ على
شيخه.
(21/87)
العَتِيْق، يَحترز بِذَلِكَ مِمَّا زَوَّر
لَهُ وَغَيَّرهُ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الخَالِقِ
اليُوْسُفِيّ (1) ، فَلَمَّا بَيَّنَ المُحَدِّثُونَ
لِلْخطيب ذَلِكَ، رَجَعَ عَمَّا رَوَاهُ بِنَقْلِ
مُحَمَّد، وَخَرَّجَ لِنَفْسِهِ تِلْكَ (المَشْيَخَة) مِنِ
أُصُوله.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ، وَعَبْد
القَادِرِ الرُّهَاوِيّ، وَالشَّيْخ مُوَفَّق الدِّيْنِ
عَبْد اللهِ، وَالبَهَاء عَبْد الرَّحْمَانِ، وَالقَاضِي
يُوْسُف بن شَدَّادٍ، وَهِبَة اللهِ بن بَاطِيش، وَأَبُو
الحَسَنِ ابْنُ القَطِيْعِيِّ، وَالشَّيْخ عِزّ الدِّيْنِ
عَلِيّ ابْن الأَثِيْرِ، وَالمُوَفَّق يَعِيْش بن عَلِيٍّ
النَّحْوِيّ، وَعَبْد الكَرِيْمِ ابْن التُّرَابِيِّ،
وَأَبُو الخَيْرِ إِيَاس الشَّهْرُزُوْرِيّ،
وَإِبْرَاهِيْم بن يُوْسُفَ بنِ خُتَّةَ المَوْصِلِيُّ،
وَآخَرُوْنَ.
قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ: كَانَ شَيْخاً حسناً، لَمْ نَر
مِنْهُ إِلاَّ الخَيْر.
وَقَالَ ابْنُ النَّجَّار: وُلِدَ بِبَغْدَادَ، وَقرَأَ
الفِقْه وَالأُصُوْل عَلَى: إِلْكِيَا أَبِي الحَسَنِ
الهَرَّاسِيّ، وَأَبِي بَكْرٍ الشَّاشِيّ، وَالأَدب عَلَى:
أَبِي زَكَرِيَّا التَّبْرِيْزِيّ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ
الحَرِيْرِيّ.
__________
(1) توفي اليوسفي هذا سنة 568 وقال ابن الدبيثي في ترجمته:
(وكان غير ثقة فيما يقوله وينقله وله أحوال في تزوير
السماعات وإدخال ما لم يسمعه الشيوخ في حديثهم ظاهرة
مشهورة، أفسد بها أحوال جماعة وترك الناس حديثهم بسببه
واختلط صحيح حديثهم بسقيمة بنقله ؟ ؟ وتسميعه.
سمعت أبا القاسم تميم بن أحمد ابن البندنيجي ببغداد يقول:
الشيخ أبو الفضل عبد الله بن أحمد ابن الطوسي خطيب الموصل
شيخ ثقة صحيح السماع من جماعة، أدخل محمد بن عبد الخالق
ابن يوسف في حديثه شيئا لم يسمعه، وكان رحل إليه ولاطفه
بأجزاء ذكر أنه نقل سماعه فيها من جماعة من شيوخه
مثل..وهؤلاء قد سمع منهم أبا الفضل فقبلها منه وحدث بها
اعتمادا على نقل محمد بن عبد الخالق وإحسان ظن به، فلما
علم كذب محمد بن يوسف، وتكلم الناس فيه، وفيما رواه الخطيب
أبو الفضل، طلبت أصول الاجزاء التي حملها إليه ببغداد،
وذكر أنه نقل منها فلم يوجد ذلك، واشتهر أمره، وترك الناس
حديثه وروايته، ولم يعبؤوا بنقله، وترك الخطيب رواية كل ما
شك فيه وحذر من روايته) (ذيل تاريخ مدينة السلام، الورقة:
72 شهيد علي).
(21/88)
قُلْتُ: تُوُفِّيَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ،
سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَلَهُ شعر حسن، وَفِيْهِ سُؤْدُد وَدين، قصدهُ
الرَّحَّالوْنَ، وَتَفَرَّد، وَآخِرُ مَنْ رَوَى عَنْهُ
بِالإِجَازَةِ: ابْنُ عَبْدِ الدَّائِمِ.
وَفِيْهَا مَاتَ: القُدْوَة الشَّيْخ أَحْمَد ابْن
الرِّفَاعِيّ، وَأَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ
شِيْرَوَيْه، وَالخَضِر بن هِبَةِ اللهِ بنِ طَاوس
المُقْرِئ، وَالحَافِظ خَلَف بن بَشْكُوَال، وَأَبُو
طَالِبٍ أَحْمَد بن المُسَلَّمِ بنِ رَجَاءٍ
الإِسْكَنْدَرَانِيّ، وَعَبْد اللهِ بن أَحْمَدَ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ حَمْتِيْس السَّرَّاج، وَصَاحِب بَعْلَبَكَّ
عِزّ الدِّيْنِ فَروخشَاه (1) بنُ شَاهنشَاه بنُ
أَيُّوْبَ، وَالإِمَام قُطْب الدِّيْنِ مَسْعُوْد بن
مُحَمَّدٍ النَّيْسَابُوْرِيّ الشَّافِعِيّ بِدِمَشْقَ،
وَهِبَة اللهِ بن مُحَمَّدِ ابْنِ الشِّيْرَازِيّ إِمَام
مشْهد عليّ.
36 - ابْنُ حَمَكَا مَحْمُوْدُ بنُ أَبِي القَاسِمِ بنِ
عُمَرَ الأَصْبَهَانِيُّ *
الشَّيْخُ، أَبُو الوَفَاء مَحْمُوْدُ بنُ أَبِي القَاسِمِ
بنِ عُمَرَ بنِ حَمَكَا الأَصْبَهَانِيُّ، ابْنُ أُخْتِ
الحَافِظِ أَبِي سَعْدٍ ابْنِ البَغْدَادِيِّ.
شَيْخٌ، صَدُوْقٌ، مُعَمَّرٌ.
تَفَرَّد بِإِجَازَة: أَبِي عَبْدِ اللهِ ابْنِ طَلْحَةَ
النِّعَالِيّ، وَطِرَاد بن مُحَمَّدٍ الزَّيْنَبِيّ.
__________
(1) في الأصل: (دوخشاه) لعله من سبق القلم وإلا فإنه معروف
مشتهر مذكور في تواريخ عصره.
(*) ترجم له الذهبي في تاريخ الإسلام، الورقة: 83 (أحمد
الثالث 2917 / 14)، والمختصر المحتاج إليه: 3 / 186.
(21/89)
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي الفَتْحِ أَحْمَد بن
عَبْدِ اللهِ السُّوْذَرْجَانِيّ.
وَحَدَّثَ بِبَغْدَادَ سَنَة سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ.
وَرَوَى عَنْهُ: أَبُو الفُتُوْحِ ابْن الحُصْرِيِّ،
وَالحَافِظ عَبْد الغَنِيِّ، وَمُحَمَّد بن مُحَمَّدِ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ وَاقَا.
مَاتَ: فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَة ثَمَانِيْنَ (1)
وَخَمْسِ مائَةٍ، عَنْ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
37 - الخِرَقِيُّ أَبُو الفَتْحِ عَبْدُ اللهِ بنُ
أَحْمَدَ بنِ أَبِي الفَتْحِ *
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ، الصَّالِحُ، المُعَمَّرُ، مُسْنِدُ
أَصْبَهَانَ، رحلَةُ الوَقْتِ، أَبُو الفَتْحِ عَبْدُ
اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَبِي الفَتْحِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
أَحْمَدَ القَاسِمِيُّ، الأَصْبَهَانِيُّ، الخِرَقِيُّ.
سَمِعَ: أَبَاهُ أَبَا العَبَّاسِ، وَأَبَا مُطِيع
مُحَمَّد بن عَبْدِ الوَاحِدِ الصَّحَّاف، وَأَبَا الفَتْح
أَحْمَد بن عَبْدِ اللهِ السُّوْذَرْجَانِيّ، وَأَبَا
الفَتْح أَحْمَد بن مُحَمَّدٍ الحَدَّاد، وَبُنْدَار بن
مُحَمَّدٍ الخُلْقَانِيّ، وَعَبْد الرَّحْمَانِ بن حَمْدٍ
الدُّوْنِيّ، وَحَمْد بن حَنَّةَ (2) ، وَعُمَر بن
مُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ بنِ علّوَيْه، وَعَبْد الرَّحْمَانِ
بن أَبِي عُثْمَانَ الصَّابُوْنِيّ، وَطَائِفَة.
وُلد: يَوْم الأَضحَى، سَنَة تِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ.
__________
(1) في الأصل: (ثمان) وهو سبق قلم من الناسخ لا ريب.
(*) ترجم له الذهبي في تاريخ الإسلام، الورقة: 79 (أحمد
الثالث 2917 / 14)، والعبر: 4 / 237، وابن العماد في
الشذرات: 4 / 266.
(2) قال الذهبي في (المشتبه): (وبنون..وحمد بن عبد الله بن
حنة الأصبهاني المعبر..) (ص. 213).
(21/90)
وَسَمِعَ حُضُوْراً فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ
وَتِسْعِيْنَ، وَبعدهَا مِنِ ابْنِ علّوَيْه.
حَدَّثَ عَنْهُ: الحَافِظ عَبْد الغَنِيِّ، وَمُحَمَّد بن
مَكِّيّ، وَعَبْد اللهِ بن أَبِي الفَرَجِ الجُبَّائِيّ،
وَالمُهَذَّب ابْنُ زَيْنَةَ، وَأَبُو الفَضْلِ ابْنُ
سلاَمَة العَطَّار، وَمُحَمَّد بن خَلِيْل بن بَدْرٍ
الرَّارَانِيّ، وَعِدَّة.
وَبِالإِجَازَة: كَرِيْمَة، وَالحَافِظ الضِّيَاء،
وَالرَّشِيْد العِرَاقِيّ، وَغَيْرهُم.
مَاتَ: فِي يَوْم الثُّلاَثَاءِ، بَعْد فَرَاغه مِنْ
صَلاَة الصُّبْح، السَّابِع وَالعِشْرِيْنَ مِنْ رَجَب،
سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَصَلَّى
عَلَيْهِ: الحَافِظُ أَبُو مُوْسَى المَدِيْنِيُّ.
وَفِيْهَا مَاتَ: إِسْمَاعِيْل بن قَاسم الزَّيَّات
بِمِصْرَ، وَتَقيَّة الأَرمنَازِية الشَّاعِرَة، وَشَاعِر
العِرَاق مُحَمَّد بن بختيَار الأَبْلَه، وَأَبُو
العَلاَءِ مُحَمَّد بن جَعْفَرِ بنِ عَقِيْلٍ المُقْرِئ،
وَمُحْتَسِب وَاسِط أَبُو طَالِبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ
الكَتَّانِيّ، وَأَبُو المَجْدِ مَحْمُوْد بن نَصْرِ بن
الشَّعَّارِ وَالِدُ المُحَدِّث إِبْرَاهِيْم.
38 - الصَّفَّارِيُّ أَبُو المَحَامِدِ حَمَّادُ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ بنِ إِسْمَاعِيْلَ *
العَلاَّمَةُ، قَوَامُ الدِّيْنِ، أَبُو المَحَامِدِ
حَمَّادُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ
إِسْحَاقَ بنِ شِيْث الوَائِلِيُّ، البُخَارِيُّ،
الحَنَفِيُّ، ابْنُ الصَّفَّارِيِّ.
سَمِعَ مِنْ: أَبِيْهِ، وَإِسْمَاعِيْل ابْنِ
البَيْهَقِيِّ.
__________
(*) ترجم له ابن الدبيثي في تاريخه، الورقة: 38 (باريس
5922) والسمعاني في (الصفار) من الأنساب، والذهبي في تاريخ
الإسلام، الورقة: 65 (أحمد الثالث 2917 / 14)، والقرشي في
الجواهر: 1 / 224، وابن الفوطي في الملقبين بقوام الدين من
تلخيصه: 4 / الترجمة 3041.
(21/91)
رَوَى عَنْهُ: إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ
البَيْلَقِيّ (1) ، وَإِبْرَاهِيْم بن سَالاَرَ
الخُوَارِزْمِيّ، وَعُبَيْد اللهِ بن إِبْرَاهِيْمَ
المَحْبُوبِيّ، وَالحُسَيْن بن عُمَرَ التِّرْمِذِيّ
الأَدِيْب، وَبرْهَان الإِسْلاَم عُمَر بن مَازَة، وَتَاج
الإِسْلاَم مُحَمَّد بن طَاهِرٍ الخُدَابَاذِيّ،
نَبَّأَنِي بِهَذَا أَبُو العَلاَءِ الفَرَضِيّ (2) .
تُوُفِّيَ: سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ (3)
.
أَبُوْهُ:
39 - رُكْن الدِّيْنِ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ
إِسْمَاعِيْلَ الصَّفَّارِيُّ *
العَلاَّمَةُ، رُكْنُ الدِّيْنِ، أَبُو إِسْحَاقَ
إِبْرَاهِيْمُ.
سَمِعَ مِنْ: وَالِده؛ الإِمَام إِسْمَاعِيْل، وَعَلِيّ بن
عُمَرَ بنِ (4) خَنْبٍ البَزَّاز، وَعَبْد العَزِيْزِ بن
المُسْتَقِرِّ الكَرْمِيْنِيّ، وَعِدَّة.
رَوَى عَنْهُ: وَلَدُهُ؛ وَأَبُو الفَتْحِ مُحَمَّدُ بنُ
مَحْمُوْدٍ النَّسَفِيّ الأَدِيْب، وَشَيْخ الإِسْلاَم
أَحْمَد بن عُثْمَانَ العَاصِمِي البَلْخِيّ، وَبَقِيَ
إِلَى سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَأَبُوْهُ: إِسْمَاعِيْل بنُ إِسْحَاقَ الوَائِلِي: رَوَى
عَنْ عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ الشُّرُوْطِيّ، وَعَبْد
الغَافِر بن مُحَمَّدٍ الفَارِسِيِّ، وَأَبِي عَاصِمٍ
مُحَمَّد بن عَلِيٍّ
__________
(1) ويقال فيه (البيلقاني) أيضا، نسبة إلى (البيلقان)
مدينة بدربند.
(2) هو شيخ الذهبي أبو العلاء محمود بن أبي بكر الفرضي
الحنفي المتوفى سنة 700 (الذهبي: (معجم الشيوخ): 2 /
الورقة 77).
(3) وكان مولده سنة 493 وذكر ابن الدبيثي والقرشي أنه قدم
بغداد مرتين عند ذهابه إلى الحج، الأولى سنة 533 والثانية
سنة 560 وحدث بالقدمة الأخيرة بها.
(*) ترجم له السمعاني في (الصفار) من (الأنساب)، والقرشي
في (الجواهر): 1 / 35، والتميمي في (طبقاته): 1 / 213
واللكنوي في (الفوائد): 7 وغيرهم.
(4) إضافة تقتضيها صحة الاسم والنسب، وراجع (أنساب)
السمعاني: 353 ب.
(21/92)
البَلْخِيّ.
مَا ذكر لَهُ أَبُو العَلاَءِ وَفَاة.
بَقِيَ إِلَى نَحْو سَنَة خَمْسٍ وَمائَةٍ، وَحَدَّثَ
عَنْهُ وَلَدُهُ.
40 - ابْنُ صَابِرٍ عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْد الرَّحْمَنِ بن
أَحْمَدَ السُّلَمِيُّ *
الشَّيْخُ، أَبُو المَعَالِي عَبْدُ اللهِ ابْنُ
المُحَدِّثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَحْمَدَ بنِ عَلِيِّ
بنِ صَابِرٍ السُّلَمِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ، ابْنُ
سَيِّدَةَ.
وُلِدَ: سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَسَمَّعَهُ أَبُوْهُ مِنَ: الشَّرِيْف النَّسِيْب،
وَأَبِي طَاهِرٍ الحِنَّائِيّ، وَعَلِيّ ابْن
المَوَازِيْنِيِّ، وَعِدَّة.
قَالَ السَّمْعَانِيُّ (1) : أَبُو المَعَالِي شَابّ
قَدِمَ مِنْ بَغْدَادَ لِلتجَارَة، سَمِعْتُ مِنْهُ
(المُروءة) لِلضَّرَّابِ.
وَقَالَ ابْنُ صَصْرَى: بَاعَ كتب أَبِيْهِ وَعَمّه بِثمن
بخس، وَأَعرض وَسط عُمُره عَنِ الخَيْر، ثُمَّ أَقلع،
تُوُفِّيَ: فِي رَجَبٍ، سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ.
قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ: عَبْدُ الغَنِيّ الحَافِظ،
وَالشَّيْخ المُوَفَّق، وَالبَهَاء عَبْد
__________
(*) ترجم له الذهبي في تاريخ الإسلام: الورقة: 66 (أحمد
الثالث 2917 / 14)، والعبر: 4 / 229، وابن العماد في
الشذرات: 4 / 256.
وقد سقطت ترجمته من تاريخ ابن الدبيثي (نسخة باريس 5922)
وبقي مختصر ترجمته فيما اختاره الذهبي منه (المختصر
المحتاج إليه: 2 / 146).
(1) في (ذيل تاريخ بغداد)، ولم يصل إلينا، وأشار إليه ابن
الدبيثي في (تاريخه).
وقد ذكر ابن السمعاني في (الضراب) من (الأنساب) أنه سمع
كتاب (المروءة) للضراب فقال: (وأبو محمد الحسن بن إسماعيل
الضراب من أهل مصر، مكثر من الحديث صاحب جموح، قاله ابن
ماكولا، سمعت له كتاب (المروءة).
(21/93)
الرَّحْمَانِ، وَالحَافِظ الضِّيَاء،
وَعَبْد الحَقِّ بن خَلَفٍ، وَعُمَر بن المُنَجَّى،
وَسَالِم وَيَحْيَى ابْنَا عَبْد الرَّزَّاقِ،
وَآخَرُوْنَ.
وَلأَبِيْهِ فِيْهِ:
بِأَبِي كُلُّ أَزرقِ العَيْنَيْنِ ... أَبيضِ الوَجْهِ
لونُهُ كَاللُّجَيْنِ
مَا تَأَمَّلتُ حُسْنَ عَيْنَيْهِ إِلاَّ ... زَادَنِي
فَرحَةً وَقُرَّةَ عَيْنِ
سَمِعَهُمَا مِنْهُ السِّلَفِيُّ.
41 - ابْنُ أَبِي العَجَائِزِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
عَبْدِ العَزِيْزِ الأَزْدِيُّ *
الشَّيْخُ، أَبُو الفَهْمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ
العَزِيْزِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي العَجَائِزِ
الأَزْدِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ، مِنْ بَيْتِ حَدِيْثٍ
وَرِوَايَةٍ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي طَاهِرٍ الحِنَّائِيّ.
وَعَنْهُ: ابْنُ عَسَاكِرَ، وَابْنه البَهَاء، وَابْن
صَصْرَى، وَإِبْرَاهِيْم ابْن الخُشُوْعِيِّ، وَمَكِّيّ بن
عَلاَّنَ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ مُلاَزِماً لحَلْقَة الحَافِظ ابْنِ عَسَاكِرَ.
مَاتَ: فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَة سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ،
عَنْ ثَمَانِيْنَ عَاماً.
42 - تَقِيَّةُ بِنْتُ المُحَدِّثِ غَيْثِ بنِ عَلِيٍّ
الأَرْمَنَازِيِّ ثمَّ الصُّوْرِيِّ **
__________
(*) ترجم له الذهبي في تاريخ الإسلام، الورقة: 66 (أحمد
الثالث 2917 / 14)، والعبر: 4 / 229، وابن العماد في
الشذرات: 4 / 257.
(* *) ذكرها أبو طاهر السلفي في معجم السفر: 1 / 220،
وترجم لها العماد في القسم =
(21/94)
شَاعِرَةٌ، مُحْسِنَةٌ، مَشْهُوْرَةٌ.
وَهِيَ وَالِدَة المُحَدِّثِ عَلِيِّ (1) بنِ فَاضِلِ بنِ
صَمْدُوْنَ.
مَدَحَتِ: السِّلَفِيَّ، وَتَقِيّ الدِّيْنِ صَاحِبَ
حَمَاةَ.
رَوَى عَنْهَا: أَبُو القَاسِمِ بنُ رَوَاحَةَ مِنْ
شِعرهَا.
تُوُفِّيَت: سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ،
وَلَهَا سِتّ (2) وَسَبْعُوْنَ سَنَةً.
43 - أَبُو طَالِبٍ أَحْمَدُ بنُ المُسَّلَمِ بنِ رَجَاءٍ
اللَّخْمِيُّ *
الإِمَامُ، الأُصُوْلِيُّ، أَبُو طَالِبٍ أَحْمَدُ بنُ
المُسَلَّمِ بنِ رَجَاءٍ اللَّخْمِيُّ، وَيُسَمَّى
أَيْضاً: خَلِيْفَة، وَغَلَبَ عَلَيْهِ أَحْمَد.
مِنْ عُلَمَاء أَهْل الإِسْكَنْدَرِيَّة.
__________
= المصري من الخريدة: 2 / 221، وابن خلكان في وفيات
الأعيان: 1 / 297، والذهبي في تاريخ الإسلام، الورقة: 78
(أحمد الثالث 2917 / 14)، المشتبه: 116، والعبر: 4 / 237،
وابن العماد في الشذرات: 4 / 265.
وترجم لها أيضا الجمال ابن الصابوني في تكملته ترجمة حسنة
47 - 50، وذكرها الحافظ المنذري في ترجمة ابنها علي من
التكملة وقال: (وحدثنا عنها شيخنا الحافظ المقدسي وغيره،
وكان شيخنا الحافظ أبو الحسن يثني عليها كثيرا.
ووالدها أبو الفرج غيث بن علي الصوري المعروف بابن
الارمنازي كان خطيب صور وأحد الفضلاء، سمع من غير واحد،
وحدث، روى عنه شيخه أبو بكر الخطيب بيتين من شعره) .
قلنا: وتوفي والدها غيث هذا سنة 509 (العبر 4 / 18 وغيره).
(1) توفي سنة 603 وهو مشهور (الذهبي: (تاريخ الإسلام): م
18 ق 1 ص 137 تحقيق بشار).
(2) هكذا في الأصل.
وفي (العبر): (وعاشت أربعا وسبعين سنة) وهو الصواب، فقد
ذكر السلفي أنها ولدت في المحرم سنة 505 كما جاء في
(تكملة) ابن الصابوني (وتاريخ الإسلام) للذهبي و(وفيات)
ابن خلكان.
(*) ترجم له الذهبي فيمن اسمه (خليفة) من تاريخ الإسلام في
وفيات سنة 578 (الورقة: 75 أحمد الثالث 2917 / 14).
(21/95)
سَمِعَ مِنْ: أَبِي بَكْرٍ
الطُّرْطُوْشِيّ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ الخَطَّابِ
الرَّازِيّ، وَعَبْد المُعْطِي بن مُسَافِرٍ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو الحَسَنِ بنُ المُفَضَّلِ، وَالحَافِظ
عَبْد الغَنِيِّ، وَابْن رَوَاحَةَ، وَابْن روَاج،
وَالعَلَم السَّخَاوِيّ، وَأَبُو عَلِيٍّ الأَوقِيّ،
وَنَبَأُ بنُ هَجَّامٍ، وَجَعْفَر الهَمْدَانِيّ.
قَالَ ابْنُ المُفَضَّلِ (1) : فِيْهِ لين فِي مَا
يَرْوِيْهِ، إِلاَّ أَنَّا لَمْ نَسْمَع مِنْهُ إِلاَّ
مِنْ أُصُوْله، وَكَانَ عَارِفاً بِالفِقْه وَالأُصُوْل،
مَاهراً فِي علم الكَلاَم.
تُوُفِّيَ: فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، سَنَةَ ثَمَانٍ
وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
أَنْشَدَنِي (2) مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ
المُقْرِئ، أَنْشَدَنَا أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ
مُحَمَّدٍ سَنَة خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ (3) ، أَنْشَدَنَا
أَبُو طَالِبٍ بنُ مُسَلَّمٍ اللَّخْمِيّ الأُصُوْلِيّ
لِنَفْسِهِ:
أَوَمَا عَجِيْبٌ جِيْفَةٌ مَسْمُوْمَةٌ ... وَكلاَبُهَا
قَدْ غَالَهُم دَاءُ الكَلَبْ
يَتذَابحُوْنَ عَلَى اعترَاقِ عِظَامهَا ... فَالسَّيِّدُ
المرهوبُ فِيهِم مَنْ غَلَبْ
هذِي هِيَ الدُّنْيَا وَمَعْ عِلمِي بِهَا ... لَمْ
أَسْتطِعْ تركاً لَهَا يَا لِلْعَجَبْ!
__________
(1) يعني علي بن المفضل المقدسي المتوفى سنة 611 ه والآتية
ترجمته في هذا الكتاب، ولعله ذكره في كتابه (وفيات النقلة)
الذي ذيل عليه الحافظ المنذري في كتابه (التكملة لوفيات
النقلة)، وكتاب (الوفيات) لم يصل إلينا.
(2) القول والكلام هنا للذهبي، ومحمد بن عبد الكريم المقرئ
هذا شيخه، قال في (معجم شيوخه): (محمد بن عبد الكريم بن
علي بن أحمد المقرئ المعمر، نظام الدين أبو عبد الله
التبريزي ثم الدمشقي الشافعي.
ولد في حدود سنة عشر وست مئة في دولة العادل..مات في ربيع
الآخر سنة أربع وسبع مئة) (م 2 الورقة: 49 - 50 من نسخة
بشار المصورة).
(3) يعني: وست مئة.
(21/96)
44 - الرَّافِعِيُّ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ
الكَرِيْمِ بنِ الفَضْلِ القَزْوِيْنِيُّ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، مُفْتِي الشَّافِعِيَّة، أَبُو
الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ بنِ الفَضْلِ
الرَّافِعِيُّ، القَزْوِيْنِيُّ.
تَفقّه بِنَيْسَابُوْرَ عَلَى: مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى،
وَبِبَغْدَادَ عَلَى: أَبِي مَنْصُوْرٍ ابْن الرَّزَّاز،
وَبقَزْوِيْن عَلَى: ملكدَاد بنِ عَلِيٍّ، وَأَبِي عَلِيٍّ
بنِ شَافعِيّ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي البَرَكَات ابْن الفُرَاوِيّ،
وَعَبْد الخَالِقِ ابْن الشَّحَّامِيِّ، وَطَائِفَة.
وَبَرَعَ فِي المَذْهَب.
تَفقّه بِهِ: وَلده الإِمَام مصَنّف (الشَّرْح) أَبُو
الفَضَائِل مُحَمَّد (1) بن مُحَمَّدٍ، وَغَيْرهُ.
تُوُفِّيَ: فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، سَنَة ثَمَانِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ.
45 - ابْنُ المُطَّلِبِ حَسَنُ بنُ هِبَة اللهِ بنِ
مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيُّ **
المَوْلَى، الصَّاحِبُ، أَبُو المُظَفَّرِ حَسَنُ ابْنُ
الوَزِيْرِ هِبَة اللهِ بن مُحَمَّدِ بنِ
__________
(*) ترجم له ولده أبو القاسم عبد الكريم المتوفى سنة 623
ترجمة حافلة رائعة في مقدمة كتابه (التدوين في ذكر أهل
العلم بقزوين) (نسخة البلدية بالإسكندرية) والذهبي في
تاريخ الإسلام، الورقة: 83 (أحمد الثالث 2917 / 14)،
والسبكي في الطبقات الكبرى: 6 / 131، والاسنوي: 1 / 570،
وابن هداية الله: ص 80.
(1) انظر عنه (طبقات) الاسنوي: 1 / 573.
(* *) ترجم له ابن الأثير في حوادث 578 من الكامل، وابن
الديثي في تاريخه (الورقة: 20 - باريس 5922) وابن أبي الدم
الحموي في التاريخ المظفري (الورقة: 209 - نسخة =
(21/97)
عَلِيِّ بنِ المُطَّلِبِ البَغْدَادِيُّ.
صدر مُعَظَّم، ديِّن صَيِّن، مُعَمَّر.
وُلِدَ: بَعْدَ التِّسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي الحَسَنِ ابْنِ العَلاَّفِ، وَابْن
نَبْهَانَ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ، وَأَبُو
أَحْمَدَ ابْن سُكَيْنَةَ، وَالمُوَفَّق عَبْد
اللَّطِيْفِ.
طُلب لِلوزَارَة فَامْتَنَعَ، وَكَانَ ذَا أَمْوَال
كَثِيْرَة، أَنشَأَ الجَامِع الكَبِيْر بِالجَانب الغربِي،
وَمَدْرَسَة لِلشَافِعِيَّة (1) ، وَرِبَاطاً (2) ،
وَمَسْجِداً (3) ، وَوَقَفَ عِدَّة قرَى (4) ، وَكَانَ
كَثِيْرَ المُجَاوِرَة، فِيْهِ خَيْر وَعِبَادَة، يَأْتيه
الكُبَرَاء، وَلاَ يَذْهَب إِلَى أَحَد، يُلَقَّبُ: بفَخْر
الدَّوْلَةِ.
تُوُفِّيَ: فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ.
46 - ابْنُ عَبْدِ المُؤْمِنِ أَبُو يَعْقُوْبَ يُوْسُفُ
بنُ عَبْدِ المُؤْمِنِ بنِ عَلِيٍّ *
السُّلْطَانُ الكَبِيْرُ، أَبُو يَعْقُوْبَ يُوْسُفُ ابْنُ
السُّلْطَانِ عَبْدِ المُؤْمِنِ بنِ
__________
= الإسكندرية 1292 ب) وسبط ابن الجوزي في المرآة: 8 / 237،
وابن الفوطي في الملقبين بفخر الدولة من تلخيصه: 4 /
الترجمة 2063، ونقل عن تاج الدين ابن السمعاني، والذهبي في
تاريخ الإسلام (الورقة: 74 - أحمد الثالث 2917 / 14) وصاحب
العسجد المسبوك: (الورقة: 92)، وأخباره في تواريخ عصره
مشهورة.
(1) ذكر ابن الدبيثي أنها كانت بشرقي بغداد مجاورة لعقد
المصطنع.
(2) كان الرباط مصاقبا للمدرسة.
(3) وكان المسجد متصلا بذلك.
(4) وفاته أن يذكر أنه أنشأ رباطا للنساء بقراح ابن رزين
وغير ذلك من مواضع الخير.
(*) نقل الذهبي معظم هذه الترجمة من كتاب (المعجب في تلخيص
أخبار المغرب) لعبد =
(21/98)
عَلِيٍّ، صَاحِبُ المَغْرِبِ.
تَمَلَّكَ بَعْدَ أَخِيْهِ الْمَخْلُوع مُحَمَّد (1) ؛
لطيشه، وَشُرْبِه الخَمْر، فَخلع بَعْد شَهْر وَنِصْف،
وَبُوْيِع أَبُو يَعْقُوْبَ، وَكَانَ شَابّاً مَلِيحاً،
أَبيض بِحُمْرَةٍ، مُسْتدير الوَجْه، أَفْوَهَ، أَعْيَن،
تَامّ القَامَة، حُلْو الكَلاَم، فَصِيْحاً، حُلْو
المفَاكهَة، عَارِفاً بِاللُّغَةِ وَالأَخْبَار وَالفِقْه،
مُتَفَنِّناً، عَالِي الهِمَّة، سخيّاً، جَوَاداً،
مَهِيْباً شُجَاعاً، خليقاً لِلملك.
قَالَ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ عَلِيٍّ التَّمِيْمِيّ (2) :
صَحَّ عِنْدِي أَنَّهُ كَانَ يَحفظ أَحَد
(الصَّحِيْحَيْنِ)، أَظنّه البُخَارِيّ.
قَالَ: وَكَانَ سَدِيْد الملوكيَّة، بعيد الهِمَّة،
جَوَاداً، استغنَى النَّاس فِي أَيَّامِهِ، ثُمَّ إِنَّهُ
نَظَرَ فِي الطِّبّ وَالفَلْسَفَة، وَحفظ أَكْثَر كِتَاب
(الملكِي)، وَجَمَعَ كتب الفَلاَسِفَة، وَتطلبهَا مِنَ
الأقطَار، وَكَانَ يَصحبه أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ
طُفَيْلٍ الفَيْلَسُوْف، فَكَانَ لاَ يَصبِرُ عَنْهُ (3) ،
وَسَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ يَحْيَى الفَقِيْه، سَمِعْتُ
الحَكَمَ أَبَا الوَلِيْدِ بن رُشْدٍ الحَفِيْد يَقُوْلُ:
لَمَّا دَخَلتُ عَلَى أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ أَبِي
يَعْقُوْبَ، وَجَدْتُه هُوَ وَابْن طُفَيْلٍ فَقَطْ،
فَأَخَذَ ابْنُ طُفَيْلٍ يُطْرِينِي، فَكَانَ أَوّل مَا
فَاتَحنِي أَنْ قَالَ: مَا رَأْيهُم فِي السَّمَاءِ؟
أَقَدِيمَةٌ أَمْ حَادثَةٌ؟
فَخفت، وَتعلّلت، وَأَنْكَرت الفَلْسَفَة، فَفَهِم،
فَالْتَفَت إِلَى ابْنِ طُفَيْلٍ، وَذَكَرَ قَوْل
أَرِسْطُو فِيْهَا، وَأَوْرَد حجج أَهْل الإِسْلاَم،
__________
= الواحد المراكشي، وأفرد له ترجمة حافلة في (تاريخ
الإسلام) الورقة: 84 (أحمد الثالث 2917 / 14)، وأخباره
مشهورة.
(1) توفي عبد المؤمن سنة 558، وكان قد عهد في حياته لولده
محمد، وبقي محمد هذا بعد وفاة والده خمسة وأربعين يوما.
خلع بعدها في شعبان من السنة نفسها للاسباب التي ذكرها
الذهبي.
(2) (المعجب): 309.
(3) (المعجب): 311 فما بعد.
(21/99)
فَرَأَيْت مِنْهُ غَزَارَة حَفِظ لَمْ أَكن
أَظنّهَا فِي عَالِم، وَلَمْ يَزَلْ يَبسطنِي، حَتَّى
تَكلّمت، ثُمَّ أَمر لِي بخِلْعَة وَمَالٍ وَمركوبٍ (1) .
وَزر (2) لَهُ أَخُوْهُ عُمَر أَيَّاماً، ثُمَّ رفع
مَنْزِلته عَنِ الوزَارَة، وَوَلَّى إِدْرِيْس بن جَامِعٍ،
إِلَى أَنِ اسْتَأْصَلَهُ سَنَة 577، ثُمَّ وَزَرَ لَهُ
وَلدُهُ يَعْقُوْب (3) الَّذِي تَسَلْطَنَ، وَكَانَ لَهُ
مِنَ الوَلَدِ (4) سِتَّةَ عَشَرَ ابْناً.
وَفِي وَسط أَيَّامِه خَرَجَ عَلَيْهِ سَبُعُ بنُ
حَيَّانَ، وَمَزَزْدَغْ (5) فِي غُمَارَةَ (6) ،
فَحَارَبَهُمَا، وَأَسَرَهُمَا، وَدَخَلَ الأَنْدَلُس فِي
سَنَةِ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ لِلْجِهَاد، وَيُضمر
الاسْتيلاَء عَلَى باقِي الجَزِيْرَة، فَجَهَّزَ الجَيْش
إِلَى مُحَمَّدِ بنِ سَعْدِ بنِ مَرْدَنِيْش، فَالتَقَوْا
بِقُرْبِ مُرْسِيَةَ، فَانْكَسَرَ مُحَمَّد، ثُمَّ ضَايقه
الموحّدُوْنَ بِمُرْسِيَة مُدَّة، فَمَاتَ، وَأَخَذَ أَبُو
يَعْقُوْبَ بلاَده، ثُمَّ سَارَ فَنَازَلَ مَدِينَةَ
وَبْذَى (7) ، فَحَاصَرَهَا أَشْهُراً، وَكَادُوا أَنْ
يُسلموهَا مِنَ العَطشِ، ثُمَّ اسْتَسْقَوا -لَعَنَهُمُ
اللهُ- فَسُقُوا، وَامْتَلأَتْ صَهَارِيجُهُم، فَرَحَلَ،
وَهَادَنَ الفُنش (8) ، وَأَقَامَ بِإِشْبِيْلِيَةَ
سَنَتَيْنِ وَنِصْفاً (9) ، وَدَانت لَهُ الأَنْدَلُس،
ثُمَّ رَجَعَ إِلَى السُّوس
__________
(1) (المعجب): 314 - 315 وقد لخص الذهبي كلام عبد الواحد
وصاغه بأسلوبه.
(2) انظر (المعجب): 316.
(3) وبقي إلى حين وفاته سنة 580.
(4) (المعجب): 317 وفيه أن أولاده الذكور ثمانية عشر ذكرا.
(5) كذا هي بزايين، وفي (المعجب): (مرزدغ) براء ثم زاي،
وهو أخو سبع المذكور.
(6) اسم القبيلة التي ثار فيها سبع بن حيان، وقال عبد
الواحد: (والقبيلة المذكورة لا يكاد يحصرها ولا يحدها حزر
لكثرتها) (ص: 325).
(7) في (المعجب): (وبذة) وما قيدناه ورد في أصل النسخة
وعند ياقوت وابن عبد الحق.
(8) وفي (المعجب): (الاذفنش) وهو (ألفونس).
(9) في الأصل: (ونصف).
(21/100)
سَنَة 571 لِتسكن فَتنٌ وَقعت بَيْنَ
البَرْبَر، ثُمَّ سَارَ فِي سَنَةِ 75 حَتَّى أَتَى مدينَة
قَفْصَة، فَحَاصَرَهَا، وَقبض عَلَى ابْن الرَّنْدِ.
وَهَادن (1) صَاحِب صَقِلِّيَّة، عَلَى أَنْ يَحمل كُلّ
سَنَة ضرِيبَة عَلَى الفِرنْج (2) ، فَبَعَثَ إِلَى أَبِي
يَعْقُوْبَ تُحَفاً، مِنْهَا قطعَة يَاقُوْت معدومَة بِقدر
استدَارَة حَافر فرس، فَكلّلُوا المُصْحَف العُثْمَانِيّ
(3) بِهَا.
قَالَ الحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ ابْنُ الجَدِّ: كُنَّا
عِنْدَهُ، فَسَأَلنَا: كَمْ بَقِيَ النَّبِيّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَسْحُوْراً؟
فَشكَّيْنَا (4) ، فَقَالَ: بَقِيَ شَهْراً كَامِلاً،
صَحَّ ذَلِكَ (5) .
وَكَانَ فَقِيْهاً، يَتَكَلَّم فِي المَذَاهِب،
وَيَقُوْلُ: قَوْل فُلاَن صوَاب، وَدليله مِنَ الكِتَاب
وَالسّنَّة كَذَا وَكَذَا.
قَالَ عَبْدُ الوَاحِدِ (6) : لمَا تَجَهَّز لِغَزْو
الرُّوْم، أَمر العُلَمَاء أَنْ يَجْمَعُوا أَحَادِيْث فِي
الجِهَادِ تُملَى عَلَى الجُنْد، وَكَانَ هُوَ يُمْلِي
بِنَفْسِهِ، وَكِبَارُ
__________
(1) في الأصل: (وهان) ولعله سبق قلم من الناسخ، وقصة
المهادنة بينه وبين ملك
صقلية مفصلة في (المعجب) الذي نقل الذهبي منه (ص 325 فما
بعدها).
(2) كان المستولون على صقلية آنذاك هم النورمانديون.
(3) قال عبد الواحد: (وهذا المصحف الذي ذكرناه وقع إليهم
من نسخ عثمان رضي الله عنه من خزائن بني أمية، يحملونه بين
أيديهم أنى توجهوا على ناقة حمراء) (المعجب: 326).
(4) كذا وردت في الأصل.
والصحيح (فشككنا)، لانهم كما جاء في (تاريخ الإسلام) لم
يستطيعوا ضبط المدة حال السؤال.
(5) قال شعيب: الذي في (المسند) 6 / 63 من طريق إبراهيم بن
خالد، عن معمر، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة قالت: لبث
النبي صلى الله عليه وسلم ستة أشهر يرى أنه يأتي ولا يأتي،
فأتاه ملكان، فجلس أحدهما عند رأسه، والآخر عند رجليه،
فقال أحدهما للآخر: ما باله ؟ قال: مطبوب.
قال: ومن طبه ؟ قال: لبيد بن الاعصم...وإسناده على شرط
الشيخين سوى إبراهيم بن خالد - وهو الصنعاني - فإنهما لم
يخرجا له وهو ثقة، وثقه ابن معين وأحمد والدارقطني وغيرهم.
(6) (المعجب): 328.
(21/101)
الموحّدين يَكتُبُوْنَ فِي أَلوَاحهِم.
وَكَانَ يُسهِّل عَلَيْهِ بذل الأَمْوَال سعَةُ الخَرَاج،
كَانَ يَأْتيه مِنْ إِفْرِيْقِيَة فِي العَامِ مائَة
وَخَمْسُوْنَ وَقْرَ بغل.
وَاسْتنفر (1) فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَسَبْعِيْنَ أَهْل
السَّهْل وَالجبل وَالعرب، فَعبر إِلَى الأَنْدَلُسِ،
وَقصد شَنْتَرِيْنَ بِيَدِ (2) ابْن الرِّيْقِ -لَعَنَهُ
اللهُ- فَحَاصَرَهَا مُدَّة، وَجَاءَ الْبرد، فَقَالَ:
غداً نَترحّل.
فَكَانَ أَوَّل مَنْ قوّض مخيّمه عَلِيُّ ابْنُ القَاضِي
الخَطِيْب، فَلَمَّا رَآهُ النَّاس، قوّضُوا أَخبَيْتَهُم،
فَكثر ذَلِكَ، وَعبر لَيْلَتَئِذٍ العَسْكَر النَّهْر،
وَتَقدّمُوا خوف الازدحَام، وَلَمْ يَدر بِذَلِكَ أَبُو
يَعْقُوْبَ، وَعرفت الرُّوْم، فَانْتهزُوا الفرصَة،
وَبرزُوا، فَحملُوا عَلَى النَّاسِ، فَكشفَوَهِمَ،
وَوصلُوا إِلَى مخيم السُّلْطَان، فَقُتِلَ عَلَى بَابه
خلق مِنَ الأَبْطَال، وَخُلصَ إِلَى السُّلْطَانِ، فَطُعن
تَحْتَ سرّته طعنَةً مَاتَ بَعْدَ أَيَّام مِنْهَا،
وَتَدَارك النَّاس، فَهَزمُوا الرُّوْمَ إِلَى البَلَد،
وَهَرَبَ الخَطِيْب، وَدَخَلَ إِلَى صَاحِب شَنْتَرِيْن،
فَأَكْرَمَه، وَاحْتَرَمه، ثُمَّ أَخَذَ يُكَاتِب
المُسْلِمِيْنَ، وَيدلّ عَلَى عورَة العَدُوّ، فَأَحرقوهُ،
وَلَمْ يَسيرُوا بِأَبِي يَعْقُوْبَ إِلاَّ لَيْلَتَيْنِ،
وَتُوُفِّيَ، وَصُلِّي عَلَيْهِ، وَصُبِّر فِي تَابوت،
وَبُعِثَ إِلَى تينمَلّ (3) ، فَدفن مَعَ أَبِيْهِ،
وَابْنِ تُوْمَرْت.
مَاتَ: فِي سَابع رَجَب، سَنَة ثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ
مائَةٍ، وَبَايعُوا ابْنه يَعْقُوْب.
وَفِيْهَا مَاتَ: أَحْمَدُ بنُ المُبَارَكِ بنِ درّك
الضّرِير، وَصَدْر الدِّيْنِ عَبْد الرَّحِيْمِ ابْن شَيْخ
الشُّيُوْخِ إِسْمَاعِيْل بن أَبِي سَعْدٍ، وَأَبُو
الفَرَجِ مُحَمَّد بن أَحْمَدَ ابْنِ الشَّيْخ أَبِي
عَلِيٍّ بنِ نَبْهَانَ الأَدِيْب، وَشَيْخ النَّحْو أَبُو
بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ
__________
(1) (المعجب): 330.
(2) يعني: التي بيد.
(3) هكذا هي في الأصل و(المعجب) ص: 334، وفي (معجم
البلدان) و(مراصد الاطلاع): (تين ملل)، جبال بالمغرب بينها
وبين مراكش ثلاثة فراسخ.
(21/102)
أَحْمَد الخدَبّ، وَمُحَمَّد بن حَمْزَةَ
بن أَبِي الصَّقْرِ القُرَشِيّ المُعَدَّل، وَمَحْمُوْد بن
حَمَكَا الأَصْبَهَانِيّ.
47 - السَّلَمَاسِيُّ سَدِيْدُ الدِّيْنِ مُحَمَّدُ بنُ
هِبَةِ اللهِ الشَّافِعِيُّ *
العَلاَّمَةُ، ذُو الفُنُوْنِ، سَدِيْدُ الدِّيْنِ
مُحَمَّدُ بنُ هِبَةِ اللهِ السَّلَمَاسِيُّ،
الشَّافِعِيُّ، مُعِيْدُ النِّظَامِيَّةِ.
قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ (1) : هُوَ الَّذِي شَهَر طرِيقه
الشَّرِيْف بِالعِرَاقِ.
تخرّج بِهِ أَئِمَّة كَالعِمَاد وَالكَمَال ابْنَي
يُوْنُس، وَالشَّرَف مُحَمَّد بن عُلْوَانَ بن مُهَاجرٍ،
وَكَانَ مسدَّداً فِي الفَتْوَى.
مَاتَ: فِي شَعْبَان، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ، وَأَتقن عِدَّة فُنُوْن.
48 - ابْنُ الصَّائِغِ أَحْمَدُ بنُ أَبِي الوَفَاءِ
البَغْدَادِيُّ **
الإِمَامُ، المُفْتِي، أَبُو الفُتُوْحِ أَحْمَدُ بنُ
أَبِي الوَفَاءِ بنِ (2) عَبْدِ الرَّحْمَانِ بنِ عَبْدِ
الصَّمَدِ البَغْدَادِيُّ، الحَنْبَلِيُّ، ابْنُ
الصَّائِغ.
عُرف: بغُلاَم أَبِي الخَطَّابِ؛ لأَنَّه خدَمه،
وَاشْتَغَلَ عَلَيْهِ.
__________
(*) ترجم له ابن خلكان في الوفيات: 4 / 237، والذهبي في
تاريخ الإسلام: الورقة: 54 (أحمد الثالث: 2917 / 14)،
والسبكي في طبقات الشافعية: 7 / 23، والاسنوي 2 / 56 ونقل
عن ابن خلكان.
(1) (الوفيات): 4 / 237.
(* *) ترجم له ابن الدبيثي في تاريخه، الورقة: 203 (شهيد
علي)، والذهبي في تاريخ الإسلام، الورقة 64 (أحمد الثالث
2917 / 14) والمختصر المحتاج إليه، 1 / 228، والعبر، 4 /
222، وابن رجب في الذيل: 1 / 347، وابن العماد في الشذرات:
4 / 249.
(2) واسمه عبد الله كما في (الذيل) لابن رجب و(الشذرات)
لابن العماد.
(21/103)
وُلِدَ: سَنَةَ تِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ.
وَحَدَّثَ بِحَرَّانَ وَحلب عَنْ: أَبِي القَاسِمِ بنِ
بُنَان (بِجُزْءِ ابْنِ عَرَفَةَ).
حَدَّثَ عَنْهُ: يُوْسُف بن أَحْمَدَ الشِّيْرَازِيّ،
وَالحَافِظ عَبْد الغَنِيِّ، وَأَبُو القَاسِمِ بنُ
صَصْرَى، وَإِبْرَاهِيْم بن أَبِي الحَسَنِ الزَّيَّات،
وَأَخوَاهُ؛ بَرَكَات وَمُحَمَّد، وَعَلِيّ بن سَلاَمَةَ
الخَيَّاط، وَعَمَّار بن عَبْدِ المُنْعِمِ، وَالفَقِيْه
سُلَيْمَان بن أَحْمَدَ المَقْدِسِيّ، وَوَلَده عَبْد
الرَّزَّاقِ بن أَحْمَدَ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّار: دَرَّس بِحَرَّانَ، وَأَفتَى،
وَتُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعين وَخَمْس مائَة.
قُلْتُ: وَقِيْلَ سَنَةَ خَمْسٍ.
49 - الزَّيْدِيُّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ
بنِ مُحَمَّدٍ الهَاشِمِيُّ *
الإِمَامُ، القُدْوَةُ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ
أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ الهَاشِمِيُّ، العَلَوِيُّ،
الحُسَيْنِيُّ، ثُمَّ الزَّيْدِيُّ، البَغْدَادِيُّ،
الشَّافِعِيُّ، الزَّاهِدُ، الحَافِظُ.
مَوْلِده: سَنَة تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَة.
وَسَمِعَ مِنِ: ابْن الزَّاغونِي، وَابْن نَاصِر، وَنَصْر
بن نَصْرٍ العُكْبَرِيّ، وَأَبِي
__________
(1) لذا ذكره الذهبي في (تاريخ الإسلام) و(المختصر المحتاج
إليه) في وفيات 576، وذكره في (العبر) في وفيات 575.
(*) روى عنه الحافظ ابن عساكر، ومات قبله، وذكره في معجم
شيوخه.
وترجم له ابن الأثير في الكامل: 11 / 188، وابن الدبيثي في
تاريخه، الورقة: 212 (باريس 5922)، وابن النجار في تاريخه،
الورقة: 179 (ظاهرية)، وسبط ابن الجوزي في المرآة: 8 /
356، والذهبي في تاريخ الإسلام، الورقة: 57 (أحمد الثالث
2917 / 14) والمختصر المحتاج إليه، 3 / 114، والسبكي في
الطبقات الكبرى: 7 / 212، وابن تغري بردي في النجوم: 6 /
86.
(21/104)
الوَقْت، وَهَلُمَّ جَرّاً.
وَخَرَّجَ لِنَفْسِهِ أَجزَاء رَوَاهَا.
أَخَذَ عَنْهُ: العُلَيْمِيّ، وَأَبُو المَوَاهِبِ بن
صَصْرَى، وَأَقرَانُه.
قَالَ ابْنُ الدُّبَيْثِيِّ (1) : كَانَ أَحَدَ الأَعيَان
وَالزُّهَّاد وَالنسَاك، حَفِظ القُرْآن، وَالفِقْه
وَكَتَبَ الكَثِيْر، وَجَمَعَ، وَكَانَ نَبِيلاً، جَامِعاً
لصِفَات الخَيْر، سَمِعْتُ ابْنَ الأَخْضَرِ يُعظم شَأْنه،
وَيَصف زُهْده وَدينه.
وَكَانَ ثِقَةً.
وَقِيْلَ: إِنَّ الوَزِيْر عَضُد الدِّيْنِ ابْن رَئِيْس
الرُّؤَسَاء بَعَثَ إِلَيْهِ بِأَلف دِيْنَار، فَعَلِمَ
المُسْتَضِيْء، فَبَعَثَ بِأَلف أُخْرَى، فَبعثَت أُمّ
الخَلِيْفَة بَنَفْشَا بِأَلف أُخْرَى، فَمَا تَصرف
فِيْهَا، بَلْ بَنَى بِهَا مَسْجِداً، وَاشترَى كتباً
وَقفهَا، فَانتفع بِهَا النَّاس (2) .
تُوُفِّيَ الزَّيْدِيّ: فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ خَمْسٍ
وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، فِي حَيَاة أَبَوَيْهِ.
وَدُفِنَ بِدَارِهِ -رَحِمَهُ الله-.
50 - القُرَشِيُّ أَبُو المَحَاسِنِ عُمَرُ بنُ عَلِيٍّ
بنِ الخَضِرِ *
القَاضِي، أَبُو المَحَاسِنِ عُمَر بن عَلِيِّ بنِ
الخَضِرِ القُرَشِيّ،
__________
(1) (ذيل تاريخ مدينة السلام)، الورقة 212 (باريس 5922).
(2) قد مربنا أن بعض الشاميين وقف كتبه فيه.
وممن وقف كتبه فيه ياقوت الحموي وسلمها إلى الشيخ عز الدين
ابن الأثير صاحب الكامل ليحملها إلى هناك، وكان مسجده هذا
بدرب دينار (انظر التفاصيل في مقال الدكتور بشار عن (الغزو
المغولي كما صوره ياقوت الحموي) مجلة الأقلام السنة الأولى
العدد 12 ص 50 و51).
(*) ترجم له ابن الأثير في الكامل 11 / 188، وابن الدبيثي
في تاريخه، الورقة: 196 (باريس 5922) وابن النجار في
تاريخه، الورقة 113 (باريس) وابن الفوطي في تلخيصه: =
(21/105)
الزُّبَيْرِيّ، الدِّمَشْقِيّ، الحَافِظ،
عَمّ كَرِيْمَة.
قَالَ ابْنُ الدُّبَيْثِيّ (1) : فَقِيْه، حَافِظ، عَالِم،
عُنِيَ بِالحَدِيْثِ، وَسَمِعَ بِدِمَشْقَ وَحلب،
وَحرَّان، وَالمَوْصِل، وَالكُوْفَة، وَبَغْدَاد،
وَالحَرَمَيْنِ، وَرزق الفَهْمَ.
سَمِعَ: أَبَا الدُّرّ الرُّوْمِيّ، وَابْن البُنِّ،
وَأَبَا الوَقْت، وَأَبَا مُحَمَّدٍ بنَ المَادح،
وَخَلاَئِق.
وَنفذ رَسُوْلاً إِلَى الشَّامِ، وَوَلِيَ قَضَاءَ
الحرِيْم (2) .
رَوَى عَنْهُ: ابْنه؛ عَبْد اللهِ، وَابْن الحُصْرِيّ.
مَاتَ: فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ، وَلَهُ خَمْسُوْنَ سَنَةً.
51 - القُطْبُ مَسْعُوْدُ بنُ مَحْمُوْدِ بنِ مَسْعُوْدٍ
الطُّرَيْثِيْثِيُّ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، شَيْخ الشَّافِعِيَّة، قُطْب
الدِّيْنِ، أَبُو المَعَالِي
__________
= 5 / الترجمة 1483، والذهبي في تاريخ الإسلام، الورقة: 57
(أحمد الثالث 2917 / 14) والمختصر المحتاج إليه: 3 / 101،
والعبر: 4 / 224، وابن العماد في الشذرات: 4 / 254، ومقدمة
المجلد الأول من تاريخ ابن الدبيثي بتحقيق الدكتور بشار،
وكان أبو المحاسن هذا من مصادر ابن الدبيثي الرئيسة حيث
كتب معجما كبيرا لشيوخه أكثر المؤرخون النقل منه.
(1) (ذيل تاريخ مدينة السلام) الورقة: 196: (باريس 5922).
(2) ذكر ابن النجار أنه شهد عند قاضي القضاة أبي طالب روح
بن أحمد الحديثي سنة 566 فولاه القضاء بحريم دار الخلافة،
ثم القضاء بربع سوق الثلاثاء (التاريخ، الورقة 113 -
باريس).
(*) ترجم له سبط ابن الجوزي في المرآة 8 / 372، وابن خلكان
في الوفيات: 5 / 196، وابن الفوطي في الملقبين بقطب الدين
من تلخيصه: 4 / الترجمة 719، ونقل ترجمته وأخباره عن أبي
الحسن القطيعي، والذهبي في تاريخ الإسلام الورقة 77 (أحمد
الثالث 2917 / 14)، =
(21/106)
مَسْعُوْد بن مَحْمُوْد بن مَسْعُوْدٍ
الطُّرَيْثِيْثِيّ، النَّيْسَابُوْرِيّ.
وُلِدَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَتَفَقَّهَ عَلَى: أَبِيْهِ، وَمُحَمَّد بن يَحْيَى
تِلْمِيْذ الغَزَّالِيّ، وَعُمَر بن عَلِيٍّ، عُرِفَ
بسُلْطَان.
وَتَفَقَّهَ بِمَرْو عَلَى: أَبِي إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْم
بن مُحَمَّد.
وَسَمِعَ مِنْ: هِبَة اللهِ بن سَهْلٍ السَّيِّدِيّ،
وَعَبْد الجَبَّارِ الخُوَارِيّ.
وَتَأَدب عَلَى أَبِيْهِ، وَبَرَعَ، وَتَقدم، وَأَفتَى،
وَوعظ فِي أَيَّامِ مَشَايِخه، وَدرس بِنظَامِيَة
نَيْسَابُوْر نِيَابَة، وَصَارَ مِنْ فُحُوْل
المنَاظرِيْنَ، وَبلغ رُتْبَة الإِمَامَة.
وَقَدِمَ بَغْدَادَ فِي سَنَةِ 538، فَوَعَظ، وَنَاظر،
ثُمَّ سَكَنَ دِمَشْقَ، وَقَدْ رَأَى أَبَا نَصْرٍ
القُشَيْرِيّ، وَكَانَ صَاحِبَ فُنُوْن، أَقْبَلُوا
عَلَيْهِ بِدِمَشْقَ فِي أَيَّامِ أَبِي الفَتْحِ
المصِّيْصِيّ، وَدرس بِالمُجَاهِديَة، فَلَمَّا تُوُفِّيَ
أَبُو الفَتْحِ، وَلِي بَعْدَهُ تدرِيس الغزَاليَة، ثُمَّ
انْفَصل إِلَى حلب، فَولِي تدرِيس الْمَدْرَسَتَيْنِ
اللَّتين أَنشَأَهُمَا نُوْر الدِّيْنِ وَأَسَد الدِّيْنِ،
ثُمَّ سَارَ إِلَى هَمَذَان، وَدرس بِهَا مُدَّة، ثُمَّ
عَادَ إِلَى دِمَشْقَ، وَدرس بِالغزَاليَة ثَانِياً،
وَتَفَقَّهَ بِهِ الأَصْحَاب.
وَكَانَ حَسَنَ الأَخلاَق، متودداً، قَلِيْل التَّصنع.
ثُمَّ سَارَ إِلَى بَغْدَادَ رَسُوْلاً.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو المَوَاهِبِ بنُ صَصْرَى، وَأَخُوْهُ؛
الحُسَيْن، وَالتَّاج ابْن حَمَوَيْه، وَطَائِفَة.
__________
= والمختصر المحتاج إليه: 3 / 190، والعبر: 4 / 235،
والسبكي في الطبقات الكبرى: 7 / 297، والاسنوي: 2 / 172،
وابن كثير في البداية: 12 / 312، والعيني في عقد الجمان:
16 / الورقة 649، وابن تغري بردي في النجوم: 6 / 94، وابن
العماد في الشذرات، 4 / 263.
(21/107)
وَأَجَازَ لِلْحَافِظ الضِّيَاء.
قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: كَانَ أَبُوْهُ مِنْ طُرَيْثِيْثَ،
كَانَ أَديباً، يُقرِئُ الأَدب، قَدِمَ وَوعظ، وَحصل لَهُ
قبولٌ، وَكَانَ حَسَنَ النَّظَر، موَاظباً عَلَى التدرِيس،
وَقَدْ تَفَرَّد برِئَاسَة أَصْحَاب الشَّافِعِيّ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّار: قَدِمَ بَغْدَادَ رَسُوْلاً،
وَتَزَوَّجَ بَابْنَة أَبِي الفُتُوْح
الإِسْفَرَايِيْنِيّ.
أَنْشَدَنِي أَبُو الحَسَنِ القَطِيْعِيّ، أَنْشَدَنِي
أَبُو المَعَالِي مَسْعُوْد بن مُحَمَّدٍ الفَقِيْه:
يَقُوْلُوْنَ: أَسبَابُ الفرَاغِ ثَلاَثَة ... وَرَابعهَا
خَلَّوْهُ وَهُوَ خيَارُهَا
وَقَدْ ذكرُوا أَمْناً وَمَالاً وَصحةً ... وَلَمْ
يَعلمُوا أَنَّ الشَّبَابَ مدَارُهَا
قُلْتُ: كَانَ فَصِيْحاً، مُفَوَّهاً، مُفَسّراً،
فَقِيْهاً خِلاَفِيّاً، درّس أَيْضاً بِالجَارُوْخِيَّةِ
(1) ، وَقِيْلَ: إِنَّهُ وَعظ بِدِمَشْقَ، وَطلب مِنَ
الْملك نُوْر الدِّيْنِ أَنْ يَحضر مَجْلِسه، فَحضره،
فَأَخَذَ يَعظه، وَيُنَادِيه: يَا مَحْمُوْدُ، كَمَا كَانَ
يَفْعَلُ البرْهَان البَلْخِيّ شَيْخ الحَنَفِيَّة، فَأَمر
الحَاجِب، فَطَلَعَ، وَأَمره أَنْ لاَ يُنَادِيه بِاسْمه،
فَقِيْلَ فِيمَا بَعْد لِلملك، فَقَالَ: إِنَّ البرْهَان
كَانَ إِذَا قَالَ: يَا مَحْمُوْد، قَفَّ (2) شعرِي
هَيْبَة لَهُ، وَيَرق قَلْبِي، وَهَذَا إِذَا قَالَ، قسَا
قَلْبِي، وَضَاق صَدْرِي.
حَكَى هَذِهِ سِبْط ابْن الجَوْزِيّ (3) ، وَقَالَ: كَانَ
القُطْب غرِيقاً فِي بِحَار الدُّنْيَا.
__________
(1) قال شعيب: هي داخل بابي الفراديس لصيقة الاقبالية
الحنفية شمالي الجامع الأموي والظاهرية الجوانية.
قال ابن شداد: بناها جاروخ التركماني يلقب بسيف الدين.
(الدارس) 1 / 255، 232 للنعيمي.
قلت: وهي اليوم في الجادة المعروفة عند أهل دمشق بسبع
طوالع وقد درست وحولت إلى سكن.
(2) قف شعره يقف بالكسر قفوفا: قام من الفزع.
(3) (مرآة الزمان): 8 / 372.
(21/108)
قَالَ القَاسِمُ ابْنُ عَسَاكِر: مَاتَ فِي
سَلْخِ رَمَضَان، سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِ
مائَةٍ، وَدُفن يَوْم العِيْد، فِي مَقْبَرَة أَنشَأَهَا
جَوَار مَقْبَرَة الصُّوْفِيَّة غربِي دِمَشْق.
قُلْتُ: وَبَنَى مَسْجِداً، وَوَقَفَ كتبه -رَحِمَهُ
الله-.
52 - ابْنُ أَبِي الصَّقْرِ مُحَمَّدُ بنُ حَمْزَةَ بنِ
مُحَمَّدٍ القُرَشِيُّ *
المُحَدِّثُ، العَدْلُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ
حَمْزَةَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ سَلاَمَةَ بنِ
أَبِي جَمِيْلٍ القُرَشِيُّ، الشُّرُوْطِيُّ،
الدِّمَشْقِيُّ، وَيُعْرَفُ: بِابْنِ أَبِي الصَّقْرِ.
مُحَدِّثٌ، ثِقَةٌ، مُفِيْدٌ.
وُلِدَ: سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: هِبَة اللهِ ابْن الأَكْفَانِيِّ، وَعَلِيّ
بن قُبَيْس الغَسَّانِيّ، وَجَمَال الإِسْلاَمِ
السُّلَمِيّ.
وَارتحل، فَسَمِعَ مِنْ: هِبَة اللهِ ابْن الطَّبَرِيِّ،
وَقَاضِي المَارستَان.
وَسَمَّعَ وَلده مكرماً مِنْ: أَبِي يَعْلَى ابْن
الحبوبِي، وَجَمَاعَة، وَكَانَ شروطِيَّ البَلَدِ.
رَوى عَنْهُ: أَبُو المَوَاهِبِ التَّغْلِبِيّ، وَعَبْد
القَادِرِ الرُّهَاوِيّ، وَالبَهَاء عَبْد الرَّحْمَانِ،
وَأَبُو الحَسَنِ ابْنُ القَطِيْعِيِّ، وَالشَّيْخ
الضِّيَاء، وَآخَرُوْنَ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ ثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
__________
(*) ترجم له الذهبي في تاريخ الإسلام، الورقة: 83 (أحمد
الثالث 2917 / 14)، والعبر: 4 / 239، وابن العماد في
الشذرات: 4 / 268.
(21/109)
53 - أَبُو الكَرَمِ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ
الكَرِيْمِ بنِ أَبِي العَلاَءِ العَبَّاسِيُّ *
مُسْنِدُ هَمَذَان، الشَّيْخُ، أَبُو الكَرَمِ عَلِيُّ بنُ
عَبْدِ الكَرِيْمِ بنِ أَبِي العَلاَءِ العَبَّاسِيُّ،
الهَمَذَانِيُّ، العَطَّارُ.
حَدَّثَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ بِهَمَذَانَ
عَنْ: أَبِي غَالِبٍ أَحْمَد بن مُحَمَّدٍ العَدْل صَاحِب
ابْن شُبَانَةَ، وَعَنْ: فَيْد بن عَبْدِ الرَّحْمَانِ
الشّعرَانِي، وَطَائِفَة.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَلِيُّ بنُ اسفهسلار الرَّازِيّ، وَشَمْس
الدِّيْنِ أَحْمَدَ بن عَبْدِ الوَاحِدِ المَقْدِسِيّ
البُخَارِيّ، وَالحَافِظ عَبْد القَادِرِ الرُّهَاوِيّ،
وَجَمَاعَة.
وَسَمَاعَاته فِي سَنَةِ نَيِّفٍ وَخَمْسِ مائَةٍ
-رَحِمَهُ الله-.
54 - صَاحِبُ حَلَبَ المَلِكُ الصَّالِحُ إِسْمَاعِيْلُ
بنُ نُوْرِ الدِّيْنِ مَحْمُوْدٍ **
أَبُو الفُتُوْحِ إِسْمَاعِيْلُ ابْنُ صَاحِبِ الشَّامِ
نُوْرِ الدِّيْنِ مَحْمُوْدِ ابْنِ الأَتَابك.
عمل لَهُ أَبُوْهُ ختَاناً لَمْ يُسْمَعْ بِمِثْلِهِ،
وَأَطعمَ أَهْل دِمَشْقَ حَتَّى سَائِر أَهْل الغُوْطَة،
وَبَقِيَ الهنَاء أُسْبُوْعاً، وَفِي الأُسْبُوْع الآتِي
انْتقل نُوْر الدِّيْنِ إِلَى اللهِ، وَوصَّى بِمَمْلَكته
لِهَذَا، وَهُوَ ابْن إِحْدَى عشر سَنَة، فَملّكوهُ
بِدِمَشْقَ،
__________
(*) ترجم له الذهبي في (تاريخ الإسلام) في المتوفين على
التقريب بين 581 - 590 وقال: (كان بها (يعني بهمذان) سنة
خمس وثمانين وخمس مئة في قيد الحياة، فحدث عن...وسماعاته
بعد الخمس مئة) وروى بسنده عنه حديثا عن أبي أمامة (لا
يقطع الصلاة شيء) (الورقة: 171 - أحمد الثالث 2917 / 14).
(* *) أخباره في تواريخ عصره، وقد ترجم له منفردا سبط ابن
الجوزي في المرآة: 8 / 336، والذهبي في تاريخ الإسلام،
الورقة 69 (أحمد الثالث 2917 / 14) وفيه تفصيل، والعبر: 4
/ 231، وابن خلدون في العبر: 5 / 253 وغيرهم.
(21/110)
وَكَذَا حلفُوا لَهُ بِحَلَبَ، فَأَقْبَل
مِنْ مِصْرَ صَلاَح الدِّيْنِ، وَأَخَذَ مِنْهُ دِمَشْق،
فَترحّل إِلَى حلب، وَكَانَ شَابّاً، دَيِّناً، خَيّراً،
عَاقِلاً، بَدِيْع الْجمال، محبَّباً إِلَى الرَّعِيَّةِ
وَإِلَى الأُمَرَاءِ، فَنمت فِتْنَةٌ، وَجَرَتْ بِحَلَبَ
بَيْنَ السّنَّة وَالرَّافِضَّة، فَسَارَ السُّلْطَان
صَلاَح الدِّيْنِ، وَحَاصَرَ حلب مُدَيْدَة، ثُمَّ ترحّل،
ثُمَّ حَاصرهَا، فَصَالَحُوْهُ، وَبذلُوا لَهُ المَعَرَّة
وَغَيْرهَا، ثُمَّ نَازل حلب ثَالِثاً، فَبذل أَهْلهَا
الْجهد فِي نُصْرَة الصَّالِح، فَلَمَّا ضَجر السُّلْطَان،
صَالِحهُم، وَترحّل، وَأَخْرَجُوا إِلَيْهِ بِنْت نُوْر
الدِّيْنِ، فَوَهَبهَا عَزَازَ (1) ، وَكَانَ تدبِير
مَمْلَكَة حلب إِلَى أُمّ الصَّالِح وَإِلَى شَاذبخت
الخَادِم وَابْن القَيْسَرَانِيّ.
تعلّل الْملك الصَّالِح بِقَوْلنج خَمْسَةَ عَشَرَ
يَوْماً، وَتُوُفِّيَ فِي رَجَبٍ، سَنَةَ سَبْعٍ
وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَتَأَسفُوا عَلَيْهِ.
قيل: عَرَضَ عَلَيْهِ طبِيْبه خمراً لِلتدَاوِي، فَأَبَى،
وَقَالَ: قَدْ قَالَ نَبِيُّنَا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-: (إِنَّ اللهَ لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَ أُمَّتِي
فِيْمَا حَرَّمَ عَلَيْهَا (2))، وَلَعَلِّي أَمُوْتُ
وَهُوَ فِي جوفِي.
__________
(1) بليدة بالقرب من حلب.
(2) قال شعيب: أخرجه البخاري تعليقا 10 / 68 في الطب: باب
شراب الحلواء والعسل بلفظ: (إن الله لم يجعل شفاءكم فيما
حرم عليكم).
قال الحافظ: رويت الاثر المذكور في فوائد علي بن حرب
الطائي، عن سفيان بن عيينة، عن منصور، عن أبي وائل قال:
اشتكى رجل منا يقال له: خثيم بن العداء داء في بطنه يقال
له الصفر، فنعت له السكر وهو الخمر فأرسل إلى ابن مسعود
يسأله، فذكره وأخرجه ابن أبي شيبة عن جرير عن منصور، وسنده
صحيح على شرط الشيخين، وأخرجه أحمد في كتاب (الاشربة) رقم
(130)، والطبراني في (الكبير) من طريق أبي وائل نحوه،
وأخرج مسلم (1984)، وأبو داود (3873)، والترمذي (2046) من
حديث طارق بن سويد الجعفي أنه سأل النبي صلى الله عليه
وسلم عن الخمر، فنهاه، أو كره أن يصنعها، فقال: إنما
اصنعها للدواء.
فقال: (إنه ليس بدواء، ولكنه داء) وأخرج أحمد في (المسند)
4 / 311، وابن ماجه (3500) من حديث طارق بن سويد أيضا قال:
قلت: يا رسول الله، إن بأرضنا أعنابا نعتصرها، فنشرب منها.
قال: (لا) فراجعته، قلت: (إنا نستشفي للمريض).
قال: (إن ذلك ليس بشفاء ولكنه داء).
(21/111)
عَاشَ: عِشْرِيْنَ سَنَةً، سِوَى أَشهُرٍ
(1) .
55 - صَاحِبُ أَذْرَبِيْجَانَ الأَتَابِكُ شَمْسُ
الدِّيْنِ إِلْدُكُزُ *
صَاحِبُ أَذْرَبِيْجَان وَهَمَذَانَ.
كَانَ مِنْ غلمَان الوَزِيْر السُّمَيْرَمِيّ، فَصَارَ
بَعْد قَتله لِلسُّلْطَانِ مَسْعُوْد، فَأَمّره، ثُمَّ
وَلاَّهُ مَسْعُوْد مَمْلَكَة أَرَّانِيَّة، ثُمَّ
تَمَكَّنَ، وَعظم شَأْنه، وَاسْتَوْلَى عَلَى إِقْلِيْم
أَذْرَبِيْجَان، وَعَلَى الرَّيّ، وَهَمَذَان،
وَأَصْبَهَان، وَكَانَ يُخطَب مَعَهُ لابْنِ زَوجته
السُّلْطَان أَرْسَلاَن بن طُغْرل، وَبلغ عدد جَيْش
إِلْدُكُز خَمْسِيْنَ أَلْفاً، وَكَانَ جَيِّد السّيرَة،
حَازِماً، فَارِساً، شُجَاعاً.
مَاتَ: سَنَةَ سَبْعِيْنَ.
وَقِيْلَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ،
وَقَدْ شَاخَ.
ابْنه السُّلْطَان شَمْس الدِّيْنِ بَهْلَوَان (2) بن
إِلْدُكُز صَاحِب أَذْرَبِيْجَان وَعرَاق الْعَجم.
تَمَلَّكَ بَعْدَ أَبِيْهِ، وَعظم سُلْطَانه، وَاتَّسَعت
دُنْيَاهُ إِلَى أَنْ مَاتَ فِي سَنَةِ
__________
(1) في (العبر): (وكان له تسع عشرة سنة)، وفي (تاريخ
الإسلام): (وله قريب من ثماني عشرة سنة).
وقال في (العبر) أيضا (وأوصى بحلب لابن عمه عز الدين مسعود
بن مودود فجاء وتملكها).
(*) أخباره في المنتظم لابن الجوزي والمرآة لسبطه وكامل
ابن الأثير، وترجم له الذهبي ترجمة حسنة في وفيات سنة 568
من تاريخ الإسلام الورقة 18 (أحمد الثالث 2917 / 14)،
وكذلك في العبر: 4 / 203، وذكره ابن خلكان في آخر ترجمة عز
الدين مسعود صاحب الموصل، وذكر أنه توفي في أواخر شهر ربيع
الآخر سنة 570، وتصحف فيه (إلدكز) إلى (الذكر).
وقيد محقق الجزء الرابع من العبر إلدكز بسكون اللام وفتح
الدال المهملة وكسر الكاف بالقلم.
(2) واسمه محمد كما في (العبر) وغيره وأخباره مع أخبار
أبيه وترجم له الذهبي في وفيات 581 من (تاريخ الإسلام)،
وذكر أنه مات في آخر العام (الورقة: 91 أحمد الثالث 2917 /
14) وذكر مثل ذلك في (العبر): 4 / 242، وله ذكر في (وفيات
الأعيان) لابن خلكان وقال: إنه توفي في سلخ ذي الحجة سنة
581 أيضا، وسيأتي ذكره منفردا في هذا الكتاب أيضا.
(21/112)
إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ كَانَ لَهُ خَمْسَة آلاَف مَمْلُوْك،
وَمِنَ الْخَيل وَالعُدَدِ مَا لاَ يُعبَّر عَنْهُ.
تَمَلَّكَ بَعْدَهُ أَخُوْهُ لأُمِّهِ قَزل.
وَقِيْلَ: مَاتَ فِي أَوَّلِ سَنَة اثْنَتَيْنِ
وَثَمَانِيْنَ.
وَكَانَ قَدْ أَقَامَ فِي اسْم السّلطنَة طُغْرل بن
أَرْسَلاَن آخِر المُلُوْك السُّلْجُوْقِيَّة وَالتصرفَات
لِلبهلوانِ، ثُمَّ بَعْدَهُ تَمَكَّنَ طُغْرل، وَتحَارب
هُوَ وَقزل بن إِلْدُكُز، إِلَى أَنْ قُتِل قزل فِي
شَعْبَان، سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
56 - الكَمَالُ الأَنْبَارِيُّ عَبْدُ الرَّحْمَانِ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ *
الإِمَامُ، القُدْوَةُ، شَيْخُ النَّحْو، كَمَالُ
الدِّيْنِ، أَبُو البَرَكَاتِ عَبْدُ الرَّحْمَانِ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ الأَنْبَارِيُّ، نَزِيْلُ
بَغْدَادَ.
تَفقّه بِالنّظَامِيَّةِ عَلَى أَبِي مَنْصُوْرٍ
الرَّزَّاز، وَغَيْرهِ، وَبَرَعَ فِي مَذْهَب
الشَّافِعِيّ، وَقرَأَ الخلاَف، وَأَعَاد
بِالنّظَامِيَّةِ، وَوعظ، ثُمَّ إِنَّهُ تَأَدب بِابْنِ
الجَوَالِيْقِيّ، وَأَبِي السَّعَادَاتِ ابْن الشَّجَرِيّ،
وَشرح عِدَّة دَوَاوِيْن، وَتَصدَّر،
__________
(*) ترجم له ابن الأثير في الكامل: 11 / 194، وابن الدبيثي
في تاريخه، الورقة: 125 (باريس 5922)، والقفطي في إنباه
الرواة: 2 / 171، وسبط ابن الجوزي في المرآة: 8 / 368،
وابن خلكان في الوفيات: 3 / 139، والذهبي في تاريخ
الإسلام، الورقة: 70 (أحمد الثالث 2917 / 14)، والعبر: 4 /
231، والمختصر المحتاج إليه: 2 / 209، وابن شاكر في
الفوات: 2 / 292، والسبكي في الطبقات الكبرى: 7 / 155،
والاسنوي: 1 / 20، وابن كثير في البداية 12 / 310، والعيني
في عقد الجمان: 16 / الورقة 641، والسيوطي في البغية 2 /
86، وابن العماد في الشذرات: 4 / 258 ومقدمة أستاذنا
الدكتور إبراهيم السامرائي لكتابه نزهة الالباء.
وذكره ابن الفوطي في الملقبين بكمال الدين من تلخيصه 5 /
الترجمة 395.
(21/113)
وَأَخَذَ عَنْهُ أَئِمَّة، وَسَمِعَ
بِالأَنْبَار مِنْ: أَبِيْهِ، وَخَلِيْفَة بن مَحْفُوْظ،
وَبِبَغْدَادَ مِنْ: أَبِي مَنْصُوْرٍ بن خَيْرُوْنَ،
وَعَبْد الوَهَّابِ الأَنْمَاطِيّ، وَالقَاضِي أَبِي
بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ القَاسِمِ الشَّهْرُزُوْرِيّ،
وَعِدَّة.
رَوَى كتباً مِنَ الأَدبيَّات.
قَالَ ابْنُ النَّجَّار: رَوَى لَنَا عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ
المُبَارَك بن المُبَارَكِ النَّحْوِيّ، وَابْن
الدُّبَيْثِيّ، وَعَبْد اللهِ بن أَحْمَدَ الخَبَّاز.
قَالَ: وَكَانَ إِمَاماً كَبِيْراً فِي النَّحْوِ، ثِقَة،
عَفِيْفاً، منَاظراً، غزِيْر العِلْم، وَرِعاً، زَاهِداً،
عَابِداً، تَقِيّاً، لاَ يَقبل مِنْ أَحَد شَيْئاً،
وَكَانَ خشن الْعَيْش، جشب (1) المَأكل وَالملبس، لَمْ
يَتلبّس مِنَ الدُّنْيَا بِشَيْءٍ، مَضَى عَلَى أَسدِّ (2)
طرِيقَة.
وَلَهُ كِتَاب (هدَايَة الذَّاهب، فِي مَعْرِفَةِ
المَذَاهِب)، كِتَاب (بدَايَة الهدَايَة)، كِتَاب (فِي
أُصُوْل الدِّيْنِ)، كِتَاب (النُّوْر اللاَمح، فِي
اعْتِقَاد السَّلَف الصَّالِح)، كِتَاب (مَنْثُوْر
الْعُقُود، فِي تَجرِيْد الحُدُوْد)، كِتَاب (التَّنْقِيح
فِي الخلاَف)، كِتَاب (الْجمل فِي علم الجَدَل)، كِتَاب
(أَلْفَاظ تَدور بَيْنَ النُّظَار)، كِتَاب (الإِنصَاف فِي
الخلاَف بَيْنَ البَصْرِيّين وَالكُوْفِيِّيْنَ)، كِتَاب
(أَسرَار العَرَبِيَّة)، كِتَاب (عُقُود الإِعرَاب)،
كِتَاب (مِفْتَاح المذاكرَة)، كِتَاب (كلاَ وَكلتَا)،
كِتَاب (لَوْ وَمَا)، كِتَاب (كَيْفَ)، كِتَاب (الأَلف
وَاللاَّم)، كِتَاب (فِي يَعفُوْنَ)، كِتَاب (حليَة
العَرَبِيَّة)، كِتَاب (لمع الأَدلَة)، كِتَاب (الوجِيْز
فِي التَّصرِيف)، كِتَاب (إِعرَاب القُرْآن)، كِتَاب
(دِيْوَان اللُّغَة)، (شرح المَقَامَات)، (شرح دِيْوَان
المتنبِي)، (شرح الحمَاسَة)، (شرح السَّبْع)، كِتَاب
(نَزهَة الأَلِبَّاء فِي طَبَقَات الأُدَبَاء)، كِتَاب
(تَارِيخ الأَنْبَار)، كِتَاب فِي (التَّصُوّف)، كِتَاب
فِي (التعبِير).
سرد لَهُ ابْن النَّجَّار أَسْمَاء
__________
(1) المأكل الجشب: الغليظ البشع والسيئ المأكل.
(2) من السداد، أي أصلح طريقة.
(21/114)
تَصَانِيْف جَمَّة.
وَقَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ،
أَخْبَرَنَا الكَمَال، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ
الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا عَلِيّ ابْن البُسْرِيِّ...،
فَذَكَرَ حَدِيْثاً، وَعلاَهُ، وَلَهُ شعر حسن.
مَوْلِدُهُ: فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ ثَلاَثَ
عَشْرَةَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَمَاتَ: فِي تَاسع شَعْبَان، سَنَة سَبْعٍ وَسَبْعِيْنَ،
عَنْ بِضْع وَسِتِّيْنَ سَنَةً.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ: الصَّالِح إِسْمَاعِيْل بن نُوْر
الدِّيْنِ صَاحِب حلب، وَأَبُو الفَتْحِ عُمَر بن عَلِيِّ
بنِ مُحَمَّدٍ حَمُّوَيْه الجُوَيْنِيّ بِدِمَشْقَ،
وَأَبُو طَاهِرٍ هَاشِم بن أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الوَاحِدِ
خطيب حلب، وَهِبَة اللهِ بن أَبِي الكَرَمِ بن الجَلَخْت
الوَاسِطِيّ عَنْ نَيِّف وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
قَالَ المُوَفَّق عَبْد اللَّطِيْفِ: الكَمَال شَيْخنَا،
لَمْ أَرَ فِي العُبَّاد المُنْقَطِعين أَقوَى مِنْهُ فِي
طرِيقه، وَلاَ أَصدق مِنْهُ فِي أُسلوبه، جدّ مَحْض، لاَ
يَعترِيه تَصَنُّع، وَلاَ يَعرف الشرُوْر، وَلاَ أحوَال
العَالم، كَانَ لَهُ دَار يَسكنهَا، وَحَانُوْت وَدَار
يَتقوَّت بِأُجرتهِمَا، سيّر لَهُ المُسْتَضِيْء خَمْس
مائَة دِيْنَارٍ فَرَدَّهَا، وَكَانَ لاَ يُوْقِدْ
عَلَيْهِ ضوءاً، وَتَحْته حصِيْر قصب، وَثَوْبَا (1)
قُطْن، وَلَهُ مائَة وَثَلاَثُوْنَ مُصَنّفاً -رَحِمَهُ
الله تَعَالَى-.
57 - الكَتَّانِيُّ أَبُو طَالِبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ
بنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ *
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ، العَالِمُ، الصَّالِحُ، الخَيِّرُ،
المُعَمَّرُ، مُحْتَسِبُ وَاسِطَ،
__________
(1) في الأصل: (وثوبين) لعلها سبق قلم.
(*) ترجم له ابن الدبيثي في تاريخه، الورقة 84 (شهيد علي)،
والذهبي في المختصر =
(21/115)
أَبُو طَالِبٍ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي
الأَزْهَرِ عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
عَلِيِّ بنِ يُوْسُفَ الوَاسِطِيُّ، الكَتَّانِيُّ،
المُعَدَّلُ.
كَانَ عَلَى حسبَة وَاسِط هُوَ وَأَبُوْهُ.
مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ.
سَمِعَ مِنْ (1) : مُحَمَّد بن عَلِيِّ بنِ أَبِي
الصَّقْرِ الشَّاعِر، وَأَبِي نُعَيْمٍ الجُمارِيّ،
وَأَبِي نُعَيْمٍ بن زَبْزَبٍ، وَهِبَة اللهِ ابْن
السَّقَطِيّ، وَطَائِفَة.
وَسَمِعَ بِبَغْدَادَ مِنْ: أَبِي الحَسَنِ عَلِيِّ بنِ
مُحَمَّدٍ العَلاَّف، وَأَبِي القَاسِمِ بنِ بَيَانٍ،
وَنُوْر الهُدَى، وَتَفَرَّد بِإِجَازَة: أَبِي طَاهِرٍ
أَحْمَد بن الحَسَنِ البَاقِلاَّنِيّ، وَأَبِي مَنْصُوْرٍ
عَبْد المُحْسِنِ الشِّيْحِيّ (2) ، وَأَبِي الحَسَنِ بنِ
أَيُّوْبَ البَزَّاز.
ذَكَرهُم لَهُ ابْنُ الدُّبَيْثِيّ، وَقَالَ: كَانَ
ثِقَةً، صَحِيْح السَّمَاع، متخشّعاً، يَرْجِع إِلَى دين
وَصلاَح، رَحل النَّاس إِلَيْهِ، وَتُوُفِّيَ بِوَاسِط،
فِي ثَانِي المُحَرَّم، سَنَة تِسْعٍ وَسَبْعِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ.
قُلْتُ: حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو المَوَاهِبِ بنُ صَصْرَى،
وَيُوْسُف الشِّيْرَازِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ الحَازِمِيّ،
وَعَبْد القَادِرِ الرُّهَاوِيُّ، وَأَبُو الفُتُوْحِ
المَنْدَائِيّ وَابْنه، وَأَبُو طَالِبٍ بنُ عَبْدِ
السَّمِيْعِ، وَالمُرَجَّى بن الشُّقَيْر، وَأَبُو عَبْدِ
اللهِ الدُّبَيْثِيّ، وَقَالَ: نِعْمَ الشَّيْخ كَانَ،
سَمِعْتُ مِنْهُ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ
بِقِرَاءتِي.
__________
= المحتاج إليه: 1 / 94، وتاريخ الإسلام، الورقة: 80 (أحمد
الثالث)، والعبر: 4 / 238، وابن العماد في الشذرات: 4 /
267.
(1) إضافة من عندنا يقتضيها السياق.
(2) منسوب إلى (شيحة) قرية بحلب، وتوفي عبد المحسن سنة 478
كما في (أنساب) السمعاني و(لباب) ابن الأثير.
(21/116)
58 - ابْنُ شَاتِيْلَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ
عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ، المُسْنِدُ، المُعَمَّرُ، أَبُو
الفَتْحِ عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ
بنِ نَجَا بنِ شَاتِيْلَ البَغْدَادِيُّ، الدَّبَّاسُ.
سَمِعَ: أَبَاهُ، وَالحُسَيْنَ بنَ عَلِيّ ابْنِ
البُسْرِيِّ، وَأَبَا غَالِب البَاقِلاَّنِيّ، وَأَبَا
الحَسَنِ ابْن العَلاَّفِ، وَأَبَا القَاسِمِ الرَّبَعِيّ،
وَأَبَا سَعْد بن خُشَيْش، وَأَحْمَد بن المُظَفَّر بن
سُوْسن، وَأَبَا عَلِيٍّ بنَ نَبْهَانَ، وَأَبَا
الغَنَائِم النَّرْسِيّ، وَعِدَّة.
وَعُمِّرَ دَهْراً، وَتَفَرَّد، وَرحلُوا إِلَيْهِ (1) .
وَقَدْ وَجِدَ سَمَاعه بِخَطِّ أَبِي بَكْرٍ بنِ كَامِلٍ
عَلَى حَدِيْث الإِفك لِلآجُرِّيّ مِنْ أَبِي الخَطَّابِ
ابْن البَطِرِ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ، وَحَدَّثَ بِهِ.
فَإِمَّا تَارِيخ السَّمَاع خطَأ، وَإِمَّا أَنَّهُ مَا
سَمِعَهُ، وَهُوَ أَرْجَح، أَوْ لَعَلَّ الاسْم لأَخ لَهُ
باسمه مَاتَ قَدِيْماً.
قَالَ ابْنُ النَّجَّار (2) : أَكْثَر أَهْل الحَدِيْث
أَبطلُوا سَمَاعه مِنِ ابْن البَطِرِ، فَإِنَّهُ ذكر أَنّ
مَوْلِدَهُ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ.
وَقَالَ بَعْضُهُم: بَلْ وُلِدَ سَنَةَ تِسْعٍ
وَثَمَانِيْنَ.
انتهَى إِلَيْهِ عُلُوّ الإِسْنَادِ.
__________
(*) ترجم له ابن الدبيثي في تاريخه، الورقة: 116 (باريس
5922)، وابن النجار في التاريخ المجدد، الورقة: 93
(ظاهرية)، والذهبي في تاريخ الإسلام، الورقة 95 (أحمد
الثالث 2917 / 14)، والعبر: 4 / 244 وابن العماد في
الشذرات: 4 / 272 وتصحف فيه (شاتيل) إلى (شابيل).
(1) قال ابن الدبيثي: (فحدث نحوا من خمسين سنة).
(2) (التاريخ المجدد)، الورقة: 93 (ظاهرية).
(21/117)
حَدَّثَ عَنْهُ: السَّمْعَانِيّ، وَابْن
الأَخْضَرِ، وَالشَّيْخ المُوَفَّق، وَالبَهَاء عَبْد
الرَّحْمَانِ، وَمُحَمَّد ابْن الحَافِظِ عَبْد الغَنِيِّ،
وَسَالِم بن صَصْرَى، وَمُحَمَّد بن أَبِي بَكْرٍ
الحَمامِيّ، وَمُحَمَّد بن عَلِيِّ ابْنِ السَّبَّاكِ،
وَفضل الله الجِيْلِيّ، وَخَلْق.
وَآخِرُ مَنْ رَوَى عَنْهُ بِالإِجَازَةِ ابْن عَبْدِ
الدَّائِمِ.
قَالَ أَبُو الحَسَنِ ابْنُ القَطِيْعِيِّ: قَالَ لِي:
وُلِدْت فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ 491، وَمَاتَ فِي
رَجَبٍ، سَنَة إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
قُلْتُ: مَنْ يَقُوْلُ: إِنِّيْ وُلِدت فِي ذِي الحِجَّةِ
سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ (1) ، كَيْفَ يُتصَوَّر أَنْ
يَسْمَع فِي تِلْكَ السَّنَةِ؟ وَقَدْ قرَأَ هَذَا الجُزْء
عَلَيْهِ المُبَارَك بن كَامِلٍ فِيمَا شَاهِدته بِخَطِّهِ
فِي سَنَةِ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ (2) .
وَنَقَلْتُ مَنْ خطّ أَبِي مُحَمَّدٍ بنِ الخَشَّابِ
النَّحْوِيّ أَنَّهُ قرَأَه عَلَى أَبِي الفَتْحِ فِي
سَنَةِ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ.
وَنَقَلْتُ مَنْ خطّ عَبْد العَزِيْزِ بن دُلَف أَنَّهُ
قرَأَه عَلَيْهِ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ إِحْدَى
عَام مَوْته، فَسَمِعَهُ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ بقَاء
ابْن السبَاك، وَقرَأَه التَّوزرِي عَلَى ابْنِ عَبْد
الدَّائِمِ إِجَازَة.
59 - ابْنُ حُبَيْشٍ عَبْدُ الرَّحْمَانِ بنُ مُحَمَّدٍ
الأَنْصَارِيُّ *
القَاضِي، الإِمَامُ، العَالِمُ، الحَافِظُ، الثَّبْتُ،
أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَانِ
__________
(1) إضافة للتوضيح حسب.
(2) ومات المبارك بن كامل الخفاف سنة 543 كما هو معروف عند
أهل العلم بالتراجم.
(*) ترجم له الزكي المنذري في التكملة 1 / الترجمة 35،
وابن الابار في تكملته 3 / الورقة: 11 ترجمة حافلة رائقة،
وابن الصابوني في التكملة: 111، والذهبي في تاريخ الإسلام،
الورقة 116 (باريس، 158)، والعبر: 4 / 252، وتذكرة الحفاظ:
4 / 1353، ولم يذكره في (حبيش) من المشتبه: 270، وترجم له
أيضا الجزري في غاية النهاية 1 / 378، وابن قاضي شهبة في
طبقات النحاة، الورقة: 181، وابن تغري بردي في النجوم: 6 /
108، والسيوطي في البغية: 2 / 85، وابن العماد في الشذرات:
4 / 280.
(21/118)
بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ
يُوْسُفَ الأَنْصَارِيُّ، الأَنْدَلُسِيُّ، المَرِيِّيُّ،
نَزِيْلُ مُرْسِيَة، ابْن حُبَيْشٍ.
وَحُبَيْشٌ: هُوَ خَاله، فَيُنسب إِلَيْهِ.
وُلِدَ: بِالمَرِيَّةِ (1) ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِ
مائَةٍ.
تَلاَ بِالرِّوَايَات عَلَى: أَحْمَدَ بن عَبْدِ
الرَّحْمَانِ القَصَبِيّ، وَابْن أَبِي رَجَاءٍ
البَلَوِيّ، وَطَائِفَة.
وَتَفَقَّهَ: بِأَبِي القَاسِمِ بنِ وَرد، وَأَبِي
الحَسَنِ بنِ نَافِعٍ.
وَسَمِعَ مِنْ خلق، مِنْهُم: أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ
وَضَّاح، وَعَبْد الحَقِّ بن غَالِبٍ، وَعَلِيّ بن
إِبْرَاهِيْمَ الأَنْصَارِيُّ، وَأَبُو (2) الحَسَنِ بنُ
مُوْهَب.
وَلقِي بقُرْطُبَة (3) : يُوْنُس بن مُغِيْث، وَجَعْفَر بن
مُحَمَّدِ بنِ مَكِّيّ، وَقَاضِي الجَمَاعَة مُحَمَّد بن
أَصْبَغَ، وَالقَاضِي أَبَا بَكْرٍ ابْنَ العربِي،
وَعِدَّة.
رَوَى عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الطَّرَسُوْسِيّ،
وَأَبُو سُلَيْمَانَ بنُ حَوْطِ الله، وَمُحَمَّد بن
وَهْبٍ، وَمُحَمَّد بن إِبْرَاهِيْمَ بنِ صلتَان، وَعَلِيّ
بن أَبِي العَافِيَة، وَنذِير بن وَهْبٍ، وَالحَافِظ عَبْد
اللهِ بن الحَسَنِ ابْنِ القُرْطُبِيّ، وَأَبُو الخَطَّابِ
بن دِحْيَة، وَعَلِيّ بن الشَّرِيْك، وَمُحَمَّد بن
مُحَمَّدِ بنِ أَبِي السّداد، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ، وَقُصِد
مِنَ البِلاَد.
وَأَخَذَ الأَدب عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ أَبِي زَيْدٍ
النَّحْوِيّ، وَبَرَعَ فِي العَرَبِيَّة.
__________
(1) المرية: بفتح الميم ثم كسر الراء وتشديد الياء آخر
الحروف، مدينة كبيرة من أعمال البيرة في الأندلس كما ذكر
ياقوت وغيره.
وقال ابن الابار: وأصله من شارقة عمل بلنسية وجده عبد الله
هو المنتقل منها إلى المرية. (التكملة 3 / الورقة 11).
(2) في الأصل (وأبي)، ولعله من سبق القلم.
(3) كانت رحلته إلى قرطبة في وسط سنة 530 كما ذكر ابن
الابار في (تكملته): 3 / الورقة 12.
(21/119)
وَلَمَّا تَغَلَّبَت الرُّوْم عَلَى
المَرِيَّة سَنَة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ
مائَةٍ، خَرَجَ إِلَى مُرْسِيَة، ثُمَّ سَكَنَ جَزِيْرَة
شُقْر (1) ، فَولِي القَضَاء وَالخطَابَة بِهَا.
وَكَانَ فِي خُلُقِه ضيق، وَكَانَ مِنْ فُرْسَان الحَدِيْث
بِالأَنْدَلُسِ، بارعاً فِي لغَته، لَمْ يَكُنْ أَحَد
يُجَارِيه فِي مَعْرِفَةِ الرِّجَال، وَلَهُ خطب حِسَان،
وَتَصَانِيف (2) ، وَسعَة علم كَثِيْر جِدّاً.
تُوُفِّيَ: فِي صَفَرٍ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ بنُ الزُّبَيْرِ: هُوَ أَعْلَم أَهْل
طَبَقَته بصنَاعَة الحَدِيْث، وَأَبرعهُم فِي ذَلِكَ، مَعَ
مشَاركته فِي علُوْم، وَكَانَ مِنَ العُلَمَاءِ
العَامِلين، أَمعن النَّاس فِي الأَخْذ عَنْهُ.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ عيَاد (3) : كَانَ
عَالِماً بِالقُرْآنِ، إِمَاماً فِي علم الحَدِيْث،
وَاقفاً عَلَى رِجَاله، لَمْ يَكُنْ بِالأَنْدَلُسِ مَنْ
يُجَارِيه فِيْهِ، أَقرّ لَهُ بِذَلِكَ أَهْل عصره، مَعَ
تَقَدُّمِهِ فِي اللُّغَة وَالأَدب، وَاستقلاَله بِغَيْرِ
ذَلِكَ مِنْ جَمِيْع الفُنُوْن.
قَالَ: وَكَانَ لَهُ حظّ مِنَ البلاغَة وَالبيَان،
صَارِماً فِي أَحكَامه، جزلاً فِي أَموره، تَصَدَّرَ
لِلإِقْرَاءِ وَالتسمِيْع وَالعَرَبِيَّة، وَكَانَتِ
الرّحلَة إِلَيْهِ فِي زَمَانِهِ، وَطَالَ عُمُرُهُ،
وَلَهُ كِتَاب (المَغَازِي) فِي خَمْس مُجَلَّدَاتٍ، حمله
عَنْهُ النَّاس.
__________
(1) هكذا هي في أصل النسخة، نعني بضم الشين المعجمة، وفي
معجم البلدان لياقوت ومراصد البغدادي: (شقر) بفتح الشين،
ولعله الاصوب.
(2) ذكرها ابن الابار في (التكملة): 3 / الورقة 12 وقال:
(ولم يؤلف في الحديث على كثرة مطالعته وتقييده غير مجموع
في الألقاب صغير كتبته عن ابن سالم عنه).
(3) نقل الذهبي كلام ابن عياد هذا من (تكملة) ابن الابار:
الورقة 12 وتصرف به على عادته.
(21/120)
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الأَبَّارُ (1) :
مَاتَ بِمُرْسِيَة، فِي رَابِعَ عَشَر صفر، سَنَةَ
أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَلَهُ
ثَمَانُوْنَ سَنَةً، وَكَادَ النَّاس أَنْ يهلكُوا مِنَ
الزحمَة عَلَى نَعشه.
قُلْتُ: حمل عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ اللَّخْمِيّ
الدَّانِيّ أَيْضاً، وَمُحَمَّد بن أَحْمَدَ بنِ حبُّوْنَ
المِصْرِيّ، وَعَبْد اللهِ بن الحَسَنِ المَالقِي، وَأَبُو
الخَطَّابِ بن دِحْيَة، وَأَخُوْهُ، وَالعَلاَّمَة أَبُو
عَلِيٍّ الشَّلوبِيْن، وَخَلْق.
فَقَالَ أَبُو الرَّبِيْعِ الكَلاَعِيّ فِي (شُيُوْخه):
القَاضِي، العَلاَّمَة، ابْنُ حُبَيْشٍ، آخر أَئِمَّة
المُحَدِّثِيْنَ بِالمَغْرِبِ، وَالمُسَلَّمُ لَهُ فِي
حِفْظِ أَغربَة الحَدِيْث وَلِسَان الْعَرَب مَعَ متَانَة
الدِّيْنِ (2) ، لَقِيْتُهُ بِمُرْسِيَة، وَأَخَذت عَنْهُ
مُعْظَم مَا عِنْدَهُ، وَقَرَأْت عَلَيْهِ (صَحِيْح
البُخَارِيِّ)، وَسَمِعَهُ مِنِ ابْن مُغِيْث سَنَة (3)
530.
قَالَ (4) : سَمِعته عَلَى أَبِي عُمَرَ ابْن الحَذَّاء،
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَسَد سَنَة
395، حَدَّثَنَا ابْن السَّكن سَنَة 343، حَدَّثَنَا
الفَرَبْرِيّ، عَنِ البُخَارِي ِّ-وَقَرَأْت عَلَيْهِ
مصَنّف النَّسَائِيّ بِسَمَاعه مِنِ ابْن مُغِيْث- قَالَ:
قرَأْته عَلَى مَوْلَى ابْنِ الطَّلاَّعِ، وَأَخْبَرَنَا
بِهِ ابْن الحَذَّاء، حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ
أَسَد، أَخْبَرَنَا حَمْزَة الكِنَانِيّ، حَدَّثَنَا
النَّسَائِيّ.
__________
(1) (التكملة) 3 / الورقة 12 ونقل ابن الابار خبر وفاته
وازدحام الناس في جنازته عن ابن سالم وغيره.
(2) إن هذه المقالة عن علمه ومعرفته بأغربة الحديث قالها
ابن الابار في التكملة أيضا، قال: (وكان آخر أئمة المحدثين
بالمغرب، والمسلم له في حفظ أغربة الحديث ولغات العرب
وتواريخها ورجالها وأيامها) 3 / الورقة 12.
(3) في الأصل (53) والصحيح ما أثبتناه، وابن مغيث هو أبو
الحسن يونس بن محمد بن مغيث القرطبي المتوفى سنة 532
(العبر: 4 / 90، والشذرات: 4 / 101) وقد ذكر المنذري أن
ابن مغيث هو أسند شيوخ ابن حبيش (التكملة) 1 / 123).
(4) يعني ابن مغيث.
(21/121)
60 - ابْنُ عَوْفٍ إِسْمَاعِيْلُ بنُ
مَكِّيِّ بنِ إِسْمَاعِيْلَ الزُّهْرِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، صَدْرُ الإِسْلاَمِ، شَيْخُ
المَالِكِيَّة، إِسْمَاعِيْلُ بنُ مَكِّيِّ بنِ
إِسْمَاعِيْلَ بنِ عِيْسَى بنِ عَوْفِ بنِ يَعْقُوْبَ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى بنِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ حُمَيْد
ابْن صَاحِبِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- القُرَشِيُّ، الزُّهْرِيُّ، العَوْفِيُّ،
الإِسْكَنْدَرِيُّ، المَالِكِيُّ، مِنْ ذُرِّيَّة عَبْد
الرَّحْمَانِ بن عَوْف -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-.
وُلِدَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَتَفَقَّهَ عَلَى: الأُسْتَاذ أَبِي بَكْرٍ
الطُّرْطُوْشِيّ، وَبَرَعَ، وَفَاق الأَقرَان، وَتَخَرَّجَ
بِهِ الأَصْحَاب، وَرَوَى عَنِ الطُّرْطُوْشِيّ
(المُوَطَّأ)، وَعَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ الرَّازِيّ.
كتب عَنْهُ: الحَافِظ السِّلَفِيّ -وَهُوَ مِنْ
شُيُوْخِهِ- وَالحَافِظون: عَبْد الغَنِيِّ، وَابْن
المُفَضَّلِ، وَعَبْد القَادِرِ، وَالسُّلْطَان صَلاَح
الدِّيْنِ (1) ، وَأَوْلاَد ابْنه عَبْد الوَهَّابِ،
وَهُم: الحَسَن، وَعبْد اللهِ، وَعَبْد العَزِيْزِ،
وَحَدَّثَ بِـ (المُوَطَّأ) مَرَّات.
تُوُفِّيَ: فِي الخَامِس وَالعِشْرِيْنَ مِنْ شَعْبَان،
سَنَة إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ،
بِالإِسْكَنْدَرِيَّة، وَلَهُ سِتٌّ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً
-رَحِمَهُ الله-.
قَالَ ابْنُ الجُمَّيْزِيّ (2) فِي (مَشْيَخته): هُوَ
إِمَام عصره، وَفرِيْد دَهْره فِي
__________
(*) ترجم له الذهبي في تاريخ الإسلام، الورقة: 80 (أحمد
الثالث 2917 / 14)، والعبر: 4 / 242، وابن فرحون في
الديباج: 95، وابن العماد في الشذرات: 4 / 268. وله ذكر في
تذكرة الحفاظ: 4 / 1336.
(1) سمع منه (الموطأ).
(2) هو العلامة بهاء الدين أبو الحسن علي بن هبة الله بن
سلامة بن المسلم اللخمي =
(21/122)
الفِقْه، وَعَلَيْهِ مدَار الفَتْوَى، مَعَ
الوَرَع، وَالزّهَّادَة، وَكَثْرَة العِبَادَة.
61 - أَبُو المَحَاسِنِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الخَالِقِ
بنِ أَبِي شُكْرٍ الأَصْبَهَانِيُّ *
سَمِعَ (المُجْتبَى) كُلّه لِلنسَائِي مِنْ عَبْدِ
الرَّحْمَانِ بن حَمْدٍ الدُّوْنِيّ، بقِرَاءة عَبْد
الجَلِيْل كوتَاه (1) سَنَة 499
وَسَمِعَ (الحِلْيَة)، وَ(المُسْتخرج عَلَى
الصَّحِيْحَيْنِ)، وَ(تَارِيخ أَصْبَهَان (2)) مِنْ أَبِي
عَلِيٍّ الحَدَّاد.
وَسَمِعَ (المُعْجَم الكَبِيْر (3)) مِنَ المُجَسَّدِ (4)
بنِ مُحَمَّدٍ الإِسكَاف: أَخْبَرْنَا ابْنُ فَاذشَاه (5)
، أَخْبَرَنَا الطَّبَرَانِيُّ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
__________
= المصري الشافعي المقرئ الخطيب المتوفى سنة 649 والذي
سيأتي ذكره. وعن تقييد الجميزي راجع (مشتبه) الذهبي: 176.
(*) ترجم له الذهبي في (تاريخ الإسلام)، الورقة: 105 (أحمد
الثالث 2917 / 14) وقال: ورخ موته أبو رشيد الغزال.
(1) كوتاه، لقب لعبد الجليل بن محمد الأصبهاني هذا، ومعناه
بالفارسية: القصير، وتوفي عبد الجليل سنة 553 (الحاجي:
الوفيات، الترجمة: 156، وابن الجوزي في (المنتظم): 10 /
182، والذهبي: (العبر): 4 / 153).
وقد سمعه حضورا لأنه ولد سنة 497 كما ذكر المؤلف في (تاريخ
الإسلام).
(2) الكتب الثلاثة للحافظ أبي نعيم الأصبهاني المتوفى سنة
430.
(3) لأبي القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب اللخمي الطبراني
المتوفى سنة 360.
(4) هكذا قرأناه، وهو غير معجم وكذا في (تاريخ الإسلام)
أيضا، ولم نعرفه فيما وقفنا عليه من مصادر متوفرة، وقيدناه
هكذا بعد تحري المعنى المقارب، قال صاحب القاموس: (وثوب
مجسد ومجسد: مصبوغ بالزعفران).
(5) أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسين الأصبهاني المتوفى
سنة 433 وكان من أعظم رواة (المعجم الكبير) للطبراني عنه
(الذهبي: (تاريخ الإسلام)، 331 (أيا صوفيا 306)، و(العبر):
3 / 178).
(21/123)
62 - التُّرْكُ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ
بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ الأَصْبَهَانِيُّ *
الشَّيْخُ الصَّالِحُ، المُعَمَّرُ، مُسْنِدُ عَصْرِهِ،
أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ أَبِي مَنْصُوْرٍ أَحْمَدَ
بنِ مُحَمَّدِ بنِ يَنَالَ الأَصْبَهَانِيُّ، الصُّوْفِيُّ
شَيْخُ الطَّائِفَة.
سَمِعَ: أَبَا مُطِيع مُحَمَّد بن عَبْدِ الوَاحِدِ
المِصْرِيّ، وَعَبْد الرَّحْمَانِ بن حَمْدٍ الدُّوْنِيّ،
وَبِبَغْدَادَ: أَبَا عَلِيٍّ بنَ نَبْهَانَ، وَأَبَا
طَاهِرٍ اليُوْسُفِيّ.
وَانتقَى عَلَيْهِ الحَافِظُ أَبُو مُوْسَى المَدِيْنِيُّ،
وَانتهَى إِلَيْهِ عُلُوّ الإِسْنَادِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الحَافِظ ابْن عَسَاكِرَ، وَالحَافِظُ
أَبُو بَكْرٍ الحَازِمِيّ، وَأَبُو المَجْدِ
القَزْوِيْنِيّ، وَعِدَّة.
وَقَدْ رَوَى عَنْهُ: أَبُو المُنَجَّى ابْنُ اللَّتِّيِّ،
وَالرَّشِيْد العِرَاقِيّ، وَغَيْرهُمَا بِالإِجَازَةِ.
وَهُوَ خَاتِمَة مَنْ رَوَى عَنْ: أَبِي مُطِيْعٍ،
وَالدُّوْنِيِّ.
مَاتَ: فِي شَعْبَان، سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ (1) ، وَلَهُ نَيِّفٌ وَتِسْعُوْنَ
سَنَةً.
__________
(*) ترجم له ابن الدبيثي في تاريخه، الورقة: 160 (باريس
5921)، والمنذري في التكملة: 1 / الترجمة 127، والذهبي في
تاريخ الإسلام، الورقة 20 (باريس 1582)، والمختصر المحتاج
إليه: 1 / 172، ودول الإسلام: 2 / 72، والعبر: 4 / 255،
والمشتبه: 672، والعيني في عقد الجمان: 17 / الورقة 78،
وابن تغري بردي في النجوم: 6 / 110، وابن حجر في الألقاب:
الورقة: 9، والسخاوي في الألقاب: الورقة: 13، وابن العماد
في الشذرات: 4 / 283.
وترجم له مؤرخ العراق ابن الفوطي مرتين في تلخيصه: الأولى
في الملقبين بفخر الدين (4 / الترجمة: 1922)، والثانية في
الملقبين بمحيي الدين (5 / الترجمة 733) ولم يشر في ترجمته
الثانية إلى لقبه الأول. ووالده أبو منصور أحمد توفي سنة
536.
(1) شذ عن ذلك الحافظان ابن الدبيثي والزكي المنذري، فذكرا
وفاته سنة 586 (تاريخ ابن الدبيثي، الورقة: 160 (باريس
5921)، و(التكملة) للمنذري: 1 / الترجمة 127) =
(21/124)
وَفِيْهَا مَاتَ: أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَد
بن حَمْزَةَ بن أَبِي الحَسَنِ ابْنِ المَوَازِيْنِيّ
الدِّمَشْقِيّ، وَالفَقِيْهُ أَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ
عَبْدِ الرَّحْمَانِ بن مُحَمَّدِ بنِ مَنْصُوْرٍ الحضرِيّ
بِالثَّغْرِ (1) ، وَقَاضِي القُضَاةِ أَبُو سَعْدٍ عَبْد
اللهِ بن مُحَمَّدِ بنِ أَبِي عَصْرُوْنَ التَّمِيْمِيّ،
وَعَبْد المَجِيْدِ بن الحُسَيْنِ بنِ دُلَيل
الإِسْكَنْدَرَانِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ خَلَفِ
بنِ صَاف الإِشْبِيْلِيّ، وَشَيْخ الشَّافِعِيَّة أَبُو
طَالِبٍ المُبَارَك ابْن المُبَارَكِ تِلْمِيْذ ابْن
الخَلِّ، وَأَبُو المَعَالِي مُنْجِبُ بن عَبْدِ اللهِ
المرشدِيّ رَاوِي (الصَّحِيْح)، وَالحَافِظ يُوْسُف بن
أَحْمَدَ الشِّيْرَازِيّ ثُمَّ البَغْدَادِيّ.
63 - ابْنُ أَبِي عَصْرُوْنَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ
التَّمِيْمِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، الفَقِيْهُ
البَارِعُ، المُقْرِئُ الأَوْحَدُ، شَيْخُ الشَّافِعِيَّة،
قَاضِي القُضَاةِ، شَرَفُ الدِّيْنِ، عَالِمُ أَهْلِ
الشَّامِ، أَبُو سَعْدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
هِبَة اللهِ بنِ المُطَهِّرِ بنِ عَلِيِّ بنِ أَبِي
عَصْرُوْنَ بنِ أَبِي السَّرِيِّ
__________
= ولكن المنذري قال في نهاية ترجمته: (وقيل كانت وفاته في
يوم الأربعاء السابع من شعبان سنة خمس وثمانين وخمس مئة).
(1) يعني بالإسكندرية.
(*) ترجم له العماد الأصبهاني في القسم الشامي من الخريدة:
2 / 351، وابن الأثير في الكامل: 12 / 18، وابن الدبيثي في
تاريخه: الورقة 102 (باريس 5922)، وابن الصلاح في طبقاته،
الورقة: 54، والنواوي في الطبقات: الورقة 59، وابن خلكان
في الوفيات: 3 / 53، والمنذري في التكملة: 1 / الترجمة 82،
والعماد في القسم الشامي من الخريدة: 2 / 351، والذهبي في
تاريخ الإسلام، الورقة 22 (باريس 5922)، والعبر: 4 / 256،
ودول الإسلام: 2 / 72، والمختصر المحتاج إليه: 2 / 158 -
160، والاعلام، الورقة 211، ومعرفة القراء، الورقة 173،
والدمياطي في المستفاد، الورقة: 45، والصفدي في نكت
الهميان: 185، وابن كثير في البداية: 12 / 334، والسبكي في
الطبقات: 7 / 132، وابن الملقن في العقد، الورقة: 70،
والجزري في غاية النهاية: 1 / 455، والمقريزي في السلوك: 1
/ 1 / 103، وابن تغري بردي في النجوم: 6 / 110، والنعيمي
في القضاة الشافعية: 49، وابن هداية الله في الطبقات: 80،
وابن العماد في الشذرات: 4 / 283 وغيرها.
(21/125)
التَّمِيْمِيُّ، الحَدِيْثِيُّ الأَصْل،
المَوْصِلِيُّ، الشَّافِعِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ.
وَتَفَقَّهَ عَلَى: المُرْتَضَى الشَّهْرُزُوْرِيّ وَالِد
القَاضِي كَمَال الدِّيْنِ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ
الحُسَيْن بن خَمِيْس المَوْصِلِيّ، وَتلقن عَلَى:
المُسَلَّمِ السَّرُوْجِيِّ.
وَتَلاَ بِالسَّبْع عَلَى: أَبِي عَبْدِ اللهِ الحُسَيْن
بن مُحَمَّدٍ البَارِع، وَبِالعَشْر عَلَى: أَبِي بَكْرٍ
المَرْزُوْقِي، وَدعوَان بن عَلِيٍّ، وَسِبْط الخَيَّاط
(1) .
وَتَفَقَّهَ بِوَاسِط مُدَّة عَلَى: القَاضِي أَبِي
عَلِيٍّ الفَارِقِيّ، وَتَلاَ بِالرِّوَايَات عَلَى: أَبِي
العِزِّ القَلاَنسِيّ، قَالَهُ ابْنُ النَّجَّارِ (2) .
وَعلّق بِبَغْدَادَ عَنْ: أَسْعَد المِيْهَنِيّ، وَأَخَذَ
الأُصُوْل عَنْ: أَبِي الفَتْحِ أَحْمَد بن بَرْهَان (3) ،
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي القَاسِمِ بنِ الحُصَيْنِ، وَأَبِي
البَرَكَات ابْن البُخَارِيّ، وَإِسْمَاعِيْل بن أَبِي
صَالِحٍ، وَفِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَخَمْسِ مائَةٍ مِنْ:
أَبِي الحَسَنِ بنِ طَوْقٍ، وَحصّل عِلْماً جَمّاً.
وَرجع إِلَى بَلَده، فَدرّس بِالمَوْصِل، فِي سَنَةِ
ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، ثُمَّ سَكَنَ
سِنْجَار مُدَّة، وَقَدِمَ حلب سَنَة خَمْسٍ
وَأَرْبَعِيْنَ فَدرّس بِهَا، وَأَقْبَلَ عَلَيْهِ
صَاحِبهَا نُوْر الدِّيْنِ مَحْمُوْد بن زَنْكِي، ثُمَّ
قَدِمَ مَعَهُ دِمَشْق إِذْ تَملّكهَا، وَدرّس
بِالغزَالية، وَوَلِيَ نَظَرَ الأَوقَاف، ثُمَّ رَجَعَ
إِلَى حلب، ثُمَّ وَلِي
__________
(1) أبو محمد عبد الله بن علي.
(2) راجع ما انتقاه الحسامي الدمياطي من (تاريخ) ابن
النجار وسماه: (المستفاد)، الورقة: 45.
(3) بفتح الباء الموحدة، وتوفي ابن برهان هذا سنة 530 كما
في (المنتظم) لابن الجوزي: 10 / 64 (وكامل) ابن الأثير: 11
/ 19، وسبط ابن الجوزي: 8 / 160، و(عقد الجمان) للبدر
العيني: 16 / الورقة 89.
(21/126)
قَضَاء حرَّان وَسِنْجَار وَديَار
رَبِيْعَة، وَتَفَقَّهَ عَلَيْهِ أَئِمَّة، ثُمَّ عَادَ
إِلَى دِمَشْقَ سَنَة سَبْعِيْنَ، ثُمَّ وَلِي قَضَاءهَا
سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسَبْعِيْنَ، وَصَنَّفَ التَّصَانِيْفَ،
وَأَقرَأَ القِرَاءات وَالفِقْه، وَاشْتُهِرَ ذِكْرُهُ،
وَعظم قدره.
أَلّف كِتَاب (صفوَة المَذْهَب فِي (1) نِهَايَة الْمطلب)
وَهُوَ سَبْع مُجَلَّدَاتٍ، وَكِتَاب (الانْتِصَار) فِي
أَرْبَع مُجَلَّدَاتٍ، وَكِتَاب (الْمُرشد) فِي
مُجَلَّدين، وَكِتَاب (الذّرِيعَة، فِي مَعْرِفَةِ
الشّرِيعَة)، وَكِتَاب (التَّيْسِيْر فِي الخلاَف)
أَرْبَعَة أَجزَاء، وَكِتَاب (مَآخِذ (2) النَّظَر)،
وَكِتَاب (الفَرَائِض)، وَكِتَاب (الإِرشَاد) فِي نُصْرَة
المَذْهَب، وَمَا كَمُلَ (3) .
وَبَنَى لَهُ نُوْر الدِّيْنِ مدَارس بِحَلَبَ وَحَمَاة
وَحِمْص وَبَعْلَبَكَّ، وَبَنَى لِنَفْسِهِ مَدْرَسَة
بِحَلَبَ، وَمَدْرَسَة بِدِمَشْقَ، وَقَبْره بِهَا.
مِنْ تآلِيفه: كِتَاب (التَّنْبِيه فِي مَعْرِفَةِ
الأَحكَام)، وَكِتَاب (فَوَائِد المُهَذَّب) مُجَلَّدَان،
وَصَنَّفَ جُزْءاً فِي صِحَّة قَضَاء الأَعْمَى لَمَّا
أَضر، وَهُوَ خِلاَف المَذْهَب (4) ، وَفِي ذَلِكَ وَجه
قوِيّ.
وَلَمَّا وَلِيَ قَضَاءَ دِمَشْق، نَاب عَنْهُ: القَاضِي
مُحْيِي الدِّيْنِ مُحَمَّد ابْنُ الزَّكِيِّ، وَأَوْحَد
الدِّيْنِ دَاوُد، وَكُتِبَ لَهُمَا تَقليد مِنَ
السُّلْطَان صَلاَح الدِّيْنِ بِالنِيَابَة، وَلَمَّا
فَقَد بَصَره، قلّد السُّلْطَان القَضَاء وَلده مُحْيِي
الدِّيْنِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعزل الوَالِد، وَاسْتقلَّ
مُحْيِي الدِّيْنِ ابْنُه إِلَى سَنَةِ سَبْعٍ
وَثَمَانِيْنَ، ثُمَّ صُرف بِمُحْيِي الدِّيْنِ ابْن
الزَّكِيّ.
__________
(1) في (طبقات السبكي الكبرى): (على)، وفي (طبقاته
الوسطى): (من).
(2) في (طبقات السبكي): مأخذ.
(3) قال التاج السبكي: (وذهب فيما نهب له بحلب) (الطبقات:
7 / 134).
(4) يعني: المذهب الشافعي.
(21/127)
حَدَّثَ عَنْ أَبِي سَعْدٍ جَمَاعَة،
مِنْهُم: الشَّيْخ مُوَفَّق الدِّيْنِ ابْن قُدَامَةَ،
وَأَبُو القَاسِمِ بنُ صَصْرَى، وَالقَاضِي أَبُو نَصْرٍ
بنُ الشِّيْرَازِيِّ، وَعَبْد اللَّطِيْفِ بن سِيَّمَا،
وَمَحْمُوْد بن (1) عَلِيِّ بنِ قَرقِين (2) ، وَصدّيق بن
رَمَضَان، وَالعِمَاد أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللهِ بنُ
النَّحَّاسِ، وَالإِمَام بَهَاء الدِّيْنِ ابْن
الجُمَّيْزِيّ.
وَلأَبِي سَعْدٍ نَظم جَيِّد، مِنْهُ (3) :
أَمُسْتَخْبِرِي عَنْ حَنِينِي إِلَيْهِ ... وَعَنْ
زَفَرَاتِي وَفرْطِ اشتيَاقِي
لَكَ الخَيْرُ إِنَّ بِقَلْبِي إِلَيْك ... ظَماً لاَ
يُرَوِّيْهِ إِلاَّ (4) التَّلاَقِي
وَلَهُ (5) :
يَا سَائِلِي كَيْفَ حَالِي بَعْد فُرْقَته ... حَاشَاكَ
مِمَّا بِقَلْبِي مِنْ تَنَائِيكَا
__________
(1) في الأصل وتاريخ الإسلام: (وعلي بن قرقين) ولا يستقيم
النص به، فإن الذي روى عن ابن أبي عصرون هو محمود بن علي
بن قرقين، لذلك أضفنا اسمه الأول، قال زكي الدين عبد
العظيم المنذري في وفيات سنة 632 من التكملة: (وفي شوال
توفي الأمير الاجل أبو الثناء محمود بن علي بن قرقين
بمدينة بصرى.
سمع من الامام أبي سعد عبد الله بن محمد بن أبي عصرون
الشافعي وغيره، وحدث) (التكملة: 6 / الترجمة 2615)، وقال
الذهبي في وفيات سنة 632 من تاريخ الإسلام الذي بخطه:
(محمود بن علي بن محمود بن قرقين، الأمير الفاضل شمس الدين
أبو الثناء الجندي المقرئ.
ولد بدمشق سنة أربع وستين وخمس مئة وسمع من أبي سعد بن أبي
عصرون..وكانت وفاته في شوال بمدينة بصرى) (الورقة 131 من
نسخة الدكتور بشار المصورة عن أيا صوفيا 3012)، وانظر:
العبر: 5 / 143، والشذرات: 5 / 158.
(2) تحرف على أستاذنا العلامة الدكتور مصطفى جواد إلى
(قرقير) كما في المختصر
المحتاج إليه: 2 / 160 بسبب اعتماده شذرات ابن العماد: 5 /
158.
قال الزكي المنذري: (وقرقين: بفتح القاف وسكون الراء
المهملة وبعدها قاف مكسورة وياء آخر الحروف ساكنة ونون)
(التكملة 6 / الترجمة 2615) وضبطه الذهبي كذلك بقلمه في
تاريخ الإسلام الذي بخطه (انظر الهامش السابق).
(3) راجع القسم الشامي من (الخريدة): 2 / 356.
(4) في (الخريدة): غير.
(5) (الخريدة): 2 / 356 وغيرها.
(21/128)
قَدْ أَقسَمَ الدَّمعُ لاَ يَجفو
الجُفُوْنَ أَسَىً ... وَالنومُ لاَ زَارهَا حَتَّى
أُلاَقيكَا
وَقَرَأْت بِخَطِّ الشَّيْخ المُوَفَّق، قَالَ: سَمِعْنَا
درْسَه مَعَ أَخِي أَبِي عُمَرَ، وَانقطعنَا، فَسَمِعْتُ
أَخِي يَقُوْلُ:
دَخَلت عَلَيْهِ بَعْد، فَقَالَ: لِمَ انْقَطَعتم عَنِّي؟
قُلْتُ: إِنَّ نَاساً يَقُوْلُوْنَ: إِنَّك أَشعرِيّ.
فَقَالَ: وَاللهِ مَا أَنَا أَشعرِيّ.
هَذَا مَعْنَى الحِكَايَة (1) .
وَتَلاَ عَلَيْهِ بِالعَشْرِ ابْن الجُمَّيْزِيّ.
تُوُفِّيَ: فِي حَادِي عَشَر رَمَضَان، سَنَةَ خَمْسٍ
وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
64 - الصَّائِغُ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ
عَبْدِ الوَهَّابِ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، المُفِيْدُ، الحَافِظُ،
المُسْنِدُ، أَبُو سَعْدٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ
بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ حُسَيْن الأَصْبَهَانِيُّ،
الصَّائِغُ.
وُلِدَ: سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ
__________
(1) نقل التاج ابن السبكي هذه الحكاية عن شيخه الذهبي،
وقال معقبا: (وأخشى أن تكون الحكاية موضوعة، للقطع بأن ابن
أبي عصرون أشعري العقيدة، وغلبة الظن بأن أبا عمر لا يجترئ
أن يذكر هذا القول، ولا أحد يتجرأ في ذلك الزمان على إنكار
مذهب الأشعري، لأنه
جادة الطريق، ولا أظن أن ابن أبي عصرون يفتخر إذ ذاك بهما
ويعاتبهما على الانقطاع، وليس في الحكاية من قوله: (فسمعت
أخي) ما يقرب عندي صحته، غير أنهما انقطعا عنه لكونه
مخالفا لهما في العقيدة، والله يعلم سبب الانقطاع.
وكان الموفق وأبو عمر من أهل العلم والدين، لا ننكر ذلك
ولا ندفعه، وإنما ننكر وندفع من شيخنا تعرضه كل وقت لذكر
العقائد، وفتحه لابواب مقفلة، وكلامه فيما لا يدريه، وكان
السكوت عن مثل هذا خيرا له في قبره وآخرته) (الطبقات: 7 /
134).
قلنا: وهذا نقد ركيك من السبكي وهو جزء من كلامه في حق
شيخه الذهبي الذي علمه وحفظه وجعل منه عالما، وما كان له
أن يتجاوز مثل هذا التجاوز، سامحه الله.
(*) ترجم له الذهبي في تاريخ الإسلام، الورقة: 97 (أحمد
الثالث 2917 / 14)، والعبر: 4 / 246، وابن العماد في
الشذرات: 4 / 273.
(21/129)
وَسَمِعَ مِنْ: غَانِم البُرْجِيّ، وَأَبِي
عَلِيٍّ الحَدَّادِ، وَحَمْزَة بن العَبَّاسِ العَلَوِيّ،
وَجَعْفَر بن عَبْدِ الوَاحِدِ الثَّقَفِيّ، وَصَاعِد بن
سَيَّار الدّهَّان، وَيَحيِي بن مَنْدَةَ، وَأَبِي
عَدْنَانَ مُحَمَّد بن أَبِي نزَار، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ
الوَاحِدِ الدَّقَّاق، وَإِسْمَاعِيْل الحَافِظ، وَخَلْق.
وَبِهَمَذَانَ مِنْ: أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي
عَلِيٍّ الحَافِظ، وَطَبَقَته.
وَبَشِيْرَاز مِنْ: أَبِي مَنْصُوْرٍ عَبْد الرَّحِيْمِ بن
مُحَمَّدٍ الخَطِيْب، وَهِبَة اللهِ بن الحَسَنِ.
وَبِالأَهْوَاز مِنْ: عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ الحُسَيْنِ.
وَكَتَبَ، وَجَمَعَ، وَأَملَى، وَكَانَ ثِقَةً، عَالِماً.
رَوَى عَنْهُ: السَّمْعَانِيّ، وَعَبْد الغَنِيِّ
المَقْدِسِيّ، وَأَبُو نزَار رَبِيْعَة اليَمَنِيّ،
وَجَمَاعَة.
وَبِالإِجَازَة: كَرِيْمَة، وَطَائِفَة.
مَاتَ: فِي الثَّانِي وَالعِشْرِيْنَ مِنْ ذِي القَعْدَةِ،
سَنَة إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ: الشَّيْخ حَيَاة بِحَرَّانَ،
وَبَهْلَوَان بن الأَتَابك صَاحِب الْعَجم، وَكَاتِب السرّ
أَبُو اليُسْرِ شَاكِر بن عَبْدِ اللهِ التَّنُوْخِيّ،
وَالحَافِظ عَبْد الحَقِّ، وَالإِمَامُ أَبُو القَاسِمِ
السُّهَيْلِيّ، وَعَبْد الرَّحْمَانِ بن مُحَمَّدٍ
السِّبْيِيّ (1) الجيَّار بِمِصْرَ، وَالشَّيْخ عَبْد
الرَّزَّاقِ بن نَصْرٍ النَّجَّار، وَأَبُو الفَتْحِ بنُ
شَاتيل، وَأَبُو الجُيُوْش عَسَاكِر بن عَلِيٍّ المُقْرِئ،
وَالمُفَضَّل بن الحُسَيْنِ الحِمْيَرِيّ البَانْيَاسِيّ،
وَصَاحِب حِمْص مُحَمَّد بن أَسَد الدِّيْنِ، وَالحَافِظُ
أَبُو مُوْسَى المَدِيْنِيُّ، وَأَبُو الفَتْحِ مَحْمُوْد
بن أَحْمَدَ ابْنُ الصَّابُوْنِيِّ.
__________
(1) بكسر السين المهملة وسكون الباء الموحدة وياء آخر
الحروف، منسوب إلى سبية قرية من قرى الرملة ((أنساب)
السمعاني و(لباب) ابن الأثير و(مشتبه) الذهبي: 347).
(21/130)
65 - الحَلاَوِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ
مُحَمَّدُ بنُ المُبَارَكِ بنِ الحُسَيْنِ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، المُقْرِئُ، المُعَمَّرُ، أَبُو
عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي السُّعُوْدِ المُبَارَكِ
بنِ الحُسَيْنِ بنِ طَالِبٍ الحَرْبِيُّ، الحَلاَوِيُّ.
شيخٌ، مُعَمَّر، عَتِيْق، هَرِم، ظهر لَهُ (1) بَعْد
مَوْته السَّمَاع مِنْ جَعْفَرِ بنِ أَحْمَدَ السَّرَّاج
فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَفِي
سَنَةِ سِتٍّ وخَمْسِ مائَةٍ مِنْ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ
الأَنْبَارِيّ.
وَظهر لَهُ قَبْل مَوْته بِأَرْبَعِيْنَ لَيْلَةً إِجَازَة
أَبِي الفَضْلِ مُحَمَّد بن عَبْدِ السَّلاَمِ، وَالحَسَن
بن مُحَمَّدٍ التِّكَكِيّ، وَأَبِي الحُسَيْنِ
الطُّيُوْرِيّ، وَطَائِفَة.
فَأَكبّ عَلَيْهِ طلبَة الحَدِيْث يَقْرَؤُونَ عَلَيْهِ
بِالإِجَازَةِ، وَازْدَحَمُوا عَلَيْهِ.
وَقَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: سَمِعَ مِنْ أَبِيْهِ،
وَالقَاضِي أَبِي الحُسَيْنِ مُحَمَّد ابْن الفَرَّاءِ،
حدّثونَا عَنْهُ.
قَالَ الدُّبَيْثِيّ (2) : مَاتَ فِي التَّاسع (3)
وَالعِشْرِيْنَ مِنْ ذِي القَعْدَةِ، سَنَة سِتٍّ
وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَعَاشَ بِضْعاً
وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
وَقِيْلَ: مَوْلِدُهُ كَانَ بِمَكَّةَ، سَنَةَ أَرْبَعٍ
وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، فِي جُمَادَى الآخِرَةِ
(4) .
__________
(*) ترجم له ابن الدبيثي في تاريخه، الورقة 123 (شهيد
علي)، والمنذري في التكملة: 1 / الترجمة 124، والذهبي في
تاريخ الإسلام، الورقة 28 (باريس) 1582، والعبر: 4 / 259،
والمختصر المحتاج إليه: 1 / 139، وابن العماد في الشذرات:
4 / 287.
(1) الذي أظهر له السماع والاجازات هو المحدث المشهور أحمد
بن سلمان بن أبي شريك المعروف بالسكر الحربي المتوفى سنة
601 كما ذكر ابن الدبيثي.
(2) تاريخه، وهو (ذيل تاريخ مدينة السلام)، الورقة 123
(شهيد علي).
(3) في (تاريخ) ابن الدبيثي: ليلة السبت التاسع.
(4) يوم الثلاثاء مستهل جمادى الآخرة كما في (تاريخ) ابن
الدبيثي و(تكملة) المنذري.
(21/131)
66 - الأَبْلَهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ
مُحَمَّدُ بنُ بختيَارَ الجَوْهَرِيُّ *
شَاعِرُ العِرَاقِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ
بختيَار الجَوْهَرِيُّ، عُرِفَ بِالأَبْلَه لِغَفْلَةٍ
فِيْهِ (1) .
مدح الخُلَفَاء وَالوُزَرَاء.
رَوَى عَنْهُ: عَلِيُّ بنُ نَصْرٍ الأَدِيْب، وَأَبُو
الحَسَنِ القَطِيْعِيّ المُؤَرِّخ.
وَكَانَ شَابّاً ظرِيفاً، مُتَهَجِّداً، رَائِق النّظم،
وَ(دِيْوَانُه) مَشْهُوْر.
مَاتَ: فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَة تِسْعٍ وَسَبْعِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ، لَمْ يَبلغ السِّتِّيْنَ.
67 - القَزَّازُ نَصْرُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بنِ
مُحَمَّدٍ **
الشَّيْخُ الصَّالِحُ، المُعَمَّرُ، مُسْنِدُ بَغْدَادَ،
أَبُو السَّعَادَاتِ نَصْرُ اللهِ ابْنُ الشَّيْخِ
المُسْنِدِ أَبِي مَنْصُوْرٍ عَبْدِ الرَّحْمَانِ ابْنِ
المُسْنِدِ أَبِي غَالِبٍ مُحَمَّدِ
__________
(*) ترجم له غير واحد منهم: ابن الدبيثي في تاريخه: 1 /
الترجمة 91 بتحقيق بشار، وابن الأثير في الكامل: 11 / 204،
وسبط ابن الجوزي في المرآة: 8 / 379، وابن خلكان في
الوفيات: 4 / 463، والذهبي في تاريخ الإسلام، الورقة: 79
(أحمد الثالث 2917 / 14)، والعبر: 4 / 238، والصفدي في
الوافي: 2 / 244، وابن العماد في الشذرات: 4 / 266.
(1) وقيل: لأنه كان في غاية الذكاء، وهو من أسماء الاضداد،
كما قيل للاسود: كافور (وفيات) ابن خلكان: 4 / 465.
(* *) ترجم له ابن الدبيثي في تاريخه بدلالة المختصر
المحتاج إليه: 3 / 208، والمنذري في التكملة: 1 / الترجمة
16، وصائن الدين النعال في مشيخته: 80، والذهبي في تاريخ
الإسلام، الورقة 13 (باريس 1582)، والمشتبه: 314، والعبر:
4 / 250، ودول الإسلام: 2 / 70، والاعلام، الورقة: 210،
وابن تغري بردي في النجوم: 6 / 106، وابن العماد في
الشذرات: 4 / 276.
وترجم له ابن الفوطي في الملقبين بقوام الدين من تلخيصه: 4
/ الترجمة: 3173، ونقل عن ابن الدبيثي.
(21/132)
ابْنِ عَبْدِ الوَاحِدِ الشَّيْبَانِيُّ،
البَغْدَادِيُّ، القَزَّازُ، ابْن زُرَيْق (1)
الحَرِيْمِيُّ.
سَمِعَ: جدّه، وَأَبَا سَعْد بن خُشَيْش، وَأَبَا
القَاسِمِ الرَّبَعِيّ، وَأَبَا الحُسَيْن ابْن
الطُّيُوْرِيّ، وَعَلِيّ بن مُحَمَّدِ ابْنِ العَلاَّفِ،
وَابْن بيَان، وَابْن نَبْهَانَ، وَشُجَاعاً الذُّهْلِيّ،
وَأَبَا العِزِّ مُحَمَّد بن المُخْتَارِ، وَعِدَّةٍ.
وَانْتَهَى إِلَيْهِ عُلُوّ الإِسْنَادِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ (2) ،
وَابْن الأَخْضَرِ، وَالعزّ مُحَمَّد بن الحَافِظِ،
وَالبَهَاء عَبْد الرَّحْمَانِ، وَالتَّقِيّ ابْن
بَاسُوَيْه، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ ابْن الدُّبَيْثِيّ،
وَالجمال أَبُو حَمْزَةَ المَقْدِسِيّ، وَسَالِم بن
صَصْرَى، وَفضل الله ابْن الجِيْلِيّ، وَمُحَمَّد بن
عَلِيِّ ابْنِ السَّبَّاكِ، وَمُحَمَّد بن أَبِي الفُتُوْح
ابْن الحُصْرِيِّ، وَعَبْد اللهِ بن عُمَرَ
البَنْدَنِيْجِيّ، وَخَلْق.
وَتَفَرَّد بِإِجَازته ابْن عَبْدِ الدَّائِمِ.
قَالَ الدُّبَيْثِيّ (3) : أَرَانِي مَوْلِدُهُ بِخَطِّ
جدّه فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَة إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَتُوُفِّيَ فِي تَاسِع عَشَرَ رَبِيْع
الآخر، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَفِيْهَا مَاتَ: عَبْدُ الجَبَّارِ بنُ يُوْسُفَ شَيْخ
الفُتوة، وَالمُحَدِّث عَبْد المُغِيْثِ بن زُهَيْرٍ،
وَقَاضِي القُضَاةِ عَلِيّ بن أَحْمَدَ ابْنِ
الدَّامَغَانِيّ، وَمُحَمَّد بن يَحْيَى أَبُو الفَتْحِ
البَرَدَانِيّ، وَكَبِيْر الأُمَرَاء شَمْس الدِّيْنِ
مُحَمَّد ابْن المقدَّم
__________
(1) قال الزكي المنذري في (التكملة): وزريق بتقديم الزاي
المضمومة وفتح الراء المهملة.
(2) ومات قبله بإحدى وعشرين سنة لأنه توفي سنة 562، وذكره
في (تاريخه) الذي ذيل به على (تاريخ الخطيب).
(3) ضاع هذا القسم من تاريخ ابن الدبيثي، ولكن راجع
(مختصره) الذي للذهبي: 3 / 209، و(تلخيص) ابن الفوطي: 4 /
الترجمة 3173.
(21/133)
قتل بِعَرَفَةَ، وَشَيْخ المَالِكِيَّة
أَبُو القَاسِمِ مَخْلُوْف بن جَارَة الإِسْكَنْدَرَانِيّ،
وَشَيْخ الحَنَابِلَة نَاصِح الدِّيْنِ أَبُو الفَتْحِ
ابْنُ المَنِّي، وَالصَّدْر مَجْد الدِّيْنِ هِبَة اللهِ
بن عَلِيِّ ابْنِ الصَّاحب.
68 - الثَّقَفِيُّ أَبُو الفَرَجِ يَحْيَى بنُ مَحْمُوْدِ
بنِ سَعْدٍ *
الشَّيْخُ، المُسْنِدُ، الجَلِيْلُ، العَالِمُ، أَبُو
الفَرَجِ يَحْيَى بنُ مَحْمُوْدِ بنِ سَعْدٍ الثَّقَفِيُّ،
الأَصْبَهَانِيُّ، الصُّوْفِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ (1) .
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي عَلِيٍّ الحَدَّاد كَثِيْراً -وَهُوَ
حَاضِر فِي السَّنَةِ الأُوْلَى (2) - وَمِنْ حَمْزَة بن
العَبَّاسِ العَلوِيّ حُضُوْراً، وَأَبِي عَدْنَانَ
مُحَمَّد بن أَحْمَدَ بنِ أَبِي نزَار حُضُوْراً.
وَسَمِعَ مِنْ: فَاطِمَة الجُوْزدَانِيَّة، وَحَمْزَة بن
مُحَمَّدِ بنِ طَبَاطَبَا، وَجده لأُمِّهِ الحَافِظ
إِسْمَاعِيْل التَّيْمِيّ- وَعِنْدَهُ عَنْهُ كِتَاب
(التَّرْغِيْب وَالتَّرْهِيْب)- وَمِنَ الحُسَيْن بن
عَبْدِ المَلِكِ الخَلاَّل، وَعَبْد الكَرِيْمِ بن عَبْدِ
الرَّزَّاقِ الحسنَابَاذِيّ، وَجَعْفَر بن عَبْدِ
الوَاحِدِ الثَّقَفِيّ، وَعِدَّة.
وَارتحل لمَا شَاخَ نَاشراً لرِوَايَاته بِأَصْبَهَانَ،
وَحلب وَالمَوْصِل وَدِمَشْق.
__________
(*) ترجم له معين الدين ابن نقطة في التقييد، الورقة: 255،
والمنذري في التكملة: 1 / الترجمة 67، والذهبي في تاريخ
الإسلام، الورقة: 117 (أحمد الثالث 2917 / 14)، والعبر: 4
/ 254، ودول الإسلام: 2 / 71، والاعلام، الورقة 211، وابن
تغري في النجوم: 6 / 109، وابن العماد في الشذرات: 4 /
282.
(1) يعني: وخمس مئة.
(2) وقد توفي أبو علي بن أحمد الحداد هذا في سنة 515 وكان
أسند من بقي بأصبهان، بل وبالدنيا (ابن الجوزي: (المنتظم):
9 / 228 والذهبي: (معرفة القراء)، الورقة: 149).
(21/134)
وَلَهُ أُصُوْل وَأَجزَاء اقتنَاهَا لَهُ
وَالِده.
حَدَّثَ عَنْهُ: الشَّيْخ أَبُو عُمَرَ، وَأَخُوْهُ
الشَّيْخ المُوَفَّق، وَأَوْلاَدهُمَا (1) ، وَبدلٌ
التَّبْرِيْزِيّ، وَالخَطِيْب عَلِيّ بن مُحَمَّدٍ
المَعَافِرِيّ، وَالرَّضِيّ عَبْد الرَّحْمَانِ،
وَالقَاضِي زَيْن الدِّيْنِ ابْن الأُسْتَاذ، وَمُحَمَّد
بن طَرْخَانَ، وَيُوْسُف بن خَلِيْل، وَالحَسَن بن
سَلاَّمٍ، وَسَالِم بن عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَخطيب
عقربَاء، وَإِسْحَاق بن صَصْرَى، وَالشَّيْخ الضِّيَاء،
وَالعِمَاد عَبْد الحَمِيْدِ بن عَبْدِ الهَادِي،
وَأَخُوْهُ مُحَمَّد، وَخطيب مَرْدَا، وَالضِّيَاء صَقر
الحَلَبِيّ، وَإِبْرَاهِيْم بن خَلِيْل، وَالزِّين ابْن
عَبْدِ الدَّائِمِ، وَعِدَّةٍ.
وَلَهُ قصيدَة مدح بِهَا القَاضِي الفَاضِل، مِنْهَا:
فَمَا لِي مِنْ مَوْلَى وَمُوْلٍ وَمَوْئِلٍ ... وَمَالٍ
وَمَأْمُوْلٍ سوَاكُم وَعَاصِم
تُوُفِّيَ بِقُرْبِ هَمَذَان غرِيباً، فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ
وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَقِيْلَ: فِي آخِرِ سَنَةِ ثَلاَثٍ.
وَمَاتَ أَبُوْهُ أَبُو الرَجَاء فِي حُدُوْدِ
الأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
قَالَ السَّمْعَانِيُّ: قَرَأْت عَلَيْهِ ثَلاَثَة أَجزَاء
انتقَاهَا لَهُ حَمُوْهُ الحَافِظُ إِسْمَاعِيْل، فِيْهَا
عَنِ ابْنِ عَمِّ جدّه الرَّئِيْس الثَّقَفِيِّ، وَأَبِي
نَصْرٍ السِّمْسَار، وَأَبِي القَاسِمِ بنِ بَيَانٍ
الرَّزَّاز، وَكَانَ حرِيصاً عَلَى طلب الحَدِيْث وَجَمعه،
وَحَصَّلَ الكُتُب الكِبَار.
__________
(1) يعني المقادسة.
(21/135)
69 - ابْنُ بَرِّيٍّ عَبْدُ اللهِ بنُ
بَرِّيِّ بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ المَقْدِسِيُّ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، نَحْوِي وَقْتِهِ، أَبُو
مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ بَرِّيِّ بنِ عَبْدِ
الجَبَّارِ بنِ بَرِّيٍّ المَقْدِسِيُّ، ثُمَّ
المِصْرِيُّ، النَّحْوِيُّ، الشَّافِعِيُّ.
وُلِدَ: فِي رَجَبٍ، سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَقرَأَ الأَدب عَلَى: أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ
المَلِكِ، وَسَمِعَ مِنْ: مُرشد بن يَحْيَى المَدِيْنِيّ،
وَمُحَمَّد بن أَحْمَدَ الرَّازِيّ، وَعَبْد الجَبَّارِ بن
مُحَمَّدٍ المَعَافِرِيّ، وَعَلِيّ بن عَبْدِ الرَّحْمَانِ
الحَضْرَمِيِّ، وَأَبِي البَرَكَات مُحَمَّد بن حَمْزَةَ
العِرْقِيّ، وَابْن الحُطَيْئَة (1) ، وَعِدَّة.
وَتَصدّر بِجَامِع مِصْر لِلْعربيَّة، وَتَخَرَّجَ بِهِ
أَئِمَّة، وَقُصد مِنَ الآفَاق.
__________
(*) ترجم له الأزدي في بدائع البدائه: 89، وياقوت في
الارشاد: 7 / 288، وابن الأثير في الكامل: 11 / 215،
والقفطي في الانباه: 110، وأبو شامة في الروضتين: 2 / 73،
والمنذري في التكملة: 1 / الترجمة: 6، والنواوي في
الطبقات، الورقة: 59، وابن خلكان في الوفيات: 3 / 108،
وأبوالفدا في المختصر: 3 / 75، واليمني في إشارة التعيين،
الورقة: 23، والذهبي في تاريخ الإسلام، الورقة: 9 (باريس
1582)، ودول الإسلام: 2 / 68، والمشتبه: 64، والعبر: 4 /
247، والاعلام، الورقة: 210، وابن مكتوم في تلخيصه،
الورقة: 91، وابن فضل الله العمري في المسالك م 23 ج 4
ورقة: 461، والسبكي في الطبقات: 7 / 121، والاسنوي في
الطبقات: 1 / 267، وابن كثير في البداية: 12 / 319، وابن
الملقن في العقد، الورقة: 158، وصاحب العسجد المسبوك،
الورقة 94، وابن قاضي شهبة في طبقات النحاة، الورقة 162،
والعيني في عقد الجمان: 17 / الورقة 28 وغيرها كما تجده
مفصلا في هامش ترجمته من تكملة المنذري.
(1) في (عبر) الذهبي و(طبقات) السبكي : (الحطئة) وما
أصابوا في هذا التقييد، وهي في المخطوطات تكتب (الحطية)
بسبب قلبهم الهمزة إلى ياء ثم التقاء ياءين فتحذف إحداهما
خطا ولكنها تلفظ، وعليه فإن الصحيح ما أثبتناه.
(21/136)
قَالَ الْجمال القِفْطِيّ (1) : كَانَ
عَالِماً بـ (كِتَاب سِيْبَوَيْه) وَعلله، قيّماً
بِاللُّغَةِ وَشوَاهدهَا، وَإِلَيه كَانَ التَّصفّح فِي
دِيْوَان الإِنشَاء، لاَ يَصدر كِتَاب إِلَى المُلُوْك
إِلاَّ بَعْد تَصفّحه، وَكَانَ فِيْهِ غفلَة (2) ، وَقَدْ
تَصدّر تَلاَمِذته فِي حيَاته، وَقل مَا صَنّف، وَلَهُ
(جَوَاب المَسَائِل الْعشْر)، وَ(حوَاش عَلَى الصِّحَاح)
جَوَّدهَا، جَاءت فِي سِتّ مُجَلَّدَاتٍ (3) ، وَكَانَ
ثِقَةً، دَيِّناً.
رَوَى عَنْهُ: عَبْدُ الغَنِيّ المَقْدِسِيّ، وَابْن
المُفَضَّلِ، وَأَبُو عُمَرَ الزَّاهِد، وَأَبُو
المَعَالِي عَبْدُ الرَّحْمَانِ بن عَلِيٍّ المُغِيرِيّ،
وَمُصْطَفَى بن مَحْمُوْدٍ، وَنبأُ بن أَبِي المَكَارِمِ،
وَأَبُو العَبَّاسِ القَسْطلاَنِيّ، وَابْن الجُمَّيْزِيّ،
وَخَلْق.
وَكَانَ يَتحدّث ملحوناً، وَيَتبرّم بِمَنْ يَتفَاصح.
مَاتَ: فِي شَوَّالٍ، سَنَة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَفِيْهَا مَاتَ: الحَسَن بن عَلِيِّ بنِ عُبَيْدَةَ
الكَرخِيّ المُقْرِئ، وَعَبْد اللهِ بن مُحَمَّدِ بنِ
جَرِيْرٍ الأُمَوِيّ النَّاسخ، وَعَبْد الغَنِيِّ ابْن
الحَافِظِ أَبِي العَلاَءِ الهَمَذَانِيّ.
70 - ابْنُ المَنِّيِّ أَبُو الفَتْحِ نَصْرُ بنُ
فِتْيَانَ بنِ مَطَرٍ النُّهْرُوَانِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، المُفْتِي، شَيْخُ
الحَنَابِلَة، نَاصِحُ الإِسْلاَمِ، أَبُو
__________
(1) (إنباه الرواة): 2 / 111.
(2) الذي في (إنباه الرواة): (وكان ينسب إلى الغفلة في غير
العلوم العربية، حتى ما يقوم بمصالح نفسه، ويحكى عنه
حكايات في التغفل أجله عنها، وعن ذكر شيء منها).
(3) كانت هذه الحواشي على أصل نسخة من الصحاح للجوهري، ثم
نقلت عن الأصل وأفردت فجاءت في ست مجلدات، وسماها من
أفردها: (التنبيه والايضاح عما وقع في كتاب الصحاح).
(*) ترجم له ابن الأثير في الكامل: 11 / 230، والمنذري في
التكملة: 1 / الترجمة 21، =
(21/137)
الفَتْحِ نَصْرُ بنُ فِتْيَانَ بنِ مَطَرِ
ابْنِ المنِّيِّ النُّهْرُوَانِيُّ، الحَنْبَلِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْس مائَة.
وَتَفَقَّهَ عَلَى: أَبِي بَكْرٍ الدِّيْنَوَرِيّ،
وَلاَزمه حَتَّى بَرَعَ فِي الفِقْه.
وَسَمِعَ مِنْ: هِبَة اللهِ بن الحُصَيْنِ، وَأَبِي عَبْدِ
اللهِ البَارِع، وَالحُسَيْن بن عَبْدِ المَلِكِ
الخَلاَّل، وَأَبِي الحَسَنِ ابْنِ الزَّاغُوْنِيِّ،
وَعِدَّة.
وَتَصدّر لِلْعِلْمِ، وَتَكَاثر عَلَيْهِ الطلبَة.
تَفقه عَلَيْهِ: الشَّيْخ مُوَفَّق الدِّيْنِ، وَالبَهَاء
عَبْد الرَّحْمَانِ، وَالفَخْر إِسْمَاعِيْل.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو صَالِحٍ نَصْر بن عَبْدِ
الرَّزَّاقِ، وَمُحَمَّد بن مُقْبِل ابْن المنِّيّ وَلد
أَخِيْهِ، وَجَمَاعَة.
قَالَ ابْنُ النَّجَّار: كَانَ وَرِعاً، عَابِداً، حسن
السّمت، عَلَى مِنْهَاج السَّلَف، أَضَرَّ بِأَخَرَةٍ،
وَثقل سَمِعَهُ، وَلَمْ يَزَلْ يَدرّس إِلَى حِيْنَ
وَفَاته بِمسجده بِالمَأْمُوْنِيَّة.
تُوُفِّيَ: فِي خَامِس رَمَضَان، سَنَةَ ثَلاَثٍ
وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَحُمِلَ عَلَى الرُّؤُوس،
وَتولَّى حَفِظ جِنَازَته جَمَاعَة مِنَ التّرْك لاَزدحَام
الْخلق، ثُمَّ دُفِنَ بدَاره -رَحِمَهُ الله-.
__________
= وابن الدبيثي في تاريخه بدلالة المختصر المحتاج إليه: 3
/ 212، والذهبي في تاريخ الإسلام، الورقة: 13 (باريس،
1582)، والعبر: 4 / 251، ودول الإسلام: 2 / 70، والاعلام،
الورقة: 210، وابن كثير في البداية: 12 / 329، وابن رجب في
الذيل: 1 / 358، وصاحب العسجد المسبوك، الورقة: 95،
والعيني في عقد الجمان: 17 / الورقة: 52، وابن تغري بردي
في النجوم: 6 / 106، وابن العماد في الشذرات: 4 / 277.
(21/138)
71 - ابْنُ بَشْكُوَال خَلَفُ بنُ عَبْدِ
المَلِكِ الأَنْصَارِيُّ *
الإِمَامُ، العَالِمُ، الحَافِظُ، النَّاقِدُ،
المُجَوِّدُ، مُحَدِّثُ الأَنْدَلُسِ، أَبُو القَاسِمِ
خَلَفُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ مَسْعُوْدِ بنِ مُوْسَى
بنِ بَشْكُوَالَ (1) بنِ يُوْسُفَ بنِ دَاحَةَ (2)
الأَنْصَارِيُّ، الأَنْدَلُسِيُّ، القُرْطُبِيُّ، صَاحِبُ
(تَارِيخ الأَنْدَلُس (3)).
وُلِدَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ: أَبَاهُ، وَأَبَا مُحَمَّدٍ عَبْد الرَّحْمَانِ
بن مُحَمَّدِ بنِ عَتَّاب -فَأَكْثَرَ عَنْهُ، وَهُوَ
أَعْلَى شَيْخ لَهُ- وَأَبَا بَحْرٍ سُفْيَان بن العَاصِ،
وَأَبَا الوَلِيْدِ بن رُشْدٍ الكَبِيْر، وَأَبَا
الوَلِيْدِ بن طَرِيْفٍ، وَأَبَا القَاسِمِ بن بَقِيٍّ،
وَأَبَا الحَسَنِ شُرَيح بن مُحَمَّدٍ، وَالقَاضِي أَبَا
بَكْرٍ ابْن العَرَبِيّ، وَأَبَا جَعْفَرٍ أَحْمَد بن
عَبْدِ الرَّحْمَانِ البُطْروْجِيّ، وَخَلْقاً كَثِيْراً.
وَأَجَازَ لَهُ: أَبُو عَلِيٍّ بنُ سكّرَة الصَّدَفِيّ،
وَأَبُو القَاسِمِ بنُ مَنْظُوْر، وَطَائِفَة.
وَمِنْ بَغْدَاد: هِبَة اللهِ بن أَحْمَدَ الشِّبْلِيّ
-وَلَوِ اسْتُجِيْز لَهُ فِي صغره مِنْ بَغْدَادَ،
لأَدْرَكَ الحُسَيْن بن عَلِيٍّ البُسْرِيّ- وَأَبَا
بَكْرٍ أَحْمَد بن عَلِيٍّ الطُّرَيْثِيْثِيّ،
__________
(*) ترجم له ابن الابار في المعجم: 82 (مدريد 1855)،
والتكملة 1 / 304، والذهبي في تاريخ الإسلام، الورقة: 74
(أحمد الثالث 2917 / 14)، والعبر: 4 / 234، وتذكرة الحفاظ:
4 / 1339، وابن خلكان في الوفيات: 2 / 240، وابن كثير في
البداية: 12 / 312، والعيني في عقد الجمان: 16 / الورقة
650، وابن العماد في الشذرات: 4 / 261، وابن فرحون في
الديباج: 114 وغيرهم.
(1) قيده ابن خلكان بالحروف فقال: (بفتح الباء الموحدة
وسكون الشين المعجمة وضم الكاف وبعد الواو ألف لام (وفيات:
2 / 241).
(2) داحة: بفتح الدال المهملة وبعد الالف حاء مهملة مفتوحة
(وفيات: 1 / 241).
(3) يعني كتاب الصلة الذي ذيل به على (تاريخ) ابن الفرضي،
وهو من المصادر المشهورة.
(21/139)
وَجَعْفَر بن أَحْمَدَ السَّرَّاج،
وَالرِّوَايَة رزق مَقْسُوْم.
وَقَدْ صَنَّفَ (مُعْجَماً) لِنَفْسِهِ (1) .
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الأَبَّارُ (2) : كَانَ متِسْع
الرِّوَايَة، شَدِيد العنَايَة بِهَا، عَارِفاً بوجوههَا،
حجَّة، مقدّماً عَلَى أَهْلِ وَقته، حَافِظاً، حَافلاً،
أَخْبَارِيّاً، تَارِيخيّاً، ذَاكراً لأَخْبَار
الأَنْدَلُس، سَمِعَ العَالِي وَالنَّازل، وَأَسند عَنْ
مَشَايِخه أَزْيَدَ مِنْ أَرْبَع مائَة كِتَاب مِنْ بَيْنِ
كَبِيْر وَصَغِيْر (3) ، رَحل النَّاس إِلَيْهِ،
وَأَخَذُوا عَنْهُ، وَحَدَّثَنَا عَنْهُ جَمَاعَة،
وَوصفُوهُ بصلاَح الدِّخلَة، وَسلاَمَة البَاطِن، وَصحة
التَّوَاضع، وَصدق الصَّبْر لِلطَّلبَة، وَطول الاحتمَال،
وَأَلّف خَمْسِيْنَ تَأْلِيْفاً فِي أَنْوَاع العِلْم (4)
.
وَوَلِيَ بِإِشْبِيْلِيَة قَضَاء بَعْض جهَاتهَا،
نِيَابَةً عَنِ ابْنِ العَرَبِيِّ، وَعَقَدَ الشّروط،
ثُمَّ اقْتصر عَلَى إِسْمَاع العِلْم، وَعَلَى هَذِهِ
الصّنَاعَة، وَهِيَ كَانَتْ بضَاعته، وَالرُّوَاة عَنْهُ
لاَ يُحْصَوْنَ، مِنْهُم:
أَبُو بَكْرٍ بنُ خَيْر، وَأَبُو القَاسِمِ القَنْطَرِيّ،
وَأَبُو بَكْرٍ بنُ سمجُوْنَ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ
الضَّحَّاكِ، وَكلّهُم مَاتَ قَبْلَهُ.
قُلْتُ (5) : وَمِنَ الرُّوَاة عَنْهُ: أَبُو القَاسِمِ
أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ رُشْدٍ،
وَأَحْمَد بن عَبْدِ المَجِيْدِ المَالقِيّ، وَأَحْمَد بن
مُحَمَّدِ بنِ الأَصْلع، وَأَبُو القَاسِمِ أَحْمَدُ بنُ
يَزِيْدَ بنِ بَقِيٍّ، وَأَحْمَد بن عَيَّاشٍ المُرْسِيّ،
وَأَحْمَد بن أَبِي حجَّة القَيْسِيّ، وَثَابِت بن
مُحَمَّدٍ الكَلاَعِيّ، وَمُحَمَّد بن إِبْرَاهِيْمَ بنِ
صلتَان،
__________
(1) أي لشيوخه.
(2) (التكملة) 1 / 305.
(3) قال ابن الابار: (أخذ عن ابن عتاب وحده فوق المئة).
(4) قال ابن الابار: (أجلها كتاب الصلة، سلم له أكفاءه
كفايته فيه، ولم ينازعه أهل صناعته الانفراد به، ولا
أنكروا مزية السبق إليه) (التكملة: 1 / 306).
(5) القول للذهبي المؤلف.
(21/140)
وَمُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ ابْن
الصَّفَّار، وَمُوْسَى بن عَبْدِ الرَّحْمَانِ
الغَرْنَاطِيّ، وَأَبُو الخَطَّابِ بن دِحْيَة، وَأَخُوْهُ
أَبُو عَمْرٍو اللُّغَوِيّ، وَعَدَد كَثِيْر.
وَمِمَّنْ رَوَى عَنْهُ بِالإِجَازَةِ: أَبُو الفَضْلِ
جَعْفَر بن عَلِيٍّ الهَمْدَانِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ
سِبْط السِّلَفِيّ، وَلَمْ يَخْرُج مِنَ الأَنْدَلُس.
وَمِنْ تَصَانِيْفه كِتَاب (صلَة تَارِيخ أَبِي الوَلِيْدِ
ابْنِ الفَرَضِيّ) فِي مُجَلَّدتين، وَكِتَاب (غوَامض
الأَسْمَاء المبهمَة) فِي مُجَلَّدٍ يُنْبِئُ عَنْ
إِمَامته، وَكِتَاب (مَعْرِفَة العُلَمَاء الأَفَاضِل)
مُجَلَّدَان، (طرق حَدِيْث الْمِغْفَر) ثَلاَثَة أَجزَاء،
كِتَاب (الحِكَايَات المُسْتغربَة) مُجَلَّد، كِتَاب
(القربَة إِلَى اللهِ بِالصَّلاَة عَلَى نَبِيِّهِ)،
كِتَاب (المُسْتَغِيْثين بِاللهِ)، كِتاب (ذكر مَنْ رَوَى
المُوَطَّأ عَنْ مَالِكٍ) جُزْآنِ، كِتَاب (أَخْبَار
الأَعْمَش) ثَلاَثَة أَجزَاء، (تَرْجَمَة النَّسَائِيّ)
جُزْء، (تَرْجَمَة (1) المحَاسِبِي) جُزْء، (تَرْجَمَة (2)
إِسْمَاعِيْل القَاضِي) جُزْء، (أَخْبَار ابْن وَهْبٍ)
جُزْء، (أَخْبَار أَبِي المَطَرف القنَازعِي) جُزْء،
(قُضَاة قُرْطُبَة) مُجَلَّد، (المُسَلْسَلاَت) جُزْء،
(طرق حَدِيْث مَنْ كذب عليّ) جُزْء، (أَخْبَار ابْن
المُبَارَكِ) جُزْآنِ، (أَخْبَار ابْن عُيَيْنَةَ) جُزْء
ضَخْم (3) .
وَقَدْ ذَكَرَهُ: الحَافِظُ أَبُو جَعْفَرٍ بنُ
الزُّبَيْرِ، فَاستوفَى تَرْجَمَته، فَمِنْ ذَلِكَ قَالَ:
كَانَ رَحِمَهُ الله يُؤثر الخمُوْل وَالقنوع بِالدّوْنِ
مِنَ الْعَيْش، لَمْ يَتدنّس بخُطة (4) تحطّ مِنْ قدره،
حَتَّى يَجد أَحَد إِلَى الكَلاَم فِيْهِ مِنْ سَبِيْل...،
إِلَى أَنْ
__________
(1) في (تذكرة الحفاظ): أخبار.
(2) في (تذكرة الحفاظ): أخبار
(3) قال في (تذكرة الحفاظ): (وغير ذلك).
(4) الخطة في الأندلس تعني الولاية، فيقال: خطة البريد،
وخطة الشرط ونحو ذلك، =
(21/141)
قَالَ:
وَآخِرُ مَنْ رَوَى عَنْهُ بِالسَّمَاع: شَيْخنَا أَبُو
الحُسَيْنِ ابْنُ السَّرَّاج، وَبِالإِجَازَة المجرّدَة:
أَبُو القَاسِمِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَلَوِيّ.
قُلْتُ: وَقَعَ لَهُ حَدِيْث سبَاعِيّ الإِسْنَاد عَنِ
ابْنِ عتَّاب، عَنْ حَكَم بن مُحَمَّدٍ، عَنْ شَيْخ، عَنْ
أَبِي خَلِيْفَة الجُمَحِيّ.
تُوُفِّيَ إِلَى رَحْمَة الله فِي: ثَامن شَهْر رَمَضَان،
سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَلَهُ
أَرْبَعٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً، وَدُفِنَ بِمَقْبَرَة
قُرْطُبَة، بِقُرْبِ قَبْر يَحْيَى بن يَحْيَى اللَّيْثِيّ
الفَقِيْه.
وَفِي هَذِهِ (1) السّنَة مَاتَ: شَيْخ العِرَاق الزَّاهِد
القُدْوَة أَحْمَد بن عَلِيِّ بنِ الرِّفَاعِيّ وَقَدْ
قَارب الثَّمَانِيْنَ، وَمُسْند وَقته خطيب المَوْصِل
عَبْد اللهِ بن أَحْمَدَ الطُّوْسِيّ عَنِ اثْنَتَيْنِ
وَتِسْعِيْنَ عَاماً، وَعَالِم دِمَشْق الإِمَام قُطْب
الدِّيْنِ مَسْعُوْد بن مُحَمَّدٍ النَّيْسَابُوْرِيّ
الشَّافِعِيّ، وَالمُسْنِدُ أَبُو طَالِبٍ الخَضِر بن
هِبَةِ اللهِ بنِ طَاوُوْسٍ المُقْرِئ.
أَخْبَرْنَا إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ المُقْرِئ،
أَخْبَرَنَا عَبْدُ العَظِيْمِ الحَافِظ (2) ، أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ المَالقِيّ، أَخْبَرَنَا خَلَف بن
عَبْدِ المَلِكِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَانِ بن
مُحَمَّدِ بنِ عَتَّاب بِقِرَاءتِي، أَخْبَرَنَا حَاتِم بن
مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ فرَاس المَكِّيّ،
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ رَحْمُوْنَ السِنْجَارِيّ،
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مَسْلَمَةَ، أَخْبَرَنَا
مُوْسَى الطَّوِيْل، حَدَّثَنَا مَوْلاَيَ أَنَسٌ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-: (طُوْبَى لِمَنْ رَآنِي، وَمَنْ رَأَى مَنْ
رَآنِي، وَمَنْ رَأَى مَنْ رَأَى مَنْ رَآنِي).
__________
= والمقصود هنا أنه لم يتول من أمور الدولة ما يحط من
قدره.
(1) إضافة توضيحية.
(2) يعني عبد العظيم بن عبد القوي المنذري حافظ الديار
المصرية المتوفى سنة 656.
(21/142)
وَقَعَ لَنَا حَدِيْث مُوْسَى الطَّوِيْل
بِعُلُوّ دَرَجَتَيْنِ فِي (جُزْء طَلْحَة الكَتَّانِيّ)،
وَلَكِن مُوْسَى غَيْر ثِقَة، عَاشَ بَعْد المائَتَيْنِ،
وَزَعَمَ أَنَّهُ رَأَى أُمّ المُؤْمِنِيْنَ عَائِشَة
-رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- (1) .
72 - صَاحِبُ حِمْصَ المَلِكُ القَاهِرُ مُحَمَّدُ بنُ
شِيرْكُوْه بنُ شَاذِي
المَلِكُ القَاهِرُ، نَاصِرُ الدِّيْنِ، مُحَمَّدُ ابْنُ
وَزِيْرِ الدِّيَارِ المِصْرِيَّة المَلِك أَسَد الدِّيْنِ
شِيرْكُوْه بن شَاذِي بنِ مَرْوَانَ، ابْن عَمّ
السُّلْطَانِ صَلاَحِ الدِّيْنِ.
__________
(1) قال الامام الذهبي في الميزان: (موسى بن عبد الله
الطويل، قال ابن حبان: روى عن أنس أشياء موضوعة.
وقال ابن عدي: روى عن أنس مناكير، وهو مجهول) ثم أورد عن
ابن حبان هذا الحديث كما رواه عنه إسحاق بن شاهين، وأورد
له أحاديث أخر تدل على كذبه، ثم حديثه الذي ذكر فيه أنه
رأى عائشة - رضي الله عنها - بالبصرة على جمل أورق في هودج
أخضر، فقال الامام معلقا: (انظر إلى هذا الحيوان المتهم
كيف يقول في حدود سنة مئتين إنه رأى عائشة ! فمن الذي
يصدقه !) وقال أيضا: (وقد كنت أظن أن هذا الطويل مات بعد
المئتين بيسير، حتى رأيت له ترجمة في (تاريخ) ابن النجار،
فقال: هو مولى أنس بن مالك، فارسي، أقدمه الرشيد فحدث
ببغداد) (الميزان: 4 / 209 - 210).
قلت (القائل شعيب): لكن الحديث صحيح من غير هذا الوجه، فقد
أخرجه من حديث عبد الله بن بسر: الطبراني، والحاكم 4 / 86
بلفظ (طوبى لمن رآني وآمن بي، وطوبى لمن رأى من رآني، ولمن
رأى من رأى من رآني، وآمن بي) وفي سنده جميع بن ثوب منكر
الحديث.
وأخرجه عبد بن حميد، عن أبي سعيد الخدري، وابن عساكر عن
واثلة بلفظ (طوبى لمن رآني، ولمن رأى من رآني، ولمن رأى من
رأى من رآني)، وأخرجه الطيالسي وعبد بن حميد من حديث ابن
عمر بلفظ (طوبى لمن رآني وآمن بي، وطوبى لمن آمن بي ولم
يرني) ثلاث مرات.
وأخرجه أحمد 3 / 71 من حديث أبي سعيد الخدري بلفظ (طوبى
لمن رآني وآمن بي، ثم طوبى، ثم طوبى، ثم طوبى لمن آمن بي
ولم يرني) وصححه ابن حبان (2302) مع أنه من رواية دراج عن
الهيثم.
وأخرجه أحمد 5 / 248 و257 و264 من حديث أبي أمامة بلفظ
(طوبى لمن رآني وآمن بي مرة، وطوبى لمن لم يرني وآمن بي
سبع مرات) وصححه ابن حبان (2303)
من حديث أبي هريرة، وهو في (المسند) أيضا 3 / 155 من حديث
أنس بن مالك.
(*) أخباره في التواريخ المستوعبة لعصره، وقد ترجم له
مفردا غير واحد منهم: السبط في المرآة: 8 / 246، والذهبي
في تاريخ الإسلام، الورقة 96 (أحمد الثالث 2917 / 14)،
والعبر: 4 / 246، والصفدي في الوافي: 3 / 154، وابن كثير
في البداية: 12 / 316، =
(21/143)
كَانَتْ حِمْص لوَالِده الْملك المُجَاهِد،
ثُمَّ أَعْطَاهَا نُوْر الدِّيْنِ لابْنِهِ هَذَا،
فَاسْتقلَّ بِهَا هُوَ وَأَوْلاَده مائَة سَنَة.
وَكَانَ نَاصِر الدِّيْنِ ذَا شَهَامَة وَشجَاعَة،
بِحَيْثُ أَنَّ السُّلْطَان (1) لما مرض بِحَرَّانَ فِي
شَوَّالٍ، عظم مَرضه، وَأَوْصَى، فَسَارَ مِنْ عِنْدِهِ
نَاصِر الدِّيْنِ، وَمَرَّ بِحَلَبَ، وَأَخَذَ خلقاً مِنَ
الأَحدَاث، وَأَنفق فِيهِم، وَقَدِمَ حِمْص، فَرَاسل أَهْل
دِمَشْقَ بِأَنَّ يَتملّكهَا، فَلَمَّا عوفِي السُّلْطَان،
خَنَس، ثُمَّ لَمْ يَنشَب أَن مَاتَ، فَيُقَالُ: سُقِي (2)
، وَقِيْلَ: مَاتَ فِي الخَمْر.
وَالمَشْهُوْر أَنَّهُ مرض مرضاً حَادّاً، فَمَاتَ يَوْمَ
عرفَة، سَنَة إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ،
ثُمَّ نَقلته زَوجته -وَهِيَ بِنْت عَمّه، سِتّ الشَّام،
أُخْت السُّلْطَان- إِلَى تربتهَا فِي مدرستهَا
الشَّامِيّة، فَدفنته عِنْد أَخِيْهَا الْملك شَمْس
الدَّوْلَةِ تَوَارنشَاه.
قَالَ ابْنُ وَاصِلٍ (3) : سَكِرَ، فَأَصْبَح مَيتاً،
وَتَمَلَّكَ بَعْدَ ابْنه شِيرْكُوْه، وَبلغت تركته نَحْو
أَلف أَلف دِيْنَار.
73 - البَهْلَوَانُ ابْنُ الأَتَابِكِ إِلْدُكُز *
صَاحِبُ أَذْرَبِيْجَانَ وَعِرَاقِ العَجَمِ، مِنْ كِبَارِ
المُلُوْكِ كَوَالِدِهِ.
__________
= وصاحب العسجد المسبوك، الورقة: 93، وابن تغري بردي في
النجوم: 6 / 99، وابن العماد في الشذرات: 4 / 273.
(1) يعني صلاح الدين.
(2) يعني سقي سما، وقد اتهم بعض المؤرخين السلطان صلاح
الدين بهذه الفعلة، فذكروا أنه وضع عليه إنسانا نادمه
وسقاه.
(3) مفرج الكروب: 2 /
(*) وقد ذكرنا شيئا عنه في ترجمة والده إلدكز صاحب
أذربيجان فراجعه هناك. وقد أعاد الذهبي هنا معظم المعلومات
التي ذكرها هناك.
(21/144)
مَاتَ أَبُوْهُ هُوَ وَسُلْطَانُه رسلاَن
شَاه بنُ طغرِيل بن مُحَمَّدِ بنِ مَلِكْشَاه فِي سَنَةِ
وَاحِدَة، عَام سَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، فَتملّك
البَهْلَوَانُ، وَأَقَامَ فِي السّلطنَة مَعَهُ طغرِيل بن
رسلاَن شَاه المَذْكُوْر خَاتمَة بقَايَا
السُّلْجُوْقِيَّة، وَكَانَ مِنْ تَحْت حكم البَهْلَوَان،
وَكَانَتْ أَيَّامه إِحْدَى عَشْرَةَ سَنَةً، وَخلّف
البَهْلَوَان خَمْسَة آلاَف مَمْلُوْك، وَمِنَ الدَّوَابّ
ثَلاَثِيْنَ أَلْفَ رَأْس، وَمِنَ الأَمْوَال مَا لاَ
يُعبّر عَنْهُ، فَلَمَّا مَاتَ، قَوِي شَأْن طغرِيل،
وَعَمِلَ مَصَافّاً مَعَ الَّذِي قَامَ بَعْد البَهْلَوَان
وَهُوَ أَخُوْهُ لأُمِّهِ قزل (1) ، وَكَانَتْ دَوْلَة قزل
سَبْع سِنِيْنَ.
مَاتَ البَهْلَوَان: فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ.
74 - أَبُو اليُسْرِ شَاكِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ
مُحَمَّدٍ التَّنُوْخِيُّ *
الصَّاحِبُ، البَلِيْغُ، البَارِعُ، شَاكِرُ بنُ عَبْدِ
اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ التَّنُوْخِيُّ، المَعَرِّيُّ، ثُمَّ
الدِّمَشْقِيُّ، كَاتِبُ السرِّ لِلمَلِكِ نُوْرِ
الدِّيْنِ صَاحِبِ الشَّامِ.
أَخَذَ الأَدب عَنْ: جَدِّهِ أَبِي المَجْدِ مُحَمَّد بن
عَبْدِ اللهِ بحَمَاة، وَسَمِعَ، وَرَوَى شَيْئاً.
حَدَّثَ عَنْهُ: الحَافِظ ابْن عَسَاكِرَ، وَأَبُو
القَاسِمِ بنُ صَصْرَى، وَإِبْرَاهِيْم وَلده وَالِد
الشَّيْخ تَقِيّ الدِّيْنِ ابْن أَبِي اليَسر.
مَوْلِدُهُ: بشَيْزَر، سَنَة سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَعَاشَ خَمْساً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
__________
(1) سيأتي ذكره منفردا في الطبقة الآتية من هذا الكتاب.
(*) ترجم له الذهبي في وفيات سنة 581 من تاريخ الإسلام،
الورقة: 92 (أحمد الثالث 2917 / 14)، والعبر: 4 / 243،
وابن العماد في الشذرات: 4 / 270.
(21/145)
75 - البَاقِدَارِيُّ أَبُو بَكْرٍ
مُحَمَّدُ بنُ أَبِي غَالِب بنِ أَحْمَدَ *
المُحَدِّثُ، الحَافِظُ، الذَّكِيُّ، أَبُو بَكْرٍ
مُحَمَّدُ بنُ أَبِي غَالِب بنِ أَحْمَدَ بنِ مَرْزُوْقٍ
البَاقِدَارِيُّ، البَغْدَادِيُّ، الأَعْمَى.
قَدِمَ مِنْ قَرْيَة بَاقِدَارَ (1) .
وَتَلاَ عَلَى: غَيْر وَاحِد.
وَسَمِعَ مِنْ: سِبْط الخَيَّاط، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ
الزَّاغُوْنِيِّ، وَابْن نَاصِر، وَخَلْق.
قَالَ الدُّبَيْثِيّ (2) : انْتَهَى إِلَيْهِ مَعْرِفَة
رِجَال الحَدِيْث وَحفظه، وَعَلَيْهِ كَانَ المُعْتَمَد،
سَمِعْتُ غَيْر وَاحِد مِنْ شُيُوْخنَا يَصفُوْنَهُ
بِالحِفْظ وَمَعْرِفَة الرِّجَال وَالمتُوْن مَعَ ضَرَره،
وَقِيْلَ: كَانَ ابْن نَاصِر يُرَاجعه فِي أَشيَاء،
وَيَرْجِع إِلَيْهِ.
قُلْتُ: مَاتَ كَهْلاً، فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ فِي آخرهَا، وَعمّرت بِنْته عَجِيْبَة (3)
، وَانتهَى إِلَيْهَا عُلُوّ الإِسْنَادِ.
__________
(*) ترجم له ياقوت في (باقدارى) من معجم البلدان: 1 / 474،
وابن الدبيثي في تاريخه، الورقة 153 (شهيد علي)، والذهبي
في تاريخ الإسلام، الورقة 58 (أحمد الثالث 2917 / 14)،
والعبر: 4 / 225، والمختصر المحتاج إليه: 1 / 163، وابن
العماد في الشذرات: 4 / 252، وله ذكر في ترجمة والده محمد
المتوفى سنة 604 من التكملة للمنذري: 3 / الترجمة 1019.
(1) هكذا هي هنا وفي (المختصر المحتاج إليه) الذي بخط
الذهبي، وكذلك في نسخة عبد العظيم المنذري من تاريخ ابن
الدبيثي.
وفي (معجم البلدان) لياقوت وفي ترجمة ولده محمد من
(التكملة): (باقدارى)، قال ياقوت: بكسر القاف ودال مهملة
وألف وراء مفتوحة مقصور من قرى بغداد قرب (أوانا) فكأن ابن
الدبيثي والذهبي وغيرهما قد اكتفوا بفتح الراء.
(2) (ذيل تاريخ مدينة السلام)، الورقة 153 (شهيد علي).
(3) توفيت عجيبة سنة 647.
(21/146)
76 - ابْنُ زَرْقُوْنَ مُحَمَّدُ بنُ
سَعِيْدِ بنِ أَحْمَدَ الأَنْصَارِيُّ *
الشَّيْخُ، الفَقِيْهُ، الإِمَامُ، المُعَمَّرُ،
المُقْرِئُ، بَقِيَّةُ السَّلَفِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ
مُحَمَّدُ ابنُ أَبِي الطَّيِّبِ سَعِيْدِ (1) بنِ
أَحْمَدَ بنِ سَعِيْدِ بنِ عَبْدِ البَرِّ بنِ مُجَاهِدٍ
ابْن زَرْقُوْنَ (2) الأَنْصَارِيُّ، الأَنْدَلُسِيُّ،
الإِشْبِيْلِيُّ، المَالِكِيُّ.
أَجَازَ لَهُ عَام اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِ مائَةٍ أَبُو
عَبْدِ اللهِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الخَوْلاَنِيّ رَاوِي
(المُوَطَّأ)، وَفِيْهَا وُلد (3) ، وَتَفَرَّد فِي
وَقْتِهِ عَنْهُ.
وَسَمِعَ بِمَرَّاكش مِنْ: أَبِي عِمْرَانَ مُوْسَى بن
أَبِي تليد، فَتَفَرَّد عَنْهُ أَيْضاً (4) .
وَسَمِعَ بِسبتَة مِنَ: القَاضِي عَبْد اللهِ بن أَحْمَدَ
الوَحِيْديّ.
وَسَمِعَ مِنْ: عَبْدِ المَجِيْدِ بن عيذُوْنَ (5) ،
وَخَلَف بن يُوْسُفَ الأَبْرَش، وَالقَاضِي عِيَاض بن
__________
(*) ترجم له ابن الابار في التكملة: 2 / 540، والمنذري في
التكملة: 1 / الترجمة 118، والذهبي في تاريخ الإسلام،
الورقة: 128 (أحمد الثالث 2917 / 14)، والعبر: 4 / 258،
ودول الإسلام: 2 / 73، والاعلام، الورقة: 211، والصفدي في
الوافي: 3 / 102، وابن الجزري في غاية النهاية: 2 / 143،
وابن تغري بردي في النجوم: 6 / 112، وله ذكر في تذكرة
الحفاظ للذهبي: 4 / 1361.
(1) في النسختين: (سعد) وهو وهم وقد ذكره باسمه الصحيح،
نعني (سعيدا) كل الذين ترجموا له ومنهم الذهبي في جميع
كتبه، فهذا من وهم الناسخ بلا ريب.
(2) قال المنذري: (وزرقون: لقب لسعيد والدجده، لقب به لشدة
حمرته)، وسيأتي مثل هذا في الترجمة.
(3) يعني في سنة 502 وكان مولده بشريش في ربيع الأول منها.
(4) تفرد عنه بالسماع كما ذكر المنذري في (التكملة)، وتوفي
موسى هذا سنة 517 كما ذكر ابن بشكوال في الصلة: 2 / 576.
(5) هكذا في الأصل: (عيذون)، ووضع الناسخ فوقها كلمة (صح)
فلعله (عبدون) بفتح العين المهملة وسكون الباء الموحدة وضم
الدال المهملة، وهو الاسم الشائع، أما عيذون فهو اسم نادر
لذا استقصاه أصحاب كتب المشتبه.
وقد ذكر الذهبي في (عيذون) من المشتبه (ص 434) شخصا واحدا
هو القالي صاحب الامالي: إسماعيل بن القاسم بن عيذون. وذكر
=
(21/147)
مُوْسَى، وَحَدَّثَ عَنْهُم، وَعَنْ أَبِي
بَحْر بن العَاصِ، وَمُحَمَّد بن شبرِيْنَ، وَأَبِي
الحَسَنِ شُرَيْح بن مُحَمَّد.
وَقرَأَ (التقصّي) عَلَى ابْنِ تَلِيْد، أَخْبَرَنَا أَبُو
عُمَرَ مُؤلّفه.
وَسَمِعَ (المُوَطَّأ) مِنْ عيَاض، وَلاَزمه زَمَاناً.
قَالَ الأَبَّار (1) : وَلِيَ قَضَاءَ سَبْتَة، فَشُكر،
وَكَانَ مِنْ سروَات الرِّجَال، فَقِيهاً، مُبرّزاً،
وَأَديباً كَامِلاً، حسن البزَّة (2) ، ليّن الجَانب، جمع
بَيْنَ (سُنَن أَبِي دَاوُدَ)، وَ(جَامِع التِّرْمِذِيّ)،
وَارْتَحَلَ النَّاس إِلَيْهِ لعلُوْه.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ
الرّومِيَّة النّبَاتِيّ، وَإِبْرَاهِيْم بن قسوم، وَأَبُو
سُلَيْمَانَ بنُ حَوْطِ الله، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ
النُّوْر، وَالحَافِظ ابْن خَلفُوْنَ، وَابْن دِحْيَة، وَ
(3) أَخُوْهُ، وَخَلْق.
مَاتَ: فِي رَجَبٍ، سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ
مائَةٍ.
__________
= ابن ناصر الدين في (توضيحه) لمشتبه الذهبي شخصا آخر من
أهل المغرب اسمه علي بن عبد الجبار بن سلامة بن عيذون
الهذلي اللغوي المتوفى سنة 519 (2 / الورقة 135 من نسخة
الظاهرية) وزاد ابن حجر في (تبصير المنتبه) فذكر ابن صاحب
الامالي جعفرا القالي .
فلو كان هذا منهم لذكروه بلا ريب، فضلا عن أنه مشهور: ذكره
ابن بشكوال في الصلة 1 / 382، والمراكشي في المعجب: 76،
وابن سعيد في المغرب 1 / 374، وابن شاكر في الفوات: 2 /
388 وراجع هامش الكتاب الأخير ففيه مصادر أخرى، ومع ذلك قد
يكون (عيذون) هو الصواب ؟
(1) (التكملة): 2 / 541.
(2) الذي في (التكملة): (حسن الشارة والهيئة)، ولكن قلنا
غير مرة: إن الذهبي يعتمد المعنى في النقل فيغير، ويبدل
الألفاظ.
(3) إضافة تقتضيها صحة النص لان المقصود هنا أنه روى عنه
أبو الخطاب ابن دحية، وأخوه أبو عمر ابن دحية.
(21/148)
قَالَ أَبُو الرَّبِيْعِ بن سَالِمٍ
الحَافِظ: وَمِنْ شُيُوْخِي: الفَقِيْه المشَاور (1)
الحَافِظ ابْن زرقُوْنَ -وَزرقُوْنَ: لقب لِسَعِيْدٍ أَبِي
جدّه، لقّب بِهِ لِشِدَّة حُمْرَته- كَانَ شَيْخنَا أَبُو
عَبْدِ اللهِ مِنْ جِلَّةِ العُلَمَاء الحَافِظين
لِلمَذْهَب (2) ، مَعَ متَانَة الأَدب، وَجَلاَلَة الْقدر،
وَكرم الْخلق، وَسعَة الصَّدْر، وَاتسَاع جَانب البِرّ،
لَقِيْتُهُ بِإِشْبِيْلِيَة، وَقت لقَائِي لابْنِ الجدّ،
فَقَرَأْت عَلَيْهِ (المُوَطَّأ) عَنِ الخَوْلاَنِيّ
إِجَازَة بِسَمَاعه مِنْ عُثْمَانَ بن أَحْمَدَ
اللَّخْمِيّ، عَنْ أَبِي عِيْسَى اللَّيْثِيّ، وَقرَأْته
عَلَيْهِ بِسَمَاعه سَنَة عِشْرِيْنَ عَلَى القَاضِي عَبْد
اللهِ بن أَحْمَدَ بنِ عُمَرَ القَيْسِيّ الوَحِيْديّ،
بِسَمَاعه مِنْ مَوْلَى الطلاّع، وَقَرَأْت عَلَيْهِ
(التقصّي) لابْنِ عَبْدِ البَرِّ، بِسَمَاعه بِمَرَّاكش
سَنَة 516 مِنْ مُوْسَى بنِ أَبِي تليد.
قَالَ: سمِعته مِنْهُ سَنَة سِتِّيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ،
وَقَرَأْت عَلَيْهِ (المنتقَى) لابْنِ الجَارُوْد عَنِ
الخَوْلاَنِيّ، عَنْ أَبِي عُمَرَ الطَّلَمَنْكِيّ، عَنْ
أَبِي جَعْفَرٍ بن عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ نَافِعٍ
الخُزَاعِيّ، عَنْهُ، وَ(التَّيْسِيْر (3)) قرَأته
عَلَيْهِ، عَنِ الخَوْلاَنِيّ، عَنِ المُؤلّف إِجَازَة،
وَ(النّوَادر) لِلْقَالِي، قرَأته عَلَيْهِ بقِرَاءته
عَلَى ابْنِ عَيْذُوْنَ، وَخَلَف بن فَرتُوْنَ، عَنِ
الوَزِيْر أَبِي بَكْرٍ عَاصِم بنِ أَيُّوْبَ، عَنِ ابْنِ
العزَّاب، عَنْ هَارُوْنَ بنِ مُوْسَى، عَنْهُ،
وَبإِجَازته مِنَ الخَوْلاَنِيّ، أَنْبَأَنَا الحَسَنُ بنُ
أَيُّوْبَ الحَدَّاد الفَقِيْه، عَنِ القَالِي، وَهَذَا
نِهَايَة فِي العلوّ.
وَقَرَأْتُ (4) عَلَى ابْنِ زرقُوْنَ: أَنبأَكم أَبُو
عَبْدِ اللهِ الخَوْلاَنِيّ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِ
مائَةٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ
الشِّيْرَازِيّ بِإِشْبِيْلِيَة سَمَاعاً -أَظَنّ فِي
سَنَةِ
__________
(1) في الأصل: (المساور) بالسين المهملة، وهو وهم، والفقيه
المشاور من مراكز الفقهاء ووظائفهم في الأندلس.
(2) يعني: المذهب المالكي.
(3) التيسير للداني، وهو من أشهر كتب القراءآت.
(4) الكلام هنا أيضا لأبي الربيع بن سالم الكلاعي.
(21/149)
423- أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ سَلْمٍ،
حَدَّثَنَا الكَجِّيّ، حَدَّثَنَا الأَنْصَارِيُّ،
حَدَّثَنَا ابْن عَوْنٍ...، فَذَكَر حَدِيْث: (الحَلاَل
بَيِّنٌ، وَالحَرَامُ بَيِّنٌ...) (1) .
وَمَاتَ مَعَهُ: المُحَدِّثُ الرَّئِيْس أَبُو المَوَاهِبِ
بنُ صَصْرَى، وَأَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَانِ بن
مُحَمَّدِ بنِ غَالِب ابْن الشرَّاط القُرْطُبِيّ،
وَالمُقْرِئُ أَبُو الطَّيِّبِ عَبْد المُنْعِمِ بن
يَحْيَى بنِ الخَلُوْف الغَرْنَاطِيّ، وَأَبُو عَبْدِ
اللهِ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ حُمَيْد بنِ مَأْمُوْنٍ
البَلَنْسِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ
بنِ الجدّ الإِشْبِيْلِيّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ
بنُ المُبَارَكِ بنِ أَبِي السُّعُوْدِ الحَلاَوِيّ
الحَرْبِيّ فِي عَشْرِ المائَة، وَمَسْعُوْد بن عَلِيّ
ابْن النَّادر، وَأَبُو الفَتْحِ نَصْرُ اللهِ بنُ عَلِيِّ
ابْنِ الكيَّال مُقْرِئ وَاسِط.
77 - ابْنُ مُغَاوِرٍ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الرَّحْمَانِ
بنُ مُحَمَّدٍ السُّلَمِيُّ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، الفَقِيْهُ، الكَاتِبُ،
البَلِيْغُ، أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الرَّحْمَانِ بنُ
مُحَمَّدِ
__________
(1) قال شعيب: وتمامه (وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن
كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات، استبرأ لدينه وعرضه، ومن
وقع في الشبهات، وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى
يوشك أن يرتع فيه، ألا ولكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله
محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله،
وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب) أخرجه البخاري 4 /
248، 249 في البيوع: باب الحلال بين والحرام بين، وأبو
داود (3229)، والنسائي 7 / 241، 242 من طريق ابن عون، عن
الشعبي، عن النعمان بن بشير، وأخرجه البخاري 1 / 117 - 119
في الايمان: باب فضل من استبرأ لدينه، ومسلم (1599)، وأبو
داود (3330)، والترمذي (1205)، وابن ماجه (3984) كلهم من
طريق زكريا بن أبي زائدة، عن الشعبي، وأخرجه البخاري 4 /
248، ومسلم (1599) من طريق أبي فروة الهمداني، عن الشعبي.
(*) ترجم له ابن الابار في التكملة: 3 / الورقة 13،
والمنذري في التكملة: 1 / الترجمة 136، والتجيبي في زاد
المسافر: 37، والذهبي في تاريخ الإسلام، الورقة 134 (أحمد
الثالث 2917 / 14)، والعبر: 4 / 261، وابن العماد في
الشذرات: 4 / 289.
(21/150)
بنِ مُغَاورِ بنِ حَكَمِ بنِ مُغَاورٍ
السُّلَمِيُّ، الشَّاطِبِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِيْهِ، وَأَبِي عَلِيٍّ بنِ سُكَّرَةَ
الصَّدَفِيّ، وَهُوَ خَاتمَة أَصْحَابه.
وَسَمِعَ (صَحِيْح البُخَارِيِّ) مِنْ: أَبِي جَعْفَرٍ بن
غزلُوْنَ (1) صَاحِب أَبِي الوَلِيْدِ البَاجِيّ، وَسَمِعَ
مِنْ: أَحْمَد بن جَحْدَرٍ الأَنْصَارِيّ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو الرَّبِيْعِ بن سَالِمٍ، وَابنَا
حَوْط اللهِ، وَهَانِئ بن هَانِئ، وَأَبُو القَاسِمِ
الطيّب المُرْسِيّ، وَقَالَ: هُوَ رَئِيْس البلاغَة.
وَقَالَ الأَبَّار (2) : كَانَ بَقِيَّة مَشْيَخَة
الكِتَاب وَالأُدَبَاء، مَعَ الثِّقَة وَالكرم، بَلِيْغاً،
مُفَوَّهاً، مدركاً، لَهُ حظّ وَافر مِنْ قرض الشّعر،
وَصدق اللهجَة، طَالَ عُمُرُهُ، وَعلت رِوَايَته، حَدَّثَ
بِشَاطِبَة.
تُوُفِّيَ: فِي صَفَرٍ، سَنَة سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ.
قَالَ ابْنُ سَالِم: لَقِيْتُه بِبَلَنْسِيَة فِي أَوَّلِ
سَنَة ثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، فَسَمِعْتُ مِنْهُ،
وَأَجَازَ لِي، وَسَمِعْتُ مِنْهُ بِشَاطِبَة، فِي سَنَةِ
سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ (فَوَائِد أَبِي عَلِيٍّ
الصَّدَفِيّ)، وَ(جُزْء ابْن عَرَفَةَ)، وَ(عَوَالِي أَبِي
الفَضْلِ بنِ خَيْرُوْنَ)، حَدَّثَنِي ابْنُ مُغَاوِرٍ،
أَخْبَرْنَا أَبُو عَلِيٍّ الصَّدَفِيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو
القَاسِمِ بنُ فَهْد العَلاَّف، وَآخَرُوْنَ، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ بنُ مَخْلَدٍ...، فَذَكَر
حَدِيْث: (أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيْحٌ شَحِيْحٌ...)
(3) .
__________
(1) في الأصل: (عزلون)، وما أثبتناه هو الصواب، وهو أبو
جعفر أحمد بن علي بن غزلون الأموي التطيلي المتوفى بالعدوة
سنة 524 (ابن بشكوال: الصلة: 1 / 79).
(2) (التكملة): 3 / الورقة 13.
(3) قال شعيب: أخرجه البخاري 5 / 373 في الوصايا: باب
الصدقة عند الموت، ومسلم (1032) في الزكاة: باب بيان أن
أفضل الصدقة صدقة الصحيح الشحيح، وأبو داود (2865)،
والنسائي =
(21/151)
78 - أَبُو مُوْسَى المَدِيْنِيُّ
مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ أَحْمَدَ بنِ عُمَرَ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، الحَافِظُ الكَبِيْرُ،
الثِّقَةُ، شَيْخُ المُحَدِّثِيْنَ، أَبُو مُوْسَى
مُحَمَّدُ ابنُ أَبِي بَكْرٍ عُمَرَ ابنِ أَبِي عِيْسَى
أَحْمَدَ بنِ عُمَرَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ أَبِي
عِيْسَى المَدِيْنِيُّ، الأَصْبَهَانِيُّ، الشَّافِعِيُّ،
صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
مَوْلِدُهُ: فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَة إِحْدَى وَخَمْس
مائَة.
وَمَوْلِد أَبِيْهِ المُقْرِئ أَبِي بَكْرٍ: فِي سَنَةِ
خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
حرص عَلَيْهِ أَبُوْهُ، وَسَمَّعَهُ حُضُوْراً، ثُمَّ
سَمَاعاً كَثِيْراً، مِنْ أَصْحَابِ أَبِي نُعَيْمٍ
الحَافِظ، وَطَبَقَتهِم.
وَعَمِلَ مُوْسَى لِنَفْسِهِ (مُعْجَماً)، رَوَى فِيْهِ
عَنْ أَكْثَر مِنْ ثَلاَث مائَة شَيْخ.
رَوَى عَنْ: أَبِي سَعْدٍ مُحَمَّد بن مُحَمَّدِ بنِ
مُحَمَّدٍ المُطَرِّز حُضُوْراً
__________
= 6 / 237 كلهم من طريق عمارة بن القعقاع، عن أبي زرعة، عن
أبي هريرة قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل،
فقال: يا رسول الله، أي الصدقة أعظم أجرا ؟ فقال: (أن تصدق
وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى، ولا تمهل حتى إذا
بلغت الحلقوم، قلت: لفلان كذا، ولفلان كذا، ألا وقد كان
لفلان).
(*) ترجم له الجم الغفير منهم: السمعاني في (المديني) من
الأنساب، وكذا ابن الأثير في اللباب، وابن الدبيثي في
تاريخه، الورقة 74 (شهيد علي)، وأبو شامة في الروضتين: 2 /
68، وابن خلكان في الوفيات: 4 / 286، وابن منظور فيما
اختاره من ذيل السمعاني، الورقة: 5، والدمياطي في
المستفاد، الورقة: 11، والذهبي في كتبه: (تاريخ الإسلام)،
الورقة: 6 (باريس 1582)، والمقتنى، الورقة: 135، والعبر: 4
/ 246، والمختصر المحتاج إليه: 1 / 83، والتذكرة: 4 /
1334، وابن الوردي في تاريخه: 2 / 95، والصفدي في الوافي:
4 / 246، واليافعي في المرآة: 3 / 423، والسبكي في
الطبقات: 6 / 160، والاسنوي في طبقاته: 2 / 439، وابن كثير
في البداية: 12 / 318، والعيني في عقد الجمان: 17 / الورقة
21، وابن تغري بردي في النجوم: 6 / 101 وابن العماد في
الشذرات: 4 / 373.
(21/152)
وَإِجَازَة (1)، وَعَنْ: أَبِي مَنْصُوْرٍ
مُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ بنِ مَنْدَوَيْه، وَغَانِم بن
أَبِي نَصْرٍ البُرْجِيّ، وَأَبِي عَلِيٍّ الحَدَّادِ
-فَأَكْثَر جِدّاً- وَالحَافِظ هِبَة اللهِ بن الحَسَنِ
الأَبَرْقُوْهِيّ، وَالحَافِظ يَحْيَى بن مَنْدَةَ،
وَالحَافِظ مُحَمَّد بن طَاهِرٍ المَقْدِسِيّ، وَأَبِي
العَبَّاسِ أَحْمَد بن الحُسَيْنِ بنِ أَبِي ذَرٍّ،
وَمُحَمَّد بن إِبْرَاهِيْمَ الصَّالحَانِيّ، وَابْن
عَمِّهِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ أَبِي
ذَرٍّ -خَاتمَة مَنْ رَوَى عَنْ أَبِي طَاهِرٍ بن عَبْدِ
الرَّحِيْمِ- وَأَبِي غَالِبٍ أَحْمَد بن العَبَّاسِ بنِ
كُوشيذ، وَإِبْرَاهِيْم بن أَبِي الحُسَيْنِ بنِ أَبرويه
سِبْط الصَّالحَانِيّ، وَعَبْد الوَاحِدِ بن مُحَمَّدٍ
الصَّبَّاغ الدَّشْتَج (2) ، وَأَبِي الفَتْحِ
إِسْمَاعِيْل بن الفَضْلِ السَّرَّاج، وَالحَافِظ أَبِي
القَاسِمِ إِسْمَاعِيْل بن مُحَمَّدِ بنِ أَبِي الفَضْلِ
التَّيْمِيّ -لاَزمَه مُدَّة، وَتَخَرَّجَ بِهِ- وَأَبِي
طَاهِرٍ إِسْحَاق بن أَحْمَدَ الرَّاشتينَانِيّ (3) ،
وَالوَاعِظ تَمِيْم بن عَلِيٍّ القَصَّار، وَالرَّئِيْس
جَعْفَر بن عَبْدِ الوَاحِدِ الثَّقَفِيِّ، وَأَبِي
مُحَمَّدٍ حَمْزَة بن العَبَّاسِ العَلَوِيِّ، وَأَبِي
شُكر حَمْد بن عَلِيٍّ الحبَّال، وَأَبِي الطَّيِّبِ
حَبِيْب بن أَبِي مُسْلِمٍ الطِّهْرَانِيّ، وَأَبِي
الفَتْحِ رَجَاء بن إِبْرَاهِيْمَ الخَبَّاز، وَطَلْحَة بن
الحُسَيْنِ بنِ أَبِي ذَرٍّ الصَّالحَانِيّ، وَأَبِي
القَاسِمِ طَاهِر بن أَحْمَدَ البَزَّار، وَالحَافِظ أَبِي
الخَيْرِ عَبْد اللهِ بن مَرْزُوْق الهَرَوِيِّ، وَأَبِي
بَكْرٍ عَبْد الجَبَّارِ بن عُبَيْدِ اللهِ بنِ فُورويه
الدّلاَل -مِنْ أَصْحَابِ أَبِي نُعَيْمٍ- وَأَبِي
__________
(1) أحضر عليه سنة 503 وهي السنة التي توفي فيها المطرز.
(2) ويقال فيه (الدشتي) أيضا، وهو آخر من حدث عن الحافظ
أبي نعيم الأصبهاني وتوفي سنة 518 (انظر وفيات الحاجي،
الترجمة: 75 وتعليق المحققين عليها).
(3) في الأصل: (الراشتياني) وما أثبتناه هو الصواب، وهو
منسوب إلى (راشتينان) قرية من قرى أصبهان، قال ياقوت:
(الشين معجمة ثم التاء المثناة من فوقها وياء آخر الحروف
ساكنة ونون وآخره نون من قرى أصبهان ينسب إليها..ومنها
أيضا أبو طاهر إسحاق بن أبي بكر أحمد
ابن محمد بن جعفر الراشتبناني ... روى عنه الحافظ أبو موسى
الأصبهاني) (معجم البلدان: 2 / 733 - 734).
(21/153)
نَهْشَل عَبْد الصَّمَدِ بن أَحْمَدَ
العَنْبَرِيّ، وَمَحْمُوْد بن إِسْمَاعِيْلَ الصَّيْرَفِيّ
الأَشْقَر،
وَالهَيْثَم بن مُحَمَّدِ بنِ الهَيْثَم الأَشْعَرِيّ،
وَخجستَة بِنْت عَلِيِّ بنِ أَبِي ذَرٍّ الصَّالحَانِيَّة،
وَأُمّ اللَّيْث دَعْجَاءَ بِنْت أَبِي سهل الفَضْل بن
مُحَمَّدٍ، وَفَاطِمَة بِنْت عَبْدِ اللهِ
الجُوْزْدَانِيَّة.
وَارتحل، فَسَمِعَ مِنْ: أَبِي القَاسِمِ بنِ الحُصَيْنِ
(1) ، وَهِبَة اللهِ بن أَحْمَدَ بنِ الطَّبرِ، وَقَاضِي
المَارستَان أَبِي بَكْرٍ، وَأَبِي الحَسَنِ ابْن
الزَّاغُوْنِيِّ، وَأَبِي العِزِّ بن كَادِشٍ، وَخَلْقٌ
سِوَاهُم.
وَصَنَّفَ كِتَاب (الطّوَالاَت) فِي مُجَلَّدين، يُخضَع
لَهُ فِي جَمعِه، وَكِتَاب (ذِيل مَعْرِفَة الصَّحَابَة
(2)) جمع فَأَوعَى، وَأَلّف كِتَاب (القُنُوت) فِي
مُجَلَّدٍ، وَكِتَاب (تَتمَّة الغرِيبين (3)) يَدلّ عَلَى
برَاعته فِي اللُّغَة، وَكِتَاب (اللطَائِف فِي رِوَايَة
الكِبَار وَنَحْوهم عَنِ الصّغَار)، وَكِتَاب (عَوَالِي
(4)) يُنْبِئُ بتقدّمه فِي مَعْرِفَةِ العَالِي
وَالنَّازل، وَكِتَاب (تَضْييع العُمُر فِي اصطنَاع
المَعْرُوف إِلَى اللئَام)، وَأَشيَاء كَثِيْرَة.
__________
(1) في الأصل: (الحسين) وهو وهم من الناسخ، وهو أبو القاسم
هبة الله بن محمد بن عبد الواحد ابن الحصين الشيباني
البغدادي الكاتب مسند العراق المتوفى سنة 525، وقد روى عنه
السلفي في (معجم شيوخ بغداد)، الورقة 10 (نسخة الاسكوريال)
وترجم له ابن الجوزي في المنتظم: 10 / 24، وابن الأثير في
الكامل: 10 / 256 والذهبي في كتبه، والعيني في عقد الجمان:
16 / الورقة 35 وغيرهم كثير.
(2) استدرك فيه على كتاب معرفة الصحابة لأبي نعيم الحافظ.
(3) كتاب (الغريبين) لأبي عبيد الهروي المتوفى سنة 401
وحققه صديقنا العالم الفاضل محمود الطناحي وظهر مجلده
الأول بالقاهرة سنة 1970.
أما كتاب أبي موسى فقد سماه (المغيث في غريب القرآن
والحديث) منه نسخة في مكتبة كوبرلي بتركيا وعنها صورة في
معهد المخطوطات برقم 500 حديث. وهذان الكتابان هما أساس
كتاب (النهاية) لابن الأثير المتوفى سنة 606.
(4) هو في (عوالي التابعين) حسب.
(21/154)
وَحفظ (علُوْم الحَدِيْث) لِلْحَاكِم،
وَعرضه (1) عَلَى إِسْمَاعِيْلَ التَّيْمِيّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ، وَأَبُو
بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى الحَازِمِيّ، وَأَبُو
مُحَمَّدٍ عَبْدُ الغَنِيّ بن عَبْدِ الوَاحِدِ
المَقْدِسِيّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ القَادِرِ بنُ
عَبْدِ اللهِ الرُّهَاوِيّ، وَمُحَمَّد بن مَكِّيّ
الأَصْبَهَانِيّ، وَأَبُو نَجِيْحٍ مُحَمَّد بن
مُعَاوِيَةَ، وَالنَّاصح عَبْد الرَّحْمَانِ ابْن
الحَنْبَلِيّ.
وَلَوْ سَلِمَتْ أَصْبَهَان مِنْ سَيْف التَّتَار فِي
سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، لعَاشَ
أَصْحَاب أَبِي مُوْسَى إِلَى حُدُوْدِ نَيِّف وَسِتِّيْنَ
وَسِتِّ مائَةٍ.
وَقَدْ رَوَى عَنْهُ بِالإِجَازَةِ: عَبْد اللهِ بن
بَرَكَات الخُشُوْعِيّ، وَطَائِفَة.
قَالَ ابْنُ الدُّبَيْثِيّ (2) : عَاشَ أَبُو مُوْسَى
حَتَّى صَارَ أَوحد وَقته، وَشَيْخ زَمَانه إِسْنَاداً
وَحفظاً.
قَالَ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ (3) : سَمِعْتُ مِنْ
أَبِي مُوْسَى، وَكَتَبَ عَنِّي، وَهُوَ ثِقَةٌ، صَدُوْقٌ.
وَقَالَ عَبْدُ القَادِرِ الحَافِظُ (4) : حصّل أَبُو
مُوْسَى مِنَ المَسْمُوْعَات بِأَصْبَهَانَ مَا لَمْ يَحصل
لأَحدٍ فِي زَمَانِهِ، وَانضمّ إِلَى ذَلِكَ الحِفْظُ
وَالإِتْقَان، وَلَهُ التَّصَانِيْف الَّتِي أَربَى
فِيْهَا عَلَى المُتَقَدِّمِيْنَ، مَعَ الثِّقَة،
وَالعفَّة، كَانَ لَهُ شَيْء يَسير يَتربّح بِهِ، وَيَنفق
مِنْهُ، وَلاَ يَقبل مِنْ أَحَد شَيْئاً قَطُّ، أَوْصَى
إِلَيْهِ غَيْر
__________
(1) العرض: من صيغ التحمل عند المحدثين ويراد بها القراءة
على الشيخ، من حيث أن القارئ يعرض على الشيخ ما يقرؤه كما
يعرض القرآن على المقرئ.
(2) (ذيل تاريخ مدينة السلام)، الورقة 74 (شهيد علي).
(3) انظر ما اختاره ابن منظور من تاريخه الذي ذيل به على
الخطيب، الورقة: 5.
(4) يعني: الرهاوي.
(21/155)
وَاحِد بِمَال، فِيردّه، فَكَانَ يُقَالُ
لَهُ: فَرّقه عَلَى مَنْ تَرَى، فِيمتنع، وَكَانَ فِيْهِ
مِنَ التَّوَاضع بِحَيْثُ أَنَّهُ يُقْرِئُ الصَّغِيْر
وَالكَبِيْر، وَيُرشد الْمُبْتَدِئ، رَأَيْتهُ يَحفّظ
الصِّبْيَان القُرْآن فِي الأَلوَاح، وَكَانَ يمْنَع مَنْ
يَمْشِي مَعَهُ، فَعَلْت ذَلِكَ مرَّة، فَزجرنِي، وَتردّدت
إِلَيْهِ نَحْواً مِنْ سَنَة وَنِصْف، فَمَا رَأَيْتُ
مِنْهُ وَلاَ سَمِعْتُ عَنْهُ سقطَة تُعَاب عَلَيْهِ.
وَكَانَ أَبُو مَسْعُوْدٍ كُوتَاه يَقُوْلُ: أَبُو مُوْسَى
كنز مخفِيّ.
قَالَ الحُسَيْنُ بنُ يَوْحن (1) البَاورِّيّ: كُنْت فِي
مدينَة الخَان (2) ، فَسَأَلنِي سَائِل عَنْ رُؤْيَا،
فَقَالَ: رَأَيْتُ كَأنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تُوُفِّيَ.
فَقَالَ: إِنْ صدقت رُؤيَاك، يَموت إِمَام لاَ نَظير لَهُ
فِي زَمَانِهِ، فَإِنَّ مِثْل هَذَا المَنَام رُئِيَ حَال
وَفَاة الشَّافِعِيّ، وَالثَّوْرِيّ، وَأَحْمَد بن
حَنْبَلٍ.
قَالَ: فَمَا أَمسينَا حَتَّى جَاءنَا الخَبَر بِوَفَاة
الحَافِظ أَبِي مُوْسَى المَدِيْنِيّ.
وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ الخُجَنْدِيّ، قَالَ:
لَمَّا مَاتَ أَبُو مُوْسَى، لَمْ يَكَادُوا أَن يَفرغُوا
مِنْهُ، حَتَّى جَاءَ مَطَر عَظِيْم فِي الحرّ الشَّدِيد،
وَكَانَ المَاء قَلِيْلاً بِأَصْبَهَانَ، فَمَا انْفَصل
أَحَد عَنِ المَكَان مَعَ كَثْرَة الْخلق إِلاَّ
قَلِيْلاً، وَكَانَ قَدْ ذَكَرَ فِي آخِرِ إِمْلاَء
أَملاَهُ: أَنَّهُ مَتَى مَاتَ مَنْ لَهُ مَنْزِلَة عِنْد
الله، فَإِنَّ اللهَ يَبعثُ سحَاباً يَوْم مَوْته، علاَمَة
لِلمَغْفِرَة لَهُ، وَلِمَنْ صَلَّى عَلَيْهِ.
سَمِعْتُ شَيْخنَا العَلاَّمَة أَبَا العَبَّاسِ (3) بن
عَبْدِ الحَلِيْم يُثنِي عَلَى حِفْظِ أَبِي مُوْسَى،
وَيُقْدّمه عَلَى الحَافِظ ابْن عَسَاكِرَ، بَاعْتِبَارِ
تَصَانِيْفه وَنفعهَا.
__________
(1) في (تذكرة الحفاظ): (يوحز) محرف، وباور التي نسب إليها
موضع باليمن، خرج الحسين منه في طلب العلم فاستقر باصبهان
وتوفي بها سنة 587 (راجع تكملة المنذري: 1 / الترجمة 137
والتعليق عليها).
(2) الخان: موضع بأصبهان كما في (معجم) ياقوت و(مراصد)
البغدادي.
(3) يعني شيخ الإسلام المجاهد الكبير ابن تيمية الحراني
المتوفى مسجونا سنة 728.
(21/156)
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ مَحْمُوْدٍ
الرُّوَيْدَشْتِيّ (1) : تُوُفِّيَ أَبُو مُوْسَى فِي
تَاسع جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ.
قُلْتُ: كَانَ حَافِظ المَشْرِق فِي زَمَانِهِ.
وَفِيْهَا مَاتَ: حَافِظ المَغْرِب أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ
الحَقِّ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَانِ الأَزْدِيّ مصَنّف
(الأَحكَام)، وَعَالِم الأَنْدَلُس الحَافِظُ أَبُو زَيْد
عَبْد الرَّحْمَانِ بن عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ بنِ
إِصبغ الخَثْعَمِيّ السُّهَيْلِيّ المَالقِيّ الضّرِير
صَاحِب (الرّوض الأُنُف)، وَمُسْنِد الوَقْت أَبُو
الفَتْحِ عُبَيْد اللهِ بن عَبْدِ اللهِ بنِ شَاتيل
الدَّبَّاس بِبَغْدَادَ، وَحَافِظ أَصْبَهَان الإِمَامُ
أَبُو سَعْدٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ الصَّائِغ،
وَمُسْنِد دِمَشْق أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بنُ
نَصْرٍ النَّجَّار، وَأَبُو المَجْدِ الفَضْل بن
الحُسَيْنِ البَانْيَاسِيّ، وَشَيْخ حرَّان الزَّاهِد
الشَّيْخ حَيَاة بن قَيْسٍ الأَنْصَارِيّ، وَشَيْخ
الإِسْكَنْدَرِيَّة الفَقِيْهُ أَبُو الطَّاهِرِ
إِسْمَاعِيْل بن عَوْفٍ الزُّهْرِيّ عَنْ سِتٍّ
وَتِسْعِيْنَ سَنَةً، وَمُحَدِّث مَكَّة أَبُو حَفْصٍ
عُمَرُ بنُ عَبْدِ المَجِيْدِ المَيَانَشِيّ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ (2) بنُ عَلِيِّ
بنِ فَضْلٍ الحَنْبَلِيّ بِقِرَاءتِي، أَخْبَرَنَا عَبْدُ
الرَّحْمَانِ بن نَجْم الوَاعِظ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ
بنُ أَبِي بَكْرٍ المَدِيْنِيّ الحَافِظ، أَخْبَرْنَا
أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ
الحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ بنُ حَمْزَةَ،
حَدَّثَنَا عَبْدَان وَبِهِ إِلَى أَبِي نُعَيْمٍ،
وَحَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ رَزِيْنٍ
الخَيَّاط، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
سُلَيْمَانَ، قَالاَ:
حَدَّثَنَا هِشَامُ بنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بنُ
خَالِدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَانِ بن جَابِرٍ،
حَدَّثَنَا عطيَة بن قَيْسٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بن
غَنْمٍ الأَشْعَرِيِّ، قَالَ:
أَخْبَرَنِي أَبُو عَامِرٍ، أَوْ أَبُو
__________
(1) منسوب إلى (رويدشت) ويقال لها أيضا (روذدشت) قرية من
قرى أصبهان (معجم البلدان لياقوت: 2 / 831، 875)، وتصحفت
في (طبقات) السبكي إلى (الرويديني).
(2) توفي سنة 699 (الذهبي: (معجم الشيوخ)): 2 / الورقة
52).
(21/157)
مَالِك الأَشْعَرِيّ -وَاللهِ مَا
كَذَبَنِي-:
أَنَّهُ سَمِعَ رَسُوْل اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (لَيَكُوْنَنَّ فِي أُمَّتِي
أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّوْنَ الحِرَ وَالحَرِيْرَ وَالخَمْرَ
وَالمَعَازِفَ، وَلَيَنْزِلَنَّ أَقْوَامٌ إِلَى جَنْبِ
عَلَمٍ تَرُوْحُ عَلَيْهِم سَارِحَةٌ، فَيَأْتِيْهِم
رَجُلٌ لِحَاجَةٍ، فَيَقُوْلُوْنَ لَهُ: ارْجِعْ إِلَيْنَا
غَداً، فَيُبَيِّتُهُمُ اللهُ -تَعَالَى- وَيَضَعُ
العِلْمَ عَلَيْهِم، وَيُمْسَخُ آخَرُوْنَ قِرَدَةً
وَخَنَازِيْرَ).
رَوَاهُ: البُخَارِيُّ (1) ، عَنْ هِشَامٍ تَعليقاً،
فَقَالَ: وَقَالَ هِشَام.
وَأَخْرَجَهُ: أَبُو دَاوُدَ، مِنْ طرِيقِ بِشْر بن بَكْرٍ
التِّنِّيْسِيّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بن يَزِيْدَ بنِ
جَابِرٍ، بنَحْوهِ.
المعَازف: اسْمٌ لِكُلِّ آلاَت الملاَهِي الَّتِي يُعزَف
بِهَا، كَالزمر، وَالطنبور، وَالشّبّابَة، وَالصُّنوج.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبِي العِزِّ بِطَرَابُلس،
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَانِ بن نَجْم الوَاعِظ سَنَة
ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بنُ أَبِي بَكْرٍ الحَافِظ بِأَصْبَهَانَ،
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ القَاضِي،
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بنُ يُوْسُفَ العَطَّار، حَدَّثَنَا الحَارِثُ
بنُ مُحَمَّدٍ التَّمِيْمِيّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ
بَكْرٍ، حَدَّثَنَا حُمَيْد، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:
رَجَعَ رَسُوْل اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
مِنْ غَزْوَة تَبُوْك، فَلَمَّا دَنَوْا مِنَ
المَدِيْنَةِ، قَالَ: (إِنَّ بِالمَدِيْنَةِ لأَقْوَاماً
مَا قَطَعْتُمْ مِنْ وَادٍ وَلاَ سِرْتُمْ مِنْ مَسِيْرٍ
إِلاَّ كَانُوا مَعَكُم فِيْهِ).
قَالُوا: يَا رَسُوْلَ اللهِ! وَهُمْ بِالمَدِيْنَةِ؟
فَقَالَ: (نَعَمْ، خَلَّفَهُمُ العُذْرُ) (2) .
__________
(1) قال شعيب: هو في صحيحه 10 / 51، 56، فقال: وقال هشام
بن عمار، حدثنا صدقة بن خالد، حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن
جابر، حدثنا عطية بن قيس الكلابي، حدثني عبد الرحمن بن غنم
الأشعري، قال: حدثني أبو عامر أو أبو مالك الأشعري - والله
ما كذبني - سمع النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد وصله الطبراني في (الكبير) 1 / 167 / 1، والبيهقي 10 /
221، وابن عساكر 19 / 79 / 2 من طرق عن هشام بن عمار به،
وطريق أبي داود التي ذكرها المصنف وهي عنده برقم (4039)
سندها صحيح، وهي متابعة جيدة لهشام بن عمار وصدقة بن خالد.
(2) قال شعيب: إسناده صحيح، وأخرجه البخاري 6 / 34، 45 في
الجهاد: باب من حبسه =
(21/158)
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ (1) : انْتَشَر
علم أَبِي مُوْسَى فِي الآفَاق، وَنفع الله بِهِ
المُسْلِمِيْنَ، وَاجْتَمَعَ لَهُ مَا لَمْ يَجتمع لغَيْره
مِنَ الحِفْظ، وَالعِلْم، وَالثِّقَة، وَالإِتْقَان،
وَالصَّلاَح، وَحسن الطّرِيقَة، وَصحَة النَّقْل، قَرَأَ
القُرْآنَ بِالرِّوَايَات، وَتَفَقَّهَ لِلشَّافِعِيِّ،
وَمهر فِي النَّحْوِ وَاللُّغَة، وَكَتَبَ الكَثِيْر،
رَحَلَ إِلَى بَغْدَادَ، وَحَجّ سَنَةَ أَرْبَعٍ
وَعِشْرِيْنَ وَسَنَة اثْنَتَيْنِ وأَرْبَعِيْنَ (2) .
قَالَ إِسْمَاعِيْلُ التَّيْمِيُّ لطَالب: الزمِ الحَافِظ
أَبَا مُوْسَى، فَإِنَّهُ شَابّ مُتْقِن.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ مَحْمُوْدٍ الرُّوَيْدَشْتِيّ:
صَنّف الأَئِمَّة فِي مَنَاقِب شَيْخنَا أَبِي مُوْسَى
تَصَانِيْف كَثِيْرَة.
79 - عَبْدُ المُغِيْثِ بنُ زُهَيْرِ بنِ زُهَيْرِ بنِ
عَلَوِيٍّ الحَرْبِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الزَّاهِدُ،
__________
= العذر عن الغزو، من طريق سليمان بن حرب، عن حماد بن زيد،
عن حميد، عن أنس، وأخرجه 8 / 95، 96 في المغازي من طريق
أحمد بن محمد، عن عبد الله بن المبارك، عن حميد الطويل، عن
أنس، وأخرجه ابن ماجه (2764) من طريق محمد بن المثنى، عن
ابن أبي عدي، عن حميد، عن أنس، وأخرجه أبو داود (2508) من
طريق موسى بن إسماعيل، عن حماد، عن حميد، عن موسى بن أنس،
عن أنس.
ويرى البخاري أن حذف موسى بن أنس من السند أصح، وخالفه
الاسماعيلي في ذلك، فقال: حماد عالم بحديث حميد.
مقدم فيه على غيره.
وقال الحافظ في (الفتح) 6 / 35: ولا مانع من أن يكونا
محفوظين، فلعل حميدا سمعه من موسى عن أبيه، ثم لقي أنسا،
فحدثه به، أو سمعه من أنس، فثبته فيه ابنه موسى. وانظر
تمام كلامه فيه.
وفي الباب عن جابر عند مسلم (1911)، وابن ماجه (2765).
(1) الدمياطي: (المستفاد من ذيل تاريخ بغداد)، الورقة 11.
(2) يعني: وخمس مئة.
(*) ترجم له ابن نقطة في التقييد، الورقة: 169، وابن
الأثير في الكامل: 11 / 230، وابن الدبيثي في تاريخه،
الورقة: 189 (باريس 5922)، وابن النجار في التاريخ المجدد،
الورقة: 2 (ظاهرية)، والذهبي في وفيات سنة 583 من تاريخ
الإسلام، والعبر: 4 / 249، =
(21/159)
الصَّالِحُ، المُتَّبَعُ، بَقِيَّةُ
السَّلَفِ، أَبُو العِزِّ بنُ أَبِي حَرْبٍ
البَغْدَادِيُّ، الحَرْبِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ خَمْس مائَة (1) .
وَعُنِي بِالآثَار، وَقرَأَ الكُتُب، وَنسخ، وَجَمَعَ،
وَصَنَّفَ، مَعَ الوَرَع، وَالِدّين، وَالصِّدْق، وَالتمسك
بِالسُّنَن، وَالوقع فِي النُّفُوْس، وَالجَلاَلَة.
سَمِعَ: أَبَا القَاسِمِ بن الحُصَيْنِ، وَأَبَا العِزِّ
بن كَادِشٍ، وَهِبَة اللهِ بن الطَّبرِ، وَأَبَا غَالِب
ابْن البَنَّاء، وَقَاضِي المَارستَان، وَعدداً كَثِيْراً.
وَرَوَى الكَثِيْر، وَأَفَاد الطلبَة.
حَدَّثَ عَنْهُ: الشَّيْخ المُوَفَّق، وَالحَافِظ عَبْد
الغَنِيِّ، وَحَمْد بن صُدَيْقٍ، وَالبَهَاء عَبْد
الرَّحْمَانِ، وَالحَافِظ مُحَمَّد ابْن الدُّبَيْثِيّ،
وَطَائِفَة.
وَقَدْ أَلّفَ (جُزْءاً) فِي فَضَائِل يَزِيْد، أَتَى
فِيْهِ بعَجَائِب وَأَوَابد، لَوْ لَمْ يُؤَلّفه لَكَانَ
خَيراً (2) ، وَعَمِلَهُ ردّاً عَلَى ابْنِ الجَوْزِيّ،
وَوَقَعَ بَيْنهُمَا عدَاوَة (3) .
وَلعَبْد المُغِيْثِ غلطَات تَدُلُّ عَلَى قلّة عِلْمه:
قَالَ مرَّةً: مُسْلِم بن يَسَارٍ صَحَابِيّ، وَصحّح
حَدِيْثَ الاستلقَاء، وَهُوَ مُنْكَر، فَقِيْلَ لَهُ فِي
ذَلِكَ، فَقَالَ:
__________
= والاعلام، الورقة: 210، والمنذري في التكملة: 1 /
الترجمة 11، وابن كثير في البداية: 12 / 328، وابن رجب في
الذيل: 1 / 354، والغساني صاحب العسجد، الورقة 94، والسائح
في المناقب، الورقة: 2، والعيني في عقد الجمان: 17 /
الورقة: 51، وابن تغري بردي في النجوم: 6 / 106، وابن
العماد في الشذرات: 4 / 275.
(1) قال المنذري في (التكملة): تخمينا.
(2) قال شعيب: قال المؤلف رحمه الله في (الميزان) 4 / 440
في ترجمة يزيد: مقدوح في عدالته، ليس بأهل لان يروى عنه.
وقد عده شيخ الإسلام في (منهاج السنة) 2 / 251 من الفساق،
كما أنه اعترف 2 / 253 بما فعله بأهل المدينة في وقعة
الحرة من استباحة دمائهم وأموالهم ونسائهم، وقال: وهذا هو
الذي عظم إنكار الناس عليه من فعل يزيد، ولهذا قيل للامام
أحمد: أتكتب الحديث عن يزيد ؟ قال: لا ولا كرامة، أليس هو
الذي فعل بأهل المدينة ما فعل.
(3) أورد الزين ابن رجب في الذيل تفاصيل هذه العداوة.
(21/160)
إِذَا رددنَاهُ، كَانَ فِيْهِ إِزرَاء
عَلَى مَنْ رَوَاهُ!
وَقَدْ حفرَ لَهُ قَبْراً بِقُرْبِ الإِمَامِ أَحْمَدَ،
وَكَانَ قَدْ قَدِمَ دِمَشْقَ تَاجراً بِمَالٍ لِسَعْدِ
الخَيْرِ (1) ، فَحَدَّثَ بِهَا، وَذَكَرَهُ ابْنُ
عَسَاكِرَ فِي (تَارِيْخِهِ).
حكَى ابْنُ تَيْمِيَّةَ شَيْخُنَا، قَالَ: قِيْلَ: إِنَّ
الخَلِيْفَةَ النَّاصِرَ لَمَّا بَلَغَهُ نَهْيُ عَبْدِ
المُغِيْثِ عَنْ سَبِّ يَزِيْدَ، تَنَكَّرَ، وَقَصَدَهُ،
وَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ، فَتَبَالَهَ عَنْهُ، وَقَالَ: يَا
هَذَا! إِنَّمَا قَصَدْتُ كَفَّ الأَلْسِنَةِ عَنْ لَعْنِ
الخُلَفَاءِ، وَإِلاَّ فَلَو فَتَحْنَا هَذَا، لَكَانَ
خَلِيْفَةُ الوَقْتِ أَحَقَّ بِاللَّعْنِ؛ لأَنه يَفْعَلُ
كَذَا، وَيَفْعَلُ كَذَا...، وَجَعَلَ يُعَدِّدُ
خَطَايَاهُ، قَالَ: يَا شَيْخُ! ادْعُ لِي، وَقَامَ.
تُوُفِّيَ عَبْدُ المُغِيْثِ: فِي المُحَرَّمِ (2) ،
سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
80 - ابْنُ المَوَازِيْنِيِّ أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ
بنُ حَمْزَةَ بنِ عَلِيٍّ *
الشَّيْخُ، العَالِمُ، المُحَدِّثُ، المُسْنِدُ، أَبُو
الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ حَمْزَةَ ابْنِ المُحَدِّثِ أَبِي
الحَسَنِ عَلِيِّ بنِ الحَسَنِ بنِ الحُسَيْنِ ابْن
المَوَازِيْنِيِّ، الدِّمَشْقِيُّ، المُعَدَّلُ.
وُلِدَ: فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِ
مائَةٍ.
__________
(1) يعني المحدث المشهور سعد الخير بن محمد بن سهل
الأنصاري البلنسي.
(2) في الثالث والعشرين منه كما ذكر المنذري وابن الدبيثي
وغيرهما، ودفن من يومه بباب حرب.
(*) ترجم له ابن الدبيثي في تاريخه، الورقة: 183 (باريس
5921)، والمنذري في التكملة: 1 / الترجمة 71، وابن الفوطي
في تلخيصه: 5 / الترجمة 738، والذهبي في تاريخ الإسلام،
الورقة: 20 (باريس 1582)، والمختصر المحتاج إليه: 1 / 181،
والعبر: 4 / 255، والاعلام، الورقة 211، وابن تغري بردي في
النجوم: 6 / 110، وابن العماد في الشذرات: 4 / 283.
(21/161)
سَمِعَ مِنْ: جدّه أَبِي الحَسَنِ،
وَوَالِدَتِه شُكْرِ بِنْت سَهْلِ بنِ بِشْرٍ
الإِسْفَرَايِيْنِيِّ.
وَأَجَازَ لَهُ مِنْ أَصْبَهَانَ: أَبُو عَلِيٍّ
الحَدَّاد.
وَارتحل، فَسَمِعَ مِنْ: أَبِي بَكْرٍ ابْنِ
الزَّاغُوْنِيِّ، وَمُحَمَّد بن عُبَيْدِ اللهِ
الرُّطَبِيّ، وَأَبِي الكَرَمِ الشَّهْرُزُوْرِيّ،
وَسَعِيْد ابْن البَنَّاءِ، وَطَائِفَة.
وَخَرَّجَ، وَجَمَعَ، وَسَكَنَ بِسَفْحِ قَاسيُوْن،
وَأَنشَأَ زَاويَة، وَكَانَ مُقْبِلاً عَلَى شَأْنه،
مُؤثراً لِلْعُزلَة، موَاسياً لِلْفُقَرَاء، خَرَّجَ
لِنَفْسِهِ (مَشْيَخَة) حَسَنَة، فِيْهَا عَنْ: أَبِي
الفَضْلِ الأُرْمَوِيّ، وَابْن الطَّلاَّيَةِ، وَعِدَّة.
رَوَى عَنْهُ: الحَافِظُ الضِّيَاءُ، وَابْنُ خَلِيْلٍ،
وَعَبْدُ الحَقِّ بنُ خَلَفٍ، وَالبَهَاءُ عَبْد
الرَّحْمَانِ، وَمُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ، وَخَطِيْب مَرْدَا،
وَالعِمَادُ ابْنُ عَبْدِ الهَادِي، وَالعِمَاد عَبْد
اللهِ ابْن النَّحَّاسِ، وَالزِّين ابْن عَبْدِ
الدَّائِمِ، وَخَلْق.
قَالَ الضِّيَاء: كَانَ دَيِّناً، خَيِّراً، قَدِ انحنَى،
سَمِعْنَا مِنْهُ أَكْثَر (الحِلْيَة).
مَاتَ: فِي المُحَرَّم، سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ.
(21/162)
|