سير أعلام
النبلاء، ط الحديث وَمِمَّنْ أَدْرَكَ زَمَانَ النُّبُوَّةِ:
338- عَبْدُ اللهِ بنُ ربيعة 1: "د، س"
ابن فرقد السلمي.
قِيْلَ: لَهُ صُحْبَةٌ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ، فَحَدِيْثُهُ
مِنْ قَبِيْلِ المُرْسَلِ.
وحدَّث أَيْضاً عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ،
وَعُبَيْدِ بنِ خَالِدٍ السُّلَمِيِّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي لَيْلَى،
وَعَمْرُو بنُ مَيْمُوْنٍ الأَوْدِيُّ، وَمَنْصُوْرُ بنُ
المُعْتَمِرِ -وَهُوَ عَمُّ وَالِدِ مَنْصُوْرٍ, وَعَلِيُّ
بنُ الأَقْمَرِ، وَعَطَاءُ بنُ السَّائِبِ، وَطَائِفَةٌ.
نَزَلَ الكُوْفَةَ.
شُعْبَةُ، عَنِ الحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ
أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ رُبَيِّعَةَ؛
وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ. هَكَذَا قَالَ.
تُوُفِّيَ بَعْدَ الثَّمَانِيْنَ, ورُبَيِّعة بالتثقيل: من
الأسماء المفردة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 196"، التاريخ الكبير "5/
ترجمة 236"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 252"، أسد الغابة
"2/ 230"، الاستيعاب "3/ 897"، تجريد أسماء الصحابة "1/
ترجمة 2274"، الإصابة "2/ ترجمة 4672"، تهذيب التهذيب "5/
ترجمة 362", خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3489".
(4/482)
339- الصُّنابِحي 1: "ع"
الفَقِيْهُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
عُسَيْلَةَ المُرَادِيُّ، ثُمَّ الصُّنَابِحِيُّ، نَزِيْلُ
دِمَشْقَ.
قَدِمَ المَدِيْنَةَ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بليالٍ، وَصَلَّى خَلْفَ
الصِّدِّيْقِ.
وحدَّث عَنْهُ، وَعَنْ: مُعَاذٍ، وَبِلاَلٍ، وَعُبَادَةَ،
وَشَدَّادِ بنِ أَوْسٍ، وَطَائِفَةٍ.
وَعَنْهُ: مَرْثَدٌ اليَزَنِيُّ، وَعَدِيُّ بنُ عَدِيٍّ،
وَعَطَاءُ بنُ يَسَارٍ، وَمَكْحُوْلٌ، وَأَبُو عَبْدِ
الرَّحْمَنِ الحُبُلِيُّ، وَعِدَّةٌ.
وَرَوَى عَنْهُ: رَبِيْعَةُ بنُ يَزِيْدَ، فسمَّاه عَبْدَ
اللهِ.
قَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: بَقِيَ إِلَى زَمَنِ عَبْدِ
المَلِكِ، وَكَانَ يَجْلِسُ معه على السَّرِيْرِ، رَوَى
عَنْ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: وَعَبْدُ اللهِ الصُّنَابِحِيُّ
يُشبِهُ أَنْ يَكُوْنَ لَهُ صُحْبَةٌ.
وَقَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: الَّذِي رَوَى عَنْهُ قَيْسُ
بنُ أَبِي حَازِمٍ فِي الحَوْضِ2، هُوَ الصُّنَابِحُ بن
الأعسر الأحمسي، له صحبة.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ
الصُّنَابِحِيُّ ثِقَةً، قَلِيلَ الحَدِيْثِ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: لَهُ أَحَادِيْثُ يُرْسِلُهَا,
وَبَعْضُهُم يَهِمُ فِيْهِ، فَيَقُوْلُ: عَبْدُ اللهِ
الصُّنَابِحِيُّ. وَبَعْضُهُم يَقُوْلُ: أَبُو عَبْدِ
الرَّحْمَنِ الصُّنَابِحِيُّ.
وَعَنْ مَرْثَدِ بنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بنِ عُسَيْلَةَ، قَالَ: مَا فَاتَنِي
النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلاَّ
بِخَمْسِ لَيَالٍ، قُبِضَ وأنا بالحجفة.
قَالَ رَجَاءُ بنُ حَيْوَةَ، عَنْ مَحْمُوْدِ بنِ
الرَّبِيْعِ: كنَّا عِنْدَ عُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ
فَأَقْبَلَ الصُّنَابِحِيُّ، فَقَالَ عُبَادَةُ: مَنْ
سرَّه أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ كَأَنَّمَا رُقِيَ بهِ
فَوْقَ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ فَعَمِلَ عَلَى مَا رَأَى،
فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا.
رَوَاهَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ رَجَاءٍ.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ رَبِّ: قَالَ لَنَا الصُّنَابِحِيُّ
بِدِمَشْقَ وقد احتضر.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 443 و509"، التاريخ الكبير
"5/ ترجمة 1021"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 1241"،
الاستيعاب "2/ 841"، أسد الغابة "3/ 475"، تجريد أسماء
الصحابة "1/ ترجمة 3731"، الكاشف "2/ ترجمة 3306"، الإصابة
"3/ ترجمة 6373"، تهذيب التهذيب "6/ ترجمة 465"، خلاصة
الخزرجي "2/ ترجمة 4191".
2 صحيح: أخرجه أحمد "4/ 351"، وابن ماجه "3944" من طرق عن
إسماعيل قال: حدثني قيس، عن الصنابح الأحمس قَالَ:
رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ألَا
إني فرطكم على الحوض, وإني مكاثر بكم الأمم, فلا تقتلنَّ
بعدي".
قلت: إسناده صحيح، رجاله ثقات، قيس هو ابن أبي حازم،
وإسماعيل هو ابن أبي خالد.
(4/483)
340- صفية بنت شَيبة 1: "ع"
ابْنِ عُثْمَانَ بنِ أَبِي طَلْحَةَ بنِ عَبْدِ العُزَّى
بنِ عَبْدِ الدَّارِ بنِ قُصَيِّ بنِ كِلاَبٍ،
الفَقِيْهَةُ، العَالِمَةُ، أُمُّ مَنْصُوْرٍ
القُرَشِيَّةُ، العَبْدِرِيَّةُ، المكية، الحجية.
يُقَالُ: لَهَا رُؤْيَةٌ. ووهَّى هَذَا الدَّارَقُطْنِيُّ.
وَكَانَ أَبُوْهَا مِنْ مُسْلِمَةِ الفَتْحِ.
رَوَتْ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- فِي "سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ" وَ"النَّسَائِيِّ"،
وَهَذَا مِنْ أَقْوَى المَرَاسِيلِ. وَرَوَتْ عَنْ:
عَائِشَةَ، وَأُمِّ حَبِيْبَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ؛
أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِيْنَ.
حدَّث عَنْهَا: ابْنُهَا؛ مَنْصُوْرُ بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ الحَجَبِيُّ، وَسِبْطُهَا؛ مُحَمَّدُ بنُ
عِمْرَانَ الحجبي، والحسن بن مسلم من يَنَّاقَ،
وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ مُهَاجِرٍ، وَقَتَادَةُ، وَيَعْقُوْبُ
بنُ عَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَعُمَرُ بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بنِ مُحَيْصِنٍ السَّهْمِيُّ المُقْرِئُ،
وَعِدَّةٌ.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: لَمْ يَسْمَعْ مِنْهَا ابْنُ
جريج، بل أدركها.
وَفِي "سُنَنِ ابْنِ مَاجَه" مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بنِ
إِسْحَاقَ: أنَّها رَأَتْ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْم الفَتْحِ دَخَلَ الكَعْبَةَ،
وَلَهَا عِيْدَانٌ فَكَسَرَهَا2.
أَحْسِبُ أَنَّهَا عَاشَتْ إِلَى دولة الوليد بن عبد
الملك.
__________
1 ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 496"، أسد الغابة "7/
172"، الإصابة "4/ ترجمة رقم 653".
2 ضعيف: أخرجه ابن ماجه "2947" من طريق يونس بن بكير،
حدثنا محمد بن إِسْحَاقَ, عَنْ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرِ بنِ
الزُّبَيْرِ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ
أَبِي ثور، عن صفية بنت شيبة
قالت: لما اطمأنَّ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَامَ الفتح طاف على بعيره يستلم
الركن بمحجن بيده, ثم دخل الكعبة فوجد فيها حمامة عَيْدان
فكسرها, ثم قام على باب الكعبة فرمى بها وأنا أنظره".
قلت: إسناده ضعيف، فيه محمد بن إسحاق، مدلّس مشهور
بالتدليس، وقد عنعنه.
(4/484)
341- يوسف بن
عبد الله بن سلام 1: "4"
ابن الحارث أَبُو يَعْقُوْبَ الإِبْرَاهِيْمِيُّ،
الإِسْرَائِيْلِيُّ، المَدَنِيُّ، حَلِيفُ الأَنْصَارِ.
وُلِدَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- فَسَمَّاهُ: يُوْسُفَ، وَأَجْلَسَهُ فِي
حَجْرِهِ، وَلَهُ رُؤْيَةٌ مَا.
وَلَهُ رِوَايَةُ حَدِيْثَيْنِ حُكْمهما الإِرسَالُ.
وَحَدَّث عَنْ: أَبِيْهِ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ.
رَوَى عَنْهُ: عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَعِيْسَى
بنُ مَعْقِلٍ، وَيَزِيْدُ بنُ أَبِي أُمَيَّةَ،
وَمُحَمَّدُ بنُ المُنْكَدِرِ، وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ
الأَنْصَارِيُّ، وَيَحْيَى بنُ أَبِي الهَيْثَمِ
العَطَّارُ. وَشَهِدَ مَوْتَ أَبِي الدَّرْدَاءِ
بِدِمَشْقَ. وقدر رَوَى حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ، عَنْ
مُحَمَّدِ بنِ أبي يحيى، عن يزيد بن أَبِي أُمَيَّةَ
الأَعْوَرِ، عَنْ يُوْسُفَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ سَلاَمٍ،
قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- أَخَذَ كِسْرَةً فَوَضَعَ عَلَيْهَا تَمْرَةً،
وَقَالَ: "هَذِهِ إِدَامُ هَذِهِ". فَأَكَلَهَا2.
فَإِنْ صحَّ هَذَا فَهُوَ صَحَابِيٌّ.
وَقَدْ قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَةِ
الخَامِسَةِ مِنَ الصَّحَابَةِ: يُوْسُفُ بنُ عَبْدِ اللهِ
بنِ سَلاَمٍ؛ هُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيْلَ، مِنْ
وَلَدِ يُوْسُفَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ,
وَكَانَ ثِقَةً, لَهُ أَحَادِيْثُ صَالِحَةٌ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: لَهُ رُؤْيَةٌ
وَقَالَ البُخَارِيُّ: لَهُ صُحْبَةٌ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَتْ لَهُ صُحْبَةٌ.
وَقَالَ العِجْلِيُّ: تَابِعِيٌّ ثِقَةٌ.
وَقَالَ شَبَابٌ: مَاتَ فِي خِلاَفَةِ عُمَرَ بنِ عَبْدِ
العَزِيْزِ.
خَلَفُ بنُ هِشَامٍ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ
يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، قَالَ: غَدَوْتُ مَعَ يُوْسُفَ بنِ
عَبْدِ اللهِ بنِ سَلاَمٍ فِي يَوْمِ عِيدٍ، فَقُلْتُ
لَهُ: كَيْفَ كَانَتِ الصَّلاَةُ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ؟
قَالَ: كَانَ يَبْدَأُ بِالخُطْبَةِ قَبْلَ الصَّلاَةِ.
غَرِيْبٌ جِدّاً.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "8/ ترجمة 3367"، الجرح
والتعديل "9/ ترجمة 924"، الاستيعاب "4/ 1588"، أسد الغابة
"3/ 264" و"5/ 592"، الكاشف "3/ ترجمة 6556" تهذيب التهذيب
"11/ 416"، تقريب التهذيب "2/ ترجمة 439".
2 ضعيف: أخرجه أبو داود "3830", حدثنا هارون بنُ عَبْدِ
اللهِ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ حَفْصِ, حدثنا أبي، عن محمد
بن أبي يحيى، به.
قلت: إسناده ضعيف، فيه يزيد بن أبي أمية الأعور، مجهول
-كما قال الحافظ في "التقريب".
(4/485)
342- عَبْدُ اللهِ بنُ عُكيم الجُهَنِيّ 1:
"م، 4"
قِيْلَ: لَهُ صُحْبَةٌ. وَقَدْ أَسْلَمَ بِلاَ رَيْبٍ فِي
حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ,
وَصَلَّى خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ.
وَهُوَ القَائِلُ: أَتَانَا كِتَابُ النَّبِيِّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَبْل مَوْتِهِ بِشَهْرَيْنِ:
"أَنْ لاَ تَنْتَفِعُوا مِنَ المَيْتَةِ بإهاب ولا عصب" 2.
وَذَكَرَ هِلاَلُ بنُ أَبِي حُمَيْدٍ، عَنِ ابْنِ
عُكَيْمٍ، قَالَ: لاَ أُعِيْنُ عَلَى دَمِ خَلِيْفَةٍ
أَبَداً بَعْدَ عُثْمَانَ. فَقِيْلَ لَهُ: يَا أَبَا معبد!
أَوَأَعنت عَلَيْهِ؟ قَالَ: كُنْتُ أَعُدُّ ذِكْرَ
مَسَاوِيْهِ عَوْناً عَلَى دَمِهِ.
تُوُفِّيَ ابْنُ عُكَيْمٍ فِي وِلاَيَةِ الحَجَّاج.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 113"، التاريخ الكبير "5/
ترجمة 67"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 556"، تاريخ بغداد
"10/ 3"، الاستيعاب "3/ 949"، أسد الغابة "3/ 339"، تجريد
أسماء الصحابة "1/ ترجمة 3424"، الكاشف "2/ ترجمة 2896"،
الإصابة "2/ ترجمة 4831"، تهذيب التهذيب "5/ 223-224"،
خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3668".
3 صحيح: أخرجه أحمد "4/ 311", والطيالسي "1293", وأبو داود
"4127"، والنسائي "7/ 175" وابن ماجة "3613"، والطحاوي في
"شرح معاني الآثار" "1/ 271"، وابن سعد في "الطبقات" "6/
113"، والبيهقي "1/ 14" من طرق عن شعبة، به.
وأخرجه أحمد "4/ 310"، وأبو داود "4128"، والنسائي "7/
175"، والطحاوي، والبيهقي "1/ 18" من طرق عن الحكم، به
بلفظ: "كتب إلينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم, وزاد
أحمد وأبو داود: "قبل وفاته بشهر أو شهرين".
وأعلَّه الحافظ ابن حجر العسقلاني في "تلخيص الحبير" "1/
47-48" بالانقطاع بين ابن أبي ليلى وعبد الله بن عكيم،
وبالاضطراب. وكذا ضعَّف الحديث الزيلعي في "نصب الراية"
"1/ 120-122" وقد أخرجه الطحاوي والبيهقي "1/ 25" عن صدفة
بن خالد, عن يزيد بن أبي مريم، عن القاسم بن مخيمرة، عن
عبد الله بن عكيم، قال: ثني أشياخ جهينة قالوا: أتانا كتاب
من رسول الله -صلى الله عليه وسلم, أو قرئ علينا كتاب رسول
الله -صلى الله عليه وسلم- حين قرئ على الأشياخ من جهينة,
فقد قال الحافظ في "التقريب": "وقد سمع كتاب النبي -صلى
الله عليه وسلم- إلى جهينة"، لذا فالروايتان صحيحتان والله
-تعالى- أعلى وأعلم.
(4/486)
343- عبيد الله
بن العباس 1:
ابن عَبْدِ المُطَّلِبِ الهَاشِمِيُّ, ابْنُ عَمِّ
رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ,
وَأَخُو: عَبْدِ اللهِ، وَكَثِيْرٍ، وَالفَضْلِ، وَقُثَمَ،
وَمَعْبَدٍ، وَتَمَّامٍ.
وُلِدَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ, وَقِيْلَ: لَهُ رُؤْيَةٌ2.
وَلَهُ حَدِيْثٌ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- فِي سُنَنِ النَّسَائِيِّ3، حُكْمُهُ أَنَّهُ
مُرْسَلٌ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ؛ عَبْدُ اللهِ، وَعَطَاءٌ،
وَابْنُ سِيْرِيْنَ، وَسُلَيْمَانُ بنُ يَسَارٍ،
وَغَيْرُهُم.
وكان أميرًا شريفًا جوادًا ممدوحًا.
ذَكَرَهُ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَةِ
الخَامِسَةِ مِنَ الصَّحَابَةِ، فَقَالَ: كَانَ أَصْغَرَ
مِنْ عَبْدِ اللهِ بِسَنَةٍ وَاحِدَةٍ. ثُمَّ قَالَ:
سَمِعَ مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ, وَكَانَ رَجُلاً تَاجِراً، مَاتَ
بِالمَدِيْنَةِ.
فَذَكَرَ الوَاقِدِيُّ: أنَّه بَقِيَ إلى دولة يزيد بن
معاوية.
__________
1 ترجمته في الاستيعاب "3/ 1009"، أسد الغابة "3/ 524"،
الإصابة "2/ ترجمة 5303"، تهذيب التهذيب "7/ ترجمة 41"،
خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4558".
2 قال الحافظ في "التقريب" "1/ ترجمة 1460" عُبَيْدُ اللهِ
بنُ العَبَّاسِ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ الهاشمي، ابْنُ
عَمِّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أبو
محمد، شقيق عبد الله بن عباس، من صغار الصحابة, مات
بالمدينة سنة سبع وثمانين.
3 صحيح: أخرجه أحمد "1/ 214"، والنسائي في المجتبي "6/
48"، وفي "الكبرى" "6506"، وابن أبي عاصم في "الآحاد
المثاني" "402"، وأبو يعلى "6718" من طريق هشيم, أنبأنا
يحيى بن أبي إسحاق، عن سليمان بن يسار، عن عبيد الله بن
العباس قال: جاءت الغميصاء أو الرميصاء إِلَى رَسُوْلِ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تشكو زوجها,
وتزعم أنه لا يصل إليها, فما كان إلّا يسيرًا حتى جاء
زوجها، فزعم أنها كاذبة، ولكنَّها تريد أن ترجع إلى زوجها
الأوّل، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "ليس لكِ
ذَلِكَ، حتى يذوق عُسَيْلَتَك رجلٌ غيره".
قلت: إسناده صحيح، رجاله ثقات, رجال الشيخين خلا عبيد الله
بن العباس، فقد روى له النسائي، وهو من صغار الصحابة، فهو
لم يسمع الحديث من الرسول -صلى الله عليه وسلم، ولكن ذلك
لا يضر إسناد الحديث، فإن ذلك من مراسيل الصحابة، والإسناد
صحيح.
(4/487)
قُلْتُ: هُوَ شَقِيْقُ عَبْدِ اللهِ،
وَلِيَ إِمْرَةَ اليَمَنِ لابْنِ عمِّه عَلِيٍّ، وحجَّ
بِالنَّاسِ، وَقَدْ ذَبَحَ بُسْرُ بنُ أَرْطَاةَ
وَلَدَيْهِ عُدْوَاناً وَظُلْماً، وتولَّهت أُمُّهُمَا
عَلَيْهِمَا، وَهَرَبَ عُبَيْدُ الله.
قِيْلَ: إِنَّ عُبَيْدَ اللهِ وَصَلَ مَرَّةً رَجُلاً
بِمائَةِ ألف.
قَالَ الفَسَوِيُّ: مَاتَ زَمَنَ مُعَاوِيَةَ. وَقَالَ
خَلِيْفَةُ، وَغَيْرُهُ: مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ
وَخَمْسِيْنَ.
وَأَمَّا أَبُو عُبَيْدٍ، وَأَبُو حَسَّانٍ الزِّيَادِيُّ،
فَقَالاَ: مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ عُبَيْدُ اللهِ أَصْغَرَ مِنْ
عَبْدِ اللهِ بِسَنَةٍ، سَمِعَ من النبي -صلى الله عليه
سلم.
(4/488)
قثم بن العباس
الهاشمي، وعبيد الله بن عدي
344- قُثَم بنُ العَبَّاسِ الهَاشِمِيُّ 1:
وَأُمُّهُ أُمُّ الفَضْلِ، الَّتِي يَقُوْلُ فِيْهَا
الكَلْبِيُّ: إِنَّهَا أَسْلَمَتْ بَعْدَ خَدِيْجَةَ، قَدْ
ذُكِر.
345- عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَدِيِّ 2: "خ، م"
ابن الخيار بن عَدِيِّ بنِ نَوْفَلِ بنِ عَبْدِ مَنَافٍ
بنِ قُصَيِّ بنِ كِلاَبٍ القُرَشِيُّ، النَّوْفَلِيُّ.
وُلِدَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ3, وَكَانَ أبوه من الطلقاء. ما ذكره في
الصَّحَابَةِ أَحَدٌ سِوَى ابْنِ سَعْدٍ.
حدَّث عُبَيْدُ اللهِ عَنْ عُمَرَ، وَعُثْمَانَ،
وَعَلِيٍّ، وَكَعْبٍ، وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عُرْوَةُ، وَحُمَيْدُ بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ، وَعَطَاءُ بنُ يَزِيْدَ اللَّيْثِيُّ،
وَمَعْمَرُ بنُ أَبِي حَبِيْبَةَ.
رَوَى عُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ
عَدِيٍّ: أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ وَهُوَ
مَحْصُوْرٌ، وَعَلِيٌّ يُصَلِّي بِالنَّاسِ، فَقَالَ: يَا
أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! إِنِّيْ أتحرَّج أَنْ أُصَلِّيَ
مَعَ هَؤُلاَءِ وَأَنْتَ الإِمَامُ, فَقَالَ: إِنَّ
الصَّلاَةَ أَحْسَنُ مَا عَمِلَ النَّاسُ، فَإِذَا
رَأَيْتَ النَّاسَ مُحْسِنِيْنَ فأحسن معهم.
__________
1 سبق ترجمتنا له في الجزء الثاني, ترجمة رقم "304",
وبتعليقنا رقم "738".
2 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 49"، التاريخ الكبير "5/
ترجمة 1258"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 1554"، الاستيعاب
"3/ 1010"، أسد الغابة "3/ 256"، تجريد أسماء الصحابة "1/
ترجمة 2620"، الكاشف "2/ 3623"، تهذيب التهذيب "7/ ترجمة
67"، الإصابة "1/ 5308"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4577".
3 قال أبو نصر بن ماكولا في "الإكمال" "2/ 43": "وُلِدَ
عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ, وقُتِلَ أبوه يوم بدر كافرًا" وقال الحافظ في
"الفتح" "7/ 46": لم يثبت أن أباه قُتِلَ كافرًا, وإن ذكر
ذلك ابن ماكولا وغيره، فإن ابن سعد ذكره في طبقة الفتحيين.
(4/488)
قَالَ عَطَاءُ بنُ يَزِيْدَ: كَانَ
عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَدِيٍّ مِنْ فُقَهَاءِ قُرَيْشٍ
وَعُلَمَائِهِم.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَةِ الأُوْلَى مِنْ
أَهْلِ المَدِيْنَةِ: عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَدِيٍّ
الأَكْبَرِ بنِ الخِيَارِ، وَأُمُّهُ: أُمُّ قِتَالٍ
بِنْتِ أُسَيْدِ بنِ أَبِي العَيْصِ الأُمَوِيَّةُ.
حدَّث عَنْ: عُمَرَ، وَعُثْمَانَ. وَلَهُ دَارٌ
بِالمَدِيْنَةِ.
مَاتَ فِي خِلاَفَةِ الوَلِيْدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ،
ثِقَةٌ، قَلِيْلُ الحَدِيْثِ.
وَأَمَّا أَبُو نُعَيْمٍ فَقَالَ: قُتِلَ عَدِيُّ بنُ
الخِيَارِ يَوْمَ بَدْرٍ كَافِراً.
قُلْتُ: فَعَلَى هَذَا يَكُوْنُ عُبَيْدُ اللهِ قَدْ رَأَى
النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(4/489)
346- ربيعة بن
عبد الله 1: "خ، د"
ابن الهدير القرشي التَّمِيْمِيُّ، المَدَنِيُّ. وُلِدَ
فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ, وَلَعَلَّهُ رَآهُ.
حَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ، وَطَلْحَةَ بنِ
عُبَيْدِ اللهِ، هو مُقِلّ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنَا أَخِيْهِ؛ مُحَمَّدٌ وَأَبُو بَكْرٍ
ابْنَا المُنْكَدِرِ، وَعُثْمَانُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
التَّيْمِيُّ، وَرَبِيْعَةُ الرَّأْيُ، وَغَيْرُهُم,
وَذَكَرَهُ ابْنُ حبَّان فِي "الثِّقَاتِ".
مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ، وَلَهُ سَبْعٌ
وَثَمَانُوْنَ سَنَةً. فلعلَّه وُلِدَ عَامَ
الحُدَيْبِيَةِ، سَنَةَ سِتٍّ.
وَجَدُّهُ الهُدَيْرُ: هُوَ ابْنُ عَبْدِ العزَّى بنِ
عَامِرِ بنِ الحَارِثِ بنِ حَارِثَةَ بنِ سَعْدِ بنِ
تَيْمِ بنِ مُرَّةَ بنِ كَعْبِ بنِ لُؤَيٍّ.
وَلَمْ أَرَ أَحَداً عدَّ عَبْدَ اللهِ بنَ الهُدَيْرِ فِي
مُسْلِمَةِ الفَتْحِ، فَلَعَلَّهُ مَاتَ قَبْلَ الفَتْحِ،
لاَ بَلْ تَأَخَّرَ حَتَّى وُلِدَ لَهُ المُنْكَدِرُ
فِيمَا بَعْدُ. وَاللهُ أعلم.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 27"، التاريخ الكبير "3/
ترجمة 2118"، الاستيعاب "2/ 492"، أسد الغابة "2/ 214"،
الكاشف "1/ ترجمة رقم 10561"، تهذيب التهذيب "3/ ترجمة
489"، الإصابة "1/ ترجمة 2711"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة
2042".
(4/489)
347- ربيعة بن
عباد 1:
الديلى الحجازي.
رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
بِسُوْقِ ذِي المَجَازِ2 قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ، ثُمَّ
أَسْلَمَ، وَشَهِدَ اليَرْمُوْكَ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ، وَغَيْرُهُ: لَهُ صُحْبَةٌ.
وَعِبَادٌ -بِالكَسْرِ وَالتَّخْفِيْفِ- عِنْدَ الحَافِظِ
عَبْدِ الغَنِيِّ المِصْرِيِّ، وَقَيَّدَهُ
بِالتَّخْفِيْفِ, وَالفَتْحِ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ
مَنْدَةَ، وَهَذَا فِيْهِ نَظَرٌ.
وَلاَ رَيْبَ فِي سَمَاعِ رَبِيْعَةَ مِنَ النَّبِيِّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَلَكِنْ كَانَ
قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ.
حدَّث عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ المُنْكَدِرِ، وَهِشَامُ بنُ
عُرْوَةَ، وَأَبُو الزِّنَادِ، وَزَيْدُ بنُ أَسْلَمَ.
قَالَ خَلِيْفَةُ: شَهِدَ اليَرْمُوْكَ، وَتُوُفِّيَ فِي
خِلاَفَةِ الوَلِيْدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ.
قُلْتُ: بَقِيَ إِلَى حُدُوْدِ سنة تسعين.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "3/ ترجمة 960"، الجرح
والتعديل "3/ ترجمة 2113"، أسد الغابة "2/ 213"، الإصابة
"1/ ترجمة 2610".
2 حسن: أخرجه أحمد "3/ 492"، وابن أبي عاصم في "الآحاد
والمثاني" "964", والطبراني في "الكبير" "4582"، والحاكم
"1/ 15" من طريق عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي الزِّنَادِ،
عَنْ أَبِيْهِ، عن ربيعة بن عباد الديلي وكان جاهليا أسلم،
فقال: رَأَيتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- بصَرَ عيني بسوق ذي المجاز يقول: "يا أيها
الناس قولوا: لا إله إلا الله تفلحوا" , ويدخل في فجاجها،
والناس متقصفون عليه، فما رأيت أحدًا يقول شيئًا، وهو لا
يسكت يقول: "أيها الناس! قولوا لا إله إلا الله تفلحوا" ,
إلَّا أنَّ وراءه رجل أحول وضيء الوجه ذا غديرتين يقول:
إنه صابئ كاذب. فقلت: من هذا؟ قالوا: محمد بن عبد الله وهو
يذكر النبوة، قلت: من هذا الذي يكذّبه؟ قالوا: عمّه أبو
لهب. قلت: إنك كنت يومئذ صغيرًا! قال: لا والله إني يومئذ
لأعقل".
وقوله: متقصفون عليه: مجتمعون عليه تعجبًا مما يقول.
(4/489)
348- أبو أمامة
بن سهل 1: "ع"
ابن حنيف الأنصاري الأَوْسِيُّ، المَدَنِيُّ، الفَقِيْهُ،
المُعَمَّرُ، الحُجَّةُ. اسْمُهُ: أَسْعَدُ بِاسْمِ
جَدِّهِ لأُمِّهِ، النَّقِيبُ، السَّيِّدُ، أَسَعْدُ بنُ
زرارة.
وُلِدَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- وَرَآهُ -فِيمَا قِيْلَ.
وحدَّث عَنْ: أَبِيْهِ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَزَيْدِ
بنِ ثَابِتٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَمُعَاوِيَةَ،
وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الزُّهْرِيُّ، وَسَعْدُ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ، وَأَبُو حَازِمٍ الأَعْرَجُ، وَمُحَمَّدُ
بنُ المُنْكَدِرِ، وَأَبُو الزِّنَادِ، وَيَعْقُوْبُ بنُ
عَبْدِ اللهِ بنِ الأَشَجِّ، وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ
الأَنْصَارِيُّ، وَابْنَاهُ: مُحَمَّدٌ وَسَهْلٌ ابْنَا
أَبِي أُمَامَةَ، وَآخَرُوْنَ. وَكَانَ أَحَدَ
العُلَمَاءِ.
قَالَ أَبُو مَعْشَرٍ السِّنْدِيُّ: رَأَيْتُ أَبَا
أُمَامَةَ وَقَدْ رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: أَخْبَرَنِي أَبُو أُمَامَةَ،
وَكَانَ مِنْ عِلِّيَّةِ الأَنْصَارِ وَعُلَمَائِهِم،
وَمِنْ أَبْنَاءِ البَدْرِيِّيْنَ.
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ الحَارِثِ، عَنْ حَكِيْمِ بنِ
حَكِيْمِ بنِ عَبَّادِ بنِ حُنَيْفٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ
بنِ سَهْلٍ، قَالَ: كَتَبَ مَعِي عُمَرُ إِلَى أَبِي
عُبَيْدَةَ: إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "اللهُ وَرَسُولُهُ مَوْلَى
مَنْ لاَ مَوْلَى لَهُ، وَالخَالُ وَارِثُ مَنْ لاَ
وَارِثَ لَهُ" 2.
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيْثٌ حَسَنٌ.
يُوْسُفُ بنُ المَاجِشُوْنِ، عَنْ عُتْبَةَ بنِ مسلم، قال:
استوى عثمان على المِنْبَرِ، فَحَصَبُوْهُ حَتَّى حِيْلَ
بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلاَةِ، فصلَّى بِالنَّاسِ
يَوْمَئِذٍ أَبُو أُمَامَةَ بنُ سَهْلٍ.
اتفقوا على وفاته في سنة مائة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 82"، أسد الغابة "3/ 470"
و"6/ 18"، تهذيب التهذيب "1/ ترجمة 497"، الإصابة "4/
ترجمة 52".
2 حسن: أخرجه ابن أبي شيبة "11/ 263"، وأحمد "1/ 28 و46"،
والترمذي "2103"، وابن ماجه "2737"، والنسائي في "الكبرى"
"6351"، والبزار "253"، وابن الجارود "964"، والطحاوي "4/
397"، والدارقطني "4/ 84-85"، والبيهقي "6/ 214" من طرق عن
سفيان الثوري، عن عبد الرحمن بن الحارث بن عياش بن أبي
ربيعة، عَنْ حَكِيْمِ بنِ حَكِيْمِ بنِ عَبَّادِ بنِ حنيف،
عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف, أن رجلًا رمى رجلًا بسهم
فقتله، وليس له وارث إلّا خال، فكتب في ذلك أبو عبيدة بن
الجراح إلى عمر، فكتب: إنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "الله وروسله مَوْلَى مَنْ لاَ
مَوْلَى لَهُ، وَالخَالُ وَارِثُ من لا وارث له".
(4/491)
349- محمود بن
الربيع 1: "ع"
ابن سراقة بن عمرو الإِمَامُ، أَبُو مُحَمَّدٍ -وَيُقَالُ:
أَبُو نُعَيْمٍ- الأَنْصَارِيُّ، الخَزْرَجِيُّ،
المَدَنِيُّ, وَأُمُّهُ هِيَ جَمِيْلَةُ بِنْتُ أَبِي
صَعْصَعَةَ الأَنْصَارِيَّةُ.
أَدْرَكَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
وعَقِل مِنْهُ مَجَّة مَجَّها فِي وَجْهِهِ من بئر في
دراهم، وهو يومئذ ابن أربع سنين2.
وحدَّث عَنْ أَبِي أَيُّوْبَ الأَنْصَارِيِّ، وَعِتْبَانَ
بنِ مَالِكٍ، وَعُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ، وَغَيْرِهِم.
حدَّث عَنْهُ: رَجَاءُ بنُ حَيْوَةَ، وَمَكْحُوْلٌ،
وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَمْرِو بنِ الحَارِثِ،
وَالزُّهْرِيُّ.
وَرَوَى عَنْهُ مِنَ الصَّحَابَةِ أَنَسُ بنُ مَالِكٍ.
وَقَالَ أَبُو الحَسَنِ بنُ سُمَيْعٍ: هُوَ خَتَنُ
عُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: لَهُ صُحْبَةٌ.
وَأَمَّا أَحْمَدُ العِجْلِيُّ، فَقَالَ: هُوَ ثِقَةٌ،
مِنْ كِبَارِ التَّابِعِيْنَ.
وَقَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: اجْتَازَ بِدِمَشْقَ غَازِياً
إِلَى القُسْطَنْطِيْنِيَّةِ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وتسعين، وله
ثلاثة وَتِسْعُوْنَ سَنَةً. وَكَذَا أرَّخه عَلِيُّ بنُ
عَبْدِ اللهِ التَّمِيْمِيُّ.
وَقَالَ خَلِيْفَةُ بنُ خَيَّاطٍ: مَاتَ سنة ست وتسعين.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "7/ ترجمة 1761"، الجرح
والتعديل "8/ ترجمة 1328"، الاستيعاب "3/ 1378"، أسد
الغابة "5/ 116"، الكاشف "3/ ترجمة 5417"، تجريد أسماء
الصحابة "2/ ترجمة 683"، تهذيب التهذيب "10/ ترجمة 103"،
الإصابة "3/ ترجمة رقم 7818"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة
6881".
2 صحيح: أخرجه البخاري "77" من طريق محمد بن حرب، حدثني
الزبيدي، عن الزهري، عن محمود بن الربيع قال: عقلت من
النبي -صلى الله عليه وسلم- مَجَّة مَجَّها في وجهي وأنا
ابن خمس سنين من دَلْو".
وأخرجه مسلم في "المساجد" "265" من طريق الوليد بن مسلم عن
الاوزاعي، قال: حدثني الزهري عن محمود بن الربيع قال: إني
لاعقل مَجَّةً مَجَّهَا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من
دَلْو في دارنا.
(4/492)
قيس بن مكشوح، وعبد
الله بن عامر بن ربيعة
350- قيس بن مكشوح 1:
الأَمِيْرُ، أَبُو حسَّان المُرَادِيُّ، مِنْ وُجُوْهِ
العَرَبِ المَوْصُوْفِيْنَ بِالشَّجَاعَةِ.
وَكَانَ مِمَّنْ أَعَانَ عَلَى قَتْلِ الأَسْوَدِ
العَنْسِيِّ، وَقُلِعَتْ عَيْنُهُ يَوْمَ اليَرْمُوْكِ.
وَكَانَ ذَا رَأْيٍ فِي الحَرْبِ وَنَجْدَةٍ.
وَكَانَ مِنْ أمراء علي يوم صفين، فقُتِلَ يومئذ.
351- عَبْدُ اللهِ بنُ عَامِرِ بنِ رَبِيْعَةَ 2:
أَبُو مُحَمَّدٍ العَنْزى -بِالسُّكُوْنِ- المَدَنِيُّ،
حَلِيْفُ بَنِي عَدِيِّ بنِ كَعْبٍ. وعَنْز: أَخُو بَكْرِ
بنِ وَائِلٍ. استُشْهِدَ أَخُوْهُ سَميُّه عَبْدُ اللهِ
فِي حِصَارِ الطائف.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 525"، أسد الغابة "4/ 447"،
الإصابة "3/ ترجمة 7239".
2 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 9"، التاريخ الكبير "5/
ترجمة 18"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 559"، تجريد أسماء
الصحابة "1/ ترجمة 3375"، الكاشف "2/ ترجمة 2830"، تهذيب
التهذيب "5/ ترجمة 465"، الإصابة "2/ ترجمة 4777"، خلاصة
الخزرجي "2/ ترجمة 4583".
(4/492)
وَكَانَ أَبُوْهُمَا عَامِرُ بنُ
رَبِيْعَةَ بنِ كَعْبِ بنِ مَالِكٍ مِنْ كِبَارِ
المُهَاجِرِيْنَ البَدْرِيِّيْنَ.
حدَّث عَبْدُ اللهِ عَنْ: أَبِيْهِ، وَعُمَرَ،
وَعُثْمَانَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ،
وَطَائِفَةٍ.
وَكَانَ مَوْلِدُهُ عَامَ الحُدَيْبِيَةِ.
وَلَهُ حَدِيْثٌ مُرْسَلٌ فِي "سُنَنِ أَبِي دَاوْدَ"1.
حدَّث عَنْهُ: عَاصِمُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ، وَأَبُو بَكْرٍ
بنُ حَفْصٍ الوَقَّاصِيُّ، وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ
الأَنْصَارِيُّ، وَابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ،
وَآخَرُوْنَ.
تُوُفِّيَ سنة خمس وثمانين.
__________
1 حسن لغيره: أخرجه أبن أبي شيبة "8/ 593"، وأحمد "3/
447"، وأبو داود "4491" والبخاري في "التاريخ الكبير" "3/
ق1/ 11"، والخرائطي في "مكارم الأخلاق" "ص33"، والبيهقي في
"السنن" "10/ 198", وفي "شعب الإيمان" "4822" من طرق عن
ليث بن سعد، عن محمد بن عجلان عن مولى لعبد الله بن عامر
بن ربيعة العدوي، عن عبد الله بن عامر أنه قال: أتانا رسول
الله -صلى الله عليه وسلم- في بيتنا وأنا صبي، قال: فذهبت
أخرج لألعب، فقالت أمي: يا عبد الله, تعال أعطك, فقال رسول
الله -صلى الله عليه وسلم: "وما أردت أن تعطيه"؟ قالت:
أعطيه تمرًا. قال: فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم:
"أما إنك لو لم تفعلي كتبت عليك كذبة".
قلت: إسناده ضعيف، آفته مولى عبد الله بن عامر بن ربيعة،
فإنه مبهم.
وللحديث شاهد عن أبي هريرة عن رسول الله -صلى الله عليه
وسلم- أنه قال: "من قال لصبي: تعال هاك، ثم لم يعطه، فهي
كذبة" أخرجه ابن المبارك في "الزهد" "375"، وأحمد "2/
452"، وابن أبي الدنيا في "مكارم الأخلاق" "150"، وفي
"الصمت" له "523"، وابن حزم في "المحلَّى" "8/ 29" من طرق
عن الليث بن سعد، قال: حدثني عقيل، عن ابن شهاب، عن أبي
هريرة، به.
قلت: إسناده ضعيف؛ لانقطاع بين الزهري وأبي هريرة -رضي
الله عنه, لكن الحديث يرتقي لمنزلة الحسن بمجموع طريقيه
عبد الله بن عامر، وأبي هريرة -رضي الله عنهما.
(4/493)
352- يزيد بن مفرغ الحِمْيَرِيُّ 1:
مِنْ فُحُوْلِ الشُّعَرَاءِ، وَكَانَ أَبُوْهُ زِيَادُ بنُ
رَبِيْعَةَ حَدَّاداً. وَقِيْلَ: شَعَّاباً بِتَبَالَةَ.
وَتَبَالَةُ بِالفَتْحِ: قَرْيَةٌ بِالحِجَازِ، مِمَّا
يَلِي اليَمَنَ. وَلُقِّبَ مُفَرِّغاً؛ لأَنَّهُ رَاهَنَ
عَلَى سقَاءٍ مِنْ لَبَنٍ، فشريه حَتَّى فَرَّغَهُ.
وَلابْنِ مُفَرِّغٍ هَجْوٌ مُقْذِعٌ، وَمَدِيْحٌ،
وَنَظْمُهُ سَائِرٌ.
وَهَجَا عُبَيْدَ اللهِ بنَ زِيَادٍ؛ فَأَتَى وَطَلَبَ
مِنْ مُعَاوِيَةَ قَتْلَهُ، فَلَمْ يَأذَنْ، وَقَالَ:
أدِّبه. وَاسْتَجَارَ يَزِيْدُ بِالمُنْذِرِ بنِ
الجَارُوْدِ، فَأَتَى عُبَيْدُ اللهِ البَصْرَةَ،
فَسَقَاهُ مُسْهِلاً، وَأَرْكَبَهُ حِمَاراً رَبَطَهُ
فَوْقَهُ، وطوَّف بِهِ وَهُوَ يَسْلَحُ فِي الأَسْوَاقِ،
فَقَالَ:
يَغْسِلُ المَاءُ مَا صَنَعْتَ وشعري ... راسخ منك في
العظام البوالي
وهو القاتل هَذَا البَيْتَ:
العَبْدُ يُقْرَعُ بِالعَصَا ... وَالحُرُّ تَكْفِيْهِ
المَلاَمَهْ1
وَنَقَلَ صَاحِبُ "المِرْآةِ": أنَّ ابْنَ مُفَرِّغٍ مات
سنة تسع وستين.
__________
1 ترجمته في طبقات الشعراء "686" و"693"، وفيّات الأعيان
"6/ 342 و362"، خزانة الأدب "2/ 515".
(4/494)
353- عمرو بن
سلمة 1: "خ، د، س"
أبو بريد الجرمي. وَقِيْلَ: أَبُو يَزِيْدَ، وَهَذَا
الَّذِي كَانَ يَؤُمُّ قَوْمَهُ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ صَبِيٌّ2,
وَلأَبِيْهِ صُحْبَةٌ وَوِفَادَةٌ. وَقَدْ قِيْلَ: إِنَّهُ
وَفَدَ مَعَ أَبِيْهِ، وَلَهُ رُؤْيَةٌ. فالله أعلم.
حدَّث عَنْهُ: أَبُو قِلاَبَةَ الجَرْمِيُّ، وَأَبُو
الزُّبَيْرِ المَكِّيُّ، وَعَاصِمٌ الأحْول، وَأَيُّوْبُ
السَّخْتِيَانِيُّ، وَغَيْرُهُم.
لَهُ رِوَايَةٌ فِي "صَحِيْحِ البُخَارِيِّ"، وَفِي
"سُنَنِ النَّسَائِيِّ". وَكَانَ قَدْ نَزَلَ البَصْرَةَ.
أرَّخ الإِمَامُ أَحْمَدُ موته: في سنة خمس وثمانين.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 89"، التاريخ الكبير "6/
ترجمة 2497"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1301"، الاستيعاب
"3/ 1179"، أسد الغابة "4/ 234"، تجريد أسماء الصحابة "1/
ترجمة 4422"، الكاشف "2/ ترجمة 4228"، تهذيب التهذيب "8/
ترجمة رقم 69"، الإصابة "2/ ترجمة 5857"، خلاصة الخزرجي
"28 ترجمة 5308".
2 صحيح: أخرجه البخاري "4302" من طريق أيوب، عن أبي قلابة،
عن عمرو بن سلمة قال: قال لي أبو قلابة: ألَا تلقاه
فتسأله؟ قال: فلقيته فسألته, فقال: كنَّا بما ممر الناس،
وكان يمر بنا الركبان فنسألهم: ما للناس، ما للناس؟ وما
هذا الرجل؟ فيقولون: يزعم أن الله أرسله، أوحى إليه، أو
أوحى الله بكذا، فكنت أحفظ ذلك الكلام, فكأنما يقر في
صدري، وكانت العرب تلوّم بإسلامهم الفتح فيقولون: اتركوه
وقومه، فإنه إن ظهر عليهم فهو نبي صادق, فلما كانت وقعة
أهل الفتح بادر كل قوم بإسلامهم، وبدر أبي قومي بإسلامهم،
فلمَّا قدم قال: جئتكم والله من عند النبي -صلى الله عليه
وسلم- حقًّا، فقال: صلوا صلاة كذا في حين كذا، وصلوا صلاة
كذا في حين كذا، فإذا حضرت الصلاة فليؤذّن أحدكم، وليؤمّكم
أكثركم قرآنًا، فينظروا، فلم يكن أحد أكثر قرآنًا منِّي،
لما كنت أتلقَّى من الركبان، فقدَّموني بين أيديهم وأنا
ابن ست أو سبع سنين، وكانت عليَّ بردة, كنت إذا سجدت
تقلَّصت عنِّي, فقالت امرأة من الحي: ألا تنطون عنَّا است
قارئكم، فاشتروا، فقطعوا لي قميصًا، فما فرحت بشيء فرحي
بذلك القميص".
(4/494)
عمرو بن سلمة، وكعب
بن سور الأزدي، وزيد بن صوحان
354- عمرو بن سلمة 1: "بخ"
الهمداني الكوفي، فَتَابِعِيٌّ كَبِيْرٌ، مِنْ أَصْحَابِ
عَلِيٍّ.
سَمِعَ عَلِيّاً وَابْنَ مَسْعُوْدٍ.
حدَّث عَنْهُ: الشَّعْبِيُّ، وَيَزِيْدُ بنُ أَبِي
زِيَادٍ.
مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ أَيْضاً، وَدُفِنَ هُوَ
وَعَمْرُو بنُ حُرَيْثٍ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ.
355- كَعْبُ بنُ سُوْرٍ الأَزْدِيُّ 2:
قَاضِي البَصْرَةِ، وليُّها لِعُمَرَ وَعُثْمَانَ, وَكَانَ
مِنْ نُبَلاَءِ الرِّجَالِ وَعُلَمَائِهِم, قُتِلَ يَوْمَ
الجَمَلِ، قَامَ يَعِظُ النَّاسَ ويذكِّرهم، فَجَاءهُ
سَهْمُ غَرْبٍ، فَقَتَلَهُ -رَحِمَهُ اللهُ تعالى.
356- زيد بن صوحان 3:
ابن حجر بن الحارث بن هِجْرِسِ بنِ صَبِرَةَ بنِ حدِرْجَان
بنِ عِساس العَبْدِيُّ، الكُوْفِيُّ. أَخُو صَعْصَعَةَ بنِ
صُوْحَانَ، وَلَهُمَا أَخٌ اسْمُهُ سَيْحَانُ، لاَ يَكَادُ
يُعْرَفُ.
كُنْيَةُ زَيْدٍ: أَبُو سُلَيْمَانَ.
وَقِيْلَ: أَبُو عَائِشَةَ.
كَانَ مِنَ العُلَمَاءِ العبَّاد، ذَكَرُوْهُ فِي كُتُبِ
مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ، وَلاَ صُحْبَةَ لَهُ. لَكِنَّهُ
أَسْلَمَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- وَسَمِعَ من: عمر، وعلي، وسلمان.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 171"، التاريخ الكبير "6/
ترجمة 2569"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1302"، تهذيب
التهذيب "8/ ترجمة 68"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5305".
2 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 91"، التاريخ الكبير "7/
ترجمة 961"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة 912"، أسد الغابة
"4/ 479"، الإصابة "3/ ترجمة 7493".
3 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 123"، التاريخ الكبير "3/
ترجمة 1325"، تاريخ بغداد "8/ 439"، أسد الغابة "2/ 291"،
الإصابة "1/ ترجمة 2910".
(4/495)
حدَّث عَنْهُ: أَبُو وَائِلٍ،
وَالعَيْزَارُ بنُ حُرَيْثٍ، وَلاَ رِوَايَةَ لَهُ فِي
الأُمَّهَاتِ؛ لأَنَّهُ قَدِيْمُ الوَفَاةِ.
وَذَكَرَ بَعْضُهُم أنَّه وَفَدَ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
يَعْلَى بنُ عُبَيْدٍ: حَدَّثَنَا الأَجْلَحُ، عَنْ
عُبَيْدِ بنِ لاَحِقٍ، قَالَ: كَانَ رَسُوْلُ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي سَفَرٍ، فَنَزَلَ
رَجُلٌ، فَسَاقَ بِالقَوْمِ ورجز، ثم نزل آخر، ثُمَّ بَدَا
لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
أَنَّ يُوَاسِيَ أَصْحَابَهُ، فَنَزَلَ. فَجَعَلَ
يَقُوْلُ:
جندب وما جندب ... والأقطع الخير زائد
قِيْلَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! سَمِعْنَاكَ اللَّيْلَةَ
تَقُوْلُ كَذَا وَكَذَا. فَقَالَ: "رَجُلاَنِ فِي
الأُمَّةِ, يَضْرِبُ أَحَدُهُمَا ضَرْبَةً تُفَرِّقُ
بَيْنَ الحَقِّ وَالبَاطِلِ، وَالآخَرُ تُقْطَعُ يَدُهُ
فِي سَبِيْلِ اللهِ، ثُمَّ يَتْبَعُ آخِرُ جَسَدِهِ
أَوَّلَهُ".
قَالَ الأَجْلَحُ: أَمَّا جُنْدُبٌ فَقَتَلَ السَّاحِرَ،
وَأَمَّا زَيْدٌ فَقُطِعَتْ يَدُهُ يَوْمَ جَلُوْلاَءَ،
وقُتِل يَوْمَ الجَمَلِ1.
قَالَ الأَعْمَشُ: عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، قَالَ: كَانَ
زَيْدُ بنُ صُوْحَانَ يحدِّث، فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ: إِنَّ
حَدِيْثَكَ يُعْجِبُنِي، وَإِنَّ يَدَكَ لتربيني. قال:
أَوَمَا تَرَاهَا الشِّمَالَ؟ قَالَ: وَاللهِ مَا أَدْرِي
اليَمِيْنَ يَقْطَعُوْنَ أَمِ الشِّمَالَ؟ فَقَالَ زَيْدٌ:
صَدَقَ اللهُ: {الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا
وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ
اللَّهُ} [التَّوْبَةُ: 97] .
فَذَكَرَ الأَعْمَشُ: أَنَّ يَدَهُ قُطِعَتْ يَوْمَ
نَهَاوْنَدَ.
حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، عَنْ
عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي الهُذَيْلِ: إنَّ وَفْدَ
الكُوْفَةِ قَدِمُوا عَلَى عُمَرَ، فِيهِم زَيْدُ بنُ
صُوْحَانَ، فَجَاءهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ
يَسْتَمِدُّ، فَقَالَ: يَا أَهْلَ الكُوْفَة! إِنَّكُم
كَنْزُ أَهْلِ الإِسْلاَمِ، إِنِ اسْتَمَدَّكُم أَهْلُ
البَصْرَةِ أَمْدَدْتُمُوْهُم، وَإِنِ اسْتَمَدَّكُم
أَهْلُ الشَّامِ أَمْدَدْتُمُوْهُم, وَجَعَلَ عُمَرُ
يُرَحِّلُ لِزِيْدٍ، وَقَالَ: يَا أَهْلَ الكُوْفَةِ!
هَكَذَا فَاصْنَعُوا بِزَيْدٍ، وإلا عذبتكم.
وَرَوَى الأَجْلَحُ، عَنِ ابْنِ أَبِي الهُذَيْلِ، قَالَ:
دَعَا عُمَرُ زَيْدَ بنُ صُوْحَانَ، فضفَّنه عَلَى
الرَّحْلِ كَمَا تُضفِّنون أُمَرَاءكُم، ثُمَّ الْتَفَتَ
إِلَى النَّاسِ، فَقَالَ: اصْنَعُوا هَذَا بِزَيدٍ
وَأَصْحَابِ زَيْدٍ.
__________
1 ضعيف: أخرجه ابن سعد "6/ 123"، وفيه الأجلح بن عبد الله
أبو حجية الكندي الكوفي. قال أبو حاتم: ليس بالقوي. وقال
النسائي: ضعيف له رأى سوء وعبيد بن لاحق، لم أجد من ترجم
له.
(4/496)
سِمَاكٌ، عَنِ النُّعْمَانِ أَبِي
قُدَامَةَ: أَنَّهُ كَانَ فِي جَيْشٍ، عَلَيْهِم سَلْمَانُ
الفَارِسِيُّ، فَكَانَ يَؤُمُّهُم زَيْدُ بنُ صُوْحَانَ،
يَأْمُرُهُ بِذَلِكَ سَلْمَانُ.
سِمَاكٌ، عَنْ رَجُلٍ: أنَّ سَلْمَانَ كَانَ يَقُوْلُ
لِزَيْدِ بنِ صُوْحَانَ يَوْمَ الجُمُعَةِ: قُمْ،
فَذَكِّرْ قَوْمَكَ.
ابْنُ سَعْدٍ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بنُ نُصَيْرٍ،
حَدَّثَنَا عُقْبَةُ الرِّفَاعِيُّ، حدَّثنا حُمَيْدُ بنُ
هِلاَلٍ، قَالَ: قَامَ زَيْدُ بنُ صُوْحَانَ إِلَى
عُثْمَانَ، فَقَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! ملتَ
فَمَالَتْ أُمَّتُكَ، اعْتَدِلْ يَعْتَدِلُوا. قَالَ:
أَسَامِعٌ مُطِيْعٌ أَنْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ, قَالَ: الْحَقْ
بِالشَّامِ. فطلقَّ امْرَأَتَهُ، ثُمَّ لَحِقَ بِحَيْثُ
أَمَرَهُ.
أَيُّوْبُ السَّخْتِيَانِيُّ، عَنْ غَيْلاَنَ بنِ جَرِيرٍ،
قَالَ: ارتثَّ1 زَيْدُ بنُ صُوْحَانَ يَوْمَ الجَمَلِ،
فَدَخلُوا عَلَيْهِ، فَقَالُوا: أَبْشِرْ بِالجَنَّةِ.
قَالَ: تَقُوْلُوْنَ قَادِرِيْنَ، أَوِ النَّارَ فَلاَ
تَدْرُوْنَ، إِنَّا غَزَوْنَا القَوْمَ فِي بِلاَدِهِم،
وَقَتَلْنَا أَمِيْرَهُم، فَلَيْتَنَا إذ ظُلِمْنَا صبرنا.
رَوَى نَحْوَهُ: العَوَّامُ بنُ حَوْشَبٍ، عَنْ أَبِي
مَعْشَرٍ، عَنِ الحيِّ الَّذِيْنَ كَانَ فِيهِم
زَيْدٌ....، فَذَكَرَهُ.
وَقَالَ: شُدُّوا عليَّ إِزَارِي، فَإِنِّي مُخَاصِمٌ،
وَأَفْضُوا بِخَدِّي إِلَى الأَرْضِ، وَأَسْرِعُوا
الانْكِفَاتَ عَنِّي.
الثَّوْرِيُّ، عَنْ مُخَوَّلٍ، عَنِ العَيْزَارِ بنِ
حُرَيْثٍ، عَنْ زَيْدِ بنِ صُوْحَانَ، قَالَ: لاَ
تَغْسِلُوا عَنِّي دَماً، وَلاَ تَنْزِعُوا عَنِّي
ثَوْباً، إِلاَّ الخفَّين، وَأَرْمِسُونِي فِي الأَرْضِ
رَمْساً، فَإِنِّي مُخَاصِمٌ، أُحَاجُّ يَوْمَ
القِيَامَةِ.
قَالَ عمَّار الدُّهْنِيُّ: قَالَ زَيْدٌ: ادْفُنُوْنِي
وَابْنَ أُمِّي فِي قَبْرٍ، وَلاَ تَغْسِلُوا عَنَّا
دَماً، فَإِنَّا قَوْمٌ مُخَاصِمُوْنَ.
قِيْلَ: كَانَ قُتِلَ مَعَهُ أَخُوْهُ سَيْحَانُ، فدُفِنَا
فِي قَبْرٍ.
وَرُوِي أَنَّهُ أَمَرَ أَنْ يُدْفَنَ مَعَهُ مُصْحَفُهُ.
نَقَلَهُ: ابْنُ سَعْدٍ بِإِسْنَادٍ مُنْقَطِعٍ، ثُمَّ
قال: وكان ثقة، قليل الحديث.
__________
1 المرتث: الصريع الذي يُثْخَنُ في الحرب ويحمل حيًّا ثم
يموت؛ وقال ثعلب: هو الذي يحمل من المعركة وبه رمق، فإن
كان قتيلًا فليس بمرتث.
(4/497)
357- صعصعة بن
صوحان 1: "س"
أبو طلحة: أَحَدُ خُطَبَاءِ العَرَبِ, كَانَ مِنْ كِبَارِ
أَصْحَابِ علي. قُتِلَ أَخَوَاهُ يَوْمَ الجَمَلِ،
فَأَخَذَ صَعْصَعَةُ الرَّايَةَ.
يَرْوِي عَنْ: عَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ, وَبَقِيَ إِلَى
خِلاَفَةِ مُعَاوِيَةَ.
وثَّقه: ابْنُ سَعْدٍ. وَكَانَ شَرِيْفاً مُطَاعاً
أَمِيْراً، فَصِيْحاً مفوَّهًا.
حدَّث عَنْهُ: الشَّعْبِيُّ، وَابْنُ بُرَيْدَةَ،
وَالمِنْهَالُ بنُ عَمْرٍو، وَأَبُو إِسْحَاقَ.
يُقَالُ: وَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَخَطَبَ، فَقَالَ:
إِنْ كُنْتُ لأُبْغِضُ أَنْ أَرَاكَ خَطِيْباً. قَالَ:
وَأَنَا إِنْ كُنْتُ لأُبْغِضُ أَنْ أَرَاكَ خَلِيْفَةً.
وَقِيْلَ: كُنْيَتُهُ أبو عمر.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 221"، التاريخ الكبير "4/
ترجمة 2979"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 1960"، الاستيعاب
"2/ 717"، أسد الغابة "3/ 21"، تجريد أسماء الصحابة "1/
ترجمة 2794"، الكاشف "2/ ترجمة 2415"، تهذيب التهذيب "4/
ترجمة 728"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 3092".
(4/498)
358- عبد الله
بن الحارث 1: "ع"
ابن نوفل ابْنِ عَمِّ رَسُوْل اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الحَارِثِ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ بنِ
هَاشِمِ بنِ عَبْدِ مَنَافٍ، السَّيِّدُ، الأَمِيْرُ،
أَبُو مُحَمَّدٍ القُرَشِيُّ، الهَاشِمِيُّ، المَدَنِيُّ،
وَلَقَبُهُ: "بَبَّة".
لأَبِيْهِ وَلِجَدِّهِ صُحْبَةٌ, وَكَانَ نَوْفَلٌ مِنْ
أَسَنِّ الصَّحَابَةِ، مِنْ أَسْنَانِ حَمْزَةَ،
وَالعَبَّاسِ عَمَّيْهِ.
عِدَادُهُ فِي مُسْلِمَةِ الفتح، ولم يروِ شيئًا.
وأمَّا الحَارِثُ، فَلَهُ حَدِيْثٌ فِي "مُسْنِدِ بَقِيِّ
بنِ مَخْلَدٍ", وَقَدْ وَلِي إِمْرَةَ مَكَّةَ لِعُمَرَ،
تُوُفِّيَ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ، وَكَانَ قَدْ أَتَى
بِوَلَدِهِ بَبَّةَ إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فحنَّكَه.
حدَّث بَبَّةُ عَنْ: عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ،
وَأُبَيٍّ، وَالعَبَّاسِ، وَصَفْوَانَ بنِ أُمَيَّةَ،
وَحَكِيْمِ بنِ حِزَامٍ، وَأُمِّ هَانِئ بِنْتِ أَبِي
طالب، وكعب الحبر، وطائفة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 24" و"7/ 100"، التاريخ
الكبير "5/ ترجمة 155"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 136"،
الاستيعاب "3/ 885"، تجريد أسماء الصحابة "1/ ترجمة رقم
3213"، والكاشف "2/ ترجمة 2702"، تهذيب التهذيب "5/ ترجمة
310"، الإصابة "2/ ترجمة 6169"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة
3440".
(4/498)
وَعَنْهُ: وَلدُهُ؛ إِسْحَاقُ، وَعَبْدُ
اللهِ، وَالزُّهْرِيُّ، وَأَبُو التَّيَّاحِ يَزِيْدُ بنُ
حُمَيْدٍ، وَيَزِيْدُ بنُ أَبِي زِيَادٍ، وَعَبْدُ
المَلِكِ بنُ عُمَيْرٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ،
وَعُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَآخَرُوْنَ. رَوَى
عِدَّةَ أَحَادِيْثَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: ثِقَةٌ، تَابِعِيٌّ، أَتَتْ
بِهِ أَمُّهُ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ؛ إِذْ دَخَلَ عَلَيْهَا، فَتَفَلَ فِي فِيْهِ،
وَدَعَا لَهُ.
وَقَالَ الزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ: أُمُّهُ هِيَ هِندٌ؛
أُخْتُ مُعَاوِيَةَ.
قُلْتُ: وَهِيَ أُخْتُ أُمِّ المُؤْمِنِيْنَ أُمِّ
حَبِيْبَةَ.
قَالَ: وَكَانَتْ تُنقِّزه وَتَقُوْلُ:
يَا بَبَّةُ يَا بَبَّهْ ... لأنكحنَّ بَبَّهْ
جَارِيَةً خِدَبَّه1 ... تَسُوْدُ أَهْلَ الكَعْبَهْ
اصْطَلَحَ كُبَرَاءُ أَهْلِ البَصْرَةِ عَلَى تَأْمِيْرِهِ
عَلَيْهِم عِنْدَ هُرُوْبِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ زِيَادٍ
إِلَى الشَّامِ لَمَّا هَلَكَ يَزِيْدُ, ثُمَّ كَتَبُوا
بِالبَيْعَةِ إلى ابن الزبير، فولّاه عَلَيْهِم, ثُمَّ
عَزَلَهُ. وَلَمَّا كَانَتْ فِتْنَةُ ابْنِ الأَشْعَثِ2،
هَرَبَ عَبْدُ اللهِ إِلَى الشَّامِ خَوْفاً مِنَ
الحَجَّاج.
وَقِيْلَ: مَاتَ بِعُمَانَ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثٍ
وَثَمَانِيْنَ.
قُلْتُ: عَاشَ بِضْعاً وَسَبْعِيْنَ سَنَةً، وَقَارَبَ
الثَّمَانِيْنَ.
وَكَانَ مِنْ سَادَةِ بَنِي هَاشِمٍ، يَصْلُحُ للخلافة
لعلمه وسؤدده.
__________
1 الخدبة: الضخمة الغليظة.
2 ابن الأشعث: هو عبد الرحمن بن قيس بن محمد بن الاشعث بن
قيس الكندي الكوفي, قيل: إن الحَجَّاج قتله بعد سنة "90"،
قال الحافظ في "التقريب": مجهول الحال، قُتِلَ بعد
التسعين.
(4/499)
359- حُكَيْمُ بنُ جَبَلَة العَبْدِيُّ 1:
الأَمِيْرُ، أَحَدُ الأَشْرَافِ الأَبْطَالِ، كَانَ ذَا
دِيْنٍ وَتَأَلُّهٍ.
أمَّره عُثْمَانُ عَلَى السِّنْدِ مُدَّةً، ثُمَّ نَزَلَ
البَصْرَةَ.
وَكَانَ أَحَدَ مَنْ ثَارَ فِي فِتْنَةِ عُثْمَانَ.
فَقِيْلَ: لَمْ يَزَلْ يُقَاتِلُ يَوْمَ الجَمَلِ حَتَّى
قُطِعَت رِجْلُهُ، فَأَخَذَهَا وَضَرَبَ بِهَا الَّذِي
قَطَعَهَا، فَقَتَلَهُ بِهَا، وَبَقِي يُقَاتِلُ عَلَى
رجلٍ وَاحِدَةٍ، وَيَرْتَجِزُ ويقول:
يَا سَاقِ لَنْ تُرَاعِي ... إِنَّ مَعِي ذِرَاعِي
أَحْمِي بِهَا كُرَاعِي
فَنَزَفَ مِنْهُ دَمٌ كَثِيْرٌ، فَجَلَسَ مُتَّكِئاً عَلَى
المَقْتُوْلِ الَّذِي قَطَعَ سَاقَهُ، فمَرَّ بِهِ
فَارِسٌ، فَقَالَ: مَنْ قَطَعَ رِجْلَكَ؟ قَالَ:
وِسَادَتِي. فَمَا سُمِعَ بِأَشْجَعَ مِنْهُ، ثُمَّ شدَّ
عليه سحيم الحداني، فقتله.
__________
1 ترجمته في أسد الغابة "2/ 44"، الإصابة "1/ ترجمة 1994".
(4/500)
360- جَبَلَة بنُ الأَيْهَم الغَسَّاني 1:
أَبُو المُنْذِرِ. مَلِكُ آلِ جَفْنَةَ بِالشَّامِ،
أَسْلَمَ وَأَهْدَى لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- هَدِيَّةً، فلمَّا كَانَ زَمَنُ عُمَرَ ارتدَّ
وَلَحِقَ بِالرُّوْمِ.
وَكَانَ دَاسَ رَجُلاً، فَلَكَمَهُ الرَّجُلُ فهَمَّ
بِقَتْلِهِ، فَقَالَ عُمَرُ: الْطِمْهُ بَدَلَهَا,
فَغَضِبَ وَارْتَحَلَ، ثُمَّ نَدِمَ عَلَى رِدَّتِهِ -نعوذ
بالله من العتوِّ والكبر.
__________
1 ترجمته في الأغاني "15/ 157 و173"، خزانة الأدب "2/
241".
(4/500)
361- عُقْبَةُ بنُ نَافِعٍ القُرَشِيُّ 1:
الفِهْرِيُّ الأَمِيْرُ, نَائِبُ إفريقية لمعاوية وليزيد،
وهو الذي أنشأ القَيْرَوَانَ، وَأَسْكَنَهَا النَّاسَ.
وَكَانَ ذَا شَجَاعَةٍ وَحَزْمٍ وَديَانَةٍ، لَمْ يَصِحَّ
لَهُ صُحْبَةٌ، شَهِدَ فَتْحَ مِصْرَ واختطَّ بِهَا.
حَكَى عَنْهُ ابْنُهُ؛ الأَمِيْرُ أَبُو عُبَيْدَةَ
مَرَّةً، وَعَبْدُ اللهِ بنُ هُبَيْرَةَ، وَعُلَيُّ بنُ
رَبَاحٍ، وَعَمَّارُ بنُ سَعْدٍ.
وَهُوَ ابْنُ أَخِي العَاصِ بنِ وَائِلٍ السَّهْمِيِّ
لأُمِّهِ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: جَهَّزَهُ مُعَاوِيَةُ عَلَى عَشْرَةِ
آلاَفٍ، فَافْتَتَحَ إِفْرِيْقِيَةَ، واختطَّ
قَيْرَوَانَهَا, وَكَانَ المَوْضِعُ غَيْضَةً لا يرام
منالسباع وَالأَفَاعِي، فَدَعَا عَلَيْهَا، فَلَمْ يَبْقَ
فِيْهَا شَيْءٌ وَهَرَبُوا، حَتَّى إِنَّ الوُحُوشَ
لَتَحْمِلُ أَوْلاَدَهَا.
فحدَّثني مُوْسَى بنُ عُلَيٍّ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
نَادَى: إِنَّا نَازلُوْنَ فَاظعَنُوا. فَخَرَجْنَ مِنْ
جِحَرتِهِنَّ هَوَارِبَ.
وَرَوَى نَحْوَهُ مُحَمَّدِ بنِ عَمْرٍو، عَنْ يَحْيَى بنِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ حَاطِبٍ، قَالَ: لَمَّا فاتتح
عُقْبَةُ إِفْرِيْقِيَةَ، قَالَ: يَا أَهْلَ الوَادِي!
إِنَّا حَالُّوْنَ -إِنْ شَاءَ اللهُ- فَاظْعَنُوا،
ثَلاَثَ مَرَّاتٍ. فَمَا رَأَيْنَا حَجَراً وَلاَ شَجَراً
إِلاَّ يَخْرُجُ مِنْ تَحْتِهِ دَابَّةٌ, حَتَّى هَبَطْنَ
بَطْنَ الوَادِي. ثُمَّ قَالَ لِلنَّاسِ: انْزِلُوا بِسْمِ
اللهِ.
وَعَنْ مُفَضَّلِ بنِ فَضَالَةَ، قَالَ: كَانَ عُقْبَةُ
بنُ نَافِعٍ مُجَابَ الدَّعْوَةِ.
وَعَنْ عُلَيِّ بنِ رَبَاحٍ، قَالَ: قَدِمَ عُقْبَةُ عَلَى
يَزِيْدَ، فَرَدَّهُ وَالِياً عَلَى المَغْرِبِ سَنَةَ
اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ، فَغَزَا السُّوْسَ الأَدْنَى،
ثُمَّ رَجَعَ، وَقَدْ سَبَقَهُ جُلُّ الجَيْشِ، فَخَرَجَ
عَلَيْهِ جَمْعٌ مِنَ العَدُوِّ، فَقُتِلَ عُقْبَةُ
وأصحابه.
وَقَالَ ابْنُ يُوْنُسَ: قُتِلَ سَنَةَ ثَلاَثٍ
وَسِتِّيْنَ، رحمه الله تعالى.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2901"، أسد الغابة
"4/ 59"، الإصابة "2/ ترجمة 5613".
(4/500)
362- الوليد بن
عتبة 1:
ابن أَبِي سُفْيَانَ بنِ حَرْبٍ. وَلِيَ لِعَمِّهِ
مُعَاوِيَةَ المَدِيْنَةَ، وَكَانَ ذَا جُوْدٍ وَحِلْمٍ،
وَسُؤْدُدٍ، وَدِيَانَةٍ، وَوَلِي المَوْسِمَ مَرَّاتٍ.
وَلَمَّا جَاءهُ نَعْيُ مُعَاوِيَةَ وَبَيْعَةُ يَزِيْدَ،
لَمْ يُشَدِّدْ عَلَى الحُسَيْنِ وَابْنِ الزُّبَيْرِ،
فَانْمَلَسَا مِنْهُ. فَلاَمَهُ مَرْوَانُ، فَقَالَ: مَا
كُنْتُ لأَقْتُلَهُمَا، وَلاَ أَقْطَعَ رَحِمَهُمَا.
وَقِيْلَ: إِنَّهُم أَرَادُوْهُ عَلَى الخِلاَفَةِ بَعْدَ
مُعَاوِيَةَ بنِ يَزِيْدَ، فَأَبَى.
وَقَالَ يَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ: أَرَادَ أَهْلُ الشَّامِ
الوَلِيْدَ بنَ عُتْبَةَ عَلَى الخِلاَفَةِ، فطُعِنَ
فَمَاتَ بَعْدَ مَوْتِ مُعَاوِيَةَ بنِ يَزِيْدَ.
وَيُقَالُ: قُدِّمَ لِلصَّلاَةِ عَلَى مُعَاوِيَةَ بنِ
يَزِيْدَ، فَأَخَذَهُ الطَّاعُوْنُ فِي الصَّلاَةِ فَلَمْ
يُرْفَعْ إِلاَّ وَهُوَ مَيتٌ.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "9/ ترجمة 54"، شذرات الذهب
"1/ 72".
(4/501)
363- قَيْسُ بنُ ذَرِيْحٍ اللَّيْثِيُّ 1:
مِنْ أَعْرَابِ الحِجَازِ، شَاعِرٌ مُحْسِنٌ، كَانَ
يُشَبِّبُ بأمِّ مَعْمَر لُبْنَي بنت الحُبَابِ
الكَعْبِيَّةِ، ثُمَّ إِنَّهُ تَزَوَّجَ بِهَا. وَقِيْلَ:
كَانَ أَخاً لِلْحُسَيْنِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- مِنَ
الرَّضَاعَةِ.
وَكَانَ يَكُوْنُ بِقُدَيْدٍ وَقَعَ بَيْنَ أُمِّهِ
وَبَيْنَ لُبْنَى فَأَبْغَضَتْهَا، فَمَا زَالَتْ
تَتَحَيَّلُ حَتَّى طَلَّقَ لُبْنَى، وَقَالَ لأُمِّهِ:
أَمَا إِنَّهُ آخِرُ عَهْدِكِ بِي، وَعَظُمَ بِهِ فِرَاقُ
أَهْلِهِ، وجَهَدَه.
وَهُوَ القَائِلُ:
وَكُلُّ مُلِمَّات الزَّمَانِ وَجَدْتُهَا ... سِوَى
فُرْقَةِ الأَحْبَابِ هيِّنَة الخَطْبِ
وَنَظْمُهُ فِي الذُّرْوَةِ العُلْيَا رِقَّةً،
وَحَلاَوَةً، وَجَزَالَةً، وَكَانَ فِي دَوْلَةِ يزيد.
__________
1 الوافي بالوفيات "3/ 204"، النجوم الزاهرة "1/ 182".
(4/502)
364- أسماء بن
خارجة 1:
ابن حصن بن حذيفة بن بدر الأمير، أبو حسّان -وقيل: أبو
هند- الفَزَارِيُّ، الكُوْفِيُّ، مِنْ كِبَارِ
الأَشْرَافِ.
وَهُوَ ابْنُ أَخِي عُيَيْنَةَ بنِ حِصْنٍ؛ أَحَدِ
المؤلَّفة قُلُوْبُهُم.
رَوَى أَسْمَاءُ عَنْ: عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُوْدٍ.
وَعَنْهُ: وَلَدُهُ مَالِكٌ، وَعَلِيُّ بنُ رَبِيْعَةَ.
وَفِيه يَقُوْلُ القَطَامِيُّ:
إِذَا مَاتَ ابْنُ خَارِجَةَ بنِ حِصْنٍ ... فَلاَ
مَطَرَتْ عَلَى الأَرْضِ السَّمَاءُ
وَلاَ رَجَعَ البَرِيْدُ بغُنم جَيْشٍ ... وَلاَ حَمَلَتْ
عَلَى الطُّهْرِ النِّسَاءُ
قَالَ المحدِّث مَرْوَانُ بنُ مُعَاوِيَةَ بنِ الحَارِثِ
بنِ عُثْمَانَ بنِ أَسْمَاءَ بنِ خَارِجَةَ الفَزَارِيُّ:
أَتَيْتُ الأَعْمَشَ، فَانْتَسَبْتُ لَهُ، فَقَالَ: لَقَدْ
قَسَمَ جَدُّكَ أَسْمَاءُ قَسْماً، فَنَسِيَ جَاراً لَهُ،
فَاسْتَحْيَى أَنْ يُعْطِيَهُ، وَقَدْ بَدَّى غَيْرَهُ،
فَدَخَلَ عَلَيْهِ، وصبَّ عَلَيْهِ المَالَ صَبّاً،
أَفَتَفْعَلُ ذَا أَنْتَ؟
وَرَوَى أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ، قال:
فاخر أسماء بن خارجة رَجُلاً، فَقَالَ: أَنَا ابْنُ
الأَشْيَاخِ الكِرَامِ. فَقَالَ ابْنُ مَسْعُوْدٍ: ذَاكَ
يُوْسُفُ بنُ يَعْقُوْبَ بنِ إسحاق الذبيح ابن
إِبْرَاهِيْمَ الخَلِيْلِ.
إِسْنَادُهُ صَحِيْحٌ.
قَالَ خَلِيْفَةُ بنُ خَيَّاطٍ: مَاتَ أَسْمَاءُ سَنَةَ
سِتٍّ وَسِتِّيْنَ.
قُلْتُ: وَمِنْ أَوْلاَدِهِ: شَيْخُ الإِسْلاَمِ أَبُو
إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَارِثِ بنِ
أَسْمَاءَ بنِ خَارِجَةَ. وَبَنُو فَزَارَةَ مِنْ مُضَرَ.
وَلِخَارِجَةَ أَيْضاً صُحْبَةٌ يَسِيْرَةٌ، وَلاَ
رِوَايَةَ لَهُ وَلاَ لِعُيَيْنَةَ.
__________
1 ترجمته في تاريخ الإسلام "2/ 385"، فوات الوفيات "1/
168-169"، النجوم الزاهرة "1/ 179".
(4/502)
365- حسان بن
مالك:
ابن بَحْدَل بن أُنَيف, أمير العرب، أبو سليمان الكلبي.
ومن أُمَرَاءِ مُعَاوِيَةَ يَوْمَ صِفِّيْنَ. وَهُوَ
الَّذِي شَدَّ مِنْ مَرْوَانَ بنِ الحَكَمِ وَبَايَعَهُ.
قَالَ الكَلْبِيُّ: سَلَّمُوا بِالخِلاَفَةِ عَلَى
حَسَّانٍ أَرْبَعِيْنَ لَيْلَةً، ثُمَّ سَلَّمَ الأَمْرَ
إِلَى مَرْوَانَ.
وَلَهُ قَصْرٌ بِدِمَشْقَ، وَهُوَ قَصْرُ البَحَادِلة،
ثُمَّ صَارَ يُعْرَف بِقَصْرِ ابْنِ أَبِي الحديدِ.
وَهُوَ الَّذِي يَفْتَخِرُ وَيَقُوْلُ:
فَإِنْ لاَ يَكُنْ منَّا الخَلِيْفَةُ نَفْسُهُ ... فَمَا
نالها إلا ونحن شهود
(4/503)
366- شقيق بن
ثور 1:
الأَمِيْرُ, أَبُو الفَضْلِ السَّدُوْسِيُّ، سَيِّدُ
بَكْرِ بنِ وَائِلٍ فِي الإِسْلاَمِ، وَكَانَ رَأْسَهُم
يَوْمَ صِفِّيْنَ مَعَ عَلِيٍّ، وَيَوْمَ الجَمَلِ.
يَرْوِي عَنْ: عُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ.
وَعَنْهُ: أَبُو وَائِلٍ، وَخَلاَّدُ بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ.
وَلَهُ وِفَادَةٌ عَلَى مُعَاوِيَةَ, وقُتِلَ أَبُوْهُ فِي
فَتْحِ تُسْتَرَ.
قِيْلَ: إِنَّ شَقِيْقاً هَذَا لَمَّا احتُضِرَ، قَالَ:
لَيْتَهُ لَمْ يَسُدْ قَوْمَهُ، فَكَمْ مِنْ بَاطِلٍ قَدْ
حَقَّقْنَاهُ، وحقٍّ أَبْطَلْنَاهُ. توفي سنة خمس وستين.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2683"، الجرح
والتعديل "4/ ترجمة 1617"، الكاشف "2/ ترجمة 2321"، تهذيب
التهذيب "4/ ترجمة 608"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2973".
(4/503)
367- المُخْتَارُ بنُ أَبِي عُبَيْدٍ
الثَّقَفِيُّ 1:
الكَذَّابُ، كَانَ وَالِدُهُ الأَمِيْرُ أَبُو عُبَيْدٍ
بنُ مَسْعُوْدِ بنِ عَمْرِو بنِ عُمَيْرِ بنِ عَوْفِ بنِ
عُقْدَةَ بنِ عَنَزَةَ بنِ عَوْفِ بنِ ثَقِيفٍ، قَدْ
أَسْلَمَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ, وَلَمْ نَعْلَمْ لَهُ صُحْبَةً.
اسْتَعْمَلَهُ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ عَلَى جَيْشٍ،
فَغَزَا العِرَاقَ، وَإِلَيْهِ تنسب وَقْعَةُ جِسْرِ أَبِي
عُبَيْدٍ.
وَنَشَأَ المُخْتَارُ فَكَانَ مِنْ كُبَرَاءِ ثَقِيْفٍ،
وَذَوِي الرَّأْيِ, وَالفَصَاحَةِ، وَالشَّجَاعَةِ،
وَالدَّهَاءِ، وَقِلَّةِ الدِّين. وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَكُوْنُ فِي
ثَقِيْفٍ كذَّاب وَمُبِيْرٌ" 2. فَكَانَ الكَذَّابُ هَذَا،
ادَّعى أَنَّ الوَحْيَ يَأْتِيهِ، وَأَنَّهُ يَعْلَمُ
الغَيْبَ، وَكَانَ المُبِيْرُ الحَجَّاج -قَبَّحَهُمَا
اللهُ.
قَالَ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ": حَدَّثَنَا ابْنُ
نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا
السُّدِّيُّ، عَنْ رِفَاعَةَ الفِتْيَانِيِّ، قَالَ:
دَخَلْتُ عَلَى المُخْتَارِ, فَأَلْقَى لِي وِسَادَةً،
وَقَالَ: لَوْلاَ أنَّ جِبْرِيْلَ قَامَ عَنْ هَذِهِ
لأَلْقَيْتُهَا لَكَ. فَأَرَدْتُ أَنْ أَضْرِبَ عُنُقَهُ،
فَذَكَرْتُ حَدِيْثاً حَدَّثَنِيْهِ عَمْرُو بنُ الحمقِ،
قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: "أَيُّمَا مُؤْمِنٍ أَمَّنَ مُؤْمِناً عَلَى
دَمِهِ فَقَتَلَهُ، فَأَنَا مِنَ القَاتِلِ بَرِيْءٌ" 3.
وَرَوَى مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: أَقْرَأَنِي
الأَحْنَفُ كِتَابَ المُخْتَارِ إِلَيْهِ يَزْعُمُ أَنَّهُ
نَبِيٌّ، وَكَانَ المُخْتَارُ قَدْ سَارَ مِنَ الطَّائِفِ
بَعْدَ مَصْرِعِ الحُسَيْنِ إِلَى مَكَّةَ، فَأَتَى ابْنَ
الزُّبَيْرِ، وَكَانَ قَدْ طُرِدَ لِشرِّهِ إِلَى
الطَّائِفِ، فَأَظْهَرَ المُنَاصَحَةَ، وتردَّد إِلَى
ابْنِ الحَنَفِيَّةِ، فَكَانُوا يَسْمَعُوْنَ مَا
يُنْكَرُ. فلمَّا مَاتَ يَزِيْدُ، اسْتَأْذَنَ ابْنَ
الزُّبَيْرِ فِي الرَّوَاحِ إِلَى العِرَاقِ، فَرَكَنَ
إِلَيْهِ وَأَذِنَ لَهُ، وَكَتَبَ إِلَى نَائِبِهِ
بِالعِرَاقِ؛ عَبْدِ اللهِ بنِ مُطِيْعٍ, يُوصِيْهِ بِهِ،
فَكَانَ يَخْتلِفُ إِلَى ابْنِ مُطِيْعٍ, ثُمَّ أَخَذَ
يَعِيْبُ فِي البَاطِنِ ابْنَ الزُّبَيْرِ، وَيُثْنِي
عَلَى ابْنِ الحَنَفِيَّةِ، وَيَدْعُو إِلَيْهِ، وَأَخَذَ
يَشْغَبُ عَلَى ابْنِ مُطِيْعٍ، وَيَمْكُرُ، وَيَكْذِبُ،
فَاسْتَغْوَى جَمَاعَةً، وَالْتَفَّتْ عَلَيْهِ
الشِّيْعَةُ، فَخَافَهُ ابْنُ مُطِيْعٍ، وفَرَّ مِنَ
الكُوْفَةِ، وتمكَّن هُوَ، ودعا
__________
1 ترجمته في مروج الذهب "3/ 272"، أسد الغابة "5/ 122"،
الإصابة "3/ ترجمة رقم 8545".
2 حسن: أخرجه مسلم "2545" من طريق يعقوب بن إسحاق الحضري،
أخبرنا الأسود بن شيبان، عن أبي نوفل، عن ابن عمر في حديث
طويل مرفوعًا.
قلت: إسناده حسن، يعقوب بن إسحاق الحضرمي، صدوق -كما قال
الحافظ في "التقريب", وأبو نوفل هو ابن أبي عقرب الكناني،
ثقة من رجال البخاري ومسلم.
قوله: "ومبير": المبير هو المهلك، والمعنيّ به هو الحجاج
بن يوسف الثقفي, كما قالت له أسماء بنت أبي بكر الصديق
-رضي الله عنها.
3 حسن: أخرجه أحمد "5/ 223 و224"، والبخاري في "التاريخ"
"2/ ق1/ 322", والطيالسي "1285"، وأبو نعيم في "الحلية"
"9/ 24" من طريق السدي، به.
قلت: إسناده حسن، السدي، هو إسماعيل بن عبد الرحمن، صدوق
-كما قال الحافظ في التقريب.
(4/504)
ابْنَ الزُّبَيْرِ إِلَى مُبَايعَةِ
مُحَمَّدِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ، فأبى, فحصره وضيق عليه
وتوعَّده، قتألَّمت الشِّيْعَةُ لَهُ، وردَّ المُخْتَارَ
إِلَى مَكَّةَ, ثُمَّ بَعَثَ مَعَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ
إِبْرَاهِيْمَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ طَلْحَةَ عَلَى خَرَاجِ
الكُوْفَةِ، فقَدِم المُخْتَارُ وَقَدْ هَاجَتِ
الشِّيْعَةُ لِلطَّلَبِ بِالثَّأْرِ، وَعَلَيْهِم
سُلَيْمَانُ بنُ صُرَدٍ, فَأَخَذَ المُخْتَارُ
يُفْسِدُهُم، وَيَقُوْلُ: إِنِّيْ جِئْتُ مِنْ قِبَلِ
المَهْدِيِّ ابْنِ الوَصِيِّ -يُرِيْدُ: ابْنَ
الحَنَفِيَّةِ, فَتَبِعَهُ خَلْقٌ، وَقَالَ: إِنَّ
سُلَيْمَانَ لاَ يَصْنَعُ شَيْئاً، إِنَّمَا يُلْقِي
بِالنَّاسِ إِلَى التَّهْلُكَةِ، وَلاَ خِبْرَةَ لَهُ
بِالحَرْبِ.
وَخَافَ عُمَرُ بنُ سَعْدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ، فَذَهَبَ
عَبْدُ اللهِ بنُ يَزِيْدَ الخَطْمِيُّ نَائِبُ ابْنِ
الزُّبَيْرِ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدٍ إِلَى ابْنِ
صُرَدٍ، فَقَالاَ: إِنَّكُم أَحَبُّ أَهْلِ بَلَدِنَا
إِلَيْنَا، فَلاَ تَفْجَعُوْنَا بِأَنْفُسِكُم، وَلاَ
تَنْقُصُوا عَدَدَنَا بِخُرُوجِكُم، قِفُوا حَتَّى
نَتَهَيَّأَ. قَالَ ابْنُ صُرَدٍ: قَدْ خَرَجْنَا لأَمْرٍ،
وَلاَ نُرَانَا إِلاَّ شَاخِصِيْنَ. فَسَارَ وَمَعَهُ
كُلُّ مُسْتَمِيْتٍ، وَمَرُّوا بِقَبْرِ الحُسَيْنِ
فَبَكَوْا، وَأَقَامُوا يَوْماً عِنْدَهُ، وَقَالُوا: يَا
رَبِّ، قَدْ خَذَلْنَاهُ فَاغْفِرْ لَنَا وَتُبْ
عَلَيْنَا. ثُمَّ نَزَلُوا قَرْقِيْسِيَا، فَتَمَّ
المَصَافُّ بِعَيْنِ الوَرْدَةِ, وقُتِلَ ابْنُ صُرَدٍ
وعامَّة التَّوَّابِيْنَ، وَمَرِضَ عُبَيْدُ اللهِ
بِالجَزِيْرَةِ، فَاشْتَغَلَ بِذَلِكَ وبقتال أهله عَنِ
العِرَاقِ سَنَةً، وَحَاصَرَ المَوْصِلَ.
وأمَّا المُخْتَارُ، فسُجِنَ مُدَّةً ثُمَّ خَرَجَ،
فَحَارَبَهُ أَهْلُ الكُوْفَةِ، فَقَتلَ رِفَاعَةَ بنَ
شَدَّادٍ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ سَعْدٍ، وَعِدَّةً, وَغَلَبَ
عَلَى الكُوْفَةِ، وَهَرَبَ مِنْهُ نَائِبُ ابْنِ
الزُّبَيْرِ، فَقَتَلَ جَمَاعَةً مِمَّنْ قَاتَلَ
الحُسَيْنَ، وَقَتَلَ الشِّمْرَ بنَ ذِي الجَوْشن،
وَعُمَرَ بنَ سَعْدٍ، وَقَالَ: إِنَّ جِبْرِيْلَ يَنْزِلُ
عليَّ بِالوَحْيِ. وَاخْتَلَقَ كِتَاباً عَنِ ابْنِ
الحَنَفِيَّةِ إِلَيْهِ يَأْمُرُهُ بِنَصْرِ الشِّيْعَةِ،
وَثَارَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ الأَشْتَرِ فِي عَشِيْرَتِهِ،
فَقَتلَ صَاحِبَ الشُّرَطَةِ، وسُر بِهِ المُخْتَارُ،
وَقَوِيَ، وَعَسْكَرُوا بِدَيْرِ هِنْدٍ، فَحَارَبَهُم
نَائِبُ ابْنِ الزُّبَيْرِ، ثُمَّ ضَعُفَ وَاخْتَفَى،
وَأَخَذَ المُخْتَارُ فِي العَدْلِ، وَحُسْنِ السِّيْرَةِ.
وَبَعَثَ إِلَى النَّائِبِ بِمَالٍ، وَقَالَ: اهْرُبْ.
وَوَجَدَ المُخْتَارُ فِي بَيْتِ المَالِ سَبْعَةَ آلاَفِ
أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَأَنْفَقَ فِي جَيْشِهِ، وَكَتَبَ إِلَى
ابْنِ الزُّبَيْرِ: إِنِّيْ رَأَيْتُ عَامِلَكَ مُدَاهِناً
لِبَنِي أُمَيَّةَ، فَلَمْ يَسَعْنِي أَنْ أُقِرَّهُ,
فَانْخَدَعَ لَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ، وَكَتَبَ إِلَيْهِ
بِوِلاَيَةِ الكُوْفَةِ، فجهَّز ابْنَ الأَشْتَرِ لِحَرْبِ
عُبَيْدِ اللهِ بنِ زِيَادٍ، فِي آخِرِ سَنَةِ سِتٍّ
وَسِتِّيْنَ، وَمَعَهُ كُرْسِيٌّ عَلَى بَغْلٍ أَشْهَبَ.
وَقَالَ المُخْتَارُ: هَذَا فِيْهِ سِرٌّ، وَهُوَ آيَةٌ
لَكُم، كَمَا كَانَ التَّابُوتُ لِبَنِي إِسْرَائِيْلَ.
فَحَفُّوا بِهِ يَدْعُوْنَ، فَتَأَلَّمَ ابْنُ الأَشْتَرِ،
وَقَالَ: اللهمَّ لاَ تُؤَاخِذْنَا بِمَا فَعَلَ
السُّفَهَاءُ منَّا، سُنَّةَ بَنِي إِسْرَائِيْلَ؛ إِذْ
عَكَفُوا عَلَى العِجْلِ.
فَعَنْ طُفَيْلِ بنِ جَعْدَةَ بنِ هُبَيْرَةَ، قَالَ:
كَانَ لِي جَارٌ زَيَّاتٌ، لَهُ كُرْسِيٌّ، فَاحْتَجْتُ،
فَقُلْتُ
(4/505)
لِلْمُخْتَارِ: إِنِّيْ كُنْتُ أَكْتُمُكَ
شَيْئاً، وَالآنَ أَذْكُرُهُ. قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قُلْتُ:
كُرْسِيٌّ كَانَ أَبِي يَجْلِسُ عَلَيْهِ، كَانَ يَرَى
أنَّ فِيْهِ أَثَارَةً مِنْ عِلْمٍ. قَالَ: سُبْحَانَ
اللهِ! لِمَ أخَّرته؟ فَجِيْءَ بِهِ وَعَلَيْهِ سِتْرٌ،
فَأَمَرَ لِي بِاثْنَيْ عَشَرَ أَلْفاً، وَدَعَا
بِالصَّلاَةِ جَامِعَةً، فَاجْتَمَعُوا، فَقَالَ: إِنَّهُ
لَمْ يَكُنْ فِي الأُمَمِ الخَالِيَةِ أَمْرٌ إِلاَّ
وَهُوَ كَائِنٌ فِيْكُم، وَقَدْ كَانَ فِي بني إسرائيل
التابوت، وإن فينا مِثْلَهُ، اكْشِفُوا هَذَا. فَكَشَفُوا
الأَثْوَابَ، وَقَامَتِ السَّبَائِيَّةُ، فَرَفَعُوا
أَيْدِيَهُم، فَأَنْكَرَ شَبَثُ بنُ رِبْعِيٍّ فَضُرِبَ,
فلمَّا انْتَصَرُوا عَلَى عُبَيْدِ اللهِ افْتُتِنُوا
بِالكُرْسِيِّ وَتغَالَوْا فِيْهِ، فَقُلْتُ: إِنَّا للهِ،
وَنَدِمْتُ. فلمَّا زَادَ كَلاَمُ النَّاسِ غُيِّبَ,
وَكَانَ المُخْتَارُ يَرْبِطُهُم بِالمُحَالِ وَالكَذِبِ،
ويتألَّفهم بِقَتْلِ النَّوَاصِبِ.
عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: خَرَجْتُ أَنَا وَأَبِي مَعَ
المُخْتَارِ، فَقَالَ لَنَا: أَبْشِرُوا، فَإِنَّ شُرطَةَ
اللهِ قَدْ حَسُّوهُم بِالسُّيُوْفِ بِقُرْبِ
نَصِيْبِيْنَ. فَدَخَلْنَا المَدَائِنَ، فَوَاللهِ إِنَّهُ
لَيَخْطُبُنَا؛ إِذْ جَاءتْهُ البُشْرَى بِالنَّصْرِ،
فَقَالَ: أَلَمْ أُبَشِّرْكُم بِهَذَا؟ قَالُوا: بَلَى.
فَقَالَ لِي هَمْدَانِيٌّ: أَتُؤْمِنُ الآنَ؟ قُلْتُ:
بِمَاذَا؟ قَالَ: بأنَّ المُخْتَارَ يَعْلَمُ الغَيْبَ،
أَلَمْ يَقُلْ لَنَا: إِنَّهُم هُزِمُوا؟ قُلْتُ: إِنَّمَا
زَعَمَ أنَّ ذَلِكَ بِنَصِيْبِيْنَ، وَإِنَّمَا وَقَعَ
ذَلِكَ بِالخَازِرِ مِنَ المَوْصِلِ. قَالَ: وَاللهِ لاَ
تُؤْمِنُ يَا شَعْبِيُّ حَتَّى تَرَى العَذَابَ
الأَلِيْمَ.
وَقِيْلَ: كَانَ رَجُلٌ يَقُوْلُ: قَدْ وُضِعَ لَنَا
اليَوْمَ وَحْيٌ، مَا سَمِعَ النَّاسُ بِمِثْلِهِ؛ فِيْهِ
نَبَأُ مَا يَكُوْنُ.
وَعَنْ مُوْسَى بنِ عَامِرٍ، قَالَ: إِنَّمَا كَانَ يَضَعُ
لَهُم عَبْدُ اللهِ بنُ نَوْفٍ، وَيَقُوْلُ: إِنَّ
المُخْتَارَ أَمَرَنِي بِهِ، وَيَتَبَرَّأُ مِنْ ذَلِكَ
المُخْتَارُ. فَقَالَ سُرَاقَةُ البارقي:
كَفَرْتُ بِوَحْيِكُم وَجَعَلْتُ نَذْراً ... عليَّ
هِجَاءكُم حَتَّى المَمَاتِ
أُرِي عَيْنَيَّ مَا لَمْ تَرْأَيَاهُ ... كِلاَنَا عالم
بالترهات
ووقع المصافّ، فقتل بن زِيَادٍ، قدَّه ابْنُ الأَشْتَرِ
نِصْفَيْنِ, وَكَانَ بَطَلَ النَّخَعِ وَفَارِسَ
اليَمَانِيَّةِ، فَدَخَلَ المَوْصِلَ، وَاسْتَوْلَى عَلَى
الجَزِيْرَةِ, ثُمَّ وَجَّهَ المُخْتَارُ أَرْبعَةَ آلاَفِ
فَارِسٍ فِي نَصْرِ مُحَمَّدِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ،
فَكَلَّمُوا ابْنَ الزُّبَيْرِ، وَأَخْرَجُوهُ مِنَ
الشِّعْبِ، وَأَقَامُوا فِي خِدْمَتِه أَشْهُراً، حَتَّى
بَلَغَهُم قَتْلُ المُخْتَارِ، فَإِنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ
عَلِمَ مَكْرَهُ، فَنَدَبَ لِحَرْبِهِ أَخَاهُ مُصْعَباً.
فَقَدِمَ مُحَمَّدُ بنُ الأَشْعَثِ، وَشَبَثُ بنُ
رِبْعِيٍّ إِلَى البَصْرَةِ يَسْتَصْرِخَانِ النَّاسَ
عَلَى الكَذَّابِ، ثُمَّ الْتَقَى مُصْعَبٌ وَجَيْشُ
المُخْتَارِ، فَقُتِلَ ابْنُ الأَشْعَثِ، وَعُبَيْدُ اللهِ
بنُ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ، وَانْفَلَّ
الكُوْفِيُّوْنَ، فَحَصَرَهُم مُصْعَبٌ فِي دَارِ
الإِمَارَةِ, فَكَانَ المُخْتَارُ يَبْرُزُ فِي
فُرْسَانِهِ وَيُقَاتِلُ حَتَّى قَتَلَهُ طَرِيْفٌ
الحَنَفِيُّ وَأَخُوْهُ طَرَّافٌ، فِي رَمَضَانَ سَنَةَ
سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ، وَأَتَيَا بِرَأْسِهِ مُصْعَباً،
فَوَهَبَهُمَا ثَلاَثِيْنَ أَلْفاً، وَقُتِلَ مِنَ
الفَرِيْقَيْنِ سَبْعُ مائَةٍ.
(4/506)
وَقِيْلَ: كَانَ المُخْتَارُ فِي
عِشْرِيْنَ أَلْفاً. ثُمَّ إنَّ مُصْعَباً أَسَاءَ، فأمَّن
بِقَصْرِ الإِمَارَةِ خَلْقاً، ثُمَّ قَتَلَهُم غَدْراً،
وَذُبِحَتْ عَمْرَةُ بِنْتُ النُّعْمَانِ بنِ بَشِيْرٍ
صَبْراً؛ لأَنَّهَا شَهِدَتْ أَنَّ زَوْجَهَا المُخْتَارَ
عَبْدٌ صَالِحٌ. وَأَقْبَلَ فِي نَجْدَةِ مُصْعَبٍ
المُهَلَّبُ بنُ أَبِي صُفْرَةَ فِي الرِّجَالِ
وَالأَمْوَالِ, وَلَمَّا خُذِلَ المُخْتَارُ قَالَ
لِصَاحِبِهِ: مَا مِنَ المَوْتِ بُدٌّ، وحبَّذا مَصَارِعُ
الكِرَامِ. وَقَلَّ عَلَيْهِ القُوْتُ فِي الحِصَارِ
وَالمَاءُ، وَجَاعُوا فِي القَصْرِ، فَبَرَزَ المُخْتَارُ
لِلْمَوْتِ فِي تِسْعَةَ عَشَرَ مُقَاتِلاً. فَقَالَ
المُخْتَارُ: أتؤمِّنُوني؟ قَالُوا: لاَ. إِلاَّ عَلَى
الحكم. قال: لا أحكم في نَفْسِي. وَقَاتَلَ حَتَّى قُتِل،
وَأَمْكَنَ أَهْلُ القَصْرِ من أنفسهم، فبعث إليهم عباد بن
حصن، فَكَانَ يُخْرِجُهُم مُكَتَّفِيْنَ وَيَقْتُلُهُم.
فَقَالَ رَجُلٌ لِمُصْعَبِ بنِ الزُّبَيْرِ: الحَمْدُ للهِ
الَّذِي ابْتَلاَنَا بِالأَسْرِ، وَابْتَلاَكَ أَنْ
تَعْفُوَ، وَهُمَا مَنْزِلَتَانِ؛ إِحْدَاهُمَا رِضَى
اللهِ، وَالأُخْرَى سَخَطُهُ، مَنْ عَفَا عَفَا اللهُ
عَنْهُ، وَمَنْ قَتَلَ لَمْ يَأْمَنِ القِصَاصَ، نَحْنُ
أَهْلُ قِبْلَتِكُم وَعَلَى مِلَّتِكُم، لَسْنَا تُرْكاً
وَلاَ دَيْلَماً، قَاتَلْنَا إِخْوَانَنَا كَمَا اقْتَتَلَ
أَهْلُ الشَّامِ بَيْنَهُم، ثُمَّ اصْطَلَحُوا وَقَدْ
مَلَكْتُم، فَأَسْجِحُوا. فرقَّ مُصْعَبٌ وَهَمَّ أَنْ
يَدَعَهُم، فَوَثَبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
الأَشْعَثِ، وَقَالَ: اخْتَرْنَا أَوِ اخْتَرْهُم. وَقَالَ
آخَرُ: قُتِلَ أَبِي فِي خَمْسِ مائَةٍ مِنْ هَمْدَانَ
وَتُخَلِّيْهِم؟! وَسُمِرَتْ كَفُّ المُخْتَارِ إِلَى
جَانِبِ المَسْجَدِ.
وَرَوَى إِسْحَاقُ بنُ سَعِيْدٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
جَاءَ مُصْعَبٌ يَزُوْرُ ابْنَ عُمَرَ، فَقَالَ: أَيْ
عَمِّ! أَسْأَلُكَ عَنْ قَوْمٍ خَلَعُوا الطَّاعَةَ،
وَقَاتَلُوا حَتَّى إِذَا غُلِبُوا تَحَصَّنُوا وَطَلَبُوا
الأَمَانَ فَأُعْطُوا، ثُمَّ قُتِلُوا. قَالَ: كَمِ
العَدَدُ؟ قَالَ: خَمْسَةُ آلاَفٍ. فَسَبَّحَ ابْنُ
عُمَرَ، ثم قال: يا مصعب! لو أنَّ امرأ أَتَى مَاشِيَةَ
الزُّبَيْرِ، فَذَبَحَ مِنْهَا خَمْسَةَ آلاَفِ شَاةٍ فِي
غَدَاةٍ، أَكُنْتَ تَعُدُّهُ مُسْرِفاً؟ قَالَ: نَعَمَ.
قَالَ: فَتَرَاهُ إِسْرَافاً فِي البَهَائِمِ، وَقَتَلْتَ
مَنْ وحَّد اللهَ، أَمَا كَانَ فِيهِم مُكْرَهٌ أَوْ
جَاهِلٌ تُرْجَى تَوْبَتُهُ؟! اصْبُبْ يَا ابْنَ أَخِي
مِنَ المَاءِ البَارِدِ مَا اسْتَطَعْتَ فِي دُنْيَاكَ.
وَقَدْ كَانَ المُخْتَارُ مُعْظِماً لابْنِ عُمَرَ،
يُنْفِذُ إِلَيْهِ بِالأَمْوَالِ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ
تَحْتَهُ صَفِيَّةُ أُخْتُ المُخْتَارِ.
وَنَشَأَ المُخْتَارُ بِالمَدِيْنَةِ، يُعْرَف بِالمَيْلِ
إِلَى بَنِي هَاشِمٍ، ثُمَّ سَارَ إِلَى البَصْرَةِ
يُظْهِرُ بِهَا ذِكْرَ الحُسَيْنِ فِي أَيَّامِ
مُعَاوِيَةَ، فَأُخْبِرَ بِهِ عُبَيْدُ اللهِ بنُ زِيَادٍ،
فَأُمْسِكَ، وَضَرَبَهُ مائَةً, وَدرَّعَهُ عَبَاءةً،
وَنَفَاهُ إِلَى الطَّائِفِ, فَلَمَّا عَاذَ ابْنُ
الزُّبَيْرِ بِالبَيْتِ خَرَجَ إليه.
(4/507)
368- عبيد الله
بن زياد بن أبيه 1:
أَمِيْرُ العِرَاقِ، أَبُو حَفْصٍ. وَلِيَ البَصْرَةَ
سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ، وَلَهُ ثِنْتَانِ
وَعِشْرُوْنَ سَنَةً، وَوَلِيَ خُرَاسَانَ، فَكَانَ
أَوَّلَ عَرَبِيٍّ قَطَعَ جَيْحُوْنَ، وَافتَتَحَ بيكند،
وغيرها.
وكان جميل الصورة، قبيح السرير.
وَقِيْلَ: كَانَتْ أُمُّهُ مَرْجَانَةُ مِنْ بَنَاتِ
مُلُوْكِ الفُرْسِ.
قَالَ أَبُو وَائِلٍ: دَخَلْتُ عَلَيْهِ بِالبَصْرَةِ
وَبَيْنَ يَدَيْهِ ثَلاَثَةُ آلاَفِ أَلْفِ دِرْهَمٍ
جَاءتْهُ من خرج أَصْبَهَانَ، وَهِيَ كالتَّل.
رَوَى السَّرِيُّ بنُ يَحْيَى، عَنِ الحَسَنِ، قَالَ:
قَدِمَ عَلَيْنَا عُبَيْدُ اللهِ، أمَّره مُعَاوِيَةُ,
غُلاَماً سَفِيْهاً، سَفَكَ الدِّمَاءَ سَفْكاً شَدِيْداً،
فَدَخَلَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللهِ بنُ مُغَفَّلٍ، فَقَالَ:
انْتَهِ عمَّا أَرَاكَ تَصْنَعُ، فَإِنَّ شرَّ الرِّعَاءِ
الحُطَمَةُ. قَالَ: مَا أَنْتَ وَذَاكَ؟ إِنَّمَا أَنْتَ
مِنْ حُثَالَةِ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, قَالَ: وَهَلْ كَانَ فِيْهِم
حُثَالَةٌ, لاَ أمَّ لَكَ!
قَالَ: فَمَرِضَ ابْنُ مُغَفَّلٍ، فَجَاءهُ الأَمِيْرُ
عُبَيْدُ اللهِ عَائِداً، فَقَالَ: أَتَعْهَدُ إِلَيْنَا
شَيْئاً؟ قَالَ: لاَ تُصَلِّ عَلَيَّ, وَلاَ تَقُمْ عَلَى
قَبْرِي.
قَالَ الحَسَنُ: وَكَانَ عُبَيْدُ الله جبانًا، ركب، فرأى
الناس في السِّكَكِ، فَقَالَ: مَا لِهَؤُلاَءِ؟ قَالُوا:
مَاتَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُغَفَّلٍ.
وَقِيْلَ: الَّذِي خَاطَبَهُ هُوَ عَائِذُ بنُ عَمْرٍو
المُزَنِيُّ، كَمَا فِي "صَحِيْحِ مسلم"2، فلعلها واقعتان.
__________
1 ترجمته في "التاريخ الكبير" "3/ ق1/ 381"، مروج الذهب
"3/ 282"، تاريخ الإسلام "3/ 43"، شذرات الذهب "1/ 74".
2 أخرجه مسلم "1830" من طريق جرير بن حازم، حدثنا الحسن؛
أن عائذ بن عمرو، وكان مِنْ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم, دخل على عبيد الله بن زياد
فقال: أي بني, إني سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول: "إن شَرَّ الرعاء
الحطمة، فإياك أن تكون منهم". فقال له: اجلس، فإنما أنت من
نخالة أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم. فقال: وهل كانت لهم
نخالة؟ إنما كانت النخالة بعدهم، وفي غيرهم.
قوله: الحطمة: هو العنيف برعاية الإبل في السوق والإيراد
والإصدار, يلقي بعضها على بعض ويعسفها. ضربه مثلًا لوالي
السوء.
وقوله: "نخالة": أي ليست من فضلائهم وعلمائهم وأهل المراتب
منهم, بل من سقطهم.
(4/508)
وَقَدْ جَرَتْ لِعُبَيْدِ اللهِ خُطُوبٌ،
وَأَبْغَضَهُ المُسْلِمُوْنَ لِمَا فَعَلَ بِالحُسَيْنِ
-رَضِيَ اللهُ عَنْهُ, فلمَّا جَاءَ نَعْيُ يَزِيْدَ
هَرَبَ بَعْدَ أَنْ كَادَ يؤسَر، وَاخْتَرَقَ البَرِّيَّةَ
إِلَى الشَّامِ، وانضمَّ إِلَى مَرْوَانَ, ثُمَّ سَارَ فِي
جَيْشٍ كَثِيْفٍ، وَعَمِلَ المصافّ برأس عين.
واستخلف عاوية بن زيد شَابّاً مَلِيْحاً وَسِيْماً،
صَالِحاً، فتمرَّض وَمَاتَ بَعْدَ شَهْرَيْنِ. قِيْلَ
لَهُ: اسْتَخْلِفْ. فَقَالَ: مَا أَصَبْتُ مِنْ
حَلاَوَتِهَا، فَلِمَ أَتَحَمَّلُ مَرَارَتَهَا؟ وَعَاشَ
إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ سَنَةً، وَصَلَّى عَلَيْهِ ابْنُ
عَمِّهِ عُثْمَانُ بنُ عَنْبَسَةَ بنِ أَبِي سُفْيَانَ،
فَأَرَادُوْهُ عَلَى الخِلاَفَةِ فَأَبَى، وَلَحِقَ
بِخَالِهِ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَبَايَعَهُ. وهَمَّ
مَرْوَانُ بِمُبَايَعَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَأَتَاهُ
عُبَيْدُ اللهِ بنُ زِيَادٍ هَارِباً مِنَ العِرَاقِ،
وَكَانَ قَدْ خَطَبَ وَنَعَى إِلَى النَّاسِ يَزِيْدَ،
وَبَذَلَ العَطَاءَ، فَخَرَجَ عَلَيْهِ سَلَمَةُ
الرِّيَاحِيُّ يَدْعُو إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَمَالَ
إِلَيْهِ النَّاسُ, فَقَالَ النَّاسُ لِعُبَيْدِ اللهِ:
أَخْرِجْ لَنَا إِخْوَانَنَا مِنَ السُّجُونِ -وكانت
مملوءة من الخوارج, قال: لا تَفْعَلُوا. فَأَبَوْا،
فَأَخْرَجَهُم، فَجَعَلُوا يُبَايِعُوْنَهُ، فَمَا
تَكَامَلَ آخِرُهُم حَتَّى أَغْلَظُوا لَهُ، ثُمَّ
عَسْكَرُوا.
وَقِيْلَ: خَرَجُوا يَمْسَحُوْنَ الجُدُرَ بِأَيْدِيهِم،
وَيَقُوْلُوْنَ: هَذِهِ بَيْعَةُ ابْنِ مَرْجَانَةَ.
وَنَهَبُوا خَيْلَهُ، فَخَرَجَ لَيْلاً، وَاسْتجَارَ
بِمَسْعُوْدِ بنِ عَمْرٍو رَئِيْسِ الأَزْدِ, فَأَجَارَهُ.
وأمَّر أَهْلُ البَصْرَةِ عَلَيْهِم عَبْدُ اللهِ بنُ
الحَارِثِ بنِ نَوْفَلٍ الهَاشِمِيُّ، فَشَدَّتِ
الخَوَارِجُ عَلَى مَسْعُوْدٍ فقتلوه، وتفاقم الشر، وصاروا
حزبين، فافتتلوا أَيَّاماً، فَكَانَ عَلَى الخَوَارِجِ
نَافِعُ بنُ الأَزْرَقِ، وفَرَّ عُبَيْدُ اللهِ قَبْلَ
مَقْتَلِ مَسْعُوْدٍ فِي مائَةٍ مِنَ الأَزْدِ إِلَى
الشَّامِ، فَوَصَلَ إِلَى الجَابِيَةِ, وَهُنَاكَ بَنُو
أُمَيَّةَ، فَبَايَعَ هُوَ وَمَرْوَانُ خَالِدَ بنَ
يَزِيْدَ بنِ مُعَاوِيَةَ فِي نِصْفِ ذِي القَعْدَةِ،
ثُمَّ الْتَقَوْا هُمْ والضَّحَّاك بِمَرْجِ دِمَشْقَ،
فَاقْتَتَلُوا أَيَّاماً فِي ذِي الحِجَّةِ.
وَكَانَ الضَّحَّاكُ بنُ قَيْسٍ فِي سِتِّيْنَ أَلْفاً،
وَالأُمَوِيَّةُ فِي ثَلاَثَةَ عَشَرَ أَلْفاً، وَأَشَارَ
عُبَيْدُ اللهِ بِمَكِيدَةٍ، فَسَأَلُوا الضَّحَّاكَ
المُوَادَعَةَ فَأَجَابَ، فَكَبَسَهُم مَرْوَانُ، وَقُتِلَ
الضَّحَّاكُ فِي عِدَّةٍ مِنْ فُرْسَانِ قَيْسٍ، وثار
الخَوَارِجُ بِمِصْرَ، وَدَعَوْا إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ
يَظُنُّونَهُ مِنْهُم، فَبَعَثَ عَلَى مِصْرَ عَبْدَ
الرَّحْمَنِ بنَ جَحْدَمٍ الفِهْرِيَّ، وَاسْتَعْمَلَ
عَلَى الكُوْفَةِ عَامِرَ بنَ مَسْعُوْدٍ الجُمَحِيَّ،
وَهَدَمَ الكَعْبَةَ وَبَنَاهَا، وَأَلْصَقَ بَابَيْهَا
بِالأَرْضِ، وَأَدْخَلَ فِيْهَا سِتَّةَ أَذْرُعٍ مِنَ
الحِجْرِ.
وأمَّا أَكْثَرُ الشَّامِيِّيْنَ فَبَايَعُوا مَرْوَانَ
فِي أَوَّلِ سَنَةِ خَمْسٍ، وَبَعَثَ ابْنُ الزُّبَيْرِ
عَلَى خُرَاسَانَ المُهَلَّبَ بنَ أَبِي صُفْرَةَ،
فَحَارَبَ الخَوَارِجَ وَمَزَّقَهُم, وسار مَرْوَانُ،
فَأَخَذَ مِصْرَ بَعْد حصارٍ وَقِتَالٍ شَدِيْدٍ،
وَتَزَوَّجَ بِوَالِدَةِ خَالِدِ بنِ يَزِيْدَ بنِ
مُعَاوِيَةَ، وجعله ولي عهده، فما تَمَّ ذلك، وقتله
الزَّوْجَةُ، لِكَوْنِهِ قَالَ لِخَالِدٍ مَرَّةً: يَا
ابْنَ رطبة الاست.
(4/509)
وجهَّز إِلَى العِرَاقِ عُبَيْدَ اللهِ بنَ
زِيَادٍ، فَالْتَقَاهُ شِيْعَةُ الحُسَيْنِ فغُلِبوا،
وَكَانَ مَعَ عُبَيْدِ اللهِ حُصَيْنُ بنُ نُمَيْرٍ
السَّكُوْنِيُّ، وَشُرَحْبِيْلُ بنُ ذِي الكَلاَعِ،
وَأَدْهَمُ البَاهِلِيُّ، وَرَبِيْعَةُ بنُ مُخَارِقٍ،
وَحَمِيْلَةُ الخَثْعَمِيُّ، وَقَوْمُهُم.
وَكَانَتْ مَلْحَمَةً مَشْهُودَةً، فتوثَّب المُخْتَارُ
الكَذَّابُ بِالكُوْفَةِ، وَجَهَّزَ إِبْرَاهِيْمَ بنَ
الأَشْتَرِ لِحَرْبِ عُبَيْدِ اللهِ فِي ثَمَانِيَةِ
آلاَفٍ، فَالْتَقَوْا فِي أَوَّلِ سَنَةِ سَبْعٍ
وَسِتِّيْنَ بِالخَازِرِ، كَبَسَهُمُ ابْنُ الأَشْتَرِ
سَحَراً، وَالْتَحَمَ الحَرْبُ، وَقُتِلَ خَلْقٌ،
فَانْهَزَمَ الشَّامِيُّوْنَ، وَقُتِلَ عُبَيْدُ اللهِ،
وَحُصَيْنُ بنُ نمير، وشرحبيل بن ذي الكلاع، وبعث برءوسهم
إِلَى مَكَّةَ.
ثُمَّ تمكَّن ابْنُ الزُّبَيْرِ، وَغَضِبَ عَلَى
المُخْتَارِ، وَلاَحَ لَهُ ضَلاَلُهُ، فجهَّز لِحَرْبِهِ
مُصْعَبَ بنَ الزُّبَيْرِ، فظَفِرَ بِهِ، وَقَتَلَ مِنْ
أَعْوَانِهِ خَلاَئِقَ، وَكَتَبَ إِلَى الجَزِيْرَةِ,
إِلَى إِبْرَاهِيْمَ بنِ الأَشْتَرِ: إِنْ أَطَعْتَنِي
وَبَايَعْتَ فَلَكَ الشَّامُ.
وكتب إليه عبد الله: إِنْ بَايَعْتَنِي فَلَكَ العِرَاقُ,
فَاسْتَشَارَ قُوَّادَهُ فتردَّدوا، فَقَالَ: لاَ أُوثِرُ
عَلَى مِصْرِي وَقَوْمِي أَحَداً. وَسَارَ إِلَى خِدْمَةِ
مُصْعَبٍ، فَكَانَ مَعَهُ إِلَى أَنْ قُتِلَا.
وَقَدْ كَانَتْ مَرْجَانَةُ تَقُوْلُ لابْنِهَا عُبَيْدِ
اللهِ: قَتَلْتَ ابْنُ بِنْتِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, لاَ تَرَى الجَنَّةَ -أَوْ
نَحْوَ هَذَا.
قَالَ أَبُو اليَقْظَانِ: قُتِلَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ
زِيَادٍ يَوْمَ عَاشُورَاء سَنَةَ سبع وستين.
قال يزد بن أبي زاد: عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، قَالَ:
عَزَلْنَا سَبْعَةَ أَرْؤُسٍ، وغطَّينا مِنْهَا رَأْسَ
حُصَيْنِ بنِ نُمَيْرٍ، وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ زِيَادٍ،
فَجِئْتُ فَكَشَفْتُهَا، فَإِذَا حَيَّةٌ فِي رَأْسِ
عُبَيْدِ اللهِ تَأْكُلُ.
وصحَّ مِنْ حَدِيْثِ عُمَارَةَ بنِ عُمَيْرٍ، قَالَ:
جِيْءَ بِرَأْسِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ زِيَادٍ
وَأَصْحَابِهِ، فَأَتَيْنَاهُم وَهُم يَقُوْلُوْنَ: قَدْ
جَاءتْ، قَدْ جَاءتْ. فَإِذَا حَيَّةٌ تخلل الرءوس، حَتَّى
دَخَلَتْ فِي مَنْخِرِ عُبَيْدِ اللهِ، فَمَكَثَتْ
هُنَيَّةً ثُمَّ خَرَجَتْ وَغَابَتْ, ثُمَّ قَالُوا: قَدْ
جَاءتْ، قَدْ جَاءتْ, فَفَعَلَتْ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ، أَوْ
ثَلاَثاً.
قُلْتُ: الشِّيْعِيُّ لاَ يَطِيْبُ عَيْشُهُ حَتَّى
يَلْعَنَ هَذَا وَدُوْنَهُ، وَنَحْنُ نُبْغِضُهُم فِي
اللهِ، وَنَبْرَأُ مِنْهُم وَلاَ نَلْعَنُهُم، وَأَمْرُهُم
إِلَى اللهِ.
(4/510)
369- المجنون
1:
قيس بن الملوَّح, وَقِيْلَ: ابْنُ مُعَاذٍ، وَقِيْلَ:
اسْمُهُ بَخْتَرِيُّ بنُ الجَعْدِ، وَقِيْلَ غَيْرُ
ذَلِكَ, مِنْ بَنِي عَامِرِ بنِ صَعْصَعَةَ، وَقِيْلَ:
مِنْ بَنِي كَعْبِ بنِ سَعْدٍ؛ الَّذِي قَتَلَهُ الحُبُّ
فِي لَيْلَى بِنْتِ مَهْدِيٍّ العَامِرِيَّةِ.
سَمِعْنَا أَخْبَارَهُ تَأْلِيْفَ ابْنِ المرزُبَان.
وَقَدْ أَنْكَرَ بَعْضُهُمْ لَيْلَى وَالمَجْنُوْنَ،
وَهَذَا دَفْعٌ بالصَّدر، فَمَا مَنْ لَمْ يَعْلَمْ
حُجَّةٌ عَلَى مَنْ عِنْدَهُ عِلْمٌ، وَلاَ المُثْبِتُ
كَالنَّافِي, لَكِنْ إِذَا كَانَ المُثْبِتُ لِشَيْءٍ
شِبْهَ خُرَافَةٍ، وَالنَّافِي لَيْسَ غَرَضُهُ دَفْعُ
الحَقِّ، فَهُنَا النَّافِي مُقَدَّمٌ، وَهُنَا تَقَعُ
المُكَابَرَةُ، وتُسْكَب العَبْرَةُ.
فَقِيْلَ: إِنَّ المَجْنُوْنَ عَلِقَ لَيْلَى عَلاَقَةَ
الصِّبَا، وَكَانَا يَرْعَيَانِ البَهْمَ2. ألَا تَسْمَعُ
قَوْلَهُ؟ وَمَا أَفْحَلَ شِعْرَهُ:
تَعَلَّقْتُ لَيْلَى وَهْيَ ذَاتُ ذُؤَابَةٍ ... وَلَمْ
يَبْدُ لِلأَتْرَابِ مِنْ ثَدْيِهَا حَجْمُ
صَغِيْرَيْنِ نَرْعَى البَهْمَ يَا لَيْتَ أَنَّنَا ...
إِلَى اليَوْمِ لَمْ نَكْبَرْ وَلَمْ تَكْبَرِ البَهْمُ
وَعَلِقَتْهُ هِيَ أَيْضاً، وَوَقَعَ بِقَلْبِهَا.
وَهُوَ القَائِلُ:
أَظُنُّ هَوَاهَا تَارِكِي بِمَضَلَّةٍ ... مِنَ الأَرْضِ
لاَ مَالٌ لَدَيَّ وَلاَ أَهْلُ
وَلاَ أَحَدٌ أَقْضِي إِلَيْهِ وَصِيَّتِي ... وَلاَ
وَارِثٌ إلَّا المَطِيَّةُ وَالرَّحْلُ
مَحَا حُبُّها حُبَّ الأُلَى كُنَّ قَبْلَهَا ... وحلَّت
مَكَاناً لَمْ يَكُنْ حُلَّ مِنْ قَبْلُ
فَاشْتَدَّ شَغَفُهُ بِهَا حَتَّى وُسْوِسَ وَتُخُبِّلَ
فِي عَقْلِهِ، فَقَالَ:
إِنِّي لأَجْلِسُ فِي النَّادِي أُحَدِّثُهُمْ ...
فَأَسْتَفِيْقُ وَقَدْ غَالَتْنِيَ الغُوْلُ
يُهْوِي بِقَلْبِي حَدِيْثُ النَّفْسِ نَحْوَكُمُ ...
حَتَّى يَقُوْلَ جَلِيْسِي: أَنْتَ مَخْبُوْلُ
قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: تَزَايَدَ بِهِ الأَمْرُ حَتَّى
فَقَدَ عَقْلَهُ، فَكَانَ لاَ يُؤْوِيْهِ رحل، ولا يعلوه
ثوب إلَّا
__________
1 ترجمته في النجوم الزاهرة "1/ 170"، شذرات الذهب "1/
277"، خزانة الأدب للبغدادي "2/ 170".
2 البهم: جمع بَهْمَة وهي ولد الضأن؛ الذكر والأنثى, وجمع
البهم بِهَام، وأولاد المعز سِخال، فإذا اجتمعا أطلق
عليهما البَهْم والبِهَام.
(4/511)
مَزَّقَهُ، وَيُقَالُ: إِنَّ قَوْمَ
لَيْلَى شَكَوُا المَجْنُوْنَ إِلَى السُّلْطَانِ،
فَأَهْدَرَ دَمَهُ، وترحَّل قَوْمُهَا بِهَا، فَجَاءَ
وَبَقِيَ يتمرَّغ فِي المَحَلَّةِ، وَيَقُوْلُ:
أَيَا حَرَجَاتِ الحَيِّ حَيْثُ تحمَّلوا ... بِذِي سَلَم
لاَ جادُّكنَّ ربيع
وخيَّماتك اللاَّتِي بمنعرَجِ اللِّوَى ... بَلِيْنَ
بِلَىً لَمْ تَبْلَهُنَّ رُبُوْعُ
وَقِيْلَ: إِنَّ قَوْمَهُ حَجُّوا بِهِ لِيَزُوْرَ
النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
وَيَدْعُو, حَتَّى إِذَا كَانَ بمنَى سَمِعَ نِدَاءً يَا
لَيْلَى، فَغُشِيَ عَلَيْهِ، وَبَكَى أَبُوْهُ، فَأَفَاقَ
يَقُوْلُ:
وداعٍ دَعَا إِذْ نَحْنُ بِالخَيْفِ مِنْ مِنَىً ...
فهيِّج أَطْرَابَ الفُؤَادِ وَلَمْ يَدْرِ
دَعَا بِاسْمِ لَيْلَى غَيْرَهَا فَكَأَنَّمَا ... أَطَارَ
بِلَيْلَى طَائِراً كَانَ فِي صَدْرِي
وَجَزِعَتْ هِيَ لِفِرَاقِهِ وَضَنِيَتْ، وَقِيْلَ: إِنَّ
أَبَاهُ قَيَّدَهُ، فَبَقِيَ يَأْكُلُ لَحْمَ ذِرَاعَيْهِ،
وَيَضْرِبُ بِنَفْسِهِ، فَأَطْلَقَهُ، فَهَامَ فِي
الفَلاَةِ، فوجِدَ مَيْتاً فَاحْتَمَلُوْهُ إِلَى الحَيِّ
وغسَّلوه وَدَفَنُوْهُ، وَكَثُرَ بُكَاءُ النِّسَاءِ
وَالشَّبَابِ عَلَيْهِ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ كَانَ يَأْكُلُ مِنْ بُقُوْلِ الأَرْضِ،
وَأَلِفَتْهُ الوَحْشُ، وَكَانَ يَكُوْنُ بِنَجْدٍ،
فَسَاحَ حَتَّى حُدُوْدِ الشَّامِ.
وَشِعْرُهُ كَثِيْرٌ مِنْ أَرَقِّ شَيْءٍ وَأَعْذَبِهِ،
وَكَانَ فِي دَوْلَةِ يَزِيْدَ وَابْنِ الزُّبَيْرِ.
(4/512)
370- أبو مسلم الخَوْلاني 1: "م، 4"
الداراني, سيد التابعين، وزاهد العصر.
اسْمُهُ عَلَى الأَصَحِّ: عَبْدُ اللهِ بنُ ثُوَبٍ،
وَقِيْلَ: اسْمُهُ عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ،
وَقِيْلَ: عَبْدُ اللهِ بنُ ثَوَابٍ، وَقِيْلَ: ابْنُ
عُبَيْدٍ، وَيُقَالُ: اسْمُهُ يَعْقُوْبُ بنُ عَوْفٍ.
قَدِمَ مِنَ اليَمَنِ، وَقَدْ أَسْلَمَ فِي أَيَّامِ
النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَدَخَلَ
المَدِيْنَةَ فِي خِلاَفَةِ الصِّدِّيْقِ.
وحدَّث عَنْ عُمَرَ، وَمُعَاذِ بنِ جَبَلٍ، وَأَبِي
عُبَيْدَةَ، وَأَبِي ذَرٍّ الغِفَارِيِّ، وَعُبَادَةَ بنِ
الصَّامِتِ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو إِدْرِيْسَ الخَوْلاَنِيُّ، وَأَبُو
العَالِيَةِ الرِّيَاحِيُّ، وَجُبَيْرُ بنُ نُفَيْرٍ،
وَعَطَاءُ بن أبي
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 448"، التاريخ الكبير "5/
ترجمة 133"، الحلية "2/ 22"، أسد الغابة "3/ 129"، الإصابة
"3/ ترجمة 6302" و"4/ ترجمة 1117"، تهذيب التهذيب "12/
235".
(4/512)
رَبَاحٍ، وَشُرَحْبِيْلُ بنُ مُسْلِمٍ
-وَمَا أَدْرَكَاهُ, وَعَطِيَّةُ بنُ قَيْسٍ، وَأَبُو
قِلاَبَةَ الجَرْمِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ زِيَادٍ
الأَلْهَانِيُّ، وَعُمَيْرُ بنُ هَانِئ، وَيُوْنُسُ بنُ
مَيْسَرَةَ -وَلَمْ يَلْحَقُوْهُ, لَكِنْ أَرْسَلُوا
عَنْهُ.
قَالَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَيَّاشٍ: حَدَّثَنَا
شُرَحْبِيْلُ بنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَتَى أَبُو مُسْلِمٍ
الخَوْلاَنِيُّ المَدِيْنَةَ وَقَدْ قُبِضَ النَّبِيُّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، واستُخْلِفَ أَبُو
بَكْرٍ.
فحدَّثنا شُرَحْبِيْلُ أنَّ الأَسْوَدَ تنبَّأ بِاليَمَنِ،
فَبَعَثَ إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ، فَأَتَاهُ بِنَارٍ
عَظِيْمَةٍ، ثُمَّ إِنَّهُ أَلْقَى أَبَا مُسْلِمٍ،
فِيْهَا فَلَمْ تَضَرَّهُ، فَقِيْلَ لِلأَسْوَدِ: إِنْ
لَمْ تَنْفِ هَذَا عَنْكَ أَفْسَدَ عَلَيْكَ مَنِ
اتَّبَعَكَ، فَأَمَرَهُ بِالرَّحِيْلِ، فَقَدِمَ
المَدِيْنَةَ، فَأَنَاخَ رَاحِلَتَهُ، وَدَخَلَ المَسْجِدَ
يُصَلِّي، فَبَصُرَ بِهِ عُمَرُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ،
فقام إِلَيْهِ فَقَالَ: مِمَّن الرَّجُلُ؟ قَالَ: مِنَ
اليَمَنِ, قَالَ: مَا فَعَلَ الَّذِي حَرَّقَهُ الكَذَّابُ
بِالنَّارِ؟ قَالَ: ذَاكَ عَبْدُ اللهِ بنُ ثُوَبٍ, قَالَ:
نَشَدْتُكَ بِاللهِ, أَنْتَ هُوَ؟ قَالَ: اللهمَّ نَعَمْ،
فَاعْتَنَقَهُ عُمَرُ وَبَكَى، ثُمَّ ذَهَبَ بِهِ حَتَّى
أَجْلَسَهُ فِيْمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصِّدِّيْقِ،
فَقَالَ: الحَمْدُ للهِ الَّذِي لَمْ يُمِتْنِي حَتَّى
أَرَانِي فِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ مَنْ صُنِعَ بِهِ كَمَا
صُنِعَ بإبراهيم الخليل. رواه عبد الوهاب بن نجد، وَهُوَ
ثِقَةٌ، عَنْ إِسْمَاعِيْلَ, لَكِنَّ شُرَحْبِيْلَ
أَرْسَلَ الحِكَايَةَ.
وَيُرْوَى عَنْ مَالِكِ بنِ دِيْنَارٍ أنَّ كَعْباً رَأَى
أَبَا مُسْلِمٍ الخَوْلاَنِيَّ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟
قَالُوا: أَبُو مُسْلِمٍ، فَقَالَ: هَذَا حَكِيْمُ هَذِهِ
الأُمَّةِ.
وَرَوَى مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ
الوَلِيْدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ، فَكَانَ يَتَنَاوَلُ
عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، فَقُلْتُ: يَا أَمِيْرَ
المُؤْمِنِيْنَ, ألَا أُحَدِّثُكَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ
الشَّامِ كَانَ قَدْ أُوْتِيَ حِكْمَةً؟ قَالَ: مَنْ هُوَ؟
قُلْتُ: أَبُو مُسْلِمٍ الخَوْلاَنِيُّ, سَمِعَ أَهْلَ
الشَّامِ يَنَالُوْنَ مِنْ عَائِشَةَ، فَقَالَ: ألَا
أُخْبِرُكُم بِمَثَلِي ومَثَل أُمِّكُمْ هَذِهِ؟ كَمَثَلِ
عَيْنَيْنِ فِي رأسٍ تُؤْذِيَانِ صَاحِبَهُمَا، وَلاَ
يَسْتَطِيْعُ أَنْ يُعَاقِبَهُمَا إلَّا بِالَّذِي هُوَ
خَيْرٌ لَهُمَا، فَسَكَتَ، فَقَالَ الزُهْرِيُّ:
أَخْبَرَنِيْهِ أَبُو إِدْرِيْسَ الخَوْلاَنِيُّ، عَنْ
أَبِي مُسْلِمٍ.
قَالَ عُثْمَانُ بنُ أَبِي العَاتِكَةِ: علَّقَ أَبُو
مُسْلِمٍ سَوْطاً فِي المَسْجِدِ، فَكَانَ يَقُوْلُ: أَنَا
أَوْلَى بِالسَّوْطِ مِنَ البَهَائِمِ، فَإِذَا فَتَرَ
مشَقَ سَاقَيْهِ سَوْطاً أَوْ سَوْطَيْنِ, قَالَ: وَكَانَ
يَقُوْلُ: لَوْ رَأَيْتُ الجَنَّةَ عِيَاناً أَوِ النار
عيانًا ما كان عندي مستزاد.
إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَيَّاشٍ، عَنْ شُرَحْبِيْلَ أنَّ
رَجُلَيْنِ أَتَيَا أَبَا مُسْلِمٍ، فَلَمْ يَجِدَاهُ فِي
مَنْزِلِهِ، فَأَتَيَا المَسْجِدَ فَوَجَدَاهُ يَرْكَعُ،
فَانْتَظَرَاهُ، فَأَحْصَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُ رَكَعَ
ثَلاَثَ مائَةِ رَكْعَةٍ.
الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ: أَنْبَأَنَا عُثْمَانُ بنُ أَبِي
العَاتِكَةِ, أنَّ أَبَا مُسْلِمٍ الخَوْلاَنِيَّ سَمِعَ
رَجُلاً يَقُوْل:
(4/513)
سَبَقَ اليَوْمَ فُلاَنٌ، فَقَالَ: أَنَا
السَّابِقُ, قَالُوا: وَكَيْفَ يَا أَبَا مُسْلِمٍ؟ قَالَ:
أَدْلَجْتُ مِنْ داريَّا، فَكُنْتُ أَوَّلَ مَنْ دَخَلَ
مَسْجِدَكُمْ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ عَطِيَّةَ
بنِ قَيْسٍ قَالَ: دَخَلَ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ دِمَشْقَ
عَلَى أَبِي مُسْلِمٍ وَهُوَ غازٍ فِي أَرْضِ الرُّوْمِ،
وَقَدِ احْتَفَرَ جُوْرَةً فِي فُسْطَاطِهِ، وَجَعَلَ
فِيْهَا نِطْعاً، وَأَفْرَغَ فِيْهِ المَاءَ، وَهُوَ
يَتَصَلَّقُ فِيْهِ، فَقَالُوا: مَا حَمَلَكَ عَلَى
الصِّيَامِ وَأَنْتَ مُسَافِرٌ؟ قَالَ: لَوْ حَضَرَ
قِتَالٌ لأَفْطَرْتُ ولتهيَّأت لَهُ، وتقوَّيت, إِنَّ
الخَيْلَ لاَ تَجْرِي الغايات، وهن بدن إنما تجري وهنَّ
بُدَّنٌ, إِنَّمَا تَجْرِي وَهُنَّ ضمَّر, ألَا وَإِنَّ
أَيَّامَنَا بَاقِيَةٌ جَائِيَةٌ, لَهَا نَعْمَلُ.
وَقِيْلَ: كَانَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالتَّكْبِيْرِ حَتَّى
مَعَ الصِّبْيَانِ، وَيَقُوْلُ: اذْكُرِ اللهَ, حَتَّى
يَرَى الجَاهِلُ أَنَّهُ مجنون.
وَرَوَى مُحَمَّدُ بنُ زِيَادٍ الأَلْهَانِيُّ، عَنْ أَبِي
مُسْلِمٍ الخَوْلاَنِيِّ, أَنَّهُ كَانَ إِذَا غَزَا
أَرْضَ الرُّوْمِ، فَمَرُّوا بِنَهَرٍ، فَقَالَ:
أَجِيْزُوا بِسْمِ اللهِ، وَيَمُرُّ بَيْنَ أَيْدِيْهِم،
فَيَمُرُّوْنَ بِالنَّهْرِ الغَمْرِ، فَرُبَّمَا لَمْ
يَبْلُغْ مِنَ الدَّوَابِّ إلَّا الرُّكَب، فإذا جازوا
قال: هَلْ ذَهَبَ لَكُم شَيْءٌ، فَمَنْ ذَهَبَ لَهُ شَيْءٌ
فَأَنَا ضَامِنٌ لَهُ، فَأَلْقَى بَعْضُهُم مِخْلاَتِهِ
عمدًا، فلمَّا جاوزا قَالَ الرَّجُلُ: مِخْلاَتِي
وَقَعَتْ, قَالَ: اتَّبِعْنِي، فَاتَّبَعَهُ، فَإِذَا
بِهَا مُعَلَّقَةٌ بِعُوْدٍ فِي النَّهْرِ, قَالَ:
خُذْهَا.
سُلَيْمَانُ بنُ المُغِيْرَةِ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيْلِ,
أنَّ أَبَا مُسْلِمٍ أَتَى عَلَى دِجْلَةَ وَهِيَ تَرْمِي
بِالخَشَبِ مِنْ مَدِّهَا، فَذَهَبَ عَلَيْهَا، ثُمَّ
حَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَذَكَرَ مَسِيْرَ بَنِي
إِسْرَائِيْلَ فِي البَحْرِ، ثُمَّ لَهَزَ دَابَّتَهُ،
فَخَاضَتِ المَاءَ، وَتَبِعَهُ النَّاسُ حَتَّى
قَطَعُوْهَا، ثُمَّ قَالَ: هَلْ فَقَدْتُمْ شَيْئاً مِنْ
مَتَاعِكُمْ, فَأَدْعُوَ اللهَ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَيَّ؟
عَنْبَسَةُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ
بنِ عُمَيْرٍ قَالَ: كَانَ أَبُو مُسْلِمٍ الخَوْلاَنِيُّ
إِذَا اسْتَسْقَى سُقِيَ.
وَرَوَى بَقِيَّةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ زِيَادٍ، عَنْ
أَبِي مُسْلِمٍ, أنَّ امْرَأَةً خببَّت عَلَيْهِ
امْرَأَتَهُ، فَدَعَا عَلَيْهَا فَعَمِيَتْ، فَأَتَتْهُ
فَاعْتَرَفَتْ وَتَابَتْ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إن كانت
صادقة فاردد بصرها، فأبصرت.
ضَمْرَةُ بنُ رَبِيْعَةَ، عَنْ بِلاَلِ بنِ كَعْبٍ, أنَّ
الصِّبْيَانَ قَالُوا لأَبِي مُسْلِمٍ الخَوْلاَنِيِّ:
ادْعُ اللهَ أَنْ يَحْبِسَ عَلَيْنَا هَذَا الظَّبْيَ
فَنَأْخُذَهُ، فَدَعَا اللهَ، فَحَبَسَهُ فَأَخَذُوْهُ.
وَعَنْ عَطَاءٍ الخُرَاسَانِيِّ, أنَّ امْرَأَةَ أَبِي
مُسْلِمٍ قَالَتْ: لَيْسَ لَنَا دَقِيْقٌ، فَقَالَ: هَلْ
عِنْدَكِ شَيْءٌ؟ قَالَتْ: دِرْهَمٌ بِعْنَا بِهِ غَزْلاً,
قَالَ: ابْغِيْنِيْهِ، وَهَاتِي الجِرَابَ، فَدَخَلَ
السُّوْقَ، فَأَتَاهُ سَائِلٌ،
(4/514)
وألحَّ، فَأَعْطَاهُ الدِّرْهَمَ، وَمَلأَ
الجِرَابَ نُشَارَةً مِنْ تُرَابٍ، وَأَتَى وقَلْبُه
مَرْعُوْبٌ مِنْهَا، وَذَهَبَ فَفَتَحَهُ، فلمَّا جَاءَ
لَيْلاً وَضَعَتْهُ، فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ هَذَا؟ قَالَتْ:
مِنَ الدَّقِيْقِ، فَأَكَلَ وَبَكَى.
أَبُو مُسْهِرٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ,
أنَّ أَبَا مُسْلِمٍ اسْتَبْطَأَ خَبَرَ جَيْشٍ كَانَ
بِأَرْضِ الرُّوْمِ، فَدَخَلَ طَائِرٌ فَوَقَعَ، فَقَالَ:
أَنَا رُتْبَابِيْلُ مُسْلِي الحُزْنِ مِنْ صُدُوْرِ
المُؤْمِنِيْنَ، فَأَخْبَرَهُ خَبَرَ الجَيْشِ، فَقَالَ:
مَا جِئْتَ حَتَّى اسْتَبْطَأْتُكَ?
قَالَ سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ: كَانَ أَبُو
مُسْلِمٍ يَرْتَجِزُ يَوْمَ صِفِّيْنَ، وَيَقُوْلُ:
مَا علَّتي مَا علَّتي ... وَقَدْ لَبِسْتُ دِرعَتي
أَمُوْتُ عِنْدَ طَاعَتِي
وَقِيْلَ: إنَّ أَبَا مُسْلِمٍ قَامَ إِلَى مُعَاوِيَةَ
فَوَعَظَهُ، وَقَالَ: إِيَّاكَ أَنْ تَمِيْلَ عَلَى
قَبِيْلَةٍ، فَيَذْهَبَ حَيْفُكَ بِعَدْلِكَ.
وَرَوَى أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ عَطِيَّةَ
بنِ قَيْسٍ قَالَ: دَخَلَ أَبُو مُسْلِمٍ عَلَى
مُعَاوِيَةَ، فَقَامَ بَيْنَ السِّمَاطَيْنِ، فَقَالَ:
السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الأَجِيْرُ، فَقَالَوا:
مَهْ, قَالَ: دَعُوْهُ، فَهُوَ أَعْرَفُ بِمَا يَقُوْلُ،
وَعَلَيْكَ السَّلاَمُ يَا أَبَا مُسْلِمٍ، ثمَّ وَعَظَهُ
وحثَّه عَلَى العَدْلِ.
وَقَالَ شُرَحْبِيْلُ بنُ مُسْلِمٍ: كَانَ الوُلاَةُ
يَتَيَمَّنون بِأَبِي مُسْلِمٍ، ويؤمِّرونه عَلَى
المُقَدِّمَاتِ.
قَالَ سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ: مَاتَ أَبُو
مُسْلِمٍ بِأَرْضِ الرُّوْمِ، وَكَانَ شَتَا مَعَ بُسْرِ
بنِ أَبِي أَرْطَاةَ، فَأَدْرَكَهُ أَجَلُهُ، فَعَادَهُ
بُسْرٌ، فَقَالَ لَهُ أَبُو مُسْلِمٍ: يَا بُسْرُ, اعْقِدْ
لِي عَلَى مَنْ مَاتَ فِي هَذِهِ الغَزَاةِ، فَإِنِّي
أَرْجُو أَنْ آتِيَ بِهِم يَوْمَ القِيَامَةِ عَلَى
لِوَائِهِم.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: حُدِّثْنَا عَنْ مُحَمَّدِ
بنِ شُعَيْبٍ، عَنْ بَعْضِ المَشْيَخَةِ قَالَ:
أَقْبَلْنَا مِنْ أَرْضِ الرُّوْمِ، فَمَرَرْنَا
بِالعُمَيْرِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَمْيَالٍ مِنْ حِمْصَ، فِي
آخِرِ اللَّيْلِ، فاطَّلع رَاهِبٌ مِنْ صَوْمَعَةٍ،
فَقَالَ: هَلْ تَعْرِفُوْنَ أَبَا مُسْلِمٍ
الخَوْلاَنِيَّ؟ قُلْنَا: نَعَمْ, قال: إذا أتيتموه
فأقرءوه السَّلاَمَ، فَإِنَّا نَجِدُهُ فِي الكُتُبِ
رَفِيْقَ عِيْسَى ابْنِ مَرْيَمَ, أَمَا إِنَّكُم لاَ
تَجِدُوْنَهُ حَيّاً. قَالَ: فَلَمَّا أَشْرَفْنَا عَلَى
الغُوْطَةِ بَلَغَنَا مَوْتُهُ.
قَالَ الحَافِظُ أَبُو القَاسِمِ ابْنُ عَسَاكِرَ
-يَعْنِي: سَمِعُوا ذَلِكَ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ بِأَرْضِ
الرُّوْمِ.
وَرَوَى إِسْمَاعِيْلُ بنُ عيَّاش، عَنْ شُرَحْبِيْلَ بنِ
مُسْلِمٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ هَانِئ قَالَ: قَالَ
مُعَاوِيَةُ: إنما المصيبة كل مصيبة بِمَوْتِ أَبِي
مُسْلِمٍ الخَوْلاَنِيِّ، وكُرَيْب بنِ سَيْفٍ
الأَنْصَارِيِّ.
إِسْنَادُهُ صَالِحٌ، فَعَلَى هَذَا يَكُوْنُ أَبُو
مُسْلِمٍ مَاتَ قَبْلَ مُعَاوِيَةَ, إلَّا أَنْ يَكُوْنَ
هَذَا هُوَ مُعَاوِيَةُ بنُ يَزِيْدَ.
وَقَدْ قَالَ المفضَّل بنُ غسَّان الغَلاَبِيُّ: إنَّ
عَلْقَمَةَ وَأَبَا مُسْلِمٍ مَاتَا فِي سَنَةِ
اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ، فَاللهُ أَعْلَمُ، وبداريَّا
قَبْرٌ يُزَارُ يُقَالُ: إِنَّهُ قَبْرُ أبي مسلم
الخولاني، وذلك محتمل.
(4/515)
371- القارِّيّ 1: "ع"
عبد الرحمن بن عبد القارِّيّ المدني, يُقَالُ: لَهُ
صُحْبَةٌ، وَإِنَّمَا وُلِدَ فِي أَيَّامِ النُّبُوَّةِ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: أُتِيَ بِهِ النَّبِيُّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ صَغِيْرٌ.
قَالَ الزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ: عَضَلٌ والقارَّة ابْنَا
يَثْيَعِ بن الهون بن خزيمة بن مدركة.
قُلْتُ: رَوَى عَنْ عُمَرَ، وَأَبِي طَلْحَةَ، وَأَبِي
أَيُّوْبَ، وَغَيْرِهِم.
وَعَنْهُ السَّائِبُ بنُ يَزِيْدَ -مَعَ تَقَدُّمِهِ-
وَعُرْوَةُ، وَالأَعْرَجُ، وَالزُّهْرِيُّ، وَطَائِفَةٌ،
وَابْنُهُ مُحَمَّدٌ، وثَّقه ابْنُ مَعِيْنٍ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانِيْنَ
بِالمَدِيْنَةِ، وَلَهُ ثَمَانٌ وَسَبْعُوْنَ سَنَةً.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 57"، التاريخ الكبير "5/
ترجمة 1008"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 1008"، أسد الغابة
"3/ 307"، الإصابة "3/ ترجمة 6223"، تهذيب التهذيب "6/
ترجمة 449".
(4/516)
372- عامر بن
عبد قيس 1:
القُدْوَةُ الوَلِيُّ الزَّاهِدُ, أَبُو عَبْدِ اللهِ،
وَيُقَالُ: أَبُو عَمْرٍو التَّمِيْمِيُّ العَنْبَرِيُّ
البَصْرِيُّ.
رَوَى عَنْ عُمَرَ وَسَلْمَانَ. وَعَنْهُ: الحَسَنُ،
وَمُحَمَّدُ بنُ سِيْرِيْنَ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ
الحُبُليّ، وَغَيْرُهُم، وقلَّما رَوَى.
قَالَ العِجْلِيُّ: كَانَ ثِقَةً، مِنْ عُبَّاد
التَّابِعِيْنَ, رَآهُ كَعْبُ الأَحْبَارِ، فَقَالَ: هَذَا
رَاهِبُ هَذِهِ الأُمَّةِ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي "القِرَاءاتِ": كَانَ عَامِرُ
بنُ عَبْدِ اللهِ الَّذِي يُعْرَفُ بِابْنِ عَبْدِ قَيْسٍ
يُقْرِئُ النَّاسَ.
حدَّثنا عَبَّادٌ، عَنْ يُوْنُسَ، عَنِ الحَسَنِ, أنَّ
عَامِراً كَانَ يَقُوْلُ: مَنْ أُقْرِئُ؟ فَيَأْتِيْهِ
نَاسٌ فَيُقْرِئُهُمُ القُرْآنَ، ثُمَّ يقوم فيصلي إلى
الظهر، ثم يصلي إِلَى العَصْرِ، ثُمَّ يُقْرِئُ النَّاسَ
إِلَى المَغْرِبِ، ثُمَّ يُصَلِّي مَا بَيْنَ
العِشَاءيْنِ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ إِلَى مَنْزِلِهِ،
فَيَأْكُلُ رَغِيْفاً، وَيَنَامُ نَوْمَةً خَفِيْفَةً،
ثُمَّ يَقُوْمُ لِصَلاَتِهِ، ثُمَّ يتسحَّر رَغِيْفاً،
وَيَخْرُجُ.
قَالَ بِلاَلُ بنُ سَعْدٍ، وُشِيَ بِعَامِرِ بنِ عبد قيس
إلى زياد، فقالوا: ههنا رَجُلٌ قِيْلَ لَهُ: مَا
إِبْرَاهِيْمُ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- خَيْراً مِنْكَ،
فَسَكَتَ، وَقَدْ تَرَكَ النِّسَاءَ، فَكَتَبَ فِيْهِ
إِلَى عُثْمَانَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: انْفِهِ إِلَى
الشَّامِ عَلَى قَتَبٍ2، فلمَّا جَاءهُ الكِتَابُ أَرْسَلَ
إِلَى عَامِرٍ، فَقَالَ: أَنْتَ قِيْلَ لَكَ: مَا
إِبْرَاهِيْمُ خَيْراً مِنْكَ، فَسَكَتَّ, قَالَ: أَمَا
وَاللهِ مَا سُكُوْتِي إلَّا تَعَجُّبٌ، وَلَوَدِدْتُ
أَنِّي غُبَارُ قَدَمَيْهِ, قَالَ: وَتَرَكْتَ النِّسَاءَ,
قَالَ: وَاللهِ مَا تركتهنَّ إلَّا أَنِّي قَدْ عَلِمْتُ
أَنَّهُ يَجِيْءُ الوَلَدُ، وَتَشَعَّبُ فِيَّ الدُّنْيَا،
فَأَحْبَبْتُ التَّخَلِّي، فَأَجْلاَهُ عَلَى قَتَبٍ إِلَى
الشَّامِ، فَأَنْزَلَهُ مُعَاوِيَةُ مَعَهُ فِي
الخَضْرَاءِ، وَبَعَثَ إِلَيْهِ بِجَارِيَةٍ، وَأَمَرَهَا
أَنْ تُعْلِمَه مَا حَالُهُ، فَكَانَ يَخْرُجُ مِنَ
السَّحَر، فَلاَ تَرَاهُ إلَّا بَعْدَ العَتَمَةِ،
فَيَبْعَثُ مُعَاوِيَةُ إِلَيْهِ بِطَعَامٍ، فَلاَ
يَعْرِضُ لَهُ، وَيَجِيْءُ مَعَهُ بِكِسَرٍ فَيَبُلُّهَا
وَيَأْكُلُ، ثُمَّ يَقُوْمُ إِلَى أَنْ يَسْمَعَ
النِّدَاءَ، فَيَخْرُجُ، فَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى
عُثْمَانَ يَذْكُرُ حَالَهُ، فَكَتَبَ: اجْعَلْهُ أَوَّلَ
دَاخِلٍ وَآخِرَ خَارِجٍ، ومُرْ لَهُ بِعَشْرَةٍ مِنَ
الرَّقِيْقِ، وَعَشْرَةٍ مِنَ الظَّهْرِ، فَأَحْضَرَهُ
وَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: إنَّ عَلَيَّ شَيْطَاناً قَدْ
غَلَبَنِي، فَكَيْفَ أَجْمَعُ عَلَيَّ عَشْرَةً، وكانت له
بغلة.
فَرَوَى بِلاَلُ بنُ سَعْدٍ عمَّن رَآهُ بِأَرْضِ
الرُّوْمِ عَلَيْهَا, يَرْكَبُهَا عُقْبَةً، وَيَحْمِلُ
المُهَاجِرِيْنَ عُقْبَةً, قَالَ بِلاَلٌ: كَانَ إِذَا
فَصَلَ غَازِياً يتوسَّم مَنْ يُرَافِقُهُ، فَإِذَا رَأَى
رُفْقَةً تُعْجِبُهُ اشْتَرَطَ عَلَيْهِم أَنْ
يَخْدِمَهُم، وَأَنْ يُؤَذِّنَ، وَأَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِم
طَاقَتَهُ. رَوَاهُ ابْنُ المُبَارَكِ بِطُوْلِهِ فِي
الزُّهْدِ لَهُ.
هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: كَانَ عَامِرُ بنُ عَبْدِ
قَيْسٍ يَسْأَلُ رَبَّهُ أَنْ يَنْزِعَ شَهْوَةَ
النِّسَاءِ مِنْ قَلْبِهِ، فَكَانَ لاَ يُبَالِي أَذَكَراً
لَقِيَ أَمْ أُنْثَى، وَسَأَلَ رَبَّهُ أَنْ يَمْنَعَ
قَلْبَهُ مِنَ الشَّيْطَانِ وَهُوَ فِي الصَّلاَةِ، فَلَمْ
يَقْدِرْ عَلَيْهِ، وَقِيْلَ: إِنَّ ذَلِكَ ذَهَبَ عَنْهُ.
وَعَنْ أَبِي الحُسَيْنِ المُجَاشِعِيِّ قَالَ: قِيْلَ
لِعَامِرِ بنِ عَبْدِ قَيْسٍ: أَتُحَدِّثُ نَفْسَكَ فِي
الصَّلاَةِ؟ قَالَ: أُحَدِّثُهَا بِالوُقُوْفِ بَيْنَ
يَدَيِ اللهِ، وَمُنْصَرَفِي.
وَعَنْ كَعْبٍ أَنَّهُ رَأَى بِالشَّامِ عَامِرَ بنَ
عَبْدِ قَيْسٍ، فَقَالَ: هَذَا رَاهِبُ هَذِهِ الأُمَّةِ.
قَالَ أَبُو عِمْرَانَ الجَوْنِيُّ: قِيْلَ لِعَامِرِ بنِ
عَبْدِ قَيْسٍ: إِنَّكَ تَبِيْتُ خَارِجاً, أَمَا تَخَافُ
الأَسَدَ؟ قَالَ: إِنِّي لأَسْتَحْيِي مِنْ رَبِّي أَنْ
أَخَافَ شَيْئاً دُوْنَهُ. وَرَوَى هَمَّامٌ، عن قتادة
مثله.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 103"، التاريخ الكبير "3/
ق2/ 447"، والحلية "2/ 87"، أسد الغابة "3/ 88"، الإصابة
"3/ ترجمة 6284".
2 القتب: الرحل أو الإكاف الصغير الذي على قدر سنام
البعير.
(4/517)
حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوْبَ، عَنْ أَبِي
قِلاَبَةَ, لَقِيَ رَجُلٌ عَامِرَ بنَ عَبْدِ قَيْسٍ،
فَقَالَ: مَا هَذَا؟ أَلَمْ يَقُلِ اللهُ: {وَجَعَلْنَا
لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً} [الرَّعْدُ: 38] ، قَالَ:
أَفَلَمْ يَقُلِ اللهُ تَعَالَى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ
وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذَّارِيَاتُ: 56] .
وَقِيْلَ: كَانَ عَامِرٌ لاَ يَزَالُ يُصَلِّي مِنْ
طُلُوْعِ الشَّمْسِ إِلَى العَصْرِ، فَيَنْصَرِفُ وَقَدِ
انْفَتَحَتْ سَاقَاهُ، فَيَقُوْلُ: يَا أمَّارة
بِالسُّوْءِ إِنَّمَا خُلِقْتِ لِلْعِبَادَةِ.
وَهَبَطَ وَادِياً بِهِ عَابِدٌ حَبَشِيٌّ، فَانْفَرَدَ
يُصَلِّي فِي نَاحِيَةٍ، وَالحَبَشِيُّ فِي نَاحِيَةٍ,
أَرْبَعِيْنَ يَوْماً لاَ يَجْتَمِعَانِ إلَّا فِي
فَرِيْضَةٍ.
مُحَمَّدُ بنُ وَاسِعٍ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ الشِّخِّيْرِ,
أنَّ عَامِراً كَانَ يَأْخُذُ عَطَاءهُ، فَيَجْعَلُهُ فِي
طَرَفِ ثَوْبِهِ، فَلاَ يَلْقَى مِسْكِيْناً إلَّا
أَعْطَاهُ، فَإِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ رَمَى بِهِ إِلَيْهِم،
فَيَعُدُّوْنَهَا، فَيَجِدُوْنَهَا كَمَا أُعْطِيْهَا.
جَعْفَرُ بنُ بُرْقَانَ: حَدَّثَنَا مَيْمُوْنُ بنُ
مِهْرَانَ, أنَّ عَامِرَ بنَ عَبْدِ قَيْسٍ بَعَثَ
إِلَيْهِ أَمِيْرُ البَصْرَةِ: مَا لَكَ لاَ تَزَوَّجَ
النِّسَاءَ؟ قَالَ: مَا تركتهنَّ، وَإِنِّي لَدَائِبٌ فِي
الخِطْبَةِ, قَالَ: مَا لَكَ لاَ تَأْكُلُ الجُبْنَ؟
قَالَ: إِنَّا بِأَرْضٍ فِيْهَا مَجُوْسٌ، فَمَا شَهِدَ
مُسْلِمَانِ أَنْ لَيْسَ فِيْهِ مَيْتَةٌ أَكَلْتُهُ,
قَالَ: وَمَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَأْتِيَ الأُمَرَاءَ؟
قَالَ: إِنَّ لَدَى أَبْوَابِكُم طُلاَّبَ الحَاجَاتِ،
فَادْعُوْهُم وَاقْضُوا حَاجَاتِهِم، وَدَعُوا مَنْ لاَ
حَاجَةَ لَهُ إِلَيْكُم.
قَالَ مَالِكُ بنُ دِيْنَارٍ: حَدَّثَنِي فُلاَنٌ أنَّ
عَامِراً مَرَّ فِي الرَّحْبَةِ، وَإِذَا رَجُلٌ يُظْلَم،
فَأَلْقَى رِدَاءهُ، وَقَالَ: لاَ أَرَى ذمَّة اللهِ
تُخْفَرُ وَأَنَا حَيٌّ، فَاسْتَنْقَذَهُ.
وَيُرْوَى أَنَّ سَبَبَ إِبْعَادِهِ إِلَى الشَّامِ
كَوْنُهُ أَنْكَرَ وخَلَّص هَذَا الذميّ.
قَالَ جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ: حَدَّثَنَا الجُرَيْرِيُّ
قَالَ: لَمَّا سُيِّرَ عَامِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ الَّذِي
يُقَالُ لَهُ: ابْنُ عَبْدِ قَيْسٍ, شَيَّعَهُ
إِخْوَانُهُ، وَكَانَ بِظَهْرِ المِرْبَدِ، فَقَالَ:
إِنِّي داعٍ فأمِّنوا: اللَّهُمَّ مَنْ وَشَى بِي وَكَذَبَ
عَلَيَّ وَأَخْرَجَنِي مِنْ مِصْرِي، وفرَّق بَيْنِي
وَبَيْنَ إِخْوَانِي، فَأَكْثِرْ مَالَهُ، وَأَصِحَّ
جِسْمَهُ، وَأَطِلْ عُمُرَهُ.
قَالَ الحَسَنُ البَصْرِيُّ: بُعِثَ بِعَامِرِ بنِ عَبْدِ
قَيْسٍ إِلَى الشام، فقال: الحمد الله الَّذِي حَشَرَنِي
رَاكِباً.
قَالَ قَتَادَةُ: لَمَّا احْتُضِرَ عَامِرٌ بَكَى،
فَقِيْلَ: مَا يُبْكِيْكَ؟ قَالَ: مَا أَبْكِي جَزَعاً
مِنَ المَوْتِ، وَلاَ حِرْصاً عَلَى الدُّنْيَا، وَلَكِنْ
أَبْكِي عَلَى ظَمَأِ الهَوَاجِرِ، وَقِيَامِ اللَّيْلِ.
وَرَوَى عُثْمَانُ بنُ عَطَاءٍ الخُرَاسَانِيُّ، عَنْ
أَبِيْهِ, أنَّ قَبْرَ عَامِرَ بنَ عَبْدِ قَيْسٍ بِبَيْتِ
المَقْدِسِ.
وَقِيْلَ: تُوُفِّيَ فِي زَمَنِ مُعَاوِيَةَ.
(4/518)
373- أويس
القرني 1:
هُوَ القُدْوَةُ الزَّاهِدُ، سَيِّدُ التَّابِعِيْنَ فِي
زَمَانِهِ, أَبُو عَمْرٍو أُوَيْسُ بنُ عَامِرِ بنِ جَزْءِ
بن مالك القرني المرادي اليماني.
وَقَرَنُ: بَطْنٌ مِنْ مُرَادٍ، وَفَد عَلَى عُمَرَ،
وَرَوَى قَلِيْلاً عَنْهُ، وَعَنْ عَلِيٍّ.
رَوَى عَنْهُ يُسَيْرُ بنُ عَمْرِوٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ
بنُ أَبِي لَيْلَى، وَأَبُو عَبْدِ رَبٍّ الدِّمَشْقِيُّ،
وَغَيْرُهُم, حِكَايَاتٍ يَسِيْرَةً مَا رَوَى شَيْئاً
مُسْنَداً، وَلاَ تَهَيَّأَ أَنْ يُحْكَمَ عَلَيْهِ
بِلِيْنٍ، وَقَدْ كَانَ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللهِ
المُتَّقِيْنَ، وَمِنْ عِبَادِهِ المُخْلَصِيْنَ.
عَفَّانُ: حَدَّثَنَا حمَّاد بنُ سَلَمَةَ، عَنِ
الجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أُسَيْرِ بنِ
جَابِرٍ قَالَ: لَمَّا أَقْبَلَ أَهْلُ اليَمَنِ, جَعَلَ
عُمَرُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- يَسْتَقْرِئُ الرِّفَاقَ،
فَيَقُوْلُ: هَلْ فِيْكُم أَحَدٌ مِنْ قَرن، فَوَقَعَ
زِمَامُ عُمَرَ أَوْ زِمَامُ أُوَيْسٍ، فَنَاوَلَهُ أَوْ
نَاوَلَ أَحَدُهُمَا الآخَرَ، فَعَرَفَهُ، فَقَالَ عُمَرُ:
مَا اسْمُكَ؟ قَالَ: أَنَا أُوَيْسٌ, قَالَ: هَلْ لَكَ
وَالِدَةٌ, قَالَ: نَعَمْ, قَالَ: فَهَلْ كَانَ بِكَ مِنَ
البَيَاضِ شَيْءٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَدَعَوْتُ اللهَ
فَأَذْهَبَهُ عَنِّي إلَّا مَوْضِعَ الدِّرْهَمِ مِنْ
سُرَّتي؛ لأَذْكُرَ بِهِ رَبِّي, قَالَ لَهُ عُمَرُ:
اسْتَغْفِرْ لِي, قَالَ: أَنْتَ أَحَقُّ أَنْ تَسْتَغْفِرَ
لِي, أَنْتَ صَاحِبُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ عُمَرُ: إني سَمِعْتُ
رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
يَقُوْلُ: "إِنَّ خَيْرَ التَّابِعِيْنَ رَجُلٌ يُقَالُ
لَهُ أُوَيْسٌ، وَلَهُ وَالِدَةٌ، وَكَانَ بِهِ بَيَاضٌ،
فَدَعَا اللهَ فَأَذْهَبَهُ عَنْهُ إلَّا مَوْضِعَ
الدِّرْهَمِ فِي سُرَّتِهِ"، فَاسْتَغْفَرَ لَهُ، ثُمَّ
دَخَلَ فِي غِمَارِ النَّاسِ، فَلَمْ نَدْرِ أَيْنَ
وَقَعَ, قَالَ: فَقَدِمَ الكُوْفَةَ, قَالَ: فكنَّا
نَجْتَمِعُ فِي حَلْقَةٍ، فَنَذْكُرُ اللهَ، فَيَجْلِسُ
مَعَنَا، فَكَانَ إِذَا ذَكَرَ هُوَ وَقَعَ فِي
قُلُوْبِنَا لاَ يَقَعُ حَدِيْثٌ غَيْرُهُ....، فَذَكَرَ
الحَدِيْثَ, هَكَذَا اخْتَصَرَهُ2.
"م": حدَّثنا ابْنُ مُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بنُ
هِشَامٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ
زُرَارَةَ بنِ أَوْفَى، عَنْ أُسَيْرِ بنِ جَابِرٍ قَالَ:
كَانَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ إِذَا أَتَى عَلَيْهِ
أَمْدَادُ أَهْلِ اليَمَنِ سَأَلَهُم: أَفِيْكُم أُوَيْسُ
بنُ عَامِرٍ, حَتَّى أتى على أُوَيْسٍ، فَقَالَ: أَنْتَ
أويس بنُ عَامِرٍ؟ قَالَ: نعم. قال:
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 161"، التاريخ الكبير "1/
ق2/ 55"، الجرح والتعديل "1/ ق1/ 326"، أسد الغابة "1/
151"، تهذيب التهذيب "1/ 386".
2 أخرجه مسلم "2542" "224" من طريق عفان بن مسلم، حدثنا بن
سلمة، به.
(4/519)
مِنْ مُرَادٍ، ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ, قَالَ:
نَعَمْ, قَالَ: فَكَانَ بِكَ بَرَصٌ فَبَرِأْتَ مِنْهُ
إلَّا مَوْضِعَ دِرْهَمٍ, قَالَ: نَعَمْ, قَالَ: أَلَكَ
وَالِدَةٌ؟ قَالَ: نَعَمْ, قَالَ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: "يَأْتِي
عَلَيْكُم أُوَيْسُ بنُ عَامِرٍ مَعَ أَمْدَادِ اليَمَنِ
مِنْ مُرَادٍ، ثم من قرن, كان به برص فبرأ مِنْهُ, إلَّا
مَوْضِعَ دِرْهَمٍ, لَهُ وَالِدَةٌ, هُوَ بِهَا بَرٌّ,
لَوْ أقسَم عَلَى اللهِ لأبرَّه، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ
يَسْتَغْفِرَ لَكَ فَافْعَلْ"، فَاسْتَغْفِرْ لِي, قَالَ:
فَاسْتَغْفَرَ لَهُ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَيْنَ
تُرِيْدُ؟ قَالَ: الكُوْفَةَ, قَالَ: ألَا أَكْتُبُ لَكَ
إِلَى عَامِلِهَا؟ قَالَ: أَكُوْنُ فِي غُبَّرَاتِ
النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيَّ, قَالَ: فَلَمَّا كَانَ مِنَ
العَامِ المُقْبِلِ حَجَّ رَجُلٌ مِنْ أَشْرَافِهِم،
فَوَافَقَ عُمَرَ، فَسَأَلَهُ عَنْ أُوَيْسٍ، فَقَالَ:
تَرَكْتُهُ رثَّ الهَيْئَةِ, قَلِيْلَ المَتَاعِ. قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: "يَأْتِي عَلَيْكُم أُوَيْسُ بنُ
عَامِرٍ مَعَ أَمْدَادِ أَهْلِ اليَمَنِ مِنْ مُرَادٍ،
ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ, كَانَ بِهِ برص، فبرأ منه إلَّا موضع
درهم, له وَالِدَةٌ هُوَ بِهَا بَرّ, لَوْ أَقْسَمَ عَلَى
اللهِ لأبرَّه، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَكَ
فَافْعَلْ". فَأَتَى أُوَيْساً، فَقَالَ: اسْتَغْفِرْ لِي,
قَالَ: أَنْتَ أَحْدَثُ عَهْداً بِسَفَرٍ صَالِحٍ،
فَاسْتَغْفِرْ لِي, قَالَ: اسْتَغْفِرْ لِي, قَالَ:
لَقِيْتَ عُمَرَ, قَالَ: نَعَمْ, قَالَ: فَاسْتَغْفَرْ
لَهُ, قَالَ: فَفَطِنَ لَهُ النَّاسُ، فَانْطَلَقَ عَلَى
وَجْهِهِ, قَالَ أُسَيْرٌ: وَكَسَوْتُهُ بُرْدَةً، وَكَانَ
كُلُّ مَنْ رَآهُ قَالَ: مِنْ أَيْنَ لأُوَيْسٍ هَذِهِ
البُرْدَةُ؟ 1
م: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُثَنَّى, حَدَّثَنَا
عَفَّانُ, حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنِ الجُرَيْرِيِّ، عَنْ
أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أُسَيْرٍ، عَنْ عُمَرَ, سَمِعْتُ
رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
يَقُوْلُ: "إِنَّ خَيْرَ التَّابِعِيْنَ رَجُلٌ يُقَالُ
لَهُ أُوَيْسٌ، وَلَهُ وَالِدَةٌ، وَكَانَ بِهِ بَيَاضٌ،
فَمُرُوْهُ فَلْيَسْتَغْفِرْ لَكُم" 2. قَالَ ابْنُ
المَدِيْنِيِّ هَذَا حَدِيْثٌ بَصْرِيٌّ.
قُلْتُ: تفرَّد بِهِ أُسَيْرُ بنُ جَابِرٍ، وَيُقَالُ:
يُسَيْرُ بنُ عَمْرٍو أَبُو الخَبَّازِ, بَصْرِيٌّ, رَوَى
عَنْهُ ابْنُهُ قَيْسٌ، وَأَبُو إِسْحَاقَ
الشَّيْبَانِيُّ، وَابْنُ سِيْرِيْنَ، وَأَبُو عِمْرَانَ
الجَوْنِيُّ.
قَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: أُسَيْرُ بنُ جَابِرٍ مِنْ
أَصْحَابِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ, سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُوْلُ:
قَدِمَ أُسَيْرٌ البَصْرَةَ، فَجَعَلَ يُحَدِّثُهُم،
فَقَالُوا: هَذَا هَكَذَا، فَكَيْفَ النَّهْرُ الَّذِي
شَرِبَ مِنْهُ, يَعْنُوْنَ: ابْنَ مَسْعُوْدٍ, قَالَ
عَلِيٌّ: وَأَهْلُ البَصْرَةِ يَقُوْلُوْنَ: أُسَيْرُ بنُ
جَابِرٍ، وَأَهْلُ الكُوْفَةِ يَقُوْلُوْنَ: ابْنُ
عَمْرٍو، وَيُقَالُ: يُسَيْرٌ.
وَقَالَ العَوَّامُ بنُ حَوْشَبٍ: وُلِدَ فِي مُهَاجَرِ
النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَاتَ
سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ.
أَبُو النَّضْرِ "م": حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ
المُغِيْرَةِ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أسير بن جابر، عن
عمر:
__________
1 أخرجه مسلم "2542".
2 أخرجه مسلم "2542" "223".
(4/520)
سَمِعَ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: "خَيْرُ التَّابِعِيْنَ
رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ أُوَيْسٌ، وَكَانَ بِهِ بَيَاضٌ،
فَدَعَا اللهَ فَأَذْهَبَهُ عَنْهُ, إلَّا مَوْضِعَ
الدِّرْهَمِ فِي سُرَّتِهِ, لاَ يَدَعُ بِاليَمَنِ غَيْرَ
أُمٍّ لَهُ، فَمَنْ لَقِيَهُ مِنْكُم فَمُرُوْهُ
فَلْيَسْتَغْفِرْ لَكُم". قَالَ عُمَرُ، فَقَدِمَ
عَلَيْنَا رَجُلٌ، فَقُلْتُ لَهُ: مِنْ أَيْنَ أَنْتَ؟
قَالَ: مِنَ اليَمَنِ, قُلْتُ: مَا اسْمُكَ؟ قَالَ:
أُوَيْسٌ, قُلْتُ: فَمَنْ تَرَكْتَ بِاليَمَنِ؟ قَالَ:
أُمّاً لِي, قُلْتُ: أَكَانَ بِكَ بَيَاضٌ فَدَعَوْتَ
اللهَ فَأَذْهَبَهُ عَنْكَ؟ قَالَ: نَعَمْ, قُلْتُ:
فَاسْتَغْفِرْ لِي, قَالَ: أويستغفر مثلي لمثلك يا أمير
المؤمنين؟ قال: فَاسْتَغْفَرَ لِي، وَقُلْتُ لَهُ: أَنْتَ
أَخِي لاَ تُفَارِقُنِي, قَالَ: فَانْمَلَسَ مِنِّي1،
فَأُنْبِئْتُ أَنَّهُ قَدِمَ عَلَيْكُمُ الكُوْفَةَ,
قَالَ: فَجَعَلَ رَجُلٌ كَانَ يَسْخَرُ بِأُوَيْسٍ
بِالكُوْفَةِ، وَيَحْقِرُهُ, يَقُوْلُ: مَا هَذَا منَّا
وَلاَ نَعْرِفُهُ, قَالَ عُمَرُ: بَلَى إِنَّهُ رَجُلٌ
كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ: كَأَنَّهُ يَضَعُ شَأْنَهُ,
فِيْنَا رَجُلٌ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ يُقَالُ لَهُ
أُوَيْسٌ، فَقَالَ عُمَرُ: أَدْرِكْ فَلاَ أُرَاكَ
تُدْرِكُهُ, قَالَ: فَأَقْبَلَ ذَلِكَ الرَّجُلُ حَتَّى
دَخَلَ عَلَى أُوَيْسٍ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَهُ،
فَقَالَ لَهُ أُوَيْسٌ: مَا هَذِهِ عَادَتُكَ, فَمَا بَدَا
لَكَ؟ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُوْلُ فِيْكَ: كَذَا
وَكَذَا، فَاسْتَغْفِرْ لِي, قَالَ: لاَ أَفْعَلُ حَتَّى
تَجْعَلَ لِي عَلَيْكَ أَنْ لاَ تَسْخَرَ بِي فِيْمَا
بَعْدُ، وَأَنْ لاَ تَذْكُرَ مَا سَمِعْتَهُ مِنْ عُمَرَ
لأحدٍ, قَالَ: نَعَمْ، فَاسْتَغْفَرَ لَهُ, قَالَ
أُسَيْرٌ، فَمَا لَبِثْنَا أَنْ فَشَا أَمْرُهُ فِي
الكُوْفَةِ, قَالَ: فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ: يَا
أَخِي, ألَا أَرَاكَ العُجْبَ وَنَحْنُ لاَ نَشْعُرُ؟
فَقَالَ: مَا كَانَ فِي هَذَا مَا أَتَبَلَّغُ بِهِ فِي
النَّاسِ، وَمَا يُجْزَى كُلُّ عَبْدٍ إلَّا بِعَمَلِهِ,
قَالَ: وَانْمَلَسَ مِنِّي فَذَهَبَ.
وَبِالإِسْنَادِ إِلَى أُسَيْرِ بنِ جَابِرٍ قَالَ: كَانَ
بِالكُوْفَةِ رَجُلٌ يَتَكَلَّمُ بكلام لا أسمع أحد
يَتَكَلَّمُ بِهِ، فَفَقَدْتُهُ، فَسَأَلْتُ عَنْهُ،
فَقَالُوا: ذَاكَ أُوَيْسٌ، فَاسْتَدْلَلْتُ عَلَيْهِ
وَأَتَيْتُهُ، فَقُلْتُ: مَا حَبَسَكَ عَنَّا؟ قَالَ:
العُرْيُ, قَالَ: وَكَانَ أَصْحَابُهُ يَسْخَرُوْنَ بِهِ
وَيُؤْذُوْنَهُ, قُلْتُ: هَذَا بُرْدٌ فَخُذْهُ, قَالَ:
لاَ تَفْعَلْ، فَإِنَّهُم إِذاً يُؤْذُوْنَنِي، فَلَمْ
أَزَلْ بِهِ حَتَّى لَبِسَهُ، فَخَرَجَ عَلَيْهِم،
فَقَالُوا: مَنْ تَرَوْنَ خَدَعَ عَنْ هَذَا البُرْدِ؟
قَالَ: فَجَاءَ فَوَضَعَهُ، فَأَتَيْتُ فَقُلْتُ: مَا
تُرِيْدُوْنَ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ؟ فَقَدْ آذَيْتُمُوْهُ,
الرَّجُلُ يَعْرَى مَرَّةً، وَيَكْتَسِي أخرى، وآخذتهم
بلساني، فقُضِيَ أنَّ أَهْلَ الكُوْفَةِ وَفَدُوا عَلَى
عُمَرَ، فَوَفَدَ رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ يَسْخَرُ بِهِ،
فَقَالَ عمر: ما ههنا رجل من القرنين، فَقَامَ ذَلِكَ
الرَّجُلُ، فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِنَّ رجل
يَأْتِيْكُم مِنَ اليَمَنِ يُقَالُ لَهُ أُوَيْسٌ, لاَ
يَدَعُ بِاليَمَنِ غَيْرَ أُمٍّ لَهُ, قَدْ كَانَ بِهِ
بَيَاضٌ, فَدَعَا اللهَ فَأَذْهَبَهُ عَنْهُ, إلَّا موضع
لدرهم، فَمَنْ لَقِيَهُ مِنْكُم، فَمُرُوْهُ
فَلْيَسْتَغْفِرْ لَكُم" قَالَ عمر: فقدم علينا ههنا،
فَقُلْتُ: مَا أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا أُوَيْسٌ, قُلْتُ:
مَنْ تَرَكْتَ بِاليَمَنِ؟ قَالَ: أُمّاً لِي, قُلْتُ:
هَلْ كَانَ بِكَ بَيَاضٌ، فَدَعَوْتَ اللهَ، فَأَذْهَبَهُ
عَنْكَ؟ قَالَ: نَعَمْ, قُلْتُ: اسْتَغْفِرْ لِي, قَالَ:
يا أمير المؤمنين! يستغفر مثلي لمثلك؟!
__________
1 انملس: أفلت.
(4/521)
قُلْتُ: أَنْتَ أَخِي لاَ تَفَارِقُنِي،
فَانْمَلَسَ منِّي، فَأُنْبِئْتُ أَنَّهُ قَدِمَ
عَلَيْكُمُ الكُوْفَةَ, قَالَ: وَجَعَلَ الرَّجُل
يُحَقِّرُهُ عمَّا يَقُوْلُ فِيْهِ عُمَرُ، فَجَعَلَ
يَقُوْلُ: مَاذَا فِيْنَا وَلاَ نَعْرِفُ هَذَا, قَالَ
عُمَرُ: بَلَى, إِنَّهُ رَجُلٌ كَذَا، فَجَعَلَ يَضَعُ
مِنْ أَمْرِهِ، فَقَالَ: ذَاكَ رَجُلٌ عِنْدَنَا نَسْخَرُ
بِهِ، فَقَالَ لَهُ: أُوَيْسٌ؟ قَالَ: هُوَ هُوَ, أَدْرِكْ
وَلاَ أُرَاكَ تُدْرِكُ، فَأَقْبَلَ الرَّجُلُ حَتَّى
دَخَلَ عَلَيْهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَهُ،
فَقَالَ أُوَيْسٌ: مَا كَانَتْ هَذِهِ عَادَتُكَ، فَمَا
بَدَا لَكَ أَنْشُدُكَ اللهَ؟ قَالَ: لَقِيْتُ عُمَرَ
فَقَالَ كَذَا وَقَالَ كَذَا، فَاسْتَغْفِرْ لِي, قَالَ:
لاَ أَسْتَغْفِرُ لَكَ حَتَّى تَجْعَلَ لِي عَلَيْكَ أَنْ
لاَ تَسْخَرَ بِي، وَلاَ تَذْكُرَ مَا سَمِعْتَ مِنْ
عُمَرَ إِلَى أَحَدٍ, قَالَ: لَكَ ذَاكَ, قَالَ:
فَاسْتَغْفَرَ لَهُ, قَالَ أُسَيْرٌ: فَمَا لَبِثَ أَنْ
فَشَا حَدِيْثُهُ بِالكُوْفَةِ، فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ:
يَا أَخِي ألَا أَرَاكَ أَنْتَ العُجْبُ، وكنَّا لاَ
نَشْعُرُ, قَالَ: مَا كَانَ فِي هَذَا مَا أَتَبَلَّغُ
بِهِ إِلَى النَّاسِ، وَمَا يُجْزَى كُلُّ عَبْدٍ إلَّا
بِعَمَلِهِ، فلمَّا فَشَا الحَدِيْثُ هرب، فذهب.
وَرَوَاهُ أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ
المُغِيْرَةِ، وفي لفظ: أويستغفر لِمِثْلِكَ؟ وَرَوَى
نَحْواً مِنْ ذَلِكَ عُثْمَانُ بنُ عَطَاءٍ
الخُرَاسَانِيُّ، عَنْ أَبِيْهِ، وَزَادَ فِيْهَا: ثُمَّ
إِنَّهُ غَزَا أَذْرَبِيْجَانَ، فَمَاتَ، فَتنَافَسَ
أَصْحَابُهُ فِي حَفْرِ قَبْرِهِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ هبَةِ اللهِ,
أَنْبَأَنَا عَبْدُ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ, أَنْبَأَنَا
تَمِيْمٌ بنُ أَبِي سَعِيْدٍ, أَنْبَأَنَا أَبُو سَعْدٍ
الكَنْجَرُوْذِيُّ, أَنْبَأَنَا أَبُو عَمْرٍو
الحِيْرِيُّ, حَدَّثَنَا أَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ,
حدَّثنا هُدْبَةُ بنُ خَالِدٍ, حَدَّثَنَا مُبَارَكُ بنُ
فَضَالَةَ, حَدَّثَنِي أَبُو الأَصْفَرِ، عَنْ صَعْصَعَةَ
بنِ مُعَاوِيَةَ قَالَ: كَانَ أُوَيْسُ بنُ عَامِرٍ
رَجُلاً مِنْ قَرَنٍ، وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الكُوْفَةِ،
وَكَانَ مِنَ التَّابِعِيْنَ، فَخَرَجَ بِهِ وَضَحٌ،
فَدَعَا اللهَ أَنْ يُذْهِبَهُ عَنْهُ، فَأَذْهَبَهُ
اللهُ, قَالَ: دَعْ فِي جَسَدِي مِنْهُ مَا أَذْكُرُ بِهِ
نِعَمَكَ عَلَيَّ، فَتَرَكَ لَهُ مَا يَذْكُرُ بِهِ
نِعَمَهُ عَلَيْهِ، وَكَانَ رَجُلٌ يَلْزَمُ المَسْجِدَ
فِي نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَكَانَ ابْنُ عَمٍّ لَهُ
يَلْزَمُ السُّلْطَانَ يُوْلَعُ بِهِ، فَإِنْ رَآهُ مَعَ
قَوْمٍ أَغْنِيَاءَ قَالَ: مَا هُوَ إلَّا
يَسْتَأْكِلُهُم، وَإِنْ رَآهُ مَعَ قَوْمٍ فُقَرَاءَ
قَالَ: مَا هُوَ إلَّا يَخْدَعُهُم، وَأُوَيْسٌ لاَ
يَقُوْلُ فِي ابْنِ عَمِّهِ إلَّا خَيْراً, غَيْرَ أَنَّهُ
إِذَا مَرَّ بِهِ اسْتَتَرَ مِنْهُ مَخَافَةَ أَنْ
يَأْثَمَ فِي سَبَبِهِ، وَكَانَ عُمَرُ يَسْأَلُ
الوُفُوْدَ إِذَا هُم قَدِمُوا عَلَيْهِ مِنَ الكُوْفَةِ:
هَلْ تَعْرِفُوْنَ أُوَيْسَ بنَ عَامِرٍ القَرَنِيَّ؟
فَيَقُوْلُوْنَ: لاَ، فقَدِمَ وَفْدٌ مِنْ أَهْلِ
الكُوْفَةِ، فِيْهِمُ ابْنُ عَمِّهِ ذَاكَ، فَقَالَ: هَلْ
تَعْرِفُوْنَ أُوَيْساً؟ قَالَ ابْنُ عَمِّهِ: يَا
أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ, هُوَ ابْنُ عَمِّي، وَهُوَ
رَجُلٌ نَذْلٌ فَاسِدٌ, لَمْ يَبْلُغْ مَا أَنْ تَعْرِفَهُ
أَنْتَ, قَالَ: وَيْلَكَ هلكت، ويلك هلكت, إذا قدمت فأقرأه
منِّي السَّلاَمَ، وَمُرْهُ فَلْيَفِدْ إِلَيَّ، فَقَدِمَ
الكُوْفَةَ، فَلَمْ يَضَعْ ثِيَابَ سَفَرِهِ عَنْهُ حَتَّى
أَتَى المَسْجِدَ، فَرَأَى أُوَيْساً، فلَمَّ بِهِ،
فَقَالَ: اسْتَغْفِرْ لِي يَا ابْنَ عَمِّي, قَالَ: غَفَرَ
اللهُ لَكَ يَا ابْنَ عَمِّ, قَالَ: وَأَنْتَ، فَغَفَرَ
اللهُ لَكَ يَا أُوَيْسُ, أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ
يُقْرِئُكَ السلام, قال:
(4/522)
وَمَنْ ذَكَرَنِي لأَمِيْرِ
المُؤْمِنِيْنَ؟ قَالَ: هُوَ ذَكَرَكَ، وَأَمَرَنِي أَنْ
أُبَلِّغَكَ أَنْ تَفِدَ إِلَيْهِ, قَالَ: سَمْعاً
وَطَاعَةً لأَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ، فَوَفَدَ عَلَيْهِ،
فَقَالَ: أنت أويس بن عامر؟ قال: نعم, قال: أَنْتَ الَّذِي
خَرَجَ بِكَ وَضَحٌ، فَدَعَوْتَ اللهَ أَنْ يُذْهِبَهُ
عَنْكَ فَأَذْهَبَهُ، فَقُلْتَ: اللَّهُمَّ دَعْ لِي فِي
جَسَدِي مِنْهُ مَا أَذْكُرُ بِهِ نِعْمَتَكَ عَلَيَّ،
فَتَرَكَ لَكَ فِي جَسَدِكَ مَا تَذْكُرُ بِهِ نِعَمَهُ
عَلَيْكَ, قَالَ: وَمَا أَدْرَاكَ يَا أَمِيْرَ
المُؤْمِنِيْنَ، فَوَاللهِ مَا اطَّلع عَلَى هَذَا بَشَرٌ,
قَالَ: أَخْبَرَنَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَّهُ سَيَكُوْنُ فِي
التَّابِعِيْنَ رَجُلٌ مِنْ قرنٍ يُقَالُ لَهُ أُوَيْسُ
بنُ عَامِرٍ, يَخْرُجُ بِهِ وَضَحٌ، فَيَدْعُو اللهَ أَنْ
يُذْهِبَهُ عَنْهُ فَيُذْهِبَهُ، فَيَقُوْلُ: اللَّهُمَّ
دَعْ لِي فِي جَسَدِي مَا أَذْكُرُ بِهِ نِعْمَتَكَ
عَلَيَّ، فَيَدَعُ لَهُ مَا يَذْكُرُ بِهِ نِعَمَهُ
عَلَيْهِ، فَمَنْ أَدْرَكَهُ مِنْكُم، فَاسْتَطَاعَ أَنْ
يَسْتَغْفِرَ لَهُ، فَلْيَسْتَغْفِرْ لَهُ"، فَاسْتَغْفِرْ
لِي يَا أُوَيْسُ, قَالَ: غَفَرَ اللهُ لَكَ يَا أَمِيْرَ
المُؤْمِنِيْنَ, قَالَ: وَأَنْتَ غَفَرَ اللهُ لَكَ يَا
أُوَيْسَ بنَ عَامِرٍ, قَالَ: فَلَمَّا سَمِعُوا عُمَرَ
قَالَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ, قَالَ رَجُلٌ: اسْتَغْفِرْ لِي يَا أُوَيْسُ،
وَقَالَ آخَرُ: اسْتَغْفِرْ لِي يَا أُوَيْسُ، فلمَّا
كَثُرُوا عَلَيْهِ انْسَابَ فَذَهَبَ، فَمَا رُؤِيَ حَتَّى
السَّاعَةِ.
هَذَا حَدِيْثٌ غَرِيْبٌ تفرَّد بِهِ مُبَارَكُ بنُ
فَضَالَةَ، عَنْ أَبِي الأَصْفَرِ، وَأَبُو الأَصْفَرِ
لَيْسَ بِمَعْرُوْفٍ.
مُعَلَّلُ بنُ نُفَيْلٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ
مِحْصَنٍ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَبِي عَبْلَةَ، عَنْ
سَالِمٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ, قَالَ رَسُوْلُ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا عُمَرُ
إِذَا رَأَيْتَ أُوَيْساً القَرَنِيَّ، فَقُلْ لَهُ:
فَلْيَسْتَغْفِرْ لَكَ، فَإِنَّهُ يُشَفَّعُ يَوْمَ
القِيَامَةِ، فِي مِثْلِ رَبِيْعَةَ، وَمُضَرٍ, بين كتفيه
علامة وضح مثل الدرهم".
أَخْرَجَهُ الإِسْمَاعِيْلِيُّ فِي مُسْنَدِ عُمَرَ،
وَمُحَمَّدُ بنُ مِحْصَنٍ هُوَ العُكَاشِيُّ, تَالِفٌ.
أُنْبِئْتُ عَنْ أَبِي المَكَارِمِ التَّيْمِيُّ,
أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ المُقْرِئُ, أَنْبَأَنَا أَبُو
نُعَيْمٍ الحَافِظُ قَالَ: فَمِنَ الطَّبَقَةِ الأُوْلَى
مِنَ التَّابِعِيْنَ سَيِّدُ العُبَّادِ، وَعَلَمُ
الأَصْفِيَاءِ مِنَ الزُّهَّادِ؛ أُوَيْسُ بنُ عَامِرٍ
القَرَنِيُّ, بشَّر النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- بِهِ، وَأَوْصَى بِهِ, إِلَى أَنْ قَالَ فِي
التَّرْجَمَةِ: وَرَوَاهُ الضَّحَّاكُ بنُ مُزَاحِمٍ، عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ بِزِيَادَةِ أَلْفَاظٍ لَمْ يُتَابَعْ
عَلَيْهَا، وَمَا رَوَاهُ أَحَدٌ سِوَى مَخْلَدِ بنِ
يَزِيْدَ، عَنْ نَوْفَلِ بنِ عَبْدِ اللهِ عَنْهُ، وَمِنْ
أَلْفَاظِهِ: فَقَالُوا يَا رَسُوْلَ اللهِ، وَمَا
أُوَيْسٌ؟ قَالَ: "أَشْهَلُ ذُوْ صُهُوْبَةٍ, بَعِيْدُ مَا
بَيْنَ المَنْكِبَيْنِ, مُعْتَدِلُ القَامَةِ, آدَمُ
شَدِيْدُ الأُدْمَةِ, ضَارِبٌ بِذَقْنِهِ عَلَى صَدْرِهِ,
رَامٍ بِبَصَرِهِ إِلَى مَوْضِعِ سُجُوْدِهِ، وَاضِعٌ
يَمِيْنَهُ عَلَى شِمَالِهِ, يَتْلُوْ القُرْآنَ, يَبْكِي
عَلَى نَفْسِهِ, ذُوْ طِمْرَيْنِ لاَ يُؤْبَهُ لَهُ,
يَتَّزِرُ بِإِزَارٍ صُوْفٍ، وَرِدَاءٍ صُوْفٍ, مَجْهُوْلٌ
فِي أَهْلِ الأَرْضِ, مَعْرُوْفٌ فِي السَّمَاءِ, لَوْ
أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لأَبَرَّهُ, ألَا وإنَّ تَحْتَ
مَنْكِبِهِ الأَيْسَرِ لَمْعَةً بَيْضَاءَ, ألَا وَإِنَّهُ
إِذَا كَانَ يَوْمُ القِيَامَةِ قِيْلَ لِلْعُبَّادِ:
ادْخُلُوا الجَنَّةَ، وَيُقَالُ لأُوَيْسٍ: قِفْ
فَاشْفَعْ. فيشفعه
(4/523)
اللهُ فِي مِثْلِ عَدَدِ رَبِيْعَةَ
وَمُضَرٍ, يَا عُمَرُ وَيَا عَلِيٌّ إِذَا رَأَيْتُمَاهُ
فَاطْلُبَا إِلَيْهِ يَسْتَغْفِرْ لَكُمَا يَغْفِرِ اللهُ
لَكُمَا". فَمَكَثَا يَطْلُبَانِهِ عَشْرَ سِنِيْنَ لاَ
يَقْدِرَانِ عَلَيْهِ، فَلَمَّا كَانَ فِي آخِرِ السَّنَةِ
الَّتِي هَلَكَ فِيْهَا عُمَرُ, قَامَ عَلَى أَبِي
قُبَيْسٍ، فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا أَهْلَ
الحَجِيْجِ مِنْ أَهْلِ اليَمَنِ, أَفِيْكُم أويس بن
مُرَادٍ، فَقَامَ شَيْخٌ كَبِيْرٌ، فَقَالَ: إِنَّا لاَ
نَدْرِي مَنْ أُوَيْسٌ، وَلَكِنَّ ابْنَ أخٍ لِي يُقَالُ
لَهُ أُوَيْسٌ، وَهُوَ أَخْمَلُ ذِكْراً، وَأَقَلُّ
مَالاً، وأهَوْن أَمْراً مِنْ أَنْ نَرْفَعَهُ إِلَيْكَ،
وإنه ليرعى إبلنا بأراك عرفات.
فَذَكَرَ اجْتِمَاعَ عُمَرَ بِهِ وَهُوَ يَرْعَى،
فَسَأَلَهُ الاسْتِغْفَارَ، وَعَرَضَ عَلَيْهِ مَالاً،
فَأَبَى.
وَهَذَا سِيَاقٌ مُنْكَرٌ لَعَلَّهُ مَوْضُوْعٌ.
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بنُ أَبِي بَكْرٍ, أَنْبَأَنَا
يُوْسُفُ بنُ خَلِيْلٍ, أَنْبَأَنَا أَبُو المَكَارِمِ
المُعَدَّلُ, أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ,
أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ, حَدَّثَنَا
حَبِيْبُ بنُ الحَسَنِ, حَدَّثَنَا أَبُو شُعَيْبٍ
الحَرَّانِيُّ, حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ يَزِيْدَ
العُمَرِيُّ, حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَبِي
رَوَّادٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بنِ مَرْثَدٍ قَالَ: انْتَهَى
الزُّهْدُ إِلَى ثَمَانِيَةٍ: عَامِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ
بنِ عَبْدِ قَيْسٍ، وَأُوَيْسٍ القَرَنِيِّ، وَهَرِمِ بنِ
حيان، والربيع بن خيثم، وَمَسْرُوْقِ بنِ الأَجْدَعِ،
وَالأَسْوَدِ بنِ يَزِيْدَ، وَأَبِي مُسْلِمٍ
الخَوْلاَنِيِّ، وَالحَسَنِ بنِ أَبِي الحَسَنِ.
وَرُوِيَ عَنْ هَرِمِ بنِ حَيَّانَ قَالَ: قَدِمْتُ
الكُوْفَةَ فَلَمْ يَكُنْ لِي هَمٌّ إلَّا أُوَيْسٌ
أَسْأَلُ عَنْهُ، فَدُفِعْتُ إِلَيْهِ بِشَاطِئ الفُرَاتِ,
يَتَوَضَّأُ وَيَغْسِلُ ثَوْبَهُ، فَعَرَفْتُهُ
بِالنَّعْتِ، فَإِذَا رَجُلٌ آدَمُ مَحْلُوْقُ الرَّأْسِ,
كَثّ اللِّحْيَةِ, مَهِيْبُ المَنْظَرِ، فَسَلَّمْتُ
عَلَيْهِ، وَمَدَدْتُ إِلَيْهِ يَدِي لأُصَافِحَهُ،
فَأَبَى أَنْ يُصَافِحَنِي، فَخَنَقَتْنِي العَبْرَةُ
لَمَّا رَأَيْتُ مِنْ حَالِهِ، فَقُلْتُ: السَّلاَمُ
عَلَيْكَ يَا أُوَيْسُ, كَيْفَ أَنْتَ يَا أَخِي؟ قَالَ:
وَأَنْتَ، فَحَيَّاكَ الله يَا هَرِمُ, مَن دَلَّكَ
عَلَيَّ؟ قُلْتُ: اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- قَالَ: {سُبْحَانَ
رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا}
الإِسْرَاءُ: 108] . قُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللهُ, مِنْ
أَيْنَ عَرَفْتَ اسْمِي وَاسْمَ أَبِي؟ فَوَاللهِ مَا
رَأَيْتُكَ قَطُّ، وَلاَ رَأَيْتَنِي, قَالَ: عَرَفَتْ
رُوْحِي رُوْحَكَ؛ حَيْثُ كَلَّمَتْ نَفْسِي نَفْسَكَ؛
لأَنَّ الأَرْوَاحَ لَهَا أُنْسٌ كَأُنْسِ الأَجْسَادِ،
وَإِنَّ المُؤْمِنِيْنَ يَتَعَارَفُوْنَ بِرُوْحِ الله،
وإن نأت بِهِمُ الدَّارُ، وَتَفَرَّقَتْ بِهِمُ
المَنَازِلُ, قُلْتُ: حَدِّثْنِي عَنْ رَسُوْلِ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِحَدِيْثٍ
أَحْفَظُهُ عَنْكَ، فَبَكَى وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: إِنِّي
لَمْ أُدْرِكْ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، وَلَعَلَّهُ قَدْ رَأَيْتُ مَنْ رَآهُ؛ عُمَرَ
وَغَيْرَهُ، وَلَسْتُ أُحِبُّ أَنَّ أَفْتَحَ هَذَا
البَابَ عَلَى نَفْسِي, لاَ أُحِبُّ أَنْ أَكُوْنَ قَاصّاً
أَوْ مُفْتِياً، ثُمَّ سَأَلَهُ هَرِمٌ أَنْ يَتْلُوَ
عَلَيْهِ شَيْئاً مِنَ القُرْآنِ، فَتَلاَ عَلَيْهِ
قَوْلَهُ تَعَالَى: {إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ
أَجْمَعِينَ، يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى
شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ، إِلَّا مَنْ رَحِمَ
(4/524)
اللَّهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ
الرَّحِيمُ} [الدُّخَانُ: 40-42] . ثُمَّ قَالَ: يَا
هَرِمَ بنَ حَيَّانَ مَاتَ أَبُوْكَ، وَيُوْشِكُ أَنْ
تَمُوْتَ، فإمَّا إِلَى جَنَّةٍ، وإمَّا إِلَى نَارٍ،
وَمَاتَ آدَمُ، وَمَاتَتْ حَوَّاءُ، وَمَاتَ
إِبْرَاهِيْمُ، وَمُوْسَى، وَمُحَمَّدٌ عَلَيْهِمُ
السَّلاَمُ، وَمَاتَ أَبُو بَكْرٍ خَلِيْفَةُ
المُسْلِمِيْنَ، وَمَاتَ أَخِي، وَصَدِيْقِي، وَصَفِيِّي
عُمَرُ، وَاعُمَرَاهُ،، وَاعُمَرَاهُ قَالَ: وَذَلِكَ فِي
آخِرِ خِلاَفَةِ عُمَرَ, قُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللهُ, إنَّ
عُمَرَ لَمْ يَمُتْ, قَالَ: بَلَى, إِنَّ رَبِّي قَدْ
نَعَاهُ لِي، وَقَدْ عَلِمْتُ مَا قُلْتُ، وَأَنَا
وَأَنْتَ غَداً فِي المَوْتَى، ثُمَّ دَعَا بِدَعَوَاتٍ
خفيفة، وَذَكَرَ القِصَّةَ, أَوْرَدَهَا أَبُو نُعَيْمٍ\
فِي الحِلْيَةِ، وَلَمْ تَصِحَّ، وَفِيْهَا مَا يُنْكَرُ.
عَنْ أَصْبَغَ بنِ زَيْدٍ قَالَ: إِنَّمَا مَنَعَ
أُوَيْساً أَنْ يقدِم عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِرُّهُ بِأُمِّهِ.
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ
اللهِ بنُ الأَشْعَثِ بنِ سَوَّارٍ، عَنْ مُحَارِبِ بنِ
دِثَارٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: "إِنَّ مِنْ أُمَّتِي مَنْ لا يستطيع أن يأتي
مَسْجِدَهُ أَوْ مُصَلاَّهُ مِنَ العُرْي, يَحْجُزُهُ
إِيْمَانُهُ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ, مِنْهُم أُوَيْسٌ
القَرَنِيُّ، وَفُرَاتُ بنُ حَيَّانَ".
عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بنُ
أَبِي شَيْبَةَ, حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ،
عَنْ مُغِيْرَةَ قَالَ: إِنْ كَانَ أُوَيْسٌ القَرَنِيُّ
ليتصدَّق بِثِيَابِهِ حَتَّى يَجْلِسَ عُرْيَاناً, لاَ
يَجِدُ مَا يَرُوْحُ فِيْهِ إِلَى الجُمُعَةِ.
أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيِّ: حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ
أَسَدٍ, حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ، عَنْ أَصْبَغَ بنِ زَيْدٍ
قَالَ: كَانَ أُوَيْسٌ إِذَا أَمْسَى يَقُوْلُ: هَذِهِ
لَيْلَةُ الرُّكُوْعِ، فَيَرْكَعُ حَتَّى يُصْبِحَ،
وَكَانَ إِذَا أَمْسَى يَقُوْلُ: هَذِهِ لَيْلَةُ
السُّجُوْدِ، فَيَسْجُدُ حَتَّى يُصْبِحَ، وَكَانَ إِذَا
أَمْسَى تصدَّق بِمَا فِي بَيْتِهِ مِنَ الفَضْلِ مِنَ
الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، ثُمَّ قَالَ: اللهمَّ مَنْ مَاتَ
جُوْعاً فَلاَ تُؤَاخِذْنِي بِهِ، وَمَنْ مَاتَ عُرْياً
فَلاَ تُؤَاخِذْنِي بِهِ.
أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بنُ جَعْفَرٍ,
حَدَّثَنَا ابْنُ جَرِيْرٍ, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ
حُمَيْدٍ, حَدَّثَنَا زَافِرُ بنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ
شَرِيْكٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: مَرَّ
رَجُلٌ مِنْ مُرَادٍ عَلَى أُوَيْسٍ القَرَنِيِّ، فَقَالَ:
كَيْفَ أَصْبَحْتَ؟ قَالَ: أَصْبَحْتُ أَحْمَدُ اللهَ
-عَزَّ وَجَلَّ, قَالَ: كَيْفَ الزَّمَانُ عَلَيْكَ؟
قَالَ: كَيْفَ الزَّمَانُ عَلَى رجلٍِ إِنْ أَصْبَحَ ظنَّ
أَنَّهُ لاَ يُمْسِي، وَإِنْ أَمْسَى ظنَّ أَنَّهُ لاَ
يُصْبِحُ، فمبشَّر بِالجَنَّةِ أَوْ مبشَّر بِالنَّارِ,
يَا أَخَا مُرَادٍ, إِنَّ المَوْتَ وذِكْرَه لَمْ يَتْرُكْ
لِمُؤْمِنٍ فَرَحاً، وَإِنَّ عِلْمَهُ بِحُقُوْقِ اللهِ
لَمْ يَتْرُكْ لَهُ فِي مَالِهِ فِضَّةً وَلاَ ذَهَباً،
وَإِنَّ قِيَامَهُ للهِ بِالحَقِّ لم يترك له صديقًا.
(4/525)
شَرِيْكٌ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ أَبِي
زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى
قَالَ: نَادَى رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ يَوْمَ
صِفِّيْنَ: أَفِيْكُم أُوَيْسٌ القَرَنِيُّ, قُلْنَا:
نَعَمْ، وَمَا تُرِيْدُ مِنْهُ؟ قَالَ: إِنِّيْ سَمِعْتُ
رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
يَقُوْلُ: "أُوَيْسٌ القَرَنِيُّ خَيْرُ التَّابِعِيْنَ
بِإِحْسَانٍ"1، وَعَطَفَ دَابَّتَهُ، فَدَخَلَ مَعَ
أَصْحَابِ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
رَوَاهُ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، عَنْ عَلِيِّ بنِ
حَكِيْمٍ الأَوْدِيِّ, أَنْبَأَنَا شَرِيْكٌ، وَزَادَ
بَعْضُ الثِّقَاتِ فِيْهِ: عَنْ يَزِيْدَ، عَنِ ابْنِ
أَبِي لَيْلَى قَالَ: فوُجِدَ فِي قَتْلَى صِفِّيْنَ.
أَنْبَأَنَا وَخُبِّرْنَا عَنْ أَبِي المَكَارِمِ
التَّيْمِيُّ, أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ,
أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ, حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ
يَحْيَى, حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بنُ مُعَاوِيَةَ بنِ
الهُذَيل, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبَانٍ
العَنْبَرِيُّ, حَدَّثَنَا عَمْرٌو شَيْخٌ كُوْفِيٌّ، عَنْ
أَبِي سِنَانٍ, سَمِعْتُ حُمَيْدَ بنَ صَالِحٍ, سَمِعْتُ
أُوَيْساً القَرَنِيَّ يَقُوْلُ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "احْفَظُوْنِي فِي
أَصْحَابِي، فَإِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ
يَلْعَنَ آخِرُ هَذِهِ الأُمَّةِ أَوَّلَهَا، وَعِنْدَ
ذَلِكَ يَقَعُ المَقْتُ عَلَى الأَرْضِ وَأَهْلِهَا،
فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ فَلْيَضَعْ سَيْفَهُ عَلَى
عَاتِقِهِ، ثُمَّ لِيَلْقَ رَبَّهُ تَعَالَى شَهِيْداً،
فَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلاَ يلومنَّ إلَّا نَفْسَهُ".
هَذَا حَدِيْثٌ مُنْكَرٌ جِدّاً وَإِسْنَادُهُ مُظْلِمٌ،
وَأَحْمَدُ بنُ مُعَاوِيَةَ تَالِفٌ.
وَيُرْوَى عَنْ عَلْقَمَةَ بنِ مَرْثَدٍ، عَنْ عُمَرَ
قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: "يَدْخُلُ الجَنَّةَ بِشَفَاعَةِ أُوَيْسٍ مثل
ربيعة ومضر".
فُضَيْلُ بنُ عِيَاضٍ: حَدَّثَنَا أَبُو قُرَّةَ
السَّدُوْسِيُّ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ قَالَ:
نَادَى عُمَرُ بِمِنَىً عَلَى المِنْبَرِ: يَا أَهْلَ
قَرَنٍ، فَقَامَ مَشَايِخٌ، فَقَالَ: أَفِيْكُم مَنِ
اسْمُهُ أُوَيْسٌ، فَقَالَ شَيْخٌ: يَا أَمِيْرَ
المُؤْمِنِيْنَ, ذَاكَ مَجْنُوْنٌ يَسْكُنُ القِفَارَ, لاَ
يَأْلَفُ وَلاَ يُؤْلَفُ, قَالَ: ذَاكَ الَّذِي
أَعْنِيْهِ، فَإِذَا عُدْتُمْ فَاطْلُبُوْهُ،
وَبَلِّغُوْهُ سَلاَمِي، وَسَلاَمَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, قَالَ: فَقَالَ: عرَّفني
أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ، وشهَّر بِاسْمِي, اللَّهُمَّ
صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ السَّلاَمُ عَلَى
رَسُوْلِ اللهِ، ثُمَّ هَامَ عَلَى وَجْهِهِ، فَلَمْ
يُوْقَفْ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى أَثَرٍ دَهْراً، ثُمَّ
عَادَ فِي أَيَّامِ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ،
فاستُشهد مَعَهُ بِصِفِّيْنَ، فَنَظَرُوا فَإِذَا عَلَيْهِ
نَيِّفٌ وَأَرْبَعُوْنَ جِرَاحَةً.
وَرَوَى هِشَامُ بنُ حَسَّانٍ، عَنِ الحَسَنِ قَالَ:
يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ بشفاعة أويس أكثر من ربيعة، ومضر.
__________
1 ضعيف: في إسناده شريك، وهو ابن عبد الله النخعي القاضي،
ويزيد بن أبي زياد وهما ضعيفان.
(4/526)
وَرَوَى خَالِدٍ الحَذَّاءِ، عَنْ عَبْدِ
اللهِ بنِ شَقِيْقٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي الجَدْعَاءِ, سَمِعَ
رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
يَقُوْلُ: "يَدْخُلُ الجَنَّةَ بِشَفَاعَةِ رَجُلٍ مِنْ
أُمَّتِي أَكْثَرُ مِنْ بَنِي تَمِيْمٍ" 1.
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ فِي الكَامِلِ: أويس ثقة
صدوق، ومالك يُنْكِرُ أُوَيْساً، ثُمَّ قَالَ: وَلاَ
يَجُوْزُ أَنَّ يُشَكَّ فِيْهِ.
أَخْبَارُ أُوَيْسٍ مُسْتَوْعَبَةٌ فِي تَارِيْخِ الحافظ
أبي القاسم بن عَسَاكِرَ.
الحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ, مَنْ طَرِيْقِ
إِسْمَاعِيْلَ بنِ عَمْرٍو البَجَلِيِّ، عَنْ حِبَّانَ بنِ
عَلِيٍّ، عَنْ سَعْدِ بنِ طَرِيْفٍ، عَنْ أَصْبَغَ بنِ
نُبَاتَةَ, شَهِدْتُ عَلِيّاً يَوْم صِفِّيْنَ يَقُوْلُ:
مَنْ يُبَايِعُنِي عَلَى المَوْتِ، فَبَايَعَهُ تِسْعَةٌ
وَتِسْعُوْنَ، فَقَالَ: أَيْنَ التَّمَامُ، فَجَاءَ رَجُلٌ
عَلَى أَطْمَارِ صُوْفٍ مَحْلُوْقُ الرَّأْسِ، فَبَايَعَ،
فَقِيْلَ: هَذَا أُوَيْسٌ القَرَنِيُّ، فَمَا زَالَ
يُحَارِبُ بَيْنَ يَدَيْهِ حَتَّى قُتِل. سَنَدُهُ
ضَعِيْفٌ.
أَبُو الأَحْوَصِ سَلاَّمُ بنُ سُلَيْمٍ: حَدَّثَنِي
فُلاَنٌ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنْ مُرَادٍ، فَقَالَ لَهُ
أُوَيْسٌ: يَا أَخَا مُرَادٍ, إِنَّ المَوْتَ لَمْ يُبْقِ
لِمُؤْمِنٍ فَرَحاً، وَإِنَّ عِرْفَانَ المُؤْمِنِ بِحَقِّ
اللهِ لَمْ يُبْقِ لَهُ فِضَّةً وَلاَ ذَهَباً، وَلَمْ
يُبْقِ لَهُ صَدِيْقاً. وَعَنْ عَطَاءٍ الخُرَاسَانِيِّ
قَالَ: قِيْلَ لأُوَيْسٍ: أَمَا حَجَجْتَ، فَسَكَتَ،
فَأَعْطَوْهُ نَفَقَةً وَرَاحِلَةً، فحَجَّ.
أَبُو بَكْرٍ الأَعْيَنُ: حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ,
حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ مَرْفُوْعاً: "يَدْخُلُ الجَنَّةَ بِشَفَاعَةِ
رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَكْثَرُ مِنْ مُضَرٍ وَتَمِيْمٍ".
قِيْلَ: مَنْ هُوَ يَا رَسُوْلَ اللهِ؟ قال: "أويس
القرني".
هذا حدث منكر. تفرَّد به الأعين، وهو ثقة.
__________
1 صحيح: أخرجه الترمذي "2440"، وابن ماجه "4316"، والدارمي
"2/ 328"، وأحمد "3/ 469-470".
(4/527)
374- الأشتر
1:
مَلِكُ العَرَبِ, مَالِكُ بنُ الحَارِثِ النَّخَعِيُّ,
أَحَدُ الأَشْرَافِ وَالأَبْطَالِ المَذْكُوْرِيْنَ.
حدَّث عَنْ عُمَرَ، وَخَالِدِ بنِ الوَلِيْدِ، وفُقِئَت
عَيْنُهُ يَوْمَ اليَرْمُوْكِ، وَكَانَ شَهْماً مُطَاعاً،
زَعِراً2، أَلَبَّ عَلَى عُثْمَانَ وَقَاتَلَهُ، وَكَانَ
ذَا فَصَاحَةٍ وَبَلاَغَةٍ, شَهِدَ صِفِّيْنَ مَعَ
عَلِيٍّ، وَتَمَّيْزَ يَوْمَئِذٍ، وَكَادَ أَنْ يَهْزِمَ
مُعَاوِيَةَ، فحمل عليه أصحاب عليّ لما رأوا مصاحف جُنْدِ
الشَّامِ عَلَى الأسنَّة يَدْعُوْنَ إِلَى كِتَابِ اللهِ،
وَمَا أَمْكَنَهُ مُخَالَفَةُ عَلِيٍّ، فكفَّ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ سَلِمَةَ المُرَادِيُّ: نَظَرَ
عُمَرُ إِلَى الأَشْتَرِ، فصعَّد فِيْهِ النَّظَرَ
وصوَّبه، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ لِلْمُسْلِمِيْنَ مِنْ هَذَا
يَوْماً عَصِيْباً.
وَلَمَّا رَجَعَ عَلِيٌّ مِنْ مَوْقِعَةِ صِفِّيْنَ جهَّز
الأَشْتَرَ وَالِياً عَلَى دِيَارِ مِصْرَ، فَمَاتَ فِي
الطَّرِيْقِ مَسْمُوْماً، فَقِيْلَ: إِنَّ عَبْداً
لِعُثْمَانَ عَارَضَهُ، فسمَّ لَهُ عَسَلاً، وَقَدْ كَانَ
عَلِيٌّ يتبرَّم بِهِ؛ لأَنَّهُ صَعْبُ المِرَاسِ، فلمَّا
بَلَغَهُ نَعْيُهُ قَالَ: إِنَّا للهِ, مَالِكٌ وَمَا
مَالِكٌ، وَهَلْ مَوْجُوْدٌ مِثْلُ ذَلِكَ, لَوْ كَانَ
حَدِيْداً لَكَانَ قَيْداً، وَلَوْ كَانَ حَجَراً لَكَانَ
صَلْداً عَلَى مثله، فلتبك البواكي.
وَقَالَ بَعْضُهُم: قَالَ عَلِيٌّ "لِلْمَنْخَرَيْنِ،
وَالفَمِ".
وَسُرَّ بِهَلاَكِهِ عَمْرُو بنُ العَاصِ، وَقَالَ: إِنَّ
للهِ جُنُوْداً مِنْ عَسَلٍ.
وَقِيْلَ: إِنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ بَارَزَ الأَشْتَرَ،
وَطَالَتِ المُحَاوَلَةُ بَيْنَهُمَا, حَتَّى إِنَّ ابْنَ
الزُّبَيْرِ قَالَ:
اقْتُلُوْنِي وَمَالِكاً ... وَاقْتُلُوا مَالِكاً معي
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 213"، التاريخ الكبير "7/
ترجمة 1325"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 91"، الكاشف "3/
ترجمة 5333"، تهذيب الهذيب "10/ 11-12"، خلاصة الخزرجي "3/
ترجمة 6800".
2 زعر: شرس سيئ الخلق.
(4/528)
375- ابنه
1:
إبراهيم بن الأشتر النَّخَعِيُّ, أَحَدُ الأَبْطَالِ
وَالأَشْرَافِ كَأَبِيْهِ، وَكَانَ شِيْعِيّاً فَاضِلاً.
وَهُوَ الَّذِي قَتَلَ عُبَيْدَ اللهِ بنَ زِيَادِ بنِ
أَبِيْهِ يَوْمَ وَقْعَةِ الخَازِرِ2، ثُمَّ إِنَّهُ كَانَ
مِنْ أُمَرَاءِ مُصْعَبِ بنِ الزُّبَيْرِ، وَمَا عَلِمْتُ
لَهُ رِوَايَةً, قُتِلَ مَعَ مُصْعَبٍ في سنة اثنتين
وسبعين3.
تَمَّ الجزء الرابع ويليه:
الجزء الخامس، وأوله: يزيد بن معاوية.
__________
1 ترجمته في تاريخ الإسلام "3/ 129"، البداية والنهاية "8/
323".
2 الخازر: نهر بين إربل والمواصل، ثم بين الزاب الأعلى
والموصل.
3 قُتِلَ إبراهيم من الأشتر مع مصعب بن الزبير سنة إحدى
وسبعين, في قتالهما لعبد الملك بن مروان -كما روى الطبري
في "تاريخه" 6/ 158".
(4/528)
فهرس الموضوعات:
الصفحة الموضوع
5 157- عثمان بن حنيف
6 158- خباب بن الأرت
8 159- سهل بن حنيف
10 160- خوات بن جبير
11 161- عبد الله بن جبير
11 162- قتادة بن النعمان
13 163- عامر بن ربيعة
13 164- أبو الدرداء
23 165- عياض بن غنم
24 166- سلمة بن سلامة
24 167- النعمان بن مقرن
25 168- معاذ بن الحارث
26 169-معوذ بن الحارث
26 170- عوف بن الحارث
27 171- رفاعة
27 172- حذيفة بن اليمان
32 173- محمد بن مسلمة
35 174- عثمان بن أبي العاص
37 175- عبد الله بن زيد
38 176- عبد لله بن المازني النجاري
38 177- حارثة بن النعمان
40 178- أبو موسى الأشعري
52 179- أبو أيوب الأنصاري
59 180- عبد الله بن سلام
66 181- زيد بن ثابت
74 182- تميم الداري
78 183- أبو قتادة الأنصاري
83 184- عمرو بن عبسة
85 185- شداد بن أوس
89 186- عبة بن عامر الجهني
90 187- بريدة بن الحصيب
92 188- عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق
93 189- الحكم بن عمرو الغفاري
95 190- رافع بن عمرو الغفاري
96 191- رافع بن عمرو المزني البصري
(4/531)
الصفحة الموضوع
96 192- الأرقم بن أبي الأرقم
97 193- أبو حميد الساعدي
98 194- عبد الله بن الأرقم
99 195- عبد الله بن مغفل
100 196-خزيمة بن ثابت
101 197- عوف بن مالك الأشجعي الغطفاني
103 198- معيقيب بن أبي فاطمة الدوسي
105 199- أبو مسعود البدري
106 200- أسامة بن زيد
114 201- عمران بن حصين
116 202- حسان بن ثابت
123 203- كعب بن مالك
127 204- جرير بن عبد الله
131 205- أبو اليسر كعب بن عمرو الأنصاري
132 206- أبو أيد الساعدي
133 207- حويطب بن عبد العزي القرشي
134 208- سعيد بن يربوع القرشي
135 209- مخرمة بن نوفل
136 211- صفوان بن المعطل
140 212- دحية الكلبي
144 213- أبو جهم بن حذيفة القرشي
144 214- عمير بن سعد
148 215- صفوان بن أمية
152 216- أبو ثعلبة الخشني
154 217- عبد الرحمن بن سمرة
155 218- وائل بن حجر بن سعد
156 219- أبو واقد الليثي
157 220- معقل بن يسار
157 221- معقل بن سنان الأشجعي
158 222- أبو هريرة
187 223- أبو بكرة الثقفي
190 224- عثمان بن طلحة
191 225- شيبة بن عثمان
192 226- أبو رفاعة العدوي
193 227- ثوبان النبوي
195 228- عبد الله بن عامر
197 229- المغيرة بن شعبة
204 230- عبد الله بن سعد
205 231- رويفع بن ثابت
206 232- معاوية بن حديج
208 233- أبو برزة الأسلمي
210 234- حكيم بن حزام
214 235- هشام بن حكيم بن حزام
215 236- كعب بن عجرة
216 237- عمرو بن العاص
231 238- هشام بن العاص
232 239- عبد الله بن عمرو بن العاص
242 240- جبير بن مطعم
(4/532)
الصفحة الموضوع
244 241- عقيل بن أبي طالب
245 242- يعلى بن أمية
246 243- قيس بن سعد
252 244- عبد المطلب بن ربيعة
253 245- فضالة بن عبيد
255 246- أبو محذورة الجمحي
257 247- معاوية بن أبي سفيان
281 248- عدي بن حاتم
282 249- زيد بن أرقم
284 250- أبو سعيد الخدري
286 251- سفينة مولى رسول الله -صلى الله عليه وسلم
286 252- جندب بن عبد الله بن سفيان
287 253- جندب بن الأزدي
289 254- النابغة الجعدي
289 255- عمرو بن أمية
291 256- رافع بن خديج
292 257- سمرة بن جندب
293 258- جابر بن سمرة
293 259- حبيب بن مسلمة
294 260- جابر بن سمرة
295 261- جابر بن عبد الله
وَمِنْ بَقَايَا صِغَارِ الصَّحَابَةِ:
299 262- عَبْدُ اللهِ بنُ يزيد
300 263- الربيع بنت معوذ
301 264- زينب بنت أبي سلمة
301 265- عبد الرحمن بن أبزي الخزاعي
302 266- أبو جحيفة السوائي الكوفي
303 267- عبد الله بن عمر
ومن صغار الصحابة:
323 268- الضحاك بن قيس
326 269- الحسن بن علي بن أبي طالب
347 270- الحُسَيْنِ الشَّهِيْدِ بن عَلِيُّ بنُ أَبِي
طَالِبٍ
373 271- عَبْدُ اللهِ بنُ حنظلة
376 272- سلمة بن الأكوع
379 273- عبد الله بن عباس البحر
394 274- أبو أمامة الباهلي
397 275- عبد الله بن الزبير
408 276- المنذر بن الزبير
409 277- عَبْدُ اللهِ بنُ الزُّبَيْرِ بنِ عَبْدِ
المُطَّلِبِ
410 278- عبد الله بن الزبير
410 279- واثلة بن الأسقع
412 280- عبد اله بن الحارث بن جزء
412 281- عبد الله بن السائب
413 282- المسور بن مخرمة
416 283- سليمان بن صرد
416 284- أنس بن مالك
423 285- عمرو بن أبي سلمة
424 286- سلمة بن أبي سلمة
(4/533)
الصفحة الموضوع
425 287- بسر بن أرطأة
426 288- النعمان بن بشير
427 289- الوليد بن عقبة
428 290- عتبة بن عبد السلمي
429 291- عتبة بن الندر السلمي
429 292- عمرو بن حريث
43 293- العرباض بن سارية السلمي
432 294- سهل بن سعد
433 295- مسلمة بن مخلد
434 296- عبد الله بن سرجس
435 297- المقدام بن معد يكرب
436 298- عبد الله بن أبي أوفى
437 299- عَبْدُ اللهِ بنُ بُسْرِ بنِ أَبِي بُسْرٍ
439 300- أبو عنبة الخولاني
440 301- محمد بن حاطب
441 302- السائب بن يزيد
442 303- جبير بن الحويرث
442 304- قثم بن العباس بن عبد المطلب
443 305- معبد بن عباس
444 306- كثير بن عباس
444 307- تمام بن العباس
44 308- الفضل بن العباس
445 309- سعيد بن العاص
447 310- عمرو الأشدق
448 311- الهرماس بن زياد بن مالك
449 312- قُدَامَةُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمَّارٍ
الكِلاَبِيُّ
449 313- سفيان بن وهب
450 314- غضيف بن الحارث بن زنيم
452 315- عبد الله بن جعفر
456 316- قيس بن عائذ
456 317- حجر بن عدي
459 318- حجر الشر
459 319- أبو الطفيل
461 320- أم خالد بنت خالد
461 321- عمرو بن الزبير
462 322- عمرو بن أخطب
463 323- أَبُو عَسِيْبٍ مَوْلَى النَّبِيِّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم
كبار التابعين:
464 324-مروان بن الحكم
466 325- محمد بن أبي حذيفة
467 326- محمد بن أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ
468 327- عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي طلحة
469 328- عبد الرحمن بن الحارث بن هشام
469 329- محمود بن لبيد
470 330- هاشم بن عتبة
470 331- طارق بن شهاب
471 332- عَبْدُ اللهِ بنُ شَدَّادِ بنِ الهَادِ
اللَّيْثِيُّ
472 333- كعب الأحبار
(4/534)
الصفحة الموضوع
474 334- زياد بن أبيه
476 335- صلة بن أشيم
479 336- أم كلثوم بنت علي وابنها زيد ابن عمر
481 337- عبد الله بن ثعلبة بن صُعَير
وممن أدرك زمن النبوة:
482 338- عبد الله بن ربيعة
482 339- الصنابحي
483 340- صفية بنت شيبة
484 341- يوسف بن عبد الله بن سلام ابن الحارث
485 342- عبيد الله بن عكيم الجهني
487 343- عبيد الله بن العباس
488 344- قُثم بن العباس الهاشمي
488 345- عبيد الله بن عدي
489 346- ربيعة بن عبد الله
489 347- ربيعة بن عباد
490 348- أبو أمامة بن سهل
491 349- محمود بن الربيع
492 350- قيس بن مكشوح
492 351- عبد اله بن عامر بن ربيعة
493 352- يزيد بن مفرغ الحميري
494 353- عمرو بن سلمة
495 354- عمرو بن سلمة الهمداني
495 355- كعب بن سور الأزي
495 356- زيد بن صوحان
498 357- صعصعة بن صوحان
498 358- عبد الله بن الحارث
499 359- حكيم بن جبلة العبدي
500 360- جبلة بن الأيهم الغساني
500 361- عقبة بن نافع القرشي
501 362- الوَلِيْدُ بنُ عُتْبَةَ بنِ أَبِي سُفْيَانَ بنِ
حَرْبٍ
502 363- قيس بن ذري الليثي
502 364- أسماء بن خارجة
503 365- حَسَّانُ بنُ مَالِكِ بنِ بَحْدَلِ بنِ أُنَيْفٍ
503 366- شقيق بن ثور
504 367- المختار بن أبي عبيد الثقفي
508 368- عبيد الله بن زياد بن أبيه
511 369- المجنون
512 370- أبو مسلم الخولاني
516 371- القارئ
516 372- عامر بن عبد قيس
519 373- أويس القرني
527 374- الأشتر
528 375- ابنه
529 فهرس الموضوعات
537 فهرس التراجم
(4/535)
الصفحة التراجم
الحارث بن عوف = أبو واقد الليثي
38 177- حارثة بن النعمان
294 259- حبيب بن مسلمة
459 318- حجر الشر
456 317- حجر بن عدي
27 172- حذيفة بن اليمان
116 202- حسان بن ثابت
503 365- حَسَّانُ بنُ مَالِكِ بنِ بَحْدَلِ بنِ أُنَيْفٍ
326 269- الحسن بن علي بن أبي طالب
347 270- الحسن بن علي بن أبي طالب
93 189- الحكم بن عمرو الغفاري
499 359- حكيم بن جبلة العبدي
210 234- حكيم بن حزام
97 193- أبو حميد الساعدي -عبد الرحمن بن سعد
133 207- حويطب بن عبد العزى القرشي
461 320- أم خالد بنت خالد
خالد بن زيد بن كليب = أبو أيوب الأنصاري
6 158- خباب بن الأرت
100 196- خزيمة بن ثابت
10 160- خوات بن جبير
140 212- دحية الكلبي
13 164- أبو الدرداء
291 256- رافع بن خديج
95 190- رافع بن عمرو الغفاري
96 191- رافع بن عمرو المزني البصري
489 347- ربيعة بن عباد
489 346- ربيعة بن عبد الله
300 263- الربيع بنت معوذ
19 226- أبو رفاعة العدوي -تميم بن أسيد
27 171- رفاعة بن عفراء
205 231- رويفع بن ثابت
474 334- زياد بن أبيه
282 249- زيد بن أرقم
66 181- زيد بن ثابت
495 356- زيد بن صوحان
301 264- زينب بنت أبي سلمة
441 302- السائب بن يزيد
445 309- سعيد بن العاص
284 250- سعيد بن مالك = أبو سعيد الخدري
134 208- سعيد بن يربوع القرشي
449 313- سفيان بن وهب
286 251- سفينة مولى رسول الله
424 286- سلمة بن أبي سلمة
(4/540)
الصفحة التراجم
376 272- سلمة بن الأكوع
24 166- سلمة بن سلامة بن وقش
416 283- سليمان بن صرد
292 257- سمرة بن جندب
8 159- سهل بن حنيف
532 294- سهل بن سعد
85 185- شداد بن أوس
503 366- شقيق بن ثور
191 225- شيبة بن عثمان
صدي بن عجلان = أبو أمامة الباهلي
498 357- صعصعة بن صوحان
148 215- صفوان بن أمية
136 211- صفوان بن المعطل
483 340- صفية بنت شيبة
476 335- صلة بن الأشيم
482 339- الصنابحي
323 268- الضحاك بن قيس
470 331- طارق بن شهاب
459 319- أبو الطفيل
13 163- عامر بن ربيعة
516 372- عامر بن قيس
301 265- عبد الرحمن بن أبزى الخزاعي
92 188- عبد الرحمن بن أبي بكر
469 328- عبد الرحمن بن الحارث بن هشام
97 193- عبد الرحمن بن سعد = أبو حميد الساعدي
154 217- عبد الرحمن بن سمرة
158 222- عبد الرحمن بن صخر = أبو هريرة
436 298- عبد الله بن أبي أوفى
468 327- عبد الله بن أبي طلحة
98 194- عبد الله بن الأرقم
437 299- عَبْدُ اللهِ بنُ بُسْرِ بنِ أَبِي بُسْرٍ
481 337- عبد الله ثعلبة بن صعير
11 161- عبد الله بن جبير
452 315- عبد الله بن جعفر
498 358- عبد الله بن الحارث بن نوفل
412 280- عبد الله بن الحارث بن جزء
373 271- عبد الله بن حنظلة
482 338- عبد الله ربيعة
397 275- عبد الله بن الزبير بن العوام ابن خويلد
410 278- عبد الله بن الزبير الأسدي الكوفي
409 277- عَبْدُ اللهِ بنُ الزُّبَيْرِ بنِ عَبْدِ
المُطَّلِبِ
38 176- عبد الله بن زيد المازني النجاري
(4/541)
الصفحة التراجم
37 175- عبد الله بن زيد بن عبد ربه
412 281- عبد الله بن السائب
434 296- عبد الله بن سرجس
204 230- عبد الله بن سعد
59 180- عبد الله بن سلام
471 332- عبد الله بن شداد ابن الهاد الليثي
195 228- عبد الله بن عامر بن كريز
492 351- عبد الله بن عامر بن ربيعة
379 273- عبد الله بن عباس البحر
485 342- عبد الله بن عكيم الجهني
303 267- عبد الله بن عمر
232 239- عبد الله بن عمرو بن العاص
40 178- عبد الله بن قيس بن سليم = أبو موسى الأشعري
99 195- عبد الله بن مغفل
299 262- عبد الله بن يزيد
508 368- عبيد الله بن زياد بن أبية
487 343- عبيد الله بن العباس
488 345- عبيد الله بن عدي
252 244- عبد المطلب بن ربيعة
428 290- عتبة بن عبد السلمي
429 291- عتبة بن الندر السلمي
35 174- عثمان بن أبي العاص
5 157- عثمان بن حنيف
190 224- عثمان بن طلحة
281 248- عدي بن حاتم
430 293- العرباض بن سارية
463 323- أبو عسيب مولى النبي
89 186- عقبة بن عامر الجهني
105 199- عقبة بن عمرو بن ثعلبة = أبو مسعود البدري
500 361- عقبة بن نافع القرشي
244 241- عقيل بن أبي طالب الهاشي
423 285- عمرو بن أبي سلمة
114 201- عمران بن حصين
462 322- عمرو بن أخطب
447 310- عمرو الأشدق
289 255- عمرو بن أمية
429 292- عمرو بن حريث
461 321- عمرو بن الزبير
494 353- عمرو بن سلمة
495 354- عمرو بن سلمة الهمداني
216 237- عمرو بن العاص
83 184- عمرو بن عبسة
144 214- عمير بن سعد الأنصاري
439 300- أبو عنبة الخولاني
26 170- عوف بن الحارث ابن عفراء
101 197- عوف بن مالك الأشجعي الغطفاني.
(4/542)
الصفحة التراجم
عويمر بن زيد = أبو الدرداء
23 165- عياض بن غنم
135 210- أبو الغاية الصحابي
450 314- غضيف بن الحارث بن زنيم
253 245- فضالة بن عبيد
444 308- الفضل بن العباس
516 371- القارى = عبد الرحمن بن عبد القاري المدني
78 183- أبو قتادة الأنصاري = الحارث ابن بعي
11 162- قتادة بن النعمان
442 304- قثم بن العباس بن عبد المطلب
488 344- قثم بن العباس الهاشمي
449 312- قُدَامَةُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمَّارٍ
الكِلاَبِيُّ
502 362- قيس بن ذريح الليثي
246 243- قيس بن سعد
456 316- قيس بن عائد
492 350- قيس بن مكشوح
495 355- كعب بن سور الأزدي
444 306- كثير بن العباس
472 233-كعب الأحبار
215 236- كعب بن عجرة
131 205- أبو اليسر كعب بن عمرو الأنصاري
123 203- كعب بن مالك
479 336- أم كلثوم بنت علي وابنها زيد ابن عمر.
مالك بن ربيعة بن البدن = أبو أسيد الساعدي
511 369- المجنون = قيس بن الملوح
255 246- أبو محذورة الجمحي = أوس ابن مغير
467 326- محمد بن أبي بكر الصديق
466 325- محمد بن أبي حذيفة
440 301- محمد بن حاطب
32 173- محمد بن مسلمة
491 349- محمود بن الربيع
469 329- محمود بن لبيد
504 367- المختار بن أبي عبيد الثقفي
135 209- مخرمة بن نوفل
464 324- مروان بن الحكم
105 199- أَبُو مَسْعُوْدٍ البَدْرِيُّ = عُقْبَةُ بنُ
عَمْرِو بنِ ثعلبة
512 370- أبو مسلم الخولاني
433 295- مسلمة بن مخلد
413 282- المسور بن مخرمة
25 168- معاذ بن الحارث
257 247- معاوية بن الحارث
206 232- معاوية بن حديج
(4/543)
الصفحة التراجم
443 305- معبد بن عباس
157 221- معقل بن سنان الأشجعي
157 220- معقل بن يسار
26 169- معوذ بن الحارث
103 198- معيقب بن أبي فاطمة الدوسي
197 229- المغيرة بن شعبة
435 297- المقدام بن معد يكرب
407 276- المنذر بن الزبير
نضلة بين عبيد = أبو رزة الأسلمي
40 178- أَبُو مُوْسَى الأَشْعَرِيُّ = عَبْدُ اللهِ بنُ
قَيْسِ بن سليم
289 254- النابغة الجعدي
426 288- النعمان بن بشير
24 167- النعمان بن مقرن المزني
نفيع بن الحارث = أبو بكرة الثقفي
470 330- هاشم بن عتبة
448 311- الهرماس بن زياد بن مالك
158 222- أبو هريرة = عبد الرحمن بن صخر
214 235- هشام بن حكيم بن حزام
231 238- هشام بن العاص
155 218- وائل بن حجر بن سعد
410 279- واثلة بن الأسقع
156 215- أبو واقد الليثي = الحارث بن عوف
501 362- الوَلِيْدُ بنُ عُتْبَةَ بنِ أَبِي سُفْيَانَ بنِ
حَرْبٍ
427 289- الوليد بن عقبة
وهب بن عبد الله = أبو جحيفة السوائي
493 352- يزيد بن مفرغ الحميري
245 242- يَعْلَى بنُ أُمَيَّةَ بنِ أَبِي عُبَيْدَةَ
التَّمِيْمِيُّ المكي
484 341- يوسف بن عبد لله بن سلام بن الحارث
(4/544)
فهرس التراجم على حروف المعجم:
الجزء الرابع:
الصفحة التراجم
528 375- إبراهيم بن الأشتر
96 192- الأرقم بن ابي الأرقم
106 200- أسامة بن زيد
أسعد بن سهل = أبو أمامة
502 364- أسماء بن خارجة
132 206- أبو أسيد الساعدي
127 374- الأشتر
394 274- أبو أمامة الباهلي
490 348-أبو أمامة بن سهل
416 284- أنس بن مالك
أوس بن مِعْيَر = أبو محذورة الجمحي
519 373- أويس القرني
52 179- أبو أيوب الأنصاري
298 261- البراء بن عازب
208 233- أبو برزة الأسلمي
90 187- بريدة بن الحصيب
425 287- بسر بن أرطأة
487 223- أبو بكر الثقفي
444 307- تمام بن العباس
74 182- تميم الداري.
تميم بن أسد = أبو رفاعة العدوي
152 216- أبو ثعلبة الخشني
193 227- ثوبان النبوي
292 258- جابر بن سمرة
295 260- جابر بن عبد الله
500 360- جبلة بن الأيهم الغساني
442 303- جبير بن الحويرث
424 240- جبير بن مطعم
302 266- أبو جحيفة السوائي
127 204- جرير بن عبد الله
287 253- جندب الأزدي
جندب بن جنادة = أبو ذر الغفاري
286 252- جندب بن عبد الله بن سفيان
144 213- أبو جهم بن حذيفة القرشي
الحارث بن ربعي = أبو قتادة الأنصاري
(4/439)
المجلد الخامس
تابع شهداء أجندين واليرموك
بسم الله الرحمن الرحيم
376 - يزيد بن معاوية
1:
ابن أبي سفيان بن حرب بن أمية، الخليفة، أبو خالد القرشي،
الأُمَوِيُّ الدِّمَشْقِيُّ. قَدْ تَرْجَمَهُ ابْنُ
عَسَاكِرَ، وَهُوَ فِي "تَارِيْخِي الكَبِيْرِ"2
لَهُ عَلَى هَنَاتِهِ حَسَنَةٌ وَهِيَ غَزْوُ
القُسْطَنْطِيْنِيَّةِ، وَكَانَ أَمِيْرَ ذَلِكَ الجَيْشِ،
وَفِيْهِم مِثْلُ أَبِي أَيُّوْبَ الأَنْصَارِيِّ.
عَقَدَ لَهُ أَبُوْهُ بِوِلاَيَةِ العَهْدِ مِنْ بَعْدِهِ،
فَتَسَلَّمَ المُلْكَ عِنْدَ مَوْتِ أَبِيْهِ فِي رَجَبٍ،
سَنَةَ سِتِّيْنَ، وَلَهُ ثَلاَثٌ وَثَلاَثُوْنَ سَنَةً
فَكَانَتْ دَوْلَتُهُ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِ سِنِيْنَ
وَلَمْ يُمْهِلْهُ اللهُ عَلَى فِعْلِهِ بِأَهْلِ
المَدِيْنَةِ لَمَّا خَلَعُوْهُ فَقَامَ بَعْدَهُ وَلَدُهُ
نَحْواً مِنْ أَرْبَعِيْنَ يَوْماً, وَمَاتَ وَهُوَ أَبُو
لَيْلَى مُعَاوِيَةُ عَاشَ: عِشْرِيْنَ سَنَةً وَكَانَ
خَيْراً مِنْ أَبِيْهِ, وَبُوْيِعَ ابْنُ الزُّبَيْرِ
بِالحِجَازِ, وَالعِرَاقِ وَالمَشْرِقِ.
وَيَزِيْدُ مِمَّنْ لاَ نَسُبُّهُ وَلاَ نُحِبُّهُ, وَلَهُ
نُظَرَاءُ مِنْ خُلَفَاءِ الدَّوْلَتَيْنِ, وَكَذَلِكَ فِي
مُلُوْكِ النَّوَاحِي, بَلْ فِيْهِم مَنْ هُوَ شَرٌّ
مِنْهُ وَإِنَّمَا عَظُمَ الخَطْبُ لِكَوْنِهِ وَلِيَ
بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- بِتِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ سَنَةً وَالعَهْدُ
قَرِيْبٌ وَالصَّحَابَةُ مَوْجُوْدُوْنَ كَابْنِ عُمَرَ
الَّذِي كَانَ أَوْلَى بِالأَمْرِ مِنْهُ وَمِنْ أَبِيْهِ
وَجَدِّهِ.
قِيْلَ: إِنَّ مُعَاوِيَةَ تَزَوَّجَ مَيْسُوْنَ بِنْتَ
بَحْدَلٍ الكَلْبِيَّةَ, فَطَلَّقَهَا وَهِيَ حَامِلٌ
بِيَزِيْدَ فَرَأَتْ كَأَنَّ قَمَراً خَرَجَ مِنْهَا
فَقِيْلَ تَلِدِيْنَ خَلِيْفَةً.
وَكَانَ يَزِيْدُ لَمَّا هَلَكَ أَبُوْهُ بِنَاحِيَةِ
حِمْصَ فَتَلَقَّوْهُ إِلَى الثَّنِيَّةِ3، وَهُوَ بَيْنَ
أَخْوَالِهِ عَلَى بُخْتِيٍّ4 لَيْسَ عَلَيْهِ عِمَامَةٌ
وَلاَ سيف وكان ضخمًا كثير الشَّعْرِ شَدِيْدَ الأُدْمَةِ
بِوَجْهِهِ أَثَرُ جُدَرِيٍّ فَقَالَ النَّاسُ هَذَا
الأَعْرَابِيُّ الَّذِي وَلِيَ أَمْرَ الأُمَّةِ فَدَخَلَ
عَلَى بَابِ تُوْمَا وَسَارَ إِلَى بَابِ الصَّغِيْرِ
فَنَزَلَ إِلَى قَبْرِ مُعَاوِيَةَ، فَوَقَفَ عَلَيْهِ،
وَصَفَّنَا خَلْفَهُ، وَكَبَّرَ أَرْبَعاً، ثُمَّ أُتِيَ
بِبَغْلَةٍ،
__________
1 ترجمته في البداية والنهاية "8/ 226"، تهذيب التهذيب
"11/ 360"، ميزان الاعتدال "4/ ترجمة 9754"، لسان الميزان
"6/ ترجمة 1050"، شذرات الذهب "1/ 71".
2 في تاريخ الإسلام: "3/ 91".
3 هي ثنية العقاب بالضم: مشرفة على غوطة دمشق، يطؤها
القاصد من دمشق إلى حمص كما في معجم البلدان لياقوت.
"وتعرف اليوم بطلوع الثنايا".
4 البختي: جمل طويل العنق.
(5/5)
فَأَتَى الخَضْرَاءَ، وَأَتَى النَّاسُ
لِصَلاَةِ الظُّهْرِ, فَخَرَجَ, وَقَدْ تَغَسَّلَ,
وَلَبِسَ ثِيَاباً نَقِيَّةً, فَصَلَّى, وَجَلَسَ عَلَى
المِنْبَرِ, وَخَطَبَ, وَقَالَ: إِنَّ أَبِي كَانَ
يُغْزِيْكُمُ البَحْرَ، وَلَسْتُ حَامِلَكُم فِي البَحْرِ,
وَإِنَّهُ كَانَ يُشْتِيْكُم بِأَرْضِ الرُّوْمِ, فَلَسْتُ
أُشْتِي المُسْلِمِيْنَ فِي أَرْضِ العَدُوِّ, وَكَانَ
يُخْرِجُ العَطَاءَ أَثْلاَثاً, وَإِنِّي أَجْمَعُهُ
لَكُم. فَافْتَرَقُوا, يُثْنُوْنَ عَلَيْهِ.
وَعَنْ عَمْرِو بنِ قَيْسٍ: سَمِعَ يَزِيْدَ يَقُوْلُ
عَلَى المِنْبَرِ: إِنَّ اللهَ لاَ يُؤَاخِذُ عَامَّةً
بِخَاصَّةٍ, إلَّا أَنْ يَظْهَرَ مُنْكَرٌ فَلاَ
يُغَيَّرُ, فَيُؤَاخِذُ الكُلَّ. وَقِيْلَ قَامَ إِلَيْهِ
ابْنُ هَمَّامٍ, فَقَالَ: أَجَرَكَ اللهُ يَا أَمِيْرَ
المُؤْمِنِيْنَ عَلَى الرَّزِيَّةِ, وَبَارَكَ لَكَ فِي
العَطِيَّةِ, وَأَعَانَكَ عَلَى الرَّعِيَّةِ, فَقَدْ
رُزِئْتَ عَظِيْماً وَأَعْطَيْتَ جَزِيْلاً فَاصْبِرْ,
وَاشْكُرْ فَقَدْ أَصْبَحْتَ تَرْعَى الأُمَّةَ، وَاللهُ
يَرْعَاكَ.
وَعَنْ زِيَادٍ الحَارِثِيِّ, قَالَ: سَقَانِي يَزِيْدُ
شَرَاباً مَا ذُقْتُ مِثْلَهُ, فَقُلْتُ: يَا أَمِيْرَ
المُؤْمِنِيْنَ, لَمْ أُسَلْسِلْ مِثْلَ هَذَا قَالَ هَذَا
رُمَّانُ حُلْوَانَ بِعَسَلِ أَصْبَهَانَ, بِسُكَّرِ
الأَهْوَازِ, بِزَبِيْبِ الطَّائِفِ, بِمَاءِ بَرَدَى.
وَعَنْ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مِسْمَعٍ, قَالَ:
سَكِرَ يَزِيْدُ, فَقَامَ يَرْقُصُ, فَسَقَطَ عَلَى
رَأْسِهِ, فَانْشَقَّ وَبَدَا دِمَاغُهُ.
قُلْتُ كَانَ قَوِيّاً, شُجَاعاً، ذَا رَأْيٍ, وَحَزْمٍ,
وَفِطْنَةٍ, وَفَصَاحَةٍ، وَلَهُ شِعْرٌ جَيِّدٌ, وَكَانَ
نَاصِبِيّاً1 فَظّاً غَلِيْظاً,
جَلْفاً, يتناول المسكر, ويفعل المنكر. افْتَتَحَ
دَوْلَتَهُ بِمَقْتَلِ الشَّهِيْدِ الحُسَيْنِ,
وَاخْتَتَمَهَا بِوَاقِعَةِ الحَرَّةِ فَمَقَتَهُ النَّاسُ
وَلَمْ يُبَارَكْ فِي عُمُرِه. وَخَرَجَ عَلَيْهِ غَيْرُ
وَاحِدٍ بَعْدَ الحُسَيْنِ: كَأَهْلِ المَدِيْنَةِ قَامُوا
للهِ وَكَمِرْدَاسِ بنِ
أُدَيَّةَ الحَنْظَلِيِّ البَصْرِيِّ, وَنَافِعِ بنِ
الأَزْرَقِ, وَطَوَّافِ بنِ مُعَلَّى السَّدُوْسِيِّ,
وَابْنِ الزُّبَيْرِ بِمَكَّةَ.
ابْنُ عَوْنٍ, عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ، عَنْ عُقْبَةَ بنِ
أَوْسٍ, عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو: أَنَّهُ ذَكَرَ
أَبَا بَكْرٍ [الصِّدِّيْقَ] فَقَالَ: أَصَبْتُمُ اسْمَهُ.
ثُمَّ قَالَ: عُمَرُ الفَارُوْقُ قَرْنٌ مِنْ حَدِيْدٍ,
أَصَبْتُمُ اسْمَهُ, ابْنُ عَفَّانَ ذُوْ النُّوْرَيْنِ
قُتِلَ مَظْلُوْماً, مُعَاوِيَةُ وَابْنُهُ مَلَكَا
الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ, وَالسَّفَّاحُ, وَسَلاَمٌ,
وَمَنْصُوْرٌ وَجَابِرٌ وَالمَهْدِيُّ, وَالأَمِيْنُ
وَأَمِيْرُ العُصَبِ: كُلُّهُم مِنْ بَنِي كَعْبِ بنِ
لُؤَيٍّ, كُلُّهُم صَالِحٌ, لاَ يُوْجَدُ مِثْلَهُ.
تَابَعَهُ: هِشَامُ بنُ حَسَّانٍ.
وَرَوَى يَعْلَى بنُ عَطَاءٍ, عَنْ عَمِّهِ, قَالَ: كُنْتُ
مَعَ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو حِيْنَ بَعَثَهُ يَزِيْدُ
إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ لَهُ: إني
أجد في الكتب: إنك سَتُعَنَّى وَنُعَنَّى, وَتَدَّعِي
الخِلاَفَةَ وَلَسْتَ بِخَلِيْفَةٍ, وَإِنِّي أجد الخليفة
يزيد.
__________
1 الناصبية: هم الذين يعادون عليًّا -رضي الله عنه- وقد
سموا بذلك لأنهم نصبوا له وعادوه.
(5/6)
وَعَنِ الحَسَنِ: أَنَّ المُغِيْرَةَ بنَ
شُعْبَةَ أَشَارَ عَلَى مُعَاوِيَةَ بِبَيْعَةِ ابْنِهِ،
فَفَعَلَ فَقِيْلَ لَهُ: مَا وَرَاءكَ؟ قَالَ: وَضَعْتُ
رِجْلَ مُعَاوِيَةَ فِي غَرْزِ غَيٍّ لاَ يَزَالُ فِيْهِ
إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ قَالَ الحَسَنُ: فَمِنْ أَجْلِ
ذَلِكَ بَايَعَ هَؤُلاَءِ أَوْلاَدَهُم، وَلَوْلاَ ذَلِكَ
لَكَانَتْ شُوْرَى.
وَرُوِيَ أَنَّ مُعَاوِيَةَ كَانَ يُعْطِي عَبْدَ اللهِ
بنَ جَعْفَرٍ فِي العَامِ أَلْفَ أَلْفٍ. فَلَمَّا وَفَدَ
عَلَى يَزِيْدَ أَعْطَاهُ أَلْفَيْ أَلْفٍ وَقَالَ:
وَاللهِ لاَ أَجْمَعُهُمَا لِغَيْرِكَ.
رَوَى الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ
مَكْحُوْلٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، مَرْفُوْعاً "لاَ
يَزَالُ أَمْرُ أُمَّتِي قَائِماً حَتَّى يَثْلِمَهُ
رَجُلٌ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ, يُقَالُ لَهُ: يَزِيْدُ"1.
أَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى فِي "مُسْنَدِهِ" وَيَرْوِيْهِ:
صَدَقَةُ السَّمِيْنُ -وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ- عَنْ هِشَامٍ,
عَنْ مَكْحُوْلٍ, عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الخُشَنِيِّ, عَنْ
أَبِي عبيدة, مرفوعًا2.
وَعَنْ صَخْرِ بنِ جُوَيْرِيَةَ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ:
مَشَى عَبْدُ اللهِ بنُ مُطِيْعٍ وَأَصْحَابُهُ إِلَى
ابْنِ الحَنَفِيَّةِ، فَأَرَادُوْهُ عَلَى خَلْعِ
يَزِيْدَ, فَأَبَى. فَقَالَ ابْنُ مُطِيْعٍ: إِنَّهُ
يَشْرَبُ الخَمْرَ, وَيَتْرُكُ الصَّلاَةَ, وَيَتَعَدَّى
حُكْمَ الكِتَابِ. قَالَ: مَا رَأَيْتُ مِنْهُ مَا
تَذْكُرُ، وَقَدْ أَقَمْتُ عِنْدَهُ فَرَأَيْتُهُ
مُوَاظِباً لِلصَّلاَةِ مُتَحَرِّياً لِلْخَيْرِ, يَسْأَلُ
عَنِ الفِقْهِ قَالَ: ذَاكَ تَصَنُّعٌ وَرِيَاءٌ.
وَرَوَى مُحَمَّدُ بنُ أَبِي السَّرِيِّ العَسْقَلاَنِيُّ،
حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ عَبْدِ الملك ابن أَبِي غَنِيَّةَ,
عَنْ نَوْفَلِ بنِ أَبِي الفُرَاتِ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ
عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ, فَقَالَ رَجُلٌ: قَالَ
أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ يَزِيْدُ. فَأَمَرَ بِهِ,
فَضُرِبَ عِشْرِيْنَ سَوْطاً.
تُوُفِّيَ يَزِيْدُ فِي نصف ربيع الأول, سنة أربع وستين.
__________
"1، 2" ضعيف: في إسناده الوليد بن مسلم، مدلس مشهور بتدليس
التسوية، وقد عنعنه. أما إسناد أبي يعلى فقيه صدقة بن عبد
الله السمين، وهو ضعيف. والانقطاع بين أبي ثعلبة الخشني
وأبي عبيدة علة أخرى.
(5/7)
377- عبيدة بن
عمرو 1:
السلماني الفَقِيْهُ المُرَادِيُّ الكُوْفِيُّ أَحَدُ
الأَعْلاَمِ وَسَلْمَانُ جَدُّهُم, هُوَ ابْنُ نَاجِيَةَ
بنِ مُرَادٍ.
أَسْلَمَ عَبِيْدَةُ فِي عَامِ فَتْحِ مَكَّةَ، بِأَرْضِ
اليَمَنِ، وَلاَ صُحْبَةَ لَهُ. وَأَخَذَ عَنْ: عَلِيٍّ،
وَابْنِ مَسْعُوْدٍ وَغَيْرِهِمَا وَبَرَعَ فِي الفِقْهِ,
وَكَانَ ثَبْتاً فِي الحَدِيْثِ.
رَوَى عَنْهُ: إِبْرَاهِيْمُ النَّخَعِيُّ,
وَالشَّعْبِيُّ, وَمُحَمَّدُ بن سيرين، وعبد الله بن
سَلِمَةَ المُرَادِيُّ, وَأَبُو إِسْحَاقَ وَمُسْلِمٌ
أَبُو حَسَّانٍ الأَعْرَجُ, وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الشَّعْبِيُّ: وَكَانَ عَبِيْدَةُ يُوَازِي
شُرَيْحاً فِي القَضَاءِ.
قَالَ ابْنُ سِيْرِيْنَ: مَا رَأَيْتُ رَجُلاً كَانَ
أَشَدَّ تَوَقِّياً مِنْ عَبِيْدَةَ. وَكَانَ مُحَمَّدُ
بنُ سِيْرِيْنَ مُكْثِراً عَنْهُ.
قَالَ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ: كَانَ عَبِيْدَةُ أَحَدَ
أَصْحَابِ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُوْدٍ الَّذِيْنَ
يُقْرِئُوْنَ وَيُفْتُوْنَ, وَكَانَ أَعْوَرَ.
قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الخَطِيْبِ
عَامَ سَبْعِ مائَةٍ: أَنْبَأَنَا أَبُو الحَسَنِ
السَّخَاوِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ
أَنْبَأَنَا المُبَارَكُ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ,
أَنْبَأَنَا محمد ابن مُحَمَّدٍ السَّوَّاقُ, أَنْبَأَنَا
عِيْسَى بنُ حَامِدٍ الرُّخَّجِيُّ, حَدَّثَنَا الهَيْثَمُ
بنُ خَلَفٍ, حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ, حدثنا
معاذ بن مُعَاذٌ، عَنْ هِشَامٍ عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ عَنْ
عَبِيْدَةَ قَالَ: صَلَّيْتُ قَبْلَ وَفَاةِ النَّبِيِّ
-صَلَّى الله عليه وسلم- بسنتين, ولم أراه.
قَالَ أَبُو عَمْرٍو بنُ الصَّلاَحِ: رَوَيْنَا عَنْ عمر
بنِ عَلِيٍّ الفَلاَّسِ, أَنَّهُ قَالَ: أَصَحُّ
الأَسَانِيْدِ: ابْنُ سِيْرِيْنَ، عَنْ عَبِيْدَةَ, عَنْ
عَلِيٍّ.
قُلْتُ: لاَ تَفَوُّقَ لِهَذَا الإِسْنَادِ مَعَ قُوَّتِهِ
عَلَى: إِبْرَاهِيْمَ, عَنْ عَلْقَمَةَ, عَنْ عَبْدِ
اللهِ, وَلاَ عَلَى: الزُهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ, عَنْ
أَبِيْهِ. ثُمَّ إِنَّ هَذَيْنِ الإِسْنَادَيْنِ رُوِيَ
بِهِمَا أَحَادِيْثُ جَمَّةٌ فِي الصِّحَاحِ, وَلَيْسَ
كَذَلِكَ الأَوَّلُ فَمَا فِي "الصَّحِيْحَيْنِ"
لِعَبِيْدَةَ عَنْ عَلِيٍّ سِوَى حَدِيْثٍ وَاحِدٍ.
وَعِنْدَ البُخَارِيِّ حَدِيْثٌ آخَرُ، مَوْقُوْفٌ بِهَذَا
الإِسْنَادِ, وَانْفَرَدَ مُسْلِمٌ بِحَدِيْثٍ آخَرَ,
سَأَرْوِيْهِ بَعْدُ.
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ: كُنْيَةُ عَبِيْدَةَ:
أَبُو مُسْلِمٍ, وَأَبُو عَمْرٍو.
وَرَوَى هِشَامُ بنُ حَسَّانٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ, عَنْ
عَبِيْدَةَ، قَالَ: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الأَشْرِبَةِ,
فَمَا لِي شَرَابٌ مُنْذُ ثَلاَثِيْنَ سَنَةً إلَّا
العَسَلُ وَاللَّبَنُ وَالمَاءُ. قَالَ مُحَمَّدٌ:
وَقُلْتُ لِعَبِيْدَةَ: إِنَّ عِنْدَنَا مِنْ شَعْرِ
رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
شَيْئاً مِنْ قِبَلِ أَنسِ بنِ مَالِكٍ. فَقَالَ: لأَنْ
يَكُوْنَ عِنْدِي مِنْهُ شَعْرَةٌ, أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ
كُلِّ صَفْرَاءَ وبيضاء على ظهر الأرض.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 93"، التاريخ الكبير "3/
ق2/ 82"، الجرح والتعديل "3/ ق1/ 91"، تاريخ بغداد "11/
117" أسد الغابة "3/ 356"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 50"،
الإصابة "3 ترجمة 6405"، تهذيب التهذيب "7/ 84".
(5/8)
قُلْتُ: هَذَا القَوْلُ مِنْ عَبِيْدَةَ
هُوَ مِعْيَارُ كَمَالِ الحُبِّ، وَهُوَ أَنْ يُؤْثِرَ
شَعْرَةً نَبَوِيَّةً عَلَى كُلِّ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ
بِأَيْدِي النَّاسِ. وَمِثْلُ هَذَا يَقُوْلُهُ هَذَا
الإِمَامُ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ بِخَمْسِيْنَ سَنَةً، فَمَا الَّذِي نَقُوْلُهُ
نَحْنُ فِي وَقْتِنَا لَوْ وَجَدْنَا بَعْضَ شَعْرِهِ
بِإِسْنَادٍ ثَابِتٍ أَوْ شِسْعَ نَعْلٍ كَانَ لَهُ أَوْ
قُلاَمَةَ ظُفْرٍ أَوْ شَقَفَةً مِنْ إِنَاءٍ شَرِبَ
فِيْهِ فَلَوْ بَذَلَ الغَنِيُّ مُعْظَمَ أَمْوَالِهِ فِي
تَحْصِيْلِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عِنْدَهُ أَكُنْتَ
تَعُدُّهُ مُبَذِّراً أَوْ سَفِيْهاً كَلاَّ فَابْذُلْ مَا
لَكَ فِي زَوْرَةِ مَسْجِدِهِ الَّذِي بَنَى فِيْهِ
بِيَدِهِ وَالسَّلاَمِ عَلَيْهِ عِنْدَ حُجْرَتِهِ فِي
بَلَدِهِ وَالْتَذَّ بِالنَّظَرِ إِلَى أُحُدِهِ
وَأَحِبَّهُ فَقَدْ كَانَ نَبِيُّكَ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُحِبُّه وَتَمَلَّأْ بِالحُلُوْلِ
فِي رَوْضَتِهِ وَمَقْعَدِهِ, فَلَنْ تَكُوْنَ مُؤْمِناً
حَتَّى يَكُوْنَ هَذَا السَّيِّدُ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ
نَفْسِكَ وَوَلَدِكَ وَأَمْوَالِكَ وَالنَّاسِ كُلِّهِم.
وَقَبِّلْ حَجَراً مُكَرَّماً نَزَلَ مِنَ الجَنَّةِ,
وَضَعْ فَمَكَ لاَثِماً مَكَاناً قَبَّلَهُ سَيِّدُ
البَشَرِ بِيَقِيْنٍ فَهَنَّأَكَ اللهُ بِمَا أَعْطَاكَ
فَمَا فَوْقَ ذَلِكَ مَفْخَرٌ وَلَوْ ظَفِرْنَا
بِالمِحْجَنِ الَّذِي أَشَارَ بِهِ الرَّسُوْلُ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الحَجَرِ ثُمَّ قَبَّلَ
مِحْجَنَهُ لَحُقَّ لَنَا أَنْ نَزْدَحِمَ عَلَى ذَلِكَ
المِحْجَنِ بِالتَّقْبِيْلِ وَالتَّبْجِيْلِ وَنَحْنُ
نَدْرِي بِالضَّرُوْرَةِ أَنَّ تَقْبِيْلَ الحَجَرِ
أَرْفَعُ وَأَفَضْلُ مِنْ تَقْبِيْلِ مِحْجَنِهِ
وَنَعْلِهِ.
وَقَدْ كَانَ ثَابِتٌ البُنَانِيُّ إِذَا رَأَى أَنَسَ بنَ
مَالِكٍ أَخَذَ يَدَهُ، فَقَبَّلَهَا، وَيَقُوْلُ: يَدٌ
مَسَّتْ يَدَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- فَنَقُوْلُ نَحْنُ إِذْ فَاتَنَا ذَلِكَ:
حَجَرٌ مُعْظَّمٌ بِمَنْزِلَةِ يَمِيْنِ اللهِ فِي
الأَرْضِ مَسَّتْهُ شَفَتَا نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَثِماً لَهُ. فَإِذَا فَاتَكَ
الحَجُّ, وَتَلَقَّيْتَ, الوَفْدَ فَالْتَزِمِ الحَاجَّ,
وَقَبِّلْ فَمَهُ, وَقُلْ: فَمٌ مَسَّ بِالتَّقْبِيْلِ
حَجَراً قَبَّلَهُ خَلِيْلِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ.
قَالَ ابْنُ سِيْرِيْنَ: قَالَ عَلِيٌّ: يَا أَهْلَ
الكُوْفَةِ، أَتَعْجَزُوْنَ أَنْ تَكُوْنُوا مِثْلَ
السَّلْمَانِيِّ وَالهَمْدَانِيِّ؟ - يَعْنِي الحَارِثَ
بنَ الأَزْمَعِ وَلَيْسَ بِالأَعْوَرِ- إِنَّمَا هُمَا
شَطْرَا رَجُلٍ.
قَالَ حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: وَكَانَ عَبِيْدَةُ أَعْوَرَ.
قَالَ ابْنُ سِيْرِيْنَ كَانَ أَصْحَابُ عَبْدِ اللهِ
مِنْهُم مَنْ يُقَدِّمُ عَبِيْدَةَ, وَمِنْهُم مَنْ
يُقَدِّمُ عَلْقَمَةَ, وَلاَ يَخْتَلِفُوْنَ أَنَّ
شُرَيْحاً آخِرَهُم.
قَالَ الثَّوْرِيُّ عَنِ النُّعْمَانِ بنِ قَيْسٍ, قَالَ:
دَعَا عَبِيْدَةُ بِكُتُبِهِ عِنْد مَوْتِهِ, فَمَحَاهَا,
وَقَالَ: أَخْشَى أَنْ تَضَعُوْهَا عَلَى غَيْرِ
مَوْضِعِهَا.
قَالَ عَاصِمٌ: عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ: جَاءَ قَوْمٌ إِلَى
عَبِيْدَةَ لِيُصْلِحَ بَيْنَهُم, فَقَالَ: لاَ أَقُوْلُ
حَتَّى تُؤَمِّرُوْنِي.
عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ زِيَادٍ: حَدَّثَنَا النُّعْمَانُ
بنُ قَيْسٍ، حَدَّثَنِي أَبِي: قُلْتُ لِعَبِيْدَةَ:
بَلَغَنِي أَنَّكَ تَمُوْتُ, ثُمَّ تَرْجِعُ قَبْلَ يَوْمِ
القِيَامَةِ, تَحْمِلُ رَايَةً, فَيُفْتَحُ لَكَ فَتْحٌ.
قَالَ: لَئِنْ أَحْيَانِي اللهُ اثْنَتَيْنِ, وَأَمَاتَنِي
اثْنَتَيْنِ قَبْلَ يَوْمِ القِيَامَةِ, مَا أَرَادَ بي
خيرًا.
قَالَ أَبُو حُصَيْنٍ: أَوْصَى عَبِيْدَةُ أَنْ يُصَلِّيَ
عَلَيْهِ الأَسْوَدُ بنُ يَزِيْدَ. فَقَالَ الأَسْوَدُ:
عَجِّلُوا بِهِ قَبْلَ أَنْ يَجِيْءَ الكَذَّابُ يَعْنِي
المُخْتَارَ1.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ
التَّمِيْمِيُّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ المُعِزِّ بنُ
مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا تَمِيْمٌ بن أَبِي سَعِيْدٍ،
أَنْبَأَنَا أَبُو سَعْدٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ,
أَنْبَأَنَا أَبُو يَعْلَى, حَدَّثَنَا القَوَارِيْرِيُّ,
حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوْبَ, عَنْ مُحَمَّدٍ, عَنْ
عَبِيْدَةَ قَالَ ذَكَرَ عَلِيٌّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-
أَهْلَ النَّهْرَوَانِ, فَقَالَ: فِيْهِم رَجُلٌ مُوْدَنُ
اليَدِ, أَوْ مُثْدَنُ اليَدِ, أَوْ مُخْدَجُ اليَدِ,
لَوْلاَ أَنْ تَبْطَرُوا, لأَنْبَأْتُكُم مَا وَعَدَ اللهُ
الَّذِيْنَ يَقْتُلُوْنَهُ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قُلْتُ: أَنْتَ
سَمِعْتَهُ مِنْهُ؟ قَالَ: إِيْ وَرَبِّ الكَعْبَةِ.
هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ. رَوَاهُ: ابْنُ عُلَيَّةَ
أَيْضاً, عَنْ أَيُّوْبَ السِّخْتِيَانِيِّ. وَرَوَاهُ:
ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ, عَنِ ابْنِ عَوْنٍ ,
عَنْ ابْنِ سِيْرِيْنَ. أَخْرَجَهُ: مُسْلِمٌ, وأبو داود2.
وفي وفاة عبيدة أقول, أَصَحُّهَا فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ
وَسَبْعِيْنَ.
__________
1 هو: المختار بن أبي عبيد الثقفي.
2 أخرجه مسلم "1066" "155"، وأبو داود "4763"، وابن ماجة
"167"، وأحمد "1/ 83 و 95 و 113 و 121 و 122 و 144 و 155".
(5/9)
378- عبد
الرحمن بن غنم 1: "م، 4"
الأشعري, الفَقِيْهُ، الإِمَامُ شَيْخُ أَهْلِ
فِلَسْطِيْنَ.
حَدَّثَ عَنْ: مُعَاذِ بنِ جَبَلٍ -وَتَفَقَّهَ بِهِ-
وَعُمَرَ بنِ الخَطَّابِ, وَأَبِي ذَرٍّ الغِفَارِيِّ,
وَأَبِي مَالِكٍ الأَشْعرِيِّ, وَأَبِي
الدَّرْدَاءِ, وَغَيْرِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: وَلَدُهُ؛ مُحَمَّدٌ, وَأَبُو سَلاَّمٍ
مَمْطُوْرٌ، وَرَجَاءُ بنُ حَيْوَةَ، وَأَبُو إِدْرِيْسَ
الخَوْلاَنِيُّ مَعَ تَقَدُّمِهِ وَشَهْرُ بنُ حَوْشَبٍ,
وَمَكْحُوْلٌ, وَعُبَادَةُ بنُ نُسَيٍّ, وَصَفْوَانُ بنُ
سُلَيْمٍ, وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: ثِقَةٌ -إِنْ شَاءَ اللهُ-. بَعَثَهُ
عُمَرُ إِلَى الشَّامِ يُفَقِّهُ النَّاسَ, وَكَانَ
أَبُوْهُ صَحَابِيّاً هَاجَرَ مَعَ أَبِي مُوْسَى.
قَالَ أَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ: وُلِدَ عَبْدُ
الرَّحْمَنِ عَلَى عَهْدِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُخْتَلَفٌ فِي صُحْبَتِهِ.
قُلْتُ: رَوَى لَهُ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ فِي
"مُسْنَدِهِ" أَحَادِيْثَ، لَكِنَّهَا مُرْسَلَةٌ،
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُوْنَ لَهُ صُحْبَةٌ فَقَدْ ذَكَرَ
يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ, عَنِ اللَّيْثِ وَابْنِ لَهِيْعَةَ
أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ صحابي وقال الترمذي: له رؤية.
وَأَمَّا أَبُو مُسْهِرٍ فَقَالَ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
غَنْمٍ هُوَ رَأْسُ التَّابِعِيْنَ كَانَ بِفِلَسْطِيْنَ
وَقِيْلَ: تَفَقَّهَ بِهِ عَامَّةُ التَّابِعِيْنَ
بِالشَّامِ, وَكَانَ صَادِقاً فَاضِلاً كَبِيْرَ القَدْرِ
مَاتَ هُوَ وَجَابِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ فِي وَقْتٍ.
قَالَ الهَيْثَمُ بنُ عدي وشباب توفي سنة ثمان وسبعين.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 441"، التاريخ الكبير "5/
ترجمة 808"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 1300"، الاستيعاب
"2/ 850"، أسد الغابة "3/ 318"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة
50"، الكاشف "2/ ترجمة 3332"، تجريد أسماء الصحابة "1/
3750"، تهذيب التهذيب "6/ 250- 251"، الإصابة "2/ ترجمة
5181"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4216".
(5/10)
379- كثير بن
مرة 1: "م، 4"
الإِمَامُ، الحُجَّةُ، أَبُو شَجَرَةَ الحَضْرَمِيُّ،
الرُّهَاوِيُّ، الشَّامِيُّ، الحِمْصِيُّ، الأَعْرَجُ.
وَيُكْنَى: أَبَا القَاسِمِ.
أَرْسَلَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- وَحَدَّثَ عَنِ: مُعَاذِ بنِ جَبَلٍ, وَعُمَرَ
بنِ الخَطَّابِ, وَتَمِيْمٍ الدَّارِيِّ, وَعُبَادَةَ بنِ
الصَّامِتِ, وَعَوْفِ بنِ مَالِكٍ, وَأَبِي الدَّرْدَاءِ,
وَنُعَيْمِ بنِ هَمَّارٍ, وَأَبِي هُرَيْرَةَ, وَعُقْبَةَ
بنِ عَامِرٍ, وَأَبِي فَاطِمَةَ الأَزْدِيِّ,
وَشُرَحْبِيْلَ بنِ السِّمْطِ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ
عَمْرٍو, وَابْنِ عُمَرَ, وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ: أَبُو الزَّاهِرِيَّةِ حُدَيْرُ بنُ كُرَيْبٍ،
وَخَالِدُ بنُ مَعْدَانَ, وَصَالِحُ بنُ أَبِي عُرَيْبٍ،
وَمَكْحُوْلٌ، وَشُرَيْحُ بنُ عُبَيْدٍ وَعَبْدُ
الرَّحْمَنِ بنُ جُبَيْرِ بنِ نُفَيْرٍ, وَلُقْمَانُ بنُ
عَامِرٍ, وَنَصْرُ بنُ عَلْقَمَةَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ
بنُ عَائِذٍ وَآخَرُوْنَ.
وَرَوَى عَنْهُ: زَيْدُ بنُ وَاقِدٍ, مُرْسَلاً.
وَثَّقَهُ: ابْنُ سَعْدٍ, وَأَحْمَدُ العِجْلِيُّ,
وَغَيْرُهُمَا. وَقَالَ ابْنُ خِرَاشٍ: صَدُوْقٌ وَقَالَ
النَّسَائِيُّ: لاَ بَأْسَ بِهِ.
أَبُو صَالِحٍ, عَنِ اللَّيْثِ, حَدَّثَنِي يَزِيْدُ بنُ
أَبِي حَبِيْبٍ: أَنَّ عَبْدَ العَزِيْزِ بنَ مَرْوَانَ
كَتَبَ إِلَى كَثِيْرِ بنِ مُرَّةَ وَكَانَ قَدْ أَدْرَكَ
بِحِمْصَ سَبْعِيْنَ بَدْرِيّاً. قَالَ الليث: وكان يسمى
الجند المقدم.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 448"، التاريخ الكبير "7/
ترجمة 907"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة 872"، تذكرة الحفاظ
"1/ ترجمة 31"، والكاشف "3/ ترجمة 4715"، تهذيب التهذيب
"8/ 428- 429"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5949".
(5/11)
قَالَ: فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَنْ يَكْتُبَ
إِلَيْهِ بِمَا سَمِعَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ أَحَادِيْثِهِم
إلَّا حَدِيْثَ أَبِي هُرَيْرَةَ فَإِنَّهُ عِنْدَنَا.
مُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ، عَنْ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ,
عَنْ كَثِيْرِ بنِ مُرَّةَ, قَالَ: دَخَلْتُ المَسْجِدَ
يَوْمَ الجُمُعَةِ, فَمَرَرْتُ بِعَوْفِ بنِ مَالِكٍ
الأَشْجَعِيِّ وَهُوَ بَاسِطٌ رِجْلَيْهِ, فَضَمَّهُمَا,
ثُمَّ قَالَ: يَا كَثِيْرُ, أَتَدْرِي لِمَ بَسَطْتُ
رِجْلِي؟ بَسَطْتُهُمَا رَجَاءَ أَنْ يَجِيْءَ رَجُلٌ
صَالِحٌ فَأُجْلِسَهُ وَإِنِّي لأَرْجُو أَنْ تَكُوْنَ
رَجُلاً صَالِحاً.
هَذِهِ مَسْأَلَةٌ حَسَنَةٌ عَنْ صَحَابِيٍّ جَلِيْلٍ.
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: قُلْتُ لِدُحَيْمٍ:
فَمَنْ يَكُوْنُ مَعَ جُبَيْرِ بنِ نُفَيْرٍ, وَأَبِي
إِدْرِيْسَ الخَوْلاَنِيِّ فِي طَبَقَتِهِمَا؟ قَالَ:
كَثِيْرُ بنُ مُرَّةَ. فَذَاكَرْتُهُ سِنَّهُ,
وَمُنَاظَرَةَ أَبِي الدَّرْدَاءِ إِيَّاهُ فِي القِرَاءةِ
خَلْفَ الإِمَامِ وَقَوْلَ عَوْفٍ فِيْهِ: إِنِّي لأَرْجُو
أَنْ تَكُوْنَ صَالِحاً, فَرَآهُ مَعَهُمَا فِي طَبَقَةٍ.
قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: بَقِيَ كَثِيْرٌ إِلَى خِلاَفَةِ
عَبْدِ المَلِكِ.
قُلْتُ: عِدَادُهُ فِي المُخَضْرَمِيْنَ، وَمَاتَ مَعَ
أَبِي أُمَامَةَ البَاهِلِيِّ أَوْ قَبْلَهُ, رَحِمَهُ
اللهُ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ، أَنْبَأَنَا أَكْمَلُ
بنُ أَبِي الأَزْهَرِ أَنْبَأَنَا سَعِيْدُ بنُ أَحْمَدَ
بنِ البَنَّاءِ أَنْبَأَنَا أَبُو نَصْرٍ الزَّيْنَبِيُّ
أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ الوَرَّاقُ حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي دَاوُدَ حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ
عَرَفَةَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَيَّاشٍ عَنْ
بَحِيْرِ بنِ سَعْدٍ الكَلاَعِيِّ عَنْ خَالِدِ بنِ
مَعْدَانَ عَنْ كَثِيْرِ بنِ مُرَّةَ عَنْ مُعَاذِ بنِ
جَبَلٍ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- قَالَ: "لا تُؤْذِي امْرَأَةٌ زَوْجَهَا فِي
الدُّنْيَا إلَّا قَالَتْ زَوْجَتُهُ مِنَ الحُوْرِ
العِيْنِ لاَ تُؤْذِيْهِ قَاتَلَكِ اللهُ فَإِنَّمَا هُوَ
عِنْدَكَ دَخِيْلٌ يُوْشِكُ أَنْ يُفَارِقَكِ إِلَيْنَا" 1
أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنِ الحَسَنِ فَوَافَقْنَاهُ
بعلو وإسناده: صحيح متصل.
__________
1 صحيح: أخرجه الترمذي "1177"، وابن ماجه "2014"، وأحمد
"5/ 242".
(5/12)
380- هرم بن
حيان 1:
العبدي وَيُقَالُ: الأَزْدِيُّ, البَصْرِيُّ, أَحَدُ
العَابِدِيْنَ.
حَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ. رَوَى عَنْهُ: الحَسَنُ
البَصْرِيُّ، وَغَيْرُهُ.
وَلِيَ بَعْضَ الحُرُوْبِ فِي أَيَّامِ عُمَرَ,
وَعُثْمَانَ بِبِلاَدِ فَارِسٍ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ عَامِلاً لِعُمَرَ، وَكَانَ
ثِقَةً، لَهُ فَضْلٌ وَعِبَادَةٌ. وَقِيْلَ سُمِّيَ
هَرِماً؛ لأَنَّهُ بَقِيَ حَمْلاً سَنَتَيْنِ حَتَّى
طَلَعَتْ أَسْنَانُهُ.
قَالَ أَبُو القَاسِمِ ابْنُ عَسَاكِرَ: قَدِمَ هَرِمٌ
دِمَشْقَ فِي طَلَبِ أُوَيْسٍ القَرَنِيِّ.
سَعْدَوَيْه، عَنْ يُوْسُفَ بنِ عَطِيَّةَ، حَدَّثَنَا
المُعَلَّى بنُ زِيَادٍ، قَالَ: كَانَ هَرِمٌ يَخْرُجُ فِي
بَعْضِ اللَّيْلِ وَيُنَادِي بِأَعْلَى صَوْتِهِ: عَجِبْتُ
مِنَ الجَنَّةِ كَيْفَ نَامَ طَالِبُهَا؟! وَعَجِبْتُ مِنَ
النَّارِ كَيْفَ نَامَ هَارِبُهَا؟! ثُمَّ يَقُوْلُ:
{أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا
بَيَاتًا} [الأَعْرَافُ: 97] .
سُلَيْمَانُ بنُ المُغِيْرَةِ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بنُ
هِلاَلٍ: قِيْلَ لِهَرِمِ بنِ حَيَّانَ العَبْدِيِّ:
أَوْصِ. قَالَ: قَدْ صَدَقَتْنِي نَفْسِي، وَمَا لِي مَا
أُوْصِي [بِهِ] ، وَلَكِنْ أُوْصِيْكُم بِخَوَاتِيْمِ
سُوْرَةِ النَّحْلِ.
هِشَامٌ, عَنِ الحَسَنِ، عن هرم: أنه قيل له: أوصينا.
فَقَالَ: أُوْصِيْكُم بِخَوَاتِيْمِ سُوْرَةِ البَقَرَةِ.
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الجَوْنِيِّ:
أَنَّ هَرِمَ بنَ حَيَّانَ أَشْرَفَ فِي لَيْلَةٍ
قَمْرَاءَ, وَإِذَا صاحب حرسه يلعب وكان عاملًا لعمر.
جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مَالِكِ بنِ دِيْنَارٍ,
قَالَ: أَوْقَدَ هَرِمٌ نَاراً, فَجَاءَ قَوْمُهُ,
فَسَلَّمُوا مِنْ بَعِيْدٍ. قَالَ: ادْنُوا. قَالُوا: مَا
نَقْدِرُ مِنَ النَّارِ. قَالَ: فَتُرِيْدُوْنَ أَنْ
تُلْقُوْنِي فِي نَارٍ أَعْظَمَ مِنْهَا.
أَبُو عِمْرَانَ الجَوْنِيُّ، عَنْ هَرِمِ بنِ حَيَّانَ,
قَالَ: إِيَّاكُم وَالعَالِمَ الفَاسِقَ. فَبَلَغَ عُمَرَ،
فَكَتَبَ إِلَيْهِ وَأَشْفَقَ مِنْهَا: مَا العَالِمُ
الفَاسِقُ فَكَتَبَ: مَا أَرَدْتُ إلَّا الخَيْرَ, ويكون
إِمَامٌ يَتَكَلَّمُ بِالعِلْمِ, وَيَعْمَلُ بِالفِسْقِ,
وَيُشَبِّهُ عَلَى النَّاسِ, فَيَضِلُّوا.
الوَلِيْدُ بنُ هِشَامٍ القَحْذَمِيُّ, عَنْ أَبِيْهِ,
عَنْ جَدِّهِ: أَنَّ عُثْمَانَ بنَ أَبِي العَاصِ وَجَّهَ
هَرِمَ بنَ حَيَّانَ إِلَى قَلْعَةٍ فَافْتَتَحَهَا
عَنْوَةً.
وَقَالَ الحَسَنُ البَصْرِيُّ: خَرَجَ هَرِمٌ وَعَبْدُ
اللهِ بنُ عَامِرِ بنِ كُرَيْزٍ, فَبَيْنَمَا
رَوَاحِلُهُمَا تَرْعَى, إِذْ قَالَ هَرِمٌ: أَيَسُرُّكَ
أَنَّكَ كُنْتَ هَذِهِ الشَّجَرَةَ.؟ قَالَ: لاَ وَاللهِ,
لَقَدْ رَزَقَنِي اللهُ الإِسْلاَمَ, وَإِنِّي لأَرْجُو.
قَالَ: وَاللهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ هَذِهِ
الشَّجَرَةَ, فَأَكَلَتْنِي هَذِهِ النَّاقَةُ, ثُمَّ
بَعَرَتْنِي, فَاتُّخِذْتُ جُلَّةً2 وَلَمْ أُكَابِدِ
الحِسَابَ, يَا ابْنَ أَبِي عَامِرٍ, وَيْحَكَ! إِنِّي
أَخَافُ الدَّاهِيَةَ الكُبْرَى.
قَالَ قَتَادَةُ: كَانَ هَرِمُ بنُ حَيَّانَ يَقُوْلُ: مَا
أَقْبَلَ عَبْدٌ بِقَلْبِهِ إِلَى اللهِ, إلَّا أَقْبَلَ
اللهُ بِقُلُوْبِ المُؤْمِنِيْنَ إِلَيْهِ, حَتَّى
يَرْزُقَهُ وُدَّهُم.
وَعَنْ هِشَامٍ، عَنِ الحَسَنِ، قَالَ: مَاتَ هَرِمُ بنُ
حَيَّانَ فِي يَوْمٍ حَارٍّ، فَلَمَّا نَفَضُوا
أَيْدِيَهُم عَنْ قَبْرِهِ, جَاءتْ سَحَابَةٌ حَتَّى
قَامَتْ عَلَى القَبْرِ, فَلَمْ تَكُنْ أَطْوَلَ مِنْهُ,
وَلاَ أَقْصَرَ مِنْهُ, وَرَشَّتْهُ حَتَّى رَوَّتْهُ,
ثُمَّ انْصَرَفَتْ. رَوَاهَا: اثْنَانِ, عَنْ هشام.
ضَمْرَةُ، عَنِ السَّرِيِّ بنِ يَحْيَى، عَنْ قَتَادَةَ،
قَالَ: أُمْطِرَ قَبْرُ هَرِمٍ مِنْ يَوْمِهِ, وَأَنْبَتَ
العشب.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 131"، التاريخ الكبير "8/
ترجمة 2869"، الجرح والتعديل 9/ ترجمة 463".
2 الجلة: البعر الذي لم ينكسر ويتخذ وقودًا.
(5/13)
381- الأسود بن
يزيد 1: "ع"
ابن قيس، الإِمَامُ القُدْوَةُ، أَبُو عَمْرٍو
النَّخَعِيُّ، الكُوْفِيُّ وَقِيْلَ: يُكْنَى أَبَا عَبْدِ
الرَّحْمَنِ وَهُوَ أَخُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ
يَزِيْدَ, وَوَالِدُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الأَسْوَدِ,
وَابْنُ أَخِي عَلْقَمَةَ بنِ قَيْسٍ, وَخَالُ
إِبْرَاهِيْمَ النَّخَعِيِّ. فَهَؤُلاَءِ أَهْلُ بَيْتٍ
مِنْ رُؤُوْسِ العِلْمِ وَالعَمَلِ.
وَكَانَ الأَسْوَدُ مُخَضْرَماً, أَدْرَكَ الجَاهِلِيَّةَ
وَالإِسْلاَمَ.
وَحَدَّثَ عَنْ: مُعَاذِ بنِ جَبَلٍ، وَبِلاَلٍ، وَابْنِ
مَسْعُوْدٍ، وَعَائِشَةَ، وَحُذَيْفَةَ بنِ اليَمَانِ،
وَطَائِفَةٍ سِوَاهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ؛ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَأَخُوْهُ،
وإبراهيم النخعي، وعمارة بن عمير وأبو إسحق السَّبِيْعِيُّ
وَالشَّعْبِيُّ, وَآخَرُوْنَ.
وَهُوَ نَظِيْرُ مَسْرُوْقٍ فِي الجَلاَلَةِ وَالعِلْمِ
وَالثِّقَةِ وَالسِّنِّ, يُضْرَبُ بِعِبَادَتِهِمَا
المَثَلُ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ يُذْكَرُ أَنَّهُ ذَهَبَ بمهر
أم علقمة إليها من قيس جَدِّهِ وَرَوَى عَنِ: الصِّدِّيْقِ
أَنَّهُ جَرَّدَ مَعَهُ الحَجَّ. وَرَوَى عَنْ: عُمَرَ,
وَعَلِيٍّ, وَسَمِعَ بِاليَمَنِ مِنْ مُعَاذٍ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ الأَسْوَدِ: كَانَ أَبِي
يَسْجُدُ فِي بُرْنُسِ طَيَالِسَةٍ وَيَدَاهُ فِيْهِ، أَوْ
فِي ثِيَابِهِ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي خَالِدٍ: رَأَيْتُ
الأَسْوَدَ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ، وَقَدْ
أَرْسَلَهَا مِنْ خَلْفِهِ، وَرَأَيْتُهُ أَصْفَرَ
الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ.
قَرَأْتُ عَلَى إِسْحَاقَ بنِ طَارِقٍ: أَخْبَرَكُم ابْنُ
خَلِيْلٍ, أَنْبَأَنَا أَبُو المَكَارِمِ التَّيْمِيُّ,
أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ أَنْبَأَنَا أَبُو
نُعَيْمٍ, حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ مَالِكٍ,
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ, حَدَّثَنِي أَبِي,
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ, حَدَّثَنَا
شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: حَجَّ الأَسْوَدُ
ثَمَانِيْنَ, مِنْ بَيْنِ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 70"، التاريخ الكبير "1/
ترجمة 1437"، الجرح والتعديل "1/ ترجمة 1061"، الحلية "2/
102"، أسد الغابة "1/ 88"، تاريخ الإسلام "3/ 137" تذكرة
الحفاظ "1/ ترجمة 29"، الإصابة "1/ ترجمة 460".
(5/14)
وَبِهِ إِلَى عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ،
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ صَنْدَلٍ، حَدَّثَنَا
فُضَيْلُ بنُ عِيَاضٍ، عَنْ مَيْمُوْنٍ، عَنْ مَنْصُوْرٍ،
عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، قَالَ: كَانَ الأَسْوَدُ يَخْتِمُ
القُرْآنَ فِي رَمَضَانَ فِي كُلِّ لَيْلَتَيْنِ وَكَانَ
يَنَامُ بَيْنَ المَغْرِبِ وَالعِشَاءِ وَكَانَ يَخْتِمُ
القُرْآنَ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ فِي كُلِّ سِتِّ لَيَالٍ.
قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: سُئِلَ الشَّعْبِيُّ، عَنِ الأَسْوَدِ
بنِ يَزِيْدَ، فَقَالَ: كَانَ صَوَّاماً قَوَّاماً
حَجَّاجاً قَالَ إِبْرَاهِيْمُ: رُبَّمَا أحرم الأسود من
جنابة عَرْزَمٍ1.
وَقَالَ جَابِرٌ الجُعْفِيُّ, عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ
الأَسْوَدِ, قَالَ: مَا سَمِعْتُ الأَسْوَدَ إِذَا أَهَلَّ
يُسَمِّي حَجّاً وَلاَ عُمْرَةً قَطُّ, يَقُوْلُ: إِنَّ
اللهَ يَعْلَمُ نِيَّتِي. قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: كَانَ
الأَسْوَدُ يَقُوْلُ فِي تَلْبِيَتِهِ: لَبَّيْكَ غَفَّارَ
الذُّنُوْبِ.
وَمِنْ مَنَاكِيْرِ مُوْسَى بنِ عُمَيْرٍ، تَفَرَّدَ به
عن: الحكم عن إبراهيم النخعي عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَبْدِ
اللهِ قَالَ قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:"حَصِّنُوا أَمْوَالَكُم بِالزَّكَاةِ
وَدَاوُوا مَرْضَاكُم بِالصَّدَقَةِ وَأَعِدُّوا
لِلْبَلاَءِ الدُّعَاءَ"2.
قَرَأَ الأَسْوَدُ عَلَى عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُوْدٍ.
تَلاَ عَلَيْهِ يَحْيَى بنُ وَثَّابٍ وَإِبْرَاهِيْمُ
النَّخَعِيُّ وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ.
وَرَوَى يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ العَطَّارُ فِي زُهْدِ
الثَّمَانِيَةِ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ عَطَاءٍ، عَنْ
عَلْقَمَةَ بنِ مَرْثَدٍ، قَالَ: كَانَ الأَسْوَدُ
يَجْتَهِدُ فِي العِبَادَةِ وَيَصُوْمُ حَتَّى يَخْضَرَّ
وَيَصْفَرَّ فَلَمَّا احْتُضِرَ بَكَى فَقِيْلَ لَهُ: ما
هذا الجزع؟ فقال: مالي لا أجزع والله لو رأيت
بِالمَغْفِرَةِ مِنَ اللهِ لأَهَمَّنِي الحَيَاءُ مِنْهُ
مِمَّا قَدْ صَنَعْتُ إِنَّ الرَّجُلَ لَيَكُوْنُ بَيْنَهُ
وَبَيْنَ آخَرَ الذَّنْبُ الصَّغِيْرُ فَيَعْفُو عَنْهُ
فَلاَ يَزَالُ مُسْتَحِياً مِنْهُ.
وَرَوَى شُعْبَةُ، عَنِ الحَكَمِ: أَنَّ الأَسْوَدَ كَانَ
يَصُوْمُ الدَّهْرَ -هَذَا صَحِيْحٌ عَنْهُ- وَكَأَنَّهُ
لَمْ يَبْلُغْهُ النَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ3 , أَوْ تأول.
وَرَوَى حَمَّادٌ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ: كَانَ الأَسْوَدُ
يَصُوْمُ حَتَّى يَسْوَدَّ لِسَانُهُ مِنَ الحَرِّ.
وَرَوَى مَنْصُوْرٌ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ: أَنَّ الأَسْوَدَ
كَانَ يُحْرِمُ مِنْ بَيْتِهِ. وَقَالَ أَشْعَثُ بنُ أَبِي
الشَّعْثَاءِ: رَأَيْتُ الأسود عمرو بنَ مَيْمُوْنٍ
أَهَلاَّ مِنَ الكُوْفَةِ. قَالَ ابْنُ أَبِي خَالِدٍ:
رَأَيْتُ الأَسْوَدَ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ
وَقَالَ الحَسَنُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ: رَأَيْتُ الأَسْوَدَ
يَسْجُدُ فِي بُرْنُسِ طَيَالِسَةٍ.
قَدْ نَقَلَ العُلَمَاءُ فِي وَفَاةِ الأَسْوَدِ
أَقْوَالاً أَرْجَحُهَا: سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ
وَاللهُ يَرْحَمُهُ.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ النَّخَعِيُّ: كَانَ الأَسْوَدُ إِذَا
حَضَرَتِ الصَّلاَةُ أَنَاخَ بَعِيْرَهُ وَلَوْ على حجر.
__________
1 عزرم: محلة بالكوفة. ويستحب لكل مسلم. الإحرام من
المواقيت.
2 ضعيف جدًا: في إسناده موسى بن عمير القرشي، أبوها رون
الجعدي الكوفي قال أبو حاتم: ذاهب الحديث كذاب. وقال ابْنُ
عَدِيٍّ: عَامَّةُ مَا يَرْوِيْهِ لاَ يُتَابِعُهُ عليه
الثقات. وذكر الذهبي في "الميزان" الحديث في ترجمته وعده
من بلاياه.
2 صحيح: أخرجه البخاري "1979"، ومسلم "1159" "187" من طريق
شعبة عن حبيب سمع أبا العباس سمع عَبْدُ اللهِ بنُ عَمْرٍو
-رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ لِي رَسُوْلُ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا عبد الله بن عمرو
إنك لتصوم الدهر وتقوم الليل وإنك إذا فعلت ذلك هجمت له
العين ونهكت -أي ضعفت- لا صام من صام الابد صوم ثلاثة أيام
من الشهر صوم الشهر كله" قلت: فإني أطيق أكثر من ذلك. قال:
"فصم صوم داود، كان يصوم يومًا ويفطر ولا يفر إذا لاقى".
(5/15)
382- علقمة
1: "ع"
فَقِيْهُ الكُوْفَةِ، وَعَالِمُهَا، وَمُقْرِئُهَا،
الإِمَامُ الحَافِظُ المُجَوِّدُ المُجْتَهِدُ الكَبِيْرُ
أَبُو شِبْلٍ عَلْقَمَةُ بنُ قَيْسِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ
مَالِكِ بنِ علقمة بن سلامان ابن كَهْلٍ وَقِيْلَ: ابْنُ
كُهَيْلِ بنِ بَكْرِ بنِ عَوْفٍ وَيُقَالُ: ابْنُ
المُنْتَشِرِ بن النَّخَعِ النَّخَعِيُّ الكُوْفِيُّ
الفَقِيْهُ عَمُّ الأَسْوَدِ بنِ يَزِيْدَ وَأَخِيْهِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَخَالُ فَقِيْهِ العِرَاقِ
إِبْرَاهِيْمَ النَّخَعِيِّ.
وُلِدَ فِي أَيَّامِ الرِّسَالَة المُحَمَّدِيَّةِ،
وَعِدَادُهُ فِي المخضرمين, وهاجر في طَلَبِ العِلْمِ
وَالجِهَادِ, وَنَزَلَ الكُوْفَةَ وَلاَزَمَ ابْنَ
مَسْعُوْدٍ حَتَّى رَأَسَ فِي العِلْمِ وَالعَمَلِ
وَتَفَقَّهَ بِهِ العُلَمَاءُ وَبَعُدَ صِيتُهُ.
حَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ, وَعُثْمَانَ, وَعَلِيٍّ,
وَسُلَيْمَانَ, وَأَبِي الدَّرْدَاءِ, وَخَالِدِ بنِ
الوَلِيْدِ, وَحُذَيْفَةَ, وَخَبَّابٍ وَعَائِشَةَ,
وَسَعْدٍ, وَعَمَّارٍ, وَأَبِي مَسْعُوْدٍ البَدْرِيِّ,
وَأَبِي مُوْسَى, وَمَعْقِلِ بنِ سِنَانٍ, وَسَلَمَةَ بنِ
يَزِيْدَ الجُعْفِيِّ, وَشُرَيْحِ بنِ أَرْطَاةَ, وَقَيْسِ
بنِ مَرْوَانَ, وَطَائِفَةٍ سِوَاهُم.
وَجَوَّدَ القُرْآنَ عَلَى ابْنِ مَسْعُوْدٍ. تَلاَ
عَلَيْهِ يَحْيَى بنُ وَثَّابٍ وَعُبَيْدُ بنُ نُضَيْلَةَ,
وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ.
وَتَفَقَّهَ بِهِ أَئِمَّةٌ كَإِبْرَاهِيْمَ,
وَالشَّعْبِيِّ وَتَصَدَّى لِلإِمَامَةِ وَالفُتْيَا بَعْد
عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُوْدٍ وَكَانَ يُشَبَّهُ بِابْنِ
مَسْعُوْدٍ فِي هَدْيِهِ وَدَلِّهِ وَسَمْتِهِ وَكَانَ
طَلَبَتُهُ يَسْأَلُوْنَهُ وَيَتَفَقَّهُوْنَ بِهِ
وَالصَّحَابَةُ مُتَوَافِرُوْنَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو وَائِلٍ وَالشَّعْبِيُّ وَعُبَيْدُ
بنُ نُضَيْلَةَ وإبراهيم النخعي ومحمد بن
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 86"، التاريخ الكبير "7/
ترجمة 177"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 2258"، تجريد أسماء
الصحابة "1/ ترجمة 4224"، الكاشف "2/ ترجمة رقم 3930"،
تهذيب التهذيب "7/ 276- 278"، الإصابة "2/ ترجمة 6454"،
خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4936".
(5/16)
سِيْرِيْنَ، وَأَبُو الضُّحَى مُسْلِمُ بنُ
صُبَيْحٍ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ سُوَيْدٍ النَّخَعِيُّ،
وَأَبُو ظَبْيَانَ حُصَيْنُ بنُ جُنْدُبٍ الجَنْبِيُّ،
وَأَبُو مَعْمَرٍ عَبْدُ اللهِ بنُ سَخْبَرَةَ، وَسَلَمَةُ
بنُ كُهَيْلٍ، وَابْنُ أَخِيْهِ؛ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
يَزِيْدَ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ، وَعُمَارَةُ
بنُ عُمَيْرٍ, وَأَبُو قَيْسٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
ثَرْوَانَ الأَوْدِيُّ, وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
عَوْسَجَةَ, وَالقَاسِمُ بنُ مُخَيْمَرَةَ, وَقَيْسُ بنُ
رُوْمِيٍّ, وَمُرَّةُ الطَّيِّبُ, وَهُنَيُّ بنُ
نُوَيْرَةَ, وَيَحْيَى بنُ وَثَّابٍ, وَيَزِيْدُ بنُ
أُوَيْسٍ, وَيَزِيْدُ بنُ مُعَاوِيَةَ النَّخَعِيُّ لاَ
الأُمَوِيُّ, وَأَبُو الرُّقَادِ النَّخَعِيُّ,
وَالمُسَيَّبُ بنُ رَافِعٍ.
وأرسل عنه أبو الزناد, وغيره.
وَرَوَى مُغِيْرَةُ, عَنْ إِبْرَاهِيْمَ, قَالَ: كَنَّى
عَبْدُ اللهِ بنُ مَسْعُوْدٍ عَلْقَمَةَ أَبَا شِبْلٍ,
وَكَانَ عَلْقَمَةُ عَقِيْماً, لاَ يُوْلَدُ لَهُ.
الأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ, قَالَ عَلْقَمَةُ: مَا
حَفِظْتُ وَأَنَا شَابٌّ, فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ
فِي قِرْطَاسٍ أَوْ رُقْعَةٍ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبلٍ: عَلْقَمَةُ ثِقَةٌ, مِنْ
أَهْلِ الخَيْرِ, وَكَذَا وَثَّقَهُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ,
وَسُئِلَ عَنْهُ وَعَنْ عَبِيْدَةَ فِي عَبْدِ اللهِ
فَلَمْ يُخِيِّرْ.
وَقَالَ عُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ: عَلْقَمَةُ أَعْلَمُ
بِعَبْدِ اللهِ. قَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: لَمْ يَكُنْ
أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ لَهُ أَصْحَابٌ حَفِظُوا عَنْهُ,
وَقَامُوا بِقَوْلِهِ فِي الفِقْهِ إلَّا ثَلاَثَةٌ:
زَيْدُ بنُ ثَابِتٍ, وَابْنُ مَسْعُوْدٍ, وَابْنُ
عَبَّاسٍ, وَأَعْلُمُ النَّاسِ بِابْنِ مَسْعُوْدٍ:
عَلْقَمَةُ, وَالأَسْوَدُ, وَعَبِيْدَةُ, وَالحَارِثُ.
وَرَوَى زَائِدَةُ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، قَالَ: قُلْتُ
لِرَبَاحٍ أَبِي المُثَنَّى: أَلَيْسَ قَدْ رَأَيْتَ
عَبْدَ اللهِ؟ قَالَ: بَلَى, وَحَجَجْتُ مَعَ عُمَرَ
ثَلاَثَ حَجَّاتٍ وَأَنَا رَجُلٌ. قَالَ: وَكَانَ عَبْدُ
اللهِ وَعَلْقَمَةُ يَصُفَّانِ النَّاسَ صَفَّيْنِ عِنْدَ
أَبْوَابِ كِنْدَةَ فَيُقْرِئُ عَبْدُ اللهِ رَجُلاً
وَيُقْرِئُ عَلْقَمَةُ رَجُلاً فَإِذَا فَرَغَا تَذَاكَرَا
أَبْوَابَ المَنَاسِكِ وَأَبْوَابَ الحَلاَلِ وَالحَرَامِ
فَإِذَا رَأَيْتَ عَلْقَمَةَ فَلاَ يَضُرُّكَ أَنْ لاَ
تَرَى عَبْدَ اللهِ أَشْبَهُ النَّاسِ بِهِ سَمْتاً
وَهَدْياً وَإِذَا رَأَيْتَ إِبْرَاهِيْمَ النَّخَعِيَّ
فَلاَ يَضُرُّكَ أَنْ لاَ تَرَى عَلْقَمَةَ أَشْبَهُ
النَّاسِ بِهِ سَمْتاً وَهَدْياً.
الأَعْمَشُ، عَنْ عُمَارَةَ بنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: قَالَ
لَنَا أَبُو مَعْمَرٍ: قُوْمُوا بِنَا إِلَى أَشْبَهِ
النَّاسِ بِعَبْدِ اللهِ هَدْياً وَدَلاًّ وَسَمْتاً.
فَقُمْنَا مَعَهُ حَتَّى جَلَسْنَا إِلَى عَلْقَمَةَ.
وَرَوَى سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ, عَنْ دَاوُدَ بنِ أَبِي
هِنْدٍ, قَالَ: قُلْتُ لِلشَّعْبِيِّ: أَخْبِرْنِي عَنْ
أَصْحَابِ عَبْدِ اللهِ حَتَّى كَأَنِّي أنظر إليهم. قال:
كان علقمة أبطن القَوْمِ بِهِ, وَكَانَ مَسْرُوْقٌ قَدْ
خَلَطَ منه
(5/17)
وَمِنْ غَيْرِهِ, وَكَانَ الرَّبِيْعُ بنُ
خُثَيْمٍ أَشَدَّ القَوْمِ اجْتِهَاداً, وَكَانَ
عَبِيْدَةُ يُوَازِي شُرَيْحاً فِي العِلْمِ وَالقَضَاءِ.
رَوَى إِبْرَاهِيْمُ، عَنْ عَلْقَمَةَ: أَنَّهُ قَدِمَ
الشَّامَ فَدَخَلَ مَسْجِدَ دِمَشْقَ فَقَالَ اللَّهُمَّ
ارْزُقْنِي جَلِيْساً صَالِحاً. فَجَاءَ فَجَلَسَ إِلَى
أَبِي الدَّرْدَاءِ, فَقَالَ لَهُ: مِمَّنْ أَنْتَ؟ قَالَ:
مِنْ أَهْلِ الكُوْفَةِ. قَالَ: كَيْفَ سَمِعْتَ ابْنَ
أُمِّ عبد يقرأ {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} [الليل: 1] ،
الحَدِيْثَ1.
وَقَالَ الأَسْوَدُ: إِنِّي لأَذْكُرُ لَيْلَةَ عُرْسِ
أُمِّ عَلْقَمَةَ.
وَقَالَ شَبَابٌ شَهِدَ عَلْقَمَةُ صِفِّيْنَ مَعَ
عَلِيٍّ.
وَرَوَى الهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ عَنْ مُجَالِدٍ عَنِ
الشَّعْبِيِّ قَالَ: كَانَ الفُقَهَاءُ بَعْدَ أصحاب رسول
الله -صلى الله عليه وسلم- بِالكُوْفَةِ فِي أَصْحَابِ
عَبْدِ اللهِ: عَلْقَمَةُ, وَعَبِيْدَةُ, وَشُرَيْحٌ,
وَمَسْرُوْقٌ.
وَرَوَى حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ, عَنْ أَشْعَثَ, عَنِ ابْنِ
سِيْرِيْنَ, قَالَ: أَدْرَكْتُ القَوْمَ وَهُمْ
يُقَدِّمُوْنَ خَمْسَةً: مَنْ بَدَأَ بِالحَارِثِ
الأَعْوَرِ, ثنى بعبيدة, ومن بدأ بعبيدة, ثنى بالحارث,
ثُمَّ عَلْقَمَةُ الثَّالِثُ, لاَ شَكَّ فِيْهِ ثُمَّ
مَسْرُوْقٌ, ثُمَّ شُرَيْحٌ, وَإِنَّ قَوْماً أَخَسُّهُم
شُرَيْحٌ, لَقَوْمٌ لَهُم شَأْنٌ.
وَرَوَى ابْنُ عَوْنٍ, عَنْ مُحَمَّدٍ, قَالَ: كَانَ
أَصْحَابُ عَبْدِ اللهِ خَمْسَةً, كلهم فيه عيب: وعبيدة
أَعْوَرُ وَمَسْرُوْقٌ أَحْدَبُ, وَعَلْقَمَةُ أَعْرَجُ,
وَشُرَيْحٌ كَوْسَجٌ2, والحارث أعور.
وَرَوَى مَنْصُوْرٌ, عَنْ إِبْرَاهِيْمَ, قَالَ: كَانَ
أَصْحَابُ عَبْدِ اللهِ الَّذِيْنَ يُقْرِئُوْنَ النَّاسَ
القُرْآنَ, وَيُعَلِّمُوْنَهُمُ السُّنَّةَ, وَيَصْدُرُ
النَّاسُ عَنْ رَأْيِهِم, سِتَّةً: عَلْقَمَةُ,
وَالأَسْوَدُ, وَمَسْرُوْقٌ, وَعَبِيْدَةُ, وَأَبُو
مَيْسَرَةَ, وَعَمْرُو بنُ شُرَحْبِيْلَ, وَالحَارِثُ بنُ
قَيْسٍ.
وَرَوَى إِسْرَائِيْلُ, عَنْ غَالِبٍ أَبِي الهُذَيْلِ:
قُلْتُ لإِبْرَاهِيْمَ: أَعَلْقَمَةُ كَانَ أَفَضْلَ أَوِ
الأَسْوَدُ؟ قَالَ: عَلْقَمَةُ, وَقَدْ شَهِدَ صِفِّيْنَ.
وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ: سَأَلْتُ الشَّعْبِيَّ عَنْ
عَلْقَمَةَ, وَالأَسْوَدِ, فَقَالَ: كَانَ الأَسْوَدُ
صَوَّاماً قَوَّاماً كَثِيْرَ الحَجِّ, وَكَانَ عَلْقَمَةُ
مَعَ البَطِيْءِ, وَيُدْرِكُ السَّرِيْعَ. وَقَالَ مُرَّةُ
الهَمْدَانِيُّ: كَانَ عَلْقَمَةُ مِنَ
الرَّبَّانِيِّيْنَ, وَكَانَ عَلْقَمَةُ عَقِيْماً؛ لاَ
يُوْلَدُ لَهُ.
وَرَوَى عَنْهُ: إِبْرَاهِيْمُ, قَالَ: صَلَّيْتُ خَلْفَ
عُمَرَ سَنَتَيْنِ. وَرَوَى: مُغِيْرَةُ, عَنْ
إِبْرَاهِيْمَ: أَنَّ عَلْقَمَةَ وَالأَسْوَدَ كَانَا
يُسَافِرَانِ مَعَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ. قَالَ
الشَّعْبِيُّ: كَانَ عَلْقَمَةُ أَبْطَنَ القَوْمِ بِابْنِ
مسعود.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "4944"، ومسلم "828".
2 الكوسج: الذي لا شعر على عارضيه
(5/18)
الأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ, عَنْ
عَلْقَمَةَ, قَالَ: أُتِيَ عَبْدُ اللهِ بِشَرَابٍ,
فَقَالَ أَعْطِ عَلْقَمَةَ, أَعْطِ مَسْرُوْقاً فَكُلُّهُم
قَالَ: إِنِّي صَائِمٌ فَقَالَ: {يَخَافُونَ يَوْمًا
تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ} [النُّوْرُ:
37] . وَقَالَ إِبْرَاهِيْمُ: كَانَ عَلْقَمَةُ يَقْرَأُ
القُرْآنَ فِي خَمْسٍ. وَقَالَ عَلْقَمَةُ: أَطِيْلُوا
كَرَّ الحَدِيْثِ لاَ يَدْرَسُ.
الأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيْقٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ زِيَادٍ
يَرَانِي مَعَ مَسْرُوْقٍ, فَقَالَ: إِذَا قَدِمْتَ,
فَالْقَنِي. فَأَتَيْتُ عَلْقَمَةَ فَقَالَ: إِنَّكَ لَمْ
تُصِبْ مِنْ دنياهم شيئًاإلَّا أصابوا مِنْ دِيْنِكَ مَا
هُوَ أَفَضْلُ مِنْهُ, مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي مَعَ
أَلْفَيَّ أَلْفَيْنِ وَأَنِّي أَكْرَمُ الجُنْدِ
عَلَيْهِ.
وَقَالَ إِبْرَاهِيْمُ: كَتَبَ أَبُو بُرْدَةَ عَلْقَمَةَ
فِي الوَفْدِ إِلَى مُعَاوِيَةَ فَقَالَ لَهُ عَلْقَمَةُ:
امْحُنِي امْحُنِي.
وَقَالَ عَلْقَمَةُ: مَا حَفِظْتُ وَأَنَا شَابٌّ,
فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ فِي قِرْطَاسٍ.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ, عَنْ عَلْقَمَةَ: أَنَّهُ كَانَ لَهُ
بِرْذَوْنٌ يُرَاهِنُ عَلَيْهِ.
الأَعْمَشُ, عَنْ مَالِكِ بنِ الحَارِثِ, عَنْ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بنِ يَزِيْدَ, قُلْنَا لِعَلْقَمَةَ: لَوْ
صَلَّيْتَ فِي المَسْجِدِ وَجَلَسْنَا مَعَكَ فَتُسْأَلَ
قَالَ: أَكْرَهُ أَنْ يُقَالَ: هَذَا عَلْقَمَةُ. قَالُوا:
لَوْ دَخَلْتَ عَلَى الأُمَرَاءِ. قَالَ: أَخَافُ أَنْ
يَنْتَقِصُوا مِنِّي أَكْثَرَ مِمَّا أَنْتَقِصُ مِنْهُم.
وَرَوَى إِبْرَاهِيْمُ, عَنْ عَلْقَمَةَ, قَالَ: كُنْتُ
رَجُلاً قَدْ أَعْطَانِي اللهُ حُسْنَ الصَّوْتِ
بِالقُرْآنِ وَكَانَ ابْنُ مَسْعُوْدٍ يُرْسِلُ إِلَيَّ
فَأَقْرَأُ عَلَيْهِ, فَإِذَا فَرَغْتُ مِنْ قِرَاءتِي,
قَالَ: زِدْنَا -فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي- فَإِنِّي
سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ "إِنَّ حُسْنَ الصَّوْتِ زِيْنَةُ
القُرْآنِ"1.
أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ يَزِيْدَ
قَالَ عَبْدُ اللهِ: مَا أَقْرَأُ شيئًا ولا أعلمه إلَّا
علقمة
__________
1 منكر: أخرجه ابن سعد "6/ 90" أخبرنا مسلم بن إبراهيم
قال: حدثنا سعيد بن زربي، قال: حدثنا حماد، عن إبراهيم، عن
علقمة، به.
قلت: إسناده ضعيف، فيه سعيد بن زربي، أجمعوا على ضعفه،
وذكر الذهبي الحديث في ترجمته في "الميزان" وعده من
مناكيره ولكن ورد مرفوعًا "زينوا القرآن بأصواتكم" أخرجه
عبد الرزاق "4175" و "4176"، والطيالسي "738"، وابن أبي
شيبة "2/ 521" و "10/ 462" وأحمد "4/ 283 و 285 و 304"،
وأبو داود "1468"، والنسائي "2/ 179- 180" وابن ماجه
"1342"، والحاكم "1/ 572- 575"، وأبو نعيم في "الحلية" "5/
27"، والبيهقي في "السنن" "2/ 53" من طرق عن طلحة بن مصرف،
عن عبد الرحمن بن عوسجة، عن البراء بن عازب، به مرفوعًا.
وإسناده صحيح.
(5/19)
يَقْرَؤُهُ أَوْ يَعْلَمُهُ. قَالَ زِيَادُ
بنُ حُدَيْرٍ: يا أبا عبد الرحمن, وَاللهِ مَا عَلْقَمَةُ
بِأَقْرَئِنَا قَالَ: بَلَى وَالله وَإِنْ شِئْتَ
لأُخْبِرَنَّكَ بِمَا قِيْلَ فِي قَوْمِكَ وَقَوْمِهِ.
وَرَوَى الأَعْمَشُ, عَنْ إِبْرَاهِيْمَ, قَالَ: كَانَ
عَلْقَمَةُ يَقْرَأُ القُرْآنَ فِي خَمْسٍ وَالأَسْوَدُ
فِي سِتٍّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ يَزِيْدَ فِي سَبْعٍ.
جَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ، عَنْ قَابُوْسِ بنِ أَبِي
ظَبْيَانَ, قَالَ: قُلْتُ لأَبِي: لأَيِّ شَيْءٍ كُنْتَ
تَأْتِي عَلْقَمَةَ وَتَدَعُ أَصْحَابَ النَّبِيِّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟! - قَالَ: أَدْرَكْتُ نَاساً
مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- يَسْأَلُوْنَ عَلْقَمَةَ وَيَسْتَفْتُوْنَهُ.
شَرِيْكٌ, عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
بنِ يَزِيْدَ, قَالَ: قِيْلَ لابْنِ مَسْعُوْدٍ: مَا
عَلْقَمَةُ بِأَقْرَئِنَا. قَالَ: بَلَى -وَالله- إِنَّهُ
لأَقْرَؤُكُم.
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بنُ طَارِقٍ, أَنْبَأَنَا أَبُو
المَكَارِمِ التَّيْمِيُّ, أَنْبَأَنَا الحَدَّادُ,
أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ
أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ
عُثْمَانَ, حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ, حَدَّثَنَا حَفْصُ
بنُ غِيَاثٍ, عَنِ الأَعْمَشِ, عَنِ المُسَيَّبِ بنِ
رَافِعٍ قَالَ: قِيْلَ لِعَلْقَمَةَ: لَوْ جَلَسْتَ
فَأَقْرَأْتَ النَّاسَ وَحَدَّثْتَهُم. قَالَ: أَكْرَهُ
أَنْ يُوْطَأَ عَقِبِي1, وَأَنْ يُقَالَ: هَذَا عَلْقَمَةُ
فَكَانَ يَكُوْنُ فِي بَيْتِهِ يَعلِفُ غَنَمَهُ
وَيَقُتُّ2 لَهُم وَكَانَ مَعَهُ شَيْءٌ يُفْرِعُ
بَيْنَهُنَّ إِذَا تَنَاطَحْنَ.
ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عُمَرَ بنِ سَعْدٍ، قَالَ: كَانَ
الرَّبِيْعُ بنُ خُثَيْمٍ يَأْتِي عَلْقَمَةَ, فَيَقُوْلُ:
مَا أَزُوْرُ أَحَداً غَيْرَكَ أَوْ مَا أَزُوْرُ أحدًا ما
أزورك.
قَالَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ
الشَّعْبِيِّ: إِنْ كَانَ أَهْلُ بَيْتٍ خُلِقُوا
لِلْجَنَّةِ, فَهُم أَهْلُ هَذَا البَيْتِ؛ عَلْقَمَةُ
وَالأَسْوَدُ. وَقَالَ أَبُو قَيْسٍ الأَوْدِيُّ: رَأَيْتُ
إِبْرَاهِيْمَ آخِذاً بِالرِّكَابِ لِعَلْقَمَةَ.
الأَعْمَشُ, عَنْ مَالِكِ بنِ الحَارِثِ, عَنْ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بنِ يَزِيْدَ, قَالَ: قِيْلَ لِعَلْقَمَةَ
إلَّا تَغْشَى الأُمَرَاءَ, فَيَعْرِفُوْنَ مِنْ نَسَبِكَ؟
قَالَ: مَا يَسُرُّنِي أَنَّ لِي مَعَ أَلْفَيَّ
أَلْفَيْنِ, وَأَنِّي أَكْرَمُ الجُنْدِ عَلَيْهِ.
فَقِيْلَ لَهُ: إلَّا تَغْشَى المَسْجِدَ فَتَجْلِسَ
وَتُفْتِيَ النَّاسَ؟ قَالَ: تُرِيْدُوْنَ أَنْ يطأ الناس
عقبي, ويقولون: هذا علقمة!.
__________
1 موطأ العقب: أي كثير الأتباع. وفي حديث عمار: أن رجلًا
وشى إلى عمر فقال: "اللهم إن كان هذا فاجعله موطأ العقب"،
أي: كثير الاتباع. دعا عليه بأن يكون سلطانًا أو مقدمًا أو
ذا مال فيتبعه الناس ويمشون وراءه.
2 القتُّ: الفصفصة وهي الرطبة، من علف الدواب.
(5/20)
حُصَيْنٌ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ عَنْ
عَلْقَمَةَ: أَنَّهُ أَوْصَى، قَالَ: إِذَا أَنَا
حُضِرْتُ, فَأَجْلِسُوا عِنْدِي مَنْ يُلَقِّنُنِي لاَ
إِلَهَ إلَّا اللهُ, وَأَسْرِعُوا بِي إِلَى حُفْرَتِي,
وَلاَ تَنْعَوْنِي إِلَى النَّاسِ, فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ
يَكُوْنَ ذَلِكَ نَعْياً كَنَعْيِ الجَاهِلِيَّةِ1.
قَالَ بَعْضُ الحُفَّاظِ، وَأَحْسَنَ: أَصَحُّ
الأَسَانِيْدِ: مَنْصُوْرٌ, عَنْ إِبْرَاهِيْمَ, عَنْ
عَلْقَمَةَ, عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ فعلى هذا, أصح ذلك:
شعبة, وسفيان, عن مَنْصُوْرٍ, وَعَنْهُمَا يَحْيَى
القَطَّانُ, وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ
وَعَنْهُمَا عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ, وَعَنْهُ أَبُو
عَبْدِ اللهِ البُخَارِيُّ -رَحِمَهُمُ اللهُ.
قَالَ الهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ: مَاتَ عَلْقَمَةُ فِي
خِلاَفَةِ يَزِيْدَ. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ, وَقَعْنَبُ
بنُ مُحَرِّرٍ: سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ. وَقَالَ
المَدَائِنِيُّ, وَيَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ, وَأَبُو
عُبَيْدٍ, وَابْنُ مَعِيْنٍ, وَابْنُ سَعْدٍ, وَعِدَّةٌ
مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ. وَيُقَالُ:
تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ. وَيُقَالُ: سَنَةَ
ثَلاَثٍ, وَلَمْ يَصِحَّ. وَشَذَّ: أَبُو نُعَيْمٍ عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بنُ هَانِئ النخعي, فقال: مات سنة اثنتين
وسبعين سنة وَكَذَا نُقِلَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي
شَيْبَةَ وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ.
وَقِيْلَ غَيْرُ ذَلِكَ. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ
النَّخَعِيُّ: عاش تسعين سنة.
ومن طبقته:
__________
1 النعي لغة: وهو الإخبار بموت الميت، والإعلان موت الميت
على رؤوس المنائر ونحوها من النعي الذي نهى عنه رسول الله
صلى الله عليه وسلم فقد ثبت عن حذيفة أنه "كان إذا مات له
الميت قال: لا تؤذنوا به أحدا، إني أخاف أن يكون نعيا، إني
سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ينهى عن النعي" أخرجه أحمد "5/ 406"، والترمذي
"986"، وابن ماجه "1476"، والبيهقي "4/ 74" من حديث حذيفة
بن اليمان وإسناده حسن.
لكن قد جاءت أحاديث صحيحة تدل على جواز نوع من الإخبار،
وقيد بها مطلق النهي، وقالوا إن المراد بالنعي الإعلان
الذي يشبه ما كان عليه أهل الجاهلية من صياح على أبواب
البيت والأسواق فيجوز إعلان الوفاة إذا لم يقترن به، ما
يشبه نعي الجاهلية، وقد يجب ذلك إذا لم يكن عنده من يقوم
بحقه من الغسل والتكفين والصلاة عليه ونحو ذلك؛ فعن أَبِي
هُرَيْرَةَ: "أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه،
خرج إلى المصلى فصف بهم، وكبر أربعًا".
أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما. وعن أنس قَالَ: قَالَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أخذ
الراية زيد فأصيب، ثم أخذها جعفر فأصيب، ثم أخذها عبد الله
بن رواحة فأصيب، وإن عيني رسول الله صلى الله عليه وسلم
لتذرفان، ثم أخذها خالد بن الوليد من غير إمرة ففتح له"
أخرجه البخاري وترجم له البخاري وللحديث الذي قبله بقوله:
"باب الرجل ينعى إلى أهل الميت بنفسه" وقال الحافظ في
"الفتح": وفائدة هذه الترجمة الإشارة إلى أن النعي ليس
ممنوعًا كله، وإنما نهى عما كان أهل الجاهلية يصنعونه،
فكانوا يرسلون من يعلن بخبر موت الميت على أبواب الدور
والأسواق ... ".
(5/21)
383- علقمة بن
وقاص 1: "ع"
ابن محصن بن كلدة الليثي، العُتْوَارِيُّ، المَدَنِيُّ,
أَحَدُ العُلَمَاءِ.
حَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ, وَعَائِشَةَ, وَبِلاَلِ بنِ
الحَارِثِ المُزَنِيِّ, وَعَمْرِو بنِ العَاصِ, وَابْنِ
عُمَرَ, وَطَائِفَةٍ لَهُ. أَحَادِيْثُ لَيْسَتْ
بِالكَثِيْرَةِ. وَثَّقَهُ: ابْنُ سَعْدٍ,
وَالنَّسَائِيُّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: وَلَدَاهُ عَمْرٌو وَعَبْدُ اللهِ,
وَالزُّهْرِيُّ, وَابْنُ أَبِي ملكية, وَمُحَمَّدُ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ التَّيْمِيُّ, وَعَمْرُو بنُ يَحْيَى
المَازِنِيُّ. وَلَهُ دَارٌ بِالمَدِيْنَةِ, وَعَقِبٌ.
مَاتَ فِي دَوْلَةِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ مَرْوَانَ.
حَدِيْثُهُ فِي الكتب الستة.
قَرَأْتُ عَلَى إِسْحَاقَ بنِ طَارِقٍ: أَخْبَرَكُم ابْنُ
خَلِيْلٍ, أَنْبَأَنَا أَبُو المَكَارِمِ التَّيْمِيُّ,
أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ, أَنْبَأَنَا أَبُو
نُعَيْمٍ الحَافِظُ, حَدَّثَنَا فَارُوْقٌ الخَطَّابِيُّ,
حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ الكَشِّيُّ, حَدَّثَنَا
مَعْمَرُ بنُ عَبْدِ اللهِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ
الحَكَمِ عَنْ إِبْرَاهِيْمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ
اللهِ قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللهَ يُحِبُّ أَنْ تُقْبَلَ رُخَصُهُ,
كَمَا يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى عَزَائِمُهُ" 2 قَالَ أَبُو
نعيم: تفرد برفعه معمر هذا.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 60"، التاريخ الكبير "7/
ترجمة 176"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 2259"، الاستيعاب
"3/ 1088"، أسد الغابة "4/ 15"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة
35"، تجريد أسماء الصحابة "1/ ترجمة 4228"، الكاشف "2/
ترجمة 3934"، تهذيب التهذيب "7/ 280- 281"، الإصابة "2/
ترجمة 5680" و "3/ترجمة 6258" خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة
4940"
2 صحيح: أخرجه أبو نعيم "2/ 101" والطبراني بهذا اللفظ
حدثنا فاروق الخطابي، به.
قلت: وقد وهم الحافظ الذهبي -رحمه الله- حيث ظن أن علقمة
هو علقمة بن وقاص، وليس كذلك إنما هو علقمة بن قيس النخعي
كما أورد الحافظ أبو نعيم الحديث في ترجمته وكلاهما ثقة
ثبت.
وقد صح الحديث عن ابن عباس، وعن ابن عمر، وعن عائشة، وعن
ابن مسعود كما تقدم، وأنس: فعن ابن عباس -رضي الله عنهما:
أخرجه الطبراني في "الكبير" "11880"، وأبو نعيم في
"الحلية" "8/ 276" من طريق الحسين بن محمد الذارع، قال:
حدثنا أبو محصن حصين بن نمير قال: حدثنا هشام بن حسان، عن
عكرمة، عن ابن عباس، به مرفوعًا. وإسناده صحيح.
وعن ابن عمر -رضي الله عنهما: أخرجه أحمد "2/ 108"،
والبزوار "988" و "989"، والقضاعي في "مسند الشهاب" "1078"
من طرق عن عبد العزيز الدراوردي، عن عمارة بن غزية، عن حرب
بن قيس عن نافع، عن ابن عمر، به. وإسناده حسن، وعن عائشة
-رضي الله عنها: عند ابن حبان في "الثقات" "2/ 200"، وعن
ابن مسعود -رضي الله عنه: عند الطبراني، وأبي نعيم: عند
الطبراني، وأبي نعيم "2/ 101" وقد تقدم في صدر الكلام، وعن
أنس -رضي الله عنه: عند الدولابي في "الكنى" "2/ 42".
(5/22)
384- جنادة
1: "غ"
ابن أبي أمية الأزدي, الدوسي, مِنْ كُبَرَاءِ
التَّابِعِيْنَ.
حَدَّثَ عَنْ: مُعَاذِ بنِ جَبَلٍ, وَعُمَرَ, وَأَبِي
الدَّرْدَاءِ, وَعُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ, وَبُسْرِ بنِ
أَبِي أَرْطَاةَ.
رَوَى عَنْهُ: وَلَدُهُ؛ سُلَيْمَانُ، وَبُسْرُ بنُ
سَعِيْدٍ، وَمُجَاهِدُ بنُ جَبْرٍ، وَرَجَاءُ بنُ
حَيْوَةَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ الصُّنَابِحِيُّ مَعَ
تَقَدُّمِهِ, وَأَبُو الخَيْرِ مَرْثَدٌ اليَزَنِيُّ,
وَعُلَيُّ بنُ رَبَاحٍ, وَعُمَيْرُ بنُ هَانِئ,
وَعُبَادَةُ بنُ نُسَيٍّ, وآخرون.
وَلأَبِيْهِ أَبِي أُمَيَّةَ صُحْبَةٌ مَا, وَاسُمُهُ:
كَبِيْرٌ بِمُوَحَّدَةٍ.
وَلِيَ جُنَادَةُ غَزْوَ البَحْرِ لِمُعَاوِيَةَ، وَشَهِدَ
فَتْحَ مِصْرَ, وَقَدْ أَدْرَكَ الجَاهِلِيَّةَ
وَالإِسْلاَمَ. وَقَدْ قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ
الجُنَيْدِ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ, وَسُئِلَ:
أَجُنَادَةُ بنُ أَبِي أُمَيَّةَ الَّذِي روى عنه مجاهد له
صحب؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: أَهُوَ الَّذِي يَرْوِي عَنْ
عُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ؟ قَالَ: هُوَ هُوَ.
وَأَمَّا ابْنُ سَعْدٍ وَالعِجْلِيُّ وَطَائِفَةٌ
فَقَالُوا: تَابِعِيٌّ، شَامِيٌّ. وَهُوَ الصَّوَابُ.
وَصَحَّ لَهُ حَدِيْثٌ فَيَكُوْنُ مُرْسَلاً.
قَالَ ابْنُ يُوْنُسَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانِيْنَ
وَقَالَ المَدَائِنِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ
وَسَبْعِيْنَ وَكَذَا قَالَ ابن معين وقال الهيثم بن عدي
وتوفي سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَقِيْلَ غَيْرُ ذَلِكَ.
وَاللهُ أعلم.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 439"، التاريخ الكبير "2/
ترجمة 2297"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 2129" أسد الغابة
"1/ 297- 298" تهذيب التهذيب "2/ 115- 116"، الإصابة "1/
ترجمة 1201"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1071".
(5/23)
385- مسروق
1: "ع"
ابن الأجدع، الإِمَامُ، القُدْوَةُ، العَلَمُ، أَبُو
عَائِشَةَ الوَادِعِيُّ الهَمْدَانِيُّ، الكُوْفِيُّ.
وَهُوَ: مَسْرُوْقُ بنُ الأَجْدَعِ بنِ مَالِكِ بنِ
أُمَيَّةَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مُرِّ بنِ سَلْمَانَ بنِ
مَعْمَرٍ, وَيُقَالُ: سَلاَمَانُ بنُ مَعْمَرِ بنِ
الحَارِثِ بنِ سَعْدِ بنِ عَبْدِ الله ابن وَادِعَةَ بنِ
عُمَرَ بنِ عَامِرِ بنِ نَاشِحِ بنِ دَافِعِ بنِ مَالِكِ
بنِ جُشَمَ بنِ حَاشِدِ بنِ جُشَمَ بنِ خَيْوَانَ بنِ
نَوْفِ بنِ هَمْدَانَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: يُقَالُ إِنَّهُ سُرِقَ
وَهُوَ صَغِيْرٌ ثُمَّ وُجِدَ, فَسُمِّيَ مَسْرُوْقاً.
وَأَسْلَمَ أَبُوْهُ الأَجْدَعُ.
حَدَّثَ هُوَ عَنْ: أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ، وَعُمَرَ، وَعَنْ
أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ -إِنْ صَحَّ- وَعَنْ أُمِّ
رُوْمَانَ, وَمُعَاذِ بنِ جَبَلٍ, وَخَبَّابٍ,
وَعَائِشَةَ, وَابْنِ مَسْعُوْدٍ, وَعُثْمَانَ, وَعَلِيٍّ,
وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو, وَابْنِ عُمَرَ وَسُبَيْعَةَ,
وَمَعْقِلِ بنِ سِنَانٍ, وَالمُغِيْرَةِ بنِ شُعْبَةَ,
وَزَيْدٍ حَتَّى إِنَّهُ رَوَى عَنْ عُبَيْدِ بنِ عمير بنِ
عُمَيْرٍ قَاصِّ مَكَّةَ.
وَعَنْهُ: الشَّعْبِيُّ, وَإِبْرَاهِيْمُ النَّخَعِيُّ,
وَيَحْيَى بنُ وَثَّابٍ, وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُرَّةَ,
وَأَبُو وَائِلٍ وَيَحْيَى بنُ الجَزَّارِ وَأَبُو
الضُّحَى, وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ
مَسْعُوْدٍ, وَعُبَيْدُ بنُ نُضَيْلَةَ, وَمَكْحُوْلٌ
الشَّامِيُّ, وَمَا أُرَاهُ لَقِيَهُ, وَأَبُو إِسْحَاقَ,
وَمُحَمَّدُ بنُ المُنْتَشِرِ, وَمُحَمَّدُ بنُ نَشْرٍ
الهَمْدَانِيُّ, وَأَبُو الأَحْوَصِ الجُشَمِيُّ,
وَأَيُّوْبُ بنُ هَانِئ, وَعُمَارَةُ بنُ عُمَيْرٍ,
وَحِبَالُ بنُ رُفَيْدَةَ, وَأَنَسُ بنُ سِيْرِيْنَ,
وَأَبُو الشَّعْثَاءِ المُحَارِبِيُّ, وَآخَرُوْنَ.
وَعِدَادُهُ فِي كِبَارِ التَّابِعِيْنَ، وَفِي
المُخَضْرَمِيْنَ الَّذِيْنَ أَسْلَمُوا فِي حَيَاةِ
النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: كَانَ الأَجْدَعُ أَفْرَسَ فَارِسٍ
بِاليَمَنِ قَالَ أَبُو دَاوُدَ أَيْضاً وَمَسْرُوْقٌ هُوَ
ابْنُ أُخْتِ عَمْرِو بنِ معد يكرب.
مُجَالِدٌ, عَنِ الشَّعْبِيِّ, عَنْ مَسْرُوْقٍ قَالَ:
لَقِيْتُ عُمَرَ فَقَالَ: مَا اسْمُكَ؟ فَقُلْتُ:
مَسْرُوْقُ بنُ الأَجْدَعِ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ:
"الأَجْدَعُ شَيْطَانٌ"2، أَنْتَ مَسْرُوْقُ بنُ عبد
الرحمن. فَرَأَيْتُهُ فِي الدِّيْوَانِ3، مَسْرُوْقُ بنُ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ.
وَقَالَ مَالِكُ بنُ مِغْوَلٍ: سَمِعْتُ أَبَا السَّفَرِ,
عَنْ مُرَّةَ, قَالَ: مَا وَلَدَتْ هَمْدَانِيَّةٌ مِثْلَ
مَسْرُوْقٍ. وَقَالَ أَيُّوْبُ الطَّائِيُّ: عَنِ
الشَّعْبِيِّ, قَالَ: مَا عَلِمْتُ أَنَّ أَحَداً كَانَ
أَطْلَبَ لِلْعِلْمِ فِي أُفُقٍ مِنَ الآفَاقِ مِنْ
مَسْرُوْقٍ. وَقَالَ مَنْصُوْرٌ: عَنْ إِبْرَاهِيْمَ,
قَالَ: كَانَ أَصْحَابُ عَبْدِ الله الذين
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 76"، التاريخ الكبير "8/
ترجمة 2065"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 1820"، حلية
الأولياء "2/ 95"، تاريخ الخطيب "13/ 232"، تذكرة الحفاظ
"1/ ترجمة 26" الكاشف "3/ ترجمة 5484"، تهذيب التهذيب "10/
109- 111"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 6942".
2 ضعيف: أخرجه ابن أبي شيبة "8/ 665". وأحمد "1/ 31"، وأبو
داود "4957"، والبزار "319" من طريق أبي النضر هاشم بن
القاسم، حدثنا أبو عقيل, حدثنا مجالد بن سعيد، به.
قلت: إسناده ضعيف، لضعف مجالد بن سعيد، وأبو عقيل: هو عبد
الله بن عقيل الثقفي، والشعبي، هو عامر بن شراحيل الشعبي.
3 الديوان: مجتمع الصحف؛ قال أبو عبيدة: هو فارسي معرب
(5/24)
يُقْرِئُوْنَ النَّاسَ، وَيُعَلِّمُوْنَهُم
السُّنَّةَ: عَلْقَمَةَ, وَالأَسْوَدَ, وَعَبِيَدَةَ,
وَمَسْرُوْقاً, وَالحَارِثَ بنَ قَيْسٍ, وَعَمْرَو بنَ
شُرَحْبِيْلَ.
وَرَوَى عَبْدُ المَلِكِ بنُ أَبْجَرَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ:
كَانَ مَسْرُوْقٌ أَعْلَمَ بِالفَتْوَى مِنْ شُرَيْحٍ,
وَكَانَ شُرَيْحٌ أَعْلَمَ بِالقَضَاءِ مِنْ مَسْرُوْقٍ,
وَكَانَ شُرَيْحٌ يَسْتَشِيْرُ مَسْرُوْقاً, وَكَانَ
مَسْرُوْقٌ لاَ يَسْتَشِيْرُ شُرَيْحاً.
وَرَوَى شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ: حَجَّ
مَسْرُوْقٌ, فَلَمْ يَنَمْ إلَّا سَاجِداً عَلَى وَجْهِهِ
حَتَّى رَجَعَ. وَرَوَى أَنَسُ بنُ سِيْرِيْنَ, عَنِ
امْرَأَةِ مَسْرُوْقٍ, قَالَتْ: كَانَ مَسْرُوْقٌ يُصَلِّي
حَتَّى تَوَرَّمَ قَدَمَاهُ, فُرُبَّمَا جَلَسْتُ أَبْكِي
مِمَّا أَرَاهُ يَصْنَعُ بِنَفْسِهِ.
المُثَنَّى القَصِيْرُ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ المُنْتَشِرِ,
عَنْ مَسْرُوْقٍ, قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَبِي مُوْسَى
أَيَّامَ الحَكَمَيْنِ, فُسْطَاطِي إِلَى جَانِبِهِ,
فَأَصْبَحَ النَّاسُ ذات يوم قد لَحِقُوا بِمُعَاوِيَةَ,
فَرَفَعَ أَبُو مُوْسَى رَفْرَفَ فُسْطَاطِهِ وَقَالَ: يَا
مَسْرُوْقُ! قُلْتُ: لَبَّيْكَ. قَالَ: إِنَّ الإِمَارَةَ
مَا ائْتُمِرَ فِيْهَا, وَإِنَّ المُلْكَ مَا غُلِبَ
عَلَيْهِ بِالسَّيْفِ.
مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوْقٍ: قَالَتْ
عَائِشَةُ: يَا مَسْرُوْقُ, إِنَّكَ مِنْ وَلَدِي,
وَإِنَّكَ لَمِنْ أَحَبِّهِم إِلَيَّ فَهَلْ لَكَ عِلْمٌ
بِالمُخْدَجِ1.
قَالَ أَبُو السَّفَرِ: مَا وَلدَتْ هَمْدَانِيَّةٌ مِثْلَ
مَسْرُوْقٍ.
وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: لَمَّا قَدِمَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ
زِيَادٍ الكُوْفَةَ، قَالَ: مَنْ أَفْضَلُ النَّاسِ؟
قَالُوا لَهُ: مَسْرُوْقٌ. وَقَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ
أَنَا مَا أُقَدِّمُ عَلَى مَسْرُوْقٍ أَحَداً صَلَّى
خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ.
مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ مَسْرُوْقٌ: لأَنْ
أُفْتِيَ يَوْماً بِعَدْلٍ وَحَقٍّ, أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ
أَنْ أَغْزُوَ سَنَةً.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ المُنْتَشِرِ:
أَهْدَى خَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أُسَيْدٍ عَامِلُ
البَصْرَةِ إِلَى عَمِّي مَسْرُوْقٍ ثَلاَثِيْنَ أَلْفاً,
وَهُوَ يَوْمَئِذٍ مُحْتَاجٌ, فَلَمْ يَقْبَلْهَا. وَقَالَ
أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ: زَوَّجَ مَسْرُوْقٌ
بِنْتَهُ بِالسَّائِبِ بنِ الأَقْرَعِ عَلَى عَشْرَةِ
آلاَفٍ لِنَفْسِهِ, يَجْعَلُهَا فِي المُجَاهِدِيْنَ
وَالمَسَاكِيْنِ.
الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، قَالَ: غَابَ مَسْرُوْقٌ
عَامِلاً عَلَى السِّلْسِلَةِ سَنَتَيْنِ ثُمَّ قَدِمَ
فَنَظَرَ أَهْلَهُ فِي خُرْجِهِ, فَأَصَابُوا فَأْساً,
فَقَالُوا: غِبْتَ ثُمَّ جِئْتَنَا بِفَأْسٍ, بِلاَ
عُوْدٍ. قَالَ: إِنَّا لله, استعرناها, نسينا نردها.
__________
1 ضعيف: فيه مجالد، وهو ابن سعيد، وهو ضعيف.
(5/25)
قَالَ سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ: قَالَ لِي
مَسْرُوْقٌ: مَا بَقِيَ شَيْءٌ يُرْغَبُ فِيْهِ، إلَّا
أَنْ نُعَفِّرَ وُجُوْهَنَا فِي التُّرَابِ, وَمَا آسَى
عَلَى شيء إلَّا السجود لله -تعالى.
وَقَالَ الكَلْبِيُّ: شُلَّتْ يَدُ مَسْرُوْقٍ يَوْمَ
القَادِسِيَّةِ, وَأَصَابَتْهُ آمَّةٌ1.
قَالَ وَكِيْعٌ: تَخَّلفَ عَنْ عَلِيٍّ: مسروق, والأسود,
والربيع بن خيثم, وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ
وَيُقَالُ: شَهِدَ صِفِّيْنَ, فَوَعَظَ, وَخَوَّفَ وَلَمْ
يُقَاتِلْ وَقِيْلَ: شَهِدَ قِتَالَ الحَرُوْرِيَّةِ مَعَ
عَلِيٍّ, وَاسْتَغْفَرَ اللهَ مِنْ تَأَخُّرِهِ عَنْ
عَلِيٍّ وَقِيْلَ: إِنَّ قَبْرَهُ بِالسِّلْسِلَةِ
بِوَاسِطَ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ:
بَقِيَ مَسْرُوْقٌ بَعْدَ عَلْقَمَةَ لاَ يُفَضَّلُ
عَلَيْهِ أَحَدٌ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: مَسْرُوْقٌ ثِقَةٌ, لاَ
يُسْأَلُ عَنْ مِثْلِهِ, وَسَأَلَ عُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ
يَحْيَى عَنْ مَسْرُوْقٍ وَعُرْوَةَ فِي عَائِشَةَ فَلَمْ
يُخِيِّرْ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: مَا أُقَدِّمُ عَلَى
مَسْرُوْقٍ أَحَداً مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللهِ, صَلَّى
خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ, وَلَقِيَ عُمَراً وَعَلِيّاً, وَلَمْ
يَرْوِ عَنْ عُثْمَانَ شَيْئاً.
وَقَالَ العِجْلِيُّ: تَابِعِيٌّ, ثِقَةٌ, كَانَ أَحَدَ
أَصْحَابِ عَبْدِ اللهِ الَّذِيْنَ يُقْرِئُوْنَ
وَيُفْتُوْنَ. وَكَانَ يُصَلِّي حَتَّى تَرِمَ قَدَمَاهُ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً, لَهُ أَحَادِيْثُ
صَالِحَةٌ.
رَوَى سَعِيْدُ بنُ عُثْمَانَ التَّنُوْخِيُّ الحِمْصِيُّ،
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ السَّامِيُّ، حَدَّثَنَا
الثَّوْرِيُّ, عَنْ فِطْرِ بنِ خَلِيْفَةَ عَنِ
الشَّعْبِيِّ قَالَ: غُشِيَ عَلَى مَسْرُوْقٍ فِي يَوْمٍ
صَائِفٍ, وَكَانَتْ عَائِشَةُ قَدْ تَبَنَّتْهُ, فَسَمَّى
بِنْتَهُ عائشة, وكان لاَ يَعْصِي ابْنَتَهُ شَيْئاً.
قَالَ: فَنَزَلتْ إِلَيْهِ, فَقَالَتْ: يَا أَبَتَاهُ,
أَفْطِرْ وَاشْرَبْ. قَالَ: مَا أَرَدْتِ بِي يَا
بُنَيَّةُ؟ قَالَتِ: الرِّفْقَ. قَالَ: يَا بُنَيَّةُ,
إِنَّمَا طَلَبْتُ الرِّفْقَ لِنَفْسِي فِي يوم كان مقداره
خمسين ألف سنة.
قال أَبُو نُعَيْمٍ: مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ
وَسِتِّيْنَ. وَقَالَ يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ, وَابْنُ
سَعْدٍ, وَابْنُ نُمَيْرٍ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثٍ
وَسِتِّيْنَ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ الجَعْدِ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ
إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ المُنْتَشِرِ, عَنْ
أَبِيْهِ أَنَّ مَسْرُوْقاً كَانَ لاَ يَأْخُذُ عَلَى
القَضَاءِ أَجْراً, وَيَتَأَوَّلُ هَذِهِ الآيَةَ: {إِنَّ
اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ
وَأَمْوَالَهُم} الآية [التوبة: 111] .
__________
1 الآمة: الشجة التي بلغت أم الرأس، وهي الجلدة التي تجمع
الدماغ. يقال رجل أميم ومأموم.
(5/26)
الأَعْمَشُ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ
مَسْرُوْقٍ، قَالَ: كَفَى بِالمَرْءِ عِلْماً أَنْ يَخْشَى
اللهَ تَعَالَى وَكَفَى بِالمَرْءِ جَهْلاً أَنْ يُعْجَبَ
بِعَمَلِهِ.
مَنْصُوْرٌ، عَنْ هِلاَلِ بن يِسَافٍ، قَالَ: قَالَ
مَسْرُوْقٌ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَعْلَمَ عِلْمَ
الأَوَّلِيْنَ وَالآخِرِيْنَ، وَعِلْمَ الدُّنْيَا
وَالآخِرَةِ فَلْيَقْرَأْ سُوْرَةَ الوَاقِعَةِ.
قُلْتُ: هَذَا قَالَهُ مَسْرُوْقٌ عَلَى المُبَالَغَةِ,
لِعِظَمِ مَا فِي السُّوْرَةِ مِنْ جُمَلِ أُمُوْرِ
الدَّارَيْنِ. وَمَعْنَى قَوْلِهِ: فليقرأ سورة الواقعة
أي: يقرأها بتدبير وتفكير وَحُضُوْرٍ, وَلاَ يَكُنْ
كَمَثَلِ الحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً.
عَمْرُو بنُ مُرَّةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: كَانَ
مَسْرُوْقٌ إِذَا قِيْلَ لَهُ أَبْطَأْتَ عَنْ عَلِيٍّ
وَعَنْ مَشَاهِدِهِ, فَيَقُوْلُ: أَرَأَيْتُم لَوْ أَنَّهُ
حِيْنَ صُفَّ بَعْضُكُم لِبَعْضٍ, فَنَزَلَ بَيْنَكُم
مَلَكٌ فَقَالَ: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ
اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النِّسَاءُ: 29] ،
أَكَانَ ذَلِكَ حَاجِزاً لَكُم؟ قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ:
فَوَاللهِ لَقَدْ نَزَلَ بِهَا مَلَكٌ كَرِيْمٌ عَلَى
لِسَانِ نَبِيِّكُم وَإِنَّهَا لَمُحْكَمَةٌ مَا نَسَخَهَا
شَيْءٌ.
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي المَعَالِي أَحْمَدَ بنِ إِسْحَاقَ
بمصر: أخبركم الفَتْحُ بنُ عَبْدِ اللهِ الكَاتِبُ،
أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ القَاضِي، وَأَبُو
غَالِبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ
الطَّرَائِفِيُّ, قَالُوا: أَنْبَأَنَا محمد بن أحمد بن
مسلمة, أَنْبَأَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
الزُّهْرِيُّ, حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ
الفِرْيَابِيُّ, حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي
شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بن نمير حدثنا الأعمش
قَالَ الفِرْيَابِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي
شَيْبَةَ, حَدَّثَنَا جَرِيْرٌ, عَنِ الأَعْمَشِ, عَنْ
عَبْدِ اللهِ بنِ مُرَّةَ, عَنْ مَسْرُوْقٍ, عَنْ عَبْدِ
اللهِ بنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيْهِ
كَانَ مُنَافِقاً" زَادَ عُثْمَانُ خَالِصاً ثُمَّ
اتَّفَقَا "وَمَنْ كَانَتْ فِيْهِ خَلَّةٌ مِنْهُنَّ
كَانَتْ فِيْهِ خَلَّةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا:
إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ, وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ وَإِذَا
عَاهَدَ غَدَرَ وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ" أَخْرَجَهُ:
مُسْلِمٌ1, عَنْ أَبِي بَكْرٍ بِهِ.
قَالَ مُجَالِدٌ, عَنِ الشَّعْبِيِّ: إِنَّ مَسْرُوْقاً
قَالَ: لأَنْ أَقْضِيَ بِقَضِيَّةٍ وِفْقَ الحَقِّ,
أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ رِبَاطِ سَنَةٍ فِي سَبِيْلِ الله
أَوْ قَالَ مَنْ غَزْوِ سَنَةٍ.
قَالَ أَبُو الضُّحَى: سُئِلَ مَسْرُوْقٌ عَنْ بَيْتِ
شِعْرٍ، فَقَالَ: أَكْرَهُ أَنْ أَجِدَ فِي صَحِيْفَتِي
شِعْراً. حَمَّادُ بنُ أَبِي سُلَيْمَانَ, عَنْ أَبِي
الضُّحَى, عَنْ مَسْرُوْقٍ, قَالَ: صَلَّيْتُ خَلْفَ أَبِي
بكر.
__________
1 صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة "8/ 593- 594"، وأحمد "2/ 189
و 198"، والبخاري "34" و "2459"، ومسلم "58"، وأبو داود
"4688"، والترمذي "2632"، والنسائي "8/ 116" ووكيع في
"الزهد" "473"، وأبو عوانة في "مسنده" "1/ 20"، وابن منده
"522" و "523" "524" و "526"، والبيهقي في "السنن" "9/
230" و "10/ 74"، والبغوي "37" من طرق عَنِ الأَعْمَشِ،
عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مُرَّةَ، عَنْ مَسْرُوْقٍ، عَنْ
عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، به.
(5/27)
386- سويد بن
غفلة 1: "ع"
ابن عوسجة بن عامر, الإمام, القدوة، أبو أمية الجعفي
الكوفي.
قِيْلَ: لَهُ صُحْبَةٌ، وَلَمْ يَصِحَّ، بَلْ أَسْلَمَ فِي
حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
وَسَمِعَ كِتَابَهُ إِلَيْهِم وَشَهِدَ اليَرْمُوْكَ.
وَحدَّثَ عَنْ: أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ، وَعُمَرَ،
وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَأُبَيِّ بنِ كَعْبٍ، وَبِلاَلٍ،
وَأَبِي ذَرٍّ، وَابْنِ مَسْعُوْدٍ, وَطَائِفَةٍ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو لَيْلَى الكِنْدِيُّ, وَالشَّعْبِيُّ,
وَإِبْرَاهِيْمُ النَّخَعِيُّ, وَسَلَمَةُ بنُ كُهَيْلٍ,
وَعَبْدَةُ بنُ أَبِي لُبَابَةَ وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ
رُفَيْعٍ, وَمَيْسَرَةُ أَبُو صَالِحٍ, وَجَمَاعَةٌ
سِوَاهُم.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ مِنْ أَقْرَانِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي السِّنِّ. فَقَالَ
نُعَيْمُ بنُ مَيْسَرَةَ: حَدَّثَنِي بَعْضُهُم عَنْ
سُوَيْدِ بنِ غَفَلَةَ: أَنَا لِدَةُ رَسُوْلِ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وُلِدْتُ عَامَ
الفِيْلِ.
زِيَادُ بنُ خَيْثَمَةَ, عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ,
قَالَ: قَالَ سُوَيْدُ بنُ غَفَلَةَ: أَنَا أَصْغَرُ مِنَ
النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
بِسَنَتَيْنِ.
أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَنْبَأَنَا هِلاَلُ بنُ
خَبَّابٍ، حَدَّثَنَا مَيْسَرَةُ أَبُو صَالِحٍ، عَنْ
سُوَيْدِ بنِ غَفَلَةَ قَالَ: أتَانَا مُصَدِّقُ2
النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ, وَسَمِعْتُ عَهْدَهُ.
سُفْيَانُ بنُ وَكِيْعٍ, عَنْ يُوْنُسَ بنِ بُكَيْرٍ, عَنْ
عَمْرِو بنِ شَمِرٍ, عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ
الأَعْلَى عَنْ سُوَيْدِ بنِ غَفَلَةَ قَالَ رَأَيْتُ
النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَهْدَبَ
الشَّعْرِ مَقْرُوْنَ الحَاجِبَيْنِ, وَاضِحَ الثَّنَايَا
أَحْسَنَ شَعْرٍ وضعه الله على رأس إنسان. أخرجه: ابن منده
في "معرفة الصحابة"3.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 68"، التاريخ الكبير "4/
ترجمة 2255"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 1001"، حلية
الأولياء "4/ 174"، والاستيعاب "2/ 679" أسد الغابة "2/
379"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 36"، تجريد أسماء الصحابة
"1/ ترجمة 2624"، الكاشف "1/ ترجمة 2218"، تهذيب التهذيب
"4/ 278"، الإصابة "2/ ترجمة 3606"، 3720"، خلاصة الخزرجي
"1/ ترجمة 2832".
2 المصدق: هو عامل الزكاة الذي يجتبيها من أصحابها.
3 ضعيف جدًا: فيه سفيان بن وكيع، ضعيف. وفيه عمرو بن شمر،
قال يحيى: ليس بشيء. وقال الجوزجاني: زائغ كذاب. وقال ابن
حبان: رافضي يشتم الصحابة، ويروي الموضوعات عن الثقات،
وَقَالَ البُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الحَدِيْثِ. وَقَالَ
النَّسَائِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيُّ وغيرهما: متروك الحديث.
(5/28)
مُبَشِّرُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ، عَنْ
سُلَيْمَانَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الزِّبْرِقَانِ، عَنْ
أُسَامَةَ بنِ أَبِي عَطَاءٍ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ
النُّعْمَانِ بنِ بَشِيْرٍ, فَدَخَلَ عَلَيْهِ سُوَيْدُ
بنُ غَفَلَةَ, فَقَالَ لَهُ النُّعْمَانُ بنُ بَشِيْرٍ
أَلَمْ يَبْلُغْنِي أَنَّكَ صَلَّيْتَ مَعَ النَّبِيِّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَرَّةً قَالَ: لاَ
بَلْ مِرَاراً كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا نُوْدِيَ بِالأَذَانِ كَأَنَّهُ
لاَ يَعْرِفُ أَحَداً مِنَ النَّاسِ.
هَذَا حَدِيْثٌ ضَعِيْفُ الإِسْنَادِ1 كَالَّذِي قَبْلَهُ.
وَقَدْ قَالَ زُهَيْرُ بنُ مُعَاِويَةَ: حَدَّثَنَا
الحَارِثُ بنُ مُسْلِمِ بنِ الرُّحَيْلِ الجُعْفِيُّ,
قَالَ: قَدِمَ الرُّحَيْلُ وَسُوَيْدُ بنُ غَفَلَةَ حِيْنَ
فَرَغُوا مِنْ دَفْنِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
مُحَمَّدُ بنُ طَلْحَةَ بنِ مُصَرِّفٍ، عَنْ عِمْرَانَ بنِ
مُسْلِمٍ، قَالَ: مَرَّ رَجُلٌ مِنْ صَحَابَةِ الحَجَّاجِ
عَلَى مُؤَذِّنِ قَبِيْلَةِ جُعْفَى وَهُوَ يُؤَذِّنُ,
فَأَتَى الحَجَّاجُ فَقَالَ: إلَّا تَعْجَبُ مِنْ أَنِّي
سَمِعْتُ مُؤَذِّنَ الجُعْفِيِّيْنَ يُؤَذِّنُ
بِالهَجِيْرِ؟ قَالَ: فَأَرسَلَ فَجِيْءَ بِهِ فَقَالَ:
مَا هَذَا؟ قَالَ: لَيْسَ لِي أَمْرٌ إِنَّمَا سُوَيْدُ
بنُ غَفَلَةَ الَّذِي أَمَرَنِي بِهَذَا قَالَ فَأَرْسَلَ
إِلَى سُوَيْدٍ فَجِيْءَ بِهِ فَقَالَ: مَا هَذِهِ
الصَّلاَةُ؟ قَالَ: صَلَّيْتُهَا مَعَ أَبِي بَكْرٍ
وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ فَلَمَّا ذَكَرَ عُثْمَانَ جَلَسَ
وكان مضجعًا فَقَالَ أَصَلَّيْتَهَا مَعَ عُثْمَانَ؟ قَالَ
نَعَمْ قَالَ لاَ تَؤُمَّنَّ قَوْمَكَ وَإِذَا رَجَعْتَ
إِلَيْهِم فَسُبَّ فُلاَناً قَالَ: نَعَمْ سَمْعٌ
وَطَاعَةٌ فَلَمَّا أَدْبَرَ قال الحجاج: لَقَدْ عَهِدَ
الشَّيْخُ النَّاسَ وَهُمْ يُصَلُّوْنَ الصَّلاَةَ
هَكَذَا.
الخُرَيْبِيُّ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ صَالِحٍ, قَالَ:
بَلَغَ سُوَيْدُ بنُ غَفَلَةَ عِشْرِيْنَ وَمائَةَ سَنَةٍ,
لَمْ يُرَ مُحْتَبِياً قَطُّ, وَلاَ مُتَسَانِداً,
وَأَصَابَ بِكْراً, يَعْنِي: فِي العَامِ الَّذِي
تُوُفِّيَ فِيْهِ.
وَقَالَ عَاصِمُ بنُ كُلَيْبٍ: تَزَوَّجَ سُوَيْدُ بنُ
غفلة بكرًا وهو ابن مائة وست وعشرة سَنَةً.
وَعَنْ عِمْرَانَ بنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: كَانَ سُوَيْدُ بنُ
غَفَلَةَ إِذَا قِيْلَ لَهُ: أُعْطِيَ فُلاَنٌ وَوُلِّيَ
فُلاَنٌ, قَالَ: حَسْبِي كِسْرَتِي وَمِلْحِي.
عَنْ عَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ، قَالَ: دَخَلْتُ مَنْزِلَ
أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ: فَمَا شَبَّهْتُهُ إلَّا بِمَا
وُصِفَ مِنْ بَيْتِ سُوَيْدِ بنِ غَفَلَةَ مِنْ زُهْدِهِ
وَتَوَاضُعِهِ, رَحِمَهُ اللهُ.
عَنْ مَيْسَرَةَ، عَنْ سُوَيْدِ بنِ غَفَلَةَ، قَالَ:
صَلَّيْتُ مَعَ مُصَدِّقِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا أَتَانَا. وروى:
__________
1 ضعيف: قال الحافظ الذهبي في "الميزان" أسامة بن عطاء، عن
سويد بن غفلة لا يصح ولكن الراوي عنه، واهٍ"، وفيه سليمان
بن عبد الله بن الزبرقان ويقال ابن عبد الرحمن بن فيروز،
لين الحديث كما قال الحافظ في "التقريب".
(5/29)
الوَلِيْدُ بنُ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيْهِ
قَالَ: كَانَ سُوَيْدُ بنُ غَفَلَةَ يَؤُمُّنَا فِي شَهْرِ
رَمَضَانَ فِي القِيَامِ، وَقَدْ أَتَى عَلَيْهِ
عِشْرُوْنَ وَمائَةُ سَنَةٍ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ
نُمَيْرٍ، وَهَارُوْنُ بنُ حَاتِمٍ: مَاتَ سُوَيْدُ سَنَةَ
إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ. وَقَالَ أَبُو حَفْصٍ الفَلاَّسُ:
مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ وَقَدْ ذَكَرَهُ
صَاحِبُ "الحِلْيَةِ" مُخْتَصَراً.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَافِظِ بنُ بَدْرَانَ بِنَابُلُسَ،
أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الفَقِيْهُ سَنَةَ
خَمْسَ عَشْرَةَ وَسِتِّ مائَةٍ، أَنْبَأَنَا أبو شجاع
محمد بن الحسين المادرائي بِقِرَاءتِي، أَنْبَأَنَا
طِرَادُ بنُ مُحَمَّدٍ, أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ
أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ النَّرْسِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بنُ عَمْرٍو الرَّزَّازُ, حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ
الجَبَّارِ, حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ عَنْ
عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ رُفَيْعٍ, عَنْ سُوَيْدِ بنِ
غَفَلَةَ, عَنْ أَبِي ذَرٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"مَنْ مَاتَ لاَ يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئاً دَخَلَ
الجَنَّةَ" قُلْتُ يَا رَسُوْلَ اللهِ وَإِنْ زَنَى وَإِنْ
سَرَقَ قَالَ: "وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ" , ثَلاَثَ
مَرَّاتٍ.
هَذَا حَدِيْثٌ عَالٍ, مُتَّصِلُ الإِسْنَادِ. وَهُوَ فِي
"الصَّحِيْحَيْنِ"1 مِنْ طَرِيْقِ زَيْدِ بنِ وَهْبٍ
وَأَبِي الأَسْوَدِ الدُّؤَلِيِّ عَنْ أَبِي ذَرٍّ
وَإِنَّمَا المَحْفُوْظُ رِوَايَةُ شُعْبَةَ وَجَرِيْرٍ
الضَّبِّيِّ, عَنْ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ رُفَيْعٍ, عَنْ
زَيْدِ بن وهب والله أعلم.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "6443"، ومسلم "94" "153" و "154"،
والترمذي "2646".
(5/30)
387- أبو تميم
الجيشاني 1: "م، ت، س، ق"
مِنْ أَئِمَّةِ التَّابِعِيْنَ بِمِصْرَ. وَاسْمُهُ عَبْدُ
اللهِ بنُ مَالِكِ بنِ أَبِي الأَسْحَمِ, وَهُوَ أَخُو
سَيْفٍ وُلِدَا فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَدِمَا المَدِيْنَةَ زَمَنَ
عُمَرَ.
حَدَّثَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَأَبِي ذَرٍّ وَمُعَاذِ
بنِ جَبَلٍ وَقَرَأَ القُرْآنَ عَلَى مُعَاذٍ.
رَوَى عَنْهُ عَبْدُ اللهِ بنُ هُبَيْرَةَ وَكَعْبُ بنُ
عَلْقَمَةَ وَمَرْثَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ اليَزَنِيُّ
وَبَكْرُ بنُ سَوَادَةَ وَغَيْرُهُم.
قَالَ يَزِيْدُ بنُ أَبِي حَبِيْبٍ: كَانَ مِنْ أَعْبَدِ
أهل مصر.
المُقْرِئُ: حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيْعَةَ، حَدَّثَنِي
ابْنُ هُبَيْرَةَ، سَمِعْتُ أَبَا تَمِيْمٍ الجَيْشَانِيَّ
يَقُوْلُ: أَقْرَأَنِي مُعَاذٌ القُرْآنَ حِيْنَ بَعَثَهُ
النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى
اليَمَنِ.
وَرَوَى الأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، قَالَ قَالَ
ابْنُ مَسْعُوْدٍ، جَاءَ مُعَاذٌ فَقَالَ لِي النَّبِيُّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "أَقْرِئْهُ"
فَأَقْرَأْتُهُ مَا كَانَ مَعِي, ثُمَّ كُنْتُ أَنَا
وَهُوَ إِلَى رَسُوْلِ اللهِ يُقْرِئُنَا.
قَالَ سَعِيْدُ بنُ عُفَيْرٍ: تُوُفِّيَ أَبُو تَمِيْمٍ
سَنَةَ سَبْعٍ وسبعين.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 510"، التاريخ الكبير "5/
ترجمة 642"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 791"، الكاشف "2/
ترجمة 2974"، تهذيب التهذيب "5/ 379- 380"، أسد الغابة "5/
152" الإصابة "4/ ترجمة 161"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة
3761".
(5/30)
388- أبو سالم
الجيشاني 1: "م، د، س"
سفيان بن هانئ المصري.
[رَوَى] عَنْ: أَبِي ذَرٍّ، وَعَلِيٍّ، وَزَيْدِ بنِ
خَالِدٍ.
وَعَنْهُ: ابْنُهُ سَالِمٌ, وَبَكْرُ بنُ سَوَادَةَ,
وَيَزِيْدُ بنُ أَبِي حَبِيْبٍ, وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ
أَبِي جَعْفَرٍ, وَحَفِيْدُهُ سَعِيْدُ بنُ سَالِمٍ شَهِدَ
فتح مصر.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2061"، الجرح
والتعديل "4/ ترجمة 954"، أسد الغابة "2/ 322"، تجريد
أسماء الصحابة "1/ ترجمة 2376"، الكاشف "1/ ترجمة 2024"،
الإصابة "2/ ترجمة 3689"، تهذيب التهذيب "4/ 123"، خلاصة
الخزرجي "1/ ترجمة 2594".
(5/31)
389- مرة الطيب
1: "ع"
وَيُقَالُ لَهُ أَيْضاً: مُرَّةُ الخَيْرُ؛ لِعِبَادَتِهِ,
وَخَيْرِهِ, وَعِلْمِهِ. وَهُوَ: مُرَّةُ بنُ شَرَاحِيْلَ
الهَمْدَانِيُّ, الكوفي, مخضرم. كبير الشأن.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ, وَعُمَرَ,
وَأَبِي ذَرٍّ, وَابْنِ مَسْعُوْدٍ, وَأَبِي مُوْسَى
الأَشْعَرِيِّ, وَجَمَاعَةٍ. حَدَّثَ عَنْهُ: أَسْلَمُ
الكُوْفِيُّ, وَزُبَيْدٌ اليَامِيُّ, وَحُصَيْنُ بنُ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ, وَعَطَاءُ بنُ السَّائِبِ,
وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ, وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ. وَبَلَغَنَا عَنْهُ:
أَنَّهُ سَجَدَ للهِ حَتَّى أَكَلَ التُّرَابُ جَبْهَتَهُ.
سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ: سَمِعْتُ عَطَاءَ بنَ
السَّائِبِ يَقُوْلُ: رَأَيْتُ مُصَلَّى مُرَّةَ
الهَمْدَانِيِّ مِثْل مَبْرَكِ البَعِيْرِ. وَنَقَلَ
عَطَاءٌ -أَوْ غَيْرُهُ- أَنَّ مُرَّةَ كَانَ يُصَلِّي فِي
اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ سِتَّ مائَةٍ.
قُلْتُ مَا كَانَ هَذَا الوَلَيُّ يَكَادُ يَتَفَرَّغُ
لِنَشْرِ العِلْمِ, وَلِهَذَا لَمْ تَكْثُرْ رِوَايَتُهُ,
وَهَلْ يُرَادُ مِنَ العِلْمِ إلَّا ثَمَرَتُهُ مَاتَ:
سَنَةَ نَيِّفٍ وَثَمَانِيْنَ -رَحِمَهُ اللهُ- بالكوفة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 116"، التاريخ الكبير "8/
ترجمة 1934"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 1668"، حلية
الأولياء "4/ 161"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 60"، الكاشف
"3/ ترجمة 5457"، تاريخ الإسلام "3/ 203"، تهذيب التهذيب
"10/ 88- 89" خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 6917".
(5/31)
390- الحارث بن
قيس 1: "س"
الجعفي الكوفي العَابِدُ، الفَقِيْهُ, قَدِيْمُ الوَفَاةِ.
صَحِبَ عَلِيّاً، وَابْنَ مَسْعُوْدٍ, وَقَلَّمَا رَوَى.
رَوَى عَنْهُ: خَيْثَمَةُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
قَوْلَهُ: إِذَا كُنْتَ فِي الصَّلاَةِ, فَقَالَ لَكَ
الشَّيْطَانُ: إِنَّكَ تُرَائِي فَزِدْهَا طُوْلاً.
وَحَكَى عَنْهُ: يَحْيَى بنُ هَانِئ، وَأَبُو دَاوُدَ
الأَعْمَى، وَكَانَ كَبِيْرَ القَدْرِ, ذَا عِبَادَةٍ
وَتَأَلُّهٍ. يُذْكَرُ مَعَ عَلْقَمَةَ, وَالأَسْوَدِ.
تُوُفِّيَ زَمَنَ مُعَاوِيَةَ، وَصَلَّى عَلَيْهِ أَبُو
مُوْسَى الأَشْعرِيُّ، رَضِيَ اللهُ عنه.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 167"، التاريخ الكبير "2/
ترجمة 2461"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 396"، حلية
الأولياء "4/ 132"، تاريخ بغداد "8/ 206- 207"، تاريخ
الإسلام "2/ 215"، الكاشف "1/ ترجمة 879"، الوافي بالوفيات
"11/ 241"، تهذيب التهذيب "2/ 154- 155"، خلاصة الخزرجي
"1/ ترجمة 1156".
(5/32)
391- جبير بن
نفير 1: "م، 4":
ابن مالك بن عامر الإمام الكبير, أبو عبد الرحمن الخضرمي,
الحِمْصِيُّ.
أَدْرَكَ حَيَاةَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- وَحَدَّثَ عَنِ: أَبِي بَكْرٍ -فَيُحْتَمَلُ
أَنَّهُ لَقِيَهُ- وَعَنْ عُمَرَ, وَالمِقْدَادِ, وَأَبِي
ذَرٍّ, وَأَبِي الدَّرْدَاءِ, وَعُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ,
وَعَائِشَةَ, وَأَبِي هُرَيْرَةَ, وَعِدَّةٍ.
رَوَى عَنْهُ: وَلَدُهُ؛ عَبْدُ الرَّحْمَنِ,
وَمَكْحُوْلٌ, وَخَالِدُ بنُ مَعْدَانَ, وَأَبُو
الزَّاهِرِيَّةِ حُدَيْرُ بنُ كُرَيْبٍ وَرَبِيْعَةُ بنُ
يَزِيْدَ, وَشُرَحْبِيْلُ بنُ مُسْلِمٍ, وَسُلَيْمُ بنُ
عَامِرٍ, وَآخَرُوْنَ.
رَوَى سُلَيْمُ بنُ عَامِرٍ، عَنْهُ، قَالَ: اسْتَقْبَلْتُ
الإِسْلاَمَ مِنْ أَوَّلِهِ فَلَمْ أَزَلْ أَرَى فِي
النَّاسِ صَالِحاً وَطَالِحاً وكان جبير من علماء أهل
الشام.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 440"، التاريخ الكبير "2/
ترجمة 2275"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 2116"، الحلية "5/
133"، أسد الغابة "1/ 273"، تاريخ الإسلام "3/ 145" تهذيب
التهذيب "2/ 64- 65"، الإصابة "1/ ترجمة 1274".
(5/32)
سَعِيْدُ بنُ مَنْصُوْرٍ: حَدَّثَنَا
إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَيَّاشٍ، حدثني بشير بن كريب
الأُمْلُوْكِيُّ، عَنْ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ, عَنْ
جُبَيْرِ بنِ نُفَيْرٍ, قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي
الدَّرْدَاءِ, وَبَيْنَ يَدَيْهِ جَفْنَةٌ مِنْ لَحْمٍ,
فَقَالَ: اجْلِسْ فَكُلْ, فَإِنَّ كَنِيْسَةً فِي
نَاحِيَتِنَا أَهْدَى لَنَا أَهْلُهَا مِمَّا ذَبَحُوا
لَهَا فَأَكَلْتُ مَعَهُ.
فِيْهِ: أَنَّ مَا ذُبِحَ لِمَعْبَدٍ مُبَاحٌ وَإِنَّمَا
يَحْرُمُ عَلَيْنَا مَا ذُبِحَ عَلَى نُصُبٍ.
بَقِيَّةُ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ زُبَيْدٍ
الخَوْلاَنِيُّ عَنْ مَرْثَدِ بنِ سُمَيٍّ، عَنْ جُبَيْرِ
بنِ نُفَيْرٍ: أَنَّ يَزِيْدَ بنَ مُعَاوِيَةَ كَتَبَ
إِلَى أَبِيْهِ: أَنَّ جُبَيْرَ بنَ نُفَيْرٍ قَدْ نَشَرَ
فِي مِصْرِي حَدِيْثاً, فَقَدْ تَرَكُوا القُرْآنَ قَالَ:
فَبَعَثَ إِلَى جُبَيْرٍ فَجَاءَ فَقَرَأَ عَلَيْهِ
كِتَابَ يَزِيْدَ فَعَرَفَ بَعْضَهُ وَأَنْكَرَ بَعْضَهُ
فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: لأَضْرِبَنَّكَ ضَرْباً أَدَعُكَ
لِمَنْ بَعْدَكَ نَكَالاً. قَالَ: يَا مُعَاوِيَةُ, لاَ
تَطْغَ فِيَّ, إِنَّ الدُّنْيَا قَدِ انْكَسَرَتْ
عِمَادُهَا, وَانْخَسَفَتْ أوتادها, وأحبها أصاحبها.
قَالَ: فَجَاءَ أَبُو الدَّرْدَاءِ فَأَخَذَ بِيَدِ
جُبَيْرٍ, وَقَالَ: لَئِنْ كَانَ تَكَلَّمَ بِهِ جُبَيْرٌ,
لَقَدْ تَكَلَّمَ بِهِ أَبُو الدَّرْدَاءِ, وَلَوْ شَاءَ
جُبَيْرٌ أَنْ يُخْبِرَ أَنَّمَا سَمِعَهُ مِنِّي,
لَفَعَلَ, وَلَوْ ضَرَبْتُمُوْهُ, لَضَرَبَكُمُ اللهُ
بِقَارِعَةٍ تَتْرُكُ دِيَارَكُم بَلاَقِعَ.
هَذَا خَبَرٌ مُنْكَرٌ, لَمْ يَكُنْ لِجُبَيْرٍ ذِكْرٌ
بَعْدُ فِي زمَنِ أَبِي الدَّرْدَاءِ, بَلْ كَانَ شَابّاً
يَتَطَلَّبُ العِلْمَ, وَأَيْضاً فَكَانَ يَزِيْدُ فِي
آخِرِ مُدَّةِ أَبِي الدَّرْدَاءِ طِفْلاً عُمُرُهُ خَمْسُ
سِنِيْنَ وَلَعَلَّ قَدْ جَرَى شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ.
وَمِمَّنْ رَوَى جُبَيْرٌ عَنْهُم: مَالِكُ بنُ يَخَامِرَ
السَّكْسَكِيُّ, وَأَبُو مُسْلِمٍ الخَوْلاَنِيُّ, وَأُمُّ
الدَّرْدَاءِ, وَكَانَ هو كثير بنُ مُرَّةَ مِنْ أَئِمَّةِ
التَّابِعِيْنَ بِحِمْصَ وَبِدِمَشْقَ قَالَ
بِتَوْثِيْقِهِمَا غَيْرُ وَاحِدٍ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَأَبُو حَسَّانٍ الزِّيَادِيُّ:
مَاتَ جُبَيْرُ بنُ نُفَيْرٍ في سنة خمس وَسَبْعِيْنَ.
وَأَمَّا ابْنُ سَعْدٍ, وَشَبَابٌ وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ
اللهِ التَّمِيْمِيُّ, فَقَالُوا: تُوُفِّيَ سَنَةَ
ثَمَانِيْنَ.
(5/33)
392- عبد
الرحمن بن يزيد 1: "ع"
ابن قيس، الإِمَامُ الفَقِيْهُ، أَبُو بَكْرٍ
النَّخَعِيُّ, أَخُو الأَسْوَدِ بنِ يَزِيْدَ. حَدَّثَ
عَنْ: عُثْمَانَ, وَابْنِ مَسْعُوْدٍ, وَسَلْمَانَ
الفَارِسِيِّ, وَحُذَيْفَةَ بنِ اليَمَانِ, وَجَمَاعَةٍ.
رَوَى عَنْهُ: إِبْرَاهِيْمُ النَّخَعِيُّ، وَأَبُو
إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ وَعُمَارَةُ بنُ عُمَيْرٍ
وَجَامِعُ بنُ شَدَّادٍ وَمَنْصُوْرُ بنُ المُعْتَمِرِ
وَابْنُهُ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ:يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ, وَغَيْرُهُ. مَاتَ:
بَعْدَ ثَمَانِيْنَ, وَقَدْ شَاخَ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: رَوَى عَنْ: عُمَرَ, وَعَبْدِ
اللهِ. قَالَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ, عَنْ
مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, عَنْ أَبِيْهِ رَأَيْتُ
عُمَرَ مَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ وَقَالَ أَبُو صَخْرَةَ:
رَأَيْتُ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن يزيد عمامة سوداء.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 121"، التاريخ الكبيرة "5/
ترجمة 1152"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 1416"، الكاشف "2/
ترجمة 3390"، تهذيب التهذيب "6/ 299" خلاصة الخزرجي "2/
ترجمة 4286".
(5/33)
393- ابنه محمد
بن عبد الرحمن 1: "4"
النَّخَعِيُّ، يَرْوِي عَنْ: أَبِيْهِ، وَعَنْ عَمِّهِ،
الأَسْوَدِ وَعَنْ عَمِّ أَبِيْهِ عَلْقَمَةَ وَعَنْهُ
زُبَيْدٌ اليَامِيُّ، وَالحَكَمُ وَمَنْصُوْرٌ,
وَالأَعْمَشُ, وَالحَسَنُ بنُ عَمْرٍو الفُقَيْمِيُّ.
وَثَّقَهُ: ابْنُ مَعِيْنٍ, وَغَيْرُهُ. وَقَالَ أَبُو
زُرْعَةَ: رَفِيْعُ القَدْرِ مِنَ الجِلَّةِ وَقَالَ
حُسَيْنٌ الجُعْفِيُّ: كان يقول له الكيس لتلطفه في
العبادة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 298"، التاريخ الكبير "1/
ترجمة 456"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة 1737"، الكاشف "3/
ترجمة 5083"، تاريخ الإسلام "4/ 51"، تهذيب التهذيب "9/
508"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6445".
(5/34)
394- عمرو بن
الأسود 1: "خ، م"
العنسي، وَيُقَالُ لَهُ: عُمَيْرُ بنُ الأَسْوَدِ، أَبُو
عِيَاضٍ -وَيُقَالُ: أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ
-الحِمْصِيُّ, نَزِيْلُ دَارِيَّا أَدْرَكَ الجَاهِلِيَّةَ
وَالإِسْلاَمَ, وَكَانَ مِنْ سَادَةِ التَّابِعِيْنَ
دِيْناً وَوَرَعاً.
حَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ, وَابْنِ مَسْعُوْدٍ, وَأَبِي
الدَّرْدَاءِ, وَعُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ, وَأُمِّ
حَرَامٍ بِنْتِ مِلْحَانَ الشَّهِيْدَةِ, وَالعِرْبَاضِ
بنِ سَارِيَةَ, وَغَيْرِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُجَاهِدٌ وَخَالِدُ بنُ مَعْدَانَ
وَأَبُو راشد الحبراني ويونس ابن سَيْفٍ.
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ وَأَبُو الحَسَنِ بنُ
سُمَيْعٍ: عَمْرُو بنُ الأَسْوَدِ هُوَ عُمَيْرٌ, يُكْنَى:
أَبَا عِيَاضٍ.
قُلْتُ: حَدِيْثُهُ فِي الجِهَادِ مِنْ "صَحِيْحِ
البُخَارِيِّ" عُمَيْرُ بنُ الأَسْوَدِ, وَجَعَلَهُمَا ابن
سعد اثنين.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد: "7/ 442"، التاريخ الكبير "6/
ترجمة 2504"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1222"، الكاشف "2/
ترجمة 4189"، تهذيب التهذيب "8/ 4- 6"، خلاصة الخزرجي "2/
ترجمة 5253".
(5/34)
بَقِيَّةُ، عَنْ صَفْوَانَ بنِ عَمْرٍو،
عَنْ عَبْدِ الحمن بنِ جُبَيْرٍ, قَالَ: حَجَّ عَمْرُو بنُ
الأَسْوَدِ, فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى المَدِيْنَةِ, نَظَرَ
إِلَيْهِ ابْنُ عُمَرَ وَهُوَ يُصَلِّي, فَسَأَلَ عَنْهُ.
فَقِيْلَ: شَامِيٌّ, يُقَالُ لَهُ: عَمْرُو بنُ
الأَسْوَدِ. فَقَالَ مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَشْبَهَ
صَلاَةً وَلاَ هَدْياً وَلاَ خُشُوْعاً وَلاَ لِبْسَةً
بِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
مِنْ هذا الرجل.
عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ نَجْدَةَ: حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ،
عَنْ أَرْطَاةَ، بنِ المُنْذِرِ، حَدَّثَنِي رُزَيْقٌ
أَبُو عَبْدِ اللهِ الأَلْهَانِيُّ: أَنَّ عَمْرَو بنَ
الأَسْوَدِ قَدِمَ المَدِيْنَةَ, فَرَآهُ ابْنُ عُمَرَ
يُصَلِّي, فَقَالَ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى
أَشْبَهِ النَّاسِ صَلاَةً بِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلْيَنظُرْ إِلَى هَذَا
ثُمَّ بَعَثَ إِلَيْهِ بِقِرَىً وَعَلَفٍ وَنَفَقَةٍ
فَقَبِلَ ذَلِكَ وَرَدَّ النَّفَقَةَ.
أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ": حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ,
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي مَرْيَمَ, عَنْ
ضَمْرَةَ بنِ حَبِيْبٍ, وَحَكِيْمِ بنِ عُمَيْرٍ, قَالاَ:
قَالَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ
إِلَى هَدْيِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَدْيِ عَمْرِو بنِ
الأَسْوَدِ.
إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَيَّاشٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ حَرْبٍ: عَنْ
أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي مَرْيَمَ, عَنْ ضَمْرَةَ وَحْدَهُ,
عَنْ عَمْرِو بنِ الأَسْوَدِ: أَنَّهُ مَرَّ عَلَى عُمَرَ.
إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَيَّاشٍ: حَدَّثَنِي شُرَحْبِيْلُ بنُ
مُسْلِمٍ, عَنْ عَمْرِو بنِ الأَسْوَدِ العَنْسِيِّ:
أَنَّهُ كَانَ يَدَعُ كَثِيْراً مِنَ الشِّبَعِ مَخَافَةَ
الأَشَرِ.
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي المَعَالِي أَحْمَدَ بنِ إِسْحَاقَ:
أَنْبَأَنَا الفَتْحُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ, أَنْبَأَنَا
أَبُو غَالِبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ وَأَبُو الفَضْلِ
الأُرْمَوِيُّ, وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الطَّرَائِفِيُّ,
قَالُوا: أَنْبَأَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ
أَحْمَدَ بنِ المُسْلِمَةِ, أَنْبَأَنَا عُبَيْدُ اللهِ
بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُهْرِيُّ, حَدَّثَنَا جَعْفَرُ
بنُ مُحَمَّدٍ الفِرْيَابِيُّ, حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ
بنُ العَلاَءِ الحِمْصِيُّ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ
عَيَّاشٍ عَنْ بَحِيْرِ بنِ سَعْدٍ, عَنْ خَالِدِ بنِ
مَعْدَانَ, عَنْ عَمْرِو بنِ الأَسْوَدِ العَنْسِيِّ:
أَنَّهُ كَانَ إِذَا خَرَجَ مِنَ المَسْجِدِ, قَبَضَ
بِيَمِيْنِهِ عَلَى شِمَالِهِ, فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ,
فَقَالَ: مَخَافَةَ أَنْ تُنَافِقَ يدي.
قُلْتُ يُمْسِكُهَا خَوْفاً مِنْ أَنْ يَخْطُرَ بِيَدِهِ
فِي مِشْيَتِهِ, فَإِنَّ ذَلِكَ مِنَ الخُيَلاَءِ.
تُوُفِّيَ: فِي خِلاَفَةِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ مَرْوَانَ.
(5/35)
395- أما: عمير بن هانئ العَنْسِيُّ 1:
الدَّارَانِيُّ، فَتَابِعِيٌّ صَغِيْرٌ جَلِيْلٌ. وَلِيَ
الخَرَاجَ بِدِمَشْقَ لِعُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ,
وَقَدْ سَارَ رَسُوْلاً إِلَى الحَجَّاجِ وَهُوَ يُحَاصِرُ
ابْنَ الزُّبَيْرِ. وَرَوَى عَنِ: ابْنِ عُمَرَ. وَلَهُ
تَرْجَمَةٌ مُطَوَّلَةٌ فِي "تَارِيْخِ دِمَشْقَ" قُتِلَ,
وَأُتِيَ بِرَأْسِهِ إِلَى مَرْوَانَ الحِمَارِ فِي سَنَةِ
سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ -رحمه الله.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 3236"، الجرح
والتعديل "6/ ترجمة 2097" الكاشف "2/ ترجمة 4358"، تاريخ
الإسلام "5/ 119"، تهذيب التهذيب "8/ 149- 150"، خلاصة
الخزرجي "2/ ترجمة 5462".
(5/36)
396- أبو
الأسود 1: "ع"
الدؤلي، وَيُقَالُ: الدِّيْلِيُّ: العَلاَّمَةُ,
الفَاضِلُ, قَاضِي البَصْرَةِ. وَاسْمُهُ: ظَالِمُ بنُ
عَمْرٍو عَلَى الأَشْهَرِ. وُلِدَ: فِي أيام النبوة.
وَحَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ, وَعَلِيٍّ, وَأُبَيِّ بنِ كَعْبٍ,
وَأَبِي ذَرٍّ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُوْدٍ,
وَالزُّبَيْرِ بنِ العَوَّامِ وَطَائِفَةٍ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ: قَرَأَ القُرْآنَ
عَلَى عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ قَرَأَ عَلَيْهِ: وَلَدُهُ
أَبُو حَرْبٍ وَنَصْرُ بنُ عَاصِمٍ اللَّيْثِيُّ,
وَحُمْرَانُ بنُ أَعْيَنَ, وَيَحْيَى بنُ يَعْمَرَ.
قُلْتُ: الصَّحِيْحُ أَنَّ حُمْرَانَ هَذَا إِنَّمَا
قَرَأَ عَلَى أَبِي حَرْبٍ بنِ أَبِي الأَسْوَدِ, نَعَمْ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ، وَيَحْيَى بنُ يَعْمَرَ,
وَابْنُ بُرَيْدَةَ, وَعُمَرُ مَوْلَى غُفْرَةَ,
وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ: ثِقَةٌ, كَانَ أَوَّلَ مَنْ
تَكَلَّمَ فِي النَّحْوِ.
وَقَالَ الوَاقِدِيُّ: أَسْلَمَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ غَيْرُهُ:
قَاتَلَ أَبُو الأَسْوَدِ يَوْمَ الجَمَلِ مَعَ عَلِيِّ
بنِ أَبِي طَالِبٍ, وَكَانَ مِنْ وُجُوْهِ الشِّيْعَةِ
وَمِنْ أَكْمَلِهِم عَقْلاً وَرَأْياً وَقَدْ أَمَرَهُ
عَلِيٌّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- بِوَضْعِ شَيْءٍ فِي
النَّحْوِ لَمَّا سَمِعَ اللحن. قال: فأراه أبو الأسود وما
وَضَعَ. فَقَالَ عَلِيٌّ: مَا أَحْسَنَ هَذَا النَّحْوَ
الَّذِي نَحَوْتَ! فَمِنْ ثَمَّ سُمِّيَ النَّحْوُ
نَحْواً.
وَقِيْلَ: إِنَّ أَبَا الأَسْوَدِ أَدَّبَ عُبَيْدَ اللهِ
ابن الأمير زياد ابن أبيه.
__________
1 ترجمة في طبقات ابن سعد "7/ 99"، التاريخ الكبير "6/
ترجمة 2563"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 2214"، أسد الغابة
"3/ 69"، تاريخ الإسلام "3/ 94"، الإصابة "2/ ترجمة 4329 و
4333" و "4/ ترجمة 89و 99"، تهذيب التهذيب "12/ 10".
(5/36)
وَنَقَلَ ابْنُ دَابٍ: أَنَّ أَبَا
الأَسْوَدِ وَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ بَعْدَ مَقْتَلِ
عَلِيٍّ, فَأَدْنَى مَجْلِسَهُ, وَأَعْظَمَ جَائِزَتَهُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَلاَّمٍ الجُمَحِيُّ: أَبُو
الأَسْوَدِ هُوَ أَوَّلُ مَنْ وَضَعَ بَابَ الفَاعِلِ,
وَالمَفْعُوْلِ, وَالمُضَافِ وَحَرْفِ الرَّفْعِ
وَالنَّصْبِ وَالجَرِّ وَالجَزْمِ, فَأَخَذَ ذَلِكَ عَنْهُ
يَحْيَى بنُ يَعْمَرَ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: أَخَذَ أَبُو الأَسْوَدِ عَنْ
عَلِيٍّ العَرَبِيَّةَ, فَسَمِعَ قَارِئاً يَقْرَأُ:
{أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُه}
بِكَسْرِ اللاَّمِ بَدَلاً عَنْ ضَمِّهَا-[التَّوْبَةُ: 3]
، فَقَالَ: مَا ظَنَنْتُ أَنَّ أَمْرَ النَّاسِ قَدْ صَارَ
إِلَى هَذَا. فَقَالَ لِزِيَادٍ الأَمِيْرِ: ابْغِنِي
كَاتِباً لَقِناً1 فَأَتَى بِهِ, فَقَالَ لَهُ أَبُو
الأَسْوَدِ: إِذَا رَأَيْتَنِي قَدْ فَتَحْتُ فَمِي
بِالحَرْفِ, فَانْقُطْ نُقْطَةً أَعْلاَهُ, وَإِذَا
رَأَيْتَنِي قَدْ ضَمَمْتُ فَمِي, فَانْقُطْ نُقْطَةً
بَيْنَ يَدَيِ الحَرْفِ وَإِنْ كَسَرْتُ, فَانْقُطْ
نُقْطَةً تَحْتَ الحَرْفِ فَإِذَا أَتْبَعْتُ شَيْئاً مِنْ
ذَلِكَ غُنَّةً فَاجْعَلْ مَكَانَ النُّقْطَةِ
نُقْطَتَيْنِ, فَهَذَا نَقْطُ أَبِي الأَسْوَدِ.
وَقَالَ المُبَرِّدُ: حَدَّثَنَا المَازِنِيُّ, قَالَ:
السَّبَبُ الَّذِي وُضِعَتْ لَهُ أَبْوَابُ النَّحْوِ:
أَنَّ بِنْتَ أَبِي الأَسْوَدِ قَالَتْ لَهُ مَا أَشَدُّ
الحَرِّ! فَقَالَ: الحَصْبَاءُ بِالرَّمْضَاءِ. قَالَتْ:
إِنَّمَا تَعَجَّبْتُ مِنْ شِدَّتِهِ. فَقَالَ أَوَقَدْ
لَحَنَ النَّاسُ فَأَخْبَرَ بِذَلِكَ عَلِيّاً -رَضِيَ
اللهُ عَنْهُ- فَأَعْطَاهُ أُصُوْلاً بَنَى مِنْهَا,
وَعَمِلَ بَعْدَهُ عَلَيْهَا. وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ نَقَطَ
المَصَاحِفَ, وَأَخَذَ عَنْهُ النَّحْوَ: عَنْبَسَةُ
الفِيْلُ, وَأَخَذَ عَنْ عَنْبَسَةَ: مَيْمُوْنٌ
الأَقْرَنُ, ثُمَّ أَخَذَهُ عَنْ مَيْمُوْنٍ: عَبْدُ اللهِ
بنُ أَبِي إِسْحَاقَ الحَضْرَمِيُّ, وَأَخَذَهُ عَنْهُ:
عِيْسَى بنُ عُمَرَ وَأَخَذَهُ عَنْهُ الخَلِيْلُ بنُ
أَحْمَدَ وَأَخَذَهُ عَنْهُ سِيْبَوَيْه وَأَخَذَهُ عَنْهُ
سَعِيْدٌ الأَخْفَشُ2.
وَيَعْقُوْبُ الحَضْرَمِيُّ: حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ
سَلْمٍ البَاهِلِيُّ, حَدَّثَنَا أَبِي, عَنْ جَدِّي, عَنْ
أَبِي الأَسْوَدِ, قَالَ دَخَلْتُ عَلَى علي, فرأيته
مطوقًا, فَقُلْتُ: فِيْمَ تَتَفَكَّرُ يَا أَمِيَرَ
المُؤْمِنِيْنَ؟ قَالَ: سَمِعْتُ بِبَلَدِكُم لَحْناً
فَأَرَدْتُ أَنْ أَضَعَ كِتَاباً فِي أُصُوْلِ
العَرَبِيَّةِ. فَقُلْتُ: إِنْ فَعَلْتَ هَذَا,
أَحْيَيْتَنَا. فَأَتَيْتُهُ بَعْدَ أَيَّامٍ فَأَلْقَى
إِلَيَّ صَحِيْفَةً فِيْهَا:
الكَلاَمُ كُلُّهُ اسْمٌ، وَفِعْلٌ، وَحَرْفٌ، فَالاسْمُ:
مَا أَنْبَأَ عَنِ المُسَمَّى، وَالفِعْلُ: مَا أَنْبَأَ
عن حركة المسمى، والحرف: وما أَنْبَأَ عَنْ مَعْنَىً
لَيْسَ بِاسْمٍ وَلاَ فِعْلٍ. ثُمَّ قَالَ لِي: زِدْهُ
وَتَتَبَّعْهُ فَجَمَعْتُ أَشْيَاءَ ثم عرضتها عليه.
__________
1 اللقن: سريع الفهم.
2 هو: الاخفش الأوسط سعيد بن مسعدة المجاشعي المتوفى
215هـ.
(5/37)
عُمَرُ بنُ شَبَّةَ: حَدَّثَنَا حَيَّانُ
بنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ آدَمَ، عَنْ أَبِي
بَكْرٍ، عَنْ عَاصِمٍ، قَالَ جَاءَ أَبُو الأَسْوَدِ إِلَى
زِيَادٍ فَقَالَ: أَرَى العَرَبَ قَدْ خَالَطَتِ العَجَمَ,
فَتَغَيَّرَتْ أَلْسِنَتُهُم أَفَتَأْذَنُ لِي أَنْ أَضَعَ
لِلْعَرَبِ كَلاَماً يُقِيْمُوْنَ بِهِ كَلاَمَهُم قَالَ:
لاَ قَالَ فَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى زِيَادٍ فَقَالَ: أَصْلَحَ
اللهُ الأَمِيْرَ تُوُفِّيَ أَبَانَا وَتَرَكَ بَنُوْنَ
فَقَالَ: ادْعُ لِي أَبَا الأَسْوَدِ فَدُعِيَ فَقَالَ:
ضَعْ لِلنَّاسِ الَّذِي نَهَيْتُكَ عَنْهُ.
قَالَ الجَاحِظُ أَبُو الأَسْوَدِ مُقَدَّمٌ فِي طَبَقَاتِ
النَّاسِ, كَانَ مَعْدُوْداً فِي الفُقَهَاءِ
وَالشُّعَرَاءِ وَالمُحَدِّثِيْنَ وَالأَشْرَافِ,
وَالفُرْسَانِ وَالأُمَرَاءِ, وَالدُّهَاةِ وَالنُّحَاةِ
وَالحَاضِرِي الجَوَابِ وَالشِّيْعَةِ وَالبُخَلاَءِ
وَالصُّلْعِ الأَشْرَافِ.
وَمِنْ "تَارِيْخِ دِمَشْقَ" أَبُو الأَسْوَدِ ظَالِمُ بنُ
عَمْرِو بنِ ظَالِمٍ. وَقِيْلَ: جَدُّهُ سُفْيَانُ.
وَيُقَالُ: هُوَ عُثْمَانُ بنُ عَمْرٍو وَيُقَالُ: عَمْرُو
بنُ ظَالِمٍ, وَأَنَّهُ وَلِيَ قَضَاءَ البَصْرَةِ زَمَنَ
عَلِيٍّ.
قَالَ الحَازِمِيُّ: أَبُو الأَسْوَدِ الدُّوْلِيُّ
مَنْسُوْبٌ إِلَى دُوْلِ بنِ حَنِيْفَةَ بنِ لُجَيْمٍ.
وَقَالَ أَبُو اليَقْظَانِ: الدُّوْلُ بِضَمِّ الدَّالِ
وَسُكُوْنِ الوَاوِ- مِنْ بَكْرِ بنِ وَائِلٍ. عَدَدُهُم
كَثِيْرٌ, مِنْهُم فَرْوَةُ بنُ نُفَاثَةَ؛ صَاحِبُ بَعْضِ
الشَّامِ فِي الجَاهِلِيَّةِ. وَزَعَمَ يُوْنُسُ أَنَّ
الدُّوْلَ امْرَأَةٌ مِنْ كِنَانَةَ, وَهُمْ رَهْطُ أَبِي
الأَسْوَدِ وَأَمَّا بَنُوْ عَدِيِّ بنِ الدُّوْلِ فَلَهُم
عَدَدٌ كَثِيْرٌ بِالحِجَازِ مِنْهُم عَمْرُو بنُ جَنْدَلٍ
وَالِدُ أَبِي الأَسْوَدِ ظَالِمٍ وَأَمُّهُ مِنْ بَنِي
عَبْدِ الدَّارِ بنِ قُصَيٍّ.
وَقَالَ ابْنُ حَبِيْبٍ: فِي عَنْزَةَ: الدُّوْلُ بنُ
سَعْدِ مَنَاةَ. وَفِي ضَبَّةَ: الدُّوْلُ بنُ جَلٍّ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ قُتَيْبَةَ: الدُّوْلُ فِي
بَنِي حَنِيْفَةَ, وَالدِّيْلُ فِي بَنِي عَبْدِ القَيْسِ
وَالدُّئْلُ بِالهَمْزِ فِي كِنَانَةَ, مِنْهُم: أَبُو
الأَسْوَدِ الدُّئْلِيُّ.
وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الغَسَّانِيُّ: أَبُو الأَسْوَدِ
الدُّؤَلِيُّ عَلَى زِنَةِ العُمَرِيِّ هَكَذَا يَقُوْلُ
البَصْرِيُّوْنَ منسوب إلى دؤل حي بن كِنَانَةَ.
وَقَالَ عِيْسَى بنُ عُمَرَ: بِالكَسْرِ عَلَى الأَصْلِ،
وَكَانَ جَمَاعَةٌ يَقُوْلُوْنَ: الدِّيْلِيُّ.
وَقَالَ ابْنُ فَارِسٍ: الدُّؤَلِيُّ بِضَمِّ الدَّالِ
وَفَتْحِ الهَمْزَةِ: قَبِيْلَةٌ مِنْ كِنَانَةَ. قَالَ:
وَالدُّئِلُ -يَعْنِي بِكَسْرِ الهَمْزَةِ: فِي عَبْدِ
القَيْسِ. وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ البُخَارِيُّ:
الدِّيْلُ مِنْ بَنِي حَنِيْفَةَ, وَالدُّوْلُ مِنْ
كِنَانَةَ, وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَلاَّمٍ الجُمَحِيُّ:
أَبُو الأَسْوَدِ الدُّئِلِيُّ بِضَمِّ الدَّالِ وَكَسْرِ
الهَمْزَةِ. وَقَالَ المُبَرِّدُ: بِضَمِّ الدَّالِ
وَفَتْحِ الهَمْزَةِ, مِنَ الدُّئِلِ بِالكَسْرِ, هِيَ
دَابَّةٌ, امْتَنَعُوا مِنَ الكَسْرِ لِئَلاَّ يُوَالُوا
بَيْنَ الكَسْرَاتِ كَمَا قَالُوا فِي النَّمِرِ: النمري.
قَالَ ابْنُ حَبِيْبٍ: فِي تَغْلِبَ الدِّيْلُ، وَفِي
عَبْدِ القَيْسِ، وَفِي إِيَادٍ، وَفِي الأَزْدِ. انْتَهَى
مَا نَقَلَهُ الحَازِمِيُّ.
فَيَجِيْءُ فِي أَبِي الأَسْوَدِ: الدُّوْلِيُّ,
وَالدِّيْلِيُّ, وَالدُّؤَلِيُّ, وَالدُّئِلِيُّ.
وَقَالَ ابْنُ السِّيْدِ: الدُّئِل بِكَسْرِ الهَمْزَةِ,
لاَ أَعْلَمُ فِيْهِ خِلاَفاً.
وَقَدْ قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: إِنَّ ابْنَ مَاكُوْلاَ
وَالحَازِمِيَّ وَهِمَا فِي أَنَّ فَرْوَةَ بنَ نُفَاثَةَ
مِنَ الدُّوْلِ, بَلْ هُوَ جُذَامِيٌّ. وَجُذَامٌ
وَالدُّوْلُ لا يجتمعانإلَّا فِي سَبَأِ بنِ يَشْجُبَ.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: مَاتَ أَبُو الأَسْوَدِ فِي
طَاعُوْنِ الجَارِفِ, سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ وَهَذَا
هُوَ الصَّحِيْحُ وَقِيْلَ: مَاتَ قُبَيْلَ ذَلِكَ وَعَاشَ
خَمْساً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً وَأَخْطَأَ مَنْ قَالَ:
تُوُفِّيَ فِي خِلاَفَةِ عُمَرَ بن عبد العزيز.
(5/38)
397- الأحنف بن
قيس 1: "ع"
ابن معاوية بن حصين, الأَمِيْرُ الكَبِيْرُ, العَالِمُ
النَّبِيْلُ, أَبُو بَحْرٍ التَّمِيْمِيُّ, أحد من يضرب
بحلمه وسؤدده المثل. اسْمُهُ ضَحَّاكٌ وَقِيْلَ: صَخْرٌ
وَشُهِرَ بِالأَحْنَفِ لِحَنَفِ رِجْلَيْهِ وَهُوَ
العَوَجُ وَالمَيْلُ. كَانَ سَيِّدَ تَمِيْمٍ أَسْلَمَ فِي
حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
وَوَفَدَ عَلَى عُمَرَ.
حَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ, وَعَلِيٍّ وَأَبِي ذَرٍّ
وَالعَبَّاسِ, وَابْنِ مَسْعُوْدٍ, وَعُثْمَانَ بنِ
عَفَّانَ, وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ: عَمْرُو بنُ جَاوَانَ، وَالحَسَنُ البَصْرِيُّ،
وَعُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ، وَطَلْقُ بنُ حَبِيْبٍ,
وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَمِيْرَةَ وَيَزِيْدُ بنُ
الشِّخِّيْرِ, وَخُلَيْدٌ العَصَرِيُّ, وَآخَرُوْنَ.
وَهُوَ قَلِيْلُ الرِّوَايَةِ.
كَانَ مِنْ قُوَّادِ جَيْشِ عَلِيٍّ يَوْمَ صِفِّيْنَ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً، مَأْمُوْناً، قَلِيْلَ
الحَدِيْثِ، وَكَانَ صَدِيْقاً لِمُصْعَبِ بنِ
الزُّبَيْرِ, فَوَفَدَ عَلَيْهِ إِلَى الكُوْفَةِ, فَمَاتَ
عِنْدَهُ بِالكُوْفَةِ.
قَالَ سُلَيْمَانُ بنُ أَبِي شَيْخٍ: كَانَ أَحْنَفَ
الرِّجْلَيْنِ جَمِيْعاً, وَلَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا
بَيْضَةٌ وَاحِدَةٌ, وَاسْمُهُ: صَخْرُ بنُ قَيْسٍ, أَحَدُ
بَنِي سَعْدٍ. وأمه باهلية, فكانت ترقصه, وتقول:
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 93"، التاريخ الكبير "2/
ترجمة 1649"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 1226"، أسد الغابة
"1/ 55"، تاريخ الإسلام "3/ 129"، تهذيب التهذيب "1/ 191"
الإصابة "1/ ترجمة 429".
(5/39)
وَاللهِ لَوْلاَ حَنَفٌ بِرِجْلِهِ ...
وَقِلَّةٌ أَخَافُهَا مِنْ نَسْلِهِ
مَا كَانَ فِي فِتْيَانِكُم مِنْ مِثْلِهِ
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ: هُوَ افْتَتَحَ مَرْوَ
الرُّوْذَ. وَكَانَ الحَسَنُ وَابْنُ سِيْرِيْنَ فِي
جَيْشِهِ ذَاكَ. قُلْتُ: هَذَا فِيْهِ نَظَرٌ, هُمَا
يَصْغُرَانِ عن ذلك.
حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عَنِ الحَسَنِ، عَنِ
الأَحْنَفِ بنِ قَيْسٍ، قَالَ: بَيْنَا أَنَا أَطُوْفُ
بِالبَيْتِ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ, إِذْ لَقِيَنِي رَجُلٌ
مِنْ بَنِي لَيْثٍ فَأَخَذَ بِيَدِي فَقَالَ: إلَّا
أُبَشِّرُكَ؟ قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: أَمَا تَذْكُرُ إِذْ
بَعَثَنِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- إِلَى قَوْمِكَ بَنِي سَعْدٍ أَدْعُوْهُم إِلَى
الإِسْلاَمِ, فَجَعَلْتُ أُخْبِرُهُم, وَأَعْرِضُ
عَلَيْهِم, فَقُلْتَ: إِنَّهُ يَدْعُو إِلَى خَيْرٍ, وَمَا
أَسْمَعُ إلَّا حَسَناً؟ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "اللَّهُمَّ
اغْفِرْ لِلأَحْنَفِ" فَكَانَ الأَحْنَفُ يَقُوْلُ: فَمَا
شَيْءٌ أَرْجَى عِنْدِي مِنْ ذَلِكَ رَوَاهُ: أَحْمَدُ فِي
"مُسْنَدِهِ"1.
العَلاَءُ بنُ الفَضْلِ المِنْقَرِيُّ: حَدَّثَنَا
العَلاَءُ بنُ جَرِيْرٍ حَدَّثَنِي عُمَرُ بنُ مُصْعَبِ
بنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَمِّهِ عُرْوَةَ حَدَّثَنِي
الأَحْنَفُ أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى عُمَرَ بِفَتْحِ تُسْتَرَ
فَقَالَ: قَدْ فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُم تُسْتَرَ, وَهِيَ
مِنْ أَرْضِ البَصْرَةِ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ
المُهَاجِرِيْنَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ, إِنَّ
هَذَا -يَعْنِي الأَحْنَفَ- الَّذِي كَفَّ عَنَّا بَنِي
مُرَّةَ حِيْنَ بَعَثَنَا رَسُوْلُ اللهِ فِي
صَدَقَاتِهِم, وَقَدْ كَانُوا هَمُّوا بِنَا. قَالَ
الأَحْنَفُ: فَحَبَسَنِي عُمَرُ عِنْدَهُ سَنَةً,
يَأْتِيْنِي فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ, فَلاَ
يَأْتِيْهِ عَنِّي إلَّا مَا يُحِبُّ. ثُمَّ دَعَانِي
فَقَالَ: يَا أَحْنَفُ هَلْ تَدْرِي لِمَ حَبَسْتُكَ
عِنْدِي قُلْتُ: لاَ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ قَالَ:
إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
حَذَّرَنَا كُلَّ مُنَافِقٍ عَلِيْمٍ2 فَخَشِيْتُ أَنْ
تكون منهم فاحمد الله يا أحنف.
__________
1 ضعيف: أخرجه أحمد "5/ 372"، والحاكم "3/ 614"، طريق حماد
بن سلمة، به.
قلت: إسناده ضعيف، فيه علي بن زيد، وهو ابن جدعان، ضعيف.
وفيه عنعنه الحسن، وهو البصري، فقد كان مدلسًا.
2 صحيح بشاهده: أخرجه عبد بن حمد "11"، وأحمد "1/ 22 و 44"
والبزار "168" والبيهقي في "شعب الإيمان" "1777" من طرق عن
ديلم بن غزوان عبدي، حدثنا ميمون الكردي، حدثنا أبو عثمان
النهدي عن عمر بن الخطاب أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إن أَخْوَفُ مَا أَخَافُ
عَلَى أُمَّتِي كُلُّ مُنَافِقٍ عليم اللسان".
قلت: إسناده حسن، ميمون الكردي، وثقة أبو داود. وقال ابن
معين: لا بأس به وقال الأزدي: ضعيف، وله شاهد عَنْ
عِمْرَانَ بنِ حُصَيْنٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
أَخَوْفُ مَا أَخَافُ عليكم جدال المنافق عليم اللسان"،
أخرجه ابن حبان "80"، والطبراني في "الكبير" "18/ 593" من
طريق حسين المعلم، عن عبد الله بن بريدة، عن عمران بن
حصين، به.
وأخرجه البزار "170" كشف الأستار من طريق خالد بن الحارث،
حدثنا حسين المعلم، به. بلفظ: حذرنا رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كلَّ منافق عليم اللسان.
وقال البزار في إثره: لا نحفظه إلا عن عمر وإسناد عمر صالح
فأخرجناه عنه وأعدناه عن عمران الحسن إسناد عمران.
(5/40)
حَمَّادٌ، عَنِ ابْن جُدْعَانَ، عَنِ
الحَسَنِ، عَنِ الأحنف، قال: احتبسني عُمَرُ عِنْدَهُ
حَوْلاً، وَقَالَ: قَدْ بَلَوْتُكَ وَخَبَرْتُكَ، فرأيت
علانتيك حَسَنَةً, وَأَنَا أَرْجُو أَنْ تَكُوْنَ
سَرِيْرَتُكَ مِثْلَ عَلاَنِيَتِكَ, وَإِنَّا كُنَّا
نَتَحَدَّثُ إِنَّمَا يُهْلِكُ هَذِهِ الأُمَّةَ كُلُّ
مُنَافِقٍ عَلِيْمٍ.
قَالَ العِجْلِيُّ: الأَحْنَفُ بَصْرِيٌّ، ثِقَةٌ، كَانَ
سَيِّدَ قَوْمِهِ، وَكَانَ أَعْوَرَ، أَحْنَفَ دَمِيْماً,
قَصِيْراً كَوْسَجاً1 لَهُ بَيْضَةٌ وَاحِدَةٌ, حَبَسَهُ
عُمَرُ سَنَةً يَخْتَبِرُهُ فَقَالَ هَذَا وَاللهِ
السَّيِّدُ.
مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: قَدِمَ الأَحْنَفُ
فَخَطَبَ, فَأَعْجَبَ عُمَرَ مَنْطِقُهُ. قَالَ: كُنْتُ
أَخْشَى أَنْ تَكُوْنَ مُنَافِقاً عَالِماً, فَانْحَدِرْ
إِلَى مِصْرِكَ, فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ تَكُوْنَ
مُؤْمِناً.
وَعَنِ الأَحْنَفِ، قَالَ: كَذَبْتُ مَرَّةً وَاحِدَةً؛
سَأَلَنِي عُمَرُ عَنْ ثَوْبٍ: بِكَمْ أَخَذْتَهُ؟
فَأَسْقَطْتُ ثُلُثَيِ الثَّمَنِ.
يُوْنُسُ بنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا السَّرِيُّ بنُ
إِسْمَاعِيْلَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: وَفَّدَ أَبُو
مُوْسَى وَفْداً مِنَ البَصْرَةِ إِلَى عُمَرَ مِنْهُمُ
الأَحْنَفُ بنُ قَيْسٍ, فَتَكَلَّمَ كُلُّ رَجُلٍ فِي
خَاصَّةِ نَفْسِهِ, وَكَانَ الأَحْنَفُ فِي آخِرِ
القَوْمِ, فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ:
أَمَّا بَعْدُ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ فَإِنَّ أَهْلَ
مِصْرَ نَزَلُوا مَنَازِلَ فِرْعَوْنَ وَأَصْحَابِهِ
وَإِنَّ أَهْلَ الشَّامِ نَزَلُوا مَنَازِلَ قَيْصَرَ
وَأَصْحَابِهِ, وَإِنَّ أَهْلَ الكُوْفَةِ نَزَلُوا
مَنَازِلَ كِسْرَى وَمَصَانِعَهُ فِي الأَنْهَارِ
وَالجِنَانِ, وَفِي مِثْلِ عَيْنِ البَعِيْرِ
وَكَالحُوَارِ فِي السَّلَى2، تَأْتِيْهِم ثِمَارُهُم
قَبْلَ أَنْ تَبلُغَ, وَإِنَّ أَهْلَ البَصْرَة نَزَلُوا
فِي أرض سبخة زعقة3، نَشَّاشَةٍ4، لاَ يَجِفُّ تُرَابُهَا،
وَلاَ يَنْبُتُ مَرْعَاهَا، طَرَفُهَا فِي بَحْرٍ أُجَاجٍ,
وَطَرَفٌ فِي فَلاَةٍ, لاَ يَأْتِيْنَا شَيْءٌ إلَّا فِي
مِثْلِ مَرِيْءِ النَّعَامَةِ5 فَارْفَعْ خَسِيْسَتَنَا
وَانْعَشْ وَكِيْسَتَنَا, وَزِدْ فِي عِيَالِنَا عِيَالاً,
وَفِي رِجَالِنَا رِجَالاً, وَصَغِّرْ دِرْهَمَنَا,
وَكَبِّرْ قَفِيْزَنَا, وَمُرْ لَنَا بِنَهْرٍ
نَسْتَعْذِبْ مِنْهُ. فقال عمر: عجزتم أن
__________
1 الكوسج: الذي لا شعر على عارضيه.
2 الحوار: ولد الناقة ساعة وضعه. والسلى: الجلد الرقيق
الذي يخرج منه الولد من بطن أمه ملفوفًا فيه.
3 سبخة: ذات نز وملح. زعقة: ماؤها مرًا غليظًا.
4 نشاشة: الأرض السبخة النشاشة: هو ما يظهر من ماء السباخ
فينش فيها حتى يعود ملحًا. وقيل النشاشة التي لا يجف تربها
ولا ينبت مرعاها.
5 خص مرئ النعام لضيق عنقه. والمرئ هو مجرى الطعام.
(5/41)
تَكُوْنُوا مِثْلَ هَذَا, هَذَا -وَاللهِ-
السَّيِّدُ قَالَ: فَمَا زِلْتُ أَسْمَعُهَا بَعْدُ. وَفِي
رِوَايَةٍ: فِي مِثْلِ حُلْقُوْمِ النَّعَامَةِ.
قَالَ خَلِيْفَةُ: تَوَجَّهَ ابْنُ عَامِرٍ1 إِلَى
خُرَاسَانَ وَعَلَى مُقَدَّمَتِهِ الأَحْنَفُ فَلَقِيَ
أَهْلَ هَرَاةَ, فَهَزَمَهُم, فَافْتَتَحَ ابْنُ عَامِرٍ
أَبْرَشَهْرَ صُلْحاً وَيُقَالُ: عَنْوَةً -وَبَعَثَ
الأَحْنَفَ فِي أَرْبَعَةِ آلاَفٍ, فَتَجَمَّعُوا لَهُ
مَعَ طُوقَانَ شَاهُ فَاقْتَتَلُوا قِتَالاً شَدِيْداً
فَهَزَمَ اللهُ المُشْرِكِيْنَ.
قَالَ ابْنُ سِيْرِيْنَ: كَانَ الأَحْنَفُ يَحْمِلُ
وَيَقُوْلُ:
إِنَّ عَلَى كُلِّ رَئِيْسٍ حَقَّا ... أَنْ يَخْضِبَ
القَنَاةَ أَوْ تندقا
وَقِيْلَ: سَارَ الأَحْنَفُ إِلَى بَلْخَ فَصَالَحُوْهُ
عَلَى أَرْبَعِ مائَةِ أَلْفٍ, ثُمَّ أَتَى خُوَارِزْمَ,
فَلَمْ يُطِقْهَا, فَرَجَعَ. وَعَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ:
أَنَّ ابْنَ عامر خرج من خرسان مُعْتَمِراً, قَدْ أَحْرَمَ
مِنْهَا, وَخَلَّفَ عَلَى خُرَاسَانَ الأَحْنَفَ وَجَمَعَ
أَهْلُ خُرَاسَانَ جَمْعاً كَبِيْراً, وَتَجَمَّعُوا
بِمَرْوَ, فَالْتَقَاهُمُ الأَحْنَفُ, فَهَزَمَهُم,
وَكَانَ ذَلِكَ الجَمْعُ لَمْ يُسْمَعْ بِمِثْلِهِ.
ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوْبَ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ:
نُبِّئْتُ أَنَّ عُمَرَ ذَكَرَ بَنِي تَمِيْمٍ فَذمَّهُم
فَقَامَ الأَحْنَفُ فَقَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ
ائْذَنْ لِي قَالَ: تَكَلَّمْ قَالَ: إِنَّكَ ذَكَرْتَ
بَنِي تَمِيْمٍ فَعَمَمْتَهُم بِالذَّمِّ وَإِنَّمَا هُمْ
مِنَ النَّاسِ فِيْهِمُ الصَّالِحُ وَالطَّالِحُ فَقَالَ:
صَدَقْتَ فَقَامَ الحُتَاتُ وَكَانَ يُنَاوِئُهُ فَقَالَ:
يَا أمير المؤمنين ائذن لي فأتكلم قَالَ: اجْلِسْ, فَقَدْ
كَفَاكُمْ سَيِّدُكُمُ الأَحْنَفُ.
رَوَى ابْنُ جُدْعَانَ, عَنِ الحَسَنِ: أَنَّ عُمَرَ
كَتَبَ إِلَى أَبِي مُوْسَى: ائْذَنْ لِلأَحْنَفِ بنِ
قَيْسٍ وَشَاوِرْهُ, وَاسْمَعْ مِنْهُ.
قَتَادَةُ: عَنِ الحَسَنِ, قَالَ: مَا رَأَيْتُ شَرِيْفَ
قَوْمٍ كَانَ أَفَضْلَ مِنَ الأحنف.
__________
1 هو: عَبْدِ اللهِ بنِ عَامِرِ بنِ كُرَيْزِ بنِ ربيعة بن
حبيب بنِ عَبْدِ شَمْسٍ بنِ عَبْدِ مَنَافٍ بنِ قصي، أَبُو
عَبْدِ الرَّحْمَنِ القُرَشِيُّ العَبْشَمِيُّ الَّذِي
افْتَتَحَ إقليم خراسان، وهو ابن خال عثمان بن عفان،
وَأَبُوْهُ عَامِرٌ هُوَ ابْنُ عَمَّةِ رَسُوْلِ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ البَيْضَاءِ بِنْتِ
عَبْدِ المُطَّلِبِ. وَلِيَ البَصْرَةَ لِعُثْمَانَ ثُمَّ
وَفَدَ عَلَى معاوية، فزوجه بابنته هند، استعمله عثمان على
البصرة، وعزل أبا مُوْسَى فَقَالَ أَبُو مُوْسَى: قَدْ
أَتَاكُم فَتَىً مِنْ قُرَيْشٍ، كَرِيْمُ الأُمَّهَاتِ
وَالعَمَّاتِ وَالخَالاَتِ، يَقُوْلُ بالمال فيكم هكذا
وهكذا. هو الَّذِي افْتَتَحَ خُرَاسَانَ، وَقُتِلَ كِسْرَى
فِي وِلاَيَتِهِ، وَأَحْرَمَ مِنْ نَيْسَابُوْرَ شُكْراً
للهِ. وَعَمِلَ السِّقَايَاتِ بعرفة وكان سخيًا كريمًا.
تقدم ترجمة المؤلف له في الجزء السابق برقم ترجمة "228".
(5/42)
قَالَ ابْنُ المُبَارَكِ: قِيْلَ
لِلأَحْنَفِ: بِمَ سَوَّدُوْكَ؟ قَالَ: لَوْ عَابَ
النَّاسُ المَاءَ لَمْ أَشْرَبْهُ.
وَقِيْلَ: عَاشَتْ بَنُوْ تَمِيْمٍ بِحِلْمِ الأَحْنَفِ
أَرْبَعِيْنَ سَنَةً وَفِيْهِ قَالَ الشَّاعِرُ:
إِذَا الأَبْصَارُ أَبْصَرَتِ ابْنَ قَيْسٍ ... ظَلَلْنَ
مَهَابَةً مِنْهُ خُشُوْعَا
وَقَالَ خَالِدُ بنُ صَفْوَانَ: كَانَ الأَحْنَفُ يَفِرُّ
مِنَ الشَّرَفِ, وَالشَّرَفُ يَتْبَعُهُ.
وَقِيْلَ لِلأَحْنَفِ: إِنَّكَ كَبِيْرٌ، وَالصَّوْمُ
يُضْعِفُكَ. قَالَ: إِنِّي أُعِدُّهُ لِسَفَرٍ طَوِيْلٍ.
وَقِيْلَ: كَانَتْ عَامَّةُ صَلاَةِ الأَحْنَفِ
بِاللَّيْلِ، وَكَانَ يضع أصبعه على المصباح، ثم يقول:
حس1. وَيَقُوْلُ: مَا حَمَلَكَ يَا أَحْنَفُ عَلَى أَنْ
صَنَعْتَ كَذَا يَوْمَ كَذَا.
مُسْلِمُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ: حَدَّثَنَا أَبُو كَعْبٍ
صَاحِبُ الحَرِيْرِ، حَدَّثَنَا أَبُو الأَصْفَرِ: أَنَّ
الأَحْنَفَ اسْتُعْمِلَ عَلَى خُرَاسَانَ، فَأَجْنَبَ فِي
لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ، فَلَمْ يُوْقِظْ غِلْمَانَهُ،
وَكَسَرَ ثَلْجاً وَاغْتَسَلَ.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ بَكْرٍ المُزَنِيُّ, عَنْ
مَرْوَانَ الأَصْفَرِ, سَمِعَ الأَحْنَفَ يَقُوْلُ:
اللَّهُمَّ إِنْ تَغفِرْ لِي فَأَنْتَ أَهْلُ ذَاكَ,
وَإِنْ تُعَذِّبْنِي فَأَنَا أَهْلُ ذَاكَ.
قَالَ مُغِيْرَةُ: ذَهَبَتْ عَيْنُ الأَحْنَفِ، فَقَالَ:
ذَهَبَتْ مِنْ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً، مَا شَكَوْتُهَا إِلَى
أَحَدٍ.
ابْنُ عَوْنٍ، عَنِ الحَسَنِ، قَالَ: ذَكَرُوا عَنْ
مُعَاوِيَةَ شَيْئاً، فَتَكَلَّمُوا وَالأَحْنَفُ سَاكِتٌ،
فَقَالَ: يَا أَبَا بَحْرٍ, مالك لاَ تَتَكَلَّمُ؟ قَالَ:
أَخْشَى اللهَ إِنْ كَذَبْتُ وَأَخْشَاكُم إِنْ صَدَقْتُ.
وَعَنِ الأَحْنَفِ: عَجِبْتُ لِمَنْ يَجْرِي فِي مَجْرَى
البَوْلِ مَرَّتَيْنِ كَيْفَ يَتَكَبَّرُ قَالَ
سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ: قَالَ الأَحْنَفُ: ثَلاَثٌ
فِيَّ مَا أَذْكُرُهُنَّ إلَّا لِمُعْتَبِرٍ: مَا أَتَيْتُ
بَابَ سلطانإلَّا أَنْ أُدْعَى, وَلاَ دَخَلْتُ بَيْنَ
اثْنَيْنِ حَتَّى يُدْخِلاَنِي بَيْنَهُمَا, وَمَا
أَذْكُرُ أَحَداً بَعْدَ أَنْ يَقُوْمَ مِنْ عِنْدِي إلَّا
بِخَيْرٍ.
وَعَنْهُ: مَا نَازَعَنِي أَحَدٌ إلَّا أَخَذْتُ أَمْرِي
بِأُمُوْرٍ, إِنْ كَانَ فَوْقِي عَرَفْتُ لَهُ, وَإِنْ
كَانَ دُوْنِي رَفَعْتُ قَدْرِي عَنْهُ, وَإِنْ كَانَ
مِثْلِي تَفَضَّلْتُ عَلَيْهِ.
وَعَنْهُ، قَالَ: لَسْتُ بِحَلِيْمٍ، وَلَكِنِّي
أَتَحَالَمُ.
وَقِيْلَ: إِنَّ رَجُلاً خَاصَمَ الأَحْنَفَ، وَقَالَ:
لَئِنْ قُلْتَ وَاحِدَةً، لَتَسْمَعَنَّ عَشْراً. فَقَالَ:
لَكِنَّكَ إِنْ قُلْتَ عَشْراً لَمْ تَسْمَعْ وَاحِدَةً.
وَقِيْلَ: إِنَّ رَجُلاً قَالَ لِلأَحْنَفِ: بِمَ سُدْتَ؟
-وَأَرَادَ أَنْ يَعِيْبَهُ- قَالَ الأَحْنَفُ: بِتَرْكِي
مَا لاَ يَعْنِيْنِي كَمَا عَنَاكَ مِنْ أَمْرِي مَا لاَ
يَعْنِيْكَ.
__________
1 كلمة تقال عند الألم.
(5/43)
الأَصْمَعِيُّ، عَنْ مُعْتَمِرِ بنِ
حَيَّانَ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُقْبَةَ أَخِي ذِي
الرُّمَّةِ، قَالَ: شَهِدْتُ الأَحْنَفَ بنَ قَيْسٍ وَقَدْ
جَاءَ إِلَى قَوْمٍ فِي دَمٍ، فَتَكلَّمَ فِيْهِ، وَقَالَ:
احْتَكِمُوا قَالُوا: نَحْتَكِمُ دِيَتَيْنِ. قَالَ: ذَاكَ
لَكُم. فَلَمَّا سَكَتُوا, قَالَ: أَنَا أُعْطِيْكُم مَا
سَأَلْتُم, فَاسْمَعُوا: إِنَّ اللهَ قَضَى بِدِيَةٍ
وَاحِدَةٍ, وَإِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- قَضَى بِدِيَةٍ وَاحِدَةٍ, وَإِنَّ العَرَبَ
تَعَاطَى بَيْنَهَا دِيَةً وَاحِدَةً, وَأَنْتُمُ اليَوْمَ
تُطَالِبُوْنَ وَأَخْشَى أَنْ تَكُوْنُوا غَداً
مَطْلُوْبِيْنَ فَلاَ تَرْضَى النَّاسُ مِنْكُمْ إلَّا
بِمِثْلِ مَا سَنَنْتُم. قَالُوا: رُدَّهَا إِلَى دِيَةٍ.
عَنِ الأَحْنَفِ: ثَلاَثَةٌ لاَ يَنْتَصِفُوْنَ مِنْ
ثَلاَثَةٍ: شَرِيْفٌ مِنْ دَنِيْءٍ, وَبَرٌّ مِنْ فَاجِرٍ,
وَحَلِيْمٌ مِنْ أَحْمَقَ.
وَقَالَ: مَنْ أَسْرَعَ إِلَى النَّاسِ بِمَا
يَكْرَهُوْنَ، قَالُوا فِيْهِ مَا لاَ يَعْلَمُوْنَ.
وَعَنْهُ، سُئِلَ: مَا المُرُوْءةُ؟ قَالَ كِتْمَانُ
السِّرِّ وَالبُعْدُ مِنَ الشَّرِّ.
وَعَنْهُ: الكَامِلُ مَنْ عُدَّتْ سَقَطَاتُهُ.
وَعَنْهُ: قَالَ رَأْسُ الأَدَبِ آلَةُ المَنْطِقِ، لاَ
خَيْرَ فِي قَوْلٍ بِلاَ فِعْلٍ، وَلاَ فِي مَنْظَرٍ بِلاَ
مَخْبَرٍ, وَلاَ فِي مَالٍ بِلاَ جُوْدٍ, وَلاَ فِي
صَدِيْقٍ بِلاَ وَفَاءٍ, وَلاَ فِي فِقْهٍ بِلاَ وَرَعٍ,
وَلاَ فِي صَدَقَةٍ إلَّا بِنِيَّةٍ, ولا في حياة إلَّا
بصحة وأمن.
وَعَنْهُ: العِتَابُ مِفْتَاحُ الثُّقَالَى، وَالعِتَابُ
خَيْرٌ مِنَ الحِقْدِ.
هِشَامٌ، عَنِ الحَسَنِ، قَالَ: رَأَى الأَحْنَفُ فِي يَدِ
رَجُلٍ دِرْهَماً, فَقَالَ: لِمَنْ هَذَا؟ قَالَ: لِي
قَالَ: لَيْسَ هُوَ لَكَ حَتَّى تُخْرِجَهُ فِي أَجْرٍ
أَوِ اكْتِسَابِ شُكْرٍ وَتَمَثَّلَ:
أَنْتَ لِلْمَالِ إِذَا أَمْسَكْتَهُ ... وَإِذَا
أَنْفَقْتَهُ فَالمَالُ لَكْ
وَقِيْلَ: كَانَ الأَحْنَفُ إِذَا أَتَاهُ رَجُلٌ واسع
لَهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ سَعَةٌ أَرَاهُ كَأَنَّهُ
يُوْسِعُ لَهُ.
وَعَنْهُ قَالَ: جَنِّبُوا مَجَالِسَنَا ذِكْرَ النِّسَاءِ
وَالطَّعَامِ, إِنِّي أُبْغِضُ الرَّجُلَ يَكُوْنُ
وَصَّافاً لِفَرْجِهِ وَبَطْنِهِ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ كَلَّم مُصْعَباً فِي مَحْبُوْسَيْنِ,
وَقَالَ: أَصْلَحَ اللهُ الأَمِيْرَ, إِنْ كَانُوا
حُبِسُوا فِي بَاطِلٍ, فَالعَدْلُ يَسَعُهُم وَإِنْ كانوا
حبسوا في الحق, فَالعَفْوُ يَسَعُهُم.
وَعَنْهُ, قَالَ: لاَ يَنْبَغِي لِلأَمِيْرِ الغَضَبُ,
لأَنَّ الغَضَبَ فِي القُدْرَةِ لِقَاحُ السَّيْفِ
وَالنَّدَامَةِ.
الأَصْمَعِيُّ, قَالَ: عَبْدُ المَلِكِ بنُ عُمَيْرٍ,
قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا الأَحْنَفُ الكُوْفَةَ مَعَ
مُصْعَبٍ, فَمَا رَأَيْتُ صِفَةً تُذَمُّ إلَّا
رَأَيْتُهَا فِيْهِ, كَانَ ضَئِيْلاً, صَعْلَ الرَّأْسِ,
مُتَرَاكِبَ الأَسْنَانِ, مَائِلَ الذقن،
(5/44)
نَاتِئَ الوَجْنَةِ بَاخِقَ العَيْنِ،
خَفِيْفَ العَارِضَيْنِ، أَحْنَفَ الرِّجْلَيْنِ، فَكَانَ
إِذَا تَكَلَّمَ، جَلاَ عَنْ نَفْسِهِ.
الصعل: صغر الرأس، والبخق: وانخساف العَيْنِ، وَالحَنَفُ:
أَنْ تُفْتَلَ كُلُّ رِجْلٍ عَلَى صاحبتها.
وَقِيْلَ كَانَ مُلْتَصِقَ الأَلْيَةِ فَشُقَّ لَهُ.
وَقَالَ ابْنُ الأَعْرَابِيِّ: الأَحْنَفُ: الَّذِي
يَمْشِي عَلَى ظَهْرِ قَدَمِهِ.
عَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ، عَنْ خَالِدٌ الحَذَّاءُ، عَنِ ابْنِ
سِيْرِيْنَ عَنِ الأَحْنَفِ قَالَ: سَمِعْتُ خُطْبَةَ
أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ وَالخُلَفَاءِ، فَمَا سَمِعْتُ
الكَلاَمَ مِنْ مَخْلُوْقٍ أَفْخَمَ وَلاَ أَحْسَنَ مِنْ
أُمِّ المُؤْمِنِيْنَ عَائِشَةَ.
وَعَنْهُ: لاَ يَتِمُّ أَمْرُ السُّلْطَانِ إلَّا
بِالوُزَرَاءِ وَالأَعْوَانِ, وَلاَ يَنْفَعُ الوُزَرَاءُ
والأعوانإلَّا بِالمَوَدَّةِ وَالنَّصِيْحَةِ, وَلاَ
تَنْفَعُ المَوَدَّةُ وَالنَّصِيْحَةُ إلَّا بِالرَّأْيِ
وَالعِفَّةِ.
قِيْلَ: كَانَ زِيَادٌ مُعَظِّماً لِلأَحْنَفِ، فَلَمَّا
وُلِّيَ بَعْدَهُ ابْنُهُ عُبَيْدُ اللهِ، تَغَيَّرَ
أَمْرُ الأَحْنَفِ، وَقَدَّمَ عَلَيْهِ مَنْ هُوَ
دُوْنَهُ, ثُمَّ وَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ فِي
الأَشْرَافِ, فَقَالَ لِعُبَيْدِ اللهِ: أَدْخِلْهُم
عَلَيَّ عَلَى قَدْرِ مَرَاتِبِهِم. فَأَخَّرَ الأَحْنَفُ,
فَلَمَّا رَآهُ مُعَاوِيَةُ, أَكْرَمَهُ لِمَكَانِ
سِيَادَتِهِ, وَقَالَ: إِلَيَّ يَا أَبَا بَحْرٍ.
وَأَجْلَسَهُ مَعَهُ, وَأَعْرَضَ عَنْهُم, فَأَخَذُوا فِي
شُكْرِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ زِيَادٍ, وَسَكَتَ الأَحْنَفُ.
فَقَالَ لَهُ: لِمَ لاَ تَتَكَلَّمُ؟ قَالَ: إِنْ
تَكَلَّمْتُ خَالَفْتُهُم. قَالَ: اشْهَدُوا أَنِّي قَدْ
عَزَلْتُ عُبَيْدَ اللهِ. فَلَمَّا خَرَجُوا, كَانَ
فِيْهِم مَنْ يَرُوْمُ الإِمَارَةَ ثُمَّ أَتَوْا
مُعَاوِيَةَ بَعْد ثَلاَثٍ وَذَكَرَ كُلُّ وَاحِدٍ شَخْصاً
وَتَنَازَعُوا فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: مَا تَقُوْلُ يَا
أَبَا بَحْرٍ؟ قَالَ: إِنْ وَلَّيْتَ أَحَداً مِنْ أَهْلِ
بَيْتِكَ لَمْ تَجِدْ مِثْلَ عُبَيْدِ اللهِ فَقَالَ: قَدْ
أَعَدُّتُهُ قَالَ: فَخَلاَ مُعَاوِيَةُ بِعُبَيْدِ اللهِ,
وَقَالَ: كَيْفَ ضَيَّعْتَ مِثْلَ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي
عَزَلَكَ وَأَعَادَكَ وَهُوَ سَاكِتٌ؟ فَلَمَّا رَجَعَ
عُبَيْدُ اللهِ جَعَلَ الأَحْنَفَ صَاحِبَ سِرِّهِ.
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ القَاسِمِ المِصْرِيُّ الفَقِيْهُ،
عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ المَعَافِرِيِّ, عَنْ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بنِ عُمَارَةَ بنِ عُقْبَةَ قَالَ: حَضَرْتُ
جَنَازَةَ الأَحْنَفِ بالكوفة فَكُنْتُ فِيْمَنْ نَزَلَ
قَبْرَهُ فَلَمَّا سَوَّيْتُهُ رَأَيْتُهُ قَدْ فُسِحَ
لَهُ مَدَّ بَصَرِي فَأَخْبَرْتُ بِذَلِكَ أَصْحَابِي
فَلَمْ يَرَوْا مَا رَأَيْتُ.
قَالَ أَبُو عَمْرٍو بنُ العَلاَءِ: تُوُفِّيَ الأَحْنَفُ
فِي دَارِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ أَبِي غَضَنْفَرٍ, فَلَمَّا
دُلِّيَ في حفرته أقبلت بنت لأوس والسعدي وَهِيَ عَلَى
رَاحِلَتِهَا عَجُوْزٌ, فَوَقَفَتْ عَلَيْهِ, وَقَالَتْ:
مَنِ المُوَافَى بِهِ حُفْرَتَهُ لِوَقْتِ حِمَامِهِ؟
قِيْلَ لَهَا: الأَحْنَفُ بنُ قَيْسٍ. قَالَتْ: وَاللهِ
لَئِنْ كُنْتُم سَبَقْتُمُوْنَا إِلَى الاسْتِمْتَاعِ بِهِ
فِي حَيَاتِهِ, لاَ تَسْبِقُوْنَا إِلَى الثَّنَاءِ
عَلَيْهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ. ثُمَّ قَالَتْ: للهِ دَرُّكَ
مِنْ مِجَنٍّ
(5/45)
فِي جَنَنٍ، وَمُدْرَجٍ فِي كَفَنٍ،
وَإِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجعُوْنَ, نَسْأَلُ
مَنِ ابْتَلاَنَا بِمَوْتِكَ, وَفَجَعَنَا بِفَقْدِكَ:
أَنْ يُوْسِعَ لَكَ فِي قَبْرِكَ, وَأَنْ يَغْفِرَ لَكَ
يَوْمَ حَشْرِكَ. أَيُّهَا النَّاسُ: إِنَّ أَوْلِيَاءَ
اللهِ فِي بِلاَدِهِ هُمْ شُهُوْدُهُ عَلَى عِبَادِهِ
وَإِنَّا لَقَائِلُوْنَ حَقّاً وَمُثْنُوْنَ صِدْقاً
وَهُوَ أَهْلٌ لِحُسْنِ الثَّنَاءِ أَمَا وَالَّذِي كُنْتُ
مِنْ أَجَلِهِ فِي عِدَّةٍ وَمِنَ الحَيَاةِ فِي مُدَّةٍ
وَمِنَ المِضْمَارِ إِلَى غَايَةٍ وَمِنَ الآثَارِ إِلَى
نِهَايَةٍ الَّذِي رُفِعَ عَمَلُكَ عِنْد انْقَضَاءِ
أَجَلِكَ لَقَدْ عِشْتَ مَوْدُوْداً حَمِيْداً, وَمُتَّ
سَعِيْداً فَقِيْداً, وَلَقَدْ كُنْتَ عَظِيْمَ الحِلْمِ,
فَاضِلَ السَّلْمِ, رفيع العماد, واري الزناد, منير
الحَرِيْمِ, سَلِيْمَ الأَدِيْمِ, عَظِيْمَ الرَّمَادِ,
قَرِيْبَ البَيْتِ مِنَ النَّادِ.
قَالَ قُرَّةُ بنُ خَالِدٍ: حَدَّثَنَا أَبُو الضَّحَّاكِ:
أَنَّهُ أَبْصَرَ مُصْعَباً يَمْشِي فِي جَنَازَةِ
الأَحْنَفِ بِغَيْرِ رِدَاءٍ.
قَالَ الفَسَوِيُّ: مَاتَ الأَحْنَفُ سَنَةَ سَبْعٍ
وَسِتِّيْنَ. وَقَالَ غَيْرُهُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى
وَسَبْعِيْنَ وَقَالَ جَمَاعَةٌ مَاتَ فِي إِمْرَةِ
مُصْعَبِ بنِ الزُّبَيْرِ عَلَى العِرَاقِ, رَحِمَهُ الله.
قلت: قد استقصى الحافظ بن عَسَاكِرَ تَرْجَمَةَ الأَحْنَفِ
فِي كَرَارِيْسَ, وَطَوَّلْتُهَا -أَنَا- فِي "تَارِيْخِ
الإِسْلاَمِ" رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
(5/46)
398- عاصم بن
عمر بن الخطاب 1: "خَ، م، د، ت، س"
الفَقِيْهُ، الشَّرِيْفُ، أَبُو عَمْرٍو القُرَشِيُّ،
العَدَوِيُّ. وُلِدَ: فِي أَيَّامِ النُّبُوَّةِ.
وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ
وَأُمُّهُ هِيَ جَمِيْلَةُ بِنْتُ ثَابِتِ بنِ أَبِي
الأَقْلحِ الأَنْصَارِيَّةُ.
وَكَانَ طَوِيْلاً, جَسِيْماً, حَتَّى قِيْلَ: كَانَ
ذِرَاعُهُ ذِرَاعاً وَنَحْواً مِنْ شِبْرٍ. وَكَانَ مِنْ
نُبَلاَءِ الرِّجَالِ, دينًا وخيرًا صَالِحاً, وَكَانَ
بَلِيْغاً فَصِيْحاً شَاعِراً وَهُوَ جَدُّ الخَلِيْفَةِ
عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ لأُمِّهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: وَلَدَاهُ, حَفْصٌ وَعُبَيْدُ اللهِ,
وَعُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لاَ يُرْوَى عَنْهُ سِوَى حَدِيْثٍ
وَاحِدٍ.
مَاتَ سَنَةَ سَبْعِيْنَ، فَرثَاهُ ابْنُ عُمَرَ أَخُوْهُ،
حَيْثُ يَقُوْلُ:
فَلَيْتَ المَنَايَا كُنَّ خَلَّفْنَ عَاصِماً ...
فَعِشْنَا جَمِيْعاً أَوْ ذَهَبْنَ بنا معا
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 15"، التاريخ الكبير "6/
ترجمة 3038"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1912"، الاستيعاب
"2/ 782"، أسد الغابة "3/ 76"، تجريد أسماء الصحابة "1/
ترجمة 2978"، الكاشف "2/ ترجمة 2534"، تهذيب التهذيب "5/
52"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3238".
(5/46)
399- أسلم
1: "ع"
الفَقِيْهُ، الإِمَامُ، أَبُو زَيْدٍ، -وَيُقَالُ: أَبُو
خَالِدٍ- القُرَشِيُّ، العَدَوِيُّ، العُمَرِيُّ، مَوْلَى
عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ
قِيْلَ: هُوَ مِنْ سَبْيِ عَيْنِ التَّمْرِ. وَقِيْلَ:
هُوَ يَمَانِيٌّ. وَقِيْلَ حَبَشِيٌّ اشْتَرَاهُ عُمَرُ
بِمَكَّةَ إِذْ حَجَّ بِالنَّاسِ فِي العَامِ الَّذِي
يَلِي حَجَّةَ الوَدَاعِ زَمَنَ الصِّدِّيْقِ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: سَمِعْتُ أُسَامَةَ بنَ زَيْدِ بنِ
أَسْلَمَ يَقُوْلُ نَحْنُ قَوْمٌ مِنَ الأَشْعَرِيِّيْنَ
وَلَكِنَّا لاَ نُنْكِرُ مِنَّةَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ, وَعُثْمَانَ,
وَمُعَاذٍ, وَأَبِي عُبَيْدَةَ بنِ الجَرَّاحِ, وَكَعْبِ
الأَحْبَارِ, وَابْنِ عُمَرَ وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ؛ زَيْدٌ، وَالقَاسِمُ بنُ
مُحَمَّدٍ، وَنَافِعٌ
مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، وَمُسْلِمُ بنُ جُنْدُبٍ،
وَآخَرُوْنَ.
قَالَ القَاسِمُ بنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَسْلَمَ، قَالَ:
قَدِمْنَا الجَابِيَةَ مَعَ عُمَرَ، فَأُتِيْنَا
بِالطِّلاَءِ، وَهُوَ مِثْلُ عَقِيْدِ الرُّبِّ.
قُلْتُ: هُوَ الدِّبْسُ المُرَمَّلُ.
حَدَّثَنَا هِشَامُ بنُ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ:
عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: اشْتَرَانِي عُمَرُ سَنَةَ
اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَهِيَ السَّنَةُ الَّتِي قُدِمَ
فِيْهَا بِالأَشْعَثِ بنِ قَيْسٍ أَسِيْراً وَأَنَا
أَنْظُرُ إِلَيْهِ فِي الحَدِيْدِ يُكَلِّمُ أَبَا بَكْرٍ
وَهُوَ يَقُوْلُ لَهُ: فَعَلْتَ وَفَعَلْتَ. حَتَّى كَانَ
آخِرَ ذَلِكَ أَسْمَعُ الأَشْعَثَ يَقُوْلُ: يَا
خَلِيْفَةَ رَسُوْلِ اللهِ اسْتَبْقِنِي لِحَرْبِكَ
وَزَوِّجْنِي أُخْتَكَ فَمَنَّ عَلَيْهِ الصِّدِّيْقُ
وَزوَّجَهُ أُخْتَهُ أُمَّ فَرْوَةَ فَوَلَدَتْ لَهُ
مُحَمَّدَ بنَ الأَشْعَثِ.
قَالَ جُوَيْرِيَةُ بنُ أَسْمَاءَ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ:
حَدَّثَنِي أَسْلَمُ مَوْلَى عُمَرَ الحَبَشِيُّ
الأَسْوَدُ -وَاللهِ مَا أُرِيْدُ عَيْبَهُ: بَلَغَنِي أن
بنيه يقولون: إنهم عرب.
__________
1 ترجمة في طبقات ابن سعد "5/ 10"، التاريخ الكبير "2/
ترجمة 1565"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 1142"، تذكرة
الحفاظ "1/ ترجمة 34"، تهذيب التهذيب "1/ ترجمة 501".
(5/47)
وَعَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، عَنْ
أَبِيْهِ, قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: يَا أَبَا خَالِدٍ،
إِنِّي أَرَى أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ يَلْزَمُكَ
لُزُوْماً لاَ يَلْزَمُهُ أَحَداً مِنْ أَصْحَابِكَ، لاَ
يَخْرُجُ سَفَراً إلَّا وَأَنْتَ مَعَهُ، فَأَخْبِرْنِي
عَنْهُ. قَالَ: لَمْ يَكُنْ أَوْلَى القَوْمِ بِالظِّلِّ،
وَكَانَ يُرَحِّلُ رَوَاحِلَنَا, وَيُرَحِّلُ رَحْلَهُ
وَحْدَهُ وَلَقَدْ فَرَغْنَا ذَاتَ لَيْلَةٍ وَقَدْ
رَحَّلَ رِحَالَنَا وَهُوَ يُرَحِّلُ رَحْلَهُ
وَيَرْتَجِزُ:
لاَ يَأْخُذِ اللَّيْلُ عَلَيْكَ بِالهَمْ ...
وَإِلْبَسَنْ لهُ القَمِيْصَ وَاعْتَمْ
وَكُنْ شَرِيْكَ نَافِعٍ وَأَسْلَمْ ... وَإِخْدُمِ
الأَقْوَامَ حَتَّى تُخْدَمْ
رَوَاهُ القَعْنَبِيُّ، عَنْ يَعْقُوْبَ بنِ حَمَّادٍ عَنْ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ عَنْ
أَبِيْهِ.
زَيْدُ بنُ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيْهِ: كَانَ عُمَرُ إِذَا
بَعَثَنِي إِلَى بَعْضِ وَلَدِهِ, قَالَ: لاَ تُعْلِمْهُ
لِمَا أَبْعَثُ إِلَيْهِ مَخَافَةَ أَنْ يُلَقِّنَهُ
الشَّيْطَانُ كَذْبَةً فَجَاءتِ امْرَأَةٌ لِعُبَيْدِ
اللهِ بنِ عُمَرَ ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَتْ: إِنَّ أَبَا
عِيْسَى لاَ يُنْفِقُ عَلَيَّ وَلاَ يَكْسُوْنِي. فَقَالَ:
وَيْحَكِ, وَمَنْ أَبُو عِيْسَى؟ قَالَتْ: ابْنُكَ. قَالَ:
وَهَلْ لِعِيْسَى مِنْ أَبٍ؟ فَبَعَثَنِي إِلَيْهِ
وَقَالَ: لاَ تُخْبِرْهُ فَأَتَيْتُهُ وَعِنْدَهُ دِيْكٌ
ودجاجة هنديان, قلت أجب أباك. قَالَ: وَمَا يُرِيْدُ؟
قُلْتُ: نَهَانِي أَنْ أُخْبِرَكَ. قَالَ: فَإِنِّي
أُعْطِيْكَ الدِّيْكَ وَالدَّجَاجَةَ. قَالَ:
فَاشْتَرَطْتُ عَلَيْهِ أَنْ لاَ يُخْبِرَ عُمَرَ
وَأَخْبَرْتُهُ فَأَعْطَانِيْهُمَا فَلَمَّا جِئْتُ إِلَى
عُمَرَ قَالَ أَخْبَرْتَهُ؟ فَوَاللهِ مَا اسْتَطَعْتُ
أَنْ أَقُوْلَ لاَ فَقُلْتُ: نَعَمْ. فَقَالَ: أَرَشَاكَ؟
قُلْتُ: نَعَمْ وَأَخْبَرْتُهُ فَقَبَضَ عَلَى يَدِي
بِيَسَارِهِ وَجَعَلَ يَمْصَعُنِي بِالدِّرَّةِ وَأَنَا
أَنْزُو فَقَالَ إِنَّكَ لَجَلِيْدٌ ثُمَّ قَالَ
أَتَكْتَنِي بِأَبِي عِيْسَى, وَهَلْ لِعِيْسَى مِنْ
أَبٍ؟.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: تُوُفِّيَ أَسْلَمُ سَنَةَ
ثَمَانِيْنَ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: مَاتَ فِي خِلاَفَةِ عَبْدِ
المَلِكِ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: مَدَنِيٌّ, ثِقَةٌ.
وَيُقَالُ: عَاشَ مائَةً وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً,
وَلَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ.
(5/48)
400- شريح
القاضي 1: "س"
هُوَ الفَقِيْهُ، أَبُو أُمَيَّةَ، شُرَيْحُ بنُ الحَارِثِ
بنِ قَيْسِ بنِ الجَهْمِ الكِنْدِيُّ قَاضِي الكُوْفَةِ.
وَيُقَالُ: شُرَيْحُ بنُ شَرَاحِيْلَ أَوِ ابْنُ شرحبيل.
ويقال: وهو من أولاده الفُرْسُ الَّذِيْنَ كَانُوا
بِاليَمَنِ يُقَالُ: لَهُ صُحْبَةٌ وَلَمْ يَصِحَّ, بَلْ
هُوَ مِمَّنْ أَسْلَمَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَانْتَقَلَ من اليمن زمن
الصديق.
حَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ وَعَلِيٍّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ
أَبِي بَكْرٍ، وَهُوَ نَزْرُ الحَدِيْثِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: قَيْسُ بنُ أَبِي حَازِمٍ وَمُرَّةُ
الطَّيِّبُ وَتَمِيْمُ بنُ سَلَمَةَ وَالشَّعْبِيُّ
وَإِبْرَاهِيْمُ النَّخَعِيُّ وَابْنُ سِيْرِيْنَ
وَغَيْرُهُم وَثَّقَهُ: يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ.
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ، عَنِ
الشَّعْبِيِّ، قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ إِلَى شُرَيْحٍ: إِذَا
أَتَاكَ أَمْرٌ فِي كِتَابِ اللهِ فَاقْضِ بِهِ فَإِنْ
لَمْ يَكُنْ فِي كِتَابِ اللهِ وَكَانَ فِي سُنَّةِ
رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
فَاقْضِ بِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيْهِمَا فَاقْضِ بِمَا
قَضَى بِهِ أَئِمَّةُ الهُدَى فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَأَنْتَ
بِالخِيَارِ إِنْ شِئْتَ تَجْتَهِدُ رَأْيَكَ وَإِنْ
شِئْتَ تُؤَامِرُنِي, وَلاَ أَرَى مُؤَامَرَتَكَ إِيَّايَ
إلَّا أَسْلَمَ لَكَ.
صَحَّ أَنَّ عُمَرَ وَلاَّهُ قَضَاءَ الكُوْفَةِ,
فَقِيْلَ: أَقَامَ عَلَى قَضَائِهَا سِتِّيْنَ سَنَةً.
وَقَدْ قَضَى بِالبَصْرَةِ سَنَةً. وَفَدَ زَمَنَ
مُعَاوِيَةَ إِلَى دِمَشْقَ. وَكَانَ يُقَالُ لَهُ: قَاضِي
المِصْرَيْنِ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الأَبَّارُ: حَدَّثَنَا
عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُعَاوِيَةَ بنِ مَيْسَرَةَ
بنِ شُرَيْحٍ القَاضِي, حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ أَبِيْهِ
مُعَاوِيَةَ عَنْ شُرَيْحٍ أَنَّهُ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَسْلَمَ وَقَالَ
يَا رَسُوْلَ اللهِ إِنَّ لِي أَهْلَ بَيْتٍ ذَوِي عَدَدٍ
بِاليَمَنِ قَالَ: "جِئْ بِهِم" فَجَاءَ بِهِم
وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ
قُبِضَ.
رَوَى عَبَّاسٌ عَنْ يَحْيَى قَالَ: شُرَيْحٌ القَاضِي
هُوَ ابْنُ شُرَحْبِيْلَ, ثِقَةٌ.
أَبُو مَعْشَرٍ البَرَّاءُ, عَنْ هِشَامٍ, عَنْ مُحَمَّدٍ:
قُلْتُ لِشُرِيْحٍ: مِمَّنْ أَنْتَ؟ قَالَ: مِمَّنْ
أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ بِالإِسْلاَمِ وَعِدَادِي فِي
كِنْدَةَ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ إِنَّمَا خَرَجَ مِنَ اليَمَنِ, لأَنَّ
أُمَّهُ تَزَوَّجَتْ بَعْدَ أَبِيْهِ, فَاسْتَحْيَا مِنْ
ذلك, فخرج وكان شاعرًا, قائفًا.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَتْنَا أُمُّ دَاوُدَ
الوَابِشِيَّةُ, قَالَتْ: خَاصَمْتُ إِلَى شُرَيْحٍ
وَكَانَ لَيْسَ لَهُ لِحْيَةٌ.
رَوَى أَشْعَثُ، عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ، قَالَ: أَدْرَكْتُ
الكُوْفَةَ، وَبِهَا أَرْبَعَةٌ مِمَّنْ يُعَدُّ
بِالفِقْهِ, فَمَنْ بَدَأَ بِالحَارِثِ ثَنَّى
بِعَبِيْدَةَ وَمَنْ بَدَأَ بِعَبِيْدَةَ ثَنَّى
بِالحَارِثِ ثُمَّ عَلْقَمَةَ ثُمَّ شُرَيْحٍ. وَإِنَّ
أَرْبَعَةً أَخَسُّهُم شُرَيْحٌ لَخِيَارٌ.
وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: كَانَ شُرَيْحٌ أَعْلَمَهُم
بِالقَضَاءِ, وَكَانَ عَبِيْدَةُ يُوَازِيْهِ في علم
القضاء.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 131"، التاريخ الكبير "4/
ترجمة 2611"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 1458"، حلية
الأولياء "4/ 132"، الإستيعاب "2/ 701"، أسد الغابة "2/
394" تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 44"، الكاشف "2/ ترجمة 2287"،
تجريد أسماء الصحابة "1/ ترجمة 2696"، تهذيب التهذيب "4/
ترجمة 564"، الإصابة "2/ 3880"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة
2937 و 2945".
(5/49)
قَالَ أَبُو وَائِلٍ: كَانَ شُرَيْحٌ
يُقِلُّ غِشْيَانَ ابْنِ مَسْعُوْدٍ لِلاسْتِغْنَاءِ
عَنْهُ.
وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: بَعَثَ عُمَرُ ابنَ سُوْرٍ عَلَى
قَضَاءِ البَصْرَةِ, وَبَعَثَ شُرَيْحاً عَلَى قَضَاءِ
الكُوْفَةِ.
مُجَالِدٌ, عَنِ الشَّعْبِيِّ, أَنَّ عُمَر رَزَقَ
شُرَيْحاً مائَةَ دِرْهَمٍ عَلَى القَضَاءِ.
الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ هُبَيْرَةَ بنِ
يَرِيْمَ: أَنَّ عَلِيّاً جَمَعَ النَّاسَ فِي
الرَّحْبَةِ, وَقَالَ: إِنِّي مُفَارِقُكم فَاجْتَمَعُوا
فِي الرَّحْبَةِ فَجَعَلُوا يَسْأَلُوْنَهُ حَتَّى نَفِدَ
مَا عِنْدَهُم وَلَمْ يبقإلَّا شُرَيْحٌ فَجَثَا عَلَى
رُكْبَتَيْهِ وَجَعَلَ يَسْأَلُهُ فَقَالَ له علي: اذهب
فأنت أقضى العرب.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ النَّخَعِيُّ: كَانَ شُرَيْحٌ يَقْضِي
بِقَضَاءِ عَبْدِ اللهِ.
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَجَمَاعَةٌ سَمِعُوا
ابْنَ اللَّتِّيِّ، أَنْبَأَنَا أَبُو الوَقْتِ،
أَنْبَأَنَا الداودي، أَنْبَأَنَا ابْنُ حَمُّوْيَةَ
أَنْبَأَنَا عِيْسَى بنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا أَبُو
مُحَمَّدٍ الدَّارِمِيُّ, حَدَّثَنَا يَعْلَى بنُ
عُبَيْدٍ, حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ عَنْ عَامِرٍ قَالَ:
جَاءتِ امْرَأَةٌ إِلَى عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-
تُخَاصِمُ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا, فَقَالَتْ: قَدْ حِضْتُ
فِي شَهْرَيْنِ ثَلاَثَ حِيَضٍ فَقَالَ عَلِيٌّ
لِشُرَيْحٍ: اقْضِ بَيْنَهُمَا. قَالَ: يَا أَمِيْرَ
المُؤْمِنِيْنَ, وَأَنْتَ هَا هُنَا؟! قَالَ: اقْضِ
بَيْنَهُمَا. قَالَ: إِنْ جَاءتْ مِنْ بِطَانَةِ أَهْلِهَا
مَنْ يُرْضَى دِيْنُهُ وَأَمَانتُهُ يَزْعُمُ أَنَّهَا
حَاضَتْ ثَلاَثَ حِيَضٍ تَطْهُرُ عِنْدَ كُلِّ قُرْءٍ
وَتُصلِّي جَازَ لَهَا وَإِلاَّ فَلاَ قَالَ عَلِيٌّ:
قَالُوْنُ. وَقَالُوْنُ: بِلِسَانِ الرُّوْمِ: أَحْسَنْتَ.
جَرِيْرٌ، عَنْ مُغِيْرَةَ، قَالَ: عَزَلَ ابْنُ
الزُّبَيْرِ شُرَيْحاً عَنِ القَضَاءِ, فَلَمَّا وَلِيَ
الحَجَّاجُ رَدَّهُ.
الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ: أَنَّ فَقِيْهاً جَاءَ
إِلَى شُرَيْحٍ, فَقَالَ: مَا الَّذِي أَحْدَثْتَ فِي
القَضَاءِ؟ قَالَ: إِنَّ النَّاسَ أَحْدَثُوا
فَأَحْدَثْتُ.
قَالَ سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي حَصِيْنٍ قَالَ: قَالَ خَصْمٌ
لِشُرَيْحٍ: قَدْ عَلِمْتُ مِنْ أَيْنَ أُتِيْتَ. فَقَالَ
شُرَيْحٌ: لَعَنَ اللهُ الرَّاشِيَ وَالمُرْتَشِيَ
وَالكَاذِبَ.
وَقَالَ ابْنُ سِيْرِيْنَ: كَانَ شُرَيْحٌ يَقُوْلُ
لِلشَّاهِدَيْنِ إِنَّمَا يَقْضِي عَلَى هَذَا الرَّجُلِ
أَنْتُمَا, وَإِنِّي لَمُتَّقٍ بِكُمَا فاتقيا.
وَاخْتَصَمَ إِلَيْهِ غَزَّالُوْنَ, فَقَالَ بَعْضُهُم:
إِنَّهُ سُنَّةُ بيننا. قال: بلى سُنَّتُكُم بَيْنَكُم
زُهَيْرُ بنُ مُعَاِويَةَ: حَدَّثَنَا عَطَاءُ بنُ
السَّائِبِ قَالَ: مَرَّ عَلَيْنَا شُرَيْحٌ فَقُلْتُ:
رَجُلٌ جَعَلَ دَارَهُ حُبْساً عَلَى قَرَابَتِهِ قَالَ:
فَأَمَرَ حَبِيْباً, فَقَالَ: أَسْمِعِ الرَّجُلَ: لاَ
حُبْسَ عَنْ فَرَائِضِ اللهِ.
قَالَ الحَسَنُ بنُ حَيٍّ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى:
بَلَغنَا أَنَّ عَلِيّاً رَزَقَ شُرَيْحاً خَمْسَ مائَةٍ.
قَالَ وَاصِلٌ مَوْلَى أَبِي عُيَيْنَةَ: كَانَ نَقْشُ
خَاتَمِ شُرَيْحٍ: الخَاتَمُ خَيْرٌ مِنَ الظَّنِّ.
(5/50)
قَالَ ابْنُ أَبِي خَالِدٍ: رَأَيْتُ
شُرَيْحاً يَقْضِي وَعَلَيْهِ مِطْرَفُ خَزٍّ وَبُرْنُسٌ
وَرَأَيْتُهُ مُعْتَمّاً قَدْ أَرْسَلَهَا مِنْ خَلْفِهِ.
وَرَوَى الأَعْمَشُ، عَنْ شُرَيْحٍ، قَالَ: زَعَمُوا،
كُنْيَةُ الكَذِبِ1
وَقَالَ مَنْصُوْرٌ: كَانَ شُرَيْحٌ إِذَا أَحْرَمَ
كَأَنَّهُ حَيَّةٌ صَمَّاءُ.
تَمِيْمُ بنُ عَطِيَّةَ: سَمِعْتُ مَكْحُوْلاً يَقُوْلُ:
اخْتَلَفْتُ إِلَى شُرَيْحٍ أَشْهُراً لَمْ أَسْأَلْهُ
عَنْ شَيْءٍ أَكْتَفِي بما أسمعه يقضي به.
حَجَّاجُ بنُ أَبِي عُثْمَانَ، عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ:
كَانَ إِذَا قِيْلَ لِشُرَيْحٍ كَيْفَ أَصْبَحْتَ؟ قَالَ
أصبحت وشطر الناس علي غضاب.
__________
1 ورد عن ابن مسعود -رضي الله عنه- أنه قَالَ سَمِعْتُ
رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:
"بئس مطية الرجل زعموا" أخرجه ابن المبارك في "الزهد"
377"، والبخاري في "الأدب المفرد" "762"، وأبو داود
"4972"، والطحاوي في "مشكل الآثار" "1/ 68" من طرق عَنِ
الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ، عَنْ
أَبِي قلابة، عن أبي مسعود، به.
وبعضهم قال: "عن أبي قلابة قال: قال أبو مسعود لأبي عبد
الله، أو قال أبو عبد الله لأبي مسعود: ما سَمِعْتُ
رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول في
"زعموا"؟ قال: فذكره.
قلت: إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين، وأبو قلابة قد
صرح بالتحديث في رواية الوليد بن مسلم قال نا الأوزاعي، نا
يحيى بن أبي كثير، نا أبو قلابة، نا أبو عبد الله مرفوعًا
به.
وفي الحديث ذم استعمال هذه الكلمة "زعموا" وإن كانت في
اللغة قد تأتي بمعنى قال, كما هو معلوم، ولذلك لم تأت في
القرآن إلا في الإخبار عن المذموميين بأشياء مذمومة كانت
منهم مثل قوله -تعالى: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ
لَنْ يُبْعَثُوا} ثم أتبع ذلك بقوله: {بَلَى وَرَبِّي
لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ}
[التغابن: 7] ، ونحو ذلك من الآيات. قال الطحاوي -رحمه
الله- بعد أن ساق بعضها: "وكل هذه الأشياء فإخبار من الله
بها عن قوم مذمومين في أحوال لهم مذمومة. وبأقوال كانت
منهم، كانوا فيها كاذبين، فكان مكروهًا لأحد من الناس لزوم
أخلاق المذمومين في أخلاقهم، الكافرين في أديانهم،
الكاذبين في أقوالهم، وكان الأولى بأهل الإيمان لزوم أخلاق
المؤمنين الذين سبقوهم بالإيمان، وما كانوا عليه من
المذاهب المحمودة والأقوال الصادقة التي حمدهم الله
-تعالى- عليها رضوان الله عليهم ورحمته" وقال البغوي في
"شرح السنة" "3/ 413"ط. المكتب الإسلامي: "إنما ذم هذه
اللفظة، لأنها تستعمل غالبًا في حديث لا سند له، ولا ثبت
فيه، إنما هو شيء يحكي على الألسن، فشبه النبي صلى الله
عليه وسلم ما يقدمه الرجل أمام كلامه ليتوصل به إلى حاجته
من قولهم: زعموا، بالمطية التي يتوصل بها الرجل إلى مقصده
الذي يؤمه، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتثبت فيما
يحكيه والاحتياط فيما يرويه، فلا يروي حديثًا حتى يكون
مرويًا عن ثقة، فقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"كفى بالمرء كذبًا أن يحدث بكل ما سمع" وقال، عليه السلام:
"من حدث بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين".
(5/51)
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: حَدَّثَنَا
شُعَيْبُ بنُ الحَبْحَابِ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ: قَالَ
شُرَيْحٌ: مَا شَدَدْتُ لَهَوَاتِي عَلَى خَصْمٍ وَلاَ
لَقَّنْتُ خَصْماً حُجَّةً قَطُّ.
ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيْحٍ، عَنْ
مُجَاهِدٍ، قَالَ: اخْتُصِمَ إِلَى شُرَيْحٍ فِي وَلَدِ
هِرَّةٍ, فَقَالَتِ امْرَأَةٌ: هُوَ وَلَدُ هِرَّتِي.
وَقَالَتِ الأُخْرَى: بَلْ هُوَ وَلَدُ هِرَّتِي. فَقَالَ
شُرَيْحٌ: أَلْقِهَا مَعَ هَذِهِ, فَإِنْ هِيَ قَرَّتْ
وَدَرَّتْ وَاسْبَطَرَّتْ فَهِي لَهَا, وَإِنْ هِيَ
هَرَّتْ وَفَرَّتْ وَاقْشَعَرَّتْ, فَلَيْسَ لَهَا.
وَفِي رِوَايَةٍ: وَازْبَأَرَّتْ، أَيِ: انْتَفَشَتْ.
وَقَوْلُهُ: اسْبَطَرَّتْ, أَيِ: امْتَدَّتْ لِلرَّضَاعِ.
ابْنُ عون، عن إبراهيم، قال: أقر رجل عن شُرَيْحٍ, ثُمَّ
ذَهَبَ يُنْكِرُ, فَقَالَ: قَدْ شَهِدَ عَلَيْكَ ابْنُ
أُخْتِ خَالَتِكَ.
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ: خَرَجَتْ قَرْحَةٌ
بِإِبْهَامِ شُرَيْحٍ فَقِيْلَ: إلَّا أَرَيْتَهَا
طَبِيْباً؟ قَالَ: هُوَ الَّذِي أَخْرَجَهَا.
وَعَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ شُرَيْحٌ: إِنِّي لأُصَابُ
بِالمُصِيْبَةِ فَأَحْمَدُ اللهَ عَلَيْهَا أَرْبَعَ
مَرَّاتٍ, أَحْمَدُ إِذْ لَمْ يَكُنْ أَعْظَمَ مِنْهَا,
وَأَحْمَدُ إِذْ رَزَقَنِي الصَّبْرَ عَلَيْهَا,
وَأَحْمُدُ إِذْ وَفَّقَنِي لِلاسْتِرْجَاعِ لِمَا أَرْجُو
مِنَ الثَّوَابِ وَأَحْمَدُ إِذْ لَمْ يَجْعَلْهَا فِي
دِيْنِي.
قَالَ مُغِيْرَةُ: كَانَ لِشُرَيْحٍ بَيْتٌ يَخْلُو فِيْهِ
يَوْمَ الجُمُعَةِ, لاَ يَدْرِي النَّاسُ مَا يصنع فيه.
وَقَالَ مَيْمُوْنُ بنُ مِهْرَانَ: لَبِثَ شُرَيْحٌ فِي
الفِتْنَةِ يَعْنِي: فِتْنَةَ ابْنِ الزُّبَيْرِ تِسْعَ
سِنِيْنَ لاَ يَخْبَرُ فَقِيْلَ لَهُ: قَدْ سَلِمْتَ
قَالَ: كيف بالهوى؟.
وقيل: كان شريح قائفا، عَائِفاً أَيْ: يَزْجُرُ الطَّيْرَ
وَيُصِيْبُ الحَدْسَ. وَرُوِيَ لِشُرَيْحٍ:
رَأَيْتُ رِجَالاً يَضْرِبُوْنَ نِسَاءهُم ... فَشَلَّتْ
يَمِيْنِي حِيَنَ أَضْرِبُ زَيْنَبَا
وَزَيْنَبُ شَمْسٌ وَالنِّسَاءُ كَوَاكِبٌ ... إِذَا
طَلَعتْ لَمْ تُبْقِ مِنْهُنَّ كَوْكَبَا
وَعَنْ أَشْعَثَ: أَنَّ شُرَيْحاً عَاشَ مائَةً وَعَشْرَ
سِنِيْنَ.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: عَاشَ مائَةً وَثَمَانِيَ
سِنِيْنَ. وَقَالَ هُوَ, وَالمَدَائِنِيُّ, وَالهَيْثَمُ:
تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ.
وَقَالَ خَلِيْفَةُ, وَابْنُ نُمَيْرٍ: مَاتَ سَنَةَ
ثمانين.
وقيل: إنه استغنى مِنَ القَضَاءِ قَبْلَ مَوْتِهِ
بِسَنَةٍ, رَحِمَهُ اللهُ تعالى.
(5/52)
401- شريح بن
هانئ 1: "م، 4"
أبو المقدام الحارثي، المَذْحِجِيُّ، الكُوْفِيُّ،
الفَقِيْهُ، الرَّجُلُ الصَّالِحُ، صَاحِبُ عَلِيٍّ
-رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ, وَعَلِيٍّ, وَعُمَرَ,
وَعَائِشَةَ, وَسَعْدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ, وَأَبِي
هُرَيْرَةَ.
وَعَنْهُ: ابْنَاهُ؛ مُحَمَّدٌ وَالمِقْدَامُ,
وَالشَّعْبِيُّ, وَالقَاسِمُ بنُ مُخَيْمَرَةَ, وَحَبِيْبُ
بنُ أَبِي ثَابِتٍ, وَيُوْنُسُ بنُ أَبِي إِسْحَاقَ.
قَالَ أَبُو المِقْدَامِ "م": سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنِ
المَسْحِ عَلَى الخُفَّيْنِ فَقَالَتْ ائْتِ عَلِيّاً
فَإِنَّهُ أَعْلَمُ بِذَلِكَ ... , وَذَكَرَ الحَدِيْثَ2.
وَقَدْ شَهِدَ تَحْكِيْمَ الحَكَمَيْنِ, وَوَفَدَ عَلَى
مُعَاوِيَةَ شَافِعاً فِي كَثِيْرِ بنِ شِهَابٍ
فَأَطْلَقَهُ لَهُ.
فَعَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ زِيَادِ بنِ
النَّضْرِ: أَنَّ عَلِيّاً بَعَثَ أَبَا مُوْسَى فِي
أَرْبَعِ مائَةٍ, عَلَيْهِم شُرَيْحُ بنُ هَانِئ,
وَمَعَهُمُ ابْنُ عَبَّاسٍ يُصَلِّي بِهِم إِلَى دُوْمَةِ
الجَنْدَلِ3.
قَالَ سُلَيْمَانُ بنُ أَبِي شَيْخٍ: كَانَ شُرَيْحُ بنُ
هَانِئ جَاهِلِيّاً إِسْلاَمِيّاً, وَهُوَ القَائِلُ فِي
إِمْرَةِ الحَجَّاجِ:
أَصْبَحْتُ ذَا بَثٍّ أُقَاسِي الكِبَرَا ... قدْ عِشْتُ
بَيْنَ المُشْرِكِيَنَ أَعْصُرَا
ثَمَّتَ أَدْرَكْتُ النَّبِيَّ المُنْذِرَا ... وَبَعْدَهُ
صِدِّيْقَهُ وَعُمَرَا
وَالجَمْعَ فِي صِفِّيْنِهِم وَالنَّهَرَا ... وَيَوْمَ
مِهْرَانَ وَيَوْمَ تُسْتَرَا
وَيَا جُمَيْرَاوَاتِ وَالمُشَقَّرَا ... هَيْهَاتَ مَا
أَطْوَلَ هَذَا عُمُرَا
قَالَ القَاسِمُ بنُ مُخَيْمَرَةَ: مَا رَأَيْتُ
حَارِثِيّاً أَفَضْلَ مِنْ شُرَيْحِ بنِ هَانِئ. وَقَالَ
يَحْيَى بن معين, وغيره: ثقة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 128"، التاريخ الكبير "4/
ترجمة 2610"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 1459"، أسد الغابة
"2/ 395"، الاستيعاب "2/ 702"، الكاشف "2/ ترجمة 2291"،
تجريد أسماء الصحابة "1/ ترجمة 2705"، الإصابة "2/ ترجمة
3972"، تهذيب التهذيب "4/ ترجمة 568"، خلاصة الخزرجي "1/
ترجمة 2941".
2 صحيح: أخرجه مسلم "276". وتمام الحديث: فأتيته فقال: جعل
رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
ثَلاَثَةٌ أيام ولياليهن للمسافر. ويوما وليلة للمقيم.
3- دومة الجندل: حصن على سبع مراحل من دمشق قرب جبلي طيء.
(5/53)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيُّ:
عَاشَ شُرَيْحُ بنُ هانئ مئة وَعِشْرِيْنَ سَنَةً.
قَيْسُ بنُ الرَّبِيْعِ، عَنِ المِقْدَامِ بنِ شُرَيْحٍ،
عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ هَانِئ: أَنَّهُ وَفَدَ إِلَى
النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
فَسَمِعَهُ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- يُكْنَى أَبَا الحَكَمِ فَقَالَ: "لِمَ
يُكَنِّيْكَ هَؤُلاَءِ أَبَا الحَكَمِ" قَالَ يَا رَسُوْلَ
اللهِ إِنِّي أَحْكُمُ بَيْنَ قَوْمِي فِي الشَّيْءِ
فَيَرْضَى هَؤُلاَءِ وَهَؤُلاَءِ قَالَ: "هَلْ لَكَ مِنْ
وَلَدٍ" قَالَ نَعَمْ قَالَ: "فَمَا اسْمُ أَكْبَرِهِم"؟
قَالَ: شُرَيْحٌ. قَالَ: "فَأَنْتَ أَبُو شُرَيْحٍ" 1
تَابَعَهُ بَشَّارُ بنُ مُوْسَى الخَفَّافُ عَنْ يَزِيْدَ
بنِ المِقْدَامِ عن أبيه عن جده نحوه.
قَالَ الأَثْرَمُ: قِيْلَ لأَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ
حَنْبَلٍ: شُرَيْحُ بنُ هَانِئ، صَحِيْحُ الحَدِيْثِ قَالَ
نَعَمْ هَذَا مُتَقَدِّمٌ جِدّاً. قَالَ خَلِيْفَةُ بنُ
خَيَّاطٍ وَفِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ وَلَّى
الحَجَّاجُ عُبَيْدَ اللهِ بنَ أَبِي بَكْرَةَ سِجِسْتَانَ
فَوَجَّهَ عُبَيْدُ اللهِ ابْنَهُ أَبَا بَرْذَعَةَ
فَأُخِذَ عَلَيْهِ بِالمَضِيْقِ وَقُتِلَ شُرَيْحُ بنُ
هَانِئ وَأَصَابَ المُسْلِمِيْنَ ضِيْقٌ وَجُوْعٌ شَدِيْدٌ
فَهَلَكَ عَامَّةُ ذَلِكَ الجَيْشِ.
__________
1 حسن: أخرجه أبو داود "4955" حدثنا الربيع بن نافع، عن
يزيد -يعني ابن المِقْدَامِ بنِ شُرَيْحٍ، عَنْ أَبِيْهِ،
عَنْ جَدِّهِ شريح، عن أيه هانئ، به.
قلت: إسناده حسن، يزيد بن المقدام بن شريح، صدوق كما قال
الحافظ في "التقريب".
(5/54)
402- خَرَشَةُ بنُ الحُرِّ 1: "ع"
نَزَلَ الكُوْفَةَ، وَلأَخِيْهِ سَلاَمَةَ صُحْبَةٌ،
وَكَانَ يَتِيْماً فِي حِجْرِ عُمَرَ.
حَدَّثَ عَنْ، عُمَرَ، وَأَبِي ذَرٍّ الغِفَارِيِّ
وَعَبْدِ اللهِ بنِ سَلاَمٍ.
رَوَى عَنْهُ: رِبْعِيُّ بنُ حِرَاشٍ وَأَبُو زُرْعَةَ
البَجَلِيُّ وَالمُسَيَّبُ بنُ رَافِعٍ وَسُلَيْمَانُ بنُ
مُسْهِرٍ وَآخَرُوْنَ.
ثِقَةٌ بِاتِّفَاقٍ تُوُفِّيَ سنة أربع وسبعين.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 147"، التاريخ الكبير "3/
ترجمة 726"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 1785"، الإستيعاب
"2/ 445"، أسد الغابة "2/ 109"، الكاشف "1/ ترجمة 1392"،
تهذيب التهذيب "3/ ترجمة 264"، الإصابة "1/ ترجمة 2239".
(5/54)
403- مالك
السرايا 1:
الأَمِيْرُ: أَبُو حَكِيْمٍ مَالِكُ بنُ عَبْدِ اللهِ
الخَثْعَمِيُّ، الفِلَسْطِيْنِيُّ. يُقَالُ: لَهُ
صُحْبَةٌ, وَلَمْ يَصِحَّ. كَانَ مِنْ أَبْطَالِ
الإِسْلاَمِ، قَادَ جُيُوْشَ الصَّوَائِفِ أربعين سَنَةً.
وَلَمَّا تُوُفِّيَ, كُسِرَ عَلَى قَبْرِهِ -فِيْمَا
قِيْلَ- أَرْبَعُوْنَ لِوَاءً. وَكَانَ ذَا حَظٍّ مِنْ
صِيَامٍ, وَقِيَامٍ, وَجِهَادٍ تُوُفِّيَ: فِي حُدُوْدِ
سَنَةِ ستين أو بعدها.
__________
1 ترجمته في أسد الغابة: 4/ 283"، الإصابة "3/ ترجمة
7645".
(5/55)
|