سير أعلام
النبلاء، ط الرسالة الطَّبَقَةُ الخَامِسَةُ وَالثَّلاَثُوْنَ
195 - القُوْصِيُّ شِهَابُ الدِّيْنِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ
حَامِدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الفَقِيْهُ، المُحَدِّثُ،
الأَدِيْبُ، الرَّئِيْسُ، شِهَابُ الدِّيْنِ، أَبُو
المَحَامِدِ، وَأَبُو العَرَبِ، وَأَبُو الطَّاهِرِ
إِسْمَاعِيْلُ بنُ حَامِدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ
مُرَجَّى بنِ المُؤَمَّلِ بن مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيُّ،
الخَزْرَجِيُّ، المِصْرِيُّ، القُوْصِيُّ، الشَّافِعِيُّ،
نَزِيْلُ دِمَشْقَ، وَكِيْلُ بَيْتِ المَالِ.
وُلِدَ: فِي أَوَّلِ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ
وَخَمْسِ وَمائَةٍ.
وَقَدِمَ القَاهِرَةَ فِي سَنَةِ تِسْعِيْنَ، وَدِمَشْقَ
فِي سَنَةِ إِحْدَى، فَاسْتَوْطَنَهَا.
__________
(*) عقود الجمان في شعراء هذا الزمان لابن الشعار الموصلي
(مخطوطة اسعد افندي 2323: ج 1 الورقة 294 / ب، ذيل
الروضتين: 189، الغصون اليانعة في شعراء المئة السابعة
لابن سعيد الأندلسي: ص 24، صلة التكملة للحسيني ج 2 الورقة
15 - 16 تاريخ الإسلام للحافظ الذهبي (أيا صوفيا 3013) ج
20 الورقة 124، دول الإسلام للذهبي 2 / 119، العبر للذهبي:
5 / 214، الوافي بالوفيات: 9 / 105 - 106 الترجمة: 4021،
عيون التواريخ لابن شاكر الكتبي: 20 / 82 - 83، مرآة
الجنان لليافعي: 4 / 129، البداية والنهاية 13 / 186،
العسجد المسبوك للملك الغساني: 613، النجوم الزاهرة 7 /
35، الدارس في تاريخ المدارس للنعيمي: 1 / 438، شذرات
الذهب: 5 / 260.
(23/288)
سَمِعَ (التَّيْسِيْر) بِقُوْص مِنِ ابْنِ
إِقبالٍ المَرِينِيِّ، وَسَمِعَ مِنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ
يَاسِيْنَ، وَمِنَ الأَرتَاحِيِّ، وَالخُشُوْعِيِّ،
فَأَكْثَرَ، وَالقَاسِمِ ابْن عَسَاكِرَ، وَالعِمَادِ
الكَاتِبِ، وَأَسْمَاءَ بِنْت الرَّانِ، وَمَنْصُوْر بن
عَلِيٍّ الطَّبَرِيّ، وَمُحَمَّدِ بنِ الخصِيْب،
وَمَحْمُوْدِ بنِ أَسَدٍ، وَعَبْدِ المَلِكِ
الدَّوْلَعِيِّ، وَحَنْبَلٍ، وَابْنِ طَبَرْزَذَ، وَخَلْقٍ
كَثِيْرٍ، وَعَمِلَ لِنَفْسِهِ (مُعْجَماً) كَبِيْراً فِي
أَرْبَع مُجَلَّدَاتٍ فِيْهِ أَوهَامٌ عِدَّةٌ، وَعَنْ
خلقٍ بِالإِجَازَةِ وَشُعَرَاءَ، وَاتَّصلَ بِالصَّاحبِ
صَفِيِّ الدِّيْنِ ابْنِ شُكرٍ، فَتَقَدَّمَ، وَنَفَذَ
رَسُوْلاً عَنِ العَادِلِ، وَوَلِيَ الوكَالَةَ مُدَّةً،
وَدرَّسَ، وَأَفْتَى، وَوَقَفَ حَلْقَةَ تَدرِيسٍ وَدَارَ
حَدِيْث وَتُربَة، وَكَانَ يَلْبَسُ الطَّيْلَسَانَ
المِصْرِيَّ، وَيَرْكَبُ البَغْلَةَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الدِّمْيَاطِيّ، وَالكَنْجِي، وَالزَّيْن
الأَبِيْوَرْدِيّ، وَأَبُو عَلِيٍّ ابنُ الخَلاَّلِ،
وَالعِمَادُ ابْن البَالِسِيّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ ابْنُ
الزَّرَّادِ، وَالرَّشِيْدُ الرَّقِّيُّ، وَآخَرُوْنَ.
تُوُفِّيَ: فِي سَابِعَ عَشَرَ رَبِيْع الأَوّل، سَنَةَ
ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ: المُفْتِي الضِّيَاء صَقْرُ بنُ
يَحْيَى الحَلَبِيّ، وَلَهُ أَرْبَعٌ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً،
وَعَلِيّ بن مَعَالِي الرُّصَافِيّ المُقْرِئُ، وَالنُّوْر
البَلْخِيّ، وَنَقِيْبُ الأَشْرَافِ بِحَلَبَ عِزُّ
الدِّيْنِ المُرْتَضَى ابْنُ أَبِي طَالِبٍ أَحْمَدُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ الحُسَيْنِيُّ الحَلَبِيُّ.
196 - صَالِحُ بنُ شُجَاعِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سَيِّدِهِم
بنِ عَمْرٍو المُدْلِجِيُّ *
الشَّيْخُ الصَّدُوْقُ، أَبُو التُّقَى ابْنُ شَيْخِ
__________
(*) صلة التكملة للحسيني المجلد الثاني الورقة 2، تاريخ
الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 2 الورقة 110 - 111،
العبر: 5 / 208، النجوم الزاهرة: 7 / 31 حسن المحاضرة: 1 /
379 الترجمة 75، شذرات الذهب: 5 / 253.
(23/289)
المُقْرِئِينَ أَبِي الحَسَنِ
المُدْلِجِيُّ، المِصْرِيُّ، المَالِكِيُّ، الخَيَّاطُ.
وُلِدَ: بِمَكَّةَ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ
مائَةٍ.
وَسَمِعَ (صَحِيْحَ مُسْلِمٍ) مِنْ أَبِي المفَاخر
المَأْمُوْنِي، وَحَدَّثَ بِهِ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَلَهُ
إِجَازَة مِنَ السِّلَفِيِّ.
رَوَى عَنْهُ: الحَافِظَان المُنْذِرِيّ وَشيخنَا
الدِّمْيَاطِيّ، وَمُحَمَّد بن أَحْمَدَ ابْنِ القَزَّاز،
وَالبَدْر يُوْسُف الخُتَنِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ دَيِّناً، خَيِّراً، خَيَّاطاً، مُتعفِّفاً،
قَنُوعاً.
تُوُفِّيَ: فِي المُحَرَّمِ (1) ، سَنَةَ إِحْدَى
وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَكَانَ وَالِدُهُ مِنْ
تَلاَمِذَةِ أَبِي العَبَّاسِ بنِ الحُطَيْئَةِ.
197 - فَرَجُ بنُ عَبْدِ اللهِ، أَبُو الغَيْثِ
الحَبَشِيُّ
الخَادِم الفَاضِل، نَاصِح الدِّيْنِ، أَبُو الغَيْثِ
الحَبَشِيُّ، مَوْلَى أَبِي جَعْفَرٍ القُرْطُبِيُّ، ثُمَّ
عَتِيْقُ المَجْدِ البَهْنَسِيِّ.
وُلِدَ: سَنَةَ بِضْعٍ وَسَبْعِيْنَ، وَسَمِعَ الكَثِيْر
مِنَ: الخُشُوْعِيّ، وَعَبْد اللَّطِيْفِ ابْن أَبِي
سَعْدٍ، وَالبَهَاء ابْن عَسَاكِرَ، وَعَبْد الرَّحْمَنِ
بن سُلْطَان القُرَشِيّ، وَحَنْبَل، وَابْن طَبَرْزَذَ،
وَمِنَ الافتخَارِ الهَاشِمِيّ بِحَلَبَ، وَمِنْ مَوْلاَهُ
أَبِي جَعْفَرٍ.
__________
(1) ذكر الشرف الحسيني والحافظ الذهبي في التاريخ انه توفي
في السادس عشر من المحرم.
(*) ذيل الروضتين لأبي شامة: 188 وقد تصحف الحبشي فيه إلى
الحسيني، تكملة اكمال الإكمال لابن الصابوني: 271، الترجمة
260، وفيها كناه بأبي الغياث، صلة التكملة للحسيني م 2
الورقة 13، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 2
الورقة 121، العبر: 5 / 213، البداية والنهاية: 13 / 186،
النجوم الزاهرة: 7 / 33، شذرات الذهب: 5 / 259.
(23/290)
وَعَنْهُ: ابْنُ الحُلوَانِيَّة،
وَالعِمَاد ابْنُ البَالِسِيِّ، وَعَبْد الغَفَّارِ
المَقْدِسِيّ، وَالعَلاَء ابْن الشَّاطبِيِّ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ دَيِّناً، كَيِّساً، مُتيقِّظاً، سَمِعَ وَتعبَ،
وَوَقَفَ كتبه.
مَاتَ: فِي شَوَّالٍ (1) ، سَنَة اثْنَتَيْنِ وَخَمْسين
وَسِتّ مائَةٍ.
198 - ابْنُ تَيْمِيَةَ عَبْدُ السَّلاَمِ بنُ عَبْدِ
اللهِ بنِ الخَضِرِ الحَرَّانِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، فَقِيْه الْعَصْر،
شَيْخ الحَنَابِلَة، مَجْد الدِّيْنِ، أَبُو البَرَكَاتِ
عَبْد السَّلاَمِ بن عَبْدِ اللهِ بنِ الخَضِر بن
مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الحَرَّانِيّ، ابْن تَيْمِيَةَ.
وُلِدَ: سَنَةَ تِسْعِيْنَ وَخَمْسِيْنَ مائَة
تَقْرِيْباً.
وَتَفَقَّهَ عَلَى عَمِّهِ فَخْر الدِّيْنِ الخَطِيْب،
وَسَارَ إِلَى بَغْدَادَ وَهُوَ مُرَاهِق مَعَ السَّيْف
ابْن عَمِّهِ، فَسَمِعَ مِنْ: أَبِي أَحْمَدَ بنِ
سُكَيْنَةَ، وَابْنِ طَبَرْزَذَ يُوْسُفَ بنِ كَامِل،
وَضِيَاءِ بن الخُرَيْفِ، وَعِدَّة.
وَسَمِعَ بِحَرَّانَ مِنْ: حَنْبَل المُكَبِّرِ، وَعَبْد
القَادِرِ الحَافِظ.
وَتَلاَ بِالعشر عَلَى: الشَّيْخ عَبْد الوَاحِدِ بن
سُلْطَان.
حَدَّثَ عَنْهُ: وَلَدُهُ؛ شِهَاب الدِّيْنِ،
وَالدِّمْيَاطِيّ، وَأَمِيْن الدِّيْنِ ابْن شُقَيْرٍ،
وَعَبْد الغَنِيِّ بن مَنْصُوْرٍ المُؤَذِّن، وَمُحَمَّد
بن مُحَمَّدٍ الكَنْجِي، وَالشَّيْخ مُحَمَّد بن
القَزَّاز، وَالشَّيْخ مُحَمَّد بن زباطرَ، وَالوَاعِظ
مُحَمَّد بن عَبْدِ المُحْسِنِ الخرَاط، وَعِدَّة.
__________
(1) ذكر ابن الصابوني والحسيني والذهبي في التاريخ انه
توفي في الرابع منه.
(*) صلة التكملة للحسيني المجلد الثاني الورقة 13، تاريخ
الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 119 - 120،
دول الإسلام 2 / 119، العبر: 5 / 212، معرفة القراء الكبار
للذهبي: 2 / 520 - 521 الترجمة 28، فوات الوفيات 2 / 323 -
324 الترجمة 278، البداية والنهاية: 13 / 185، ذيل طبقات
الحنابلة لابن رجب: 2 / 249 - 254 الترجمة 359، طبقات
القراء لابن الجزري 1 / 385 - 386، الترجمة 1647، النجوم
الزاهرة: 7 / 33، شذرات الذهب: 5 / 257.
(23/291)
وَتَفَقَّهَ، وَبَرَعَ، وَاشْتَغَل،
وَصَنَّفَ التَّصَانِيْفَ، وَانتهت إِلَيْهِ الإِمَامَة
فِي الفِقْه، وَكَانَ يَدْرِي القِرَاءات، وَصَنَّفَ
فِيْهَا أُرْجُوزَةً.
تَلاَ عَلَيْهِ: الشَّيْخ القَيْرَوَانِيُّ.
وَقَدْ حَجَّ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ عَلَى درب
العِرَاق، وَانبهر عُلَمَاء بَغْدَاد لِذَكَائِهِ
وَفَضَائِلِهِ، وَالتَمَسَ مِنْهُ أُسْتَاذ دَارِ
الخِلاَفَةِ مُحْيِي الدِّيْنِ ابْنُ الجَوْزِيِّ
الإِقَامَةَ عِنْدَهُم، فَتعلَّل بِالأَهْل وَالوَطَن.
سَمِعْتُ الشَّيْخ تَقِيّ الدِّيْنِ أَبَا العَبَّاسِ
يَقُوْلُ: كَانَ الشَّيْخ جَمَال الدِّيْنِ بن مَالِك
يَقُوْلُ: أُلِينَ لِلشيخِ المَجْدِ الفِقْهُ كَمَا
أُلِينَ لِدَاوُدَ الحديدُ.
ثُمَّ قَالَ الشَّيْخُ: وَكَانَتْ فِي جَدِّنَا حِدَّةٌ
(1) .
قَالَ: وَحَكَى البُرْهَان المَرَاغِيّ أَنَّهُ اجْتَمَع
بِالشَّيْخ الْمجد، فَأَوَرَدَ عَلَى الشيح نُكتَةً،
فَقَالَ: الجَوَاب عَنْهَا مِنْ سِتِّيْنَ وَجهاً: الأَوّل
كَذَا، الثَّانِي كَذَا...، وَسَرَدَهَا إِلَى آخرهَا،
وَقَالَ: قَدْ رَضِينَا مِنْكَ بِإِعَادَةِ الأَجوبَةِ،
فَخضعَ البُرْهَانُ لَهُ وَانبَهَرَ.
وَقَالَ العَلاَّمَة ابْنُ حَمْدَانَ: كُنْت أُطَالِعُ
عَلَى درس الشَّيْخ وَمَا أُبقِي مُمْكِناً، فَإِذَا
أَصْبَحت وَحَضَرت يَنقلُ أَشيَاء كَثِيْرَة لَمْ
أَعْرفهَا قَبْل.
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيّ الدِّيْنِ: كَانَ جدُّنَا عجباً
فِي سرد المُتُوْنِ، وَحِفْظِ مَذَاهِب النَّاس،
وَإِيرَادهَا بِلاَ كلفَة.
حَدَّثَنِي الإِمَام عَبْد اللهِ بن تَيْمِيَةَ: أَن جدّه
رُبِّي يَتيماً، ثُمَّ سَافر مَعَ ابْنِ عَمّه إِلَى
العِرَاقِ لِيَخْدمَهُ وَيُنفقه، وَلَهُ ثَلاَثَ عَشْرَةَ
سَنَةً، فَكَانَ يَبَيْت عِنْدَهُ وَيَسْمَعُهُ يُكرر
عَلَى مَسَائِل الخلاَف فَيحفظ المَسْأَلَة، فَقَالَ
الفَخْر إِسْمَاعِيْل
__________
(1) قلت: وفي إمام الأئمة أبي العباس حدة أيضا، وما وراء
ذلك إلا الدفاع عن بيضة الإسلام.
(23/292)
يَوْماً: أَيشٍ حِفْظ النُّنِيْنَ (1) ،
فَبَدَرَ المَجْدُ، وَقَالَ: حَفِظتُ يَا سَيْدِي
الدَّرْسَ.
وَسَرَدَهُ، فَبُهِت الفَخْر، وَقَالَ: هَذَا يَجِيْء
مِنْهُ شَيْء.
ثُمَّ عرض عَلَى الفَخْر مُصَنّفه (جَنَّة النَّاظر)،
وَكَتَبَ لَهُ عَلَيْهِ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَسِتِّ مائَةٍ
وَعظَّمه، فَهُوَ شَيْخه فِي علم النَّظَر، وَأَبُو
البَقَاءِ شَيْخُه فِي النَّحْوِ وَالفَرَائِض، وَأَبُو
بَكْرٍ بنُ غَنِيْمَةَ صَاحِبُ ابْن المَنِّيِّ شَيْخُه
فِي الفِقْه، وَابْنُ سُلْطَان شَيْخُهُ فِي القِرَاءاتِ،
وَقَدْ أَقَامَ بِبَغْدَادَ سِتَّةَ أَعْوَامٍ مُكِبّاً
عَلَى الاشتغَال (2) ، وَرجعَ، ثُمَّ ارْتَحَلَ إِلَى
بَغْدَادَ قَبْل العِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، فَتَزَيَّدَ
مِنَ العِلْمِ، وَصَنَّفَ التَّصَانِيْفَ، مَعَ الدِّيْنِ
وَالتَّقْوَى، وَحُسن الاتِّبَاع، وَجَلاَلَة العِلْمِ.
تُوُفِّيَ: بِحَرَّانَ، يَوْم الفِطْرِ، سَنَةَ
اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
199 - ابْنُ طَلْحَةَ أَبُو سَالِمٍ مُحَمَّدُ بنُ
طَلْحَةَ بنِ مُحَمَّدٍ القُرَشِيُّ *
العَلاَّمَةُ الأَوْحَدُ، كَمَال الدِّيْنِ، أَبُو سَالِمٍ
مُحَمَّد بن طَلْحَةَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ حَسَنٍ
القُرَشِيّ، العَدَوِيّ، النَّصِيْبِيّ، الشَّافِعِيّ.
وُلِدَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ
مائَةٍ، وَبَرَعَ فِي المَذْهَب وَأُصُوْلِهِ، وَشَاركَ
فِي فُنُوْنٍ، وَلَكِنَّهُ دَخَلَ فِي هَذِيَان عِلْمِ
الحُرُوْفِ، وَتَزَهَّدَ.
وَقَدْ ترسَّل عَنِ المُلُوْك، وَوَلِيَ وِزَارَة دِمَشْق
يَوْمَيْنِ وَتركهَا، وَكَانَ ذَا جَلاَلَةٍ وَحِشْمَةٍ.
__________
(1) يعني: الصبي الصغير (وانظر تاريخ الإسلام، الورقة:
120).
(2) في الأصل: " الاشتغال " ولا يستقيم المعنى بها،
والصحيح ما اثبتناه وهو: الطلب.
(*) ذيل الروضتين لأبي شامة: 188، صلة التكملة للحسيني
المجلد الثاني الورقة 11، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا
3013) ج 20 الورقة 121، العبر 5 / 213، الوافي بالوفيات: 3
/ 176، الترجمة 1146 عيون التواريخ لابن شاكر: 20 / 78،
طبقات الشافعية الكبرى للسبكي: 8 / 63 الترجمة 1076،
البداية والنهاية: 13 / 186، النجوم الزاهرة: 7 / 33،
شذرات الذهب: 5 / 259، اعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء
لمحمد راغب الطباخ (حلب 1342) 4 / 437.
(23/293)
حَدَّثَ عَنْ (1) : المُؤَيَّدِ
الطُّوْسِيِّ، وَزَيْنَبَ الشَّعْرِيَّةِ.
رَوَى عَنْهُ: الدِّمْيَاطِيُّ، وَمَجْدُ الدِّيْنِ ابْنُ
العَدِيْمِ، وَشِهَابُ الدِّيْنِ الكَفْرِيُّ، وَالجَمَالُ
بنُ الجُوخِيِّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ التَّاج ابْن عَسَاكِرَ: وَفِي سَنَةِ 648 خَرَجَ
ابْن طَلْحَةَ عَنْ جَمِيْعِ مَا لَهُ مِنْ مَوْجُوْدٍ
وَمَمَالِيْك وَدوَاب وَمَلبُوسٍ، وَلَبِسَ ثَوْباً
قُطنِيّاً وَتَخفِيفَة، وَكَانَ يَسكن بِالأَمِينِيَّة،
فَخَرَجَ مِنْهَا، وَاخْتَفَى، وَسَبَبُهُ أَنَّ النَّاصِر
كتب تَقليده بِالوزَارَة، فَكَتَبَ هُوَ إِلَى
السُّلْطَانِ يَعتذر.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ بِحَلَبَ، فِي رَجَبٍ (2) ، سَنَة
اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
200 - النِّظَامُ البَلْخِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ
مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ *
مُفْتِي الحَنَفِيَّةِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عُثْمَانَ.
بَغْدَادِيٌّ، سَكَنَ حَلَبَ، وَسَمِعَ مِنَ: المُؤَيَّدِ
الطُّوْسِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحِيْمِ
الفَامِيِّ، وَتَفَقَّهَ بِخُرَاسَانَ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ؛ عَبْدُ الوَهَّابِ،
وَالدِّمْيَاطِيّ، وَالتَّاج صَالِح، وَالبَدْرُ ابنُ
التَّوزِيِّ، وَآخَرُوْنَ، وَحَدَّثَ (بِصَحِيْحِ
مُسْلِمٍ).
مَاتَ: فِي جُمَادَى الآخِرَةِ (3) ، سَنَةَ ثَلاَثٍ
وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَلَهُ ثَمَانُوْنَ سَنَةً.
__________
(1) الزيادة يقتضيها السياق، وفي التاريخ سمع بنيسابور من
المؤيد.
(2) ذكر الحسيني والذهبي في التاريخ والسبكي انه توفي في
السابع والعشرين منه.
(*) صلة التكملة للشرف الحسيني المجلد الثاني الورقة 17،
تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 127،
العبر للذهبي: 5 / 215، الجواهر المضية في طبقات الحنفية
للقرشي: 2 / 125 الترجمة 384 شذرات الذهب: 5 / 161.
(3) ذكر شرف الدين الحسيني والذهبي في التاريخ وعنه القرشي
أنه توفي في التاسع والعشرين من جمادى الآخرة.
(23/294)
201 - عُثْمَانُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ
الحَمِيْدِ التَّنُوْخِيُّ البَعْلَبَكِّيُّ *
الزَّاهِدُ، شَيْخُ دَيْرِ نَاعِس.
صَاحِبُ أَحْوَالٍ وَمُجَاهِدَاتٍ، وَكَانَ مِنْ أَهْلِ
البِرِّ، وَهُوَ الَّذِي بَعَثَ إِلَيْهِ الشَّيْخُ
الفَقِيْهُ وَقَدْ مَغَصَهُ جَوفُه: لَئِنْ لَمْ يَسكُنْ
وَجَعِي ضَربتُكَ مائَةً، فَقِيْلَ لِلْفَقِيْهِ: كَيْفَ
هَذَا؟
قَالَ: هُوَ أَكرمُ عَلَى اللهِ مِنْ أَنْ أَضرِبَهُ.
وَقِيْلَ: كَانَ يُخَاطبه الجِنّ، وَأُخبر بِلَيلَةِ
كَسرَةِ الفِرَنْج عَلَى المَنْصُوْرَةِ، وَكَانَ قَدْ
لَبِسَ مِنَ الشَّيْخ عَبْد اللهِ اليُوْنِيْنِيّ، وَلَهُ
تَهجُّد وَأَورَاد.
مَاتَ: فِي شَعْبَانَ (1) ، سَنَةَ إِحْدَى (2)
وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَمَاتَ قَبْلَهُ بِأَيَّام
الزَّاهِد الكَبِيْر الشَّيْخ مُحَمَّد ابْن الشَّيْخ
عَبْد اللهِ اليُوْنِيْنِيّ.
وَمَاتَ فِيْهَا: الصَّالِح الوَرِع الشَّيْخ مُحَمَّد
ابْن الشَّيْخ عليّ الحَرِيْرِيّ كَهْلاً، وَكَانَ يُنكِرُ
عَلَى أَصْحَابِ وَالِدِهِ -رَحِمَهُ اللهُ-.
202 - السَّفَاقُسِيُّ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ
الحَسَنِ بنِ عَبْدِ السَّلاَمِ **
العَدْل، المُعَمَّر، المُسْنِدُ، الفَقِيْه، شَرَف
الدِّيْنِ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ
عَبْدِ السَّلاَم بنِ عَتِيق بنِ مُحَمَّدٍ
التَّمِيْمِيُّ، السَّفَاقُسِيُّ، المَغْرِبِيُّ، ثُمَّ
الإِسْكَنْدَرَانِيُّ، المَالِكِيُّ، الشَّاهدُ،
المَعْرُوف: بِابْنِ المَقْدِسيَّةِ، ابْنُ أُخْتِ
الحَافِظِ عَلِيِّ بنِ المُفَضَّلِ المَقْدِسِيِّ.
__________
(*) تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة
112 - 113، العبر للذهبي 5 / 209، عيون التواريخ لابن شاكر
الكتبي 20 / 72، شذرات الذهب 5 / 253.
(1) ذكر الذهبي في تاريخ الإسلام انه توفي في سادس شعبان.
(2) جعل وفاته ابن العماد الحنبلي في سنة 650.
(* *) صلة التكملة للحسيني المجلد الثاني الورقة 22، تاريخ
الإسلام للحافظ الذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 134،
العبر للذهبي: 5 / 219، الوافي بالوفيات 2 / 352 الترجمة
816، شذرات الذهب: 5 / 266.
(23/295)
وُلِدَ: فِي المُحَرَّمِ، سَنَةَ ثَلاَثٍ
(1) وَسَبْعِيْنَ، وَحَضَرَ قِرَاءةَ حَدِيْثِ الأَوليَّة
(2) فَقَطْ عَلَى السِّلَفِيِّ، فَكَانَ خَاتِمَةَ
أَصْحَابِهِ.
وَرَوَى بِالإِجَازَةِ عَنْهُ، وَعَنْ أَبِي الطَّاهِرِ
بنِ عَوْفٍ، وَأَبِي طَالِبٍ التَّنُوْخِيِّ، وَبَدْرٍ
الخَادِمِ، وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي الفَضْلِ الحَضْرَمِيِّ،
وَأَبِي القَاسِمِ البُوْصِيْرِيِّ، وَبَهَاءِ الدِّيْنِ
ابْنِ عَسَاكِرَ، وَخَرَّجَ لَهُ مَنْصُوْرُ بنُ سَلِيمٍ
(3) (مَشْيَخَةً).
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ عُثْمَانَ بنِ
عَوْفٍ الزُّهْرِيُّ، وَالشَّرَف مُحَمَّدٌ وَالوَجِيْه
عَبْد الوَهَّابِ ابْنَا عَبْد الرَّحْمَنِ الشُقَيْرِيِّ،
وَالفَخْر مُحَمَّد وَالجلاَل يَحْيَى وَلَدَا مُحَمَّد بن
الحُسَيْنِ السَّفَاقُسِيّ، وَالحَافِظ شَرَف الدِّيْنِ
التُّوْنِيّ، وَعِدَّة، وَيُقَالُ: إِنَّهُ نَاب فِي
القَضَاءِ بِالثَّغْرِ وَقتاً.
تُوُفِّيَ: فِي ثَالِث جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ
أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
203 - ابْنُ قُزْغُلِيٍّ يُوْسُفُ بنُ قُزْغُلِيِّ بنِ
عَبْدِ اللهِ التُّرْكِيُّ العَوْنِيُّ *
الشَّيْخُ، العَالِمُ، المُتَفَنِّن، الوَاعِظُ،
البَلِيْغُ، المُؤَرِّخ، الأَخْبَارِيُّ، وَاعِظُ
الشَّامِ،
__________
(1) في الوافي بالوفيات انه ولد سنة اثنتين وسبعين وخمس
مئة.
(2) يعني: الحديث المسلسل بالاولية.
(3) صاحب " تاريخ الإسكندرية " والذي ذيل على ابن نقطة
وتوفي سنة 673.
(*) ذيل الروضتين لأبي شامة: 195، وفيات الأعيان 3 / 142
صلة التكملة للحسيني المجلد الثاني الورقة 25، ذيل مرآة
الزمان لليونيني 1 / 39 - 43، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا
صوفيا 3013) ج 20 الورقة 135، العبر: 5 / 220، ميزان
الاعتدال: 4 / 471 فوات الوفيات: 4 / 356 - 357 الترجمة
592، عيون التواريخ لابن شاكر: 20 / 103 - 104، مرآة
الجنان: 4 / 136، منتخب المختار لابن رافع: 236 - 239
الترجمة 196، الجواهر المضية: 2 / 230 - 232، الترجمة 719،
البداية والنهاية: 13 / 194، العسجد المسبوك: 623، لسان
الميزان: 6 / 328، الترجمة 1968، النجوم الزاهرة 7 / 39،
الدارس للنعيمي: 1 / 478، شذرات الذهب: 5 / 266، الفوائد
البهية 183.
(23/296)
شَمْسُ الدِّيْنِ، أَبُو المُظَفَّرِ
يُوْسُف بن قُزْغُلِيّ بن عَبْدِ اللهِ التُّرْكِيُّ،
العَوْنِيّ، الهُبَيْرِيُّ، البَغْدَادِيُّ، الحَنَفِيُّ،
سِبْط الإِمَام أَبِي الفَرَجِ ابْن الجَوْزِيِّ.
وُلِدَ: سَنَةَ نَيِّفٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسن مائَة.
وَسَمِعَ مِنْ: جَدِّه، وَمِنْ: عَبْدِ المُنْعِمِ بن
كُلَيْبٍ، وَعَبْد اللهِ بن أَبِي المَجْدِ الحَرْبِيّ.
وَبِالمَوْصِل مِنْ: أَحْمَدَ وَعَبْدِ المُحْسِنِ ابْنَيْ
الخَطِيْبِ الطُّوْسِيِّ.
وَبِدِمَشْقَ مِنْ: أَبِي حَفْصٍ ابْنِ طَبَرْزَذَ،
وَأَبِي اليُمْنِ الكِنْدِيِّ، وَطَائِفَة.
حَدَّثَ عَنْهُ: الدِّمْيَاطِيّ، وَعَبْدُ الحَافِظِ
الشُّرُوْطِيُّ، وَالزَّيْنُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
عُبَيْدٍ، وَالنَّجْمُ الشَّقرَاوِي، وَالعِزُّ أَبُو
بَكْرٍ بنُ الشَّايِبِ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ
الزَّرَّادِ، وَالعِمَادُ ابْنُ البَالِسِيِّ،
وَآخَرُوْنَ.
انتَهَتْ إِلَيْهِ رِئَاسَةُ الوَعْظِ وَحُسنِ التَّذكِيرِ
وَمَعْرِفَةِ التَّارِيْخِ، وَكَانَ حُلو الإِيرَادِ،
لَطيف الشَّمَائِل، مليح الهَيْئَة، وَافِرَ الحُرْمَةِ،
لَهُ قبُول زَائِد، وَسُوْق نَافق بِدِمَشْقَ.
أَقْبَل عَلَيْهِ أَوْلاَد الْملك العَادل، وَأَحَبّوهُ،
وَصَنَّفَ (تَارِيْخ مرَآة الزَّمَان) وَأَشيَاء،
وَرَأَيْت لَهُ مُصَنّفاً يَدلّ عَلَى تَشيعه، وَكَانَ
العَامَّة يُبَالِغون فِي التَّغَالِي فِي مَجْلِسِهِ.
سَكَنَ دِمَشْقَ مِنَ الشَّبِيْبَةِ، وَأَفتَى، وَدرَّس.
تُوُفِّيَ: بِمَنْزِلهِ، بِسَفْحِ قَاسِيُوْن، وَشيَّعه
السُّلْطَان وَالقُضَاة، وَكَانَ كيِّساً، ظرِيفاً،
مُتَوَاضِعاً، كَثِيْر المَحْفُوْظ، طَيِّب النَّغمَة،
عَدِيْم المَثَلِ، لَهُ (تَفْسِيْر) كَبِيْر فِي تِسْعَة
وَعِشْرِيْنَ مُجَلَّداً.
تُوُفِّيَ: فِي ذِي الحِجَّةِ (1) ، سَنَةَ أَرْبَعٍ
وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
__________
(1) ذكر ابو شامة والحسيني والذهبي في التاريخ انه توفي في
الحادي والعشرين منه.
(23/297)
204 - أَقْطَايُ فَارِسُ الدِّيْنِ
التُّرْكِيُّ الصَّالِحِيُّ النَّجْمِيُّ *
كَبِيْر الأُمَرَاء، فَارِس الدِّيْنِ التُّرْكِيّ،
الصَّالِحيّ، النّجمِي.
كَانَ مليح الشَّكْلِ، وَافَرَ الحِشْمَة، مَوْصُوَفاً
بِالْكَرَمِ وَالشَّجَاعَةِ.
اشترَاهُ تَاجرٌ بِدِمَشْقَ فَربَّاهُ، وَبَاعَهُ بِأَلفِ
دِيْنَارٍ، وَكَانَتِ الإِسْكَنْدَرِيَّةُ إِقطَاعَهُ،
وَلَهُ مِنَ الخَيلِ وَالمَمَالِيْكِ مَا لاَ يَكُوْن
لِسُلْطَانٍ، وَكَانَ عَامِلاً عَلَى المُلكِ، انْضَمَّ
إِلَيْهِ كُبَرَاء البحرِيَة كَالرَّشِيْدِيّ
البُنْدُقْدَارِي، وَكَانَ فِيْهِ عَسف وَجبروت، وَصَارَ
يَرْكُب ركبَة المُلُوْك، وَلاَ يَلتفت عَلَى الْملك
المُعِزّ، وَيدخل بيُوت الأَمْوَال، وَيَأْخذ مَا شَاءَ،
ثُمَّ إِنَّهُ تَزَوَّجَ بِابْنةِ صَاحِب حَمَاة، فَطَلبَ
أَنْ تخلَى لَهُ دَار السّلطنَة ليعْمَل عرْسه وَلِيَسْكُن
(1) بِهَا، وَصمَّم عَلَى ذَلِكَ، فَاتَّفَقت شجر الدُّرّ
وَزوجهَا المُعِزّ عَلَى الفَتكِ بِهِ، وَانتَدَبَ لَهُ
قُطُز الَّذِي تَسَلَّطن فِي عَشْرَةٍ فَقتلُوْهُ، وَأَغلق
بَاب القَلْعَة، فَرَكبت حَاشيته نَحْو سَبْع مائَة،
وَأَحَاطُوا بِالقَلْعَة، فَرُمِي إِلَيْهِم بِرَأْسِهِ،
فَهَرَبُوا فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ
وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
وَقِيْلَ: كَانَ هُوَ الَّذِي قتل ابْن أُسْتَاذه المَلِك
المُعَظَّم ابْن الصَّالِح.
__________
(*) ذكره الذهبي في الترجمة 265، انظر ترجمته في مرآة
الزمان: 8 / 792 - 793، ذيل الروضتين: 188، تلخيص مجمع
الآداب في معجم الألقاب لابن الفوطي: ج 4 القسم الثالث ص
11 - 12 الترجمة 1836، تاريخ ابي الفدا: 2 / 199، تاريخ
الإسلام (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 116 - 117، دول
الإسلام: 2 / 119، العبر: 5 / 211 الوافي بالوفيات: 9 /
317 - 318 الترجمة 4250، عيون التواريخ لابن شاكر الكتبي:
20 / 76 - 77، البداية والنهاية: 13 / 185، العسجد
المسبوك: 605، النجوم الزاهرة: 7 / 33، شذرات الذهب: 5 /
255.
(1) في الأصل: وليس بها وما أثبتناه عن تاريخ الإسلام.
(23/298)
205 - ابْنُ خَلِيْلٍ أَبُو الخَطَّابِ
مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ السَّكُوْنِيُّ *
المُنْشِئ، شَيْخ البَلاغَة وَالإِنشَاء، القَاضِي، أَبُو
الخَطَّابِ مُحَمَّد بن أَحْمَدَ بنِ خَلِيْل
السَّكُوْنِيّ، الأَنْدَلُسِيّ، الكَاتِب.
تَفَرَّد بِتِلْكَ البِلاَد بِإِجَازَة أَبِي طَاهِرٍ
السِّلَفِيِّ.
أَخَذَ عَنْهُ أَبُو جَعْفَرٍ بنُ الزُّبَيْرِ، وَلاَزمه،
وَقَالَ: كَانَ رَوْضَة مَعَارِف، مُتَقَدِّماً فِي
العُلُوْمِ الأَدبيَة، لَمْ أَلق مِثْله.
كَانَ يَخْطُب عَلَى الْبَدِيهِ، وَيَكْتُب مِنْ غَيْرِ
تَكلُّف، عَلَّقُوا كَثِيْراً مِنْ كَلاَمِه، وَكَانَ
مُشَاركاً فِي العُلُوْمِ، وَكَثُر انتفَاعِي بِهِ،
وَكَانَ عَالِي الرِّوَايَة، ثَبْتاً، لَهُ مَعْرِفَةٌ
بِالرِّجَال.
وَأَجَاز لَهُ أَيْضاً: ابْن زَرْقُوْنَ، وَالسُّهَيْلِي،
وَسَمِعَ مِنْ أَبِي الحَكَم بن حَجَّاج، وَأَبِي
العَبَّاسِ بن مِقْدَام.
قَالَ: وَكَانَ مِنَ الأَسخيَاء الأَجْوَادِ.
تُوُفِّيَ (1) : سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ
مائَةٍ.
206 - عِيْسَى بنُ أَحْمَدَ بنِ إِلْيَاسَ اليُوْنِيْنِيُّ
**
الزَّاهِدُ، القُدْوَة، العَابِدُ، الشَّيْخ عِيْسَى بنُ
أَحْمَدَ بنِ إِلْيَاس اليُوْنِيْنِيّ، مُرِيْد الشَّيْخ
عَبْد اللهِ.
__________
(*) الذيل والتكملة لكتابي الموصل والصلة لأبي عبد الله
محمد الأنصاري المراكشي ج 5 ص 630 - 635، الترجمة 1200،
وذكر له ثلاثه أخوة بنفس الاسم (محمد بن أحمد بن خليل) لا
يفرق بينهم الا بالكنية والوفاة الأول ابو الحكم والثاني
ابو عمر والثالث أبو الفضل.
فانظر الترجمات 1199، 1201، 1202، تاريخ الإسلام للذهبي
(أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 121، وذكر المقري أن لابن
خليل السكوني فهرسا نقل هو منه انظر نفح الطيب: 3 / 304.
(1) ذكر المراكشي في الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة
انه توفي عن سن عالية في العشر الاخر من شعبان سنة اثنتين
وخمسين وخمس مئة: 5 / 635.
(* *) ذيل مرآة الزمان لليونيني: 1 / 24 - 33، تاريخ
الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 131 - 133،
العبر للذهبي: 5 / 218 - 219، عيون التواريخ لابن شاكر =
(23/299)
لَمْ يَشتغل إِلاَّ بِالعِبَادَة
وَالمُطَالَعَة، وَمَا تَزَوَّجَ، بَلْ عَقَدَ عَلَى
عَجُوْزٍ تخدمُهُ.
زَاره البَاذَرَائِيّ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَتركه وَدَخَلَ،
وَكَانَ الأُمَرَاء يَقبلُوْنَ شَفَاعَته بِالأَورَاق،
وَكَانَ عَلَيْهِ هَيْبَة شَدِيْدَة، وَسردَ الصَّوْم
أَزْيَد مِنْ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ:
سَلاَّب الأَحْوَال، وَلَهُ كَرَامَات، وَكَانَ كَثِيْرَ
الودِّ لِلشيخ الفَقِيْه.
قَالَ قُطْب الدِّيْنِ: زُرته كَثِيْراً، وَأَخبرَ بِأَنَّ
مُلُوْك بَنِي أَيُّوْبُ يَنقرضون وَيَتملَّك التُّركُ،
وَيَفتحُوْنَ السَّاحِلَ كُلّه (1) .
قُلْتُ: طوَّلتُ سيرتَه فِي (تَارِيْخ الإِسْلاَم (2)).
تُوُفِّيَ: فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ أَرْبَعٍ
وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، بِيُوْنِيْنَ.
207 - الطُّوْسِيُّ أَبُو إِبْرَاهِيْمَ إِسْحَاقُ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَامِرٍ *
المُقْرِئ، الأَدِيْب، أَبُو إِبْرَاهِيْمَ إِسْحَاق بن
إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَامِرٍ الطَّوْسِيّ - بِفَتح الطَّاء -
الغَرْنَاطِي.
وُلِدَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَأَجَاز لَهُ فِي سَنَةِ سَبْعِيْنَ أَبُو عَبْدِ اللهِ
بنُ خَلِيْلٍ القَيْسِيّ، خَاتِمَةُ
__________
= الكتبي: 20 / 100 - 101، العسجد المسبوك: 622، وقد تصحف
اسمه إلى (عيس) بدون ألف وهو تصحيف مطبعي وقع في المتن وفي
الحاشية، وكناه بابي الفضل، السلوك لمعرفة دول الملوك
للمقريزي: ج 1 قسم 2 ص 401، شذرات الذهب: 5 / 266.
(1) شغلت ترجمته الأوراق 131، 132، 133 من تاريخ الإسلام
(أيا صوفيا 3013) ج 20 (2) إن من أعظم مأثر المماليك أنهم
نظفوا السواحل كلها من العدو الصليبي المخذول سنة 690 على
عهد الأشرف خليل رضي الله عنه.
(*) تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 حاشية
الورقة 137، الوافي بالوفيات 8 / 398 الترجمة 3839، غاية
النهاية في طبقات القراء لابن الجزري: 1 / 155 الترجمة
721.
(23/300)
أَصْحَابِ أَبِي عَلِيٍّ الغَسَّانِيِّ،
وَسَمِعَ بَعْضَ (مُسْلِمٍ) مِنْ خَالِ أُمِّه أَبِي
عَبْدِ اللهِ بنِ زَرْقُوْنَ، وَسَمِعَ مِنْ أَبِي
مُحَمَّدٍ بنِ عُبَيْدِ اللهِ، وَتَلاَ بِالسَّبْع عَلَى
عَلِيِّ بنِ هِشَامٍ الجُذَامِيّ، وَطَالَ عُمُرُهُ،
وَتَفَرَّد.
وَحَمَلَ عَنْهُ: أَبُو جَعْفَرٍ بنُ الزُّبَيْرِ،
وَعِدَّةٌ، وَقَالَ: كَانَ أَدِيباً شَاعِراً عَالِماً
أُقعِدَ، وَكَانَ يَتلُو كُلّ يَوْمٍ ختمَةً، وَعَاشَ
تِسْعِيْنَ (1) سَنَةً، اخْتلفتُ إِلَيْهِ كَثِيْراً.
وَتُوُفِّيَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ (2) وَسِتِّ
مائَةٍ.
208 - العِمَادُ دَاوُوْدُ بنُ عُمَرَ بنِ يُوْسُفَ
الزُّبَيْدِيُّ المَقْدِسِيُّ *
الإِمَامُ، الخَطِيْبُ البَلِيْغُ، عِمَادُ الدِّيْنِ
دَاوُوْدُ بنُ عُمَرَ بنِ يُوْسُفَ الزُّبَيْدِيُّ،
المَقْدِسِيُّ، ثُمَّ الدِّمَشْقِيُّ، أَبُو المَعَالِي
خَطِيْبُ بَيْتِ الأَبَّارِ، وَابْنُ خَطِيْبِهَا.
سَمِعَ: الخُشُوْعِيَّ، وَعَبْدَ الخَالِقِ بنَ
فَيْرُوْزٍ، وَالقَاسِمَ ابْنَ عَسَاكِرَ، وَابْنَ
طَبَرْزَدَ.
وَعَنْهُ: الدِّمْيَاطِيُّ، وَالعِمَادُ ابْنُ
البَالِسِيِّ، وَالفَخْرُ ابْنُ عَسَاكِرَ، وَابْنُهُ
مُحَمَّد بنُ دَاوُدَ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ فَاضِلاً، دَيِّناً فَصِيْحاً، مَلِيْحَ
المَوْعِظَةِ، دَرَّسَ بِالغَزَاليَّةِ، وَخَطَبَ
بِدِمَشْقَ بَعْد انفصَالِ الشَّيْخِ عِزِّ الدِّيْنِ بنِ
عَبْدِ السَّلاَمِ، ثُمَّ بَعْدَ سِتِّ
__________
(1) في غاية النهاية خمس وثمانون.
(2) في غاية النهاية: " مات سنة خمسين وست مئة ". لعله
محرف سقط منه " خمس ".
(*) صلة التكملة لوفيات النقلة للحسيني المجلد الثاني
الورقة 39، ذيل مرآة الزمان لليونيني 1 / 126، تاريخ
الإسلام للذهبي (ايا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 149، العبر
للذهبي: 5 / 229، عيون التواريخ لابن شاكر الكتبي: 20 /
168، البداية والنهاية 13 /
213، العسجد المسبوك: 645، شذرات الذهب: 5 / 275.
(23/301)
سِنِيْنَ عُزِلَ العِمَادُ، وَرُدَّ إِلَى
خَطَابَةِ قَرْيَتِهِ.
تُوُفِّيَ: فِي شَعْبَانَ (1) ، سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ
وَسِتِّ مائَةٍ -رَحِمَهُ اللهُ-.
وَمَاتَ أَخُوْهُ:
209 - الضِّيَاءُ أَبُو الطَّاهِرِ يُوْسُفُ
سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ، عَنْ بِضْعٍ وَثَمَانِيْنَ
سَنَةً.
رَوَى عَنِ: الجَنْزَوِيِّ، وَالخُشُوْعِيِّ.
210 - القُمّينِيُّ الشَّيْخُ يُوْسُفُ القُمّينِيُّ *
المُوَلَّهُ بِدِمَشْقَ، كَانَ لِلنَّاسِ فِي هَذَا
اعْتِقَادٌ زَائِدٌ لِمَا يَسْمَعُوْنَ مِنْ مكَاشفتِه
الَّتِي تَجرِي عَلَى لِسَانِهِ كَمَا يَتم لِلْكَاهنِ
سَوَاءٌ فِي نطقِهِ بِالمغِيّبَاتِ.
كَانَ يَأْوِي إِلَى القَمَامِين وَالمزَابلِ الَّتِي هِيَ
مَأْوَى الشيَاطين، وَيَمْشِي حَافِياً، وَيَكنس الزبل
بِثيَابِه النّجسَة بِبَولِهِ، وَيَترنَّحُ فِي مَشْيِهِ،
وَلَهُ أَكمَامٌ (2) طوَالٌ، وَرَأْسُهُ مَكْشُوْفٌ،
وَالصِّبْيَانُ يَعبثُونَ بِهِ، وَكَانَ طَوِيْلَ
السُّكوتِ، قَلِيْلَ التَّبَسُّمِ، يَأْوِي إِلَى قُمّينِ
حَمَّامِ نُوْر الدِّيْنِ، وَقَدْ صَارَ
__________
(1) ذكر الحسيني والذهبي في التاريخ انه توفي في الحادي
عشر منه، وانه ولد في سنة ست وثمانين وخمس مئة، ويحدد
الحسيني ولادته بانها في الثاني عشر من شوال.
(*) ذيل الروضتين: 202، ذيل مرآة الزمان لليونيني: 1 /
348، تاريخ الإسلام للحافظ الذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20
الورقة 174، العبر للذهبي: 5 / 240، عيون التواريخ لابن
شاكر الكتبي: 20 / 221، البداية والنهاية: 13 / 216 - 217
وفيها انه (الاقميني)، شذرات الذهب: 5 / 289 - 290.
(2) في الأصل: اكمال، وما أثبتاه عن تاريخ الإسلام.
(23/302)
باطنَهُ مَأْوَى لِقَرِينهِ، وَيَجرَى
فِيْهِ مَجرَى الدَّمِ، وَيَتكلَّمُ فَيخضعُ لَهُ كُلُّ
تَالِفٍ، وَيَعتقدُ أَنَّهُ وَلّي لله، فَلاَ قُوَّةَ
إِلاَّ بِاللهِ.
وَقَدْ رَأَيْتُ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ هَذَا النَّمَط
الَّذين زَالَ عقلُهُم أَوْ نَقَصَ يَتقَلَّبُوْنَ فِي
النّجَاسَاتِ، وَلاَ يُصلُّوْنَ وَلاَ يَصومُوْنَ،
وَبِالفحشِ يَنطقُوْنَ، وَلهُم كشفٌ كَمَا وَاللهِ
لِلرُّهبَانِ كشفٌ وَكَمَا لِلسَاحرِ كشفٌ وَكَمَا لِمَنْ
يصْرَع كشفٌ، وَكَمَا لِمَنْ يَأْكُلُ الحيَّةَ وَيدخل
النَّارَ حَالٌ مَعَ ارْتكَابِه لِلْفوَاحشِ، فَوَاللهِ
مَا ارْتبطُوا عَلَى مُسَيْلِمَةَ وَالأَسْوَدِ إِلاَّ
لإِتْيَانِهِم بِالمُغَيَّبَاتِ.
تُوُفِّيَ (1) يُوْسُف: سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ
وَسِتِّ مائَةٍ.
211 - ابْنُ وَثِيقٍ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأُمَوِيُّ *
الإِمَامُ، المُجَوِّدُ، شَيْخُ القُرَّاءِ، أَبُو
إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بن مُحَمَّدِ بنِ وَثِيقٍ الأُمَوِيُّ
مَوْلاَهُمُ، المَغْرِبِيُّ، الإِشْبِيْلِيُّ، المُقْرِئُ.
مَوْلِدُهُ: سَنَةَ سَبْعٍ وسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ،
بِإِشْبِيْلِيَةَ.
وَعُنِيَ بِالقِرَاءاتِ، فَتَلاَ عَلَى: أَبِي الحُسَيْنِ
حَبِيْبِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ حَبِيْبٍ سِبْطِ شُرَيحٍ،
وَأَبِي العَبَّاسِ أَحْمَدَ بنِ مِقْدَامٍ
الرُّعَيْنِيِّ، وَخَالصِ بن التَّرَّابِ، تَلاَمِذَةِ
أَبِي الحَسَنِ شُرَيْحٍ، وَسَمِعَ مِنْهُم وَمِنْ
جَمَاعَةٍ.
وَرُوِيَ (التَّيْسِيْرَ) عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ
زَرْقُوْنَ بِالإِجَازَةِ، وَسَمِعَهُ مِنْ أَبِي
الحُسَيْنِ بنِ أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ زَرْقُوْنَ، عَنْ
أَبِيْهِ.
__________
(1) ذكر أبو شامة انه توفي في سادس عشر شعبان (ذيل
الروضتين: 202).
(*) صلة التكملة للحسيني المجلد الثاني الورقة 21، تاريخ
الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 129، دول
الإسلام: 2 / 120، العبر 5 / 217، معرفة القراء الكبار
للذهبي: 2 / 522 - 523 الترجمة 29 من الطبقة الخامسة عشرة،
غاية النهاية في طبقات القراء لابن الجزري: 1 / 24 - 25،
الترجمة 101، النجوم الزاهرة 7 / 40، شذرات الذهب: 5 /
264.
(23/303)
وَمِنْ مَشْيَخَتِهِ فِي القِرَاءاتِ
أَنَّهُ تَلاَ عَلَى أَبِي الحَكَمِ بنِ حِجَّاجٍ، وَأَبِي
بَكْرٍ النَّيَّارِ، وَطَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِ شُرَيْحٍ
بِكِتَابِ (الكَافِي) فَهُوَ فِي كِتَابِ (الكَافِي) فِي
طَبَقَةِ الإِمَامِ الشَّاطِبِيِّ، وَتَارِيْخِ تِلاَوَةِ
ابْنِ وَثيقٍ عَلَى شَيْخِهِ حَبِيْبٍ كَانَ فِي سَنَةِ
سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ.
أَكْثَرَ التِّرحَالَ وَأَقرَأَ بِالمَوْصِلِ،
وَبِالشَّامِ وَالثَّغْرِ، تَلاَ عَلَيْهِ الشَّيْخُ
عِمَادُ الدِّيْنِ ابْنُ أَبِي زهرَان، وَالنُّوْرُ
عَلِيُّ بنُ ظهيرٍ الكفنِيُّ، وَيَحْيَى بن فَضَائِلَ
الإِسْكَنْدَرَانِيّ، وَعِدَّةٌ، وَمِنْهُم شَيْخَانَا
الفَخْرُ التَّوزرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ جَوْهَر
التَّلعفَرِيُّ، وَأَثْنَى عَلَى فَضَائِلِهِ أَبُو بَكْرٍ
بنُ مَسدِي، ثُمَّ غَمَزَهُ وَقَالَ: رَأَيْتُ لَهُ
تَخليطاً وَتَخَارِيجَ بِمَعزِلٍ عَنِ الصِّدْقِ
وَالإِتْقَانِ.
ثُمَّ قَالَ: أَنْشَدَنَا ابْنُ وَثيق قَبْلَ
الاخْتِلاَطِ.
قُلْتُ: وَرَوَى عَنْهُ: الرَّشِيْدُ العَطَّار،
وَالمُحَدِّثُ مَنْصُوْرُ بنُ سَلِيْمٍ، وَالمكينُ
الأَسْمَر، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ القَادِرِ
الدُّمرَاوِيّ.
تُوُفِّيَ (1) : سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ
مائَةٍ.
212 - ابْنُ قُطرَالَ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ
مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيُّ القُرْطُبِيُّ *
القَاضِي، العَلاَّمَةُ، القُدْوَةُ، أَبُو الحَسَنِ
عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ بنِ
يُوْسُفَ الأَنْصَارِيُّ، القُرْطُبِيُّ، المَالِكِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
__________
(1) ذكر عز الدين الحسيني في صلة التكملة والذهبي في
التاريخ وابن الجزري انه توفي في الرابع من ربيع الآخر.
(*) التكملة لابن الابار (النسخة الأزهرية) ج 3 الورقة 76
- 77، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة
113، العبر: 5 / 209 - 210، العسجد المسبوك: 597، شذرات
الذهب: 5 / 254، شجرة النور الزكية: 1 / 183 الترجمة 604.
(23/304)
سَمِعَ: أَبَا القَاسِمِ ابْنَ الشَّرَّاط،
وَأَبَا العَبَّاسِ بنَ مضَاء وَأَخَذَ عَنْهُ أُصُوْلَ
الفِقْهِ، وَأَبَا خَالِدٍ بنَ رِفَاعَةَ، وَأَبَا
الحَسَنِ بنَ كوثرٍ، وَابْن الفَخَّارِ، وَعَبْدَ الحَقِّ
بن بُوْنُهْ، لقِيه بِالمُنَكَّبِ.
وَأَخَذَ قِرَاءةَ نَافِعٍ وَالنَّحْوَ عَنْ أَبِي
جَعْفَرٍ بن يَحْيَى.
وَسَمِعَ بِسبتَةَ: مِنْ أَبِي مُحَمَّدٍ بنِ عُبَيْدِ
اللهِ، وَأَجَاز لَهُ أَبُو بَكْرٍ ابْنُ الجَدِّ،
وَالكِبَارُ.
وَوَلِيَ قَضَاءَ أُبّذَةَ، فَأَسره العَدُوُّ لَمَّا
أَخَذُوهَا فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَسِتِّ مائَةٍ، ثُمَّ
تَخلَّص، وَوَلِيَ قَضَاءَ شَاطِبَةَ، ثُمَّ شرِيش، ثُمَّ
قَضَاءَ قُرْطُبَةَ، ثُمَّ أُعِيْد إِلَى قَضَاءِ
شَاطِبَةَ وَخطبتِهَا، ثُمَّ سَبْتَةَ، ثُمَّ قَضَاءِ
فَاس، وَكَانَ مِنْ رِجَالِ الكَمَالِ عِلْماً وَعملاً،
يُشَاركُ فِي عِدَّةِ فُنُوْنٍ، وَيَمتَازُ بِالبَلاغَةِ.
أَخذتُ عَنْهُ بِشَاطِبَةَ - قَالَهُ الأبَّار (1) -
وَأَرَّخ مَوْتَهُ بِمَرَّاكُشَ، فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ،
سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
عَاشَ: ثَمَانِياً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً، وَهُوَ أَحَدُ
الأَعْلاَمِ فِي زَمَانِهِ.
213 - الرَّشِيْدُ العِرَاقِيُّ أَبُو الفَضْلِ
إِسْمَاعِيْلُ الأَوَانِيُّ ثُمَّ الدِّمَشْقِيُّ *
ابْنُ الإِمَامِ المُقْرِئِ نَزِيْلِ دِمَشْقَ أَبِي
العَبَّاسِ أَحْمَدَ بنِ الحُسَيْنِ العِرَاقِيُّ،
الأَوَانِيُّ، ثُمَّ الدِّمَشْقِيُّ، الحَنْبَلِيُّ، مِنْ
جُباة دَارِ الطُّعْمِ.
رَوَى عَنِ: السِّلَفِيِّ، وَشُهْدَةَ، وَعَبْدِ الحَقِّ،
وَخَطِيْبِ المَوْصِلِ، وَأَبِي العَبَّاسِ التُّركِ،
وَجَمَاعَةٍ بِالإِجَازَةِ.
__________
(1) التكملة (النسخة الأزهرية) ج 3 الورقة 77.
(*) صلة التكملة للحسيني المجلد الثاني الورقة 9، تاريخ
الإسلام للحافظ الذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 116،
العبر للذهبي: 5 / 210 - 211، النجوم الزاهرة: 7 / 33،
شذرات الذهب: 5 / 255.
(23/305)
وَعَنْهُ: المُنْذِرِيُّ،
وَالدِّمْيَاطِيُّ، وَشَمْسُ الدِّيْنِ ابْن التَّاجِ،
وَالجَمَالُ ابْن شُكرٍ، وَالعِمَادُ ابْن البَالِسِيِّ،
وَإِبْرَاهِيْمُ ابْنُ الملكِ الحَافِظِ.
تُوُفِّيَ فِي: جُمَادَى الأُوْلَى (1) ، سَنَةَ
اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، عَنْ نَيِّفٍ
وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
214 - صَقْرُ بنُ يَحْيَى بنِ سَالِمِ بنِ يَحْيَى بنِ
عِيْسَى بنِ صَقْرٍ الكَلْبِيُّ *
المُفْتِي، كَبِيْرُ الشَّافِعِيَّةِ، ضِيَاءُ الدِّيْنِ،
أَبُو مُحَمَّدٍ الكَلْبِيُّ، الحَلَبِيُّ، مِنْ كِبَارِ
الأَئِمَّة.
دَرَّس مُدَّةً، وَأَفَادَ، مَعَ الدِّين وَالصيَانَةِ.
حَدَّثَ عَنْ: يَحْيَى الثَّقَفِيّ، وَحَنْبَلٍ،
وَالخُشُوْعِيِّ.
وَعَنْهُ: ابْنُ الظَّاهِرِي، وَالدِّمْيَاطِيّ،
وَسُنْقُرُ القَضَائِيّ، وَتَاجُ الدِّيْنِ الجَعْبَرِيُّ،
وَإِسْحَاقُ ابْنُ النَّحَّاسِ، وَالعَفِيْفُ إِسْحَاقُ.
مَاتَ: فِي صَفَرٍ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ
مائَةٍ، وَلَهُ أَرْبَعٌ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً.
وَعَاشَ رَجُلٌ إِلَى سَنَةِ ثَلاَثِيْنَ وَسَبْعِ مائَةٍ
شَيْخٌ حرَّانِيٌّ بِحَلَبَ يَرْوِي عَنْهُ، لَقِيَهُ
ابْنُ رَافِعٍ (2) .
__________
(1) ذكر الحسيني والذهبي في التاريخ وفي العبر انه توفي في
النصف من جمادى الأولى.
(*) ذيل الروضتين لأبي شامة: 188 وفيه انه سقر بن يحيى بن
سقر (بالسين بدلا من الصاد) صلة التكملة للحسيني المجلد
الثاني الورقة 15، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013)
ج 20 الورقة 125، العبر: 5 / 214 - 215، نكت الهميان: 174،
عيون التواريخ
لابن شاكر الكتبي: 20 / 82، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي:
8 / 153 الترجمة 1147، البداية والنهاية: 13 / 186، العسجد
المسبوك 612، السلوك لمعرفة دول الملوك للمقريزي ج 1 قسم 2
ص 397، النجوم الزاهرة 7 / 34، شذرات الذهب: 5 / 261.
(2) محمد بن رافع السلامي صاحب كتاب " الوفيات " المتوفى
سنة 774.
(23/306)
215 - البَلْخِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ
مُحَمَّدُ بنُ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَحْمَدَ بنِ خَلَفٍ *
الشَّيْخُ، العَالِمُ، المُسْنِدُ، المُقْرِئُ، صَاحِبُ
الأَلحَانِ، نَجْمُ الدِّيْنِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ
مُحَمَّدُ بنُ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَحْمَدَ بنِ خَلَفِ ابْن
النُّوْرِ البَلْخِيُّ، ثُمَّ الدِّمَشْقِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ بِضْعٍ (1) وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ (2)
مائَةٍ.
وَاجْتَمَعَ بِالسِّلَفِيِّ، وَأَجَازَ لَهُ، وَقَالَ:
إِنَّهُ سَمِعَ مِنْهُ وَهُوَ صَدُوْقٌ، لَكِن مَا ظَهْرِ
سَمَاعُهُ مِنْهُ، مَعَ أَنَّهُ قَدْ سَمِعَ
بِالإِسكندرِيَّةِ حِيْنَئِذٍ جُزْءاً مِنَ المُطَهَّرِ
بنِ خَلَفٍ الشَّحَّامِيِّ فِي سَنَةِ خَمْسٍ
وَسَبْعِيْنَ، وَسَمِعَ بِالقَاهِرَةِ مِنَ: التَّاجِ
المَسْعُوْدِيِّ، وَالقَاسِمِ ابْن عَسَاكِرَ، وَقَدْ
سَمِعَ بِمِصْرَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ
مِنْ: مَنْصُوْرِ بن طَاهِرٍ الدِّمَشْقِيّ
(الأَرْبَعِيْنَ الودعَانِيَّة)، وَسَمِعَ بِدِمَشْقَ مِنْ
حَنْبَلٍ وَغَيْرِهِ، وَرَوَى الكَثِيْرَ بِالإِجَازَةِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ الصَّابُوْنِيِّ، وَابْن
الظَّاهِرِيِّ، وَالدِّمْيَاطِيُّ، وَجَوْزَةُ
البَلْخِيَّة، وَالبدرُ مُحَمَّدُ ابْنُ التُّوزِيِّ،
وَالعِمَادُ ابْن البَالِسِيّ، وَالجَمَالُ عَلِيُّ ابْنُ
الشَّاطِبِيِّ، وَإِبْرَاهِيْمُ ابْنُ الظَّاهِرِيِّ،
وَمُحْيِي الدِّيْنِ ابْن المَقْدِسِيّ، وَأَبُو عَبْدِ
اللهِ ابْن الزَّرَّادِ.
وَرَوَى عَنْهُ مِنَ القُدَمَاءِ زَكِيّ الدِّيْنِ
المُنْذِرِيُّ.
قَالَ الدِّمْيَاطِيُّ: كَانَ صَالِحاً، قَدِيْمَ
السَّمَاعِ، وُلِدَ بِدربِ العَجَم، وَمَاتَ فِي
الرَّابِعِ وَالعِشْرِيْنَ مِنْ رَبِيْعٍ الآخرِ، سَنَةَ
ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، عَنْ سِتٍّ
وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
وَفِيْهَا مَاتَ: المُحَدِّثُ الفَقِيْهُ كَمَالُ
الدِّيْنِ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ وَالِدُ
شَيْخَتِنَا (3) ، وَالمُحَدِّثُ المُقْرِئُ نَاصِحُ
الدِّيْنِ أَبُو بَكْرٍ بنُ يُوْسُفَ الحَرَّانِيُّ.
__________
(*) صلة التكملة للحسيني المجلد الثاني الورقة 16، تاريخ
الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 127، شذرات
الذهب: 5 / 261.
(1) في صلة التكملة وتاريخ الإسلام: في سنة تسع.
(2) في الأصل " وست مئة " وهو سبق قلم بلا ريب.
(3) يعني: زينب بنت الكمال.
(23/307)
216 - ابْنُ النَّحَّاسِ عَبْدُ اللهِ بنُ
الحَسَنِ بنِ الحَسَنِ الأَنْصَارِيُّ *
الشَّيْخُ، العَالِمُ الصَّالِحُ الجَلِيْلُ، المُعَمَّرُ،
بَقِيَّةُ المَشَايِخِ، عِمَادُ الدِّيْنِ، أَبُو بَكْرٍ
عَبْدُ اللهِ ابنُ أَبِي المَجْدِ الحَسَنِ (1) بنِ
الحَسَنِ بنِ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ البَاقِي بنِ مَحَاسِنَ
الأَنْصَارِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ، ابْنُ النَّحَّاسِ
الأَصَمُّ.
وُلِدَ: فِي المُحَرَّمِ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ، بِمِصْرَ.
وَنَشَأَ بِدِمَشْقَ، وَسَمِعَ مِنَ: القَاضِي أَبِي
سَعْدٍ بنِ أَبِي عَصْرُوْنَ - وَهُوَ آخِرُ مَنْ حَدَّثَ
عَنْهُ - وَمِنِ ابْنِ صَدَقَةَ الحَرَّانِيّ، وَالفَضْلِ
بن الحُسَيْنِ البَانْيَاسِيّ، وَيَحْيَى الثَّقَفِيّ،
وَأَحْمَدَ بنِ حَمْزَةَ ابْنِ المَوَازِيْنِيّ،
وَإِسْمَاعِيْلَ الجَنْزَوِيِّ، وَجَمَاعَةٍ.
وَبِأَصْبَهَانَ مِنْ: عَلِيِّ بنِ مَنْصُوْرٍ
الثَّقَفِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ أَبِي نَصْرٍ الصَّبَّاغِ.
وَبِنَيْسَابُوْرَ مِنَ: المُؤَيَّد الطُّوْسِيّ،
وَمَنْصُوْرٍ الفُرَاوِيّ.
وَبِحَلَبَ مِنَ: الافتخَارِ الهَاشِمِيّ.
وَكَانَ ذَا دِيْنٍ وَفَضلٍ وَخَيْرٍ، وَلَهُ عقَارٌ
يَقومُ بِهِ، وَكَانَ يُحَدِّثُ مِنْ لَفظِهِ بِمَكَانِ
الطَّرَشِ.
خَرَّج لَهُ ابْن الصَّابُوْنِيّ جُزْءاً.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: الدِّمْيَاطِيُّ، وَالبدرُ ابْن
التُّوزِيِّ، وَالكَمَالُ مُحَمَّدُ ابْنُ النَّحَّاسِ،
وَالجَمَالُ عَلِيُّ ابْن الشَّاطِبِيِّ، وَالشَّمْسُ
مُحَمَّدُ ابْنُ الزَّرَّاد، وَعِدَّةٌ.
__________
(*) مرآة الزمان لسبط ابن الجوزي: 8 / 794، ذيل الروضتين
لأبي شامة 189، صلة التكملة للحسيني المجلد الثاني الورقة
20 - 21، ذيل مرآة الزمان: 1 / 24، تاريخ الإسلام للذهبي
(أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 130، العبر: 5 / 217 - 218،
وفيه انه ابو بكر بن عبد الله، وهو سهو، عيون التواريخ
لابن شاكر: 20 / 100، البداية والنهاية: 13 / 193، العسجد
المسبوك: 622، النجوم الزاهرة: 7 / 35 - 40، شذرات الذهب:
5 / 265.
(1) ورد نسبه في عيون التواريخ لابن شاكر الكتبي هكذا: "
عبد الله بن الحسين بن علي ابن عبدا لباقي.." بتصحيف الحسن
إلى الحسين وبسقوط اسم جده، وفي المطبوع من هذا الكتاب
الكثير من التصحيف والتحريف لسوء تحقيقه.
(23/308)
تُوُفِّيَ: فِي الثَّانِي وَالعِشْرِيْنَ
مِنْ صَفَرٍ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ
مائَةٍ.
وَفِيْهَا مَاتَ: شَيْخُ القُرَّاءِ أَبُو إِسْحَاقَ
إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ
وَثِيقٍ الإِشْبِيْلِيّ بِالإِسْكَنْدَرِيَّةِ،
وَالمُفْتِي شَمْسُ الدِّيْنِ عَبْد الرَّحْمَنِ بن نُوْحٍ
المَقْدِسِيّ تِلْمِيْذُ ابْن الصَّلاَح، وَأَبُو الحَسَنِ
عَلِيُّ بنُ يُوْسُفَ الصُّوْرِيُّ، وَالشَّيْخُ عِيْسَى
اليُوْنِيْنِيُّ الزَّاهِدُ، وَالشَّرَفُ مُحَمَّدُ بنُ
الحَسَنِ بنِ عَبْدِ السَّلاَمِ ابْنِ المَقْدِسِيَّةِ
السَّفَاقُسِيُّ، وَالمُؤَرِّخُ أَبُو البَرَكَاتِ
المُبَارَكُ بنُ أَبِي بَكْرٍ ابْنِ الشَّعَّارِ
المَوْصِلِيُّ، وَأَبُو المُظَفَّرِ يُوْسُفُ سِبْطُ
الجَوْزِيِّ.
217 - الحَلَبِيُّ عِزُّ الدِّيْنِ أَيبَكُ الحَلَبِيُّ
الصَّالِحيُّ *
رَأْسُ الأُمَرَاءِ، عِزُّ الدِّيْنِ أَيبَكُ الحَلَبِيُّ،
الصَّالِحيُّ.
عُيّنَ لِلمُلْكِ عِنْدَ قتلهِ المُعِزَّ أَيبَكَ، وَفِي
مَمَالِيْكهِ عِدَّةُ أُمَرَاء، فَلَمَّا كَانَ عَاشرُ
رَبِيْعٍ الآخرِ هَاجتْ فِتْنَةٌ بِمِصْرَ، وَركبَ
الجَيْشُ، وَفَزِعَ السُّلْطَانُ الملكُ المَنْصُوْرُ
عَلِيّ بنُ المُعِزِّ، وَقبضُوا عَلَى نَائِب السّلطنَةِ
الجديدِ عَلَم الدِّيْنِ سَنْجَر الحَلَبِيّ، وَهربتْ
أُمَرَاءُ إِلَى الشَّامِ فَتقنطر بعزِّ الدِّيْنِ
المَذْكُوْر فَرسُهُ فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ، وَسجنُوا سنجراً
لأَنَّهُم تخيّلُوا مِنْهُ أَنَّهُ يُرِيْد السّلطنَةَ،
وَكَذَلِكَ تَقنطَرَ يَوْمَئِذٍ بِالأَمِيْرِ الكَبِيْرِ
رُكْنِ الدِّيْنِ خَاص، ترك فَرسُهُ خَارِجَ القَاهِرَةِ
فَهَلَكَ أَيْضاً، وَأُمْسِك الوَزِيْرُ الفَائِزِيُّ
وَأُخَذتْ حَوَاصِلُهُ، وَخُنِقَ، وَوَزَرَ بَدْرُ
الدِّيْنِ السِّنْجَارِيُّ، وَنَاب فِي المُلكِ قُطُزُ
وَتَمَكَّنَ، ثُمَّ فِي رَمَضَانَ مِنَ السَّنَةِ - سَنَةَ
خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ - ثَارَتِ فِتْنَةٌ، وَركب بغدَى
وَيلغَان الأَشْرَفِي وَعِدَّة، وَأَحَاطُوا
__________
(*) ذيل مرآة الزمان لليونيني: 1 / 60 - 61، تاريخ الإسلام
لذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 138، الوافي بالوفيات
9 / 474 - 475 الترجمة 4431، النجوم الزاهرة: 7 / 42، 56 -
57، حسن المحاضرة: 2 / 223.
(23/309)
بِقَلْعَة مِصْر لِحَرْب قُطُز
وَالمعزِّيَّة، فَتَفَلَّلُوا، وَجرح بغدَى، وَقبضَ
عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ قَامَ مَعَهُ مِنَ الأَشْرَفِيَّةِ
كَأَيْبَكَ الأَسْمَر، وَأَرْز الرُّوْمِيّ، وَالسَّائِق
الصَّيْرَفِيّ، وَنُهبت دُورُهُم، وَقَوِيَتِ الأُمَرَاء
المُعِزِّيَّةُ، ثُمَّ مَلَّكُوا قُطُز.
218 - ابْنُ الحَلاَوِيِّ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
أَبِي الوَفَاءِ الرَّبَعِيُّ *
شَاعِرُ زَمَانِهِ، شَرَفُ الدِّيْنِ، أَبُو الطَّيِّبِ
أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي الوَفَاءِ بنِ أَبِي
الخَطَّابِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الهزبرِ الرَّبَعِيُّ،
المَوْصِلِيُّ، الجُنْدِيُّ، ابْنُ الحَلاَوِيّ.
وُلِدَ: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسِتِّ مائَةٍ.
وَكَانَ مِنْ مِلاَحِ المَوْصِلِ، وَخدم جُندياً، وَكَانَ
ذَا لُطفٍ وَظُرفٍ وَحُسْنِ عِشْرَة وَخِفَّةِ رُوح.
مَاتَ: سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ (1) .
أَنْبَأَنِي الدِّمْيَاطِيّ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُوْلُ
لِنَفْسِهِ:
حَكَاهُ مِنَ الغُصن الرَّطيب وَرِيقُه ... وَمَا الخَمْرُ
(2) إِلاَّ وَجنَتَاهُ وَرِيقُهُ
هِلاَلٌ وَلَكِنْ أُفْقُ قَلْبِي محلُّه ... غَزَالٌ
وَلَكِن سَفْحُ عَيْنِي عَقِيقُه
__________
(*) عقود الجمان في شعراء هذا الزمان لابن الشعار الموصلي
(نسخة أسعد أفندي 2323) ج 1 الورقة 194 / أ، ذيل مرآة
لليونيني 1 / 96 - 104، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا
3013) ج 20 الورقة 146، العبر للذهبي: 5 / 227، الوافي
بالوفيات: 8 / 102 - 108 الترجمة 3524، وفيه انه أحمد بن
محمد بن أبي الوفاء بن الخطاب محمد، فوات الوفيات: 1 / 143
- 148، الترجمة 54، وفيه أنه أحمد بن محمد بن أبي الوفاء
بن الخطاب بن الهزبر، عيون التواريخ: 20 / 154 - 159
النجوم الزاهرة: 7 / 60، شذرات الذهب: 5 / 274.
(1) ذكر اليونيني انه توفي في شهر ربيع الآخر أو جمادى
الأولى من هذه السنة (أي سنة 656) وذكر الذهبي في تاريخ
الإسلام انه توفي في جمادى الأولى.
(2) في الأصل: " وبالخمر " ولا معنى لها، والتصحيح من خط
المؤلف في " تاريخ الإسلام " والصفدي.
(23/310)
مِنهَا:
حكَى وَجهُهُ بَدرَ السَّمَاءِ فَلَو بدَا ... مَعَ
البَدْرِ قَالَ النَّاسُ: هَذَا شَقِيقُه
وَأَشْبَهَ زَهرَ الرَّوضِ حُسناً وَقَدْ بدَا ...
علَىعَارِضَيْهِ أُسُّه وَشَقِيقُه
وَأَشْبَهتُ مِنْهُ الخصْرَ سقماً فَقَدْ غَدَا ...
يُحمِّلُنِي كَالخَصْرِ مَا لاَ أُطِيْقه
219 - اليَلْدَانِيُّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ
المُنْعِمِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، المُسْنِدُ،
الرَّحَّال، تَقِيُّ الدِّيْنِ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ
الرَّحْمَنِ ابنُ أَبِي الفَهْمِ عَبْد المُنْعِمِ بن
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَبْدِ المُنْعِمِ بنِ عَبْدِ
اللهِ بن أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ اليَلْدَانِيّ،
الدِّمَشْقِيّ، الشَّافِعِيّ.
وُلِدَ: بِيلدَانَ، فِي أَوَّلِ سَنَةِ ثَمَانٍ
وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَطَلَبَ الحَدِيْثَ وَهُوَ
كَبِيْر، وَرَحَلَ فَسَمِعَ مِنْ: يَحْيَى بنِ بوش، وَابْن
كُلَيْبٍ، وَالمُبَارَك بن المَعْطُوْش، وَهِبَة اللهِ
ابْن السِّبْط، وَدُلَف بن قوفَا، وَبقَاء بن جُنّد،
وَطَبَقَتِهِم، وَبِدِمَشْقَ: يُوْسُفَ بنَ مَعَالِي
الكِنَانِيّ، وَأَبَا طَاهِرٍ الخُشُوْعِيّ، وَعَبْد
الخَالِقِ بن فَيْرُوْز، وَالبَهَاء ابْن عَسَاكِرَ،
وَعِدَّة، وَبِالمَوْصِل: أَبَا مَنْصُوْرٍ مُسْلِم بن
عَلِيٍّ السِّيْحِيَّ (1) ، وَكَتَبَ الكَثِيْر مَعَ
الصِّدْقِ وَالصِّيَانَةِ وَالفَهْم وَالإِفَادَة
وَالتَّقْوَى.
رَوَى الكَثِيْر؛ حَدَّثَ عَنْهُ: سِبْطُهُ عَبْد
الرَّحْمَنِ، وَالدِّمْيَاطِيّ، وَالبَدْرُ ابْنُ
__________
(*) ذيل الروضتين لأبي شامة: 195، صلة التكملة للحسيني
المجلد الثاني الورقة 26، ذيل مرآة الزمان لليونيني: 1 /
70، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة
140 - 141 دول الإسلام: 2 / 120، العبر: 5 / 223 - 224،
عيون التواريخ لابن شاكر الكتبي: 20 / 115، البداية
والنهاية 13 / 197، العسجد المسبوك: 627 - 628، النجوم
الزاهرة: 7 / 59، الدارس للنعيمي: 1 / 93، شذرات الذهب: 5
/ 299.
(1) في الأصل: " الشيخي " مصحف، وقد قيده المؤلف في "
المشتبه " (350) ونبهنا عليه سابقا.
(23/311)
التُّوزِي، وَالجَمَالُ ابْن الشَّاطِبِيّ،
وَالشَّيْخ مُحَمَّد بن زباطر، وَمُحَمَّد بن أَحْمَدَ
القصَاص، وَيَحْيَى بن مَكِّيٍّ العقربَانِي، وَعَبْد
اللهِ ابْنُ المُرَّاكُشِي، وَزَيْنَبُ بِنْتُ الرَّضِيِّ،
وَزَيْنَب بِنْت عَبْدِ السَّلاَمِ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَلِي خِطَابَة قَرْيَتِهِ مُدَّةً، وَبِهَا تُوُفِّيَ.
قَالَ أَبُو شَامَةَ (1) : دُفِنَ بِقَرْيَتِهِ، وَكَانَ
صَالِحاً، مُشْتَغِلاً بِالحَدِيْثِ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ.
أَخْبَرَنِي أَنَّهُ كَانَ مُرَاهِقاً حِيْنَ خَتَنَ
الملكُ نُورُ الدِّيْنِ وَلَدَهُ، وَأَنَّهُ حضَر لعبَ
الأُمَرَاء بِالمَيْدَانِ مَعَ صِبيَانِ قَرْيَتِه.
وَقِيْلَ: وُلِدَ فِي أَوِّلِ المُحَرَّم، سَنَةَ ثَمَانٍ
وَسِتِّيْنَ - فَاللهُ أَعْلَم - فَإِنَّهُ كتب هَذَا
أَيْضاً بِيَدِهِ.
مَاتَ: فِي ثَامن رَبِيْع الأَوّل، سَنَة خَمْسٍ
وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
220 - المُرْسِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ
عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، البَارِع، القُدْوَة،
المُفَسِّرُ، المُحَدِّثُ، النَّحْوِيّ، ذُو الفُنُوْنِ،
شَرَف
__________
(1) ذيل الروضتين: 195.
(*) معجم الأدباء لياقوت (ط: رفاعي) 18 / 209 - 213،
الترجمة 62، التكملة لابن الابار: 2 / 663 - 664 الترجمة
1689 وفيها أنه أجاز له سنة ثلاث عشرة وسنة أربعين، ذيل
الروضتين لأبي شامة: 195 - 196، صلة التكملة للحسيني
المجلد الثاني الورقة 26 - 27، وذيل مرآة الزمان لليونيني:
1 / 76 - 79، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20
الورقة 142 - 143، ودول الإسلام: 2 / 120، العبر 5 / 224،
الوافي بالوفيات: 3 / 354 - 355 الترجمة 1435، عيون
التواريخ 20 / 117 - 119، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي: 8
/ 69 - 72 الترجمة 1079، طبقات الشافعية للاسنوي: 2 / 451
- 452 الترجمة 1133، مرآة الجنان لليافعي: 4 / 137، البلغة
في تاريخ أئمة اللغة للفيروزآبادي: 228 الترجمة 330، العقد
الثمين للفاسي: 2 / 81 - 86 الترجمة 234، طبقات النحاة
واللغويين لابن قاضي شهبة: 141 - 143 الترجمة 102 وفيه أن
اسمه محمد بن محمد بن عبد الله، النجوم الزاهرة: 7 / 59،
طبقات المفسرين للسيوطي (ليدن): 35، و(ط وهبة بتحقيق علي
محمد عمر): 106 - 107 الترجمة 104، بغية الوعاة للسيوطي: 1
/ 144 - 146 الترجمة 241، طبقات المفسرين للداوودي: 2 /
168 - 172 الترجمة 513، نفح الطيب: 2 / 241 - 242 الترجمة
158، شذرات الذهب: 5 / 269.
(23/312)
الدِّيْنِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ
بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي الفَضْلِ
السُّلَمِيّ، المُرْسِيّ، الأَنْدَلُسِيّ.
وُلِدَ: بِمُرْسِيَة، فِي أَوَّلِ سَنَة سَبْعِيْنَ، أَوْ
قَبْلُ بِأَيَّامٍ.
وَسَمِعَ (المُوَطَّأ) مِنَ: المُحَدِّث أَبِي مُحَمَّدٍ
بنِ عُبَيْدِ اللهِ الحَجْرِيّ فِي سَنَةِ تِسْعِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: عَبْدِ المُنْعِمِ بنِ الفَرَسِ،
وَنَحْوِهِ، وَحَجّ، وَدَخَلَ إِلَى العِرَاقِ وَإِلَى
خُرَاسَانَ وَالشَّامِ وَمِصْرَ، وَأَكْثَرَ الأَسفَارَ
قَدِيْماً وَحَدِيْثاً، وَسَمِعَ مِنْ: مَنْصُوْر
الفُرَاوِيّ، وَالمُؤَيَّد الطُّوْسِيّ، وَزَيْنَب
الشَّعْرِيَّة، وَعَبْد المُعِزّ بن مُحَمَّدٍ الهَرَوِيّ،
وَعِدَّة.
وَبِبَغْدَادَ مِنْ: أَصْحَابِ قَاضِي المَرَسْتَان،
وَكَتَبَ، وَقَرَأَ وَجَمَعَ مِنَ الكُتُبِ النفِيسَة
كَثِيْراً، وَمَهْمَا فَتح بِهِ عَلَيْهِ صَرَفَهُ فِي
ثمنِ الكُتُب، وَكَانَ متضلِّعاً مِنَ العِلْمِ، جَيِّدَ
الفَهْم، مَتِيْنَ الدّيَانَة.
حَدَّثَ (بِالسُّنَنِ الكَبِيْرِ) غَيْرَ مرَّةٍ عَنْ
مَنْصُوْرٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ النَّجَّارِ، وَالمُحِبّ
الطَّبَرِيّ، وَالدِّمْيَاطِيّ، وَالقَاضِي الحَنْبَلِيّ،
وَالقَاضِي كَمَال الدِّيْنِ المَالِكِيّ، وَشَرَف
الدِّيْنِ الفَزَارِيّ الخَطِيْب، وَأَبُو الفَضْلِ
الإِرْبِلِيّ، وَالعِمَاد ابْن البَالِسِيّ، وَمُحَمَّد
بنُ المهتَارِ، وَبَهَاء الدِّيْنِ إِبْرَاهِيْم ابْن
المَقْدِسِيّ، وَالشَّرَف عَبْد اللهِ ابْن الشَّيْخ،
وَالشَّمْس مُحَمَّد بن التَّاج، وَابْن سَعْدٍ،
وَمُحَمَّد بن نِعمَةَ، وَمَحْمُوْدُ ابْنُ
المَرَاتِبِيِّ، وَعلِي القصِيْرِي، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: قَدِمَ طَالباً سَنَةَ خَمْسٍ
وَسِتِّ مائَةٍ، فَسَمِعَ الكَثِيْر، وَقَرَأَ الفِقْه
وَالأُصُوْل، ثُمَّ سَافر إِلَى خُرَاسَانَ، وَعَاد
مُجتازاً إِلَى الشَّامِ، ثُمَّ حَجَّ.
قُلْتُ: وَسَمِعَ مِنْهُ الإِرْبِلِيُّ الذَّهَبِيُّ
(السُّنَنَ الكَبِيْرَ) كُلَّهُ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ
وَثَلاَثِيْنَ.
(23/313)
قَالَ: وَقَدِمَ بَغْدَادَ سَنَةَ أَرْبَعٍ
وَثَلاَثِيْنَ، وَنَزَلَ بِالنّظَامِيَّةِ، وَحَدَّثَ
(بِالسُّنَن الكَبِيْر (1)) وَ(بِالغَرِيْبِ) لِلْخطَابِي،
وَهُوَ مِنَ الأَئِمَّةِ الفُضَلاَء فِي جَمِيْع فُنُوْن
العِلْم، لَهُ فَهْم ثَاقب، وَتَدقيق فِي المَعَانِي،
وَلَهُ تَصَانِيْف عِدَّة وَنظم وَنثر...، إِلَى أَنْ
قَالَ:
وَهُوَ زَاهِد مُتَوَرِّع كَثِيْر العِبَادَة، فَقير
مُجَرَّدُ، مُتعفِّف نَزه، قَلِيْل المُخَالَطَة، حَافِظ
لأَوقَاته، طَيِّب الأَخلاَق، كَرِيْم متودد، مَا رَأَيْتُ
فِي فَنه مِثْلَه، أَنْشَدَنِي لِنَفْسِهِ:
مَنْ كَانَ يَرغب فِي النَّجَاة فَمَا لَهُ ... غَيْر
اتِّبَاع المُصْطَفَى فِيمَا أَتَى
ذَاك السَّبِيل المُسْتقيم وَغَيْرهُ ... سبل الضَّلاَلَة
وَالغوَايَة وَالرَّدَى
فَاتَّبعْ كِتَابَ اللهِ وَالسُّنَنَ الَّتِي ... صَحَّتْ
فَذَاكَ إِنِ اتَّبَعتَ هُوَ الهُدَى
وَدعِ السُّؤَال بِلِمْ وَكَيْفَ فَإِنَّهُ ... بَابٌ
يَجرُّ ذَوِي البصِيْرَةِ لِلْعمَى
الدِّيْنُ مَا قَالَ الرَّسُولُ وَصحبُهُ ...
وَالتَّابِعُوْنَ وَمَنْ مَنَاهِجَهُم قَفَا
قَالَ ابْنُ الحَاجِبِ: سَأَلت الضِّيَاء عَنِ المُرْسِيّ،
فَقَالَ: فَقِيْه منَاظر نَحْوِي مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ،
صَحِبَنَا فِي الرِّحلَةِ، وَمَا رَأَينَا مِنْهُ إِلاَّ
خَيراً.
وَقَالَ أَبُو شَامَةَ (2) : كَانَ مُتَفَنِّناً مُحققاً،
كَثِيْرَ الحَجِّ، مُقتصداً فِي أُموره، كَثِيْرَ الكُتُبِ
مُحصلاً لَهَا، وَكَانَ قَدْ أُعْطِي قبولاً فِي البِلاَد.
وَقَالَ يَاقُوْت (3) : هُوَ أَحَد أُدبَاء عصرنَا،
تَكَلَّمَ عَلَى (الْمفصل) لِلزَّمَخشرِي، وَأَخَذَ
عَلَيْهِ سَبْعِيْنَ مَوْضِعاً، وَهُوَ عذرِيُّ الهَوَى،
عَامِرِيُّ
__________
(1) الذي للبيهقي، وقد حدث به عن منصور بن عبد المنعم
الفراوي.
(2) ذيل الروضتين: 195 - 196 وفيه وردت العبارة: وكان شيخا
فاضلا مفتيا كثير الحج محقق البحث مقتصدا في اموره..".
(3) معجم الأدباء: 18 / 209 - 213 بتصرف.
(23/314)
الجَوَى، كُلَّ وَقتٍ لَهُ حَبِيْب، وَمِنْ
كُلِّ حُسنٍ لَهُ نصِيْب.
رَحَلَ إِلَى خُرَاسَانَ، وَقَدِمَ بَغْدَادَ، وَأَقَامَ
بِدِمَشْقَ وَبِحَلَبَ، وَرَأَيْتُهُ بِالمَوْصِلِ، ثُمَّ
يَتبع مَنْ يَهْوَاهُ إِلَى طيبهِ، وَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ
وُلِدَ بِمُرْسِيَةَ سَنَةَ سَبْعِيْنَ، وَهُوَ مِنْ
بَيْتٍ كَبِيْرٍ وَحِشْمَةٍ، وَانْتَقَلَ إِلَى مِصْرَ،
وَقَدْ لَزِمَ النُّسْكَ وَالانْقِطَاعَ، وَكَانَ لَهُ فِي
العُلُوْمِ نَصِيْبٌ وَافِرٌ، يَتَكَلَّمُ فِيْهَا
بِعَقْلٍ صَائِبٍ، وَذِهْنٍ ثَاقِبٍ.
وَأَخْبَرَنِي فِي سَنَةِ 626 أَنَّهُ قَرَأَ القُرْآنَ
عَلَى غَلبُوْنَ بنِ مُحَمَّدٍ المُرْسِيِّ صَاحِبِ ابْنِ
هُذَيْلٍ، وَعَلِيِّ بنِ الشَّرِيْكِ (1) ، وَقَرَأَ
الفِقْهَ وَالنَّحْوَ وَالأُصُوْلَ، ثُمَّ ارْتَحَلَ إِلَى
مَالقَةَ سَنَةَ تِسْعِيْنَ، فَقَرَأَ عَلَى أَبِي
إِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ يُوْسُفَ بنِ دهَاقٍ،
وَيُعْرَفُ بِابْنِ المَرْأَةِ.
قَالَ: وَلَمْ يَكُنْ بِالأَنْدَلُسِ فِي فَنِّهِ
مِثْلُهُ، يَقُوْمُ بِعِلْمِ التَّفْسِيْرِ وَعُلُوْمِ
الصُّوْفِيَّةِ، كَانَ لَوْ قَالَ: هَذِهِ الآيَةُ
تَحْتَمِلُ أَلفَ وَجْهٍ، قَامَ بِهَا، قَالَ: وَمَا
سَمِعْتُ شَيْئاً إِلاَّ حَفِظْتُهُ، قَرَأَ عَلَى أَبِي
عَبْدِ اللهِ الشَّوْذِيِّ التِلِمْسَانِيِّ الصَّالِحِ.
قَالَ يَاقُوْتُ (2) : فَحَدَّثَنِي شَرَفُ الدِّيْنِ،
قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ دهَاق:
حَفِظْتُ وَأَنَا شَابٌّ القُرْآنَ، وَكُتُباً مِنْهَا
(إِحْيَاء عُلُوْم الدِّيْنِ) لِلْغزَالِيِّ، فَسَافَرْتُ
إِلَى تِلمسَانَ، فَكُنْتُ أَرَى رَجُلاً زرِّياً
قَصِيْراً طُوْلُهُ نَحْو ذِرَاعٍ، وَكَانَ يَأْخُذُ
زَنْبِيْلَهُ وَيَحْمِلُ السَّمَكَ بِالأُجْرَةِ، وَمَا
رَآهُ أَحَدٌ يُصَلِّي، فَاتَّفَقَ أَنِّي اجْتزتُ يَوْماً
وَهُوَ يُصَلِّي، فَلَمَّا رَآنِي قَطَعَ الصَّلاَةَ،
وَأَخَذَ يَعْبَثُ، ثُمَّ جَاءَ العِيْدُ، فَوَجَدْتُهُ
فِي المُصَلَّى، فَقُلْتُ: سَآخُذُهُ مَعِي أُطْعِمُهُ.
فَسَبَقَنِي، وَقَالَ: قَدْ سَبَقْتُكُ، احْضر عِنْدِي.
فَمَضَيْتُ مَعَهُ إِلَى المَقَابِرِ، فَأَحْضَرَ طَعَاماً
حَارّاً يُؤْكَلُ فِي الأَعيَادِ، فَعَجِبْتُ وَأَكَلْتُ،
ثُمَّ شَرَعَ يُخْبِرُنِي بِأَحْوَالِي كَأَنَّهُ كَانَ
مَعِي، وَكُنْتُ إِذَا صَلَّيْتُ يُخَيَّلُ لِي نُوْرٌ
عِنْدَ قَدَمِي، فَقَالَ لِي: أَنْتَ مُعْجَبٌ تَظُنُّ
نَفْسَكَ شَيْئاً، لاَ، حَتَّى تَقْرَأَ
__________
(1) هو علي بن يوسف بن شريك الداني، أبو الحسن.
(2) هذا النص غير موجود في ترجمة المرسي في " معجم الأدباء
"، ولا بعض الذي قبله.
(23/315)
العُلُوْمَ.
قُلْتُ: إِنِّيْ أَحْفَظُ القُرْآنَ بِالرِّوَايَاتِ.
قَالَ: لاَ، حَتَّى تَعْلَمَ تَأْوِيْلَهُ
بِالْحَقِيْقَةِ.
فَقُلْتُ: عَلِّمْنِي.
فَقَالَ: مِنْ غَدٍ مُرَّ بِي فِي السَّمَّاكِيْنَ.
فَبَكَّرْتُ، فَخَلاَ بِي فِي مَوْضِعٍ، ثُمَّ جَعَلَ
يُفَسِّرُ لِيَ القُرْآنَ تَفْسِيْراً عَجِيْباً
مُدْهِشاً، وَيَأْتِي بِمَعَانِي (1) ، فَبَهَرَنِي،
وَقُلْتُ: أُحِبُّ أَنْ أَكْتُبَ مَا تَقُوْلُ.
فَقَالَ: كَمْ تَقُوْلُ عُمُرِي؟
قُلْتُ: نَحْو سَبْعِيْنَ سَنَةً.
قَالَ: بَلْ مائَةٌ وَعشر سِنِيْنَ، وَقَدْ كُنْتُ أَقرأُ
العِلْمَ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً، ثُمَّ تَرَكْتُ
الإِقْرَاءَ، فَاسْأَلِ اللهَ أَنْ يُفَقِّهَكَ فِي
الدِّيْنِ.
فَجَعَلَ كُلَمَّا أَلقَى عَلَيَّ شَيْئاً حَفِظْتُهُ.
قَالَ: فَجَمِيْع مَا تَرَوْنَهُ مَسّنِي مِنْ بَرَكَتِهِ،
وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: قطبُ الأَرْضِ اليَوْمُ ابْنُ
الأَشْقَرِ -أَوْ قَالَ: الأَشْقَرُ- وَإِن مَاتَ قَبْلِي
فَأَنَا أَصِيْر القُطْبَ.
ثُمَّ قَالَ المُرْسِيُّ: أَنْشَدَنِي ابْنُ دهَاقٍ،
أَنْشَدَنِي الشَّوْذِيّ لِنَفْسِهِ:
إِذْ نَطَقَ الوُجُوْدُ أَصَاخَ قَوْمٌ ... بِآذَانٍ إِلَى
نُطْقِ الوُجُوْدِ
وَذَاكَ النُّطْقُ لَيْسَ بِهِ انْعِجَامٌ ... وَلَكِنْ
جَلَّ عَنْ فَهْمِ البَلِيْدِ
فَكُنْ فَطِناً تُنَادى مِنْ قَرِيْبٍ ... وَلاَ تَكُ مَنْ
يُنَادى مِنْ بَعِيْدِ
وَلَقَي المُرْسِيُّ بِفَاسٍ أَبَا عَبْدِ اللهِ مُحَمَّد
ابْن الكَتَّانِيّ، وَكَانَ إِمَاماً فِي الأُصُوْلِ
وَالزُّهْدِ، قَالَ: فَكَتَبْتُ إِلَى ابْنِ المَرْأَةِ:
يَا أَيُّهَا العَلَمُ المرفَّعُ قَدْرُهُ ... أَنْتَ
الَّذِي فَوْقَ السِّمَاك حُلُوْلُهُ
أَنْتَ الصَّبَاحُ المُسْتَنِيْرُ لِمُبْتَغِي ... عِلْمِ
الحَقَائِقِ أَنْتَ أَنْتَ دَلِيْلُهُ
بِكَ يَا أَبَا إِسْحَاقَ يَتَّضِحُ الهُدَى ... بِكَ
تَسْتَبِيْنُ فُرُوْعُهُ وَأُصُوْلُهُ
مَنْ يَزْعُمُ التَّحْقِيْقَ غَيْرَكَ إِنَّهُ ... مِثْلُ
المُجَوِّزِ مَا العُقُوْلُ تُحِيْلُهُ... إِلَى أَنْ
قَالَ: وَقَرَأْت (كِتَاب سِيْبَوَيْه) عَلَى أَبِي
عَلِيٍّ الشَّلَوْبِيْنِ
__________
(1) هكذا في الأصل.
(23/316)
جَمِيْعه، فَكَتَبَ لِي بِخَطِّهِ:
تَفقَّهتُ مَعَ فُلاَن فِي (كِتَاب سِيْبَوَيْه) وَقدمت
إِسكندرِيَة فِي صَفَرٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّ مائَةٍ،
وَوصل مَكَّة فِي رَجبِهَا، فَسَمِعَ بِهَا، وَقَدِمَ
بَغْدَادَ، فَأَقَامَ بِهَا نَحْو عَامَيْنِ يَشتغل
بِالعَقْلِيَّات، وَسَمِعَ بِوَاسِط مِنِ ابْنِ
المَنْدَائِيّ (المُسْنَد)، فَمَاتَ فِي أَثْنَاء
القِرَاءة، ثُمَّ رَحل إِلَى هَمَذَان سَنَة سَبْعٍ،
وَإِلَى نَيْسَابُوْرَ وَهرَاة وَبَحَثَ مَعَ العَمِيدِيِّ
فِي (الإِرْشَادِ) وَمَعَ القُطْب المِصْرِيّ، وَقَرَأَ
عَلَى الْمعِين الجَاجرمِي تَعَاليقَه فِي الخلاَف،
وَدَخَلَ مَرْو وَأَصْبَهَانَ، وَقَرَأَ بِدِمَشْقَ عَلَى
الكِنْدِيِّ (كِتَابَ سِيْبَوَيْه)، وَحَجّ مَرَّات، وَشرع
فِي عَملِ تَفْسِيْرٍ، وَلَهُ كِتَابُ (الضَّوَابط) فِي
النَّحْوِ، وَبدَأَ بِكِتَاب فِي الأَصْلَيْنِ، وَصَنَّفَ
كِتَاباً فِي البَلاغَة وَالبَدِيْع، وَأَملَى عَلَيَّ
(دِيْوَانَ المتنبِي)...، إِلَى أَنْ قَالَ: وَأَنْشَدَنِي
لِنَفْسِهِ وَقَدْ تَمَارَوْا عِنْدَهُ فِي الصِّفَاتِ:
مَنْ كَانَ يَرغب فِي النَّجَاة فَمَا لَهُ ... غَيْر
اتِّبَاع المُصْطَفَى فِيمَا أَتَى
...، وَذَكَرَ الأَبيَات.
قَالَ: وَأَنْشَدَنِي لِنَفْسِهِ:
أَبُثك مَا فِي القَلْب مِنْ لَوعَة الحبِّ ... وَمَا قَدْ
جَنَتْ تِلْكَ اللِّحَاظ عَلَى لُبِّي
أَعَارَتْنِي السُّقم الَّتِي بِجُفُونِهَا ... وَلَكِنْ
غَدَا سُقمِي عَلَى سُقمِهَا يُربِي
قُلْتُ: وَلَهُ أَبيَات رَقيقَةٌ هَكَذَا، وَكَانَ بَحرَ
مَعَارِفَ -رَحِمَهُ اللهُ-.
(23/317)
قَرَأْت بِخَطّ الكِنْدِيّ فِي (تَذكرته):
أَنَّ كتب المُرْسِيّ كَانَتْ مُودعَة بِدِمَشْقَ، فَرسم
السُّلْطَان بِبيعهَا، فَكَانُوا فِي كُلِّ ثُلاَثَاء
يَحملُوْنَ مِنْهَا جُمْلَةً إِلَى دَار السعَادَة،
وَيَحضر العُلَمَاء، وَبيعت فِي نَحْو من سَنَةٍ، وَكَانَ
فِيْهَا نَفَائِسُ، وَأَحرزتْ ثَمناً عَظِيْماً، وَصَنَّفَ
(تَفْسِيْراً) كَبِيْراً لَمْ يُتِمَّهُ.
قَالَ: وَاشْتَرَى البَاذَرَائِيُّ مِنْهَا جُمْلَةً
كَثِيْرَةً.
وَقَالَ الشَّرِيْفُ عِزُّ الدِّيْنِ فِي (الوَفِيَّاتِ
(1)): تُوُفِّيَ المُرْسِيّ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ،
سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، فِي مُنتصفِه،
بِالعرِيش، وَهُوَ مُتوجّه إِلَى دِمَشْقَ، فَدُفِنَ بتل
الزَّعقَة، وَكَانَ مِنْ أَعيَانِ العُلَمَاءِ، ذَا
مَعَارِفَ مُتعدِّدَة، وَلَهُ مُصَنّفَات مُفِيْدَة.
قُلْتُ: تَأَخَّر مِنْ روَاته يُوْسُف الخُتَنِي بِمِصْرَ،
وَأَيُّوْب الكَحَّال بِدِمَشْقَ.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ: إبراهيمُ بنُ أَبِي بَكرٍ
الحَمَّامِيُّ الزُّعبِيُّ صاحبُ ابْنِ شَاتِيلَ،
والمُفتِي عِمَادُ الدِّيْنِ إِسْمَاعِيْل بن هِبَةِ اللهِ
بِشْر بن بَاطِيش المَوْصِلِيّ، وَالسُّلْطَان الْملك
المُعِزّ أَيبك التُّرُكْمَانِيّ قتلته زَوجته شجر الدُّرّ
وَقُتلت، وَالعَلاَّمَة نَجْم الدِّيْنِ عَبْد اللهِ ابْن
أَبِي الوَفَاء مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ البَاذَرَائِيّ
رَسُوْلُ الخِلاَفَةِ، وَالمُعَمَّرُ المُحَدِّث تَقِيّ
الدَّين عَبْد الرَّحْمَنِ اليَلْدَانِيُّ، والمُحَدِّث
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيْمَ بنِ جوبر البَلَنْسِيّ،
وَالعَلاَّمَة التَّاج مُحَمَّد بن الحُسَيْنِ
الأُرْمَوِيّ صَاحِب (المَحْصُوْل).
__________
(1) صلة التكملة لوفيات النقلة المجلد الثاني الورقة 26.
(23/318)
221 - ابْنُ بَاطِيْشَ أَبُو المَجْدِ
إِسْمَاعِيْلُ بنُ هِبَةِ اللهِ المَوْصِلِيُّ *
العَلاَّمَةُ، المُتَفَنِّن، عِمَاد الدِّيْنِ، أَبُو
المَجْدِ إِسْمَاعِيْل بن هِبَةِ اللهِ بنِ بَاطِيش
المَوْصِلِيّ، الشَّافِعِيّ.
وُلِدَ (1) : سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ.
وَسَمِعَ مِنِ: ابْنِ الجَوْزِيّ، وَابْن سُكَيْنَة،
وَحَنْبَل.
وَلَهُ: كِتَابُ (طَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّةِ)،
وَ(مُشتَبَهُ النِّسْبَةِ)، وَ(المُغْنِي فِي لُغَات
المُهَذَّبِ وَرِجَاله).
وَكَانَ أُصُوْلياً، مُتَفَنِّناً.
رَوَى عَنْهُ: الدِّمْيَاطِيّ، وَالتَّاج الصَّالِح،
وَالبَدْر ابْن التُّوزِيِّ، وَجَمَاعَة.
درس مُدَّة بِالنُّورِيَّةِ بِحَلَبَ.
وَتُوُفِّيَ: فِي جُمَادَى (2) الآخِرَةِ، سَنَةَ خَمْسٍ
وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
222 - عَبْدُ العَظِيْمِ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ عَبْدِ
القَوِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ المُنْذِرِيُّ **
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، الحَافِظُ، المُحَقِّقُ، شَيْخُ
الإِسْلاَمِ، زَكِيّ الدِّيْنِ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ
__________
(*) عقود الجمان في شعراء هذا الزمان لابن الشعار الموصلي
(اسعد افندي 2323 ج 1 الورقة 296 / أ، صلة التكملة للحسيني
المجلد الثاني الورقة 28 - 29، تلخيص مجمع الآداب لابن
الفوطي الجزء الرابع الترجمتان 987، 999 إذ ترجم له مرتين،
ذيل مرآة الزمان لليونيني 1 / 54، تاريخ الإسلام للذهبي
(أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 136 - 137، العبر 5 / 221 -
222، الوافي بالوفيات: 9 / 234 - 235، الترجمة 4139، طبقات
السبكي: 8 / 131 - 132 الترجمة 1119، طبقات الاسنوي: 1 /
275 - 276، الترجمة 253، شذرات الذهب: 5 / 267، وترجم له
الدكتور مصطفي جواد في مقدمة تحقيقه لكتاب تكملة اكمال
الإكمال لابن الصابوني ص 17 - 18.
(1) ذكر الحسيني في صلة التكملة انه ولد في السادس عشر من
محرم.
(2) ذكر الحسيني والذهبي في تاريخ الإسلام انه توفي في
الرابع عشر من جمادى الآخرة.
(* *) انظر ما كتبه الدكتور بشار عواد معروف عنه في كتابه
(المنذري وكتابه التكملة لوفيات =
(23/319)
العَظِيْمِ بن عَبْدِ القوِيّ بن عَبْدِ
اللهِ بنِ سَلاَمَةَ بنِ سَعْدٍ المُنْذِرِيّ، الشَّامِيّ
الأَصْل، المِصْرِيّ، الشَّافِعِيّ.
وُلِدَ: فِي غُرَة شَعْبَان، سَنَة إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بنِ حَمْدٍ
الأَرتَاحِي، وَهُوَ أَوّل شَيْخٍ لَقِيَهُ، وَذَلِكَ
سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ، وَمِنْ عُمَرَ بنِ
طَبَرْزَذَ، وَهُوَ أَعْلَى شَيْخ لَهُ، وَمِنْ أَبِي
الجُوْدِ غِيَاث المُقْرِئ، وَسِتّ الكَتَبَةِ بِنْت
عَلِيِّ ابنِ الطّرَاح، وَمَنْ يُوْنُس بن يَحْيَى
الهَاشِمِيّ لقِيه بِمَكَّةَ، وَجَعْفَر بن مُحَمَّدِ بنِ
آمُوسَانَ، أَملَى عَلَيْهِ بِالمَدِيْنَةِ، وَعَلِيِّ بنِ
المُفَضَّلِ الحَافِظ، وَلاَزَمَهُ مُدَّةً، وَبِهِ
تَخرَّجَ، وَعَبْدِ المُجِيْبِ بنِ زُهَيْرٍ الحَرْبِيّ،
وَإِبْرَاهِيْم بن البُتَيتِ، وَأَبِي رَوحٍ البَيْهَقِيّ،
وَأَبِي عَبْدِ اللهِ ابْنِ البَنَّاءِ الصُّوْفِيِّ،
وَعَلِيّ بن أَبِي الكَرَمِ ابْن البَنَّاء الخَلاَّل،
وَأَبِي المَعَالِي مُحَمَّد بن الزَّنْفِ (1) ، وَأَبِي
اليُمْنِ زَيْدِ بنِ الحَسَنِ الكِنْدِيِّ، وَأَبِي
الفُتُوْح ابْن الجَلاَجُلِيّ، وَأَبِي المَعَالِي أَسَعْد
بن المُنَجَّى مُصَنِّفِ (الخلاَصَة)، وَأَحْمَدَ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ سَيِّدِهِم الأَنْصَارِيّ، وَأَحْمَد بن
عَبْدِ اللهِ السُّلَمِيّ العَطَّار، وَالشَّيْخ أَبِي
عُمَرَ بن قُدَامَةَ، وَدَاوُد بن مُلاَعِبَ، وَأَبِي
نَزَارٍ رَبِيْعَة بن الحَسَنِ الحَضْرَمِيّ، وَالإِمَام
مُوَفَّق الدِّيْنِ ابْنِ قُدَامَةَ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ
عَبْد اللهِ بن عَبْدِ الجَبَّارِ العُثْمَانِيّ،
وَمُوْسَى بن عَبْدِ القَادِرِ الجِيْلِيّ، وَالعَلاَّمَة
أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْد اللهِ بن نَجْم بن شَاس
المَالِكِيِّ،
__________
= النقلة) (مطبعة الآداب بالنجف 1388 ه / 1968 م) في 385
صفحة مع الفهارس وهو مقدمة رسالته التي نال بها رتبة
الماجستير من دائرة التاريخ والآثار بجامعة بغداد بدرجة
الامتياز في 17 تشرين الأول 1967، وانظر مقدمة تحقيقه
لكتاب التكملة لوفيات النقلة نشر مؤسسة الرسالة (1401 ه /
1981 م) ج 1 / 1 - 47.
(1) قيده المنذري في " التكملة " بالحروف: 1 / الترجمة:
509، 2 / الترجمة: 907.
(23/320)
وَالقَاضِي أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْد اللهِ بن
مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مُجَلِّي (1) ، وَعَبْد
الجَلِيْل بن مَنْدَوَيْه الأَصْبَهَانِيّ، وَالوَاعِظ
عَلِيّ بن إِبْرَاهِيْمَ بنِ نَجَا الأَنْصَارِيّ -
سَمِعَهُ يَعظ - وَنَجِيْب بن بِشَارَة السَّعْدِيّ (2) ،
سَمِعَ مِنْ كِتَابِ
(العُنوَان)، وَعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ بَاقَا، وَمُحَمَّد
بن عِمَادٍ، وَأَبِي المَحَاسِن بن شَدَّادٍ، وَأَبِي
طَالِبٍ بنِ حَدِيد، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ لَقِيَهُم
بِالحَرَمَيْنِ وَمِصْر وَالشَّام وَالجَزِيْرَة.
وَعَمِلَ (المُعْجَم) فِي مُجَلَّد، وَ(المُوَافِقَاتِ)
فِي مُجَلَّد، وَاختصرَ (صَحِيْح مُسْلِم) وَ(سُنَنَ أَبِي
دَاوُدَ)، وَتَكلَّمَ عَلَى رِجَالِهِ، وَعَزَاهُ إِلَى
(الصَّحِيْحَيْنِ) أَوْ أَحَدِهِمَا أَوْ لَيَّنَهُ،
وَصَنَّفَ شَرحاً كَبِيْراً (لِلتَّنبِيهِ) فِي الفِقْهِ،
وَصَنَّفَ (الأَرْبَعِيْنَ)، وَغَيْرَ ذَلِكَ.
وَقَرَأَ القِرَاءاتِ عَلَى: أَبِي الثَّنَاءِ حَامِدِ بنِ
أَحْمَدَ الأَتَارحِيِّ، وَتَفَقَّهَ عَلَى الإِمَامِ
أَبِي القَاسِمِ عَبْد الرَّحْمَنِ بن مُحَمَّدٍ
القُرَشِيّ الشَّافِعِيّ، وَأَخَذَ العَرَبِيَّة عَنْ:
أَبِي الحُسَيْنِ يَحْيَى بن عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيّ.
قَالَ الحَافِظُ عِزّ الدِّيْنِ الحُسَيْنِيّ (3) : درس
شَيْخنَا بِالجَامِع الظَّافرِي، ثُمَّ وَلِي مَشْيَخَة
الدَّار الكَامِليَّة، وَانقطع بِهَا عَاكفاً عَلَى
العِلْم، وَكَانَ عَدِيْم النَّظِيْر فِي علم الحَدِيْث
عَلَى اخْتِلاَف فُنُونه، ثَبْتاً، حُجَّة، وَرِعاً،
مُتحرِّياً، قَرَأْت عَلَيْهِ قِطعَة حَسَنَة مِنْ
حَدِيْثِهِ، وَانتفعتُ بِهِ كَثِيْراً.
__________
(1) قيده المنذري في ترجمة والده من " التكملة " (1 /
الترجمة: 188) وفي ترجمته في " التكملة " (2 / الترجمة:
1511)، قال: " وجده أبو المعالي المجلي كان عاقد الانكحة
بالرملة..والمجلي: بضم الميم وفتح الجيم وتشديد اللام
وكسرها ".
(2) توفي سنة 613 (التكملة 2 / الترجمة: 1464، وتاريخ
الإسلام، الورقة: 206) (باريس 1582).
(3) صلة التكملة لوفيات النقلة المجلد الثاني الروقة 41.
(23/321)
قُلْتُ: حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو الحُسَيْنِ
اليُوْنِيْنِيّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الدِّمْيَاطِيّ،
وَالشَّرَف المَيْدُوْمِي، وَالتَّقِيّ عبيد، وَالشَّيْخ
مُحَمَّد القَزَّاز، وَالفَخْر ابْن عَسَاكِرَ، وَعَلَم
الدِّيْنِ الدوَادَارِي، وَقَاضِي القُضَاةِ ابْن دَقِيق
العِيْد، وَعَبْد القَادِرِ بن مُحَمَّدٍ الصَّعْبِي،
وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيْمَ الوزِيْرِي، وَالحُسَيْن بن
أَسَدِ ابْن الأَثِيْرِ، وَعَلِيّ بن إِسْمَاعِيْلَ بن
قُرَيْش المَخْزُوْمِيّ، وَالعِمَادُ ابْن الجرَائِدِيِّ،
وَأَبُو العَبَّاسِ ابْن الدُّفوفِي، وَيُوْسُف بن عُمَرَ
الخُتَنِيُّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَدرَّس بِالجَامِعِ الظَّافرِي مُدَّة قَبْل مَشْيَخَة
الكَامِليَّة، وَكَانَ يَقُوْلُ: إِنَّهُ سَمِعَ مِنَ
الحَافِظ عَبْد الغَنِيِّ، وَلَمْ نَظفر بِذَلِكَ،
وَأَجَاز لَهُ مَرْوِيَّاتِه، وَكَانَ مَتِينَ
الدّيَانَةِ، ذَا نُسكٍ وَورعٍ وَسَمْتٍ وَجَلاَلَةٍ.
قَالَ شَيْخُنَا الدِّمْيَاطِيُّ: هُوَ شَيْخِي
وَمُخَرِّجِي، أَتيتُه مُبتدِئاً، وَفَارَقْتُهُ مُعِيداً
لَهُ فِي الحَدِيْثِ.
ثُمَّ قَالَ: تُوُفِّيَ فِي رَابعِ ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ
سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَرَثَاهُ غَيْرُ
وَاحِدٍ بِقَصَائِدَ حَسَنَةٍ.
وَقَالَ الشَّرِيْف عِزّ الدِّيْنِ (1) أَيْضاً: كَانَ
شَيْخنَا زَكِيّ الدِّيْنِ عَالِماً بِصَحِيْحِ الحَدِيْثِ
وَسَقِيمِهِ، وَمَعلُولِهِ وَطُرُقِهِ، مُتبحِّراً فِي
مَعْرِفَةِ أَحكَامِهِ وَمَعَانِيْهِ وَمُشكِلِهِ،
قَيِّماً بِمَعْرِفَةِ غَرِيبِهِ وَإِعرَابِهِ
وَاخْتِلاَفِ أَلْفَاظِهِ، إِمَاماً، حُجَّة.
قُلْتُ: وَمَاتَ مَعَهُ فِي هَذِهِ السّنَة: أَمِيْر
المُؤْمِنِيْنَ المُسْتَعْصِم بِاللهِ أَبُو أَحْمَدَ
مَقْتُولاً شهيداً عِنْد أَخْذِ بَغْدَاد، وَابْنَاهُ؛
أَحْمَدُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَأَعمَامُه؛ عَلِيٌّ
وَحسنٌ وَسُلَيْمَان وَيُوْسُف وَحَبِيْبٌ بَنُوْ
الخَلِيْفَة الظَّاهِر، وَابْنَا عَمّه؛ حُسَيْن وَيَحْيَى
وَلَدَا عَلِيٍّ، وَملك الأُمَرَاء مُجَاهِد الدِّيْنِ
أَيبك الدويدَار، وَسُلَيْمَان
__________
(1) صلة التكملة الورقة 41 - 42.
(23/322)
شَاه، وَفتح الدِّيْنِ ابْن كرّ، وَعِدَّة
أُمَرَاء كِبَارِ، وَالمُحْتَسِب عَبْد الرَّحْمَنِ ابْن
الجَوْزِيّ، وَأَخُوْهُ؛ تَاج الدِّيْنِ عَبْد الكَرِيْمِ،
وَالقَاضِي أَبُو المَنَاقِب مَحْمُوْد بن أَحْمَدَ
الزَّنْجَانِيّ عَالِم الوَقْت، وَشَرَف الدِّيْنِ
مُحَمَّد بن مُحَمَّدِ بنِ سُكَيْنَة قَاتَلَ حَتَّى
قُتِلَ، وَنَقِيْب العَلَوِيَّة أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ
بنُ النَسَّابَة، وَشَيْخ الشُّيُوْخ صَدْر الدِّيْنِ ابْن
النَّيَّار، وَابْن أَخِيْهِ عَبْد اللهِ، وَمُهَذَّب
الدِّيْنِ عَبْد اللهِ بن عَسْكَر البعقوبِي، وَالقَاضِي
بُرْهَان الدِّيْنِ القَزْوِيْنِيّ، وَالقَاضِي
إِبْرَاهِيْم النَّهْرفصلِيُّ، وَالخَطِيْب عَبْد اللهِ بن
عَبَّاسٍ الرَّشِيْدِيّ، وَشَيْخ التَّجْوِيد عَلِيٌّ ابنُ
الكُتُبِيِّ، وَتَقِيّ الدِّيْنِ المُوْسَوِيّ نَقيب
المَشْهَد، وَشَرَف الدِّيْنِ مُحَمَّد بن طَاوس
العَلَوِيّ، وَخَلْقٌ مِنَ الصُّدُوْرِ قُتِلُوا صَبْراً،
وَأُسْتَاذ الدَّار مُحْيِي الدِّيْنِ يُوْسُف ابْن
الجَوْزِيِّ، وَسَيِّد الشُّعَرَاء جَمَال الدِّيْنِ
يَحْيَى بن يُوْسُفَ الصَّرصرِيُّ، وَشَيْخ القُرَّاء
عَفِيْف الدِّيْنِ المُرَجَّى بن الحَسَنِ بنِ شُقَيْرَاءَ
الوَاسِطِيّ السَّفَّار، وَعَالِم الإِسْكَنْدَرِيَّة
أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ
القُرْطُبِيّ، وَالحَافِظ صَدْر الدِّيْنِ أَبُو عَلِيٍّ
الحَسَنُ
بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ ابنِ البَكْرِيِّ، وَشَيْخ
اللُّغَة شَرَف الدِّيْنِ الحُسَيْن بن إِبْرَاهِيْمَ
الإِرْبِلِيّ، وَالصَّاحب بَهَاء الدِّيْنِ زُهَيْر بن
مُحَمَّدٍ المُهَلَّبِيُّ المِصْرِيُّ الشَّاعِر، وَصَاحِب
الكَرَك الْملك النَّاصِر دَاوُد ابْن المُعَظَّم عِيْسَى
ابْن العَادل، وَخَطِيْب بَيْت الأَبَّارِ عِمَاد
الدِّيْنِ دَاوُد بن عُمَرَ المَقْدِسِيّ خَطِيْب دِمَشْق،
وَالشَّيْخ الزَّاهِد أَبُو الحَسَنِ الشَّاذلِي عَلِيّ بن
عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ المَغْرِبِيّ
بِعيذَابَ، وَشَيْخ القُرَّاء أَبُو عَبْدِ اللهِ
مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَسَنِ بنِ مُحَمَّدٍ الفَاسِي
بِحَلَبَ، وَمُقْرِئ المَوْصِل الإِمَام مُحَمَّد بن
أَحْمَدَ الحَنْبَلِيّ شُعْلَة شَابّاً، وَخَطِيْب مَرْدَا
أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ
المَقْدِسِيّ الحَنْبَلِيّ، وَالمُسْنِدُ ابْن خَطِيْب
القَرَافَةِ أَبُو عَمْرٍو عُثْمَان بن عَلِيٍّ
القُرَشِيّ، وَالمُحَدِّث شَمْس الدِّيْنِ عَلِيّ بن
مُظَفَّر النُّشْبِيُّ الدِّمَشْقِيُّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم
فِي (تَارِيخِي الكَبِيْرِ).
(23/323)
أَخْبَرْنَا إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ
المُؤَدِّبُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ العَظِيْمِ الحَافِظُ،
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ حَمْدٍ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ
وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ
الحُسَيْنِ المَوْصِلِيُّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ
الحَسَنِ بنِ قُسَيْمٍ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ
بنِ إِسْحَاقَ القَاضِي، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
المَحَامِلِيُّ، حَدَّثَنَا يَعْقُوْبُ، عَنْ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بنِ مَهْدِيٍّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ
الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
كَانَ إِذَا اعْتَكَفَ، يُدْنِي إِلَيَّ رَأْسَهُ،
فَأُرَجِّلُهُ، وَكَانَ لاَ يَدْخُلُ البَيْتَ إِلاَّ
لِحَاجَةِ الإِنْسَانِ.
أَخْرَجَهُ: النَّسَائِيُّ (1) ، عَنْ يَعْقُوْبَ
الدَّوْرَقِيِّ.
223 - الكَفْرَطَابِيُّ أَبُو الفَضْلِ عَبْدُ العَزِيْزِ
بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ بَيَانٍ *
الشَّيْخُ، المُسْنِدُ، الأُسْتَاذُ، أَبُو الفَضْلِ
عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ بَيَانِ بنِ
سَالِمِ بنِ الخَضِرِ الكَفْرَطَابِيُّ، ثُمَّ
الدِّمَشْقِيُّ، الرَّامِي، القَوَّاسُ.
مَوْلِدُهُ: فِي شَوَّالٍ (2) ، سَنَةَ سَبْعٍ
وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ عِدَّةَ أَجزَاءٍ مِنْ يَحْيَى الثَّقَفِيِّ،
وَتَفَرَّدَ بِبَعْضِهَا.
حَدَّثَ عَنْهُ: الدِّمْيَاطِيُّ، وَالخَطِيْبُ أَبُو
العَبَّاسِ الفَزَارِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ ابْنُ
الخَلاَّلِ، وَالنَّجْمُ ابْنُ الخَبَّازِ، وَأَحْمَدُ بنُ
عُبَادَةَ، وَعَلِيٌّ الغرَّاوِيُّ، وَالشَّمْسُ ابْنُ
الزَّرَّادِ، وَأَبُو الحَسَنِ الكِنْدِيُّ، وَالفَخْرُ
ابْنُ عَسَاكِرَ، وَآخَرُوْنَ.
مَاتَ: فِي الحَادِي وَالعِشْرِيْنَ مِنْ شَوَّالٍ، سَنَةَ
سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
__________
(1) قال شعيب: هو في سنن النسائي الكبرى في الاعتكاف كما
في تحفة الاشراف 12 / 79.
وأخرجه مالك 1 / 312، والبخاري (2029) ومسلم (297) (6)
(7)، وأحمد 6 / 104 و181، وابن ماجة (1778).
(*) صلة التكملة للحسيني المجلد الثاني الورقة 40، تاريخ
الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 158، العبر:
5 / 231، شذرات الذهب 5 / 277.
(2) قال في تاريخ الإسلام: ليلة عيد الفطر.
(23/324)
224 - خَطِيْبُ مَرْدَا مُحَمَّدُ بنُ
إِسْمَاعِيْلَ بنِ أَحْمَدَ المَقْدِسِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الفَقِيْهُ، المُسْنِدُ،
الخَطِيْبُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ
إِسْمَاعِيْلَ بنِ أَحْمَدَ بنِ أَبِي الفَتْحِ
المَقْدِسِيُّ، النَّابُلُسِيُّ، الحَنْبَلِيُّ، خَطِيْبُ
مَرْدَا.
مَوْلِدُهُ: بِهَا، فِي سَنَةِ سِتٍّ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ
مائَةٍ تَقْرِيْباً.
وَقَدِمَ دِمَشْقَ، فَاشْتَغَلَ، وَحَفظَ القُرْآنَ،
وَتَفَقَّهَ، وَسَمِعَ مِنْ: يَحْيَى الثَّقَفِيِّ،
وَابْنِ صَدَقَةَ الحَرَّانِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ حَمْزَةَ
المَوَازِيْنِيِّ، وَجَمَاعَةٍ.
وَارْتَحَلَ، فَسَمِعَ مِنْ: أَبِي القَاسِمِ
البُوْصِيْرِيِّ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ يَاسِيْنَ،
وَعَلِيِّ بنِ حَمْزَةَ، وَفَاطِمَةَ بِنْتِ سَعْدِ
الخَيْرِ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الدِّمْيَاطِيُّ، وَالفَخْرُ ابْنُ
عَسَاكِرَ، وَالقَاضِي تَقِيُّ الدِّيْنِ سُلَيْمَانُ،
وَالقَاضِي شَرَفُ الدِّيْنِ حَسَنٌ، وَشَمْسُ الدِّيْنِ
مُحَمَّدُ ابْنُ التَّاجِ، وَأَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ عَمِّي
(1) ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ ابْنُ الزَّرَّادِ،
وَالتَّقِيُّ أَحْمَدُ بنُ العِزِّ، وَأَحْمَدُ بنُ
مُحَمَّدٍ الزَّبَدَانِيُّ، وَالزَّيْنُ أَبُو بَكْرٍ
الحَرِيْرِيُّ، وَالشَّيْخُ أَحْمَدُ ابْنُ الفَخْرِ،
وَزَيْنَبُ بِنْتُ الكَمَالِ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ
القَصَّاصُ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
الصَّرْخَدِيُّ، وَالأَسَدُ عَبْدُ القَادِرِ
العَادِلِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ، وَانتَشرَتْ
مَرْوِيَّاتُه بِدِمَشْقَ، وَنِعْمَ الشَّيْخُ كَانَ
-رَحِمَهُ اللهُ- ثُمَّ إِنَّهُ رَجَعَ إِلَى قَرْيتِه،
وَحَدَّثَ بِهَا أَيْضاً.
__________
(*) صلة التكملة للحسيني المجلد الثاني الورقة 44، تاريخ
الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 162 - 163،
العبر: 5 / 235، الوافي بالوفيات: 2 / 219، الترجمة 613،
ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب: 2 / 267 الترجمة 375، النجوم
الزاهرة: 7 / 69 شذرات الذهب: 5 / 283.
(1) هكذا يلقب، وقد ذكره الذهبي في معجم شيوخه، فقال: أحمد
بن علي بن مسعود الكلبي الصالحي أبو العباس الملقب عمي..كل
أحد يناديه: يا عمي حتى الشيخ شمس الدين ابن أبي عمر رحمه
الله وذكر انه توفي سنة 723.
(23/325)
تُوُفِّيَ: فِي (1) سَنَةِ سِتٍّ
وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، سَمِعْتُ عَلَى نَحْوٍ مِنْ
سِتِّيْنَ نَفْساً مِنْ أَصْحَابِهِ.
225 - النُّشْبِيُّ شَمْسُ الدِّيْنِ عَلِيُّ بنُ
المُظَفَّرِ بنِ القَاسِمِ الرَّبَعِيُّ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، شَمْسُ الدِّيْنِ عَلِيُّ بنُ
المُظَفَّرِ بنِ القَاسِمِ الرَّبَعِيُّ، النُّشْبِيُّ،
الدِّمَشْقِيُّ، العَدْلُ.
طَلبَ الحَدِيْثَ فِي كِبَرِه، فَسَمِعَ: الخُشُوْعِيَّ،
وَالقَاسِمَ، وَحَنْبَلاً، وَطَبَقَتَهُم.
وَكَانَ فَصِيْحاً، طَيِّبَ الصَّوتِ، مُعْرِباً، كَانَ
يُؤدِّب، ثُمَّ صَارَ شَاهِداً.
رَوَى عَنْهُ: الدِّمْيَاطِيُّ، وَابْنُ الحُلوَانِيَّةِ،
وَابْنُ الخَلاَّلِ، وَمُحَمَّدُ ابْنُ خَطِيْبِ بَيْتِ
الأَبَّارِ، وَآخَرُوْنَ، وَنَابَ فِي الحِسْبَةِ.
مَاتَ: فِي رَبِيْعٍ (2) الأَوَّلِ، سَنَةَ سِتٍّ
وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَلَهُ تِسْعُوْنَ سَنَةً
وَأَشْهُرٌ.
226 - البَكْرِيُّ أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ
بنِ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ **
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، المُفِيْدُ،
الرَّحَّالُ، المُسْنِدُ، جَمَالُ المَشَايِخِ، صَدْرُ
__________
(1) ذكر الحسيني انه توفي في العشر الأول من ذي الحجة،
وقال الذهبي انه توفي في اوائل ذي الحجة.
(*) صلة التكملة للحسيني المجلد الثاني الورقة 36، تاريخ
الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 161، العبر:
5 / 233 المشتبه: 74، 348، توضيح المشتبه لابن ناصر الدين:
1 / الورقة: 57، النجوم الزاهرة: 7 / 68، شذرات الذهب: 5 /
280.
وهو من نشبة، بطن من تيم الرباب.
(2) ذكر الحسيني والذهبي في تاريخ الإسلام انه توفي في سلخ
شهر ربيع الأول.
(* *) صلة التكملة للحسيني المجلد الثاني الورقة 44، ذيل
مرآة الزمان لليونيني 1 / 124 - 125 تاريخ الإسلام للحافظ
الذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 148 - 149، دول
الإسلام 2 / 121، العبر 5 / 227 - 228 وتذكرة الحفاظ: 4 /
1444، الوافي بالوفيات: 12 / =
(23/326)
الدِّيْنِ، أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ
مُحَمَّدِ ابْنِ الشَّيْخِ أَبِي الفُتُوْحِ مُحَمَّدِ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَمْرُوْكَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
عَبْدِ اللهِ بنِ حَسَنِ بنِ القَاسِمِ بنِ عَلْقَمَةَ بنِ
النَّضْرِ بنِ مُعَاذِ ابْنِ فَقِيْهِ المَدِيْنَةِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بنِ القَاسِمِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الصِّدِّيْقِ
أَبِي بَكْرٍ القُرَشِيُّ، التَّيْمِيُّ، البَكْرِيُّ،
النَّيْسَابُوْرِيُّ، ثُمَّ الدِّمَشْقِيُّ، الصُّوْفِيُّ.
وُلِدَ: بِدِمَشْقَ، فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ بِمَكَّةَ مِنْ جَدِّهِ، وَمِنْ أَبِي حَفْصٍ
المَيَانَشِيِّ.
وَبِدِمَشْقَ مِنْ: حَنْبَلٍ، وَابْنِ طَبَرْزَذَ،
وَأَسَمَعَ مِنْهُمَا بِنْتَه شَامِيَّةَ.
وَرَحَلَ، فَسَمِعَ بِهَرَاةَ مِنْ: أَبِي رَوْحٍ
الهَرَوِيِّ.
وَبِنَيْسَابُوْرَ مِنَ: المُؤَيَّدِ الطُّوْسِيِّ.
وَبِأَصْبَهَانَ مِنْ: أَبِي الفُتُوْحِ مُحَمَّدِ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ الجُنَيْدِ، وَعَيْنِ الشَّمْسِ
الثَّقَفِيَّةِ، وَعِدَّةٍ.
وَبِمَرْوَ مِنْ: أَبِي المُظَفَّرِ ابْنِ
السَّمْعَانِيِّ.
وَبِبَغْدَادَ مِنِ: ابْنِ الأَخْضَرِ، وَبِالمَوْصِلِ
وَإِرْبِلَ وَحَلَبَ وَمِصْرَ وَأَمَاكِنَ.
وَعَمِلَ (الأَرْبَعِيْنَ البَلَدِيَّةَ)، وَعُنِيَ
بِهَذَا الشَّأْنِ، وَكَتَبَ العَالِي وَالنَّازِلَ،
وَجَمَعَ، وَصَنَّفَ، وَشرعَ فِي (تَأْرِيخٍ) لِدِمَشْقَ
ذَيلاً عَلَى (تَارِيخِ ابْنِ عَسَاكِرَ)، وَعُدمت
المسودَّةُ.
رَوَى الكَثِيْرَ، وَسَمِعَ مِنْهُ: ابْنُ الصَّلاَحِ،
وَالبِرْزَالِيُّ، وَالكِبَارُ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: الدِّمْيَاطِيُّ، وَالقُطْبُ
القَسْطَلاَنِيُّ، وَأَبُو المَعَالِي ابْنُ البَالِسِيِّ،
وَالبَدْرُ ابْنُ التُّوْزِيِّ، وَالزَّيْنُ أَبُو بَكْرٍ
بنُ يُوْسُفَ الحَرِيْرِيُّ، وَالتَّاجُ أَحْمَدُ بنُ
مُزَيْزٍ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ ابْنُ الزَّرَّادِ،
وَمُحَمَّدُ بنُ المُحِبِّ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ
يَعْقُوْبَ الدِّمْيَاطِيُّ، وَالعَلاَءُ الكِنْدِيُّ،
وَعَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ سُلَيْمَانَ المَغْرِبِيُّ،
وَالجَمَالُ عَلِيُّ ابْنُ الشَّاطِبِيِّ، وَعِدَّةٌ.
__________
= 251 - 252، الترجمة: 228 وميزان الاعتدال: 1 / 522، عيون
التواريخ لابن شاكر 20 / 167، ومرآة الجنان: 4 / 139،
النجوم الزاهرة: 7 / 69، حسن المحاضرة للسيوطي 1 / 356
الترجمة 74، شذرات الذهب: 5 / 274.
(23/327)
وَوَلِيَ حِسبَةَ دِمَشْقَ، وَمَشْيَخَةَ
الخوَانكَ، وَنفقَ سُوقُه فِي دَوْلَةِ المُعَظَّمِ.
وَكَانَ جَدُّهُم عَمْروكُ بنُ مُحَمَّدٍ مِنْ أَهْلِ
المَدِيْنَةِ النَّبَوِيَّةِ، فَتَحَوَّلَ، وَسَكَنَ
نَيْسَابُوْرَ.
مَرِضَ أَبُو عَلِيٍّ بِالفَالِجِ مُدَّةً، ثُمَّ
تَحَوَّلَ فِي أَواخِرِ عُمُرِه إِلَى مِصْرَ، فَلَمْ
يُطَلْ مَقَامُه بِهَا، وَتُوُفِّيَ فِي حَادِي عَشَرَ ذِي
الحِجَّةِ، سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ، وَمَا هُوَ
بِالبَارِعِ فِي الحِفْظِ، وَلاَ هُوَ بِالمُتْقِنِ.
قَالَ ابْنُ الحَاجِبِ: كَانَ إِمَاماً، عَالِماً،
لَسِناً، فَصِيْحاً، مَلِيْحَ الشَّكلِ، إِلاَّ أَنَّهُ
كَثِيْرَ البهتِ، كَثِيْرَ الدَّعَاوِي، عِنْدَهُ
مُدَاعبَةٌ وَمُجُوْنٌ، دَاخَلَ الأُمَرَاءَ، وَوَلِيَ
الحِسْبَةَ، ... إِلَى أَنْ قَالَ:
وَلَمْ يَكُنْ مَحْمُوْداً، جَدَّد مَظَالِمَ، وَعِنْدَهُ
بَذَاءةُ لِسَانٍ.
سَأَلتُ الحَافِظَ ابْنَ عَبْدِ الوَاحِدِ عَنْهُ،
فَقَالَ: بَلَغَنِي أَنَّهُ كَانَ يَقرَأُ عَلَى
الشُّيُوْخِ، فَإِذَا أَتَى إِلَى كلمَةٍ مُشْكِلَةٍ
تَركَهَا وَلَمْ يُبَيِّنْهَا، وَسَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ
اللهِ البِرْزَالِيَّ عَنْهُ، فَقَالَ: كَانَ كَثِيْرَ
التَّخليطِ.
قُلْتُ: رَوَى (صَحِيْحَ مُسْلِمٍ) وَ(مُسْنَدَ أَبِي
عَوَانَةَ) وَكِتَاب (الأَنْوَاعِ) لابْنِ حِبَّانَ،
وَأَشيَاءَ؛ أَكْثَرَ عَنْهُ ابْنُ الزَّرَّادِ.
أَنْبَأَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ الجَزَائِرِيُّ: أَنَّهُ
قرَأَ عَلَى أَبِي عَلِيٍّ البَكْرِيِّ (أَرْبَعِيْنَ
البُلْدَانِ) لِلْبَكْرِيِّ، يَقُوْلُ فِيْهَا: اجْتَمَعَ
لِي فِي رِحلتِي وَأَسفَارِي مَا يَزِيْدُ عَلَى مائَةٍ
وَسِتِّيْنَ بَلَداً وَقَرْيَةً، أَفردتُ لَهَا
(مُعْجَماً)، فَسَأَلنِي بَعْضُ الطَّلَبَةِ أَرْبَعِيْنَ
حَدِيْثاً لِلبُلْدَانِ، فَجَمَعتُهَا فِي أَرْبَعِيْنَ
مِنَ المُدُنِ الكِبَارِ عَنْ أَرْبَعِيْنَ صَحَابِيّاً
لأَرْبَعِينَ تَابِعِيّاً، نَعَمْ.
وَأَخْرَج أَرْبَعِيْنَ حَدِيْثاً مِنْ أَرْبَعِيْنَ
أَرْبَعِيْنَ حَدِيْثاً، وَاختصرَ كِتَابَ (الكُنَى)
لِلنَّسَائِيِّ.
وَمَاتَ أَخُوْهُ:
(23/328)
227 - شَرَفُ الدِّيْنِ مُحَمَّدُ بنُ
مُحَمَّدٍ البَكْرِيُّ *
فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ، بِالقَاهِرَةِ، عَنْ
خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
يَرْوِي عَنْ: جَدِّهِ، وَحَنْبَلٍ، وَابْنِ طَبَرْزَذَ.
وَعَنْهُ: الدِّمْيَاطِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ ابْنُ
الزَّرَّادِ، وَعَلِيُّ ابْنُ الشَّاطبِيِّ، وَآخَرُوْنَ.
وَبَقِيتْ شَامِيَّةُ بِنْتُ الصَّدْرِ إِلَى سَنَة خَمْسٍ
وَثَمَانِيْنَ، وَتَفرَّدتْ بِأَجزَاءَ عَنْ حَنْبَلٍ
وَابْنِ طَبَرْزَذَ.
228 - ابْنُ شُقَيْرَا أَبُو الفَضْلِ المُرَجَّى بنُ
الحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ الوَاسِطِيُّ *
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ، المُقْرِئُ، الإِمَامُ، المُسْنِدُ،
المُعَمَّرُ، عَفِيْفُ الدِّيْنِ، أَبُو الفَضْلِ
المُرَجَّى بنُ الحَسَنِ بنِ عَلِيِّ بنِ هِبَةِ اللهِ بنِ
غَزَالٍ، عُرِفَ: بِابْنِ شُقَيْرَا الوَاسِطِيُّ،
التَّاجِرُ، السَّفَّارُ.
وُلِدَ: بِوَاسِطَ، يَوْمَ عَرَفَةَ، سَنَةَ إِحْدَى
وَسِتِّيْنَ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي طَالِبٍ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ
الكَتَّانِيِّ المُحْتَسِبِ، فَكَانَ آخِرَ مَنْ رَوَى
عَنْهُ، وَمِنِ ابْنِ نَغُوْبَا.
وَتَلاَ بِالعَشرِ عَلَى: أَبِي بَكْرٍ ابْنِ
البَاقِلاَّنِيِّ، وَتَفَقَّهَ لِلشَّافِعِيِّ عَلَى:
يَحْيَى بنِ الرَّبِيْعِ الفَقِيْهِ، وَكَانَ صَحِيْحَ
الرِّوَايَاتِ، مَسْمُوْعَ الكَلِمَةِ، أَقرَأَ
بِالرِّوَايَاتِ، وَحَدَّثَ بِمِصْرَ وَالشَّامِ
وَالعِرَاقِ، ثُمَّ شَاخَ وَعجزَ وَانقطعَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الدِّمْيَاطِيُّ، وَالفَارُوْثِيُّ،
وَأَبُو المَحَاسِنِ ابْنُ الخِرَقِيِّ، وَأَبُو
__________
(*) صلة التكملة لوفيات النقلة: 2 / الورقة: 84 وذكر وفاته
في الرابع من المحرم منها، وتاريخ الإسلام، وفيات سنة 665
(أيا صوفيا 3013).
(* *) تلخيص مجمع الآداب في معجم الألقاب لابن الفوطي ج 4
الترجمة 775، وفيه انه ابن شقيرة تاريخ الإسلام للذهبي
(أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 166، العبر: 5 / 236 وفيه
انه ابن شقير معرفة القراء الكبار للذهبي: 2 / 523 - 524
وفيه (شقير) غاية النهاية لابن الجزري 2 / 293 الترجمة
3586 وفيه أنه يعرف بابن شقيرة شذرات الذهب 5 / 285.
(23/329)
عَلِيٍّ ابْنُ الخَلاَّلِ، وَمُحَمَّدُ بنُ
يُوْسُفَ الإِرْبِلِيُّ، وَأَبُو المَعَالِي ابْنُ
البَالِسِيِّ، وَمُحَمَّدُ ابْنُ الخَطِيْبِ دَاوُدَ،
وَمُحَمَّدُ بنُ المهتَارِ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّيْنِ (1) : بَقِيَ ابْنُ
الشُّقَيْرَا إِلَى سَنَةِ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ
مائَةٍ، مَاتَ قَبْلَ قُدُومِ التَّتَارِ بِسِتَّةِ
أَيَّامٍ.
وَقيَّدَ ابْنُ أَبِي الحَسَنِ مَوْتَه فِي ثَانِي صَفَرٍ.
229 - فَضْلُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بنِ عَبْدِ
القَادِرِ الجِيْلِيُّ *
ابْنُ الحَافِظِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ابْنِ الإِمَامِ
القُدْوَةِ الشَّيْخِ عَبْدِ القَادِرِ بنِ أَبِي صَالِحٍ
بنِ جنكِي دُوستَ الجِيْلِيُّ، الشَّيْخُ، العَالِمُ،
المُعَمَّرُ، مُوَفَّقُ الدِّيْنِ، أَبُو المَحَاسِنِ
الحَنْبَلِيُّ، البَغْدَادِيُّ.
مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَسَبْعِيْنَ.
وَأَوّلُ سَمَاعِه فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ، فِي
شَوَّالٍ، مِنْ أَبِي الفَتْحِ بنِ شَاتِيلَ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي السَّعَادَاتِ القَزَّازِ، وَابْنِ
بَوْشٍ، وَابْنِ كُلَيْبٍ، وَهِبَةِ اللهِ بنِ رَمَضَانَ.
وَأَجَاز لَهُ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ: أَبُو
الحُسَيْنِ اليُوْسُفِيُّ، وَأَبُو العَلاَءِ ابْنُ
عَقِيْلٍ، وَعَبْدُ المُغِيْثِ بنُ زُهَيْرٍ.
حَدَّثَنَا عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّدٍ الدِّمْيَاطِيُّ،
وَأَبُو الصَّبْرِ ابْنُ النَّحَّاسِ، وَتَفرَّدَتِ
ابْنَةُ الكَمَالِ بِإِجَازَتِهِ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ نَيِّفٍ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ،
وَقَدْ سَمِعُوا مِنْهُ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ
ثَلاَثَةَ أَجزَاءِ أَبِي الأَحْوَصِ العُكْبَرِيِّ.
تُوُفِّيَ: فِي صَفَرٍ، سَنَةَ سِتٍّ (2) .
__________
(1) أي الفاروتي كما في تاريخ الإسلام.
(2) كأنه عرف وفاته بأخرة، ولم يذكره في " تاريخ الإسلام
".
(23/330)
230 - ابْنُ السَّرَّاجِ أَحْمَدُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ الأَنْصَارِيُّ *
الشَّيْخُ، العَالِمُ، المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ،
المُعَمَّرُ، مُسْنِدُ المَغْرِبِ، أَبُو الحُسَيْنِ
أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ
قَاسِمٍ، ابْنُ السَّرَّاجِ الأَنْصَارِيُّ،
الإِشْبِيْلِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ سِتِّيْنَ (1) وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: خَالِهِ؛ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ
خَيْرٍ، وَالحَافِظِ أَبِي القَاسِمِ بنِ بَشْكُوَالَ،
وَعَبْدِ الحَقِّ بنِ بُوْنُهْ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ
زَرْقُوْنَ، وَحَدَّثَ عَنْهُم، وَعَنْ: أَبِي بَكْرٍ بنِ
الجَدِّ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ بنِ عُبَيْدِ اللهِ، وَأَبِي
القَاسِمِ الشَّرَّاطِ، وَأَبِي زَيْدٍ السُّهَيْلِيِّ،
وَأَكْثَرَ عَنِ السُّهَيْلِيِّ، فَسَمِعَ مِنْهُ
(المُوَطَّأَ)، وَ(صَحِيْحَ مُسْلِمٍ)، وَ(الرَّوْضَ
الأُنُفَ)، وَرَوَى الكَثِيْرَ، وَتَفَرَّدَ، وَصَارَتِ
الرِّحلَةُ إِلَيْهِ بِالمَغْرِبِ، وَحَمَلَ عَنْهُ
الحُفَّاظُ.
قَالَ ابْنُ السَّرَّاج فِي (بَرْنَامَجِهِ): لَقِيتُ
ابْنُ بَشْكُوَالَ بقُرْطُبَةَ، وَسَمِعْتُ مِنْهُ عِدَّةَ
دَوَاوِيْنَ، مِنْهَا (تَفْسِيْرُ النَّسَائِيِّ)
بِسَمَاعِه مِنْ أَبِي مُحَمَّدٍ بنِ عَتَّابٍ، حَدَّثَنَا
حَاتِمُ بنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ القَابِسِيِّ، عَنْ حَمْزَةَ
الكِنَانِيِّ، عَنْهُ، وَكِتَابُ (الصِّلَةِ) لَهُ،
وَأَشيَاءُ.
قُلْتُ: كَانَ مُوَثَّقاً، فَاضِلاً.
وَمِنَ الرُّوَاةِ عَنْهُ: أَبُو الحُسَيْنِ يَحْيَى بنُ
الحَاج المَعَافِرِيُّ، سَمِعَ مِنْهُ (الرَّوْضَ
الأُنُفَ)، فَسَمِعَهُ مِنْهُ فِي سَنَةِ ثَمَانِي
عَشْرَةَ وَسَبْعِ مائَةٍ ابْنُ جَابِرٍ الوَادِيَاشِيُّ
(2) .
__________
(*) صلة التكملة للحسيني، المجلد الثاني الورقة 46، تاريخ
الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 169، العبر 5
/ 239، شذرات الذهب: 5 / 289.
(1) تصحفت في المطبوع من العبر إلى سنة ست وخمسين وخمس
مئة.
(2) انظر برنامج الوادياشي: 74 بتحقيق صديقنا الدكتور محمد
الحبيب الهيلة (تونس 1981).
(23/331)
تُوُفِّيَ ابْنُ السَّرَّاجِ: بِبجَايَةَ،
فِي سَابِعِ صَفْرٍ، سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ
مائَةٍ، وَلَهُ سَبْعٌ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً.
وَفِيْهَا مَاتَ: المَجْدُ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ
الإِرْبِلِيُّ نَحْوِيُّ دِمَشْقَ، وَالمُحَدِّثُ أَحْمَدُ
بنُ مُحَمَّدِ بنِ تَامِتِّيت (1) اللَّوَاتِيُّ
الفَاسِيُّ بِمِصْرَ، وَواقفُ الصَّدْرِيَّةِ صَدْرُ
الدِّيْنِ أَسَعْدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ المُنَجَّى،
وَصَاحِبُ الرُّوْمِ عَلاَءُ الدِّيْنِ كيقباذ بن كيخسرو،
وَصَاحِبُ المَوْصِلِ بَدْرُ الدِّيْنِ لُؤْلُؤٌ
الأَرْمَنِيُّ الأَتَابَكِيُّ، وَالشَّيْخُ يُوْسُفُ
القمِّينِي المُوَلَّه.
231 - البَاذَرَائِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ حَسَنٍ *
الإِمَامُ، قَاضِي القُضَاةِ، نَجْمُ الدِّيْنِ، أَبُو
مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ ابنُ أَبِي الوَفَاءِ مُحَمَّدِ
بنِ حَسَنِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُثْمَانَ
البَاذَرَائِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ، الشَّافِعِيُّ،
الفَرَضِيُّ.
مَوْلِدُه (2) : سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِ
مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ مَنَيْنَا،
وَسَعِيْدِ بنِ هِبَةِ اللهِ الصَّبَّاغِ، وَجَمَاعَةٍ.
__________
(1) التقييد من خط المؤلف في " تاريخ الإسلام " (الورقة:
169).
(*) ذيل الروضتين لأبي شامة: 198، صلة التكملة للحسيني
المجلد الثاني الورقة 31، مختصر التاريخ لابن الكازروني:
278 - 279، ذيل مرآة الزمان: 1 / 70 - 72، تاريخ الإسلام
للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 139 - 140، دول
الإسلام: 2 / 120، العبر: 5 / 223، المشتبه 1 / 41، عيون
التواريخ لابن شاكر الكتبي: 20 / 115 - 116، طبقات
الشافعية الكبرى للسبكي: 8 / 159 الترجمة 1156، طبقات
الشافعية للاسنوي: 1 / 276 - 277 الترجمة 254، البداية
والنهاية 13 / 196، السلوك لمعرفة دول الملوك للمقريزي: ج
1 الترجمة ص 407، تبصير المنتبه بتحرير المشتبه: 119،
1335، النجوم الزاهرة: 7 / 57، شذرات الذهب: 5 / 269،
واعلم أن معظم المترجمين ذكروا نسبته بالدال المهملة نسبة
إلى بادرايا قرية من اعمال واسط، لكن الذهبي هنا وفي تاريخ
الإسلام ذكرها بالذال المعجمة وقد ذكرت هذه النسبة في
المشتبه وتبصير المنتبه بالدال والذال، وهو اسم أعجمي
يحتمل الوجهين.
(2) ذكر الحسيني واليونيني والذهبي في " تاريخ الإسلام "
وابن شاكر انه ولد في آخر المحرم.
(23/332)
رَوَى عَنْهُ: الدِّمْيَاطِيُّ،
وَالرُّكْنُ الطَّاوُوْسِيُّ، وَالتَّاجُ الجَعْبَرِيُّ
الفَرَضِيُّ، وَالبَدْرُ ابْنُ التُّوْزِيِّ، وَآخَرُوْنَ.
تَفَقَّه وَبَرَعَ فِي المَذْهَبِ، وَنَاظرَ، وَدَرَّسَ
بِالنِّظَامِيَّةِ، وَنَفَذَ رَسُوْلاً لِلْخِلاَفَةِ
غَيْرَ مَرَّةٍ، وَأَنشَأَ مَدْرَسَةً كَبِيْرَةً
بِدِمَشْقَ، وَحَدَّثَ بِهَا بِحَلَبَ وَمِصْرَ.
قَالَ الدِّمْيَاطِيُّ: أَحْسَنَ إِلَيَّ، وَبَرَّنِي فِي
السَّفَرِ وَالحَضَرِ، وَصَحِبْتُهُ تِسْعَ سِنِيْنَ،
وَوَلِيَ القَضَاءَ بِبَغْدَادَ، فَمَاتَ بَعْدَ خَمْسَةَ
عَشَرَ يَوْماً.
قُلْتُ: لَمْ يَحكُمْ إِلاَّ سَاعَةَ قِرَاءةِ
التَّقْلِيدِ، وَوَلِيَ عَلَى كُرْهٍ.
قَالَ أَبُو شَامَةَ (1) : عُملَ عَزَاؤُه بِدِمَشْقَ،
ثَامِنَ (2) عَشَرَ ذِي الحِجَّةِ، وَكَانَ فَقِيْهاً،
عَالِماً، دَيِّناً، مُتَوَاضِعاً، دَمْثَ الأَخْلاَقِ،
مُنْبَسِطاً.
قُلْتُ: وَاشْتُهِرَ أَنَّ الحَافِظَ زَيْنَ الدِّيْنِ
خَالِداً بَاسَطَه، وَقَالَ: أَتَذكُرُ وَنَحْنُ
بِالنِّظَامِيَّةِ وَالفُقَهَاءُ يُلَقِّبُونَنِي: حولتَا،
وَيلقِّبُونكَ: بِالدعشُوشِ؟
فَتَبَسَّمَ، وَكَانَ يَرْكُبُ بِالطّرحَةِ، وَيُسَلِّمُ
عَلَى العَامَّةِ، وَوَقَفَ كُتُباً نَفِيْسَةً
بِمَدْرَسَتِه.
وَمِنْ (تَارِيْخِ ابْنِ الكَازَرُوْنِيِّ (3)): أَنَّ
نَجْمَ الدِّيْنِ نُدِبَ إِلَى القَضَاءِ فِي شَوَّالٍ،
فَحَضَرَ وَهُوَ عَلِيلٌ، فَخُلِعَ عَلَيْهِ، وَحَكَمَ،
وَلَمْ يَجْلِسْ بَعْدَهَا، انْقَطَعَ تِسْعَةَ عَشَرَ
يَوْماً، وَتُوُفِّيَ، وَكَانَ عَالِماً مُحَقِّقاً،
تَولَّى القَضَاءَ بَعْدَهُ النِّظَامُ عَبْدُ المُنْعِمِ
البَنْدَنِيْجِيُّ.
__________
(1) ذيل الروضتين 198 وفيه أنه في يوم الأربعاء ثامن عشر
ذي الحجة عمل صلاة الغائب عنه، وهو الموافق لما في تاريخ
الإسلام.
(2) في الأصل: ثاني عشر، وما اثبتناه عن تاريخ الإسلام وعن
ذيل الروضتين والبداية والنهاية.
(3) مختصر التاريخ لابن الكازروني: 278 - 279.
(23/333)
قُلْتُ: عَافَاهُ مَوْلاَهُ -عَزَّ
وَجَلَّ- مِنْ سَيْفِ التَّتَارِ، وَكَانَ كَثِيْرَ
الصَّدَقَاتِ -رَحِمَهُ اللهُ- (1) .
232 - الأُرْمَوِيُّ أَبُو الفَضَائِلِ مُحَمَّدُ بنُ
الحُسَيْنِ بنِ عَبْدِ اللهِ *
العَلاَّمَةُ، الأُصُوْلِيُّ، تَاجُ الدِّيْنِ، أَبُو
الفَضَائِلِ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ (2) بنِ عَبْدِ
اللهِ الأُرْمَوِيُّ، صَاحِبُ (الحَاصل مِنَ (3)
المَحْصُوْل)، وَتِلْمِيْذُ فَخْر الدِّيْنِ ابْن
الخَطِيْب مِنْ مَشَاهِيْرِ أَئِمَّةِ المَعْقُوْلِ.
رَوَى عَنْهُ: شَيْخُنَا شَرَفُ الدِّيْنِ الدِّمْيَاطِيُّ
أَبيَاتاً سَمِعَهَا مِنَ الفَخْرِ الرَّازِيِّ.
عَاشَ: نَحْواً مِنْ ثَمَانِيْنَ سَنَةً.
وَمَاتَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ (4) ، قَبْل
كَائِنَةِ بَغْدَادَ بِيَسِيْرٍ.
__________
(1) لم يذكر الذهبي هنا تاريخ وفاته وقد ذكرها في تاريخ
الإسلام وفي العبر، وقد قيدها عز الدين الحسيني واليونيني
وابن شاكر الكتبي بأن وفاته كانت في مستهل ذي القعدة سنة
خمس وخمسين وست مئة.
(*) الحواث الجامعة 310 تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا
3013) ج 20 الورقة 142، الوافي بالوفيات 2 / 253 الترجمة
818، طبقات الشافعية للاسنوي: 1 / 451، الترجمة 407، معجم
المؤلفين: 9 / 244 وفيه احالات إلى ترجمات ليست له.
(2) في الوافي محمد بن الحسن وقيل محمد بن الحسين.
(3) الزيادة من مقدمة الكتاب التي نقلها حاجي خليفة في كشف
الظنون: 2 / 1615 وقد ورد في حاشية الأصل تعليق على كلمة
المحصول من المتن قوله (صوابه الحاصل) أما تاريخ الإسلام
فقد سماه كما ورد في متن السير هنا ب (المحصول)، ومن
المعلوم أن (المحصول) لاستاذه الفخر الرازي صاحب التفسير
المسمى بمفاتح الغيب وقد سماه في الوافي ب (التحصيل) وقال
الاسنوي: واختصر المحصول وسماه (الحاصل).
ومن الكتاب نسخة مخطوطة في دار الكتب المصرية برقم 61 اشار
إلى ذلك فهرس دار الكتب المصرية 1 / 385.
(4) في الوافي: توفي عن نيف وثمانين سنة في سنة ثلاث
وخمسين...وقيل توفي سنة خمس وخمسين، وذكر الاسنوي نقلا عن
الحافظ الدمياطي في معجمه أنه توفي قبل واقعة التتار ثم
قال وكانت واقعة التتار في المحرم سنة ست وخمسين وست مئة
وفي حفظي أنه توفي سنة ثلاث
وخمسين وست مئة.
(23/334)
233 - ابْنُ عُلَيْمٍ عَبْدُ الرَّحِيْمِ
بنُ أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ الأَنْصَارِيُّ *
مُحَدِّثُ تُوْنُسَ، الحَافِظُ، العَالِمُ، أَمِيْنُ
الدِّيْنِ، أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الرَّحِيْمِ ابنُ أَبِي
جَعْفَرٍ أَحْمَدَ بنِ عَلِيِّ بنِ طَلْحَةَ
الأَنْصَارِيُّ، الخَزْرَجِيُّ، الشَّاطِبِيُّ، ثُمَّ
السَّبْتِيُّ، عُرِفَ بِابْنِ عُلَيْمٍ.
وُلِدَ (1) : سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ
مائَةٍ.
وَسَمِعَ: أَبَا مُحَمَّدٍ بنَ حَوْطِ اللهِ، وَأَبَا
القَاسِمِ بن بَقِيٍّ، وَحَجَّ سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ.
وَسَمِعَ مِنْ: عَلِيِّ ابْنِ البَنَّاءِ المَكِّيِّ،
وَعَبْدِ القوِيّ بن الجَبَّابِ، وَشِهَابِ الدِّيْنِ
السُّهْرَوَرْدِيّ، وَابْن الزُّبَيْدِيِّ، وَابْنِ
عِمَادٍ، وَطَبَقَتِهِم.
قَالَ الأَبَّارُ (2) : قَدِمَ تُوْنُسَ سَنَةَ
اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ، فَسَمِعْتُ عَلَيْهِ
جُمْلَةً.
وَقَالَ الشَّرِيْفُ عِزّ الدِّيْنِ (3) : حَصَّلَ
المُصَنّفَاتِ وَالأَجزَاءَ، وَرَوَى بِتُونُسَ
الكَثِيْرَ، وَكَانَ يُعْرَفُ بِالمُحَدِّثِ، وَكَانَ
صَدُوْقاً، صَحِيْحَ السَّمَاعِ، مُحِبّاً فِي هَذَا
الشَّانِ.
قَالَ: وَامْتَنَعَ فِي آخِرِ أَيَّامِهِ مِنَ
التَّحْدِيْثِ.
وَقَالَ: قَدِ اخْتلطت، وَكَانَ كَذَلِكَ.
مَاتَ: فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ (4) ، سَنَةَ خَمْسٍ
وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
__________
(*) التكملة لابن الابار (النسخة الأزهرية) ج 3 الورقة 21
/ أ، صلة التكملة للحسيني المجلد الثاني الورقة 27، تاريخ
الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 141.
(1) ذكر ابن الاار انه ولد في عصر يوم الجمعة السادس عشر
من ذي القعدة وذكر الحسيني انه ولد في السادس عشر من ربيع
الآخر منها.
(2) التكملة لابن الابار (النسخة الأزهرية) ج 3 الورقة 21
/ أ.
(3) صلة التكملة لوفيات النقلة الورقة 27 من المجلد
الثاني.
(4) قيد الشريف عز الدين الحسيني وفاته في الحادي والعشرين
من ربيع الأول (صلة التكملة المجلد 2 الورقة 27).
(23/335)
قُلْتُ: أَخَذَ الوَادِيَاشِي عَنْ
طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ (1) .
234 - ابْنُ الأَبَّارِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ
أَبِي بَكْرٍ القُضَاعِيُّ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، البَلِيْغُ، الحَافِظُ،
المُجَوِّدُ، المُقْرِئُ، مَجدُ العُلَمَاءِ، أَبُو عَبْدِ
اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي بَكْرٍ بنِ
عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَحْمَدَ بنِ
أَبِي بَكْرٍ القُضَاعِيُّ، الأَنْدَلُسِيُّ،
البَلَنْسِيُّ، الكَاتِبُ، المُنشِئُ، وَيُقَالُ لَهُ:
الأَبَّارُ، وَابْن الأَبَّارِ.
وُلِدَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِيْهِ الإِمَام أَبِي مُحَمَّدٍ
الأَبَّار، وَالقَاضِي أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ نُوْحٍ
الغَافِقِيّ، وَأَبِي الخَطَّابِ بنِ وَاجِبٍ، وَأَبِي
دَاوُدَ سُلَيْمَانَ بنِ حَوْطِ اللهِ، وَأَبِي عَبْدِ
اللهِ بنِ سَعَادَةَ، وَحُسَيْنِ بنِ زلاَلٍ، وَأَبِي
عَبْدِ اللهِ ابْنِ اليَتِيْمِ، وَالحَافِظِ أَبِي
الرَّبِيْعِ بنِ سَالِمٍ، وَلاَزَمَهُ، وَتَخَرَّجَ بِهِ.
وَارْتَحَلَ فِي مَدَائِنِ الأَنْدَلُسِ، وَكَتَبَ
العَالِيَ وَالنَّازلَ، وَكَانَتْ لَهُ إِجَازَةٌ مِنْ
أَبِي بَكْرٍ بنِ حَمْزَةَ، اسْتَجَازَهُ لَهُ أَبُوْهُ.
__________
(1) انظر برنامجه: 45، 50، 54، 60، 63، 230، 253، 263.
(بتحقيق الدكتور الحبيب الهيلة).
(*) اختصار القدح المعلى لابن سعيد: 192 - 195، الترجمة
58، المغرب في حلى المغرب لابن سعيد ايضا 2 / 309، صلة
التكملة لوفيات النقلة للحسيني المجلد الثاني الورقة 50،
الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة لابن عبد الملك
المراكشي: 6 / 253 - 275 الترجمة 709، عنوان الدراية
للغبريني: 309 - 313، الترجمة 95، تاريخ الإسلام للذهبي
(أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 185، تذكرة الحفاظ: 4 /
1452، ولم يذكر له ترجمة وافية وقال ذكرته في " الممتع "،
العبر: 5 / 249، الوافي بالوفيات: 3 / 355 - 358 الترجمة
1436، فوات الوفيات: 3 / 404 - 407، الترجمة: 471، عيون
التواريخ: 20 / 245، النجوم الزاهرة: 7 / 92 أزهار الرياض
3 / 204 - 221، نفح الطيب: 2 / 589 - 594 الترجمة 218
وأحال على ترجمته الموسعة التي كتبها في ازهار الرياض،
شذرات الذهب: 5 / 275.
(23/336)
حَدَّثَ عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ
بنِ حَيَّانَ الأَوسِيُّ، وَطَائِفَةٌ.
وذكرَهُ أَبُو جَعْفَرٍ بنُ الزُّبَيْرِ، وَقَالَ: هُوَ
مُحَدِّثٌ بارعٌ، حَافلٌ، ضَابطٌ، مُتْقِنٌ، وَكَاتِبٌ (1)
بليغٌ، وَأَديبٌ حَافلٌ حَافِظٌ.
رَوَى عَنْ: أَبِيْهِ كَثِيْراً...، وَسَمَّى
جَمَاعَةً...، إِلَى أَنْ قَالَ: وَاعْتَنَى بِبَابِ
الرِّوَايَة اعتنَاءً كَثِيْراً، وَأَلَّفَ (مُعْجَمَه)
وَكِتَابَ (تُحْفَةِ القَادِم)، وَوصل (صلَة) ابْنِ
بَشْكُوَالَ، عَرفْتُ بِهِ بَعْد تَعليقِي هَذَا الكِتَاب
بِمُدَّةٍ -يَعْنِي كِتَابَ (الصِّلَةِ) لابْنِ
الزُّبَيْرِ-.
قَالَ: وَكَانَ مُتَفَنِّناً مُتَقَدِّماً فِي الحَدِيْثِ
وَالآدَاب، سَنِيّاً، مُتَخَلِّقاً فَاضِلاً، قُتِلَ
صَبْراً ظُلْماً وَبَغْياً، فِي أَوَاخِرِ عَشْرِ
سِتِّيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
قُلْتُ: كَانَ بَصِيْراً بِالرِّجَالِ المُتَأَخِّرِيْنَ،
مُؤرِّخاً، حُلوَ التَّتَرْجُمِ، فَصيحَ العبَارَة، وَافرَ
الحِشْمَةِ، ظَاهِرَ التَّجَمُّلِ، مِنْ بُلغَاءِ
الكَتَبَةِ، وَلَهُ تَصَانِيْفُ جَمَّةٌ مِنْهَا
(تَكمِلَةُ الصِّلَةِ) فِي ثَلاَثَةِ أَسفَارٍ، اخْترتُ
مِنْهَا نَفَائِسَ.
انْتقل مِنَ الأَنْدَلُسِ عِنْدَ اسْتيلاَءِ النَّصَارِى،
فَنَزَلَ تُوْنس مُدَّة، فَبَلَغَنِي أَنَّ بَعْض
أَعدَائِهِ شَغبَ عَلَيْهِ عِنْد مَلِكَ تُوْنسَ،
بِأَنَّهُ عَمل (تَارِيخاً) وَتَكلّم فِي جَمَاعَةٍ،
وَقَالُوا: هُوَ فُضولِيٌّ يَتَكَلَّم فِي الكِبَار،
فَأُخِذَ، فَلَمَّا أَحسّ بِالتَّلَفِ، قَالَ لِغُلاَمَه:
خُذِ البَغْلَة لَكَ، وَامضِ حَيْثُ شِئْتَ.
فَلَمَّا أُدْخِلَ، أَمَرَ المَلِكُ بِقَتْلِهِ،
فَنَعُوْذُ بِاللهِ مِنْ شَرِّ كُلِّ ذِي شَرٍّ، هَذَا
مَعْنَى مَا حَكَى لِي الإِمَامُ أَبُو الوَلِيْدِ ابْن
الحَاج -رَحِمَهُ اللهُ- مِنْ قَتْله.
وَمِنْ تَوَالِيفِه (الأَرْبَعُوْنَ) عَنْ أَرْبَعِيْنَ
شَيْخاً مِنْ أَرْبَعِيْنَ تَصنِيفاً لأَرْبَعِينَ
__________
(1) في الأصل: " وكان بليغ " وهو سهو.
(23/337)
عَالِماً مِنْ أَرْبَعِيْنَ طرِيقاً إِلَى
أَرْبَعِيْنَ تَابِعِيّاً عَن أَرْبَعِيْنَ صَحَابِيّاً
لَهُم أَرْبَعِونَ اسْماً مِنْ أَرْبَعِيْنَ قبيلَةً فِي
أَرْبَعِيْنَ بَاباً.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ جَابِرٍ المُقْرِئُ
(1) سَنَة 734، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ
حَيَّانَ بتُونُسَ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ، حَدَّثَنَا
أَبُو عبْدِ اللهِ ابْنُ الأَبَّار، حَدَّثَنَا أَبُو
عامِرٍ نَذِيرُ بنُ وَهْبِ بنِ لُبّ الفِهْرِيّ
بِقِرَاءتِي، حَدَّثَنَا أَبِي أَبُو العَطَاءِ،
حَدَّثَنَا أَبِي القَاضِي أَبُو عِيْسَى لُبّ بن عَبْدِ
المَلِكِ بنِ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ،
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عِيْسَى الجُذَامِيّ صَاحِبُ
الصَّلاَةِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ
عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي زمنينَ الإِلبيرِيّ فِي كِتَاب
(أَدبِ الإِسْلاَمِ)، حَدَّثَنِي الفَقِيْه إِسْحَاقُ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ الطليطلِيّ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ خَالِدٍ،
عَنِ ابْنِ وَضَّاحٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ،
حَدَّثَنَا وَكِيْعٌ، عَنْ إِسْمَاعِيْلَ، عَنْ قَيْسٍ،
عَنْ جَرِيْرٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-: (لاَ يَرْحَمُ اللهُ مَنْ لاَ يَرْحَمُ
النَّاسَ (2)).
هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ، وَقَعَ لَنَا نَازلاً بِسَبْعِ
دَرَجَاتٍ عَمَّا أَخْبَرْنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ
وَغَيْرُهُ إِجَازَةً، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ
اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ
بنِ غَيْلاَنَ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ شدَّاد، حَدَّثَنَا يَحْيَى
القَطَّانُ، عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بِهَذَا.
وَقَدْ رَأَيْتُ لأَبِي عَبْدِ اللهِ الأَبَّارِ جُزْءاً
سَمَّاهُ (دُرر السِّمط فِي خَبَر السِّبْط -عَلَيْهِ
السَّلاَمُ-) يَعْنِي الحُسَيْنَ بِإِنشَاءٍ بَدِيْعٍ
يَدلّ عَلَى تَشَيُّعٍ فِيْهِ ظَاهِرٍ، لأَنَّه يَصف
عَلِيّاً - رَضِي اللهُ عَنْهُ - بِالوَصيِّ، وَيَنَالُ
مِنْ مُعَاوِيَةَ وَآلِهِ، وَأَيْضاً رَأَيْتُ لَهُ
__________
(1) هو الوادياشي صاحب " البرنامج " المشهور.
(2) قال شعيب: وأخرجه البخاري (6013) و(7376) ومسلم (2319)
والترمذي (1923) وأحمد 4 / 358 و360 و361 و362 و365 و366
والحميدي (802) والطبراني في الكبير (2238) وله (2239)
و(2240) و(2386) و(2492) و(2504).
(23/338)
أَوهَاماً فِي تِيكِ (الأَرْبَعِيْنَ)
نَبَّهتُ عَلَيْهَا.
وَكَانَ مَصرَعُهُ فِي العِشْرِيْنَ مِنَ المُحَرَّمِ،
عَامَ ثَمَانِيَةٍ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ،
بِتُونُسَ.
235 - البَيَّاسِيُّ يُوْسُفُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
إِبْرَاهِيْمَ الأَنْصَارِيُّ *
العَلاَّمَةُ، النَّحْوِيُّ، أَبُو الحَجَّاجِ يُوْسُفُ
بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الأَنْصَارِيُّ،
المَغْرِبِيُّ.
صَاحِبُ فُنُوْنٍ وَذكَاءٍ، وَحَفِظَ (الحمَاسَةَ)
وَالعَقْلِيَّات وَدَوَاوِيْن أَبِي تَمَّام
وَالمُتَنَبِّي وَالمَعَرِّي وَغَيْرَ ذَلِكَ، وَصَنَّفَ
لِصَاحِب تُوْنسَ كِتَابَ (حُرُوْبِ الإِسْلاَمِ) خَتَمَهُ
بِمَقْتَلِ الوَلِيْدِ بنِ طَرِيْفٍ، وَهُوَ مُجَلَّدَانِ،
وَأَلَّفَ (حَمَاسَةً) فِي مُجَلَّدَيْنِ.
مَاتَ: فِي ذِي (1) القَعْدَةِ، سَنَةَ ثَلاَثٍ
وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَقَدْ جَاوَزَ
الثَّمَانِيْنَ (2) بِيَسِيْرٍ.
236 - العِمَادُ عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ عَبْدِ الهَادِي
بنِ يُوْسُفَ المَقْدِسِيُّ **
الشَّيْخُ، العَالِمُ، المُقْرِئُ، الفَقِيْهُ،
المُسْنِدُ، المُعَمَّر، عِمَادُ الدِّيْنِ، أَبُو
مُحَمَّدٍ عَبْدُ
__________
(*) وفيات الأعيان لابن خلكان: 7 / 238 - 244، الترجمة
851، القدح المعلى في التاريخ المحلى لابن سعيد 94 - 97
الترجمة 13، المغرب في حلى المغرب لابن سعيد 1 / 205 -
437، 3 / 73، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20
الورقة 128، عيون التواريخ 20 / 83 - 84، بغية الوعاة
للسيوطي: 2 / 359، الترجمة 2189، نفح الطيب 3 / 316 - 317
الترجمة 94 وذكره في مواضع كثيرة، شذرات الذهب 5 / 262.
(1) ذكر ابن خلكان أنه توفي في يوم الأحد الرابع من ذي
القعدة.
(2) ذكر ابن خلكان ان مولده يوم الخميس الرابع عشر من شهر
ربيع الأول سنة 573.
(* *) ذيل الروضتين لأبي شامة: 204، صلة التكملة للحسيني
المجلد الثاني الورقة 53، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا
3013) ج 20 الورقة 179، العبر 5 / 246 - 247، شذرات الذهب:
5 / 293.
(23/339)
الحَمِيْدِ بنُ عَبْدِ الهَادِي بنِ
يُوْسُفَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ قُدَامَةَ بنِ مِقْدَام بن
نَصْرٍ المَقْدِسِيّ، الجَمَّاعِيْلِيّ، ثُمَّ
الدِّمَشْقِيّ، الصَّالِحيّ، الحَنْبَلِيّ، المُؤَدِّبُ.
وُلِدَ: بِجَمَّاعِيلَ، فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَسَبْعِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ ظَنّاً.
وَقَدِمَ دِمَشْقَ صَبِيّاً، فَسَمِعَ مِنْ: أَحْمَدَ بن
حَمْزَةَ ابْن المَوَازِيْنِيّ، وَيَحْيَى الثَّقَفِيّ،
وَعَبْد الرَّحْمَنِ ابْن الخِرَقِيّ، وَالجَنْزَوِيِّ،
وَالخُشُوْعِيِّ، وَيُوْسُف بن مَعَالِي، وَجَمَاعَةٍ.
وَكَانَ شَيْخاً حسناً فَاضِلاً جَيِّد التَّعْلِيْم، لَهُ
مكتبٌ بِالقصَّاعِينَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَوْلاَدُهُ؛ شَيْخُنَا العِزُّ أَحْمَدُ
وَمُحَمَّدٌ وَعَبْدُ الهَادِي، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ
البِرْزَالِيُّ - مَعَ تَقَدُّمِهِ - وَالدِّمْيَاطِيُّ،
وَتَاجُ الدِّيْنِ صَالِحٌ الجَعْبَرِيّ، وَشَرَفُ
الدِّيْنِ الفَزَارِيّ، وَبَدْرُ الدِّيْنِ ابْنُ
التُّوْزِيِّ، وَابْنُ الخَبَّازِ، وَالشَّيْخُ مُحَمَّدُ
بنُ زباطر، وَالقَاضِي شَرَفُ الدِّيْنِ ابْنُ الحَافِظِ،
وَمُحَمَّدُ ابْنُ المُحِبِّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ ابْنُ
الزَّرَّادِ، وَعِدَّةٌ.
تُوُفِّيَ: فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ ثَمَانٍ
وَخَمْسِيْنَ.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ: أَخُوْهُ المُعَمَّر مُحَمَّدُ بنُ
عَبْدِ الهَادِي، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ خَلِيْلٍ تَحْتَ
السَّيْفِ، وَالفَقِيْهُ أَبُو طَالِبٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ
بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن
الحَسَنِ ابْنِ العَجَمِيّ الحَلَبِيُّ الشَّافِعِيُّ
مَاتَ شهيداً مِنْ عَذَاب التَّتَارِ لَهُ، وَلَهُ تِسْعٌ
وَثَمَانِيْنَ سَنَةً، وَسَمِعَ مِنْ يَحْيَى الثَّقَفِيّ.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ: المُعَمَّر أَبُو طَالِبٍ تَمَّام بن
أَبِي بَكْرٍ السُّرُوْرِيّ الدِّمَشْقِيّ الجُنْدِيُّ
الوَالِي، يَرْوِي عَنْ يَحْيَى الثَّقَفِيّ.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ: المُعَظَّمُ أَبُو المَفَاخِرِ
تُوْرَانْشَاه وَلَدَ السُّلْطَان الكَبِيْرِ صَلاَح
الدِّيْنِ بِحَلَبَ، عَنْ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ سَنَةً،
رَوَى عَنْ يَحْيَى الثَّقَفِيّ، وَابْن صَدَقَة.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ: الشِّهَاب أَبُو العَبَّاسِ الخَضِر
بن أَبِي طَالِبٍ الحَمَوِيُّ ثُمَّ
(23/340)
الدِّمَشْقِيُّ الكَاتِبُ، يَرْوِي عَنِ
الخُشُوْعِيِّ.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ: المُحَدِّث مُفِيْد المَقَادسَةِ
مُحِبُّ الدِّيْنِ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَبِي
بَكْرٍ الحَنْبَلِيّ عَنْ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً.
وَفِيْهَا: المُسْنِدُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ
بَرَكَاتِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الخُشُوْعِيُّ الدِّمَشْقِيُّ
الرَّفَّاءُ عَنْ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ سَنَةً، يَرْوِي
عَنْ: أَبِيْهِ، وَيَحْيَى الثَّقَفِيّ، وَعَبْد
الرَّزَّاقِ النَّجَّار.
وَفِيْهَا: الشَّيْخُ عَفِيْف أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ
زَكَرِيَّا بنِ رَحْمَة بن أَبِي الغَيْثِ الخَيَّاط.
وَفِيْهَا: المُسْنِدُ ضِيَاءُ الدِّيْنِ مُحَمَّدُ بنُ
أَبِي القَاسِمِ بنِ مُحَمَّدِ ابْنِ القَزْوِيْنِيّ
الحَلَبِيّ عَنْ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ سَنَةً، يَرْوِي عَنْ
يَحْيَى الثَّقَفِيّ.
وَفِيْهَا: الصَّالِح أَبُو الكَرَمِ لاَحِقُ بنُ عَبْدِ
المُنْعِمِ بنِ قَاسمٍ الأَرتَاحِي ثُمَّ المِصْرِيّ،
سَمِعَ مِنْ عَمّ جدِّه أَبِي عَبْدِ اللهِ الأَرتَاحِي.
وَفِيْهَا: الشَّيْخُ الفَقِيْهُ وَقَاضِي القُضَاةِ
صَدْرُ الدِّيْنِ أَحْمَدُ بنُ سَنِيِّ الدَّوْلَةِ.
337 - ابْنُ الهَنِيِّ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ
الصَّمَدِ البَغْدَادِيُّ الخَيَّاطُ *
المُقْرِئُ، المُجَوِّدُ، المُحَدِّثُ، الرّحَّالُ، أَبُو
مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ الصَّمَدِ
البَغْدَادِيُّ، الخَيَّاطُ.
سَمِعَ: ابْنَ طَبَرْزَذَ، وَابْنَ الأَخْضَرِ، وَابْنَ
مَنِيْنَا، وَبِدِمَشْقَ مِنَ الكِنْدِيّ وَطَبَقَتِهِ.
وَتَلاَ بِالعَشْرِ عَلَى أَصْحَابِ أَبِي الكَرَمِ
الشَّهْرُزُوْرِيّ؛ كَابْنِ النَّاقِد وَغَيْرِهِ.
تَلاَ عَلَيْهِ: عَبْدُ اللهِ بنُ مُظَفَّرٍ
البَعْقُوبِيُّ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: الدِّمْيَاطِيُّ، وَابْنُ
الحُلوَانِيَّةِ، وَعَلِيُّ بنُ مَمْدُوْدٍ
البَنْدَنِيجِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
__________
(*) غاية النهاية لابن الجزري: 2 / 205 الترجمة: 3266.
(23/341)
حَدَّثَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ،
وَلَعَلَّهُ اسْتُشْهِدَ بِسيفِ التَّتَارِ، سَمِعَ مَا
لاَ يُوْصَفُ كَثْرَةً.
238 - مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الهَادِي بنِ يُوْسُفَ بنِ
مُحَمَّدٍ المَقْدِسِيُّ *
ابْنِ قُدَامَةَ بنِ مِقْدَامٍ، الفَقِيْهُ، المُقْرِئُ،
المُعَمَّرُ، المُسْنِدُ، شَمْسُ الدِّيْنِ، أَبُو عَبْدِ
اللهِ المَقْدِسِيُّ، الجَمَّاعِيْلِيُّ، الحَنْبَلِيُّ،
أَخُو العِمَاد المَذْكُوْرِ، وَكَانَ أَبُوْهُمَا ابْنَ
عَمِّ الشَّيْخِ أَبِي عُمَرَ.
قَدِمَ وَهُوَ شَابٌّ، فَسَمِعَ مِنْ: مُحَمَّدِ بنِ أَبِي
الصَّقْرِ، وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ بن نَصْرٍ النَّجَّارِ،
وَيَحْيَى الثَّقَفِيّ، وَابْنِ صَدَقَةَ الحَرَّانِيِّ،
وَطَائِفَةٍ.
وَأَجَازَ لَهُ: أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، وَشُهْدَةُ
الكَاتِبَةُ، فَكَانَ آخِرَ مَنْ حَدَّثَ عَنْهَا
بِالإِجَازَةِ.
وَكَانَ دَيِّناً، خَيِّراً، كَثِيْرَ التِّلاَوَةِ،
مُتعفِّفاً، مُشْتَغِلاً بِنَفْسِهِ، يَؤُمُّ بقرِيَةِ
السَّاويَةِ مِنْ جَبلِ نَابُلُسَ، أَثْنَى عَلَيْهِ
الشَّيْخُ الضِّيَاءُ وَغَيْرُهُ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ الحُلوَانِيَّةِ،
وَالدِّمْيَاطِيُّ، وَالقَاضِي الحَنْبَلِيُّ تَقِيّ
الدِّيْنِ، وَالقَاضِي شَرَفُ الدِّيْنِ ابْنُ الحَافِظِ،
وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ البِجَّدِيُّ، وَمُحَمَّدُ ابْنُ
الزَّرَّادِ، وَعَائِشَةُ أُخْتُ مَحَاسِنَ، وَزَيْنَبُ
بِنْتُ الكَمَالِ، وَجَمَاعَةٌ.
رَوَى (صَحِيْحَ مُسْلِمٍ) بِالجبلِ فِي سَنَةِ
اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ عَنِ ابْنِ صَدَقَةَ، وَرجع
إِلَى قَرْيَتِهِ.
قَالَ الشَّرِيْفُ عِزّ الدِّيْنِ (1) : اسْتُشْهِدَ
بِسَاويَةَ مِنْ عَملِ نَابُلُسَ عَلَى يَدِ
__________
(*) صلة التكملة للحسيني المجلد الثاني الورقة 54، تاريخ
الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 185، العبر:
5 / 249، الوافي بالوفيات: 4 / 61 الترجمة 1509، شذرات
الذهب: 5 / 295.
(1) صلة التكملة لوفيات النقلة المجلد الثاني الورقة 54.
(23/342)
التَّتَارِ، فِي جُمَادَى الأُوْلَى،
سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ،
قَالَ: وَقَدْ نَيَّفَ عَلَى المائَةِ.
239 - ابْنُ الخُشُوْعِيِّ عَبْدُ اللهِ بنُ بَرَكَاتِ بنِ
إِبْرَاهِيْمَ الدِّمَشْقِيُّ *
الشَّيْخُ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ بَرَكَاتِ بن
إِبْرَاهِيْمَ ابْن الخُشُوْعِيّ الدِّمَشْقِيّ،
الرَّفَّاء.
سَمِعَ: أَبَاهُ، وَيَحْيَى الثَّقَفِيّ، وَعَبْدَ
الرَّزَّاقِ النَّجَّار، وَجَمَاعَةً.
وَأَجَازَ لَهُ: السِّلَفِيُّ، وَأَبُو مُوْسَى
المَدِيْنِيُّ، وَالتُّرك.
رَوَى عَنْهُ: الدِّمْيَاطِيُّ، وَابْنُ البَالِسِيّ،
وَالعَلاَءُ الكِنْدِيُّ، وَابْنُ الزَّرَّادِ،
وَحَفِيْدُهُ عَلِيّ بنُ مُحَمَّدٍ، وَآخَرُوْنَ.
مَاتَ: بِدِمَشْقَ، فِي صَفَرٍ (1) ، سَنَةَ ثَمَانٍ
وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
240 - النَّعَّالُ أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ أَنْجَبَ
بنِ أَبِي عَبْدِ اللهِ **
الشَّيْخُ، المُعَمَّرُ الصَّالِحُ، الزَّاهِدُ، صَائِنُ
الدِّيْنِ، أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ أَنْجَبَ بنِ
أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
البَغْدَادِيُّ، الصُّوْفِيُّ، النَّعَّالُ.
__________
(*) صلة التكملة للحسيني المجلد الثاني الورقة 52، تاريخ
الإسلام (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 179، العبر 5 / 246،
عيون التواريخ 20 / 237 وفيه ورد اسمه عبد الرحمن خطأ،
النجوم الزاهرة 7 / 91 شذرات الذهب 5 / 292.
(1) ذكر عز الدين الحسيني انه توفي في ليلة الثامن
والعشرين من صفر، وذكر الذهبي في التاريخ انه توفي في
الثامن والعشرين منه، وذكر ايضا انه ولد سنة ثلاث وسبعين
وخمس مئة.
(* *) صلة التكملة للحسيني المجلد الثاني الورقة 59، ذيل
مرآة الزمان لليونيني: 1 / 471، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا
صوفيا 3013) ج 20 الورقة 193 العبر: 5 / 255، الوافي
بالوفيات: 2 / 231 الترجمة 628، النجوم الزاهرة: 7 / 205،
شذرات الذهب: 5 / 299، مقدمة مشيخة النعال التي سيرد ذكرها
الآن.
(23/343)
مَوْلِدُهُ: بِبَغْدَادَ، فِي سَلْخِ
شَعْبَانَ، سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
سَمِعَ مِنْ: جَدِّهِ لأُمِّهِ هِبَةِ اللهِ بنِ
رَمَضَانَ، وَمِنْ ظَاعِنِ بنِ مُحَمَّدٍ الزُّبَيْرِيِّ.
وَأَجَاز لَهُ: وَفَاءُ بنُ البَهِيِّ، وَعَبْدُ
المُنْعِمِ ابْن الفُرَاوِيّ، وَمَحْمُوْد بن نَصْرٍ
الشَّعَّارُ، وَأَبُو الفَتْحِ بنُ شَاتيل، وَمُحَمَّدُ
بنُ جَعْفَرِ بنِ عَقِيْلٍ، وَعِدَّةٌ.
خَرَّج لَهُ المُحَدِّثُ الحَافِظُ رشيدُ الدِّيْنِ
مُحَمَّدُ ابْنُ الحَافِظِ عَبْدِ العَظِيْمِ (مَشْيَخَةً
(1))، وَكَانَ مِنْ كِبَارِ الصُّوْفِيَّةِ وَصُلحَائِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: قَاضِي القُضَاةِ تَقِيُّ الدِّيْنِ أَبُو
الفَتْحِ القُشَيْرِيّ، وَالحَافِظُ أَبُو مُحَمَّدٍ
الدِّمْيَاطِيّ، وَأَبُو الفَتْحِ بنُ النشو، وَالشَّيْخُ
شَعْبَانُ الإِرْبِلِيُّ، وَالمِصْرِيّونَ، وَكَانَ مِنْ
بَقَايَا المُسْنِدين.
تُوُفِّيَ: فِي رَجَبٍ (2) ، سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِيْنَ
وَسِتِّ مائَةٍ.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ: أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ
حَامِدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ الأَرْتَاحِيِّ،
وَالمُسْتَنْصِرُ بِاللهِ (3) أَحْمَدُ ابْنُ الظَّاهِرِ،
وَالصَّاحِبُ صَفِيُّ الدِّيْنِ إِبْرَاهِيْمُ بنُ
مَرْزُوْقٍ العَسْقَلاَنِيُّ، وَمُدَرِّسُ الجَوْزِيَةِ
شَرَفُ الدِّيْنِ الحَسَنُ بنُ عَبْدِ اللهِ ابْنِ
الحَافِظِ، وَالإِمَامُ سَيْفُ الدِّيْنِ سَعِيْد بن
المُطَهَّر البَاخَرْزِيُّ، وَالوَاعِظُ جَمَالُ الدِّيْنِ
عُثْمَانُ بنُ مَكِّيِّ بنِ عُثْمَانَ الشَّارعِيّ،
وَصَاحِبُ صهيونَ مُظَفَّر الدِّيْنِ عُثْمَان بن
مِنْكَوْرَس، تَملَّكهَا بِضْعاً وَثَلاَثِيْنَ سَنَةً،
وَالحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ ابْن سَيِّد النَّاسِ
اليَعْمَرِيّ، وَكَمَال الدِّيْنِ مُحَمَّد ابْن القَاضِي
صَدْر الدِّيْنِ عَبْد المَلِكِ بن دِرْباس، وَمَكِّيّ بن
عَبْدِ الرَّزَّاقِ بن يَحْيَى ابْنِ خَطِيْبِ عَقربا،
وَالملكُ
__________
(1) حققها وقدم لها الدكتور ناجي معروف والدكتور بشار عواد
معروف (مطبعة المجمع العلمي العراقي 1395 / 1975) في 204
صفحات مع الفهارس.
(2) في " صلة التكملة " وفي " تاريخ الإسلام " انه توفي في
الرابع عشر منه.
(3) هو المستنصر بالله الثاني الذي قتل وهو يحاول استرداد
العراق.
(23/344)
النَّاصِرُ يُوْسُفُ بِأَذْرَبِيْجَانَ
شَهِيْداً.
241 - الزَّنْجَانِيُّ أَبُو المَنَاقِبِ مَحْمُوْدُ بنُ
أَحْمَدَ بنِ مَحْمُوْدٍ *
العَلاَّمَةُ، شَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ، أَبُو المَنَاقِبِ
مَحْمُوْدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مَحْمُوْدِ بنِ بَختيَارَ
الزَّنْجَانَيّ.
تَفَقَّهَ وَبَرَعَ فِي المَذْهَبِ وَالأُصُوْلِ
وَالخلاَفِ، وَبَعُدَ صِيْتُهُ، وَوَلِيَ الإِعَادَة
بِالثِّقَتِيَّةِ بِبَابِ الأَزَجِ، وَتَزَوَّجَ بِبِنْتِ
عَبْدِ الرَّزَّاقِ ابْنِ الشَّيْخِ عَبْدِ القَادِرِ،
وَنَابَ فِي القَضَاءِ، وَوَلِيَ نَظَرَ الوقفِ العَامّ،
وَعَظُمَ شَأْنُهُ.
ذكرَهُ ابْنُ النَّجَّار، فَقَالَ: تَكبَّرَ وَتَجَبَّرَ،
فَأَخَذَهُ اللهُ، وَعُزِلَ عَنِ القَضَاءِ وَغَيْرِهِ،
وَحُبِسَ وَعُوْقِبَ وَصُوْدِرَ عَلَى أَمْوَالٍ
احتَقَبَهَا مِنَ الحَرَامِ وَالغُلولِ، فَأَدَّى نَحْو
خَمْسَةَ عَشَرَ أَلفَ دِيْنَارٍ، بَعْدَ أَنْ كَانَ
فَقيراً مُدْقعاً، ثُمَّ أُطْلِقَ، وَبَقِيَ عَاطلاً إِلَى
أَنْ قُلِّدَ القَضَاءَ بِمدينَةِ السَّلاَمِ سَنَةَ
ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ، ثُمَّ عُزِلَ مِنْ قَضَاءِ
القُضَاةِ بَعْد سِتَّةِ أَشهرٍ، ثُمَّ رُتِّبَ مُدَرِّساً
بِالنِّظَامِيَّةِ سَنَةَ 625، ثُمَّ عُزِلَ مِنْهَا
بَعْدَ سَنَةٍ وَنِصْفٍ، ثُمَّ رُتِّب دِيْوَاناً، ثُمَّ
عُزِلَ مَرَّاتٍ، وَعِنْدَهُ ظُلْمٌ، وَحبٌّ لِلدُّنْيَا،
وَحرصٌ عَلَى الجَاهِ، وَكَلَبٌ عَلَى الحطَامِ.
رَوَى بِالإِجَازَةِ عَنِ النَّاصِر، وَجَمَعَ
(تَفْسِيْراً)، ثُمَّ دَرَّس بِالمُسْتَنْصِرِيَّةِ فِي
ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ
مائَةٍ، وَنُفذَ رَسُوْلاً مَرَّاتٍ إِلَى شيرَازَ.
وَقَالَ تَاجُ الدِّيْنِ عَلِيُّ بنُ أَنْجَبَ ابْن
السَّاعِيّ: نَابَ فِي الحكمِ، ثُمَّ وَلِيَ قَضَاءَ
القُضَاةِ بِالجَانبين وَبِحرِيْمِ دَارِ الخِلاَفَةِ،
وَوَلِيَ نَظَرَ الأَوقَافِ،
__________
(*) صلة التكملة للحسيني المجلد الثاني الورقة 35، تاريخ
الإسلام للحافظ الذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 166،
طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 8 / 368 الترجمة 1265، طبقات
الشافعية للاسنوي: 2 / 15 الترجمة 587 وهو فيه أبو الثناء،
النجوم الزاهرة: 7 / 68.
(23/345)
وَعَظُمَ، ثُمَّ عُزِلَ، وَسُجِنَ مُدَّةً،
ثُمَّ أُطْلِقَ وَرُتّب مُشْرِفاً فِي أَعْمَالِ
السَّوَادِ، ثُمَّ وَلِي تدرِيس النِّظَامِيَّةِ ثُمَّ
عُزِلَ، ثُمَّ لَمَّا عُزِلَ قَاضِي القُضَاةِ ابْنُ
مُقْبلٍ مِنْ تَدرِيسِ المُسْتَنْصِرِيَّةِ سَنَةَ ثَلاَثٍ
وَثَلاَثِيْنَ وَلِيَهَا الزَّنْجَانِيُّ.
وَأَنبَأنِي ظَهِيْرُ الدِّيْنِ عليّ الكَازَرُوْنِيّ (1)
، قَالَ: الَّذِيْنَ قُتِلُوا صَبْراً: المُسْتَعْصِمُ فِي
صَفَرٍ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ،
وَابْنَاهُ، وَأَعمَامَهُ، وَعمَّا أَبِيْهِ حُسَيْن
وَيَحْيَى، وَالدُّويدَار مُجَاهِدُ الدِّيْنِ زوجُ بِنْتِ
صَاحِبِ المَوْصِلِ، وَالملكُ سُلَيْمَان شَاه عَنْ
ثَمَانِيْنَ سَنَةً، وَسَنْجَر الشِّحنَة، وَمُحَمَّد بن
قيرَان أَمِيْر وَأَلبَقَرَا الشَّحنَة كَانَ، وَبَلْبَانُ
المُسْتَنْصِرِي، وَابْنُ الجَوْزِيِّ أُسْتَاذ الدَّار،
وَبنوهُ أَبُو يُوْسُفَ، وَعَبْد الكَرِيْمِ، وَعَبْد
اللهِ، وَالشَّيْخ شِهَابُ الدِّيْنِ مَحْمُوْد بن
أَحْمَدَ الزَّنْجَانِيّ عَلاَّمَةُ وَقتهِ وَلَهُ
تَصَانِيْفُ كَثِيْرَةٌ، وَشَرَفُ الدِّيْنِ ابْنُ
سُكَيْنَةَ، وَسَمَّى آخرينَ.
بَنَاتُ الكَامِلِ:
242 - الخَاتُوْنُ بِنْتُ مُحَمَّدِ بنِ العَادِلِ *
أُمُّ السُّلْطَانِ المَلكِ النَّاصِرِ يُوْسُفَ صَاحِبِ
الشَّامِ ابْنِ المَلِكِ العَزيزِ، هِيَ الصَّاحبَةُ
الخَاتُوْنُ بِنْتُ السُّلْطَانِ الملكِ الكَامِلِ
مُحَمَّدِ ابْنِ العَادلِ.
مَاتَتْ بِالرَّسْتَنِ ذَاهبَةً إِلَى حَمَاةَ، فِي ذِي
القَعْدَةِ، سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ.
وَمَاتَتْ أُخْتُهَا قَبْلَهَا بِأَيَّامٍ صَاحِبَةُ
حَمَاةَ:
__________
(1) لم يرد هذا النص في المطبوع من كتابه المسمى " مختصر
التاريخ " ولعله منقول من كتابه الآخر المسمى (روضة
الاريب) وهو تاريخ مطول تصل حوادثه إلى قبيل وفاة ابن
الكازروني (توفي سنة 697) فانظر مقدمة الدكتور مصطفى جواد
لكتابه مختصر التاريخ ص 18 - 20.
(*) أخبارهن مفصلة في " تاريخ الإسلام " ج 20 الورقة 142
(أيا صوفيا 3013).
(23/346)
243 - غَازِيَةُ بِنْتُ السُّلْطَانِ
الكَامِلِ
وَالِدَةُ الملكِ المَنْصُوْرِ مُحَمَّدِ بنِ المُظَفَّرِ
(1) .
وَمَاتَتِ:
244 - الخَاتُوْنَ أُخْتُهُمَا
وَالِدَةُ الملكِ الكَامِلِ مُحَمَّدِ ابْنِ الملكِ
السَّعِيْدِ عَبْدِ المَلِكِ بِدِمَشْقَ، فِي
الأُسْبُوْعِ، فَدُفِنَتْ عِنْدَ أَبيهَا بِالكَامِليَّةِ،
وَشهدهَا ابْن أُخْتهَا صَاحِبُ الشَّامِ الملكُ
النَّاصِرُ، وَكَانَتْ قَدْ تَرَبَّتْ عِنْد أُخْتِهَا
بِحَمَاةَ، فَتزوَّج بِهَا السَّعِيْدُ فِي سَنَةِ
اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ.
245 - ابْنُ خَطِيْبِ القَرَافَةِ أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ
بنُ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ الوَاحِدِ القُرَشِيُّ *
الشَّيْخُ، العَالِمُ، أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بنُ
عَلِيِّ بنِ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ الحُسَيْنِ القُرَشِيُّ،
الأَسَدِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ، النَّاسخُ، ابْنُ خَطِيْبِ
القَرَافَةِ.
وُلِدَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ
(2) .
لَهُ إِجَازَةٌ خَاصَّةٌ مِنَ السِّلَفِيِّ رَوَى بِهَا
الكَثِيْرَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ البِرْزَالِيُّ،
وَالدِّمْيَاطِيُّ، وَالعِمَادُ ابْنُ البَالِسِيِّ،
وَنَاصِرُ الدِّيْنِ ابْن المهتَار، وَضِيَاءُ الدِّيْنِ
ابْن الحَمَوِيّ، وَشَمْسُ الدِّيْنِ مُحَمَّدُ بنُ
أَيُّوْبَ النَّقِيْبُ، وَآخَرُوْنَ.
__________
(1) لما مات زوجها المظفر كانت هي مدبرة دولة حماة، وكانت
دينة صالحة محتشمة.
(*) صلة التكملة للحسيني المجلد الثاني الورقة 36، تاريخ
الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 159، العبر:
5 / 232، النجوم الزاهرة: 7 / 68، شذرات الذهب 5 / 278.
(2) في صلة التكملة ان مولده كان في الثامن والعشرين من
شعبان.
(23/347)
نَسخَ الكَثِيْرَ بِالأُجرَةِ.
وَتُوُفِّيَ: فِي ثَالِث رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ سِتٍّ
وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
وَسَمِعنَا عَلَى زَيْن الدِّيْنِ عَبْد الرَّحِيْمِ ابْن
كَاميَارَ سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ بإِجَازتِهِ مِنْهُ،
تَفَرَّد بِهَا.
أَخُوهُ الإِمَامُ المُحَدِّثُ الرَّحَّالُ:
246 - أَبُو العِزِّ مُفَضَّلُ بنُ عَلِيٍّ الشَّافِعِيُّ
*
الفَقِيْهُ.
سَمِعَ مِنْ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الجُنَيْدِ
بِأَصْبَهَانَ، وَمِنَ المُؤَيَّدِ الطُّوْسِيّ وَعِدَّةٍ
بِنَيْسَابُوْرَ، وَعَبْدِ المُعِزِّ بنِ مُحَمَّدٍ
بِهَرَاةَ، وَأَبِي اليُمْنِ الكِنْدِيِّ بِدِمَشْقَ،
وَأَجَازَ لَهُ السِّلَفِيُّ أَيْضاً.
رَوَى عَنْهُ: الشَّيْخُ تَاجُ الدِّيْنِ الفَزَارِيّ،
وَأَخُوْهُ، وَالفَخْرُ بنُ عَسَاكِرَ، وَمُحَمَّدُ ابْنُ
خَطِيْب بَيْتِ الأبَّارِ، وَبِالحُضُوْرِ العِمَادُ ابْن
البَالِسِيّ.
وَكَانَ عَالِماً صَالِحاً صَيِّناً مُتَحِرِّياً، صَاحِبَ
سُنَّةٍ وَمَعْرِفَةٍ.
مَاتَ: فِي شَوَّالٍ (1) ، سَنَةَ الخُوَارِزْمِيَةِ،
سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
247 - ابْنُ العَجَمِيِّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ
الرَّحِيْمِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحَلَبِيُّ **
المُفْتِي، المَوْلَى، الرَّئِيْسُ، أَبُو طَالِبٍ عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ ابْنِ
__________
(*) صلة التكملة للحسيني المجلد الأول الورقة 36، تاريخ
الإسلام، الورقة: 44 (أيا صوفيا 3013).
(1) في صلة التكملة وتاريخ الإسلام أنه توفي في الثالث
منه.
(* *) صلة التكملة للحسيني المجلد الثاني الورقة: 52،
تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 179،
العبر: 5 / 247، عيون التواريخ 20 / 236، البداية
والنهاية: 13 / 225، شذرات الذهب: 5 / 293.
(23/348)
الصَّدْرِ أَبِي طَالِبٍ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بنِ الحَسَنِ ابْنِ العَجَمِيّ الحَلَبِيُّ،
الشَّافِعِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: يَحْيَى الثَّقَفِيّ، وَابْن طَبَرْزَذَ.
رَوَى عَنْهُ: الدِّمْيَاطِيُّ، وَالبَدرُ ابْنُ
التُّوْزِيِّ، وَالكَمَالُ إِسْحَاقُ ابْنُ النَّحَّاسِ،
وَحَفِيْدَاهُ أَحْمَدُ وَعَبْدُ الرَّحِيْمِ ابْنَا
مُحَمَّدِ ابْنِ العَجَمِيِّ، وَآخَرُوْنَ.
تلفَ بِعذابِ التَّتَار عَلَى المَالِ، فِي صَفَرٍ (1) ،
سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَلَهُ
تِسْعٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً (2) ، ضَربوهُ وَصبُّوا
عَلَيْهِ فِي الشِّتَاءِ مَاءً بَارِداً فَتَشَنَّج
وَمَاتَ -رَحِمَهُ اللهُ-.
248 - القَزْوِيْنِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ
أَبِي القَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ *
الشَّيْخُ، ضِيَاءُ الدِّيْنِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ
مُحَمَّدُ بنُ أَبِي القَاسِمِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي
بَكْرٍ القَزْوِيْنِيُّ الأَصْلِ، ثُمَّ الحَلَبِيُّ،
الصُّوْفِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ 572.
وَسَمِعَ أَجزَاء مِنْ يَحْيَى الثَّقَفِيِّ.
رَوَى عَنْهُ: الدِّمْيَاطِيُّ، وَالعِمَادُ ابْنُ
البَالِسِيِّ، وَقَاضِي حَمَاةَ عَبْدُ العَزِيْزِ ابْنُ
العَدِيْم، وَإِسْحَاقُ الأَسَدِيّ، وَالتَّاجُ صَالِحٌ
الفَرَضِيّ، وَحَفِيْدُهُ عَبْدُ اللهِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ
بنِ مُحَمَّدٍ، وَآخَرُوْنَ.
__________
(1) في صلة التكملة وفي تاريخ الإسلام انه توفي في الرابع
والعشرين منه.
(2) في صلة التكملة أنه ولد في سنة تسع وستين وخمس مئة.
(*) صلة التكملة للحسيني المجلد الثاني الورقة 53، تاريخ
الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 187، العبر
للذهبي: 5 / 250، شذرات الذهب 5 / 295.
(23/349)
مَاتَ: بِحَلَبَ، بَعْد الكَائِنَةِ
الكُبْرَى فِي أَوَائِل رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ ثَمَانٍ
وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
249 - لاَحِقٌ أَبُو الكَرَمِ لاَحِقُ بنُ عَبْدِ
المُنْعِمِ *
الشَّيْخُ، أَبُو الكَرَمِ لاَحِقُ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ
بنِ قَاسمِ بنِ أَحْمَدَ بنِ حَمْدٍ (1) الأَنْصَارِيُّ،
الأَرتَاحِيُّ الأَصْلِ، المِصْرِيُّ، اللَّبَّانُ،
الحَرِيْرِيُّ، الحَنْبَلِيُّ.
وُلِدَ: بَعْدَ السَّبْعِيْنَ (2) وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَتَفَرَّد بِإِجَازَةِ المُبَارَكِ بن عَلِيٍّ ابْن
الطّبّاخِ، فَرَوَى بِهَا (دَلاَئِلَ النُّبُوَّةِ)
لِلْبَيْهَقِيِّ، وَسَمِعَ مِنْ عَمِّ جدِّه مُحَمَّدِ بن
حَمْدٍ الأَرتَاحِيِّ.
وَكَانَ صَالِحاً مُتَعَفِّفاً.
رَوَى عَنْهُ: الحُفَّاظ المُنْذِرِيُّ، وَالرَّشِيْدُ
العَطَّارُ، وَالدِّمْيَاطِيُّ، وَعَلَم الدِّيْنِ
الدوَادَارِيّ، وَيُوْسُفُ بنُ عُمَرَ الخُتَنِيُّ،
وَأَبُو بَكْرٍ بنُ يُوْسُفَ ابْن الصّنَّاج، وَآخَرُوْنَ.
مَاتَ: فِي جُمَادَى (3) الآخِرَةِ، سَنَةَ ثَمَانٍ
وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ وَمائَةٍ، وَآخِرُ أصْحَابِهِ
مَوْتاً أَبُو بَكْرٍ بنُ يُوْسُفَ الصّنَاجُ.
__________
(*) صلة التكملة للحسيني المجلد الثاني الورقة 55، تاريخ
الإسلام، الورقة: 188 (أيا صوفيا 3013)، والعبر: 5 / 251،
حسن المحاضرة للسيوطي: 1 / 379 الترجمة 78، شذرات الذهب: 5
/ 296.
(1) زاد في صلة التكملة: بن حامد بن مفرج بن غياث
الأنصاري..
(2) في الأصل: " بعد التسعين " مصحف، فقد ذكر المؤلف في
تاريخ الإسلام بخطه انه ولد في حدود سنة ثلاث وسبعين وخمس
مئة، وفي " صلة التكملة " انه ولد في سنة ثلاث وسبعين وخمس
مئة أيضا.
(3) في صلة التكملة انه توفي في ليلة السادس عشر من جمادى
الآخرة.
(23/350)
250 - ابْنُ عَمِّهِ أَبُو العَبَّاسِ
أَحْمَدُ بنُ حَامِدِ بنِ أَحْمَدَ الأَرتَاحِيُّ *
الإِمَامُ، المُقرِئُ، أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ
حَامِدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ حَمْدِ بنِ حَامِدٍ (1)
الأَرتَاحِيُّ، ثُمَّ المِصْرِيُّ، الحَنْبَلِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ (2) وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِ
مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: جدِّهِ لأُمِّهِ مُحَمَّدِ بنِ حَمْدٍ،
وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ يَاسِيْنَ، وَهِبَةِ اللهِ
البُوْصِيْرِيّ، وَعِدَّةٍ.
وَلاَزَمَ الحَافِظَ عَبْدَ الغَنِيِّ وَأَكْثَرَ عَنْهُ،
وَأَقَرَأَ القُرْآنَ.
رَوَى عَنْهُ: الدِّمْيَاطِيُّ، وَالدوَادَارِيُّ،
وَالشَّيْخُ شَعْبَانُ، وَيُوْسُفُ بنُ عُمَرَ،
وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الغَنِيِّ الصّعبِيُّ.
تُوُفِّيَ: فِي رَجَبٍ (3) ، سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِيْنَ
وَسِتِّ مائَةٍ.
251 - الشَّارعِيُّ أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بنُ مَكِّيِّ
بنِ عُثْمَانَ **
الإِمَامُ، العَالِمُ، جَمَالُ الدِّيْنِ، أَبُو عَمْرٍو
عُثْمَانُ ابنُ أَبِي الحرمِ مَكِّيِّ بنِ
__________
(*) الصحيح انه ابن عم أبيه، انظر ترجمته في صلة التكملة
للحسيني المجلد الثاني الورقة 60، تاريخ الإسلام للذهبي
(أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 188، العبر 5 / 253، الوافي
بالوفيات: 6 / 300 الترجمة 2801، ذيل طبقات الحنابلة: 2 /
273 الترجمة 384، المنهل الصافي: 1 / 244 الترجمة 136، حسن
المحاضرة: 1 / 379 الترجمة 79، شذرات الذهب: 5 / 297.
(1) في صلة التكملة وتاريخ الإسلام وذيل طبقات الحنابلة:
حامد بن مفرج، وقد حذف صاحب الوفيات والمنهل الصافي
(حامدا) ووضع بدله (مفرجا).
(2) في صلة التكملة انه ولد في التاسع عشر من ذي القعدة
سنة اربع وسبعين وخمس مئة، وفي المطبوع من المنهل الصافي
انه ولد سنة اربع وخمسين وخمس مئة.
(3) في صلة التكملة وتاريخ الإسلام وذيل طبقات الحنابلة
انه توفي في الرابع عشر من رجب.
(* *) تكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني: 226 - 227، صلة
التكملة للحسيني المجلد الثاني االورقة 59، تاريخ الإسلام
للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 191، العبر: 5 / =
(23/351)
عُثْمَانَ بنِ إِسْمَاعِيْلَ (1) بن
إِبْرَاهِيْمَ (2) بنِ شَبِيْبٍ السَّعْدِيُّ،
المِصْرِيُّ، الشَّارعِيُّ، الوَاعِظُ.
وُلِدَ (3) : سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِيْهِ، وَقَاسمِ بن إِبْرَاهِيْمَ
المَقْدِسِيّ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ يَاسِيْنَ، وَهِبَةِ
اللهِ البُوْصِيْرِيِّ، وَخَلْقٍ، فَأَكْثَرَ، وَعُنِي
بِالحَدِيْثِ وَالعِلْمِ، وَشَاركَ فِي الفَضَائِلِ مَعَ
التَّقْوَى وَحُسن التَّذكِيْرِ وَسعَةِ المَحْفُوْظِ،
وَكَانَ رَأْساً فِي مَعْرِفَةِ الوَقْتِ.
حَدَّثَ هُوَ أَبُوْهُ وَجدُّهُ وَإِخْوَتُه
وَذُرِّيَتُهُ.
تُوُفِّيَ: فِي رَبِيْعٍ (4) الآخِرِ، سَنَةَ تِسْعٍ
وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
رَوَى عَنْهُ: الدُّوَادَارِيُّ، وَابْنُ الظَّاهِرِيّ،
وَشَعْبَانُ الإِرْبِلِيُّ، وَآخَرُوْنَ، آخرهُم نَافلتُه
المُتَوْفَّى سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَسَبْعِ
مائَةٍ.
252 - ابْنُ دِرْبَاسٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ
عِيْسَى المَارَانِيُّ *
الإِمَامُ، القَاضِي، كَمَالُ الدِّيْنِ، أَبُو حَامِدٍ
مُحَمَّدُ ابْنُ قَاضِي القُضَاةِ صَدرِ
__________
= 254، النجوم الزاهرة: 7 / 205، شذرات الذهب: 5 / 298 وهو
منسوب إلى " الشارع " ظاهر القاهرة.
(1) سقط اسم (اسماعيل) من سلسلة نسبه في تكملة الكمال
الإكمال ومن تذكرة الحفاظ 4 / 1452.
(2) الزيادة من صلة التكملة ومن تاريخ الإسلام وتذكرة
الحفاظ.
(3) في صلة التكملة: ولد في الرابع والعشرين من محرم.
(4) ذكر ابن الصابوني انه توفي بكرة يوم الثلاثاء السادس
والعشرين من ربيع الآخر، وذكر الحسيني والذهبي في تاريخ
الإسلام انه توفي في الخامس والعشرين منه.
(*) عقود الجمان في شعراء هذا الزمان لابن الشعار الموصلي
(نسخة أسعد أفندي 2328) ج 7 الورقة 195 ب، صلة التكملة
للحسيني المجلد الثاني الورقة 61، ذيل مرآة الزمان =
(23/352)
الدِّيْنِ عَبْدِ المَلِكِ بن عِيْسَى بنِ
دِرْبَاس المَارَانِيّ، المِصْرِيّ، الشَّافِعِيّ،
الضّرِيرُ، المُعَدَّلُ.
وُلِدَ (1) : سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ: أَبَاهُ، وَالبُوْصِيْرِيَّ، وَالأَرتَاحِيَّ،
وَالقَاسِمَ ابنَ عَسَاكِرَ، وَأَبَا الجُودِ،
وَجَمَاعَةً.
وَأَجَازَ لَهُ السِّلَفِيُّ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ الحُلوَانِيَّةِ، وَعَلَمُ الدِّيْنِ
الدُّوَادَارِيُّ، وَالشَّيْخُ شَعْبَانُ الإِرْبِلِيُّ،
وَإِبْرَاهِيْمُ ابْنُ الظَّاهِرِيِّ، وَالمِصْرِيُّونَ.
وَكَانَ مِنْ جِلَّةِ المَشَايِخِ.
دَرَّسَ، وَأَفتَى، وَأَشغلَ، وَنَظَمَ الشِّعْرَ،
وَجَالَسَ المُلُوْكَ.
تُوُفِّيَ: فِي شَوَّالٍ (2) ، سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِيْنَ
وَسِتِّ مائَةٍ.
253 - العِزُّ الضَّرِيرُ حَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
أَحْمَدَ بنِ نَجَا الإِرْبِلِيُّ *
العَلاَّمَةُ المُتَفَنِّنُ، الفَيْلَسُوْفُ،
الأُصُوْلِيُّ، عِزُّ الدِّيْنِ حَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
أَحْمَدَ
__________
= لليونيني: 1 / 472، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا
3013) ج 20 الورقة 183، العبر: 5 / 256، الوافي بالوفيات 4
/ 43 الترجمة 1499، النجوم الزاهرة: 7 / 205، شذرات الذهب:
5 / 299.
(1) في صلة التكملة: ولد في ليلة الثاني عشر من ربيع
الأول، وحدد اليونيني ولادته في الذيل بأنها ليلة
الثلاثاء، ولكن محقق الذيل اختار نسخة مخطوءة إذ ثبت
ولادته في الثاني والعشرين من ربيع الأول وترك النسخة
الصحيحة التي تنص على ان ولادته في الثاني عشر إذ ثبتها في
الهامش، فليلاحظ ذلك.
(2) ذكر الحسيني في صلة التكملة والذهبي في تاريخ الإسلام
ان وفاته كانت في الخامس من شوال، وحدد اليونيني وفاته
بأنها كانت سحر يوم السبت.
(*) ذيل الروضتين 216، ذيل مرآة الزمان لليونيني: 1 / 501
- 504، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة
197، العبر: 5 / 259 - 260، فوات الوفيات 1 / 362 - 365
الترجمة 131، عيون التواريخ 20 / 268 - 272، البداية
والنهاية 13 / 235، النجوم الزاهرة: 7 / 207 - 208، بغية
الوعاة للسيوطي: 1 / 518 - 519 الترجمة 1074، نكت الهميان:
143، شذرات الذهب: 5 / 301.
(23/353)
بنِ نَجَا الإِرْبِلِيُّ، الضّرِيرُ،
الرَّافضِيُّ، نَزِيْلُ دِمَشْقَ.
كَانَ بَاهِراً فِي عُلُوْمِ الأَوَائِلِ.
أَقرَأَ فِي بَيْتِهِ مُدَّةً، وَكَانَ يُقْرِئُ
الفَلاَسِفَةَ وَالمُسْلِمِيْنَ وَالذِمَّةَ، وَلَهُ
هَيْبَةٌ وَصَوْلَةٌ، إِلاَّ أَنَّهُ كَانَ يُخِلُّ
بِالصَّلَوَاتِ، وَطَوِيَّتُهُ خبيثَةٌ، وَكَانَ قَذِراً،
لاَ يَتوقَّى النّجَاسَات، ابْتُلِيَ بِأَمْرَاضٍ
وَعُمِّرَ، وَكَانَ أَحَدَ الأَذكيَاءِ.
مَاتَ (1) : سَنَةَ سِتِّيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَلَهُ
أَرْبَعٌ وَسَبْعُوْنَ سَنَةً (2) .
254 - الإِرْبِلِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ بنِ الحُسَيْنِ *
العَلاَّمَةُ، شَرَفُ الدِّيْنِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ
الحُسَيْنُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ الحُسَيْنِ
الهَذَبَانِيّ، الإِرْبِلِيّ، الشَّافِعِيّ، اللُّغَوِيّ.
وُلِدَ: بِإِرْبِلَ، سَنَةَ (3) 568.
وَقَدِمَ دِمَشْقَ، فَسَمِعَ الكَثِيْرَ مِنَ:
الخُشُوْعِيِّ، وَعَبْدِ اللَّطِيْفِ بنِ أَبِي سَعْدٍ،
وَحَنْبَلٍ، وَالكِنْدِيّ، وَعِدَّةٍ.
وَبِبَغْدَادَ مِنَ: الفَتْحِ بنِ عَبْدِ السَّلاَمِ،
وَجَمَاعَةٍ.
__________
(1) ذكر اليونيني وأبو شامة انه توفي في أواخر ربيع الآخر
واقتصر غيرهما على ذكر الشهر فقط.
(2) ذكر اليونيني في الذيل والذهبي في التاريخ انه ولد في
سنة ست وثمانين وخمس مئة.
(*) ذيل الروضتين: 201، صلة التكملة للحسيني المجلد الثاني
الورقة 41، ذيل مرآة الزمان 1 / 125 - 126، تاريخ الإسلام
للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 149، العبر: 5 / 228،
الوافي بالوفيات: 12 / 318 الترجمة 296، عيون التواريخ 20
/ 168، بغية الوعاة 1 / 528 الترجمة 1096، شذرات الذهب: 5
/ 274، واضافوا في نسبته (الكوراني).
(3) في صلة التكملة وذيل مرآة الزمان والبغية ان مولده كان
في يوم الاثنين السابع عشر من ربيع الأول. وفي عيون
التواريخ انه ولد في سابع ذي القعدة.
(23/354)
وَكَانَ رَأْساً فِي الآدَابِ، يَحفظُ
(دِيْوَانَ المتنبِي) وَ(خُطَبَ ابْنِ نُبَاتَةَ)،
وَ(المَقَامَاتِ) وَيدرِيهَا وَيَحلّهَا، وَكَانَ ثِقَةً
خَيِّراً، تَخَرَّج بِهِ الفُضَلاَءُ.
وَرَوَى عَنْهُ: الدِّمْيَاطِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ
المُخَرِّمِيُّ، وَمُحَمَّدُ ابْنُ الزَّرَّادِ، وَقُطْبُ
الدِّيْنِ ابْنُ اليُونِينِيِّ، وَآخَرُوْنَ.
مَاتَ: فِي ثَانِي (1) ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ سِتٍّ
وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
255 - البَهَاءُ زُهَيْرٌ أَبُو العَلاَءِ زُهَيْرُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الأَزْدِيُّ *
الصَّاحِبُ الأَوْحَدُ، بَهَاءُ الدِّيْنِ، أَبُو
العَلاَءِ زُهَيْرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ
الأَزْدِيُّ، المُهَلَّبِيُّ، المَكِّيُّ، ثُمَّ
القُوْصِيُّ، الكَاتِبُ.
لَهُ (دِيْوَانٌ) مَشْهُوْرٌ، وَشعرٌ رَائِقٌ.
مَوْلِدُهُ (2) : سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ
مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: عَلِيِّ بن أَبِي الكَرَمِ البنَّاءِ.
كَتَبَ الإِنشَاءَ لِلسُّلْطَانِ الملكِ الصَّالِحِ نَجْمِ
الدِّيْنِ، ثُمَّ فِي الآخِرِ
__________
(1) في ذيل مرآة الزمان انه توفي في عصر يوم الجمعة واكتفى
السيوطي في البلغة بذكر اليوم فقط وهو يوم الجمعة، وذكر
أبو شامة في ذيل الروضتين انه توفي في ثالث ذي القعدة.
(*) ذيل الروضتين: 201، وفيات الأعيان: 2 / 332 - 338، صلة
التكملة للحسيني المجلد الثاني الورقة 42، ذيل مرآة
لليونيني: 1 / 184 - 197، تاريخ الإسلام للذهبي: (أيا
صوفيا 3013) ج 20 الورقة 153 - 154، دول الإسلام: 2 / 121،
العبر: 5 / 230، عيون التواريخ: 20 / 179 - 188، البداية
والنهاية: 13 / 211 - 212، السلوك لمعرفة دول الملوك
للمقريزي: ج 1 قسم 2 ص 413، النجوم الزاهرة 7 / 62 - 63،
حسن المحاضرة: 1 / 567 الترجمة: 30، شذرات الذهب: 5 / 276
- 277، وقد أشار كحالة في معجم المؤلفين 4 / 187، والزركلي
في الاعلام (ط 4) 3 / 52 إلى مصادر أخري قديمة وحديثة.
(2) نقل ابن خلكان عن البهاء زهير أنه ولد في خامس ذي
الحجة، وذكر الحسيني أنه ولد في ليلة الخامس من ذي الحجة.
(23/355)
أَبْعَدَهُ السُّلْطَانُ، فَوَفَدَ عَلَى
صَاحِبِ حَلَب الملكِ النَّاصِرِ، ثُمَّ فِي آخِرِ أَمرِهِ
افْتقر، وَبَاعَ كُتُبَهُ، وَكَانَ ذَا مَكَارِمَ
وَأَخلاَقٍ.
تُوُفِّيَ (1) : سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ
مائَةٍ، فِي ذِي القَعْدَةِ.
256 - المَلِكُ الرَّحِيْمُ أَبُو الفَضَائِلِ لُؤْلُؤٌ
الأَرْمَنِيُّ النُّوْرِيُّ الأَتَابَكِيُّ *
السُّلْطَانُ، بَدْرُ الدِّيْنِ، أَبُو الفَضَائِلِ
لُؤْلُؤ الأَرْمَنِيُّ، النُّوْرِيُّ، الأَتَابَكِيُّ،
مَمْلُوْكُ السُّلْطَانِ نُوْرِ الدِّيْنِ أَرْسَلاَن شَاه
ابْنِ السُّلْطَانِ عِزّ الدِّيْنِ مَسْعُوْدِ بن
مَوْدُوْدِ بنِ زِنْكِي بنِ أَقسُنْقُر صَاحِبِ
المَوْصِلِ.
كَانَ مِنْ أَعزِّ مَمَالِيْكِ نُوْرِ الدِّيْنِ عَلَيْهِ،
وَصَيَّرَهُ أُسْتَاذ دَارهِ وَأَمَّرَهُ، فَلَمَّا
تُوُفِّيَ، تَملَّك ابْنُه القَاهِرُ، وَفِي سَنَةِ
وَفَاةِ الملكِ العَادلِ سلطنَ القَاهِرُ عزُّ الدِّيْنِ
مَسْعُوْدٌ وَلَدَهُ، ومَاتَ -رَحِمَهُ اللهُ- فَنَهَضَ
لُؤْلُؤٌ بِتَدبِيرِ المَمْلَكَةِ، وَالصَّبِيُّ وأَخوَه
صُوْرَةٌ، وَهُمَا ابْنَا بِنْتِ مُظَفَّر الدِّيْنِ
صَاحِبِ إِرْبِلَ، أقَامَهُمَا لُؤْلُؤ وَاحِداً بَعْد
وَاحِدٍ، ثُم تَسَلطنَ هُو فِي سَنةِ ثَلاثينَ وَسِتِّ
مائَةٍ.
وَكَانَ بَطَلاً شُجَاعاً حَازِماً مُدَبِّراً سَائِساً
جَبَّاراً ظلُوْماً، وَمَعَ هَذَا فَكَانَ مُحَبَّباً
إِلَى الرَّعِيَّةِ، فِيْهِ كَرمٌ وَرِئَاسَةٌ، وَكَانَ
مِنْ أَحْسَنِ الرِّجَالِ شَكْلاً، وَكَانَ يَبذُلُ
لِلْقُصَّادِ وَيُدَارِي وَيَتحرَّزُ وَيُصَانِعُ
التَّتَارُ وَمُلُوْكَ الإِسْلاَمِ، وَكَانَ عَظِيْم
__________
(1) ذكر ابن خلكان أن البهاء زهيرا توفي قبيل المغرب يوم
الأحد رابع ذي القعدة، وذكر الحسيني أنه توفي في عشية
الخامس منه، أما اليونيني فقد ذكر أنه توفي قبل المغرب من
يوم الأحد رابع ذي القعدة قال: وقيل: خامسه.
(*) سيرته مشهورة في الكتب التي تناولت تاريخ هذه الحقبة
منها: ذيل الروضتين: 203، كنز الدرر وجامع الغرر
للداوداري: 8 / 44، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013)
ج 20 الورقة 171، دول الإسلام: 2 / 122، العبر 5 / 240،
عيون التواريخ: 20 / 216 مرآة الجنان: 4 / 148، البداية
والنهاية: 13 / 213، النجوم الزاهرة: 7 / 70، شذرات الذهب:
5 / 289.
(23/356)
الهَيْبَةِ، خَلِيْقاً لِلإِمَارَةِ.
قَتَلَ عِدَّةَ أُمَرَاءٍ، وَقَطَعَ وَشَنَقَ وَهَذَّبَ
مَمَالِك الجَزِيْرَةِ، وَكَانَ النَّاسُ يَتغَالَوْنَ
وَيُسمَّونَه قَضِيبَ الذَّهَبِ، وَكَانَ كَثِيْرَ البحثِ
عَنْ أَحْوَال رَعِيَّتِهِ، عَاشَ قَرِيْباً مِنْ
تِسْعِيْنَ سَنَةً، وَوجهُهُ مُورَّدٌ وَقَامَتُهُ
حَسَنَةٌ، يظنُّه مَنْ يَرَاهُ كَهْلاً، وَكَانَ يَحتفل
لِعِيد الشّعَانِيْنَ لبقَايَا فِيْهِ مِنْ شعَار أَهْلِه،
فَيمدّ سِمَاطاً عَظِيْماً إِلَى الغَايَةِ، وَيُحضر
المغَانِي، وَفِي غُضونِ ذَلِكَ أَوَانِي الخُمُوْر،
فَيفرح وَيَنثر الذَّهَبَ مِنَ القَلْعَةِ، وَيَتخَاطَفَهُ
الرِّجَالُ، فَمُقِتَ لإِحيَاءِ شِعَارِ النَّصَارَى،
وَقِيْلَ فِيْهِ:
يُعَظِّمُ أَعيَادَ النَّصَارَى مَحَبَّةً ... وَيَزْعُمُ
أَنَّ اللهَ عِيْسَى ابْنُ مَرْيَمِ
إِذَا نبَّهته نَخوَةٌ أَرِيحيَّةٌ ... إِلَى المَجْدِ
قَالَتْ: أَرْمَنِيَّتُهُ: نَمِ
وَقِيْلَ: إِنَّهُ سَارَ إِلَى خدمَةِ هُولاَكو،
وَتَلَطَّفَ بِهِ، وَقَدَّمَ تُحَفاً جَلِيْلَةً، مِنْهَا
جَوْهَرَةُ يَتيمَةٌ، وَطلبَ أَنْ يَضعهَا فِي أُذن
هُولاَكو، فَاتَّكَأَ، فَفَرَكَ أُذُنَهُ، وَأَدخل
الحَلْقَةَ فِي أُذُنِهِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى بِلاَده
مُتوليّاً مِنْ قِبَلِهِ، وَقرَّر عَلَيْهِ مَالاً
يَحملُه، ثُمَّ مَاتَ (1) فِي ثَالِثِ شَعْبَانَ،
بِالمَوْصِلِ، سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
فَلَمَّا مَاتَ، تَملَّكَ وَلدُهُ الْملك الصَّالِح
إِسْمَاعِيْلُ، وَتَزَوَّجَ بِابْنَةِ هُولاَكو،
فَأَغضبهَا وَأَغَارهَا، وَنَازلتِ التَّتَارُ المَوْصِلَ،
وَاسْتمرَّ الحصَارُ عَشْرَةَ أَشهرٍ، ثُمَّ أُخِذت،
وَخَرَجَ إِلَيْهِم الصَّالِحُ بِالأَمَانِ، فَغدرُوا
بِهِ، وَاستباحُوا المَوْصِلَ - فَإِنَّا للهِ وَإِنَّا
إِلَيْهِ رَاجِعُوْنَ -.
وَبَدْرُ الدِّيْنِ مِمَّنْ كَمَّلَ الثَّمَانِيْنَ،
وَكَانَ ابْنُهُ الصَّالِحُ إِسْمَاعِيْلُ قَدْ سَارَ فِي
العَامِ الَّذِي قُتل فِيْهِ إِلَى مِصْرَ، وَاسْتنجدَ
بِالمُسْلِمِيْنَ، وَأَقْبَلَ فَالتَقَى العَدُوَّ
بِنَصِيْبِيْنَ، فَهَزمَهُم، وَقَتَلَ مُقَدَّمَهُم
إِيلكَا، فَتَنَمَّر هُولاَكو، وَبَعَثَ سندَاغو،
__________
(1) في تاريخ الإسلام للذهبي أنه مات يوم الجمعة.
(23/357)
فَنَازل المَوْصِل أَشْهُراً، وَجَرَى مَا
لاَ يُعَبَّر عَنْهُ.
257 - المُعَظَّمُ الحَلَبِيُّ أَبُو المَفَاخِرِ
تُوْرَانْشَاه بنُ يُوْسُفَ بنِ أَيُّوْبَ *
المَلِكُ المُعَظَّمُ، أَبُو المَفَاخِرِ تُوْرَانْشَاه
ابْنُ السُّلْطَانِ الكَبِيْرِ المُجَاهِدِ صلاَحِ
الدُّنْيَا وَالدّينِ يُوْسُفَ بنِ أَيُّوْبَ، آخر مَنْ
بَقِيَ مِنْ إِخْوَته.
وُلِدَ: سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
فَسَمِعَ بِدِمَشْقَ مِنْ: يَحْيَى الثَّفَقِيّ، وَابْنِ
صَدَقَةَ الحَرَّانِيّ.
وَأَجَاز لَهُ: عَبْد اللهِ بن بَرِّيّ.
انتخبَ لَهُ شَيْخُنَا الدِّمْيَاطِيّ (جُزْءاً) سَمِعَهُ
مِنْهُ هُوَ، وَسُنْقُر القَضَائِيّ، وَالقَاضِي شُقَيْر
أَحْمَد بن عَبْدِ اللهِ، وَالتَّاجُ مُحَمَّدُ بنُ
أَحْمَدَ النَّصِيْبِيّ، وَجَمَاعَةٌ؛ سَمِعُوا مِنْهُ فِي
حَال الاسْتقَامَةِ؛ فَإِنَّهُ كَانَ يَتَنَاوَل المُسكرَ.
وَكَانَ كَبِيْرَ آلِ بَيْتهِ، وَكَانَ السُّلْطَانُ
الملكُ النَّاصِر يُوْسُفُ يَتَأَدَّبُ مَعَهُ وَيُجلّه
لأَنَّه أَخُو جدّه، فَكَانَ يَتصرَّف فِي الخَزَائِنِ
وَالمَمَالِيْكِ، وَقَدْ حضَرَ غَيْرَ مَصَافّ، وَكَانَ
فَارِساً شُجَاعاً عَاقِلاً دَاهِيَةً، وَكَانَ مُقدّمَ
العَسَاكِرِ الحَلَبيَّةِ مِنْ دَهْرٍ، وَهُوَ كَانَ
المقدَّم يَوْمَ كسرهِ الخُوَارِزْمِيَّةَ فِي سَنَةِ
ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ بِقُرْبِ الفُرَات،
فَأُسِرَ يَوْمَئِذٍ مُثْخَناً بِالجرَاحِ، وَانْهَزَم
أَصْحَابُهُ، وَقُتِلَ يَوْمَئِذٍ الملكُ الصَّالِحُ وَلدُ
الملكِ الأَفْضَلِ عَلِيِّ ابْنِ صَلاَحِ الدِّيْنِ.
وَلَمَّا أَخَذَ
__________
(*) ذيل مرآة الزمان: 1 / 429، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا
صوفيا 3013) ج 20 الورقة 177، دول الإسلام: 2 / 124 العبر:
5 / 245، الوافي بالوفيات: 10 / 443 - 444 الترجمة 4934،
عيون التواريخ: 20 / 234، السلوك لمعرفة دول الملوك
للمقريزي: 1 / 441، النجوم الزاهرة: 7 / 90، شفاء القلوب
في مناقب بني أيوب لأحمد بن إبراهيم الحنبلي ص 268 - 269
الترجمة 23 شذرات الذهب 5 / 292، ترويح القلوب في ذكر ملوك
بني أيوب للمرتضى الزبيدي (ط الترقي دمشق 1969) ص 100.
(23/358)
هُولاَكو حَلَب، عَصَتْ قلعتُهَا وَبِهَا
المُعَظَّم هَذَا، فَحمَاهَا، ثُمَّ سلَّمهَا بِالأَمَانِ،
وَعجز عَنْهَا، وَلَمْ يَعِشْ بَعْدَهَا إِلاَّ أَيَّاماً.
مَاتَ: فِي أَوَاخِرِ (1) رَبِيْعٍ الأَوّلِ، سَنَةَ
ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، عَنْ إِحْدَى
وَثَمَانِيْنَ سَنَةً، وَدُفِنَ بِدِهليز ِدَارِهِ.
258 - الظَّاهِرُ غَازِي ابنُ العَزِيْزِ مُحَمَّدِ ابْنِ
الظَّاهِرِ غَازِي *
الملكُ الظَّاهِرُ غَازِي ابْنُ الملكِ العَزِيْزِ
مُحَمَّدِ ابْنِ الظَّاهِرِ غَازِي أَخُو صَاحِبِ الشَّامِ
الملكِ النَّاصِرِ يُوْسُفَ، يُلَقَّبُ سَيْفَ الدِّيْنِ،
وَهُوَ شقيقُ النَّاصِرِ.
كَانَ شُجَاعاً جَوَاداً مَلِيْحَ الصُّوْرَةِ كَرِيْمَ
الأَخْلاَقِ عَزِيزاً عَلَى أَخِيْهِ إِلَى الغَايَة،
وَلَقَدْ أَرَادَ جَمَاعَةٌ مِنَ الأُمَرَاءِ
العَزِيْزِيَّةِ القبضَ عَلَى النَّاصِرِ وَتَمليك هَذَا،
فَشعر بِهِم السُّلْطَانُ، وَوقعت الوحشَةُ.
وَفِي أَوَّلِ سَنَةِ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ زَالت دَوْلَة
النَّاصِرِ، وَفَارقَ غَازِي أَخَاهُ، فَاجْتَمَعَ
بِغَزَّةَ عَلَى طَاعتِهِ البَحرِيَّةُ وَسلطنوهُ،
فَدَهَمَهُم هُولاَكو، ثُمَّ اجْتَمَع الأَخَوَانِ وَدخلاَ
البرِيَّةَ، وَتوجّهَا مَعاً إِلَى حتفِهمَا.
وَخلّف غَازِي وَلداً بَدِيْعَ الحُسْنِ، اسْمُهُ
زُبالَةُ، وَأَمَةً جَارِيَةً اسْمُهَا وَجهُ القَمَرِ،
فَتزوّجت بِأَيدغدِي العَزِيْزِيّ ثُمَّ بِالبيسرِيّ،
وَمَاتَ زُبالَةُ بِمِصْرَ شَابّاً، وَقُتِلَ غَازِي
صَبْراً مَعَ أَخِيْهِ بِأَذْرَبِيْجَانَ؛ فَذَكَرَ ابْنُ
وَاصِلٍ أَنَّ هُولاَكو أَحضَرَ النَّاصِر وَأَخَاهُ،
وَقَالَ: أَنْتَ قُلْتَ:
مَا فِي البِلاَد أَحَدٌ، وَإِنَّ مَنْ فِيْهَا فِي
طَاعتِكَ
__________
(1) في تاريخ الإسلام للذهبي والوافي أنه توفي في السابع
والعشرين منه.
(*) تاريخ الإسلام (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 192، دول
الإسلام: / 125، العبر: 5 / 255، النجوم الزاهرة: 7 / 206،
شفاء القلوب في مناقب بني أيوب لأحمد بن إبراهيم الحنبلي:
421 الترجمة 108، شذرات الذهب: 5 / 298.
(23/359)
حَتَّى غررْت بِالمغل؟ فَقَالَ: أَنَا فِي
تورِيزَ فِي قبضَتِكَ، كَيْفَ يَكُوْن لِي حُكم عَلَى مَنْ
هُنَاكَ؟
فَرمَاهُ بِسَهْم، فَصَاح: الصَّنِيعَة يَا خوند.
فَقَالَ أَخُوْهُ: اسْكُتْ، تَقُوْلُ لِهَذَا الكَلْب
هَذَا القَوْل، وَقَدْ حضَرتْ!
فَرمَاهُ هُولاَكو بِسَهْم آخر قضَى عَلَيْهِ، وَضُرِبَتْ
عُنُقُ الظَّاهِر وَأَصْحَابِهِمَا (1) .
259 - شُعْلَةُ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ
بنِ مُحَمَّدٍ المَوْصِلِيُّ *
الإِمَامُ، المُجَوِّدُ، الذّكيُّ، أَبُو عَبْدِ اللهِ
مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ
حُسَيْنٍ المَوْصِلِيّ، الحَنْبَلِيّ، المُقْرِئُ،
شُعْلَةُ، نَاظمُ (الشَّمْعَةِ فِي السَّبْعَةِ)، وَشَارحُ
(الشَّاطبيَةِ) وَأَشيَاءَ.
تَلاَ عَلَى: عَلِيِّ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ الإِرْبِلِيّ،
وَلَهُ نَظْمٌ فِي غَايَة الاختصَارِ وَنِهَايَةِ
الجَوْدَةِ، وَكَانَ صَالِحاً خَيِّراً تَقيّاً
مُتَوَاضِعاً.
حَدَّثَنِي تَقِيّ الدِّيْنِ أَبُو بَكْرٍ المقصَّاتِي:
سَمِعْتُ أَبَا الحَسَنِ عَلِيَّ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ،
قَالَ:
كَانَ شُعْلَةُ نَائِماً إِلَى جَنبِي، فَاسْتيقظَ،
فَقَالَ: رَأَيْتُ الآنَ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى الله
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَطلبتُ مِنْهُ العِلْمَ، فَأَطعمنِي
تَمرَاتٍ.
قَالَ أَبُو الحَسَنِ: فَمِنْ ذَلِكَ الوَقْت فُتِحَ
عَلَيْهِ، وَكَانَ المقصَّاتِي قَدْ جلسَ إِلَى شُعْلَةَ،
وَسَمِعَ بُحوثَهُ، فَقَالَ لِي: تُوُفِّيَ فِي صَفَرٍ،
سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ (2) ، عَاشَ
ثَلاَثاً وَثَلاَثِيْنَ سَنَةً.
__________
(1) وذلك في أواخر سنة 659 كما مر ذلك في هذا الكتاب وكما
يفهم من عبارة الذهبي في " دول الإسلام ".
ولم يشر الذهبي في العبر ولا في التاريخ إلى الشهر الذي
حدثت فيه وفاته هو وأخوه وانما اكتفى بادراج اسميهما ضمن
وفيات سنة 659.
(*) تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة
162، دول الإسلام: 2 / 121، العبر: 5 / 234، معرفة القراء
الكبار: 2 / 536 الترجمة الرابعة من الطبقة السادسة عشرة،
الوافي بالوفيات: 2 / 122 الترجمة 469، ذيل طبقات
الحنابلة: 2 / 256 الترجمة 364، غاية النهاية في طبقات
القراء لابن الجزري: 2 / 80 - 81 الترجمة 2780، طبقات
النحاة واللغويين لابن قاضي شهبة 1 / 55 الترجمة 30، شذرات
الذهب 5 / 281 - 282.
(2) قال ابن رجب بعد أن نقل قول الذهبي هذا: وقرأت على بعض
شيوخنا أنه توفي سنة خمسين والله أعلم.
(23/360)
260 - الفَاسِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ
مُحَمَّدُ بنُ حَسَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ *
شَيْخُ القُرَّاءِ، العَلاَّمَةُ، جَمَالُ الدِّيْنِ،
أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ حَسَنِ بنِ مُحَمَّدِ
بنِ يُوْسُفَ الفَاسِيُّ، مصَنّفُ (شرحِ الشَّاطبيَةِ).
أَخَذَ القِرَاءاتِ عَنِ: ابْنِ عِيْسَى، وَأَصْحَابِ
الشَّاطِبِيّ، وَالقَاضِي بَهَاءِ الدِّيْنِ ابْنِ
شَدَّادٍ، وَطَائِفَةٍ.
وَتَفَقَّهَ لأَبِي حَنِيْفَةَ، وَكَانَ رَأْساً فِي
القِرَاءاتِ وَالنَّحْوِ، دَيِّناً صَيِّناً وَقُوْراً
متثبِّتاً، مَلِيْحَ الخَطِّ.
أَخَذَ عَنْهُ: بَدْرُ الدِّيْنِ البَاذقِيُّ، وَبَهَاءُ
الدِّيْنِ ابْن النَّحَّاسِ، وَحُسَيْنُ بنُ قَتَادَةَ
الشَّرِيْفُ، وَالشَّيْخُ عَبْدُ اللهِ بنُ رفيعَا
الجَزَرِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَاسْتَوْطَنَ حَلَبَ.
مَاتَ: فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ (1) ، سَنَةَ سِتٍّ
وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَلَهُ نَيِّفٌ وَسَبْعُوْنَ
سَنَةً.
261 - ابْنُ العَلْقمِيِّ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
عَلِيٍّ البَغْدَادِيُّ **
الوَزِيْرُ الكَبِيْرُ، المُدبرُ، المُبِير، مُؤَيَّد
الدِّيْنِ مُحَمَّدُ بنُ
__________
(*) ذيل الروضتين: 199، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا
3013) ج 20 الورقة 163 - 164، دول الإسلام: 2 / 121 - 122،
العبر: 5 / 235، معرفة القراء الكبار: 2 / 533، الترجمة
الأولى من الطبقة السادسة عشرة، الوافي بالوفيات: 2 / 354
الترجمة 820، الجواهر المضية للقرشي: 2 / 45 - 46 الترجمة
143، غاية النهاية من طبقات القراء لابن الجزري: 2 / 122 -
123 الترجمة 2942، النجوم الزاهر: 7 / 69، شذرات الذهب 5 /
283 - 284.
(1) ذكر أبو شامة في حوادث شهر ربيع الآخر قوله: وجاءنا
الخبر من حلب بموت الشيخ أبي عبد الله الفاسي، وقد نقل
الذهبي ذلك في تاريخ الإسلام.
(2) في تاريخ الإسلام ومعرفة القراء الكبار وغاية النهاية
أنه ولد بعد الثمانين وخمس مئة.
(* *) الفخري في الآداب السلطانية: 236 - 237، جامع
التواريخ لرشيد الدين فضل الله الهمداني المجلد 2 ج 1 ص
262 - 264 الحوادث الجامعة (صفحات متفرقة) تاريخ الإسلام =
(23/361)
مُحَمَّدِ (1) بنِ عَلِيِّ بنِ أَبِي
طَالِبٍ ابْن العَلْقَمِيّ البَغْدَادِيّ، الرَّافضِيّ،
وَزِيْرُ المُسْتَعْصِم.
وَكَانَتْ دَوْلَتُه أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَأَفشَى
الرَّفْض، فَعَارضه السُّنَّة، وَأُكْبِتَ، فَتَنَمَّرَ،
وَرَأَى أَنَّ هُولاَكو عَلَى قصد العِرَاق، فَكَاتَبَه
وَجَسَّرَهُ، وَقوَّى عَزْمه عَلَى قصد العِرَاق،
لِيتَّخذَ عِنْدَهُ يَداً، وَلِيَتَمَكَّنَ مِنْ
أَغرَاضِهِ، وَحَفَر لِلأُمِّةِ قَلِيْباً، فَأُوقع فِيْهِ
قَرِيْباً، وَذَاقَ الهوَانَ، وَبَقِيَ يَرْكَبُ كديشاً
وَحْدَهُ، بَعْدَ أَنْ كَانَتْ ركبته تُضَاهِي مَوْكِبَ
سُلْطَان، فَمَاتَ غَبْناً وَغَمّاً، وَفِي الآخِرَةِ
أَشدَّ خِزْياً وَأَشَدَّ تَنكيلاً.
وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ ابْن المُسْتَعْصِم وَالدُّويدَار
الصَّغِيْر قَدْ شدَّا عَلَى أَيدِي السُّنَّةِ حَتَّى
نُهِبَ الكَرْخ، وَتَمَّ عَلَى الشِّيْعَة بلاَءٌ
عَظِيْمٌ، فَحنق لِذَلِكَ مُؤَيَّد الدِّيْنِ بِالثَّأْر
بِسيف التَّتَار مِنَ السُّنَّةِ، بَلْ وَمِنَ الشِّيْعَةِ
وَاليَهُوْدِ وَالنَّصَارَى، وَقُتِلَ الخَلِيْفَةُ
وَنَحْوُ السَّبْعِيْنَ مِنْ أَهْلِ العقد وَالحلّ،
وَبُذِلَ السَّيْف فِي بَغْدَادَ تِسْعَةً وَثَلاَثِيْنَ
نَهَاراً حَتَّى جرت سُيُول الدِّمَاء، وَبقيت البلدَة
كَأَمس الذَّاهب - فَإِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ
رَاجِعُوْنَ - وَعَاشَ ابْن العَلْقَمِيّ بَعْد الكَائِنَة
ثَلاَثَة أَشْهُرٍ، وَهَلَكَ (2) .
وَمَاتَ قَبْلَهُ بِأَيَّام أَخُوْهُ الصَّاحِبُ عَلَمُ
الدِّيْنِ أَحْمَدُ.
وَمَاتَ بَعْدَهُ ابْنه مُحَمَّدٌ أَحَد البُلغَاء
المُنْشِئِين.
وَعَاشَ الوَزِيْرُ سِتّاً وَسِتِّيْنَ سَنَةً.
__________
= (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 164 - 165، دول الإسلام 2
/ 122، العبر 5 / 225، الوافي بالوفيات: 1 / 184 - 186
الترجمة 114، فوات الوفيات: 3 / 252 - 255 الترجمة 415،
عيون التواريخ: 20 / 193 - 194، مرآة الجنان: 4 / 147،
البداية والنهاية: 13 / 212 - 213 العسجد المسبوك: 640 -
641، شذرات الذهب: 5 / 272.
(1) في البداية والنهاية وفي الشذرات: " محمد بن أحمد "
محرف.
(2) ذكر ابن كثير في البداية والنهاية أنه توفي في مستهل
جمادى الآخرة من هذه السنة (يعني سنة 656) وذكر الصفدي في
الوافي وابن شاكر في الفوات أنه توفي في أوائل سنة 657،
وأضاف الصفدي أن مولده كان في شهر ربيع الأول سنة 591.
(23/362)
262 - البَاخَرْزِيُّ أَبُو المَعَالِي
سَعِيْدُ بنُ المُطَهَّرِ بنِ سَعِيْدِ بنِ عَلِيٍّ *
الإِمَامُ، القُدْوَةُ، شَيْخُ خُرَاسَان، سَيْفُ
الدِّيْنِ، أَبُو المَعَالِي سَعِيْدُ بنُ المُطَهَّرِ بن
سَعِيْدِ بنِ عَلِيٍّ القَائِدِي، البَاخَرْزِيّ، نَزِيْلُ
بُخَارَى.
كَانَ إِمَاماً مُحَدِّثاً، وَرِعاً زَاهِداً، تَقيّاً
أَثرِيّاً، مُنْقَطِع القَرِيْنِ، بعيد الصِّيت، لَهُ
وَقْعٌ فِي القُلُوبِ وَمَهَابَةٌ فِي النُّفُوْسِ.
صَحِبَ الشَّيْخَ نَجْمَ الدِّيْنِ الخِيْوَقِيّ (1) .
وَسَمِعَ مِنَ: المُؤَيَّد الطُّوْسِيّ، وَغَيْرِهِ.
وَبِبَغْدَادَ مِنْ: عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ المَوْصِلِيّ،
وَأَبِي الفُتُوْح الحُصَرِيِّ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ
سَعْدِ اللهِ بنِ حَمْدِي، وَمُشْرفٍ الخَالصيِّ،
وَبِنَيْسَابُوْر مِنْ إِبْرَاهِيْمَ بن سَالاَرَ
الخُوَارِزْمِيّ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ قَدِمَ بَغْدَادَ وَلَهُ إِحْدَى
عَشْرَةَ سَنَةً، فَسَمِعَ مِنِ ابْنِ الجَوْزِيّ؛
فَإِنَّهُ وُلِدَ فِي تَاسعِ شَعْبَانَ، سَنَة سِتٍّ
وَثَمَانِيْنَ.
وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي (مُعْجَم الأَلقَابِ) ابْنُ
الفُوَطِيِّ، فَقَالَ فِيْهِ (2) : هُوَ المُحَدِّثُ
الحَافِظُ الزَّاهِدُ الوَاعِظُ، كَانَ شَيْخاً بَهِيّاً
عَارِفاً، تَقيّاً فَصِيْحاً، كَلِمَاته كَالدُّرّ، رَوَى
عَنْ أَبِي الجِنَّاب الخِيْوَقِيّ، وَلَبِسَ مِنْهُ (3) ،
وَشَيخُهُ لَبِسَ مِنْ إِسْمَاعِيْلَ القَصْرِي، عَنْ
مُحَمَّدِ بنِ نَاكيل، عَنْ دَاودَ بنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ
أَبِي العَبَّاسِ بن إِدْرِيْسَ، عَنْ أَبِي القَاسِمِ بنِ
رَمَضَان، عَنْ أَبِي يَعْقُوْبَ الطَّبَرِيّ، عَنْ أَبِي
عَبْدِ اللهِ بنِ عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي يَعْقُوْبَ
النَّهْرجُورِي، عَنْ أَبِي يَعْقُوْبَ
__________
(*) تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة
191، العبر: 5 / 254، الوافي بالوفيات: 15 / 262 الترجمة
369، شذرات الذهب: 5 / 298.
(1) هو نجم الدين الكبرى، وقد مرت ترجمته.
(2) ضاع هذا القسم من كتاب ابن الفوطي.
(3) يعني: لبس خرقة التصوف.
(23/363)
السُّوْسِيّ، عَنْ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ
زَيْدٍ، عَنِ الحَسَنِ، قَالَ:
هُوَ لَبِسَهَا مَنْ يَدِ كَمِيْل بن زِيَادٍ، عَنْ
عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-.
قُلْتُ: هَذِهِ الطُّرُقُ ظُلُمَاتٍ مُدْلَهِمَّة، مَا
أَشْبَههَا بِالوَضْعِ!
قَالَ ابْنُ الفُوَطِيّ: قَرَأْتُ فِي سِيرَةِ
البَاخَرْزِيّ لِشيخِنَا مِنْهَاج الدِّيْنِ النَّسَفِيّ،
وَكَانَ مُتَأَدِّباً بِأَفعَالِهِ، فَقَالَ:
كَانَ الشَّيْخُ مُتَابعاً لِلْحَدِيْثِ فِي الأُصُوْلِ
وَالفُرُوْعِ، لَمْ يَنظر فِي تَقوِيْمٍ وَلاَ طِبٍّ، بَلْ
إِذَا وُصِفَ لَهُ دوَاء، خَالفهُم مُتَابعاً لِلسُّنَّةِ
(1) ، وَكَانَتْ طرِيقتُه عَارِيَةً عَنِ التَّكَلُّف،
كَانَ فِي علمه وَفضله كَالبَحْر الزَّاخر، وَفِي
الحقيقَةِ مَفْخَر الأَوَائِل وَالأَوَاخِر، لَهُ
الجَلاَلَةُ وَالوجَاهَةُ، وَانتشر صِيْتُهُ بَيْنَ
المُسْلِمِيْنَ وَالكُفَّارِ، وَبِهِمَّتِهِ اشْتُهِرَ
عِلْم الأَثَرِ بِمَا وَرَاء النَّهْر وَتُرْكستَانَ،
وَكَانَ عِلْمُهُم الجَدَل وَالقَوْل بِالخِلاَفِيَات
وَتَرْك العملِ، فَأَظْهَرَ أَنوَار الأَخْبَار فِي تِلْكَ
الدِّيَار.
وُلِدَ بِبَاخَرْز، وَهِيَ وِلاَيَة بَيْنَ نَيْسَابُوْر
وَهَرَاةَ قَصَبَتُهَا مَالِيْنُ، وَصَحِبَ نَجم
الكُبْرَى، وَبَهَاء الدِّيْنِ السَّلاَمِهِي، وَتَاج
الدِّيْنِ مَحْمُوْداً الأَشنهِي، وَسَعْد الصَّرَّام
الهَرَوِيّ، وَمُخْتَاراً الهَرَوِيّ، وَحَجّ فِي صِبَاهُ.
ثُمَّ دَخَلَ بَغْدَادَ ثَانِياً، وَقَرَأَ عَلَى
السُّهْرَوَرْدِيّ، وَبِخُرَاسَانَ عَلَى المُؤَيَّدِ
الطُّوْسِيّ، وَفضل الله بن مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ
النُّوْقَانِيّ، ثُمَّ تَكَلَّمَ بدِهِسْتَان عَلَى
النَّاسِ، وَقَرَأَ عَلَى الخَطِيْبِ جَلاَل الدِّيْنِ
ابْن الشَّيْخ شَيْخِ الإِسْلاَمِ بُرْهَان الدِّيْنِ
المَرْغِيْنَانِيّ كِتَابَ (الهدَايَةِ) فِي الفِقْه مِنْ
تَصَانِيْفِ أَبِيْهِ.
ثُمَّ قَدِمَ خُوَارِزْم، وَقَرَأَ بِبُخَارَى عَلَى
المَحْبُوبِيّ، وَالكَرْدَرِيّ، وَأَبِي رشيد
الأَصْبَهَانِيّ.
وَلَمَّا خَرَّبَ التَّتَار بُخَارَى وَغَيْرهَا، أَمر
نَجْمُ الدِّيْنِ الكُبْرَى أَصْحَابَه
__________
(1) هذا كلام غير دقيق، إذ السنة لا تمنع من استشارة
الطبيب وأخذ الدواء الذي يقرره، بل تحض عليه.
(23/364)
بِالخُرُوج مِنْ خُوَارِزْم إِلَى
خُرَاسَانَ مِنْهُم سَعْد الدِّيْنِ، وَآخَى بَيْنَ
البَاخَرْزِيّ وَسَعْد الدِّيْنِ، وَقَالَ لِلبَاخَرْزِي:
اذهبْ إِلَى مَا وَرَاءِ النَّهْر.
وَفِي تِلْكَ الأَيَّام هَرَبَ خُوَارِزْم شَاه، فَقَدِمَ
سَيْف الدِّيْنِ بُخَارَى وَقَدِ احْتَرَقت وَمَا بِهَا
مَوْضِع يَنْزِل بِهِ، فَتكلّم بِهَا، وَتَجَمَّع إِلَيْهِ
النَّاس، فَقَرَأَ لَهُم (البُخَارِيَّ) عَلَى جَمَال
الدِّيْنِ عُبَيْد اللهِ بن إِبْرَاهِيْمَ المَحْبُوبِيّ
سَنَة اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، ثُمَّ
أَقَامَ، وَوعظ وَفَسَّرَ، وَلَمَّا غَمَرتْ بُخَارَى،
أَخذُوا فِي حَسَدِهِ وَتَكلّمُوا فِي اعْتِقَادِه،
وَكَانَ يُصَلِّي صَلاَةَ التَّسبيحِ جَمَاعَةً وَيَحضر
السَّمَاع.
وَلَمَّا جَاءَ مَحْمُوْد يَلوَاج بُخَارَى ليضع القلاَن؛
وَهُوَ أَنْ يَعد النَّاس وَيَأْخذ مِنَ الرَّأْس
دِيْنَاراً وَالعُشر مِنَ التِّجَارَة، فَدَخَلَ عَلَى
سَيْفِ الدِّيْنِ، فَرَأَى وَجْهَهُ يُشْرِقُ كَالقَمَرِ،
وَكَانَ الشَّيْخُ جَمِيْلاً بِحَيْثُ إِن نَجْم الدِّيْنِ
الكُبْرَى أَمره لَمَّا أَتَاهُ أَنْ يَتنقب لِئَلاَّ
يَفتتن بِهِ النَّاس، فَأَحَبّ يَلوَاج الشَّيْخ، وَوَضَعَ
بَيْنَ يَدَيْهِ أَلف دِيْنَار، فَمَا الْتَفَتَ
إِلَيْهَا.
ثُمَّ خَرَجَ بِبُخَارَى التَّارَابِيّ، وَحشد وَجَمَعَ،
فَالتَقَى المغُل، وَأَوهَم أَنَّهُ يَسْتَحضر الجِنّ،
وَلَمْ يَكُنْ مَعَ جَمْعِهِ سلاَحٌ، فَاغتَرُّوا
بِقَوْلِهِ، فَقَتَلَت المَغُلُ فِي سَاعَةٍ سَبْعَةَ
آلاَفٍ مِنْهُم، أَوَّلُهُم التَّارَابِيّ، فَأَوهَمَ
خَوَاصَّهُ أَنَّهُ قَدْ طَارَ، وَمَا نَجَا إِلاَّ مِنْ
تَشَفَّعَ بِالبَاخَرْزِيِّ، لَكِنْ وَسَمَتهُم التَّتَار
بِالكَيِّ عَلَى جِبَاهِهِم...
إِلَى أَنْ قَالَ: وَوَقَعَ خوف البَاخَرْزِيّ فِي قُلُوبِ
الكُفَّارِ، فَلَمْ يُخَالِفه أَحَدٌ فِي شَيْءٍ يُرِيْده،
وَكَانَ بايقوا (1) - أَخُو قآن - ظَالِماً غَاشِماً
سَفَّاكاً، قتلَ أَهْلَ تِرْمِذ حَتَّى الدَّوَابّ
وَالطيور، وَالتحق بِهِ كُلُّ مُفْسِد، فَشغبوهُ عَلَى
البَاخَرْزِيّ، وَقَالُوا: مَا جَاءَ إِلَيْكَ، وَهُوَ
يُرِيْد أَنْ يَصِيْر خَلِيْفَة.
فَطَلَبَهُ إِلَى سَمَرْقَنْد مُقَيَّداً، فَقَالَ:
إِنِّيْ سَأَرَى بَعْد هَذَا الذُّلّ عِزّاً.
فَلَمَّا قرب، مَاتَ بايقوا، فَأَطلقُوا الشَّيْخَ،
__________
(1) هذا وأمثاله أسماء تترية تكتب بأشكال مختلفة، وقد
حافظنا على رسم المخطوطة جهد المستطاع.
(23/365)
وَأَسْلَمَ عَلَى يَده جَمَاعَة.
وَزَارَ بِخَرْتَنْك قَبْرَ البُخَارَي، وَجدد قُبَّتَهُ،
وَعَلَّقَ عَلَيْهَا السّتُور وَالقَنَادِيْل، فَسَأَلَهُ
أَهْل سَمَرْقَنْد أَنْ يَقيم عِنْدَهُم، فَأَقَامَ
أَيَّاماً، وَرَجَعَ إِلَى بُخَارَى، وَأَسْلَمَ عَلَى
يَده أَمِيْرٌ وَصَارَ بَوَّاباً لِلشيخِ، فَسَمَّاهُ
الشَّيْخُ مُؤْمِناً.
وَعُرِفَ الشَّيْخُ بَيْنَ التَّتَارِ بِأُلُغْ شَيْخ
-يَعْنِي الشَّيْخ الكَبِيْر- وَبِذَلِكَ كَانَ يَعرفه
هُولاَكو، وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْهِ بَرَكَة (1) بن تَوشِي
بن جنكزخَان مِنْ سَقسين رَسُوْلاً ليَأْخذ لَهُ العَهْدَ
بِالإِسْلاَمِ، وَكَانَ أَخُوْهُ بَاتوا كَافِراً
ظَلُوْماً، قَدِ اسْتولَى عَلَى بِلاَدِ سَقسين وَبُلْغَار
وَصقلاَب وَقفجَاق إِلَى الدَّرْبَنْد، وَكَانَ لِبَرَكَةَ
أَخ أَصْغَر مِنْهُ، يُقَالَ لَهُ: بركَة حَرْ، وَكَانَ
بَاتوا مَعَ كُفْره يُحِبّ الشَّيْخ، فَلَمَّا عرف أَنْ
أَخَاهُ بركَة خَان قَدْ صَارَ مُرِيْداً لِلشيخِ فَرحَ،
فَاسْتَأْذَنَهُ فِي زِيَارَةِ الشَّيْخ، فَأَذِنَ لَهُ،
فَسَارَ مِنْ بُلغَار إِلَى جَنْد ثُمَّ إِلَى أُترَار،
ثُمَّ أَتَى بُخَارَى، فَجَاءَ بَعْد العشَاء فِي
الثُّلُوجِ، فَمَا اسْتَأْذن إِلَى بُكرَة، فَحكَى لِي
مَنْ لاَ يُشَك فِي قَوْله أَن بركَة خَان قَامَ تِلْكَ
اللَّيْلَة عَلَى البَابِ حَتَّى أَصْبَحَ، وَكَانَ
يُصَلِّي فِي أَثْنَاء ذَلِكَ، ثُمَّ دَخَلَ فَقَبَّلَ
رِجْلَ الشَّيْخِ، وَصَلَّى تَحيَّةَ البُقْعَة، فَأعجبَ
الشَّيْخ ذَلِكَ، وَأَسْلَمَ جَمَاعَة مِنْ أُمَرَائِهِ،
وَأَخَذَ الشَّيْخ عَلَيْهِم العَهْد، وَكَتَبَ لَهُ
الأَوْرَاد وَالدّعوَات، وَأَمره بِالرُّجُوْع، فَلَمْ
تَطب نَفْسه، فَقَالَ: إِنَّك قَصَدْتَنَا وَمعكَ خلقٌ
كَثِيْرٌ، وَمَا يُعْجِبنِي أَنْ تَأْمرهُم
بِالانْصِرَافِ، لأَنِّي أَشتهِي أَنْ تَكُوْنَ فِي
سُلْطَانكِ.
وَكَانَ عِنْدَهُ سِتُّوْنَ (2) زَوْجَة، فَأَمره
بِاتِّخَاذ أَرْبَع وَفرَاق البَاقيَات، فَفَعَل، وَرجع،
وَأَظهرَ شعَارَ المِلَّة، وَأَسْلَمَ مَعَهُ جَمَاعَةٌ،
وَأَخَذُوا فِي تَعْلِيْم الْفَرْض، وَارْتَحَلَ إِلَيْهِ
الأَئِمَّة، ثُمَّ كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْن عَمِّهِ
هُولاَكو حُرُوْب، وَمَاتَ بَرَكَة خَان فِي رَبِيْعٍ
الآخِرِ، سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ، وَكَانَتْ
خَيْرَاتُهُ مُتوَاصِلَةً إِلَى أَكْثَر العُلَمَاء.
__________
(1) ترجم له الذهبي ترجمة جيدة في وفيات سنة 665 من "
تاريخ الإسلام " الورقة 265 (أيا صوفيا 3013) بخطه.
(2) في الأصل: ستين.
(23/366)
وَكَانَ المُسْتَعْصِم يهدِي مِنْ
بَغْدَادَ إِلَى البَاخَرْزِيّ التُّحَفَ؛ مِنْ ذَلِكَ
مُصْحَفٌ بِخَطِّ الإِمَام عَلِيّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-.
وَكَانَ مُظَفَّر الدِّيْنِ أَبُو بَكْرٍ بنُ سَعْدٍ
صَاحِب شِيرَازَ يهدِي إِلَى الشَّيْخِ فِي السَّنَةِ
أَلفَ دِيْنَارٍ، وَأَنفذَ لَهُ لُؤْلُؤ صَاحِب المَوْصِل.
وَأَهْدَت لَهُ مَلِكَة بِنْت أُزبكَ بنِ البَهْلَوَان
صَاحِبِ أَذْرَبِيْجَانَ سِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الَّذِي كُسِرَ يَوْمَ أُحُدٍ.
وَكَانَ يَمْنَع التَّتَار مِنْ قَصدِ العِرَاقِ،
وَيُفَخِّمُ أَمرَ الخَلِيْفَة.
وَمِمَّنْ رَاسلَه سُلْطَانُ الهِنْدِ نَاصِر الدِّيْنِ
أَيبك، وَصَاحِب السِّنْد وَمُلتَان غِيَاث الدِّيْنِ
بَلْبَان.
قَالَ (1) : وَبَعَثَ إِلَيْهِ منكوقآن لَمَّا جلسَ عَلَى
سَرِيرِ السَّلْطَنَةِ بِأَمْوَالٍ كَثِيْرَةٍ، وَكَذَلِكَ
وَزِيْره بُرْهَان الدِّيْنِ مَسْعُوْد بن مَحْمُوْدٍ
يَلَوَاج، وَكَانَ عَالِماً بِالخلاَفِ وَالنُّكت، أَنشَأَ
مَدْرَسَةً بكلاَباذ، وَكَانَ مُعْتَزِلياً، وَكَانَ إِذَا
جَاءَ إِلَى الشَّيْخِ، قَبَّلَ العتبَةَ، وَوَقَفَ حَتَّى
يُؤْذَنَ لَهُ، وَيَقُوْلُ: إِنَّ أَبِي فَعلَ ذَلِكَ،
وَلأَنَّ لَهُ هَيْبَةً فِي قُلُوْبِ ملوكِنَا، حَتَّى
لَوْ أَمرهُم بِقَتلِي لَمَا تَوقَّفُوا!
قَالَ: وَمِنْ جُمْلَةِ المُلاَزِمِين لَهُ نَجْم
الدِّيْنِ مَا قِيْلَ (2) المُقْرِئ، وَسَعْد الدِّيْنِ
سرجنبَان، وَروح الدِّيْنِ الخُوَارِزْمِيّ، وَشَمْس
الدِّيْنِ الكَبِيْر، وَمُحَمَّد كلاَنَة، وَأَخِي
صَادِقٌ، وَنَافِعُ الدِّيْنِ بَدِيْع...، ثُمَّ سردَ
عِدَّة.
قَالَ: وَقَدْ أَجَاز لِمَنْ أَدْرَكَ زَمَانه،
وَامْتَدَحَهُ جَمَاعَةٌ، مِنْهُم سَعْدُ الدِّيْنِ ابْنُ
حَمُّوَيْه، كَتَبَ إِلَيْهِ بِأَبيَاتٍ مِنْهَا:
يَا قُرَّةَ العَيْنِ سَلْ عَيْنِي هَلِ اكْتَحَلَتْ ...
بِمَنْظَرٍ حَسَنٍ مُذْ غِبْتَ عَنْ عَيْنِي؟
وَمَدَحَهُ الصَّاحِبُ بَهَاءُ الدِّيْنِ مُحَمَّدُ بنُ
مُحَمَّدٍ الجُوَيْنِيّ، وَابْنُهُ
__________
(1) يعني ابن الفوطي.
(2) هكذا قرأناها، ولم نعرفه.
(23/367)
الصَّاحب عَلاَء الدِّيْنِ عَطَا ملك
صَاحِب الدِّيْوَانِ (1) ، وَكَانَ إِذَا رَقِيَ
المِنْبَرَ، تَكَلَّمَ عَلَى الخوَاطرِ، وَيستشهد
بِأَبيَاتٍ مِنْهَا:
إِذَا مَا تَجَلَّى لِي فَكُلِّي نَوَاظِرٌ ... وَإِنْ
هُوَ نَادَانِي فَكُلِّي مَسَامِعُ
وَمِنْه:
وَكَّلْتُ إِلَى المَحْبُوبِ أَمرِيَ كُلَّهُ ... فَإِنْ
شَاءَ أَحيَانِي وَإِنْ شَاءَ أَتْلَفَا
وَمِنْهَا:
وَمَا بَيْنَنَا إِلاَّ المُدَامَةُ ثَالِثٌ ... فَيُمْلِي
وَيَسقينِي وَأُملِي وَيَشربُ
تُوُفِّيَ الشَّيْخُ -رَحِمَهُ اللهُ-: فِي العِشْرِيْنَ
مِنْ ذِي القَعْدَةِ (2) .
أُعْتِقَ لَهُ مَا نَيَّفَ عَلَى أَرْبَعِ مائَةِ
مَمْلُوْكٍ، وَأَوْصَى أَنْ يُكَفَّنَ فِي خِرْقَةِ
شَيْخِهِ نَجْمِ الكُبْرَى، وَأَنْ لاَ يُقرَأَ قُدَّام
جِنَازَته وَلاَ يُنَاح عَلَيْهِ.
وَكَانَ يَوْمَ وَفَاتِهِ يَوْماً مَشْهُوْداً لَمْ
يَتَخَلَّف أَحَدٌ، حُزِرَ العَالِم بِأَرْبَعِ مائَة
أَلْفِ إِنْسَانٍ.
وَمِنْ تَرِكَتِهِ لِكُلِّ ابْنٍ -وَهُم: جَلاَلُ
الدِّيْنِ مُحَمَّد، وَبُرْهَان الدِّيْنِ أَحْمَدَ،
وَمَظْهَرُ الدِّيْنِ مُطَهَّر-: ثَلاَث مائَة
وَثَلاَثِيْنَ ثَوْباً مَا بَيْنَ قَمِيْصٍ وَمِنْدِيْلٍ
وَعِمَامَةٍ وَفَرْوَةٍ.
وَكَانَتْ لَهُ فَرْوَةُ آسِ (3) مِنَ الفَاقم (4) ،
أُعْطِي فِيْهَا أَلف دِيْنَار، وَكَانَتْ مَسَامِيْر
المدَاسَات فِضَّةً، وَكَانَ لَهُ كُرْسِيّ تَحْتَ
رِجْلَيْهِ مُذَهَّب بِخَمْسِ مائَةِ دِيْنَارٍ، وَكَانَ
لَهُ مِنَ الخَيْلِ وَالمَوَاشِي مَا يُسَاوِي عَشْرَة
آلاَف دِيْنَارٍ، وَكَانَ لَهُ مِنَ العَبِيْدِ سِتُّوْنَ
عَبْداً مِنْ حُفَّاظِ القُرْآنِ وَتَعَلَّمُوا الخَطَّ
__________
(1) وصاحب الكتاب المشهور: جهان كشاي " غازي العالم ".
(2) لم يذكر الذهبي هنا سنة وفاته، ووضع ترجمته في حوادث
سنة 659 من العبر وعلى هوامش حوادثها في تاريخ الإسلام،
وذكره ضمن من توفي في هذه السنة من تذكرة الحفاظ: 4 / 1451
- 1452، ونص الصفدي عليها في الوافي وكذا وضعه فيها ابن
العماد في الشذرات.
(3) هكذا في الأصل.
(4) الفاقم: الشديد السواد.
(23/368)
وَالعَرَبِيَّةَ وَسَمِعُوا الحَدِيْثَ...،
وَسَرَدَهُم (1) ، مِنْهُم نَافِعُ الدِّيْنِ، وَقَدْ
كَتَبَ لِلشَيْخِ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِيْنَ مُصْحَفاً
وَكِتَاباً وَحَجَّ وَخلعَ عَلَيْهِ بِالدِّيْوَانِ،
وَلَهُ مِنَ الفَلاَّحِينَ أَزْيَدُ مِنْ ثَلاَثِ مائَةِ
نَفْسٍ، وَلَهُ قُرَى وَبَسَاتِيْنُ عِدَّة -وَسَمَّاهَا-
وَرثَاهُ بِهَذِهِ كَمَال الدِّيْنِ حَسَن بن مُظَفَّر
الشَّيْبَانِيّ البَلَدِيّ:
أَمَا تَرَى أَنَّ سَيْفَ الحَقِّ قَدْ صَدَأ ... وَأَنَّ
دِيْنَ الهُدَى وَالشَّرْعِ قَدْ رُزِئَا
وَأَنَّ شَمْسَ المَعَالِي وَالعُلَى غَرَبَتْ ... وَأَنَّ
نُورَ التُّقَى وَالعِلْمِ قَدْ طُفِئَا
بِمَوْتِ سَيْفِ الهُدَى وَالدِّيْنِ أَفْضَل مَنْ ...
بَعْدَ النَّبِيِّ عَلَى هَذَا الثَّرَى وَطِئَا
شَيْخِ الزَّمَانِ سَعِيْدِ بنِ المُطَهَّرِ مَنْ ...
إِلَيْهِ كَانَ الهُدَى قَدْ كَانَ مُلْتَجِئَا
شَأَى الأَنَامَ بِأَوْصَافٍ مُهَذَّبَةٍ ... وَمَنْ حَوَى
مَا حَوَاهُ فِي الأَنَامِ شآ
قَدْ عَاشَ سَبْعِيْنَ عَاماً فِي نَزَاهَتِهِ ... لَمْ
يَتَّخِذْ لَعِباً يَوْماً وَلاَ هُزؤَا
مَنْ كَانَ شَاهَدَ أَيَّاماً لَهُ حَسُنَتْ ... لاَ شَكَّ
شَاهَدَ عَصْرَ المُصْطَفَى وَرَأَى
بِحُرِّ لَفْظٍ يُزِيْلُ السُّقمَ أَيسرُهُ ... فَلَو
يُعَالَجُ مَلْسُوعٌ بِهِ برِئَا
وَحَرّ وَعْظٍ يُذِيْبُ الصَّخْرَ أَهْوَنُهُ ... حَتَّى
لَوِ اخْتَارَ مَقرُوْرٌ بِهِ دفئَا
المَوْتُ حَتمٌ يهدُّ النَّاسَ كُلَّهُم ... بِنَابِهِ
وَيَصِيْدُ اللَّيْثَ وَالرَّشَآ
مَا غَادَرَ المَوْتُ عَدْنَاناً وَلاَ مُضَراً ... كَلاَّ
وَلاَ فَاتَ قَحْطَاناً وَلاَ سَبآ
يَا لَيْتَ أُذُنَيَّ قَدْ صُمَّتْ وَلاَ سَمِعْتُ ... فِي
رزئه مِنْ فَم الدَّاعِي لَهُ نبآ
وَهِيَ طَوِيْلَةٌ غَرَّاءُ.
أَخْبَرَنَا نَافِعُ الهِنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا سَعِيْدُ
بنُ المُطَهَّرِ، أَخْبَرَنَا المُؤَيَّدُ الطُّوْسِيُّ
-وَأَخْبَرْنَا ابْنُ عَسَاكِرَ عَنِ المُؤَيَّد-:
أَخْبَرَنَا السَّيِّدِيُّ، أَخْبَرَنَا سَعِيْدُ بنُ
مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا
إِبْرَاهِيْمُ الهَاشِمِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ،
حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ
__________
(1) يعني: ابن الفوطي.
(23/369)
نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
نَهَى عَنِ الوِصَالِ.
قَالُوا: فَإِنَّك تُوَاصِلُ يَا رَسُوْلَ اللهِ؟!
قَالَ: (إِنِّيْ لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ، إِنِّيْ أُطْعَمُ
وَأُسْقَى).
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (1) .
263 - إِقْبَالٌ شَرَفُ الدِّيْنِ أَبُو الفَضَائِلِ
الحَبَشِيُّ المُسْتَنْصِرِيُّ *
جَمَالُ الدَّوْلَةِ، أَمِيْرُ الجُيُوْشِ، شَرَفُ
الدِّيْنِ، أَبُو الفَضَائِلِ الحَبَشِيّ،
المُسْتَنْصِرِيّ، الشَّرَابِيُّ.
جُعِلَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ
مُقَدَّم جُيُوش العِرَاق، وَأَنشَأَ مَدْرَسَةً فِي
غَايَةِ الحُسْنِ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ
لِلشَّافِعِيَّةِ، فَدَرَّسَ بِهَا التَّاج الأُرْمَوِيّ،
ثُمَّ أَنشَأَ مَدْرَسَةً أُخْرَى سَنَة اثْنَتَيْنِ
وَثَلاَثِيْنَ، وَدَرَّسَ بِهَا زَيْن الدِّيْنِ أَحْمَدُ
بنُ نَجَا الوَاسِطِيُّ، وَأَنْشَأَ بِمَكَّةَ رِبَاطاً،
وَلَهُ مَعْرُوفٌ كَثِيْرٌ، وَفِيْهِ دين وَخُشوع، وَلَهُ
مَحَاسِن وَجُوْد، غمرَ وَبَذَلَ لِلصُّلحَاء
وَالشُّعَرَاء، وَالتقَىَ التَّتَار فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ
وَأَرْبَعِيْنَ، فَهَزمهُم، فَعظم بِذَلِكَ وَارتفع
قدرُهُ، وَصَارَ مِنْ أَكْبَرِ المُلُوْك، إِلَى أَنْ
تَوجّه فِي خدمَة المُسْتَعْصِم نَحْو الحِلَّة لزِيَارَة
المَشْهَد (2) ، فَمَرِضَ إِقبالٌ فِي الحِلَّةِ،
فَيُقَالَ: سُقِيَ فِي تُفَّاحَة، فَلَمَّا أَكلهَا أَحسَّ
بِالشَّرّ.
رَجَعَ إِلَى بَغْدَادَ منحدراً فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ
ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، فَتُوُفِّيَ بِهَا
(3) .
__________
(1) قال شعيب: هو في البخاري (1922) و(1962) ومسلم (1102)،
وأخرجه مالك 1 / 300، وابو داود (2360) والبيهقي 4 / 281،
282.
(*) الفخري في الآداب السلطانية: 22 - 27، 243، الحوادث
الجامعة: 308، عيون التواريخ 20 / 84 - 85، العسجد المسبوك
612 - 613، النجوم الزاهرة: 7 / 51، الدارس في أخبار
المدارس: 1 / 159 - 160، شذرات الذهب: 5 / 261، وقد كتب
المرحوم الدكتور ناجي معروف رسالة بعنوان (حياة اقبال
الشرابي) مطبعة الارشاد بغداد 1966 في 108 صفحات، والف
كتاب (المدارس الشرابية ببغداد وواسط ومكة (الطبعة الثانية
بمطبعة دار الشعب بالقاهرة 1367 / 1977) في 512 صفحة.
(2) يعني: مشهد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله
عنه.
(3) في العسجد المسبوك أنه توفي في يوم الاثنين السابع
والعشرين من شوال، وقد جعل ابن تغري بردي وفاته سنة 655.
(23/370)
264 - الدُّوَيدَارُ مُجَاهِدُ الدِّيْنِ
أَيْبَكُ الدُّوَيدَارُ الصَّغِيْرُ *
الملكُ، مُقَدَّم جَيْش العِرَاق، مُجَاهِد الدِّيْنِ
أَيْبَك الدُّوَيدَار الصَّغِيْر.
أَحدُ الأَبْطَالِ المَذْكُوْرِيْنَ وَالشُّجْعَانِ
المَوْصُوْفِيْن الَّذِي كَانَ يَقُوْلُ: لَوْ مَكَّننِي
أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ المُسْتَعْصِم، لَقَهَرتُ
التَّتَار، وَلَشغلتُ هُوْلاَكُو بِنَفْسِهِ.
وَكَانَ مُغرَى بِالكيمِيَاء، لَهُ بَيْت كَبِيْر فِي
دَارِهِ فِيْهَا عِدَّة مِنَ الصُّنَّاعِ وَالفُضَلاَء
لِعمل الكيمِيَاءِ، وَلاَ تَصِحّ؛ فَحكَى شَيْخنَا مُحْيِي
الدِّيْنِ ابْن النَّحَّاسِ، قَالَ:
مَضَيْت رَسُوْلاً، فَأَرَانِي الدُّوَيدَار دَار
الكيمِيَاء، وَحَدَّثَنِي، قَالَ:
عَارضنِي فَقير، وَقَالَ: يَا مَلِكُ، خُذْ هَذَا
المثقَالَ، وَأَلقِهِ عَلَى عَشْرَة آلاَف مِثقَالٍ
يَصِيْر الكُلّ ذَهَباً.
فَفَعَلتُ، فَصحَّ قَوْلُهُ، ثُمَّ لَقِيْتُهُ بَعْد
مُدَّةٍ، فَقُلْتُ: عَلِّمنِي الصَّنْعَة.
قَالَ: لاَ أَعْرفهَا، لَكِن رَجُلٌ صَالِحٌ أَعْطَانِي
خَمْسَة مَثَاقيلَ، فَأَعْطيتك مثقَالاً، وَلِمَلِكِ
الهِنْدِ مِثقَالاً، وَلآخَرِيْنَ مِثقَالَيْنِ، وَبَقِيَ
لِي مِثقَالٌ أُنفق مِنْهُ.
ثُمَّ أَرَانِي الدُّوَيدَار قطعَة فُولاَذ قَدْ
أُحْمِيَتْ، وَأَلقَى عَلَيْهَا مَغْرِبِيٌّ شَيْئاً،
فَصَارَ مَا حَمَى مِنْهَا ذهباً وَبَاقيهَا فُولاَذ.
قَالَ الكَازَرُوْنِيّ (1) فِيمَا أَنْبَأَنِي: إِنَّ
الخَلِيْفَةَ قُتِلَ مَعَهُ عِدَّةٌ مِنْ أَعمَامِه
وَأَوْلاَدِه وَابْن الجَوْزِيِّ وَمُجَاهِد الدِّيْنِ
الدُّوَيدَار الَّذِي تَزَوَّجَ بِبنتِ بَدْر الدِّيْنِ
صَاحِب المَوْصِل، وَحُمِلَ رَأْسه وَرَأْس الْملك
سُلَيْمَان شَاه وَأَمِيْر الحَجِّ فَلكِ الدِّيْنِ،
فَنُصبُوا بِالمَوْصِلِ.
__________
(*) الفخري في الآداب السلطانية (صبيح): 271، الحوادث
الجامعة: 328، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20
الورقة الملحقة بالورقة 162، دول الإسلام 2 / 122، الوافي
بالوفيات: 9 / 475 - 476 الترجمة 4432، عيون التواريخ 20 /
124، العسجد المسبوك: 633.
(1) لم نجد هذا النقل في ما طبع باسم مختصر التاريخ لابن
الكازروني.
(23/371)
265 - ابْنُ أَبِي الحديدِ قَاسِمُ بنُ
هِبَةِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ المَدَائِنِيُّ *
العَلاَّمَةُ البَارِعُ، مُوَفَّقُ الدِّيْنِ قَاسم بن
هِبَةِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ حُسَيْنِ
بنِ أَبِي الْحَدِيد، أَبُو المَعَالِي المَدَائِنِيُّ،
الأُصُوْلِيُّ، الأَدِيْبُ، الكَاتِبُ، البَلِيْغُ.
أَجَاز لَهُ: عَبْد اللهِ بن أَبِي المَجْدِ.
أَخَذَ عَنْهُ: عَلِيُّ بنُ أَنْجَب، وَالدِّمْيَاطِيُّ،
وَلَهُ بَاعٌ مَديدٌ فِي النَّظْمِ وَالنَّثْرِ، وَكَانَ
ابْنُ العَلْقَمِيّ يُكرمه، وَيُنوِّهُ بِذِكرِهِ
كَثِيْراً وَبِذكر أَخِيْهِ الأَوْحَد عِزّ الدِّيْنِ
أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْد الحَمِيْدِ، فَمَاتَ الوَزِيْر ابْن
العَلْقَمِيّ، فَتُوُفِّيَ بَعْدَهُ المُوَفَّق بِأَرْبَع
لَيَالٍ، فِي نَحْو اليَوْم الخَامِس مِنْ جُمَادَى
الآخِرَةِ، سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ، بَعْدَ مُقَاسَاة
تِلْكَ الشَّدَائِد، فَرثَاهُ أَخُوْهُ العِزّ، فَقَالَ:
أَبَا المَعَالِي هَلْ سَمِعْتَ تَأَوُّهِي* ؟ ...
وَلَقَدْ عَهِدْتُكَ فِي الحَيَاةِ سَمِيْعَا
عَيْنِي بَكَتْكَ وَلَوْ تُطِيْقُ جَوَانِحِي ...
وَجَوَارحِي أَجْرَتْ عَلَيْهِ نَجيعَا
وَوَفَيْتَ لِلولَى الوَزِيْرِ فَلَمْ تَعِشْ ... مِنْ
بَعْدِهِ شَهْراً وَلاَ أُسْبُوْعَا
وَبقيتُ بَعْدَكُمَا فَلَو كَانَ الرَّدَى ... بِيَدِي
لَفَارقتُ الحَيَاةَ جَمِيْعا
فَمَا عَاشَ العِزُّ بَعْد أَخِيْهِ إِلاَّ أَرْبَعَةَ
عَشَرَ يَوْماً.
وَفِي (مُعْجَم) شَيْخنَا الدِّمْيَاطِيّ: أَن مَوْت
المُوَفَّق فِي رَجَبٍ، وَالأَوّل أَصحّ.
266 - ابْنُ الجَوْزِيِّ مُحْيِي الدِّيْنِ يُوْسُفُ بنُ
أَبِي الفَرَجِ القُرَشِيُّ **
الصَّاحِبُ، العَلاَّمَةُ، أُسْتَاذُ دَارِ الخِلاَفَةِ،
مُحْيِي الدِّيْنِ يُوْسُف ابْن الشَّيْخِ
__________
(*) مرت ترجمة الموفق وأخيه العز انظر الترجمة 334 و335 من
هذا الجزء.
(* *) عقود الجمان في شعراء هذا الزمان لابن الشعار
الموصلي (أسعد أفندي 2330) =
(23/372)
جَمَالُ الدِّيْنِ أَبِي الفَرَجِ ابْن
الجَوْزِيِّ القُرَشِيّ، البَكْرِيّ، الحَنْبَلِيّ.
وُلِدَ: فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ ثَمَانِيْنَ (1)
وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِيْهِ، وَيَحْيَى بن بَوْش، وَأَبِي
مَنْصُوْرٍ عَبْد السَّلاَمِ، وَذَاكر بن كَامِل، وَابْن
كُلَيْب، وَعِدَّة.
وَتَلاَ بِوَاسِط لِلْعَشْرَة عَلَى ابْنُ
البَاقِلاَنِيِّ، بِحَضرَةِ أَبِيْهِ عِنْدَمَا أُطْلِقَ
مِنَ الحَبْس.
رَوَى عَنْهُ: الدِّمْيَاطِيُّ، وَالرَّشِيْدُ بنُ أَبِي
القَاسِمِ، وَجَمَاعَةٌ.
وَدَرَّسَ، وَأَفتَى، وَنَاظر، وَتَصَدَّرَ لِلْفقه،
وَوعظَ.
وَكَانَ صَدْراً كَبِيْراً، وَافر الجَلاَلَةِ، ذَا سَمْتٍ
وَهَيْبَةٍ وَعبَارَةٍ فَصيحَةٍ، رُوسِلَ بِهِ إِلَى
المُلُوْك، وَبلغ أَعْلَى المَرَاتِبِ، وَكَانَ مَحْمُوْد
الطَّرِيقَة، مُحبَّباً إِلَى الرَّعِيَّةِ، بَقِيَ فِي
الأُسْتَاذ دَارِيَّةِ سَائِرَ أَيَّامِ المُسْتَعْصِمِ.
قَالَ الدِّمْيَاطِيُّ: قَرَأْتُ عَلَيْهِ كِتَابَ
(الوَفَا فِي فَضَائِلِ المُصْطَفَى) لأَبِيْهِ،
وَأَنْشَدَنَا لِنَفْسِهِ، وَوصَلنِي بِذَهب.
قَالَ شَمْس الدِّيْنِ ابْن الفَخْر: أَمَّا رِيَاسته
وَعَقْله فَتُنْقَل بِالتَّوَاتُرِ حَتَّى
قَالَ السُّلْطَان الْملك الكَامِل: كُلّ أَحَدٍ يُعوِزُهُ
عَقْلٌ سِوَى مُحْيِي الدِّيْنِ، فَإِنَّهُ يُعوزه نَقص
عقل!
وَذَلِكَ لِشِدَّةِ مُسكته وَتَصمِيمه وَقُوَّة نَفْسِهِ؛
تُحَكَى عَنْهُ عَجَائِب فِي ذَلِكَ: مَرَّ بِبَابِ
البَرِيْد فَوَقَعَ حَانُوْت فِي السُّويقَةِ، وَضَجَّ
النَّاسُ، وَسقطت خَشَبَة
__________
= ج 10 الورقة 229 ب، صلة التكملة للحسيني المجلد الثاني
الورقة 35، الحوادث الجامعة 328، ذيل مرآة الزمان
لليونيني: 1 / 332 - 340، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا
3013) ج 20 الورقة 168، دول الإسلام: 2 / 122، العبر: 5 /
237، عيون التواريخ 20 / 207 - 210، البداية والنهاية: 13
/ 203، ذيل طبقات الحنابلة: 2 / 258 - 261 الترجمة 365،
العسجد المسبوك: 635 شذرات الذهب: 5 / 286 - 287.
(1) تصحفت في المطبوع من العبر إلى ثمان.
(23/373)
عَلَى كفل البَغْلَة فَمَا الْتَفَت وَلاَ
تَغَيَّر، وَكَانَ يُنَاظر وَلاَ يُحرك لَهُ جَارحة.
أَنشَأَ بِدِمَشْقَ مَدْرَسَةً كَبِيْرَةً، وَقَدِمَ
رَسُوْلاً غَيْرَ مَرَّةٍ، وَحَدَّثَ بِأَمَاكن.
ضُرِبَتْ عُنُقُهُ صَبْراً عِنْدَ هُوْلاَكُو، فِي صَفَرٍ،
سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، فِي نَحْو مِنْ
سَبْعِيْنَ صَدْراً مِنْ أَعيَانِ بَغْدَاد، مِنْهُم:
أَوْلاَده (1) ؛ المُحْتَسِب جَمَال الدِّيْنِ عَبْد
الرَّحْمَنِ، وَشَرَف الدِّيْنِ عَبْد اللهِ، وَتَاج
الدِّيْنِ عَبْد الكَرِيْمِ -رَحِمَهُمُ الله-.
ابْنه:
267 - الصَّاحِبُ شَرَفُ الدِّيْنِ عَبْدُ اللهِ بنُ
يُوْسُفَ
ابْنِ الجَوْزِيِّ الحَنْبَلِيُّ، المُدَرِّسُ.
مِنْ نُبَلاَءِ الرِّجَالِ، كَثِيْر التِّلاَوَةِ، جَيِّد
الفِقْه وَأُصُوْله، وَلَمَّا وَلِي أَخُوْهُ العَلاَّمَة
الأَوْحَد جَمَالُ الدِّيْنِ عَبْد الرَّحْمَنِ تَدْرِيس
المستنصرِيَة سَنَة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ، وُلِّي
شَرَف الدِّيْنِ حِسْبَة بَغْدَادَ، وَرُفعت بَيْنَ
يَدَيْهِ الغَاشيَةُ، وَدَرَّسَ بِالبَشِيْرِيَّةِ سَنَةَ
ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ.
وَقَدْ أَرْسَله المُسْتَعْصِم إِلَى خُرَاسَانَ إِلَى
هُوْلاَكُو ثُمَّ رَجَعَ، وَأَخبرَ بصحَة عَزْمه عَلَى
قَصْد العِرَاق فِي جَيْش عَظِيْم، فَلَمْ يَسْتَعدُّوا
لِلْقَائِهِ، وَلَمَّا خَرَجَ المُسْتَعْصِم إِلَيْهِ،
طَلَبَ مِنْهُ أَن ينفّذ إِلَى خُورستَان مَنْ يُسلّمهَا،
فَنفذ شَرَف الدِّيْنِ هَذَا بِخَاتم الخَلِيْفَة، فَتوجّه
مَعَ جَمَاعَة مِنَ الْمغول، وَعرَّفَهُم حقيقَة الحَال،
فَلَمَّا رَجَعَ كَانَ هُوْلاَكُو قَدْ ترحَّل عَنْ
بَغْدَادَ بَعْدَ أَنْ صِيَّرَهَا دكّاً، فَلَقِيَهُ
بِأَسد آبَاذ، فَأُعْلِمَ هُوْلاَكُو بِنصيحَةِ شَرَفِ
الدِّيْنِ لأَهْل خُورستَان، فَقَتَلَهُ بِأَسد آبَاذ.
__________
(1) في الأصل: " أولاد " والصحيح ما أثبتناه، وانظر العسجد
المسبوك: 635 - 637.
(23/374)
268 - وَاقِفُ الصَّدْرِيَّةِ أَسَعْدُ بنُ
عُثْمَانَ بنِ أَسَعْدَ التَّنُوْخِيُّ *
القَاضِي الرَّئِيْسُ، صَدْرُ الدِّيْنِ، أَبُو الفَتْحِ
أَسَعْدُ بنُ عُثْمَانَ ابْنِ شَيْخِ الحَنَابِلَةِ
وَجِيْهِ الدِّيْنِ أَسَعْدَ بنِ المُنَجَّى بنِ بَرَكَاتِ
بنِ المُؤَمَّلِ التَّنُوْخِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ،
المُعَدَّلُ.
وُلِدَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ.
وَسَمِعَ مِنْ: حَنْبَل، وَابْن طَبَرْزَذ.
رَوَى عَنْهُ: الدِّمْيَاطِيُّ، وَابْنُ الخَبَّاز،
وَالعَلاَءُ الكِنْدِيُّ، وَكَانَ مِنْ كُبَرَاءِ البَلَد.
مَاتَ: فِي رَمَضَانَ (1) ، سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ،
فَدُفِنَ بِمَدْرَسَتِهِ، وَهُوَ أَخُو شَيْخَيْنَا:
وَجِيْه الدِّيْنِ، وَمُفْتِي الشَّام زَيْن الدِّيْنِ.
269 - المُحِبُّ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ
أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ السَّعْدِيُّ **
المُحَدِّثُ، الرَّحَّالُ، مُفِيْدُ الطَّلبَةِ، مُحِبُّ
الدِّيْنِ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ
__________
(*) ذيل الروضتين: 203، صلة التكملة للحسيني المجلد الثاني
الورقة 49، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20
الورقة 170، العبر: 5 / 239، الوافي بالوفيات 9 / 43
الترجمة 3947، عيون التواريخ: 20 / 216 - 217 وفيه ورد
اسمه أسعد بن المنجا بن بركات، ولاشك أن هذه التسمية هي
لجده المتوفى 606 ه وليست له، البداية والنهاية 13 / 216،
ذيل طبقات الحنابلة: 2 / 268 الترجمة 379، النجوم الزاهرة:
7 / 71، شذرات الذهب: 5 / 288.
(1) ذكر الحسيني في صلة التكملة والذهبي في تاريخ الإسلام
وابن رجب في ذيل طبقات الحنابلة أنه توفي في التاسع عشر من
رمضان.
(* *) عقود الجمان في شعراء هذا الزمان لابن الشعار
الموصلي (نسخة أسعد أفندي 2324) ج 3 الورقة 129 / ب صلة
التكملة لوفيات النقلة للحسيني المجلد الثاني الورقة 55،
تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 178 -
179، العبر: 5 / 246 ذيل طبقات الحنابلة: 2 / 268 - 269
الترجمة 380، شذرات الذهب: 5 / 292.
(23/375)
ابْنِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ
إِبْرَاهِيْمَ السَّعْدِيّ، المَقْدِسِيّ، الصَّالِحيّ،
الحَنْبَلِيّ.
رَوَى عَنِ: الشَّيْخِ مُوَفَّق الدِّيْنِ حُضُوْراً،
وَعَنِ ابْنِ البُنِّ، وَابْن صَصْرَى، وَابْنِ
الزَّبِيْدِيّ.
وَارْتَحَلَ فَأَكْثَر عَنِ: ابْنِ القُبَّيْطِيّ، وَابْن
أَبِي الفَخَارِ، وَابْن الخَازن، وَالكَاشْغَرِيّ،
وَبَالَغَ، وَكَتَبَ العَالِي وَالنَّازل، وَأَقَامَ
بِبَغْدَادَ سَنَوَات فِي الطَّلَب.
رَوَى عَنْهُ: الدِّمْيَاطِيُّ، وَابْنُ الخَبَّاز،
وَمُحَمَّدُ ابْنُ النُّمَيْرِيّ، وَابْنُهُ الشَّيْخ
مُحَمَّدُ ابْنُ المُحِبِّ، وَآخَرُوْنَ، وَعَاشَ
أَرْبَعِيْنَ سَنَةً.
تُوُفِّيَ: فِي جُمَادَى الآخِرَةِ (1) ، سَنَةَ ثَمَانٍ
وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ -رَحِمَهُ اللهُ- وَفِي
أَوْلاَده عِلمٌ وَاعتنَاء بِالحَدِيْثِ.
270 - النَّاصِرُ دَاوُدُ ابنُ المُعَظَّمِ عِيْسَى ابنِ
العَادِلِ *
السُّلْطَان، الْملك النَّاصِر، صَلاَح الدِّيْنِ، أَبُو
المَفَاخِرِ دَاوُد ابْنُ السُّلْطَان المَلِك المُعَظَّم
عِيْسَى بن العَادلِ.
مَوْلِدُهُ: بِدِمَشْقَ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسِتِّ مائَةٍ
(2) .
__________
(1) ذكر الحسيني في صلة التكملة والذهبي في تاريخ الإسلام
وابن رجب في ذيل طبقات الحنابلة وابن العماد في الشذرات
أنه توفي في الثاني والعشرين من جمادى الآخرة، وإن انفرد
الحسيني بذكر ليلة الثاني والعشرين منه فانها تعتبر في
التاريخ عندهم منه.
(*) ذيل مرآة الزمان: 1 / 126 - 184 وهي ترجمة مطولة فيها
كثير من شعره، تاريخ الإسلام للذهبي: (أيا صوفيا 3013) ج
20 الورقة 149 - 153، دول الإسلام: 2 / 121، العبر: 5 /
229 - 230، عيون التواريخ: 20 / 168 - 176 فوات الوفيات: 1
/ 419 - 428، الترجمة 149، البداية والنهاية 13 / 214،
العسجد المسبوك: 643، النجوم الزاهرة: 7 / 61 - 62، شفاء
القلوب في مناقب بني أيوب، لأحمد بن إبراهيم الحنبلي: 346
- 358، الترجمة 75، شذرات الذهب: 5 / 275 وللدكتور ناظم
رشيد شيخو رسالة دكتوراه في حياته وأدبه نوقشت في كلية
الآداب بجامعة بغداد سنة 1981.
(2) في جمادى الآخرة.
(23/376)
أَجَاز لَهُ: المُؤَيَّد الطُّوْسِيّ،
وَأَبُو رَوْحٍ الهَرَوِيّ، وَسَمِعَ فِي كبره مِنْ أَبِي
الحَسَنِ القَطِيْعِيّ بِبَغْدَادَ، وَمِنِ ابْنِ
اللُّتِّيّ بِالكَرَك.
وَكَانَ فَقِيْهاً حنفِياً ذَكِيّاً، مُنَاظِراً،
أَدِيْباً شَاعِراً بَدِيْع النَّظْمِ، مُشَارِكاً فِي
عُلُوْم، تَسَلْطَن عِنْدَ مَوْتِ أَبِيْهِ، وَأَحَبّه
أَهْلُ البَلَدِ، فَأَقْبَل عَمَّاهُ الكَامِل وَالأَشْرَف
فَحَاصَرَاهُ أَشْهُراً، ثُمَّ انْفَصل عَنْ دِمَشْق فِي
أَثْنَاء سَنَة سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ، وَقنع بِالكَرَك،
وَأَعْطَوْهُ مَعَهَا نَابُلُس وَعَجْلُوْنَ وَالصَّلْت
وَقُرَى بَيْت المَقْدِسِ سِوَى البَلَدِ فَإِنَّهُ
أَخَذَه الأَنبروز الإِفرنجِي الَّذِي أَنْجَدَ الكَامِل،
ثُمَّ زَوَّجَهُ الكَامِل بِابْنته فِي سَنَةِ تِسْعٍ
وَعِشْرِيْنَ، ثُمَّ وَقَعَ بَيْنهُمَا، فَفَارقَ
البِنْتَ، ثُمَّ بَعْدَ سَنَةِ ثَلاَثِيْنَ سَارَ إِلَى
المُسْتَنْصِر بِاللهِ، وَقَدَّمَ لَهُ تُحَفاً،
وَاجْتَمَعَ بِهِ وَأَكْرَمَهُ بَعْد امتنَاع بِعَمَلِ
قَصِيدتِهِ الفَائِقَةِ (1) وَهِيَ:
وَدَانٍ أَلَمَّتْ بِالكَثِيْبِ ذَوَائِبُهْ ... وَجُنْحُ
الدُّجَى وَحْف (2) تَجول غَيَاهِبُهْ
تُقَهْقِهُ فِي تِلْكَ الرُّبوعِ رُعُوْدُهُ ... وَتَبْكِي
عَلَى تِلْكَ الطُّلولِ سَحَائِبُهْ
إِلَى أَنْ بدَا مِنْ أَشْقَرِ الصُّبْحِ قَادِمٌ ...
يُرَاعُ لَهُ مِنْ أَدْهَمِ اللَّيْلِ هَارِبُهْ
منهَا:
أَلاَ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ وَمَنْ غَدَتْ ...
عَلَى كَاهِلِ الجَوْزَاء تَعْلُو مَرَاتِبُهْ
أَيَحْسُنُ فِي شَرْعِ المَعَالِي وَدِيْنِهَا ...
وَأَنْتَ الَّذِي تُعْزَى إِلَيْهِ مَذَاهِبُهْ؟
بِأَنِّي أَخوضُ الدوَّ (3) وَالدوُّ مُقفرٌ ...
سَبَارِيْتُهُ مُغبرَةٌ وَسَبَاسِبُهْ
__________
(1) أورد القصيدة اليونيني في ذيل المرآة: 1 / 133 - 135،
والذهبي في تاريخ الإسلام الورقة 150، وابن شاكر الكتبي في
فوات الوفيات: 1 / 420 - 422، وأحمد بن إبراهيم الحنبلي في
شفاء القلوب: 348 - 351 وغيرها، وانظر رسالة الدكتور ناظم
رشيد شيخو: 402 - 406 (طبعة المناقشة).
(2) في الأصل: " وقف " وليس بشيء، والتصحيح من خط المؤلف
في تاريخ الإسلام وغيره، والوحف: الشديد السواد.
(3) الدو: الغلاة.
(23/377)
وَقَدْ رَصَدَ الأَعْدَاءُ لِي كُلَّ
مَرْصَدٍ ... فَكُلُّهُم نَحْوِي تَدِبُّ عَقَارِبُهْ
وَآتيكَ وَالعَضْبُ (1) المُهَنَّد مُصْلَتٌ ... طرِير (2)
شبَاهُ قَانِيَاتٌ ذوَائِبُه
وَأُنْزلُ آمَالِي بِبَابِكَ رَاجِياً ... بَوَاهِرَ جَاه
يَبْهَرُ النَّجْمَ ثَاقِبُه
فَتقبل مِنِّي عَبْدَ رقٍّ فَيغتدِي ... لَهُ الدَّهْر
عَبْداً خَاضِعاً (3) لاَ يُغَالِبُه
وَتُنْعِمُ فِي حقِّي بِمَا أَنْتَ أَهْلُه ... وَتُعلِي
مَحَلِّي فَالسُّهَا (4) لاَ يُقَارِبُه
وَتُلبِسنِي مِنْ نسجِ ظلِّك حُلَّةً ... تشرف قدر
النَّيِّرِيْنَ جلاَبِبُهْ
وَتُركبنِي نُعْمِى أَيَادِيك مَرْكباً ... عَلَى الفَلَكِ
الأَعْلَى تَسِيرُ مَرَاكِبُه (5)
وَيَأْتيك غَيْرِي مِنْ بِلاَدٍ قَرِيْبَة ... لَهُ
الأَمْنُ فِيْهَا صَاحِبٌ لاَ يُجَانِبُه
فَيلقَى دنُوّاً مِنْكَ لَمْ أَلقَ مِثْلَهُ ... وَيَحْظَى
وَلاَ أَحْظَى بِمَا أَنَا طَالِبُه
وَيَنْظُرُ مِنْ لأْلاَءِ قُدْسِكَ نَظرَةً ... فَيَرْجِعُ
وَالنُّوْرُ الإِمَامِيُّ (6) صَاحِبُه
وَلَوْ كَانَ يَعْلُونِي بنَفْسٍ وَرُتبَةٍ ... وَصِدْقِ
وَلاَءٍ لَسْتُ فِيْهِ أُصَاقِبُه
لَكُنْتُ أُسلِّي النَّفْسَ عَمَّا تَرُومُه ... وَكُنْتُ
أَذُودُ العَيْنَ عَمَّا تُرَاقِبُه
وَلَكِنَّهُ مِثْلِي، وَلَو قُلْتُ: إِنَّنِي ... أَزِيْدُ
عَلَيْهِ، لَمْ يَعِبْ ذَاكَ عَائِبُه
وَمَا أَنَا مِمَّنْ يَملأ المَالُ عَينَهُ ... وَلاَ
بِسوَى التَّقْرِيْب تُقْضَى مَآرِبُه
وَلاَ بِالَّذِي يُرْضِيْهِ دُوْنَ نَظِيْرِهِ ... وَلَوْ
أُنْعِلَتْ بِالنَّيِّرَات مَرَاكِبُه
وَبِي ظَمَأٌ رُؤيَاكَ مَنْهَلُ ريِّهِ ... وَلاَ غروَ
أَنْ تَصفو لَدَيَّ مَشَارِبُه
__________
(1) العضب: السيف القاطع.
(2) طرير: محدد.
(3) هكذا في الأصل، وفي تاريخ الإسلام بخط المؤلف، وفي
غيره من المصادر: " طائعا ".
(4) السها: كوكب صغير.
(5) هكذا هي بخط المؤلف في تاريخ الإسلام "، وفي بعض
المصادر الأخرى: مواكبه.
(6) في الأصل: " الأماني " وليس بشيء، والتصحيح من خط
المؤلف في " تاريخ الإسلام ".
(23/378)
وَمِنْ عَجَبٍ أَنِّي لَدَى البَحْرِ
وَاقِفٌ ... وَأَشْكُو الظَّمَا وَالبَحْرُ جَمٌّ
عَجَائِبُه
وَغَيْرُ ملُوْمٍ مَنْ يَؤمُّك قَاصِداً ... إِذْ عَظُمَت
أَغرَاضُهُ وَمَذَاهِبُهُ
فَوَقَعت الأَبيَات مِنَ الخَلِيْفَة بِموقع، وَأُدخل
لَيلاً، وَوَانَسَهُ وَذَاكَرَهُ، وَأُخْرِج سرّاً
رعَايَةً لِخَاطر الكَامِل.
ثُمَّ حضَر النَّاصِر درسَ المُسْتَنْصِرِيَّة، فَبحثَ
وَنَاظرَ وَالخَلِيْفَةُ فِي مَنْظَرته، فَقَامَ الوَجِيْه
القَيْرَوَانِي، وَمدح الخَلِيْفَة بِأَبيَاتٍ مِنْهَا:
لَوْ كُنْتَ فِي يَوْم السَّقيفَة حَاضِراً ... كُنْتَ
المُقَدَّم وَالإِمَامَ الأَورعَا
فَقَالَ النَّاصِرُ: أَخْطَأْت، قَدْ كَانَ العَبَّاس جدّ
أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ حَاضِراً وَلَمْ يَكُنِ
المُقَدَّم إِلاَّ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيْقُ.
فَأُمر بِنَفْيِ الوَجِيْه، فَسَافر، وَوَلِيَ بِمِصْرَ
تَدْرِيساً، ثُمَّ خَلَعُوا عَلَى النَّاصِر وَحَاشيته،
وَجَاءَ مَعَهُ رَسُوْلُ الدِّيْوَانِ، فَأَلْبَسَه
الخِلْعَة بِالكَرَك، وَركب بِالسَّنْجق الخليفْتِي،
وَزِيْد فِي لَقَبِهِ: الوَلِيّ المُهَاجِر، ثُمَّ
رَاسلَهُ الكَامِل وَالأَشْرَف لَمَّا اخْتَلَفَا، وَطلب
كُلٌّ مِنْهُمَا أَنْ يُؤَازره، وَجَاءهُ فِي الرّسليَة
مِنْ مِصْرَ القَاضِي الأَشْرَف، فَرجح جَانب الكَامِل،
ثُمَّ تَوجّه إِلَيْهِ، فَبَالغَ فِي تَعْظِيْمِهِ،
وَأَعَاد إِلَى عصمته ابْنته عَاشُورَاء، وَأَرْكَبَهُ فِي
دَسْت السَّلْطَنة، فَحْملَ لَهُ الغاشيةَ الملكُ العَادلُ
وَلدُ الكَامِلِ، وَوعدَهُ بِأَخْذِ دِمَشْق مِنَ
الأَشْرَف وَردِّهَا إِلَيْهِ.
وَلَمَّا مَاتَ الكَامِل بِدِمَشْقَ، مَا شكّ النَّاسُ
أَنَّ النَّاصِر يَملكهَا، فَلَو بَذَلَ ذَهَباً
لأَخْذَهَا، فَسلطنُوا الجَوَاد، فَفَارق النَّاصِر
البَلَدَ، وَسَارَ إِلَى عَجْلُوْنَ، وَنَدِمَ فَجمعَ
وَحشد وَاسْتَوْلَى عَلَى كَثِيْر مِنَ السَّاحِل،
فَالتقَاهُ الجَوَادُ بِقُرْبِ جِنِيْنَ، فَانْكَسَرَ
النَّاصِر وَذَهَبت خَزَائِنه، وَطلع إِلَى الكَرَك.
ثُمَّ إِنَّ الجَوَاد تَمَاهَنَ، وَأَعْطَى دِمَشْق
لِلصَّالح، وَجَرَتْ أُمُوْرٌ، وَظَفِرَ النَّاصِر
بِالصَّالِحِ، وَبَقِيَ فِي قَبضته أَشْهُراً، ثُمَّ ذهب
مَعَهُ عَلَى عُهُود وَموَاثيق، فَملَّكَهُ مِصْرَ، وَلَمْ
يَف لَهُ الصَّالِح عجزاً
(23/379)
أَوِ اسْتكثَاراً؛ فَإِنَّهُ شَرَطَ أَنْ
تَكُوْنَ لَهُ دِمَشْق وَشَطْر مِصْر وَأَشيَاء.
وَمِنْ حَسَنَاتِ النَّاصِر أَنَّ عَمَّهُ أَعْطَى
الفِرَنْج القُدْس، فَعمرُوا لَهُم قَلْعَةً، فَجَاءَ
النَّاصِر وَنصب عَلَيْهَا المَجَانِيْق، وَأَخَذَهَا
بِالأَمَان وَهَدَّ القَلْعَة، وَنَظَّفَ البَلَد مِنَ
الفِرَنْج.
ثُمَّ إِنَّ الْملك الصَّالِح أَسَاءَ إِلَى النَّاصِر،
وَجَهَّزَ عَسْكَراً، فَشعثُوا بِلاَده، وَأَخَذُوا
مِنْهَا، وَلَمْ يَزَلْ يُنَاكده وَمَا بَقَّى لَهُ سِوَى
الكَرَك، ثُمَّ حَاصره فِي سَنَةِ 644 فَخرُ الدِّيْنِ
ابْن الشَّيْخ أَيَّاماً وَتَرَحَّل، وَقَلَّ مَا بِيَدِ
النَّاصِرِ، وَنفذَ رَسُوْلَهُ الخُسْرُوْشَاهِي مِنْ
عِنْدِهِ إِلَى الصَّالِح، وَمَعَهُ ابْنه الأَمْجَد أَنْ
يُعْطِيه خُبْزاً بِمِصْرَ وَيَتسلَّم الكَرَك
فَأَجَابَهُ، وَمَرِضَ، فَانثنَىَ عزم النَّاصِر، وَضَاقَ
النَّاصِر بكُلَف السَّلْطَنَة، فَاسْتنَاب ابْنه عِيْسَى
بِالكَرَك، وَأَخَذَ مَعَهُ جَوَاهر وَذخَائِر،
فَأَكْرَمَه صَاحِب حَلَب، ثُمَّ سَارَ إِلَى بَغْدَادَ،
فَأَودع تِلْكَ النفَائِس عِنْد المُسْتَعْصِم وَهِيَ
بِنَحْوٍ مِنْ مائَة أَلْف دِيْنَار، فَلَمْ يَصل إِلَى
شَيْءٍ مِنْهَا (1) .
وَبعدُ تَأَلَّمَ الأَمْجَدُ وَأَخُوْهُ الظَّاهِر
لِكَوْنِ أَبِيهِمَا اسْتنَاب عَلَيْهِمَا المُعَظَّم
عِيْسَى مَعَ كَوْنِه ابْنَ جَارِيَة، وَهُمَا
فَأُمُّهُمَا بِنْتُ الكَامِلِ، وَكَانَتْ أُمّهُمَا
مُحْسنَةً إِلَى الْملك الصَّالِح أَيَّام اعتقَاله
بِالكَرَك؛ لأَنَّه أَخُوْهَا، فَكَانَ هَذَانِ
يُحِبَّانه، وَيَأْنَس بِهِمَا، فَاتفقَا مَعَ أُمِّهِمَا
عَلَى الْقَبْض علَى المُعَظَّمِ، فَفَعلاَ، وَاسْتوليَا
عَلَى الكَرَك، وَسَارَ الأَمْجَد بِمفَاتِيحهَا إِلَى
الصَّالِح، وَتوثَّق مِنْهُ، فَأَعْطَاهُ خُبْزاً
بِمِصْرَ، وَتَحَوَّلَ إِلَى بَابِ الصَّالِح بَنو
النَّاصِر فأقطعهم، وَعظم هَذَا عَلَى النَّاصِر لَمَّا
سَمِعَ بِهِ، فاغتمّ الصّالح أَن مَاتَ، وَانضمَّ
النَّاصِر إِلَى النَّاصِر (2) لَمَّا تَسَلْطَن
بِالشَّامِ، فَتمرَّض السُّلْطَان، فَبَلَغَهُ أَن دَاوُد
تَكَلَّمَ فِي أَمر الْملك، فَحَبَسَهُ بِحِمْصَ مُدَّة،
ثُمَّ جَاءت
__________
(1) حيث لم يعطها له الخليفة، فلم يكن أمينا على الامانة،
والقصة مشهورة.
(2) صاحب حلب، وقد مرت ترجمته.
(23/380)
شَفَاعَةٌ مِنَ الخَلِيْفَةِ، فَأُطلق،
فَسَارَ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ إِلَى بَغْدَادَ
ليطْلب وَديعتَه، فَمَا مُكِّن مِنَ العُبُور إِلَى
بَغْدَادَ، فَنَزَلَ بِالمَشْهَد (1) ، وَحَجّ وَتَشَفَّعَ
بِالنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
مُنشِداً قصيدَةً (2) ، ثُمَّ إِنَّهُ مرض بِدِمَشْقَ
وَمَاتَ، وَدُفِنَ بِالمُعَظَّمِيَّةِ عِنْد أَبِيْهِ.
وَقَدْ رَوَى عَنْهُ الدِّمْيَاطِيّ فِي (مُعْجَمِهِ)،
فَقَالَ: أَخْبَرَنَا العَلاَّمَةُ الفَاضِل الْملك
النَّاصِر.
قُلْتُ: مَاتَ فِي الثَّامن وَالعِشْرِيْنَ مِنْ جُمَادَى
الأُوْلَى، سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ،
مَاتَ بِطَاعُوْنٍ -رَحِمَهُ اللهُ- وَشيّعه السُّلْطَان
مِنَ البُوَيضَاءِ، وَحزن عَلَيْهِ، وَقَالَ: هَذَا
كَبِيْرُنَا وَشيخُنَا، وَكَانَتْ أُمُّهُ خُوَارِزْمِيَّة
عَاشت بَعْدَهُ.
271 - المَنْصُوْرُ نُوْرُ الدِّيْنِ عَلِيُّ ابْنُ
المُعِزِّ أَيْبَكَ التُّرْكِيُّ التُّرُكْمَانِيُّ *
السُّلْطَانُ، الملكُ المَنْصُوْرُ، نُوْرُ الدِّيْنِ
عَلِيُّ ابْنُ السُّلْطَانِ المَلِكِ المُعِزِّ أَيْبَكَ
التُّرْكِيُّ، التُّرُكْمَانِيُّ، الصَّالِحيُّ.
لَمَّا قُتِلَ وَالِدُهُ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ
خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، سَلطَنُوا هَذَا،
وَعَمِلَ نِيَابَتَهُ مَمْلُوْكَ أَبِيْهِ قُطُزَ الَّذِي
كَسَرَ التَّتَارَ نَوْبَةَ عَيْنِ جَالُوتَ، وَضُرِبَتِ
السِّكَةُ وَالخُطْبَةُ بِاسمِ المَنْصُوْرِ، وَلَهُ
خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَقَامَ دَسْتُهُ بِالأُمَرَاءِ
المُعِزِّيَةِ غِلمَانِ وَالِدِهِ، فَكَانَتْ دَوْلَتُهُ
سَنَتَيْنِ وَنِصْفاً، وَدَهَمَ العَدُوُّ مَعَ
__________
(1) مشهد الحسين بن علي رضي الله عنهما، بكربلا. وسير من
المشهد قصيدة يمدح بها الخليفة ويتلطفه في رد وديعته فلم
ينفع ذلك.
(2) هي القصيدة اللامية المشهورة ومطلعها: إليك امتطينا
اليعملات رواسما * يجبن الفلا ما بين رضوى ويذبل
(*) تاريخ الإسلام، الورقة: 148 (أيا صوفيا 3013) في ترجمة
أبيه، وحوادث سنة 655 منه (الورقة: 210، ودول الإسلام: 2 /
120 والعبر: 5 / 222.
(23/381)
هُوْلاَكُو البِلاَدَ، فَبَايَعُوا قُطُزَ
بِالسَّلطَنَةِ، وَعَزَلُوا المَنْصُوْرَ فِي أَوَاخِرِ
سَنَةِ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ، فَلَمَّا قُتِلَ قُطُزُ
وَتَمَلَّكَ الظَّاهِرُ، نَفَى أَوْلاَدَ المُعِزِّ إِلَى
عِنْدِ الأَشْكرِيِّ فِي البَحْرِ، وَانقَضَتْ
أَيَّامُهُم.
وَاتَّفَقَ أَن فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ
رَأَوا شَابّاً عِنْد قَبْرِ المُعِزِّ يَبْكِي، فَأُحضِرَ
إِلَى السُّلْطَانِ، فَذَكَرَ أَنَّهُ قَليجَ قَانَ وَلَدَ
المُعِزِّ، وَأَنَّهُ قَدِمَ مِنَ القُسْطَنْطِيْنِيَّةِ
مِنْ سِتِّ سِنِيْنَ، وَأَنَّهُ يَتَوَكَّلُ لأَجنَاد،
فَسَجَنَهُ السُّلْطَانُ، فَبَقِي سَبْعَ سِنِيْنَ، حَتَّى
أَخْرَجَهُ المَلِكُ المَنْصُوْرُ، فَاتَّفَقَ رُؤْيَتِي
لَهُ بَعْدَ دَهْرٍ طَوِيْلٍ عِنْدَ قَاضِي القُضَاةِ
تَقِيِّ الدِّيْنِ (1) فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ
وَسَبْعِ مائَةٍ، فَرَأَيْتُهُ شَيْخاً جُندِيّاً جَلْداً
فَصِيحَ العِبَارَةِ حَافِظاً لِلْقُرْآنِ، فَذَكَرَ أَنَّ
لَهُ ابْناً شَيْخاً قَدْ نَيَّفَ عَلَى السِّتِّيْنَ،
وَقَالَ:
قَدْ وُلِدْتُ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ
مائَةٍ، وَتَنَصَّرَ أَخِي المَنْصُوْرُ بِبِلاَدِ
الأَشْكرِيِّ، وَتَأَخَّرَ إِلَى قَرِيْبِ سَنَةِ سَبْعٍ
مائَة، وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ نَصَارَى، نَعُوذُ بِاللهِ مِنَ
المَكْرِ!
قَالَ: وَجَاءنِي مِنْهُ كِتَابٌ فِيْهِ: أَخُوْهُ
مِيْخَائِيْلُ بنُ أَيْبَكَ، فَلَمْ أَقرَأْهُ.
قَالَ: وَلَبِستُ بِالفَقِيْرِيِّ مُدَّةً، وَحَضَرتُ
عِنْدَ المَلِكِ الأَشْرَفِ، فَسَأَلَنِي عَنْ لاَجِيْنَ
-يَعْنِي: الَّذِي تَسَلطَنَ- فَقُلْتُ: هُوَ عَلَى
مُلْكِي.
فَطَلَبَهُ، فَأَقَرَّ لِي بِالرِّقِّ، فَبِعتُهُ
لِلأَشْرَفِ بِخَمْسَةِ آلاَفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنَّهُ
سَارِقٌ آبِقٌ بِقَتْلِ أُسْتَاذِهِ.
قَالَ: وَوَرِثتُ بِالوَلاَءِ جَمَاعَةَ أُمَرَاءٍ مِنْ
غِلمَانِ أَبِي، وَاسْمِي قَلِيْج قَانَ، لَقَبُهُ سَيْفُ
الدِّيْنِ.
__________
(1) أحسبه يقصد: تقي الدين السبكي، لأنه تولى قضاء القضاة
في تلك السنة، انظر مقدمة تهذيب الكمال: 1 / 27.
(23/382)
تَمَّ الجُزْءُ الثَّالِثُ وَالعِشْرُوْنَ
مِنْ (سِيَرِ أَعْلاَمِ النُّبَلاءِ) لِلْشَيْخِ الإِمَامِ
العَالِمِ العَامِلِ الحُجَّةِ النَّاقِدِ البَارِعِ،
جَامِعِ أَشْتَاتِ الفُنُونِ، مُؤَرِّخِ الإِسْلامِ شَمْسِ
الدِّيْنِ أَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ
عُثْمَانَ الذَّهَبِيِّ، فَسَّحَ اللهُ فِي مُدَّتِهِ.
وَهِيَ أَوَّلُ نُسْخَةٍ نُسِخَتْ مِنْ خَطِّ المُصَنِّفِ،
وَقُوْبِلَتْ عَلَى حَسَبِ الإِمْكَانِ.
وَكَانَ الفَرَاغُ مِنْهُ لِلَيْلَتَيْنِ خَلَتَا مِنْ
شَهْرِ صَفَرٍ، سَنَةَ ثَلاثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسَبْعِ
مائَةٍ، وَالحَمْدُ للهِ وَحْدَهُ، وَصَلَوَاتُهُ عَلَى
مُحَمَّدٍ وَآلِهِ.
(23/383)
|