سير أعلام
النبلاء، ط الحديث السَّابِقُوْنَ الأَوَّلُوْنَ:
هُمْ: خَدِيْجَةُ بِنْتُ خُوَيْلدٍ، وَعَلِيُّ بنُ أَبِي
طَالِبٍ، وَأَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيْقُ، وَزَيْدُ بنُ
حَارِثَةَ النَّبَوِيُّ، ثُمَّ عُثْمَانُ، وَالزُّبَيْرُ
وَسَعْدُ بنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَطَلْحَةُ بنُ عُبَيْدِ
اللهِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ، ثُمَّ أَبُو
عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ وَأَبُو سَلَمَةَ بنُ عَبْدِ
الأَسَدِ وَالأَرْقَمُ بنُ أَبِي الأَرْقَمِ بنِ أَسَدِ
بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ المَخْزُوْمِيَّانِ
وَعُثْمَانُ بنُ مَظْعُوْنٍ الجُمَحِيُّ وَعُبَيْدَةُ بنُ
الحَارِثِ بنِ المُطَّلِبِ المُطَّلِبِيُّ وَسَعِيْدُ بنُ
زَيْدِ بنِ عَمْرِو بنِ نُفَيْلٍ العَدَوِيُّ وَأَسْمَاءُ
بِنْتُ الصِّدِّيْقِ وَخَبَّابُ بنُ الأَرَتِّ
الخُزَاعِيُّ حَلِيْفُ بَنِي زُهْرَةَ وَعُمَيْرُ بنُ
أَبِي وَقَّاصٍ أَخُو سَعْدٍ وَعَبْدُ اللهِ بنُ
مَسْعُوْدٍ الهُذَلِيُّ مِنْ حُلَفَاءِ بَنِي زُهْرَةَ
وَمَسْعُوْدُ بنُ رَبِيْعَةَ القَارِئُ مِنَ
البَدْرِيِّيْنَ وَسَلِيْطُ بنُ عَمْرِو بنِ عَبْدِ شَمْسٍ
العَامِرِيُّ وَعَيَّاشُ بنُ أَبِي رَبِيْعَةَ بنِ
المُغِيْرَةِ المَخْزُوْمِيُّ وَامْرَأَتُهُ أَسْمَاءُ
بِنْتُ سَلاَمَةَ التَّمِيْمِيَّةُ وَخُنَيْسُ بنُ
حُذَافَةَ السَّهْمِيُّ وَعَامِرُ بنُ رَبِيْعَةَ
العَنْزِيُّ حَلِيْفُ آلِ الخَطَّابِ وَعَبْدُ اللهِ بنُ
جَحْشِ بنِ رِئَابٍ الأَسَدِيُّ حَلِيْفُ بَنِي أُمَيَّةَ
وَجَعْفَرُ بنُ أَبِي طَالِبٍ الهَاشِمِيُّ وَامْرَأَتُهُ
أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ وَحَاطِبُ بنُ الحَارِثِ
الجُمَحِيُّ وَامْرَأَتُهُ فَاطِمَةُ بِنْتُ المُجَلَّلِ
العَامِرِيَّةُ وَأَخُوْهُ خَطَّابٌ وَامْرَأَتُهُ فُكيهة
بِنْتُ يَسَارٍ وَأَخُوْهُمَا مَعْمَرُ بنُ الحَارِثِ
وَالسَّائِبُ وَلَدُ عُثْمَانَ بنِ مَظْعُوْنٍ
وَالمُطَّلِبُ بنُ أَزْهَرَ بنِ عَبْد عَوْفٍ الزُّهْرِيُّ
وَامْرَأَتُهُ َرملة بِنْتُ أَبِي عَوْفٍ السَّهْمِيَّةُ
وَالنَّحَّامُ نُعَيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ العَدَوِيُّ
وَعَامِرُ بنُ فُهَيْرَةَ مَوْلَى الصِّدِّيْقِ وَخَالِدُ
بنُ سَعِيْدِ بنِ العَاصِ بنِ أُمَيَّةَ وَامْرَأَتُهُ
أُمَيْمَةُ بِنْتُ خَلَفٍ الخُزَاعِيَّةُ وَحَاطِبُ بنُ
عَمْرٍو العَامِرِيُّ وَأَبُو حُذَيْفَةَ بنُ عُتْبَةَ بنِ
رَبِيْعَةَ العَبْشَمِيُّ وَوَاقِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ
عَبْدِ مَنَافٍ التَّمِيْمِيُّ اليَرْبُوْعِيُّ حَلِيْفُ
بَنِي عَدِيٍّ وَخَالِدٌ وَعَامِرٌ وَعَاقِلٌ وإياس بنو
البكير بن عَبْدِ يَا لَيْل اللَّيْثِيُّ حُلفَاءُ بَنِي
عَدِيٍّ وَعَمَّارُ بنُ يَاسِرِ بنِ عَامِرٍ العَنْسِيُّ
بِنُوْنٍ حَلِيْفُ بَنِي مَخْزُوْمٍ، وَصُهَيْبُ بنُ
سِنَانِ بن مَالِكٍ النَّمِرِيُّ الرُّوْمِيُّ المَنْشَأِ
وَوَلاَؤُهُ لِعَبْدِ اللهِ بنِ جُدْعَانَ، وَأَبُو ذَرٍّ
جُنْدبُ بنُ جُنَادَةَ الغِفَارِيُّ وَأَبُو نُجَيْحٍ
عَمْرُو بنُ عَبَسَةَ السُّلَمِيُّ البَجَلِيُّ
لَكِنَّهُمَا رَجَعَا إِلَى بِلاَدِهِمَا.
فَهَؤُلاَءِ الخَمْسُوْنَ مِنَ السَّابِقِيْنَ
الأَوَّلِيْنَ. وَبَعْدَهُم أَسْلَمَ: أَسَدُ اللهِ
حَمْزَةُ بنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ، وَالفَارُوْقُ عُمَرُ
بنُ الخَطَّابِ عِزُّ الدِّيْنِ، -رَضِيَ اللهُ عَنْهُم-
أَجْمَعِيْنَ.
(3/95)
12- مصعب بن
عمير 1:
ابن هَاشم بن عَبْدِ مَنَاف بنِ عَبْدِ الدَّارِ بنِ
قُصَيِّ بنِ كِلاَبٍ.
السَّيِّدُ، الشَّهِيْدُ، السَّابِقُ، البَدْرِيُّ،
القُرَشِيُّ، العَبْدَرِيُّ.
قَالَ البَرَاءُ بنُ عَازِبٍ: أَوَّلُ مَنْ قَدِمَ
عَلَيْنَا مِنَ المُهَاجِرِيْنَ مُصْعَبُ بنُ عُمَيْرٍ
فَقُلْنَا لَهُ مَا فَعَلَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-? فَقَالَ هُوَ مَكَانَهُ وأصحابه على
أثري ثُمَّ أَتَانَا بَعْدَهُ عَمْرُو بنُ أُمِّ
مَكْتُوْمٍ أَخُو بَنِي فِهْرٍ، الأَعْمَى..... وَذَكَرَ
الحَدِيْثَ2.
الأَعْمَشُ:، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ خَبَّابٍ قَالَ
هَاجَرْنَا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وَنَحْنُ
نَبْتَغِي وَجْهَ اللهِ فَوَقَعَ أَجْرُنَا عَلَى اللهِ
فَمِنَّا مَنْ مَضَى لِسَبِيْلِهِ لَمْ يَأْكُلْ مِنْ
أَجْرِهِ شَيْئاً مِنْهُم مُصْعَبُ بنُ عُمَيْرٍ قُتِلَ
يَوْمَ أُحُدٍ وَلَمْ يَتْرُكْ إلَّا نَمِرَةً كُنَّا
إِذَا غَطَّيْنَا رَأْسَهُ بَدَتْ رِجْلاَهُ وَإِذَا
غَطَّيْنَا رِجْلَيْهِ بَدَا رَأْسُهُ فَقَالَ رَسُوْلُ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "غَطُّوا
رَأْسَهُ وَاجْعَلُوا عَلَى رِجلَيْهِ مِنَ الإِذْخِرِ"
وَمِنَّا مَنْ أَيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرَتُهُ فَهُوَ
يُهْدِبُهَا3.
شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ سَمِعَ أَبَاهُ
يَقُوْلُ: أُتِيَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ بِطَعَامٍ
فَجَعَلَ يَبْكِي فَقَالَ قُتِل حَمْزَة فَلَمْ يُوْجَدْ
مَا يُكَفَّنُ فِيْهِ إلَّا ثوبًا وَاحِداً وَقُتِلَ
مُصْعَبُ بنُ عُمَيْرٍ فَلَمْ يُوْجَدْ مَا يُكَفَّنُ
فِيْهِ إلَّا ثَوْباً وَاحِداً لَقَدْ خَشِيْتُ أَنْ
يَكُوْنَ عُجِّلَتْ لَنَا طَيِّبَاتُنَا فِي حَيَاتِنَا
الدُّنْيَا وَجَعَلَ يَبْكِي4.
ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي يَزِيْدُ بنُ زِيَادٍ، عَنِ
القُرَظِيِّ، عَمَّنْ سَمِعَ علي بن أبي طالب يقول:
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 17، 116، 122، 420"، تاريخ
خليفة "69"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 1400"، حلية
الأولياء "1/ ترجمة 12"، العبر "1/ 5".
2 صحيح: أخرجه البخاري "3924، 3925".
3 صحيح على شرط الشيخين: أخرجه عبد الرزاق "6195"،
والحميدي "155"، وأحمد "5/ 109-111-112"، "6/ 395"،
والبخاري "1276، 3897، 3913، 3914، 4047، 4082، 6432،
6448"، ومسلم "940"، وأبو داود "3155" والترمذي "3853"،
والنسائي "4/ 38-39"، وابن الجارود "522"، وابن حبان
"7019"، والبيهقي "3/ 401"، والطبراني "3657-3664"،
والبغوي "1479" من طرق عن الأعمش، عن شقيق أبي وائل، به.
قوله: "يهد بها": أي يجنيها يأكل منها. قوله: "نمرة": بردة
من صوف تلبسها الأعراب.
4 صحيح: أخرجه البخاري "1274، 1275، 4045".
(3/96)
وَمِنْ شُهَدَاءِ يَوْمِ أُحُدٍ:
حَمْزَةُ، وَعَبْدُ اللهِ بن جحش الأسدي بن أُخْتِ
حَمْزَةَ فَدُفِنَا فِي قَبْرٍ وَعُثْمَانُ بنُ عُثْمَانَ
المَخْزُوْمِيُّ، لَقَبُهُ شَمَّاسُ لِمَلاَحَتِهِ.
وَمِنَ الأَنْصَارِ: عَمْرُو بنُ مُعَاذٍ الأَوْسِيُّ،
أَخُو سَعْدٍ، وَابْنُ أَخِيْهِ الحَارِثُ بنُ أَوْسٍ،
وَالحَارِثُ بنُ أنيْسٍ، وَعمَارَةُ بنُ زِيَادِ بنِ
السَّكَنِ، وَرِفَاعَةُ بنُ وَقشٍ، وَابْنَا أَخِيْهِ
عَمْرٌو وَسَلَمَةُ ابْنَا ثَابِتِ بنِ وَقشٍ وَصَيْفِيُّ
بنُ قَيْظِيٍّ وَأَخُوْهُ جنَابٌ وَعَبَّادُ بنُ سَهْلٍ
وَعُبَيْدُ بنُ التَّيِّهَانِ وَحَبِيْبُ بنُ زَيْدٍ
وَإِيَاسُ بنُ أَوْسٍ الأَشْهَلِيُّوْنَ وَاليَمَانُ
وَالِدُ حُذَيْفَةَ وَزَيْدُ بنُ حَاطِبٍ الظَّفَرِيُّ
وَأَبُو سُفْيَانَ بنُ حَارِثِ بنِ قَيْسٍ وَغَسِيْلُ
المَلاَئِكَةِ حَنْظَلَةُ بنُ أَبِي عَامِرٍ وَمَالِكُ بنُ
أُمَيَّةَ وَعَوْفُ بنُ عَمْرٍو وَأَبُو حَيَّةَ بنُ
عَمْرٍو وَعَبْدُ اللهِ بنُ جُبَيْرِ بنِ النُّعْمَانِ
وَخَيْثَمَةُ وَالِدُ سَعْدٍ وَحَلِيْفُهُ عَبْدُ اللهِ
وَسُبَيْعُ بنُ حَاطِبٍ وَحَلِيْفُهُ مَالِكٌ وَعُمَيْرُ
بنُ عَدِيٍّ فَهَؤُلاَءِ مِنَ الأَوْسِ.
وَمِنَ الخَزْرَجِ: عَمْرُو بنُ قَيْسٍ، وَوَلَدُهُ
قَيْسٌ، وَثَابِتُ بنُ عَمْرٍو، وَعَامِرُ بنُ مَخْلَدٍ،
وَأَبُو هُبَيْرَةَ بنُ الحَارِثِ وَعَمْرُو بنُ مُطَرِّفٍ
وَإِيَاسُ بنُ عَدِيٍّ وَأَوْسُ بنُ ثَابِتٍ وَالِدُ
شَدَّادٍ وَأَنَسُ بنُ النَّضْرِ وَقَيْسُ بنُ مُخَلَّدٍ
النَّجَّارِيُّوْنَ وَكَيْسَانُ مَوْلَى بَنِي النَّجَّارِ
وَسُلَيْمُ بنُ الحَارِثِ وَنُعْمَانُ بنُ عَبْدِ عَمْرٍو.
وَمِنْ بَنِي الحَارِثِ بنِ الخَزْرَجِ خَارِجَةُ بنُ
زَيْدِ بنُ أَبِي زُهَيْرٍ وَأَوْسُ بنُ أَرْقَم وَمَالِكٌ
وَالِدُ أَبِي سَعِيْدٍ الخُدْرِيِّ وَسَعِيْدُ بنُ
سُوَيْدٍ وعتبه بن ربيع وَثَعْلَبَةُ بنُ سَعْدٍ وَثَقْفُ
بن فَرْوَةَ وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَمْرٍو وَضَمْرَةُ
الجُهَنِيُّ وَعَمْرُو بنُ إِيَاسٍ وَنَوْفَلُ بنُ عَبْدِ
اللهِ وَعُبَادَةُ بنُ الحَسْحَاسِ وَعَبَّاسُ بنُ
عُبَادَةَ وَنُعْمَانُ بنُ مَالِكٍ وَالمُجَذَّرُ بنُ
زِيَادٍ البَلَوِيُّ وَرِفَاعَةُ بنُ عَمْرٍو وَمَالِكُ
بنُ إِيَاسٍ وَعَبْدُ اللهِ وَالِدُ جَابِرٍ وَعَمْرُو بنُ
الجَمُوْحِ وَابْنُهُ خَلاَّدٌ وَمَوْلاَهُ أَسِيْر وتسليم
بنُ عَمْرِو بنِ حَدِيْدَةَ وَمَوْلاَهُ عَنْتَرَةُ
وَسُهَيْلُ بنُ قَيْسٍ وَذَكْوَانُ، وَعُبَيْدُ بنُ
المُعَلَّى بن لوذان.
(3/98)
13- أبو سلمة
1: "ت، ق"
ابن عبد الأسد بن هِلاَلِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ بنِ
مَخْزُوْمٍ بنِ يَقَظَةَ بنِ مُرَّةَ بنِ كَعْبٍ.
السَّيِّدُ الكَبِيْرُ، أَخُو رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الرَّضَاعَةِ وَابْنُ
عَمَّتِهِ بَرَّةَ بِنْتِ عَبْدِ المُطَّلِبِ وَأَحَدُ
السَّابِقِيْنَ الأَوَّلِيْنَ هَاجَرَ إِلَى الحَبَشَةِ
ثُمَّ هَاجَرَ إِلَى المَدِيْنَةِ وَشَهِدَ بَدْراً
وَمَاتَ بَعْدَهَا بِأَشْهُرٍ وَلَهُ أَوْلاَدٌ صَحَابَةٌ
كَعُمَرَ وَزَيْنَب وَغَيْرِهِمَا وَلَمَّا انْقَضَتْ
عِدَّةُ زَوْجَتِهِ أُمّ سَلَمَةَ تَزَوَّجَ بِهَا
النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَرَوَتْ،
عَنْ زَوْجِهَا أَبِي سَلَمَةَ القَوْلَ عِنْدَ
المُصِيْبَةِ وَكَانَتْ تَقُوْلُ مَنْ خَيْرٌ مِنْ أَبِي
سَلَمَةَ وَمَا ظَنَّتْ أَنَّ اللهَ يُخْلِفُهَا فِي
مُصَابِهَا بِهِ بِنَظِيْرِهِ فَلَمَّا فُتِحَ عَلَيْهَا
بسيد البشر اغتبطت أيما اغتباط.
مَاتَ كَهْلاً، فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ مِنَ الهِجْرَةِ -رضي
الله عنه.
قال بن إِسْحَاقَ هُوَ أَوَّلُ مَنْ هَاجَرَ إِلَى
الحَبَشَةِ ثُمَّ قَدِمَ مَعَ عُثْمَانَ بنِ مَظْعُوْنٍ
حِيْنَ قَدِمَ مِنَ الحَبَشَةِ فَأجَارَهُ أَبُو طَالِبٍ.
قُلْتُ: رَجَعُوا حِيْنَ سَمِعُوا بِإِسْلاَمِ أَهْلِ
مَكَّةَ عِنْدَ نُزُوْلِ سُوْرَة وَالنَّجْمِ.
قَالَ مُصْعَبُ بنُ عَبْدِ اللهِ: وَلَدَتْ لَهُ أُمُّ
سَلَمَةَ بِالحَبَشَةِ: سَلَمَةَ وَعُمَرَ وَدُرَّةَ
وَزَيْنَب.
قُلْتُ: هَؤُلاَءِ مَا وُلِدُوا بِالحَبَشَةِ إلَّا قَبْلَ
عَامِ الهِجْرَةِ.
الأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيْقٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"إِذَا حَضَرْتُمْ المَيِّتَ فَقُوْلُوا خَيْراً فَإِنَّ
المَلاَئِكَةَ تُؤَمِّنُ عَلَى مَا تَقُوْلُوْنَ".
قَالَتْ: فَلَمَّا مَاتَ أَبُو سَلَمَةَ قُلْتُ يَا
رَسُوْلَ اللهِ! كَيْفَ أَقُوْلُ? قَالَ: "قُوْلِي
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَأَعْقِبْنَا منهُ عُقْبَى
صَالِحَةً"، فَأَعْقَبَنِي اللهُ خَيْراً مِنْهُ، رَسُوْلَ
اللهِ -صلى الله عليه وسلم2.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 239-242"، وتاريخ البخاري
الكبير "5/ ترجمة 8"، وتاريخه الصغير "1/ 2، 3، 4، 21، 22،
162"، والكنى للدولابي "1/ 33"، والجرح والتعديل "5/ ترجمة
493"، والاستيعاب "3/ 939"، "4/ 1682"، وأسد الغابة "3/
195"، والإصابة "2/ ترجمة 4783"، وتهذيب التهذيب "5/
287-288"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3603".
2 صحيح على شرط الشيخين: أخرجه عبد الرزاق "6066"، وابن
أبي شيبة "3/ 236"، وأحمد "6/ 291، 306، 322"، ومسلم
"919"، وأبو داود "3115"، والنسائي "4/ 4-5"، وفي "عمل
اليوم والليلة "1069"، والحاكم "4/ 16"، والبيهقي "3/
383-384"، والطبراني "23/ 722، 723"، والبغوي "1641" من
طرق عن الأعمش، به.
(3/99)
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، أَنْبَأَنَا
ثَابِتٌ، عَنْ عُمَرَ بنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ
سَلَمَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا أَصَابَتْ أَحَدَكُمْ
مُصِيْبَةٌ فَلْيَقُلْ إِنَّا لِلِّهِ وإنا إليه
رَاجِعُوْنَ اللَّهُمَّ عِنْدَكَ أَحْتَسِبُ مُصِيْبَتِي
فَأْجُرْنِي فِيْهَا وَأَبْدِلْنِي خَيْراً مِنْهَا".
فَلَمَّا احْتُضِرَ أَبُو سَلَمَةَ، قُلْتَ ذَلِكَ
وَأَرَدْتُ أَنْ أَقُوْلَ وَأَبْدِلْنِي خَيْراً مِنْهَا
فَقُلْتُ وَمَنْ خَيْرٌ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ? فَلَمْ
أَزَلْ حَتَّى قُلْتُهَا فَلَمَّا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا
خَطَبَهَا أَبُو بَكْرٍ فَرَدَّتْهُ وَخَطَبَهَا عُمَرُ
فَرَدَّتْهُ فَبَعَثَ إِلَيْهَا النَّبِيُّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَتْ مَرْحَباً
بِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- وبرسوله
وذكر الحديث1.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ عُثْمَانَ
اليَرْبُوْعِيُّ، عَنْ سَلَمَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ
عُمَرَ بنِ أَبِي سَلَمَةَ وَغَيْرِهِ قَالُوا: شَهِدَ
أَبُو سَلَمَةَ أُحُداً وَكَانَ نَازِلاً بِالعَالِيَةِ
فِي بَنِي أُمَيَّةَ بنِ زَيْدٍ فَجُرِحَ بِأُحُدٍ
وَأَقَامَ شَهْراً يُدَاوِي جُرْحَهُ فَلَمَّا هَلَّ
المُحَرَّمُ دَعَاهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- وَقَالَ: "اخْرُجْ فِي هَذِهِ السَّرِيَّةِ"
وَعَقَدَ لَهُ لِوَاءً وَقَالَ: $"سِرْ حَتَّى تَأْتِيَ
أَرْضَ بَنِي أَسَدٍ فَأَغِرْ عَلَيْهِم" وكان معه خمسون
ومئة فَسَارُوا حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى أَدْنَى قطنٍ مِنْ
مِيَاهِهِم فَأَخَذُوا سرْحاً لَهُم ثُمَّ رَجَعَ إِلَى
المَدِيْنَةِ بَعْدَ بِضْع عَشْرَة لَيْلَةً.
قَالَ عُمَرُ بنُ عُثْمَانَ: فَحَدَّثَنِي عَبْدُ المَلِكِ
بنُ عُبَيْدٍ قَالَ لَمَّا دَخَلَ أَبُو سَلَمَةَ
المَدِيْنَةَ انْتَقَضَ جُرْحُهُ فَمَاتَ لِثَلاَثٍ
بَقِيْنَ مِنْ جُمَادَى الآخِرَةِ يَعْنِي سَنَةَ أَرْبَعٍ
وَقِيْلَ: مَاتَ أَبُو سَلَمَةَ سنة ثلاث.
__________
1 صحيح: أخرجه مالك "1/ 236"، والطيالسي "809"، وأحمد "6/
309"، ومسلم "918"، والحاكم "2/ 178-179"، والطبراني في
"الكبير" "23/ 550، 692، 957، 958، 1001"، وفي "الدعاء له"
"1231-1234"، من طرق عن أم سلمة، به.
(3/100)
14- عثمان بن
مظعون 1:
بن حبيب بن وَهْبِ بنِ حُذَافَةَ بنِ جُمَح بنِ عَمْرِو
بنِ هُصَيْصِ بن كعب الجمحي أبو السائب.
مِنْ سَادَةِ المُهَاجِرِيْنَ، وَمِنْ أَوْلِيَاءِ اللهِ
المُتَّقِيْنَ الَّذِيْنَ فَازُوا بِوَفَاتِهِم فِي
حَيَاةِ نَبِيِّهِم فَصَلَّى عَلَيْهِم وَكَانَ أَبُو
السَّائِبِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أول من دفن بالبقيع.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 393-400، 409"، تاريخ خليفة
"65"، تاريخ البخاري الكبير "6/ 210"، التاريخ الصغير، "1/
20-21"، حلية الأولياء "1/ 102-106"، والإصابة "2/ ترجمة
5453".
(3/100)
رَوَى كَثِيْرُ بنُ زَيْدٍ المَدَنِيُّ:،
عَنِ المُطَّلِبِ بنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: لَمَّا دَفَنَ
النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عُثْمَانَ
بنَ مَظْعُوْنٍ قَالَ لِرَجُلٍ: "هَلُمَّ تِلْكَ
الصَّخْرَةَ فَاجْعَلْهَا عِنْدَ قَبْرِ أَخِي أَعْرِفْهُ
بِهَا أَدْفُنُ إِلَيْهِ مَنْ دَفَنْتُ مِنْ أَهْلِي"
فَقَامَ الرَّجُلُ فَلَمْ يُطقها فَقَالَ -يَعْنِي الَّذِي
حَدَّثَهُ: فَلَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى بَيَاضِ سَاعِدَيْ
رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
حِيْنَ احْتَمَلَهَا حَتَّى وَضَعَهَا عِنْدَ قَبْرِهِ1.
هَذَا مُرْسَلٌ.
قَالَ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ: سَمِعْتُ سَعْداً
يَقُوْلُ رَدَّ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- عَلَى عثمان بن مظعون التبتل ولو أذن له
لاختصينا2.
قَالَ أَبُو عُمَرَ النَّمِرِيُّ: أَسْلَمَ أَبُو
السَّائِبِ بَعْدَ ثَلاَثَةَ عَشَرَ رَجُلاً وَهَاجَرَ
الهِجْرَتَيْنِ وَتُوُفِّيَ بَعْدَ بَدْرٍ وَكَانَ
عَابِداً مُجْتَهِداً وَكَانَ هُوَ وَعَلِيٌّ وَأَبُو
ذَرٍّ هَمُّوا أَنْ يَخْتَصُوا.
وَرُوِيَ مِنْ مَرَاسِيْلِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ أَبِي
رَافِعٍ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ دُفِنَ بِبَقِيْعِ الغَرْقَدِ
عُثْمَانُ بنُ مَظْعُوْنٍ فَوَضَعَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِنْدَ رَأْسِهِ حَجَراً
وَقَالَ: "هَذَا قَبْرُ فَرَطِنَا"3.
وَكَانَ مِمَّنْ حَرَّمَ الخَمْرَ فِي الجَاهِلِيَّةِ.
ابْنُ المُبَارَكِ: عَنْ عُمَرَ بنِ سَعِيْدٍ، عَنِ ابْنِ
سَابِطٍ: قَالَ عُثْمَانُ بنُ مَظْعُوْنٍ لاَ أَشْرَبُ
شَرَاباً يُذهب عَقْلِي ويُضحك بِي مَنْ هُوَ أَدْنَى
مِنِّي وَيَحْمِلُنِي عَلَى أَنْ أَنْكَحَ كَرِيْمَتِي
فَلَمَّا حُرِّمت الخَمْرُ قَالَ: تَبّاً لَهَا قَدْ كَانَ
بَصَرِي فِيْهَا ثَاقِباً.
هَذَا خَبَرٌ مُنْقَطِعٌ لاَ يَثْبُتُ وَإِنَّمَا
حُرِّمَتِ الخَمْرُ بعد موته.
سُفْيَانُ بنُ وَكِيْعٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ
عَمْرِو بنِ الحَارِثِ، حَدَّثَنِي أَبُو النَّضْرِ، عَنْ
زياد،
__________
1 حسن لغيره: أخرجه أبو داود "3206" من طريق كثير بن زيد
المدني، عن المطلب -وهو ابن عبد الله بن المطلب بن حنطب بن
الحارث المخزومي- قال: "لما مات عثمان بن مظعون...."
الحديث.
قلت: إسناده ضعيف؛ لأن المطلب بن عبد الله بن المطلب بن
حنطب تابعي، وقد أرسله، لكن له شاهد عند ابن ماجه "1561"
بإسناد حسن عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أعلم قبر عثمان بن
مظعون بصخرة.
2 صحيح على شرط الشيخين: أخرجه أحمد "1/ 175، 176، 183"،
وابن أبي شيبة "4/ 126"، والطيالسي "219"، وابن سعد "3/
394"، والبخاري "5073"، 5074"، ومسلم "1402"، والنسائي "6/
58"، وابن ماجه "1848"، والبزار "1069"، وأبو يعلى "788"،
وابن الجارود "674"، وأبو نعيم في "الحلية" "1/ 92"،
والبيهقي "7/ 79"، من طرق عن الزهري، أخبرني سعيد بن
المسيب، به.
3 ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "3/ 397"، والحاكم "3/ 190" وفي
إسناده الواقدي، وهو متروك. وقال الذهبي في "التلخيص":
"قلت: سنده واه كما تراه".
(3/101)
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَخَلَ عَلَى
عُثْمَانَ بنِ مَظْعُوْنٍ حِيْنَ مَاتَ فَأَكَبَّ عَلَيْهِ
فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَكَأَنَّهُم رَأَوْا أَثَرَ البُكَاءِ
ثُمَّ جَثَا الثَّانِيَةَ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ
فَرَأَوْهُ يَبْكِي ثُمَّ جَثَا الثَّالِثَةَ فَرَفَعَ
رَأْسَهُ وَلَهُ شَهِيْقٌ فَعَرَفُوا أَنَّهُ يَبْكِي
فَبَكَى القَوْم فَقَالَ: "مَهْ هَذَا مِنَ الشَّيْطَانِ"
ثُمَّ قَالَ: "أَسْتَغْفِرُ اللهَ أَبَا السَّائِبِ!
لَقَدْ خَرَجْتَ مِنْهَا وَلَمْ تَلَبَّس مِنْهَا
بِشَيْءٍ"1.
حَمَّادُ بن سلمة، عن علي بن زيد، عَنْ يُوْسُفَ بنِ
مِهْرَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال لَمَّا مَاتَ ابْنُ
مَظْعُوْنٍ قَالَتِ امْرَأَتُهُ: هَنِيْئاً لَكَ الجَنَّة
فَنَظَرَ إِلَيْهَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَظَرَ غَضَبٍ وَقَالَ مَا
يُدْرِيْكِ? قَالَتْ فَارِسُكَ وَصَاحِبُكَ. قَالَ:
"إِنِّي رَسُوْلُ اللهِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي
وَلاَ بِهِ" فَأَشْفَقَ النَّاسُ عَلَى عُثْمَانَ بنِ
مَظْعُوْنٍ فَبَكَى النِّسَاءُ فَجَعَلَ عُمَرُ
يُسْكِتُهُنَّ فَقَالَ: مَهْلاً يا عمر! ثم قال:
"إِيَّاكُنَّ وَنَعِيْقَ الشَّيْطَانِ مَهْمَا كَانَ مِنَ
العَيْنِ فَمِنَ اللهِ وَمِنَ الرَّحْمَةِ وَمَا كَانَ
مِنَ اليَدِ وَاللِّسَانِ فَمِنَ الشَّيْطَانِ"2.
يَعْلَى بنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا الإِفْرِيْقِيُّ، عَنْ
سَعْدِ بنِ مَسْعُوْدٍ أَنَّ عُثْمَانَ بنَ مَظْعُوْنٍ
قَالَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! لاَ أُحِبُّ أَنْ تَرَى
امْرَأَتِي عَوْرَتِي. قَالَ: ولِمَ? قَالَ: أَسْتَحْيِي
مِنْ ذَلِكَ. قَالَ: "إِنَّ اللهَ قَدْ جَعَلَهَا لَكَ
لِبَاساً وَجَعَلَكَ لِبَاساً لَهَا"3. هَذَا مُنْقَطِعٌ.
ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ عُثْمَانَ
بنَ مَظْعُوْنٍ أَرَادَ أَنْ يختصي ويسيح في الأرض.
__________
1 موضوع: في إسناده سفيان بن وكيع بن الجراح، أبو محمد
الرؤاسي الكوفي، قَالَ البُخَارِيُّ: يَتَكَلَّمُوْنَ
فِيْهِ لأَشْيَاءَ لَقَّنُوهُ إِيَّاهَا. وقال أبو زرعة:
يتهم بالكذب، وأخرجه الطبراني في "الكبير" "10/ 10826".
حدثنا عمر بن عبد العزيز بن مقلاص المصري، حدثنا أبي،
حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بنُ
الحَارِثِ به.
قلت: في إسناده عمر بن عبد العزيز بن مقلاص المصري، وأبوه،
لم أجد من ترجم لهما.
والمتن بالغ النكارة فقد جعل واضعه -عامله الله بما يستحق-
البكاء من الشيطان وهو مخالف لما ثبت في الصحيحين أنه بكى
على ابنه إبراهيم وقال: "إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا
نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون"،
وفي الصحيحين أنه قال: "إن الله لا يعذب بدمع العين، ولا
بحزن القلب، ولكن يعذب بهذا -وأشار إلى لسانه- أو يرحم".
2 ضعيف: أخرجه ابن سعد "3/ 398-399"، والحاكم "3/ 190" من
طريق علي بن زيد، به. وفي إسناده علي بن زيد، وهو ضعيف.
3 ضعيف: أخرجه ابن سعد "3/ 394"، وفي إسناده عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بنُ زِيَادِ بنِ أَنْعُمَ الإِفْرِيْقِيُّ،
مجمع على ضعفه. وثمة علة أخرى هي الانقطاع بين سعد بن
مسعود وهو التجيبي الكندي، وعثمان بن مظعون، فإن سعد بن
مسعود من التابعين، وقد مات عثمان فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(3/102)
فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلَيْسَ لَكَ فيَّ أُسْوَةٌ
حَسَنَةٌ وَلَيْسَ مِنْ أُمَّتِي مَنِ اخْتَصَى أَوْ
خَصَى"1.
أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ:
دَخَلَتِ امْرَأَةُ عُثْمَانَ بنِ مَظْعُوْنٍ عَلَى
نِسَاءِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
فَرَأَيْنَهَا سَيِّئَةَ الهَيْئَةِ فَقُلْنَ لَهَا: مالك?
فَمَا فِي قُرَيْشٍ أَغْنَى مِنْ بَعْلِكِ! قَالَتْ أَمَّا
لَيْلُهُ فَقَائِمٌ وَأَمَّا نَهَارُهُ فَصَائِمٌ
فَلَقِيَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "أَمَا لَكَ بِي أُسْوَةٌ ... "
الحَدِيْث2.
قَالَ: فَأَتَتْهُنَّ بَعْد ذَلِكَ عَطِرَةً كَأَنَّهَا
عَرُوْسٌ.
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بنُ
عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ أَنَّ عُثْمَانَ بنَ
مَظْعُوْنٍ قَعَدَ يَتَعَبَّدُ فَأَتَاهُ النَّبِيَّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "يَا
عُثْمَانُ إِنَّ اللهَ لَمْ يَبْعَثْنِي
بِالرِّهْبَانِيَّةِ وَإِنَّ خَيْرَ الدِّيْنِ عِنْدَ
اللهِ الحَنِيْفِيَّةُ السَّمْحَةُ" 3.
عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ قُدَامَةَ قَالَتْ: نَزَلَ
عُثْمَانُ وَقُدَامَةُ وَعَبْدُ اللهِ بَنُو مَظْعُوْنٍ
وَمَعْمَرُ بنُ الحَارِثِ حِيْنَ هَاجَرُوا عَلَى عَبْدِ
اللهِ بنِ سَلَمَةَ العَجْلاَنِيِّ قَالَ الوَاقِدِيُّ:
آلُ مَظْعُوْنٍ مِمَّنْ أَوْعَبَ فِي الخُرُوْجِ إِلَى
الهِجْرَةِ وَغُلِّقَتْ بُيُوْتُهُمْ بِمَكَّةَ4.
وَعَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عُتْبَةَ قَالَ: خَطَّ رَسُوْلُ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لآلِ مظعون
موضع دارهم اليوم بالمدينة5. ومات في شعبان سنة ثلاث.
__________
1 ضعيف: أخرجه ابن سعد "3/ 394"، وهو معضل بين الزهري
وعثمان بن مظعون. لكن قد صَحَّ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن التبتل، وقد
خرجناه بتعليق "رقم "235".
2 صحيح رجاله رجال الشيخين: أخرجه أحمد "6/ 226"، وابن سعد
"3/ 395"، وعبد الرَّزَّاق "6/ 10375"، عَنْ مَعْمر، عَنِ
الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ وعمرة، عن عائشة قالت: دخلت
امرأة عثمان بن مظعون أحسب اسمها خولة بنت حكيم على عائشة،
وهي باذة الهيئة فسألتها ما شأنك، فقالت: زوجي يقوم الليل
ويصوم النهار، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت عائشة
ذلك له فلقى رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ عُثْمَانُ، فقال: "يا عثمان إن الرهبانية لم
تكتب علينا أفمالك في أسوة فوالله إني أخشاكم لله وأحفظكم
لحدوده"، وإسناده صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين، وقد سمع
عروة من خالته عائشة، رضي الله عنه.
3 صحيح لغيره: أخرجه ابن سعد في "طبقاته" "3/ 395"، عن
معاوية بن [أبي] عياش الجرمي، عن أبي قلابة به.
قلت: وهذا إسناد مرسل، لا بأس به في الشواهد، ورجاله ثقات
رجال الشيخين خلا الجرمي، فقد ترجمه ابن أبي حاتم في
"الجرح والتعديل" "4/ 1/ 380"، ولم يذكر فيه جرحا ولا
تعديلا، وقد روى عنه ثلاثة من الثقات. لكن الحديث يشهد له
ما قبله فصح، والله تعالى أعلى وأعلم.
4، 5 أخرجه ابن سعد "3/ 396".
(3/103)
الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَاصِمِ بنِ عُبَيْدِ
اللهِ، عَنِ القَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
قبَّل عُثْمَانَ بنَ مَظْعُوْنٍ1 وَهُوَ مَيتٌ
وَدُمُوْعُهُ تَسِيْلُ عَلَى خَدِّ عُثْمَانَ بنِ
مَظْعُوْنٍ. صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ.
مَالِكٌ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ قَالَ: لَمَّا مُرَّ
بِجِنَازَةِ عثمان بن مظعون قال رسول الله "ذهبت ولم تلبس
منها بشيء" 2.
إبراهيم بن سعد:، عن بن شِهَابٍ، عَنْ خَارِجَةَ بنِ
زَيْدٍ، عَنْ أُمِّ العَلاَءِ مِنَ المُبَايِعَاتِ
فَذَكَرَتْ أَنَّ عُثْمَانَ بنَ مَظْعُوْنٍ اشْتَكَى
عِنْدَهُم فمرَّضناه حَتَّى تُوُفِّيَ فَأَتَى رَسُوْلُ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقُلْتُ:
شَهَادَتِي عَلَيْكَ أَبَا السَّائِبِ لَقَدْ أَكْرَمَكَ
اللهُ! فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ "وَمَا يُدْرِيْكِ?"
قُلْتُ: لاَ أَدْرِي بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُوْلَ
اللهِ فَمَنْ? قَالَ: "أَمَّا هُوَ فَقَدْ جَاءهُ
اليَقِيْنُ وَاللهِ إِنِّي لأَرْجُو لَهُ الخَيْرَ
وَإِنِّي لَرَسُوْلُ اللهِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفعَلُ
بِي". قَالَتْ: فَوَاللهِ لاَ أزكِّي بَعْدَهُ أَحَداً.
قَالَتْ: فَأَحْزَنَنِي ذَلِكَ فَنِمْتُ فَرَأَيْتُ
لِعُثْمَانَ عَيْناً تَجْرِي فَأَخْبَرْتُ رَسُوْلِ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "ذَاكَ
عَمَلُهُ" 3.
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ زَيْدٍ،
عَنْ يُوْسُفَ بنِ مِهْرَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بنحوه
__________
1 ضعيف: أخرجه الطيالسي "1415"، وأحمد "6/ 43، 55، 206"،
وأبو داود "3163"، والترمذي "989"، وابن ماجه "1456"،
والحاكم "1/ 361" من طريق عاصم بن عبيد الله، به.
وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وقال الحاكم: "هذا حديث
متداول بين الأئمة، إلا أن الشيخين لم يحتجا بعاصم بن عبيد
الله"، وكذا قال الذهبي.
قلت: وهو كما قالا فالإسناد ضعيف.
وثمة شاهد له عند البزار "809" من طريق عاصم بنِ عُبَيْدِ
اللهِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَامِرِ بنِ رَبِيْعَةَ، عَنْ
أبيه قَالَ: "رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قبل عثمان بن مظعون".
وأورده الهيثمي في "المجمع "3/ 20"، وقال: "رواه البزار
وإسناده حسن".
قلت: أنى له الحسن، وفي إسناده عاصم بن عبيد الله، وهو
ضعيف كما قال الحافظ في "التقريب".
2 صحيح: أخرجه مالك "1/ 242"، ومن طريقه ابن سعد "3/ 397"
عن أبي النضر، به.
قلت: أبو النضر: هو سالم بن أبي أمية، مولى عمر بن عبيد
الله التيمي المدني، تابعي من الخامسة، فالإسناد مرسل.
وقال الزرقاني: وصله ابن عبد البر من طريق يَحْيَى بنِ
سَعِيْدٍ، عَنِ القَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ.
قلت: فالإسناد صحيح باتصاله ورجاله ثقات.
3 صحيح: أخرجه البخاري "3929، 7003، 7004، 7018".
(3/104)
وَزَادَ: فَلَمَّا مَاتَتْ بِنْتُ رَسُوْلِ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ:
"الْحَقِي بِسَلَفِنَا الخيِّر عُثْمَانَ بنِ
مَظْعُوْنٍ"1.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ،
عَنْ عُبَيْدِ اللهِ أَنَّ عُمَرَ قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ
عُثْمَانُ بنُ مَظْعُوْنٍ وَلَمْ يُقْتَلْ هَبَطَ مِنْ
نَفْسِي حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقُلْتُ: وَيْك إِنَّ خِيَارَنَا
يَمُوْتُوْنَ ثُمَّ تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ فَرَجَعَ
عُثْمَانُ فِي نَفْسِي إِلَى المَنْزِلَةِ2.
وَعَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ قُدَامَةَ قَالَتْ: كَانَ بَنُو
مَظْعُوْنٍ مُتَقَارِبِيْنَ فِي الشَّبَهِ. كَانَ
عُثْمَانُ شَدِيْدَ الأُدْمَة كبير اللحية. -رضي الله
عنه3.
__________
1 ضعيف: أخرجه "1/ 237"، وابن سعد "3/ 398-399"، والطيالسي
"2694"، والحاكم "3/ 190"، والطبراني "8317، 12931"، وأبو
نعيم "1/ 105"، من طرق عن حماد بن سلمة، عن علي بن زيد،
به.
قلت: إسناد ضعيف، فيه علتان: علي بن زيد، وهو ابن جدعان،
ضعيف، ويوسف بن مهران، قال أحمد: لا يعرف. وقال الحافظ في
"التقريب": ليس هو يوسف بن ماهك، ذاك ثقة، وهذا لم يرو عنه
إلا ابن جدعان، هو لين الحديث.
2 ضعيف جدا: آفته الواقدي، فقد أجمعوا على تركه، والخبر
رواه ابن سعد "3/ 399".
3 ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "3/ 400"، وفيه الواقدي، متروك.
(3/105)
15- قُدَامَةُ بنُ مَظْعُوْنٍ 1:
أَبُو عَمْرٍو الجُمَحِيُّ.
مِنَ السَّابِقِيْنَ البَدْرِيِّيْنَ وَلِيَ إِمْرَةَ
البَحْرَيْنِ لِعُمَرَ وَهُوَ مِنْ أَخْوَالِ أُمِّ
المُؤْمِنِيْنَ حَفْصَةَ وَابنِ عُمَرَ وَزَوْجُ
عَمَّتِهَا صَفِيَّةَ بِنْتِ الخَطَّابِ، إِحْدَى
المُهَاجِرَاتِ.
وَلِقُدَامَةَ هِجْرَةٌ إِلَى الحَبَشَةِ، وَقَدْ شَرِبَ
مَرَّةً الخَمْرَةَ متأوِّلًا مُسْتَدِلاً بِقَوْلِهِ
تَعَالَى {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا
الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} [المائدة: 93]
الآية، فحدَّه عمر، وعزله من البحرين.
قَالَ أَيُّوْبُ السَّخْتِيَانِيُّ: لَمْ يُحدَّ بدريٌ فِي
الخَمْرِ سِوَاهُ.
قُلْتُ: بَلَى، وَنُعَيْمَانُ بنُ عَمْرٍو الأنصاري
النجاري، صاحب المزاح.
قال بن سَعْدٍ لِقُدَامَةَ مِنَ الوَلَدِ: عُمَرُ
وَفَاطِمَةُ وَعَائِشَةُ وَهَاجَرَ الهِجْرَةَ
الثَّانِيَةَ إِلَى الحَبَشَةِ وَشَهِدَ بَدْراً
وَأُحُداً.
وَعَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ قُدَامَةَ: أَنَّ أَبَاهَا
تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَلَهُ ثَمَانٍ
وَسِتُّوْنَ سَنَةً وَكَانَ لاَ يُغَيِّرُ شَيْبَهُ
وَكَانَ طَوِيْلاً أسمر -رضي الله عنه.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 401" وتاريخ البخاري الكبير
"7/ ترجمة 794"، وتاريخه الصغير "1/ 43"، والجرح والتعديل
"3/ ترجمة 723"، والإصابة "3/ ترجمة 7088".
(3/105)
16- عَبْدُ اللهِ بنُ مَظْعُوْنٍ
الجُمَحِيُّ 1:
أَبُو مُحَمَّدٍ مِنَ السَّابِقِيْنَ شَهِدَ بَدْراً هُوَ
وَإِخْوَتُهُ: عُثْمَانُ وَقُدَامَةُ وَالسَّائِبُ وَلَدُ
أَخِيْهِ وَهَاجَرَ عَبْدُ اللهِ إلى الحبشة الهجرة
الثانية.
قال بن سَعْدٍ شَهِدَ بَدْراً وَأُحُداً وَالخَنْدَقَ
وَآخَى رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- بينه وبين سَهْلِ بنِ عُبَيْدِ بنِ المُعَلَّى
الأَنْصَارِيِّ قَالَ: وَمَاتَ فِي خِلاَفَةِ عُثْمَانَ
سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَهُوَ بن ستين سنة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 400"، والإصابة "2/ ترجمة
4964".
(3/106)
17- السائب بن
عثمان 1:
ابن مَظْعُوْنٍ الجُمَحِيُّ وَأُمُّهُ خَوْلَةُ بِنْتُ
حَكِيْمٍ السُّلَمِيَّةُ وَأُمُّهَا ضعيْفَةُ بِنْتُ
العَاصِ بنِ أُمَيَّةَ بنِ عَبْدِ شَمْسٍ.
هَاجَرَ إِلَى الحَبَشَةِ وَكَانَ مِنَ الرُّمَاةِ
المَذْكُوْرِيْنَ وَآخَى رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَارِثَةَ بنِ
سُرَاقَةَ الأنصاري المقتول ببدر الذي أصاب الفردوس2.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: وَشَهِدَ السَّائِبُ بنُ عُثْمَانَ
بَدْراً فِي رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ وَأَبِي مَعْشَرٍ
وَالوَاقِدِيِّ. وَلَمْ يَذْكُرْهُ ابْنُ عُقْبَةَ وَكَانَ
هِشَامُ بنُ الكَلْبِيِّ يَقُوْلُ: الَّذِي شَهِدَهَا هُوَ
السَّائِبُ بنُ مَظْعُوْنٍ أَخُو عُثْمَانَ لأَبَوَيْهِ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: هَذَا وَهْمٌ إِلَى أَنْ قَالَ:
وَأَصَابَهُ سَهْمٌ يَوْمَ اليَمَامَةِ سَنَةَ اثْنَتَيْ
عَشْرَةَ قَالَ: ومات منه.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 401" والجرح والتعديل "2/
1/ 241"، الإصابة "2/ ترجمة 3068".
2 صحيح: أخرجه أحمد "1/ 260، 264، 272"، والبخاري "2809،
3982، 6560، 6567".
(3/106)
18- أبو حذيفة
1:
السيد الكبير الشهيد أبو حذيفة بن شَيْخِ الجَاهِلِيَّةِ
عُتْبَةَ بنِ رَبِيْعَةَ بنِ عَبْدِ شَمْسٍ بنِ عَبْدِ
مَنَافٍ بنِ قُصَيِّ بنِ كِلاَبِ القرشي العبشمي، البدري.
أَحَدُ السَّابِقِيْنَ وَاسْمُهُ مِهْشَمٌ فِيْمَا قِيْلَ:
أَسْلَمَ قَبْلَ دُخُوْلِهِم دَارَ الأَرْقَمِ وَهَاجَرَ
إِلَى الحَبَشَةِ مَرَّتَيْنِ. وَوُلِدَ لَهُ بِهَا
مُحَمَّدُ بنُ أَبِي حُذَيْفَةَ ذَاكَ الثَّائِرُ عَلَى
عُثْمَانَ بنِ عَفَّانَ وَلَدَتْهُ لَهُ سَهْلَةُ بِنْتُ
سُهَيْلِ بنِ عَمْرٍو وَهِيَ المُسْتَحَاضَةُ وَقَدْ
تَزَوَّجَ بِهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ وَهِيَ
الَّتِي أَرْضَعَتْ سَالِماً وَهُوَ كَبِيْرٌ لِتَظْهَرَ
عَلَيْهِ وخُصَّا بِذَاكَ الحُكْمِ عِنْدَ جُمْهُوْرِ
العُلَمَاءِ.
وَعَنْ أَبِي الزِّنَادِ أَنَّ أَبَا حُذَيْفَةَ بنَ
عُتْبَةَ دَعَا يَوْمَ بَدْرٍ أَبَاهُ إِلَى البرَازِ
فَقَالَتْ أُخْتُهُ أُمُّ مُعَاوِيَةَ هِنْدُ بنت عتبة:
الأَحْوَلُ الأَثْعَلُ المَذْمُوْمُ طَائِرُهُ ... أَبُو
حُذَيْفَةَ شَرُّ النَّاسِ فِي الدِّيْنِ
أَمَا شَكَرْتَ أَباً رََّباك مِنْ صِغَرٍ ... حَتَّى
شَبَبْتَ شَبَاباً غَيْرَ مَحْجُوْنِ2
قَالَ: وَكَانَ أَبُو حُذَيْفَةَ طَوِيْلاً، حَسَنَ
الوَجْهِ، مُرَادفَ الأَسْنَانِ، وَهُوَ الأَثْعَلُ.
اسْتُشْهِدَ أَبُو حُذَيْفَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-
يَوْمَ اليَمَامَةِ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ هُوَ
وَمَوْلاَهُ سَالِمٌ.
وَتَأَخَّرَ إِسْلاَمُ أَخِيْهِ أَبِي هَاشِمٍ بنِ
عُتْبَةَ فَأَسْلَمَ يَوْمَ الفَتْحِ وَحَسُنَ إِسْلاَمُهُ
وَجَاهَدَ وَسَكَنَ الشَّامَ وَكَانَ صَالِحاً دَيِّناً
لَهُ رِوَايَةٌ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- فِي "الترمذي" "والنسائي" "وابن مَاجَه". مَاتَ
فِي خِلاَفَةِ عُثْمَانَ وَهُوَ أَخُو الشَّهِيْدِ
مُصْعَبُ بنُ عُمَيْرٍ لأُمِّهِ وَخَالُ الخَلِيْفَةِ
مُعَاوِيَةَ.
رَوَى مَنْصُوْرُ بنُ المُعْتَمِرِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ،
حَدَّثَنَا سَمُرَةُ بنُ سَهْمٍ قَالَ: قَدِمْتُ عَلَى
أَبِي هَاشِمٍ بنِ عُتْبَةَ وَهُوَ طَعِيْنٌ فَدَخَلَ
عَلَيْهِ مُعَاوِيَةُ يَعُوْدُهُ فَبَكَى فَقَالَ: مَا
يُبْكِيْكَ يَا خَالُ? أوجعٌ أَوْ حرصٌ عَلَى الدُّنْيَا?
قَالَ: كُلاًّ لاَ وَلَكِنْ عَهِدَ إِلَيَّ رَسُوْلُ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَهْداً لَمْ آخُذْ
بِهِ. قَالَ لِي: "يَا أَبَا هَاشِمٍ لَعَلَّكَ أَنْ
تُدْرِكَ أَمْوَالاً تُقْسَمُ بَيْنَ أَقْوَامٍ وَإِنَّمَا
يَكْفِيْكَ مِنْ جَمْعِ الدُّنْيَا خَادِمٌ وَمَرْكِبٌ فِي
سَبِيْلِ اللهِ" وَقَدْ وَجدْتُ وَجَمَعْتُ3.
وَفِي رِوَايَةٍ مُرْسَلَةٍ: "فَيَا لَيْتَهَا بَعرًا
محِيْلاً".
قِيْلَ عَاشَ أَبُو حُذَيْفَةَ ثَلاَثاً وَخَمْسِيْنَ
سَنَةً.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 84-85"، الإصابة "4/ 264".
2 المحجن: العصى المعوجة معقفة الرأس.
3 حسن: أخرجه ابن ماجه "2327"، والنسائي "8/ 218-219" من
طريق منصور، عن أبي وائل، عن سمرة بن سهم، به.
قلت: إسناده ضعيف، آفته سمرة بن سهم الأسدي، مجهول كما قال
الحافظ في "التقريب"، وأخرجه الترمذي "2327"، حدثنا محمود
بن غيلان، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا سفيان عن منصور
والأعمش، عن أبي وائل قال: "جاء معاوية إلى أبي هاشم بن
عتبة، وهو مريض يعوده...." الحديث.
قلت: والإسناد مرسل، لكن الحديث يرتقي لمرتبة الحسن بمجموع
الطريقين، والله أعلم.
(3/107)
19- سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ 1:
مِنَ السَّابِقِيْنَ الأَوَّلِيْنَ، البَدْرِيِّيْنَ،
المُقَرَّبِيْنَ، العَالِمِيْنَ.
قَالَ مُوْسَى بنُ عُقْبَةَ: هُوَ سَالِمُ بنُ مَعْقِلٍ
أَصْلُهُ مِنْ إِصْطَخْرَ. وَالَى أَبَا حُذَيْفَةَ
وَإِنَّمَا الَّذِي أَعْتَقَهُ هِيَ ثُبَيْتَةُ بِنْتُ
يعَار الأَنْصَارِيَّةُ زَوْجَةُ أَبِي حُذَيْفَةَ بنِ
عُتْبَةَ وَتَبَنَّاهُ أَبُو حُذَيْفَةَ كَذَا قَالَ. بن
أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ القَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ أَنَّ
سَهْلَةَ بِنْتَ سُهَيْلٍ أَتَتْ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهِيَ امْرَأَةُ أَبِي
حُذَيْفَةَ فَقَالَتْ: يَا رَسُوْلَ اللهِ إِنَّ سَالِماً
مَعِي وَقَدْ أَدْرَكَ مَا يُدْرِكُ الرِّجَالُ فَقَالَ:
"أَرْضِعِيْهِ فَإِذَا أَرْضَعْتِهِ فَقَدْ حَرُمَ
عَلَيْكِ مَا يَحْرُمُ مِنْ ذِي المَحْرَمِ". قَالَتْ
أُمُّ سَلَمَةَ: أَبَى أَزْوَاجُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَدْخُلَ أحدٌ
عَلَيْهِنَّ بِهَذَا الرَّضَاعِ وَقُلْنَ: إنما هي رخصةٌ
لسالم خاصة2.
وعن بن عُمَرَ قَالَ: كَانَ سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي
حُذَيْفَةَ يَؤُمُّ المُهَاجِرِيْنَ الَّذِيْنَ قَدِمُوا
مِنْ مَكَّةَ حِيْنَ قَدِمَ المَدِيْنَةَ لأَنَّهُ كَانَ
أَقْرَأَهُم.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا أَفْلَحُ بنُ سَعِيْدٍ، عَنْ
مُحَمَّدِ بنِ كَعْبٍ القُرَظِيِّ قَالَ: كَانَ سَالِمٌ
يَؤُمُّ المُهَاجِرِيْنَ بِقُبَاءَ فِيْهِم عُمَرُ قَبْلَ
أَنْ يَقْدَمَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ3.
حَنْظَلَةُ بنُ أَبِي سُفْيَانَ: عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
بنِ سَابِطٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: اسْتَبْطَأنِي
رَسُوْلُ اللهِ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَقَالَ: "مَا حَبَسَكِ?"
قُلْتُ إِنَّ فِي المَسْجِدِ لأحسن من سمعت صوتًا
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 85-88"، تاريخ البخاري
الكبير "2/ 2/ 107"، حلية الأولياء "1/ 176-178".
2 صحيح: أخرجه مسلم "1453"، "27"، من طريق ابن أبي مليكة
به.
3 ضعيف جدا، أخرجه ابن سعد "3/ 87"، وفيه الواقدي: متروك.
(3/108)
بِالقُرْآنِ فَأَخَذَ رِدَاءهُ وَخَرَجَ
يَسْمَعُهُ فَإِذَا هُوَ سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ
فَقَالَ: "الحَمْدُ لِلِّهِ الَّذِي جَعَلَ فِي أُمَّتِي
مِثْلَكَ" إِسْنَادُهُ جَيِّدٌ1.
عَبْدُ اللهِ بنُ نُمَيْرٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عن نافع،
عن بن عُمَرَ أَنَّ المُهَاجِرِيْنَ نَزَلُوا بِالعُصْبَةِ
إِلَى جَنْبِ قُبَاءَ فأمَّهم سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي
حُذَيْفَةَ لأَنَّهُ كان أَكْثَرَهُم قُرْآناً فِيْهِم
عُمَرُ وَأَبُو سَلَمَةَ بنُ عَبْدِ الأَسَدِ2.
وَرَوَاهُ أُسَامَةُ بنُ حَفْصٍ، عَنْ عبيد الله ولفظه:
لما قدم المهاجرين الأَوَّلُوْنَ العُصْبَةَ قَبْلَ
مَقْدَمِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- كَانَ سَالِمٌ يَؤُمُّهُم.
وَرُوِيَ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ التَّيْمِيِّ
قَالَ: وَآخَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- بَيْنَ سَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ
وَبَيْنَ أَبِي عُبَيْدَةَ بنِ الجَرَّاحِ. هَذَا
مُنْقَطِعٌ.
وَجَاءَ مِنْ رِوَايَةِ الوَاقِدِيِّ: أَنَّ مُحَمَّدَ بنَ
ثَابِتِ بنِ قَيْسٍ قَالَ: لما انكشف المسلمون يوم اليمامة
قال سالم مولى أبي حذيفة: ما هكذا كنا نفعل مع رسول الله
-صلى الله عليه وسلم- فحفر لنفسه حفرة فقام فيها ومعه راية
المُهَاجِرِيْنَ يَوْمَئِذٍ ثُمَّ قَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ3.
وَرَوَى عُبَيْدُ بنُ أَبِي الجَعْدِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ
بنِ الهَادِ أَنَّ سَالِماً بَاعَ مِيْرَاثَهُ عُمَرُ بنُ
الخَطَّابِ فَبَلَغَ مَائتَيْ دِرْهَمٍ فَأَعْطَاهَا
أُمَّهُ فَقَالَ: كليهَا.
وَقِيْلَ: إِنَّ سَالِماً وُجِدَ هُوَ وَمَوْلاَهُ أَبُو
حُذَيْفَةَ رَأْسُ أَحَدِهِمَا عِنْدَ رِجْلَي الآخر
صريعين -رضي الله عنهما.
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "6/ 165"، وأبو نعيم في "الحلية" "1/
371، والحاكم "3/ 225-226" من طريق حنظلة بن أبي سفيان،
به.
وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين. ووافقه الذهبي.
قلت: إسناده صحيح، ولكنه على شرط مسلم حسب، وليس على شرط
الشيخين عبد الرحمن بن سابط من رجال مسلم دون البخاري،
وهذا من تساهل الحاكم والذهبي، وقد بينت كثيرا من تساهلهما
في كتابنا [الأرائك المصنوعة في الأحاديث الضعيفة
والموضوعة] ، وقد طبع المجلد الأول من المجلدات الثلاث في
مكتبة الدعوة بالأزهر يسر الله طبع باقي مجلداته وأكثر
النفع به وجعله في ميزان حسناتنا، وكل من ساعد على نشره،
وترويجه بين الناس، آمين.
2 صحيح: أخرجه البخاري "692"، "7175".
3 ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "3/ 88"، وفيه الواقدي، وهو
متروك.
(3/109)
ومن مناقب سالم:
أَخْبَرَنَا الإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ
بنُ مُحَمَّدٍ فِي كِتَابِهِ وَجَمَاعَةٌ قَالُوا:،
أَخْبَرَنَا حَنْبَلُ بنُ عَبْدِ اللهِ، أَنْبَأَنَا
هِبَةُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ
بنُ المُذْهِبِ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرٍ،
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي أَبِي،
حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَلِيِّ
بنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ أَنَّ عُمَرَ بنَ
الخَطَّابِ قَالَ: مَنْ أَدْرَكَ وَفَاتِي مِنْ سَبْيِ
العَرَبِ فَهُوَ مِنْ مَالِ اللهِ. فَقَالَ سَعِيْدُ بنُ
زَيْدٍ: أَمَا إِنَّكَ لَوْ أَشَرْتَ بِرَجُلٍ مِنَ
المُسْلِمِيْنَ لاَئْتَمَنَكَ النَّاسُ وَقَدْ فَعَلَ
ذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيْقُ وَائْتَمَنَهُ النَّاسُ
فَقَالَ: قَدْ رَأَيْتُ مِنْ أَصْحَابِي حِرْصاً سَيِّئاً
وَإِنِّي جَاعِلُ هَذَا الأَمْرِ إِلَى هَؤُلاَءِ
النَّفَرِ السِّتَّةِ. ثُمَّ قَالَ: لَوْ أَدْرَكَنِي
أَحَدُ رَجُلَيْنِ ثُمَّ جَعَلْتُ إِلَيْهِ الأَمْرَ
لَوَثِقْتُ بِهِ: سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ
وَأَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ1.
عَلِيُّ بنُ زَيْدٍ ليِّن فَإِنْ صَحَّ هَذَا فَهُوَ
دَالٌّ عَلَى جَلاَلَةِ هَذَيْنِ فِي نَفْسِ عُمَرَ
وَذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ يُجَوِّزُ الإِمَامَةَ في غير
القرشي والله أعلم.
__________
1 ضعيف: أخرجه ابن سعد "3/ 342-343"، وأحمد "1/ 20" من
طريق عفان، عن حماد بن سلمة، وإسناده ضعيف، آفته علي بن
زيد، وهو ابن جدعان، ضعيف. وأبو رافع، هو نفيع بن رافع
الصائغ.
(3/110)
شُهَدَاءُ بَدْرٍ:
عُبَيْدَةُ بنُ الحَارِثِ المُطَّلِبِيُّ، وَعُمَيْرُ بنُ
أَبِي وَقَّاصٍ الزُّهْرِيُّ أَخُو سَعْدٍ وَصَفْوَانُ بنُ
بَيْضَاءَ وَاسْمُ أَبِيْهِ وَهْبُ بنُ رَبِيْعَةَ
الفِهْرِيُّ وَذُوْ الشِّمَالَيْنِ عُمَيْرُ بنُ عَبْدِ
عَمْرٍو الخُزَاعِيُّ وَعُمَيْرُ بنُ الحُمَامِ بنِ
الجَمُوْحِ الأَنْصَارِيُّ الَّذِي رَمَى التَّمَرَاتِ
وَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ وَمُعَاذُ بنُ عَمْرِو بنِ
الجَمُوْحِ السُّلَمِيُّ وَمُعَاذُ بنُ عَفْرَاءَ
وَأَخُوْهُ عَوْفٌ وَاسْمُ أَبِيْهِمَا الحَارِثُ بنُ
رِفَاعَةَ مِنْ بَنِي غَنْمِ بنِ عَوْفٍ وَحَارِثَةُ بنُ
سُرَاقَةَ بنِ الحَارِثِ بنِ عَدِيٍّ الأَنْصَارِيُّ جاءه
سهم غرب وهو غلام حَدَثٌ وَهُوَ الَّذِي قَالَ فِيْهِ
رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا
أُمَّ حَارِثَةَ! إِنَّ ابْنَكِ أَصَابَ الفِرْدَوْسَ
الأَعْلَى" وَيَزَيْدُ بنُ الحَارِثِ بنِ قَيْسٍ
الخَزْرَجِيُّ وَأُمُّهُ هِيَ فُسحم وَيُقَالُ لَهُ هُوَ
فُسحُم وَرَافِعُ بنُ المُعَلَّى الزُّرَقِيُّ وَسَعْدُ
بنُ خَيْثَمَةَ الأَوْسِيُّ وَمُبَشِّرُ بنُ عَبْدِ
المُنْذِرِ أَخُو أَبِي لُبَابَةَ وَعَاقِلُ بنُ البكير بن
عبد ياليل الكِنَانِيُّ اللَّيْثِيُّ أَحَدُ الإِخْوَةِ
الأَرْبَعَةِ البَدْرِيِّيْنَ فَعِدَّتُهُم أَرْبَعَةَ
عَشَرَ شَهِيْداً.
وَقُتِلَ مِنَ المُشْرِكِيْنَ: عُتْبَةُ بنِ رَبِيْعَةَ
بنِ عَبْدِ شَمْسٍ بنِ عبد مناف، وأخوه شيبة، ولهما مئة
وَأَرْبَعُوْنَ سَنَةً. وَأَبُو جَهْلٍ عَمْرُو بنُ
هِشَامِ بنِ المُغِيْرَةِ المَخْزُوْمِيُّ، وَأُمَيَّةُ
بنُ خَلَفٍ الجُمَحِيُّ، وَابْنُهُ عَلِيٌّ. وَعُقْبَةُ
بنُ أَبِي مُعَيْطٍ ذُبِحَ صَبْراً وَأَبُو البَخْتَرِيِّ
العَاصُ بنُ هِشَامٍ الأَسَدِيُّ، وَالعَاصُ أَخُو أَبِي
جَهْلٍ وَحَنْظَلَةُ بنُ أَبِي سُفْيَانَ أَخُو
مُعَاوِيَةَ، وَعُبَيْدٌ وَالعَاصُ ابْنَا أَبِي
أُحَيْحَةَ وَالحَارِثُ بنُ عَامِرٍ النَّوْفَلِيُّ
وَطُعَيْمَةُ عَمُّ جُبَيْرِ بنِ مُطْعَمٍ وَحَارِثُ بنُ
زَمْعَةَ بنِ الأَسْوَدِ وَأَبُوْهُ وَعَمُّهُ عقِيْلٌ
وَنَوْفَلُ بنُ خُوَيْلِدٍ الأَسَدِيُّ أَخُو خَدِيْجَةَ
وَالنَّضْرُ بنُ الحَارِثِ قُتِلَ صَبْراً وَعُمَيْرُ بنُ
عُثْمَانَ عَمُّ طَلْحَةَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ وَمَسْعُوْدٌ
المَخْزُوْمِيُّ أَخُو أُمِّ سَلَمَةَ وَأَبُو قَيْسٍ
أَخُو خَالِدِ بنِ الوَلِيْدِ وَقَيْسُ بنُ العَادِ بنِ
المُغِيْرَةِ المَخْزُوْمِيُّ وَنُبَيْهُ وَمُنَبِّهُ
ابْنَا الحَجَّاجِ بنِ عَامِرٍ السَّهْمِيِّ وَوَلَدَا
مُنَبِّهٍ حارثة والعاص.
(3/110)
20- حمزة بن
عبد المطلب 1:
ابن هاشم بن عبد مناف، ابن قصي بن كلاب ...
الإِمَامُ، البَطَلُ، الضِّرْغَامُ، أَسَدُ اللهِ أَبُو
عُمَارَةَ، وَأَبُو يَعْلَى القُرَشِيُّ الهَاشِمِيُّ
المَكِّيُّ ثُمَّ المَدَنِيُّ البَدْرِيُّ الشَّهِيْدُ
عَمُّ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
وأخوه من الرضاعة.
قال بن إِسْحَاقَ: لَمَّا أَسْلَمَ حَمْزَةُ عَلِمَتْ
قُرَيْشٌ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- قد امْتَنَعَ وَأَنَّ حَمْزَةَ سَيَمْنَعُهُ
فَكَفُّوا، عَنْ بَعْضِ مَا كَانُوا يَنَالُوْنَ مِنْهُ.
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ، عن حارثة بن مضرب، عن علي قَالَ
لِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "نَادِ
حَمْزَةَ" فَقُلْتُ مَنْ هُوَ صَاحِبُ الجَمَلِ
الأَحْمَرِ? فَقَالَ حَمْزَةُ هُوَ عُتْبَةُ بنُ
رَبِيْعَةَ فَبَارَزَ يَوْمَئِذٍ حَمْزَةُ عُتْبَةَ
فَقَتَلَهُ.
وَرَوَى أُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ
عُمَرَ قَالَ سَمِعَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نِسَاءَ الأَنْصَارِ يَبْكِيْنَ عَلَى
هَلْكَاهُنَّ، فَقَالَ: "لَكِنَّ حَمْزَةَ لاَ بَوَاكِيَ
لَهُ" فَجِئْنَ فَبَكَيْنَ عَلَى حَمْزَةَ عِنْدَهُ، إِلَى
أَنْ قَالَ: "مُرُوْهُنَّ لا يبكين على هالكٍ بعد اليوم"
2.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 8-19 و166"، تاريخ خليفة
"68"، والجرح والتعديل "2/ 1/ 212"، الإصابة "1/ ترجمة
1826".
2 حسن: أخرجه ابن سعد "3/ 17"، وابن أبي شيبة "3/ 394"،
14/ 392-393"، وأحمد "2/ 40، 84، 92"، وابن ماجه "1591"،
والطحاوي "4/ 293"، وأبو يعلى "3576، 3610"، والحاكم "3/
194، 195، 197"، والطبراني "2944"، والبيهقي "4/ 70" من
طرق عن أسامة بن زيد الليثي، به.
قلت: إسناده حسن، أسامة بن زيد الليثي، صدوق كما قال
الحافظ في "التقريب".
(3/111)
وَفِي كِتَابِ "المُسْتَدْرَكِ"
لِلْحَاكِمِ: عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوْعاً: "سَيِّدُ
الشُّهَدَاءِ: حَمْزَةُ، وَرَجُلٌ قَامَ إِلَى إِمَامٍ
جَائِرٍ، فَأَمَرَهُ، وَنَهَاهُ، فَقَتَلَهُ" 1.
قُلْتُ: سَنَدُهُ ضَعِيْفٌ.
الدَّغُوْلِيُّ2، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ سَيَّارٍ،
حَدَّثَنَا رَافِعُ بنُ أَشْرَس، حَدَّثَنَا خُلَيْدٌ
الصَّفَّارُ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ الصَّائِغِ، عَنْ
عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ حمزة بن
عبد المطلب" 3. هذا غريب.
أسامة بن زيد، عن نافع، عن بن عُمَرَ قَالَ رَجَعَ
رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
يَوْمَ أُحُدٍ فَسَمِعَ نِسَاءَ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ
يَبْكِيْنَ عَلَى هَلْكَاهُنَّ فَقَالَ: "لَكِنَّ حَمْزَةَ
لاَ بَوَاكِيَ لَهُ" فَجِئْنَ نِسَاءَ الأَنْصَارِ
فَبَكِيْنَ عَلَى حَمْزَةَ عِنْدَهُ فَرَقَدَ
فَاسْتَيْقَظَ وَهُنَّ يبكين فقال: "يا ويحهن! أهن ههنا
حَتَّى الآنَ مُرُوْهُنَّ فَلْيَرْجِعْنَ وَلاَ يَبْكِيْنَ
عَلَى هَالِكٍ بَعْدَ اليَوْمِ" 4.
ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بنُ الفَضْلِ
بنِ العَبَّاسِ بنِ رَبِيْعَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ
يَسَارٍ، عَنْ جَعْفَرِ بنِ عَمْرِو بنِ أُمَيَّةَ
الضَّمْرِيِّ قَالَ خَرَجْتُ أَنَا وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ
عَدِيِّ بنِ الخِيَارِ فِي زَمَنِ مُعَاوِيَةَ غَازِيَيْنِ
فَمَرَرْنَا بِحِمْصَ وَكَانَ وَحْشِيٌّ بها فقال بن
عَدِيٍّ هَلْ لَكَ أَنْ نَسْأَلَ وَحْشِيّاً كَيْفَ قَتَلَ
حَمْزَةَ. فَخَرَجْنَا نُرِيْدُهُ فَسَأَلْنَا عَنْهُ،
فَقِيْلَ لنا: إنكما ستجدانه بفناء داره، على
__________
1 حسن: أخرجه الحاكم "3/ 195" من طريق رافع بن أشرس،
المروزي، حدثنا حفيد الصفار عن إبراهيم الصائغ، عن عطاء،
عن جابر -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: فذكره، وقال الحاكم:
"صحيح الإسناد". ورده الذهبي بقوله: "قلت: الصفار لا يدري
من هو؟! ".
قلت: ومثله رافع بن أشرس المروزي، فقد ذكره ابن أبي حاتم
في "الجرح والتعديل" "1/ 2/ 482"، ولم يذكر فيه جرحا ولا
تعديلا، فهو مجهول الحال، وأخرجه الخطيب في "تاريخه" "6/
377"، "11/ 302"، من طريق عمار بن نصر، وأحمد بن شجاع
المروزي، عن حكيم بن زيد الأشعري، عن إبراهيم الصائغ، به.
قلت: إسناده حسن، فيه حكيم بن زيد، ذكره ابن أبي حاتم في
"الجرح والتعديل" "1/ 2/ 204-205"، وقال سألت أبي عنه،
فقال: "صالح، هو شيخ".
2 الدغولي: بفتح الدال المهملة وضم الغين المعجمة، هو أبو
العباس مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُحَمَّدِ
بنِ عبد الرحمن الدغولي، كان زعيم سرخس، وأحد أئمة
المسلمين، وكان له بها مجلس إملاء، توفي بها سنة "365هـ"،
كما في ترجمته في "الأنساب" للسمعاني "5/ 359"، واللباب
"1/ 503-504"،
3 حسن: انظر تعليقنا قبل السابق.
4 حسن: تقدم بتعليقنا رقم "267".
(3/112)
طِنْفِسَةٍ لَهُ وَهُوَ رَجُلٌ قَدْ غَلَبَ
عَلَيْهِ الخَمْرُ فَإِنْ تَجِدَاهُ صَاحِياً تَجِدَا
رَجُلاً عَرَبِيّاً فَأَتَيْنَاهُ فَإِذَا نَحْنُ بِشَيْخٍ
كَبِيْرٍ أَسْوَدَ مِثْلَ البُغَاثِ1 عَلَى طِنْفِسَةٍ
لَهُ وَهُوَ صَاحٍ فَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ فَرَفَعَ
رَأْسَهُ إِلَى عُبَيْدِ اللهِ بنِ عديٍّ فقال: بن
لِعَدِيٍّ وَالله ابْنُ الخِيَارِ أَنْتَ? قَالَ: نَعَمْ
...
فَقَالَ: وَاللهِ مَا رَأَيْتُكَ مُنْذُ نَاوَلْتُكَ
أُمَّكَ السَّعْدِيَّةَ الَّتِي أَرْضَعَتْكَ بِذِي طُوَى
وَهِيَ عَلَى بَعِيْرِهَا فَلَمَعَتْ لِي قَدَمَاكَ
قُلْنَا إِنَّا أَتَيْنَا لِتُحَدِّثَنَا كَيْفَ قَتَلْتَ
حَمْزَةَ؟ قَالَ سَأُحَدِّثُكُمَا بِمَا حَدَّثْتُ بِهِ
رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
كُنْتُ عَبْدَ جُبَيْرِ بنِ مُطْعَمٍ وَكَانَ عَمُّهُ
طُعَيْمَةُ بنُ عَدِيٍّ قُتِلَ يَوْم بَدْرٍ فقال لي إن
قتلت حمزة فَأَنْتَ حُرٌّ وَكُنْتُ صَاحِبَ حَرْبَةٍ
أَرْمِي قَلَّمَا أُخْطِئُ بِهَا فَخَرَجْتُ مَعَ النَّاسِ
فَلَمَّا الْتَقَوْا أَخَذْتُ حَرْبَتِي وَخَرَجْتُ
أَنْظُرُ حَمْزَةَ حَتَّى رَأَيْتُهُ فِي عُرْضِ النَّاسِ
مِثْلَ الجَمَلِ الأَوْرَقِ2 يَهُدُّ النَّاسَ بِسَيْفِهِ
هَدّاً مَا يُلِيْقُ شَيْئاً فَوَاللهِ إِنِّي
لأَتَهَيَّأُ لَهُ إِذْ تَقَدَّمَنِي إِلَيْهِ سِبَاعُ بنُ
عَبْدِ العُزَّى الخُزَاعِيُّ فَلَمَّا رَآهُ حَمْزَةُ قال
هلم إلي يابن مُقَطِّعَةِ البُظُوْرِ3 ثُمَّ ضَرَبَهُ
حَمْزَةُ فَوَاللهِ لَكَأَنَّ مَا أَخْطَأَ رَأْسَهُ مَا
رَأَيْتُ شَيْئاً قَطُّ كَانَ أَسْرَعَ مِنْ سُقُوْطِ
رَأْسِهِ فَهَزَزْتُ حَرْبَتِي حَتَّى إِذَا رَضِيْتُ
عَنْهَا دَفَعْتُهَا عَلَيْهِ فَوَقَعَتْ فِي ثُنَّتِهِ4
حَتَّى خَرَجَتْ بَيْنَ رِجْلَيْهِ فَوَقَعَ فَذَهَبَ
لِيَنُوْءَ5 فَغُلِبَ فَتَرَكْتُهُ وَإِيَّاهَا حَتَّى
إِذَا مَاتَ قُمْتُ إِلَيْهِ فَأَخَذْتُ حَرْبَتِي ثُمَّ
رَجَعْتُ إِلَى العَسْكَرِ فَقَعَدْتُ فِيْهِ وَلَمْ
يَكُنْ لِي حَاجَةٌ بِغَيْرِهِ فَلَمَّا افْتَتَحَ
رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
مَكَّةَ هَرَبْتُ إِلَى الطَّائِفِ فَلَمَّا خَرَجَ وَفْدُ
الطَّائِفِ لِيُسْلِمُوا ضَاقَتْ عَلَيَّ الأَرْضُ بِمَا
رَحُبَتْ وَقُلْتُ أَلْحَقُ بِالشَّامِ أَوِ اليَمَنِ أَوْ
بَعْضِ البِلاَدِ فَوَاللهِ إِنِّي لَفِي ذَلِكَ مِنْ
هَمِّي إِذْ قَالَ رَجُلٌ وَاللهِ إِنْ يَقْتُلُ مُحَمَّدٌ
أَحَداً دَخَلَ فِي دِيْنِهِ فخرجت حتى قَدِمْتُ
المَدِيْنَةَ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "وَحْشِيٌّ"؟ قُلْتُ: نَعَمْ
قَالَ: "اجْلِسْ فَحَدِّثْنِي كَيْفَ قَتَلْتَ حَمْزَةَ"
فَحَدَّثْتُهُ كَمَا أُحَدِّثُكُمَا فَقَالَ: "وَيْحَكَ!
غَيِّبْ عَنِّي وَجْهَكَ فَلاَ أَرَيَنَّكَ" فَكُنْتُ
أَتَنَكَّبُ6 رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم-
حيث كان حتى قبض.
__________
1 البغاثة: الضعيف من الطير، وجمعها بغاث. وقيل هي لئامها
وشرارها.
2 الأورق: الأسمر.
3 البظر: بفتح الباء: الهنة التي تقطعها الخافضة من فرج
المرأة عند الختان. والبظور: جمع بظر. وقد دعاه بذلك؛ لأن
أمه كانت تختن النساء. والعرب تطلق هذا اللفظ في معرض
الذم، وإن لم تكن أم من يُقال له خاتنة.
4 الثنة: ما بين السرة والعانة من أسفل البطن.
5 لينوء: ينهض.
6 أتنكب: أتجنب، وأتنحى عنه.
(3/113)
فَلَمَّا خَرَجَ المُسْلِمُوْنَ إِلَى
مُسَيْلِمَةَ، خَرَجتُ مَعَهُم بِحَرْبَتِي الَّتِي
قَتَلْتُ بِهَا حَمْزَةَ فَلَمَّا الْتَقَى النَّاسُ
نَظَرْتُ إِلَى مُسَيْلِمَةَ وَفِي يَدِهِ السَّيْفُ
فَوَاللهِ مَا أَعْرِفُهُ وَإِذَا رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ
يُرِيْدهُ مِنْ نَاحِيَةٍ أُخْرَى فَكِلاَنَا يَتَهَيَّأُ
لَهُ حَتَّى إِذَا أَمْكَنَنِي دَفَعْتُ عَلَيْهِ
حَرْبَتِي فَوَقَعَتْ فِيْهِ وَشَدَّ الأَنْصَارِيُّ
عَلَيْهِ فَضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ فَرَبُّكَ أَعْلَمُ
أَيُّنَا قَتَلَهُ فَإِنْ أَنَا قَتَلْتُهُ فَقَدْ
قَتَلْتُ خَيْرَ النَّاسِ بَعْدَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَتَلْتُ شَرَّ النَّاسِ1.
وَبِهِ، عن سليمان بن يسار، عن عبد الله بنِ عُمَرَ قَالَ:
سَمِعْتُ رَجُلاً يَقُوْلُ قَتَلَهُ العبد الأسود يعني
مسيلمة2.
أُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ
قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ وَقَفَ رَسُوْلُ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى حَمْزَةَ
وَقَدْ جُدِعَ وَمُثِّلَ بِهِ فَقَالَ: "لَوْلاَ أَنْ
تَجِدَ صَفِيَّةُ فِي نَفْسِهَا لَتَرَكتُهُ حَتَّى
يَحْشُرَهُ اللهُ مِنْ بُطُوْنِ السِّبَاعِ وَالطَّيْرِ".
وَكُفِّنَ فِي نَمِرَةٍ إِذَا خُمِّرَ رَأْسُهُ بَدَتْ
رِجْلاَهُ وَإِذَا خُمِّرَتْ رِجْلاَهُ بَدَا رَأْسُهُ
وَلَمْ يُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنَ الشُّهَدَاءِ وَقَالَ:
"أَنَا شَهِيْدٌ عَلَيْكُم" وَكَانَ يَجْمَعُ الثَّلاَثَةَ
فِي قَبْرٍ وَالاثْنَيْنِ فَيَسْأَلُ أَيُّهُمَا أَكْثَرُ
قُرْآناً فَيُقَدِّمُهُ فِي اللَّحْدِ وَكَفَّنَ
الرَّجُلَيْنِ وَالثَّلاَثَةَ فِي ثَوْبٍ3.
ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ عُمَيْرِ بنِ إِسْحَاقَ، عَنْ سَعْدِ
بنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ كَانَ حَمْزَةُ يُقَاتِلُ يَوْمَ
أُحُدٍ بَيْنَ يَدَيْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِسَيْفَيْنِ وَيَقُوْلُ أَنَا أَسَدُ
اللهِ4.
رَوَاهُ يونس بن بكير، عن بن عَوْنٍ، عَنْ عُمَيْرٍ
مُرْسَلاً وَزَادَ فَعَثَرَ فَصُرِعَ مُسْتَلْقِياً
وَانْكَشَفَتِ الدِّرْعُ، عَنْ بَطْنِهِ فَزَرَقَهُ5
العَبْدُ الحبشي فبقره.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "4072" من طريق جعفر بن عمرو بن
أمية الضمري، به.
2 صحيح: أخرجه البخاري في نهاية حديث رقم "4027".
3 حسن: أخرجه ابن سعد "3/ 14-15"، وابن أبي شيبة "14/ 260،
291، 292"، وعبد بن حميد "1164"، وأحمد "3/ 128"، وأبو
داود "3136"، والترمذي "1016"، والطحاوي "1/ 502-503"،
والدارقطني "4/ 116-117، 117"، والحاكم "3/ 196"، وأبو
يعلى "3568"، من طرق عن أسامة بن زيد الليثي، به.
قلت: إسناده حسن، أسامة بن زيد الليثي، صدوق كما قال
الحافظ في "التقريب".
4 ضعيف: أخرجه ابن سعد "3/ 12"، والحاكم "3/ 194" من طريق
ابن عون، عن عمير بن إسحاق مرسلا عن سعد بن أبي وقاص قال:
فذكره.
5 زرقه: طعنه أو رماه قاله ابن منظور.
(3/114)
عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ المَاجِشُوْنِ: عَنْ
عَبْدِ اللهِ بن الفضل، عن سليمان بن يسار، عن جَعْفَرِ
بنِ عَمْرٍو الضَّمْرِيِّ قَالَ خَرَجْتُ مَعَ ابْنِ
الخِيَارِ إِلَى الشَّامِ فَسَأَلْنَا، عَنْ وَحْشِيٍّ
فَقِيْلَ هُوَ ذَاكَ فِي ظِلِّ قَصْرِهِ كَأَنَّهُ
حَمِيْتٌ1 فَجِئْنَا فَسَلَّمْنَا وَوَقَفْنَا يَسِيْراً
وَكَانَ ابْنُ الخِيَارِ مُعْتَجِراً بِعِمَامَتِهِ مَا
يَرَى وَحْشِيٌّ إلَّا عَيْنَيْهِ وَرِجْلَيْهِ فَقَالَ
يَا وَحْشِيُّ! تَعْرِفُنِي? قَالَ لاَ وَاللهِ إلَّا
أَنِّي أَعْلَمُ أَنَّ عَدِيَّ بنَ الخِيَارِ تَزَوَّجَ
امْرَأَةً يُقَالُ لَهَا أُمُّ قِتَالٍ بِنْتُ أَبِي
العَيْصِ فَوَلَدَتْ غُلاَماً بِمَكَّةَ فَاسْتَرْضَعَتْهُ
فَحَمَلْتُهُ مَعَ أُمِّهِ فَنَاوَلْتُهَا إِيَّاهُ
لَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى قَدَمَيْكَ قَالَ فَكَشَفَ
عُبَيْدُ اللهِ، عَنْ وَجْهِهِ ثُمَّ قَالَ إلَّا
تُخْبِرُنَا، عَنْ قَتْلِ حَمْزَةَ قَالَ نَعَمْ إِنَّهُ
قُتِلَ طُعَيْمَةُ بنُ عَدِيِّ بنِ الخِيَارِ بِبَدْرٍ
فَقَالَ لِي مَوْلاَيَ جُبَيْرٌ إِنْ قَتَلْتَ حَمْزَةَ
بِعَمِّي فَأَنْتَ حُرٌّ فَلَمَّا خَرَجَ النَّاسُ، عَنْ
عَيْنَيْنَ - وَعَيْنُوْنُ جَبَلٌ تَحْتَ أُحُدٍ بَيْنَهُ
وَبَيْنَ أُحُدٍ وَادٍ - قَالَ سِبَاعٌ هَلْ مِنْ
مُبَارِزٍ? فَقَالَ حَمْزَةُ يابن مُقَطِّعَةِ البُظُوْرِ!
تُحَادُّ اللهَ وَرَسُوْلَهُ? ثُمَّ شَدَّ عَلَيْهِ
فَكَانَ كَأَمْسِ الذَّاهِبِ. فَكَمَنْتُ لِحَمْزَةَ
تَحْتَ صَخْرَةٍ حَتَّى مَرَّ عليَّ فَرَمَيْتُهُ فِي
ثُنَّتِهِ حَتَّى خَرَجَتِ الحَرْبَةُ مِنْ وِرْكِهِ.
إِلَى أَنْ قَالَ: فَكُنْتُ بِالطَّائِفِ فَبَعَثُوا
رُسُلاً إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- وَقِيْلَ إِنَّهُ لاَ يَهِيْجُ الرُّسُلُ.
فَخَرَجْتُ مَعَهُم فَلَمَّا رَآنِي قَالَ: "أَنْتَ
وَحْشِيٌّ"؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: "الَّذِي قَتَلَ
حَمْزَةَ"؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَدْ كَانَ الأَمْرُ الَّذِي
بلغك. قال: "ما تَسْتَطِيْعُ أَنْ تُغَيِّبَ عَنِّي
وَجْهَكَ" قَالَ فَرَجَعْتُ.
فَلَمَّا تُوُفِّيَ، وَخَرَجَ مُسَيْلِمَةُ قُلْتُ:
لأَخْرُجَنَّ إِلَيْهِ لَعَلِّي أَقْتُلُهُ فَأُكَافِيَ
بِهِ حَمْزَةَ فَخَرَجْتُ مَعَ النَّاسِ وَكَانَ مِنْ
أَمْرِهِم مَا كَانَ فَإِذَا رجل قائم في ثملة جِدَارٍ
كَأَنَّهُ جَمَلٌ أَوْرَقُ ثَائِرٌ رَأْسُهُ فَأَرْمِيْهِ
بِحَرْبَتِي فَأَضَعَهَا بَيْنَ ثَدْيَيْهِ حَتَّى
خَرَجَتْ مِنْ بَيْنِ كَتِفَيْهِ وَوَثَبَ إِلَيْهِ رَجُلٌ
مِنَ الأَنْصَارِ فَضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ عَلَى هَامَتِهِ.
قَالَ سُلَيْمَانُ بنُ يسار: فسمعت بن عُمَرَ يَقُوْلُ:
قَالَتْ جَارِيَةٌ عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ: أَمِيْرُ
المُؤْمِنِيْنَ قَتَلَهُ العَبْدُ الأَسْوَدُ2.
قَالَ مُوْسَى بنُ عُقْبَةَ: ثُمَّ انْتَشَرَ
المُسْلِمُوْنَ يَبْتَغُوْنَ قَتْلاَهُمْ فَلَمْ يَجِدُوا
قَتِيْلاً إلَّا وَقَدْ مَثَّلُوا بِهِ إلَّا حَنْظَلَةَ
بنَ أَبِي عَامِرٍ وَكَانَ أَبُوْهُ أَبُو عَامِرٍ مَعَ
المُشْرِكِيْنَ فَتُرِكَ لأَجْلِهِ وَزَعَمُوا أَنَّ
أَبَاهُ وَقَفَ عَلَيْهِ قَتِيْلاً فَدَفَعَ صَدْرَهُ
بِرِجْلِهِ ثُمَّ قَالَ ديْنَانِ قَدْ أَصَبْتُهُمَا قَدْ
تقدمتُ إِلَيْكَ فِي مَصْرَعِكَ هَذَا يَا دنيس وَلَعَمْرُ
اللهِ إِنْ كُنْتَ لَوَاصِلاً لِلرَّحِمِ بَرّاً
بِالوَالِدِ.
وَوَجَدُوا حَمْزَةَ قَدْ بُقِرَ بَطْنُهُ وَاحْتَمَلَ
وَحْشِيٌّ كَبِدَهُ إِلَى هِنْدٍ فِي نَذْرٍ نَذَرَتْهُ
حين قتل أباها
__________
1 الحميت: هو النحي والزق الذي يكون فيه السمن ونحوه.
2 صحيح: أخرجه البخاري "4072"، وقد مر تخريجنا له قريبا
بتعليق رقم "277، 278".
(3/115)
يَوْمَ بَدْرٍ فَدُفِنَ فِي نَمِرَةٍ
كَانَتْ عَلَيْهِ إِذَا رُفِعَتْ إِلَى رَأْسِهِ بَدَتْ
قَدَمَاهُ فَغَطُّوا قَدَمَيْهِ بِشَيْءٍ مِنَ الشَّجَرِ.
ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي بُرَيْدَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ
بنِ كَعْبٍ القُرَظِيِّ قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَئِنْ ظَفِرْتُ بِقُرَيْشٍ
لأُمَثِّلَنَّ بِثَلاَثِيْنَ مِنْهُم فَلَمَّا رَأَى أصحاب
رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا
بِهِ مِنَ الجَزَعِ قَالُوا لَئِنْ ظَفِرْنَا بِهِم
لَنُمَثِّلَنَّ بِهِم مُثْلَةً لَمْ يُمَثِّلْهَا أَحَدٌ
مِنَ العَرَبِ بِأَحَدٍ فَأَنْزَلَ اللهُ: {وَإِنْ
عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِه}
[النَّحْلُ: 126] ، إِلَى آخِرِ السُّوْرَةِ فَعَفَا
رَسُوْل اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1.
أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ أَبِي
زِيَادٍ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ بن عَبَّاسٍ قَالَ لَمَّا
قُتِلَ حَمْزَةُ أَقَبْلَتْ صَفِيَّةُ أُخْتُهُ فَلَقِيَتْ
عَلِيّاً وَالزُّبَيْرَ فَأَرَيَاهَا أَنَّهُمَا لاَ
يَدْرِيَانِ فَجَاءتِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "فَإِنِّي أَخَافُ عَلَى عَقْلِهَا"
فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى صَدْرِهَا وَدَعَا لَهَا
فَاسْتَرْجَعَتْ وَبَكَتْ ثُمَّ جَاءَ فَقَامَ عَلَيْهِ
وَقَدْ مُثِّلَ بِهِ فَقَالَ: "لَوْلاَ جَزَعُ النِّسَاءِ
لَتَرَكْتُهُ حَتَّى يُحْشَرَ مِنْ حَوَاصِلِ الطَّيْرِ
وَبُطُوْنِ السِّبَاعِ" ثُمَّ أَمَرَ بِالقَتْلَى فَجَعَلَ
يُصَلَّي عَلَيْهِم بِسَبْعِ تَكْبِيْرَاتٍ وَيُرْفَعُوْنَ
وَيَتْرُكُ حَمْزَةَ ثُمَّ يُجَاءُ بِسَبْعَةٍ فَيُكَبِّرُ
عَلَيْهِم سَبْعاً حتى فرغ منهم2.
يَزِيْدُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ وَقَوْلُ جَابِرٍ لَمْ يُصِلِّ
عليهم أصح.
__________
1 ضعيف جدا: في إسناده علتان: الأولى: الإرسال.
الثانية: بريدة بن سفيان الأسلمي، قال البخاري: فيه نظر،
وقال أبو داود: لم يكن بذلك، وكان يتكلم في عثمان. وقال
الدارقطني: متروك. وقال أبو حاتم: هو ضعيف الحديث، كما
أورده ابنه في الجراح والتعديل" "1/ 1/ 424"، وقال
النسائي: ليس بالقوي. وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ
بنِ حَنْبَلٍ: سألت أبي عن بريدة بن سفيان كيف حديثه؟ قال
له: بلية.
2 حسن: أخرجه ابن ماجه "1513"، مختصرا، وابن سعد "3/ 14"،
والحاكم "1/ 197" عن أبي بكر بن عياش، به، وسكت عنه
الحاكم. وقال الذهبي في "التلخيص": "سمعه أبو بكر بن عياش
من يزيد وليسا بمعتمدين".
قلت: إسناده ضعيف، فيه علتان: الأولى: أبو بكر بن عياش،
ضعيف، لسوء حفظه.
الثانية: يزيد بن أبي زياد الكوفي، سيئ الحفظ، قال ابن
معين: ليس بالقوي، وقال أيضا: لا يحتج به، وقال ابن
المبارك: ارم به. وقال أحمد: حديثه ليس بذاك، وأخرجه أحمد
"3/ 128"، وأبو داود "3136، 3137"، والترمذي "1016"،
والدارقطني "4/ 116، 117"، من طريق أسامة بن زيد عَنِ
ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ، به.
قلت: إسناده حسن، أسامة بن زيد الليثي، صدوق.
(3/116)
وَفِي الصَّحِيْحَيْنِ مِنْ حَدِيْثِ
عُقْبَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- صَلَّى عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ صَلاَتَهُ عَلَى
المَيِّتِ فَهَذَا كَانَ قَبْلَ موته بأيام1.
ويروى من حديث بن عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ قَوْلُهُ
عَلَيْهِ السَّلاَمُ: "لَئِنْ ظَفِرْتُ بِقُرَيْشٍ
لأُمَثِّلَنَّ بِسَبْعِيْنَ مِنْهُم" فَنَزَلَتْ {وَإِنْ
عَاقَبْتُمْ} [النحل: 126] الآيَةُ2.
عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا عِيْسَى بنُ عُبَيْدٍ الكِنْدِيُّ،
حَدَّثَنِي رَبِيْعُ بنُ أَنَسٍ، حَدَّثَنِي أَبُو
العَالِيَةِ، عَنْ أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ أَنَّهُ أُصِيْبَ
مِنَ الأَنْصَارِ يَوْمَ أُحُدٍ سَبْعُوْنَ. قَالَ
فَمَثَّلُوا بِقَتْلاَهُم فَقَالَتِ الأَنْصَارُ لَئِنْ
أَصَبْنَا مِنْهُم يَوْماً مِنَ الدَّهْرِ لَنُرْبِيَنَّ
عَلَيْهِم فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ نَادَى
رَجُلٌ لاَ يُعْرَفُ لاَ قُرَيْشَ بَعْدَ اليَوْمِ!
مَرَّتَيْنِ فَأَنْزَلَ اللهُ عَلَى نَبِيِّهِ {وَإِنْ
عَاقَبْتُمْ} [النحل: 126] الآيَة. فَقَالَ النَّبِيُّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كفوا، عن القوم" 3.
يُوْنُسُ بنُ بُكَيْرٍ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ
أَبِيْهِ قَالَ جَاءتْ صَفِيَّةُ يَوْمَ أُحُدٍ مَعَهَا
ثَوْبَانِ لِحَمْزَةَ فَلَمَّا رَآهَا رَسُوْلُ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَرِهَ أَنْ تَرَى
حَمْزَةَ عَلَى حَالِهِ فَبَعَثَ إِلَيْهَا الزُّبَيْرَ
يَحْبِسُهَا وَأَخَذَ الثَّوْبَيْنِ وَكَانَ إِلَى جَنْبِ
حَمْزَةَ قَتِيْلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَكَرِهُوا أَنْ
يَتَخَيَّرُوا لِحَمْزَةَ فَقَالَ: "أَسْهِمُوا
بَيْنَهُمَا فَأَيُّهُمَا طَارَ لَهُ أَجْوَدُ
الثَّوْبَيْنِ فَهُوَ لَهُ" فَأَسْهَمُوا بَيْنَهُمَا
فَكُفِّنَ حَمْزَةُ فِي ثوب والأنصاري في ثوب4.
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "4/ 149، 153"، والبخاري "1344، 3596،
4042، 4085، 6426، 6590"، ومسلم "2296" وأبو داود "3223"،
والنسائي "4/ 61، 62"، والطحاوي "1/ 504"، والبيهقي "4/
14"، والطبراني في "الكبير" "17/ 767"، والبغوي "3823"، من
طريق اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ أَبِي حَبِيْبٍ، عَنْ
أبي الخير، عن عقبة بن عامر قَالَ: صَلَّى رَسُوْلُ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قتلى أحد، ثم صعد
المنبر كالمودع للاحياء والاموات، فقال: "إني فرطكم على
الحوض وإن عرضه كما بين أَيْلة إلى الجحفة إني لست أخشى
عليكم أن تشركوا بعدي. ولكني أخشى عليكم الدنيا أن تنافسوا
فيها، وتقتتلوا، فتهلكوا، كما هلك من كان قبلكم". قال
عقبة. "فكانت آخر مَا رَأَيْتُ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على المنبر". واللفظ لمسلم.
2 ضعيف جدا: تقدم تخريجنا له بتعليق رقم "284".
3 حسن: أخرجه عبد الله بن أحمد في "زوائد المسند" "5/
135"، والترمذي "1328"، والحاكم "2/ 358، 359" والبيهقي في
"دلائل النبوة" "3/ 289"، من طريق عيسى بن عبيد الكندي،
به.
قلت: إسناده حسن، الربيع بن أنس، صدوق له أوهام كما قال
الحافظ في "التقريب".
4 حسن: أخرجه أحمد "1/ 165"، والبزار "980"، وأبو يعلى
"686"، والبيهقي في "السنن" "3/ 401-402" من طريق سليمان
بن داود الهاشمي: أخبرنا عبد الرحمن -يعني ابْنُ أَبِي
الزِّنَادِ- عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، به.
قلت: إسناده حسن، عبد الرحمن بن أبي الزناد، صدوق.
(3/117)
ابن إسحاق، عن إسماعيل بن أمية، عن أبي
الزبير، عن سعيد بن جبير، عن بن عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ
النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَمَّا
أُصِيْبَ إِخْوَانُكُم بِأُحُدٍ جَعَلَ اللهُ أَرْوَاحَهُم
فِي أَجْوَافِ طَيْرٍ خُضْرٍ تَرِدُ أَنْهَارَ الجَنَّةِ
وَتَأْكُلُ مِنْ ثِمَارِهَا وَتَأْوِي إِلَى قَنَادِيْلَ
مِنْ ذَهَبٍ مُعَلَّقَةٍ فِي ظِلِّ العَرْشِ فَلَمَّا
وَجَدُوا طِيْبَ مَأْكَلِهِم وَمَشْرَبِهِم وَمَقِيْلِهِم
قَالُوا مَنْ يُبَلِّغُ إِخْوَانَنَا عَنَّا أَنَّنَا
أَحْيَاءٌ فِي الجَنَّةِ نُرْزَقُ لِئَلاَّ يَنْكلُوا
عِنْدَ الحَرْبِ وَلاَ يَزْهَدُوا فِي الجِهَادِ قَالَ
اللهُ: أَنَا أُبَلِّغُهُم عَنْكُم". فَأُنْزِلَتْ {وَلَا
تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ
أَمْوَاتًا} [آلُ عِمْرَانَ: 169] 1.
ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي عَاصِمُ بنُ عُمَرَ، عَنْ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ
أَبِيْهِ سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول إِذَا ذُكِرَ أَصْحَابُ أُحُدٍ:
"أَمَا وَاللهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي غُوْدِرْتُ مَعَ
أَصْحَابِ فَحْصِ الجَبَلِ" 2. يَقُوْلُ قُتِلْتُ مَعَهُم.
وَجَاءَ بِإِسْنَادٍ فِيْهِ ضَعْفٌ، عَنْ جَابِرٍ أَنَّ
النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا
رَأَى حَمْزَةَ قَتِيْلاً بَكَى فَلَمَّا رَأَى ما مثل به
شهق3.
__________
1 صحيح: أخرجه أبو داود "2520"، والحاكم "2/ 88، 297" من
طريق عبد الله بن إدريس، عن مُحَمَّدَ بنَ إِسْحَاقَ، عَنْ
إِسْمَاعِيْلَ بنِ أُمَيَّةَ، به، وأخرجه أحمد "1/ 266"،
وابن أبي شيبة "5/ 294-295"، وهناد في "الزهد" "155"، وابن
أبي عاصم في "الجهاد" "194، 195"، من طريق محمد بن إسحاق،
به. وأخرجه مسلم "1887" نحوه عن عبد الله بن مسعود.
2 حسن: أخرجه أحمد "3/ 375"، والحاكم "2/ 76"، "3/ 28"،
والبيهقي في "الدلائل" "3/ 304" من طريق يونس بن بكير، عن
ابن إسحاق، به، وقد صرح ابن إسحاق بالتحديث، وهو صدوق ووقع
في "المسند" "نحض الجبل"، والصواب [نحص الجبل] ، وهو ما
أثبتناه. وقد أثبته أيضا ابن الأثير في "النهاية" "5/ 28"،
وقال: "نحص الجبل": النحض بالضم: أصل الجبل وسفحه، تمنى أن
يكون استشهد معهم يوم أحد.
3 ضعيف جدا: أخرجه الحاكم "3/ 199" من طريق أبي حماد
الحنفي، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَقِيْلٍ
قال: سمعت جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- يقول: فذكره،
وقال الحاكم: حديث صحيح الإسناد. ووافقه البيهقي.
قلت: كل هذا من تساهلهما، فالإسناد ضعيف جدا، آفته أبو
حماد مفضل بن صدقة الحنفي الكوفي قال النسائي: متروك. وقال
يحيى: ليس بشيء. وقد ذكر الذهبي هذا في ترجمته في
"الميزان" وذهل عنه هنا، فوافق الحاكم على تصحيح الإسناد
ذهولا منه، وقد وقع له كثير من ذلك في كتابه [التلخيص]
وبيَّنا نماذج كثيرة من تساهل الحاكم والذهبي في كتابنا
[الأرائك المصنوعة في الأحاديث الضعيفة والموضوعة] ، وقد
طبع المجلد الأول من هذا الكتاب بمكتبة الدعوة بالأزهر،
يسر الله طبع بقية مجلداته، ويسر النفع به وجعله في ميزان
حسناتنا وكل من يساعد على طبعه ونشره، آمين.
(3/118)
21- عاقل بن
البكير 1:
وَقِيْلَ: عَاقِلُ بنُ أَبِي البُكَيْرِ بنِ عَبْدِ ياليل
بن نَاشِبِ بنِ غيرَةَ بنِ سَعْدِ بنِ لَيْثِ بنِ بُكَيْرِ
بنِ عَبْدِ مَنَاةَ بنِ كِنَانَةَ اللَّيْثِيُّ.
نَسَبَهُ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ، وَقَالَ: كَانَ اسْمُهُ
غَافِلاً فَسَمَّاهُ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَاقِلاً. وَكَانَ أَبُو البُكَيْرِ
حَالَفَ نُفيل بنَ عَبْدِ العُزَّى جَدَّ عُمَرَ وَكَانَ
أَبُو مَعْشَرٍ وَالوَاقِدِيُّ يَقُوْلاَنِ: ابْنُ أَبِي
البُكَيْرِ قَالَ: وَكَانَ مُوْسَى بنُ عُقْبَةَ وَابْنُ
إِسْحَاقَ وَابْنُ الكَلْبِيِّ يَقُوْلُوْنَ: ابْنُ
بُكَيْرٍ.
أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بنُ صَالِحٍ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ رُوْمَانَ قَالَ: أَسْلَمَ
غَافِلٌ وَعَامِرٌ وَإِيَاسٌ وَخَالِدٌ بَنُو أَبِي
البُكَيْرِ جَمِيْعاً وَهُمْ أَوَّلُ مَنْ بَايَعَ فِي
دَارِ الأَرْقَمِ.
وَأَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ
الجَبَّارِ بنُ عمَارَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي
بَكْرٍ قَالَ: خَرَجَ بَنُو أَبِي البُكَيْرِ
مُهَاجِرِيْنَ فَأَوْعَبُوا رِجَالُهُم وَنِسَاؤُهُمْ
حَتَّى غُلِّقَتْ أَبْوَابُهُم فَنَزَلُوا عَلَى رِفَاعَةَ
بنِ عَبْدِ المُنْذِرِ بِالمَدِيْنَةِ ثُمَّ قَالَ:
وَقَالُوا وَآخَى رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- بَيْنَ عَاقِلٍ وَبَيْنَ مُبَشّرِ بنِ عبد
المنذر فقتلا معًا ببدر وَقِيْلَ: آخَى بَيْنَ عَاقِلٍ
وَبَيْنَ مُجَذَّرِ بنِ زِيَادٍ.
اسْتُشْهِدَ عَاقِلٌ يَوْمَ بَدْرٍ شَهِيْداً وَهُوَ بن
أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ سَنَةً قَتَلَهُ مَالِكُ بنُ
زُهَيْرٍ الجشمي.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 388، 456"، الإصابة "2/
ترجمة رقم 4361".
(3/119)
22 - أخوه خالد
بن البكير 1:
أو بن أَبِي البُكَيْرِ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: آخَى رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بينه وبين زَيْدِ بنِ الدَّثِنَةِ.
شَهِدَ خَالِدٌ بَدْراً، وَأُحُداً، وَقُتِلَ يَوْمَ
الرَّجِيْعِ فِي صَفَرٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وله أربع وثلاثون
سنة.
أخوهما
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 389"، الإصابة "1/ ترجمة
رقم 2148".
(3/119)
أخوهما إياس بن أبي
البكير
23- إياس بن أَبِي البُكَيْرِ 1:
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: آخَى رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بينه وبين الحَارِثِ بنِ خَزَمَةَ
وَشَهِدَ بَدْراً وَالمَشَاهِدَ كُلَّهَا وَشَهِدَ فَتْحَ
مِصْرَ تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 389"، الإصابة "1/ ترجمة
رقم 373".
(3/119)
24- أخوهم الرابع عامر بن أَبِي البُكَيْرِ
1:
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: آخَى رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بينه وبين ثَابِتِ بنِ قَيْسِ بنِ
شَمَّاسٍ شَهِدَ بَدْراً وَالمَشَاهِدَ كُلَّهَا مَعَ
رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قُلْتُ: مَا شَهِدَ بَدْراً إِخْوَةٌ أربعة سواهم واستشهد
عامر يوم اليمامة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 389-390"، الإصابة "2/
ترجمة رقم "4368".
(3/120)
25- مسطح بن
أثاثة 1:
ابن عباد بنِ المُطَّلِبِ بنِ عَبْدِ مَنَافٍ بنِ قُصَيٍّ
المُطَّلِبِيُّ المُهَاجِرِيُّ البَدْرِيُّ المَذْكُوْرُ
فِي قِصَّةِ الإِفْكِ.
كَانَ فَقِيْراً يُنْفِقُ عَلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ2.
ذَكَرَهُ ابْنُ سَعْدٍ فَقَالَ: كَانَ قَصِيْراً غَائِرَ
العَيْنَيْنِ شَثْنَ الأَصَابِع عَاشَ سِتّاً وَخَمْسِيْنَ
سَنَةً.
قَالَ: وَتُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ -رَضِيَ
اللهُ عَنْهُ.
إِيَّاكَ يَا جَرِي أَنْ تَنْظُرَ إِلَى هَذَا البَدْرِيِّ
شَزْراً لِهَفْوَةٍ بَدَتْ مِنْهُ فَإِنَّهَا قَدْ
غُفِرَتْ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ وَإِيَّاك يَا
رَافِضِيُّ أَنْ تُلَوِّحَ بِقَذْفِ أُمِّ المُؤْمِنِيْنَ
بَعْدَ نُزُوْلِ النَّصِّ فِي بَرَاءتِهَا فَتَجِبُ لَكَ
النَّارُ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "2/ 7" و"3/ 53" و "8/ 228"،
الجرح والتعديل "4/ 1/ 425"، الإصابة "3/ ترجمة 7935".
2 صحيح: أخرجه البخاري "4750" من حديث عائشة الطويل الوارد
في حادثة الإفك.
(3/120)
26- أبو عبس
1: "خ، ت، س"
ابن جبر بن عمرو بن زَيْدِ بنِ جُشَمَ بنِ حَارِثَةَ بنِ
الحَارِثِ الأوسي واسمه عَبْدُ الرَّحْمَنِ.
بَدْرِيٌّ كَبِيْرٌ، لَهُ ذُرِّيَّةٌ بِالمَدِيْنَةِ
وَبِبَغْدَادَ وَكَانَ يَكْتُبُ بِالعَرَبِيَّةِ وَكَانَ
هُوَ وَأَبُو بُرْدَةَ بنُ نِيَارٍ يَكْسِرَانِ أَصْنَامَ
بَنِي حَارِثَةَ.
آخَى رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
بَيْنَهُ وَبَيْنَ خُنَيْسِ بنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ
شَهِدَ بَدْراً وَالمَشَاهِدَ وَكَانَ فِيْمَنْ قَتَلَ
كَعْبَ بنَ الأَشْرَفِ2 وَكَانَ عُمَرُ وَعُثْمَانُ
يَبْعَثَانِهِ مُصَدِّقاً3.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ زَيْدٌ وَحَفِيْدُهُ أَبُو عَبْسٍ
بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي عَبْسٍ وَعَبَايَةُ بنُ رِفَاعَةَ
مَاتَ بِالمَدِيْنَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ
وَصَلَّى عَلَيْهِ عثمان وعاش سبعين سنة وقبره بالبقيع.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 393" و"8/ 332" والإصابة
"2/ ترجمة 5096".
2 صحيح: أخرجه البخاري "4037"، ومسلم "1801" من طريق سفيان
بن عمرو، عن جابر بن عبد الله.
3 المُصَدِّق: بتخفيف الصاد العامل الذي يأخذ الحقوق من
الإبل والغنم.
(3/120)
27- ابْنُ التَّيِّهَانِ 1:
أَبُو الهَيْثَمِ مَالِكُ بنُ التَّيِّهَانِ بن بَلِيِّ
بنِ عَمْرِو بنِ الحَافِ بنِ قُضَاعَةَ الأَنْصَارِيُّ
حَلِيْفُ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ. قَالَهُ جَمَاعَةٌ.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عمَارَةَ
الأَنْصَارِيُّ: هُوَ مِنَ الأَوْسِ، مِنْ أَنْفُسِهِم.
ثُمَّ قَالَ: هُوَ ابْنُ التَّيِّهَانِ بنِ مَالِكِ بنِ
عَمْرِو بنِ زَيْدِ بنِ عَمْرِو بنِ جُشَمَ بنِ الحَارِثِ
بنِ الخَزْرَجِ بنِ عَمْرِو بنِ مَالِكِ بنِ الأَوْسِ.
وَأُمُّهُ مِنْ بَنِي جُشَم المَذْكُوْرِ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: كَانَ أَبُو الهَيْثَمِ يَكْرَهُ
الأَصْنَامَ فِي الجَاهِلِيَّةِ ويؤفِّف بِهَا وَيَقُوْلُ
بِالتَّوْحِيْدِ هُوَ وَأَسَعْدُ بنُ زُرَارَةَ وَكَانَا
مِنْ أَوَّلِ مَنْ أَسْلَمَ مِنَ الأَنْصَارِ بِمَكَّةَ
وَيُجْعَلُ فِي الثَّمَانِيَةِ الَّذِيْنَ لَقَوْا
رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
بِمَكَّةَ وَيُجْعَلُ فِي السِّتَّةِ وَفِي أَهْلِ
العَقَبَةِ الأُوْلَى الاثْنَيْ عَشَرَ، وَفِي
السَّبْعِيْنَ.
آخَى رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
بَيْنَهُ وَبَيْنَ عُثْمَانَ بنِ مَظْعُوْنٍ شَهِدَ
بَدْراً وَالمَشَاهِد وَبَعَثَهُ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى خَيْبَرَ خَارِصاً2
بَعْدَ ابْنِ رَوَاحَةَ.
وَعَنْ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ حَبَّانَ: أَنَّ أَبَا
الهَيْثَمِ بَعَثَهُ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَارِصاً ثُمَّ بَعَثَهُ أَبُو بَكْرٍ
فَأَبَى وَقَالَ إِنِّي كُنْتُ إِذَا خَرَصْتُ لِرَسُوْلِ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَرَجَعْتُ
دَعَا لِي.
وَعَنْ صَالِحِ بنِ كَيْسَانَ، قَالَ: تُوُفِّيَ أبو
الهيثم في خلافة عمر.
__________
1 ترجمته في في طبقات ابن سعد "3/ 447-449"، الجرح
والتعديل "4/ ق1/ 207"، الإصابة "3/ ترجمة رقم 7601".
2 الخرص: هو حزر ما على النخلة والكرمة من الرطب تمرا ومن
العنب زبيبا، وهو من الخرض: الظن؛ لأن الحزر إنما هو تقدير
بظن، والاسم الخرص بالكسر. يقال: كم خرص أرضك؟ وفاعل ذلك
الخارص.
(3/121)
وَقَالَ غَيْرُهُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ
عِشْرِيْنَ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: هَذَا أَثْبَتُ عِنْدَنَا مِمَّنْ
رَوَى أَنَّهُ قُتِلَ بِصِفِّيْنَ مَعَ عَلِيٍّ.
أَخْبَرَنَا سُنْقُرُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّطِيْفِ،
أَنْبَأَنَا عَبْدُ الحَقِّ، أَنْبَأَنَا أَبُو الحَسَنِ
الحاجب، أنبأنا أبو الحسن الحمامي، أنبأنا بن قَانِعٍ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بنُ جَامِعٍ العَطَّارُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الحَكِيْمِ بنُ
مَنْصُوْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ المَلِكِ بنُ عُمَيْرٍ،
عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي الهَيْثَمِ بنِ
التَّيِّهَانِ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "المستشار مؤتمن" 1.
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "5/ 274"، وعبد بن حميد "235"، وابن
ماجه "3746"، وابن حبان "1991"، موارد، والطبراني "638"،
والبيهقي "10/ 112" من طرق عن الأسود بن عامر عن شريك،
عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ،
عَنْ أبي مسعود -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- عَنِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: فذكره.
قلت: إسناده ضعيف، لضعف شريك وهو ابن عبد الله القاضي.
وأبو عمرو الشيباني، هو سعد بن إياس، وأبو مسعود، هو عقبة
بن عمرو الأنصاري، وله شاهد من حديث أبي هريرة: أخرجه
البخاري في "الأدب المفرد" "256"، وأبو داود "5128"،
والترمذي في "السنن" "2369، 2822"، وفي "الشمائل" "134،
والحاكم "4/ 131"، والبيهقي في "السنن" "10/ 112"، وفي شعب
الإيمان "4604" من طريق شيبان، عن عبد الملك بن عمير، عن
أبي سلمة، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- به في قصة، وله
شاهد من حديث النعمان بن بشير -رضي الله عنه- أخرجه الخطيب
في "تاريخه" "13/ 285" من طريق داود بن الزبرقان، عن محمد
بن عبيد الله، عن قرظة العجلي، عنه به.
(3/122)
38- أبو جندل
1:
بن سهيل بن عمرو بن عبد شمس، بنِ عَبْدِ وُدٍّ بنِ نَصْرِ
بنِ حِسْلِ بنِ عَامِرِ بنِ لُؤَيِّ بنِ غَالِبِ بنِ
فِهْرٍ العَامِرِيُّ القُرَشِيّ وَاسْمُهُ العَاصُ.
كَانَ مِنْ خِيَارِ الصَّحَابَةِ، وَقَدْ أَسْلَمَ
وَحَبَسَهُ أَبُوْهُ وَقَيَّدَهُ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ
صُلْحِ الحُدَيْبِيَةِ هَرَبَ يَحْجِلُ فِي قُيُوْدِهِ
وَأَبُوْهُ حَاضِرٌ بَيْنَ يَدَيْ النَّبِيِّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِكتَابِ الصُّلْحِ فَقَالَ
هَذَا أَوَّلُ مَنْ أُقَاضِيْكَ عَلَيْهِ يَا مُحَمَّدُ
فَقَالَ هَبْهُ لِي فَأَبَى فَرَدَّهُ وَهُوَ يَصِيْحُ
وَيَقُوْلُ يَا مُسْلِمُوْنَ! أُرَدُّ إِلَى الكُفْرِ?
ثُمَّ إِنَّهُ هَرَبَ2. وَلَهُ قِصَّةٌ مَشْهُوْرَةٌ
مَذْكُوْرَة فِي "الصَّحِيْحِ"، وَفِي المَغَازِي ثُمَّ
خَلصَ وَهَاجَرَ وَجَاهَدَ ثُمَّ انْتَقَلَ إِلَى جِهَادِ
الشَّامِ فَتُوُفِّيَ شَهِيْداً فِي طَاعُوْنِ عَمَوَاسَ
بِالأُرْدُنِّ سَنَةَ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "2/ 97" و"4/ 99" و"7/ 405"،
والإصابة "4/ ترجمة رقم 203"، شذرات الذهب "1/ 30".
2 صحيح: أخرجه البخاري "2700"، "2731، 2732".
(3/122)
29- وأخوه عبد
الله بن سهيل 1:
خَرَجَ مَعَ أَبِيْهِ إِلَى بَدْرٍ يَكْتُمُ إِيْمَانَهُ،
فَلَمَّا الْتَقَى الجَمْعَانِ، تَحَوَّلَ إِلَى
المُسْلِمِيْنَ، وَقَاتَلَ، وَعُدَّ بَدْرِيّاً، رَضِيَ
اللهُ عَنْهُ.
وَلَهُ غَزَوَاتٌ ومواقف، واستشهد يوم اليمامة، وله ثمان
وثمانون سَنَةً.
وَقِيْلَ: بَلْ هُوَ مِنَ السَّابِقِيْنَ الأَوَّلِيْنَ،
وَإِنَّهُ هَاجَرَ إِلَى الحَبَشَةِ الهِجْرَةَ الأُوْلَى،
رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
وَذَكَرَ الوَاقِدِيُّ، قَالَ: لَمَّا حَجَّ أبو بكر
بالناس قيل حَجَّةِ الوَدَاعِ، لَقِيَهُ سُهَيْلُ بنُ
عَمْرٍو -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- فَقَالَ: بَلَغَنِي يَا
أَبَا بَكْرٍ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "قَالَ: "يَشْفَعُ الشَّهِيْدُ
لِسَبْعِيْنَ مِنْ أَهْلِهِ" 2. فَأَرْجُو أن يبدأ عبد
الله بي.
فَهَذَا لاَ يَسْتَقِيْمُ، لَكِنْ قَالَهُ -إِنْ كَانَ
قَالَهُ- لَمَّا اسْتُشْهِدَ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ
بِاليَمَامَةِ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "8/ 347"، والجرح والتعديل "2/
ق2/ 67"، والإصابة 2 ترجمة رقم "4736".
2 حسن لغيره: إسناده ضعيف جدا، فيه الواقدي، متروك.
وقد أخرجه أبو داود "2522" من طريق الوليد بن رباح
الذماري، حدثني عمي نمران بن عتبة الذماري قال: دخلنا على
أم الدرداء ونحن أيتام، فقالت: أبشروا فإني سمعت أَبَا
الدَّرْدَاءِ يَقُوْلُ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فذكره.
قلت: إسناده ضعيف، لجهالة نمران بن عتبة الذماري، لذا قال
الحافظ في "التقريب" مقبول -أي عند المتابعة- وللحديث شاهد
عن المقدام بن معدي كرب: أخرجه الترمذي "1663" من طريق
بقية بن الوليد، عن بَحِيْرُ بنُ سَعْدٍ، عَنْ خَالِدِ بنِ
مَعْدَانَ، عَنِ المِقْدَامِ بنِ معدي كرب قَالَ: قَالَ
رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "للشهيد عند
الله ست خصال: يغفر له في أول دفعة، ويرى مقعده من الجنة،
ويجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر، ويوضع على
رأسه تاج الوقار، الياقوتة منها خير من الدنيا وما فيها،
ويزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين، ويشفع في سبعين
من أقاربه".
وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح غريب.
قلت: بل إسناده ضعيف، آفته بقية بن الوليد، وهو مشهور
بتدليس التسوية، وقد عنعنه، لكن الحديث يرتقي بمجموع
الطريقين إلى درجة الحسن، والله تعالى أعلى وأعلم.
(3/123)
30- وسهيل بنُ عَمْرٍو أَبُوْهُمَا 1:
يُكْنَى أَبَا يَزِيْدَ. وَكَانَ خَطِيْبَ قُرَيْشٍ
وَفَصِيْحَهُم وَمِنْ أَشْرَافِهِم لَمَّا أَقْبَلَ فِي
شَأْنِ الصُّلْحِ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "سَهُلَ أَمْرُكُم" 2.
تَأَخَّرَ إِسْلاَمُهُ إِلَى يَوْمِ الفَتْحِ ثُمَّ حَسُنَ
إِسْلاَمُهُ وَكَانَ قَدْ أُسِرَ يَوْم بَدْرٍ وَتَخَلَّصَ
قَامَ بِمَكَّةَ وَحَضَّ على النفير وقال يا آل غَالِبٍ!
أَتَارِكُوْنَ أَنْتُم مُحَمَّداً وَالصُّبَاةَ3
يَأْخُذُوْنَ عِيْرَكُم? مَنْ أَرَادَ مَالاً فَهَذَا
مَالٌ وَمَنْ أَرَادَ قُوَّةً فَهَذِهِ قُوَّةٌ وَكَانَ
سَمْحاً جَوَاداً مُفَوَّهاً وَقَدْ قَامَ بِمَكَّةَ
خَطِيْباً عِنْدَ وَفَاةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِنَحْوٍ مِنْ خطبة الصديق بالمدينة
فسكنهم وعظم الإسلام.
قَالَ الزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ: كَانَ سُهَيْلُ بَعْدُ
كَثِيْرَ الصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ وَالصَّدَقَةِ خَرَجَ
بِجَمَاعَتِهِ إِلَى الشَّامِ مُجَاهِداً وَيُقَالُ
إِنَّهُ صَامَ وَتَهَجَّدَ حَتَّى شَحُبَ لَوْنُهُ
وَتَغَيَّرَ وَكَانَ كَثِيْرَ البُكَاءِ إِذَا سَمِعَ
القُرْآنَ وَكَانَ أَمِيْراً عَلَى كُرْدُوْسٍ4 يَوْم
اليَرْمُوْكِ.
قَالَ المَدَائِنِيُّ وَغَيْرُهُ: اسْتُشْهِدَ يَوْمَ
اليَرْمُوْكِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَالوَاقِدِيُّ مَاتَ
فِي طَاعُوْنِ عَمَوَاسَ.
حَدَّثَ عَنْهُ يَزِيْدُ بنُ عَمِيْرَةَ الزُّبَيْدِيُّ
وَغَيْرُهُ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 405، 406" و"7/ 404-405"
و"8/ 262"، والجرح والتعديل "2/ ق1/ 245"، والتاريخ الكبير
"2/ ق 2 / 103-104"، والإصابة "2/ ترجمة رقم "3573".
2 صحيح: أخرجه البخاري "2731، 2732"، في جزء من حديث طويل
من طريق أيوب، عن عكرمة أنه لما جاء سهيل بن عمرو، وقال
النبي صلى الله عليه وسلم: "قد سهل لكم من أمركم".
3 الصباة: بغير همز، كأنه جمع الصابي غير مهموز، كقاض
وقضاة وغاز وغزاة. وكانت العرب تسمي النبي صلى الله عليه
وسلم، الصابئ؛ لأنه خرج من دين قريش إلى الإسلام، ويسمون
من يدخل في دين الإسلام مصبوا؛ لأنهم كانوا لا يهمزون،
فأبدلوا من الهمزة واوا، ويسمون المسلمين الصباة، بغير
همز.
4 الكردوس: هي القطعة العظيمة من الخيل والجيش، والجمع
كراديس، والكراديس، الفرق منهم.
(3/124)
31- البراء بن
مالك 1:
ابن النضر بن ضمضم بنِ زَيْدِ بنِ حَرَامِ بنِ جُنْدَبِ
بنِ عَامِرِ بنِ غَنْمِ بنِ عَدِيِّ بنِ النَّجَّارِ
الأَنْصَارِيُّ النَّجَّارِيُّ المَدَنِيُّ.
البَطَلُ الكَرَّارُ صَاحِبُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَخُوْ خَادِمِ النَّبِيِّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَسِ بنِ مَالِكٍ
شهد أحدًا، وبايع تحت الشجرة.
قِيْلَ: كَتَبَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ إِلَى أُمَرَاءِ
الجَيْشِ لاَ تَسْتَعْمِلُوا البَرَاءَ عَلَى جَيْشٍ
فَإِنَّهُ مَهْلَكَةٌ مِنَ المَهَالِكِ يَقْدَمُ بِهِم.
وَبَلَغَنَا أَنَّ البَرَاءَ يَوْمَ حَرْبِ مُسَيْلِمَةَ
الكَذَّابِ أَمَرَ أَصْحَابَهُ أن يحملوه عَلَى تُرْسٍ
عَلَى أَسِنَّةِ رِمَاحِهِم وَيُلْقُوْهُ فِي الحَدِيْقَةِ
فَاقْتَحَمَ إِلَيْهِم وَشَدَّ عَلَيْهِم وَقَاتَلَ حَتَّى
افْتَتَحَ بَابَ الحَدِيْقَةِ. فَجُرِحَ يَوْمَئِذٍ
بِضْعَةً وَثَمَانِيْنَ جُرْحاً وَلِذَلِكَ أَقَامَ
خَالِدُ بنُ الوَلِيْدِ عَلَيْهِ شَهْراً يُدَاوِي
جِرَاحَهُ.
وَقَدِ اشْتُهِرَ أَنَّ البَرَاءَ قَتَلَ فِي حُرُوْبِهِ
مَائَةَ نَفْسٍ مِنَ الشُّجْعَانِ مُبَارَزَةً.
مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوْبَ، عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ قَالَ:
قَالَ الأَشْعَرِيُّ -يَعْنِي فِي حِصَارِ تُسْتَرَ-2
لِلْبَرَاءِ بنِ مَالِكٍ: إِنْ قَدْ دُلِلْنَا عَلَى
سِرْبٍ يَخْرُجُ إِلَى وَسْطِ المَدِيْنَةِ فَانْظُرْ
نَفَراً يَدْخُلُوْنَ مَعَكَ فِيْهِ فَقَالَ البَرَاءُ
لِمَجْزَأَةَ بنِ ثَوْرٍ انْظُرْ رَجُلاً مِنْ قَوْمِكَ
طَرِيْفاً جَلْداً فَسَمِّهِ لِي. قَالَ: وَلِمَ? قَالَ:
لِحَاجَةٍ. قَالَ: فإني أنا ذلك الرجل.
قَالَ: دُلِلْنَا عَلَى سِرْبٍ وَأَرَدْنَا أَنْ
نَدْخُلَهُ قَالَ: فَأَنَا مَعَكَ فَدَخَلَ مَجْزَأَةُ
أَوَّلَ مَنْ دَخَلَ فَلَمَّا خَرَجَ مِنَ السِّرْبِ
شَدَخُوْهُ بِصَخْرَةٍ ثُمَّ خَرَجَ النَّاسُ مِنَ
السِّرْبِ فَخَرَجَ البَرَاءُ فَقَاتَلَهُم فِي جَوْفِ
المَدِيْنَةِ وَقُتِلَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وَفَتَحَ
اللهُ عَلَيْهِم.
سَلاَمَةُ، عَنْ عَمِّهِ عقِيْلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ
أَنَسٍ مَرْفُوْعاً قَالَ: "كَمْ مِنْ ضعيفٍ متضعفٍ ذِي
طِمْرَيْنِ لَوْ أقسم على الله لأبره" منهم البراء بن
مَالِكٍ وَإِنَّ البَرَاءَ لَقِيَ المُشْرِكِيْنَ وَقَدْ
أَوْجَعَ المُشْرِكُوْنَ فِي المُسْلِمِيْنَ فَقَالُوا
لَهُ يَا بَرَاءُ! أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِنَّكَ لَوْ أَقْسَمْتَ
عَلَى اللهِ لأَبَرَّكَ فَأَقْسِمْ عَلَى رَبِّكَ" قَالَ:
أُقْسِمُ عَلَيْكَ يَا رب لما منحتنا أكتافهم. وذكر
الحديث3.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 16-17"، والتاريخ الكبير
"1/ ق2/ 117"، والجرح والتعديل "1/ ق1 / 399"، حلية
الأولياء "1/ 350-351"، والإصابة "1/ ترجمة 620".
2 تستر: هي أعظم مدينة بخوزستان.
3 صحيح لغيره: أخرجه الحاكم "3/ 291-292" من طريق محمد بن
إسحاق، عن محمد بن عزيز قال: حدثنا سلامة، عن عقيل، عن ابن
شهاب، به.
قلت: في إسناده ثلاث علل: الأولى محمد بن إسحاق، مدلس، وقد
عنعنه.
الثانية: محمد بن عزيز الأيلي، فيه ضعف، وقد تكلموا في صحة
سماعة من عمه سلامة.
الثالثة: سلامة هو ابن روح، قيل لم يسمع من عمه عقيل بن
خالد، ورواه الترمذي "3854" من طريق جعفر عن ثابت وعلي بن
زيد، عن أنس، به.=
(3/125)
عَبْدُ السَّلاَمِ بنُ مُطَهَّر:
حَدَّثَنَا أَبُو سَهْلٍ البصري، عن محمد بن سيرين، عَنْ
أَنَسٍ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أَخِيْهِ البَرَاءِ وَهُوَ
يَتَغَنَّى فَقَالَ: تَتَغَنَّى? قَالَ: أَتَخْشَى عَلَيَّ
أَنْ أَمُوْتَ عَلَى فِرَاشِي وَقَدْ قَتَلْتُ تِسْعَةً
وَتِسْعِيْنَ نَفَساً مِنَ المُشْرِكِيْنَ مُبَارَزَةً
سِوَى مَا شَارَكْتُ فِيْهِ المُسْلِمِيْنَ?.
وَفِي رِوَايَةٍ: يَا أَخِي! تَتَغَنَّى بِالشِّعْرِ
وَقَدْ أَبْدَلَكَ اللهُ بِهِ القُرْآنَ؟
وَقَالَ حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: زَعَمَ ثَابِتٌ، عَنْ
أَنَسٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى البَرَاءِ وَهُوَ يَتَغَنَّى
وَيُرَنِّمُ قَوْسَهُ فَقُلْتُ: إِلَى مَتَى هَذَا? قَالَ:
أَترَانِي أَمُوْتُ عَلَى فِرَاشِي? وَاللهِ لَقَدْ
قَتَلْتُ بضعًا وتسعين.
بن عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: بَارَزَ البَرَاءُ
مرزبَانَ الزَّارَةِ1 فَطَعَنَهُ فَصَرَعَهُ وَأَخَذَ
سَلَبَهُ.
اسْتُشْهِدَ يَوْمَ فتح تستر سنة عشرين.
__________
= وورد عن أنس بلفظ: "إن من عباد الله من لو أقسم على الله
لأبره"، وهو صحيح أَخْرَجَهُ البُخَارِيّ "4500" عَنْ
عَبْدِ اللهِ بنِ مُنِيْر، عن عبد الله بن بكر السهمي، عن
حميد الطويل، عنه، به. وله شاهد عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ:
"رب أشعث ذي طمرين تنبو عنه أعين الناس، لو أقسم على الله
لأبره".
أخرجه الحاكم "4/ 328" من طريق المطلب بن عبد الله بن
حنطب، عنه مرفوعا، والمطلب هذا مدلس وقد عنعنه: وأخرجه
مسلم "2622، 2854"، والبغوي "4069" من طريق العلاء بن عبد
الرحمن، عن أبيه، عنه، به.
والأشعث: هو المغبر الرأس، المنتف الشعر، الحاف الذي لم
يدهن. والطمر: الثوب الخلق.
1 الزارة: قرية كبيرة بالبحرين.
(3/126)
32- نوفل
1:
ابْنِ عَمِّ رَسُوْل اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- الحَارِثِ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ الهَاشِمِيُّ
أَبُو الحَارِثِ أَخُو أَبِي سُفْيَانَ بنِ الحَارِثِ.
كَانَ نَوْفَلُ أَسَنَّ مِنْ عَمِّهِ العَبَّاسِ. حَضَرَ
بَدْراً مَعَ المُشْرِكِيْنَ فَأُسِرَ فَفَدَاهُ عَمُّهُ
العَبَّاسُ ثُمَّ أَسْلَمَ وَهَاجَرَ عَامَ الخَنْدَقِ.
وَقِيْلَ: آخَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- بَيْنَهُ وَبَيْنَ العَبَّاسِ وَقَدْ كَانَا
شَرِيْكَيْنِ فِي الجَاهِلِيَّةِ مُتَصَافِيَيْنِ شَهِدَ
نَوْفَلُ بَيْعَةَ الرّضْوَانِ وَأَعَانَ رَسُوْلَ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ حُنَيْنٍ
بِثَلاَثَةِ آلاَفِ رُمْحٍ وَثَبَتَ مَعَهُ يَوْمَئِذٍ
وَمَا عَلِمْتُ لَهُ رِوَايَةً وَلاَ ذِكْراً بِأَكْثَرَ
مِمَّا أَوْرَدْتُ.
قِيْلَ: مَاتَ سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَقِيْلَ: مَاتَ سَنَةَ
خَمْسَ عَشْرَةَ وَكَانَ أَسَنَّ بَنِي هَاشِمٍ فِي
زَمَانِهِ.
__________
1 ترجمته في "الجرح والتعديل" "4/ ق1/ 487"، والإصابة "3/
ترجمة رقم 8826".
(3/126)
33- وابنه
الحارث بن نوفل 1:
أَسْلَمَ مَعَ أَبِيْهِ وَوَلِيَ مَكَّةَ لِعُمَرَ
وَعُثْمَانَ وَقَدِ اسْتَعْمَلَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى بَعْضِ العَمَلِ
وَقِيْلَ إِنَّهُ نَزَلَ البَصْرَةَ وَبَنَى بِهَا دَاراً.
مَاتَ فِي خِلاَفَةِ عُثْمَانَ، عن نحو من سبعين سنة.
__________
1 ترجمته في "الجرح والتعديل" "1/ ق2/ 91" والإصابة "1/
ترجمة 1500".
(3/127)
34- وابنه عبد
الله بن الحارث 1: "ع"
ابن نوفل الهاشمي وَلَقَبُهُ ببَّة وُلِدَ فِي حَيَاةِ
النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اجْتَمَعَ
أَهْلُ البَصْرَةِ عِنْدَ مَوْتِ يَزِيْدَ عَلَى
تَأْمِيْرِهِ عَلَيْهِم.
قَالَ الزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ: هُوَ ابْنُ أُخْتِ
مُعَاوِيَةَ بنِ أَبِي سُفْيَانَ وَاسْمُهَا هِنْدٌ. هِيَ
كَانَتْ تُنَقِّزُهُ وَتَقُوْلُ:
يَا ببَّة يَا ببَّه ... لأُنْكِحَنَّ ببَّه
جَارِيَةً خِدَبَّهْ ... تَسُوْدُ أَهْلَ الكَعْبَهْ
اصْطَلَحَ أَهْلُ البَصْرَةِ فَأَمَّرُوْهُ عِنْدَ
هُرُوْبِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ زِيَادٍ وَكَتَبُوا إِلَى
ابْنِ الزُّبَيْرِ بِالبَيْعَةِ لَهُ قَالَ فَأَقَرَّهُ
عَلَيْهِم.
حَدَّثَ، عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَأُبَيِّ بنِ كَعْبٍ
وَعَلِيٍّ وَالعَبَّاسِ وَكَعْبِ الأَحْبَارِ وَطَائِفَةٍ
وَأَرْسَلَ حَدِيْثاً. شَهِدَ الجَابِيَةَ مَعَ عُمَرَ
حَدَّثَ عَنْهُ ابْنَاهُ إِسْحَاقُ وَعَبْدُ اللهِ وَأَبُو
التياح يزيد بن حميد وابن شِهَابٍ وَعَبْدُ المَلِكِ بنُ
عُمَيْرٍ وَمَوْلاَهُ يَزِيْدُ بنُ أَبِي زِيَادٍ وَأَبُو
إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ وَعُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ
وَآخَرُوْنَ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: هُوَ ثِقَةٌ تَابِعِيٌّ أَتَتْ بِهِ
أَمُّهُ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- إِذْ دَخَلَ عَلَيْهَا فَتَفَلَ فِي فِيْهِ
وَدَعَا لَهُ.
قَالَ: وَخَرَجَ هَارِباً مِنَ البَصْرَةِ إِلَى عُمَانَ
خَوْفاً مِنَ الحَجَّاجِ عِنْدَ فِتْنَةِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الأَشْعَثِ فَمَاتَ
بِعُمَانَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثٍ
وَثَمَانِيْنَ
قُلْتُ: كَانَ مِنْ أَبْنَاءِ الثَّمَانِيْنَ وَحَدِيْثُهُ
فِي الكُتُبِ السِّتَّةِ وَكَانَ كَثِيْرَ الحَدِيْثِ
يُحَدِّثُ أَيْضاً، عَنْ صَفْوَانَ بنِ أُمَيَّةَ وَأُمِّ
هَانِئ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ، وَحَكِيْمِ بنِ حِزَامٍ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "4/ 56-57" و"5/ 295-471" و"6/
340"، والتاريخ الكبير "3/ ق1/ 63"، والجرح والتعديل "2/
ق2/ 30"، تهذيب التهذيب "5/ 180"، والإصابة "3/ ترجمة
6583".
(3/127)
35- وَابْنُهُ عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ
اللهِ بنِ الحارث 1: "خ، م"
ابن نوفل أَبُو يَحْيَى الهَاشِمِيُّ، أَخُو إِسْحَاقَ
وَمُحَمَّدٍ.
حدَّثَ، عَنْ أَبِيْهِ، وَابنِ عَبَّاسٍ، وَعَبْدِ اللهِ
بنِ خَبَّابِ بنِ الأَرَتِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ شَدَّادٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَخُوْهُ عَوْنٌ وَالزُّهْرِيُّ وَعَاصِمُ
بنُ عُبَيْدِ اللهِ وَعَبْدُ الحَمِيْدِ الخَطَّابِيُّ
وَكَانَ مِنْ صَحَابَةِ سُلَيْمَانَ الخَلِيْفَةِ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: ثِقَةٌ قَلِيْلُ الحَدِيْثِ
قَتَلَتْهُ السَّمُوْمُ بِالأَبْوَاءِ فِي سَنَةِ سَبْعٍ
وَتِسْعِيْنَ وَهُوَ مَعَ الخَلِيْفَةِ سُلَيْمَانَ
فَصَلَّى عليه.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "3/ ق1/ 126"، وتهذيب التهذيب
"5/ 284".
(3/128)
36- سعيد بن
الحارث 1:
ابن عبد المطلب بن عَمِّ رَسُوْل اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
لَهُ حَدِيْثٌ وَاحِدٌ فِيْمَنْ لَقِيَ اللهَ مُؤْمِناً
دَخَلَ الجَنَّةَ2 رَوَاهُ عَنْهُ سَلْمَانُ الأَغَرُّ
لَكِنْ فِي إِسْنَادِهِ ابْنُ لَهِيْعَةَ.
ذَكَرَهُ الحَاكِمُ فِي الصَّحَابَةِ مِنْ صَحِيْحِهِ
وَمَا رَأَيْتُ مَنْ ذَكَرَهُ غيره.
__________
1 ترجمته في "الإصابة" "2/ ترجمة رقم "3250".
2 ضعيف: أخرجه الحاكم "3/ 247"، وفي إسناده ابن لهيعة،
ضعيف لسوء حفظه.
(3/128)
37- أبو سفيان
بن الحارث 1:
هُوَ ابْنُ عَمِّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- المُغِيْرَةُ بنُ الحَارِثِ بنِ عَبْدِ
المُطَّلِبِ بنِ هَاشِمٍ الهاشمي أخو نوفل وربيعة.
تَلَقَّى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
فِي الطَّرِيْقِ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ مُسْلِماً
فَانْزَعَجَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- وَأَعْرَضَ عَنْهُ
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "4/ 49-54"، والإصابة "3/ ترجمة
"8176".
(3/128)
لأَنَّهُ بَدَتْ مِنْهُ أُمُوْرٌ فِي
أَذِيَّةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
فَتَذَلَّلَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- حَتَّى رَقَّ لَهُ ثُمَّ حَسُنَ إِسْلاَمُهُ
وَلَزِمَ هُوَ وَالعَبَّاسُ رَسُوْلَ اللهِ يَوْمَ
حُنَيْنٍ إِذْ فَرَّ النَّاسُ وَأَخَذَ بِلِجَامِ
البَغْلَةِ وَثَبَتَ مَعَهُ.
وَقَدْ رَوَى عَنْهُ وَلَدُهُ عَبْدُ المَلِكِ أَنَّ
النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ:
"يَا بَنِي هَاشِمٍ! إِيَّاكُمْ وَالصَّدَقَةَ".
وَكَانَ أَخَا النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- مِنَ الرَّضَاعَةِ أَرْضَعَتْهُمَا حَلِيْمَةُ.
سَمَّاهُ هِشَامُ بنُ الكَلْبِيِّ، وَالزُّبَيْرُ:
مُغِيْرَةَ وَقَالَ طَائِفَةٌ اسْمُهُ كُنْيَتُهُ
وَإِنَّمَا المُغِيْرَةُ أَخُوْهُم.
وَقِيْلَ: كَانَ الَّذِيْنَ يُشَبَّهُوْنَ بِالنَّبِيِّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَعْفَرٌ وَالحَسَنُ
بنُ عَلِيٍّ وَقُثَمُ بنُ العَبَّاسِ وَأَبُو سُفْيَانَ
بنُ الحَارِثِ.
وَكَانَ أَبُو سُفْيَانَ مِنَ الشُّعَرَاءِ وَفِيْهِ
يَقُوْلُ حَسَّان:
أَلاَ أَبْلِغْ أَبَا سُفْيَانَ عَنِّي ... مُغَلْغَلَةً
فَقَدْ بَرِحَ الخَفَاءُ
هَجَوْتَ مُحَمَّداً فَأَجَبْتُ عَنْهُ ... وَعِنْدَ اللهِ
فِي ذَاكَ الجَزَاءُ
ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بنِ عُمَرَ عَمَّنْ حدثه
قال: تراجع الناس يوم حُنَيْنٍ. ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَحَبَّ أَبَا
سُفْيَانَ هَذَا وَشَهِدَ لَهُ بِالجَنَّةِ وَقَالَ:
"أَرْجُو أَنْ يَكُوْنَ خَلَفاً مِنْ حَمْزَةَ"1.
قِيْلَ: إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ حَجَّ، فَحَلَقَهُ
الحَلاَّقُ فَقَطَعَ ثُؤْلُوْلاً فِي رَأْسِهِ فَمَرِضَ
مِنْهُ وَمَاتَ بَعْدَ قُدُوْمِهِ بِالمَدِيْنَةِ وَصَلَّى
عَلَيْهِ عُمَرُ. وَيُقَالُ: مَاتَ بَعْدَ أَخِيْهِ
نَوْفَلِ بنِ الحَارِثِ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ.
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ: لَمَّا احْتُضِرَ
أَبُو سُفْيَانَ بنُ الحَارِثِ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ
قَالَ: لاَ تَبْكُوا عَلَيَّ فَإِنِّي لَمْ أَتَنَطَّفْ
بِخَطِيْئَةٍ مُنْذُ أَسْلَمْتُ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَلأَبِي سُفْيَانَ يَرْثِي
النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
أَرِقْتُ فَبَاتَ لَيْلِي لاَ يَزُوْلُ ... وَلَيْلُ أَخِي
المُصِيْبَةِ فِيْهِ طُوْلُ
وَأَسْعَدَنِي البُكَاءُ وَذَاكَ فِيْمَا ... أُصِيْبَ
المُسْلِمُوْنَ بِهِ قَلِيْلُ
فَقَدْ عَظُمَتْ مُصِيْبَتُنَا وَجَلَّتْ ... عَشِيَّةَ
قِيْلَ قَدْ قُبِضَ الرَّسُوْلُ
فَقَدْنَا الوَحْيَ وَالتَّنْزِيْلَ فِيْنَا ... يَرُوْحُ
بِهِ وَيَغْدُو جبرئيل
__________
1 ضعيف: أخرجه ابن سعد "4/ 52"، وفيه مبهم، وأخرجه ابن سعد
"4/ 53" من طريق حماد بن سلمة، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ،
عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَبُو سُفْيَانَ بنُ الحَارِثِ
سَيِّدُ فِتْيَانِ أهل الجنة" وإسناده ضعيف لإرساله.
(3/129)
وَذَاكَ أَحَقُّ مَا سَالَتْ عَلَيْهِ ...
نُفُوْسُ الخَلْقِ أَوْ كَادَتْ تَسِيْلُ
نَبِيٌّ كَانَ يَجْلُو الشَّكَّ عَنَّا ... بِمَا يُوْحَى
إِلَيْهِ وَمَا يَقُوْلُ
وَيَهْدِيْنَا فَلاَ نَخْشَى ضَلاَلاً ... عَلَيْنَا
وَالرَّسُوْلُ لَنَا دَلِيْلُ
فَلَمْ نَرَ مِثْلَهُ فِي النَّاسِ حَيّاً ... وَلَيْسَ له
من الموتى عديل
أَفَاطِمُ إِنْ جَزِعْتِ فَذَاكَ عُذْرٌ ... وَإِنْ لَمْ
تَجْزَعِي فَهُوَ السَّبِيْلُ
فَعُوْدِي بِالعَزَاءِ فَإِنَّ فِيْهِ ... ثَوَابَ اللهِ
وَالفَضْلُ الجَزِيْلُ
وَقُوْلِي فِي أَبِيْكِ وَلاَ تَمَلِّي ... وَهَلْ يَجْزِي
بِفَضْلِ أَبِيْكِ قِيْلُ
فَقَبْرُ أَبِيْكِ سَيِّدُ كُلِّ قَبْرٍ ... وَفِيْهِ
سَيِّدُ النَّاسِ الرَّسُوْلُ
وَقَدِ انْقَرَضَ نَسْلُ أَبِي سُفْيَانَ. قَالَهُ ابْنُ
سَعْدٍ.
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ:، عَنْ علي بن زيد، عن سعيد بن
المسيب أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ بنَ الحَارِثِ كَانَ
يُصَلِّي فِي الصَّيْفِ نِصْفَ النَّهَارِ حَتَّى تُكره
الصلاةُ ثُمَّ يُصَلِّي مِنَ الظُّهْرِ إِلَى العَصْرِ.
حَمَّادُ بن سلمة، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ
أَبِيْهِ قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: "أَبُو سُفْيَانَ بنُ الحَارِثِ سَيِّدُ
فِتْيَانِ أَهْلِ الجَنَّةِ" فَحَجَّ فَحَلَقَهُ
الحَلاَّقُ وَفِي رَأْسِهِ ثُؤْلُوْلٌ فَقَطَعَهُ فَمَاتَ.
فَيَرَوْنَهُ شَهِيْداً1.
وَيُقَالُ مَاتَ سنة عشرين بالمدينة.
__________
1 ضعيف: أخرجه ابن سعد "4/ 53". وهو ضعيف لإرساله.
(3/130)
38- جَعْفَرِ بنِ أَبِي سُفْيَانَ 1:
صُحْبَةٌ وَثَبَتَ مَعَهُ هُوَ وَأَبُوْهُ يَوْمَ حُنَيْنٍ
وَعَاشَ إِلَى وَسْطِ خلافة معاوية. قاله ابن سعد.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "4/ 55"، الجرح والتعديل "1/
ق1/ 480".
(3/130)
39- جعفر بن
أبي طالب 1:
السَّيِّدُ الشَّهِيْدُ الكَبِيْرُ الشَّأْنِ عَلَمُ
المُجَاهِدِيْنَ أَبُو عَبْدِ اللهِ ابْنُ عَمِّ رَسُوْلِ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَبْدِ مَنَافٍ
بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ بنِ هَاشِمِ بنِ عَبْدِ مَنَافٍ
بنِ قُصَيِّ الهَاشِمِيُّ أَخُو عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ
وهو أسن من علي بعشر سنين.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "4/ 34-41"، وتاريخ خليفة
"86-87"، والتاريخ الكبير "1/ ق2 / 185"، والجرح والتعديل
"1/ ق1/ 482"، تهذيب التهذيب "2/ 98"، والإصابة "1/ ترجمة
1166".
(3/130)
هَاجَرَ الهِجْرَتَيْنِ وَهَاجَرَ مِنَ
الحَبَشَةِ إِلَى المَدِيْنَةِ فَوَافَى المُسْلِمِيْنَ
وَهُمْ عَلَى خَيْبَرَ إِثْرَ أَخْذِهَا فَأَقَامَ
بِالمَدِيْنَةِ أَشْهُراً ثُمَّ أَمَّرَهُ رَسُوْلُ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى جَيْشِ
غَزْوَةِ مُؤْتَةَ بِنَاحِيَةِ الكَرَكِ فَاسْتُشْهِدَ.
وَقَدْ سُرَّ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- كَثِيْراً بِقُدُوْمِهِ وَحَزِنَ وَاللهِ
لِوَفَاتِهِ.
رَوَى شَيْئاً يَسِيْراً وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ مَسْعُوْدٍ
وَعَمْرُو بنُ العَاصِ وَأُمُّ سَلَمَةَ وَابْنُهُ عَبْدُ
اللهِ.
حُدَيْجُ بنُ مُعَاوِيَةَ:، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ
عَبْدِ اللهِ بنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ قَالَ:
بَعَثَنَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- إِلَى النَّجَاشِيِّ ثَمَانِيْنَ رَجُلاً:
أَنَا وَجَعْفَرٌ وَأَبُو مُوْسَى وَعَبْدُ اللهِ بنُ
عُرْفُطَةَ وَعُثْمَانُ بنُ مَظْعُوْنٍ وَبَعَثَتْ
قُرَيْشٌ عَمْرَو بنَ العَاصِ وَعُمَارَةَ بنَ الوَلِيْدِ
بِهَدِيَّةٍ. فَقَدِمَا عَلَى النَّجَاشِيِّ فَلَمَّا
دَخَلاَ سَجَدَا له وابتدراه فقعد واحدًا، عَنْ يَمِيْنِهِ
وَالآخَرُ، عَنْ شِمَالِهِ فَقَالاَ: إِنَّ نَفَراً مِنْ
قَوْمِنَا نَزَلُوا بِأَرْضِكَ فَرَغِبُوا، عَنْ
مِلَّتِنَا. قَالَ: وَأَيْنَ هُمْ؟ قَالُوا: بِأَرْضِكَ
فَأَرْسَلَ فِي طَلَبِهِم فَقَالَ جَعْفَرٌ: أَنَا
خَطِيْبُكُم فَاتَّبَعُوْهُ. فدخل فسلم فقالوا: مالك لاَ
تَسْجُدُ لِلْمَلِكِ? قَالَ: إِنَّا لاَ نَسْجُدُ إلَّا
لِلِّهِ. قَالُوا: وَلِمَ ذَاكَ? قَالَ: إِنَّ اللهَ
أَرْسَلَ فِيْنَا رَسُوْلاً وَأَمَرَنَا أَنْ لاَ نَسْجُدَ
إلَّا لِلِّهِ وَأَمَرَنَا بِالصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ.
فَقَالَ عَمْرٌو: إِنَّهُم يُخَالِفُوْنَكَ فِي ابْنِ
مَرْيَمَ وَأُمِّهِ. قَالَ: مَا تَقُوْلُوْنَ فِي ابْنِ
مَرْيَمَ وَأُمِّهِ? قَالَ جَعْفَرٌ: نَقُوْلُ كَمَا قَالَ
اللهُ: رُوْحُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى
العَذْرَاءِ البَتُوْلِ الَّتِي لَمْ يَمَسَّهَا بَشَرٌ.
قَالَ: فَرَفَعَ النَّجَاشِيُّ عُوْداً مِنَ الأَرْضِ
وَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الحَبَشَةِ وَالقِسِّيْسِيْنَ
وَالرُّهْبَانِ مَا تُرِيْدُوْنَ مَا يَسُوْؤُنِي هَذَا!
أَشْهَدُ أَنَّهُ رَسُوْلُ اللهِ وَأَنَّهُ الَّذِي
بَشَّرَ بِهِ عِيْسَى فِي الإِنْجِيْلِ وَاللهِ لَوْلاَ
مَا أَنَا فِيْهِ مِنَ المُلْكِ لأَتَيْتُهُ فَأَكُوْنَ
أَنَا الَّذِي أَحْمِلُ نَعْلَيْهِ وَأُوَضِّئُهُ.
وَقَالَ: انْزِلُوا حَيْثُ شِئْتُم وَأَمَرَ بِهَدِيَّةِ
الآخَرَيْنِ فَرُدَّتْ عَلَيْهِمَا. قَالَ: وَتَعَجَّلَ
ابن مسعود فشهد بدرًا1.
__________
1 حسن لغيره: أخرجه أحمد "1/ 461"، والطيالسي "346"
والبيهقي في "الدلائل" "2/ 298" من طريق حديج بن معاوية
أخي زهير بن معاوية، عن أبي إسحاق، به.
قلت: إسناده ضعيف، فيه علتان.
الأولى: حديج بن معاوية، أخو زهير بن معاوية ضعفه ابن معين
والنسائي.
الثانية: أبو إسحاق السبيعي، مدلس، وقد عنعنه، وقد اختلط
بأخرة، ولا يعلم روى عنه حديج قبل الاختلاط أم بعده؟. ولكن
الحديث يرتقي لدرجة الحديث الحسن بما بعده.
(3/131)
وَرَوَى نَحْواً مِنْهُ: مُجَالِدٌ، عَنِ
الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ، عَنْ
أَبِيْهِ1 وَرَوَى نحوه بن عَوْنٍ، عَنْ عُمَيْرِ بنِ
إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بنِ العَاصِ2.
مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ:، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي
بَكْرٍ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أم سَلَمَةَ قَالَتْ:
لَمَّا ضَاقَتْ عَلَيْنَا مَكَّةُ وَأُوْذِيَ أصحاب رسول
الله -صلى الله عليه وسلم- وَفُتِنُوا وَرَأَوْا مَا
يُصِيْبُهُم مِنَ البَلاَءِ وَأَنَّ رَسُوْلَ اللهِ لاَ
يَسْتَطِيْعُ دَفْعَ ذَلِكَ عَنْهُم وَكَانَ هُوَ فِي
مَنَعَةٍ مِنْ قَوْمِهِ وَعَمِّهِ لاَ يَصِلُ إِلَيْهِ
شَيْءٌ مِمَّا يَكْرَهُ مِمَّا يَنَالُ أَصْحَابَهُ.
فَقَالَ لَهُم رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: "إِنَّ بِأَرْضِ الحَبَشَةِ مَلِكاً لا يُظلم
أحدًا عِنْدَهُ فَالْحَقُوا بِبِلاَدِهِ حَتَّى يَجْعَلَ
اللهُ لَكُم فَرَجاً وَمَخْرَجاً " فَخَرَجْنَا إِلَيْهِ
أَرْسَالاً حَتَّى اجْتَمَعْنَا فَنَزَلْنَا بِخَيْرِ
دَارٍ إِلَى خَيْرِ جَارٍ أمنَّا عَلَى دِيْنِنَا3.
قَالَ الشَّعْبِيُّ: تَزَوَّجَ عَلِيٌّ أَسْمَاءَ بِنْتَ
عُمَيْسٍ فَتَفَاخَرَ ابْنَاهَا مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ
وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي بَكْرٍ. فَقَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا:
أَبِي خَيْرٌ مِنْ أَبِيْكِ. فَقَالَ عَلِيٌّ: يَا
أَسْمَاءُ! اقْضِي بَيْنَهُمَا. فَقَالَتْ: مَا رَأَيْتُ
شَابّاً كَانَ خَيْراً مِنْ جَعْفَرٍ وَلاَ كَهْلاً
خَيْراً مِنْ أَبِي بَكْرٍ. فَقَالَ عَلِيٌّ: مَا تَرَكْتِ
لَنَا شَيْئاً وَلَوْ قُلْتِ غَيْرَ هَذَا لَمَقَتُّكِ.
فَقَالَتْ: وَاللهِ إِنَّ ثَلاَثَةً أَنْتَ أخسُّهم
لَخِيَارٌ.
مُجَالِدٌ:، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ
جَعْفَرٍ قَالَ: مَا سَأَلْتُ عَلِيّاً شَيْئاً بِحَقِّ
جعفر إلَّا أعطانيه.
__________
1 حسن لغيره: أخرجها ابن عساكر من طريق أبي القاسم بن
البغوي قال حدثنا أبو عبد الرحمن الجعفي، عن عَبْدُ اللهِ
بنُ عُمَرَ بنِ أَبَانٍ، حَدَّثَنَا أسد بن عمرو البجلي،
عن مجالد بن سعيد، به.
قلت: إسناده ضعيف، فيه مجالد بن سعيد، ضعيف. والثانية: أسد
بن عمرو البجلي، قال يزيد بن هارون: لا يحل الأخذ عنه.
وقال يحيى: كذوب ليس بشيء، وقال البخاري: ضعيف. لكن الحديث
يحسن بما قبله، وبما بعده.
2 حسن لغيره: في إسناده عمير بن إسحاق، قال الحافظ في
"التقريب": مقبول أي عند المتابعة، ولكن الحديث يرتقي بما
قبله، لدرجة الحسن لغيره.
3 حسن: أخرجه أحمد "1/ 201-203"، وأبو نعيم في "الحلية"
"1/ 115-116"، وفي "دلائل النبوة" "194"، والطبراني مختصرا
من طريق ابن إسحاق حدثني محمد بن مسلم بن عبيد الله بن
شِهَابٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ
الحَارِثِ بنِ هشام المخزومي، عن أم سلمة ابنة أبي أمية بن
المغيرة زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَتْ: فذكرته.
قلت: إسناده حسن، محمد بن إسحاق، صدوق، مشهور بالتدليس،
ولكنه صرح بالتحديث، فانتفت علة تدليسه، فالحديث حسن،
والله تعالى أعلى وأعلم.
(3/132)
ابْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا الأَسْوَدُ
بنُ شَيْبَانَ، عَنْ خَالِدِ بنِ شُمَيْرٍ قَالَ: قَدِمَ
عَلَيْنَا عَبْدُ اللهِ بنُ رَبَاحٍ فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ
نَاسٌ فَقَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو قَتَادَةَ قَالَ: بَعَثَ
رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
جَيْشَ الأُمَرَاءِ وَقَالَ: "عَلَيْكُم زَيْدٌ فَإِنْ
أُصِيْبَ فَجَعْفَرٌ فَإِنْ أُصِيْبَ جَعْفَرٌ فَابْنُ
رَوَاحَةَ" فَوَثَبَ جَعْفَرٌ وَقَالَ: بِأَبِي أنت وأمي!
ما كنت أرهب أن تَسْتَعْمِلَ زَيْداً عَلَيَّ. قَالَ:
"امْضُوا فَإِنَّكَ لاَ تَدْرِي أَيُّ ذَلِكَ خَيْرٌ"
فَانْطَلَقَ الجَيْشُ فَلَبِثُوا مَا شَاءَ اللهُ. ثُمَّ
إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
صَعِدَ المِنْبَرَ وَأَمَرَ أَنْ يُنَادَى: الصَّلاَةُ
جَامِعَةٌ. قَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"أَلاَ أُخْبِرُكُم عَنْ جَيْشِكُم إِنَّهُم لَقُوا
العَدُوَّ فَأُصِيْبَ زَيْدٌ شَهِيْداً فَاسْتَغْفِرُوا
لَهُ ثُمَّ أَخَذَ اللِّوَاءَ جَعْفَرٌ فَشَدَّ عَلَى
النَّاسِ حتى قتل ثم أخذه بن رَوَاحَةَ فَأَثْبَتَ
قَدَمَيْهِ حَتَّى أُصِيْبَ شَهِيْداً ثُمَّ أَخَذَ
اللِّوَاءَ خَالِدٌ" وَلَمْ يَكُنْ مِنَ الأُمَرَاءِ هُوَ
أَمَّرَ نَفْسَهُ فَرَفَعَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُصْبُعَيْهِ وَقَالَ: "اللَّهُمَّ
هُوَ سَيْفٌ مِنْ سُيُوْفِكَ فَانْصُرْهُ" - فَيَوْمَئِذٍ
سُمِّيَ سَيْفَ اللهِ. ثُمَّ قَالَ: "انْفِرُوا
فَامْدُدُوا إِخْوَانَكُم وَلاَ يَتَخَلَّفَنَّ أَحَدٌ"
فَنَفَرَ النَّاسُ فِي حَرٍّ شَدِيْدٍ1.
بن إِسْحَاقَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ عَبَّادٍ، عَنْ
أَبِيْهِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي الَّذِي أَرْضَعَنِي
وَكَانَ مِنْ بَنِي مُرَّةَ بنِ عَوْفٍ قَالَ: لَكَأَنِّي
أَنْظُرُ إِلَى جَعْفَرٍ يَوْمَ مُؤْتَةَ حِيْنَ
اقْتَحَمَ، عَنْ فَرَسٍ لَهُ شَقْرَاءَ فَعَقَرَهَا ثُمَّ
قَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ2.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ عقر في
الإسلام وقال:
يَا حَبَّذَا الجَنَّةُ وَاقْتِرَابُهَا ... طيبةٌ وباردٌ
شَرَابُهَا
وَالرُّوْمُ رُوْمٌ قَدْ دَنَا عَذَابُهَا ... عَلَيَّ
إِنْ لاَقَيْتُهَا ضِرَابُهَا
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
عُمَرَ بنِ علي، عن أبيه قَالَ: ضَرَبَهُ رُوْمِيٌّ
فَقَطعَهُ بِنِصْفَيْنِ. فَوُجِدَ فِي نصفه بضعة وثلاثون
جرحًا.
__________
1 حسن: أخرجه أحمد "5/ 299، 300، 301" حدثنا عبد الرحمن بن
مهدي، به.
قلت: إسناده حسن، خالد بن شمير السدوسي البصري، صدوق يهم
قليلا، كما قال الحافظ في "التقريب".
2 حسن: أخرجه أبو داود "2573" حدثنا محمد بن سلمة، عن محمد
بن إسحاق، حدثني يحيى بن عباد، به.
قلت: إسناده حسن، رجاله ثقات خلا محمد بن إسحاق، فإنه
صدوق، ومدلس مشهور بالتدليس، لكنه قد صرح بالتحديث فأمنا
شر تدليسه.
(3/133)
أَبُو أُوَيْسٍ1:، عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنْ
نَافِعٍ، عن بن عُمَرَ قَالَ: فَقَدْنَا جَعْفَراً يَوْمَ
مُؤْتَةَ فَوَجَدْنَا بَيْنَ طَعْنَةٍ وَرَمْيَةٍ بِضْعاً
وَتِسْعِيْنَ. وَجَدْنَا ذَلِكَ فِيْمَا أَقْبَلَ مِنْ
جَسَدِهِ2.
أُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ الليثي، عن نافع أن بن عُمَرَ قَالَ:
جَمَعْتُ جَعْفَراً عَلَى صَدْرِي يَوْمَ مُؤْتَةَ
فَوَجَدْتُ فِي مُقَدَّمِ جَسَدِهِ بِضْعاً وَأَرْبَعِيْنَ
من بين ضربة وطعنة3. أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، عَنْ
عَمْرِو بنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِيْهِ: سَأَلَ رَسُوْلُ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ جَعْفَرٍ
فَقَالَ رَجُلٌ: رَأَيْتُهُ حِيْنَ طَعَنَهُ رَجُلٌ
فَمَشَى إِلَيْهِ فِي الرُّمْحِ فَضَرَبَهُ فَمَاتَا
جَمِيْعاً4.
سَعْدَانُ بنُ الوَلِيْدِ: عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ بَيْنَمَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَالِسٌ وَأَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ
قَرِيْبَةٌ إِذْ قَالَ: "يَا أَسْمَاءُ! هَذَا جَعْفَرٌ
مَعَ جِبْرِيْلَ وَمِيْكَائِيْلَ مرَّ فَأَخْبَرَنِي
أَنَّهُ لَقِي المُشْرِكِيْنَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا فسلَّم
فرُدِّي عَلَيْهِ السَّلاَمَ". وَقَالَ: "إِنَّهُ لَقِي
المُشْرِكِيْنَ فَأَصَابَهُ فِي مَقَادِيْمِهِ ثَلاَثٌ
وَسَبْعُوْنَ فَأَخَذَ اللِّوَاءَ بِيَدِهِ اليُمْنَى
فَقُطِعَتْ ثُمَّ أَخَذَ بِاليُسْرَى فَقُطِعَتْ. قَالَ:
فَعَوَّضَنِي اللهُ مِنْ يَدَيَّ جَنَاحَيْنِ أَطِيْرُ
بِهِمَا مَعَ جِبْرِيْلَ وَمِيْكَائِيْلَ فِي الجَنَّةِ
آكُلُ مِنْ ثِمَارِهَا"5.
وَعَنْ أَسْمَاءَ، قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُوْلُ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَدَعَا بَنِي جعفر
فرأيته شمَّهم، وذرفت
__________
1 هو: أبو أويس المدني، عبد الله بن عَبْدِ اللهِ بنِ
أُوَيْسِ بنِ مَالِكِ بنِ أبي عامر الأصبحي، قريب مالك،
وصهره، وهو صدوق يهم، من الطبقة السابعة، مات سنة "67هـ"،
روى له مسلم وأصحاب السنن الأربعة.
2 صحيح: أخرجه البخاري "4261"، وأبو نعيم في "الحلية" "1/
115-116" من طريق مغيرة بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن
سعيد، عن نافع، عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-
قَالَ: أَمْرُ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ في غزوة زيد بن حارثة، فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: "إن قتل زيد فجعفر، وان قتل جعفر فعبد الله بن
رواحة". قال عبد الله: كنت فيهم في تلك الغزوة، فالتمسنا
جعفر بن أبي طالب، فوجدناه في القتلى، ووجدنا ما في جسده
بضعا وتسعين من طعنة ورمية.
3 صحيح: وهذا إسناد حسن، فيه أسامة بن زيد الليثي، صدوق،
لكن أخرجه البخاري "4260" من طريق عمرو عن أبي هلال قال:
وأخبرني نافع أن ابن عمر أخبره أنه وقف على جعفر يومئذ وهو
قتيل، فعددت به خمسين بين طعنة وضربة ليس منها شيء في
دبره. يعني في ظهره.
4 ضعيف: فيه علتان الأولى: عمرو بن ثابت، وهو ابن أبي
المقدام الكوفي ضعيف، رمي بالرفض الثانية: أبو المقدام
ثابت بن هرمز الكوفي الحداد، بينه وَبَيْنَ رَسُوْل اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مفاوز تنقطع دونها
أعناق المطي، فالإسناد معضل.
5 أخرجه الحاكم "3/ 210" من طريق سعدان بن الوليد، به.
قلت: في إسناده سعدان، لم أجد من ترجم له.
(3/134)
عَيْنَاهُ. فَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ
أَبَلَغَكَ، عَنْ جَعْفَرٍ شَيْءٌ? قَالَ: "نَعَمْ قُتِلَ
اليَوْمَ" فَقُمْنَا نَبْكِي وَرَجَعَ فَقَالَ: "اصْنَعُوا
لآلِ جَعْفَرٍ طَعَاماً فقد شغلوا، عن أنفسهم" 1.
وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا جَاءتْ وَفَاةُ جَعْفَرٍ
عَرَفْنَا فِي وَجْهِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- الحُزْنَ2.
أَبُو شَيْبَةَ العَبْسِيُّ:، حَدَّثَنَا الحَكَمُ، عن
مقسم، عن بن عَبَّاسٍ قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "رَأَيْتُ جَعْفَرَ بنَ أَبِي
طَالِبٍ مَلَكاً فِي الجَنَّةِ مُضَرَّجَةً قَوَادِمُهُ
بِالدِّمَاءِ يَطِيْرُ فِي الجنة"3.
__________
1 حسن: أخرجه أحمد "6/ 370" عن محمد بن إسحاق قال: حدثنا
عبد الله بن أبي بكر، عن أم عيسى الجزار، عن أم جعفر بنت
محمد بن جعفر بن أبي طالب عن جدتها أسماء بنت عميس، به.
قلت: إسناده ضعيف، فيه علتان:
الأولى: أم عيسى الجزار، ويقال لها أم عيسى الخزاعية لا
يعرف حالها، كما قال الحافظ في "التقريب".
الثانية: أم جعفر بنت محمد بن جعفر بن أبي طالب مجهولة
أيضا، لذا قال الحافظ في "التقريب". "مقبولة" أي: عند
المتابعة، وله شاهد عن عبد الله بن جعفر قال: لما جاء نعي
جعفر حين قتل، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "اصنعوا الآل
جعفر طعاما، فقد أتاهم أمر يشغلهم -أو أتاهم ما يشغلهم".
أخرجه الشافعي "1/ 216"، وعبد الرزاق "6665"، والحميدي
"537"، وأحمد "1/ 205"، وأبو داود "3132"، والترمذي "998"،
وابن ماجه "1610" وأبو يعلى "6801"، والحاكم "1/ 372"،
والبيهقي "4/ 61"، والبغوي "1552" من طريق سفيان بن عيينة
حدثنا جعفر بن خالد، عن أبيه، عن عبد الله بن جعفر، به.
قلت: إسناده حسن، خالد هو ابن سارة، ويقال خالد بن عبيد بن
سارة المخزومي المكي، صدوق كما قال الحافظ في "التقريب".
2 صحيح: أخرجه البخاري "1299، 1305، 4263" من طريق عبد
الوهاب قال: سمعت يحيى قال: أخبرتني عمرة قالت: سمعت عائشة
-رضي الله عنها- قالت: لما جاء النبي صلى الله عليه وسلم
قتل ابن حارثة وجعفر وابن رواحة جلس يُعرف فيه الحزن، وأنا
أنظر من صائر الباب شق الباب......" وأخرجه الحاكم "3/
209" من طريق محمد بن إسحاق قال: حدثني القاسم، عن أبيه،
عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لما أتى نعي
جعفر عرفنا في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم الحزن".
3 ضعيف جدا: أخرجه الطبراني في "الكبير" "2/ 1467"، "11/
12112" من طريق أبي شيبة، عن الحكم، به.
قلت: إسناده ضعيف جدا، آفته أبو شيبة العبسي الكوفي،
إبراهيم بن عثمان كذبه شعبة. وقال ابن معين: ليس بثقة.
وقال البخاري: سكتوا عنه. وقال النسائي: متروك الحديث.
وانظر التعليق الآتي.
(3/135)
عبد الله بن جعفر المدنيي: عَنِ العَلاَءِ،
عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوْعاً:
"رَأَيْتُ جَعْفَراً لَهُ جَنَاحَانِ فِي الجَنَّةِ" 1.
وجاء نحوه، عن بن عَبَّاسٍ وَالبَرَاءِ، عَنِ النَّبِيِّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَيُقَالُ عَاشَ بِضْعاً وَثَلاَثِيْنَ سَنَةً -رَضِيَ
اللهُ عَنْهُ.
عَبْدُ اللهِ بنُ نُمَيْرٍ:، عَنِ الأَجْلَحِ، عَنِ
الشَّعْبِيِّ قَالَ: لَمَّا رَجَعَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ خَيْبَرَ تَلَقَّاهُ
جَعْفَرٌ فَالْتَزَمَهُ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَبَّلَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَقَالَ:
"مَا أَدْرِي بِأَيِّهِمَا أَنَا أَفْرَحُ: بِقُدُوْمِ
جَعْفَرٍ أَمْ بِفَتْحِ خَيْبَرَ"2.
وَفِي روَايَةِ مُحَمَّدِ بنِ رَبِيْعَةَ، عَنْ أَجْلَح:
فَقَبَّلَ مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَضَمَّهُ وَاعْتَنَقَهُ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: آخَى رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ جَعْفَرِ بنِ أَبِي
طَالِبٍ وَمُعَاذِ بنِ جَبَلٍ فَأَنْكَرَ هَذَا
الوَاقِدِيُّ وَقَالَ: إِنَّمَا كَانَتِ المُؤَاخَاةُ
قَبْلَ بَدْرٍ فَنَزَلَتْ آيَةُ الميراث وانقطعت المؤخاة
وجعفر يومئذ بالحبشة.
__________
1 صحيح لغيره: إسناد ضعيف، فيه عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرِ
بنِ نَجِيْحٍ، وَالِدُ علي بن المديني متفق على ضعفة قال
يحيى: ليس بشيء. وقال ابن المديني: أبي ضعيف، وقال أبو
حاتم: منكر الحديث جدا. وقال النسائي: متروك الحديث. وقال
الجوزجاني: واه، وقد أخرجه الترمذي "3763"، والحاكم "3/
209" من طريق عبد الله بن جعفر هذا عن العلاء، به. وقال
الترمذي في إثره: "هذا حديث غريب من حديث أبي هريرة لاَ
نَعْرِفُهُ إِلاَّ مِنْ حَدِيْثِ عَبْدِ اللهِ بن جعفر،
وقد ضعفه، يحيى بن معين وغيره، وعبد الله بن جعفر والد علي
بن المديني". لكن للحديث شاهد عن الشعبي أن ابن عمر -رضي
الله عنهما- كان إذا سلم على ابن جعفر قال: "السلام عليك
يابن ذي الجناحين"، أخرجه البخاري "3709" من طريق يزيد بن
هارون، أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، به.
وقال أبو عبد الله -أي البخاري- الجناحان كل ناحيتين، وله
شاهد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عليه وسلم: "مر بي جعفر الليلة في ملأ من
الملائكة، وهو مخضب الجناحين بالدم أبيض الفؤاد". أخرجه
الحاكم "3/ 212" من طريق حماد بن سلمة، عن عبد الله بن
المختار، عن محمد بن سيرين عنه، به. وقال الحاكم: صحيح على
شرط مسلم، ووافقه الذهبي. وكذا قال الحافظ في "الفتح" "7/
76"، وقال الحافظ في "الفتح "7/ 76": ورواه الطبراني عن
ابن عباس مرفوعا: "دخلت البارحة الجنة فرأيت فيها جعفرا
يطير مع الملائكة"، وفي طريق أخرى عنه "أن جعفرا يطير مع
جبريل وميكائيل له جناحان عوضه الله من يديه"، وإسناده هذه
جيد.
2 ضعيف: أخرجه الحاكم "3/ 211" الحسن بن الحسين العرني،
حدثنا أجلح بن عبد الله، به. قلت: هو مرسل. وفيه أجلح بن
عبد الله اختلفوا فيه، فقد وثقه ابن معين. وقال أبو حاتم:
ليس بالقوي. وقال النسائي: ضعيف، له رأي سوء. وقال القطان:
في نفسي منه شيء. وقال ابن عدي: شيعي صدوق. وكذا قال
الحافظ في "التقريب" صدوق.
(3/136)
حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ: عَنْ جَعْفَرِ بنِ
مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيْهِ أَنَّ ابْنَةَ حَمْزَةَ
لَتَطُوْفُ بَيْنَ الرِّجَالِ إِذْ أَخَذَ عَلِيٌّ
بِيَدِهَا فَأَلْقَاهَا إِلَى فَاطِمَةَ فِي هَوْدَجِهَا
فَاخْتَصَمَ فِيْهَا هُوَ وَجَعْفَرٌ وَزَيْدٌ فَقَالَ
عَلِيٌّ: ابْنَةُ عَمِّي وَأَنَا أَخْرَجْتُهَا وَقَالَ
جَعْفَرٌ: ابْنَةُ عَمِّي وَخَالَتُهَا تَحْتِي. فَقَضَى
بِهَا لِجَعْفَرٍ وَقَالَ: الخَالَةُ وَالِدَةٌ. فَقَامَ
جَعْفَرٌ فَحَجلَ حَوْلَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَارَ عَلَيْهِ فَقَالَ: مَا هَذَا?
قَالَ" شَيْءٌ رأيت الحبشة يصنعونه بملوكهم1.
أمها سلمى بنت عميس وخالتها أسماء.
بن إسحاق، عن بن قُسَيْطٍ2، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ أُسَامَةَ
بنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِيْهِ: سَمِعَ النَّبِيَّ يَقُوْلُ
لِجَعْفَرٍ: "أَشْبَهَ خَلقُكَ خَلْقي وَأَشْبَهَ خُلقكَ
خُلُقي فَأَنْتَ مِنِّي وَمِنْ شَجَرَتِي"3.
إِسْرَائِيْلُ: عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاءِ
وَعَنْ هُبَيْرَةَ بنِ مَرْيَمَ وَهَانِئ بنِ هَانِئٍ،
عَنْ عَلِيٍّ قَالاَ: إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لِجَعْفَرٍ: "أشبَهتَ
خَلْقي وخُلُقي" 4.
حماد بن سلمة، عن ثابت وَعَوْفٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ
النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ
ذَلِكَ لِجَعْفَرٍ.
قَالَ الشَّعْبِيُّ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا سَلَّمَ
عَلَى عَبْدِ الله بن جعفر قال: السلام عليك يابن ذي
الجناحين5.
__________
1 ضغيف: أخرجه ابن سعد "4/ 35" وهو مرسل بل معضل، محمد بنِ
عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ بنِ عَلِيِّ بنِ أبي طالب، أبو
جعفر الباقر، من الطبقة الرابعة، فبينه وبين علي بن أبي
طالب، وجعفر، وزيد مفاوز تنقطع دونها أعناق المطي. لكن خبر
اختصام علي وزيد وجعفر في ابنة حمزة، ورد عند البخاري
"2669"، دون ذكر الحجل، والحجل: أن يرفع رجلا ويقفز على
الأخرى من الفرح. وقد يكون بالرجلين إلا أنه قفز، وقيل
الحجل: مشي المقيد.
وأخرجه أحمد "1/ 108"، وأبو يعلى "526"، و"554" من طريق
يحيى بن آدم، حدثنا إِسْرَائِيْلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ،
عَنْ هَانِئ بنِ هانئ، وهبيرة بن يريم بن علي، به.
2 ابن قسيط: هو يزيد بن عبد الله بن قسيط بن أسامة بن عمير
الليثي أبو عبد الله المدني الأعرج، روى له الجماعة. مات
سنة اثنتين وعشرين ومائة بالمدينة. وذكر أبو حسان الزيادي
أنه بلغ تسعين سنة.
3 ضعيف: أخرجه أحمد "5/ 204"، وفي سنده محمد بن إسحاق،
صدوق مدلس، مشهور بالتدليس، وقد عنعنه. لكن فقرة: "أشبه
خَلْقك خَلْقي وأشبه خُلقك خُلقي". وردت عند البخاري
"2699" بلفظ: "وقال لجعفر "أشبهت خَلقي وخُلقي".
4 صحيح لغيره: إسناده ضعيف، فيه عنعنة ابن إسحاق، فهو مدلس
كما بينا في التعليق السابق، لكن الحديث ورد عند البخاري
"2699".
5 صحيح: أخرجه البخاري "3709" من طريق يزيد بن هارون،
أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، به. وقد سبق لنا
ذكره في تعليقنا القريب رقم "342".
(3/137)
ابْنِ إِسْحَاقَ:، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ
أَبِي بَكْرٍ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ
فِي شَأْنِ هِجْرَتِهِم إِلَى بِلاَدِ النَّجَاشِيِّ
وَقَدْ مَرَّ بَعْضُ ذَلِكَ قَالَتْ: فَلَمَّا رَأَتْ
قُرَيْشٌ ذَلِكَ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يُرْسِلُوا
إِلَيْهِ فَبَعَثُوا عَمْرَو بنَ العَاصِ وَعَبْدَ اللهِ
بنَ أَبِي رَبِيْعَةَ فَجَمَعُوا هَدَايَا لَهُ
وَلِبَطَارِقَتِهِ فَقَدِمُوا عَلَى المَلِكِ وَقَالُوا:
إِنَّ فِتْيَةً مِنَّا سُفَهَاءَ فَارَقُوا دِيْنَنَا
وَلَمْ يَدْخُلُوا فِي دِيْنِكَ وَجَاؤُوا بِدِيْنٍ
مُبْتَدَعٍ لاَ نَعْرِفُهُ وَلَجَؤُوا إِلَى بِلاَدِكَ
فَبُعِثْنَا إِلَيْكَ لِتَرُدَّهُم فَقَالَتْ
بَطَارِقتُهُ: صَدَقُوا أَيُّهَا المَلِكُ فَغَضِبَ. ثُمَّ
قَالَ: لاَ لعمرُ اللهِ لاَ أردهم إليهم حتى أكلمهم. قوم
لجئوا إِلَى بِلاَدِي وَاخْتَارُوا جِوَارِي. فَلَمْ
يَكُنْ شَيْءٌ أَبْغَضَ إِلَى عَمْرٍو وَابنِ أَبِي
رَبِيْعَةَ مِنْ أَنْ يَسْمَعَ المَلِكُ كَلاَمَهُم
فَلَمَّا جَاءهُمْ رَسُوْلُ النَّجَاشِيِّ اجْتَمَعَ
القَوْمُ وَكَانَ الَّذِي يُكَلِّمُهُ جَعْفَرُ بنُ أَبِي
طَالِبٍ فَقَالَ النَّجَاشِيُّ: مَا هَذَا الدِّيْنُ?
قَالُوا: أَيُّهَا المَلِكُ! كُنَّا قَوْماً عَلَى
الشِّرْكِ نَعْبُدُ الأَوْثَانَ وَنَأْكُلُ المَيْتَةَ
وَنُسِيْءُ الجِوَارَ وَنَسْتَحِلُّ المَحَارِمَ
وَالدِّمَاءَ فَبَعَثَ اللهُ إِلَيْنَا نَبِيّاً مِنْ
أَنْفُسِنَا نَعْرِفُ وَفَاءهُ وَصِدْقَهُ وَأَمَانَتَهُ
فَدَعَانَا إِلَى أَنْ نَعْبُدَ اللهَ وَحْدَهُ وَنَصِلَ
الرَّحِمَ وَنُحْسِنَ الجِوَارَ وَنُصَلِّيَ وَنَصُوْمَ.
قَالَ: فَهَلْ مَعَكُم شَيْءٌ مِمَّا جَاءَ بِهِ? -وَقَدْ
دَعَا أَسَاقِفَتَهُ فَأَمَرَهُمْ فَنَشَرُوا المَصَاحِفَ
حَوْلَهُ- فَقَالَ لَهُمْ جَعْفَرٌ: نَعَمْ فَقَرَأَ
عَلَيْهِم صَدْراً مِنْ سُوْرَةِ {كهيعص} [مريم: 1] . فبكى
والله النجاشي حتى أخضل لحيته وبكت أَسَاقِفَتُهُ حَتَّى
أَخضلُوا مَصَاحِفَهُم ثُمَّ قَالَ: إِنَّ هَذَا الكَلاَمَ
لَيَخْرُجُ مِنَ المِشْكَاةِ الَّتِي جَاءَ بِهَا مُوْسَى
انْطَلِقُوا رَاشِدِيْنَ لاَ وَاللهِ لاَ أَرُدُّهُم
عَلَيْكُم وَلاَ أُنْعِمُكُم عَيْناً فَخَرَجَا مِنْ
عِنْدِهِ فَقَالَ عَمْرٌو لآتينَّه غَداً بِمَا
أَسْتَأْصِلُ بِهِ خَضْرَاءهُم فَذَكَرَ لَهُ مَا
يَقُوْلُوْنَ فِي عِيْسَى1.
قَالَ شَبَابٌ: عَلِيٌّ وَجَعْفَرٌ وَعَقِيْلٌ أُمُّهُم
فَاطِمَةُ بِنْتُ أَسَدِ بنِ هَاشِمِ بنِ عَبْدِ مَنَافٍ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: هَاجَرَ جَعْفَرٌ إِلَى الحَبَشَةِ
بِزَوْجَتِهِ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ فَوَلَدَتْ
هُنَاكَ عَبْدَ اللهِ وَعَوْناً وَمُحَمَّداً.
وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ أَسْلَمَ جَعْفَرٌ بَعْدَ أَحَدٍ
وَثَلاَثِيْنَ نَفْساً.
إِسْمَاعِيْلُ بنُ أُوَيْسٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ
الحَسَنِ بنِ زَيْدٍ أَنَّ عَلِيّاً أَوَّلُ ذَكَرٍ
أَسْلَمَ ثُمَّ أَسْلَمَ زَيْدٌ ثُمَّ جَعْفَرٌ وَكَانَ
أَبُو بَكْرٍ الرَّابِعَ أَوِ الخَامِسَ.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ البَاقِرُ: ضَرَبَ رَسُوْلُ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ بَدْرٍ
لِجَعْفَرِ بنِ أَبِي طَالِبٍ بِسَهْمِهِ وَأَجْرِهِ.
__________
1 حسن: سبق تخريجنا له قريبا بتعليق رقم "331"، وهو عند
أحمد "1/ 201-203"، وأبو نعيم في "الحلية" "1/ 115-116"،
وفي "دلائل النبوة" له "194".
(3/138)
وَرُوِيَ مِنْ وُجُوْهٍ أَنَّ النَّبِيَّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا قَدِمَ
جَعْفَرٌ قَالَ: "لأَنَا بقدوم جعفر أَسَرُّ مني بفتح
خيبر"1.
فِي رِوَايَةٍ: تَلَقَّاهُ وَاعْتَنَقَهُ وَقبَّلَهُ.
وَفِي الصَّحِيْحِ مِنْ حَدِيْثِ البَرَاءِ وَغَيْرِهِ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
قَالَ لِجَعْفَرٍ: "أَشْبَهْتَ خَلْقي وخُلُقي" 2.
أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ،
حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ قَالَ: مَا احْتَذَى النِّعَالَ وَلاَ رَكِبَ
المَطَايَا بَعْدَ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أفضل مِنْ جَعْفَرِ بنِ أَبِي طَالِبٍ3 -يَعْنِي
فِي الجُوْدِ وَالكَرَمِ.
رَوَاهُ جَمَاعَةٌ، عَنْ خَالِدٍ وَلَهُ عِلَّةٌ
يَرْوِيْهِ عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَمْرٍو، عَنْ خَالِدٍ،
عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
ابن عَجْلاَنَ، عَنِ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
قَالَ: كُنَّا نُسَمِّي جَعْفَراً أَبَا المَسَاكِيْنِ
كَانَ يَذْهَبُ بِنَا إِلَى بَيْتِهِ فَإِذَا لَمْ يَجِدْ
لَنَا شَيْئاً أَخْرَجَ إِلَيْنَا عُكَّةً أَثَرُهَا
عَسَلٌ فنشقها ونلعقها4.
__________
1 ضعيف: سبق تخريجنا له برقم تعليق "343" وهو عند الحاكم
"3/ 211".
2 صحيح: سبق تخريجنا له في الصفحة السابقة بتعليق رقم
"347".
3 صحيح على شرط البخاري: "أخرجه أحمد "2/ 413"، والترمذي
"3764"، والنسائي في "الكبرى" "8157"، والحاكم "3/ 41،
209" والطبراني في "الأوسط" "7069" من طريق خالد الحذاء،
عن عكرمة به.
4 صحيح: أخرجه البخاري "3708".
(3/139)
40- عَقِيْلُ بنُ أَبِي طَالِبٍ
الهَاشِمِيُّ 1:
هُوَ أَكْبَرُ إِخْوَتِهِ وَآخِرُهُم مَوْتاً وَهُوَ جَدُّ
عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَقِيْلٍ المُحَدِّثِ
وَلَهُ أَوْلاَدٌ: مُسلمٌ وَيَزِيْدُ وَبِهِ كَانَ يُكْنَى
وَسَعِيْدٌ وَجَعْفَرٌ وَأَبُو سَعِيْدٍ الأَحْوَلُ
وَمُحَمَّدٌ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ وَعَبْدُ الله.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "4/ 42-44"، وتاريخ البخاري
الكبير "4/ ق1/ 50/ 51" والجرح والتعديل "3/ 218" ومصنف
ابن أبي شيبة "13/ 15782"، والاستيعاب "3/ 1078"، والإصابة
"2/ 2628"، وتهذيب التهذيب "7/ 254"، وخلاصة الخزرجي "2/
4918"، وتقريب التهذيب "2/ ترجمة 265".
(3/139)
شَهِدَ بَدْراً مُشْرِكاً، وَأُخْرِجَ
إِلَيْهَا مُكْرَهاً فَأُسِرَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ
فَفَدَاهُ عَمُّهُ العَبَّاسُ.
وروي أن عقيلًا قال للنبي صلىالله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَوْم أُسِرَ: مَنْ قَتَلْتَ مِنْ أَشْرَافِهِم? قَالَ
"قُتِلَ أَبُو جَهْلٍ" قَالَ: الآنَ صفا لك الوادي.
قال بن سَعْدٍ: خَرَجَ عَقِيْلٌ: مُهَاجِراً فِي أَوَّلِ
سَنَةِ ثَمَانٍ وَشَهِدَ مُؤْتَةَ ثُمَّ رَجَعَ
فَتَمَرَّضَ مُدَّةً فَلَمْ يُسْمَعْ لَهُ بِذِكْرٍ فِي
فَتْحِ مَكَّةَ وَلاَ حُنَيْنٍ وَلاَ الطَّائِفِ. وَقَدْ
أَطْعَمَهُ رَسُوْلُ الله -صلى الله عليه وسلم- بخيبر مئة
وأربعين وسقًا كل سنة.
وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَقِيْلٍ: أَنَّ
جَدَّهُ أَصَابَ يَوْمَ مُؤْتَةَ خَاتَماً فِيْهِ
تَمَاثِيْلُ فَنَفَلَهُ أَبَاهُ.
مَعْمَرٌ:، عَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ قَالَ: جَاءَ
عَقِيْلٌ بِمِخْيَطٍ فَقَالَ لامْرَأَتِهِ: خِيْطِي
بِهَذَا ثِيَابَكِ. فَسَمِعَ المُنَادِي إلَّا لاَ
يَغُلَّنَّ1 رَجُلٌ إِبْرَةً فَمَا فَوْقَهَا فَقَالَ
عَقِيْلٌ لَهَا: مَا أَرَى إِبْرَتَكِ إلَّا قَدْ
فَاتَتْكِ.
عِيْسَى بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ:، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
قَالَ لِعَقِيْلٍ: $"يَا أَبَا يَزِيْدَ! إِنِّي أُحِبُّكَ
حبين: لقرابتك ولحب عمي لك".
ابن جريح:، عَنْ عَطَاء رَأَيْتُ عَقِيْلَ بنَ أَبِي
طَالِبٍ شَيْخاً كَبِيْراً يُقِلُ الغَرْبَ.
قَالُوا: تُوُفِّيَ زَمَنَ معاوية وسيأتي من أخباره بعد.
__________
1 قوله: "لا يغلن" من الغلول، وهو الخيانة في المغنم
والسرقة من الغنيمة قبل القسيمة. يقال: غل في المغنم يغل
غلولا فهو غال. وكل من خان في شيء خفية فقد غل. وسميت
غلولا لأن الأيدي فيها مغلولة: أي ممنوعة مجعول فيها غل،
وهو الحديدة التي تجمع يد الأسير إلى عنقه.
(3/140)
41- زيد بن
حارثة 1:
بن شرَاحِيْلَ أَوْ شُرَحْبِيْلَ بنِ كَعْبِ بنِ عَبْدِ
العُزَّى بنِ يَزِيْدَ بنِ امْرِئِ القَيْسِ بنِ عَامِرِ
بنِ النُّعْمَانِ.
الأَمِيْرُ الشَّهِيْدُ النَّبَوِيُّ المُسَمَّى فِي
سُوْرَةِ الأَحْزَابِ أَبُو أُسَامَةَ الكَلْبِيُّ ثُمَّ
المُحَمَّدِيُّ سَيِّدُ المَوَالِي وَأَسْبَقُهُم إِلَى
الإِسْلاَمِ وَحِبُّ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبُو حبِّه وَمَا أَحَبَّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلا
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 40-47"، تاريخ خليفة "77،
85، 87"، ومسند أحمد "4/ 116"، وتاريخ البخاري الكبير "3/
ترجمة 1275، 1300"، والجرح والتعديل "3/ ترجمة 2530"، وأسد
الغابة "2/ 224" والإصابة "1/ ترجمة 2890"، وتهذيب التهذيب
"3/ 401"، تقريب التهذيب "2/ ترجمة 167".
(3/140)
إلَّا طَيِّباً وَلَمْ يُسَمِّ اللهُ
تَعَالَى فِي كِتَابِهِ صَحَابِيّاً بِاسْمِهِ إلَّا
زَيْدَ بنَ حَارِثَةَ وَعِيْسَى بنَ مَرْيَمَ عَلَيْهِ
السَّلاَمُ الَّذِي يَنْزِلُ حَكَماً مُقْسِطاً
وَيَلْتَحِقُ بِهَذِهِ الأُمَّةِ المَرْحُوْمَةِ فِي
صَلاَتِهِ وَصِيَامِهِ وَحَجِّهِ وَنِكَاحِهِ وَأَحْكَامِ
الدِّيْنِ الحَنِيْفِ جَمِيْعِهَا فَكَمَا أَنَّ أَبَا
القَاسِمِ سَيِّدُ الأَنْبِيَاءِ وَأَفْضَلُهُم
وَخَاتَمُهُم فَكَذَلِكَ عِيْسَى بَعْدَ نُزُوْلِهِ
أَفْضَلُ هَذِهِ الأُمَّةِ مُطْلَقاً وَيَكُوْنُ
خِتَامَهُم وَلاَ يَجِيْءُ بَعْدَهُ مَنْ فِيْهِ خَيْرٌ
بَلْ تَطْلُعُ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا وَيَأَذْنُ
اللهُ بِدُنُوِّ السَّاعَةِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ بنُ عَسَاكِرَ، أَنْبَأَنَا
عَبْدُ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا تَمِيْمٌ،
أَنْبَأَنَا أَبُو سَعْدٍ، أَنْبَأَنَا ابْنُ حَمْدَانَ،
أَنْبَأَنَا أَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ، حدثنا بندار،
حدثنا
عَبْدُ الوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ
عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَيَحْيَى بنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ، عَنْ أُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِيْهِ
قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْماً حَارّاً مِنْ أَيَّامِ
مَكَّةَ وَهُوَ مُرْدِفِي إِلَى نُصُبٍ مِنَ الأَنْصَابِ
وَقَدْ ذَبَحْنَا لَهُ شَاةً فَأَنْضَجْنَاهَا.
فَلَقِيَنَا زَيْدُ بنُ عَمْرِو بنِ نُفَيْلٍ فَقَالَ
النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا
زَيْدُ مَا لِي أَرَى قَوْمَكَ قَدْ شَنِفوا لَكَ"؟ قَالَ:
وَاللهِ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ ذَلِكَ لِغَيْرِ نَائِلَةٍ
لِي فِيْهِم وَلَكِنِّي خَرَجْتُ أَبْتَغِي هَذَا
الدِّيْنَ حَتَّى قَدِمْتُ عَلَى أَحْبَارِ فَدَكَ
فَوَجَدْتُهُم يَعْبُدُوْنَ اللهَ وَيُشْرِكُوْنَ بِهِ.
فَقَدِمْتُ عَلَى أَحْبَارِ خَيْبَرَ فَوَجَدْتُهُم
كَذَلِكَ فَقَدِمْتُ عَلَى أَحْبَارِ الشَّامِ فَوَجَدْتُ
كَذَلِكَ فَقُلْتُ: مَا هَذَا بِالدِّيْنِ الَّذِي
أَبْتَغِي. فَقَالَ شَيْخٌ مِنْهُم: إِنَّكَ لَتَسْأَلُ،
عَنْ دِيْنٍ مَا نَعْلَمُ أَحَداً يَعْبُدُ اللهَ بِهِ
إلَّا شَيْخٌ بِالحِيْرَةِ. فَخَرَجْتُ حَتَّى أَقْدُمَ
عَلَيْهِ فَلَمَّا رَآنِي قَالَ: مِمَّنْ أَنْتَ? قُلْتُ
مِنْ أَهْلِ بَيْتِ اللهِ. قَالَ: إِنَّ الَّذِي تَطْلُبُ
قَدْ ظَهَرَ بِبِلاَدِكَ قَدْ بُعِثَ نَبِيٌّ طَلَعَ
نَجْمُهُ وَجَمِيْعُ مَنْ رَأَيْتَهُم فِي ضَلاَلٍ. قَالَ:
فَلَمْ أُحِسَّ بِشَيْءٍ. قَالَ: فَقَرَّبَ إِلَيْهِ
السُّفْرَةَ فَقَالَ: مَا هَذَا يَا مُحَمَّدُ? قَالَ:
شَاةٌ ذَبَحْنَاهَا لِنُصُبٍ. قَالَ: فَإِنِّي لاَ آكُلُ
مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ.
وَتَفَرَّقْنَا فَأَتَى رَسُوْلُ اللهِ البَيْتَ فَطَافَ
بِهِ وَأَنَا مَعَهُ وَبِالصَّفَا وَالمَرْوَةِ وَكَانَ
عِنْدَهُمَا صَنَمَانِ مِنْ نُحَاسٍ: إِسَافٌ وَنَائِلَةُ.
وَكَانَ المُشْرِكُوْنَ إِذَا طَافُوا تَمَسَّحُوا بِهِمَا
فَقَالَ النَّبِيُّ: "لاَ تَمْسَحْهُمَا فَإِنَّهُمَا
رِجْسٌ" فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: لأمسنَّهما حَتَّى أَنْظُرَ
مَا يَقُوْلُ. فَمَسَسْتُهُمَا فَقَالَ: "يَا زَيْدُ
أَلَمْ تُنْهَ".
قَالَ وَمَاتَ زَيْدُ بنُ عَمْرٍو وَأُنْزِلَ عَلَى
النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ
النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لزيد:
"إِنَّهُ يُبْعَثُ أُمَّةً وَحْدَهُ".
فِي إِسْنَادِهِ مُحَمَّدٌ لاَ يُحْتَجُّ بِهِ وَفِي
بَعْضِهِ نَكَارَةٌ بَيِّنَةٌ.
عَنِ الحَسَنِ بنِ أُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ، قَالَ: كَانَ
النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَكْبَرَ
مِنْ زَيْدٍ بِعَشْرِ سِنِيْنَ. قَالَ: وَكَانَ قَصِيْراً
شَدِيْدَ الأُدْمَةِ أَفْطَسَ.
رَوَاهُ ابْنُ سَعْدٍ، عَنِ الواقدي، حدثنا محمد بن الحسن
بن أسامة، عَنْ أَبِيْهِ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ
(3/141)
سَعْدٍ: كَذَا صِفَتُهُ فِي هَذِهِ
الرِّوَايَةِ وَجَاءتْ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَنَّهُ كَانَ
شَدِيْدَ البَيَاضِ. وَكَانَ ابْنُهُ أُسَامَةُ أَسْوَدَ
وَلِذَلِكَ أُعْجِبَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِقَوْلِ مُجَزِّزٍ القَائِفِ حَيْثُ
يَقُوْلُ: "إِنَّ هَذِهِ الأَقْدَامَ بَعْضُهَا من بعض" 1.
لُوَيْنُ: حَدَّثَنَا حُدَيْجٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ
قَالَ: كَانَ جَبَلَةُ بنُ حَارِثَةَ فِي الحَيِّ.
فَقَالُوا لَهُ: أَنْتَ أَكْبَرُ أَمْ زَيْدٌ? قَالَ:
زَيْدٌ أَكْبَرُ مِنِّي وَأَنَا وُلِدْتُ قَبْلَهُ.
وَسَأُخْبِرُكُم: إِنَّ أُمَّنَا كَانَتْ مِنْ طَيِّئٍ
فَمَاتَتْ فَبَقِيْنَا فِي حَجْرِ جَدِّنَا فَقَالَ
عَمَّايَ لِجَدِّنَا: نَحْنُ أَحَقُّ بَابْنَي أَخِيْنَا.
فَقَالَ: خُذَا جَبَلَةَ وَدَعَا زَيْداً فَأَخَذَانِي
فَانْطَلَقَا بِي فَجَاءتْ خَيْلٌ مِنْ تِهَامَةَ
فَأَخَذَتْ زَيْداً فَوَقَعَ إِلَى خَدِيْجَةَ
فَوَهَبَتْهُ لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ.
عَبْدُ المَلِكِ بنُ أَبِي سُلَيْمَانَ:، حَدَّثَنَا أَبُو
فَزَارَةَ قَالَ: أَبْصَرَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- زَيْدَ بنَ حَارِثَةَ غُلاَماً ذَا
ذُؤَابَةٍ قَدْ أَوْقَفَهُ قَوْمُهُ بِالبَطْحَاءِ
لِلْبَيْعِ فَأَتَى خَدِيْجَةَ فَقَالَتْ: كَمْ ثَمَنُهُ?
قَالَ: "سَبْعُ مَائَةٍ" قَالَتْ: خُذْ سَبْعَ مَائَةٍ.
فَاشْتَرَاهُ وَجَاءَ بِهِ إِلَيْهَا فَقَالَ: "أَمَا
إِنَّهُ لَوْ كَانَ لِي لأَعْتَقْتُهُ" قَالَتْ: فهو لك.
فأعتقه.
وَعَنْ سُلَيْمَانَ بنِ يَسَارٍ وَغَيْرِهِ قَالُوا:
أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ زَيْدُ بنُ حَارِثَةَ.
مُوْسَى بنُ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيْهِ قَالَ:
مَا كُنَّا نَدْعُوْ زَيْدَ بنَ حَارِثَةَ إلَّا زَيْدَ
بنَ مُحَمَّدٍ. فَنَزَلَتْ {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ
أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّه} [الأَحْزَابُ:5] 2.
إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ:، عَنْ أَبِي عَمْرٍو
الشَّيْبَانِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي جَبَلَةُ بنُ حَارِثَةَ
قَالَ: قَدِمْتُ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقلت: يا رسول الله! ابعث معي أخي
زَيْداً قَالَ: "هُوَ ذَا فَإِنِ انْطَلَقَ لَمْ
أَمْنَعْهُ" فَقَالَ زَيْدٌ: لاَ وَاللهِ لاَ أَخْتَارُ
عَلَيْكَ أَحَداً أَبَداً. قَالَ: فَرَأَيْتُ رَأْيَ أَخِي
أَفْضَلَ مِنْ رَأْيِي. سَمِعَهُ عَلِيُّ بنُ مُسْهِرٍ
مِنْهُ.
ذَكَرَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ فِيْمَنْ شَهِدَ
بَدْراً.
وَقَالَ سَلَمَةُ بنُ الأَكْوَعِ: غَزَوْتُ مَعَ رَسُوْلِ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَغَزَوْتُ
مَعَ زَيْدِ بنِ حَارِثَةَ - كَانَ يُؤمِّرُه عَلَيْنَا3
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "2555، 6770، 6771"، وأحمد "6/ 82،
226" من حديث عائشة.
2 صحيح: أخرجه البخاري "4782"، ومسلم "2425".
3 صحيح: أخرجه البخاري "4272".
(3/142)
الواقدي: حدثنا محمد بن الحسن بن أسامة،
عَنْ أَبِي الحُوَيْرِثِ قَالَ: خَرَجَ زَيْدُ بنُ
حَارِثَةَ أَمِيْراً سَبْعَ سَرَايَا.
الوَاقِدِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ، عَنِ
الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:
وَقَدِمَ زَيْدُ بنُ حَارِثَةَ مِنْ وَجْهِهِ ذَلِكَ
-تَعْنِي مِنْ سَرِيَّةِ أُمِّ قِرْفَةَ- وَرَسُوْلُ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي بَيْتِي فَقَرَعَ
زَيْدٌ البَابَ فَقَامَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَجُرُّ ثَوْبَهُ عُرْيَاناً مَا
رَأَيْتُهُ عُرْيَاناً قَبْلَهَا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- حَتَّى اعْتَنَقَهُ وَقبَّلَهُ ثُمَّ سَاءلَهُ
فَأَخْبَرَهُ بِمَا ظَفَّرَهُ اللهُ1.
ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ
قُسَيْطٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ أُسَامَةَ، عَنْ أَبِيْهِ
قَالَ قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- لِزَيْدِ بنِ حَارِثَةَ: "يَا زَيْدُ! أَنْتَ
مَوْلاَيَ وَمِنِّي وَإِلَيَّ وَأَحَبُّ القَوْمِ
إِلَيَّ".
رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "المُسْنَدِ"2.
إِسْمَاعِيْلُ بنُ جَعْفَرٍ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ
عَبْدِ اللهِ بنِ دِيْنَارٍ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ أَنَّ
رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
أَمَّرَ أُسَامَةَ عَلَى قَوْمٍ فَطَعَنَ النَّاسُ فِي
إِمَارَتِهِ فَقَالَ: "إِنْ تَطْعَنُوا فِي إِمَارَتِهِ
فَقَدْ طَعَنْتُم فِي إِمَارَةِ أَبِيْهِ وَايمُ اللهِ
إِنْ كَانَ لَخَلِيْقاً لِلإِمَارَةِ وَإِنْ كَانَ لَمِنْ
أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ وَإِنَّ ابْنَهُ هَذَا لأحبُّ
النَّاسِ إِلَيَّ بَعْدَهُ" 3.
لَفْظُ إِسْمَاعِيْلَ "وَإِنَّ ابْنَهُ لَمِنْ أحبِّ".
إِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ، عَنْ مُوْسَى بنِ عُقْبَةَ،
عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيْهِ فَذَكَرَ نَحْوَهُ.
وَفِيْهِ: "وَإِنْ كَانَ أَبُوْهُ لَخَلِيْقاً
لِلإِمَارَةِ وَإِنْ كَانَ لأحبَّ الناس كلهم إلي".
__________
1 منكر: إسناده واه، الواقدي متروك، لكن قد أخرجه الترمذي
"2732" حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا إبراهيم بن يحيى بن
محمد بن عباد المدني، حدثني أبي يحيى بن محمد، عن محمد بن
إسحاق، عن محمد بن مسلم الزهري، عن عروة بن الزبير، عن
عائشة، به، وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه من
حديث الزهري إلا من هذا الوجه.
قلت: إسناده ضعيف، فيه ثلاث علل: الأولى: إبراهيم بن يحيى
بن محمد بن عباد، ضعفه ابن أبي حاتم. وقال الأزدي: منكر
الحديث. الثانية: يحيى بن محمد بن عباد بن هانئ الشجري،
أبو إبراهيم، ضعفه أبو حاتم الرازي. الثالثة: محمد بن
إسحاق مدلس، مشهور بالتدليس، وقد ضعفه، وقد أورد الذهبي
الحديث في ترجمة يحيى بن محمد بن عباد في ترجمته في
"الميزان" "4/ ترجمة 9618". وقال في إثره. هذا حديث منكر،
تفرد به إبراهيم، عن أبيه.
2 صحيح لغيره: أخرجه أحمد "5/ 204"، وابن سعد "3/ 1/
29-30". وفيه ابن إسحاق وهو مدلس، وقد عنعنه، ولكن يشهد له
ما بعده.
3 صحيح: أخرجه أحمد "2/ 20"، وابن سعد "4/ 65"، والبخاري
"3730، 4469، 7187"، والترمذي "3816"، والبيهقي "3/ 128"،
"8/ 154" من طرق عن عبد الله بن دينار، به. وقال الترمذي:
هذا حديث حسن صحيح.
(3/143)
قَالَ سَالِمٌ: مَا سَمِعْتُ أَبِي
يُحَدِّثُ بِهَذَا الحَدِيْثِ قَطُّ إلَّا قَالَ: وَاللهِ
مَا حَاشَا فَاطِمَة.
إِبْرَاهِيْمُ بنُ يَحْيَى بنِ هَانِئ الشَّجَرِيُّ:
حَدَّثَنِي أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ
الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:
أَتَانَا زَيْدُ ابن حارثة فقام إليه رسول الله -صلى الله
عليه وسلم- يَجُرُّ ثَوْبَهُ فَقَبَّلَ وَجْهَهُ وَكَانَتْ
أُمُّ قِرْفَةَ جَهَّزَتْ أَرْبَعِيْنَ رَاكِباً مِنْ
وَلَدِهَا وَوَلَدِ وَلَدِهَا إِلَى رَسُوْلِ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِيُقَاتِلُوْهُ
فَأَرْسَلَ إِلَيْهِم زَيْداً فَقَتَلَهُم وَقَتَلَهَا
وَأَرْسَلَ بِدِرْعِهَا إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فنصبه بالمدينة بين رمحين1.
رواه المحامي، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ شبيْبٍ عَنْهُ
وَرَوَى مِنْهُ التِّرْمِذِيُّ، عَنِ البُخَارِيِّ، عَنْ
إِبْرَاهِيْمَ هَذَا وَحَسَّنَهُ.
مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:
لَوْ أَنَّ زَيْداً كَانَ حَيّاً لاَسْتَخْلَفَهُ رَسُوْلُ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَائِلُ بنُ دَاوُدَ، عَنِ البَهِيِّ، عَنْ عَائِشَةَ مَا
بَعَثَ رَسُوْلُ اللهِ زَيْداً فِي جَيْشٍ قَطُّ إلَّا
أَمَّرَهُ عَلَيْهِم وَلَوْ بَقِيَ بَعْدَهُ
اسْتَخْلَفَهُ. أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ.
قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَرَضَ عُمَرُ لأُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ
أَكْثَرَ مِمَّا فَرَضَ لِي فَكَلَّمْتُهُ في ذَلِكَ
فَقَالَ: إِنَّهُ كَانَ أَحَبَّ إِلَى رَسُوْلِ اللهِ
مِنْكَ وَإِنَّ أَبَاهُ كَانَ أَحَبَّ إِلَى رَسُوْلِ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من أَبِيْكَ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: عَقَدَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِزَيْدٍ عَلَى النَّاسِ فِي
غَزْوَةِ مُؤْتَةَ وَقَدَّمَهُ عَلَى الأُمَرَاءِ فَلَمَّا
الْتَقَى الجَمْعَانِ كَانَ الأُمَرَاءُ يُقَاتِلُوْنَ
عَلَى أَرْجُلِهِم فَأَخَذَ زَيْدٌ اللِّوَاءَ فَقَاتَلَ
وَقَاتَلَ مَعَهُ النَّاسُ حَتَّى قُتِلَ طَعْناً
بِالرِّمَاحِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
قَالَ: فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُوْلُ اللهِ أَيْ دَعَا لَهُ
وَقَالَ: اسْتَغْفِرُوا لأَخِيْكُم قَدْ دَخَلَ الجَنَّةَ
وَهُوَ يَسْعَى.
وَكَانَتْ مُؤْتَةُ فِي جُمَادَى الأُوْلَى سَنَةَ ثَمَانٍ
وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ سَنَةً.
جَمَاعَةٌ، عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ
أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي مَيْسَرَةَ قَالَ لَمَّا
بَلَغَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- قُتِلَ زَيْدٍ وَجَعْفَرٍ وَابنِ رَوَاحَةَ
قَامَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَذَكَرَ
شَأْنَهُم فَبَدَأَ بِزَيْدٍ فَقَالَ: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ
لِزَيْدٍ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِزَيْدٍ ثَلاَثاً اللَّهُمَّ
اغْفِرْ لِجَعْفَرٍ وَعَبْدِ اللهِ بنِ رَوَاحَةَ"2.
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ خَالِدِ بنِ سَلَمَةَ
المَخْزُوْمِيِّ قَالَ: لَمَّا جَاءَ مُصَابُ زَيْدٍ
وَأَصْحَابِهِ، أتى
__________
1 منكر: تقدم تخريجنا له قريبا بتعليق رقم "360".
2 ضعيف: أخرجه ابن سعد "3/ 46"، والإسناد ضعيف لإرساله،
أبو ميسرة، هو عمرو بن شرحبيل الهمداني الكوفي، ثقة مخضرم.
وأبو إسحاق هو عمرو بن عبد الله السبيعي. مدلس، مشهور
بالتدليس، وقد عنعنه.
(3/144)
رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- مَنْزِلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَقِيَتْهُ بِنْتُ
زَيْدٍ فَأَجْهَشَتْ بِالبُكَاءِ فِي وَجْهِهِ فَلَمَّا
رَآهَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- بَكَى حَتَّى انتحب فقيل ما هَذَا يَا رَسُوْلَ
اللهِ? قَالَ: "شَوْقُ الحَبِيْبِ إِلَى الحَبِيْبِ"1
رَوَاهُ مُسَدَّدٌ وَسُلَيْمَانُ بن حَرْبٍ عَنْهُ.
حُسَيْنُ بنُ وَاقِدٍ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ
أَبِيْهِ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- قَالَ: "دَخَلْتُ الجَنَّةَ فَاسْتَقْبَلَتْنِي
جَارِيَةٌ شَابَّةٌ فَقُلْتُ: لِمَنْ أَنْتِ? قَالَتْ:
أَنَا لِزَيْدِ بن حارثة" إسناد حسن.
__________
1 ضعيف: أخرجه ابن سعد "3/ 47"، وإسناده ضعيف لإرساله،
خالد بن سلمة، هو ابن العاص بن هشام بن المغيرة المخزومي،
الكوفي، من الطبقة الخامسة، وهي الطبقة الصغرى من
التابعين.
ووقع عند ابن سعد [خالد بن شمير] ، وهو خطأ، إنما هو خالد
بن سلمة المخزومي، فلم يرو حماد بن زيد. عن ابن شمير.
(3/145)
42- عبد الله
بن رواحة 1:
ابن ثعلبة بن امرئ القيس بن ثَعْلَبَةَ.
الأَمِيْرُ السَّعِيْدُ الشَّهِيْدُ أَبُو عَمْرٍو
الأَنْصَارِيُّ الخَزْرَجِيُّ البَدْرِيُّ النَّقِيْبُ
الشَّاعِرُ.
لَهُ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- وَعَنْ بِلاَلٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَنَسُ بنُ مَالِكٍ وَالنُّعْمَانُ بنُ
بَشِيْرٍ وأرسل عنه قيس بن أبي حَازِمٍ وَأَبُو سَلَمَةَ
بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعطَاءُ بنُ يَسَارٍ وَعِكْرِمَةُ
وَغَيْرُهُم.
شَهِدَ بَدْراً وَالعَقَبَةَ وَيُكْنَى أَبَا مُحَمَّدٍ
وَأَبَا رَوَاحَةَ وَلَيْسَ لَهُ عَقِبٌ وَهُوَ خَالُ
النُّعْمَانِ بنِ بَشِيْرٍ وَكَانَ مِنْ كُتَّابِ
الأَنْصَارِ اسْتَخْلَفَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى المَدِيْنَةِ فِي غَزْوَةِ
بَدْرٍ الموعد وبعثه النبي عليه السلام سَرِيَّةً فِي
ثَلاَثِيْنَ رَاكِباً إِلَى أُسَيْرِ بنِ رِزَامٍ
اليَهُوْدِيِّ بِخَيْبَرَ فَقَتَلَهُ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ وَبَعَثَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَارِصاً عَلَى خَيْبَرَ.
قُلْتُ جَرَى ذَلِكَ مَرَّةً وَاحِدَةً وَيُحْتَمَلُ عَلَى
بُعْدٍ مَرَّتَيْنِ.
قَالَ قُتَيْبَةُ: ابْنُ رَوَاحَةَ وَأَبُو الدَّرْدَاءِ
أَخَوَانِ لأُمٍّ.
أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ"، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ،
حَدَّثَنَا عُمَارَةُ، عَنْ زِيَادٍ النَّمِيْرِيِّ، عَنْ
أَنَسٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ رَوَاحَةَ إذا لقي الرجل من
أحابه يَقُوْلُ: تَعَالَ نُؤْمِنْ سَاعَةً فَقَالَهُ
يَوْماً لِرَجُلٍ،
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 525-530 و612-613"، الجرح
والتعديل "5/ ترجمة 230، أسد الغابة "3/ 156"، الإصابة "2/
ترجمة 4676"، تهذيب التهذيب "5/ 212"، والتقريب "1/ 415".
(3/145)
فَغَضِبَ فَجَاءَ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ!
إلَّا تَرَى ابْنَ رَوَاحَةَ يَرْغَبُ، عَنْ إِيْمَانِكَ
إِلَى إِيْمَانِ سَاعَةٍ فَقَالَ: "رَحِمَ اللهُ ابْنَ
رَوَاحَةَ إِنَّهُ يحب المجالس التي تتباهى بها
الملائكة"1.
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، عَنْ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى أَنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ
رَوَاحَةَ أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- وَهُوَ يَخْطُبُ فَسَمِعَهُ وَهُوَ يَقُوْلُ:
"اجْلِسُوا" فَجَلَسَ مَكَانَهُ خَارِجَ المَسْجِدِ حَتَّى
فَرَغَ مِنْ خُطْبَتِهِ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "زَادَكَ
اللهُ حِرْصاً عَلَى طَوَاعِيَةِ اللهِ وَرَسُوْلِهِ"2.
وَرُوِيَ بَعْضُهُ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ.
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، أَنْبَأَنَا أَبُو عِمْرَانَ
الجَوْنِيُّ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ رَوَاحَةَ أُغْمِيَ
عليه فأتاه النبي فَقَالَ: "اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ حَضَرَ
أَجَلُهُ فَيَسِّرْ عَلَيْهِ وَإِلاَّ فَاشْفِهِ" فَوَجَدَ
خِفَّةً فَقَالَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! أُمِّي قَالَتْ:
وَاجَبَلاَهُ وَاظَهْرَاهُ! وَمَلَكٌ رَفَعَ مِرْزَبَةً
مِنْ حَدِيْدٍ يَقُوْلُ أَنْتَ كَذَا فَلَوْ قُلْتُ:
نَعَمْ لَقَمَعَنِي بِهَا.
قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: إِنْ كُنَّا لَنَكُوْنُ مَعَ
رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي
السَّفَرِ فِي اليوم الحَارِّ مَا فِي القَوْمِ أَحَدٌ
صَائِمٌ إلَّا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- وَعَبْدُ اللهِ بنُ رَوَاحَةَ3.
رَوَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ عَنْهُ.
مَعْمَرٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ:
تَزَوَّجَ رَجُلٌ امْرَأَةَ ابْنِ رَوَاحَةَ فَقَالَ
لَهَا: تَدْرِيْنَ لِمَ تَزَوَّجْتُكِ لِتُخْبِرِيْنِي،
عَنْ صَنِيْعِ عَبْدِ اللهِ فِي بَيْتِهِ فَذَكَرَتْ لَهُ
شَيْئاً لاَ أَحْفَظُهُ غَيْرَ أَنَّهَا قَالَتْ كَانَ
إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ بَيْتِهِ صَلَّى
رَكْعَتَيْنِ وَإِذَا دَخَلَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لاَ
يَدَعُ ذَلِكَ أَبَداً.
قَالَ عُرْوَةُ لَمَّا نزلت {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ
الْغَاوُونَ} [الشعراء: 224] قَالَ ابْنُ رَوَاحَةَ: أَنَا
مِنْهُم فَأَنْزَلَ اللهُ {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا
وَعَمِلُوا الصَّالِحَات} [الشعراء: 227] .
__________
1 ضعيف: "أخرجه أحمد "3/ 265"، وإسناده ضعيف، فيه علتان،
الأولى: عمارة هو ابن زاذان البصري الصيدلاني، أبو سلمة،
أجمعوا على ضعفه.
الثانية: زياد بن عبد الله النميري، متفق على ضعفه.
2 ضعيف: لانقطاعه بين عبد الرحمن بن أبي ليلى الذي توفي
سنة ست وثمانين، وبين عبد الله بن رواحة، الذي استشهد
بمؤتة فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فابن أبي ليلى لم يدرك ابن رواحة.
3 صحيح: أخرجه البخاري "1945"، ومسلم "1122".
(3/146)
قَالَ ابْنُ سِيْرِيْنَ: كَانَ شُعَرَاءُ
رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
عَبْدَ الله بن رَوَاحَةَ وَحَسَّانَ بنَ ثَابِتٍ وَكَعْبَ
بنَ مَالِكٍ.
قِيْلَ: لَمَّا جَهَّزَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى مُؤْتَةَ الأُمَرَاءَ
الثَّلاَثَةَ فَقَالَ: "الأَمِيْرُ زيد فَإِنْ أُصِيْبَ
فَجَعْفَرٌ فَإِنْ أُصِيْبَ فَابْنُ رَوَاحَةَ" فَلَمَّا
قُتِلاَ كَرِهَ ابْنُ رَوَاحَةَ الإِقْدَامَ فَقَالَ:
أَقْسَمْتُ يَا نَفْسُ لَتَنْزِلَنَّهْ ... طَائِعَةً أَوْ
لاَ لَتُكْرَهِنَّهْ
فَطَالَمَا قَدْ كُنْتِ مُطْمَئِنَّهْ ... مَا لِي أَرَاكِ
تَكْرَهِيْنَ الجَنَّهْ
فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ.
قَالَ مُدْرِكُ بنُ عُمَارَةَ: قَالَ ابْنُ رَوَاحَةَ:
مَرَرْتُ بِمَسْجِدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- فَجَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ: "كَيْفَ
تَقُوْلُ الشِّعْرَ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَقُوْلَ"؟
قُلْتُ: أَنْظُرُ فِي ذَاكَ ثُمَّ أَقُوْلُ قَالَ:
"فَعَلَيْكَ بِالمُشْرِكِيْنَ" ولَمْ أَكُنْ هَيَّأْتُ
شَيْئاً ثُمَّ قُلْتُ:
فَخَبِّرُوْنِي أَثْمَانَ العَبَاءِ مَتَى ... كُنْتُمْ
بَطَارِقَ أَوْ دَانَتْ لَكُم مُضَرُ
فَرَأَيْتُهُ قَدْ كَرِهَ هَذَا أَنْ جَعَلْتُ قَوْمَهُ
أَثْمَانَ العَبَاءِ فَقُلْتُ:
يَا هَاشِمَ الخَيْرِ إِنَّ اللهَ فَضَّلَكُمْ ... عَلَى
البَرِيِّةِ فَضْلاً مَا لَهُ غِيْرُ
إِنِّي تَفَرَّسْتُ فِيْكَ الخَيْرَ أَعْرِفُهُ ...
فِرَاسَةً خَالَفَتْهُم فِي الَّذِي نَظَرُوا
وَلَوْ سَأَلْتَ إِنْ اسْتَنْصَرْتَ بَعْضَهُمُ ... فِي
حِلِّ أَمْرِكَ مَا آوَوْا وَلاَ نَصَرُوا
فَثَبَّتَ اللهُ مَا آتَاكَ مِنْ حسنٍ ... تَثْبِيْتَ
مُوْسَى وَنَصْراً كَالَّذِي نُصِرُوا
فَأَقْبَلَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
بِوَجْهِهِ مُسْتَبْشِراً وَقَالَ: "وإياك فثبت الله".
وَقَالَ ابْنُ سِيْرِيْنَ: كَانَ حَسَّان وَكَعْبٌ
يُعَارِضَانِ المُشْرِكِيْنَ بِمِثْلِ قَوْلِهِم
بِالوَقَائِعِ وَالأَيَّامِ وَالمَآثِرِ وَكَانَ ابْنُ
رَوَاحَةَ يُعَيِّرُهُم بِالكُفْرِ وَيَنْسِبُهُم إِلَيْهِ
فَلَمَّا أَسْلَمُوا وَفَقِهُوا كَانَ أَشدَّ عَلَيْهِم.
ثَابِتٌ، عَنْ أَنَس قَالَ دَخَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَكَّةَ فِي عُمْرَةِ
القَضَاءِ وَابْنُ رَوَاحَةَ بَيْنَ يَدَيْهِ يَقُوْلُ:
خَلُّوا بَنِي الكُفَّارِ عَنْ سَبِيْلِهِ ... اليَوْمَ
نَضْرِبْكُم عَلَى تَنْزِيْلِهِ
ضَرْباً يُزِيْلُ الهَامَ عَنْ مَقِيْلِهِ ... وَيُذْهِلُ
الخَلِيْلَ عَنْ خَلِيْلِهِ
فقال عمر: يابن رَوَاحَةَ! فِي حَرَمِ اللهِ وَبَيْنَ
يَدَيْ رَسُوْلِ الله له تَقُوْلُ الشِّعْرَ فَقَالَ
النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "خَلِّ
يَا عُمَرُ فَهُوَ أَسْرَعُ فِيْهِم مِنْ نَضْحِ
النَّبْلِ".
(3/147)
وَفِي لَفْظٍ "فَوَالَّذِي نَفْسِي
بِيَدِهِ لَكَلاَمُهُ عَلَيْهِم أَشَدُّ مِنْ وَقْعِ
النَّبْلِ" 1.
وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ.
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَجَاءَ فِي غَيْرِ هَذَا
الحَدِيْثِ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- دَخَلَ مَكَّةَ فِي عُمْرَةِ القَضَاءِ
وَكَعْبٌ يَقُوْلُ ذَلِكَ.
قَالَ: وَهَذَا أَصَحُّ عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ العِلْمِ
لأَنَّ ابْنَ رَوَاحَةَ قُتِلَ يوم مؤتة وَإِنَّمَا
كَانَتْ عُمْرَةُ القَضَاءِ بَعْدَ ذَلِكَ.
قُلْتُ: كَلاَّ بَلْ مُؤْتَةُ بَعْدَهَا بِسِتَّةِ
أَشْهُرٍ جَزْماً.
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: قُلْتُ لأَحْمَدَ
بنِ حنبل: فحديث أنس دخل النبي عليه السلام مَكَّةَ
وَابْنُ رَوَاحَةَ آخِذٌ بِغِرْزِهِ فَقَالَ لَيْسَ لَهُ
أَصْلٌ.
وَعَنْ قَيْسِ بنِ أَبِي حَازِمٍ: إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لابْنِ
رَوَاحَةَ: "انْزِلْ فَحَرِّكِ الرِّكَابَ". قَالَ يَا
رَسُوْلَ اللهِ! لَقَدْ تَرَكْتُ قَوْلِي فَقَالَ لَهُ
عُمَرُ اسْمَعْ وَأَطِعْ فَنَزَلَ وَقَالَ:
تَاللهِ لَوْلاَ اللهُ مَا اهْتَدَيْنَا ... وَلاَ
تَصَدَّقْنَا وَلاَ صَلَّيْنَا
وَسَاقَ بَاقِيْهَا.
إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ: عَنْ قَيْسٍ قَالَ:
بَكَى ابْنُ رَوَاحَةَ وَبَكَتِ امْرَأَتُهُ فَقَالَ: مَا
لَكِ? قَالَتْ: بَكَيْتُ لِبُكَائِكَ فَقَالَ: إِنِّي قَدْ
عَلِمْتُ أَنِّي وَارِدٌ النَّارَ وَمَا أَدْرِي أَنَاجٍ
مِنْهَا أَمْ لاَ.
الزُّهْرِيُّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ يَسَارٍ أَنَّ
النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ
يَبْعَثُ ابْنَ رَوَاحَةَ إِلَى خَيْبَرَ فَيَخْرُصُ
بَيْنَهُ وَبَيْنَ يَهُوْدَ فَجَمَعُوا حُلِيّاً مِنْ
نِسَائِهِم فَقَالُوا: هَذَا لَكَ وَخَفِّفْ عَنَّا قَالَ
يَا مَعْشَرَ يَهُوْدَ! وَاللهِ إِنَّكُم لَمِنْ أَبْغَضِ
خَلْقِ اللهِ إِلَيَّ وَمَا ذَاكَ بِحَامِلِي عَلَى أَنْ
أَحِيْفَ عَلَيْكُم وَالرِّشْوَةُ سُحْتٌ. فَقَالُوا:
بِهَذَا قَامَتِ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ.
وَحَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ -فِيْمَا
نَحْسِبُ- عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ نَحْوَهُ.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ،
أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ المُسْندِ بالمزة، أنبأنا عبدان
بن رزين،
__________
1 حسن: أخرجه الترمذي "2847"، وفي "الشمائل" "245"،
والنسائي "5/ 202، 211-212"، وأبو يعلى "3440"، وأبو نعيم
في "الحلية" "6/ 292"، والبيهقي "10/ 228"، والبغوي "3404"
من طرق عن جعفر بن سليمان الضبعي عن ثابت، به.
قلت: إسناده حسن، جعفر بن سليمان، صدوق كما قال الحافظ في
"التقريب".
(3/148)
حَدَّثَنَا نَصْرُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ
الفَقِيْهُ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ
الحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ العَبَّاسِ
الزَّيْدِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ حَرْبٍ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عياذ، حدثنا عبد العزيز بن أَخِي
المَاجِشُوْنِ بَلَغَنَا أَنَّهُ كَانَتْ لِعَبْدِ اللهِ
بنِ رَوَاحَةَ جَارِيَةٌ يَسْتَسِرُّهَا، عَنْ أَهْلِهِ
فَبَصُرَتْ بِهِ امْرَأَتُهُ يَوْماً قَدْ خَلاَ بِهَا
فَقَالَتْ: لَقَدِ اخْتَرْتَ أمتَك عَلَى حُرَّتِكَ?
فَجَاحَدَهَا ذَلِكَ قَالَتْ: فَإِنْ كُنْتَ صَادِقاً
فَاقْرَأْ آيَةً مِنَ القُرْآنِ قَالَ:
شَهِدْتُ بِأَنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ ... وَأَنَّ النَّارَ
مَثْوَى الكَافِرِيْنَا
قَالَتْ: فَزِدْنِي آيَةً فَقَالَ:
وَأَنَّ العَرْشَ فَوْقَ المَاءِ طافٍ ... وَفَوْقَ
العَرْشِ رَبُّ العَالَمِيْنَا
وَتَحْمِلُهُ مَلاَئِكَةٌ كِرَامٌ ... مَلاَئِكَةُ
الإِلَهِ مُقَرَّبِيْنَا
فَقَالَتْ: آمَنْتُ بِاللهِ وَكَذَّبْتُ البَصَرَ فَأُتِيَ
رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
فَحَدَّثَهُ فَضَحِكَ وَلَمْ يُغَيِّرْ عَلَيْهِ.
ابْنُ وَهْبٍ: حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ أَنَّ
نَافِعاً حَدَّثَهُ قَالَ: كَانَت لابْنِ رَوَاحَةَ
امْرَأَةٌ وَكَانَ يَتَّقِيْهَا وَكَانَتْ لَهُ جَارِيَةٌ
فَوَقَعَ عَلَيْهَا فَقَالَتْ لَهُ، فَقَالَ: سُبْحَانَ
اللهِ! قَالَتْ: اقْرَأْ عَلَيَّ إِذاً فَإِنَّكَ جُنُبٌ
فَقَالَ:
شَهِدْتُ بِإِذْنِ اللهِ أَنَّ مُحَمَّداً ... رَسُوْلُ
الَّذِي فَوْقَ السَّمَوَاتِ مِنْ عَلُ
وَأَنَّ أَبَا يَحْيَى وَيَحْيَى كِلاَهُمَا ... لَهُ
عَمَلٌ مِنْ رَبِّهِ مُتَقَبَّلُ
وَقَدْ رُوِيَا لِحَسَّانٍ.
شَرِيْكٌ، عَنِ المِقْدَامِ بنِ شُرَيْحٍ، عَنْ أَبِيْهِ،
عَنْ عَائِشَةَ كَانَ يَتَمَثَّلُ النَّبِيُّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِشِعْرِ عَبْدِ اللهِ بنِ
رَوَاحَةَ وَربَّمَا قَالَ:
وَيَأَتِيْكَ بِالأَخْبَارِ مَنْ لَمْ تُزَوِّدِ
ابْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ
الزُّبَيْرِ، عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: ثُمَّ أَخَذَ
الرَّايَةَ -يَعْنِي بَعْدَ قَتْلِ صَاحِبِهِ- قَالَ:
فَالْتَوَى بَعْضَ الاَلْتِوَاءِ ثُمَّ تَقَدَّمَ بِهَا
عَلَى فَرَسِهِ فَجَعَلَ يَسْتَنْزِلُ نَفْسَهُ
وَيَتَرَدَّدُ بِهَا بَعْضَ التَّردُّدِ.
قَالَ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي بَكْرٍ بنِ
حَزْمٍ أَنَّهُ قَالَ عِنْدَ ذَلِكَ:
(3/149)
أَقْسَمْتُ بِاللهِ لَتَنْزِلِنَّهْ ...
طَائِعَةً أَوْ لاَ لَتُكْرَهِنَّهْ
إن أجلب الناس وشدوا الرنه ... مالي أَرَاكِ تَكْرَهِيْنَ
الجَنَّهْ
قَدْ طَالَ مَا قَدْ كُنْتِ مُطْمَئِنَّهْ ... هَلْ أَنْتِ
إلَّا نُطْفَةٌ فِي شنه
ثم نزل فقاتل حتى قتل.
وَقَالَ أَيْضاً:
يَا نَفْسُ إِنْ لاَ تُقْتَلِي تَمُوْتِي ... هَذَا
حِمَامُ المَوْتِ قَدْ لَقِيْتِ
وَمَا تَمَنَّيْتِ فَقَدْ أُعْطِيْتِ ... إِنْ تَفْعَلِي
فِعْلَهُمَا هُدِيْتِ
وَإِنْ تَأَخَّرْتِ فَقَدْ شَقِيْتِ
قَالَ الوَلِيْدُ بنُ مُسلمٍ: فَسَمِعْتُ أَنَّهُم سَارُوا
بِنَاحِيَةِ مُعَانَ فَأُخْبِرُوا أَنَّ الرُّوْمَ قَدْ
جَمَعُوا لَهُم جُمُوْعاً كَثِيْرَةً فَاسْتَشَارَ زَيْدٌ
أَصْحَابَهُ فَقَالُوا: قَدْ وَطِئْتَ البِلاَدَ
وَأَخَفْتَ أَهْلَهَا فَانْصَرَفَ وَابْنُ رَوَاحَةَ
سَاكِتٌ فَسَأَلَهُ فَقَالَ: إِنَّا لَمْ نَسِرْ
لِغَنَائِمَ وَلَكِنَّا خَرَجْنَا لِلِّقَاءِ وَلَسْنَا
نُقَاتِلُهُم بِعَدَدٍ وَلاَ عُدَّةٍ وَالرَّأْيُ
المَسِيْرُ إِلَيْهِم.
قَالَ عُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَإِنْ أُصِيْبَ ابْنُ
رَوَاحَةَ فَلْيَرْتَضِ المُسْلِمُوْنَ رَجُلاً" ثُمَّ
سَارُوا حَتَّى نَزَلُوا بِمُعَانَ فَبَلَغَهُم أَنَّ
هِرَقْلَ قَدْ نَزَلَ بِمَآبَ فِي مَائَةِ أَلْفٍ مِنَ
الرُّوْمِ وَمَائَةِ أَلْفٍ مِنَ المُسْتَعْرِبَةِ
فَشَجَّعَ النَّاسَ ابْنُ رَوَاحَةَ وَقَالَ: يَا قَوْمُ!
وَاللهِ إِنَّ الَّذِي تَكْرَهُوْنَ لَلَّتِي خَرَجْتُم
لَهَا الشَّهَادَةُ وَكَانُوا ثَلاَثَةَ آلاف.
(3/150)
فَصْلٌ: شُهَدَاءُ يَوْمِ الرَّجِيْعِ
فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ بَعَثَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَشْرَةَ رهط عينا عليهم عاصم بن ثابت
بنِ أَبِي الأَقْلَحِ الأَنْصَارِيُّ. فَأَحَاطَ بِهِم
بِقُرْبِ عُسْفَانَ حَيٌّ مِنْ هُذَيْلٍ هُمْ نَحْوُ
المَائَةِ. فَقَتَلُوا ثَمَانِيَةً وَأَسَرُوا خُبَيْبَ
بنَ عَدِيٍّ وَزَيْدَ بنَ الدَّثِنَّةِ فَبَاعُوْهُمَا
بِمَكَّةَ.
وَمِنَ الثَّمَانِيَةِ: عَبْدُ اللهِ بنُ طَارِقٍ
-حَلِيْفُ بَنِي ظَفَرٍ- وَخَالِدُ بنُ البُكَيْرِ
اللَّيْثِيُّ وَمَرْثَدُ بنُ أَبِي مَرْثَدٍ الغَنَوِيُّ.
وَتَحْرِيْرُ ذَلِكَ ذَكَرْتُهُ فِي مَغَازِي النَّبِيِّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(3/150)
شُهَدَاءُ بِئْرِ مَعُوْنَةَ:
بَعَثَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
أَرْبَعِيْنَ رَجُلاً سَنَةَ أَرْبَعٍ أَمَّرَ عَلَيْهِم
المُنْذِرَ بنَ عَمْرٍو السَّاعِدِيَّ -أَحَدَ
البَدْرِيِّيْنَ- وَمِنْهُمُ حَرَامُ بنُ مِلْحَانَ
النَّجَّارِيُّ وَالحَارِثُ بنُ الصِّمَّةِ وَعُرْوَةُ بنُ
أَسْمَاءَ، وَنَافِعُ بنُ بُدَيْلِ بنِ وَرْقَاءَ
الخُزَاعِيُّ وَعَامِرُ بنُ فُهَيْرَةَ مَوْلَى
الصِّدِّيْقِ. فَسَارُوا حَتَّى نَزَلُوا بِئْرَ
مَعُوْنَةَ فَبَعَثُوا حَرَاماً بِكِتَابِ النَّبِيِّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى عَامِرِ بنِ
الطُّفَيْلِ. فَلَمْ يَنْظُرْ فِي الكِتَابِ حَتَّى قُتِلَ
الرَّجُلُ. ثُمَّ اسْتَصْرَخَ بَنِي سُلَيْمٍ وَأَحَاطَ
بِالقَوْمِ فَقَاتَلُوا حَتَّى اسْتُشْهِدُوا كُلُّهُم مَا
نَجَا سِوَى كَعْبُ بنُ زَيْدٍ النَّجَّارِيُّ تُرِكَ
وَبِهِ رَمَقٌ فَعَاشَ ثُمَّ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ
الخَنْدَقِ وَأَعْتَقَ [عَامِرُ بنُ] الطُّفَيْلِ عَمْرَو
بنَ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيَّ لأَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ
مِنْ مُضَرَ.
(3/151)
43- كلثوم بن
الهدم 1:
ابن امرئ القيس بن الحارث بن زَيْدِ بنِ عُبَيْدِ بنِ
زَيْدِ بنِ مَالِكِ بنِ عَوْفِ بنِ عَمْرِو بنِ عَوْفِ بنِ
مَالِكِ بنِ الأَوْسِ الأَنْصَارِيُّ العَوْفِيُّ شَيْخُ
الأَنْصَارِ وَمَنْ نَزَلَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَوَّلَ مَا قَدِمَ
المَدِيْنَةَ بِقُبَاءَ. وَكَانَ قَدْ شَاخَ.
قَالَ صَاحِبُ "الطَّبَقَاتِ": أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ
عُمَرَ، حَدَّثَنَا مُجَمِّعُ بنُ يَعْقُوْبَ، عَنْ
سَعِيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ رُقَيْشٍ، عَنْ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ يَزِيْدَ بنِ جَارِيَةَ، عَنْ
عَمِّهِ مُجَمِّعٍ "ح" وَأَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ
عُمَرَ، حدثنا بن أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ عُثْمَانَ بنِ
وَثَّابٍ، عَنْ أَبِي غَطْفَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
قَالاَ: كَانَ كُلْثُوْمُ بنُ الهِدْمِ رَجُلاً شَرِيْفاً
وَكَانَ مُسِنّاً أَسْلَمَ قَبْلَ مَقْدَمِ النَّبِيِّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- المدنية فَلَمَّا هَاجَرَ
نَزَلَ عَلَيْهِ وَكَانَ يَتَحَدَّثُ فِي مَنْزِلِ سَعْدِ
بنِ خَيْثَمَةَ وَكَانَ يُسَمَّى مَنْزِلَ العزاب.
فَلِذَلِكَ قَالَ الوَاقِدِيُّ: قِيْلَ: نَزَلَ النَّبِيُّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى سَعْدِ بنِ
خَيْثَمَةَ وَنَزَلَ عَلَى كُلْثُوْمِ بنِ الهِدْمِ
جَمَاعَةٌ مِنَ المُهَاجِرِيْنَ ثُمَّ لَمْ يَلْبَثْ أَنْ
تُوُفِّيَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وَذَلِكَ قَبْلَ بَدْرٍ.
وَكَانَ رَجُلاً صالحًا.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 623-624"، الإصابة "3/
ترجمة 7444".
(3/151)
44- أَبُو دُجَانَةَ الأَنْصَارِيُّ 1:
سِمَاكُ بنُ خَرَشَةَ، بنِ لوذان بن عبد ود بن زيد
الساعدي.
كَانَ يَوْمَ أُحُدٍ عَلَيْهِ عِصَابَةٌ حَمْرَاءُ.
يُقَالُ: آخَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- بَيْنَهُ وَبَيْنَ عُتْبَةَ بنِ غَزْوَانَ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: ثَبَتَ أَبُو دُجَانَةَ يَوْمَ أُحُدٍ
مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
وَبَايَعَهُ عَلَى المَوْتِ وَهُوَ مِمَّنْ شَارَكَ فِي
قَتْلِ مُسَيْلِمَةَ الكَذَّابِ ثُمَّ اسْتُشْهِدَ
يَوْمَئِذٍ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: لأَبِي دجانة عقب بالمدينة
وببغداد إلى اليوم.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 556-557"، الإصابة "4/
ترجمة 373".
(3/151)
وَقَالَ زَيْدُ بنُ أَسْلَمَ: دُخِلَ عَلَى
أَبِي دُجَانَةَ وَهُوَ مَرِيْضٌ وَكَانَ وَجْهُهُ
يَتَهَلَّلَ. فَقِيْلَ لَهُ: مَا لِوَجْهِكَ يَتَهَلَّلُ?
فَقَالَ: مَا مِنْ عَمَلِ شَيْءٍ أَوْثَقُ عِنْدِي مِنِ
اثْنَتَيْنِ: كُنْتُ لاَ أَتَكَلَّمُ فِيْمَا لاَ
يَعْنِيْنِي وَالأُخْرَى فَكَانَ قلبي للمسلمين سليمًا.
وَعَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ قَالَ: رَمَى أَبُو دُجَانَةَ
بِنَفْسِهِ يَوْمَ اليَمَامَةِ إِلَى دَاخِلِ الحَدِيْقَةِ
فانكسرت رجله فقاتل وهو مكسور الرجل حتى قُتِلَ -رَضِيَ
اللهُ عَنْهُ.
وَقِيْلَ: هُوَ سِمَاكُ بنُ أَوْسِ بنِ خَرَشَةَ.
صَالِحُ بنُ مُوْسَى، عَنْ سُهَيْلِ بنِ أَبِي صَالِحٍ،
عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: لَمَّا
وَضَعَتْ الحَرْب أَوْزَارَهَا افْتَخَرَ أَصْحَابُ
رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
بِأَيَّامِهِم وَطَلْحَةُ سَاكِتٌ لاَ يَنْطِقُ وَسِمَاكُ
بنُ خَرَشَةَ أَبُو دُجَانَةَ سَاكِتٌ لاَ يَنْطِقُ
فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- حِيْنَ رَأَى سُكُوْتَهُمَا: "لَقَدْ
رَأَيْتُنِي يَوْمَ أُحُدٍ وَمَا فِي الأَرْضِ قُرْبِي
مَخْلُوْقٌ غَيْرَ جِبْرِيْلَ، عَنْ يَمِيْنِي وَطَلْحَةَ،
عَنْ يَسَارِي"1.
وَكَانَ سيف أبي دحانة غَيْرَ ذَمِيْمٍ. وَذَلِكَ أَنَّ
النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَرَضَ
ذَلِكَ السَّيْفَ حَتَّى قَالَ: "مَنْ يَأْخُذُ هَذَا
السَّيْفَ بِحَقِّهِ"؟ فَأَحْجَمَ النَّاسُ عَنْهُ.
فَقَالَ أَبُو دُجَانَةَ: وَمَا حَقُّهُ يَا رَسُوْلَ
اللهِ قَالَ: "تُقَاتِلُ بِهِ فِي سَبِيْلِ اللهِ حَتَّى
يَفْتَحَ اللهُ عَلَيْكَ أَوْ تُقْتَلَ" فَأَخَذَهُ
بِذَلِكَ الشَّرْطِ. فَلَمَّا كَانَ قَبْلَ الهَزِيْمَة
يَوْمَ أُحُدٍ خَرَجَ بِسَيْفِهِ مُصْلَتاً وَهُوَ
يَتَبَخْتَرُ مَا عَلَيْهِ إلَّا قَمِيْصٌ وَعِمَامَةٌ
حَمْرَاءُ قَدْ عصب بها رأسه وأنه ليرتجز ويقول:
إِنِّي امْرُؤٌ عَاهَدَنِي خَلِيْلِي ... إِذْ نَحْنُ
بِالسَّفْحِ لَدَى النَّخِيْلِ
أَنْ لاَ أُقِيْمَ الدَّهْرَ فِي الكُبُوْلِ ... أَضْرِبْ
بِسَيْفِ اللهِ وَالرَّسُوْلِ
قَالَ: يَقُوْلُ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: "إنها لَمِشْيَةٌ يُبْغِضُهَا اللهُ
وَرَسُوْلُهُ إلَّا فِي مِثْلِ هَذَا المَوْطِنِ"2.
وَحِرْزُ أَبِي دُجَانَةَ شَيْءٌ لَمْ يصح ما أدري من
وضعه.
__________
1 ضعيف جدا: تقدم تخريجنا له بتعليق رقم "85".
2 ضعيف بهذا التمام: رواه ابن إسحاق كما في البداية
والنهاية "4/ 17" من طريق جعفر بن عبد الله بن أسلم مولى
عمر بن الخطاب عن رجل من الأنصار من بني سلمة قَالَ: قَالَ
رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: فذكره
بتمامه.
قلت: إسناده ضعيف، لجهالة جعفر بن عبد الله بن أسلم، ابن
أخي زيد بن أسلم، مولى عمر، فقد قال الحافظ في "التقريب":
مقبول -أي عند المتابعة.
وقال ابن كثير "4/ 18": وهذا حديث يروى عن شعبة، ورواه
إسرائيل كلاهما عن أبي إسحاق عن هند بنت خالد أو غيره
يرفعه.=
(3/152)
..................................
__________
= قلت: في إسناده ابن إسحاق، وهو مدلس، مشهور بتدليسه، وقد
عنعنه، وفي الإسناد هند بنت خالد لم أجد من ترجم لها، ثم
إنه مرسل. فالحديث لا يصح بهذا التمام. لكن صح عن أنس أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ سيفا يوم أحد، فقال: "من
يأخذ هذا السيف"؟ فأخذه قوم فجعلوا ينظرون إليه، فقال: "من
يأخذه بحقه"؟ فأحجم القوم، فقال أبو دجانة سماك: أنا آخذه
بحقه. فأخذه ففلق هام المشركين".
أخرجه ابن سعد "3/ 556"، وابن أبي شيبة "14/ 398"، وأحمد
"3/ 123"، ومسلم "2470"، وابن أبي عاصم في "الجهاد" "292"،
والحاكم "3/ 230" من طرق عن حماد بن سلمة، عن ثابت، عن
أنس، به.
قوله: ففلق هام المشركين: أي شق رءوسهم. قوله: "في
الكبول": أي في مؤخر الصفوف.
(3/153)
45- خبيب بن عدي 1:
ابن عامر بن مجدعة بن جِحْجَبا الأنصاري الشهيد.
ذكره بن سَعْدٍ فَقَالَ: شَهِدَ أُحُداً وَكَانَ فِيْمَنْ
بَعَثَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
مَعَ بَنِي لِحْيَانَ فَلَمَّا صَارُوا بِالرَّجِيْعِ
غَدَرُوا بِهِم وَاسْتَصْرَخُوا عَلَيْهِم وَقَتَلُوا
فِيْهِم وَأَسَرُوا خُبَيْباً وَزَيْدَ بنَ الدَّثِنَةِ
فَبَاعُوْهُمَا بِمَكَّةَ فَقَتَلُوْهُمَا بِمَنْ قَتَلَ
النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ
قَوْمِهِم وَصَلَبُوْهُمَا بِالتَّنْعِيْمِ2.
قَالَ مَسْلَمَةُ بنُ جُنْدَبٍ: عَنِ الحَارِثِ بنِ
البَرْصَاءِ قَالَ: أُتِيَ بِخُبَيْبٍ فَبِيْعَ بِمَكَّةَ
فَخَرَجُوا بِهِ إِلَى الحِلِّ لِيَقْتُلُوْهُ فَقَالَ:
دَعُوْنِي أصلي ركعتين. ثم قَالَ: لَوْلاَ أَنْ تَظُنُّوا
أَنَّ ذَلِكَ جَزَعٌ لَزِدْتُ اللَّهُمَّ أَحْصِهِم
عَدَداً. قَالَ الحَارِثُ: وَأَنَا حَاضِرٌ فَوَاللهِ مَا
كُنْتُ أَظُنُّ أَنْ سَيَبْقَى مِنَّا أَحَدٌ.
ابْنُ إِسْحَاقَ: عَنْ عَاصِمِ بنِ عُمَرَ قَالَ: لَمَّا
كَانَ مِنْ غَدْرِ عَضَلٍ وَالقَارَةِ بِخُبَيْبٍ
وَأَصْحَابِهِ بِالرَّجِيْعِ قَدِمُوا بِهِ وَيَزِيْدَ بن
الدثنة فأما خبيب فابتاعه حُجَيْرُ بنُ أَبِي إِهَابٍ
لِعُقْبَةَ بنِ الحَارِثِ بنِ عَامِرٍ وَكَانَ أَخَا
حُجَيْرٍ لأُمِّهِ لِيَقْتُلَهُ بِأَبِيْهِ. فَلَمَّا
خَرَجُوا بِهِ لِيَقْتُلُوْهُ وَقَدْ نَصَبُوا خشبته
__________
1 ترجمته في "حلية الأولياء" "1/ ترجمة 16"، الإصابة "1/
ترجمة 2222".
2 صحيح: أخرجه الطيالسي "2597"، وابن سعد "2/ 55-56"،
وأحمد "2/ 294"، والبخاري "3989"، وأبو داود "2660"،
"3112"، والطبراني في "الكبير" "2192"، "17/ 463"،
والبيهقي في "السنن" "9/ 145-146، 146"، وفي "دلائل
النبوة" "3/ 323-325"، من طرق عن إبراهيم بن سعد، عن
الزهري، ويعقوب قال: حدثنا أبي عن ابن شهاب، قال أبي: وهذا
حديث سليمان الهاشمي عن عمرو بن أسيد بن جارية الثقفي حليف
بني زهرة، وكان من أصحاب أبي هريرة أن أبا هريرة قال: فذكر
قصة بعث النبي صلى الله عليه وسلم لخبيب مع عشرة رهط مع
بني لحيان.
(3/153)
لِيَصْلِبُوْهُ فَانْتَهَى إِلَى
التَّنْعِيْمِ فَقَالَ: إِنْ رَأَيْتُمْ أَنْ تَدَعُوْنِي
أَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ فَقَالُوا: دُوْنَكَ. فَصَلَّى
ثُمَّ قَالَ: وَاللهِ لَوْلاَ أَنْ تَظُنُّوا طَوَّلْتُ
جَزَعاً مِنَ القَتْلِ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الصَّلاَةِ.
فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ سَنَّ الصَّلاَةَ عِنْدَ القَتْلِ.
ثُمَّ رَفَعُوْهُ عَلَى خَشَبَتِهِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ
أَحْصِهِم عَدَداً وَاقْتُلْهُم بَدَداً وَلاَ تُغَادِرْ
مِنْهُم أَحَداً اللَّهُمَّ إِنَّا قَدْ بَلَّغْنَا
رِسَالَةَ رَسُوْلِكَ فَبَلِّغْهُ الغَدَاةَ مَا أَتَى
إِلَيْنَا.
قَالَ: وَقَالَ مُعَاوِيَةُ كُنْتُ فِيْمَنْ حَضَرَهُ
فَلَقَدْ رَأَيْتْ أَبَا سُفْيَانَ يُلْقِيْنِي إِلَى
الأَرْضِ فَرَقاً مِنْ دَعْوَةِ خُبَيْبٍ وَكَانُوا
يَقُوْلُوْنَ: إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا دُعي عَلَيْهِ
فَاضْطَجَعَ زلَّت عَنْهُ الدَّعْوَةُ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي يَحْيَى بنُ
عَبَّادٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عُقْبَةَ بنِ الحَارِثِ
قَالَ: وَاللهِ مَا أَنَا قَتَلْتُهُ لأَنَا كُنْتُ
أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَكِنْ أَخَذَ بِيَدِي أَبُو
مَيْسَرَةَ العَبْدَرِيُّ فَوَضَعَ الحَرْبَةَ عَلَى يَدِي
ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى يَدِي فَأَخَذَهَا بِهَا ثُمَّ
قَتَلَهُ.
عَبْدُ اللهِ بنُ إِدْرِيْسَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بنُ
عُثْمَانَ بنِ مَوْهَبٍ مَوْلَى الحَارِثِ بنِ عَامِرٍ
قَالَ: قَالَ مَوْهَبٌ: قَالَ لِي خُبَيْبٌ وَكَانُوا
جعلُوْهُ عِنْدِي: أَطْلُبُ إِلَيْكَ ثَلاَثاً: أَنْ
تَسْقِيَنِي العَذْبَ وَأَنْ تُجَنِّبَنِي مَا ذُبِحَ
عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تُؤْذِنِّي إِذَا أَرَادُوا قتلي.
ابن إسحاق: حدثنا بن أَبِي نَجِيْحٍ، عَنْ مَاوِيَّةَ
مَوْلاَةِ حُجَيْرٍ وَكَانَ خُبَيْبٌ حُبِسَ فِي بَيْتِهَا
فَكَانَتْ تُحَدِّثُ بَعْد مَا أَسْلَمَتْ قَالَتْ:
وَاللهِ إِنَّهُ لَمَحْبُوْسٌ إِذْ اطَّلَعْتُ مِنْ صِيْرِ
البَابِ إِلَيْهِ وَفِي يَدِهِ قِطَفُ عِنَبٍ مِثْلُ
رَأْسِ الرَّجُلِ يَأْكُلُ مِنْهُ وَمَا أَعْلَمُ فِي
الأَرْضِ حَبَّةَ عِنَبٍ ثُمَّ طَلَبَ مِنِّي مُوْسَى
يَسْتَحِدُّهَا.
(3/154)
46- معاذ بن
عمرو بن الجموح 1:
ابن كَعْبٍ الأَنْصَارِيُّ الخَزْرَجِيُّ السَّلَمِيُّ
المَدَنِيُّ البَدْرِيُّ العَقَبِيُّ قَاتِلُ أَبِي
جَهْلٍ.
قَالَ جَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ: عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ مُعَاذُ
بنُ عَمْرِو بنِ الجَمُوْحِ بنِ زَيْدِ بنِ حَرَامِ بنِ
كَعْبِ بنِ غَنْمِ بنِ كَعْبِ بنِ سَلِمَةَ شَهِدَ بدرًا.
رَوَى عَنْهُ ابْنُ عَبَّاسٍ. وَعَاشَ إِلَى أَوَاخِرِ
خِلاَفَةِ عُمَرَ.
وَفِي "الصَّحِيْحَيْنِ" مِنْ طَرِيْقِ يُوْسُفَ بنِ
المَاجِشُوْنِ، أَنْبَأَنَا صَالِحُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ
جَدِّهِ قَالَ: إِنِّي لَوَاقِفٌ يَوْمَ بَدْرٍ فِي الصف
فنظرت فإذا
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 566"، التاريخ الكبير "4/
ق1/ 360"، الجرح والتعديل "4/ ق1/ 245"، الإصابة "3/ ترجمة
8051".
(3/154)
أَنَا بَيْنَ غُلاَمَيْنِ مِنَ الأَنْصَارِ
حديثةٌ أَسْنَانُهُمَا فَتَمَنَّيْتُ أَنْ أَكُوْنَ بَيْنَ
أَضْلُعٍ مِنْهُمَا. فَغَمَزَنِي أَحَدُهُمَا فَقَالَ: يَا
عَمّ! أَتَعْرِفُ أَبَا جَهْلٍ? قُلْتُ: نَعَمْ. وَمَا
حَاجَتُكَ? قَالَ: أُخْبِرْتُ أَنَّهُ يَسُبُّ رَسُوْلَ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالَّذِي
نَفْسِي بِيَدِهِ إِنْ رَأَيْتُهُ لاَ يُفَارِقُ سَوَادِي
سَوَادَهُ حَتَّى يَمُوْتَ الأَعْجَلُ مِنَّا. فتعجَّبْتُ
لِذَلِكَ فَغَمَزَنِي الآخَرُ فَقَالَ مِثْلَهَا، فَلَمْ
أَنْشَبْ أَنْ نَظَرْتُ إِلَى أَبِي جَهْلٍ وَهُوَ
يَجُوْلُ فِي النَّاسِ. فَقُلْتُ: أَلاَ تَرَيَانِ? هَذَا
صَاحِبُكُمَا. قَالَ: فَابْتَدَرَاهُ بِسَيْفَيْهِمَا
حَتَّى قَتَلاَهُ ثُمَّ انْصَرَفَا إلى النبي
فَأَخْبَرَاهُ فَقَالَ: "أَيُّكُمَا قَتَلَهُ"؟ فَقَالَ
كُلٌّ مِنْهُمَا: أَنَا قَتَلْتُهُ فَقَالَ: "هَلْ
مَسَحْتُمَا سَيْفَيْكُمَا"؟ قَالاَ: لاَ. فَنَظَرَ فِي
السَّيْفَيْنِ فَقَالَ: "كِلاَكُمَا قَتَلَهُ" وَقَضَى
بِسَلَبِهِ لِمُعَاذِ بنِ عَمْرٍو. وَالآخَرُ هُوَ مُعَاذُ
بنُ عَفْرَاءَ1.
وَعَنْ مُعَاذِ بنِ عَمْرٍو قَالَ: جَعَلْتُ أَبَا جَهْلٍ
يَوْمَ بَدْرٍ مِنْ شَأْنِي. فَلَمَّا أَمْكَنَنِي
حَمَلْتُ عَلَيْهِ فَضَرَبْتُهُ فَقَطَعْتُ قَدَمَهُ
بِنِصْفِ سَاقِهِ وَضَرَبَنِي ابْنُهُ عِكْرِمَةُ بنُ
أَبِي جَهْلٍ عَلَى عَاتِقِي فَطَرَحَ يَدِي وَبَقِيَتْ
معلقةً بجلدة بجنبي وأجهضني عَنْهَا القِتَالُ فَقَاتَلْتُ
عَامَّةَ يَوْمِي وَإِنِّي لأَسْحَبُهَا خَلْفِي فَلَمَّا
آذَتْنِي وَضَعْتُ قَدَمِي عَلَيْهَا ثُمَّ تَمَطَّأْتُ
عَلَيْهَا حَتَّى طَرَحْتُهَا2.
هَذِهِ وَاللهِ الشَّجَاعَةُ لاَ كَآخَرُ مِنْ خُدْشٍ
بِسَهْمٍ يَنْقَطِعُ قَلْبُهُ وَتَخُوْرُ قِوَاهُ.
نَقَلَ هَذِهِ القِصَّةَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَقَالَ: ثُمَّ
عَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى زَمَنِ عُثْمَانَ.
قَالَ: وَمرَّ بِأَبِي جَهْلٍ معوَّذ بنُ عَفْرَاءَ
فَضَرَبَهُ حَتَّى أَثْبَتَهُ وَتَرَكَهُ وَبِهِ رَمَقٌ.
ثُمَّ قَاتَلَ معوَّذ حَتَّى قُتِلَ وَقُتِلَ أَخُوْهُ
عَوْفٌ قَبْلَهُ وَهُمَا ابْنَا الحَارِثِ بنِ رِفَاعَةَ
الزُّرَقِيِّ.
ثُمَّ مَرَّ ابْنُ مَسْعُوْدٍ بِأَبِي جَهْلٍ فَوَبَّخَهُ
وَبِهِ رَمَقٌ ثُمَّ احْتَزَّ رَأْسَهُ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، عَنِ ابْنِ
مَسْعُوْدٍ الجَمَّالِ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ أَنَا
أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ،
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ الأبَّار، حَدَّثَنَا الهَيْثَمُ بنُ
خَارِجَةَ، حَدَّثَنَا رِشْدين بنُ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ
اللهِ بنِ الوَلِيْدِ التُّجِيْبِيِّ، عَنْ أَبِي
مَنْصُوْرٍ مَوْلَى الأَنْصَارِ أَنَّهُ سَمِعَ عَمْرَو بن
الجموح يقول:
__________
1 صحيح على شرط الشيخين: أخرجه أحمد "1/ 193"، والبخاري
"3141، 3964"، ومسلم "1752"، وأبو يعلى "866"، والطحاوي
"3/ 227-228"، والحاكم "3/ 425"، والبيهقي "6/ 305-306،
306"، من طريق أبي سلمة يوسف بن يعقوب الماجشون، عن
صَالِحُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ
عَوْفٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عن جده عبد الرحمن بن عوف أنه قال:
فذكره.
2 أخرجه ابن هشام "1/ 473-474"، من طريق ابن إسحاق حدثني
ثور بن يزيد، عن عكرمة، عن ابن عباس وعبد الله بن أبي بكر
قالا، قال معاذ بن عمرو بن الجموح: فذكره.
قلت: إسناده حسن، رجاله ثقات خلا ابن إسحاق، فإنه صدوق،
وقد أمنا شر تدليسه، فقد صرح بالتحديث. وأخرجه البيهقي في
"الدلائل" "3/ 82-85".
(3/155)
أَنَّهُ سَمِعَ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: "قَالَ اللهُ
-عَزَّ وَجَلَّ- إِنَّ أَوْلِيَائِي مِنْ عِبَادِي
وَأَحِبَّائِي مِنْ خَلْقِي الَّذِيْنَ يذكرون بذكري وأذكر
بذكرهم"1.
تَفَرَّدَ بِهِ رِشْدين وَهُوَ ضَعِيْفٌ. وَلَيْسَ هَذَا
الحَدِيْثُ لِصَاحِبِ التَّرْجَمَة بَلْ لأَبِيْهِ وَقَدْ
قَالُوا: إِنَّ عَمْراً قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ فَكَيْفَ
يَسْمَعُ منه أبو منصور?!
__________
1 ضعيف: أخرجه أحمد "3/ 430" من طريق الهيثم، حدثنا رشدين
بن سعد، به.
قلت: إسناده ضعيف، فيه رشدين بن سعد، وعبد الله بن الوليد
التجيبي كلاهما ضعيف. وفيه الانقطاع بين أبي منصور، وعمرو
بن الجموح، فلم يلقه.
(3/156)
47- معوذ بن
عمرو 1:
ابن الجَمُوْحِ الأَنْصَارِيُّ السَّلَمِيُّ.
شَهِدَ مَعَ أَخَوَيْهِ مُعَاذٍ وَخَلاَّدٍ بَدْراً لَكِنْ
لَمْ يَذْكُرْهُ ابْنُ إِسْحَاقَ فالله أعلم.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 566"، الإصابة "3/ ترجمة
رقم 8163".
(3/156)
48- أخوهما
خلاد بن عمرو 1:
شهد بدرًا واستشهد يوم أحد.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 566"، والإصابة "1/ ترجمة
2279".
(3/156)
49- وَأَبُوْهُم عَمْرُو بنُ الجَمُوْحِ 1:
بنِ زَيْدِ بنِ حَرَامِ بنِ كَعْبِ بنِ غَنْمِ بنِ كَعْبِ
بن سلمة بن سعد بن علي بن أَسَدِ بنِ سَارِدَةَ بنِ
تَزِيْدَ بنِ جُشَمَ بنِ الخَزْرَجِ الأَنْصَارِيُّ
السَّلَمِيَ الغَنْمِيُّ. وَالِدُ مُعَاذٍ ومُعَوًّذ
وخلادٍ المذكورين وعبد الرحمن وهند.
رَوَى ثَابِتٌ البُنَانِيُّ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ:
قَدِمَ مُصْعَبُ بنُ عُمَيْرٍ المَدِيْنَةَ يُعَلِّمُ
النَّاسَ فَبَعَثَ إِلَيْهِ عَمْرُو بنُ الجَمُوْحِ: مَا
هَذَا الَّذِي جِئْتُمُوْنَا? قَالُوا: إِنْ شِئْتَ
جِئْنَاكَ فَأَسْمَعْنَاكَ القُرْآنَ. قَالَ: نَعَمْ.
فَقَرَأَ صَدْراً مِنْ سُوْرَةِ يُوْسُفَ فقال عمرو: إن
لنا مآمرة فِي قَوْمِنَا وَكَانَ سَيِّدَ بَنِي سَلِمَةَ
فَخَرَجُوا وَدَخَلَ عَلَى مَنَافٍ فَقَالَ: يَا مَنَافُ!
تَعْلَمُ وَاللهِ مَا يُرِيْدُ القَوْمُ غَيْرَكَ فَهَلْ
عِنْدَكَ مِنْ نَكِيْرٍ? قَالَ: فَقَلَّدَهُ السَّيْفَ
وَخَرَجَ فَقَامَ أَهْلُهُ فَأَخَذُوا السَّيْفَ فَلَمَّا
رَجَعَ قَالَ: أَيْنَ السَّيْفُ يَا مَنَافُ? وَيَحْكَ!
إِنَّ العَنْزَ لَتَمْنَعُ اسْتَهَا. وَالله مَا أَرَى فِي
أَبِي جِعَارٍ غَداً مِنْ خَيْرٍ. ثُمَّ قَالَ لَهُم:
إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى مَالِي فَاسْتَوْصُوا بِمَنَافٍ
خَيْراً فَذَهَبَ فأخذوه فكسروه
__________
1 راجع ترجمته في الإصابة "2/ ترجمة رقم 5797".
(3/156)
وَرَبَطُوْهُ مَعَ كَلْبٍ مَيتٍ
وَأَلْقَوْهُ فِي بِئْرٍ فَلَمَّا جَاءَ قَالَ: كَيْفَ
أَنْتُم? قَالُوا: بِخَيْرٍ يَا سَيِّدَنَا طَهَّرَ اللهُ
بُيُوْتَنَا مِنَ الرِّجْسِ قَالَ: وَاللهِ إِنِّي
أَرَاكُمْ قَدْ أَسَأْتُم خِلاَفَتِي فِي مَنَافٍ.
قَالُوا: هُوَ ذَاكَ انْظُرْ إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ
البِئْرِ. فَأَشْرَفَ فَرَآهُ فَبَعَثَ إِلَى قَوْمِهِ
فَجَاؤُوا فَقَالَ: أَلَسْتُم عَلَى مَا أَنَا عَلَيْهِ?
قَالُوا: بَلَى أَنْتَ سَيِّدُنَا. قَالَ: فَأُشْهِدُكُم
أَنِّي قَدْ آمَنْتُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ.
قَالَ: فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ قَالَ رَسُوْلُ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قُوْمُوا إِلَى
جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ
لِلْمُتَّقِيْنَ" فَقَامَ وَهُوَ أَعْرَجُ فَقَالَ:
وَاللهِ لأَقْحَزَنَّ1 عَلَيْهَا فِي الجَنَّةِ. فَقَاتَلَ
حَتَّى قُتِلَ.
وَعَنْ عَاصِمِ بنِ عُمَرَ: أَنَّ إِسْلاَمَ عَمْرِو بنِ
الجَمُوْحِ تَأَخَّر وَكَانَ لَهُ صنمٌ يُقَالُ لَهُ:
مَنَافٌ وَكَانَ فِتْيَانُ بَنِي سَلِمَةَ قَدْ آمَنُوا
فَكَانُوا يُمْهِلُوْنَ حتى إذا ذهب الليل دَخَلُوا بَيْتَ
صَنَمِهِ فَيَطْرَحُوْنَهُ فِي أَنْتَنِ حُفْرَةٍ
مُنَكَّساً فَإِذَا أَصْبَحَ عَمْرٌو غَمَّهُ ذَلِكَ
فَيَأْخُذَهُ فَيَغْسِلَهُ وَيُطَيِّبَهُ. ثُمَّ
يَعُوْدُوْنَ لِمِثْلِ فِعْلِهِم. فَأَبْصَرَ عَمْرٌو
شَأْنَهُ وَأَسْلَمَ وَقَالَ أَبيَاتاً مِنْهَا:
وَاللهِ لَوْ كُنْتَ إِلَهاً لَمْ تَكُنْ ... أَنْتَ وكلبٌ
وَسْطَ بِئْرٍ فِي قرنْ2
أفٍ لِمَثْوَاكَ إِلَهاً مُسْتَدَنْ3 ... فَالآنَ
فَتَّشْنَاكَ عَنْ شَرِّ الغبنْ
رَوَى مُحَمَّدُ بنُ مُسلمٍ، عَنْ عَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ
"ح" وَفِطْرِ بنِ خَلِيْفَةَ، عَنْ حَبِيْبِ بنِ أبي ثابت
وبن عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ المُنْكَدِرِ أَنَّ رَسُوْلَ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "يَا
بَنِي سَلِمَة! مَنْ سَيِّدُكُم"؟ قَالُوا: الجدُّ بنُ
قَيْسٍ وَإِنَّا لنبخِّلُه. قَالَ: "وَأَيُّ دَاءٍ أَدْوَى
مِنَ البُخْلِ? بَلْ سَيِّدُكُم الجَعْدُ الأَبْيَضُ
عَمْرُو بنُ الجَمُوْحِ" 4.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: لَمْ يَشْهَدْ بَدْراً. كَانَ
أَعْرَجَ. وَلَمَّا خَرَجُوا يَوْمَ أُحُدٍ مَنَعَهُ
بَنُوْهُ وقالوا:
__________
1 لأقحزن: قحز الرجل، يقحز: إذا قلق واضطراب.
2 القرن: الحبل من اللحاء
3 مستدن: من السدانة، قال أبو عبيد سدانة الكعبة خدمتها
وتولى أمرها وفتح بابها وإغلاقه. ورجل سادن من قوم سدنة
وهم الخدم، وكان لكل صنم سدنة يخدمون البيت الذي يوضع فيه.
4 صحيح لغيره: إسناده ضعيف، لإرساله. وأخرجه البخاري في
"الأدب المفرد" "296"، من طريق الحجاج الصواف، قال: حدثني
أبو الزبير، قال: حدثنا جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: فذكره. وإسناده صحيح.
(3/157)
عَذَرَكَ اللهُ. فَأَتَى رَسُوْلَ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَشْكُوْهُم. فَقَالَ:
"لاَ عَلَيْكُم أَنْ لا تمنعوه لعل الله يرزقه الشهادة"1.
قَالَتِ امْرَأَتُهُ هِنْدٌ أُخْتُ عَبْدِ اللهِ بنِ
عَمْرِو بنِ حَرَامٍ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ قَدْ
أَخَذَ دَرَقَتَهُ وَهُوَ يَقُوْلُ: اللَّهُمَّ لاَ
تَرُدَّنِي. فَقُتِلَ هُوَ وَابْنُهُ خَلاَّدٌ.
إِسْرَائِيْلُ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ مَسْرُوْقٍ، عَنْ أَبِي
الضُّحَى: أَنَّ عَمْرَو بنَ الجَمُوْحِ قَالَ لِبَنِيْهِ:
أَنْتُم مَنَعْتُمُوْنِي الجَنَّةَ يَوْمَ بَدْرٍ. وَاللهِ
لَئِنْ بَقِيْتُ لأَدْخُلَنَّ الجَنَّةَ. فَلَمَّا كَانَ
يَوْمُ أُحُدٍ قَالَ عُمَرُ: لَمْ يَكُنْ لِي هَمٌّ
غَيْرَهُ فَطَلَبْتُهُ فَإِذَا هُوَ فِي الرَّعِيْلِ
الأَوَّلِ.
قَالَ مَالِكٌ: كُفِّنَ هُوَ وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَمْرِو
بنِ حَرَامٍ فِي كَفَنٍ وَاحِدٍ.
مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ
أَبِي صَعْصَعَةَ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عَمْرَو بنَ
الجَمُوْحِ وَابنَ حَرَامٍ كَانَ السَّيْلُ قَدْ خَرَّبَ
قَبْرَهُمَا فَحَفَرَ عَنْهُمَا لِيُغَيَّرَا مِنْ
مَكَانِهِمَا فَوُجِدَا لَمْ يَتَغَيَّرَا كَأَنَّمَا
مَاتَا بِالأَمْسِ وَكَانَ أَحَدُهُمَا قَدْ جُرِحَ
فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى جُرْحِهِ فَدُفِنَ كَذَلِكَ.
فَأُمِيْطَتْ يَدُهُ، عَنْ جُرْحِهِ ثُمَّ أُرْسِلَتْ
فَرَجَعَتْ كَمَا كَانَتْ. وَكَانَ بَيْنَ يَوْمِ أُحُدٍ
وَيَوْمَ حُفِرَ عَنْهُمَا سِتٌّ وأربعون سنة.
__________
1 حسن: إسناده ضعيف جدا فيه الواقدي، وهو متروك. وله شاهد
عند أحمد "5/ 299" من طريق حميد بن زياد أن يحيى بن النضر
حدثه عن أبي قتادة أنه حضر ذلك، قال أتى عمرو بن الجموح
إِلَى رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَقَالَ: يا رسول الله أرأيت إن قاتلت في سبيل الله حتى
أقتاد أمشي برجلي هذه صحيحة الجنة، وكانت رجله عرجاء، فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: $"نعم" فقتلوا يوم أحد هو
وابن أخيه ومولى لهم فمر عَلَيْهِ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: $"كأني أنظر إليك
تمشي برجلك هذه صحيحة في الجنة"، فامر رسول الله صلى الله
عليه وسلم بهما وبمولاهما فجعلوا في قبر واحد.
قلت: إسناده حسن، حميد بن زيد، هو أبو صخر، ابن أبي
المخارق الخراط صدوق يهم، كما قال الحافظ في "التقريب".
(3/158)
50- عبيدة بن
الحارث 1:
ابن المُطَّلِبِ بنِ عَبْدِ مَنَافٍ بنِ قُصَيٍّ
القُرَشِيُّ المُطَّلِبِيُّ. وَأُمُّهُ مِنْ ثَقِيْفٍ.
وَكَانَ أَحَدَ السَّابِقِيْنَ الأَوَّلِيْنَ: وَهُوَ
أسنُّ مِنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- بِعَشْرِ سِنِيْنَ. هَاجَرَ هُوَ وَأَخُوْهُ
الطُّفَيْلُ وَحُصَيْنٌ. وَكَانَ رَبْعَةً مِنَ الرِّجَالِ
مَلِيْحاً كَبِيْرَ المَنْزِلَةِ عِنْدَ رَسُوْلِ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ الَّذِي
بَارَزَ رَأْسَ المُشْرِكِيْنَ يَوْمَ بَدْرٍ فَاخْتَلَفَا
ضَرْبَتَيْنِ فَأَثْبَتَ كُلٌّ مِنْهُمَا الآخَرَ. وَشَدَّ
عَلِيٌّ وَحَمْزَةُ عَلَى عُتْبَةَ فَقَتَلاَهُ
وَاحْتَملاَ عُبَيْدَةَ وَبِهِ رَمَقٌ ثُمَّ تُوُفِّيَ
بِالصَّفْرَاءِ فِي العَشْرِ الأَخِيْرِ مِنْ رَمَضَانَ
سَنَةَ اثْنَتَيْنِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- أَمَّرَهُ عَلَى سِتِّيْنَ رَاكِباً مِنَ
المُهَاجِرِيْنَ وَعَقَدَ لَهُ لِوَاءً. فَكَانَ أَوَّلَ
لِوَاءٍ عُقِدَ فِي الإِسْلاَمِ. فَالْتَقَى قُرَيْشاً
وَعَلَيْهِم أَبُو سُفْيَانَ عِنْدَ ثَنِيَّةِ المَرَةِ
وَكَانَ ذَاكَ أَوَّلَ قِتَالٍ جَرَى فِي الإِسْلاَمِ.
قَالَهُ ابن إسحاق.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "2/ 7 و17 و23" و"3/ 17 و51، 52
و101 و565" و"8/ 115" والإصابة "2/ ترجمته 5375".
(3/158)
أَعْيَانُ البَدْرِيِّيْنَ
أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعَلِيٌّ، وَسَعْدٌ،
وَالزُّبَيْرُ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ
بنُ عَوْفٍ، وَزَيْدُ بنُ حَارِثَةَ، وَمِسْطَحُ بنُ
أُثَاثَةَ، وَمُصْعَبُ بنُ عُمَيْرٍ، وَابْنُ مَسْعُوْدٍ،
وَالمِقْدَادُ، وَصُهَيْبٌ، وَعَمَّارٌ، وَأَبُو سَلَمَةَ،
وَزَيْدُ بنُ الخَطَّابِ، وَسَعْدُ بنُ مُعَاذٍ،
وَعَبَّادُ بنُ بِشْرٍ، وَأَبُو الهَيْثَمِ بنُ
التَّيِّهَانِ، وَقَتَادَةُ بنُ النُّعْمَانِ،
وَرِفَاعَةُ، وَمُبَشِّرٌ ابْنَا عَبْدِ المُنْذِرِ وَلَمْ
يَحْضُرْهَا أَخُوْهُمَا أَبُو لُبَابَةَ لأَنَّهُ
اسْتُخْلِفَ عَلَى المَدِيْنَةِ وَأَبُو أَيُّوْبَ
وَأُبَيُّ بنُ كَعْبٍ وَبَنُو عَفْرَاءَ وَأَبُو طَلْحَةَ
وَبِلاَلٌ وَعُبَادَةُ وَمُعَاذٌ وَعِتْبَانُ بنُ مَالِكٍ
وَعُكَّاشَةُ بنُ مِحْصَنٍ وَعَاصِمُ بنُ ثَابِتٍ وَأَبُو
اليَسَرِ -رَضِيَ الله عنهم.
51- ربيعة بن الحارث 1:
ابن عَبْدِ المُطَّلِبِ بنِ هَاشِمٍ الهَاشِمِيُّ. أَبُو
أَرْوَى.
وَلَهُ مِنَ الوَلَدِ: مُحَمَّدٌ وَعَبْدُ اللهِ
وَالحَارِثُ وَالعَبَّاسُ وَأُمَيَّةُ وَعَبْدُ شَمْسٍ
وَعَبْدُ المُطَّلِبِ وَأَرْوَى الكُبْرَى وَهِنْدٌ
وَأَرْوَى وَآدَمُ. وَآدَمُ: هُوَ المُسْتَرْضَعُ لَهُ فِي
هُذيل فَقَتَلَهُ بَنُو لَيْثِ بنِ بَكْرٍ فِي حَرْبٍ
كَانَتْ بَيْنَهُم. وَكَانَ صَغِيْراً يَحْبُو أَمَامَ
البُيُوْتِ فَأَصَابَهُ حَجَرٌ قَتَلَهُ. فَقَالَ
النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"وَأَوَّلُ دَمٍ أَضَعُهُ دَمُ ابْنِ رَبِيْعَةَ بنِ
الحَارِثِ" 2 وَيُرْوَى أن قال فيه: "آدم" رأى في
الكِتَابِ دَمَ ابْنِ رَبِيْعَةَ فَزَادَ أَلِفاً
وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لِصِغَرِهِ مَا حَفِظَ اسْمَهُ
وَقِيْلَ: كَانَ اسْمُهُ تَمَّامُ بنُ رَبِيْعَةَ.
قَالُوا: وَكَانَ رَبِيْعَةُ أسنَّ مِنْ عَمِّهِ
العَبَّاسِ بِسَنَتَيْنِ. وَنَوْبَةَ بدرٍ كان ربيعة
غائبًا بالشام.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "4/ 47-48"، والتاريخ الكبير
"2/ ق1/ 283"، والإصابة "1/ ترجمة 2592"، وتهذيب التهذيب
"3/ 253".
2 صحيح: أخرجه مسلم "1218".
(3/159)
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: فَلَمَّا خَرَجَ
العَبَّاسُ وَنَوْفَلٌ إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُهَاجِرِيْنَ أَيَّامَ
الخَنْدَقِ شَيَّعَهُمَا رَبِيْعَةُ إِلَى الأَبْوَاءِ
ثُمَّ أَرَادَ الرُّجُوْعَ فَقَالاَ لَهُ: أَينَ تَرْجِعُ?
إِلَى دَارِ الشِّرْكِ تُقَاتِلُوْنَ رَسُوْلَ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَتُكَذِّبُوْنَهُ
وَقَدْ عَزَّ وَكَثُفَ أَصْحَابُهُ ارْجِعْ فَسَارَ
مَعَهُمَا حَتَّى قَدِمُوا جَمِيْعاً مسلمين. وأطعم رسول
الله صلى الله عيه وسلم ربيعة بخيبر مئة وَسقٍ كُلَّ
سَنَةٍ وَشَهِدَ مَعَهُ الفَتْحَ وَحُنَيْناً وَابْتَنَى
دَاراً بِالمَدِيْنَةِ وَتُوُفِّيَ فِي خِلاَفَةِ عُمَرَ.
ويروى أن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: "نِعْمَ
العَبْدُ رَبِيْعَةُ بنُ الحَارِثِ لَوْ قَصَّرَ مِنَ
شَعْرِهِ وَشَمَّرَ مِنْ ثَوْبِهِ".
وَكَانَ رَبِيْعَةُ شَرِيْكاً لِعُثْمَانَ فِي
التِّجَارَةِ وَقَدْ جَاءَ في حديث جابر الذي في
المَنَاسِكِ "وَإِنَّ أَوَّلَ دَمٍ أَضَعُ دَمَ ابْنِ
رَبِيْعَةَ بنِ الحَارِثِ" أَرَادَ الَّذِي يَسْتَحِقُّ
رَبِيْعَةُ بِهِ الدِّيَةَ مِنْ أَجْلِ وَلَدِهِ. وَقِيْلَ
إِنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ.
وَأُمُّهُ: هِيَ غَزِيَّةُ بِنْتُ قَيْسِ بنِ طَرِيْفٍ.
(3/160)
52- عَبْدُ اللهِ بنُ الحَارِثِ 1:
بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ الهَاشِمِيُّ. أَخُو رَبِيْعَةَ
وَنَوْفَلٍ. وَكَانَ اسْمُهُ عَبْدَ شَمْسٍ فغُيِّر.
فَرَوَوْا أَنَّهُ هَاجرَ قُبَيْلَ الفَتْحِ فسماه
النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَبْدِ
اللهِ. وَخَرَجَ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- فِي بَعْضِ مَغَازِيْهِ فَمَاتَ بِالصَّفْرَاءِ
فَكَفَّنَهُ فِي قَمِيْصِهِ - يَعْنِي قَمِيْصَ النَّبِيِّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقَدْ قِيْلَ: إِنَّهُ قَالَ فِيْهِ: "هُوَ سَعِيْدٌ
أَدْرَكَتْهُ السَّعَادَةُ". كَذَا أَوْرَدَ ابْنُ سَعْدٍ
هَذَا بِلاَ إِسْنَادٍ. وَلاَ نَسْلَ لِهَذَا.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "4/ 48-49"، و"الإصابة "2/
ترجمة 4602".
(3/160)
53- خالد بن
سعيد 1:
ابن العَاصِ بنِ أُمَيَّةَ بنِ عَبْدِ شَمْسِ بنِ عَبْدِ
مناف بن قصي.
السَّيِّدُ الكَبِيْرُ أَبُو سَعِيْدٍ القُرَشِيُّ
الأُمَوِيُّ أَحَدُ السَّابِقِيْنَ الأَوَّلِيْنَ.
رُوِيَ، عَنْ أُمِّ خَالِدٍ بِنْتِ خَالِدٍ قَالَتْ: كَانَ
أَبِي خَامِساً فِي الإِسْلاَمِ وَهَاجَرَ إِلَى أَرْضِ
الحَبَشَةِ وَأَقَامَ بِهَا بِضْعَ عشرة سنة وولدت أنا
بها.
__________
1 راجع ترجمته في طبقات ابن سعد "4/ 94-100"، التاريخ
الكبير "2/ ق1/ 152"، الجرح والتعديل "1/ ق2 / 334"،
الإصابة "1/ ترجمة رقم 2167".
(3/160)
وَرَوَى إِبْرَاهِيْمُ بنُ عُقْبَةَ، عَنْ
أُمِّ خَالِدٍ قَالَتْ: أَبِي أَوَّلُ مَنْ كَتَبَ: بِسْمِ
اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ.
وَرُوِيَ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- اسْتَعْمَلَهُ عَلَى صَنْعَاءَ وَأَنَّ أَبَا
بَكْرٍ أَمَّرَهُ عَلَى بَعْضِ الجَيْشِ فِي غَزْوِ
الشَّامِ.
قَالَ مُوْسَى بنُ عُقْبَةَ: أَخْبَرَنَا أَشْيَاخُنَا
أَنَّ خَالِداً قَتَلَ مُشْرِكاً ثُمَّ لَبِسَ سَلَبَهُ
دِيْبَاجاً أَوْ حَرِيْراً فَنَظَرَ النَّاسُ إِلَيْهِ
وَهُوَ مَعَ عَمْرٍو. فَقَالَ: مَا لَكُم تَنْظُرُوْنَ?
مَنْ شَاءَ فَلْيَفْعَلْ مِثْلَ عَمَلِ خَالِدٍ ثُمَّ
يَلْبِسْ لِبَاسَهُ.
وَيُرْوَى أَنَّ خَالِداً -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-
اسْتُشْهِدَ فَقَالَ الَّذِي قَتَلَهُ بَعْدَ أَنْ
أَسْلَمَ: مَنْ هَذَا الرَّجُلُ? فَإِنِّي رَأَيْتُ
نُوْراً لَهُ سَاطِعاً إِلَى السَّمَاءِ.
وَقِيْلَ: كَانَ خَالدُ بنُ سَعِيْدٍ وَسِيْماً جَمِيْلاً
قُتِلَ يَوْمَ أَجْنَادِيْنَ وَهَاجَرَ مَعَ جَعْفَرِ بنِ
أَبِي طَالِبٍ إِلَى المَدِيْنَةِ زَمَنَ خَيْبَرَ.
وَبِنْتُهُ المَذْكُوْرَةُ عُمِّرَتْ! وَتَأَخَّرَتْ إِلَى
قَرِيْبِ عَامِ تِسْعِيْنَ.
وَكَانَ أَبُوْهُ أَبُو أُحَيْحَةَ مِنْ كُبَرَاءِ
الجَاهِلِيَّةِ مَاتَ قَبْلَ غَزْوَةِ بدر مشركًا. وله عدة
أولاد منهم:
(3/161)
54- أبان بن
سعيد 1:
أَبُو الوَلِيْدِ الأُمَوِيُّ. تَأَخَّرَ إِسْلاَمُهُ
وَكَانَ تَاجِراً مُوْسِراً سَافَرَ إِلَى الشَّامِ.
وَهُوَ الَّذِي أَجَارَ ابْنَ عَمِّهِ عُثْمَانَ بنَ
عَفَّانَ يَوْمَ الحُدَيْبِيَةِ حِيْنَ بَعَثَهُ
النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَسُوْلاً
إِلَى مَكَّةَ فَتَلَقَّاهُ أَبَانُ وَهُوَ يَقُوْلُ:
أقْبِلْ وأَنْسِلْ وَلاَ تَخَفْ أَحَداً ... بَنُو سعيدٍ
أعزَّةُ البَلَدِ
ثُمَّ أَسْلَمَ يَوْمَ الفَتْحِ لاَ بَلْ قَبْلَ الفَتْحِ
وَهَاجَرَ. وَذَلِكَ أَنَّ أَخَوَيْهِ خَالِداً
المَذْكُوْرَ وَعَمْراً لَمَّا قَدِمَا مِنْ هِجْرَةِ
الحَبَشَةِ إِلَى المَدِيْنَةِ بَعَثَا إِلَيْهِ
يَدْعُوَانِهِ إِلَى اللهِ تَعَالَى فَبَادَرَ وَقَدِمَ
المَدِيْنَةَ مُسْلِماً. وَقَدِ اسْتَعْمَلَهُ رَسُوْلُ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَنَةَ تِسْعٍ
عَلَى البَحْرَيْنِ ثُمَّ إِنَّهُ اسْتُشْهِدَ هُوَ
وَأَخُوْهُ خَالِدٌ يَوْمَ أَجْنَادِيْنَ عَلَى
الصَّحِيْحِ. وأبان هو ابن عمة أبي جهل.
__________
1 ترجمته في "التاريخ الكبير" "1/ ق1/ 450"، والجرح
والتعديل "1/ ق1/ 295"، والإصابة "1/ ترجمة رقم 2".
(3/161)
55- وأخوهما عمرو بن سعيد الأُمَوِيُّ 1:
لَهُ هِجْرَتَانِ: إِلَى الحَبَشَةِ ثُمَّ إِلَى المدينة.
وله حديث في "مسند الإمام أَحْمَدَ" اسْتُشْهِدَ يَوْمَ
اليَرْمُوْكِ وَيُقَالُ: يَوْم أَجْنَادِيْنَ مع أخويه
-رضي الله عنهم.
وروى عمر بنُ سَعِيْدٍ الأَشْدَقُ: أَنَّ أَعْمَامَهُ
خَالِداً وَأَبَاناً وَعَمْراً رَجَعُوا، عَنْ
أَعْمَالِهِم حِيْنَ بَلَغَهُم مَوْتُ رَسُوْلِ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ أَبُو
بَكْرٍ: مَا أحدٌ أحقَّ بِالعَمْلِ مِنْ عُمَّالِ رَسُوْلِ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ارْجِعُوا
إِلَى أَعْمَالِكُم فَأَبَوا وَخَرَجُوا إِلَى الشَّامِ
فقتلوا. -رضي الله عنهم.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "3/ 1/ 236"، وتاريخ البخاري
الكبير "3/ ق2/ 338"، والإصابة "3/ ترجمة رقم 6848"،
وتهذيب التهذيب "8/ 27-29"، وتقريب التهذيب "2/ 70"،
وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5299".
(3/162)
56- العَلاَءُ بنُ الحَضْرَمِيِّ 1: "ع"
وَاسْمُهُ: العَلاَءُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عِمَادِ بنِ
أَكْبَرَ بنِ رَبِيْعَةَ بنِ مُقَنَّعِ بنِ حَضْرَمَوْتَ.
كَانَ مِنْ حُلَفَاءِ بَنِي أُمَيَّةَ وَمِنْ سَادَةِ
المُهَاجِرِيْنَ. وَأَخُوْهُ مَيْمُوْنُ بنُ الحَضْرَمِيِّ
هُوَ المَنْسُوْبُ إِلَيْهِ بِئْرُ مَيمُوْنٍ الَّتِي
بِأَعْلَى مَكَّةَ احْتَفَرَهَا قَبْلَ المَبْعَثِ.
وأخواهما: عمرو وعامر.
وَلاَّهُ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- البَحْرَيْنِ ثُمَّ وَلِيَهَا لأَبِي بَكْرٍ
وَعُمَرَ.
وَقِيْلَ: إِنَّ عُمَرَ بَعَثَهُ عَلَى إِمْرَةِ
البَصْرَةِ فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَيْهَا.
وَوَلِيَ بَعْدَهُ البَحْرَيْنِ لِعُمَرَ: أَبُو
هُرَيْرَةَ.
لَهُ حَدِيْثُ: "مُكْثُ المُهَاجِرِ بَعْدَ قَضَاءِ
نُسُكِهِ بِمَكَّةَ ثَلاَثاً" 2. رَوَاهُ عَنْهُ
السَّائِبُ بنُ يَزِيْدَ وَرَوَى عَنْهُ أَيْضاً حَيَّانُ
الأعرج وزياد بن حدير.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "4/ 359"، والجرح والتعديل "3/
1/ 357"، وتاريخ البخاري الكبير "3/ ق2/ 3130"، والإصابة
"2/ ترجمة 5642"، وتهذيب التهذيب "8/ 178-179"، وخلاصة
الخزرجي "2/ ترجمة 5504".
2 صحيح على شرط الشيخين: أخرجه الشافعي "1/ 368"، وأحمد
"4/ 339"، "5/ 52، والحميدي "844"، والبخاري "3933"، ومسلم
"1352" "442"، وأبو داود "2022"، والترمذي "949"، والنسائي
"3/ 121-122"، وابن ماجه "1073"، والطبراني "18/ 169-173"،
والبيهقي "3/ 147" من طريق السائب بن يزيد عن علاء بن
الحضرمي عَنْ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ: "مكث المهاجر بمكة بعد قضاء نسكه ثلاثا".
واللفظ لمسلم.
(3/162)
رَوَى مَنْصُوْرُ بنُ زَاذَانَ، عَنْ
مُحَمَّدِ بنِ سِيْرِيْنَ، عَنِ ابْنِ العَلاَءِ أَنَّ
العَلاَءَ بنَ الحَضْرَمِيِّ كَتَبَ إِلَى النَّبِيِّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَبَدَأَ
بِنَفْسِهِ1.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: كَانَ وَالِدُهُم الحَضْرَمِيُّ
حِلْفَ حَرْبِ بنِ أُمَيَّةَ وَهُوَ مِنْ بِلاَدِ
حَضْرَمَوْتَ وَاسْمُهُ عَبْدُ اللهِ بنُ عباد بن الصدف.
ابْنُ لَهِيْعَةَ، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ
قَالَ بَعَثَهُ - يَعْنِي العَلاَءَ - أَبُو بَكْرٍ
الصِّدِّيْقُ فِي جَيْشٍ قِبَلَ البَحْرَيْنِ وَكَانُوا
قَدِ ارْتَدُّوا فَسَارَ إِلَيْهِم وَبَيْنَهُ
وَبَيْنَهُمُ البَحْرُ -يَعْنِي الرَّقْرَاقُ- حَتَّى
مَشَوْا فِيْهِ بِأَرْجُلِهِم فَقَطَعُوا كَذَلِكَ
مَكَاناً كَانَتْ تَجْرِي فِيْهِ السُّفُنُ وَهِيَ
اليَوْمَ تَجْرِي فِيْهِ أَيْضاً فَقَاتَلَهُم
وَأَظْهَرَهُ اللهُ عَلَيْهِم وَبَذَلُوا الزَّكَاةَ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ.
وَرُوِيَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: بَعَثَنِي رَسُوْلُ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَعَ العَلاَءِ
بنِ الحَضْرَمِيِّ وَوَصَّاهُ بِي فَكُنْتُ أؤذِّنُ لَهُ2.
وَقَالَ المِسْوَرُ بنُ مَخْرَمَةَ: بَعَثَ النَّبِيُّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- العَلاَءَ إِلَى
البَحْرَيْنِ ثُمَّ عَزَلَهُ بِأَبَانَ بنِ سَعِيْدٍ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: بَعَثَ أَبُو بَكْرٍ
العَلاَءَ بنَ الحَضْرَمِيِّ فَخَرَجَ مِنَ المَدِيْنَةِ
فِي سِتَّةَ عَشَرَ رَاكِباً وَكَتَبَ لَهُ كِتَاباً أَنْ
يَنْفِرَ مَعَهُ كُلُّ مَنْ مرَّ بِهِ مِنَ المُسْلِمِيْنَ
إِلَى عَدُوِّهِم. فَسَارَ العَلاَءُ فِيْمَنْ تَبِعَهُ
حَتَّى لَحِقَ بِحِصْنِ جُوَاثَى فَقَاتَلَهُم فَلَمْ
يُفْلِتْ مِنْهُم أَحَدٌ ثُمَّ أَتَى القَطِيْفَ وَبِهَا
جمع فقاتلهم فانهزموا فانضمت الأَعَاجِمُ إِلَى الزَّارَةِ
فَأَتَاهُمُ العَلاَءُ فَنَزَلَ الخَطَّ عَلَى سَاحِلِ
البَحْرِ فَقَاتَلَهُم وَحَاصَرَهُم إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ
الصِّدِّيْقُ فَطَلَبَ أَهْلُ الزَّارَةِ الصُّلْحَ
فَصَالَحَهُم،
__________
1 ضعيف: أخرجه أحمد "4/ 339"، وأبو داود "5135" من طريق
هشيم حدثنا منصور، عن ابن سيرين، عن ابن العلاء بن الحضرمي
قال أبي ثنا به هشيم مرتين مرة عن ابن العلاء، ومرة لم يصل
أن أباه كَتَبَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فبدأ بنفسه.
قلت: إسناده ضعيف لجهالة ابن العلاء بن الحضرمي، لذا قال
الحافظ في "التقريب": مقبول -أي عند المتابعة.
2 ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "4/ 360" من طريق محمد بن عمر
الواقدي، قال حدثني عبد الله بن يزيد، عن سالم مولى بن نصر
قال: سمعت أبا هريرة يقول: "بَعَثَنِي رَسُوْلُ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع العلاء بن الحضرمي،
وأوصاه بي خيرا، فلما فصلنا قال لي: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد أوصاني بك خيرا
فانظر ماذا تحب؟ قال: قلت: تجعلني أؤذن لك، ولا تسبقني
بآمين. فأعطاه ذلك".
قلت: إسناده ضعيف جدا، آفته الواقدي، فإنه متروك كما ذكرنا
ذلك من قبل.
(3/163)
ثُمَّ قَاتَلَ أَهْلَ دَارِيْنَ فَقَتَلَ
المُقَاتِلَةَ وَحَوَى الذَّرَارِي وَبَعَثَ عَرْفَجَةَ
إِلَى سَاحِلِ فَارِسٍ فَقَطَعَ السُّفُنَ وَافْتَتَحَ
جَزِيْرَةً بِأَرْضِ فَارِسٍ وَاتَّخَذَ بِهَا مَسْجِداً.
مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ: أَنَّ عُمَرَ كَتَبَ إِلَى
العَلاَءِ بنِ الحَضْرَمِيِّ وَهُوَ بِالبَحْرَيْنِ أَنْ
سِرْ إِلَى عُتْبَةَ بنِ غَزْوَانَ فَقَدْ وَلَّيْتُكَ
عَمَلَهُ وَظَنَنْتُ أَنَّكَ أَغْنَى مِنْهُ فَاعْرِفْ
لَهُ حَقَّهُ فَخَرَجَ العَلاَءُ فِي رَهْطٍ مِنْهُم أَبُو
هُرَيْرَةَ وَأَبُو بَكْرَةَ فَلَمَّا كَانُوا بِنيَاس
مَاتَ العَلاَءُ.
وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَقُوْلُ: رَأَيْتُ مِنَ
العَلاَءِ ثَلاَثَةَ أَشْيَاءَ لاَ أَزَالُ أُحِبُّهُ
أَبَداً: قَطَعَ البَحْرَ عَلَى فَرَسِهِ يَوْمَ دَارِيْنَ
وَقَدِمَ يُرِيْدُ البَحْرَيْنِ فَدَعَا اللهَ
بِالدَّهْنَاءِ فَنَبَعَ لَهُم مَاءً فَارْتَوَوْا
وَنَسِيَ رَجُلٌ مِنْهُم بَعْضَ مَتَاعِهِ فرد فلقيه ولم
يجد الماء. وَمَاتَ وَنَحْنُ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ فَأَبْدَى
اللهُ لَنَا سَحَابَةً فَمُطِرْنَا فَغَسَّلْنَاهُ
وَحَفَرْنَا لَهُ بِسُيُوْفِنَا وَدَفَنَّاهُ وَلَمْ
نُلْحِدْ لَهُ.
(3/164)
57- سعد بن
خيثمة 1:
ابن الحارث بن مَالِكِ بنِ كَعْبِ بنِ النَّحَّاطِ بنِ
كَعْبِ بنِ حَارِثَةَ بنِ غَنْمِ بنِ السَّلْمِ أَبُو
عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ الأَوْسِيُّ البَدْرِيُّ
النَّقِيْبُ أَخُو أَبِي ضَيَّاحٍ النُّعْمَانِ بنِ
ثَابِتٍ لأُمِّهِ.
انْقَرَضَ عَقِبُهُ سَنَةَ مَائتَيْنِ.
وَكَانَ ابْنُ الكَلْبِيِّ يُخَالِفُ فِي النَّحَّاطِ،
وَيَجْعَلُهُ الحَنَّاطَ بنَ كَعْبٍ.
آخَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِي سَلَمَةَ بنِ عَبْدِ الأَسَدِ.
قَالُوا: وَكَانَ أَحَدَ النُّقَبَاءِ الاثْنَيْ عَشَرَ.
وَلَمَّا نَدَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ المُسْلِمِيْنَ يَوْمَ بَدْرٍ، فَأَسْرَعُوا،
قَالَ خَيْثَمَةُ لابْنِهِ سَعْدٍ آثِرْنِي بِالخُرُوْجِ،
وَأَقِمْ مَعَ نِسَائِكَ. فَأَبَى، وَقَالَ: لَوْ كَانَ
غَيْرَ الجَنَّةِ آثَرْتُكَ بِهِ فَاقْتَرَعَا فَخَرَجَ
سَهْمُ، سَعْدٍ فَخَرَجَ، وَاسْتُشْهِدَ بِبَدْرٍ،
وَاسْتُشْهِدَ أَبُوْهُ خَيْثَمَةُ يوم أحد.
__________
1 راجع ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 481-482"، تاريخ
البخاري الكبير "2/ ق2/ 49"، الجرح والتعديل "2/ ق1/ 82"،
الإصابة 2/ ترجمة 3148".
(3/164)
58- البراء بن
معرور 1:
ابن صخر بن خنساء بن سنان.
السَّيِّدُ النَّقِيْبُ، أَبُو بِشْرٍ الأَنْصَارِيُّ
الخَزْرَجِيُّ أَحَدُ النُّقَبَاءِ لَيْلَةَ العَقَبَةِ
وَهُوَ ابْنُ عَمَّةِ سَعْدِ بنِ مُعَاذٍ وَكَانَ نَقِيْبَ
قَوْمِهِ بَنِي سَلِمَةَ وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ بَايَعَ
لَيْلَةَ العَقَبَةِ الأُوْلَى وَكَانَ فَاضِلاً تَقِيّاً
فَقِيْهَ النَّفْسِ مَاتَ فِي صَفَرٍ قَبْلَ قُدُوْمِ
رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
المَدِيْنَةَ بِشَهْرٍ.
مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ: حدثني معبد بن كعب، عن أخيه عبد
اللهِ، عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: خَرَجْنَا مِنَ المَدِيْنَةِ
نُرِيْدُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
بِمَكَّةَ وَخَرَجَ مَعَنَا حُجَّاجُ قَوْمِنَا مِنْ
أَهْلِ الشِّرْكِ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِذِي الحُلَيْفَةِ
قَالَ لَنَا البَرَاءُ بنُ مَعْرُوْرٍ -وَكَانَ سَيِّدَنَا
وَذَا سِنِّنَا: تَعْلَمُنَّ -وَاللهِ- لَقَدْ رَأَيْتُ
أَنْ لاَ أَجْعَلَ هذه البينة مِنِّي بِظَهْرٍ وَأَنْ
أُصَلِّيَ إِلَيْهَا فَقُلْنَا وَاللهِ لاَ نَفْعَلُ مَا
بَلَغَنَا أَنَّ نَبِيَّنَا يُصَلِّي إلَّا إِلَى الشَّامِ
فَمَا كُنَّا لِنُخَالِفَ قِبْلَتَهُ. فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ
إِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ يُصَلِّي إِلَى الكَعْبَةِ
قَالَ: فَعِبْنَا عَلَيْهِ وَأَبَى إلَّا الإِقَامَةَ عليه
حتى قدمنا مكة فقال لي: يابن أخي لقد صنعت فِي سَفَرِي
شَيْئاً مَا أَدْرِي مَا هُوَ فَانْطَلِقْ إِلَى رَسُوْلِ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلْنَسْأَلْهُ
عمَّا صَنَعْتُ وَكُنَّا لاَ نَعْرِفُ رَسُوْلَ اللهِ
فَخَرَجْنَا نَسْأَلُ عَنْهُ فَلَقِيْنَا بِالأَبْطَحِ
رَجُلاً فَسَأَلْنَاهُ عَنْهُ فَقَالَ: هَلْ
تَعْرِفَانِهِ? قُلْنَا: لاَ قَالَ: فَهَلْ تَعْرِفَانِ
العَبَّاسَ? قُلْنَا: نَعَمْ. فَكَانَ العَبَّاسُ
يَخْتَلِفُ إِلَيْنَا بِالتِّجَارَةِ فَعَرَفْنَاهُ،
فَقَالَ: هُوَ الرَّجُلُ الجَالِسُ مَعَهُ الآنَ فِي
المَسْجِدِ فَأَتَيْنَاهُمَا فَسَلَّمْنَا وَجَلَسْنَا
فَسَأَلْنَا العَبَّاسَ فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ هَذَانِ يَا عَمّ"؟
قَالَ هَذَا البَرَاءُ بنُ مَعْرُوْرٍ سَيِّدُ قَوْمِهِ
وَهَذَا كَعْبُ بنُ مَالِكٍ فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الشَّاعِرُ"؟
فَقَالَ البَرَاءُ يَا رَسُوْلَ اللهِ! وَاللهِ لَقَدْ
صَنَعْتُ كَذَا وَكَذَا فَقَالَ: "قَدْ كُنْتَ عَلَى
قِبْلَةٍ لَوْ صَبَرْتَ عَلَيْهَا" فَرَجَعَ إِلَى
قِبْلَتِهِ ثُمَّ وَاعَدَنَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيْلَةَ العَقَبَةِ
الأَوْسَطِ وَذَكَرَ القِصَّةَ بِطُوْلِهَا.
وَرَوَى يَحْيَى بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي قَتَادَةَ،
عَنْ أُمِّهِ، عَنْ أَبِيْهِ أَنَّ البَرَاءَ بنَ
مَعْرُوْرٍ أَوْصَى بِثُلُثِهِ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَكَانَ أَوْصَى بِثُلُثٍ فِي
سَبِيْلِ اللهِ وَأَوْصَى بِثُلُثٍ لِوَلَدِهِ فَقِيْلَ
لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَدَّهُ
عَلَى الوَرَثَةِ فَقَدِمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَدْ مَاتَ فَسَأَلَ، عَنْ قَبْرِهِ
فَأَتَاهُ فَصَفَّ عَلَيْهِ وَكَبَّرَ وَقَالَ:
"اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ وَأَدْخِلْهُ
الجَنَّةَ وَقَدْ فَعَلْتَ"2.
وَكَانَ البَرَاءُ لَيْلَةَ العَقَبَةِ هُوَ أَجَلُّ
السَّبْعِيْنَ وَهُوَ أَوَّلُهُم مُبَايَعَةً لِرَسُوْلِ
اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وكان ابنه:
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 618-620"، الجرح والتعديل
"1/ ق1/ 399"، الإصابة "1/ ترجمة رقم 622".
2 ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "3/ 619، 620"، وفيه الواقدي
وهو متروك.
(3/165)
59- بشر بن
البراء 1:
مِنْ أَشْرَافِ قَوْمِهِ وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيْثِ
أَبِي هُرَيْرَةَ وَجَابِرٍ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ سَيِّدُكُم يَا
بَنِي سَلِمَةَ". قَالُوا الجدُّ بنُ قَيْسٍ عَلَى أَنَّ
فِيْهِ بُخْلاً فَقَالَ: "وَأَيُّ دَاءٍ أَدْوَى مِنَ
البُخْلِ? بَلْ سَيِّدُكُم الأَبْيَضُ الجَعْدُ بِشْرُ بنُ
البَرَاءِ"2.
قُلْتُ هُوَ الَّذِي أَكَلَ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الشَّاةِ المَسْمُوْمَةِ
يَوْمَ خَيْبَرَ فَأُصِيْبَ وَهُوَ مِنْ كِبَارِ البدريين.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 570-571"، والإصابة "1/
ترجمة 654".
2 ضعيف جدا: أخرجه الحاكم "3/ 219" من طريق سهل بن عمار
العتكي، حدثنا محمد بن يعلي، حدثنا محمد بن عمرو بن علقمة،
عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، به مرفوعا، وقال الحاكم: صحيح
على شرط مسلم. ووافقه الذهبي.
قلت: إسناده واه بمرة، آفته محمد بن يعلى السلمي، زنبور،
قال البخاري: ذاهب الحديث وقال حاتم: متروك. وقد أورد
الذهبي في ترجمته في "الميزان" مناكير له من رواياته، وذهل
عن هذه الترجمة فصحح الحديث موافقة للحاكم المتساهل، وقد
ذكرنا كثيرا من تساهلهما في كتابنا [الأرائك المصنوعة في
الأحاديث الضعيفة والموضوعة] ، وقد طبع المجلد الأول من
المجلدات الثلاث في مكتبة الدعوة بالأزهر الشريف، ويحوي كل
مجلد على أربعمائة حديث ضعيف أو موضوع مشهور على ألسنة
الدعاة والخطباء والمتكلمين في إذاعة القرآن الكريم يسر
الله طبع بقية المجلدات وجعله في ميزان حسناتنا، وجزى الله
خيرا كل من ساهم في طبعه ونشره، آمين.
(3/166)
60- سعد بن
عبادة 1:
ابن دليم بن حَارِثَةَ بنِ أَبِي حَزِيْمَةَ بنِ
ثَعْلَبَةَ بنِ طَرِيْفِ بنِ الخَزْرَجِ بنِ سَاعِدَةَ بنِ
كَعْبِ بنِ الخَزْرَجِ.
السَّيِّدُ الكَبِيْرُ، الشَّرِيْفُ، أَبُو قَيْسٍ
الأَنْصَارِيُّ، الخَزْرَجِيُّ، السَّاعِدِيُّ المَدَنِيُّ
النَّقِيْبُ سَيِّدُ الخَزْرَجِ.
لَهُ أَحَادِيْثُ يسيرة، وهي عشرون بالمكرر.
__________
1 راجع ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 613-617"، التاريخ
الكبير للبخاري "2/ ق2/ 44"، الجرح والتعديل "2/ ق1/ 88"،
تهذيب التهذيب "3/ 475"، الإصابة "2/ ترجمة 3173"، تهذيب
التهذيب "3/ 475"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2388".
(3/166)
مَاتَ قَبْلَ أَوَانِ الرِّوَايَةِ. رَوَى
عَنْهُ: سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ وَالحَسَنُ البَصْرِيُّ
مُرْسَلٌ لَهُ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ
حَدِيْثَانِ.
قَالَ أَبُو الأَسْوَدِ: عَنْ عُرْوَةَ إِنَّهُ شَهِدَ
بَدْراً وَقَالَ جَمَاعَةٌ ما شهدها.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ يَتَهَيَّأُ لِلْخُرُوْجِ إِلَى
بَدْرٍ وَيَأْتِي دُوْرَ الأَنْصَارِ يَحُضُّهُم عَلَى
الخُرُوْجِ فَنُهِشَ فَأَقَامَ فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَئِنْ كَانَ سَعْدٌ مَا
شَهِدَ بَدْراً لَقَدْ كَانَ حَرِيْصاً عَلَيْهَا".
قَالَ وَكَانَ عَقَبِيّاً نَقِيْباً سَيِّداً جَوَاداً.
وَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- المَدِيْنَةَ كَانَ يَبْعَثُ إِلَيْهِ كُلَّ
يَوْمٍ جَفْنَةً مِنْ ثَرِيْدِ اللَّحْمِ أَوْ ثَرِيْدٍ
بِلَبَنٍ أَوْ غَيْرِهِ فَكَانَتْ جَفْنَةُ سَعْدٍ
تَدُوْرُ مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- فِي بُيُوْتِ أَزْوَاجِهِ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ فِي "تَارِيْخِهِ" إِنَّهُ شَهِدَ
بَدْراً وَتَبِعَهُ ابْنُ مَنْدَةَ.
وَمِمَّنْ رَوَى عَنْهُ أَوْلاَدُهُ قَيْسٌ وَسَعِيْدٌ
وَإِسْحَاقُ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَسَكَنَ دِمَشْقَ فِيْمَا
نَقَلَ ابْنُ عَسَاكِرَ قَالَ: وَمَاتَ بِحَوْرَانَ
وَقِيْلَ قَبْرُهُ بِالمَنِيْحَةِ.
رَوَى ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ، عَنْ سَعْدِ بنِ عُبَادَةَ أَنَّ أُمَّهُ
مَاتَتْ وَعَلَيْهَا نَذْرٌ فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَمَرَنِي أَنْ أَقْضِيَهُ
عَنْهَا1.
وَالأَكْثَرُ جَعَلُوْهُ مِنْ "مُسْنَدِ ابْنِ عَبَّاسٍ"2.
أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ: حَدَّثَنَا يُوْنُسُ، حَدَّثَنَا
حَمَّادٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي
شُمَيْلَةَ، عَنْ رَجُلٍ رَدَّهُ إِلَى سَعِيْدٍ
الصَّرَّافِ، عَنْ إِسْحَاقَ بنِ سَعْدِ بنِ عُبَادَةَ،
عَنْ أَبِيْهِ قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ هَذَا الحَيَّ مِنَ
الأَنْصَارِ مَجَنَّةٌ حُبُّهُم إِيْمَانٌ وَبُغْضُهُم
نفاق" 3.
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "6/ 7"، ومسلم "1638"، والنسائي "6/
253"، "7/ 21"، وأبو يعلى "2683"، والحاكم "3/ 254" من طرق
عَنِ الزُهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الله،
عن ابن عباس قال: جاء سعد بن عبادة إِلَى النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّ أمي
ماتت وعليها نذر فلم تقضه، قال: "اقضه عنها".
2 صحيح على شرطهما: أخرجه مالك "2/ 472"، وأحمد "1/ 219،
329، 370"، والحميدي "532"، والطيالسي "2717"، والبخاري "
2761، 6698" ومسلم "1683"، وأبو داود "3307". والنسائي "6/
253-254"، "7/ 20-21"، وأبو يعلى "2383"، والبيهقي "4/
256"، 10/ 85"، والبغوي "2449" من طرق عَنِ الزُهْرِيِّ،
عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الله، عن ابن عباس -رضي
الله عنهما- أن سعد بن عبادة -رضي الله عنه- استفتى
رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَقَالَ: إن أمي ماتت وعليها نذر، قال: "اقضه عنها".
3 صحيح لغيره: أخرجه أحمد "5/ 285" حدثنا يونس، حدثنا حماد
-يعني ابن زيد، به.=
(3/167)
قَالَ مُوْسَى بنُ عُقْبَةَ،
وَالجَمَاعَةُ: إِنَّهُ أَحَدُ النُّقَبَاءِ، لَيْلَةَ
العَقَبَةِ.
وَعَنْ مَعْرُوْفِ بنِ خَرَّبُوْذَ، عَنْ أَبِي
الطُّفَيْلِ، قَالَ: جَاءَ سَعْدُ بنُ عُبَادَةَ،
وَالمُنْذِرُ بنُ عَمْرٍو يَمْتَارَانِ لأَهْلِ
العَقَبَةِ، وَقَدْ خَرَجَ القَوْمُ، فَنَذِرَ بِهِمَا
أَهْلُ مَكَّةَ، فَأُخِذَ سَعْدٌ وَأُفْلِتَ المُنْذِرُ
قَالَ سَعْدٌ: فَضَرَبُوْنِي حتى تركوني كأني نُصُبٌ
أَحْمَرُ -يَحْمَرُّ النُّصُبُ مِنْ دَمِ الذَّبَائِحِ
عَلَيْهِ- قَالَ: فَخَلاَ رَجُلٌ كَأَنَّهُ رَحِمَنِي
فَقَالَ: وَيْحَكَ! أَمَا لَكَ بِمَكَّةَ مَنْ
تَسْتَجِيْرُ بِهِ? قُلْتُ: لاَ إلَّا أَنَّ العَاصَ بنَ
وَائِلٍ قد كان يقدم علينا بالمدينة فَنُكْرِمُهُ فَقَالَ
رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ ذَكَرَ ابْنَ عَمِّي وَاللهِ لاَ
يَصِلُ إِلَيْهِ أَحَدٌ مِنْكُم فَكَفُّوا عَنِّي وَإِذَا
هُوَ عَدِيُّ بنُ قَيْسٍ السَّهْمِيُّ.
حَجَّاجُ بنُ أَرْطَاةَ، عَنِ الحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ،
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ لِواءُ رسول الله -صلى
الله عليه وسلم- مع عَلِيٍّ وَلِواءُ الأَنصَارِ مَعَ
سَعْدِ بنِ عُبَادَةَ.
رَوَاهُ أَبُو غَسَّانَ النَّهْدِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ
بنِ الزِّبْرِقَانِ، عَنْهُ.
مَعْمَرٌ، عَنْ عُثْمَانَ الجَزَرِيِّ، عَنْ مِقْسَمٍ لاَ
أَعْلَمه إلَّا، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِنَّ رَايَةَ
رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
كَانَتْ تَكُوْنُ مَعَ عَلِيٍّ وَرَايَةَ الأَنْصَارِ مَعَ
سَعْدِ بنِ عُبَادَةَ.
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ:
لَمَّا بَلَغَ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- إِقْفَالُ أَبِي سُفْيَانَ قَالَ: "أَشِيْرُوا
عَلَيَّ" فَقَامَ أَبُو بكر فقال: "اجلس" فقام سعد بن
عُبَادَةَ فَقَالَ: لَوْ أَمَرْتَنَا يَا رَسُوْلَ اللهِ
أن نخيضها البحرلأخضناها وَلَوْ أَمَرْتَنَا أَنْ نَضْرِبَ
أَكْبَادَهَا إِلَى بَرْكِ الغِمَادِ لَفَعَلْنَا1.
أَبُو حُذَيْفَةَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ
الكَلْبِيُّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال
رسول
__________
= قلت: إسناده ضعيف، فيه ثلاث علل:
الأولى: جهالة عبد الرحمن بن أبي شميلة، لذا قال الحافظ في
"التقريب": مقبول -أي عند المتابعة.
الثانية: سعيد الصواف مجهول، لذا قال الحافظ في "التقريب":
مدني مستور. الثالث: جهالة إسحاق بن سعد، وهو ابن عبادة
الأنصاري الخزرجي، قال الحافظ في "التقريب": مستور مقل"
وللحديث شاهد صحيح على شرط البخاري ومسلم عَنْ أَنَسِ بنِ
مَالِكٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "آية الإيمان حب
الأنصار، وآية النفاق بغض الأنصار".
أخرجه البخاري "3784"، ومسلم "74" في "الإيمان" من طريق
شعبة، عن عَبْدُ اللهِ بنُ جبر، عن ابن مالك مرفوعا، وقد
خرجنا هذا الحديث في "منهاج السنة النبوية في نقض كلام
الشيعة والقدرية"، الجزء الرابع بتعليق "151"، وفي المجلد
الخامس برقم تعليق "45".
1 صحيح: أخرجه أحمد "3/ 220"، ومسلم "1779".
(3/168)
الله -صلى الله عليه وسلم- يوم بدر: "مَنْ
جَاءَ بِأَسِيْرٍ فَلَهُ سَلَبُهُ" فَجَاءَ أَبُو اليَسَرِ
بِأَسِيْرِيْنَ فَقَالَ سَعْدُ بنُ عُبَادَةَ: يَا
رَسُوْلَ! اللهِ حَرَسْنَاكَ مَخَافَةً عَلَيْكَ
فَنَزَلَتْ {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ}
[الأَنْفَالِ: 1] 1.
وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ سُفْيَانَ.
عَلِيُّ بنُ بَحْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ المُهَيْمِنِ بنُ
عَبَّاسِ بنِ سَهْلٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ جَدِّي أَنَّ
النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ
يَخْطُبُ المَرْأَةَ وَيُصْدِقُهَا وَيَشْرُطُ لَهَا
صُحْفَةَ سَعْد تَدُوْرُ مَعِي إِذَا دُرْتُ إِلَيْكِ.
فَكَانَ يُرْسِلُ إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بصحفةٍ كُلَّ لَيْلَةٍ2.
مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ يَسَارٍ، عن أبيه مرسلًا
نحوه.
الأَوْزَاعِيُّ: عَنْ يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ كَانَ
لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ
سَعْدٍ كُلَّ يَوْمٍ جَفْنَةٌ تَدُوْرُ مَعَهُ حَيْثُ
دَارَ وَكَانَ سَعْدٌ يَقُوْلُ: اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي
مَالاً فَلاَ تَصْلُحُ الفِعَالُ إلَّا بِالمَالِ3.
أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا يَزِيْدُ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بنُ
مَنْصُوْرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:
لَمَّا نَزَلَتْ: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَات}
[النُّوْرُ: 14] ، قَالَ سَعْدٌ سَيِّدُ الأَنْصَارِ:
هَكَذَا أُنْزِلَتْ يَا رَسُوْلَ اللهِ? فَقَالَ
النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا
مَعْشَرَ الأَنْصَارِ إلَّا تَسْمَعُوْنَ إِلَى مَا
يَقُوْلُ سَيِّدُكُم"؟ قَالُوا: لاَ تَلُمْهُ! فَإِنَّهُ
غَيُوْرٌ وَاللهِ مَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً قَطُّ إلَّا
بِكْراً وَلاَ طَلَّقَ امْرَأَةً قَطُّ فَاجْتَرَأَ أَحَدٌ
يَتَزَوَّجُهَا فَقَالَ سَعْدٌ: يَا رَسُوْلَ اللهِ!
وَاللهِ لأَعْلَمُ أَنَّهَا حَقٌّ وَأَنَّهَا مِنَ اللهِ
وَلَكِنِّي قَدْ تَعَجَّبْتُ أَنْ لَوْ وَجَدْتُ لَكَاعٍ
قَدْ تَفَخَّذَهَا رَجُلٌ لَمْ يَكُنْ لِي أَنْ
أُهَيِّجَهُ وَلاَ أُحَرِّكَهُ حَتَّى آتِي بِأَرْبَعَةِ
شُهَدَاءَ فَلاَ آتِي بِهِمْ حَتَّى يَقْضِيَ
حَاجَتَهُ.... الحَدِيْثُ4.
وَفِي حَدِيْثِ الإِفْكِ: قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقَامَ
سَعْدُ بنُ عُبَادَةَ، وَهُوَ سَيِّدُ الخَزْرَجِ، وَكَانَ
قبل
__________
1 ضعيف جدا: في إسناده الكلبي، وهو محمد بن السائب الكلبي،
متروك أجمعوا على تركه.
2 ضعيف: فيه عبد المهيمن بن عباس بن سهل، قال البخاري:
منكر الحديث. وقال النسائي: ليس بثقة. وقال الدارقطني: ليس
بالقوي.
3 ضعيف: لإرساله، يحيى بن أبي كثير، ثقة ثبت، لكنه يدلس
ويرسل، وهو من الطبقة الخامسة، وهي الطبقة الصغرى من
التابعين.
4 حسن: أخرجه أحمد "1/ 238"، والطيالسي "2667"، وأبو يعلى
"2740، 2741"، والبيهقي "7/ 349" من طرق عن عباد بن منصور،
به.
قلت: إسناده حسن، عباد بن منصور الناجي، صدوق، وكان يدلس،
وقد صرح بالسماع عند الطيالسي، والبيهقي، فأمنا شر تدليسه.
(3/169)
ذَلِكَ رَجُلاً صَالِحاً وَلَكِنِ
احْتَمَلَتْهُ الحَمِيَّةُ فَقَالَ كَلاَّ وَاللهِ لاَ
تَقْتُلُهُ وَلاَ تَقْدِرُ عَلَى ذلك1.
يَعْنِي: يَرُدُّ عَلَى سَعْدِ بنِ مُعَاذٍ سَيِّدِ الأوس.
وهذا مشكل فإن بن مُعَاذٍ كَانَ قَدْ مَاتَ.
جَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ، عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ: كَانَ
سَعْدُ بنُ عُبَادَةَ يَرْجِعُ كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى
أَهْلِهِ بِثَمَانِيْنَ مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ
يُعَشِّيْهِم.
قَالَ عُرْوَةُ: كَانَ سَعْدُ بنُ عُبَادَةَ يَقُوْلُ:
اللَّهُمَّ هَبْ لِي حَمْداً وَمَجْداً اللَّهُمَّ لاَ
يُصْلِحُنِي القَلِيْلُ، وَلاَ أَصْلُحُ عَلَيْهِ.
قُلْتُ: كَانَ مَلِكاً شَرِيْفاً، مُطَاعاً، وَقَدِ
الْتَفَّتْ عَلَيْهِ الأَنْصَارُ يَوْمَ وَفَاةِ رَسُوْلِ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
لِيُبَايِعُوْهُ وَكَانَ مَوْعُوْكاً، حَتَّى أَقْبَلَ
أَبُو بَكْرٍ وَالجَمَاعَةُ فَرَدُّوْهُم، عَنْ رَأْيِهِم
فَمَا طَابَ لِسَعْدٍ.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ صَالِحٍ، عَنِ
الزُّبَيْرِ بنِ المُنْذِرِ بنِ أَبِي أُسَيْدٍ
السَّاعدِيِّ أَنَّ الصِّدِّيْقَ بَعَثَ إِلَى سَعْدِ بنِ
عُبَادَةَ: أَقْبِلْ فَبَايِعْ فَقَدْ بَايَعَ النَّاسُ
فَقَالَ: لاَ وَاللهِ! لاَ أُبَايِعُكُمْ حَتَّى
أُقَاتِلُكُم بِمَنْ مَعِي فَقَالَ بَشِيْرُ بنُ سَعْدٍ:
يَا خَلِيْفَةَ رَسُوْلِ اللهِ! إِنَّهُ قَدْ أَبَى ولج
فليس يبايعكم حتى يقتل ولن يُقْتَلَ حَتَّى يُقْتَلَ
مَعَهُ وَلَدُهُ وَعَشِيْرَتُهُ فَلاَ تُحَرِّكُوْهُ مَا
اسْتَقَامَ لَكُمُ الأَمْرُ وَإِنَّمَا هُوَ رَجُلٌ
وَحْدَهُ مَا تُرِكَ فَتَرَكَهُ أَبُو بَكْرٍ فَلَمَّا
وَلِيَ عُمَرُ لَقِيَهُ فَقَالَ: إِيْهٍ يَا سَعْدُ!
فَقَالَ: إِيْهٍ يَا عُمَرُ! فَقَالَ عُمَرُ: أَنْتَ
صَاحِبُ مَا أَنْتَ صَاحِبُهُ? قَالَ: نَعَمْ وَقَدْ
أَفْضَى إِلَيْكَ هَذَا الأَمْرُ وَكَانَ صَاحِبُكَ
وَاللهِ أَحَبَّ إِلَيْنَا مِنْكَ وَقَدْ أَصْبَحْتُ
كَارِهاً لِجِوَارِكَ قَالَ: مَنْ كَرِهَ ذَلِكَ تَحَوَّلَ
عَنْهُ فَلَمْ يَلْبَثْ إلَّا قَلِيْلاً حَتَّى انْتَقَلَ
إِلَى الشَّامِ فَمَاتَ بِحَوْرَانَ.
إِسْنَادُهَا كَمَا تَرَى2.
ابْنُ عَوْنٍ، عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ: أَنَّ سَعْداً بَالَ
قائمًا فمات فسمع قائل يَقُوْلُ:
قَدْ قَتَلْنَا سَيِّدَ الخَزْ ... رَجِ سَعْدَ بن عباده
ورميناه بسهميـ ... ـن فلم نخط فُؤَادَهْ
وَقَالَ سَعْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ: أَوَّلُ مَا
فُتِحَتْ بُصْرَى، وَفِيْهَا مَاتَ سَعْدُ بنُ عبادة.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "4141، 4750"، وقد خرجت الحديث في
كتاب "منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة والقدرية"
ط/ دار الحديث.
2 ضعيف جدا: فيه الواقدي: وهو متروك كما ذكرنا مرارا.
(3/170)
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: مَاتَ سَنَةَ
أَرْبَعَ عَشْرَةَ بِحَوْرَانَ.
وَرَوَى ابْنُ أَبِي عَرُوْبَةَ، عَنِ ابْنِ سيرين: أن سعد
به عُبَادَةَ بَالَ قَائِماً فَمَاتَ وَقَالَ إِنِّي
أَجِدُ دبيبًا.
الأَصْمَعِيُّ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بنُ بِلاَلٍ، عَنْ
أَبِي رَجَاءَ قَالَ: قُتِلَ سَعْدُ بنُ عُبَادَةَ
بِالشَّامِ رَمَتْهُ الجِنُّ بِحَوْرَانَ.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ
مِنْ وَلَدِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: تُوُفِّيَ
سَعْدٌ بِحَوْرَانَ لِسَنَتَيْنِ وَنِصْفٍ مِنْ خِلاَفَةِ
عُمَرَ فَمَا عُلِمَ بِمَوتِهِ بِالمَدِيْنَةِ حَتَّى
سَمِعَ غِلْمَانٌ قَائِلاً مِنْ بِئْرٍ يَقُوْلُ:
قَدْ قَتَلْنَا سَيِّدَ الخَزْ ... رَجِ سَعْدَ بنَ
عُبَادَهْ
وَرَمَيْنَاهُ بِسَهْمَيْـ ... ـنِ فَلَمْ نُخْطِ
فُؤَادَهْ
فَذُعِرَ الغِلْمَانُ، فَحُفِظَ ذَلِكَ اليَوْمُ
فَوَجَدُوْهُ اليَوْمَ الَّذِي مَاتَ فِيْهِ.
وَإِنَّمَا جَلَسَ يَبُوْلُ فِي نَفَقٍ فَمَاتَ مِنْ
سَاعَتِهِ وَوَجَدُوْهُ قَدِ اخْضَرَّ جِلْدُهُ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ، وَابْنُ عَائِشَةَ،
وَغَيْرُهُمَا: مَاتَ بِحَوْرَانَ سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ.
وَرَوَى المَدَائِنِيُّ، عَنْ يَحْيَى بنِ عَبْدِ
العَزِيْزِ، عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: مَاتَ فِي خِلاَفَةِ
أَبِي بَكْرٍ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ سَعْدٌ يَكْتُبُ فِي
الجَاهِلِيَّةِ ويحسن العوم والرمي، وَكَانَ مِنْ أَحْسَنِ
ذَلِكَ سُمِّيَ الكَامِلَ وَكَانَ سَعْدٌ وَعِدَّةُ آبَاءٍ
لَهُ قَبْلَهُ يُنَادَى عَلَى أُطُمِهِمْ مَنْ أَحَبَّ
الشَّحْمَ وَاللَّحْمَ فَلْيَأْتِ أُطُمَ دليم بن حارثة.
(3/171)
61- سعد بن
معاذ 1:
ابن النعمان بنِ امْرِئِ القَيْسِ بنِ زَيْدِ بنِ عَبْدِ
الأَشْهَلِ.
السَّيِّدُ الكَبِيْرُ، الشَّهِيْدُ، أَبُو عَمْرٍو
الأَنْصَارِيُّ، الأَوْسِيُّ، الأَشْهَلِيُّ، البَدْرِيُّ
الَّذِي اهْتَزَّ العَرْشُ لِمَوْتِهِ. وَمَنَاقِبُهُ
مَشْهُوْرَةٌ فِي الصِّحَاحِ وَفِي السِّيْرَةِ وَغَيْرِ
ذَلِكَ وَقَدْ أَوْرَدْتُ جُمْلَةً مِنْ ذَلِكَ فِي "تاريخ
الإسلام" في سنة وفاته.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 420-436"، التاريخ الكبير
"2/ ق2/ 65"، الجرح والتعديل "2/ ق1/ 93"، وتهذيب التهذيب
3/ 481"، والإصابة "2/ ترجمة 3204".
(3/171)
نَقَلَ ابْنُ الكَلْبِيِّ، عَنِ عَبْدِ
الحَمِيْدِ بنِ أَبِي عِيْسَى بنِ جَبْرٍ، عَنْ أَبِيْهِ
أَنَّ قُرَيْشاً سَمِعَتْ هَاتِفاً عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ
يَقُوْلُ:
فَإِنْ يَسْلَمِ السَّعْدَانِ يُصْبِحْ مُحَمَّدٌ ...
بِمَكَّةَ لاَ يَخْشَى خِلاَفَ المُخَالِفِ
فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: مَنِ السَّعْدَانِ? سَعْدُ
بَكْرٍ سَعْدُ تَمِيْمٍ? فَسَمِعُوا فِي اللَّيْلِ
الهَاتِفَ يَقُوْلُ:
أَيَا سَعْدُ سَعْدَ الأَوْسِ كُنْ أَنْتَ نَاصِراً ...
وَيَا سَعْدُ سَعْدَ الخَزْرَجِيْنَ الغطارف
أَجِيْبَا إِلَى دَاعِي الهُدَى وَتَمَنَّيَا ... عَلَى
اللهِ فِي الفِرْدَوْسِ مُنْيَةَ عَارِفِ
فَإِنَّ ثَوَابَ اللهِ لِلطَّالِبِ الهُدَى ... جِنَانٌ
مِنَ الفِرْدَوْسِ ذَاتُ رَفَارِفِ
فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: هُوَ -وَاللهِ- سَعْدُ بنُ
مُعَاذٍ، وَسَعْدُ بنُ عُبَادَةَ.
أَسْلَمَ سَعْدُ بنُ مُعَاذٍ عَلَى يَدِ مُصْعَبِ بنِ
عُمَيْرٍ فَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: لَمَّا أَسْلَمَ وَقَفَ
عَلَى قَوْمِهِ فَقَالَ: يَا بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ!
كَيْفَ تَعْلَمُوْنَ أَمْرِي فِيْكُمْ? قَالُوا:
سَيِّدُنَا فَضْلاً وَأَيْمَنُنَا نَقِيْبَةً قَالَ:
فَإِنَّ كَلاَمَكُم عَلَيَّ حَرَامٌ رِجَالُكُمْ
وَنِسَاؤُكُمْ حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُوْلِهِ.
قَالَ فَوَاللهِ مَا بَقِيَ فِي دَارِ بَنِي عَبْدِ
الأَشْهَلِ رَجُلٌ وَلاَ امْرَأَةٌ إلَّا وَأَسْلَمُوا.
أَبُو إِسْحَاقَ: عَنْ عمرِو بنِ مَيْمُوْنٍ، عَنِ ابْنِ
مَسْعُوْدٍ قَالَ: انْطَلَقَ سَعْدُ بنُ مُعَاذٍ
مُعْتَمِراً فَنَزَلَ عَلَى أُمَيَّةَ بنِ خَلَفٍ وَكَانَ
أُمَيَّةُ إِذَا انْطَلَقَ إِلَى الشَّامِ يَمُرُّ
بِالمَدِيْنَةِ فَيَنْزِلُ عَلَيْهِ فَقَالَ أُمَيَّةُ
لَهُ: انْتَظِرْ حَتَّى إِذَا انْتَصَفَ النَّهَارُ
وَغَفِلَ النَّاسُ طُفْتَ. فَبَيْنَا سَعْدٌ يَطُوْفُ إِذْ
أَتَاهُ أَبُو جَهْلٍ فَقَالَ: مَنِ الَّذِي يَطُوْفُ
آمِناً? قَالَ: أَنَا سَعْدٌ. فَقَالَ: أَتَطُوْفُ آمِناً
وَقَدْ آوَيْتُم مُحَمَّداً وَأَصْحَابَهُ? قَالَ: نَعَمْ.
فَتَلاَحَيَا. فَقَالَ أُمَيَّةُ: لاَ تَرْفَعْ صَوْتَكَ
عَلَى أَبِي الحَكَمِ فَإِنَّهُ سَيِّدُ أَهْلِ الوَادِي.
فَقَالَ سَعْدٌ: وَاللهِ لَوْ مَنَعْتَنِي لَقَطَعْتُ
عَلَيْكَ مَتْجَرَكَ بِالشَّامِ. قَالَ: فَجَعَلَ
أُمَيَّةُ يَقُوْلُ: لاَ تَرْفَعْ صَوْتَكَ. فَغَضِبَ
وَقَالَ: دَعْنَا مِنْكَ فَإِنِّي سَمِعْتُ مُحَمَّداً
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: يَزْعُمُ
أَنَّهُ قاتِلُك. قَالَ: إيَّاي? قَالَ: نَعَمْ. قَالَ:
وَاللهِ ما يكذب محمد فَكَادَ يُحدِث فَرَجَعَ إِلَى
امْرَأَتِهِ فَقَالَ: أَمَا تَعْلَمِيْنَ مَا قَالَ لِي
أَخِي اليَثْرِبِيُّ? زَعَمَ أَنَّهُ سَمِعَ مُحَمَّداً
يَزْعُمُ أَنَّهُ قَاتِلِي. قَالَتْ: وَاللهِ مَا يَكْذِبُ
مُحَمَّدٌ فَلَمَّا خَرَجُوا لِبَدْرٍ قَالَتِ
امْرَأَتُهُ: مَا ذَكَرْتَ مَا قَالَ لَكَ أَخُوْكَ
اليَثْرِبِيُّ? فَأَرَادَ أَنْ لاَ يَخْرُجَ. فَقَالَ لَهُ
أَبُو جَهْلٍ: إِنَّكَ مِنْ أَشْرَافِ أَهْلِ الوَادِي
فَسِرْ مَعَنَا يَوْماً أَوْ يَوْمَيْنِ. فَسَارَ معهم
فقتله الله1.
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "1/ 400"، والبخاري "3632، 3950"،
والبيهقي في "الدلائل" "3/ 25، 26" من طريق أبي إسحاق، عن
عمرو بن ميمون، به.
(3/172)
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَشَهِدَ بَدْراً
سَعْدُ بنُ مُعَاذٍ. وَرُمِيَ يَوْمَ الخَنْدَقِ فَعَاشَ
شَهْراً ثُمَّ انتُقِضَ جرحه فمات.
بن إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي أَبُو لَيْلَى عَبْدُ اللهِ بنِ
سَهْلٍ أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ فِي حِصْنِ بَنِي
حَارِثَةَ يَوْمَ الخَنْدَقِ وَأُمُّ سَعْدٍ مَعَهَا
فَعَبَرَ سَعْدٌ عَلَيْهِ دِرْعٌ مقلَّصة قَدْ خَرَجَتْ
مِنْهُ ذِرَاعُهُ كُلُّهَا وَفِي يَدِهِ حَرْبَةٌ يَرْفِلُ
بِهَا وَيَقُوْلُ:
لَبِّثْ قَلِيْلاً يَشْهدِ الهَيْجَا حَمَلْ ... لاَ
بَأْسَ بِالمَوْتِ إِذَا حَانَ الأَجَلْ
يَعْنِي: حَمَلَ بنَ بَدْرٍ. فَقَالَتْ لَهُ أُمُّهُ: أَيْ
بُنَيَّ! قَدْ أَخَّرْتَ. فَقُلْتُ لَهَا: يَا أُمَّ
سَعْدٍ لَوَدِدْتُ أَنَّ دِرْعَ سَعْدٍ كَانَتْ أَسْبَغَ
مِمَّا هِيَ. فُرُمِيَ سَعْدٌ بِسَهْمٍ قَطَعَ مِنْهُ
الأَكْحَلَ رَمَاهُ ابْنُ العَرِقَةِ فَلَمَّا أَصَابَهُ
قَالَ: خُذْهَا مِنِّي وَأَنَا ابْنُ العَرِقَةِ فَقَالَ:
عَرَّقَ اللهُ وَجْهَكَ فِي النَّارِ. اللَّهُمَّ إِنْ
كُنْتَ أَبْقَيْتَ من حرب قريش شيئا فأبقني لَهَا
فَإِنَّهُ لاَ قَوْمَ أحبُّ إليَّ مِنْ أَنْ أُجَاهِدَهُم
فِيْكَ مِنْ قَوْمٍ آذَوْا نَبِيَّكَ وَكَذَّبُوْهُ
وَأَخْرَجُوْهُ. اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ وَضَعْتَ الحَرْبَ
بَيْننَا وَبَيْنَهُم فَاجْعَلْهَا لِي شِهَادَةً وَلاَ
تُمتني حَتَّى تُقِرَّ عَيْنِي مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ.
هِشَامٌ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: رَمَى
سَعْداً رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ يُقَالُ لَهُ: حِبّان بنُ
العَرِقَةِ. فَرَمَاهُ فِي الأَكْحَلِ فَضَرَبَ عَلَيْهِ
رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
خَيْمَةً فِي المَسْجِدِ لِيَعُوْدَهُ مِنْ قَرِيْبٍ.
قَالَتْ: ثُمَّ إِنَّ كَلْمه تحجَّر لِلْبُرْءِ. قَالَتْ:
فَدَعَا سَعْدٌ فَقَالَ فِي ذَلِكَ: وَإِنْ كُنْتَ قَدْ
وَضَعْتَ الحَرْبَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُم فَافْجُرْهَا
وَاجْعَلْ مَوْتَتِي فِيْهَا. فَانْفَجَرَ مِنْ لَبَّتِهِ
فَلَمْ يَرُعْهُم إلَّا وَالدَّمُ يَسِيْلُ. فَقَالُوا:
يَا أَهْلَ الخَيْمَةِ! مَا هَذَا? فَإِذَا جُرْحُهُ
يَغْذُو. فَمَاتَ مِنْهَا.
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بِأَطْوَلَ مِنْ هَذَا.
اللَّيْثُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ:
رُمِيَ سَعْدٌ يَوْمَ الأَحْزَابِ فَقَطَعُوا أَكْحَلَهُ
فَحَسَمَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- بِالنَّارِ فَانْتَفَخَتْ يَدُهُ فَتَرَكَهُ
فَنَزَفَهُ الدَّمُ فَحَسَمَهُ أُخْرَى فَانْتَفَخَتْ
يَدُهُ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَالَ: اللَّهُمَّ لاَ
تُخْرِجْ نَفْسِي حَتَّى تُقِرَّ عَيْنِي مِنْ بَنِي
قُرَيْظَةَ فَاسْتَمْسَكَ عَرَقُهُ فَمَا قَطَرَتْ مِنْهُ
قَطْرَةٌ. حَتَّى نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدٍ.
فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَحَكَمَ أَنْ يُقْتَلَ رِجَالُهُم
وَتُسْبَى نِسَاؤُهُم وَذَرَارِيْهِم قَالَ: وَكَانُوا
أَرْبَعَ مَائَةٍ فَلَمَّا فُرِغَ مِنْ قَتْلِهِم
انْفَتَقَ عِرْقُهُ.
يَزِيْدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الهَادِ، عَنْ مُعَاذِ بنِ
رِفَاعَةَ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: جَلَسَ النَّبِيُّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى قَبْرِ سَعْدٍ وَهُوَ
يُدْفَنُ فَقَالَ: "سُبْحَانَ اللهِ" مَرَّتَيْنِ
فَسَبَّحَ القَوْمُ. ثُمَّ قَالَ: "اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ
(3/173)
أَكْبَرُ" فَكَبَّرُوا فَقَالَ: "عَجِبْتُ
لِهَذَا العَبْدِ الصَّالِحِ شُدِّدَ عَلَيْهِ فِي
قَبْرِهِ حَتَّى كَانَ هَذَا حِيْنَ فُرِّجَ لَهُ".
ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي مَنْ لاَ أَتَّهِمُ، عَنِ
الحَسَنِ البَصْرِيِّ قَالَ: كَانَ سَعْدٌ بَادِناً
فَلَمَّا حَمَلُوْهُ وَجَدُوا لَهُ خِفَّةً. فَقَالَ
رِجَالٌ مِنَ المُنَافِقِيْنَ: وَاللهِ إِنْ كَانَ
لَبَادِناً وَمَا حَمَلْنَا أَخفَّ مِنْهُ. فَبَلَغَ
ذَلِكَ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ. فَقَالَ: "إِنَّ لَهُ حَمَلَةً غَيْرَكُم.
وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدِ اسْتَبْشَرَتِ
المَلاَئِكَةُ بِرُوْحِ سَعْدٍ وَاهْتَزَّ لَهُ العَرْشُ".
يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ: أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ
عَمْرِو بنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ،
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: خَرَجْتُ يَوْمَ الخَنْدَقِ
أَقْفُو آثَارَ النَّاسِ فَسَمِعْتُ وَئِيْدَ الأَرْضِ
وَرَائِي فَإِذَا سعدٌ وَمَعَهُ ابْنُ أَخِيْهِ الحَارِثُ
بنُ أَوْسٍ يَحْمِلُ مِجَنَّة. فَجَلَسْتُ فَمَرَّ سَعْدٌ
وَعَلَيْهِ دِرْعٌ قَدْ خَرَجَتْ منْهُ أَطْرَافُهُ.
وَكَانَ مِنْ أَطْوَلِ النَّاسِ وَأَعْظَمِهِم
فَاقْتَحَمْتُ حَدِيْقَةً فَإِذَا فِيْهَا نَفَرٌ فِيْهِم
عُمَرٌ فَقَالَ: مَا جَاءَ بِكِ? وَاللهِ إِنَّكِ
لَجَرِيْئَةٌ! مَا يُؤْمِنُكِ أَنْ يَكُوْنَ بَلاَءٌ?
فَمَا زَالَ يَلُوْمُنِي حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنَّ
الأَرْضَ اشْتَقَّتْ سَاعَتَئِذٍ فَدَخَلْتُ فِيْهَا
وَإِذَا رَجُلٌ عَلَيْهِ مِغفر فَيَرْفَعُهُ، عَنْ
وَجْهِهِ فَإِذَا هُوَ طَلْحَةُ. فَقَالَ: ويحكَ! قَدْ
أَكْثَرْتَ وَأَيْنَ التَّحَوُّزُ والفِرار إلَّا إِلَى
اللهِ؟.
مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ،
حَدَّثَنِي عَلْقَمَةُ بنُ وَقَّاصٍ، عَنْ عَائِشَةَ
قَالَتْ: أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَافِلِيْنَ مِنْ مَكَّةَ حَتَّى
إِذَا كُنَّا بِذِي الحُلَيْفَةِ وَأُسَيْدُ بنُ حُضَيْرٍ
بَيْنِي وَبَيْنَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- فَيَلْقَى غِلْمَانَ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ
مِنَ الأَنْصَارِ. فَسَأَلَهُم أُسَيْدٌ فَنَعَوْا لَهُ
امْرَأَتَهُ فَتَقَنَّعَ يَبْكِي قُلْتُ لَهُ: غَفَرَ
اللهُ لَكَ أَتَبْكِي عَلَى امْرَأَةٍ وَأَنْتَ صَاحِبُ
رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
وَقَدْ قَدَّمَ اللهُ لَكَ مِنَ السَّابِقَةِ مَا قَدَّمَ?
فَقَالَ: لَيَحِقُّ لِي أَنْ لاَ أَبْكِيَ عَلَى أَحَدٍ
بَعْدَ سَعْدِ بنِ مُعَاذٍ. وَقَدْ سَمِعْتُ رَسُوْلَ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ مَا
يَقُوْلُ قَالَ: قُلْتُ: وَمَا سَمِعْتَ? قَالَ: قَالَ:
"لَقَدِ اهْتَزَّ العَرْشُ لِوَفَاةِ سَعْدِ بنِ مُعَاذٍ"
1.
إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُسلمٍ العَبْدِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو
المُتَوَكِّلِ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- ذَكَرَ الحُمَّى فَقَالَ: "مَنْ كَانَتْ بِهِ
فَهُوَ حَظُّهُ مِنَ النَّارِ" فَسَأَلَهَا سَعْدُ بنُ
مُعَاذٍ رَبَّهُ فَلَزِمَتْهُ فلم تفارقه حتى مات2.
__________
1 حسن لغيره: أخرجه أحمد "4/ 352"، وابن أبي شيبة "12/
142"، وابن سعد "3/ 434"، والطبراني "553" من طريق
مُحَمَّدِ بنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ، عن
عائشة به.
2 ضعيف: أخرجه ابن سعد "3/ 421"، وهو مرسل.
(3/174)
أَبُو الزُّبَيْرِ: عَنْ جَابِرٍ قَالَ:
رُمي سَعْدُ بنُ مُعَاذٍ يَوْمَ الأَحْزَابِ فَقَطَعُوا
أَكحلَه فَحَسَمَهُ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالنَّارِ. فَانْتَفَخَتْ يَدُهُ
فَنَزَفَهُ فَحَسَمَهُ أُخْرَى1.
أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بنِ شُرَحْبِيْلَ قَالَ:
لَمَّا انْفَجَرَ جُرْحُ سَعْدٍ عَجَّل إِلَيْهِ رَسُوْلُ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَسْنَدَهُ
إِلَى صَدْرِهِ وَالدِّمَاءُ تَسِيْلُ عَلَيْهِ. فَجَاءَ
أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: وَانْكِسَارَ ظَهْرَاهُ عَلَى
سَعْدٍ! فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: "مَهْلاً أَبَا بَكْرٍ" فَجَاءَ عُمَرُ
فَقَالَ: إِنَّا لِلِّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُوْنَ2.
رَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْهُ.
مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ
عَائِشَةَ قَالَتْ: حَضَرَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ سَعْدَ بنَ
مُعَاذٍ وَهُوَ يَمُوْتُ في القبة التي ضربها عَلَيْهِ
رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي
المَسْجِدِ. قَالَتْ: وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ
إِنِّي لأَعْرِفُ بُكَاء أَبِي بَكْرٍ مِنْ بُكَاءِ عُمَرَ
وَإِنِّي لَفِي حُجْرَتِي فَكَانَا كَمَا قَالَ الله:
{رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح: 39] قَالَ عَلْقَمَةُ:
فَقُلْتُ: أَيْ أُمَّه! كَيْفَ كَانَ رَسُوْلُ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَصْنَعُ? قَالَتْ:
كَانَ لاَ تَدْمَعُ عَيْنُهُ عَلَى أَحَدٍ وَلَكِنَّهُ
كَانَ إِذَا وَجَدَ فَإِنَّمَا هُوَ آخِذٌ بِلِحْيَتِهِ3.
يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ: أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ
أَبِي خَالِدٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ قَالَ:
لَمَّا قَضَى سَعْدٌ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ ثُمَّ رَجَعَ
انْفَجَرَ جُرْحُهُ فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُوْلَ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَتَاهُ فَوَضَعَ
رَأْسَهُ فِي حَجْرِهِ وَسُجِّيَ بِثَوْبٍ أَبْيَضَ
وَكَانَ رَجُلاً أَبْيَضَ جَسِيْماً. فَقَالَ رَسُوْلُ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُمَّ
إِنَّ سَعْداً قَدْ جَاهَدَ فِي سَبِيْلِكَ وَصَدَّقَ
رَسُوْلَكَ وَقَضَى الَّذِي عَلَيْهِ فَتَقَبَّلْ رُوْحَهُ
بِخَيْرِ مَا تَقَبَّلْتَ بِهِ رُوْحاً" فَلَمَّا سَمِعَ
سَعْدٌ كَلاَمَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- فَتَحَ عَيْنَيْهِ ثُمَّ قَالَ: السَّلاَمُ
عَلَيْكَ يَا رَسُوْلَ اللهِ إِنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ
رَسُوْلُ اللهِ وَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأَهْلِ البَيْتِ: "اسْتَأْذَنَ اللهُ
مِنْ مَلاَئِكَتِهِ عَدَدُكُم فِي البَيْتِ لِيَشْهَدُوا
وَفَاةَ سَعْدٍ". قَالَ: وَأُمُّهُ تَبْكِي وَتَقُوْلُ:
وَيْلَ أمِّك سَعْدَا ... حزَامَةً وجِدّا
فَقِيْلَ لَهَا: أَتَقُوْلِيْنَ الشِّعْرَ عَلَى سَعْدٍ?
فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: "دَعُوْهَا فَغَيْرُهَا مِنَ الشُّعَرَاءِ
أَكْذَبُ" هَذَا مرسل.
والواقدي: أَنْبَأَنَا مُعَاذُ بنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ
عَطَاءِ بنِ أبي مسلم، عن عكرمة، عن ابن عباس
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "3/ 312، 386"، ومسلم "2208".
2 ضعيف: فيه علتان: "الإرسال" وتدليس ابن إسحاق، وقد
عنعنه.
3 حسن: أخرجه أحمد "6/ 141-142".
(3/175)
قَالَ: لَمَّا انْفَجَرَتْ يَدُ سَعْدٍ
بِالدَّمِ قَامَ إليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
فَاعْتَنَقَهُ وَالدَّمُ يَنْفَحُ مِنْ وَجْهِ رَسُوْلِ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلِحْيَتِهِ
حَتَّى قَضَى1.
عَاصِمُ بنُ عُمَرَ: عَنْ مَحْمُوْدِ بنِ لَبِيْدٍ قَالَ:
لَمَّا أُصِيْبَ أَكحلُ سعدٍ فَثَقُلَ حَوَّلُوْهُ عِنْدَ
امْرَأَةٍ يُقَالُ لَهَا: رُفَيْدَةُ تُدَاوِي الجَرْحَى.
فَكَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
إِذَا مَرَّ بِهِ يَقُوْلُ: "كَيْفَ أَمْسَيْتَ وَكَيْفَ
أَصْبَحْتَ"؟ فَيُخْبِرُهُ حَتَّى كَانَتِ اللَّيْلَةُ
الَّتِي نَقَلَهُ قَوْمُهُ فِيْهَا وَثَقُلَ
فَاحْتَمَلُوْهُ إِلَى بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ إِلَى
مَنَازِلِهِم وَجَاءَ رَسُوْلُ اللهِ فَقِيْلَ:
انْطَلِقُوا بِهِ. فَخَرَجَ وَخَرَجْنَا مَعَهُ وَأَسْرَعَ
حَتَّى تَقَطَّعَتْ شُسُوْعُ نِعَالِنَا وَسَقَطَتْ
أَرْدِيَتُنَا فَشَكَا ذَلِكَ إِلَيْهِ أَصْحَابُهُ
فَقَالَ: "إِنِّي أَخَافُ أَنْ تَسْبِقَنَا إِلَيْهِ
المَلاَئِكَةُ فَتُغَسِّلُهُ كَمَا غَسَّلَتْ حَنْظَلَةَ"
فَانْتَهَى إِلَى البَيْتِ وَهُوَ يُغَسَّلُ وَأُمُّهُ
تَبْكِيْهِ وَتَقُوْلُ:
وَيْلَ امِّ سعدٍ سَعْدَا ... حزَامَةً وجِدّا
فَقَالَ: "كُلُّ بَاكِيَةٍ تَكْذِبُ إلَّا أُمَّ سَعْدٍ"
ثُمَّ خَرَجَ بِهِ. قَالَ: يَقُوْلُ لَهُ القَوْمُ: مَا
حَمَلْنَا يَا رَسُوْلَ اللهِ مَيتاً أَخَفَّ عَلَيْنَا
مِنْهُ. قَالَ: "مَا يَمْنَعُهُ أَنْ يَخِفَّ وَقَدْ
هَبَطَ مِنَ المَلاَئِكَةِ كَذَا وَكَذَا لَمْ يَهْبِطُوا
قَطُّ قَبْلَ يَوْمِهِم قَدْ حَمَلُوْهُ مَعَكُم" 2.
شُعْبَةُ:، عَنْ سِمَاكٍ سَمِعَ عَبْدَ الله بنَ شَدَّادٍ
يَقُوْلُ: دَخَلَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- عَلَى سَعْدٍ وَهُوَ يَكِيْدُ نَفْسَهُ
فَقَالَ: "جَزَاكَ اللهُ خَيْراً مِنْ سَيِّدِ قومٍ فَقَدْ
أَنْجَزْتَ مَا وَعَدْتَهُ وليُنْجِزَنَّكَ اللهُ مَا
وَعَدَكَ"3.
حَمَّادُ بن سلمة، عن محمد بن زياد، عن عبد الرحمن بن سعد
به مُعَاذٍ أَنَّ بَنِي قُرَيْظَةَ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ
رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
فَأَرْسَلَ إِلَى سَعْدٍ فَجِيْءَ بِهِ مَحْمُوْلاً عَلَى
حِمَارٍ وَهُوَ مُضْنَىً مِنْ جُرْحِهِ فَقَالَ لَهُ:
"أَشِرْ عليَّ فِي هَؤُلاَءِ" قَالَ: إِنِّي أَعْلَمُ
أَنَّ الله قد أمرك فيهم بأمر أنت
__________
1 ضعيف جدا: في إسناده الواقدي، وهو متروك كما ذكرنا
مرارا.
2 حسن: أخرجه ابن سعد "3/ 428"، من طريق الفضل بن دكين
قال: حدثنا عبد الرحمن بن سليمان الغسيل، عن عاصم بن عمر
بن قتادة، عن محمود بن لبيد، به.
قلت: إسناده حسن، فيه عبد الرحمن بن سُلَيْمَانَ بنِ
عَبْدِ اللهِ بنِ حَنْظَلَة الأنصاري، المعروف بابن
الغسيل، صدوق، فيه لين. ومحمود بن لبيد هو ابن عقبة بن
رافع الأوسي الأشهلي، أبو نعيم المدني، صحابي صغير، وجل
روايته عن الصحابة.
3 ضعيف أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "3/ 429"، وهو ضعيف
لإرساله.
(3/176)
فَاعِلُهُ. قَالَ: "أَجَلْ وَلَكِنْ
أَشِرْ" قَالَ: لَوْ وُلِّيْتُ أَمْرَهُم لَقَتَلْتُ
مقاتِلتَهم وَسَبَيْتُ ذَرَارِيْهِم. فَقَالَ: "وَالَّذِي
نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ أَشَرْتَ عليَّ فِيْهِم بِالَّذِي
أَمَرَنِي اللهُ بِهِ" 1.
مُحَمَّدُ بنُ صَالِحٍ التَّمَّارُ، عَنْ سَعْدِ بنِ
إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عَامِرِ بنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيْهِ
قَالَ: لَمَّا حَكَمَ سَعْدٌ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ أَنْ
يُقْتَلَ مَنْ جَرَتْ عَلَيْهِ المَوَاسِي قَالَ رَسُوْلُ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَقَدْ حَكَمَ
فِيْهِم بِحُكْمِ اللهِ الَّذِي حَكَمَ بِهِ مِنْ فَوْق
سَبْعِ سماوات" 2.
إِسْرَائِيْلُ:، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي
مَيْسَرَةَ قَالَ: لَمْ يَرْقَ دَمُ سَعْدٍ حَتَّى أَخَذَ
النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
بِسَاعِدِهِ فَارْتَفَعَ الدَّمُ إِلَى عَضُدِهِ. فَكَانَ
سَعْدٌ يَقُوْلُ: اللَّهُمَّ لاَ تُمِتْنِي حَتَّى
تَشْفِيَنِي مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ3.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي سَعِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ
رُبَيْحِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي سَعِيْدٍ، عَنْ
أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: كُنْتُ مِمَّنْ حَفَرَ
لِسَعْدٍ قَبْرَهُ بِالبَقِيْعِ فَكَانَ يَفُوْحُ
عَلَيْنَا المِسْكُ كُلَّمَا حَفَرْنَا حَتَّى
انْتَهَيْنَا إِلَى اللَّحْدِ4.
ثُمَّ قَالَ رُبَيْحٌ: وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بنُ
المُنْكَدِرِ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ شُرَحْبِيْلَ بنِ
حَسَنَةٍ قَالَ: أَخَذَ إِنْسَانٌ قَبْضَةً مِنْ تُرَابِ
قَبْرِ سَعْدٍ فَذَهَبَ بِهَا ثُمَّ نَظَرَ فَإِذَا هِيَ
مِسْكٌ وَرَوَاهَا مُحَمَّدُ بنُ عَمْرِو بنِ عَلْقَمَةَ،
عَنِ ابْنِ المُنْكَدِرِ.
الوَاقِدِيُّ: أَنْبَأَنَا عُبَيْدُ بنُ جَبيرة، عَنِ
الحُصَيْنِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَمْرِو بنِ سعد بن
معاذ
__________
1 صحيح: أخرجه ابن سعد "3/ 425" من طريق حماد بن سلمة، به.
وله شاهد أخرجه أحمد "3/ 22"، والبخاري "3043، 3804، 4121،
6262"، ومسلم "1768"، من طريق شعبة، عن سعد بن إبراهيم، عن
أبي أمامة بن سهل بن حنيف، عن أبي سعيد الخدري -رضي الله
عنه- قال: لما نزلت بنو قريظة على حكم سعد هو ابن معاذ
بَعَثَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- وَكَانَ قريبا منه فجاء على حمار، فلما دنا
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"قوموا إلى سيدكم"، فجاء فجلس إِلَى رَسُوْلِ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ له: "إن
هؤلاء نزلوا على حكمك". قال: فإني أحكم أن تُقتل المقاتلة،
وأن تُسبى الذرية. قال: "لقد حكمت فيهم بحكم الملك".
2 صحيح: راجع تخريجنا السابق.
3 ضعيف: أخرجه ابن سعد "3/ 424"، وفي الإسناد علتان: أبو
إسحاق هو السبعي، مدلس، مشهور بالتدليس، وقد عنعنه.
الثانية: الانقطاع بين أبي ميسرة -وهو عمرو بن شراحبيل
الهمداني- وسعد بن أبي وقاص.
4 ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "3/ 431"، وفيه الواقدي، وهو
متروك، وقد نبهنا على ذلك مرارا.
(3/177)
قَالَ: كَانَ سَعْدُ بنُ مُعَاذٍ رَجُلاً
أَبْيَضَ طُوَالاً جَمِيْلاً حَسَنَ الوَجْهِ أَعْيَنَ
حَسَنَ اللِّحْيَةِ فرمي يوم الخندق سنة خمس من الهِجْرَةِ
فَمَاتَ مِنْ رَمْيَتِهِ تِلْكَ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ ابْنُ
سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ سَنَةً. فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُوْلُ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَدُفِنَ
بِالبَقِيْعِ1.
ابْنُ سَعْدٍ: أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ،
حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيْمُ بنُ الحُصَيْنِ، عَنْ دَاوْدَ
بنِ الحُصَيْنِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ جَابِرٍ،
عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: لَمَّا انْتَهَوْا إِلَى قَبْرِ
سَعْدٍ نَزَلَ فِيْهِ أَرْبَعَةٌ: الحَارِثُ بنُ أَوْسٍ
وَأُسَيْدُ بنُ الحُضَيْرِ وَأَبُو نَائِلَةَ سِلْكَانُ
وَسَلمَةُ بنُ سَلاَمَةَ بن وَقْشٍ وَرَسُوْلُ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَاقِفٌ. فَلَمَّا
وُضِعَ فِي قَبْرِهِ تَغَيَّرَ وَجْهِ رَسُوْلِ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَسَبَّحَ ثَلاَثاً
فَسَبَّحَ المُسْلِمُوْنَ حَتَّى ارْتَجَّ البَقِيْعُ
ثُمَّ كَبَّرَ ثَلاَثاً وَكَبَّرَ المُسْلِمُوْنَ
فَسُئِلَ، عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: "تَضَايَقَ عَلَى
صَاحِبِكُمُ القَبْرُ وضُمَّ ضَمَّةً لَوْ نَجَا مِنْهَا
أحدٌ لَنَجَا هُوَ ثُمَّ فرَّج اللهُ عَنْهُ".
قُلْتُ: هَذِهِ الضَّمَّةُ لَيْسَتْ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ
فِي شَيْءٍ بَلْ هُوَ أَمْرٌ يَجِدُهُ المُؤْمِنُ كَمَا
يَجِدُ أَلَمَ فَقْدِ وَلَدِهِ وَحَمِيْمِهِ فِي
الدُّنْيَا وَكَمَا يَجِدُ مِنْ أَلَمِ مَرَضِهِ وَأَلَمِ
خُرُوْجِ نَفْسِهِ وَأَلَمِ سُؤَالِهِ فِي قَبْرِهِ
وَامْتِحَانِهِ وَأَلَمِ تَأَثُّرِهِ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ
عَلَيْهِ وَأَلَمِ قِيَامِهِ مِنْ قَبْرِهِ وَأَلَمِ
المَوْقِفِ وَهَوْلِهِ وَأَلَمِ الوُرُوْدِ عَلَى النَّارِ
وَنَحْوِ ذَلِكَ. فَهَذِهِ الأَرَاجِيْفُ كُلُّهَا قَدْ
تَنَالُ العَبْدَ وَمَا هِيَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ وَلاَ
مِنْ عَذَابِ جَهَنَّم قَطُّ وَلَكِنَّ العَبْدَ
التَّقِيَّ يَرْفُقُ اللهُ بِهِ فِي بَعْضِ ذَلِكَ أَوْ
كُلِّهِ وَلاَ رَاحَةَ لِلْمُؤْمِنِ دُوْنَ لِقَاءِ
رَبِّهِ. قَالَ الله تعالى: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ
الْحَسْرَةِ} [مريم: 39] وَقَالَ: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ
الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ} [غافر:
18] فَنَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى العَفْوَ وَاللُّطْفَ
الخَفِيَّ. وَمَعَ هَذِهِ الهَزَّاتِ فَسَعْدٌ مِمَّنْ
نَعْلَمُ أَنَّهُ مِنْ أهل الجنة وأنه مِنْ أَرْفَعِ
الشُّهَدَاءِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. كَأَنَّكَ يَا هَذَا
تَظُنُّ أَنَّ الفَائِزَ لاَ يَنَالُهُ هَوْلٌ فِي
الدَّارَيْنِ وَلاَ رَوْعٌ وَلاَ أَلَمٌ وَلاَ خَوْفٌ.
سَلْ رَبَّكَ العَافِيَةَ وَأَنْ يَحْشُرَنَا فِي زُمْرَةِ
سَعْدٍ.
شُعْبَةُ: حَدَّثَنَا سَعْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ
نَافِعٍ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِنَّ لِلْقَبْرِ ضَغْطَةً
وَلَوْ كَانَ أَحَدٌ نَاجِياً مِنْهَا نَجَا مِنْهَا
سَعْدُ بنُ مُعَاذٍ" 2. إِسْنَادُهُ قَوِيٌّ.
عُقْبَةُ بن مكرم: حدثنا بن أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ،
عَنْ سَعْدِ بنِ إبراهيم، عن نافع، عن
__________
1 ضعيف جدا: فيه الواقدي، وهو متروك.
2 حسن: أخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار" "1/ 107" من طريق
شعبة، به.
قلت: إسناده ضعيف، لانقطاعه بين نافع، وعائشة -رضي الله
عنها- وقد وصله الطحاوي في "مشكل الآثار" "1/ 107" فرواه
من طريق عبد الرحمن بن زياد، حدثنا شعبة، عن سعد، قال:
سمعت نافعا، يحدث عن امرأة ابن عمر، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مثله.
قلت: إسناده حسن، عبد الرحمن بن زياد، هو الرصاصي، أورده
ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" "2/ ق2/ 235"، وقال:
سألت أبي عنه فقال: صدوق: وقال أبو زرعة: لا بأس به، وأما
امرأة ابن عمر فاسمها صفية بنت أبي عبيد الثقفية، قيل لها
إداراك، وأنكر الدارقطني، وقال ابن حبان والعجلي: ثقة، فهي
من الطبقة الثانية، ورواه أحمد "6/ 55، 98" من طريق شعبة،
عن سعد بن إبراهيم، عن نافع، عن إنسان، عن عائشة، به.
(3/178)
صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ
عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: "لَوْ نَجَا أَحَدٌ مِنْ ضَمَّةِ القَبْرِ
لَنَجَا مِنْهَا سَعْدٌ" 1.
يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ: أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ
عَمْرِوٍ، عَنْ وَاقِدِ بنِ عَمْرِو بنِ سَعْدٍ قَالَ:
دَخَلْتُ عَلَى أَنَسِ بنِ مَالكٍ -وَكَانَ وَاقِدٌ مِنْ
أَعْظَمِ النَّاسِ وَأَطْوَلِهِم- فَقَالَ لِي: مَنْ
أَنْتَ? قُلْتُ: أَنَا وَاقِدُ بنُ عَمْرِو بنِ سَعْدِ بنِ
مُعَاذٍ، قَالَ: إِنَّكَ بِسَعْدٍ لشبيهٌ ثُمَّ بَكَى
فَأَكْثَرَ البُكَاءَ ثُمَّ قَالَ: يَرْحَمُ اللهُ سَعْداً
كَانَ مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ وَأَطْوَلِهِم. بَعَثَ
رَسُوْلُ اللهِ جَيْشاً إِلَى أُكَيْدِر دُومة فَبَعَثَ
إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
بِجُبَّةٍ مِنْ دِيْبَاجٍ مَنْسُوْجٍ فِيْهَا الذَّهَبُ.
فَلَبِسَهَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- فَجَعَلُوا يَمْسَحُوْنَهَا وَيَنْظُرُوْنَ
إِلَيْهَا فَقَالَ: "أَتَعْجَبُوْنَ مِنْ هذه الجبة"؟
قالوا: يا رسول الله! مارأينا ثَوْباً قَطُّ أَحْسنَ
مِنْهُ قَالَ: "فَوَاللهِ لَمَنَادِيْلُ سَعْدِ بنِ
مُعَاذٍ فِي الجَنَّةِ أَحْسَنُ مِمَّا تَرَوْنَ" 2.
قِيْلَ: كَانَ سَعْدُ بنُ مُعَاذٍ وَأَسَعْدُ بنُ
زُرَارَةَ ابْنَي خَالَةٍ.
وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: آخَى رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ سَعْدٍ بنِ مُعَاذٍ
وَأَبِي عُبَيْدَةَ بنِ الجَرَّاحِ وَقِيْلَ آخَى بَيْنَهُ
وَبَيْنَ سَعْدِ بنِ أبي وقاص.
__________
1 انظر السابق.
2 حسن: أخرجه ابن سعد "3/ 435-436"، وأحمد في الفضائل
"1495"، وابن أبي شيبة "12/ 144"، والترمذي "1723"،
والنسائي "8/ 199" من طرق عن محمد بن عمرو، به.
قلت: إسناده حسن، محمد بن عمرو، هو ابن علقمة الليثي، صدوق
له أوهام كما قال الحافظ في "التقريب" وأكيدر دومة: هو
أكيدر بن عبد الملك الكندي -من كندة- صاحب دومة الجندل
مدينة بين الشام والحجاز قرب تبوك ذكره ابن منده وأبو نعيم
في الصحابة وقال: كتب إليه النبي صلى الله عليه وسلم وأرسل
إليه سرية مع خالد بن الوليد ثم أسلم وأهدى إلى النبي صلى
الله عليه وسلم حلة سيراء فوهبها لعمر، وتعقب ذلك ابن
الأثير فقال: إنما أهدى إلى النبي صلى الله عليه وسلم
وصالحه ولم يسلم وهذا لا خلاف فيه بين أهل السير، ومن قال
إنه أسلم فقد أخطأ خطا ظاهرا بل كان نصرانيا، ولما صالحه
النبي صلى الله عليه وسلم عاد إلى حصنه وبقي فيه ثم إن
خالد بن الوليد أسره في أيام أبي بكر فقتله كافرا. وقد ذكر
البلاذري أن أكيدر دومة لما قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع خالد أسلم، وعاد إلى
دومة، فلما مات النبي صلى الله عليه وسلم ارتد ومنع ما
قبله، فلما سار خالد بن الوليد من العراق إلى الشام قتله،
قال ابن الأثير، فعلى كل حال لا ينبغي أن يذكر في الصحابة.
(3/179)
وَقَدْ تَوَاتَرَ1 قَوْلُ النَّبِيِّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ العَرْشَ
اهْتَزَّ لِمَوْتِ سعدٍ فَرَحاً بِهِ" 2 وَثَبَتَ أَنَّ
النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ فِي
حُلَّةٍ تَعَجَّبُوا مِنْ حُسْنِهَا: "لَمَنَادِيْلُ
سَعْدِ بنِ مُعَاذٍ فِي الجَنَّةِ خَيْرٌ مِنْ هَذِهِ" 3.
وَقَالَ النَّضْرُ بنُ شُمَيْلٍ: حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنْ
أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ قَالَ رَسُوْلُ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اهتز العرش لموت سعد
بن معاذ" 4.
ثُمَّ قَالَ النَّضْرُ -وَهُوَ إِمَامُ أَهْلِ اللُّغَةِ:
اهْتَزَّ: فَرِحَ.
الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ
مَرْفُوْعاً: "اهْتَزَّ عَرْشُ الرَّحْمَنِ لِمَوْتِ
سَعْدٍ" 5.
يُوْسُفُ بنُ المَاجِشُوْنِ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَاصِمِ
بنِ عُمَرَ بنِ قَتَادَةَ، عَنْ جَدَّتِهِ رُمَيْثَةَ
قالت: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ -وَلَو أَشَاءُ أَنْ أُقَبِّلَ
الخَاتَمَ الَّذِي بَيْنَ كَتِفَيْهِ مِنْ قُرْبِي مِنْهُ
لَفَعَلْتُ- وَهُوَ يَقُوْلُ: "اهْتَزَّ عَرْشُ
الرَّحْمَنِ لَهُ" أَيْ لِسَعْدِ بن معاذ6. إسناد صالح.
__________
1 ورد هذا الحديث عن جمع من الصحابة منهم: جابر بن عبد
الله، وأنس، وابن عمر، وأسيد بن حضير، وأبي سعيد، وحذيفة
رضي الله عنهم.
2 صحيح: ورد عن جابر بن عبد الله مرفوعا بلفظ: "اهتز العرش
لموت سعد بن معاذ". أخرجه ابن أبي شيبة "12/ 142"، وأحمد
"3/ 316"، وابن سعد "3/ 433-434"، والبخاري "3803"، ومسلم
"2466" "124"، والطبراني "5335"، والبغوي "3980" من طرق
عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، به،
ووقع عند بعضهم [أبي صالح مع أبي سفيان عن جابر] ، وورد عن
أنس بن مالك. أخرجه عبد الرزاق "20414"، وأحمد "3/ 234"،
ومسلم "2467"، والترمذي "3849" وابن أبي عاصم في "السنة"
"561" من طريق قتادة، عن أنس، به.
3 حسن: راجع تخريجنا رقم "432".
4 صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة "12/ 142"، "14/ 416"، وابن
سعد "3/ 434"، وأحمد "3/ 23-24"، والنسائي في "الفضائل"
"121"، والحاكم "3/ 206" من طريق عَوْفٌ، عَنْ أَبِي
نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ، به.
5 صحيح: مر تخريجنا له بتعليق رقم "434".
6 حسن: أخرجه ابن سعد "3/ 435"، وأحمد في "المسند" "6/
329"، وفي "الفضائل" "1505"، والترمذي في "الشمائل" "17"،
والطبراني في "الكبير" "24/ 703" من طرق عن يوسف بن
الماجشون به.
قلت: إسناده حسن، يوسف، هو ابن يعقوب بن أبي سلمة
الماجشون، أبو سلمة المدني، ثقة كما قال الحافظ في
"التقريب"، وأما ابنه فهو: يعقوب بن أبي سلمة الماجشون
التيمي، مولاهم، أبو يوسف المدني، صدوق كما قال الحافظ في
"التقريب".
(3/180)
وَخَرَّجَ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيْقِ
مُعَاذِ بنِ رِفَاعَةَ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: جَاءَ
جِبْرِيْلُ إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- فَقَالَ: من هَذَا العَبْدُ الصَّالِحُ الَّذِي
مَاتَ? فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَتَحَرَّكَ
لَهُ العَرْشُ فَخَرجَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَإِذَا سَعْدٌ قَالَ: فَجَلَسَ عَلَى
قَبْرِهِ ... الحَدِيْثُ1.
إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالدٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بنِ
رَاشِدٍ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيْدَ قَالَتْ: لَمَّا
تُوُفِّيَ سَعْدُ بنُ مُعَاذٍ صَاحَتْ أُمُّهُ فَقَالَ
النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلاَ
يَرْقَأُ دَمْعُكِ وَيَذْهَبُ حُزْنُكِ? فَإِنَّ ابْنَكِ
أَوَّلُ مَنْ ضَحِكَ اللهُ إليه واهتز له العرش"2.
هَذَا مُرْسَلٌ.
ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ
أَنَّهُ سَمِعَ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ وَجِنَازَةُ سَعْدٍ بَيْنَ
أَيْدِيْهِم: "اهْتَزَّ لَهَا عَرْشُ الرَّحْمَنِ" 3.
ابْنُ أَبِي عَرُوْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
وَجِنَازَةُ سَعْدٍ مَوْضُوْعَةٌ: "اهْتَزَّ لَهَا عَرْشُ
الرَّحْمَنِ" 4.
جَمَاعَةٌ، عَنْ عطَاءِ بنِ السَّائِبِ، عَنْ مُجَاهِدٍ،
عَنِ ابْنِ عُمَرَ يَرْفَعُهُ: "اهْتَزَّ العَرْشُ لِحُبِّ
لِقَاءِ اللهِ سعدًا" 5.
__________
1 صحيح: أخرجه الطبراني في "الكبير" "5346" من طريق محمد
بن إسحاق، حدثنا معاذ بن رفاعة، عن محمد بن عبد الرحمن بن
عمرو بن الجموح، عن جابر، به.
ورواه مختصرا النسائي في "الفضائل" "120"، والحاكم "3/
206" من طريق الفضل بن موسى، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَمْرٍو،
عَنْ يَحْيَى بنِ سعيد، ويزيد بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ
أُسَامَةَ بنِ الهَادِ، عَنْ مُعَاذِ بنِ رِفَاعَةَ، عَنْ
جابر بن عبد الله، به، ورواه أحمد في "فضائل الصحابة"
"1496، 1497"، والطبراني في "الكبير" "5340" من طريق محمد
بن بشر، عن محمد بن عمرو، عن يزيد بن عبد الله به.
2 ضعيف: أخرجه ابن سعد "3/ 434"، وابن أبي شيبة "12/ 143"،
"14/ 415"، وأحمد "6/ 456"، وابن خزيمة في "التوحيد"
"342"، وابن أبي عاصم في "السنة" "559" من طريق يزيد بن
هارون، أخبرنا إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالدٍ، عَنْ
إِسْحَاقَ بنِ راشد، عن امرأة من الأنصار يقال لها أسماء
بنت يزيد بن السكن، به، وقال ابن خزيمة في إثر الحديث:
"ولست أعرف إسحاق بن راشد هذا، ولا أظنه الجزري أخو
النعمان بن راشد".
وذكر ابن حبان إسحاق هذا في ثقاته على عادته في توثيق
المجاهيل. وليس إسحاق هذا هو الجزري فإنه أقدم طبقة من
الجزري، كما قال ابن حجر في تهذيبه "1/ ترجمة رقم 429".
3 صحيح: سبق تخريجنا له بتعليق رقم "434".
4 صحيح: سبق تخريجنا له في تعليق رقم "434".
5 صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة "12/ 142-143"، "14/ 414"،
وابن سعد "3/ 433"، والبزار "2697"، والحاكم "3/ 206" من
طريق محمد بن فضيل، عن عطاء بن السائب، به.=
(3/181)
يُوْنُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ
مُعَاذِ بنِ رِفَاعَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ شِئْتُ مِنْ
رِجَالِ قَوْمِي أَنَّ جِبْرِيْلَ أَتَى رَسُوْلَ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِيْنَ قُبِضَ سَعْدٌ
مُعْتَجِراً بِعِمَامَةٍ مِنْ إستبرقٍ فَقَالَ يَا
مُحَمَّدُ! مَنْ هَذَا المَيِّتُ الَّذِي فُتِحَتْ لَهُ
أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَاهْتَزَّ لَهُ العَرْشُ? فَقَامَ
سَرِيْعاً يَجُرُّ ثَوْبَهُ إِلَى سَعْدٍ فَوَجَدَهُ قَدْ
مَاتَ1.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ أُمَيَّةَ بنِ عَبْدِ اللهِ،
عَنْ بَعْضِ آلِ سَعْدٍ أَنَّ رَجُلاً قَالَ:
وَمَا اهْتَزَّ عَرْشُ اللهِ مِنْ مَوْتِ هَالِكٍ ...
سَمِعْنَا بِهِ إلَّا لِسَعْدٍ أَبِي عَمْرِو
عَبْدُ اللهِ بنُ إِدْرِيْسَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ،
عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ومنهم من أَرْسَلَهُ
قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: "هَذَا العَبْدُ الصَّالِحُ الَّذِي تَحَرَّكَ
لَهُ العَرْشُ وَفُتِحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَشَهِدَهُ
سَبْعُوْنَ أَلْفاً مِنَ المَلاَئِكَةِ لَمْ يَنْزِلُوا
إِلَى الأَرْضِ قَبْلَ ذَلِكَ لَقَدْ ضُمَّ ضَمَّةً ثُمَّ
أُفْرِجَ عَنْهُ" يَعْنِي سَعْداً2.
رَوَاهُ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ، عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ
مَسْعُوْد عَنْهُ.
أَبُو مَعْشَرٍ، عَنْ سَعِيْدِ المَقْبُرِيِّ أَنَّ
رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
قَالَ: "لَوْ نَجَا أَحَدٌ مِنْ ضَغْطَةِ القَبْرِ لَنَجَا
سَعْدٌ وَلَقَدْ ضُمَّ ضَمَّةً اخْتَلَفَتْ مِنْهَا
أَضْلاَعُهُ مِنْ أَثَرِ البَوْلِ"3. هَذَا مُنْقَطِعٌ.
وَيُرْوَى أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- حَمَلَ جِنَازَةَ سَعْدٍ خُطُوَاتٍ وَلَمْ يصح.
__________
= قلت: إسناده ضعيف، فقد روى مُحَمَّدُ بنُ فُضَيْلٍ، عَنْ
عطَاءِ بنِ السَّائِبِ بعد اختلاط عطاء.
ورواه ابن سعد "3/ 430" من طريق إسماعيل بن أبي مسعود،
والنسائي "4/ 100-101"، والطبراني "5333" من طريق عمرو بن
محمد العنقزي قالا: أخبرنا عبد الله بن إدريس "أخبرنا
عُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ
عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وسلم: "هذا الذي تحرك له العرش، وفتحت له أبواب
السماء، وشهده سبعون ألفا من الملائكة، ولقد ضم ضمة ثم
أفرج عنه" أي سعد بن معاذ.
قلت: إسناده صحيح، إسماعيل بن أبي مسعود ذكره ابن حبان في
ثقاته.
وقال يغرب: وقد تابعه عمرو بن محمد العنقزي، وهو ثقة من
رجال مسلم.
ورواه البيهقي في "دلائل النبوة" "4/ 28" من طريق إسحاق بن
راهويه عن عمرو بن محمد العنقزي، به.
1 ضعيف: لإرساله، وعنعنه ابن إسحاق، فإنه مدلس مشهور
بالتدليس، لكن يرتقي للصحة بالحديث الذي ذكرناه آنفا
بتعليق رقم "439".
2 صحيح: أخرجه النسائي "4/ 100-101"، وابن سعد "3/ 430".
3 ضعيف: أخرجه ابن سعد "3/ 430" وهو مرسل، كما أن أبا معشر
وهو نجيح بن عبد الرحمن السندي، ضعيف: وقد اختلط كما قال
الحافظ في "التقريب".
(3/182)
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي سَعِيْدُ بنُ
مُحَمَّدٍ، عَنْ رُبَيْحِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ
أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ أَبِي سَعِيْدٍ قَالَ: كُنْتُ
مِمَّنْ حَفَرَ لِسَعْدٍ قَبْرَهُ بِالبَقِيْعِ وَكَانَ
يَفُوْحُ عَلَيْنَا المِسْكُ كُلَّمَا حَفَرْنَا1.
قَالَ رُبَيْحٌ: فَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بنُ
المُنْكَدِرِ، عَنْ رَجُلٍ قَالَ: أَخَذَ إِنْسَانٌ
قَبْضَةً مِنْ تُرَابِ قَبْرِ سَعْدٍ فَذَهَبَ بِهَا ثُمَّ
نَظَرَ إِلَيْهَا بَعْدُ فَإِذَا هِيَ مِسْكٌ.
وَرَوَى نَحْوَهُ مُحَمَّدُ بنُ عَمْرِو بنِ عَلْقَمَةَ،
عَنِ ابْنِ المنكدر، عن محمد بن شرحبيل بن حسنة.
مُحَمَّدُ بنُ عَمْرِو بنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ أَبِيْهِ،
عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا كَانَ أَحَدٌ
أَشَدَّ فَقْداً عَلَى المُسْلِمِيْنَ بَعْدَ النَّبِيِّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَصَاحِبَيْهِ أَوْ
أَحَدِهِمَا من سعد بن معاذ.
الوَاقِدِيُّ: أَنْبَأَنَا عُبَيْدُ بنُ جَبيرة، عَنِ
الحُصَيْنِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَمْرِو بنِ سَعْدِ
بنِ مُعَاذٍ قَالَ: كَانَ سَعْدٌ أَبْيَضَ طُوَالاً
جَمِيْلاً حَسَنَ الوَجْهِ أَعْيَنَ حَسَنَ اللِّحْيَةِ
عَاشَ سَبْعاً وَثَلاَثِيْنَ سَنَةً.
أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ
حُذَيْفَةَ قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: "اهْتَزَّ العَرْشُ لِرُوْحِ سَعْدِ بنِ
مُعَاذٍ".
وَرَوَى سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنِ الحَسَنِ قَالَ
رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"اهْتَزَّ عَرْشُ الرَّحْمَنِ لِوَفَاةِ سَعْدٍ".
ابْنُ سَعْدٍ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ فُضَيْلٍ، عَنْ
عطَاءِ بنِ السَّائِبِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ
قَالَ: اهْتَزَّ العَرْشُ لِحُبِّ لِقَاءِ اللهِ سَعْداً.
قَالَ: إِنَّمَا يَعْنِي السَّرِيْرَ. وَقَرَأَ {وَرَفَعَ
أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ} [يُوْسُفُ: 100] ، قَالَ:
إِنَّمَا تَفَسَّحَتْ أَعْوَادُهُ.
قَالَ: وَدَخَلَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- قَبْرَهُ فَاحْتُبِسَ فَلَمَّا خَرَجَ قِيْلَ:
يَا رَسُوْلَ اللهِ! مَا حَبَسَكَ? قَالَ: "ضُمَّ سَعْدٌ
فِي القَبْرِ ضَمَّةً فَدَعَوْتُ اللهَ أَنْ يَكْشِفَ
عَنْهُ" 2.
قُلْتُ: تَفْسِيْرُهُ بِالسَّرِيْرِ مَا أَدْرِي أَهُوَ
مِنْ قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ أَوْ مِنْ قَوْلِ مُجَاهِدٍ؟
وَهَذَا تَأْوِيْلٌ لاَ يُفِيْدُ فَقَدْ جَاءَ ثَابِتاً
عَرْشُ الرَّحْمَنِ وَعَرْشُ اللهِ وَالعَرْشُ خَلْقٌ
لِلِّهِ مُسَخَّرٌ إِذَا شَاءَ أَنْ يَهْتَزَّ اهْتَزَّ
بِمَشِيْئَةِ اللهِ وَجَعَلَ فِيْهِ شُعُوْراً لِحُبِّ
سَعْدٍ كَمَا جَعَلَ تَعَالَى شُعُوْراً فِي جَبَلِ أُحُدٍ
بِحُبِّهِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
وَقَالَ تَعَالَى: {يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ} [سَبَأ:
10] ، وَقَالَ: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ
__________
1 ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "3/ 431"، وفيه الواقدي، وهو
متروك.
2 صحيح: وقد تقدم تخريجنا له بتعليق رقم "443".
(3/183)
وَالْأَرْضُ} [الإِسْرَاءُ: 44] ، ثُمَّ
عَمَّمَ فَقَالَ: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ
بِحَمْدِهِ} [الإسراء: 44] . وَهَذَا حَقٌّ. وَفِي
صَحِيْحِ البُخَارِيِّ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُوْدٍ: كُنَّا
نَسْمَعُ تَسْبِيْحَ الطَّعَامِ وَهُوَ يُؤْكَلُ1 وَهَذَا
بَابٌ وَاسِعٌ سَبِيْلُهُ الإِيْمَانُ.
أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُسلمٍ
العَبْدِيُّ، عَنْ أَبِي المُتَوَكِّلِ أَنَّ النَّبِيَّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَكَرَ الحُمَّى
فَقَالَ: "مَنْ كَانَتْ بِهِ فَهِيَ حَظُّهُ مِنَ
النَّارِ" فَسَأَلَهَا سَعْدُ بنُ مُعَاذٍ رَبَّهُ
فَلَزِمَتْهُ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا2.
كَانَ لِسَعْدٍ مِنَ الوَلَدِ عَبْدُ اللهِ وَعَمْرٌو
فَكَانَ لِعَمْرٍو تسعة أولاد.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "3579".
2 ضعيف: وقد تقدم تخريجنا له بتعليق رقم "419".
(3/184)
62- زيد بن
الخطاب 1:
ابن نفيل بن عبد العزى بن رياح.
السَّيِّدُ الشَّهِيْدُ المُجَاهِدُ التَّقِيُّ أَبُو
عَبْدِ الرَّحْمَنِ القُرَشِيُّ العَدَوِيُّ أَخُو
أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ عُمَرَ وَكَانَ أَسَنَّ مِنْ
عُمَرَ وَأَسْلَمَ قَبْلَهُ وَكَانَ أَسْمَرَ طَوِيْلاً
جِدّاً شَهِدَ بَدْراً وَالمَشَاهِدَ وَكَانَ قَدْ آخَى
النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَهُ
وَبَيْنَ مَعْنِ بنِ عَدِيٍّ العَجْلاَنِيِّ وَلَقَدْ
قَالَ لَهُ عُمَرُ يَوْم بَدْرٍ: الْبِسْ دِرْعِي. قَالَ:
إِنِّي أُرِيْدُ مِنَ الشَّهَادَةِ مَا تُرِيْدُ قَالَ:
فَتَرَكَاهَا جَمِيْعاً وَكَانَتْ رَايَةُ المُسْلِمِيْنَ
مَعَهُ يَوْمَ اليَمَامَةِ فَلَمْ يَزَلْ يَقْدَمُ بِهَا
فِي نَحْرِ العَدُوِّ ثُمَّ قَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ
فَوَقَعَتْ الرَّايَةُ فَأَخَذَهَا سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي
حُذَيْفَةَ وَحَزِنَ عَلَيْهِ عُمَرُ وَكَانَ يَقُوْلُ:
أَسْلَمَ قَبْلِي وَاسْتُشْهِدَ قَبْلِي وَكَانَ يَقُوْلُ:
مَا هَبَّتِ الصَّبَا إلَّا وَأَنَا أَجِدُ رِيْحَ زَيْدٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ ابْنُ أَخِيْهِ عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ
خَبَرَ النَّهْيِ، عَنْ قَتْلِ عَوَامِرِ البُيُوْتِ2
وَرَوَى عَنْهُ وَلَدُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ زَيْدٍ
حَدِيْثَيْنِ.
اسْتُشْهِدَ فِي رَبِيْعٍ الأول سنة اثنتي عشرة.
__________
1 راجع ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 376"، تاريخ خليفة
"108، 112"، تاريخ البخاري الكبير "3/ ترجمة 1274"، وتاريخ
البخاري الصغير "1/ 34"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 2539"،
حلية الأولياء "1/ 367"، والإصابة "1/ ترجمة 2897"، تهذيب
التهذيب "3/ 411".
2 صحيح: أخرجه أحمد "3/ 452"، والبخاري "3299"، ومسلم
"2233"، وأبو داود "5252"، والترمذي "1483" من طريق
الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
"اقتلوا الحيات وذا الطفيتين والابتر فإنهما يستسقطان
الحبل، ويلتمسان البصر"، قال: فكان ابن عمر يقتل كل حية
وجدها، فأبصره، أبو لبابة بن عبد المنذر أو زيد بن الخطاب
وهو يطارد حية، فقال: إنه قد نهي عن ذوات البيوت.
(3/184)
مِنْ شُهَدَاءِ اليَمَامَةِ:
وَاسْتُشْهِدَ يَوْمَئِذٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَغَيْرِهِم نَحْوٌ
مِنْ سِتِّ مَائَةٍ مِنْهُم أَبُو حُذَيْفَةَ بنُ عُتْبَةَ
العَبْشَمِيُّ وَمَوْلاَهُ سَالِمٌ أَحَدُ القُرَّاءِ وأبو
مرثد كناز بنُ الحُصَيْنِ الغَنَوِيُّ وَثَابِتُ بنُ قِيسِ
بنِ شَمَّاسٍ وَعَبْدُ اللهِ بنُ سُهَيْلِ بنِ عَمْرٍو
القُرَشِيُّ العَامِرِيُّ وَعَبَّادُ بنُ بِشْرٍ
الأَشْهَلِيُّ الَّذِي أضائت لَهُ عَصَاهُ1 وَمَعْنُ بنُ
عَدِيِّ بنِ الجدِّ بنِ العَجْلاَنِ الأَنْصَارِيُّ أَخُو
عَاصِمٍ وَأَبُو النُّعْمَانِ بَشِيْرُ بنُ سَعْدِ بنِ
ثَعْلَبَةَ الخَزْرَجِيُّ وَأَبُو دُجَانَةَ سِمَاكُ بنُ
خَرَشَةَ السَّاعِدِيُّ الأَنْصَارِيُّ وَعَبْدُ اللهِ بنِ
عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي بن سَلُوْلٍ الأَنْصَارِيُّ
وَعَشَرَتُهُم بَدْرِيُّوْنَ وَيُقَالُ: إِنَّ أَبَا
دُجَانَةَ هُوَ الَّذِي قَتَلَ يَوْمَئِذٍ مُسَيْلِمَةَ
الكَذَّابَ.
63- أسعد بن زرارة 2:
ابن عدس بنِ عُبَيْدِ بنِ ثَعْلَبَةَ بنِ غَنْمِ بنِ
مَالِكِ بنِ النَّجَّارِ.
السَّيِّدُ نَقِيْبُ بَنِي النَّجَّارِ أَبُو أُمَامَةَ
الأَنْصَارِيُّ الخَزْرَجِيُّ مِنْ كبراء الصحابة.
تُوُفِّيَ شَهِيْداً بِالذُّبْحَةِ فَلَمْ يَجْعَلِ
النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعْدَهُ
نَقِيْباً عَلَى بَنِي النَّجَّارِ وَقَالَ: "أَنَا
نَقِيْبُكُم" فَكَانُوا يَفْخَرُوْنَ بِذَلِكَ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: تُوُفِّيَ وَالنَّبِيُّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَبْنِي مَسْجِدَهُ قَبْلَ
بَدْرٍ.
قَالَ أَبُو العَبَّاسِ الدَّغُوْلِيُّ: قِيْلَ: إِنَّهُ
لَقِيَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
بِمَكَّةَ قَبْلَ العَقَبَةِ الأُوْلَى بِسَنَةٍ مَعَ
خَمْسَةِ نَفَرٍ مِنَ الخَزْرَجِ فَآمَنُوا بِهِ فَلَمَّا
قَدِمُوا المَدِيْنَةَ تَكَلَّمُوا بِالإِسْلاَمِ فِي
قَوْمِهِم فَلَمَّا كَانَ العَامُ المُقْبِلُ خَرَجَ مهم
اثْنَا عَشَرَ رَجُلاً فَهِيَ العَقَبَةُ الأُوْلَى
فَانْصَرَفُوا مَعَهُم وَبَعَثَ النَّبِيُّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُصْعَبَ بنَ عُمَيْرٍ
يُقْرِئُهُم وَيُفَقِّهُهُم.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبِي
أُمَامَةَ بنِ سَهْلٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ كَعْبِ
بنِ مَالِكٍ قَالَ: كُنْتُ قَائِدَ أَبِي حِيْنَ عَمِيَ
فَإِذَا خَرَجْتُ بِهِ إِلَى الجُمُعَةِ، فَسَمِعَ
الأَذَانَ، صَلَّى عَلَى أَبِي أُمَامَةَ، وَاسْتَغْفَرَ
لَهُ، فَقُلْتُ: يَا أَبَةِ! أَرَأَيْتَ اسْتِغْفَارَكَ
لأَبِي أُمَامَةَ كُلَّمَا سمعت أذان
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "3805"، ووصله أحمد "3/ 138، 190".
2 ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 608-612"، تاريخ خليفة
"56"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 1305"، والإصابة "1/ ترجمة
112".
(3/185)
الجُمُعَةِ مَا هُوَ? قَالَ: أَيْ بُنَيَّ!
كَانَ أَوَّلُ مَنْ جَمَعَ بِنَا بِالمَدِيْنَةِ فِي
هَزْمِ1 النّبِيْتِ2 مِنْ حَرَّةِ بَنِي بَيَاضَةَ يُقَالُ
لَهُ: نَقِيْعُ الخَضَمَاتِ3 قُلْتُ: فَكَمْ كُنْتُم
يَوْمَئِذٍ? قَالَ أَرْبَعُوْنَ رَجُلاً. فَكَانَ أَسَعْدٌ
مُقَدَّمَ النُّقَبَاءِ الاثْنَيْ عَشَرَ فَهُوَ نَقِيْبُ
بَنِي النَّجَّارِ وَأُسَيْدُ بنُ الحضير نقيب بني عَبْدِ
الأَشْهَلِ وَأَبُو الهَيْثَمِ بنُ التَّيِّهَانِ
البَلَوِيُّ مِنْ حُلَفَاءِ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ،
وَسَعْدُ بنُ خَيْثَمَةَ الأَوْسِيُّ أَحَدُ بَنِي غَنْمِ
بنِ سَلْمٍ وَسَعْدُ بنُ الرَّبِيْعِ الخَزْرَجِيُّ
الحَارِثِيُّ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ وَعَبْدُ اللهِ بنُ
رَوَاحَةَ بنِ ثَعْلَبَةَ الخَزْرَجِيُّ الحَارِثِيُّ
قُتِلَ يَوْمَ مُؤْتَةَ وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَمْرِو بنُ
حَرَامٍ أَبُو جَابِرٍ السَّلِمِيُّ نَقِيْبُ بَنِي
سَلِمَةَ وَسَعْدُ بنُ عُبَادَةَ بنُ دُلَيْمٍ
الخَزْرَجِيُّ السَّاعِدِيُّ رَئِيْسٌ نَقِيْبٌ
وَالمُنْذِرُ بنُ عَمْرٍو السَّاعِدِيُّ النَّقِيْبُ
قُتِلَ يَوْمَ بِئْرِ مَعُوْنَةَ وَالبَرَاءُ بنُ
مَعْرُوْرٍ الخَزْرَجِيُّ السُّلَمِيُّ وَعُبَادَةُ بنُ
الصَّامِتِ الخَزْرَجِيُّ مِنَ القَوَاقِلَةِ4 وَرَافِعُ
بنُ مَالكٍ الخَزْرَجِيُّ الزُّرَقِيُّ -رَضِيَ اللهُ
عَنْهُم.
وَرَوَى شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ:
أَنَّ جَدَّهُ أَسَعْدَ بنَ زُرَارَةَ أَصَابَهُ وَجَعُ
الذّبْحِ فِي حَلْقِهِ فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لأُبْلِغَنَّ أَوْ
لأُبْلِيَنَّ فِي أَبِي أُمَامَةَ عُذْراً" فَكَوَاهُ
بِيَدِهِ فَمَاتَ فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مِيْتَةَ سَوْءٍ لِلْيَهُوْدِ.
يَقولُوْنَ هَلاَّ دَفَعَ عَنْ صَاحِبِهِ وَلاَ أَمْلِكُ
له ولا لنفسي من الله شيئًا" 5.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ مَاتَ فِي السَّنَةِ الأُوْلَى منَ
الهِجْرَةِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وَقَدْ مَاتَ فِيْهَا
ثَلاَثَةُ أَنْفُسٍ مِنْ كُبَرَاءِ الجَاهِلِيَّةِ
وَمَشْيَخَةِ قُرَيْشٍ العاص بن وائل والسهمي وَالِدُ
عَمْرٍو وَالوَلِيْدُ بنُ المُغِيْرَةِ المَخْزُوْمِيُّ
وَالِدُ خَالِدٍ وَأَبُو أُحَيْحَةَ سَعِيْدُ بنُ العَاصِ
الأُمَوِيُّ.
الوَاقِدِيُّ، حَدَّثَنِي مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ،
عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بنِ سَهْلٍ قَالَ: هُمُ اثْنَا
عَشَرَ نقيبًا، رأسهم أسعد بن زرارة6.
__________
1 الهزم: ما اطمأن من الأرض، وفي الحديث: "إذا عرَّستم
فاجتنبوا هزم الأرض فإنها مأوى الهوام"، هو ما تهزم منها
أي تشقق.
2 النبيت: بطن من الأنصار.
3 نقيع الخضمات: منخفض من الأرض، وهو موضع بنواحي المدينة.
4 هم: بنو غنم بن عوف وبنو سالم بن عوف الذين يقال لهم
القواقلة.
5 صحيح: أخرجه ابن ماجه "3492" من طريق محمد بن جعفر غندر،
والنضر بن شميل حدثنا شعبة، به.
6 ضعيف جدا: فيه الواقدي، وهو متروك.
(3/186)
وَعَنْ عُمَرَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:
نَقَّبَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
أَسَعْدَ عَلَى النُّقَبَاءِ.
وَعَنْ خُبَيْبِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: خَرَجَ
أَسَعْدُ بنُ زُرَارَةَ وَذَكْوَانُ بنُ عَبْدِ قَيْسٍ
إِلَى مَكَّةَ إِلَى عُتْبَةَ بنِ رَبِيْعَةَ فَسَمِعَا
بِرَسُوْلِ اللهِ فَأَتَيَاهُ فَعَرَضَ عَلَيْهِمَا
الإِسْلاَمَ وَقَرَأَ عَلَيْهِمَا القُرْآنَ فَأَسْلَمَا
فَكَانَا أَوَّلَ مَنْ قَدِمَ المَدِيْنَةَ بِالإِسْلاَمِ.
وَعَنْ أُمِّ خَارِجَةَ: أَخْبَرَتْنِي النَّوَارُ أُمُّ
زَيْدٍ بنِ ثَابِتٍ أَنَّهَا رَأَتْ أَسَعْدَ بنَ
زُرَارَةَ قَبلَ مَقْدَمِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي بِالنَّاسِ الصَّلَوَاتِ
الخَمْسَ يُجَمِّعُ بِهِم فِي مَسْجِدٍ بَنَاهُ قَالَتْ:
فَأَنْظُرُ إِلَى رسول الله صلى الله عليه سلم لَمَّا
قَدِمَ صَلَّى فِي ذَلِكَ المَسْجِدِ وَبَنَاهُ فَهُوَ
مَسْجِدُهُ اليَوْمَ.
إِسْرَائِيْلُ، عَنْ مَنْصُوْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ أَخَذَتْ أَسَعْدَ بن زُرَارَةَ
الذُّبْحَةُ فَأَتَاهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "اكْتَوِ فَإِنِّي لاَ
أَلُوْمُ نَفْسِي عَلَيْكَ".
زُهَيْرُ بنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ
عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ، عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ قال: كوى
رسول الله -صلى الله عليه وَسَلَّمَ- أَسَعْدَ مَرَّتَيْنِ
فِي حَلْقِهِ مِنَ الذُّبْحَةِ وَقَالَ: "لاَ أَدَعُ فِي
نَفْسِي مِنْهُ حَرَجاً".
الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ
قَالَ: كَوَاهُ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- فِي أَكْحَلِهِ مَرَّتَيْنِ.
وَقِيْلَ: كَوَاهُ فَحَجَّرَ بِهِ حَلْقَهُ يَعْنِي
بِالكَيِّ.
وَقِيْلَ: أَوْصَى أَسَعْدُ بِبَنَاتِهِ إِلَى رَسُوْلِ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَكُنَّ
ثَلاَثاً فَكُنَّ فِي عِيَالِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَدُرْنَ مَعَهُ فِي بُيُوْتِ
نِسَائِهِ وَهُنَّ فَرِيْعَةُ وَكَبْشَةُ وَحَبِيْبَةُ
فَقَدِمَ عَلَيْهِ حُلِيٌّ فِيْهِ ذَهَبٌ وَلُؤلُؤٌ
فَحَلاَّهُنَّ مِنْهُ.
وَعَنِ ابْنِ أَبِي الرِّجَالِ قَالَ: جَاءتْ بَنُو
النَّجَّارِ فَقَالُوا: مَاتَ نَقِيْبُنَا أَسَعْدُ
فَنَقِّبْ عَلَيْنَا يَا رَسُوْلَ اللهِ قَالَ: "أَنَا
نَقِيْبُكُم".
قَالَ الوَاقِدِيُّ: الأَنْصَارُ يَقُوْلُوْنَ: أَوَّلُ
مَدْفُوْنٍ فِي البَقِيْعِ أَسَعْدُ وَالمُهَاجِرُوْنَ
يَقُوْلُوْنَ: أَوَّلُ مَنْ دُفِنَ بِهِ عثمان بن مظعون.
وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ بنِ سَهْلٍ: أَنَّ النَّبِيَّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَادَ أَسَعْدَ
وَأَخَذَتْهُ الشَّوْكَةُ فَأَمَرَ بِهِ فَطُوِّقِ
عُنُقُهُ بِالكَيِّ طَوْقاً فَلَمْ يَلْبَثْ إلَّا
يَسِيْراً حَتَّى تُوُفِّيَ -رَضِيَ الله عنه1.
__________
1 ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "3/ 611"، وفيه الواقدي، وهو
متروك.
(3/187)
64 - عتبة بن
غزوان 1:
ابن جابر بن وهيب.
السَّيِّدُ، الأَمِيْرُ، المُجَاهِدُ أَبُو غَزْوَانَ
المَازنِيُّ حَلِيْفُ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ.
أَسْلَمَ سَابِعَ سَبْعَةٍ فِي الإِسْلاَمِ وَهَاجَرَ
إِلَى الحَبَشَةِ ثُمَّ شَهِدَ بَدْراً وَالمَشَاهِدَ
وَكَانَ أَحَدَ الرُّمَاةِ المَذْكُوْرِيْنَ وَمِنْ
أُمَرَاءِ الغَزَاةِ وَهُوَ الَّذِي اخْتَطَ البَصْرَةَ
وَأَنْشَأَهَا.
حَدَّثَ عَنْهُ: خَالدُ بنُ عُمَيْرٍ العَدَوِيُّ
وَقَبِيْصَةُ بنُ جَابِرٍ وَهَارُوْنُ بنُ رِئَابٍ
وَالحَسَنُ البَصْرِيُّ وَلَمْ يَلْقَاهُ وَغُنَيْمُ بنُ
قَيْسٍ المَازنِيُّ.
وَقِيْلَ: كُنْيَتُهُ أبو عبد الله.
ابْنُ سَعْدٍ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ،
حَدَّثَنَا جُبَيْرُ بنُ عَبْدِ اللهِ وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ
عَبْدِ اللهِ مِنْ وَلَدِ عُتْبَةَ بنِ غَزْوَانَ.
قَالاَ: اسْتَعْمَلَ عُمَرُ عُتْبَةَ بنَ غَزْوَانَ عَلَى
البَصْرَةِ فَهُوَ الَّذِي مَصَّرَ البَصْرَةَ
وَاخْتَطَّهَا وَكَانَتْ قَبْلَهَا الأُبُلَّة وَبَنَى
المَسْجِدَ بِقَصَبٍ وَلَمْ يَبْنِ بِهَا دَاراً.
وَقِيْلَ: كَانَتِ البَصْرَةُ قَبْلُ تُسَمَّى أَرْضَ
الهند فأول ما نزلها عتبة كان في ثمان مئة وَسُمِّيَتِ
البَصْرَةُ بِحِجَارَةٍ سُوْدٍ كَانَتْ هُنَاكَ فَلَمَّا
كَثُرُوا بَنَوْا سَبْعَ دَسَاكِرَ مِنْ لَبِنٍ
اثْنَتَيْنِ مِنْهَا فِي الخُرَيْبَةِ فَكَانَ أَهْلُهَا
يَغْزُوْنَ جِبَالَ فَارِسٍ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ سَعْدٌ يَكْتُبُ إِلَى عُتْبَةَ
وَهُوَ عَامِلُهُ فَوَجَدَ مِنْ ذَلِكَ وَاسْتَأْذَنَ
عُمَرَ أَنْ يَقْدَمَ عَلَيْهِ فَأَذِنَ لَهُ
فَاسْتَخْلَفَ عَلَى البَصْرَةِ المُغِيْرَةَ فَشَكَا
إِلَى عُمَرَ تَسَلُّطَ سَعْدٍ عَلَيْهِ فَسَكَتَ عُمَرُ
فَأَعَادَ عَلَيْهِ عُتْبَةُ وَأَكْثَرَ قَالَ: وَمَا
عَلَيْكَ يَا عُتْبَةُ أَنْ تُقِرَّ بِالأَمْرِ لِرَجُلٍ
مِنْ قُرَيْشٍ? قَالَ: أَوْلَسْتُ مِنْ قُرَيْشٍ? قَالَ
رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"حَلِيْفُ القَوْمِ مِنْهُم" 2 وَلِي صحبة قديمة قال: لا
نُنْكِرُ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِكَ قَالَ: أَمَا إِذْ صَارَ
الأَمْرُ إِلَى هَذَا فَوَاللهِ لاَ أَرْجِعُ إِلَى
البَصْرَةِ أَبَداً. فَأَبَى عُمَرُ وَرَدَّهُ فَمَاتَ
بالطريق أصابه البطن وقدم سويد غلامه
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 98"، "7/ 5"، تاريخ البخاري
الكبير "6/ ترجمة 3184"، والجرح والتعديل "6/ ترجمة 2060"،
وتهذيب التهذيب "7/ 100"، والإصابة "2/ ترجمة 5411".
2 صحيح: أخرجه البخاري "6761" من حديث أنس بلفظ: "مولى
القوم من أنفسهم". وأخرجه أحمد "4/ 340" من طريق إسماعيل
بن عبيد بن رفاعة عن أبيه، عن جده مرفوعا بلفظ: "مولى
القوم منهم وابن أختهم منهم وحليفهم منهم".
(3/188)
بِتَرِكَتِهِ عَلَى عُمَرَ وَذَلِكَ سَنَةَ
سَبْعَ عَشْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- تُوُفِّيَ
بِطَرِيْقِ البَصْرَةِ وَافِداً إِلَى المَدِيْنَةِ سَنَةَ
سَبْعَ عَشْرَةَ وَقِيْلَ مَاتَ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ
وَعَاشَ سَبْعاً وَخَمْسِيْنَ سَنَةً -رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ. لَهُ حَدِيْثٌ فِي "صَحِيْحِ مُسْلِمٍ".
أَبُو نَعَامَةَ السَّعْدِيُّ: عَنْ خَالِدِ بنِ عُمَيْرٍ
وَشُوَيْسٍ قَالاَ: خَطَبَنَا عُتْبَةُ بنُ غَزْوَانَ
فَقَالَ: إلَّا إِنَّ الدُّنْيَا قَدْ آذَنَتْ بِصَرْمٍ
وولت حذاء ولم يبق منها إلَّا صبابة كَصُبَابَةِ الإِنَاءِ
وَإِنَّكُمْ فِي دَارٍ تَنْتَقِلُوْنَ عَنْهَا فانتقلوا
بخير ما بحضرتكم. .....، وذكر الحديث1.
__________
1 صحيح: أخرجه مسلم "2967".
وقوله "آذنت": أي أعلمت: وقوله "بصرم": الصرم، الانقطاع
والذهاب.
وقوله "حذاء": مسرعة الانقطاع، وقوله "صبابة": البقية
اليسيرة من الشراب تبقى أسفل الإناء.
(3/189)
65- عكاشة بن
محصن 1:
السَّعِيْدُ الشَّهِيْدُ، أَبُو مِحْصَنٍ الأَسَدِيُّ،
حَلِيْفُ قُرَيْشٍ مِنَ السَّابِقِيْنَ الأَوَّلِيْنَ
البَدْرِيِّيْنَ أَهْلِ الجَنَّةِ اسْتَعْمَلَهُ
النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى
سَرِيَّةِ الغَمْرِ فَلَمْ يَلْقَوْا كَيْداً.
وَرُوِيَ عَنْ أُمِّ قَيْسٍ بِنْتِ مِحْصَنٍ قَالَتْ:
تُوُفِّيَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- وعكاشة بن أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ سَنَةً
قَالَ: وَقُتِلَ بَعْدَ ذَلِكَ بِسَنَةٍ بِبُزَاخَةَ فِي
خِلاَفَةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ سَنَةَ اثْنَتَيْ
عَشْرَةَ وَكَانَ مِنْ أَجْمَلِ الرِّجَالِ -رضي الله عنه.
كَذَا هَذَا القَوْلُ وَالصَّحِيْحُ أَنَّ مَقْتَلَهُ
كَانَ فِي سَنَةِ إِحْدَى عَشْرَةَ قَتَلَهُ طُلَيْحَةُ
الأَسَدِيُّ الَّذِي ارْتَدَّ ثُمَّ أَسْلَمَ بَعْدُ
وَحَسُنَ إِسْلاَمُهُ.
وَقَدْ أَبْلَى عُكَّاشَةُ يَوْم بَدْرٍ بَلاَءً حَسَناً
وَانْكَسَرَ سَيْفُهُ فِي يَدِهِ فَأَعْطَاهُ النَّبِيُّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عُرْجُوْناً مِنْ
نَخْلٍ أَوْ عُوْداً فَعَادَ بِإِذْنِ اللهِ فِي يَدِهِ
سَيْفاً فَقَاتَلَ بِهِ وَشَهِدَ بِهِ المَشَاهِدَ.
حَدَّثَ عَنْهُ أَبُو هُرَيْرَةَ وَابْنُ عَبَّاسٍ
وَغَيْرُهُمَا.
وَكَانَ خَالِدُ بنُ الوَلِيْدِ قَدْ جَهَّزَهُ مَعَ
ثَابِتِ بنِ أَقْرَمَ الأَنْصَارِيِّ العَجْلاَنِيِّ
طَلِيعَةً لَهُ عَلَى فَرَسَيْنِ فَظَفَرَ بِهِمَا
طُلَيْحَةُ فَقَتَلَهُمَا وَكَانَ ثَابِتٌ بَدْرِيّاً
كَبِيْرَ القَدْرِ وَلَمْ يَرْوِ شَيْئاً.
وَقِيْلَ: إِنَّ ابْنَ رَوَاحَةَ الأَمِيْرَ يَوْمَ
مُؤْتَةَ لَمَّا أُصِيْبَ دَفَعَ الرَّايَةَ إِلَى ثَابِتِ
بنِ أَقْرَمَ فَلَمْ يُطِقْ فَدَفَعَهَا إِلَى خَالِدٍ
وَقَالَ: أَنْتَ أَعْلَمُ بالحرب مني.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 92-93"، التاريخ الكبير "4/
ق1/ 86"، والجرح والتعديل "3/ ق2/ 39"، وحلية الأولياء.
"2/ 12"، والإصابة "2/ ترجمة 5632".
(3/189)
66- ثابت بن
قيس 1:
ابن شماس بن زهير بن مالك بن امْرِئِ القَيْسِ بنِ مَالِكٍ
الأَغَرِّ بنِ ثَعْلَبَةَ بنِ كَعْبِ بنِ الخَزْرَجِ بنِ
الحَارِثِ بنِ الخَزْرَجِ أَبُو مُحَمَّدٍ وَقِيْلَ: أَبُو
عَبْدِ الرَّحْمَنِ.
خَطِيْبُ الأَنْصَارِ كَانَ مِنْ نُجَبَاءِ أَصْحَابِ
مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَمْ
يَشْهَدْ بَدْراً شَهِدَ أُحُداً وَبَيْعَةَ الرُّضْوَانِ.
وَأُمُّهُ: هِنْدٌ الطَّائِيَّةُ وَقِيْلَ: بَلْ كَبْشَةُ
بِنْتُ وَاقِدِ بنِ الإِطْنَابَةِ وَإِخْوَتُهُ لأُمِّهِ
عَبْدُ اللهِ بنُ رَوَاحَةَ وَعَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ
وَكَانَ زَوْجَ جَمِيْلَةَ بِنْتِ عَبْدِ الله بن أبي بن
سَلُوْلٍ فَوَلَدَتْ لَهُ مُحَمَّداً.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: قِيْلَ: آخَى رَسُوْلُ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَهُ وَبَيْنَ
عَمَّارٍ وَقِيْلَ: بَلِ المُؤَاخَاةُ بَيْنَ عَمَّارٍ
وَحُذَيْفَةَ وَكَانَ جَهِيْرَ الصَّوْتِ خَطِيْباً
بَلِيْغاً.
الأَنْصَارِيُّ: حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ:
خَطَبَ ثَابِتُ بنُ قَيْسٍ مَقْدَمَ رَسُوْلِ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المَدِيْنَةَ
فَقَالَ: نَمْنَعُكَ مِمَّا نَمْنَعُ مِنْهُ أَنْفُسَنَا
وَأَوْلاَدَنَا فَمَا لَنَا? قَالَ: "الجَنَّةُ". قَالُوا:
رَضِيْنَا.
مَالِكٌ وَغَيْرُهُ: عَنِ ابن شهاب، عن إسماعيل بن محمد بن
ثَابِتِ بنِ قَيْسٍ أَنَّ ثَابِتَ بنَ قَيْسٍ قَالَ: يَا
رَسُوْلَ اللهِ! إِنِّي أَخْشَى أَنْ أَكُوْنَ قَدْ
هَلَكْتُ يَنْهَانَا اللهُ أَنْ نُحِبَّ أَنْ نُحْمَدَ
بِمَا لاَ نَفْعَلُ وَأَجِدُنِي أُحِبُّ الحمد. وينهانا
الله، عن الخُيَلاَءِ وَإِنِّي امْرُؤٌ أُحِبُّ الجَمَالَ
وَيَنْهَانَا اللهُ أَنْ نَرْفَعَ أَصْوَاتَنَا فَوْقَ
صَوْتِكَ وَأَنَا رَجُلٌ رَفِيْعُ الصَّوْتِ فَقَالَ: "يَا
ثَابِتُ! أَمَا تَرْضَى أَنْ تَعِيْشَ حَمِيْداً
وَتُقْتَلَ شَهِيْداً وَتَدْخُلَ الجَنَّةَ".
أَيُّوْبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {لَا
تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِي}
[الحُجُرَاتُ: 2] الآية، قَالَ ثَابِتُ بنُ قَيْسٍ: أَنَا
كُنْتُ أَرْفَعُ صَوْتِي فَوْقَ صَوْتِهِ فَأَنَا مِنْ
أَهْلِ النَّارِ فَقَعَدَ فِي بَيْتِهِ فَتَفَقَّدَهُ
رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
فَذَكَرَ مَا أَقْعَدَهُ فَقَالَ: "بَلْ هُوَ مِنْ أَهْلِ
الجَنَّةِ" فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ اليَمَامَةِ انْهَزَمَ
النَّاسُ فَقَالَ ثَابِتٌ: أفٍ لِهَؤُلاَءِ وَلِمَا
يَعْبُدُوْنَ! وأفٍّ لِهَؤُلاَءِ وَلِمَا يَصْنَعُوْنَ!
يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ! خَلُّوا سنَنِي لَعَلِّي
أَصْلَى بِحَرِّهَا سَاعَةً وَرَجُلٌ قَائِمٌ عَلَى
ثُلْمَةٍ فَقَتَلَهُ وقتل.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "8/ 360 و361"، وتاريخ البخاري
الكبير "2/ ق1، 167"، والجرح والتعديل "1/ ق1/ 456"،
والإصابة "1/ ترجمة رقم "989"، وتهذيب التهذيب "2/ 12"،
وتقريب التهذيب "1/ 116".
(3/190)
أَيُّوْبُ، عَنْ ثُمَامَةَ بنِ عَبْدِ
اللهِ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: أَتَيْتُ عَلَى ثَابِتِ بنِ
قَيْسٍ يَوْمَ اليَمَامَةِ وَهُوَ يَتَحَنَّطُ فَقُلْتُ:
أَيْ عَمّ! إلَّا تَرَى مَا لَقِيَ النَّاسُ? فَقَالَ:
الآنَ يابن أَخِي.
ابْنُ عَوْنٍ، حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ
قَالَ: جِئْتُهُ وَهُوَ يَتَحَنَّطُ فَقُلْتُ: إلَّا ترى?
فقال: الآن يابن أَخِي ثُمَّ أَقْبَلَ فَقَالَ هَكَذَا،
عَنْ وُجُوْهِنَا نُقَارِعُ القَوْمَ بِئْسَ مَا
عَوَّدْتُم أَقْرَانَكُم مَا هكذا كنا نقاتل مع رسول الله
-صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَاتَلَ حَتَّى
قُتِلَ.
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: أَنْبَأَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ
أَنَّ ثَابِتَ بنَ قَيْسٍ جَاءَ يَوْمَ اليَمَامَةِ وَقَدْ
تَحَنَّطَ وَلَبِسَ ثَوْبَيْنِ أَبْيَضَيْنِ فَكُفِّنَ
فِيْهِمَا وَقَدِ انْهَزَمَ القَوْمُ فَقَالَ: اللَّهُمَّ
إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا جَاءَ بِهِ هَؤُلاَءِ
وَأَعْتَذِرُ مِنْ صَنِيْعِ هَؤُلاَءِ بِئْسَ مَا
عَوَّدْتُم أَقْرَانَكُم خَلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَهُم
سَاعَةً فَحَمَلَ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ وَكَانَتْ
دِرْعُهُ قَدْ سُرِقَتْ فَرَآهُ رَجُلٌ فِي النَّوْمِ
فَقَالَ لَهُ: إِنَّهَا فِي قِدْرٍ تَحْت إِكَافٍ
بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا وَأَوْصَاهُ بِوَصَايَا
فَنَظَرُوا فَوَجَدُوا الدِّرْعَ كَمَا قَالَ وَأَنْفَذُوا
وَصَايَاهُ.
سُهَيْلٌ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"نِعْمَ الرَّجُلُ ثَابِتُ بنُ قَيْسِ بنِ شَمَّاسٍ".
وَعَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ وَفْدَ تَمِيْمٍ قَدِمُوا
وَافْتَخَرَ خَطِيْبُهُم بِأُمُوْرٍ فَقَالَ النَّبِيُّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِثَابِتِ بنِ
قَيْسٍ: "قُمْ فَأَجِبْ خَطِيْبَهُم" فَقَامَ فَحَمِدَ
اللهَ وَأَبْلَغَ وَسُرَّ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالمُسْلِمُوْنَ بِمَقَامِهِ.
وَهُوَ الَّذِي أَتَتْ زَوْجَتُهُ جَمِيْلَةُ تَشْكُوْهُ
وَتَقُوْلُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ لاَ أَنَا وَلاَ ثَابِتُ
بنُ قَيْسٍ قَالَ: "أَتَرُدِّيْنَ عليه حديقته"؟ قالت نعم.
فاختلعت منه.
وَقِيْلَ: وَلَدَتْ مُحَمَّداً بَعْدُ فَجَعَلَتْهُ فِي
لَفِيْفٍ وَأَرْسَلَتْ بِهِ إِلَى ثَابِتٍ فَأَتَى بِهِ
رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
فَحَنَّكَهُ وَسَمَّاهُ مُحَمَّداً فَاتَّخَذَ لَهُ
مُرْضِعاً.
قَالَ الحَاكِمُ: كَانَ ثَابِتٌ عَلَى الأَنْصَارِ يَوْمَ
اليَمَامَةِ ثُمَّ رَوَى فِي تَرْجَمَتِهِ أَحَادِيْثَ
مِنْهَا لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ يَزِيْدَ بنِ جَابِرٍ
قَالَ: حَدَّثَنِي عَطَاءٌ الخُرَاسَانِيُّ قَالَ:
قَدِمْتُ المَدِيْنَةَ فَأَتَيْتُ ابْنَةَ ثَابِتِ بنِ قصة
فَذَكَرَتْ قِصَّةَ أَبِيْهَا قَالَتْ: لَمَّا نَزَلَتْ
{لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ} [الحجرات: 2] جَلَسَ أَبِي
يَبْكِي،..... فَذَكَرَتِ الحَدِيْثَ.
وَفِيْهِ: فَلَمَّا اسْتُشْهِدَ رَآهُ رَجُلٌ فَقَالَ:
إِنِّي لَمَّا قُتِلْتُ انْتَزَعَ دِرْعِي رَجُلٌ مِنَ
المُسْلِمِيْنَ وَخَبَّأَهُ فَأَكَبَّ عليه برمةً وجعل
عليها رحلًا فأتت الأَمِيْرَ فَأَخْبِرْهُ وَإِيَّاكَ أَنْ
تَقُوْلَ: هَذَا.
(3/191)
حُلُمٌ فَتُضِيْعَهُ وَإِذَا أَتَيْتَ
المَدِيْنَةَ فَقُلْ لِخَلِيْفَةِ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنْ عَلَيَّ مِنَ الدَّيْنِ
كَذَا وَكَذَا وَغُلاَمِي فُلاَنٌ عَتِيْقٌ وَإِيَّاكَ
أَنْ تَقُوْلَ: هَذَا حُلُمٌ فَتُضِيْعَهُ فَأَتَاهُ
فَأَخْبَرَهُ الخَبَرَ فَنَفَّذَ وَصِيَّتَهُ فَلاَ
نَعْلَمُ أَحَداً بَعْدَ مَا مَاتَ أُنْفِذَتْ وَصِيَّتُهُ
غَيْرَ ثَابِتِ بنِ قَيْسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
وَقَدْ قُتِلَ مُحَمَّدٌ وَيَحْيَى وَعَبْدُ اللهِ بَنُو
ثَابِتِ بنِ قَيْسٍ يَوْم الحَرَّةِ.
وَمِنَ الاتِّفَاقِ أَنَّ بَنِي ثَابِتِ بنِ قَيْسِ بنِ
الخَطِيْمِ الأَوْسِيِّ الظَّفَرِيِّ وَهُمْ عُمَرُ
وَمُحَمَّدٌ وَيَزِيْدُ قُتِلُوا أَيْضاً يَوْمَ الحَرَّةِ
وَلَهُ أَيْضاً صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ فِي "السُّنَنِ"
وَأَبُوْهُ مِنْ فُحُوْلِ شُعَرَاءِ الأَوْسِ مَاتَ قبل
فشوا الإسلام بالمدينة ومن ذُرِّيَتِهِ عَدِيُّ بنُ
ثَابِتٍ مُحَدِّثُ الكُوْفَةِ وَإِنَّمَا هُوَ عَدِيُّ بنُ
أَبَانَ بنِ ثَابِتِ بنِ قَيْسِ بنِ الخَطِيْمِ بنِ
عَمْرِو بنِ يَزِيْدَ بنِ سَوَادِ بنِ ظَفَرٍ الظَّفَرِيُّ
نُسِبَ إِلَى جده.
(3/192)
شُهَدَاءُ أَجْنَادِيْنَ وَاليَرْمُوْكِ:
وَقْعَةُ أَجْنَادِيْنَ كَانَتْ بَيْنَ الرَّمْلَةِ
وَبَيْتِ جِبْرِيْنَ فِي جُمَادَى سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ
فَاسْتُشْهِدَ:
نُعَيْمُ بنُ النَّحَّامِ القُرَشِيُّ العَدَوِيُّ مِنَ
المُهَاجِرِيْنَ.
وَأَبَانُ بنُ سَعِيْدِ بنِ العَاصِ الأُمَوِيُّ وَقِيْلَ:
قُتِلَ يَوْمَ اليَرْمُوْكِ وَهُوَ الَّذِي أَجَارَ
عُثْمَانَ لَمَّا نَفَّذَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَسُوْلاً إِلَى قُرَيْشٍ يَوْمَ
الحُدَيْبِيَةِ.
وَهِشَامُ بنُ العَاصِ بنِ وَائِلٍ السَّهْمِيُّ أَخُو
عَمْرٍو يُكْنَى أَبَا مُطِيْعٍ اللَّذَانِ قَالَ
فِيْهِمَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"ابْنَا العَاصِ مؤمنان" وقيل: قتل يوم اليرموك.
وَكَانَ أَسْلَمَ وَهَاجَرَ إِلَى الحَبَشَةِ ثُمَّ
هَاجَرَ إِلَى المَدِيْنَةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَكَانَ بَطَلاً
شُجَاعاً يَتَمَنَّى الشَّهَادَةَ فَرُزِقَهَا.
وَضِرَارُ بنُ الأَزْوَرِ الأَسَدِيُّ أَحَدُ الأَبْطَالِ
لَهُ صُحْبَةٌ وَحَدِيْثٌ وَاحِدٌ وَكَانَ عَلَى مَيْسرَةِ
خَالِدٍ يَوْمَ بُصْرَى وَلَهُ مَوَاقِفُ مَشْهُوْدَةٌ
وَقِيْلَ: مَاتَ بِالجَزِيْرَةِ بَعْدُ.
وَطُلَيْبُ بنُ عُمَيْرِ بنِ وَهْبِ بنِ كَثِيْرِ بنِ
عَبْدِ الدَّارِ بنِ قُصَيِّ بنِ كِلاَبٍ العَبْدَرِيُّ
أَخُو مُصْعَبٍ وَهُوَ ابْنُ عَمَّةِ النَّبِيِّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَرْوَى بَدْرِيٌّ مِنَ
السَّابِقِيْنَ هَاجَرَ أَيْضاً إِلَى الحَبَشَةِ
الهِجْرَةَ الثَّانِيَةَ قَالَ الزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ:
قِيْلَ: كَانَ أَبُو جَهْلٍ يَشْتُمُ رَسُوْلَ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخَذَ طُلَيْبٌ
لَحْيَ جَمَلٍ فَشَجَّهُ بِهِ قَالَ غَيْرُ الزُّبَيْرِ:
فَأَوْثَقُوْهُ فَخَلَّصَهُ أَبُو لَهَبٍ خَالُهُ.
(3/192)
وعَبْدُ اللهِ بنُ الزُّبَيْرِ بنِ عَبْدِ
المُطَّلِبِ بنِ هَاشِمٍ ابْنُ عَمِّ رَسُوْلِ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَرَزَ بِطْرِيْقٌ
فَضَرَبَهُ عَبْدُ اللهِ بَعْدَ مُنَازَلَةٍ طَوِيْلَةٍ
عَلَى عَاتِقِهِ فَأَثْبَتَهُ وَقَطَعَ الدِّرْعَ
وَأَشْرَعَ فِي مَنْكِبِهِ وَلَمَّا الْتَحَمَ الحَرْبُ
وُجِدَ مَقْتُوْلاً -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قِيْلَ: عَاشَ
ثَلاَثِيْنَ سَنَةً وَيُقَالُ: ثَبَتَ مَعَ النَّبِيِّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ حُنَيْنٍ.
وَهَبَّارُ بنُ الأَسْوَدِ القُرَشِيُّ الأَسَدِيُّ لَهُ
صُحْبَةٌ رَوَى عَنْهُ ابْنَاهُ عَبْدُ المَلِكِ وَأَبُو
عَبْدِ اللهِ وَعُرْوَةُ وَسُلَيْمَانُ بن يَسَارٍ
وَاسْتُشْهِدَ بِأَجْنَادِيْنَ، مِنَ الطُّلَقَاءِ.
وَهَبَّارُ بنُ سُفْيَانَ بنِ عَبْدِ الأَسَدِ
المَخْزُوْمِيُّ، مِنْ مُهَاجِرَةِ الحَبَشَةِ قُتِلَ
يَوْمَئِذٍ وَقِيْلَ: يَوْمَ اليَرْمُوْكِ.
وَخَالِدُ بنُ سَعِيْدِ بنِ العَاصِ الأُمَوِيُّ، مِنْ
مُهَاجِرَةِ الحَبَشَةِ كَبِيْرُ القَدْرِ يُقَالُ:
أُصِيْبَ يَوْمَ أَجْنَادِيْنَ.
وَسَلَمَةُ بنُ هِشَامٍ، هُوَ أَخُو أَبِي جَهْلٍ مِنَ
السَّابِقِيْنَ هَاجَرَ إِلَى الحَبَشَةِ ثُمَّ رَجَعَ
إِلَى مَكَّةَ فَحَبَسَهُ أَخُوْهُ وَكَانَ النَّبِيُّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَدْعُو لَهُ
وَلِعَيَّاشِ بنِ أَبِي رَبِيْعَةَ فِي القُنُوْتِ ثُمَّ
هَرَبَ مُهَاجِراً بَعْدَ الخَنْدَقِ.
وَعِكْرِمَةُ بنُ أَبِي جَهْلٍ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ
اليَرْمُوْكِ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ.
وَعَيَّاشُ بنُ أَبِي رَبِيْعَةَ بنِ المُغِيْرَةِ بنِ
عَيَّاشٍ المَخْزُوْمِيُّ المَدْعُو لَهُ فِي القُنُوْتِ
وَرَوَى عَنْهُ ابْنُهُ عَبْدُ اللهِ وَكَانَ أَخَا أَبِي
جَهْلٍ لأُمِّهِ.
وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ العَوَّامِ بنِ خُوَيْلِدٍ
الأَسَدِيُّ، أَخُو الزُّبَيْرِ حَضَرَ بَدْراً عَلَى
الشِّرْكِ ثُمَّ أَسْلَمَ وَجَاهَدَ وَحَسُنَ إِسْلاَمُهُ.
وَعَامِرُ بنُ أَبِي وَقَّاصٍ مَالِكِ بنِ أُهَيْبٍ، أَخُو
سَعْدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ الزُّهْرِيِّ أَحَدُ
السَّابِقِيْنَ وَمِنْ مُهَاجِرَةِ الحَبَشَةِ قَدِمَ
دِمَشْقَ وَهُمْ مُحَاصِرُوْهَا بِوِلاَيَةِ أَبِي
عُبَيْدَةَ اسْتُشْهِدَ بِاليَرْمُوْكِ وَقِيْلَ:
بِأَجْنَادِيْنَ.
وَنَضِيْرُ بنُ الحَارِثِ بنِ عَلْقَمَةَ بنِ كَلَدَةَ
العَبْدَرِيُّ مِنْ مُسْلِمَةِ الفَتْحِ كَانَ أَحَدَ
الحُلَمَاءِ وَهُوَ مِمَّنْ تَأَلَّفَهُ النَّبِيُّ
-صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم- بمئة بعير، قتل يومئذ.
(3/193)
67- طليحة بن
خويلد 1:
ابن نوفل الأسدي.
البَطَلُ الكَرَّارُ صَاحِبُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَنْ يُضْرَبُ
بِشَجَاعَتِهِ المَثَلُ أَسْلَمَ سَنَةَ تِسْعٍ ثُمَّ
ارْتَدَّ وَظَلَمَ نَفْسَهُ وَتَنَبَّأَ بِنَجْدٍ
وَتَمَّتْ لَهُ حُرُوْبٌ مَعَ المُسْلِمِيْنَ ثُمَّ
انْهَزَمَ وَخُذِلَ وَلَحِقَ بِآلِ جَفْنَةَ
الغَسَّانِيِّيْنَ بِالشَّامِ ثُمَّ ارْعَوَى وَأَسْلَمَ
وَحَسُنَ إِسْلاَمُهُ لَمَّا تُوُفِّيَ الصِّدِّيْقُ
وَأَحْرَمَ بِالحَجِّ فَلَمَّا رَآهُ عُمَرُ قَالَ: يَا
طُلَيْحَةُ! لاَ أُحِبُّكَ بَعْد قَتْلِكَ عُكَّاشَةَ بنَ
مِحْصَنٍ وَثَابِتَ بنَ أَقْرَمَ وَكَانَا طَلِيْعَةً
لِخَالِدٍ يَوْم بُزَاخَةَ فَقَتَلَهُمَا طُلَيْحَةُ
وَأَخُوْهُ ثُمَّ شَهِدَ القَادِسِيَّةَ وَنَهَاوَنْدَ
وَكَتَبَ عُمَرُ إِلَى سَعْدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنْ
شَاوِرْ طُلَيْحَةَ فِي أَمْرِ الحَرْبِ وَلاَ تُوَلِّهِ
شَيْئاً.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: كَانَ طُلَيْحَةُ يُعَدُّ
بِأَلْفِ فَارِسٍ لِشَجَاعَتِهِ وَشِدَّتِهِ.
قُلْتُ: أَبْلَى يَوْمَ نَهَاوَنْدَ ثُمَّ استشهد -رضي
الله عنه- وسامحه.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 92، 467"، والإصابة "2/
ترجمة 4290".
(3/194)
68- سعد بن
الربيع 1:
ابن عمرو بن أبي زهير بن مَالِكِ بنِ امْرِئِ القَيْسِ بنِ
مَالِكِ بنِ ثَعْلَبَةَ بنِ كَعْبِ بنِ الخَزْرَجِ بنِ
الحَارِثِ بنِ الخَزْرَجِ.
الأَنْصَارِيُّ الخَزْرَجِيُّ الحَارِثِيُّ البَدْرِيُّ
النَّقِيْبُ الشَّهِيْدُ الَّذِي آخَى النَّبِيُّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ فَعَزَمَ عَلَى أَنْ يُعْطِيَ
عَبْدَ الرَّحْمَنِ شَطْرَ مَالِهِ وَيُطَلِّقَ إِحْدَى
زَوْجَتَيْهِ لِيَتَزَوَّجَ بِهَا فَامْتَنَعَ عَبْدُ
الرَّحْمَنِ مِنْ ذَلِكَ وَدَعَا لَهُ وَكَانَ أحد النقباء
ليلة العقبة.
بن إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ
أَبِي صَعْصَعَةَ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ رَجُلٌ يَنْظُرُ لِي مَا
فَعَلَ سَعْدُ بنُ الرَّبِيْعِ"؟ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ
الأَنْصَارِ أَنَا فَخَرَجَ يَطُوْفُ فِي القَتْلَى حَتَّى
وَجَدَ سَعْداً جَرِيْحاً مُثْبتاً بِآخِرِ رَمَقٍ.
فَقَالَ يَا سَعْدُ! إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمَرَنِي أَنْ أَنْظُرَ فِي
الأَحْيَاءِ أَنْتَ أَمْ فِي الأَمْوَاتِ قَالَ فَإِنِّي
فِي الأَمْوَاتِ فَأَبْلِغْ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- السَّلاَمَ وَقُلْ إِنَّ
سَعْداً يَقُوْلُ جَزَاكَ اللهُ عَنِّي خَيْرَ مَا جَزَى
نَبِيّاً، عن أمته وأبلغ قومك مني السلام.
وَقُلْ لَهُم إِنَّ سَعْداً يَقُوْلُ لَكُم إِنَّهُ لاَ
عُذْرَ لَكُم عِنْدَ اللهِ إِنْ خُلِصَ إلى نبيكم ومنكم
عين تطرف".
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ق1/ 82-83"، والإصابة "2/
ترجمة 3153".
(3/194)
عَبْدُ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَقِيْلٍ،
عَنْ جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: جَاءتِ امْرَأَةُ
سَعْدِ بنِ الرَّبِيْعِ بِابْنَتَيْهَا مِنْ سَعْدٍ
فَقَالَتْ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! هَاتَانِ بِنْتَا سَعْدٍ
قُتِلَ أَبُوْهُمَا مَعَكَ يَوْمَ أُحُدٍ شَهِيْداً
وَإِنَّ عَمَّهُمَا أَخَذَ مَالَهُمَا فَلَمْ يَدَعْ
لَهُمَا مَالاً وَلاَ تُنْكَحَانِ إلَّا وَلَهُمَا مَالٌ
قَالَ: "يَقْضِي اللهُ فِي ذَلِكَ" فَأُنْزِلَتْ آيَةُ
المَوَارِيْثِ فَبَعَثَ إِلَى عَمِّهِمَا فَقَالَ: "أَعْطِ
بِنْتَيْ سَعْدٍ الثُّلُثَيْنِ وَأَعْطِ أُمَّهُمَا
الثُّمُنَ وَمَا بَقِيَ فَهُوَ لَكَ".
عَنْ خَارِجَةَ بنِ زَيْدِ بنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِيْهِ
قَالَ: بَعَثَنِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- يَوْمَ أُحُدٍ أَطْلُبُ سَعْدَ بنَ الرَّبِيْعِ
فَقَالَ لِي: "إِنْ رَأَيْتَهُ فَأَقْرِهِ مِنِّي
السَّلاَمَ وَقُلْ لَهُ: يَقُوْلُ لَكَ رَسُوْلُ اللهِ
كَيْفَ تَجِدُكَ"؟ فَطُفْتُ بَيْنَ القَتْلَى فَأَصَبْتُهُ
وَهُوَ فِي آخِرِ رَمَقٍ وَبِهِ سَبْعُوْنَ ضَرْبَةً
فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ السَّلاَمُ
وَعَلَيْكَ قُلْ لَهُ يَا رَسُوْلَ اللهِ! أَجِدُ رِيْحَ
الجَنَّةِ وَقُلْ لِقَوْمِي الأَنْصَارِ لاَ عُذْرَ لَكُم
عِنْدَ اللهِ إِنْ خُلِصَ إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَفِيْكُم شَفْرٌ يَطْرُفُ
قَالَ: وَفَاضَتْ نَفْسُهُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
أَخْرَجَهُ البَيْهَقِيُّ، ثُمَّ سَاقَهُ بِنَحْوِهِ مِنْ
طَرِيْقِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بنُ عَبْدِ
اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي صَعْصَعَةَ نَحْوَ
مَا مَرَّ.
وَنَقَلَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ، عَنْ مَالِكِ بنِ أَنَسٍ
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
قال: "من يَأْتِيْنَا بِخَبَرِ سَعْدٍ"؟ فَقَالَ رَجُلٌ:
أَنَا فَذَهَبَ يَطُوْفُ بَيْنَ القَتْلَى فَوَجَدَهُ
وَبِهِ رَمَقٌ فَقَالَ بَعَثَنِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لآتِيَهُ بِخَبَرِكَ قَالَ
فَاذْهَبْ فَأَقْرِهِ مِنِّي السَّلاَمَ وَأَخْبِرْهُ
أَنَّنِي قَدْ طُعِنْتُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ طَعْنَةً
وَقَدْ أَنْفَذَتْ مَقَاتِلِي.
(3/195)
69- معن بن عدي
1:
بن الجد بن العجلان الأَنْصَارِيُّ العَجْلاَنِيُّ
العَقَبِيُّ البَدْرِيُّ مِنْ حُلَفَاءِ بَنِي مَالِكِ بنِ
عَوْفٍ مِنْ سَادَةِ الأَنْصَارِ كَانَ يَكْتُبُ
العَرَبِيَّةَ قَبْلَ الإِسْلاَمِ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ وَلَهُ عَقِبٌ اليَوْمَ.
وَرَوَى الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ
اللهِ، عن ابن عباس أَنَّ مَعْنَ بنَ عَدِيٍّ أَحَدُ
الرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ لَقِيَا أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ
وَهُمَا يُرِيْدَانِ سَقِيْفَةَ بني ساعدة فَقَالاَ لأَبِي
بَكْرٍ وَعُمَرَ لاَ عَلَيْكُم أَنْ لا تقربوهم واقضوا
أمركم.
__________
1 انظر ترجمته في الجرح والتعديل "4/ ق1/ 276"، والإصابة
"3/ ترجمة 8158".
(3/195)
قَالَ عُرْوَةُ: بَلَغَنَا أَنَّ النَّاسَ
بَكَوْا عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- وَقَالُوا ليتنا متنا قبله نخشى أن نفتن
بَعْدَهُ فَقَالَ مَعْنٌ: لَكِنِّي وَاللهِ مَا أُحِبُّ
أَنِّي مُتُّ قَبْلَهُ حَتَّى أُصَدِّقَهُ مَيْتاً كَمَا
صَدَّقْتُهُ حَيّاً1.
قَالَ ابْنُ الأَثِيْرِ: مَعْنُ بنُ عَدِيِّ بنِ
العَجْلاَنِ البَلَوِيُّ حَلِيْفُ بَنِي عَمْرِو بنِ
عَوْفٍ عَقَبِيٌّ بَدْرِيٌّ مَشْهُوْرٌ.
قُلْتُ: هُوَ أَخُو عَاصِمِ بنِ عَدِيِّ بنِ الجدِّ بنِ
العجلان البلوي حليف بني عمرو بن عوف وَكَانَ عَاصِمٌ
سَيِّدَ بَنِي العَجْلاَنِ وَهُوَ وَالِدُ أَبِي
البَدَّاحِ بنِ عَاصِمٍ شَهِدَ عَاصِمٌ بَدْراً أَيْضاً
وَحَدِيْثُهُ فِي السُّنَنِ الأَرْبَعَةِ وَكَانَ مَعْنٌ
مِمَّنِ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ اليَمَامَةِ سَنَةَ اثْنَتَيْ
عَشْرَةَ.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "6830".
(3/196)
70- عبد الله بن عبد الله بن أّبَي 1:
ابن مالك بن الحارث بن عبيد بن مالك بنِ سَالِمِ -
وَسَالِمٌ هُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ الحبلى لعظم بطنه -
بن غنم بن عوف بنِ الخَزْرَجِ الأَنْصَارِيُّ
الخَزْرَجِيُّ المَعْرُوْفُ وَالِدُهُ بِابْنِ سَلُوْلٍ
المُنَافِقُ المَشْهُوْرُ وَسَلُوْلٌ الخُزَاعِيَّةُ هِيَ
وَالِدَةُ أبي المَذْكُوْرِ وَقَدْ كَانَ عَبْدُ اللهِ بنُ
عَبْدِ اللهِ مِنْ سَادَةِ الصَّحَابَةِ وَأَخْيَارِهِم
وَكَانَ اسْمُهُ الحُبَابُ وَبِهِ كَانَ أَبُوْهُ يُكْنَى
فَغَيَّرَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- وَسَمَّاهُ عَبْدَ اللهِ.
شَهِدَ بَدْراً وَمَا بَعْدَهَا. وَذَكَرَ أَبُو عَبْدِ
اللهِ بنُ مَنْدَةَ أَنَّ أَنْفَهُ أُصِيْبَ يَوْمَ أُحُدٍ
فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- أَنْ يَتَّخِذَ أَنْفاً مِنْ ذَهَبٍ.
وَالأَشْبَهُ فِي ذَلِكَ مَا رُوِيَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ
عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ أُبَيٍّ أَنَّهُ قَالَ
نَدَرَتْ ثَنِيَّتِي فَأَمَرنِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ أتخذ ثنية من ذَهَبٍ.
اسْتُشْهِدَ عَبْدُ اللهِ يَوْمَ اليَمَامَةِ وَقَدْ مَاتَ
أَبُوْهُ سَنَةَ تِسْعٍ فَأَلْبَسَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَمِيْصَهُ وَصَلَّى عَلَيْهِ
وَاسْتَغْفَرَ لَهُ إِكْرَاماً لِوَلَدِهِ حَتَّى
نَزَلَتْ: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ
أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} الآية [التوبة: 89]
.
وَقَدْ كَانَ رَئِيْساً مُطَاعاً، عَزَمَ أَهْلُ
المَدِيْنَةِ قَبْلَ أَنْ يُهَاجِرَ النَّبِيُّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى أَنْ يُمَلِّكُوْهُ
عَلَيْهِم فَانْحَلَّ أَمْرُهُ وَلاَ حَصَّلَ دُنْيَا
وَلاَ آخِرَةً- نَسْأَلُ اللهَ العافية.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ق2/ 89-90"، والإصابة "2/
ترجمة 4784".
(3/196)
71- عكرمة بن
أبي جهل 1 "ع":
عمرو بن هِشَامِ بنَ المُغِيْرَةِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ
عُمَرَ بنِ مَخْزُوْمِ بنِ يَقَظَةَ بنِ مُرَّةَ بنِ
كَعْبِ بنِ لُؤَيٍّ الشَّرِيْفُ الرَّئِيْسُ الشَّهِيْدُ
أَبُو عُثْمَانَ القُرَشِيُّ المَخْزُوْمِيُّ المَكِّيُّ.
لَمَّا قُتِلَ أَبُوْهُ، تَحَوَّلَتْ رِئَاسَةُ بَنِي
مَخْزُوْمٍ إِلَى عِكْرِمَةَ ثُمَّ إِنَّهُ أَسْلَمَ
وَحَسُنَ إِسْلاَمُهُ بِالمَرَّةِ.
قَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: كَانَ عِكْرِمَةُ إِذَا
اجْتَهَدَ فِي اليَمِيْنِ قَالَ: لاَ وَالَّذِي نَجَّانِي
يَوْمَ بَدْرٍ.
وَلَمَّا دَخَلَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- هَرَبَ مِنْهَا عِكْرِمَةُ وَصَفْوَانُ بنُ
أُمَيَّةَ بن خلف فَبَعَثَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُؤَمِّنُهُمَا وَصَفَحَ عَنْهُمَا
فَأَقْبَلاَ إِلَيْهِ.
اسْتَوْعَبَ أَخْبَارَهُ أَبُو القاسم بن عَسَاكِرَ.
أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيْقِ مُصْعَبِ بنِ
سَعْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ وَلَمْ يُدْرِكْهُ أَنَّ
النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ
لَهُ: "مَرْحَباً بِالرَّاكِبِ المُهَاجِرِ" قَالَ
فَقُلْتُ يَا رَسُوْلَ اللهِ! والله لا أدع نفقة أنفقها
عَلَيْكَ إلَّا أَنْفَقْتُ مِثْلَهَا فِي سَبِيْلِ اللهِ.
وَلَمْ يُعْقِبْ عِكْرِمَةُ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: كَانَ مَحْمُوْدَ البَلاَءِ فِي
الإِسْلاَمِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ: نَزَلَ عِكْرِمَةُ
يَوْمَ اليَرْمُوْكِ فَقَاتَلَ قِتَالاً شَدِيْداً ثُمَّ
اسْتُشْهِدَ فَوَجَدُوا بِهِ بِضْعاً وَسَبْعِيْنَ مِنْ
طَعْنَةٍ وَرَمْيَةٍ وَضَرْبَةٍ.
وَقَالَ عُرْوَةُ، وَابْنُ سَعْدٍ وَطَائِفَةٌ: قُتِلَ
يَوْمَ أَجْنَادِيْنَ.
__________
1 ترجمته في تاريخ البخاري الكبير "7/ ترجمة 217"، والجرح
والتعديل "7/ ترجمة 31"، وتهذيب التهذيب "7/ 257-258"،
والإصابة "2/ ترجمة "5638".
(3/197)
72- عبد الله
بن عمرو بن حرام 1:
ابْنِ ثَعْلَبَةَ بنِ حَرَامِ بنِ كَعْبِ بنِ غَنْمِ بنِ
كعب بن سلمة بن سعد بن علي بنِ أَسَدِ بنِ سَارِدَةَ بنِ
تَزِيْدَ بنِ جُشَمَ بنِ الخَزْرَجِ الأَنْصَارِيُّ
السُّلَمِيُّ أَبُو جَابِرٍ أَحَدُ النُّقَبَاءِ لَيْلَةَ
العَقَبَةِ شَهِدَ بَدْراً وَاسْتُشْهِدَ يوم أحد.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "5/ ترجمة "530"، والحلية "2/
4"، والإصابة "2/ ترجمة 4838".
(3/197)
شُعْبَةُ، عَنِ ابْنِ المُنْكَدِرِ، عَنْ
جَابِرٍ لَمَّا قُتِلَ أَبِي يَوْمَ أُحُدٍ جَعَلْتُ
أَكْشِفُ، عَنْ وَجْهِهِ وَأَبْكِي وَجَعَلَ أَصْحَابُ
رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
يَنْهَوْنِي وَهُوَ لاَ يَنْهَانِي وَجَعَلَتْ عَمَّتِي
تَبْكِيْهِ فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: "تَبْكِيْهِ أَوْ لاَ تَبْكِيْهِ مَا زَالَتِ
المَلاَئِكَةُ تُظَلِّلُهُ بِأَجْنِحَتِهَا حَتَّى
رَفَعْتُمُوْهُ" 1.
شَرِيْكٌ، عَنِ الأَسْوَدِ بنِ قَيْسٍ، عَنْ نُبَيْحٍ
العَنَزِيِّ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: أُصِيْبَ أَبِي وَخَالِي
يَوْمَ أُحُدٍ فَجَاءتْ أُمِّي بِهِمَا قَدْ عَرَضَتْهُمَا
عَلَى نَاقَةٍ فَأَقْبَلَتْ بِهِمَا إِلَى المَدِيْنَةِ
فَنَادَى مُنَادٍ ادْفِنُوا القَتْلَى فِي مَصَارِعِهِم
فَرُدَّا حَتَّى دُفِنَا في مصارعهما.
قَالَ مَالِكٌ: كُفِّنَ هُوَ وَعَمْرُو بنُ الجَمُوْحِ فِي
كَفَنٍ وَاحِدٍ.
وَقَالَ الأَوْزَاعِيُّ: عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ جَابِرٍ
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
لَمَّا خَرَجَ لِدَفْنِ شُهَدَاءِ أُحُدٍ قَالَ:
"زَمِّلُوْهُم بِجِرَاحِهِم فَأَنَا شَهِيْدٌ عَلَيْهِم"
وَكَفَّنَ أَبِي فِي نَمِرَةٍ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: قَالُوا: وَكَانَ عَبْدُ اللهِ
أَوَّلَ مَنْ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ وَكَانَ أَحْمَرَ
أَصْلَعَ لَيْسَ بِالطَّوِيْلِ وَكَانَ عَمْرُو بنُ
الجَمُوْحِ طَوِيْلاً فَدُفِنَا مَعاً عِنْدَ السَّيْلِ
فَحَفَرَ السَّيْلُ عَنْهُمَا وَعَلَيْهِمَا نَمِرَةٌ
وَقَدْ أَصَابَ عَبْدَ اللهِ جُرْحٌ فِي وَجْهِهِ فَيَدُهُ
عَلَى جُرْحِهِ فَأُمِيْطَتْ يَدُهُ فَانْبَعَثَ الدَّمُ
فَرُدَّتْ فَسَكَنَ الدَّمُ.
قَالَ جَابِرٌ: فَرَأَيْتُ أَبِي فِي حُفْرَتِهِ كَأَنَّهُ
نَائِمٌ وَمَا تَغَيَّرَ مِنْ حَالِهِ شَيْءٌ وَبَيْنَ
ذَلِكَ سِتٌّ وَأَرْبَعُوْنَ سَنَةً فُحُوِّلاَ إِلَى
مَكَانٍ آخَرَ وَأُخْرِجُوا رِطَاباً يَتَثَنُّوْنَ.
أَبُو الزُّبَيْرِ: عَنْ جَابِرٍ قَالَ صُرِخَ بِنَا إِلَى
قَتْلاَنَا حِيْنَ أَجْرَى مُعَاوِيَةُ العَيْنَ
فَأَخْرَجْنَاهُم لَيِّنَةً أجسادهم تتثنى أطرافهم.
بن أَبِي نُجَيْحٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ:
دُفِنَ رَجُلٌ مَعَ أَبِي فَلَمْ تَطِبْ نَفْسِي حتى
أخرجته ودفنته وحده.
سَعِيْدُ بنُ يَزِيْدَ أَبُو مَسْلَمَةَ، عَنْ أَبِي
نَضْرَةَ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ أَبِي: أَرْجُو أَنْ
أَكُوْنَ فِي أَوَّلِ مَنْ يُصَابُ غَداً فَأُوْصِيْكَ
بِبَنَاتِي خَيْراً فَأُصِيْبَ فَدَفَنْتُهُ مَعَ آخَرَ
فَلَمْ تَدَعْنِي نَفْسِي حَتَّى اسْتَخْرَجْتُهُ
وَدَفَنْتُهُ وَحْدَهُ بَعْد سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَإِذَا
الأَرْضُ لَمْ تَأْكُلْ مِنْهُ شيئًا إلَّا بعض شحمة أذنه.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "1244، 4080"، ومسلم "2471" "130"
من حديث جابر بن عبد الله.
(3/198)
الشَّعْبِيُّ، حَدَّثَنِي جَابِرٌ، أَنَّ
أَبَاهُ تُوُفِّيَ وَعَلَيْهِ دين قال: فأتيت رسول الله
فَقُلْتُ: إِنَّ أَبِي تَرَكَ عَلَيْهِ دَيْناً وَلَيْسَ
عِنْدَنَا إلَّا مَا يَخْرُجُ مِنْ نَخْلِهِ فَانْطَلِقْ
مَعِي لِئَلاَّ يُفْحِشَ عَلَيَّ الغُرَمَاءُ قَالَ:
فَمَشَى حَوْلَ بَيْدَرٍ مِنْ بَيَادِرِ التَّمْرِ وَدَعَا
ثُمَّ جَلَسَ عَلَيْهِ فَأَوْفَاهُمُ الَّذِي لَهُم
وَبَقِيَ مِثْلُ الَّذِي أَعْطَاهُم.
وَفِي الصَّحِيْحِ أَحَادِيْثُ فِي ذَلِكَ.
وَقَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ
إِبْرَاهِيْمَ، حَدَّثَنَا طَلْحَةُ بنُ خِرَاشٍ سَمِعَ
جَابِراً يَقُوْلُ قَالَ لِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلاَ أُخْبِرُكَ أَنَّ
اللهَ كَلَّمَ أَبَاكَ كِفَاحاً فَقَالَ: يَا عَبْدِي!
سَلْنِي أُعْطِكْ قَالَ: أَسْأَلُكَ أَنْ تَرُدَّنِي إِلَى
الدُّنْيَا فَأُقْتَلَ فِيْكَ ثَانِياً فَقَالَ: إِنَّهُ
قَدْ سَبَقَ مِنِّي أَنَّهُم إِلَيْهَا لاَ يُرْجَعُوْنَ
قَالَ: يَا رَبِّ! فَأَبْلِغْ مَنْ وَرَائِي فَأَنْزَلَ
اللهُ {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ
اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ
يُرْزَقُونَ} [آلُ عِمْرَانَ: 169] ".
وَرُوِيَ نَحْوُهُ مِنْ حَدِيْثِ عَائِشَةَ.
ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنَا عَاصِمُ بن عمر، عن عبد
الرحمن بن جابر، عَنْ أَبِيْهِ سَمِعَ رَسُوْلَ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ إِذَا
ذُكِرَ أَصْحَابُ أُحُدٍ: "وَاللهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي
غُوْدِرْتُ مَعَ أَصْحَابِ فَحْصِ الجَبَلِ".
يَقُوْلُ: قُتِلْتُ مَعَهُم -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وسلم.
(3/199)
73- يزيد بن
أبي سفيان 1 "ق":
ابن حرب بنِ أُمَيَّةَ بنِ عَبْدِ شَمْسِ بنِ عَبْدِ مناف
بن قصي الأموي.
أَخُو مُعَاوِيَةَ مِنْ أَبِيْهِ وَيُقَالُ لَهُ يَزِيْدُ
الخَيْرُ وَأُمُّهُ هِيَ زَيْنَبُ بِنْتُ نَوْفَلٍ
الكِنَانِيَّةُ وَهُوَ أَخُو أُمِّ المُؤْمِنِيْنَ أُمِّ
حَبِيْبَةَ.
كَانَ مِنَ العُقَلاَءِ الأَلِبَّاءِ، وَالشُّجْعَانِ
المَذْكُوْرِيْنَ أَسْلَمَ يَوْمَ الفَتْحِ وَحَسُنَ
إِسْلاَمُهُ وَشَهِدَ حُنَيْناً فَقِيْلَ: إِنَّ
النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَعْطَاهُ
مِنْ غَنَائِمِ حُنَيْنٍ مَائَةً مِنَ الإِبِلِ
وَأَرْبَعِيْنَ أُوْقِيَّةً فِضَّةً وَهُوَ أَحَدُ
الأُمَرَاءِ الأَرْبَعَةِ الَّذِيْنَ نَدَبَهُم أَبُو
بَكْرٍ لِغَزْوِ الرُّوْمِ عَقَدَ لَهُ أَبُو بكر ومشى معه
__________
1 تاريخ البخاري الكبير "8/ ترجمة "3156"، والجرح والتعديل
"9/ ترجمة 1143"، وتهذيب التهذيب "11/ 332"، وتقريب
التهذيب "2/ 356"، والإصابة "3/ ترجمة 9265".
(3/199)
تَحْتَ رِكَابِهِ يُسَايِرُهُ،
وَيُوَدِّعُهُ، وَيُوْصِيْهِ، وَمَا ذَاكَ إلَّا
لِشَرَفِهِ وَكَمَالِ دِيْنِهِ وَلَمَّا فُتِحَتْ دِمَشْقُ
أَمَّرَهُ عُمَرُ عَلَيْهَا.
لَهُ حَدِيْثٌ فِي الوُضُوْءِ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَه
وَلَهُ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الأَشْعَرِيُّ
وَجُنَادَةُ بنُ أَبِي أُمَيَّةَ.
وَلَهُ تَرْجَمَةٌ طَوِيْلَةٌ فِي "تَارِيْخِ الحَافِظِ
أَبِي القَاسِمِ".
وَعَلَى يَدِهِ كَانَ فَتْحُ قَيْسَارِيَّةَ الَّتِي
بِالشَّامِ.
رَوَى عَوْفٌ الأَعْرَابِيُّ، عَنْ مُهَاجِرٍ أَبِي
مَخْلَدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو العَالِيَةِ قَالَ:
غَزَا يَزِيْدُ بنُ أَبِي سُفْيَانَ بِالنَّاسِ فَوْقَعَتْ
جَارِيَةٌ نَفِيْسَةٌ فِي سَهْمِ رَجُلٍ فَاغْتَصَبَهَا
يَزِيْدُ فَأَتَاهُ أَبُو ذَرٍّ فَقَالَ: رُدَّ على الرجل
جاريته فتلكأ فقال: لئن فَعَلْتَ ذَلِكَ لَقَدْ سَمِعْتُ
رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
يَقُوْلُ: "أَوَّلُ مَنْ يُبَدِّلُ سُنَّتِي رَجُلٌ مِنْ
بَنِي أُمَيَّةَ يُقَالُ لَهُ: يَزِيْدُ". فَقَالَ:
نَشَدْتُكَ اللهَ أَنَا مِنْهُم? قَالَ لاَ فَرَدَّ عَلَى
الرَّجُلِ جَارِيَتَهُ. أَخْرَجَهُ الرُّوْيَانِيُّ فِي
"مُسْنَدِهِ".
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعْدٍ: كَانَ يَزِيْدُ بنُ أَبِي
سُفْيَانَ عَلَى رُبُعٍ وَأَبُو عُبَيْدَةَ عَلَى رُبُعٍ
وَعَمْرُو بنُ العَاصِ عَلَى رُبُعٍ وَشُرَحْبِيْلُ بنُ
حَسَنَةَ عَلَى رُبُعٍ يَعْنِي يَوْمَ اليَرْمُوْكِ وَلَمْ
يَكُنْ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهِم أَمِيْرٌ.
تُوُفِّيَ يَزِيْدُ فِي الطَّاعُوْنِ، سَنَةَ ثَمَانِيَ
عَشْرَةَ، وَلَمَّا احْتُضِرَ اسْتَعْمَلَ أَخَاهُ
مُعَاوِيَةَ عَلَى عَمَلِهِ فَأَقَرَّهُ عُمَرُ عَلَى
ذَلِكَ احْتِرَاماً لِيَزِيْدَ وَتَنْفِيْذاً
لِتَوْلِيَتِهِ.
وَمَاتَ هَذِهِ السَّنَةَ فِي الطَّاعُوْنِ: أَبُو
عُبَيْدَةَ أَمِيْنُ الأُمَّةِ وَمُعَاذُ بنُ جَبَلٍ
سَيِّدُ العُلَمَاءِ وَالأَمِيْرُ المُجَاهِدُ
شُرَحْبِيْلُ بنُ حَسَنَةَ حَلِيْفُ بَنِي زُهْرَةَ
وَابْنُ عَمِّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- الفَضْلُ بنُ العَبَّاسِ وَلَهُ بِضْعٌ
وَعِشْرُوْنَ سَنَةً وَالحَارِثُ بنُ هِشَامِ بنِ
المُغِيْرَةِ المَخْزُوْمِيُّ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ
مِنَ الصَّحَابَةِ الأَشْرَافِ وَهُوَ أَخُو أَبِي جَهْلٍ
وَأَبُو جَنْدَلٍ بنُ سُهَيْلِ بنِ عَمْرٍو العَامِرِيُّ
-رَضِيَ اللهُ عَنْهُم.
(3/200)
74- أبو العاص
بن الربيع 1:
ابن عبد العزى بنِ عَبْدِ شَمْسٍ بنِ عَبْدِ مَنَافٍ بنِ
قُصَيِّ بنِ كِلاَبِ القرشي العَبْشَمِيُّ.
صِهْرُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- زَوْجُ بِنْتِهِ زَيْنَبَ وَهُوَ وَالِدُ
أُمَامَةَ الَّتِي كَانَ يَحْمِلُهَا النَّبِيُّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي صَلاَتِهِ2.
وَاسْمُهُ: لَقِيْطٌ وَقِيْلَ: اسْمُ أَبِيْهِ رَبِيْعَةُ
وَهُوَ ابْنُ أُخْتِ أُمِّ المُؤْمِنِيْنَ خَدِيْجَةَ
أُمُّهُ هِيَ هَالَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ وَكَانَ أَبُو
العَاصِ يُدْعَى جَرْوَ البَطْحَاءِ.
أَسْلَمَ قَبْلَ الحُدَيْبِيَةِ بِخَمْسَةِ أَشْهُرٍ.
قَالَ المِسْوَرُ بنُ مَخْرَمَةَ: أَثْنَى النَّبِيُّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى أَبِي العَاصِ
فِي مُصَاهَرَتِهِ خَيْراً وَقَالَ: "حَدَّثَنِي
فَصَدَقَنِي وَوَعَدَنِي فَوَفَى لِي" 3 وَكَانَ قَدْ
وَعَدَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
أَنْ يَرْجِعَ إِلَى مَكَّةَ بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ
فَيَبْعَثَ إِلَيْهِ بِزَيْنَبَ ابْنَتِهِ فَوَفَى
بِوَعْدِهِ وَفَارَقَهَا مَعَ شِدَّةِ حُبِّهِ لَهَا
وَكَانَ مِنْ تُجَّارِ قُرَيْشٍ وَأُمَنَائِهِم وما علمت
له رواية.
وَلَمَّا هَاجَرَ، رَدَّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- زَوْجَتَهُ زَيْنَبَ بَعْدَ
سِتَّةِ أَعْوَامٍ عَلَى النِّكَاحِ الأَوَّلِ وَجَاءَ فِي
رِوَايَةٍ أَنَّهُ رَدَّهَا إِلَيْهِ بِعَقْدٍ جَدِيْدٍ
وَقَدْ كَانَتْ زَوْجَتُهُ لَمَّا أُسِرَ نَوْبَةَ بَدْرٍ
بَعَثَتْ قِلاَدَتَهَا لِتَفْتَكَّهُ بِهَا فَقَالَ
النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنْ
رَأَيْتُم أَنْ تُطْلِقُوا لِهَذِهِ أَسِيْرَهَا".
فَبَادَرَ الصَّحَابَةُ إِلَى ذَلِكَ4.
وَمِنَ السِّيْرَةِ: أَنَّهَا بَعَثَتْ فِي فِدَائِهِ
قِلاَدَةً لَهَا كَانَتْ لِخَدِيْجَةَ أَدْخَلَتْهَا بِهَا
فَلَمَّا رَآهَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- رَقَّ لَهَا وَقَالَ: "إِنْ رَأَيْتُمْ أَنْ
تُطْلِقُوا لَهَا أَسِيْرَهَا وَتَرُدُّوا عَلَيْهَا"
قَالُوا: نَعَمْ وَأَطْلَقُوْهُ فَأَخَذَ عَلَيْهِ
النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ
يُخْلِيَ سَبِيْلَ زَيْنَبَ وَكَانَتْ مِنَ
المُسْتَضْعَفِيْنَ مِنَ النِّسَاءِ وَاسْتَكْتَمَهُ
النَّبِيُّ -صَلَّى الله عليه وسلم- ذلك وبعث زيد بن حارثة
ورجلا من الانصار فقال: "كونا ببطن يأجج حتى تمر بكما زينب
فَتَصْحَبَانِهَا". وَذَلِكَ بَعْد بَدْرٍ بِشَهْرٍ
فَلَمَّا قَدِمَ أبو العاص
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "8/ 30-33 و39 و165"، والإصابة
"4/ ترجمة 692".
2 صحيح: أخرجه البخاري "516"، ومسلم "543" من طريق عَامِرُ
بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَمْرِو بنِ
سُلَيْم الزُّرَقِي، عَنْ أَبِي قَتَادَة الأنصاري قَالَ:
"إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
كَانَ يُصلي وَهُوَ حَاملٌ أُمَامَةَ بِنْتَ زَيْنَب
بِنْتِ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
ولأبي العاص بن ربيعة بن عبد شمس، فإذا سجد وضعها وإذا قام
حملها".
3 صحيح: أخرجه البخاري "3729"، ومسلم "2449"، "95" من طريق
الزهري، قال: حدثني علي بن حسين، عن المسور بن مخرمة في
حديث طويل، وجاء في آخره: ".... حدثني فصدقني، ووعدني
فأوفى لِي، وَإِنِّي لَسْتُ أُحَرِّمُ حَلاَلاً، وَلاَ
أُحِلُّ حراما، ولكن والله لا تجتمع بِنْتِ رَسُوْلِ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبنت عدو الله مكانا
واحدا أبدا".
وقد خرجت هذا الحديث في كتاب "منهاج السنة النبوية في نقض
كلام الشيعة والقدرية" ط/ دار الحديث في عدة مواضع، فراجعه
إذا رُمت زيادة.
4 صحيح: أخرجه أحمد "6/ 276"، وأبو داود "2692" من حديث
عائشة.
(3/201)
مَكَّةَ، أَمَرَهَا بِاللُّحُوْقِ
بِأَبِيْهَا، فَتَجَهَّزَتْ. فَقَدَّمَ أَخُو زَوْجِهَا
كِنَانَةُ -قُلْتُ: وَهُوَ ابْنُ خَالَتِهَا- بَعِيْراً
فَرَكِبَتْ وَأَخَذَ قَوْسَهُ وَكِنَانَتَهُ نَهَاراً
فَخَرَجُوا فِي طَلَبِهَا فَبَرَكَ كِنَانَةُ وَنَثَرَ
كِنَانَتَهُ بِذِي طُوَى فَرَوَّعَهَا هَبَّارُ بنُ
الأَسْوَدِ بِالرُّمْحِ فَقَالَ كِنَانَةُ: وَاللهِ لاَ
يَدْنُو أَحَدٌ إلَّا وَضَعْتُ فِيْهِ سَهْماً فَقَالَ
أَبُو سُفْيَانَ: كُفَّ أَيُّهَا الرَّجُلُ عَنَّا
نَبْلَكَ حَتَّى نُكَلِّمَكَ فَكَفَّ فَوَقَفَ عَلَيْهِ
فَقَالَ: إِنَّكَ لَمْ تُصِبْ خَرَجْتَ بِالمَرْأَةِ عَلَى
رءوس النَّاسِ عَلاَنِيَةً وَقَدْ عَرَفْتَ مُصِيْبَتَنَا
وَنَكْبَتَنَا وَمَا دَخَلَ عَلَيْنَا مِنْ مُحَمَّدٍ
فَيَظُنُّ النَّاسُ أَنَّ ذَلِكَ، عَنْ ذُلٍّ أَصَابَنَا
وَلَعَمْرِي مَا بِنَا بِحَبْسِهَا، عَنْ أَبِيْهَا مِنْ
حَاجَةٍ ارْجِعْ بِهَا حَتَّى إِذَا هَدَتِ الأَصْوَاتُ
وَتَحَدَّثَ النَّاسُ أَنَّا رَدَدْنَاهَا فَسُلَّهَا
سِرّاً وَأَلْحِقْهَا بِأَبِيْهَا. قَالَ: فَفَعَلَ
وَخَرَجَ بِهَا بَعْدَ لَيَالٍ فَسَلَّمَهَا إِلَى زَيْدٍ
وَصَاحِبِهِ فَقَدِمَا بِهَا فَلَمَّا كَانَ قَبْلَ
الفَتْحِ خَرَجَ أَبُو العَاصِ تَاجِراً إِلَى الشَّامِ
بِمَالِهِ وَمَالٍ كَثِيْرٍ لقُرَيْشٍ فَلَمَّا رَجَعَ
لَقِيَتْهُ سَرِيَّةٌ فَأَصَابُوا مَا مَعَهُ
وَأَعْجَزَهُم هَرَباً فَقَدِمُوا بِمَا أَصَابُوا
وَأَقْبَلَ هُوَ فِي اللَّيْلِ حَتَّى دَخَلَ عَلَى
زَيْنَبَ فَاسْتَجَارَ بِهَا فَأَجَارَتْهُ فَلَمَّا كَانَ
النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
وَالنَّاسُ فِي صَلاَةِ الصُّبْحِ صَرَخَتْ زَيْنَبُ مِنْ
صُفَّةِ النِّسَاءِ أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ أَجَرْتُ أَبَا
العَاصِ بنَ الرَّبِيْعِ وَبَعَثَ النَّبِيُّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى السَّرِيَّةِ
الَّذِيْنَ أَصَابُوا مَالَهُ فَقَالَ: "إِنَّ هَذَا
الرَّجُلَ مِنَّا حَيْثُ قَدْ عَلِمْتُمْ وَقَدْ
أَصَبْتُمْ لَهُ مَالاً فَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَرُدُّوْهُ
فَإِنَّا نُحِبَّ ذَلِكَ وَإِنْ أَبَيْتُمْ فَهُوَ فَيْءُ
اللهِ فَأَنْتُم أَحَقُّ بِهِ" قَالُوا: بَلْ نَرُدُّهُ
فَرَدُّوْهُ كُلَّهُ ثُمَّ ذَهَبَ بِهِ إِلَى مَكَّةَ
فَأَدَّى إِلَى كُلِّ ذِي مَالٍ مَالَهُ ثُمَّ قَالَ: يا
معشر قريش! هل بَقِيَ لأَحَدٍ مِنْكُم عِنْدِي شَيْءٌ?
قَالُوا: لاَ فَجَزَاكَ اللهُ خَيْراً قَالَ: فَإِنِّي
أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً
عبده وَرَسُوْلُهُ وَاللهِ مَا مَنَعَنِي مِنَ الإِسْلاَمِ
عِنْدَهُ إلَّا خَوْفُ أَنْ تَظُنُّوا أَنِّي إِنَّمَا
أَرَدْتُ أَكْلَ أَمْوَالِكُم.
ثُمَّ قَدِمَ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: رَدَّ
عَلَيْهِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
زَيْنَبَ عَلَى النِّكَاحِ الأَوَّلِ لَمْ يُحْدِثْ
شيئًا1.
__________
1 حسن: أخرجه عبد الرزاق "12644"، وأحمد "1/ 217"، وأبو
داود "2240"، والترمذي "1143"، والطحاوي في "شرح معاني
الآثار" "3/ 256"، والحاكم "3/ 237، 638-639"، والطبراني
"11575" والبيهقي "7/ 187" من طرق عن محمد بن إسحاق، عن
داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس، به.
قلت: إسناده حسن، محمد بن إسحاق، صدوق، ومدلس مشهور
بالتدليس، لكنه قد صرح بالتحديث عند الترمذي والحاكم فأمنا
شر تدليسه.
(3/202)
75- زينب
1:
زَيْنَبُ هَذِهِ كَانَتْ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- أَكْبَرَ
بَنَاتِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- وَتُوُفِّيَتْ سَنَةَ ثَمَانٍ مِنَ الهِجْرَةِ
وَغَسَّلَتْهَا أُمُّ عطية فأعطاهن حقوه وقال: "أشعرنها
إياه" 2.
وَكَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
يُحِبُّهَا وَيُثْنِي عَلَيْهَا -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا-
عَاشَتْ نَحْوَ ثَلاَثِيْنَ سَنَةً وَمَاتَ أَبُو العَاصِ
فِي شَهْرِ ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ فِي
خِلاَفَةِ الصديق.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "8/ 30-36"، والإصابة "4/ ترجمة
"466"، والعبر "1/ 10".
2 صحيح: أخرجه البخاري "1254" من طريق أيوب، عن محمد، عن
أم عطية -رضي الله عنها- قالت: دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُوْلُ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ونحن نغسل ابنته
فقال: "اغسلنها ثَلاَثاً أَوْ خَمْساً أَوْ أَكْثَرَ مِنْ
ذَلِكَ بماء وسدر واجعلن في الآخرة كافورا، فإذا فرغتن
فآذنني"، فلما فرغنا أذناه فألقى إلينا حقوه، قال:
"أشعرنها إياه".
فقال أيوب: وحدثتني حفصة بمثل حديث محمد، وكان في حديث
حفصة "اغسلنها وترا" وكان فيه "ثلاثا أو خمسا أو سبعا"،
وكان فيه أنه قال: "ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها"،
وكان فيه "أن أم عطية قالت: "ومشطناها ثلاثة قرون".
(3/203)
76- أمامة بنت
أبي العاص 1: م
الَّتِي كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- يَحْمِلُهَا فِي صَلاَتِهِ2 هِيَ بِنْتُ
بِنْتِهِ تَزَوَّجَ بِهَا عَلِيُّ بنُ أَبِي طَالِبٍ فِي
خِلاَفَةِ عُمَرَ وَبَقِيَتْ عِنْدَهُ مُدَّةً وَجَاءتْهُ
الأَوْلاَدُ مِنْهَا وَعَاشَتْ بَعْدَهُ حَتَّى تَزَوَّجَ
بِهَا المُغِيْرَةُ بنُ نَوْفَلِ بنِ الحَارِثِ بنِ عَبْدِ
المُطَّلِبِ الهَاشِمِيُّ فَتُوُفِّيَتْ عِنْدَهُ بَعْدَ
أَنْ وَلَدَتْ لَهُ يَحْيَى بنَ المُغِيْرَةِ مَاتَتْ فِي
دَوْلَةِ مُعَاوِيَةَ بن أبي سفيان ولم ترو شيئًا.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "8/ 31"، والإصابة "4/ ترجمة
70".
2 صحيح: تقدم تخريجنا له قريبا بتعليق رقم "477".
(3/203)
77- أبو زَيْدٍ 1:
هُوَ مِنْ كِبَارِ الصَّحَابَةِ وَمِمَّنْ حَفِظَ
القُرْآنَ كُلَّهُ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: هُوَ ثَابِتُ بنُ زَيْدِ بنِ قَيْسِ
بنِ زَيْدِ بنِ النُّعْمَانِ بنِ مَالِكِ بنِ ثَعْلَبَةَ
بنِ كَعْبِ بنِ الخَزْرَجِ بنِ الحَارِثِ بنِ الخَزْرَجِ.
حَدَّثَنَا أَبُو زَيْدٍ النَّحْوِيُّ سَعِيْدُ بنُ أَوْسِ
بنِ ثَابِتِ بنِ بَشِيْرِ بنِ أَبِي زَيْدٍ الأَنْصَارِيِّ
ثَابِتِ بنِ
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 27"، والجرح والتعديل "1/
ق1/ 451"، والإصابة "1/ ترجمة رقم "885".
(3/203)
زَيْدٍ، قَالَ النَّحْوِيُّ: هُوَ جَدِّي.
شَهِدَ أُحُداً وَهُوَ أَحَدُ السِّتَّةِ الَّذِيْنَ
جَمَعُوا القُرْآنَ نَزَلَ البَصْرَةَ وَاخْتَطَّ بِهَا
ثُمَّ قَدِمَ المَدِيْنَةَ فَمَاتَ بِهَا فَوَقَفَ عُمَرُ
عَلَى قَبْرِهِ فَقَالَ: رَحِمَكَ اللهُ أَبَا زَيْدٍ!
لَقَدْ دُفِنَ اليَوْمَ أَعْظَمُ أَهْلِ الأَرْضِ
أَمَانَةً. وَقُتِلَ ابْنُهُ بَشِيْرٌ يَوْمَ الحَرَّةِ1.
العَقَدِيُّ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ المُبَارَكِ، عَنِ
الحَسَنِ أَبِي مُحَمَّدٍ قَالَ: دَخْلَنَا عَلَى أَبِي
زَيْدٍ وَكَانَتْ رِجْلُهُ أُصِيْبَتْ يَوْمَ أُحُدٍ
فَأَذَّنَ، وَأَقَامَ قَاعِداً.
وَقِيْلَ: اسْمُ أَبِي زَيْدٍ أَوْسٌ.
وقيل: معاذ والأول أصح.
__________
1 الحرة: هي الأرض ذات الحجارة السود، وتجمع على حر،
وحرار، وحرات، وحرين، واحرين، وهي من الجموع النادرة كثبين
وقلين، في جمع ثبة وقلة، وزيادة الهمزة في أوله بمنزلة
الحركة في أرضين، وتغيير أول سنين وقيل: إن واحدا إحرين:
إحرة.
والمقصود وقعة الحرة المشهورة في أيام يزيد بن معاوية سنة
"63 هـ"، وسببها أن أهل المدينة اجتمعوا على خلع يزيد بن
معاوية، وإخراج عامله من المدينة، وذلك لما بلغهم أن يزيد
بن معاوية يشرب الخمر، ويترك الصلوات، ومعتكف على القينات
فسير لأهل المدينة جيشا قيل: اثنا عشر ألفا وخمسة عشر ألف
رجل، وجعل عليهم مسلم بن عقبة الذي يقول فيه السلف مسرف بن
عقبة -قبحه الله من شيخ سوء ما أجهله- فقتل بقايا
المهاجرين والأنصار، فقتل عبد الله بن مطيع، وعبد الله بن
حنظلة الغسيل، وأخوه لأمه محمد بن ثابت بن شماس، ومحمد بن
عمرو بن حزم، ولم تصل الجماعة يومها في مسجد رسول الله صلى
الله عليه وسلم، وقد أباح مسلم بن عقبة المدينة ثلاثة أيام
كما أمره يزيد لا جزاه الله خيرا، وقتل خلفا من أشرافها
وقرائها، وانتهب أموالا كثيرة منها، ووقع شر عظيم وفساد
عريض على ما ذكره غير واحد.
راجع "البداية والنهاية" لابن كثير في وقائع سنة "63هـ"،
"8/ 206-212" ط/ دار الحديث.
(3/204)
78- عباد بن
بشر 1:
ابن وقش بن زغبة بن زعوراء بن عبد الأَشْهَلِ.
الإِمَامُ أَبُو الرَّبِيْعِ الأَنْصَارِيُّ الأَشْهَلِيُّ
أَحَدُ البَدْرِيِّيْنَ كَانَ مِنْ سَادَةِ الأَوْسِ عَاشَ
خَمْساً وَأَرْبَعِيْنَ سَنَةً وَهُوَ الَّذِي أَضَاءتْ
لَهُ عَصَاتُهُ لَيْلَةَ انْقَلَبَ إِلَى مَنْزِلِهِ مِنْ
عِنْدِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- أَسْلَمَ2 عَلَى يَدِ مُصْعَبِ بنِ عُمَيْرٍ
وَكَانَ أَحَدَ مَنْ قَتَلَ كَعْبَ بنَ الأَشْرَفِ
اليَهُوْدِيَّ3 وَاسْتَعْمَلَهُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه
وسلم- على صدقات
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 440-441"، والجرح والتعديل
"3/ ق1/ 77"، والإصابة "2/ ترجمة رقم 4455".
2 صحيح: سبق تخريجنا له بتعليق رقم "453".
3 صحيح: أخرجه البخاري "4037" من حديث جابر بن عبد الله،
رضي الله عنهما.
(3/204)
مُزَيْنَةَ، وَبَنِي سُلَيْمٍ وَجَعَلَهُ
عَلَى حَرَسِهِ فِي غَزْوَةِ تَبُوْكٍ وَكَانَ كَبِيْرَ
القَدْرِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَبْلَى يَوْمَ
اليَمَامَةِ بَلاَءً حَسَناً وَكَانَ أَحَدَ الشُّجْعَانِ
المَوْصُوْفِيْنَ.
ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ يَحْيَى بن عباد بن عبد الله، عن
أبيه قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: ثَلاَثَةٌ مِنَ
الأَنْصَارِ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يَعْتَدُّ عَلَيْهِم
فَضْلاً كُلُّهُم مِنْ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ: سَعْدُ
بنُ مُعَاذٍ وَعَبَّادُ بن بشر وأسيد بن حُضَيْرٍ.
آخَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِي حُذَيْفَةَ بنِ عُتْبَةَ بنِ
رَبِيْعَةَ.
وَرُوِيَ بِإِسْنَادٍ ضَعِيْفٍ، عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ
الخُدْرِيِّ سُمِعَ عَبَّادُ بنُ بِشْرٍ يَقُوْلُ:
رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ كَأَنَّ السَّمَاءَ فُرِجَتْ لِي
ثُمَّ أَطْبَقَتْ عَلَيَّ فَهِيَ إِنْ شَاءَ اللهُ
الشَّهَادَةُ.
نُظِرَ يَوْمَ اليَمَامَةِ وَهُوَ يَصِيْحُ احْطِمُوا
جُفُوْنَ السُّيُوْفِ وَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ بِضَرَبَاتٍ
فِي وَجْهِهِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرِ بنِ
الزُّبَيْرِ، عَنْ عَبَّادِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ
الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: تَهَجَّدَ رسول الله
-صلى الله عليه وسلم- في بَيْتِي فَسَمِعَ صَوْتَ عَبَّادِ
بن بِشْرٍ فَقَالَ: " يَا عَائِشَةُ! هَذَا صَوْتُ
عَبَّادِ بنِ بِشْرٍ" قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: "اللَّهُمَّ
اغْفِرْ لَهُ" 1.
حَمَّادُ بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن حُصَيْنِ بنِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ الخَطْمِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
بنِ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ عَبَّادِ بنِ بِشْرٍ
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
قَالَ: "يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ! أَنْتُمُ الشِّعَارُ
وَالنَّاسُ الدثار" 2.
قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: لاَ أَحْفَظُ لِعَبَّادٍ
سِوَاهُ.
عَبَّادُ بنُ بِشْرِ بنِ قَيْظِيٍّ الأَشْهَلِيِّ! قَالَ
ابْنُ الأَثِيْرِ: وَقَعَ تَخْبِيْطٌ فِي اسْمِ جَدِّهِ
قَالَ: وَإِنَّمَا هُوَ عَبَّادُ بنُ بِشْرِ بن وقش بن
زغبة بن زعوراء بن عَبْدِ الأَشْهَلِ بنِ جُشَمَ بنِ
الحَارِثِ بنِ الخَزْرَجِ بنِ الأَوْسِ الأَوْسِيُّ.
اسْتُشْهِدَ -رَضِيَ اللهُ عنه- يوم اليمامة.
__________
1 أخرجه البخاري "2655" معلقا بقوله: "وزاد عباد بن عبد
الله" أي ابن الزبير عن أبيه، عن عائشة.
قال الحافظ في "الفتح" "2/ 265": وصله أبو يعلى من طريق
محمد بن إسحاق، عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن
أبيه، عن عائشة: "تهجد النبي صلى الله عليه وسلم في بيتي
... " الحديث.
قلت: إسناد أبي يعلى ضعيف، آفته محمد بن إسحاق، فهو مدلس،
مشهور بتدليس، وقد عنعنه.
2 صحيح: أخرجه البخاري "4330"، ومسلم "1061" من طريق عمرو
بن يحيى بن عمارة، عن عباد بن تميم، عن عبد الله بن زيد بن
مرفوعا في قصة.
(3/205)
أَمَّا عَبَّادُ بنُ بِشْرِ بنِ قَيْظِيٍّ
فَهُوَ أَنْصَارِيٌّ مِنْ بَنِي حَارِثَةَ أمَّ قَوْمَهُ
فِي عَهْدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- لَهُ حَدِيْثٌ فِي الاسْتِدَارَةِ فِي
الصَّلاَةِ إِلَى الكَعْبَةِ وَاللهُ أَعْلَمُ.
قَالَ عَبَّادُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ: مَا
سَمَّانِي أَبِي عَبَّاداً إلَّا بِهِ يَعْنِي
بِالأَشْهَلِيِّ وَمِنْ شِعْرِهِ:
صَرَخْتُ لَهُ فَلَمْ يَعْرِضْ لِصَوْتِي ... وَوَافَى
طَالِعاً مِنْ رَأْسِ جَذْرِ
فَعُدْتُ لَهُ فَقَالَ مَنِ المُنَادِي ... فَقُلْتُ أخوك
عباد بن بشر
وَهَذِي دِرْعُنَا رَهْناً فَخُذْهَا ... لِشَهْرٍ إِنْ
وَفَى أَوْ نِصْفِ شَهْرِ
فَقَالَ مَعَاشِرٌ سَغَبُوا وَجَاعُوا ... وَمَا عَدِمُوا
الغِنَى مِنْ غَيْرِ فَقْرِ
فَأَقْبَلَ نَحْوَنَا يَهْوِي سَرِيْعاً ... وَقَالَ لَنَا
لَقَدْ جِئْتُمْ لأَمْرِ
وَفِي أَيْمَانِنَا بِيْضٌ حِدَادٌ ... مُجَرَّبَةٌ بِهَا
الكُفَّارَ نَفْرِي
فَعَانَقَهُ ابْنُ مُسْلِمَةَ المُرَدِّي ... بِهِ
الكُفَّارَ كَاللَّيْثِ الهِزَبْرِ
وَشَدَّ بِسَيْفِهِ صَلْتاً عَلَيْهِ ... فَقَطَّرَهُ
أَبُو عَبْسِ بنُ جَبْرِ
وَكَانَ اللهُ سَادِسَنَا فَأُبْنَا ... بِأَنْعَمِ
نِعْمَةٍ وَأَعَزِّ نَصْرِ
لِعَبَّادٍ حَدِيْثٌ وَاحِدٌ مَرَّ وَهُوَ لابْنِ
إِسْحَاقَ، عَنْ حُصَيْنِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
الأَنْصَارِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ ثَابِتِ بنِ
الصَّامِتِ، عَنْ عَبَّادِ بنِ بِشْرٍ أَنَّ رَسُوْلَ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "يَا
مَعْشَرَ الأَنْصَارِ! أَنْتُمُ الشِّعَارُ وَالنَّاسُ
الدِّثَارُ فَلاَ أُوْتَيَنَّ مِنْ قِبَلِكُم" 1.
__________
1 صحيح: سبق تخريجنا له في التعليق السابق برقم "490".
(3/206)
79- أسيد بن
الحضير 1:
ابن سماك بن عتيك بن نَافِعِ بنِ امْرِئِ القَيْسِ بنِ
زَيْدِ بنِ عبد الأشهل.
الإِمَامُ أَبُو يَحْيَى -وَقِيْلَ: أَبُو عَتِيْكٍ-
الأَنْصَارِيُّ الأَوْسِيُّ الأَشْهَلِيُّ.
أَحَدُ النُّقَبَاءِ الاثْنَيْ عَشَرَ لَيْلَةَ العَقَبَةِ
أَسْلَمَ قَدِيْماً وَقَالَ: مَا شَهِدَ بَدْراً وكان أبوه
شريفًا
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 603-607"، وتاريخ البخاري
الكبير "1/ ق2/ 47"، والجرح والتعديل "1/ ق1/ 310"، وتهذيب
التهذيب "1/ 347"، والإصابة "1/ ترجمة 185".
(3/206)
مُطَاعاً، يُدْعَى: حُضَيْرُ الكَتَائِبِ،
وَكَانَ رَئِيْسَ الأَوْسِ يَوْمَ بُعَاثٍ1 فَقُتِلَ
يَوْمَئِذٍ قَبْلَ عَامِ الهِجْرَةِ بِسِتِّ سِنِيْنَ
وَكَانَ أُسَيْدٌ يُعَدُّ مِنْ عُقَلاَءِ الأَشْرَافِ
وَذَوِي الرَّأْيِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: آخَى النَّبِيُّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَيْدِ بنِ
حَارِثَةَ وَلَهُ رِوَايَةُ أَحَادِيْثَ رَوَتْ عَنْهُ
عَائِشَةُ وَكَعْبُ بنُ مَالِكٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
أَبِي لَيْلَى وَلَمْ يَلْقَهُ.
وَذَكَرَ الوَاقِدِيُّ: أَنَّهُ قَدِمَ الجَابِيَةَ مَعَ
عُمَرَ وَكَانَ مُقَدَّماً عَلَى رُبُعِ الأَنْصَارِ
وَأَنَّهُ مِمَّنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدِ مُصْعَبِ بنِ
عُمَيْرٍ هُوَ وَسَعْدُ بنُ مُعَاذٍ.
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نعم الرَّجُلُ أَبُو بَكْرٍ،
نِعْمَ الرَّجُلُ عُمَرُ نِعْمَ الرَّجُلُ أُسَيْدُ بنُ
حُضَيْرٍ" أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَإِسْنَادُهُ
جَيِّدٌ.
وَرُوِيَ: أَنَّ أُسَيْداً كَانَ مِنْ أَحْسَنِ الناس
صوتًا بالقرآن.
ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ يَحْيَى بنِ عَبَّادِ بنِ عَبْدِ
اللهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: ثَلاَثَةٌ مِنَ
الأَنْصَارِ مِنْ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ لَمْ يَكُنْ
أَحَدٌ يَعْتَدُّ عَلَيْهِم فَضْلاً بَعْدَ رَسُوْلِ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: سعد بن معاذ
وَأُسَيْدُ بنُ حُضَيْرٍ وَعَبَّادُ بنُ بِشْرٍ -رَضِيَ
اللهُ عَنْهُم.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: أُسَيْدُ بنُ حُضَيْرٍ نَقِيْبٌ
لَمْ يَشْهَدْ بَدْراً يُكْنَى أَبَا يَحْيَى وَيُقَالُ:
كَانَ فِي أُسَيْدٍ مِزَاحٌ وَطِيْبُ أَخْلاَقٍ.
رَوَى حُصَيْنٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي
لَيْلَى، عَنْ أُسَيْدِ بنِ حُضَيْرٍ وَكَانَ فِيْهِ
مِزَاحٌ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَطَعَنَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِعُوْدٍ كَانَ مَعَهُ
فَقَالَ: أَصْبِرْنِي فَقَالَ: "اصْطَبِرْ" قَالَ: إِنَّ
عَلَيْكَ قَمِيْصاً وَلَيْسَ عَلَيَّ قَمِيْصٌ قَالَ:
فَكَشَفَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
قَمِيْصَهُ قَالَ: فَجَعَلَ يُقَبِّلُ كَشْحَهُ ويقول:
إنما أردت هذا يا رسول الله.
أَبُو صَالِحٍ كَاتِبُ اللَّيْثِ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ
عَبْدِ اللهِ بنِ سَالِمٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ
عُمَرَ قَالَ: لَمَّا هَلَكَ أُسَيْدُ بنُ الحُضَيْرِ
وَقَامَ غُرَمَاؤُهُ بِمَالِهِم سَأَلَ عُمَرُ فِي كَمْ
يُؤَدَّى ثَمَرُهَا لِيُوْفَى مَا عَلَيْهِ مِنَ
الدَّيْنِ؟ فَقِيْلَ لَهُ: فِي أَرْبَعِ سِنِيْنَ فَقَالَ
لِغُرَمَائِهِ: مَا عَلَيْكُم أَنْ لاَ تُبَاعَ، قَالُوا:
احْتَكِمْ وَإِنَّمَا نَقْتَصُّ فِي أَرْبَعِ سِنِيْنَ
فَرَضُوا بِذَلِكَ فَأَقَرَّ المَالَ لَهُم قَالَ: وَلَمْ
يَكُنْ باع نخل أسيد أربع سنين من عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ
عَوْفٍ وَلَكِنَّهُ وَضَعَهُ عَلَى يدي عبد الرحمن
للغرماء2.
__________
1 بُعاث: بضم الياء، يوم مشهور كان فيه حرب بين الأوس
والخزرج، وبُعاث اسم حصن للأوس.
2 ضعيف: أبو صالح كاتب الليث، وهو عَبْدُ اللهِ بنُ
صَالِحِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مسلم الجهني، ضعيف؛ لسوء حفظه.
(3/207)
عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ،
عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: هَلَكَ أُسَيْدٌ وَتَرَكَ
عَلَيْهِ أَرْبَعَةَ آلاَفٍ وَكَانَتْ أَرْضُهُ تُغِلُّ
فِي العَامِ أَلْفاً فَأَرَادُوا بَيْعَهَا فَبَعَثَ
عُمَرُ إِلَى غُرَمَائِهِ هَلْ لَكُمْ أَنْ تَقْبِضُوا
كُلَّ عَامٍ أَلْفاً? قَالُوا: نَعَمْ1.
قَالَ يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ: مَاتَ أُسَيْدٌ سَنَةَ
عِشْرِيْنَ وَحَمَلَهُ عُمَرُ بَيْنَ العَمُوْدَيْنِ
عَمُوْدَيِ السَّرِيْرِ حَتَّى وَضَعَهُ بِالبَقِيْعِ2
ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهِ وَفِيْهَا أَرَّخَ مَوْتَهُ
الوَاقِدِيُّ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَجَمَاعَةٌ.
وَنَدِمَ عَلَى تَخَلُّفِهِ، عَنْ بَدْرٍ وَقَالَ:
ظَنَنْتُ أَنَّهَا العِيْرُ وَلَوْ ظَنَنْتُ أَنَّهُ
غَزْوٌ مَا تَخَلَّفْتُ3 وَقَدْ جُرِحَ يَوْمَ أُحُدٍ
سَبْعَ جراحات.
__________
1 ضعيف: أخرجه ابن سعد "3/ 606" والبخاري في "التاريخ
الصغير" "1/ 46"، وفي إسناده عبد اللهِ بنُ عُمَرَ بنِ
حَفْصِ بنِ عَاصِمِ، أبو عبد الرحمن العمري، ضعيف.
2 ضعيف: أخرجه الطبراني في "الكبير" "548" حدثنا أبو
الزنباع روح بن الفرج المصري، حدثنا يحيى بن بكير قال:
فذكره، وأورده الهيثمي في "المجمع" "9/ 310-311"، وقال:
"رواه الطبراني وروي عن الواقدي بعضه وإسنادهما منقطع".
قلت: إسناده ضعيف، لإعضاله، فيحيى بن عبد الله بن بكير من
كبار الطبقة العاشرة، وبينه وبين الصحابة مفاوز شاسعة
تنقطع دونها أعناق المطي، وأخرجه ابن سعد "3/ 2/ 137"،
وإسناده ضعيف جدا، فيه الواقدي، وهو متروك.
3 ضعيف جدا، أخرجه ابن سعد "3/ 605" وفيه الواقدي، وقد
علمت أنه متروك.
(3/208)
80- الطفيل بن عمرو الدَّوْسِيُّ 1:
صَاحِبُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
كَانَ سَيِّداً مُطَاعاً مِنْ أَشْرَافِ العَرَبِ وَدَوْسٌ
بَطْنٌ مِنَ الأَزْدِ وَكَانَ الطُّفَيْلُ يُلَقَّبُ ذَا
النُّوْرِ أَسْلَمَ قَبْلَ الهِجْرَةِ بِمَكَّةَ.
قَالَ هِشَامُ بنُ الكَلْبِيِّ: سُمِّيَ الطُّفَيْلُ بنُ
عَمْرِو بنِ طَرِيْفٍ ذَا النُّوْرِ؛ لأَنَّهُ قَالَ: يَا
رَسُوْلَ الله إن دوسا قد غلب عليهم الزنى فَادْعُ اللهَ
عَلَيْهِم قَالَ: "اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْساً" ثُمَّ قَالَ:
يَا رَسُوْلَ اللهِ ابْعَثْ بِي إِلَيْهِم وَاجْعَلْ لِي
آيَةً فَقَالَ: "اللَّهُمَّ نَوِّرْ له" 2 وذكر الحديث.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "4/ 237-240"، والجرح والتعديل
"2/ ق1/ 489"، وأسد الغابة "3/ 78"، والإصابة "2/ ترجمة
رقم 4254".
2 صحيح على شرط الشيخين: أخرجه البخاري "4392"، ومسلم
"2524"، وأحمد "2/ 243، 448" من طريق أَبِي الزِّنَادِ،
عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنهما-
قال: جاء الطفيل بن عمرو إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّ دوسا قد هلكت، عصت
وأبت، فادع الله عليهم. فقال: $"اللهم اهد دوسا وائت
بهما".
(3/208)
وَفِي "مَغَازِي يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ
الأُمَوِيِّ": حَدَّثَنَا الكَلْبِيُّ، عَنْ أَبِي
صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عن الطفيل الدوسي1.
وذَكَرَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عُثْمَانَ بنِ
الحُوَيْرِثِ، عَنْ صَالِحِ بنِ كَيْسَانَ أَنَّ
الطُّفَيْلَ بنَ عَمْرٍو قَالَ: كُنْتُ رَجُلاً شَاعِراً
سَيِّداً فِي قَوْمِي فَقَدِمْتُ مَكَّةَ فَمَشَيْتُ إِلَى
رِجَالاَتِ قُرَيْشٍ فَقَالُوا: إِنَّكَ امْرُؤٌ شَاعِرٌ
سَيِّدٌ وَإِنَّا قَدْ خَشِيْنَا أَنْ يَلْقَاكَ هَذَا
الرَّجُلُ فَيُصِيْبَكَ بِبَعْضِ حَدِيْثِهِ فَإِنَّمَا
حَدِيْثُهُ كَالسِّحْرِ فَاحْذَرْهُ أَنْ يُدْخِلَ
عَلَيْكَ وَعَلَى قَوْمِكَ مَا أَدْخَلَ عَلَيْنَا
فَإِنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ المَرْءِ وَأَخِيْهِ وَبَيْنَ
المَرْءِ وَزَوْجَتِهِ وَبَيْنَ المَرْءِ وَابْنِهِ
فَوَاللهِ مَا زَالُوا يُحَدِّثُوْنِي شَأْنَهُ
وَيَنْهَوْنِي أَنْ أَسْمَعَ مِنْهُ حَتَّى قُلْتُ:
وَاللهِ لاَ أَدْخُلُ المَسْجِدَ إلَّا وَأَنَا سَادٌّ
أُذُنَيَّ قَالَ: فَعَمَدْتُ إِلَى أُذُنَيَّ
فَحَشَوْتُهَا كُرْسُفاً ثُمَّ غَدَوْتُ إِلَى المَسْجِدِ
فَإِذَا بِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- قَائِماً فِي المَسْجِدِ فَقُمْتُ قَرِيْباً
مِنْهُ وَأَبَى اللهُ إلَّا أَنْ يُسْمِعَنِي بَعْضَ
قَوْلِه فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: وَاللهِ إِنَّ هَذَا
لَلْعَجْزُ وَإِنِّي امْرُؤٌ ثَبْتٌ مَا تَخْفَى عَلَيَّ
الأُمُوْرُ حَسَنُهَا وَقَبِيْحُهَا وَاللهِ
لأَتَسَمَّعَنَّ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ أَمْرُهُ رُشْداً
أَخَذْتُ مِنْهُ وَإِلاَّ اجْتَنَبْتُهُ فَنَزَعْتُ
الكُرْسُفَةَ فَلَمْ أَسْمَعْ قَطُّ كَلاَماً أَحْسَنَ
مِنْ كَلاَمٍ يَتَكَلَّمُ بِهِ فَقُلْتُ: يَا سُبْحَانَ
اللهِ! مَا سَمِعْتُ كَاليَوْمِ لَفْظاً أَحْسَنَ وَلاَ
أَجْمَلَ مِنْهُ فَلَمَّا انْصَرَفَ تَبِعْتُهُ فَدَخَلْتُ
مَعَهُ بَيْتَهُ فَقُلْتُ: يَا مُحَمَّدُ! إِنَّ قَوْمَكَ
جَاؤُوْنِي فَقَالُوا لِي كَذَا وَكَذَا فَأَخْبَرْتُهُ
بِمَا قَالُوا وَقَدْ أَبَى اللهُ إلَّا أَنْ أَسْمَعَنِي
مِنْكَ مَا تَقُوْلُ وَقَدْ وَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهُ
حَقٌّ فَاعْرِضْ عَلَيَّ دِيْنَكَ، فَعَرَضَ عَلَيَّ
الإِسْلاَمَ فَأَسْلَمْتُ ثُمَّ قُلْتُ: إِنِّي أَرْجِعُ
إِلَى دَوْسٍ وَأَنَا فِيْهِم مُطَاعٌ وَأَدْعُوْهُم إِلَى
الإِسْلاَمِ لَعَلَّ اللهَ أَنْ يَهْدِيَهِم فَادْعُ اللهَ
أَنْ يَجْعَلَ لِي آيَةً. قَالَ: $"اللَّهُمَّ اجْعَلْ
لَهُ آيَةً تُعِيْنُهُ" فَخَرَجْتُ حَتَّى أَشْرَفْتُ
عَلَى ثَنِيَّةِ قَوْمِي وَأَبِي هُنَاكَ شَيْخٌ كَبِيْرٌ
وَامْرَأَتِي وَوَلَدِي فَلَمَّا عَلَوْتُ الثَّنِيَّةِ
وَضَعَ اللهُ بَيْنَ عَيْنَيَّ نُوْراً كَالشِّهَابِ
يَتَرَاءاهُ الحَاضِرُ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ وَأَنَا
مُنْهَبِطٌ مِنَ الثَّنِيَّةِ فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ في غير
وجهي فَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يَظُنُّوا أَنَّهَا مُثْلَةٌ
لِفِرَاقِ دِيْنِهِم فَتَحَوَّلَ فَوَقَعَ فِي رَأْسِ
سَوْطِي فَلَقَدْ رَأَيْتُنِي أَسِيْرُ عَلَى بَعِيْرِي
إِلَيْهِم وَإِنَّهُ عَلَى رَأْسِ سَوْطِي كَأَنَّهُ
قِنْدِيْلٌ مُعَلَّقٌ قَالَ: فَأَتَانِي أَبِي فَقُلْتُ
إِلَيْكَ عَنِّي فَلَسْتُ مِنْكَ وَلَسْتَ مِنِّي قَالَ:
وَمَا ذَاكَ? قُلْتُ: إِنِّي أَسْلَمْتُ وَاتَّبَعْتُ
دِيْنَ مُحَمَّدٍ فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ! دِيْنِي دِيْنُكَ
وَكَذَلِكَ أُمِّي فَأَسْلَمَا ثُمَّ دَعَوْتُ دَوْساً
إِلَى الإِسْلاَمِ فَأَبَتْ عَلَيَّ وَتَعَاصَتْ ثُمَّ
قَدِمْتُ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- فَقُلْتُ: غَلَبَ عَلَى دَوْسٍ الزِّنَى
وَالرِّبَا فَادْعُ عَلَيْهِم فَقَالَ: "اللَّهُمَّ اهْدِ
دَوْساً" ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَيْهِم، وَهَاجَرَ رَسُوْلُ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- فأقمت بين ظهرانيهم
أدعوهم إلى الإسلام، حتى
__________
1 ضعيف جدا: في إسناده محمد بن السائب الكلبي، متروك. وفيه
أبو صالح باذام، مولى أم هانئ ضعيف مدلس، وقد عنعنه.
(3/209)
اسْتَجَابَ مِنْهُم مَنِ اسْتجَابَ
وَسَبَقَتْنِي بَدْرٌ وَأُحُدٌ وَالخَنْدَقُ ثُمَّ
قَدِمْتُ بِثَمَانِيْنَ أَوْ تِسْعِيْنَ أَهْلِ بَيْتٍ
مِنْ دَوْسٍ فَكُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى فَتَحَ مَكَّةَ فَقُلْتُ: يَا
رَسُوْلَ! اللهِ ابْعَثْنِي إِلَى ذِي الكَّفَيْنِ صَنَمِ
عَمْرِو بنِ حُمَمَةَ حَتَّى أُحْرِقَهُ قَالَ: "أَجَلْ
فَاخْرُجْ إِلَيْهِ" فَأَتَيْتُ فَجَعَلَتُ أُوْقِدُ
عَلَيْهِ النَّارَ ثُمَّ قَدِمْتُ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَقَمْتُ مَعَهُ
حَتَّى قُبِضَ ثُمَّ خَرَجَتْ إِلَى بَعْثِ مُسَيْلِمَةَ
وَمَعِي ابْنَيْ عَمْرٍو حَتَّى إِذَا كُنْتُ بِبَعْضِ
الطَّرِيْقِ رَأَيْتُ رُؤْيَا رَأَيْتُ كَأَنَّ رَأْسِي
حُلِقَ وَخَرَجَ مِنْ فَمِي طَائِرٌ وَكَأَنَّ امْرَأَةً
أَدْخَلَتْنِي فِي فَرْجِهَا وَكَأَنَّ ابْنِي يَطْلُبُنِي
طَلَباً حَثِيْثاً فَحِيْلَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ
فَحَدَّثْتُ بِهَا قَوْمِي فَقَالُوا خَيْراً فَقُلْتُ:
أَمَّا أَنَا فَقَدْ أَوَّلْتُهَا أَمَّا حَلْقُ رَأْسِي
فَقَطْعُهُ وَأَمَّا الطَّائِرُ فَرُوْحِي وَالمَرْأَةُ
الأَرْضُ أُدْفَنُ فِيْهَا فَقَدْ رُوِّعْتُ أَنْ أُقْتَلَ
شَهِيْداً وَأَمَّا طَلَبُ ابْنِي إِيَّايَ فَمَا أَرَاهُ
إلَّا سَيُعْذَرُ فِي طَلَبِ الشَّهَادَةِ وَلاَ أَرَاهُ
يَلْحَقُ فِي سَفَرِهِ هَذَا. قَالَ: فَقُتِلَ الطُّفَيْلُ
يَوْمَ اليَمَامَةِ وَجُرِحَ ابْنُهُ ثُمَّ قُتِلَ يَوْمَ
اليَرْمُوْكِ بَعْدُ.
قُلْتُ: وَقَدْ عُدَّ وَلَدُهُ عَمْرٌو فِي الصَّحَابَةِ
وَكَذَا أَبُوْهُ يَنْبَغِي أَنْ يُعَدَّ فِي الصَّحَابَةِ
فَقَدْ أَسْلَمَ فِيْمَا ذَكَرْنَا لَكِنْ مَا بَلَغَنَا
أَنَّهُ هَاجَرَ وَلاَ رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ
عليه وسلم.
(3/210)
81- بِلاَلُ بنُ رَبَاحٍ 1 "ع":
مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ. وَأُمُّهُ: حَمَامَةُ.
وَهُوَ مُؤَذِّنُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- مِنَ السَّابِقِيْنَ الأَوَّلِيْنَ الَّذِيْنَ
عُذِّبُوا فِي اللهِ شَهِدَ بَدْراً وَشَهِدَ لَهُ
النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى
التَّعْيِيْنِ بِالجَنَّةِ وَحَدِيْثُهُ فِي الكُتُبِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو عُثْمَانَ
النَّهْدِيُّ وَالأَسْوَدُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي
لَيْلَى وَجَمَاعَةٌ وَمَنَاقِبُهُ جَمَّةٌ اسْتَوْفَاهَا
الحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ وَعَاشَ بِضْعاً وَسِتِّيْنَ
سَنَةً يُقَالُ: إِنَّهُ حَبَشِيٌّ وَقِيْلَ: مِنْ
مُوَلَّدِي الحِجَازِ.
وَفِي وَفَاتِهِ أَقْوَالٌ: أَحَدُهَا بِدَارَيَّا فِي
سَنَةِ عِشْرِيْنَ.
عَاصِمٌ، عَنْ زَرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ أَوَّلُ مَنْ
أَظْهَرَ إِسْلاَمَهُ سَبْعَةٌ: رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبُو بَكْرٍ وَعَمَّارٌ
وَأُمُّهُ سُمَيَّةُ وَبِلاَلٌ وَصُهَيْبٌ وَالمِقْدَادُ.
فَأَمَّا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
وَأَبُو بَكْرٍ فَمَنَعَهُمَا اللهُ بِقَوْمِهِمَا
وَأَمَّا سَائِرُهُمْ فَأَخَذَهُمُ المُشْرِكُوْنَ
فألبسوهم أدراع الحديد وصهروهم في
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 232-239" و"7/ 385-386"،
وتاريخ البخاري الكبير "1/ ق2/ 106"، وتاريخه الصغير "30"،
والجرح والتعديل "1/ ق1/ 395"، وحلية الأولياء "1/
147-151"، وتهذيب التهذيب "1/ 502-503"، والإصابة "1/
ترجمة 736".
(3/210)
الشَّمْسِ، فَمَا مِنْهُم أَحَدٌ إلَّا
وَأَتَاهُمْ عَلَى مَا أَرَادُوا إلَّا بِلاَلٌ فَإِنَّهُ
هَانَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ فِي اللهِ وَهَانَ عَلَى
قَوْمِهِ فَأَعْطَوْهُ الوِلْدَانَ فَجَعَلُوا
يَطُوْفُوْنَ بِهِ فِي شِعَابِ مَكَّةَ وَهُوَ يَقُوْلُ:
أَحَدٌ أَحَدٌ1. وَلَهُ إِسْنَادٌ آخَرُ صَحِيْحٌ.
أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِبِلاَلٍ عِنْدَ صَلاَةِ الصُّبْحِ:
"حَدِّثْنِي بِأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ فِي الإِسْلاَمِ
فَإِنِّي قَدْ سَمِعْتُ اللَّيْلَةَ خشفَةَ نَعْلَيْكَ
بَيْنَ يَدَيَّ فِي الجَنَّةِ" قَالَ: مَا عَمِلْتُ
عَمَلاً أَرْجَى مِنْ أَنِّي لَمْ أَتَطَهَّرْ طُهُوْراً
تَامّاً فِي سَاعَةٍ مِنْ لَيْلٍ وَلاَ نَهَارٍ إلَّا
صَلَّيْتُ لِرَبِّي مَا كُتِبَ لِي أَنْ أُصَلِّي2.
حُسَيْنُ بنُ وَاقِدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ بُرَيْدَةَ
سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: أَصْبَحَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَدَعَا بِلاَلاً فَقَالَ:
"بِمَ سَبَقْتَنِي إِلَى الجَنَّةِ? مَا دَخَلْتُ
الجَنَّةَ قَطُّ إلَّا سَمِعْتُ خَشْخَشَتَكَ أَمَامِي
إِنِّي دَخَلْتُ الجَنَّةَ البَارِحَةَ فَسَمِعْتُ
خَشْخَشَتَكَ أَمَامِي وَأَتَيْتُ عَلَى قَصْرٍ مِنْ
ذَهَبٍ فَقُلْتُ لِمَنْ هَذَا? قَالُوا: لِعُمَرَ" فَقَالَ
بِلاَلٌ مَا أَذَّنْتُ قَطُّ إلَّا صَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ
وَمَا أَصَابَنِي حَدَثٌ إلَّا تَوَضَّأْتُ وَرَأَيْتُ
أَنَّ لِلِّهِ علي ركعتين أركعهما، فقال: "بها" 3.
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ
مَرْفُوْعاً: "دَخَلْتُ الجَنَّةَ فَسَمِعْتُ خشفَةً
فَقُلْتُ مَا هذه? قيل: بلال" 4.
__________
1 حسن: أخرجه أحمد "1/ 404"، وابن أبي شيبة "12/ 149"،
"14/ 313"، وابن ماجه "150"، وأبو نعيم في "الحلية" "1/
149، 172"، وابن عبد البر في "الاستيعاب" "1/ 141" من طريق
يحيى بن بكير، حدثنا زائدة، عن عاصم بن أبي النجود، عن زر،
به.
قلت: إسناده حسن، عاصم بن أبي النجود، قال الحافظ في
"التقريب" صدوق. وزر هو ابن حبيش. وعبد الله هو ابن مسعود.
2 صحيح: أخرجه البخاري "1149"، ومسلم "2458"، والنسائي في
"الفضائل" "132"، والبغوي "1011" من طرق عن أبي أسامة، عن
أبي حيان، عن أبي زرعة، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ
اللهُ عَنْهُ- أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ لبلال عند صلاة الفجر: "يا بلال حدثني
بأرجي عمل عملته في الإسلام ... " الحديث.
3 صحيح: أخرجه أحمد "5/ 354، 360"، وفي "الفضائل" "713"،
والترمذي "3689"، والبغوي "1012" من طريق الحسين بن واقد
حدثني ابن بريدة، عن أبيه مرفوعا.
4 صحيح على شرط الشيخين: أخرجه أحمد "3/ 372، 389-390"،
والبخاري "3679"، ومسلم "3457"، والنسائي في "الفضائل"
"131"، والبغوي "3950" من طرق عن عبد العزيز بن أبي سلمة،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ المُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ
قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: فذكره.
(3/211)
عمارة بن زاذان: عَنْ ثَابِتٌ، عَنْ
أَنَسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم
قال: "السُّبَّاقُ أَرْبَعَةٌ: أَنَا سَابِقُ العَرَبِ
وَسَلْمَانُ سَابِقُ الفُرْسِ وَبِلاَلٌ سَابِقُ
الحَبَشَةِ وَصُهَيْبٌ سَابِقُ الرُّوْمِ"1.
المَسْعُوْدِيُّ، عَنِ القَاسِمِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
قَالَ: أول من أذن بلال2 بن المنكدر، عن جبر قَالَ عُمَرُ:
أَبُو بَكْرٍ سَيِّدُنَا أَعْتَقَ بِلاَلاً سَيِّدَنَا3.
عُمَرُ بنُ حَمْزَةَ، عَنْ سَالِمٍ أَنَّ شَاعِراً مَدَحَ
بِلاَلَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ فَقَالَ:
وَبِلاَلٌ عَبْدُ اللهِ خَيْرُ بِلاَلِ
فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: كَذَبْتَ بَلْ وَبِلاَلُ رَسُوْلِ
الله خير بلال.
وَفِي حَدِيْثِ عَمْرِو بنِ عَبَسَةَ، فَقُلْتُ: مَنِ
اتَّبَعَكَ قَالَ: "حُرٌّ وَعَبْدٌ" فَإِذَا مَعَهُ أَبُو
بَكْرٍ وَبِلاَلٌ4.
وَفِي كُنْيَةِ بِلاَلٍ ثَلاَثَةُ أَقْوَالٍ: أَبُو عَبْدِ
الكَرِيْمِ وَأَبُو عَبْدِ اللهِ وَأَبُو عمرو نقلها
الحافظ أبو القاسم.
وَقَالَ: حَدَّثَ عَنْهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ
وَأُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ وَابْنُ عُمَرَ وَكَعْبُ بنُ
عُجْرَةَ وَالصُّنَابِحِيُّ وَالأَسْوَدُ وَأَبُو
إِدْرِيْسَ الخَوْلاَنِيُّ وَسَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ
وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَالحَكَمُ بنُ مِيْنَا وَأَبُو
عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ.
قَالَ أَيُّوْبُ بنُ سَيَّارٍ أَحَدُ التَّلْفَى: عَنْ
مُحَمَّدِ بنِ المُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي
بَكْرٍ، عَنْ بِلاَلٍ قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَصْبِحُوا بالصبح، فإنه
أعظم للأجر" 5.
__________
1 ضعيف: أخرجه الحاكم "3/ 285"، وأبو نعيم في "الحلية" 1/
149، 185" من طريق أبي حذيفة حدثنا عمار بن زاذان، به،
وقال الحاكم: تفرد به عمارة بن زاذان عن ثابت. ولم يتعرض
له الذهبي.
قلت: إسناده ضعيف، آفته عمارة بن زاذان، قال البخاري: ربما
يضطرب في حديثه: "وقال أحمد: له مناكير. وَقَالَ أَبُو
حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيْثُهُ وَلاَ يُحْتَجُّ به. وقال
الدارقطني: ضعيف. وقال أبو داود: ليس بذلك.
2 ضعيف: أخرجه ابن سعد "3/ 234". وفي إسناده المسعودي، وهو
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُتْبَةَ بن
مَسْعُوْدٍ الكوفي المسعودي، اختلط قبل موته. وهو مرسل.
3 صحيح: أخرجه البخاري "3754" من طريق محمد بن المنكدر،
به.
4 صحيح: أخرجه مسلم "832" من حديث عمرو بن عبسة في جزء من
حديث طويل.
5 صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة "1/ 321"، وأحمد "4/ 142"،
والنسائي "1/ 272"، والطبراني "4285، 4289، 4291"، من طرق
عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد، عن رافع بن
خديج مرفوعا.=
(3/212)
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: بِلاَلُ بنُ
عَبْدِ اللهِ مِنْ مُوَلَّدِي السَّرَاةِ كَانَتْ أُمُّهُ
حَمَامَةُ لِبَنِي جُمَحٍ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ: بِلاَلٌ أَخُو خَالِدٍ وَغُفْرَةَ
مُؤَذِّنُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
مات بالشام وذكر الكنى الثلاثة.
قَالَ عَطَاءٌ الخُرَاسَانِيُّ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ
المُسَيِّبِ فَذَكَرَ بِلاَلاً فَقَالَ: كَانَ شَحِيْحاً
عَلَى دِيْنِهِ وَكَانَ يُعَذَّبُ فِي اللهِ فَلَقِيَ
النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ:
"لَوْ كَانَ عِنْدَنَا شَيْءٌ ابْتَعْنَا بِلاَلاً"
فَلَقِيَ أَبُو بَكْرٍ العَبَّاسَ فَقَالَ اشْتَرِ لِي
بِلاَلاً فَاشْتَرَاهُ العَبَّاسُ وَبَعَثَ بِهِ إِلَى
أَبِي بَكْرٍ فَأَعْتَقَهُ.
مُحَمَّدُ بنُ خَالِدٍ الطَّحَّانُ: أَنْبَأَنَا أَبِي،
عَنْ دَاوُدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: كَانَ مَوَالِي
بِلاَلٍ يُضْجِعُوْنَهُ عَلَى بَطْنِهِ وَيَعْصِرُوْنَهُ
وَيَقُوْلُوْنَ: دِيْنُكَ اللاَّتُ وَالعُزَّى فَيَقُوْلُ:
رَبِّيَ اللهُ أَحَدٌ أَحَدٌ وَلَوْ أَعْلَمُ كَلِمَةً
أَحْفَظُ لَكُم مِنْهَا لَقُلْتُهَا! فَمَرَّ أَبُو بَكْرٍ
بِهِم فَقَالُوا: اشْتَرِ أَخَاكَ فِي دِيْنِكَ
فَاشْتَرَاهُ بِأَرْبَعِيْنَ أُوْقِيَّةً فَأَعْتَقَهُ
فَقَالُوا: لَوْ أَبَى إلَّا أُوْقِيَّةً لَبِعْنَاهُ
فَقَالَ: وَأُقْسِمُ بِاللهِ لَوْ أَبَيْتُم إلَّا بِكَذَا
وَكَذَا -لِشَيْءٍ كَثِيْرٍ- لاَشْتَرَيْتُهُ.
وَفِي السِّيْرَةِ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ اشْتَرَاهُ
بِعَبْدٍ أَسْوَدَ مُشْرِكٍ مِنْ أُمَيَّةَ بنِ خَلَفٍ.
هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: مَرَّ
وَرَقَةُ بنُ نَوْفَلٍ بِبِلاَلٍ وَهُوَ يُعَذَّبُ عَلَى
الإِسْلاَمِ يُلْصَقُ ظَهْرُهُ بِالرَّمْضَاءِ وَهُوَ
يَقُوْلُ: أَحَدٌ أَحَدٌ فَقَالَ: يَا بِلاَلُ صَبْراً
وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَئِنْ قَتَلْتُمُوْهُ
لأَتَّخِذَنَّهُ حَنَاناً.
هَذَا مُرْسَلٌ وَلَمْ يَعِشْ وَرَقَةُ إِلَى ذَلِكَ
الوَقْتِ.
هِشَامٌ، عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ أَنَّ بِلاَلاً لَمَّا
ظَهَرَ مَوَالِيْهِ عَلَى إسلامه مطوه في الشَّمْسِ
وَعَذَّبُوْهُ وَجَعَلُوا يَقُوْلُوْنَ: إِلَهُكَ اللاَّتُ
وَالعُزَّى وَهُوَ يَقُوْلُ: أَحَدٌ أَحَدٌ فَبَلَغَ أَبَا
بَكْرٍ فَأَتَاهُمْ فَقَالَ: عَلاَمَ تَقْتُلُوْنَهُ?
فَإِنَّهُ غَيْرُ مُطِيْعِكُمْ قَالُوا: اشْتَرِهِ
فَاشْتَرَاهُ بِسَبْعِ أَوَاقٍ فَأَعْتَقَهُ.
وَأَخْبَرَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "الشّركَةَ يا أبا بكر" قال: قد
أعتقته.
__________
= وأخرجه الطحاوي "1/ 179"، والطبراني "4292" من طريق
شعبة، عن أبي داود، عن زيد بن أسلم، عن محمود بن لبيد، به،
وأخرجه أحمد "4/ 143" عن أسباط بن محمد، عَنْ هِشَامِ بنِ
سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، عن محمود بن لبيد، عَنْ
بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وسلم، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وأخرجه الطحاوي "1/ 179" من طريق الليث، عَنْ هِشَامِ بنِ
سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، عن عاصم بن عمر، عن
رجال من قومه من الأنصار مِنْ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ النبي صلى الله
عليه وسلم، به، وأخرجه أحمد "5/ 429" عن إسحاق بن عيسى،
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، عَنْ
أبيه، عن محمود بن لبيد، عَنْ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، به.
(3/213)
ابْنُ عُيَيْنَةَ:، عَنْ إِسْمَاعِيْلَ،
عَنْ قَيْسٍ قَالَ: اشْتَرَى أَبُو بَكْرٍ بِلاَلاً وَهُوَ
مَدْفُوْنٌ فِي الحِجَارَةِ بِخَمْسِ أَوَاقٍ ذَهَباً
فَقَالُوا: لَوْ أَبَيْتَ إلَّا أُوْقِيَّةً لَبِعْنَاكَهُ
قَالَ: لَوْ أَبَيْتُم إلَّا مئة أُوْقِيَّةٍ لأَخَذْتُهُ.
إِسْنَادُهُ قَوِيٌّ.
إِسْرَائِيْلُ، عَنِ المِقْدَامِ بنِ شُرَيْحٍ، عَنْ
أَبِيْهِ، عَنْ سَعْدٍ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُوْلِ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ- سِتَّةَ نَفَرٍ فَقَالَ
المُشْرِكُوْنَ: اطْرُدْ هَؤُلاَءِ عَنْكَ فَلاَ
يَجْتَرِؤُوْنَ عَلَيْنَا وَكُنْتُ أَنَا وَابْنُ
مَسْعُوْدٍ وَبِلاَلٌ وَرَجُلٌ مِنْ هُذَيْلٍ وَآخَرَانِ
فَأَنْزَلَ الله {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ
رَبَّهُم} [الأنعام: 52] الآية1.
ابْنُ عُلَيَّةَ: عَنْ يُوْنُسَ، عَنِ الحَسَنِ قَالَ
رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"بِلاَلٌ سَابِقُ الحَبَشَةِ"2.
قَالَتْ عَائِشَةُ: لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المَدِيْنَةَ وُعِكَ أَبُو
بَكْرٍ وَبِلاَلٌ فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ إِذَا أَخَذَتْهُ
الحمَّى يَقُوْلُ:
كُلُّ امرئٍ مُصَبَّحٌ فِي أَهْلِهِ ... وَالمَوْتُ
أَدْنَى مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ
وَكَانَ بِلاَلٌ إِذَا أَقْلَعَ عَنْهُ يَرْفَعُ
عَقِيْرَتَهُ وَيَقُوْلُ:
أَلاَ لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أبيتَنَّ لَيْلَةً ... بوادٍ
وَحَوْلِي إذخِر وَجَلِيْلُ
وَهَلْ أرِدَنْ يَوْماً مياهَ مَجَنة ... وَهَلْ
يَبْدُوَنَّ لِي شامةٌ وطَفيلُ
اللَّهُمَّ الْعَنْ عُتْبَةَ وَشَيْبَةَ وَأُمَيَّةَ بنَ
خَلَفٍ كَمَا أَخْرَجُوْنَا مِنْ أَرْضِنَا إِلَى أَرْضِ
الوَبَاءِ3.
الحَسَنُ بنُ صَالِحٍ: عَنْ أَبِي رَبِيْعَةَ، عَنِ
الحَسَنِ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اشْتَاقَتِ
الجَنَّةُ إِلَى ثَلاَثَةٍ عَلِيٍّ وعمار وبلال"4.
__________
1 صحيح: أخرجه مسلم "2413" "46" من طريق إسرائيل، عن
المقدام بن شريح، به.
2 ضعيف: سبق تخريجنا له منذ قريب بتعليقنا رقم "506".
3 صحيح: أخرجه البخاري "1889، 3926" من حديث عائشة.
4 ضعيف: أخرجه الترمذي "3797"، والحاكم "3/ 137" من طريق
أبي ربعية الإيادي، عَنِ الحَسَنِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "إن
الجنة لتشتاق إلى ثلاثة: علي، وعمار، وسلمان" وقال
الترمذي: هذا حديث حسن غريب، وقال الحاكم: صحيح "الإسناد
"! " ووافقه الذهبي في "التلخيص" "! ".
قلت: بل إسناده ضعيف جدا، فيه علتان: أبو ربيعة الإيادي،
هو عمرو بن ربيعة. قال أبو حاتم: منكر الحديث. الثانية:
الحسن هو ابن أبي الحسن البصري، مدلس، مشهور بتدليسه،
وكثير الإرسال، وقد عنعنه.=
(3/214)
أَبُو رَبِيْعَةَ عُمَرُ بنُ رَبِيْعَةَ
الإِيَادِيُّ ضَعِيْفٌ.
حُسَامُ بنُ مِصَك، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ القَاسِمِ بنِ
رَبِيْعَةَ، عَنْ زَيْدِ بنِ أَرْقَمَ يَرْفَعُهُ: "نِعْمَ
المرءُ بلالٌ سَيِّدُ المُؤَذِّنِيْنَ يَوْمَ القِيَامَةِ
وَالمُؤَذِّنُوْنَ أَطْوَلُ النَّاسِ أَعْنَاقاً يَوْمَ
القِيَامَةِ"1.
وَلَهُ طُرُقٌ أخَرُ ضَعِيْفَةٌ. وَيُرْوَى بِإِسْنَادٍ
واهٍ مِنْ مَرَاسِيْلِ كَثِيْرِ بنِ مرَّة: "يُؤْتَى
بِلاَلٌ بِنَاقَةٍ من نوق الجنة فيركبها".
بن المُبَارَكِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ يَزِيْدَ بنِ
جَابِرٍ قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: "سَادَةُ السُّوْدَانِ: لُقْمَانُ
وَالنَّجَاشِيُّ وَبِلاَلٌ وَمِهْجَعٌ"2.
__________
= وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" "1/ 190" من طريق جعفر بن
محمد بن عيسى، حدثنا محمد بن حميد، حدثنا إبراهيم بن
المختار، حدثنا عمران بن وهب الطائي، عَنْ أَنَسِ بنِ
مَالِكٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "اشتاقت
الجنة إلى أربعة، علي، والمقداد، وعمار، وسلمان".
قلت: إسناده ضعيف، فيه ثلاث علل: الأولى: جهالة جعفر بن
محمد بن عيسى ذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" "1/
ق1/ 488" ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. الثانية: إبراهيم
بن المختار، هو الرازي، أبو إسماعيل، قال ابن معين: ليس
بذاك. وقال البخاري: فيه نظر. وقال أبو غسان زنيج: تركته.
الثالثة: عمران بن وهب الطائي. ضعفه أبو حاتم.
1 ضعيف: أخرجه أبو نعيم في "الحلية" "1/ 147" والحاكم "3/
285"، وابن عدي "2/ 434" من طريق حسام بن مصك، عن قتادة،
عن القاسم بن ربيعة، عن زيد بن أرقم -رضي الله عنه- قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره، وقال الحاكم
تفرد به حسام بن مصك، ولم يتعرض له الذهبي.
قلت: إسناده ضعيف. آفته حسام بن مصك، أبو سهل الأزدي
البصري. قال ابن معين: ليس بشيء. وقال الدارقطني: متروك.
وقال النسائي: ضعيف.
لكن فقرة: "والمؤذنون أطل الناس أعناقا يوم القيامة" صحيحه
أخرجها مسلم "387" من طريق عبدة، عن طلحة بن يحيى، عن عمه،
قال: كنت عند معاوية بن أبي سفيان فجاءه المؤذن يدعوه إلى
الصلاة.
فقال معاوية: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
فذكره. وأخرجه مسلم "387" من طريق سفيان، عن طلحة بن يحيى،
عن عيسى بن طلحة، قال: سمعت معاوية يقول: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: فذكره.
2 ضعيف: أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" "10/ 1/ 330" من
طريق أحمد بن شبويه، أخبرنا سليمان بن صالح، حدثني عبد
الله، يعني ابن المبارك، به.
قلت: إسناده ضعيف، فيه علتان الأولى: أرسله عبد الرحمن بن
يزيد بن جابر.
والثانية: جهالة أحمد بن شبويه، كما قال الحافظ في
"اللسان".
وورد بلفظ: "خير السودان ثلاثة: لقمان، وبلال، ومهجع مولى
رسول الله صلى الله عليه وسلم" أخرجه الحاكم "3/ 284" من
طريق إسماعيل بن محمد بن الفضل الشعراني، حدثنا جدي، حدثنا
الحاكم، عن الهقل بن زياد، عن الأوزاعي، حدثني أبو عمار،
عن واثلة بن الأسقع به مرفوعا.
وقال الحاكم: صحيح الإسناد. ورده الذهبي بقول: "كذا قال:
مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أعرف ذا".
قلت: أنى له الصحة، وفيه مع جهالة مهجع، انقطاع بين
اسماعيل بن محمد بن الفضل وجده الفضل.
كما أن الفضل الشعراني، أورده ابن أبي حاتم في "الجرح
والتعديل" "3/ 2/ 69"، وقال: "كتبت عنه بالري، وتكلموا
فيه". وإسماعيل بن الفضل الشعراني لم يوثقه أحد أضف إلى
ذلك نكارة متنه، والله تعالى أعلى وأعلم.
(3/215)
رَوَاهُ مُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ، عَنِ
الأَوْزَاعِيِّ مُعْضَلاً1.
هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: أَمَرَ
رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
بِلاَلاً وَقْتَ الفَتْحِ فَأَذَّنَ فَوْقَ الكَعْبَةِ2.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي
أُوَيْسٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ سَعْدِ بنِ
عَمَّارٍ المُؤَذِّنُ، حَدَّثَنِي ابْنُ عَمِّي عَبْدُ
اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ وَعَمَّارُ بنُ حَفْصٍ وَأَخُوْهُ
عُمَرُ، عَنْ آبَائِهِم، عَنْ أَجْدَادِهِم أَنَّ
النَّجَاشِيَّ بَعَثَ بِثَلاَثِ عَنْزَاتٍ إِلَى رَسُوْلِ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَعْطَى
عَلِيّاً وَاحِدَةً وَعُمَرَ وَاحِدَةً وَأَمْسَكَ
وَاحِدَةً فَكَانَ بِلاَلٌ يَمْشِي بِهَا بَيْنَ يَدَيْهِ
فِي العِيْدَيْنِ حَتَّى يَأْتِيَ المُصَلَّى
فَيَرْكِزُهَا بَيْنَ يَدَيْهِ فَيُصَلِّي إِلَيْهَا ثُمَّ
كَانَ يَمْشِي بِهَا بَيْنَ يَدَيْ أَبِي بَكْرٍ ثُمَّ
كَانَ سَعْدٌ القَرَظُ يَمْشِي بِهَا بَيْنَ يَدَيْ عُمَرَ
وَعُثْمَانَ.
قَالُوا: وَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَاءَ بِلاَلٌ يُرِيْدُ
الجِهَادَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ فَقَالَ لَهُ:
يَا خَلِيْفَةَ رَسُوْلِ اللهِ! إِنِّي سَمِعْتُ رَسُوْلَ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ
يَقُوْلُ: "أَفْضَلُ عَمَلِ المُؤْمِنِ الجِهَادُ فِي
سَبِيْلِ اللهِ" فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَمَا تَشَاءُ يَا
بِلاَلُ? قَالَ: أَرَدْتُ أَنْ أرابط في سبيل الله حتى
أموت.
__________
1 ضعيف: أخرجه ابن عساكر "10/ 1/ 330-331" من طريق أبي
صالح، عن معاوية، عن الأوزاعي قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "خير السودان أربعة: لقمان،
والنجاشي، وبلال، ومهجع".
قلت: إسناده ضعيف، لإعضاله، فالأوزاعي، واسمه عبد الرحمن
بن عمرو من أتباع التابعين، فبينه وَبَيْنَ رَسُوْلِ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اثنين أو ثلاثة.
ومن المعروف أن الحديث المعضل: هو ما سقط من إسناده راويان
فأكثر على التوالي بخلاف المنقطع، فإن الإسناد المنقطع ما
سقط من إسناده راوٍ فأكثر ليس على التوالي في موضع واحد في
السند، أو في عدة مواضع.
وفي إسناد الحديث أيضا أبو صالح، وهو عَبْدُ اللهِ بنُ
صَالِحِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مسلم الجهني، أبو صالح المصري،
كاتب الليث، فإنه ضعيف، لسوء حفظه، فهذه علة أخرى في
الحديث مع إعضاله.
2 ضعيف: أخرجه ابن سعد "3/ 234" من طريق عارم بن الفضل، عن
حماد بن زيد، عن أيوب، عن ابن أبي مليكة وغيره. وهو مرسل.
(3/216)
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنْشُدُكَ بِاللهِ
يَا بِلاَلُ! وَحُرْمَتِي وَحَقِّي فَقَدْ كَبِرْتُ
وَضَعُفْتُ وَاقْتَرَبَ أَجَلِي فَأَقَامَ مَعَهُ حَتَّى
تُوُفِّيَ ثُمَّ أَتَى عُمَرُ فرد عليه فأبى بلال فَقَالَ:
إِلَى مَنْ تَرَى أَنْ أَجْعَلَ النِّدَاءَ? قَالَ: إِلَى
سَعْدٍ فَقَدْ أذَّن لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَجَعَلَهُ عُمَرُ إِلَى سَعْدٍ
وعَقِبِه1.
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: عَنْ عَلِيِّ بنِ زَيْدٍ، عَنْ
سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ لَمَّا
قَعَدَ عَلَى المِنْبَرِ يَوْمَ الجُمُعَةِ قَالَ لَهُ
بِلاَلٌ: أَعْتَقْتَنِي لِلِّهِ أَوْ لِنَفْسِكَ? قَالَ:
لِلِّهِ قَالَ: فَائْذَنْ لِي فِي الغَزْوِ. فأَذِنَ لَهُ
فَذَهَبَ إِلَى الشَّامِ فَمَاتَ ثَمَّ2.
مُحَمَّدُ بنُ نَصْرٍ المَرْوَزِيُّ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ
بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ القُرَشِيُّ، حَدَّثَنَا
الوَلِيْدُ بنُ مُسلمٍ أَخْبَرَنِي سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ
العَزِيْزِ وَابْنُ جَابِرٍ وَغَيْرُهُمَا أَنَّ بِلاَلاً
لَمْ يُؤَذِّنْ لأَحَدٍ بَعْدَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَرَادَ الجِهَادَ
فَأَرَادَ أَبُو بَكْرٍ مَنْعَهُ فَقَالَ: إِنْ كُنْتَ
أَعْتَقْتَنِي لِلِّهِ فَخَلِّ سَبِيْلِي. قَالَ: فَكَانَ
بِالشَّامِ حَتَّى قَدِمَ عُمَرُ الجَابِيَةَ فَسَأَلَ
المُسْلِمُوْنَ عُمَرَ أَنْ يَسْأَلَ لَهُم بِلاَلاً
يُؤَذِّنُ لَهُم فَسَأَلَهُ فأَذَّن يَوْماً فَلَمْ يُرَ
يَوْماً كَانَ أَكْثَرَ بَاكِياً مِنْ يومئذٍ ذِكرًا
مِنْهُم لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ الوَلِيْدُ: فَنَحْنُ نَرَى أَنَّ أَذَانَ أَهْلِ
الشَّامِ، عَنْ أَذَانِهِ يَوْمَئِذٍ.
هِشَامُ بنُ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، عَنْ
أَبِيْهِ قَالَ: قَدِمْنَا الشَّامَ مَعَ عُمَرَ فَأَذَّنَ
بِلاَلٌ فَذَكَرَ النَّاسُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمْ أَرَ يَوْماً أَكْثَرَ
بَاكِياً مِنْهُ.
أَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ3: أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ
الفَيْضِ بِدِمَشْقَ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إبراهيم
بن
__________
1 ضعيف: أخرجه الطبراني في "الكبير" "1013، 1076" من طريق
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ سَعْدِ بنِ عَمَّارٍ المُؤَذِّنُ،
به.
وأورده الهيثمي في "المجمع" "5/ 274"، وقال: "وفيه عبد
الرحمن بن سعد بن عمار، وهو ضعيف".
2 ضعيف: أخرجه ابن سعد "3/ 237"، وفي الإسناد علتان:
الانقطاع بين سعيد بن المسيب وأبي بكر -رضي الله عنه- فإنه
لم يدركه. وعلي بن زيد هو ابن جدعان، ضعيف.
3 أبو أحمد الحاكم، وهو الإِمَامُ الحَافِظُ العَلاَّمَةُ
الثَّبْتُ، مُحَدِّثُ خُرَاسَانَ، مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ
بنِ أَحْمَدَ بنِ إِسْحَاقَ النَّيْسَابُوْرِيُّ
الكَرَابِيْسِيُّ، الحَاكِمُ الكَبِيْرُ، مُؤلِّفُ كِتَابِ
"الكُنَى" فِي عدة مجلدات. كان من بحور العلم. ذكره تلميذه
الحاكم ابن البيع -صاحب المستدرك- فَقَالَ: هُوَ إِمَامُ
عَصْرِهِ فِي هَذِهِ الصَّنْعَةِ، كَثِيْرُ التَّصنيفِ،
مُقَدَّمٌ فِي مَعْرِفَةِ شروطِ الصَّحِيْحِ وَالأَسَامِي
وَالكُنَى. طلبَ الحَدِيْثَ وَهُوَ ابْنُ نَيِّفٍ وعشرين
سنة.
وَقَالَ الحَاكِمُ أَيْضاً: كَانَ أَبُو أَحْمَدَ مِنَ
الصالحين الثابتين على سنن السلف، ومن المصنفين فِيمَا
نعتقدُهُ فِي أَهْلِ البَيْتِ وَالصَّحَابَةِ. قُلِّدَ
القَضَاءَ فِي أَمَاكنَ، وَصَنَّفَ عَلَى كتَابَي
الشَّيْخَيْنِ، وعلى جامع أبي عيسى. له ترجمة حافلة
بالمآثر السامقة في المنتظم "7/ 146"، وتذكرة الحفاظ "3/
976-979"، والعبر "3/ 9-10"، ومرآة الجنان "2/ 408"،
والنجوم الزاهرة "4/ 154"، وشذرات الذهب "3/ 93".
(3/217)
مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ بنِ أَبِي
الدَّرْدَاءِ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي سُلَيْمَانَ،
عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ:
لَمَّا دَخَلَ عُمَرُ الشَّامَ سَأَلَ بِلاَلٌ أَنْ
يُقِرَّه بِهِ فَفَعَلَ قَالَ: وَأَخِي أَبُو رُوَيْحَةَ
الَّذِي آخَى رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- بَيْنِي وَبَيْنَهُ فَنَزَلَ بداريَّا فِي
خَوْلاَنَ فَأَقْبَلَ هُوَ وَأَخُوْهُ إِلَى قَوْمٍ مِنْ
خَوْلاَنَ فَقَالُوا: إِنَّا قَدْ أَتَيْنَاكُم
خَاطِبِيْنَ وَقَدْ كُنَّا كَافِرِيْنَ فَهَدَانَا اللهُ
وَمَمْلُوْكِيْنَ فَأَعْتَقَنَا اللهُ وَفَقِيْرِيْنَ
فَأَغْنَانَا اللهُ فَإِنْ تُزَوِّجُوْنَا فَالحَمْدُ للهِ
وَإِن تَرُدُّوْنَا فَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إلَّا
بِاللهِ فَزَوَّجُوْهُمَا.
ثُمَّ إِنَّ بِلاَلاً رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي مَنَامِهِ وَهُوَ يَقُوْلُ: "مَا
هَذِهِ الجَفْوَةُ يَا بِلاَلُ? أَمَا آنَ لَكَ أَنْ
تَزُوْرَنِي"؟ فَانْتَبَهَ حَزِيْناً وَرَكِبَ رَاحِلَتَهُ
وَقَصَدَ المَدِيْنَةَ فَأَتَى قَبْرَ النَّبِيِّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَجَعَلَ يَبْكِي عِنْدَهُ
ويُمرِّغ وَجْهَهُ عَلَيْهِ فَأَقْبَلَ الحَسَنُ
وَالحُسَيْنُ فَجَعَلَ يَضُمُّهُمَا وَيُقَبِّلُهُمَا
فَقَالاَ لَهُ: يَا بِلاَلُ! نَشْتَهِي أَنْ نَسْمَعَ
أَذَانَكَ. فَفَعَلَ وَعَلاَ السَّطْحَ وَوَقَفَ فَلَمَّا
أَنْ قَالَ: الله أَكْبَرُ الله أَكْبَرُ ارْتَجَّتِ
المَدِيْنَةُ فَلَمَّا أَنْ قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لاَ
إِلَهَ إلَّا اللهَ ازْدَادَ رجَّتُها فَلَمَّا قَالَ:
أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُوْلُ اللهِ خَرَجَتِ
العَوَاتِقُ مِنْ خُدُوْرِهِنَّ وَقَالُوا: بُعِثَ
رَسُوْلُ اللهِ فَمَا رُؤِيَ يومٌ أَكْثَرَ بَاكِياً وَلاَ
بَاكِيَةً بِالمَدِيْنَةِ بَعْدَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ ذَلِكَ اليَوْمِ.
إِسْنَادُهُ لَيِّنٌ وَهُوَ مُنْكَرٌ.
قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَحْيَى بنِ
سَعِيْدٍ قَالَ: ذَكَرَ عُمَرُ فَضْلَ أبي بكر فَجَعَلَ
يَصِفُ مَنَاقِبَهُ ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا سَيِّدُنَا
بِلاَلٌ حسنةٌ مِنْ حَسَنَاتِهِ.
أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ: حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ،
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ، عَنْ قَيْسٍ قَالَ: بَلَغ
بِلاَلاً أَنَّ نَاساً يُفَضِّلُوْنَهُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ
فَقَالَ: كَيْفَ يُفَضِّلُوْنِي عَلَيْهِ وَإِنَّمَا أَنَا
حَسَنَةٌ مِنْ حَسَنَاتِهِ.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ،
عَنْ مَكْحُوْلٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ رَأَى بِلاَلاً
رَجُلاً آدَمَ شَدِيْدَ الأُدْمَةِ نَحِيْفاً طُوالًا
أَجْنَأَ لَهُ شَعْرٌ كَثِيْرٌ وَخَفِيْفُ العَارِضَيْنِ
بِهِ شَمَطٌ كَثِيْرٌ وَكَانَ لاَ يُغَيِّرُ1.
وَقِيْلَ: كَانَ بِلاَلٌ تِرْبَ أَبِي بَكْرٍ.
قَالَ سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ: لَمَّا احْتُضِرَ
بِلاَلٌ قال:
غدًا نلقي الأحبة ... محمدًا وحزبه
__________
1 ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "3/ 238-239"، وفي إسناده
علتان: الواقدي، وهو متروك كما ذكرنا آنفا. الثانية: جهالة
من روى عنهم مكحول.
وقوله "أجنأ": أي أحد الظهر.
(3/218)
قَالَ: تَقُوْلُ امْرَأَتُهُ:
وَاوَيْلاَهُ! فَقَالَ: وَافَرَحَاهُ!.
قَالَ محمد بن إبراهيم التيمي، وبن إِسْحَاقَ وَأَبُو
عُمَرَ الضَّرِيْرُ وَجَمَاعَةٌ: تُوُفِّيَ بِلاَلٌ سَنَةَ
عِشْرِيْنَ بِدِمَشْقَ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: وَدُفِنَ بِبَابِ الصَّغِيْرِ وَهُوَ
ابْنُ بِضْعٍ وَسِتِّيْنَ سَنَةً.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ التَّمِيْمِيُّ: دُفِنَ
بِبَابِ كِيْسَانَ.
وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: حُمِلَ مِنْ دَارَيَّا فدفن بباب
كيسان وقيل مات سنة إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ.
وَقَالَ مَرْوَانُ بنُ مُحَمَّدٍ الطَّاطَرِيُّ: مَاتَ
بِلاَلٌ فِي دَارَيَّا وحُمِلَ فَقُبِرَ فِي بَابِ
الصَّغِيْرِ.
وَقَالَ عَبْدُ الجَبَّارِ بنُ مُحَمَّدٍ فِي "تَارِيْخِ
دَارَيَّا": سَمِعْتُ جَمَاعَةً مِنْ خَوْلاَنَ
يَقُوْلُوْنَ: إِنَّ قَبْرَهُ بِدَارَيَّا بِمَقْبَرَةِ
خَوْلاَنَ.
وَأَمَّا عُثْمَانُ بنُ خُرَّزَاذَ1 فَقَالَ: حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بنُ أَبِي أُسَامَةَ الحَلَبِيُّ، حَدَّثَنَا
أَبُو سَعْدٍ الأَنْصَارِيُّ، عَنْ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ: قَالَ: مَاتَ بِلاَلٌ بِحَلَبٍ وَدُفِنَ
بِبَابِ الأَرْبَعِيْنَ.
جَاءَ عَنْهُ أَرْبَعَةٌ وَأَرْبَعُوْنَ حَدِيْثاً مِنْهَا
فِي "الصَّحِيْحَيْنِ" أَرْبَعَةٌ المُتَّفَقُ عَلَيْهَا
وَاحِدٌ.
وَانْفَرَدَ البُخَارِيُّ بِحَدِيْثَيْنِ وَمُسْلِمٌ بحديث
موقوف.
__________
1 هو: عُثْمَان بن عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّد بن خرزاذ،
بضم المعجمة وتشديد الراء، بعدها زاي، ثقة، من صغار
الحادية عشرة مات سنة "281هـ" وقيل في أول التي بعدها. روى
عنه النسائي.
(3/219)
82- ابن أم
مكتوم 1:
مُخْتَلَفٌ فِي اسْمِهِ فَأَهْلُ المَدِيْنَةِ
يَقُوْلُوْنَ: عَبْدُ اللهِ بنُ قَيْسِ بنِ زَائِدَةَ بنِ
الأَصَمِّ بنِ رَوَاحَةَ القُرَشِيُّ العَامِرِيُّ.
وَأَمَّا أَهْلُ العِرَاقِ فَسَمَّوْهُ عَمْراً وَأُمُّهُ
أُمُّ مَكْتُوْمٍ: هِيَ عَاتِكَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللهِ بنِ
عَنْكَثَةَ بنِ عَامِرِ بنِ مَخْزُوْمِ بنِ يَقَظَةَ
المَخْزُوْمِيَّةُ. مِنَ السَّابِقِيْنَ المُهَاجِرِيْنَ.
وَكَانَ ضَرِيْراً، مُؤَذِّناً لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَعَ بِلاَلٍ وَسَعْدٍ
القَرَظِ، وأبي محذورة مؤذن
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "4/ 205-212" حلية الأولياء "2/
4"، والإصابة "2/ ترجمة 4897" في عَبْدُ اللهِ بنُ قَيْسِ
بنِ زَائِدَةَ بنِ أم مكتوم، وفي الإصابة "3/ ترجمة 5935"
في "عمرو بن قيس بن زائدة.........".
(3/219)
مَكَّةَ. هَاجَرَ بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ
بِيَسِيْرٍ قَالَهُ ابْنُ سَعْدٍ وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَحْتَرِمُهُ
وَيَسْتَخْلِفُهُ عَلَى المَدِيْنَةِ فَيُصَلِّي
بِبَقَايَا النَّاسِ.
قَالَ الشَّعْبِيُّ: اسْتَخْلَفَ النَّبِيُّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَمْرَو بنَ أُمِّ مَكْتُوْمٍ
يَؤُمُّ النَّاسَ وَكَانَ ضَرِيْراً وَذَلِكَ فِي غَزْوَةِ
تَبُوْكٍ. كَذَا قَالَ وَالمَحْفُوْظُ أَنَّ النَّبِيَّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّمَا اسْتَعْمَلَ
عَلَى المَدِيْنَةِ عَامَئِذٍ عَلِيَّ بنَ أَبِي طَالِبٍ.
وَقَالَ قَتَادَةُ: اسْتَخْلَفَ النَّبِيُّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ابْنَ أُمِّ مَكْتُوْمٍ
مَرَّتَيْنِ عَلَى المَدِيْنَةِ وَكَانَ أَعْمَى.
وَرَوَى: مُجَالِدٌ عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اسْتَخْلَفَ ابْنَ
أُمِّ مَكْتُوْمٍ عَلَى المَدِيْنَةِ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ
فَهَذَا يُبْطِلُ مَا تَقَدَّمَ وَيُبْطِلُهُ أَيْضاً
حَدِيْثُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاءِ قَالَ: أَوَّلُ
مَنْ قَدِمَ عَلَيْنَا مُصْعَبُ بنُ عُمَيْرٍ ثُمَّ
أَتَانَا بَعْدَهُ عَمْرُو بنُ أُمِّ مَكْتُوْمٍ فَقَالُوا
لَهُ: مَا فَعَلَ مَنْ وَرَاءكَ? قَالَ: هُمْ أُوْلاَءِ
عَلَى أَثَرِي.
شعبة: عن أبي إسحاق سمع البراء يقول: أول من قدم علينا
مصعب بن عمير وَابْنُ أُمِّ مَكْتُوْمٍ فَجَعَلاَ يُقرئان
النَّاسَ القُرْآنَ.
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: حَدَّثَنَا أَبُو ظِلاَلٍ قَالَ
كُنْتُ عِنْدَ أَنَسٍ فَقَالَ: مَتَى ذَهَبَتْ عَيْنُكَ?
قُلْتُ: وَأَنَا صَغِيْرٌ. فَقَالَ: إِنَّ جِبْرِيْلَ
أَتَى رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
وَعِنْدَهُ ابْنُ أُمِّ مَكْتُوْمٍ فَقَالَ: "مَتَى ذَهَبَ
بَصَرُكَ"؟ قَالَ: وَأَنَا غُلاَمٌ فَقَالَ: "قَالَ اللهُ
تَعَالَى: "إِذَا أَخَذْتُ كَرِيْمَةَ عَبْدِي لَمْ أَجِدْ
لَهُ جزاءً إلَّا الجنة" 1.
__________
1 صحيح: أخرجه ابن سعد "4/ 206"، والترمذي "2402" وفي
إسناده أبو ظلال، واسمه هلال بن أبي هلال، وهو ضعيف كما
قال الحافظ في "التقريب".
وقد ورد الحديث عن ابن عباس، وأبي هريرة، وأنس، وأبي
أمامة، والعرباض بن سارية وأبي سعيد الخدري، وعائشة بنت
قدامة، رضي الله عنهم أجمعين.
وسوف أجتزئ بذكر بعضهم، فقد ورد الحديث عن ابن عباس -رضي
الله عنهما- أخرجه الطبراني في "الكبير" "12/ 12452" من
طريق علي بن سعيد الرازي، حدثنا يعقوب بن ماهان، حدثنا
هشيم، عن أبي بشر أخبرني، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ،
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "يقول الله -عز وجل: إذا أخذت
كريمتي عبدي فصبر واحتسب ... " الحديث.
وورد من حديث أبي هريرة مرفوعا بلفظ: "يقول الله -عز وجل:
من أذهبت حبيبتيه فصبر واحتسب لم أرض له ثوابا دون الجنة".
أخرجه أحمد "2/ 265"، والترمذي "2401"، والدارمي "2/ 323"
من طريق الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ، به مرفوعا.
وورد من حديث أنس: عند البخاري "5653"، والترمذي "2400"،
والبيهقي "3/ 375"، وورد عن أبي أمامة: عند أحمد "5/ 285"،
وورد عن العرباض بن سارية: عند البزار "771"، وورد عن
عائشة بنت قدامة: عند أحمد "6/ 365".
(3/220)
قَالَتْ عَائِشَةُ: كَانَ ابْنُ أُمِّ
مَكْتُوْمٍ مُؤَذِّناً لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ أَعْمَى.
وَرَوَى حَجَّاجُ بنُ أَرْطَاةَ، عَنْ شَيْخٍ، عَنْ بَعْضِ
مُؤَذِّنِي رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- قَالَ: كَانَ بِلاَلٌ يُؤَذِّنُ وَيُقِيْمُ
ابْنُ أُمِّ مَكْتُوْمٍ وَرُبَّمَا أَذَّنَ ابْنُ أُمِّ
مَكْتُوْمٍ وَأَقَامَ بِلاَلٌ. إِسْنَادُهُ وَاهٍ.
وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ بِلاَلاً يُؤَذِّنُ
بِلَيْلٍ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِيَ ابْنُ
أُمِّ مَكْتُوْمٍ" وَكَانَ أَعْمَى لاَ يُنَادِي حَتَّى
يُقَالَ لَهُ: أَصْبَحْتَ أَصْبَحْتَ1.
قَالَ عُرْوَةُ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَعَ رِجَالٍ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْهُم
عُتْبَةُ بنُ رَبِيْعَةَ فَجَاءَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُوْمٍ
يَسْأَلُ، عَنْ شَيْءٍ فَأَعْرَضَ عَنْهُ فَأُنْزِلَتْ
{عَبَسَ وَتَوَلَّى، أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى} [عَبَس: 1،
2] 2.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللهِ بنُ نُوْحٍ، عَنْ
مُحَمَّدِ بنِ سَهْلِ بنِ أَبِي حَثْمَةَ قَالَ:
اسْتَخْلَفَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- ابْنَ أُمِّ مَكْتُوْمٍ عَلَى المَدِيْنَةِ
فَكَانَ يَجْمَعُ بِهِم وَيَخْطُبُ إِلَى جَنْبِ
المِنْبَرِ يَجْعَلُهُ عَلَى يَسَارِهِ3.
يُوْنُسُ بنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَبْدِ
اللهِ بنِ مَعْقِلٍ قَالَ: نَزَلَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُوْمٍ
عَلَى يَهُوْدِيَّةٍ بِالمَدِيْنَةِ كَانَت تَرْفُقُهُ
وَتُؤْذِيْهِ فِي النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- فَتَنَاوَلَهَا فَضَرَبَهَا فَقَتَلَهَا فرفع
ذلك إلى
__________
1 صحيح على شرط الشيخين: أخرجه الشافعي "2/ 275"،
والطيالسي "1819"، وابن أبي شيبة "3/ 9"، وأحمد "2/ 62"،
والبخاري "617، 2656"، ومسلم "1092" "37"، وابن خزيمة
"401"، والطحاوي "1/ 137، 138"، والطبراني "12/ 13106"،
والبغوي "433" من طرق عن ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله،
عن أبيه مرفوعا.
وأخرجه أحمد "2/ 57"، وابن أبي شيبة "3/ 9"، والبخاري
"622، 1918"، والدارمي "1/ 270"، وابن خزيمة "1931"،
والطبراني "13379"، والبيهقي "1/ 382، "4/ 218" من طرق
عَنْ عُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابن
عمر، به مرفوعا.
2 حسن: أخرجه ابن سعد "4/ 208". وإسناده ضعيف لإرساله.
ووصل الحديث الترمذي "3331" عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ،
عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ قالت: فذكره.
وقال الترمذي: هذا حديث غريب.
قلت: الإسناد حسن بعد وصله.
3 ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "4/ 209" فيه الواقدي، وهو
متروك.
(3/221)
النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- فَقَالَ هُوَ: أَمَا وَاللهِ إِنْ كَانَتْ
لتَرْفُقُني وَلَكِنْ آذَتْنِي فِي اللهِ وَرَسُوْلِهِ.
فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"أَبْعَدَهَا اللهُ قَدْ أَبْطَلْتُ دَمَهَا" 1.
أَبُو إِسْحَاقَ:، عَنِ البَرَاءِ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ:
{لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُون} دَعَا النَّبِيُّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- زَيْداً وَأَمَرَهُ فَجَاءَ
بكتفٍ وَكَتَبَهَا فجاء بن أُمِّ مَكْتُوْمٍ فَشَكَا
ضَرَارَتَهُ فَنَزَلَتْ {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ}
[النساء: 95] 2.
ثابت البناني:، عن بن أبي ليلى أن بن أُمِّ مَكْتُوْمٍ
قَالَ: أَيْ ربِّ! أَنْزِلْ عُذْرِي. فَأُنْزِلَتْ "غَيْرُ
أُوْلِي الضَّرَرِ" فَكَانَ بَعْدُ يَغَزْو ويقول: ادفعو
إِلَيَّ اللِّوَاءَ فَإِنِّي أَعْمَى لاَ أَسْتَطِيْعُ
أَنْ أَفِرَّ وَأَقِيْمُوْنِي بَيْنَ الصَّفَيْنِ3.
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيْهِ،
عَنْ خَارِجَةَ بنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: كُنْتُ
إِلَى جَانِبِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- فَغَشِيَتْهُ السَّكِيْنَةُ فَوَقَعَتْ
فَخِذُهُ عَلَى فَخِذِي فَمَا وَجَدْتُ شَيْئاً أَثْقَلَ
مِنْهَا ثُمَّ سُرِّي عَنْهُ فَقَالَ لِي: "اكْتُبْ"
فَكَتَبْتُ فِي كَتِفٍ "لاَ يَسْتَوِي القَاعِدُوْنَ مِنَ
المُؤْمِنِيْنَ وَالمُجَاهِدُوْنَ". فَقَامَ عَمْرُو بنُ
أُمِّ مَكْتُوْمٍ فَقَالَ: فَكَيْفَ بِمَنْ لاَ
يَسْتَطِيْعُ فَمَا انْقَضَى كَلاَمُهُ حَتَّى غَشِيَتْ
رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
السَّكِيْنَةُ ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ فَقَالَ: "اكْتُبْ
{غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} ".
قَالَ زَيْدٌ: أَنْزَلَهَا اللهُ وَحْدَهَا، فَكَأَنِّي
أَنْظُرُ إِلَى مُلْحَقِهَا عند صدع الكتف4.
__________
1 حسن لغيره: أخرجه ابن سعد "4/ 210"، وفي إسناده أبو
إسحاق السبيعي، وهو مدلس، وقد عنعنه. كما أنه مرسل، عبد
الله بن معقل من الثالثة، وأخرجه أَبُو دَاوُدَ "4362"
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بنُ أَبِي شَيْبَةَ وعبد الله بن
الجراح، عن جرير، عن مغيرة، عن الشعبي، عن علي -رضي الله
عنه- "أن يهودية كان تشتم النبي صلى الله عليه وسلم وتقع
فيه، فخنقها رجل حتى ماتت، فأبطل رسول الله صلى الله عليه
وسلم دمها".
قلت: إسناده ضعيف، المغيرة هو ابن مقسم الضبي، مدلس، وقد
عنعنه، لكن الحديث يرتقي للحسن بمجموع الطريقين، والله
تعالى وأعلم.
2 صحيح: أخرجه البخاري "4593"، ومسلم "1898" من طريق شعبة،
عن أبي إسحاق، عن البراء، به، وأخرجه البخاري "4594" من
طريق إسرائيل، عن أبي إسحاق، به.
3 ضعيف: أخرجه ابن سعد "4/ 210"، وهو ضعيف لانقطاعه بين
عبد الرحمن بن أبي ليلى، وابن أم مكتوم.
4 صحيح: أخرجه ابن سعد "4/ 211" من طريق عبد الرحمن بن أبي
الزناد، به.
وأخرجه البخاري "4592" من طريق إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدٍ،
عَنْ صَالِحِ بنِ كَيْسَانَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قال:
حدثني سهل بن سعد الساعدي أنه رأى مروان بن الحكم في
المسجد فأقبلت حتى جلست إلى جنبه، فأخبرنا أن زيد بن ثابت
أَخْبِرْهُ: "أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أملى عليه ... " الحديث.
(3/222)
ابْنُ أَبِي عَرُوْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ،
عَنْ أَنَسٍ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ أُمِّ مَكْتُوْمٍ
يَوْمَ القَادِسِيَّةِ كَانَتْ مَعَهُ رَايَةٌ سَوْدَاءُ
عَلَيْهِ دِرْعٌ له.
أَبُو هِلاَلٍ: عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ عَبْدَ
اللهِ بنَ زَائِدَةَ وَهُوَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُوْمٍ كَانَ
يُقَاتِلُ يَوْمَ القَادِسِيَّةِ وَعَلَيْهِ دِرْعٌ لَهُ
حَصِيْنَةٌ سَابِغَةٌ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: شَهِدَ القَادِسِيَّةَ مَعَهُ
الرَّايَةُ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى المَدِيْنَةِ فَمَاتَ بِهَا
وَلَمْ نَسْمَعْ لَهُ بِذِكْرٍ بَعْدَ عُمَرَ.
قُلْتُ: وَيُقَالُ: اسْتُشْهِدَ يَوْمَ القَادِسِيَّةِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي لَيْلَى
مُرْسَلٌ وَأَبُو رَزِيْنٍ الأَسَدِيُّ وَغَيْرُهُمَا.
وَالقَادِسِيَّةُ: مَلْحَمَةٌ كُبْرَى تَمَّتْ بِالعِرَاقِ
وَعَلَى المُسْلِمِيْنَ سَعْدُ بنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَعَلَى
المُشْرِكِيْنَ رُسْتُمٌ وَذُوْ الحَاجِبِ
وَالجَالِيْنُوْسُ.
قَالَ أَبُو وَائِلٍ: كَانَ المُسْلِمُوْنَ أَزْيَدَ مِنْ
سَبْعَةِ آلاَفٍ وَكَانَ العَدُوُّ أَرْبَعِيْنَ وَقِيْلَ:
سِتِّيْنَ أَلْفاً مَعَهُم سَبْعُوْنَ فِيْلاً.
قَالَ المَدَائِنِيُّ: اقْتَتَلُوا ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ فِي
آخِرِ شَوَّالٍ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ فقُتِلَ رستم
وانهزموا.
(3/223)
83- خالد بن
الوليد 1 "خَ، م، د، س، ق":
ابْنِ المُغِيْرَةِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ بنِ
مَخْزُوْمٍ بنِ يَقَظَةَ بنِ كَعْبٍ: سَيْفُ اللهِ
تَعَالَى وَفَارِسُ الإِسْلاَمِ وَلَيْثُ المَشَاهِدِ
السَّيِّدُ الإِمَامُ الأَمِيْرُ الكَبِيْرُ قَائِدُ
المُجَاهِدِيْنَ أَبُو سُلَيْمَانَ القُرَشِيُّ
المَخْزُوْمِيُّ المَكِّيُّ وَابْنُ أُخْتِ أُمِّ
المُؤْمِنِيْنَ مَيْمُوْنَةَ بِنْتِ الحَارِثِ.
هَاجَرَ مُسْلِماً فِي صَفَرٍ، سَنَةَ ثَمَانٍ، ثُمَّ
سَارَ غَازِياً، فَشَهِدَ غَزْوَةَ مُؤْتَةَ وَاسْتُشْهِدَ
أُمَرَاءُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- الثَّلاَثَةُ: مَوْلاَهُ زَيْدٌ وَابْنُ
عَمِّهِ جَعْفَرٌ ذُوْ الجَنَاحَيْنِ وَابْنُ رَوَاحَةَ
وَبَقِيَ الجَيْشُ بِلاَ أَمِيْرٍ فَتَأَمَّرَ عَلَيْهِم
فِي الحَالِ خَالِدٌ وَأَخَذَ الرَّايَةَ وَحَمَلَ عَلَى
العَدُوِّ فَكَانَ النَّصْرُ وَسَمَّاهُ النَّبِيُّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَيْفَ اللهِ
فَقَالَ: "إِنَّ خَالِداً سَيْفٌ سَلَّهُ اللهُ عَلَى
المُشْرِكِيْنَ". وشهد الفتح،
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "4/ 252-253"، "7/ 394-398"،
والجرح والتعديل "1/ ق2/ 356"، والإصابة "1/ ترجمة رقم
2201"، وتهذيب التهذيب "3/ 142".
(3/223)
وَحُنَيْناً وَتَأَمَّرَ فِي أَيَّامِ
النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
وَاحْتَبَسَ أَدْرَاعَهُ وَلاَمَتَهُ فِي سَبِيْلِ اللهِ
وَحَارَبَ أَهْلَ الرِّدَّةِ وَمُسَيْلِمَةَ وَغَزَا
العِرَاقَ وَاسْتَظْهَرَ ثُمَّ اخْتَرَقَ البَرِّيَّةَ
السَّمَاوِيَّةَ بِحَيْثُ إِنَّهُ قَطَعَ المَفَازَة مِنْ
حدِّ العِرَاقِ إِلَى أَوَّلِ الشَّامِ فِي خَمْسِ لَيَالٍ
فِي عَسْكَرٍ مَعَهُ وَشَهِدَ حُرُوْبَ الشَّامِ وَلَمْ
يَبْقَ فِي جَسَدِهِ قيد شبر إلَّا وعليه طابعُ
الشُّهَدَاءِ.
وَمَنَاقِبُهُ غَزِيْرَةٌ، أَمَّرَهُ الصِّدِّيْقُ عَلَى
سَائِرِ أُمَرَاءِ الأَجْنَادِ وَحَاصَرَ دِمَشْقَ
فَافْتَتَحَهَا هُوَ وَأَبُو عُبَيْدَةَ.
عَاشَ سِتِّيْنَ سَنَةً، وَقَتَلَ جَمَاعَةً مِنَ
الأَبْطَالِ، وَمَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ، فَلاَ قَرَّتْ
أَعْيُنُ الجُبَنَاءِ.
تُوُفِّيَ بِحِمْصَ سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ ومشهده
على باب حمص، عليه جلالة.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ خَالَتِهِ عَبْدُ اللهِ بنُ
عَبَّاسٍ وَقَيْسُ بنُ أَبِي حَازِمٍ وَالمِقْدَامُ بنُ
مَعْدِيْ كَرِبٍ وَجُبَيْرُ بنُ نُفَيْرٍ وَشَقِيْقُ بنُ
سَلَمَةَ وَآخَرُوْنَ: لَهُ أَحَادِيْثُ قَلِيْلَةٌ.
مُسْلِمٌ: مِنْ طَرِيْقِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي
أُمَامَةَ بنِ سَهْلٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ
أَنَّ خَالِدَ بنَ الوَلِيْدِ الَّذِي كَانَ يُقَالُ لَهُ:
سَيْفُ اللهِ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى خَالَتِهِ
مَيْمُوْنَةَ مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فَوَجَدَ
عِنْدَهَا ضَبّاً مَحْنُوْذاً قَدِمَتْ بِهِ أُخْتُهَا
حُفَيْدَةُ بِنْتُ الحَارِثِ مِنْ نَجْدٍ فَقَدَّمَتْهُ
لِرَسُوْلِ اللهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
فَرَفَعَ يَدَهُ فَقَالَ خَالِدٌ: أَحَرَامٌ هُوَ يَا
رَسُوْلَ اللهِ? قَالَ: "لاَ، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ
بِأَرْضِ قَوْمِي فَأَجِدُنِي أَعَافُهُ" فَاجْتَرَرْتُهُ
فَأَكَلْتُهُ وَرَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- يَنْظُرُ وَلَمْ يَنْهَ1.
هِشَامُ بنُ حَسَّانٍ: عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيْرِيْنَ،
عَنْ أَبِي العَالِيَةِ: أَنَّ خَالِدَ بنَ الوَلِيْدِ
قَالَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ إِنَّ كَائِداً مِنَ الجِنِّ
يَكِيْدُنِي قَالَ: "قُلْ: أَعُوْذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ
التَّامَّاتِ الَّتِي لاَ يُجَاوِزُهُنَّ بَرٌّ وَلاَ
فَاجِرٌ مِنْ شَرِّ مَا ذَرَأَ فِي الأَرْضِ وَمَا
يَخْرُجُ مِنْهَا وَمِنْ شَرِّ مَا يَعْرُجُ فِي
السَّمَاءِ وَمَا يَنْزِلُ مِنْهَا وَمِنْ شَرِّ كُلِّ
طَارِقٍ إلَّا طَارِقاً يَطْرُقُ بِخَيْرٍ يَا رَحْمَنُ"
فَفَعَلْتُ فَأَذْهَبَهُ اللهُ عَنِّي.
وَعَنْ حَيَّانَ بنِ أَبِي جَبَلَةَ، عَنْ عَمْرِو بنِ
العَاصِ قَالَ: مَا عَدَلَ بِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَبِخَالِدٍ أَحَداً فِي
حَرْبِهِ مُنْذُ أَسْلَمْنَا.
يُوْنُسُ بنُ أَبِي إِسْحَاقَ: عَنِ العَيْزَارِ بنِ
حُرَيْثٍ أَنَّ خَالِدَ بنَ الوَلِيْدِ أَتَى عَلَى اللات
والعزَّى فقال:
__________
1 صحيح على شرط الشيخين: أخرجه البخاري "5537"، ومسلم
"1946"، وأبو داود "3794"، والطبراني "3816"، والبيهقي "9/
323" من طرق عن الزهري، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن
ابن عباس، عن خالد بن الوليد، به.
(3/224)
يَا عُزُّ كُفرانَكِ لاَ سُبْحَانَكِ ...
إِنِّي رَأَيْتُ اللهَ قَدْ أَهَانَكِ
وَرَوَى زَكَرِيَّا بنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ أَبِي
إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ
أَنَّ خَالِداً قَالَ مِثْلَهُ.
قَالَ قَتَادَةُ: مَشَى خَالِدٌ إِلَى العُزَّى فَكَسَرَ
أَنْفَهَا بِالفَأْسِ.
وَرَوَى سُفْيَانُ بنُ حُسَيْنٍ، عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ
النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعَثَ
خَالِداً إِلَى العُزَّى وَكَانَتْ لِهَوَازِنَ
وَسَدَنَتُهَا بَنُو سُلَيْمٍ فَقَالَ: "انْطَلِقْ
فَإِنَّهُ يَخْرُجُ عَلَيْكَ امْرَأَةٌ شديدة السواد لويلة
الشَّعْرِ عَظِيْمَةُ الثَّدْيَيْنِ قَصِيْرَةٌ".
فَقَالُوا يُحَرِّضُوْنَهَا:
يَا عُزَّ شُدِّي شِدَّةً لاَ سِواكِها ... عَلَى خَالِدٍ
أَلْقِي الخِمارَ وشمِّري
فَإِنَّكِ إِنْ لاَ تَقْتُلِي المَرْءَ خَالِداً ...
تبُوئي بِذَنْبٍ عَاجِلٍ وتُقصِّري
فَشَدَّ عَلَيْهَا خَالِدٌ فَقَتَلَهَا وَقَالَ: ذَهَبَتِ
العُزَّى فَلاَ عُزى بَعْدَ اليَوْمِ.
الزُّهْرِيُّ: عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَزْهَرَ:
رَأَيْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- يَوْمَ حُنَيْنٍ يَتَخَلَّلُ النَّاسَ يَسْأَلُ
عَنْ رَحْلِ خَالِدٍ فَدُلَّ عَلَيْهِ فَنَظَرَ إِلَى
جُرْحِهِ وَحَسِبْتُ أَنَّهُ نَفَثَ فِيْهِ1.
وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: بَعَثَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَالِداً إِلَى بَنِي جَذِيْمَةَ
فَقَتَلَ وَأَسَرَ فَرَفَعَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَدَيْهِ وَقَالَ: "اللَّهُمَّ إِنِّي
أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدٌ" 2 مَرَّتَيْنِ.
الوَاقِدِيُّ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ إِيَاسِ بنِ سَلَمَةَ،
عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ خَالِدٌ بَعْدَ
صَنِيْعِهِ بِبَنِي جَذِيْمَةَ عَاب عَلَيْهِ ابْنُ عَوْفٍ
مَا صَنَعَ وَقَالَ: أَخَذْتَ بِأَمْرِ الجَاهِلِيَّةِ
قتلتهم بعمِّك الفاكه قاتلك الله.
قَالَ: وَأَعَابَهُ عُمَرُ فَقَالَ خَالِدٌ: أَخَذْتُهُم
بِقَتْلِ أَبِيْكَ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: كَذَبْتَ
لَقَدْ قَتَلْتُ قَاتِلَ أَبِي بِيَدِي وَلَوْ لَمْ
أَقْتُلْهُ لَكُنْتَ تَقْتُلُ قَوْماً مُسْلِمِيْنَ
بِأَبِي فِي الجَاهِلِيَّةِ قَالَ: وَمَنْ أَخْبَرَكَ
أَنَّهُم أَسْلَمُوا? فَقَالَ: أَهْلُ السَّرِيَّةِ كلهم.
قال: جائني رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- أَنْ أغير
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "4/ 88، 350-351" من طريق عبد الرزاق،
عن معمر، عن الزهري، به.
2 صحيح على شرط الشيخين: أخرجه أحمد "2/ 150-151"،
والبخاري "4339، 7189"، والنسائي "8/ 236-237، 237"،
والبيهقي "9/ 115" من طرق عن مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ،
عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيْهِ مرفوعا، به في قصة.
وقد خرجت الحديث في كتاب "منهاج السنة النبوية في نقض كلام
الشيعة والقدرية" ط/ دار الحديث. الجزء الرابع بتعليقنا
رقم "271"، وفي عدة مواضع من هذا الكتاب، فراجعه ثَمَّ إن
شئت.
(3/225)
عَلَيْهِم فَأَغَرْتُ قَالَ: كَذَبْتَ
عَلَى رَسُوْلِ اللهِ وَأَعْرَضَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ خَالِدٍ وَغَضِبَ
وَقَالَ: "يَا خَالِدُ ذَرُوا لِي أَصْحَابِي مَتَى يُنكأ
إلفُ المَرْءِ يُنكأ المرء"1.
الوقدي: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي
قَتَادَةَ، عَنْ أَهْلِهِ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ:
لَمَّا نَادَى خَالِدٌ فِي السَّحَر: مَنْ كَانَ مَعَهُ
أَسِيْرٌ فليُدافَّه أَرْسَلْتُ أَسِيْرِي وَقُلْتُ
لِخَالِدٍ: اتَّقِ اللهَ فَإِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّ
هَؤُلاَءِ قَوْمٌ مُسْلِمُوْنَ قَالَ: إِنَّهُ لاَ عِلْمَ
لَكَ بِهَؤُلاَءِ.
إِسْنَادُهُ فِيْهِ الوَاقِدِيُّ وَلِخَالِدٍ اجْتِهَادُهُ
وَلِذَلِكَ مَا طَالَبَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِدِيَاتِهِم.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا يُوْسُفُ بنُ يَعْقُوْبَ بنِ
عُتْبَةَ، عَنْ عُثْمَانَ الأَخْنَسِيِّ، عَنْ عَبْدِ
المَلِكِ بنِ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَالِداً إِلَى
الحَارِثِ بنِ كَعْبٍ أَمِيْراً وَدَاعِياً وَخَرَجَ مَعَ
رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى الله عليه وسلم- في حجة الوداع
فلما حَلَقَ رَأْسَهُ أَعْطَاهُ نَاصِيَتَهُ فَعُمِلَتْ
فِي مُقَدَّمَةِ قُلُنْسُوَةِ خَالِدٍ فَكَانَ لاَ يَلْقَى
عَدُوّاً إلَّا هَزَمَهُ.
وَأَخْبَرَنِي مَنْ غَسَلَهُ بِحِمْصَ، وَنَظَرَ إِلَى مَا
تَحْتَ ثِيَابِهِ قَالَ: مَا فِيْهِ مُصحّ مَا بَيْنَ
ضَرْبَةٍ بِسَيْفٍ أَوْ طَعْنَةٍ بِرُمْحٍ أو رمية بسهم.
الوَلِيْدُ بنُ مُسلمٍ: حَدَّثَنَا وَحْشِيُّ بنُ حَرْبٍ،
عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ وَحْشِيٍّ: أَنَّ أَبَا
بَكْرٍ عَقَدَ لِخَالِدٍ عَلَى قِتَالِ أَهْلِ الرِّدَّةِ
وَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: "خَالِدُ بنُ الوَلِيْدِ
سَيْفٌ مِنْ سُيُوْفِ اللهِ سَلَّهُ اللهُ عَلَى
الكُفَّارِ والمنافقين" 2.
رواه أحمد في "مسنده".
__________
1 ضعيف جدا: في إسناده الواقدي، وهو متروك كما ذكرنا آنفا.
وفيه جهالة الرجل الذي روى عن إياس بن سلمة.
2 صحيح بشواهده: أخرجه أحمد "1/ 8"، وابن أبي عاصم في
"الآحاد والمثاني" "696"، والحاكم "3/ 298"، والطبراني
"3798" من طريق الوليد بن مسلم به.
قلت: إسناده ضعيف، آفته جهالة حرب بن وحشي بن حرب الحبشي
الحمصي، لذا قال الحافظ في "التقريب" "مقبول"، أي عند
المتابعة.
وللحديث شواهد: فقد ورد من حديث عبد الله بن أَبِي أَوْفَى
قَالَ: "شَكَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عوف خالد بن الوليد
إِلَى رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
فَقَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا خالد لِمَ تؤذي
رجلا من أهل بدر؟ لو أَنْفَقْتَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَباً
لَمْ تُدْرِكْ عَمَلَهُ"، فقال: يا رسول الله يقعون فيَّ
فأرد عليهم، فقال رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: "لاَ تُؤْذُوا خَالِداً، فَإِنَّهُ سَيْفٌ مِنْ
سيوف الله صبه الله على الكفار".=
(3/226)
هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ: عَنْ أَبِيْهِ
قَالَ: كَانَ فِي بَنِي سُلَيْمٍ ردَّة فَبَعَثَ أَبُو
بَكْرٍ إِلَيْهِم خَالِدَ بنَ الوَلِيْدِ فَجَمَعَ
رِجَالاً مِنْهُم فِي الحَظَائِرِ ثُمَّ أَحْرَقَهُم
فَقَالَ عُمَرُ لأَبِي بَكْرٍ: أَتَدَعُ رَجُلاً يعذِّب
بِعَذَابِ اللهِ? قَالَ: وَاللهِ لاَ أَشِيْمُ1 سَيْفاً
سلَّه اللهُ عَلَى عَدُوِّهِ ثُمَّ أَمَرَهُ فَمَضَى إِلَى
مُسَيْلِمَةَ2.
ضَمْرَةُ بنُ رَبِيْعَةَ: أَخْبَرَنِي السَّيْبَانِيُّ3،
عَنْ أَبِي العَجْمَاءِ -وَإِنَّمَا هُوَ أَبُو
العَجْفَاءِ- السُّلَمِيُّ قَالَ: قِيْلَ لِعُمَرَ: لَوْ
عَهِدْتَ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ قَالَ: لَوْ
أَدْرَكْتُ أَبَا عُبَيْدَةَ ثُمَّ وَلَّيْتُهُ ثُمَّ
قَدِمْتُ عَلَى رَبِّي فَقَالَ لِي: لِمَ اسْتَخْلَفْتَهُ?
لَقُلْتُ: سَمِعْتُ عَبْدَكَ وَخَلِيْلَكَ يَقُوْلُ:
"لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِيْنٌ وَإِنَّ أَمِيْنَ هَذِهِ
الأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ" وَلَوْ أَدْرَكْتُ خَالِدَ
بنَ الوَلِيْدِ ثُمَّ وَلَّيْتُهُ فقدمت على
__________
= 1 أخرجه عبد الله بن أحمد في "فضائل الصحابة" "13"،
والبزار "2595"، 2719"، والطبراني في "الكبير" "3801"، وفي
"الصغير" "580"، والحاكم "3/ 298"، والخطيب في "تاريخ
بغداد" "12/ 149-150" من طريق أبي إسماعيل المؤدب، حدثنا
إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، عن عبد الله بن أبي أوفى،
به.
وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ورده الذهبي في "التلخيص"
بقوله: "قلت: رواه ابن إدريس، عن ابن أبي خالد عن الشعبي
مرسلا وهو أشبه".
قلت: فعلى فرض انقطاعه بين الشعبي، وابن أبي أوفى، فللحديث
شواهد أخرى، فقد ورد عَنْ أَنَسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم نعى زيدا
وجعفرا وابن رواحة للناس قبل أن يأتيهم خبرهم فقال: "أخذ
الراية زيد فأصيب، ثم أخذ جعفر فأصيب، ثم أخذ ابن رواحة
فأصيب -وعيناه تذرفان- حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله
حتى فتح الله عليهم".
أخرجه البخاري "4262" من طريق أيوب، عن حميد بن هلال، عن
أنس، به، وله شاهد عن أبي هريرة عند أحمد "2/ 260"، وعن
أبي عبيدة بن الجراح عند أحمد "4/ 90"، وعن عمر عند ابن
أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" "697". وعن أبي قتادة عند
ابن سعد "7/ 395".
1 أشيم: أي أغمد، والشيم من الأضداد، يكون سلا وإغمادا.
2 ضعيف: أخرجه ابن سعد "7/ 396" من طريق أبي معاوية
الضرير، عن هشام بن عروة به. قلت: إسناده ضعيف، لانقطاعه
بين عروة وأبي بكر، رضي الله عنه.
3 هو يحيى بن أبي عمرو السيباني، بفتح المهملة -وليست
معجمة- وسكون التحتانية بعدها موحدة، أبو زرعة الحمصي،
ثقة، من الطبقة السادسة، ولم يثبت له لقاء أحد من الصحابة،
فروايته عن الصحابة مرسلة، مات سنة ثمان وأربعين ومائة.
روى له البخاري في "الأدب المفرد". وأبو داود، والنسائي،
وابن ماجه.
(3/227)
رَبِّي، لَقُلْتُ: سَمِعْتُ عَبْدَكَ
وَخَلِيْلَكَ يَقُوْلُ: "خَالِدٌ سَيْفٌ مِنْ سُيُوْفِ
اللهِ سلَّه اللهُ عَلَى المُشْرِكِيْنَ" 1. وَرَوَاهُ
الشَّاشِيُّ2 فِي مُسْنَدِهِ.
أَحْمَدُ فِي "المُسْنَدِ": حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ
الجُعْفِيُّ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ
عُمَيْرٍ قَالَ: اسْتَعْمَلَ عُمَرُ أَبَا عُبَيْدَةَ
عَلَى الشَّامِ وَعَزَلَ خَالِداً فَقَالَ أَبُو
عُبَيْدَةَ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: "خَالِدٌ سَيْفٌ مِنْ
سُيُوْفِ اللهِ نِعْمَ فَتَى العَشِيْرَةِ" 3.
حُمَيْدُ بنُ هِلاَلٍ، عَنْ أَنَسٍ: نَعَى النَّبِيُّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُمَرَاءَ يَوْمِ
مُؤْتَةَ فَقَالَ: "أُصِيْبُوا جَمِيْعاً ثُمَّ أَخَذَ
الرَّايَةَ بَعْدُ سيفٌ مِنْ سُيُوْفِ اللهِ خَالِدٌ"
وَجَعَلَ يُحَدِّثُ النَّاسَ وَعَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ4.
إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ قَالَ
رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"إِنَّمَا خالد سيف مِنْ سُيُوْفِ اللهِ صَبَّهُ عَلَى
الكُفَّارِ" 5.
أَبُو إسماعيل المؤدب: عن إسماعيل بن أبي خالد، عَنِ
الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى مَرْفُوْعاً
بِمَعْنَاهُ6. وَجَاءَ مِنْ طُرُقٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
نَحْوَهُ.
أَبُو المِسْكِيْنِ الطَّائِيُّ: حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بنُ
زحرٍ، حَدَّثَنِي حُمَيْدُ بنُ مُنِيْبٍ قَالَ: جَدِّي
أَوْسٌ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَعْدَى لِلْعَرَبِ مِنْ
هُرْمُزَ فَلَمَّا فَرَغْنَا مِنْ مُسَيْلِمَةَ أَتَيْنَا
نَاحِيَةَ البصرة فلقينا هرمز
__________
1 صحيح بشواهده: في إسناده أبو العجفاء السلمي البصري، قيل
اسمه بن نسيب، وقيل بالعكس وقيل بالصاد بدل السين
المهملتين، قال أبو أحمد الحاكم: ليس حديثه بالقائم. وقال
البخاري: في حديثه نظر. وقال ابن معين: ثقة. والحديث أخرجه
ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" "697"، وهو صحيح
بشواهده التي ذكرناها في تعليقنا السابق رقم "538".
2 الشاشي: هو الإِمَامُ الحَافِظُ الثِّقَةُ الرَّحَّالُ،
أَبُو سَعِيْدٍ الهَيْثَمُ بنُ كُلَيْب بنِ سُرَيْج بنِ
مَعْقِل الشَّاشِيُّ التركي، صاحب "المسند الكبير" سبق
التعريف به في تعليقنا رقم "175".
3 صحيح بشواهد: أخرجه أحمد "4/ 90"، وفي إسناده الانقطاع
بين عبد الملك بن عمير بن سويد اللخمي -وهو من الطبقة
الثالثة- وبين أبي عبيدة بن الجراح فإنه لم يدركه، قال أبو
زرعة: "في حديثه عن أبي عبيدة بن الجراح -رضي الله عنه- هو
مرسل" كما أن عبد الملك بن عمير، مدلس، مشهور بالتدليس،
ولم يصرح بالسماع فضلا عن انقطاعه. لكن الحديث يصح مما
ذكرناه من شواهد في تعليقنا السابق رقم "538".
4 صحيح: أخرجه البخاري "3757، 4262"، وراجع تعليقنا رقم
"538".
5 صحيح بشواهده: إسناده ضعيف لإرساله، وقد أخرجه ابن سعد
"7/ 395"، لكن الحديث يصح بشواهده التي ذكرناها في تعليقنا
"538".
6 صحيح بشواهده: خرجته في تعليقنا رقم "538" فراجعه ثمة.
(3/228)
بِكَاظِمَةَ فَبَارَزَهُ خَالِدٌ
فَقَتَلَهُ فَنَفَلَهُ الصِّديق سَلَبَه فبلغت قلنسوته مئة
أَلْفِ دِرْهَمٍ وَكَانَتِ الفُرْسُ مَنْ عَظُمَ فِيْهِم
جعلت قلنسوته بمئة أَلْفٍ.
قَالَ أَبُو وَائِلٍ: كَتَبَ خَالِدٌ إِلَى الفُرْسِ:
إِنَّ مَعِي جُنْداً يُحِبُّوْنَ القَتْلَ كَمَا تُحِبُّ
فَارِسٌ الخَمْرَ.
هُشَيْمٌ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ جَعْفَرٍ،
عَنْ أَبِيْهِ أَنَّ خَالِدَ بنَ الوَلِيْدِ فَقَدَ
قُلُنْسُوَةً لَهُ يَوْمَ اليَرْمُوْكِ فَقَالَ:
اطْلُبُوْهَا. فَلَمْ يَجِدُوْهَا. ثُمَّ وُجِدَتْ فَإِذَا
هِيَ قُلُنْسُوَةٌ خَلِقَةٌ. فَقَالَ خَالِدٌ: اعْتَمَرَ
رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
فَحَلَقَ رَأْسَهُ فَابْتَدَرَ النَّاسُ شَعْرَهُ
فَسَبَقْتُهُم إِلَى نَاصِيَتِهِ فَجَعَلْتُهَا فِي هَذِهِ
القَلَنْسوَةِ فَلَمْ أَشْهَدْ قِتَالاً وَهِيَ مَعِي
إلَّا رُزِقْتُ النَّصْرَ.
ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي
الزِّنَادِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الحَارِثِ:
أَخْبَرَنِي الثِّقَةُ أَنَّ النَّاسَ يَوْمَ حَلَقَ
رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
ابْتَدَرُوا شَعْرَهُ فَبَدَرَهُم خَالِدٌ إِلَى
نَاصِيَتِهِ فَجَعَلَهَا فِي قُلُنْسُوَتِهِ.
ابْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ سَمِعْتُ خَالِداً
يَقُوْلُ: لَقَدْ رَأَيْتُنِي يَوْمَ مُؤْتَةَ انْدَقَّ
فِي يَدِي تِسْعَةُ أَسْيَافٍ فَصَبَرَتْ فِي يَدِي صفيحةٌ
يَمَانِيَّةٌ.
ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ مَوْلَى
لآلِ خَالِدِ بنِ الوَلِيْدِ أَنَّ خَالِداً قَالَ: مَا
مِنْ لَيْلَةٍ يُهدى إليَّ فِيْهَا عَرُوْسٌ أَنَا لَهَا
محبٌّ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ لَيْلَةٍ شَدِيْدَةِ البَرْدِ
كَثِيْرَةِ الجَلِيْدِ فِي سَرِيَّةٍ أُصَبِّحُ فِيْهَا
العَدُوَّ.
يُوْنُسُ بنُ أَبِي إِسْحَاقَ: عَنِ العَيْزَارِ بنِ حُريث
قَالَ: قَالَ خَالِدٌ: مَا أَدْرِي مِنْ أَيِّ يوميَّ
أَفِرُّ: يَوْمَ أَرَادَ اللهُ أَنْ يُهْدِيَ لِي فِيْهِ
شَهَادَةً أَوْ يَوْمَ أَرَادَ اللهُ أَنْ يُهدي لِي
فِيْهِ كَرَامَةً.
قَالَ قَيْسُ بنُ أَبِي حَازِمٍ: سَمِعْتُ خَالِداً
يَقُوْلُ منعني الجهاد كثيرًا من القِرَاءةِ وَرَأَيْتُهُ
أُتي بِسُمٍ فَقَالُوا: مَا هَذَا? قَالُوا: سُمٌّ قَالَ:
بَاسْمِ اللهِ وَشَرِبَهُ. قُلْتُ: هَذِهِ وَاللهِ
الكَرَامَةُ وَهَذِهِ الشَّجَاعَةُ.
يُوْنُسُ بنُ أَبِي إِسْحَاقَ: عَنْ أَبِي السَّفَرِ
قَالَ: نَزَلَ خَالِدُ بنُ الوَلِيْدِ الحِيْرَةَ عَلَى
أُمِّ بَنِي المَرَازِبَةِ فَقَالُوا: احْذَرِ السُّم لاَ
تَسْقِكَ الأَعَاجِمُ فَقَالَ: ائْتُوْنِي بِهِ فَأُتِيَ
بِهِ فَاقْتَحَمَهُ وَقَالَ: بَاسْمِ اللهِ فَلَمْ
يَضُرَّه.
أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ: عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ
خَيْثَمَةَ قَالَ أُتي خَالِدُ بنُ الوَلِيْدِ بِرَجُلٍ
مَعَهُ زقُّ خَمْرٍ فَقَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ عَسَلاً
فَصَارَ عَسَلاً.
(3/229)
رَوَاهُ يَحْيَى بنُ آدَمَ، عَنْ أَبِي
بَكْرٍ وَقَالَ: خَلاًّ بَدَلَ العَسَلِ وَهَذَا أَشْبَهُ
وَيَرْوِيْهِ عَطَاءُ بنُ السَّائِبِ، عَنْ مُحَارِبِ بنِ
دِثَارٍ مُرْسَلاً.
ابْنُ أَبِي خَالِدٍ: عَنْ قَيْسٍ قَالَ: طلَّق خَالِدُ
بنُ الوَلِيْدِ امْرَأَةً فَكَلَّمُوْهُ فَقَالَ: لَمْ
يُصبها عِنْدِي مُصِيْبَةٌ وَلاَ بَلاَءٌ وَلاَ مَرَضٌ
فَرَابَنِي ذَلِكَ مِنْهَا.
المَدَائِنِيُّ: عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ
الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: قَدِمَ
أَبُو قَتَادَةَ عَلَى أَبِي بكر فأخبره بقتل مالك بن
نويرة وأصحابه فجزع وَكَتَبَ إِلَى خَالِدٍ فَقَدِمَ
عَلَيْهِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَلْ تَزِيْدُوْنَ عَلَى
أَنْ يَكُوْنَ تأوَّل فَأَخْطَأَ? ثُمَّ رَدَّهُ وَوَدَى
مَالكاً وردَّ السَّبْيَ وَالمَالَ.
وَعَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: دَخَلَ خَالِدٌ عَلَى أَبِي
بَكْرٍ فَأَخْبَرَهُ وَاعْتَذَرَ فَعَذَرَهُ.
قَالَ سَيْفٌ فِي "الرِّدَّةِ": عَنْ هِشَامِ بنِ
عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: شَهِدَ قَوْمٌ مِنَ
السَّرِيَّةِ أَنَّهُم أَذَّنوا وَأَقَامُوا وَصَلَّوْا
فَفَعَلُوا مِثْلَ ذَلِكَ وَشَهِدَ آخَرُوْنَ بِنَفْيِ
ذَلِكَ فَقُتِلُوا. وَقَدِمَ أَخُوْهُ مُتَّمم بنُ
نُوَيْرَةَ يُنْشِدُ الصِّدِّيْقَ دَمَهُ وَيَطْلُبُ
السَّبْيَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ بِرَدِّ السَّبْيِ وَأَلَحَّ
عَلَيْهِ عُمَرُ فِي أَنْ يَعْزِلَ خَالِداً وَقَالَ:
إِنَّ فِي سَيْفِهِ رَهَقاً فَقَالَ: لاَ يَا عُمَرُ لَمْ
أَكُنْ لأَشِيْمَ سَيْفاً سلَّه اللهُ عَلَى
الكَافِرِيْنَ.
سَيْفٌ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ
جَعْفَرِ بنِ الزُّبَيْرِ وَغَيْرِهِ أَنَّ خَالِداً بَثَّ
السَّرَايَا فأُتي بِمَالِكٍ. فَاخْتَلَفَ قَوْلُ النَّاسِ
فِيْهِم وَفِي إِسْلاَمِهِم وَجَاءتْ أُمُّ تَمِيْمٍ
كَاشِفَةً وَجْهَهَا فَأَكَبَّتْ عَلَى مَالِكٍ وَكَانَتْ
أَجْمَلَ النَّاسِ فَقَالَ لَهَا: إِلَيْكِ عَنِّي فَقَدْ
وَاللهِ قَتَلْتِنِي. فَأَمَرَ بِهِم خَالِدٌ فضُرِبَتْ
أَعْنَاقُهُم. فَقَامَ أَبُو قَتَادَةَ فَنَاشَدَهُ
فِيْهِم فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهِ فَرَكِبَ أَبُو
قَتَادَةَ فَرَسَهُ وَلَحِقَ بِأَبِي بَكْرٍ وَحَلَفَ: لاَ
أَسِيْرُ فِي جَيْشٍ وَهُوَ تَحْتَ لِوَاءِ خَالِدٍ.
وَقَالَ: تَرَكَ قَوْلِي وَأَخَذَ بِشَهَادَةِ الأَعْرَابِ
الذين فتنتهم الغنائم.
ابْنُ سَعْدٍ: أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ،
حَدَّثَنِي عُتْبَةُ بنُ جَبِيْرَةَ، عَنْ عَاصِمِ بنِ
عُمَرَ بنِ قَتَادَةَ. قَالَ: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ
عَبْدِ اللهِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَحَدَّثَنَا أُسَامَةُ
بنُ زَيْدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حَنْظَلَةَ بنِ
عَلِيٍّ الأَسْلَمِيِّ فِي حَدِيْثِ الرِّدَّةِ:
فَأَوْقَعَ بِهِم خَالِدٌ وَقَتَلَ مَالِكاً ثُمَّ
أَوْقَعَ بِأَهْلِ بُزَاخَةَ وَحَرَّقَهُم لِكَوْنِهِ
بَلَغَهُ عَنْهُم مَقَالَةٌ سَيِّئَةٌ شَتَمُوا النَّبِيَّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَضَى إِلَى
اليَمَامَةِ فَقَتَلَ مُسَيْلِمَةَ إِلَى أَنْ قَالَ:
وَقَدِمَ خَالِدٌ المَدِيْنَةَ بِالسَّبْيِ وَمَعَهُ
سَبْعَةَ عَشَرَ مِنْ وَفْدِ بَنِي حَنِيْفَةَ فَدَخَلَ
المَسْجِدَ وَعَلَيْهِ قُبَاءٌ عَلَيْهِ صَدَأُ الحَدِيْدِ
مُتَقَلِّداً السَّيْفَ فِي عِمَامَتِهِ أَسْهُمٌ. فَمَرَّ
بِعُمَرَ فَلَمْ يُكَلِّمْهُ وَدَخَلَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ
فَرَأَى مِنْهُ كُلَّ مَا يُحِبُّ وَعَلِمَ عُمَرُ
فَأَمْسَكَ. وَإِنَّمَا وَجَدَ عُمَرُ عَلَيْهِ لِقَتْلِهِ
مَالِكَ بن نويرة وتزوج بامرأته.
(3/230)
جويرية بنت أَسْمَاءَ: قَالَ: كَانَ
خَالِدُ بنُ الوَلِيْدِ مِنْ أَمَدِّ النَّاسِ بَصَراً
فَرَأَى رَاكِباً وَإِذَا هُوَ قَدْ قَدِمَ بِمَوْتِ
الصِّدِّيْقِ وَبِعَزْلِ خَالِدٍ.
قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: وَلِي عُمَرُ فَقَالَ: لأنزعنَّ
خَالِداً حَتَّى يُعْلَمَ أَنَّ اللهَ إِنَّمَا يَنْصُرُ
دِيْنَهُ يَعْنِي بِغَيْرِ خَالِدٍ.
وَقَالَ هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ قَالَ:
لَمَّا اسْتُخْلِفَ عُمَرُ كَتَبَ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ
إِنِّي قَدِ اسْتَعْمَلْتُكَ وَعَزَلْتُ خَالِداً.
وَقَالَ خَلِيْفَةُ: ولَّى عُمَرُ أَبَا عُبَيْدَةَ عَلَى
الشَّامِ فَاسْتَعْمَلَ يَزِيْدَ عَلَى فِلَسْطِيْنَ
وشُرحبيل بنَ حَسَنَةَ عَلَى الأُرْدُنِّ وَخَالِدَ بنَ
الوَلِيْدِ على دمشق وحبيب بن مَسْلَمَةَ عَلَى حِمْصَ.
الزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ
مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ لأَبِي
بَكْرٍ: اكْتُبْ إِلَى خَالِدٍ: إلَّا يُعْطِي شَاةً وَلاَ
بَعِيْراً إلَّا بِأَمْرِكَ فَكَتَبَ أَبُو بَكْرٍ
بِذَلِكَ قَالَ: فَكَتَبَ إِلَيْهِ خَالِدٌ إِمَّا أَنْ
تَدَعَنِي وَعَمَلِي وَإِلاَّ فَشَأْنُكَ بِعَمَلِكَ
فَأَشَارَ عُمَرُ بِعَزْلِهِ فَقَالَ: وَمَنْ يُجزئ
عَنْهُ? قَالَ عُمَرُ: أَنَا، قَالَ: فَأَنْتَ.
قَالَ مَالِكٌ: قَالَ زَيْدُ بنُ أَسْلَمَ: فَتَجَهَّزَ
عُمَرُ حَتَّى أُنيخت الظَّهرُ فِي الدَّارِ. وَحَضَرَ
الخُرُوْجُ فَمَشَى جَمَاعَةٌ إِلَى أَبِي بَكْرٍ
فَقَالُوا: مَا شَأْنُكَ تُخرِجُ عُمَرَ مِنَ المَدِيْنَةِ
وَأَنْتَ إِلَيْهِ مُحْتَاجٌ وَعَزَلْتَ خَالِداً وَقَدْ
كَفَاكَ? قَالَ: فَمَا أصنعُ قَالُوا: تَعزِمُ عَلَى
عُمَرَ لِيَجْلِسَ وَتكْتُبُ إِلَى خَالِدٍ فَيُقِيْمَ
عَلَى عَمَلِهِ فَفَعَلَ.
هِشَامُ بنُ سَعْدٍ: عَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، عَنْ
أَبِيْهِ قَالَ عُمَرُ لأَبِي بَكْرٍ: تَدَعُ خَالِداً
بِالشَّامِ يُنْفِقُ مَالَ اللهِ? قَالَ: فَلَمَّا
تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ أَسْلَمُ: سَمِعْتُ عُمَرَ
يَقُوْلُ: كذبتُ اللهَ إِنْ كُنْتُ أَمَرْتُ أَبَا بَكْرٍ
بِشَيْءٍ لاَ أَفْعَلُهُ فَكَتَبَ إِلَى خَالِدٍ فَكَتَبَ
خَالِدٌ إِلَيْهِ: لاَ حَاجَةَ لِي بِعَمَلِكَ. فَوَلَّى
أَبَا عُبَيْدَةَ.
الحَارِثُ بنُ يَزِيْدَ: عَنْ عُلَيِّ بنِ رَبَاحٍ، عَنْ
نَاشِرَةَ اليَزَنِيِّ: سَمِعْتُ عُمَرَ بِالجَابِيَةِ
وَاعْتَذَرَ مِنْ عَزْلِ خَالِدٍ قَالَ: وَأَمَّرْتُ أَبَا
عُبَيْدَةَ فَقَالَ أَبُو عَمْرٍو بنُ حَفْصِ بنِ
المُغِيْرَةِ: وَاللهِ مَا أَعْذَرْتَ نَزَعْتَ عَامِلاً
اسْتَعْمَلَهُ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- وَوَضَعْتَ لِوَاءً رَفَعَهُ رَسُوْلُ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: إِنَّكَ قريبُ
القرابةِ حَدِيْثُ السِّنِّ مغضبٌ في ابن عمك.
وَمِنْ كِتَابِ سَيْفٍ، عَنْ رِجَالِهِ قَالَ: كَانَ
عُمَرُ لاَ يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ عَمَلِهِ وَإِنَّ
خَالِداً أَجَازَ الأَشْعَثَ بِعَشْرَةِ آلاَفٍ فَدَعَا
البَرِيْدَ وَكَتَبَ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ أَنْ تُقِيْمَ
خالدًا وتعقله
(3/231)
بِعِمَامَتِهِ وَتنْزِعَ قُلُنْسُوَتَهُ
حَتَّى يُعلِمَكم مِنْ أَيْنَ أَجَازَ الأَشْعَثَ? أَمِنْ
مَالِ اللهِ أَمْ مِنْ مَالِهِ? فَإِنْ زَعَمَ أَنَّهُ
مِنْ إِصَابَةٍ أَصَابَهَا فَقَدْ أَقَرَّ بِخِيَانَةٍ
وَإِنْ زَعَمَ أَنَّهَا مِنْ مَالِهِ فَقَدْ أَسْرَفَ
وَاعْزِلْهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَاضْمُمْ إِلَيْك
عَمَلَهُ. فَفَعَلَ ذَلِكَ فَقَدِمَ خَالِدٌ عَلَى عُمَرَ
فَشَكَاهُ وَقَالَ: لَقَدْ شَكَوْتُكَ إِلَى
المُسْلِمِيْنَ وَبِاللهِ يَا عُمَرُ إِنَّكَ فِي أَمْرِي
غَيْرُ مُجمل فَقَالَ عُمَرُ: مِنْ أَيْنَ هَذَا
الثَّرَاءُ? قَالَ: مِنَ الأَنْفَالِ والسُّهمان مَا زَادَ
عَلَى السِتِّيْنَ أَلْفاً فَلَكَ تقوِّم عرُوْضَهُ قَالَ:
فَخَرَجَتْ عَلَيْهِ عِشْرُوْنَ أَلْفاً فَأَدْخَلَهَا
بَيْتَ المَالِ. ثُمَّ قَالَ: يَا خَالِدُ وَاللهِ إِنَّكَ
لَكَرِيْمٌ عليَّ وَإِنَّكَ لَحَبِيْبٌ إليَّ وَلَنْ
تُعَاتِبَنِي بَعْدَ اليَوْمِ عَلَى شَيْءٍ.
وَعَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيْهِ: عَزَلَ عُمَرُ
خَالِداً فَلَمْ يُعْلِمْهُ أَبُو عُبَيْدَةَ حَتَّى
عَلِمَ مِنَ الغَيْرِ. فَقَالَ: يَرْحَمُكَ اللهُ مَا
دَعَاكَ إِلَى أَنْ لاَ تُعْلِمَنِي? قَالَ: كَرِهْتُ أَنْ
أُرَوِّعَكَ.
جُوَيْرِيَةُ بنُ أَسْمَاءَ: عَنْ نَافِعٍ قَالَ: قَدِمَ
خَالِدٌ مِنَ الشَّامِ وَفِي عِمَامَتِهِ أسهمٌ ملطخةٌ
بِالدَّمِ فَنَهَاهُ عُمَرُ.
الأَصْمَعِيُّ: عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ
أَنَّ خَالِدَ بنَ الوَلِيْدِ دَخَلَ وَعَلَيْهِ قَمِيْصٌ
حَرِيْرٌ فَقَالَ عُمَرُ: مَا هَذَا? قَالَ: وما بأسه! قد
لبسه ابن عوف.
قَالَ: وَأَنْتَ مِثْلُهُ?! عَزَمْتُ عَلَى مَنْ فِي
البَيْتِ إلَّا أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُ قِطْعَةً
فَمَزَّقُوْهُ.
رَوَى عَاصِمُ بنُ بَهْدَلَةَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ أَظُنُّ
قَالَ: لَمَّا حَضَرَتْ خَالِداً الوَفَاةُ قَالَ: لَقَدْ
طَلَبْتُ القَتْلَ مظانَّه فَلَمْ يُقَدَّرْ لِي إلَّا
أَنْ أَمُوْتَ عَلَى فِرَاشِي. وَمَا مِنْ عَمَلِي شَيْءٌ
أَرْجَى عِنْدِي بَعْدَ التَّوْحِيْدِ مِنْ لَيْلَةٍ
بتُّها وَأَنَا مُتَتَرِّسٌ وَالسَّمَاءُ تُهِلُّنِي
نَنْتَظِرُ الصُّبْحَ حَتَّى نُغير عَلَى الكُفَّارِ.
ثُمَّ قَالَ: إِذَا متُّ فَانْظُرُوا إِلَى سِلاَحِي
وَفَرَسِي فَاجْعلُوْهُ عُدَّةً فِي سَبِيْلِ اللهِ.
فَلَمَّا تُوُفِّيَ خَرَجَ عُمَرُ عَلَى جِنَازَتِهِ
فَذَكَرَ قَوْلَهُ: مَا عَلَى آلِ الوَلِيْدِ أَنْ
يَسْفَحْنَ عَلَى خَالِدٍ مِنْ دُمُوْعِهِنَّ مَا لَمْ
يَكُنْ نَقْعاً أَوْ لقلقةً.
النقع: التراب على الرءوس وَاللَّقْلَقَةُ: الصُّرَاخُ.
وَيُرْوَى بِإِسْنَادٍ سَاقِطٍ أَنَّ عُمَرَ خَرَجَ فِي
جِنَازَةِ خَالِدٍ بِالمَدِيْنَةِ وَإِذَا أُمُّهُ تندبه
وتقول:
أنت خير من ألفَ ألفٍ مِنَ القَوْ ... مِ إِذَا مَا
كُبَّتْ وُجُوْهُ الرجال
فَقَالَ عُمَرُ: صَدَقْتِ إِنْ كَانَ لَكَذَلِكَ.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ
عَنْبَسَةَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ
الدِّيْبَاجَ يَقُوْلُ: لَمْ يَزَلْ خَالِدٌ مَعَ أَبِي
عُبَيْدَةَ حَتَّى تُوُفِّيَ أَبُو عُبَيْدَةَ
وَاسْتُخْلِفَ عِيَاضُ بنُ غَنْمٍ. فَلَمْ يَزَلْ خَالِدٌ
(3/232)
مَعَ عِيَاضٍ حَتَّى مَاتَ. فَانْعَزَلَ
خَالِدٌ إِلَى حِمْصَ فَكَانَ ثمَّ وحبَّس خَيْلاً
وَسِلاَحاً فَلَمْ يَزَلْ مُرَابِطاً بِحِمْصَ حَتَّى
نَزَلَ بِهِ فَعَادَهُ أَبُو الدَّرْدَاءِ فَذَكَرَ لَهُ
أَنَّ خَيْلَهُ الَّتِي حُبست بِالثَّغْرِ تُعلف مِنْ
مَالِي وَدَارِي بِالمَدِيْنَةِ صَدَقَةٌ وَقَدْ كنتُ
أشهدتُ عَلَيْهَا عُمَرَ. وَاللهِ يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ
لَئِنْ مَاتَ عُمَرُ لَتَرَيْنَّ أُمُوْراً تُنْكِرُهَا.
وَرَوَى إِسْحَاقُ بنُ يَحْيَى بنِ طَلْحَةَ، عَنْ عمِّه
مُوْسَى قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ أَبِي طَلْحَةَ إِلَى
مَكَّةَ مَعَ عُمَرَ فَبَيْنَا نَحْنُ نحطُّ، عَنْ
رَوَاحِلِنَا إِذْ أَتَى الخبرُ بِوَفَاةِ خَالِدٍ فَصَاحَ
عُمَرُ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ يَا طَلْحَةُ هَلَكَ أَبُو
سُلَيْمَانَ هَلَكَ خَالِدُ بنُ الوَلِيْدِ. فَقَالَ
طَلْحَةُ:
لاَ أعرفنَّكَ بَعْدَ المَوْتِ تَنْدُبُنِي ... وَفِي
حَيَاتِيَ مَا زَوَّدْتَنِي زَادَا
وَعَنْ أَبِي الزِّنَادِ: أَنَّ خَالِدَ بنَ الوَلِيْدِ
لَمَّا احْتُضِرَ بَكَى وَقَالَ: لَقِيْتُ كَذَا وَكَذَا
زَحْفاً وَمَا فِي جَسَدِي شِبْرٌ إلَّا وَفِيْهِ ضَرْبَةٌ
بِسَيْفٍ أَوْ رَمْيَةٌ بِسَهْمٍ وَهَا أَنَا أَمُوْتُ
عَلَى فِرَاشِي حَتْفَ أَنْفِي كَمَا يَمُوْتُ العِيْرُ
فَلاَ نَامَتْ أعينُ الجُبَنَاءِ.
قَالَ مُصْعَبُ بنُ عَبْدِ اللهِ: لَمْ يَزَلْ خَالِدٌ
بِالشَّامِ حَتَّى عَزَلَهُ عُمَرُ. وَهَلَكَ بِالشَّامِ
وَوَلِي عُمَرُ وصيته.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ: مَاتَ بِحِمْصَ سَنَةَ
إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ وَكَانَ قَدِمَ قَبْلَ ذَلِكَ
مُعْتَمِراً وَرَجَعَ.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ
رِيَاحٍ، عَنْ خَالِدِ بنِ رِيَاحٍ سَمِعَ ثَعْلَبَةَ بنَ
أَبِي مَالِكٍ يَقُوْلُ: رَأَيْتُ عُمَرَ بِقُبَاءَ
وَإِذَا حُجَّاجٌ مِنَ الشَّامِ قَالَ: مَنِ القَوْمُ
قَالُوا: مِنَ اليَمَنِ مِمَّنْ نَزَلَ حِمْصَ وَيَوْمَ
رَحَلْنَا مِنْهَا مَاتَ خَالِدُ بنُ الوَلِيْدِ
فَاسْتَرْجَعَ عُمَرُ مِرَاراً وَنَكَسَ وَأَكْثَرَ
التَّرَحُّمَ عَلَيْهِ وَقَالَ: كَانَ وَاللهِ سَدَّاداً
لِنَحْرِ العَدُوِّ مَيْمُوْنَ النَّقِيْبَةِ. فَقَالَ
لَهُ عَلِيٌّ: فَلِمَ عَزَلْتَهُ قَالَ: عَزَلْتُهُ
لِبَذْلِهِ المَالَ لأَهْلِ الشَّرَفِ وَذَوِي اللِّسَانِ
قَالَ: فَكُنْتَ عَزَلْتَهُ، عَنِ المَالِ وَتَتْرُكَهُ
عَلَى الجُنْدِ قَالَ: لَمْ يَكُنْ لِيَرْضَى قَالَ:
فهلَّا بَلَوْتَهُ.
وَرَوَى جُوَيْرِيَةُ:، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: لَمَّا مَاتَ
خَالِدٌ لَمْ يَدَعْ إلَّا فَرَسَهُ وَسِلاَحَهُ
وَغُلاَمَهُ فَقَالَ عُمَرُ: رَحِمَ اللهُ أَبَا
سُلَيْمَانَ كَانَ عَلَى مَا ظَنَنَّاهُ بِهِ.
الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: اجْتَمَعَ نِسْوَةُ
بَنِي المُغِيْرَةِ فِي دَارِ خَالِدٍ يَبْكِيْنَهُ
فَقَالَ عُمَرُ: مَا عَلَيْهِنَّ أَنْ يُرِقْنَ مِنْ
دُمُوْعِهِنَّ مَا لَمْ يَكُنْ نَقْعاً أَوْ لَقْلَقَةً.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ
وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ المُنْذِرِ وَأَبُو عُبَيْدٍ:
مَاتَ خَالِدٌ بِحِمْصَ سَنَةَ إِحْدَى وعشرين.
وقال دُحَيْم: مات بالمدينة.
قُلْتُ: الصَّحِيْحُ مَوْتُهُ بِحِمْصَ وَلَهُ مَشْهَدٌ
يُزَارُ. وَلَهُ فِي الصَّحِيْحَيْنِ حَدِيْثَانِ وَفِي
مُسْنَدِ بَقِيٍّ واحد وسبعون.
(3/233)
84- صفوان بن
بيضاء 1:
وَهِيَ أُمُّهُ اسْمُهَا دَعْدُ بِنْتُ جَحْدَمٍ
الفِهْرِيَّةُ وَأَبُوْهُ هُوَ وَهْبُ بنُ رَبِيْعَةَ بنِ
هِلاَلِ بنِ مَالِكِ بنِ ضَبَّةَ بنِ الحَارِثِ بنِ فهر بن
مالك.
أبو عمرو القرشي مِنَ المُهَاجِرِيْنَ شَهِدَ بَدْراً.
فَرَوَى الوَاقِدِيُّ، عَنْ مُحْرَزِ بنِ جَعْفَرٍ، عَنْ
جَعْفَرِ بنِ عَمْرٍو قَالَ: قَتَلَ صَفْوَانَ بنَ
بَيْضَاءَ طُعَيْمَةُ بنُ عَدِيٍّ ثُمَّ قَالَ
الوَاقِدِيُّ: هَذِهِ رِوَايَةٌ وَقَدْ روي لنا أن صفوان
بن بَيْضَاءَ لَمْ يُقْتَلْ يَوْمَ بَدْرٍ وَأَنَّهُ
شَهِدَ المَشَاهِدَ وَتُوُفِّيَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ
ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ ولم يعقب.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 416"، والجرح والتعديل "2/
ق1/ 421"، والإصابة "2/ ترجمة 4075".
(3/234)
85- أخوه سهيل
بن بيضاء الفهري 1:
مِنَ المُهَاجِرِيْنَ يُكْنَى: أَبَا مُوْسَى هَاجَرَ
الهِجْرَتَيْنِ إِلَى الحَبَشَةِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ
إِسْحَاقَ وَالوَاقِدِيِّ.
وَعَنْ عَاصِمِ بنِ عُمَرَ بنِ قَتَادَةَ، قَالَ: لَمَّا
هَاجَرَ سُهَيْلٌ وَصَفْوَانُ ابْنَا بَيْضَاءَ مِنْ
مَكَّةَ نَزَلاَ عَلَى كُلْثُوْمِ بنِ الهِدْمِ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: قَالُوا وَشَهِدَ سُهَيْلٌ بَدْراً
وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ سَنَةً وَشَهِدَ
أُحُداً إِلَى أَنْ قَالَ وَمَاتَ بَعْدَ رُجُوْعِ
رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ
تَبُوْكٍ بِالمَدِيْنَةِ سَنَةَ تِسْعٍ وَلَمْ يُعْقِبْ.
قُلْتُ: وَهُوَ الَّذِي صَلَّى عَلَيْهِ النَّبِيُّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في المسجد ولهما أخ
اسمه سهل بن بيضاء الفهري، وشهد بدرًا، وشهد أحدًا.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 415-416"، والجرح والتعديل
"2/ ق1/ 245"، والإصابة "2/ ترجمة 3516".
(3/234)
86- المقداد بن
عمرو 1:
صَاحِبِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- وَأَحَدُ السَّابِقِيْنَ الأَوَّلِيْنَ. وَهُوَ
المِقْدَادُ بنُ عَمْرِو بنِ ثَعْلَبَةَ بنِ مَالِكِ بنِ
رَبِيْعَةَ القُضَاعِيُّ الكِنْدِيُّ البَهْرَانِيُّ.
وَيُقَالُ لَهُ: المِقْدَادُ بنُ الأَسْوَدِ؛ لأَنَّهُ
رُبِّي فِي حَجْرِ الأَسْوَدِ بنِ عَبْدِ يغوث
الزُّهْرِيِّ فَتَبَنَّاهُ وَقِيْلَ بَلْ كَانَ عَبْداً
لَهُ أَسْوَدَ اللَّوْنِ فَتَبَنَّاهُ وَيُقَالُ: بَلْ
أَصَابَ دَماً فِي كِنْدَةَ فَهَرَبَ إِلَى مَكَّةَ
وَحَالَفَ الأَسْوَدَ.
شَهِدَ بَدْراً وَالمَشَاهِدَ، وَثَبَتَ أَنَّهُ كَانَ
يَوْمَ بَدْرٍ فَارِساً وَاخْتَلَفَ يَوْمَئِذٍ فِي
الزُّبَيْرِ.
لَهُ جَمَاعَةُ أَحَادِيْثَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَلِيٌّ، وَابْنُ مَسْعُوْدٍ وَابْنُ
عَبَّاسٍ وَجُبَيْرُ بنُ نُفَيْرٍ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى
وَهَمَّامُ بنُ الحَارِثِ وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عَدِيِّ
بنِ الخِيَارِ وَجَمَاعَةٌ.
وَقِيْلَ: كَانَ آدَمَ طُوَالاً ذَا بَطْنٍ أَشْعَرَ
الرَّأْسِ أَعْيَنَ مَقْرُوْنَ الحَاجِبَيْنَ مَهِيْباً
عَاشَ نَحْواً مِنْ سَبْعِيْنَ سَنَةً مَاتَ فِي سَنَةِ
ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَصَلَّى عَلَيْهِ عُثْمَانُ بنُ
عَفَّانَ وَقَبْرُهُ بِالبَقِيْعِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
حَدِيْثُهُ فِي "السِّتَّةِ" لَهُ حَدِيْثٌ فِي الصحيحين
وانفرد له مسلم بأربعة أحاديث.
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ الأَسَدِيُّ، أَنْبَأَنَا ابْنُ
خَلِيْلٍ، أَنْبَأَنَا اللَّبَّانُ، أَنْبَأَنَا أَبُو
عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ،
أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ المُسْندِيُّ، حَدَّثَنَا
مُوْسَى بنُ هَارُوْنَ، حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بنُ
الوَلِيْدِ، حَدَّثَنَا بشر بن المفضل، حدثنا بن عَوْنٍ،
عَنْ عُمَيْرِ بنِ إِسْحَاقَ، عَنِ المِقْدَادِ بنِ
الأَسْوَدِ قَالَ اسْتَعْمَلَنِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى عَمَلٍ فَلَمَّا
رَجَعْتُ قَالَ: "كَيْفَ وَجَدْتَ الإِمَارَةَ"؟ قُلْتُ:
يَا رَسُوْلَ اللهِ! مَا ظَنَنْتُ إلَّا أَنَّ النَّاسَ
كُلَّهُم خَوَلٌ لِي وَاللهِ لاَ أَلِي عَلَى عَمَلٍ مَا
دُمْتُ حَيّاً.
بَقِيَّةُ: حَدَّثَنَا حَرِيْزُ بنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنِي
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَيْسَرَةَ، حَدَّثَنِي أَبُو
رَاشِدٍ الحُبْرَانِيُّ قَالَ: وَافَيْتُ المِقْدَادَ
فَارِسَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- بِحِمْصَ عَلَى تَابُوْتٍ مِنْ تَوَابِيْتِ
الصَّيَارِفَةِ قَدْ أَفْضَلَ عَلَيْهَا مِنْ عِظَمِهِ
يُرِيْدُ الغَزْوَ فَقُلْتُ لَهُ: قَدْ أَعْذَرَ اللهُ
إِلَيْكَ. فَقَالَ: أَبَتْ عَلَيْنَا سُوْرَةُ البُحُوْثِ
{انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا} [التوبة: 41] .
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 161-163"، تاريخ البخاري
الكبير "4/ ق2/ 54"، والجرح والتعديل "4/ ق1/ 426"، وحلية
الأولياء "1/ 172-176"، والعبر "1/ 34"، وتهذيب التهذيب
"10/ 285-287"، والإصابة "3/ ترجمة 8183".
(3/235)
يَحْيَى الحِمَّانِيُّ: حَدَّثَنَا ابْنُ
المُبَارَكِ، عَنْ صَفْوَانَ بنِ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ جُبَيْرِ بنِ نُفَيْرٍ، عَنْ
أَبِيْهِ قَالَ: جَلَسْنَا إِلَى المِقْدَادِ يَوْماً
فَمَرَّ بِهِ رَجُلٌ فَقَالَ: طُوْبَى لِهَاتَيْنِ
العَيْنَيْنِ اللَّتَيْنِ رَأَتَا رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَاللهِ لَوَدِدْنَا أَنَّا
رَأَيْنَا مَا رَأَيْتَ فَاسْتَمَعْتُ فَجَعَلْتُ أَعْجَبُ
مَا قَالَ إلَّا خَيْراً ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِ فَقَالَ:
مَا يَحْمِلُ أَحَدَكُم عَلَى أَنْ يَتَمَنَّى مَحْضَراً
غَيَّبَهُ اللهُ عَنْهُ لاَ يَدْرِي لَوْ شَهِدَهُ كَيْفَ
كَانَ يَكُوْنُ فِيْهِ وَاللهِ لَقَدْ حَضَرَ رَسُوْلَ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَقْوَامٌ
كَبَّهُمُ اللهُ عَلَى مَنَاخِرِهِم فِي جَهَنَّمَ لَمْ
يُجِيْبُوْهُ ولم يصدقوه أولا تحمدون الله لا تَعْرِفُوْنَ
إلَّا رَبَّكُم مُصَدِّقِيْنَ بِمَا جَاءَ بِهِ نَبِيُّكُم
وَقَدْ كُفِيْتُم البَلاَءَ بِغَيْرِكُم? وَاللهِ لَقَدْ
بُعِثَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
عَلَى أَشَدِّ حَالٍ بُعِثَ عَلَيْهِ نَبِيٌّ فِي فَتْرَةٍ
وَجَاهِلِيَّةٍ مَا يَرَوْنَ دِيْناً أَفْضَلَ مِنْ
عِبَادَةِ الأَوْثَانِ فَجَاءَ بِفُرْقَانٍ حَتَّى إِنَّ
الرَّجُلَ لَيَرَى وَالِدَهُ أَوْ وَلَدَهُ أَوْ أَخَاهُ
كَافِراً وَقَدْ فتح الله قفل قبله لِلإِيْمَانِ
لِيَعْلَمَ أَنَّهُ قَدْ هَلَكَ مَنْ دَخَلَ النَّارَ
فَلاَ تَقَرُّ عَيْنُهُ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ حَمِيْمَهُ
فِي النَّارِ وَأَنَّهَا لَلَّتِي قَالَ اللهُ تَعَالَى:
{رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا
قُرَّةَ أَعْيُن} [الفُرْقَانُ: 74] .
وَفِي "مُسْنَدِ أَحْمَدَ" لِبُرَيْدَةَ: قَالَ رَسُوْلُ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عَلَيْكُم
بِحُبِّ أربعةٍ: عَلِيٍّ وَأَبِي ذَرٍّ وَسَلْمَانَ
وَالمِقْدَادِ".
وَعَنْ كَرِيْمَةَ بِنْتِ المِقْدَادِ أَنَّ المِقْدَادَ
أَوْصَى لِلْحَسَنِ وَالحُسَيْنِ بِسِتَّةٍ وَثَلاَثِيْنَ
أَلْفاً وَلأُمَّهَاتِ المُؤْمِنِيْنَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ
بِسَبْعَةِ آلاَفِ دِرْهَمٍ وَقِيْلَ: إِنَّهُ شَرِبَ
دُهْنَ الخِرْوَعِ فَمَاتَ.
(3/236)
87- أُبُّي بن كعب 1: "ع"
ابن قيس بن عبيد بن زَيْدِ بنِ مُعَاوِيَةَ بنِ عَمْرِو
بنِ مَالِكِ بنِ النَّجَّارِ.
سَيِّدُ القُرَّاءِ أَبُو مُنْذِرٍ الأَنْصَارِيُّ
النَّجَّارِيُّ المَدَنِيُّ المُقْرِئُ البَدْرِيُّ
وَيُكْنَى أَيْضاً أَبَا الطُّفَيْلِ.
شَهِدَ العَقَبَةَ وَبَدْراً وَجَمَعَ القُرْآنَ فِي
حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
وَعَرَضَ عَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَحَفِظَ
عَنْهُ عِلْماً مُبَارَكاً وَكَانَ رَأْساً فِي العِلْمِ
وَالعَمَلِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
حَدَّثَ عَنْهُ: بَنُوْهُ مُحَمَّدٌ، وَالطُّفَيْلُ،
وَعَبْدُ اللهِ، وَأَنَسُ بنُ مَالِكٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ،
وَسُوَيْدُ بنُ غَفَلَةَ، وَزِرُّ بنُ حُبَيْشٍ، وَأَبُو
العَالِيَةِ الرِّيَاحِيُّ، وأبو عثمان النهدي، وسليمان بن
صرد،
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 498-502"، التاريخ الكبير
"1/ ق2/ 39-40"، والجرح والتعديل "1/ ق1/ 290"، وحلية
الأولياء "1/ 250-256"، والإصابة "1/ ترجمة 32"، تهذيب
التهذيب "1/ 187".
(3/236)
وَسَهْلُ بنُ سَعْدٍ، وَأَبُو إِدْرِيْسَ
الخَوْلاَنِيُّ وَعَبْدُ اللهِ بنُ الحَارِثِ بنِ نَوْفَلٍ
وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبْزَى وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ
بنُ أَبِي لَيْلَى وَعُبَيْدُ بنُ عُمَيْرٍ وَعُتِيُّ
السَّعْدِيُّ وَابْنُ الحَوْتَكِيَّةِ وَسَعِيْدُ بنُ
المُسَيِّبِ وَكَأَنَّهُ مُرْسَلٌ وَآخَرُوْنَ.
فَعَنْ عِيْسَى بنِ طَلْحَةَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ، قَالَ:
كَانَ أُبَيٌّ رَجُلاً دَحْدَاحاً يَعْنِي رَبْعَةً لَيْسَ
بالطويل ولا بالقصير.
وعن بن عَبَّاسِ بنِ سَهْلٍ، قَالَ: كَانَ أُبَيٌّ
أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ وَقَالَ أَنَسٌ قَالَ
النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأُبَيِّ
بنِ كَعْبٍ: "إِنَّ اللهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ
عَلَيْكَ القُرْآنَ" وَفِي لَفْظٍ: "أَمَرَنِي أَنْ
أُقْرِئَكَ القُرْآنَ". قَالَ: الله سَمَّانِي لَكَ?
قَالَ: "نَعَمْ". قَالَ وَذُكِرْتُ عِنْدَ رَبِّ
العَالَمِيْنَ? قَالَ: "نَعَمْ" فذرفت عيناه1.
وَلَمَّا سَأَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- أُبيًّا عَنْ: "أَيِّ آيَةٍ فِي القُرْآنِ
أَعْظَمُ"؟ فَقَالَ أُبَيٌّ: {اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ
هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البَقَرَةُ: 255] . ضَرَبَ
النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي
صَدْرِهِ وَقَالَ: "لِيَهْنِكَ العِلْمُ أَبَا المُنْذِرِ"
2.
قَالَ أَنَسُ بنُ مَالِكٍ: جَمَعَ القُرْآنَ عَلَى عَهْدِ
رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أربعة
كلهم من الأنصار أبي بن كعب ومعاذ بن جبل وزيد بن ثَابِتٍ
وَأَبُو زَيْدٍ أَحَدُ عُمُوْمَتِي3.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ أُبَيٌّ لِعُمَرَ بنِ
الخَطَّابِ: إِنِّي تَلَقَّيْتُ القُرْآنَ مِمَّنْ
تَلَقَّاهُ مِنْ جِبْرِيْلَ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- وَهُوَ
رَطْبٌ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ عمر: أقضانا علي وأقرأنا
أُبي وَإِنَّا لَنَدَعُ مِنْ قِرَاءةِ أُبي وَهُوَ
يَقُوْلُ: لاَ أَدَعُ شَيْئاً سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُوْلِ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَدْ قَالَ
اللهُ تَعَالَى {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا
نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} [البَقَرَةُ:
106] 4.
__________
1 صحيح على شرط الشيخين: أخرجه أحمد "3/ 130، 185، 218،
233، 273، 284"، والبخاري "3809، 4959، 4960، 4961"، ومسلم
"799، 245، 246"، والترمذي "3792"، والنسائي في "فضائل
الصحابة" "134"، وأبو يعلى "2843، 2995، 3246"، وأبو نعيم
في "الحلية" "1/ 251" من طرق عن قتادة، عن أنس، به.
2 صحيح: أخرجه مسلم "810" من حديث أبي بن كعب، به.
وقوله: "ليهنك العلم": أي ليكن العلم هنيئا لك.
3 صحيح: أخرجه البخاري "5003"، ومسلم "2465".
4 صحيح: أخرجه البخاري "4481".
(3/237)
وَرَوَى أَبُو قِلاَبَةَ، عَنْ أَنَسٍ،
قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وسلم: "أقرأ أُمَّتِي أُبي".
وَعَنْ أَبِي سَعِيْدٍ قَالَ: قَالَ أُبي: يَا رَسُوْلَ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا جَزَاءُ
الحُمَّى? قَالَ: "تُجْرِي الحَسَنَاتِ عَلَى صَاحِبِهَا".
فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ حُمَّىً لاَ
تَمْنَعُنِي خُرُوْجاً فِي سَبِيْلِكَ فَلَمْ يُمْسِ
أُبَيٌّ قَطُّ إلَّا وَبِهِ الحُمَّى.
قُلْتُ: مُلاَزَمَةُ الحُمَّى لَهُ حَرَّفَتْ خُلُقَهُ
يَسِيْراً وَمِنْ ثَمَّ يَقُوْلُ زِرُّ بنُ حُبَيْشٍ كَانَ
أُبي فِيْهِ شَرَاسَةٌ.
قَالَ أَبُو نَضْرَةَ العَبْدِيُّ: قَالَ رَجُلٌ مِنَّا
يُقَالُ لَهُ جَابِرٌ أَوْ جُوَيْبِرٌ: طَلَبْتُ حَاجَةً
إِلَى عُمَرَ وَإِلَى جَنْبِهِ رَجُلٌ أَبْيَضُ الثِّيَابِ
وَالشَّعْرِ فَقَالَ: إِنَّ الدُّنْيَا فِيْهَا بَلاَغُنَا
وَزَادُنَا إِلَى الآخِرَةِ وَفِيْهَا أَعْمَالُنَا
الَّتِي نُجْزَى بِهَا فِي الآخِرَةِ فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا
يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ? قَالَ: هَذَا سَيِّدُ
المُسْلِمِيْنَ أُبي بنُ كَعْبٍ.
قَالَ مُغِيْرَةُ بنُ مُسلمٍ: عَنِ الرَّبِيْعِ، عَنْ
أَنَسٍ، عَنْ أَبِي العَالِيَةِ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ
لأُبَيِّ بنِ كَعْبٍ: أَوْصِنِي قَالَ: اتَّخِذْ كِتَابَ
اللهِ إِمَاماً وَارْضَ بِهِ قَاضِياً وحكمًا فَإِنَّهُ
الَّذِي اسْتَخْلَفَ فِيْكُم رَسُوْلُكُم شَفِيْعٌ مُطَاعٌ
وَشَاهِدٌ لاَ يُتَّهَمُ فِيْهِ ذِكْرُكُم وَذِكْرُ مَنْ
قَبْلَكُم وَحَكَمُ مَا بَيْنَكُم وَخَبَرُكُم وَخَبَرُ
مَا بَعْدَكُم.
الثَّوْرِيُّ: وَأَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ وَاللَّفْظُ
لَهُ، عَنِ الرَّبِيْعِ بنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي
العَالِيَةِ، عَنْ أُبَيٍّ {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى
أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ}
[الأنعام: 65] قَالَ: هُنَّ أَرْبَعٌ كُلُّهُنَّ عَذَابٌ
وَكُلُّهُنَّ وَاقِعٌ لاَ مَحَالَةَ فَمَضَتْ اثْنَتَانِ
بَعْدَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- بِخَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ سَنَةً فَأُلْبِسُوا
شِيَعاً وَذَاقَ بَعْضُهُم بَأْسَ بَعْضٍ وَبَقِيَ اثنتان
وَاقِعَتَانِ لاَ مَحَالَةَ الخَسْفُ وَالرَّجْمُ.
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ الأَسَدِيُّ، أَنْبَأَنَا يُوْسُفُ
الحَافِظُ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ،
أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ المُقْرِئُ، أَنْبَأَنَا أَبُو
نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ
أَيُّوْبَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعْدَانَ،
حَدَّثَنَا بَكْرُ بنُ بَكَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ
الحَمِيْدِ بنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ
سُلَيْمَانَ بنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ الحَارِثِ
بنِ نَوْفَلٍ قَالَ: كُنْتُ وَاقِفاً مَعَ أُبي بنِ كَعْبٍ
فِي ظِلِّ أُطُمِ حَسَّانٍ وَالسُّوْقُ سُوْقُ الفَاكِهَة
اليَوْمَ فَقَالَ أُبي: إلَّا تَرَى النَّاسَ مُخْتَلِفَةً
أَعْنَاقُهُم فِي طَلَبِ الدُّنْيَا? قُلْتُ: بَلَى قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: "يُوْشِكُ أَنْ يَحْسِرَ الفُرَاتُ،
عَنْ جَبَلٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَإِذَا سَمِعَ بِهِ
(3/238)
النَّاسُ سَارُوا إِلَيْهِ فَيَقُوْلُ مَنْ
عِنْدَهُ لَئِنْ تَرَكْنَا النَّاسَ يَأْخُذُوْنَ مِنْهُ
لاَ يَدَعُوْنَ مِنْهُ شيئًا فيقتل الناس من كل مئة تسعة
وتسعون" 1.
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيْقِ عَبْدِ الحَمِيْدِ
وَلَهُ إِسْنَادٌ آخَرُ وَهُوَ الزُّبَيْدِيُّ، عَنِ
الزُّهْرِيِّ، عَنْ إِسْحَاقَ مَوْلَى المُغِيْرَةِ، عَنْ
أُبي.
أَبُو صَالِحٍ الكَاتِبُ: حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ عُلَيٍّ،
عَنْ أَبِيْهِ أَنَّ عُمَرَ خَطَبَ بِالجَابِيَةِ فَقَالَ:
مَنْ أَرَادَ أَنْ يَسْأَلَ، عَنِ القُرْآنِ فَلْيَأْتِ
أُبي بنَ كَعْبٍ وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَسْأَلَ، عَنِ
الفَرَائِضِ فَلْيَأْتِ زَيْداً وَمَنْ أَرَادَ أَنْ
يَسْأَلَ، عَنِ الفِقْهِ فَلْيَأْتِ مُعَاذاً وَمَنْ
أَرَادَ أَنْ يَسْأَلَ، عَنِ المَالِ فَلْيَأْتِنِي
فَإِنَّ اللهَ جَعَلَنِي خَازِناً وَقَاسِماً.
وَرَوَاهُ الوَاقِدِيُّ، عَنْ مُوْسَى أَيْضاً.
أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ
قَالَ: أَتَيْتُ المَدِيْنَةَ فَأَتَيْتُ أُبيًا فَقُلْتُ:
يَرْحَمُكَ الله اخفض لي جناحك -وكان امرأ فِيْهِ
شَرَاسَةٌ- فَسَأَلْتُهُ، عَنْ لَيْلَةِ القَدْرِ فَقَالَ:
لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ.
سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: عَنْ أَسْلَمَ المِنْقَرِيِّ،
عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبْزَى،
عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: قَالَ أُبي بنُ كَعْبٍ: قَالَ لِي
رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"أُمِرْتُ أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ القُرْآنَ" قُلْتُ: يَا
رَسُوْلَ اللهِ! وَسُمِّيْتُ لَكَ? قَالَ: "نَعَمْ" قُلْتُ
لأُبِيٍّ: فَرِحْتَ بِذَلِكَ? قَالَ: وَمَا يَمْنَعُنِي
وَهُوَ تَعَالَى يَقُوْلُ: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ
وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا} [يونس: 58] .
تَابَعَهُ: الأَجْلَحُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِيْهِ.
مُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى بنِ الطَّبَّاعِ: حَدَّثَنَا
مُعَاذُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أُبَيِّ بنِ كعب،
عن أبيه، عن جده، عن أبي قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا أَبَا المُنْذِرِ إِنِّي
أُمِرْتُ أَنْ أَعْرِضَ عَلَيْكَ القُرْآنَ" فَقُلْتُ:
بِاللهِ آمَنْتُ وَعَلَى يَدِكَ أَسْلَمْتُ وَمِنْكَ
تَعَلَّمْتُ فَرَدَّ القَوْلَ فَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ
اللهِ! وَذُكِرْتُ هُنَاكَ? قَالَ: "نَعَمْ بِاسْمِكَ
وَنَسَبِكَ فِي المَلأِ الأَعْلَى" قُلْتُ: اقْرَأْ إِذَنْ
يَا رَسُوْلَ اللهِ.
وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو حَاتِمٍ الرازي، عن بن الطَّبَّاعِ
فَقَالَ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُعَاذِ
بنِ أُبي.
__________
1 صحيح: أخرجه مسلم "2895" من حديث أبي بن كعب، به.
(3/239)
سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي
وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوْقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو
مَرْفُوْعاً: "اسْتَقْرِئُوا القُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ:
مِنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ وَأُبَيٍّ وَمُعَاذٍ وَسَالِمٍ
مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ" 1.
وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيْثِ ابْنِ عُمَرَ
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
صَلَّى صَلاَةً فَلُبِّسَ عَلَيْهِ فَلَمَّا انْصَرَفَ
قَالَ لأُبي: "أَصَلَّيْتَ معنا"؟ قال: نعم قال: "فما
منعك"؟.
شُعْبَةُ: عَنْ أَبِي جَمْرَةَ2، حَدَّثَنَا إِيَاسُ بنُ
قَتَادَةَ، عَنْ قَيْسِ بنِ عُبَادٍ قَالَ: أَتَيْتُ
المَدِيْنَةَ لِلِقَاءِ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَمْ يَكُنْ فِيْهِم رَجُلٌ
أَلْقَاهُ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ أُبَيٍّ فَأُقِيْمَتِ
الصَّلاَةُ وَخَرَجَ فَقُمْتُ فِي الصَّفِّ الأَوَّلِ
فَجَاءَ رَجُلٌ فَنَظَرَ فِي وُجُوْهِ القَوْمِ
فَعَرَفَهُمْ غَيْرِي فَنَحَّانِي وَقَامَ فِي مَقَامِي
فَمَا عَقِلْتُ صَلاَتِي فَلَمَّا صَلَّى قَالَ: يا بني!
لا يسوءك اللهُ فَإِنِّي لَمْ آتِ الَّذِي أَتَيْتُ
بِجَهَالَةٍ وَلَكِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لَنَا: "كُوْنُوا فِي الصَّفِّ
الَّذِي يَلِيْنِي" وَإِنِّي نَظَرْتُ فِي وُجُوْهِ
القَوْمِ فَعَرَفْتُهُم غَيْرَكَ وَإِذَا هُوَ أُبي
-رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
الدَّارِمِيُّ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ حَسَّانٍ،
حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، أَخْبَرَنَا
يَزِيْدُ بنُ شَدَّادٍ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بنُ
قُرَّةَ، حَدَّثَنِي عُتْبَةُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ
عَمْرِو بنِ العَاصِ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي
قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي يَوْمِ عِيْدٍ فَقَالَ: "ادْعُوا
لِي سَيِّدَ الأَنْصَارِ" فَدَعَوْا أُبي بنَ كَعْبٍ
فَقَالَ: "يَا أُبي! ائْتِ بَقِيْعَ المُصَلَّى فأمر
بكنسه" الحديث.
الوَلِيْدُ بنُ مُسلمٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ
العَلاَءِ، عَنْ عَطِيَّةَ بنِ قَيْسٍ، عَنْ أَبِي
إِدْرِيْسَ الخَوْلاَنِيِّ أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ
رَكِبَ إِلَى المَدِيْنَةِ فِي نَفَرٍ مِنْ أَهْلِ
دِمَشْقَ فَقَرَؤُوا يَوْماً عَلَى عُمَرَ {إِذْ جَعَلَ
الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ
حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّة} [الفَتْحُ: 26] ، وَلَوْ
حَمِيْتُمْ كَمَا حَمَوْا لَفَسَدَ المَسْجِدُ الحَرَامُ
فَقَالَ عُمَرُ: مَنْ أَقْرَأَكُم هَذَا? قَالُوا: أُبي
بنُ كعب فدعا به فلما أتى قال: اقرءوا فقرءوا كَذَلِكَ
فَقَالَ أُبَيٌّ: وَاللهِ يَا عُمَرُ إِنَّكَ لَتَعْلَمُ
أَنِّي كُنْتُ أَحْضُرُ وَيَغِيْبُوْنَ وَأُدْنَى
وَيُحْجَبُوْنَ وَيُصْنَعُ بِي وَيُصْنَعُ بِي وَوَاللهِ
لَئِنْ أَحْبَبْتَ لأَلْزِمَنَّ بَيْتِي فَلاَ أُحَدِّثُ
شَيْئاً وَلاَ أُقْرِئُ أَحَداً حَتَّى أَمُوْتَ. فَقَالَ
عُمَرُ: اللَّهُمَّ غُفْراً! إِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ
اللهَ قَدْ جَعَلَ عِنْدَكَ عِلْماً فَعَلِّمِ النَّاسَ
مَا عُلِّمْتَ.
ابْنُ عُيَيْنَةَ: عَنْ عَمْرٍو، عَنْ بَجَالَةَ -أَوْ
غَيْرِهِ- قَالَ: مَرَّ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ بِغُلاَمٍ
يَقْرَأُ فِي
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "3758" من حديث عبد الله بن عمرو،
به.
2 أبو جمرة: هو نصر بن عمران الضُّبَعي، بضم المعجم وفتح
الموحدة بعدها مهملة، أبو جمرة البصري، نزيل خراسان، ثقة
ثبت، من الطبقة الثالثة، روى له الجماعة.
(3/240)
المُصْحَفِ {النَّبِيُّ أَوْلَى
بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ
أُمَّهَاتُهُم} [الأَحْزَابُ: 6] ، "وَهُوَ أَبٌ لَهُمْ"
فَقَالَ: يَا غُلاَمُ حُكَّهَا، قَالَ: هَذَا مُصْحَفُ
أُبي فَذَهَبَ إِلَيْهِ فَسَأَلَهُ فَقَالَ: إِنَّهُ كَانَ
يُلْهِيْنِي القُرْآنُ وَيُلْهِيْكَ الصَّفْقُ
بِالأَسْوَاقِ.
عَوْفٌ: عَنِ الحَسَنِ، حَدَّثَنِي عُتَى بنُ ضَمْرَةَ
قَالَ: رَأَيْتُ أَهْلَ المَدِيْنَةِ يَمُوْجُوْنَ فِي
سِكَكِهِم فَقُلْتُ: مَا شَأْنُ هَؤُلاَءِ? فَقَالَ
بَعْضُهُم: مَا أَنْتَ مِنْ أَهْلِ البَلَدِ? قُلْتُ: لاَ،
قَالَ: فَإِنَّهُ قَدْ مَاتَ اليَوْمَ سَيِّدُ
المُسْلِمِيْنَ أُبي بنُ كَعْبٍ.
أَيُّوْبُ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ، عَنْ أَبِي المُهَلَّبِ،
عَنْ أُبي قَالَ: إِنَّا لَنَقْرَؤُهُ فِي ثَمَانِ لَيَالٍ
-يَعْنِي القُرْآنَ.
سَلاَّمُ بنُ مِسْكِيْنٍ، حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بنُ عَبْدِ
اللهِ قَالَ أُبي بنُ كَعْبٍ لِعُمَرَ بنِ الخَطَّابِ: مَا
لَكَ لاَ تَسْتَعْمِلُنِي? قَالَ: أَكْرَهُ أَنْ يُدَنَّسَ
دِيْنُكَ.
الأَعْمَشُ، عَنْ حَبِيْبِ بنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ
سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ عُمَرُ:
اخْرُجُوا بِنَا إِلَى أَرْضِ قَوْمِنَا فَكُنْتُ فِي
مُؤَخَّرِ النَّاسِ مَعَ أُبي بنِ كَعْبٍ فَهَاجَتْ
سَحَابَة فَقَالَ: اللَّهُمَّ اصْرِفْ عَنَّا أَذَاهَا،
قَالَ: فَلَحِقْنَاهُمْ وَقَدِ ابْتَلَّتْ رِحَالُهُم
فَقَالَ عُمَرُ: مَا أَصَابَكُمُ الَّذِي أَصَابَنَا؟
قُلْتُ: إِنَّ أَبَا المُنْذِرِ قَالَ: اللَّهُمَّ اصْرِفْ
عَنَّا أَذَاهَا، قَالَ: فَهَلاَّ دَعَوْتُمْ لَنَا
مَعَكُمْ.
قَالَ مَعْمَرٌ: عَامَّةُ عِلْمِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ
ثَلاَثَةٍ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وأُبي.
قَالَ مَسْرُوْقٌ: سَأَلْتُ أُبيًّا، عَنْ شَيْءٍ فَقَالَ:
أَكَانَ بَعْدُ? قلت: لا، قال: فَاحْمِنَا حَتَّى يَكُوْنَ
فَإِذَا كَانَ اجْتَهَدْنَا لَكَ رَأْيَنَا.
الجُرَيْرِيُّ: عَنْ أَبِي نَضْرَةَ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ
مِنَّا يُقَالُ لَهُ: جَابِرٌ أَوْ جُوَيْبِرٌ قَالَ:
أَتَيْتُ عُمَرَ وَقَدْ أُعْطِيْتُ مَنْطِقاً فَأَخَذْتُ
فِي الدُّنْيَا فَصَغَّرْتُهَا فَتَرَكْتُهَا لاَ تَسْوَى
شَيْئاً وَإِلَى جَنْبِهِ رَجُلٌ أَبْيَضُ الرَّأْسِ
وَاللِّحْيَةِ وَالثِّيَابِ فَقَالَ: كُلُّ قَوْلِكَ
مُقَارِبٌ إلَّا وُقُوْعَكَ فِي الدُّنْيَا هَلْ تَدْرِي
مَا الدُّنْيَا? فِيْهَا بَلاَغُنَا -أَوْ قَالَ زَادُنَا-
إِلَى الآخِرَةِ وَفِيْهَا أَعْمَالُنَا الَّتِي نُجْزَى
بِهَا قُلْتُ: مَنْ هَذَا يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ?
قَالَ: هَذَا سَيِّدُ المُسْلِمِيْنَ أُبي بنُ كَعْبٍ.
أَصْرَمُ بنُ حَوْشَبٍ1، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ،
عَنِ الرَّبِيْعِ بنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي العَالِيَةِ
قَالَ: كَانَ أُبي صَاحِبَ عِبَادَةٍ فَلَمَّا احْتَاجَ
النَّاسُ إِلَيْهِ تَرَكَ العِبَادَةَ وَجَلَسَ للقوم.
__________
1 هو: أصرم بن حوشب، أبو هشام، قاضي همذان، قال يحيى: كذاب
خبيث. وقال البخاري ومسلم والنسائي: متروك. وقال
الدارقطني: منكر الحديث. وقال ابن حبان: كان يضع الحديث
على الثقات.
(3/241)
عَوْفٌ، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ عُتَيِّ بنِ
ضَمْرَةَ قُلْتُ لأُبي بنِ كَعْبٍ: مَا شَأْنُكُم يَا
أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نأتيكم من الغربة
نرجو عِنْدَكُمُ الخَيْرَ فَتَهَاوَنُوْنَ بِنَا? قَالَ:
وَاللهِ لَئِنْ عِشْتُ إِلَى هَذِهِ الجُمُعَةِ
لأَقُوْلَنَّ قَوْلاً لاَ أُبَالِي اسْتَحْيَيْتُمُوْنِي
أَوْ قَتَلْتُمُوْنِي فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الجُمُعَةِ
خَرَجْتُ فَإِذَا أَهْلُ المَدِيْنَةِ يَمُوْجُوْنَ فِي
سِكَكِهَا فَقُلْتُ: مَا الخَبَرُ? قَالُوا: مَاتَ سَيِّدُ
المُسْلِمِيْنَ أُبي بنُ كَعْبٍ.
قَدْ ذَكَرْتُ أَخْبَارَ أُبي بنِ كَعْبٍ فِي "طَبَقَاتِ
القُرَّاءِ" وَأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَأَبَا العَالِيَةِ
وَعَبْدَ اللهِ بنَ السائب قرءوا عَلَيْهِ وَأَنَّ عَبْدَ
اللهِ بنَ عَيَّاشٍ المَخْزُوْمِيَّ قرأ عَلَيْهِ أَيْضاً
وَكَانَ عُمَرُ يُجِلُّ أُبيًّا وَيَتَأَدَّبُ مَعَهُ
وَيَتَحَاكَمُ إِلَيْهِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ الوَاقِدِيُّ: تَدُلُّ
أَحَادِيْثُ عَلَى وَفَاةِ أُبي بنِ كَعْبٍ فِي خِلاَفَةِ
عُمَرَ وَرَأَيْتُ أَهْلَهُ وَغَيْرَهُمْ يَقُوْلُوْنَ:
مَاتَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ بِالمَدِيْنَةِ
وَأَنَّ عُمَرَ قَالَ: اليَوْمَ مَاتَ سَيِّدُ
المُسْلِمِيْنَ.
قَالَ: وَقَدْ سَمِعنَا مَنْ يَقُوْلُ مَاتَ فِي خِلاَفَةِ
عُثْمَانَ سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ، قَالَ: وَهُوَ أَثْبَتُ
الأَقَاوِيْلِ عِنْدَنَا وَذَلِكَ أَنَّ عُثْمَانَ
أَمَرَهُ أَنْ يَجْمَعَ القُرْآنَ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: حَدَّثَنَا عَارِمٌ،
حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوْبَ، عَنِ ابْنِ
سِيْرِيْنَ أَنَّ عُثْمَانَ جَمَعَ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلاً
مِنْ قُرَيْشٍ وَالأَنْصَارِ فِيْهِم أُبي بنُ كَعْبٍ
وَزَيْدُ بنُ ثَابِتٍ فِي جَمْعِ القُرْآنِ.
قُلْتُ: هَذَا إِسْنَادٌ قَوِيٌّ لَكِنَّهُ مُرْسَلٌ وَمَا
أَحْسِبُ أَنَّ عُثْمَانَ نَدَبَ لِلْمُصْحَفِ أُبيًّا
وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لاَشْتَهَرَ وَلَكَانَ الذِّكْرُ
لأُبي لاَ لِزَيْدٍ وَالظَّاهِرُ وَفَاةُ أُبي فِي زَمَنِ
عُمَرَ حَتَّى إِنَّ الهَيْثَمَ بنَ عَدِيٍّ وَغَيْرَهُ
ذَكَرَا مَوْتَهُ سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ، وَأَبُو
عُبَيْدٍ، وَأَبُو عُمَرَ الضَّرِيْرُ مَاتَ سَنَةَ
اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ فَالنَّفْسُ إِلَى هَذَا
أَمْيَلُ وَأَمَّا خَلِيْفَةُ بنُ خَيَّاطٍ وَأَبُو حَفْصٍ
الفَلاَّسُ فَقَالاَ: مَاتَ فِي خِلاَفَةِ عُثْمَانَ
وَقَالَ خَلِيْفَةُ مَرَّةً مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ
وَثَلاَثِيْنَ.
وَفِي "سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ" يُوْنُسُ بنُ عُبَيْدٍ، عن
الحسن أن عمر بن الخطاب جمع النَّاسَ عَلَى أُبي بنِ
كَعْبٍ فِي قِيَامِ رمضان فكان يصلي بهم عشرين ركعة.
(3/242)
وقد كان أبي التقط صرةً فيها مئة دِيْنَارٍ
فَعَرَّفَهَا حَوْلاً وَتَمَلَّكَهَا وَذَلِكَ فِي
"الصَّحِيْحَيْنِ"1.
وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ عَبَّاسٍ قِصَّةَ مُوْسَى وَالخَضِرِ
وَذَلِكَ فِي "الصَّحِيْحَيْنِ"2 أَيْضاً.
ولأُبي فِي الكُتُبِ السِّتَّةِ نَيِّفٌ وَسِتُّوْنَ
حَدِيْثاً.
وَأَنْبَأَنِي بِنَسَبِهِ الحَافِظُ أَبُو مُحَمَّدٍ
النُّوْنِيُّ، وَقَالَ: مَالِكُ بن النَّجَّارِ: هُوَ
أَخُو عَدِيٍّ، وَدِيْنَارٍ، وَمَازِنٍ، وَاسْمُ
النَّجَّارِ وَالِدِهِم تَيْمُ اللهِ بنُ ثَعْلَبَةَ بنِ
عَمْرِو بنِ الخَزْرَجِ. قَالَ: وأُبي بنُ كَعْبٍ هُوَ
ابْنُ عَمَّةِ أَبِي طَلْحَةَ الأَنْصَارِيِّ.
وَكَانَ أُبي نحيفًا، قصيرًا، أبيض الرأس واللحية.
قال والواقدي: رَأَيْتُ أَهْلَهُ وَغَيْرَ وَاحِدٍ
يَقُوْلُوْنَ مَاتَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ
بِالمَدِيْنَةِ وَقَدْ سَمِعْتُ مَنْ يَقُوْلُ مَاتَ فِي
خِلاَفَةِ عُثْمَانَ سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَهُوَ أَثْبَتُ
الأَقَاوِيْلِ عِنْدَنَا. قَالَ لأَنَّ عُثْمَانَ أَمَرَهُ
أَنْ يَجْمَعَ القُرْآنَ.
رَوَى حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوْبَ وَهِشَامٍ،
عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ أَنَّ عُثْمَانَ جَمَعَ اثْنَيْ
عَشَرَ رَجُلاً مِنْ قُرَيْشٍ وَالأَنْصَارِ فِيْهِم
أُبَيٌّ وَزَيْدُ بنُ ثَابِتٍ فِي جَمْعِ القُرْآنِ.
لَهُ عِنْدَ بَقِيِّ بنِ مخلد مئة وَأَرْبَعَةٌ
وَسِتُّوْنَ حَدِيْثاً مِنْهَا فِي البُخَارِيِّ
وَمُسْلِمٍ ثَلاَثَةُ أَحَادِيْثَ وَانْفَرَدَ
البُخَارِيُّ بِثَلاَثَةٍ وَمُسْلِمٌ بِسَبْعَةٍ.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "2426"، ومسلم "1723" من حديث سويد
بن غفلة قال: لقيت أبي بن كعب -رضي الله عنه- فقال: أصبت
صرة فيها مائة دينار، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم
فقال: "عرفها حولا"، فعرفتها حولا فلم أجد من يعرفها، ثم
أتيته فقال: "عرفها حولا"، فعرفتها فلم أجد، ثم أتيته
ثلاثا فقال: "احفظ وعاءها وعددها ووكاءها، فإن جاء صاحبها
والا فاستمتع بها"، فاستمتعت، فلقيته بعد بمكة فقال: لا
أدرى ثلاثة أحوال أو حولا واحدا.
2 صحيح: أخرجه البخاري "122، 4725"، ومسلم "2380".
(3/243)
18- النعمان بن
مقرن 1:
هُوَ النُّعْمَانُ بنُ عَمْرِو بنِ مُقرِّنِ بنِ عَائِذِ
بنِ مِيْجَا بنِ هُجَيْرِ بن نَصْرِ بنِ حُبْشِيَّةَ بنِ
كَعْبِ بنِ ثَوْرِ بنِ هُذْمَةَ بنِ لاَطِمِ بنِ عُثْمَانَ
بنِ مُزَيْنَةَ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 18"، وتاريخ خليفة "148،
149"، وتاريخ البخاري الكبير "4/ ق2/ 75"، والجرح والتعديل
"4/ ق1/ 444"، والعبر "1/ 25"، وتهذيب التهذيب "10/ 456"،
وتقريب التهذيب "2/ 304"، والإصابة "3/ ترجمة 8759"،
وخلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7535".
(3/243)
أَبُو عَمْرٍو المُزَنِيُّ، الأَمِيْرُ.
أَوَّلُ مَشَاهِدِهِ الأَحْزَابُ وَشَهِدَ بَيْعَةَ
الرِّضْوَانِ وَنَزَلَ الكُوْفَةَ وَلِيَ كَسْكَرَ
لِعُمَرَ ثُمَّ صَرَفَهُ وَبَعَثَهُ عَلَى المُسْلِمِيْنَ
يَوْمَ وَقْعَةِ نَهَاوَنْدَ فَكَانَ يَوْمَئِذٍ أَوَّلَ
شَهِيْدٍ.
أَخْبَرَنَا سُنْقُرُ الحَلَبِيُّ بِهَا، أَنْبَأَنَا
عَبْدُ اللَّطِيْفِ اللُّغَوِيُّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ
الحَقِّ اليُوْسُفِيُّ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ
مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو الحَسَنِ الحَمَّامِيُّ،
أَنْبَأَنَا ابْنُ قَانِعٍ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ
عَلِيِّ بنِ كَامِلٍ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا
حَمَّادٌ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الجوني، عن علقمة بن عبد
الله المزني، عَنْ مَعْقِلِ بنِ يَسَارٍ، عَنِ
النُّعْمَانِ بنِ مُقَرِّنٍ أَنَّهُ قَالَ: شَهِدْتُ
رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا
لَمْ يُقَاتِلْ أَوَّلَ النَّهَارِ انْتَظَرَ حَتَّى
تَزُوْلَ الشَّمْسُ صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وروي نحوه،
عن زِيَادِ بنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنِ
النُّعْمَانِ.
شُعْبَةُ: أَخْبَرَنِي إِيَاسُ بنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ لِي
ابْنُ المُسَيِّبِ: مِمَّنْ أَنْتَ? قُلْتُ: مِنْ
مُزَيْنَةَ قَالَ: إِنِّي لأَذْكُرُ يَوْمَ نَعَى عُمَرُ
النُّعْمَانَ بنَ مُقَرِّنٍ عَلَى المِنْبَرِ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: وَكَانَتْ نَهَاوَنْدُ فِي سَنَةِ
إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ.
قُلْتُ: حَفِظَ سَعِيْدٌ ذَلِكَ وَلَهُ سَبْعُ سِنِيْنَ.
وَلِلنُّعْمَانِ إِخْوَةٌ: سُوَيْدٌ أَبُو عَدِيٍّ
وَسِنَانُ مِمَّنْ شَهِدَ الخَنْدَقَ وَمَعْقِلٌ وَالِدُ
عَبْدِ اللهِ المُحَدِّثِ وَعقِيْلٌ أَبُو حَكِيْمٍ
وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ.
وَرُوِيَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: البكاءون بَنُو
مُقَرِّنٍ سَبْعَةٌ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: سَمِعْتُ أَنَّهُم شَهِدُوا
الخَنْدَقَ.
وَقِيْلَ: كُنْيَةُ النُّعْمَانِ أَبُو حَكِيْمٍ وَكَانَ
إِلَيْهِ لِوَاءُ مُزَيْنَةَ يَوْمَ الفَتْحِ.
يَرْوِي عَنْهُ وَلَدُهُ مُعَاوِيَةُ وَمُسلمُ بنُ
هَيْصَمٍ وَجَمَاعَةٌ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: قُتِلَ وَهُوَ أَمِيْرُ النَّاسِ
سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ.
شُعْبَةُ، عَنْ عَلِيِّ بنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ،
قَالَ: أَتَيْتُ عُمَرَ بِنَعْيِ النُّعْمَانِ بن
مُقَرِّنٍ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى وجهه يبكي.
أَبُو عِمْرَانَ الجَوْنِيُّ، عَنْ عَلْقَمَةَ بنِ عَبْدِ
الله المزني، عن معقل بن يسار أن عُمَرَ شَاوَرَ
الهُرْمُزَانَ فِي أَصْفَهَانَ وَفَارِسٍ
وَأَذْرَبِيْجَانَ فَقَالَ: أَصْبَهَانُ الرَّأْسُ
وَفَارِسٌ وَأَذْرَبِيْجَانُ الجَنَاحَانِ فَإِذَا
قَطَعْتَ جَنَاحاً فَاءَ الرَّأْسُ وَجَنَاحٌ وَإِنْ
قَطَعْتَ الرَّأْسَ وَقَعَ الجَنَاحَانِ فَقَالَ عُمَرُ
لِلنُّعْمَانِ بنِ مُقَرِّنٍ: إِنِّي مُسْتَعْمِلُكَ
فَقَالَ: أَمَّا جَابِياً فَلاَ وَأَمَّا غَازِياً
فَنَعَمْ قَالَ: فَإِنَّكَ غازٍ
(3/244)
فَسَرَّحَهُ، وَبَعَثَ إِلَى أَهْلِ
الكُوْفَةِ لِيُمِدُّوْهُ، وَفِيْهِم: حُذَيْفَةُ،
وَالزُّبَيْرُ، وَالمُغِيْرَةُ، وَالأَشْعَثُ، وَعَمْرُو
بنُ مَعْدِيْ كَرِبٍ فَذَكَرَ الحَدِيْثَ بِطُوْلِهِ
وَهُوَ فِي "مُسْتَدْرَكِ الحَاكِمِ"1 وَفِيْهِ: فَقَالَ:
اللَّهُمَّ ارْزُقِ النُّعْمَانَ الشَّهَادَةَ بِنَصْرِ
المُسْلِمِيْنَ وَافْتَحْ عَلَيْهِم فَأَمَّنُوا وَهَزَّ
لِوَاءهُ ثَلاَثاً ثُمَّ حَمَلَ فَكَانَ أَوَّلَ صَرِيْعٍ
-رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. وَوَقَعَ ذُوْ الحَاجِبَيْنِ مِنْ
بَغْلَتِهِ الشَّهْبَاءِ فَانْشَقَّ بَطْنُهُ وَفَتَحَ
اللهُ ثُمَّ أَتَيْتُ النُّعْمَانَ وَبِهِ رَمَقٌ
فَأَتَيْتُهُ بِمَاءٍ فَصَبَبْتُ عَلَى وَجْهِهِ أَغْسِلُ
التُّرَابَ فَقَالَ: مَنْ ذَا? قُلْتُ: مَعْقِلٌ قَالَ:
مَا فَعَلَ النَّاسُ? قُلْتُ فَتَحَ اللهُ. فَقَالَ:
الحَمْدُ للهِ. اكْتُبُوا إِلَى عُمَرَ بذلك وفاضت نفسه
-رضي الله عنه.
__________
1 أخرجه الحاكم "3/ 293"، وهو عند البخاري "3159، 7530".
(3/245)
89- عمار بن
ياسر 1"ع":
ابن عامر بن مالك بن كِنَانَةَ بنِ قَيْسِ بنِ الوَذِيْمِ
وَقِيْلَ: بَيْنَ قَيْسٍ وَالوَذِيْمِ حُصَيْنُ بنُ
الوَذِيْمِ بنِ ثَعْلَبَةَ بنِ عَوْفِ بنِ حَارِثَةَ بنِ
عَامِرٍ الأَكْبَرِ بنِ يَامِ بنِ عَنْسٍ وَعَنْسٌ هُوَ
زَيْدُ بن مالك بنِ أُدَدَ بنِ زَيْدِ بنِ يَشْجُبَ بنِ
عَرِيْبِ بنِ زَيْدِ بنِ كَهْلاَنَ بنِ سَبَأَ بنِ
يَشْجُبَ بنِ يَعْرُبَ بنِ قَحْطَانَ وَبَنُوْ مَالِكِ بنِ
أُدَدَ مِنْ مَذْحِجٍ.
قَرَأْتُ هَذَا النَّسَبَ عَلَى شَيْخِنَا الدِّمْيَاطِيِّ
وَنَقَلْتُهُ مِنْ خَطِّهِ قَالَ: قَرَأْتُهُ عَلَى
يَحْيَى بنِ قُمَيْرَةَ، عَنْ شُهْدَةَ، عَنِ ابْنِ
طَلْحَةَ، عَنْ أَبِي عُمَرَ بنِ مَهْدِيٍّ، عَنْ
مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ يَعْقُوْبَ بنِ شَيْبَةَ،
حَدَّثَنَا جَدِّي فَذَكَرَهُ وَفِيْهِ قَيْسُ بنُ
الحُصَيْنِ بنِ الوَذِيْمِ وَلَمْ يَشُكَّ وَعَنْسٌ
نَقَّطَهُ بِنُوْنٍ.
الإِمَامُ الكَبِيْرُ، أَبُو اليَقْظَانِ العَنْسِيُّ
المَكِّيُّ مَوْلَى بَنِي مَخْزُوْمٍ أَحَدُ
السَّابِقِيْنَ الأَوَّلِيْنَ وَالأَعْيَانِ
البَدْرِيِّيْنَ وَأُمُّهُ هِيَ سُمَيَّةُ مَوْلاَةُ بَنِي
مَخْزُوْمٍ مِنْ كِبَارِ الصَّحَابِيَّاتِ أيضًا.
لَهُ عِدَّةُ أَحَادِيْثَ فَفِي "مُسْنَدِ بَقِيٍّ" لَهُ
اثْنَانِ وَسِتُّوْنَ حَدِيْثاً وَمِنْهَا فِي
"الصَّحِيْحَيْنِ" خَمْسَةٌ.
رَوَى عَنْهُ عَلِيٌّ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو مُوْسَى
الأَشْعَرِيُّ وَأَبُو أُمَامَةَ البَاهِلِيُّ وَجَابِرُ
بنُ عَبْدِ الله ومحمد بن الحنفية وعلقمة بن وَزِرٌّ
وَأَبُو وَائِلٍ وَهَمَّامُ بنُ الحَارِثِ وَنُعَيْمُ بن
حنظلة،
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 246-264"، "6/ 14"، وتاريخ
البخاري الكبير "7/ ترجمة 107"، والجرح والتعديل "6/ ترجمة
2165"، وتاريخ بغداد "1/ 150"، وتهذيب التهذيب "7/
408-410"، وتقريب التهذيب "2/ 48"، والإصابة "2/ ترجمة
5704"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5093".
(3/245)
وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبْزَى
وَنَاجِيَةُ بنُ كَعْبٍ وَأَبُو لاَسٍ الخُزَاعِيُّ
وَعَبْدُ اللهِ بنُ سَلِمَةَ المُرَادِيُّ وَابْنُ
الحَوْتَكِيَّةِ وَثَرْوَانُ بنُ مِلْحَانَ وَيَحْيَى بنُ
جَعْدَةَ وَالسَّائِبُ وَالِدُ عَطَاءٍ وَقَيْسُ بنُ
عُبَادٍ وَصِلَةُ بنُ زُفَرَ وَمُخَارِقُ بنُ سُلَيْمٍ
وَعَامِرُ بنُ سَعْدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَأَبُو
البَخْتَرِيِّ وَعِدَّةٌ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: قَدِمَ وَالِدُ عَمَّارٍ يَاسِرُ بنُ
عَامِرٍ وَأَخَوَاهُ الحَارِثُ وَمَالِكٌ مِنَ اليَمَنِ
إِلَى مَكَّةَ يَطْلُبُوْنَ أَخاً لَهُم فَرَجَعَ
أَخَوَاهُ وَأَقَامَ يَاسِرٌ وَحَالَفَ أَبَا حُذَيْفَةَ
بنَ المُغِيْرَةِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ بنِ
مَخْزُوْمٍ فَزَوَّجَهُ أَمَةً لَهُ اسْمُهَا سُمَيَّةُ
بِنْتُ خُبَاطٍ فَوَلَدَتْ لَهُ عَمَّاراً فَأَعْتَقَهُ
أَبُو حُذَيْفَةَ ثُمَّ مَاتَ أَبُو حُذَيْفَةَ فَلَمَّا
جَاءَ اللهُ بِالإِسْلاَمِ أَسْلَمَ عَمَّارٌ وَأَبَوَاهُ
وَأَخُوْهُ عَبْدُ اللهِ وَتَزَوَّجَ بِسُمَيَّةَ بَعْدُ
يَاسِرٌ الأَزْرَقُ الرُّوْمِيُّ غُلاَمُ الحَارِثِ بنِ
كَلَدَةَ الثَّقَفِيِّ وَلَهُ صُحْبَةٌ وَهُوَ وَالِدُ
سَلَمَةَ بنِ الأَزْرَقِ.
وَيُقَالُ: إِنَّ لِعَمَّارٍ مِنَ الرِّوَايَةِ بِضْعَةً
وَعِشْرِيْنَ حَدِيْثاً.
وَيُرْوَى، عَنْ عَمَّارٍ، قَالَ: كُنْت تِرْباً
لِرَسُوْلِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- لسنه.
وَرَوَى عَمْرُو بنُ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ
سَلِمَةَ قَالَ: رَأَيْتُ عَمَّاراً يَوْمَ صِفِّيْنَ
شَيْخاً آدَمَ طُوَالاً وَإِنَّ الحَرْبَةَ فِي يَدِهِ
لَتَرْعُدُ فَقَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! لَقَدْ
قَاتَلْتُ بِهَا مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثَلاَثَ مَرَّاتٍ وَهَذِهِ
الرَّابِعَةُ وَلَوْ قَاتَلُوْنَا حَتَّى يَبْلُغُوا بِنَا
سَعَفَاتِ هَجَرَ لَعَرَفْتُ أَنَّنَا عَلَى الحَقِّ
وَأَنَّهُم عَلَى البَاطِلِ.
وَعَنِ الوَاقِدِيِّ: عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي
عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ لُؤْلُؤَةَ مَوْلاَةِ
أُمِّ الحَكَمِ بِنْتِ عَمَّارٍ أَنَّهَا وَصَفَتْ لَهُم
عَمَّاراً آدَمَ طُوَالاً مُضْطَرِباً أَشْهَلَ العَيْنِ
بَعِيْدَ مَا بَيْنَ المَنْكِبَيْنِ لاَ يُغَيِّرُ
شَيْبَهُ.
وَعَنْ كُلَيْبِ بنِ مَنْفَعَةَ، عَنْ أَبِيْهِ قَالَ:
رَأَيْتُ عَمَّاراً بِالكُنَاسَةِ أَسْوَدَ جعدًا وهو
يقرأ.
رواه الحكم فِي المُسْتَدْرَكِ.
وَقَالَ عُرْوَةُ: عَمَّارٌ مِنْ حُلَفَاءِ بَنِي
مَخْزُوْمٍ.
وَرَوَى الوَاقِدِيُّ، عَنْ بَعْضِ بَنِي عَمَّارٍ أَنَّ
عَمَّاراً وَصُهَيْباً أَسْلَمَا مَعاً بَعْدَ بِضْعَةٍ
وَثَلاَثِيْنَ رَجُلاً وَهَذَا مُنْقَطِعٌ.
زَائِدَةُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ
قال: أَوَّلُ مَنْ أَظْهَرَ إِسْلاَمَهُ سَبْعَةٌ:
رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
وَأَبُو بَكْرٍ وَعَمَّارٌ وَأُمُّهُ سُمَيَّةُ وَصُهَيْبٌ
وَبِلاَلٌ وَالمِقْدَادُ فَأَمَّا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(3/246)
فَمَنَعَهُ اللهُ بِعَمِّهِ وَأَمَّا أَبُو
بَكْرٍ فَمَنَعَهُ اللهُ بِقَوْمِهِ وَأَمَّا سَائِرُهُم
فَأَلْبَسَهُمُ المُشْرِكُوْنَ أَدْرَاعَ الحَدِيْدِ
وَصَفَّدُوْهُم فِي الشَّمْسِ وَمَا فِيْهِم أَحَدٌ إلَّا
وَقَدْ وَاتَاهُم عَلَى مَا أَرَادُوا إلَّا بِلاَلٌ
فَإِنَّهُ هَانَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ فِي اللهِ وَهَانَ
عَلَى قَوْمِهِ فَأَعْطَوْهُ الوِلْدَانَ يَطُوْفُوْنَ
بِهِ فِي شِعَابِ مَكَّةَ وَهُوَ يَقُوْلُ: أَحَدٌ
أَحَدٌ1.
وَرَوَى مَنْصُوْرٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ: أَوَّلُ مَنْ
أَظْهَرَ إِسْلاَمَهُ سَبْعَةٌ فَذَكَرَهُم زَادَ فَجَاءَ
أَبُو جَهْلٍ يَشْتُمُ سُمَيَّةَ وَجَعَلَ يَطْعَنُ
بِحَرْبَتِهِ فِي قُبُلِهَا حَتَّى قَتَلَهَا فَكَانَتْ
أَوَّلَ شَهِيْدَةٍ فِي الإِسْلاَمِ.
وَعَنْ عُمَرَ بنِ الحَكَمِ، قَالَ: كَانَ عَمَّارٌ
يُعَذَّبُ حَتَّى لاَ يَدْرِي مَا يَقُوْلُ وَكَذَا
صُهَيْبٌ، وَفِيْهِمْ نَزَلَتْ {وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي
اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا} [النَّحْلُ: 41] .
مَنْصُوْرُ بنُ أَبِي الأَسْوَدِ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ
عَمْرِو بنِ مُرَّةَ، عَنْ سَالِمِ بنِ أَبِي الجَعْدِ،
عَنْ عُثْمَانَ قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "صبرا آل ياسر فإن موعدكم الجَنَّةُ".
قِيْلَ: لَمْ يَسْلَمْ أَبَوَا أَحَدٍ مِنَ السَّابِقِيْنَ
المُهَاجِرِيْنَ سِوَى عَمَّارٍ وَأَبِي بَكْرٍ.
مُسلمُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ وَالتَّبُوْذَكِيُّ، عَنِ
القَاسِمِ بنِ الفَضْلِ، حدثنا عمرو بن مرة، عن سالم بن
أَبِي الجَعْدِ قَالَ: دَعَا عُثْمَانُ نَفَراً مِنْهُم
عَمَّارٌ فَقَالَ عُثْمَانُ: أَمَا إِنِّي سَأُحَدِّثُكُم
حَدِيْثاً، عَنْ عَمَّارٍ أَقْبَلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي البَطْحَاءِ
حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى عَمَّارٍ وَأُمِّهِ وَأَبِيْهِ
وَهُمْ يُعَذَّبُوْنَ فَقَالَ يَاسِرٌ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الدَّهْرُ هَكَذَا فَقَالَ
لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"اصْبِرْ" ثُمَّ قَالَ: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لآلِ يَاسِرٍ
وَقَدْ فَعَلْتَ".
هَذَا مُرْسَلٌ. وَرَوَاهُ: جُعْثُمُ بنُ سُلَيْمَانَ،
عَنِ القَاسِمِ الحُدَانِيِّ، عَنْ عَمْرِو بنِ مُرَّةَ
فَقَالَ، عَنْ أَبِي البَخْتَرِيِّ بَدَلَ سَالِمٍ، عَنْ
سَلْمَانَ بَدَلَ عُثْمَانَ وَلَهُ إِسْنَادٌ آخَرُ
لَيِّنٌ وَآخَرُ غَرِيْبٌ.
وَرَوَى أَبُو بَلْجٍ، عَنْ عَمْرِو بنِ مَيْمُوْنٍ قَالَ:
عَذَّبَ المُشْرِكُوْنَ عَمَّاراً بِالنَّارِ فَكَانَ
النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَمُرُّ
بِهِ فَيُمِرُّ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ وَيَقُوْلُ: "يا نار
كوني بردا وسلاما عَلَى عَمَّارٍ كَمَا كُنْتِ عَلَى
إِبْرَاهِيْمَ، تَقْتُلُكَ الفئة الباغية" 2.
__________
1 حسن: سبق لنا تخريجه بتعليق رقم "502"، وهو عند أحمد "1/
404"، وابن أبي شيبة "12/ 149"، "14/ 313"، وابن ماجه
"150" وأبي نعيم في "الحلية" "1/ 149، 172"، وابن عبد البر
في "الاستيعاب" "1/ 141"، فراجعه ثمت.
2 صحيح: أخرجه مسلم "2915" "70"، وأحمد "5/ 306، 306-307"
من حديث أبي سعيد الخدري، به بلفظ: $"بؤس ابن سمية، تقتلك
فئة باغية".
(3/247)
ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ
النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَقِيَ
عَمَّاراً وَهُوَ يَبْكِي فَجَعَلَ يَمْسَحُ، عَنْ
عَيْنَيْهِ وَيَقُوْلُ: "أَخَذَكَ الكُفَّارُ فَغَطُّوْكَ
فِي النَّارِ فَقُلْتَ كَذَا وَكَذَا، فَإِنْ عَادُوا
فَقُلْ لَهُم ذَلِكَ".
رَوَى عَبْدُ الكَرِيْمِ الجَزَرِيُّ، عَنْ أَبِي
عُبَيْدَةَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَمَّارِ بنِ يَاسِرٍ قَالَ:
أَخَذَ المُشْرِكُوْنَ عَمَّاراً فَلَمْ يَتْرُكُوْهُ
حَتَّى نَالَ مِنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَذَكَرَ آلِهَتَهُمْ بِخَيْرٍ
فَلَمَّا أَتَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَا وَرَاءكَ"؟ قَالَ: شَرٌّ يَا
رَسُوْلَ اللهِ! وَاللهِ مَا تُرِكْتُ حَتَّى نِلْتُ
مِنْكَ وَذَكَرْتُ آلِهَتَهُم بِخَيْرٍ قَالَ: "فَكَيْفَ
تَجِدُ قَلْبَكَ"؟ قَالَ: مُطْمَئِنٌّ بِالإِيْمَانِ
قَالَ: "فَإِنْ عَادُوا فَعُدْ".
وَرَوَاهُ الجَزَرِيُّ مَرَّةً، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ
فَقَالَ، عَنْ أَبِيْهِ.
وَعَنْ قَتَادَةَ {إِلَّا مَنْ أُكْرِه} [النحل: 106]
نَزَلَتْ فِي عَمَّارٍ.
المَسْعُوْدِيُّ: عَنِ القَاسِمِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
أَوَّل مَنْ بَنَى مَسْجِداً يُصَلَّى فيه عَمَّارٌ.
أَبُو إِسْحَاقَ: عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ
اللهِ قَالَ: اشْتَرَكْتُ أَنَا وَعَمَّارٌ وَسَعْدٌ يوم
بدر فيما نأتي به فلم أجيئ أَنَا وَلاَ عَمَّارٌ بِشَيْءٍ
وَجَاءَ سَعْدٌ بِرَجُلَيْنِ.
جَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ: عَنِ الحَسَنِ، عَنْ عَمَّارٍ،
قَالَ: قَاتَلْتُ مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الجِنَّ وَالإِنْسَ قِيْلَ: وَكَيْفَ?
قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- فَنَزَلْنَا مَنْزِلاً فَأَخَذْتُ قِرْبَتِي
وَدَلْوِي لأَسْتَقِي فَقَالَ رسول الله -صلى الله عليه
وسلم: "أما إِنَّهُ سَيَأْتِيْكَ عَلَى المَاءِ آتٍ
يَمْنَعُكَ مِنْهُ". فَلَمَّا كُنْتُ عَلَى رَأْسِ
البِئْرِ إِذَا بِرَجُلٍ أَسْوَدَ كَأَنَّهُ مَرَسٌ
فَقَالَ: وَاللهِ لاَ تَسْتَقِي اليَوْمَ مِنْهَا
فَأَخَذَنِي وَأَخَذْتُهُ فَصَرَعْتُهُ ثُمَّ أَخَذْتُ
حَجَراً فَكَسَرْتُ وَجْهَهُ وَأَنْفَهُ ثُمَّ مَلأْتُ
قِرْبَتِي وَأَتَيْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "هَلْ أَتَاكَ عَلَى المَاءِ
أَحَدٌ"؟ قُلْتُ: نَعَمْ فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ القِصَّةَ
فَقَالَ: "أَتَدْرِي مَنْ هُوَ"؟ قُلْتُ: لاَ، قَالَ:
"ذَاكَ الشَّيْطَانُ".
فِطْرُ بنُ خَلِيْفَةَ، عَنْ كَثِيْرٍ النَّوَّاءِ
سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ مُلَيْلٍ سَمِعْتُ عَلِيّاً
يَقُوْلُ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: "لم يَكُنْ نَبِيٌّ قَطُّ إلَّا وَقَدْ
أُعْطِيَ سَبْعَةَ رفقاء نجباء وزراء وإني أعطيت
__________
= وأخرجه أحمد "3/ 5"، والطيالسي "2168"، من طريق أبي
نضرة، عن أبي سعيد، به.
وأخرجه أحمد "3/ 28"، وابن سعد "3/ 252" من طريق هشام عن
أبي سعيد مرفوعا بلفظ: "وَيْحَ ابْنِ سُمَيَّةَ،
تَقْتُلُهُ الفِئَةُ البَاغِيَةُ، يَدْعُوْهُم إلى الجنة
ويدعونه إلى النار".
وقد خرجت الحديث بإسهاب وبيان لطرقه في كتاب "منهاج السنة
النبوية في نقض كلام الشيعة والقدرية" ط/ دار الحديث.
بتعليقنا رقم "186" في الجزء الرابع، وتعليقنا "220، 221"
في الجزء الرابع أيضا. وتعليقنا رقم "252" في الجزء
السادس، فراجع تعليقاتنا ثمة تفد علما ثرا.
(3/248)
أَرْبَعَةَ عَشَرَ: حَمْزَةُ وَأَبُو
بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعَلِيٌّ وَجَعْفَرٌ وَحَسَنٌ وَحُسَيْنٌ
وَابْنُ مَسْعُوْدٍ وَأَبُو ذَرٍّ والمقداد وحذيفة وعمار
وَبِلاَلٌ وَسَلْمَانُ".
تَابَعَهُ جَعْفَرٌ الأَحْمَرُ، عَنْ كَثِيْرٍ.
الحَسَنُ بنُ صَالِحٍ، عَنْ أَبِي رَبِيْعَةَ، عَنِ
الحَسَنِ، عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوْعاً قَالَ: "ثَلاَثَةٌ
تَشْتَاقُ إِلَيْهِمُ الجَنَّةُ عَلِيٌّ وَسَلْمَانُ
وَعَمَّارٌ"1.
أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ هَانِئ بنِ هَانِئ، عَنْ عَلِيٍّ
قَالَ: اسْتَأْذَنَ عَمَّارٌ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "مَنْ هَذَا"؟
قَالَ: عَمَّارٌ، قَالَ: "مَرْحَباً بِالطَّيِّبِ
المُطَيَّبِ" أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ2.
وَرَوَى عَثَّامُ بنُ عَلِيٍّ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ
أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ هَانِئ بنِ هَانِئ قَالَ: كُنَّا
جُلُوْساً عِنْدَ عَلِيٍّ فَدَخَلَ عَمَّارٌ فَقَالَ:
مَرْحَباً بِالطَّيِّبِ المُطَيَّبِ سَمِعْتُ رَسُوْلَ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ:
"إِنَّ عَمَّاراً مُلِئَ إِيْمَاناً إِلَى مُشَاشِهِ" 3.
سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي عَمَّارٍ
الهَمْدَانِيِّ، عَنْ عَمْرِو بنِ شُرَحْبِيْلَ قَالَ
رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"عَمَّارٌ مُلِئَ إيمانًا إلى مشاشه" 4.
__________
1 ضعيف: سبق تخريجنا له بتعليق رقم "514"، وهو عند الترمذي
"3797"، والحاكم "3/ 137" فراجعه ثمت.
2 حسن: أخرجه ابن أبي شيبة "12/ 118"، وأحمد "1/ 125-126"،
والبخاري في "الأدب المفرد" "1031"، والترمذي "3798"، وابن
ماجه "147"، والبزار "740، 741"، والحاكم "3/ 388"، وأبو
نعيم في "الحلية" "1/ 139، 140"، "7/ 135"، وأبو يعلى
"492"، والخطيب في "تاريخ بغداد" "1/ 151"، البغوي "3951"
من طرق عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ هَانِئ بنِ هَانِئ، به.
قلت: إسناده حسن، هانئ بن هانئ، قال النسائي: ليس به بأس.
وذكره ابن حبان في "الثقات". وقال ابن المديني: مجهول.
وقال الحافظ في "التقريب": مستور.
3 صحيح بشواهد: أخرجه ابن ماجه "147"، والبزار "740"، وأبو
يعلى "404"، وأبو نعيم في "الحلية" "1/ 139" من طريق
الأعمش، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ هَانِئ بنِ هَانِئ،
به.
قلت: إسناده حسن، هانئ بن هانئ، لا بأس به كما قال
النسائي، والحديث يرتقي للصحة بشواهد له عن عائشة: عند
البزار "2685" كشف الأستار، وعن رجل من الصحابة: عند
النسائي "8/ 111"، والحاكم "3/ 392، 392-393".
والمشاش: رءوس العظام وأطرافها، كالمرفقين والكتفين
والركبتين.
4 صحيح: أخرجه النسائي "8/ 111"، والحاكم "3/ 392،
392-393" من طريق سفيان، عن الأعمش، به.
قلت: إسناده صحيح، رجاله ثقات.
(3/249)
عَمْرُو بنُ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي
البَخْتَرِيِّ سُئِلَ عَلِيٌّ، عَنْ عَمَّارٍ فَقَالَ:
نَسِيٌّ وَإِنْ ذَكَّرْتَهُ ذَكَرَ قَدْ دَخَلَ
الإِيْمَانُ فِي سَمْعِهِ وَبَصَرِهِ وَذَكَرَ مَا شَاءَ
اللهُ مِنْ جَسَدِهِ.
جَمَاعَةٌ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ
عُمَيْرٍ، عَنْ مَوْلَىً لِرِبْعِيٍّ، عَنْ رِبْعِيٍّ،
عَنْ حُذَيْفَةَ مَرْفُوْعاً: "اقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ
مِنْ بَعْدِي: أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَاهْتَدُوا بِهَدْيِ
عَمَّارٍ وَتَمَسَّكُوا بِعَهْدِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ" 1.
رَوَاهُ طَائِفَةٌ، عَنِ الثَّوْرِيِّ بِإِسْقَاطِ مَوْلَى
رِبْعِيٍّ وَكَذَا رَوَاهُ زَائِدَةُ وَغَيْرُهُ، عَنْ
عَبْدِ المَلِكِ وَرُوِيَ، عَنْ عَمْرِو بنِ هَرِمٍ، عن
ربعي، عن حذيفة.
بن عَوْنٍ، عَنِ الحَسَنِ قَالَ عَمْرُو بنُ العَاصِ
إِنِّي لأَرْجُو أَنْ لاَ يَكُوْنَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَاتَ يَوْم مَاتَ وَهُوَ
يُحِبُّ رَجُلاً فَيُدْخِلَهُ اللهُ النَّارَ قَالُوا قَدْ
كُنَّا نَرَاهُ يُحِبُّكَ وَيَسْتَعْمِلُكَ فَقَالَ اللهُ
أَعْلَمُ أَحَبَّنِي أَوْ تَأَلَّفَنِي وَلَكِنَّا كُنَّا
نَرَاهُ يُحِبُّ رَجُلاً عَمَّارَ بنَ يَاسِرٍ قَالُوا:
فَذَلِكَ قَتِيْلُكُم يَوْمَ صِفِّيْنَ قَالَ: قَدْ
-وَاللهِ- قَتَلْنَاهُ.
__________
1 صحيح بطرقه: رُوي من حديث ابن مسعود، وحذيفة، وأنس بن
مالك -رضي الله عنهم- فأما حديث ابن مسعود، فيرويه أبو
الزعراء عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: فذكره.
أخرجه الترمذي "3805" والحاكم "3/ 76" من طريق إبراهيم بن
إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن كهيل، حدثني أُبَيٍّ، عَنْ
أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أُبَيِّ الزعراء، عنه، به.
وقال الحاكم: إسناده صحيح، ورده الحافظ الذهبي في
"التلخيص" بقوله: "قلت: سنده واه" ويبينه قول الترمذي: "لا
نعرفه إلا من حديث يحيى بن سلمة بن كهيل، ويحيى بن سلمة
يضعف في الحديث".
قلت: هذا إسناده ضعيف جدا، يحيى بن سلمة بن كهيل، متروك
كما قال الحافظ في "التقريب" وابنه إسماعيل، متروك أيضا،
وابنه إبراهيم ضعيف كذا قال الحافظ.
وأما حديث حذيفة، فيرويه ربعي بن حراش عَنْهُ قَالَ: قَالَ
رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: فذكره.
أخرجه الترمذي "3662"، وابن ماجه "97"، وأحمد "5/ 382،
385، 402"، والحميدي "449"، وابن أبي عاصم في "السنة
"1148، 1149"، وأبو نعيم في "الحلية" "9/ 109"، والخطيب في
"تاريخه" "12/ 20"، والحاكم "3/ 75"، والبيهقي "5/ 212"،
"8/ 153" كلهم من طرق عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ،
عَنْ مَوْلَى لربعي، به.
قلت: فالحديث صحيح بطرقه التي ذكرناها بإسهاب في تخريجنا
لكتاب "الجواب الباهر في زوار المقابر" ط/ دار الجيل بيروت
"لبنان" ص122-123"، كما ذكرته نحوا من هذا التخريج في كتاب
"منهاج السنة النبوية" لابن تيمية ط/ دار الحديث، تعليق
رقم "228" في الجزء الأول، فراجعه في المصدر الأول تفد
علما جما، ولله الحمد على آلائه حمدا كثيرا طيبا.
(3/250)
العَوَّامُ بنُ حَوْشَبٍ، عَنْ سَلَمَةَ
بنِ كُهَيْلٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ خَالِدِ بنِ
الوَلِيْدِ، قَالَ: كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَمَّارٍ
كَلاَمٌ، فَأَغْلَظْتُ لَهُ. فَشَكَانِي إِلَى رَسُوْلِ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "مَنْ
عَادَى عَمَّاراً عَادَاهُ اللهُ، وَمَنْ أَبْغَضَ
عَمَّاراً أَبْغَضَهُ اللهُ". فَخَرَجْتُ. فَمَا شَيْءٌ
أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ رِضَى عَمَّارٍ، فَلَقِيْتُهُ،
فَرَضِيَ1.
أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَالنَّسَائِيُّ.
شُعْبَةُ، عَنْ سَلَمَةَ بنِ كُهَيْلٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ يَزِيْدَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنِ
الأَسْوَدِ قَالَ: كَانَ بَيْنَ خَالِدٍ وَعَمَّارٍ
كَلاَمٌ فَشَكَاهُ خَالِدٌ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ رسول الله: "مَنْ
يُعَادِ عَمَّاراً يُعَادِهِ اللهُ وَمَنْ يُبْغِضْ
عَمَّاراً يُبْغِضْهُ اللهُ" 2.
عَطَاءُ بنُ مُسلمٍ الخَفَّافُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ
أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَوْسِ بنِ أَوْسٍ قَالَ: كُنْتُ
عِنْدَ عَلِيٍّ فَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ سَمِعْتُ رَسُوْلَ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ:
"دَمُ عَمَّارٍ وَلَحْمُهُ حَرَامٌ عَلَى النَّارِ" هَذَا
غَرِيْبٌ3.
سُفْيَانُ، عَنْ سَلَمَةَ بنِ كُهَيْلٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ
قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"مَا لهم ومالعمار! يَدْعُوْهُمْ إِلَى الجَنَّةِ
وَيَدْعُوْنَهُ إِلَى النَّارِ وَذَلِكَ دَأْبُ
الأَشْقِيَاءِ الفُجَّارِ"4.
عَمَّارُ بنُ رُزَيْقٍ، عَنْ عمار الدهني، عن سالم بن أبي
الجعد جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ مَسْعُوْدٍ فَقَالَ: إِنَّ
اللهَ قَدْ أَمَّنَنَا مِنْ أَنْ يَظْلِمَنَا وَلَمْ يؤمنا
من أن يفتننا أَرَأَيْتَ إِنْ أَدْرَكْتُ فِتْنَةً? قَالَ:
عَلَيْكَ بِكِتَابِ اللهِ قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ
كُلُّهُمْ يَدْعُو إِلَى كِتَابِ اللهِ قَالَ: سَمِعْتُ
رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
يَقُوْلُ: "إِذَا اخْتَلَفَ النَّاسُ كَانَ ابْنُ
سُمَيَّةَ مَعَ الحَقِّ". إِسْنَادُهُ منقطع.
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "4/ 89"، والحاكم "3/ 390-391" من طريق
يزيد بن هارون، أخبرنا العوام بن حوشب، به.
وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي.
قلت: إسناده صحيح، رجاله ثقات.
2 صحيح: أخرجه أحمد "4/ 90"، والحاكم "3/ 389" من طريق
شعبة، عن سلمة بن كهيل، به.
قلت: إسناده صحيح، رجاله ثقات.
3 ضعيف: فيه عطاء بن مسلم الخفاف، أبو مخلد الكوفي، ضعيف،
لسوء حفظه، وفيه أبو إسحاق السبيعي، فإنه مشهور بالتدليس،
وقد عنعنه.
4 ضعيف: لإرساله.
(3/251)
قَالَ عَمَّارٌ الدُّهْنِيُّ: عَنْ سَالِمِ
بنِ أَبِي الجَعْدِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ سَمِعْتُ
النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ:
"مَا خُيَّر ابْنُ سُمَيَّةَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إلَّا
اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا" 1.
رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْهُ وَبَعْضُهُم
رَوَاهُ، عَنِ الدُّهْنِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ عَلِيِّ
بنِ عَلْقَمَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ.
عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ سيَاهٍ، عَنْ حَبِيْبِ بنِ أَبِي
ثَابِتٍ، عَنْ عَطَاءِ بنِ يَسَارٍ، عَنْ عَائِشَةَ
سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
يَقُوْلُ: "عَمَّارٌ مَا عُرِضَ عَلَيْهِ أَمْرَانِ إلَّا
اخْتَارَ الأَرْشَدَ مِنْهُمَا" 2.
رَوَاهُ عَبْدُ اللهِ بنُ حَبِيْبِ بنِ أَبِي ثَابِتٍ،
عَنْ أبيه قال: قالت عائشة.
__________
1 حسن لغيره: أخرجه ابن أبي شيبة "12/ 119"، وأحمد "1/
389"، والحاكم "3/ 388" من طريق وكيع، والطبراني في
"الكبير" "10072" من طريق معاوية بن هشام كلاهما عن سفيان
الثوري عن عمار بن معاوية الدهني، به.
قلت: إسناده ضعيف، فيه علتان: الأولى: الانقطاع بين سالم
بن أبي الجعد وابن مسعود، فإنه لم يسمع منه.
الثانية: قد اختلف فيه على عمار الدهني كما يلي: فقد رواه
الدارقطني في "العلل" "5/ 234"، من طريق القاسم بن يزيد
الجرمي، عن سفيان الثوري، عن عمار الدهني، عن سالم بن أبي
الجعد، عن أبيه، عن عبد الله، به.
فزاد في إسناده "عن أبيه" بين سالم بن أبي الجعد، وابن
مسعود، وأخرجه الطبراني في الكبير" "10071" من طريق ضرار
بن صرد، عن علي بن هاشم، عن عمار بن رزيق، عن عمار الدهني،
عن سالم بن أبي الجعد، عن علي بن علقمة، عن عبد الله، به.
فزاد في إسناده "علي بن علقمة" بين سالم بن أبي الجعد،
وعبد الله بن مسعود، وللحديث طرق ذكرها الدارقطني في
"العلل" "5/ 233-234".
ولكن الحديث شاهد عن عائشة: أخرجه أحمد "6/ 113"، والترمذي
"3799" من طريق حبيب بن أبي ثابت، عن عطاء بن يسار، عن
عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما خير
عمار بين أمرين إلا اختار أسدهما" وقال الترمذي: حديث حسن
غريب.
قلت: إسناده ضعيف، حبيب بن أبي ثابت، مدلس، مشهور
بالتدليس، وقد عنعنه.
وله شاهد آخر عن حذيفة: أخرجه الترمذي "3799" عن ربعي بن
حراش، عن حذيفة، به نحوه.
قلت: فجملة القول أن الحديث يرتقي لمنزلة الحسن بشاهديه عن
عائشة وحذيفة، والله تعالى أعلى وأعلم.
2 حسن لغيره: في إسناده حبيب بن أبي ثابت، مدلس، مشهور
بالتدليس، وقد عنعنه، وهو عند الترمذي "3799"، وأحمد "6/
113" كما ذكرنا في تخريجنا السابق.
(3/252)
وَقَدْ كَانَ عَمَّارٌ يُنْكِرُ عَلَى
عُثْمَانَ أُمُوْراً لَوْ كَفَّ عَنْهَا لأَحَسْنَ
فَرَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.
أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سَعْدُ بنُ أَوْسٍ، عَنْ
بِلاَلِ بنِ يَحْيَى أَنَّ حُذَيْفَةَ أُتِيَ وَهُوَ
ثَقِيْلٌ بِالمَوْتِ فَقِيْلَ لَهُ: قُتِلَ عُثْمَانُ
فَمَا تَأْمُرُنَا فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: "أَبُو
اليَقْظَانِ عَلَى الفِطْرَةِ" ثَلاَثَ مَرَّاتٍ "لَنْ
يَدَعَهَا حَتَّى يَمُوْتَ أَوْ يَلْبِسَهُ الهَرَمُ" 1.
البَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا
هَارُوْنُ بنُ المُغِيْرَةِ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ أَبِي
قَيْسٍ، عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ، عَنْ سَالِمِ بنِ
أَبِي الجَعْدِ، عَنْ مَسْرُوْقٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:
انْظُرُوا عَمَّاراً فَإِنَّهُ يَمُوْتُ عَلَى الفِطْرَةِ
إلَّا أَنْ تُدْرِكَهُ هَفْوَةٌ مِنْ كِبَرٍ2.
فِيْهِ مَنْ تَضَعَّفَ وَيُرْوَى، عَنْ سَعْدِ بنِ أَبِي
وَقَّاصٍ مَرْفُوْعاً نَحْوُهُ.
قَالَ عَلْقَمَةُ: قَالَ لِي أَبُو الدَّرْدَاءِ: أَلَيْسَ
فِيْكُمُ الَّذِي أَعَاذَهُ اللهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ
مِنَ الشَّيْطَانِ? -يَعْنِي عَمَّاراً ... الحَدِيْثَ3.
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، أَنْبَأَنَا أَبُو جَمْرَةَ، عَنْ
إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ خَيْثَمَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
قُلْتُ لأَبِي هُرَيْرَةَ: حَدِّثْنِي فَقَالَ:
تَسْأَلُنِي وَفِيْكُم عُلَمَاءُ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ
وَالمُجَارُ مِنَ الشَّيْطَانِ عَمَّارُ بنُ يَاسِرٍ?.
دَاوْدُ بنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ
أَبِي سَعِيْدٍ قَالَ: أَمَرَنَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِبِنَاءِ المَسْجِدِ
فَجَعَلْنَا نَنْقُلُ لَبِنَةً لَبِنَةً وَعَمَّارٌ
يَنْقُلُ لَبِنَتَيْنِ لَبِنَتَيْنِ فَتَرِبَ رَأْسُهُ
فَحَدَّثَنِي أَصْحَابِي وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ رَسُوْلِ
اللهِ أَنَّهُ جَعَلَ ينفض رأسه ويقول: "ويحك يابن
سُمَيَّةَ! تَقْتُلُكَ الفِئَةُ البَاغِيَةُ".
خَالِدٌ الحَذَّاءُ، عَنْ عِكْرِمَةَ سَمِعَ أَبَا
سَعِيْدٍ بِهَذَا وَلَفْظُهُ "وَيْحَ ابْنِ سُمَيَّةَ،
تَقْتُلُهُ الفِئَةُ البَاغِيَةُ يَدْعُوْهُم إِلَى
الجَنَّةِ وَيدْعُوْنَهُ إِلَى النَّارِ" فَجَعَل
يَقُوْلُ: أَعُوْذُ بالله من الفتن4.
__________
1 حسن: بلال بن يحيى هو العبسي الكوفي، صدوق. وسعد بن أوس
هو العبسي، أبو محمد الكوفي، ثقة، لم يصب الأزدي في
تضعيفه.
2 حسن: عمرو بن أبي قيس هو الرازي، الأزرق، كوفي، قال
الحافظ في "التقريب": صدوق له أوهام.
3 صحيح: أخرجه البخاري "3742، 3743، 3761" من طريق
المغيرة، عن إبراهيم، عن علقمة، عن أبي الدرادء، به في
قصة.
4 صحيح: سبق تخريجنا له قريبا بتعليق رقم "566". وقد خرجت
الحديث بإسهاب في كتاب "منهاج السنة في نقض كلام الشيعة
والقدرية" ط/ دار الحديث، الجزء الرابع تعليق رقم "186".
(3/253)
وَرْقَاءُ، عَنْ عَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ،
عَنْ زِيَادٍ مَوْلَى عَمْرِو بنِ العَاصِ، عَنْ عَمْرٍو
سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- يقول: "تَقْتُلُ عَمَّاراً الفِئَةُ
البَاغِيَةُ" 1.
رَوَاهُ شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرٍو فَقَالَ: عَنْ رَجُلٍ مِنْ
أَهْلِ مِصْرَ، عن عمرو.
بن عَوْنٍ، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ أُمِّ
سَلَمَةَ مَرْفُوْعاً: "تَقْتُلُ عَمَّاراً الفِئَةُ
البَاغِيَةُ" 2.
مَعْمَرٌ، عن ابن طاوس، عَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ حَزْمٍ،
عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ عَمَّارٌ دَخَلَ
عَمْرُو بنُ حَزْمٍ عَلَى عَمْرِو بنِ العَاصِ فَقَالَ:
قُتِلَ عمار وَقَدْ قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تَقْتُلُهُ الفِئَةُ البَاغِيَةُ"
فَدَخَلَ عَمْرٌو عَلَى مُعَاوِيَةَ فَقَالَ: قُتِلَ
عَمَّارٌ فَقَالَ: قُتِلَ عَمَّارٌ فَمَاذَا? قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: "تَقْتُلُهُ الفِئَةُ البَاغِيَةُ"
قَالَ دُحِضْتَ فِي بَوْلِكَ أَوَ نَحْنُ قَتَلْنَاهُ?
إِنَّمَا قَتَلَهُ عَلِيٌّ وَأَصْحَابُهُ الَّذِيْنَ
أَلْقَوْهُ بَيْنَ رِمَاحِنَا أَوْ قَالَ: بَيْنَ
سُيُوْفِنَا3.
شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي مَسْلَمَةَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ،
عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّ
النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ
لِعَمَّارٍ: "تَقْتُلُكَ الفِئَةُ البَاغِيَةُ" 4.
أَبُو عَوَانَةَ فِي مُسْنَدِهِ وَأَبُو يَعْلَى مِنْ
حَدِيْثِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ البَاهِلِيِّ، حَدَّثَنَا
يَحْيَى بن
__________
1 صحيح لغيره: أخرجه أحمد "4/ 97" من طريق شعبة، أخبرنا
عمرو بن دينار، به.
قلت: إسناده صحيح لولا جهالة الرجل من مصر، لكن الحديث يصح
بما قبله، وراجع تخريجنا السابق رقم "566".
2 صحيح: أخرجه أحمد "6/ 300، 311"، ومسلم "2916" من طريق
شعبة قال: سمعت خالدا يحدث عن سعيد بن أبي الحسن، عن أمه،
عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: فذكره.
وأخرجه الطبراني "23/ 857" من طريق محمد بن بشار، حدثنا
أبو داود، عن شعبة، عن يونس بن عبيد، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ
أُمِّهِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، به.
وقد خرجت الحديث في "منهاج السنة النبوية في نقض كلام
الشيعة والقدرية" الجزء الرابع ط/ دار الحديث - القاهرة -
بتعليق رقم "221".
3 صحيح: أخرجه عبد الرزاق "11/ 20427"، ومن طريق أحمد 4/
199" حدثنا معمر، عن ابن طاوس، به.
قلت: إسناده صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين خلا محمد بن
عمرو بن حزم الأنصاري، له رؤية، وليس له سماع إلا من
الصحابة، وقد روى له أبو داود في "المراسيل"، والنسائي.
4 صحيح: مر تخريجنا له بتعليق رقم "566" عن أبي سعيد، به.
(3/254)
|