سير أعلام النبلاء، ط الحديث

المجلد الثالث
أبو عبيدة بن الجراح

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
وَبِهِ نَسْتَعِيْنُ
6- أَبُو عبيدة بن الجراح 1 "م، ق":
عامر بن عبد الله بن الجَرَّاحِ بنِ هِلاَلِ بنِ أُهَيْبِ بنِ ضَبَّةَ بنِ الحَارِثِ بنِ فِهْرِ بنِ مَالِكِ بنِ النَّضْرِ بنِ كِنَانَةَ بنِ خُزَيْمَةَ بنِ مُدْرِكَةَ بنِ إِلْيَاسَ بنِ مُضَرَ بنِ نِزَارِ بنِ مَعَدِّ بنِ عَدْنَانَ القُرَشِيُّ الفِهْرِيُّ المَكِّيُّ.
أَحَدُ السَّابِقِيْنَ الأَوَّلِيْنَ، وَمَنْ عَزَمَ الصِّدِّيْقُ عَلَى تَوْلِيَتِهِ الخلافة، وأشار به يوم السَّقِيْفَةِ2 لِكَمَالِ أَهْلِيَّتِهِ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ. يَجْتَمِعُ فِي النَّسَبِ هُوَ وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي فِهْرٍ. شَهِدَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالجَنَّةِ، وَسَمَّاهُ أَمِيْنَ الأُمَّةِ، وَمَنَاقِبُهُ شَهِيْرَةٌ جَمَّةٌ.
رَوَى أَحَادِيْثَ مَعْدُوْدَةً3، وَغَزَا غَزَوَاتٍ مَشْهُوْدَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ العِرْبَاضُ بنُ سَارِيَةَ وَجَابِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَأَبُو أُمَامَةَ البَاهِلِيُّ، وَسَمُرَةُ بنُ جُنْدَبٍ، وَأَسْلَمُ مَوْلَى عُمَرَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ غَنْمٍ، وَآخَرُوْنَ.
لَهُ فِي "صَحِيْحِ مُسْلِمٍ" حَدِيْثٌ وَاحِدٌ، وَلَهُ فِي "جَامِعِ أَبِي عِيْسَى" حَدِيْثٌ، وَفِي "مُسْنَدِ بَقِيّ" لَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ حَدِيْثاً.
الرِّوَايَةُ عَنْهُ: أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ التَّمِيْمِيُّ، قِرَاءةً عَلَيْهِ في سنة أربع وتسعين وستمائة، أَنْبَأَنَا أَبُو رَوْحٍ عَبْدُ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ البَزَّازُ، أَنْبَأَنَا تَمِيْمُ بنُ أَبِي سَعِيْدٍ أَبُو
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 409-415" و"7/ 384-385"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2942"، التاريخ الصغير "1/ 48"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1807" حلية الأولياء "1/ ترجمة 10" الإصابة "4400"، تاريخ الخميس "2/ 244" مسند أحمد "1/ 195-196"، الزهد لأحمد بن حنبل: 184، المستدرك "3/ 262-268" شذرات الذهب "1/ 29" تهذيب تاريخ دمشق "7/ 160-168".
2 حديث صحيح: أخرجه البخاري "6830" عن ابن عباس في حديث طويل: وقد خرجت حديث سقيفة بني ساعدة مرات عديدة في كتاب [منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة والقدرية] لابن تيمية رحمه الله. ط. دار الحديث.
3 أحاديثه في مسند أحمد بن حنبل "1/ 195-196"، وعددها اثنا عشر حديثا.

(3/5)


القَاسِمِ المَعَرِّيُّ، فِي رَجَبٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وخمسمائة بِهَرَاةَ، أَنْبَأَنَا أَبُو سَعْدٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُعَاوِيَةَ القُرَشِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ خَالِدٍ الحَذَّاءِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ شَقِيْقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ سُرَاقَةَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بنِ الجَرَّاحِ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يَقُوْلُ: "إنه لم يَكُنْ نَبِيٌّ بَعْدَ نُوْحٍ إلَّا وَقَدْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ الدَّجَّالَ وَإِنِّي أُنْذِرُكُمُوْهُ". فَوَصَفَهُ لَنَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَ: "لَعَلَّهُ سَيُدْرِكُهُ بَعْضُ مَنْ رَآنِي أَوْ سَمِعَ كَلاَمِي". قَالُوْا: يَا رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْكَ وَسَلَّمَ كَيْفَ قُلُوْبُنَا يَوْمَئِذٍ? أَمِثْلُهَا اليَوْمَ? قَالَ: "أَوْ خَيْرٌ"1.
أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ الجُمَحِيِّ، فَوَافَقْنَاهُ بِعُلُوٍّ، وَقَالَ: وَفِي البَابِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ بُسْرٍ وَغَيْرِهِ. وَهَذَا حَدِيْثٌ حَسَنٌ غَرِيْبٌ مِنْ حَدِيْثِ أَبِي عُبَيْدَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ فِي "الطَّبَقَاتِ" أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنِي ثَوْرُ بنُ يَزِيْدَ، عَنْ خَالِدِ بنِ مَعْدَانَ، عَنْ مَالِكِ بنِ يَخَامِرَ أَنَّهُ وَصَفَ أَبَا عُبَيْدَةَ، فَقَالَ: كَانَ رَجُلاً نَحِيْفاً مَعْرُوْقَ الوَجْهِ خَفِيْفَ اللِّحْيَةِ طُوَالاً أَحْنَى2، أَثْرَمَ3 الثَّنِيَّتَيْنِ4.
وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ صَالِحٍ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ رُوْمَانَ قَالَ: انْطَلَقَ ابْنُ مَظْعُوْنٍ وَعُبَيْدَةُ بنُ الحَارِثِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ، وَأَبُو سلمة بنُ عَبْدِ الأَسَدِ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ حَتَّى أَتَوْا رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَعَرَضَ عَلَيْهِمُ الإِسْلاَمَ، وَأَنْبَأَهُمْ بِشَرَائِعِهِ، فَأَسْلَمُوا فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ، وَذَلِكَ قَبْلَ دُخُوْلِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَارَ الأَرْقَمِ.
وَقَدْ شَهِدَ أَبُو عُبَيْدَةَ بَدْراً فَقَتَلَ يَوْمَئِذٍ أَبَاهُ، وَأَبْلَى يَوْمَ أُحُدٍ بَلاَءً حَسَناً وَنَزَعَ يومئذ
__________
1 ضعيف: أخرجه ابن أبي شيبة "15/ 135"، والبخاري في "التاريخ الكبير" تعليقا "5/ 97"، وأبو داود "4756"، والترمذي "2234"، وأبو يعلى "875" والحاكم "4/ 542-543"، وابن حبان "6778"، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" "594" من طريق حماد بن سلمة، أخبرنا خالد الحذاء، به.
قلت: إسناده ضعيف، فيه علتان: الأولى: جهالة عبد الله بن سراقة، فإنه لم يوثقه غير ابن حبان والعجلي، وهما معروفان بتوثيق المجاهيل والمجروحين.
الثانية: الانقطاع بين عبد الله بن سراقة وأبي عبيدة بن الجراح، فإنه لا يعرف له سماع منه، كما قال البخاري. فالحديث بهاتين العلتين ضعيف، والله تعالى أعلم.
2 رجل أحنى الظهر: أي في ظهره انحناء، والمرأة حنياء وحنواء، أي: في ظهرها احديداب.
3 أثر: انكسار الثنية.
4 ضعيف جدًّا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "3/ 414"، والحاكم "3/ 264" وآفته محمد بن عمر الواقدي، فإنه متروك.

(3/6)


الحَلْقَتَيْنِ اللَّتَيْنِ دَخَلَتَا مِنَ المِغْفَرِ فِي وَجْنَةِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من ضَرْبَةٍ أَصَابَتْهُ فَانْقَلَعَتْ ثَنِيَّتَاهُ، فَحَسُنَ ثَغْرُهُ بِذَهَابِهِمَا حتى قيل ما رؤي هَتْمٌ قَطُّ أَحْسَنُ مِنْ هَتْمِ أَبِي عُبَيْدَةَ1.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيْقُ وَقْتَ وَفَاةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِسَقِيْفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ: قَدْ رَضِيْتُ لَكُم أَحَدَ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ: عُمَرَ، وَأَبَا عُبَيْدَةَ.
قَالَ الزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ: قَدِ انْقَرَضَ نَسْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ، وَوَلَدُ إِخْوَتِهِ جَمِيْعاً، وَكَانَ مِمَّنْ هَاجَرَ إِلَى أَرْضِ الحَبَشَةِ. قَالَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ، وَالوَاقِدِيُّ2
قُلْتُ: إِنْ كَانَ هَاجَرَ إِلَيْهَا فَإِنَّهُ لَمْ يُطِلْ بِهَا اللَّبْثَ.
وَكَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْدُوْداً فِيْمَنْ جَمَعَ القُرْآنَ العَظِيْمَ.
قَالَ مُوْسَى بنُ عُقْبَةَ فِي "مَغَازِيْهِ": غَزْوَةُ عَمْرِو بنِ العَاصِ هِيَ غَزْوَةُ ذَاتِ السَّلاَسِلِ3 مِنْ مَشَارِفِ الشَّامِ، فَخَافَ عَمْرٌو مِنْ جانبه ذلك، فاستمد رسول اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَانْتَدَبَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ فِي سَرَاةٍ مِنَ المُهَاجِرِيْنَ فَأَمَّرَ نَبِيُّ اللهِ عَلَيْهِم أَبَا عُبَيْدَةَ، فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى عَمْرِو بنِ العَاصِ قَالَ: أَنَا أَمِيْرُكُم، فَقَالَ المُهَاجِرُوْنَ: بَلْ أَنْتَ أَمِيْرُ أَصْحَابِكَ، وَأَمِيْرُنَا أَبُو عُبَيْدَةَ، فَقَالَ عَمْرٌو: إِنَّمَا أَنْتُم مَدَدٌ أُمْدِدْتُ بِكُم. فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ، وَكَانَ رَجُلاً حَسَنَ الخُلُقِ، لَيِّنَ الشِّيْمَةِ، مُتَّبِعاً لأَمْرِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعَهْدِهِ فَسَلَّمَ الإِمَارَةَ لِعَمْرٍو.
وَثَبَتَ مِنْ وجوهٍ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِيْناً وَأَمِيْنُ هَذِهِ الأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ" 4.
__________
1 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "3/ 410"، وابن عبد البر في "الاستيعاب" "2/ 792"، والحافظ ابن حجر في "الإصابة" "4400"، والحاكم في "مستدركه" "3/ 266"، وابن هشام "3/ 35"، وقد أخرج البخاري ومسلم نحوه من طريق أبي قلابة عن أنس. والبخاري نحوه من حديث حذيفة.
والهتم: انكسار الثنايا من أصولها خاصة.
2 أخرجه الحاكم "3/ 266"، وابن سعد في "الطبقات" "3/ 410". وأورده ابن هشام في "السيرة" "1/ 231".
3 هذه الغزوة ذكرها ابن حجر في "الإصابة" "4400"، وابن جرير الطبري "3/ 21-32"، وابن هشام "4/ 481"، وابن كثير في "البداية" "5/ 208"، وابن الأثير في "الكامل في التاريخ" "2/ 232".
4 صحيح على شرط الشيخين: أخرجه أحمد "3/ 133، 189، 245، 281"، وابن سعد "3/ 412"، والبخاري "3744"، و"4382"، ومسلم "2419" "53"، والنسائي في "الفضائل" "96"، وابن سعد "3/ 412"، وأبو يعلى "2808"، وأبو نعيم "7/ 157" من طرق عن خَالِدٌ الحَذَّاءُ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ، عَنْ أَنَسٍ بن مالك مرفوعا، وأخرجه أحمد "3/ 125، 146، 175، 213، 286" ومسلم "2419" "54"، وابن سعد "3/ 411"، وأبو نعيم "7/ 157" من طريق ثابت عن أنس، به.

(3/7)


أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهُ، وَغَيْرُهُ إِجَازَةً قَالُوا: أَخْبَرَنَا حَنْبَلُ بنُ عَبْدِ اللهِ، أَنْبَأَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ بنُ المُذْهِبِ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ القَطِيْعِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو المُغِيْرَةِ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ، عَنْ شُرَيْحِ بنِ عُبَيْدٍ، وَرَاشِدِ بنِ سَعْدٍ وَغَيْرِهِمَا قَالُوا: لَمَّا بَلَغَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ سَرْغَ1، حُدِّثَ أَنَّ بِالشَّامِ وَبَاءً شَدِيْداً، فَقَالَ: إِنْ أَدْرَكَنِي أَجَلِي، وَأَبُو عُبَيْدَةَ حَيٌّ، اسْتَخْلَفْتُهُ، فَإِنْ سَأَلَنِي اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ: لِمَ اسْتَخْلَفْتَهُ عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ? قُلْتُ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: "إِنَّ لِكُلِّ أمةٍ أَمِيْناً وَأَمِيْنُ هَذِهِ الأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ" قَالَ: فَأَنْكَرَ القَوْمُ ذَلِكَ وَقَالُوا: مَا بَالُ عَلْيَاءِ قُرَيْشٍ? يَعْنُوْنَ بَنِي فِهْرٍ. ثُمَّ قَالَ: وَإِنْ أَدْرَكَنِي أَجَلِي، وَقَدْ تُوُفِّيَ أَبُو عُبَيْدَةَ، أَسْتَخْلِفْ مُعَاذَ بنَ جَبَلٍ، فَإِنْ سَأَلَنِي رَبِّي قُلْتُ: إِنِّي سَمِعْتُ نَبِيَّكَ يَقُوْلُ: "إِنَّهُ يُحْشَرُ يَوْمَ القِيَامَةِ بَيْنَ يَدَي العُلَمَاءِ برتوةٍ" 2.
__________
1 سرغ: بالغين المعجمة، وبالعين المهملة لغة فيه، وهو أول الحجاز وآخر الشام بين المغيثة وتبوك. وقال مالك بن أنس: هي قرية بوادي تبوك، وهناك لقي عمر بن الخطاب من أخبره بطاعون عمواس، كما في "معجم البلدان" "3/ 211".
2 حسن لغيره: أخرجه أحمد "1/ 18" من طريق صفوان، عن شريح بن عُبَيْدٍ، وَرَاشِدِ بنِ سَعْدٍ، وَغَيْرِهِمَا، قَالُوا: "لَمَّا بلغ عمر بن الخطاب سرغ...." فذكره.
قلت: إسناده ضعيف، رجاله ثقات بيد أن شريح بن عبيد وراشد بن سعد، لم يدركا عمر.
وأخرجه أحمد في "الفضائل" "1287"، وعمر بن شبة في "تاريخ المدينة" "3/ 886" من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن شهر بن حوشب قال: قال عمر ...
قلت: وإسناده ضعيف مثل سابقه للانقطاع بين شهر بن حوشب وعمر، فإنه لم يدركه، وأخرجه بنحوه مختصرا ابن سعد "3/ 413"، وأحمد في "الفضائل" "1285"، والحاكم "3/ 286" من طريق كثير بن هشام، عن جَعْفَرُ بنُ بُرْقَانَ، عَنْ ثَابِتِ بنِ الحَجَّاجِ، قال: بلغني أن عمر بن الخطاب قال: لو أدركت أبا عبيدة بن الجراح لاستخلفته وما شاورت فيه.... "
قلت: إسناده ضعيف أيضا للانقطاع بين ثابت بن الحجاج وعمر بن الخطاب.
وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" "3/ 418"، وعمر بن شبة في "تاريخ المدنية" "3/ 886" من طريق ضمرة بن ربيعة، عَنْ يَحْيَى بنِ أَبِي عَمْرٍو السَّيْبَانِيِّ، عَنْ العجفاء قال: قال عمر: فذكره، وله طرق أخرى عند ابن أبي شيبة "12/ 135"، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" "3/ 419" عن محمد بن عبد الله الثقفي مرفوعا.
وعند الطبراني في "الكبير" "20/ 41"، وأبي نعيم في "الحلية" "1/ 229" عن محمد بن كعب القرظي مرفوعا، وقوله: "برتوة": الرتوة كما في "النهاية": رمية سهم، وقيل: ميل، وقيل: مدى البصر.

(3/8)


وَرَوَى حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنِ الجُرَيْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ شَقِيْقٍ، عَنْ عَمْرِو بنِ العَاصِ قَالَ: قِيْلَ يَا رَسُوْلَ اللهِ! أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ? قَالَ: "عَائِشَةُ" قِيْلَ مِنَ الرِّجَالِ? قَالَ: "أَبُو بَكْرٍ" قِيْلَ: ثُمَّ مَنْ? قَالَ: "ثُمَّ أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ" 1.
كَذَا يَرْوِيْهِ حَمَّادٌ، وَخَالَفَهُ جَمَاعَةٌ فَرَوَوْهُ، عَنِ الجُرَيْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ أَيُّ أصحاب رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ أَحَبَّ إِلَيْهِ? قَالَتْ: أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ عمر ثم أبو عبيدة بن الجراح2.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المُعَدَّلُ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الفَقِيْهُ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي، أَنْبَأَنَا أَبُو الفَضْلِ بنُ خَيْرُوْنَ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ غَالِبٍ بِقِرَاءتِهِ عَلَى أَبِي العَبَّاسِ بنِ حَمْدَانَ حَدَّثَكُم مُحَمَّدُ بنُ أَيُّوْبَ، أَنْبَأَنَا أَبُو الوَلِيْدِ، أَنْبَأَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ سَمِعْتُ صِلَةَ بنَ زُفَرَ، عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِنِّي أَبْعَثُ إِلَيْكُم رَجُلاً أَمِيْناً" فَاسْتَشْرَفَ لَهَا أَصْحَابُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَبَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ بنَ الجَرَّاحِ.
اتَّفَقَا عَلَيْهِ مِنْ حَدِيْثِ شُعْبَةَ.
وَاتَّفَقَا مِنْ حَدِيْثِ خَالِدٍ الحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِيْنٌ، وَأَمِيْنُ هَذِهِ الأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ" 3.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ المُعَلِّمُ، أَنْبَأَنَا أَبُو القَاسِمِ بنُ رَوَاحَةَ، أَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِرٍ الحَافِظُ، أَنْبَأَنَا
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "3662"، 4358" من حديث عمرو بن العاص -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم بعثه على جيش ذات السلاسل، فأتيته فقلت: أي الناس أحب إليك؟ قال: $"عائشة"، فقلت: من الرجال؟ قال: "أبوها".
قلت: ثم من؟ قال: "ثم عمر بن الخطاب"، فعد رجالا، وقد خرج الحديث عدة مرات في كتاب "منهاج السنة النبوية في نقص كلام الشيعة والقدرية"، فراجعه ثم إن رمت زيادة.
2 صحيح على شرط الشيخين: أخرجه الطيالسي "412" والبخاري "3745"، "4381"، "7254"، ومسلم "2420" "55"، والنسائي في "الفضائل" "95"، وابن ماجه "135"، وابن سعد "3/ 412"، والبغوي "3929"، وأبو نعيم "7/ 175-176" من طرق عن شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ صِلَةَ بنِ زُفَرَ، عن حذيفة، به.
وأخرجه أحمد "5/ 385، 401"، وفي "الفضائل" له "1276"، وابن أبي شيبة "12/ 136"، والبخاري "4380"، ومسلم "2420" والترمذي "3796"، والنسائي "94"، وابن ماجة "135"، وابن سعد "3/ 412"، والحاكم "3/ 267" من طريق أبي إسحاق، به.
3 صحيح على شرط الشيخين: سبق تخريجنا له قبل صفحات بتعليق رقم "11" فراجعه ثم.

(3/9)


أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الصُّوْفِيُّ، وَأَبُو غَالِبٍ البَاقِلاَنِيُّ، وَجَمَاعَةٌ قَالُوا، أَنْبَأَنَا أَبُو القَاسِمِ بنُ بِشْرَانَ، أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الفَاكِهِيُّ بِمَكَّةَ، حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى بنُ أَبِي مَيْسَرَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ عِيْسَى الوَاسِطِيُّ، أَنْبَأَنَا يَحْيَى بنُ أَبِي زَكَرِيَّا، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُثْمَانَ بنِ خُثَيْمٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ كنت فِي الجَيْشِ الَّذِيْنَ مَعَ خَالِدٍ الَّذِيْنَ أَمَدَّ بِهِم أَبَا عُبَيْدَةَ وَهُوَ مُحَاصِرٌ دِمَشْقَ فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَيْهِم قَالَ لِخَالِدٍ تَقَدَّمْ فَصَلِّ فَأَنْتَ أَحَقُّ بِالإِمَامَةِ لأَنَّكَ جِئْتَ تَمُدُّنِي فَقَالَ خَالِدٌ مَا كُنْتُ لأَتَقَدَّمَ رَجُلاً سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: "لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِيْنٌ وَأَمِيْنُ هَذِهِ الأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ" 1.
أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ زَكَرِيَّا بنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ صِلَةَ، عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُسْقُفَا نَجْرَانَ العَاقِبُ وَالسَّيِّدُ فَقَالاَ ابْعَثْ مَعَنَا أَمِيْناً حَقَّ أَمِيْنٍ فَقَالَ: "لأَبْعَثَنَّ مَعَكُم رَجُلاً أَمِيْناً حَقَّ أمينٍ" فَاسْتَشْرَفَ لَهَا النَّاسُ فَقَالَ: "قُمْ يَا أَبَا عُبَيْدَةَ" فَأَرْسَلَهُ مَعَهُم.
قَالَ وَحَدَّثَنَا وَكِيْعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ نَحْوَهُ2.
التَّرْقُفِيُّ3 فِي جُزْئِهِ حَدَّثَنَا أَبُو المُغِيْرَةِ حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا أبو حسبة4 مسلم بن أكيس مولى بن كُرَيْزٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ: ذَكَرَ لِي من دَخَلَ عَلَيْهِ فَوَجَدَهُ يَبْكِي فَقَالَ: مَا يُبْكِيْكَ يَا أَبَا عُبَيْدَةَ? قَالَ: يُبْكِيْنِي أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَكَرَ يَوْماً مَا يَفْتَحُ اللهُ عَلَى المُسْلِمِيْنَ حَتَّى ذَكَرَ الشَّامَ فَقَالَ: "إِنْ نَسَأَ اللهُ فِي أَجَلِكَ فحسبك من الخدم
__________
1 صحيح لغيره: وهذا الإسناد ضعيف، آفته يحيى بن أبي زكريا.
وأخرجه الخطيب في "تاريخه" "7/ 281" من طريق سعيد بن أبي سليمان، عن أبي أمامة، عن عمر بن حمزة، عن سالم بن عبد الله، عن ابن عمر، به.
وأخرجه الخطيب في "تاريخه" "14/ 165" من طريق شعبة، عن أيوب وخالد، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، وأخرجه البخاري في "التاريخ الصغير" "1/ 40" من طريق مقدم بن محمد، عن القاسم بن يحيى، عن ابن خثيم. به. ويشهد له الحديث السابق بتعليقنا رقم "11"، "15"، "16".
2 صحيح على شرط الشيخين: سبق تخريجنا له في تعليقنا رقم "15".
3 هو عَبَّاسُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي عِيْسَى الواسطي، نزيل بغداد، المعروف بالترقفي بفتح المثناة، وسكون الراء وضم القاف بعدها فاء، نسبة إلى ترقف من أعمال واسط، وهو ثقة عابد، من الطبقة الحادية عشرة، وروى له ابن ماجه في "سننه".
4 هو مسلم بن أكيس، أو حسبة، شيخ لصفوان بن عمرو، قال الحافظ في "ميزان الاعتدال" "8481". مجهول.

(3/10)


ثَلاَثَةٌ: خَادِمٌ يَخْدُمُكَ، وَخَادِمٌ يُسَافِرُ مَعَكَ، وَخَادِمٌ يَخْدمُ أَهْلَكَ. وَحَسْبُكَ مِنَ الدَّوَابِّ ثَلاَثَةٌ: دَابَّةٌ لرحلك ودابة لثقلك ودابة لغلامك". ثم هأنذا أَنْظُرُ إِلَى بَيْتِي قَدِ امْتَلأَ رَقِيْقاً وَإِلَى مربطي قد قَدِ امْتَلأَ خَيْلاً فَكَيْفَ أَلْقَى رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعْدَهَا? وَقَدْ أَوْصَانَا: "إِنَّ أَحَبَّكُم إِلَيَّ وَأَقْرَبَكُمْ مِنِّي مَنْ لَقِيَنِي عَلَى مِثْلِ الحَالِ الَّتِي فَارَقْتُكُمْ عَلَيْهَا"1.
حَدِيْثٌ غَرِيْبٌ رَوَاهُ أَيْضاً: أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ، عَنْ أبي المغيرة.
وكيع بن الجراح حدثنا مُبَارَكُ بنُ فَضَالَةَ، عَنِ الحَسَنِ قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إلَّا لَوْ شِئْتُ لأَخَذْتُ عَلَيْهِ بَعْضَ خُلُقِهِ إلَّا أَبَا عُبَيْدَةَ"2 هَذَا مُرْسَلٌ.
وَكَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَوْصُوْفاً بِحُسْنِ الخُلُقِ، وَبِالحِلْمِ الزَائِدِ، وَالتَّوَاضُعِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: حَدَّثَنَا أحمد بن عبد الله، حدثنا بن عيينة، عن بن أَبِي نَجِيْحٍ قَالَ عُمَرُ لِجُلَسَائِهِ: تَمَنُّوْا، فَتَمَنَّوْا، فَقَالَ عُمَرُ: لَكِنِّي أَتَمَنَّى بَيْتاً مُمْتَلِئاً رِجَالاً مثل أبي عبيدة بن الجراح3.
__________
1 ضعيف: أخرجه أحمد "1/ 195-196" من طريق أبي المغيرة، حدثنا صفوان بن عمرو، به.
قلت: إسناده ضعيف، مسلم بن أكيس، قال أبو حاتم: مجهول، وروايته عن أبي عبيدة مرسلة. وأبو المغيرة، هو عبد القدوس بن الحجاج الخولاني.
2 ضعيف: أخرجه الحاكم "3/ 266" من طريق الهيثم بن جميل، حدثنا المبارك بن فضالة، عن الحسن مرفوعا، به،.
وقال الحاكم: هذا مرسل غريب ورواته ثقات. ووافقه الذهبي في "التلخيص" فقال: مرسل.
قلت: وهو كما قالا، فالإسناد ضعيف لإرساله.
3 حسن لغيره: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "3/ 413"، والحاكم "3/ 262" من طريق ابن أبي نجيح، قال: قال عمر: فذكره.
قلت: إسناده ضعيف، لانقطاعه بين ابن أبي نجيح وعمر بن الخطاب، فإنه لم يدركه، وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" "1/ 102"، والبخاري في "التاريخ الصغير" "1/ 54" في حديث طويل من طريق أبي عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقرئ، حدثنا حيوة، أخبرني أبو صخر: أن زيد بن أسلم، حدثه عن أبيه، عن عمر بن الخطاب أنه قال لأصحابه: تمنوا. فقال رجل: أتمنى لو أن لي هذه الدار مملوءة ذهبا أنفقه في سبيل الله، ثم قال: تمنوا، فقال رجل: أتمنى لو أنها مملوءة لؤلؤة وزبرجدا وجوهرا أنفقه في سبيل الله وأتصدق. ثم قال: تمنوا، فقالوا: ما ندري يا أمير المؤمنين. فقال عمر: أتمنى لو أن هذه الدار مملوءة رجالا مثل أبي عبيدة بن الجراح، واللفظ لأبي نعيم، وحديث البخاري أطول وأتم منه.
قلت: إسناده حسن، حميد بن زياد، أبو صخر، ابن أبي المخارق الخراط، صدوق كما قال الحافظ في "التقريب".

(3/11)


وَقَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ: قَالَ ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ يُوْنُسَ، عَنِ الحَسَنِ قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا مِنْ أَصْحَابِي أَحَدٌ إلَّا لَوْ شِئْتُ أَخَذْتُ عَليْهِ إلَّا أَبَا عُبَيْدَةَ"1.
وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عن أبي عبيدة قال: قال بن مَسْعُوْدٍ: أَخِلاَّئِي مِنْ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثَلاَثَةٌ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ2.
خَالَفَهُ غَيْرُهُ، فَفِي "الجَعْدِيَاتِ"، أَنْبَأَنَا زهير، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ فَذَكَرَهُ3.
قَالَ خَلِيْفَةُ بنُ خَيَّاطٍ: وَقَدْ كَانَ أَبُو بَكْرٍ وَلَّى أَبَا عُبَيْدَةَ بَيْتَ المَالِ4.
قُلْتُ يَعْنِي: أَمْوَالَ المُسْلِمِيْنَ، فَلَمْ يَكُنْ بَعْدُ عُمِلَ بَيْتُ مَالٍ، فَأَوَّلُ مِنِ اتَّخَذَهُ عُمَرُ.
قَالَ خَلِيْفَةُ: ثُمَّ وَجَّهَهُ أَبُو بَكْرٍ إِلَى الشَّامِ سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ أَمِيْراً، وَفِيْهَا استُخْلِفَ عُمَرُ، فَعَزَلَ خَالِدَ بنَ الوَلِيْدِ، وَوَلَّى أَبَا عُبَيْدَةَ5.
قَالَ القَاسِمُ بنُ يَزِيْدَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ زِيَادِ بنِ فَيَّاضٍ، عَنْ تَمِيْمِ بنِ سَلَمَةَ أَنَّ عُمَرَ لَقِي أَبَا عُبَيْدَةَ فَصَافَحَهُ وَقَبَّلَ يَدَهُ وَتَنَحَّيَا يبكيان6.
وقال بن المُبَارَكِ فِي "الجِهَادِ" لَهُ، عَنْ هِشَامِ بنِ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: بَلَغَ عُمَرَ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ حُصِرَ بِالشَّامِ، وَنَالَ مِنْهُ العَدُوُّ فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ مَا نَزَلَ بِعَبْدٍ مُؤْمِنٍ شِدَّةٌ، إلَّا جَعَلَ اللهُ بَعْدَهَا فَرَجاً، وَإِنَّهُ لاَ يَغْلِبُ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا} [آل عمران: 200] الآية.
__________
1 ضعيف: إسناده ضعيف لإرساله، فالحسن هو ابن يسار البصري.
2 ضعيف: أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُوْدٍ لم يسمع من أبيه، كما ذهب العلماء ونقله العلائي في "جامع التحصيل".
3 ضعيف: أخرجه الحاكم "3/ 262-263" من طريق سفيان، عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة قال: كان عبد الله يقول: كان أَخِلاَّئِي مِنْ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم ثلاثة ... " الأثر.
قلت: إسناده ضعيف لانقطاعه بين أَبِي عُبَيْدَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُوْدٍ، وأبيه، كما قال غير واحد من علماء الجرح.
4 ذكره خليفة بن خياط في "تاريخه" "ص123".
5 نقل الذهبي كلام خليفة بن خياط بالمعنى، وانظر "تاريخ خليفة" "ص119".
6 ضعيف: رجاله ثقات إلا أنه منقطع تميم بن سلمة الكوفي، من الثالثة، وهي الطبقة الوسطى من التابعين، فبينه وبين عمر بن الخطاب مفاوز وقفارات تنقطع دونها أعناق المطي. فالإسناد ضعيف للانقطاع.

(3/12)


قَالَ: فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَبُو عُبَيْدَةَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللهَ يَقُوْلُ {إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْو} إِلَى قَوْلِهِ: {مَتَاعُ الْغُرُورِ} [الحَدِيْدُ: 20] ، قَالَ فخرج عمر بِكِتَابِهِ فَقَرَأَهُ عَلَى المِنْبَرِ فَقَالَ يَا أَهْلَ المَدِيْنَةِ! إِنَّمَا يُعَرِّضُ بِكُم أَبُو عُبَيْدَةَ أَوْ بِي ارْغَبُوا فِي الجِهَادِ1.
ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ؛، عَنْ هِشَامِ بنِ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدٍ، عَنْ أَبِيْهِ قَالَ بَلَغَنِي أَنَّ مُعَاذاً سَمِعَ رَجُلاً يَقُوْلُ لَوْ كَانَ خَالدُ بنُ الوَلِيْدِ مَا كَانَ بِالنَّاسِ دَوْكٍ2، وَذَلِكَ فِي حَصْرِ أَبِي عُبَيْدَةَ فَقَالَ مُعَاذٌ فَإِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ تَضْطَرُّ المُعْجِزَةُ لاَ أَبَا لَكَ! وَاللهِ إِنَّهُ لَخَيْرُ مَنْ بَقِيَ عَلَى الأَرْضِ.
رَوَاهُ البُخَارِيُّ فِي "تَارِيْخِهِ" وَابْنُ سَعْدٍ3.
وَفِي "الزُّهْدِ" لابْنِ المُبَارَكِ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ قَالَ قَدِمَ عُمَرُ الشَّامَ فَتَلَقَّاهُ الأُمَرَاءُ وَالعُظَمَاءُ فَقَالَ أَيْنَ أَخِي أَبُو عُبَيْدَةَ? قَالُوا: يَأْتِيْكَ الآنَ، قَالَ: فَجَاءَ عَلَى نَاقَةٍ مَخْطُوْمَةٍ بِحَبْلٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ لِلنَّاسِ انْصَرِفُوا عَنَّا فَسَارَ مَعَهُ حَتَّى أَتَى مَنْزِلَهُ فَنَزَلَ فيه فَلَمْ يَرَ فِي بَيْتِهِ إلَّا سَيْفَهُ وَتُرْسَهُ وَرَحْلَهُ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: لَوِ اتَّخَذْتَ مَتَاعاً أو قال شيئًا فقال يا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! إِنَّ هَذَا سَيُبَلِّغُنَا المَقِيْلَ4.
ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ بن عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ حِيْنَ قَدِمَ الشَّامَ قَالَ لأَبِي عُبَيْدَةَ اذْهَبْ بِنَا إِلَى مَنْزِلِكَ قَالَ وَمَا تَصْنَعُ عِنْدِي? مَا تُرِيْدُ إلَّا أَنْ تُعَصِّرَ عَيْنَيْكَ عَلَيَّ قَالَ فَدَخَلَ فَلَمْ يَرَ شَيْئاً قَالَ أَيْنَ مَتَاعُكَ? لاَ أَرَى إلَّا لِبْداً وَصَحْفَةً وَشَنّاً وَأَنْتَ أَمِيْرٌ أَعِنْدَكَ طَعَامٌ? فَقَامَ أَبُو عُبَيْدَةَ إِلَى جَوْنَةٍ فَأَخَذَ مِنْهَا كُسَيْرَاتٍ فَبَكَى عُمَرُ فَقَالَ لَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ: قَدْ قُلْتُ لَكَ: إِنَّكَ سَتَعْصِرُ عَيْنَيْكَ عَلَيَّ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ يَكْفِيْكَ مَا يُبَلِّغُكَ المَقِيْل قَالَ عُمَرُ غَيَّرَتْنَا الدُّنْيَا كُلَّنَا غَيْرَكَ يَا أبا عبيدة 5.
__________
1 حسن: إسناده حسن، هشام بن سعد المدني، أبو عباد، أو أبو سعد، صدوق له أوهام.
2 الدوك، الاختلاط. وقع القوم في دَوكة ودُوكة وبُوح أي وقعوا في اختلاط من أمرهم وخصومة وشر وجمع الدوكة دوك وديك. وباتوا يدوكون دوكا إذا باتوا في اختلاط ودوران. وتداوك القوم أي تضايقوا في حرب أو شر. قاله ابن منظور في "اللسان".
3 أخرجه البخاري في "التاريخ الصغير" "1/ 58" وابن سعد في "الطبقات" "3/ 413-414".
4 ضعيف: أخرجه عبد الرزاق "11/ 20628"، وأبو نعيم في "الحلية" "1/ 101-102"، والزهد لأحمد بن حنبل "ص184"، وابن حجر في "الإصابة" "4400" من طريق مَعْمَرٌ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ به.
قلت: إسناده ضعيف لانقطاعه، حديث عروة بن الزبير، عن عمر مرسل كما قال أبو حاتم، وأبو زرعة.
5 ضعيف: آفته عبد الله بن عمر، وهو عبد اللهِ بنُ عُمَرَ بنِ حَفْصُ بنُ عَاصِمِ بنِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ، أبو عبد الرحمن العمري المدني، ضعيف كما قال الحافظ في "التقريب".

(3/13)


أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي "سُنَنِهِ" مِنْ طَرِيْقِ ابْنِ الأَعْرَابِيِّ.
وَهَذَا وَاللهِ هُوَ الزُّهْدُ الخَالِصُ، لاَ زُهْدُ مَنْ كَانَ فَقِيْراً مُعْدِماً.
مَعْنُ بنُ عِيْسَى، عَنْ مَالِكٍ أَنَّ عُمَرَ أَرْسَلَ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ بِأَرْبَعَةِ آلاَفٍ أَوْ بِأَرْبَعِ مئة دِيْنَارٍ وَقَالَ لِلرَّسُوْلِ انْظُرْ مَا يَصْنَعُ بِهَا قَالَ فَقَسَّمَهَا أَبُو عُبَيْدَةَ ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى مُعَاذٍ بِمِثْلِهَا قَالَ فَقَسَّمَهَا إلَّا شَيْئاً قَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ نَحْتَاجُ إِلَيْهِ فَلَمَّا أَخْبَرَ الرَّسُوْلُ عُمَرَ قَالَ الحَمْدُ للهِ الَّذِي جَعَلَ فِي الإسلام من يصنع هَذَا1.
الفَسَوِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، عَنْ جَرِيْرِ بنِ عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي الحَسَنِ عِمْرَانَ بنِ نِمْرَانَ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ كَانَ يَسِيْرُ فِي العَسْكَرِ فَيَقُوْلُ" إلَّا رُبَّ مُبَيِّضٍ لِثِيَابِهِ مُدَنِّسٍ لِدِيْنِهِ! إلَّا رُبَّ مُكْرِمٍ لِنَفْسِهِ وَهُوَ لَهَا مُهِيْنٌ! بَادِرُوا السَّيِّئَاتِ القَدِيْمَاتِ بِالحَسَنَاتِ الحَدِيْثَاتِ2.
وَقَالَ ثَابِتٌ البُنَانِيُّ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي امْرُؤٌ مِنْ قُرَيْشٍ وَمَا مِنْكُم مِنْ أَحْمَرَ وَلاَ أَسْوَدَ يَفْضُلُنِي بِتَقْوَى إلَّا وَدِدْتُ أَنِّي فِي مِسْلاَخِهِ3.
مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ وَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ كَبْشاً فَيَذْبَحُنِي أَهْلِي فَيَأْكُلُوْنَ لَحْمِي ويَحْسُوْنَ مَرَقِي.
وَقَالَ عِمْرَانُ بنُ حُصَيْنٍ: وَدِدْتُ أَنِّي رَمَادٌ تَسْفِيْنِي الرِّيْحُ.
شُعْبَةُ:، عَنْ قَيْسِ بنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقٍ أَنَّ عُمَرَ كَتَبَ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ فِي الطَّاعُوْنِ إِنَّهُ قَدْ عَرَضَتْ لِي حَاجَةٌ وَلاَ غِنَى بِي عَنْكَ فِيْهَا فَعَجِّلْ إِلَيَّ فَلَمَّا قَرَأَ الكِتَابَ قَالَ: عَرَفْتُ حَاجَةَ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ إِنَّهُ يُرِيْدُ أَنْ يَسْتَبْقِيَ مَنْ لَيْسَ بِبَاقٍ فَكَتَبَ إِنِّي قَدْ عَرَفْتُ حَاجَتَكَ فَحَلِّلْنِي مِنْ عَزِيْمَتك فَإِنِّي فِي جُنْدٍ مِنْ أَجْنَادِ المُسْلِمِيْنَ لاَ أَرْغَبُ بِنَفْسِي عَنْهُم فَلَمَّا قَرَأَ عُمَرُ الكِتَابَ بَكَى فَقِيْلَ لَهُ مَاتَ أَبُو عُبَيْدَةَ? قَالَ لاَ وَكَأَنْ قَدْ4.
__________
1 ذكره ابن سعد في "الطبقات" "3/ 413".
2 ذكره الفسوي في "المعرفة والتاريخ" "2/ 427-428"، وأبو نعيم في "الحلية" "1/ 102"، والحافظ في "الإصابة" "2/ 254"، وقال الحافظ ابن حجر: سنده مرسل.
3 أخرجه ابن سعد "3/ 412-413"، وأبو نعيم في "الحلية" "1/ 101"، وابن حجر في "الإصابة" "2/ ترجمة 4400".
4 صحيح: أخرجه الحاكم "3/ 263" من طريق الحميدي، حدثنا سفيان، عن أيوب بن عائذ الطائي، عن قَيْسِ بنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بنِ شِهَابٍ، به بأطول مما ذكره المصنف هنا.
وقال الحاكم في إثره: رواة هذا الحديث كلهم ثقات وهو عجيب بمرة، وتعقبه الذهبي بقوله في "المختصر"، قلت: هو على شرط البخاري ومسلم.

(3/14)


قَالَ: فَتُوُفِّيَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَانْكَشَفَ الطَّاعُوْنُ.
قَالَ أَبُو المُوَجِّهِ مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو المَرْوَزِيُّ: زَعَمُوا أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ كَانَ فِي سِتَّةٍ وَثَلاَثِيْنَ أَلْفاً مِنَ الجُنْدِ فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُم إلَّا سِتَّةُ آلاَفِ رَجُلٍ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ، عَنْ أَبِي رَوْحٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو سَعْدٍ، أنبأنا بن حَمْدَانَ، أَنْبَأَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَسْمَاءَ، حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بنُ مَيْمُوْنٍ، حَدَّثَنَا وَاصِلٌ مَوْلَى أَبِي عُيَيْنَةَ، عَنِ بن أَبِي سَيْفٍ المَخْزُوْمِيِّ، عَنِ الوَلِيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ شَامِيٌّ فَقِيْهٌ، عَنْ عِيَاضِ بنِ غُطَيْفٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عُبَيْدَةَ بنِ الجَرَّاحِ فِي مَرَضِهِ وَامْرَأَتُهُ تُحَيْفَةُ جَالِسَةٌ عِنْدَ رَأْسِهِ وَهُوَ مُقْبِلٌ بِوَجْهِهِ عَلَى الجِدَارِ فَقُلْتُ: كَيْفَ بَاتَ أَبُو عُبَيْدَةَ? قَالَتْ بَاتَ بِأَجْرٍ فَقَالَ: إِنِّي وَاللهِ مَا بتُّ! بِأَجْرٍ فَكَأَنَّ القَوْمَ سَاءهُمْ فَقَالَ إلَّا تَسْأَلُوْنِي عَمَّا قُلْتُ? قَالُوا: إِنَّا لَمْ يُعْجِبْنَا مَا قُلْتَ فَكَيْفَ نَسْأَلُكَ? قَالَ إِنِّيْ سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: "مَنْ أَنْفَقَ نَفَقَةً فَاضِلَةً فِي سَبِيْلِ اللهِ فَبِسَبْعِ مَائَةٍ وَمَنْ أَنْفَقَ عَلَى عِيَالِهِ أَوْ عَادَ مَرِيْضاً أَوْ مَاز أذى فالحسنة بعشر أمثالها والصوم جُنَّةٌ مَا لَمْ يَخْرِقْهَا وَمَنِ ابْتَلاَهُ اللهُ بِبَلاَءٍ فِي جَسَدِهِ فَهُوَ لَهُ حِطَّةٌ" 1.
أَنْبَأَنَا جَمَاعَةٌ قَالُوا، أَنْبَأَنَا ابْنُ طَبَرْزَدَ، أَنْبَأَنَا ابْنُ الحُصَيْنِ، أَنْبَأَنَا ابْنُ غَيْلاَنَ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبَانٍ الوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنِي جَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ، حَدَّثَنِي بَشَّارُ بنُ أَبِي سَيْفٍ، حَدَّثَنِي الوليد بن عبد الرحمن، عن عياض بن غطيف قال:
__________
1 حسن: أخرجه أحمد "1/ 195"، والدارمي "2763"، والبخاري في "التاريخ الكبير" "7/ 21"، والنسائي "4/ 167"، وابن أبي عاصم في "الجهاد" "73، 74"، وأبو يعلى "878"، والدولابي في "الأسماء والكنى" "1/ 12"، والبيهقي في "السنن" "9/ 171-172"، وفي "شعب الإيمان" "4271" من طريق واصل مولى أبي عيينة، عن بشار بن أبي سيف الجرمي، عن الوليد بن عبد الرحمن الجرشي، به.
قلت: إسناده حسن، بشار بن أبي سيف الجرمي، روى عنه اثنان، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وباقي رجاله ثقات.
قوله: ماز بالزاي: أي أماط وأزال.
وقوله: حطة: أي تحط عنه خطاياه وذنوبه، وهي فعلة من حط الشيء يحطه: إذا أنزله وألقاه، كذا قال ابن الأثير في "النهاية" "1/ 402".

(3/15)


مَرِضَ أَبُو عُبَيْدَةَ، فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ نَعُوْدُهُ، فَقَالَ: سَمِعتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: "الصِّيَامُ جُنَّةٌ مَا لَمْ يَخْرِقْهَا" 1.
وَقَدِ اسْتَعْمَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبَا عُبَيْدَةَ غَيْرَ مَرَّةٍ، مِنْهَا المَرَّةُ الَّتِي جَاعَ فيها عسكره وكانوا ثلاث مئة فَأَلْقَى لَهُمُ البَحْرُ الحُوْتَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ: العَنْبَرُ، فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ ميتَةٌ، ثُمَّ قَالَ: لاَ نَحْنُ رُسُلُ رَسُوْلِ اللهِ وَفِي سَبِيْلِ اللهِ فَكُلُوا ... وَذَكَرَ الحَدِيْثَ وَهُوَ فِي "الصَّحِيْحَيْنِ"2.
وَلَمَّا تَفَرَّغَ الصِّدِّيْقُ مِنْ حَرْبِ أَهْل الرِّدَّةِ، وَحَرْبِ مُسَيْلِمَةَ الكَذَّابِ، جَهَّزَ أُمَرَاءَ الأَجْنَادِ لِفَتْحِ الشَّامِ فَبَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ، وَيَزِيْدَ بنَ أَبِي سُفْيَانَ، وَعَمْرَو بنَ العَاصِ، وَشُرَحْبِيْلَ بنَ حَسَنَةَ، فَتَمَّتْ وَقْعَةُ أَجْنَادِيْنَ3 بِقُرْبِ الرَّمْلَةِ، وَنَصَرَ اللهُ المُؤْمِنِيْنَ، فَجَاءتِ البُشْرَى، وَالصِّدِّيْقُ فِي مَرَضِ المَوْتِ، ثُمَّ كَانَتْ وَقْعَةُ فِحْلٍ4، وَوَقْعَةُ مَرْجِ الصُفَّرِ5، وكان قد سير
__________
1 حسن: أخرجه أحمد "1/ 196" من طريق يزيد بن هارون، أنبأنا هشام، عن واصل، عن الوليد بن عبد الرحمن، عن عياض بن غطيف قال: فذكره.
قلت: إسناده حسن، إن كان واصل مولى أبي عيينة سمعه من الوليد بن عبد الرحمن فإنه يروي هذا الحديث عن بشار بن أبي سيف، عن الوليد بن عبد الرحمن كما في الحديث السابق، وهو شاهد له.
2 صحيح على شرط الشيخين: أخرجه مالك "2/ 930"، ومن طريقه أخرجه البخاري "2483"، "4360"، ومسلم "1935" "21"، والبيهقي "9/ 252"، والبغوي "2806" من طريقه عن أبي نعيم وهب بن كيسان، عن جابر بن عبد الله، رضي الله عنه- أنه قَالَ: "بَعَثَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعثا قبل الساحل، فأمر عليهم أبا عبيدة بن الجراح، وهم ثلاثمائة وأنا فيهم، فخرجنا، حتى إذا كنا ببعض الطريق فني الزاد، فأمر أبو عبيدة بأزواد ذلك الجيش فجمع ذلك كله، فكان مزودي تمر، فكان يقوتناه كل يوم قليلا قليلا حتى فني، فلم يكن يُصيبنا إلا تمرة تمرة، فقلت: وما يُغني تمرة؟ فقال: لقد وجدنا فقدها حين فنيت. قال: ثم انتهينا إلى البحر، فإذا حوت مثل الظرب: وما يغني تمرة؟ فقال: لقد وجدنا فقدها حين فنيت. قال: ثم انتهينا إلى البحر، فإذا حوت مثل الظرب، فأكل منه ذلك الجيش ثماني عشرة ليلة، ثم أمر أبو عبيدة بضلعين من أضلاعه فنصبا، ثم أمر براحلة فرحلت، ثم مرت تحتهما، فلم تصبهما".
وأخرجه عبد الرزاق "8666" والبخاري "2938"، ومسلم "1935" "20"، والترمذي "2475"، والنسائي "7/ 207"، والبيهقي "9/ 252"، والبغوي "2805" من طريقين عن وهب بن كيسان به. وقال الترمذي: صحيح. والظرب: الجبل الصغير.
3 ذكرها ابن جرير الطبري "7/ 417-419" وابن الأثير في "الكامل" "2/ 498-500"، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" "1/ 478".
4 ذكرها الطبري في "تاريخه" "3/ 433-443"، وابن الأثير في "الكامل في التاريخ" "2/ 429"، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" "1/ 478". وفحل هي بكسر الفاء وسكون الحاء كما في "معجم البلدان" لياقوت.
5 مرح الصفر: بضم الصاد وتشديد الفاء: موضع بغوطة دمشق، كان به وقعة للمسلمين مع الروم. راجع تاريخ الطبري "3/ 391-410"، والكامل في "التاريخ" لابن الأثير "2/ 427".

(3/16)


أَبُو بَكْرٍ خَالِداً لِغَزْوِ العِرَاقِ ثُمَّ بَعَثَ إِلَيْهِ لِيُنْجِدَ مَنْ بِالشَّامِ فَقَطَعَ المَفَاوِزَ عَلَى بَرِّيَّةِ السَّمَاوَةِ فَأَمَّرُهُ الصِّدِّيْقُ عَلَى الأُمَرَاءِ كُلِّهِم وَحَاصَرُوا دِمَشْقَ وَتُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ فَبَادَرَ عُمَرُ بِعَزْلِ خَالِدٍ وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الكُلِّ أَبَا عُبَيْدَةَ فَجَاءهُ التَّقْلِيْدُ فَكَتَمَهُ مُدَّةً وَكُلُّ هَذَا مِنْ دِيْنِهِ وِلِيْنِهِ وَحِلْمِهِ فَكَانَ فَتْحُ دِمَشْقَ عَلَى يده فعند ذلك أظهر التقليد ليعقد الصُّلْحَ لِلرُّوْمِ فَفَتَحُوا لَهُ بَابَ الجَابِيَةِ صُلْحاً وَإِذَا بِخَالِدٍ قَدِ افْتَتَحَ البَلَدَ عَنْوَةً مِنَ البَابِ الشَّرْقِيِّ فَأَمْضَى لَهُم أَبُو عُبَيْدَةَ الصُّلْحَ.
فَعَنِ المُغِيْرَةِ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ صَالَحَهُم عَلَى أَنْصَافِ كَنَائِسِهِم وَمَنَازِلَهِم ثُمَّ كَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ رَأْسَ الإِسْلاَمِ يَوْمَ وَقْعَةِ اليَرْمُوْكِ الَّتِي اسْتَأْصَلَ اللهُ فِيْهَا جُيُوْشَ الرُّوْمِ وَقُتِلَ مِنْهُم خَلْقٌ عظيم.
روى بن المُبَارَكِ فِي الزُّهْدِ لَهُ قَالَ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ بَهْرَامَ، عَنْ شَهْرِ بنِ حَوْشَبٍ قَالَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ غَنْمٍ، عَنْ حَدِيْثِ الحَارِثِ بنِ عُمَيْرَةَ قَالَ أَخَذَ بِيَدِي مُعَاذُ بنُ جَبَلٍ فَأَرْسَلَهُ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ فَسَأَلَهُ كَيْفَ هُوَ! وَقَدْ طُعِنَّا فَأَرَاهُ أَبُو عُبَيْدَةَ طَعْنَةً خَرَجَتْ فِي كَفِّهِ فَتَكَاثَرَ شَأْنُهَا فِي نَفْسِ الحَارِثِ وَفَرَقَ مِنْهَا حِيْنَ رَآهَا فَأَقْسَمَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِاللهِ مَا يُحِبُّ أَنَّ لَهُ مَكَانَهَا حُمْرَ النَّعَمِ1.
وَعَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ وَجَعَ عَمَوَاسَ كَانَ مُعَافَىً مِنْهُ أَبُو عُبَيْدَةَ وَأَهْلُهُ فَقَالَ اللَّهُمَّ نَصِيْبَكَ فِي آلِ أَبِي عُبَيْدَةَ! قَالَ فَخَرَجْتُ بِأَبِي عُبَيْدَةَ في خنصره بثرة فجعل ينظر
__________
1 حسن لغيره: أخرجه ابن المبارك في "الزهد" "883"، والحاكم "3/ 263"، والطبراني في "الكبير" "364" من طريق عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ بَهْرَامَ، عَنْ شَهْرِ بنِ حوشب، به.
قلت: إسناده ضعيف، فيه شهر بن حوشب، ليس بالقوي كما قال النسائي وابن عدي، وغيرهما. وقال الحافظ في "التقريب": كثير الإرسال والأوهام. وعبد الحميد بهرام، صدوق.
وله شاهد عند أحمد "5/ 241" من طريق أبي أحمد الزبيري، حدثنا مسرة بن مَعْبَدٍ، عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ قَالَ: قَالَ مُعَاذُ بنُ جَبَلٍ سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُوْلُ: "سَتُهَاجِرُوْنَ إِلَى الشام فيفتح لكم ويكون فيكم داء كالدمل أو كالحرة يأخذ بمراق الرجل يستشهد الله به أنفسهم ويزكي به أعمالهم. اللهم إن كنت تعلم أن معاد بن جبل سَمِعَهُ مِنْ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْطِهِ هُوَ وَأَهْلَ بَيْتِهِ الحَظَّ الأَوْفَرَ مِنْهُ" فَأَصَابَهُمُ الطَّاعُوْنُ فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُم أَحَدٌ فَطُعِنَ فِي أُصْبُعِهِ السَّبَّابَةِ فَكَانَ يَقُوْلُ: مَا يسرني أن لي بها حمر النعم".
قلت: إسناده ضعيف، إسماعيل بن عبيد الله لم يدرك معاذا، فبينهما مفاوز تنقطع دونها أعناق المطي، فهو من الطبقة الرابعة، وجل روايتهم عن كبار التابعين.
أما مسرة بن معبد اللخمي، فهو صدوق. وأبو أحمد الزبيري، هو محمد بن عبد الله بن الزبير بن عمرو الأسدي الكوفي، ثقة ثبت.

(3/17)


إِلَيْهَا فَقِيْلَ لَهُ إِنَّهَا لَيْسَتْ بِشَيْءٍ. فَقَالَ: أَرْجُو أَنْ يُبَارِكَ اللهُ فِيْهَا فَإِنَّهُ إِذَا بَارَكَ فِي القَلِيْلِ، كَانَ كَثِيْراً1.
الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ صَالِحِ بنِ أَبِي المُخَارِقِ قَالَ انْطَلَقَ أَبُو عُبَيْدَةَ مِنَ الجَابِيَةِ إِلَى بَيْتَ المَقْدِسِ للصلاة فَاسْتَخْلَفَ عَلَى النَّاسِ مُعَاذَ بنَ جَبَلٍ2.
قَالَ الوَلِيْدُ فَحَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ عُرْوَةَ بنَ رُوَيْمٍ، قَالَ: فَأَدْرَكَهُ أَجَلُهُ بِفِحْلٍ فَتُوُفِّيَ بِهَا بِقُرْبِ بَيْسَانَ3.
طَاعُوْنُ عَمَوَاسَ: مَنْسُوْبٌ إِلَى قَرْيَةِ عَمَوَاسَ وَهِيَ بَيْنَ الرَّمْلَةِ وَبَيْنَ بَيْتِ المَقْدِسِ، وَأَمَّا الأَصْمَعِيُّ فَقَالَ هُوَ مِنْ قَوْلِهِم زَمَنَ الطَّاعُوْنِ: عَمَّ، وَآسَى.
قَالَ أَبُو حَفْصٍ الفَلاَّسُ: تُوُفِّيَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي سَنَةِ ثَمَانِ عَشْرَةَ، وَلَهُ ثَمَانٌ وَخَمْسُوْنَ سَنَةً، وَكَانَ يَخْضِبُ بِالحِنَّاءِ، وَالكَتَمِ4 وَكَانَ لَهُ عَقِيْصَتَانِ وَقَالَ كَذَلِكَ فِي وَفَاتِهِ جماعة وانفرد بن عَائِذٍ، عَنْ أَبِي مُسْهِرٍ أَنَّهُ قَرَأَ فِي كِتَابِ يَزِيْدَ بنِ عُبَيْدَةَ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ توفي سنة سبع عشرة.
__________
1 ضعيف: لانقطاعه، عروة بن الزبير لم يدرك أبا عبيدة عامر بن عبد الله بن الجراح رضي الله عنه.
2، 3 ذكر هذين الأثرين الحافظ في "الإصابة" "2/ ترجمة رقم 4400" في آخرها.
4 الكتم: هو نبت يخلط مع الوسمة، ويصبغ به الشعر الأسود وقيل هو الوسمة. وهو دهن أحمر، يجعل فيه الزعفران، والحناء إذا خضب به مع الكتم جاء أسود. وقد صح النهي عن السواد.

(3/18)


7- طلحة بن عبيد الله 1: "ع"
بن عثمان بنِ عَمْرِو بنِ كَعْبِ بنِ سَعْدِ بنِ تَيْمِ بنِ مُرَّةَ بنِ كَعْبِ بنِ لُؤَيِّ بنِ غَالِبِ بنِ فِهْرِ بنِ مَالِكِ بنِ النَّضْرِ بنِ كِنَانَةَ القُرَشِيُّ، التَّيْمِيُّ، المكي، أبو محمد،
أَحَدُ العَشَرَةِ المَشْهُوْدِ لَهُم بِالجَنَّةِ، لَهُ عِدَّةُ أَحَادِيْثَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَهُ فِي "مُسْنَدِ بَقِيِّ بنِ مَخْلَدٍ" بِالمُكَرَّرِ ثمانية وثلاثون حديثًا.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 214-225"، تاريخ خليفة "63"، "180-186"، وطبقات خليفة "18"، "189" ومصنف ابن أبي شيبة "13/ 15781"، ومسند أحمد "1/ 160"، وتاريخ البخاري الكبير "4/ ترجمة رقم 3069" وتاريخه الصغير "1/ 69، 75، 78، 83، 84، 88، 169"، والجرح والتعديل "4/ ترجمة 2072"، والإصابة "2/ ترجمة رقم 4266"، والاستيعاب "2/ 764"، والكاشف "2/ ترجمة رقم 2496" والعبر "2/ 105"، تهذيب الكمال "13/ ترجمة رقم 2975"، تهذيب التهذيب "5/ 20" تقريب التهذيب "1/ 379"، شذرات الذهب "1/ 42، 43، 56".

(3/18)


لَهُ حَدِيْثَانِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا، وَانْفَرَدَ لَهُ البُخَارِيُّ بِحَدِيْثَيْنِ، وَمُسْلِمٌ بِثَلاَثَةِ أَحَادِيْثَ.
حَدَّثَ عَنْهُ بَنُوْهُ: يَحْيَى وَمُوْسَى وَعِيْسَى وَالسَّائِبُ بنُ يَزِيْدَ وَمَالِكُ بنُ أَوْسِ بنِ الحَدَثَانِ وَأَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ وَقَيْسُ بنُ أَبِي حَازِمٍ وَمَالِكُ بنُ أَبِي عَامِرٍ الأَصْبَحِيُّ، وَالأَحْنَفُ بنُ قَيْسٍ التَّمِيْمِيُّ، وَأَبُو سَلَمَةَ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَةَ: كَانَ رَجُلاً آَدَمَ، كَثِيْرَ الشَّعْرِ، لَيْسَ بِالجَعْدِ القَطَطِ، وَلاَ بِالسَّبْطِ، حَسَنَ الوَجْهِ، إِذَا مَشَى أَسْرَعَ، وَلاَ يُغَيِّرُ شَعْرَهُ1.
وَقَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ المُنْذِرِ الحِزَامِيُّ، عَنْ عبد العزيز بن عمران، حدثني إِسْحَاقُ بنُ يَحْيَى، حَدَّثَنِي مُوْسَى بنُ طَلْحَةَ قَالَ كَانَ أَبِي أَبْيَضَ يَضْربُ إِلَى الحُمْرَةِ مَرْبُوْعاً إِلَى القِصَرِ هُوَ أَقْرَبُ، رَحْبَ الصَّدْرِ، بَعِيْدَ مَا بَيْنَ المَنْكِبَيْنِ، ضَخْمَ القَدَمَيْنِ إِذَا الْتَفَتَ الْتَفَتَ جَمِيْعاً2.
قُلْتُ: كَانَ مِمَّنْ سَبَقَ إِلَى الإِسْلاَمِ وَأُوْذِيَ فِي اللهِ ثُمَّ هَاجَرَ فَاتَّفَقَ أَنَّهُ غَابَ، عَنْ وَقْعَة بَدْرٍ فِي تِجَارَةٍ لَهُ بِالشَّامِ وَتَأَلَّمَ لِغَيْبَتِهِ، فَضَرَبَ لَهُ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِسَهْمِهِ، وأجره3.
__________
1 ضعيف جدا: أخرجه الحاكم "3/ 370"، والطبراني في "الكبير" "191" واللفظ له من طريق عبد العزيز بن عمران، حدثني إِسْحَاقُ بنُ يَحْيَى بنِ طَلْحَةَ عَنْ عَمِّهِ موسى بن طلحة قال: كان طلحة بن عبيد الله -رضي الله عنه- أبيض يضرب إلى الحمرة مربوعا هو إلى القصر أقرب رحب الصدر عريض المنكبين إذا التفت التفت جميعا ضخم القدمين.
قال الزبير: وحدثني -يعني إبراهيم بن المنذر- عن الواقدي قال: "كان طلحة بن عبيد الله أدم كثير الشعر ليس بالجعد ولا السبط حسن الوجه دقيق العرنين إذا مشى أسرع كان لا يغير شيبه، قتل يوم الجمل في جمادى سنة ست وثلاثين".
قلت: إسناده واه بمرة، آفته عبد العزيز بن عمران بن عبد العزيز الأعرج، المعروف بابن أبي ثابت، متروك كما قال الحافظ في "التقريب".
2 انظر السابق.
3 ضعيف: أخرجه الحاكم "3/ 368"، والطبراني في "الكبير" "189" من طريق أبي علاَثةَ مُحَمَّدِ بنِ عَمْرِو بنِ خَالِدٍ الحَرَّانِيِّ، حدثنا أبي، حدثنا ابن لهيعة، حدثنا أبو الأسود، عن عروة بن الزبير قال: طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعيد بن تيم بن مرة وكان بالشام فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم في سهمه فضرب له بسهمه فقال وأجري يا رسول الله قال وأجرك من يوم بدر".
قلت: إسناده ضعيف، فيه علتان: الأولى: الانقطاع بين عروة وطلحة. والثانية: ابن لهيعة، ضعيف لسوء حفظه.

(3/19)


قَالَ أَبُو القَاسِمِ بنُ عَسَاكِرَ الحَافِظُ فِي تَرْجَمَتِهِ: كَانَ مَعَ عُمَرَ لَمَّا قَدِمَ الجَابِيَةَ وَجَعَلَهُ عَلَى المُهَاجِرِيْنَ وَقَالَ غَيْرُهُ: كَانَتْ يَدُهُ شَلاَّءَ مِمَّا وَقَى بِهَا رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ أُحُدٍ1.
الصَّلْتُ بنُ دِيْنَارٍ:، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "من أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى شَهِيْدٍ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْهِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى طَلْحَةَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ" 2.
أَخْبَرَنِيْهُ الأَبَرْقُوْهِيُّ، أَنْبَأَنَا ابْنُ أَبِي الجُوْدِ، أَنْبَأَنَا ابْنُ الطلاَبَةِ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ الأَنْمَاطِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِرٍ المُخَلِّصُ حَدَّثَنَا البَغَوِيُّ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بن رشيد حدثنا مكي حدثنا الصلت.
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "1/ 161"، والبخاري "4063"، وابن ماجه "128"، والطبراني في "الكبير" "192" من طريق وكيع، عن إسماعيل، عن قيس قال: "رأيت يد طلحة شلاء وَقَى بِهَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ".
2 صحيح لغيره: أخرجه الطيالسي "1793"، والترمذي "3740"، وابن ماجه "125" من طريق الصلت بن دينار، عن أبي نضرة، عن جابر بن عبد اللهِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "من سره أن ينظر إلى شهيد يمشي على وجه الأرض فلينظر إلى طلحة بن عبيد الله".
قلت: إسناده ضعيف جدا، آفته الصلت بن دينار، فإنه متروك، وأخرجه الطبراني في "الكبير" "215" من طريق سليمان بن أيوب، حدثني أبي، عن جدي، عَنْ مُوْسَى، بنِ طَلْحَةَ عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا رآني قال: "من أحب أن ينظر إلى شهيد يمشي على وجه الأرض..... " الحديث.
قلت: إسناده ضعيف، فيه سليمان بن أيوب الطلحي الكوفي، صاحب مناكير، وقال أبو زرعة: عامة أحاديثه لا يتابع عليها. وأبوه أيوب بن سليمان بن عيسى بن موسى بن طلحة، مجهول ذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" "1/ 1/ 248" ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وجده عيسى بن موسى بن طلحة بن عبيد الله لم أجد له ترجمة. وأخرجه ابن سعد "3/ 218"، وأبو نعيم في "الحلية" "1/ 88" من طريق صالح بن موسى، عن معاوية بن إسحاق، عن عائشة بنت طلحة، عن عائشة قالت: "إني لفي بيتي، ورسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه بالفناء، وبيني وبينهم الستر، أقبل طلحة بن عبيد الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سره أن ينظر إلى رجل يمشي على الأرض قد قضى نحبه فلينظر إلى طلحة".
قلت: إسناده ضعيف جدا، آفته صالح بن موسى، فإنه متروك، وأخرجه الحاكم "2/ 415-416" من طريق إسماعيل بن يحيى بن طلحة، عن عمه موسى بن طلحة قال: بينما عائشة بنت طلحة تقول لأمها أم كلثوم بنت أبي بكر: أبي خير من أبيك، فقالت عائشة أم المؤمنين: ألا أقضي بينكما إن أبا بكر دخل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا أبا بكر أنت عتيق الله من النار. قالت: فمن يومئذ سمي عتيقا. ودخل طلحة على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أنت يا طلحة ممن قضى نحبه". وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبي بقوله: "قلت: بل إسحاق متروك، قاله أحمد".
قلت: وهو كذلك، فالإسناد ضعيف جدا، وله شاهد آخر مرسل صحيح عند ابن سعد "3/ 1/ 156" عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة.

(3/20)


وَفِي "جَامِعِ أَبِي عِيْسَى بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال يوم أحد: "أوجب طلحة" 1.
قال بنُ أَبِي خَالِدٍ: عَنْ قَيْسٍ قَالَ: رَأَيْتُ يَدَ طَلْحَةَ الَّتِي وَقَى بِهَا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ أُحُدٍ شَلاَّءَ أَخْرَجَهُ البخاري2.
وَأَخْرَجَ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيْثِ يَحْيَى بنِ أَيُّوْبَ وَآخَرَ، عَنْ عمَارَةَ بن غَزِيَّةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ وَوَلَّى النَّاسُ كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي نَاحِيَةٍ فِي اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلاً مِنْهُم طَلْحَةُ فَأَدْرَكَهُمُ المُشْرِكُوْنَ فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ لِلْقَوْمِ?" قَالَ طَلْحَةُ أَنَا قَالَ كَمَا أَنْتَ فَقَالَ رَجُلٌ أَنَا قَالَ أَنْتَ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ ثُمَّ الْتَفَتَ فَإِذَا المُشْرِكُوْنَ فَقَالَ مَنْ لَهُمْ قَالَ طَلْحَةُ أَنَا قَالَ كَمَا أَنْتَ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ أَنَا قَالَ أَنْتَ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى بَقِيَ مَعَ نَبِيِّ اللهِ طَلْحَةُ فَقَالَ مَنْ لِلْقَوْمِ? قَالَ طَلْحَةُ أَنَا فَقَاتَلَ طَلْحَةُ قِتَالَ الأَحَد عَشَر حَتَّى قُطِعَتْ أَصَابِعُهُ فَقَالَ حَسِّ فَقَالَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "لو قُلْتَ بِاسْمِ اللهِ لَرَفَعَتْكَ المَلاَئِكَةُ وَالنَّاسُ يَنْظُرُوْنَ" ثُمَّ رَدَّ اللهُ المُشْرِكِيْنَ3. رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ.
أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي بنُ أَبِي عَصْرُوْن الشَّافِعِيُّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ فِي كِتَابِهِ، أَنْبَأَنَا تَمِيْمُ بنُ أَبِي سَعِيْدٍ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ، أَنْبَأَنَا أحمد بن علي
__________
1 حسن: أخرجه ابن المبارك في "الجهاد" "93"، وابن سعد "3/ 218"، وابن أبي شيبة "12/ 91"، وأحمد "1/ 165"، وفي الفضائل "1290"، والترمذي "1692"، "3738"، وفي "الشمائل" "103"، وابن أبي عاصم "1397"، "1398"، والبزار "972"، وأبو يعلى "670"، والحاكم "3/ 373"، 374، 374" والبيهقي "6/ 370"، "9/ 46" والبغوي "3915" من طرق عن محمد بن إسحاق، حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ، عن الزبير، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول يومئذ: "أوجب طلحة"، حين صنع بِرَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا صنع، يعني حين برك له طلحة، فصعد رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ظهره".
قلت: إسناده حسن، محمد بن إسحاق، صدوق، وقد صرح بالتحديث فانتفت علة تدليسه.
2 صحيح: سبق تخريجنا له قبل قليل بتعليق رقم "54"، وهو عند أحمد "1/ 161"، والبخاري "4063"، وابن ماجه "128"، والطبراني في "الكبير" "192" من حديث قيس. فراجعه ثَمَّ.
3 ضعيف: أخرجه النسائي "6/ 29-30" من طريق أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله، به مرفوعا قلت: إسناده ضعيف آفته أبو الزبير المكي محمد بن مسلم بن تدرس المكي، مشهور بالتدليس، وقد عنعنه.

(3/21)


التَّمِيْمِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبِي بَكْرٍ المُقَدَّمِيُّ، وعبد الأعلى، قالا: حَدَّثَنَا المُعْتَمِرُ سَمِعتُ أَبِي حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ قَالَ لَمْ يَبْقَ مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي تِلْكَ الأَيَّامِ الَّتِي كَانَ يُقَاتِلُ بِهَا رَسُوْلُ اللهِ غَيْرُ طَلْحَةَ وَسَعْدٍ، عَنْ حَدِيْثِهِمَا.
أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ، عَنِ المُقَدَّمِيِّ1.
وَبِهِ إِلَى التَّمِيْمِيِّ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا يُوْنُسُ بنُ بُكَيْرٍ، عَنْ طَلْحَةَ بنِ يَحْيَى، عن موسى وعيسى ابني طلحة، عن أبيهما إن أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وَسَلَّمَ- قَالُوا لأَعْرَابِيٍّ جَاءَ يَسْأَلُهُ عَمَّنْ قَضَى نَحْبَهُ مَنْ هُوَ وَكَانُوا لاَ يَجْتَرِؤُوْنَ عَلَى مَسْأَلَتِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُوَقِّرُوْنَهُ وَيَهَابُوْنَهُ فَسَأَلَهُ الأَعْرَابِيُّ فَأَعْرَضَ عَنْهُ ثُمَّ سَأَلَهُ فَأَعْرَضَ عَنْهُ ثُمَّ إِنِّي اطَّلَعْتُ مِنْ بَابِ المَسْجِدِ - وعلي ثياب خضر - فلما رَآنِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "أين السائل عَمَّنْ قَضَى نَحْبَهُ"؟ قَالَ الأَعْرَابِيُّ أَنَا قَالَ: "هَذَا مِمَّنْ قَضَى نَحْبَهُ" 2.
وَأَخْرَجَهُ الطَّيَالِسِيُّ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ حَدِيْثِ مُعَاوِيَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ "طَلْحَةُ ممن قضى نحبه" 2.
وَفِي صَحِيْحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيْثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ عَلَى حِرَاءَ هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ فَتَحَرَّكَتِ الصَّخْرَةُ فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ "اهْدَأْ! فَمَا عَلَيْكَ إلَّا نَبِيٌّ أَوْ صِدِّيْقٌ أَوْ شَهِيْدٌ" 3.
سُوَيْدُ بنُ سَعِيْدٍ: حَدَّثَنَا صَالِحُ بنُ مُوْسَى، عَنْ مُعَاوِيَةَ بنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ يَمْشِي عَلَى الأَرْضِ قَدْ قَضَى نَحْبَهُ فَلْيَنْظُرْ إِلَى طلحة" 4.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "3722"، "3723"، "4060"، "4061"، ومسلم "2414" من طرق عن مُعْتَمِرُ بنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي عثمان قال: فذكره.
2 صحيح لغيره: سبق تخريجنا له بتعليق رقم "55"، وهو من حديث جابر، وليس من حديث معاوية. وهو عند الطيالسي "1793"، والحاكم "2/ 415-416"، وغيرهما فراجعه ثَمَّتَ
3 صحيح: أخرجه مسلم "2417"، والترمذي "3696" حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيْدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بن محمد، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- به مرفوعا. وسبق لنا تخريج هذا الحديث مرارا في "منهاج السنة النبوية" لشيخ الإسلام ابن تيمية فراجعه ثَمَّ.
4 صحيح لغيره سبق تخريجنا له في تعليقنا رقم "55" من حديث جابر بن عبد الله، ومن حديث عائشة، وهو عند ابن سعد "3/ 218"، وأبي نعيم في "الحلية" "1/ 88"، وغيرهما فراجعه ثَمَّ.

(3/22)


قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيْدٍ الأَشَجُّ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ نَضْرُ بنُ مَنْصُوْرٍ حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بنُ عَلْقَمَةَ اليَشْكُرِيُّ سَمِعْتُ عَلِيّاً يَوْمَ الجَمَلِ يَقُوْلُ سَمِعْتُ مِنْ فِيِّ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: "طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ جاراي في الجنة"1.
وهكذا رواه: بن زَيْدَانَ البَجَلِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ الجَارُوْدِيُّ، عَنِ الأَشَجِّ وَشَذَّ أَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ فَقَالَ، عَنْ نَضْرٍ، عن أبيه، عن عقبة.
دُحَيْمٌ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ طَلْحَةَ، عَنْ مُوْسَى بنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ سَلَمَةَ بنِ الأَكْوَعِ قَالَ: ابْتَاعَ طَلْحَةُ بِئْراً بِنَاحِيَةِ الجَبَلِ وَنَحَرَ جزُوْراً فَأَطْعَمَ النَّاسَ فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنْتَ طَلْحَةُ الفَيَّاضُ" 2.
سُلَيْمَانُ بنُ أَيُّوْبَ بنِ عِيْسَى بنِ مُوْسَى بنِ طَلْحَةَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي، عَنْ مُوْسَى بنِ طَلْحَةَ، عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ سَمَّاهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- طَلْحَةَ الخَيْرَ. وَفِي غَزْوَةِ ذِي العَشِيْرَةِ طَلْحَةَ الفَيَّاضَ وَيَوْمَ خَيْبَرَ طَلْحَةَ الجُوْدَ3.
إسناده لين.
__________
1 ضعيف: أخرجه الترمذي "3741"، والحاكم "3/ 364" من طريق أبي عبد الرحمن النضر بن منصور العنزي، عن عقبة بن علقمة اليشكري قال: سمعت علي بن أبي طالب قال: سمعتْ أذني من فِي رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يقول: فذكره. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب.
قلت: أنى له الحسن، والإسناد ضعيف، آفته النضر بن منصور الذهلي، أبو عبد الرحمن الكوفي، كما قال الحافظ في "التقريب".
2 حسن لغيره: أخرجه الطبراني في "الكبير" "7/ 6224" من طريق دحيم، حدثنا محمد بن طلحة التيمي. به. وأورده الهيثمي في "المجمع" "9/ 148": "رواه الطبراني، وفيه موسى بن محمد بن إبراهيم، وهو مجمع على ضعفه" وله شاهد عن موسى بن طلحة أن طلحة نحر جزورا وحفر بئرا يوم ذي قرد فأطعمهم وسقاهم فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: $"يَا طلحة الفياض"، فسمي طلحة الفياض. رواه الطبراني في "الكبير" "198"، وفيه إسحاق بن يحيى بن طلحة، وقد وثق على ضعفه كما قال الهيثمي "9/ 148".
قلت: إسناده ضعيف، إسحاق بن يحيى، ضعيف، كما قال الحافظ في "التقريب"، فالحديث يرتقي به إلى درجة الحسن.
3 ضعيف: أخرجه الحاكم " 3/ 374"، والطبراني في "الكبير" "197"، "218" من طريق سليمان بن أيوب بن سليمان بن عيسى بنِ مُوْسَى بنِ طَلْحَةَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ حدثني أبي، به، وأورده الهيثمي في "المجمع" "9/ 147-148"، وقال: "رواه الطبراني، وفيه من لم أعرفهم، وسليمان بن أيوب الطلحي وثق وضعف".
قلت: إسناده ضعيف، فيه ثلاث علل، الأولى: سليمان بن أيوب بن عيسى بن موسى بن طلحة، صاحب مناكير، وقال أبو زرعة: عامة أحاديثه لا يُتابع عليها.
الثانية: أيوب بن سليمان بن عيسى بن موسى بن طلحة، مجهول، ذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" "1/ 1/ 248"، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا.
الثالثة: عيسى بن موسى بن طلحة بن عبيد الله، لم أجد له ترجمة.

(3/23)


قَالَ مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ قَبِيْصَةَ بنِ جَابِرٍ قَالَ صَحِبْتُ طَلْحَةَ فَمَا رَأَيْتُ أَعْطَى لِجَزِيْلِ مَالٍ مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ مِنْهُ1.
أَبُو إِسْمَاعِيْلَ التِّرْمِذِيُّ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ أَيُّوْبَ بنِ سُلَيْمَانَ بنِ عِيْسَى بنِ مُوْسَى، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي، عَنْ مُوْسَى، عَنْ أَبِيْهِ أَنَّهُ أتاه مال من حَضْرَمَوْتَ سَبْعُ مَائَةِ أَلْفٍ فَبَاتَ لَيْلَتَهُ يَتَمَلْمَلُ فقالت له زوجته مالك? قَالَ تَفَكَّرْتُ مُنْذُ اللَّيْلَةِ فَقُلْتُ مَا ظَنُّ رَجُلٍ بِرَبِّهِ يَبِيْتُ وَهَذَا المَالُ فِي بَيْتِهِ? قَالَتْ فَأَيْنَ أَنْتَ، عَنْ بَعْضِ أَخِلاَّئِكَ فَإِذَا أَصْبَحْتَ فَادْعُ بِجِفَانٍ وَقِصَاعٍ فَقَسِّمْهُ فَقَالَ لَهَا رَحِمَكِ اللهُ إِنَّكِ مُوَفَّقَةٌ بِنْتُ مُوَفَّقٍ وَهِيَ أُمُّ كُلْثُوْم بِنْتُ الصِّدِّيْقِ فَلَمَّا أَصْبَحَ دَعَا بِجِفَانٍ فَقَسَّمَهَا بَيْنَ المُهَاجِرِيْنَ وَالأَنْصَارِ فَبَعَثَ إِلَى عَلِيٍّ مِنْهَا بِجَفْنَةٍ فَقَالَتْ لَهُ زَوْجَتُهُ أَبَا مُحَمَّدٍ أَمَا كَانَ لَنَا فِي هَذَا المَالِ مِنْ نَصِيْبٍ? قَالَ فَأَيْنَ كُنْتِ مُنْذُ اليَوْم? فَشَأْنُكِ بِمَا بَقِيَ قَالَتْ فَكَانَتْ صُرَّةً فِيْهَا نَحْوُ أَلْفِ دِرْهَمٍ2.
أَخْبَرَنَا المُسَلَّمُ بنُ عَلاَّنَ، وَجَمَاعَةٌ كِتَابَةً قَالُوا، أَنْبَأَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ الحُصَيْنِ، أَنْبَأَنَا ابْنُ غَيْلاَنَ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ يَعْلَى حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ دِيْنَارٍ، عَنْ عَلِيِّ بنِ زَيْدٍ قَالَ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى طَلْحَةَ يَسْأَلُهُ فَتَقَرَّبَ إِلَيْهِ بِرَحِمٍ فَقَالَ إِنَّ هَذِهِ لَرَحِمٌ مَا سَأَلَنِي بِهَا أَحَدٌ قَبْلَكَ إِنَّ لِي أَرْضاً قَدْ أَعْطَانِي بِهَا عُثْمَانُ ثَلاَثَ مَائَةِ أَلْفٍ فَاقْبَضْهَا وَإِنْ شِئْتَ بِعْتُهَا مِنْ عُثْمَانَ وَدَفَعْتُ إِلَيْكَ الثَّمَنَ فَقَالَ الثمن فأعطاه.
الكديمي: حدثنا الأصمعي، حدثنا بن عِمْرَانَ قَاضِي المَدِيْنَةِ أَنَّ طَلْحَةَ فَدَى عَشْرَةً مِنْ أُسَارَى بَدْرٍ بِمَالِهِ وَسُئِلَ مَرَّةً بِرَحِمٍ فقال قد بعت لي حائطًا بسبع مئة أَلْفٍ وَأَنَا فِيْهِ بِالخِيَارِ فَإِنْ شِئْتَ خُذْهُ وإن شئت ثمنه.
__________
1 ضعيف: أخرجه ابن سعد "3/ 221"، والطبراني في "الكبير" "194"، وأبو نعيم في "الحلية" "1/ 88" من طريق مجالد بن سعيد، به.
وأورده الهيثمي في "المجمع" "9/ 147"، وقال: وإسناده حسن "! ".
قلت: أنى له الحسن، وإسناده، آفته مجالد بن سعيد، وهو ضعيف.
2 ضعيف: فيه الثلاث علل التي ذكرناها في التعليق قبل السابق رقم "65" سُلَيْمَانُ بنُ أَيُّوْبَ بنِ سُلَيْمَانَ بنِ عِيْسَى، صاحب مناكير، وأبوه أيوب بن سليمان مجهول، وعيسى بن موسى بن طلحة، لم أجد له ترجمة.

(3/24)


إسناده منقطع مع ضعف الكديمي1.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أَنْبَأَنَا سَعِيْدُ بنُ مَنْصُوْرٍ حَدَّثَنَا صَالِحُ بنُ مُوْسَى، عَنْ مُعَاوِيَةَ بنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَائِشَةَ وَأُمِّ إِسْحَاقَ بِنْتَيْ طَلْحَةَ قَالَتَا: جُرِحَ أَبُوْنَا يَوْمَ أُحُدٍ أَرْبَعاً وَعِشْرِيْنَ جِرَاحَةً وَقَعَ مِنْهَا فِي رَأْسِهِ شَجَّةٌ مُرَبَّعَةٌ وَقُطِعَ نِسَاهُ- يَعْنِي العِرْقَ - وَشُلَّتْ أُصْبُعُهُ وَكَانَ سَائِرُ الجِرَاحِ فِي جَسَدِهِ وَغَلَبَهُ الغَشْيُ وَرَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَكْسُوْرَة رَبَاعِيَتُهُ مَشْجُوْجٌ فِي وَجْهِهِ قَدْ عَلاَهُ الغَشْيُ وَطَلْحَةُ مُحْتَمِلُهُ يَرْجعُ بِهِ القَهْقَرَى كُلَّمَا أَدْرَكَهُ أَحَدٌ مِنَ المُشْرِكِيْنَ قَاتَلَ دُوْنَهُ حَتَّى أَسْنَدَهُ إِلَى الشِّعْبِ2.
ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ طَلْحَةَ بنِ يَحْيَى، حَدَّثَتْنِي جَدَّتِي سُعْدَى بِنْتُ عَوْفٍ المُرِّيَّةُ، قَالَتْ: دَخَلْتُ عَلَى طَلْحَةَ يَوْماً وَهُوَ خَاثِرٌ3 فَقُلْتُ: مَا لَكَ? لَعَلَّ رَابَكَ مِنْ أَهْلِكَ شَيْءٌ? قَالَ: لاَ وَاللهِ وَنِعْمَ حَلِيْلَةُ المُسْلِمِ أَنْتِ، وَلَكِنْ مَالٌ عِنْدِي قَدْ غَمَّنِي. فَقُلْتُ: مَا يَغُمُّكَ? عَلَيْكَ بِقَوْمِكَ. قَالَ: يَا غُلاَمُ! ادْعُ لِي قَوْمِي فَقَسَّمَهُ فِيْهِم فَسَأَلْتُ الخَازِنَ: كَمْ أعطى? قال: أربعمائة أَلْفٍ.
هِشَامٌ وَعَوْفٌ، عَنِ الحَسَنِ البَصْرِيِّ أَنَّ طلحة بن عبد اللهِ بَاعَ أَرْضاً لَهُ بِسَبْعِ مَائَةِ أَلْفٍ فَبَاتَ أَرِقاً مِنْ مَخَافَةِ ذَلِكَ المَالِ حَتَّى أَصْبَحَ فَفَرَّقَهُ.
مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: كَانَ طَلْحَةُ يغل بالعراق أربع مئة ألف ويغل بالسراة4 عَشْرَةُ آلاَفِ دِيْنَارٍ، أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَر،وَبِالأَعْرَاضِ5 لَهُ غلاَّتٍ وَكَانَ لاَ يَدَعُ أَحَداً مِنْ بَنِي تَيْمِ عَائِلاً إلَّا كَفَاهُ، وَقَضَى
__________
1 الكديمي: هو محمد بن يونس بن موسى الكديمي البصري، أحد المتروكين.
قال ابن عدي: قد اتهم الكديمي بالوضع، وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لَعَلَّهُ قَدْ وَضَعَ أَكْثَر من ألف حديث، وقال أَبُو عُبَيْدٍ الآجُرِّيُّ: رَأَيْتُ أَبَا دَاوُدَ يُطْلِقُ في الكديمي الكذب، وسئل عنه الدارقطني فقال: يتهم بوضع الحديث.
2 ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "3/ 217-218" وفيه صالح بن موسى، وهو متروك.
3 خاثر: أي: ثقيل النفس غير طيب ولا نشيط.
4 السراة: سراة كل شيء: ظهره وأعلاه. ومنه الحديث: "ليس للنساء سروات الطرق" أي: لا يتوسطنها، ولكن يمشين في الجوانب.
5 الأعراض: أعراض المدينة هي قراها التي في أوديتها، وقال شمر: أعراض المدينة: بطون سوادها حيث الزروع والنخل، كما في "معجم البلدان" لياقوت.

(3/25)


دَيْنَهُ وَلَقَدْ كَانَ يُرْسِلُ إِلَى عَائِشَةَ إِذَا جَاءتْ غَلَّتُهُ كُلَّ سَنَةٍ بِعَشْرَةِ آلاَفٍ وَلَقَدْ قَضَى، عَنْ فُلاَن التَّيْمِيِّ ثَلاَثِيْنَ أَلْفاً1.
قَالَ الزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ: حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ طَلْحَةَ بنَ عُبَيْدِ اللهِ قَضَى، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ مَعْمَرٍ وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَامِرِ بنِ كُرَيْزٍ ثَمَانِيْنَ أَلْفَ دِرْهَمٍ.
قال الحميدي: حدثنا بن عُيَيْنَةَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ أَخْبَرَنِي مَوْلَى لِطَلْحَةَ قَالَ كَانَتْ غَلَّةُ طَلْحَةَ كُلَّ يَوْمٍ أَلْفَ وافٍ2.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ يَحْيَى، عَنْ مُوْسَى بنِ طَلْحَةَ أَنَّ مُعَاوِيَةَ سَأَلَهُ كَمْ تَرَكَ أَبُو مُحَمَّدٍ مِنَ العَينِ قَالَ تَرَكَ أَلْفَي أَلْفِ دِرْهَمٍ وَمَائَتَي أَلْفِ دِرْهَمٍ وَمِنَ الذَّهَبِ مَائَتَي أَلْفِ دِيْنَارٍ فَقَالَ معاوية عاش حميدًا سخيًّا شَرِيْفاً وَقُتِلَ فَقِيْداً رَحِمَهُ اللهُ3.
وَأَنْشَدَ الرِّيَاشِيُّ لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ:
أَيَا سَائِلِي، عَنْ خِيَار العِبَادِ ... صَادَفْتَ ذَا العِلْمِ وَالخِبْرَه
خِيَارُ العِبَادِ جَمِيْعاً قُرَيْشٌ ... وَخَيْرُ قُرَيْشٍ ذَوُو الهِجْرَه
وخَيْرُ ذوي الهجرة السابقون ... ثمانية وحدهم نصره
__________
1 ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "3/ 221"، وفي إسناده مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ وَاقِدٍ الأَسْلَمِيُّ مَوْلاَهُمْ الواقدي المدني، قال البخاري وأبو حاتم: متروك، وقال أبو حاتم أيضا والنسائي: يضع الحديث.
وقال أحمد بن حنبل: هو كذاب يقلب الأحاديث، وقال ابن عدي: أحاديثه غير محفوظة والبلاء منه. وقال ابن راهويه: هو عندي ممن يضع الحديث واستقر الإجماع على وهن الواقدي.
2 صحيح: أخرجه ابن سعد "3/ 220"، والطبراني في "الكبير" "196"، وأبو نعيم في "الحلية" "1/ 88" من طرق عن سفيان بن عيينة، به.
وأورده الهيثمي في "المجمع" "9/ 148"، وقال: "رواه الطبراني ورجاله ثقات إلا أنه مرسل".
قلت: قد سمع عمرو بن دينار من كثير من موالي الصحابة الكبار، فما الذي يمنع سماعه من مولى طلحة، والإسناد متصل إلى عمرو بن دينار، وإخاله قد سمع من مولى طلحة، فالأثر صحيح إن شاء الله، والوافي: درهم وأربعة دوانيق، قال شمر: بلغني عن ابن عيينة أنه قال الوافي درهم ودانقان.
وقال غيره: هو الذي وفى مثقالا. وقيل: درهم واف وفى بزنته لا زيادة فيه ولا نقص.
3 ضعيف جدا في إسناده محمد بن عمر بن واقد الأسلمي الواقدي، متروك، والخبر عند ابن سعد "3/ 221" ووقع في الأصل: "وقتل فقيرا" وهو خطأ والصواب ما أثبتناه وهو ما يقتضيه السياق.

(3/26)


علي وعثمان ثم الزبير ... طلحة وَاثنَانِ مِنْ زُهْرَهْ
وبَرَّانِ قَدْ جَاوَرَا أَحْمَداً ... وَجَاوَرَ قَبْرُهُهَمَا قَبْرَه
فَمَنْ كَانَ بَعْدَهُمْ فَاخِراً ... فَلاَ يَذكُرَنْ بَعْدَهُمْ فَخْرَه
يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بنُ يُوْسُفَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مُصْعَبٍ أَخْبَرَنِي مُوْسَى بنُ عُقْبَةَ سَمِعْتُ عَلْقَمَةَ بنَ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيَّ قَالَ: لَمَّا خَرَجَ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَعَائِشَةُ لِلطَّلَبِ بِدَمِ عُثْمَانَ عَرَّجُوا، عَنْ مُنْصَرَفِهِمْ بِذَاتِ عِرْقٍ فَاسْتَصْغَرُوا عُرْوَةَ بنَ الزُّبَيْرِ وَأَبَا بَكْرٍ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَرَدُّوْهُمَا قَالَ وَرَأَيْتُ طَلْحَةَ وَأَحَبُّ المجَالِسِ إِلَيْهِ أَخْلاَهَا وَهُوَ ضَارِبٌ بِلِحْيَتِهِ عَلَى زَوْرِهِ فَقُلْتُ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ! إِنِّي أَرَاكَ وَأَحَبُّ المجَالِسِ إِلَيْكَ أَخْلاَهَا إِنْ كُنْتَ تَكْرَهُ هَذَا الأَمْرَ فَدَعْهُ فَقَالَ يَا عَلْقَمَةَ! لاَ تَلُمْنِي كُنَّا أَمْسِ يَداً وَاحِدَةً عَلَى مَنْ سِوَانَا فَأَصْبَحْنَا اليَوْمَ جبلين من حديد يزحف أحدنا إلى صاحبه وَلَكِنَّهُ كَانَ مِنِّي شَيْءٌ فِي أَمْرِ عُثْمَانَ مِمَّا لاَ أَرَى كَفَّارَتَهُ إلَّا سَفْكَ دَمِي وطلب دمه1.
قُلْتُ: الَّذِي كَانَ مِنْهُ فِي حَقِّ عُثْمَانَ تَمَغْفُلٌ وَتَأْليبٌ فَعَلَهُ بِاجْتِهَادٍ ثُمَّ تَغَيَّرَ عِنْدَمَا شَاهَدَ مَصْرَعَ عُثْمَانَ فَنَدِمَ عَلَى تَرْكِ نُصْرَتِهِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- وَكَانَ طَلْحَةُ أَوَّلَ مَنْ بَايَعَ عَلِيّاً أَرْهَقَهُ قَتَلَةُ عُثْمَانَ وَأَحْضَرُوهُ حَتَّى بَايَعَ.
قَالَ البُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ أَعْيَنَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ حُصَيْنٍ فِي حَدِيْثِ عَمْرِو بنِ جَاوَانَ قَالَ التَقَى القَوْمُ يَوْمَ الجَمَلِ فَقَامَ كَعْبُ بنُ سُورٍ مَعَهُ المُصْحَفُ فَنَشَرَهُ بَيْنَ الفَرِيْقَيْنِ وَنَاشَدَهُمُ اللهَ وَالإِسْلاَمَ فِي دِمَائِهِمْ فَمَا زَالَ حَتَّى قُتِلَ وَكَانَ طَلْحَةُ مِنْ أَوَّلِ قَتِيْلٍ وَذَهَبَ الزُّبَيْرُ لِيَلْحَقَ بِبَنِيْهِ فَقُتِلَ.
يَحْيَى القَطَّانُ، عَنْ عَوْفٍ، حَدَّثَنِي أَبُو رَجَاءَ قَالَ رَأَيْتُ طَلْحَةَ عَلَى دَابَّتِهِ وَهُوَ يَقُوْلُ: أَيُّهَا النَّاسُ أَنْصِتُوا فَجَعَلُوا يَرْكَبُوْنَهُ وَلاَ يُنْصِتُونَ فَقَالَ أُفٍّ! فَرَاشُ النَّارِ وَذُبابُ طَمَعٍ.
قال بن سَعْدٍ: أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ إِسْمَاعِيْلَ بنَ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ حَكِيْمِ بنِ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ
__________
1 حسن أخرجه الحاكم "3/ 371-372" من طريق يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ حَدَّثَنَا هِشَامُ بنُ يُوْسُفَ، به وسكت الحاكم عنه، وقال الذهبي في "التلخيص": "قلت: سنده جيد".
قلت: إسناده حسن، عبد الله بن مصعب هو ابن ثَابِتِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ بنِ العَوَّامِ الأَسَدِيُّ، ذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" "2/ 2/ 178" وقال: قال أبي: "هو شيخ بابة عبد الرحمن بن أبي الزناد".

(3/27)


طَلْحَةُ: إِنَّا دَاهَنَّا فِي أَمْرِ عُثْمَانَ فَلاَ نَجِدُ اليَوْمَ أَمْثَلَ مِنْ أَنْ نَبْذُلَ دِمَاءنَا فِيْهِ اللَّهُمَّ خُذْ لِعُثْمَانَ مِنِّي اليَوْمَ حَتَّى تَرْضَى1.
وَكِيْعٌ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ قَالَ رَأَيْتُ مَرْوَانَ بنَ الحَكَمِ حين رمى طلحة يومئذ بسهم فوقع في ركبته فما زال ينسح حتى مَاتَ2.
رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْهُ، وَلَفْظُ عَبْدِ الحَمِيْدِ بنِ صَالِحٍ عَنْهُ هَذَا أَعَانَ عَلَى عُثْمَانَ وَلاَ أَطْلُبُ بِثَأْرِي بَعْدَ اليَوْمِ3.
قُلْتُ: قَاتِلُ طَلْحَةَ فِي الوِزْرِ، بِمَنْزِلَةِ قَاتِلِ عَلِيٍّ.
قَالَ خَلِيْفَةُ بنُ خَيَّاطٍ: حَدَّثَنَا مَنْ سَمِعَ جُوَيْرِيَةَ بنَ أَسْمَاءَ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، عَنْ عَمِّهِ أَنَّ مَرْوَانَ رَمَى طَلْحَةَ بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى أَبَانَ فَقَالَ قَدْ كَفَيْنَاكَ بَعْضَ قَتَلَةِ أَبِيْكَ4.
هُشَيمٌ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: رَأَى عَلِيٌّ طَلْحَةَ فِي وَادٍ مُلْقَى، فَنَزَلَ فَمَسَحَ التُّرَابَ، عَنْ وَجْهِهِ وَقَالَ عَزِيْزٌ عليَّ أَبَا مُحَمَّدٍ بِأَنْ أَرَاكَ مُجَدَّلاً فِي الأَوْدِيَةِ تَحْتَ نُجُومِ السَّمَاءِ إِلَى اللهِ أَشْكُو عُجَرِي وَبُجَرِي قَالَ الأَصْمَعِيُّ مَعْنَاهُ سَرَائِرِي وَأَحْزَانِي الَّتِي تَمُوجُ فِي جَوْفِي5.
عَبْدُ اللهِ بنُ إِدْرِيْسَ: عَنْ لَيْثٍ، عَنْ طَلْحَةَ بنِ مُصَرِّفٍ أَنَّ عَلِيّاً انْتَهَى إِلَى طَلْحَةَ وَقَدْ مات،
__________
1 ضعيف: أخرجه ابن سعد "3/ 222" وإسناده ضعيف لجهالة الواسطة بين ابن سعد، وإسماعيل ابن أبي خالد.
2 صحيح: أخرجه ابن سعد "3/ 223"، والحاكم "3/ 370"، والطبراني في "الكبير" "201" من طريق وكيع، عن إسماعيل بن أبي خالد به. وأورده الهيثمي في "المجمع" "9/ 150"، وقال: رواه الطبراني، ورجاله "رجال الصحيح" وأخرجه يعقوب بن سفيان بسند صحيح عن قيس بن أبي حازم قال: فذكره. كما في "الإصابة" ترجمة رقم "2/ 4266".
3 صحيح: أورده خليفة بن خياط في "تاريخه" "ص181" من طريق معاذ بن هشام، عن أبيه، عن قتادة، عن الجارود، عن أبي سبرة قال: نظر مروان بن الحكم إلى طلحة بن عبيد الله يوم الجمل، فقال: "لا أطلب بثأري بعد اليوم، فرماه بسهم فقتله" وأخرجه أبو القاسم البغوي بسند صحيح عن الجارود، به. كما ذكره الحافظ في "الإصابة" "2/ ترجمة 4266".
4 ذكره خليفة بن خياط في "تاريخه" "ص181"، والحاكم "3/ 371" من طريق جويرية بن أسماء، به.
5 ضعيف: في إسناده مجالد بن سعيد، وهو ضعيف.

(3/28)


فَنَزَلَ، عَنْ دَابَّتِهِ وَأَجْلَسَهُ وَمَسَحَ الغُبَارَ، عَنْ وجهه ولحيته وَهُوَ يَتَرَحَّمُ عَلَيْهِ وَقَالَ لَيْتَنِي مُتُّ قَبْلَ هَذَا اليَوْمِ بِعِشْرِيْنَ سَنَةٍ. مُرْسَلٌ1.
وَرَوَى زَيْدُ بنُ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ مِنَ الأَنْصَارِ، عَنْ أَبِيْهِ أَنَّ عَلِيّاً قَالَ بَشِّرُوا قَاتِلَ طَلْحَةَ بِالنَّارِ.
أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي عَصْرُوْنَ، عَنْ أَبِي رَوْحٍ، أَنْبَأَنَا تَمِيْمٌ حَدَّثَنَا أَبُو سَعْدٍ، أَنْبَأَنَا ابْنُ حَمْدَانَ، أَنْبَأَنَا أَبُو يَعْلَى حَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ حَدَّثَنَا الخَضِرُ بنُ مُحَمَّدٍ الحرَّانِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ سَلَمَةَ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ مَالِكِ بنِ أَبِي عَامِرٍ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى طَلْحَةَ فَقَالَ أَرَأَيْتُكَ هَذَا اليَمَانِيَّ هُوَ أَعْلَمُ بِحَدِيْثِ رَسُوْلِ اللهِ مِنْكُم -يَعْنِي أَبَا هُرَيْرَةَ- نَسْمَعُ مِنْهُ أَشْيَاءَ لاَ نَسْمَعُهَا مِنْكُم قَالَ أَمَّا أَنْ قَدْ سَمِعَ مِنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا لَمْ نَسْمَعْ فَلاَ أَشُكُّ وَسَأُخْبِرُكَ إِنَّا كُنَّا أَهْلَ بُيُوْتٍ وَكُنَّا إِنَّمَا نَأْتِي رَسُوْلَ اللهِ غُدْوَةً وَعَشِيَّةً وَكَانَ مِسْكِيْناً لاَ مَالَ لَهُ إِنَّمَا هُوَ عَلَى بَابِ رَسُوْلِ اللهِ فَلاَ أَشُكُّ أَنَّهُ قَدْ سَمِعَ مَا لَمْ نَسْمَعْ وَهَلْ تَجِدُ أَحَداً فِيْهِ خَيْرٌ يَقُوْلُ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا لَمْ يَقُلْ؟ 2.
وَرَوَى مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ يَقُوْلُ لِطَلْحَةَ ما لي أَرَاكَ شَعِثْتَ وَاغْبرَرْتَ مُذْ تُوُفِّيَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ? لَعَلَّهُ أَنَّ مَا بك إمارة بن عَمِّكَ -يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ- قَالَ مَعَاذَ اللهِ إِنِّي سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: "إِنِّي لأَعْلَمُ كَلِمَةً لاَ يَقُوْلُهَا رَجُلٌ يَحْضُرُهُ المَوْتُ إلَّا وَجَدَ رُوْحَهُ لَهَا رَوحاً حِيْنَ تَخْرُجُ مِنْ جَسَدِهِ وَكَانَتْ لَهُ نُوْراً يَوْمَ القِيَامَةِ" فَلَمْ أَسَأَلْ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْهَا وَلَمْ يُخْبِرْنِي بِهَا فَذَاكَ الَّذِي دَخَلَنِي قَالَ عُمَرُ فَأَنَا أَعْلَمُهَا قَالَ فَلِلَّهِ الحَمْدُ فَمَا هِيَ?
قَالَ: الكَلِمَةُ الَّتِي قَالَهَا لِعَمِّهِ قَالَ صَدَقْتَ3.
__________
1 ضعيف: أخرجه الحاكم "3/ 372-373" من طريق ليث، عن طلحة بن مصرف، به. قلت: إسناده ضعيف فيه ليث، وهو ابن أبي سليم، ضعيف، لسوء حفظه، وفيه الانقطاع بين طلحة بن مصرف، وعلي بن أبي طالب -رضي الله عنه- فإنه لم يدركه، وهو عند الحاكم "3/ 372"، والطبراني في "الكبير" "202".
2 ضعيف: أخرجه الترمذي "3837" من طريق محمد بن سلم الحراني، عن محمد بن إسحاق، به. وإسناده ضعيف، آفته محمد بن إسحاق، مدلس، وقد عنعنه.
3 صحيح لغيره: مجالد هو ابن سعيد، ضعيف، وقد صح الحديث فقد أخرجه أحمد "1/ 161"، وأبو يعلى "655"، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" "1099" والبيهقي في "الأسماء والصفات" "ص98" من طرق عن مطرف، عن عامر الشعبي، عن يحيى بن طلحة، عن أبيه قال: رأى عمر طلحة بن عبيد الله ثقيلا، فقال: مالك يا أبا فلان؟ لعلك ساءتك إمْرَة ابن عمك يا أبا فلان؟ قال: لا، إلا أني سمعت من=

(3/29)


أَبُو مُعَاوِيَةَ، وَغَيْرُهُ: حَدَّثَنَا أَبُو مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ، عَنْ أَبِي حَبِيْبَةَ، مَوْلَىً لِطَلْحَةَ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَلِيٍّ مَعَ عِمْرَان بنِ طَلْحَةَ بَعْدَ وَقْعَةِ الجَمَلِ فَرَحَّبَ بِهِ وَأَدْنَاهُ ثُمَّ قَالَ إني لأرجو أن يجعلني الله وَأَبَاكَ مِمَّنْ قَالَ فِيْهِمْ {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} [الْحجر 47] فَقَالَ رَجُلاَنِ جَالِسَانِ أَحَدُهُمَا الحَارِثُ الأَعْوَرُ اللهُ أَعْدَلُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَقْبَلَهُمْ وَيَكُونُوا إخواننا فِي الجَنَّةِ قَالَ قُوْمَا أَبْعَدَ أَرْضٍ وَأَسْحَقَهَا فَمَنْ هُوَ إِذَا لَمْ أَكُنْ أَنَا وَطَلْحَةَ! يابن أَخِي إِذَا كَانَتْ لَكَ حَاجَةً فَائْتِنَا.
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "لَقَدْ رَأَيْتَنِي يَوْمَ أُحُدٍ وَمَا قُرْبِي أَحَدٌ غَيْرَ جِبْرِيْلَ، عَنْ يَمِيْنِي وَطَلْحَةَ، عَنْ يَسَارِي" فَقِيْلَ فِي ذَلِكَ:
وَطَلْحَةُ يَوْمَ الشِّعْبِ آسَى مُحَمَّداً ... لَدَى سَاعَةٍ ضَاقَتْ عَلَيْهِ وَسُدَّتِ
وَقَاهُ بِكَفَّيْهِ الرِّمَاحَ فَقُطِّعَتْ ... أَصَابِعُهُ تَحْتَ الرِّمَاحِ فَشُلَّتِ
وَكَانَ إِمَامَ النَّاسِ بَعْدَ مُحَمَّدٍ ... أَقَرَّ رَحَا الإِسْلاَمِ حَتَّى اسْتَقَرَّتِ1
وَعَنْ طَلْحَةَ قَالَ: عُقِرْتُ يَوْمَ أُحُدٍ فِي جَمِيْعِ جَسَدِي، حَتَّى فِي ذَكَرِي.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بنُ يَحْيَى، عَنْ جَدَّتِهِ سُعْدَى بِنْتِ عَوْفٍ قَالَتْ قُتِلَ طَلْحَةُ وَفِي يَدِ خَازِنِهِ أَلْفُ أَلْفِ دِرْهَمٍ ومائتا أَلْفِ دِرْهَمٍ وَقُوِّمَتْ أُصُوْلُهُ وَعَقَارُهُ ثَلاَثِيْنَ أَلْفَ ألف درهم2.
__________
= رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيْثاً ما منعني أن أسأله عنه إلا القدرة عليه حتى مات، سمعته يقول: "إني لاعلم كلمة، لا يقولها عبد عند موته إلا أشرق لها لونه، ونفس الله عنه كربته". قال: فقال عمر: إني لاعلم ما هي. قال: وما هي؟ قال: تعلم كلمة أعظم من كلمة أمر بها عمه عند الموت، لا إله إلا الله؟ قال طلحة: صدقت، هي -والله- هي"، وأخرجه النسائي في "عمل اليوم والليلة" "1101"، وابن ماجه "3795"، وابن حبان "205" من طريق إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، عن يحيى بن طلحة، عن أمه سعدى المرية زوج طلحة بن عبيد الله، قالت: مر عمر بن الخطاب بطلحة بَعْدَ وَفَاةِ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: مالك مكتئبا، أساءتك إمرة ابن عمك؟ ... " فذكره.
1 ضعيف جدا: أخرجه الحاكم "3/ 378" من طريق صالح بن موسى الطلحي، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، به مرفوعا.
قلت: إسناده ضعيف جدا، آفته صالح بن موسى بن إسحاق بن طلحة التيمي، الكوفي متروك، كما قال الحافظ في "التقريب".
2 ضعيف جدا: هو في "الطبقات" "3/ 222"، وآفته إسحاق بنِ يَحْيَى بنِ طَلْحَةَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ، قال ابن معين: لا يكتب حديثه. وقال أحمد والنسائي: متروك الحديث. وقال البخاري: يتكلمون في حفظه

(3/30)


أَعْجَبُ مَا مَرَّ بِي قَوْلُ ابْنِ الجَوْزِيِّ فِي كَلاَمٍ لَهُ عَلَى حَدِيْثٍ قَالَ: وَقَدْ خَلَّفَ طَلْحَةُ ثَلاَثَ مَائَةِ حِمْلٍ مِنَ الذَّهَبِ.
وَرَوَى سَعِيْدُ بنُ عَامِرٍ الضُّبَعِيُّ، عَنِ المُثَنَّى بنِ سَعِيْدٍ قَالَ: أَتَى رَجُلٌ عَائِشَةَ بِنْتَ طَلْحَةَ فَقَالَ رَأَيْت طَلْحَةَ فِي المَنَامِ فَقَالَ قُلْ لِعَائِشَةَ تُحَوِّلَنِي مِنْ هَذَا المَكَانِ! فَإِنَّ النزَّ قَدْ آذَانِي فَرَكِبَتْ فِي حَشَمِهَا فَضَرَبُوا عَلَيْهِ بِنَاءً وَاسْتَثَارُوْهُ قَالَ فَلَمْ يَتَغَيَّرْ مِنْهُ إلَّا شُعَيْرَاتٌ فِي إِحْدَى شِقَّيْ لِحْيَتِهِ أَوْ قَالَ رَأْسِهِ وَكَانَ بَيْنَهُمَا بِضْعٌ وَثَلاَثُوْنَ سَنَة.
وحكَى المَسْعُوْدِيُّ أَنَّ عَائِشَةَ بِنْتَهُ هِيَ الَّتِي رَأَتِ المَنَامَ.
وَكَانَ قَتْلُهُ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، وَقِيْلَ: فِي رَجَبٍ، وهو ابن اثنتين وَسِتِّينَ سَنَةٍ أَوْ نَحْوِهَا وَقَبْرُهُ بِظَاهِرِ البَصْرَةِ1.
قَالَ يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ، وَخَلِيْفَةُ بنُ خَيَّاطٍ، وَأَبُو نَصْرٍ الكَلاَبَاذِيُّ: إِنَّ الَّذِي قَتَلَ طَلْحَةَ، مَرْوَانُ بنُ الحَكَمِ.
وَلِطَلْحَةَ أَوْلاَدٌ نُجَبَاءُ، أَفْضَلُهُمْ مُحَمَّدٌ السَّجَّادُ كَانَ شَابّاً، خَيِّراً، عَابِداً، قَانِتاً لِلِّهِ. وُلِدَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قُتِلَ يَوْمَ الجَمَلِ أَيْضاً، فَحَزِنَ عليه علي وقال: صرعه بره بأبيه.
__________
1 ضعيف جدا: أخرجه الطبراني في "الكبير" "199" من طريق الواقدي قال حدثني إِسْحَاقُ بنُ يَحْيَى بنِ طَلْحَةَ، عَنْ عَمِّهِ عيسى بن طلحة قال: كان طلحة يوم قتل ابن اثنين وستين سنة، قال الواقدي: وقتل يوم الجمل في جمادى سنة ست وثلاثين.
قال الواقدي: وحدثني محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بنُ مُحَمَّدِ بنِ طَلْحَةَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ، عن محمد بن زيد بن المهاجر بن قنفذ التيمي قال: قتل طلحة وهو ابن أربع وستين، ودفن بالبصرة في ناحية ثقيف، وأورده الهيثمي في "المجمع" "9/ 150": في إسنادهما الواقدي، وهو ضعيف.
قلت: آفته الواقدي، وهو متروك فالإسناد به ضعيف جدا.

(3/31)


8- الزبير بن العوام 2: "ع"
ابْنِ خُوَيْلِدِ بنِ أَسَدِ بنِ عَبْدِ العُزَّى بنِ قُصَيِّ بنِ كِلاَبِ بنِ مُرَّةَ بنِ كَعْبِ بنِ لُؤَيِّ بنِ غَالِبٍ.
حَوَارِيُّ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَابْنُ عَمَّتِهِ صَفِيَّةَ بنت عد المُطَّلِبِ وَأَحَدُ العَشرَةِ المَشْهُوْدِ لَهُم بِالجَنَّةِ وَأَحَدُ السِّتَّةِ أَهْلِ الشُّوْرَى وَأَوَّلُ مَنْ سَلَّ سَيْفَهُ فِي سَبِيْلِ اللهِ أَبُو عَبْدِ اللهِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَسْلَمَ وَهُوَ حَدَثٌ لَهُ سِتَّ عشرة سنة.
__________
2 ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 100"، والمصنف لابن أبي شيبة "13/ رقم 15781"، وطبقات خليفة بن خياط "13، 189، 291"، ومسند أحمد "1/ 164-167"، وفضائل الصحابة "2/ 732" وتاريخ البخاري الكبير "3/ ترجمة رقم 1359" وتاريخ الصغير "1/ 75"، والحلية لأبي نعيم "1/ 89-92"، والاستيعاب "2/ 510"، وصفوة الصفوة "1/ 132"، وتهذيب الأسماء واللغات "1/ 194-196"، وتهذيب الكمال "9/ ترجمة رقم 1971"، وتهذيب التهذيب "3/ ترجمة رقم: 592" والجرح والتعديل "3/ ترجمة رقم 2627"، وتجريد أسماء الصحابة "1/ 188"، وأسد الغابة "2/ 196"، والإصابة "1/ ترجمة رقم 2789".

(3/31)


وَرَوَى اللَّيْثُ، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ قَالَ أَسْلَمَ الزُّبَيْرُ ابْنُ ثَمَانِ سِنِيْنَ وَنَفَحَتْ نَفْحَةٌ مِنَ الشَّيْطَانِ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ أُخِذَ بِأَعْلَى مَكَّةَ فَخَرَجَ الزُّبَيْرُ وَهُوَ غُلاَمٌ ابْنُ اثْنَتَي عَشْرَةَ سَنَةً بِيَدِهِ السَّيْفُ فَمَنْ رَآهُ عجب وقال: الغُلاَمُ مَعَهُ السَّيْفُ حَتَّى أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "مَا لَكَ يَا زُبَيْرُ"؟ فَأَخْبَرَهُ وَقَالَ أَتَيْتُ أَضْرِبُ بِسَيْفِي مَنْ أَخَذَكَ1.
وَقَدْ وَرَدَ أَنَّ الزُّبَيْرَ كَانَ رَجُلاً طَوِيْلاً2 إِذَا رَكِبَ خَطَّتْ رِجْلاهُ الأَرْضَ وَكَانَ خَفِيْفَ اللِّحْيَةِ وَالعَارِضَيْنِ2. رَوَى أَحَادِيْثَ يَسِيْرَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ بَنُوْهُ: عَبْدُ اللهِ وَمُصْعَبٌ، وَعُرْوَةُ، وَجَعْفَرٌ، وَمَالِكُ بنُ أَوْسِ بنِ الحَدَثَانِ، وَالأَحْنَفُ بنُ قَيْسٍ وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَامِرِ بنِ كُرَيْزٍ وَمُسْلِمُ بنُ جُنْدَبٍ وَأَبُو حَكِيْمٍ مَوْلاَهُ وَآخَرُوْنَ.
اتَّفَقَا لَهُ عَلَى حَدِيْثَيْنِ وَانْفَرَدَ لَهُ البُخَارِيُّ بِأَرْبَعَةِ أَحَادِيْثَ وَمُسْلِمٌ بِحَدِيْثٍ3.
أَخْبَرَنَا المُسْلِمُ بنُ مُحَمَّدٍ وَجَمَاعَةٌ -إِذْناً- قَالُوا: أَنْبَأَنَا حَنْبَلٌ، أَنْبَأَنَا ابن الحصين، حدثنا
__________
1 صحيح: أخرجه الحاكم "1/ 360-361" من طريق ابْنُ لَهِيْعَةَ، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ، به. قلت: إسناده ضعيف، آفته ابن لهيعة، وهو ضعيف لسوء حفظه.
وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" "1/ 89" من طريق حماد بن أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ قال: فذكره.
قلت: إسناده صحيح، رجاله ثقات.
2 ضعيف: أخرجه الطبراني في "الكبير" "223" من طريق عبد الله بن محمد يحيى بن عروة بن الزبير قال: "كان الزبير بن العوام -رضي الله عنه- أبيض طويلا محففا خفيف العارضين".
قلت: إسناده واه بمرة، قال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الثقات. وقال أبو حاتم الرازي: متروك الحديث، وأخرج الطبراني في "الكبير" "224" من طريق أبي غزية، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: "كَانَ الزبير بن العوام -رضي الله عنه- طويلا يخط رجلاه الأرض إذا ركب الدابة أشعر، وربما أخذت بشعر كتفيه" وأورده الهيثمي في "المجمع" "9/ 150"، وقال: "وفيه أبو غزية ضعفه الجمهور ووثقه الحاكم".
3 ذكر المؤلف هذه الأحاديث في أثناء ترجمته، وسيأتي تخريجنا لها.

(3/32)


ابْنُ المُذْهِبِ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ القَطِيْعِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي أَبِي وَأَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا تَمِيْمٌ، أَنْبَأَنَا أَبُو سَعْدٍ الطَّبِيْبُ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَمْرٍو الحِيْرِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو يَعْلَى حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ قَالاَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ جَامِعِ بنِ شَدَّادٍ، عَنْ عَامِرٍ وَلفْظُ أَبِي يَعْلَى سَمِعْتُ عَامِرَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيْهِ قَالَ قلت لأبي مَالَكَ لاَ تُحَدِّثُ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَمَا يُحَدِّثُ عَنْهُ فُلاَنٌ وَفُلاَنٌ قَالَ مَا فَارَقْتُهُ مُنْذُ أَسْلَمْتُ وَلَكِنْ سَمِعْتُ مِنْهُ كَلِمَةً سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: "مَنْ كَذَبَ عليَّ مُتَعَمِّداً فَلْيَتَبَوَأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ" لَمْ يَقُلْ أبو يعلى متعمدًا1.
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيْدٍ سُنْقُرُ بنُ عَبْدِ اللهِ الحَلَبِيُّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّطِيْفِ بنُ يُوْسُفَ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الحَقِّ اليُوْسُفِيُّ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ المُقْرِئُ حَدَّثَنَا عَبْدُ البَاقِي بنُ قَانِعٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بن مسلم حدثنا أبو الوليد وَحَدَّثَنَا بِشْرٌ حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ حَكَّامٍ قَالاَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ جَامِعِ بنِ شَدَّادٍ، عَنْ عَامِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِيْهِ قَالَ قُلْتُ لأَبِي مَا لَكَ لاَ تُحَدِّثُ، عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كما يحدث بن مَسْعُوْدٍ? قَالَ أَمَا إِنِّي لَمْ أُفَارِقْهُ مُنْذُ أَسْلَمْتُ وَلَكِنْ سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: "مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّداً فَليَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ".
رَوَاهُ خَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الطَّحَّانُ، عَنْ بَيَانِ بنِ بِشْرٍ، عَنْ وَبَرَةَ، عَنْ عَامِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ نَحْوَهُ أَخْرَجَ طَرِيْقَ شُعْبَةَ البُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائَيُّ وَالقَزْوِيْنِيُّ2.
قَالَ إِسْحَاقُ بنُ يَحْيَى: عَنْ مُوْسَى بنِ طَلْحَةَ قَالَ كَانَ عَلِيٌّ وَالزُّبَيْرُ وَطَلْحَةُ وَسَعْدٌ عِذَارَ عَامٍ وَاحِدٍ يَعْنِي وُلِدُوا فِي سَنَةٍ.
وَقَالَ المَدَائِنِيُّ كَانَ طَلْحَةُ والزبير وعلي أترابًا.
__________
1 صحيح على شرط الشيخين: وهو حديث متواتر.
أخرجه ابن أبي شيبة "8/ 760"، والطيالسي "191"، وأحمد "1/ 166-167" والبخاري "107"، والنسائي في الكبرى" "5912"، وابن ماجه "36" والبزار "970" من طريق عن شعبة، عن جامع بن شداد، عن عَامِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أبيه قال: قلت لأبي "الزبير بن العوام" -رضي الله عنه- مَا لَكَ لاَ تُحَدِّثُ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "ما فارقته منذ أسلمت ولكني سَمِعْتُ مِنْهُ كَلِمَةً سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: "مَنْ كَذَبَ عليَّ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ".
وأخرجه أبو داود "3651"، والبزار "971"، وأبو يعلى "674" من طريق وبرة بن عبد الرحمن، عن عامر بن عبد الله، به.
وأخرجه الدارمي "233" من طريق عبد الله بن عروة، عن عبد الله بن الزبير، به.
2 صحيح على شرط الشيخين: وهو حديث صحيح متواتر. وراجع تخريجنا السابق.

(3/33)


وَقَالَ يَتِيْمُ عُرْوَةَ1 هَاجَرَ الزُّبَيْرُ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِ عَشْرَةَ سَنَةٍ وَكَانَ عَمُّهُ يُعَلِّقُهُ وَيُدَخِّنُ عَلَيْهِ وَهُوَ يَقُوْلُ لاَ أَرْجِعُ إِلَى الكُفْرِ أبدًا2.
قَالَ عُرْوَةُ: جَاءَ الزُّبَيْرُ بِسَيْفِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "مَا لَكَ"؟ قَالَ أُخْبِرْتُ أَنَّكَ أُخِذْتَ قَالَ: "فَكُنْتَ صَانعاً مَاذَا"؟ قَالَ كُنْتُ أَضْرِبُ بِهِ مَنْ أَخَذَكَ فَدَعَا لَهُ وَلِسَيْفِهِ.
وَرَوَى: هِشَامٌ، عَنْ أَبِيْهِ عُرْوَةَ أَنَّ الزُّبَيْرَ كَانَ طَوِيْلاً تَخُطُّ رِجْلاَهُ الأَرْضَ إِذَا رَكِبَ الدَّابَّةَ أَشْعَرَ وَكَانَتْ أُمُّهُ صَفِيَّةُ تَضْرِبُهُ ضَرْباً شَدِيْداً وَهُوَ يَتِيْمٌ فَقِيْلَ لَهَا قَتَلْتِهِ أَهْلَكْتِهِ قَالَتْ:
إِنَّمَا أَضْرِبُهُ لِكَي يَدِبّ ... وَيَجُرَّ الجَيْشَ ذَا الجَلَبْ3
قَالَ: وَكَسَرَ يَدَ غُلاَمٍ ذَاتَ يَوْمٍ فَجِيْءَ بِالغُلاَمِ إِلَى صَفِيَّةَ فقيل لها ذلك فقالت:
كيف وجدت زبرًا4 ... أَأَقِطاً5 أَمْ تَمْرَا
أَمْ مُشْمَعِلاَّ6 صَقْرَا#
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَأَسْلَمَ عَلَى مَا بَلَغَنِي عَلَى يَدِ أَبِي بَكْرٍ الزُّبَيْرُ وَعُثْمَانُ وَطَلْحَةُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ وَسَعْدٌ.
وَعَنْ عُمَرَ بنِ مُصْعَبِ بنِ الزُّبَيْرِ قَالَ قَاتَلَ الزُّبَيْرُ مَعَ نَبِيِّ اللهِ وله سبع عشرة.
__________
1 هو: محمد بن عبد الرحمن بن نوفل بن الأسود بن نوفل القرشي، أبو الأسود المدني، يتيم عروة، قدم مصر سنة ست وثلاثين ومائة فيما ذكر عبد الله بن لهيعة، وكان جده الأسود من مهاجرة الحبشة، وممن مات بها، وكان أبوه أوصى به إلى عروة بن الزبير فقيل له: يتيم عروة لذلك.
2 صحيح: أخرجه الطبراني في "الكبير" "239" من طريق عبد الله بن وهب، حدثنا الليث بن سعد، عن أبي الأسود قال: أسلم الزبير بن العوام وهو ابن ثمان سنين، وهاجر وهو ابن ثمان عشرة، وكان عم الزبير في حصير ويدخن عليه بالنار وهو يقول: ارجع إلى الكفر فيقول الزبير لا أكفر أبدا.
قلت: إسناده ضعيف لانقطاعه بين أبي الأسود، والزبير بن العوام، لكن قد وصله الحاكم "3/ 360" فرواه عن بكير، حدثنا الليث بن سعد، عن أبي الأسود عن عروة بن الزبير قال: أسلم الزبير بن العوام وهو ابن ثمان سنين وهاجر وهو ابن ثمان عشرة سنة....." فذكره.
قلت: ورجاله ثقات، والإسناد صحيح.
3 ورد الشطر الأول في "الإصابة" ترجمة الزبير بن العوام رقم "2789" "ويهزم الجيش ويأتي بالسلب"،
4 وقع في "الإصابة"، وفي "لسان العرب" مادة "شمعل": "كيف رأيت زبرا" بالزاي وليس بالواو كما وقع بالأصل، "وبرا" فأثبتناه بالزاي كما في "الإصابة" واللسان.
5 الأقط: لبن مجفف يابس مستحجر يُطبخ به.
6 المشمعل: السريع يكون في الناس والإبل.

(3/34)


أَسَدُ بنُ مُوْسَى، حَدَّثَنَا جَامِعٌ أَبُو سَلَمَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنَ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ البَهِيِّ قَالَ كَانَ يَوْمَ بَدْرٍ مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَارِسَانِ الزُّبَيْرُ عَلَى فَرَسٍ عَلَى المَيْمَنَةِ وَالمِقْدَادُ بنُ الأَسْوَدِ عَلَى فَرَسٍ عَلَى المَيْسَرَةِ1.
وَقَالَ هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ: عَنْ أَبِيْهِ قَالَ كَانَتْ عَلَى الزُّبَيْرِ يَوْمَ بَدْرٍ عمَامَةٌ صَفْرَاءُ فَنَزَلَ جِبْرِيْلُ عَلَى سِيْمَاءِ الزُّبَيْرِ2.
الزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ، عَنْ عُقْبَةَ بنِ مُكْرَمٍ حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بنُ سَلاَمٍ، عَنْ سَعْدِ بنِ طَرِيْفٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ البَاقِرِ قَالَ كَانَتْ عَلَى الزُّبَيْرِ يَوْمَ بَدْرٍ عمَامَةٌ صَفْرَاءُ فنزلت الملائكة كذلك3.
وَفِيْهِ يَقُوْلُ عَامِرُ بنُ صَالِحٍ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ:
جَدِّي ابْنُ عَمَّةِ أَحْمَدٍ وَوَزِيْرُهُ ... عِنْدَ البَلاَءِ وَفَارِسُ الشَّقْرَاءِ
وَغَدَاةَ بَدْرٍ كَانَ أَوَّلَ فَارِسٍ ... شَهِدَ الوَغَى فِي اللاَّمَةِ الصَّفْرَاءِ
نَزَلَتْ بِسِيْمَاهُ المَلاَئِكُ نُصْرَةً ... بِالحَوْضِ يَوْمَ تَأَلُّبِ الأَعْدَاءِ
وَهُوَ مِمَّنْ هَاجَرَ إِلَى الحَبَشَةِ فِيْمَا نَقَلَهُ مُوْسَى بنُ عُقْبَةَ وَابْنُ إِسْحَاقَ ولم يُطِل الإقامة بها.
__________
1 ضعيف: أخرجه الطبراني في "الكبير" "231" من طريق أسد بن موسى، به. وهو ضعيف لإرساله.
2 ضعيف: أخرجه الطبراني في "الكبير" "230" من طريق حماد بن سلمة عن هشام بن عروة، عن عروة، به، وهو ضعيف لإرساله.
3 صحيح: هذا إسناد ضعيف جدا، فيه علتان: سعد بن طريف الإسكاف الحنظلي الكوفي، متروك كما قال النسائي والدارقطني. وقال ابن حبان: كان يضع الحديث. والعلة الثانية الإرسال، محمد بن علي بن الحسين، أبو جعفر الباقر، من الطبقة الرابعة لم يلق الزبير، فالإسناد منقطع، وأخرجه الطبراني في "الكبير" "230" من طريق أسد بن موسى حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامِ بنِ عروة، عن عروة قال: "نزل جبريل صلى الله عليه وسلم يوم بدر على سيماء الزبير بن العوام وهو معتجر بعمامة صفراء". وأورده الهيثمي في "المجمع" "6/ 83"، وقال: وهو مرسل صحيح الإسناد، وأخرجه الحاكم "3/ 361" من طريق أبي إسحاق الفزاري، عن هشام بن عروة، عن عباد بن عبد الله بن الزبير قال: فذكره.
قلت: وهو مرسل، فالإسناد ضعيف.
وأخرجه ابن سعد "3/ 102-103" من طريق موسى بن محمد بن إبراهيم، عن أبيه، عن الزبير، به.
والإسناد واه بمرة، آفته موسى بن محمد بن إبراهيم، فإنه منكر الحديث، وأخرج ابن سعد من طريق وكيع، عن هشام بن عروة، عن رجل من ولد الزبير، وقال مرة: عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير.
وقال مرة: عن حمزة بن عبد الله قال: كان على الزبير. فالأثر صحيح بمجموع هذا المراسيل إن شاء الله.

(3/35)


أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيْهِ قَالَتْ عائشة يابن أُخْتِي كَانَ أَبُوَاكَ -يَعْنِي الزُّبَيْرَ وَأَبَا بَكْرٍ- مِن {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ} [آلُ عِمْرَانَ 172] .
لَمَّا انْصَرَفَ المُشْرِكُوْنَ مِنْ أُحُدٍ وأصاب النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه مَا أَصَابَهُمْ خَافَ أَنْ يَرْجِعُوا فَقَالَ: "مَنْ يُنْتَدَبُ لِهَؤُلاَءِ فِي آثَارِهِمْ حَتَّى يَعْلَمُوا أَنَّ بِنَا قُوَّةً"؟ فَانْتُدِبَ أَبُو بَكْرٍ وَالزُّبَيْرُ فِي سَبْعِيْنَ فَخَرَجُوا فِي آثَارِ المُشْرِكِيْنَ فَسَمِعُوا بِهِم فَانْصَرَفُوا قَالَ تَعَالَى: {فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوء} [آلُ عِمْرَانَ 174] لَمْ يَلْقَوا عَدُوّاً1.
وَقَالَ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ: جَابِرٌ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يوم الخَنْدَقِ: "مَنْ يَأْتِيْنَا بِخَبَرِ بَنِي قُرَيْظَةَ"؟ فَقَالَ الزُّبَيْرُ: أَنَا فَذَهَبَ عَلَى فَرَسٍ فَجَاءَ بِخَبَرِهِمْ ثم قَالَ الثَّانِيَةَ فَقَالَ الزُّبَيْرُ أَنَا فَذَهَبَ ثُمَّ الثَّالِثَةَ فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيٌّ وَحَوَارِيَّ الزُّبَيْرُ" رَوَاهُ جَمَاعَةٌ، عَنِ ابْنِ المُنْكَدِرِ عَنْهُ2.
وَرَوَى جَمَاعَةٌ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيّاً وَإِنَّ حَوَارِيَّ الزُّبَيْرُ" 3.
أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنِ ابْنِ المُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الزُّبَيْرُ ابْنُ عَمَّتِي وحواري من أمتي" 4.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "4077"، ومسلم "2418"، والحميدي "263" من طرق عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنهما: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ} [آل عمران: 172] ، قالت لعروة: يابن أختي: كان أبواك منهم، الزبير وأبو بكر. لما أصاب رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أصاب يوم أحد وانصرف عنه المشركون خاف أن يرجعوا، قال: من يذهب في إثراهم؟ فانتدب منهم سبعون رجلا قال: كان فيهم أبو بكر والزبير". واللفظ للبخاري، ووقع عند مسلم والحميدي مختصرا.
2 صحيح: أخرجه أحمد "3/ 314"، وابن أبي شيبة "12/ 92"، ومسلم "2415"، والنسائي في "الفضائل" "107، 108" من طريق هشام بن عروة عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عَبْدِ اللهِ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال يوم الخندق فذكره، وأخرجه أحمد "3/ 307، 338، 365"، وفي "الفضائل" "1264"، والبخاري "2846، 2847"، "2997"، "3719"، "7261"، ومسلم "2415"، والترمذي "3745"، والنسائي في "الفضائل" "107" وابن ماجه "122"، وأبو عوانة "4/ 301" من طريق عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله، به.
3 صحيح: راجع تخريجنا السابق.
4 صحيح على شرط الشيخين: أخرجه أحمد "3/ 314"، وابن أبي شيبة "12/ 92"، والنسائي في "الكبرى" "8212" من طريق أبي معاوية به.

(3/36)


يُوْنُسُ بنُ بُكَيْرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنِ الزُّبَيْرِ قَالَ أَخَذَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِيَدِي فَقَالَ: "لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيٌّ وَحَوَارِيَّ الزُّبَيْرُ وَابْنُ عَمَّتِي" 1.
وَبِإِسْنَادِي فِي المُسْنَدِ إِلَى أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بن عمرو حدثنا زَائِدَةُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ قَالَ: اسْتَأْذَنَ بن جُرْمُوْزٍ عَلَى عَلِيٍّ وَأَنَا عِنْدَهُ فَقَالَ عَلِيٌّ: بشر قاتل بن صَفِيَّةَ بِالنَّارِ سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: "لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيٌّ وَحَوَارِيَّ الزُّبَيْرُ" تَابَعَهُ شَيْبَانُ وَحَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ2.
وَرَوَى جَرِيْرٌ الضَّبِّيُّ، عَنْ مُغِيْرَةَ، عَنْ أُمِّ مُوْسَى قَالَتْ: اسْتَأْذَنَ قَاتِلُ الزُّبَيْرِ فَذَكَرَهُ.
وَرَوَى يَزِيْدُ بنُ أَبِي حَبِيْبٍ، عَنْ مَرْثَدٍ اليَزَنِيِّ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "وَحَوَارِيَّ مِنَ الرَّجَالِ الزُّبَيْرُ وَمِنَ النِّسَاءِ عَائِشَةُ" 3.
ابْنُ أَبِي عَرُوْبَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلاً يَقُوْلُ: يابن حَوَارِيِّ رَسُوْلِ اللهِ! فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: إِنْ كُنْتَ مِنْ آلِ الزُّبَيْرِ وَإِلاَّ فَلاَ4.
رَوَاهُ ثِقَتَانِ عَنْهُ وَالحَوَارِيُّ: النَّاصِرُ، وَقَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: الحَوَارِيُّ: الخَالِصُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَقَالَ الكَلْبِيُّ الحواري الخليل.
هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: جَمَعَ لِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أبويه5.
__________
1 صحيح: أخرجه ابن سعد "3/ 105"، والحاكم "3/ 362" من طريق يونس بن بكير، به.
وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي. وهو كما قالا.
2 حسن: أخرجه ابن سعد "3/ 105"، وأحمد "1/ 89، 102، 103"، وابن أبي شيبة "12/ 93"، وابن أبي عاصم "1389"، والطيالسي "163"، والبزار "556"، و"559"، والطبراني في الكبير" "228"، "243"، من طريق عاصم بن بهدلة. عن زر بن حبيش قال: فذكره.
قلت: إسناده حسن، عاصم بن بهدلة، وهو ابن أبي النجود، صدوق كما قال الحافظ في "التقريب". وابن صفية: هو الزبير بن العوام، أمة صفية بِنْتُ عَبْدِ المُطَّلِبِ عَمَّةُ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
3 ضعيف: لإرساله فقد أرسله مرثد بن عبد الله اليزني، أبو الخير المصري، فهو وإن كان ثقة إلا أنه من الطبقة الثالثة، وهي الطبقة الوسطى من التابعين.
4 أخرجه الطبراني في "الكبير" "225" من طريق سعيد بن أبي عروبة به،
وأورده الهيثمي في "المجمع" "9/ 151" وقال: رواه البزار ورجاله ثقات ولم ينسبه إلى الطبراني.
5 صحيح على شرط الشيخين: أخرجه أحمد "1/ 164"، ابن ماجه "123"، والنسائي في "اليوم والليلة" "200" وأبو يعلى "672" من طريق أبي معاوية، حدثنا هِشَامٍ، عَنِ أَبِيْه، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ الزبير، عن الزبير، به، قوله: "جمع لِي رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبويه"، أي قال له: فداك أبي وأمي.

(3/37)


أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي عَصْرُوْنَ، أَنْبَأَنَا أَبُو رَوْحٍ، أَنْبَأَنَا تَمِيْمٌ المُقْرِئُ، أَنْبَأَنَا أَبُو سَعْدٍ الأَدِيْبُ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَمْرٍو الحِيْرِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ، حَدَّثَنَا حَوْثَرَةُ بنُ أَشْرَسَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بن سلمة، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ قَالَ لَهُ: يَا أَبَةِ! قَدْ رَأَيْتُكَ تَحْمِلُ عَلَى فَرَسِكَ الأَشْقَرِ يَوْمَ الخَنْدَقِ قَالَ يَا بُنَيَّ رَأَيْتَنِي? قَالَ نَعَمْ قَالَ فَإِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَئِذٍ لَيَجْمَعُ لأَبِيْكَ أَبَوَيْهِ يَقُوْلُ: "ارْمِ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي" 1.
أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ": حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ قَالَ لَمَّا كَانَ يَوْمُ الخَنْدَقِ كُنْتُ أَنَا وَعُمَرُ بنُ أَبِي سَلَمَةَ فِي الأُطُمِ الَّذِي فِيْهِ نِسَاءُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُطُمِ حَسَّان فَكَانَ عُمَرُ يَرْفَعُنِي وَأَرْفَعُهُ فَإِذَا رَفَعَنِي عَرَفْتُ أَبِي حِيْنَ يَمُرُّ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ فَيُقَاتِلُهُمْ2.
الرياشي حدثنا الأصمعي حدثنا بن أَبِي الزِّنَادِ قَالَ ضَرَبَ الزُّبَيْرُ يَوْمَ الخَنْدَقِ عُثْمَانَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ المُغِيْرَةِ بِالسَّيْفِ عَلَى مِغْفَرِهِ فَقَطَعَهُ إِلَى القَرَبُوسِ3 فَقَالُوا مَا أَجْوَدَ سَيْفَكَ! فَغَضِبَ الزُّبَيْرُ يُرِيْدُ أَنَّ العَمَلَ لِيَدِهِ لاَ لِلسَّيْفِ.
أَبُو خَيْثَمَةَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ المَدِيْنِيُّ حَدَّثَتْنِي أُمُّ عُرْوَةَ بِنْتُ جَعْفَرٍ، عَنْ أُخْتِهَا عَائِشَةَ، عَنْ أَبِيْهَا، عَنْ جَدِّهَا الزُّبَيْرِ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَعْطَاهُ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ لِوَاءِ سَعْدِ بنِ عُبَادَةَ فَدَخَلَ الزُّبَيْرُ مَكَّةَ بِلِوَاءَيْنِ4.
__________
1 راجع تخريجنا لحديث التالي.
2 صحيح على شرط الشيخين: أخرجه أحمد "1/ 164"، ومسلم "2416" من طريق أبي أسامة حماد بن أسامة، به.
وأخرجه ابن سعد "3/ 106"، ومسلم "2416"، والترمذي "3743"، والبزار "966"، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" "201" وأبو يعلى "673"، من طرق عن هشام بن عروة به. وتمام الحديث. ".... من يأتي بني قريظة فيقاتلهم؟ فقلت له حين رجع: يا أبة، إن كنت لاعرفك حين تمر ذاهبا إلى بني قريظة، فقال: يا بني. أما الله إِنْ كَانَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم ليجمع لي أبويه جميعا يتفداني بهما قول: "فداك أبي وأمي"، واللفظ لأحمد.
3 القربوس: مقدم ومؤخر السرج، والقربوس المقدم رجلا السرج، والقربوس الآخر فيه رجلا المؤخرة، وهما حنواه.
4 ضعيف جدا: آفته محمد بن الحسن المديني: وهو ابن زبالة المخزومي.
قال أبو داود: كذاب. وقال يحيى: ليس بثقة. وقال النسائي والازدي: متروك.
وقال أبو حاتم: واهي الحديث. وقال الدارقطني وغيره: منكر الحديث. وأورده الهيثمي في "المجمع" "6/ 169" وقال: "رواه أبو يعلى، وفيه محمد بن الحسن بن زبالة، وهو ضعيف جدا".

(3/38)


وَعَنْ أَسمَاءَ قَالَتْ: عِنْدِي لِلزُّبَيْرِ سَاعِدَانِ مِنْ دِيْبَاجٍ، كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَعْطَاهُمَا إِيَّاهُ، فَقَاتَلَ فِيْهِمَا. رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مسند" من طريق ابن لهيعة1.
علي بن حرب: حدثنا بن وَهْبٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ أَعْطَى رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الزُّبَيْرَ يَلْمَقَ2 حَرِيْرٍ مَحْشُوٍّ بِالقَزِّ يُقَاتِلُ فِيْهِ.
وَرَوَى يَحْيَى بنُ يَحْيَى الغَسَّانِيُّ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ قَالَ قَالَ الزُّبَيْرُ مَا تَخَلَّفْتُ، عَنْ غَزْوَةٍ غَزَاهَا المُسْلِمُوْنَ إلَّا أَنْ أُقْبِلَ فَأَلْقَى نَاساً يَعْقِبُوْنَ.
وَعَنِ الثَّوْرِيِّ قَالَ: هَؤُلاَءِ الثَّلاَثَةُ نَجْدَةُ الصَّحَابَةِ: حَمْزَةُ وَعَلِيٌّ وَالزُّبَيْرُ.
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بنِ زَيْدٍ أَخْبَرَنِي مَنْ رَأَى الزُّبَيْرَ وَفِي صَدْرِهِ أَمْثَالُ العُيُوْنِ مِنَ الطَّعْنِ وَالرَّمْي.
مَعْمَرٌ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ عُرْوَةَ قَالَ كَانَ فِي الزُّبَيْرِ ثَلاَثُ ضَرَبَاتٍ بِالسَّيْفِ إِحْدَاهُنَّ فِي عَاتِقِهِ إِنْ كُنْتُ لأُدْخِلُ أَصَابِعِي فيها ضرب اثنتين يَوْمَ بَدْرٍ وَوَاحِدَةً يَوْمَ اليَرْمُوْكِ.
قَالَ عُرْوَةُ قَالَ عَبْدُ المَلِكِ بنُ مَرْوَانَ حِيْنَ قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يَا عُرْوَةَ! هَلْ تَعْرِفُ سَيْفَ الزُّبَيْرِ? قُلْتُ نَعَمْ قَالَ فَمَا فِيْهِ? قُلْتُ فَلَّةٌ فَلَّهَا يَوْمَ بَدْرٍ فَاسْتَلَّهُ فَرَآهَا فِيْهِ فقال:
بهن فلول من قراع الكتائب3
__________
1 حسن: أخرجه أحمد "6/ 352" من طريق معمر، عن عبد الله بن المبارك، عَنِ ابْنِ لهيعة، عن خالد بن يزيد المصري، قال سمعت عبد الله مولى أسماء يحدث أنه سمع أسماء بنت أبي بكر تقول: "عِنْدِي لِلزُّبَيْرِ سَاعِدَانِ مِنْ دِيْبَاجٍ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم "أعطاهما إياه يقاتل فيهما".
قلت: إسناده، فيه عبد الله بن لهيعة، صدوق، وقد روى عنه عبد الله بن المبارك، وقد روى عنه قبل احتراق كتبه.
2 اليلمق: القباء المحشو، وجمعة يلامق، وهو فارسي معرب، وهو بالفارسية يلمه.
3 هذا شطر بيت للنابغة الذبياني من بايئته المشهورة وأول البيت:
"ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم"
وأول القصيدة:
كليني لهم يا أميمة ناصب ... وليل أقاسيه بطيء الكواكب
يقول فيها:
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم ... بهن فلول من قراع الكتائب
وهو من المدح في معرض الذم؛ لأن الفل في السيف نقص حسي، لكنه لما كان دليلا على قوة ساعد صاحبه كان من جملة كماله.

(3/39)


ثُمَّ أَغْمَدَهُ وَرَدَّهُ عَلَيَّ فَأَقَمْنَاهُ بَيْنَنَا بِثَلاَثَةِ آلاَفٍ فَأَخَذَهُ بَعْضُنَا وَلَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ أَخَذْتُهُ1.
يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان على حراء فَتَحَرَّكَ فَقَالَ: "اسْكُنْ حِرَاءُ! فَمَا عَلَيْكَ إلَّا نَبِيٌّ أَوْ صِدِّيْقٌ أَوْ شَهِيْدٌ" وَكَانَ عَلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ2. الحَدِيْثُ رَوَاهُ مُعَاوِيَةُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوْعاً وَذَكَرَ مِنْهُم عَلِيّاً.
وَقَدْ مَرَّ فِي تَرَاجِمِ الرَّاشِدِيْنَ أَنَّ العَشَرَةَ فِي الجَنَّةِ وَمَرَّ فِي تَرْجَمَةِ طلحة، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ جَارَايَ فِي الجَنَّةِ"3.
أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ عَمْرِو بنِ مَيْمُوْنَ قَالَ: قَالَ عُمَرُ: إِنَّهُمْ يَقُوْلُوْنَ اسْتَخْلِفْ عَلَيْنَا فَإِنْ حَدَثَ بِي حَدَثٌ فَالأَمْرُ فِي هَؤُلاَءِ السِّتَّةِ الَّذِيْنَ فَارَقَهُمْ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ ثُمَّ سَمَّاهُمْ.
أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بنُ عَدِيٍّ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ مُسْهِرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ مَرْوَانَ وَلاَ إِخَالُهُ مُتَّهَماً عَلَيْنَا قَالَ: أَصَابَ عُثْمَانَ رُعَافٌ سَنَةَ الرُّعَافِ حَتَّى تَخَلَّفَ، عَنِ الحَجِّ وَأَوْصَى فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ فَقَالَ: اسْتَخْلِفْ قَالَ: وَقَالُوْهُ? قَالَ: نَعَمْ قَالَ: مَنْ هُوَ? فَسَكَتَ قَالَ: ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ آخَرَ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ وَرَدَّ عَلَيْهِ نَحْوَ ذَلِكَ. قَالَ: فَقَالَ عُثْمَانُ قَالُوا الزُّبَيْرَ? قَالُوا: نَعْم قَالَ: أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنْ كَانَ لأَخْيَرَهُمْ مَا عَلِمْتُ وَأَحَبَّهُم إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ4.
رَوَاهُ أَبُو مَرْوَانَ الغَسَّانِيُّ5، عَنْ هشام نحوه.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "3973".
2 صحيح: أخرجه مسلم "2417"، من طريق إسماعيل بن أبي أويس، حدثني سليمان بن بلال، عن يحيى بن سعيد، به.
3 ضعيف: سبق تخريجنا له قريبا بتعليق رقم "63"، وهو عند الترمذي "3741"، والحاكم "3/ 364"، وآفته النضر بن منصور الذهلي، أبو عبد الرحمن الكوفي، فإنه ضعيف كما ذكرنا هناك.
4 صحيح أخرجه أحمد "1/ 64" وفي "فضائل الصحابة" "1262" والبخاري "3717"، 3718"، من طريق هشام به.
5 هو: يحيى بن أبي زكريا الغساني الواسطي يكنى أبا مروان من طبقة زيد بن هارون. قال أبو حاتم: شيخ، وقال أبو داود: ضعيف أخرج له البخاري حديثا واحدا متابعة.

(3/40)


وَقَالَ هِشَامٌ، عَنْ أَبِيْهِ قَالَ عُمَرُ: لَوْ عَهِدْتَ أَوْ تَرَكْتَ تَرِكَةً كَانَ أَحَبُّهُمْ إِليَّ الزُّبَيْرُ إِنَّهُ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الدِّيْنِ1.
ابْنُ عُيَيْنَةَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ قَالَ أَوْصَى إِلَى الزُّبَيْرِ سَبْعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْهُم عُثْمَانُ وَابْنُ مَسْعُوْدٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ فَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى الوَرَثَةِ مِنْ مَالِهِ وَيَحْفَظُ أَمْوَالَهُمْ.
ابْنُ وَهْبٍ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ الحَارِثِ، حَدَّثَنِي هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ أَنَّ الزُّبَيْرَ خَرَجَ غَازِياً نَحْوَ مِصْرَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَمِيْرُ مِصْرَ: إِنَّ الأَرْضَ قَدْ وَقَعَ بِهَا الطَّاعُوْنُ فَلاَ تَدْخُلْهَا فَقَالَ إِنَّمَا خَرَجْتُ لِلطَّعْنِ وَالطَّاعُوْنِ فَدَخَلَهَا فَلَقِيَ طَعْنَةً فِي جَبْهَتِهِ فَأَفْرَقَ2.
عَوْفٌ: عَنْ أَبِي رَجَاء العُطَارِدِيُّ قَالَ شَهِدْتُ الزُّبَيْرَ يَوْماً وَأتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: مَا شَأْنُكُمْ أَصْحَابَ رَسُوْلِ اللهِ? أَرَاكُمْ أَخَفَّ النَّاسِ صَلاَةً؟ قَالَ: نُبَادِرُ الوَسْوَاسَ.
الأَوْزَاعِيُّ: حَدَّثَنِي نُهَيْكُ بنُ مَرْيَمَ، حدثنا مغيث بن سمي قال: كان لِلزُّبَيْرِ بنِ العَوَّام أَلفُ مَمْلُوْكٍ يُؤَدُّوْنَ إِلَيْهِ الخَرَاجَ فَلاَ يُدْخِلُ بَيْتَهُ مِنْ خَرَاجِهِمْ شَيْئاً.
رَوَاهُ: سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ نَحْوَهُ وَزَادَ بَلْ يَتَصَدَّقُ بِهَا كُلِّهَا.
وَقَالَ الزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ: حَدَّثَنِي أَبُو غَزِيَّةَ مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُصْعَبٍ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ المُنْذِرِ، عَنْ جَدَّتِهَا أَسمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: مَرَّ الزُّبَيْرُ بِمَجْلِسٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَحَسَّانُ يُنْشِدُهُمْ مِنْ شِعْرِهِ وَهُمْ غَيْرُ نِشَاطٍ لِمَا يَسْمَعُوْنَ مِنْهُ فَجَلَسَ معهم الزبير ثم قال: ما لي أَرَاكُمْ غَيْرَ أَذِنِيْنَ لِمَا تَسْمَعُوْنَ مِنْ شِعْرِ ابْنِ الفُرَيْعَةِ! فَلَقَدْ كَانَ يعرضُ بِهِ رَسُوْل اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَيُحْسِنُ اسْتمَاعَهُ وَيُجْزَلُ عَلَيْهِ ثَوَابَهُ وَلاَ يَشْتَغِلُ عَنْهُ فَقَالَ حسان يمدح الزبير:
__________
1 ضعيف جدا: أخرجه الطبراني في "الكير" "232" من طريق عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ عروة، عن هشام بن عروة، به.
وأورده الهيثمي في "المجمع" "9/ 151"، وقال: "وإسناده حسن" "! " "! ".
قلت: أنى له الحسن، وفي الإسناد عبد الله بن محمد بن يحيى، وهو متروك، وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يَرْوِي المَوْضُوْعَاتِ عَنِ الثِّقَاتِ، فالإسناد ضعيف جدا.
2 أفرق: أي برأ. وفي الحديث "عدوا من أفرق من الحي". أي برأ من الطاعون. يقال أفرق المريض من مرضه إذا أفاق وقيل: إن ذلك لا يقال إلا في علة تصيب الإنسان مرة، كالجدري والحصبة.

(3/41)


أَقَامَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ وَهَدْيِهِ ... حَوَارِيُّهُ وَالقَوْلُ بِالفِعْلِ يُعْدَلُ
أَقَامَ عَلَى مِنْهَاجِهِ وَطَرِيْقِهِ ... يُوَالِي وَلِيَّ الحَقِّ وَالحَقُّ أَعْدَلُ
هُوَ الفَارِسُ المَشْهُوْرُ وَالبَطَلُ الَّذِي ... يَصُوْلُ إِذَا مَا كَانَ يَوْمٌ مُحَجَّلُ
إِذَا كَشَفَتْ، عَنْ سَاقِهَا الحَرْبُ حَشَّهَا ... بأبيض سباق إلى الموت يرقل1
وإن امرأً كَانَتْ صَفِيَّةُ أُمَّهُ ... وَمِنْ أَسَدٍ فِي بَيْتِهَا لَمُؤَثَّلُ
لَهُ مِنْ رَسُوْلِ اللهِ قُرْبَى قَرِيْبَةٌ ... وَمِنْ نُصْرَةِ الإِسْلاَمِ مَجْدٌ مُؤَثَّلُ2
فَكَمْ كُرْبَةٍ ذَبَّ الزُّبَيْرُ بِسَيْفِهِ ... عَنِ المُصْطَفَى وَاللهُ يُعْطِي فيجزل
ثناؤك خير من فعال معاشر ... وفعلك يابن الهَاشِمِيَّةِ أَفْضَلُ3
قَالَ جُوَيْرِيَةُ بنُ أَسْمَاءَ: بَاعَ الزُّبَيْرُ دَاراً لَهُ بِسِتِّ مَائَةِ أَلفٍ فَقِيْلَ لَهُ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ غُبنت! قَالَ: كَلاَّ هِيَ فِي سَبِيْلِ اللهِ.
اللَّيْثُ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ أَنَّ الزُّبَيْرَ لَمَّا قُتِلَ عُمَرُ مَحَا نَفْسَهُ مِنَ الدِّيْوَانِ وَأَنَّ ابْنَهُ عَبْدَ اللهِ لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ مَحَا نَفْسَهُ مِنَ الدِّيْوَانِ.
أَحْمَدُ فِي "المُسْنَدِ": حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيْدٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، حَدَّثَنَا شَدَّادُ بنُ سَعِيْدٍ، حَدَّثَنَا غَيْلاَنُ بنُ جَرِيْرٍ، عَنْ مُطَرِّفٍ قُلْتُ لِلزُّبَيْرِ مَا جَاءَ بِكُمْ? ضَيَّعْتُمُ الخَلِيْفَةَ حَتَّى قُتِلَ ثُمَّ جِئْتُمْ تَطْلُبُوْنَ بِدَمِهِ? قَالَ إِنَّا قَرَأْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ:
__________
1 الإرقال: ضرب من الخبب. وروى أبو عبيد عن أصحابه: الإرقال والإجذام والإجماز سرعة سير الإبل. وأرقلت الدابة والناقة إرقالا: أسرعت. وأرقل القوم إلى الحرب إرقالا: أسرعوا.
قال النابغة:
إذا استنزلوا عنهن للطعن أرقلوا ... إلى الموت إرقال الجمال المصاعب
2 التأثيل: التأصيل: وتأثيل المجد: بناؤه. وفي حديث أبي قتادة: إنه لأول مال تأثلته، ومجد مؤثل: قديم، ومجد أثيل: أي مجد قديم.
3 ضعيف: أخرجه الحاكم "3/ 362-363، وأبو نعيم في "الحلية" "1/ 90" من طريق عبد الله بن مصعب بن ثابت، عن هشام بن عروة، به، وأورده الهيثمي في "المجمع" "8/ 125" وقال: "رواه الطبراني، وفيه عبد الله بن مصعب الزبيري، وهو ضعيف".
قلت: هو كما قال فقد ضعفه ابن معين، والأبيات في "ديوان حسان" ط. دار صادر - بيروت "ص199-200".

(3/42)


{وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} [الأَنْفَال: 25] ، لَمْ نَكُنْ نَحْسِبُ أَنَّا أَهْلُهَا حَتَّى وَقَعَتْ مِنَّا حَيْثُ وَقَعَتْ1.
مُبَارَكُ بنُ فَضَالَةَ، عَنِ الحَسَنِ أَنَّ رَجُلاً أَتَى الزُّبَيْرَ وَهُوَ بِالبَصْرَةِ فَقَالَ: ألَّا أَقْتُلُ عَلِيّاً? قَالَ: كَيْفَ تَقْتُلُهُ وَمَعَهُ الجُنُوْدُ? قَالَ: ألحق بِهِ فَأَكُونُ مَعَكَ ثُمَّ أَفْتِكُ بِهِ قَالَ: إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "الإيمان قيد الفتك لا يفتك مُؤْمِنٌ" 2 هَذَا فِي "المُسْنَدِ" وَفِي "الجَعْدِيَّاتِ".
الدُّوْلاَبِيُّ فِي "الذُّرِّيَّةِ الطَّاهِرَةِ" حَدَّثَنَا الدَّقِيْقِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيْدُ سَمِعْتُ شَرِيْكاً، عَنِ الأَسْوَدِ بنِ قَيْسٍ، حَدَّثَنِي مَنْ رَأَى الزُّبَيْرَ يَقْتَفِي آثَارَ الخَيْلِ قَعْصاً بِالرُّمْحِ فَنَادَاهُ عَلِيٌّ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ! فأقبل عليه حتى التقت أعناق دوابهما فقال: أنشدك بالله أَتَذْكُرُ يَوْمَ كُنْتُ أُنَاجِيْكَ فَأَتَانَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "تناجيه! فوالله ليقاتلنك وهو لك ظالم"؟ قال: فلم يعد أَنْ سَمِعَ الحَدِيْثَ فَضَرَبَ وَجْهَ دَابَّتِهِ وَذَهَبَ3.
__________
1 حسن: أخرجه أحمد "1/ 165"، والبزار "976" من طريق شَدَّادُ بنُ سَعِيْدٍ، حَدَّثَنَا غَيْلاَنُ بنُ جَرِيْرٍ، به.
قلت: إسناد حسن، شداد بن سعيد، أبو طلحة الراسبي، صدوق، ومطرف، هو ابن عبد الله بن الشخير.
2 صحيح: أخرجه أحمد "1/ 166" من طريق مبارك بن فضالة، به.
قلت: رجاله ثقات رجال الشيخين خلا المبارك فقد علق له البخاري. وروى له أبو داود والترمذي وابن ماجه. وهو مدلس مشهور بالتدليس، إلا أنه قد صرح بالتحديث فأمنا شر تدليه، وقد توبع المبارك بن فضالة، فقد أخرجه عبد الرزاق "9676" من طريق إسماعيل بن مسلم و"9677" من طريق قتادة، وابن أبي شيبة "15/ 123"، "279" من طريق عوف الأعرابي، ثلاثتهم عن الحسن، بهذا الإسناد، وللحديث شواهد من حديث معاوية عند أحمد "4/ 92"، ومن حديث أبي هريرة عند أبي داود "2769"، فالحديث صحيح، وقوله: "الفتك" هو أن يأتي الرجل صاحبه وهو غار غافل فيشد عليه فيقتله. وأما الغيلة: أن يخدعه ثم يقتله في موضع خفي.
3 حسن: آفة إسناده شريك، وهو ابن عبد الله النخعي، أبو عبد الله الكوفي القاضي، سيئ الحفظ، وفيه جهالة الرجل الذي أخبر بالقصة، وأخرجه الحاكم "3/ 366" من طريق عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ الرقاشي، عن جده عبد الملك، عن أبي حرب بن أبي الأسود الديلي، فذكره بنحوه، وقال الحاكم حديث صحيح، ووافقه الذهبي.
قلت: إسناده ضعيف، فيه علتان: الأولى: عبد الله بن محمد بن عبد الملك الرقاشي. قال أبو حاتم: في حديثه نظر. وقال البخاري: فيه نظر. الثانية: عبد الملك بن مسلم الرقاشي، قال البخاري: لم يصح حديثه، والحديث يرتقي لدرجة الحسن بمجموع هذين الطريقين.

(3/43)


قَالَ أَبُو شِهَابٍ الحَنَّاطُ وَغَيْرُهُ، عَنْ هِلاَلِ بنِ خَبَّابٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ لِلزُّبَيْرِ يَوْمَ الجَمَلِ يابن صفية! هذه عائشة تملك الملك طَلْحَةَ فَأَنْتَ عَلاَمَ تُقَاتِلُ قَرِيْبَكَ عَلِيّاً? زَادَ فِيْهِ غَيْرُ أَبِي شِهَابٍ: فَرَجَعَ الزُّبَيْرُ فَلَقِيَهُ ابْنُ جُرْمُوْزٍ فَقَتَلَهُ.
قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ أَبِي فَرْوَةَ أَخِي إِسْحَاقَ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: حَارَبَنِي خَمْسَةٌ: أَطْوَعُ النَّاسِ فِي النَّاسِ: عَائِشَةُ وَأَشْجَعُ النَّاسِ: الزُّبَيْرُ وَأَمْكَرُ النَّاسِ: طَلْحَةُ لَمْ يُدْرِكْهُ مَكْرٌ قَطُّ وَأَعْطَى النَّاسِ: يَعْلَى بنُ مُنْيَةَ1 وَأَعَبَدُ النَّاسِ: مُحَمَّدُ بنُ طَلْحَةَ كَانَ مَحْمُوداً حَتَّى اسْتَزَلَّهُ أَبُوْهُ وَكَانَ يَعْلَى يُعطِي الرَّجُلَ الوَاحِدَ ثَلاَثِيْنَ دِيْنَاراً وَالسِّلاَحَ وَالفَرَسَ عَلَى أَنْ يُحَارِبَنِي.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ الرَّقَاشِيُّ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَبِي جَرْوٍ المَازِنِيِّ قَالَ شَهِدْتُ عَلِيّاً وَالزُّبَيْرَ حِيْنَ تَوَاقَفَا فَقَالَ عَلِيٌّ يَا زُبَيْرُ! أنشدك الله أسمعت رسول الله -صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ إِنَّكَ تُقَاتِلُنِي وَأَنْتَ لِي ظَالِمٌ? قَالَ: نَعَمْ وَلَمْ أَذْكُرْهُ إلَّا فِي موقفي هذا ثم انصرف.
رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى فِي مُسْنَدِهِ وَقَدْ رَوَى نَحْوَهُ مِنْ وُجُوْهٍ سُقْنَا كَثِيْراً مِنْهَا فِي كتاب "فتح المطال".
قَالَ يَزِيْدُ بنُ أَبِي زِيَادٍ: عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن أبي ليلى قال: انصرف الزبير يَوْمَ الجَمَلِ، عَنْ عَلِيٍّ فَلَقِيَهُ ابْنُهُ عَبْدُ اللهِ فَقَالَ جُبْناً جُبْناً! قَالَ قَدْ عَلِمَ الناس أني لست بجبان ولكن ذكرني علي شيئا سمعته مِنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فحلفت أن لا أقاتله ثم قال:
ترك الأمور التي أخشى عواقبها ... في الله أحسن في الدنيا وفي الدين2
__________
1 هو يعلى بن أمية بن أبي عبيدة بن همام بن الحارث بن بكر بن زيد بن مالك بن حنظلة التميمي، أبو خلف، ومنية، هي أمه، ويقال جدته، وهي مُنْيَةَ بِنْتِ غَزْوَانَ أُخْتِ عُتْبَةَ بنِ غَزْوَانَ، ويقال: منية بنت جابر بن وهيب بن مسيب بن زيد. أسلم يوم فتح مكة، وشهد الطائف، وحنينا، وتبوك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 456"، وتاريخ خليفة "123/ 179"، ومسند أحمد "4/ 222"، وتاريخ البخاري الكبير "8/ ترجمة "3535"، والجرح والتعديل "9/ ترجمة 1293"، والاستيعاب "4/ 1585"، وتهذيب الكمال "32/ ترجمة 7110"، وتهذيب التهذيب "11/ 399".
2 ضعيف أخرجه أبو نعيم في "الحلية" "1/ 91" من طريق يَزِيْدُ بنُ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن أبي ليلى، به.
قلت: إسناده ضعيف، آفته يزيد بن أبي زياد الكوفي، قال يحيى: ليس بالقوى، وقال أيضا: لا يحتج به. وقال ابن المبارك: ارم، به.

(3/44)


وَقِيْلَ إِنَّهُ أَنْشَدَ:
وَلَقَدْ عَلِمْتُ لَوِ انَّ عِلْمِيَ نَافِعِي ... أَنَّ الحَيَاةَ مِنَ المَمَاتِ قَرِيْبُ
فلم ينشب أن قتله بن جُرْمُوْزٍ.
وَرَوَى حُصَيْنُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَمْرِو بنِ جَاوَانَ قَالَ قُتِلَ طَلْحَةُ وَانْهَزَمُوا فَأَتَى الزُّبَيْرُ سَفَوَانَ فَلَقِيَهُ النَّعِرُ المُجَاشِعِيُّ فَقَالَ يَا حَوَارِيَّ رَسُوْلِ اللهِ! أَيْنَ تَذْهَبُ? تَعَالَ فَأَنْتَ فِي ذِمَّتِي فَسَارَ مَعَهُ وَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى الأَحْنَفِ فَقَالَ إِنَّ الزُّبَيْرَ بِسَفَوَانَ فَمَا تَأْمُرُ إِنْ كَانَ جَاءَ فَحَمَلَ بَيْنَ المُسْلِمِيْنَ حَتَّى إِذَا ضَرَبَ بَعْضُهُمْ حَوَاجِبَ بَعْضٍ بِالسَّيْفِ أراد أن يلحق ببنيه? قال فسمعها عُمَيْرُ بنُ جُرْمُوْزٍ وفَضَالَةُ بنُ حَابِسٍ وَرَجُلٌ يُقَالُ لَهُ نُفَيْعٌ فَانْطَلَقُوا حَتَّى لَقَوْهُ مُقْبِلاً مَعَ النَّعِرِ وَهُمْ فِي طَلَبِهِ فَأَتَاهُ عُمَيْرٌ مِنْ خَلْفِهِ وَطَعَنَهُ طَعْنَةً ضَعِيْفَةً فَحَمَلَ عَلَيْهِ الزُّبَيْرُ فَلَمَّا اسْتَلْحَمَهُ وَظَنَّ أَنَّهُ قَاتِلُهُ قَالَ: يَا فَضَالَةُ! يَا نُفَيْعُ! قَالَ فَحَمَلُوا عَلَى الزُّبَيْرِ حَتَّى قَتَلُوْهُ.
عُبَيْدُ اللهِ بنُ مُوْسَى، حَدَّثَنَا فُضَيلُ بنُ مَرْزُوْقٍ، حَدَّثَنِي شقِيْقُ بنُ عُقْبَةَ، عَنْ قُرَّةَ بنِ الحَارِثِ، عَنْ جونِ بنِ قتَادَةَ قَالَ: كُنْتُ مَعَ الزُّبَيْرِ يَوْمَ الجمل وكانوا يسلمون عليه بالإمارة إلى أن قال: فطعنه بن جُرْمُوْزٍ ثَانِياً فَأَثْبَتَهُ فَوَقَعَ وَدُفِنَ بِوَادِي السِّبَاعِ وَجَلَسَ عَلِيٌّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- يَبْكِي عَلَيْهِ هُوَ وَأَصْحَابُهُ.
قُرَّةُ بنُ حَبِيْبٍ: حَدَّثَنَا الفَضْلُ بنُ أَبِي الحَكَمِ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ قَالَ جِيْءَ بِرَأَسِ الزُّبَيْرِ إِلَى عَلِيٍّ فَقَالَ عَلِيٌّ تَبَوَّأْ يَا أَعْرَابِيُّ مَقْعَدَكَ مِنَ النَّارِ، حَدَّثَنِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ قاتل الزبير في النار.
شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُوْرِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: سَمِعْتُ الشعبي يقول أدركت خمس مئة أَوْ أَكْثَرَ مِنَ الصَّحَابَةِ يَقُوْلُوْنَ عَلِيٌّ وَعُثْمَانُ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ فِي الجَنَّةِ.
قُلْتُ لأَنَّهُم مِنَ العَشْرَةِ المَشْهُوْدِ لَهُم بِالجَنَّةِ وَمِنَ البَدْرِيِّيْنَ وَمِنْ أَهْلِ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ وَمِنَ السَّابِقِيْنَ الأَوَّلِيْنَ الَّذِيْنَ أَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُ رَضِيَ عَنْهُم وَرَضُوْا عَنْهُ وَلأَنَّ الأَرْبَعَةَ قُتِلُوا وَرُزِقُوا الشَّهَادَةَ فَنَحْنُ مُحِبُّوْنَ لَهُم بَاغِضُوْنَ لِلأَرْبَعَةِ الَّذِيْنَ قَتَلُوا الأَرْبَعَةَ.
أَبُو أُسَامَةَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنِ الزُّبَيْرِ قَالَ لَقِيْتُ يَوْمَ بَدْرٍ عُبَيْدَةَ بنَ سَعِيْدِ بنِ العَاصِ وَهُوَ مُدَجَّجٌ لاَ يُرَى إلَّا عَيْنَاهُ وَكَانَ يُكْنَى أَبَا ذَاتِ الكَرِشِ فَحَمَلْتُ عَلَيْهِ بِالعَنَزَةِ فَطَعَنْتُهُ فِي عَيْنِهِ فَمَاتَ فَأُخْبِرْتُ أَنَّ الزُّبَيْرَ قَالَ: لَقَدْ وَضَعْتُ رِجْلِي عَلَيْهِ ثُمَّ تَمَطَّيْتُ فَكَانَ الجهدَ أَنْ نَزَعْتُهَا -يَعْنِي الحَرْبَةَ- فَلَقَدِ انْثَنَى طَرَفُهَا.

(3/45)


قَالَ عُرْوَةُ: فَسَأَلَهُ إِيَّاهَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَعْطَاهُ إِيَّاهَا فَلَمَّا قُبِضَ أَخَذَهَا ثُمَّ طَلَبَهَا أَبُو بَكْرٍ فَأَعْطَاهُ إِيَّاهَا فَلَمَّا قُبِضَ أَبُو بَكْرٍ سَألَهَا عُمَرُ فَأَعْطَاهُ إِيَّاهَا فَلَمَّا قُبضَ عُمَرُ أَخَذَهَا ثُمَّ طَلَبَهَا عُثْمَانُ مِنْهُ فَأَعْطَاهُ إِيَّاهَا فَلَمَّا قُبِضَ وَقَعَتْ عِنْدَ آلِ عَلِيٍّ فَطَلَبَهَا عَبْدُ اللهِ بنُ الزُّبَيْرِ فَكَانَتْ عِنْدَهُ حَتَّى قُتِلَ1.
غَرِيْبٌ، تَفَرَّدَ بِهِ: البُخَارِيُّ.
ابْنُ المُبَارَكِ: أَنْبَأَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيْهِ أَنَّ أَصْحَابَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم- قَالُوا لِلزُّبَيْرِ إلَّا تَشُدُّ فَنَشُدُّ مَعَكَ? قَالَ إِنِّي إِنْ شَدَدْتُ كَذَّبْتُم فَقَالُوا لاَ نَفْعَلُ فَحَمَلَ عَلَيْهِم حَتَّى شَقَّ صُفُوْفَهُم فَجَاوَزَهُمْ وَمَا مَعَهُ أَحَدٌ ثُمَّ رَجَعَ مُقْبِلاً فَأَخَذُوا بِلِجَامِهِ فَضَرَبُوْهُ ضَرْبَتَيْنِ ضَرْبَةً عَلَى عَاتِقِهِ بَيْنَهُمَا ضَرْبَةٌ ضُرِبَهَا يَوْم بَدْرٍ قَالَ عُرْوَةُ فَكُنْتُ أُدْخِلُ أَصَابِعِي فِي تِلْكَ الضَّرَبَاتِ أَلْعَبُ وَأَنَا صَغِيْرٌ قَالَ وَكَانَ مَعَهُ عَبْدُ اللهِ بنُ الزُّبَيْرِ وهو بن عَشْرِ سِنِيْنَ فَحَمَلَهُ عَلَى فَرَسٍ وَوَكَّلَ بِهِ رَجُلاً2.
قُلْتُ: هَذِهِ الوَقْعَةُ هِيَ يَوْمُ اليَمَامَةِ إِنْ شَاءَ اللهُ فَإِنَّ عَبْدَ اللهِ كَانَ إذ ذاك بن عَشْرِ سِنِيْنَ.
أَبُو بَكْرِ بنِ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، عَنِ الحَسَنِ قَالَ لَمَّا ظَفرَ عَلِيٌّ بِالجَمَلِ دَخَلَ الدَّارَ وَالنَّاسُ مَعَهُ فَقَالَ عَلِيّ: إِنِّي لأَعْلَمُ قَائِدَ فِتْنَةٍ دَخَلَ الجَنَّةَ وَأَتْبَاعُهُ إِلَى النَّارِ فَقَالَ الأَحْنَفُ مَنْ هُوَ? قَالَ الزُّبَيْرُ.
فِي إِسْنَادِهِ إِرْسَالٌ وَفِي لَفْظِهِ نَكَارَةٌ فَمَعَاذَ الله أَنْ نَشْهَدَ عَلَى أَتْبَاعِ الزُّبَيْرِ أَوْ جُنْدِ مُعَاوِيَةَ أَوْ عَلِيٍّ بِأَنَّهُمْ فِي النَّارِ بَلْ نُفَوِّضُ أَمْرَهُمْ إِلَى اللهِ وَنَسْتَغْفِرُ لَهُمْ بَلَى: الخَوَارِجُ كِلاَبُ النَّارِ وَشَرُّ قَتْلَى تَحْتَ أَدِيْمِ السَّمَاءِ لأَنَّهُمْ مَرَقُوا مِنَ الإِسْلاَمِ ثُمَّ لاَ نَدْرِيْ مَصِيْرَهُمْ إِلَى مَاذَا وَلاَ نَحْكُمُ عَلَيْهِم بِخُلُوْدِ النَّارِ بَلْ نَقِفُ.
وَلِبَعْضِهِم:
إِنَّ الرَّزِيَّةَ مَنْ تَضَمَّنَ قَبْرُهُ ... وَادِي السِّبَاعِ لكل جنبٍ مصرع
لَمَّا أَتَى خَبَرُ الزُّبَيْرِ تَوَاضَعَتْ ... سُوْرُ المَدِيْنَةِ وَالجِبَالُ الخُشَّعُ
قَالَ البُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ قُتِلَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ.
وَادِي السِّبَاعِ عَلَى سبعة فراسخ من البصرة.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "3998".
2 صحيح: أخرجه البخاري "3975".

(3/46)


قَالَ الوَاقِدِيُّ وَابْنُ نُمَيْرٍ: قُتِلَ وَلَهُ أَرْبَعٌ وَسِتُّوْنَ سَنَةً وَقَالَ غَيْرُهُمَا قِيْلَ وَلَهُ بِضْعٌ وَخَمْسُوْنَ سَنَةً وَهُوَ أَشْبَهُ.
قَالَ القَحْذَمِيُّ: كَانَتْ تَحْتَهُ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ وَعَاتِكَةُ أُخْتُ سَعِيْدِ بنِ زَيْدٍ وَأُمُّ خَالِدٍ بِنْتُ خَالِدِ بن سعيد وأم مصعب الكلبية.
قال بن المديني: سمعت سفيان يقول جاء بن جُرْمُوْزَ إِلَى مُصْعَبِ بنِ الزُّبَيْرِ - يَعْنِي لَمَّا وَلِيَ إِمْرَةَ العِرَاقِ لأَخِيْهِ الخَلِيْفَةِ عَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ- فَقَالَ: أَقِدْنِي بِالزُّبَيْرِ فَكَتَبَ فِي ذلك يشاور بن الزبير فجاءه الخبر أنا أقتل بن جُرْمُوْزٍ بِالزُّبَيْرِ? وَلاَ بِشِسْعِ نَعْلِهِ.
قُلْتُ: أَكَلَ المُعَثَّرُ يَدَيْهِ نَدَماً عَلَى قَتْلِهِ وَاسْتَغْفَرَ لاَ كَقَاتِلِ طَلْحَةَ وَقَاتِلِ عُثْمَانَ وَقَاتِلِ عَلِيٍّ.
الزُّبَيْرُ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بنُ صَالِحٍ، عَنْ عَامِرِ بنِ صَالِحٍ، عَنْ مُسَالِمِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ أَنَّ عُمَيْرَ بنَ جُرْمُوْزٍ أَتَى حَتَّى وَضَعَ يَدَهُ فِي يَدِ مُصْعَبٍ فَسَجَنَهُ وَكَتَبَ إِلَى أَخِيْهِ فِي أَمْرِهِ فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَنْ بِئْسَ مَا صَنَعْتَ أَظَنَنْتَ أَنِّي قَاتِلٌ أَعْرَابِياً بِالزُّبَيْرِ? خَلِّ سَبِيْلَهُ فَخَلاَّهُ فَلَحِقَ بقصر بالسواد عليه أَزَجٌ ثُمَّ أَمَرَ إِنْسَاناً أَنْ يَطْرَحَهُ عَلَيْهِ فَطَرَحَهُ عَلَيْهِ فَقَتَلَهُ وَكَانَ قَدْ كَرِهَ الحَيَاةَ لِمَا كَانَ يُهَوَّلُ عَلَيْهِ وَيُرَى فِي مَنَامِهِ.
قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُتْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيْهِ أَنَّ الزُّبَيْرَ تَرَكَ مِنَ العُرُوْضِ بِخَمْسِيْنَ أَلْفِ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَمِنَ العَيْنِ خَمْسِيْنَ أَلفِ أَلفِ دِرْهَمٍ كَذَا هَذِهِ الرِّوَايَةُ وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيْهِ قَالَ اقْتُسِمَ مَالُ الزُّبَيْرِ عَلَى أَرْبَعِيْنَ أَلْفِ أَلْفٍ.
أَبُو أُسَامَةَ: أَخْبَرَنِي هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ لَمَّا وَقَفَ الزُّبَيْرُ يَوْمَ الجَمَلِ دَعَانِي فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ فَقَالَ: يَا بُنَيَّ! إِنَّهُ لاَ يُقْتَلُ اليَوْمَ إلَّا ظَالِمٌ أَوْ مَظْلُوْمٌ وَإِنِّي لاَ أُرَانِي إلَّا سَأُقْتَلُ اليَوْمَ مَظْلُوْماً وَإِنَّ مِنْ أَكْبَرِ هَمِّي لَدَيْنِي أَفَتَرَى دَيْنَنَا يُبْقِي مِنْ مَالِنَا شَيْئاً? يَا بُنَيَّ! بِعْ مَا لَنَا فَاقْضِ دَيْنِي فَأُوْصِي بِالثُّلُثِ وَثُلُثِ الثُّلُثِ إِلَى عَبْدِ اللهِ فَإِنْ فَضَلَ مِنْ مَالِنَا بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ شَيْءٌ فَثُلُثٌ لِوَلَدِكَ.
قَالَ هِشَامٌ: وَكَانَ بَعْضُ وَلَدِ عَبْدِ اللهِ قَدْ وَازَى بَعْضَ بَنِي الزُّبَيْرِ خُبَيْبٌ وَعَبَّادٌ وَلَهُ يَوْمَئِذٍ تِسْعُ بَنَاتٍ قَالَ عَبْدُ اللهِ فَجَعَلَ يُوصِيْنِي بِدَيْنِهِ وَيَقُوْلُ يَا بُنَيَّ! إِنْ عَجِزْتَ، عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ فَاسْتَعِنْ بِمَوْلاَيَ قَالَ فَوَاللهِ مَا دَرَيْتُ مَا عَنَى حَتَّى قُلْتُ يَا أَبَةِ! مَنْ مَوْلاَكَ? قَالَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- قَالَ: فَوَاللهِ مَا وَقَعْتُ فِي كُرْبَةٍ مِنْ دَيْنِهِ إلَّا قُلْتُ: يَا مَوْلَى الزُّبَيْرِ اقْضِ عَنْهُ فَيَقْضِيَهُ.

(3/47)


قَالَ: وَقُتِلَ الزُّبَيْرُ، وَلَمْ يَدَعْ دِيْنَاراً وَلاَ دِرْهَماً إلَّا أَرَضِيْنَ بِالغَابَةِ وَدَاراً بِالمَدِيْنَةِ، وَدَاراً بِالبَصْرَةِ، وَدَاراً بِالكُوْفَةِ، وَدَاراً بِمِصْرَ. قَالَ: وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ أَنَّ الرَّجُلَ يَجِيْءُ بِالمَالِ فَيَسْتَوْدِعُهُ فَيَقُوْلُ الزُّبَيْرُ: لاَ وَلَكِنْ هُوَ سَلَفٌ، إِنِّي أَخْشَى عَلَيْهِ الضَّيْعَةَ. وَمَا وَلِيَ إِمَارَةً قَطُّ، وَلاَ جِبَايَةً وَلاَ خَرَاجاً وَلاَ شَيْئاً إلَّا أَنْ يَكُوْنَ فِي غَزْوٍ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَوْ مَعَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ فَحَسَبْتُ دَيْنَهُ فَوَجَدْتُهُ أَلْفَي أَلْفٍ وَمَائَتَي أَلْفٍ فَلَقِيَ حَكِيْمُ بنُ حِزَامٍ الأسدي عبد الله فقال: يابن أَخِي! كَمْ عَلَى أَخِي مِنَ الدَّيْنِ? فَكَتَمَهُ وَقَالَ: مَائَةُ أَلْفٍ فَقَالَ حَكِيْمٌ: مَا أَرَى أَمْوَالَكُمْ تَتَّسِعُ لِهَذِهِ! فَقَالَ عَبْدُ اللهِ أَفَرَأَيْتَ إِنْ كَانَتْ أَلْفَيْ أَلْفٍ وَمَائَتَيْ أَلفٍ؟ قَالَ: مَا أَرَاكُمْ تُطِيْقُونَ هَذَا، فَإِنْ عَجِزْتُمْ، عَنْ شَيْءٍ فَاسْتعِيْنُوا بِي وَكَانَ الزُّبَيْرُ قَدِ اشْتَرَى الغَابَةَ بِسَبْعِيْنَ وَمَائَةِ أَلْفٍ فَبَاعَهَا عَبْدُ اللهِ بِأَلْفِ أَلْفٍ وَسِتِّ مَائَةِ أَلْفٍ وَقَالَ مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى الزُّبَيْرِ دَيْنٌ فَلْيَأْتِنَا بِالغَابَةِ فَأَتَاهُ عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ وَكَانَ لَهُ عَلَى الزُّبَيْرِ أَرْبَعُ مَائَةِ أَلْفٍ فَقَالَ لابْنِ الزُّبَيْرِ: إِنْ شِئْتَ تَرَكْتُهَا لَكُمْ قَالَ: لاَ قَالَ: فَاقْطَعُوا لِي قِطْعَةً قَالَ: لَكَ مِنْ ههنا إلى ههنا قَالَ: فَبَاعَهُ بِقَضَاءِ دَيْنِهِ قَالَ: وَبَقِيَ مِنْهَا أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ وَنِصْفٌ فَقَالَ المُنْذِرُ بنُ الزُّبَيْرِ: قَدْ أَخَذْتُ سَهْماً بِمَائَةِ أَلْفٍ وَقَالَ عَمْرُو بنُ عُثْمَانَ: قَدْ أَخَذْتُ سَهْماً بِمَائَةِ أَلْفٍ وَقَالَ ابْنُ رَبِيْعَةَ: قَدْ أَخَذْتُ سَهْماً بِمَائَةِ أَلْفٍ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: كَمْ بَقِيَ? قَالَ: سَهْمٌ وَنِصْفٌ قَالَ: قَدْ أَخَذْتُ بِمَائَةٍ وَخَمْسِيْنَ أَلفاً قَالَ: وَبَاعَ ابْنُ جَعْفَرٍ نَصِيْبَهُ مِنْ مُعَاوِيَةَ بِسِتِّ مَائَةِ أَلْفٍ فَلَمَّا فَرَغَ ابْنُ الزُّبَيْرِ مِنْ قَضَاءِ دَيْنِهِ قَالَ بَنُو الزُّبَيْرِ: اقْسِمْ بيننا ميراثنا قال: لا والله حَتَّى أُنَادِي بِالمَوْسِمِ أَرْبَعَ سِنِيْنَ إلَّا مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى الزُّبَيْرِ دَيْنٌ فَلْيَأْتِنَا فَلْنَقْضِهِ فَجَعَلَ كُلَّ سَنَةٍ يُنَادِي بِالمَوْسِمِ فَلَمَّا مَضَتْ أَرْبَعُ سِنِيْنَ قَسَمَ بَيْنَهُمْ فَكَانَ لِلزُّبَيْرِ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ قَالَ: فَرَفَعَ الثُّلُثَ فَأَصَابَ كُلَّ امْرَأةٍ أَلْفَ أَلْفٍ وَمَائَةَ أَلْفٍ فَجَمِيْعُ مَالِهِ خَمْسُوْنَ أَلْفَ أَلْفٍ وَمَائِتَا أَلْفٍ1.
لِلزُّبَيْرِ فِي مُسْنَدِ بَقِيِّ بنِ مَخْلَدٍ ثَمَانِيَةٌ وَثَلاَثُوْنَ حَدِيْثاً، مِنْهَا فِي الصَّحِيْحَيْنِ حَدِيْثَانِ وَانْفَرَدَ البُخَارِيُّ بِسَبْعَةِ أَحَادِيْثَ.
قَالَ هِشَامٌ: عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: بَلَغَ حِصَّةُ عَاتِكَةَ بِنْتِ زَيْدِ بنِ عَمْرِو بنِ نُفَيْلٍ زَوْجَةِ الزُّبَيْرِ مِنْ مِيْرَاثِهِ ثَمَانِيْنَ أَلْفَ دِرْهَمٍ.
وقالت ترثيه:
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري بتمامه "3129"، وابن سعد "3/ 108-110"، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 91".

(3/48)


غدر بن جُرْمُوْزٍ بِفَارِسِ بهمةٍ1 ... يَوْمَ اللِّقَاءِ وَكَانَ غَيْرَ مُعَرِّدِ2
يَا عَمْرُو لَوْ نَبَّهْتَهُ لَوَجَدْتَهُ ... لاَ طَائِشاً رَعشَ البَنَانِ وَلاَ اليَدِ
ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ إِنْ ظَفِرْتَ بِمِثْلِهِ ... فِيْمَا مَضَى مِمَّا تَرُوْحُ وَتَغْتَدِي
كَمْ غَمْرَةٍ3 قَدْ خَاضَهَا لَمْ يَثْنِهِ ... عنها طرادك يابن فَقْعِ الفَدْفَدِ4
وَاللهِ رَبِّكَ إِنْ قَتَلْتَ لَمُسْلِماً ... حلت عليك عقوبة المتعمد5#
__________
1 البهمة بالضم: الشجاع، وقيل: هو الفارس الذي لا يدرى من أين يُؤتى له من شدة بأسه. والجمع بهم، وفي التهذيب: لا يدرى مقاتله من أين يدخل عليه.
2 معرد: التعريد: الفرار، وقيل: التعريد سرعة الذهاب في الهزيمة. وعرد الرجل تعريدا أي: فر. وعرد الرجل: إذا هرب.
3 الغمرة الشدة. وغمرة الموت شدة همومة.
4 الفدفد: المكان المرتفع فيه صلابة، وقيل: الفدفد الأرض المستوية وابن فقع الفدفد، مثل يضرب للذليل.
5 قال الكرماني: أشارت بقولها: "عقوبة المتعمد" إلى قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} [النساء: 93] ، وقال غيره: عقوبة المتعمد: أن يقتل قصاصا، والأبيات في طبقات ابن سعد "3/ 112"، وأوضح المسالك" 2/ 264"، وخزانة الأدب "4/ 348

(3/49)


9- عبد الرحمن بن عوف 1: "ع"
ابْنِ عَبْدِ عَوْفِ بنِ عَبْدِ بنِ الحَارِثِ بنِ زُهْرَةَ بنِ كِلاَبِ بنِ مُرَّةَ بنِ كَعْبِ بنِ لُؤَيٍّ أَبُو مُحَمَّدٍ.
أَحَدُ العَشْرَةِ وَأَحَدُ السِّتَّةِ أَهْلِ الشُّوْرَى وَأَحَدُ السَّابِقِيْنَ البَدْرِيِّيْنَ القُرَشِيُّ الزُّهْرِيُّ وَهُوَ أَحَدُ الثَّمَانِيَةِ الَّذِيْنَ بَادَرُوا إِلَى الإِسْلاَمِ. لَهُ عِدَّةُ أَحَادِيْثَ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَأَنَسُ بنُ مَالِكٍ، وَبَنُوهُ إِبْرَاهِيْمُ، وَحُمَيْدٌ، وَأَبُو سَلَمَةَ، وَعَمْرٌو، وَمُصْعَبٌ بَنُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمَالِكُ بنُ أَوْسٍ وَطَائِفَةٌ سِوَاهُم لَهُ في
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "2/ 340"، "3/ 124-137". وتاريخ خليفة "79، 98، 117"، 120، 123، 125، 129، 157، 166"، وعلل ابن المديني "80، 84" ومسند أحمد "1/ 190-195"، وفضائل الصحابة لأحمد "2/ 728"، وتاريخ البخاري الكبير "5/ ترجمة رقم 790"، وتاريخه الصغير "1/ 50، 51، 61، 90، 124، 206"، والجرح والتعديل "5/ ترجمة رقم 1179"، والاستيعاب "2/ 844"، وأسد الغابة "3/ 313"، والإصابة "2/ ترجمة رقم 5179"، وتهذيب الكمال "17/ ترجمة رقم 3923"، تهذيب التهذيب "6/ 244-246"، تجريد أسماء الصحابة "1/ ترجمة 3744".

(3/49)


"الصحيحين" حديثان، وانفرد له البخاري بخمسة أَحَادِيْثَ وَمَجْمُوْعُ مَا لَهُ فِي مُسْنَدِ بَقِيٍّ خَمْسَة وَسِتُّوْنَ حَدِيْثاً.
وَكَانَ اسْمُهُ فِي الجَاهِلِيَّةِ: عَبْدُ عَمْرٍو وَقِيْلَ عَبْدُ الكَعْبَةِ فَسَمَّاهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَبْدُ الرَّحْمَنِ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ أَيْضاً مِنَ الصَّحَابَةِ: جُبَيْرُ بنُ مُطْعِمٍ وَجَابِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ وَالمِسْوَرُ بنُ مَخْرَمَةٍ وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَامِرِ بنِ رَبِيْعَةَ.
وَقَدِمَ الجَابِيَةَ مَعَ عُمَرَ فَكَانَ عَلَى المَيْمَنَةِ وَكَانَ فِي نَوْبَةِ سَرْغٍ عَلَى المَيْسَرَةِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ حَازِمِ بنِ حَامِدٍ وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ فَضْلٍ قَالاَ، أَنْبَأَنَا أَبُو القَاسِمِ بنُ صَصْرى، أَنْبَأَنَا أَبُو القَاسِمِ بنُ الْبن الأَسَدِيُّ وَأَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ السُّلَمِيُّ وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الصُّوْرِيُّ قَالاَ، أَنْبَأَنَا أَبُو القَاسِمِ الحُسَيْنُ بنُ هِبَةِ اللهِ التَّغْلِبِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو القَاسِمِ بنُ الْبن وَنَصْرُ بنُ أَحْمَدَ السُّوْسِيُّ قَالاَ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الفَقِيْهُ، أَنْبَأَنَا أَبُو مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدٌ وَأَبُو عَبْدِ اللهِ أَحْمَدُ، أَنْبَأَنَا الحُسَيْنُ بنُ سَهْلِ بنِ الصَّبَاحِ بِبَلَدٍ1 فِي رَبِيْعٍ الآخَرِ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مَائَةٍ قَالاَ، حَدَّثَنَا أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَحْمَدَ الإِمَامُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ حَرْبٍ الطَّائِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ سَمِعَ بَجَالَةَ يَقُوْلُ كُنْتُ كَاتِباً لِجُزْءِ بنِ مُعَاوِيَةَ عَمِّ الأَحْنَفِ بنِ قَيْسٍ فَأَتَانَا كِتَابُ عُمَرَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ أَنِ اقْتُلُوا كُلَّ سَاحِرٍ وَسَاحِرَةٍ وفرقوا بَيْنَ كُلِّ ذِي مَحْرَمٍ مِنَ المَجُوْسِ وَانْهُوْهُمْ، عَنِ الزَّمْزَمَةِ فَقَتَلْنَا ثَلاَثَ سَوَاحِرَ وَجَعَلْنَا نُفَرِّقُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَحَرِيْمَتِهِ فِي كِتَابِ اللهِ وَصَنَعَ لَهُمْ طَعَاماً كَثِيْراً وَدَعَا المَجُوْسَ وَعَرَضَ السَّيْفَ عَلَى فَخِذِهِ وَأَلْقَى وِقْرَ بَغْلٍ أَوْ بَغْلَيْنِ مِنْ وَرِقٍ وَأَكَلُوا بِغَيْرِ زَمْزَمَةٍ وَلَمْ يَكُنْ عُمَرُ أَخَذَ الجِزْيَةَ مِنَ المَجُوسَ حَتَّى شَهِدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَخَذَهَا مِنْ مَجُوْسِ هجر2.
__________
1 بلد: مدينة قديمة على دجلة فوق الموصل، بينهما سبع فراسخ. ويقال بلط. وإليها ينسب عدد كبير من العلماء، كما قال ياقوت في "معجم البلدان" "1/ 481".
2 صحيح على شرط البخاري: "أخرجه أحمد "1/ 190-191"، والطيالسي "225"، والشافعي في "الرسالة" "1183"، وعبد الرزاق "9973"، "19391"، والحميدي "64"، وأبو عبيد في الأموال" "77" وابن أبي شيبة "12/ 243"، والبخاري "3156"، "3157"، وأبو داود "3043"، والترمذي "1587"، والدارمي "2501"، والنسائي في "الكبري" "8768"، وابن الجارود "1105"، وأبو يعلى "860"، والبيهقي "8/ 247-248"، "9/ 189"، والبغوي "2750" من طريق سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ، به.
وقوله: "وانهوهم عن الزمزمة": الزمزمة هي كلام يقولونه عند أكلهم بصوت خف، وقوله: "حريمته في كتاب الله": أي المحرمة عليهم في كتاب الله تعالى، وهو القرآن، وقوله: "وقر بغل" أي حمل بغل.

(3/50)


هَذَا حَدِيْثٌ غَرِيْبٌ مُخَرَّجٌ فِي صَحِيْحِ البُخَارِيِّ وسنن أبي داود والنسائي والترمذي مِنْ طَرِيْقِ سُفْيَانَ فَوَقَعَ لَنَا بَدَلاً1. وَرَوَاهُ حَجَّاجُ بنُ أَرْطَاةَ، عَنْ عَمْرٍو مُخْتَصَراً وَرَوَى مِنْهُ أَخْذَ الجِزْيَةِ مِنَ المَجُوْسِ أَبُو دَاوُدَ، عَنِ الثِّقَةِ، عَنْ يَحْيَى بنِ حَسَّانٍ، عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ دَاوُدَ بنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ قُشَيْرِ بنِ عَمْرٍو، عَنْ بَجَالَةَ بنِ عَبَدَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ ابْنِ عَوْفٍ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ العَلَوِيُّ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ القَطِيْعِيُّ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عبيد الله المجلد وَأَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ الزَّاهِدُ، أَنْبَأَنَا أَبُو نَصْرٍ عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيُّ، أَنْبَأَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الشِّبْلِيُّ قَالاَ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الهَاشِمِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِرٍ المُخَلِّصُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ البَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو نَصْرٍ التَّمَّارُ، حَدَّثَنَا القَاسِمُ بنُ فَضْلٍ الحُدَّانِيُّ، عَنِ النَّضْرِ بنِ شَيْبَانَ قَالَ قُلْتُ لأَبِي سَلَمَةَ، حَدِّثْنِي بِشَيْءٍ سَمِعْتَهُ مِنْ أَبِيْكَ يُحَدِّثُ بِهِ، عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ، حَدَّثَنِي أَبِي فِي شَهْرِ رَمَضَانَ قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "فَرَضَ اللهُ عَلَيْكُمْ شَهَرَ رَمَضَانَ وَسَنَنْتُ لَكُمْ قِيَامَهُ فَمَنْ صَامَهُ وَقَامَهُ إِيْمَاناً وَاحْتِسَاباً خَرَجَ مِنَ الذُّنُوبِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ"2.
هَذَا حَدِيْثٌ حَسَنٌ غَرِيْبٌ أَخْرَجَهُ النَّسَائَيُّ، عَنِ ابْنِ رَاهَوَيْه، عَنِ النَّضْرِ بنِ شُمَيْلٍ وَابْنُ مَاجَه، عَنْ يَحْيَى بنِ حَكِيْمٍ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ جَمِيْعاً، عَنِ الحُدَّانِيِّ قَالَ النَّسَائَيُّ: الصَّوَابُ حَدِيْثُ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
__________
1 البدل: صورته أن يروي المحدث حديثا موجودا في أحد الكتب بإسناد لنفسه، فيصل في إسناده إلى شيخ شيخ المؤلف.
2 ضعيف بهذا اللفظ: أخرجه أحمد "1/ 191"، والطيالسي "224"، وعبد بن حميد "158"، والنسائي "4/ 158"، وابن ماجه "1328"، والبزار "1048"، وأبو يعلى "863، 864"، من طريق القاسم بن الفضل حدثنا النضر بن شيبان به.
قلت: إسناده ضعيف، آفته النضر بن شيبان، وهو الحراني البصري. قال يحيى بن معين: ليس حديثه بشيء. وعلل البخاري والدارقطني حديثه، وقد صح عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "من صام رمضان إيمانا واحتسابا، غفر له ما تقدم من ذنبه"، وهو حديث صحيح أخرجه ابن أبي شيبة "3/ 2"، وأحمد "2/ 232"، والبخاري "38"، والنسائي "4/ 157"، وابن ماجه "1641" من طرق عن محمد بن فضيل، عن يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أبي هريرة به.

(3/51)


أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ العَصْرُوْنِيُّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ الهَرَوِيُّ، أَنْبَأَنَا تَمِيْمٌ الجُرْجَانِيُّ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّيْسَابُورِيُّ، أنبأنا محمد بن أحمد الحيري، أنبأنا ابن عَلِيٍّ المَوْصِلِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا يَعْقُوْبُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ بن إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي مَكْحُوْلٌ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ جَلَسْنَا مَعَ عُمَرَ فَقَالَ هَلْ سَمِعْتَ، عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَيْئاً أَمَرَ بِهِ المَرْءَ المُسْلِمَ إِذَا سَهَا فِي صَلاَتِهِ كَيْفَ يَصْنَعُ? فَقُلْتُ لاَ وَاللهِ أَوَ مَا سَمِعْتَ أَنْتَ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ مِنْ رَسُوْلِ اللهِ فِي ذَلِكَ شَيْئاً? فَقَالَ لاَ وَاللهِ فَبَيْنَا نَحْنُ فِي ذَلِكَ أَتَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ فَقَالَ فِيْمَ أَنْتُمَا? فَقَالَ عُمَرُ سَأَلْتُهُ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ لَكِنِّي قَدْ سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَأْمُرُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ فَأَنْتَ عِنْدَنَا عَدْلٌ فَمَاذَا سَمِعْتَ? قَالَ سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: "إِذَا سَهَا أَحَدُكُمْ فِي صَلاَتِهِ حَتَّى لاَ يَدْرِي أَزَادَ أَمْ نَقَصَ فإن كان شك في الواحدة والاثنتين فليجعلها واحدة وإذا شك في الاثنتين أو الثلاث فليجعلها اثنتين وَإِذَا شَكَّ فِي الثَّلاَثِ وَالأَرْبَعِ فَلْيَجْعَلْهَا ثَلاَثاً حَتَّى يَكُوْنَ الوَهْمُ فِي الزِّيَادَةِ ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ ثُمَّ يُسَلِّمُ" 1.
هَذَا حَدِيْثٌ حَسَنٌ صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَرَوَاهُ، عَنْ بُنْدَارٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ خَالِدِ بنِ عَثْمَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدٍ فَطَرِيْقُنَا أَعْلَى بِدَرَجَةٍ وَرَوَاهُ الحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي صَدْرِ ترجمة بن عَوْفٍ وَفِيْهِ فَقَالَ فَحَدِّثْنَا فَأَنْتَ عِنْدَنَا العَدْلُ الرضا فَأَصْحَابُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَإِنْ كَانُوا عُدُولاً فَبَعْضُهُم أَعْدَلُ مِنْ بَعْضٍ وَأَثْبَتُ فَهُنَا عُمَرُ قَنَعَ بِخَبَرِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَفِي قِصَّةِ الاسْتِئْذَانِ يَقُوْلُ: ائْتِ بِمَنْ يَشْهَدُ معك2 وعلي
__________
1 حسن: أخرجه أحمد "1/ 190"، والترمذي "398" من طريق محمد بن إسحاق، عن مكحول به.
قلت: إسناده حسن، فيه محمد بن إسحاق، صدوق الحديث، وإن كان مدلسا مشهورا بالتدريس، فقد صرح بالتحديث كما في إسناده أبي يعلى أحمد بن علي الموصلي.
2 صحيح: أخرجه أحمد "3/ 6"، والبخاري "6245"، ومسلم "2153"، "33"، وأبو داود "5180" من طريق يزيد بن خصيفة، عن بسر بن سعيد قال: سمعت أبا سعيد الخدري يقول: كنت جالسا بالمدينة في مجلس الانصار، فأتانا أبو موسى فزعا أو مذعورا. قلنا: ما شأنك؟ قال: إن عمر أرسل إليَّ أن آتيه. فأتيت بابه فسلمت ثلاثا فلم يرد عليَّ فرجعت فقال: ما منعك أن تأتينا؟ فقلت: إني أتيتك فسلمت على بابك ثلاثا، فلم يردوا علي فرجعت، وَقَدْ قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذا استأذن أحدكم ثلاثا فلم يؤذن له، فليرجع"، فقال عمر: "أقم عليه البينة وإلا أوجعتك. فقال أبي بن كعب: لا يقوم معه إلا أصغر القوم. قال أبو سعيد: قلت: أنا أصغر القوم قال: فاذهب به". وهذا لفظ مسلم، وأخرجه الطيالسي "2164"، وعبد الرزاق "19423"، وأحمد "3/ 19"، "4/ 393-394، 403، 410، 418"، ومسلم "2153"، "35"، والترمذي "2690"، وابن ماجه "3706"، والدارمي "2/ 274"، والبغوي "3318" من طرق عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري، به.

(3/52)


ابن أَبِي طَالِبٍ يَقُوْلُ: كَانَ إِذَا حَدَّثَنِي رَجُلٌ، عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اسْتَحْلَفْتُهُ وَحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ1 وَصَدَقَ أَبُو بَكْرٍ فَلَمْ يَحْتَجْ عَلِيٌّ أَنْ يَسْتَحْلِفَ الصِّدِّيْقَ وَاللهُ أعلم.
قَالَ المَدَائِنِيُّ: وُلِدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بَعْدَ عَامِ الفِيْلِ بِعَشْرِ سِنِيْنَ.
وَقَالَ الزُّبَيْرُ: وُلِدَ الحَارِثُ بنُ زُهْرَةَ عَبْداً وَعَبْدُ اللهِ وَأُمُّهُمَا قَيْلَةُ ومن ولد عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفِ بنِ عَبْدِ عَوْفٍ بن عبد.
وكذا نسبه بن إِسْحَاقَ، وَابْنُ سَعْدٍ وَأَسْقَطَ البُخَارِيُّ وَالفَسَوِيُّ عَبْداً مِنْ نَسَبِهِ وَقَالَهُ قَبْلَهُمَا عُرْوَةُ وَالزُّهْرِيُّ.
وَقَالَ الهَيْثَمُ الشَّاشِيُّ، وَأَبُو نَصْرٍ الكَلاَبَاذِيُّ وَغَيْرُهُمَا عَبْدُ عَوْفٍ بنُ عَبْدِ الحَارِثِ بنِ زُهْرَةَ.
وَأُمُّ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: هِيَ الشِّفَاءُ بِنْتُ عَوْفِ بنِ عَبْدِ بنِ الحَارِثِ بنِ زُهْرَةَ قَالَهُ جَمَاعَةٌ وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ أُمُّهُ صَفِيَّةُ بِنْتُ عَبْدِ مَنَافٍ بنِ زُهْرَةَ بنِ كِلاَبٍ وَيُقَالُ الشِّفَاءُ بِنْتُ عَوْفٍ.
إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعْدٍ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ قَالَ كَانَ اسْمِي عَبْدَ عَمْرٍو فَلَمَّا أَسْلَمْتُ سَمَّانِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَبْدُ الرَّحْمَنِ.
إِبْرَاهِيْمُ بنُ المُنْذِرِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيْدِ بن زياد، عَنْ حَسَنِ بنِ عُمَرَ، عَنْ سَهْلَةَ بِنْتِ عَاصِمٍ قَالَتْ كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ أَبْيَضَ أَعْيَنَ أَهَدَبَ الأَشْفَارِ أَقْنَى طَوِيْلَ النَّابَيْنِ الأَعْلَيَيْنِ رُبَّمَا أَدْمَى نَابُهُ شَفَتَهُ لَهُ جُمَّةٌ أسفل من أذنيه أعنق ضخم الكتفين.
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "1/ 2"، وابن أبي شيبة "2/ 387"، والحميدي "4"، وابن ماجه "1395"، والبزار "9"، وأبو يعلى "12" من طرق عن وكيع قال: حدثنا مسعر وسفيان، عن عثمان بن المغيرة الثقفي، عن علي بن ربيعة الوالي، عن أسماء بن الحكم الفزاري، عن علي -رضي الله عنه- قال: كنت إذا سَمِعْتَ مِنْ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حديثا نفعني الله بما شاء منه، وإذا حدثني عنه غيري استحلفته، فإذا حلف لي صدقته، وإن أبا بكر -رضي الله عنه- حدثني -وصدق أبو بكر- أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَا من رجل يذنب ذنبا فيتوضأ فيحسن الوضوء، قال مسعر: "ويصلي"، وقال سفيان: "ثم يصلي ركعتين، فيستغفر الله -عز وجل- إلا غفر له"، وأخرجه أحمد "1/ 10"، والحميدي "1"، وابن ماجه "1395"، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" "415"، والبزار "11" وأبو يعلى "1"، والطبراني في "الدعاء" "1842" من طريق عثمان بن المغيرة الثقفي، به.

(3/53)


وروى زياد البكائي، عن بن إِسْحَاقَ قَالَ كَانَ سَاقِطَ الثَّنِيَّتَيْنِ أَهْتَمَ أَعْسَرَ أَعْرَجَ كَانَ أُصِيْبَ يَوْمَ أُحُدٍ فُهُتِمَ وَجُرِحَ عِشْرِيْنَ جِرَاحَةً بَعْضُهَا فِي رِجْلِهِ فَعَرَجَ.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ، عَنْ يَعْقُوْبَ بنِ عُتْبَةَ قَالَ وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ رَجُلاً طُوَالاً حَسَنَ الوَجْهِ رَقِيْقَ البَشْرَةِ فِيْهِ جَنَأٌ أَبْيَضَ مُشْرَباً حُمْرَةً لاَ يُغَيِّرُ شَيْبَهُ.
وَقَالَ بن إِسْحَاقَ: حَدَّثَنَا صَالِحُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِيْهِ قَالَ كُنَّا نَسِيْرُ مَعَ عُثْمَانَ فِي طَرِيْقِ مَكَّةَ إِذْ رَأَى عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ عَوْفٍ فَقَالَ عُثْمَانُ مَا يَسْتَطِيْعُ أَحَدٌ أَنْ يَعْتَدَّ عَلَى هَذَا الشَّيْخِ فَضْلاً فِي الهِجْرَتَيْنِ جَمِيْعاً.
رَوَى نَحْوَهُ: العقدِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ حُمَيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنِ المِسْوَرِ بنِ مَخْرَمَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ وَجَمَاعَةٌ قَالُوا، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، أَنْبَأَنَا أَبُو الوَقْتِ، أَنْبَأَنَا أَبُو الحَسَنِ الدَّاوُوْدِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بنِ حَمُّوْيَةَ، أَنْبَأَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ خُزَيْمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ، أَنْبَأَنَا يَحْيَى بنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بنُ زَاذَانَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ عَوْفٍ لَمَّا هَاجَرَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- آخَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ عُثْمَانَ كَذَا هَذَا فَقَالَ: إِنَّ لِي حَائِطَيْنِ فَاخْتَرْ أَيَّهُمَا شِئْتَ قَالَ بَلْ دُلَّنِي عَلَى السُّوْقِ إِلَى أَنْ قَالَ: فكثر ماله حتى قدمت له سبع مئة رَاحِلَةٍ تَحْمِلُ البُرَّ وَالدَّقِيْقَ وَالطَّعَامَ فَلَمَّا دَخَلَتْ سُمِعَ لأَهْلِ المَدِيْنَةِ رَجَّةٌ فَبَلَغَ عَائِشَةَ فَقَالَتْ سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: "عَبْدُ الرَّحْمَنِ لاَ يَدْخُلُ الجَنَّةَ إلَّا حَبْواً" فَلَمَّا بَلَغَهُ قَالَ يَا أُمَّهْ! إِنِّي أُشْهِدُكِ أَنَّهَا بِأَحْمَالِهَا وَأَحْلاَسِهَا فِي سَبِيْلِ اللهِ1.
أَخْرَجَهُ: أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ"، عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بنِ حَسَّانٍ، عَنْ عُمَارَةَ وَقَالَ: حَدِيْثٌ مُنْكَرٌ.
__________
1 ضعيف: أخرجه أحمد "6/ 115"، والطبراني في "الكبير" "264" من طريق عمارة، عن ثابت البناني، عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- به.
وأورده ابن الجوزي في "الموضوعات" "2/ 13"، وقال الإمام أحمد: هذا الحديث كذب منكر.
قلت: إسناده ضعيف، آفته عمارة بن زاذان البصري الصيدلاني، أبو سلمة. قال البخاري: ربما يضطرب في حديثه. وقال أحمد: له مناكير. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيْثُهُ وَلاَ يُحْتَجُّ به. وقال الدارقطني: ضعيف. وقال أبو داود: ليس بذاك، ورواه البزار من طريق أغلب بن تميم، والإسناد واه بمرة، فأغلب هذا. قال البخاري: منكر الحديث. وقال ابن معين: ليس بشيء، وقد ذكر الحافظ في "القول المسدد" هذا الحديث "ص32"، وقال "والذي أراه عدم التوسع في الكلام عليه فإنه يكفينا شهادة الإمام أحمد بأنه كذب". وكذا قال النسائي: الحديث موضوع.
والاحلاس: جمع حلس، وهو الكساء الذي يلي ظهر البعير تحت القتب -أي رحله.

(3/54)


قُلْتُ: وَفِي لَفْظِ أَحْمَدَ فَقَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: "قَدْ رَأَيْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ يَدْخُلُ الجَنَّةَ حَبْواً" فَقَالَ: إِنِ اسْتَطَعْتُ لأَدْخُلَنَّهَا قَائِماً فَجَعَلَهَا بِأَقْتَابِهَا1 وَأَحْمَالِهَا فِي سَبِيْلِ اللهِ.
أَخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ -كِتَابَةً- عَنْ أَبِي الفَرَجِ بنِ الجَوْزِيِّ وَأَجَازَ لَنَا ابْنُ عَلاَّنَ وَغَيْرُهُ، أَنْبَأَنَا الكِنْدِيُّ قَالاَ، أَنْبَأَنَا أَبُو مَنْصُوْرٍ القَزَّازُ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، أَنْبَأَنَا ابْنُ المُذْهِبِ، أَنْبَأَنَا القَطِيْعِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا هُذَيْلُ بنُ مَيْمُوْن، عَنْ مُطَّرِحِ بنِ يَزِيْدَ، عَنْ عُبَيْدِ الله بن زحر، عن عَلِيُّ بنُ يَزِيْدَ، عَنِ القَاسِمِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "دَخَلْتُ الجَنَّةَ فَسَمِعْتُ خَشَفَةً فَقُلْتُ: مَا هَذَا? قِيْلَ: بِلاَلٌ إِلَى أَنْ قَالَ: فاستبطأت عبد الرحمن بن عوف ثم جاء بعد الإياس فقلت عبد الرحمن? فقال: بأبي وَأُمِّي يَا رَسُوْلَ اللهِ! مَا خَلَصْتُ إِلَيْكَ حتى ظننت أني لا أنظر إليك أبدا. قال: وما ذاك? قال: من كثرة مالي أُحَاسَبُ وَأُمَحَّصُ"2.
إِسْنَادُهُ وَاهٍ وَأَمَّا الَّذِي قَبْلَهُ فَتَفَرَّدَ بِهِ: عمَارَةُ، وَفِيْهِ لِيْنٌ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيْثُهُ وَقَالَ ابْنُ معِيْنٍ: صَالِحٌ، وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عِنْدِي لاَ بَأْسَ بِهِ قُلْتُ: لَمْ يَحْتَجَّ بِهِ النَّسَائَيُّ.
وَبِكُلِّ حَالٍ، فَلَوْ تَأَخَّرَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ رِفَاقِهِ لِلْحِسَابِ وَدَخَلَ الجَنَّةَ حَبْواً عَلَى سَبِيْلِ الاسْتِعَارَةِ وَضَرْبِ المَثَلِ فَإِنَّ مَنْزِلَتَهُ فِي الجَنَّةِ لَيْسَتْ بِدُوْنِ منزلة عَلِيٍّ وَالزُّبَيْرِ رَضِيَ اللهُ، عَنِ الكُلِّ.
وَمِنْ مَنَاقِبِهِ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَهِدَ لَهُ بِالجَنَّةِ وَأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ الَّذِيْنَ قِيْلَ لَهُم "اعْمَلُوا مَا شِئْتُم" 3. وَمِنْ أَهْلِ هَذِهِ الآيَةِ {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفَتْحُ: 18] ، وَقَدْ صَلَّى رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وراءه.
__________
1 القتب: إكاف البعير -أي رحله- وقد يؤنث، والتذكير أعم.
2 ضعيف: اخرجه أحمد "5/ 259"، وفي إسناده علي بن يزيد الألهاني، وهو ضعيف.
3 صحيح على شرط الشيخين: وهي قطعة من حديث طويل أخرجه أحمد "1/ 79-80"، والحميدي "49"، والبخاري "3007"، "4274"، "4890"، ومسلم "2494"، وأبو داود "2650"، والترمذي "3305"، والنسائي في "الكبري" "11585" وأبو يعلى "394، 398"، والطبري "28/ 58"، وابن حبان "6499"، والبيهقي في "السنن" "9/ 146"، وفي الدلائل" له "5/ 17" والواحدي في "أسباب النزول "ص283"، والبغوي في "معالم التنزيل" "4/ 328" من طريق سفيان بن عيينة، عن عمرو، قال: أخبرني حسن بن محمد بن علي، أخبرني عبيد الله بن أبي رافع، وقال مرة: إن عبيد الله بن أبي رافع أخبره أنه سمع عليا يقول: بَعَثَنِي رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا والزبير والمقداد، فقال: "انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ، فإن بها ظعينة معها كتاب، فخذوه منها" فانطلقنا تعادى بنا خيلنا حتى أتينا الروضة. فإذا نحن بالظعينة...." وذكر الحديث بطوله في قصة حاطب بن أبي بلتعة.
والحديث أخرجه أبو يعلى "397"، والطبري "28/ 59" من طريق أبي سنان، عَنْ عَمْرِو بنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي البَخْتَرِيِّ، عن الحارث الأعور، عن على. والإسناد ضعيف آفته الحارث فإنه ضعيف.

(3/55)


أَحْمَدُ فِي "المُسْنَدِ"، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ، حَدَّثَنَا أَيُّوْبُ، عن محمد، عن عمرو بن، وهب الثَّقَفِيِّ قَالَ: كُنَّا مَعَ المُغِيْرَةِ بنِ شُعْبَةَ فَسُئِلَ هَلْ أَمَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ غَيْرُ أَبِي بَكْرٍ? فَقَالَ: نَعَمْ فَذَكَرَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ وَعِمَامَتِهِ وَأَنَّهُ صَلَّى خَلْفَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ وَأَنَا مَعَهُ رَكْعَةً مِنَ الصُّبْحِ وَقَضَيْنَا الرَّكْعَةَ الَّتِي سُبِقْنَا1.
وَلِحُمَيْدٍ الطَّوِيْلِ نَحْوُهُ، عَنْ بكر بن عبد الله، عن حمزة بن المُغِيْرَةِ، عَنْ أَبِيْهِ2.
إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيه، عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- انْتَهَى إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ وَهُوَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ فَأَرَادَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَنْ يَتَأَخَّرَ فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ أَنْ مَكَانَكَ فَصَلَّى وَصَلَّى رَسُوْلُ اللهِ بِصَلاَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ3.
وَرَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ فِي "المُسْنَدِ"، عَنِ الهَيْثَمِ بنِ خَارِجَةَ، عَنْ رِشْدِيْنَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ الوَلِيْدِ سَمِعَ أَبَا سَلَمَةَ بنَ عَبْدِ الرحمن، عن أبيه بنحوه4.
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "4/ 244"، ومسلم في "الطهارة" "81"، وأبو داود "150" من طريق عن المغيرة بن شعبة، به.
2 صحيح: أخرجه أحمد "4/ 248"، وابن ماجة "1236" من طريق محمد بن أبي عدي، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ بَكْرِ بنِ عَبْدِ اللهِ، عَن حمزة بن المغيرة بن شعبة، عن أبيه قال: تخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فانتهينا إلى القوم، وقد صلى بهم عبد الرحمن بن عوف ركعة. فلما أحس بالنبي صلى الله عليه وسلم ذهب يتأخر. فأومأ إليه النبي صلى الله عليه وسلم أن يتم الصلاة قال: "وقد أحسنت كذلك فافعل".
3 ذكره ابن سعد في "الطبقات" "3/ 128-129 و129".
4 صحيح لغيره: أخرجه أحمد "1/ 191-192" من طريق هيثم بن خارجة، به.
قلت: وإسناده ضعيف، آفته رشدين بن سعد، ضعفه أحمد، وابن معين، والنسائي، وأبو داود، وقال أبو حاتم: منكر الحديث. وفي الإسناد الانقطاع بين أبي سلمة بن عبد الرحمن وأبيه.
وأخرجه الطيالسي "223"، والبزار "1014" وأبو يعلى "853" من طريق إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن جده، عن عبد الرحمن بن عوف: "انتهى إليه، وهو يصلي بالناس، فأراد أن يتأخر، فأومأ إليه: أن مكانك، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بصلاة عبد الرحمن بن عوف".
قلت: وإسناده صحيح رجاله ثقات، وهو على شرط الشيخين.

(3/56)


هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الحَسَنِ، عَنِ المُغِيْرَةِ بنِ شُعْبَةَ بِمِثْلِ هَذَا وَرَوَاهُ زُرَارَةُ بنُ أَوْفَى، عَنِ المُغِيْرَةِ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَّى خَلْفَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ وَجَاءَ عَنْ خُلَيْدِ بنِ دَعْلَجٍ، عَنِ الحَسَنِ، عَنِ المُغِيْرَةِ وَالحَسَنُ مُدَلِّسٌ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ المُغِيْرَةِ.
عِيْسَى بنُ يُوْنُسَ، عَنْ عُثْمَانَ بنِ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرُ إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعَثَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ عَوْفٍ فِي سَرِيَّةٍ وَعَقَدَ لَهُ اللِّوَاءَ بِيَدِهِ1.
عُثْمَانُ ضَعِيْفٌ لَكِنْ رَوَى نَحْوَهُ أَبُو ضَمْرَةَ، عَنْ نَافِعِ بنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ فَرْوَةَ بنِ قَيْسٍ، عَنْ عَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ} [التَّوْبَةُ: 79] ، قَالَ: تَصَدَّقَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ بِشَطْرِ مَالِهِ أَرْبَعَةِ آلاَفِ دِيْنَارٍ فَقَالَ أُنَاسٌ مِنَ المُنَافِقِيْنَ: إِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ لَعَظِيْمُ الرِّيَاءِ.
وَقَالَ ابْنُ المُبَارَكِ، أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: تَصَدَّقَ ابْنُ عَوْفٍ عَلَى عَهْدِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِشَطْرِ مَالِهِ أَرْبَعَةِ آلاَفٍ ثُمَّ تَصَدَّقَ بِأَرْبَعِيْنَ أَلْفِ دِيْنَارٍ وَحَمَلَ عَلَى خَمْسِ مَائَةِ فَرَسٍ فِي سَبِيْلِ اللهِ ثُمَّ حَمَلَ عَلَى خَمْسِ مَائَةِ رَاحِلَةٍ فِي سَبِيْلِ اللهِ وَكَانَ عَامَّةُ مَالِهِ مِنَ التِّجَارَةِ2 أَخْرَجَهُ فِي الزُّهْدِ لَهُ.
سُلَيْمَانُ بنُ بِنْتِ شُرَحْبِيْلَ، أَنْبَأَنَا خَالِدُ بنُ يَزِيْدَ بنِ أَبِي مَالِكٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِيْهِ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "يابن عَوْفٍ! إِنَّكَ مِنَ الأَغْنِيَاءِ وَلنْ تَدْخُلَ الجَنَّةَ إلَّا زَحْفاً فَأَقْرِضِ اللهَ تَعَالَى يُطْلِقْ لَكَ قَدَمَيْكَ قَالَ فَمَا أُقْرِضُ يَا رَسُوْلَ اللهِ? فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ أَتَانِي جِبْرِيْلُ فَقَالَ مُرْهُ فَلْيُضِفِ الضيف وليعط في النائبة وليطعم المسكين"3.
__________
1 ضعيف: آفته عثمان بن عطاء بن أبي مسلم الخرساني، ضعفه مسلم وابن معين والدارقطني، وغيرهم، كذا قال الحافظ في "التقريب": ضعيف.
2 ضعيف: لانقطاعه فيما بين الزهري، وعبد الرحمن بن عوف. وهو عند الطبراني في "الكبير" "265"، وأبي نعيم في "الحلية" "1/ 99".
3 ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "3/ 131-132"، والطبراني، والحاكم "3/ 311"، وأبو نعيم في "الحلية" "1/ 99"، "8/ 334" من طريق خَالِدُ بنُ يَزِيْدَ بنِ أَبِي مَالِكٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِيْهِ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: فذكره.
وقال الحاكم: صحيح الإسناد. ورده الحافظ الذهبي في "التلخيص" بقوله: "قلت: خالد ضعفه جماعة، وقال النسائي: ليس بثقة".
قلت: إسناده واه، خَالِدُ بنُ يَزِيْدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي مَالِكٍ الدمشقي، وهاه ابن معين. وقال أحمد: ليس بشيء. وقال النسائي: ليس بثقة.

(3/57)


خَالِدُ بنُ الحَارِثِ، وَغَيْرُهُ قَالاَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيْهِ قَالَ رَأَيْتُ الجَنَّةَ وَأَنِّي دَخَلْتُهَا حَبْواً وَرَأَيْتُ أَنَّهُ لاَ يَدْخُلُهَا إلَّا الفُقَرَاءُ.
قُلْتُ إِسْنَادُهُ حَسَنٌ1 فَهُوَ وَغَيْرُهُ مَنَامٌ، وَالمَنَامُ لَهُ تَأْوِيْلٌ وقد انتفع بن عَوْفٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- بِمَا رَأَى وَبِمَا بلغه حتى تصدق بأموال عظيمة أطلقت له - ولله الحمد - قدميه وصار من ورثة الفردوس، فلا ضير.
أنبأنا بن أبي عمر، أنبأنا حنبل، أنبأنا بن الحصين، حدثنا بن المُذْهِبِ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيْقٍ قَالَ دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَقَالَ يَا أُمَّ المُؤْمِنِيْنَ! إِنِّي أَخْشَى أَنْ أَكُوْنَ قَدْ هَلَكْتُ إِنِّي مِنْ أَكْثَرِ قُرَيْشٍ مَالاً بِعْتُ أَرْضاً لِي بِأَرْبَعِيْنَ أَلْفِ دِيْنَار قَالَتْ يَا بُنَيَّ! أَنْفِقْ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: "إِنَّ مِنْ أَصْحَابِي مَنْ لَنْ يَرَانِي بَعْدَ أَنْ أُفَارِقَهُ" فَأَتَيْتُ عُمَرَ فَأَخْبَرْتُهُ فَأَتَاهَا فَقَالَ بِاللهِ أَنَا مِنْهُم? قَالَتْ اللَّهُمَّ لاَ وَلَنْ أُبْرِئَ أَحَداً بَعْدَكَ.
رَوَاهُ أَيْضاً أَحْمَدُ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ فَقَالَ، عَنْ شَقِيْقٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ2.
زَائِدَةُ: عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ بَيْنَ خَالِدٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ شَيْءٌ فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "دَعُوا لِي أَصْحَابِي أَوْ أُصَيْحَابِي فَإِنَّ أَحَدَكُم لَوْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحِدٍ ذَهَباً لم يدرك مد أحدهم ولا نصيفه" 3.
__________
1 ضعيف: آفته الانقطاع بين أبي سلمة بن عبد الرحمن، وأبيه.
2 صحيح: أخرجه أحمد "6/ 317" من طريق محمد بن عبيد، قال: حدثنا الأعمش به. وإسناده صحيح، وأخرجه أحمد "6/ 312" من طريق حجاج قال: حدثنا شريك، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوْقٍ قَالَ: دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ فقالت: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُوْلُ: فذكره، وأخرجه أحمد "6/ 298" حدثنا أسود بن عامر، حدثنا شريك به.
3 صحيح: أخرجه البزار "2768" "كشف الأستار" من طريق زائدة، به.
وأورده الهيثمي في "المجمع" "10/ 15" وقال: "رواه البزار ورجاله رجال الصحيح، غير عاصم بن أبي النجود، وقد وثق".
قلت: إسناده حسن، عاصم بن أبي النجود، صدوق، وورد عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ: $"لا تسبوا أصحابي، لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا، ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه". أخرجه مسلم "2540"، وابن ماجه "161" من طريق أبي معاوية، عن الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، به مرفوعا.

(3/58)


وَأَمَّا الأَعْمَشُ فَرَوَاهُ، عَنْ: أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ الخُدْرِيِّ1 وَفِي البَابِ حَدِيْثُ زُهَيْرِ بنِ مُعَاوِيَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ2.
أَبُو إسماعيل المؤدب، عن إسماعيل بن أبي خالد، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ: شَكَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ خَالِداً إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "يَا خَالِدُ! لاَ تُؤْذِ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ فَلَوْ أَنْفَقْتَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَباً لَمْ تُدْرِكْ عَمَلَهُ قَالَ يَقَعُوْنَ فِيَّ فَأَرُدُّ عَلَيْهِم فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لاَ تُؤْذُوا خَالِداً فَإِنَّهُ سَيْفٌ مِنْ سُيُوْفِ اللهِ صَبَّهُ اللهُ عَلَى الكُفَّارِ" 3.
لَمْ يَرْوِهِ، عَنِ المُؤَدِّبِ سِوَى الرَّبِيْعِ بنِ ثَعْلَبٍ4 وَقَدْ رَوَى نَحْوَهُ جَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ، عَنِ الحَسَنِ مُرْسَلاً.
__________
1 صحيح: أخرجه الطيالسي "2183"، وأحمد في "المسند" "3/ 54، 55"، وفي "فضائل الصحابة" له "7"، والبخاري "2673"، ومسلم "2541"، والترمذي "3861"، والنسائي في "فضائل الصحابة" "203"، وابن أبي عاصم في "السنة" "989"، والبغوي في "شرح السنة" "3859" من طريق شعبة، عن الأعمش، به.
2 أخرجه أحمد "3/ 266" حدثنا أحمد بن عبد الملك، حدثنا زهير، ثنا حميد الطويل، عن أنس قال: كان بين خالد بن الوليد وبين عبد الرحمن بن عوف كلام، فقال خالد لعبد الرحمن: تستطيلون علينا بأيام سبقتمونا بها، فبلغنا أن ذلك ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: "دعوا لي أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أنفقتم مثل أحد أو مثل الجبال ذهبا ما بلغتم أعمالهم"، وأورده الهيثمي في "المجمع" "10/ 15"، وقال: "رجاله رجال الصحيح".
قلت: إسناده ضعيف، آفته حميد بن أبي حميد الطويل، صاحب أنس، وهو وإن كان ثقة إلا أنه مشهور بكثرة التدليس عنه، حتى قيل إن معظم حديثه عنه بواسطة ثابت وقتادة، وقد عنعنه فالإسناد ضعيف، لكن يشهد له حديث أبي سعيد الخدري أبي هريرة، فيصح الحديث.
3 صحيح: أخرجه عبد الله بن أحمد في "فضائل الصحابة" "13"، والبزار "2592"، "2719" من طريق عبد الله بن عون الخرار، حدثنا أبو إسماعيل المؤدب، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، عن عبد الله بن أبي أوفى به مرفوعا، ووقع عند البزار في الموضعين "إسماعيل بن إبراهيم بن سليمان"، وهو خطأ، والصواب "أبو إسماعيل إبراهيم بن سليمان"، وأخرجه عبد الله بن أحمد "13"، والطبراني في "الكبير" "4/ 3801"، وفي "الصغير" "580"، والحاكم "3/ 298"، والخطيب في "تاريخه" "12/ 149-150" من طريق الربيع بن ثعلب، عن أبي إسماعيل المؤدب، به، وقال الحاكم: حديث صحيح، ورده الذهبي بقوله في "التلخيص": "قلت: رواه ابن إدريس عن ابن أبي خالد، عن الشعبي مرسلا، وهو أشبه".
قلت: وعلى فرض انقطاعه بين الشعبي وابن أبي أوفى، فللحديث شواهد ذكرتها في تعليقنا الآتي رقم "538".
4 الربيع بن ثعلب البغدادي: ترجمة ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" "1/ ق2 / 456"، ووثقه.

(3/59)


شُعْبَةُ: أَنْبَأَنَا حُصَيْنٌ سَمِعْتُ هِلاَلَ بن يِسَافٍ يُحَدِّثُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ ظَالِمٍ المَازِنِيِّ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ زَيْدٍ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان على حراء وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَطَلْحَةُ والزبير وسعد وعبد الرحمن بن عوف فَقَالَ: "اثْبُتْ حِرَاءُ! فَإِنَّمَا عَلَيْكَ نَبِيٌّ أَوْ صِدِّيْقٌ أَوْ شَهِيْدٌ" 1.
وَذَكَرَ سَعِيْدٌ أَنَّهُ كَانَ مَعَهُمْ. وَكَذَا رَوَاهُ جَرِيْرٌ وَهُشَيْمٌ وَأَبُو الأَحْوَصِ وَالأَبَّارُ، عَنْ حُصَيْنٍ.
وَأَخْرَجَهُ أَرْبَابُ السُّنَنِ الأَرْبَعَةِ من طريق شعبة، وجماعة كذلك ورواه بن إِدْرِيْسَ وَوَكِيْعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُوْرٍ، عَنْ هِلاَلِ بنِ يِسَافٍ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَرَوَاهُ الأَشْجَعِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُوْرٍ فَقَالَ، عَنْ هِلاَلٍ، عَنِ ابْنِ حَيَّانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ ظَالِمٍ، عَنْ سَعِيْدٍ تَابَعَهُ قَاسِمٌ الجرْمِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَجَاءَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُوْرٍ وَحُصَيْنٍ، عَنْ هِلاَلٍ، عَنْ سَعِيْدٍ نَفْسِهِ.
أَبُو قِلاَبَةَ الرَّقَاشِيُّ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ أَيُّوْبَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مَعْنٍ الغِفَارِيِّ، حَدَّثَنَا مُجَمِّعُ بنُ يَعْقُوْبَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مُجَمِّعٍ أَنَّ عمر قال لأم كلثوم بنت
__________
1 صحيح لغيره: أخرجه أحمد "1/ 188"، والطيالسي "235"، وابن ماجه "134"، والنسائي في "الكبرى" "8205" من طريق شعبة، به.
قلت: إسناده حسن فيه عبد الله بن ظالم، صدوق، وأخرجه أحمد "1/ 187"، والحاكم "3/ 316-317" من طريق سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُوْرٍ عَنْ هِلاَلِ بنِ يِسَافٍ، عن عبد الله بن ظالم، وأخرجه عبد الله بن أحمد في "زوائد فضائل الصحابة" "84"، وابن أبي عاصم في "السنة" "1425"، والنسائي في "الكبرى" "8192"، "8206" من طريق سفيان عن منصور، عن هلال، عن فلان بن حيان، عن عبد الله بن ظالم، به، وأخرجه عبد الله بن أحمد في "زوائد فضائل الصحابة" "83"، والدارقطني في "العلل" "4/ 412"، من طريق سفيان، عن منصور، عن هلال، عن حبان بن غالب، عن سعيد بن زيد.
وأخرجه الدارقطني "4/ 413" من طريق مسدد، عن يحيى، عن سفيان، عن منصور، عن هلال، عن رجل، عن سعيد، به، وأخرجه الطيالسي "235"، والحميدي "84"، وابن شيبة "12/ 14"، وأبو داود "4648"، والترمذي "3757"، وابن أبي عاصم في "السنة" "1427"، وعبد الله في "زوائد الفضائل" "81" والنسائي في "الكبرى" "8190"، 8191، 8208"، وأبو يعلى "969"، والعقيلي في "الضعفاء" "2/ 268"، وابن حبان "6996"، والحاكم "3/ 450-451"، والبغوي "3927" من طرق، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ هِلاَلِ بنِ يِسَافٍ، عَنْ عبد الله بن ظالم، به.
وللحديث طرق أخرى عن سعيد بن زيد، يضيق المقام عن ذكرها.

(3/60)


عُقْبَةَ، امْرَأَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ أَقَالَ لَكِ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: $"انْكِحِيْ سَيِّدَ المُسْلِمِيْنَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ عَوْفٍ" قالت: نعم1.
علي بن المدني، حَدَّثَنِي سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيْحٍ أَنَّ عُمَرَ سَأَلَ أُمَّ كُلْثُوْمٍ بِنَحْوِهِ وَيُرْوَى مِنْ وَجْهَيْنِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ حُمَيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أُمِّهِ أُمِّ كُلْثُوْمٍ نَحْوَهُ.
مَعْمَرٌ: عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَعْطَى رَهْطاً فِيْهِمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ فَلَمْ يُعْطِهِ فَخَرَجَ يَبْكِي فَلَقِيَهُ عُمَرُ فَقَالَ: مَا يُبْكِيْكَ? فَذَكَرَ لَهُ وَقَالَ: أَخْشَى أَنْ يَكُوْنَ مَنَعَهُ مَوْجِدَةٌ وَجَدَهَا عَلَيَّ فَأَبْلَغَ عُمَرُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "لَكِنِّي وَكَلْتُهُ إِلَى إِيْمَانِهِ"2.
قُرَيْشُ بنُ أَنَسٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَمْرِوٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "خِيَارُكُمْ خِيَارُكُمْ لِنِسَائِي" فَأَوْصَى لَهُنَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بِحَدِيْقَةٍ قُوِّمَتْ بِأَرْبَعِ مَائَةِ أَلْفٍ3.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ الزُّهْرِيُّ: حَدَّثَتْنَا أُمُّ بَكْرٍ بِنْتُ المِسْوَرِ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بَاعَ أرضًا له
__________
1 حسن لغيره: إسناده ضعيف فيه أربع علل: الأولى: أَبُو قِلاَبَةَ، عَبْدُ المَلِكِ بنُ مُحَمَّدٍ الرَّقَاشِيُّ. قال الدارقطني: كثير الوهم، لا يحتج به. وقال أيضا: صدوق كثير الخطأ. الثانية: عمر بن أيوب الغفاري، ذكر له الذهبي في ترجمته حديثا وقال: وهذا منكر كذب على مالك. الثالثة: جهالة يعقوب بن مجمع بن زيد بن جارية الأنصاري، لذا قال الحافظ في "التقريب": مقبول. الرابعة: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مُجَمِّعٍ، لم أجد من ترجم له.
وأخرجه البخاري في "التاريخ الصغير" "1/ 90" من طريق إبراهيم بن حمزة: عن سليمان بن سالم، مولى عبد الرحمن بن حميد، عن عبد الرحمن بن حميد، عَنْ أَبِيْهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم دعا بسرة بنت صفوان وقال: "من يخطب أم كلثوم؟ قالت: فلان، وفلان، وعبد الرحمن بن عوف قال: أنكحوا عبد الرحمن من خيار المسلمين، فأرسلت إلى أخيها الوليد أنكحني عبد الرحمن الساعة" وإسناده ضعيف لإرساله، حميد بن عبد الرحمن بن عوف من الطبقة الثانية، لكن يشهد له الطريق الأول، ويرتقي لدرجة الحسن، والله تعالى أعلم وأعلم.
2 ضعيف: أخرجه عبد الرزاق "20410"، وهو ضعيف لإرساله.
3 حسن: أخرجه أبو نعيم "في "أخبار أصبهان" "2/ 294"، والحاكم "3/ 311" من طريق قريش بن أنس، عَنْ مُحَمَّدُ بنُ عَمْرِوٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "خيركم خيركم لأهلي من بعدي ... " الحديث، وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم. ووافقه الذهبي.
قلت: بل إسناده حسن حسب، وليس بصحيح، محمد بن عمرو هو ابن علقمة بن وقاص الليثي، صدوق له أوهام، كما قال الحافظ في "التقريب".

(3/61)


مِنْ عُثْمَانَ بِأَرْبَعِيْنَ أَلْفَ دِيْنَارٍ فَقَسَمَهُ فِي فقراء بني زُهْرَةَ وَفِي المُهَاجِرِيْنَ وَأُمَّهَاتِ المُؤْمِنِيْنَ.
قَالَ المِسْوَرُ فَأَتَيْتُ عَائِشَةَ بِنَصِيْبَهَا فَقَالَتْ: مَنْ أَرْسَلَ بِهَذَا? قُلْتُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَتْ أَمَا إِنِّي سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول: "لاَ يَحْنُو عَلَيْكُنَّ بَعْدِي إلَّا الصَّابِرُوْنَ" سَقَى اللهُ ابْنَ عَوْفٍ مِنْ سَلْسَبِيْلِ الجَنَّةِ.
أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ"1.
عَلِيُّ بنُ ثَابِتٍ الجَزَرِيُّ، عَنِ الوَازِعِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: جَمَعَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نِسَاءهُ فِي مَرَضِهِ فَقَالَ: "سَيَحْفَظُنِي فِيْكُنَّ الصَّابِرُوْنَ الصَّادِقُوْنَ"2.
وَمِنْ أَفْضَلِ أَعْمَالِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَزْلُهُ نَفْسَهُ مِنَ الأَمْرِ وَقْتَ الشُّورَى وَاخْتِيَارُهُ لِلأُمَّةِ مَنْ أَشَارَ بِهِ أَهْلُ الحِلِّ وَالعَقْدِ فَنَهَضَ فِي ذَلِكَ أَتَمَّ نُهُوضٍ عَلَى جَمْعِ الأُمَّةِ عَلَى عُثْمَانَ وَلَوْ كَانَ مُحَابِياً فِيْهَا لأَخَذَهَا لِنَفْسِهِ أَوْ لَوَلاَّهَا ابْنَ عَمِّهِ وَأَقْرَبَ الجَمَاعَةِ إِلَيْهِ سَعْدَ بنَ أَبِي وَقَّاصٍ.
وَيُرْوَى، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ نِيَارٍ الأَسْلَمِيِّ، عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ مِمَّنْ يُفْتِي فِي عَهْدِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ بِمَا سَمِعَ مِنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ: حَدَّثَنَا أَبُو المُعَلَّى الجزري، عن ميمون بن مهران، عن بن عمر: أن
__________
1 صحيح لغيره: أخرجه أحمد "6/ 103-104، 135"، والحاكم "3/ 310-311"، من طريق أُمُّ بَكْرٍ بِنْتُ المِسْوَرِ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ باع أرضا له بأربعين ألف دينار ... " الحديث.
وقال الحاكم: حديث صحيح الإسناد. وتعقبه الذهبي بقول: "قلت: ليس بمتصل".
قلت: وأم بكر بنت المسور بن مخرمة، مجهولة، لذا قال الحافظ في "التقريب"، "مقبولة" لكن للحديث شاهدا ساقه الحاكم من طريق محمد بن إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الحصين بن عوف، عن أم سلمة قالت: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول لأزواجه: "إن الذي يحنو عليكن بعدي هو الصادق البار، اللهم اسق عبد الرحمن بن عوف من سلسبيل الجنة".
وقال الحاكم في إثره: "فقد صح الحديث عن عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما"، وله شاهد آخر آخرجه الحاكم "3/ 312" من طريق بكر بن مضر، حدثنا صخر بن عبد الله بن حرملة، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن حدثه قال: دخلت على عائشة -رضي الله عنها- فقالت لي: كأن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لي: "أمركن مما يهمني بعدي ولن يصبر عليكن إلا الصابرون"، ثم قالت: فسقى الله إياك من سلسبيل الجنة، وكان عبد الرحمن بن عوف قد وصلهن بمال فبيع بأربعين ألف".
2 ضعيف جدا: في إسناده الوازع بن نافع العقيلي الجزري، قال ابن معين وأحمد: ليس بثقة. وقال البخاري: منكر الحديث. وقال النسائي: متروك.

(3/62)


عَبْدَ الرَّحْمَنِ قَالَ لأَهْلِ الشُّورَى هَلْ لَكُم أَنْ أَخْتَارَ لَكُمْ وَأَنْفَصِلَ مِنْهَا? قَالَ عَلِيٌّ: نَعَمْ أَنَا أَوَّلُ مَنْ رَضِيَ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول: "إنك أمين في أهل السماء أمين فِي أَهْلِ الأَرْضِ"1.
أَخْرَجَهُ الشَّاشِيُّ2 فِي "مُسْنَدِهِ" وَأَبُو المُعلَّى ضَعِيْفٌ.
ذَكَرَ مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ: أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ عَوْفٍ حَجَّ بِالمُسْلِمِيْنَ فِي سَنَةِ ثَلاَثَ عَشْرَةَ.
جُوَيْرِيَةُ بنُ أَسْمَاءَ:، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيْدٍ أَنَّ سَعْدَ بنَ أَبِي وَقَّاصٍ أَرْسَلَ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ رَجُلاً وَهُوَ قَائِمٌ يَخْطُبُ أَنِ ارْفَعْ رَأْسَكَ إِلَى أَمْرِ النَّاسِ أَيِ ادْعُ إِلَى نَفْسِكَ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ! إِنَّهُ لَنْ يَلِيَ هَذَا الأَمْرَ أَحَدٌ بَعْدَ عُمَرَ إلَّا لاَمَهُ النَّاسُ.
تَابَعَهُ أَبُو أُوَيْسٍ عَبْدُ الله، عن الزهري.
بن سَعْدٍ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ الأُوَيْسِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أُمِّ بَكْرٍ، عَنْ أَبِيْهَا المِسْوَرِ قَالَ لَمَّا وَلِيَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن عوف الشورى كَانَ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ أَنْ يَلِيَهُ فَإِنْ تَرَكَ فَسَعْدٌ فَلَحِقَنِي عَمْرُو بنُ العَاصِ فَقَالَ مَا ظَنُّ خَالِكَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِاللهِ إِنْ وَلَّى هَذَا الأَمْرَ أَحَداً وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ خَيْرٌ مِنْهُ فَأَتَيْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ وَاللهِ لأَنْ تُؤخَذُ مِدْيَةٌ فَتُوْضَعُ فِي حَلْقِي ثُمَّ يُنْفَذُ بِهَا إِلَى الجَانِبِ الآخَرِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ ذَلِكَ.
ابْنُ وَهْبٍ: حدثنا بن لَهِيْعَةَ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، عَنْ أَبِي عبيد بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَزْهَرَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ أَنَّ عُثْمَانَ اشْتَكَى رُعَافاً فَدَعَا حُمْرَانَ فَقَالَ اكْتُبْ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ العَهْدَ مِنْ بَعْدِي فَكَتَبَ لَهُ وَانْطَلَقَ حُمْرَانُ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَالَ البُشْرَى! قَالَ وَمَا ذَاكَ? قَالَ إِنَّ عُثْمَانَ قَدْ كَتَبَ لَكَ العَهْدَ مِنْ بَعْدِهِ فَقَامَ بَيْنَ القبر والمنبر فدعا،
__________
1 ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "3/ 134"، والحاكم "3/ 310"، وأبو نعيم في "الحلية" "1/ 98" من طريق أبي المعلى الجزري، به.
وصححه الحاكم ورده الذهبي في "التلخيص" بقوله: "قلت: أبو المعلى هو فرات بن السائب تركوه".
قلت: نعم، فالإسناد واه بمرة، آفته فرات بن السائب، قال البخاري: منكر الحديث. وقال ابن معين: ليس بشيء. وقال الدارقطني وغيره: متروك.
2 الشاشي، هو الإمام الحافظ الثقة الرجال، أبو سعيد الهيثم بن كليب بن سريج بنِ مَعْقِل الشَّاشِيُّ التُّركِيُّ، صَاحِبُ "المُسْنَد الكَبِيْر" أصله من مرو، وتوفي بِسَمَرْقَنْدَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ. ترجمته في "الأنساب" "7/ 246"، تذكرة الحفاظ "3/ 848-849"، العبر "2/ 242"، طبقات الحفاظ "351"، شذرات الذهب "2/ 342"، الرسالة المستطرفة "73".

(3/63)


فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ مِنْ تَوْلِيَةِ عُثْمَانَ إِيَّايَ هَذَا الأَمْرَ فَأَمِتْنِي قَبْلَهُ، فَلَمْ يَمْكُثْ إِلاَّ سِتَّةَ أَشْهُرٍ حَتَّى قَبَضَهُ اللهُ.
يَعْقُوْبُ بنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ طَلْحَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَوْفٍ، قَالَ: كَانَ أَهْلُ المَدِيْنَةِ عِيَالاً عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ: ثُلُثٌ يُقْرِضُهُمْ مَالَهُ، وَثُلُثٌ يَقْضِي دَيْنَهُمْ، وَيَصِلُ ثُلثاً.
مُبَارَكُ بنُ فَضَالَةَ: عَنْ عَلِيِّ بنِ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ قَالَ: كَانَ بَيْنَ طَلْحَةَ وَابنِ عَوْفٍ تَبَاعُدٌ، فَمَرِضَ طَلْحَةُ، فجاء عبد الرحمن يعوده. فقال طلحة: أَنْتَ وَاللهِ يَا أَخِي خَيْرٌ مِنِّي قَالَ: لاَ تَفْعَلْ يَا أَخِي! قَالَ: بَلَى وَاللهِ لأَنَّكَ لَوْ مَرِضْتَ مَا عُدْتُكَ.
ضَمْرَةُ بنُ ربيعة: ضَمْرَةُ بنُ رَبِيْعَةِ، عَنْ سَعْدِ بنِ الحَسَنِ قَالَ كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ لاَ يُعْرَفُ مِنْ بَيْنِ عَبِيْدِهِ.
شُعَيْبُ بنُ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ غُشِيَ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ فِي وَجَعِهِ حَتَّى ظَنُّوا أَنَّهُ قَدْ فَاضَتْ نَفْسُهُ حَتَّى قَامُوا مِنْ عِنْدِهِ وَجَلَّلُوْهُ فَأَفَاقَ يُكَبِّرُ فَكَبَّرَ أَهْلَ البَيْتِ ثُمَّ قَالَ لَهُم غُشِيَ عَلَيَّ آنِفاً? قَالُوا نَعَمْ قَالَ صَدَقْتُم! انْطَلَقَ بِي فِي غَشْيَتِي رَجُلاَنِ أَجِدُ فِيْهِمَا شِدَّةً وَفَظَاظَةً فَقَالاَ انْطَلِقْ نُحَاكِمْكَ إِلَى العَزِيْزِ الأَمِيْنِ فَانْطَلَقَا بِي حَتَّى لَقِيَا رَجُلاً قَالَ أَيْنَ تَذْهَبَانِ بِهَذَا? قَالاَ نُحَاكِمُهُ إِلَى العَزِيْزِ الأَمِيْنِ فَقَالَ ارْجِعَا فَإِنَّهُ مِنَ الَّذِيْنَ كَتَبَ اللهُ لَهُمُ السَّعَادَةَ وَالمَغْفِرَةَ وَهُمْ فِي بُطُوْنِ أُمَّهَاتِهِم وَإِنَّهُ سَيُمَتَّعُ بِهِ بَنُوْهُ إِلَى مَا شَاءَ اللهُ، فَعَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ شَهْراً.
رَوَاهُ الزُّبَيْدِيُّ، وَجَمَاعَةٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ. وَرَوَاهُ سَعْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ أَبِيْهِ.
ابْنُ لَهِيْعَةَ، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ عَوْفٍ أَوْصَى بِخَمْسِيْنَ أَلْفَ دِيْنَارٍ فِي سَبِيْلِ اللهِ فَكَانَ الرَّجُلُ يُعْطَى مِنْهَا أَلْفُ دِيْنَارٍ.
وَعَنِ الزُّهْرِيِّ: أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ أَوْصَى للبدريين فوجدوا مئةً فأعطى كل واحد منهم أربع مئة دِيْنَارٍ فَكَانَ مِنْهُم عُثْمَانُ فَأَخَذَهَا.
وَبِإِسْنَادٍ آخَرَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ أَوْصَى بِأَلْفِ فَرَسٍ فِي سَبِيْلِ اللهِ.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ سَمِعَ عَلِيّاً يَقُوْلُ يَوْمَ مَاتَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ اذهب يابن عَوْفٍ! فَقَدْ أَدْرَكْتَ صَفْوَهَا وَسَبَقْتَ رَنْقَهَا.
الرَّنْقُ: الكدر.

(3/64)


قَالَ سَعْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: رَأَيْتُ سَعْداً فِي جِنَازَة عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ وَهُوَ بَيْنَ يَدَي السَّرِيْرِ وَهُوَ يَقُوْلُ: وَاجَبَلاَهُ!
رَوَاهُ جَمَاعَةٌ، عَنْ سَعْدٍ.
مَعْمَرٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: رَأَيْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ عَوْفٍ قُسِمَ لِكُلِّ امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهِ بعد موته مائة ألف.
وَرَوَى هِشَامٌ، عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ، قَالَ: اقْتَسَمْنَ ثُمُنَهُنَّ ثَلاَثَ مَائَةِ أَلْفٍ وَعِشْرِيْنَ أَلْفاً.
وَرَوَى نَحْوَهُ لَيْثُ بنُ أَبِي مُسلمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ وَقَدِ اسْتَوْفَى صَاحِبُ تَارِيْخِ دِمَشْقَ أَخْبَارَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي أَرْبَعَةِ كَرَارِيْسَ.
وَلَمَّا هَاجَرَ إِلَى المَدِيْنَةِ كَانَ فَقِيْراً لاَ شَيْءَ لَهُ فَآخَى رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بنِ الرَّبِيْعِ أَحَدِ النُّقَبَاءِ فَعَرَضَ عَلَيْهِ أَنْ يُشَاطِرَهُ نِعْمَتَهُ وَأَنْ يُطَلِّقَ لَهُ أَحْسَنَ زَوْجَتَيْهِ فَقَالَ لَهُ: بَارَكَ اللهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ، وَلَكِنْ دُلَّنِي عَلَى السُّوْقِ فَذَهَبَ فَبَاعَ وَاشْتَرَى وَرَبِحَ، ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ أَنْ صَارَ مَعَهُ دَرَاهِمَ فَتَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى زِنَةٍ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَدْ رَأَى عَلَيْهِ أَثَراً مِنْ صُفْرَةٍ: "أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ" ثُمَّ آلَ أَمْرُهُ فِي التِّجَارَةِ إِلَى مَا آلَ1.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "2048"، "3780" من طريق إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن جده قال: قال عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه: لما قدمنا المدينة آخَى رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيني وبين سعد بن الربيع، فقال سعد بن الربيع: إني أكثر الانصار مالا، فأقسم لك نصف مالي، وانظر أي زوجتي هويت نزلت لك عنها، فإذا حلت تزوجتها. قال: فقال له عبد الرحمن: لا حاجة لي في ذلك، هل من سوق فيه تجارة؟
قال: سوق قينقاع. قال: فغدا إليه عبد الرحمن فأتى بأقط وسمن. قال: ثم تابع الغدو، فما لبث أن جاء عبد الرحمن عليه أثر صفرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تزوجت"؟ قال: نعم. قال: "ومن"؟ قال: امرأة من الانصار. قال: "كم سقت"؟ قال: زنة نواةٍ من ذهب -أو نواة من ذهب- فقال له النبي صلى الله عليه وسم: "أولم ولو بشاة".
وأخرجه مالك في "الموطأ" "2/ 545"، والحميدي "1218"، وعبد الرزاق "10411"، وأحمد "3/ 90، 204-205، 271"، والبخاري "2049"، "3781"، "3937"، "5072"، "5153"، "5167"، "6082"، ومسلم "1427"، "81"، وأبو داود "2109"، والترمذي "1933"، والنسائي "6/ 119-120، 137"، وابن الجارود "726"، وأبو يعلى "3781، 3824"، والطبراني "728"، والبيهقي "7/ 236، 237"، والبغوي "2308، 2310"، من طريق حميد الطويل، عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قال: "قدم عبد الرحمن بن عوف المدينة، فآخى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سعد بن الربيع الأنصاري ... " الحديث.

(3/65)


أَرَّخَ المَدَائِنِيُّ، وَالهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ، وَجَمَاعَةٌ وَفَاتَهَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ. وَقَالَ المَدَائِنِيُّ وَدُفِنَ بِالبَقِيْعِ وَقَالَ يَعْقُوْبُ بنُ المُغِيْرَةِ عَاشَ خَمْساً وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
قَالَ أَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ البَرِّ: كَانَ مَجْدُوْداً فِي التِّجَارَةِ خَلَّفَ أَلْفَ بعير وثلاثة آلاف شاة ومئة فَرَسٍ وَكَانَ يَزْرَعُ بِالجُرْفِ عَلَى عِشْرِيْنَ نَاضِحاً.
قلت: هذا هو الغني الشاكر وأويس فَقِيْرٌ صَابِرٌ وَأَبُو ذَرٍّ أَوْ أَبُو عُبَيْدَةَ زاهد عفيف.
حسين الجعفي، عن جعفر بن برقان قَالَ بَلَغَنِي أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ عَوْفٍ أَعْتَقَ ثَلاَثِيْنَ أَلْفَ بَيْتٍ.

(3/66)


10- سعد بن أبي وقاص 1: "ع"
وَاسْمُ أَبِي وَقَّاصٍ: مَالِكُ بنُ أُهَيْبِ عَبْدِ مَنَافٍ بنِ زُهْرَةَ بنِ كِلاَبِ بنِ مُرَّةَ بنِ كَعْبِ بنِ لؤي.
الأَمِيْر أَبُو إِسْحَاقَ القُرَشِيُّ الزُّهْرِيُّ المَكِّيُّ أَحَدُ العَشَرَةِ وَأَحَدُ السَّابِقِيْنَ الأَوَّلِيْنَ وَأَحَدُ مَنْ شَهِدَ بَدْراً وَالحُدَيْبِيَةَ وَأَحَدُ السِّتَّةِ أَهْلِ الشُّوْرَى.
رَوَى جُمْلَةً صَالِحَةً مِنَ الحَدِيْثِ، وَلَهُ فِي "الصَّحِيْحَيْنِ" خَمْسَةَ عَشَرَ حَدِيْثاً وَانْفَرَدَ لَهُ البُخَارِيُّ بِخَمْسَةِ أَحَادِيْثَ وَمُسْلِمٌ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ حَدِيْثاً.
حَدَّثَ عَنْهُ بن عُمَرَ وَعَائِشَةُ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَالسَّائِبُ بنُ يَزِيْدَ وَبَنُوْهُ عَامِرٌ وَعُمَرُ وَمُحَمَّدٌ وَمُصْعَبٌ وَإِبْرَاهِيْمُ وَعَائِشَةُ وَقَيْسُ بنُ أَبِي حَازِمٍ وَسَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ وَأَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ وَعُمَرُ بنُ مَيْمُوْن وَالأَحْنَفُ بنُ قَيْسٍ وَعَلْقَمَةُ بنُ قَيْسٍ وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ وَمُجَاهِدٌ وَشُرَيْحُ بنُ عُبَيْدٍ الحِمْصِيُّ وَأَيْمَن المَكِّيُّ وَبِشْرُ بنُ سَعِيْدٍ وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ وَأَبُو صَالِحٍ ذَكْوَانُ وعروة بن الزبير، وخلق سواهم.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 137-149"، "6/ 12-13"، والمصنف لابن أبي شيبة "13/ ترجمته "15757"، وتاريخ خليفة "223"، ومسند أحمد "1/ 168-187"، وفضائل الصحابة "2/ 748"، وتاريخ البخاري الكبير "4/ ترجمة 1908"، وتاريخه الصغير "1/ 26، 51، 69، 72، 83، 91، 100، 101، 104، 108، 114"، والكنى للدولابي "1/ 63"، والجرح والتعديل "4/ ترجمة 405"، وحلية الأولية "1/ ترجمة 72"، والاستيعاب "2/ 606"، وأسد الغابة "2/ 290"، والإصابة "2/ ترجمة 3194"، تهذيب الأسماء واللغات "1/ 213"، وتاريخ الإسلام "2/ 281"، والعبر "1/ 60"، والكاشف "1/ ترجمة 1863"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 9"، وتهذيب التهذيب "3/ 483"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2403".

(3/66)


أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ بنِ المُطَهَّرِ التَّمِيْمِيُّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ فِي كِتَابِهِ، أَنْبَأَنَا تَمِيْمُ بنُ أَبِي سَعِيْدٍ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، أَنْبَأَنَا أَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، أَنْبَأَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي عَوْنٍ سَمِعْتُ جَابِرَ بنَ سَمُرَةَ قَالَ: قَالَ عُمَر لسَعد: قَدْ شَكَوْكَ فِي كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى فِي الصَّلاَةِ قَالَ أما أنا فإني أمد في الأولين وَأَحذِفُ فِي الأُخْرَيَيْن وَمَا آلُوا مَا اقْتَدَيْتُ بِهِ مِنْ صَلاَةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ ذَاكَ الظَّنُّ بِكَ أَوْ كَذَاكَ الظَّنُّ بِكَ1.
أَبُو عَوْنَ الثَّقَفِيُّ: هُوَ مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَبِهِ إِلَى أَبِي يَعْلَى، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا يُوْنُسُ بنُ أَبِي إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَعْدٍ، حَدَّثَنِي وَالِدِي، عَنْ أَبِيْهِ قَالَ مَرَرْتُ بِعُثْمَانَ فِي المَسْجِدِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَمَلأَ عَيْنَيْهِ مِنِّي ثُمَّ لَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ السَّلاَمَ فَأَتَيْتُ عُمَرَ فَقُلْتُ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! هَلْ حَدَثَ فِي الإِسْلاَمِ شَيْءٌ? قَالَ وَمَا ذَاكَ? قُلْتُ إِنِّي مَرَرْتُ بِعُثْمَانَ آنِفاً فَسَلَّمْتُ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ فَأَرْسَلَ عُمَرُ إِلَى عُثْمَانَ فَأَتَاهُ فَقَالَ مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَكُوْنَ رَدَدْتَ عَلَى أَخِيْكَ السَّلاَمَ? قَالَ مَا فَعَلْتُ قُلْتُ بَلَى حَتَّى حَلَفَ وَحَلَفْتُ ثُمَّ إِنَّهُ ذَكَرَ فَقَالَ بَلَى فَأَسْتَغْفِرُ اللهَ وَأَتُوْبُ إِلَيْهِ إِنَّكَ مَرَرْتَ بِي آنِفاً وَأَنَا أُحَدِّثُ نَفْسِي بِكَلِمَةٍ سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لاَ وَاللهِ مَا ذَكَرْتُهَا قَطُّ إلَّا يَغْشَى بَصَرِي وَقَلْبِي غِشَاوَةً فَقَالَ سَعْدٌ فَأَنَا أُنْبِئُكَ بِهَا إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ ذَكَرَ لَنَا أَوَّلَ دَعْوَةٍ ثُمَّ جَاءهُ أَعْرَابِيٌّ فَشَغَلَهُ ثُمَّ قَامَ رَسُوْلُ الله فاتبعته فلما أَشْفَقْتُ أَنْ يَسْبِقَنِي إِلَى مَنْزِلِهِ ضَرَبْتُ بِقَدَمِي الأَرْضَ فَالْتَفَتَ إِلَيَّ فَالْتَفَتُّ فَقَالَ: "أَبُو إِسْحَاقَ"؟ قُلْتُ: نَعَمْ يَا رَسُوْلَ اللهِ قَالَ: "فَمَهْ"؟ قُلْتُ: لاَ وَاللهِ إلَّا أَنَّكَ ذَكَرْتَ لَنَا أَوَّلَ دَعْوَةٍ ثُمَّ جَاءَ هَذَا الأَعْرَابِيُّ فَقَالَ: "نَعَم دَعْوَةُ ذِي النُّونِ: {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِين} [الأَنْبِيَاءُ: 87] ، فَإِنَّهَا لَمْ يَدْعُ بِهَا مُسْلِمٌ رَبَّهُ فِي شيء قط إلَّا استجاب له".
__________
1 صحيح على شرط الشيخين: أخرجه الطيالسي "216"، وأحمد "1/ 175"، والبخاري "770"، ومسلم "453، 159"، وأبو داود "803"، والنسائي "2/ 174"، والبزار "1063"، وأبو يعلى "692، 741، 742"، وأبو عوانة "2/ 150"، والبغوي في "الجعديات" "612"، والبيهقي "2/ 65" من طرق عن شعبة، به.

(3/67)


أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيْقِ الفِرْيَابِيِّ، عَنْ يُوْنُسَ1.
بن وَهْبٍ، حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ، حَدَّثَنِي بن شِهَابٍ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ المِسْوَرِ قَالَ خَرَجْتُ مَعَ أَبِي وَسَعْدٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الأَسْوَدِ بنِ عَبْدِ يَغُوْثَ عَامَ أَذْرح فَوَقَعَ الوَجَعُ بِالشَّامِ فَأَقَمْنَا بِسَرْغٍ خَمْسِيْنَ لَيْلَةً وَدَخَلَ عَلَيْنَا رَمَضَانَ فَصَامَ المِسْوَرُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ وَأَفْطَرَ سَعْدٌ وَأَبَى أَنْ يَصُوْمَ فَقُلْتُ لَهُ يَا أَبَا إِسْحَاقَ! أَنْتَ صَاحِبُ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى الله عيه وَسَلَّمَ وَشَهِدْتَ بَدْراً وَأَنْتَ تُفْطِرُ وَهُمَا صَائِمَانِ? قال: أنا أفقه منهما.
بن جُرَيْحٍ، حَدَّثَنِي زَكَرِيَّا بنُ عَمْرَو أَنَّ سَعْدَ بن أبي وقاص وفد على مُعَاوِيَةَ فَأَقَامَ عِنْدَهُ شَهْراً يَقْصُرُ الصَّلاَةَ وَجَاءَ شَهْرَ رَمَضَان فَأَفْطَرَهُ مُنْقَطِعٌ.
شُعْبَةُ وَغَيْرُهُ، عَنْ حَبِيْبِ بنِ أَبِي ثَابِتٍ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ المِسْوَرِ قَالَ كُنَّا فِي قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى الشَّامِ يُقَالُ لَهَا عَمَّانُ وَيُصَلِّي سَعْدٌ ركعتين فسألناه فقال أنا نحن أعلم.
بن عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو قَالَ شَهِدَ سَعْدٌ وَابْنُ عمر الحكمين.
بنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَلِيِّ بنِ زَيْدٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، عَنْ سَعْدٍ قُلْتُ يَا رَسُوْلَ اللهِ مَنْ أَنَا? قَالَ سَعْدُ بنُ مَالِكِ بنِ وُهَيْبِ بنِ عَبْدِ مَنَافِ بنِ زُهْرَةَ مَنْ قَالَ غَيْرَ هَذَا فَعَلَيْهِ لَعنَةُ اللهِ2.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ وَأُمُّهُ حَمْنَةُ بِنْتُ سُفْيَانَ بنِ أُمَيَّةَ بنِ عَبْدِ شَمْسِ بنِ عَبْدِ مناف.
قال ابن مندة أسلم سعد بن سبع عشرة سنة وكان قصيرًا دحداحًا شَثْنَ الأَصَابِعِ غَلِيْظاً ذَا هَامَةٍ تُوُفِّيَ بِالعَقِيْقِ فِي قَصْرِهِ عَلَى سَبْعَةِ أَمْيَالٍ مِنَ المَدِيْنَةِ وحمل إليها سنة خمس وخمسين.
__________
1 حسن: أخرجه أحمد "1/ 170"، والترمذي مختصرا "3505"، والنسائي في "اليوم والليلة" "656" وأبو يعلى "772"، والطبراني في "الدعاء" "124"، والحاكم "1/ 505"، "2/ 382، 383"، والبزار "3150" كشف الأستار، والبيهقي في الشعب" "620" من طرق عن يونس بن أبي إسحاق، به.
قلت: في إسناده إسماعيل بن عمر، أبو المنذر الواسطي، قال أبو حاتم: صدوق. وقال ابن معين: ليس به بأس.
2 ضعيف: أخرجه الطبراني في "الكبير" "289"، والحاكم "3/ 495"، والفسوي "3/ 166"، وابن سعد "3/ 137" من طريق علي بن زيد بن جدعان، به.
قلت: إسناده ضعيف، آفته علي بن زيد بن جدعان، فإنه ضعيف.

(3/68)


الوَاقِدِيُّ، عَنْ بُكَيْرِ بنِ مِسْمَارٍ، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ قَالَتْ كَانَ أَبِي رَجُلاً قَصِيْراً دَحْدَاحاً غَلِيْظاً ذَا هامةٍ شَثْنَ الأَصَابِعِ أَشْعَرَ يَخْضِبُ بِالسَّوَادِ.
وَعَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سَعْدٍ قَالَ كَانَ سَعْدٌ جَعْدَ الشَّعْرِ أَشْعَرَ الجَسَدِ آدَمَ أَفْطَسَ طَوِيْلاً1.
يَعْقُوْبُ بنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ، أَنْبَأَنَا إِسْحَاقُ بنُ جَعْفَرٍ وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنِ عِمْرَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرِ بنِ المِسْوَرِ، عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سَعْدٍ، عَنْ عَامِرِ بنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيْهِ قَالَ رَدَّ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عُمَيْرَ بنَ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ بَدْرٍ اسْتَصْغَرَهُ فَبَكَى عُمَيْرٌ فَأَجَازَهُ فَعَقَدْتُ عَلَيْهِ حِمَالَةَ سَيْفِهِ وَلَقَدْ شَهِدْتُ بَدْراً وَمَا فِي وَجْهِي شَعْرَةٌ وَاحِدَةٌ أَمْسَحُهَا بِيَدِي2.
جَمَاعَةٌ، عَنْ هَاشِمِ بنِ هَاشِمِ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ سَمِعْتُ سعدًا يَقُوْلُ مَا أَسْلَمَ أَحَداً فِي اليَوْمِ الَّذِي أَسْلَمْتُ وَلَقَدْ مَكَثْتُ سَبْعَ لَيَالٍ وَإِنِّي لَثُلُثُ الإِسْلاَمِ3.
وَقَالَ يُوْسُفُ بنُ المَاجِشُوْنِ سَمِعْتُ عَائِشَةَ بِنْتَ سَعْدٍ تَقُوْلُ مَكَثَ أَبِي يَوْماً إِلَى اللَّيْلِ وَإِنَّهُ لَثُلُثُ الإِسْلاَمِ.
إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ قَالَ قَالَ سَعْدُ بنُ مَالِكٍ مَا جَمَعَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبَوَيْهِ لأَحَدٍ قَبْلِي وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ ليقول لي يا سعد ارم فذاك أَبِي وَأُمِّي! وَإِنِّي لأَوَّلُ المُسْلِمِيْنَ رَمَى المُشْرِكِيْنَ بِسَهْمٍ وَلَقَدْ رَأَيْتُنِي مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَابِعَ سَبْعَةٍ مَا لَنَا طَعَامٌ إلَّا وَرَقَ السَّمُرِ حَتَّى إِنَّ أَحَدَنَا لَيَضَعُ كَمَا تَضَعُ الشَّاةُ ثُمَّ أَصْبَحَتْ بَنُو أَسَدٍ تُعَزِّرُنِي عَلَى الإِسْلاَمِ لَقَدْ خِبْتُ إِذَنْ وَضَلَّ سَعْيِي4.
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ، عَنْ إسماعيل.
__________
1 ضعيف جدا: أخرجه الطبراني في "الكبير" "293"، وفيه عبد العزيز بن عمران الزهري المدني، وهو عبد العزيز بن أبي ثابت، قال البخاري: لا يكتب حديثه، وقال النسائي وغيره: متروك. وقال يحيى بن معين: ليس بثقة.
2 ضعيف جدا: في إسناده عبد العزيز بن عمران، وهو عبد العزيز بن أبي ثابت، متروك كما ذكرنا في التعليق السابق.
3 صحيح أخرجه البخاري "3726"، "7727"، "3858".
4 صحيح على شرط الشيخين: أخرجه الطيالسي "212"، وأحمد "1/ 174، 181، 186"، والحميدي "78"، ووكيع في "الزهد" "123"، وهناد في "الزهد" "771" والبخاري "3728"، "5412"، ومسلم "2966، وأبو يعلى "732"، من طرق عن إسماعيل بن أبي خالد، به.
قوله: "مالنا طعام إلا ورق السمر" هو ضرب من شجر الطلح الواحدة سمرة، وقوله: "أصبحت بنو أسد تعززني على الإسلام" أي توقفني عليه. وقيل: توبخني على التقصير فيه.

(3/69)


وَرَوَى المَسْعُوْدِيُّ، عَنِ القَاسِمِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أول من رمى بسهم في سبيل الله سعد وإنه من أحوال النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
حَاتَمُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ، عَنْ بُكَيْرِ بنِ مِسْمَارٍ، عَنْ عَامِرِ بنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيْهِ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَمَعَ لَهُ أَبَوَيْهِ قَالَ كَانَ رَجُلٌ مِنَ المُشْرِكِيْنَ قَدْ أَحْرَقَ المُسْلِمِيْنَ فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ: "ارْمِ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي" فَنَزَعْتُ بِسَهْمٍ لَيْسَ فِيْهِ نَصْلٌ فَأَصَبْتُ جَبْهَتَهُ فَوَقَعَ وَانْكَشَفَتْ عَوْرَتُهُ فَضَحِكَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُه1.
عَبْدُ اللهِ بنُ مُصْعَبٍ: حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ عقبة، عن بن شِهَابٍ قَالَ قَتَلَ سَعْدٌ يَوْمَ أُحدٍ بِسَهْمٍ رُمِيَّ بِهِ فَقَتَلَ فَرُدَّ عَلَيْهِم فَرَمَوا بِهِ فَأَخَذَهُ سَعْدٌ فَرَمَى بِهِ الثَّانِيَةَ فَقَتَلَ فَرُدَّ عَلَيْهِم فَرَمَى بِهِ الثَّالِثَةَ فَقَتَلَ فَعَجِبَ النَّاسُ مِمَّا فَعَلَ. إِسْنَادُهُ مُنْقَطِعٌ.
ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي صالح بن كيسان، عن بعض آل سعد، عَنْ سَعْدٍ أَنَّهُ رَمَى يَوْمَ أُحُدٍ قَالَ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُنَاوِلُنِي النَّبْلَ وَيَقُوْلُ: "ارْمِ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي" حَتَّى إِنَّهُ لَيُنَاوِلُنِي السَّهْمَ مَا لَهُ من نصل فأرمي به.
قَالَ ابْنُ المُسَيِّبِ: كَانَ جَيِّدَ الرَّمْي سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: جَمَعَ لِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبَوَيْهِ يَوْمَ أُحُدٍ2.
أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ، وَقَدْ سَاقَهُ الحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ مِنْ بِضْعَةَ عَشَرَ وَجْهاً. وَسَاقَ حَدِيْثَ ابْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ مِنْ سَبْعَةَ عَشَرَ طَرِيْقاً بِأَلْفَاظِهَا وَبِمِثْلِ هَذَا كَبِرَ تَارِيْخُهُ وَسَاقَ حَدِيْثَ عَبْدِ اللهِ بنِ شَدَّادٍ، عَنْ عَلِيٍّ مَا سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَمَعَ أَبَوَيْهِ لأَحَدٍ غَيْرَ سَعْدٍ مِنْ سِتَّةِ عَشَرَ وَجْهاً رَوَاهُ: مِسْعَرٌ، وَشُعْبَةُ، وَسُفْيَانُ، عَنْ سَعْدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ عَنْهُ.
ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، عَنِ بن المُسَيِّبِ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: مَا سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَجْمَعُ أَبَوَيْهِ لأَحَدٍ غير سعد. تفرد به بن عيينة.
__________
1 صحيح: أخرجه مسلم "2412"، والطبراني في "الكبير" "315".
2 صحيح على شرط الشيخين: "أخرجه ابن سعد "3/ 141"، وابن أبي شيبة "12/ 87"، "14/ 390"، والطيالسي "220"، وأحمد "1/ 174، 180"، والبخاري "3725"، و"4057"، ومسلم "2412"، والترمذي "2830، 3754"، وابن ماجه "130"، وابن أبي عاصم في "السنة" "1406"، والبزار "1067"، والنسائي في "الكبرى" "8216"، وفي "عمل اليوم والليلة" "195، "196"، وأبو يعلى "795"، والخطيب في تاريخه "13/ 320"، من طرق عن يحيى بن سعيد الأنصاري، به.

(3/70)


وَقَدْ رَوَاهُ: شُعْبَةُ وَزَائِدَةُ وَغَيْرُهُمَا، عَنْ يَحْيَى بن سعيد، عن سعد وهو أصح.
ابْنُ زَنْجَوَيْه: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوْبَ، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ سَمِعْتُهَا تَقُوْل أَنَا ابْنَةُ المُهَاجِرِ الَّذِي فَدَاهُ رَسُوْلُ اللهِ يَوْمَ أُحُدٍ بِالأَبَوَيْنِ.
الأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ مَسْعُوْدٍ لَقَدْ رَأَيْتُ سَعْداً يُقَاتِلُ يَوْمَ بَدْرٍ قِتَالَ الفَارِسِ فِي الرِّجَالِ رَوَاهُ بَعْضُهُمْ، عَنِ الأَعْمَشِ فَقَالَ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ.
يُوْنُسُ بنُ بُكَيْرٍ، عَنْ عُثْمَانَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الوَقَّاصِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: بَعَثَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَرِيَّةً فِيْهَا سَعْدُ بنُ أَبِي وَقَّاصٍ إِلَى جَانِبٍ مِنَ الحِجَازِ يُدْعَى: رَابِغٍ، وَهُوَ مِنْ جَانِبِ الجُحْفَةِ، فَانْكَفَأَ المُشْرِكُوْنَ عَلَى المُسْلِمِيْنَ، فَحَمَاهُمْ سَعْدٌ يَوْمَئِذٍ بِسِهَامِهِ، فَكَانَ هَذَا أَوَّلُ قِتَالٍ فِي الإِسْلاَمِ فَقَالَ سَعْدٌ:
أَلاَ هَلْ أَتَى رَسُوْلَ اللهِ أَنِّي ... حَمَيْتُ صَحَابَتِي بِصُدُورِ نَبْلِي
فَمَا يَعتَدُّ رامٍ فِي عدوٍّ ... بِسَهْمٍ يَا رَسُوْلَ اللهِ قَبْلِي
وَفِي البُخَارِيِّ لِمَرْوَانَ بنِ مُعَاوِيَةَ: أَخْبَرَنِي هَاشِمُ بنُ هَاشِمٍ سَمِعْتُ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ سَمِعْتُ سَعْداً يَقُوْلُ نَثَلَ لِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كِنَانَتَهُ يَوْمَ أُحُدٍ وَقَالَ: "ارْمِ! فِدَاكَ أَبِي وأمي"1.
أنبأنا به أحمد بن سلامة، عن بن كليب، أنبأنا بن بيان، أنبأنا بنُ مَخْلَدٍ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ عَرَفَةَ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ فَذَكَرَهُ.
القَعْنَبِيُّ، وَخَالِدُ بنُ مَخْلَدٍ قَالاَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ بِلاَلٍ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَامِرِ بنِ رَبِيْعَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ أَرِقَ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَاتَ لَيْلَةٍ فَقَالَ: "لَيْتَ رَجُلاً صَالِحاً مِنْ أَصْحَابِي يَحْرُسُنِي اللَّيْلَةَ" قَالَتْ: فَسَمِعْنَا صَوْتَ السِّلاَحِ فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ مَنْ هَذَا? قَالَ سَعْدُ بنُ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَا يَا رَسُوْلَ اللهِ جِئْتُ أَحْرُسُكَ فَنَامَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى سَمِعْتُ غَطِيْطَهُ2.
أَبُو بَكْرٍ الحَنَفِيُّ عَبْدُ الكَبِيْرِ: حَدَّثَنَا بُكَيْرُ بنُ مِسْمَارٍ، عَنْ عَامِرِ بنِ سَعْدٍ أَنَّ أَبَاهُ سَعْداً كَانَ فِي غَنَمٍ لَهُ فَجَاءَ ابْنُهُ عُمَرُ فَلَمَّا رَآهُ قَالَ أَعُوْذُ بِاللهِ مِنْ شَرِّ هَذَا الرَّاكِبِ فَلَمَّا انْتَهَى إِلَيْهِ قَالَ يَا أَبَةِ أَرَضِيْتَ أَنْ تَكُوْنَ أَعْرَابِياً فِي غَنَمِكَ وَالنَّاسُ يتنازعون في الملك بالمدينة فضرب
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "4055".
2 صحيح: أخرجه البخاري "2885"، "7231"، ومسلم "2410".

(3/71)


صَدْرَ عُمَرَ وَقَالَ: اسْكُتْ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول: "إن اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ- يُحِبُّ العَبْدَ التَّقِيَّ، الغَّنِيَّ، الخَفِيَّ" 1.
روحٌ وَالأَنْصَارِيُّ وَاللَّفْظُ لَهُ، أَنْبَأَنَا ابْنُ عون، عن محمد بن محمد بن الأسود، عَنْ عَامِرِ بنِ سَعْدٍ قَالَ: قَالَ سَعْدٌ: لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ضَحِكَ يوْمَ الخَنْدَقِ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ كَانَ رَجُلٌ مَعَهُ تُرْسٌ وَكَانَ سَعْدٌ رَامِياً فَجَعَلَ يَقُوْلُ كَذَا يُحَوِّي بِالتُّرْسِ وَيُغَطِّي جَبْهَتَهُ فَنَزَعَ لَهُ سَعْدٌ بِسَهْمٍ فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ رَمَاهُ فَلَمْ يُخْطِ هَذَهِ مِنْهُ يَعْنِي جَبْهَتَهُ فانْقَلَبَ وَأَشَالَ بِرِجْلِهِ فَضَحِكَ رَسُوْلُ اللهِ مِنْ فِعْلِهِ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ2.
يَحْيَى القَطَّانُ وَجَمَاعَةٌ، عَنْ صَدَقَةَ بنِ المُثَنَّى، حَدَّثَنِي جَدِّي رِيَاحِ بنِ الحَارِثِ أَنَّ المُغِيْرَةَ كَانَ فِي المَسْجِدِ الأَكْبَرِ، وَعِنْدَهُ أَهْلُ الكُوْفَةِ، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الكُوْفَةِ، فَاسْتَقْبَلَ المُغِيْرَةَ فَسَبَّ وَسَبَّ. فَقَالَ سَعِيْدُ بنُ زَيْدٍ: مَنْ يَسُبُّ هَذَا يَا مُغِيْرَةُ? قَالَ يَسُبُّ عَلِيَّ بنَ أَبِي طَالِبٍ قَالَ يَا مُغير بن شُعَيِّب يَا مُغير بن شُعَيِّب? إلَّا تَسْمَعُ أَصْحَابَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُسَبُّوْنَ عِنْدَكَ وَلاَ تُنْكِرُ وَلاَ تُغَيِّرُ فَأَنَا أَشْهَدُ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمَا سَمِعْتْ أُذُنَايَ وَوَعَاهُ قَلْبِي مِنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَإِنِّي لَمْ أَكُنْ أَرْوِي عَنْهُ كَذِباً إِنَّهُ قَالَ: "أَبُو بَكْرٍ فِي الجَنَّةِ وَعُمَرُ فِي الجَنَّةِ وَعلِيٌّ فِي الجَنَّةِ وَعُثْمَانُ فِي الجَنَّةِ وَطَلْحَةُ فِي الجَنَّةِ وَالزُّبَيْرُ فِي الجَنَّةِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ فِي الجَنَّةِ وَسَعْدُ بنُ مَالِكٍ فِي الجَنَّةِ" وَتَاسِعُ المُؤْمِنِيْنَ فِي الجَنَّةِ وَلَوْ شِئْتُ أَنْ أُسَمِّيَهُ لَسَمَّيْتُهُ فَضَجَّ أَهْلُ المَسْجِدِ يُنَاشِدُوْنَهُ يَا صَاحِبَ رَسُوْلِ اللهِ مَنِ التَّاسِعُ? قَالَ نَاشَدْتُمُوْنِي بِاللهِ وَاللهُ عَظِيْمٌ أَنَا هُوَ وَالعَاشِرُ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَاللهِ لَمَشْهَدٌ شَهِدَهُ رَجُلٌ مَعَ رَسُوْلِ الله -صلى الله عليه وسلم- أفضل من عَمَلِ أَحَدِكُم وَلَوْ عُمِّرَ مَا عُمِّرَ نُوْحٌ3.
أَخْرَجَهُ: أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائَيُّ، وَابْنُ مَاجَه، مِنْ طريق صدقة.
__________
1 حسن: أخرجه أحمد "1/ 168" ومسلم "2965"، وأبو يعلى "737"، وأبو نعيم في "الحلية" "1/ 24-25، 94"، والبيهقي في "الشعب" "10370"، والبغوي "4228"، من طريق بكير بن مسمار، به.
قلت: إسناده حسن، بكير بن مسمار الزهري، صدوق، وقوله: "الغني" قال النووي في "شرح مسلم": المراد بالغنى غنى النفس، هذا هو الغنى المحبوب لقوله صلى الله عليه وسلم: "ولكن الغنى غنى النفس" وأشار القاضي إلى أن المراد: الغنى بالمال، وقوله: "الخفي" هو المعتزل عن الناس الذي يخفى عليهم مكانه.
2 صحيح: مر قريبا برقم "185".
3 صحيح: أخرجه أحمد "1/ 187"، وعبد الله بن أحمد في "زوائد الفضائل" "90، 91" وابن أبي شيبة "12/ 12، 42"، وأبو داود "4650"، وابن ماجه "133"، وابن أبي عاصم "1434، 1435"، والنسائي في "الكبرى" "8219" من طريق صدقة بن المثنى، به.

(3/72)


شُعْبَةُ، عَنِ الحُرِّ: سَمِعْتُ رَجُلاً يُقَالُ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ الأَخْنَسِ قَالَ: خَطَبَ المُغِيْرَةُ بنُ شُعْبَةَ فَنَالَ مِنْ عَلِيٍّ فَقَامَ سَعِيْدُ بنُ زَيْدٍ فَقَالَ: مَا تُرِيْدُ إِلَى هَذَا؟ أَشْهَدُ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: "عَشْرَةٌ فِي الجَنَّةِ رَسُوْلُ اللهِ فِي الجَنَّةِ وَأَبُو بَكْرٍ فِي الجَنَّةِ ... " الحَدِيْثُ1.
الحُرُّ: هُوَ ابْنُ الصَّيَّاحِ.
عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ زِيَادٍ، عَنِ الحَسَنِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا الحُرُّ بِنَحْوِهِ.
بن أَبِي فُدَيْكٍ: حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ يَعْقُوْبَ، عَنْ عُمَرَ بنِ سَعِيْدِ بنِ سُرَيْجٍ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ حُمَيْد حَدَّثَهُ، عَنْ أَبِيْهِ حُمَيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنِي سَعِيْدُ بنُ زَيْدٍ فِي نَفَرٍ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "عَشْرَةٌ فِي الجَنَّةِ أَبُو بَكْرٍ فِي الجَنَّةِ ... " وَسَمَّى فِيْهِم أَبَا عُبَيْدَةَ2.
ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ سُعَيْرِ بنِ الخِمْسِ، عَنْ حَبِيْبِ بنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ رَسُوْلُ اللهِ: "عَشْرَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ فِي الجَنَّةِ: أَبُو بَكْرٍ ... " ثُمَّ سَمَّى العَشْرَةَ3.
أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ وَجَمَاعَةٌ إِذْناً قَالُوا، أَنْبَأَنَا حَنْبَلٌ، أَنْبَأَنَا هِبَةُ اللهِ، أَنْبَأَنَا ابْنُ المُذْهِبِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ
__________
1 صحيح لغيره: أخرجه ابن أبي شيبة "12/ 88، 90، 92، 94"، وأحمد "1/ 188"، والطيالسي "236"، وأبو داود "4649"، وابن أبي عاصم في "السنة" "1429، 1430، 1431"، من طريق شعبة، عن الحر بن الصباح، به، وأخرجه ابن أبي شيبة "12/ 15"، والنسائي في "الكبرى" "8156، 8204"، من طريق الحر بن الصياح، به. وفي إسناده عبد الرحمن بن الأخنس، مستور، وللحديث طريق أخرى يرتقي به إلى درجة الصحة، وراجع تعليقنا القادم رقم "195".
2 صحيح لغيره: أخرجه الترمذي "3748"، والنسائي في "الكبرى" "8195"، وابن أبي عاصم في "السنة" "1436"، والحاكم "3/ 440"، من طريق ابن أبي فديك، عن موسى بن يعقوب، عن عمر بن سعيد، به.
قلت: موسى بن يعقوب، وعمر بن سعيد بن سريج، كلاهما ضعيف. لكن يشهد للحديث ما ورد عن عبد الرحمن بن عوف أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "أَبُو بَكْرٍ فِي الجَنَّةِ، وَعُمَرُ فِي الجَنَّةِ، وَعلِيٌّ فِي الجَنَّةِ، وَعُثْمَانُ فِي الجَنَّةِ وَطَلْحَةُ فِي الجَنَّةِ، وَالزُّبَيْرُ فِي الجَنَّةِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بن عوف في الجنة، وسعد بن أبي وقاص في الجنة، وَسَعِيْدِ بنِ زَيْدِ بنِ عَمْرِو بنِ نُفَيْلٍ فِي الجَنَّةِ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ فِي الجنة". أخرجه أحمد "1/ 193"، والترمذي "3747"، والنسائي في "الكبرى" "8194"، وأبو يعلى "835"، والبغوي "3925" من طريق قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيْدٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ محمد الدراوردي، عن عبد الرحمن بن حميد، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن عوف، به.
3 صحيح لغيره: في إسناده حبيب بن أبي ثابت، مدلس، مشهور بالتدليس، وقد عنعنه، لكن يصح بما قبله، وبما بعده.

(3/73)


جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ هِلاَلِ بنِ يِسَافٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ ظَالِمٍ قَالَ: خَطَبَ المُغِيْرَةُ فَنَالَ مِنْ عَلِيٍّ فَخَرَجَ سَعِيْدُ بنُ زَيْدٍ فَقَالَ: إلَّا تَعْجَبُ مِنْ هَذَا يَسُبُّ عَلِيّاً أَشْهَدُ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّا كُنَّا عَلَى حِرَاءٍ أَوْ أُحُدٍ فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اثْبُتْ حِرَاءُ أَوْ أُحُدُ! فَإِنَّمَا عَلَيْكَ نَبِيٌّ أَوْ صِدِّيْقٌ أَوْ شَهِيْدٌ" فَسَمَّى النَّبِيَّ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيّاً وطلحة والزبير وسعدًا وعبد الرحمن وسمى سعيدًا نَفْسَهُ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِم1 وَلَهُ طُرُقٌ.
وَمِنْهَا: عَاصِمُ بنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ طَلْحَةَ، عن أبيه، عن هلال بن يِسَافٍ، عَنْ سَعِيْدٍ نَفْسِهِ وَقَالَ: "اسْكُنْ حِرَاءُ".
أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي الخَيْرِ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الغَنِيِّ الحَافِظُ فِي كِتَابِهِ إِلَيْنَا، أَنْبَأَنَا المُبَارَكُ بنُ المُبَارَكِ السِّمْسَارُ، أَنْبَأَنَا النِّعَالِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو القَاسِمِ بنُ المُنْذِرِ، أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيْلُ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا الدَّقِيْقِيُّ، حَدَّثَنَا يُوْنُسُ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ الهَادِ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ حَزْمٍ قَالَ: جَاءتْ أَرْوَى بِنْتُ أُوَيْسٍ إِلَى مُحَمَّدِ بنِ عَمْرِو بنِ حَزْمٍ فَقَالَتْ: إِنَّ سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل قَدْ بَنَى ضَفِيْرَةً فِي حَقِّي فَائْتِهِ فَكَلِّمْهُ فَوَاللهِ لَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ لأَصِيْحَنَّ بِهِ فِي مَسجدِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ لَهَا لاَ تُؤْذِي صَاحِبَ رَسُوْلِ اللهِ! مَا كَانَ لِيَظْلِمَكِ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ لَكِ حَقّاً. فَخَرَجَتْ فَجَاءتْ عمَارَةَ بنَ عَمْرٍو وَعَبْدَ اللهِ بنَ سَلَمَةَ فَقَالَتْ لَهُمَا ائْتِيَا سَعِيْدَ بن زَيْدٍ فَإِنَّهُ قَدْ ظَلَمَنِي وَبنَى ضَفِيْرَةً فِي حَقِّي فَوَاللهِ لَئِنْ لَمْ يَنْزَعْ لأَصِيْحَنَّ بِهِ فِي مَسْجِدِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَخَرَجَا حَتَّى أَتَيَاهُ فِي أَرْضِهِ بِالعَقِيْقِ فَقَالَ لَهُمَا مَا أَتَى بِكُمَا? قَالاَ جَاءَ بِنَا أَرْوَى زَعَمَتْ أَنَّكَ بَنَيْتَ ضَفِيْرَةً فِي حَقِّهَا وَحَلَفَتْ بِاللهِ لَئِنْ لَمْ تَنْزعْ لَتَصِيْحَنَّ بِكَ فِي مَسْجِدِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَحْبَبْنَا أَنْ نَأْتِيَكَ وَنُذَكِّرَكَ بِذَلِكَ. فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول: "من أخذ شبرا من الأَرْضِ بِغَيْرِ حَقٍّ طُوِّقَهُ يَوْمَ القِّيَامَةِ مِنْ سَبْعِ أَرَضِيْنَ" لَتَأْتِيَنَّ فَلْتَأْخُذْ مَا كَانَ لَهَا مِنْ حَقٍّ اللَّهُمَّ إِنْ كَانَتْ كَذَبَتْ عليَّ فَلاَ تُمِتْهَا حَتَّى تُعْمِي بَصَرَهَا وَتَجْعَلَ مَنِيَّتهَا فِيْهَا. ارْجِعُوا فَأَخْبِرُوْهَا بِذَلِكَ فَجَاءتْ فَهَدَمَتِ الضَّفِيْرَةَ وَبَنَتْ بَيْتاً فَلَمْ تَمْكُثْ إلَّا قَلِيْلاً حَتَّى عَمِيَتْ وَكَانَت تَقُوْمُ مِنَ اللَّيْلِ وَمَعَهَا جَارِيَةٌ تَقُوْدُهَا فَقَامَتْ لَيْلَةً وَلَمْ تُوْقِظِ الجَارِيَةَ فَسَقَطَتْ فِي البِئْرِ فَمَاتَتْ2.
هَذَا يُؤَخَّرُ إِلَى تَرْجَمَةِ سعيد بن زيد.
__________
1 صحيح لغيره: أخرجه أحمد "1/ 188، 189"، والطيالسي "235"، وابن ماجه "134"، والنسائي في "الكبرى" "8205" من طريق شعبة، عن حصين به، وإسناده حسن، عبد الله بن ظالم، صدوق. لكن يشهد له ما قبله.
2 صحيح أخرجه مسلم "1610" "139"، ورواه مختصرا البخاري "3198".

(3/74)


أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ دَاوُدَ الهَاشِمِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ سَعْدٍ قَالَ: رَأَيْتُ رَجُلَيْنِ، عَنْ يَمِيْنِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَيَسَارِهِ يَوْمَ أُحُدٍ عَلَيْهِمَا ثِيَابٌ بِيْضُ يُقَاتِلاَنِ عَنْهُ كَأَشَدِّ القِتَالِ، مَا رَأَيْتُهُمَا قَبْلُ وَلاَ بَعْدُ1.
الثَّوْرِيُّ: عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ قَالَ: اشْتَرَكْتُ أَنَا وَسَعْدٌ وَعَمَّارٌ يَوْمَ بَدْرٍ فِيْمَا أَصَبْنَا من الغنيمة فجاء سَعْدٌ بِأَسِيْرَيْنِ وَلَمْ أَجِئْ أَنَا وَعَمَّارٌ بِشَيْءٍ.
شَرِيْكٌ: عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ أَشَدُّ الصَّحَابَةِ أَرْبَعَةٌ عُمَرُ وَعَلِيٌّ وَالزُّبَيْرُ وَسَعْدٌ.
أَبُو يَعْلَى فِي "مُسْنَدِهِ": حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ قَيْسٍ الرَّقَاشِيُّ، حَدَّثَنَا أَيُّوْبُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ كُنَّا جُلُوْساً عِنْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- قَالَ: "يَدْخُلُ عَلَيْكُم مِنْ هَذَا البَابِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ" فَطَلَعَ سَعْدُ بنُ أَبِي وَقَّاصٍ.
رِشْدِيْنُ بنُ سَعْدٍ، عَنِ الحَجَّاجِ بنِ شَدَّادٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ الغِفَارِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ مِنْ هَذَا البَابِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ" فَدَخَلَ سعد بن أبي وقاص.
ابْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنِي حَيْوَةُ، أَخْبَرَنَا عقِيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي مَنْ لاَ أَتَّهِمُ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ بَيْنَا نَحْنُ جُلُوْسٌ عِنْدَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "يَطْلُعُ عَلَيْكُم الآنَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ" فَاطَّلَعَ سَعْدٌ.
الثَّوْرِيُّ، عَنِ المِقْدَامِ بنِ شُرَيْحٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ سَعْدٍ {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم} [الأَنْعَامُ: 52] ، قَالَ نَزَلَتْ فِي سِتَّةٍ: أَنَا وَابْنُ مَسْعُوْدٍ مِنْهُم2.
مَسْلَمَةُ بنُ عَلْقَمَةَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ أَنَّ سَعْداً قَالَ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فيَّ {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا} [العَنْكَبُوْتُ: 8] ، قَالَ كُنْتُ بَرّاً بِأُمِّي فَلَمَّا أَسْلَمْتُ قَالَتْ: يَا سَعْدُ مَا هَذَا الدِّيْنُ الَّذِي قَدْ أَحْدَثْتَ? لَتَدَعَنَّ دِيْنَكَ هَذَا أَوْ لاَ آكُلُ وَلاَ أَشْرَبُ حَتَّى أَمُوْتَ فَتُعَيَّرَ بِي فَيُقَالُ: يَا قَاتِلَ أُمِّهِ قُلْتُ: لاَ تَفْعَلِي يَا أُمَّهُ إِنِّي لاَ أَدَعُ دِيْنِي هَذَا لِشَيْءٍ. فَمَكَثَتْ يَوْماً لاَ تَأْكُلُ وَلاَ تَشْرَبُ وَلَيْلَةً، وأصبحت وقد
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "1/ 171"، والطيالسي "206"، والبخاري "4054"، ومسلم "2306"، "47"، والبيهقي "3/ 254"، من طريق إبراهيم بن سعد، به، وأخرجه أحمد "1/ 171" من طريق يعقوب وسعد قالا: ثنا أبي، عن أبيه، عن جده، به. وأخرجه "1/ 177" من طريق محمد بن عبيد، حدثنا مسعر، عن سعد بن إبراهيم، به.
2 صحيح: أخرجه مسلم "2413"، وابن ماجه "4128" من طريق المقدام بن شريح، به.

(3/75)


جُهِدَتْ فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ قُلْتُ يَا أُمَّهُ! تَعْلَمِيْنَ -وَالله- لَوْ كَانَ لَكِ مَائَةُ نَفْسٍ فَخَرَجَتْ نَفْساً نَفْساً مَا تَرَكْتُ دِيْنِي إِنْ شئت فكلي أو لا تأكلي.
فَلَمَّا رَأَتْ ذَلِكَ أَكَلَتْ1.
رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى فِي مُسْنَدِهِ.
مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذْ أَقْبَلَ سَعْدُ بنُ مَالِكٍ فقال رسول الله: "هَذَا خَالِي فَلْيُرِنِي امْرُؤٌ خَالَهُ" 2.
قُلْتُ لأَنَّ أُمَّ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- زُهْرِيَّةٌ وَهِيَ آمِنَةُ بِنْتُ وَهْبِ بنِ عَبْدِ مَنَافٍ ابْنَةُ عَمِّ أَبِي وَقَّاصٍ.
يَحْيَى القَطَّانُ، عَنِ الجَعْدِ بنِ أَوْسٍ حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ بِنْتُ سَعْدٍ قَالَتْ: قَالَ سَعْدٌ: اشْتَكَيْتُ بِمَكَّةَ فَدَخَلَ عليَّ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَعُوْدُنِي فَمَسَحَ وَجْهِي وَصَدْرِي وَبَطْنِي وَقَالَ: "اللَّهُمَّ اشْفِ سَعْداً" فَمَا زِلْتُ يُخَيَّلُ إِلَيَّ أَنِّي أَجِدُ بَرْدَ يَدِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى كبدي حتى الساعة3.
أخرجه البخاري والنسائي.
__________
1 حسن: أخرجه أحمد "1/ 181"، ومسلم مختصرا "1748" "34"، والطيالسي "208"، وعبد بن حميد "132"، والطحاوي "3/ 279"، وأبو عوانة "4/ 103-104، 104"، والبيهقي في "السنن" "6/ 291" من طريق شعبة، حدثني سماك بن حرب، عن مصعب بن سعد قال: "أنزلت في أبي أربع آيات......" فذكره.
قلت: إسناده حسن، سماك بن حرب، صدوق.
2 صحيح: أخرجه الترمذي "3752" من طريق أبي أسامة، عن مجالد، عن عامر الشعبي، عن جابر بن عبد الله قال: أقبل سعد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم فذكره. وقال الترمذي: هذا حديث حَسَنٌ غَرِيْبٌ لاَ نَعْرِفُهُ إِلاَّ مِنْ حَدِيْثِ مجالد.
قلت: مجالد، هو ابن سعيد بن عمير، ضعيف، لكن قد تابعه إسماعيل بن أبي خالد عند الحاكم "3/ 498" فرواه عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، عن جابر، به، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي.
قلت: وهو كما قالا: وقد خرجت هذا الحديث في تخريجنا وتعليقنا على كتاب [منهاج السنة] لابن تيمية الجزء السادس بتعليق رقم "197" ط/ دار الحديث، فرجعه ثم إن شئت.
3 صحيح على شرط البخاري: أخرجه أحمد "1/ 171"، والبخاري "5659"، وفي "الأدب المفرد" "499"، وأبو داود "3104"، والنسائي في "الكبرى" "6318"، "7504"، والبيهقي "3/ 381" من طريق الجعد بن أوس، به.

(3/76)


أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ"، حَدَّثَنَا أَبُو المُغِيْرَةِ، حَدَّثَنَا مُعَانُ بنُ رِفَاعَةَ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بنُ يَزِيْدَ، عَنِ القَاسِمِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: جَلَسْنَا إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَذَكَّرَنَا وَرَقَّقَنَا فَبَكَى سَعْدُ بنُ أَبِي وَقَّاصٍ فَأَكْثَرَ البُكَاءَ فَقَالَ: يَا لَيْتَنِي مِتُّ فَقَالَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "يا سَعْدُ أَتَتَمَنَّى المَوْتَ عِنْدِي"? فَرَدَّدَ ذَلِكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ قَالَ: "يَا سَعْدُ! إِنْ كُنْتَ خُلِقْتَ لِلْجَنَّةِ فَمَا طَالَ عُمُرُكَ أَوْ حَسُنَ مِنْ عَمَلِكَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ"1.
مُحَمَّدُ بنُ الوَلِيْدِ البُسْرِيُّ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ، عَنْ إِسْمَاعِيْلَ، عَنْ قَيْسٍ أَخْبَرَنِي سَعْدٌ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "اللَّهُمَّ اسْتَجِبْ لِسَعْدٍ إِذَا دَعَاكَ" 2.
رَوَاهُ جَعْفَرُ بنُ عَوْنٍ، عَنْ إِسْمَاعِيْلَ، عَنْ قَيْسٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَهُ.
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَغْرَاءَ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ المَرْزُبَانِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال يَوْمَ أُحُدٍ: "اللَّهُمَّ اسْتَجِبْ لِسَعْدٍ" ثَلاَثَ مَرَّاتٍ3.
ابْنُ وَهْبٍ: حَدَّثَنِي أَبُو صَخْرٍ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ قُسَيْطٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بنِ سَعْدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ، حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ جَحْشٍ قَالَ يَوْمَ أُحُدٍ إلَّا تَأْتِي نَدْعُو اللهَ تَعَالَى فَخَلَوْا فِي نَاحِيَةٍ فَدَعَا سَعْدٌ فَقَالَ يَا رَبّ! إِذَا لَقِيْنَا العَدُوَّ غدًا، فلقني رجلًا شديدًا بأسه، شديدًا
__________
1 ضعيف: أخرجه أحمد "5/ 266، 267"، وآفته علي بن يزيد الألهاني، فهو ضعيف.
2 صحيح: أخرجه الترمذي "3751"، والبزار "2579"، وابن حبان "2215"، موارد، والحاكم "3/ 499" من طرق عن جعفر بن عون، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ بن أبي حازم قال: سمعت سعدا يَقُوْلُ: قَالَ لِي رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فذكره، وأخرجه أحمد في "الفضائل" "1308" عن يحيى القطان، عن إسماعيل بن أبي خالد، به، وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" "1/ 93"، من طريق موسى بن عقبة، عن إسماعيل بن أبي خالد، به، وأخرجه ابن أبي عاصم "في السنة" "1408" حدثنا الحسن بن علي، حدثنا جعفر بن عون، عن إسماعيل بن أبي خالد، به.
قلت: وإسناده حسن: الحسن بن علي بن عفان الكوفي، وجعفر بن عون كلاهما صدوق، وأخرجه الحاكم "3/ 500" من طريق إبراهيم بن يحيى الشجري، عن أبيه حدثنى موسى بن عقبة، حدثني إسماعيل بن أبي خالد، به.
قلت: وإسناده ضعيف، آفته إبراهيم بن يحيى الشجري، وأبوه يحيى بن محمد بن عباد الشجري، كلاهما ضعيف، وقد خرجت الحديث في كتاب [منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة والقدرية] لابن تيمية ط/ دار الحديث، بتعليق رقم "120" في الجزء الثامن، فراجعه إن شئت.
3 ضعيف جدا: فيه عبد الرحمن بن مغراء، أبو زهير تركه ابن المديني، وقال ابن عدي: هو من جملة الضعفاء، وفي إسناده سعيد بن المرزبان، أبو سعد البقال، تركه الفلاس، وقال ابن معين: لا يكتب حديثه. وقال البخاري: منكر.

(3/77)


حَرَدُهُ، أَقَاتِلُهُ وَيُقَاتِلُنِي، ثُمَّ ارْزُقْنِي الظَّفَرَ عَلَيْهِ حَتَّى أَقْتُلَهُ، وَآخُذَ سَلَبَهُ، فَأَمَّنَ عَبْدَ اللهِ. ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي غَداً رَجُلاً شَدِيْداً بَأْسُهُ، شَدِيْداً حَرَدُهُ، فَأُقَاتِلُهُ وَيقَاتِلُنِي، ثُمَّ يَأْخُذُنِي فَيَجْدَعُ أَنْفِي وَأُذُنِي، فَإِذَا لَقِيْتُكَ غَداً قُلْتَ لي: يا عبد الله! فبم جُدِعَ أَنْفُكَ وَأُذُنَاكَ؟ فَأَقُوْلُ: فِيْكَ وَفِي رَسُوْلِكَ. فَتَقُوْلُ: صَدَقْتُ.
قَالَ سَعْدٌ: كَانَتْ دَعْوَتُهُ خَيْراً مِنْ دَعْوَتِي، فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ آخِرَ النَّهَارِ، وَإِنَّ أَنْفَهُ وَأُذُنَهُ لَمُعَلَّقٌ فِي خَيْطٍ.
أَبُو عَوَانَةَ، وَجَمَاعَةٌ: حَدَّثَنَا عَبْدُ المَلِكِ بنُ عُمَيْرٍ، عَنْ جابر بن سمرة، قال: شَكَا أَهْلُ الكُوْفَةِ سَعْداً إِلَى عُمَرَ، فَقَالُوا: إِنَّهُ لاَ يُحْسِنُ أَنْ يُصَلِّي. فَقَالَ سَعْدٌ: أَمَّا أَنَا فَإِنِّي كُنْتُ أُصَلِّي بِهِم صَلاَةَ رَسُوْلِ اللهِ صَلاَتَي العَشِيِّ، لاَ أَخْرِمُ مِنْهَا، أَرْكُدُ فِي الأُوْلَيَيْنِ، وَأَحْذِفُ فِي الأُخْرَيَيْنِ. فَقَالَ عُمَرُ: ذَاكَ الظَّنُّ بِكَ يَا أَبَا إِسْحَاقَ. فَبَعَثَ رِجَالاً يَسْأَلُوْنَ عَنْهُ بِالكُوْفَةِ، فَكَانُوا لاَ يَأْتُوْنَ مَسْجِداً مِنْ مَسَاجِدِ الكُوْفَةِ إِلاَّ قَالُوا خيرا، حتى أتوا مسجدا لبني عيسى، فَقَالَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: أَبُو سعدَةَ: أَمَا إِذْ نَشَدْتُمُوْنَا بِاللهِ، فَإِنَّهُ كَانَ لاَ يَعْدِلُ في القضية، ولا يقسم بالسوبة، وَلاَ يَسِيْرُ بِالسَّرِيَّةِ. فَقَالَ سَعْدٌ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ كَاذِباً فَأَعْمِ بَصَرَهُ، وَأَطِلْ عُمُرَهُ، وَعَرِّضْهُ لِلْفِتَنِ. قَالَ عَبْدُ المَلِكِ: فَأَنَا رَأَيْتُهُ بَعْدُ يَتَعَرَّضُ لِلإِمَاءِ فِي السِّكَكِ، فَإِذَا سُئِلَ كَيْفَ أَنْتَ؟ يَقُوْلُ: كَبِيْرٌ مَفْتُوْنٌ، أَصَابَتْنِي دَعْوَةُ سَعْدٍ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1.
مُحَمَّدُ بنُ جُحَادَةَ: حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بنُ عَدِيٍّ، عَنْ مُصْعَبِ بنِ سَعْدٍ: أَنَّ سَعْداً خَطَبَهُمْ بِالكُوْفَةِ، فَقَالَ: يَا أَهْلَ الكُوْفَةِ! أَيُّ أَمِيْرٍ كُنْتُ لَكُم؟ فَقَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ مَا عَلِمْتُكَ لاَ تَعْدِلُ فِي الرَّعِيَّةِ، وَلاَ تَقْسِمُ بِالسَّوِيِّةِ، وَلاَ تَغْزُو فِي السَّرِيَّةِ، فَقَالَ سَعْدٌ: "اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ كَاذِباً فَأَعْمِ بَصَرَهُ"، وَعَجِّلْ فَقْرَهُ، وَأَطِلْ عُمُرَهُ، وعرضه للفتن.
قَالَ: فَمَا مَاتَ حَتَّى عَمِيَ، فَكَانَ يَلْتَمِسُ الجُدُرَاتِ، وَافْتَقَرَ حَتَّى سَأَلَ، وَأَدْرَكَ فِتْنَةَ المُخْتَارِ، فقتل فيها.
عمروبن مرزوق: حدثنا شعبة، عن سعيد بنِ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، قَالَ: خَرَجَتْ جَارِيَةٌ لِسَعْدٍ، عَلَيْهَا قَمِيْصٌ جَدِيْدٌ، فَكَشَفَتْهَا الريح، فشد عمر عليها بالدرة، وجاء
__________
1 صحيح على شرط الشيخين: أخرجه أحمد "1/ 175"، والطيالسي "216"، والبخاري "770"، ومسلم "453" "159" وأبو داود "803" والنسائي "2/ 174"، وأبو يعلى "692" و"741"، وأبو عوانة "2/ 150"، والبغوي "في "الجعديات" "612" وابن حبان "1937"، "2140"، والبيهقي "2/ 65" من طريق شعبة أخبرني أبو عون، قال بهز: سَمِعْتُ جَابِرَ بنَ سَمُرَةَ قَالَ: قَالَ عُمَرُ لسعد: شكاك الناس في كل شيء...." فذكره.

(3/78)


سَعْدٌ لِيَمْنَعَهُ، فَتَنَاوَلَهُ بِالدِّرَّةِ، فَذَهَبَ سَعْدٌ يَدْعُو عَلَى عُمَرَ، فَنَاوَلَهُ الدِّرَّةَ، وَقَالَ: اقْتَصَّ. فَعَفَا عَنْ عُمَرَ.
أَسَدُ بنُ مُوْسَى: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ زَكَرِيَّا، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ، عَنْ قَيْسٍ، قَالَ: كان لابن مسعود على سعد مال، قال لَهُ ابْنُ مَسْعُوْدٍ: أَدِّ المَالَ. قَالَ: وَيْحَكَ مَا لِي وَلَكَ؟ قَالَ: أَدِّ المَالَ الَّذِي قِبَلَكَ. فَقَالَ سَعْدٌ: وَاللهِ إِنِّي لأَرَاكَ لاَقٍ مِنِّي شَرّاً، هَلْ أَنْتَ إِلاَّ ابْنُ مَسْعُوْدٍ، وَعَبْدُ بَنِي هُذَيْلٍ. قَالَ: أَجل وَاللهِ! وَإِنَّكَ لابن حمة. فَقَالَ لَهُمَا هَاشِمُ بنُ عُتْبَةَ: إِنَّكُمَا صَاحِبَا رسول اله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْظُرُ إِلَيْكُمَا النَّاسُ. فَطَرَحَ سَعْدٌ عُوْداً كَانَ فِي يَدِهِ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَهُ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ! فَقَالَ له عبد الله: قل قولا ولا تعلن. فَسَكَتَ، ثُمَّ قَالَ سَعْدٌ: أَمَا وَاللهِ لَوْلاَ اتِّقَاءُ اللهِ لَدَعَوْتُ عَلَيْكَ دَعْوَةً لاَ تُخْطِئُكَ.
رَوَاهُ ابْنُ المَدِيْنِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ إِسْمَاعِيْلَ، وَكَانَ قَدْ أَقْرَضَهُ شَيْئاً مِنْ بَيْتِ المَالِ.
وَمِنْ مَنَاقِبِ سَعْدٍ أَنَّ فَتْحَ العِرَاقِ كَانَ على يد سَعْدٍ، وَهُوَ كَانَ مُقَدَّمَ الجُيُوْشِ يَوْمَ وَقْعَةِ القَادِسِيَّةِ، وَنَصَرَ اللهُ دِيْنَهُ. وَنَزَلَ سَعْدٌ بِالمَدَائِنِ، ثُمَّ كَانَ أَمِيْرَ النَّاسِ يَوْمَ جَلُوْلاَءَ، فَكَانَ النَّصْرُ عَلَى يَدِهِ، وَاسْتَأْصَلَ اللهُ الأَكَاسِرَةَ.
فَرَوَى زِيَادٌ البَكَّائِيُّ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ، عَنْ قَبِيْصَةَ بنِ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَمٍّ لَنَا يَوْمَ القَادِسِيَّةِ:
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ نَصْرَهُ ... وَسَعْدٌ بِبَابِ القَادِسِيَّةِ مُعْصَمُ
فأبنا وقد أمت نساء كثيرة ... وسنوه سعد ليس فيهم أَيِّمُ
فَلَمَّا بَلَغَ سَعْداً قَالَ اللَّهُمَّ اقْطَعْ عَنِّي لِسَانَهُ وَيَدَهُ فَجَاءتْ نُشَّابَةٌ أَصَابَتْ فَاهُ فَخَرِسَ ثُمَّ قُطِعَتْ يَدُهُ فِي القِتَالِ وَكَانَ فِي جَسَدِ سَعْدٍ قُرُوْحٌ فَأَخْبَرَ النَّاسَ بِعُذْرِهِ، عَنْ شُهُوْدِ القِتَالِ.
وَرَوَى نَحْوَهُ سَيْفُ بنُ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ.
هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي مُسلمٍ، عَنْ مُصْعَبِ بنِ سَعْدٍ أَنَّ رَجُلاً نال من علي فَنَهَاهُ سَعْدٌ فَلَمْ يَنْتَهِ فَدَعَا عَلَيْهِ فَمَا بَرِحَ حَتَّى جَاءَ بَعِيْرٌ نَادٌّ فَخَبَطَهُ حَتَّى مَاتَ.
وَلِهَذِهِ الوَاقِعَةِ طُرُقٌ جَمَّةٌ، رَوَاهَا ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي "مُجَابِيّ الدَّعْوَةِ". وَرَوَى نَحْوَهَا الزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَامِرِ بنِ سَعْدٍ وَحَدَّثَ بِهَا أَبُو كُرَيْبٍ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ وَرَوَاهَا ابْنُ حُمَيْدٍ، عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ، عن ابن عون، عن محمد بن محمد بن الأسود.

(3/79)


وَقَرَأْتُهَا عَلَى عُمَرَ بنِ القَوَّاسِ، عَنِ الكِنْدِيِّ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ القَاضِي، أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَاقَ البَرْمَكِيُّ حُضُوْراً، أَنْبَأَنَا ابْنُ مَاسِي، أَنْبَأَنَا أَبُو مسلم، حدثنا الأنصاري، حدثنا بن عَوْنٍ وَحَدَّثَ بِهَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ.
وَرَوَاهَا ابْنُ جُدْعَانَ، عَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ: أَنَّ رَجُلاً كَانَ يَقَعُ فِي عَلِيٍّ وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ فَجَعَلَ سَعْدٌ يَنْهَاهُ وَيَقُوْلُ لاَ تَقَعْ فِي إِخْوَانِي فَأَبَى فَقَامَ سَعْدٌ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَدَعَا فَجَاءَ بُخْتِيّ يَشُقُّ النَّاسَ فَأَخَذَهُ بِالبلاَطِ فَوَضَعَهُ بَيْنَ كِرْكِرَتِهِ وَالبلاَطِ حَتَّى سَحَقَهُ فَأَنَا رَأَيْتُ النَّاسَ يَتْبَعُوْنَ سَعْداً يَقُوْلُوْنَ هَنِيْئاً لك يا أبا إسحاق! استجيبت دعوتك.
قُلْتُ: فِي هَذَا كَرَامَةٌ مُشْتَرَكَة بَيْنَ الدَّاعِي وَالَّذِيْنَ نِيْلَ مِنْهُم.
جَرِيْرٌ الضَّبِّيُّ، عَنْ مُغِيْرَةَ، عَنْ أُمِّهِ قَالَتْ زُرْنَا آلَ سَعْدٍ فَرَأَيْنَا جَارِيَّةً كَأَنَّ طُوْلَهَا شِبْرٌ قُلْتُ مَنْ هَذِهِ? قَالُوا مَا تَعْرِفِيْنَهَا? هَذِهِ بِنْتُ سَعْدٍ غَمَسَتْ يَدَهَا فِي طهُوره فَقَالَ قَطَعَ اللهُ قرنَك فَمَا شِبْتُ بَعْدُ.
وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ مِيْنَا مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ أَنَّ امْرَأَةً كَانَتْ تَطَّلِعُ عَلَى سَعْدٍ فَيَنْهَاهَا فَلَمْ تَنْتَهِ فَاطَّلَعَتْ يَوْماً وَهُوَ يَتَوَضَّأ فَقَالَ شَاهَ وَجْهُكِ فَعَادَ وَجْهُهَا فِي قَفَاهَا.
مِيْنَا: مَتْرُوْكٌ1.
حَاتِمُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ:، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَبِيْبَةَ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ دَعَا سَعْدُ بنُ أَبِي وَقَّاصٍ فَقَالَ يَا رَبِّ! بَنِيَّ صِغَارٌ فَأَخِّرْ عَنِّي المَوْتَ حَتَّى يَبْلُغُوا فَأَخَّرَ عَنْهُ المَوْتَ عِشْرِيْنَ سَنَةً.
قَالَ خَلِيْفَةُ بنُ خَيَّاطٍ: وَفِي سَنَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ وَقْعَةُ القَادِسِيَّةِ وَعَلَى المُسْلِمِيْنَ سَعْدٌ وَفِي سَنَةِ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ شَكَا أَهْلُ الكُوْفَةِ سعدًا أميرهم إلى عمر، فعزله.
وَقَالَ اللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ: كَانَ فَتْحُ جَلُوْلاَءَ سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ افْتَتَحَهَا سَعْدُ بنُ أَبِي وَقَّاصٍ.
قُلْتُ: قُتِلَ المَجُوْسُ يَوْمَ جَلُوْلاَءَ قَتْلاً ذَرِيْعاً فَيُقَالُ بَلَغَتِ الغَنِيْمَةُ ثَلاَثِيْنَ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ.
وَعَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: سُمِّيَتْ جَلُوْلاَءُ فتح الفتوح.
__________
1 مينا بن أبي مينا، قال أبو حاتم: يكذب. وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ وَالنَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ الدارقطني: متروك.

(3/80)


قَالَ الزُّهْرِيُّ: لَمَّا اسْتُخْلِفَ عُثْمَانُ عَزَلَ، عَنِ الكُوْفَةِ المُغِيْرَةَ وَأَمَّرَ عَلَيْهَا سَعْداً.
وَرَوَى: حُصَيْنٌ، عَنْ عَمْرِو بنِ مَيْمُوْنٍ، عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ لَمَّا أُصِيْبَ جَعَلَ الأَمْرَ شُوْرَى فِي السِّتَّةِ وَقَالَ مَنِ اسْتَخْلَفُوْهُ فَهُوَ الخَلِيْفَةُ بَعْدِي وَإِنْ أَصَابَتْ سَعْداً وَإِلاَّ فَلْيَسْتَعِنْ بِهِ الخَلِيْفَةُ بَعْدِي فَإِنَّنِي لَمْ أَنْزَعْهُ يَعْنِي، عَنِ الكُوْفَةِ مِنْ ضَعْفٍ وَلاَ خِيَانَةٍ.
ابْنُ عُلَيَّةَ: حَدَّثَنَا أَيُّوْبُ، عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: نُبِّئْتُ أَنَّ سَعْداً قَالَ مَا أَزْعُمُ أَنِّي بِقَمِيْصِي هَذَا أَحَقُّ مِنِّي بِالخِلاَفَةِ جَاهَدْتُ وَأَنَا أَعْرَفُ بِالجِهَادِ وَلاَ أَبْخَعُ نَفْسِي إِنْ كَانَ رَجُلاً خَيْراً مِنِّي لاَ أُقَاتِلُ حَتَّى يَأْتُوْنِي بِسَيْفٍ لَهُ عَيْنَانِ وَلِسَانٌ فيقول هذا مؤمن وهذا كافر.
وَتَابَعَهُ مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوْبَ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الغَنَائِمِ القَيْسِيُّ وَجَمَاعَةٌ كِتَابَةً قَالُوا، أَنْبَأَنَا حَنْبَلٌ، أَنْبَأَنَا هِبَةُ اللهِ، أَنْبَأَنَا ابْنُ المُذْهِبِ، أَنْبَأَنَا القَطِيْعِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا عَبْدُ المَلِكِ بنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا كَثِيْرُ بنُ زَيْدٍ، عَنِ المُطَّلِبِ، عَنْ عُمَرَ بنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيْهِ أَنَّهُ جَاءهُ ابْنُهُ عَامِرٌ فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ! أَفِي الفِتْنَةِ تَأْمُرُنِي أَنْ أَكُوْنَ رَأْساً؟ لاَ وَاللهِ حَتَّى أُعْطَى سَيْفاً إِنْ ضَرَبْتُ بِهِ مُسْلِماً نَبَا عَنْهُ وَإِنْ ضَرَبْتُ كَافِراً قَتَلَهُ سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: "إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الغَنِيَّ الخَفِيَّ التَّقِيَّ" 1.
الزُّبَيْرُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ الضَّحَّاكِ الحِزَامِيُّ، عَنْ أَبِيْهِ قَالَ قام علي على منبر الكوفة فقال حين اختلف الحكمان لقد كنت نهيتكم، عن هذه الحكومة فعصيتموني فقام إليه فَتَى آدَمُ فَقَالَ: إِنَّكَ وَاللهِ مَا نَهَيْتَنَا بَلْ أَمَرْتَنَا وَذَمَرْتَنَا2، فَلَمَّا كَانَ مِنْهَا مَا تكره برأت نفسك ونحلتنا ذنبك فقال علي -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- مَا أَنْتَ وَهَذَا الكَلاَم قبحك الله! والله لقد كانت الجماعة فكنت فيها خاملا فلما ظهرت الفتنة نجمت فيها نجوم قَرْنِ المَاعِزِ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى النَّاسِ فَقَالَ: لله منزل نزله سعد بن مالك وعبد الله بن عمر والله لئن كان ذنبا إِنَّهُ لَصَغِيْرٌ مَغْفُوْرٌ وَلَئِنْ كَانَ حسناً إِنَّهُ لَعَظِيْمٌ مَشْكُوْرٌ.
أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ، حَدَّثَنَا ابْنُ خُزَيْمَةَ، حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بنُ مُوْسَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ جُحَادَةَ، عَنْ نُعَيْمِ بنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ حُسَيْنِ بنِ خَارِجَةَ الأَشْجَعِيِّ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ أَشْكَلَتْ عَلَيَّ الفِتْنَةُ فقلت: "اللهم أرني من الحق
__________
1 حسن: سبق تخريجنا له قريبا برقم تعليق "189" فراجعه ثمت.
2 ذمرتنا: أي حثثتنا.

(3/81)


أَمْراً أَتَمَسَّكُ بِهِ. فَرَأَيْتُ فِي النَّوْمِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ بَيْنَهُمَا حَائِطٌ فَهَبَطْتُ الحَائِطَ فَإِذَا بِنَفَرٍ فَقَالُوا نَحْنُ المَلاَئِكَةُ قُلْتُ فَأَيْنَ الشُّهَدَاءُ? قَالُوا اصْعَدِ الدَّرَجَاتِ فَصَعَدْتُ دَرَجَةً ثُمَّ أُخْرَى فَإِذَا مُحَمَّدٌ وَإِبْرَاهِيْمُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِمَا وَإِذَا مُحَمَّدٌ يَقُوْلُ لإِبْرَاهِيْمَ: اسْتَغْفِرْ لأُمَّتِي قَالَ: إِنَّكَ لاَ تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ إِنَّهُم اهْرَاقُوا دِمَاءهُم وَقَتَلُوا إِمَامَهُم إلَّا فَعَلُوا كَمَا فَعَلَ خَلِيْلِي سَعْدٌ?
قَالَ: قُلْتُ: لَقَدْ رَأَيْتُ رُؤْيَا فَأَتَيْتُ سَعْداً فَقَصَصْتُهَا عَلَيْهِ فَمَا أَكْثَرَ فَرحاً وَقَالَ: قَدْ خَابَ مَنْ لَمْ يَكُنْ إِبْرَاهِيْمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ خَلِيْلَهُ قُلْتُ: مَعَ أَيِّ الطَّائِفَتَيْنِ أَنْتَ? قَالَ: مَا أَنَا مَعَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قُلْتُ: فَمَا تَأْمُرُنِي? قَالَ: هَلْ لَكَ مِنْ غَنَمٍ? قُلْتُ: لاَ قَالَ: فَاشْتَرِ غَنَماً فَكُنْ فِيْهَا حَتَّى تَنْجَلِي.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ قُدَامَةَ، أَنْبَأَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ الحَسَنِ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيٍّ الدّقَاقُ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَامِرِ بنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: "مَرِضْتُ عَامَ الفَتْحِ مَرَضاً أَشْفَيْتُ مِنْهُ فَأَتَانِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَعُوْدُنِي فَقُلْتُ يَا رَسُوْلَ اللهِ! إِنَّ لِي مَالاً كَثِيْراً وَلَيْسَ يَرِثُنِي إلَّا ابْنَةٌ أَفَأُوْصِي بِمَالِي كُلِّهِ? قَالَ: "لاَ" قُلْتُ: فَالشَّطْرُ قَالَ: "لاَ" قُلْتُ: فَالثُّلُثُ قَالَ: "وَالثُّلُثُ كَثِيْرٌ إِنَّكَ أَنْ تَتْرُكَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَتْرُكَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُوْنَ النَّاسَ لَعَلَّكَ تُؤَخَّرُ عَلَى جَمِيْعِ أَصْحَابِكَ وَإِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تُرِيْدُ بِهَا وَجْهَ اللهِ إلَّا أُجِرْتَ فِيْهَا حَتَّى اللُّقْمَةَ تَرْفَعُهَا إِلَى فِيِّ امْرَأَتِكَ" قُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ إِنِّي أَرْهَبُ أَنْ أَمُوْتَ بِأَرْضٍ هَاجَرْتُ مِنْهَا قَالَ: "لَعَلَّكَ أَنْ تَبْقَى حَتَّى يَنْتَفِعَ بِكَ أَقْوَامٌ وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُوْنَ اللَّهُمَّ أَمْضِ لأَصْحَابِي هِجْرَتَهُم وَلاَ تَرُدَّهُم عَلَى أَعْقَابِهِم لَكِنِ البَائِسُ سَعْدُ بنُ خَوْلَةَ" يَرْثِي لَهُ أَنَّهُ مَاتَ بِمَكَّةَ1.
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ من طرق، عن الزهري.
__________
1 صحيح: أخرجه الطيالسي "195، 197"، وعبد الرزاق "16357"، والحميدي "66"، وابن سعد "3/ 144"، وأحمد "1/ 176، 179"، والبخاري "3936"، "5668"، "6373"، و"6733"، ومسلم "1628"، "5"، والترمذي "2116"، والنسائي "6/ 241-242"، وابن ماجه "2708"، وأبو يعلى "747"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "4/ 379"، وابن الجارود "947"، والبيهقي "6/ 268-269"، من طرق عن الزهري، عن عامر بن سعد بن مالك، به.
وقد خرجت الحديث في كتاب "منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة والقدرية" لشيخ الإسلام ابن تيمية، بتعليقنا رقم "230" ط/ دار الحديث - الجزء الخامس، فراجعه ثم إن شئت.

(3/82)


وَعَنْ عَلِيِّ بنِ زَيْدٍ، عَنِ الحَسَنِ قَالَ لَمَّا كَانَ الهَيْجُ فِي النَّاسِ جَعَلَ رَجُلٌ يَسْأَلُ، عَنْ أَفَاضِلِ الصَّحَابَةِ فَكَانَ لاَ يَسْأَلُ أَحَداً إلَّا دَلَّهُ عَلَى سَعْدِ بنِ مَالِكٍ.
وَرَوَى: عُمَرُ بنُ الحَكَمِ، عَنْ عَوَانَةَ قَالَ دَخَلَ سَعْدٌ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَلَمْ يُسَلِّمْ عَلَيْهِ بِالإِمْرَةِ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ لَوْ شِئْتَ أَنْ تَقُوْلَ غَيْرَهَا لَقُلْتَ قَالَ فَنَحْنُ المُؤْمِنُوْنَ وَلَمْ نُؤَمِّرْكَ فَإِنَّكَ مُعْجَبٌ بِمَا أَنْتَ فِيْهِ وَاللهِ مَا يَسُرُّنِي أَنِّي عَلَى الَّذِي أَنْتَ عَلَيْهِ وَأَنِّي هَرَقْتُ مِحْجَمَةَ دَمٍ.
قُلْتُ: اعْتَزَلَ سَعْدٌ الفِتْنَةَ فَلاَ حَضَرَ الجَمَلَ وَلاَ صِفِّيْنَ وَلاَ التَّحْكِيْمَ وَلَقَدْ كَانَ أَهْلاً لِلإِمَامَةِ كَبِيْرَ الشَّأْنِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
رَوَى نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيْسَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ: أَنَّ سَعْدَ بنَ أَبِي وَقَّاصٍ طَافَ عَلَى تِسْعِ جَوَارٍ فِي لَيْلَةٍ، ثُمَّ اسْتَيْقَظَتِ العَاشِرَةُ لَمَّا أَيْقَظَهَا، فَنَام هُوَ، فَاسْتَحْيَتْ أَنْ تُوْقِظَهُ.
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ مُصْعَبِ بنِ سَعْدٍ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ رَأْسُ أَبِي فِي حجْرِي وَهُوَ يَقْضِي فَبَكَيْتُ فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَيَّ فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ مَا يُبْكِيْكَ? قُلْتُ: لِمَكَانِكَ وَمَا أَرَى بِكَ قَالَ: لاَ تَبْكِ فَإِنَّ اللهَ لاَ يُعَذِّبُنِي أَبَداً وَإِنِّي مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ.
قُلْتُ: صَدَقَ وَاللهِ فَهَنِيْئاً لَهُ.
اللَّيْثُ: عَنْ عقِيْلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: أَنَّ سَعْدَ بنَ أَبِي وَقَّاصٍ لَمَّا احْتُضِرَ، دَعَا بِخَلَقِ جُبَّةِ صُوْفٍ فَقَالَ: كَفِّنُوْنِي فِيْهَا فَإِنِّي لَقِيْتُ المشركين فيها يوم بدر وَإِنَّمَا خَبَأْتُهَا لِهَذَا اليَوْمِ.
ابْنُ سَعْدٍ: أَنْبَأَنَا محمد بن عمر، حدثنا فروة بن زييد، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ قَالَتْ: أَرْسَلَ أَبِي إِلَى مَرْوَانَ بِزَكَاتِهِ خَمْسَةَ آلاَفٍ، وَتَرَكَ يَوْمَ مَاتَ مَائتَيْ أَلْفٍ وَخَمْسِيْنَ أَلْفاً.
قَالَ الزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ: كَانَ سَعْدٌ قَدِ اعْتَزَلَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ فِي قَصْرٍ بَنَاهُ بِطَرَفِ حَمْرَاء الأَسَدِ.
وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: لَمَّا مَاتَ سَعْدٌ، وَجِيْءَ بِسَرِيْرِهِ فَأُدْخِلَ عَلَيْهَا جَعَلت تَبْكِي وَتَقُوْلُ: بَقِيَّةُ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
النُّعْمَانُ بنُ رَاشِدٍ: عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَامِرِ بنِ سَعْدٍ قَالَ: كَانَ سَعْدٌ آخِرَ المُهَاجِرِيْنَ وَفَاةً.
قَالَ المَدَائِنِيُّ وَأَبُو عبيدة وجماعة: توفي سنة خمس وخمسين.
وَرَوَى نُوْحُ بنُ يَزِيْدَ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدٍ: أَنَّ سَعْداً مَاتَ وَهُوَ ابْنُ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ سَنَةً فِي سَنَةِ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ وَقِيْلَ: سَنَةَ سَبْعٍ.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ المُلاَئِيُّ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَتَبِعَهُ قَعْنَبُ بنُ المحرزِ وَالأَوَّلُ هُوَ الصَّحِيْحُ.
وَقَعَ لَهُ فِي "مُسْنَدِ بَقِيِّ بن مخلد": مئتان وَسَبْعُوْنَ حَدِيْثاً فَمِنْ ذَاكَ فِي الصَّحِيْحِ ثَمَانِيَةٌ وثلاثون حديثًا.

(3/83)


11- سعيد بن زيد 1: "ع"
ابن عمرو بن نفيل العدوي، ابْنِ عَبْدِ العُزَّى بنِ رِيَاحِ بنِ قُرْطِ بن رزاح بن عَدِيِّ بنِ كَعْبِ بنِ لُؤَيِّ بنِ غَالِبٍ، أَبُو الأَعْوَرِ، القُرَشِيُّ، العَدَوِيُّ.
أَحَدُ العَشَرَةِ المَشْهُوْدِ لَهُم بِالجَنَّةِ، وَمِنَ السَّابِقِيْنَ الأَوَّلِيْنَ البَدْرِيِّيْنَ، وَمِنَ الَّذِيْنَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُم- رضوا عَنْهُ.
شَهِدَ المَشَاهِدَ مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَشَهِدَ حِصَارَ دِمَشْقَ، وَفَتَحَهَا فولاه عَلَيْهَا أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ، فَهُوَ أَوَّلُ مَنْ عَمِلَ نِيَابَةَ دِمَشْقَ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ.
وَلَهُ أَحَادِيْثَ يَسِيْرَةً: فَلَهُ حَدِيْثَانِ فِي "الصَّحِيْحَيْنِ" وَانْفَرَدَ البُخَارِيُّ لَهُ بِحَدِيْثٍ2.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو الطُّفَيْلِ وَعَمْرُو بنُ حُرَيْثٍ وَزِرُّ بنُ حُبَيْشٍ وَأَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ وَعُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ وَعَبْدُ اللهِ بنُ ظَالِمٍ وَأَبُو سَلَمَةَ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَطَائِفَةٌ.
قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الحَمِيْدِ، أَخْبَرَكُمُ الإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ قُدَامَةَ سَنَةَ ثَمَانِ عَشْرَةَ وَسِتِّ مَائَةٍ أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ الكَاتِبَةُ بِقِرَاءَتِي، أَنْبَأَنَا طِرَادُ بنُ مُحَمَّدٍ الزَّيْنَبِيُّ، أَنْبَأَنَا ابْنُ رِزْقَوَيْهِ، أَنْبَأَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الطَّائِيُّ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مَائَةٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَمْرِو بنِ حُرَيْثٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ زَيْدِ بنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "الكَمْأَةُ مِنَ المَنِّ الَّذِيْ أَنْزَلَ اللهُ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيْلَ وماؤها شفاء للعين".
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 379-385"، "6/ 13"، تاريخ خليفة "218"، وتاريخ البخاري الكبير "3/ ترجمة 1509"، وتاريخه الصغير "1/ 101، 108، 112، 113"، والكني للدولابي "1/ 11"، والجرح والتعديل "4/ ترجمة 85"، وحلية الأولياء "1/ ترجمة 8"، والاستيعاب "2/ 614"، وأسد الغابة "2/ 306"، والإصابة "2/ ترجمة 3261"، وتهذيب التهذيب "4/ 34".
2 ستأتي هذه الأحاديث خلال ترجمته.

(3/84)


أخرجه البخاري1 من طريق بن عيينة، فوقع لنا بدلًا عاليًا.
قَرَأْتُ عَلَى عَلِيِّ بنِ عِيْسَى التَّغْلِبِيِّ، أَخْبَرَكُمْ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الصُّوْفِيُّ سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَسِتِّ مَائَةٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ الثَّقَفِيُّ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ، أَنْبَأَنَا حَاجِبُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيْمِ هُوَ ابْنُ مُنِيْبٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ طَلْحَةَ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ زَيْدٍ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ ظَلَمَ مِنَ الأَرْضِ شِبراً طُوِّقَهُ مِنْ سَبعِ أَرَضِيْنَ وَمَنْ قُتِلَ دُوْنَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيْدٌ" 2.
هَذَا حَدِيْثٌ صَالِحُ الإِسْنَادِ، لَكِنَّهُ فِيْهِ انْقِطَاعٌ؛ لأَنَّ طَلْحَةَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ عَوْفٍ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ سَعِيْدٍ رَوَاهُ مَالِكٌ وَيُوْنُسُ وَجَمَاعَةٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ فَأَدْخَلُوا بَيْنَ طَلْحَةَ وَسَعِيْدٍ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ عَمْرِو بنِ سَهْلٍ الأَنْصَارِيَّ أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ، عَنْ أَبِي اليَمَانِ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ.
كَانَ وَالِدُهُ زَيْدُ بنُ عَمْرٍو مِمَّنْ فَرَّ إِلَى اللهِ مِنْ عِبَادَةِ الأَصْنَامِ، وَسَاحَ فِي أَرْضِ الشَّامِ يَتَطَلَّبُ الدِّيْنَ القَيِّمِ فرأى النصارى واليهود فكره دينهم وَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي عَلَى دِيْنِ إِبْرَاهِيْمَ وَلَكِنْ لَمْ يَظْفَرْ بِشَرِيْعَةِ إِبْرَاهِيْمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ كَمَا يَنْبَغِي وَلاَ رَأَى مَنْ يُوْقِفُهُ عَلَيْهَا، وَهُوَ من
__________
1 صحيح على شرط الشيخين: أخرجه ابن أبي شيبة "6/ 565"، "8/ 89"، وأحمد "1/ 187، 188"، والبخاري "4639"، و"5708"، ومسلم "2049" "157، 158، 161، 162"، والترمذي "2067"، وابن ماجه "3454"، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"، "228"، والنسائي في "الكبرى" "6667، 6668، 7564، 7565، 11188"، وأبو يعلى "961، 967"، وأبو عوانة "5/ 399، 400، 401، 402"، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" "564" من طرق عن عبد الملك بن عمير به.
وقوله: "الكمأة" هي فطر من الفصيلة الكميئة، وهي أرضية، تنتفخ حاملات أبواغها فتنجني وتؤكل مطبوخة، وأما المن فهو الذي أنزله الله على بني إسرائيل، وهو الطل الذي يسقط على الشجر، فيجمع ويؤكل حلوا، فكأنه شبه به الكمأة بجامع ما بينهما من وجود كل منهما عفوا بغير علاج.
2 صحيح على شرط البخاري: أخرجه أحمد "1/ 187"، من طريق سفيان، عن الزهري، عن طلحة بن عبد الله بن عوف، عن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، به مرفوعا.
وأخرجه أحمد "1/ 188"، وعبد بن حميد "105"، والترمذي "1418"، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" "230"، وابن الجارود "1019"، والخرائطي في "مساوئ الأخلاق" 663" من طريق عبد الرزاق: حدثنا معمر، عن الزهري، عن طلحة بن عبد الله بن عوف، عن عبد الرحمن بن سهل، عن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، به مرفوعا، وأخرجه أحمد "1/ 189"، والبخاري "2452" من طريق أبي اليمان: حدثنا شعيب، عن الزهري، حدثني طلحة بن عبد الله بن عوف أن عبد الرحمن بن عمرو بن سهل أخبره أن سعيد بن زيد قال: فذكره.

(3/85)


أَهْلِ النَّجَاةِ فَقَدْ شَهِدَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِأَنَّهُ "يُبْعَثُ أُمَّةً وَحْدَهُ"1. وَهُوَ ابْنُ عَمِّ الإِمَامِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ، رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَمْ يَعِشْ حَتَّى بُعِثَ.
فَنَقَلَ يُوْنُسُ بنُ بُكَيْرٍ، وَهُوَ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ بِالسِّيَرِ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ قَالَ قَدْ كَانَ نَفَرَ مِنْ قُرَيْشٍ زَيْدُ بنُ عَمْرِو بنِ نُفَيْلٍ وَوَرَقَةُ بنُ نَوْفَلٍ وَعُثْمَانُ بنُ الحَارِثِ بنِ أَسَدٍ وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ جَحْشٍ وَأُمَيْمَةُ ابْنَةُ عَبْدِ المُطَّلِبِ حَضَرُوا قُرَيْشاً عِنْدَ وَثَنٍ لَهُم كَانُوا يَذْبَحُوْنَ عِنْدَهُ لِعِيْدٍ مِنْ أَعْيَادِهِمْ فَلَمَّا اجْتَمَعُوا خَلاَ أُوْلَئِكَ النَّفَرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ وَقَالُوا: تَصَادَقُوا وَتَكَاتَمُوا فَقَالَ قَائِلُهُمْ تَعْلَمُنَّ وَاللهِ مَا قومكم على شيء لقد أخطئوا دِيْنَ إِبْرَاهِيْمَ وَخَالفُوْهُ فَمَا وَثَنٌ يُعَبْدُ لاَ يَضرُّ وَلاَ يَنْفَعُ فَابْتَغُوا لأَنْفُسِكُمْ قَالَ: فَخَرَجُوا يَطْلُبُوْنَ وَيَسِيْرُوْنَ فِي الأَرْضِ يَلْتَمِسُوْنَ أَهْلَ كِتَابٍ مِنَ اليَهُوْدِ وَالنَّصَارَى وَالمِلَلِ كُلِّهَا يَتَطَلَّبُوْنَ الحَنِيْفِيَّةَ فَأَمَّا وَرَقَةُ فَتَنَصَّرَ وَاسْتَحْكَمَ فِي النَّصْرَانِيَّةِ وَحَصَّلَ الكُتُبَ وَعَلِمَ عِلْماً كَثِيْراً وَلَمْ يَكُنْ فِيْهِم أَعْدَلُ شَأْناً مِنْ زَيْدٍ اعْتَزَلَ الأَوْثَانَ وَالمِلَلَ إلَّا دِيْنَ إِبْرَاهِيْمَ يُوَحِّدُ اللهَ تَعَالَى وَلاَ يَأْكُلُ مِنْ ذَبَائِحِ قَوْمِهِ وَكَانَ الخَطَّابُ عَمُّهُ قَدْ آذَاهُ فَنَزَحَ عَنْهُ إِلَى أَعْلَى مَكَّةَ فَنَزَلَ حِرَاءَ فَوَكَّلَ بِهِ الخَطَّابُ شَبَاباً سُفَهَاءَ لاَ يَدَعُوْنَهُ يَدْخُلُ مَكَّةَ فَكَانَ لاَ يَدْخُلُهَا إلَّا سِرّاً وَكَانَ الخَطَّابُ أَخَاهُ أَيْضاً مِنْ أُمِّهِ فَكَانَ يَلُوْمُهُ عَلَى فِرَاقِ دِيْنِهِ فَسَارَ زَيْدٌ إِلَى الشَّامِ وَالجَزِيْرَةِ وَالمَوْصِلِ يَسَأَلُ، عَنِ الدين.
أَخْبَرَنَا يُوْسُفُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَبِي بَكْرٍ الحَجَّارُ، أَنْبَأَنَا مُوْسَى بنُ عَبْدِ القَادِرِ، أَنْبَأَنَا سَعِيْدُ بن أحمد بن البنا، وَأَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ المُؤَيَّدِ، أَنْبَأَنَا الحَسَنُ بنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ بنِ الزَّاغُوْنِيِّ وَقَرَأْتُ عَلَى عُمَرَ بنِ عَبْدِ المُنْعِمِ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ، عَنْ أَبِي اليُمْنِ الكِنْدِيِّ إِجَازَةً فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسِتِّ مَائَةٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ المُهْتَدِي بِاللهِ قَالُوا، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الزَّيْنَبِيُّ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ الوَرَّاقُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ سُلَيْمَانِ، حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ حَمَّادٍ، أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنِ أَبِيْهِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: لَقَدْ رَأَيْتُ زَيْدَ بنَ عَمْرِو بنِ نُفَيْلٍ قَائِماً مُسْنِداً ظَهْرَهُ إِلَى الكَعْبَةِ يَقُوْلُ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ! وَاللهِ مَا فِيْكُمْ أَحَدٌ عَلَى دِيْنِ إِبْرَاهِيْمَ غَيْرِيْ وكان يحيي المؤودة يَقُوْلُ لِلرَّجُلِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَقْتُلَ ابْنَتَهُ: مَهْ! لاَ تَقْتُلْهَا أَنَا أَكْفِيْكَ مُؤْنَتَهَا فَيَأْخُذُهَا فَإِذَا تَرَعْرَعَتْ قَالَ لأَبِيْهَا: إِنْ شِئْتَ دَفَعْتُهَا إِلَيْكَ وَإِنْ شِئْتَ كَفَيْتُكَ مُؤْنَتَهَا.
هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ غَرِيْبٌ تَفَرَّدَ بِهِ اللَّيْثُ وَإِنَّمَا يَرْوِيْهِ، عن هشام كتابة وقد علقه
__________
1 يأتي في التعليق الآتي تخريجنا له.

(3/86)


البُخَارِيُّ فِي "صَحِيْحِهِ" فَقَالَ: وَقَالَ اللَّيْثُ: كَتَبَ إِلَيَّ هِشَامٌ فَذَكَرَهُ وَقَدْ سَمِعَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ من هشام.
وَعِنْدِي بِالإِسْنَادِ المَذْكُوْرِ إِلَى اللَّيْثِ، عَنْ هِشَامٍ نُسْخَةٌ، فَمَنْ أَنْكَرَ مَا فِيْهَا، عَنْ أَبِيْهِ عُرْوَةَ أَنَّهُ قَالَ: مَرَّ وَرَقَةُ بنُ نَوْفَلٍ عَلَى بِلاَلٍ وَهُوَ يُعَذَّبُ يُلْصَقُ ظَهْرُهُ بِالرَّمْضَاءِ وَهُوَ يَقُوْلُ: أَحَدٌ أَحَدٌ فَقَالَ وَرَقَةُ: أَحَدٌ أَحَدٌ يَا بِلاَلُ صَبْراً يَا بِلاَلُ لِمَ تُعَذِّبُوْنَهُ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَئِنْ قَتَلْتُمُوْهُ لأَتَّخِذَنَّهُ حَنَاناً يَقُوْلُ: لأَتَمَسَّحَنَّ بِهِ هَذَا مُرْسَلٌ وَوَرَقَةُ لَوْ أَدْرَكَ هَذَا لَعُدَّ مِنَ الصَّحَابَةِ وَإِنَّمَا مَاتَ الرَّجُلُ فِي فَتْرَةِ الوَحْيِ بَعْدَ النُّبُوَّةِ وَقَبْلَ الرِّسَالَةِ كَمَا فِي الصَّحِيْحِ.
يُوْنُسُ بنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي هِشَامٌ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَسْمَاءَ أَنَّ وَرَقَةَ كَانَ يَقُوْلُ: اللَّهُمَّ إِنِّي لَوْ أَعْلَمُ أَحبَّ الوُجُوْهِ إِلَيْكَ عَبَدْتُكَ بِهِ وَلَكِنِّي لاَ أَعْلَمُ ثُمَّ يَسْجُدُ عَلَى رَاحُتِهِ.
يُوْنُسُ بنُ بُكَيْرٍ وَعِدَّةٌ، عَنِ المَسْعُوْدِيِّ، عَنْ نُفَيْلِ بنِ هِشَامِ بنِ سَعِيْدِ بنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: مَرَّ زَيْدُ بنُ عَمْرٍو عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَزَيْدِ بنِ حَارِثَةَ فدعواه إلى سفرة لهما فقال: يابن أَخِي إِنِّي لاَ آكُلُ مِمَّا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ فَمَا رُؤِيَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعْدَ ذَلِكَ اليَوْمِ يَأْكُلُ مِمَّا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ المَسْعُوْدِيُّ لَيْسَ بِحُجَّةٍ.
أَخْرَجَهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ"، عَنْ يَزِيْدَ، عَنِ المَسْعُوْدِيِّ، ثُمَّ زَادَ فِي آخِرِهِ قَالَ سَعِيْدٌ: فَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ إِنَّ أَبِي كَانَ كَمَا قَدْ رَأَيْتَ وَبَلَغَكَ وَلَو أَدْرَكَكَ لآمَنَ بِكَ وَاتَّبَعَكَ فَاسْتَغْفِرْ لَهُ قَالَ: "نَعَم فَأَسْتَغْفِرُ له فإنه يُبْعَثُ أُمَّةً وَحْدَهُ"1.
وَقَدْ رَوَاهُ إِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو قَطَنٍ، عَنِ المَسْعُوْدِيِّ، عَنْ نُفَيْلٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: مَرَّ زَيْدٌ بِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَبِابْنِ حَارِثَةَ وَهُمَا يَأْكُلاَنِ فِي سُفْرَةٍ فَدَعَوَاهُ فَقَالَ: إِنِّي لاَ آكُلُ مِمَّا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ قَالَ: وَمَا رُؤِيَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- آكلًا مما ذبح على النصب2.
__________
1 ضعيف: أخرجه أحمد "1/ 189، 190"، والطيالسي "234"، والبيهقي في "دلائل النبوة" "2/ 123-124"، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" "568"، والطبراني "350" من طريق المَسْعُوْدِيِّ، عَنْ نُفَيْلِ بنِ هِشَامِ بنِ سَعِيْدِ بن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، به.
قلت: إسناده ضعيف، آفته المسعودي، واسمه عبد الرحمن بن عبد الله، فقد اختلط، وفيه نفيل بن هشام، وهشام بن سعيد بن زيد لم يوثقهما غير ابن حبان، وهو من المعروفين بالتساهل في توثيق المجاهيل والمجروحين.
2 ضعيف: آفته المسعودي، وقد بينا حاله في التعليق السابق.

(3/87)


فَهَذَا اللَّفْظُ مَلِيْحٌ يُفَسِّرُ مَا قَبْلَهُ، وَمَا زَالَ المُصْطَفَى مَحْفُوظاً مَحْرُوْساً قَبْلَ الوَحْيِ وَبَعْدَهُ وَلَوِ احْتُمِلَ جَوَازُ ذَلِكَ فَبِالضَّرُوْرَةِ نَدْرِي أَنَّهُ كان يأكل من ذبائح قُرَيْشٍ قَبْلَ الوَحْيِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى الإِبَاحَةِ وَإِنَّمَا تُوْصَفُ ذَبَائِحُهُمْ بِالتَّحْرِيْمِ بَعْدَ نُزُوْلِ الآيَةِ كَمَا أَنَّ الخَمْرَةَ كَانَتْ عَلَى الإِبَاحَةِ إِلَى أَنْ نَزَلَ تَحْرِيْمُهَا بِالمَدِيْنَةِ بَعْدَ يَوْمِ أُحُدٍ وَالَّذِي لاَ رَيْبَ فِيْهِ أَنَّهُ كَانَ مَعْصُوْماً قَبْلَ الوَحْيِ وَبَعْدَهُ وَقَبْلَ التَّشْرِيْعِ مِنَ الزِّنَى قَطْعاً وَمِنَ الخِيَانَةِ وَالغَدْرِ وَالكَذِبِ وَالسُّكْرِ وَالسُّجُوْدِ لِوَثَنٍ وَالاسْتِقْسَامِ بِالأَزْلاَمِ وَمِنَ الرَّذَائِلِ وَالسَّفَهِ وَبَذَاءِ اللِّسَانِ وَكَشْفِ العَوْرَةِ فَلَمْ يَكُنْ يَطُوْفُ عُرْيَاناً وَلاَ كَانَ يَقِفُ يَوْمَ عَرَفَةَ مَعَ قَوْمِهِ بِمُزْدَلِفَةَ بَلْ كَانَ يَقِفُ بِعَرَفَةَ وَبِكُلِّ حَالٍ لَوْ بَدَا مِنْهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لَمَا كَانَ عَلَيْهِ تَبِعَةٌ لأَنَّهُ كَانَ لاَ يَعْرِفُ وَلَكِنَّ رُتْبَةَ الكَمَالِ تَأْبَى وُقُوْعَ ذَلِكَ مِنْهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَسْلِيْماً.
أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَ: رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "دخلت الجَنَّةَ فَرَأَيْتُ لِزَيْدِ بنِ عَمْرِو بنِ نُفَيْلٍ دَوْحَتَيْنِ".
غَرِيْبٌ رَوَاهُ البَاغَنْدِيُّ، عَنِ الأَشَجِّ عَنْهُ1.
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَسْمَاءَ قَالَتْ: رَأَيْتُ زَيْدَ بنَ عَمْرٍو شَيْخاً كَبِيْراً مُسنِداً ظهره إلى الكعبة وهو يقول: وَيْحَكُم يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ إِيَّاكُمْ وَالزِّنَى فَإِنَّهُ يُوْرِثُ الفَقْرَ.
أَبُو الحَسَنِ المَدَائِنِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ مُجَالِدٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ زَيْدِ بنِ الخَطَّابِ قَالَ: قَالَ زَيْدُ بنُ عَمْرٍو: شَامَمْتُ النَّصْرَانِيَّةَ وَاليَهُوْدِيَّةَ فَكَرِهْتُهُمَا فَكُنْتُ بِالشَّامِ فَأَتَيْتُ رَاهِباً فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ أَمْرِي فَقَالَ: أَرَاكَ تُرِيْدُ دِيْنَ إِبْرَاهِيْمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَا أَخَا أَهْلِ مَكَّةَ! إِنَّكَ لَتَطْلُبُ دِيْناً مَا يُوْجَدُ اليَوْمَ فَالْحَقْ بِبَلَدِكَ فَإِنَّ اللهَ يَبْعَثُ مِنْ قَوْمِكَ مَنْ يَأْتِي بِدِيْنِ إِبْرَاهِيْمَ بِالحَنِيْفِيَّةِ وَهُوَ أَكْرَمُ الخَلْقِ عَلَى اللهِ2.
وَبِإِسْنَادٍ ضَعِيْفٍ، عَنْ حُجَيْرِ بنِ أَبِي إِهَابٍ قَالَ: رَأَيْتُ زَيْدَ بنَ عَمْرٍو يُرَاقِبُ الشَّمْسَ
__________
1 حسن: رواه ابن عساكر "6/ 337/ 2" من طريق محمد بن محمد الباغندي، نا عبد الله بن سعيد الكندي الأشج، نا مُعَاوِيَةَ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ مرفوعا. وسنده حسن.
والباغندي هو الإِمَامُ المُحَدِّثُ العَالِمُ الصَّادِقُ، أَبُو بَكْرٍ، مُحَمَّدُ بن سليمان بن الحارث الواسطي، قيل إِنَّ أَبَا دَاوُدَ جلس بَيْنَ يَدَيْهِ، وَحَمَلَ عنه.
2 ضعيف: فيه مجالد، وهو ابن سعيد، ضعيف، وكذلك أبو الحسن المدائني الأخباري علي بن محمد، قال ابن عدي: ليس بالقوي في الحديث.

(3/88)


فَإِذَا زَالَتِ اسْتَقْبَلَ الكَعْبَةَ فَصَلَّى رَكْعَةً وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَأَنْشَدَ الضَّحَّاكُ بنُ عُثْمَانَ الحِزَامِيُّ لِزَيْدٍ:
وَأَسْلَمْتُ وَجْهِي لِمَنْ أَسْلَمَتْ ... لَهُ المُزْنُ تَحْمِلُ عَذْباً زُلاَلاَ
إِذَا سُقِيَتْ بَلْدَةٌ مِنْ بِلاَدٍ ... سِيْقَتْ إِلَيْهَا فَسَحَّتْ سِجَالاَ
وَأَسْلَمْتُ نَفْسِي لِمَنْ أسلمت ... له الأرض تحمل صخرًا ثقالًا
دَحَاهَا فَلَمَّا اسْتَوَتْ شَدَّهَا ... سَوَاءً وَأَرْسَى عَلَيْهَا الجِبَالاَ
وَرَوَى: هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ، فِيْمَا نَقَلَهُ عنه بن أَبِي الزِّنَادِ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ زَيْدَ بنَ عَمْرٍو كَانَ بِالشَّامِ، فَلَمَّا بَلَغَهُ خَبَرَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَقْبَلَ يُرِيْدُهُ فَقَتَلَهُ أَهْلُ مَيْفَعَةٍ بِالشَّامِ.
وَرَوَى الوَاقِدِيُّ: أَنّه مَاتَ فَدُفِنَ بِأَصْلِ حِرَاءٍ، وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: قُتِلَ بِبِلاَدِ لَخْمٍ.
عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ المُخْتَارِ: أَنْبَأَنَا مُوْسَى بنُ عُقْبَةَ، أَخْبَرَنِي سَالِمٌ: سَمِعَ بن عُمَرَ يُحَدِّثُ، عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ لَقِيَ زَيْدَ بنَ عَمْرٍو أَسْفَلَ بَلْدَحَ قَبْلَ الوَحْي فَقَدَّمَ إِلَى زَيْدٍ سُفْرَةً فِيْهَا لَحْمٌ فَأَبَى أَنْ يَأْكُلَ وَقَالَ: لاَ آكُلُ مِمَّا تَذْبَحُوْنَ عَلَى أَنْصَابِكُمْ أَنَا لاَ آكُلُ إلَّا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ.
أَخْرَجَهُ: البُخَارِيُّ، وَزَادَ فِي آخِرِهِ: وَكَانَ يَعِيْبُ عَلَى قُرَيْشٍ وَيَقُوْلُ: الشَّاةُ خَلَقَهَا اللهُ وَأَنْزَلَ لَهَا مِنَ السَّمَاءِ وَأَنْبَتَ لَهَا مِنَ الأَرْضِ ثُمَّ تَذْبَحُوْنَهَا عَلَى غَيْرِ اسْمِ اللهِ?1
أَبُو أُسَامَةَ وَغَيْرُهُ قَالاَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَيَحْيَى بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ، عَنْ زَيْدِ بنِ حَارِثَةَ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ مُرْدِفِي إِلَى نُصُبٍ مِنَ الأَنْصَابِ فَذَبَحْنَا لَهُ ضَمِيْرُ "لَهُ" رَاجِعٌ إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَاةً وَوَضَعْنَاهَا فِي التَّنُّوْرِ، حَتَّى إِذَا نَضَجَتْ جَعَلْنَاهَا فِي سُفْرَتِنَا ثُمَّ أَقْبَلَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَسِيْرُ وَهُوَ مُرْدِفِي فِي أَيَّامِ الحَرِّ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِأَعْلَى الوَادِي لَقِيَ زَيْدَ بنَ عَمْرٍو فَحَيَّى أَحَدُهُمَا الآخَرَ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "مَا لِي أَرَى قَوْمَكَ قَدْ شَنِفُوا لَكَ" أَيْ: أَبْغَضُوْكَ? قَالَ: أَمَا وَاللهِ إِنَّ ذَلِكَ مِنِّي لِغَيْرِ نَائِرَةٍ كَانَتْ مِنِّي إِلَيْهِمْ وَلَكِنِّي أَرَاهُمْ عَلَى ضَلاَلَةٍ فَخَرَجْتُ أَبْتَغِي الدِّيْنَ حَتَّى قَدِمْتُ عَلَى أَحْبَارِ أَيْلَةَ فَوَجَدْتُهُمْ يَعْبُدُونَ اللهَ وَيُشْرِكُوْنَ بِهِ فَدُلِلْتُ عَلَى شَيْخٍ بِالجَزِيْرَةِ فَقَدِمْتُ عَلَيْهِ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ: إِنَّ كُلَّ مَنْ رَأَيْتَ فِي ضَلاَلَةٍ إِنَّكَ لَتَسْأَلُ، عَنْ دِيْنٍ هُوَ دِيْنُ اللهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَقَدْ خَرَجَ فِي أَرْضِكَ نَبِيٌّ أَوْ هُوَ خَارِجٌ ارْجِعْ إِلَيْهِ وَاتَّبِعْهُ فَرَجَعْتُ فَلَمْ أَحِسَّ شَيْئاً فَأَنَاخَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- البَعِيْرَ، ثُمَّ قَدَّمْنَا إِلَيْهِ السُّفْرَةَ. فَقَالَ: مَا هَذِهِ? قُلْنَا: شَاةٌ
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "3826"، "5499".

(3/89)


ذَبَحْنَاهَا لِلنُّصُبِ، كَذَا قَالَ. فَقَالَ: إِنِّي لاَ آكُلُ مِمَّا ذُبِحَ لِغَيْرِ اللهِ ثُمَّ تَفَرَّقَا وَمَاتَ زَيْدٌ قَبْلَ المَبْعَثِ فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "يَأْتِي أُمَّةً وَحْدَهُ".
رَوَاهُ إِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ فِي "الغَرِيْبِ"، عَنْ شَيْخَيْنِ لَهُ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ ثُمَّ قَالَ: فِي ذَبْحِهَا عَلَى النُّصُبِ وَجْهَانِ إِمَّا أَنَّ زَيْداً فَعَلَهُ، عَنْ غَيْرِ أَمْرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلَّا أَنَّهُ كَانَ مَعَهُ فَنُسِبَ ذَلِكَ إِلَيْهِ لأَنَّ زَيْداً لَمْ يَكُنْ مَعَهُ من العصمة والتوفيق مَا أَعْطَاهُ اللهُ لِنَبِيِّهِ وَكَيْفَ يَجُوْزُ ذَلِكَ وَهُوَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَدْ مَنَعَ زَيْداً أَنْ يَمَسَّ صَنَماً وَمَا مَسَّهُ هُوَ قَبْلَ نُبُوَّتِهِ فَكَيْفَ يَرْضَى أَنْ يَذْبَحَ لِلصَّنَمِ هَذَا مُحَالٌ.
الثَّانِي: أَنْ يَكُوْنَ ذُبِحَ لِلِّهِ وَاتّفَقَ ذَلِكَ عِنْدَ صَنَمٍ كَانُوا يَذْبَحُوْنَ عِنْدَهُ.
قُلْتُ: هَذَا حَسَنٌ فَإِنَّمَا الأَعْمَالٌ بِالنِّيَّةِ. أَمَّا زَيْدٌ فَأَخَذَ بِالظَّاهِرِ وَكَانَ البَاطِنُ لِلِّهِ وَرُبَّمَا سَكَتَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنِ الإِفْصَاحِ خَوْفَ الشَّرِّ فَإِنَّا مَعَ عِلْمِنَا بِكَرَاهِيَتِهِ لِلأَوْثَانِ نَعْلَمُ أَيْضاً أَنَّهُ مَا كَانَ قَبْلَ النُّبُوَّةِ مُجَاهِراً بِذَمِّهَا بَيْنَ قُرَيْشٍ وَلاَ مُعْلِناً بِمَقْتِهَا قَبْلَ المَبْعَثِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ زَيْداً رَحِمَهُ اللهُ تُوُفِّيَ قَبْلَ المَبْعَثِ فَقَدْ نَقَلَ ابْنُ إِسْحَاقَ أَنَّ وَرَقَةَ بنَ نَوْفَلٍ رَثَاهُ بِأَبْيَاتٍ وَهِيَ:
رَشَدْتَ وَأَنْعَمْتَ ابْنَ عَمْرٍو وَإِنَّمَا ... تَجَنَّبْتَ تَنُّوْراً مِنَ النَّارِ حَامِيَا
بِدِيْنِكَ رَبّاً لَيْسَ رَبٌّ كَمِثِلِهِ ... وَتَرْكِكَ أَوْثَانَ الطَّوَاغِي كَمَا هِيَا
وَإِدْرَاكِكَ الدِّيْنَ الَّذِي قَدْ طَلَبْتَهُ ... وَلَمْ تَكُ، عَنْ تَوْحِيْدِ رَبِّكَ سَاهِيَا
فَأَصْبَحْتَ فِي دَارٍ كَرِيْمٍ مُقَامُهَا ... تُعَلَّلُ فِيْهَا بِالكَرَامَةِ لاَهِيَا
وَقَدْ تُدْرِكُ الإِنْسَانَ رحمة ربه ... كَانَ تَحْتَ الأَرْضِ سَبْعِيْنَ وَادِيَا
نَعَم، وَعَدَّ عُرْوَةُ سَعِيْدَ بنَ زَيْدٍ فِي البَدْرِيِّيْنَ فَقَالَ: قَدِمَ مِنَ الشَّامِ بَعْدَ بدرٍ فَكَلَّمَ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَضَرَبَ لَهُ بسهمه وأجره وكذلك قال موسى بن عُقْبَةَ وَابْنُ إِسْحَاقَ.
وَامْرَأَتُهُ: هِيَ ابْنَةُ عَمِّهِ فَاطِمَةُ أُخْتُ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ. أَسْلَمَ سَعِيْدٌ قَبْلَ دُخُوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَارَ الأَرْقَمِ.
وَأَخْرَجَ البُخَارِيُّ مِنْ ثَلاَثَةِ أَوْجُهٍ، عَنْ إِسْمَاعِيْلَ، عَنْ قَيْسِ بنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: قَالَ سَعِيْدُ بنُ زَيْدٍ: لَقَدْ رَأَيْتُنِي وَإِنَّ عُمَرَ لَمُوْثِقِي عَلَى الإِسْلاَمِ وَأُخْتَهُ وَلَوْ أَنَّ أَحَداً انْقَضَّ بِمَا صَنَعْتُم بِعُثْمَانَ لَكَانَ حقيقًا1.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "3862".

(3/90)


وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي إِسْلاَمِ عُمَرَ فَصْلاً فِي المعنى.
وذكر بن سَعْدٍ فِي "طَبَقَاتِهِ"، عَنِ الوَاقِدِيِّ، عَنْ رِجَالِهِ قَالُوا: لَمَّا تَحَيَّنَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم- وصول عير قريش من الشام بَعَثَ طَلْحَةَ وَسَعِيْدَ بنَ زَيْدٍ قَبْلَ خُرُوْجِهِ مِنَ المَدِيْنَةِ بِعَشْرٍ يَتَحَسَّسَانِ خَبَرَ العِيْرِ، فَبَلَغَا الحوراء فلم يزالا مقيمين هناك حتى مرت بِهِمُ العِيْرُ فَتَسَاحَلَتْ فَبَلَغَ نَبِيَّ اللهِ الخَبْرُ قبل مَجِيْئِهِمَا فَنَدَبَ أَصْحَابَهُ وَخَرَجَ يَطْلُبُ العِيْرَ فَتَسَاحَلَتْ وَسَارُوا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَرَجَعَ طَلْحَةُ وَسَعِيْدٌ لِيُخْبِرَا فَوَصَلاَ المَدِيْنَةَ يَوْمَ الوَقْعَةِ فَخَرَجَا يَؤُمَّانِهِ وَضَرَبَ لَهُمَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِسَهْمِهِمَا وَأُجُوْرِهِمَا وَشَهِدَ سَعِيْدٌ أُحُداً وَالخَنْدَقَ وَالحُدَيْبِيَةَ وَالمَشَاهِدَ.
وَقَدْ تَقَدَّمَتْ عِدَّةُ أَحَادِيْثَ فِي أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ وَأَنَّهُ مِنَ الشُّهَدَاءِ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: سَأَلْتُ أَبِي، عَنِ الشَّهَادَةِ لأَبِي بَكْرٍ وَعُمَر أَنَّهُمَا فِي الجَنَّةِ فَقَالَ: نَعَمْ اذْهَبْ إِلَى حَدِيْثِ سَعِيْدِ بنِ زَيْدٍ.
هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ: عَنْ أَبِيْهِ أَنَّ أَرْوَى بِنْتَ أُوَيْسٍ ادَّعَتْ أَنَّ سَعِيْدَ بنَ زَيْدٍ أَخَذَ شَيْئاً مِنْ أَرْضِهَا فَخَاصَمَتْهُ إِلَى مَرْوَانَ فَقَالَ سَعِيْدٌ: أَنَا كُنْتُ آخُذُ مِنْ أرضها شيئا بعد الذي سمعت من رسول اللهِ سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: $"مَنْ أَخَذَ شَيْئاً مِنَ الأَرْضِ طُوِّقَهُ إِلَى سَبْعِ أَرَضِيْنَ" قَالَ مَرْوَانُ: لاَ أَسَأَلُكَ بَيِّنَةً بَعْدَ هَذَا فَقَالَ سَعِيْدٌ: اللهم إن كانت كاذبةً فأعم بصرها وقتلها فِي أَرْضِهَا فَمَا مَاتَتْ حَتَّى عَمِيَتْ وَبَيْنَا هي تمشي في أرضها إذ وقعت في حُفْرَةٍ فَمَاتَتْ.
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ1 وَرَوَى عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنِ العَلاَءِ بن عبد الرَّحْمَنِ نَحْوَهُ، عَنْ أَبِيْهِ. وَرَوَى المُغِيْرَةُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ نَحْوَهُ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَازِمٍ فِي حَدِيْثِهِ: سَأَلَتْ أَرْوَى سَعِيْداً أَنْ يَدْعُوَ لَهَا، وَقَالَتْ: قَدْ ظَلَمْتُكَ. فَقَالَ: لاَ أَرُدُّ عَلَى اللهِ شَيْئاً أَعْطَانِيْهِ.
قُلْتُ: لَمْ يَكُنْ سَعِيْداً مُتَأَخِّراً، عَنْ رُتْبَةِ أَهْلِ الشُّوْرَى فِي السَّابِقَةِ وَالجَلاَلَةِ وَإِنَّمَا تَرَكَهُ عُمَرُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- لِئَلاَّ يَبْقَى لَهُ فِيْهِ شَائِبَةُ حَظٍّ لأَنَّهُ خَتَنُهُ وَابْنُ عَمِّهِ وَلَوْ ذَكَرَهُ فِي أَهْلِ الشُّوْرَى لَقَالَ الرَّافِضِيُّ: حَابَى ابْنَ عَمِّهِ فَأَخْرَجَ مِنْهَا وَلَدَهُ وَعَصَبَتَهُ فكذلك فليكن العمل لله.
__________
1 صحيح: تقدم تخريجنا له قريبا برقم تعليق "213".

(3/91)


خَالِدٌ الطَّحَّانُ، عَنْ عَطَاءِ بنِ السَّائِبِ، عَنْ مُحَارِبِ بنِ دِثَارٍ قال: كتب مُعَاوِيَةُ إِلَى مَرْوَانَ وَالِي المَدِيْنَةِ لِيُبَايِعَ لابْنِهِ يَزِيْدَ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ جُنْدِ الشَّامِ: مَا يَحْبِسُكَ? قَالَ: حَتَّى يَجِيْءُ سَعِيْدُ بنُ زَيْدٍ فَيُبَايِعُ فَإِنَّهُ سَيِّدُ أَهْلِ البَلَدِ وَإِذَا بَايَعَ بَايَعَ النَّاسُ قَالَ: أَفَلاَ أَذْهَبُ فَآتِيْكَ بِهِ? ... وَذَكَرَ الحَدِيْثَ.
أُنْبِئْنَا وَأُخْبِرْنَا، عَنْ حَنْبَلٍ -سَمَاعاً- أَنْبَأَنَا ابْنُ الحُصَيْنِ، أَنْبَأَنَا ابْنُ المُذْهِبِ، أَنْبَأَنَا القَطِيْعِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنِي أَبِي حَدَّثَنَا وَكِيْعٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ حُصَيْنٍ وَمَنْصُوْرٍ، عَنْ هِلاَلِ بنِ يِسَافٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ زَيْدٍ -وَقَالَ حُصَيْنٌ: عَنِ ابْنِ ظَالِمٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ زَيْدٍ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "اسْكُنْ حِرَاءُ فَمَا عَلَيْكَ إلَّا نَبِيٌّ أَوْ صِدِّيْقٌ أَوْ شَهِيْدٌ" وَعَلَيْهِ النَّبِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَسَعْدٌ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ وَسَعِيْدُ بنُ زَيْدٍ1.
ابْنُ سَعْدٍ: أَنْبَأَنَا أَبُو ضَمْرَةَ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ اسْتُصْرِخَ عَلَى سَعِيْدِ بنِ زَيْدٍ يَوْمَ الجُمُعَةِ، بعد ما ارتفع النهار، فأتاه بن عُمَرَ بِالعَقِيْقِ، وَتَرَكَ الجُمُعَةَ. أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ2.
وَقَالَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ أُمَيَّةَ: عَنْ نَافِعٍ قَالَ: مَاتَ سعيد بن زيد وكان يذرب3.
فَقَالَتْ أُمُّ سَعِيْدٍ لِعَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ: أَتُحَنِّطُهُ بِالمِسْكِ? فَقَالَ: وَأَيُّ طِيْبٍ أَطْيَبُ مِنَ المِسْكِ! فَنَاوَلَتْهُ مِسْكاً.
سُلَيْمَانُ بنُ بِلاَلٍ: حَدَّثَنَا الجُعَيْدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ قَالَتْ: مَاتَ سَعِيْدُ بنُ زَيْدٍ بِالعَقِيْقِ فَغَسَّلَهُ سَعْدُ بنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَكَفَّنَهُ وَخَرَجَ مَعَهُ.
وَرَوَى غَيْرُ وَاحِدٍ، عَنْ مَالِكٍ قَالَ: مَاتَ سَعِيْدُ بنُ زَيْدٍ وَسَعْدُ بنُ أَبِي وَقَّاصٍ بِالعَقِيْقِ. قَالَ الوَاقِدِيُّ: تُوُفِّيَ سَعِيْدُ بنُ زَيْدٍ سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ وَهُوَ ابْنُ بِضْعٍ وَسَبْعِيْنَ سَنَةً وَقُبرِ بِالمَدِيْنَةِ نَزَلَ فِي قَبْرِهِ سَعْدٌ وَابْنُ عُمَرَ وَكَذَا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَيَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ وَشِهَابٌ قَالَ الوَاقِدِيُّ: كَانَ سَعِيْدٌ رَجُلاً آدَمَ طَوِيْلاً أَشْعَرَ وَقَدْ شَذَّ الهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ فَقَالَ: مَاتَ بِالكُوْفَةِ وَقَالَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ: مَاتَ سَنَةَ اثنتين وخمسين -رضي الله عنه.
__________
1 صحيح لغيره: تقدم تخريجنا له بتعليق رقم "195".
2 صحيح: أخرجه البخاري "3990".
3 يذرب: الذرب داء يعرض للمعدة فلا تهضم الطعام، ويفسد فيها فلا تمسكه.

(3/92)


فَهَذَا مَا تَيَسَّرَ مِنْ سِيْرَةِ العَشَرَةِ وَهُمْ أَفْضَلُ قُرَيْشٍ وَأَفْضَلُ السَّابِقِيْنَ المُهَاجِرِيْنَ وَأَفْضَلُ البَدْرِيِّيْنَ وَأَفْضَلُ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ وَسَادَةُ هَذِهِ الأُمَّةِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ فَأَبْعَدَ اللهُ الرَّافِضَةَ مَا أَغْوَاهُمْ وَأَشَدَّ هَوَاهُمْ كَيْفَ اعْتَرَفُوا بِفَضْلِ وَاحِدٍ مِنْهُم وَبَخَسُوا التِّسْعَةَ حَقَّهُمْ وَافْتَرَوْا عَلَيْهِمْ بِأنَّهُمْ كَتَمُوا النَّصَّ فِي عَلِيٍّ أَنَّهُ الخَلِيْفَةُ فَوَاللهِ مَا جَرَى مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ وَأَنَّهُمْ زَوَّرُوا الأَمْرَ عَنْهُ بِزَعْمِهِمْ وَخَالَفُوا نَبِيَّهُمْ وَبَادَرُوا إِلَى بَيْعَةِ رجل من بني تيم يتجر ويتكسب لاَ لرغبةٍ فِي أَمْوَالِهِ وَلاَ لِرَهْبَةٍ مِنْ عَشِيْرَتِهِ وَرِجَالِهِ وَيْحَكَ! أَيَفْعَلُ هَذَا مَنْ لَهُ مسْكَةُ عَقْلٍ? وَلَوْ جَازَ هَذَا عَلَى وَاحِدٍ لَمَا جَازَ عَلَى جَمَاعَةٍ وَلَوْ جَازَ وُقُوْعُهُ مِنْ جَمَاعَةٍ لاَسْتَحَالَ وُقُوْعُهُ وَالحَالَةُ هَذِهِ مِنْ ألوفٍ مِنْ سَادَةِ المُهَاجِرِيْنَ وَالأَنْصَارِ وَفُرْسَانِ الأُمَّةِ وَأَبْطَالِ الإِسْلاَمِ لَكِنْ لاَ حِيْلَةَ فِي بُرْء الرَّفْضِ فَإِنَّهُ دَاءٌ مُزْمِنٌ وَالهُدَى نُوْرٌ يَقْذِفُهُ اللهُ فِي قَلْبِ مَنْ يَشَاءُ فَلاَ قُوَّةَ إلَّا بِاللهِ.
حَدِيْثٌ مُشْتَرَكٌ، وَهُوَ مُنْكَرٌ جِدّاً. رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "المُعْجَمِ الكَبِيْرِ": حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ إِسْحَاقَ التُّسْتَرِيُّ، وَقَالَ أَبُو عَمْروِ بنُ حَمْدَانَ: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ فِي "مُسْنَدِهِ" قَالاَ: حَدَّثَنَا نَصْرُ بنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ المُؤْمِنِ بنُ عَبَّادٍ العَبْدِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ مَعْنٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بنُ شُرَحْبِيْلَ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ، عَنْ زَيْدِ بنِ أَبِي أَوْفَى -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَسْجِدَ المَدِيْنَةِ فَجَعَلَ يَقُوْلُ: "أَيْنَ فُلاَنٌ أَيْنَ فُلاَنٌ?" فَلَمْ يَزَلْ يَتَفَقَّدُهُمْ وَيَبْعَثُ إِلَيْهِمْ حَتَّى اجْتَمَعُوا فَقَالَ: "إِنِّي مُحَدِّثُكُمْ بِحَدِيْثٍ فَاحْفَظُوْهُ وَعُوْهُ إِنَّ اللهَ اصْطَفَى مِنْ خَلْقِهِ خَلْقاً يُدْخِلُهُمُ الجَنَّةَ وَإِنِّي مُصْطَفٍ مِنْكُم وَمُؤَاخٍ بَيْنَكُمْ كَمَا آخَى اللهُ بَيْنَ المَلاَئِكَةِ قُمْ يَا أَبَا بَكْرٍ! " فَقَامَ فَقَالَ: "إِنَّ لَكَ عِنْدِي يَداً إِنَّ اللهَ يَجْزِيْكَ بِهَا فَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذاً خَلِيْلاً لاَتَّخَذْتُكَ فَأَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ قَمِيْصِي مِنْ جَسَدِي ادْنُ يَا عُمَرُ! " فَدَنَا فَقَالَ: "قَدْ كُنْتَ شَدِيْدَ الشَّغَبِ عَلَيْنَا فَدَعَوْتُ اللهَ أَنْ يُعِزَّ بِكَ الدِّيْنَ أَوْ بِأَبِي جَهْلٍ فَفَعَلَ اللهُ بِكَ ذَلِكَ وَأَنْتَ مَعِي فِي الجَنَّةِ ثَالثَ ثَلاَثَةٍ" ثُمَّ آخَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِي بَكْرٍ ثُمَّ دَعَا عُثْمَانَ فَلَمْ يَزَلْ يُدْنِيْهِ حَتَّى أَلْصَقَ رُكْبَتَهُ بِرُكْبَتِهِ ثُمَّ نَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ فَسَبَّحَ ثَلاَثاً ثُمَّ قَالَ: "إِنَّ لَكَ شَأْناً فِي أَهْلِ السَّمَاءِ أَنْتَ مِمَّنْ يَرِدُ عَلَيَّ الحوض وأوداجه تشخب فأقول: مَنْ فَعَلَ بِكَ هَذَا? فتَقُوْلُ فُلاَنٌ" ثُمَّ دَعَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ عَوْفٍ فَقَالَ: "ادْنُ يَا أَمِيْنَ اللهِ وَالأَمِيْنُ فِي السَّمَاءِ يُسَلِّطُكَ اللهُ عَلَى مَالِكَ بِالحَقِّ أَمَا إِنَّ لَكَ عِنْدِي دَعْوَةٌ قَدْ أَخَّرْتُهَا" قَالَ: خِرْ لِي يَا رَسُوْلَ اللهِ! قَالَ: "حَمَّلْتَنِي أَمَانَةً أَكْثَرَ اللهُ مَالَكَ" وَآخَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ عُثْمَانَ ثُمَّ دَعَا طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ فَدَنَوا مِنْهُ فَقَالَ: "أَنْتُمَا حَوَارِيَّ كَحَوَارِيِّ عِيْسَى" وَآخَى بَيْنَهُمَا ثُمَّ دَعَا سَعْداً وَعَمَّاراً فَقَالَ: "يَا عَمَّارُ! تَقْتُلُكَ الفِئَة البَاغِيَةُ" ثُمَّ آخَى بَيْنَهُمَا. ثُمَّ دَعَا أَبَا الدرداء وسلمان،

(3/93)


فَقَالَ: يَا سَلْمَانُ! أَنْتَ مِنَّا أَهْلَ البَيْتِ وَقَدْ آتَاكَ اللهُ العِلْمَ الأَوَّلَ وَالعِلْمَ الآخِرَ يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ! إِنْ تَنْقُدْهُمْ يَنْقُدُوْكَ وَإِنْ تَتْرُكْهُمْ يَتْرُكُوْكَ وَإِنْ تَهْرُبْ مِنْهُمْ يُدْرِكُوكَ فَأَقْرِضْهُمْ عِرْضَكَ لِيَوْمِ فَقْرِكَ ثُمَّ آخَى بَيْنَهُمَا ثُمَّ نَظَرَ إِلَى ابْنِ عُمَرَ فَقَالَ: الحَمْدُ للهِ الَّذِي يَهْدِي مِنَ الضَّلاَلَةِ فَقَالَ عَلِيٌّ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! ذَهَبَ رُوْحِي وَانْقَطَعَ ظَهْرِي حِيْنَ تَرَكْتَنِي قَالَ مَا أَخَّرْتُكَ إلَّا لِنَفْسِي وَأَنْتَ عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ هَارُوْنَ مِنْ مُوْسَى وَوَارِثِي قَالَ: مَا أَرِثُ مِنْكَ? قَالَ: كِتَابَ اللهِ وَسُنَةَ نَبِيِّهِ وَأَنْتَ مَعِي فِي قَصْرِي فِي الجَنَّةِ مَعَ فَاطِمَةَ. وَتَلاَ {إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} [الْحجر: 47] .
زَيْدٌ: لاَ يُعْرَفُ إلَّا فِي هَذَا الحَدِيْثِ المَوْضُوْعِ. وَقَدْ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بنُ جَرِيْرٍ الطَّبَرِيُّ، عَنْ حُسَيْنٍ الدَّارِعِ، عَنْ عَبْدِ المُؤْمِنِ فَأَسْقَطَ مِنْهُ، عَنْ رَجُلٍ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ الجَهْمِ السِّمَّرِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ وَاقِدٍ، حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بنُ يُوْنُسَ، حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ صُهَيْبٍ، عَنْ يَحْيَى بنِ زَكَرِيَّا، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ شُرَحْبِيْلَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ زَيْدٍ.
وَرَوَاهُ مُطَيَّنٌ مُخْتَصَراً، حَدَّثَنَا ثَابِتُ بنُ يَعْقُوْبَ، حَدَّثَنَا ثَابِتُ بنُ حَمَّادٍ النَّصْرِيُّ، عَنْ مُوْسَى بنِ صُهَيْبٍ، عَنْ عُبَادَةَ بنِ نُسَيٍّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي أَوْفَى.
وَقَالَ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ الحلوَانِيُّ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بنُ سَوَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ البَاهِلِيُّ يُقَالُ -اسْمُهُ جَعْفَرُ بنُ مَرْزُوْقٍ- عَنْ غِيَاثِ بنِ شُقَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ سَابِطٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ عَامِرٍ الجُمَحِيِّ قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَاتَ يَوْمٍ: "يَا أَبَا بَكْرٍ! تَعَالَ وَيَا عُمَرُ! تَعَالَ" وَذَكَرَ حَدِيْثَ المُؤَاخَاةِ إلَّا أَنَّهُ خَالَفَ فِي أَسْمَاءِ الإِخْوَانِ وَزَادَ وَنَقَصَ مِنْهُمْ.
تَفَرَّدَ بِهِ شَبَابَةُ، وَلاَ يَصِحُّ.
وَالمَحْفُوْظُ أَنَّهُ آخَى بَيْنَ المُهَاجِرِيْنَ وَالأَنْصَارِ، لِيَحْصَلَ بِذَلِكَ مُؤَازَرَةٌ وَمُعَاوَنَةٌ لِهَؤُلاَءِ بِهَؤُلاَءِ.
لِسَعِيْدِ بنِ زَيْدٍ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُوْنَ حَدِيْثاً اتَّفَقَا لَهُ على حديثين، وانفرد البخاري بثالث.

(3/94)