سير أعلام
النبلاء، ط الرسالة الطَّبَقَةُ الرَّابِعَةُ وَالثَّلاَثُوْنَ
26 - الهَمْدَانِيُّ أَبُو الفَضْلِ جَعْفَرُ بنُ عَلِيِّ
بنِ هِبَةِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، المُقْرِئُ، المُجَوِّدُ،
المُحَدِّثُ، المُسْنِدُ، الفَقِيْهُ، بَقِيَّةُ
السَّلَفِ، أَبُو الفَضْلِ جَعْفَرُ بنُ عَلِيِّ بنِ
هِبَةِ اللهِ أَبِي البَرَكَاتِ بنِ جَعْفَرِ بنِ يَحْيَى
بنِ أَبِي الحَسَنِ بنِ مُنِيْرِ بنِ أَبِي الفَتْحِ
الهَمْدَانِيُّ، الإِسْكَنْدَرَانِيُّ، المَالِكِيُّ.
مَوْلِدُهُ: فِي عَاشرِ صَفَرٍ، سَنَةَ سِتٍّ
وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
تَلاَ بِالسَّبْعِ وَيَعْقُوْبَ عَلَى: أَبِي القَاسِمِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ خَلفِ الله بنِ عَطِيَّةَ صَاحِبِ
ابْنِ الفَحَّامِ، وَابْنِ بليمَةَ.
وَسَمِعَ الحَدِيْثَ وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ أَبِي طَاهِرٍ
السِّلَفِيِّ فَأَكْثَرَ، وَكَتَبَ بِخَطِّهِ كَثِيْراً.
وَمِنْ: أَبِي مُحَمَّدٍ العُثْمَانِيِّ،
__________
(*) التكملة لوفيات النقلة: 3 الترجمة: 2855، وذيل
الروضتين: 167، ودول الإسلام: 2 / 107، وتذكرة الحفاظ:
1424، والعبر: 5 / 149، ومعرفة القراء الكبار 2 / 497، إذ
عده في الطبقة الرابعة عشرة، وتاريخ الإسلام، الورقة: 173،
والوافي بالوفيات 11 / 117 الترجمة 197، والبداية والنهاية
13 / 153، وذيل التقييد الورقة 151، وغاية النهاية في
طبقات الفراء 1 / 193 الترجمة 891، وعقد الجمان للعيني ج:
18 الورقة 220، والنجوم الزاهرة: 6 / 314، وحسن المحاضرة:
1 / 215، وشذرات الذهب: 5 / 180.
(23/36)
وَعَبْدِ الوَاحِدِ بنِ عَسْكَرٍ، وَأَبِي
الطَّاهِرِ بنِ عَوْفٍ، وَالقَاضِي مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ الحَضْرَمِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ جَعْفَرٍ
الغَافقِيِّ، وَأَبِي يَحْيَى اليَسَعِ بنِ حَزْمٍ،
وَطَائِفَةٍ.
وَأَجَازَ لَهُ طَوَائِفُ مِنَ الأَنْدَلُسِ وَأَصْبَهَانَ
وَهَمَذَانَ، وَأَمَّ بِمسجدِ النَّخْلَةِ، وَأَقْرَأَ
بِهِ مُدَّةً، وَحَدَّثَ بِالثَّغْرِ وَمِصْرَ
وَالسَّاحِلِ وَدِمَشْقَ، وَكَانَ لَهُ أُصُوْلٌ
بِكَثِيْرٍ مِنْ رِوَايَاتهِ يَرْجِعُ إِلَيْهَا.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ النَّجَّارِ، وَابْن نُقْطَة،
وَابْن المَجْدِ، وَالكَمَالُ ابْنُ الدُّخميسِيّ، وَابْنُ
الحُلوَانِيَّةِ، وَأَبُو الحُسَيْنِ اليُوْنِيْنِيّ،
وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المَنْبِجِيّ،
وَالعزُّ ابْنُ العِمَادِ، وَأَبُو عَلِيٍّ ابْن
الخَلاَّل، وَأَبُو المَحَاسِنِ ابْن الخِرَقِيّ، وَنصرُ
الله بنُ عَيَّاشٍ، وَأَحْمَدُ بنُ مُؤْمِنٍ، وَمُحَمَّدُ
بنُ يُوْسُفَ الذَّهَبِيّ، وَالقَاضِي الحَنْبَلِيُّ،
وَهَدِيَّةُ بِنْتُ عَسْكَرٍ، وَزَيْنَبُ بِنْتُ شكرٍ،
وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بن جَمَاعَة الرَّبَعِيُّ، وَسَعْدُ
الدِّيْنِ ابْنُ سَعْدٍ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ عَبْدِ
الدَّائِمِ.
وَأَخَذَ عَنْهُ القِرَاءاتِ: الشَّيْخُ عَلِيٌّ
الدّهَّانُ، وَعَبْدُ النَّصِيْر المريُوطِيّ،
وَطَائِفَةٌ.
قَالَ المُنْذِرِيّ: أَقْرَأَ وَانتفعَ بِهِ جَمَاعَةٌ،
وَكَانَ بُعِثَ إِلَيْهِ ليحضرَ، فَقَدِمهَا وَمَعَهُ
جُمْلَةٌ مِنْ مَسْمُوْعَاتهِ، وَأَقَامَ بِالقَاهِرَةِ
مُدَّةً، ثُمَّ تَوجَّه إِلَى دِمَشْقَ، وَرَوَى الكَثِيْر
(1) .
قُلْتُ: أَقَامَ بِدِمَشْقَ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ، أَقْدَمَهُ
ابْنُ الجَوْهَرِيّ المُحَدِّثُ، وَقَامَ بِوَاجِبِ
حَقِّهِ.
وَقَالَ ابْنُ نُقْطَة:
__________
(1) التكملة 3 / 501، وفيها أنه لم يزل بها إلى حين وفاته.
(23/37)
سَمِعْتُ مِنْهُ، وَكَانَ ثِقَةً صَالِحاً
مِنْ أَهْلِ القُرْآن.
وَقَالَ المُنْذِرِيُّ: تُوُفِّيَ لَيْلَةَ السَّادِسِ
وَالعِشْرِيْنَ مِنْ صَفَرٍ، سَنَةَ سِتٍّ ثَلاَثِيْنَ
وَسِتِّ مائَةٍ، بِدِمَشْقَ (1) .
وَللبِرْزَالِيِّ فِيْهِ:
اسْتفدنَا مِنْ جَعْفَرِ الهَمْدَانِي ... مَا حُرِمْنَا
فِي سَائِرِ الأَزْمَانِ
مِنْ أَسَانِيْدَ عَالِيَاتٍ صِحَاحٍ ... وَحِكَايَاتٍ
مُطرِبَاتٍ حِسَانِ
وَتَوَارِيخَ مُحكمَاتٍ صِحَاحٍ ... عَنْ شُيُوْخٍ
أَجِلَّةٍ أَعْيَانِ
كَأَبِي طَاهِرٍ هُوَ السِّلَفِيُّ الـ ... أَصْبَهَانِيُّ
الحَبْرُ وَالعُثْمَانِي
وَلكُم عِنْدَهُ مِنَ الأَدبيَا ... تِ قرَاهَا وَمِنْ
عُلُوْمِ القُرَانِ
أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ
التَّنُوْخِيُّ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ عَلِيٍّ،
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ،
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ حَمْدٍ بِالدُّوْن (2)
، وَبَدْر بن دُلَفٍ بِالفَرَك (3) ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا القَاضِي أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ
الدِّيْنَوَرِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
إِسْحَاقَ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ شُعَيْبٍ
الحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ
حَكِيْمٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الحَسَنُ - هُوَ
ابْنُ صَالِحٍ - عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الأَسْوَدِ،
__________
(1) وأضاف المنذري أنه دفن من الغد بمقبرة الصوفية،
(التكملة: 1 / 500)، قال أبو شامة: حضرت الصلاة عليه خارج
باب النصر وشيعته إلى المقبرة المذكورة المظلمة (كذا
ولعلها المطلة) على وادي البردى (ذيل الروضتين: 167).
(2) قرية من أعمال الدينور نسب إليها عبد الرحمان هذا.
(3) ناحية باصبهان، وبعضهم يسكن الراء.
(23/38)
عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
لاَ يَتَوَضَّأُ بَعْدَ الغُسْلِ (1) .
وَفِي سَنَةِ سِتٍّ: مَاتَ صَاحِبُ مَارْدِيْنَ الملكُ
المَنْصُوْرُ أَرْتقُ بنُ أَرْسَلاَنَ الأَرتقِيُّ
التُّرُكْمَانِيُّ وَكَانَ لاَ بَأْسَ بِهِ، امتدَّتْ
أَيَّامُهُ، وَالفَقِيْهُ القُدْوَةُ أَبُو العَبَّاسِ
أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ القَسْطلاَنِيُّ المَالِكِيُّ
صَاحِبُ الشَّيْخِ أَبِي عَبْدِ اللهِ القُرَشِيِّ،
ُوَأَسَعْدُ بنُ المُسَلَّمِ بنِ عَلاَّنَ، وَالمُحَدِّث
بَدَلُ بنُ أَبِي المُعَمَّرِ التِّبْرِيْزِيُّ،
وَحَسَّانُ بنُ أَبِي القَاسِمِ المَهْدَوِيّ، وَشَيْخُ
نَصِيْبِيْنَ عَسْكَرُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ بنِ
عَسْكَرٍ، وَالوَزِيْرُ جَمَالُ الدِّيْنِ عَلِيّ بنُ
جَرِيْرٍ الرَّقِّيّ وَزِيْرُ الأَشْرَفِ، وَالصَّاحب
عِمَادُ الدِّيْنِ عُمَرُ ابْنُ شَيْخِ الشُّيُوْخِ
الجُوَيْنِيُّ، وَالحَافِظُ زَكِيُّ الدِّيْنِ مُحَمَّدُ
بنُ يُوْسُفَ البِرْزَالِيُّ، وَأَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ
بنُ مُحَمَّدِ ابْنِ السَّبَّاكِ، وَشَيْخُ الحَنَفِيَّةِ
جَمَالُ الدِّيْنِ مَحْمُوْدُ بنُ أَحْمَدَ الحَصِيْرِيُّ.
27 - صَاحِبُ حِمْصَ أَسَدُ الدِّيْنِ أَبُو الحَارِثِ
شِيرْكُوْه بنُ نَاصِرِ الدِّيْنِ مُحَمَّدٍ *
الملكُ، المُجَاهِدُ، أَسَدُ الدِّيْنِ، أَبُو الحَارِثِ
شِيرْكُوْه ابْنُ صَاحِبِ حِمْص نَاصِرِ الدِّيْنِ
مُحَمَّدِ ابْنِ الملكِ أَسَدِ الدِّيْنِ شِيرْكُوْه بنِ
شَاذِي.
وُلِدَ: سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ، بِمِصْرَ.
__________
(1) رواه النسائي في الطهارة عن أحمد بن عثمان بن حكيم
الاودي، عن أبيه، عن الحسن بن صالح، به.
(*) التكملة لوفيات النقلة: 3 / 535 رقم الترجمة 2937،
ومرآة الزمان: 8 / 731 - 732، وذيل الروضتين: 169،
والحوادث الجامعة: 137، والمختصر في أخبار البشر: 3 / 173،
ودول الإسلام: 2 / 108، والعبر: 5 / 153، وتاريخ الإسلام،
الورقة: 189، نثر الجمان للفيومي ج 2 الورقة: 111 - 112،
والبداية والنهاية: 13 / 154 - 155، ونزهة الانام لابن
دقماق: الورقة 40، وعقد الجمان للعيني: ج 17 الورقة 235 -
236، والنجوم الزاهرة: 6 / 316، وشذرات الذهب: 5 / 184،
وغيرها.
(23/39)
وَملّكه السُّلْطَانُ صَلاَحُ الدِّيْنِ
حِمْصَ بَعْدَ أَبِيْهِ، فَتملَّكهَا (1) سِتّاً
وَخَمْسِيْنَ سَنَةً.
سَمِعَ بِدِمَشْقَ مِنَ: الفَضْلِ ابْنِ البَانْيَاسِيّ،
وَأَجَازَ لَهُ ابْنُ بَرِّيّ، وَحَدَّثَ.
وَكَانَ بَطَلاً شُجَاعاً مَهِيْباً، وَكَانَتْ بِلاَدُهُ
نَظيفَةً مِنَ الخُمُوْرِ، وَمَنَعَ النِّسَاءَ مِنَ
الخُرُوجِ مِنْ أَبْوَابِ حِمْصَ جُمْلَةً، وَدَامَ ذَلِكَ
خَوْفاً مِنْ أَنْ يَنزحَ بِهِنَّ رِجَالُهنَّ لِعَسفهِ،
وَكَانَ يُدِيْمُ الصَّلَوَاتِ، وَلاَ يُحِبّ لَهواً،
وَكَانَ ذَا رَأْيٍ وَدهَاءٍ وَشكلٍ مليحٍ وَجَلاَلَة،
كَانَتِ المُلُوْكُ تُدَارِيهِ وَيَخَافُوْنَهُ، اسْتوحشَ
مِنْهُ الكَامِلُ، وَظَنَّ أَنَّهُ أَوقَعَ بَيْنَ
الأَشْرَفِ وَبَيْنَهُ، فَصَادَرَهُ، وَطَلَبَ مِنْهُ
أَمْوَالاً، فَنَفَّذَ نِسَاءهُ يَشْفَعْنَ فِيْهِ، فَمَا
أَفَادَ، فَهيَّأَ الأَمْوَالَ، فَبَغَتَهُ مَوْتُ
الكَامِلِ، فَجَاءَ وَجَلَسَ عِنْد قَبْرِ الكَامِلِ
وَتَصرَّفَ.
وَهُوَ الَّذِي جَاءَ مَعَ الصَّالِح إِسْمَاعِيْلَ،
وَأَعَانَهُ عَلَى أَخْذِ دِمَشْقَ، وَكَانَ المُظَفَّرُ
صَاحِبُ حَمَاةَ قَدْ شَعرَ بِسَعْيِهِمَا، فَجَهَّزَ
عَسْكَرَهُ نَجْدَةً لِحِمَايَةِ دِمَشْقَ مَعَ نَائِبهِ
سَيْفِ الدِّيْنِ بن أَبِي عَلِيٍّ فِي أهبَةٍ وَسلاَحٍ
مُظهرِيْنَ أَنَّ ابْنَ أَبِي عَلِيٍّ قَدْ غَضِبَ مِنَ
المُظَفَّر، وَفَارقَ حَمَاة لِكَوْنِ صَاحِبِهَا يُرِيْدُ
أَنْ يُسلّمهَا إِلَى الفِرَنْجِ، فَمَا نَفَقَ هَذَا
عَلَى شِيرْكُوْه، فَنَزَلُوا بِظَاهِرِ حِمْصَ، فَخَرَجَ
إِلَيْهِ شِيرْكُوْه، وَشَكَرَه عَلَى مُنَابذَةِ
المُظَفَّر، وَقَالَ: بِاسْمِ اللهِ يَا خُوند علمنَا
مَاكُوْلاَ فَرَكِبَ مَعَهُ، ثُمَّ اسْتدعَى بَقِيَّةَ
الكِبَارِ مِنْ جُنْدِهِ، فَدَخَلُوا البَلَدَ، فَقَبَضَ
عَلَى الجَمَاعَةِ وَعَذَّبَهُم، وَأَخَذَ أَمْوَالَهُم،
وَهَرَبَ بَاقِي العَسْكَرِ إِلَى حَمَاةَ، وَتَضَعْضَعَ
لِذَلِكَ المُظَفَّرُ، وَمَاتَ نَائِبُهُ ابْنُ أَبِي
عَلِيٍّ فِي الحَبْسِ.
تُوُفِّيَ: بِحِمْصَ، فِي رَجَبٍ (2) ، سَنَةَ سَبْعٍ
وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
__________
(1) في البداية والنهاية: ولاه اياها الملك الناصر صلاح
الدين بعد موت أبيه سنة إحدى وثمانين وخمس مئة فمكث فيها
سبعا وخمسين سنة.
(2) في التكملة: في التاسع عشر من رجب، وفي المرآة:
العشرين من رجب.
(23/40)
وَشِيرْكُوْه بِالعَرَبِيِّ: أَسَدُ
الجَبَلِ.
وَتَمَلَّكَ حِمْصَ بَعْدَهُ المَنْصُوْرُ إِبْرَاهِيْمُ
وَلَدُهُ سَبْعَ سِنِيْنَ.
28 - الصَّفْرَاوِيُّ عَبْدُ الرَّحْمَانِ بنُ عَبْدِ
المَجِيْدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، العَالِمُ، المُفْتِي، المُقْرِئُ،
المُجَوِّدُ، عَالِمُ الإِسْكَنْدَرِيَّةِ، جَمَالُ
الدِّيْنِ، أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَانِ بنُ
عَبْدِ المَجِيْدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ عُثْمَانَ بنِ
يُوْسُفَ بنِ الحُسَيْنِ بنِ حَفْصٍ ابْنُ الصَّفْرَاوِيِّ
- نِسبَةً إِلَى الصَّفْرَاء الَّتِي عِنْدَ بَدْرٍ -
الإِسْكَنْدَرِيُّ، الفَقِيْهُ، المَالِكِيُّ، شَيْخُ
المُقْرِئِينَ.
وُلِدَ: بِالإِسْكَنْدَرِيَّةِ، فِي أَوَّلِ عَامِ
أَرْبَعَةٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَتَلاَ بِالرِّوَايَاتِ عَلَى: أَبِي القَاسِمِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بن خَلَفِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَطِيَّةَ
القُرَشِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ بنِ جَعْفَرٍ
الغَافِقِيِّ، وَأَبِي يَحْيَى اليَسعِ بنِ حَزْمٍِ،
وَأَبِي الطَّيِّبِ عَبْدِ المُنْعِمِ بنِ الخَلُوْفِ.
وَبَرَعَ فِي القِرَاءاتِ، وَأَلَّفَ فِيْهَا كِتَابَ
(الإِعْلاَنِ).
وَتَفَقَّهَ عَلَى: العَلاَّمَةِ أَبِي طَالِبٍ صَالِحِ
بنِ إِسْمَاعِيْلَ ابْنِ بِنْتِ مُعَافَى.
وَسَمِعَ كَثِيْراً مِنْ: أَبِي طَاهِرٍ السِّلَفِيِّ،
وَأَبِي الطَّاهِرِ بنِ عَوْفٍ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ
العُثْمَانِيِّ، وَجَمَاعَةٍ.
وَتَفَقَّهَ بِهِ أَهْلُ الثَّغْرِ.
حَدَّثَ بِالثَّغْرِ، وَبِالمَنْصُوْرَةِ، وَبِمِصْرَ.
تَلاَ عَلَيْهِ بِالرِّوَايَاتِ: الرَّشِيْدُ
__________
(*) عقود الجمان في شعراء هذا الزمان لابن الشعار الموصلي
(نسخة اسعد أفندي 2324) ج 3 الورقة 205 ب، والتكملة لوفيات
النقلة للمنذري ج 3 الترجمة 2863، ودول الإسلام: 2 / 107،
العبر: 5 / 150، تذكرة الحفاظ: 1424، معرفة القراء الكبار:
2 / 498، وتاريخ الإسلام، الورقة: 178 (أيا صوفيا: 3012)،
نزهة الانام لابن دقماق الورقة 37 - 38، غاية النهاية في
طبقات القراء: 1 / 373 رقم الترجمة 1587، والنجوم الزاهرة:
6 / 314، وحسن المحاضرة: 1 / 251، وشذرات الذهب: 5 / 180.
(23/41)
ابْنُ أَبِي الدُّرّ، وَالمكينُ عَبْدُ
اللهِ الأَسْمَرُ، وَالشَّرَفُ يَحْيَى بنُ أَحْمَدَ ابْنِ
الصَّوَّافِ، وَعَبْدُ النَّصِيْرِ المريُوطِي، وَأَبُو
القَاسِمِ الدُّكَالِي سُحْنُوْن.
وَتَلاَ عَلَيْهِ بِبَعْضِ الرِّوَايَات: النّظَامُ
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ التِّبْرِيْزِيّ،
وَيُوْسُفُ بنُ حَسَنٍ القَابِسِيُّ، وَأَبُو العَبَّاسِ
أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ عَطِيَّةَ.
وَمِمَّنْ رَوَى عَنْهُ: أَبُو الهُدَى عِيْسَى بن يَحْيَى
السَّبْتِيّ، وَالقَاضِي عَبْدُ القَادِرِ بنُ عَبْدِ
العَزِيْزِ الحَجْرِيّ، وَعَبْدُ المُعْطِي بنُ عَبْدِ
النَّصِيْرِ الأَنْصَارِيُّ، وَعُمَرُ بنُ عَلِيِّ بنِ
الكَدُّوفِ، وَعِدَّةٌ.
وَبِالإِجَازَةِ: عَلِيُّ بن سيمَا، وَمُحَمَّدُ بنُ
مشرقٍ، وَعِدَّةٌ.
وَكَانَ مِنْ جِلَّةِ العُلَمَاءِ، خَرَّجَ لِنَفْسِهِ
(مَشْيَخَةً).
تُوُفِّيَ (1) : فِي الخَامِسِ وَالعِشْرِيْنَ مِنْ
رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ
مائَةٍ.
29 - ابْنُ السَّبَّاكِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
الحَسَنِ البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ، الفَقِيْه، المُسْنِدُ، وَكِيْلُ القُضَاةِ،
أَبُوَ الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ،
ابْنُ السَّبَّاكِ البَغْدَادِيُّ، رَبِيْبُ أَزْهَرَ
ابْنِ السَّبَّاكِ، وَهُوَ الَّذِي سَمّعَهُ.
سَمِعَ مِنْ: أَبِي الفَتْحِ ابْنِ البَطِّيِّ، وَأَبِي
المَعَالِي ابْنِ اللَّحَّاسِ؛
__________
(1) في التكملة: بثغر الإسكندرية، ودفن من الغد.
(*) ذيل تاريخ مدينة الإسلام لابن الدبيثي: (نسخ باريس
5921) الورقة 134 - 135، والتكملة لوفيات النقلة: 3 / 502
رقم الترجمة: 2861، والمختصر المحتاج إليه من تاريخ ابن
الدبيثي: 1 / 132 - 133، والعبر: 5 / 151، تذكرة الحفاظ:
1424 - 1425، وتاريخ الإسلام، الورقة: 183، والنجوم
الزاهرة: 6 / 315، وشذرات الذهب 5 / 181.
(23/42)
سَمِعَ مِنْهُ (المُنْتَقَى) مِنْ سَبْعَةِ
أَجزَاء المُخَلِّصِ، وَسَمِعَ مِنْ عُمَرَ بنِ
بُنَيْمَانَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عِزّ الدِّيْنِ الفَارُوْثِيُّ، وَجَمَالُ
الدِّيْنِ الشَّرِيْشِيّ، وَعَلاَءُ الدِّيْنِ ابْنُ
بَلْبَانَ، وَأَبُو سَعِيْدٍ القَضَائِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَبِالإِجَازَةِ القَاضِي الحَنْبَلِيّ، وَالمُطَعِّمُ،
وَابْنُ سَعْدٍ، وَأَبُو نَصْرٍ ابْنُ الشِّيْرَازِيّ،
وَأَبُو العَبَّاسِ ابْنُ الشِّحنَةِ، وَجَمَاعَةٌ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: لاَ بَأْسَ بِهِ.
وَقَالَ ابْنُ الحَاجِبِ: كَانَ مَنْسُوْباً إِلَى
الدَّهَاءِ وَكَثْرَةِ الشَّرِّ فِي الحُكُومَاتِ.
قُلْتُ: مَاتَ فِي سَابِعَ عَشَرَ رَبِيْعٍ الآخِرِ،
سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ (1) .
30 - ابْنُ الطُّفَيْلِ عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ يُوْسُفَ
بنِ هِبَةِ اللهِ الدِّمَشْقِيُّ *
الشَّيْخُ، المُسْنِدُ، الثِّقَةُ، أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ
الرَّحِيْمِ ابْنُ المُحَدِّثِ يُوْسُفَ بنِ هِبَةِ اللهِ
بنِ مَحْمُوْدِ بن الطُّفَيْلِ الدِّمَشْقِيُّ، ثُمَّ
المِصْرِيُّ، عُرِفَ بِابْنِ المُكَبِّسِ الصُّوْفِيُّ.
سَمِعَ بِدِمَشْقَ فِي شَهْرِ رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ
سِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ (2) مِنَ
__________
(1) ذكر المنذري أنه توفي في ليلة السابع عشر من شهر ربيع
الآخر ببغداد، ودفن بالشونيزية من الغد، ومولده سنة إحدى
ويقال سنة أربع وخمسين وخمس مئة.
(*) التكملة لوفيات النقلة: 3 / 546 - 547 رقم الترجمة
2957، والعبر: 5 / 153، وتاريخ الإسلام، الورقة: 190 -
191، وذيل التقييد الورقة 196، النجوم الزاهرة 6 / 317،
شذرات الذهب: 5 / 184.
(2) قال المنذري: انه سمع بإفادة والده بدمشق (التكملة: 3
/ 547).
(23/43)
الوَزِيْر أَبِي المُظَفَّرِ الفَلَكِيّ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي المَكَارِمِ بنِ هِلاَلٍ، وَأَبِي
البَرَكَاتِ الخَضِرِ بنِ شِبْلٍ الخَطِيْبِ، وَأَبِي
المَعَالِي مُحَمَّدِ بن حَمْزَةَ بنِ المَوَازِيْنِيّ،
وَأَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ بَرَكَةَ الصِّلْحِيّ،
وَبِالإِسْكَنْدَرِيَّةِ مِنْ أَبِي طَاهِرٍ السِّلَفِيِّ،
وَابْنِ عَوْفٍ، وَجَمَاعَةٍ.
وَبِمِصْرَ مِنْ: عَلِيِّ بنِ هِبَةِ اللهِ الكَامِلِي،
وَمُحَمَّد بن عَلِيٍّ الرَّحَبِيّ، وَعُثْمَان بن فَرَجٍ،
وَعَبْد اللهِ بن بَرِّيّ، وَجَمَاعَة.
حَدَّثَ عَنْهُ: المُنْذِرِيُّ (1) ، وَابْنُ
الحُلوَانِيَّةِ، وَأَبُو القَاسِمِ بنُ بَلْبَانَ،
وَأَبُو حَامِدٍ ابْنُ الصَّابُوْنِيِّ، وَأَبُو الحَسَنِ
الغَرَّافِيُّ، وَأَبُو المَعَالِي الأَبَرْقُوْهِيُّ،
وَأَبُو الهُدَى عِيْسَى السَّبْتِيُّ، وَيُوْسُفُ بنُ
كوركيك.
وَأَجَازَ لابْنِ سَعْدٍ، وَابْنِ الشِّيْرَازِيّ،
وَعِيْسَى المُطَعِّمِ.
وَقَالَ ابْنُ مَسْدِيٍّ فِي (مُعْجَمِهِ): لَمْ تَكُنْ
حَالُهُ مَرَضِيَّةً، لَكِنَّ سَمَاعَهُ صَحِيْحٌ، وَهُوَ
آخِرُ مَنْ سَمِعَ مِنَ الفَلَكِيِّ، طَلَّقَ زَوْجَتَهُ،
وَلَزِمَ بَيْتَهُ، فَأَكْثَرْتُ عَنْهُ لابْنِي.
تُوُفِّيَ: فِي رَابعِ ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ سَبْعٍ
وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
قُلْتُ: وُلِدَ فِي عَاشِرِ صَفَرٍ، سَنَةَ خَمْسٍ
وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ (2) .
31 - ابْنُ دُلَفَ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ دُلَفَ بنِ أَبِي
طَالِبٍ البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، المُقْرِئُ، المُجَوِّدُ، أَبُو
مُحَمَّدٍ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ دُلَفَ بنِ
__________
(1) ذكر ذلك المنذري في التكملة 3 / 547.
(2) فيكون سماعه من الفلكي حضورا، وهو في الخامسة.
(*) ذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي (باريس 5921) الورقة
149، والتكملة لوفيات النقلة: 3 / 526، رقم الترجمة 2920،
وتلخيص مجمع الآداب لابن الفوطي: ج 4 ص 492 رقم =
(23/44)
أَبِي طَالِبٍ البَغْدَادِيّ، المُقْرِئُ،
النَّاسخُ، الخَازِنُ.
مَوْلِدُهُ: بَعْدَ الخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ (1) .
وَقَرَأَ بِالرِّوَايَاتِ عَلَى: ابْنِ عَسَاكِر
البَطَائِحِيِّ، وَأَبِي الحَارِثِ أَحْمَدَ بنِ سَعِيْدٍ
العَسْكَرِيِّ، وَيَعْقُوْبَ الحَرْبِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ القَاصِّ، وَغَيْرِهِم.
تَلاَ عَلَيْهِ بِالرِّوَايَاتِ: الشَّيْخُ عَبْدُ
الصَّمَدِ بنُ أَبِي الجَيْشِ.
وَقَدْ سَمِعَ مِنْ: أَبِي عَلِيٍّ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ
الرَّحَبِيّ، وَخَدِيْجَةَ النَّهْرَوَانِيَّةِ،
وَشُهْدَةَ الإِبرِيَّةِ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الرَّشِيْدُ مُحَمَّدُ ابْنُ أَبِي
القَاسِمِ، وَغَيْرُهُ.
وَبِالإِجَازَةِ: فَاطِمَةُ بِنْتُ سُلَيْمَانَ،
وَالقَاضِي، وَابْنُ سَعْدٍ، وَطَائِفَةٌ.
وَسَمِعَ (مُوَطَّأ مَالِكٍ) مِنْ رِوَايَةِ القَعْنَبِيّ
عَلَى شُهْدَةَ، وَ(مُحَاسَبَةَ النَّفْس) وَ(الغُربَاءَ)
لِلآجُرِّيّ، وَ(سِتَّةَ مَجَالِسِ ابْنِ البَخْتَرِيِّ).
وَوَلاَّهُ المُسْتَنْصِرُ خِزَانَةَ كُتُبِهِ، وَكَانَ
عَدْلاً ثِقَةً إِمَاماً صَالِحاً خَيِّراً مُتَعَبِّداً،
لَهُ صُوْرَةٌ كَبِيْرَةٌ، وَجَلاَلَةٌ عَجِيْبَةٌ،
وَفِيْهِ نَفعٌ لِلنَّاسِ.
__________
= الترجمة 713 ولقبه عفيف الدين، والحوادث الجامعة: 134 -
135، والمختصر المحتاج إليه من تاريخ ابن الدبيثي للذهبي:
3 / 50 رقم الترجمة 828، ومعرفة القراء الكبار 2 / 499،
وتاريخ الإسلام، الورقة: 191، ذيل طبقات الحنابلة: 2 / 217
- 220، ونزهة الانام لابن دقماق الورقة 44، وذيل التقييد
للفاسي الورقة 201، وغاية النهاية في طبقات القراء لابن
الجزري: 1 / 393 رقم الترجمة 1674، والنجوم الزاهرة: 6 /
317، والتاج المكلل للقنوجي: 237، وراجع تاريخ علماء
المستنصرية للدكتور ناجي معروف: 2 / 69 - 73.
(1) قال المنذري: ومولده تقديرا سنة احدى أو اثنتين وخمسين
وقيل سنة تسع واربعين وخمس مئة (التكملة لوفيات النقلة: 3
/ 526).
(23/45)
رَوَى عَنْهُ ابْنُ النَّجَّارِ، وَقَالَ:
كَانَ دَائِمَ الصَّلاَةِ وَالصِّيَامِ، كَثِيْرَ
العِبَادَةِ، سَعَّاءً فِي مَصَالِحِ النَّاسِ، لَمْ تَرَ
العُيُونُ مِثْلَهُ.
تُوُفِّيَ: فِي صَفَرٍ (1) ، سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ
وَسِتِّ مائَةٍ -رَحِمَهُ اللهُ-.
32 - صَاحِبُ مَارْدِيْنَ نَاصِرُ الدِّيْنِ أَرْتَقُ بنُ
أَرْسَلاَنَ بنِ أَلبِي التُّرُكْمَانِيُّ *
الملكُ المَنْصُوْرُ، نَاصِرُ الدِّيْنِ أَرْتَقُ ابْنُ
المَلِكِ أَرْسَلاَنَ بنِ أَلبِي بنِ تمرتَاشَ
التُّرُكْمَانِيُّ، الأَرْتَقِيُّ.
تَمَلَّكَ بَعْدَ أَخِيْهِ حُسَامِ الدِّيْنِ إِيلغَازِي،
وَهُوَ حَدَثٌ، فَعَمِلَ نِيَابَةً مَمْلُوْكُهُم زَوجُ
وَالِدتِه مُدَّةً، فَلَمَّا تَمَكَّنَ أَرتَقُ، قَتَلَهُ
فِي سَنَةِ سِتّ مائَةٍ، وَامْتَدَّتْ أَيَّامُهُ، وَكَانَ
فِيْهِ عَدْلٌ وَحُسْنُ سِيْرَةٍ، وَيَصُوْمُ كَثِيْراً،
وَيَدَعُ الخَمْرَ فِي الثَّلاَثَةِ أَشْهُرٍ، قَتَلَهُ
غِلمَانُه بِمُوَاطَأَةِ ابْنِ ابْنهِ أَلبِي بنِ غَازِي
بنِ أَرتقَ، وَكَانَ شَدِيدَ المَحَبَّةِ لَهُ، ثُمَّ
خَافَ، وَأَبْعَدَ أَبَاهُ غَازِياً، فَحلقَ رَأْسَه،
وَتَمَفْقَرَ (2) فَحَبَسَهُ وَالِده أَرتق، فَلَمَّا
قَتَلُوْهُ، أَخرجُوا غَازِياً وَملَّكوهُ، وَلُقِّبَ
بِالمَلِكِ السَّعِيْدِ، ثُمَّ خَافَ مِنْ وَلَدِهِ
أَلبِي، فَسَجَنَهُ.
قُتِلَ أَرتقُ: فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ سِتٍّ
وَثَلاَثِيْنَ، وَكَانَتْ دَوْلَتُهُ سِتّاً وَخَمْسِيْنَ
سَنَةً، وَكَذَلِكَ طوّل وَلدُه.
__________
(1) ذكر المنذري ان وفاته في ليلة السادس والعشرين من صفر،
ثم ذكر بعد ذلك قائلا وقبل كانت وفاته ليلة التاسع عشر
(التكملة: 3 / 526).
(*) مرآة الزمان: 8 / 730، والحوادث الجامعة: 115، وتاريخ
الإسلام للذهبي، الورقة: 175 (أيا صوفيا 3012)، دول
الإسلام: 2 / 107، العبر: 5 / 148 - 149، الوافي بالوفيات:
8 / 336، الترجمة 3763، والعسجد المسبوك: 485، والنجوم
الزاهرة: 6 / 314، وذكره مرة اخرى في حوادث سنة 637 في ج 6
ص 315، شذرات الذهب: 5 / 180.
(2) يعني: تصوف، من الفقر.
(23/46)
33 - الحَرَالِّيُّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ
بنُ أَحْمَدَ بنِ حَسَنٍ التُّجِيْبِيُّ *
هُوَ: العَلاَّمَةُ المُتَفَنِّن، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ
بنُ أَحْمَدَ بنِ حَسَنٍ التُّجِيْبِيُّ، الأَنْدَلُسِيُّ.
وَحرَالَّة: قَرْيَةٌ مِنْ عَمل مُرْسِيةَ.
وُلِدَ بِمَرَّاكُشَ، وَأَخَذَ النَّحْوَ عَنِ ابْنِ
خروفٍ، وَلقِي العُلَمَاءَ، وَجَالَ فِي البِلاَدِ، وَلهجَ
بِالعَقْلِيَّاتِ، وَسَكَنَ حَمَاةَ، وَعَمِلَ
(تَفْسِيْراً) عَجِيْباً ملأَه باحتمَالاَتٍ لاَ
يَحْتَمِله الخَِطَابُ العربِيّ أَصْلاً، وَتَكلَّمَ فِي
علمِ الحُرُوْفِ وَالأَعدَادِ، وَزَعَمَ أَنَّهُ
اسْتَخْرَجَ مِنْهُ وَقتَ خُرُوْجِ الدَّجَّالِ وَوقتَ
طُلُوْعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَوعظَ بِحَمَاةَ،
وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِ، وَصَنَّفَ فِي المَنْطِق، وَفِي
شرحِ الأَسْمَاءِ الحُسْنَى، وَكَانَ شَيْخُنَا مَجْدُ
الدِّيْنِ التُّوْنُسِيُّ يَتَغَالَى فِي تَعْظِيْمِ
(تَفْسِيْرهِ)، وَرَأَيْتُ عُلَمَاءَ يَحطُّونَ عَلَيْهِ -
وَاللهُ أَعْلَمُ بِسِرِّهِ - وَكَانَ يُضْرَبُ بِحِلمِهِ
المَثَلُ.
مَاتَ: سَنَةَ سَبْعٍ (1) وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
وَمِمَّنْ يُعَظِّمُهُ شَيْخُنَا شَرَفُ الدِّيْنِ ابْنُ
البَارِزِيّ قَاضِي حَمَاةَ، فَمَنْ شَاءَ فَليَنظُرْ فِي
تَوَالِيفِهِ، فَإِنَّ فِيْهَا العظَائِمَ.
__________
(1) التكملة لابن الابار (المخطوطة الأزهرية) ج 3 الورقة
80، عنوان الدراية 143 - 156 الترجمة 31، وتاريخ الإسلام
للذهبي (أيا صوفيا 3012) الورقة: 192، والعبر: 5 / 157،
وميزان الاعتدال: 3 / 114، والعسجد المسبوك: 495 - 496،
ولسان الميزان: 4 / 204، الترجمة 536، والنجوم الزاهرة: 6
/ 317، وطبقات المفسرين للسيوطي (تحقيق علي محمد عمر) ص 76
الترجمة 68، وطبقات المفسرين للداوودي: 1 / 386 - 387
الترجمة 338، ونفح الطيب: 2 / 187 - 190 الترجمة 115،
وشذرات الذهب: 5 / 189 وفيه الحراني (النون) وهو تصحيف.
(1) نسب في لسان الميزان وفي طبقات المفسرين للداوودي إلى
ابن الابار انه قيد وفاته سنة 638 ولم نجد ذلك في التكملة
بل قيدها لسنة 637.
(23/47)
34 - ابْنُ العَرَبِيِّ أَبُو بَكْرٍ
مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ الطَّائِيُّ *
العَلاَّمَةُ، صَاحِبُ التَّوَالِيفِ الكَثِيْرَةِ،
مُحْيِي الدِّيْنِ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ
بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ الطَّائِيُّ، الحَاتِمِيُّ،
المُرْسِيُّ، ابْنُ العَرَبِيِّ، نَزِيْلُ دِمَشْقَ.
ذَكَرَ أَنَّهُ سَمِعَ مِنِ: ابْنِ بَشْكُوَالَ، وَابْنِ
صَافٍ.
وَسَمِعَ بِمَكَّةَ مِنْ: زَاهِرِ ابْنِ رُسْتُمٍ،
وَبِدِمَشْقَ مِنِ: ابْنِ الحَرَسْتَانِيّ، وَبِبَغْدَادَ.
وَسكنَ الرُّوْمَ مُدَّةً، وَكَانَ ذَكِيّاً، كَثِيْرَ
العِلْمِ، كَتَبَ الإِنشَاءَ لبَعْضِ الأُمَرَاءِ
بِالمَغْرِبِ، ثُمَّ تَزَهَّدَ وَتَفَرَّدَ، وَتَعَبَّدَ
وَتَوَحَّدَ، وَسَافَرَ وَتَجَرَّدَ، وَأَتْهَمَ
وَأَنْجَدَ، وَعَمِلَ الخَلَوَاتِ، وَعلَّقَ شَيْئاً
كَثِيْراً فِي تَصَوُّفِ أَهْلِ الوحدَةِ.
وَمِنْ أَرْدَإِ تَوَالِيفِهِ كِتَابُ (الفُصُوْصِ)،
فَإِنْ كَانَ لاَ كُفْرَ فِيْهِ، فَمَا فِي الدُّنْيَا
كُفْرٌ، نَسْأَلُ اللهَ العَفْوَ وَالنَّجَاةَ،
فَوَاغَوْثَاهُ بِاللهِ!
وَقَدْ عَظَّمَهُ جَمَاعَةٌ، وَتَكَلَّفُوا لِمَا صَدَرَ
مِنْهُ بِبَعيدِ الاحْتِمَالاَتِ، وَقَدْ حَكَى
العَلاَّمَةُ ابْنُ دَقِيقِ العِيْدِ شَيْخُنَا، أَنَّهُ
سَمِعَ الشَّيْخَ عِزَّ الدِّيْنِ ابْنَ عَبْدِ
__________
(*) هو العالم المشهور الذي تغني شهرته عن التعريف، وقد
ذكر الأستاذ الدكتور صلاح الدين المنجد كثيرا من مظان
ترجمته في مقدمة كتاب " الدرر الثمين في مناقب الشيخ محيي
الدين " كما ذكر عددا من الكتب المؤلفة في سيرته من
المؤيدين والمهاجمين وما كتب عنه باللغات الاعجمية، واليك
مظان ترجمته مضافة إلى ما ذكره واكثرها لم يطلع عليها
الأستاذ الفاضل المذكور وهي: تاريخ ابن الدبيثي (نسخة شهيد
علي) الورقة 92، عقود الجمان في شعراء هذا الزمان لابن
الشعار الموصلي (نسخة أسعد افندي 2328) ج 7 الورقة 179،
التكملة لوفيات النقلة للمنذري الترجمة 2972، تاريخ
الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3012) ج 19 الورقة 204 - 206،
المستفاد من ذيل تاريخ بغداد الورقة 11، نثر الجمان
للفيومي ج 2 الورقة: 124 - 125، طبقات الأولياء لابن
الملقن (دار الكتب الظاهرية 4407 عام) الورقة: 36، وفي
المطبوعة: 469 - 470 الترجمة 153، نزهة الانام لابن دقماق
الورقة 50 - 53، العقد الثمين للفاسي (التيمورية) ج 1
الورقة 157 - 167 وفي المطبوعة: 2 / 160 - 199، الترجمة
322، وعقد الجمان للعيني: ج 18 الورقة 243 - 244.
(23/48)
السَّلاَمِ يَقُوْلُ عَنِ ابْنِ
العَرَبِيِّ: شَيْخُ سُوءٍ، كَذَّابٌ، يَقُوْلُ بِقِدَمِ
العَالِمِ، وَلاَ يُحَرِّمُ فَرْجاً.
قُلْتُ: إِنْ كَانَ مُحْيِي الدِّيْنِ رَجَعَ عَنْ
مَقَالاَتِهِ تِلْكَ قَبْلَ المَوْتِ، فَقَدْ فَازَ، وَمَا
ذَلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيْزٍ.
تُوُفِّيَ: فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ (1) ، سَنَةَ ثَمَانٍ
وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
وَقَدْ أَوْرَدْتُ عَنْهُ فِي (التَّارِيْخِ الكَبِيْرِ
(2)).
وَلَهُ شِعْرٌ رَائِقٌ، وَعِلمٌ وَاسِعٌ، وَذهنٌ وَقَّادٌ،
وَلاَ رَيْبَ أَنَّ كَثِيْراً مِنْ عِبَارَاتِهِ لَهُ
تَأْوِيْلٌ إِلاَّ كِتَابَ (الفُصُوْصِ)!
وَقَرَأْتُ بِخَطِّ ابْنَ رَافِعٍ: أَنَّهُ رَأَى بِخَطِّ
فَتحِ الدِّيْنِ اليَعْمُرِي: أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ
دَقِيقِ العِيْدِ يَقُوْلُ:
سَمِعْتُ الشَّيْخ عِزَّ الدِّيْنِ، وَجَرَى ذِكْرُ ابْنِ
العَرَبِيِّ الطَّائِيِّ فَقَالَ:
هُوَ شَيْخُ سُوءٍ مَقْبُوْحٌ كَذَّابٌ (3) .
35 - ابْنُ المُسْتَوفِي المُبَارَكُ بنُ أَحْمَدَ بنِ
المُبَارَكِ اللَّخْمِيُّ *
المَوْلَى، الصَّاحِبُ، العَلاَّمَةُ، المُحَدِّثُ، شَرَفُ
الدِّيْنِ، أَبُو البَرَكَاتِ المُبَارَكُ
__________
(1) في التكملة لوفيات النقلة انه توفي في ليلة الثاني
والعشرين منه.
(2) يعني: تاريخ الإسلام، الورقة: 204 - 206.
(3) هذا تكرار من المؤلف لما ذكره قبل قليل.
(*) عقود الجمان في شعراء هذا الزمان لابن الشعار الموصلي
(نسخة اسعد افندي 2327) ج 6 الورقة 18 ب - 37 / أ،
والتكملة لوفيات النقلة للمنذري ج 3 الترجمة 2908، ووفيات
الأعيان لابن خلكان: 4 / 147 - 152 الترجمة 554، والحواث
الجامعة: 135، وتاريخ الإسلام، الورقة: 196 - 197 (أيا
صوفيا 3012)، ونثر الجمان للفيومي: ج 2 الورقة 113 - 115،
والبداية والنهاية 13 / 139، ونزهة الانام لابن دقماق
الورقة 40 - 42، وعقد الجمان للعيني ج 18 الورقة 233 -
234، والنجوم الزاهرة: 6 / 318، وبغية الوعاة للسيوطي: 2 /
272، الترجمة 1962، وشذرات الذهب: 5 / 186 - 187.
(23/49)
بنُ أَحْمَدَ بنِ المُبَارَكِ بنِ
مَوْهُوْبِ بنِ غَنِيْمَةَ بنِ غَالِبٍ اللَّخْمِيُّ،
الإِرْبِلِيُّ، الكَاتِبُ، عُرِفَ بِابْنِ المُسْتَوْفِي.
وُلِدَ (1) : بِإِرْبِلَ، فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَقَرَأَ القُرْآنَ وَالأَدَبَ عَلَى: أَبِي عَبْدِ اللهِ
البَحْرَانِيِّ، وَمَكِّيِّ بنِ رَيَّانَ
المَاكِسِيْنِيِّ.
وَسَمِعَ مِنْ: عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ أَبِي حَبَّةَ،
وَمُبَارَكِ بنِ طَاهِرٍ، وَحَنْبَلٍ، وَابْنِ طَبَرْزَذَ،
وَنَصْرِ اللهِ بنِ سَلاَمَةَ الهِيْتِيّ، وَخَلْقٍ مِنَ
الوَافدينَ إِلَى إِرْبِلَ.
وَكَتَبَ الكَثِيْرَ، وَجَمَعَ فَأَوعَى، وَعَمِلَ
لِبَلَدِهِ (تَارِيْخاً (2)) فِي خَمْسَةِ أَسفَارٍ،
وَكَانَتْ دَارُهُ مَجْمَعاً لِلْفُضَلاَءِ، وَكَانَ
كَثِيْرَ المَحْفُوْظِ، قَوِيَّ الخَطِّ، حُلْوَ
الإِيرَادِ، لَهُ النَّظْمُ وَالنَّثْرُ، وَالتَّفُنُّنُ
فِي الفَضَائِلِ، وَلَهُ إِجَازَةٌ مِنْ أَبِي جَعْفَرٍ
الصَّيْدَلاَنِيِّ، وَغَيْرِهِ.
أَجَازَ لِشَيْخِنَا شَمْسِ الدِّيْنِ ابْنِ
الشِّيْرَازِيِّ.
وَلِي نَظَرَ إِرْبِلَ مُدَّةً، وَنَزَحَ مِنْهَا وَقتَ
اسْتيلاَءِ التَّتَارِ عَلَيْهَا، فَأَقَامَ بِالمَوْصِلِ،
وَكَانَ وَالِدُهُ وَجدُّهُ مِنْ قَبْلِهِ عَلَى
الاسْتيفَاءِ بِإِرْبِلَ.
قُلْتُ: فَمِنْ شِعرِهِ مِمَّا أَوْرَدَ لَهُ ابْنُ
الفُوَطِيِّ:
وَفَى لِيَ دَمْعِيْ يَوْمَ بَانُوا بِوَعْدِهِ ...
فَأَجْرَيْتُهُ حَتَّى غَرِقْتُ بِمَدِّهِ
__________
(1) ذكر ابن خلكان والمنذري ان ولادته في النصف من شوال.
(2) هو المسمى " بنباهة البلد الخامل بمن ورده من الاماثل
" الذي حقق الجزء الثاني منه الأستاذ سامي ابن السيد خماس
الصقار تحقيقا جيدا وطبعه باسم تاريخ اربل ضمن منشورات دار
الرشيد في وزارة الثقافة والاعلام بالجمهورية العراقية في
سلسلة كتب التراث رقم 99 (ط المركز العربي للطباعة والنشر
بيروت 1980) في قسمين ضخمين بلغ مجموع صفحاتهما مع الفهارس
والتقديم (1746) صفحة بقطع متوسط، شغل النص المحقق منها
428 صفحة.
(23/50)
وَلَوْ لَمْ يُخَالِطْهُ دَمٌ غَالَ
لَوْنَهُ ... لَمَا مَالَ حَادِي الرَّكْبِ عَنْ قَصْدِ
وِرْدِهِ
أَأَحْبَابَنَا هَلْ ذَلِكَ العَيْشُ رَاجِعٌ ... بِمقتبلٍ
غَضِّ الصِّبَى مُسْتَجَدِّهِ؟
زَمَاناً قَضَيْنَاهُ انْتِهَاباً وَكُلُّنَا ... يَجُرُّ
إِلَى اللَّذَّاتِ فَاضِلَ بُرْدِهِ
وَإِنَّ عَلَى المَاءِ الَّذِي يَرِدُوْنَهُ ... غَزَالٌ
كَجِلْدِ المَاءِ رِقَّةَ جِلْدِهِ
يَغَارُ ضِيَاءُ البَدْرِ مِنْ نُوْرِ وَجْهِهِ ...
وَيَخْجَلُ غُصْنُ البَانِ مِنْ لِيْنِ قَدِّهِ
وَلَهُ:
حَيَّا الحَيَا وَطَناً بِإِرْبِلَ دَارساً ... أَخْنَتْ
عَلَيْهِ حَوَادِثُ الأَيَّامِ
أَقْوَتْ مَرَابِعُهُ وَأَوْحَشَ أُنْسُهُ ... وَخَلَتْ
مَرَاتِعُهُ مِنَ الآرَامِ
عُنِيَ الشَّتَاتُ بِأَهْلِهِ فَتَفَرَّقُوا ... أَيدِي
سَبَا فِي غَيْر دَارِ مقَامِ
إِنْ يُمْسِ قَدْ لَعِبَتْ بِهِ أَيدِي البِلَى ... عَافِي
المعَاهِدِ دَارِسَ الأَعْلاَمِ
فَلَكَمْ قَضَيْتُ بِهِ لُبَانَاتِ الصِّبَى ... مَعَ
فِتيَةٍ شُمِّ الأُنوفِ كِرَامِ
قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ (1) : كَانَ شَرَفُ الدِّيْنِ
جَلِيْلَ القَدْرِ، وَاسِعَ الكَرَمِ، مُبَادِراً إِلَى
زِيَارَةِ مَنْ يَقدِمُ، مُتَقَرِّباً إِلَى قَلْبِهِ،
وَكَانَ جَمَّ الفَضَائِلِ، عَارِفاً بِعِدَّةِ فُنُوْنٍ،
مِنْهَا الحَدِيْثُ وَفُنُونُهُ وَأَسْمَاؤُهُ (2) ،
وَكَانَ مَاهِراً فِي الآدَابِ وَالنَّحْوِ وَاللُّغَةِ
وَالشِّعرِ وَأَيَّامِ العَرَبِ، بَارِعاً فِي حِسَابِ
الدِّيْوَانِ.
صَنَّف شرحاً لِـ (دِيْوَان المُتَنَبِّي) وَ(أَبِي
تَمَّامٍ) فِي عَشْرِ مُجَلَّدَاتٍ، وَلَهُ فِي أَبيَاتِ
(المُفَصَّل) مُجَلَّدَان.
سَمِعْتُ مِنْهُ كَثِيْراً، وَبِقِرَاءتِهِ، وَلَهُ
(دِيْوَانُ شعرٍ) أَجَادَ فِيْهِ.
قَالَ ابْنُ الشَّعَّارِ فِي (قَلاَئِد الجُمَانِ (3)):
كَانَ الصَّاحِبُ مَعَ فَضَائِلِهِ
__________
(1) انظر وفيات الأعيان (ط: احسان عباس) 4 / 147 رقم
الترجمة 554، وقد تصرف العلامة الذهبي بالعبارة على عادته.
(2) في وفيات الأعيان: واسماء رجاله.
(3) انظر نسخة اسعد افندي، رقم 2327، ج 6 الورقة 18 ب، وهو
الاسم الذي ذكره مؤلفه في مقدمة كتابه.
(23/51)
مُحَافِظاً عَلَى عَملِ الخَيْرِ
وَالصَّلاَحِ، مُوَاظباً عَلَى العِبَادَةِ، كَثِيْرَ
الصَّوْمِ، دَائِمَ الذِّكرِ، مُتَتَابعَ الصَّدَقَاتِ.
قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ (1) : وَلِيَ الوزَارَةَ فِي
أَوَّلِ سَنَةِ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ، فَلَمَّا صَارَتْ
إِرْبِل لِلمُسْتَنْصِر بِاللهِ (2) ، لَزِمَ بَيْتَهُ،
وَاقْتَنَى مِنْ نَفِيْسِ الكُتُبِ شَيْئاً كَثِيْراً،
خَرَجَ (3) مِنْ دَارِهِ مرَّةً لَيْلاً، فَضَرَبَهُ
رَجُلٌ بِسكينٍ فِي عَضُدِهِ، فَقَمّطهَا الجرَائِحِيُّ
بِلفَائِفَ وَسَلِمَ، فَكَتَبَ إِلَى الملكِ مُظَفَّرِ
الدِّيْنِ:
يَا أَيُّهَا المَلِكُ الَّذِي سَطَوَاتُهُ ... مِنْ
فِعْلِهَا يَتَعَجَّبُ المرِيخُ
آيَاتُ جُوْدِكَ مُحْكَمٌ تَنْزِيْلُهَا ... لاَ نَاسِخٌ
فِيْهَا وَلاَ مَنْسُوْخُ
أَشكُو إِلَيْكَ وَمَا بُلِيْتُ بِمِثْلِهَا ... شَنْعَاءَ
ذِكْرُ حَدِيْثِهَا تَارِيخُ
هِيَ لَيْلَةٌ فِيْهَا وُلِدْتُ وَشَاهِدِي ... فِيمَا
ادَّعَيْتُ القَمْطُ وَالتَّمْرِيْخُ
تُوُفِّيَ الصَّاحِبُ: فِي خَامِسِ (4) المُحَرَّمِ،
سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ: قَاضِي دِمَشْقَ شَمْسُ الدِّيْنِ
أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ الخَلِيْلِ الخُوَيِّيُّ
الشَّافِعِيُّ، وَالصَّفِيُّ أَحْمَدُ بنُ أَبِي اليُسْرِ
شَاكِرٍ التَّنُوْخِيُّ، وَأَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ
ابْنُ الرُّوْمِيَّةِ الإِشْبِيْلِيُّ النَّبَاتِيُّ،
وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى البَغْدَادِيُّ
المُؤَدِّبُ، وَعَلاَءُ الدِّيْنِ أَبُو سَعْدٍ ثَابِتُ
بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ الخُجَنْدِيِّ
الأَصْبَهَانِيُّ الَّذِي حَضَرَ (البُخَارِيَّ) عَلَى
أَبِي الوَقْتِ، وَحُسَيْنُ بنُ يُوْسُفَ الصِّنْهَاجِيُّ
الشَّاطِبِيُّ نَظَامُ الدِّيْنِ النَّاسخُ، وَأَمِيْنُ
الدِّيْنِ سَالِمُ بنُ
__________
(1) وفيات الأعيان: 4 / 150 - 151.
(2) في الوفيات: في منتصف شوال من السنة المذكورة.
(3) هذا الخبر في الوفيات 4 / 149 وقد ذكر ابن خلكان ان
ذلك كان في غالب ظنه في سنة 618 ه.
(4) ذكر ابن خلكان ان ذلك كان في يوم الأحد (وفيات الأعيان
4 / 151).
(23/52)
الحَسَنِ بنِ صَصْرَى، وَصَاحِبُ حِمْص
شِيرْكُوْه، وَالقَاضِي عَبْدُ الحَمِيْدِ بنِ عَبْدِ
الرَّشِيْدِ الهَمَذَانِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ
يُوْسُفَ بنِ الطُّفَيْلِ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ
العَزِيْزِ بنُ دُلَف المُقْرِئُ النَّاسخُ، وَأَبُو
الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ الحَرَّانِيُّ بِحَمَاةَ،
وَشَمْسُ الدِّيْنِ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ ابْنِ
الكَرِيْم الكَاتِب (1) ، وَالحَافِظُ ابنُ
الدُّبَيْثِيِّ، وَمُحَمَّدُ بنُ طَرْخَانَ السُّلَمِيُّ،
وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي المَعَالِي بنِ صَابرٍ،
وَالرَّشِيْدُ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ ابْنُ
الهَادِي مُحْتَسِبُ دِمَشْقَ، وَالصَّاحِبُ ضِيَاءُ
الدِّيْنِ نَصْرُ اللهِ ابْنُ الأَثِيْرِ.
36 - الحَصِيْرِيُّ أَبُو المَحَامِدِ مَحْمُوْدُ بنُ
أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ السَّيِّدِ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، شَيْخُ
الحَنَفِيَّةِ، جَمَالُ الدِّيْنِ، أَبُو المَحَامِدِ
مَحْمُوْدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ السَّيِّدِ
البُخَارِيُّ، الحَصِيْرِيُّ، التَّاجِرِيُّ، الحَنَفِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةً.
__________
(1) هو محمد بن الحسن بن محمد بن علي بن إبراهيم، الأديب
العالم، شمس الدين أبو عبد الله ابن الكريم البغدادي
الكاتب الماسح الحاسب المحدث. (تاريخ الإسلام، الورقة:
193).
(*) مرآة الزمان لسبط ابن الجوزي: 2 / 720 - 721، والتكملة
لوفيات النقلة للحافظ المنذري ج 3 رقم الترجمة 2850، وذيل
الروضتين: 161، وذيل مشتبه الأسماء لمنصور بن سليم الورقة
16 - 17، وتكملة اكمال الإكمال لابن الصابوني: 127 - 129،
ودول الإسلام للذهبي 2 / 107 وفيه انه الحصري، والعبر: 5 /
152، تاريخ الإسلام، الورقة: 184، ونثر الجمان للفيومي: ج
2 الورقة 102 - 103، والبداية والنهاية: 13 / 152 - 153،
والجواهر المضية للقرشي: 2 / 155، ونزهة الانام لابن
دقماق: الورقة 36، وذيل التقييد للفاسي، الورقة 251، وعقد
الجمان للعيني: ج 18 الورقة 219 - 220، والنجوم الزاهرة 6
/ 313، وتاج التراجم لابن قطلوبغا: 69، وطبقات الفقهاء
المنسوب لطاش كبري زادة (وهو لابن الحنائي): 107، والطبقات
السنية للتميمي ج 3 الورقة 773 - 809 وطول في ترجمته كثيرا
كما ترى في عدد الصفحات، وشذرات الذهب: 5 / 182، وطبقات
الزيله لي: الورقة: 31، والفوائد البهية: 205، وجعل وفاته
سنة 637 ه.
(23/53)
وَتَفَقَّهَ بِبُخَارَى وَبَرَعَ، وَلَوْ
أَنَّهُ سَمِعَ فِي صِبَاهُ لَصَارَ مُسْنِدَ زَمَانِهِ،
وَلَكِنَّهُ سَمِعَ فِي الكُهُوْلَةِ مِنْ: أَبِي سَعْدٍ
عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ ابْنِ الصَّفَّارِ، وَمَنْصُوْرِ
ابْنِ الفُرَاوِيِّ، وَالقَاضِي إِبْرَاهِيْم بنِ عَلِيِّ
بنِ حَمَكَ المُغِيْثِيِّ، وَالمُؤَيَّدِ الطُّوْسِيِّ.
وَحَدَّثَ بِـ (صَحِيْحِ مُسْلِمٍ).
رَوَى عَنْهُ: زَكِيُّ الدِّيْنِ البِرْزَالِيُّ، وَمَجْدُ
الدِّيْنِ ابْنُ العَدِيْمِ، وَابْنُ الحُلوَانِيَّةِ،
وَابْنُ الصَّابُوْنِيِّ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ جَوْهَرٍ
البَطَائِحِيَّةُ (1) .
وَبِالإِجَازَةِ القَاضِيَانِ: الخُوَيِّيّ،
وَالحَنْبَلِيُّ.
دَرَّسَ، وَنَاظَرَ، وَأَفتَى، وَتَخَرَّجَ بِهِ
الأَصْحَابُ، وَسَكَنَ دِمَشْقَ، وَوَلِيَ تَدرِيسَ
النُّورِيَةِ فِي سَنَةِ إِحْدَى عَشْرَةَ وَسِتِّ مائَةٍ،
وَكَانَ يَنطَوِي عَلَى دِيْنٍ وَعِبَادَةٍ وَتَقْوَى،
وَلَهُ جَلاَلَةٌ عَجِيْبَةٌ، وَمَنْزِلَةٌ مَكِيْنَةٌ،
وَحُرْمَةٌ وَافِرَةٌ.
وَهُوَ مَنْسُوْبٌ إِلَى مَحلَّةٍ بِبُخَارَى يَنسجُوْنَ
الْحصْر فِيْهَا (2) .
تُوُفِّيَ: فِي ثَامنِ صَفَرٍ، سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ
وَسِتِّ مائَةٍ، وَلَهُ تِسْعُوْنَ سَنَةً، وَازْدَحَمَ
الخَلْقُ عَلَى نَعْشِهِ، وَحَمَلَهُ الفُقَهَاءُ عَلَى
الرُّؤُوسِ، وَكَانَ يَوْماً مَشْهُوْداً، وَدُفِنَ
بِمقَابِرِ الصُّوْفِيَّةِ.
رَأَيْتُ سَمَاعَهُ لِجَمِيْعِ (سُنَنِ الدَّارَقُطْنِيّ)
مِنَ الصَّفَّارِ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ.
وَفِيْهَا سَمِعَ مِنْ قَاضِي القُضَاةِ المُغِيْثيّ
(مُوَطَّأَ أَبِي مُصْعَبٍ)، وَرَأَيْتُ خَطَّ مَنْصُوْرٍ
الفُرَاوِيِّ وَخَطَّ المُؤَيَّدِ الطُّوْسِيِّ لَهُ
بِسَمَاعِهِ مِنْهُمَا لِـ (صَحِيْحِ مُسْلِمٍ) سَنَةَ
603، وَعَظَّمَاهُ وَفَخَّمَاهُ.
__________
(1) هي من شيخات الذهبي، وقد سمعت منه صحيح مسلم، وهي
فاطمة بنت إبراهيم.
(2) في الأصل: " فيه ".
(23/54)
37 - البِرْزَالِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ
مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ بنِ مُحَمَّدٍ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الحَافِظُ،
الرَّحَّالُ، مُفِيْدُ الجَمَاعَةِ، زَكِيُّ الدِّيْنِ،
أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ بنِ مُحَمَّدِ
بنِ أَبِي يَدَّاسَ (1) البِرْزَالِيُّ، الإِشْبِيْلِيُّ.
وُلِدَ - تَقْرِيْباً -: سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَقَدِمَ الإِسْكَنْدَرِيَّةَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ
وَسِتِّ مائَةٍ، فَحُبِّبِ إِلَيْهِ طَلَبُ الحَدِيْثِ،
وَكِتَابَةُ الآثَارِ، فَسَمِعَ مِنَ الحَافِظِ عَلِيِّ
بنِ المُفَضَّلِ، وَعَبْدِ اللهِ العُثْمَانِيِّ،
وَبِمِصْرَ مِنَ القَاضِي عَبْدِ اللهِ بنِ مُجَلِّي،
وَبِمَكَّةَ مِنْ زَاهِرِ بنِ رُسْتُمَ، وَيُوْنُس بن
يَحْيَى الهَاشِمِيِّ.
وَجَاوَرَ سَنَةَ أَرْبَعٍ، وَقَدِمَ دِمَشْقَ، فَسَمِعَ
مِنَ الكِنْدِيِّ، وَالخَضِرِ بن كَامِلٍ، وَطَائِفَةٍ،
وَرَدَّ إِلَى مِصْرَ، ثُمَّ سَارَ إِلَى خُرَاسَانَ
وَغَيْرِهَا.
فَسَمِعَ بِأَصْبَهَانَ مِنْ: عَيْنِ الشَّمْسِ
الثَّقفِيَّةِ، وَمُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ
بنِ الجُنَيْدِ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَبِي طَاهِرٍ بنِ
غَانِمٍ.
وَبِنَيْسَابُوْرَ مِنْ: مَنْصُوْرِ بنِ عَبْدِ اللهِ
الفُرَاوِيِّ، وَالمُؤَيَّد بنِ مُحَمَّدٍ الطُّوْسِيِّ،
وَزَيْنَبَ الشَّعْرِيَّةِ.
وَبِمَرْوَ مِنْ: أَبِي المُظَفَّرِ ابْنِ
السَّمْعَانِيِّ، وَبِهَرَاةَ مِنْ: أَبِي رَوْحٍ،
وَبِهَمَذَانَ مِنْ: عَبْدِ البَرِّ بنِ أَبِي العَلاَءِ،
وَبِبَغْدَادَ مِنْ: أَبِي مُحَمَّدٍ بنِ الأَخْضَرِ،
__________
(*) التكملة لوفيات النقلة للمنذري ج 3 الترجمة 2893،
تكملة ابن الابار: 2 / 643 - 644 الترجمة 1662، وذيل
الروضتين: 168، والعبر للذهبي: 5 / 151، وتذكرة الحفاظ 4 /
1423 - 1424 رقم 1137، وتاريخ الإسلام (ايا صوفيا 3012)
الورقة 183 - 184، والوافي بالوفيات: 5 / 252 رقم 2331،
والبداية والنهاية: 13 / 153، والنجوم الزاهرة 6 / 314،
وطبقات الحفاظ للسيوطي: 498، الترجمة 1105، الدارس: 1 /
86، وذيل وفيات الأعيان المسمى درة الحجال في اسماء الرجال
لابن القاضي: 2 / 298 الترجمة 838، وشذرات الذهب: 5 / 182،
وهدية العارفين: 2 / 113.
وقد قيده الناسخ بفتح الباء، وقد قيده السيد الزبيدي بكسر
الباء تقييد الحروف، وهو المشهور.
(1) تصحف في العبر إلى (بداس) بالباء، وفي الشذرات: يداش
(بالشين) وفي الوافي حين ذكر نسبه: محمد بن يداس (بسقوط
لفظة: أبي).
وقيده المنذري بالحروف.
(23/55)
وَأَحْمَدَ بنِ الدَّبِيْقِيِّ،
وَبِالمَوْصِلِ، وَإِرْبِلَ، وَتَكرِيتَ، وَحَرَّانَ،
ثُمَّ إِنَّهُ اسْتَوْطَنَ دِمَشْقَ، وَأَكْثَرَ، وَكَتَبَ
عَمَّنْ دَبَّ وَدَرَجَ، وَنَسخَ الكَثِيْرَ لِنَفْسِهِ
وَلِلنَّاسِ، بِخَطٍّ حلوٍ مَغْرِبِيٍّ، وَخَرَّجَ
لِعدَّةٍ مِنَ الشُّيُوْخِ، وَأَمَّ بِمَسجِدِ فُلوس،
وَسَكَنَ هُنَاكَ، وَكَانَ مَطْبُوْعاً، رَيِّضَ
الأَخْلاَقِ بَشُوشاً، سَهلَ الإِعَارَةِ كَثِيْرَ
الاحْتِمَالِ.
وَلِيَ مَشْيَخَةَ مَشهدِ عُرْوَةَ، وَاتَّفَقَ مَوْتُهُ
بِحَمَاةَ، فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ
وَسِتِّ مائَةٍ، فِي رَابعِ عَشَرِهِ (1) .
قَالَ المُنْذِرِيُّ (2) : كَانَ يَحفظُ وَيُذَاكِرُ
مُذَاكرَةً حَسَنَةً، صَحِبَنَا مُدَّةً عِنْدَ شَيْخِنَا
ابْنِ المُفَضَّلِ (3) ، وَسَمِعْتُ مِنْهُ، وَسَمِعَ
مِنِّي.
قُلْتُ: حَدَّثَ عَنْهُ: الجَمَالُ ابْنُ الصَّابُوْنِيّ
(4) ، وَعُمَرُ بنُ يَعْقُوْبَ الإِرْبِلِيّ، وَمَجْدُ
الدِّيْنِ ابْنُ العَدِيْمِ، وَجَمَالُ الدِّيْنِ ابْنُ
وَاصِلٍ، وَأَبُو الفَضْلِ بنُ عَسَاكِرَ، وَمُحَمَّدُ بنُ
يُوْسُفَ الذَّهَبِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ الخَلاَّلِ،
وَآخَرُوْنَ.
وَبَرزَالَةُ: قَبِيلَةٌ بِالأَنْدَلُسِ.
عمل الحَافِظُ عَلَمُ الدِّيْنِ لَهُ تَرْجَمَةً
طَوِيْلَةً، فِيْهَا: أَنَّ ابْنَ الأَنْمَاطِيّ
اسْتَعَارَ ثَبْتَ رِحلَتِهِ وَادَّعَى أَنَّهُ ضَاعَ،
فَبَكَى الزَّكِيُّ وَتَحَسَّر عَلَيْهِ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ الحَافِظُ، أَخْبَرَتْنَا
__________
(1) في النجوم الزاهرة في رابع عشرين وهو سهو لان كل من
ذكر ليلة وفاته نص على أنها ليلة الرابع عشر من رمضان.
(2) التكملة لوفيات النقلة ج 3 ص 515 الترجمة 2893.
(3) في التكملة: عند شيخنا الحافظ ابي الحسن المقدسي
بالقاهرة. أ.ه. وهو الامام الحافظ أبو الحسن علي بن المفضل
المقدسي المتوفى 611 ه وقد مرت ترجمته.
(4) انظر حديثه عنه في تكملة اكمال الإكمال لابن الصابوني:
175 - 176.
(23/56)
زَيْنَبُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ،
وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ عَنْ زَيْنَبَ، أَخْبَرَنَا
إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي القَاسِمِ، أَخْبَرَنَا عُمرُ بنُ
أَحْمَدَ الزَّاهِدُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ
سُلَيْمَانَ الصُّعْلوكِيُّ الفَقِيهُ، حَدَّثَنَا أَبُو
العَبَّاسِ السَّرَّاجُ، حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ،
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ يُوْسُفَ، عَنْ أَبِيْهِ،
عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي قَيْسٍ الأَوْدِيّ، عَنْ
سُوَيْدِ بنِ غَفَلَةَ، عَنْ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ-:
عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
قَالَ: (يَخْرُجُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ
يَقْرَؤُوْنَ القُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ،
يَمْرُقُوْنَ مِنَ الدِّيْنِ مُرُوْقَ السَّهْمِ مِنَ
الرَّمِيَّةِ، قِتَالُهُمْ حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ)
(1) .
وَتُوُفِّيَ وَلَدُهُ المُحَدِّثُ:
38 - يُوْسُفُ
إِمَامُ مَسْجِدِ فُلُوسٍ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ
وَأَرْبَعِيْنَ شَابّاً، لَهُ ثَلاَثٌ وَعِشْرُوْنَ
سَنَةً، وَلَمْ يُحَدِّثْ.
وَخَلَّفَ وَلَدَهُ:
39 - الشَّيْخَ بَهَاءَ الدِّيْنِ مُحَمَّداً كَاتِبَ
الحكمِ *
صَغِيراً، فَربَّاهُ جَدُّهُ لأُمِّهِ الشَّيْخُ عَلَمُ
الدِّيْنِ الأَنْدَلُسِيُّ المُقْرِئُ، وَأَقرَأَهُ
بِالسَّبْعِ، وَكَتَبَ الخطَّ المَنْسُوْبَ.
سَمِعْتُ مِنْهُ، وَمَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ
وَسِتِّ مائَةٍ (2) .
وَقَرَأَ عَلَيْهِ كَثِيْراً مِنَ الحَدِيْثِ وَلَدُهُ
الحَافِظُ الأَوحدُ عَلَمُ الدِّيْنِ القَاسِمُ (3) -
رَحِمَ اللهُ الجَمِيْع -.
__________
(1) ورواه البخاري في علامات النبوة (3611) وفي فضائل
القرآن (5057) وفي استتابة المرتدين (6930) ومسلم (1066)
في الزكاة وأبو داود (4767)، والنسائي 7 / 119 (شعيب).
(2) ذكره في معجم شيوخه.
(3) صديق الذهبي والمتوفى سنة 739.
(23/57)
40 - ابْنُ الرُّوْمِيَّةِ أَبُو
العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُفَرِّجٍ
الإِشْبِيْلِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الفَقِيْهُ، الحَافِظُ، النَّاقِدُ،
الطَّبِيْبُ، أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
مُفَرِّجٍ الإِشْبِيْلِيُّ، الأُمَوِيُّ مَوْلاَهُمُ،
الحَزْمِيُّ، الظَّاهِرِيُّ، النَّبَاتِيُّ، الزَّهْرِيُّ،
العَشَّابُ.
وُلِدَ: سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ زرْقُوْنَ، وَأَبِي
بَكْرٍ بنِ الجَدِّ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ أَحْمَدَ بنِ
جُمْهُوْرٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ التُّجِيْبِيِّ،
وَأَبِي ذَرٍّ الخُشَنِيِّ، وَعِدَّةٍ.
وَفِي الرِّحلَةِ مِنْ أَصْحَابِ الفُرَاوِيِّ، وَأَبِي
الوَقْتِ السِّجْزِيِّ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الأَبَّارُ (1) : كَانَ
ظَاهِرِيّاً، مُتَعَصِّباً لابْنِ حَزْمٍ، بَعْدَ أَنْ
كَانَ مَالِكيّاً.
قَالَ: وَكَانَ بَصِيْراً بِالحَدِيْثِ وَرِجَالِهِ،
وَلَهُ مُجَلَّدٌ مُفِيْدٌ فِيْهِ اسْتِلحَاقٌ عَلَى
(الكَامِلِ) لابْنِ عَدِيّ، وَكَانَتْ لَهُ بِالنّبَاتِ
وَالحشَائِش مَعْرِفَةٌ فَاقَ فِيْهَا أَهْلَ العصرِ،
وَجَلَسَ فِي دُكَّانٍ لبيعهَا، سَمِعَ مِنْهُ جُلُّ
أَصْحَابِنَا.
__________
(*) التكملة لوفيات النقلة ج 3 الترجمة رقم 2928، وتكملة
الصلة لابن الابار: 1 / 121 - 122 رقم 304، وعيون الانباء
لابن أبي اصيبعة: 2 / 81، واختصار القدح المعلى لابن سعيد
الأندلسي: 181، وبغية الطلب لابن العديم م 2 الورقة 4،
وتذكرة الحفاظ للذهبي: 4 / 1425 - 1426 الترجمة 1138،
والمشتبه: 339، وتاريخ الإسلام (أيا صوفيا 3012) الورقة:
186، والوافي بالوفيات 8 / 45 الترجمة 3451، والاحاطة في
اخبار غرناطة لابن الخطيب: 1 / 88 والديباج المذهب لابن
فرحون (دار التراث) 1 / 191 - 193 الترجمة 69، والتوضيح
لكتاب المشتبة في الرجال لابن ناصر الدين الورقة 115،
وتبصير المنتبه بتحرير المشتبه: 662 وفيه انه أحمد بن أحمد
بن محمد بن مفرج..وهو سهو، ونفح الطيب: 1 / 634، وطبقات
الحفاظ للسيوطي: 498 الترجمة 1106، وشذرات الذهب: 5 / 184،
وتاج العروس (مادة زهر) 3 / 250، والتاج المكلل للقنوجي:
322 - 323، والرسالة المستطرفة: 145.
(1) التكملة لكتاب الصلة: 1 / 121 - 122.
(23/58)
وَقَالَ ابْنُ نُقْطَةَ: كَتَبْتُ عَنْهُ،
وَكَانَ ثِقَةً، حَافِظاً، صَالِحاً.
وَالزَّهْرِيُّ: بِفَتحِ أَوَّلِه.
وَقَالَ المُنْذِرِيُّ (1) : سَمِعَ ابْنَ الرُّومِيَّةِ
بِبَغْدَادَ، وَلَقِيْتُهُ بِمِصْرَ بَعْدَ عَوْدِهِ،
وَحَدَّثَ بِأَحَادِيْثَ مِنْ حِفْظِهِ بِمِصْرَ، وَلَمْ
يَتَّفِقْ لِيَ السَّمَاعُ مِنْهُ، وَجَمَعَ مَجَامِيْعَ.
قُلْتُ: لَهُ كِتَابُ (التَّذكِرَةِ) فِي مَعْرِفَةِ
شُيُوْخِهِ، وَلَهُ كِتَابُ (المُعَلِّمِ بِمَا زَادَ
البُخَارِيُّ عَلَى مُسْلِم).
مَاتَ: فُجَاءةً، فِي سَلْخِ رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ
سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَرُثِيَ
بِقصَائِدَ.
41 - الخُجَنْدِيُّ أَبُو سَعْدٍ ثَابِتُ بنُ مُحَمَّدِ
بنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ *
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ، الصَّدْرُ، الإِمَامُ، الفَقِيْهُ،
عَلاَءُ الدِّيْنِ، أَبُو سَعْدٍ ثَابِتُ بنُ مُحَمَّدِ
ابنِ أَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ ابْنِ
الخُجَنْدِيّ الأَصْبَهَانِيُّ، نَزِيْلُ شِيرَازَ.
وُلِدَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي الوَقْتِ السِّجْزِيّ (صَحِيْحَ
البُخَارِيِّ) حُضُوْراً فِي الرَّابِعَةِ فِي سَنَةِ
إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي الفَضْلِ مَحْمُوْدِ بن مُحَمَّدٍ
الشّحَّام، وَكَانَ فِي أَصْبَهَانَ إِذِ اسْتبَاحَتْهَا
كَفَرَةُ المَغُولِ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ
__________
(1) التكملة لوفيات النقلة 3 / 531 (من طبعة مؤسسة
الرسالة).
(*) التكملة لوفيات النقلة ج 3 الترجمة 2958، وتلخيص مجمع
الآداب في معجم الألقاب لابن الفوطي ج 4 الترجمة 1494،
وتاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3012) الورقة: 188
والعبر: 5 / 153، والوافي بالوفيات: 10 / 471، الترجمة
4982، وذيل التقييد للفاسي: الورقة 150، والنجوم الزاهرة 6
/ 316، وشذرات الذهب: 5 / 183.
(23/59)
وَسِتِّ مائَةٍ، فَنَجَا، وَلَمْ يَكَدْ.
وَذَهَبَ إِلَى شِيرَازَ، فَعَاشَ إِلَى سَنَةِ سَبْعٍ
وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، كَذَا ذَكَرَهُ الحَافِظُ
المُنْذِرِيّ (1) .
رَوَى عَنْهُ بِالإِجَازَةِ: القَاضِي تَقِيُّ الدِّيْنِ
سُلَيْمَانُ، وَجَمَاعَةٌ، وَهَذَا آخِرُ مَنْ رَوَى عَنْ
أَبِي الوَقْتِ حُضُوْراً، وَمَعَ هَذَا فَلاَ أَسْتحضر
أَحَداً سَمِعَ مِنْهُ.
وَلَعَلَّ أَهْلَ شِيْرَازَ إِنْ كَانُوا اعتَنُوا
بِرِوَايَاتِهِ تَأَخَّرَ بَعْضُهُم، فَإِنَّ شِيرَازَ
أُمُّ ذَلِكَ الإِقْلِيْمِ، وَهِيَ عَامِرَةٌ لَمْ يَصِلْ
إِلَيْهَا كَفَرَةُ المَغُولِ وَأَمِنَتْ إِلَى اليَوْمِ،
وَهِيَ مَدِينَةٌ مُحْدَثَةٌ، أَنْشَأَهَا الأَمِيْرُ
مُحَمَّدُ بنُ أَبِي القَاسِمِ الثَّقَفِيُّ ابْنُ عَمِّ
الحجَّاجِ، وَسُمِّيَتْ بِشِيْرَازَ تَشبِيهاً بِجَوفِ
الأَسَدِ، وَذَلِكَ لأَنَّ التُّجَّارَ تَجْلِبُ وَتَحمِلُ
إِلَيْهَا، وَلاَ عوضَ بِهَا، وَفِي البَلَدِ عُيونٌ فِي
دُورِهِم، وَمِنْهَا إِلَى أَصْبَهَانَ سَبْعَةُ أَيَّامٍ،
وَبِهِا خَلقٌ لاَ يُحْصَوْنَ، وَملكهَا مِنْ تَحْتَ يَدِ
صَاحِبِ العِرَاقِ أَبِي سَعِيْدٍ، عَرضُهَا تِسْعٌ
وَعِشْرُوْنَ دَرَجَةً، وَطُولُهَا تِسْعٌ وَسَبْعُوْنَ
دَرَجَةً، هِيَ شَرقِيّ مِصْرَ وَوَادِي مُوْسَى
وَتَبُوْكَ فَهنّ عَلَى خطّ وَاحِدٍ.
42 - سَالِمُ ابْنُ الحَافِظِ أَبِي المَوَاهِبِ الحَسَنِ
بنِ هِبَةِ اللهِ التَّغْلِبِيُّ *
ابْنِ مَحْفُوْظِ بنِ صَصْرَى، الشَّيْخُ العَدْلُ،
الرَّئِيْسُ، أَمِيْنُ الدِّيْنِ، أَبُو الغَنَائِمِ
التَّغْلِبِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ، الشَّافِعِيُّ.
رَحَلَ بِهِ أَبُوْهُ وَلَهُ خَمْسُ سِنِيْنَ، فَسَمَّعَهُ
مِنْ: أَبِي الفَتْحِ بنِ شَاتيلَ، وَأَبِي
__________
(1) التكملة لوفيات النقلة ج 3 الترجمة 2958.
(*) التكملة لوفيات النقلة للمنذري ج 3 الترجمة 2933،
والعبر: 5 / 153، وتاريخ الإسلام (أيا صوفيا 3012) الورقة:
189، الوافي بالوفيات: 15 / 79، الترجمة: 104، ونثر الجمان
للفيومي: ج 2 الورقة 115 - 116، ونزهة الانام لابن دقماق،
الورقة 42، والنجوم الزاهرة: 6 / 316، وشذرات الذهب: 5 /
184.
(23/60)
السَّعَادَاتِ القَزَّازِ، وَأَبِي
العَلاَءِ بنِ عَقِيْلٍ، وَأَبِي الفَرَجِ مُحَمَّدِ بنِ
أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ نَبْهَانَ، وَأَحْمَدَ بن
دُرّك (1) ، وَشَيْخِ الشُّيُوْخِ عَبْدِ الرَّحِيْمِ بنِ
إِسْمَاعِيْلَ، وَعِدَّةٍ.
وَسَمِعَ بِدِمَشْقَ مِنَ: الفَضْلِ ابْنِ
البَانْيَاسِيِّ، وَالأَمِيْرِ أُسَامَةَ بنِ مُنْقِذٍ،
وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ النَّجَّارِ، وَالخَضِرِ بنِ
طَاوُوْسٍ، وَطَائِفَةٍ.
وَحَفِظَ القُرْآنَ وَتَفَقَّهَ، وَتَأَدَّبَ قَلِيْلاً،
وَتَفَرَّدَ بِجُملَةٍ مِنْ مَرْوِيَّاتِهِ، مَعَ عَدَمِ
تَعْمِيْرِهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: البِرْزَالِيُّ (2) ، وَالقُوْصِيُّ،
وَالمَجْدُ ابْنُ الحُلوَانِيَّةِ، وَسَعْدُ الخَيْرِ،
وَأَبُو الفَضْلِ ابنُ عَسَاكِرَ، وَابْنُ عَمِّهِ
الفَخْرُ، وَمُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ الإِرْبِلِيُّ،
وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ الخَلاَّلِ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ
عَبْدِ الدَّائِمِ (3) ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ القُوْصِيُّ فِي (مُعْجَمِهِ): أَخْبَرَنَا القَاضِي
الرَّئِيْسُ العَدْلُ أَبُو الغَنَائِمِ بِمَنْزِلهِ (4)
وَكَانَ جَمِيْلَ الصُّحْبَةِ وَالمُعَاشَرَةِ، فَكِهَ
المُحَاضَرَةِ، حَسنَ المُحَاوَرَةِ، حُمِدَتْ سِيْرَتُهُ
فِيمَا تَولاَّهُ مِنَ المَارِستَانَاتِ وَالموَارِيثِ.
قُلْتُ: عَاشَ سِتِّيْنَ سَنَةً، وَتُوُفِّيَ فِي جُمَادَى
الآخِرَةِ، سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ،
وَدُفِنَ بِتُربتِهِ بِسفحِ جَبلِ قَاسِيُوْنَ، وَخَلَّفَ
أَوْلاَداً نُبَلاَءَ، وَهُوَ جَدُّ قَاضِي دِمَشْقَ
نَجْمِ الدِّيْنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ.
43 - ابْنُ عَلاَّنَ أَبُو المَعَالِي أَسَعْدُ بنُ
المُسَلَّمِ بنِ مَكِّيٍّ القَيْسِيُّ *
الشَّيْخُ الأَمِيْنُ، تَاجُ الدِّيْنِ، أَبُو المَعَالِي
أَسْعَدُ بنُ المُسَلَّمِ بنِ مَكِّيِّ بنِ عَلاَّنَ
القَيْسِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ.
__________
(1) هو: أحمد بن المبارك بن درك.
(2) حدث عنه في حياته.
(3) ابن عبد الدائم هو آخر من حدث عنه.
(4) كان منزل أبي الغنائم مجاورا لمنزل القوصي بدرب زكري.
(*) التكملة لوفيات النقلة للحافظ المنذري: ج 3 الترجمة
2881، وتكملة إكمال =
(23/61)
سَمِعَ: أَبَاهُ أَبَا الغَنَائِمِ،
وَعَلِيَّ بنَ خَلْدُوْنَ، وَأَبَا القَاسِمِ بنَ
عَسَاكِرَ، وَأَبَا الفَهْمِ ابْنَ أَبِي العَجَائِزِ،
وَجَمَاعَةً.
رَوَى عَنْهُ: الحَافِظُ عَبْدُ العَظِيْمِ،
وَالقُوْصِيُّ، وَابْنُ الحُلوَانِيَّةِ، وَأَبُو عَلِيٍّ
ابْنُ الخَلاَّلِ، وَتَاجُ العربِ بِنْتُ عَلاَّنَ.
وَبِالإِجَازَةِ: مُحَمَّدُ بنُ مُشْرقٍ.
حَدَّثَ بِدِمَشْقَ وَبِمِصْرَ، وَعَاشَ سِتّاً
وَسَبْعِيْنَ سَنَةً، وَكَانَ مِنْ كِبَارِ الشُّهُودِ.
تُوُفِّيَ: فِي رَجَبٍ (1) ، سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ
وَسِتِّ مائَةٍ، وَهُوَ أَخُو المُعَمَّر مَكِّيّ (2) .
44 - التِّبْرِيْزِيُّ أَبُو الخَيْرِ بَدَلُ بنُ أَبِي
المُعَمَّرِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الرَّحَّالُ، أَبُو الخَيْرِ
بَدَلُ بنُ أَبِي المُعَمَّرِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ
التِّبْرِيْزِيُّ.
__________
= الإكمال لابن الصابوني: 304 الترجمة 298 وذكر أنه سمع
منه بدمشق، والعبر للذهبي 5 / 149، وتاريخ الإسلام (أيا
صوفيا 3012) الورقة: 175 - 176، والنجوم الزاهرة: 6 / 314،
وشذرات الذهبي: 5 / 180.
(1) ذكر الحافظ المنذري وفاته قائلا: وفي الثامن من رجب
وقيل في منتصفه توفي الشيخ الأصيل أبو المعالي
أسعد..(التكملة: 3 / 510 (طبعة مؤسسة الرسالة) وذكر ابن
الصابوني أنه توفي بدمشق في الثامن من رجب في ليلة
الثلاثاء..(تكملة اكمال الإكمال 305).
(2) وهو أكبر من مكي.
(*) التكملة لوفيات النقلة للمنذري ج 3 الترجمة 2865،
وفيها أنه بلغ السبعين أو جاوزها، وتاريخ الإسلام للذهبي
(أيا صوفيا 3012)، الورقة: 176، والعبر: 5 / 149، وتذكرة
الحفاظ: 4 / 1424، وفيها أنه توفي عن أربع وثمانين سنة،
والوافي بالوفيات 10 / 100، الترجمة 4551، وله ذكر في
طبقات الشافعية الكبرى للسبكي: 8 / 156، 370، والنجوم
الزاهرة: 6 / 314، وشذرات الذهب: 5 / 180.
(23/62)
وُلِدَ: بَعْدَ الخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ
مائَةٍ (1) .
وَقَدِمَ فَسَمِعَ مِنْ: أَبِي سَعْدٍ بنِ أَبِي
عَصْرُوْنَ، وَأَحْمَدَ ابْن المَوَازِيْنِيّ، وَيَحْيَى
الثَّقَفِيّ، وَلاَزَمَ بَهَاءَ الدِّيْنِ ابْنَ
عَسَاكِرَ.
وَسَمِعَ بِأَصْبَهَانَ مِنْ: أَبِي المَكَارِمِ
اللَّبَّانِ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَبِي زَيْدٍ الكَرَّانِيّ،
وَبِنَيْسَابُوْرَ مِنْ أَبِي سَعْدٍ الصَّفَّارِ،
وَبِمِصْرَ مِنَ البُوْصِيْرِيّ.
وَكَتَبَ وَتَعِبَ وَخَرَّجَ، وَخطُّه رَدِيءٌ.
وَكَانَ دَيِّناً فَاضِلاً، لَهُ فَهْمٌ.
وَلِيَ مَشْيَخَةَ دَارِ الحَدِيْثِ بِإِرْبِلَ، فَلَمَّا
اسْتبَاحَتْهَا التَّتَارُ، نَزَحَ إِلَى حَلَب.
رَوَى عَنْهُ: القُوْصِيُّ، وَمُحْيِي الدِّيْنِ ابْنُ
سُرَاقَةَ، وَمَجْدُ الدِّيْنِ ابْنُ العَدِيْمِ،
وَجَمَالُ الدِّيْنِ الشَّرِيْشِيُّ.
وَبِالإِجَازَةِ: القَاضِي الحَنْبَلِيُّ، وَأَبُو نَصْرٍ
المِزِّيّ (2) .
مَاتَ: فِي جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ سِتٍّ
وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
لَمْ يُحَدِّثْنِي عَنْهُ أَحَدٌ.
رَأَيْتُ لَهُ مُصَنَّفاً فِي فَنِّ الحَدِيْثِ
بِأَسَانِيْدِهِ، وَأَرْبَعِيْنَ حَدِيْثاً نَسخهَا
البِرْزَالِيُّ عَنِ الشَّرِيْشِيِّ.
45 - حَامِدُ بنُ أَبِي العَمِيدِ بنِ أَمِيْرِي بنِ
وَرشِي بنِ عُمَرَ القَزْوِيْنِيُّ *
شَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ، شَمْسُ الدِّيْنِ، أَبُو الرِّضَا
القَزْوِيْنِيُّ.
__________
(1) قال في تاريخ الإسلام: " ولد سنة اثنتين وخمسين ظنا ".
(2) هو الشيرازي. وممن حدث عنه بالاجازة أيضا فخر الدين
ابن عساكر.
(*) تاريخ الإسلام للذهبي، الورقة: 177 (أيا صوفيا: 3012)،
والوافي بالوفيات: 11 / 280 الترجمة 411، وطبقات الشافعية
الكبرى للسبكي: 8 / 140 الترجمة 1130، وطبقات الشافعية
للاسنوي: 2 / 323 الترجمة 954.
(23/63)
وُلِدَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ، بِقَزْوِيْنَ.
وَصَحِبَ القُطْبَ النَّيْسَابُوْرِيَّ، وَلاَزَمَهُ،
وَقَدِمَ مَعَهُ دِمَشْقَ.
وَسَمِعَ مِنْ: شُهْدَة الكَاتِبَةَ، وَخَطِيْبَ
المَوْصِلِ، وَيَحْيَى الثَّقَفِيّ.
وَعَنْهُ: شِهَابُ الدِّيْنِ ابْنُ تَيْمِيَةَ، وَمَجْدُ
الدِّيْنِ ابْنُ العَدِيْمِ.
وَبِالإِجَازَةِ: القَاضِي (1) ، وَأَبُو نَصْرٍ ابْنُ
الشِّيْرَازِيّ.
وَوَلِيَ قَضَاءَ حِمْصَ، ثُمَّ دَرَّسَ بِحَلَبَ،
وَأَفتَى.
مَاتَ: سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
وَكَانَ ابْنُهُ:
46 - عِمَادُ الدِّيْنِ
مِنَ المُدَرِّسِيْنَ أَيْضاً.
47 - الخُوَيِّيُّ شَمْسُ الدِّيْنِ أَحْمَدُ بنُ
الخَلِيْلِ بنِ سَعَادَةَ بنِ جَعْفَرٍ *
قَاضِي القُضَاةِ، شَمْسُ الدِّيْنِ أَحْمَدُ بنُ
الخَلِيْلِ بنِ سَعَادَةَ بنِ جَعْفَرٍ الخُوَيِّيُّ،
الشَّافِعِيُّ.
__________
(1) يعني: تقي الدين الحنبلي.
(*) عقود الجمان في شعراء هذا الزمان لابن الشعار الموصلي
(أسعد أفندي 2323) ج 1 الورقة 149 ب، ومرآة الزمان: 8 /
730، والتكملة لوفيات النقلة للمنذري ج 3 الترجمة 2941،
وعيون الانباء 2 / 171، وبغية الطلب لابن العديم م 1
الورقة 76 - 78، وذيل الروضتين لأبي شامة: 169، وتكملة
اكمال الإكمال لابن الصابوني: 106 - 109، وتاريخ الإسلام
للذهبي (أيا صوفيا 3012)، الورقة: 186، وتذكرة الحفاظ: 4 /
1415، والمشتبه: 193، والعبر: 5 / 152 - 153، والوافي
بالوفيات: 6 / 375 - 376 الترجمة 2878، ونثر الجمان ج 2
الورقة 112 - 113، ومرآة الجنان لليافعي: 4 / 222، وطبقات
الشافعية الكبرى للسبكي: 8 / 16 - 17 الترجمة 1044، وطبقات
الشافعية للاسنوي: 1 / =
(23/64)
وُلِدَ: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ.
وَقَرَأَ العَقْلِيَّاتِ عَلَى فَخْرِ الدِّيْنِ
الرَّازِيِّ، وَالجَدَلَ عَلَى الطَّاوُوْسِيِّ.
وَسَمِعَ: مِنَ المُؤَيَّدِ الطُّوْسِيِّ.
وَكَانَ مِنِ أَذْكِيَاءِ المُتَكَلِّمِينَ وَأَعيَانِ
الحُكَمَاءِ وَالأَطِبَّاءِ، ذَا دِيْنٍ وَتَعَبُّدٍ،
وَلَهُ مُصَنَّفٌ فِي النَّحْوِ، وَآخَرُ فِي الأُصُوْلِ،
وَآخَرُ فِيْهِ رُمُوْزٌ فَلْسَفِيَّةٌ.
قَالَ ابْنُ أَبِي أُصَيْبعَةَ (1) : قَرَأْتُ عَلَيْهِ
(التَّبْصِرَةَ) لابْنِ سَهْلاَنَ.
وَسَمِعَ مِنْهُ: المُعْيِنُ القُرَشِيُّ، وَالجَمَالُ
ابْنُ الصَّابُوْنِيِّ، وَابْنُهُ قَاضِي القُضَاةِ
شِهَابُ الدِّيْنِ مُحَمَّدٌ.
وَخُوِي: مِنْ إِقْلِيْمِ أَذْرَبِيْجَانَ.
مَاتَ: فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ
وَسِتِّ مائَةٍ، كَهْلاً، بِحُمَّى دقيَّة، وَوَلِيَ
قَضَاءَ دِمَشْقَ فَحُمِدَ.
48 - ابْنُ عَسْكَرٍ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ
عَلِيِّ بنِ خَضِرٍ الغَسَّانِيُّ *
القَاضِي، العَلاَّمَةُ، ذُو الفُنُوْنِ، أَبُو عَبْدِ
اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ خَضِرٍ
__________
= 500 الترجمة 458، والبداية والنهاية 13 / 155، ونزهة
الانام لابن دقماق الورقة 40، وطبقات النحاة لابن قاضي
شهبة الورقة 83، وتبصير المنتبه: 1 / 376، وعقد الجمان
للعيني ج 18 الورقة 232 - 233، والنجوم الزاهرة: 6 / 316،
والقضاة الشافعية للنعيمي: 65 - 66، وشذرات الذهب: 5 /
183.
(1) عيون الانباء في طبقات الاطباء: 2 / 171.
(*) تكملة الصلة لابن الابار: 2 / 641 - 642 الترجمة 1661،
والاحاطة في أخبار غرناطة للسان الدين ابن الخطيب: 2 / 122
- 125، وتاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3012)، الورقة:
183، طبقات النحاة واللغويين لابن قاضي شهبة (تحقيق
الدكتور محسن =
(23/65)
الغَسَّانِيُّ، المَالَقِيُّ،
المَالِكِيُّ، ابْنُ عَسْكَرٍ.
ذَكَرَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ: رَوَى عَنْ: أَبِي
الحَجَّاجِ ابْنِ الشَّيْخِ، وَأَبِي زَكَرِيَّا
الأَصْبَهَانِيّ، وَأَبِي الخَطَّابِ بنِ وَاجِبٍ، وَأَبِي
سُلَيْمَانَ بنِ حَوْطِ اللهِ، وَعِدَّةٍ.
وَاعْتَنَى بِالرِّوَايَةِ عَلَى كِبَرٍ، وَكَانَ جَلِيْلَ
القَدْرِ، دَيِّناً، صَاحِبَ فُنُوْن؛ فَقهٍ وَنَحْوٍ
وَأَدَبٍ وَكِتَابَةٍ، وَكَانَ شَاعِراً مُتَقَدِّماً فِي
الشُّرُوْطِ، حَسَنَ العِشْرَةِ، سَمْحاً جَوَاداً، وَلِيَ
قَضَاءَ بَلَدِهِ بَعْدَ أَنْ حَكَمَ نِيَابَةً، وَصَنَّفَ
وَمَالَ إِلَى الاجْتِهَادِ، تَأَسَّفَ عَلَى تَفْرِيْطِهِ
فِي تَرْكِ الأَخْذِ عَنِ الكِبَارِ.
وَلَهُ كِتَابُ (المَشْرعُ (1) الرّوِيُّ فِي الزِّيَادَةِ
عَلَى غَرِيبي الهَرَوِيِّ)، وَكِتَابُ (الإِتمَامِ عَلَى
كِتَابِ التَّعرِيفِ وَالإِعلاَمِ) لِلسُّهَيْلِيِّ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ (2)
.
49 - عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ عَبْدِ الرَّشِيْدِ بنِ
عَلِيِّ بن بُنَيْمَانَ الهَمَذَانِيُّ
قَاضِي الجَانبِ الشَّرْقِيّ بِبَغْدَادَ، أَبُو بَكْرٍ
الهَمَذَانِيّ، الشَّافِعِيّ.
__________
= فياض) 1 / 197 الترجمة 143، وبغية الوعاة للسيوطي 1 /
179 - 180 الترجمة 302، وهدية العارفين: 3 / 113، وشجرة
النور الزكية في طبقات المالكية، تأليف محمد بن محمد مخلوف
1 / 181 الترجمة 591، ومعجم المؤلفين: 11 / 7.
وهذه الترجمة تزيد على الترجمة التي في " تاريخ الإسلام ".
(1) في الأصل (المبرع) بدون تنقيط وما أثبتناه عن تكملة
ابن الابار وبغية الوعاة.
(2) في تكلمة ابن الابار: توفي وهو يتولى قضاء بلده ظهر
يوم الأربعاء الرابع لجمادى الآخرة..وفي بغية الوعاة: ومات
يوم الأربعاء لاربع خلون من جمادى الآخرة..وذكر فيه أنه
ولد قريبا من سنة أربع وثمانين وخمس مئة.
(*) التكملة لوفيات النقلة للحافظ المنذري ج 3 الترجمة
2952، وقال: إن له اجازة منه، =
(23/66)
حضر وَهُوَ ابْنُ أَرْبَع سِنِيْنَ عَلَى
جَدِّهِ الحَافِظِ أَبِي العَلاَءِ العَطَّارِ (جَامِعَ
مَعْمَرٍ (1)) وَسَمِعَ بِبَغْدَادَ مِنْ: شُهْدَةَ،
وَابْنِ شَاتيلَ.
وَأُمُّهُ هِيَ عَاتِكَةُ بِنْتُ الحَافِظِ.
أَعَادَ بِالنِّظَامِيَّةِ، وَنَابَ بِالجَانبِ الغَرْبِي
عَنْ أَخِيْهِ القَاضِي عَلِيٍّ، وَكَانَ صَالِحاً،
قَانِتاً.
حَدَّثَ بِدِمَشْقَ بَعْدَ العِشْرِيْنَ، وَنَزَلَ فِي
الغزَاليَّةِ، ثُمَّ رَجَعَ فَولِيَ القَضَاءَ وَحُمِدَ
فِيْهِ.
رَوَى عَنْهُ: الشَّرِيْشِيُّ، وَابْنُ بَلْبَانَ،
وَالخَطِيْبُ عَبْدُ الحَقِّ بنُ شَمَائِلَ، وَالشَّيْخُ
عِزّ الدِّيْنِ الفَارُوْثِيُّ.
وَأَجَاز: لِفَاطِمَةَ بِنْتِ سُلَيْمَانَ، وَلأَبِي
نَصْرٍ ابْن الشِّيْرَازِيِّ، وَجَمَاعَةٍ، وَلابْنِ
سَعْدٍ، وَمُحَمَّدٍ البِجَّدِيّ (2) ، وَسِتِّ
الفُقَهَاءِ الوَاسِطِيَّةِ، وَآخِرُ مَنْ رَوَى عَنْهُ
بِالسَّمَاعِ: العِمَادُ إِسْمَاعِيْلُ ابْنُ الطَّبَّالِ
(3) .
مَاتَ: فِي سَابع شَوَّالٍ، سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ
وَسِتِّ مائَةٍ، عَنْ أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
__________
= وذيل كتاب مشتبه الأسماء لابن نقطة تأليف منصور بن سليم
(مادة الحدادي) الورقة: 11 وتاريخ الإسلام، الورقة: 190
(أيا صوفيا 3012)، وطبقات الاسنوي: 2 / 533 الترجمة 1237،
والعقد المذهب لابن الملقن الورقة 174، ونزهة الانام لابن
دقماق الورقة 44.
(1) وهو جزآن يرويه أبو العلاء العطار عن أبي علي الحداد
وغانم البرجي، عن الحافظ أبي نعيم الأصبهاني.
كما حضر على جده أيضا " سنن أبي مسلم الكجي ". ذكر ذلك
المؤلف في " تاريخ الإسلام ".
(2) قيده الذهبي في المشتبه بكسر الباء وبعدها الجيم
المفتوحة المشددة، ويتصحف في كثير من المصادر إلى " النجدي
" فليحرر.
(3) شيخ المستنصرية. كما سمع منه شيخ المستنصرية عبد الله
بن أبي السعادات.
(23/67)
50 - الدُّبَيْثِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ
مُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدِ بنِ يَحْيَى بنِ عَلِيٍّ *
الإِمَامُ، العَالِمُ الثِّقَةُ، الحَافِظُ، شَيْخُ
القُرَّاءِ، حُجَّةُ المُحَدِّثِيْنَ، أَبُو عَبْدِ اللهِ
مُحَمَّدُ ابنُ أَبِي المَعَالِي سَعِيْدِ بنِ يَحْيَى بنِ
عَلِيِّ بنِ حَجَّاجٍ الدُّبَيْثِيُّ، ثُمَّ الوَاسِطِيُّ،
الشَّافِعِيُّ، المُعَدَّلُ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
وُلِدَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي طَالِبٍ الكَتَّانِيِّ، وَهِبَةِ
اللهِ بنِ قَسَّامٍ، وَعِدَّةٍ بِوَاسِطَ بَعْدَ سَنَةِ
سَبْعِيْنَ.
وَتَلاَ بِالعَشْرِ عَلَى: خَطِيْبِ شَافِيَا (1) ،
وَابْنِ البَاقِلاَنِيِّ صَاحِبَيِ أَبِي العِزّ
القَلاَنسِيّ.
وَسَمِعَ بِبَغْدَادَ مِنْ: أَبِي الفَتْحِ بنِ شَاتيل،
وَعَبْدِ المُنْعِمِ ابْنِ الفُرَاوِيّ إِذْ حَجَّ،
وَنَصْرِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ القَزَّازِ،
وَأَبِي العَلاَءِ بنِ عَقِيْلٍ، وَطَبَقَتِهِم.
وَيَنْزِلُ إِلَى أَنْ يَرْوِيَ عَنْ: أَصْحَابِ أَبِي
الوَقْتِ، وَأَبِي الفَتْحِ ابْنِ البَطِّيِّ.
وَتَلاَ بِالرِّوَايَاتِ عَلَى جَمَاعَةٍ، وَتَفَقَّهَ
عَلَى أَبِي الحَسَنِ البُوقِيِّ.
وَقَرَأَ العَرَبِيَّةَ وَالأُصُوْلَ وَالخلاَفَ، وَعُنِيَ
بِالحَدِيْثِ وَبَالَغَ، وَكَتَبَ العَالِيَ وَالنَّازلَ،
وَصَنَّفَ (تَارِيخاً) كَبِيْراً لِوَاسطَ (2) ، وَذَيَّل
عَلَى (تَارِيخِ بَغْدَادَ) المُذَيَّل لابْنِ
السَّمْعَانِيِّ عَلَى (تَارِيْخ الخَطِيْبِ)، وَعَمِلَ
(المُعْجَمَ) لِنَفْسِهِ، وَخَرَّجَ لِغِيْرِ وَاحِدٍ،
وَكَانَ مُشْرِفَ الأَوقَافِ، وَمِنْ كُبَرَاء العُدُوْلِ،
ثُمَّ اسْتَعْفَى مِنَ العَدَالَةِ ضَجَراً مِنْ
كُلْفَتِهَا، فَإِنَّ العَدَالَةَ بِبَغْدَادَ كَانَتْ
مَنْصِباً
__________
(*) مؤرخ بغداد العظيم انظر بحث الدكتور بشار عواد معروف
عنه في المجلة التاريخية العدد الثاني ص 17 فما بعدها، وما
صدر به لكتابه ذيل تاريخ مدينة السلام بغداد (من منشورات
وزارة الاعلام في الجمهورية العراقية - سلسلة كتب التراث
رقم 36 دار الحرية للطباعة بغداد 1974 م / 1394 ه) من ص: 1
- 77.
(1) خطيب شافيا هو: أبو الحسن علي بن المظفر.
(2) لم يصل الينا.
(23/68)
وَرُتْبَةً كَبِيْرَةً، وَإِذَا عُزِلَ
الرَّجُل مِنْهَا لاَ يُفَسَّقُ، ثُمَّ لاَزَمَ العِلْمَ
وَالإِقْرَاءَ وَالتَّسمِيْعَ.
قَالَ الحَافِظُ مُحِبّ الدِّيْنِ ابْنُ النَّجَّارِ:
سَكَنَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بَغْدَادَ، وَحَدَّثَ
بتَصَانِيْفِهِ، وَقَلَّ أَنْ جَمَعَ شَيْئاً إِلاَّ
وَأَكْثَرُهُ عَلَى ذهنِه، وَلَهُ مَعْرِفَةٌ بِالحَدِيْثِ
وَالأَدَبِ وَالشِّعْرِ، وَهُوَ سَخِيٌّ بِكُتُبِهِ
وَأُصُوْلِهِ، صَحِبْتُهُ عِدَّةَ سِنِيْنَ، فَمَا
رَأَيْتُ مِنْهُ إِلاَّ الجَمِيْلَ وَالدِّيَانَةَ وَحُسنَ
الطَّرِيقَةِ، وَمَا رَأَتْ عَيْنَايَ مِثْلَهُ فِي حِفْظِ
السِّيَرِ وَالتَّوَارِيخِ وَأَيَّامِ النَّاسِ -رَحِمَهُ
اللهُ-.
قُلْتُ: حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ النَّجَّارِ، وَأَبُو
بَكْرٍ بنُ نُقْطَةَ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ
البِرْزَالِيُّ، وَالمُؤَرِّخُ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ
الكَازَرُوْنِيُّ، وَعِزُّ الدِّيْنِ أَحْمَدُ
الفَارُوْثِيّ الوَاعِظُ، وَجَمَالُ الدِّيْنِ
الشَّرِيْشِيُّ المُفَسِّرُ، وَتَاجُ الدِّيْنِ عَلِيُّ
بنُ أَحْمَدَ الغَرَّافِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَقَدْ سَمِعَ مِنْهُ مِنْ شُيُوْخِهِ المُحَدِّثُ
أَحْمَدُ بنُ طَارِقٍ، وَأَبُو طَالِبٍ بنُ عَبْدِ
السَّمِيْعِ.
وَرَوَى عَنْهُ بِالإِجَازَةِ: القَاضِي تَقِيّ الدِّيْنِ
سُلَيْمَانُ بنُ أَبِي عُمَرَ الحَنْبَلِيُّ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: لَقَدْ مَاتَ عَدِيْم النَّظِيْر
فِي فَنِّهِ وَأَضَرَّ بِأَخَرَةٍ.
تُوُفِّيَ: فِي ثَامنِ رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ سَبْعٍ
وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
قُلْتُ: وَفِيْهَا مَاتَ: قَاضِي دِمَشْقَ شَمْسُ
الدِّيْنِ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ الخَلِيْلِ بن
سعَادَةَ الخُوَيِّيُّ الأُصُوْلِيُّ، وَمُسْنَدُ الوَقْتِ
بِشِيْرَازَ الإِمَامُ عَلاَءُ الدِّيْنِ أَبُو سَعْدٍ
ثَابِتُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الخُجَنْدِيِّ الأَصْبَهَانِيّ -
وَهُوَ آخِرُ مَنْ حَدَّثَ بِـ (الصَّحِيْحِ) عَنْ أَبِي
الوَقْتِ حُضُوْراً، وَمُقْرِئ بَغْدَادَ عَبْدُ
العَزِيْزِ
(23/69)
ابْنُ دُلَفَ النَّاسخُ الخَازنُ،
وَالعَدْلُ الأَمِيْن أَبُو الغَنَائِمِ سَالِمُ ابْنُ
الحَافِظِ أَبِي المَوَاهِبِ بنِ صَصْرِى، وَالرَّئِيْسُ
صَفِيُّ الدِّيْنِ أَبُو العَلاَءِ أَحْمَدُ بنُ أَبِي
اليُسْرِ شَاكِرٍ التَّنُوْخِيُّ الدِّمَشْقِيُّ، وَرَاوِي
(مُسْنَدِ ابْنِ رَاهَوَيْهِ) أَبُو البَقَاءِ
إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى المُؤَدِّبُ
بِبَغْدَادَ، وَأَبُو عَلِيٍّ حُسَيْنُ بنُ يُوْسُفَ
الشَّاطِبِيُّ ثُمَّ الإِسْكَنْدَرَانِيُّ، وَالقَاضِي
عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ عَبْدِ الرَّشِيْدِ سِبْطُ أَبِي
العَلاَءِ الهَمَذَانِيِّ، وَأَبُو القَاسِمِ عَبْدُ
الرَّحِيْمِ بنُ يُوْسُفَ ابْن الطُّفَيْلِ بِمِصْرَ،
وَإِمَامُ الرَّبوَةِ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ العَزِيْزِ
بنُ بَرَكَاتِ ابْن الخُشُوْعِيّ، وَالمُحْتَسِبُ رَشِيْدُ
الدِّيْنِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ ابْنِ الهَادِي
(1) القَيْسِيّ، وَالزَّاهِدُ أَبُو طَالِبٍ مُحَمَّدُ بنُ
أَبِي المَعَالِي عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ
صَابِرٍ السُّلَمِيّ، وَفَخْرُ الدِّيْنِ مُحَمَّدُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ أَبِي نَصْرٍ النُّوْقَانِيُّ
الفَقِيْهُ، وَتَقِيّ الدِّيْنِ مُحَمَّدُ بنُ طرخَاتَ بنِ
أَبِي الحَسَنِ السُّلَمِيّ، وَالمُحَدِّثُ الأَدِيْبُ
شَمْسُ الدِّيْنِ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ مُحَمَّدِ
ابْنِ الكَرِيْم الكَاتِبُ البَغْدَادِيُّ؛ سِتَّتُهُم
بِدِمَشْقَ (2) ، وَمُحَدِّثُ إِرْبِلَ وَعَالِمُهَا
الإِمَامُ شَرَفُ الدِّيْنِ أَبُو البَرَكَاتِ المُبَارَكُ
بنُ أَحْمَدَ بنِ المُسْتوفِيّ، وَالصَّاحِبُ الأَوحَدُ
ضِيَاءُ الدِّيْنِ نَصْرُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ الأَثِيْرِ الجَزَرِيُّ صَاحِبُ (المَثَلِ
السَّائِر) وَآخَرُوْنَ.
قَرَأْتُ عَلَى عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ العَلَوِيِّ،
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدٍ الحَافِظُ سَنَةَ
ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، فَذَكَرَ جُزْءاً
فِيْهِ نَوَادِرُ وَحِكَايَاتٌ.
__________
(1) يعني: المعروف بابن الهادي.
(2) يعني الستة الاخيرين.
(23/70)
51 - ابْنُ خَلْفُوْنَ أَبُو بَكْرٍ
مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ مُحَمَّدٍ الأَزْدِيُّ *
الحَافِظُ المُتْقِنُ، العَلاَّمَةُ، أَبُو بَكْرٍ
مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ خَلْفُوْنَ
الأَزْدِيُّ، الأَنْدَلُسِيُّ، الأَوْنَبِيُّ (1) ،
نَزِيْلُ إِشْبِيْلِيَةَ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الأَبَّارُ (2) : وُلِدَ سَنَةَ
خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَسَمِعَ مِنْ:
أَبِي بَكْرٍ بن الجَدِّ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ
زَرْقُوْنَ، وَأَبِي بَكْرٍ النَّيَّارِ، وَعِدَّةٍ.
قُلْتُ: مَا عَلِمتُ أَحَداً رَوَى عَنْهُ وَالشُّقَّةُ
بَعْيِدَةٌ؛ بَلَى رَوَى عَنْهُ أَبُو جَعْفَرٍ ابْن
الطّبَّاعِ، وَابْنُ مَسْدِي، وَأَكْثَرَ عَنْهُ أَبُو
بَكْرٍ بنُ سِتِّ النَّاس.
قَالَ: وَكَانَ بَصِيْراً بِصِنَاعَةِ الحَدِيْثِ،
حَافِظاً لِلرِّجَالِ، مُتْقِناً، أَلَّفَ كِتَابَ
(المُنْتَقَى فِي الرِّجَالِ) خَمْسَةَ أَسفَارٍ،
وَكِتَابَ (المُفْهِم فِي شُيُوْخ البُخَارِيّ وَمُسْلِم)
وَكِتَابَ (عُلُوْمِ الحَدِيْثِ).
وَوَلِيَ القَضَاءَ بِبَعْضِ النَّوَاحِي، فَشُكِرَ فِي
قَضَائِهِ.
أَخَذَ عَنْهُ جَمَاعَة، وَكَانَ أَهْلاً لِذَلِكَ.
تُوُفِّيَ: فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ سِتٍّ
وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
وَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: اعْتَنَى بِالرِّوَايَةِ
وَالنَّقْلِ اعْتِنَاءً تَامّاً، وَعَكَفَ عَلَى
__________
(*) تكملة الصلة لابن الابار: 2 / 643 - 644 الترجمة 1663،
وتذكرة الحفاظ 4 / 1400 - 1401 الترجمة 1125، وتاريخ
الإسلام، الورقة: 182 (أيا صوفيا 3012)، والوافي بالوفيات:
2 / 218 الترجمة 611، وطبقات الحفاظ للسيوطي 492 - 493
الترجمة 1093، وهدية العارفين: 2 / 114، وشجرة النور
الزكية في طبقات المالكية لمحمد بن محمد مخلوف 1 / 181
الترجمة 590، ومعجم المؤلفين: 9 / 61.
(1) الا ونبي نسبة إلى أونبة قال ياقوت: بالفتح ثم السكون
وفتح النون وباء موحدة وهاء قرية في غربي الأندلس على خليج
البحر المحيط (معجم البلدان - صادر 1 / 283).
(2) تكملة الصلة 2 / 643 وليس فيها العبارة (ولد سنة خمس
وخمسين وخمس مئة) فليعلم.
(23/71)
ذَلِكَ عُمُرَهُ، وَكَانَ حَافِظاً
لِلأَسَانِيْدِ عَارِفاً بِالرِّجَالِ.
قُلْتُ: لاَ أَعْلَمُ أَنَّنِي وَقَعَ لِي شَيْءٌ مِنْ
رِوَايَةِ هَذَا الحَافِظِ؛ حَدَّثَ أَثِيْرُ الدِّيْنِ
(1) عَنْ رَجُلٍ عَنْهُ.
52 - ابْنُ الأَثِيْرِ أَبُو الفَتْحِ نَصْرُ اللهِ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ الشَّيْبَانِيُّ *
الصَّاحِبُ، العَلاَّمَةُ، الوَزِيْرُ، ضِيَاءُ الدِّيْنِ،
أَبُو الفَتْحِ نَصْرُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ
بنِ عَبْدِ الكَرِيْمِ بنِ عَبْدِ الوَاحِدِ
الشَّيْبَانِيُّ، الجَزَرِيُّ، المُنشِئُ، صَاحِبُ كِتَابِ
(المَثَلِ السَّائِرِ فِي أَدَبِ الكَاتِبِ وَالشَّاعِرِ).
مَوْلِدُهُ: بِجَزِيْرَةِ ابْنِ عُمَرَ، فِي سَنَةِ
ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَتَحَوَّلَ
مِنْهَا مَعَ أَبِيْهِ وَإِخْوَتِهِ، فَنَشَأَ
بِالمَوْصِلِ، وَحَفِظَ القُرْآنَ، وَأَقْبَلَ عَلَى
النَّحْوِ وَاللُّغَةِ وَالشِّعْرِ وَالأَخْبَارِ.
وَقَالَ فِي أَوَّلِ كِتَابِ (الوَشْيِ) لَهُ: حَفِظْتُ
مِنَ الأَشْعَارِ مَا لاَ
__________
(1) يعني: أثير الدين أبا حيان الغرناطي النحوي المفسر
المشهور.
(*) سيرته مشهورة انظر مثلا: معجم البلدان لياقوت 2 / 79،
وإكمال الإكمال، الورقة: 3، وذيل الروضتين لأبي شامة 169،
والتكملة لوفيات النقلة للحافظ المنذري ج 3 الترجمة 2937،
وتكملة اكمال الإكمال لابن الصابوني: 4 - 6، ووفيات
الأعيان: 5 / 389 - 397 الترجمة 763، والمستفاد للدمياطي
الورقة 72 - 73، والحوادث الجامعة: 136، ودول الإسلام: 2 /
108، والعبر 5 / 156، تاريخ الإسلام (أيا صوفيا 3012)،
الورقة: 197، طبقات الشافعية للاسنوي: 1 / 133 الترجمة
120، ونثر الجمان للفيومي ج 2 الورقة 117 118، والعقد
المذهب لابن الملقن الورقة 166، ونزهة الانام لابن دقماق
الورقة 43، والألقاب لابن حجر الورقة 3، والنجوم الزاهرة:
6 / 318، وبغية الوعاة 2 / 351، وشذرات الذهب 5 / 187 -
188، وديوان ابن الغزي الورقة 12 وانظر مقدمة كتاب الجامع
الكبير في صناعة المنظوم من الكلام والمنثور ص 3 - 40
تحقيق الدكتور مصطفى جواد والدكتور جميل سعيد، ومقدمة كتاب
كفاية الطالب في نقد كلام الشاعر والكاتب تحقيق الدكتور
نوري القيسي وجماعته، ومقدمة كتاب رسائل ابن الأثير تحقيق
الدكتور نوري القيسي وجماعته.
(23/72)
أُحْصِيْهِ، ثُمَّ اقْتَصَرْتُ عَلَى
الدَّوَاوِيْنِ لأَبِي تَمَّامٍ وَالبُحْتُرِيِّ
وَالمُتَنَبِّي فَحَفِظْتُهَا.
قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: قَصَدَ السُّلْطَانَ صَلاَحَ
الدِّيْنِ فَقَدَّمهُ، وَوصَلَه القَاضِي الفَاضِل،
فَأَقَامَ عِنْدَهُ أَشْهُراً، ثُمَّ بَعَثَ بِهِ إِلَى
وَلدِهِ الملكِ الأَفْضَلِ فَاسْتَوْزَرَهُ، فَلَمَّا
تُوُفِّيَ صَلاَحُ الدِّيْنِ، تَمَلَّكَ الأَفْضَلُ
دِمَشْقَ، وَفَوَّضَ الأُمُوْرَ إِلَى الضِّيَاءِ،
فَأَسَاءَ العِشْرَةَ، وَهَمُّوا بِقَتْلِهِ، فَأُخْرِجَ
فِي صُنْدُوْقٍ، وَسَارَ مَعَ الأَفْضَلِ إِلَى مِصْرَ،
فَرَاحَ المُلْكُ مِنَ الأَفْضَلِ، وَاخْتَفَى الضِّيَاءُ،
وَلَمَّا اسْتَقرَّ الأَفْضَلُ بِسُمَيْسَاطَ، ذَهَبَ
إِلَيْهِ الضِّيَاء، ثُمَّ فَارَقَهُ فِي سَنَةِ سَبْعٍ
وَسِتِّ مائَةٍ، فَاتَّصَل بِصَاحِبِ حَلَبَ، فَلَمْ
ينفُقْ، فَتَأَلَّمَ، وَذَهَبَ إِلَى المَوْصِلِ، فَكَتَبَ
لِصَاحِبِهَا.
وَلَهُ يَدٌ طُولَى فِي التَّرَسُّلِ، كَانَ يُجَارِي
القَاضِيَ الفَاضِلَ، وَيُعَارِضُهُ، وَبَيْنَهُمَا
مُكَاتَبَاتٌ وَمُحَارَبَاتٌ.
وَقَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: قَدِمَ بَغْدَادَ رَسُوْلاً
غَيْرَ مَرَّةٍ، وَحَدَّثَ بِهَا بِكِتَابِهِ، وَمَرِضَ،
فَتُوُفِّيَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ سَبْعٍ
وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ،
وَقِيْلَ: كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيْهِ عِزِّ
الدِّيْنِ مُقَاطعَةٌ وَمُجَانبَةٌ شَدِيْدَةٌ.
53 - ابْنُ المُعِزِّ أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ مَحْمُوْدٍ الحَرَّانِيُّ *
الشَّيْخُ، المُسْنِدُ، المُعَمَّرُ الصَّالِحُ، أَبُو
عَلِيٍّ أَحْمَدُ ابْنُ القَاضِي أَبِي الفَتْحِ مُحَمَّدِ
بنِ مَحْمُوْدِ بنِ المُعِزِّ بن إِسْحَاقَ الحَرَّانِيُّ،
ثُمَّ البَغْدَادِيُّ، الصُّوْفِيُّ، مِنْ أَهْلِ رِبَاطِ
شُهْدَةَ.
__________
(*) التكملة لوفيات النقلة للحافظ المنذري ج 3 الترجمة
2961، وذكر أن له منه اجازة، والعبر للذهبي: 5 / 158،
وتاريخ الإسلام (أيا صوفيا: 3012)، الورقة: 199، والنجوم
الزاهرة: 6 / 340، وشذرات الذهب: 5 / 189.
(23/73)
سَمَّعَهُ أَبُوْهُ مِنْ: أَبِي الفَتْحِ
ابْنِ البَطِّيِّ، وَأَحْمَدَ ابْنِ المُقَرِّبِ،
وَمُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ السَّكَنِ، وَيَحْيَى بنِ
ثَابِتٍ، وَأَبِي المَكَارِمِ البَاذَرَائِيِّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ النَّجَّارِ وَقَالَ: شَيْخٌ حَسَنُ
الهَيْئَةِ مُتَوَدِّدٌ لَطِيْفُ الأَخْلاَقِ، وَجَمَالُ
الدِّيْنِ الشَّرِيْشِيُّ، وَمَجْدُ الدِّيْنِ ابْنُ
الحُلوَانِيَّةِ، وَأَبُو القَاسِمِ بنُ بَلْبَانَ،
وَعِزُّ الدِّيْنِ الفَارُوْثِيُّ، وَعِدَّةٌ.
وَبِالإِجَازَةِ: القَاضِي الحَنْبَلِيُّ، وَالفَخْرُ بنُ
عَسَاكِرَ، وَآخَرُوْنَ.
مَاتَ: فِي سَلْخِ المُحَرَّمِ، سَنَةَ ثَمَانٍ
وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
وَفِيْهَا مَاتَ: الصَّاحِبُ نَجِيْبُ الدِّيْنِ أَحْمَدُ
بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ فَارِسٍ التَّمِيْمِيُّ
الإِسْكَنْدَرَانِيُّ وَالِدُ الكَمَالِ شَيْخِ
القُرَّاءِ، وَالقَاضِي نَجْمُ الدِّيْنِ أَبُو العَبَّاسِ
أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ خَلَفِ بنِ رَاجِحٍ
المَقْدِسِيُّ الحَنْبَلِيُّ ثُمَّ الشَّافِعِيُّ،
وَجَمَالُ المُلكِ عَلِيُّ بنُ مُخْتَارِ ابْنِ الجَمَل
(1) العَامِرِيُّ، وَمُحْيِي الدِّيْنِ مُحَمَّدُ بنُ
عَلِيٍّ الحَاتِمِيُّ الطَّائِيُّ ابْنُ العَرَبِيِّ،
وَقَاضِي حَلَبَ جَمَالُ الدِّيْنِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَانِ ابْنُ الأُسْتَاذِ الأَسَدِيّ الشَّافِعِيّ،
وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ خُلَيْفٍ الجُذَامِيُّ
الإِسْكَنْدَرَانِيُّ، وَأَبُو البَرَكَاتِ مُحَمَّدُ بنُ
عَلِيِّ بنِ مَحْفُوْظٍ ابْنُ تَاجرِ عِينَة، وَالشَّيْخُ
مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ أَبِي العَجَائِزِ
الدِّمَشْقِيُّ، وَالتَّقِيُّ يُوْسُفُ بنُ عَبْدِ
المُنْعِمِ بنِ نِعْمَةَ بنِ سُلْطَانَ النَّابلسِيُّ
الحَنْبَلِيُّ.
__________
(1) انظر تاريخ الإسلام للمؤلف، الورقة: 203، بخطه، وسيأتي
في الرقم (204).
(23/74)
54 - ابْنُ رَاجِحٍ أَبُو العَبَّاسِ
أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ خَلَفٍ المَقْدِسِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، البَارِعُ،
الحَافِظُ، نَجْمُ الدِّيْنِ، أَقْضَى القُضَاةِ، أَبُو
العَبَّاسِ أَحْمَدُ ابْنُ الإِمَامِ شِهَابِ الدِّيْنِ
مُحَمَّدِ بنِ خَلَفِ بنِ رَاجِحِ بن بِلاَلٍ
المَقْدِسِيُّ، ثُمَّ الصَّالِحِيُّ، الحَنْبَلِيُّ (1) ،
ثُمَّ الشَّافِعِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ.
وَسَمِعَ مِنْ: يَحْيَى الثَّقَفِيِّ (2) ، وَابْنِ
صَدَقَةَ الجَنْزَوِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَانِ ابْنِ
الخِرَقِيِّ، وَبِبَغْدَادَ مِنِ ابْنِ الجَوْزِيِّ،
وَلاَزَمَ بِهَمَذَانَ الرُّكْنَ الطَّاوُوْسِيَّ حَتَّى
صَارَ مُعيدَهُ، ثُمَّ سَارَ إِلَى بُخَارَى، وَاشْتَغَلَ
وَبَرَعَ، وَبَعُدَ صِيْتُهُ، وَأَحَكْمَ مَذْهَبَ
الشَّافِعِيِّ.
وَمِنْ مَحْفُوْظَاتِهِ كِتَابُ (الجَمْعِ بَيْنَ
الصَّحِيْحَيْنِ (3)).
اشْتَغَلَ وَتَخَرَّجَ بِهِ العُلَمَاءُ، وَكَانَ ذَا
تَهَجُّدٍ وَتَأَلُّهٍ وَتَعَبُّدٍ وَذَكَاءٍ مُفْرِطٍ.
قَالَ الشَّيْخُ الضِّيَاءُ: سَمِعْتُ عُمَرَ بنَ صَوْمَعٍ
(4) يَذكرُ أَنَّهُ رَأَى الحَقَّ
__________
(*) مرآة الزمان لسبط ابن الجوزي: 8 / 735 - 736، والتكملة
لوفيات النقلة ج 3 الترجمة 2994، وذيل الروضتين: 171،
والعبر: 5 / 158، وتاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3012)،
الورقة: 199 - 200، ونثر الجمان للفيومي ج 2 الورقة: 123 -
124،
وطبقات الشافعية للاسنوي: 1 / 448 الترجمة 404، والبداية
والنهاية: 13 / 156 - 157، والعقد المذهب لابن الملقن
الورقة 174، وعقد الجمان للعيني ج 18 الورقة: 242 - 243،
والنجوم الزاهرة: 6 / 340 وشذرات الذهب: 5 / 189، وايضاح
المكنون: 2 / 505، ومعجم المؤلفين 2 / 99.
(1) قال الاسنوي: يعرف بالحنبلي لأنه كان في صباه كذلك
(طبقات 1 / 448).
(2) وهو في الخامسة، فسماعه حضورا.
(3) للحميدي.
(4) الضبط من خط الذهبي في " تاريخ الإسلام ".
(23/75)
تَعَالَى فِي النَّوْمِ، فَسَأَلَهُ عَنِ
النَّجْمِ بنِ خَلَفٍ، فَقَالَ: هُوَ مِنَ
المُقَرَّبِيْنَ.
قُلْتُ: وَذَكَرَ النَّجْمُ أَنَّهُ رَأَى البَارِئَ
-عَزَّ وَجَلَّ- فِي النَّوْمِ إِحْدَى عَشْرَةَ مرَّةً،
قَالَ لَهُ فِي بَعْضِهَا: أَنَا عَنْكَ رَاضٍ.
وَقَدْ وَلِي تَدْرِيْسَ العَذْرَاويَّةِ، وَقَدْ كَانَ
أَوَّلاً قَرَأَ (المقنعَ) عليّ المُؤلّفِ، وَدَرَّسَ
أَيْضاً بِالصَّارِمِيَة بِحَارَةِ الغُرَبَاءِ،
وَبِمَدْرَسَةِ أُمِّ الصَّالِحِ، وَبِالشَّامِيَّةِ
البَرَّانِيَّةِ، وَنَابَ فِي القَضَاءِ عَنْ جَمَاعَةٍ
(1) ، مِنْهُم الرّفِيعُ الجِيلَيُّ، وَصَنَّفَ (طَرِيقَةً
فِي الخِلاَفِ) فِي مُجَلَّدَيْنِ، وَأَشيَاءَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو الفَضْلِ ابنُ عَسَاكِرَ، وَابْنُ
عَمِّهِ الفَخْرُ، وَالعِمَادُ بنُ بَدْرَانَ، وَمُحَمَّدُ
بنُ يُوْسُفَ الإِرْبِلِيُّ.
تُوُفِّيَ: فِي شَوَّالٍ (2) ، سَنَةَ ثَمَانٍ ثَلاَثِيْنَ
وَسِتِّ مائَةٍ.
55 - صَلاَحُ الدِّيْنِ مُوْسَى
وَكَانَ أَخُوْهُ الشَّيْخُ.
مِنَ العُلَمَاءِ الصُّلَحَاءِ، لَهُ شِعْرٌ رَائِقٌ.
56 - ابْنُ مُخْتَارٍ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ
مُخْتَارِ بنِ نَصْرٍ العَامِرِيُّ *
الشَّيْخُ، الأَمِيْرُ، المُعَمَّرُ، جَمَالُ المَلِكِ،
أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُخْتَارِ بنِ
__________
(1) نقل النعيمي عن الذهبي أنه ناب عن الخويي (قاضي القضاة
شمس الدين أحمد بن خليل) انظر القضاة الشافعية في دمشق
للنعيمي (ضمن كتاب قضاة دمشق بن طولون): 66.
(2) ذكر في العبر أنه وفاته كانت في الخامس من شوال (العبر
5 / 158) وذكر الحافظ المنذري أنه توفي في الخامس أو
السادس منه.
(*) التكملة لوفيات النقلة للمنذري: ج 3 الترجمة 2988،
وتكملة اكمال الإكمال لابن =
(23/76)
نَصْرِ بنِ طُغَانَ العَامِرِيُّ،
المَحَلِّيُّ، ثُمَّ الإِسْكَنْدَرَانِيُّ، وَيُعْرَفُ:
بِابْنِ الجَمَلِ.
مَوْلِدُهُ: فِي أَوَّلِ سَنَةِ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ،
بِالمحلَّةِ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي طَاهِرٍ السِّلَفِيِّ، وَأَبِي
مُحَمَّدٍ العُثْمَانِيِّ، وَتَفَرَّدَ بِأَجزَاءَ.
وَكَانَ مِنْ أَوْلاَدِ الأُمَرَاءِ المِصْرِيِّيْنَ (1) .
حَدَّثَ عَنْهُ: المُنْذِرِيُّ، وَابْنُ النَّجَّارِ،
وَابْنُ الحُلوَانِيَّةِ، وَأَبُو الفَتْحِ مُحَمَّدُ بنُ
أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الجَبَّابِ، وَأَبُو صَادِقٍ
مُحَمَّدُ ابنُ الرَّشِيْدِ العَطَّارُ، أَبُو القَاسِمِ
عَبْدُ الرَّحْمَنِ الدُّكَّالِيُّ سُحْنُوْنُ، وَعَبْدُ
المُؤْمِنِ بنُ خَلَفٍ الحَافِظُ، وَالزَّيْنُ مُحَمَّدُ
بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ ابْن الجَبَّابِ، وَخَدِيْجَةُ
بِنْتُ غَنِيْمَةَ، وَجَمَاعَةٌ.
وَبِالإِجَازَةِ: شَمْسُ الدِّيْنِ ابْنُ الحَظِيْرَيِّ،
وَالقَاضِي الحَنْبَلِيُّ، وَابْنُ سَعْدٍ.
مَاتَ: فِي ثَامِنَ عَشَرَ شَعْبَانَ، سَنَةَ ثَمَانٍ
وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَقَدْ نَيَّفَ عَلَى
التِّسْعِيْنَ.
لَمْ يَسْمَعْ عَلَى مِقْدَارِ سنِّهِ.
57 - المَارِستَانِيُّ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ
يَعْقُوْبَ بنِ عَبْدِ اللهِ البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ، المُسْنِدُ، أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ
يَعْقُوْبَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ
__________
= الصابوني 251 - 252، والعبر: 5 / 158، وتاريخ الإسلام
(أيا صوفيا: 3012) الورقة: 203، والمشتبه: 421، والوافي
بالوفيات م 12 الورقة 202، والعسجد المسبوك ص 501، ولم يرد
ذكره في تبصير المنتبه بتحرير المشتبه لابن حجر حين ذكر "
طغان " بضم الطاء ، والنجوم الزاهرة: 6 / 340، وشذرات
الذهب 5 / 189 - 190، وتصحف فيه طغان إلى طغان والجمل إلى
الحبل.
(1) يعني العبيديين المعروفين غلطا عند بعض المؤرخين
بالفاطميين، وحاشا أن يكونوا من نسل بنت رسول الله صلى
الله عليه وسلم، فقد شوه كثير من هؤلاء الامراء الإسلام،
ولا يضير المترجم أنه منهم.
(*) التكملة لوفيات النقلة: ج 3 الترجمة 3059 وذكر أن له
منه اجازة، والعبر: 5 / =
(23/77)
الوَاحِد البَغْدَادِيُّ، المَارستَانِي،
الصُّوْفِيُّ، قَيِّمُ جَامِعِ المَنْصُوْرِ.
وُلِدَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَكَانَ يُمْكِنُهُ السَّمَاعُ مِنْ أَبِي بَكْرٍ ابْنِ
الزَّاغُوْنِيِّ، وَأَبِي الوَقْتِ السِّجْزِيِّ،
وَلَكِنَّ السَّمَاعَ رِزْقٌ!
سَمِعَ مِنْ: أَبِي المَعَالِي بنِ اللَّحَّاسِ، وَأَبِي
عَلِيٍّ الرَّحَبِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَسْعَدَ حَفَدَةَ
العَطَّارِ العَطَّارِيِّ، وَعُمَرَ بنِ بُنَيْمَانَ
البَقَّالِ، وَخَدِيْجَةَ بِنْتِ النُّهْرُوَانِيِّ،
وَجَمَاعَةٍ.
وَكَانَ صَالِحاً خَيِّراً مُعَمَّراً.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ الحُلوَانِيَّةِ، وَعِزُّ الدِّيْنِ
الفَارُوْثِيُّ، وَابْنُ بَلْبَانَ، وَمُحَمَّدُ ابْنُ
الدَّبَّابِ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ
الشَّرِيْشِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي السَّعَادَاتِ،
وَأَبُو الحَسَنِ الغَرَّافِيُّ، وَطَائِفَةٌ، وَالقَاضِي
الحَنْبَلِيُّ بِالإِجَازَةِ، وَابْنُ سَعْدٍ (1) ،
وَعِيْسَى المُطَعِّمُ، وَأَبُو العَبَّاسِ ابْنُ
الشِّحنَةِ، وَجَمَاعَةٌ.
وَسَمَاعُهُ صَحِيْحٌ، وَكَانَ رَجُلاً صَالِحاً.
مَاتَ: فِي ذِي الحِجَّةِ (2) ، سَنَةَ تِسْعٍ
وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ
بنُ يَعْقُوْبَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ،
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ البُنْدَارُ،
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ أَبِي مُسْلِمٍ،
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الصُّوْلِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو
بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَمْرٍو البَزَّارُ، حَدَّثَنَا
عَبَّادُ
__________
= 159، وتاريخ الإسلام، الورقة: 209 (أيا صوفيا 3012)،
والنجوم الزاهرة: 6 / 344، وشذرات الذهب: 5 / 203.
(1) يعني الذين ذكرهم بعد ذلك قد حدثوا عنه بالاجازة أيضا
وهم: ابن سعد والمطعم وابن الشحنة.
(2) ذكر الحافظ المنذري أن وفاته كانت في الثالث والعشرين
من ذي الحجة. التكملة ج 3 الترجمة 3059.
(23/78)
بنُ يَعْقُوْبَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ
هَاشِمِ بنِ البَرِيْدِ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدِ
اللهِ بنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ،
عَنْ أَبِي ذَرٍّ:
سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ لِعَلِيٍّ: (أَنْتَ أَوَّلُ مَنْ
آمَنَ بِي، وَأَنْتَ أَوَّلُ مَنْ يُصَافِحُنِي يَوْمَ
القِيَامَةِ، وَأَنْتَ الصِّدِّيْقُ الأَكْبَرُ، وَأَنْتَ
الفَارُوْقُ يَفْرُقُ بَيْنَ الحَقِّ وَالبَاطِلِ،
وَأَنْتَ يَعسُوبُ المُؤْمِنِيْنَ، وَالمَالُ يَعْسُوبُ
الكَافِرِيْنَ -)، إِسْنَادُهُ وَاهٍ.
وَفِيْهَا - أَعنِي سَنَة تِسْعٍ - مَاتَ: الفَقِيْهُ
إِسْحَاقُ بنُ طَرْخَانَ بنِ مَاضِي الشَّاغُوْرِيُّ (1)
الرَّاوِي عَنْ حَمْزَةَ بنِ كَرَوَّسٍ (2) فِي كِتَابِ
(البسملَةِ)، وَالقَاضِي النَّفِيْسُ أَبُو الكَرَمِ
أَسَعْدُ بنُ عَبْدِ الغَنِيِّ بنِ قَادوسٍ عَنْ سِتٍّ
وَتِسْعِيْنَ سَنَةً وَهُوَ آخِرُ أَصْحَابِ ابْنِ
الحُطيئَة، وَالشَّرِيْفُ الخَطِيْبُ، وَأَبُو عَلِيٍّ
الحَسَنُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ دِيْنَارٍ المِصْرِيُّ
الصَّائِغُ، وَالمُحَدِّثُ سُلَيْمَانُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ
بنِ هِبَةِ اللهِ الإِسْعَردِيُّ خَطِيْبُ بَيْتِ (3)
لِهْيَا، وَالفَقِيْهُ عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ مُحَمَّدِ
بنِ مَاضِي الحَنْبَلِيُّ، وَقَاضِي بَغْدَادَ عِمَادُ
الدِّيْنِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مقبلٍ الوَاسِطِيُّ
الشَّافِعِيُّ الزَّاهِدُ شَيْخُ زِيَادٍ
المَرْزُبَانِيِّ، وَعَبْدُ السَّيِّدِ بنُ أَحْمَدَ
خَطِيْبُ بعقوبَا، وَسَيْفُ الدِّيْنِ عَبْدُ الغَنِيِّ
ابْن الشَّيْخِ الفَخْرِ ابْنِ تَيْمِيَةَ خَطِيْبُ
حَرَّانَ، وَالفَقِيْهُ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الصَّمَدِ بنِ
عَبْدِ الجَلِيْلِ الرَّازِيُّ ثُمَّ الدِّمَشْقِيُّ،
وَأَبُو فُصَيْدٍ قَيْمَازُ المُعَظَّمِيّ، وَقَاضِي
القُضَاةِ شَرَفُ الدِّيْنِ (4) أَبُو المَكَارِمِ
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ ابْنِ ابْنِ عَيْنِ
الدَّوْلَةِ
__________
(1) في الأصل: " الشاعوري " بالعين المهملة، وليس بشيء.
(2) كروس: قيده المنذري في التكملة.
(3) في الأصل: " بنت " وليس بشيء.
(4) " الدين " سقطت من الأصل.
(23/79)
الإِسْكَنْدَرَانِيُّ ثُمَّ المِصْرِيُّ
عَنْ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ سَنَةً، وَالقَاضِي أَبُو
بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ مُظَفَّرِ بنِ نُعَيْمٍ
البَغْدَادِيُّ الشَّافِعِيُّ ابْنُ الحُبَيْرِ مِنْ
كِبَارِ الأَئِمَّةِ، وَأَبُو القَاسمِ نَصْرُ بنُ عَلِيِّ
بنِ نَغُوْبَا الوَاسِطِيُّ لَهُ إِجَازَة ابْنِ
البَطِّيِّ، وَالأُصُوْلِيُ المُتَكَلِّم الإِمَامُ أَبُو
عَامِرٍ يَحْيَى بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَحْمَدَ بنِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ رَبِيْعٍ الأَشْعَرِيُّ
القُرْطُبِيُّ صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ الكَلاَمِيَّةِ
وَوَالِدُ المُتَكَلِّمِ أَبِي الحُسَيْنِ مُحَمَّدٍ
تُوُفِّيَ بِمَالَقَةَ.
58 - عُمَرُ بنُ أَسَعْدَ بنِ المُنَجَّى بنِ أَبِي
البَرَكَاتِ التَّنُوْخِيُّ ثُمَّ المَعَرِيُّ
القَاضِي، الإِمَامُ، شَمْسُ الدِّيْنِ، أَبُو الفَتْحِ
(1) ابْنُ القَاضِي الكَبِيْر وَجِيْهِ الدِّيْنِ
التَّنُوْخِيُّ، ثُمَّ المَعَرِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ،
الحَنْبَلِيُّ، مُدَرِّس المِسْمَارِيَّة، وَقَاضِي
حَرَّانَ مُدَّةً، وَبِهَا وُلدَ حَالَ وِلاَيَةِ أَبِيْهِ
قَضَاءهَا.
سَمِعَ: أَبَا المَعَالِي بنَ صَابرٍ، وَكَمَالَ الدِّيْنِ
ابْنَ الشَّهْرُزُوْرِيِّ، وَابْنَ عَصْرُوْنَ، وَيَحْيَى
بنَ بَوْشٍ، وَعِدَّةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: بِنْتُهُ سِتُّ الوُزَرَاءِ (2) ،
وَالحَافِظُ الزَّكِيُّ البِرْزَالِيُّ، وَمَجْدُ
الدِّيْنِ ابْنُ العَدِيْمِ، وَالبَدْرُ ابْنُ الخَلاَّلِ،
وَبِالحُضُوْرِ العِمَادُ ابْنُ البَالِسِيِّ.
__________
(*) ذيل الروضتين لأبي شامة: 173 وصلة التكملة للحسيني
الورقة 3، والعبر: 5 / 170، وتذكرة الحفاظ: 4 / 1435،
وتاريخ الإسلام (أيا صوفيا 3013)، الورقة: 8، والبداية
والنهاية: 13 / 163، وذيل طبقات الحنابلة 2 / 225 - 226
رقم الترجمة: 330، والنجوم الزاهرة: 6 / 349، وشذرات
الذهب: 5 / 210 - 211.
(1) هكذا أيضا كناه في " تاريخ الإسلام " وهو بخطه، وفي
بعض المصادر: أبو الفتوح.
(2) هي آخر من حدث عنه وكانت من المعمرات.
(23/80)
تُوُفِّيَ: فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ (1) ،
سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَلَهُ
أَرْبَعٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً.
وَابْنُهُ:
59 - العِمَادُ الزَّاهِدُ
هُوَ وَاقِفُ حَلْقَةِ العِمَادِ الَّتِي لِلْحَنَابِلَةِ.
وَكَانَ القَاضِي شَمْسُ الدِّيْنِ وَافرَ الجَلاَلَةِ،
بَصِيْراً بِالأَحكَامِ -رَحِمَهُ اللهُ-.
60 - ابْنُ ظَفَرٍ أَبُو الطَّاهِرِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ
ظَفَرِ بنِ أَحْمَدَ المُنْذِرِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، المُحَدِّثُ الجَوَّالُ، الصَّالِحُ
العَابِدُ، أَبُو الطَّاهِرِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ ظَفَرِ بنِ
أَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُفَرَّجِ بنِ مَنْصُوْرِ
بنِ ثَعْلَبِ بن عُنَيْبَةَ - مِنَ العِنَبِ -
المُنْذِرِيُّ (2) ، المَقْدِسِيُّ، النَّابُلُسِيُّ،
ثُمَّ الدِّمَشْقِيُّ، الحَنْبَلِيُّ.
وُلِدَ: بِدِمَشْقَ، فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ.
__________
(1) ذكر أبو شامة وابن رجب أن وفاته كانت في السابع عشر من
ربيع الآخر. وقال الذهبي في تاريخ الإسلام: في الثامن عشر.
(*) التكملة لوفيات النقلة ج 3 الترجمة 3044 وذكر أنه سمع
منه بحران ودمشق، وذيل الروضتين لأبي شامة: 171، والعبر 5
/ 160، وتاريخ الإسلام (أيا صوفيا: 3012)، الورقة: 211،
وذيل طبقات الحنابلة لابن رجب: 2 / 224 - 225 الترجمة 329،
وذيل التقييد للفاسي الورقة 142، والنجوم الزاهرة: 6 /
344، وشذرات الذهب 5 / 203 - 204.
(2) قال في تاريخ الإسلام: " من ولد النعمان بن المنذر ملك
عرب الشام ".
(23/81)
سَمِعَ: أَبَا المَكَارِم اللَّبَّانَ،
وَمُحَمَّدَ بنَ أَبِي زَيْدٍ الكَرَّانِيَّ، وَأَبَا
جَعْفَرٍ الصَّيْدَلاَنِيَّ بِأَصْبَهَانَ وَأَبَا
القَاسِمِ البُوصِيْرِيَّ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنَ يَاسِيْنَ
بِمِصْرَ، وَالمُبَارَكَ ابْنَ المَعْطُوشِ، وَأَبَا
الفَرَجِ ابْنَ الجَوْزِيِّ، وَابْنَ أَبِي المَجْدِ
الحَرْبِيَّ بِبَغْدَادَ، وَأَبَا سَعْدٍ الصَّفَّارَ،
وَمَنْصُوْراً الفُرَاوِيَّ، وَعِدَّةً بِنَيْسَابُوْرَ،
وَالحَافِظَ عَبْدَ القَادِرِ بِحَرَّانَ وَلَزِمَهُ
مُدَّةً، وَابْنَ الحُصْرِيِّ بِمَكَّةَ، وَجَاورَ
لأَجَلهِ سَنَةً، وَكَانَ عَالِماً فَقيراً مُتَعَفِّفاً
كَثِيْرَ السَّفَر.
حَدَّثَ عَنْهُ: البِرْزَالِيُّ، وَالمُنْذِرِيُّ، وَابْنُ
الحُلوَانِيَّةِ، وَالعِمَادُ إِبْرَاهِيْمُ المَاسحُ،
وَالعِمَادُ إِسْمَاعِيْلُ ابْنُ الطَّبَّالِ، وَالحُسَامُ
عَبْدُ الحَمِيْدِ اليُوْنِيْنِيُّ، وَالبَدْرُ حَسَنُ
ابْنُ الخَلاَّلِ، وَالشَّمْسُ مُحَمَّدُ ابْنُ
الوَاسِطِيِّ، وَالنَّجْمُ مُوْسَى الشَّقرَاوِيُّ،
وَالفَخْرُ إِسْمَاعِيْلُ ابْنُ عَسَاكِرَ، وَالقَاضِي
الحَنْبَلِيُّ، وَعِدَّةٌ.
تُوُفِّيَ: بِقَاسِيُوْنَ، فِي شَوَّالٍ (1) ، سَنَةَ
تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
قَالَ ابْنُ الحَاجِبِ: كَانَ عَبداً صَالِحاً، ذَا
مُرُوءةٍ، مَعَ فَقْرٍ مُدقِعٍ، صَاحِبَ كَرَامَاتٍ.
قُلْتُ: نَسَخَ الكَثِيْرَ، وَخَطُّه مَعْرُوفٌ رَدِيءٌ.
61 - ابْنُ الصَّابُوْنِيِّ عَلِيُّ بنُ مَحْمُوْدِ بنِ
أَحْمَدَ المَحْمُوْدِيُّ *
الشَّيْخُ، العَالِمُ، الزَّاهِدُ، المُسْنِدُ، عَلَمُ
الدِّيْنِ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ ابْنُ الشَّيْخِ
__________
(1) ذكر الحافظ المنذري وابن رجب أنه توفي في الرابع من
شوال.
(*) التكملة لوفيات النقلة ج 3 الترجمة 3102 وذكر أنه سمع
منه، وذيل كتاب مشتبه الأسماء لابن نقطة تأليف منصور بن
سليم الورقة 65 من نسخة الدكتور بشار، وتكملة اكمال
الإكمال لابن الصابوني: 97 - 98، وتلخيص مجمع الآداب لابن
الفوطي ج 4 الترجمة 883، =
(23/82)
العَارِفِ أَبِي الفَتْحِ مَحْمُوْدِ بنِ
أَحْمَدَ بنِ عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ بنِ عُثْمَانَ
المَحْمُوْدِيُّ، الجَوِّيْثيُّ، العِرَاقِيُّ،
الصُّوْفِيُّ، عُرِفَ بِابْنِ الصَّابُوْنِيّ.
وُلِدَ: سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ،
بِالجَوِّيْثِ، وَهِيَ حَاضِرٌ كَبِيْرٌ بِظَاهِرِ
البَصْرَةِ وَتَفْصِلُ بَيْنَهُمَا دِجْلَةُ.
لَهُ إِجَازَةٌ فِي صِبَاهُ مِنْ أَبِي المُطَهَّرِ
القَاسِمِ بنِ الفَضْلِ الصَّيْدَلاَنِيِّ، وَأَبِي
جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بنِ حَسَنٍ الصَّيْدَلاَنِيِّ،
وَالخَضِرِ بنِ الفَضْلِ عُرِفَ بِرَجُلٍ، وَأَبِي
مَسْعُوْدٍ عَبْدِ الرَّحِيْمِ الحَاجِّيِّ، وَأَبِي
الفَتْحِ ابنِ البَطِّيِّ، وَارْتَحَلَ بِهِ أَبُوْهُ،
فَسَمِعَ مِنْ أَبِي طَاهِرٍ السِّلَفِيِّ، وَمِنْ
وَالِدِهِ.
وَرَوَى الكَثِيْرَ؛ حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ المُحَدِّثُ
أَبُو حَامِدٍ، وَحَفِيْدُهُ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ،
وَالضِّيَاءُ، وَالمُنْذِرِيُّ، وَالدِّمْيَاطِيُّ،
وَعِيْسَى بنُ يَحْيَى السَّبْتِيُّ، وَالتَّاجُ ابنُ
أَبِي عَصْرُوْنَ، وَعَلِيُّ بنُ بَقَاءٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ
سُلَيْمَانَ المَشْهَدِيُّ، وَأَخُوْهُ عَبْدُ
الرَّحْمَانِ، وَجَمَالُ الدِّيْنِ مُحَمَّدُ ابْنُ
السَّقَطِيِّ، وَأَبُو نَصْرٍ ابْنُ الشِّيْرَازِيِّ،
وَأَبُو سَعِيْدٍ سُنْقَرُ القَضَائِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَصَارَ شَيْخاً لِلصُّوْفِيَّةِ بِرِبَاطِ الخَاتُونِيِّ،
وَبِجَامِعِ الفِيَلَةِ، وَأَمَّ بِالسُّلْطَانِ المَلِكِ
الأَفْضَلِ عَلِيٍّ بِدِمَشْقَ مُدَّةً، وَكَانَ كَيِّساً،
مُتَوَاضِعاً، ثِقَةً، لَدَيهِ فَضِيْلَةٌ.
تُوُفِّيَ: بِالرِّبَاطِ المُجَاوِر لِلسَّيِّدَةِ
نَفِيْسَةَ، فِي ثَالِثَ عَشَرَ شَوَّالٍ، سَنَةَ
أَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
__________
= والعبر 5 / 166، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة: 226
(أيا صوفيا 3012)، والوافي بالوفيات مجلد 12 الورقة 200،
وشذرات الذهب 5 / 208.
(23/83)
62 - ابْنُ شُفنِيْنَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ
الوَاحِدِ بنِ أَحْمَدَ القُرَشِيُّ *
الشَّرِيْفُ الأَجْلُّ، المُسْنِدُ، أَبُو الكَرَمِ
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ أَحْمَدَ
بنِ عَبْدِ الوَاحِد بنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
عُبَيْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي عِيْسَى بنِ
المُتَوَكِّلِ عَلَى اللهِ جَعْفَرٍ ابْنِ المُعْتَصِمِ
القُرَشِيُّ، العَبَّاسِيُّ، المُتَوكِّلِيُّ،
البَغْدَادِيُّ، عُرِفَ بِابْنِ شُفنِيْنَ، وَهُوَ لَقَبٌ
لِعُبَيْدِ اللهِ.
مَوْلِدُهُ: سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ
مائَةٍ.
أَجَازَ لَهُ: أَبُو بَكْرٍ ابْنُ الزَّاغُوْنِيِّ،
وَنَصْرُ بنُ نَصْرٍ الوَاعِظُ، وَأَبُو الوَقْتِ
السِّجْزِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ
الرُّطَبِيُّ، وَأَبُو جَعْفَرٍ العَبَّاسِيُّ،
وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ (1) التُّريكيِّ.
وَسَمِعَ مِنْ: عَمِّهِ أَبِي تَمَّامٍ عَبْدِ الكَرِيْمِ
بنِ أَحْمَدَ، وَيَحْيَى بنِ السَّدَنْكِ، وَكَانَ صَدْراً
مُعَظَّماً فَاضِلاً حَسَنَ الطّرِيقَة.
أَثْنَى عَلَيْهِ ابْنُ النَّجَّارِ وَغَيْرُهُ.
وَرَوَى عَنْهُ: مَجْدُ الدِّيْنِ ابْنُ العَدِيْمِ،
وَجَمَالُ الدِّيْنِ الشَّرِيْشِيُّ، وَجَمَاعَةٌ (2) .
وَرَوَى عَنْهُ بِالإِجَازَةِ: العِمَادُ ابْنُ
البَالِسِيِّ، وَالمُطَعِّمُ، وَابْنُ سَعْدٍ، وَمُحَمَّدُ
بنُ أَحْمَدَ النَّجدِيُّ، وَزَيْنَبُ بِنْتُ عَبْدِ اللهِ
ابْنِ الرَّضِيِّ، وَابْنُ الشِّحنَةِ، وَجَمَاعَةٌ.
__________
(*) التكملة لوفيات النقلة ج 3 الترجمة 3090 وذكر أنه حدث
وأن له منه إجازة، والعبر 5 / 166، وتاريخ الإسلام (أيا
صوفيا 3012) الورقة 227، والوافي بالوفيات: 4 / 68 الترجمة
1519 والنجوم الزاهرة 6 / 346، وشذرات الذهب: 5 / 209.
(1) من تاريخ الإسلام.
(2) منهم محب الدين ابن النجار البغدادي في تاريخه، وأثنى
عليه ثناء جميلا.
(23/84)
تُوُفِّيَ: فِي رَابعِ رَجَبٍ، سَنَةَ
أَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
وَفِيْهَا مَاتَ: الزَّينُ أَحْمَدَ بنُ عَبْدِ المَلِكِ
المَقْدِسِيُّ النَّاسخُ، وَالصَّاحِبُ مُقَدَّمُ
الجُيُوْشِ كَمَالُ الدِّيْنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
عُمَرَ بنِ حَمُّوَيْه الجُوَيْنِيُّ ابْنُ الشَّيْخِ
بِغَزَّةَ، وَأَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ بَرَكَاتٍ
الخُشُوْعِيُّ، وَالمُحَدِّثُ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عُمَرَ
ابْنِ الدُّردَانَةِ الحَرْبِيُّ، وَالملكُ الحَافِظُ
صَاحِبُ جَعْبَرَ، وعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ مَكِّيّ بنِ
كَرْسَا البَغْدَادِيُّ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عَبْدِ
المُنْعِمِ ابْنِ النَّقَّارِ العِمَادُ الكَاتِبُ،
وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ
أَبِيْهِ الصَّالِحيُّ (1) ، وَمَعَالِي بنُ سَلاَمَةَ
الحَرَّانِيُّ العَطَّارُ، وَصَاحِبُ الغَرْبِ الرَّشِيْدُ
المُؤْمِنِيُّ، وَالمُسْتَنْصِرُ بِاللهِ العَبَّاسِيُّ،
وَشَيْخُ القُرَّاءِ أَبُو عَلِيٍّ مَنْصُوْرُ بنُ عَبْدِ
اللهِ بنِ جَامِعٍ الضّرِيرُ، وَالزَّيْنُ يَحْيَى بنُ
عَلِيٍّ الحَضْرَمِيُّ المَالَقِيُّ النَّحْوِيُّ
بِدِمَشْقَ.
63 - ابْنُ يُوْنُسَ أَبُو الفَتْحِ مُوْسَى بنُ يُوْنُسَ
بنِ مُحَمَّدٍ المَوْصِلِيُّ *
الشَّيْخُ، العَلاَّمَةُ، ذُو الفُنُوْنِ، كَمَالُ
الدِّيْنِ، أَبُو الفَتْحِ مُوْسَى بنُ يُوْنُسَ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ مَنْعَةَ بنِ مَالِكٍ المَوْصِلِيُّ،
الشَّافِعِيُّ.
وُلِدَ فِي: سَنَةِ 551.
وَتَفَقَّهَ عَلَى أَبِيْهِ، وَأَخَذَ العَرَبِيَّةَ عَنْ
يَحْيَى بنِ
__________
(1) ويعرف أيضا بابن الدجاجية (تاريخ الإسلام، الورقة:
224).
(*) التكملة لوفيات النقلة ج 3 الترجمة 3038، ووفيات
الأعيان ج 5 ص: 311 - 318 الترجمة 747، والحوادث الجامعة
149 - 150، والمختصر في أخبار البشر لأبي الفدا: 3 / 178،
وتاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3012)، الورقة 218، ودول
الإسلام 2 / 109، والعبر 5 / 162 - 163 ومرآة الجنان: 4 /
101، ونثر الجمان للفيومي ج 2 الورقة 129، وطبقات السبكي 8
/ 378 - 386 الترجمة 1278 والبداية والنهاية 13 / 158،
والعقد المذهب لابن الملقن: الورقة 79، ونزهة الانام لابن
دقماق الورقة 55، والفلاكة والمفلوكون للدلجي: 84، وعقد
الجمان للعينى ج 18 الورقة 226 - 227، والنجوم الزاهرة: 6
/ 342 - 344، ومعجم الشافعية لابن عبد الهادي، الورقة 92،
وشذرات الذهب 5 / 206 - 207.
(23/85)
سَعدُوْنَ القُرْطُبِيِّ، وَبِبَغْدَادَ
عَنِ الكَمَالِ الأَنْبَارِيِّ.
وَتَفَقَّهَ بِالنِّظَامِيَةِ عَلَى السَدِيْدِ
السَّلَمَاسِيِّ فِي الخِلاَفِ (1) .
وَكَانَ يُضْرَبُ المَثَلُ بِذَكَائِهِ وَسَعَةِ
عُلُوْمِهِ.
اشْتُهِرَ اسْمُهُ، وَصَنَّفَ، وَدَرَّسَ، وَتَكَاثَرَ
عَلَيْهِ الطَّلَبَةُ، وَبَرَعَ فِي الرِّيَاضِيِّ.
وَقِيْلَ: كَانَ يُشغلُ (2) فِي أَرْبَعَةَ عَشَرَ فَنّاً،
بِحَيْثُ أَنَّهُ يَحُلُّ مَسَائِلَ (الجَامِعِ
الكَبِيْرِ) لِلْحنفِيَّةِ، وَيَقْرَأُ عَلَيْهِ أَهْل (3)
الذِّمَّةِ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ، حَتَّى إِنَّ
العَلاَّمَةَ الأَثِيْرَ الأَبْهَرِيَّ كَانَ يَجلسُ
بَيْنَ يَدَيْهِ، وَحَتَّى أَنَّهُ فَضَّلَهُ عَلَى
الغَزَّالِيِّ.
قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ وَهُوَ مِنْ تلاَمِيذتهِ (4) :
كَانَ شَيْخُنَا يَعْرِفُ الفِقْهَ وَالأَصْلَينِ،
وَالخِلاَفَ، وَالمنطقَ، وَالطبيعِيَّ، وَالإِلَهِيَّ،
وَالمَجْسِطِيَّ، وَأَقليدسَ، وَالهَيْئَةَ، وَالحسَابَ،
وَالجبرَ، وَالمسَاحَةَ، وَالمُوْسِيْقَى، مَعْرِفَةً لاَ
يُشَاركُهُ فِيْهَا غَيْرُه، وَكَانَ يُقْرِئُ (كِتَابَ
سِيْبَوَيْهِ) وَ(مُفَصّلَ الزَّمَخْشَرِيِّ)، وَكَانَ
لَهُ فِي التَّفْسِيْرِ وَالحَدِيْثِ وَأَسْمَاءِ
الرِّجَالِ يَدٌ جَيّدَةٌ، وَكَانَ شَيْخُنَا ابْنُ
الصَّلاَحِ يُبَالِغُ فِي الثَّنَاءِ عَلَيْهِ
وَيُعظِّمهُ...، وَبَالَغَ ابْنُ خَلِّكَانَ، إِلَى أَنْ
قَالَ (5) :
إِلاَّ أَنَّهُ كَانَ - سَامَحَهُ اللهُ - يُتَّهَمُ فِي
دِيْنِهِ، لِكَوْنِ العُلُوْمِ العَقليَّةِ غَالِبَةً
عَلَيْهِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي أُصَيْبِعَةَ (6) : لَهُ مُصَنّفَاتٌ
فِي غَايَةِ الجَوْدَةِ. وَقِيْلَ: كَانَ
__________
(1) كان السلماسي معيدا بالنظامية يومئذ.
(2) أي: يدرس، من الاشتغال.
أما الاشتغال: فهو طلب العلم.
(3) سقطت من النسخة، وهي من تاريخ الإسلام.
(4) وفيات الأعيان: 5 / 312 بتصرف في اللفظ.
(5) وفيات الأعيان 5 / 316.
(6) عيون الانباء في طبقات الاطباء، (طبعة دار الفكر بيروت
1376 / 1956) 2 / 337.
(23/86)
يَعرِفُ السِّيمِيَاءَ، وَلَهُ
(تَفْسِيْرٌ) لِلْقُرْآنِ، وَكِتَابٌ فِي النُّجُوْمِ.
مَاتَ: فِي شَعْبَانَ (1) ، سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ
وَسِتِّ مائَةٍ.
64 - القُبَّيْطِيُّ أَبُو طَالِبٍ عَبْدُ اللَّطِيْفِ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ حَمْزَةَ *
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ، الثِّقَةُ، مُسْنِدُ العِرَاقِ،
أَبُو طَالِبٍ عَبْدُ اللَّطِيْفِ ابنُ أَبِي الفَرَجِ
مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ حَمْزَةَ بنِ فَارِسٍ، ابْنُ
القُبَّيْطِيِّ الحَرَّانِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ،
التَّاجِرُ، الجَوْهَرِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ،
فِي شَعْبَانَ.
وَسَمِعَ مِنْ: جَدِّه عَلِيِّ بنِ حَمْزَةَ، وَالشَّيْخِ
عَبْدِ القَادِرِ الجِيْلِيِّ، وَهبةِ الله بنِ هِلاَلٍ
الدَّقَّاقِ، وَأَبِي الفَتْحِ ابْنِ البَطِّيِّ،
وَأَحْمَدَ بنِ المُقَرِّبِ، وَيَحْيَى بنِ ثَابِتٍ،
وَأَبِي بَكْرٍ بنِ النَّقُّوْرِ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: جَمَالُ الدِّيْنِ الشَّرِيْشِيُّ،
وَتَقِيُّ الدِّيْنِ ابْنُ الوَاسِطِيِّ، وَشَمْسُ
الدِّيْنِ ابْنُ الزَّينِ، وَعِزُّ الدِّيْنِ
الفَارُوْثِيُّ، وَعَلاَءُ الدِّيْنِ ابْنُ بَلْبَانَ،
وَرَشِيدُ الدِّيْنِ ابْنُ أَبِي القَاسِمِ، وَعِمَادُ
الدِّيْنِ ابْنُ الطَّبَّالِ، وَعِزُّ الدِّيْنِ ابْنُ
البُزُوْرِيِّ، وَعَلِيُّ بنُ حُصَيْنٍ، وَسُنْقَرُ
القَضَائِيُّ، وَتَاجُ الدِّيْنِ الغَرَّافِيُّ،
وَعِدَّةٌ.
__________
(1) ذكر الاحفظ المنذري أن وفاته كانت في الرابع عشر من
شعبان.
(*) تاريخ ابن الدبيثي، الورقة: 163 (باريس 5922)،
والتكملة لوفيات النقلة: ج 3 الترجمة 3126، وذكر أنه حدث
بالكثير وأن له منه اجازة، وصلة التكملة للحسيني الورقة 6،
والعبر للذهبي 5 / 168، تاريخ الإسلام (أيا صوفيا 3013)،
الورقة 5، والمختصر المحتاج إليه من تاريخ ابن الدبيثي
للذهبي: ج 3 ص 66، وذيل التقييد للفاسي، الورقة 209
والنجوم الزاهرة: 6 / 349، وراجع تاريخ علماء المستنصرية
لاستاذنا العلامة الدكتور ناجي معروف - رحمه الله تعالى -:
1 / 329 - 330.
(23/87)
وَبِالإِجَازَةِ: أَبُو العَبَّاسِ ابْنُ
الشِّحنَةِ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ البُخَارِيُّ،
وَابْنُ العِمَادِ الكَاتِبُ، وَسِتُّ الفُقَهَاءِ بِنتُ
الوَاسِطِيِّ.
وَقَدْ سَافرَ فِي التِّجَارَةِ مُدَّةً، وَكَانَ
دَيِّناً، خَيِّراً، حَافِظاً لِكِتَابِ اللهِ، صَادِقاً،
مَأْمُوْناً، لاَ يُحَدِّث إِلاَّ مِنْ أَصْلِهِ، وَكَانَ
يَتَّجِرُ.
تَكَاثَرَ عَلَيْهِ الطَّلَبَةُ، وَرَوَى الكَثِيْرَ،
وَسَمِعَ (سُنَنَ ابْنِ مَاجَه) بِفَوتٍ، فَاتَهُ
النِّصْفُ الأَوّلُ مِنَ الجُزْءِ الثَّانِي عَشَرَ:
نِصْفَ جُزءِ مِنْ أَبِي زُرْعَةَ المَقْدِسِيِّ.
وَحَدَّثَ بِـ (المَقَامَاتِ) عَنِ ابْنِ النَّقُّوْرِ،
وَحَدَّثَ بِكِتَابِ (المُسْتَنِيْرِ فِي القِرَاءاتِ)
عَنِ ابْن المُقَرَّبِ، وَرَوَى (دِيْوَانَ المتنبِي) عَنْ
شَيْخٍ لَهُ؛ أَبِي البَرَكَاتِ الوَكِيْلِ، وَ(غَرِيْبَ
أَبِي عُبَيْدٍ) عَنْ عَبْدِ الحَقِّ اليُوْسُفِيِّ،
وَ(المُصَافحَةَ) لِلبَرْقَانِيِّ عَنْ شُهْدَةَ،
وَ(مَغَازِي الأُمَوِيِّ) عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ
مَنْصُوْرٍ المَوْصِلِيِّ، وَ(سُنَنَ الدَّارَقُطْنِيِّ)
عَنْ عَبْدِ الحَقِّ، وَ(فَضَائِلَ القُرْآنِ لأَبِي
عُبَيْدٍ) عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، وَأَشيَاءَ.
وَوَلِيَ مَشْيَخَةَ المُسْتَنْصِرِيَّةِ بَعْد أَبِي
الحَسَنِ ابْنِ القَطِيْعِيِّ، ثُمَّ كَبِرَ فَأُعْفِيَ
مِنَ الحُضُوْرِ، فَكَانَ يُحَدِّثُ بِمَنْزِلِهِ، وَقد
بَعَثَ ابْنَ زَوجتِهِ بِمَالِهِ إِلَى المَغْرِبِ،
فَذَهَبَ المَالُ، وَبَقِيَتْ لَهُ دُوَيْرَاتٌ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ،
فِي شَهْرِ جُمَادَى الأُوْلَى (1) .
وَقُبَّيْطٌ: حَلاَوَةٌ عَسَليَّةٌ.
وَفِيْهَا مَاتَ: أَحْمَدُ بنُ سَعِيْدٍ الأَزَجِيُّ ابْنُ
البَنَّاءِ، وَأَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ
__________
(1) ذكر الحافظ المنذري أن وفاته كانت في السادس عشر من
جمادى الآخرة وكذا ذكر الحسيني في صلة التكملة وذكر الذهبي
في العبر: أنه توفي في جمادى الآخرة، بينما ذكر في التاريخ
أنه توفي في منتصف جمادى الآخرة.
(23/88)
مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
المَنْدَائِيِّ، وَأَعَزُّ بنُ كَرَمٍ الحَرْبِيُّ
الإِسكَافُ، وَحَمْزَةُ بنُ عُمَرَ بنِ عَتِيقِ بنِ أَوْسٍ
الغَزَّالُ، وَعَبْدُ الحَقِّ بنُ خَلَفٍ الضِّيَاءُ
الصَّالِحيُّ الحَنْبَلِيُّ، وَالمُخْلِصُ عَبْدُ
الوَاحِدِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي المَكَارِمِ
بنِ هِلاَلٍ، وَأَبُو الوَفَاءِ عَبْدُ المَلِكِ بنُ
عَبْدِ الحَقِّ ابْن الحَنْبَلِيِّ، وَعزّ الدِّيْنِ
عُثْمَانُ بنُ أَسَعْدَ بنِ المُنَجَّى، وَعَمُّه القَاضِي
شَمْسُ الدِّيْنِ عُمَرُ بنُ أَسْعَدَ، وَكَرِيْمَةُ
بِنْتُ عَبْدِ الحَقِّ بِمِصْرَ، وَقَيْصَرُ بنُ
فَيْرُوْزَ البوَّابُ، وَالمُحَدِّثُ مُحَمَّدُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ مُحَارِبٍ القَيْسِيُّ
بِالإِسْكَنْدَرِيَّة.
65 - الصَّرِيْفِيْنِيُّ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ
بنُ مُحَمَّدِ بنِ الأَزْهَرِ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الحَافِظُ،
الرَّحَّالُ، تَقِيُّ الدِّيْنِ، أَبُو إِسْحَاقَ
إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الأَزْهَرِ بنِ أَحْمَدَ
بنِ مُحَمَّدٍ العِرَاقِيُّ، الصَّرِيْفِيْنِيُّ،
الحَنْبَلِيُّ.
مَوْلِدُهُ: بِصَرِيْفِيْنَ، سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: حَنْبَلٍ، وَابْنِ طَبَرْزَذَ بِإِرْبِلَ،
وَمِنْ أَبِي مُحَمَّدٍ بنِ الأَخْضَرِ وَطَبَقَتهِ
بِبَغْدَادَ، وَمِنْ أَبِي اليُمْنِ الكِنْدِيِّ
وَطَبَقَتِهِ بِدِمَشْقَ، وَمِنَ المُؤَيَّدِ
الطُّوْسِيِّ، وَزَيْنَبَ الشَّعْرِيَّةِ بِنَيْسَابُوْرَ،
وَمِنْ أَبِي رَوْحٍ الهَرَوِيِّ بِهَرَاةَ، وَمِنْ
عَلِيِّ بنِ مَنْصُوْرٍ الثَّقَفِيِّ بِأَصْبَهَانَ،
وَمِنْ عَبْدِ القَادِرِ الرُّهَاوِيِّ بِحَرَّانَ،
وَكَتَبَ الكَثِيْرَ، وَجَمَعَ وَأَفَادَ، وَكَانَ مِنْ
عُلَمَاءِ الحَدِيْثِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الضِّيَاءُ، وَابْنُ الحُلوَانِيَّةِ،
وَمَجْدُ الدِّيْنِ ابْنُ العَدِيْمِ،
__________
(*) صلة التكملة للحسيني: الورقة: 3، والعبر 5 / 167،
وتذكرة الحفاظ 4 / 1433 الترجمة 1142، وتاريخ الإسلام
(أياصوفيا 3013) الورقة 2، والوافي بالوفيات 6 / 141،
والبداية والنهاية: 13 / 163، وذيل طبقات الحنابلة لابن
رجب 2 / 227 - 230 رقم 335، والنجوم الزاهرة: 6 / 349 -
350، وطبقات الحفاظ للسيوطي: ص: 500 - 501 الترجمة 1110،
وشذرات الذهب 5 / 209.
(23/89)
وَالشَّيْخُ تَاجُ الدِّيْنِ عَبْدُ
الرَّحْمَانِ، وَأَخُوْهُ، وَالشَّيْخُ زَيْنُ الدِّيْنِ
الفَارِقِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ ابْنُ الخَلاَّلِ،
وَالفَخْرُ ابنُ عَسَاكِرَ، وَعِدَّةٌ.
قَالَ المُنْذِرِيّ (1) : كَانَ ثِقَةً، حَافِظاً،
صَالِحاً، لَهُ جُمُوْعٌ حَسَنَةٌ لَمْ يُتِمَّهَا.
وَقَالَ ابْنُ الحَاجِبِ: إِمَامٌ ثَبْتٌ، وَاسِعُ
الرِّوَايَةِ، سخِيُّ النَّفْسِ مَعَ القلّةِ، سَافرَ
الكَثِيْرَ، وَكَتَبَ وَأَفَادَ، وَكَانَ يَرْجِع إِلَى
ثِقَةٍ وَوَرعٍ.
وَلِيَ مَشْيَخَةَ دَارِ الحَدِيْثِ بِمَنْبِجَ، ثُمَّ
سَكَنَ حَلَبَ، فَولِيَ مَشْيَخَةَ الحَدِيْثِ الَّتِي
لابْنِ شَدَّادٍ.
سَأَلتُ الضِّيَاءَ عَنْهُ، فَقَالَ: إِمَامٌ حَافِظٌ،
ثِقَةٌ، فَقِيْهٌ، حَسَنُ الصُّحْبَةِ.
قُلْتُ: ثُمَّ تَحَوَّلَ إِلَى دِمَشْقَ، وَرَوَى بِهَا.
مَاتَ: فِي جُمَادَى الأُوْلَى (2) ، سَنَةَ إِحْدَى
وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَدُفِنَ بِسَفحِ
قَاسِيُوْنَ.
66 - ابْنُ أَبِي الفَخَارِ أَبُو التَّمَّامِ عَلِيُّ بنُ
هِبَة اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ الهَاشِمِيُّ *
الشَّرِيْفُ، المُعَمَّرُ، أَبُو التَّمَّامِ عَلِيُّ ابنُ
أَبِي الفَخَارِ هِبَة اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
__________
(1) نقل الذهبي هذا الكلام هنا وفي تاريخ الإسلام وفي
تذكرة الحفاظ عن الحافظ المنذري، ونقل السيوطي شطرا منه في
طبقات الحفاظ، غير أننا لم نجد هذا الكلام في التكملة
لوفيات النقلة للحافظ المنذري، بل لم يترجم المنذري
للصريفيني، وانما تجد هذا الكلام في صلة التكملة للشريف
الحسيني وزاد فيها " وكتب بخطه الكثير " وهو يقول في
ترجمته أيضا " وصحبته مدة وكتبت عنه كثيرا " (انظر صلة
التكملة الورقة 3) وقد لاحظ ابن رجب هذا ونبه عليه (ذيل
طبقات الحنابلة: 2 / 229)، فليلاحظ.
(2) ذكر الذهبي في تاريخ الإسلام (الورقة: 2) أن وفاته
كانت في السادس عشر من جمادى الأولى وذكر الحسيني أنها في
ليلة السادس عشر منه (صلة التكملة الورقة 3) ونقل ابن رجب
عن أبي شامة (ولم نجده في ذيل الروضتين) أن الحافظ
الصريفيني توفي في خامس عشر من جمادى الأولى (ذيل 2 /
230).
(*) تاريخ ابن الدبيثي (نسخة كيمبرج) الورقة 172، وتاريخ
ابن النجار (باريس) الورقة =
(23/90)
هِبَةِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ الهَاشِمِيُّ،
العَبَّاسِيُّ، البَغْدَادِيُّ، خَطِيْبُ جَامِعِ فَخْرِ
الدِّيْنِ ابْنِ المُطَّلِبِ.
وُلِدَ: فِي أَوَّلِ سَنَةِ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ
مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي الفَتْحِ بنِ البَطِّيِّ، وَأَحْمَدَ
بنِ المُقَرَّبِ، وَأَبِي زُرْعَةَ المَقْدِسِيِّ،
وَسَعْدِ اللهِ ابْنِ الدَّجَاجِيِّ، وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ الحُلوَانِيَّةِ، وَابْنُ
بَلْبَانَ، وَابْنُ الوَاسِطِيِّ، وَأَبُو سَعِيْدٍ
سُنْقُرُ القَضَائِيُّ، وَجَمَاعَةٌ.
وَبِالإِجَازَةِ: أَبُو المَعَالِي ابْنُ البَالِسِيِّ،
وَفَاطِمَةُ بِنْتُ النَّاصِحِ بنِ عَيَّاشٍ، وَهَدِيَّةُ
بِنْتُ مُؤْمِنٍ، وَجَمَاعَةٌ.
وَقَدْ حَدَّثَ بِجُزءينِ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ بنِ
المَادحِ أَحْمَدَ (1) نُسْخَةَ مُحَمَّدِ بن السَّرِيِّ
فِيمَا بَلَغَنِي، وَبِهِ خُتم السَّمَاعُ مِنِ ابْنِ
المَادحِ.
قَالَ ابْنُ نُقْطَةَ: كَانَ الثَّنَاءُ عَلَيْهِ غَيْرَ
طَيِّبٍ.
قُلْتُ: عَاشَ بَعْد هَذَا القَوْلِ مُدَّةً، وَلَعَلَّهُ
صَلُحَ حَالُهُ.
مَاتَ: فِي ثَانِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ إِحْدَى
وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
__________
= 67 - 68، والتكملة لوفيات النقلة ج 3 الترجمة 3123، وصلة
التكملة للحسيني الورقة 4، والعبر للذهبي 5 / 169، وتاريخ
الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) الورقة 7، والمختصر
المحتاج إليه من تاريخ ابن الدبيثي ج 3 ص 147 الترجمة
1068، وذيل التقييد للفاسي الورقة 235، والنجوم الزاهرة 6
/ 349، وشذرات الذهب: 5 / 212.
(1) هكذا في الأصل وهي صحيحه، فابن المادح هو: أبو محمد
محمد بن أحمد بن عبد الكريم التميمي البغدادي المتوفى سنة
556.
وقال المؤلف في تاريخ الإسلام - وهو مما أفاضه بأخرة -: "
وحدث عن ابن المادح بنسخة محمد بن السري فيما بلغني ".
(23/91)
67 - التَّسَارِسِيُّ أَبُو الرِّضَا
عَلِيُّ بنُ زَيْدِ بنِ عَلِيِّ بنِ مُفَرِّجٍ *
الشَّيْخُ، أَبُو الرِّضَا عَلِيُّ بنُ زَيْدِ بنِ عَلِيِّ
بنِ مُفَرِّجٍ الجُذَامِيُّ، التَّسَارَسِيُّ،
البَرْقِيُّ، ثُمَّ الإِسْكَنْدَرَانِيُّ، المَالِكِيُّ،
الخَيَّاطُ، مِنْ أَصْحَابِ السِّلَفِيِّ (1) .
رَوَى عَنْهُ: الدِّمْيَاطِيُّ، وَعِيْسَى السَّبْتِيُّ،
وَنَصْرُ اللهِ بنُ عَيَّاشٍ، وَالغَرَّافِيُّ، وَعَبْدُ
الرَّحْمَنِ بنُ جَمَاعَةٍ.
تُوُفِّيَ: فِي رَمَضَانَ (2) ، سَنَةَ إِحْدَى
وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
68 - كَرِيْمَةُ بِنْتُ عَبْدِ الوَهَّابِ أُمُّ الفَضْلِ
القُرَشِيَّةُ الأَسَدِيَّةُ **
بِنْتُ المُحَدِّثِ العَدْلِ أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ
الوَهَّابِ بنِ عَلِيِّ بنِ الخَضِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ
عَلِيٍّ، الشَّيْخَةُ، الصَّالِحَةُ، المُعَمَّرَةُ،
مُسْنِدَةُ الشَّامِ، أُمُّ الفَضْلِ القُرَشِيَّةُ،
الأَسَدِيَّةُ، الزُّبَيْرِيَّةُ، الدِّمَشْقيَّةُ،
وَتُعرَفُ بِبنتِ الحَبَقْبَقِ.
__________
(*) التكملة لوفيات النقلة ج 3 الترجمة 3135 وذكر أنه حدث
وأن له منه اجازة كتب بها إليه من الإسكندرية غير مرة،
وصلة التكملة للشرف الحسيني الورقة 8، والعبر: 5 / 169،
وتذكرة الحفاظ ج 4 ص 1435، وتاريخ الإسلام، الورقة: 6 (أيا
صوفيا 3013)، والنجوم الزاهرة 6 / 349، شذرات الذهب: 5 /
212، وقد تصحف فيه التسارسي إلى البسارسي، وقد ضبطها
المنذري بالتاء.
وتسارس: من قرى برقة.
(1) قال المؤلف في تاريخ الإسلام: " ولد سنة ستين وخمس
مئة، وسمع من السلفي، وقدم دمشق في شبيبته، سمع منه عمر بن
الحاجب وقال: كان شاعرا فاضلا حسن السمت ".
(2) ذكر الحافظ المنذري وشرف الدين الحسيني أن وفاته كانت
في الثامن والعشرين من شهر رمضان، وكذا قال المؤلف في "
تاريخ الإسلام ".
(* *) التكملة لوفيات النقلة: ج 3 الترجمة 3125، وذكر أنها
حدثت بدمشق وأنه قد سمع منها، وذيل الروضتين: 173، وتكملة
اكمال الإكمال لابن الصابوني: 281 - 284، صلة التكملة
للحسيني، الورقة: 5، والعبر 5 / 170، وتذكرة الحفاظ 4 /
1434، وتاريخ الإسلام، الورقة 8، (أيا صوفيا 3013)، وذيل
التقييد للفاسي الورقة 293، والألقاب لابن حجر، الورقة 12،
والنجوم الزاهرة: 6 / 349، والألقاب للسخاوي، الورقة 26،
وشذرات الذهب 5 / 212، وقد قرأ عليها ابن المطعم سنة 639
وذكرها في مشيخته الورقة 117 (نسخة الدكتور بشار).
(23/92)
وُلِدْت: سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعت أَجزَاءَ قَلِيْلَةً مِنْ: أَبِي يَعْلَى ابْنِ
الحُبُوبِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي الحَسَنِ
الدَّارَانِيِّ، وَحَسَّانِ بنِ تَمِيْمٍ الزَّيَّاتِ،
وَعَلِيِّ بنِ مَهْدِيٍّ الهِلاَلِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ
أَحْمَدَ الحَرَسْتَانِيِّ، وَتَفرّدتْ فِي الدُّنْيَا
عَنْهُم، وَتَفرّدتْ بِإِجَازَةِ أَبِي الوَقْتِ
السِّجْزِيِّ، فَرَوَتِ (الصَّحِيْحَ) غَيْرَ مَرَّةٍ،
وَرَوَتْ بِالإِجَازَةِ عَنْ مَسْعُوْدٍ الثَّقَفِيِّ،
وَأَبِي عَبْدِ اللهِ الرُّسْتَمِيِّ، وَأَبِي الخَيْرِ
البَاغْبَانِ، وَرَجَاءِ بنِ حَامِد، وَخَلْقٍ.
خَرَّجَ لَهَا زَكِيُّ الدِّيْنِ البِرْزَالِيُّ
(مَشْيَخَةً) فِي ثَمَانِيَةِ أَجزَاء سَمِعْنَاهَا.
حَدَّثَ عَنْهَا خَلْقٌ كَثِيْرٌ، مِنْهُم: الضِّيَاءُ،
وَابْنُ خَلِيْلٍ، وَابْنُ هَاملٍ، وَأَبُو العَبَّاسِ
ابْنُ الظَّاهِرِيِّ، وَخَدِيْجَةُ بِنْتُ غَنِيْمَةَ،
وَخَطِيْبُ كفر بَطْنَا جَمَالُ الدِّيْنِ
الدِّيْنَوَرِيُّ، وَالشَّرَفُ النَّاسخُ، وَالصَّدْرُ
الأُرْمَوِيُّ، وَالقَاضِي الحَنْبَلِيُّ، وَفَاطِمَةُ
بِنْتُ سُلَيْمَانَ، وَمُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ
الإِرْبِلِيُّ، وَعِيْسَى المُطَعِّمُ، وَسِتُّ القُضَاةِ
بِنْتُ الشِّيْرَازِيِّ، وَبنتُ عمّهَا سِتُّ الفَخْرِ،
وَأَخُوْهَا زَيْنُ الدِّيْنِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ.
وَكَانَتِ امْرَأَةً صَالِحَةً جَلِيْلَةً، طَوِيْلَةَ
الرّوحِ عَلَى الطلبَةِ، لاَ تَملُّ مِنَ الرِّوَايَةِ.
مَاتَتْ: بِبستَانِهَا بِالميطورِ، فِي رَابِعَ عَشَرَ
جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ
وَسِتِّ مائَةٍ.
69 - عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ مِهْرَانَ،
مُحْيِي الدِّيْنِ القَرْمِيْسِيْنِيُّ *
المُفْتِي الكَبِيْرُ، مُحْيِي الدِّيْنِ
القَرْمِيْسِيْنِيُّ، ثُمَّ
__________
(*) التكملة لوفيات النقلة ج 3 الترجمة 3121، صلة التكملة
للحسيني الورقة 3، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 7،
والوافي بالوفيات مجلد 12، الورقة 190.
(23/93)
الإِسْكَنْدَرَانِيُّ، الشَّافِعِيُّ، مِنْ
كِبَارِ الأَئِمَّةِ.
رَوَى عَنْ: إِسْمَاعِيْلَ بنِ عَوْفٍ، وَجَمَاعَةٍ.
وَتَفَقَّهَ بِهِ جَمَاعَةٌ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: الدِّمْيَاطِيُّ، وَالمُنْذِرِيُّ.
مَاتَ: فِي جُمَادَى الأُوْلَى (1) ، سَنَةَ إِحْدَى
وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
70 - عَبْدُ المَلِكِ بنُ عَبْدِ الحَقِّ
ابْنُ شَرَفِ الإِسْلاَمِ عَبْدِ الوَهَّابِ ابْنِ
الشَّيْخِ أَبِي الفَرَجِ ابْن الحَنْبَلِيِّ، الفَقِيْهُ
أَبُو الوَفَاءِ.
حَدَّثَ عَنِ السِّلَفِيِّ (بِالأَرْبَعِيْنَ)، وَعَنْ
أَحْمَدَ ابْنِ المَوَازِيْنِيِّ، وَأَمَّ زَمَاناً
بِمَسْجِدِ الرَّمَّاحِيْنَ.
حَدَّثَنَا عَنْهُ: ابْنُ الخَلاَّلِ، وَابْنُ مُشَرِّفٍ،
وَعَبْدُ الرَّحْمَانِ بنُ الإِسْفَرَايِيْنِيِّ.
مَاتَ: فِي جُمَادَى الآخِرَةِ (2) ، سَنَةَ إِحْدَى
وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
__________
(1) ذكر الحافظ المنذري والشرف الحسيني أن وفاته كانت في
الحادي والعشرين من جمادى الأولى.
(*) التكملة لوفيات النقلة ج 3 الترجمة 3124، وذكر أنه حدث
بدمشق وأن له منه اجازة كتب بها إليه من دمشق، وصلة
التكملة للحسيني، الورقة 5، والعبر: 5 / 169، وتذكرة
الحفاظ 4 / 1435، وتاريخ الإسلام الورقة 6، وذيل طبقات
الحنابلة 2 / 226 - 227 الترجمة 332، والنجوم الزاهرة: 6 /
349، وشذرات الذهب: 5 / 212.
(2) ذكر الحفاظ المنذري أن وفاته في الثامن من جمادى
الآخرة، وذكر الحسيني أنها في التاسع منه. وبقول المنذري:
أخذ الذهبي في " تاريخ الإسلام ".
(23/94)
71 - ابْنُ مُحَارِبٍ مُحَمَّدُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ القَيْسِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الرَّحَّالُ، أَبُو
عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ مُحَارِبٍ
القَيْسِيُّ، الغَرْنَاطِيُّ الأَصْلِ،
الإِسْكَنْدَرَانِيُّ المَوْلِدِ.
وُلِدَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ،
قَيَّدَهُ الأَبَّارُ (1) .
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي طَاهِرٍ السِّلَفِيِّ، وَأَبِي
الطَّاهِرِ بنِ عَوْفٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ الحَضْرَمِيِّ، وَعِدَّةٍ.
وَبِمِصْرَ مِنْ هِبَةِ اللهِ البُوْصِيْرِيِّ،
وَبِمُرْسِيةَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي حَمْزَةَ،
وَبغَرْنَاطَةَ مِنَ القَاضِي عَبْدِ المُنْعِمِ ابْنِ
الفَرَسِ، وَأَبِي جَعْفَرٍ أَحْمَدَ بنِ حَكَمٍ.
وَأَجَازَ لَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ التَّادَلِيُّ مَا رَوَاهُ
عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ بنِ عَتَّابٍ.
وَكَانَ يذكرُ أَنَّهُ سَمِعَ مِنَ السِّلَفِيِّ
(الأَرْبَعِيْنَ) لَهُ، وَلَمْ يَظْهَرْ ذَلِكَ إِلاَّ
بَعْدَ مَوْتِهِ، فَحَدَّثَنِي ابْنُ رَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ
الكَرِيْمِ الحَافِظَ أَرَاهُ أَصلَ سَمَاعِ ابْنِ
مُحَارِبٍ بِالأَرْبَعِيْنَ مِنَ السِّلَفِيِّ، وَقَدْ
كَانَ ابْنُ مُحَارِبٍ لَهُ عنَايَةٌ قَوِيَّةٌ
بِالحَدِيْثِ وَإِتْقَانٌ، كتب وَحَصَّلَ الأُصُوْلَ
وَطَالَ عُمُرُهُ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو القَاسِمِ بنُ بَلْبَانَ، وَعَبْدُ
المُؤْمِنِ الحَافِظُ، وَنَصْرُ اللهِ بنُ عَيَّاشٍ،
وَالضِّيَاءُ عِيْسَى السَّبْتِيُّ، وَجَمَاعَةٌ.
اتَّفَقَ مَوْتُهُ وَموتُ كَرِيْمَةَ الزُّبَيْرِيَّةِ فِي
لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ
إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
__________
(*) التكملة لكتاب الصلة لابن الابار ج 2 ص 668 الترجمة
1698، وتاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) الورقة: 10
- 11.
(1) التكملة لكتاب الصلة لابن الابار ج 2 ص 668 الترجمة
1698.
(23/95)
وَمِنْ سِمَاعِهِ كِتَابُ (الشِّفَاءِ)
لِلْقَاضِي عِيَاضٍ، سَمِعَهُ عَلَى ابْنِ بَلْبَانَ
وَرَوَاهُ.
72 - ابْنُ حَمُّوَيْه أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ
عُمَرَ بنِ عَلِيٍّ الجُوَيْنِيُّ *
الإِمَامُ الفَاضِلُ الكَبِيْرُ، شَيْخُ الشُّيُوْخِ،
تَاجُ الدِّيْنِ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ -
وَيُدْعَى عَبْدَ السَّلاَمِ - ابْنُ الشَّيْخِ القُدْوَةِ
أَبِي الفَتْحِ عُمَرَ بنِ عَلِيِّ ابْنِ القُدْوَةِ
العَارِفِ مُحَمَّدِ بنِ حَمُّوَيْهِ الجُوَيْنِيُّ،
الخُرَاسَانِيُّ، ثُمَّ الدِّمَشْقِيُّ، الصُّوْفِيُّ،
الشَّافِعِيُّ.
وُلِدَ: بِدِمَشْقَ، سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ
مائَةٍ.
وَسَمِعَ: مِنَ الحَافِظِ أَبِي القَاسِمِ ابْنِ
عَسَاكِرَ، وَجَمَاعَةٍ.
وَبِبَغْدَادَ مِنْ فَخْرِ النِّسَاءِ شُهْدَةَ، وَدَخَلَ
إِلَى المَغْرِبِ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ،
فَأَقَامَ هُنَاكَ سَبْعَةَ أَعْوَامٍ، وَأَخَذَ عَنْ
أَبِي مُحَمَّدٍ بنِ حَوْطِ اللهِ، وَطَائِفَةٍ.
وَسَكَنَ مَرَّاكُشَ.
وَكَانَ فَاضِلاً مُؤرخاً، أَديباً، لَهُ مَجَامِيْعُ،
وَكَانَ ذَا تَوَاضُعٍ وَعِفَّةٍ، لاَ يَلتفتُ إِلَى
أَوْلاَد أَخِيْهِ الأُمَرَاءِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: المُنْذِرِيُّ، وَالشَّيْخُ زَيْنُ
الدِّيْنِ الفَارِقِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ
__________
(*) مرآة الزمان لسبط ابن الجوزي 8 / 748 - 749، والتكملة
لوفيات النقلة للمنذري ج 3 الترجمة 3156 وذكر انه حدث بمصر
وانه اجتمع معه بعد ذلك بدمشق، وذيل الروضتين لأبي شامة:
174، وتكملة اكمال الإكمال لابن الصابوني 82 - 85، وصلة
التكملة للحسيني الورقة 13، والعبر 5 / 172، تاريخ الإسلام
(ايا صوفيا 3013) الورقة 17، والبداية والنهاية 13 / 165،
ونزهة الانام لابن دقماق الورقة 60 - 61، وذيل التقييد
للفاسي الورقة 176، وعقد الجمان للعيني ج 18 الورقة 265 -
266، والنجوم الزاهرة 6 / 350، وشذرات الذهب 5 / 214.
(23/96)
ابْنُ غَانِمٍ، وَأَبُو عَلِيٍّ ابْنُ
الخَلاَّلِ، وَالرُّكْنُ الطَّاوُوْسِيُّ، وَالفَخْرُ
ابْنُ عَسَاكِرَ.
وَبِالحُضُوْرِ: أَبُو المَعَالِي ابْن البَالِسِيِّ.
وَكَانَ قَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ الملكِ يُوْسُفَ بنِ
يَعْقُوْبَ بنِ عَبْدِ المُؤْمِنِ.
مَاتَ: فِي خَامِسِ صَفَرٍِ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ
وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ: ظَافرُ ابْنُ شَحْمٍ المُطَرِّزُ (1)
، وَالقَاضِي الرَّفِيعُ، وَقَمَرُ بنُ بطَاحٍ البَقَّالُ،
وَالنَّفِيْسُ مُحَمَّدُ بنُ رَوَاحَةَ، وَخَاطبٌ (2)
المِزِّيُّ، وَالنَّجْمُ حَسَنُ بنُ سَلاَّمٍ الكَاتِبُ.
أَوْلاَدُ أَخِيْهِ (3) :
73 - العِمَادُ أَبُو الفَتْحِ عُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
عُمَرَ بنِ حَمُّوَيْه *
المَوْلَى، الصَّاحِبُ، شَيْخُ الشُّيُوْخِ، أَبُو
الفَتْحِ عُمَرُ ابْنُ شَيْخِ الشُّيُوْخِ صَدْرِ
الدِّيْنِ مُحَمَّدِ ابْنِ عِمَادِ الدِّيْنِ عُمَرَ بنِ
حَمُّوَيْه.
وُلِدَ: بِدِمَشْقَ، سَنَةَ 581.
وَنَشَأَ بِمِصْرَ، وَسَمِعَ مِنَ: الأَثِيْرِ ابْنِ
بُنَانَ، وَالشِّهَابِ الغَزْنَوِيِّ،
__________
(1) هو ظافر بن طاهر بن ظافر بن إسماعيل بن الحكم، أبو
المنصور الإسكندراني المالكي المطرز المعروف بابن شحم
(تاريخ الإسلام، الورقة 170)
(2) خاطب بن عبد الكريم بن أبي المعالي الحارثي المزي.
(3) يعني اولاد أخي ابن حمويه وهم المترجمون الأربعة
الآتون العماد، والكمال، والمعين، والفخر.
(*) مرآة الزمان: 8 / 721 - 724، والتكملة لوفيات النقلة
للحافظ المنذري ج 3 الترجمة 2870، وذيل الروضتين لأبي
شامة: 167 - 168، وتلخيص مجمع الآداب في معجم الألقاب: ج 4
الترجمة 1160، والعبر: 5 / 150 - 151، وتاريخ الإسلام (أيا
صوفيا 3012) الورقة 181، ونثر الجمان للفيومي: ج 2 الورقة
103 - 104، والعقد المذهب لابن الملقن الورقة 175 - 176،
وعقد الجمان للعيني ج 18 الورقة 220 - 221، والنجوم
الزاهرة: 1 / 313 - 314، وشذرات الذهب: 5 / 181.
(23/97)
وَوَلِيَ بَعْد أَبِيْهِ تَدرِيسَ قُبَّةِ
الشَّافِعِيّ، وَمشهدِ الحُسَيْنِ، وَمَشْيَخَةِ
السَّعيديَة، وَكَانَ ذَا وَقَارٍ وَجَلاَلَةٍ وَفضلٍ
وَحِشْمَةٍ، حضَرَ مَوْتَ الكَامِلِ، وَنَهضَ بِتَمليكِ
دِمَشْقَ لِلْجَوَادِ؛ فَأَعْطَاهُ جَوْهَراً كَثِيْراً
وَذَهَباً، وَسَارَ إِلَى مِصْرَ، فَلاَمَهُ العَادلُ
أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ:
أَنَا أَرجعُ إِلَى دِمَشْقَ، وَأَبعثُ بِالجَوَادِ
إِلَيْك، وَإِنِ امْتَنَعَ أَقَمْتُ نَائِباً لَكَ
بِدِمَشْقَ.
فَقَدِمَ، فَتلقَاهُ الجَوَادُ، وَخضَعَ، فَنَزَلَ
بِالقَلْعَةِ وَحكَمَ، وَقَالَ: أَنَا نَائِبُ صَاحِبِ
مِصْرَ.
وَقَالَ لِلْجَوَادِ: سِرْ إِلَى مِصْرَ.
فَتَأَلَّمَ، وَأَضمرَ لَهُ الشَّرَّ، وَكَانَ العِمَادُ
قَدِمَ مَرِيْضاً فِي مِحَفَّةٍ، فَقَالَ الجَوَادُ:
اجعلونِي نَائِباً لَكُم، وَإِلاَّ سلّمتُ دِمَشْقَ إِلَى
نَجْمِ الدِّيْنِ أَيُّوْبَ وَآخذُ مِنْهُ سِنْجَارَ.
قَالَ: إِنْ فَعَلتَهَا تُصلحُ بَيْنَ الأَخوينِ وَتبقَى
أَنْتَ بِلاَ شَيْء.
قَالَ سَعْدُ الدِّيْنِ ابْن حَمُّوَيْه: خَرَجْنَا مِنْ
مِصْرَ، فَودَّعَ العِمَادُ إِخْوَتَهُ، فَقَالَ لَهُ
فَخْر الدِّيْنِ: مَا روَاحُكَ جَيِّداً، رُبَّمَا آذَاكَ
الجَوَادُ.
قَالَ: أَنَا مَلّكتُهُ.
قَالَ: فَارقتَه أَمِيْراً وَتعُوْدُ إِلَيْهِ ملكاً،
فَكَيْفَ يَسمحُ لَكَ؟ فَانزلْ عَلَى طَبَرَيَّةَ
وَكَاتِبْهُ، فَلَمْ يَقبلْ.
قَالَ: ثُمَّ إِنَّ الجَوَادَ جَاءهُ صَاحِبُ حِمْص أَسَدُ
الدِّيْنِ، وَقَالَ لَهُ: إِنِ اتَّفَقَ العَادلُ
وَأَخُوْهُ شَحَذْنَا فِي المخَالِي.
ثُمَّ جَاءَ أَسَدُ الدِّيْنِ إِلَى العِمَادِ، وَقَالَ:
المصلحَةُ أَنْ تثنِيَ عزمَ العَادلِ عَنْ هَذَا.
قَالَ: حَتَّى أَمضِيَ إِلَى بَرْزَةَ، وَأُصَلِّيَ
لِلاستِخَارَةِ.
قَالَ: بَلْ تَهربُ مِنْهَا إِلَى بَعْلَبَكَّ.
فَغَضِبَ، فَردّ أَسَدُ الدِّيْنِ إِلَى بَلَده، فَبَعَثَ
الجَوَادُ يَقُوْلُ: إِنْ شِئْتَ فَاركَبْ وَتَنَزَّهْ.
فَظَنَّ أَنَّ هَذَا عَنْ رِضَىً، فَلَبِسَ الخِلْعَةَ،
وَبَعَثَ إِلَيْهِ بِحصَانٍ، فَلَمَّا خَرَجَ إِذَا شَخْصٌ
بِيَدِهِ قِصَّة، فَاسْتغَاثَ، فَأَرَادَ حَاجِبُهُ أَنْ
يَأْخذَهَا، فَقَالَ: لِي مَعَ الصَّاحِبِ شُغْلٌ.
فَقَالَ العِمَاد: دعُوْهُ.
فَتَقَدَّم فَنَاوَلَهُ القِصَّةَ، وَيَضربه بِسِكِّيْنٍ
بَدَّدَ أَمعَاءهُ، وَشَدَّ آخرُ فَضَرَبَه بِسِكِّيْنٍ
فِي
(23/98)
ظَهْرِهِ، فَحُمِلَ إِلَى الدَّارِ
مَيِّتاً، وَعَمِلَ الجَوَادُ مَحضراً أَنَّهُ مَا مَالَى
عَلَى ذَلِكَ، فَجهّزنَاهُ وَخيَّطنَا جِرَاحَهُ،
وَكَانَتْ لَهُ جَنَازَةٌ عَظِيْمَةٌ فَدَفَنَّاهُ فِي
زَاويَةِ سَعْدِ الدِّيْنِ بِقَاسِيُوْنَ.
قَالَ أَبُو شَامَةَ (1) : قَفَزَ عَلَيْهِ ثَلاَثَةٌ
دَاخِلَ القَلْعَةِ، وَكَانَ مِنْ بَيْتِ التَّصُوّفِ
وَالإِمْرَةِ مِنْ أَعْيَانِ المُتَعصِّبِيْنَ
لِلأَشعرِيِّ، قُتِلَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ.
74 - الكَمَالُ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ أَبِي
الحَسَنِ الشَّافِعِيُّ الصُّوْفِيُّ *
هُوَ: الصَّاحِبُ الجَلِيْلُ، مُقَدَّمُ جُيُوشِ مِصْرَ،
أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ ابْنُ صَدْرِ الدِّيْنِ أَبِي
الحَسَنِ الشَّافِعِيُّ، الصُّوْفِيُّ.
وُلِدَ: بِدِمَشْقَ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ.
وَسَمِعَ مِنْ طَائِفَةٍ، وَدَرَّسَ بِقُبَّةِ
الشَّافِعِيّ، وَبِالنَّاصِرِيَّةِ، وَمَشْيَخَةِ
الشُّيُوْخِ، وَدَخَلَ فِي المَمْلَكَةِ، وَكَانَ صَدْراً
مُطَاعاً كَإِخْوَتِهِ، بَرَزَ بِالجُيُوْشِ لِمُضَايَقَةِ
الصَّالِحِ أَبِي الخِيْشِ، فَأَدْرَكَهُ المَوْتُ
بِغَزَّةَ، فَدُفِنَ بِهَا فِي صَفَرٍ، سَنَةَ
أَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ (3) .
__________
(1) ذيل الروضتين: 168.
(2) ذكر الحافظ المنذري وأبو شامة انه توفي في السادس
والعشرين من جمادى الأولى.
(*) وهو أخو العماد (عمر بن محمد بن عمر بن حمويه) الذي
مرت ترجمته الآن انظر بشأن ترجمة الكمال: مرآة الزمان 8 /
739، والتكملة لوفيات النقلة للحافظ المنذري ج 3 الترجمة
3072، وذيل الروضتين 172، وتاريخ الإسلام (أيا صوفيا 3012)
الورقة 221، والعسجد المسبوك 515، وعقد الجمان للعيني ج 18
الورقة 254، والنجوم الزاهرة 6 / 345.
(3) في التكملة لوفيات النقلة انه توفي في ليلة الثاني عشر
من صفر ودفن من الغد، وفي ذيل الروضتين أنه توفي في الثالث
عشر من صفر.
(23/99)
75 - المُعِيْنُ أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ
بنُ صَدْرِ الدِّيْنِ *
المَوْلَى الصَّالِحُ، مُقَدَّمُ الجُيُوْشِ، الأَمِيْرُ،
أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ ابْنُ شَيْخِ الشُّيُوْخِ صَدْرِ
الدِّيْنِ.
مَوْلِدُهُ: بِدِمَشْقَ، سَنَةَ بِضْعٍ (1) وَثَمَانِيْنَ.
وَتَقَدَّمَ فِي دَوْلَةِ الكَامِلِ، ثُمَّ عظمَ جِدّاً
فِي أَيَّامِ الصَّالِحِ، وَوزَرَ لَهُ، ثُمَّ تَقَدَّمَ
عَلَى جَيْش مِصْرَ، وَعَلَى الخُوَارِزْمِيَّةِ،
وَنَازَلَ دِمَشْقَ إِلَى أَنْ أَخَذَهَا مِنَ الصَّالِحِ
إِسْمَاعِيْلَ، وَدَخَلَ إِلَى القَلْعَةِ، وَأَمرَ
وَنَهَى، ثُمَّ لَمْ يُمَتَّع وَمَرِضَ بِالإِسهَالِ
وَالدَّمِ، وَمَاتَ فِي الثَّانِي وَالعِشْرِيْنَ مِنْ
رَمَضَانَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ
كَهْلاً، وَدُفِنَ بِجَنبِ أَخِيْهِ العِمَادِ، فَكَانَ
بَيْنَ حُصولِ الأُمْنِيّةِ وَحُضُوْرِ المَنِيَّةِ
أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَنِصْفٌ.
وَكَانَ ذَا كَرَمٍ وَجُوْدٍ، وَكَانَ أَخُوْهُ فَخْر
الدِّيْنِ مَسجوناً.
76 - الفَخْرُ يُوْسُفُ ابْنُ شَيْخِ الشُّيُوْخِ **
الصَّاحِبُ الكَبِيْرُ، مَلِكُ الأُمَرَاءِ، فَخْرُ
الدِّيْنِ يُوْسُفُ ابْنُ شَيْخِ الشُّيُوْخِ.
__________
(*) وهو أخو العماد والكمال اللذين مرت ترجمتهما الآن،
انظر بشأن ترجمة المعين (الحسن بن شيخ الشيوخ محمد بن
عمربن حمويه الجويني): مرآة الزمان 8 / 755 - 756، وصلة
التكملة للحسيني الورقة 36، والعبر للذهبي: 5 / 175، ودول
الإسلام للذهبي: 2 / 112، وتاريخ الإسلام للذهبي (أيا
صوفيا 3013) الورقة 26، والبداية والنهاية: 13 / 171،
والنجوم الزاهرة: 6 / 352، وشذرات الذهب: 5 / 218.
(1) في صلة التكملة: مولده سنة ست وثمانين وقيل سنة ثمان
وثمانين وخمس مئة.
(* *) وهو أخو العماد والكمال والمعين الذين مرت ترجماتهم
انظر بشان ترجمة الفخر: مرآة الزمان لسبط ابن الجوزي 8 /
776 - 778، وذيل الروضتين: 184، وصلة التكملة لوفيات
النقلة للحسيني الورقة 58، وتاريخ الإسلام للذهبي (أيا
صوفيا 3013) الورقة 83، والعبر: =
(23/100)
مَوْلِدُهُ: بِدِمَشْقَ، بَعْدَ
الثَّمَانِيْنَ (1) وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: مَنْصُوْرٍ الطَّبَرِيِّ، وَالشِّهَابِ
الغَزْنَوِيِّ.
وَحَدَّثَ، وَكَانَ صَدْراً مُعَظَّماً عَاقِلاً شُجَاعاً
مَهِيْباً جَوَاداً خَلِيقاً لِلإِمَارَة، غضب عَلَيْهِ
السُّلْطَانُ نَجْمُ الدِّيْنِ سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ
وَسَجَنَهُ ثَلاَثَ سِنِيْنَ، وَقَاسَى شَدَائِدَ، ثُمَّ
أَنْعَمَ عَلَيْهِ، وَوَلاَّهُ نِيَابَةَ المَمْلَكَةِ،
وَكَانَ يَتَنَاوَلُ المسكرَ، وَلَمَّا تُوُفِّيَ
السُّلْطَانُ، نَدَبُوا فَخْرَ الدِّيْنِ إِلَى
السَّلْطنَةِ، فَامْتَنَعَ، وَلَوْ أَجَابَ لَتَمَّ لَهُ.
قِيْلَ: إِنَّهُ لَمَّا قَدِمَ مَعَ السُّلْطَانِ
دِمَشْقَ، نَزَلَ فِي دَارِ سَامَة، فَدَخَلَ عَلَيْهِ
الشَّيْخُ العِمَادُ ابْنُ النَّحَّاسِ، فَقَالَ لَهُ: يَا
فَخْرَ الدِّيْنِ، إِلَى كَمْ مَا بَعْد هَذَا شَيْء؟
فَقَالَ: يَا عِمَادَ الدِّيْنِ، وَاللهِ لأَسبقنَّكَ
إِلَى الجَنَّةِ، فَصدَّقَ اللهُ قَوْلَهُ - إِنْ شَاءَ
اللهُ - وَاسْتُشْهِدَ يَوْم وَقْعَة المَنْصُوْرَةِ.
وَلَمَّا مَاتَ الصَّالِحُ، نَهَضَ بِأَعبَاءِ الأَمْرِ،
وَأَحْسَنَ، وَأَنفقَ فِي الجُنْدِ مائَتَيْ أَلفِ
دِيْنَارٍ، وَبَطَّلَ بَعْضَ المكوسِ، وَرَكِبَ
بِالشَّاوِيْشِيَّةِ، وَبَعَثَ الفَارِسَ أَقطَايَا (2)
إِلَى حصنِ كِيْفَا لإِحضَارِ وَلَدِ الصَّالِحِ
المُعَظَّمِ تُوْرَانْشَاه، فَأَقدمَهُ، وَلَقَدْ هَمَّ
تُوْرَانْشَاه بِإِمسَاكهِ لَمَّا رَأَى مِنْ تَمكُّنِهِ،
فَاتَّفَقَ قصدُ الفِرَنْجِ وَزحفُهُم عَلَى الجَيْشِ،
فَتقهقرَ الجَيْشُ وَانْهَزَمُوا، فَرَكِبَ فَخرُ
__________
= 5 / 194 - 195، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 8 / 97
ضمن ترجمة ابيه، والبداية والنهاية 13 / 178، والعسجد
المسبوك 571 - 572 وفيه انه يوسف ابن شيخ الشيوخ ابي الفتح
عمر بن علي...بسقوط اسم أبيه محمد، والنجوم الزاهرة 6 /
363، وشذرات الذهب: 5 / 238 - 239.
(1) في صلة التكملة للحسيني وتاريخ الإسلام للذهبي ان
مولده كان بدمشق سنة اثنتين وثمانين وخمس مئة.
(2) ويرسم: " اقطاي " كما هو بخطه في " تاريخ الإسلام ".
(23/101)
الدِّيْنِ وَقتَ السّحرِ، وَبَعَثَ
النُّقَبَاء وَرَاء المقدّمِين، وَسَاقَ فِي طَلَبِهِ،
فَحَمَلَ عَلَيْهِ طَلب الدّيويَّة (1) ، فَتفلّل عَنْهُ
أَصْحَابُهُ وَجَاءتْهُ طعنةٌ، فَسَقَطَ وَقُتِلَ،
وَنَهَبتْ مَمَالِيْكُهُ أَمْوَالَهُ، وَقُتِلَ مَعَهُ
جَمْدَارُه، وَقُتِلَ عِدَّةٌ (2) .
ثُمَّ تَنَاخَى المُسْلِمُوْنَ، وَحُمِلَ فَدُفِنَ
بِالقَاهِرَةِ.
قُتِلَ: فِي ذِي القَعْدَةِ (3) ، سَنَةَ سَبْعٍ
وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
77 - ابْنُ الخُشُوْعِيِّ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ
بنُ بَرَكَاتِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ *
الشَّيْخُ، زَكِيُّ الدِّيْنِ، أَبُو إِسْحَاقَ
إِبْرَاهِيْمُ ابنُ أَبِي طَاهِرٍ بَرَكَاتِ بنِ
إِبْرَاهِيْمَ بنِ طَاهِرٍ الخُشُوْعِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ.
وَكَانَ خَاتِمَةَ مَنْ بَقِيَ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي
المَكَارِمِ بن هِلاَلِ.
وَسَمِعَ مِنِ: ابْنِ عَسَاكِرَ، وَأَبِي الفَهْمِ بنِ
أَبِي العَجَائِزِ، وَأَبِي المَعَالِي بنِ صَابرٍ،
وَعِدَّةٍ، فَأَكْثَر.
وَلَهُ (مَشْيَخَةٌ) انتقَاهَا زَكِيُّ الدِّيْنِ
البِرْزَالِيُّ.
رَوَى عَنْهُ: الحَافِظُ الضِّيَاءُ - وَقَالَ: مَا علمتُ
فِيْهِ إِلاَّ الخَيْرَ - وَابْنُ الحُلوَانِيَّةِ،
وَالشَّيْخُ تَاجُ الدِّيْنِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ،
وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ
__________
(1) فرقة مشهورة من فرسان الصليبيين.
(2) التفاصيل في " تاريخ الإسلام " نقلا عن سعد الدين -
ابن عمه -.
والجمدار: لفظة فارسية، وتعني صاحب الصوان. انظر معجم
دوزي: 2 / 267.
(3) ذكر الحسيني في صلة التكملة انه توفي في الرابع من ذي
القعدة.
(*) التكملة لوفيات النقلة ج 3 الترجمة 3094 وذكر انه حدث
وأن له منه اجازة، وذيل الروضتين: 172، والذيل على كتاب
مشتبه الأسماء لمنصور بن سليم الورقة 7، وذكر انه سمع منه
بدمشق ولم يذكر تاريخ وفاته، والعبر: 5 / 164، وتاريخ
الإسلام (أيا صوفيا 3012) الورقة 221، وعقد الجمان للعيني
ج 18 الورقة 254، والنجوم الزاهرة 6 / 346، وشذرات الذهب:
5 / 207.
(23/102)
الكَنْجِيُّ، وَأَبُو عَلِيِّ ابْنُ
الخَلاَّلِ، وَأَبُو الفَضْلِ الذَّهَبِيُّ، وَالفَخْرُ
ابْنُ عَسَاكِرَ، وَيُوْسُفُ بنُ عُبَادَةَ البَقلِيُّ،
وَعَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ البَقَّالِ، وَآخَرُوْنَ،
وَلَهُ عِدَّةُ إِخْوَةٍ.
مَاتَ: فِي رَجَبٍ (1) ، سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ
مائَةٍ.
78 - ابْنُ سَهْلٍ أَبُو الحَسَنِ سَهْلُ بنُ مُحَمَّدِ
بنِ سَهْلٍ الأَزْدِيُّ *
العَلاَّمَةُ، أَبُو الحَسَنِ سَهْلُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
سَهْلِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مَالِكٍ الأَزْدِيُّ،
الغَرْنَاطِيُّ.
سَمِعَ مِنْ: خَالِهِ أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ عَرُوسٍ،
وَخَالِ أُمِّهِ يَحْيَى بن عَروسٍ، وَابْنِ كَوْثَرٍ،
وَأَبِي القَاسِمِ بنِ حُبَيْشٍ، وَابْنِ الجِدِّ،
وَعِدَّةٍ.
قَالَ الأَبَّارُ (2) : كَانَ مِنْ جِلَّةِ العُلَمَاءِ
وَالأَئِمَّةِ البُلغَاءِ الخُطَبَاءِ، مَعَ التَّفَنُّنِ
__________
(1) ذكر أبو شامة أن وفاته كانت يوم الجمعة وأضاف متابعا
المنذري أن وفاته كانت في سلخ رجب.
(*) التكملة لكتاب الصلة لابن الابار (نسخة الأزهر) ج 3
الورقة 116، وأورد نسبه فيها على الوجه الآتي: سهل بن محمد
بن سهل بن أحمد بن محمد بن إبراهيم بن مالك الأزدي من أهل
غرناطة يكنى أبا الحسن..الذيل والتكملة لكتابي الموصول
والصلة لابن عبد الملك (ط بيروت 1964 - 1965) 4 / 152،
وتاريخ الإسلام، الورقة: 223 (أيا صوفيا 3012)، الديباج
المذهب في معرفة اعيان علماء المذهب لابن فرحون (دار
التراث بالقاهرة) 1 / 395 - 397 الترجمة 2 وفيه انه سهل بن
محمد بن سهل بن مالك الأزدي، بغية الوعاة في طبقات
اللغويين والنحاة: 1 / 605 الترجمة 1287، وفيها أنه سهل بن
محمد بن سهل بن أحمد بن مالك وبهذا النسب ثبته كحالة في
معجم المؤلفين 4 / 285 مشيرا إلى أن له ترجمة في الوافي
بالوفيات .
(2) التكملة لكتاب الصلة لابن الابار (نسخة الأزهر) ج 3
الورقة 116، وزاد قائلا: رأيته باشبيلية في سنة سبع عشرة
وست مئة، وكتب إلي باجازة ما رواه وجمعه وأنشأه من مرسية
في جمادي الأولى سنة إحدى وثلاثين..إلى أن قال ومولده سنة
تسع وخمسين وخمس مئة.
(23/103)
فِي العُلُوْمِ، وَكَانَ رَئِيْساً
مُعَظَّماً جَوَاداً، امتُحِنَ وَغُرِّبَ إِلَى مُرْسِيةَ،
فَسكنهَا مُدَّةً إِلَى أَنْ هَلَكَ المَلكُ ابْن هَوْدٍ
(1) ، فَسُرِّحَ إِلَى بلدهِ.
مَاتَ: سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، عَنْ إِحْدَى
وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
وَمِمَّا قِيْلَ فِيْهِ:
عجباً لِلنَّاسِ تَاهُوا ... فِي بُنَيَّاتِ المَسَالِكْ
وَصَفُوا بِالفَضْلِ قَوْماً ... وَهُمُ لَيْسُوا
هُنَالِكْ
كَثُرَ الوَصْفُ وَلَكِنْ ... صَحَّ عَنْ سَهْلِ بنِ
مَالِكْ
وَهُوَ القَائِلُ:
مُنَغَّصُ العَيشِ لاَ يَأْوِي إِلَى دَعَةٍ ... مَنْ
كَانَ فِي بَلَدٍ أَوْ كَانَ ذَا وَلَدِ وَالسَّاكنُ
النَّفْسِ مَنْ لَمْ تَرْضَ هِمَّتُهُ ... سُكْنَى مَكَانٍ
وَلَمْ يَسْكُنْ إِلَى أَحَدِ
79 - ابْنُ مُقْبِلٍ عَبْدُ الرَّحْمَانِ بنُ مُقْبِلِ بنِ
حُسَيْنٍ الوَاسِطِيُّ *
العَلاَّمَةُ، قَاضِي القُضَاةِ، عِمَادُ الدِّيْنِ، أَبُو
المَعَالِي عَبْدُ الرَّحْمَانِ بنُ مُقبِلِ بنِ حُسَيْنٍ
الوَاسِطِيُّ، الشَّافِعِيُّ.
__________
(1) وهو محمد بن يوسف بن هود وذلك في أواخر جمادى الأولى
سنة خمس وثلاثين وست مئة كما في تكملة ابن الآبار.
(*) التكملة لوفيات النقلة ج 3 الترجمة 3057، والعبر: 5 /
161، وتاريخ الإسلام (أيا صوفيا 3012) الورقة 214، وطبقات
السبكي: 8 / 187 الترجمة 1171، وطبقات الاسنوي: 2 / 553
الترجمة 1259، والبداية والنهاية 13 / 158 - 159، العسجد
المسبوك: 505، والعقد المذهب لابن الملقن الورقة 175، عقد
الجمان للعيني ج 18 الورقة 248، وشذرات الذهب: 5 / 204
وفيه تصحيف مقبل إلى نفيل، وقد كتب العلامة الدكتور ناجي
معروف - رحمه الله - ترجمة له في كتابه تاريخ علماء
المستنصرية 1 / 210 - 212.
(23/104)
وُلِدَ: سَنَةَ سَبْعِيْنَ (1) .
وَتَفَقَّهَ بِابْنِ البوقِيِّ، وَعَلَى المُجِيْرِ
البَغْدَادِيِّ، وَابْنِ فَضْلاَنَ، وَابْنِ الرَّبِيْعِ.
وَبَرَعَ، وَدَرَّسَ، وَأَفتَى، وَوَلِيَ القَضَاءَ فِي
سَنَةِ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ، وَوَلِيَ تدرِيسَ
المُسْتَنْصِرِيَّة (2) سَنَة إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ،
ثُمَّ عُزل مِنَ الكُلّ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ
وَسِتِّ مائَةٍ، وَلَزِمَ بَيْتَهُ وَتعبَّدَ، وَتنسّك،
ثُمَّ وَلِيَ مَشْيَخَةَ رِبَاطِ المرزبَانِيَّةِ، إِلَى
أَنْ مَاتَ.
حَدَّثَ عَنِ ابْنِ كُلَيْبٍ.
وَكَانَ مِنْ عُقَلاَءِ الأَئِمَّةِ.
مَاتَ: فِي ذِي القَعْدَةِ (3) ، سَنَةَ تِسْعٍ
وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
80 - ابْنُ عَيْنِ الدَّوْلَةِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ
بنِ الحَسَنِ الإِسْكَنْدَرَانِيُّ *
قَاضِي القُضَاةِ، شَرَفُ الدِّيْنِ، أَبُو المَكَارِمِ
مُحَمَّدُ ابْنُ القَاضِي الرَّشِيْدِ
__________
(1) في طبقات السبكي وطبقات الاسنوي ان مولده سنة احدى أو
اثنتين وسبعين وخمسمائة.
(2) راجع تفاصيل ذلك في تاريخ علماء المستنصرية للدكتور
ناجي معروف 1 / 210 - 212.
(3) ذكر الحافظ المنذري أو وفاته في ليلة الخامس والعشرين
من ذي القعدة، وجاء في العسجد المسبوك ان وفاته في الثالث
عشر من ذي الحجة، وفي تاريخ علماء المستنصرية في الثالث
والعشرين من ذي الحجة، والصحيح ما ذكره الذهبي ان وفاته في
ذي القعدة وهو الموافق لما ذكره ابن النجار وتابعهما
السبكي وابن الملقن والعيني وابن العماد.
(*) التكملة لوفيات النقلة ج 3 الترجمة 3056، وذكر أنه علق
عنه في المذاكرة فوائد، والمغرب في حلى المغرب لابن سعيد
الأندلسي (القسم المصري) 1 / 256 - 257، والعبر للذهبي 5 /
162، تاريخ الإسلام (أيا صوفيا 3012) الورقة 216، والوافي
بالوفيات: 3 / 352 - 353 الترجمة 1433، وطبقات السبكي: 8 /
63 - 66 الترجمة 1077، وطبقات الاسنوي 1 / 544 - 545
الترجمة 501، ونثر الجمان للفيومي ج 2 الورقة: 13، والعسجد
المسبوك: 505 - 506، والعقد المذهب لابن الملقن الورقة
176، وحسن المحاضرة للسيوطي: 2 / 119، وشذرات الذهب: 5 /
181 - 182، وذكره مرة أخرى في 5 / 205.
(23/105)
عَبْدِ اللهِ بنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيِّ
ابنِ أَبِي القَاسِمِ بنِ صَدَقَةَ ابْنِ الصَّفْرَاوِيِّ
الإِسْكَنْدَرَانِيُّ، ثُمَّ المِصْرِيُّ، الشَّافِعِيُّ،
عُرِفَ بِابْنِ عَيْنِ الدَّوْلَةِ.
مَوْلِدُهُ: بِالثَّغْرِ، سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ.
وَقَدِمَ القَاهِرَةَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسَبْعِيْنَ،
فَنَابَ عَنِ ابْنِ درْبَاسٍ، وَقَدْ وَلِيَ قَضَاءَ
الثَّغْرِ مِنْ أَقَاربهِ ثَمَانِيَةٌ، ثُمَّ اسْتَقلَّ
بِقَضَاءِ القَاهِرَةِ سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ، ثُمَّ
وَلِي قَضَاءَ الإِقْلِيْمِ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ.
وَلَهُ فَقهٌ وَفَضَائِلُ وَنَظمٌ وَنَثرٌ مَعَ العِفَّةِ
وَالنَّزَاهَةِ.
مَاتَ: فِي ذِي القَعْدَةِ (1) ، سَنَةَ تِسْعٍ
وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
81 - عَبْدُ الحَقِّ بنُ خَلَفِ بنِ عَبْدِ الحَقِّ، أَبُو
مُحَمَّدٍ الدِّمَشْقِيُّ *
الفَقِيْهُ، ضِيَاءُ الدِّيْنِ، أَبُو مُحَمَّدٍ
الدِّمَشْقِيُّ، الصَّالِحيُّ، الحَنْبَلِيُّ،
المُغَسِّلُ، إِمَامَ مَسْجِدِ الأَرْزَةِ، الَّذِي
بِطرِيقِ الصَّالِحيَّةِ.
وُلِدَ: سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ (2) تَقْرِيْباً.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي الفَهْمِ بنِ أَبِي العَجَائِزِ،
وَأَبِي الغَنَائِمِ بنِ صَصْرَى، وَأَحْمَدَ بن أَبِي
الوَفَاءِ، وَأَبِي المَعَالِي بنِ صَابرٍ، وَعِدَّةٍ.
وَلَهُ (مَشْيَخَةٌ).
__________
(1) قيد الحافظ المنذري وفاته في التاسع عشر من ذي القعدة
وجعل ابن العماد وفاته كذلك وكان قد قيد وفاته قبلها في
حوادث سنة 636.
(*) التكملة لوفيات النقلة للحافظ المنذري ج 3 الترجمة
3131، وذكر أنه حدث وأن له منه إجازة كتب بها إليه من دمشق
غير مرة، وصلة التكملة للحسني، الورقة: 7، والعبر للذهبي:
5 / 168، تاريخ الإسلام (أيا صوفيا 3013) الورقة 4 - 5،
وذيل طبفات الحنابلة لابن رجب: 2 / 227 الترجمة 334،
والنجوم الزاهرة: 6 / 349، وشذرات الذهب: 5 / 211.
(2) ذكر الحسيني في " صلة التكملة " ان مولده في شهر ربيع
الآخر سنة احدى واربعين وخمس مئة وقيل غير ذلك.
(23/106)
رَوَى عَنْهُ: حَفِيْدُهُ العَدْلُ عِزُّ
الدِّيْنِ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ مُحَمَّدٍ، وَسِبْطُهُ
القَاضِي كَمَالُ الدِّيْنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ
الحَنَفِيُّ، وَالبِرْزَالِيُّ، وَالضِّيَاءُ، وَأَبُو
عَلِيٍّ ابْنُ الخَلاَّلِ، وَالنَّجمُ ابْنُ الخَبَّازِ،
وَالعزُّ أَحْمَدُ ابْنُ العِمَادِ، وَبِالحُضُوْرِ
القَاضِي تَقِيُّ الدِّيْنِ.
قَالَ الضِّيَاءُ: دَيِّنٌ خَيِّرٌ.
وَقَالَ المُنْذِرِيّ (1) : مَشْهُوْرٌ بِالصَّلاَحِ
وَالخَيْرِ، عَجَزَ وَانقطَعَ.
تُوُفِّيَ: فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ
وَسِتِّ مائَةٍ.
82 - ابْنُ الحُبَيْرِ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى
بنِ مُظَفَّرٍ البَغْدَادِيُّ *
العَلاَّمَةُ، المُفْتِي، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ
يَحْيَى بنِ مُظَفَّرِ بن عَلِيِّ بنِ نُعَيمٍ
البَغْدَادِيُّ، الشَّافِعِيُّ، القَاضِي، عُرف بِابْنِ
الحُبَيْرِ.
وُلِدَ: سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِيْنَ (2) .
وَسَمِعَ مِنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الصَّمَدِ
السُّلَمِيِّ، وَشُهْدَةَ الكَاتِبَةِ، وَمُحَمَّدِ
__________
(1) التكملة لوفيات النقلة ج 3 الترجمة 3131 ص 628 من طبعة
مؤسسة الرسالة.
(*) تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5921) الورقة 175 - 176،
والتكملة لوفيات النقلة للحافظ المنذري ج 3 الترجمة 3045،
والذيل على مشتبه الأسماء لمنصور بن سليم (مخطوطة الدكتور
بشار) الورقة 64، والعبر للذهبي 5 / 162، وتاريخ الإسلام
للذهبي (أيا صوفيا 3012) ج 19 الورقة 217، والمختصر
المحتاج إليه من تاريخ ابن الدبيثي للذهبي 1 / 161 - 162،
الترجمة 313، والوافي بالوفيات: 5 / 207 - 208 الترجمة
2271، ونقل عن ابن النجار، وطبقات السبكي: 8 / 108 - 109
الترجمة 1100، وطبقات الاسنوي 1 / 449 الترجمة 405،
والبداية والنهاية: 13 / 158، وذيل طبقات الحنابلة لابن
رجب (ضمن ترجمة أبيه) 2 / 63 الترجمة 231، والتوضيح لابن
ناصر الدين الورقة 73، وعقد الجمان للعيني ج 18 الورقة
248، ومعجم الشافعية لابن عبد الهادي الورقة 70، وشذرات
الذهب: 5 / 205، والمدارس الشرابية: 126.
(2) مولده في اوائل المحرم على ما ذكر الحافظ المنذري.
(23/107)
بنِ نَسيمٍ، وَأَبِي الفَتْحِ بنِ
المَنِّيِّ، وَتَفَقَّهَ بِهِ، ثُمَّ تَحَوَّلَ
شَافِعِيّاً، وَلَزِمَ المُجِيْرَ البَغْدَادِيَّ،
وَتَأَدَّبَ عَلَى أَبِي الحَسَنِ ابْنِ العَصَّارِ.
حَدَّثَنَا عَنْهُ تَاجُ الدِّيْنِ الغَرَّافِيُّ.
وَكَانَ بَصِيْراً بِالمَذْهَبِ وَدَقَائِقِه، دَيِّناً
عَابِداً، كَثِيْرَ التِّلاَوَةِ وَالحَجِّ وَالتَّهجُّدِ،
وَلَهُ بَاعٌ مَديدٌ فِي المُنَاظَرَةِ، وَنَابَ فِي
القَضَاءِ عَنِ ابْنِ فَضْلاَنَ، ثُمَّ دَرَّسَ
بِالنِّظَامِيَّةِ (1) فِي سَنَةِ سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ
وَسِتِّ مائَةٍ.
مَاتَ: فِي شَوَّالٍ (2) ، سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ
وَسِتِّ مائَةٍ.
83 - ابْنُ النَّاقِدِ أَبُو الأَزْهَرِ أَحْمَدُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ البَغْدَادِيُّ *
الوَزِيْرُ المُعَظَّمُ، نَصِيْرُ الدِّيْنِ (3) ، أَبُو
الأَزْهَرِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ
البَغْدَادِيُّ.
قرَأَ النَّحْوَ وَتَعَانَى الكِتَابَةَ، وَتَنقَّلَ،
وَكَانَ أَخَا الخَلِيْفَةِ الظَّاهِرِ مِنَ الرَّضَاعِ.
تولَّى أُسْتَاذَ دَارِيَةِ الخِلاَفَةِ، ثُمَّ وَزرَ
سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ،
__________
(1) انظر تفصيل ذلك في تلخيص مجمع الآداب 2 / 855، المدارس
الشرابية: 126.
(2) ذكر المنذري والسبكي وغيرهما ان وفاته كانت في السابع
من شوال.
(*) مرآة الزمان: 8 / 747، وعقود الجمان في شعراء هذا
الزمان لابن الشعار الموصلي (نسخة اسعد افندي 2323) ح 1
الورقة 150 / أ، ومختصر التاريخ لابن الكازروني: 263، 264،
267، 277، والفخري في الآداب السلطانية (طبعة محمد على
صبيح) 267 - 268 وخلاصة الذهب المسبوك للاربلي: 289، 290،
والحوادث الجامعة: 33 - 35، وتاريخ الإسلام للذهبي (أيا
صوفيا 3013) ج 20 الورقة 13 - 14، والوافي بالوفيات 8 / 64
- 65 الترجمة 2487، وفوات الوفيات 3 / 254، والبداية
والنهاية: 13 / 165، والعسجد المسبوك 527 - 528، والنجوم
الزاهرة: 6 / 350.
(3) في مرآة الزمان والنجوم الزاهرة: شهاب الدين.
(23/108)
وَكَانَ فِي مَبْدَئِهِ (1) كَثِيْرَ
التَّعَبُّدِ وَالتِّلاَوَةِ، وَتَعَلَّلَ بِأَلَمِ
المفَاصلِ، فَعَجِزَ عَنِ الحَرَكَةِ، فَاسْتَنَابَ مَنْ
يُعَلِّمُ عَنْهُ، وَحضرَ يَوْم بَيْعَةِ المُسْتَعْصِمِ
فِي مِحَفَّةٍ، وَجَلَسَ لأَخْذِ البَيْعَةِ، وَبَقِيَ
عَالِي الرُّتبَةِ إِلَى أَنْ مَاتَ فِي سَنَةِ
اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ (2) .
84 - الرَّفِيعُ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ
بنِ إِسْمَاعِيْلَ الجِيْلِيُّ *
العَلاَّمَةُ، الأُصُوْلِيُّ، الفَيْلَسُوْفُ، رَفِيْعُ
الدِّيْنِ، قَاضِي القُضَاةِ، أَبُو حَامِدٍ عَبْدُ
العَزِيْزِ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ
الجِيْلِيُّ، الشَّافِعِيُّ.
كَانَ قَدْ أَمْعَنَ فِي عِلْمِ الأَوَائِلِ، وَاظلَمَّ
قَلْبُهُ وَقَالبُهُ، وَقَدِمَ دِمَشْقَ وَتَصَدَّرَ،
ثُمَّ وَلِيَ قَضَاءَ بَعْلَبَكَّ لِلصَّالحِ
إِسْمَاعِيْلَ، فَنفقَ عَلَيْهِ وَعَلَى وَزِيْرهِ
الأَمِيْنِ المسلمَانِيّ، وَلَمَّا غلَبَ إِسْمَاعِيْلُ
عَلَى دِمَشْقَ وَلاَّهُ قَضَاءهَا، فَكَانَ مَذْمُوْمَ
السِّيْرَةِ، خَبِيثَ السَّرِيرَةِ، وَوَاطَأَهُ أَمِيْنُ
الدَّوْلَةِ عَلَى أَذِيَّةِ النَّاسِ، وَاسْتَعْمَلَ
شُهُوْدَ زُوْرٍ وَوُكَلاَءَ، فَكَانَ يُطْلَبُ ذُو
المَالِ إِلَى مَجْلِسِهِ، فَيبث (3)
__________
(1) في الأصل: مبدأه، وفي تاريخ الإسلام: " شبيبته ".
(2) في تاريخ الإسلام والعسجد المسبوك: توفي في سادس ربيع
الأول، وقد ذكر الذهبي في تاريخ الإسلام أن مولده في سنة
احدى وسبعين وخمس مئة.
(*) مرآة الزمان 8 / 749 - 751، وذيل الروضتين 173 - 174،
وعيون الانباء في طبقات الاطباء لابن أبي اصيبعة: 2 / 171،
ودول الإسلام للذهبي: 2 / 111، والعبر: 5 / 172، وتاري
الإسلام (أيا صوفيا 2013) ج 20 الورقة 18 - 19، وفوات
الوفيات: 2 / 352 - 354، الترجمة 288، وطبقات الشافعية
للاسنوي: 1 / 592 - 594، الترجمة 547، والعسجد المسبوك:
534، وفيه انه عبد العزيز بن اسماعيل (بسقوط اسم ابيه وهو
خطأ) والفلاكة والمفلوكون للدلجي: 75، والنجوم الزاهرة: 6
/ 350 - 351، الدارس للنعيمي: 1 / 188، وشذرات الذهب: 5 /
214 - 215.
(3) هكذا قرأناها وهي موافقة لما جاء في " تاريخ الإسلام "
حيث جاء فيه: " فيحضر الرجل إلى مجلسه من المتولين فيدعي
عليه المدعي بأن له في ذمته ألف دينار أو ألفي دينار فيبهت
الرجل..الخ ".
(23/109)
مُدَّعٍ عَلَيْهِ بِأَلفِ دِيْنَارٍ
وَيَحضرُ شُهُوْدُهُ، فَيتحيّر الرَّجُلُ وَيُبْهَتُ،
فَيَقُوْلُ الرّفِيعُ: صَالِحْ غرِيْمَكَ.
فَيُصَالِح عَلَى النِّصْفِ، فَاسْتُبيحت أَمْوَالُ
المُسْلِمِيْنَ، وَعظُمَ الخطبُ، وَتعثّر خَلقٌ، وَعَظُمَت
الشّنَاعَاتُ، وَاسْتغَاثُوا إِلَى الصَّالِحِ، فَطَلَبَ
وَزِيْرَهُ، وَقَالَ: مَا هَذَا؟
فَخَافَ، وَكَانَ أُسّ البَلاَءِ المُوَفَّق الوَاسِطِيّ
فَتحَ أَبْوَابَ الظُّلمِ، فَبَادرَ الوَزِيْرُ
وَأَهْلَكَهُمَا لِئَلاَّ يُقرَّا عَلَيْهِ وَلِيُرضِيَ
النَّاسَ، وَيُقَالُ: كَانَ الصَّالِحُ يَدْرِي أَيْضاً.
ذَكَرَ الصَّدْرُ عَبْدُ المَلِكِ بنُ عَسَاكِرَ فِي
(جَرِيْدَتِه): أَنَّ القَاضِيَ الرّفِيعَ دَخَلَ مِنْ
تَوجههِ إِلَى بَغْدَادَ رَسُوْلاً، فَرَكِبَ لِتلقِّيه
الوَزِيْرُ أَمِيْنُ الدَّوْلَةِ، وَالمَنْصُوْرُ وَلدُ
السُّلْطَان، فَدَخَلَ فِي زخمٍ عَظِيْمٍ، وَعَلَيْهِ
خِلْعَةٌ سَوْدَاءُ وَعَلَى جَمِيْعِ أَصْحَابِهِ،
فَقِيْلَ: مَا دَخَلَ بَغْدَادَ وَلاَ أَخذت مِنْه
الرِّسَالَةُ، فَرَدَّ، وَاشْتَرَى الخلعَ لأَصْحَابِهِ
مِنْ عِنْدِهِ.
قَالَ: وَشرعَ الصَّالِحُ فِي مصَادرَةِ النَّاسِ عَلَى
يَدِ الرّفِيعِ، وَكَتَبَ إِلَى نُوَّابهِ فِي القَضَاءِ
يَطلبُ مِنْهُم إِحضَارَ مَا تَحْتَ أَيَدِيهِم مِنْ
أَمْوَالِ اليَتَامَى، وَكَانَ يَسلُكُ طَرِيْقَ
الوُلاَةِ، وَيْحَكمُ بِالرشوَةِ، وَيَأْخذُ مِنَ
الخَصْمَينِ، وَلاَ يُعدّل أَحَداً إِلاَّ بِمَالٍ،
وَيَأْخذُ جَهراً، وَاسْتعَارَ أَرْبَعِيْنَ طَبَقاً
ليهدِيَ فِيْهَا إِلَى صَاحِبِ حِمْص فَلَمْ يَردّهَا،
وَغَارتِ المِيَاهُ فِي أَيَّامِهِ، وَيَبِسَتِ الشَّجَرُ
وَصعقتْ، وَبطلت الطّوَاحينُ، وَمَاتَ عَجَمِيٌّ خلّفَ
مائَةَ أَلْفٍ فَمَا أَعْطَى بِنْتَه فَلْساً، وَأَذِنَ
لِلنِّسَاءِ فِي عُبورِ جَامِعِ دِمَشْقَ، وَقَالَ: مَا
هُوَ بِأَعْظَمَ مِنَ الحَرَمَيْنِ، فَامتلأَ بِالرِّجَالِ
وَالنِّسَاءِ لَيْلَةَ النِّصْفِ.
وَقَالَ سِبْطُ الجَوْزِيِّ (1) : حَدَّثَنِي جَمَاعَةٌ
أَعيَانٌ: أَنَّ الرّفِيع كَانَ فَاسِدَ العقيدَةِ،
دَهْرِيّاً، يَجِيْءُ إِلَى الجُمُعَةِ سكرَاناً، وَأَنَّ
دَارَهُ مِثْلُ الحَانَةِ.
__________
(1) مرآة الزمان: 8 / 750.
(23/110)
وَحَكَى لِي جَمَاعَةٌ: أَنَّ الوَزِيْرَ
السَّامرِيَّ بَعَثَ بِهِ فِي اللَّيْلِ عَلَى بغلٍ
بِأَكَافٍ إِلَى قَلْعَةِ بَعْلَبَكَّ، وَنفذَ بِهِ إِلَى
مغَارَةٍ أفقه (1) فَأَهْلكه بِهَا، وَتُرِكَ أَيَّاماً
بِلاَ أَكلٍ، وَأَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ بِبَيعِ أَملاَكهِ
لِلسَامرِيّ، وَأَنَّهُ لَمَّا عَاينَ المَوْتَ قَالَ:
دَعُوْنِي أُصَلِّي.
فَصَلَّى، فَرَفَسه دَاوُدُ مِنْ رَأْسِ شقيفٍ، فَمَا وَصل
حَتَّى تَقطّع، وَقِيْلَ: بَلْ تَعلّقَ ذَيلُهُ بِسنِّ
الجبلِ، فَضَرَبوهُ بِالحجَارَةِ حَتَّى مَاتَ.
وَقَالَ رَئِيْسُ النَّيْرَبِ (2) : سُلِّم الرَّفِيعُ
إِلَيَّ وَإِلَى (3) سَيْفِ النقمَة دَاوُد، فَوصلنَا بِهِ
إِلَى شقيفٍ فِيْهِ عينُ مَاءٍ فَقَالَ: دَعُوْنِي
أَغتسلْ.
فَاغتسل وَصَلَّى وَدَعَا، فَدَفَعه دَاوُد فَمَا وَصل
إِلاَّ وَقَدْ تلفَ، وَذَلِكَ فِي أَوَّلِ سَنَةِ
اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ (4) .
85 - ابْنُ سَلاَّمٍ الحَسَنُ بنُ سَالِمِ بنِ سَلاَّمٍ
الكَاتِبُ *
رَئِيْسُ البلدِ، نَجْمُ الدِّيْنِ الحَسَنُ بنُ سَالِمٍ
بنِ سَلاَّمٍ (5) الكَاتِبُ.
سَمِعَ: يَحْيَى الثَّقَفِيَّ، وَابْنَ صَدَقَةَ،
وَجَمَاعَةً.
__________
(1) هكذا أيضا في " تاريخ الإسلام " بخط المؤلف، وفي
المرآة: " أفنة ".
(2) أصل السند في " تاريخ الإسلام ": " وذكر ناصر الدين
محمد ابن المنيطري، عن عبد الخالق رئيس النيرب ".
(3) إضافة لابد منها لا يستقيم المعنى من غيرها، والخبر في
تاريخ الإسلام: " لما سلم القاضي الرفيع إلى المقدم داود
سيف النقمة وإلي أيضا، وصلنا به..".
(4) قيد أبو شامة وفاته ضمن حوادث سنة 641 وتابعه ابن أبي
اصيبعة وقال الملك الأشرف الغساني في العسجد المسبوك انه
توفي في آخر سنة اثنتين واربعين وقيل سنة احدى واربعين،
وجعل الدلجي وفاته سنة 643.
(*) مرآة الزمان 8 / 747، وصلة التكملة لوفيات النقلة
للحسيني الورقة 21، ذيل الروضتين لاببي شامة: 177، وتاريخ
الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 15، الوافي
بالوفيات 12 / 26 الترجمة 19.
(5) في صلة التكملة للحسيني: " ابن علي بن سلام " وهو الذي
ثبته الذهبي في تاريخ الإسلام وفي تذكرة الحفاظ 4 / 1427.
(23/111)
وَعَنْهُ: ابْنُ الخَلاَّلِ، وَشَرَفُ
الدِّيْنِ الفَزَارِيُّ، وَمُحَمَّدُ ابْنُ خَطِيْبِ
بَيْتِ الأَبَّارِ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ ذَا أَمْوَالٍ وَحِشْمَةٍ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ
مائَةٍ (1) ، وَهُوَ فِي عَشْرِ الثَّمَانِيْنَ (2) ،
وَتَبِعَهُ وَلدُهُ، وَكَانَ كَثِيْرَ البِرِّ
بِالحَنَابِلَةِ.
86 - الكَرْدرِيُّ أَبُو الوحدَةِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ
السَّتَّارِ بنِ مُحَمَّدٍ *
العَلاَّمَةُ، فَقِيْهُ المَشْرِقِ، شَمْسُ الأَئِمَّةِ،
أَبُو الوحدَةِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّتَارِ (3) بن
مُحَمَّدٍ العِمَادِيُّ، الكَرْدرِيُّ، الحَنَفِيُّ،
البرَاتقينِيُّ.
وَبرَاتقين: مِنْ أَعْمَالِ كَرْدَرَ، وَكَرْدَرُ:
نَاحِيَةٌ كَبِيْرَةٌ مِنْ بِلاَدِ خُوَارِزْمَ.
أَنْبَأَنِي بتَرْجَمَتِهِ أَبُو العَلاَءِ الفَرَضِيُّ،
فَقَالَ:
هُوَ أُسْتَاذُ الأَئِمَّةِ عَلَى الإِطلاَقِ، وَالموفودُ
عَلَيْهِ مِنَ الآفَاقِ، قرَأَ بِخُوَارِزْمَ عَلَى
بُرْهَانِ الدِّيْنِ نَاصِرِ بنِ عَبْدِ السَّيِّدِ
المُطَرِّزِيِّ مُؤلِّفِ (شرحِ المَقَامَاتِ)، وَتَفَقَّهَ
بِسَمَرْقَنْدَ عَلَى
__________
(1) ذكر سبط ابن الجوزي في المرآة أنه توفي في ذي الحجة،
وذكر الشرف الحسيني في صلة التكملة لوفيات النقلة أنه توفي
في سادس عشر ذي الحجة وهو الذي قيده الذهبي في تاريخ
الإسلام.
(2) في صلة التكملة لوفيات النقلة انه ولد سنة خمس وستين
وخمس مئة وهو الذي فيده الذهبي في تاريخ الإسلام.
(*) تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 في ورقة
ملحقة بالورقة 22 الوافي بالوفيات: 3 / 254، الترجمة 1276،
والجواهر المضية: 2 / 82، الترجمة 243، العسجد المسبوك:
533 وفيه انه (الكردوزي) وان (كردوز من اعمال خوارزم) وكله
تحريف، النجوم الزاهرة 6 / 351، طبقات الفقهاء المنسوب خطأ
إلى طاش كبري زادة 107، طبقات الحنفية للمولى علي بن أمر
الله الحنائي المعروف بقنالي زادة (نسخة جامعة براغ رقم 79
الورقة 32، شذرات الذهب: 5 / 316، الفوائد البهية: 176 -
177.
(3) تصحف الاسم في الشذرات إلى: محمد بن عبد الغفار بن
محمد العلماوي.
(23/112)
شَيْخِ الإِسْلاَمِ بُرْهَانِ الدِّيْنِ
عَلِيّ بن أَبِي بَكْرٍ بنِ عَبْدِ الجَلِيْلِ
المَرْغِيْنَانِيِّ وَسَمِعَ مِنْهُ، وَتَفَقَّهَ
بِبُخَارَى عَلَى العَلاَّمَةِ بدرِ الدِّيْنِ عُمَرَ بنِ
عَبْدِ الكَرِيْمِ الورسكِيِّ، وَأَبِي المَحَاسِن حَسَنِ
بنِ مَنْصُوْرٍ قَاضِي خَان، وَجَمَاعَةٍ.
وَبَرَعَ فِي المَذْهَبِ وَأُصُوْلِهِ، وَتَفَقَّهَ عَلَى
خلقٍ، وَرحلُوا إِلَيْهِ إِلَى بُخَارَى، مِنْهُم: ابْنُ
أَخِيْهِ العَلاَّمَةُ مُحَمَّدُ بنُ مَحْمُوْدٍ
الفَقِيْهِيُّ، وَالشَّيْخُ سَيْفُ الدِّيْنِ
البَاخَرْزِيُّ، وَالعَلاَّمَةُ حَافِظُ الدِّيْنِ
مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ نَصْرٍ البُخَارِيُّ،
وَظَهِيْرُ الدِّيْنِ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ
النوجَابَاذِيُّ، وَطَائِفَةٌ، سَمَّاهُم الفَرَضِيُّ،
ثُمَّ قَالَ:
وُلِدَ سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ،
وَتُوُفِّيَ بِبُخَارَى، فِي مُحرِّمٍ (1) ، سَنَةَ
اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ (2) ، وَدُفن
عِنْد الإِمَام عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يَعْقُوْبَ
الحَارِثِيّ.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ: المَوْلَى تَاجُ الدِّيْنِ أَحْمَدَ
ابْن القَاضِي أَبِي نَصْرٍ ابْن الشِّيْرَازِيّ فِي
رَمَضَانَ، وَالوَزِيْر الكَبِيْر نصِيْر الدِّيْنِ أَبُو
الأَزْهَرِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ ابنُ
النَّاقِدِ البَغْدَادِيُّ، وَنَجمُ الدِّيْنِ الحَسَنُ
بنُ سَالِمِ بنِ سَلامٍ الدِّمَشْقِيُّ الكَاتِبُ وَالِدُ
المُحَدِّثِ الذَّكيِّ مُحَمَّدٍ، وَأَبُو طَالِبٍ خَاطبُ
بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ الحَارِثِيُّ المِزِّيُّ،
وَالمُقْرِئُ سُلَيْمَانُ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ
الأَنْصَارِيُّ وَالِدُ شَيْخَتِنَا فَاطِمَةَ، وَأَبُو
المَنْصُوْرِ ظَافرُ بنُ طَاهِرٍ المُطَرِّزُ ابْنُ شَحْمٍ
بِالإِسْكَنْدَرِيَّةِ، وَشَيْخُ الشُّيُوْخِ تَاجُ
الدِّيْنِ عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ بنِ عَلِيِّ بنِ
حَمُّوَيْه الجُوَيْنِيُّ ثُمَّ الدِّمَشْقِيُّ،
وَالمُغِيْثُ جَلاَلُ الدِّيْنِ عُمَرُ ابْنُ السُّلْطَانِ
نَجْمِ الدِّيْنِ أَيُّوْبَ ابْنِ الكَامِلِ، وَالحَافِظُ
أَبُو القَاسِمِ القَاسِمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ
ابْنُ
__________
(1) في الجواهر المضية انه توفي يوم الجمعة تاسع محرم.
(2) قيد ابن العماد الحنبلي في الشذرات وفاته في سنة 643 ه
وقال: " وفيها - اي في سنة 643 - وجزم ابن كمال انه توفي
في التي قبلها شمس الأئمة الكردري.
(23/113)
الطَّيْلَسَانِ الأَنْصَارِيُّ
القُرْطُبِيُّ، وَأَبُو الضوءِ قمرُ بنُ هِلاَلِ بنِ
بطَاحٍ القَطِيْعِيُّ البَقَّالُ، وَالنَّفِيْسُ أَبُو
البَرَكَاتِ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ رَوَاحَةَ
الحَمَوِيّ الضّرِير، وَالأَدِيْب مُهَذَّب الدِّيْنِ
مُحَمَّد بن عَلِيِّ بنِ عَلِيِّ بنِ عَلِيٍّ ابْنُ
القَامغَارِ الحِلِّيُّ الشَّاعِرُ بِمِصْرَ فِي عَشْرِ
المائَةِ، وَصَاحِبُ حَمَاةَ المُظَفَّرُ تَقِيُّ
الدِّيْنِ مَحْمُوْدُ ابنُ المَنْصُوْرِ مُحَمَّدِ بنِ
عُمَرَ الأَيُّوْبِيُّ، وَالنَّجِيْبُ نَاصِرُ بنُ
مَنْصُوْرٍ العرضِيُّ، وَجَمَالُ الدِّيْنِ يُوْسُفُ ابْنُ
المَخِيلِيِّ (1) .
87 - ابْنُ الطَّيْلَسَانِ القَاسِمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
أَحْمَدَ الأَنْصَارِيُّ *
الحَافِظُ المُفِيْدُ، مُحَدِّثُ الأَنْدَلُسِ، أَبُو
القَاسِمِ القَاسِمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ
الأَنْصَارِيُّ، القُرْطُبِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ
تَقْرِيْباً.
وَرَوَى عَنْ: جَدِّهِ لأُمِّهِ أَبِي القَاسِمِ ابْنِ
الشَّرَّاطِ، وَأَبِي العَبَّاسِ بنِ مِقْدَامٍ، وَعَبْدِ
الحَقِّ الخَزْرَجِيِّ، وَأَبِي الحَكَمِ بنِ حَجَّاجٍ،
وَخَلْقٍ.
وَصَنَّفَ الكُتُبَ، وَكَانَ بَصِيْراً بِالقِرَاءات
وَالعَرَبِيَّةِ أَيْضاً.
وَلِيَ خَطَابَةَ مَالَقَةَ بَعْد ذهَابِ قُرْطُبَةَ،
وَأَقرَأَ بِهَا، وَحَدَّثَ.
__________
(1) منسوب إلى " مخيل " بفتح ثم كسر، من بلاد برقة
بالمغرب، وسيأتي (رقم 238).
(*) تكملة الصلة لابن الابار (النسخة الأزهرية) ج 3 الورقة
102، وفيه يسوق نسبه فيقول: القاسم بن محمد بن أحمد بن
محمد بن سليمان بن محمد بن سليمان الأنصاري الاوسي من أهل
قرطبة يكنى أبا القاسم ويعرف بابن الطيلسان، برنامج
الرعيني: 27، الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة لابن
عبد الملك المراكشي (احسان عباس) قسم 2 من السفر الخامس
557 - 566 الترجمة 1090، تذكرة الحفاظ للذهبي 4 / 1426 -
1428 الترجمة 1139، وفيه أنه القاسم بن أحمد بن محمد (وهو
سهو)، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة
21، غاية النهاية: 2 / 23 الترجمة 2601، بغية الوعاة
للسيوطي 2 / 261 الترجمة 1931، شذرات الذهب: 5 / 215 -
216.
(23/114)
تُوُفِّيَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ
وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ (1) .
كَتَبَ إِلَيَّ ابْنُ هَارُوْنَ: أَنَّهُ سَمِعَ مِنِ
ابْنِ الطَّيْلَسَانِ كِتَابَ (الوَعْد) فِي العَوَالِي.
88 - ابْنُ العَجَمِيِّ عُمَرُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ بنِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشَّافِعِيُّ *
مِنْ بَيْتِ عِلمٍ وَسِيَادَةٍ بِحَلَبَ، العَلاَّمَةُ،
كَمَالُ الدِّيْنِ، أَبُو هَاشِمٍ (2) عُمَرُ بنُ عَبْدِ
الرَّحِيْمِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الحَسَنِ (3)
الشَّافِعِيُّ.
تَفَقَّهَ بطَاهِرِ بن جَهْبلٍ، وَسَمِعَ مِنْ يَحْيَى
الثَّقَفِيِّ، وَغَيْرِهِ.
يُقَالُ: أَلقَى (المُهَذَّبَ) دُروساً خَمْساً
وَعِشْرِيْنَ مرَّةً.
وَكَانَ ذَا وَسوَاسٍ فِي المِيَاهِ.
رَوَى عَنْهُ: عَبَّاسُ بنُ بَزْوَانَ، وَغَيْرُهُ.
مَاتَ: فِي رَجَبٍ (4) ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ
وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَلَهُ خَمْسٌ
وَثَمَانُوْنَ سَنَةً (5) .
__________
(1) ذكر ابن الابار وابن عبد الملك المراكشي والذهبي في
تاريخ الإسلام انه توفي في شهر ربيع الآخر.
(*) صلة التكملة لشرف الدين الحسيني بورقة ملحقة بالورقة
17 ضمن وفيات سنة 642 ه وفيها يسوق نسبه كالآتي: أبو
القاسم عمر ابن الشيخ أبي صالح عبد الرحيم بن عبد الرحمن
بن الحسن بن عبد الرحمن بن طاهر بن محمد بن محمد بن الحسين
بن علي الكرابيسي الحلبي الشافعي المعروف بابن العجمي
المنعوت بالكمال...انتهى، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا
3013) ج 20 الورقة 20.
(2) في صلة التكملة للحسيني: أبو القاسم.
(3) ذكر الاسنوي انه (الحسين) بدلا من الحسن، وذكر ذلك في
ترجمة عبد الرحمن (جد المترجم له) انظر طبقات الشافعية 1 /
440 الترجمة 396 وذلك تصحيف.
(4) ذكر الحسيني في الصلة والذهبي في تاريخ الإسلام أن
وفاته كانت في الحادي عشر من رجب.
(5) ذكر الحسيني انه ولد في الثالث عشر من محرم واضاف
وتابعه الذهبي في تاريخ الإسلام أن ذلك كان سنة 557 ه.
(23/115)
وَمِنْ وَسْوَاسِهِ أَنَّهُ نَزَلَ فِي
قدرِهِ حَمَامٌ، فَضَاقَ نَفَسُهُ ثُمَّ مَاتَ!
89 - ابْنُ شَحْمٍ أَبُو المَنْصُوْرِ ظَافِرُ بنُ طَاهِرِ
بنِ ظَافِرٍ الإِسْكَنْدَرَانِيُّ *
أَبُو المَنْصُوْرِ ظَافرُ بنُ طَاهِرِ بنِ ظَافر بن
إِسْمَاعِيْلَ الإِسْكَنْدَرَانِيُّ، المَالِكِيُّ،
عُرِفَ: بِابْنِ شحمٍ (1) المُطَرِّزِ.
عَاشَ ثَمَانِياً وَثَمَانِيْنَ (2) سَنَةً.
سَمِعَ: مِنَ السِّلَفِيِّ، وَابْنِ عَوْفٍ.
رَوَى عَنْهُ: الدِّمْيَاطِيُّ، وَالغَرَّافِيُّ،
وَجَمَاعَةٌ.
مَاتَ: فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ (3) ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ
وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
90 - ابْنُ المَخِيْلِيِّ يُوْسُفُ بنُ عَبْدِ المُعْطِي
بنِ مَنْصُوْرٍ الغَسَّانِيُّ **
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ، الصَّدْرُ، الإِمَامُ، الفَقِيْهُ،
جَمَالُ الدِّيْنِ، أَبُو الفَضْلِ يُوْسُفُ بنُ عَبْدِ
المُعْطِي بنِ مَنْصُوْرِ بنِ نَجَا بنِ مَنْصُوْرٍ
الغَسَّانِيّ (4) ، الإِسْكَنْدَرَانِيُّ، ابْنُ
__________
(1) التكملة لوفيات النقلة للحافظ المنذري ج 3 الترجمة
3160 وذكر أن له منه اجازة كتب بها إليه من الإسكندرية،
صلة التكملة للحسيني الورقة 14، العبر للذهبي: 5 / 172،
تاريخ الإسلام (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 17، النجوم
الزاهرة 6 / 352، شذرات الذهب 5 / 313 - 314.
(1) في النجوم والشذارت: سحم بالسين المهملة، مصحف فقد
ضبطها المنذري والحسيني باالشين المعجمة.
(2) ذكر المنذري والحسيني والذهبي في تاريخ الإسلام ان
مولده سنة 554 ه.
(3) ذكر المنذري والحسيني والذهبي في تاريخ الإسلام أن
وفاته كانت في النصف من شهر ربيع الأول.
(* *) صلة التكملة لوفيات النقلة للحسيني، الورقة 16،
العبر للذهبي: 5 / 173 تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا
3013) ج 20 الورقة 20، تبصير المنتبه بتحرير المشتبه 1349،
النجوم الزاهرة: 6 / 352، شذرات الذهب 5 / 216.
(4) في النجوم الزاهرة: " العسالي " مصحف.
(23/116)
المَخِيلِيِّ (1) المَالِكِيّ، مِنْ
كُبَرَاءِ أَهْلِ الثَّغْرِ.
وَمَخِيلُ: مِنْ بِلاَدِ برقَةَ.
وُلِدَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ (2) .
وَسَمِعَ مِنَ: الحَافِظِ السِّلَفِيِّ، وَأَبِي
الطَّاهِرِ بنِ عَوْفٍ، وَأَبِي الطَّيِّبِ بنِ
الخَلُوْفِ.
حَدَّثَنَا عَنْهُ: الضِّيَاءُ السَّبْتِيُّ،
وَالدِّمْيَاطِيُّ، وَالأَبَرْقُوْهِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ
أَبِي القَاسِمِ الصَّقَلِّيُّ، وَأَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ
بنُ المُنيّرِ، وَالمُفَسِّرُ أَبُو عَبْدِ اللهِ ابْنُ
النَّقِيْبِ، وَغَيْرُهُم.
قَالَ ابْنُ الحَاجِبِ: قَالَ لِي: إِنَّهُ دَخَلَ
دِمَشْقَ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ فِي سَابعِ (3) جُمَادَى الآخِرَةِ،
سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
قَرَأْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ المُفَسِّرِ،
وَعَبْدِ المُؤْمِنِ بنِ خَلَفٍ الحَافِظِ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا يُوْسُفُ بنُ عَبْدِ المُعْطِي، أَخْبَرَنَا
أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ الأَصْبَهَانِيُّ،
أَخْبَرَنَا نَصْرُ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ
أَحْمَدَ العُكْبَرِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ
يَحْيَى بنِ عُمَرَ الطَّائِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو جَدِّي
عَلِيُّ بنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ،
عَنْ عَاصِمِ بنِ بَهْدَلَةَ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَلِيٍّ،
قَالَ:
أَحَبُّ الكَلاَمِ إِلَى اللهِ - عزَّ وجلَّ - أَنْ
يَقُوْلَ العَبْدُ وَهُوَ سَاجِدٌ: رَبِّ إِنِّيْ
ظَلَمْتُ، رَبِّي
__________
(1) تصحفت لفظة المخيلي في المطبوع من تذكرة الحفاظ إلى
المحبلي بالحاء المهملة
والباء الموحدة (تذكرة الحفاظ: 1428).
(2) ذكر الحسيني ان مولده في جماددى الآخرة من هذه السنة.
(3) ذكر الحسيني في صلة التكملة أن وفاته كانت في ليلة
السابع من جمادى الآخرة. وقد ذكر العلامة المرحوم الدكتور
مصطفى جواد وفاته في سنة 643 وهو سهو.
(23/117)
فَاغْفِرْ لِي، فَإِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ
الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ.
91 - ابْنُ المَجْدِ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ
عِيْسَى بنِ عِبدِ اللهِ المَقْدِسِيُّ *
الإِمَامُ، العَالِمُ، الحَافِظُ، المُتْقِنُ، القُدْوَةُ،
الصَّالِحُ، سَيْفُ الدِّيْنِ، أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ
ابْنُ المُحَدِّثِ الفَقِيْهِ مَجْدِ الدِّيْنِ عِيْسَى
ابْن الإِمَامِ العَلاَّمَةِ مُوَفَّقِ الدِّيْنِ عِبدِ
اللهِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ قُدَامَةَ
المَقْدِسِيُّ، الصَّالِحيُّ، الحَنْبَلِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ خَمْسِ وَسِتِّ مائَةٍ.
وَسَمِعَ: أَبَا اليُمْنِ الكِنْدِيَّ، وَابْنَ
الحَرَسْتَانِيِّ، وَابْنَ مُلاعِبٍ، وَجَدَّهُ،
وَجَمَاعَةً.
وَتَخَرّج بِخَالهِ الحَافِظِ ضِيَاءِ الدِّيْنِ،
وَارْتَحَلَ، وَلَهُ ثَمَانِي عَشْرَةَ سَنَةً، فَسَمِعَ
مِنَ الفَتْحِ بنِ عَبْدِ السَّلاَمِ (2) ، وَعَلِيِّ بنِ
بوزندَار، وَأَبِي عَلِيٍّ ابنِ الجَوَالِيْقِيِّ
وَطَبَقَتِهِم، ثُمَّ ارْتَحَلَ إِلَى بَغْدَادَ أَيْضاً
سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ، وَكَتَبَ الكَثِيْرَ،
وَجَمَعَ، وَصَنَّفَ، وَبَرَعَ فِي الحَدِيْثِ.
وَكَانَ ثِقَةً ثَبْتاً، ذكياً، سَلَفِيّاً، تَقيّاً، ذَا
وَرَعٍ وَتَقوَى، وَمَحَاسِنَ جَمَّةٍ، وَتَعَبُّدٍ
وَتَأَلّهٍ، وَمُروءةٍ تَامَّةٍ، وَقَولٍ بِالْحَقِّ،
وَنَهْيٍ عَنِ المُنْكَرِ، وَلَوْ عَاشَ لَسَادَ فِي
العِلْمِ وَالعَمَلِ - فَرَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -.
وَكَتَبَ لِنَفْسِهِ وَبِالأُجرَةِ وَأَفَادَ الطَّلبَةَ.
__________
(1) موقوف وسنده حسن.
(*) صلة التكملة للحسيني الورقة: 35، تذكرة الحفاظ 4 /
1446 - 1447 الترجمة 1147، العبر للذهبي: 5 / 174، تاريخ
الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 24 - 25،
الوافي بالوفيات 7 / 273 الترجمة 3249، ذيل طبقات الحنابلة
لابن رجب: 2 / 241 الترجمة 347، النجوم الزاهرة: 6 / 353،
طبقات الحفاظ للسيوطي: 504 الترجمة 1116، شذرات الذهب: 5 /
217.
(2) في تاريخ الإسلام: ورحل إلى بغداد سنة ثلاث وعشرين
فسمع الفتح بن عبد السلام..الخ.
(23/118)
رَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ
مُحَمَّدٍ الدَّشْتِيُّ وَغَيْرُهُ، وَعَاشَ ثَمَانِياً
وَثَلاَثِيْنَ سَنَةً (1) .
تُوُفِّيَ: فِي أَوَّلِ شَعْبَانَ، سَنَةَ ثَلاَثٍ
وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَدُفِنَ عِنْدِ آبَائِهِ،
وَلَهُ مُصَنَّفٌ فِي السَّمَاعِ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ المُعَلِّمُ،
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عِيْسَى الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بنُ أَبِي المَعَالِي الصُّوْفِيُّ، وَغَيْرُهُ،
قَالُوا:
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ ابْنُ الزَّاغُوْنِيِّ،
أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ ابْنُ البُسْرِيِّ،
حَدَّثَنَا أَبُو طَاهِرٍ الذَّهَبِيُّ، حَدَّثَنَا
البَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو نَصْرٍ التَّمَّارُ
وَالعَيْشِيُّ، قَالاَ:
حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ
أَنَسٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-: (حُفَّتِ الجَنَّةُ بِالمَكَارِهِ، وَحُفَّتِ
النَّارُ بِالشَّهوَاتِ).
غَرِيْبٌ، تَفَرَّدَ بِهِ حَمَّادٌ.
أَخْرَجَهُ: مُسْلِمٌ (2) ، عَنِ القَعْنَبِيِّ، عَنْهُ،
وَيَرْوِيْهِ حَمَّادٌ أَيْضاً عَنْ خَالِهِ حُمَيْدٍ
الطَّوِيْلِ عَنْ أَنَسٍ.
92 - ابْنُ المُقَيَّرِ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ
الحُسَيْنِ بنِ عَلِيٍّ البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ، المُسْنِدُ، الصَّالِحُ، رحلَةُ الوَقْتِ،
أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ ابنُ أَبِي عُبَيْدِ اللهِ
الحُسَيْنِ بنِ عَلِيِّ بنِ مَنْصُوْرٍ، ابْنُ المُقَيَّرِ
البَغْدَادِيُّ، الأَزَجِيُّ، المُقْرِئُ، الحَنْبَلِيُّ،
النَّجَّارُ، نَزِيْلُ مِصْرَ.
__________
(1) في تاريخ الإسلام: حدثنا عنه أبو بكر الدشتي ومات قبل
أوان الرواية فانه عاش ثمانيا وثلاثين سنة.
(2) في الجنة (2822). ورواه الترمذي في صفة الجنة (2562).
(*) صلة التكملة للحسيني الورقة 37 - 38، تكملة اكمال
الإكمال لابن الصابوني: 342 - 347، تاريخ الإسلام للذهبي
(أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 33، دول الإسلام 2 / 113،
العبر للذهبي 5 / 178 وقد ذكره فيمن توفوا في سنة 643 في
تذكرة الحفاظ 4 / 1432، وانظر أيضا النجوم الزاهرة 6 /
355، شذرات الذهب 5 / 223 وتوضيح المشتبه، 3 / الورقة: 51،
تاج العروس شرح القاموس (مادة قير 3 / 513).
(23/119)
وُلدَ: لَيْلَةَ الفطرِ، سَنَةَ خَمْسٍ
وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَأَجَازَ لَهُ: نَصْرُ بنُ نَصْرٍ العُكْبَرِيُّ، وَأَبُو
بَكْرٍ ابْنُ الزَّاغُوْنِيِّ، وَالحَافِظُ ابْنُ نَاصِرٍ،
وَسَعِيْدُ ابْنُ البَنَّاءِ، وَأَبُو الكَرَمِ ابْنُ
الشَّهْرُزُوْرِيِّ، وَأَبُو جَعْفَرٍ العَبَّاسِيُّ،
وَعِدَّةٌ.
وَقَدْ كَانَ يُمكنه السَّمَاعُ مِنْهُم.
ثُمَّ سَمِعَ بِنَفْسِهِ مِنْ: مَعْمَرِ بنِ الفَاخِرِ،
وَشُهْدَةَ الكَاتِبَةِ، وَعَبْدِ الحَقِّ بنِ يُوْسُفَ،
وَأَحْمَدَ بنِ النَّاعمِ، وَعِيْسَى بنِ أَحْمَدَ
الدُّوْشَابِيِّ، وَأَبِي عَلِيٍّ بنِ شِيْرَوَيْهِ،
وَبِدِمَشْقَ مِنِ ابْنِ صَدَقَةَ الحَرَّانِيِّ.
وَحَدَّثَ بِبَغْدَادَ، ثُمَّ قَدِمَ دِمَشْقَ فِي سَنَةِ
اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ، فَحَدّثَ، وَأَقَامَ بِهَا
نَحْواً مِنْ سَنَتَيْنِ، ثُمَّ حَجَّ، وَحَدَّثَ
بِخَيْبَرَ، وَبِالحرمِ، وَجَاورَ، ثُمَّ سَارَ إِلَى
مِصْرَ، وَرَوَى بِهَا الكَثِيْرَ.
قَالَ الحَافِظُ تَقِيّ الدِّيْنِ عُبيدٌ: كَانَ شَيْخاً
صَالِحاً، كَثِيْرَ التَّهَجُّدِ وَالعِبَادَةِ
وَالتِّلاَوَةِ، صَابراً عَلَى أَهْلِ الحَدِيْثِ.
وَقَالَ الحَافِظُ عِزُّ الدِّيْنِ الحُسَيْنِيّ (1) :
كَانَ مِنْ عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِيْنَ، كَثِيْرَ
التِّلاَوَةِ، مُشْتَغِلاً بِنَفْسِهِ، مَاتَ فِي نِصْفِ
ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ
مائَةٍ.
قُلْتُ: حَدَّثَ عَنْهُ أَئِمَّةٌ وَحُفَّاظٌ؛
وَحَدَّثَنِي عَنْهُ: الدِّمْيَاطِيُّ، وَالسَّبْتِيُّ،
وَأَبُو عَلِيِّ بنُ الخَلاَّلِ، وَالجلاَلُ عَبْدُ
المُنْعِمِ القَاضِي، وَزَيْنَبُ بِنْتُ القَاضِي مُحيِي
الدِّيْنِ، وَمُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ الذَّهَبِيُّ،
وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ المُنْذِرِيُّ (2) ،
__________
(1) صلة التكملة لوفيات النقلة، الورقة 38.
(2) هذا هو ابن أخي الحافظ عبد العظيم المنذري.
(23/120)
وَعِيْسَى المَغَازِي، وَمُحَمَّدُ بنُ
يُوْسُفَ الحَنْبَلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُكَرَّمٍ
الكَاتِبُ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُظَفَّرٍ المَالِكِيُّ،
وَالحَافِظُ أَبُو الحُسَيْنِ ابْنُ الفَقِيْهِ، وَشِهَابُ
بنُ عَلِيٍّ، وَصليحٌ الصوَابِي، وَبِيْبَرْسُ القيمرِيُّ،
وَعَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ الجُمَّيْزِيُّ، وَمُحَمَّدُ
بنُ مُشَرِّفٍ، وَالبَهَاءُ ابْنُ عَسَاكِرَ، وَخَلْقٌ.
وَآخِرُ مَنْ رَوَى عَنْهُ بِالسَّمَاعِ: يُوْنُسُ
العَسْقَلاَنِيُّ.
93 - الغَزَّالُ حَمْزَةُ بنُ عُمَرَ بنِ عَتِيْقِ بنِ
أَوْسٍ الأَنْصَارِيُّ
الفَقِيْهُ، العَالِمُ، أَبُو القَاسِمِ الأَنْصَارِيُّ،
الإِسْكَنْدَرَانِيُّ، المَالِكِيُّ، الغَزَّالُ،
الدَّلاَّلُ، وَكَانَ لَهُ حَانُوْتٌ بِقَيْسَارِيَّةِ
الغَزْلِ بِالثَّغْرِ.
حَدَّثَ عَنْ: السِّلَفِيِّ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ الحُلوَانِيَّةِ، وَأَبُو حَامِدٍ
ابْنُ الصَّابُوْنِيِّ (1) ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ
الدِّمْيَاطِيُّ، وَالضِّيَاءُ السَّبْتِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
تُوُفِّيَ: فِي ثَالِثِ ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ إِحْدَى
وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ: الصَّرِيْفِيْنِيُّ المُحَدِّثُ،
وَأَعزُّ بنُ كَرَمٍ البَزَّازُ، وَعَبْدُ الحَقِّ بنُ
خَلَفٍ الحَنْبَلِيُّ، وَالمُخَلِّصُ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ
هِلاَلٍ، وَابْنُ القُبَّيْطِيِّ، وَالوَفَاءُ عَبْدُ
المَلِكِ بنُ الحَنْبَلِيِّ، وَعَلِيُّ بنُ زَيْدٍ
التَّسَارَسِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ أَبِي الفَخَارِ،
وَقَيْصَرُ بنُ فَيْرُوْز البَوَّابُ، وَكَرِيْمَةُ
الزُّبَيْرِيَّةُ، وَكَرِيْمَةُ بِنْتُ عَبْدِ الحَقِّ
__________
(*) التكملة لوفيات النقلة للحافظ المنذري ج 3 الترجمة
3140 وفيه أنه الغزولي، صلة التكملة للحسيني: الورقة 10
وذكر انه مولود سنة 564 أو 565 وفيها أنه الغزلي، تاريخ
الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 4 وفيه أنه
الغزالي، العبر للذهبي: 5 / 168، شذرات الذهب: 5 / 211.
(1) لم يذكره ابن الصابوني في تكملة اكمال الإكمال.
(23/121)
القُضَاعِيَّةُ بِمِصْرَ، وَكَرِيْمَةُ
بِنْتُ المُحَدِّثِ عَبْد الرَّحْمَنِ بنِ نَسِيمٍ
الدِّمَشْقيَّةُ، وَابْنُ مُحَارِبٍ القَيْسِيُّ،
وَمَحَاسِنُ الجَوْبرِيُّ، وَيُوْنُسُ السَّقْبَانِيُّ.
94 - السَّخَاوِيُّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ
بنِ عَبْدِ الصَّمَدِ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، شَيْخُ القُرَّاءِ
وَالأُدَبَاءِ، عَلَمُ الدِّيْنِ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ
بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الصَّمَدِ بنِ عَطَّاسِ (1)
الهَمْدَانِيُّ، المِصْرِيُّ، السَّخَاوِيُّ،
الشَّافِعِيُّ، نَزِيْلُ دِمَشْقَ.
وُلِدَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ، أَوْ سَنَة تِسْع.
وَقَدِمَ الثَّغْرَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي طَاهِرٍ السِّلَفِيِّ، وَمِنْ أَبِي
الطَّاهِرِ بنِ عَوْفٍ، وَبِمِصْرَ مِنْ أَبِي الجُيُوْش
عَسَاكِرَ بنِ عَلِيٍّ، وَأَبِي القَاسِمِ البُوصِيْرِيِّ،
وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ يَاسينَ، وَبِدِمَشْقَ مِنِ ابْنِ
طَبَرْزَذَ،
__________
(1) معجم الأدباء لياقوت (دار المأمون) 15 / 65 - 66، وذكر
فيه أنه كتب هذه الترجمة سنة 619 والسخاوي بدمشق كهل يحيا،
إنباه الرواة على أنباه النحاة للقفطي: 2 / 311 - 312
الترجمة 494، مرآة الزمان لسبط ابن الجوزي: 8 / 758 - 759،
عقود الجمان في شعراء هذا الزمان لابن الشعار الموصلي
(اسعد افندي 2326) ج 5 الورقة 10 ب، وفيات الأعيان 3 / 340
- 341 الترجمة 456، صلة التكملة للحسيني الورقة 32، تلخيص
مجمع الآداب لابن الفوطي ج 4 الترجمة 880، تاريخ ابي
الفدا: 4 / 174 تاريخ الإسلام للذهبي (ايا صوفيا 3013) ج
20 الورقة 33 - 35، العبر للذهبي: 5 / 178، دول الإسلام
للذهبي: 2 / 112، معرفة القراء الكبار للذهبي 503، تلخيص
أخبار النحويين واللغويين لابن مكتوم الورقة 154 - 155،
طبقات الشافعية الكبرى للسبكي، 8 / 297 - 298 الترجمة
1200، طبقات الشافعية للاسنوي 2 / 68 - 69 الترجمة 658،
البداية والنهاية: 13 / 170، غاية النهاية في طبقات
القراء: 1 / 568 - 571، الترجمة 2318، النجوم الزاهرة: 6 /
354، بغية الوعاة للسيوطي: 2 / 192 - 194 الترجمة 1768،
طبقات المفسرين للسيوطي: 25 - 26، حسن المحاضرة للسيوطي: 1
/ 412 - 413 الترجمة 83، شذرات الذهب: 5 / 222.
(1) في صلة التكملة للحسيني: غطاس (بالغين المعجمة).
(23/122)
وَالكِنْدِيِّ، وَحَنْبَلٍ.
وَتَلاَ بِالسَّبْعِ عَلَى: الشَّاطِبِيِّ، وَأَبِي
الجُوْدِ، وَالكِنْدِيِّ، وَالشِّهَابِ الغَزْنَوِيِّ.
وَأَقرَأَ النَّاسَ دَهْراً، وَمَا أَسندَ القِرَاءاتِ
عَنِ الغَزْنَوِيِّ وَالكِنْدِيِّ، وَكَانَا أَعْلَى
إِسْنَاداً مِنَ الآخَرِيْنَ، امْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ
لأَنَّه تَلاَ عَلَيْهِمَا بِـ (المُبْهِج (1))، وَلَمْ
يَكُنْ بِأَخرَةٍ يَرَى الإِقْرَاءَ بِهِ وَلاَ بِمَا
زَادَ عَلَى السَّبْع، فَقِيْلَ: إِنَّهُ اجْتنبَ ذَلِكَ
لِمَنَامٍ رَآهُ.
وَكَانَ إِمَاماً فِي العَرَبِيَّةِ، بَصِيْراً
بِاللُّغَةِ، فَقِيْهاً، مُفْتِياً، عَالِماً
بِالقِرَاءاتِ وَعِلَلِهَا، مُجَوِّداً لَهَا، بَارِعاً
فِي التَّفْسِيْرِ.
صَنَّفَ وَأَقرَأَ وَأَفَاد، وَرَوَى الكَثِيْرَ، وَبَعُدَ
صِيتُه، وَتَكَاثَرَ عَلَيْهِ القُرَّاءُ.
تَلاَ عَلَيْهِ: شَمْسُ الدِّيْنِ أَبُو الفَتْحِ
الأَنْصَارِيُّ، وَشِهَابُ الدِّيْنِ أَبُو شَامَةَ،
وَرَشِيدُ الدِّيْنِ ابْنُ أَبِي الدُّرِّ، وَزَيْنُ
الدِّيْنِ الزوَاوِيُّ، وَتَقِيُّ الدِّيْنِ يَعْقُوْبُ
الجَرَائِدِيُّ، وَالشَّيْخُ حسنٌ الصَّقَلِّيّ، وَجَمَالُ
الدِّيْنِ الفَاضِلِيُّ، وَرَضِي الدِّيْنِ جَعْفَر بن
دَنُوقَا، وَشَمْسُ الدِّيْنِ مُحَمَّدُ ابْن
الدِّمْيَاطِيّ، وَنظَامُ الدِّيْنِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ
الكَرِيْمِ التِّبْرِيْزِيُّ، وَالشِّهَابُ ابْن مزهرٍ،
وَعِدَّةٌ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: الشَّيْخُ زَيْنُ الدِّيْنِ
الفَارِقِيُّ، وَالجَمَالُ ابْنُ كَثِيْرٍ، وَالرَّشِيْدُ
بنُ المُعَلِّمِ، وَمُحَمَّدُ بنُ قَايْمَازَ
الدَّقِيْقِيُّ، وَالخَطِيْبُ شَرَفُ الدِّيْنِ
الفَزَارِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ ابْنُ المُخَرِّمِيِّ،
وَأَبُو عَلِيِّ ابْنُ الخَلاَّلِ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ
النّصِيْرِ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ مَكْتُوْمٍ، وَالزَّيْنُ
إِبْرَاهِيْمُ ابْنُ الشيرَازِيِّ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ مَعَ سَعَةِ عُلُوْمِهِ وَفَضَائِلِهِ دَيِّناً،
حَسنَ الأَخْلاَقِ، مُحبَّباً إِلَى النَّاسِ، وَافِرَ
الحُرْمَةِ، مُطَّرحاً لِلتَّكَلُّفِ، لَيْسَ لَهُ شغلٌ
إِلاَّ العِلْمُ وَنشرُهُ.
__________
(1) المبهج في القراآت السبعة لسبط الخياط.
(23/123)
شَرَحَ (الشَّاطبيَةَ) فِي مُجَلَّدَيْنِ،
وَ(الرَّائِيَةَ) فِي مُجَلَّدٍ، وَلَهُ كِتَابُ (جَمَالِ
القُرَّاءِ)، وَكِتَابُ (مُنِيْر الدّيَاجِي فِي
الآدَابِ)، وَبلغَ فِي التَّفْسِيْرِ إِلَى الكَهفِ،
وَذَلِكَ فِي أَرْبَعِ مُجَلَّدَاتٍ، وَشَرَحَ
(المُفَصّلَ) فِي أَرْبَعِ مُجَلَّدَاتٍ، وَلَهُ النّظمُ
وَالنَّثْرُ.
وَكَانَ يَترخّصُ فِي إِقْرَاءِ اثْنَيْنِ فَأَكْثَر كُلّ
وَاحِدٍ فِي سُوْرَةٍ، وَفِي هَذَا خِلاَفُ السُّنَّةِ،
لأَنَّنَا أُمرنَا بِالإِنصَاتِ إِلَى قَارِئٍ لِنَفْهَمَ
وَنعقلَ وَنَتَدَبَّرَ.
وَقَدْ وَفَدَ علَى السُّلْطَان صَلاَحِ الدِّيْنِ
بِظَاهِرِ عَكَّا فِي سَنَةِ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ زَمَنَ
المحَاصرَةِ، فَامْتَدَحَهُ بِقَصيدَةٍ طَوِيْلَةٍ،
وَاتَّفَقَ أَنَّهُ امْتَدَحَ أَيْضاً الرَّشِيْدَ
الفَارِقِيَّ، وَبَيْنَ المَمْدُوحَيْنِ فِي المَوْتِ
أَزْيَدُ مِنْ مائَةِ عَامٍ.
قَالَ الإِمَامُ أَبُو شَامَةَ (1) : وَفِي ثَانِي عشرَ
جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ
وَسِتِّ مائَةٍ، تُوُفِّيَ شَيْخُنَا عَلَمُ الدِّيْنِ
علاَمَةُ زَمَانِهِ وَشَيْخُ أَوَانِهِ بِمَنْزِلِهِ
بِالتُّرْبَةِ الصَّالِحيَّةِ، وَكَانَ عَلَى جِنَازَتِهِ
هَيبَةٌ وَجَلاَلَةٌ وَإِخبَاتٌ، وَمِنْهُ اسْتَفَدْتُ
عُلُوْماً جَمَّةً كَالقِرَاءات، وَالتَّفْسِيْرِ،
وَفُنُوْنِ العَرَبِيَّة.
قُلْتُ: كَانَ يُقْرِئُ بِالتُّرْبَةِ، وَلَهُ حَلْقَةٌ
بِالجَامِعِ.
95 - ابْنُ الخَازِنِ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدِ
بنِ المُوَفَّقِ النَّيْسَابُوْرِيُّ *
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ، الصَّالِحُ، المُسْنِدُ، أَبُو
بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدِ (2) ابنِ أَبِي البقَاءِ
__________
(1) ذيل الروضتين: 177.
(*) ذيل تاريخ مدينة السلام لابن الدبيثي 1 / 283 - 284
الترجمة 192، صلة التكملة لشرف الدين الحسيني الورقة 38 -
39، تاريخ الإسلام للذهبي (ايا صوفيا 3013) ج 20 الورقة
38، المختصر المحتاج إليه من تاريخ ابن الدبيثي للذهبي 1 /
52 - 53 الترجمة 102، العبر للذهبي: 5 / 179 وقد تصحف اسم
ابيه فيه إلى (سعد)، النجوم الزاهرة 6 / 355، شذرات الذهب:
5 / 226.
(2) في العبر: " سعد " وهو تصحيف.
(23/124)
المُوَفَّق بنِ عَلِيِّ ابْن الخَازنِ
النَّيْسَابُوْرِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ، الصُّوْفِيُّ.
وُلِدَ: فِي صَفَرٍ، سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ
مائَةٍ.
وَسَمِعَ: أَبَا زُرْعَةَ المَقْدِسِيَّ، وَأَبَا بَكْرٍ
أَحْمَدَ بنَ المُقَرَّبِ، وَشُهْدَةَ الكَاتِبَةَ،
وَأَبَا العَلاَءِ بنَ عَقِيْلٍ، وَجَمَاعَةً.
وَهُوَ مِنْ رُوَاةِ (مُسْنَدِ الشَّافِعِيِّ).
حَدَّثَ عَنْهُ: مَجْدُ الدِّيْنِ ابْنُ العَدِيْمِ،
وَعِزُّ الدِّيْنِ الفَارُوْثِيُّ، وَعَلاَءُ الدِّيْنِ
ابْنُ بَلْبَانَ، وَتَقِيُّ الدِّيْنِ ابْنُ الوَاسِطِيِّ،
وَابْنُ الزَّينِ، وَمُحيي الدِّيْنِ بنُ النَّحَّاسِ،
وَابْنُ عَمِّهِ بَهَاءُ الدِّيْنِ أَيُّوْب، وَجَمَالُ
الدِّيْنِ الشَّرِيْشِيُّ، وَتَاجُ الدِّيْنِ
الغَرَّافِيُّ.
وَمِنَ القُدَمَاءِ: ابْنُ الدُّبَيْثِيِّ، وَابْنُ
النَّجَّارِ، وَآخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْهُ: بِيْبَرْسُ
العَدِيْمِيُّ.
وَكَانَ شَيْخاً صَيِّناً، مُتَدَيِّناً، مُسَمَّتاً، مِنْ
جِلَّةِ الصُّوْفِيَّةِ.
وَقَدْ رَوَى عَنْهُ بِالإِجَازَةِ: المُطَعِّمُ، وَابْنُ
سَعْدٍ، وَابْنُ الشِّيْرَازِيِّ، وَالبَهَاءُ ابْنُ
عَسَاكِرَ، وَسِتُّ الفُقَهَاءِ بِنْتُ الوَاسِطِيِّ،
وَهَديَّةُ بِنْتُ مُؤْمِنٍ، وَآخَرُوْنَ.
تُوُفِّيَ: فِي السَّابِعِ وَالعِشْرِيْنَ مِنْ ذِي
الحِجَّةِ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ،
بِبَغْدَادَ.
96 - ابْنُ أَبِي الدَّمِ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ
بنِ عَبْدِ المُنْعِمِ الهَمْدَانِيُّ *
العَلاَّمَةُ، شِهَابُ الدِّيْنِ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ
اللهِ بنِ عَبْدِ المُنْعِمِ بنِ عَلِيِّ بنِ أَبِي
الدَّمِ الهَمْدَانِيُّ، الحَمَوِيُّ، الشَّافِعِيُّ.
__________
(*) كتب الدكتور محيي هلال السرحان دراسة موسعة عن ابن أبي
الدم في الجزء الأول من رسالته التي قدمها إلى كلية
الشريعة والقانون بجامعة الأزهر لنيل شهادة الدكتوراه سنة
1982 بعنوان (أدب القضاء) لابن أبي الدم ونالت مرتبة الشرف
الأولى، وهي الآن تحت الطبع ضمن سلسلة احياء التراث
الإسلامي التي تصدرها وزارة الاوقاف والشؤون الدينية في
الجمهورية العراقية، وفي مفتتحها قائمة بالمصادر القديمة
والحديثة التي ترجمت له.
(23/125)
سَمِعَ: أَبَا أَحْمَدَ بنَ سُكَيْنَةَ.
وَحَدَّثَ بِمِصْرَ وَدِمَشْقَ وَحَمَاةَ بِـ (جُزءِ
الغِطْرِيْفِ)، حَدَّثَنَا عَنْهُ الشِّهَابُ
الدَّشْتِيُّ، وَوَلِيَ القَضَاءَ بِحَمَاةَ، وَترسَّلَ
عَنْ مَلِكِهَا، وَصَنَّفَ (أَدبَ القُضَاةِ) وَ(مُشْكِلَ
الوَسِيْطِ) وَجَمَعَ (تَارِيخاً)، وَأَلَّفَ فِي الفِرَقِ
الإِسلاَمِيَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَلَهُ نَظْمٌ جَيِّدٌ،
وَفَضَائِلُ وَشُهْرَةٌ.
تُوُفِّيَ: فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ
وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَلَهُ سِتُّوْنَ سَنَةً
سِوَى أَشْهُرٍ -رَحِمَهُ اللهُ-.
97 - الضِّيَاءُ المَقْدِسِيُّ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ
الوَاحِدِ بنِ أَحْمَدَ
ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ
مَنْصُوْرٍ، الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الحَافِظُ، القُدْوَةُ،
المُحَقِّقُ، المُجَوِّدُ، الحُجَّةُ، بَقِيَّةُ
السَّلَفِ، ضِيَاءُ الدِّيْنِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ
السَّعْدِيُّ، المَقْدِسِيُّ، الجَمَّاعِيْلِيُّ، ثُمَّ
الدِّمَشْقِيُّ، الصَّالِحيُّ، الحَنْبَلِيُّ، صَاحِبُ
التَّصَانِيْفِ وَالرِّحْلَةِ الوَاسِعَةِ.
وُلِدَ: سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ،
بِالدَّيْرِ المُبَارَكِ، بقَاسِيُوْنَ ،
__________
(*) ذيل الروضتين لأبي شامة 177، صلة التكملة لشرف الدين
الحسيني الورقة 33، تذكرة الحفاظ 4 / 1405 - 1406 الترجمة
1129، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة
39 - 41، دول الإسلام: 2 / 112 - 113، العبر للذهبي ايضا:
5 / 179، الوافي بالوفيات: 4 / 65 - 66، الترجمة 1515،
فوات الوفيات لابن شاكر: 3 / 426 - 427، الترجمة 477،
البداية والنهاية: 13 / 169 - 170، ذيل طبقات الحنابلة
لابن رجب: 2 / 236 - 240 الترجمة 345، النجوم الزاهرة: 6 /
354، شذرات الذهب: 5 / 224.
واعلم أن الذهبي لم يذكر هنا وفاته وقد قيدها في تاريخ
الإسلام بأنها كانت يوم الاثنين الثامن والعشرين من جمادى
الآخرة سنة ثلاث واربعين وست مئة وهو الموافق لما ذكره
الحسيني في صلة التكملة والصفدي في الوافي بالوفيات، وهو
الصواب، وقد تصحفت (ثامن عشرين) إلى ثامن عشر في ذيل طبقات
الحنابلة لابن رجب، وقد وردت وفاته في العبر في السادس
والعشرين من جمادى الآخرة، فليلاحظ ذلك.
(23/126)
وَأَجَازَ لَهُ الحَافِظُ السِّلَفِيُّ،
وَشُهْدَةُ الكَاتِبَةُ، وَعَبْدُ الحَقِّ اليُوْسُفِيُّ،
وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَسَمِعَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ وَبَعْدَهَا مِنْ:
أَبِي المَعَالِي بنِ صَابرٍ، وَالخَضِرِ بنِ طَاوُوْسٍ،
وَالفَضْلِ بنِ البَانْيَاسِيِّ، وَعُمَرَ بنِ
حَمُّوَيْهِ، وَيَحْيَى الثَّقَفِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ
عَلِيِّ بنِ حَمْزَةَ بنِ المَوَازِيْنِيِّ، وَمُحَمَّدِ
بنِ حَمْزَةَ بنِ أَبِي الصَّقْرِ، وَابْنِ صَدَقَةَ
الحَرَّانِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَلِيٍّ
الخِرَقِيِّ، وَإِسْمَاعِيْلَ الجَنْزَوِيِّ، وَبَرَكَاتٍ
الخُشُوْعِيِّ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ بِدِمَشْقَ، وَأَبِي
القَاسِمِ البُوْصِيْرِيِّ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ
يَاسِيْنَ، وَعِدَّةٍ بِمِصْرَ، وَأَبِي جَعْفَرٍ
الصَّيْدَلاَنِيِّ، وَالقَاسِمِ بنِ أَبِي المُطَهَّرِ
الصَّيْدَلاَنِيِّ، وَعَفِيفَةَ الفَارفَانِيَةِ، وَخَلَفِ
بنِ أَحْمَدَ الفَرَّاءِ، وَأَسَعْدَ بنِ سَعِيْدِ بنِ
رَوْحٍ، وَزَاهِرِ بنِ أَحْمَدَ الثَّقَفِيِّ،
وَالمُؤَيَّدِ بنِ الإِخْوَةِ، وَخَلْقٍ بِأَصْبَهَانَ،
وَالمُؤَيَّدِ الطُّوْسِيِّ، وَزَيْنَبَ الشَّعْرِيَّةِ،
وَعِدَّةٍ بِنَيْسَابُوْرَ، وَأَبِي رَوْحٍ عَبْدِ
المُعِزِّ بنِ مُحَمَّدٍ، وَطَائِفَةٍ بِهَرَاةَ، وَأَبِي
المُظَفَّرِ ابْن السَّمْعَانِيِّ، وَجَمَاعَةٍ بِمَرْوَ،
وَالافتِخَارِ الهَاشِمِيِّ بِحَلَبَ، وَعَبْدِ القَادِرِ
الرُّهَاوِيِّ، وَغَيْرِهِ بِحَرَّانَ، وَعَلِيِّ بنِ
هَبَلٍ بِالمَوْصِلِ، وَبِهَمَذَانَ، وَغَيْرِ ذَلِكَ.
وَبَقِيَ فِي الرِّحْلَةِ المَشْرِقيَةِ مُدَّةَ سِنِيْنَ.
نَعَمْ، وَسَمِعَ بِبَغْدَادَ مِنَ: المُبَارَكِ بنِ
المَعْطُوْشِ، وَأَبِي الفَرَجِ ابْنِ الجَوْزِيِّ،
وَابْنِ أَبِي المَجْدِ الحَرْبِيِّ، وَأَبِي أَحْمَدَ بنِ
سُكَيْنَةَ، وَالحُسَيْنِ بنِ أَبِي حَنِيْفَةَ،
وَالحَسَنِ بنِ أُشْنَانَةَ الفَرْغَانِيِّ، وَخَلْقٍ
كَثِيْرٍ بِبَغْدَادَ، وَتَخرَّجَ بِالحَافِظِ عَبْدِ
الغَنِيِّ، وَبَرَعَ فِي هَذَا الشَّأْنِ، وَكَتَبَ عَنْ
أَقرَانِهِ، وَمَنْ هُوَ دُوْنَهُ كَخَطِيْبِ مَرْدَا،
وَالزَّيْنِ بنِ عَبْدِ الدَّائِمِ، وَحَصَّلَ الأُصُوْلَ
الكَثِيْرَةَ وَجَرَّحَ وَعَدَّلَ، وَصَحَّحَ وَعَلَّلَ،
وَقَيَّدَ وَأَهْمَلَ، مَعَ الدِّيَانَةِ وَالأَمَانَةِ
وَالتَّقْوَى،
(23/127)
وَالصِّيَانَةِ وَالوَرَعِ وَالتَّوَاضُعِ،
وَالصِّدْقِ وَالإِخْلاَصِ وَصِحَةِ النَّقْلِ.
وَمِنْ تَصَانِيفِهِ المَشْهُوْرَةِ كِتَابُ (فَضَائِل
الأَعْمَالِ) مُجَلَّدٌ، كِتَابُ (الأَحكَامِ) وَلَمْ
يَتِمَّ فِي ثَلاَثِ مُجَلَّدَاتٍ، (الأَحَادِيْثُ
المُخْتَارَةُ) وَعَمِلَ نِصْفَهَا فِي سِتِّ
مُجَلَّدَاتٍ، (المُوَافقَاتُ) فِي نَحْوٍ مِنْ سِتِّيْنَ
جُزْءاً، (مَنَاقِبُ المُحَدِّثِيْنَ) ثَلاَثَةُ
أَجْزَاءٍ، (فَضَائِلُ الشَّامِ) جُزآنِ، (صِفَةُ
الجَنَّةِ) ثَلاَثَةُ أَجْزَاءٍ، (صِفَةُ النَّارِ)
جُزآنِ، (سِيْرَةُ المَقَادِسَةِ) مُجَلَّدٌ كَبِيْرٌ،
(فَضَائِلُ القُرْآنِ) جُزءٌ، (ذِكْرُ الحَوْضِ) جزءٌ،
(النَّهْي عَنْ سَبِّ الأَصْحَابِ) جُزءٌ، (سِيْرَةُ
شَيْخَيْهِ الحَافِظُ عَبْدُ الغَنِيِّ وَالشَّيْخُ
المُوَفَّقُ) أَرْبَعَةُ أَجزَاءٍ، (قِتَالُ التُّركِ)
جُزءٌ، (فَضْلُ العِلْمِ) جزءٌ.
وَلَمْ يَزَلْ مُلاَزِماً لِلْعِلْمِ وَالرِّوَايَةِ
وَالتَّأْلِيْفِ إِلَى أَنْ مَاتَ، وَتَصَانِيْفُهُ
نَافِعَةٌ مُهَذَّبَةٌ.
أَنشَأَ مَدْرَسَةً إِلَى جَانِبِ الجَامِعِ
المُظَفَّرِيِّ، وَكَانَ يَبنِي فِيْهَا بِيَدِهِ
وَيَتَقَنَّعُ بِاليَسِيرِ، وَيَجْتَهِدُ فِي فِعْلِ
الخَيْرِ وَنَشْرِ السُّنَّةِ، وَفِيْهِ تَعَبُّدٌ
وَانْجِمَاعٌ عَنِ النَّاسِ، وَكَانَ كَثِيْرَ البِرِّ
وَالموَاسَاةِ، دَائِمَ التَّهَجُّدِ، أَمَّاراً
بِالمَعْرُوفِ، بَهِيَّ المَنْظَرِ، مَلِيْحَ الشَيْبَةِ،
مُحَبَّباً إِلَى المُوَافِقِ وَالمُخَالفِ، مُشْتَغِلاً
بِنَفْسِهِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-.
قَالَ عُمَرُ بنُ الحَاجِبِ فِيمَا قَرَأْتُ بِخَطِّهِ:
سَأَلتُ زَكِيَّ الدِّيْنِ البِرْزَالِيَّ عَنْ شَيْخِنَا
الضِّيَاءِ، فَقَالَ: حَافِظٌ ثِقَةٌ، جَبَلٌ دَيِّنٌ،
خَيِّرٌ.
وَقَرَأْتُ بِخَطِّ إِسْمَاعِيْلَ المُؤَدِّبِ: أَنَّهُ
سَمِعَ الشَّيْخَ عِزَّ الدِّيْنِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ
العِزِّ يَقُوْلُ: مَا جَاءَ بَعْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ
مِثْلُ شَيْخِنَا الضِّيَاءِ، أَوْ كَمَا قَالَ.
وَقَالَ الحَافِظُ شَرَفُ الدِّيْنِ يُوْسُفُ بنُ بَدْرٍ:
رَحِمَ اللهُ شَيْخَنَا ابْنَ عَبْدِ الوَاحِدِ، كَانَ
عَظِيْمَ الشَّأْنِ فِي الحِفْظِ وَمَعْرِفَةِ الرِّجَالِ،
هُوَ كَانَ المُشَارَ إِلَيْهِ
(23/128)
فِي عِلْمِ صَحِيْحِ الحَدِيْثِ
وَسَقِيْمِهِ، مَا رَأَتْ عَيْنِي مِثْلَهُ.
وَقَالَ عُمَرُ بنُ الحَاجِبِ: شَيْخُنَا الضِّيَاءُ
شَيْخُ وَقتِهِ، وَنَسِيجُ وَحْدِهِ عِلْماً وَحِفْظاً
وَثِقَةً وَدِيْناً، مِنَ العُلَمَاءِ الرَّبَّانِيِّينَ،
وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْ أَنْ يَدلَّ عَلَيْهِ مِثْلِي.
قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ خَلْقٌ كَثِيْرٌ، مِنْهُم: ابْنُ
نُقْطَةٍ، وَابْنُ النَّجَّارِ، وَسَيْفُ الدِّيْنِ ابْنُ
المجدِ، وَابْنُ الأَزْهَرِ الصَّرِيْفِيْنِيُّ، وَزَكِيُّ
الدِّيْنِ البِرْزَالِيُّ، وَمَجْدُ الدِّيْنِ ابْنُ
الحُلوَانِيَّةِ، وَشَرَفُ الدِّيْنِ ابْنُ النَّابلسِيِّ،
وَابْنَا أَخَوَيْهِ الشَّيْخُ فَخْرُ الدِّيْنِ عَلِيُّ
بنُ البُخَارِيِّ، وَالشَّيْخُ شَمْسُ الدِّيْنِ مُحَمَّدُ
بنُ الكَمَالِ عَبْدُ الرَّحِيْمِ، وَالحَافِظُ أَبُو
العَبَّاسِ ابْنُ الظَّاهِرِيِّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ
مُحَمَّدُ بنُ حَازِمٍ، وَالعزُّ بنُ الفَرَّاءِ، وَأَبُو
جَعْفَرٍ ابْنُ المَوَازِيْنِيِّ، وَنَجْمُ الدِّيْنِ
مُوْسَى الشَّقْرَاوِيُّ، وَالقَاضِي تَقِيُّ الدِّيْنِ
سُلَيْمَانُ بنُ حَمْزَةَ، وَأَخوَاهُ مُحَمَّدٌ
وَدَاوُدُ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ
الخَبَّازِ، وَعُثْمَانُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الحِمْصِيُّ،
وَسَالِمُ بنُ أَبِي الهيجَاءِ القَاضِي، وَمُحَمَّدُ بنُ
خَطِيْبِ بَيْتِ الأَبَّارِ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ
الخَلاَّلِ، وَعَلِيُّ بنُ بَقَاءٍ المُلَقِّنُ، وَأَبُو
حَفْصٍ عُمَرُ بنُ جَعْوَانَ، وَعِيْسَى بنُ مَعَالِي
السِّمْسَارُ، وَعِيْسَى بنُ أَبِي مُحَمَّدٍ العَطَّارُ،
وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي الطَّاهِرِ المَقْدِسِيُّ،
وَزَيْنَبُ بِنْتُ عَبْدِ اللهِ ابْنِ الرَّضِيِّ،
وَعِدَّةٌ.
قَالَ الحَافِظُ مُحِبُ الدِّيْنِ ابْنُ النَّجَّارِ فِي
(تَارِيْخِهِ): كَتَبَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بِخَطِّهِ،
وَحَصَّلَ الأُصُوْلَ، وَسَمِعنَا مِنْهُ وَبِقِرَاءتِهِ
كَثِيْراً، ثُمَّ إِنَّهُ سَافَرَ إِلَى أَصْبَهَانَ،
فَسَمِعَ بِهَا مِنْ أَبِي جَعْفَرٍ الصَّيْدَلاَنِيِّ،
وَمِنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ فَاطِمَةَ
الجُوْزْدَانِيَّةَ.
إِلَى أَنْ قَالَ: وَأَقَامَ بِهَرَاةَ وَمَرْوَ مُدَّةً،
وَكَتَبَ الكُتُبَ الكِبَارَ بِخَطِّهِ، وَحَصَّلَ
النُّسَخَ بِبَعْضِهَا بِهِمَّةٍ عَالِيَةٍ، وَجِدٍّ
وَاجْتِهَادٍ، وَتَحْقِيْقٍ وَإِتْقَانٍ، كَتَبْتُ عَنْهُ
بِبَغْدَادَ وَنَيْسَابُوْرَ وَدِمَشْقَ، وَهُوَ حَافِظٌ
مُتْقِنٌ ثَبْتٌ صَدُوْقٌ نبيلٌ حجَّةٌ، عَالِمٌ
(23/129)
بِالحَدِيْثِ وَأَحْوَالِ الرِّجَالِ، لَهُ
مَجموعَاتٌ وَتَخرِيجَاتٌ، وَهوَ وَرِعٌ تَقِيٌ زَاهِدٌ
عَابِدٌ مُحتَاطٌ فِي أَكلِ الحَلاَلِ، مُجَاهِدٌ فِي
سَبِيْلِ اللهِ، وَلَعَمرِي مَا رَأَتْ عَيْنَايَ مِثْلَهُ
فِي نَزَاهَتِهِ وَعِفَّتِهِ وَحُسْنِ طَرِيْقَتِهِ فِي
طَلَبِ العِلْمِ.
ثُمَّ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ
بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ
الصَّيْدَلاَنِيُّ، أَخْبَرْنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ
-يَعْنِي حُضُوْراً- أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ
الحَافِظُ، حَدَّثَنَا ابْنُ خَلاَّدٍ، حَدَّثَنَا
الحَارِثُ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ
هَارُوْنَ، حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيْلُ، عَنْ أَنَسٍ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
سَقَطَ عَنْ فَرَسِهِ، فَجُحِشَ شَقُّهُ أَوْ فَخذُهُ،
وَآلَى مِنْ نسَائِهِ شَهْراً، فَجَلَسَ فِي مَشْرُبَةٍ
لَهُ دَرَجُهَا مِنْ جُذُوْعٍ، فَأَتَاهُ أَصْحَابهُ
يَعُوْدُوْنَهُ، فَصَلَّى بِهِم جَالِساً وَهُم قِيَامٌ،
فَلَمَّا سَلَّمَ، قَالَ: (إِنَّمَا جُعَلَ الإِمَامُ
لِيُؤتَمَّ بِهِ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا
رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا، وَإِذَا
صَلَّى قَائِماً فَصَلُّوا قيَاماً، وَإِن صَلَّى قَاعِداً
فَصلُّوا قُعُوْدَا، وَنَزَلَ التِّسْعَ وَعِشْرِيْنَ.
قَالُوا: يَا رَسُوْلَ اللهِ، إِنَّكَ آليْتَ شَهْراً.
قَالَ: إِنَّ الشَهْرَ تِسْعٌ وَعِشْرُوْنَ (1) .
أَخْبَرَنِي بِهَذَا القَاضِي تَقِيُّ الدِّيْنِ
سُلَيْمَانُ بنُ حَمْزَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا شَيْخنَا
الحَافِظُ ضِيَاءُ الدِّيْنِ مُحَمَّدٌ، فَذَكَرَهُ.
__________
(1) قال شعيب: أخرجه البخاري (378) في الصلاة: باب الصلاة
في السطوح والمنبر والخشب من طريق محمد بن عبد الرحيم، عن
يزيد بن هارون بهذا الإسناد، وأخرجه من طرق عن حميد بن
البخاري (1911) و(5201) و(5289) و(6684) والنسائي 6 / 66)،
والترمذي (690) وأخرجه من طرق عن ابن شهاب الزهري، عن أنس
بن مالك 1 / 135 والبخاري (689) و(732) و(733) و(805)
و(1114)، ومسلم (411) في الصلاة: باب أئتمام المأموم
بالامام، والشافعي في الرسالة (696).
(23/130)
98 - ابْنُ النَّجَّارِ مُحَمَّدُ بنُ
مَحْمُوْدِ بنِ حَسَنٍ البَغْدَادِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، البَارِعُ، مُحَدِّثُ العِرَاقِ،
مُؤرِّخُ العَصرِ، مُحِبُّ الدِّيْنِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ
مُحَمَّدُ بنُ مَحْمُوْدِ بنِ حَسَنِ بنِ هِبَةِ اللهِ بنِ
مَحَاسِنَ البَغْدَادِيُّ، ابْنُ النَّجَّارِ.
مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِ
مائَةٍ.
أَوَّلُ سَمَاعِهِ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ
وَهُوَ قَلِيْلٌ، وَأَوَّلُ دُخُوْلِهِ فِي الطَّلَبِ
وَهُوَ حَدَثٌ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ؛ فَسَمِعَ مِنْ
أَبِي الفَرَجِ عَبْدِ المُنْعِمِ بنِ كُلَيْبٍ، وَيَحْيَى
بنِ بَوْشٍ، وَذَاكِرِ بنِ كَامِلٍ، وَالمُبَارَكِ بنِ
المَعْطُوشِ، وَأَبِي الفَرَجِ ابْنِ الجَوْزِيِّ،
وَأَصْحَابِ ابْنِ الحُصَيْنِ، وَقَاضِي المَرَسْتَانِ،
ثُمَّ أَصْحَابِ ابْنِ نَاصِرٍ، وَأَبِي الوَقْتِ، ثُمَّ
يَنْزِلُ إِلَى أَصْحَابِ ابْنِ البَطِّيِّ، وَشُهْدَةَ.
وَتَلاَ بِالعَشْرَةِ وَغَيْرهَا عَلَى: أَبِي أَحْمَدَ
عَبْدِ الوَهَّابِ ابْنِ سُكَيْنَةَ، وَجَمَاعَةٍ.
وَارْتَحَلَ إِلَى أَصْبَهَانَ، فَسَمِعَ بِهَا مِنْ عَينِ
الشَّمْسِ الثَّقَفِيَّةِ، وَالمَوْجُوْدين، وَإِلَى
هَرَاةَ، فَسَمِعَ مِنْ أَبِي رَوْحٍ عَبْدِ المُعِزِّ بنِ
مُحَمَّدٍ، وَإِلَى
__________
(*) معجم الأدباء لياقوت (دار المأمون) 19 / 49 - 51
الترجمة 13، عقود الجمان في شعراء هذا الزمان لابن الشعار
الموصلي (اسعد افندي 2327) ج 6 الورقة 217 ب صلة التكملة
للحسيني الورقة 35، الحوادث الجامعة المنسوب لابن الفوطي
205 الترجمة 707، تاريخ الإسلام للحافظ الذهبي (أيا صوفيا
3013) ج 20 الورقة 42 - 43، تذكرة الحفاظ 4 / 1428 - 1429،
الترجمة 1140، العبر للذهبي: 5 / 180، دول الإسلام للذهبي:
2 / 113، المختصر المحتاج إليه من تاريخ ابن الدبيثي
للحافظ الذهبي: 1 / 137 الترجمة 268، الوافي بالوفيات 5 /
9 - 11 الترجمة 1963، فوات الوفيات، 4 / 36 - 37 الترجمة
494، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي: 8 / 98 - 99، الترجمة
1093، طبقات الشافعية للاسنوي: 2 / 502 - 503 الترجمة
1199، البداية والنهاية 13 / 169، العسجد المسبوك 539 -
540، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة (نسخة باريس 2102)
الورقة 69 النجوم الزاهرة 6 / 355 وفيها تصحف لقبه محب
الدين إلى مجد الدين، معجم الشافعية لابن عبد الهادي
الورقة 58، طبقات الحفاظ للسيوطي: 499 الترجمة 1108، شذرات
الذهب: 5 / 226.
(23/131)
نَيْسَابُوْر؛ فَسَمِعَ مِنَ المُؤَيَّدِ
الطُّوْسِيّ، وَزَيْنَبَ بِنْتِ الشَّعْرِيِّ، وَبِمِصْرَ
مِنَ الحَافِظِ عَلِيّ بن المُفَضَّلِ، وَخَلْقٍ،
وَبِدِمَشْقَ مِنْ أَبِي اليُمْنِ الكِنْدِيِّ، وَابْنِ
الحَرَسْتَانِيِّ.
قَالَ فِي أَوَّلِ (تَارِيْخِهِ (1)): كُنْتُ وَأَنَا
صَبِيٌّ عزمتُ عَلَى تَذيِيلِ (الذَّيلِ) لابْنِ
السَّمْعَانِيّ، فَجمعتُ فِي ذَلِكَ مسودَةً، وَرحلتُ
وَأَنَا ابْنُ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ سَنَةً، فَدَخَلتُ
الحِجَازَ وَالشَّامَ وَمِصْرَ وَالثَّغْرَ وَبلاَدَ
الجَزِيْرَةِ وَالعِرَاقَ وَالجِبَالَ وَخُرَاسَانَ،
وَقَرَأْتُ الكُتُبَ المطوّلاَتِ، وَرَأَيْتُ الحُفَّاظَ،
وَكُنْتُ كَثِيْرَ التَّتَبُّعِ لأَخْبَارِ فُضَلاَءِ
بَغْدَادَ وَمَنْ دَخَلَهَا.
قُلْتُ: سَادَ فِي هَذَا العِلْمِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو حَامِدٍ ابْنُ الصَّابُوْنِيّ،
وَأَبُو العَبَّاسِ الفَارُوْثِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ
الشَّرِيْشِيّ، وَالغَرَّافِيّ، وَابْنُ بَلْبَانَ
النَّاصِرِيُّ، وَالفَتْحُ مُحَمَّدٌ القَزَّازُ،
وَآخَرُوْنَ.
وَبِالإِجَازَةِ جَمَاعَةٌ.
وَاشتهَرَ، وَكَتَبَ عَمَّنْ دَبَّ وَدَرَجَ مِنْ عَالٍ
وَنَازلٍ، وَمَرْفُوْعٍ وَأَثرٍ، وَنَظْمٍ وَنثْرٍ،
وَبَرَعَ وَتَقَدَّمَ، وَصَارَ المُشَارَ إِلَيْهِ
بِبَلَدِهِ، وَرَحَلَ ثَانِياً إِلَى أَصْبَهَانَ فِي
حُدُوْدِ العِشْرِيْنَ، وَحَجَّ وَجَاوَرَ، وَعَمِلَ
(تَارِيْخاً) حَافلاً لِبَغْدَادَ ذَيَّل بِهِ وَاسْتدركَ
عَلَى الخَطِيْبِ، وَهُوَ فِي مائَتَيْ جُزءٍ، يُنْبِئ
بِحِفظِهِ وَمَعْرِفَتِهِ، وَكَانَ مَعَ حِفْظِهِ فِيْهِ
دِيْنٌ وَصِيَانَةٌ وَنُسُكٌ.
__________
(1) هو " التاريخ المجدد لمدينة السلام وأخبار فضلائها
الاعلام ومن وردها من علماء الانام " الذي ذيل به على
الخطيب، وضاع أكثره، ولم يصل الينا غير مجلدتين فيهما قسم
من حرف العين وبعض الفاء، وهما العاشر والحادي عشر، من
نسخة نقدر انها من خمسة عشر مجلدا، والعاشر في الظاهرية،
والحادي عشر في باريس، وبوشر بطبعه في الهند طبعة رديئة !
(23/132)
قَالَ ابْنُ السَّاعِيِّ: اشتَمَلَتْ
مَشْيَخَتُهُ عَلَى ثَلاَثَةِ آلاَفِ (1) شَيْخٍ وَأَرْبَع
مائَةِ امْرَأَةٍ.
عَرَضُوا عَلَيْهِ السَّكْنَى فِي رِبَاطِ شَيْخِ
الشُّيُوْخِ فَأَبَى، وَقَالَ: مَعِي ثَلاَثُ مائَةِ
دِيْنَارٍ فَلاَ يَحلّ لِي أَنْ أَرتفقَ مِنْ وَقْفٍ،
فَلَمَّا فُتِحت المُسْتَنْصِرِيَّةُ، كَانَ قَدِ افْتقر
فَجُعِلَ مُشغلاً (2) بِهَا فِي علم الحَدِيْث.
أَلَّفَ كِتَابَ (القَمَرِ المُنِيْرِ فِي المُسْنَدِ
الكَبِيْرِ)، فَذَكَر كُلّ صَحَابِيٍّ وَمَا لَهُ مِنَ
الحَدِيْثِ، وَكِتَابَ (كَنْزِ الإِمَام فِي السُّنَن
وَالأَحكَام)، وَكِتَابَ (المُؤتلفِ وَالمُخْتَلِف) ذَيَّل
بِهِ عَلَى الأَمِيْرِ ابْن مَاكُوْلاَ، وَكِتَابَ
(الْمُتَّفق وَالمفترق)، وَكِتَابَ (انتسَاب (3)
المُحَدِّثِيْنَ إِلَى الآبَاء وَالبُلْدَان)، وَكِتَابَ
عَوَالِيهِ، وَكِتَابَ (جَنَّةِ النَّاظرِيْنَ فِي
مَعْرِفَةِ التَّابِعِيْنَ)، وَكِتَابَ (العَقدِ
الفَائِقِ)، وَكِتَابَ (الكَمَالِ فِي الرِّجَالِ).
وَقَرَأْتُ عَلَيْهِ (ذَيلَ التَّارِيْخِ)، وَلَهُ كِتَابُ
(الدُّرَرِ الثَّمِينَةِ فِي أَخْبَارِ المَدِيْنَةِ)،
وَكِتَابُ (رَوْضَةِ الأَوْلِيَاءِ فِي مَسْجِدِ
إِيليَاءَ)، وَكِتَابُ (نُزهَةِ القِرَى فِي ذكر أُمِّ
القُرَى)، وَكِتَابُ (الأَزهَارِ فِي أَنْوَاع الأَشعَار)،
وَكِتَابُ (عُيونِ الفَوَائِدِ) سِتَّةُ أَسفَارٍ،
وَكِتَابُ (مَنَاقِبِ الشَّافِعِيِّ)، وَغَيْرُ ذَلِكَ،
وَأَوْصَى إِلَيَّ، وَوَقَفَ كُتُبَهُ بِالنِّظَامِيَةِ،
فَنفذ إِلَيَّ الشَّرَابِيُّ (4) مائَةَ دِيْنَارٍ
لِتجهِيزِ جِنَازَتِهِ.
وَرثَاهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الشُّعَرَاءِ، وَكَانَ مِنْ
مَحَاسِنِ الدُّنْيَا.
تُوُفِّيَ: فِي خَامِسِ شَعْبَانَ، سَنَةَ ثَلاَثٍ
وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ فِي تَرْجَمَة ابْنِ دِحْيَةَ:
لَمَّا دَخَلتُ مِصْرَ طَلَبَنِي
__________
(1) في الأصل: ثلاثة ألف، ومما اثبتناه في " تاريخ الإسلام
" نقلا عن ابن الساعي، والنسخة بخطه.
(2) الاشغال: الرواية، والاشتغال: طلب العلم.
(3) في " تاريخ الإسلام " نقلا عن ابن الساعي: نسب.
(4) هو إقبال الشرابي القائد العسكري المشهور وصاحب
المدارس الشرابية، ولاستاذنا العلامة الدكتور معروف - رحمه
الله - كتاب في حياته، وآخر في مدارسه، مطبوعان مشهوران.
(23/133)
السُّلْطَانُ -يَعْنِي الكَامِلَ-
فَحَضَرتُ عِنْدَهُ، وَكَانَ يَسْأَلنِي عَنْ أَشيَاء مِنَ
الحَدِيْثِ وَأَيَّامِ النَّاسِ، وَأَمرنِي بِمُلاَزِمَةِ
القَلْعَةِ، فَكُنْت أَحضرُ فِيْهَا كُلَّ يَوْمٍ.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ العَلَوِيُّ،
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مَحْمُوْدٍ الحَافِظُ،
أَخْبَرَنَا عَبْدُ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا
يُوْسُفُ بنُ أَيُّوْبَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ
الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ
الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا حَبِيْبُ بنُ الحَسَنِ،
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَيُّوْبَ، أَخْبَرَنَا
أَبُو نَصْرٍ التَّمَّارُ، أَخْبَرَنَا حَمَّادٌ، عَنْ
عَلِيِّ بنِ الحَكَمِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-: (مَنْ كَتَمَ عِلْماً عَلِمَه، أَلْجَمَهُ
اللهُ -تَعَالَى- بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ (1)).
وَأَخْبَرْنَاهُ عَالِياً أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، عَنْ
عَبْدِ المُعِزِّ بنِ مُحَمَّدٍ.
وَفِي (تَارِيخِ ابْن النَّجَّارِ) أَنَّ وَالِدَهُ مَاتَ
فِي سَنَةِ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَلَهُ
ثَمَانٍ وَأَرْبَعُوْنَ سَنَةً، وَكَانَ مُقَدَّمَ
النّجَارِيْنَ بِدَارِ الخِلاَفَةِ، وَكَانَ مِنَ
العوَامِّ.
99 - أَبُو الرَّبِيْعِ بنُ سَالِمٍ سُلَيْمَانُ بنُ
مُوْسَى بنِ سَالِمٍ الحِمْيَرِيُّ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، الحَافِظُ، المُجَوِّدُ،
الأَدِيْبُ البَلِيْغُ، شَيْخُ الحَدِيْثِ وَالبَلاغَةِ
__________
(1) قال شعيب: هو حديث صحيح، أخرجه من طريق أبي هريرة أحمد
2 / 263 و305 و344 و353 و495، وأبو داود (3658) والترمذي
(2649)، والطبراني في " الصغير " 1 / 61 و114 و162،
والخطيب 2 / 268، وحسنه الترمذي بلفظ " من سئل عن علم
فكتمه ألجمه بلجام من نار يوم القيامة "، وصححه ابن حبان
(95) بلفظ " من كتم علما يلجم بلجام من نار يوم القيامة "
ورواه ابن ماجة (261) ولفظه " ما من رجل يحفظ علما فيكتمه
إلا أتي به يوم القيامة ملجما بلجام من نار "، وله شاهد من
حديث عبد الله بن عمرو عند الخطيب 5 / 39، وصححه ابن حبان
(96)، والحاكم 1 / 102، ووافق الأخير الذهبي.
(*) التكملة لوفيات النقلة للحافظ المنذري ج 3 الترجمة
2770، التكملة لكتاب الصلة =
(23/134)
بِالأَنْدَلُسِ، أَبُو الرَّبِيْعِ
سُلَيْمَانُ بنُ مُوْسَى بنِ سَالِمِ بن حَسَّانٍ
الحِمْيَرِيُّ، الكَلاَعِيُّ، البَلَنْسِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَكَانَ مِنْ كِبَارِ أَئِمَّةِ الحَدِيْثِ.
ذكرَهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ ابْنً الأَبَّارِ فِي
(تَارِيْخِهِ (1)) فَقَالَ:
سَمِعَ بِبَلَنْسِيَةَ مِنْ أَبِي العَطَاءِ بنِ نَذيْرٍ،
وَأَبِي الحَجَّاجِ بنِ أَيُّوْبَ، وَارْتَحَلَ فَسَمِعَ:
أَبَا بَكْرِ بنَ الجَدِّ، وَأَبَا القَاسِمِ بنَ حُبَيْش،
وَأَبَا عَبْدِ اللهِ بنِ زَرْقُوْنَ، وَأَبَا مُحَمَّدٍ
بنَ بُوْنُهْ، وَأَبَا الوَلِيْدِ بنَ رُشْدٍ، وَأَبَا
مُحَمَّدٍ بنَ الفَرَسِ، وَأَبَا عَبْدِ اللهِ بنِ
عَرُوسٍ، وَأَبَا مُحَمَّدٍ بنَ جَهورٍ، وَأَبَا الحَسَنِ
نَجبَة بن يَحْيَى، وَخَلْقاً (2) سِوَاهُم.
وَأَجَاز لَهُ أَبُو العَبَّاسِ بنُ مضَاء، وَأَبُو
مُحَمَّدٍ عَبْدُ الحَقِّ الأَزْدِيُّ مُؤلِّفُ
(الأَحكَامِ)، وَعُنِي كُلَّ العِنَايَةِ بِالتَّقْيِيدِ
وَالرِّوَايَةِ.
قَالَ (3) : وَكَانَ إِمَاماً فِي صِنَاعَةِ الحَدِيْثِ،
بَصِيْراً بِهِ، حَافِظاً حَافِلاً،
__________
= لابن الابار (النسخة الأزهرية) ج 3 الورقة 109 - 110،
ومنها استفاد الذهبي معظم الترجمة، الذيل والتكملة لكتابي
الموصول والصلة للمراكشي: 4 / 83 - 95 الترجمة 203، تاريخ
الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3012) ج 19 الورقة 148، تذكرة
الحفاظ للذهبي: 4 / 1417 - 1420 الترجمة 1135، العبر
للذهبي: 5 / 137 - 138، الوافي بالوفيات للصفدي 15 / 432 -
436، الترجمة 585، فوات الوفيات: 2 / 80 الترجمة 182، نثر
الجمان للفيومي ج 2 الورقة 79 - 80، المرقبة العليا في من
يستحق القضاء والفتيا: 119، الديباج المذهب 1 / 385 - 388،
الترجمة 8، النجوم الزاهرة: 6 / 298، صفة جزيرة العرب
للحميري: 32، شذرات الذهب: 5 / 164، شجرة النور الزكية: 1
/ 180 الترجمة 588، الرسالة المستطرفة: 198.
(1) التكملة لكتاب الصلة (النسخة الأزهرية) ج 3 الورقة
109.
(2) في الأصل " وخلق "، وهو سبق قلم.
(3) اي قال ابن الابار، التكملة لكتاب الصلة ج 3 الورقة
109.
(23/135)
عَارِفاً بِالجَرْحِ وَالتَّعديلِ، ذَاكراً
لِلمَوَاليدِ وَالوَفِيَّاتِ، يَتقدّمُ أَهْلَ زَمَانِهِ
فِي ذَلِكَ، وَفِي حِفْظِ أَسْمَاءِ الرِّجَالِ، خُصُوْصاً
مَنْ تَأَخَّرَ زَمَانُهُ وَعَاصَرَهُ، وَكَتَبَ
الكَثِيْرَ، وَكَانَ خطُّه لاَ نَظِيْرَ لَهُ فِي
الإِتْقَانِ وَالضَّبْطِ، مَعَ الاسْتِبحَارِ فِي الأَدبِ
وَالاشتهَارِ بِالبَلاغَةِ، فَرداً فِي إِنشَاءِ
الرَّسَائِلِ، مُجِيْداً فِي النَّظْم، خَطِيْباً
فَصِيْحاً، مُفَوَّهاً مُدْرِكاً، حَسنَ السَّرْدِ
وَالمَسَاقِ لِمَا يَقولُهُ، مَعَ الشَّارَةِ الأَنِيقَةِ،
وَالزِّيِّ الحَسَنِ، وَهُوَ كَانَ المُتَكَلِّمَ عَنِ
المُلُوْكِ فِي المَجَالِسِ، وَالمُبينَ عَنْهُم لَمَا
يُرِيْدُوْنَهُ عَلَى المِنْبَرِ فِي المَحَافلِ.
وَلِيَ خَطَابَةَ بَلَنْسِيَةَ فِي أَوقَاتٍ، وَلَهُ
تَصَانِيْفُ مُفِيْدَةٌ فِي فُنُوْنٍ عَدِيْدَةٍ؛ أَلَّفَ
كِتَابَ (الاكتفَا فِي مَغَازِي المُصْطَفَى
وَالثَّلاَثَةِ الخُلفَا) وَهُوَ فِي أَرْبَعِ
مُجَلَّدَاتٍ، وَلَهُ كِتَابٌ حَافلٌ فِي مَعْرِفَةِ
الصَّحَابَة وَالتَّابِعِيْنَ لَمْ يُكْمِلْهُ، وَكِتَابُ
(مِصْبَاحِ الظُّلَمِ) يُشبِهُ كِتَابَ (الشِّهَابِ)،
وَكِتَابُ (أَخْبَارِ البُخَارِيِّ)، وَكِتَابُ
(الأَرْبَعِيْنَ)، وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَإِلَيه كَانَتِ
الرِّحلَةُ لِلأَخْذِ عَنْهُ.
إِلَى أَنْ قَالَ (1) : انتفعتُ بِهِ فِي الحَدِيْثِ كُلَّ
الانتفَاعِ، وَأَخَذتُ عَنْهُ كَثِيْراً.
قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ: ابْنُ الأَبَّار، وَالقَاضِي أَبُو
العَبَّاسِ ابْنُ الغمَازِ (2) ، وَطَائِفَةٌ مِنَ
المَشَايِخِ لاَ أَعْرِفُهُم.
وَرَأَيْتُ لَهُ إِجَازَةً كَتَبَهَا الكَمَالُ بنُ شَاذِي
الفَاضِلِيُّ وَطَوَّلَهَا، وَذَكَرَ شُيُوْخَهُ وَمَا
رَوَى عَنْهُم، مِنْهُم: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مغَاور،
حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ بنِ سُكَّرَةَ، وَأَجَازَ
لَهُ مِنَ الإِسْكَنْدَرِيَّةِ أَبُو الطَّاهِرِ بنُ
عَوْفٍ الزُّهْرِيُّ، وَالقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللهِ ابْنُ
الحَضْرَمِيِّ.
__________
(1) أي ابن الابار الورقة 109.
(2) ابن الغماز هذا هو قاضي تونس، وقد روي عنه عدة دواوين.
(23/136)
قَالَ: وَمِنْ تَصَانِيْفِي كِتَابُِ
(الاكتِفَا فِي مَغَازِي رَسُوْل اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالثَّلاَثَة الخُلفَا)، وَكِتَابُ
(الصَّحَابَةِ) إِذَا كمل يَكُوْن ضعفَ كِتَابِ ابْنِ
عَبْدِ البَرِّ، وَكِتَابُ (المِصْبَاح) عَلَى نَحْوِ
(الشِّهَابِ)، وَ(سِيْرَةُ البُخَارِيِّ) أَرْبَعَةُ
أَجزَاءٍ، وَ(حِليَة الأَمَالِي فِي المُوَافِقَات
العَوَالِي) أَرْبَعَةُ أَجزَاءٍ، وَ(الأَبْدَال)
أَرْبَعَة أَجزَاء، وَ(مَشْيَخَة) خَرَّجهَا لِشَيخهِ
ابْنِ حُبَيْشٍ ثَلاَثَة أَجزَاء، وَ(المُسَلْسَلاَت)
جُزء، وَعِدَّةُ تَوَالِيْف صِغَارٍ، وَ(الخطبُ) لَهُ
نَحْوٌ مِنْ ثَمَانِيْنَ خُطبَةً.
قَالَ الحَافِظُ ابْنُ مَسْدِي: لَمْ أَلقَ مِثْلَه
جَلاَلَةً وَنُبْلاً، وَرِيَاسَةً وَفَضْلاً، كَانَ
إِمَاماً مُبرِّزاً فِي فُنُوْنٍ مِنْ مَنْقُوْلٍ
وَمَعْقُوْلٍ وَمَنْثُوْرٍ وَمَوزونٍ، جَامِعاً
لِلْفَضَائِل، بَرعَ فِي عُلُوْمِ القُرْآنِ
وَالتَّجوِيدِ.
وَأَمَّا الأَدبُ فَكَانَ ابْنُ بَجْدَتِهِ، وَأَبَا
نَجْدَتِهِ، وَهُوَ خِتَامُ الحُفَّاظِ، نُدِبَ
لِدِيْوَانِ الإِنشَاءِ فَاسْتعفَى.
أَخَذَ القِرَاءاتِ عَنْ أَصْحَابِ ابْنِ هُذَيْلٍ،
وَارْتَحَلَ، وَاختصَّ بِالحَافِظِ أَبِي القَاسِمِ بنِ
حُبَيْشٍ بِمُرْسِيَةَ، أَكْثَرتُ عَنْهُ.
وَقَالَ الكَلاَعِيُّ فِي إِجَازتِه لِلْقَاضِي الأَشْرَفِ
وَآله: قَرَأْتُ جَمِيْعَ (صَحِيْحِ البُخَارِيِّ) عَلَى
ابْنِ حُبَيْشٍ بِسَمَاعه مَنْ يُوْنُس بن مُغِيْث سَنَة
503، قَالَ: سَمِعتُه فِي سَنَةِ 465 بقِرَاءة
الغَسَّانِيِّ عَلَى أَبِي عُمَرَ ابْنِ الحَذَّاء،
حَدَّثَنَا بِهِ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَسَدٍ
الجُهَنِيّ البَزَّازُ الثِّقَةُ سَنَةَ خَمْسٍ
وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
بنُ السَّكن بِمِصْرَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ
وَثَلاَثِ مائَةٍ عَنِ الفَرَبْرِيّ عَنْهُ.
وَقَرَأْتُ (مصَنّف النَّسَائِيّ) عَلَى ابْنِ حُبَيْشٍ،
وَسَمِعَهُ مِنِ ابْنِ مُغِيْثٍ، قَالَ: قَرَأْتُه عَلَى
مَوْلَى الطّلاعِ، قَالَ: سَمِعتُه عَلَى يُوْنُسَ بنِ
عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَرَأْتُهُ عَلَى ابْنِ الأَحْمَرِ
عَنْهُ (1) .
__________
(1) يعني: " سنن النسائي الكبرى ". برواية ابن الاحمر، وقد
عثر عليها، وهي تطبع الآن.
(23/137)
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ ابْنُ الأَبَّارِ
(1) : كَانَ -رَحِمَهُ اللهُ- أَبَداً يُحَدِّثنَا أَنَّ
السَّبْعِيْنَ منتهَى عُمُرِهِ لِرُؤْيَا رَآهَا، وَهُوَ
آخِرُ الحُفَّاظِ وَالبُلغَاءِ بِالأَنْدَلُسِ،
اسْتُشْهِدَ فِي كَائِنَةٍ أنيشَةَ، عَلَى ثَلاَث
فَرَاسِخَ مِنْ مُرْسِيَةَ، مُقْبِلاً غَيْر مُدْبر، فِي
العِشْرِيْنَ مِنْ ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ أَرْبَعٍ
وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ (2) .
وَقَالَ الحَافِظُ أَبُو مُحَمَّدٍ المُنْذِرِيّ (3) :
تُوُفِّيَ شهيداً بِيَدِ العَدُوّ.
قَالَ: وَكَانَ مَوْلِدُهُ بِظَاهِرِ مُرْسِيَةَ، فِي
مُسْتهلِّ رَمَضَانَ، سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ، وَسَمِعَ
بِبَلَنْسِيَةَ وَمُرْسِيَةَ وَشَاطِبَةَ وَإِشْبِيْلِيَةَ
وَغَرْنَاطَةَ وَمَالَقَةَ وَدَانِيَةَ وَسَبْتَةَ،
وَجَمَعَ مَجَامِيْعَ تَدُلُّ عَلَى غَزَارَةِ علمِهِ،
وَكَثْرَةِ حِفْظِهِ، وَمَعْرِفَتِهِ بِهَذَا الشَّأْنِ،
كَتَبَ إِلَيَّ بِالإِجَازَةِ فِي سَنَةِ أَرْبَعَ عَشَرَ
وَسِتِّ مائَةٍ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ جَابِرٍ
القَيْسِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ
الحَاكِمُ بتُونسَ (4) ، أَخْبَرَنَا العَلاَّمَة أَبُو
الرَّبِيْعِ بن سَالِمٍ الكَلاَعِيّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ
اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الحَجْرِيّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ
بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ زُغَيْبَة (5) ، أَخْبَرَنَا
أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ عُمَرَ العُذْرِيُّ،
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ الرَّازِيُّ،
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى، أَخْبَرَنَا
إِبْرَاهِيْمُ بنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بنُ
الحجَّاجِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مَسْلَمَةَ،
حَدَّثَنَا أَفلحُ بنُ حُمَيْدٍ، عَنِ القَاسِمِ، عَنْ
__________
(1) الورقة 110.
(2) هكذا كان علماء الأمة، والمحدثون خاصة، أول المدافعين
عن بلاد الإسلام وحفظ بيضته من كل عدو مخذول، ومشوه
للاسلام.
(3) التكملة لوفيات النقلة ج 3 ص 461 من طبعة مؤسسة
الرسالة.
(4) هذا هو ابن الغماز، القاضي أبو العباس.
(5) قيده المؤلف في " المشتبه " (320)، قال: " وبزاي وغين:
محمد بن عبد العزيز الكلابي الزغيني الفقيه، مؤلف احكام
القضاة، أخذ عنه الاشيري وضبطه ".
(23/138)
عَائِشَةَ، قَالَتْ:
طَيّبتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- بِيَدِي لِحَرَمهِ حِيْنَ أَحْرَمَ،
وَلِحِلِّهِ حِيْنَ أَحلَّ، قَبْلَ أَنْ يَطُوْفَ
بِالبَيْتِ (1) .
أَخْبَرْنَاهُ عَالِياً أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ،
وَزَيْنَبُ بِنْتُ كِنْدِيّ، عَنِ المُؤَيَّدِ بنِ
مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ (2) ،
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الغَافِرِ الفَارِسِيُّ، أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى بنِ عَمْرويه، فَذَكَره.
مَاتَ مَعَ ابْنِ سَالِمٍ فِي العَامِ: المُحَدِّثُ
العَالِمُ الملكُ المحسنُ أَحْمَدُ بنُ السُّلْطَانِ
صَلاَحِ الدِّيْنِ يُوْسُفَ بنِ أَيُّوْبَ وَلَهُ سَبْعٌ
وَخَمْسُوْنَ سَنَةً، وَالشَّيْخُ إِسْحَاقُ بنُ أَحْمَدَ
بنِ غَانِمٍ العَلْثيُّ زَاهِدُ بَغْدَادَ، وَمُحَدِّثُ
مِصْرَ المُفِيْدُ وَجِيْهُ الدِّيْنِ بَرَكَاتُ بنُ
ظَافرِ بنِ عَسَاكِرَ، وَالفَقِيْهُ مُوَفَّقُ الدِّيْنِ
حَمْدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ صُدَيْقٍ
الحَرَّانِيُّ، وَأَبُو طَاهِرٍ الخَلِيْلُ بنُ أَحْمَدَ
الجَوْسَقِيُّ، وَالمُعَمَّرُ سَعِيْدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
يَاسِيْنَ السَّفَّارُ، وَالإِمَامُ النَّاصِحُ عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بنُ نَجْم ابْن الحَنْبَلِيِّ، وَمُفْتِي
حَرَّانَ النَّاصحُ عَبْدُ القَادِرِ بنُ عَبْدِ القَاهِرِ
بنِ عَبْدِ المُنْعِمِ، وَالمُفْتِي شَرَفُ الدِّيْنِ
عَبْدُ القَادِرِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ ابْن
البَغْدَادِيُّ المِصْرِيُّ، وَخَطِيْبُ بَلَنْسِيَةَ
أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ خَيْرَةَ
المُقْرِئُ، وَالمُسْنِدُ أَبُو نِزَارٍ عَبْدُ الوَاحِدِ
بنُ أَبِي نِزَارٍ البَغْدَادِيُّ الجَمَالُ، وَالمُسْنِدُ
أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بن كُبَّةَ
بِبَغْدَادَ، وَالحَافِظُ المُؤَرِّخُ أَبُو الحَسَنِ
مُحَمَّدُ
__________
(1) قال شعيب: هو في صحخيح مسلم (1189) (33) في الحج: باب
الطيب للمحرم عند الاحرام، وأخرجه مالك 1 / 328، والبخاري
(1539) و(1754) و(5922) وأبو داود (1754) والترمذي (917)
والنسائي 5 / 136، والدارمي 2 / 33، وأحمد 6 / 39 و98 و181
و186، والبغوي (1863)، والبيهقي 5 / 34 و136، وابن ماجة
(2926) والطيالسي (1418) و(1431) وابن الجارود (414)
والطحاوي في شرح معاني الآثار 2 / 130.
(2) فراغ في الأصل، عرفناه من " تذكرة الحفاظ " .
(23/139)
ابْن أَحْمَدَ بنِ عُمَرَ القَطِيْعِيُّ،
وَالمُسْنِدُ المُحَدِّثُ أَبُو الحَسَنِ مُرْتَضَى بنُ
حَاتِمٍ الحَارِثِيُّ المِصْرِيُّ، وَالمُسْنِدُ أَبُو
بَكْرٍ هِبَةُ اللهِ بنُ عُمَرَ بنِ حَسَنِ بنِ كَمَالٍ
الحلاّجُ، وَالمُعَمَّرَةُ يَاسَمِينُ بِنْتُ سَالِمِ بنِ
عَلِيٍّ ابْنِ البَيْطَارِ.
100 - ابْنُ الصَّلاَحِ أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بنُ
عَبْدِ الرَّحْمَانِ الكُرْدِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، العَلاَّمَةُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ،
تَقِيُّ الدِّيْنِ، أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ ابْنُ
المُفْتِي صَلاَحِ الدِّيْنِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بنِ
عُثْمَانَ بنِ مُوْسَى الكُرْدِيُّ، الشَّهْرُزُوْرِيُّ،
المَوْصِلِيُّ، الشَّافِعِيُّ، صَاحِبُ (عُلُوْمِ
الحَدِيْثِ).
مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِ
مائَةٍ.
وَتَفَقَّهَ عَلَى وَالِدهِ بِشَهْرَزُوْرَ، ثُمَّ
اشْتَغَلَ بِالمَوْصِلِ مُدَّةً، وَسَمِعَ مِنْ: عُبَيْدِ
اللهِ ابْنِ السَّمِينِ، وَنَصْرِ بن سَلاَمَةَ
الهِيْتِيِّ، وَمَحْمُوْدِ بنِ عَلِيٍّ المَوْصِلِيِّ،
وَأَبِي المُظَفَّرِ بنِ البَرْنِيِّ، وَعَبْدِ المُحْسِنِ
ابْنِ الطُّوْسِيِّ، وَعِدَّةٍ بِالمَوْصِلِ.
وَمِنْ: أَبِي أَحْمَدَ بنِ سُكَيْنَةَ، وَأَبِي حَفْصِ
بنِ طَبَرْزَذَ، وَطَبَقَتِهِمَا بِبَغْدَادَ، وَمِنْ
أَبِي الفَضْلِ بنِ المُعَزّمِ بِهَمَذَانَ.
وَمِنْ: أَبِي الفَتْحِ مَنْصُوْرِ بنِ
__________
(*) مرآة الزمان لسبط ابن الجوزي: 8 / 757 - 758، ذيل
الروضتين لأبي شامة: 175، وفيات الأعيان: 2 / 243 - 245
الترجمة 411، صلة التكملة للحسيني الورقة: 27، تاريخ
الإسلام للحافظ الذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 31 -
32، تذكرة الحفاظ للذهبي 4 / 1430 - 1433، الترجمة 1141،
دول الإسلام: 2 / 112، العبر: 5 / 177 - 178، طبقات
السبكي: 8 / 326 - 336 الترجمة 1229، طبقات الاسنوي: 2 /
133 - 134 الترجمة 730، البداية والنهاية 13 / 168 - 169،
تاريخ علماء بغداد المسمى منتخب المختار لابن رافع: 130 -
133، النجوم الزاهرة: 6 / 354، طبقات الحفاظ للسيوطي: 499
- 500 الترجمة 1109، الانس الجليل بتاريخ القدس والخليل
للعليمي (ط: النجف) 2 / 104، طبقات المفسرين للداوودي: 1 /
377 - 378، الترجمة 327، شذرات الذهب: 5 / 221 ومصادر أخرى
ذكرها الدكتور محيي هلال السرحان في مقدمة تحقيقه لكتاب "
أدب المفتي والمستفتي " لابن الصلاح.
(23/140)
عَبْدِ المُنْعِمِ ابْنِ الفُرَاوِيِّ،
وَالمُؤَيَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الطُّوْسِيِّ،
وَزَيْنَب بِنْتِ أَبِي القَاسِمِ الشَّعْرِيَّةِ،
وَالقَاسِمِ بن أَبِي سَعْدٍ الصَّفَّارِ، وَمُحَمَّدِ بنِ
الحَسَنِ الصَّرَّامِ، وَأَبِي المَعَالِي بنِ نَاصِرٍ
الأَنْصَارِيِّ، وَأَبِي النَّجِيْبِ إِسْمَاعِيْلَ
القَارِئ، وَطَائِفَةٍ بِنَيْسَابُوْرَ.
وَمِنْ أَبِي المُظَفَّرِ ابْنِ السَّمْعَانِيِّ بِمَرْوَ،
وَمِنْ أَبِي مُحَمَّدٍ ابنِ الأُسْتَاذِ وَغَيْرهِ
بِحَلَبَ.
وَمِنَ الإِمَامَيْنِ فَخْرِ الدِّيْنِ ابْنِ عَسَاكِرَ
وَمُوفَّقِ الدِّيْنِ ابْنِ قُدَامَةَ، وَعِدَّةٍ
بِدِمَشْقَ، وَمِنَ الحَافِظِ عَبْدِ القَادِرِ
الرُّهَاوِيِّ بِحَرَّانَ.
نَعَمْ، وَبِدِمَشْقَ أَيْضاً مِنَ: القَاضِي أَبِي
القَاسِمِ عَبْدِ الصَّمَدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
الحَرَسْتَانِيِّ، ثُمَّ دَرّسَ بِالمَدْرَسَةِ
الصَّلاَحيَةِ بِبَيْتِ المَقْدِسِ مُديدَةً، فَلَمَّا
أَمَرَ المُعَظَّمُ بِهدمِ سُورِ المَدِيْنَةِ، نَزحَ
إِلَى دِمَشْقَ، فَدَرَّسَ بِالروَاحيَةِ مُدَّةً
عِنْدَمَا أَنشَأَهَا الوَاقفُ، فَلَمَّا أُنشِئْتِ
الدَّارُ الأَشْرَفِيَةُ صَارَ شَيْخَهَا، ثُمَّ وَلِي
تَدرِيسَ الشَّامِيّةِ الصُّغْرَى.
وَأَشْغَلَ، وَأَفتَى، وَجَمَعَ وَأَلَّفَ، تَخرَّجَ بِهِ
الأَصْحَابُ، وَكَانَ مِنْ كِبَارِ الأَئِمَّةِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الإِمَامُ شَمْسُ الدِّيْنِ ابْنُ نُوْحٍ
المَقْدِسِيُّ، وَالإِمَامُ كَمَالُ الدِّيْنِ سَلاّرُ،
وَالإِمَامُ كَمَالُ الدِّيْنِ إِسْحَاقُ، وَالقَاضِي
تَقِيُّ الدِّيْنِ بنُ رَزِيْن، وَتَفَقَّهوا بِهِ.
وَرَوَى عَنْهُ أَيْضاً: العَلاَّمَةُ تَاجُ الدِّيْنِ
عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَأَخُوْهُ الخَطِيْبُ شَرَفُ
الدِّيْنِ وَمَجْدُ الدِّيْنِ ابْنُ المهتَارِ، وَفَخْرُ
الدِّيْنِ عُمَرُ الكَرَجِيُّ، وَالقَاضِي شِهَابُ
الدِّيْنِ ابْنُ الخُوَيِّيّ، وَالمُحَدِّثُ عَبْدُ اللهِ
بنُ يَحْيَى الجَزَائِرِيُّ، وَالمُفْتِي جَمَالُ
الدِّيْنِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الشَّرِيْشِيُّ،
وَالمُفْتِي فَخْرُ الدِّيْنِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
يُوْسُفَ البَعْلَبَكِّيّ، وَنَاصِرُ الدِّيْنِ مُحَمَّدُ
بنُ عَرَبْشَاه، وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي الذِّكْرِ،
وَالشَّيْخُ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
الشَّهْرُزُوْرِيُّ النَّاسِخُ، وَكَمَالُ الدِّيْنِ
أَحْمَدُ بنُ أَبِي الفَتْحِ الشَّيْبَانِيُّ،
وَالشِّهَابُ مُحَمَّدُ بنُ مُشَرِّفٍ،
(23/141)
وَالصَّدْرُ مُحَمَّدُ بنُ حَسَنٍ
الأُرْمَوِيُّ، وَالشَّرَفُ مُحَمَّدُ ابْنُ خَطِيْبِ
بَيْتِ الأَبَّارِ، وَنَاصِرُ الدِّيْنِ مُحَمَّدُ ابْنُ
المَجْدِ بنِ المهتَارِ، وَالقَاضِي أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ
الجِيْلِيُّ، وَالشِّهَابُ أَحْمَد ابْنُ العَفِيْفِ
الحَنَفِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ القَاضِي شَمْسُ الدِّيْنِ ابْنُ خَلِّكَانَ (1) :
بَلَغَنِي أَنَّهُ كَرَّرَ عَلَى جَمِيْعِ (المُهَذَّبِ)
قَبْلَ أَنْ يَطرَّ شَارِبهُ، ثُمَّ أَنَّهُ صَارَ مُعيداً
عِنْد العَلاَّمَةِ عِمَادِ الدِّيْنِ بنِ يُوْنُسَ.
وَكَانَ تَقِيُّ الدِّيْنِ أَحَدَ فُضلاَءِ عصرِهِ فِي
التَّفْسِيْرِ وَالحَدِيْثِ وَالفِقْهِ، وَلَهُ مُشَاركَةٌ
فِي عِدَّةِ فُنُوْنٍ، وَكَانَتْ فَتَاويهِ مُسدّدَةً،
وَهُوَ أَحَدُ شُيُوْخِي الَّذِيْنَ انتفعْتُ بِهِم،
أَقَمْتُ عِنْدَهُ لِلاشتغَالِ، وَلاَزمتُهُ سَنَةً،
وَهِيَ سَنَةُ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ، وَلَهُ
إِشكَالاَتٌ عَلَى (الْوَسِيط).
وَذَكَرَهُ المُحَدِّثُ عُمَرُ بنُ الحَاجِبِ فِي
(مُعْجَمِهِ)، فَقَالَ: إِمَامٌ وَرِعٌ، وَافرُ العَقْلِ،
حَسَنُ السَّمتِ، مُتبحِّرٌ فِي الأُصُوْلِ وَالفُرُوْعِ،
بِالغَ فِي الطَّلَبِ حَتَّى صَارَ يُضْرَبُ بِهِ
المَثَلُ، وَأَجهَدَ نَفْسَهُ فِي الطَّاعَةِ
وَالعِبَادَةِ.
قُلْتُ: كَانَ ذَا جَلاَلَةٍ عَجِيْبَةٍ، وَوقَارٍ
وَهَيْبَةٍ، وَفَصَاحَةٍ، وَعلمٍ نَافِعٍ، وَكَانَ مَتينَ
الدّيَانَةِ، سَلفِيَّ الجُمْلَةِ، صَحِيْحَ النِّحْلَةِ،
كَافّاً عَنِ الخوضِ فِي مَزلاَّتِ الأَقدَامِ، مُؤْمِناً
بِاللهِ، وَبِمَا جَاءَ عَنِ اللهِ مِنْ أَسمَائِهِ
وَنُعوتهِ، حَسَنَ البِزَّةِ، وَافِرَ الحُرْمَةِ،
مُعَظَّماً عِنْدَ السُّلْطَانِ، وَقَدْ سَمِعَ الكَثِيْرَ
بِمَرْوَ مِنْ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ المُوْسَوِيِّ،
وَأَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ السَّنْجِيِّ،
وَمُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ المَسْعُوْدِيِّ، وَكَانَ
قُدُومُهُ دِمَشْقَ فِي حُدُوْدِ سَنَةِ ثَلاَثَ عَشْرَةَ
بَعْدَ أَنْ فَرغَ مِنْ خُرَاسَانَ وَالعِرَاقِ
وَالجَزِيْرَةِ.
وَكَانَ مَعَ تَبحُّرِهِ فِي الفِقْهِ مُجَوِّداً لِمَا
يَنقُلُه، قَوِيَّ المَادَّةِ مِنَ اللُّغَةِ
وَالعَرَبِيَّةِ، مُتَفَنِّناً فِي الحَدِيْثِ،
__________
(1) وفيات الأعيان: 3 / 243 - 244.
(23/142)
مُتَصَوِّناً، مُكِبّاً عَلَى العِلْمِ،
عَدِيْمَ النَّظِيْرِ فِي زَمَانِهِ، وَلَهُ مَسْأَلَةٌ
لَيْسَتْ مِنْ قَوَاعِدِهِ شَذَّ فِيْهَا، وَهِيَ صَلاَةُ
الرَّغَائِبِ قَوَّاهَا وَنَصَرهَا مَعَ أَنَّ حَدِيْثَهَا
بَاطِلٌ بِلاَ تَرَدُّدٍ، وَلَكِنَّ لَهُ إِصَابَات
وَفَضَائِل.
وَمِنْ فَتَاويه أَنَّهُ سُئِلَ عَمَّنْ يَشتغلُ بِالمنطقِ
وَالفَلْسَفَةِ، فَأَجَابَ: الفَلْسَفَةُ أُسُّ السَّفَهِ
وَالانحَلاَلِ، وَمَادَةُ الحيرَة وَالضَّلاَلِ، وَمثَارُ
الزَّيْغ وَالزَّنْدَقَة، وَمَنْ تَفلسَفَ عَمِيَتْ
بَصِيْرتُهُ عَنْ مَحَاسِن الشرِيعَة المُؤيّدَة
بِالبرَاهينِ، وَمَنْ تَلبَّس بِهَا قَارَنَهُ الخِذلاَنُ
وَالحِرمَانُ، وَاسْتحوذَ عَلَيْهِ الشَّيْطَانُ، وَأَظلم
قَلْبُه عَنْ نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، إِلَى أَنْ قَالَ:
وَاسْتعمَالُ الاصطلاَحَاتِ المنطقيَّةِ فِي مبَاحثِ
الأَحكَامِ الشَّرْعِيَّةِ مِنَ المنكرَاتِ المُسْتبشعَةِ،
وَالرقَاعَاتِ المُسْتحدثَةِ، وَلَيْسَ بِالأَحكَامِ
الشَّرْعِيَّةِ - وَللهِ الحَمْدُ - افْتِقَارٌ إِلَى
المنطقِ أَصلاً، هُوَ قعَاقعُ قَدْ أَغنَى الله عَنْهَا
كُلَّ صَحِيْحِ الذِّهْنِ، فَالوَاجِبُ عَلَى السُّلْطَانِ
- أَعزَّهُ اللهُ - أَنْ يَدفَعَ عَنِ المُسْلِمِيْنَ
شَرَّ هَؤُلاَءِ المشَائِيم، وَيُخْرِجَهُم مِنَ المدَارسِ
وَيُبعدَهُم.
تُوُفِّيَ الشَّيْخُ تَقِيّ الدِّيْنِ -رَحِمَهُ اللهُ-:
فِي سَنَةِ الخُوَارِزْمِيَّة، فِي سَحَرِ يَوْمِ
الأَرْبعَاء، الخَامِسِ وَالعِشْرِيْنَ مِنْ شَهْرِ
رَبِيْعٍ الآخرِ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ
مائَةٍ، وَحُملَ عَلَى الرُّؤُوسِ، وَازدحم الخلقُ عَلَى
سَرِيْرِهِ، وَكَانَ عَلَى جِنَازَتِهِ هَيبَةٌ وَخُشوعٌ،
فَصُلِيَّ عَلَيْهِ بِجَامِعِ دِمَشْقَ، وَشَيَّعُوْهُ
إِلَى دَاخِلِ بَابِ الفَرَجِ، فَصَلَّوْا عَلَيْهِ
بِدَاخِلهِ ثَانِي مرَّةٍ، وَرجعَ النَّاسُ لِمَكَانِ
حِصَارِ دِمَشْقَ بِالخُوَارِزْمِيَّةِ وَبعَسْكَرِ الملكِ
الصَّالِحِ نَجْمِ الدِّيْنِ أَيُّوْب لعَمِّه الملكِ
الصَّالِحِ عِمَادِ الدِّيْنِ إِسْمَاعِيْل، فَخَرَجَ
بِنَعشِهِ نَحْوُ العَشْرَةِ مُشمِّرِيْنَ، وَدَفنوهُ
بِمقَابرِ الصُّوْفِيَّةِ!
__________
(1) قام شعيب: وقد درست، وقام مكانها عمائر ومستشقفي
ومسجد.
(23/143)
وَقَبْرُه ظَاهِرٌ يُزَارُ فِي طَرفِ
المَقْبَرَةِ مِنْ غَربِيِّهَا عَلَى الطَّرِيْقِ، وَعَاشَ
سِتّاً وَسِتِّيْنَ سَنَةً.
وَقَدْ سَمِعَ مِنْهُ (عُلُوْمَ الحَدِيْثِ) لَهُ:
الشَّيْخُ تَاجُ الدِّيْنِ، وَأَخُوْهُ، وَالفَخْرُ
الكَرَجِيّ، وَالزَّيْنُ الفَارِقِيُّ، وَالمَجْدُ ابْنُ
المهتَارِ، وَالمَجْدُ ابْنُ الظهيرِ، وَظَهِيْرُ
الدِّيْنِ مَحْمُوْدٌ الزَّنْجَانِيُّ، وَابْنُ عربشَاه،
وَالفَخْرُ البعلِيُّ، وَالشَّرِيْشِيُّ،
وَالجَزَائِرِيُّ، وَمُحَمَّدُ ابْنُ الخِرَقِيّ،
وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي الذِّكْرِ، وَابْنُ الخُوَيِّيِّ،
وَالشَّيْخُ أَحْمَدُ الشَّهْرُزُوْرِيُّ، وَالصَّدْرُ
الأُرْمَوِيُّ، وَالصَّدْرُ خَطِيْبُ بَعْلَبَكَّ،
وَالعِمَادُ مُحَمَّدُ ابْن الصَّائِغِ، وَالكَمَالُ ابْنُ
العَطَّارِ، وَأَبُو اليُمْنِ ابْنُ عَسَاكِرَ،
وَعُثْمَانُ بنُ عُمَرَ المُعَدَّلُ، وَكُلُّهُم أَجَازُوا
لِي سِوَى الأَوَّلِ (1) .
101 - يَعِيْشُ بنُ عَلِيِّ بنِ يَعِيْشَ بنِ أَبِي
السَّرَايَا مُحَمَّدٍ الأَسَدِيُّ
ابْنُ عَلِيِّ بنِ المُفَضَّلِ بنِ عَبْدِ الكَرِيْمِ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بن حَيَّانَ ابْنِ القَاضِي بِشْرِ
بن حَيَّانَ، العَلاَّمَةُ، مُوَفَّقُ الدِّيْنِ، أَبُو
البَقَاءِ الأَسَدِيُّ، المَوْصِلِيُّ، ثُمَّ الحَلَبِيُّ،
النَّحْوِيُّ، وَيُعرَفُ قَدِيْماً بِابْنِ الصَّائِغِ.
__________
(1) وهم مذكورون في " معجم شيوخه " الذي حققه الدكتور بشار
عواد معروف وجماعته، وطبع في مؤسسة الرسالة.
(*) إنباه الرواة على أنباه النحاة للقفطي 4 / 39 - 44
الترجمة 823، عقود الجمان في شعراء هذا الزمان لابن الشعار
الموصلي (نسخة مكتبة اسعد افندي 2330) ج 10 الورقة 108 /
أ، وفيات الأعيان: 7 / 46 - 53، الترجمة 833، صلة التكملة
للحسيني الورقة 31، تاريخ ابي الفدا: 2 / 174، تاريخ
الإسلام للحافظ الذهبي (3013 أيا صوفيا) ج 20 الورقة 46،
العبر للذهبي: 5 / 181، تلخيص اخبار النحويين واللغويين
لابن مكتوم (النسخة التيمورية) ص 274، النجوم الزاهرة: 6 /
355، بغية الوعاة للسيوطي: 2 / 351 - 352، الترجمة 2165،
شذرات الذهب: 5 / 228.
(23/144)
مَوْلِدُهُ: بِحَلَبَ، فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ
وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنَ: القَاضِي أَبِي سَعْدٍ بنِ أَبِي
عَصْرُوْنَ، وَأَبِي الحَسَنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
الطَّرَسُوْسِيِّ، وَيَحْيَى الثَّقَفِيّ.
وَسَمِعَ بِالمَوْصِلِ مِنْ: خَطِيْبهَا أَبِي الفَضْلِ
الطُّوْسِيّ (مَشْيَخَتَه) وَغَيْرَ ذَلِكَ.
وَأَخَذَ النَّحْوَ عَنْ: أَبِي السّخَاءِ الحَلَبِيِّ،
وَأَبِي العَبَّاسِ المَغْرِبِيّ، وَجَالَسَ الكِنْدِيَّ
بِدِمَشْقَ، وَبَرَعَ فِي النَّحْوِ، وَصَنَّفَ
التَّصَانِيْفَ، وَبَعُد صِيتُه، وَتَخَرَّجَ بِهِ
أَئِمَّةٌ.
رَوَى عَنْهُ: الصَّاحِبُ ابْنُ العَدِيْمِ، وَابْنُه
مَجْدُ الدِّيْنِ، وَابْنُ هَامل، وَأَبُو العَبَّاسِ
ابْنُ الظَّاهِرِيّ، وَعَبْدُ المَلِكِ بنُ العُنَيِّقَةِ،
وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الدَّشْتِيّ،
وَإِسْحَاقُ النَّحَاس، وَأَخُوْهُ بَهَاءُ الدِّيْنِ،
وَسُنْقُر القَضَائِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ طَوِيْلَ الرُّوحِ، حَسَنَ التَّفَهُّمِ، طَوِيْلَ
البَاعِ فِي النَّقْلِ، ثِقَةً عَلاَّمَةً كَيِّساً،
طَيِّبَ المزَاحِ، حُلْوَ النَّادِرَةِ، مَعَ وَقَارٍ
وَرَزَانَةٍ.
صَنَّفَ شَرْحاً (لِلتَّصرِيفِ) لابْنِ جِنِّيٍّ، وَشَرحاً
(لِلمُفَصَّلِ) وَغَيْر ذَلِكَ.
عَاشَ تِسْعِيْنَ سَنَةً.
وَتُوُفِّيَ: فِي الخَامِسِ وَالعِشْرِيْنَ مِنْ جُمَادَى
الأُوْلَى، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ،
بِحَلَبَ.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ - وَتُعرفُ بِسَنَةِ
الخُوَارِزْمِيَّةِ -: القَاضِي الأَشْرَفُ أَحْمَدُ ابْنُ
القَاضِي الفَاضِلِ عَنْ سَبْعِيْنَ سَنَةً، وَالمُحَدِّثُ
صَفِيُّ الدِّيْنِ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الخَالِقِ بن أَبِي
هِشَامٍ القُرَشِيُّ عَنْ ثَمَانِيْنَ سَنَةً،
وَالعَلاَّمَةُ كَمَالُ الدِّيْنِ أَحْمَدُ بنُ كَشَاسْبَ
الدِّزْمَارِيُّ (1) الشَّافِعِيُّ، وَالعَلاَّمَةُ
تَقِيُّ الدِّيْنِ أَحْمَدَ ابْنُ العِزّ
__________
(1) منسوب إلى دزمار، قلعة حصينة، من نواحي اذربيجان، قيده
المؤلف بخطه بسكون الزاي، ولكن ياقوت قيده بتشديد الزاي،
وقد ترجمه المؤلف في تاريخ الإسلام، الورقة: 25 (أيا صوفيا
3013) بخطه.
(23/145)
مُحَمَّد ابْن الحَافِظِ الحَنْبَلِيِّ،
وَمُحَدِّثُ وَقتِهِ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ
مَحْمُوْدِ ابْنِ الجَوْهَرِيِّ الدِّمَشْقِيُّ،
وَإِسْحَاقُ بنُ أَبِي القَاسِمِ بنِ صَصْرَى
التَّغْلِبِيُّ، وَمُقَدَّمُ الجُيُوْشِ مُعينُ الدِّيْنِ
حَسَنُ ابْن الشَّيْخِ ابْن حَمُّوَيْهِ، وَخَطِيْبُ
عَقْرَبا السَّدِيْد سَالِمُ بنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ،
وَشَعْبَانُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الدَّارَانِيُّ،
وَالأَمِيْرُ سَيْفُ الدِّيْنِ عَلِيُّ بنُ قليج وَدُفِنَ
بِالقليجيَةِ، وَأَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ
ابْنُ النَّخَّالِ، وَخَطِيْبُ الصَّالِحيَةِ الشَّرَفُ
عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي عُمَرَ، وَمُفِيْدُ بَغْدَادَ
أَبُو مَنْصُوْرِ بنُ الوَلِيْدِ كَهْلاً، وَحَافِظُ
بَغْدَادَ مُحِبّ الدِّيْنِ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ
النَّجَّارِ، وَالمُفْتِي أَبُو سُلَيْمَانَ عَبْدُ
الرَّحْمَنِ ابْنُ الحَافِظِ، وَمُحَدِّث الجَزِيْرَةِ
السَّرَّاج عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن شُحَانَة (1) ،
وَمُحَدِّثُ الإِسْكَنْدَرِيَّةِ أَسْعَدُ الدِّيْنِ
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُقَرَّبٍ الكِنْدِيّ،
وَالعَلاَّمَةُ الوَجِيْهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
مُحَمَّدٍ القُوْصِيُّ الحَنَفِيُّ المُفْتِي عَنْ ثَمَانٍ
وَثَمَانِيْنَ سَنَةً، وَالأَدِيْبُ العَلاَّمَةُ أَمِيْنُ
الدِّيْنِ عَبْدُ المُحْسِنِ بن حَمُّودٍ التَّنُوْخِيُّ،
وَالعَدْلُ عَتِيْقُ بنُ أَبِي الفَضْلِ
السَّلَمَانِيُّ وَلَهُ تِسْعُوْنَ سَنَةً، وَالإِمَامُ
تَقِيّ الدِّيْنِ أَبُو عَمْرٍو ابْنُ الصَّلاَحِ،
وَالمُعَمَّرُ أَبُو الحَسَنِ ابْنُ المُقَيَّرِ، وَقَاضِي
كفر بَطنَا عَلِيُّ بنُ مَحَاسِنَ بن عَوَانَةَ
النُّمَيْرِيُّ، وَالعَلاَّمَةُ عَلَمُ الدِّيْنِ
السَّخَاوِيُّ، وَعِيْسَى بن حَامِدٍ الدَّارَانِيُّ،
وَالفَلَكُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن هِبَةِ اللهِ المسيرِيُّ
الوَزِيْرُ، وَالنَسَّابَةُ عِزّ الدِّيْنِ مُحَمَّدُ بنُ
أَحْمَدَ بنِ عَسَاكِرَ، وَالمُحَدِّثُ تَاجُ الدِّيْنِ
مُحَمَّدُ بنُ أَبِي جَعْفَرٍ القُرْطُبِيُّ، وَمُحَمَّدُ
بنُ أَحْمَدَ بنِ زُهَيْرٍ بِدَارَيَّا، وَمُحَمَّدُ بنُ
تَمِيْمٍ البَنْدَنِيْجِيُّ، وَالمُعَمَّرُ أَبُو بَكرٍ
مُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدِ ابْن الخَازنِ، وَالظهيرُ أَبُو
إِبْرَاهِيْمَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنُ
الجَبَّابِ، وَمُفِيْدُ مِصْرَ أَبُو بَكْرٍ ابْنُ
الحَافِظِ زَكِيّ الدِّيْنِ المُنْذِرِيّ وَلَهُ
ثَلاَثُوْنَ سَنَة، وَحَافِظُ دِمَشْقَ ضِيَاءُ الدِّيْنِ
__________
(1) عبد الرحمان بن عمر بن بركات بن شحانة المحدث العالم
سراج الدين أبو محمد الحراني.
(23/146)
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ
المَقْدِسِيّ، وَالفَخْر مُحَمَّد بن عُمَرَ ابْن
المَالِكِيّ الدِّمَشْقِيّ، وَالفَخْر مُحَمَّد بن عَمْرِو
بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ سَعْدٍ المَقْدِسِيّ، وَشَيْخ
الحَنَابِلَةِ الزَّاهِدُ القُدْوَةُ الضِّيَاءُ مَحَاسِن
بن عَبْدِ المَلِكِ التَّنُوْخِيّ الحَمَوِيّ، وَمُحَمَّد
بن حُمَيْدٍ الدَّارَانَي مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ عَسَاكِرَ،
وَالإِمَامُ معينُ الدِّيْنِ مَحْمُوْدُ بنُ مُحَمَّدٍ
الأُرْمَوِيّ الشَّافِعِيُّ وَلَهُ خَمْسٌ وَثَمَانُوْنَ
سَنَةً، وَالمُفِيْدُ أَبُو العِزّ مُفَضَّل بن عَلِيٍّ
القُرَشِيّ، وَالمُقْرِئ النَّحْوِيّ المُنْتَجبُ بنُ
أَبِي العِزّ الهَمَذَانِيُّ، وَالمُعَمَّرُ أَبُو غَالِبٍ
مَنْصُوْر بن أَحْمَدَ بنِ السَّكَن المَرَاتِبِيّ ابْن
المُعَوَّجِ
لقِيَ مُحَمَّد بن إِسْحَاقَ ابْن الصَّابِي، وَالصَّلاَح
مُوْسَى بن مُحَمَّدِ بنِ خَلَفِ بن رَاجِحٍ، وَالنَّجم
نَبَأُ بن أَبِي المَكَارِمِ بن هَجَّامٍ (1) الحَنَفِيُّ
المِصْرِيُّ، وَابْنُ خَطِيْب عَقْرَبا يَحْيَى بن عَبْدِ
الرَّزَّاقِ، وَالشِّهَاب يَعْقُوْب بن مُحَمَّدِ ابْنِ
المُجَاوِر الوَزِيْر، وَيُوْسُف بن يُوْنُسَ المُقْرِئ
البَغْدَادِيّ سِبْط ابْن مدَاح، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
102 - العَامِرِيُّ صَائِنُ الدِّيْنِ مُحَمَّدُ بنُ
حَسَّانِ بنِ رَافِعٍ *
المُحَدِّثُ، الإِمَامُ، صَائِنُ الدِّيْنِ مُحَمَّد بن
حَسَّان بن رَافِعٍ العَامِرِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ،
المُعَدَّلُ، خَطِيْب المُصَلَّى.
سَمِعَ مِنَ: الخُشُوْعِيّ فَمَنْ بَعْدَهُ، وَكَتَبَ
الكَثِيْرَ.
__________
(1) غير واضحة في الأصل، وضبطناه من خط المؤلف في " تاريخ
الإسلام "، الورقة: 45 (أيا صوفيا 3013).
(*) ذيل الروضتين لأبي شامة: 179 ولقبه فيه بالضياء، صلة
التكملة لوفيات النقلة لشرف الدين الحسيني الورقة: 400،
وكناه فيها بأبي عبد الله، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا
صوفيا 3013) ج 20 الورقة 52، العبر للذهبي: 5 / 184،
البداية والنهاية: 13 / 172، النجوم الزاهرة: 6 / 357،
شذرات اللذهب: 5 / 230.
(23/147)
رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّدُ ابْنُ خَطِيْبِ
بَيْت الأَبَّارِ، وَخَطِيْبُ دِمَشْقَ شَرَف الدِّيْنِ
الفُرَاوِيُّ، وَجَمَاعَةٌ.
مَاتَ: فِي صَفَرٍ (1) ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ
وَسِتِّ مائَةٍ.
وَفِيْهَا مَاتَ: القُدْوَة الشَّيْخ أَبُو السُّعُوْد
البَاذبينِي بِمِصْرَ، وَالكَبِيْر الزَّاهِد الشَّيْخ
أَبُو الحَجَّاجِ الأَقْصُرِيّ يُوْسُفُ بنُ عَبْدِ
الرَّحِيْمِ بن غُزي القُرَشِيّ بِالصَّعيدِ، وَالشَّيْخ
أَبُو اللَّيْثِ بِحَمَاةَ، وَالنَّجْم عَلِيّ بن عَبْدِ
الكَافِي بن عَلِيٍّ الصَّقَلِّيّ ثُمَّ الدِّمَشْقِيّ،
وَالرُّكْن عَبْد الرَّحْمَنِ بن سُلْطَان التَّمِيْمِيّ
الحَنَفِيّ، وَالشَّيْخ حَسَن بن عَدِيٍّ شَيْخُ
الأَكْرَادِ، وَالملك المَنْصُوْر إِبْرَاهِيْم بن
شِيرْكُوْه صَاحِب حِمْص، وَالعِزّ أَحْمَدُ بنُ مَعْقِلٍ
شَيْخُ الرَّافِضَّةِ، وَكَبِيْرُ الخُوَارِزْمِيَّةِ
بركَة خَان.
103 - الكَاشْغَرِيُّ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ
عُثْمَانَ بنِ يُوْسُفَ *
الشَّيْخُ، المُعَمَّرُ، مُسْنِدُ العِرَاق، أَبُو
إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عُثْمَانَ بنِ يُوْسُفَ بن
أُزَرْتُق التُّرْكِيّ، الكَاشْغَرِيّ، ثُمَّ
البَغْدَادِيّ، الزركشِيّ.
وُلِدَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ (2) .
__________
(1) ذكر الحسيني في صلة التكملة أنه توفي في ليلة التاسع
من صفر.
(*) تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 54
- 55 وذكر فيه انه قد فات الشريف وفاته (يقصد الحسيني صاحب
صلة التكملة لوفيات النقلة) وهو كما قال، العبر للذهبي: 5
/ 185، الوافي بالوفيات للصفدي: 6 / 55 الترجمة 2494، مرآة
الجنان لليافعي: 4 / 112، الجواهر المضية للقرشي 1 / 42
الترجمة 30، المنهل الصافي لابن تغري بردي: 1 / 99 - 100
الترجمة: 52، الطبقات السنية في تراجم الحنفية: 1 / 241 -
242 الترجمة 53، شذرات الذهب: 5 / 230 - 231.
(2) في الجواهر المضية نقلا عن الدمياطي ان ولادته كانت
ببغداد في الثاني عشر من جمادي الأولى.
(23/148)
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي الفَتْحِ بنِ
البَطِّيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ الكَاغَدِيّ،
وَعَلِيّ بن تَاج القُرَّاء، وَأَحْمَدَ بن عَبْدِ
الغَنِيِّ البَاجِسْرَائِيّ، وَيَحْيَى بن ثَابِتٍ،
وَأَبِي بَكْرٍ بنِ النَّقُّوْرِ، وَنَفِيسَةَ
البَزَّازَةِ، وَهِبَةِ اللهِ بن يَحْيَى البُوقِيِّ،
وَجَمَاعَةٍ.
وَطَالَ عُمُرُهُ، وَبَعُدَ صِيْتُهُ، وَقَدْ حَدَّثَ
بِدِمَشْقَ وَحَلَبَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ
وَسِتِّ مائَةٍ، وَرَجَعَ إِلَى بَغْدَادَ، وَبَقِيَ إِلَى
هَذَا الوَقْت، وَتَكَاثر عَلَيْهِ الطلبَة.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ نُقْطَةَ، وَالبِرْزَالِيُّ،
وَالضِّيَاءُ، وَابْنُ النَّجَّارِ، وَالمحبّ عَبْد اللهِ،
وَمُوْسَى بن أَبِي الفَتْحِ، وَعَبْد الرَّحِيْمِ ابْن
الزَّجَّاج، وَمُحْيِي الدِّيْنِ يَحْيَى ابْن
القَلاَنسِيّ، وَالمُدَرِّس كَمَال الدِّيْنِ إِبْرَاهِيْم
ابْن أَمِيْن الدَّوْلَة، وَتَقِيُّ الدِّيْنِ ابْن
الوَاسِطِيّ وَأَخُوْهُ، وَعزُّ الدِّيْنِ ابْنُ
الفَرَّاء، وَالتَّقِيّ بن مُؤْمِنٍ، وَمَجْد الدِّيْنِ
ابْن العَدِيْم، وَفتَاهُ بَيْبَرْسُ، وَمُحْيِي الدِّيْنِ
ابْن النَّحَّاسِ، وَابْنُ عَمِّهِ أَيُّوْب، وَمَجْد
الدِّيْنِ ابْن الظَّهِير، وَأَحْمَد بن مُحَمَّدِ ابْنِ
العِمَاد، وَعَبْد الكَرِيْمِ بن المُعَذَّل، وَعَلِيُّ
بنُ عَبْدِ الدَّائِمِ، وَعَلِيُّ بنُ عُثْمَانَ
الطِّيْبِيّ، وَعَدَد كَثِيْر.
وَبِالإِجَازَةِ عِدَّة.
قَالَ ابْنُ نُقْطَةَ: سَمَاعُهُ صَحِيْحٌ.
وَقَالَ ابْنُ الحَاجِبِ: كَانَ شَيْخاً سَهْلاً سَمحاً،
ضَحُوكَ السِّنِّ، لَهُ أُصُوْلٌ يُحَدِّثُ مِنْهَا،
وَكَانَ سَلِيمَ البَاطِنِ، مُشْتَغِلاً بِصَنْعَتهِ،
إِلاَّ أَنَّهُ كَانَ يَتشيَّعُ، وَلَمْ يَظهر مِنْهُ
إِلاَّ الجَمِيْل.
وَقَالَ ابْنُ السَّاعِي: رُتّب مُسْمِعاً بِمَشْيَخَةِ
المُسْتَنْصِرِيَّةِ فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ إِحْدَى
وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ -يَعْنِي بَعْدَ ابْنِ
القُبَّيْطِيّ-.
(23/149)
قُلْتُ: وَقَدْ عُمِّرَ، وَسَاءَ خُلقُه،
وَبَقِيَ يُحَدِّث بِالأُجرَةِ، وَيَتعَاسرُ، وَحِكَايَة
المُحِبِّ مَعَهُ اشْتهرت، فَإِنَّهُ رَحل وَبَادَرَ
إِلَيْهِ بِـ (جُزء البَانْيَاسِيّ) وَهُوَ عَلَى
حَانُوْت، فَقَالَ: مَا لِي فَرَاغ السَّاعَة.
فَأَلَحَّ عَلَيْهِ، فَتركه وَقَامَ، فَتبِعَه، وَابتدَأَ
فِي الجُزْء، فَقَرَأَ وَرقَةً، وَوصلَ الشَّيْخ إِلَى
بَيْته، فَضَرَبَه بِالعَصَا ضربتَيْنِ وَقعت الوَاحِدَة
فِي الجُزْءِ، وَدَخَلَ وَأَغلق البَاب.
قَرَأْتُ هَذَا بِخَطِّ المُحبِّ، فَالذَّنْب مركّب
مِنْهُمَا!
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: هُوَ صَحِيْحُ السَّمَاع، إِلاَّ
أَنَّهُ عَسِرٌ جِدّاً، يَذْهَب إِلَى الاعتزَال.
قَالَ: وَيُقَالُ: إِنَّهُ يَرَى رَأْي الفلاسفَةِ،
وَيَتهَاون بِالأُمُوْر الدّينِيَّةِ، مَعَ حُمقٍ ظَاهِرٍ
فِيْهِ، وَقِلَّةِ عِلْمٍ.
قُلْتُ: ثُمَّ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ اندَكّ
وَتَعَلَّلَ، وَوَقَعَ فِي الْهَرم، وَلَزِمَ بَيْته،
وَهُوَ مِنْ آخر مَنْ رَوَى حَدِيْث مَالِك الإِمَامَ
بِعُلُوٍّ، كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ خَمْسَةُ أَنْفُسٍ
(1) .
مَاتَ: فِي حَادِي عَشَرَ جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ
خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
وَفِيْهَا مَاتَ: أَبُو مَدْيَن شُعَيْب بن يَحْيَى
الزَّعْفَرَانِيّ بِمَكَّةَ، وَالشَّيْخ عَبْد
الرَّحْمَانِ بن أَبِي حَرَمِي المَكِّيّ النَّاسخ،
وَإِمَام النَّحْو أَبُو عَلِيٍّ عُمَر بن مُحَمَّدٍ
الأَزْدِيّ الشَّلَوْبِيْن، وَالمُنْشِئ جَلاَل الدِّيْنِ
مُكَرَّم بن أَبِي الحَسَنِ الأَنْصَارِيّ، وَالصَّاحب
هِبَة اللهِ بن الحَسَنِ ابْن الدَّوَامِيّ، وَالأَمِيْرُ
شَرَفُ الدِّيْنِ يَعْقُوْب بن مُحَمَّدٍ الهَذَبَانِيّ،
وَصَاحِبُ مَيَّافَارِقِيْن المُظَفَّر غَازِي ابْن
العَادل، وَشَيْخُ الفُقَرَاء عليّ الحَرِيْرِيّ.
__________
(1) ذكر الذهبي في تاريخ الإسلام أنهم: ابن البطي وغيره عن
البانياسي عن أبي الصلت عن الهاشمي عن أبي مصعب عن مالك.
(23/150)
104 - يُوْسُفُ بنُ خَلِيْلِ بنِ قَرَاجَا
عَبْدِ اللهِ، أَبُو الحَجَّاجِ الدِّمَشْقِيُّ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الصَّادِقُ، الرَّحَّال،
النَّقَال، شَيْخُ المُحَدِّثِيْنَ، راوِيَة الإِسْلاَم،
أَبُو الحَجَّاجِ شَمْس الدِّيْنِ الدِّمَشْقِيّ،
الأَدَمِيّ، الإِسكَاف، نَزِيْلُ حَلَب وَشيخُهَا.
وُلِدَ فِي: سَنَةِ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَتشَاغل بِالسَّبَب (1) حَتَّى كَبِرَ وَقَاربَ
الثَّلاَثِيْنَ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ حُبِّب إِلَيْهِ
الحَدِيْثُ، وَعُنِيَ بِالرِّوَايَةِ، وَسَمِعَ
الكَثِيْرَ، وَارْتَحَلَ إِلَى النَّوَاحِي، وَكَتَبَ
بِخَطِّهِ المُتْقنِ الحُلو شَيْئاً كَثِيْراً، وَجَلَب
الأُصُوْل الكِبَار، وَكَانَ ذَا عِلْمٍ حسنٍ وَمَعْرِفَةٍ
جَيِّدَةٍ وَمشَاركَةٍ قويَّةٍ فِي الإِسْنَادِ وَالمَتْنِ
وَالعَالِي وَالنَّازلِ وَالانتخَابِ.
وَسَمِعَ بِدِمَشْقَ بَعْد الثَّمَانِيْنَ مِنْ: يَحْيَى
الثَّقَفِيّ، وَمُحَمَّدِ بن عَلِيِّ بنِ صَدَقَة،
وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بن عَلِيٍّ الخِرَقِيّ، وَأَحْمَدَ
بن حَمْزَةَ بن عَلِيٍّ ابْن المَوَازِيْنِيّ،
وَإِسْمَاعِيْل الجَنْزَوِيّ، وَأَبِي طَاهِرٍ
الخُشُوْعِيّ، وَأَقرَانِهِم.
وَصحبَ الحَافِظَ عَبْد الغَنِيِّ، وَتَخَرَّجَ بِهِ
مُدَّة، فَنَشَّطه لِلارتِحَالِ، فَمَضَى إِلَى بَغْدَادَ
سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ، وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي
مَنْصُوْرٍ عَبْد اللهِ بن عَبْدِ السَّلاَمِ،
__________
(*) صلة التكملة لوفيات النقلة للحسيني الورقة 62، تاريخ
الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 91 - 92،
تذكرة الحفاظ للذهبي: 4 / 1410 - 1412، الترجمة 1132،
العبر للذهبي: 5 / 201، المستفاد من ذيل تاريخ بغداد لأحمد
بن أيبك الدمياطي الورقة 82 / أ، ذيل طبقات الحنابلة لابن
رجب 2 / 244 - 245 الترجمة 353، النجوم الزاهرة: 7 / 22،
طبقات الحفاظ للسيوطي: 495 - 496 الترجمة 1100، شذرات
الذهب: 5 / 243 - 244، التاج المكل للقنوجي 240 - 241.
(1) يعني بطلب الرزق.
(23/151)
وَذَاكِرِ بنِ كَامِلٍ، وَيَحْيَى بن
بَوْشٍ، وَعَبْد المُنْعِمِ بن كُلَيْبٍ، وَأَبِي طَاهِرٍ
المُبَارَك بن المَعْطُوشِ، وَرَجَبِ بنِ مَذْكُوْرٍ،
وَعَدَدٍ كَثِيْرٍ بِبَغْدَادَ.
وَمِنْ: هِبَة اللهِ بن عَلِيٍّ البُوْصِيْرِيّ،
وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ يَاسِيْنَ، وَجَمَاعَةٍ بِمِصْرَ.
وَمِنْ: خَلِيْلِ بن بَدْرٍ الرَّارَانِيّ، وَمَسْعُوْدِ
بنِ أَبِي مَنْصُوْرٍ الخَيَّاطِ، وَمُحَمَّدِ بنِ
إِسْمَاعِيْلَ الطَّرَسُوْسِيِّ، وَأَبِي الفَضَائِلِ
عَبْدِ الرَّحِيْمِ الكَاغَدِيِّ، وَأَبِي المَكَارِمِ
اللَّبَّانِ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَبِي زَيْدٍ الكَرَّانِيِّ،
وَنَاصِرِ بنِ مُحَمَّدٍ الويرج، وَعَلِيِّ بنِ سَعِيْدِ
بنِ فَاذشَاه، وَغَانِم بن مُحَمَّدٍ الصَّفَّار،
وَمُحَمَّد بن أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ المَهَّادِ
المُقْرِئِ، وَأَبِي المَحَاسِنِ مُحَمَّد بن الحَسَنِ
الأَصبهبد، وَمَسْعُوْدِ بنِ مَحْمُوْدٍ العِجْلِيِّ،
وَأَبِي نُعَيْمٍ أَحْمَدَ بنِ أَبِي الفَضْلِ
الكَرَّانِيّ بِأَصْبَهَانَ، وَطَاهِرِ بنِ مَكَارِم
المَوْصِلِيِّ المُؤَدِّبِ، وَأَحْمَدَ بنِ عَبْدِ اللهِ
ابْنِ الطُّوْسِيِّ بِالمَوْصِلِ.
وَ (مَشْيَختُهُ) نَحْو الخَمْس مائَة، سَمِعتهَا مِنْ
أَصْحَابِهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنَ القُدَمَاءِ، وَكَتَبَ
عَنْهُ: الحَافِظُ إِسْمَاعِيْلُ ابْن الأَنْمَاطِيّ،
وَزَكِيُّ الدِّيْنِ البِرْزَالِيُّ، وَشِهَابُ الدِّيْنِ
القُوْصِيّ، وَمَجْدُ الدِّيْنِ ابْن الحُلوَانِيَّةِ،
وَكَمَالُ الدِّيْنِ ابْنُ العَدِيْمِ، وَابْنُهُ مَجْدُ
الدِّيْنِ.
وَرَوَى لَنَا عَنْهُ: الحَافِظُ أَبُو مُحَمَّدٍ
الدِّمْيَاطِيُّ، وَالحَافِظُ أَبُو العَبَّاسِ ابْن
الظَّاهِرِيّ، وَشَرَفُ الدِّيْنِ مَحْمُوْد التَّادفِي،
وَمُحَمَّدُ بنُ جَوْهَر التَّلعفرِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ
سُلَيْمَانَ ابْن المَغْرِبِيّ، وَأَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ
بنُ أَحْمَدَ الغَرَّافِيّ، وَطَاهِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ
ابْن العَجَمِيّ، وَعَبْدُ المَلِكِ ابْن العُنَيِّقَة،
وَسُنْقُرُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأُسْتَاذِيّ (1) ،
وَالصَّاحِبُ فَتح الدِّيْنِ عَبْد اللهِ بن مُحَمَّدٍ
الخَالِدِيّ، وَأَمِيْنُ الدِّيْنِ عَبْد اللهِ بن شُقير،
وَتَاجُ الدِّيْنِ صَالِح الفَرَضِيّ، وَالقَاضِي عَبْد
العَزِيْزِ
__________
(1) وهو القضائي.
(23/152)
ابْن أَبِي جَرَادَة، وَأَخُوْهُ عَبْدُ
المُحْسِنِ، وَإِسْحَاقُ وَأَيُّوْبُ وَمُحَمَّدٌ بَنُوْ
ابْنِ النَّحَّاسِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ وَإِسْمَاعِيْلُ
وَإِبْرَاهِيْمُ أَوْلاَدُ ابْن العَجَمِيّ، وَنَسِيْبهُم
أَحْمَد بن مُحَمَّدٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ
النَّصِيْبِيّ، وَعَمَّتُهُ نَخْوَةُ (1) ، وَأَحْمَدُ بنُ
مُحَمَّدٍ المُعَلِّمُ، وَالعَفِيْفُ إِسْحَاق الآمِدِيّ،
وَأَبُو حَامِدٍ المُؤَذِّن، وَغَيْرُهُم، وَكَانَ
خَاتِمَتُهُم إِبْرَاهِيْم ابْن العَجَمِيّ بِحَلَبَ،
وَإِجَازتُه مَوْجُوْدَة لِزَيْنَبَ بِنْتِ الكَمَال
بِدِمَشْقَ.
وَكَانَ حَسَنَ الأَخْلاَقِ، مَرضِيَّ السِّيرَةِ، خَرَّجَ
لِنَفْسِهِ (الثّمانِيَّات)، وَأَجزَاء عَوَالِي
(كعَوَالِي هِشَام بن عُرْوَةَ)، وَ(عَوَالِي الأَعْمَش)،
وَ(عَوَالِي أَبِي حنفِيَة)، وَ(عَوَالِي أَبِي عَاصِمٍ
النَّبِيْل)، وَ(مَا اجْتَمَع فِيْهِ أَرْبَعَة مِنَ
الصَّحَابَةِ)، وَغَيْر ذَلِكَ.
سَمِعْتُ مِنْ حَدِيْثِهِ شَيْئاً كَثِيْراً، وَمَا
سَمِعْتُ العُشْرَ مِنْهُ، وَهُوَ يَدخل فِي شَرط
الصَّحِيْح لِفَضِيْلتِهِ، وَجَوْدَة مَعْرِفَته، وَقُوَّة
فَهْمه، وَإِتْقَان كتبه، وَصِدْقَه وَخَيْرِهِ، أَحَبَّه
الحَلَبِيُّوْنَ وَأَكرمُوْهُ، وَأَكْثَرُوا عَنْهُ،
وَوَقَفَ كُتُبَهُ، لَكِنَّهَا تَفَرَّقَت وَنُهِبت فِي
كَائِنَة حَلَب سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ، وَقُتِلَ
فِيْهَا أَخُوْهُ المُسْنِدُ إِبْرَاهِيْمُ بنُ خَلِيْلٍ،
وَكَانَ قَدْ سَمَّعَهُ مِنْ جَمَاعَةٍ، وَتَفَرَّدَ
بِأَجزَاءَ كَ (مُعْجَم الطَّبَرَانِيِّ)، عَنْ يَحْيَى
الثَّقَفِيّ وَغَيْر ذَلِكَ.
وَأَخُوْهُمَا الثَّالِث يُوْنُس بن خَلِيْل الأَدَمِيّ
مَاتَ مَعَ أَخِيْهِ الحَافِظ، وَقَدْ حَدَّثَ عَنِ
البُوْصِيْرِيّ، وَجَمَاعَة؛ حَدَّثَنَا عَنْهُ ابْن
الخَلاَّل وَغَيْرُهُ.
وَكَانَ أَبُو الحَجَّاجِ -رَحِمَهُ اللهُ- يَنطوِي عَلَى
سُنَّة وَخَيْرٍ.
بَلَغَنِي أَنَّهُ أَنْكَر
__________
(1) هي نخوة بنت زين الدين محمد بن عبد القاهر بن هبة الله
بن عبد القاهر بن عبد الواحد بن النصير الحلبي ام محمد بنت
النصيبي.
وقد سمعت منه التاسع والعاشر من " المستخرج عن صحيح
البخاري " لأبي نعيم وتفردت برواية ذلك.
قال الذهبي المؤلف: ما أظن روى عن ابن خليل امرأة سواها.
ولدت سنة 634 وتوفيت سنة 719.
(23/153)
عَلَى ابْنِ رَوَاحَة أَخْذه علَى
الرِّوَايَةِ، فَاعْتذر بِالحَاجَة، وَكَذَا بَلَغَنِي
أَنَّهُ كَانَ يذمُّ الحَرِيْرِيّ (1) وَطرِيقَةَ
أَصْحَابه، وَلَمْ يَزَلْ يُسْمِع، وَيطوّل روحه عَلَى
الطلبَة وَالرّحَّالين وَيَكْتُب لَهُم الطِّباق، وَإِلَى
أَنْ مَاتَ.
رَوَى كتباً كِبَاراً (كَالحلْيَةِ)، وَ(المُعْجَم
الكَبِيْر)، وَ(الطَّبَقَات) لابْنِ سَعْد، وَ(سُنَنِ
الدَّارَقُطْنِيّ)، وَكِتَابِ (الآثَارِ) لِلطحَاوِي،
وَ(مُسْنَدِ الطَّيَالِسِيّ)، وَ(السُّنَنِ) لأَبِي
قُرَّةَ، وَ(الدُّعَاءِ) لِلطَّبَرَانِيِّ، وَجُملَة مِنْ
تَصَانِيْفِ ابْنِ أَبِي عَاصِمٍ، وَكَثِيْراً مِنْ
تَصَانِيْفِ أَبِي الشَّيْخِ وَالطَّبَرَانِيِّ، وَأَبِي
نُعَيْمٍ، وَانقطعَ بِمَوْتِهِ سَمَاعُ أَشيَاءَ
كَثِيْرَةٍ لِخرَاب أَصْبَهَانَ.
تُوُفِّيَ إِلَى رَحْمَةِ الله: فِي عَاشر جُمَادَى
الآخِرَةِ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ،
وَلَهُ ثَلاَثٌ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً.
وَمَاتَ أَخُوْهُ يُوْنُسُ قَبْله فِي المُحَرَّم، وَكَانَ
قَدْ أَخَذَه وَسَمَّعَهُ مِنَ البُوْصِيْرِيّ وَابْن
يَاسين وَلَزِمَ الصَّنْعَة، رَوَى عَنْهُ أَبُو الفَضْلِ
الإِرْبِلِيّ، وَابْن الخَلاَّل، وَالعِمَاد ابْن
البَالِسِيّ، وَجَمَاعَة.
وَفِيْهَا مَاتَ: مُسْنَد الإِسْكَنْدَرِيَّة أَبُو
مُحَمَّدٍ عَبْدُ الوَهَّابِ ابْن رَوَاج وَلَهُ أَرْبَعٌ
وَتِسْعُوْنَ سَنَةً، وَالعَدْل فَخر القُضَاة أَبُو
الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ
ابْن الجَبَّاب السَّعْدِيّ بِمِصْرَ، وَمُسْنِدُ
بَغْدَادَ أَبُو مُحَمَّدٍ إِبْرَاهِيْم بن مَحْمُوْدٍ
ابْن الخَيِّر الأَزَجِيّ وَلَهُ خَمْسٌ وَثَمَانُوْنَ
سَنَةً، وَالمُسْنِدُ مُظَفَّر بن عَبْدِ المَلِكِ ابْن
الفُوِّيّ بِالثَّغْرِ، وَعَلِيّ بن سَالِمِ بنِ أَبِي
بَكْرٍ البَعْقُوبِيّ، وَالمُفْتِي مُحَمَّد بن أَبِي
السَّعَادَاتِ الدَّبَّاس الحَنْبَلِيّ، حَدَّثَا (2) عَنِ
ابْنِ شَاتيلَ.
__________
(1) صاحب الطريقة الصوفية المشهورة.
(2) يعني: اليعقوبي والدباس.
(23/154)
أَخْبَرْنَا إِسْحَاقُ بنُ أَبِي بَكْرٍ،
أَخْبَرْنَا ابْنُ خَلِيْلٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الفَتْح
نَاصِر بن مُحَمَّدٍ القَطَّان، وَغَيْرهُ، أَنَّ جَعْفَر
بن عَبْدِ الوَاحِدِ الثَّقَفِيّ أَخْبَرَهُم: أَخْبَرَنَا
أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ سَنَة ثَمَانٍ
وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ
الطَّبَرَانِيّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ
بنِ بَرَّة بِصَنْعَاءَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ،
أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي
نَجِيْحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي مَعْمَر، عَنِ ابْنِ
مَسْعُوْدٍ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
دَخَلَ الكَعْبَةَ يَوْم الفَتْحِ وَحَوْلَ الكَعْبَة
ثَلاَثُ مائَة وَسِتُّوْنَ صَنَماً، فَجَعَلَ يَطْعَنُهَا
بِعُوْدٍ وَيَقُوْلُ : (جَاءَ الحَقُّ وَزَهَقَ البَاطِلُ،
إِنَّ البَاطِلَ كَانَ زَهَوْقاً). فَتَسَّاقَطُ
لِوُجُوهِهَا (1) .
قَرَأْتُ عَلَى مَحْمُودِ بنِ مُحَمَّدٍ المُقْرِئ:
أَخْبَرْنَا ابْنُ خَلِيْلٍ، أَخْبَرَنَا مَسْعُوْدُ بنُ
أَبِي مَنْصُوْرٍ، أَخْبَرْنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ،
أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ
خَلاَّدٍ، حَدَّثَنَا الحَارِثُ بنُ أَبِي أُسَامَةَ،
حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ هَاشِمٍ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بنُ
عُرْوَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ المُنْذِرِ، عَنْ
أَسْمَاء، قَالَتْ:
ذَبَحنَا فَرساً عَلَى عَهْدِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَكَلنَا مِنْ لَحمِهِ.
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (2) مِنْ حَدِيْثِ هِشَام بن عُرْوَةَ.
105 - المُسْتَنْصِرُ بِاللهِ أَبُو جَعْفَرٍ مَنْصُوْرُ
بنُ الظَّاهِر بِأَمْرِ اللهِ العَبَّاسِيُّ *
أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ، أَبُو جَعْفَرٍ مَنْصُوْرُ ابْن
الظَّاهِر بِأَمْرِ اللهِ مُحَمَّد ابْن النَّاصِرِ
__________
(1) قال شعيب: إسناده صحيح، وهو في معجم الطبراني الصغير 1
/ 77، 78 من طريق إبراهيم بن محمد بن برة بهذا الإسناد،
وأخرجه البخاري (4287) ومسلم (1781) والترمذي (3137) وأحمد
1 / 377، ونسبه المزي في تحفة الاشراف 7 / 66 إلى النسائي
في الكبرى.
(2) قال شعيب: هو في البخاري (5510) و(5511) و(5512)
و(5519) ومسلم (1942) وأخرجه النسائي 7 / 231، وأحمد 6 /
345 و346 و353، وابن الجارود (886) وابن ماجة (3190)
والطحاوي في شرح معاني الآثار 4 / 211 والدار قطني 4 /
290، والبيهقي 9 / 327.
(*) سيرته مشهورة جدا وأخباره مثبوتة في معظم الكتب التي
تناولت هذه المدة منها: مرآة =
(23/155)
لِدِيْنِ اللهِ أَحْمَد ابْن المُسْتَضِيْء
بِأَمْرِ اللهِ حسن ابْن المُسْتَنْجِد بِاللهِ يُوْسُف
ابْن المُقْتَفِي العَبَّاسِيُّ، البَغْدَادِيُّ، وَاقفُ
المُسْتَنْصِرِيَّة الَّتِي لاَ نَظِير لَهَا.
مَوْلِدُه: سَنَة ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَأُمّه تُركيَّة، وَكَانَ أَبْيَضَ أَشقر، سَمِيناً،
رَبْعَة، مَليح الصُّوْرَة، عَاقِلاً حَازِماً سَائِساً،
ذَا رَأْيٍ وَدَهَاءٍ وَنُهُوْض بِأَعبَاءِ المُلْك،
وَكَانَ جَدُّهُ النَّاصِرُ يُحِبُّه وَيُسمِّيه القَاضِي
لِحُبِّه لِلْحقِّ وَعَقلِهِ.
وَبُوْيِعَ عِنْدَ مَوْتِ وَالِده يَوْمَ الجُمُعَةِ،
ثَالِثَ عَشَرَ رَجَبٍ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ
وَسِتِّ مائَةٍ البَيْعَةَ الخَاصَّة مِنْ إِخْوَته وَبنِي
عَمِّهِ وَأُسرتِه، وَبَايَعَهُ مِنَ الغَدِ الكُبَرَاء
وَالعُلَمَاء وَالأُمَرَاء.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: فَنشرَ العَدْلَ، وَبثَّ
المَعْرُوفَ، وَقَرَّبَ العُلَمَاء وَالصُّلَحَاء، وَبَنَى
المَسَاجِد وَالمدَارس وَالرُّبط، وَدُورَ الضِّيَافَة
وَالمَارستَانَات، وَأَجرَى العطيَات، وَقمعَ
المُتمرِّدَةَ، وَحَمَلَ النَّاسَ عَلَى أَقوم سَنَنٍ،
وَعَمَّرَ طُرُقَ الحَاجِّ، وَعَمَّرَ بِالحَرَمَيْنِ
دُوراً لِلمَرْضَى، وَبَعَثَ إِلَيْهَا الأَدويَةَ:
__________
= الزمان لسبط ابن الجوزي 8 / 739 - 740، التكملة لوفيات
النقلة للحافظ المنذري ج 3 الترجمة 3095، ذيل الروضتين:
172، مختصر ابن العبري: 253، الحوادث الجامعة: 155 - 158،
المختصر في اخبار البشر لأبي الفدا: 3 / 179، تاريخ
الإسلام للحافظ الذهبي (أيا صوفيا 3012) ج 19 الورقة 228،
دول الإسلام للذهبي: 2 / 110 العبر للذهبي: 5 / 166، نثر
الجمان للفيومي ج 2 الورقة 133، البداية والنهاية: 13 /
159 - 160، العسجد المسبوك: 506 - 508، السلوك للمقريزي ج
1 قسم 1 / 211 - 312، عقد الجمان للعيني ج 18 الورقة 248 -
251، النجوم الزاهرة: 6 / 345 - 346، شذرات الذهب 5 / 209،
عيون الاخبار للصديقي الورقة 161 وما قبلها، ويراجع الملحق
الأول من تاريخ علماء المستنصرية 2 / 145 - 164، وكتاب
المدارس الشرابية لاستاذنا الدكتور ناجي معروف ففيهما
تفصيل يغني.
(23/156)
تَخْشَى الإِلَهَ فَمَا تَنَامُ عِنَايَةً
... بِالمُسْلِمِيْنَ وَكُلُّهُم بِكَ نَائِمُ
إِلَى أَنْ قَالَ: ثُمَّ قَامَ بِأَمر الجِهَاد أَحْسَن
قيَامٍ، وَجَمَعَ العَسَاكِر، وَقمع الطغَام، وَبَذَلَ
الأَمْوَالَ، وَحفظَ الثُّغُوْر، وَافتَتَح الحُصُون،
وَأَطَاعَهُ المُلُوْك.
قَالَ: وَبيعت كُتب العِلْم فِي أَيَّامِهِ بِأَغلَى
الأَثَمَان لِرَغبته فِيْهَا، وَلوَقفِهَا.
وَخَطَهُ الشَّيبُ، فَخَضَّب بِالحِنَّاءِ، ثُمَّ تَركه.
قُلْتُ: كَانَتْ دَوْلَتُه جيِّدَةَ التّمكن، وَفِيْهِ
عدلٌ فِي الجُمْلَةِ، وَوَقْعٌ فِي النُّفُوْس.
اسْتَجَدَّ عَسْكَراً كَثِيْراً لَمَّا عَلِمَ بِظُهُوْرِ
التَّتَارِ، بِحَيْثُ إِنَّهُ يُقَالَ: بَلغَ عِدَّةُ
عَسْكَرِهِ مائَةَ أَلْفٍ، وَفِيْهِ بُعْدٌ، فَلَعَلَّ
ذَلِكَ نَمَى فِي طَاعَتِهِ مِنْ مُلُوْكِ مِصْر وَالشَّام
وَالجَزِيْرَة، وَكَانَ يُخْطَبُ لَهُ بِالأَندلسِ
وَالبِلاَدِ البعيدةِ.
قَالَ السَّاعِي: حَضَرتُ بَيعَتَهُ، فَلَمَّا رُفِعَ
السَّتر شَاهَدتُه وَقَدْ كَمَّل اللهُ صُوْرَتَه
وَمَعْنَاهُ، كَانَ أَبْيَضَ بِحُمْرَةٍ، أَزَجَّ
الحَاجِبَيْن، أَدعَجَ الْعين، سَهْلَ الخَدَّيْنِ،
أَقْنَى، رَحْبَ الصَّدْرِ، عَلَيْهِ ثَوْبٌ أَبيَضُ
وَبَقيَار (1) أَبيض، وَطَرْحَةُ قَصَب بيضَاء، فَجَلَسَ
إِلَى الظُّهْر.
قَالَ: فَبَلَغَنِي أَن عِدَّة الخِلَع بلغتْ ثَلاَثَةَ
آلاَفٍ وَخَمْسَ مائَةٍ وَسَبْعِيْنَ خِلْعَةًَ.
قُلْتُ: بلغَ مَغَلُّ وَقْفِ المُسْتَنْصِرِيَّة مَرَّةً
نَيِّفاً وَسَبْعِيْنَ أَلْفَ دِيْنَار فِي العَامِ،
وَاتَّفَقَ لَهُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي أَيَّامِهِ
مَعَهُ سُلْطَانٌ يَحكمُ عَلَيْهِ، بَلْ مُلُوْك الأَطرَاف
خَاضِعُوْنَ لَهُ، وَفِكْرُهُم مُتَقَسِّم بِأَمر
التَّتَار وَاسْتيلاَئِهِم عَلَى خُرَاسَانَ.
__________
(1) ضرب من العمائم (معجم دوزي: 1 / 407).
(23/157)
تُوُفِّيَ (1) : فِي بُكرَة الجُمُعَة،
عَاشرَ جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ
مائَةٍ.
وَكَانَتْ دَوْلَتُهُ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَعَاشَ
اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ سَنَةً.
وَفِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ: التقَى خُوَارِزْم
شَاه التَّتَار بِبلاَد أَصْبَهَانَ فَهَزمَهُم
وَمَزَّقَهُم، ثُمَّ تَنَاخَوْا وَكرُّوا عَلَيْهِ،
فَانْفلَّ جَمعُه، وَبَقِيَ فِي أَرْبَعَةَ عَشَرَ
فَارِساً وَأُحِيْطَ بِهِ، فَخَرَقهُم عَلَى حَمِيَّة،
فَكَانَتْ وَقْعَة مُنْكئَة لِلْفَرِيقَينِ، فَتَحَصَّنَ
بِأَصْبَهَانَ (2) .
وَقتلت الإِسْمَاعِيْلِيَّةُ أَمِيْرَ كنجَة، فَتَأَلَّمَ
جَلاَلُ الدِّيْنِ، وَقَصدَ بِلاَدَ الإِسْمَاعِيْلِيَّةِ،
فَقتَلَ وَسَبَى، ثُمَّ تَحَزَّبُوا لَهُ، وَسَارَ جَيْشُ
الأَشْرَفِ مَعَ الحَاجِبِ عَلِيٍّ، فَافْتَتَحَ مِرَند
وَخُوَي، وَرَدُّوا إِلَى خِلاَط، وَأَخَذُوا زَوْجَةَ
خُوَارِزْم شَاه، وَهِيَ بِنْتُ السُّلْطَان طُغْرِل بن
رسلاَن السَّلْجُوْقِيّ، وَكَانَ تَزَوَّجَ بِهَا بَعْد
أزبك ابْن البَهْلَوَان صَاحِب تِبْرِيْز، فَأَهملهَا،
فَكَاتَبَتِ الحَاجِبَ، وَسَلَّمت إِلَيْهِ البِلاَدَ.
وَمَرِضَ المُعَظَّم، فَتصدَّق بِأَلف غرَارَة
وَثَمَانِيْنَ أَلْفَ دِرْهَم، وَحَلَّفَ الأُمَرَاء
لوَلَده النَّاصِر دَاوُد، وَمَاتَ فِي ذِي القَعْدَةِ.
وَفِيْهَا مَاتَ القَان جِنْكزخان المَغُلي، طَاغِيَةُ
التَّتَار، فِي رَمَضَانَ، وَكَانَتْ أَيَّامُهُ
المشؤومَةُ خَمْساً وَعِشْرِيْنَ سَنَةً.
وَقِيْلَ: كَانَ أَوّلُ أَمره حَدَّاداً يُدعَى تَمرجين،
وَتسلطن بَعْدَهُ ابْنه أوكتَاي.
وَعَاشَ المُعَظَّم تِسْعاً وَأَرْبَعِيْنَ سَنَةً،
وَكَانَ يَعْرِفُ مَذْهَب أَبِي حَنِيْفَةَ
__________
(1) ذكر الحافظ المنذري أن وفاته كانت في العشرين من جمادى
الأولى وورد في دول الإسلام انه مات في جمادى الآخرة
وسينقل الحافظ الذهبي بعد قليل عن ابن البزوري انه توفي
يوم الجمعة بكرة عاشر جمادى الآخرة فليلاحظ ذلك.
(2) انظر تفاصيل ذلك في تاريخ الإسلام، الورقة: 238 - 239
(أيا صوفيا 3012).
(23/158)
وَالقُرْآن وَالنَّحْو، وَشَرَحَ
(الجَامِع) فِي عِدَّةِ مُجَلَّدَاتٍ بِإِعَانَةِ
غَيْرِهِ.
وَفِي سَنَة خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ (1) : جَاءَ المَنْشُوْرُ
مِنَ الكَامِلِ لابْنِ أَخِيْهِ النَّاصِرِ بِسَلطَنَةِ
دِمَشْقَ، ثُمَّ بَعْدَ أَشْهُرٍ قَدِمَ الكَامِلَ
لِيَأْخُذَ دِمَشْقَ، وَأَتَاهُ صَاحِبُ حِمْص
وَالعَزِيْزُ أَخُوْهُ، فَاسْتنجدَ النَّاصِرُ بعَمِّهِ
الأَشْرَفِ، فَسَارَ وَنَزَلَ بالدّهشَة، فَرَجَعَ
الكَامِل، وَقَالَ: لاَ أُقَاتِل أَخِي.
فَقَالَ الأَشْرَفُ: المَصْلَحَةُ أَنْ أُدْركَ
السُّلْطَانَ وَأُلاَطِفَهُ.
فَاجْتَمَعَ بِهِ بِالقُدْس، وَاتَّفَقَا عَلَى النَّاصِرِ
وَأَنَّ تَكُوْنَ دِمَشْقُ لِلأَشْرَفِ، وَتبْقَى الكركُ
لِلنَّاصِرِ، فَلَمَّا سَمِعَ النَّاصِر، حَصَّن البَلَدَ.
وَفِيْهَا عُزِلَ الصَّدْرُ البَكْرِيُّ عَنْ حسْبَة
دِمَشْق، وَمَشْيَخَةِ الشُّيُوْخ.
وَفِيْهَا جَرَى الكُوَيز (2) السَّاعِي مِنْ وَاسِطَ
إِلَى بَغْدَادَ فِي يَوْمٍ وَليلَةٍ، وَرُزِقَ قَبُولاً،
وَحَصَلَ لَهُ سِتَّةُ آلاَفِ دِيْنَارٍ وَنَيِّفٌ
وَعِشْرُوْنَ فَرساً.
وَشَرَعُوا فِي أَسَاسِ المُسْتَنْصِرِيَّة، وَدَامَ
البِنَاءُ خَمْس سِنِيْنَ، وَكَانَ مشدّ العمَارَةِ
أُسْتَاذ دَارِ الخَلِيْفَةِ.
وَكَانَتْ فَرقَةٌ مِنَ التَّتَار قَدْ أَبعدَهُم جَنْكِز
خَان وَغَضِبَ عَلَيْهِم، فَأَتَوا خُرَاسَان،
فَوَجَدُوهَا بلاَقع، فَقصدُوا الرَّيَّ، فَالتقَاهُم
خُوَارِزْم شَاه مَرَّتين وَيَنهزِمُ، فَنَازلُوا
أَصْبَهَان، ثُمَّ أَقْبَلَ خُوَارِزْم شَاه، وَخرق
التَّتَار، وَدَخَلَ إِلَى أَصْبَهَانَ وَأَهْلُهَا مِنْ
أَشجعِ الرِّجَالِ، ثُمَّ خَرَجَ بِهِم، فَهَزم التَّتَارَ
وَطَحَنَهُم، وَسَاقَ خَلْفَهُم إِلَى الرَّيِّ قَتْلاً
وَأَسْراً، ثُمَّ أَتَتْهُ رُسُلٌ مِنَ القَانِ بِأَنَّ
هَؤُلاَءِ أَبعَدْنَاهُم، فَاطْمَأَنَّ لِذَلِكَ، وَعَادَ
إِلَى تِبْرِيْز.
وَاستولَى الفِرَنْج عَلَى صَيْدَا، وَقَوِيَت
نُفُوْسُهُم، وَجَاءهُم مَلِكُ الأَلمَانِ
__________
(1) تاريخ الإسلام، الورقة: 239 - 243.
(2) الضبط من خط المؤلف في " تاريخ الإسلام " واسمه معتوق
الموصلي، والذهبي ينقل هنا عن تاج الدين ابن الساعي.
(23/159)
الأَنبرُوْرُ وَقَدِ اسْتولَى عَلَى قُبرس،
فَكَاتَبَهُ الكَامِلُ لِيعينه عَلَى النَّاصِرِ،
وَخَافَتْهُ مُلُوْكُ السّوَاحلِ وَالمُسْلِمُوْنَ،
فَكَاتَبَ مُلُوْكُ الفِرَنْجِ الكَامِلَ بِأَنَّهُم
يُمْسِكُوْن الأَنبرُوْر، فَبَعَثَ وَأَوْقَفَهُ عَلَى
عَزْمِهِم، فَعَرفَهَا لِلكَامِلِ (1) ، وَأَجَابَهُ إِلَى
هَوَاهُ، وَتردَّدتِ المرَاسلاَت، وَخضع
الأَنبرُوْر، وَقَالَ (2) : أَنَا عَتِيْقُكَ، وَإِنْ
أَنَا رَجَعت خَائِباً انْكَسَرت حُرمتِي، وَهَذِهِ
القُدْس أَصلُ دِيْنِنَا وَهِيَ خرَابَةٌ، وَلاَ دَخَلَ
لَهَا، فَتَصَدَّقْ عَلَيَّ بِقصبَةِ البَلَدِ وَأَنَا
أَحْمِلُ مَحْصُوْلَهَا إِلَى خزَانَتِكَ، فَلاَنَ (3)
لِذَلِكَ.
وَفِي سَنَةِ 626: سلّم الكَامِل القُدْسَ إِلَى
الفِرَنْجِ - فَواغوثَاهُ بِاللهِ (4) - وَأَتبعَ ذَلِكَ
بِحصَارِ دِمَشْقَ، وَأَذِيَّة الرَّعِيَّة، وَجَرَتْ
بَيْنهُم وَقعَاتٌ، مِنْهَا وَقْعَةٌ قُتِلَ فِيْهَا خلق
مِنَ الفَرِيْقَيْنِ، وَأُحرقت الحوَاضرُ، وَزحفُوا عَلَى
دِمَشْقَ مرَاراً، وَاشتدَّ الغلاَء، وَدَام البَلاَء
أَشْهُراً، ثُمَّ قَنِعَ النَّاصِر بِالكَرَك وَنَابُلُس
وَالغُوْر، وَسلّم الكَامِل دِمَشْق لِلأَشْرَف، وَعُوِّضَ
عَنْهَا بِحَرَّانَ وَالرَّقَّة وَرَأْس عين، ثُمَّ
حَاصرُوا الأَمْجَدَ بِبَعْلَبَكَّ، وَرَمَوْهَا
بِالمَجَانِيْقِ، وَأُخِذَت، فَتحوَّلَ الأَمْجَدُ إِلَى
دَارِهِ بِدِمَشْقَ.
وَنَازل خُوَارِزْم شَاه خِلاَطَ بِأَوبَاشه، وَبَدَّعَ،
وَأَخَذَ حَيْنَةَ (5) ، وَقَتَلَ أَهْلَهَا، ثُمَّ أَخَذَ
خِلاَطَ.
__________
(1) العبارة ملبسة بسبب الاختصار المخل وسرعة الصياغة،
والاصل في " تاريخ الإسلام ": فكاتبوا الكامل: إذا حصل
مصاف نمسك الانبرور، فسير إلى الامبرور كتبهم، وأوقفه
عليها، فعرف الانبرور ذلك للكامل، وأجابه إلى كل ما
يريد..".
(2) يعني: للكامل.
(3) الكامل.
(4) قال في " تاريخ الإسلام ": وكانت هذه من الوصمات التي
دخلت على المسلمين ".
(5) بلد في ديار بكر، ويقال لها: حاني أيضا. وقيدها ياقوت
بكسر الحاء المهملة وكسر النون، والضبط أعلاه من خط المؤلف
.
(23/160)
وَفِي سَنَةِ 627 (1) : هَزمَ الأَشْرَفُ
وَصَاحِبُ الرُّوْمِ جَلاَلَ الدِّيْنِ خُوَارِزْم شَاه،
وَتَمَزَّقَ جَمْعُهُ، وَاسْتردَّ الأَشْرَفُ خِلاَط.
وَقَدِمَ رَسُوْلُ مُحَمَّد بن هود الأَنْدَلُسِيّ
بِأَنَّهُ تَمَلَّكَ أَكْثَر المَغْرِب، وَخَطَبَ بِهَا
لِلمُسْتَنْصِر، فَكُتِبَ لَهُ تَقليدٌ بِسلطنَةِ تِلْكَ
الدِّيَار، وَنفذت إِلَيْهِ الخِلَعُ وَاللِّوَاء.
وَبَعَثَ خُوَارِزْم شَاه يَطلُبُ مِنَ الخَلِيْفَةِ
لِبَاسَ الفُتَوَّةِ، فَأُجِيبَ.
وَقَدْ أَخذتِ الْعَرَب مِنْ مُخَيَّم خُوَارِزْم شَاه
يَوْمَ كَسْرَتِهِ (2) باطيَةً (3) مِنْ ذَهَبٍ وَزْنُهَا
رُبُعُ قِنطَارٍ، وَالعجب أَنّ هَذِهِ المَلْحَمَة (4) مَا
قُتل فِيْهَا مِنْ عَسْكَر الشَّامِ سِوَى وَاحِد جُرِحَ،
لَكِنْ قُتِلَ مِنَ الرُّوْمِيِّيْنَ أُلُوف، وَأَمَّا
الخُوَارِزْمِيَّةِ فَاسْتَحَرَّ بِهِمُ القَتلُ، وَزَالت
هَيْبَتُهُم مِنَ القُلُوْبِ، وَوَلَّتْ سَعَادَتُهُم،
وَالوَقْعَةُ فِي رَمَضَانَ.
وَفِي سَنَةِ 628 (5) : فِيْهَا خَرَجَ عَلَى ابْنِ عَبْدِ
المُؤْمِنِ ابْنُ عَمٍّ لَهُ، وَظَفِرَ بِالمُلْكِ،
وَقتله، وَقتلَ مِنَ البَرْبَر خَلاَئِق.
وَفِي رَجَبٍ بَلَغَنَا (6) كسرَة التَّتَار لِخُوَارِزْم
شَاه، وَتَفرَّق جَمْعُهُ، وَذَاقَ
__________
(1) تاريخ الإسلام، الورقة: 244 - 245.
(2) كان ينبغي أن توضع هذه الفقرة بعد قوله: " واسترد
الأشرف خلاط ".
(3) الباطية: إناء من الخزف أو الفخار أو البلور لتقديم
النبيذ.
أو الذي يوضع فيه ماء العطر (معجم دوزي 1 / 484).
(4) يعني: الحرب بين الأشرف وصاحب الروم من جهة وجلال
الدين خوارزم شاه من جهة أخرى.
(5) تاريخ الإسلام، الورقة: 245 - 248.
(6) أصل الخبر في " تاريخ الإسلام ": " وفي رجب وصل قزويني
إلى الشام فأخبر..".
(23/161)
الذُّلّ؛ وَذَاكَ أَن خُوَارِزْم شَاه
لَمَّا انْهَزَم فِي العَامِ المَاضِي، بعثَت
الإِسْمَاعِيْلِيَّة تُعَرِّف التَّتَار ضَعْفه، فَسَارعت
طَائِفَةٌ تَقصدهُ بتورِيز فَلَمْ يَقدم عَلَى الملتقَى،
وَأَخَذُوا مَرَاغَة وَعَاثُوا، وَتَقَهْقَرَ هُوَ إِلَى
آمد فَكبَسَته التَّتَار، وَتَفرَّقَ جَمْعُهُ فِي كُلِّ
جهَة، وَطَمِعَ فِيهِم الفَلاَّحُوْنَ وَالكُرْد، وَأَخَذت
التَّتَار إِسعَرد بِالأَمَان، ثُمَّ غَدَرُوا
كَعوَائِدِهِم، ثُمَّ طَنْزَة (1) وَبلاَد نَصِيْبِيْن.
وَفِيْهَا سَجَنَ الأَشْرَفُ بِعَزَّتَا (2) عَلِيّاً
الحَرِيْرِيَّ، وَأَفتَى جَمَاعَةٌ بِقَتْلِهِ (3) .
وَأُسِّسَتْ دَارُ الحَدِيْثِ الأَشْرفِيَّةِ بِدِمَشْقَ.
وَفِيْهَا ظُفِرَ بِالتَاجِ الكَحَّالِ، وَقَدْ قَتَلَ
جَمَاعَةً ختلاً فِي بَيْتِهِ، فَفَاح الدَّرب،
فَسَمَّرُوهُ.
وَفِي سَنَةِ 629 (4) : انْهَزَمَ جَلاَلُ الدِّيْنِ
خُوَارِزْم شَاه ابْن عَلاَء الدِّيْنِ فِي جِبَالٍ،
فَقَتَلَهُ كُرْدِيٌّ بِأَخٍ لَهُ (5) .
وَقصدتْ عَسَاكِرُ الخَلِيْفَةِ مَعَ صَاحِبِ إِرْبِل
التَّتَارَ، فَهَرَبُوا.
وَأُمسك الوَزِيْر مُؤَيَّد الدِّيْنِ القُمِّيّ وَابْنه،
وَكَانَتْ دَوْلَته ثَلاَثاً وَعِشْرِيْنَ سَنَةً باسم
نِيَابَة الوزَارَة، لَكِن لَمْ يَكُنْ مَعَهُ وَزِيْر،
فَولِّيَ مَكَانه شَمْس الدِّيْنِ ابْن النَّاقِد،
وَجُعِلَ مَكَان ابْن النَّاقِد فِي الأُسْتَاذ دَارِيَّةِ
ابْنُ العَلْقَمِيّ.
وَفِي سَنَةِ ثَلاَثِيْنَ (6) : حَاصرَ الكَامِلُ آمد،
فَأَخَذَهَا مِنَ الْملك المَسْعُوْد
__________
(1) بلد بجريرة ابن عمر، من ديار بكر (معجم ياقوت).
(2) الضبط من خط المؤلف في " تاريخ الإسلام "، وهي قلعة
معروفة.
(3) ولكن السلطان أحجم عن القتل.
(4) تاريخ الإسلام، الورقة: 248.
(5) وقيل ان ذلك كان سنة 628.
(6) تاريخ الإسلام، الورقة: 248 - 249.
(23/162)
الأَتَابَكِي، وَكَانَ فَاسِقاً يَأْخذ
بنَاتِ النَّاسِ قَهْراً.
وَفِيْهَا عَاثَ الرُّومِيُّونَ بِحَرَّانَ وَمَارْدِيْنَ،
وَفَعَلُوا شَرّاً مِنَ التَّتَار وَبَدَّعُوا.
وَمَاتَ مُظَفَّر الدِّيْنِ صَاحِب إِرْبِل، فَوُلِّيهَا
بَاتكينُ نَائِب البَصْرَة.
وَفِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ (1) : سَارَ الكَامِلُ
لِيفتحَ الرُّوْم، فَالتَقَى صوَاب مُقَدَّم طلاَئِعه
وَعَسْكَر الرُّوْم، فَأُسِرَ صوَاب، وَتَمَزَّقَ جندُهُ،
وَرجعَ الكَامِل.
وَأُديرت (2) المُسْتَنْصِرِيَّة بِبَغْدَادَ، وَلاَ
نَظيرَ لَهَا فِي الحُسْنِ وَالسَّعَة، وَكَثْرَةِ
الأَوقَافِ، بِهَا مائَتَانِ وَثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُوْنَ
فَقِيْهاً، وَأَرْبَعَةُ مُدَّرِسِيْنَ، وَشَيْخٌ
لِلْحَدِيْثِ، وَشَيْخٌ لِلطِبِّ، وَشَيْخٌ لِلنَّحْوِ،
وَشَيْخٌ لِلْفَرَائِضِ، وَإِذَا أَقْبَلَ وَقْفُهَا،
غَلَّ أَزيدَ مِنْ سَبْعِيْنَ أَلْفَ مِثْقَالٍ، وَلَعَلَّ
قِيمَةَ مَا وَقَفَ عَلَيْهَا يُسَاوِي أَلفَ أَلفِ
دِيْنَارٍ (3) .
وَفِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ (4) : عُمِلَ (5)
جَامِع العُقَيْبَةِ، وَكَانَ حَانَةً.
وَقَدِمَت (6) هديَة مَلِك اليَمَن عُمَر بن رَسُوْل
التُّرُكْمَانِيّ، فَالمُلك فِي نَسْلِهِ إِلَى اليَوْمِ.
__________
(1) تاريخ الإسلام، الورقة: 250 - 251.
(2) يعني: افتتحت.
(3) تفاصيل ذلك في الكتاب القيم الذي ألفه الدكتور ناجي
معروف - رحمه الله - في تاريخ علمائها وطبع ثلاث مرات في
بغداد والقاهرة، في مجلدين.
(4) تاريخ الإسلام، الورقة: 250.
(5) الذي بناه هو الملك الأشرف. قال شعيب: ولا يزال إلى
يومنا هذا عامرا بالمصلين ويسمى جامع التوبة، وهو يقع
شمالي الجامع بدمشق، وتسمى المحلة التي هو فيها بالعقيبة،
وبالعامة تحذف (القاف) وتقول العيبة.
(6) إلى بغداد.
(23/163)
وَفِيْهَا تُرِكَتِ المُعَامِلَة
بِبَغْدَادَ بِقرَاضَة الذَّهبِ، وَضُرِبَت لَهُم
دَرَاهِمُ، كُلّ عَشْرَة مِنْهَا بدِيْنَارٍ إِمَامِيٍّ.
وَعَاثتِ التَّتَار بِأَرْضِ إِرْبِل وَالمَوْصِل،
وَقَتلُوا، وَأَخَذُوا أَصْبَهَان بِالسَّيْف - فَإِنَّا
للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُوْنَ - فَاهتمَّ
الخَلِيْفَةُ، وَبَذَلَ الأَمْوَال.
وَعُزِلَ ابْنُ مقبلٍ عَنْ قَضَاء العِرَاق وَتَدرِيس
المُسْتَنْصِرِيَّة، وَدَرَّس أَبُو المَنَاقِب
الزَّنْجَانِيّ، وَقضَى عَبْد الرَّحْمَنِ ابْن
اللَّمَغَانِيّ.
وَفِيْهَا سَارَ الكَامِل وَالأَشْرَف وَاسْتعَادُوا
حَرَّان وَالرُّهَا مِنْ صَاحِب الرُّوْم.
وَوصلت التَّتَار إِلَى سِنْجَار قَتْلاً وَأَسْراً
وَسَبْياً.
ثُمَّ فِي آخِرِ العَامِ حَشَدَ صَاحِبُ الرُّوْم،
وَحَاصَرَ حَرَّان، وَتعثَّر أَهْلُهَا.
وَاستبَاحت الفِرَنْج قُرْطُبَة بِالسَّيْف، وَهِيَ أُمُّ
الأَنْدَلُس، مَا زَالت دَار إِسْلاَم مُنْذُ افْتَتَحَهَا
المُسْلِمُوْنَ فِي دَوْلَةِ الوَلِيْدِ.
وَفِي سَنَةِ 634 (1) : مَاتَ صَاحِبُ حَلَبَ الملكُ
العَزِيْزُ ابْنُ الظَّاهِرِ ابْن صَلاَح الدِّيْنِ،
وَصَاحِبُ الرُّوْمِ عَلاَءُ الدِّيْنِ كيقبَاد، وَأَخَذتِ
التَّتَارُ إِرْبِلَ بِالسَّيْفِ.
وَفِي سَنَةِ 635 (2) : مَاتَ بِدِمَشْقَ السُّلْطَان
الْملك الأَشْرَف، وَتَمَلَّكَهَا بَعْدَهُ أَخُوْهُ
الكَامِل، فَمَاتَ بَعْدَهُ بِهَا، وَذَلِكَ بَعْدَ أَنِ
اقْتتلَ بِهَا الكَامِل وَأَخُوْهُ الصَّالِح عِمَاد
الدِّيْنِ عَلَى المُلْك، وَتعبت الرَّعِيَّة.
وَبعده تَمَلَّكَهَا الجَوَاد، ثُمَّ ضَعُفَتْ هِمَّتُهُ،
وَأَعْطَاهَا لِلملك الصَّالِح نَجْم الدِّيْنِ أَيُّوْب
ابْن الكَامِل، وَتسلطنَ
__________
(1) تاريخ الإسلام، الورقة: 252.
(2) تاريخ الإسلام، الورقة: 252 - 254.
(23/164)
بِمِصْرَ العَادلُ أَبُو بَكْرٍ ابْن
الكَامِل، وَجَرَتْ أُمُوْرٌ طَوِيْلَة، آخرهَا أَنَّ
الصَّالِح تَمَلَّكَ الدِّيَار المِصْرِيَّة، وَاعْتَقَلَ
أَخَاهُ، وَغلبَ عَلَى دِمَشْقَ عَمُّه الصَّالِح،
فَتحَاربا عَلَى المُلْك مُدَّة طَوِيْلَةً، ثُمَّ
اسْتَقرَّت مِصْرُ وَالشَّامُ لِنَجمِ الدِّيْنِ أَيُّوْب.
وَفِي سَنَة سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ (1) : أَخذت الفِرَنْجُ
بَلَنْسِيَةَ وَغَيْرهَا مِنْ جَزِيْرَة الأَنْدَلُس.
وَفِي سَنَةِ سَبْعٍ (2) : هَجَمَ الصَّالِحُ عِمَاد
الدِّيْنِ دِمَشْقَ، وَتَمَلَّكَهَا، وَأَخَذَ القَلْعَةَ
بِالأَمَانِ، وَنَكثَ، فَحبسَ المُغِيْث عُمَر ابْن
الصَّالِح، وَتَفَلَّلَ الأُمَرَاء عَنِ الصَّالِح نَجْم
الدِّيْنِ، وَجَاؤُوا وَحلفُوا لعَمِّه، وَبَقِيَ هُوَ فِي
مَمَالِيكِه بِالغُوْرِ، ثُمَّ أَخَذَه ابْن عَمِّهِ
النَّاصِر صَاحِب الكَرَك، وَاعْتَقَلَهُ مُكَرَّماً،
ثُمَّ أَخَذَه وَمَضَى بِهِ إِلَى مِصْرَ، فَتَمَلَّكَ،
فَكَانَ يَقُوْلُ:
خلفنِي النَّاصِر عَلَى أَشيَاء يَعْجِزُ عَنْهَا كُلّ
أَحَد، وَهِيَ أَنْ آخذ لَهُ دِمَشْق وَحِمْص وَحَمَاةُ
وَحَلَبَ أَوِ الجَزِيْرَة وَالمَوْصِل وَدِيَار بَكْرٍ
وَنِصْف ديَار مِصْر، وَأَنْ أُعْطيه نِصْف مَا فِي
الخَزَائِنِ بِمِصْرَ، فَحلفت لَهُ مِنْ تَحْتَ قَهره.
وَوَلِيَ خطَابة دِمَشْق بَعْد الدَّوْلَعِيِّ الشَّيْخُ
عِزّ الدِّيْنِ ابْن عَبْدِ السَّلاَمِ، فَأَزَال
العَلَمَين المُذَهَّبَيْنِ، وَأَقَامَ عوضهَا سُوداً
بِكِتَابَة بَيضَاءَ، وَلَمْ يُؤذِّن قُدَّامه سِوَى
وَاحِد، وَأَمرَ الصَّالِحُ إِسْمَاعِيْلُ الخُطَبَاءَ
أَنْ يَخطبُوا لِصَاحِب الرُّوْم مَعَهُ.
وَفِي العِيْد خلعَ المُسْتَنْصِر عَلَى أَربَاب دَوْلَته؛
قَالَ ابْنُ السَّاعِي: حُزِرت الخِلَع بِثَلاَثَةَ عَشَرَ
أَلْفاً (3) .
__________
(1) تاريخ الإسلام، الورقة: 256.
(2) تاريخ الإسلام، الورقة: 256 - 259.
(3) النص ملبس بهذه الصورة حيث يفهم منه أن قيمة الخلع:
ثلاثة عشر ألفا، والصحيح =
(23/165)
وَفِي سَنَةِ 638: فِيْهَا سَلَّم
الصَّالِحُ إِسْمَاعِيْلُ قَلْعَةَ الشَّقِيْف إِلَى
الفِرَنْج لِيُنجِدُوْهُ عَلَى المِصْرِيّين، فَأَنْكَر
عَلَيْهِ ابْنُ الحَاجِب وَابْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ،
فَسَجَنَهُمَا مُدَّة.
قَالَ سِبْطُ الجَوْزِيِّ (1) : قَدِمَ رَسُوْل التَّتَار
إِلَى شِهَاب الدِّيْنِ غَازِي ابْن العَادل، وَإِلَى
المُلُوْكِ عنوَان الكِتَاب:
مِنْ نَائِبِ رَبِّ السَّمَاءِ مَاسِحِ وَجهِ الأَرْضِ
مَلِكِ الشَّرْق وَالغرب يَأْمر مُلُوْكَ الإِسْلاَم
بِالدُّخُوْل فِي طَاعَةِ القَانِ الأَعْظَمِ.
وَقَالَ الرَّسُولُ لِغَازِي: قَدْ جَعَلك سلحدَاره (2) ،
وَأَمَرَكَ أَنْ تُخَرِّبَ أَسوارَ بِلاَدِكِ.
وَفِيْهَا كَسَرَ النَّاصِر دَاوُد الفِرَنْجَ بِغَزَّةَ.
وَأُخِذَ الرَّكْبُ الشَّامِيُّ بِقُرْبِ تَيمَاءَ.
وَالتَقَى صَاحِب حِمْصَ وَمَعَهُ عَسْكَر حَلَب
الخُوَارِزْمِيَّةَ، فَكَسَرهُم بِأَرْضِ حَرَّان،
وَأَخَذَ حَرَّان، وَأَخَذَ صَاحِبُ الرُّوْمِ آمد بَعْدَ
حِصَار طَوِيْل، وَكَانَتِ التَّتَارُ تعيثُ فِي البِلاَد
قَتْلاً وَسَبياً، وَقَلَّتِ الخُوَارِزْمِيَّة، فَكَانُوا
بِالجَزِيْرَةِ يَعيثُونَ.
وَفِي سَنَةِ 639 (3) : دَخَلتِ التَّتَار مَعَ
بايجونَوِينَ بِلاَد الرُّوْم، وَعَاثُوا وَنَهبُوا
القُرَى، فَهَرَبَ مِنْهُم صَاحِبُهَا.
__________
= أن المخلوع عليهم حزروا بهذا العدد، كما يظهر في النص
الذي اقتبسه في " تاريخ الإسلام " قال: " وقال ابن الساعي:
" وفيها رفل الخلائق ببغداد في الخلع في العيد بحيث حزر
المخلوع عليهم بأكثر من ثلاثة عشر ألفا " (الورقة: 258 أيا
صوفيا 3012).
(1) مرآة الزمان 8 / 733 (بتصرف).
(2) وتكتب أيضا: سلاح دار، وهو مسؤول السلاح.
(3) تاريخ الإسلام، الورقة: 259 - 260.
(23/166)
وَفِي سَنَةِ أَرْبَعِيْنَ (1) : التقَى
صَاحِبُ مَيَّارفَارقين غَازِي وَالحَلَبِيُّوْنَ،
فَظَهَرَ الحَلَبِيُّوْنَ، وَاسْتَحَرَّ القَتْل
بِالخُوَارِزْمِيَّةِ، وَنُهِبَتْ نَصِيْبِيْن
وَغَيْرُهَا، وَاسْتَوْلَى غَازِي عَلَى مدينَة خِلاَطَ.
وَفِي المُحَرَّم: أَخذتِ التَّتَار أَرْزنَ الرُّوْمِ،
وَاسْتَبَاحُوهَا، وَعَنْ رَجُلٍ
قَالَ: نُهِبت نَصِيْبِيْنُ فِي هَذِهِ السّنَة سَبْعَ
عَشْرَةَ مرَّةً مِنَ الموَاصِلَة وَالمَاردَانِيين
وَالفَارِقِيِّيْنَ، وَلَوْلاَ بَسَاتِينُهَا لَجَلاَ
أَهْلُهَا.
وَكَانَ لِلمُسْتَنْصِرِ مَنْظَرَةٌ يَجْلِسُ فِيْهَا
يَسْمَعُ دُروسَ المُسْتَنْصِرِيَّة، وَاسْتخدمَ جَيْشاً
عَظِيْماً، حَتَّى قِيْلَ: إِنَّهُم بَلَغُوا أَزْيَدَ
مِنْ مائَة أَلْف، وَكَانَ ذَا شَجَاعَةٍ وَإِقْدَامٍ،
وَكَانَ أَخُوْهُ الخَفَاجِيّ مِنَ الأَبْطَال يَقُوْلُ:
إِنْ وَليتُ، لأَعبُرنَّ بِالجَيْش جَيْحُونَ، وَأَسْترد
البِلاَد، وَاسْتَأْصل التَّتَار.
فَلَمَّا مَاتَ المُسْتَنْصِر، زَوَاهُ عَنِ الخِلاَفَةِ
الدُّوَيْدَار وَالشَّرَابِيّ خَوْفاً مِنْ بَأْسِه.
أَنْبَأَنِي ابْن البُزُوْرِيّ: أَنَّ المُسْتَنْصِر
تُوُفِّيَ يَوْمَ الجُمُعَةِ، بُكرَة عَاشرِ جُمَادَى
الآخِرَةِ.
وَقَالَ المُنْذِرِيُّ (2) : جُمَادَى الأُوْلَى،
فَوَهِمَ.
عَاشَ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ سَنَةً وَأَشْهُراً، وَخُطِبَ
يَوْمَ مَوْتِهِ لَهُ، كتمُوا ذَلِكَ، فَأَتَى إِقبال
الشَّرَابِيّ وَالخدم إِلَى وَلَدِه المُسْتَعْصِمِ،
فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ بِإِمْرَةِ المُؤْمِنِيْنَ،
وَأَقعدُوْهُ فِي سُدَّة الخِلاَفَةِ، وَأُعْلِمَ
الوَزِيْر وَأُسْتَاذ الدَّار فِي اللَّيْلِ،
فَبَايَعَاهُ.
__________
(1) انظر " البداية والنهاية " 13 / 161، و" تتمة المختصر
" 2 / 251.
(2) التكملة لوفيات النقلة ج 3 ص 607 من طبعة مؤسسة
الرسالة.
(23/167)
وَلِلنَّاصِر دَاوُدَ يَرْثِي
المُسْتَنْصِرَ:
أَيَا رَنَّة النَّاعِي عَبَثْتِ بِمَسْمِعَي ...
وَأَجَّجْتِ نَارَ الحُزْنِ مَا بَيْنَ أَضْلُعِي
وَأَخْرَسْتِ مِنِّي مِقولاً ذَا بَرَاعَةٍ ... يَصُوغُ
أَفَانِيْنَ القَرِيضِ المُوشَّعِ
نَعَيْتِ إِلَيَّ البَأْسَ وَالجُودَ وَالحِجَى ...
فَأَوْقَفتِ آمَالِي وَأَجرَيتِ أَدمُعِي
وَقَالَ صَفِيُّ الدِّيْنِ ابْنُ جَمِيْلٍ:
عَزّ العَزَاءُ وَأَعْوَزَ الإِلْمَامُ ... وَاسْترجَعَتْ
مَا أَعْطَتِ الأَيَّامُ
فَدَعِ العُيُونَ تَسُحُّ يَوْمَ فِرَاقِهِم ... عِوَضَ
الدُّمُوعِ دَماً فَلَيْسَ تُلاَمُ
بَانُوا فَلاَ قَلْبِي يَقِرُّ قَرَارُهُ ... أَسفاً وَلاَ
جفنِي القَرِيحُ يَنَامُ
فَعَلَى الَّذِيْنَ فَقَدتُهُم وَعَدِمْتُهُم ... مِنِّي
تَحِيَّةُ مَوْجَعٍ وَسَلاَمُ
وَكَانَتْ دَوْلَتُه سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً - رَحِمَهُ
اللهُ وَسَامَحَه -.
106 - المُسْتَنْصِرُ أَبُو القَاسِمِ أَحْمَدُ ابنُ
الظَّاهِر بِأَمْرِ اللهِ الهَاشِمِيُّ *
الخَلِيْفَةُ، الإِمَامُ، أَبُو القَاسِمِ أَحْمَدُ ابنُ
الظَّاهِر بِأَمْرِ اللهِ أَبِي نَصْرٍ مُحَمَّد ابْنِ
النَّاصِرِ لِدِيْنِ اللهِ أَحْمَد ابْن المُسْتَضِيْءِ
الهَاشِمِيُّ، العَبَّاسِيُّ، البَغْدَادِيُّ، أَخُو
الخَلِيْفَةِ المُسْتَنْصِرِ بِاللهِ مَنْصُوْرٍ وَاقِفِ
المُسْتَنْصِرِيَّة.
بُوْيِعَ بِالخِلاَفَةِ أَحْمَدُ بَعْدَ خُلوِّ الوَقْت
مِنْ خَلِيْفَةٍ عَبَّاسِيٍّ ثَلاَث سِنِيْنَ وَنِصْفَ
سَنَةٍ، وَكَانَ هَذَا مُعْتَقَلاً بِبَغْدَادَ مَعَ
غَيْرِه مِنْ أَوْلاَدِ الخُلَفَاءِ، فَلَمَّا
__________
(*) أخبار مشهورة في الكتب التي أرخت لهذا العصر فانظر ذيل
الروضتين: 213، ذيل مرآة الزمان 2 / 441 - 452 تاريخ
الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 189 - 190،
دول الإسلام للذهبي 2 / 125، العبر للذهبي: 5 / 258 - 259،
البداية والنهاية: 13 / 231 - 233، النجوم الزاهرة: 7 /
109 - 117، 206، تاريخ الخلفاء للسيوطي: 477 - 478.
(23/168)
اسْتولَى هُوْلاَكُو عَلَى بَغْدَادَ،
نَجَا هَذَا، وَانضمَّ إِلَى عَرَبِ العِرَاقِ، فَلَمَّا
سَمِعَ بِسلطنَة الْملك الظَّاهِر (1) وَفَدَ عَلَيْهِ فِي
رَجَبٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِيْنَ فِي عَشْرَة مِنْ آلِ
مهَارش، فَرَكِبَ السُّلْطَان لِلْقَائِهِ وَالقُضَاة
وَالدَّوْلَة، وَشَقَّ قصبَةَ القَاهِرَة، ثُمَّ أَثْبَتَ
نَسَبَهُ عَلَى القُضَاة، وَبُوْيِعَ، فَرَكِبَ يَوْمَ
الجُمُعَةِ مِنَ القَلْعَةِ فِي السَّوَادِ حَتَّى أَتَى
جَامِعَ القَلْعَةِ، فَصَعِدَ المِنْبَرَ، وَخَطَبَ
وَلَوَّحَ بِشَرفِ آلِ العَبَّاسِ، وَدَعَا لِلسُّلْطَانِ
وَلِلرَّعيَّةِ، وَصَلَّى بِالنَّاسِ.
قَالَ القَاضِي جَمَال الدِّيْنِ مُحَمَّدُ بنُ سُومرَ
المَالِكِيُّ: حَدَّثَنِي شَيْخُنَا ابْنُ عَبْدِ
السَّلاَمِ، قَالَ:
لَمَّا أَخذنَا فِي بَيْعَةِ المُسْتَنْصِر، قُلْتُ
لِلملكِ الظَّاهِر: بَايِعْهُ.
فَقَالَ: مَا أُحْسِنُ، لَكِن بَايِعْهُ أَنْتَ أَوَّلاً
وَأَنَا بَعْدَكَ.
فَلَمَّا عقدنَا البَيْعَةَ، حَضَرنَا مِنَ الغَدِ عِنْد
السُّلْطَان، فَأَثْنَى عَلَى الخَلِيْفَة، وَقَالَ: مِنْ
جُمْلَةِ بَرَكَتِهِ أَنَّنِي دَخَلتُ أَمسِ الدَّارَ،
فَقصدتُ مَسْجِداً فِيْهَا لِلصَّلاَةِ، فَأَرَى مصطبَة
نَافرَة، فَقُلْتُ لِلْغلمَان: أَخرِبُوا هَذِهِ.
فَلَمَّا هَدَمُوهَا، انفتَحَ تَحْتهَا سَرب، فَنَزَلُوا،
فَإِذَا فِيْهِ صنَادِيق كَثِيْرَة مَمْلُوْءة ذهباً
وَفِضَّة مِنْ ذخَائِر الْملك الكَامِل -رَحِمَهُ اللهُ-.
قُلْتُ: وَهَذَا هُوَ الخَلِيْفَةُ الثَّامنُ
وَالثَّلاَثُونَ مِنْ بَنِي العَبَّاسِ، بُوْيِعَ
بِقَلْعَةِ الجبلِ، فِي ثَالِثَ عَشَرَ رَجَبٍ، سَنَةَ
تِسْعٍ (2) .
وَكَانَ أَسْمَرَ آدَمَ، شُجَاعاً، مَهِيْباً، ضَخْماً،
عَالِي الهِمَّةِ.
وَرَتَّبَ لَهُ السُّلْطَان أَتَابَكاً وَأُسْتَاذَ دَار،
وَشرَابياً وَخَزْنَدَاراً وَحَاجِباً وَكَاتِباً، وَعيَّن
لَهُ خزَانَةً، وَعِدَّةَ مَمَالِيْكَ، وَمائَة فَرَسٍ
وَعشر قطَارَاتِ جمالٍ وَعشرَ قطَارَاتِ بغَالٍ إِلَى
أَمثَالِ ذَلِكَ.
قَالَ أَبُو شَامَةَ (3) : قُرِئَ بِالعَادليَة كِتَابُ
السُّلْطَانِ إِلَى قَاضِي القُضَاةِ
__________
(1) بيبرس البند قداري.
(2) يعني: وخمسين وست مئة.
(3) ذيل الروضتين: 213.
(23/169)
نَجْم الدِّيْنِ ابْن سنِيِّ الدَّوْلَة
بِأَنَّهُ قَدِمَ عَلَيْهِم أَبُو القَاسِمِ أَحْمَدُ
ابْنُ الظَّاهِر وَهُوَ أَخُو المُسْتَنْصِر، وَجَمَعَ
لَهُ النَّاس، وَأَثْبَت فِي المَجْلِسِ نَسَبَه عِنْد
قَاضِي القُضَاةِ، وَبَدَأَ بِالبَيْعَةِ السُّلْطَانُ،
ثُمَّ الكِبَارُ عَلَى مَرَاتِبِهِم، وَنُقِشَ اسْمُهُ
عَلَى السِّكَّةِ، وَلُقِّبَ بِلَقَبِ أَخِيْهِ.
قَالَ قُطْب الدِّيْنِ البَعْلِيُّ (1) : وَفِي شَعْبَانَ
رَسَمَ الخَلِيْفَةُ بِعَمَلِ خِلْعَةٍ لِلسُّلطَانِ
وَبِكِتَابَة تَقليدٍ، وَنُصِبَتْ خَيْمَةٌ بِظَاهِرِ
مِصْر، وَركب المُسْتَنْصِر وَالظَّاهِر إِلَيْهَا فِي
رَابع شَعْبَان، وَحضرَ القُضَاة وَالأُمَرَاء
وَالوَزِيْر، فَأَلبسَ الخَلِيْفَةُ السُّلْطَانَ
الخِلْعَة بِيَدِهِ، وَطَوَّقَهُ وَقَيَّدَهُ،
وَنُصِبَ مِنْبَرٌ صَعِدَ عَلَيْهِ فَخْر الدِّيْنِ ابْنُ
لُقْمَانَ كَاتِب السِّرِ، فَقَرَأَ التَّقْلِيد الَّذِي
أَنشَأَه، ثُمَّ ركب السُّلْطَانُ بِالخِلْعَة، وَدَخَلَ
مِنْ بَاب النَّصْر، وَزُيِّنَت القَاهِرَة، وَحَمَلَ
الصَّاحِبُ التّقليد عَلَى رَأْسه رَاكِباً وَالأُمَرَاءُ
مشَاةٌ.
قُلْتُ: ثُمَّ عَزَمَ المُسْتَنْصِر عَلَى التَّوجّه إِلَى
بَغْدَادَ بِإِشَارَةِ السُّلْطَان وَإِعَانته، فَذَكَر
ابْنُ عَبْدِ الظَّاهِر فِي (سِيْرَةِ المَلِكِ
الظَّاهِرِ) أَنَّ السُّلْطَانَ قَالَ لَهُ: أَنفقت علَى
الخَلِيْفَة وَالمُلُوْك الموَاصِلَة أَلفَ أَلفٍ وَسِتَّ
مائَةِ أَلْفِ دِيْنَارٍ.
قَالَ قُطْب الدِّيْنِ البَعْلِيُّ (2) : ثُمَّ سَارَ هُوَ
وَالسُّلْطَان مِنْ مِصْرَ فِي تَاسِعَ عَشَرَ رَمَضَان،
وَدخلاَ دِمَشْقَ فِي سَابعِ ذِي القَعْدَةِ، ثُمَّ سَارَ
الخَلِيْفَةُ وَمَعَهُ صَاحِب المَوْصِل وَصَاحِب
سِنْجَارَ بَعْد أَيَّام.
قَالَ أَبُو شَامَةَ (3) : نَزَلَ الخَلِيْفَة
بِالتُّرْبَةِ النَّاصِرِيَّةِ، وَدَخَلَ يَوْمَ
الجُمُعَةِ
__________
(1) ذيل مرآة الزمان: 1 / 443.
(2) ذيل مرآة الزمان: 1 / 453.
(3) ذيل الروضتين: 213.
(23/170)
إِلَى جَامِع دِمَشْقَ، إِلَى
المَقْصُوْرَةِ، ثُمَّ جَاءَ بَعْدَهُ السُّلْطَان
فَصَلَّيَا وَخَرَجَا، وَمشيَا إِلَى نَحْو مَرْكُوب
الخَلِيْفَة بِبَابِ البَرِيْد، ثُمَّ رَجَعَ السُّلْطَان
إِلَى بَابِ الزِّيَادَة (1) .
قَالَ القُطْب (2) : فَسَافر الخَلِيْفَة وَصَاحِبُ
المَوْصِلِ إِلَى الرّحبَة، ثُمَّ افْترقَا، ثُمَّ وَصل
الخَلِيْفَة بِمَنْ مَعَهُ إِلَى مشْهد عَلِيّ، وَلَمَّا
أَتُوا عَانَة وَجَدُوا بِهَا الحَاكِم فِي سَبْع مائَة
نَفْسٍ، فَأَتَى إِلَى المُسْتَنْصِر وَبَايع، وَنَزَلَ
فِي مُخيَّمِه مَعَهُ، وَتَسَلَّمَ الخَلِيْفَة عَانَة،
وَأَقطعهَا جَمَاعَةً، ثُمَّ وَصل إِلَى الحَدِيْثَة،
فَفَتَحهَا أَهْلُهَا لَهُ، فَلَمَّا اتَّصل الخَبَرُ
بِمقدمِ المَغُوْلِ بِالعِرَاقِ، وَبشحنَة بَغْدَاد
سَارُوا فِي خَمْسَة آلاَف، وَعَسْكَرُوا بِالأَنْبَار،
وَنَهبُوا أَهْلَهَا وَقتلُوا، وَسَارَ الخَلِيْفَة إِلَى
هيت فَحَاصَرَهَا، ثُمَّ دخلهَا فِي آخِرِ ذِي الحِجَّةِ،
وَنَهب ذِمَّتهَا، ثُمَّ نَزَلَ الدُّور، وَبَعَثَ
طلاَئِعه، فَأَتَوُا الأَنْبَارَ فِي ثَالِثِ المُحَرَّمِ
سنَةَ سِتِّينَ، فَعَبَرَتِ التَّتَارُ فِي اللَّيْلِ فِي
المَرَاكِبِ وَفِي المَخَائِضِ، وَالتَقَى مِنَ الغَدِ
الجَمْعَانِ، فَانْكَسَرَ أَوَّلاً الشِّحنَةُ، وَوَقَعَ
مُعْظَمُ أَصْحَابِهِ فِي الفُرَاتِ، ثُمَّ خَرَجَ
كَمِيْنٌ لَهُم، فَهَرَبَتِ الأَعرَابُ وَالتُّرُكْمَانُ،
فَأَحَاطَ الكَمِيْنُ بِعَسْكَرِ الخَلِيْفَةِ، فَحَمَلَ
الخَلِيْفَةُ بِهِم، فَأَفرجَ لَهُم التَّتَار، وَنَجَا
جَمَاعَة مِنْهُم الحَاكِم فِي نَحْو الخَمْسِيْنَ،
وَقُتِلَ عِدَّةٌ، وَالظَّاهِر أَنَّ الخَلِيْفَة قُتِلَ،
وَيُقَالُ: بَلْ سَلِمَ، وَأَضمرته البِلاَد، وَلَمْ
يَصِحَّ.
وَقِيْلَ: بَلْ قُتِلَ يَوْمَئِذٍ ثَلاَثَة مِنَ
التَّتَار، وَقُتِلَ -رَحِمَهُ اللهُ- فِي أَوَائِل
المُحَرَّم، كَهْلاً، وَبعدَ سَنَتَيْنِ بُوْيِع الحَاكِم
بِأَمْرِ اللهِ أَحْمَد.
__________
(1) في المطبوع من ذيل الروضتين (الزيارة) بالراء وما
أثبتناه عن الأصل وعن تاريخ الإسلام وعن ذيل مرآة الزمان 1
/ 453، ومعجم البلدان (صادر) 2 / 469.
(2) ذيل مرآة الزمان: 1 / 454 - 457 باختصار وتصرف.
(23/171)
107 - المَخْزُوْمِيُّ أَبُو المَعَالِي
عَبْدُ الرَّحْمَانِ بنُ عَلِيِّ بنِ عُثْمَانَ *
الإِمَامُ العَدْلُ، المُحَدِّثُ، ظَهِيْرُ الدِّيْنِ،
وَيُلَقَّبُ بِالقَاضِي المُكَرَّمِ، أَبُو المَعَالِي
عَبْدُ الرَّحْمَانِ بن عَلِيِّ بنِ عُثْمَانَ بنِ
يُوْسُفَ المَخْزُوْمِيُّ، المُغِيرِيُّ، المِصْرِيُّ،
الشَّافِعِيُّ، الشَّاهدُ.
وُلِدَ: فِي صَفَرٍ (1) ، سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ.
وَأَجَازَ لَهُ مِنْ بَغْدَادَ: فَخْر النِّسَاءِ
شُهْدَةُ، وَعَبْدُ الحَقِّ اليُوْسُفِيّ، وَمِنَ
المَوْصِلِ خَطِيْبُهَا أَبُو الفَضْلِ الطُّوْسِيّ،
وَمِنْ دِمَشْق الحَافِظُ أَبُو القَاسِمِ، وَمِنَ
الثَّغْر أَبُو الطَّاهِرِ السِّلَفِيّ، وَطَائِفَةٌ
سِوَاهُم، كعِيْسَى الدُّوْشَابِيّ وَابْن شَاتيلَ،
وَمُسْلِم بن ثَابِتٍ، وَأَبِي شَاكِر السَّقْلاَطُوْنِيّ.
وَسَمِعَ مِنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ بَرِّي، وَمُحَمَّد بن
عَلِيٍّ الرَّحْبِيّ، وَالبُوْصِيْرِيّ، وَالقَاسِمِ بنِ
عَسَاكِرَ، وَالأَثِيْرِ بنِ بُنَانٍ، وَعِدَّةٍ.
وَرَوَى الكَثِيْرَ، وَهُوَ مِنْ بَيْت رِيَاسَة
وَجَلاَلَة.
رَوَى عَنْهُ: المُنْذِرِيُّ، وَالدِّمْيَاطِيُّ، وَرُكْن
الدِّيْنِ بَيْبَرْس القيمرِي، وَابْنُ العِمَادِيَّة،
وَالتَّاج إِسْمَاعِيْل بن قُرَيْش، وَطَائِفَة.
وَبِالإِجَازَةِ: المُعَمَّرَة وَجيهيَة بِنْتُ أَبِي
الحَسَنِ المُؤَدِّبِ.
وَكَانَ دَيِّناً، كَثِيْرَ التِّلاَوَة، مُتنزِّهاً عَنِ
الخدَمِ.
__________
(*) وهو أحد شيوخ ابن الصابوني ذكره في تكملة اكمال
الإكمال وروى عنه ص 65، 87، 178، وانظر صلة التكملة
للحسيني الورقة 54، تاريخ الإسلام للحافظ الذهبي (3013 أيا
صوفيا) ج 20 الورقة 68.
(1) ذكر الشريف الحسيني أن ولادته كانت في الحادي والعشرين
من صفر سنة تسع وستين وخمسمائة.
(23/172)
وَهُوَ أَخُو القَاضِي حَمْزَةَ بنِ
عَلِيٍّ الأَشْرَفِ.
مَاتَ: فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ
وَسِتِّ مائَةٍ، وَدُفِنَ بِتُربَة آبَائِهِ بِالقرَافَةِ.
108 - صَاحِبُ اليَمَنِ المَنْصُوْرُ عُمَرُ بنُ عَلِيِّ
بنِ رَسُوْلِ بنِ هَارُوْنَ *
السُّلْطَانُ، المَلِكُ المَنْصُوْرُ، نُوْرِ الدِّيْنِ
عُمَرُ بنُ عَلِيِّ بنِ رَسُوْل بن هَارُوْنَ بن أَبِي
الفَتْحِ.
قِيْلَ: إِنَّهُ مِنْ وَلدِ جَبَلَة بن الأَيْهَمِ
الغَسَّانِيّ.
تَملّك بِزَبِيْد، وَجَرَتْ لَهُ حُرُوْب وَسِيَرٌ،
وَتَمَكَّنَ، وَكَانَ شُجَاعاً سَائِساً جَوَاداً
مَهِيْباً، لَهُ نَحْوٌ مِنْ أَلف مَمْلُوْك.
وَقَدْ كَانَ الكَامِل جَهَّز مِنْ مِصْرَ عَسْكَراً،
فَقصدهُم المَنْصُوْر، فَفَرُوا مِنْهُ.
وَقِيْلَ: بَلْ كَتَبَ إِلَى أُمَرَاءِ العَسْكَر أَجوبَة،
فَظَفِرَ بِهَا مقدمهُم جغرِيل، فَخَافَ وَقفز
أَمِيْرَانِ: فَيْرُوْز وَابْن بُرطَاس إِلَى
المَنْصُوْرِ.
حَدَّثَنِي تَاج الدِّيْنِ عَبْد البَاقِي: أَن مَمَالِيْك
المَنْصُوْر قَتلُوْهُ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ
وَسِتِّ مائَةٍ (1) ، وَسَلطنُوا ابْنَ أَخِيْهِ فَخْرَ
الدِّيْنِ أَبَا بَكْرٍ بنَ حسنٍ، وَلَقَّبوهُ
__________
(*) مرآة الزمان: 8 / 771، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا
صوفيا 3013) ج 20 الورقة 90 (، عيون التواريخ لابن شاكر
الكتبي: 20 / 292 العسجد المسبوك للملك الأشرف الغساني:
578، العقود اللؤلؤية في تاريخ الدولة الرسولية للخرزجي 1
/ 44 - 88، الذهب المسبوك في ذكر من حج من الخلفاء والملوك
للمقريزي 79 - 80، العقد الثمين في تاريخ البلد الامين
للفاسي ج 6 ص 339 - 349 الترجمة 3082، بهجة الزمن في تاريخ
اليمن لعبد الباقي اليماني: 85 - 88.
(1) سلك سبط ابن الجوزي وفاته في حوادث سنة 646، وجعلها
المقريزي سنة 647 ونص الفاسي في العقد الثمين على أن وفاته
كانت في التاسع من ذي القعدة سنة 647 وما ذكره الذهبي هنا
وفي تاريخ الإسلام متابع فيه لمن سبقه، أما ما ذكره ابن
شاكر من أنه كان حيا سنة 661 فانما هو يقصد ابنه وقد سها
الناسخ في ذلك، واغفله المحققان.
(23/173)
بِالمُعَظَّمِ، فَلَمْ يَسْتَمرَّ ذَلِكَ،
وَتَمَلَّكَ المُظَفَّرُ ابْنُ المَقْتُولِ.
109 - المُسْتَعْصِمُ بِاللهِ أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ اللهِ
ابْنُ المُسْتَنْصِرِ بِاللهِ الهَاشِمِيُّ *
الخَلِيْفَةُ، الشَّهِيْدُ، أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ اللهِ
ابْنُ المُسْتَنْصِرِ بِاللهِ مَنْصُوْرٍُ ابْنِ
الظَّاهِرِ مُحَمَّدٍ ابْنِ النَّاصِرِ أَحْمَد ابْنِ
المُسْتَضِيْءِ الهَاشِمِيُّ، العَبَّاسِيُّ،
البَغْدَادِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّ مائَةٍ.
وَاستخلف سَنَة أَرْبَعِيْنَ يَوْم مَوْت أَبِيْهِ فِي
عَاشر (1) جُمَادَى الآخِرَة، وَكَانَ فَاضِلاً، تَالياً
لِكِتَابِ اللهِ، مليح الكِتَابَة.
خَتَمَ (2) عَلَى ابْنِ النَّيَّار، فَأَكْرَمَهُ يَوْم
الْخَتْم سِتَّة آلاَف دِيْنَار، وَبلغت الخِلَعُ يَوْمَ
بيعَته أَزْيَدَ مِنْ ثَلاَثَةَ عَشَرَ أَلفَ خِلْعَةٍ.
استَجَازَ لَهُ ابْنُ النَّجَّارِ المُؤَيَّد الطُّوْسِيَّ
وَعَبْد المُعِزِّ الهَرَوِيّ، وَسَمِعَ مِنْهُ بِهَا
شَيْخُه أَبُو الحَسَنِ ابْن النَّيَّار، وَحَدَّثَ
عَنْهُ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ بِهَذِهِ الإِجَازَة فِي حيَاته:
البَاذَرَائِيُّ، وَمُحْيِي الدِّيْنِ ابْنُ الجَوْزِيِّ.
__________
(*) سيرته مستوفاة في الكتب التي ذكرت نكبة سقوط بغداد بيد
التتار منها: صلة التكملة لشرف الدين الحسيني ج 2 الورقة
34 - 35، مختصر التاريخ لابن الكازروني: 266 - 280، خلاصة
الذهب المسبوك: 289 - 291، تاريخ الإسلام للحافظ الذهبي
(أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 155 - 156، دول الإسلام
للذهبي: 2 / 121، العبر للذهبي: 230 - 231، فوات الوفيات
لابن شاكر: 2 / 230 - 235، الترجمة 237، البداية والنهاية:
13 / 204، العسجد المسبوك 630، تاريخ ابن خلدون: 3 / 536،
" العقد الثمين في تاريخ البلد الامين " للفاسي 5 / 290
الترجمة 1644 النجوم الزاهرة: 7 / 63، تاريخ الخلفاء
للسيوطي: 464 - 477، شذرات الذهب 5 / 270 - 272.
(1) في تاريخ الإسلام في العشرين من جمادى الأولى ثم قال
معقبا على ذلك في الحاشية التي كتبها الذهبي بخطه: والاصح
أنه بويع بعد موت أبيه في عاشر شهر جمادى الآخرة..
(2) يعني، ختم القرآن، وابن النيار قتل في الوقعة.
(23/174)
وَكَانَ كَرِيْماً، حَلِيماً، دَيِّناً،
سَلِيمَ البَاطِنِ، حَسَنَ الهَيْئَةِ (1) .
وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ بِمَرَاغَةَ وَلَدُه الأَمِيْرُ
مُبَارَكٌ (2) .
قَالَ قُطْبُ الدِّيْنِ اليُوْنِيْنِيُّ (3) : كَانَ
مُتَدَيِّناً مُتمسِّكاً بالسُّنَّةِ كَأَبِيْهِ
وَجَدِّهِ، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي حزم أَبِيْهِ،
وَتيقّظه، وَعُلُوِّ هِمْتِهِ، وَإِقدَامِهِ، وَإِنَّمَا
قَدَّمُوْهُ عَلَى عَمِّهِ الخَفَاجِيّ لِمَا يَعلمُوْنَ
مِنْ لِينهِ وَانْقِيَادِهِ وَضَعفِ رَأْيِه
لِيَستَبِدُّوا بِالأُمُوْر.
ثُمَّ إِنَّهُ اسْتَوْزَر المُؤَيَّد ابْنَ العَلْقَمِيّ
الرَّافضِيّ، فَأَهْلك الحَرْثَ وَالنَّسْلَ، وَحَسَّن
لَهُ جَمعَ الأَمْوَال، وَأَنَّ يَقتصِرَ عَلَى بَعْض
العَسَاكِر، فَقطع أَكْثَرهُم، وَكَانَ يَلعبُ
بِالحَمَّامِ، وَفِيْهِ حرص وَتوَانٍ.
وَفِي سَنَةِ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ (4) :
عَاثت الخُوَارِزْمِيَّةُ بقُرَى الشَّامِ.
وَصَالَحَتِ التَّتَارُ صَاحِبَ الرُّوْمِ عَلَى أَلفِ
دِيْنَارٍ، وَفرس وَمَمْلُوْك وَجَارِيَة (5) فِي كُلِّ
نَهَارٍ، بَعْدَ أَنِ اسْتبَاحُوا قَيْصَرِيَّةَ.
وَأُهْلِكَ قَاضِي القُضَاةِ بِدِمَشْقَ الرّفِيع
الجِيْلِيّ.
وَدَخَلت الفِرَنْج القُدْس، وَرشُّوا الخَمْرَ عَلَى
الصَّخْرَةِ، وَذَبَحُوا عِنْدَهَا خِنْزِيْراً،
وَكَسَرُوا مِنْهَا شقفَةً.
__________
(1) غير واضحة في الأصل، وقرأناها من " تاريخ الإسلام "
وذيل المرآة: 1 / 254.
(2) الأمير مبارك هذا سلم من قتل المغول.
(3) ذيل مرآة الزمان 1 / 254 - 255.
(4) تاريخ الإسلام، الورقة: 261 (أيا صوفيا 3012) بخطه.
(5) يضيف في " تاريخ الإسلام ": وكلب صيد.
(23/175)
وَفِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ
(1) : كَانَ حِصَارُ الخُوَارِزْمِيَّةِ عَلَى دِمَشْقَ
فِي خدمَةِ صَاحِب مِصْر، وَاشتدَّ القَحط بِدِمَشْقَ،
ثُمَّ التَقَى الشَّامِيُّوْنَ وَمَعَهُم عَسْكَر مِنَ
الفِرَنْج، وَالمِصْرِيّون وَمَعَهُمُ الخُوَارِزْمِيَّةُ
بَيْنَ عَسْقَلاَنَ وَغَزَّةَ، فَانْهَزَم الجمعَانِ،
وَلَكِن حَصَدَتِ الخُوَارِزْمِيَّةُ الفِرَنْجَ فِي
سَاعَةٍ، ثُمَّ أَسرُوا مِنْهُم ثَمَانِي مائَةٍ.
وَيُقَالُ: زَادت القَتْلَى عَلَى ثَلاَثِيْنَ أَلْفاً.
وَاندكَّ صَاحِب حِمْص، وَنُهِبَتْ خَزَائِنُه وَبَكَى،
وَقَالَ: قَدْ علمت بِأَنَّا لاَ نُفلح لَمَّا سِرْنَا
تَحْتَ الصُّلبَانِ، وَاشتدَّ الحصَارُ عَلَى دِمَشْقَ.
وَجَاءت مِنَ الحَجّ أُمُّ المُسْتَعْصِم وَمُجَاهِد
الدِّيْنِ الدُّوَيْدَار وَقيرَان (2) ، وَكَانَ وَفداً
عَظِيْماً.
وَمَاتَ الوَزِيْرُ ابْنُ النَّاقِدِ، فَوزرَ المُؤَيَّدُ
ابْنُ العَلْقَمِيّ وَالأُسْتَاذُ دَارِيَة لِمُحْيِي
الدِّيْنِ ابْنِ الجَوْزِيِّ.
وَدَخَلت سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ: وَالحصَار عَلَى
دِمَشْقَ، وَتَعَثَّرت الرَّعِيَّة، وَخَربت الحوَاضرُ،
وَكَثُرَ الفنَاءُ، وَفِي الآخَرِ ترك البَلَدَ الصَّالِحُ
إِسْمَاعِيْلُ، وَصَاحِبُ حِمْص، وَتَرَحَّلاَ إِلَى
بَعْلَبَكَّ، وَدَخَلَ البَلَدَ مُعِيْنُ الدِّيْنِ حَسَنٌ
ابْنُ الشَّيْخِ، وَحَكَمَ وَعَزل مِنَ القَضَاء مُحْيِي
الدِّيْنِ ابْنَ الزَّكِيّ، وَوَلَّى صَدْر الدِّيْنِ
ابْنَ سَنِيِّ الدَّوْلَة.
وَجَاءَ رَسُوْلُ الخِلاَفَةِ ابْنُ الجَوْزِيِّ (3)
بِخِلَعِ السَّلْطَنَةِ لِلملكِ الصَّالِح نَجْم
الدِّيْنِ.
__________
(1) تاريخ الإسلام، الورقة: 261 - 263.
(2) قير ان الظاهري، وكان من كبار القواد.
(3) هو جمال الدين عبد الرحمان ابن الصاحب محيي الدين يوسف
بن عبد الرحمان ابن الجوزي.
(23/176)
وَفِيْهَا جَاءت فِرقَة مِنَ التَّتَار
إِلَى بعقوبَا، فَالتقَاهُم الدُّوَيْدَار، فَكسرهُم.
وَفِي ذِي القَعْدَةِ: بلغت غرَارَة الْقَمْح بِدِمَشْقَ
أَلْفاً وَمائتَيْ دِرْهَمٍ (1) .
وَفِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ (2) : عَاثَت
الخُوَارِزْمِيَّة وَتَخَرّبت القُرَى، فَالتقَاهُم
عَسْكَرُ حَلَبَ وَحِمْصَ، فَكُسرُوا شَرَّ كَسْرَةٍ عَلَى
بُحَيْرَةِ حِمْصَ، وَقُتِلَ مُقَدَّمُهُم بَرَكَة خَان،
وَحَار الصَّالِح إِسْمَاعِيْل فِي نَفْسِهِ، وَالْتَجَأَ
إِلَى صَاحِبِ حَلَبَ.
وَفِيْهَا خِتَانُ أَحْمَدَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ،
وَلَدِيِ الخَلِيْفَة وَأَخِيْهِ عليّ (3) ، فَمَنِ
الوليمَة أَلفٌ وَخَمْسُ مائَةِ رَأْسِ شوَاءٍ (4) .
وَقَدِمَ رَسُوْلاَنِ مِنَ التَّتَار أَحَدهُمَا مِنْ
بَركَة، وَالآخرِ مِنْ بايجُو، فَاجْتَمَعُوا بِابْنِ
العَلْقَمِيّ، وَتعمّت الأَخْبَار (5) .
وَفِيْهَا أَخذتِ الفِرَنْجُ شَاطِبَةَ.
وَفِي سَنَة خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ (6) : رَاح الصَّالِح
إِلَى مِصْرَ، وَخلّف جَيْشَهُ يُحَاصِرُوْنَ عَسْقَلاَن
وَطَبَرِيَة فَافْتَتَحُوهُمَا، وَحَاصَرَ الحَلَبِيُّوْنَ
حِمْص أَشْهُراً، وتَعِبَ صَاحِبهَا الأَشْرَف فَسلَّمهَا،
وَعُوِّضَ عَنْهَا بِتَلِّ بَاشِرَ فِي سَنَةِ سِتّ.
وَفِي سَنَةِ سَبْعٍ (7) : هَجَمت الفِرَنْج دِمْيَاط فِي
رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، فَهَرَبَ
__________
(1) من الدراهم الكاملية.
(2) تاريخ الإسلام، الورقة: 265 - 267.
(3) يعني: الأمير علي ابن الأمير أبي القاسم عبد العزيز
ابن المستنصر.
(4) هذا غير ما أخرج من الخبز، والدجاج، والبيض، والسكر،
والحلوى وغيرها مما ذكره
ابن الساعي نقلا من خط متولي مطبخ الاقامات بالخزن (انظر
العسجد المسبوك: 545).
(5) في " تاريخ الإسلام ": " وتعمت على الناس بواطن الأمور
".
(6) تاريخ الإسلام، الورقة: 267.
(7) تاريخ الإسلام، الورقة: 270.
(23/177)
النَّاسُ مِنَ البَابِ الآخرِ،
وَتَمَلَّكَهَا الفِرَنْج صَفْواً عَفْواً - نَعُوذ
بِاللهِ مِنَ الخِذْلاَنِ - وَكَانَ السُّلْطَان
بِالمَنْصُوْرَةِ، فَغَضِبَ عَلَى أَهْلِهَا، وَشَنَقَ
سِتِّيْنَ مِنْ أَعيَانِ أَهْلهَا، وَذَاقُوا ذُلاً
وَجوعاً، وَاسْتوحشَ العَسْكَر مِنَ السُّلْطَانِ -
وَقِيْلَ: هَمَّ مَمَالِيْكُه بِقَتْلِهِ - فَقَالَ
نَائِبه فَخْرُ الدِّيْنِ ابْن الشَّيْخ: اصبِرُوا فَهُوَ
عَلَى شفَا.
فَمَاتَ فِي نِصْفِ شَعْبَانَ، وَأُخْفِيَ مَوْتُهُ إِلَى
أَنْ أُحْضِرَ ابْنُهُ المُعَظَّمُ تُوْرَانْشَاه مِنْ
حِصنِ كَيْفَا، فَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ قَلِيْلاً
وَقَتَلُوْهُ، وَكَانَتْ وَقْعَةُ المَنْصُوْرَةِ فِي ذِي
القَعْدَةِ، فَسَاقت الفِرَنْج إِلَى الدِّهْلِيْز،
فَخَرَجَ نَائِب السّلطنَةِ فَخْرُ الدِّيْنِ ابْن
الشَّيْخ وَقَاتَلَ فَقُتِلَ، وَانْهَزَم المُسْلِمُوْنَ
وَعَظُمَ الخَطْبُ، ثُمَّ تَنَاخَى العَسْكَر، وَكَرُّوا
عَلَى العَدُوِّ فَطَحَنُوهُم، وَقَتَلُوا خَلْقاً،
وَنَزَلَ النَّصْرُ.
ثُمَّ فِي ذِي الحِجَّةِ: كَانَ وُصُوْل المُعَظَّمِ،
وَكَانَ نَوَى أَنْ يَفتك بِفَخْرِ الدِّيْنِ، لأَنَّه
بَلَغَهُ أَنَّهُ رَامَ السَّلْطَنَةَ.
وَاستهلّت سَنَةَ ثَمَانٍ: وَالفِرَنْج عَلَى
المَنْصُوْرَةِ بِإِزَاء المُسْلِمِيْنَ، وَلَكِنهُم فِي
ضَعْفٍ وَجُوْعٍ، وَمَاتَتْ خَيلهُم، فَعزم الفَرنسِيسُ
(1) عَلَى الرُّكوبِ ليلاً إِلَى دِمْيَاط، فَعَلِمَ
المُسْلِمُوْنَ، وَكَانَتِ الفِرَنْج قَدْ عَملُوا جِسْراً
عَظِيْماً عَلَى النِّيلِ، فَذَهلُوا عَنْ قطعه، فَدَخَلَ
مِنْهُ المُسْلِمُوْنَ فَكَبَسُوهُم، فَالتَجَأَتِ
الفِرَنْج إِلَى مُنْيَةِ أَبِي عَبْدِ اللهِ، فَأَحَاطَ
بِهِم الجَيْش، وَظَفِرَ أصطول المُسْلِمِيْنَ بِأصطولهم،
وَغنمُوا مَرَاكِبَهُم، وَبَقِيَ الفَرنسيس فِي خَمْس
مائَة فَارِسٍ وَخُذِلَ، فَطَلبَ الطّوَاشِي رشيد وَسَيْف
الدِّيْنِ القيمرِي، فَأَتَوْهُ، فَطَلبَ أَمَاناً،
فَأَمَّنَاهُ عَلَى أَنْ لاَ يَمرُّوا بِهِ بَيْنَ
النَّاس، وَهَرَبَ جُمْهُوْرِ الفِرَنْج، وَتَبِعَهُم
العَسْكَر، وَبقوا جُمْلَةً وَجُملَةً حَتَّى أُبِيْدت
خَضْرَاؤُهُم، حَتَّى قِيْلَ: نَجَا مِنْهُم فَارِسَانِ،
ثُمَّ غَرِقَا فِي البَحْر! وَغنم المُسْلِمُوْنَ مَا لاَ
يُعَبَّر عَنْهُ.
__________
(1) هو ملك فرنسا لويس التاسع، لعنه الله.
(23/178)
أَنْبَأَنِي الخَضِرُ بنُ حَمُّوَيْه،
قَالَ: لَوْ أَرَادَ ملكهُم لنجَا عَلَى فَرَسِهِ
وَلَكِنَّهُ حَمَى سَاقيه، فَأُسر هُوَ وَجَمَاعَة مُلُوْك
وَكُنُوْد (1) ، فَأُحْصِي الأَسرَى فَكَانُوا نَيِّفاً
وَعِشْرِيْنَ أَلْفاً، وَغَرِقَ وَقُتِلَ سَبْعَة آلاَف،
وَكَانَ يَوْماً مَا سَمِعَ المُسْلِمُوْنَ بِمِثْلِهِ،
وَمَا قُتِلَ مِنَ المُسْلِمِيْنَ نَحْو المائَة،
وَاشْتَرَى الفرنسيسُ نَفْسه بِرَدِّ دِمْيَاط وَبِخَمْس
مائَةِ أَلْفِ دِيْنَارٍ.
وَجَاءَ كِتَابُ المُعَظَّم، وَفِيْهِ فِي أَول السّنَة
ترك العَدُوّ خِيَامهُم، وَقَصَدُوا دِمْيَاطَ، فَعملَ
السَّيْفُ فِيهِم عَامَّةَ اللَّيْلِ، وَإِلَى النَّهَار،
فَقَتَلنَا مِنْهُم ثَلاَثِيْنَ أَلْفاً غَيْرَ مَنْ
أَلقَى نَفْسَهُ فِي المَاء، وَأَمَّا الأَسرَى فَحَدِّثْ
عَنِ البَحْرِ وَلاَ حَرَجَ.
وَفِي أَوَاخِرِ المُحَرَّم قتلُوا المُعَظَّم.
وَفِيْهَا اسْتولَى صَاحِب حَلَب عَلَى دِمَشْقَ، ثُمَّ
سَارَ ليَأْخُذَ مِصْرَ، وَهَزَمَ المِصْرِيّينَ، ثُمَّ
تَنَاخَوْا وَهَزَمُوْهُ وَقتلُوا نَائِبَهُ.
وَاستولَى لُؤْلُؤٌ عَلَى جَزِيْرَةِ ابْنِ عُمَرَ،
وَقُتِلَ مَلِكُهَا فِي سَنَةِ تِسْعٍ.
وَفِي سَنَةِ خَمْسِيْنَ أَغَارتِ التَّتَارُ عَلَى
مَيَّافَارِقِيْنَ وَسروج، وَعَلَيْهِم كشلوخَان
المَغُلِي.
وَفِي سَنَةِ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ: أَخَذَ المُسْلِمُوْنَ
صَيْدَا، وَهَرَبَ أَهْلُهَا إِلَى قَلعَتِهَا.
وَفِيْهَا: قَدَمت بِنْتُ عَلاَءِ الدِّيْنِ صَاحِب
الرُّوْم، فَدَخَلَ بِهَا صَاحِبُ دِمَشْقَ الْملك
النَّاصِرُ، فَكَانَ عُرْساً مَشْهُوْداً، وَعُملت
القِبَابُ، وَكَانَ الخُلْفُ وَاقِعاً بَيْنَ النَّاصِرِ
وَبَيْنَ صَاحِبِ مِصْرَ المُعِزِّ، ثُمَّ بَعْد مُدَّةٍ
وَقَعَ الصُّلحُ.
__________
(1) جمع: كند، وهو الكونت.
(23/179)
وَفِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ: كَانَ
ظُهُوْرُ الآيَةِ الكُبْرَى - وَهِيَ النَّارُ - بِظَاهِرِ
المَدِيْنَةِ النَّبَوِيَّةِ، وَدَامت أَيَّاماً تَأْكُل
الحجَارَةِ، وَاسْتغَاثَ أَهْلُ المَدِيْنَةِ إِلَى اللهِ
وَتَابُوا، وَبَكَوْا، وَرَأَى أَهْلُ مَكَّةَ ضَوْءهَا
مِنْ مَكَّةَ، وَأَضَاءتْ لَهَا أَعْنَاقُ الإِبِل
بِبُصْرَى، كَمَا وَعَدَ بِهَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيمَا صَحَّ عَنْهُ.
وَكُسِفَ فِيْهَا الشَّمْسُ وَالقَمَرُ، وَكَانَ فِيْهَا
الغَرَقُ العَظِيْمُ بِبَغْدَادَ، وَهَلَكَ خَلْقٌ مِنْ
أَهْلِهَا، وَتَهدَّمتِ البُيُوْتُ، وَطَفَحَ المَاء عَلَى
السُّوْر.
وَفِيْهَا: سَارَ الطَّاغِيَة هُوْلاَكُو بنُ تولي بن
جنكزخَان فِي مائَةِ أَلْفٍ، وَافتَتَح حصن الأَلموت،
وَأَبَادَ الإِسْمَاعِيْلِيَّة، وَبَعَثَ جَيْشاً
عَلَيْهِم باجونَوِين، فَأَخذُوا مَدَائِنَ الرُّوْمِ،
وَذلَّ لَهُم صَاحِبهَا، وَقُتِلَ خَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَفِيْهَا كَانَ حَرِيْق مَسْجِدِ النَّبِيّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَمِيْعِهِ فِي أَوَّلِ
رَمَضَانَ مِنْ مسرجَة القَيِّمِ - فَللّه الأَمْرُ
كُلُّهُ -.
وَفِي سَنَةِ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ: مَاتَ صَاحِبُ مِصْرَ
الملكُ المُعِزُّ أَيبك التُّرُكْمَانِيّ، قَتَلَتْه
زَوجَتُه شَجَرُ الدُّرِّ فِي الغِيْرَةِ، فَوُسِّطَتْ.
وَجَرَتْ فِتْنَةٌ مَهُولَةٌ بِبَغْدَادَ بَيْنَ النَّاس
وَبَيْنَ الرَّافِضَّةِ، وَقُتِلَ عِدَّة مِنَ
الفَرِيْقَيْنِ، وَعَظُمَ البَلاَءُ، وَنُهِبَ الكَرْخُ،
فَحنقَ ابْن العَلْقَمِيّ الوَزِيْرُ الرَّافضِيُّ،
وَكَاتَبَ هُوْلاَكُو، وَطَمَّعَهُ فِي العِرَاق، فَجَاءت
رُسُل هُوْلاَكُو إِلَى بَغْدَادَ، وَفِي البَاطِنِ
مَعَهُم فَرمَانَات لِغَيْرِ وَاحِدٍ، وَالخَلِيْفَةُ لاَ
يَدْرِي مَا يَتُم، وَأَيَّامُه قَدْ وَلّت، وَصَاحِب
دِمَشْق شَابٌّ غرٌّ جبَانٌ، فَبَعَثَ وَلَدَهُ الطِّفْلَ
مَعَ الحَافِظِيِّ بِتقَادمٍ وَتُحَفٍ إِلَى هُوْلاَكُو،
فَخَضَعَ لَهُ، وَمِصْرُ فِي اضْطِرَابٍ بَعْدَ قَتلِ
المُعِزِّ، وَصَاحِبُ الرُّوْمِ قَدْ هَرَبَ إِلَى بِلاَدِ
الأَشكرِيِّ، فَتَمَرَّدَ هُوْلاَكُو وَتَجَبَّرَ،
وَاسْتَوْلَى عَلَى المَمَالِكِ، وَعَاثَ جُندُه الكَفرَةُ
يَقْتُلُوْنَ وَيَأْسرُوْنَ وَيَحرِقُوْنَ.
(23/180)
وَدَخَلتْ سَنَةُ سِتٍّ: فَسَارَ عَسْكَرُ
النَّاصِرِ وَعَلَيْهِم المُغِيْثُ ابْنُ صَاحِبِ الكَرَكِ
لِيَأْخذُوا مِصْرَ، فَالتقَاهُمُ المُظَفَّرُ قُطُزُ،
وَهُوَ نَائِبٌ لِلْمَنْصُوْرِ عَلِيٍّ وَلَدِ المُعِزّ
بِالرَّملِ، فَكَسَرهُم، وَأَسَرَ جَمَاعَةَ أُمَرَاءَ،
فَضَرَبَ أَعْنَاقَهُم.
وَأَمَّا هُوْلاَكُو، فَقصدَ بَغْدَادَ، فَخَرَجَ
عَسْكَرُهَا إِلَيْهِ، فَانكَسَرُوا، وَكَاتَبَ لُؤْلُؤٌ
صَاحِبُ المَوْصِلِ وَابْنُ صلاَيَا مُتَوَلِّي إِرْبِلَ
الخَلِيْفَةَ سِرّاً يَنْصَحَانِه، فَمَا أَفَادَ،
وَقُضِيَ الأَمْرُ، وَأَقْبَلَ هُوْلاَكُو فِي المَغُوْلِ
وَالتُّركِ وَالكُرْجِ وَمَددٍ مِنِ ابْنِ عَمِّهِ
بَرَكَةَ وَمَددٍ مِنْ عَسْكَرِ لُؤْلُؤٍ عَلَيْهِم ابْنُه
الملكُ الصَّالِحُ، فَنَزَلُوا بِالجَانبِ الغَربِيِّ،
وَأَنشَأَوا عَلَيْهِم سُوراً، وَقِيْلَ: بَلْ أَتَى
هُوْلاَكُو البلدَ مِنَ الجَانبِ الشَّرْقِيِّ (1) ،
فَأَشَارَ الوَزِيْرُ عَلَى الخَلِيْفَةِ بِالمدَارَاةِ،
وَقَالَ: أَخرُجُ إِلَيْهِ أَنَا.
فَخَرَجَ، وَاسْتوثَقَ لِنَفْسِهِ، وَردَّ، فَقَالَ:
القَانُ رَاغِبٌ فِي أَنْ يُزوِّج بِنْتَهُ بِابْنِكَ
أَبِي بَكْرٍ، وَيُبْقَي لَكَ مَنصِبَك كَمَا أَبْقَى
صَاحِبَ الرُّوْم فِي مَمْلَكتِه مِنْ تَحْتِ أَوَامرِ
القَانِ، فَاخرُجْ إِلَيْهِ.
فَخَرَجَ فِي كُبَرَاءِ دَوْلَتِه لِلنِّكَاحِ يَعْنِي،
فَضَرَبَ أَعْنَاق الكُلِّ بِهَذِهِ الخَديعَةِ، وَرُفِسَ
المُسْتَعْصِمُ حَتَّى تلف، وَبَقِيَ السَّيْفُ فِي
بَغْدَادَ بَضْعَةً وَثَلاَثِيْنَ يَوْماً، فَأَقلُّ مَا
قِيْلَ: قُتلَ بِهَا ثَمَانُ مائَةِ أَلْفِ نَفْسٍ،
وَأَكْثَرُ مَا قِيْلَ: بَلَغُوا أَلفَ أَلفٍ وَثَمَانِ
مائَةِ أَلْفٍ، وَجَرَتِ السُّيُولُ مِنَ الدِّمَاءِ -
فَإِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُوْنَ -.
ثُمَّ بَعْدَ ذَهَابِ البلدِ وَمَنْ فِيْهِ إِلاَّ
اليَسِيْرَ، نُودِيَ بِالأَمَانِ، وَانعكسَ عَلَى
الوَزِيْرِ مَرَامُه، وَذَاقَ ذُلاًّ وَوَيلاً، وَمَا
أَمهلَهُ اللهُ.
وَمِنَ القَتْلَى: مُجَاهِدُ الدِّيْنِ الدُّوَيْدَارُ،
وَالشَّرَابِيُّ، وَابْنُ الجَوْزِيِّ أُسْتَاذُ الدَّارِ،
وَبَنُوهُ، وَقُتِلَ بَايْجُو نَوِيْنَ نَائِبُ
هُوْلاَكُو، اتَّهمَه بِمُكَاتِبَةِ الخَلِيْفَةِ،
__________
(1) أتى هولاكو من الجانب الشرقي، وأتى قائده بايجو من
الجانب الغربي، فأحاطوا بها من الجانبيين (انظر الحوادث
الجامعة: 323 والعسجد المسبوك: 630).
(23/181)
وَرجع هُوْلاَكُو بِالسَّبْيِ وَالأَمْوَال
إِلَى أَذْرَبِيْجَانَ، فَنَزَلَ إِلَى خِدْمَتِه
لُؤْلُؤٌ، فَخلعَ عَلَيْهِ، وَردَّه إِلَى المَوْصِلِ،
وَنَزَلَ إِلَيْهِ ابْنُ صلاَيَا، فَضَرَبَ عُنُقَه،
وَبَعَثَ عَسْكَراً حَاصرُوا مَيَّافَارِقِيْنَ، وَبَعَثَ
رَسُوْلاً إِلَى النَّاصِرِ وَكِتَابُه: خِدْمَة ملك
نَاصِر طَالَ عُمُرُهُ إِنَّا فَتحنَا بَغْدَادَ،
وَاسْتَأْصلنَا مَلِكَهَا وَمُلْكَهَا، وَكَانَ ظَنَّ إِذْ
ضنَّ بِالأَمْوَالِ وَلَمْ يُنَافس فِي الرِّجَالِ أَن
ملكه يَبْقَى عَلَى ذَلِكَ الحَال، وَقَدْ علاَ قدرُه
وَنَمَى ذِكْرُهُ، فَخُسف فِي الكَمَال بَدرُه:
إِذَا تَمَّ أَمرٌ بَدَا نَقصُهُ ... تَوقَّعْ زَوَالاً
إِذَا قِيْلَ: تَمّ
وَنَحْنُ فِي طَلَبِ الازْدِيَادِ عَلَى مَمرِّ الآبَادِ،
فَأَبدِ مَا فِي نَفْسِك، وَأَجِبْ دَعْوَةَ ملكِ
البَسيطَةِ تَأْمنْ شَرَّه، وَتَنَلْ بِرَّهُ، وَاسْعَ
إِلَيْهِ، وَلاَ تُعوِّقْ رَسُوْلنَا، وَالسَّلاَمُ.
ذَكرَ جَمَالُ الدِّيْنِ سُلَيْمَانُ بنُ رَطْلَيْن
الحَنْبَلِيُّ، قَالَ:
جَاءَ هُوْلاَكُو فِي نَحْوِ مائَتَيْ أَلْفٍ، ثُمَّ طَلبَ
الخَلِيْفَةَ، فَطَلَعَ مَعَهُ القُضَاةُ وَالأَعيَانُ فِي
نَحْوٍ مِنْ سَبْعِ مائَةِ نَفْسٍ، فَمُنعُوا، وَأُحضرَ
الخَلِيْفَةُ وَمَعَهُ سَبْعَةَ عَشَرَ كَانَ أَبِي (1)
مِنْهُم، وَضَرَبَ رِقَابَ سَائِرِ أُوْلَئِكَ، فَأُنْزِلَ
الخَلِيْفَةُ فِي خَيمَةٍ وَالسَّبْعَةَ عَشَرَ فِي
خَيمَةٍ.
قَالَ أَبِي: فَكَانَ الخَلِيْفَةُ يَجِيْءُ إِلَيْنَا فِي
اللَّيْلِ، وَيَقُوْلُ: ادعُوا لِي.
قَالَ: فَنَزَلَ عَلَى خَيمَتِه طَائِرٌ، فَطَلَبَهُ
هُوْلاَكُو، فَقَالَ: أَيش عَملُ هَذَا الطَّائِرِ؟ وَمَا
قَالَ لَكَ؟
ثُمَّ جَرَتْ لَهُ مُحَاوَرَةٌ مَعَهُ، وَأَمرَ بِهِ
وَبِابْنِه أَبِي بَكْرٍ، فَرُفِسَا حَتَّى مَاتَا،
وَأَطلَقُوا السَّبْعَةَ عَشَرَ وَأَعْطوهُم نشَابَةً،
فَقُتل مِنْهُم اثْنَانِ،
__________
(1) أبوه هو فخر الدين أبو محمد عبد الله بن علي بن منصور
بن رطلين الحنبلي، كان من العدول الأعيان، سلم من الوقعة
المشؤومة وتوفي في شهر رجب سنة 679، ودفن بباب حرب، فهو
شاهد عيان لها. ترجمه ابن الفوطي في تلخيصه: 4 / الترجمة:
2143.
(23/182)
وَأَتَى البَاقُوْنَ دُورَهُم،
فَوَجَدُوهَا بَلاَقعَ، فَأَتيتُ أَبِي بِالمُغِيْثِيَّةِ،
فَوَجَدتُه مَعَ رِفَاقِه، فَلَمْ يَعرِفْنِي أَحَدٌ
مِنْهُم، وَقَالُوا: مَا تُرِيْدُ؟
قُلْتُ: أُرِيْدُ فَخْرَ الدِّيْنِ ابْنَ رَطْلَيْن،
وَقَدْ عَرَفْتُهُ.
فَالْتَفَتَ إِلَيَّ، وَقَالَ: مَا تُرِيْدُ مِنْهُ؟
قُلْتُ: أَنَا وَلدُهُ.
فَنَظَرَ، فَلَمَّا تَحَقَّقنِي، بَكَى، وَكَانَ مَعِي
قَلِيْلُ سِمْسِمٍ، فَتركتُه بَيْنَهُم.
وَعَمِلَ ابْنُ العَلْقَمِيِّ عَلَى تَركِ الجُمُعَاتِ،
وَأَنْ يَبنِيَ مَدْرَسَةً عَلَى مَذْهَبِ الرَّافِضَّةِ،
فَمَا بلغَ أَملُه، وَأُقيمتِ الجُمعَاتُ.
وَحَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: كَانَ قَدْ مَشَى حَالُ
الخَلِيْفَةِ بِأَنْ يَكُوْنَ لِلتَّتَارِ نِصْفُ دَخْلِ
العِرَاقِ، وَمَا بَقِيَ شَيْءٌ، أَنْ يَتم ذَلِكَ،
فَقَالَ ابْنُ العَلْقَمِيّ: بَلِ المَصْلحَةُ قَتْلُه،
وَإِلاَّ فَمَا يَتم لَكُم مُلك العِرَاق (1) .
قُلْتُ: قَتلُوْهُ خنقاً.
وَقِيْلَ: رَفساً.
وَقِيْلَ: غمّاً فِي بِسَاطٍ، وَكَانُوا يُسمُّونَهُ:
الأَبْلَهَ.
وَأَنْبَأَنِي الظَّهِيْرُ الكَازَرُوْنِيُّ فِي
(تَارِيْخِهِ (2)): أَنَّ المُسْتَعْصِمَ دَخَلَ بَغْدَادَ
بَعْدَ أَنْ خَرَجَ إِلَى هُوْلاَكُو، فَأَخَرَجَ لَهُ
الأَمْوَالَ، ثُمَّ خَرَجَ فِي رَابِعِ صَفَرٍ، وَبُذِلَ
السَّيْفُ فِي خَامِسِ صَفَرٍ.
قَالَ: وَقُتِلَ المُسْتَعْصِمُ بِاللهِ يَوْم
الأَرْبعَاء، رَابِعَ عَشَرَ صَفَرٍ.
فَقِيْلَ: جُعِلَ فِي غرَارَةٍ وَرُفس إِلَى أَنْ مَاتَ
-رَحِمَهُ اللهُ- وَدُفِنَ وَعُفِي أَثره، وَقَدْ بلغَ
سِتّاً وَأَرْبَعِيْنَ سَنَةً وَأَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ.
قَالَ: وَقُتِلَ ابْنَاهُ أَحْمَدُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ،
وَبَقِيَ وَلدُهُ مُبَارَكٌ، وَفَاطِمَةُ، وَخَدِيْجَةُ،
وَمَرْيَمُ فِي أَسرِ التَّتَارِ.
__________
(1) أعمى الحقد والتعصب هذا الخائن، وقتل الناس ودمرت بلاد
الإسلام بسبب حقده وتعصبه واعتقاده الفاسد.
(2) مختصر التاريخ لابن الكازروني ص 272 - 274.
(23/183)
قُلْتُ: وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ إِلَى اليَوْمِ
بِأَذْرَبِيْجَانَ، وَانقطعتِ الإِمَامَةُ العَبَّاسِيَّةُ
ثَلاَثَ سِنِيْنَ وَأَشْهُراً بِمَوْتِ المُسْتَعْصِمِ،
فَكَانَتْ دَوْلَتُهُم مِنْ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ
وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ، إِلَى سَنَةِ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ
وَسِتِّ مائَةٍ، فَذَلِكَ خَمْسُ مائَةٍ وَأَرْبَعٌ
وَعِشْرُوْنَ سَنَةً - وَللهِ الأَمْرُ -.
110 - الجَوَادُ يُوْنُسُ بنُ مَمْدُوْدِ بنِ العَادِلِ
أَبِي بَكْرٍ الأَيُّوْبِيُّ *
السُّلْطَانُ، المَلِكُ، الجَوَادُ، مُظَفَّرُ الدِّيْنِ
يُوْنُسُ بنُ مَمْدُوْدٍ (1) ابْنِ السُّلْطَانِ المَلِكِ
العَادِلِ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَيُّوْبَ الأَيُّوْبِيُّ.
نَشَأَ فِي خِدمَةِ عَمِّهِ الكَامِلِ، فَوَقَعَ
بَيْنَهُمَا، فَتَأَلَّمَ، وَجَاءَ إِلَى عَمِّهِ
المُعَظَّمِ، فَأَكْرَمَه، ثُمَّ عَادَ إِلَى مِصْرَ،
وَاصطلحَ هُوَ وَالكَامِلُ، وَلَمَّا (2) تُوُفِّيَ
الأَشْرَفُ، جَاءَ الكَامِلُ وَمَعَهُ هَذَا، ثُمَّ مَاتَ
الكَامِلُ، فَمَلَّكُوا الجَوَادَ دِمَشْقَ.
وَكَانَ جَوَاداً، مُبَذِّراً لِلْخَزَائِن، قَلِيْلَ
الحَزْمِ، وَفِيْهِ مَحبَّةٌ لِلصَّالحينَ، وَالتفَّ
حَوْلَهُ ظَلَمَةٌ، ثُمَّ تَزَلْزَلَ أَمرُهُ، فَكَاتَبَ
الملكَ الصَّالِحَ أَيُّوْبَ ابْنَ الكَامِلِ صَاحِبَ
سِنْجَارَ وَغَيْرَهَا، فَبَادَرَ إِلَيْهِ وَأَعْطَاهُ
دِمَشْقَ، وَعَوَّضَهُ بِسِنْجَارَ وَعَانَةَ، فَخَابَ
البَيْعُ، فَذَهَبَ إِلَى الجَزِيْرَةِ، فَلَمْ يَتِمَّ
لَهُ أَمرٌ، وَأُخِذت مِنْهُ
__________
(*) مرآة الزمان لسبط ابن الجوزي: 8 / 743 - 744، تاريخ
أبي الفدا: 3 / 169، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا
3013) ج 20 الورقة 12، العبر للذهبي: 171، فوات الوفيات: 4
/ 396 - 397 الترجمة 599، مرآة الجنان وعبرة اليقظان
لليافعي: 4 / 104، البداية والنهاية: 13 / 163، السلوك
لمعرفة دول الملوك للمقريزي: 1 / 214، النجوم الزاهرة: 6 /
348، شفاء القلوب في مناقب بني أيوب للحنبلي: 388 - 392
الترجمة 92، شذرات الذهب: 5 / 212.
(1) في فوات الوفيات: مودود (وهو تصحيف أصر عليه محققه على
الرغم من وجود إحدى نسخ التحقيق تذكر الاسم كما ورد هنا،
وكما هو عند سائر أصحاب التراجم).
(2) إضافة يقتضيها السياق.
(23/184)
سِنْجَارُ، وَبَقِيَ فِي عَانَة حَزِيناً،
فَتركهَا، وَمَضَى إِلَى بَغْدَادَ، فَبَاع عَانَةَ
لِلمُسْتَنْصِر بِمَالٍ، ثُمَّ قَدِمَ عَلَى الملكِ
الصَّالِح أَيُّوْبَ، فَمَا أَقْبَل عَلَيْهِ، وَهَمَّ
بِاعْتقَالِه، فَفَرَّ إِلَى الكَرَكِ، فَقَبَضَ عَلَيْهِ
النَّاصِرُ، ثُمَّ هَرَبَ مِنْ مَخَالِيبِهِ، فَقَدم عَلَى
صَاحِب دِمَشْقَ يَوْمَئِذٍ الصَّالِحِ إِسْمَاعِيْلَ
عَمِّه، فَمَا بشَّر بِهِ، وَتَرَاجَمَتْهُ الأَحْوَالُ،
فَقصدَ الفِرَنْجِيَّ ملكَ بَيْرُوْتَ، فَأَكرمُوْهُ،
وَحضر مَعَهُم وَقْعَةَ قلنسوَةَ مِنْ عَملِ نَابُلُسَ،
قتلُوا بِهَا أَلفَ مُسْلِم - نَعُوذ بِاللهِ مِنَ
الْمَكْر وَالخزي - ثُمَّ تَحَيَّل عَمُّه الصَّالِح
إِسْمَاعِيْل عَلَيْهِ، وَذَهَبَ إِلَيْهِ ابْن يغمور،
فَخدعه، وَجَاءَ فَقَبَضَ عَلَيْهِ الصَّالِح، فَسَجَنَهُ
بِعَزّتَا.
وَقِيْلَ: إِنَّ الجَوَادَ لَمَّا تَسَلطنَ، التَقَى هُوَ
وَالنَّاصِرُ دَاوُدُ بِظهْر حِمَار، فَانْهَزَم دَاوُدُ،
وَأَخَذَ الجَوَادُ خَزَائِنه، وَدَخَلَ دَارَ المُعَظَّم
الَّتِي بِنَابُلُسَ، فَاحتَوَى عَلَى مَا فِيْهَا،
وَكَانَ بِمِصْرَ قَدْ تَمَلَّكَ العَادلُ وَلدُ
الكَامِلِ، فَنفذ يَأْمر الجَوَادَ بِردِّ بِلاَده
إِلَيْهِ، وَأَنْ يردّ إِلَى دِمَشْقَ، فَرَدَّ إِلَيْهَا،
وَدَخَلَهَا فِي تَجمُّلٍ زَائِدٍ، وَزَيَّنُوا البَلَد،
وَكَانَ يُخطبُ لَهُ بَعْد ذِكْرِ العَادلِ ابْنِ عَمِّهِ،
مَضَى هَذَا، ثُمَّ إِنَّ الفِرَنْج أَلَحُّوا عَلَى
الصَّالِحِ، وَكَانَ مُصَافِياً لَهُم، فِي إِطلاَقِ
الجَوَادِ، وَقَالُوا: لاَ بُدَّ لَنَا مِنْهُ.
وَكَانَتْ أُمُّه إِفرَنْجيَةً - فِيْمَا قِيْلَ - فَأَظهر
لَهُم أَنَّهُ قَدْ تُوُفِّيَ، فَقِيْلَ: خَنَقهُ فِي
شَوَّالٍ، سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ،
وَحُمِلَ، فَدُفِنَ عِنْدَ المُعَظَّمِ بِسَفحِ
قَاسِيُوْنَ - سَامَحَهُ اللهُ تَعَالَى -.
111 - صَاحِبُ تُوْنُسُ يَحْيَى بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ
عُمَرَ الهَنْتَانِيُّ *
المَلِكُ، أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى ابْنُ الأَمِيْرِ
عَبْدِ الوَاحِدِ ابْنِ الشَّيْخِ عُمَرَ الهَنتَانِيُّ،
الموحّدِيُّ.
__________
(*) عقود الجمان في شعراء هذا الزمان لابن الشعار الموصلي
(نسخة مكتبة أسعد أفندي =
(23/185)
كَانَ أَبُوْهُ متولِّياً لِمَدَائِنِ
إِفْرِيْقِيَةَ لآلِ عَبْدِ المُؤْمِنِ، فَمَاتَ وَوَلِيَ
بَعْدَهُ الأَمِيْرُ عَبُّو، فَولِي مُدَّةً، ثُمَّ
تَوثَّب عَلَيْهِ يَحْيَى هَذَا، وَاسْتَوْلَى عَلَى
إِفْرِيْقِيَة وَتَمَكَّنَ، وَامتدت دَوْلَته بِضْعاً
وَعِشْرِيْنَ سَنَةً، وَاشْتَغَل عَنْهُ بَنُوْ عَبْد
المُؤْمِنِ بِأَنْفُسِهِم، وَقَوِيَ أَيْضاً عَلَيْهِم
يَغَمْرَاسَنُ (1) صَاحِبُ تِلِمْسَانَ.
مَاتَ الْملك يَحْيَى: بِمدينَةِ بُوْنَةَ مِنْ
إِفْرِيْقِيَة، فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ سَبْعٍ
وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
وَقِيْلَ: بَعْدَ ذَلِكَ سَنَةَ تِسْعٍ.
وَتَمَلَّكَ بَعْدَهُ ابْنه.
وَهِيَ مَمْلَكَةٌ كَبِيْرَةٌ فِي قدرِ مَمْلَكَةِ اليَمَن
بَلْ أَكْبَر، وَعَسْكَره نَحْوٌ مِنْ سَبْعَةِ آلاَفِ
فَارِسٍ، وَسُلْطَانهَا اليَوْمَ هُوَ أَبُو بَكْرٍ
الهَنْتَانِيُّ أَحَد الشُّجعَانِ مُصَالِحٌ لِلسُّلْطَانِ
أَبِي الحَسَنِ المَرِيْنِيِّ وَمُصَاهرٌ لَهُ.
112 - صَاحِبُ الغَرْبِ المُعْتَضِدُ بِاللهِ عَلِيُّ بنُ
إِدْرِيْسَ المُؤْمِنِيُّ *
السُّلْطَانُ السَّعِيْدُ - وَيُقَالُ لَهُ: المُعْتَضِدُ
بِاللهِ - عَلِيُّ ابْنُ المَأْمُوْنِ إِدْرِيْسَ بنِ
يَعْقُوْبَ المُؤْمِنِيُّ.
__________
= 2330) ج 10 الورقة 3 ب، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا
3013) ج 20 حاشية الورقة 83 كتبها الذهبي بخطه عليها، فوات
الوفيات لابن شاكر الكتبي: 4 / 293 - 295، الترجمة 572،
تاريخ ابن خلدون (بولاق) 6 / 280، تاريخ الدولتين الوحدية
والحفصية للزركشي (ط 2 المكتبة العتيقة تونس 1966) ص 23 -
31، أزهار الرياض في أخبار القاضي عياض: 3 / 208.
(1) هو يغمراسن بن زيان بن ثابت بن محمد العبد الوادي، أول
من استقل بتلمسان من سلاطين بني عبد الواد، بويع سنة 633
وبقي إلى حين وفاته سنة 681 (انظر بغية الرواد: 1 / 109 -
116).
(*) وفيات الأعيان لابن خلكان: 7 / 17 - 18 الترجمة 363،
العبر للذهبي 5 / 190، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا
3013) ج 20 الورقة 70 وحواشيها العسجد المسبوك للملك
الأشرف الغساني 568، تاريخ الدولتين الموحدية والحفصية
للمراكشي (ط 2 المكتبة العتيقة =
(23/186)
تَملَّكَ المَغْرِبَ سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ
بَعْدَ أَخِيْهِ الرَّشِيْدِ عَبْدِ الوَاحِدِ، وَكَانَ
أَسوَدَ الجِلدَةِ.
قُتِلَ: فِي صَفَرٍ، سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ
مائَةٍ، فَقَامَ بَعْدَهُ المُرْتَضَى عُمَرُ بنُ أَبِي
إِبْرَاهِيْمَ بنِ يُوْسُفَ الَّذِي خَرَجَ عَلَيْهِ أَبُو
دَبوس، وَقتلَه سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ (1) : سَارَ السَّعِيْدُ،
وَحَاصَرَ قَلْعَةً بِقُرْبِ تِلِمْسَانَ، وَقُتِلَ
هُنَاكَ عَلَى ظَهرِ جَوَادِه (2) .
113 - المَلِكُ الصَّالِحُ أَبُو الفُتُوْحِ أَيُّوْبُ
ابنُ الكَامِلِ ابْنِ العَادِلِ *
السُّلْطَانُ الكَبِيْرُ، المَلِكُ الصَّالِحُ، نَجْمُ
الدِّيْنِ، أَبُو الفُتُوْحِ أَيُّوْبُ ابْنُ السُّلْطَانِ
المَلِكِ الكَامِلِ مُحَمَّدِ ابْنِ العَادِلِ.
وَأُمُّه جَارِيَةٌ سَوْدَاءُ اسْمهَا: وَرْدُ المُنَى.
__________
= بتونس 1966) ص 30 - 31، شذرات الذهب لابن العماد
الحنبلي: 5 / 236، الاعلام لخير الدين الزركلي (ط: 4) 4 /
263 وفي هامشها مصادر.
(1) وفيات الأعيان: 7 / 17 - 18.
(2) قتله يغمراسن بن زيان.
(*) سيرته مشهورة في الكتب التي أرخت لهذه الحقبة ومنها:
مرآة الزمان: 8 / 775، ذيل الروضتين 182 - 183، أخبار
الايوبيين للمكين جرجيس بن العميد: 159، مفرج الكروب لابن
واصل (في صفحات كثيرة منه)، الحوادث الجامعة: 245، المختصر
في تاريخ البشر لأبي الفدا: 3 / 139، تاريخ الإسلام للحافظ
الذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 73 - 80، دول الإسلام
للذهبي أيضا: 2 / 115، العبر للذهبي كذلك 5 / 193، تاريخ
ابن لوردي: 2 / 260، السلوك لمعرفة دول الملوك للمقريزي: 1
/ 296، والمواعظ والاعتبار لمسماة بخطط المقريزي: 2 / 236،
النجوم الزاهرة: 6 / 361، شفاء القلوب في مناقب بني أيوب
لأحمد بن إبراهيم الحنبلي: 367 - 382، الترجمة 83، بدائع
الزهور لابن اياس: 1 / 83، شذرات الذهب: 5 / 237.
(23/187)
مَوْلِدُه: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسِتِّ مائَةٍ،
بِالقَاهِرَةِ.
وَنَاب عَنْ أَبِيْهِ لَمَّا جَاءَ لِحصَارِ النَّاصِرِ
دَاوُدَ، فَلَمَّا رَجَعَ، انتقدَ أَبُوْهُ عَلَيْهِ
أَشيَاءَ، وَمَالَ عَنْهُ إِلَى وَلَدِهِ الآخِر العَادلِ،
فَلَمَّا اسْتولَى الكَامِل عَلَى آمدَ وَحصنِ كَيْفَا
وَسِنْجَارَ، سَلْطَنَ نَجْمَ الدِّيْنِ، وَجَعَلَهُ عَلَى
هَذِهِ البِلاَد، فَبَقِيَ بِهَا إِلَى أَنْ جَاءَ
وَتَمَلَّكَ دِمَشْقَ، ثُمَّ سَاقَ إِلَىالغَوْر، فَوَثَبَ
عَلَى دِمَشْقَ عَمُّه إِسْمَاعِيْل، فَأَخَذَهَا،
وَنَزَلَ عَسْكَر الكَرَكِ، فَأَحَاطُوا بِالصَّالِحِ،
وَأَخَذوهُ إِلَى الكَرَكِ، ثُمَّ ذهب بِهِ النَّاصِرُ
لَمَّا كَاتَبَهُ الأُمَرَاءُ الكَامِليَّةُ، فَعَزَلُوا
أَخَاهُ العَادلَ وَمَلَّكُوهُ، وَرَجَعَ النَّاصِر
بِخُفَّي حُنَيْنٍ.
قَالَ ابْنُ وَاصِلٍ: كَانَ لاَ يَجتمعُ بِالفُضَلاَءِ،
وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مُشَاركَةٌ، بِخلاَفِ أَبِيْهِ، وَفِي
سَنَةِ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ اصطَلَحَ الصَّالِحُ
وَعَمُّه الصَّالِحُ (1) عَلَى أَنَّ دِمَشْقَ لِعَمِّه،
وَأَنْ يُقيم هُوَ وَالحَلَبِيُّوْنَ وَالحِمْصيون
الخُطبَة لِلصَّالح نَجْمِ الدِّيْنِ، وَأَنْ يُبعَثَ
إِلَيْهِ وَلدُهُ الملكُ المُغِيْثُ وَابْنُ أَبِي عَلِيٍّ
وَمُجِيْرُ الدِّيْنِ ابْنُ أَبِي زكرِي، فَأَطلَقهُم
عَمُّه، وَاتَّفَقتِ المُلُوْكُ عَلَى عَدَاوَةِ صَاحِبِ
الكَرَكِ، وَبَعَثَ إِسْمَاعِيْلُ جَيْشاً يُحَاصرُوْنَ
عَجلُوْنَ، وَهِيَ بِيَدِ النَّاصِرِ، ثُمَّ انْحلَّ
ذَلِكَ؛ لِورقَةٍ وَجَدَهَا إِسْمَاعِيْلُ مِنْ أَيُّوْبَ
إِلَى الخُوَارِزْمِيَّةِ يَحَثُّهُم علَى المَجِيْءِ
لِيُحَاصرُوا عَمَّه، فَحَبَسَ حِيْنَئِذٍ المُغِيْثَ،
وَصَالَحَ صَاحِبَ الكَرَكِ، وَاتَّفَقَ مَعَ صَاحِبِ
حِمْصَ وَصَاحِبِ حَلَبَ، وَاعتضدَ بِالفِرَنْجِ،
فَأَقْبَلَ المِصْرِيُّونَ، عَلَيْهِم بِيْبَرْسُ
الصَّالِحيُّ البُنْدُقْدَارُ الكَبِيْرُ الَّذِي قَتلَه
أُسْتَاذُه، وَأَعْطَى إِسْمَاعِيْلُ الفِرَنْجَ بَيْتَ
المَقْدِسِ، وَعمرُوا طَبرِيَةَ وَعَسْقَلاَنَ، وَوضَعَتِ
الرُّهبَانُ قَنَانِي الخَمْرِ عَلَى الصَّخْرَةِ،
وَأُبطِلَ الأَذَانُ
__________
(1) يعني: اسماعيل.
(23/188)
بِالحَرَمِ، وَعَدَّت الخُوَارِزْمِيَّةُ
الفُرَاتَ فِي عَشْرَةِ آلاَفٍ، فَمَا مَرُّوا بِشَيْءٍ
إِلاَّ نَهبُوْهُ، وَأَقْبَلُوا، فَهَرَبتِ الفِرَنْجُ
مِنْهُم مِنَ القُدْسِ، فَقَتلُوا عِدَّةً مِنَ
النَّصَارَى، وَهَدمُوا قُمَامَةَ (1) ، وَنَبشُوا عِظَامَ
الموتَى، وَجَاءتْهُ الخِلَعُ وَالنَّفقَةُ مِنْ مِصْرَ،
ثُمَّ سَارَ عَلَى الشَّامِيّينَ المَنْصُوْرُ صَاحِبُ
حِمْصَ، وَوَافَتْهُ الفِرَنْجُ.
قَالَ المَنْصُوْرُ: لَقَدْ قَصَّرتُ يَوْمَئِذٍ، وَعرفتُ
أَنَّنَا لاَ نُفلِحُ بِالنَّصَارَى، فالَتَقَوْا.
قَالَ: فَانْهَزَمَ الشَّامِيُّوْنَ، ثُمَّ جَاءَ جَيْشُ
السُّلْطَانِ نَجْمِ الدِّيْنِ، وَعَلَيْهِم مُعِيْنُ
الدِّيْنِ ابْنُ الشَّيْخِ، وَمَعَهُ خِزَانَةُ مَالٍ،
فَنَازَلُوا دِمَشْقَ مُدَّةً، ثُمَّ أُخِذَتْ
بِالأَمَانِ؛ لِقلِّةِ مَنْ مَعَ صَاحِبِهَا؛
وَلِمُفَارقَةِ الحَلَبِيِّينَ لَهُ، فَتَرَكَهَا،
وَذَهَبَ إِلَى بَعْلَبَكَّ، وَحَصلَ لِلْخُوَارِزْمِيَةِ
إِدلاَلٌ، وَطَمِعُوا فِي كِبَارِ الأَخبَازِ، فَلَمْ
يَصِحَّ مَرَامُهُم، فَغَضِبُوا، وَنَابَذُوا، ثُمَّ
حَلَفُوا لإِسْمَاعِيْلَ، وَجَاءَ تَقلِيدُ الخِلاَفَةِ
لِلسُّلْطَانِ بِمِصْرَ وَالشَّامِ وَالشَّرْقِ، وَلَبِسَ
العِمَامَةَ وَالجُبَّةَ السَّوْدَاءَ.
ثُمَّ إِنَّ الصَّالِحَ إِسْمَاعِيْلَ كَرَّ
بِالخُوَارِزْمِيَّةِ إِلَى دِمَشْقَ، وَنَازَلَهَا، وَمَا
بِهَا كَبِيْرُ عَسْكَرٍ، فَكَانَ بِالقَلْعَةِ رَشِيْدٌ
الخَادِمُ، وَبِالمَدِيْنَةِ حُسَامُ الدِّيْنِ ابْنُ
أَبِي عَلِيٍّ، فَقَامَ بِحِفظِهَا، وَاشتَدَّ بِهَا
القَحطُ حَتَّى أَكَلُوا الجِيَفَ، حَتَّى قِيْلَ: إِنَّ
رَجُلاً مَاتَ فِي الحَبْسِ، فَأَكلُوْهُ.
وَجَرَتْ أُمُوْرٌ مُزعجَةٌ، ثُمَّ التَقَى
الحَلَبِيُّوْنَ وَالخُوَارِزْمِيَّةُ، فَكُسرَتِ
الخُوَارِزْمِيَّةُ، وَقُتِلَ خَلْقٌ مِنْهُم، وَفَرَّ
إِسْمَاعِيْلُ إِلَى حَلَبَ، فَبَعَثَ السُّلْطَانُ
يَطلبُهُ مِنْ صَاحِبِهَا الملكِ النَّاصِرِ يُوْسُفَ،
فَقَالَ: كَيْفَ يَلِيقُ أَنْ يَلتَجِئَ إِلَيَّ خَالُ
أَبِي؟!
فَأَسلمَه، ثُمَّ سَارَ عَسْكَرٌ، فَأَخذُوا بَعْلَبَكَّ
مِنْ أَوْلاَدِ إِسْمَاعِيْلَ، وَبُعِثَوا تَحْتَ
الحَوطَةِ إِلَى مِصْرَ وَأَمِيْنُ الدَّوْلَةِ الوَزِيْرُ
وَابْنُ يَغْمُوْرَ، فَحُبِسُوا، وَصَفتِ البِلاَدُ
لِلسُّلْطَانِ، وَبَقِيَ صَاحِبُ الكَرَكِ كَالمَحْصُوْرِ.
ثُمَّ رَضِي السُّلْطَانُ
__________
(1) يعني: كنيسة القيامة.
(23/189)
عَنْ فَخْرِ الدِّيْنِ (1) ابْنِ
الشَّيْخِ، وَأَطلَقَه، وَجَهَّزَه فِي جَيْشٍ، فَاسْتولَى
عَلَى بِلاَدِ النَّاصِرِ، وَخَرَّبَ قُرَى الكَرَكِ،
وَحَاصَرَه، وَقَلَّ نَاصِرُ النَّاصِرِ، فَعَمِلَ تِيْكَ
القَصيدَةَ البَدِيْعَةَ يُعَاتِبُ السُّلْطَانَ:
قُلْ لِلَّذِي قَاسَمْتُهُ مُلْكَ اليَدِ ... وَنَهَضْتُ
فِيْهِ نَهْضَةَ المُتَأَسِّدِ:
عَاصَيْتُ فِيْهِ ذَوِي الحجَى مِنْ أُسرتِي ...
وَأَطَعْتُ فِيْهِ مَكَارِمِي وَتَوَدُّدِي
يَا قَاطِعَ الرَّحِمِ الَّتِي صِلَتِي بِهَا ... كُتِبَتْ
عَلَى الفَلَكِ الأَثِيْرِ بِعَسْجَدِ
إِنْ كُنْتَ تَقدَحُ فِي صرِيح منَاسبِي ... فَاصْبِرْ
بِعرضكِ لِلَّهِيبِ المُرصَدِ عَمِّي أَبُوْكَ وَوَالِدِي
عَمٌّ بِهِ ... يَعلو انتسَابُك كُلّ ملْك أَصْيدِ
صَالاَ وَجَالاَ كَالأُسْوَدِ ضَوَارِياً ... وَارتد
تيَّارُ الفُرَاتِ المُزْبِدِ
دَعْ سَيْفَ مِقولِيَ البَلِيْغَ يَذُبُّ عَنْ ...
أَعْرَاضِكُم بِفِرَنْدِهِ المُتَوَقِّدِ
فَهُوَ الَّذِي قَدْ صَاغَ تَاجَ فَخَارِكُم ...
بِمُفصَّلٍ مِنْ لُؤْلُؤٍ وَزَبَرْجَدِ
يَا مُحرجِي بِالقَوْلِ وَاللهِ الَّذِي ... خضعتْ
لِعزَّتِه جِباهُ السُّجَّدِ
لَوْلاَ مَقَالُ الهُجْرِ مِنْكَ لَمَا بَدَا ... مِنِّي
افْتخَارٌ بِالقرِيضِ المُنْشَدِ
إِنْ كُنْتُ قُلْتُ خِلاَفَ مَا هُوَ شِيمتَي ...
فَالحَاكِمُوْنَ بِمَسْمَعٍ وَبِمَشْهَدِ
ثُمَّ طَلبَ السُّلْطَانُ حُسَامَ الدِّيْنِ، وَاسْتنَابَه
بِمِصْرَ، وَبَعَثَ عَلَى دِمَشْقَ جَمَالَ الدِّيْنِ
ابْنَ مَطْرُوْحٍ، وَقَدِمَ الشَّامَ، فَجَاءَ إِلَى
خِدْمَتِه صَاحِبُ حَمَاةَ المَنْصُوْرُ صَبِيٌّ وَصَاحِبُ
حِمْصَ، وَرَجعَ إِلَى مِصْرَ مُتَمرِّضاً، وَأَعدمَ
العَادِلُ أَخَاهُ سِرّاً، وَلَهُ ثَمَانٍ وَعِشْرُوْنَ
سَنَةً، وَحَصلَ لَهُ قَرحَةٌ، وَمَرِضَ فِي أُنْثَيَيْهِ،
ثُمَّ جَاءَ إِلَى دِمَشْقَ عَلِيلاً فِي مِحَفَّةٍ لَمَّا
بَلَغه أَنَّ الحَلَبيينَ أَخَذُوا حِمْصَ، فَبَلَغَهُ
حَركَةُ الفِرَنْجِ لِقَصدِ دِمْيَاطَ، فَرُدَّ فِي
المِحَفَّةِ، ثُمَّ خيَّمَ
__________
(1) فخر الدين يوسف ابن شيخ الشيوخ ابن حمويه المتوفى سنة
647 في وقعة دمياط كما يأتي بعد قليل.
(23/190)
بِأَشْمُوْنَ، وَأَقْبَلتِ الفِرَنْجُ مَعَ
ريْذَا فرنس (1) ، فَأُملِيَتْ (2) دِمْيَاطُ
بِالذَّخَائِرِ، وَأُتْقِنت (3) الشَّوَانِي، وَنَزَلَ
فَخْرُ الدِّيْنِ ابْنُ الشَّيْخِ بِالجَيْشِ عَلَى
جِيْزَةِ دِمْيَاطَ، وَأَرسَتْ مَرَاكِبُ الفِرَنْجِ
تلقَاءهُم فِي صَفَرٍ، سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ،
ثُمَّ طَلعُوا وَنَزَلُوا فِي البِرِّ مَعَ
المُسْلِمِيْنَ، وَوَقَعَ قِتَالٌ، فَقُتِلَ الأَمِيْرُ
ابْنُ شَيْخِ الإِسْلاَمِ (4) ، وَالأَمِيْرُ
الوَزِيْرِيُّ، فَتحوَّلَ الجَيْشُ إِلَى البَرِّ
الشَّرْقِيِّ الَّذِي فِيْهِ دِمْيَاطُ، ثُمَّ
تَقَهقَرُوا، وَوَقَعَ عَلَى أَهْلِ دِمْيَاطَ خِذلاَنٌ
عَجِيبٌ، فَهَرَبُوا مِنْهَا طُولَ اللَّيْلِ، حَتَّى لَمْ
يَبْقَ بِهَا آدَمِيٌّ، وَذَلِكَ بِسُوءِ تَدبِيْرِ ابْنِ
الشَّيْخِ، هَرَبُوا لَمَّا رَأَوْا هَرَبَ العَسْكَرِ،
وَعَرفُوا مَرضَ السُّلْطَانِ، فَدَخَلَتْهَا الفِرَنْجُ
بِلاَ كُلفَةٍ، مَمْلُوْءةً خَيْرَاتٍ وَعُدَّةً
وَمَجَانِيْقَ، فَلَمَّا عَلِمَ السُّلْطَانُ، غَضبَ
وَانزعجَ، وَشَنقَ مِنْ مُقَاتِلِيهَا سِتِّيْنَ، وَردَّ،
فَنَزَلَ بِالمَنْصُوْرَةِ فِي قَصْرِ أَبِيْهِ، وَنُودِيَ
بِالنَّفِيرِ العَامِ، فَأَقْبَلَ خَلاَئِقُ مِنَ
المُطوّعَةِ، وَنَاوَشُوا الفِرَنْجَ، وَأُيِسَ مِنَ
السُّلْطَانِ.
وَأَمَّا الكَرَكُ، فَذَهَبَ النَّاصِرُ إِلَى بَغْدَادَ،
فَسَارَ وَلدُه الأَمْجَدُ إِلَى بَابِ السُّلْطَانِ،
وَسَلَّمَ الكَرَكَ إِلَيْهِ، فَبَالغَ السُّلْطَانُ فِي
إِكرَامِ أَوْلاَدِ النَّاصِرِ، وَأَقطَعَهُم بِمِصْرَ.
قَالَ ابْنُ وَاصِلٍ: كَانَ الملكُ الصَّالِحُ نَجْمُ
الدِّيْنِ عَزِيزَ النَّفْسِ، أَبِيَّهَا، عَفِيْفاً،
حَيِّياً، طَاهِرَ اللِّسَانِ وَالذَّيْلِ، لاَ يَرَى
الهَزلَ وَلاَ العَبَثَ، وَقُوْراً، كَثِيْرَ الصَّمْتِ،
اقْتَنَى مِنَ التُّركِ مَا لَمْ يَشتَرِهِ مَلِكٌ، حَتَّى
صَارُوا
__________
(1) هو اسم ملك فرنسا هكذا قيده الذهبي، وهو: روا دو
فرانس، أي ملك فرنسا، وهو لويس التاسع، قال الذهبي في
تاريخ الإسلام: " وتواترت الاخبار بان ريذا فرنس مقدم
الافرنسيسية قد خرج من بلاده في جموع عظيمة وشتا بجزيرة
قبرص، وكان من أعظم ملوك الافرنج وأشدهم بأسا، وريذ
بلسانهم: الملك ".
(2) في تاريخ الإسلام: وشحنت.
(3) في تاريخ الإسلام: وأحكمت.
(4) يعني: فخر الدين.
(23/191)
مُعْظَمَ عَسْكَرِهِ، وَرَجَّحَهُم عَلَى
الأَكرَادِ، وَأَمَّرَ مِنْهُم، وَجَعَلَهُم بِطَانَتَه
وَالمُحِيطِيْنَ بِدِهلِيزِه، وَسَمَّاهُمُ البَحْرِيَّةَ.
قُلْتُ: لِكَوْنِ التُّجَّارِ جَلَبُوهُم فِي البَحْرِ
مِنْ بِلاَدِ القَفْجَاقِ.
قَالَ ابْنُ وَاصِلٍ: حَكَى لِي حُسَامُ الدِّيْنِ ابْنُ
أَبِي عَلِيٍّ:
أَنَّ هَؤُلاَءِ المَمَالِيْكَ مَعَ فَرطِ جَبَروتِهِم
وَسَطوتِهِم، كَانُوا أَبلغَ مَنْ يَهَابُ السُّلْطَانَ،
وَإِذَا خَرَجَ يُرعدُوْنَ مِنْهُ، وَأَنَّهُ لَمْ يَقعْ
مِنْهُ فِي حَالِ غَضِبِه كَلمَةٌ قَبِيحَةٌ قَطُّ،
وَأَكْثَرُ مَا يَقُوْلُ: يَا مُتَخَلِّفُ.
وَكَانَ كَثِيْرَ البَاهِ بِجَوَارِيه، ثُمَّ لَمْ يَكُنْ
عِنْدَهُ فِي الآخِرِ سِوَى زَوْجَتَينِ؛ الوَاحِدَةُ
شَجَرُ الدُّرِّ، وَالأُخْرَى بِنْتُ العَالِمَةِ
تَزَوَّجَهَا بَعْدَ مَمْلُوْكِهِ الجُوْكَنْدَارِ،
وَكَانَ إِذَا سَمِعَ الغِنَاءَ لَمْ يَتَزعزَعْ، لاَ هُوَ
وَلاَ مَنْ فِي مَجْلِسِهِ، وَكَانَ لاَ يَسْتَقلُّ أَحَدٌ
مِنَ الكِبَارِ فِي دَوْلَتِه بِأَمرٍ، بَلْ يُرَاجع مَعَ
الخُدَّامِ بِالقصص، فَيوقِّعُ هُوَ مَا يَعتمِدُهُ
كُتَّابُ الإِنشَاءِ، وَكَانَ يُحبُّ أَهْلَ الفَضْلِ
وَالدِّيْنِ، يُؤثرُ العُزلَةَ وَالانْفِرَادَ، لَكِنْ
لَهُ نهمَةٌ فِي لَعِبِ الكُرَةِ، وَفِي إِنشَاءِ
الأَبنِيَةِ العَظِيْمَةِ.
وَقِيْلَ: كَانَ لاَ يَجْسُرُ أَحَدٌ أَنْ يُخَاطِبَه
ابْتدَاءً.
وَقِيْلَ: كَانَ فَصِيْحاً، حَسَنَ المُحَاوَرَةِ،
عَظِيْمَ السَّطوَةِ، تَعَلَّلَ، وَوقَعَتِ الآكلَةُ فِي
فَخِذِه، ثُمَّ اعتَرَاهُ إِسهَالٌ؛ فَتُوُفِّيَ لَيْلَةَ
النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ
وَسِتِّ مائَةٍ، بقَصْرِ المَنْصُوْرَة، مُرَابِطاً،
فَأَخفَوْا مَوْتَه، وَأَنَّهُ عَليلٌ حَتَّى أَقدمُوا
ابْنَه المَلِكَ المُعَظَّمَ تُوْرَانْشَاهَ مِنْ حِصْنِ
كَيْفَا، ثُمَّ نُقلَ، فَدُفِنَ بِتُربَتِهِ
بِالقَاهِرَةِ، وَكَانَ بَنُوْ شَيْخِ الشُّيُوْخِ قَدْ
تَرقَّوا لَدَيه، وَشَارَكوهُ فِي المَمْلَكَةِ، وَقَدْ
غَضِبَ مُدَّةً عَلَى فَخْرِ الدِّيْنِ يُوْسُفَ، ثُمَّ
أَطْلَقَهُ، وَصَيَّرَهُ نَائِبَ السَّلْطنَةِ؛ لِنُبلِهِ،
وَكَمَالِ سُؤْدُدِهِ، وَكَانَ جَوَاداً، مُحَبَّباً إِلَى
النَّاسِ، إِلاَّ أَنَّهُ كَانَ يَتَنَاوَلُ النَّبِيذَ.
وَلَمَّا مَاتَ السُّلْطَانُ، عُيِّنَ فَخْرُ الدِّيْنِ
لِلسَّلطنَةِ، فَجَبُنَ (1) ، وَنَهضَ بِأَعبَاءِ
__________
(1) يعني: جبن عن أن يتولاها من بني أيوب.
(23/192)
الأُمُوْرِ، وَسَاسَ الجَيْشَ، وَأَنفقَ
فِيهِم مائَتَيْ أَلْفِ دِيْنَارٍ، وَأَحضَرَه
تُوْرَانْشَاه، وَسَلطَنَه.
وَيُقَالُ: إِنْ تُوْرَانْشَاه هَمَّ بِقَتْلِهِ.
اتَّفَقَ (1) حَركَةُ الفِرَنْجِ وَتَأَخُّرُ العَسَاكِرِ،
فَرَكِبَ فَخْرُ الدِّيْنِ فِي السَّحَرِ، وَبَعَثَ خَلفَ
الأُمَرَاءِ لِيَركَبُوا، فَسَاقَ فِي طَلَبِه، فَدَهَمَهُ
طُلب الدَّوَايَّةِ، فَحَملُوا عَلَيْهِ، فَتفلَّلَ عَنْهُ
أَجنَادُه، وَطُعنَ وَقُتِلَ، وَنَهبتْ غِلمَانُه
أَمْوَالَه وَخَيلَه، فَرَاحَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ.
قَالَ ابْنُ عَمِّهِ سَعْدُ الدِّيْنِ: كَانَ الضَّبَابُ
شَدِيداً، فَطُعنَ، وَجَاءتْه ضَربَةُ سَيْفٍ فِي
وَجْهِهِ، وَقُتِلَ مَعَهُ جَمْدَارُه وَعِدَّةٌ،
وَتَرَاجَعَ المُسْلِمُوْنَ، فَأَوقَعُوا بِالفِرَنْجِ،
وَقَتَلُوا مِنْهُم أَلْفاً وَسِتَّ مائَةِ فَارِسٍ، ثُمَّ
خَنْدَقَتِ الفِرَنْجُ عَلَى نُفُوْسِهِم.
قَالَ: وَأُخربَتْ دَارُ فَخْرِ الدِّيْنِ لِيَوْمِهَا،
وَبِالأَمسِ كَانَ يَصطفُّ عَلَى بَابِهَا عصَائِبُ
سَبْعِيْنَ أَمِيْراً (2) .
قُتِلَ: فِي رَابِعِ ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ سَبْعٍ،
وَلَهُ خَمْسٌ وَسِتُّوْنَ سَنَةً.
114 - المُعَظَّمُ تُوْرَانْشَاه بنُ أَيُّوْبَ ابْنِ
الكَامِلِ ابْنِ العَادِلِ *
السُّلطَانُ، المَلِكُ، المُعَظَّمُ، غِيَاثُ الدِّيْنِ
تُوْرَانْشَاه ابْنُ السُّلْطَانِ المَلِكِ الصَّالِحِ
أَيُّوْبَ ابْنِ الكَامِلِ ابْنِ العَادِلِ.
__________
(1) وانظر مرآة الزمان: 8 / 776 - 777.
(2) قال السبط: " أخرجها الامراء الذين كانوا يركبون كل
يوم إلى خدمته ويقفون على بابه، وهم أكثر من سبعين أميرا،
كانوا يتمنون أن ينظر إلى أحد منهم فطرة، أخربوا داره
بأيديهم، وحمل من المقياس إلى الشافعي فدفن عند والدته،
وكان يوما مشهودا، وحمل على الاصابع، وبكى عليه الناس،
وعمل له العزاء العظيم، وكان له يوم مات ست وثلاثون سنة
(كذا) (مرآة 8 / 777).
(*) مرآة الزمان لسبط ابن الجوزي: 8 / 781 - 783، ذيل
الروضتين لأبي شامة: 185 تاريخ مختصر الدول لابن العبري:
260، مفرج الكروب لابن واصل (في صفحات متفرقة من المطبوع:
تلخيص مجمع الآداب لابن الفوطي: ج 4 الترجمة 1761،
والحوادث الجامعة المنسوب إليه خطأ: 246 - 247، المختصر في
أخبار البشر لأبي الفدا: 3 / 181، كنز الدرر =
(23/193)
وُلِدَ بِمِصْرَ، وَعَمِلَ نِيَابَةَ
أَبِيْهِ، ثُمَّ تَمَلَّكَ بِحِصنِ كَيْفَا وَآمدَ
وَتِلْكَ البِلاَدِ، وَكَانَ أَبُوْهُ لاَ يَختَارُ أَنْ
يَجِيْءَ لَمَّا مَلكَ مِصْرَ، كَانَ لاَ يُعجبُه هَوَجُهُ
وَلاَ طَيشُه، سَارَ لإِقدَامِه الأَمِيْرُ الفَارِسُ
أَقْطَاي، وَسَافَرَ بِهِ يَتحَايدُ مُلُوْكَ الأَطرَافِ
فِي نَحْوٍ مِنْ خَمْسِيْنَ فَارِساً عَلَى الفُرَاتِ
وَعَانَةَ، ثُمَّ عَلَى أَطرَافِ السَّمَاوَةِ،
وَعَطِشُوا، فَدَخَلَ دِمَشْقَ، وَزُيِّنتْ لَهُ، ثُمَّ
سَارَ مِنْهَا بَعْدَ شَهرٍ، فَاتَّفَقتْ كَسرَةُ
الفِرَنْجِ عِنْدَ وُصُوْلِه، وَتَيمَّنَ النَّاسُ بِهِ،
فَبدَا مِنْهُ حَركَاتٌ مُنفِّرَةٌ، وَتَركَ بِحصنِ
كَيْفَا ابْنَه الملكَ المُوَحِّدَ صَبِيّاً، فَطَالَ
عُمُرُه، وَاسْتَولَتِ التَّتَارُ عَلَى الحصنِ، فَبقِيَ
فِي مَمْلَكَةٍ صَغِيرَةٍ حَقِيرَةٍ مِنْ تَحْتِ يَدِ
التَّتَارِ إِلَى بَعْدَ السَّبْعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
وَقَالَ لِي تَاجُ الدِّيْنِ الفَارِقِيُّ: عَاشَ إِلَى
بَعْدَ الثَّمَانِيْنَ، وَتُوُفِّيَ بَعْدَهُ ابْنُه
-يَعْنِي الملكَ الكَامِلَ ابْنَ المُوَحِّدِ- الَّذِي
قَتلَه قَازَانُ سَنَةَ سَبْعِ مائَةٍ، وَأُقيمَ بَعْدَهُ
ابْنُه الصَّالِحُ فِي رُتْبَةِ جُندِيٍّ، وَكَانَ
السُّلْطَانُ يَقُوْلُ: تُوْرَانْشَاهُ مَا يَصلُحُ
لِلمُلكِ.
وَكَانَ حُسَامُ الدِّيْنِ ابْنُ أَبِي عَلِيٍّ يَلحُّ
عَلَيْهِ فِي إِحضَارِه، فَيَقُوْلُ: أُحضِرُه
لِيَقتلُوْهُ، فَكَانَ كَمَا قَالَ.
قَالَ ابْنُ حَمُّوَيْه سَعْدُ الدِّيْنِ: لَمَّا قَدِمَ،
طَالَ لِسَانُ كُلُّ خَامِلٍ،
__________
= وجامع الغرر (الدرر المطلوب في اخبار بني أيوب)
للداوداري (تحقيق عاشور - القاهرة 1972) 7 / 381، تاريخ
الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 86 - 87
وحواشيهما، دول الإسلام للذهبي: 2 / 116، العبر للذهبي: 5
/ 199 - 200، تاريخ ابن الوردي: 2 / 262، الوافي بالوفيات:
10 / 441 - 443 الترجمة 4933، فوات الوفيات لابن شاكر: 1 /
263 - 265 الترجمة 91، طبقات السبكي 8 / 134 - 136 الترجمة
1123، البداية والنهاية: 13 / 180، العسجد المسبوك للملك
الأشرف الغساني: 576، السلوك لمعرفة دول الملوك للمقريزي:
1 / 359، النجوم الزاهرة: 6 / 364 - 372، شفاء القلوب في
مناقب بني أيوب لأحمد بن إبراهيم الحنبلي: 426 - 431،
الترجمة 125، حسن المحاضرة للسيوطي: 2 / 35 - 36، شذرات
الذهب 5 / 241 - 242.
(23/194)
وَوجدُوْهُ خَفِيفَ العَقْلِ، سَيِّئَ
التَّدْبِيْرِ، وَقَعَ بِخُبزِ فَخْرِ الدِّيْنِ
لِلاَلاَهُ جَوْهَرٍ (1) ، وَتطلَّع الأُمَرَاء إِلَى أَنْ
يُنفق فِيهِم كَمَا فَعلَ بِدِمَشْقَ، فَمَا أَعْطَاهُم
شَيْئاً، وَكَانَ لاَ يَزَالُ يَتحرَّكُ كتفُه الأَيْمَنُ
مَعَ نِصْفِ وَجهِه، وَيُكثر الولَعَ بِلِحيتِهِ، وَمتَى
سَكِرَ ضَرَبَ الشُّموعَ بِالسَّيْفِ، وَيَقُوْلُ: هَكَذَا
أَفْعَلُ بِمَمَالِيْكِ أَبِي.
وَيَتَهَدَّدُ الأُمَرَاءَ بِالقَتلِ، فَتَنكَّرُوا لَهُ،
وَكَانَ ذَكيّاً، قَوِيَّ المُشَاركَةِ، يَبحثُ،
وَيَنْقلُ.
قَالَ سِبْطُ الجَوْزِيِّ (2) : كَانَ يَكُوْنُ (3) عَلَى
السِّمَاطِ بِدِمَشْقَ، فَإِذَا سَمِعَ فَقِيْهاً يَنقلُ
مَسْأَلَةً، صَاحَ: لاَ نُسَلِّمْ.
وَاحتجبَ عَنْ أُمُوْرِ النَّاسِ، وَانْهَمَكَ فِي
الفَسَادِ بِالغِلمَانِ، وَمَا كَانَ أَبُوْهُ كَذَلِكَ.
وَيُقَالُ: تَعرَّضَ لِسرَارِي أَبِيْهِ، وَقَدَّمَ
أَرذَال (4) ، وَوعد أَقطَاي بِالإِمْرَةِ، فَمَا
أَمَّرَه، فَغَضِبَ، وَكَانَتْ شَجَرُ الدُّرِّ قَدْ
ذَهَبتْ مِنَ المَنْصُوْرَةِ إِلَى القَاهِرَةِ، فَمَا (5)
وَصلَ بَقِيَ يَتهدَّدُهَا، وَيُطَالبُهَا بِالأَمْوَالِ،
فَعَامَلتْ عَلَيْهِ.
وَلَمَّا كَانَ فِي المُحَرَّمِ (6) ، سَنَةَ ثَمَانٍ
وَأَرْبَعِيْنَ: وَثَبَ عَلَيْهِ بَعْضُ البَحرِيَّةِ
عَلَى السِّمَاطِ، فَضَرَبَه عَلَى يَدِه، فَقطعَ
أَصَابعَه، فَقَامَ إِلَى البُرْجِ الخَشَبِ، وَصَاحَ:
مَنْ فَعَلَ هَذَا؟
قَالُوا: إِسْمَاعِيْلِيٌّ.
قَالَ: لاَ وَاللهِ، بَلْ مِنَ البَحْرِيَّةِ، وَاللهِ
لأُفْنِيَنَّهُم.
وَخَاطَ المُزَيِّنُ يَدَه، فَقَالُوا: بُتُّوهُ (7) ،
وَإِلاَّ رُحنَا.
فَشدُّوا عَلَيْهِ، فَطَلَعَ إِلَى أَعْلَى البُرجِ،
فَرَمَوُا البُرجَ بِالنفطِ وَبِالنشَابِ،
__________
(1) يعني: اصدر توقيعا باعطاء مربيه جوهر واردات فخر الدين
ابن شيخ الشيوخ. واللاله: المربي أو الخادم الخاص.
(2) مرآة الزمان: 8 / 782 - 782.
(3) في مرآة الزمان: كان يجلس.
(4) في مرآة الزمان: وقدم الاراذل.
(5) هكذا في الأصل، وفي تاريخ الإسلام: فجاء هو إلى
المنصورة وارسل يتهددها..(6) ذكر الذهبي في تاريخ الإسلام
وسبط ابن الجوزي والملك الأشرف ان ذلك كان في السابع
والعشرين من المحرم.
(7) في تاريخ الإسلام: " تمموه ".
(23/195)
فَرمَى المِسْكِيْنُ بِنَفْسِهِ، وَعدَا
إِلَى النِّيلِ وَهُوَ يَصيحُ: مَا أُرِيْدُ المُلكَ،
خَلُّونِي أَرجعْ إِلَى الحِصْنِ يَا مُسْلِمِيْنَ (1) ،
أَمَا فِيْكُم مَنْ يَصْطَنِعُنِي؟!
فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَد، وَتعلّقَ بِذَيلِ أَقطَاي، فَمَا
أَجَارَه، وَعَجِزَ، فَنَزَلَ فِي المَاءِ إِلَى حَلقِهِ،
فَقُتِلَ فِي المَاءِ.
وَكَانَ قَدْ نَزَلَ بِحِصْنِ كَيْفَا وَلَدُهُ:
115 - المَلِكُ المُوَحِّدُ عَبْدُ اللهِ
وَهُوَ مُرَاهِقٌ، فَتَمَلَّكَ حِصنَ كَيْفَا مُدَّةً،
وَجَاءهُ عِدَّةُ أَوْلاَدٍ.
قَالَ لِي تَاجُ الدِّيْنِ الفَارِقِيُّ: رَأَيْتهُ
مَربُوعاً، وَكَانَ شُجَاعاً، وَهُوَ تَحْتَ أَوَامرِ
التَّتَارِ، تُوُفِّيَ بَعْدَ سَنَةِ ثَمَانِيْنَ وَسِتِّ
مائَةٍ، وَلَهُ ابْنٌ تَمَلَّكَ بَعْدَهُ بِالحِصنِ.
قُلْتُ: وَلقَّبُوهُ بِالمَلِكِ الكَامِلِ، وَبَقِيَ إِلَى
حُدُوْدِ سَنَةِ سَبْع مائَةٍ، وَمَاتَ.
فَأُقِيْمَ بَعْدَهُ بِحِصْنِ كَيْفَا ابْنُهُ:
116 - المَلِكُ الصَّالِحُ *
فِي رُتْبَةِ جُندِيٍّ وَالأَمْرُ لِلتَّتَارِ، ثُمَّ
إِنَّ هَذَا قَدِمَ الشَّامَ، وَذَهَبَ إِلَى خدمَةِ
السُّلْطَانِ، فَمَا أُكرِمَ، ثُمَّ ردَّ إِلَى حِصنِ
كَيْفَا، فَتلقَّاهُ أَخٌ لَهُ، ثُمَّ جَهَّزَ عَلَيْهِ
مَنْ قَتَلَه، وَقُتِلَ وَلدُه، وَأَخَذَ مَوْضِعَه فِي
سَنَةِ سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ وَسَبْعِ مائَةٍ، نَعم.
__________
(1) (مسلمين) كذا بالنصب هنا وفي مرآة الزمان وفي تاريخ
الإسلام.
(23/196)
وَأَمَّا المُعَظَّمُ المَقْتُولُ:
فَأُخْرِجَ مِنَ المَاءِ، وَتُرِكَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ
مُلقَىً حَتَّى انتفخَ.
بَاشرَ قَتْلَهُ أَرْبَعَةٌ، ثُمَّ خطبُوا لأُمِّ خَلِيْلٍ
شَجَرِ الدُّرِّ.
وَقِيْلَ: ضَربَه البُنْدُقْدَارِيُّ بِالسَّيْفِ.
وَقِيْلَ: اسْتغَاثَ بِرَسُوْلِ الخَلِيْفَةِ: يَا عَمِّي
عِزَّ الدِّيْنِ، أَدْرِكْنِي.
فَجَاءَ، وَكَلَّمَهُم فِيْهِ، فَقَالُوا: ارْجِعْ.
وَتَهَدَّدُوْهُ، ثُمَّ بَعْد أَيَّامٍ سَلطَنُوا
المُعِزَّ التُّرُكْمَانِيَّ.
وَفِي سَنَةِ ثَمَانٍ أَيْضاً: قُتلَ صَاحِبُ اليَمَنِ
السُّلْطَانُ نُوْرُ الدِّيْنِ عُمَرُ بنُ رَسُوْلٍ
التُّرُكْمَانِيُّ؛ قَتلَه غِلمَانُه، وَسَلطَنُوا ابْنَه
الملكَ المُظَفَّرَ يُوْسُفَ بنَ عُمَرَ، فَدَام فِي
الملكِ بِضْعاً وَأَرْبَعِيْنَ سَنَةً.
وَفِي شَعْبَانِهَا: هُدِمتْ أَسوَارُ دِمْيَاطَ، وَعَادتْ
كَقَرْيَةٍ.
وَأَمَّا:
117 - الفَارِسُ أَقْطَايُ (1)
فَعظم، وَصَارَ نَائِبَ المَمْلَكَة لِلمعزِّ، وَكَانَ
بَطَلاً، شُجَاعاً، جَوَاداً، مَلِيْحَ الشَّكلِ، كَثِيْرَ
التَّجَمُّلِ، أُبيعَ بِأَلفِ دِيْنَارٍ، وَأَقطع مِنْ
جُمْلَة إِقطَاعِهِ الإِسْكَنْدَرِيَّة، وَكَانَ
طَيَّاشاً، ظلُوْماً، عَمَّالاً عَلَى السّلطنَةِ، بَقِيَ
يَرْكُب فِي دست الْملك، وَلاَ يَلتفت عَلَى المُعِزّ،
وَيَأْخذ مَا شَاءَ مِنَ الخَزَائِن، بِحَيْثُ إِنَّهُ
قَالَ: اخْلُوا لِي القَلْعَة حَتَّى أَعمل عُرسَ بِنْت
صَاحِب حَمَاة بِهَا.
فَهَيَّأَ لَهُ المُعِزّ مَمْلُوْكَه قُطُزَ، فَقَتَلَهُ،
فَرَكبت حَاشيته نَحْو السَّبْع مائَة، فَأُلْقِيَ
إِلَيْهِمُ الرَّأْس، وَذَلِكَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ
وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
__________
(1) سيترجم له الذهبي انظر الترجمة 353.
(23/197)
118 - المُعِزُّ أَيْبَكُ
التُّرُكْمَانِيُّ الصَّالِحِيُّ الجَاشنكير *
السُّلطَانُ، الملكُ المُعِزُّ، عِزُّ الدُّنْيَا
وَالدِّيْنِ، أَيْبَكُ التُّرُكْمَانِيُّ، الصَّالِحِيُّ،
الجَاشنكِيْرُ، صَاحِبُ مِصْرَ.
لَمَّا قَتلُوا المُعَظَّم، وَخطبُوا لأُمِّ خَلِيْل
أَيَّاماً، وَكَانَتْ تُعَلِّم عَلَى المنَاشير، وَتَأْمُر
وَتَنْهَى، وَيُخطَبُ لَهَا بِالسلطنَة.
وَكَانَ المُعِزُّ أَكْبَرَ الصَّالِحيَّةِ، وَكَانَ
دَيِّناً، عَاقِلاً، سَاكِناً، كَرِيْماً، تَارِكاً
لِلشرب.
مَلَّكوهُ فِي أَواخِرِ رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ ثَمَانٍ،
وَتَزَوَّجَ بِأُمِّ خَلِيْلٍ، فَأَنِفَ مِنْ سَلطَنَتِه
جَمَاعَةٌ، فَأَقَامُوا فِي الاسْم الملكَ الأَشْرَفَ
مُوْسَى بنَ النَّاصِرِ يُوْسُفَ ابْنِ المَسْعُوْدِ
أَطسزَ ابْنِ السُّلْطَانِ الملكِ الكَامِلِ وَلَهُ عشر
سِنِيْنَ، وَذَلِكَ بَعْد خَمْسَة أَيَّام، فَكَانَ
التَّوقيع يَبرزُ وَصُوْرتُه: رُسِمَ بِالأَمْرِ العَالِي
السُّلطَانِي الأَشْرَفِيِّ وَالمَلِكِيِّ المُعِزِّيِّ.
وَاسْتَمَرَّ ذَلِكَ وَالأُمُوْر بِيَدِ المُعِزِّ،
وَكَاتَبَ عِدَّةٌ المُغِيْثَ الَّذِي بِالكَرَكِ،
وَأَخَذُوا فِي الخُطبَة لَهُ، فَقَالَ المُعِزّ: نَادُوا
أَنَّ الدِّيَار المِصْرِيَّة لِمَوْلاَنَا المُسْتَعْصِمِ
بِاللهِ، وَأَنَّ المَلِكَ المُعِزَّ نَائِبُهُ.
ثُمَّ جُدِّدَتِ الأَيْمَانُ، وَفَاجَأَهُم صَاحِبُ
الشَّام الْملك النَّاصِرُ الحَلَبِيّ، فَالتَقَوا،
وَكَادَ النَّاصِر أَنْ يَملِكَ، فَتنَاختِ
الصَّالِحيَّةُ، وَحَمَلُوا، فَكَسَرُوهُ، وَذَبَحُوا
نَائِبَه لُؤْلُؤاً وَجَمَاعَةً.
وَكَانَ فِي المُعِزِّ تَؤُدَةٌ وَمُدَارَاةٌ، بَنَى
مَدْرَسَةً كَبِيْرَة، ثُمَّ إِنَّهُ خَطَبَ ابْنَةَ
__________
(*) ذيل مرآة الزمان لليونيني: 1 / 54، تاريخ الإسلام
للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة: 137، دول الإسلام
للذهبي: 2 / 120، العبر للذهبي: 5 / 222، الوافي بالوفيات:
9 / 469 - 474 الترجمة 4430، طبقات السبكي 8 / 269 البداية
والنهاية: 13 / 198 - 199، النجوم الزاهرة: 7 / 3 - 41،
وفيها تفصيل لسنوات ولايته على مصر، حسن المحاضرة: 2 / 38
- 39، شذرات الذهب: 5 / 267.
(23/198)
بَدْرِ الدِّيْنِ صَاحِبِ المَوْصِلِ،
فَغَارتْ أُمُّ خَلِيْلٍ، فَقَتَلَتْهُ فِي حَمَّامٍ،
وَثَبَ عَلَيْهِ سَنْجَرُ الجوجرِي وَخدَّام، فَأَمسكُوا
عَلَى بيضِهِ، فَتَلِفَ، وَقُطعتْ هِيَ نِصْفَيْنِ.
وَقِيْلَ: بَلْ خُنِقَت، وَلَمْ تُوسط، وَرُمِيت
مَهتُوكَةً، وَصُلِب الجوجرِي وَالخدَام، وَمَلَّكُوا
وَلده الْملك المَنْصُوْر عَلِيَّ بنَ أَيْبَكَ وَلَهُ
خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَصَيَّرُوا أَتَابَكَهُ عَلَمَ
الدِّيْنِ الحَلَبِيَّ.
عَاشَ المُعِزُّ نَيِّفاً وَخَمْسِيْنَ، وَقُتِلَ فِي
رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ
مائَةٍ.
وَكَانَتْ شَجَرُ الدُّرِّ (1) أُمُّ خَلِيْلٍ أُمَّ
وَلَدٍ لِلصَّالِحِ، ذَاتُ حُسنٍ وَظَرْفٍ وَدَهَاء
وَعَقْلٍ، وَنَالت مِنَ العِزِّ وَالجَاهِ مَا لَمْ
تَنَلْه امْرَأَةٌ فِي عَصرهَا، وَكَانَ مَمَالِيْك
الصَّالِح يَخضعُوْنَ لَهَا، وَيَرَوْنَ لَهَا،
فَملَّكُوهَا بَعْد قَتْلِ المُعَظَّمِ أَزْيَدَ مِنْ
شَهْرَيْنِ، وَكَانَ المُعِزُّ لاَ يَقطع أَمراً دُونَهَا،
وَلَهَا عَلَيْهِ صَوْلَة، وَكَانَتْ جرِيئَةً وَقِحَةً،
قَتَلَت وَزِيْرَهَا الأَسْعَدَ، وَقَدْ وَلَدَت
بِالكَرَكِ مِنَ الصَّالِحِ خَلِيْلاً، فَمَاتَ صَغِيراً،
وَكَانَ الصَّالِحُ يُحبُّهَا كَثِيْراً، وَكَانَتْ
تَحْتجِرُ عَلَى المُعِزِّ، فَأَنِفَ مِنْ ذَلِكَ.
قِيْلَ: لَمَّا تَيقَّنَتِ الهَلاَكَ، أَخَذَتْ جَوَاهرَ
مُثمَّنَةً وَدَقَّتْهَا فِي الهَاونِ.
وَلَمَّا قَتلُوا الفَارِسَ أَقطَاياً، تَمَكَّنَ
المُعِزُّ، وَاسْتقَلَّ بِالسَّلطنَةِ، وَعَزلَ الملكَ
الأَشْرَفَ، وَأَبطل ذِكْرَهُ، وَبَعَثَ إِلَى عَمَّاتِه
القُطبِيَّاتِ، وَدَافَعَ مَمَالِيْكُ الصَّالِحِ عَنْ
شَجَرِ الدُّرِّ، فَلَمْ تُقتَلْ إِلاَّ بَعْدَ اثْنَيْنِ
وَعِشْرِيْنَ يَوْماً، فَقُتِلَتْ، وَرُمِيتْ مَهتُوكَةً.
وَقِيْلَ: خُطِبَ لَهَا ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ، وَكَانَ
المَنْصُوْرُ وَأُمُّه يُحرِّضَانِ عَلَى قَتلِهَا،
فَقُتِلتْ فِي حَادِي عَشَرَ رَبِيْعٍ الآخِرِ، بَعْد
مَقْتَلِ المُعِزِّ بِدُوْنِ الشَّهْرِ، وَدُفِنتْ
بِتُربَتِهَا، بِقُرْبِ قَبْرِ السَّيِّدَةِ نَفِيْسَةَ.
وَقِيْلَ: إِنَّهَا أَودعَتْ
__________
(1) انظر تاريخ الإسلام، الورقة: 139 (أيا صوفيا 3013).
(23/199)
أَمْوَالاً كَثِيْرَةً، فَذَهَبت.
وَكَانَتْ حَسَنَةَ السِّيْرَةِ، لَكِن هَلَكتْ
بِالغِيرَةِ.
وَكَانَ الخُطَبَاءُ يَقُوْلُوْنَ: وَاحفَظِ اللَّهُمَّ
الحُرمَةَ الصَّالِحَةَ مَلِكَةَ المُسْلِمِيْنَ عِصْمَةَ
الدُّنْيَا وَالدِّيْنِ أُمَّ خَلِيْلٍ
المُسْتَعْصِمِيَّةَ صَاحِبَةَ السُّلْطَانِ الملكِ
الصَّالِحِ.
وَأَمَّا المَنْصُوْرُ عَلِيٌّ، فَعُزلَ، وَتَمَلَّكَ
قُطزُ الَّذِي كَسَرَ التَّتَارَ، فَبَعَثَ بِعَلِيٍّ
وَبأَخِيْهِ قليج إِلاَّ بِلاَد الأَشكرِي؛ فَحَدَّثَنِي
سَيْف الدِّيْنِ قليج هَذَا:
أَنْ أَخَاهُ تَنصَّرَ بِقُسْطَنْطِيْنِيَّةَ،
وَتَزَوَّجَ، وَجَاءته أَوْلاَدٌ نَصَارَى، وَعَاشَ إِلَى
نَحْوِ سَنَةِ سَبْعِ مائَةٍ، وَسَمَّى نَفْسَه:
مِيْخَائِيْلَ.
قُلْتُ: نَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّقَاءِ، فَهَذَا بَعْدَ
سَلْطَنَةِ مِصْرَ كَفَرَ وَتَعَثَّرَ.
119 - المُظَفَّرُ قُطُزُ بنُ عَبْدِ اللهِ المُعِزِّيُّ *
السُّلْطَانُ الشَّهِيْدُ، المَلِكُ المُظَفَّرُ، سَيْف
الدِّيْنِ قُطُزُ بنُ عَبْدِ اللهِ المُعِزِّيُّ.
كَانَ أَنبل مَمَالِيْك المُعِزّ، ثُمَّ صَارَ نَائِب
السّلطنَة لوَلَده المَنْصُوْر.
وَكَانَ فَارِساً شُجَاعاً، سَائِساً، دَيِّناً، مُحبَّباً
إِلَى الرَّعِيَّةِ.
هَزَمَ التَّتَار، وَطَهَّرَ الشَّام مِنْهُم يَوْم عَينِ
جَالُوت، وَهُوَ الَّذِي كَانَ قَتَلَ الفَارِس أَقطَاي
فَقُتل بِهِ، وَيَسْلَمُ لَهُ - إِنْ شَاءَ اللهُ -
جِهَادُهُ (1) ، وَيُقَالُ: إِنَّهُ ابْنُ أُخْتِ
خُوَارِزْم شَاه جَلاَلِ الدِّيْنِ، وَإِنَّهُ حُرٌّ
وَاسْمُهُ مَحْمُوْد بن مَمْدُوْدٍ.
__________
(*) ذيل الروضتين: 210، ذيل مرآة الزمان لليونيني: 2 / 28
- 36، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة
181، العبر: 5 / 247، فوات الوفيات لابن شاكر الكتبي: 3 /
201 - 203، الترجمة 398، طبقات السبكي: 8 / 277 البداية
والنهاية 13 / 225 - 227، النجوم الزاهرة: 7 / 72 - 89،
حسن المحاضرة للسيوطي: 2 / 38 - 39، شذرات الذهب: 5 / 293.
(1) قال في " تاريخ الإسلام ": وله اليد البيضاء في جهاد
التتار فعوض الله شبابه بالجنة ورضي عنه ".
(23/200)
وَيُذكر عَنْهُ أَنَّهُ يَوْم عين جَالُوت
لَمَّا أَن رَأَى انكشَافاً فِي المُسْلِمِيْنَ، رَمَى
عَلَى رَأْسه الخُوذَةَ وَحَمَلَ، وَنَزَلَ النَّصْر.
وَكَانَ شَابّاً أَشقر، وَافر اللِّحْيَة، تَامّ الشّكل،
وَثَبَ عَلَيْهِ بَعْض الأُمَرَاء وَهُوَ رَاجع إِلَى
مِصْرَ بَيْنَ الغُرَابِي وَالصَّالِحيَّة، فَقُتل فِي
سَادِسَ عَشَرَ ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ ثَمَانٍ
وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَلَمْ يَكملْ سَنَةً فِي
السّلطنَة -رَحِمَهُ اللهُ-.
120 - الكَامِلُ مُحَمَّدُ بنُ غَازِي بنِ أَبِي بَكْرٍ
مُحَمَّدِ بنِ أَيُّوْبَ *
المَلِكُ الكَامِلُ، الشَّهِيْدُ، نَاصِرُ الدِّيْنِ
مُحَمَّدُ ابنُ المَلِكِ المُظَفَّرِ شِهَابِ الدِّيْنِ
غَازِي ابْنِ السُّلْطَانِ الملكِ العَادلِ أَبِي بَكْرٍ
مُحَمَّدِ بنِ أَيُّوْبَ.
تَملَّكَ مَيَّافَارِقِيْنَ وَغَيْرهَا بَعْد أَبِيْهِ
سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ، وَكَانَ شَابّاً، عَاقِلاً،
شُجَاعاً، مَهِيْباً، مُحسناً إِلَى رَعيَّتِهِ،
مُجَاهِداً، غَازِياً، دَيِّناً، تَقيّاً، حَمِيْدَ
الطَّرِيقَةِ، حَاصره عَسْكَر هُولاَكو نَحْواً مِنْ
عِشْرِيْنَ شَهْراً حَتَّى فَنِي النَّاسُ جُوعاً وَوبَاء،
حَتَّى لَمْ يَبْقَ بِالبَلَدِ سِوَى سَبْعِيْنَ رَجُلاً -
فِيْمَا قِيْلَ -.
فَحَدَّثَنِي الشَّيْخ مَحْمُوْد بن عَبْدِ الكَرِيْمِ
الفَارِقِيّ، قَالَ:
سَار الكَامِل إِلَى قِلاعٍ بِنوَاحِي آمدَ فَأَخَذَهَا،
ثُمَّ نَقل إِلَيْهَا أَهْلَه، وَكَانَ أَبِي فِي
خِدْمَتِه، فَرحلَ بِنَا إِلَى قَلْعَةٍ مِنْهَا، فَعبرتِ
التَّتَار عَلَيْنَا، فَاسْتَنْزلُوا أَهْل الْملك
الكَامِل بِالأَمَان مِنْ قَلْعَة أُخْرَى، وَردُّوا بِهِم
عَلَيْنَا، وَأَنَا صَبِيّ مُمِيِّز، وَحَاصرُوا
مَيَّافَارِقِيْن أَشْهُراً، فَنَزَلَ عَلَيْهِم الثَّلج،
وَهَلَكَ بَعْضهُم، وَكَانَ الكَامِل يَبرزُ إِلَيْهِم
وَيُقَاتِلهُم، وَيُنْكِي فِيهِم فَهَابُوهُ، ثُمَّ بَنَوا
عَلَيْهِم سُوراً بِإِزَاء
__________
(*) ذيل الروضتين لأبي شامة: 205، ذيل مرآة الزمان: 2 /
75، المختصر في أخبار البشر لأبي الفدا: 3 / 203، تاريخ
الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة: 186 - 187،
دول الإسلام: 2 / 124، العبر للذهبي: 5 / 249 - 250، تاريخ
ابن الوردي: 2 / 293، الوافي بالوفيات: 4 / 306 - 307
الترجمة 1849.
(23/201)
البَلَد، بِأَبرجَة، وَنَفَدَتِ الأَقوَات،
حَتَّى كَانَ الرَّجُلُ يَموت فَيُؤكل، وَوَقَعَ فِيهِمُ
المَوْتُ، وَفتر عَنْهُم التَّتَارُ وَصَابَرُوهُم،
فَخَرَجَ إِلَيْهِم غُلاَم أَوْ أَكْثَر وَجَلَوْا
لِلتَّتَارِ أَمرَ البَلَدِ، فَمَا صَدَقُوا، ثُمَّ
قَربُوا مِنْ السُّورِ وَبَقوا أَيَّاماً لاَ يَجسرُوْنَ
عَلَى الْهُجُوم، فَدلَى إِلَيْهِم مَمْلُوْك لِلْكَامِل
حِبالاً، فَطَلعُوا إِلَى السُّوْرِ، فَبَقُوا أُسبوعاً
لاَ يَجسرُوْنَ، وَبَقِيَ بِالبَلَدِ نَحْوُ التِّسْعِيْنَ
بَعْد أُلوف مِنَ النَّاسِ، فَدَخَلتِ التَّتَارُ دَارَ
الكَامِل وَأَمَّنوهُ، وَأَتَوا بِهِ هُولاَكو بِالرُّهَا،
فَإِذَا هُوَ يَشرب الخَمْر، فَنَاول الكَامِلَ كَأْساً
فَأَبَى، وَقَالَ: هَذَا حَرَامٌ.
فَقَالَ لامْرَأَتِهِ: نَاوِلِيهِ أَنْتِ.
فَنَاولته، فَأَبَى، وَشتم وَبصق - فِيْمَا قِيْلَ - فِي
وَجهِ هُولاَكو.
وَكَانَ الكَامِل مِمَّنْ سَارَ قَبْل ذَلِكَ وَرَأَى
القَانَ الكَبِيْرَ، وَفِي اصطِلاَحِهِم مَنْ رَأَى وَجه
القَان لاَ يُقتل، فَلَمَّا وَاجه هُولاَكو بِهَذَا،
اسْتشَاط غضباً، وَقَتَلَهُ.
ثُمَّ قَالَ: وَكَانَ الكَامِلُ شَدِيدَ البَأْسِ، قَوِيَّ
النَّفْسِ، لَمْ يَنقهر لِلتَّتَارِ بِحَيْثُ إِنَّهُم
أَخَذُوا أَوْلاَده مِنْ حِصنِهِم، وَأَتَوهُ بِهِم إِلَى
تَحْتَ سُورِ مَيَّافَارِقِيْنَ، وَكلَّمُوْهُ أَنْ
يُسلِّم البَلَد بِالأَمَان، فَقَالَ: مَا لَكُم عِنْدِي
إِلاَّ السَّيْف.
قُلْتُ: طِيفَ بِرَأْسِهِ بِدِمَشْقَ بِالطُّبولِ،
وَعُلِّق عَلَى بَابِ الفَرَادِيْسِ، فَلَمَّا
انْقَلَعُوا، وَجَاءَ المُظَفَّرُ وَدُفِنَ الرَّأْس.
وَكَانَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ قَدِمَ دِمَشْق
مُسْتنجداً بِالنَاصِر، فَبَالغ فِي إِكرَامه وَاحترَامِه،
وَوعدَه بِالإِنجَادِ، وَرجع إِلَى مَيَّافَارِقِيْنَ،
وَقُتِلَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ -رَحِمَهُ
اللهُ-.
121 - العَزِيْزُ غِيَاثُ الدِّيْنِ مُحَمَّدُ ابْنُ
الظَّاهِرِ بنِ صَلاَحِ الدِّيْنِ *
السُّلْطَانُ، الْملك العَزِيْز، غِيَاث الدِّيْنِ
مُحَمَّد ابْنُ السُّلْطَانِ الملكِ الظَّاهِرِ ابْنِ
السُّلْطَانِ الكَبِيْرِ صَلاَحِ الدِّيْنِ.
__________
(1) مرآة الزمان لسبط ابن الجوزي: 8 / 703، الحوادث
الجامعة المنسوب خطأ لابن =
(23/202)
ملَّكوهُ حَلَب بَعْد أَبِيْهِ، وَهُوَ
ابْنُ أَرْبَع سِنِيْنَ، وَجَعَلَ أَتَابَكَهُ
الطّوَاشِيَّ طُغْرِيْلَ، فَأَجَاز ذَلِكَ السُّلْطَان
الْملك العَادل، لِمَكَانِ بِنْتِهِ الصَّاحبَةِ ضيفَة
أُمّ العَزِيْز، وَكَانَ شَابّاً عَادِلاً شَفوقاً عَلَى
الرَّعِيَّةِ مُتودِّداً لاَ بَأْسَ بِهِ.
تُوُفِّيَ: فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ أَرْبَعٍ
وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَملكُوا بَعْدَهُ ابْنَةَ
النَّاصِر.
وَفِيْهَا مَاتَ بِحَلَبَ عَمُّهُ:
122 - المَلِكُ المُحْسِنُ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ
يُوْسُفَ بنِ أَيُّوْبَ *
المُحَدِّثُ، الزَّاهِدُ، العَالِم، يَمِيْن الدِّيْنِ،
أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ ابنُ السُّلْطَان يُوْسُف بن
أَيُّوْبَ.
حَدَّثَ عَنْ: ابْنِ صَدَقَة الحَرَّانِيّ، وَهِبَة اللهِ
البُوْصِيْرِيّ، وَحَنْبَل، وَخَلْق.
وَنسخ وَقَرَأَ وَحصل، وَكَانَ صَحِيْح النَّقْل،
مُتَوَاضِعاً، مفضلاً عَلَى أَهْلِ الحَدِيْثِ وَعَلَى
الرُّوَاة، يَتجمَّل بِهِ المُحَدِّثُونَ، وَقَدِ
ارْتَحَلَ وَسَمِعَ بِمَكَّةَ مِنِ
__________
(1) = الفوطي: 96، وقد ذكره ابن الفوطي في مجمع الآداب حين
ترجم لابيه ج 4 الترجمة 1781، المختصر في أخبار البشر لأبي
الفدا: 3 / 158، كنز الدرر وجامع الغرر (الدر المطلوب في
أخبار بني أيوب) للداوداري: 7 / 318، تاريخ الإسلام للحافظ
الذهبي (أيا صوفيا 3012) ج 19 الورقة: 155، العبر للذهبي:
5 / 140، الوافي بالوفيات للصفدي: 4 / 306، الترجمة 1848،
تاريخ ابن الوردي: 2 / 236، البداية والنهاية: 13 / 145،
العسجد المسبوك للملك الأشرف الغساني: 478، السلوك لمعرفة
دول الملوك للمقريزي 1 / 253، النجوم الزاهرة: 6 / 297،
شفاء القلوب في مناقب بني أيوب: 340 - 342، شذرات الذهب: 5
/ 168.
(*) التكملة للمنذري: 3 / الترجمة: 2693، وبغية الطلب لابن
العديم: 2 / الورقة: 139 - 141، وتاريخ الإسلام، الورقة:
142 (أيا صوفيا 3012)، ودول الإسلام: 2 / 104، ونزهة
الانام لابن دقماق، الورقة: 32 - 33، والنجوم الزاهرة: 6 /
298، وشذرات الذهب: 5 / 162.
(23/203)
ابْن الحُصَرِيّ، وَابْنِ البَنَّاء،
وَبِبَغْدَادَ مِنْ عَبْدِ السَّلاَمِ الدَّاهِرِيِّ،
وَطَائِفَة.
قَالَ الضِّيَاء: حصل المُحْسِنُ الكَثِيْرَ، وَانتفعَ
الخَلقُ بِإِفَادَتِهِ، وَطَلَبَ الحَدِيْثَ عَلَى
وَجهِهِ.
قُلْتُ: حَدَّثَ عَنْهُ: القَاضِي شَمْسُ الدِّيْنِ ابْنُ
الشِّيْرَازِيِّ أَحَد شُيُوْخِهِ، وَمَجْد الدِّيْنِ ابْن
العَدِيْم، وَشيخُنَا سُنْقُر الزَّيْنِي.
مَاتَ: فِي المُحَرَّم، سَنَةَ أَرْبَعٍ.
وَبَقِيَ أَخُوْهُ الصَّالِح أَحْمَد صَاحِب عَيْنتَابَ
حيّاً إِلَى سَنَةِ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ، وَأُمُّه أُمّ
وَلد.
123 - النَّاصِرُ يُوْسُفُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ غَازِي بنِ
يُوْسُفَ بنِ أَيُّوْبَ *
السُّلْطَان، الْملك النَّاصِر، صَلاَحُ الدُّنْيَا
وَالدِّينِ، يُوْسُفُ ابْنُ الملكِ العَزِيْزِ مُحَمَّدِ
ابنِ الملكِ الظَّاهِر غَازِي ابْنِ السُّلْطَانِ صَلاَحِ
الدِّيْنِ يُوْسُفَ بنِ أَيُّوْبَ صَاحِبُ حَلَبَ
وَدِمَشْقَ.
مَوْلِدُهُ: فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ
وَسِتِّ مائَةٍ.
وَملكه خالُه السُّلْطَان الْملك الكَامِل فِي سَنَةِ
أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ رِعَايَةً لأُخْتِهِ الصَّاحِبَةِ
جَدَّةِ النَّاصِرِ، فَدَبَّرَ دَوْلَتَهُ الْمقر شَمْس
الدِّيْنِ لُؤْلُؤ الأَمِينِي،
__________
(*) ذيل الروضتين لأبي شامة: 212، ذيل مرآة لليونيني: 1 /
461 - 469، 2 / 134، المختصر في اخبار البشر لأبي الفدا: 3
/ 211، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة
194 - 195، دول الإسلام: 2 / 125، العبر للذهبي: 5 / 256 -
257 تاريخ ابن الوردي: 2 / 303، أمراء دمشق في الإسلام
للصفدي (طبعة مجمع اللغة العربية في دمشق 1955) ص 102،
فوات الوفيات لابن شاكر الكتبي 4 / 361 - 366، ترجمة
(595)، مرآة الجنان لليافعي 4 / 151، والنجوم الزاهرة 7 /
203، شفاء القلوب في مناقب بني أيوب: 408 - 421 الترجمة
107، الدارس في تاريخ المدارس للنعيمي: 1 / 115، 459،
القلائد الجوهرية في تاريخ الصالحية لابن طولون: 88، شذرات
الذهب: 5 / 299، أعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء لمحمد
راغب الطباخ: 2 / 302.
(23/204)
وَإِقبال، وَالجَمَالُ القِفْطِيُّ
الوَزِيْرُ، وَالأُمُوْرُ كُلَّهَا مَنُوطَة
بِالصَّاحبَةِ، وَتَوَجَّه رَسُوْلاً قَاضِي حَلَب زَيْن
الدِّيْنِ ابْن الأُسْتَاذ إِلَى الكَامِل وَمَعَهُ سلاَح
العَزِيْز وَعدته، فَحزن عَلَيْهِ الكَامِل.
وَفِي سَنَة ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ
نَازل السُّلْطَان دِمَشْق، فَفُتِحت لَهُ، وَاسْتَوْلَى
عَلَيْهَا، وَجَعَلهَا دَار مُلكه، ثُمَّ سَارع لِيَأْخذ
مِصْر فَانْكَسَرَ، وَقُتِلَ نَائِبُه لُؤْلُؤ.
وَفِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ: كَانَ عُرسُه
عَلَى بِنْت صَاحِب الرُّوْم وَأَولَدَهَا.
وَكَانَ جَوَاداً مُمَدَّحاً، حَسَنَ الأَخلاَقِ،
مَزَّاحاً، لَعَّاباً، كَثِيْر الحِلمِ، مُحِبّاً لِلأَدبِ
وَالعِلْم، وَفِي دَوْلَته انْحَلاَل وَانخنَاث؛ لِعدمِ
سَطوتِه، وَكَانَ يَمدُّ سِمَاطه بَاهِراً مِنَ الدَّجَاج
المحشِي، وَيُذبح لَهُ فِي اليَوْمِ أَرْبَعُ مائَة رَأْس،
فَيَبِيعُ الفراشُوْنَ مِنَ الزبَادِي الكِبَار الفَاخِرَة
الأَطعمَة شَيْئاً كَثِيْراً؛ بِحَيْثُ إِنَّ النَّاصِر
زَار يَوْماً العِزّ المُطَرِّز، فَمدَّ لَهُ أَطعمَة
فَاخِرَة، فَتعجب وَكَيْفَ تَهَيَّأَ ذَلِكَ، فَقَالَ: يَا
خُوند، لاَ تَعجبْ، فَكله مِنْ فَضلة سِمَاط السُّلْطَان
أَيده الله.
وَكَانَ السُّلْطَان يَحْفَظ كَثِيْراً مِنَ النَّوَادر
وَالأَشعَار، وَيُبَاسِط جُلَسَاءهُ، وَقِيْلَ: رُبَّمَا
غرم عَلَى السِّمَاط عِشْرِيْنَ أَلْفاً.
أَنْشَأَ مَدْرَسَتَهُ بِدِمَشْقَ، وَحَضَرَهَا يَوْم
التَّدرِيسِ، وَأَنشَأَ الرِّبَاط الكَبِيْر، وَأَنشَأَ
خَان الطّعْم، وَلَمَّا أَقْبَلت التَّتَارُ، تَأَخَّر
إِلَى قطيَا، ثُمَّ خَاف مِنَ المِصْرِيّين، فَشرَّقَ
نَحْو التِّيهِ، وَردَّ إِلَى البلقَاء، فَكَبَستْهُ
التَّتَار فَهَرَبَ، ثُمَّ انْخَدَعَ وَاغترَّ
بِأَمَانِهِم، فَذَهَبَ وَنَدِمَ، وَبَقِيَ فِي هوَانٍ
وَغُربَة، هُوَ وَأَخُوْهُ الْملك الظَّاهِر.
وَقِيْلَ: لَمَّا كَبسوهُ دَخَلَ البرِيَة، فَضَايقوهُ
حَتَّى عَطش، فَسَلَّمَ نَفْسه، فَأَتَوا بِهِ إِلَى
كَتْبُغَا وَهُوَ يُحَاصر عَجلُوْنَ، فَوَعَده وَكذبه
(23/205)
وَسقَاهُ خَمراً - وَقِيْلَ: أَكرمه
هولاَوَو (1) مُدَّة - فَلَمَّا جَاءهُ قَتْلُ كتبغَا
انْزَعَجَ، وَأَخْرَج غَيْظه فِي النَّاصِر وَأَخِيْهِ،
فَيُقَالُ: قُتِلَ بِالسَّيْف بِتِبْرِيْز رَمَاهُ
بِسَهمٍ، وَضُربت عُنُق أَخِيْهِ وَجَمَاعَة مِمَّنْ
مَعَهُ فِي أَوَاخِرِ سَنَة ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ
مائَةٍ، وَعَاشَ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ سَنَةً -رَحِمَهُ
اللهُ-.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ مَا سلَّم نَفْسه إِلَى التَّتَارِ
حَتَّى بلغت عِنْدَهُ الشربَة مائَةَ دِيْنَارٍ (2) .
ذكر قُطْب الدِّيْنِ (3) : إِنَّ هُولاَكو لَمَّا سَمِعَ
بِهَزِيْمَةِ عَيْنِ جَالُوتَ غَضِبَ، وَتَنَكَّرَ
لِلنَّاصِرِ، وَلَمَّا بَلَغَهُ وَقْعَةُ حِمْصَ انزعجَ،
وَقَتَلَهُ، وَقِيْلَ: خَصَّه بِعَذَابٍ دُوْنَ رِفَاقه،
وَلَهُ شعر جَيِّد.
قَالَ ابْنُ وَاصِل: عُمل عَزَاؤُه بِدِمَشْقَ، فِي
جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ تِسْع.
قَالَ: وَصُوْرَة ذَلِكَ مَا تَوَاتر أَن هُوْلاَكُو لمَا
بلغه كسرَة جَيْشه بِعَيْنِ جَالُوتَ وَحِمْص، أَحضر
النَّاصِرَ وَأَخَاهُ، وَقَالَ لِلتَّرْجَمَان: قل أَنْتَ
زعمت البِلاَد مَا فِيْهَا أَحَد وَهُم فِي طَاعتك حَتَّى
غَررت بِي.
فَقَالَ النَّاصِر: هُم فِي طَاعتِي لَوْ كُنْتُ هُنَاكَ،
وَمَا كَانَ يشهر أَحَدٌ سَيْفاً، أَمَّا مَنْ هُوَ
بِتورِيز كَيْفَ يَحكم عَلَى الشَّامِ؟
فَرمَاهُ هُولاَكو بِسَهْمٍ أَصَابه (4) ، فَاسْتغَاث،
فَقَالَ أَخُوْهُ: اسكُتْ وَلاَ تَطلُبْ مِنْ هَذَا
الكَلْبِ عَفْواً، فَقَدْ حضرت.
ثُمَّ رَمَاهُ بِسَهْمٍ آخرَ أَتلفَه، وَضُربت عُنُق
الظَّاهِر وَأَتْبَاعُهُمَا.
وَفِيْهَا: قُتل السُّلْطَان قُطز بَعْد المَصَافّ مائَة،
وَصَاحِب (5)
__________
(1) يعني: هولاكو، فيرسمها البعض ويلفظها هكذا وهي معروفة
في الكتب.
(2) في تاريخ الإسلام: " وكان قد هرب إلى البراري فساقوا
خلفه فأخذوه وقد بلغت عنده شربة الماء نحو مئة دينار..".
(3) ذيل مرآة الزمان: 1 / 464 - 465.
(4) في الأصل: " أصابعه " وليس بشيء، والتصحيح من خط
المؤلف في " تاريخ الإسلام ".
(5) إضافة منا لابد منها.
(23/206)
الصُّبيبَة (1) الْملك السَّعِيْد حَسَن
ابْن العَزِيْز عُثْمَان ابْن السُّلْطَان الْملك العَادل،
تَملك الصُّبيبة بَعْد أَخِيْهِ الْملك الظَّاهِر سَنَة
إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ، ثُمَّ أَخَذَهَا مِنْهُ
السُّلْطَان الْملك الصَّالِح بَعْد سِنِيْنَ، وَأَعْطَاهُ
خُبزاً (2) بِمِصْرَ، فَلَمَّا قتلُوا المُعَظَّم سَاق
إِلَى غَزَّة، وَأَخَذَ مَا فِيْهَا، ثُمَّ تَسَلَّمَ
الصُّبَيبةَ، فَلَمَّا تَملَّك النَّاصِرُ دِمَشْقَ،
أَخَذَ السَّعِيْدَ، وَسَجَنَهُ بِقَلْعَةِ إِلبِيْرَةَ،
فَلَمَّا أَخَذَ أَصْحَابُ هُولاَكُو إِلْبِيْرَةَ،
أَحضَرُوهُ مُقَيَّداً عِنْد القَانِ، فَأَطلقه، وَخلعَ
عَلَيْهِ بِسرَاقوج وَصَارَ تَتَرِيّاً، فَردُّوا إِلَيْهِ
الصُّبيبةَ، وَلاَزَمَ خدمَة كَتبُغَا، وَقَاتَلَ مَعَهُ
يَوْم عَينِ جَالُوت، ثُمَّ جَاءَ بِوَجْه بَسِيط إِلَى
بَيْنَ يَدِي قُطُزَ، فَأَمر بِضربِ عُنُقه فِي آخِرِ
رَمَضَان، وَكَانَ بَطَلاً شُجَاعاً (3) .
124 - الشَّلَوْبِيْنُ أَبُو عَلِيٍّ عُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ
بنِ عُمَرَ الأَزْدِيُّ *
الأُسْتَاذ، العَلاَّمَة، إِمَام النَّحْو، أَبُو عَلِيٍّ
عُمَر بن مُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ الأَزْدِيّ،
الإِشْبِيْلِيّ، الأَنْدَلُسِيّ، النَّحْوِيّ، المُلَقَّب
بِالشَّلَوْبِيْنِ.
__________
(1) كان صاحب الصبيبه وبانياس (انظر تاريخ الإسلام، الورقة
177 - 178 (أيا صوفيا 3013).
(2) خبزا، يعني: عطاء معلوما، يدر عليه.
(3) وأيش فائدة بطولته وشجاعته وقد عضد الكفرة ضد المسلمين
! ؟
(*) معجم البلدان (مادة شلوبينية) دار صادر 3 / 360، إنباه
الرواة على أنباه النحاة للقفطي: 2 / 332، التكملة لابن
الابار (مخطوطة الأزهر) ج 3 الورقة 50 / أ، وفيات الأعيان
لابن خلكان: 3 / 451 - 452 الترجمة 498، المغرب في حلى
المغرب لابن سعيد الأندلسي: 2 / 129، الذيل والتكملة
لكتابي الموصول والصلة للمراكشي: 5 / 460 - 464 الترجمة
807، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة
62 - 63 العبر للذهبي: 5 / 186، تلخيص اخبار النحويين
واللغويين لابن مكتوم (النسخة التيمورية) الورقة 162 -
165، البداية والنهاية 13 / 173، الديباج المذهب لابن
فرحون: 2 / 78 - 80، الترجمة: 3 / العسجد المسبوك للملك
الأشرف الغساني: 557، النجوم الزاهرة: 6 / 358 بغية الوعاة
للسيوطي: 2 / 224 - 225 الترجمة 1855، شذرات الذهب: 5 /
232.
(23/207)
وَالشَّلَوْبِيْنُ فِي لُغَة
الأَنْدَلُسِيّين: هُوَ الأَبيض الأَشْقَر.
مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ
مائَةٍ، بِإِشْبِيْلِيَة.
سَمِعَ مِنْ: أَبِي بَكْرٍ ابْن الجَدِّ، وَأَبِي عَبْدِ
اللهِ زَرْقُوْنَ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ بنِ بُوْنُهْ،
وَأَبِي زَيْدٍ السُّهَيْلِي، وَعَبْد المُنْعِمِ بن
الفَرَسِ، وَطَائِفَة.
وَلَهُ إِجَازَة خَاصَّة مِنْ: أَبِي طَاهِرٍ
السِّلَفِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ خَيْر، وَأَبِي
القَاسِمِ بنِ حُبَيْش.
اخْتصَّ بِابْن الجَدِّ، وَرُبِّي فِي حَجْرِهِ؛ لأَنَّ
أَبَاهُ كَانَ خَادِماً لابْنِ الجَدِّ، وَلَهُ سَمَاع
كَثِيْر.
وَأَخَذَ النَّحْو عَنِ: ابْنِ مُلكُوْن، وَأَبِي الحَسَنِ
نَجبَةَ.
وَكَانَ إِمَاماً فِي العَرَبِيَّة لاَ يُشَقُّ غُبَارُهُ
وَلاَ يُجَارَى.
تَصَدَّرَ لإِقْرَائِهَا سِتِّيْنَ سَنَةً، ثُمَّ فِي
أَوَاخِرِ عُمُرِهِ تَرَكَ الإِقْرَاءَ لإِطباقِ الفِتَنِ
وَاسْتيلاَءِ العَدُوِّ.
وَلَهُ تَصَانِيْفُ مُفِيْدَةٌ، وَعَمِلَ لِنَفْسِهِ
(مَشْيَخَةً) نصَّ فِيْهَا عَلَى اتِّسَاعِ
مَسْمُوْعَاتِهِ، فَقَالَ الأَبَّارُ: سَمِعْتُ مَنْ
يُنكِرُ ذَلِكَ وَيَدفَعُهُ -يَعْنِي الاتِّسَاعَ- وَكَانَ
أَنِيقَ الكِتَابَةِ، أَخَذَ عَنْهُ عَالِمٌ لاَ
يُحْصَوْنَ.
قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ (1) : قَدْ رَأَيْت جَمَاعَة مِنْ
أَصْحَابِهِ، وَكُلّ مِنْهُم يَقُوْلُ: مَا يَتقَاصر أَبُو
عَلِيٍّ شَيْخنَا عَنِ الشَّيْخ أَبِي عَلِيٍّ
الفَارِسِيّ، وَقَالُوا: كَانَ فِيْهِ مَعَ فَضِيْلتِه
غَفلَة وَصُوْرَة بَلَهٍ حَتَّى قَالُوا: كَانَ إِلَى
جَانب نَهْرٍ، وَبِيَدِهِ كُرَّاس، فَوَقَعَ فِي المَاءِ،
فَاغتَرَفَهُ بِكُرَّاسٍ آخرَ، فَتَلِفَا.
وَلَهُ عَلَى (الجزوليَة) شرحَان.
عَاشَ: ثَلاَثاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
تُوُفِّيَ: فِي صَفَرٍ، سَنَة خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ
وَسِتِّ مائَةٍ.
__________
(1) وفيات الأعيان (طبعة احسان عباس) 3 / 451 - 452.
(23/208)
125 - الدَّبَّاجُ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ
بنُ جَابِرِ بنِ عَلِيٍّ الإِشْبِيْلِيُّ *
العَلاَّمَةُ، شَيْخُ القُرَّاءِ وَالنُّحَاةِ
بِالأَنْدَلُسِ.
أَخَذَ القِرَاءات عَنْ: أَبِي الحَسَنِ نَجبَة بن
يَحْيَى، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ صَاف.
وَأَخَذَ العَرَبِيَّة عَنْ: أَبِي ذَرٍّ بن أَبِي رُكبٍ
الخُشَنِيّ، وَابْن خَرُوْف، وَتَصَدَّرَ لِلْعِلْمَينِ
خَمْسِيْنَ عَاماً.
قَالَ الأَبَّارُ (1) : أَمَّ بِجَامِعِ العَدَبَّسِ (2) .
وَهُوَ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ جَابِرٍ بنِ عَلِيٍّ
الإِشْبِيْلِيّ الدَّبَّاجُ، مِنْ أَهْلِ الفَضْلِ
وَالصَّلاَحِ.
وُلِدَ: سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ،
وَتُوُفِّيَ بِإِشْبِيْلِيَة، فِي شَعْبَانَ (3) ، سَنَةَ
سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، بَعْد دُخُوْلِ
الرُّوْمِ - لَعَنَهُم الله - صُلحاً بِأَيَّام، فَإِنَّهُ
تَأَسَّفَ، وَهَالَهُ نطق النَّوَاقِيسِ، وَخَرَس الآذَان،
فَاضْطَرَب، وَارتَمَضَ لِذَلِكَ، إِلَى أَنْ قَضَى
نَحْبَه، وَقِيْلَ: بَلْ مَاتَ يَوْمَ دُخُوْلِهِم.
قُلْتُ: كَانَ حُجَّة فِي النَّقل، مُسدداً فِي الْبَحْث،
يُقْرِئُ (كِتَاب سِيْبَوَيْه).
أَخَذَ عَنْهُ: أَبُو الحَسَنِ بنُ عُصْفُور، وَغَيْرُهُ،
تَسَلَّمَ صَاحِبُ قَشتَالَة البَلَدَ
__________
(*) التكملة لابن الابار (المخطوطة الأزهرية) ج 3 الورقة
76، المغرب في حلى المغرب لابن سعيد الأندلسي: 1 / 255
واختصار القدح المعلى لابن سعيد ايضا: 155 الترجمة 37، صلة
التكملة لوفيات النقلة لشرف الدين الحسيني الورقة 54،
الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة للمراكشي: 5 / 198 -
201، الترجمة 394، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013)
ج 20 الورقة 70 العبر للذهبي: 5 / 190، غاية النهاية 1 /
528 الترجمة 2181 النجوم الزاهرة: 6 / 361، بغية الوعاة
للسيوطي: 2 / 153 رقم 1682، نفح الطيب للمقري: 3 / 461،
478 (من طبعة إحسان عباس) شذرات الذهب: 5 / 235.
(1) التكملة (النسخة الأزهرية) ج 3 الورقة 76.
(2) في غاية النهاية: جامع العريس بالراء والياء وهو
تصحيف.
(3) في بغية الوعاة انه مات في الحادي والعشرين من شعبان،
وحدد المراكشي وفاته بيوم الأربعاء لتسع بقين من شعبان.
(23/209)
بَعْدَ حِصَارٍ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْراً،
وَاسْتقلَّ بِهَا، وَمَاتَ زَمَنَ الحصَارِ الحَافِظ
المُحَدِّثُ الأَدِيْب الشَّاعِر أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ
اللهِ بنُ القَاسِمِ اللَّخْمِيّ الإِشْبِيْلِيّ
الحَرِيْرِيّ كَهْلاً؛ سَمِعَ (صَحِيْحَ البُخَارِيِّ)
مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَلِيٍّ الزُّهْرِيِّ.
وَلَهُ كِتَابٌ فِي النَّسَبِ، وَآخَرُ فِي تَارِيْخِ
عُلَمَاءِ الأَنْدَلُسِ، وَغَيْر ذَلِكَ.
126 - صَاحِبُ حَمَاةَ المُظَفَّرُ مَحْمُوْدُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ الأَيُّوْبِيُّ *
المَلِكُ، المُظَفَّرُ، تَقِيُّ الدِّيْنِ مَحْمُوْدُ
ابْنُ المَنْصُوْرِ مُحَمَّدِ بنِ المُظَفَّرِ تَقِيِّ
الدِّيْنِ عُمَرَ بنِ شَاهِنْشَاه الأَيُّوْبِيُّ،
الحَمَوِيُّ.
كَانَتْ دَوْلَته خَمْساً وَعِشْرِيْنَ سَنَةً.
تَمَلَّكَ بَعْدَ أَخِيْهِ خَمْسَةَ عَشَرَ عَاماً
وَأَشْهُراً، وَكَانَ بَطَلاً شُجَاعاً إِلَى الغَايَة،
وَكَانَ دَائِماً يَرْكُب بِاللتّ (1) عَلَى كَتِفِهِ، قل
مَنْ يَقدر أَنْ يَحمله، وَلَهُ موَاقف مَشْهُوْدَة.
ذكره: ابْن وَاصِل، وَبَالَغَ.
وَكَانَ فَطناً، قَوِيّ الفرَاسَة، طَيِّب المُفَاكهَة،
وَكَانَ نَاقص الْحَظ مَعَ جِيرَانه المُلُوْك، وَحرص
جِدّاً عَلَى قيَام مُلْكِ الْملك الصَّالِح نَجْم
الدِّيْنِ،
__________
(*) المختصر في أخبار البشر لأبي الفدا 3 / 173، كنز الدرر
وجامع الغرر (الدر المطلوب في اخبار بني أيوب) للداوداري 7
/ 356، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة
22 مع حاشيتها، تاريخ ابن الوردي 2 / 250، العسجد المسبوك
للاشرف الغساني 533، وقد وهم محققه في الاحالة إلى ما ذكر
في ذيل الروضتين 170 فإن المذكور هناك ليس هو المقصود،
السلوك في معرفة دول الملوك للمقريزي 1 / 318، شفاء القلوب
في مناقب بني أيوب 397 - 406، الترجمة 104، وقد وهم محققه
في الاحالة إلى ما ذكر في البداية والنهاية 14 / 5، إذ إن
المذكور هناك هو حفيد لهذا.
(1) في تاريخ الإسلام - بخطه -: " وكان أبدا يحمل لتا من
حديد على كتفه في ركوبه ".
(23/210)
وَخَطَبَ لَهُ بِحَمَاةَ، ثُمَّ تَعلَّل
طَوِيْلاً أَزْيَد مِنْ سَنَتَيْنِ، وَفُلِجَ، ثُمَّ
مَرِضَ بِحُمَّى، وَمَاتَ، وَقَامَتِ بِالأُمُوْر زَوجتُه
أُخْتُ الْملك الصَّالِح، وَحزن الصَّالِح لِمَوْتِهِ
كَثِيْراً، وَجَلَسَ لِلْعزَاء ثَلاَثَة أَيَّام.
مَاتَ: فِي جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ
وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَعَاشَ ثَلاَثاً
وَأَرْبَعِيْنَ سَنَةً، فَتَمَلَّكَ بَعْدَهُ ابْنه
المَنْصُوْر مُحَمَّد، وَلَهُ عشر سِنِيْنَ وَأَيَّام.
127 - ابْنُ الفَاضِلِ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ
بنِ عَلِيٍّ المِصْرِيُّ *
الوَزِيْرُ، القَاضِي الأَشْرَف أَحْمَد ابْن القَاضِي
الفَاضِل عَبْد الرَّحِيْمِ بن عَلِيٍّ المِصْرِيّ.
وُلِدَ: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسَبْعِيْنَ.
وَسَمِعَ مِنَ: القَاسِمِ ابْن عَسَاكِرَ، وَالأَثِيْر بن
بُنَانٍ، وَبنت سَعْد الخَيْرِ، وَأَبِيْهِ، وَأَقْبَلَ
عَلَى طلب الحَدِيْث فِي كُهولته إِلَى الغَايَة، وَاجتهد،
وَكَتَبَ العَالِي وَالنَّازل، وَأَنفق عَلَى
المُحَدِّثِيْنَ.
وَكَانَ سَرِيع القِرَاءة، صَدْراً عَالِماً مُعَظَّماً،
وَزرَ لِلْعَادل، فَلَمَّا مَاتَ عُرضت عَلَيْهِ
الوَزَارَة فَأَبَى، وَدرَّس بِمَدْرَسَة أَبِيْهِ.
مَاتَ: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ،
وَلَهُ سَبْعُوْنَ سَنَةً (1) .
__________
(*) عقود الجمان في شعراء هذا الزمان لابن الشعار الموصلي
(أسعد افندي 2323) ج 1 الورقة 89 ب، صلة التكملة لوفيات
النقلة لشرف الدين الحسيني الورقة: 31 - 32، تاريخ الإسلام
للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة: 24 العبر للذهبي: 5
/ 175، الوافي بالوفيات: 7 / 57 - 58 الترجمة 2989 شذرات
الذهب: 5 / 218.
(1) ذكر شرف الدين الحسيني أنه توفي في ليلة السادس من
جمادى الآخرة.
(23/211)
128 - ابْنُ العِزِّ أَحْمَدُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الغَنِيِّ المَقْدِسِيُّ *
شَيْخُ الحَنَابِلَة، تَقِيّ الدِّيْنِ، أَبُو العَبَّاسِ
أَحْمَدُ ابْنُ المُحَدِّث عِزّ الدِّيْنِ مُحَمَّد ابْنِ
الحَافِظِ عَبْد الغَنِيِّ المَقْدِسِيّ، الصَّالِحيّ.
وُلِدَ: سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنَ: الخُشُوْعِيّ، وَعِدَّةٍ، وَبِأَصْبَهَانَ
مِنْ: أَسَعْد بن رَوْحٍ، وَعفِيفَةَ، وَخَلْق.
وَلَزِمَ جدّه لأُمِّهِ الشَّيْخ مُوَفَّق الدِّيْنِ
حَتَّى بَرَعَ وَحفظ (الكَافِي) لَهُ، وَتَفَقَّهَ
بِبَغْدَادَ عَلَى الفَخْر غُلاَم ابْن المَنِّي، وَدرَّس
وَأَفتَى، وَتَخَرَّجَ بِهِ الفُقَهَاء.
رَوَى عَنْهُ: العِزُّ ابْنُ العِمَادِ، وَالشَّمْسُ ابْنُ
الوَاسِطِيِّ، وَالقَاضِي تَقِيّ الدِّيْنِ، وَمُحَمَّد بن
مُشْرِق.
وَكَانَ دَيِّناً مُؤثراً فَصِيْحاً مَهِيْباً، مَلِيحَ
الشّكل، وَافِرَ الحُرْمَةِ عِنْد الدَّوْلَة، أَمَر
زَمَنَ الخُوَارِزْمِيَة بِتَدرِيبِ الطُّرقِ فِي
الصَّالِحيَّةِ، وَتَحْصِيْلِ الْعدَد وَالرِّجَال،
وَبِالاحْتِرَاز، وَلَمَّا قربت الخُوَارِزْمِيَّة مِنَ
الميطور برز بِالرِّجَالِ إِلَيْهِم، فَجَاءَ رَسُوْلُهُم
يُبَشِّرُ بِالأَمَانِ، وَأَنَّهُم لاَ يَمُرُّوْنَ بِهِم
إِلاَّ بِأَمْرِ الشَّيْخِ، وَلَمَّا رَأَوُا الشَّيْخَ،
نَزَلَ الخَانَات عَنْ خيلهِم وَرحَّبُوا بِالشَّيْخ،
وَقبَّلُوا يَده، وَمَرُّوا بِسَفْحِ الْجَبَل إِلَى
العقبَة، ثُمَّ إِلَى المِزَّة، وَلَمْ يُؤذُوا، لَكِن حسن
غُلاَم ابْن المُعْتَمِد قَاتلهُم، فَقتلُوْهُ.
ثُمَّ مَاتَ الشَّيْخ: فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ
ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ (1) .
__________
(*) مرآة الزمان لسبط ابن الجوزي: 8 / 770، ذيل الروضتين
لأبي شامة: 176 صلة التكملة لوفيات النقلة لشرف الدين
الحسيني الورقة 27، تاريخ الإسلام للحافظ الذهبي (أيا
صوفيا 3013) ج 20 الورقة 25، العبر للذهبي: 5 / 174 - 175
الوافي بالوفيات: 8 / 55 الترجمة 3467، ذيل طبقات
الحنابلة: 2 / 232 - 233 الترجمة 339، النجوم الزاهرة 6 /
354 - 355، شذرات الذهب: 5 / 217
(1) ذكر الشريف الحسيني أنه توفي في الثامن والعشرين من
شهر ربيع الأول، وذكر ابن =
(23/212)
129 - ابْنُ النَّخَّالِ أَبُو بَكْرٍ
عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ بنِ أَبِي بَكْرٍ البَوَّابُ *
الصَّالِح، المُسْنِدُ، أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللهِ بنُ
عُمَرَ بنِ أَبِي بَكْرٍ ابْن النخَال (1) البوَابُ.
سَمِعَ (مُصَافحَة) لِلبرقَانِي، وَرَابع
(المَحَامِلِيَّات) مِنْ شُهْدَة.
رَوَى عَنْهُ: مَجْد الدِّيْنِ ابْن العَدِيْم،
وَمَوْلاَهُ؛ بِيْبَرْس، وَالشَّيْخ مُحَمَّد ابْن
القَزَّاز.
وَبِالإِجَازَةِ: مُحَمَّد البِجَّدِيّ (2) ، وَفَقْهَاءُ
بِنْت الوَاسِطِيّ.
بَقِيَ إِلَى سَنَةِ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ
مائَةٍ (3) .
130 - ابْنُ الوَلِيْدِ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
الوَلِيْدِ البَغْدَادِيُّ **
مُفِيْد بَغْدَاد، المُحَدِّثُ، أَبُو مَنْصُوْرٍ عَبْد
اللهِ ابْن أَبِي الفَضْلِ مُحَمَّد ابْن أَبِي
__________
= رجب في ذيل طبقات الحنابلة انه توفي في الثامن عشر من
ربيع الآخر، وقد ذكر الحافظ الذهبي في تاريخ الإسلام أنه
توفي في الثامن والعشرين من شهر ربيع الآخر، وذكر هنا ما
ذكره في العبر ونقلها عنه ابن تغري بردئ في النجوم
الزاهرة.
(*) التكملة لوفيات النقلة للحافظ المنذري ضمن ترجمة أخيه
محمد ج 3 الترجمة 2494، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا
3013) ج 20 الورقة 27 وفيها يذكر نسبه انه عبد الله ابن
عمر بن ابي بكر بن عبد الله بن النخال ابو بكر البغدادي
البواب، تذكرة الحفاظ: 4 / 1432.
(1) النخال بالخاء كما ضبطها العلامة الحافظ زكي الدين
المنذري وكما وردت بخط الذهبي في التاريخ، وقد تصحفت في
تذكرة الحفاظ إلى (النحال) بالحاء المهملة.
(2) قيده الذهبي في " المشتبه: 632)، قال عند ذكر
(النجدي): وبموحدة مكسورة، شيخنا محمد بن أحمد البجدي،
الرجل الصالح ".
وقد نص الحافظ ابن ناصر الدين على تشديد الجيم.
(3) قال الذهبي في " تاريخ الإسلام ": وما أدري توفي في
هذه السنة أو على أثرها.
(* *) صلة التكملة لشرف الدين الحسيني الورقة 28، تاريخ
الإسلام للحافظ الذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 28،
وقد ذكره ضمن وفيات هذه السنة في تذكرة الحفاظ 4 / =
(23/213)
مُحَمَّدٍ بن الوَلِيْدِ البَغْدَادِيّ،
أَحَد الرَّحَّالِيْنَ وَالمُكْثِرِيْنَ.
سَمِعَ: عَبْدَ العَزِيْزِ بنَ الأَخْضَرِ، وَابْنَ
مَنِيْنَا، وَمَسْعُوْد بن بَرَكَةَ، وَعَبْد القَادِرِ
الرُّهَاوِيّ، وَأَبَا اليَمَنِ الكِنْدِيَّ، وَالافتخَار
الهَاشِمِيّ، وَخَلْقاً.
وَكَانَ يُوْصَف بِسرعَة القِرَاءة وَجُوْدتِهَا، وَخطه
رَدِيء الْوَضع، وَهُوَ مِنْ أَئِمَّةِ السُّنَّة، لَهُ
تَوَالِيف.
تُوُفِّيَ: كَهْلاً، فِي جُمَادَى الأُوْلَى (1) ، سَنَةَ
ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
131 - ابْنُ شُحَانَةَ عَبْدُ الرَّحْمَانِ بنُ عُمَرَ بنِ
بَرَكَاتٍ الخُرَاسَانِيُّ *
مُحَدِّثُ خُرَاسَانَ، سِرَاجُ الدِّيْنِ عَبْدُ
الرَّحْمَانِ بنُ عُمَرَ بنِ بَرَكَاتِ بنِ شُحَانَةَ.
رَحَلَ وَتَعِبَ وَتَمَيَّزَ فِي الحَدِيْثِ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي القَاسِمِ ابْنِ الحَرَسْتَانِيِّ،
وَالافتخَارِ الحَلَبِيِّ، وَدَاوُدَ بنِ مُلاَعِبٍ،
وَمِسْمَارِ بنِ العُوَيْسِ.
وَكَانَ ثِقَةً، فَهماً.
مَاتَ: فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ ثَلاَثٍ
وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، بِمَيَّافَارقين.
__________
= 1432، ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب الحنبلي: 2 / 233
الترجمة 340، شذرات الذهب: 5 / 219.
(1) ذكر الشرف الحسيني وفاته انها كانت في الثالث من جمادى
الأولى وهو الذي ثبته الذهبي في " تاريخ الإسلام " وابن
العماد في " الشذرات ".
(*) عقود الجمان في شعراء هذا الزمان لابن الشعار الموصلي
(اسعد افندي 2324) الورقة 246 / ب، صلة التكملة لشرف الدين
الحسيني الورقة 34، وقال كان أحد المشهورين بالطلب
والتحصيل وتوفي قبل بلوغ أمنيته، تاريخ الإسلام للحافظ
الذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 29 وكناه بأبي محمد
وذكر في نسبه (الحراني)، وذكر أنه روى عنه بالاجازة أبو
نصر الشيرازي، وقد ذكره في من توفي في هذه السنة في تذكرة
الحفاظ: 4 / 1432، وله ترجمة في ذيل طبقات الحنابلة لابن
رجب 2 / 240 - 241 الترجمة 346، وقد ضبط لفظة (شحانة) بضم
الشين وفتح الحاء المهملة الخفيفة وبعد الالف نون.
(23/214)
132 - ابْنُ مُقَرَّبٍ أَبُو القَاسِمِ
عَبْدُ الرَّحْمَانِ بنُ مُقَرَّبٍ الكِنْدِيُّ *
مُحَدِّثُ الإِسْكَنْدَرِيَّة، المُجَوِّدُ، أَسْعَد
الدِّيْنِ، أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَانِ بن
مُقرَّبِ بنِ عَبْدِ الكَرِيْمِ الكِنْدِيّ،
الإِسْكَنْدَرَانِي، المُعَدَّل.
مَوْلِده: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ (1) .
كَتَبَ عَنِ: البُوْصِيْرِيِّ، وَابْنِ مُوقَا، وَبنتِ
سَعْدِ الخَيْرِ، وَالأَرتَاحِيِّ.
وَتَخَرَّجَ بِابْنِ (2) المُفَضَّلِ، وَخَرَّجَ
لِنَفْسِهِ، وَكَانَ مِنْ نُبهَاء الطَّلَبَةِ.
رَوَى عَنْهُ: الدِّمْيَاطِيّ، وَمُحَمَّد بن مَنْصُوْرٍ
الوَرَّاق، وَابْنه مُقرَّبٌ.
تُوُفِّيَ: فِي صَفَرٍ (3) ، سَنَةَ ثَلاَثٍ
وَأَرْبَعِيْنَ.
قَالَ ابْنُ العِمَادِيَّةِ: كَانَ ثِقَةً، ثَبْتاً، ذَا
حِفْظٍ وَإِتْقَانٍ وَمُرُوءةٍ وَإِحسَانٍ.
وَقِيْلَ: كَانَ يَدْرِي الأَنسَابَ.
133 - ابْنُ حَمُوْدٍ عَبْدُ المُحْسِنِ بنُ حَمْوُدِ بنِ
المُحَسِّنِ التَّنُوْخِيُّ **
المَوْلَى، الإِمَام البَلِيْغُ، البَارِع، أَمِيْن
الدِّيْنِ، أَبُو الفَضْلِ عَبْدُ المُحْسِنِ بن
__________
(*) صلة التكملة لشرف الدين الحسيني الورقة 23، تاريخ
الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 29، العبر
للذهبي 5 / 177، وذكره في من توفي من هذه السنة في تذكرة
الحفاظ: 4 / 1432، النجوم الزاهرة 6 / 354، شذرات الذهب 5
/ 220.
(1) ذكر شرف الدين الحسيني انه ولد بالإسكندرية في الثالث
عشر من ربيع الأول، منها.
(2) في الأصل: " بأبي " وليس بشيء، والصحيح ما اثبتناه إذ
تخرج ابن مقرب بأبي الحسن علي بن المفضل المقدسي المتوفى
سنة 611 ه.
(3) ذكر شرف الدين الحسيني انه توفي في ليلة الثالث عشر من
صفر وثبت الذهبي في تاريخ الإسلام ان وفاته في الثالث عشر
منه.
(* *) عقود الجمان في شعراء هذا الزمان لابن الشعار
الموصلي (اسعد افندي 2325) ج 4 الورقة 53 / أ، مرآة الزمان
لسبط ابن الجوزي 8 / 757، صلة التكملة لشرف الدين الحسيني
الورقة 34، تاريخ الإسلام (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة
30، العبر للذهبي: 5 / 177، =
(23/215)
حَمودِ بنِ المُحَسِّن (1) بن عَلِيٍّ
التَّنُوْخِيّ، الحَلَبِيّ، ثُمَّ الدِّمَشْقِيّ.
مَوْلِدُهُ: سَنَةَ سَبْعِيْنَ.
وَسَمِعَ فِي كبره مِنْ: حَنْبَل، وَابْن طَبَرْزَذَ،
وَالكِنْدِيّ، وَعِدَّة.
وَأَلَّف كِتَاباً فِي الأَخْبَار وَالنَّوَادر عِشْرِيْنَ
سِفراً بِأَسَانِيْده، وَلَهُ (دِيْوَان) وَكِتَاب فِي
التَّرسُّل.
رَوَى عَنْهُ: القُوْصِيّ، وَابْن الجلاَل، وَزَيْن
الدِّيْنِ الفَارِقِيّ، وَالعِمَاد ابْن البَالِسِيُّ،
وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ كَاتِب الإِنشَاء لِصَاحِب صرخدَ الأَمِيْرِ عِزِّ
الدِّيْنِ أَيبكَ.
تُوُفِّيَ: فِي رَجَبٍ (2) ، سَنَةَ ثَلاَثٍ
وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
134 - النَسَّابَةُ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ
ابْنُ عَسَاكِرَ الدِّمَشْقِيُّ *
الإِمَامُ، الفَاضِل، النَسَّابَة، عِزّ الدِّيْنِ، أَبُو
عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ ابنُ تَاجِ الأُمَنَاءِ أَحْمَد بن
مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ هِبَةِ اللهِ الدِّمَشْقِيّ،
ابْن عَسَاكِرَ.
سَمِعَ مِنْ: عَمّ أَبِيْهِ؛ الحَافِظِ أَبِي القَاسِمِ،
وَأَبِي المَعَالِي بنِ صَابِرٍ، وَعَبْدِ
__________
= وذكره في من توفي في هذه السنة في تذكرة الحفاظ 4 /
1432، النجوم الزاهرة: 6 / 353، شذرات الذهب: 5 / 220.
(1) قيده بالتشديد الذهبي بخطه في " تاريخ الإسلام ".
(2) ذكر الذهبي في تاريخ الإسلام متابعا الشريف الحسيني في
صلة التكملة أنه توفي في الرابع والعشرين من شهر رجب.
(*) ذيل الروضتين لأبي شامة: 176، وهو احد شيوخ ابن
الصابوني، تكملة اكمال الإكمال 177 - 178، صلة التكملة
للشرف الحسيني: الورقة 28، تاريخ الإسلام للحافظ الذهبي
(أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 36، العبر للذهبي: 5 / 179،
وقد ذكره في من توفي في هذه السنة في تذكرة الحفاظ 4 /
1432، النجوم الزاهرة 6 / 355، شذرات الذهب 5 / 226.
(23/216)
الصَّمَدِ النَّسَوِيِّ، وَأَبِي الفَهْمِ
العَجَائِزِيِّ، وَجَمَاعَةٍ.
رَوَى عَنْهُ: الشَّيْخُ تَاجُ الدِّيْنِ، وَأَخُوْهُ؛
الخَطِيْبُ، وَرَشِيدُ الدِّيْنِ ابْنُ المُعَلِّمِ،
وَالفَخْرُ ابْنُ عَسَاكِرَ، وَابْنُ عَمِّهِ البَهَاءُ،
وَالزَّيْنُ ابْنُ الشِّيْرَازِيِّ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ مِنْ رُؤسَاءِ البَلَدِ، لَهُ بَغْلَةٌ وَبزَّةٌ
فَاخِرَةٌ، وَلَهُ (تَارِيْخٌ) فِيْهِ بوَارد (1) ، وَلَهُ
نَظْمٌ وَسيط.
مَاتَ: فِي جُمَادَى الأُوْلَى (2) ، سَنَةَ ثَلاَثٍ
أَيْضاً.
135 - ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ
عَلِيٍّ القُرْطُبِيُّ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الجَلِيْل، العَدْل، تَاج
الدِّيْنِ، أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ ابنُ العَلاَّمَة
أَبِي جَعْفَرٍ أَحْمَد بن عَلِيٍّ القُرْطُبِيّ، ثُمَّ
الدِّمَشْقِيّ، إِمَام الكَلاَّسَة، وَابْن إِمَامهَا.
وُلِدَ: فِي أَوَّلِ سَنَةِ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ.
وَحَجَّ مَعَ أَبِيْهِ سَنَةَ تِسْعٍ، فَسَمِعَ فِي آخِرِ
الخَامِسَة مِنْ عَبْدِ المُنْعِمِ الفُرَاوِيِّ، وَمِنْ
عَبْدِ الوَهَّاب بنِ سُكَيْنَة، وَزُهَيْرٍ شعرَانَة،
وَمُحَمَّد بن المُطَهَّر الفَاطِمِي.
وَسَمِعَ بِدِمَشْقَ مِنِ: ابْنِ أَبِي عَصْرُوْنَ،
وَأَحْمَدَ بنِ المَوَازِيْنِيِّ،
__________
(1) قال المؤلف في " تاريخ الإسلام ": " وله تاريخ على
الحوادث فيه الدرة والبعرة وأشياء باردة، ولم يظهره الرجل،
وإنما هو تعاليق في جريدة. وتسمى ميوامة النسابة ".
(2) ذكر الحسيني في صلة التكملة انه توفي في ليلة الثالث
من جمادى الأولى بعد ان ذكر أن مولده في الثالث عشر من شهر
رجب سنة خمس وستين وخمس مئة.
(*) ذيل الروضتين لأبي شامة: 176، تكملة اكمال الإكمال
لابن الصابوني: 32، 293، صلة التكملة لوفيات النقلة للشرف
الحسيني: الورقة 28، تاريخ الإسلام للحافظ الذهبي (أيا
صوفيا 3013) ج 20 الورقة 36 - 37، العبر للذهبي: 5 / 179
وقد ذكره الذهبي ضمن الذين توفوا سنة 643 في تذكرة الحفاظ:
4 / 1432، وانظر ايضا الوافي بالوفيات للصفدي 2 / 118
الترجمة 460، النجوم الزاهرة: 6 / 355، شذرات الذهب: 5 /
226.
(23/217)
وَالفَضْلِ ابْنِ البَانْيَاسِيِّ،
وَيَحْيَى الثَّقَفِيِّ، وَعِدَّةٍ.
فَلَمَّا تَكهَّلَ أَقْبَلَ عَلَى الحَدِيْث، وَبَالَغَ،
وَكَتَبَ الكَثِيْرَ.
وَكَانَ دَيِّناً، خَيِّراً، مُحبَّباً إِلَى النَّاسِ،
ثِقَةً.
رَوَى عَنْهُ: البِرْزَالِيُّ، وَأَبُو المُظَفَّرِ ابْنُ
النَّابُلُسِيِّ، وَالشَّيْخُ تَاجُ الدِّيْنِ،
وَأَخُوْهُ، وَابْنُ الجَلاَلِ، وَمُحَمَّد بنُ عَبْدِ
العَزِيْزِ ابْن الدِّمْيَاطِيّ، وَزَيْن الدِّيْنِ
الفَارِقِيّ، وَعِدَّة.
وَبِالحُضُوْر: العِمَاد ابْن البَالِسِيّ.
مَاتَ: فِي جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ ثَلاَثٍ، وَحُمِلَ
عَلَى الرُّؤُوس، وَدُفن بقَاسِيُوْن.
136 - ابْنُ المُنْذِرِيِّ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ
عَبْدِ العَظِيْمِ بنِ عَبْدِ القَوِيِّ *
الحَافِظُ الذّكيُّ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ ابنُ
العَلاَّمَة الحَافِظ زَكِيّ الدِّيْنِ عَبْد العَظِيْمِ
بن عَبْدِ القوِيّ المُنْذِرِيّ، رَشِيدُ الدِّيْنِ
المِصْرِيُّ، أَحَدُ الشَّبَابِ الفُضَلاَءِ.
وُلِدَ: سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَسِتِّ مائَةٍ (1) .
__________
(*) التكملة لوفيات النقلة للحافظ المنذري ج 2 ضمن الترجمة
1488، صلة التكملة للشرف الحسيني الورقة 38، تاريخ الإسلام
للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 38 - 39، الوافي
بالوفيات 2 / 264 - 265، الترجمة 1303، وما كتبه الدكتور
بشار عواد معروف ضمن كتابه (المنذري وكتابه التكملة لوفيات
النقلة - مطبعة الآداب - النجف 1968) ص 170 174، وما كتبه
الدكتور بشار أيضا هو وعمه المرحوم الدكتور ناجي معروف في
مقدمة تحقيقهما لكتاب (مشيخة النعال البغدادي صائن الدين
بن الانجب تخريج الحافظ رشيد الدين محمد بن عبد العظيم
المنذري - مطبعة المجمع العلمي العراقي ببغداد 1975) ص 44
- 47، وفيهما مصادر أخرى عن المترجم له هنا.
(1) قيد أبوه الحافظ زكي الدين عبد العظيم ولادته في
التكملة بيوم السبت الثالث عشر من شهر رمضان.
(23/218)
وَسَمِعَ مِنْ: عَبْدِ القَوِيِّ ابْنِ
الجَبَّابِ، وَالفَخْرِ الفَارِسِيِّ، وَأَبِي طَالِبٍ بنِ
حَدِيدٍ، وَعِدَّةٍ.
وَارْتَحَلَ، وَسَمِعَ بِدِمَشْقَ، وَكَتَبَ الكَثِيْرَ.
رَوَى عَنْهُ: رَفِيقُهُ؛ أَبُو مُحَمَّدٍ
الدِّمْيَاطِيُّ.
مَاتَ: فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ
(1) ، وَلَوْ عَاشَ لَسَادَ.
137 - المُنْتَجِبُ مُنْتَجِبُ الدِّيْنِ بنُ أَبِي
العِزِّ بنِ رَشِيْدٍ الهَمَذَانِيُّ *
شَيْخُ القُرَّاءِ، مُنْتَجب الدِّيْنِ بن أَبِي العِزّ بن
رشيد الهَمَذَانِيّ، نَزِيْلُ دِمَشْقَ، وَشَيْخ القِرَاءة
بِالزّنجيليَة.
صَنّف لِلشَّاطِبِيَّةِ شَرحاً مُفِيْداً، وَشرح
(المُفصَّل) فَجَوَّدَهُ، وَأَعربَ القُرْآن.
وَرَوَى عَنِ: ابْنِ طَبَرْزَذَ، وَالكِنْدِيِّ.
وَتَلاَ عَلَى: أَبِي الجُوْدِ.
تَلاَ عَلَيْهِ: الصَّائِن الوَاسِطِيُّ نَزِيْلُ
قُوْنِيَةَ، وَالنّظَامُ التِّبْرِيْزِيّ شَيْخُنَا.
__________
(1) ذكر الحافظ الحسيني في صلة التكملة وفاته في السابع
والعشرين من ذي القعدة، وهي التي ثبتها الذهبي في تاريخ
الإسلام.
(*) ذيل الروضتين لأبي شامة: 175، صلة التكملة للحسيني
الورقة 24، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20
الورقة 44، العبر 5 / 180، معرفة القراء الكبار للذهبي: 2
/ 509 الترجمة الخامسة من الطبقة الخامسة عشرة، وقد ذكره
مع الذين توفوا في هذه السنة في تذكرة الحفاظ 4 / 1432،
غاية النهاية في طبقات القراء لابن الجزري: 2 / 310
الترجمة 3646، بغية الوعاة للسيوطي: 2 / 300 الترجمة 2022،
شذرات الذهب 5 / 227 واعلم أنه قد تصحف اسمه إلى المنتخب
(بالخاء) في ذيل الروضتين والعبر وتذكرة الحفاظ وبغية
الوعاة والشذرات، والصواب ما أثبتناه عن المصادر المخطوطة
كصلة التكملة وتاريخ الإسلام والسير هنا والمطبوعة كفاية
النهاية إذ وضعه بتسلسله الهجائي.
(23/219)
قَالَ أَبُو شَامَةَ (1) : كَانَ مُقْرِئاً
مُجَوِّداً؛ قرَأَ عَلَى الكِنْدِيِّ، وَأَبِي الجُوْدِ،
وَانتفعَ بِشَيخِنَا السَّخَاوِيّ فِي مَعْرِفَةِ
(الشَّاطِبِيَّةِ).
مَاتَ: فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ (2) ، سَنَةَ ثَلاَثٍ
وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
138 - ابْنُ المُعَوَّجِ مَنْصُوْرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ
مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ، أَبُو غَالِبٍ مَنْصُوْرُ بن أَحْمَدَ بنِ
أَبِي غَالِبٍ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
السكن البَغْدَادِيّ، المَرَاتِبِيّ، الخَلاَّل، ابْن
المُعَوَّجِ.
وُلِدَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ.
سَمِعَ: مُحَمَّدَ بنَ إِسْحَاقَ ابْن الصَّابِيِّ،
وَابْنَ الخَشَّابِ، وَالمُبَارَكَ بنَ خُضَيْرٍ،
وَعِدَّة.
رَوَى عَنْهُ: مَجْد الدِّيْنِ ابْن العَدِيْم.
وَبِالإِجَازَةِ: الفَخْر ابْنُ عَسَاكِرَ، وَأَبُو
المَعَالِي ابْنُ البَالِسِيِّ، وَالقَاضِي الحَنْبَلِيُّ،
وَعِيْسَى المُطَعِّمُ، وَابْنُ سَعْدٍ، وَأَحْمَدُ ابنُ
الشِّحْنَةِ، وَسِتّ الفُقَهَاء الوَاسطيَةُ.
تُوُفِّيَ: فِي جُمَادَى الآخِرَةِ (3) ، سَنَةَ ثَلاَثٍ
وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
__________
(1) ذيل الروضتين: 175.
(2) ذكر أبو شامة والحسيني والذهبي في تاريخ الإسلام أنه
توفي في ثالث عشر ربيع الأول.
(*) صلة التكملة للحسيني الورقة 32، تاريخ الإسلام للذهبي
(أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 44 - 45، العبر للذهبي: 5 /
181، وقد ذكره ضمن الذين توفوا هذه السنة في تذكرة الحفاظ
4 / 1433، النجوم الزاهرة: 6 / 355، شذرات الذهب: 5 / 227.
(3) ذكر الحسيني في صلة التكملة والذهبي في تاريخ الإسلام
أنه توفي في الثاني عشر منه.
(23/220)
139 - صَاحِبُ حِمْصَ المَنْصُوْرُ نَاصِرُ
الدِّيْنِ إِبْرَاهِيْمُ بنُ شِيرْكُوْه *
الْملك المَنْصُوْر، نَاصِرُ الدِّيْنِ إِبْرَاهِيْمُ
ابْنُ المَلِكِ المُجَاهِدِ شِيْرْكُوْه.
مَاتَ: فِي صَفَرٍ (1) ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ،
بِدِمَشْقَ، وَحُمِلَ إِلَى حِمْصَ، وَكَانَتْ دَوْلَتُهُ
سِتّ سِنِيْنَ وَنِصْفَ سَنَةٍ.
وَكَانَ فَارِساً شُجَاعاً وَافر الهَيْبَة، سَارَ
بِعَسْكَره وَعَسْكَر حَلَب، وَعَمِلَ المَصَافّ مَعَ
الخُوَارِزْمِيَة وَالمُظَفَّر صَاحِب مَيَّافَارِقِيْن،
فَالتَقَوا فِي صَفَرٍ سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ، فَهَزمهُم
صَاحِب حِمْص أَقبح هَزِيْمَة، وَتعثَّرت
الخُوَارِزْمِيَة، وَنَزَلَ صَاحِب حِمْص فِي مُخيَّم
المُظَفَّر، وَاحتوَى عَلَى خَزَائِنِه، وَقَامَ بَعْدَهُ
ابْنه الأَشْرَف.
140 - عَتِيْقُ بنُ أَبِي الفَضْلِ بنِ سَلاَمَةَ، أَبُو
بَكْرٍ السَّلْمَانِيُّ **
العَدْلُ، أَبُو بَكْرٍ السَّلْمَانِيّ، مِنْ كِبَارِ
شُهُوْد دِمَشْق.
بلغ التِّسْعِيْنَ.
وَحَدَّثَ عَنِ: الحَافِظ ابْن عَسَاكِرَ، وَأَبِي
المَعَالِي بن
__________
(*) مرآة الزمان لسبط ابن الجوزي: 8 / 764، ذيل الروضتين
لأبي شامة: 178 - 179، وفيات الأعيان لابن خلكان 2 / 481
ضمن الترجمة 298، المختصر في أخبار البشر لأبي الفدا 2 /
176، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة
48 - 49، العبر: 5 / 183، الوافي بالوفيات للصفدي: 6 / 20
الترجمة 2448، البداية والنهاية: 13 / 172، النجوم
الزاهرة: 6 / 356، شفاء القلوب في مناقب بني أيوب: 331 -
332 الترجمة 58، شذرات الذهب: 5 / 229، ترويح القلوب في
ذكر ملوك بني أيوب للمرتضى الزبيدي: 41.
(1) ذكر سبط ابن الجوزي وأبو شامة والذهبي في " العبر "
وأحمد بن إبراهيم الحنبلي في " شفاء القلوب " ان وفاته في
الحادي عشر منه، وزاد الحنبلي أنها في يوم الأربعاء.
(* *) صلة التكملة لوفيات النقلة لشرف الدين الحسيني
الورقة 38، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20
الورقة 31، العبر: 5 / 177، وقد ذكره ضمن الذين توفوا في
هذه السنة في تذكرة الحفاظ 4 / 1432.
(23/221)
خَلْدُوْنَ.
وَكَانَ مُلاَزِماً لِلْجَمَاعَة، كَثِيْر التِّلاَوَة،
عِنْدَهُ دُعَابَة.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّدٍ الحرَائِرِيُّ، وَأَبُو
الفَضْلِ الذَّهَبِيُّ، وَابْن الخَلاَّلِ، وَالفَخْرُ بنُ
عَسَاكِرَ، وَالعَلاَءُ بنُ البَقَّالِ، وَعِدَّةٌ.
مَاتَ: فِي ذِي القَعْدَةِ (1) ، سَنَةَ ثَلاَثٍ
وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
141 - ابْنُ الجَبَّابِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَانِ
بنِ عَبْدِ اللهِ السَّعْدِيُّ *
الرَّئِيْسُ، ظَهِيْرُ الدِّيْنِ، أَبُو إِبْرَاهِيْمَ
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ
عَبْدِ الرَّحْمَانِ السَّعْدِيُّ، الإِسْكَنْدَرَانِيُّ،
المَالِكِيُّ.
سَمِعَ: مِنَ السِّلَفِيِّ، وَالعُثْمَانِيِّ.
وَعَنْهُ: الدِّمْيَاطِيُّ، وَالتَّقِيُّ الإِسعَردِيُّ،
وَالضِّيَاءُ السَّبْتِيُّ، وَنَصْرُ اللهِ بنُ عَيَّاشٍ،
وَآخَرُوْنَ.
مَاتَ: فِي خَامِسِ المُحَرَّمِ، سَنَةَ ثَلاَثٍ
وَأَرْبَعِيْنَ، وَلَهُ ثَمَانٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً.
142 - ابْنُ مَعْقِلٍ عِزُّ الدِّيْنِ أَحْمَدُ بنُ
عَلِيِّ بنِ مَعْقِلٍ المُهَلَّبِيُّ **
كَبِيْرُ الرَّافِضَّةِ، النَّحْوِيّ، العَلاَّمَة، عِزّ
الدِّيْنِ أَحْمَدَ بن عَلِيِّ بنِ مَعْقِلٍ
المُهَلَّبِيّ، الحِمْصِيّ.
__________
(1) ذكر الحسيني في صلة التكملة والذهبي في تاريخ الإسلام
أنه توفي في الثاني والعشرين منه وذكر الحسيني أن مولده في
العشرين من شعبان سنة ثلاث وخمسين وخمس مئة وقد ذكر الذهبي
سنة ولادته دون ذكر اليوم والشهر.
(*) صلة التكملة لوفيات النقلة لشرف الدين الحسيني وقد ضبط
الاسم قائلا والجباب بفتح الجيم والباء الموحدة وتشديدها
وبعد الالف باء موحدة أيضا انظر الورقة 23، وتاريخ الإسلام
للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 38، وتذكرة الحفاظ 4
/ 1432.
(* *) صلة التكملة لوفيات النقلة لشرف الدين الحسيني
الورقة 41 - 40، تاريخ الإسلام =
(23/222)
أَخَذَ التَّشَيُّع بِالحِلَّةِ،
وَالنَّحْو عَنِ الكِنْدِيِّ، وَأَبِي البَقَاء، وَلَهُ
النَّظم البَدِيْع، وَالنثر الصَّنِيع، وَكَانَ أَحْوَلَ،
قصِيْراً، ثَخِيْنَ الرَّفضِ.
نَظَمَ (الإِيضَاحَ) وَ(التَّكملَة).
وَسَكَنَ بَعْلَبَكَّ فِي صُحْبَة الْملك الأَمْجَد،
وَقرَّر لَهُ جَامكيَّة، وَتَخَرَّجُوا بِهِ فِي
المَذْهَب.
تُوُفِّيَ: بِدِمَشْقَ، فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ (1) ،
سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، عَنْ
سَبْعٍ وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
143 - ابْنُ عَدِيٍّ حَسَنُ بنُ عَدِيِّ بنِ أَبِي
البَرَكَاتِ الكُرْدِيُّ *
الشَّيْخُ الكَبِيْرُ، المَدْعُو بِتَاجِ العَارِفِيْنَ
حَسَنُ بنُ عَدِيِّ بنِ أَبِي البَرَكَاتِ بنِ صَخْرِ بنِ
مُسَافِرٍ شَيْخُ الأَكْرَادِ، وَجَدُّهُ هُوَ أَخُو
الشَّيْخ الكَبِيْر عَدِيّ.
كَانَ هَذَا مِنْ رِجَالِ العَالَم دَهَاءً وَهِمَّةٍ
وَسُمُوّاً، لَهُ فَضِيْلَةٌ وَأَدَبٌ وَتَوَالِيْفُ فِي
التَّصَوُّفِ الفَاسِدِ، وَلَهُ أَتْبَاعٌ لاَ
يَنْحَصِرُوْنَ وَجَلاَلَةٌ عَجِيْبَةٌ.
بَلَغَ مِنْ تَعْظِيْمِهِم لَهُ أَنَّ وَاعِظاً أَتَاهُ
فَتَكَلَّمَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَبَكَى تَاجُ العَارِفِيْن
وَغُشِيَ عَلَيْهِ،
__________
= للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 48، العر 5 / 182 -
183، الوافى بالوفيات 7 / 239 - 240، الترجمة 3195، البلغة
في تاريخ أئمة اللغة للفيروز آبادي ص 27 الترجمة 48، بغية
الوعاة للسيوطي 1 / 348 الترجمة 666، شذرات الذهب: 5 /
229، أعيان الشيعة: 9 / 184. معجم المؤلفين 2 / 24.
(1) توفي في الخامس والعشرين من ربيع الأول كما ذكره
الذهبي في تاريخ الإسلام والسيوطي في البغية، وذكر الشرف
الحسيني أنه توفي في ليلة الخامس والعشرين منه وذكر أن
مولده سنة سبع وستين وخمس مئة.
(*) تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة
50، العبر للذهبي: 5 / 183 وفيه أنه الحسن بن علي وهو
تصحيف، الوافي بالوفيات 12 / 101 - 103 الترجمة 88، فوات
الوفيات 1 / 334 - 336 الترجمة 117، شذرات الذهب: 5 / 229.
(23/223)
فَوَثَبَ كُرْدِيٌّ، وَذَبَحَ الوَاعِظَ،
فَأَفَاقَ الشَّيْخُ، فَرَأَى الوَاعِظَ يَخْتَبِطُ فِي
دَمِهِ، فَقَالَ: أَيشٍ هَذَا؟
فَقَالُوا: أَيُّ شَيْءٍ هَذَا مِنَ الكِلاَبِ حَتَّى
يُبْكِي سَيْدِي الشَّيْخ.
وَزَادَ تَمَكُّنُ الشَّيْخ حَتَّى خَافَ مِنْهُ بدر
الدِّيْنِ صَاحِب المَوْصِل، فَتَحَيَّلَ عَلَيْهِ حَتَّى
اصْطَادَهُ، وَخَنَقَهُ بِالمَوْصِلِ؛ خَوْفاً مِنْ
غَائِلَتِهِ.
وَهُنَاكَ جَهَلَةٌ يَعْتَقِدُوْنَ أَنَّ الشَّيْخَ
حَسَناً لاَ بُدَّ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا،
وَكَانَ يُلَوِّحُ فِي نَظمِه بِالإِلْحَادِ، وَيَزْعُمُ
أَنَّهُ رَأَى رَبَّ العِزَّةِ عَيَاناً، وَاعْتِقَادُهُ
ضَلاَلَة.
قُتِلَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ،
وَلَهُ ثَلاَثٌ وَخَمْسُوْنَ سَنَةً.
144 - الحَرِيْرِيُّ عَلِيُّ بنُ أَبِي الحَسَنِ بنِ
مَنْصُوْرٍ الحَوْرَانِيُّ *
كَبِيْر الفُقَرَاء البَطَلَةِ، الشَّيْخ عَلِيُّ بنُ
أَبِي الحَسَنِ بنِ مَنْصُوْرٍ ابْنُ الحَرِيْرِيِّ
الحَوْرَانِيُّ، مِنْ عَشِيرٍ يُقَالُ لَهُم: بَنُوْ
الرُّمَانِ.
مَوْلِدُهُ: بِبُسْرَ، وَبِهَا مَاتَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ
وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، فِي رَمَضَانَ، وَقَدْ
قَارب التِّسْعِيْنَ.
قَدِمَ دِمَشْق صَبِيّاً، فَتعلم نَسجَ المَرْوَزِيّ
وَبَرَعَ، ثُمَّ وَقَفَ عَلَيْهِ دينٌ فَحُبِسَ.
وَأُمُّهُ دِمَشْقيَة مِنْ ذُرِّيَّة الأَمِيْر مُسَيب
العُقَيْلِيّ، وَكَانَ خَالُه صَائِغاً،
__________
(*) ذيل الروضتين لأبي شامة: 180، الحوادث الجامعة 235،
تاريخ الإسلام للحافظ الذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة
57 - 62، العبر للذهبي 5 / 185، البداية والنهاية 13 /
170، العسجد المسبوك الغساني: 556 - 557، الفلاكة
والمفلوكون للدلجي: 72، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي وقد
ذكره مرتين الأولى ضمن وفيات سنة 645 والاخرى ضمن وفيات
سنة 646 مع تصحيف اسمه فقال علي بن أبي الجن بن منصور
الشيخ أبو الجن وأبو محمد الحريري (كذا) فجعل اسمه لشخصين
، جامع كرامات الأولياء، للنبهاني 2 / 340.
(23/224)
وَرُبِي الشَّيْخ يَتيماً، ثُمَّ عَمل
العَتَّابِيّ، ثُمَّ تَزَهَّد، وَصَحِبَ أَبَا عَلِيٍّ
المُغَرْبَل خَادمَ الشَّيْخِ رسلاَنَ.
قَرَأْت بِخَطّ السَّيْف الحَافِظ: كَانَ الحَرِيْرِيّ
مِنْ أَفتن شَيْء وَأَضرِّهِ عَلَى الإِسْلاَمِ، تَظهرُ
مِنْهُ الزَّنْدَقَة وَالاستهزَاء بِالشرع، بَلَغَنِي مِنَ
الثِّقَاتِ أَشيَاءُ يُسْتَعظم ذِكرُهَا مِنَ
الزَّنْدَقَةِ وَالجُرْأَةِ عَلَى اللهِ، وَكَانَ
مُسْتَخِفّاً بِأَمر الصَّلَوَاتِ.
وَحَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ الصَّرِيْفِيْنِيُّ، قَالَ:
قُلْتُ لِلْحَرِيْرِيِّ: مَا الحُجَّةُ فِي الرَّقصِ؟
قَالَ : {إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا(1) }.
وَكَانَ يُطعِمُ وَيُنفِقُ وَيَتبعه كُلّ مُرِيب.
شَهِدَ عَلَيْهِ خَلقٌ كَثِيْر بِمَا يُوجب القتلَ، وَلَمْ
يُقْدِم السُّلْطَانُ عَلَى قَتْلِهِ، بَلْ سَجَنَهُ
مَرَّتَيْنِ.
أَنْبَأَنَا العَلاَّمَة ابْن دَقِيق العِيْد، عَنِ ابْنِ
عَبْد السَّلاَمِ سَمِعَهُ يَقُوْلُ فِي ابْن (2)
العَرَبِيِّ: شَيْخُ سُوءٍ كَذَّاب.
وَعِنْدِي مَجمُوعٌ مِنْ كَلاَمِ الشَّيْخِ الحَرِيْرِيِّ
فِيْهِ: إِذَا دَخَلَ مرِيْدِي بِلاَد الرُّوْم، وَتنصَّر،
وَأَكل الخِنْزِيْر، وَشرب الخَمْر كَانَ فِي شغلِي!
وَسَأَله رَجُل: أَيُّ الطّرق أَقْرَب إِلَى اللهِ؟
قَالَ: اترك السَّيرَ وَقَدْ وَصلتَ!
وَقَالَ لأَصْحَابِهِ: بَايِعُونِي عَلَى أَنَّ نَمُوْت
يَهُوْدَ (3) ، وَنُحْشَرَ إِلَى النَّارِ حَتَّى لاَ
يَصْحَبنِي أَحَدٌ لِعِلَّةٍ.
__________
(1) الآية الاولي من سورة الزلزلة.
(2) الزيادة من تاريخ الإسلام ج 20 الورقة 58 وهنا ذكر قبل
هذه الجملة كلاما كثيرا عن الشيخ ابن عربي، وكتابه الفصوص.
(3) (يهود) كذا بالمنع من الصرف في الأصل وفي تاريخ
الإسلام الورقة 59.
(23/225)
وَقَالَ: لَوْ قَدِمَ عَلَيَّ مَنْ قَتَلَ
وَلَدِي وَهُوَ بِذَلِكَ طَيِّبٌ وَجَدَنِي أَطيَبَ
مِنْهُ.
وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ: أَمردُ يُقدِّمُ مدَاسِي أَخْيَرُ
مِنْ رِضْوَانِكُم، وَربع قَحبَةٍ عِنْدِي أَحْسَنُ مِنَ
الولدَان، أَودُّ أَشتهِي قَبْلَ مَوْتِي أَعشق وَلَوْ
صُوْرَة حَجر، أَنَا مُتَّكِل مُحَيّر وَالعشق بِي
مَشْغُوْل!!
قَالَ ابْنُ إِسْرَائِيْل: قَالَ لِي الشَّيْخ: مَا
مَعْنَى قَوْله تَعَالَى : {كُلَمَّا أَوْقَدُوا نَاراً
لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللهُ}(1)
قُلْتُ: يَقُوْلُ سَيْدِي.
قَالَ: وَيْحَكَ مِنِ المُوْقِدُ وَمَنِ المُطْفِئُ، لاَ
يَسْمَعُ للهِ كَلاَماً إِلاَّ مِنْكَ فِيْكَ، فَامْحُ
إِنِّيَتَكَ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ أَنْجَبَ فِي (تَارِيْخِهِ (2)):
الفَقِيْرُ الحَرِيْرِيُّ شَيْخٌ عَجِيْبٌ، كَانَ
يُعَاشِرُ الأَحدَاثَ، كَانَ يُقَالُ عَنْهُ: إِنَّهُ
مبَاحِيٌّ وَلَمْ تَكن لَهُ مُرَاقبَة، كَانَ يُخرِّب،
وَالفُقَهَاءُ يُنكِرُوْنَ فِعلَهُ، وَكَانَ لَهُ قَبُولٌ
عَظِيْمٌ.
وَرُوِيَ عَنِ الحَرِيْرِيِّ: لَوْ ضَرَبنَا عُنُقَكَ
عَلَى هَذَا القَوْلِ وَلَعَنَّاكَ لاَعتَقَدْنَا أَنَّا
مُصِيْبُوْنَ.
وَمِمَّنِ انْتَصر لَهُ وَخضع لِكشفه الإِمَامُ أَبُو
شَامَةَ (3) ، فَقَالَ: كَانَ عِنْدَهُ مِنَ القِيَام
بوَاجِب الشرِيعَة مَا لَمْ يَعرفه أَحَد مِنَ
الْمُتَشَرِّعِينَ ظَاهِراً وَبَاطِناً، وَأَكْثَرُ
النَّاس يَغلطُوْنَ فِيْهِ، كَانَ مُكَاشَفاً لمَا فِي
الصُّدُوْرِ بِحَيْثُ قَدْ أَطلعه الله عَلَى سرَائِر
أَوليَائِهِ.
__________
(1) سورة المائدة من الآية 64.
(2) هو التاج ابن الساعي المؤرخ العراقي المشهور.
(3) لم نجد هذا الكلام في ذيل الروضتين لأبي شامة حين ترجم
له في وفاته سنة 645 ص 180 بل نجد خلاف ذلك ذما له، وقد
نسب ابن تغري بردي إلى أبي شامة أيضا أنه أثنى على الحريري
(النجوم الزاهرة 6 / 360).
(23/226)
قُلْتُ: مَا هَذَا؟ اتَّقِ اللهَ؛
فَالكهنَةُ وَابْنُ صَائِدٍ مُكَاشَفُوْنَ لِمَا فِي
الضَّمَائِرِ.
كَانَ الحَرِيْرِيُّ يَلْبَسُ مَا اتَّفَقَ وَالمُطَرِّزُ
وَالمُلَوَّنُ، وَقَالَ عَنْ نَفْسِهِ:
فَقِيْرٌ وَلَكِنْ مِنْ صَلاَحٍ وَمِنْ تُقَىً ...
وَشَيْخٌ وَلَكِن لِلْفُسُوْقِ إِمَامُ
وَبَاقِي سِيْرَتِهِ فِي (تَارِيْخِ الإِسْلاَمِ) (1) .
145 - القِفْطِيُّ أَبُو الحُسَيْنِ عَلِيُّ بنُ يُوْسُفَ
بنِ إِبْرَاهِيْمَ *
القَاضِي الأَكْرَمُ، الوَزِيْرُ الأَوْحَدُ، جَمَالُ
الدِّيْنِ، أَبُو الحُسَيْنِ عَلِيُّ بنُ يُوْسُفَ بنِ
إِبْرَاهِيْمَ الشَّيْبَانِيُّ، القِفْطِيُّ، المِصْرِيُّ،
صَاحِبُ (تَارِيْخ النُّحَاةِ).
وَلَهُ: (أَخْبَار المُصَنّفِيْن وَمَا صَنَّفُوهُ)،
وَ(أَخْبَار السَّلْجُوْقِيَّة)، وَ(تَارِيْخ مِصْر).
وَكَانَ عَالِماً مُتَفَنِّناً، جَمَعَ مِنَ الكُتُبِ
شَيْئاً كَثِيْراً يَتَجَاوَزُ الوَصْف.
وَوَزَرَ بِحَلَبَ.
مَاتَ: فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ
وَسِتِّ مائَةٍ.
__________
(1) ج 20 الورقة 60 وما بعدها.
(*) معجم الأدباء (رفاعي) 15 / 175 - 204 الترجمة 34، معجم
البلدان 3 / 55 - 56 عقود الجمان لابن الشعار (أسعد افندي
2326) ج 5 الورقة الأولى تاريخ مختصر الدول لابن العبري:
272، الحوادث الجامعة: 237، الطالع السعيد للادفوي: 237 -
238 تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة
70، العبر: 5 / 191، فوات الوفيات 3 / 117 - 118 الترجمة
369، عيون التواريخ لابن شاكر أيضا 20 / 26 - 27، العسجد
المسبوك للغساني 567، النجوم الزاهرة 6 / 361، بغية الوعاة
1 / 212 - 213 الترجمة 1816، حسن المحاضرة للسيوطي 1 / 554
الترجمة 12، شذرات الذهب: 5 / 236، مقدمة كتاب إنباه
الرواة على أنباه النحاة للقفطي بقلم محققه محمد أبي الفضل
إبراهيم.
(23/227)
146 - الخُوْنَجِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ
مُحَمَّدُ بنُ نَامَاورَ بنِ عَبْدِ المَلِكِ *
القَاضِي، المُتَكَلِّمُ البَاهِرُ، أَفْضَلُ الدِّيْنِ،
أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ نَامَاورَ بنِ عَبْدِ
المَلِكِ الخُوْنَجِيُّ، الشَّافِعِيُّ، نَزِيْلُ مِصْر.
وُلِدَ: سَنَةَ تِسْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ (1) .
وَوَلِيَ القَضَاءَ بِمِصْرَ وَأَعْمَالهَا، وَدَرَّسَ
بِالصَّالِحِيَّةِ، وَأَفْتَى، وَصَنَّفَ.
قَالَ أَبُو شَامَةَ (2) : كَانَ حَكِيْماً، مَنْطِقِيّاً،
وَكَانَ قَاضِي القُضَاةِ بِمِصْرَ.
قَالَ ابْنُ أَبِي أُصَيْبِعَة (3) : تَمَيَّزَ فِي
العُلُوْمِ الحكمِيَّة، وَأَتْقَنَ الأُمُوْرَ
الشَّرْعِيَّةَ، فَوَجَدته لَمَّا رَأَيْتُهُ الغَايَةَ
القُصْوَى فِي سَائِرِ العُلُوْمِ، وَلَهُ تَصَانِيْفُ فِي
الطِّبِّ وَالمَنْطِقِ.
مَاتَ: فِي رَمَضَانَ (4) ، سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ
وَسِتِّ مائَةٍ.
__________
(*) ذيل الروضتين لأبي شامة: 182، عيون الانباء في طبقات
الاطباء لابن أبي أصيبعة (دار الفكر بيروت 1957) 3 / 199 -
200، صلة التكملة لوفيات النقلة لشرف الدين الحسيني الورقة
54، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة
71، العبر للذهبي: 5 / 191، الوافي بالوفيات 5 / 108 - 109
الترجمة 2121، عيون التواريخ لابن شاكر الكتبي 20 / 25 -
26، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 8 / 105 - 106 الترجمة
1097، طبقات الشافعية للاسنوي 1 / 502 - 503، الترجمة 460،
البداية والنهاية 13 / 175، حسن المحاضرة للسيوطي: 1 / 541
الترجمة 15، مفتاح السعادة ومصباح السيادة لطاش كبرى زادة
(البكري وأبو النور) 1 / 246، شذرات الذهب: 5 / 236.
(1) قيد شرف الدين الحسسيني في صلة التكملة مولده في جمادى
الأولى (الورقة 54).
(2) ذيل الروضتين: 182.
(3) عيون الانباء في طبقات الاطباء (دار الفكر) 3 / 199 -
200.
(4) ذكر أبو شامة وابن أبي أصيبعة والحسين والذهبي في
تاريخ الإسلام والسبكي في طبقاته أن وفاته كانت في الخامس
من شهر رمضان.
(23/228)
147 - مُهَنَّا بنُ مَانِعِ بنِ حُدَيْثَةَ
بنِ فَضْلِ بنِ رَبِيْعَةَ *
أَمِيْر عَربِ الشَّامِ، وَابْنُ أُمَرَائِهِم، وَأَبُو
الأَمِيْر عِيْسَى، وَجَدُّ مَلِكِ العَرَبِ مُهَنَّا بنِ
عِيْسَى.
مَاتَ: سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
148 - ابْنُ رَئِيْسِ الرُّؤَسَاءِ المُبَارَكُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ البَغْدَادِيُّ **
العَلاَّمَةُ، الفَيْلَسُوْف، أَبُو الفَتْحِ (1)
المُبَارَك ابْنُ الوَزِيْرِ أَبِي الفَرَجِ مُحَمَّدِ بنِ
عَبْدِ اللهِ بنِ هِبَة اللهِ بنِ المُظَفَّرِ ابْن
رَئِيْس الرُّؤَسَاء ابْن المُسْلِمَةِ البَغْدَادِيّ.
وُلِدَ: فِي رَجَبٍ، سَنَة سِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: يَحْيَى بن ثَابِتٍ، وَتَجَنِّي
الوَهْبَانِيَّةِ.
رَوَى عَنْهُ بِالإِجَازَةِ: أَبُو نَصْرٍ ابْنُ
الشِّيْرَازِيِّ، وَمُحَمَّد بن أَحْمَدَ البِجَّدِيّ.
وَأَقرَأَ علم الأَوَائِل فِي دَارِهِ، وَكَانَ بَارِعاً
فِي الهَنْدَسَةِ وَالطِّبِّ وَالشِّعرِ وَالآدَابِ.
وَلِي صَدْرِيَّةَ المَخزَنِ (2) سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّ
مائَةٍ أَشْهُراً، وَعُزِلَ،
__________
(*) تاريخ الإسلام للحافظ الذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20
حاشية الورقة 72 بخط المؤلف.
(* *) الكامل في التاريخ: 12 / 118، تلخيص مجمع الآداب: 4
/ 1 / الترجمة: 638، والحوادث الجامعة: 227، تاريخ الإسلام
للحافظ الذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 63 - 64،
العسجد المسبوك للملك الأشرف الغساني: 560، ولقبه عضد
الدين مثل لقب أبيه.
(1) في الجامع المختصر لابن الساعي وتلخيص مجمع الآداب:
أبو الفتوح.
(2) المخزن: يشبه في عصرنا: وزارة المالية، قال تاج الدين
ابن الساعي في حوادث سنة 605 من " الجامع المختصر ": " وفي
يوم الثلاثاء عاشر شعبان ولي عضد الدين أبو الفتوح ابن
الوزير أبي الفرج محمد ابن رئيس الرؤساء صدرية المخزن
المعمور نقلا من أشراف دار
التشريفات الشريفة المعروفة وخلع عليه بها وشافعه بالولاية
عز الدين نجاح الشرابي " (ص: 264).
(23/229)
وَكَانَ وَافِرَ الحِشْمَةِ، وَقَفَ
رِبَاطاً عَلَى الفُقَرَاءِ.
وَتُوُفِّيَ: فِي ذِي القَعْدَةِ (1) ، سَنَة خَمْسٍ
وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
149 - ابْنُ الدَّوَامِيِّ هِبَةُ اللهِ بنُ الحَسَنِ بنِ
هِبَةِ اللهِ البَغْدَادِيُّ *
الصَّاحب، عِزُّ الكُفَاةِ، أَبُو المَعَالِي هِبَةُ اللهِ
ابْنُ الصَّاحبِ أَبِي عَلِيٍّ الحَسَنِ بن هِبَةِ اللهِ
بنِ الحَسَنِ ابْن الدَّوَامِيّ البَغْدَادِيّ، حَاجِب
الحُجَّاب (2).
وُلِدَ: سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
سَمِعَ مِنْ: تَجَنِّي الوَهْبَانِيَّة (حَدِيْث
الحَفَّار)، وَمِنْ أَبِي الفَتْحِ بنِ شَاتيل.
وَكَانَ وَالِدُهُ وَكِيْل النَّاصِر.
وَوَلِيَ هِبَة اللهِ وَاسِط، ثُمَّ صُرف لِلِينِهِ
وَجَوْدَتِه، فَكَتَبَ فِيْهِ الخَلِيْفَةُ: يُلحق
الثِّقَة العَاجز بِالخَائِن (3) الجَلَدِ، فَلَزِمَ دَاره
فِي تَعبُّدٍ وَخَيْرٍ وَبِرٍّ.
__________
(1) ذكر الملك الأشرف الغساني أنه توفي في الرابع من ذي
القعدة من السنة، وفي الكتاب المسمى " بالحوادث الجامعة "
أنه توفي سنة 646.
(*) الحوادث الجامعة: 227، ولقبه نظام الدين، تلخيص مجمع
الآداب ج 4 الترجمة 921 ولقبه فيه: علم الدولة، تاريخ
الإسلام للحافظ الذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة
الملحقة بالورقة 64 من خط المؤلف، العبر للذهبي: 5 / 187،
المختصر المحتاج إليه من تاريخ الحافظ أبي عبد الله ابن
الدبيثي للحافظ الذهبي: 3 / 222 الترجمة 1286، العسجد
المسبوك للملك الأشرف الغساني 558 - 559، شذرات الذهب: 5 /
233.
(2) ذكر محب الدين ابن النجار في تاريخه أنه ولي حجابة
الحجاب في صفر سنة تسع وثمانين وخمس مئة وعزل سنة ست مئة.
(3) في الأصل: " بالجائز "، ولا معنى لها، والصحيح ما
أثبتناه، قال المؤلف في تاريخ الإسلام بخطه -: " وانحدر
إلى أعمال واسط فلم يؤذ أحدا وحمدت سيرته، فعزل للين جانبه
وخيره، كما عزل الذي قبله لخيانته، وكتب الامام: يلحق
الثقة العاجز بالخائن الجلد، فلزم الرجل منزله في حال تعفف
وانقطاع وعبادة وكثرة تلاوة وصوم وصدقة ".
(23/230)
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ العَدِيْمِ،
وَفَتَاهُ؛ بِيْبَرْسُ التُّرْكِيُّ.
وَبِالإِجَازَةِ: الفَخْرُ ابْنُ عَسَاكِرَ، وَطَائِفَةٌ.
وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ النَّجَّارِ، وَقَالَ: تُوُفِّيَ فِي
جُمَادَى الأُوْلَى (1) ، سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ
وَسِتِّ مائَةٍ (2) .
قُلْتُ: وَمَاتَ ابْنُهُ:
150 - الصَّدْرُ تَاجُ الدِّيْنِ عَلِيٌّ الحَاجِبُ
فِي سَنَةِ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ، فِي عَشْرِ السَّبْعِيْنَ.
رَوَى عَنِ: ابْنِ كُلَيْبٍ.
أَخَذَ عَنْهُ: الدِّمْيَاطِيّ، وَهُوَ أَخُو مُحَمَّد بن
هِبَةِ اللهِ.
151 - الهَذَبَانِيُّ يَعْقُوْبُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
الحَسَنِ بنِ عِيْسَى الكُرْدِيُّ *
الأَمِيْرُ الكَبِيْرُ، الإِمَام، العَالِم، شَرَف
الدِّيْنِ يَعْقُوْب بن مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ
عِيْسَى الكُرْدِيّ، المَوْصِلِيّ، مِنْ أَعيَانِ أُمَرَاء
مِصْر.
__________
(1) في تاريخ الإسلام توفي في السادس والعشرين من جمادى
الأولى سنة خمس وأربعين، وسنة وفاته قد ذكرها معظم
المؤرخين له إلا أن صاحب الحوادث الجامعة ذكر أن وفاته سنة
646.
(2) هذا ذهول شديد من الامام الذهبي، إذ كيف يذكر ابن
النجار وفاته سنة 645، وهو المتوفى سنة 643، والظاهر أن
هذا التاريخ مما أضيف إلى نسخة تاريخ ابن النجار بعد
وفاته، فذهل الامام الذهبي، حال النقل عن هذه الحقيقة،
ومثل هذا كثير في " طبقات ابن سعد " وغيرها من الكتب.
(*) صلة التكملة لشرف الدين الحسيني الورقة 45، تاريخ
الإسلام للحافظ الذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 64،
العبر للذهبي: 5 / 187 - 188، العسجد المسبوك للملك الأشرف
الغساني: 558، حسن المحاضرة للسيوطي: 1 / 377 الترجمة 67،
مفتاح السعادة 1 / 204، شذرات الذهب 5 / 223.
(23/231)
قرَأَ عَلَى أَبِي السَّعَادَاتِ ابْنِ
الأَثِيْرِ تَصَانِيْفَهُ.
وَسَمِعَ مِنْ: يَحْيَى الثَّقَفِيِّ، وَمَنْصُوْرٍ
الطَّبَرِيِّ، وَالقَاسِمِ بنِ عَسَاكِرَ، وَعِدَّةٍ.
وَحَدَّثَ (بِمُسْنَدِ أَبِي يَعْلَى) وَ(بِجَامِعِ
الأُصُوْلِ).
وَكَانَ بَيْتُه مَأْوَى الفُضَلاَء.
رَوَى عَنْهُ: الصَّدْرُ القُوْنوِيّ، وَالدِّمْيَاطِيّ،
وَنَاصِر الدِّيْنِ المَاكِسِيْنِيّ، وَالعِمَادُ خَطِيْبُ
المُصَلَّى.
تُوُفِّيَ: فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ (1) ، سَنَةَ خَمْسٍ
(2) وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَلَهُ اثْنَتَانِ
وَثَمَانُوْنَ سَنَةً (3) .
152 - عَجِيْبَةُ ضَوْءُ الصَّبَاحِ بِنْتُ مُحَمَّدِ بنِ
أَبِي غَالِبٍ البَاقِدَارِيِّ *
الشَّيْخَة، المُعَمَّرَةُ، المُسْنَدَة، ضَوْءُ
الصَّبَاحِ بِنْتُ الحَافِظ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ
أَبِي غَالِبٍ بنِ أَحْمَدَ بنِ مَرْزُوْقٍ
البَاقِدَارِيُّ، البَغْدَادِيَّة.
سَمِعَتْ مِنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ مَنْصُوْرٍ المَوْصِلِيّ،
وَعَبْد الحَقِّ اليُوْسُفِيّ.
وَأَجَاز لَهَا: أَبُو عبْدِ اللهِ الرُّسْتَمِيّ،
وَمَسْعُوْد الثَّقَفِيُّ، وَأَبُو الخَيْرِ البَاغْبَان،
وَابْن عَمِّهِ؛ أَبُو رَشِيْدٍ، وَهِبَة اللهِ بن
أَحْمَدَ الشِّبْلِيّ، وَرَجَاء بن حَامِدٍ المَعْدَانِيّ،
__________
(1) ذكر الحسيني أن وفاته كانت في ليلة الثامن عشر من ربيع
الأول.
(2) جعل السيوطي وفاته سنة ست وأربعين وست مئة (حسن
المحاضرة 1 / 377).
(3) قيد الحسيني ولادته في أواخر سنة اثنتين أو أوائل سنة
ثلاث وستين وخمس مئة بينما حددها الذهبي في (التاريخ) بأنه
ولد في صدر سنة ثلاث وستين.
(*) تاريخ الإسلام للحافظ الذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20
الورقة 81، العبر للذهبي 5 / 194، العسجد المسبوك للاشرف
الغساني 573، شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي 5 / 238،
الاعلام للزركلي (ط 4) 4 / 217.
(23/232)
وَعِدَّة.
وَتفرَّدت فِي الدُّنْيَا، وَخَرَّجُوا لَهَا (مَشْيَخَةً)
فِي عَشْرَةِ أَجزَاءَ.
مَوْلِدُهَا: فِي صَفَرٍ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ.
وَالعَجَبُ مِنْ وَالِدِهَا كَيْفَ لَمْ يُسْمِعْهَا مِنْ
أَبِي الفَتْحِ بنِ البَطِّيِّ وَطَبَقَتِه؟!
وَكَانَتِ امْرَأَة صَالِحَة.
حَدَّثَ عَنْهَا: المُحِبّ عَبْد اللهِ، وَمُوْسَى بن
أَبِي الفَتْحِ، وَأَحْمَد بن عَبْدِ اللهِ ابْن عَبْدِ
الهَادِي، وَالشَّيْخ عَبْد الصَّمَدِ المُقْرِئ،
وَمُحَمَّد بن أَبِي بَكْرٍ الجَعْفَرِيّ، وَعَبْد
الرَّحِيْمِ ابْن الزَّجَّاج، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ
الْمُحسن الوَاعِظ، وَجَمَاعَة.
وَتفرَّدت زَيْنَب بِنْت الكَمَال بِإِجَازَتِهَا.
تُوُفِّيَت: فِي صَفَرٍ، سَنَة سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ
وَسِتِّ مائَةٍ.
وَمِنْ مَسْمُوْعِهَا: الثَّانِي مِنْ حَدِيْثِ أَبِي
أَحْمَدَ حُسَيْنَك مِنْ يَحْيَى بنِ ثَابِتٍ البَقَّال،
وَ(مُخْتَلف الحَدِيْث) لِلشَّافِعِيِّ مِنْ عَبْدِ
الحَقِّ اليُوْسُفِيّ، وَ(تَارِيْخ البُخَارِيّ الكَبِيْر)
مِنْ عَبْدِ الحَقِّ أَيْضاً.
وَفِيْهَا مَاتَ: صَاحِبُ مِصْرَ الْملك الصَّالِح نَجْم
الدِّيْنِ أَيُّوْب ابْن الكَامِل بِالمَنْصُوْرَةِ
مُرَابِطاً، وَالرَّشِيْدُ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عَبْدِ
الوَهَّابِ بنِ أَبِي الطَّاهِر بنِ عَوْفٍ، وَالصَّفِيُّ
عُمَرُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ ابْن البرَاذع، وَأَبُو
جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ ابْن
السَّيِّدِيِّ، وَمَلِكُ الأُمَرَاءِ فَخْرُ الدِّيْنِ
يُوْسُف ابْنُ شَيْخ الشُّيُوْخِ الجُوَيْنِيُّ،
وَالشَّمْسُ يُوْسُفُ بنُ مَحْمُوْدٍ السَّاوِيُّ.
153 - السَّاوِيُّ أَبُو يَعْقُوْبَ يُوْسُفُ بنُ
مَحْمُوْدِ بنِ الحُسَيْنِ *
الشَّيْخُ، المُسْنِدُ الصَّالِح، شَمْس الدِّيْنِ، أَبُو
يَعْقُوْبَ يُوْسُف بن مَحْمُوْدِ بن
__________
(*) صلة التكملة لشرف الدين الحسيني الورقة 57، تاريخ
الإسلام للذهبي (أيا صوفيا =
(23/233)
الحُسَيْن بن الحَسَنِ بنِ أَحْمَدَ
السَّاوِيُّ، ثُمَّ الدِّمَشْقِيّ المَوْلِد، المِصْرِيّ
الدَّار، الصُّوْفِيّ، وَيُعْرَف قَدِيْماً: بِابْنِ
المُخَلِّصِ.
وُلِدَ: فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ ثَمَانٍ
وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي طَاهِرٍ السِّلَفِيِّ عِدَّة
أَجزَاءَ، وَمِنْ عَبْدِ اللهِ بنِ بَرِّي، وَهِبَةِ اللهِ
البُوْصِيْرِيِّ، وَالتَّاجِ المَسْعُوْدِيِّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّدٍ الدِّمْيَاطِيّ، وَأَبُو
المَعَالِي الأَبَرْقُوْهِيُّ، وَأَبُو الفَتْحِ ابْنُ
القَيْسَرَانِيِّ، وَشَرَفُ الدِّيْنِ حَسَن ابْن
الصَّيْرَفِيّ، وَأَبُو الفَتْحِ بنُ النّشو، وَالأَمِيْن
الصَّفَّار، وَجَمَاعَة.
وَكَانَ مِنْ صُوْفِيَّةِ خَانْقَاه سَعِيْدِ
السُّعَدَاءِ.
تُوُفِّيَ: فِي حَادِي عَشَرَ رَجَب، سَنَةَ سَبْعٍ
وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَقَدْ تَفَرَّد بِأَجزَاء
عَالِيَة.
154 - ابْنُ الجَبَّابِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ
العَزِيْزِ التَّمِيْمِيُّ *
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ، فَخر القُضَاة، أَبُو الفَضْلِ
أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ بن
الحُسَيْنِ ابْن الجَبَّابِ التَّمِيْمِيّ، السَّعْدِيُّ،
المِصْرِيُّ، المَالِكِيّ، العَدْل، نَاظِرُ الأَوقَافِ.
وُلِدَ: سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ.
__________
= 3013) ج 20 الورقة 84، العبر للذهبي: 5 / 195، العسجد
المسبوك للملك الأشرف الغساني: 572، النجوم الزاهرة 6 /
363، حسن المحاضرة: 1 / 378، شذرات الذهب: 5 / 239.
(*) تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 84
- 85، العبر للذهبي 5 / 198، الوافي بالوفيات: 8 / 55
الترجمة 3465، النجوم الزاهرة 7 / 22، شذرات الذهب 5 /
240، ويتصحف " الجباب " إلى " الحباب " بالحاء المهملة في
كثير من المصادر، كما في " الوافي " و" النجوم " و"
الشذرات " وغيرها.
(23/234)
وَسَمِعَ: أَبَا طَاهِرٍ السِّلَفِيَّ،
وَعَبْدَ اللهِ بنَ بَرِّيٍّ، وَأَبَا المَفَاخِرِ
المَأْمُوْنِيَّ.
وَحَدَّثَ (بِصَحِيْحِ مُسْلِمٍ) غَيْرَ مَرَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: المُنْذِرِيُّ، وَالدِّمْيَاطِيُّ،
وَابْنُ الظَّاهِرِيِّ، وَفَتْحُ الدِّيْنِ ابْنُ
القَيْسَرَانِيِّ، وَالشَّيْخُ مُحَمَّدٌ القَزَّازُ،
وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الدِّمْيَاطِيُّ: قَرَأْتُ عَلَيْهِ (صَحِيْحَ
مُسْلِمٍ) مَرَّتَيْنِ، وَكَانَ مُحسِناً إِلَيَّ، بَارّاً
(1) بِي.
تُوُفِّيَ: فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ
وَسِتِّ مائَةٍ.
155 - ابْنُ الخَيِّرِ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مَحْمُوْدِ بنِ
سَالِمِ بنِ مَهْدِيٍّ البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، المُقْرِئ، الفَقِيْهُ،
المُحَدِّثُ، مُسْنِدُ بَغْدَادَ، أَبُو إِسْحَاقَ،
وَأَبُو مُحَمَّد إِبْرَاهِيْمُ بنُ مَحْمُوْدِ بنِ
سَالِمِ بنِ مَهْدِيٍّ البَغْدَادِيُّ، الأَزَجِيُّ،
الحَنْبَلِيّ، المَشْهُوْرُ بِابْنِ الخَيِّرِ.
وُلِدَ: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ الكَثِيْر مِنْ: فَخْر النِّسَاءِ شُهْدَة،
وَأَبِي الحُسَيْنِ اليُوْسُفِيّ، وَخَدِيْجَة بِنْت
النُّهْرُوَانِيّ، وَأَبِي الفَتْحِ بنِ شَاتيلَ،
وَالحَسَن بن شِيْرَوَيْه، وَطَائِفَة.
__________
(1) في الأصل: بار بالرفع وما أثبتناه يقتضيه الاعراب
ويؤيده ما جاء في تاريخ الإسلام.
(*) صلة التكملة للحسيني الورقة 61، تاريخ الإسلام للذهبي
(أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 85، العبر للذهبي: 5 / 198،
المختصر المحتاج إليه من تاريخ ابن الدبيثي اختصار الذهبي
1 / 235 - 236 الترجمة 472، المشتبه للذهبي: 194، الوافي
بالوفيات: 6 / 142 - 143، الترجمة 2586، ذيل طبقات
الحنابلة لابن رجب: 2 / 243 - 244 الترجمة 352، غاية
النهاية في طبقات القراء لابن الجزري: 1 / 27 الترجمة 113،
تبصير المنتبه بتحرير المشتبه: 553، النجوم الزاهرة: 7 /
22، شذرات الذهب: 5 / 240.
(23/235)
وَأَجَاز لَهُ: أَبُو الفَتْحِ بنُ
البَطِّيِّ، وَجَمَاعَةٌ.
وَتَلاَ بِالرِّوَايَاتِ، وَأَقرَأَ مُدَّةً طَوِيْلَةً،
وَكَانَ صَالِحاً، دَيِّناً، فَاضِلاً، دَائِمَ البِشْرِ،
عَالِيَ الرِّوَايَةِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ الحُلْوَانِيَّةِ،
وَالدِّمْيَاطِيُّ، وَمَجْدُ الدِّيْنِ العُقَيْلِيُّ،
وَجَمَالُ الدِّيْنِ الشَّرِيْشِيُّ، وَعِزّ الدِّيْنِ
الفَارُوْثِيّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ القَزَّاز، وَعَبْد
الرَّحْمَنِ بن المُقَيَّرِ، وَتَاج الدِّيْنِ
الغَرَّافِيّ، وَعَفِيْف الدِّيْنِ ابْن الدوَالِيبِيِّ،
وَآخَرُوْنَ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: كتب بِخَطِّهِ كَثِيْراً مِنَ
الكُتُبِ المُطَوَّلاَتِ، وَلَقَّنَ خَلْقاً، كَتَبْتُ
عَنْهُ شَيْئاً يَسِيْراً عَلَى ضَعْفٍ فِيْهِ.
وَقَالَ الدِّمْيَاطِيُّ: تُوُفِّيَ فِي سَابِعَ عَشَرَ
رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ
مائَةٍ، وَكَانَتْ جِنَازَتُهُ مَشْهُوْدَةً.
قُلْتُ: تَفَرَّدَت بِإِجَازتِه زَيْنَب بِنْت الكَمَال،
وَقَدْ رَوَت عَنْهُ مَرَّات (جُزء الحَفَّار)،
وَ(مَشْيَخَة شُهْدَة)، وَثَانِي (المَحَامِلِيَّات)،
وَ(جُزء حَنْبَل)، وَ(أَمَالِي الدَّقِيْقِيِّ)، وَ(جُزء
ابْن علم)، وَ(قَصْر الأَمل)، وَ(الشُّكر)،
وَ(القَنَاعَةَ)، وَ(المُوَطَّأ) لِلْقَعْنَبِيِّ،
وَ(المُوَطَّأَ) لِسُوْيَدٍ وَأَشيَاءَ.
وَكَانَ أَبُوْهُ الشَّيْخ مَحْمُوْدٌ الضَّرِيرُ
مُقْرِئاً خَيِّراً مِنْ أَهْلِ بَابِ الأَزجِ.
سَمِعَ الكَثِيْر مِنْ: أَبِي الوَقْتِ، وَابْنِ نَاصِرٍ.
وَرَوَى عَنْهُ: ابْنُ النَّجَّارِ.
وَقَالَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسِتِّ مائَةٍ.
(23/236)
156 - ابْنُ رَوَاجٍ أَبُو مُحَمَّدٍ
عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ رَوَاجٍ الأَزْدِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، مُسنِدُ
الإِسْكَنْدَرِيَّةِ، رَشِيدُ الدِّيْنِ، أَبُو مُحَمَّدٍ
عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ رَوَاجٍ - وَاسْمُهُ: ظَافرٌ - بنِ
عَلِيِّ بنِ فُتُوْح بن حُسَيْنٍ الأَزْدِيّ، القُرَشِيُّ
حَلِيفُهُمُ، الإِسْكَنْدَرَانِيُّ، المَالِكِيّ،
الجَوْشَنِي.
وُلِدَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَطلب بِنَفْسِهِ - فَأَكْثَر - عَنِ السِّلَفِيّ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي الطَّاهِر بن عَوْف، وَمَخْلُوْف بن
جَارة، وَأَبِي طَالِبٍ أَحْمَد بن المُسَلَّم، وَمشرف بن
عَلِيٍّ الأَنْمَاطِيّ، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ
الحَضْرَمِيّ، وَأَخِيْهِ؛ أَحْمَد، وَمُقَاتِل بن عَبْدِ
العَزِيْزِ البَرْقِيّ، وَظَافر بن عَطِيَّةَ، وَيَحْيَى
بن قلُنبا، وَمُحَمَّد بن مُحَمَّدٍ الكِرْكنتِي، وَعَبْد
الوَاحِدِ بن عَسْكَر، وَطَائِفَة.
وَنسخَ الأَجزَاء، وَخَرَّجَ لِنَفْسِهِ (الأَرْبَعِيْنَ).
وَكَانَ فَقِيْهاً فَطناً، دَيِّناً، مُتَوَاضِعاً،
صَحِيْح السَّمَاع، وَانقطعَ بِمَوْتِهِ شَيْءٌ كَثِيْرٌ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ نُقْطَة، وَابْنُ النَّجَّارِ،
وَالمُنْذِرِيُّ، وَالرَّشِيْدُ العَطَّارُ، وَالضِّيَاءُ
السَّبْتِيّ، وَالدِّمْيَاطِيّ، وَالشَّرَفُ ابْنُ
الصَّيْرَفِيِّ، وَالتَّاجُ الغَرَّافِيُّ، وَبِلاَلٌ
المُغِيْثِيُّ، وَشِهَابُ بنُ عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بنُ
أَبِي القَاسِمِ الصَّقَلِّيُّ، وَعَبْدُ القَادِرِ ابْنُ
الخَطِيْرِيِّ، وَأَبُو الفَتْحِ بنُ النّشو، وَيُوْسُف بن
عُمَرَ الختَنِيُّ، وَعِدَّة.
__________
(*) تكملة اكمال الإكمال لابن الصابوني: 11، 252، 307،
تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 89،
العبر: 5 / 200، وأورده الذهبي أيضا ضمن الذين توفوا في
هذه السنة في تذكرة الحفاظ: 4 / 1411، السلوك في معرفة دول
الملوك للمقريزي: 1 / 381، النجوم الزاهرة: 7 / 22 وفيها
(رواح) بالحاء المهملة، مصحف، شذرات الذهب 5 / 242.
(23/237)
تُوُفِّيَ: فِي ثَامِنَ عَشَرَ ذِي
القَعْدَةِ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ
مائَةٍ، بِالثَّغْرِ.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ: فَخر القُضَاة أَحْمَد بن مُحَمَّدِ
ابْن الجَبَّابِ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ إِبْرَاهِيْم بن
مَحْمُوْد ابْن الخَيِّرِ الأَزَجِيّ، وَالعَدْل مُظَفَّر
بن عَبْدِ المَلِكِ بنِ الفُوِّيّ، وَالمُحَدِّثُ أَبُو
الحَجَّاجِ يُوْسُف بن خَلِيْل، وَصَاحِبُ اليَمَنِ نُوْر
الدِّيْنِ عُمَرُ بنُ رَسُوْلٍ التُّرُكْمَانِيُّ - قُتِلَ
- وَصَاحِبُ مِصْرَ المُعَظَّمُ ابْن الصَّالِح - قُتِل -
وَصَاحِب دِمَشْق الصَّالِح إِسْمَاعِيْل أَبُو الخِيش -
قُتِلَ -.
وَفِي سَنَة سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَسَبْع مائَة شَيْخ
مُعَمَّرٌ يَرْوِي عَنْهُ بِالإِجَازَةِ، وَهُوَ أَخُو
مُحْيِي الدِّيْنِ المَقْدِسِيِّ.
157 - ابْنُ العُلَّيْقِ أَبُو نَصْرٍ أَعَزُّ بنُ
فَضَائِلَ بنِ أَبِي نَصْرٍ البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ، العَالِمُ، الصَّالِح، المُعَمَّرُ، أَبُو
نَصْرٍ أَعزُّ بنُ فَضَائِلَ بن أَبِي نَصْرٍ بنِ
عَبَّاسوهُ، ابْن العُلَّيْقِ البَغْدَادِيّ،
البَابَصْرِيّ.
وَيُعْرَفُ أَيْضاً: بِابْنِ بُنْدُقَةَ.
سَمِعَ مِنْ: شُهْدَةَ الكَاتِبَةِ (مُوَطَّأَ
القَعْنَبِيِّ) وَ(القَنَاعَةَ) لابْنِ أَبِي الدُّنْيَا،
وَ(الكَرَامَاتِ) لِلْخلاَل، وَ(مُجَابِي الدَّعوَةِ)
وَالرَّابِعَ مِنْ (حَدِيْثِ الصَّفَّارِ).
وَسَمِعَ مِنْ: عَبْدِ الحَقِّ بنِ يُوْسُفَ، وَأَبِي
المُظَفَّرِ بنِ حَمْدِي، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ
يَعِيْشَ القَوَارِيْرِيِّ، وَالمُبَارَكِ بنِ
الزَّبَيْدِيّ.
وَكَتَبَ إِلَيْهِ بِالإِجَازَةِ: أَبُو طَاهِرٍ
السِّلَفِيُّ.
وَكَانَ دَيِّناً، خَيِّراً، فَاضِلاً، يَقظاً، كَثِيْر
التِّلاَوَة، عَالِي الرِّوَايَة.
__________
(*) صلة التكملة لشرف الدين الحسيني الورقة 65، تاريخ
الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة: 93 - 94،
العبر 5 / 202، الوافي بالوفيات: 9 / 290، الترجمة 4216
وفيه غباسوه بالغين المعجمة مصحف، النجوم الزاهرة 7 / 24،
شذرات الذهب: 5 / 244.
(23/238)
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ الحُلوَانِيَّة،
وَالدِّمْيَاطِيّ، وَمَجْد الدِّيْنِ العَدِيْمِي،
وَجَمَال الدِّيْنِ الشَّرِيْشِيّ، وَالفَقِيْه سُلَيْمَان
بن رَطْلَيْن، وَجَمَاعَة.
وَحَدَّثَ عَنْهُ بِالإِجَازَةِ: عَبْد المَلِكِ بن
تَيْمِيَةَ، وَابْنُ عَمِّهِ، وَعَلاَء الدِّيْنِ ابْنُ
السَّكَاكِرِيِّ، وَعِدَّة.
تُوُفِّيَ: فِي سَادِسَ عَشَرَ رَجَبٍ، سَنَةَ تِسْعٍ
وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
وَآخِرُ مَنْ رَوَى عَنْهُ بِالسَّمَاعِ: مُحَمَّدٌ ابنُ
الدَّوَالِيبِيِّ الوَاعِظ، وَتَفرَّدَتْ بِنْتُ الكَمَالِ
بِإِجَازَتِهِ فِي وَقْتِنَا.
158 - النِّشْتِبْرِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الخَالِقِ
بنُ الأَنْجَبِ بنِ مَعْمَرٍ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الفَقِيْهُ الجَلِيْل، المُحَدِّثُ،
المُعَمَّرُ، ضِيَاءُ الدِّيْنِ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ
الخَالِقِ بنُ الأَنْجَبِ بنِ مُعَمَّرِ بنِ حَسَنٍ
العِرَاقِيّ، النِّشْتِبْرِيّ، ثُمَّ المَارْدِيْني،
الشَّافِعِيّ، وَيُعْرَفُ: بِالحَافِظ.
رَحل، وَسَمِعَ بِبَغْدَادَ مِنْ: أَبِي الفَتْحِ بنِ
شَاتيل، وَأَبِي بَكْرٍ الحَازِمِيِّ الحَافِظِ، وَعَبْدِ
المُنْعِمِ بنِ كُلَيْبٍ، وَأَبِي الفَرَجِ ابْنِ
الجَوْزِيِّ، وَطَائِفَةٍ.
__________
(*) معجم البلدان (صادر) 5 / 286، اكمال الإكمال لابن نقطة
(دار الكتب): 50، صلة التكملة للشرف الحسيني الورقة 67،
تاريخ الإسلام (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 94 - 95،
العبر للذهبي: 5 / 202، المشتبه للذهبي: 1 / 380، تبصير
المنتبه بتحرير المشتبه 673، النجوم الزاهرة: 7 / 24،
شذرات الذهب لابن العماد: 5 / 244 - 245، وفيها أنه
البشيري وقال بفتح الباء الموحدة وكسر المعجمة وبعد الياء
راء نسبة إلى قلعة بشير بنواحي الدوران من بلاد الاكراد،
وهو سهو لان الذين ترجموا له ضبطوا نسبته بنون مكسورة وقد
تفتح ثم شين معجمة ساكنة ثم تاء مثناة مفتوحة ثم موحدة
ساكنة ثم راء فياء نسبة إلى نشتبرى قرية كبيرة ذات نخل
وبساتين تختلط بساتينها ببساتين شهربان من طريق خراسان من
نواحي بغداد، كما في معجم البلدان واكمال الإكمال والمشتبه
وغير ذلك.
(23/239)
وَبِمِصْرَ مِنْ: إِسْمَاعِيْلَ بنِ
يَاسِيْنَ، وَطَائِفَةٍ.
وَبِدِمَشْقَ مِنْ: إِسْمَاعِيْلَ الجَنْزَوِيِّ،
وَالخُشُوْعِيِّ.
وَرَأَيْت إِجَازَةً صَحِيْحَةً فِي قطع لطيف فِيْهَا
اسْمُ عَبْد الخَالِقِ هَذَا مِنْ: وَجيه الشَّحَّامِيّ،
وَعَبْد اللهِ ابْن الفُرَاوِيِّ، وَعَبْد الخَالِقِ بن
زَاهِر، وَأَبِي الأَسْعَدِ القُشَيْرِيِّ، وَالحُسَيْنِ
بنِ عَلِيٍّ الشَّحَّامِيِّ، وَشَهْرَدَارَ بنِ
شِيْرَوَيْه، وَعَبْدِ الخَالِقِ اليُوْسُفِيِّ، وَنَصْرِ
بنِ نَصْرٍ العُكْبَرِيِّ، وَهِبَةِ اللهِ ابْنِ أُخْتِ
الطَّوِيْلِ، وَمَوْهُوْبِ ابْنِ الجَوَالِيْقِيِّ،
وَعَبْدِ المَلِكِ الكَرُوْخِيِّ، وَطَبَقَتِهِم،
فَاسْتبعدتُ ذَلِكَ وَلَمْ أَحتفل بِأَمرِهَا إِذْ ذَاكَ،
وَتَوقَّفْنَا فِي شَأْنِهَا.
قَالَ ابْنُ الحَاجِبِ: سَأَلتُ الحَافِظ الضِّيَاءَ
عَنْهُ، فَقَالَ: صَحِبنَا فِي السَّمَاعِ بِبَغْدَادَ
وَمَا رَأَينَا مِنْهُ إِلاَّ الخَيْرَ، وَبَلَغَنَا
أَنَّهُ فَقِيْه حَافِظٌ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: كَانَ مُنَاظِراً، مُتَفَنِّناً،
كَثِيْرَ الموَاد.
وَقَالَ الحَافِظُ عِزّ الدِّيْنِ الشَّرِيْفُ (1) : كَانَ
يذكر أَنَّهُ وُلِدَ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ، وَأَنَّهُ أَجَاز لَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُم
أَبُو الفَتْحِ الكَرُوْخِيّ.
قُلْتُ: التَّردُّدُ مَوْجُوْدٌ فِي هَذِهِ الإِجَازَةِ
هَلْ هِيَ لَهُ أَوْ لأَخٍ لَهُ بِاسْمِهِ مَاتَ
قَدِيْماً؛ فَإِنِّي رَأَيْت شُيُوْخنَا كَالدِّمْيَاطِيّ
وَابْن الظَّاهِرِي، فَقَدِ ارْتحلُوا إِلَيْهِ،
وَسَمِعُوا مِنْهُ مِنْ رِوَايَته عَنِ ابْنِ شَاتيل،
وَغَيْرِهِ، وَسَمِعُوا بِهَذِهِ الإِجَازَة، وَرَأَيْت
(جَامِع أَبِي عِيْسَى) قَدْ قرَأَه شَيْخنَا ابْنُ
الظَّاهِرِي عَلَيْهِ، وَلَوْلاَ صِحَّة الإِجَازَة
عِنْدَهُ، لَمَا أَتعب نَفْسه.
وَقَدْ قَالَ الدِّمْيَاطِيّ: إِنَّهُ جَاوَزَ المائَةَ،
وَقَالَ: كَانَ فَقِيْهاً عَالِماً.
ثُمَّ ضبط النِّشْتِبْرِيَّ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ
وَثَالِثِهِ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: بَلَغَنِي
أَنَّهُ ادَّعَى الإِجَازَةَ مِنْ مَوْهُوْب ابْن
الجَوَالِيْقِيّ وَالكَرُوْخِيّ وَجَمَاعَة، وَرَوَى
__________
(1) الحسيني: صلة التكملة لوفيات النقلة (نسخة مكتبة
كوبريللي 1101) الورقة 67.
(23/240)
عَنْهُم، وَمَا أَظُنُّ سِنَّهُ تَحْتملُ
ذَلِكَ.
قُلْتُ: قَرَأَ عَلَيْهِ السَّرَّاج عُمَر بن شُحَانَة
(الأَرْبَعِيْنَ) لِعَبْدِ الخَالِقِ الشَّحَّامِيِّ فِي
سَنَةِ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ بِآمِدَ
بِإِجَازَتِهِ مِنْهُ - فَاللهُ أَعْلَمُ -؛ وَلاَ رَيْب
أَنَّهُ رَجُل فَقِيْه النَّفْس يَدْرِي مِنْ نَفْسِهِ
أَنَّهُ كَانَ أَدْرَكَ ذَلِكَ الزَّمَانَ أَو لَا، وَقَدِ
ادَّعَى أَنَّهُ وُلِدَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ،
فَعَلَى هَذَا يَكُوْن قَدْ عَاشَ مائَة وَاثْنَيْ عَشَرَ
عَاماً (1) .
حَدَّثَ عَنْهُ: مَجْد الدِّيْنِ ابْن العَدِيْم، وَشَمْس
الدِّيْنِ ابْن الزَّين، وَشَمْس الدِّيْنِ مُحَمَّد بن
التِّيْتِيِّ (2) الآمِدِيّ، وَالحَافِظَان الدِّمْيَاطِيّ
وَابْن الظَّاهِرِي، وَطَائِفَة.
وَمِنَ القُدَمَاء: أَبُو عَبْدِ اللهِ البِرْزَالِيّ.
وَبِالإِجَازَةِ: أَبُو المَعَالِي ابْن البَالِسِيّ،
وَأَبُو عَبْدِ اللهِ ابْن الدَّباهِيّ، وَزَيْنَب بِنْت
الكَمَالِ، وَآخَرُوْنَ.
وَقَدْ تُوُفِّيَ: سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ
مائَةٍ، فِي الثَّانِي وَالعِشْرِيْنَ مِنْ ذِي الحِجَّةِ.
وَرَأَيْت شُيُوْخنَا كَالدِّمْيَاطِيّ وَابْن الظَّاهِرِي
قَدِ ارْتحلُوا إِلَيْهِ، وَسَمِعُوا مِنْهُ مِنْ
رِوَايَته عَنِ ابْنِ شَاتيل وَغَيْرِهِ، وَسَمِعُوا
بِهَذِهِ الإِجَازَة (3) ؛ فَمِنَ المُجِيْزِينَ لَهُ
كِبَارٌ مِنْهُم:
__________
(1) قد ذكره الذهبي في كتابه النافع: " أهل المئة فصاعدا
"، وقال: " ما زال المحدثون يترددون - يتوقفون في سن هذا
الرجل، ويظنون أن هذه الاجازة لأخ له باسمه، فأنا رأيتها
عتيقة سالمة من كشط، فيها خط وجيه الشحامي والكبار، فالله
أعلم بحقيقة حاله ". ص 137 بتحقيق الدكتور بشار عواد
معروف.
(2) قيده المؤلف في " المشتبه: 117 " قال: " وبمثناتين
بينهما ياء: الأمير شمس الدين محمد ابن الصاحب شرف الدين
ابن التيتي الأديب، حدثنا عن ابن المقير والنشتبري، وزر
أبوه بماردين، وله النظم والنثر ".
وترجمه في معجم شيوخه الكبير.
(3) قد ذكر هذا الامر قبل قليل فكأنه تكرر عليه - رحمه
الله.
(23/241)
نَصْر بن نَصْرٍ العُكْبَرِيّ عِنْدَهُ
عوَال، مِنْ ذَلِكَ: الأَوّل الكَبِيْر مِنْ حَدِيث
المُخَلِّص، وَ(مَشْيَخَة) أَبِي الغَنَائِم بن أَبِي
عُثْمَانَ مِنْهُ، مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ
(1) وَخَمْسِ مائَةٍ.
العَلاَّمَة (2) أَبُو مَنْصُوْرٍ مَوْهُوْب بن أَحْمَدَ
بنِ الجَوَالِيْقِيّ، سَمِعَ الكَثِيْر مِنِ: ابْنِ
البُسْرِيّ، وَأَبِي طَاهِرٍ بنِ أَبِي الصَّقْرِ،
وَخَطِيْب الأَنْبَار عَلِيّ بن مُحَمَّد، مَاتَ سَنَةَ
أَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
أَبُو الفَتْحِ عَبْد المَلِكِ ابْن أَبِي القَاسِمِ عَبْد
اللهِ بن أَبِي سَهْل الكَرُوْخِيّ الصُّوْفِيّ رَاوِي
(الجَامِع)، وَكَانَ ثِقَةً صَالِحاً، يَتبلَّغُ مِنَ
النَّسْخَ، مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ
مائَةٍ.
أَبُو بَكْرٍ هِبَةُ اللهِ بنُ الفَرَجِ ابْن أُخْت
الطَّوِيْل شَيْخ هَمَذَان، سَمِعَ (سُنَن أَبِي دَاوُدَ)
مِنْ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ البَجَلِيّ: أَخْبَرَنَا أَبُو
بَكْرٍ بنُ لاَل، أَخْبَرْنَا ابْنُ دَاسَة، وَسَمِعَ مِنْ
جَمَاعَة، مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ، عَنْ تِسْعِيْنَ سَنَةً.
وَمِنَ المُحَدِّثِيْنَ أَبُو المَعَالِي ابْنُ
السَّمِيْنِ، وَعَبْد الكَرِيْمِ بن الحَسَنِ الكَاتِب،
وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ مُحَمَّدٍ الطُّوْسِيُّ، وَأَبُو
بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ الطُّوْسِيّ
الَّذِي حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدُ القَادِرِ الحَافِظُ،
وَطَاهِر بن زَاهِر بن طَاهِرٍ الشَّحَّامِيّ، وَأَخُوْهُ؛
الفَضْل، وَابْن عَمِّهِمَا؛ مُحَمَّد بن وَجيه - وَاللهِ
سُبْحَانه أَعْلَم -.
وَقَدْ كَانَ النِّشْتِبْرِيّ بَعَثَ الإِجَازَةَ إِلَى
ابْنِ الوَلِيْدِ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ
مائَةٍ، فَتكلّم لَهُ عَلَى أَكْثَرهِم وَمَا رَأَينَاهُ
أَنْكَر ذَلِكَ، وَكَانَ عَالِماً، صَاحِب
__________
(1) إضافة منا، كأنها سقطت من النسخة، ووفاة العكبري
معروفة مشهورة سنة 552.
(2) يعني ومن الذين أجازوه.
(23/242)
حَدِيْث، وَكَانَ النِّشْتِبْرِيّ مِنْ
كِبَارِ العُلَمَاءِ، مَعْرُوْفاً بِالسَّتْر
وَالصِّيَانَة، وَمَا كَانَ لِيستحل مَعَ ذَكَائِهِ
وَفَهمه وَطَلَبِهِ لِلْحَدِيْثِ وَرِحلَتِه فِيْهِ أَنْ
تَكُوْن الإِجَازَةُ لأَخٍ لَهُ بِاسْمِهِ قَدْ مَاتَ
صَغِيْراً وَسُمِّيَ الضِّيَاء بِاسْمِهِ فَيَدَّعِيهَا،
وَيُؤكِّد ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: إِنَّنِي وُلِدْت سَنَةَ
سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ، وَيُحَدِّث بِهَا مِنْ سَنَةِ
أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ وَإِلَى أَنْ مَاتَ،
وَهَذَا عُلُوّ مُفْرِط يُقتصَرُ مِنْهُ العَجَبُ،
وَيَهَابُهُ صَاحِب الحَدِيْث فِي البَدِيْهَةِ، ثُمَّ
يَترجَّحُ عِنْدَهُ بِالقرَائِنِ صِحَّة ذَلِكَ - وَاللهُ
أَعْلَمُ -.
وَقَدْ قَرَأْت بِهَذِهِ الإِجَازَةِ أَنَا فِي حُدُوْدِ
سَنَةِ سَبعٍ مائَة عَلَى شَيْخِنَا أَبِي عَبْدِ اللهِ
الدُّباهِي بِإِجَازَتِهِ مِنَ النِّشْتِبْرِيِّ أَنَّ
الكَرُوْخِيّ أَنبَأَهُم، وَالآنَ - وَهُوَ سَنَة سَبْعٍ
وَثَلاَثِيْنَ وَسَبْع مائَة - تَرْوِي عَنْهُ
بِالإِجَازَةِ بِنْتُ الكَمَالِ الَّتِي كَتَبَ بِهَا
إِلَيْهَا فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ
مائَةٍ، فَمَنْ أَرَادَ الْعُلُوّ الَّذِي لاَ نَظِيْرَ
لَهُ، فَليَسْمِعْ بِهَا، فَلَو ارْتَحَلَ الطَّالب
لسَمَاع جُزْء وَاحِد مِنْ ذَلِكَ شَهْراً، لَمَا ضَاعت
رحلته فَالمُجِيْزُونَ لَهُ:
وَجيه الشَّحَّامِيّ سَمَّعَهُ أَبُوْهُ الكَثِيْر
وَارْتَحَلَ هُوَ إِلَى هَرَاةَ وَبَغْدَادَ، وَسَمِعَ
(الصَّحِيْح) مِنْ أَبِي سَهْلٍ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ
الحَفْصِيِّ بِسَمَاعِهِ مِنَ الكشْمهينِي، وَسَمِعَ
(فَوَائِد المَخْلَدين) سِتَّة وَعِشْرِيْنَ جُزْءاً مِنْ
أَبِي حَامِد الأَزْهَرِيّ، وَسَمِعَ (مُسْنَد
السَّرَّاجِ) مِنَ القُشَيْرِيّ وَ(رِسَالَته)، وَحَدَّثَ
بِهَا، قَالَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ الوَلِيْدِ، قَالَ:
وَسَمِعَ (الزُّهرِيَات) لِلذهلِي مِنَ الأَزْهَرِيّ عَنِ
ابْنِ حَمْدُوْنَ عَنِ ابْنِ الشَّرْقِيّ عَنْهُ، وَسَمِعَ
(سُنَنَ أَبِي دَاوُدَ) مِنْ أَبِي الفَتْحِ نَصْرِ بنِ
عَلِيٍّ الحَاكمِي: أَخْبَرْنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذبارِي، أَخْبَرْنَا ابْنُ دَاسَة، قَالَ: وَكَانَ
ثِقَةً إِمَاماً، وُلِدَ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ،
وَتُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ إِحْدَى
وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
هبَة الرَّحْمَن عَبْد الوَاحِدِ ابْن القُشَيْرِيِّ أَبُو
الأَسْعَد، خَطِيْب نَيْسَابُوْر،
(23/243)
سَمِعَ (سُنَن أَبِي دَاوُدَ) مِنَ
الحَاكمِي أَيْضاً، وَسَمِعَ مِنْ جدّه حُضُوْراً فِي
الخَامِسَة، وَسَمِعَ (صَحِيْح أَبِي عَوَانَة) مِنْ
عَبْدِ الحَمِيْدِ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ البحيْرِيّ، عَنْ
أَبِي نُعَيْمٍ المَهْرَجَانِي عَنْهُ، قَالَهُ ابْنُ
الوَلِيْدِ.
قُلْتُ: وَلَهُ (أَرْبَعُوْنَ) عَوَالٍ، تُوُفِّيَ سَنَةَ
سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَمِنْهُم: الحُسَيْن بن عَلِيٍّ الشَّحَّامِيُّ.
قُلْتُ: هَذَا مَا عرفه ابْن الوَلِيْدِ، وَهُوَ ابْنُ
ابْن عَمِّ وَجيه صدر رَئِيْس، سَمِعَ الثَّالِث مِنَ
(المُسْنَد) لِلسرَاج مِنِ ابْنِ المُحِبِّ، وَ(صَلاَة
الضُّحَى) لِلْحَاكِمِ يَرْوِيْهِ عَنِ ابْنِ خَلَفٍ
عَنْهُ، مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ.
عَبْدُ الكَرِيْمِ بنُ خَلَفِ بنِ طَاهِرٍ الشَّحَّامِيّ
المُعَدَّل، أَبُو المُظَفَّرِ سَمِعَ مِنِ: ابْنِ
المُحِبّ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ خَلَفٍ، مَاتَ سَنَةَ
إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
عَبْدُ الخَالِقِ بنُ زَاهِرٍ الشَّحَّامِيُّ، قَالَ ابْنُ
الوَلِيْدِ: عَالِمٌ ثِقَةٌ، اسْتملَى سِنِيْنَ علَى
الشُّيُوْخِ وَأَملَى وَحَدَّثَ، قُلْتُ: لَهُ
(أَرْبَعُوْنَ) وَ(أَرْبَعُوْنَ) سَمِعْنَاهُمَا، عدم فِي
الكَائِنَة سَنَة تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ (1) .
أَبُو البَرَكَاتِ عَبْد اللهِ بن مُحَمَّدِ ابْن
الفُرَاوِيّ، ثِقَة عَالِم، سَمِعَ مِنْ جَدَّيه، وَسَمِعَ
(صَحِيْح أَبِي عَوَانَة) مُلَفَّقاً عَلَى ثَلاَثَة.
أَبُو مَنْصُوْرٍ شَهْرَدَار بن شِيْرَوَيْه الدَّيْلَمِيّ
الهَمَذَانِيّ، سَمِعَ أَبَاهُ أَبَا شُجَاع، وَأَبَا
الفَتْح بن عَبْدُوْس، وَابْن حَمْدٍ الدُّوْنِيَّ، مَاتَ
سَنَةَ ثَمَانٍ خَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
__________
(1) يعني في فتنة الغز، وهي كائنة مستوعبة في تواريخ ذلك
العصر.
(23/244)
أَبُو العَلاَءِ الحَسَن بن أَحْمَدَ
الهَمَذَانِيّ العَطَّار المُقْرِئ صَاحِبُ
التَّصَانِيْفِ، إِمَام.
أَبُو الفَرَجِ عَبْدُ الخَالِقِ بنُ أَحْمَدَ
اليُوْسُفِيّ المُحَدِّث، سَمِعَ مِنْ: أَبِي نَصْرٍ
الزَّيْنَبِيِّ، وَعَاصِمِ بنِ الحَسَنِ، وَخَلْقٍ،
تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ، وَلَهُ أَرْبَعٌ
وَثَمَانُوْنَ سَنَةً.
أَبُو القَاسِمِ نَصْر بن نَصْرٍ العُكْبَرِيّ الوَاعِظ،
سَمِعَ أَبَا القَاسِمِ بن البُسْرِيِّ.
وَقَرَأْت تَرْجَمَة طَوِيْلَة لِلنِّشتبرِي بِخَطِّ أَبِي
الفَتْحِ الحَافِظِ، فَقَالَ:
عَبْدُ الخَالِقِ بنُ أَنْجَب بن المُعَمَّرِ بنِ حَسَنِ
بنِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ يُوْسُفَ بنِ رُوحين
النِّشْتِبْرِيّ المَوْلِد - قرِيَة بِقُرْبِ شهرَابَان -
قَالَ فِيْهِ ابْن مَسدِي: شَيْخٌ مِنْ أَئِمَّةِ هَذَا
الشَّأْنِ مِمَّنْ رُحِلَ فِيْهِ إِلَى البُلْدَانِ مَعَ
الحِفْظِ وَالإِتْقَانِ.
سَمِعَ بِأَمَاكِنَ وَكَانَ كَثِيْرَ السَّمَاعِ مُتَّسِعَ
الرِّوَايَاتِ، لَمْ أَقِفْ لَهُ عَلَى سَمَاعٍ قَبْلَ
عَشْرِ الثَّمَانِيْنَ، وَلَهُ إِجَازَاتٌ مِنْ جَمَاعَةٍ
انفَرَدَ عَنْهُم، مِنْهُم: أَسَعْدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ
ابْن القُشَيْرِيِّ، وَوَجِيْه الشَّحَّامِيّ،
وَالكَرُوْخِيّ، وَابْن الجَوَالِيْقِيّ، وَلَمْ يَكُنْ
عَلَى وَجه الأَرْضِ سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ مَنْ يُحَدِّثُ
عَنْهُم سِوَاهُ.
وَاخْتَلَف الحُفَّاظ فِي هَذِهِ الإِجَازَةِ بَيْنَ
التَّوقف وَالإِجَازَةِ، فَمِنْ قَائِلٍ: دُلّسَ عَلَيْهِ
فِيْهَا، فَتلقَاهَا بِالقَبُولِ، وَمِنْ قَائِلٍ: هِيَ
صَحِيْحَة، وَطرق الظِّنَّة إِلَيْهَا اضْطِرَابُهُ فِي
تَارِيْخ مَوْلِدِهِ، وَأَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ
أَنَّهُ قَبْلَ الأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ بِسَنَةٍ
أَوْ نَحْوِهَا، سَكَنَ دُنَيْسر مُدَّةً ثُمَّ
مَارْدِيْن.
قَالَ أَبُو الفَتْحِ: أَخرج إِلَيْنَا الأَمِيْر ابْن
التِّيْتِيّ إِجَازَة عَبْدِ الخَالِقِ فَنَقَلَهَا وَخطُّ
الكَرُوْخِيّ فِيْهَا فِي الورقَةِ المَكْتُوْبِ فِيْهَا
الاسْتِدْعَاء، وَهُوَ: إِنْ رَأَى السَّادَةُ أَنْ
يُجِيْزُوا لِعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ عَبْدِ اللهِ
التُّوْنُسِيّ، وَللأَنْجَبِ بن المُعَمَّر بن الحَسَنِ،
وَلِوَلَدَيه يَحْيَى وَعَبْد الخَالِقِ جَمِيْع صَحَّ
وَيَصح عِنْدَهُم مِنْ جَمِيْع مَا
(23/245)
تسوَغ رِوَايَته عَنْهُم فَعلُوا
مُنْعِمِين فِي جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ ثَمَانٍ
وَثَلاَثِيْنَ.
قَالَ: وَعَلَى التَّارِيْخ ضَرْبَ، فَكَتَبَ الشُّيُوْخ:
أَجزت لَهُم أَدَام الله عزهُم فِيمَا اسْتَجَازوهُ،
وَكَتَبَ وَجيه بن طَاهِر كَذَلِكَ: أَجزت لَهُم، وَكَتَبَ
الحُسَيْن بن عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ الشَّحَّامِيّ،
وَسردَ أَبُو الفَتْحِ سَائِرهُم، ثُمَّ قَالَ:
وَرَأَيْت خطّ الصَّاحب شَرَف الدِّيْنِ ابْن التِّيْتِيّ:
عَبْد الخَالِقِ النِّشْتِبْرِيّ المَعْرُوف بِالحَافِظ،
فَقِيْه أَديب بَارِع، لَهُ الذّهن الحَاضِر وَالخَاطر
العَاطر، كَانَ يَحْفَظ مِنْ أَشعَار الْعَرَب جُمْلَةً
وَافرَة، سَمِعَ بِالعِرَاقِ ابْن شَاتيل، وَبِدِمَشْقَ،
وَمِصْر، وَبلاَد كَثِيْرَة، سَمِعْتُ عَلَيْهِ وَابْنِي
مُحَمَّد، وَحَدَّثَ بِـ (جَامِع التِّرْمِذِيِّ) عَنِ
الكَرُوْخِيِّ إِجَازَة، ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ
الخَالِقِ، وَهُوَ أَوّلُ حَدِيْثٍ سَمِعتُه مِنْهُ...،
وَسَاقَ الحَدِيْث، فَزَادَ فِي إِسْنَادِه رَجُلاً
فَصَلَهُ بَيْنَ زَاهِر وَبَيْنَ المُؤَذِّنِ.
ثُمَّ قَالَ: وَسَمِعَ مِنَ الحَازِمِي (النَّاسخ
وَالمَنْسُوْخ)، وَمِنِ ابْنِ كُلَيْبٍ كِتَاب (أَدب
الكَاتِب) عَنْ أَبِي مَنْصُوْرٍ الكَاتِب سِوَى
الخُطْبَةِ عَنْ أَبِي القَاسِمِ التَّنُوْخِيّ، وَسَمِعَ
مِنْ درَّة بِنْت عُثْمَان عَنِ ابْنِ الطّبر، وَمِنْ
أَحْمَد ابْن خَطِيْب المَوْصِل وَطُغْدِي الأَمِيْرِي،
وَالخُشُوْعِيُّ؛ سَمِعَ مِنْهُ (المَقَامَات) وَ(سُنَن
أَبِي دَاوُدَ)، وَمَنْصُوْر بن أَبِي الحَسَنِ
الطَّبَرِيّ، وَمُسْلِم بن عَلِيٍّ السِّيْحِيّ (1)
الشَّاهد، وَأَبِي القَاسِمِ بنِ شدقينِي، وَعَبْد اللهِ
عَبْد الغَنِيِّ (2) ابْن عُلَيَّانَ،
__________
(1) قيده الامام الذهبي في كتابه النافع " المشتبه: 350 "،
فقال: وبمهملتين بينهما ياء: أبو منصور مسلم بن علي ابن
السيحي الموصلي، راوي " مسند المعافى " عن أبي البركات بن
خميس، سمعناه من البهاء ابن النحاس، عن ابن خليل، عنه.
قيده ابن نقطة " (يعني في اكمال الإكمال) ".
(2) هو أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد القاهر ابن عليان
البغدادي الحربي المتوفى =
(23/246)
وَعَبْد اللهِ بن أَبِي المَجْدِ، وَعَبْد
القَادِرِ الرُّهَاوِيِّ، وَأَبِي الفَرَجِ ابْن
البَنْدَنِيْجِيّ، وَحَمَّاد الحَرَّانِيّ، وَابْن هَبَلٍ،
وَمُحَمَّد بن المُبَارَكِ بن مَيْمُوْنٍ، وَعَبْد
العَزِيْزِ بن النَّاقِد، وَعَبْد اللهِ ابْن
الطَّوِيْلَة، وَعَبْد اللهِ بن أَبِي غَالِبٍ بنِ نزال،
وَمُحَمَّد بن أَبِي المُعَمَّر، وَابْن الخُرَيف، وَعَبْد
العَزِيْزِ بن مُحَمَّدِ بنِ أَبِي عِيْسَى لقِيه
بِبعقوبَا، وَالعِمَاد الكَاتِب، وَأَبِي تُرَاب يَحْيَى
بن إِبْرَاهِيْمَ، وَعَبْد الوَهَّابِ بن حَمَّادٍ،
وَالتَّاج الكِنْدِيّ، وَنَصْر اللهِ بن أَبِي سُرَاقَة،
وَالحَسَن بن مُحَمَّدٍ النَّيْسَابُوْرِيّ، وَهِبَة اللهِ
البُوْصِيْرِيّ، وَعَبْد اللهِ بن سرَايَا البَلَدِيّ
بِالمَوْصِلِ، وَمَكِّيّ بن رَيَّان المَاكِسِيْنِيّ،
وَالمُبَارَك ابْن المَعْطُوْشِ، وَإِسْمَاعِيْل بن
عَلِيِّ بنِ عُبَيْدٍ بِالمَوْصِلِ، وَيَحْيَى بن
المُظَفَّرِ المَوْصِلِيّ، وَأَحْمَد بن عُثْمَانَ
الزرزَارِي الزَّاهِد، وَعَبْد اللهِ بن مُحَمَّدِ بنِ
حَسَنٍ الصِّلْحِيّ سَمِعَ مِنْهُ بِسِنْجَارَ فِي سَنَةِ
خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ، وَالزَّاهِد أَبِي أَحْمَدَ عَبْد
اللهِ بن الحَسَنِ بنِ البَنَّاءِ بِنِيْنَوَى وَمَاتَ فِي
سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمَا رَأَيْتُ مِثْلَه،
وَعَبْد اللهِ بن نَصْرٍ المَوْصِلِيّ، وَأَبِي الفَتْحِ
نَصْرِ بنِ عَلِيٍّ بدُنَيْسِر، وَمُسْلِم بن أَحْمَدَ بنِ
مُسْلِمٍ بِسِنْجَار، وَقَاضِي نَصِيْبِيْن القوَام
مَحْمُوْد بن أَبِي مَنْصُوْرٍ رَوَى عَنِ التَّاج
المَسْعُوْدِيّ، وَعَلِيّ بن أَبِي مَنْصُوْرٍ بن
مَكَارِم، وَسُلَيْمَان بن إِبْرَاهِيْمَ بنِ
الشِّيْرَجِيّ بِالمَوْصِلِ، وَإِسْمَاعِيْل بن يَاسِيْنَ
بِمِصْرَ، وَمُحَمَّد بن غَنِيْمَة بن العَاقِ، وَأَبِي
البَرَكَاتِ بنِ خَيْرُوْنَ المَاكِسِيْنِيّ،
وَإِبْرَاهِيْم بن نَصْرِ بن عَسْكَر بِالمَوْصِلِ،
وَمُحَمَّد ابْن الدُّبَيْثِيّ، وَعَبْد الكَرِيْمِ بن
يَحْيَى القَيْسِيّ، وَالبَهَاء ابْن عَسَاكِرَ، سَمِعَ
مِنْهُ (تَفْسِيْر سليم)، وَأَبِي الفُتُوْح البَكْرِيّ،
وَأَبِي
__________
= ببغداد سنة 599، وكان يسمى أيضا: عبد الغني ويكنى بأبي
الغنائم ويكتب بخطه: " عبد الله عبد الغني "، قال المنذري:
" والغالب عليه عبد الله وهو المثبت في سماعه ". انظر
تاريخ ابن الدبيثي، الورقة: 105 (باريس 5922)، وتكملة
المنذري (1 / الترجمة: 712).
(23/247)
القَاسِمِ الدَّوْلَعِيّ، وَمَكِّيّ بن
عَلِيٍّ الحَرْبِيِّ، وَأَبِي الفَتْحِ بنِ شَاتيلَ،
وَنَصْرِ اللهِ بنِ مَنْصُوْرٍ النُّمَيْرِيِّ؛ سَمِعَ
مِنْهُ خُطَبَ ابْنِ نُبَاتَةَ: أَخْبَرْنَا ابْنُ
نَبْهَانَ.
159 - الكَمَالُ إِسْحَاقُ بنُ أَحْمَدَ المَعَرِيُّ * (1)
المُفْتِي الأَوْحَدُ، مُعِيدُ الرَّوَاحِيَّةِ عِنْد
ابْنِ الصَّلاَحِ، مِنَ العُلَمَاءِ العَامِلِيْنَ.
قَالَ أَبُو شَامَةَ (2) : كَانَ عَالِماً، زَاهِداً،
مُتَوَاضِعاً، مُؤثراً.
قُلْتُ: تَصَدَّرَ لِلإِفَادَة وَالفَتْوَى مُدَّة،
وَتَفَقَّهَ بِهِ جَمَاعَة، وَكَانَ قُدْوَة فِي الوَرَع،
عُرِضَتْ عَلَيْهِ مَنَاصبُ، فَامْتَنَعَ، وَقَالَ: فِي
البَلَد مَنْ يَقوم مَقَامِي.
وَكَانَ يُدمن الصَّوْمَ، وَيَتصدَّق بِثُلُثِ
جَامكيَّتِهِ، وَيُؤثر رَحِمَهُ، وَكَانَ فِي كُلِّ
رَمَضَانَ يَكتبُ ختمَةً وَيُوقفهَا.
مَرِضَ بِالبطنِ أَرْبَعِيْنَ يَوْماً، وَتُوُفِّيَ وَلَهُ
نَيِّفٌ وَسِتُّوْنَ سَنَةً، وَكَانَ أَسْمَر طَوِيْلاً،
كَانَ شَيْخنَا البُرْهَان الإِسْكَنْدَرَانِي يُعظِّمه
وَيَصف شَمَائِله.
وَمَاتَ: فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَة خَمْسِيْنَ وَسِتِّ
مائَةٍ، فَمَاتَ يَوْمَئِذٍ كَبِيْر
__________
(*) ذيل الروضتين لأبي شامة: 187، تاريخ الإسلام للذهبي
(أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 101، العبر للذهبي: 5 / 205،
الوافي بالوفيات: 8 / 403، الترجمة 3847، طبقات الشافعية
الكبرى للسبكي: 8 / 126 الترجمة 1114، طبقات الاسنوي 1 /
141 الترجمة 127، الدارس في أخبار المدارس للنعيمي 1 / 21،
25، 274، شذرات الذهب: 5 / 249 - 250.
(1) المعري هكذا ضبطه الذهبي بخطه في تاريخ الإسلام وكذا
ورد في العبر، وقد تصحفت هذه النسبة بفعل النساخ: ففي ذيل
الروضتين والوافي وردت بلفظ (المقرئ) وفي طبقات الشافعية
للسبكي وللاسنوي وشذرات الذهب والبداية والنهاية وغيرها
وردت (المغربي).
(2) ذيل الروضتين: 187 (3) في تاريخ الإسلام أنه توفي في
ثمان وعشرين من ذي القعدة سنة خمسين وست مئة وفي البداية
والنهاية أدرج اسمه ضمن المتوفين في سنة ست وخمسين وست مئة
(البداية والنهاية 13 / 213).
(23/248)
الشرفَاء ابْنُ عَدْنَان الشِّيْعِيّ،
بِدِمَشْقَ، فَرَآهُ رَجُلٌ صَالِحٌ، فَقَالَ: مَا فَعَلَ
اللهُ بِكَ؟
قَالَ: غَفَر لِي، وَلِمَنْ مَاتَ ذَلِكَ اليَوْمَ
بِبَرَكَةِ الكَمَالِ إِسْحَاقَ المَعَرِيِّ.
160 - ابْنُ سَعْدٍ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدِ بنِ عَبْدِ اللهِ
الأَنْصَارِيُّ *
الصَّدْر الأَدِيْب، البَلِيْغُ، شَمْس الدِّيْنِ، أَبُو
عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ
سَعْدِ بنِ مُفلح بن نُمَيْرٍ الأَنْصَارِيّ،
المَقْدِسِيّ، ثُمَّ الصَّالِحيّ، الحَنْبَلِيّ، الكَاتِب.
وُلِدَ: سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: يَحْيَى الثَّقَفِيِّ، وَأَبِي الحُسَيْنِ
ابنِ المَوَازِيْنِيّ، وَعَبْد الرَّحْمَنِ ابْن
الخِرَقِيّ، وَابْنِ صَدَقَةَ، وَإِسْمَاعِيْل
الجَنْزَوِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ يَنَالَ التُّرك، وَابْنِ
شَاتِيلَ، وَأَبِي (1) مُوْسَى المَدِيْنِيِّ، وَلَهُ
النَّظمُ وَالتَّرسُّل وَالفَضَائِلُ وَالسُّؤْدُدُ، كتبَ
الإِنشَاء لِلصَّالِحِ عِمَادِ الدِّيْنِ إِسْمَاعِيْلَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ؛ سَعْدُ الدِّيْنِ يَحْيَى،
وَالحَافِظُ ضِيَاءٌ، وَالدِّمْيَاطِيّ، وَالقَاضِي تَقِيّ
الدِّيْنِ، وَالعَفِيْفُ إِسْحَاقُ، وَآخَرُوْنَ.
تُوُفِّيَ: فِي شَوَّالٍ (2) ، سَنَةَ خَمْسِيْنَ وَسِتِّ
مائَةٍ.
__________
(*) عقود الجمان في شعراء هذا الزمان لابن الشعار الموصلي
(نسخة أسعد أفندي 2327) ج 6 الورقة 160 / أ، مرآة الزمان
لسبط ابن الجوزي 523، صلة التكملة للحسيني الورقة 72،
تاريخ الإسلام ج 20 الورقة 103، العبر 5 / 206 الوافي
بالوفيات 3 / 91 - 92 الترجمة 1020، فوات الوفيات: 3 / 358
الترجمة 454، البداية والنهاية 13 / 182 - 183، ذيل طبقات
الحنابلة لابن رجب: 2 / 248 - 249 الترجمة 357، العسجد
المسبوك: 592، النجوم الزاهرة 7 / 26 - 27، شذرات الذهب 5
/ 251.
(1) في الأصل: (وأبو) ولا يصح ذلك.
(2) ذكر الحسيني في صلة التكملة والذهبي في التاريخ أنه
توفي في ثاني شوال.
(23/249)
161 - اللَّمْغَانِيُّ عَبْدُ الرَّحْمَانِ
بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ *
قَاضِي القُضَاةِ، كَمَالُ الدِّيْنِ، أَبُو الفَضْلِ
عَبْدُ الرَّحْمَانِ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ بن
إِسْمَاعِيْلَ اللَّمْغَانِيّ، ثُمَّ البَغْدَادِيّ،
الحَنَفِيّ، مُدَرِّس المُسْتَنْصِرِيَّةِ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ؛ القَاضِي أَبِي مُحَمَّدٍ.
رَوَى عَنْهُ الدِّمْيَاطِيّ فِي (مُعْجَمِهِ)، فَقَالَ:
أَخْبَرَنَا قَاضِي القُضَاةِ شرقاً وَغرباً كَمَال
الدِّيْنِ.
قُلْتُ: تَخرَّج بِهِ أَئِمَّة فِي مَذْهَب أَبِي
حَنِيْفَةَ، وَعَاشَ خَمْساً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
تُوُفِّيَ: فِي حَادِي عَشَرَ رَجَبٍ، سَنَةَ تِسْعٍ
وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
162 - الرُّنْدِيُّ أَبُو الحُسَيْنِ عُبَيْدُ اللهِ بنُ
عَاصِمِ بنِ عِيْسَى **
العَلاَّمَةُ، خَطِيْبُ رُنْدَةَ - مَدِينَةٍ
بِالأَنْدَلُسِ - أَبُو الحُسَيْنِ عُبَيْدُ اللهِ بنُ
عَاصِمِ بنِ عِيْسَى الأَسَدِيُّ.
مَوْلِدُهُ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ
مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي بَكْرٍ بنِ الجَدِّ، وَأَبِي عَبْدِ
اللهِ بنِ زَرْقُوْنَ، وَأَبِي القَاسِمِ ابْنِ حُبَيْشٍ،
وَأَبِي زَيْدٍ السُّهَيْلِيِّ، وَجَمَاعَةٍ.
وَتَفَرَّد، وَرَوَى الكَثِيْرَ، وَعُنِيَ
__________
(*) صلة التكملة لوفيات النقلة لعز الدين الحسيني الورقة
65، الحوادث الجامعة: 157 تاريخ الإسلام للحافظ الذهبي
(أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 95، البداية والنهاية: 13 /
181 - 182، الجواهر المضية للقرشي: 1 / 301 - 302 الترجمة
803 العسجد المسبوك 584 - 585.
(* *) التكملة لكتاب الصلة لابن الابار 2 / 941 الترجمة
2186، صلة التكملة لوفيات النقلة للحسيني: الورقة 68،
تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 96،
النجوم الزاهرة 7 / 24.
(23/250)
بِالرِّوَايَةِ، مَعَ الفِقْهِ
وَالجَلاَلَةِ وَالأَصَالَةِ.
مَاتَ: فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ
وَسِتِّ مائَةٍ، بِرُنْدَةَ.
163 - ابْنُ عَمْرُوْنَ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي
عَلِيٍّ الحَلَبِيُّ *
إِمَامُ النَّحْوِ بِحَلَبَ، جَمَالُ الدِّيْنِ مُحَمَّدُ
بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي عَلِيٍّ بنِ أَبِي سَعْدٍ بنِ
عَمْرُوْنَ الحَلَبِيُّ، تِلْمِيْذُ المُوَفَّقِ بنِ
يَعِيْشَ.
سَمِعَ مِنْ: عُمَرَ بنِ طَبَرْزَذَ، وَغَيْرِهِ.
وَتَخَرَّجَ بِهِ أَئِمَّة؛ كَشَيخِنَا بَهَاءِ الدِّيْنِ
ابْنِ النَّحَّاسِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدُ المُؤْمِنِ الحَافِظُ.
مَاتَ: فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ (1) ، سَنَةَ تِسْعٍ
وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
164 - ابْنُ الزَّبِيْدِيِّ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ يَحْيَى
بنِ المُبَارَكِ الرَّبَعِيُّ *
الشَّيْخُ، المُعَمَّر، مُسْند بَغْدَادَ فِي وَقْتِهِ،
أَبُو نَصْرٍ عَبْد العَزِيْزِ بن يَحْيَى بنِ المُبَارَكِ
بن مُحَمَّدِ بنِ الزُّبَيْدِيِّ الرَّبَعِيّ،
اليَمَانِيّ، ثُمَّ البَغْدَادِيّ.
وُلِدَ: سَنَةَ سِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
__________
(*) صلة التكملة للشرف الحسيني، الورقة 62، تاريخ الإسلام
للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 98، الوافي بالوفيات
1 / 197 الترجمة 120، البلغة في تاريخ أئمة اللغة 246 -
247 الترجمة 354، طبقات النحاة واللغويين لابن قاضي شهبة ج
1 ص 254 الترجمة 192، بغية الوعاة في طبقات اللغويين
والنحاة للسيوطي: 1 / 231، الترجمة 417.
(1) ذكر الحسيني في الصلة، والذهبي في التاريخ والسيوطي في
البغية أنه توفي في الثالث من ربيع الأول، وذكر الصفدي أن
مولده كان في سنة ست وتسعين خمس مئة.
(* *) صلة التكملة للشرف الحسيني الورقة 63، تاريخ الإسلام
للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 95 - 96، العبر
للذهبي: 5 / 203، العسجد المسبوك 583 وفيه أنه عبد العزيز
المبارك بن محمد الزبيدي (وهو سهو)، النجوم الزاهرة 7 /
24، شذرات الذهب 5 / 245.
(23/251)
سَمِعَ مِنْ: أَبِي عَلِيٍّ أَحْمَد بن
مُحَمَّدٍ الرَّحَبِيِّ، وَأَبِي المَكَارِمِ مُحَمَّد بن
أَحْمَدَ الظَّاهِرِي، وَشُهْدَة الكَاتِبَة؛ سَمِعَ
مِنْهَا (مَصَارع العُشَّاق) فِي مُجَلَّدَيْنِ، وَغَيْر
ذَلِكَ.
وَسَمِعَ أَيْضاً مِنْ: أَبِي نَصْرٍ يَحْيَى بنِ
السَّدَنك، وَحُسَيْنِ بنِ عَلِيٍّ السَّمَّاكِ.
حَدَّثَ عَنْهُ الحَافِظُ أَبُو مُحَمَّدٍ الدِّمْيَاطِيّ،
وَقَالَ: تُوُفِّيَ فِي سَلْخِ جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ
تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
وَأَجَازَ لأَبِي نَصْرٍ ابْن الشِّيْرَازِيّ، وَعَلِيّ
ابْن السكَاكرِيِّ، وَعَبْدِ المَلِكِ بنِ تَيْمِيَةَ،
وَطَائِفَةٍ.
165 - ابْنُ المَنِّيِّ أَبُو المُظَفَّرِ مُحَمَّدُ بنُ
مُقْبِلِ بنِ فِتْيَانَ النَّهْرَاوِيُّ *
المُفْتِي، المُعَمَّر، المُسْنِدُ، سَيْف الدِّيْنِ،
أَبُو المُظَفَّرِ مُحَمَّد بن مُقبلِ بنِ فِتْيَانَ بنِ
مَطَرٍ النَّهْرَاوِنِيُّ، ابْنُ المَنِّيِّ
الحَنْبَلِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ سَبْعٍ (1) وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: شُهْدَةَ الكَاتِبَةِ (مَشْيَخَتِهَا)،
وَأَبِي الحُسَيْنِ عَبْدِ الحَقِّ، وَأَسَعْدَ بن
يَلدَرك، وَالحَيْصَ بَيْصَ الشَّاعِر.
وَتَلاَ بِالعشرِ عَلَى: ابْنِ البَاقِلاَنِيِّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ الحُلوَانِيَّة، وَالشَّرِيْشِيُّ،
وَالدِّمْيَاطِيّ، وَمُحَمَّد بن بَرَكَةَ الشَّمْعِيُّ،
وَالشَّيْخ مُحَمَّدٌ القَزَّاز، وَعِدَّة.
__________
(*) صلة التكملة للحسيني الورقة 64، تاريخ الإسلام للذهبي
(أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 99، العبر للذهبي: 5 / 204،
المختصر المحتاج إليه من تاريخ ابن الدبيثي اختصار الذهبي:
1 / 150 الترجمة 290، الوافي بالوفيات: 5 / 52 - 53
الترجمة 2041، ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب: 2 / 248
الترجمة 356، النجوم الزاهرة: 7 / 24، شذرات الذهب: 5 /
246.
(1) قال ابن رجب ولد في خامس رجب سنة سبع وقيل تسع وستين
وخمس مئة.
(23/252)
وَأَجَازَ لِخَلْقٍ، وَكَانَ عَدْلاً،
رَئِيْساً، إِمَاماً، فَقِيْهاً، بَصِيْراً
بِالاخْتِلاَفِ، أَعَاد بِالمُسْتَنْصِرِيَّة، وَخضبَ
مُدَّةً بِالسَّوَادِ، ثُمَّ تركَ.
وَكَانَ مِنْ جِلَّةِ العُلَمَاءِ، خدمَ فِي دِيْوَانِ
التَّشرِيفَاتِ، وَأَمَّ بِمَسجِدِ المَأْمُوْنِيَّةِ،
وَعُمِّرَ دَهْراً.
مَاتَ: فِي سَابع جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ تِسْعٍ
وَأَرْبَعِيْنَ.
166 - ابْنُ الجُمَّيْزِيِّ عَلِيُّ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ
سَلاَمَةَ اللَّخْمِيُّ *
شَيْخ الدِّيَار المِصْرِيَّة، العَلاَّمَة، المُفْتِي،
المُقْرِئ، بَهَاء الدِّيْنِ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ
هِبَةِ اللهِ بنِ سَلاَمَةَ بن المُسَلَّمِ اللَّخْمِيُّ،
المِصْرِيُّ، الشَّافِعِيّ، الخَطِيْب، المُدَرِّس، ابْنُ
بِنْتِ الشَّيْخِ أَبِي الفَوَارِسِ الجُمَّيْزِيِّ.
وُلِدَ: يَوْمَ النَّحْرِ، سَنَة تِسْعٍ وَخَمْسِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ، بِمِصْرَ.
وَحفظ القُرْآن صَغِيراً، وَارْتَحَلَ بِهِ أَبُوْهُ،
فَسَمِعَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ مِنَ الحَافِظِ
ابْنِ عَسَاكِرَ، وَبِبَغْدَادَ مِنْ شُهْدَةَ
الكَاتِبَةِ.
وَتَلاَ بِالعشرِ عَلَى: أَبِي الحَسَنِ البَطَائِحِيِّ،
وَعَلَى القَاضِي شَرَفِ الدِّيْنِ ابْنِ أَبِي
عَصْرُوْنَ، وَتَفَقَّهَ عَلَيْهِ، وَأَكْثَر عَنْهُ.
وَسَمِعَ أَيْضاً مِنْ: عَبْدِ الحَقِّ اليُوْسُفِيّ،
وَيَحْيَى ابنِ السَّقْلاَطُوْنِيّ، وَمُحَمَّد بن نَسيمٍ،
وَبَادرَ فَسَمِعَ مِنْ أَبِي الطَّاهِر السِّلَفِيّ،
وَأَبِي طَالِبٍ اللَّخْمِيّ، وَابْن عَوْفٍ، وَابْن
بَرِّيٍّ النَّحْوِيّ.
وَتَلاَ عَلَى الشَّاطِبِيّ
__________
(*) مرآة الزمان لسبط ابن الجوزي: 2 / 786، ذيل الروضتين:
187، صلة التكملة للحسيني: الورقة 67 - 68، تاريخ الإسلام
للذهبي (3013 أيا صوفيا) ج 20 الورقة 96 - 97، دول الإسلام
للذهبي: 2 / 118 (وفيه الحميري بالراء) مصحف، العبر للذهبي
5 / 203، المشتبه للذهبي: 1 / 176 العسجد المسبوك 583 -
584، غاية النهاية في طبقات القراء لابن الجزري: 1 / 583،
الترجمة 2366، حسن المحاضرة للسيوطي: 1 / 413، الترجمة 85،
شذرات الذهب 5 / 246.
(23/253)
ختمَات. وَتَفَقَّهَ أَيْضاً عَلَى:
العِرَاقِيِّ، وَالشِّهَاب الطُّوْسِيّ، وَبَرَعَ فِي
المَذْهَبِ، وَخَطَبَ بِجَامِع القَاهِرَةِ، وَانتهتْ
إِلَيْهِ مَشْيَخَة العِلْم.
وَرَوَى الكَثِيْر بِدِمَشْقَ وَبِمَكَّةَ وَالقَاهِرَة
وَقُوصَ؛ رَوَى عَنْهُ: البِرْزَالِيّ، وَالمُنْذِرِيّ،
وَابْن النَّجَّار، وَالدِّمْيَاطِيّ، وَابْن
الصَّيْرَفِيّ، وَالفَخْر التَّوزرِيُّ، وَالأَمِيْنُ
مُحَمَّدُ ابنُ النَّحَّاسِ، وَالرَّضِيُّ الطَّبَرِيُّ،
وَابْنُ الشِّيْرَازِيِّ، وَأَبُو الفَتْحِ القُرَشِيُّ،
وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ مِنْ شُيُوْخِنَا، وَعَاشَ أَرجحَ مِنْ
تِسْعِيْنَ سَنَةً وَأَيَّاماً.
تُوُفِّيَ: فِي الرَّابِع وَالعِشْرِيْنَ مِنْ ذِي
الحِجَّةِ، سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ
-رَحِمَهُ اللهُ-.
وَهُوَ مُسَدَّد الفَتَاوى، وَافِرُ الجَلاَلَةِ، حَسَنُ
التَّصَوُّنِ، مُسْنَدُ زَمَانِه.
وَفِيْهَا مَاتَ: أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ
قُمَيْرَةَ التَّاجِر، وَمُدَرِّس المُسْتَنْصِرِيَّة
أَبُو الفَتْحِ أَحْمَدُ بنُ يُوْسُفَ الأَنْصَارِيّ
الحَلَبِيّ الحَنَفِيّ وَقَدْ درَّس بِحَلَبَ، وَأَبُو
نَصْرٍ الأَعزُّ بنُ العُلَّيْقِ البَابَصْرِيّ،
وَالمُحَدِّث سَالِمُ بنُ ثمَالِي بن عِنَان العُرْضِيُّ،
وَأَبُو حَامِدٍ عَبْد اللهِ بن عَبْدِ المُنْعِمِ بنِ
عشَائِر الحَلَبِيّ، وَالصَالِح عَبْد الجَلِيْل بن
مُحَمَّدٍ الطَّحَاوِيُّ، وَضِيَاء الدِّيْنِ عَبْدُ
الخَالِقِ بن أَنْجَب النِّشْتِبْرِيُّ، وَعَبْد
الدَّائِمِ بن عَبْدِ المحسنِ ابْن الدَّجَاجِيّ
المِصْرِيّ عِمَادُ الدِّيْنِ، وَمُدَرِّس
المُسْتَنْصِرِيَّة القَاضِي أَبُو الفَضْلِ عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بن عَبْدِ السَّلاَمِ اللَّمْغَانِيّ
الحَنَفِيّ كَمَال الدِّيْنِ قَاضِي القُضَاةِ،
وَالرَّشِيْد عَبْد الظَّاهِر بن نشوَان الجُذَامِيّ
المُقْرِئ الضّرِير، وَأَبُو نَصْرٍ عَبْد العَزِيْزِ بن
يَحْيَى ابْنِ الزَّبَيْدِيّ وَلَهُ تِسْعٌ وَثَمَانُوْنَ
سَنَةً، وَخَطِيْب رُنْدَة المُحَدِّثُ أَبُو الحُسَيْنِ
عُبَيْد اللهِ بن عَاصِمٍ الأَسَدِيّ الرُّنْدِيّ وَلَهُ
سَبْعٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً، وَالحَافِظ أَبُو الحَسَنِ
عَلِيّ بن مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الغَافِقِيُّ
الشَّارِيُّ، وَالسَّدِيْد عِيْسَى بن مَكِّيٍّ
العَامِرِيّ المُقْرِئ
(23/254)
إِمَام جَامِع الحَاكِم، وَالعِلْم قَيْصَر
بن أَبِي القَاسِمِ السُّلَمِيّ الكَاتِب تَعَاسيف (1) ،
وَمُدَرِّس الأَمِينِيَّة شَمْس الدِّيْنِ مُحَمَّد بن
عَبْدِ الكَافِي بن عَلِيٍّ الرَّبَعِيّ الصَّقَلِّيّ،
وَنَحْوِيُّ حَلَب جَمَال الدِّيْنِ مُحَمَّد بن مُحَمَّدِ
بنِ عَمْرُوْنَ، وَمُفْتِي العِرَاق سَيْف الدِّيْنِ
مُحَمَّد بن مُقبل ابْن المَنِّيِّ، وَالأَمِيْر الصَّاحب
جَمَال الدِّيْنِ يَحْيَى بن عِيْسَى بنِ مَطْرُوْح
المِصْرِيّ الشَّاعِر.
167
- بَشِيْرُ * بنُ حَامِدِ (2) بنِ سُلَيْمَانَ بنِ
يُوْسُفَ، أَبُو النُّعْمَانِ الهَاشِمِيُّ
العَلاَّمَةُ، ذُو الفُنُوْنِ، نَجْم الدِّيْنِ، أَبُو
النُّعْمَانِ الهَاشِمِيّ، الجَعْفَرِيّ، الشَّافِعِيّ،
التِّبْرِيْزِيّ، الصُّوْفِيّ، صَاحِب (التَّفْسِيْر
الكَبِيْر)، كَانَ مِنْ أَئِمَّةِ المَذْهَب.
مَوْلِدُهُ: بِأَرْدَبِيْلَ، سَنَة سَبْعِيْنَ وَخَمْسِ
مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: يَحْيَى الثَّقَفِيّ، وَابْن كُلَيْبٍ،
وَأَبِي الفَتْحِ المَنْدَائِيِّ، وَعِدَّة.
وَعَنْهُ: الدِّمْيَاطِيّ، وَالمُحِبّ الطَّبَرِيّ،
وَأَبُو العَبَّاسِ ابْن الظَّاهِرِي، وَالضِّيَاء
السَّبْتِيّ، وَغَيْرهُم.
__________
(1) هذا لقب له عرف به (انظر تاريخ الإسلام، الورقة: 98)
ولعله لقب بذلك لأنه ولي نظر الدواوين المصرية فلم تشكر
سيرته وكثر عسفه وظلمه.
(*) صلة التكملة للحسيني الورقة 51 وأوصل نسبه إلى جعفر بن
أبي طالب، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20
الورقة 66، المختصر المحتاج إليه من تاريخ الدبيثي اختصار
الذهبي: 1 / 263 - 264 الترجمة 534، الوافي بالوفيات: 10 /
161 - 162 الترجمة 4633، طبقات الشافعية للسبكي: 8 / 133 -
134 الترجمة 1122، العقد الثمين: 3 / 371، طبقات المفسرين
للسيوطي (ط: وهبة تحقق على محمد عمر) ص 39 الترجمة 24،
طبقات المفسرين للداوودي: 1 / 115 - 116، الترجمة 109.
(2) الزيادة من تصحيح الذهبي بخطه على حاشية تاريخ الإسلام
ومن المصادر الأخرى باستثناء الوافي فان اسمه ورد (بشير بن
أبي حامد سليمان)، وسيرد ذكره على الوجه الذي أثبتناه في
الترجمة 329 ضمن الذين توفوا سنة 646 من هذا الكتاب.
(23/255)
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: تَفَقَّهَ
بِبَغْدَادَ عَلَى ابْنِ فَضلاَن، وَيَحْيَى بن
الرَّبِيْعِ، وَحفظ المَذْهَب وَالأُصُوْل وَالخلاَف،
وَأَفتَى وَنَاظر، وَأَعَاد بِالنِّظَامِيَّةِ، ثُمَّ
وَلِي نَظَرَ الْحرم وَعمَارته.
مَاتَ: بِمَكَّةَ، فِي صَفَرٍ (1) ، سَنَة سِتٍّ
وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
أَنبَأنِي قُطْبُ الدِّيْنِ الحَافِظ، حَدَّثَنِي قُطْب
الدِّيْنِ ابْن القَسْطَلاَنِيِّ، قَالَ:
حَكَى لِي أَبُو النُّعْمَانِ بَشِيْر، قَالَ: دَخَلْتُ
عَلَى ابْنِ الخوَافِي بِبَغْدَادَ، فَسُرقت مشَّايتِي،
فَكَتَبتُ إِلَيْهِ:
دَخَلتُ إِلَيْكَ يَا أَملِي بَشِيْراً ... فَلَمَّا أَنْ
خَرَجتُ بَقِيت (2) بِشْرَا
أَعِدْ يَائِي الَّتِي سَقَطَتْ مِنِ اسْمِي ... فَيَائِي
فِي الحِسَابِ تُعَدُّ عَشْرَا
فَسَيَّرَ لِي نِصْف مِثْقَالٍ.
168 - ابْنُ البَيْطَارِ ضِيَاءُ الدِّيْنِ عَبْدُ اللهِ
بنُ أَحْمَدَ المَالَقِيُّ *
العَلاَّمَةُ، ضِيَاء الدِّيْنِ عَبْد اللهِ بن أَحْمَدَ
المَالَقِيّ، النَّبَاتِيّ، الطَّبِيْب، ابْن البَيْطَار،
مُصَنِّفُ كِتَابِ (الأَدويَة المفردَة)، وَمَا صُنِّفَ
فِي مَعْنَاهُ مِثْله.
انْتَهَت إِلَيْهِ مَعْرِفَة الحشَائِش، وَسَافَرَ إِلَى
أَقَاصي بِلاَد الرُّوْمِ، وَحرر شَأْن النّبَاتِ، وَكَانَ
أَحَدَ الأَذكيَاء، وَخدم الْملك الكَامِل، وَابْنه الْملك
الصَّالِح.
__________
(1) مات في الثالث من صفر كما في صلة التكملة وتاريخ
الإسلام وطبقات السبكي.
(2) في الوافي: فلما أن خرجت خرجت بشرا.
(*) عيون الانباء في طبقات الاطباء (دار الفكر بيروت 1957)
3 / 220 - 222، تاريخ الإسلام للحافظ الذهبي (أيا صوفيا
3013) ج 20 الورقة 66 - 67، العبر: 5 / 189، عيون التواريخ
لابن شاكر الكتبي: 20 / 28، فوات الوفيات لابن شاكر: 2 /
159 - 160 الترجمة 215، العسجد المسبوك: 567 - 568، حسن
المحاضرة للسيوطي: 1 / 542، الترجمة 16، نفح الطيب: 2 /
691 - 692 الترجمة 304، شذرات الذهب: 5 / 234.
(23/256)
تُوُفِّيَ (1) : بِدِمَشْقَ، سَنَة سِتٍّ
وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
169 - اللاَّرَدِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ
عَتِيْقِ بنِ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ *
العَلاَّمَةُ، الحَافِظُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ
بنُ عَتِيْقِ بن عَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ حُمَيْدٍ
التُّجِيْبِيّ، الأَنْدَلُسِيّ، الغَرْنَاطِي،
المَالِكِيّ، المَعْرُوف: بِاللاَّرَدِيّ، صَاحِبُ
التَّصَانِيْفِ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ أَبِي بَكْرٍ، وَأَبِي عَبْدِ
اللهِ بنِ حَمِيْدٍ، وَطَائِفَة.
وَعَاشَ ثَلاَثاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً (2) .
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الأَبَّارُ (3) : وَلِيَ
القَضَاءَ، وَمِنْ تَوَالِيفه (أَنوَار الصبَاح، فِي
الْجمع بَيْنَ الكُتُب السِّتَّة الصِّحَاح)، وَكِتَاب
(شَمَائِل المُخْتَار)، وَكِتَاب (النّكت الكَافِيَة فِي
أَحَادِيْث مَسَائِل الخلاَف)، وَكِتَاب (مِنْهَاج
الْعَمَل، فِي صِنَاعَة الجَدَل)، وَكِتَاب (المسَالك
النورِيَة، إِلَى المَقَامَاتَ الصدفِيَة).
مَاتَ: سَنَةَ سِتّ (4) - أَوْ سَبْع - وَأَرْبَعِيْنَ
وَسِتِّ مائَةٍ.
__________
(1) ذكر ابن ابي أصيبعة والذهبي في التاريخ وفي العبر وابن
شاكر وغيرهم أن وفاته كانت في شعبان.
(*) التكملة لكتاب الصلة لابن الابار: 2 / 661 - 662
الترجمة 1685، الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة: 6 /
429 - 430 الترجمة 1147، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا
3013) ج 20 الورقة 71، الوافي بالوفيات: 4 / 80 الترجمة
1539 وفيه ساق نسبه انه محمد ابن عتيق بن عبد الله (باسقاط
اسم جده علي)، العسجد المسبوك: 569.
(2) ولد كما في تاريخ الإسلام في صفر سنة 563.
(3) التكملة لكتاب الصلة: 2 / 661 - 662.
(4) لم يذكر ابن الابار وفاته بل سلكه مع من توفي سنة 646
وجعل المراكشي في الذيل والصلة وفاته بغرناطة لثلاث عشرة
ليلة بقيت من رجب سنة سبع وثلاثين وستمائة ونقل عن أبي علي
ابن الناظر انه قال توفي سنة ثمان وثلاثين وستمائة، وقد
ذكر الذهبي في التاريخ انه قد بقي حيا إلى =
(23/257)
170 - الإِسْفَرَايِيْنِيُّ مَجْدُ
الدِّيْنِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ *
المُحَدِّثُ الزَّاهِدُ، مَجْدُ الدِّيْنِ مُحَمَّد بن
مُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ بنِ أَبِي بَكْرٍ الصُّوْفِيّ،
الإِسْفَرَايِيْنِيّ، ابْنُ الصَّفَّارُ، نَزِيْلُ
دِمَشْقَ.
حَدَّثَ عَنْ: المُؤَيَّدِ الطُّوْسِيِّ بِـ (صَحِيْحِ
مُسْلِمٍ)، وَعَنْ زَيْنَبَ الشَّعْرِيَّة، وَجَمَاعَة.
وَكَانَ قَارِئ دَار الحَدِيْث عَلَى ابْنِ الصَّلاَح،
مليح القِرَاءة، خَيِّراً، كَثِيْر السُّكُوْنِ.
رَوَى عَنْهُ: زَيْنُ الدِّيْنِ الفَارِقِيُّ، وَشَرَف
الدِّيْنِ الفَزَارِيُّ، وَبَهَاء الدِّيْنِ ابْن
المَقْدِسِيّ، وَجَلاَل الدِّيْنِ النَّابلسِي القَاضِي،
وَعَلاَء الدِّيْنِ ابْن الشَّاطِبِيّ.
تُوُفِّيَ: بِالسُّمَيْسَاطِيَّةِ، فِي ذِي القَعْدَةِ (1)
، سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
وَهُوَ وَالِدُ الفَقِيْهِ مَجْد الدِّيْنِ عَبْد
الرَّحْمَنِ الشَّافِعِيّ أَحَدِ شُيُوْخنَا.
171 - الطَّرَّازُ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ
سَعِيْدِ بنِ عَلِيٍّ الأَنْصَارِيُّ **
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، المُقْرِئُ، المُجَوِّدُ،
الحَافِظُ، المُحَدِّثُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ
__________
= هذا العام (أي 646) وتوفي فيه أو على أثره، ونص الصفدي
في الوفيات والملك الأشرف في العسجد على ان وفاته في سنة
646.
(*) تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 90
وكناه بأبي عبد الله وقد ترجم له في وفيات سنة 648 وذكر
انه ولد يوم عاشوراء سنة سبع وثمانين وخمس مئة، وقد ذكره
في تذكرة الحفاظ ضمن وفيات سنة 646 (تذكرة الحفاظ 4 /
1412)، وقد ترجم له ابن العماد الحنبلي في حوادث سنة 648
(شذرات الذهب 5 / 243) ونجد عن المترجم له نقولا في تهذيب
الأسماء واللغات للنووي 2 / 264، وفي طبقات الشافعية
الكبرى 8 / 284، ومفتاح السعادة (تحقيق البكري وأبي النور)
2 / 115.
(1) ذكر الذهبي في تاريخ الإسلام انه توفي في تاسع عشر ذي
القعدة.
(* *) التكملة لكتاب الصلة لابن الابار: 2 / 659 - 660
الترجمة 1683، الذيل والتكملة =
(23/258)
سَعِيْد بن عَلِيِّ بنِ يُوْسُفَ
الأَنْصَارِيّ، الأَنْدَلُسِيّ، الغَرْنَاطِي، المُقْرِئ.
قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: كَانَ مُقْرِئاً جَلِيْلاً،
وَمُحَدِّثاً حَافلاً، خُتم بِهِ هَذَا البَاب ألبَتَّةَ.
رَوَى عَنِ: القَاضِي أَبِي القَاسِمِ ابْنِ سَمْجُوْنَ؛
أَكْثَرَ عَنْهُ وَلاَزَمه، وَعَنْ أَبِي جَعْفَرٍ بن
شرَاحيلَ، وَمُحَمَّد بن يُوْسُفَ ابْن صَاحِب
(الأَحكَامِ)، وَعَبْد المُنْعِمِ بن الضَّحَّاكِ،
وَعَلِيّ بن جَابِرٍ الأَنْصَارِيِّ، وَأَبِي زَكَرِيَّا
الأَصْبَهَانِيّ، وَعَبْد الصَّمَدِ بن أَبِي رَجَاءٍ
البَلَوِيّ، وَأَبِي القَاسِمِ المَلاَحِي، وَأَبِي
مُحَمَّدٍ الكَوَّاب، وَسَعْد الحَفَّار، وَسَهْل بنِ
مَالِكٍ بغَرْنَاطَة، وَأَبِي جَعْفَرٍ أَحْمَد بن يَحْيَى
الحِمْيَرِيّ، وَعَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ الغَافِقِيِّ
الشَّقُوْرِيِّ بقُرْطُبَةَ، وَالحَافِظ أَبِي مُحَمَّدٍ
القُرْطُبِيّ بِمَالقةَ وَلاَزمه وَانتفع بِهِ فِي
صِنَاعَة الحَدِيْث، وَعَتِيْق بن خَلَفٍ، وَأَبِي عَلِيٍّ
الرُّنْدِيّ، وَابْني حَوْطِ اللهِ بِهَا، وَعَنْ أَبِي
الحُسَيْنِ بنِ زَرْقُوْنَ بِإِشْبِيْلِيَةَ، وَأَبِي
الصَّبْرِ أَيُّوْب الفِهْرِيّ، وَأَبِي العَبَّاسِ
العَزَفِيّ (1) ، وَلاَزَمَهُ بِسَبتَةَ.
وَتَلاَ بِالسَّبْعِ عَلَى: أَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ
بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ إِدْرِيْسَ الأُمَوِيّ،
وَأَخَذَ بفَاس عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ الفتُوتِ،
وَتَلاَ عَلَيْهِ بِالسَّبْع، وَيَعِيْشَ بنِ القَدِيْمِ.
وَأَخَذَ عِلمَ الكَلاَم عَنْ أَبِي العَبَّاسِ ابْن
البَقَّال.
وَأَجَاز لَهُ: ابْن نُوْح، وَابْن عَوْنِ اللهِ، وَأَبُو
مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ، وَأَبُو عُمَرَ
__________
= لكتابي الموصل والصلة 6 / 210 - 212 الترجمة 613، تاريخ
الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 63، الديباج
المذهب في معرفة اعيان علماء المذهب لابن فرحون 2 / 277 -
279 الترجمة 89، غاية النهاية في طبقات القراء لابن
الجزري: 2 / 144 الترجمة 3026، ذيل وفيات الأعيان المسمى
درة الحجال في اسماء الرجال لابن القاضي: 2 / 49 - 50
الترجمة 495، شجرة النور الزكية: 1 / 182 - 183، الترجمة
600.
وهذه الترجمة أوسع من ترجمته في " تاريخ الإسلام " ولا
تناسب بينهما.
(1) قيده الذهبي عند الكلام على العرفي في " المشتبه "،
فقال: " وبزاي: رئيس سبتة الأمير العالم أبو العابس أحمد
بن محمد بن أحمد اللخمي العرفي، كان زاهدا إماما مفتيا،
ألف كتاب المولد وجوده، مات سنة 633، وأولاده أصحاب سبتة
".
(ص: 453).
(23/259)
ابْنُ عَاتٍ، وَخَلْق مِنْ أَهْلِ
المَشْرِقِ.
قَالَ: وَكَانَ ضَابطاً مُتْقِناً، وَمُفِيْداً حَافلاً،
بَارِع الْخط، حَسَن الورَاقَةِ، عَارِفاً بِالأَسَانِيْد
وَالطّرق وَالرِّجَال وَطَبَقَاتِهِم، مُقدَّماً عَارِفاً
بِالقِرَاءاتِ، مُشَاركاً فِي عُلُوْم العَرَبِيَّة
وَالفِقْه وَالأُصُوْلِ، كَاتِباً نَبِيلاً، مَجْمُوعاً
فَاضِلاً مُتَخَلِّقاً، ثِقَة عَدلاً، كَتَبَ بِخَطِّهِ
كَثِيْراً وَأُمَّهَات (1) ، وَأَوضح كَثِيْراً مِنْ
كِتَاب (مَشَارِق الأَنوَار) لعيَاض، وَجَمَعَ عَلَيْهِ
أُصُوْلاً حَافلَة وَأُمَّهَاتٍ هَائِلَةً مِنَ الأَغربَة
وَكُتُبِ اللُّغَات، وَعَكَف عَلَى ذَلِكَ مُدَّة،
وَبَالَغَ فِي الْبَحْث وَالتفتيش، حَتَّى تَخلَّص
الكِتَابُ عَلَى أَتَمِّ وَجه، وَبَرَزَتْ مَحَاسِنُهُ،
ثُمَّ يُبَالِغ ابْنُ الزُّبَيْرِ فِي مَدحِ هَذَا
الكِتَابِ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ الطّنّجَالِيّ،
وَحُمَيْدٌ القُرْطُبِيّ، وَالكَاتِب أَبُو الحَسَنِ بنُ
فَرجٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ البَلَّفِيقِيُّ، اخْتلفتُ
إِلَيْهِ (2) فِي مَرَضِهِ، وَحَضَرتُ مَعَهُ فِي بَعْضِ
تَصرُّفَاتِهِ، وَانتفعتُ بِهِ إلاَّ أَنَّنِي لَمْ آخذْ
عَنْهُ بِقِرَاءةٍ وَلاَ بِغَيْرِ ذَلِكَ تَفرِيطاً
مِنِّي.
تُوُفِّيَ: فِي ثَالِث (3) شَوَّالٍ، سَنَةَ خَمْسٍ
وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَكَانَ (4) جِنَازَتُه
مِنْ أَحْفَلِ جَنَازَةٍ شَاهدتُهَا، وَوصَّى أَنْ لاَ
يُقرَأَ عَلَى قَبْرِهِ وَلاَ يُبنَى عَلَيْهِ، وَكَانَ
مِمَّنْ وَضَع الله لَهُ ودّاً فِي قُلُوْب عِبَاده،
مُعَظَّماً عِنْد جَمِيْع النَّاس خُصُوْصاً فِي غَيْر
بلدِه، وَلَقَدْ كَانَ مِنْ أَشدّ النَّاس غيرَةً عَلَى
السّنَة وَأَهْلهَا وَأَبغَضِهِم فِي أَهْلِ الأَهوَاء
وَالبِدَع.
__________
(1) يعني: من الكتب الامهات الكبيرة.
(2) الكلام لابن الزبير.
(3) ذكر المراكشي في الذيل والتكملة انه توفي بغرناطة في
أول شوال.
(4) هكذا في الأصل.
(23/260)
قُلْتُ: أَظنّه مَاتَ كَهْلاً، أَوْ فِي
أَوِّلِ الشيخوخَة (1) .
كَتَبَ إِلَيْنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ هَارُوْنَ
بِمَرْوِيَّاته، فَمَنْ ذَلِكَ أَنَّهُ سَمِعَ كِتَاب
(الشَّمَائِل) مِنَ الحَافِظ الطّرَّاز، وَأَجَاز لَهُ
مَرْوِيَّاته.
172 - ابْنُ رَوَاحَةَ عَبْدُ اللهِ بنُ الحُسَيْنِ بنِ
عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ *
الشَّيْخُ، العَالِمُ، المُسْنِدُ، المُعَمَّرُ، عِزُّ
الدِّيْنِ، أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ اللهِ بنُ الحُسَيْنِ
بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الحُسَيْنِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ
رَوَاحَةَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ
رَوَاحَةَ بنِ عُبَيْدِ بن مُحَمَّدٍ ابنِ صاحِب رَسُوْلِ
الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَبْدِ اللهِ
بنِ رَوَاحَةَ بن ثَعْلَبَةَ بن امْرِئ الْقَيْس بن
عَمْرٍو الأَنْصَارِيّ، الخَزْرَجِيّ، الشَّامِيّ،
الحَمَوِيّ، الشَّافِعِيّ، الشَّاهد.
وُلِدَ: بِجَزِيْرَةٍ فِي بَحْرِ المَغْرِبِ - وَهِيَ
صَقِلِّيَّة - وَأَبوَاهُ فِي الأَسر فِي سَنَةِ سِتِّيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ، فَإِنَّهُمَا أُسرَا وَأُمُّه حَامِل
بِهِ، ثُمَّ خَلَّصَهُمَا الله.
ارْتَحَلَ بِهِ أَبُوْهُ إِلَى الثَّغْرِ بَعْدَ
السَّبْعِيْنَ، فَأَسْمَعَهُ الكَثِيْرَ مِنْ أَبِي
طَاهِرٍ السِّلَفِيِّ، مِنْ ذَلِكَ (السِّيْرَةُ
النَّبَوِيَّةُ) بِكَمَالِهَا، وَقَدْ رَوَاهَا
بِبَعْلَبَكَّ وَسَمِعَهَا مِنْهُ شَيْخُنَا تَاجُ
الدِّيْنِ عَبْدُ الخَالِقِ، وَسَمِعَ مِنْ: عَبْدِ اللهِ
بنِ بَرِّيّ، وَعَلِيِّ بنِ هِبَةِ اللهِ الكَامِلِيِّ،
وَأَبِي الجُيُوْشِ عَسَاكِر بنِ عَلِيٍّ، وَأَبِي سَعْدٍ
بنِ أَبِي عَصْرُوْنَ،
__________
(1) ذكر الذهبي في تاريخ الإسلام أنه توفي عن سبع وخمسين
سنة، وذكر ابن الابار في التكملة انه ولد في العشر الأول
لذي الحجة سنة ثمان وثمانين وخمس مئة.
(*) عقود الجمان في شعراء هذا الزمان لابن الشعار الموصلي
(نسخة أسعد افندي 2324) ج 3 الورقة 159 / أ، صلة التكملة
لوفيات النقلة للحسيني الورقة 52، تاريخ الإسلام للذهبي
(أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 67 - 68، العبر للذهبي 5 /
189، عيون التواريخ لابن شاكر الكتبي: 20 / 24، العسجد
المسبوك: 568، النجوم الزاهرة: 6 / 361، شذرات الذهب: 5 /
234.
(23/261)
وَأَبِي الطَّاهِرِ بنِ عَوْفٍ، وَسَمِعَ
مِنْ تَقيَة (1) الأَرمنَازِيَة كَثِيْراً مِنْ نَظْمِهَا
وَكَذَا مِنْ وَالِدِهِ، وَتَأَدَّبَ عَلَى أَبِيْهِ،
وَعَلَى ابْنِ بَرِّيٍّ، وَتَفَقَّهَ وَعَالَجَ
الشُّرُوْط، وَسَمَاعَاتُه صَحِيْحَةٌ، وَكَانَ يَطلبُ
عَلَى الرِّوَايَةِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: البِرْزَالِيّ، وَالمُنْذِرِيّ، وَابْن
الصَّابُوْنِيّ، وَالدِّمْيَاطِيّ، وَابْن الظَّاهِرِيِّ،
وَالشَّرَفُ ابْنُ عَسَاكِرَ، وَأَبُو الحُسَيْنِ
اليُوْنِيْنِيُّ، وَإِدْرِيْسُ بنُ مُزَيْزٍ، وَفَاطِمَةُ
بِنْتُ رَوَاحَةَ، وَبَهَاءُ الدِّيْنِ ابْنُ النَّحَّاسِ،
وَأَخُوْهُ إِسْحَاقُ، وَالشِّهَابُ الدَّشْتِيُّ،
وَعَبْدُ الأَحَدِ بنُ تَيْمِيَةَ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ
جَوْهَرٍ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ ابنِ العَجَمِيّ،
وَسِتُّ الدَّارِ بِنْتُ مُزِيزٍ، وَعددٌ كَبِيْرٌ.
حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ الصَّفَّارُ، قَالَ: بَعَثَ
شَيْخُنَا ابْنُ خَلِيْلٍ إِلَى ابْنِ رَوَاحَةَ، يَعتبُ
عَلَيْهِ فِي أَخْذِهِ عَلَى الرِّوَايَةِ، فَاعْتَذَرَ
بِأَنَّهُ فَقِيْرٌ.
وَقَرَأْتُ بِخَطِّ ابْنِ الحَاجِبِ: قَالَ لِي الحَافِظُ
ابْنُ عَبْدِ الوَاحِدِ، قَالَ (2) :
ذَكَرَ لِي أَخِي الشَّمْس أَنَّهُ لَمَّا كَانَ بِحِمْصَ،
وَردَ عَلَيْهِ ابْنُ رَوَاحَةَ، فَأَرَادَ أَنْ يَسْمَع
مِنْهُ، فَقَالَ لَهُ جَمَاعَة حِمْصيُّون: إِنَّ ابْنَ
رَوَاحَة يَشْهَد بِالزُّور، قَالَ: فَتركته.
ثُمَّ قَالَ ابْنُ الحَاجِبِ: وَقَالَ لِي تَقِيّ
الدِّيْنِ ابْن العِزّ: كُلّ مَا سَمِعتُه عَلَى ابْنِ
رَوَاحَة، فَقَدْ تركتُه للهِ.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ البِرْزَالِيّ: كَانَ عِنْدَهُ
تَسَامح.
قُلْتُ: وَلَهُ شعر كَانَ يَمتدِحُ بِهِ، وَيَأْخذ
الصِّلاَت، وَقَدْ حَدَّثَ بِأَمَاكن، وَرَوَى عَنْهُ
حُفَّاظ.
قَالَ المُنْذِرِيّ (3) : قَالَ لِي: وُلِدَتْ فِي
جَزِيْرَة مَسِّينَة بِالمَغْرِبِ، سَنَة
__________
(1) في الأصل: " بقية " وليس بشيء.
(2) هكذا في الأصل، وهو تكرار.
(3) لعله قال ذلك في " معجم شيوخه " وإلا فانه لم يترجم له
في التكملة، نعم، ترجم =
(23/262)
سِتِّيْنَ، كَانَ أَبِي قَدْ سَافر إِلَى
المَغْرِب، فَأُسر.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ بَيْنَ حَمَاةَ وَحَلَب، فَحُمِلَ إِلَى
حَمَاةَ، فَدُفِنَ بِهَا فِي ثَامِنِ جُمَادَى الآخِرَةِ،
سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
وَمَاتَ النَّفِيْسُ أَبُو البَرَكَاتِ مُحَمَّد بن
دَاوُدَ أَخُو العِزّ قَبْله فِي آخِرِ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ
وَأَرْبَعِيْنَ، عَنْ تِسْعٍ وَسَبْعِيْنَ سَنَةً، رَوَى
عَن عَبْد المُنْعِمِ ابْنِ الفُرَاوِيّ، وَأَبِي
الطَّاهِر بن عَوْف، وَأَضَرَّ بِأَخَرَةٍ، حَدَّثَنَا
عَنْهُ: الشِّهَاب الدَّشْتِيّ، وَسُنْقُر الزَّيْنَبِيّ.
173 - ابْنُ البَرَاذعِيِّ أَبُو البَرَكَاتِ عُمَرُ بنُ
عَبْدِ الوَهَّابِ القُرَشِيُّ *
العَدْل، صَفِيُّ الدَّيْنِ، أَبُو البَرَكَاتِ عُمَرُ بنُ
عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ طَاهِرٍ القُرَشِيُّ،
الدِّمَشْقِيُّ.
سَمِعَ: ابْنُ عَسَاكِرَ، وَأَبَا سَعْد بن أَبِي
عَصْرُوْنَ، وَجَمَاعَة.
خَرَّجَ لَهُ البِرْزَالِيُّ.
وَرَوَى عَنْهُ: هُوَ، وَحَفِيْدُهُ بَهَاءُ الدِّيْنِ،
وَالدِّمْيَاطِيّ، وَمُحَمَّد بن خَطِيْب بَيْت الأَبَّار،
وَمُحَمَّد بن عَتِيق، وَمُحَمَّد ابْن البَالِسِيِّ،
وَآخَرُوْنَ.
مَاتَ: فِي جُمَادَى (1) الآخِرَةِ، سَنَةَ سَبْعٍ
وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَلَهُ بِضْعٌ
وَثَمَانُوْنَ سَنَةً.
__________
= لأبيه، وقال في ترجمته: " وسافر إلى المغرب فأسر وولد له
أبو القاسم " (التكملة: 1 / الترجمة: 80).
(*) صلة التكملة لوفيات النقلة للحسيني الورقة 56، تاريخ
الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 82، العبر
للذهبي: 5 / 194، النجوم الزاهرة: 6 / 363 شذرات الذهب: 5
/ 238.
(1) كذا في الأصل، ولعل الذهبي قدسها في ذكر جمادى بدل
ربيع، فقد ذكر في التاريخ =
(23/263)
174 - ابْنُ الجَوْهَرِيِّ أَحْمَدُ بنُ
مَحْمُوْدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الدِّمَشْقِيُّ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، مُفِيْد الشَّامِ، شَرَف
الدِّيْنِ، أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ مَحْمُوْدِ بنِ
إِبْرَاهِيْمَ بنِ نَبْهَانَ الدِّمَشْقِيّ، ابْنُ
الجَوْهَرِيِّ.
سَمِعَ مِنْ: أَبِي المَجْدِ القَزْوِيْنِيِّ،
وَالمُسَلَّمِ المَازِنِيِّ، وَعُمَرَ بنِ كَرَمٍ،
وَالقَطِيْعِيِّ، وَابْنِ الزَّبِيْدِيِّ،
وَالصَّفْرَاوِيِّ، وَابْنِ الجَمَلِ، وَخَلاَئِق.
وَكَتَبَ العَالِي وَالنَّازِلَ.
وَكَانَ صَدُوْقاً، فَهماً، غَزِيْرَ الإِفَادَةِ، نَظِيفَ
الأَجزَاءِ، أَنفقَ مِيْرَاثه فِي الطَّلَب.
وَتُوُفِّيَ: قَبْل أَوَان الرِّوَايَة، فِي صَفَرٍ (1) ،
سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَوَقَفَ
أَجزَاءهُ وَانتفعنَا بِهَا -رَحِمَهُ اللهُ- مَا أَظنّه
تَكهل.
175 - ابْنُ الحَاجِبِ عُثْمَانُ بنُ عُمَرَ بنِ أَبِي
بَكْرٍ الكُرْدِيُّ **
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، المُقْرِئُ،
الأُصُوْلِي، الفَقِيْه، النَّحْوِيّ، جَمَال الأَئِمَّة
__________
= وفي العبر أنه توفي في ربيع الآخر وهو الذي قيده الحسيني
ووضعه في تسلسله من " الصلة " ونص عليه ابن تغري بردي في "
النجوم " وابن العماد في " الشذرات "، فليلاحظ ذلك.
(*) صلة التكملة لوفيات النقلة للحسيني الورقة 24، تاريخ
الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 25، تذكرة
الحفاظ للذهبي 4 / 1459 الترجمة 1155، العبر للذهبي: 5 /
175، الوافي بالوفيات: 8 / 167 الترجمة 3589، النجوم
الزاهرة: 6 / 354، طبقات الحفاظ للسيوطي: 506 الترجمة
1123، الدارس في تاريخ المدارس للنعيمي: 1 / 111، شذرات
الذهب: 5 / 218.
(1) ذكر الحسيني أنه توفي في ليلة الرابع والعشرين من صفر.
(* *) عقود الجمان في شعراء هذا الزمان لابن الشعار
الموصلي (نسخة اسعد افندي 2325) ج 4 الورقة 142 / أ، ذيل
الروضتين لأبي شامة: 182، وفيات الأعيان لابن خلكان ج 3 /
248 - 250 الترجمة 413، صلة التكملة لشرف الدين الحسيني:
الورقة 55، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20
الورقة 69 - 70، طبقات القراء للذهبي 2 / 516 =
(23/264)
وَالملَة وَالدّين، أَبُو عَمْرٍو عُثْمَان
بن عُمَرَ بنِ أَبِي بَكْرٍ بنِ يُوْنُسَ الكُرْدِيّ،
الدُّوِيْنِيّ (1) الأَصْل، الإِسنَائِي المَوْلِد،
المَالِكِيّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
وُلِدَ: سَنَةَ سَبْعِيْنَ (2) وَخَمْسِ مائَةٍ، أَوْ
سَنَة إِحْدَى - هُوَ يَشك - بِإِسْنَا مِنْ بِلاَدِ
الصَّعِيْدِ، وَكَانَ أَبُوْهُ حَاجِباً لِلأَمِيْرِ عِزِّ
الدِّيْنِ مُوْسَكَ الصَّلاَحِيِّ.
اشْتَغَل أَبُو عَمْرٍو بِالقَاهِرَةِ، وَحَفِظَ
القُرْآنَ، وَأَخَذَ بَعْض القِرَاءات عَنِ الشَّاطِبِيِّ،
وَسَمِعَ مِنْهُ (التَّيْسِيْرَ)، وَقَرَأَ بِطرقِ
(المُبْهِجِ (3)) عَلَى الشِّهَاب الغَزْنَوِيِّ، وَتَلاَ
بِالسَّبْع عَلَى أَبِي الجُوْدِ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي القَاسِمِ البُوْصِيْرِيّ،
وَإِسْمَاعِيْل بن يَاسِيْنَ، وَبَهَاء الدِّيْنِ
القَاسِمِ ابْنِ عَسَاكِرَ، وَفَاطِمَةَ بِنْت سَعْدِ
الخَيْرِ، وَطَائِفَةٍ، وَتَفَقَّهَ عَلَى: أَبِي
المَنْصُوْر الأَبيَارِيِّ، وَغَيْرِهِ.
وَكَانَ مِنْ أَذكيَاء العَالِم، رَأْساً فِي العَرَبِيَّة
وَعلم النَّظَرِ، دَرَّسَ بِجَامِع دِمَشْقَ،
وَبِالنُّورِيَّةِ المَالِكِيَّةِ، وَتَخَرَّجَ بِهِ
الأَصْحَابُ، وَسَارَتْ بِمُصَنَّفَاتِهِ الرُّكبَانُ،
وَخَالَفَ النُّحَاةَ فِي مَسَائِلَ دَقِيقَةٍ، وَأَوْرَدَ
عَلَيْهِم إِشكَالاَتٍ مُفحِمَةً.
قَالَ أَبُو الفَتْحِ ابْنُ الحَاجِبِ فِي تَرْجَمَةِ
أَبِي عَمْرٍو بنِ الحَاجِبِ: هُوَ
__________
= 517 الترجمة 23، العبر للذهبي: 5 / 189، الطالع السعيد
للادفوي: 188، عيون التواريخ لابن شاكر 20 / 24 - 25،
البداية والنهاية لابن كثير: 13 / 176، الديباج المذهب
لابن فرحون: 2 / 86 - 89 الترجمة 6، طبقات ابن قنفذ: 319 -
320 الترجمة 647، البلغة في تاريخ أئمة اللغة
للفيروزآبادي: 140 الترجمة 220، غاية النهاية لابن الجزري
1 / 508 - 509 الترجمة 2104، بغية الوعاة للسيوطي: 2 / 134
- 135 الترجمة 1632، حسن المحاضرة للسيوطي: 1 / 456،
الترجمة 62، شذرات الذهب 5 / 234، شجرة النور الزكية: 1 /
167 - 168 الترجمة 525، الفتح المبين في طبقات الاصوليين:
2 / 65 - 66.
(1) وقد تفتح دال " دوين " كما عند ياقوت وغيره.
(2) تصحفت في الديباج المذهب إلى تسعين، وقد نص الحسيني
على ان ولادته في اواخر سنة سبعين وكذا في الوفيات.
(3) لسبط الخياط، وهو من الكتب المشهورة، لكن لم يطبع إلى
اليوم.
(23/265)
فَقِيْهٌ، مُفْتٍ، مُنَاظر، مُبَرِّز فِي
عِدَّة عُلُوْمٍ، مُتَبَحِّرٌ، مَعَ دينٍ وَوَرَعٍ
وَتَوَاضُعٍ وَاحتمَالٍ وَاطِّرَاحٍ لِلتَّكَلُّفِ.
قُلْتُ: ثُمَّ نَزَح عَنْ دِمَشْق هُوَ وَالشَّيْخُ عِزُّ
الدِّيْنِ ابْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ عِنْدَمَا أَعْطَى
صَاحِبُهَا بلدَ الشّقيفِ لِلْفرنج، فَدَخَلَ مِصْر،
وَتَصَدَّرَ بِالفَاضِليَة.
قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ (1) : كَانَ مِنْ أَحْسَن خلق الله
ذِهْناً، جَاءنِي مرَاراً لأَدَاء شهَادَات، وَسَأَلته
عَنْ موَاضِع مِنَ العَرَبِيَّة، فَأَجَابَ أَبلغ إِجَابَة
بِسكُوْن كَثِيْر وَتثبُّت تَامّ، ثُمَّ انْتقل إِلَى
الإِسْكَنْدَرِيَّة، فَلَمْ تَطل مُدَّته هُنَاكَ، وَبِهَا
تُوُفِّيَ فِي السَّادِس وَالعِشْرِيْنَ (2) مِنْ شَوَّال،
سَنَةَ سِتٍّ (3) وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
قُلْتُ: تَلاَ عَلَيْهِ بِالسَّبْع: شَيْخنَا المُوَفَّق
ابْن أَبِي العَلاَءِ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: المُنْذِرِيّ، وَالدِّمْيَاطِيّ،
وَأَبُو مُحَمَّدٍ الجَزَائِرِيّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ
الفَاضِلِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ ابنُ الخَلاَّل، وَأَبُو
الحَسَنِ ابْن البَقَّال، وَجَمَاعَة.
وَأَخَذَ عَنْهُ العَرَبِيَّة جَمَاعَةٌ، مِنْهُم:
شَيْخنَا رضِي الدِّيْنِ القسُرطينِي، وَقَدْ رُزقت
كُتُبُهُ الْقبُول التَّام لجزَالتهَا وَحُسنِهَا.
وَمِمَّنْ رَوَى عَنْهُ يَاقُوْت الحَمَوِيّ، فَقَالَ:
حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بنُ عُمَرَ النَّحْوِيّ المَالِكِيّ،
حَدَّثَنِي عَلِيُّ بنُ المُفَضَّلِ، حَدَّثَنَا
السِّلَفِيُّ: أَنَّ النسبَة إِلَى دُوَيْن دَبِيْلِي.
176 - السَّيِّدِيُّ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ
الكَرِيْمِ بنِ مُحَمَّدٍ *
المُسْنِدُ الأَجَلُّ، أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ
عَبْدِ الكَرِيْمِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ السَّيِّدِيّ
__________
(1) وفيات الأعيان 3 / 250.
(2) ذكر ابن الجزري ان وفاته في سادس عشر شوال وربما تصحف
ذلك على الطباع لان المؤرخين ربما عبروا عن ذلك بقولهم
سادس عشري شوال كما فعل السيوطي في البغية.
(3) ذكر ابن قنفذ القسنطيني ان وفاته سنة سبع واربعين وست
مئة وهو سهو بلا شك لان كل الذين ترجموا له وذكروا وفاته
لم يختلفوا في أنها سنة ست وأربعين وست مئة فليلاحظ ذلك.
(*) تاريخ مدينة السلام بغداد لابن الدبيثي (تحقيق الدكتور
بشار عواد معروف) 2 / 68 =
(23/266)
الأَصْبَهَانِيّ، ثُمَّ البَغْدَادِيّ،
الحَاجِب.
وُلِدَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: تَجَنِّي الوَهْبَانِيَّة (جُزْء
الحَفَّار)، وَالثَّانِي وَالرَّابِع مِنْ
(المَحَامِلِيَّات)، وَ(الصَّمْت)، وَ(جُزْء
المَرْوَزِيّ)، وَ(المُخَرِّمِيّ).
وَسَمِعَ مِنِ: ابْنِ يُوْسُفَ (مَشْيَخته)،
وَ(التَّصْدِيق) لِلآجُرِّيّ.
وَسَمِعَ مِنِ: ابْنِ شَاتيل الثَّانِي مِنْ (حَدِيْثِ
سعدَان) وَالثَّامن مِنْ (حَدِيْثِ ابْن السَّمَّاكِ)،
وَسَمِعَ مِنَ: القَزَّاز، وَأَبِي العَلاَءِ بنِ
عَقِيْلٍ، وَعِدَّة، وَتَفَرَّد.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ النَّجَّارِ، وَالمُحِبّ،
وَالشَّرِيْشِيّ، وَعَبْد الرَّحْمَنِ بن المُقَيَّرِ،
وَأَجَاز لِلبِجَّدِيِّ (1) ، وَسِتّ الفُقَهَاء بِنْت
الوَاسِطِيّ، وَبنت الكَمَال.
مَاتَ: سَنَةَ سَبْعٍ (2) وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
وَقَدْ ذَمه ابْن النَّجَّار، وَالمُحِبّ، وَاتَّهمَاهُ،
فَلاَ تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ إِلاَّ مِنْ أَصلٍ.
قُلْتُ: لأَنَّه أَخرجَ إِجَازَةً مِنْ سَنَةِ أَرْبَعٍ
وَسِتِّيْنَ كَانَتْ لأَخٍ لَهُ اسْمُه
__________
= الترجمة 277، وهي ترجمة كتبت قبل وفاة المترجم له ولهذا
لم يذكر وفاته وقال: سمع منه قوم من الطلبة في هذا الوقت،
صلة التكملة للحسيني الورقة 58 - 59، تاريخ الإسلام للذهبي
(أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 83، العبر للذهبي: 5 / 194،
المختصر المحتاج إليه من تاريخ ابن الدبيثي اختصار الذهبي:
1 / 76 الترجمة 143، لسان الميزان 5 / 264 الترجمة 908،
وفيه (السندي) بالنون وهو تصحيف، شذرات الذهب 5 / 238.
(1) في الأصل: " للنجدي " مصحف.
(2) وهم محقق المختصر المحتاج إليه من تاريخ ابن الدبيثي
في جعل وفاته سنة 646 واضافها إلى متن الكتاب حاصرا لها
بين قوسي الزيادة، اعتمادا على ما ذكر في لسان الميزان
كذلك وهو سهو.
(23/267)
بِاسْمِهِ وَكُنْيَتُهُ بِكُنْيَتِهِ،
وَقَدْ وُلِدَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ، فَزَعَمَ
أَنَّهُ هُوَ، فَعَنَّفُوهُ عَلَى ذَلِكَ، وَخوَّفه
المُحِبُّ مِنَ اللهِ، فَانْكَسَرَ، وَخجل.
177 - مُظَفَّرُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عَتِيْقٍ، ابْنُ
الفُوِّيِّ الإِسْكَنْدَرَانِيُّ *
العَدْل، أَبُو مَنْصُوْرٍ ابْنُ الفُوِّيِّ
الإِسْكَنْدَرَانِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ.
وَسَمِعَ: مِنَ السِّلَفِيِّ.
وَعَنْهُ: الدِّمْيَاطِيّ، وَابْن بَلْبَان، وَالضِّيَاء
السَّبْتِيّ، وَالحَسَن ابْن الصَّيْرَفِيّ، وَعِدَّة.
تُوُفِّيَ: فِي ذِي القَعْدَةِ (1) ، سَنَة ثَمَانٍ
وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
178 - شُعَيْبُ بنُ يَحْيَى بنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ
بنِ عَطِيَّةَ القَيْرَوَانِيُّ **
الشَّيْخُ، المُسْنِدُ الصَّالِح، أَبُو مَدْيَنَ
القَيْرَوَانِي، ثُمَّ الإِسْكَنْدَرَانِيُّ، التَّاجِر،
ابْنُ الزَّعْفَرَانِيِّ التَّاجِر المُجَاوِر بِمَكَّةَ.
وُلِدَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
__________
(*) تاريخ الإسلام للحافظ الذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20
الورقة 91، العبر للذهبي
5 / 201، وضبط النسبة في المشتبه: 2 / 512، وذكره ايضا ضمن
من توفوا في هذه السنة في تذكرة الحفاظ 4 / 1411 وفيه تصحف
(الفوي) إلى (القوي)، النجوم الزاهرة: 7 / 22، شذرات
الذهب: 5 / 243.
(1) في العبر وتاريخ الإسلام توفي في سلخ ذي القعدة.
(* *) صلة التكملة للحسيني الورقة 49، تاريخ الإسلام
للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 55 - 56، العبر 5 /
186، النجوم الزاهرة 6 / 359، شذرات الذهب: 5 / 231.
(23/268)
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي طَاهِرٍ
السِّلَفِيِّ، وَجَاور مُدَّة، وَكَانَ سَمْحاً ذَا بِرٍّ
وَصدقَة.
حَدَّثَ عَنْهُ: المُنْذِرِيّ، وَالدِّمْيَاطِيّ، وَابْن
الظَّاهِرِي، وَالمُحِبّ مُؤلف (الأَحكَام)، وَرضِيُّ
الدِّيْنِ إِمَامُ المقَامِ، وَأَخُوْهُ؛ الصفِيُّ
أَحْمَد، وَبَهَاء الدِّيْنِ أَيُّوْب ابْن النَّحَّاسِ،
وَأَخُوْهُ الأَمِيْنُ مُحَمَّدٌ، وَجَمَاعَة.
تُوُفِّيَ: فِي الثَّالِثِ وَالعِشْرِيْنَ مِنْ ذِي
القَعْدَةِ، سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
رَوَى (الأَرْبَعِيْنَيْنِ) حَسْبُ.
179 - ابْنُ أَبِي حَرَمِيٍّ عَبْدُ الرَّحْمَانِ بنُ
فُتُوْحِ بنِ بَنِيْنَ المَكِّيُّ *
الشَّيْخُ، المُعَمَّر، العَالِم، المُسْنِدُ، أَبُو
القَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَانِ بنُ أَبِي حَرَمِيٍّ
فُتُوْحِ بنِ بَنِيْنَ المَكِّيُّ، الكَاتِبُ، العَطَّارُ.
وُلِدَ: سَنَةَ بِضْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ - وَهُوَ شَابّ - (صَحِيْح البُخَارِيِّ) مِنْ
طرِيقِ أَبِي ذَرٍّ عَلَى المُقْرِئ عَلِيِّ بنِ عَمَّارٍ
بِسَمَاعِهِ مِنْ أَبِي مَكْتُوْمٍ عِيْسَى بنِ أَبِي
ذَرٍّ، ثُمَّ ارْتَحَلَ إِلَى بَغْدَادَ، فَسَمِعَ مِنْ:
أَبِي الفَتْحِ بنِ شَاتِيلَ، وَنَصْر اللهِ القَزَّازِ،
وَبِدِمَشْقَ مِنْ: أَبِي الفَضْلِ بن الحُسَيْنِ
البَانْيَاسِيّ، وَالقَاضِي أَبِي سَعْدٍ بنِ أَبِي
عَصْرُوْنَ، وَأَجَاز لَهُ السِّلَفِيّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مَجْد الدِّيْنِ العُقَيْلِيّ، وَمُحِبُّ
الدِّيْنِ الطَّبَرِيّ، وَالحَافِظُ أَبُو
__________
(*) صلة التكملة للحسيني الورقة 47، تاريخ الإسلام للذهبي
(أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 56 - 57.
(23/269)
مُحَمَّدٍ الدِّمْيَاطِيّ، وَرَضِيُّ
الدِّيْنِ إِمَامُ المَقَامِ، وَأَخُوْهُ؛ صَفِيُّ
الدِّيْنِ.
تُوُفِّيَ: فِي نِصْفِ رَجَبٍ، سَنَةَ خَمْسٍ
وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
180 - صَفِيَّةُ بِنْتُ العَدْلِ عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ
عَلِيِّ بنِ الخَضِرِ الأَسَدِيَّةُ
المُعَمَرَّةُ الجَلِيْلَةُ، أُمُّ حَمْزَةَ
الأَسَدِيَّةُ، الزُّبَيْرِيَّةُ، الدِّمَشْقيَّةُ، ثُمَّ
الحَمَوِيَّةُ، أُخْتُ الشَّيخَةِ كَرِيْمَةَ.
تَهَاونَ أَبُوْهَا وَلَمْ يُسْمِعْهَا شَيْئاً، وَلَكِن
عمَّهَا الحَافِظَ عُمَرَ بنَ عَلِيٍّ اسْتَجَازَ لَهَا،
فَرَوَتْ عَنْ: مَسْعُوْدٍ الثَّقَفِيِّ، وَأَبِي عَبْدِ
اللهِ الرُّسْتَمِيِّ، وَالقَاسِم بنِ الفَضْلِ
الصَّيْدَلاَنِيِّ، وَرَجَاءِ بنِ حَامِدٍ، وَعَلِيِّ بنِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ تَاجِ القُرَّاءِ، وَعِدَّةٍ.
وَطَال عُمُرُهَا، وَاحتِيجَ إِلَيْهَا، وَرَوَتْ
أَشيَاءَ.
حَدَّثَ عَنْهَا: مَجْدُ الدِّيْنِ ابْنُ
الحُلْوَانِيَّةِ، وَالدِّمْيَاطِيُّ، وَتَقِيُّ الدِّيْنِ
ابْنُ مُزَيْزٍ، وَالأَمِيْنُ مُحَمَّدُ بنُ النَّحَّاسِ،
وَأَبُو بَكْرٍ الدَّشْتِيُّ، وَأَبُو العَبَّاسِ ابْنُ
الظَّاهِرِيِّ، وَطَائِفَةٌ.
وَبِالحُضُوْرِ: حَفِيْدُهَا؛ عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ
الوَهَّابِ الشَّاهِدُ، وَالتَّاجُ أَحْمَدُ بنُ مُزَيْزٍ.
وَقَدْ سَمِعَ التَّقِيُّ ابْنُ الأَنْمَاطِيِّ مِنْهَا
قَدِيماً.
قَالَ الدِّمْيَاطِيُّ: حَضَرتُ جنَازتَهَا بِحَمَاةَ، فِي
خَامِسِ رَجَبٍ، سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ
مائَةٍ.
قُلْتُ: قَارَبتْ تِسْعِيْنَ سَنَةً.
وَفِيه مَاتَ: الصَّالِحُ أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ
النَّجَّارُ مُحَدِّثُ حَرَّانَ، وَأَبُو النُّعْمَانِ
__________
(*) صلة التكملة للحسيني الورقة 52 - 53 تاريخ الإسلام
للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 66، العبر: 5 / 188 -
189، الجوم الزاهرة: 6 / 361، شذرات الذهب: 5 / 234.
(23/270)
بَشِيْرُ بنُ حَامِدِ بنِ سُلَيْمَانَ
الهَاشِمِيُّ التِّبْرِيْزِيُّ بِمَكَّةَ، وَشَيْخُ
الأَطِبَّاءِ ضِيَاءُ الدِّيْنِ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ
بنِ البَيْطَارِ المَالَقِيُّ العَشَّابُ، وَأَبُو
القَاسِمِ بنُ رَوَاحَةَ الأَنْصَارِيُّ شَيْخُ
الحَدِيْثِ، وَأَبُو عَمْرٍو بنُ الحَاجِبِ شَيْخُ
العَرَبِيَّةِ وَالأُصُوْلِ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ
الدَّبَّاجِ النَّحْوِيُّ شَيْخُ القُرَّاءِ، وَصَاحِبُ
الغَرْبِ السَّعِيْدُ عَلِيُّ بنُ المَأْمُوْنِ
القَيْسِيُّ، وَوزِيْرُ حَلَبَ الأَكْرَمُ عَلِيُّ بنُ
يُوْسُفَ القِفْطِيُّ، وَأَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ
يَحْيَى بنِ يَاقُوْتٍ بِالإِسْكَنْدَرِيَّةِ، وَأَبُو
عَلِيٍّ مَنْصُوْرُ بنُ سَنَدِ ابْنِ الدِّمَاغِ، وَشَيْخُ
المُتَكَلِّمِينَ الأَفْضَلُ مُحَمَّدُ بنُ نَامَاورَ
الخُوْنَجِيُّ الشَّافِعِيُّ الحَكِيْمُ بِمِصْرَ.
181 - سُلَيْمَانُ بنُ دَاوُدَ العُبَيْدِيُّ *
ابْنِ آخِرِ الفَاطَمِيَّةِ العَاضِدِ بِاللهِ عَبْدِ
اللهِ ابْنِ الأَمِيْرِ يُوْسُفَ ابْنِ الحَافِظِ
العُبَيْدِيِّ.
كَانَتِ الدَّعوَةُ بَيْنَ الإِسْمَاعِيْلِيَّةِ لَهُ،
وَكَانَ مُعتَقلاً بِقَلْعَةِ الجَبَلِ، وَلهُم فِيْهِ
مَعَ فَرطِ جَهلِه وَغَبَاوتِه اعْتِقَادٌ زَائِدٌ،
وَلَمَّا هَلكَ العَاضِدُ، خلَّفَ صَبِيّاً حَبَسَه
السُّلْطَانُ صَلاَحُ الدِّيْنِ، ثُمَّ كَبِرَ،
وَتَحيَّلُوا، فَأَدخَلُوا إِلَيْهِ سُرَيَّةً بِهَيْئَةِ
غُلاَمٍ فَأَحْبَلَهَا، وَأُخْرِجَتْ، فَوَلَدَتْهُ
بِالصَّعِيدِ - أَعنِي: سُلَيْمَانَ بنَ دَاوُدَ -
وَأُخفِيَ، وَلُقِّبَ الحَامِدَ للهِ، فَوَقَعَ بِهِ
الملكُ الكَامِلُ، فَاعْتقَلَه حَتَّى مَاتَ فِي الحَبْسِ
بِلاَ عَقِبٍ، وَتَقُوْلُ الجَهَلَةُ: لَهُ وَلدٌ
مَخْفِيٌّ.
مَاتَ سُلَيْمَانُ: فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ خَمْسٍ
وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَبَقِيَ بَعْدَهُ شَيْخٌ
مِنْ بَنِي عَمِّه اسْمُه قَاسِمٌ، وَهُوَ مَحْبُوسٌ،
وَنَسَبُهُم مَطعُوْنٌ فِيْهِ.
وَأَمَّا دَاوُدُ، فَمَاتَ فِي أَيَّامِ العَادِلِ.
__________
(*) تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 في ورقة
ملحقة بالورقة 55، الوافي بالوفيات 15 / 377 الترجمة 524.
(23/271)
182 - ابْنُ أَبِي السَّعَادَاتِ مُحَمَّدُ
بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيُّ *
العَلاَّمَةُ، المُفْتِي، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ
ابنُ أَبِي بَكْرٍ عَبْدِ اللهِ ابنِ أَبِي السَّعَادَاتِ
مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيُّ، الدَّبَّاسُ، المُقْرِئُ،
الحَنْبَلِيُّ.
مُقْرِئٌ مُجَوِّدٌ، وَفَقِيْهٌ مُحَقِّقٌ.
وُلِدَ: فِي حُدُوْدِ سَنَةِ سَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي الفَتْحِ شَاتِيْلَ، وَنَصْرِ اللهِ
القَزَّازِ، وَعِدَّةٍ.
وَطَلبَ بِنَفْسِهِ، فَقَرَأَ عَلَى أَصْحَابِ ابْنِ
الحُصَيْنِ، وَقَاضِي المَرَسْتَانِ.
وَتَفَقَّهَ عَلَى: أَبِي الفَتْحِ ابْنِ المَنِّيِّ،
وَعَلِيٍّ النُّوْقَانِيِّ الشَّافِعِيِّ.
وَبَرَعَ فِي الجَدَلِ وَالخلاَفِ، وَنَاظَرَ، وَنَظَرَ
فِي وَقْفِ المَارستَانِ، وَأَعَادَ
بِالمُسْتَنْصِرِيَّةِ، وَكَانَ ذَا دِينٍ وَتَعَبُّدٍ
وَزُهْدٍ، مُتَصَدِّياً لِلإِفَادَةِ، لَمْ تُعْرَفْ لَهُ
صَبوَةٌ، وَكَانَ حَسَنَ النَّوَادِرِ، فَصِيْحاً،
مُعرِباً، مُنْقَطِعاً عَنِ الرُّؤَسَاءِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ النَّجَّارِ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ،
وَعَظَّمَه.
قَرَأْتُ وَفَاتَه بِخَطِّ الشَّيْخِ كَمَالِ الدِّيْنِ
ابْنِ الفُوَطِيِّ: فِي لَيْلَةِ الجُمُعَةِ، الحَادِيَ
وَالعِشْرِيْنَ مِنْ شَعْبَانَ، سَنَةَ ثَمَانٍ
وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَدُفِنَ بِبَابِ حَرْبٍ،
وَقَدْ نَاهَزَ الثَّمَانِيْنَ، أَوْ بَلَغَهَا.
183 - الرِّيْغِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعِيْدِ بنِ قَايِدٍ **
قَاضِي الإِسْكَنْدَرِيَّةِ، وَخَطِيْبُهَا، العَلاَّمَةُ،
الصَّالِحُ، المُفْتِي، جَمَالُ الدِّيْنِ، أَبُو
__________
(*) تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة
90، ذيل طبقات الحنابلة: 2 / 245 - 246 الترجمة 354، شذرات
الذهب: 5 / 242 - 243.
(* *) صلة التكملة للحسيني الورقة 46، تاريخ الإسلام
للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 56، تبصير المنتبه
بتحرير المشتبه: 1 / 624.
(23/272)
مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ
بنِ سَعِيْدِ بنِ قَايِدٍ - بِقَافٍ - الهِلاَلِيُّ،
المَغْرِبِيُّ، المَالِكِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ تَقْرِيْباً،
بِالرِّيْغِ؛ وَهِيَ نَاحِيَةٌ جَنوبيَّةٌ مِنَ
المَغْرِبِ، وَقَدِمَ مِصْرَ شَابّاً، فَتَفَقَّهَ.
وَأَجَاز لَهُ: السِّلَفِيُّ.
وَسَمِعَ مِنِ: ابْنِ بَرِّيٍّ، وَابْنِ عَوْفٍ، وَأَبِي
مُحَمَّدٍ الشَّاطِبِيِّ؛ سَمِعَ مِنْهُ (المُوَطَّأَ).
وَقِيْلَ: الرِّيْغُ: مِنْ عَمِلِ قسطيليَةَ؛ مِنْ بِلاَدِ
الجرِيْدِ.
وَلَهُ مصَنَّفٌ جَلِيْلٌ فِي عِلمِ اللُّغَةِ، وَكَانَ
يَكتبُ طرِيقَةَ المغَاربَةِ وَطرِيقَةَ المَشَارقَةِ.
رَوَى عَنْهُ: المُنْذِرِيُّ، وَابْنُ العِمَادِيَّةِ،
وَالدِّمْيَاطِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
تَفقَّهَ: بِأَبِي القَاسِمِ بنِ جَارَةَ، وَبَعْلِيٍّ
الطُّوْسِيِّ، وَابْنِ أَبِي المَنْصُوْرِ.
وَكَانَ تَقِيّاً، وَرِعاً، عَادِلاً، لاَ تَأْخُذُهُ فِي
اللهِ لَوْمَةُ لاَئِمٍ، كَانَ الكَامِلُ يَفتخِرُ بِهِ،
وَيَعتقِدُ بَرَكَتَه، وَلِيَ الخطَابَةَ وَالقَضَاءَ مِنْ
غَيْرِ طَلَبٍ، ثُمَّ بَعْدَ دَهْرٍ عَزلَ نَفْسَه مِنَ
الخطَابَةِ، ثُمَّ تَركَ القَضَاءَ، وَقَالَ: دَعُوْنِي
أَخدمُ رَبِّي.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ أَطبقَ الدَّوَاةَ، وَقَالَ: اللَّهُمَّ
إِنْ كُنْتَ تَعلمُ أَنِّي دَاجَيْتُ فِي حُكمٍ،
فَأَحرِقْنِي بِهِ فِي جَهَنَّمَ، وَإِنْ كُنْتَ تَعلمُ
أَنَّهُ عُمل عَلَيَّ فِي حُكمٍ، فَأَنْتَ أَوْلَى مَنْ
عَذَرَ.
وَبَقِيَ فِي القَضَاءِ أَزْيَدَ مِنْ أَرْبَعِيْنَ
سَنَةً.
وَتُوُفِّيَ: فِي الثَّامنِ وَالعِشْرِيْنَ مِنْ رَبِيْعٍ
الآخِرِ، سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ،
بَعْد تَركِهِ القَضَاءَ بِسَنَةٍ.
184 - ابْنُ مَطْرُوْحٍ يَحْيَى بنُ عِيْسَى بنِ
إِبْرَاهِيْمَ الصَّعِيْدِيُّ *
الإِمَامُ الكَبِيْرُ، صَاحِبُ النَّظْمِ الفَائِقِ،
جَمَالُ الدِّيْنِ يَحْيَى بنُ عِيْسَى بنِ
__________
(*) مرآة الزمان: 8 / 788 - 789 (وجعله في وفيات سنة 650)،
عقود الجمان في =
(23/273)
إِبْرَاهِيْمَ بنِ الحُسَيْنِ بنِ
مَطْرُوْحٍ الصَّعِيْدِيُّ.
خدمَ مَعَ الملكِ الصَّالِحِ نَجْمِ الدِّيْنِ بِآمِدَ
وَحرَّانَ وَحصنِ كَيْفَا، فَلَمَّا تَسَلْطنَ بِمِصْرَ،
وَلاَّهُ نَظَرَ الخِزَانَةِ، ثُمَّ وَزَرَ لَهُ
بِدِمَشْقَ، ثُمَّ عَزَلَهُ، وَتغَيَّرَ عَلَيْهِ.
وَلَهُ (دِيْوَانٌ) مَشْهُوْرٌ (1) .
تُوُفِّيَ: فِي شَعْبَانَ (2) ، سَنَةَ تِسْعٍ
وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَقَدْ قَارَبَ
السِّتِّيْنَ (3) .
185 - المُوَفَّقُ قَاسِمُ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ
المَدَائِنِيُّ
ابْنِ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي الحَدِيْدِ المَدَائِنِيّ،
ثُمَّ
__________
= شعراء هذا الزمان لابن الشعار الموصلي (اسعد افندي 2330)
ج 10 الورقة: 5 / أ، ذيل الروضتين لأبي شامة: 187، وجعل
وفاته سنة 650، وفيات الأعيان: 6 / 258 - 266 الترجمة 811،
صلة التكملة للحسيني: الورقة 65، تاريخ الإسلام للذهبي
(أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 99، العبر: 5 / 204، عيون
التواريخ لابن شاكر الكتبي: 20 / 54 - 61، العسجد المسبوك:
585، النجوم الزاهرة 7 / 24 (في حوادث ووفيات سنة 649)
وترجم له في 7 / 27 (في حوادث ووفيات سنة 650)، حسن
المحاضرة 1 / 567 الترجمة 48 وجعل وفاته سنة 654، شذرات
الذهب 5 / 247 - 248.
(1) طبع في الاستانة بمطبعة الجوائب سنة 1298.
(2) ذكرنا الاختلاف في وفاته ولكن الذين ذكروا انه توفي في
شعبان وهم الكثرة قيدوا وفاته بمستهل شعبان، وذكر ابن شاكر
الكتبي ان ذلك حدث في يوم الأربعاء.
(3) ذكر ابن خلكان وابن شاكر انه ولد في يوم الاثنين
الثامن من رجب سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة.
(*) عقود الجمان في شعراء هذا الزمان لابن الشعار الموصلي
(نسخة اسعد افندي 2326) ج 5 الورقة 301 / أ، وفيات
الأعيان: 5 / 392، صلة التكملة لوفيات النقلة المجلد
الثاني الورقة 44، الحوادث الجامعة 336، ذيل مرآة الزمان
لليونيني 1 / 104 - 105، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا
3013) ج 20 الورقة 161 - 162، العبر: 5 / 234، عيون
التواريخ لابن شاكر الكتبي: 20 / 163، فوات الوفيات 1 /
154 - 155 الترجمة 58، الوافي بالوفيات 8 / 225 - 226
الترجمة 3661، العسجد المسبوك: 641، شذرات الذهب: 5 / 280
- 281، وسيترجم له الذهبي ترجمة اخرى هي الترجمة 415.
(23/274)
البَغْدَادِيُّ، الأُصُوْلِيُّ،
الأَدِيْبُ، صَاحِبُ الإِنشَاءِ، وَيُدعَى: أَحْمَدَ.
أَجَازَ لَهُ: عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي المَجْدِ.
أَخَذَ عَنْهُ: الدِّمْيَاطِيُّ شِعراً.
مَاتَ: فِي وَسطِ (1) سَنَةِ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ، فَرثَاهُ
أَخُوْهُ عِزُّ الدِّيْنِ عَبْدُ الحَمِيْدِ (2) ، ثُمَّ
مَاتَ بَعْدَهُ بِقَلِيْلٍ فَي العَامِ، وَكَانَا مِنْ
كِبَارِ الفُضَلاَءِ وَأَربَابِ الكَلاَمِ وَالنَّظمِ
وَالنَّثرِ وَالبَلاغَةِ، وَالمُوَفَّقُ أَحْسَنُهُمَا
عَقِيدَةً، فَإِنَّ العِزَّ مُعْتَزِلِيٌّ - أَجَارنَا
اللهُ -!
186 - الشَّارِّيُّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ
بنِ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُقْرِئُ، المُحَدِّثُ،
الأَنبَلُ، الأَمْجَدُ، شَيْخُ المَغْرِبِ، أَبُو الحَسَنِ
عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
يَحْيَى بنِ يَحْيَى الغَافِقِيُّ، الشَّارِيُّ، ثُمَّ
السَّبْتِيُّ.
وَشَارَةُ: بُليدَةٌ مِنْ عَملِ مُرْسِيَةَ، وَهِيَ
مَحتَدُهُ، وَسَبْتَةُ مَوْلِدُهُ.
__________
(1) ذكر الحسيني في الصلة والذهبي في العبر انه توفي في
رجب، وذكروا أنه ولد سنة تسعين وخمس مئة.
(2) الذين ترجموا لعز الدين عبد الحميد (صاحب شرح نهج
البلاغة) ذكروا أن وفاته كانت سنة 655 أي قبل وفاة الموفق،
انظر بشأن ترجمة العز: عقود الجمان لابن الشعار الموصلي،
(نسخة اسعد افندي 2325) ج 4 الورقة 107 ب، وفيات الأعيان:
5 / 392، ذيل مرآة الزمان: 1 / 62، فوات الوفيات: 2 / 259
- 262 الترجمة 246 البداية والنهاية: 13 / 199، ومقدمة شرح
نهج البلاغة تحقيق أبي الفضل إبراهيم.
(*) التكملة لكتاب الصلة لابن الابار (المخطوطة الأزهرية)
ج 3 الورقة 80، صلة التكملة لوفيات النقلة للحسيني الورقة
66، تاريخ الإسلام للحافظ الذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20
الورقة 96، العسجد المسبوك: 583، غاية النهاية في طبقات
القراء 1 / 574 - 575 الترجمة 2330.
(23/275)
قَالَ تِلْمِيْذُهُ أَبُو جَعْفَرٍ ابْنُ
الزُّبَيْرِ: وُلِدَ فِي خَامِسِ رَمَضَانَ، سَنَةَ
إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَأَخَذَ عَنْ
أَبِي مُحَمَّدٍ بنِ عُبَيْدِ اللهِ الحَجْرِيِّ
وَلاَزَمَهُ، فَتَلاَ عَلَيْهِ ختمَةً بِالسَّبْعِ،
وَأَخَذَ القِرَاءاتِ أَيْضاً: عَنْ أَبِي بَكْرٍ يَحْيَى
بنِ مُحَمَّدٍ الهَوْزَنِيِّ فِي خَتمَاتٍ، وَالمُقْرِئِ
مُحَمَّدِ بنِ حَسَنِ بنِ الكَمَّادِ، إِلاَّ أَنَّهُ
اعتمدَ عَلَى ابْنِ عُبَيْدِ اللهِ؛ لِعُلُوِّ سَندِه،
وَقَرَأَ عَلَيْهِ (المُوَطَّأَ)، وَسَمِعَ عَلَيْهِ
الكُتُبَ الخَمْسَةَ سِوَى يَسيرٍ مِنْ آخرِ (كِتَابِ
مُسْلِمٍ)، وَسَمِعَ مِنْهُ أَيْضاً (مُسْنَدَ أَبِي
بَكْرٍ البَزَّارِ الكَبِيْرَ) وَ(السِّيَرَ (1))
تَهْذِيْبَ ابْنِ هِشَامٍ.
وَحَمَلَ عَنْ: أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ غَازِي
السَّبْتِيِّ، وَأَبِي ذَرٍّ الخُشَنِيِّ، وَأَيُّوْبَ بنِ
عَبْدِ اللهِ الفِهْرِيِّ، وَعِدَّةٍ.
وَقَرَأَ عَلَى أَبِيْهِ أَشيَاءَ، وَتَلاَ عَلَيْهِ
بِالسَّبْعِ، وَلاَزَمَ بِفَاسَ الأُصُوْلِيَّ أَبَا
عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدَ بنَ عَلِيٍّ الفَنْدَلاَوِيَّ
الكَتَّانِيَّ، وَتَفَقَّهَ عِنْدَهُ فِي عِلمِ الكَلاَمِ
وَفِي أُصُوْلِ الفِقْهِ، وَعَلَى جَمَاعَةٍ بفَاسَ،
وَسَمِعَ بِهَا مِنْ: عَبْدِ الرَّحِيْمِ بنِ
المَلْجُوْمِ، وَلاَزَمَ فِي العَرَبِيَّة: ابْنَ
خَرُوْفٍ، وَأَبَا عَمْرٍو مُرَجَّىً المرجيقِيَّ، وَأَبَا
الحَسَنِ بنَ عَاشِرٍ الخُزَاعِيَّ.
وَأَجَازَ لَهُ: أَبُو القَاسِمِ بنُ حُبَيْشٍ، وَأَبُو
زَيْدٍ السُّهَيْلِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ ابْنُ
الفَخَّارِ، وَنَجَبَةُ بنُ يَحْيَى، وَعِدَّةٌ، وَكَانَ
آخِرَ مَنْ حَدَّثَ عَنِ ابْنِ عُبَيْدِ اللهِ، وَآخِرَ
مَنْ أَسندَ عَنْهُ السَّبْعَ تِلاَوَةً بِالأَنْدَلُسِ
وَبِالعَدْوَةِ...، إِلَى أَنْ قَالَ:
وَكَانَ ثِقَةً، متحرِّياً، ضَابطاً، عَارِفاً
بِالأَسَانِيْدِ وَالرِّجَالِ وَالطُّرقِ، بَقِيَّةً
صَالِحَةً، وَذَخيرَةً نَافِعَةً، رَحلتُ إِلَيْهِ،
فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ كَثِيْراً، وَتَلوتُ عَلَيْهِ،
وَكَانَ مُنَافِراً لأَهْل البِدَعِ وَالأَهوَاءِ،
مَعْرُوْفاً بِذَلِكَ، حَسنَ النِّيَّةِ، مِنْ أَهْلِ
المُرُوْءَةِ وَالفَضْلِ التَّامِّ وَالدِّينِ القَوِيمِ،
مُنْصِفاً، مُتَوَاضِعاً، حَسنَ الظَّنِّ
بِالمُسْلِمِيْنَ، مُحِبّاً فِي الحَدِيْثِ وَأَهْلِه،
كَانَ يَجلسُ لَنَا بِمَالَقَةَ نَهَارَه كُلَّه إِلاَّ
القَلِيْلَ، وَكُنْتُ أَتلُو عَلَيْهِ فِي اللَّيْلِ؛
لاستِغرَاقِ نَهَارِه، وَكَانَ شَدِيدَ التَّيقُّظِ
__________
(1) يعني، السيرة النبوية.
(23/276)
مَعَ شَاختِه وَهَرَمِه، مَا امْتَنَعَ
قَطُّ عَمَّنْ قَصَدهُ، وَلاَ اعتذرَ إِلاَّ مِنْ
ضرُوْرَةٍ بَيِّنَةٍ، وَكَانَ قَدْ تحصَّلَ عِنْدَهُ مِنَ
الأَعلاَقِ النَّفِيسَةِ وَأُمَّهَاتِ الدَّوَاوِيْنِ مَا
لَمْ يَكُنْ عِنْدَ أَحَدٍ مَنْ أَبْنَاءِ عَصرِه، وَبَنَى
مَدْرَسَةً بِسَبتَةَ، وَوَقَفَ عَلَيْهَا الكُتُبَ،
وَشرعَ فِي تَكمِيْلِ ذَلِكَ عَلَى السَّنَنِ الجَارِي
بِالمدَارسِ الَّتِي بِبلاَدِ المَشْرِقِ، فَعَاقَ عَنْ
ذَلِكَ قوَاطعُ الفِتَنِ المُوجِبَةِ لإِخرَاجِه عَنْ
سَبْتَةَ وَتَغرِيبِه، فَدَخَلَ الأَنْدَلُسَ فِي سَنَةِ
إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، فَنَزَلَ
المرِّيَّةَ، فَبَقِيَ إِلَى سَنَةِ ثَمَانٍ
وَأَرْبَعِيْنَ، وَأَخَذَ عَنْهُ بِهَا عَالَمٌ كَثِيْرٌ،
وَأَقرَأَ بِهَا القُرْآنَ، ثُمَّ قَدِمَ مَالَقَةَ فِي
صَفَرٍ، سَنَةَ ثَمَانٍ.
وَحَدَّثَ بِغَرْنَاطَةَ، وَأَخَذَ عَنْهُ بِمَالَقَةَ
جِلَّةٌ؛ كَأَبِي عَبْدِ اللهِ الطّنّجَالِيِّ،
وَالأُسْتَاذِ حُمَيْدٍ القُرْطُبِيِّ، وَأَبِي (1)
الزّهْرِ بنِ رَبِيْعٍ.
وَكَذَلِكَ عَظَّمَهُ وَفَخَّمَه أَبُو عَبْدِ اللهِ
الأَبَّارُ (2) ، وَقَالَ: شَاركَ فِي عِدَّةِ فُنُوْنٍ،
مَعَ الشَّرَفِ وَالحِشْمَةِ وَالمُرُوْءَةِ الظَّاهِرَةِ،
وَاقتَنَى مِنَ الكُتُبِ شَيْئاً كَثِيْراً، وَحصَّلَ
الأُصُوْلَ العَتِيْقَةَ، وَرَوَى الكَثِيْرَ، وَكَانَ
مُحَدِّثَ تِلْكَ النَّاحيَةِ.
حَكَى لِي أَبُو القَاسِمِ بنُ عِمْرَانَ الحَضْرَمِيُّ
عَنْ سَبَبِ إِخرَاجِ الشَّارِيِّ مِنْ سَبْتَةَ أَنَّ
ابْنَ خلاَصٍ وَكُبَرَاءَ أَهْلِ سَبْتَةَ عزمُوا عَلَى
تَمليكِ سَبْتَةَ لِصَاحِبِ إِفْرِيْقِيَةَ يَحْيَى بنِ
عَبْدِ الوَاحِدِ، فَقَالَ لَهُم الشَّارِيُّ: يَا قَوْمِ!
خَيْرُ إِفْرِيْقِيَة بَعِيدٌ عَنَّا، وَشرُّهَا بَعيدٌ،
وَالرَّأْيُ مُدَارَاةُ مَلِكِ مَرَّاكُشَ.
فَمَا هَانَ عَلَى ابْنِ خلاَصٍ، وَكَانَ فِيهِم مُطَاعاً،
فَهَيَّأَ مَركباً، وَأَنْزَلَ فِيْهِ أَبَا الحَسَنِ
الشَّارِيَّ، وَغَرَّبَه إِلَى مَالَقَةَ، وَبَقِيَ
بِسبتَةَ أَهْلُه وَمَالُه، وَلَهُ بِسبتَةَ مَدْرَسَةٌ
مليحَةٌ كَبِيْرَةٌ.
قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: تُوُفِّيَ أَبُو الحَسَنِ
-رَحِمَهُ اللهُ- بِمَالَقَةَ، فِي التَّاسِعِ
وَالعِشْرِيْنَ مِنْ رَمَضَانَ، سَنَةَ تِسْعٍ
وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
__________
(1) في الأصل: (وأبو) ولا يصح ذلك.
(2) التكملة لكتاب الصلة (النسخة الأزهرية) ج 3 الورقة 80
بتصرف في الجملة
(23/277)
وَمِنْ مَسْمُوْعِ ابْنِ الزُّبَيْرِ
كِتَابُ (السُّنَنِ الكَبِيْرِ) لِلنَّسَائِيِّ مِنْ أَبِي
الحَسَنِ الشَّارِيِّ، بِسَمَاعِه لِجَمِيْعِه مِنِ ابْنِ
عُبَيْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ
البِطْرَوْجِيُّ، أَخْبَرْنَا ابْنُ الطَّلاَّعِ،
أَخْبَرْنَا ابْنُ مُغِيْثٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ
مُعَاوِيَةَ ابْنِ الأَحْمَرِ، عَنِ النَّسَائِيِّ.
قَالَ ابْنُ رشيدٍ: أَحيَا الشَّارِيُّ بِسَبْتَةَ
العِلْمَ حَيّاً وَمَيِّتاً، وَحَصَّلَ الكُتُبَ بِأَغلَى
الأَثْمَانِ، وَكَانَ لَهُ عَظَمَةٌ فِي النُّفُوْسِ
-رَحِمَهُ اللهُ-.
قَالَ ابْنُ رشيد: حَدَّثَ عَنْهُ: شَيْخُنَا أَبُو
فَارِسٍ عَبْد العَزِيْزِ بن إِبْرَاهِيْمَ بِـ
(البُخَارِيِّ) سَمَاعاً عَنْ رِجَالِهِ، مِنْهُم: ابْنُ
عُبَيْدِ اللهِ سَمَاعاً سَنَة تِسْعِيْنَ، عَنْ شُرَيْحٍ،
قَالَ:
وَرَوَاهُ شَيْخُنَا أَبُو فَارِسٍ، عَنْ أَبِي نَصْرٍ
الشِّيْرَازِيِّ إِجَازَةً، عَنْ أَبِي الوَقْتِ.
187 - السِّبْطُ أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَانِ بنُ
مَكِّيٍّ الطَّرَابُلُسِيُّ *
الشَّيْخُ، المُسْنِدُ، المُعَمَّرُ، أَبُو القَاسِمِ
عَبْدُ الرَّحْمَانِ ابْنُ الحَاسِبِ مَكِّيِّ بنِ عَبْدِ
الرَّحْمَانِ بنِ أَبِي سَعِيْدٍ بنِ عَتِيْقٍ، جَمَالُ
الدِّيْنِ الطَّرَابُلُسِيُّ، ثُمَّ الإِسْكَنْدَرَانِيُّ،
سِبْطُ الحَافِظِ أَبِي طَاهِرٍ (1) .
سَمِعَ مِنْ: جَدِّهِ كَثِيْراً، وَحَضَرَ عَلَيْهِ فِي
الرَّابِعَةِ كَثِيْراً، وَمَا رَأَيْتُهُ حضَرَ شَيْئاً
قَبْلَهَا.
مَوْلِدُهُ: سَنَةَ سَبْعِيْنَ.
وَسَمِعَ: جُزْءاً مِنِ ابْنِ مُوقَا، وَمِنْ بَدْرٍ
الحُذَادَاذِيِّ،
__________
(*) تكملة اكمال الإكمال لابن الصابوني: 193، صلة التكملة
لوفيات النقلة للحسيني ج 2 الورقة 4 - 5، تاريخ الإسلام
للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 111، دول الإسلام
للذهبي 2 / 118 - 119، العبر للذهبي: 5 / 208، النجوم
الزاهرة: 7 / 31، حسن المحاضرة: 1 / 379 الترجمة 76، شذرات
الذهب: 5 / 253 - 254.
(1) السلفي.
(23/278)
وَعَبْدِ المَجِيْدِ بنِ دُلَيْلٍ،
وَبِمِصْرَ مِنَ البُوْصِيْرِيِّ.
أَجَاز لَهُ: جدُّه، وَالكَاتِبَةُ شُهْدَةُ، وَعَبْدُ
الحَقِّ بنُ يُوْسُفَ، وَمِنْ مَكَّةَ: أَبُو الحَسَنِ
عَلِيُّ بنُ حُمَيْدِ بنِ عَمَّارٍ رَاوِي (الصَّحِيْحِ)،
وَمِنَ المَوْصِلِ: خَطِيْبُهَا أَبُو الفَضْلِ، وَمِنَ
الشَّامِ: أَبُو سَعْدٍ بنُ أَبِي عَصْرُوْنَ، وَمِنَ
الأَنْدَلُسِ: الحَافِظُ خَلَفُ بنُ بَشْكُوَالَ، وَمِنْ
مِصْرَ: ابْنُ بَرِّيٍّ، وَعَلِيُّ بنُ هِبَةِ اللهِ
الكَامِلِيُّ، وَعِدَّةٌ.
وَتَفَرَّدَ، وَرَحَلَ إِلَيْهِ الطلبَةُ، وَرَوَى
الكَثِيْرَ بِالقَاهِرَةِ، وَلَهُ سَمَاعَاتٌ كَثِيْرَةٌ
مَا قُرِئتْ عَلَيْهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: المُنْذِرِيُّ، وَالدِّمْيَاطِيُّ،
وَابْنُ دَقِيْقِ العِيْدِ، وَالتَّقِيُّ عُبَيْدٌ،
وَالضِّيَاءُ السَّبْتِيُّ، وَالفَخْرُ التَّوْزَرِيُّ،
وَمِثْقَالٌ الأَشْرَفِيُّ، وَالشِّهَابُ القَرَافِيُّ،
وَالعِمَادُ مُحَمَّدُ ابْنُ الجَرَائِدِيِّ، وَالخَطِيْبُ
عَبْدُ الرَّحِيْمِ الحَنْبَلِيُّ، وَالفَخْرُ أَحْمَدُ
بنُ الجَبَّابِ، وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَظِيْمِ
الرَّسِّيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ ابْنِ الدِّمَاغِ،
وَالنُّوْرُ عَلِيُّ بنُ عُمَرَ الوَانِيُّ، وَخَلْقٌ
كَثِيْرٌ.
وَبِالإِجَازَةِ: خَطِيْبُ حَمَاةَ مُعِيْن الدِّيْنِ
أَبُو بَكْرٍ ابْن المُغَيْزِلِ، وَأَبُو بَكْرٍ ابْنُ
الرَّضِيِّ، وَالقَاضِي شَرَفُ الدِّيْنِ ابْنُ الحَافِظِ،
وَالشَّيْخُ شَمْسُ الدِّيْنِ عَبْدُ اللهِ ابْنُ
العَفِيْفِ، وَعِدَّةٌ.
وَكَانَ قَلِيْلَ العِلْمِ.
تُوُفِّيَ: فِي دَارِ ابْنِ القَسْطَلاَنِيِّ، بِمِصْرَ،
لَيْلَةَ رَابِعِ شَوَّالٍ، سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ
وَسِتِّ مائَةٍ.
وَفِيْهَا مَاتَ: أَبُو التُّقَى صَالِحُ بنُ شُجَاعٍ
المُدْلِجِيّ المَالِكِيُّ بِمِصْرَ، رَاوِي (صَحِيْحِ
مُسْلِمٍ)، وَعَبْدُ القَادِرِ بنُ الحُسَيْنِ
البَنْدَنِيْجِيُّ البَوَّابُ آخِرُ أَصْحَابِ عَبْدِ
الحَقِّ اليُوْسُفِيِّ، وَالزَّاهِدُ عُثْمَانُ شَيْخُ
دَيْرِ نَاعِسَ، وَالزَّاهِدُ
(23/279)
مُحَمَّدُ ابْنُ الشَّيْخِ عَبْدِ اللهِ
اليُوْنِيْنِيُّ، وَالمُحَدِّثُ أَبُو عَبْدِ اللهِ
الطّنّجَالِيُّ.
188 - عَبْدُ القَادِرِ بنُ الحُسَيْنِ بنِ جَمِيْلٍ،
أَبُو مُحَمَّدٍ البَنْدَنِيْجِيُّ *
الشَّيْخُ، أَبُو مُحَمَّدٍ البَنْدَنِيْجِيّ، ثُمَّ
البَغْدَادِيّ، البَوَّابُ.
سَمِعَ: عَبْد الحَقِّ اليُوْسُفِيّ، وَتَفَرَّد عَنْهُ،
وَعُبَيْد اللهِ بن شَاتيل.
رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الكَنْجِيُّ،
وَشيخنَا الدِّمْيَاطِيّ، وَآخَرُوْنَ.
تُوُفِّيَ: فِي ذِي القَعْدَةِ (1) ، سَنَة إِحْدَى
وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
189 - عِيْسَى بنُ سَلاَمَةَ بنِ سَالِمِ بنِ ثَابِتٍ
الحَرَّانِيُّ **
الشَّيْخُ، المُعَمَّرُ، مُسْنَد حرَان، أَبُو الفَضْلِ،
وَأَبُو العزَائِم الحَرَّانِيّ، الخَيَّاط.
وُلِدَ: فِي سَلْخِ شَوَّال، سَنَة إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ،
وَفَاتته الإِجَازَة العَامَّة مِنْ أَبِي الوَقْت
السِّجْزِيّ.
وَأَجَاز لَهُ: أَبُو الفَتْحِ ابْن البَطِّيِّ، وَأَبُو
بَكْرٍ بنُ النَّقُّوْرِ، وَالمُبَارَك بن مُحَمَّدٍ
البَاذَرَائِيّ، وَأَحْمَد بن عَلِيٍّ العَلَوِيّ،
وَمُحَمَّد بن مُحَمَّدِ بنِ السكن، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ
الرَّحَبِيِّ، وَيَحْيَى بن ثَابِتٍ، وَأَحْمَد
المُرَقَّعَاتِيُّ، وَشُهْدَة، وَعِدَّةٌ، هُوَ آخِرُ مِنْ
رَوَى عَنْهُم فِي الدُّنْيَا.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي الفَتْحِ
__________
(*) صلة التكملة للحسيني ج 2 الورقة 5، تاريخ الإسلام (أيا
صوفيا 3013) ج 20 الورقة 111، النجوم الزاهرة: 7 / 31.
(1) في صلة التكملة أنه توفي في السابع منه.
(* *) صلة التكملة للحسيني ج 2 الورقة 14 - 15، تاريخ
الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 120، العبر
للذهبي: 5 / 212 - 213، النجوم الزاهرة: 7 / 33، شذرات
الذهب: 5 / 259.
(23/280)
أَحْمَد بن أَبِي الوَفَاء، وَمِنَ
المُحَدِّث حَمَّاد، وَرَوَى الكَثِيْر، وَحَدَّثَ
بِدِمَشْقَ قَدِيْماً وَبِحَرَّانَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الدِّمْيَاطِيّ، وَابْن الظَّاهِرِي،
وَجَمَال الدِّيْنِ عَبْد الغَنِيِّ، وَمُحَمَّد بن زباط،
وَأَمِيْن الدِّيْنِ ابْن شُقَيْرٍ، وَعَبْد الأَحَدِ بن
تَيْمِيَةَ، وَأَحْمَد بن مُحَمَّدٍ الدَّشْتِيّ،
وَمُحَمَّد بن دِرباس الحَاكِي، وَطَائِفَةٌ، خَاتِمُهُم
القَاسِم بن عَلِيٍّ ابْن الحُبيشِيِّ.
وَكَانَ شَيْخاً دَيِّناً سَاكناً.
مَاتَ: فِي أَوَاخِرِ سَنَة اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ
وَسِتِّ مائَةٍ، عَنْ مائَةِ عَامٍ وَعَامٍ وَشُهورٍ.
وَمَاتَ مَعَهُ: أَبُو المَكَارِمِ أَحْمَد بن مُحَمَّدِ
بنِ مُحَمَّدِ بنِ نَقَّاش السكَّةِ بِمِصْرَ،
وَالرَّشِيْد إِسْمَاعِيْل ابْن الفَقِيْه المُقْرِئ
أَحْمَد بن الحُسَيْنِ العِرَاقِيّ الجَابِي، وَالمُعَمَّر
عَبْد اللهِ بن الحَسَنِ الهكَارِي عَنْ مائَة وَخَمْس
سِنِيْنَ، قرَأَ عَلَيْهِ الدِّمْيَاطِيّ (الصَّحِيْح)
عَنْ أَبِي الوَقْت، وَالمُتَكَلِّمُ شَمْسُ الدِّيْنِ
عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ عِيْسَى الخُسْرُوْشَاهِي، وَابْن
تَيْمِيَةَ مُؤلف (الأَحكَام)، وَالنَّاصح فَرج الحَبَشِيّ
خَادم أَبِي جَعْفَرٍ القُرْطُبِيّ، وَأَبُو الخَطَّابِ
مُحَمَّد بن أَحْمَدَ بنِ خَلِيْل الأَنْدَلُسِيّ،
وَكَمَال الدِّيْنِ مُحَمَّد بن طَلْحَةَ النَّصِيْبِيّ،
وَمُحَمَّد بن عَلِيِّ بنِ بقَاءِ ابْنِ السَّبَّاكِ،
وَالشَّدِيد بن عَلاَّنَ.
190 - ابْنُ مَسْلَمَةَ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ
المُفَرَّجِ بنِ عَلِيٍّ الدِّمَشْقِيُّ *
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ، العَدْلُ، المُعَمَّرُ، مُسْنِدُ
دِمَشْق، رَشِيدُ الدِّيْنِ، أَبُو العَبَّاسِ
__________
(*) صلة التكملة لحسيني الورقة 73، تاريخ الإسلام للذهبي
(أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 100 - 101، دول الإسلام
للذهبي: 2 / 118، العبر للذهبي: 5 / 205، الوافي بالوفيات:
8 / 185 الترجمة 3612، النجوم الزاهرة: 7 / 30، شذرات
الذهب: 5 / 249.
(23/281)
أَحْمَدُ بنُ المُفَرّج بن عَلِيِّ بنِ
عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ مَسْلَمَةَ الدِّمَشْقِيُّ، نَاظِرُ
الأَيْتَامِ.
وُلِدَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنَ: الحَافِظِ ابْنِ عَسَاكِرَ، وَأَبِي
اليُسْرِ شَاكِرٍ التَّنُوْخِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ
بنِ عَبْدَانَ.
وَأَجَاز لَهُ: هِبَةُ اللهِ بنُ هِلاَلٍ الدَّقَّاقُ،
وَأَبُو الحَسَنِ ابْنُ تَاجِ القُرَّاءِ، وَأَبُو
الفَتْحِ ابنُ البَطِّيِّ، وَالشَّيْخ أَبُو مُحَمَّدٍ
عَبْدُ القَادِرِ الجِيْلِيّ، وَأَحْمَد بن المُقَرَّبِ،
وَمُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ بنِ العَبَّاسِ الحَرَّانِيّ،
وَعَبْد الرَّحْمَنِ بن يَحْيَى الزُّهْرِيّ، وَمُحَمَّد
بن إِسْحَاقَ الصَّابِي، وَمَعْمَر بن الفَاخِرِ،
وَخرِيفَة بنُ الهَاطرَا، وَعَدَد كَثِيْر تَفَرَّد
بِالرِّوَايَة عَنْ طَائِفَة مِنْهُم، وَرَوَى الكَثِيْر،
وَكَانَ عدلاً وَقُوْراً مَهِيْباً حَمِيْد السِّيْرَةِ،
لَهُ (مَشْيَخَة) فِي ثَلاَثَةِ أَجزَاء سَمِعْنَاهَا.
حَدَّثَ عَنْهُ: الدِّمْيَاطِيّ، وَالفَارِقِيّ شَيْخ دَار
الحَدِيْث، وَكَمَال الدِّيْنِ ابْن العَطَّار، وَالعِمَاد
ابْن البَالِسِيّ، وَشَمْس الدِّيْنِ ابْن التَّاج،
وَابْنُ ابْنِ أَخِيْهِ؛ عَبْد الرَّحِيْمِ بن مَسْلَمَةَ،
وَبَهَاءُ الدِّيْنِ ابْنُ نُوْح، وَمَحْمُوْدُ ابْنُ
المَرَاتِبِيِّ، وَمُحَمَّدُ ابنُ المُحِبِّ، وَالشَّمْس
مُحَمَّد ابْن الصَّلاَحِ، وَمُحَمَّد بن أَبِي بَكْرٍ
السَّكَاكينِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
تُوُفِّيَ: فِي ثَامِنَ عَشَرَ ذِي القَعْدَةِ، سَنَة
خَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
191 - الصَّاغَانِيُّ أَبُو الفَضَائِلِ الحَسَنُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، المُحَدِّثُ، إِمَامُ
اللُّغَةِ، رَضِيُّ الدِّيْنِ، أَبُو الفَضَائِلِ
__________
(*) معجم الأدباء 9 / 189 - 191 الترجمة 15، صلة التكملة
للحسيني الورقة 71، الحوادث الجامعة 262 - 264، تاريخ
الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 101 - 102،
دول الإسلام: 2 / 118، العبر: 5 / 205 - 206، الوافي
بالوفيات 1 / 240 - 243 الترجمة 219، فوات الوفيات 1 / 358
- 260، الترجمة 129، منتخب المختار لابن رافع 48 - 49،
الترجمة 43، الجواهر المضية: 1 / 201 - 202 الترجمة 496،
العسجد =
(23/282)
الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ
حَيْدرِ بنِ عَلِيٍّ القُرَشِيّ، العَدَوِيّ، العُمَرِيّ،
الصَّاغَانِيّ الأَصْل، الهندِي، اللُّهَوْرِي المَوْلِد،
البَغْدَادِيّ الوَفَاة، المَكِّيّ الْمَدْفن، الفَقِيْه،
الحَنَفِيّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
وُلِدَ: بِلُهَوْرَ، فِي صَفَرٍ، سَنَة سَبْعٍ
وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَنَشَأَ بغَزْنَة، وَقَدِمَ بَغْدَادَ، ثُمَّ ذهب
رَسُوْلاً مِنَ الخَلِيْفَة إِلَى ملك الهِنْد سَنَة
سَبْعَ عَشْرَةَ، فَبقِي مُدَّة، ثُمَّ قَدِمَ سَنَةَ
أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ، ثُمَّ أُعِيْد إِلَيْهَا رَسُوْلاً
لِسَنَتِهِ، فَمَا رَجَعَ إِلَى سَنَةِ سَبْعٍ
وَثَلاَثِيْنَ.
وَقَدْ سَمِعَ بِمَكَّةَ مِنْ: أَبِي الفُتُوْح نَصْرِ
ابْنِ الحُصَرِيّ.
وَسَمِعَ بِاليَمَنِ مِنَ: القَاضِي خَلَفِ بنِ مُحَمَّدٍ
الحسنَابَاذِي، وَالنّظَام مُحَمَّد بن حَسَنٍ
المَرْغِيْنَانِيّ.
وَبِبَغْدَادَ مِنْ: سَعِيْدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
الرَّزَّاز.
وَكَانَ إِلَيْهِ المُنْتَهَى فِي مَعْرِفَةِ اللِّسَان
العربِي؛ لَهُ كِتَاب (مَجْمَعِ البَحْرَيْنِ) فِي
اللُّغَة اثْنَا عَشرَ مُجَلَّداً، وَكِتَابُ (العُبَابِ
(1) الزَّاخرِ) فِي اللُّغَة عِشْرُوْنَ مُجَلَّداً،
وَ(الشَّوَارد) فِي اللُّغَة مُجَلَّد، وَكُتُبٌ عِدَّةٌ
فِي اللُّغَةِ، وَكِتَابٌ فِي عِلمِ الحَدِيْثِ، وَكِتَابُ
(مَشَارِق الأَنوَار فِي الْجمع بَيْنَ الصَّحِيْحَيْنِ)،
وَكِتَاب فِي الضُّعَفَاءِ، وَمُؤلف فِي الفَرَائِضِ،
وَأَشيَاء.
قَالَ الدِّمْيَاطِيّ: كَانَ شَيْخاً صَالِحاً صَدُوْقاً
صموتاً إِمَاماً فِي اللُّغَة وَالفِقْه وَالحَدِيْث،
قَرَأت عَلَيْهِ الكَثِيْر.
__________
= المسبوك: 589، العقد الثمين: 4 / 176 - 179، الترجمة
1013، النجوم الزاهرة: 7 / 26، بغية الوعاة: 1 / 519 - 521
الترجمة 1076، شذرات الذهب: 5 / 250 وانظر مقدمة العباب
الزاخر واللباب الفاخر للشيخ محمد حسن آل ياسين (ط 1
المعارف بغداد 1977) ومقدمة العباب ايضا للدكتور قير محمد
حسن (مطبعة المجمع العلمي العراقي بغداد 1978)، ومقدمة
التكملة والذيل والصلة له بتحقيق عبد العليم الطحاوي (دار
الكتب 1970).
(1) في الأصل: الغبار، وما أثبتناه عن تاريخ الإسلام وهو
الذي في المطبوعتين.
(23/283)
تُوُفِّيَ: فِي تَاسِعَ عَشَرَ شَعْبَان،
سَنَة خَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَحَضَرت دَفنه بدَاره
بِالحرِيْم الطَّاهِرِيّ، ثُمَّ نُقل بَعْد خُرُوْجِي مِنْ
بَغْدَادَ إِلَى مَكَّةَ، فَدُفِنَ بِهَا، كَانَ أَوْصَى
بِذَلِكَ، وَأَعدَّ لِمَنْ يَحمله خَمْسِيْنَ دِيْنَاراً.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ المُؤْمِنِ بنُ خَلَفٍ الحَافِظُ،
أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ القُرَشِيّ،
أَخْبَرَنَا أَبُو الفُتُوْحِ النُّهَاوَنْدِي بِمَكَّةَ،
أَخْبَرَنَا أَبُو طَالِبٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ
العَلَوِيّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ
التُّسْتَرِيّ، أَخْبَرَنَا القَاسِمُ بنُ جَعْفَرٍ،
أَخْبَرْنَا أَبُو عَلِيٍّ اللُؤْلُؤَيّ، حَدَّثَنَا أَبُو
دَاوُدَ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بنُ أَبِي شَيْبَةَ،
حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ زَكَرِيَّا، وَيَزِيْد بن
هَارُوْنَ، عَنْ هِشَامِ بنِ حَسَّانٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ،
عَنْ عُبَيْدَةَ، عَنْ عَلِيٍّ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
قَالَ يَوْم الخَنْدَقِ: (حَبَسُوْنَا عَنْ صَلاَةِ
الوُسْطَى صَلاَةِ العَصْرِ، مَلأَ اللهُ بُيُوْتَهُم
وَقُبُوْرَهُم نَاراً) (1) .
هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ، مَا عَارضه شَيْء فِي صِحَّتِهِ.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ: الرَّشِيْد بن مَسْلَمَةَ،
وَالمُؤْتَمَن بن قُمَيْرَةَ، وَالكَمَال إِسْحَاق بن
أَحْمَدَ المَعَرِيّ الشَّافِعِيّ أَحَدُ الأَئِمَّةِ،
وَالكَاتِب البَارِع شَمْس الدِّيْنِ مُحَمَّد بن سَعْدٍ
المَقْدِسِيّ الحَنْبَلِيّ، وَأَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ
بنُ عَلِيِّ بنِ أَبِي السَّهْل، وَالجَمَال مُحَمَّد بن
عَلِيِّ بنِ مَحْمُوْد ابْن العَسْقَلاَنِيّ، وَالتَّاج
مُحَمَّد بن مُحَمَّدِ بنِ سَعْدِ اللهِ ابْن الوَزَّان
الحَنَفِيّ، وَالشَّيْخ سَعْد الدِّيْنِ مُحَمَّد بن
المُؤَيَّدِ بن حَمُّوَيْه الجُوَيْنِيّ، وَجَمَال
الدِّيْنِ هِبَة اللهِ بن مُحَمَّدِ بنِ مُفَرِّجٍ
المَقْدِسِيّ ثُمَّ الإِسْكَنْدَرَانِي عِنْدَهُ عَنِ
السِّلَفِيّ، وَفخرُ القُضَاةِ نَصْر اللهِ بن أَبِي
العِزّ بن قصَافَة الكَاتِبُ.
__________
(1) قال شعيب: أخرجه البخاري (4533) ومسلم (627) (25) وأبو
داود (234) وأحمد 1 / 144 و151 و153 و154 و392، وابن ماجة
(686) والدارمي 1 / 280، والطبري (5420) والبيهقي 1 / 46،
والطيالسي 1 / 111.
(23/284)
192 - ابْنُ قُمَيْرَةَ يَحْيَى بنُ نَصْرِ
بنِ أَبِي القَاسِمِ التَّمِيْمِيُّ *
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ، مُسْنَدُ الوَقْتِ، مُؤْتَمَنُ
الدِّيْنِ، أَبُو القَاسِمِ يَحْيَى ابنُ أَبِي
السُّعُوْدِ نَصْرِ ابنِ أَبِي القَاسِمِ بنِ أَبِي
الحَسَنِ ابْنُ قُمَيْرَةَ التَّمِيْمِيُّ،
اليَرْبُوْعِيُّ، الحَنْظَلِيُّ، البَغْدَادِيُّ،
الأَزَجِيُّ، التَّاجِرُ، السَّفَّارُ.
وُلِدَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: شُهْدَةَ الكَاتِبَةِ، وَتَجَنِّي
الوَهْبَانِيَّةِ، وَعَبْدِ الحَقِّ اليُوْسُفِيِّ،
وَمُحَمَّدِ بنِ بَدْرٍ الشِّيْحِيِّ، وَالحَسَنِ بنِ
شِيْرَوَيْه.
وَحَدَّثَ فِي أَسْفَارِهِ بِمِصْرَ وَدِمَشْقَ وَحَلَبَ
وَبَغْدَادَ، وَاشْتُهِرَ اسْمُهُ، وَجَلَسَ بَيْنَ
يَدَيْهِ الحُفَّاظُ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ النَّجَّارِ، وَابْنُ
الحُلوَانِيَّةِ، وَالدِّمْيَاطِيُّ، وَابْنُ
الظَّاهِرِيِّ، وَالبَهَاءُ أَيُّوْبُ الأَسَدِيُّ،
وَأَخُوْهُ؛ إِسْحَاقُ، وَالقَاضِي الحَنْبَلِيُّ،
وَبِيْبَرْسُ العَدِيْمِيُّ، وَالعِمَادُ ابْنُ
البَالِسِيِّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي اليُسْرِ،
وَأَبُو جَعْفَرٍ ابْنُ المُقَيَّرِ، وَعَلِيُّ بنُ
جَعْفَرٍ المُؤَذِّن، وَعَبْدُ اللهِ ابْنُ الشَّيْخِ،
وَمُحَمَّدُ ابنُ الصَّلاَحِ، وَالتَّقِيُّ بنُ تَمَّامٍ،
وَخَلْقٌ، آخِرُهُم: ابْنُ الخَرَّاط، وَأَبُو نَصْرٍ
ابْنُ الشِّيْرَازِيِّ.
مَاتَ: بِبَغْدَادَ، فِي جُمَادَى الأُوْلَى (1) ، سَنَةَ
خَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: شَيْخٌ حَسَنٌ، لاَ بَأْسَ بِهِ.
__________
(*) صلة التكملة للحسيني الورقة 70، تاريخ الإسلام للذهبي
(أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 105، دول الإسلام: 2 / 118،
وتصحف فيه إلى ابن العميرة - بالعين - العبر للذهبي ايضا:
5 / 206 - 207، شذرات الذهب: 5 / 253.
(1) ذكر الحسيني في صلة التكملة والذهبي في التاريخ وفي
العبر أنه توفي في السابع والعشرين من جمادى الأولى.
(23/285)
أَخُوْهُ: المُعَمَّرُ المُسْنِدُ
193 - أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ نَصْرٍ
التَّمِيْمِيُّ (1)
التَّاجر، شَيْخ كَبِيْر.
وُلِدَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ، وَلَمْ يظْهر لَهُ
سِوَى نِصْفِ جُزْء الترَاجم، سَمِعَهُ مِنْ عَبْدِ اللهِ
بنِ أَحْمَدَ بنِ هِبَةِ اللهِ ابْن النَّرْسِيّ، فَكَانَ
آخِرَ مَنْ حَدَّثَ عَنْهُ.
رَوَى عَنْهُ: القَاضِي مَجْد الدِّيْنِ ابْن العَدِيْم،
وَالحَافِظُ شَرَف الدِّيْنِ ابْن الدِّمْيَاطِيّ، وَابْن
الدوَالِيبِيِّ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: شَيْخٌ مُتَيَقِّظٌ، حَسَنُ
الطّرِيقَةِ، مُتَمَوِّلٌ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ فِي أَوَائِل سَنَةِ تِسْعٍ
وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
194 - ابْنُ عَلاَّنَ أَبُو مُحَمَّدٍ مَكِّيُّ بنُ
المُسَلَّمِ بنِ مَكِّيٍّ القَيْسِيُّ **
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ، العَدْلُ، المُعَمَّرُ، سَدِيْدُ
الدِّيْنِ، أَبُو مُحَمَّدٍ مَكِّيُّ بنُ المُسَلَّم بنِ
مَكِّيِّ بنِ خَلَفِ بنِ المُسَلَّمِ بنِ أَحْمَدَ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ حِصْنِ بنِ صَقْرِ بنِ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ
عَلِيِّ بنِ عَلاَّنَ القَيْسِيُّ، العَلاَّنِيُّ،
الدِّمَشْقِيُّ، المِسْكِيُّ، الطِّيْبِيُّ.
وُلِدَ: فِي رَجَبٍ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسِتِّيْنَ.
وَسَمِعَ مِنَ: الحَافِظ ابْنِ عَسَاكِرَ، وَأَبِي
الفَهْمِ بنِ أَبِي العَجَائِزِ، وَعلِيِّ
__________
(1) تاريخ الإسلام، الورقة: 93 (أيا صوفيا 3013).
(*) ذيل الروضتين لأبي شامة: 188، تكملة إكمال الإكمال
لابن الصابوني: 305، صلة التكملة للحسيني ج 2 الورقة 7،
وفيه ضبط المسلم بتشديد اللام، تاريخ الإسلام للحافظ
الذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 122، العبر: 5 / 213،
عيون التواريخ لابن شاكر الكتبي: 20 / 77، البداية
والنهاية: 13 / 186، النجوم الزاهرة: 7 / 33، شذرات الذهب:
5 / 260.
(23/286)
ابْن خَلْدُوْنَ، وَتَفَرَّد بِهِم،
وَمِنَ: المَجْدِ ابْن البَانْيَاسِيّ.
وَأَجَاز لَهُ: أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، وَمُحَمَّد بن
عَلِيٍّ الرَّحَبِيّ.
وَرَوَى الكَثِيْر، وَطَالَ عُمُرُهُ، وَبعُدَ صِيْتُهُ،
وَكَانَ شَيْخاً معتبراً متودداً، وَافِرَ الحُرْمَةِ،
مِنْ بَيْت تَقدمٍ وَرِوَايَةٍ، وَرِوَايَاته صَحِيْحَة،
وَقَدْ سَمِعَ أَخَوَاهُ أَسْعَدُ وَمُحَمَّدٌ مِنِ ابْنِ
عَسَاكِر أَيْضاً.
حَدَّثَ عَنْهُ: الدِّمْيَاطِيّ، وَابْن الظَّاهِرِي،
وَزَيْن الدِّيْنِ الفَارِقِيّ، وَالعِمَاد ابْنُ
البَالِسِيّ، وَأَخُوْهُ؛ عَبْدُ اللهِ، وَطَلْحَةُ
القُرَشِيُّ، وَمُحْيِي الدِّيْنِ يَحْيَى بنُ
المَقْدِسِيِّ، وَالقَاضِي شَرَفُ الدِّيْنِ ابْنُ
الحَافِظِ، وَإِسْمَاعِيْلُ وَعَبْدُ اللهِ ابْنَا أَبِي
النَّائِبِ، وَأَمِيْنُ الدِّيْنِ سَالِمُ بنُ صَصْرَى،
وَأُخْتُهُ؛ أَسْمَاءُ، وَتَاج الدِّيْنِ أَحْمَدَ بن
مُزَيْزٍ، وَخَلْق.
تُوُفِّيَ: بِدِمَشْقَ، فِي العِشْرِيْنَ مِنْ صفر، سَنَة
اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ -رَحِمَهُ اللهُ-
وَأَجَاز لِجَمِيْعِ مَنْ أَدْرَكَ حَيَاتَهُ مِنَ
المُسْلِمِيْنَ.
(23/287)
|