سير أعلام النبلاء، ط الحديث

بَقِيَّةُ الطَّبَقَةِ الأُوْلَى مِنْ كُبَرَاءِ التَّابِعِيْنَ:
404- ابْنُ الحنفية وَابْنَاهُ 1: "ع"
السَّيِّدُ، الإِمَامُ أَبُو القَاسِمِ، وَأَبُو عبد الله محمد بن الإِمَامِ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ عَبْدِ مَنَافٍ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ شَيْبَةَ بنِ هَاشِمٍ عَمْرُو بنِ عَبْدِ مَنَافٍ بنِ قُصَيِّ بنِ كِلاَبٍ القُرَشِيُّ, الهَاشِمِيُّ, المَدَنِيُّ, أَخُو الحَسَنِ وَالحُسَيْنِ.
وَأُمُّهُ: مِنْ سَبْيِ اليَمَامَةِ زَمَنَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ, وَهِيَ خَوْلَةُ بِنْتُ جَعْفَرٍ الحَنَفِيَّةُ.
فَرَوَى الوَاقِدِيُّ، حَدَّثَنِي ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ المُنْذِرِ, عَنْ أَسْمَاءَ, قَالَتْ: رَأَيْتُ الحَنَفِيَّةَ وَهِيَ سَوْدَاءُ مُشْرَطَةٌ حَسَنَةُ الشَّعْرِ اشْتَرَاهَا عَلِيٌّ بِذِي المَجَازِ مَقْدَمَهُ مِنَ اليَمَنِ فَوَهَبَهَا لِفَاطِمَةَ فَبَاعَتْهَا فَاشْتَرَاهَا مُكَمَّلٌ الغِفَارِيُّ فولدت له عونة.
وَقِيْلَ: بَلْ تَزَوَّجَ بِهَا مُكَمَّلٌ, فَوَلَدَتْ لَهُ عَوْنَةَ وَقِيْلَ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ وَهَبَهَا عَلِيّاً.
وُلِدَ فِي العَامِ الَّذِي مَاتَ فِيْهِ أَبُو بَكْرٍ.
وَرَأَى عُمَرَ، وَرَوَى عَنْهُ، وَعَنْ: أَبِيْهِ, وَأَبِي هُرَيْرَةَ, وَعُثْمَانَ, وَعَمَّارِ بنِ يَاسِرٍ, وَمُعَاوِيَةَ, وَغَيْرِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: بَنُوْهُ عَبْدُ اللهِ, وَالحَسَنُ, وَإِبْرَاهِيْمُ, وَعَوْنٌ, وَسَالِمُ بنُ أَبِي الجَعْدِ, وَمُنْذِرٌ الثَّوْرِيُّ, وَأَبُو جَعْفَرٍ البَاقِرُ وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَقِيْلٍ, وَعَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ, وَمُحَمَّدُ بنُ قَيْسِ بنِ مَخْرمَةَ, وَعَبْدُ الأَعْلَى بنُ عامر الثعلبي, وآخرون.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 91"، التاريخ الكبير "1/ ترجمة 561"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 116"، حلية الأولياء "3/ 174"، الكاشف "3/ ترجمة 5145"، تهذيب التهذيب "9/ 354- 355". خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6521".

(5/55)


وَوَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، وَعَبْدِ المَلِكِ بنِ مَرْوَانَ. وَكَانَتِ الشِّيْعَةُ فِي زَمَانِهِ تَتَغَالَى فِيْهِ, وَتَدَّعِي إِمَامَتَهُ, وَلَقَّبُوْهُ: بِالمَهْدِيِّ, وَيَزْعُمُوْنَ أَنَّهُ لَمْ يَمُتْ.
قَالَ أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيْلُ: صَرَعَ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ مَرْوَانَ يَوْمَ الجَمَلِ، وَجَلَسَ عَلَى صَدْرِهِ. قَالَ فَلَمَّا وَفَدَ عَلَى عَبْدِ المَلِكِ قَالَ لَهُ أَتَذْكُرُ يَوْمَ جَلَسْتَ عَلَى صَدْرِ مَرْوَانَ قَالَ عَفْواً يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ قَالَ: أَمْ1 وَاللهِ مَا ذَكَرْتُهُ لَكَ وَأَنَا أُرِيْدُ أَنْ أُكَافِئَكَ لَكِنْ أَرَدْتُ أَنْ تَعْلَمَ أَنِّي قَدْ عَلِمْتُ.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ أَبِي رَافِعٍ, عَنْ أَبِيْهِ, قَالَ: لَمَّا صَارَ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ إِلَى المَدِيْنَةِ, وَبَنَى دَارَهُ بِالبَقِيْعِ, كَتَبَ إِلَى عَبْدِ المَلِكِ يَسْتَأْذِنُهُ فِي الوُفُوْدِ عَلَيْهِ, فَأَذِنَ لَهُ, فَوَفَدَ عَلَيْهِ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ إِلَى دِمَشْقَ, فَأَنْزَلَهُ بِقُرْبِهِ. وَكَانَ يَدْخُلُ عَلَى عبد الملك في إذن العامة, فَيُسَلِّمُ مَرَّةً وَيَجْلُسُ, وَمَرَّةً يَنْصَرِفُ. فَلَمَّا مَضَى شَهْرٌ, كَلَّمَ عَبْدَ المَلِكِ خَالِياً, فَذَكَرَ قَرَابَتَهُ وَرَحِمَهُ وَذَكَرَ دَيْناً فَوَعَدَهُ بِقَضَائِهِ ثُمَّ قَضَاهُ وَقَضَى جَمِيْعَ حَوَائِجِهِ.
قُلْتُ: كَانَ مَائِلاً لِعَبْدِ المَلِكِ, لإِحْسَانِهِ إِلَيْهِ، وَلإِسَاءةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ إِلَيْهِ.
قال الزبير بن كبار: سَمَّتْهُ الشِّيْعَةُ المَهْدِيَّ. فَأَخْبَرَنِي عَمِّي مُصْعَبٌ, قَالَ: قَالَ كُثَيِّرُ عَزَّةَ:
هُوَ المَهْدِيُّ أَخْبَرَنَاهُ كَعْبٌ ... أَخُو الأَحْبَارِ فِي الحِقَبِ الخَوَالِي
فَقِيْلَ لَهُ: أَلَقِيْتَ كَعْباً? قَالَ قُلْتُهُ بِالتَّوَهُّمِ. وَقَالَ أَيْضاً:
ألا إن الأئمة من قريش ... ولاة الحق أربعة سواء
علي والثلاثة من بنيه ... هما الأسباط ليس بهم خفاء
فسبط سبط إيمان وَبِرٍّ ... وَسِبْطٌ غَيَّبَتْهُ كَرْبُلاَءُ
وَسِبْطٌ لاَ تَرَاهُ العَيْنُ حَتَّى ... يَقُوْدَ الخَيْلَ يَقْدُمُهَا لِوَاءُ
تَغَيَّبَ لاَ يُرَى عَنْهُم زَمَاناً ... بِرَضْوَى عِنْدَهُ عَسَلٌ وَمَاءُ
وَقَدْ رَوَاهَا: عُمَرُ بنُ عُبَيْدَةَ لِكَثِيْرِ بن كثير السهمي.
قَالَ الزُّبَيْرُ: كَانَتْ شِيْعَةُ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ يَزْعُمُوْنَ أَنَّهُ لَمْ يَمُتْ.
وَفِيْهِ يَقُوْلُ السَّيِّدُ الحِمْيَرِيُّ:
أَلاَ قُلْ لِلوَصِيِّ: فَدَتْكَ نَفْسِي ... أَطَلْتَ بِذَلِكَ الجبل المقاما
__________
1 أم: تقال للتقبيح.

(5/56)


أَضَرَّ بِمَعْشَرٍ وَالَوْكَ مِنَّا ... وَسَمَّوْكَ الخَلِيْفَةَ وَالإِمَامَا
وَعَادَوْا فِيْكَ أَهْلَ الأَرْضِ طُرّاً ... مُقَامُكَ عَنْهُم ستين عاما
وعادوا فيك أهل الأرض طرا ... وَلاَ وَارَتْ لَهُ أَرْضٌ عِظَامَا
لَقَدْ أَمْسَى بِمُوْرِقِ شِعْبِ رَضْوَى ... تُرَاجِعُهُ المَلاَئِكَةُ الكَلاَمَا
وَإِنَّ لَهُ بِهِ لَمَقِيْلَ صِدْقٍ ... وَأَنْدِيَةً تُحَدِّثُهُ كِرَامَا
هَدَانَا اللهُ إِذْ خُزْتُمْ لأَمْرٍ ... بِهِ وَعَلَيْهِ نلتمس التماما
تمام المَهْدِيِّ حَتَّى ... تَرَوْا رَايَاتِنَا تَتْرَى نِظَامَا
وَلِلسَّيِّدِ الحِمْيَرِيِّ:
يَا شِعْبَ رَضْوَى مَا لِمَنْ بِكَ لاَ يُرَى ... وَبِنَا إِلَيْهِ مِنَ الصَّبَابَةِ أَوْلَقُ
حَتَّى مَتَى؟ وَإِلَى مَتَى؟ وَكَمِ المَدَى؟ ... يَا بن الوصي وأنت حي ترزق
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: مَوْلِدُهُ فِي خِلاَفَةِ أَبِي بَكْرٍ.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ المُنْذِرِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَتْ رأيت محمد بن الحَنَفِيَّةِ سِنْدِيَّةً سَوْدَاءَ كَانَتْ أَمَةً لِبَنِي حَنِيْفَةَ لَمْ تَكُنْ مِنْهُم وَإِنَّمَا صَالَحَهُم خَالِدٌ عَلَى الرقيق ولم يصالحهم على أنفسهم.
وكناه عُمَرَ الضَّرِيْرُ, وَالبُخَارِيُّ: أَبَا القَاسِمِ.
قَالَ فِطْرُ بنُ خَلِيْفَةَ، عَنْ مُنْذِرٍ، سَمِعَ ابْنَ الحَنَفِيَّةِ يَقُوْلُ: كَانَتْ رُخْصَةً لِعَلِيٍّ، قَالَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ إِنْ وُلِدَ لِي بَعْدَكَ وَلَدٌ أُسَمَّيْهِ بِاسْمِكَ, وَأُكَنِّيْهِ بِكُنْيَتِكَ؟ قَالَ: "نَعَمْ".
وَقَالَ يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ أَنْبَأَنَا أَبُو مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ, حَدَّثَنَا سَالِمُ بنُ أَبِي الجَعْدِ: أَنَّهُ كَانَ مَعَ محمد بن الحَنَفِيَّةِ فِي الشِّعْبِ فَقُلْتُ لَهُ "ذَاتَ يَوْمٍ": يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ وَكَنَّاهُ بِهَا.
النَّسَائِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ، وَرَوَى ابْنُ حُمَيْدٍ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ الأَبْرَشُ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ: قُلْتُ لابْنِ المُسَيِّبِ: ابْنُ كَمْ كُنْتَ فِي خِلاَفَةِ عُمَرَ؟ قَالَ: وُلِدْتُ لِسَنَتَيْنِ بَقِيَتَا منْ خلافته فذكرت ذلك لمحمد بن الحنفية فقال: ذاك مولدي.
رَوَى الرَّبِيْعُ بنُ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: وَقَعَ بَيْنَ عَلِيٍّ وَطَلْحَةَ كَلاَمٌ, فَقَالَ طَلْحَةُ: لِجُرْأَتِكَ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَمَّيْتَ بِاسْمِهِ وَكَنَّيْتَ بِكُنْيَتِهِ, وَقَدْ نَهَى أَنْ يَجْمَعَهُمَا أَحَدٌ.

(5/57)


قَالَ: إِنَّ الجَرِيْءَ مَنِ اجْتَرَأَ عَلَى اللهِ وَرَسُوْلِهِ، اذْهَبْ يَا فُلاَنُ، فَادْعُ لِي فُلاَناً وَفُلاَناً -لِنَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ- فَجَاؤُوا فَقَالَ: بِمَ تَشْهَدُوْنَ؟ قَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "سَيُوْلَدُ لَكَ بَعْدِي غُلاَمٌ فَقَدْ نَحَلْتُهُ اسْمِي وَكُنْيَتِي, وَلاَ تَحِلُّ لأَحَدٍ مِنْ أُمَّتِي بَعْدَهُ" رَوَاهُ: ثِقَتَانِ عَنِ الرَّبِيْعِ وَهُوَ مُرْسَلٌ.
زَيْدُ بنُ الحُبَابِ: حَدَّثَنَا الرَّبِيْعُ بنُ مُنْذِرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، سَمِعْتُ ابْنَ الحَنَفِيَّةِ يَقُوْلُ: دَخَلَ عُمَرُ, وَأَنَا عِنْدَ أُخْتِي أُمِّ كُلْثُوْمٍ فَضَمَّنِي, وَقَالَ: أَلْطِفِيْهِ بِالحَلْوَاءِ.
سَالِمُ بن أبي حفصة، عن منذر عن أبي الحَنَفِيَّةِ قَالَ: حَسَنٌ وَحُسَيْنٌ خَيْرٌ مِنِّي وَلَقَدْ عَلِمَا أَنَّهُ كَانَ يَسْتَخْلِيْنِي دُوْنَهُمَا وَإِنِّي صَاحِبُ البَغْلَةِ الشَّهْبَاءِ.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ الجُنَيْدِ: لاَ نعلم أحد أَسْنَدَ عَنْ عَلِيٍّ أَكْثَرَ وَلاَ أَصَحَّ مِمَّا أَسْنَدَ ابْنُ الحَنَفِيَّةِ.
إِسْرَائِيْلُ, عَنْ عَبْدِ الأَعْلَى: أَنَّ مُحَمَّدَ بنَ عَلِيٍّ كَانَ يُكْنَى: أَبَا القاسم, وكان ورعًا, كثير العلم.
وَقَالَ خَلِيْفَةُ: قَالَ أَبُو اليَقْظَانِ: كَانَتْ رَايَةُ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- لَمَّا سَارَ مِنْ ذِي قَارٍ, مَعَ ابْنِهِ مُحَمَّدٍ.
ابْنُ سَعْدٍ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ, حَدَّثَنَا فِطْرٌ, عَنْ مُنْذِرٍ الثوري, قال: كنت عند محمد بن الحَنَفِيَّةِ, فَقَالَ: مَا أَشْهَدُ عَلَى أَحَدٍ بِالنَّجَاةِ وَلاَ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ بَعْدَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلاَ عَلَى أَبِي فَنَظَرَ إِلَيْهِ القَوْمُ فَقَالَ مَنْ كَانَ فِي النَّاسِ مِثْلَ عَلِيٍّ سَبَقَ لَهُ كَذَا.
سَبَقَ لَهُ كَذَا.
أَبُو شِهَابٍ الحَنَّاطُ، عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُحَمَّدٍ الأَزْدِيِّ عَنِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ قَالَ أَهْلُ بَيْتَيْنِ مِنَ العَرَبِ يَتَّخِذُهُمَا النَّاسُ أَنْدَاداً مِنْ دُوْنِ اللهِ نَحْنُ وَبَنُوْ عَمِّنَا هَؤُلاَءِ يُرِيْدُ بَنِي أُمَيَّةَ.
أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا عَبْثَرٌ أَبُو زُبَيْدٍ عَنْ سَالِمِ بنِ أَبِي حَفْصَةَ عَنْ مُنْذِرٍ أَبِي يَعْلَى عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ نَحْنُ أَهْلُ بَيْتَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ نَتَّخِذُ مِنْ دُوْنِ اللهِ أَنْدَاداً نَحْنُ وَبَنُوْ أُمَيَّةَ.
أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُسْلِمٍ الطَّائِيُّ عَنْ أَبِيْهِ قَالَ كَتَبَ عَبْدُ المَلِكِ مِنْ عَبْدِ المَلِكِ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ إِلَى مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ فَلَمَّا نَظَرَ مُحَمَّدٌ إِلَى عُنْوَانِ الكِتَابِ قَالَ إِنَّا للهِ الطُّلَقَاءُ وَلُعَنَاءَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى المَنَابِرِ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لأُمُوْرٌ لَمْ يَقِرَّ قَرَارُهَا.
قُلْتُ: كَتَبَ إِلَيْهِ يَسْتَمِيْلُهُ فَلَمَّا قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَاتَّسَقَ الأَمْرُ لِعَبْدِ المَلِكِ بَايَعَ مُحَمَّدٌ.
الوَاقِدِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ عَنْ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ أَبِي عَوْنٍ قَالَ ابْنُ الحَنَفِيَّةِ وَفَدْتُ عَلَى عَبْدِ المَلِكِ فَقَضَى حَوَائِجِي وَوَدَّعْتُهُ فَلَمَّا كِدْتُ أَنْ أَتَوَارَى نَادَانِي: يَا أبا

(5/58)


القَاسِمِ، يَا أَبَا القَاسِمِ. فَرَجَعْتُ، فَقَالَ: أَمَا إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ أَنَّكَ يَوْمَ تَصْنَعُ بِالشَّيْخِ مَا تَصْنَعُ ظَالِمٌ لَهُ- يَعْنِي: لَمَّا أَخَذَ يَوْمَ الدَّارِ مَرْوَانَ، فَدَغَتَهُ1 بِرِدَائِهِ- قَالَ عَبْدُ المَلِكِ: وَأَنَا أَنْظُرُ يَوْمئِذٍ وَلِي ذُؤَابَةٌ.
إِبْرَاهِيْمُ بنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، سَمِعَ الزُهْرِيَّ يَقُوْلُ: قَالَ رَجُلٌ لابْنِ الحَنَفِيَّةِ: مَا بَالُ أَبِيْكَ كَانَ يَرْمِي بِكَ فِي مَرَامٍ لاَ يَرْمِي فِيْهَا الحَسَنَ وَالحُسَيْنَ؟ قَالَ؟ لأَنَّهُمَا كَانَا خَدَّيْهُ, وَكُنْتُ يَدَهُ, فَكَانَ يَتَوَقَّى بِيَدَيْهِ عَنْ خَدَّيْهِ.
أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، عَنِ ابْنِ كُلَيْبٍ أَنْبَأَنَا ابْنُ بَيَانٍ, أَنْبَأَنَا ابْنُ مَخْلَدٍ, أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيْلُ الصَّفَّارُ, حَدَّثَنَا ابْنُ عَرَفَةَ, حَدَّثَنَا ابن مبارك, عَنِ الحَسَنِ بنِ عَمْرٍو, عَنْ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيِّ, عَنِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ, قَالَ: لَيْسَ بِحَكِيْمٍ مَنْ لَمْ يُعَاشِرْ بِالمَعْرُوْفِ مَنْ لاَ يَجِدُ مِنْ مُعَاشَرَتِهِ بُدّاً حَتَّى يَجْعَلَ اللهُ مِنْ أَمْرِهِ فَرَجاً أَوْ قَالَ: مَخْرَجاً.
وَعَنِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ، قَالَ: مَنْ كَرُمَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ لَمْ يَكُنْ لِلدُّنْيَا عِنْدَهٌ قَدْرٌ وَعَنْهُ: أَنَّ اللهَ جَعَلَ الجَنَّةَ ثَمَناً لأَنْفُسِكُم فَلاَ تَبِيْعُوْهَا بِغَيْرِهَا.
وَرَوَى الوَاقِدِيُّ بِإِسْنَادِهِ، قَالَ: لَمَّا جَاءَ نَعْيُ مُعَاوِيَةَ إِلَى المَدِيْنَةِ، كَانَ بِهَا الحُسَيْنُ، وَابْنُ الحَنَفِيَّةِ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ، وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِمَكَّةَ، فَخَرَجَ الحسين وَابْنُ الزُّبَيْرِ إِلَى مَكَّةَ, وَأَقَامَ ابْنُ الحَنَفِيَّةِ, فَلَمَّا سَمِعَ بِدُنُوِّ جَيْشِ مُسْرفٍ زَمَنَ الحَرَّةِ, رَحَلَ إِلَى مَكَّةَ, وَأَقَامَ مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ. فَلَمَّا مَاتَ يَزِيْدُ, بُوْيِعَ ابْنُ الزُّبَيْرِ, فَدَعَاهُمَا إِلَى بَيْعَتِهِ, فَقَالاَ: لاَ, حَتَّى تَجْتَمِعَ لَكَ البِلاَدُ فَكَانَ مَرَّةً يُكَاشِرُهُمَا وَمَرَّةً يَلِيْنُ لَهُمَا, ثُمَّ غَلُظَ عَلَيْهِمَا, وَوَقَعَ بَيْنَهُم حَتَّى خَافَاهُ, وَمَعَهُمَا النِّسَاءُ وَالذُّرِّيَّةُ فَأَسَاءَ جِوَارَهُم, وَحَصَرَهُم وَقَصَدَ مُحَمَّداً, فَأَظْهَرَ شَتْمَهُ وَعَيْبَهُ, وَأَمَرَهُم وَبَنِي هَاشِمٍ أَنْ يَلْزَمُوا شِعْبَهُم, وَجَعَلَ عَلَيْهِمُ الرُّقَبَاءَ, وَقَالَ فِيْمَا يَقُوْلُ: وَاللهِ لَتُبَايِعُنَّ, أَوْ لأُحَرِّقَنَّكُم, فَخَافُوا.
قَالَ سُلَيْمٌ أَبُو عَامِرٍ: فَرَأَيْتُ ابْنَ الحَنَفِيَّةِ مَحْبُوْساً فِي زَمْزَمَ، وَالنَّاسُ يُمْنَعُوْنَ مِنَ الدُّخُوْلِ عَلَيْهِ فَقُلْتُ: وَاللهِ لأَدْخُلَنَّ عَلَيْهِ. فَقُلْتُ: مَا بَالُكَ وَهَذَا الرَّجُلُ؟ قَالَ: دَعَانِي إِلَى البَيْعَةِ, فَقُلْتُ: إِنَّمَا أَنَا مِنَ المُسْلِمِيْنَ فَإِذَا اجْتَمَعُوا عَلَيْكَ, فَأَنَا كَأَحَدِهِم, فَلَمْ يَرْضَ بِهَذَا مِنِّي, فَاذْهَبْ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ وَقُلْ: مَا تَرَى؟ قَالَ: فَدَخَلْتُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ, وَهُوَ ذَاهِبُ البَصَرِ, فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: أَنْصَارِيٌّ قَالَ: رُبَّ أَنْصَارِيٍّ هُوَ أَشَدُّ عَلَيْنَا مِنْ عَدُوِّنَا. قُلْتُ: لاَ تَخَفْ أَنَا مِمَّنْ لَكَ كُلُّهُ. قَالَ: هَاتِ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ: قُلْ له لا تطعه ولا نعمة عين
__________
1 دغته: أي خنقه.

(5/59)


إلَّا مَا قُلْتَ، وَلاَ تَزِدْهُ عَلَيْهِ. فَأَبْلَغْتُهُ, فَهَمَّ ابْنُ الحَنَفِيَّةِ أَنْ يَسِيْرَ إِلَى الكُوْفَةِ، وَبَلَغَ ذَلِكَ المُخْتَارَ، فَثَقُلَ عَلَيْهِ قُدُوْمُهُ، فَقَالَ: إِنَّ فِي المَهْدِيِّ عَلاَمَةً يَقْدَمُ بَلَدَكُم هَذَا، فَيَضْرِبُهُ رَجُلٌ فِي السُّوْقِ بِالسَّيْفِ لاَ يَضُرُّهُ وَلاَ يَحِيْكُ فِيْهِ.
فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ الحَنَفِيَّة، فَأَقَامَ، فَقِيْلَ لَهُ: لَوْ بَعَثْتَ إِلَى شِيْعَتِكَ بِالكُوْفَةِ, فَأَعْلَمْتَهُم مَا أَنْتَ فِيْهِ. فَبَعَثَ أَبَا الطُّفَيْلِ إِلَى شِيْعَتِهِمْ, فَقَالَ لَهُم: إِنَّا لاَ نَأْمَنُ ابْنَ الزُّبَيْرِ عَلَى هَؤُلاَءِ. وَأَخْبَرَهُم بِمَا هُمْ فِيْهِ مِنَ الخَوْفِ، فَقَطَعَ المُخْتَارُ بَعْثاً إِلَى مَكَّةَ، فَانْتَدَبَ مَعَهُ أَرْبَعَةَ آلاَفٍ، فَعَقَدَ لأبي عبد الله الجدلي عليهم، وَقَالَ لَهُ: سِرْ، فَإِنْ وَجَدْتَ بَنِي هَاشِمٍ في حياة، فكن لهم عضدًا، و "انفذ" لِمَا أَمَرُوْكَ بِهِ وَإِنْ وَجَدْتَ ابْنَ الزُّبَيْرِ قَدْ قَتَلَهُم, فَاعْتَرِضْ أَهْلَ مَكَّةَ حَتَّى تَصِلَ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ, ثُمَّ لاَ تَدَعْ لآلِ الزُّبَيْرِ شَعْراً وَلاَ ظُفُراً, وَقَالَ: يَا شُرْطَةَ اللهِ لَقَدْ أَكْرَمَكُمُ اللهُ بِهَذَا المَسِيْرِ, وَلَكُم بِهَذَا الوَجْهِ عَشْرُ حِجَجٍ وَعَشْرُ عُمَرٍ وَسَارُوا حَتَّى أَشْرَفُوا عَلَى مَكَّةَ فَجَاءَ المُسْتَغِيْثُ: عَجِّلُوا فَمَا أُرَاكُم تُدْرِكُوْنَهُم. فَانْتَدَبَ مِنْهُم ثَمَانِ مائَةٍ رَأْسُهُم عَطِيَّةُ بنُ سَعْدٍ العَوْفِيُّ حَتَّى دَخَلُوا مَكَّةَ فَكَبَّرُوا تَكَبِيْرَةً سَمِعَهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ فَهَرَبَ إِلَى دَارِ النَّدْوَةِ وَيُقَالُ: تَعَلَّقَ بَأْسْتَارِ الكَعْبَةِ- وَقَالَ أَنَا عَائِذُ اللهِ. قَالَ عَطِيَّةُ: ثُمَّ مِلْنَا إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ الحَنَفِيَّةِ وَأَصْحَابِهِمَا فِي دُوْرٍ قَدْ جُمِعَ لَهُمُ الحَطَبُ, فَأُحِيْطَ بِهِمْ حَتَّى سَاوَى الجُدُرَ, لَوْ أَنَّ نَاراً تَقَعُ فِيْهِ مَا رُئِيَ مِنْهُمْ أَحَدٌ فَأَخَّرْنَاهُ عَنِ الأَبْوَابِ, وَعَجِلَ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ, وَهُوَ يَوْمَئِذٍ رَجُلٌ, فَأَسْرَعَ فِي الحَطَبِ لِيَخْرُجَ, فَأَدْمَاهُ. وَأَقْبَلَ أَصْحَابُ ابْنُ الزُّبَيْرِ, فَكُنَّا صَفَّيْنِ, نَحْنُ وَهُمْ فِي المَسْجِدِ نَهَارَنَا لاَ نَنْصَرِفُ إِلَى صَلاَةٍ حَتَّى أَصْبَحْنَا وَقَدِمَ الجَدَلِيُّ فِي الجَيْشِ فَقُلْنَا لابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ الحَنَفِيَّةِ: ذَرُوْنَا نُرِحِ النَّاسَ مِنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَقَالاَ: هَذَا بَلَدٌ حَرَّمَهُ اللهُ, مَا أَحَلَّهُ لأَحَدٍ إلَّا لِنَبِيِّهِ سَاعَةً فَامْنَعُوْنَا وَأَجِيْرُوْنَا قَالَ: فَتَحَمَّلُوا وَإِنَّ مُنَادِياً لَيُنَادِي فِي الجَبَلِ: مَا غَنِمَتْ سَرِيَّةٌ بَعْدَ نَبِيِّهَا مَا غَنِمَتْ هَذِهِ السَّرِيَّةُ إِنَّ السَّرِيَّةَ تَغْنَمُ الذَّهَبَ وَالفِضَّةَ, وَإِنَّمَا غَنِمْتُمْ دِمَاءنَا. فَخَرَجُوا بِهِم فَأَنْزَلُوْهُمْ مِنَىً فَأَقَامُوا مُدَّةً ثُمَّ خَرَجُوا إِلَى الطَّائِفِ وَبِهَا تُوُفِّيَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَصَلَّى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ فَبَقِيْنَا معَهُ فَلَمَّا كَانَ الحَجُّ وَافَى مُحَمَّدٌ بِأَصْحَابِهِ فَوَقَفَ وَوقَفَ نَجْدَةُ بنُ عَامِرٍ الحَنَفِيُّ فِي الخوَارِجِ نَاحِيَةً وَحَجَّتْ بَنُوْ أُمَيَّةَ عَلَى لِوَاءٍ فَوَقَفُوا بعرفة.
وَعَنْ مُحَمَّدِ بنِ جُبَيْرٍ: أَنَّ الَّذِي أَقَامَ الحَجَّ ابْنُ الزُّبَيْرِ. وَحَجَّ ابْنُ الحَنَفِيَّةِ فِي الخَشَبِيَّةِ أَرْبَعَةَ آلاَفٍ, نَزَلُوا فِي الشِّعْبِ الأَيْسَرِ مِنْ مِنَىً, فَخِفْتُ الفِتْنَةَ, فَجِئْتُ ابْنَ الحَنَفِيَّةِ, فَقُلْتُ: يَا أَبَا القَاسِمِ اتَّقِ اللهَ فَإِنَّا فِي مَشْعَرٍ حَرَامٍ فِي بَلَدٍ حَرَامٍ وَالنَّاسُ وَفْدُ اللهِ فَلاَ تُفْسِدْ عَلَيْهِم حَجَّهُمْ فَقَالَ: وَاللهِ مَا أُرِيْدُ ذَلِكَ وَلَكِنِّي أَدْفَعُ عَنْ نفسي, وما أطلب هذا الأمرإلَّا أَنْ لاَ يَخْتَلِفَ عَلَيَّ فِيْهِ اثْنَانِ, فَائْتِ ابْنَ الزُّبَيْرِ وَكَلِّمْهُ عَلَيْكَ, بِنَجْدَةَ, فَكَلِّمْهُ. فَجِئْتُ ابن الزبير,

(5/60)


فَقَالَ: أَنَا أَرْجِعُ! قَدِ اجْتَمَعَ عَلَيَّ وَبَايَعَنِي النَّاسُ، وَهَؤُلاَءِ أَهْلُ خِلاَفٍ. قُلْتُ: إِنَّ خَيْراً لَكَ الكَفُّ. قَالَ أَفْعَلُ. ثُمَّ جِئْتُ نَجْدَةَ الحَرُوْرِيَّ, فَأَجِدُهُ فِي أَصْحَابِهِ, وَعِكْرِمَةُ عِنْدَهُ, فَقُلْتُ: اسْتَأذِنْ لِي عَلَيْهِ قَالَ فَدَخَلَ فَلَمْ يَنْشَبْ أَنْ أَذِنَ لِي فَدَخَلْتُ، فَعَظَّمْتُ عَلَيْهِ، وَكَلَّمْتُهُ فَقَالَ: أَمَّا أَنْ أَبْتَدِئَ أَحَداً بِقِتَالٍ, فَلاَ قُلْتُ: إِنِّي رَأَيْتُ الرَّجُلِيْنِ لاَ يُرِيْدَانِ قِتَالَكَ ثُمَّ جِئْتُ شِيْعَةَ بَنِي أُمَيَّةَ فَكَلَّمْتُهُم فَقَالُوا: لاَ نُقَاتِلُ فَلَمْ أَرَ فِي تِلْكَ الأَلْوِيَةِ أَسْكَنَ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ. وَوَقَفْتُ تِلْكَ العَشِيَّةَ إِلَى جَنْبِهِ فَلَمَّا غَابَتِ الشَّمْسُ الْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ يَا أَبَا سَعِيْدٍ ادْفَعْ فَدَفَعْتُ مَعَهُ فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ دَفَعَ.
قَالَ خَلِيْفَةُ: فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ دَعَا ابْنُ الزُّبَيْرِ ابْنَ الحَنَفِيَّةِ إِلَى بِيْعَتِهِ، فَأَبَى، فَحَصَرَهُ فِي شِعْبِ بَنِي هَاشِمٍ، وَتَوَعَّدَهُمْ حَتَّى بَعَثَ المُخْتَارُ أَبَا عَبْدِ اللهِ الجَدَلِيَّ إِلَى ابْنِ الحَنَفِيَّةِ فِي أَرْبَعَةِ آلاَفٍ سَنَةَ سِتٍّ فَأَقَامُوا مَعَهُ حَتَّى قُتِلَ المُخْتَارُ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ سَبْعٍ وستين.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الزُّبَيْرِيُّ، عَنْ عُثْمَانَ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ. وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ يَحْيَى بنِ طَلْحَةَ، وَغَيْرُهُ، قَالُوا: كَانَ المُخْتَارُ أَشدَّ شَيْءٍ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَجَعَلَ يُلْقِي إِلَى النَّاسِ أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ كَانَ يَطْلُبُ هَذَا الأَمْرَ لابْنِ الحَنَفِيَّةِ ثُمَّ ظَلَمَهُ وجعل يعظم ابن الحنفية ويدعوا إِلَيْهِ فَيُبَايِعُوْنَهُ سِرّاً فَشَكَّ قَوْمٌ وَقَالُوا أَعْطَيْنَا هَذَا عُهُوْدَنَا أَنْ زَعَمَ أَنَّهُ رَسُوْلُ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ وَهُوَ بِمَكَّةَ لَيْسَ مِنَّا بِبَعِيْدٍ فَشَخَصَ إِلَيْهِ قَوْمٌ فَأَعْلَمُوْهُ أَمْرَ المُخْتَارِ فَقَالَ نَحْنُ قَوْمٌ حَيْثُ تَرَوْنَ مَحْبُوْسُوْنَ وَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِي سُلْطَانَ الدُّنْيَا بِقَتْلِ مُؤْمِنٍ وَلَوَدِدْتُ أَنَّ اللهَ انْتَصَرَ لَنَا بِمَنْ يَشَاءُ فَاحْذَرُوا الكَذَّابِيْنَ قَالَ وَكَتَبَ المُخْتَارُ كِتَاباً عَلَى لِسَانِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ إِلَى إِبْرَاهِيْمَ بنِ الأَشْتَرِ وَجَاءهُ يَسْتَأْذِنُ وَقِيْلَ المُخْتَارُ أَمِيْنُ آلِ مُحَمَّدٍ وَرَسُوْلُهُمْ فَأَذِنَ لَهُ وَرحَّبَ بِهِ فَتَكَلَّمَ المُخْتَارُ وَكَانَ مُفَوَّهاً ثُمَّ قَالَ إِنَّكُمْ أَهْلُ بَيْتٍ قَدْ أَكْرَمَكُمُ اللهُ بِنُصْرَةِ آلِ مُحَمَّدٍ وَقَدْ رُكِبَ مِنْهُم مَا قَدْ عَلِمْتَ وَقَدْ كَتَبَ إِلَيْكَ المَهْدِيُّ كِتَاباً وَهَؤُلاَءِ الشُّهُودُ عَلَيْهِ فَقَالُوا نَشْهَدُ أَنَّ هَذَا كِتَابُهُ وَرَأَيْنَاهُ حِيْنَ دَفَعَهُ إِلَيْهِ فَقَرَأَهُ إِبْرَاهِيْمُ ثُمَّ قَالَ أَنَا أَوَّلُ مَنْ يُجِيْبُ قَدْ أُمِرْنَا بِطَاعَتِكَ وَمُؤَازَرَتِكَ فَقُلْ مَا بَدَا لَكَ ثُمَّ كَانَ يَرْكَبُ إِلَيْهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ فَزَرَعَ ذَلِكَ فِي الصُّدُوْرِ وَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ الزُّبَيْرِ فَتَنَكَّرَ لابْنِ الحَنَفِيَّةِ وَجَعَلَ أَمْرُ المُخْتَارِ يَغْلُظُ وَتَتَبَّعَ قَتَلَةَ الحُسَيْنِ فَقَتَلَهُمْ وَجْهَّزَ ابْنَ الأَشْتَرِ فِي عِشْرِيْنَ أَلْفاً إِلَى عُبَيْدِ اللهِ بنِ زِيَادٍ، فَظَفِرَ بِهِ ابْنُ الأَشْتَرِ، وَبَعَثَ بِرَأْسِهِ إِلَى المُخْتَارِ، فَبَعَثَ بِهِ إِلَى ابْنِ الحَنَفِيَّةِ وَعَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ، فَدَعَتْ بَنُوْ هَاشِمٍ لِلْمُخْتَارِ وَكَانَ ابْنُ الحَنَفِيَّةِ لاَ يُحِبُّ كثيرًا مما يأتي به وكتب المختار، إِلَيْهِ لِمُحَمَّدٍ المَهْدِيِّ مِنَ المُخْتَارِ الطَّالِبِ بِثَأْرِ آلِ مُحَمَّدٍ.
أَبُو غَسَّانَ النَّهْدِيُّ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ زِيَادٍ عَنِ الأَسْوَدِ بنِ قَيْسٍ قَالَ لَقِيْتُ رَجُلاً مِنْ

(5/61)


عَنَزَةَ فَقَالَ: انْتَهَيْتُ إِلَى ابْنِ الحَنَفِيَّةِ، فَقُلْتُ: السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مَهْدِيُّ. قَالَ: وَعَلَيْكَ السَّلاَمُ. قُلْتُ: إِنَّ لِي حَاجَةً. فَلَمَّا قَامَ, دَخَلْتُ مَعَهُ, فَقُلْتُ: مَا زَالَ بِنَا الشَّيْنُ فِي حُبِّكُمْ حَتَّى ضُرِبَتْ عَلَيْهِ الأَعْنَاقُ, وَشُرِّدْنَا فِي البلاد, وأوذينا ولقد كانت تبلغنا عند أَحَادِيْثُ مِنْ وَرَاءَ وَرَاءَ, فَأَحْبَبْتُ أَنْ أُشَافِهَكَ. فَقَالَ: إِيَّاكُمْ وَهَذِهِ الأَحَادِيْثَ, وَعَلَيْكُم بِكِتَابِ اللهِ, فَإِنَّهُ بِهِ هُدِيَ أَوَّلُكُم وَبِهِ يُهْدَى آخِرُكُمْ وَلَئِنْ أُوْذِيْتُمْ, لَقَدْ أُوْذِيَ مَنْ كَانَ خَيْراً مِنْكُمْ وَلأَمْرُ آلِ مُحَمَّدٍ أَبْيَنُ مِنْ طُلُوْعِ الشَّمْسِ.
ابْنُ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنَا أَبُو الجَحَّافِ -شِيْعِيٌّ- عَنْ رَجُلٍ مِنْ "أَهْلِ البَصْرَةِ" قَالَ: أَتَيْتُ ابْنَ الحَنَفِيَّةِ حِيْنَ خَرَجَ المُخْتَارُ, فَقُلْتُ إِنَّ هَذَا خَرَجَ عِنْدَنَا يَدْعُو إِلَيْكُمْ, فَإِنْ كَانَ أَمْرِكُمُ, اتَّبَعْنَاهُ. قَالَ سَآمُرُكَ بِمَا أَمَرْتُ بِهِ ابْنِي هَذَا, إِنَّا -أَهْلَ بَيْتٍ- لاَ نَبْتَزُّ هَذِهِ الأُمَّةَ أَمْرَهَا, وَلاَ نَأْتِيْهَا مِنْ غَيْرِ وَجْهِهَا وَإِنَّ عَلِيّاً كَانَ يَرَى أَنَّهُ لَهُ وَلَكِنْ لَمْ يُقَاتِلْ حَتَّى جَرَتْ لَهُ بَيْعَةٌ.
ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُوْلُ: لاَ حَرَجَ إلَّا فِي دَمِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ فَقُلْتُ: يَطْعَنُ عَلَى أَبِيْكَ قَالَ: لاَ بَايَعَهُ أُوْلُوْ الأَمْرِ, فَنَكَثَ نَاكِثٌ فَقَاتَلَهُ وَإِنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَحْسُدُنِي عَلَى مَكَانِي, وَدَّ أَنِّي ألحد في الحرم كما ألحد.
الثَّوْرِيُّ، عَنِ الحَارِثِ الأَزْدِيِّ، قَالَ: قَالَ ابْنُ الحَنَفِيَّةِ: رَحِمَ اللهُ امْرَأً أَغْنَى نَفْسَهُ, وَكَفَّ يَدَهُ وَأَمْسَكَ لِسَانَهُ وَجَلَسَ فِي بَيْتِهِ, لَهُ مَا احْتَسَبَ, وَهُوَ مَعَ مَنْ أَحَبَّ إلَّا إِنَّ أَعْمَالَ بَنِي أُمَيَّةَ أَسْرَعُ فِيْهِم مِنْ سُيُوْفِ المُسْلِمِيْنَ إلَّا إِنَّ لأَهْلِ الحَقِّ دَوْلَةً يَأْتِي بِهَا اللهُ إِذَا شَاءَ فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ كَانَ عِنْدَنَا فِي السَّهْمِ الأَعْلَى, وَمَنْ يَمُتْ فَمَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى.
أَبُو عوانة: حدثنا أبو حمزة قَالَ: كَانُوا يَقُوْلُوْنَ لابْنِ الحَنَفِيَّةِ: سَلاَمٌ عَلَيْكَ يَا مَهْدِيُّ. فَقَالَ: أَجَلْ أَنَا مَهْدِيٌّ, أَهْدِي إلى الرشد والخير, اسمي محمد. فقولوا: سَلاَمٌ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ, أَوْ يَا أَبَا القَاسِمِ.
رَوَى الرَّبِيْعُ بنُ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بنُ الحَنَفِيَّةِ: لَوَدِدْتُ أَنِّي فَدَيْتُ شِيْعَتَنَا هَؤُلاَءِ بِبَعْضِ دَمِي ثُمَّ قَالَ: بِحَدِيْثِهِمُ الكَذِبَ, وَإِذَاعَتِهْمُ السِّرَّ, حَتَّى لَوْ كَانَتْ أُمُّ أَحَدِهِمْ لأَغْرَى بِهَا حَتَّى تُقْتَلَ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: قُتِلَ المُخْتَارُ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ وَفِي سَنَةِ تِسْعٍ بَعَثَ ابْنُ الزبير أخاه عروة إلى محمد بن الحَنَفِيَّةِ يَقُوْلُ: إِنِّي غَيْرُ تَارِكِكَ أَبَداً حَتَّى تُبَايِعَنِي, أَوْ أُعِيْدَكَ فِي الحَبْسِ, وَقَدْ قَتَلَ اللهُ الكَذَّابَ الَّذِي كُنْتَ تَدَّعِي نُصْرَتَهُ, وَأَجْمَعَ أَهْلُ العِرَاقِ عَلَيَّ, فَبَايِعْ. فَقَالَ: يَا عُرْوَةُ مَا أَسْرَعَ أَخَاكَ إِلَى قَطْعِ الرَّحِمِ, وَالاسْتِخْفَافِ بِالحَقِّ وَمَا أَغْفَلَهُ عَنْ تَعْجِيْلِ عُقُوْبَةِ اللهِ! ما

(5/62)


يَشُكُّ أَخُوْكَ فِي الخُلُوْدِ، وَوَاللهِ مَا بُعِثَ المختار داعيًا ولا ناصرًا، ولهو -كَانَ- أَشَدُّ إِلَيْهِ انْقِطَاعاً مِنْهُ إِلَيْنَا، فَإِنْ كَانَ كَذَّاباً، فَطَالَمَا قَرَّبَهُ عَلَى كَذِبِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ، فَهُوَ أَعْلَمُ بِهِ، وَمَا عِنْدِي خِلاَفٌ مَا أَقَمْتُ، فِي جِوَارِهِ وَلَوْ كَانَ, لَخَرَجْتُ إِلَى مَنْ يَدْعُوْنِي, وَلَكِنْ هَا هُنَا لأَخِيْكَ قِرْنٌ وَكِلاَهُمَا يُقَاتِلاَنِ عَلَى الدُّنْيَا عَبْدُ المَلِكِ فَلَكَأَنَّكَ بِجُيُوْشِهِ قَدْ أَحَاطَتْ بِرَقَبَةِ أَخِيْكَ وَإِنِّي لأَحْسَبُ "أَنَّ" جِوَارَهُ خَيْرٌ مِنْ جِوَارِكُمْ, وَلَقَدْ كَتَبَ إِلَيَّ يَعْرِضُ عَلَيَّ مَا قِبَلَهُ وَيَدْعُوْنِي إِلَيْهِ قَالَ عُرْوَةُ: فَمَا يَمْنَعُكَ؟ قَالَ: أَسْتخِيْرُ اللهَ وَذَلِكَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ صَاحِبِكَ فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ: وَاللهِ لَوْ أَطَعْتَنَا لَضَرَبْنَا عُنُقَهُ. فَقَالَ: وَعَلَى مَاذَا؟ رَجُلٌ جَاءَ بِرِسَالَةٍ مِنْ أَخِيْهِ, وَأَنْتُم تَعْلَمُوْنَ أَنَّ رَأْيِيَ لَوِ اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيَّ سِوَى إِنْسَانٍ لَمَا قَاتَلْتُهُ. فَانْصَرَفَ عُرْوَةُ, وَأَخْبَرَ أَخَاهُ, وَقَالَ: مَا أَرَى لَكَ أَنْ تَعْرِضَ لَهُ, دَعْهُ فَلْيَخْرُجْ عَنْكَ, فَعَبْدُ المَلِكِ أَمَامَهُ, لاَ يَتْرُكُهُ يَحُلُّ بِالشَّامِ حَتَّى يُبَايِعَهُ, وَهُوَ فَلاَ يُبَايِعُهُ أَبَداً حَتَّى يُجْمِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ.
أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ، قَالَ: سِرْنَا مَعَ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ مِنَ الطَّائِفِ إِلَى أَيْلَةَ بَعْدَ مَوْتِ ابْنِ عَبَّاسٍ, وَكَانَ عَبْدُ المَلِكِ قَدْ كَتَبَ لَهُ عَلَى أَنْ يَدْخُلَ فِي أَرْضِهِ هُوَ وَأَصْحَابُهُ, حَتَّى يَتَّفِقَ النَّاسُ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ, فَإِذَا اصْطَلَحُوا عَلَى رَجُلٍ بِعَهْدِ اللهِ وَمِيْثَاقِهِ ... -فِي كَلاَمٍ طَوِيْلٍ- فَلَمَّا قَدِمَ مُحَمَّدٌ الشَّامَ كَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ المَلِكِ إِمَّا أَنْ تُبَايِعَنِي وَإِمَّا أَنْ تَخْرُجَ مِنْ أَرْضِي وَنَحْنُ يَوْمَئِذٍ سَبْعَةُ آلاَفٍ فَبَعَثَ إِلَيْهِ عَلَى أَنْ تُؤَمِّنَ أَصْحَابِي فَفَعَلَ فَقَامَ فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: اللهُ وَلِيُّ الأُمُوْرِ كُلِّهَا وَحَاكِمُهَا, مَا شَاءَ اللهُ كَانَ, وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ, ليعودن فيه الأمر كما بدأ, الحمد الله الَّذِي حَقَنَ دِمَاءكُم وَأَحْرَزَ دِيْنَكُم مَنْ أَحَبَّ منكم أن يأتي مأمنه إلى بلده آمِناً مَحْفُوْظاً, فَلْيَفْعَلْ, كُلُّ مَا هُوَ آتٍ قَرِيْبٌ عَجِلْتُم بِالأَمْرِ قَبْلَ نُزُوْلِهِ, وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ, إِنَّ فِي أَصْلاَبِكُم لَمَنْ يُقَاتِلُ مَعَ آلِ مُحَمَّدٍ, مَا يَخْفَى عَلَى أَهْلِ الشِّرْكِ أَمْرُ آلِ مُحَمَّدٍ أَمْرُ آلِ مُحَمَّدٍ مُسْتَأْخِرٌ. قَالَ: فَبَقِيَ فِي تِسْعِ مائَةٍ, فَأَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَقَلَّدَ هَدْياً فَلَمَّا أَرَدْنَا أَنَّ نَدْخُلَ الحَرَمَ تَلَقَّتْنَا خَيْلُ ابْنِ الزُّبَيْرِ, فَمَنَعَتْنَا أَنْ نَدْخُلَ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ مُحَمَّدٌ لَقَدْ خَرَجْتُ وَمَا أُرِيْدُ قِتَالاً وَرَجَعْتُ كَذَلِكَ دَعْنَا نَدْخُلْ فَلْنَقْضِ نُسُكَنَا, ثُمَّ لْنَخْرُجْ عَنْكَ, فَأَبَى قَالَ: وَمَعَنَا البُدْنَ مُقَلَّدَةً, فَرَجَعْنَا إِلَى المَدِيْنَةِ, فَكُنَّا بِهَا حَتَّى قَدِمَ الحَجَّاجُ, وَقَتَلَ ابْنَ الزُّبَيْرِ, ثُمَّ سَارَ إِلَى العِرَاقِ, فَلَمَّا سَارَ, مَضَيْنَا, فَقَضَيْنَا نُسُكَنَا, وَقَدْ رَأَيْتُ القَمْلَ يَتَنَاثَرُ مِنِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ. قَالَ: ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى المَدِيْنَةِ, فَمَكَثَ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ تُوُفِّيَ إِسْنَادُهَا ثَابِتٌ.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ عُبَيْدَةَ, عَنْ زَيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ زَيْدِ بنِ الخَطَّابِ, قَالَ: وَفَدْتُ مَعَ أَبَانٍ عَلَى عَبْدِ المَلِكِ وَعِنْدَهُ ابْنُ الحنيفة فَدَعَا عَبْدُ المَلِكِ بِسَيْفِ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

(5/63)


وَدَعَا بِصَيْقَلٍ1، فَنَظَر، فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ حَدِيْدَةً قَطُّ أَجْوَدَ مِنْهَا. قَالَ عَبْدُ المَلِكِ: وَلاَ وَاللهِ مَا رَأَى النَّاسُ مِثْلَ صَاحِبِهَا! يَا مُحَمَّدُ هَبْ لِي هَذَا السَّيْفَ قَالَ [مُحَمَّدٌ] : أَيُّنَا أَحَقُّ بِهِ، فَلْيَأْخُذْهُ قَالَ "عَبْدُ المَلِكِ": إِنْ كَانَ لَكَ قَرَابَةٌ, فَلِكُلٍّ قَرَابَةٌ فَأَعْطَاهُ مُحَمَّدٌ إِيَّاهُ ثُمَّ قَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ [إِنَّ] هَذَا -وَأَشَارَ إِلَى الحَجَّاجِ- قَدِ اسْتَخَفَّ بِي, وَآذَانِي, وَلَوْ كَانَتْ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ أَرْسَلَ إِلَيَّ فِيْهَا. قَالَ لاَ إِمْرَةَ لَهُ عَلَيْكَ. فَلَمَّا وَلَّى مُحَمَّدٌ, قَالَ عَبْدُ المَلِكِ لِلْحَجَّاجِ: أَدْرِكْهُ فَسُلَّ سَخِيْمَتَهُ فَأَدْرَكَهُ فَقَالَ: إِنَّ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ قَدْ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ لأَسُلَّ سَخِيْمَتَكَ, وَلاَ مَرْحَباً بِشَيْءٍ سَاءكَ. قَالَ وَيْحَكَ يَا حَجَّاجُ! اتَّقِ اللهَ، وَاحْذَرْهُ، مَا مِنْ صَبَاحٍ إلَّا ولله في كل عبد من عِبَادِه ثَلاَثُ مائَةٍ وَسِتُّوْنَ لَحْظَةً، إِنْ أَخَذَ أَخَذَ بِمَقْدِرَةٍ وَإِنْ عَفَا عَفَا بِحِلْمٍ, فَاحْذَرِ اللهَ. فَقَالَ: لاَ تَسْأَلُنِي شَيْئاً إلَّا أَعْطَيْتُكَهُ قَالَ: وَتَفْعَلُ قَالَ: نَعَمْ قَالَ صُرْمُ الدَّهْرِ.
الثَّوْرِيُّ، عَنْ مُغِيْرَةَ، عَنْ أَبِيْهِ: أَنَّ الحَجَّاجَ أراد يَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى المَقَامِ فَزَجَرَهُ ابْنُ الحَنَفِيَّةِ وَنَهَاهُ.
إِسْرَائِيْلُ: حَدَّثَنَا ثُوَيْرٌ، قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ الحَنَفِيَّةِ يَخْضِبُ بِالحِنَّاءِ وَالكَتَمِ2.
وَعَنْ أَبِي مَالِكٍ: أَنَّهُ رَأَى ابْنَ الحَنَفِيَّةِ يَرْمِي الجِمَارَ عَلَى بِرْذَوْنٍ أَشْهَبَ.
وَرَوَى الثَّوْرِيُّ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ: رَأَيْتُ عَلَى ابْنِ الحَنَفِيَّةِ مِطْرَفَ خَزٍّ أَصْفَرَ بِعَرَفَةَ.
وَعَنْ رِشْدِيْنَ بنِ كُرَيْبٍ: رَأَيْتُ ابْنَ الحَنَفِيَّةِ يعتم بعمامة سوداء، ويريخها شِبْراً أَوْ دُوْنَهُ.
وَقَالَ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ أيمن: رأيت على ابن الحنيفة عِمَامَةً سَوْدَاءَ.
وَقِيْلَ لابْنِ الحَنَفِيَّةِ: لِمَ تَخْضِبُ؟ قَالَ: أَتَشَبَّبُ بِهِ لِلنِّسَاءِ.
أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ أَيْمَنَ قَالَ: أَرْسَلَنِي أَبِي إلى محمد بن الحَنَفِيَّةِ فَإِذَا هُوَ مُكَحَّلٌ مَصْبُوْغُ اللِّحْيَةِ بِحُمْرَةٍ فرجعت فقلت لأبي بعثتني إِلَى شَيْخٍ؟! مُخَنَّثٍ؟! قَالَ: يَا ابْنَ اللَّخْنَاءِ ذاك محمد بن علي.
__________
1 الصيقل: شحاذ السيوف وجلاؤها، والجمع صياقل وصياقلة، دخلت فيه الهاء لغير علة من العلل الأربع التي توجب دخولها الهاء في هذا الضرب من الجمع، ولكن على حد دخولها في الملائكة والقشاعمة.
2- الكتم: نبت يخلط بالحناء ويخضب به الشعر فيبقى لونه وأصله. وإذا طبخ بالماء كان منه مداد الكتابة.

(5/64)


قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ الصَّلْتِ، حَدَّثَنَا رَبِيْعُ بنُ مُنْذِرٍ، عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: كُنَّا مَعَ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ فَأَرَادَ أَنَّ يَتَوَضَّأَ فَنَزَعَ خُفَّيْهِ وَمَسَحَ عَلَى قَدَمَيْهِ.
قُلْتُ: هَذَا قَدْ يَتَعَلَّقُ بِهِ الإِمَامِيَّةُ، وَبِظَاهِرِ الآيَةِ، لَكِنْ غَسْلُ الرِّجْلَيْنِ شَرْعٌ لاَزِمٌ، بَيَّنَهُ لَنَا الرَّسُوْلُ -اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ- وَقَالَ: "وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ" 1، وَعَلَيْهِ عَمَلُ الأُمَّةِ، وَلاَ اعْتِبَارَ بِمَنْ شَذَّ قَالَ رَافِضِيٌّ: فَأَنْتُم تَرَوْنَ مَسْحَ مَوْضِعَ ثَلاَثِ شَعَرَاتٍ، بَلْ شَعْرَةٌ مِنَ الرَّأْسِ يُجْزِئُ, وَالنَّصُّ فَلاَ يَحْتَمِلُ هَذَا وَلاَ يُسَمَّى مَنِ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ مَاسِحاً لِرَأْسِهِ عُرْفاً وَلاَ رَأَيْنَا النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا أحد مِنْ أَصْحَابِهِ اجْتَزَأَ بِذَلِكَ, وَلاَ جَوَّزَهُ. فَالجَوَابُ: أَنَّ البَاءَ لِلتَّبْعِيْضِ فِي قَوْلِهِ "بِرُؤُوْسِكُمْ" وَلَيْسَ الموضع يحتمل تقريره هَذِهِ المَسْأَلَةِ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ، عَنْ صَالِحِ بنِ كَيْسَانَ، عَنِ الحسن بن محمد بن الحَنَفِيَّةِ، قَالَ: لَمْ يُبَايِعْ أَبِي الحَجَّاجَ, لَمَّا قُتِل ابْنُ الزُّبَيْرِ بَعَثَ الحَجَّاجُ إِلَيْهِ: أَنْ قَدْ قُتِلَ عَدُوُّ اللهِ فَقَالَ: إِذَا بَايَعَ النَّاسُ بَايَعْتُ قَالَ: وَاللهِ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ: إِنَّ للهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ ثَلاَثَ مائَةٍ وَسِتِّيْنَ نَظْرَةً, فِي كُلِّ لَحْظَةٍ ثَلاَثُ مائَةٍ وَسِتُّوْنَ قَضِيَّةً, فَلَعَلَّهُ أَنْ يَكْفِيْنَاكَ فِي قَضِيَّةٍ مِنْ قَضَايَاهُ وَكَتَبَ الحَجَّاجُ فِيْهِ إِلَى عَبْدِ المَلِكِ بذلك, فأعجب عبد الملك قَوْلُهُ, وَكَتَبَ بِمِثْلِهَا إِلَى طَاغِيَةِ الرُّوْمِ, وَذَلِكَ أَنَّ صَاحِبَ الرُّوْمِ كَتَبَ إِلَى عَبْدِ المَلِكِ يَتَهَدَّدُهُ بِأَنَّهُ قَدْ جَمَعَ لَهُ جُمُوْعاً كَثِيْرَةً. وَكَتَبَ إِلَى الحَجَّاجِ: قَدْ عَرَفْنَا أَنَّ مُحَمَّداً لَيْسَ عِنْدَهُ خِلاَفٌ, فَارْفُقْ بِهِ, فَسَيُبَايِعُكَ. فَلَمَّا اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى عَبْدِ المَلِكِ وَبَايَعَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ قَالَ ابْنُ عُمَرَ لِمُحَمَّدٍ: مَا بَقِيَ شَيْءٌ, فَبَايِعْ. فَكَتَبَ بِالبَيْعَةِ إِلَى عَبْدِ المَلِكِ, وَهِيَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي لَمَّا رَأَيْتُ الأُمَّةَ قَدِ اخْتَلَفَتْ اعْتَزَلْتُهُم فَلَمَّا أَفْضَى الأَمْرُ إِلَيْكَ وَبَايَعَكَ النَّاسُ كُنْتُ كَرَجُلٍ مِنْهُم فَقَدْ بَايَعْتُكَ وَبَايَعْتُ الحَجَّاجَ لَكَ, وَنَحْنُ نُحِبُّ أَنْ تُؤَمِّنَنَا وَتُعْطِيَنَا مِيْثَاقاً عَلَى الوَفَاءِ فَإِنَّ الغَدْرَ لاَ خَيْرَ فِيْهِ.
فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ المَلِكِ: إِنَّكَ عِنْدَنَا مَحْمُوْدٌ, أَنْتَ أَحَبُّ إِلَيْنَا, وَأَقْرَبُ بِنَا رَحِماً مِنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ, فَلَكَ ذِمَّةُ اللهِ وَرَسُوْلِهِ أَنْ لاَ تُهَاجَ وَلاَ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِكَ بِشَيْءٍ.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ المُلاَئِيُّ: مَاتَ ابْنُ الحَنَفِيَّةِ سَنَةَ ثَمَانِيْنَ.
وَقَالَ الوَاقِدِيُّ: أَنْبَأَنَا زَيْدُ بنُ السَّائِبِ, قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ الله بن الحَنَفِيَّةِ: أَيْنَ دُفِنَ أَبُوْكَ؟ قَالَ بِالبَقِيْعِ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ, فِي المُحَرَّمِ, وَلَهُ خَمْسٌ وَسِتُّوْنَ سَنَةً, فَجَاءَ أَبَانُ بنُ عُثْمَانَ وَالِي المَدِيْنَةِ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ، فَقَالَ أَخِي: مَا تَرَى؟ فَقَالَ أَبَانٌ: أَنْتُمْ أَوْلَى بِجَنَازَتِكُمْ. فَقُلْنَا: تَقَدَّمْ، فَصَلِّ، فَتَقَدَّمَ.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عُمَرَ بنِ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَقِيْلٍ، سَمِعْتُ ابْنَ الحَنَفِيَّةِ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ يَقُوْلُ: لِي خَمْسٌ وَسِتُّوْنَ سَنَةً جاوزت سن أبي فمات تلك السنة.
وَفِيْهَا أَرَّخَهُ أَبُو عُبَيْدٍ وَأَبُو حَفْصٍ الفَلاَّسُ. وَانْفَرَدَ المَدَائِنِيُّ, فَقَالَ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ.
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "2/ 211 و 226"، والبخاري"60" و "96" و "163"، ومسلم "241" "27"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "1/ 39"، والبيهقي "1/ 68"، والبغوي "220" من طريق أبي عوانة، عن أبي بشر، عن يوسف بن ماهك، عن عبد الله بن عمرو، به.

(5/65)


405- ابناه 1: "ع"
عبد الله بن محمد بن الحنفية، الإِمَامُ، أَبُو هَاشِمٍ الهَاشِمِيُّ، العَلَوِيُّ، المَدَنِيُّ.
رَوَى عن أبيه حديث تحريم المتعة.
روى عن الزُهْرِيِّ، وَعَمرِو بنِ دِيْنَارٍ وَسَالِمِ بنِ أَبِي الجَعْدِ.
قَالَ مُصْعَبُ بنُ عَبْدِ اللهِ: كَانَ أَبُو هَاشِمٍ صَاحِبَ الشِّيْعَةِ فَأَوْصَى إِلَى مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ, وَدَفَعَ إِلَيْهِ كُتُبَهُ, وَمَاتَ عِنْدَهُ, وَانْقَرَضَ عَقِبُهُ, وَأَمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً، قَلِيْلَ الحَدِيْثِ، وَكَانَتِ الشِّيْعَةُ تَنْتَحِلُهُ. وَلَمَّا احْتُضِرَ, أَوْصَى إِلَى مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ, وَقَالَ: أَنْتَ صَاحِبُ هَذَا الأَمْرِ, وَهُوَ فِي وَلَدِكَ. وَصَرَفَ الشِّيْعَةَ إِلَيْهِ, وَأَعْطَاهُ كُتُبَهُ. مَاتَ: فِي خِلاَفَةِ سُلَيْمَانَ.
قَالَ البُخَارِيُّ، قَالَ عَلِيٌّ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، حَدَّثَنَا الزُهْرِيُّ، قَالَ: كَانَ الحَسَنُ أوثقهما، وكان عبد الله يتبع السبائية2.
رَوَاهُ الحُمَيْدِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، وَلَفْظُهُ: كَانَ يَجْمَعُ أَحَادِيْثَ السَّبَائِيَّةِ.
وَقَالَ العِجْلِيُّ: هُمَا ثِقَتَانِ. وَحَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ: أَنَّ أَحَدَهُمَا شِيْعِيٌّ وَالآخَرَ مُرْجِئٌ. وَعَنْ جُوَيْرِيَةَ بنِ أَسْمَاءَ: أَنَّ سُلَيْمَانَ بنَ عَبْدِ المَلِكِ دَسَّ مَنْ سَقَى أَبَا هَاشِمٍ سُمّاً، وَذَلِكَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ.
قُلْتُ: مَاتَ كَهْلاً. وَقِيْلَ إِنَّ عَبْدَ اللهِ أَوَّلُ من ألف شيئًا في الإرجاء.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 327" التاريخ الكبير "5/ ترجمة 582"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 711"، الكاشف "2/ ترجمة 3000"، تاريخ الإسلام "4/ 20"، تهذيب التهذيب "6/ 16"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3792".
2 السبأية: أصحاب عبد الله بن سبأ يزعمون أن عليًا لم يمت وأنه يرجع إلى الدنيا قبل يوم القيامة فيملأ الأرض عدلًا كما ملئت جورًا.

(5/66)


406- الحسن 1: "ع"
ابن محمد بن الحنفية، الإِمَامُ، أَبُو مُحَمَّدٍ الهَاشِمِيُّ. كَانَ أَجَلَّ الأَخَوَيْنِ، وَأَفَضْلَهُمَا.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَجَابِرٍ، وَسَلَمَةَ بنِ الأَكْوَعِ، وَأَبِي سَعِيْدٍ الخُدْرِيِّ، وَعِدَّةٍ.
رَوَى عَنْهُ: الزُهْرِيُّ، وَعُمَرُ بنُ دِيْنَارٍ، وَمُوْسَى بنُ عُبَيْدَةَ، وَعِدَّةٌ.
وَكَانَ مِنْ عُلَمَاءِ أَهْلِ البَيْتِ, وَنَاهِيْكَ أَنَّ عَمرَو بنَ دِيْنَارٍ يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَعْلَمَ بِمَا اخْتَلَفَ فِيْهِ النَّاسُ مِنَ الحَسَنِ بنِ مُحَمَّدٍ مَا كَانَ زُهْرِيُّكُمْ إلَّا غُلاَماً مِنْ غِلْمَانِهِ.
قَالَ خَلِيْفَةُ بنُ خَيَّاطٍ: مَاتَ سَنَةَ مائَةٍ، أَوْ فِي الَّتِي قَبْلَهَا.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنَ المِرْدَاوِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ قُدَامَةَ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطُّوْسِيُّ، وَأَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبِي القَاسِمِ الخَطِيْبُ، بِحَرَّانَ وَجَمَاعَةٌ, وَأَنْبَأَنَا سُنْقُرُ بنُ عَبْدِ الله بِحَلَبَ, أَنْبَأَنَا المُوَفَّقُ عَبْدُ اللَّطِيْفِ, وَأَنْجَبُ بنُ أَبِي السَّعَادَاتِ وَجَمَاعَةٌ قَالُوا: أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي, وَأَنْبَأَنَا عَبْدُ الكَرِيْمِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ وَبِيْبَرْسُ العَدِيْمِيُّ وَمُحَمَّدُ بنُ يَعْقُوْبَ القَاضِي, وَآخَرُوْنَ قَالُوا: أَنْبَأَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ عُثْمَانَ, أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي وَعَلِيُّ بنُ عبد الرحمن بن تَاجِ القُرَّاءِ قَالاَ: أَنْبَأَنَا مَالِكُ بنُ أَحْمَدَ الفَرَّاءُ, أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُوْسَى حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ الصَّمَدِ أَمْلاَنَا أَبُو مُصْعَبٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ مَالِكِ بنِ أَنَسٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ وَالحَسَنِ ابْنَيْ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ عَنْ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهَى عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ يَوْمَ خَيْبَرَ, وَعَنْ أَكْلِ لُحُوْمِ الحُمُرِ الإنسية2.
أخرجه البخاري ومسلم من الحديث مَالِكٍ وَمِنْ طَرِيْقِ يُوْنُسَ وَمَعْمَرٍ وَعُبَيْدِ اللهِ بن عمر جميعًا عن الزهري.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 328"، "2/ ترجمة 2560"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة رقم 144"، تاريخ الإسلام "3/ 357"، الكاشف "1/ ترجمة 1072"، تهذيب التهذيب "2/ 320"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1384".
2 صحيح: أخرجه البخاري "5115"، مسلم "1407".

(5/67)


407- سليم بن عتر 1:
الإِمَامُ, الفَقِيْهُ، قَاضِي مِصْرَ، وَوَاعِظُهَا، وَقَاصُّهَا، وَعَابِدُهَا، أبو سلمة التجيبي، المِصْرِيُّ وَكَانَ يُدْعَى: النَّاسِكَ لِشِدَّةِ تَأَلُّهِهِ. حَضَرَ خُطْبَةَ عُمَرَ بِالجَابِيَةِ, وَحَدَّثَ عَنْهُ, وَعَنْ عَلِيٍّ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ وَحَفْصَةَ.
وَعَنْهُ: عُلَيُّ بنُ رَبَاحٍ وَمِشْرَحُ بنُ هَاعَانَ, وَأَبُو قَبِيْلٍ وَعُقْبَةُ بنُ مُسْلِمٍ وَالحَسَنُ بنُ ثَوْبَانَ وَابْنُ عَمِّهِ الهَيْثَمُ بن خالد.
قال الدارقطني: كَانَ سُلَيْمُ بنُ عِتْرٍ يَقُصُّ وَهُوَ قَائِمٌ. قَالَ: وَرُوِيَ عَنْهُ: أَنَّهُ كَانَ يَخْتِمُ كُلَّ لَيْلَةٍ ثَلاَثَ خَتَمَاتٍ وَيَأْتِي امْرَأَتَهُ وَيَغْتَسِلُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ وَأَنَّهَا قَالَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ رَحِمَكَ اللهُ لَقَدْ كُنْتَ تُرْضِي رَبَّكَ, وَتُرْضِي أَهْلَكَ.
وَعَنِ ابْنِ حُجَيْرَةَ، قَالَ: اخْتُصِمَ إِلَى سُلَيْمِ بنِ عِتْرٍ فِي مِيْرَاثٍ, فَقَضَى بَيْنَ الوَرَثَةِ, ثُمَّ تَنَاكَرُوا فَعَادُوا إِلَيْهِ فَقَضَى بَيْنَهُمْ, وَكَتَبَ كِتَاباً بقضائه, وأشهد فيه شيخ الجُنْدِ فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ سَجَّلَ بِقَضَائِهِ.
ابْنُ لَهِيْعَةَ، عَنِ الحَارِثِ بنِ يَزِيْدَ: أَنَّ سُلَيْمَ بنَ عِتْرٍ كَانَ يَقْرَأُ القُرْآنَ كُلَّ لَيْلَةٍ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ2.
ضَمَامُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ، عَنِ الحَسَنِ بنِ ثَوْبَانَ عَنْ سُلَيْمِ بنِ عِتْرٍ قَالَ: لَمَّا قَفَلْتُ مِنَ البَحْرِ تَعبَّدْتُ فِي غَارٍ بِالإِسْكَنْدَرِيَّةِ سَبْعَةَ أَيَّامٍ لاَ أَكَلْتُ وَلاَ شَرِبْتُ.
تُوُفِّيَ سُلَيْمٌ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ.
قَالَ أَحْمَدُ العجلي: ثقة.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "4/ ترجمة 911"، تاريخ الإسلام "3/ 156"، العبر "1/ 86"، حسن المحاضرة "1/ 255 و 295"، شذرات الذهب "1/ 83".
2 كذب ومين: فإن ابن لهيعة وإن كان ضعيفًا لكن يخالف هدى النبي صلى الله عليه وسلم، فقد ورد عند البخاري"1978" بإسناده عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "صم من الشهر ثلاثة أيام" قال: أطيق أكثر من ذلك، فما زال حتى قال: "صم يومًا وأفطر يومًا"، فقال: "اقرأ القرآن في كل شهر". قال: إني أطيق أكثر، فما زال حتى قال: "في ثلاث".

(5/68)


408- أبو معمر 1: "ع"
عبد الله بن سخبرة الأزدي الكُوْفِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُوْدٍ، وَأَبِي مَسْعُوْدٍ، وَخَبَّابٍ، وَالمِقْدَادِ بنِ الأَسْوَدِ، وَعَلْقَمَةَ، وَطَائِفَةٍ.
وَرُوِيَ عَنْ: أَبِي مَعْمَرٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا بَكْرٍ يَقُوْلُ: كُفْرٌ بِاللهِ ادِّعَاءُ نَسَبٍ لاَ يُعْرَفُ.
حَدَّثَ عَنْهُ: إِبْرَاهِيْمُ النَّخَعِيُّ، وَمُجَاهِدٌ، وعمارة بن عمير التيمي، وَآخَرُوْنَ وَثَّقَهُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ وَرَوَى الأَعْمَشُ عَنْ عُمَارَةَ بنِ عُمَيْرٍ, عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ بِالحَدِيْثِ فَيَلْحَنُ فِيْهِ اقْتدَاءً بِالَّذِي سَمِعَ.
قِيْلَ: وُلِدَ أَبُو مَعْمَرٍ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً، لَهُ أَحَادِيْثُ.
قَالَ أَصْحَابُنَا: تُوُفِّيَ بِالكُوْفَةِ, فِي وِلاَيَةِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ زِيَادٍ.
قُلْتُ: وَذَلِكَ فِي دَوْلَةِ يَزِيْدَ, سنة نيف وستين.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 103"، التاريخ الكبير "5/ ترجمة 280" و "9/ ترجمة رقم 847"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 321"، الكاشف "2/ ترجمة 2770"، تهذيب التهذيب "5/ ترجمة 230"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3519".

(5/69)


409- عمر بن علي 1:
ابن أَبِي طَالِبٍ الهَاشِمِيُّ. يَرْوِي عَنْ: أَبِيْهِ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ؛ مُحَمَّدٌ.
بَقِيَ حَتَّى وَفَدَ عَلَى الوَلِيْدِ صَدَقَةَ أَبِيْهِ. وَمَوْلِدُهُ: فِي أَيَّامِ عُمَرَ. فَعُمَرُ سَمَّاهُ بِاسْمِهِ, وَنَحَلَهُ غُلاَماً اسْمُهُ مُوَرِّقٌ قَالَ العِجْلِيُّ: تَابِعِيٌّ ثِقَةٌ.
قَالَ مُصْعَبُ الزُّبَيْرِيُّ: فَلَمْ يُعْطِهِ الوَلِيْدُ صَدَقَةَ عَلِيٍّ, وَقَالَ: لاَ أُدْخِلُ عَلَى بَنِي فَاطِمَةَ غَيْرَهُمْ وَكَانَتِ الصَّدَقَةُ بِيَدِ الحَسَنِ بنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ قَالَ: فَذَهَبَ غَضْبَانَ, وَلَمْ يَقبَلْ مِنَ الوَلِيْدِ صِلَةً وَيُقَالُ: قُتِلَ عُمَرُ مَعَ مُصْعَبِ بنِ الزُّبَيْرِ. وَلاَ يصح، بل ذاك أخوه عبيد الله ابن علي.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 117"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2096"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 676"، الكاشف "2/ ترجمة 4163"، تهذيب التهذيب "7/ 485"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5214".

(5/69)


410- أبو ميسرة 1: "خ، م، د، س"
عمر بن شرحبيل أبو ميسرة الهمداني الكُوْفِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُوْدٍ، وَغَيْرِهِمْ. وَكَانَ إِمَامَ مَسْجِدِ بَنِي وَادْعَةَ، مِنَ العُبَّادِ الأَوْلِيَاءِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو وَائِلٍ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالقَاسِمُ، بنُ مُخَيْمَرَةَ، وَأَبُو إِسْحَاقَ، وَمُحَمَّدُ بنُ المُنْتَشِرِ.
قَالَ إِسْرَائِيْلُ بنُ يُوْنُسَ: كَانَ أَبو مَيْسَرَةَ إِذَا أَخَذَ عَطَاءهُ، تَصَدَّقَ مِنْهُ، فَإِذَا جَاءَ أَهْلَهُ فَعَدُّوْهُ، وَجَدُوْهُ سَوَاءً، فَقَالَ لِبَنِي أَخِيْهِ:" ألَّا تَفْعَلُوْنَ مِثْلَ هَذَا؟ فَقَالُوا: لَوْ عَلِمْنَا أَنَّهُ لاَ يَنْقُصُ, لَفَعَلْنَا. قَالَ: إِنِّي لَسْتُ أَشْتَرِطُ عَلَى رَبِّي.
أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيْقٍ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ هَمْدَانِيّاً قَطُّ أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ أَكُوْنَ فِي مِسْلاَخِهِ مِنْ عَمْرِو بنِ شُرَحْبِيْلَ، رَحِمَهُ اللهُ.
وَرَوَى عَاصِمٌ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: مَا اشْتَمَلَتْ هَمْدَانِيَّةٌ عَلَى مِثْلِ أَبِي مَيْسَرَةَ. قِيْلَ: وَلاَ مَسْرُوْقٌ؟! قَالَ: وَلاَ مَسْرُوْقٌ.
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: رَأَيْتُ لأَبِي مَيْسَرَةَ وَأَصْحَابِهِ طَيَالِسَةً، لَهَا أَزْرَارُ طوَالٌ مِنْ دِيْبَاجٍ. قَالَ: وَأَوْصَى أَبُو مَيْسَرَةَ أَنْ يُجْعَلَ عَلَى لَحْدِهِ طُنُّ قَصَبٍ أَوْ حَرَادِيٍّ2. وَقَالَ: يُطَيِّبُ نَفْسِيَ أَنِّي لاَ أَتْرُكُ علي دينار ولا أترك ولدًا.
وَقَالَ أَبُو وَائِلٍ: قَالَ عَمْرُو بنُ شُرَحْبِيْلَ: وَلاَ تُطِيْلُوا جَدَثِي3 فَإِنَّ المُهَاجِرِيْنَ كَانُوا يَكْرَهُوْنَ ذَلِكَ.
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: رَأَيْتُ أَبَا جُحَيْفَةَ فِي جِنَازَةِ أَبِي مَيْسَرَةَ آخِذاً بِقَائِمَةِ السَّرِيْرِ، وَهُوَ يَقُوْلُ: غَفَرَ اللهُ لَكَ يَا أَبَا مَيْسَرَةَ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: قَالُوا: مَاتَ فِي ولاية عبيد الله بن زياد.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 106"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2576"، الجرح والتعديل "6/ ترجمته 1320"، الكاشف "2/ ترجمة 4237"، تهذيب التهذيب "8/ 47"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5313"، ووقع في المطبوع [عمر] ، والصواب: ما أثبتناه.
2 الحردي والحردية: حياصة الحظيرة اللتي تشد على حائط القصب عرضًا.
3 جدثى: أي قبري.

(5/70)


411- الجرشي 1:
يزيد بن الأسود الجرشي مِنْ سَادَةِ التَّابِعِيْنَ بِالشَّامِ، يَسْكُنُ بِالغُوطَةِ، بِقَرْيَةِ زِبْدِيْنَ. أَسْلَمَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَهُ دَارٌ بِدَاخِلِ بَابِ شَرْقِيٍّ.
قَالَ يُوْنُسُ بنُ مَيْسَرَةَ، قُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا الأَسْوَدِ! كَمْ أَتَى عَلَيْكَ؟ قَالَ: أَدْرَكْتُ العُزَّى تُعْبَدُ فِي قَرْيَةِ قَوْمِي.
قِيْلَ إِنَّهُ قَالَ: قُلْتُ لِقَوْمِي: اكْتُبُوْنِي فِي الغَزْوِ. قَالُوا: قَدْ كَبِرْتَ. قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ! اكْتُبُوْنِي، فَأَيْنَ سوادي في المسلمين؟ قالوا: أما إذا فَعَلْتَ, فَأَفْطِرْ, وَتَقَوَّ عَلَى العَدُوِّ قَالَ: مَا كُنْتُ أُرَانِي أَبْقَى حَتَّى أُعَاتَبَ فِي نَفْسِي وَاللهِ لاَ أُشْبِعُهَا مِنَ الطَّعَامِ وَلاَ أُوطِئُهَا من منام حتى تلحق الله.
وَرَوَى صَفْوَانُ بنُ عَمْرٍو، عَنْ سُلَيْمِ بنِ عَامِرٍ، قَالَ: خَرَجَ مُعَاوِيَةُ يَسْتَسْقِي, فَلَمَّا قَعَدَ عَلَى المِنْبَرِ, قَالَ: أَيْنَ يَزِيْدُ بنُ الأَسْوَدِ؟ فَنَادَاهُ النَّاسُ, فَأَقْبَلَ يَتَخَطَّاهُمْ, فَأَمَرَهُ مُعَاوِيَةُ, فَصَعِدَ المِنْبَرَ. قَالَ مُعَاوِيَةُ: اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَشْفِعُ إِلَيْكَ بِخَيْرِنَا وَأَفَضْلِنَا يَزِيْدَ بنِ الأَسْوَدِ, يَا يَزِيْدُ, ارْفَعْ يَدَيْكَ إِلَى اللهِ فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَرَفَعَ النَّاسُ, فَمَا كَانَ بِأَوْشَكَ مِنْ أَنْ ثَارَتْ سَحَابَةٌ كَالتُّرْسِ وَهَبَّتْ رِيْحٌ فَسُقِيْنَا حَتَّى كَادَ النَّاسُ أَنْ لاَ يَبْلُغُوا مَنَازِلَهُمْ سَمِعَهَا: أَبُو اليَمَانِ مِنْ صَفْوَانَ.
وَقَالَ سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَغَيْرُهُ: اسْتَسْقَى الضَّحَّاكُ بنُ قَيْسٍ بِيزِيْدَ بنِ الأَسْوَدِ, فَمَا بَرِحُوا حَتَّى سُقُوا.
وَرَوَى الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ بَكَّارٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ عَبْدِ اللهِ بنِ يَزِيْدَ، قَالَ: حَدَّثَنِي بَعْضُ المَشْيَخَةِ: أَنَّ يَزِيْدَ بنَ الأَسْوَدِ الجُرَشِيَّ كَانَ يَسِيْرُ فِي أَرْضِ الرُّوْمِ هُوَ وَرَجُلٌ, فَسَمِعَ هَاتِفاً يَقُوْلُ: يَا يَزِيْدُ إِنَّكَ لَمِنَ المُقَرَّبِيْنَ وَإِنَّ صَاحِبَكَ لَمِنَ العَابِدِيْنَ وَمَا نَحْنُ بِكَاذِبِيْنَ.
قَالَ سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ: إِنَّ عَبْدَ المَلِكِ لَمَّا سَارَ إِلَى مُصْعَبٍ، رَحَلَ مَعَهُ يَزِيْدُ بنُ الأَسْوَدِ، فَلَمَّا الْتَقَوْا، قَالَ: اللَّهُمَّ احْجُزْ بَيْنَ هَذَيْنِ الجَبَلِيْنِ وَوَلِّ أَحَبَّهُمَا إِلَيْكَ فَظَفِرَ عَبْدُ المَلِكِ.
قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: بَلَغَنِي أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي العِشَاءَ الآخِرَةَ بِمَسْجِدِ دِمَشْقَ, وَيَخْرُجُ إِلَى زِبْدِيْنَ، فَتُضِيْءُ إِبْهَامُهُ اليُمْنَى، فَلاَ يَزَالُ يَمْشِي فِي ضَوْئِهَا إِلَى القَرْيَةِ. وشهده وقت الموت واثلة بن الأسقع.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 444"، التاريخ الكبير "8/ ترجمة 3158"، الجرح والتعديل "9/ ترجمة 1047"، أسد الغابة "5/ 103"، الإصابة "3/ ترجمة 9393".

(5/71)


412- عُبَيْدُ اللهِ بنُ أَبِي بَكْرَةَ 1:
الثَّقَفِيُّ الأَمِيْرُ، مِنْ أَبْنَاءِ الصَّحَابَةِ، وَلِيَ سِجِسْتَانَ. مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ. وَكَانَ جَوَاداً، مُمَدَّحاً، شُجَاعاً، كَبِيْرَ القَدْرِ.
وَرَوَى عَنْ: أَبِيْهِ, وَعَلِيٍّ، وَعَنْهُ: سَعِيْدُ بنُ جُمْهَانَ، وَمُحَمَّدُ بنُ سِيْرِيْنَ، وَغَيْرُهُمَا. وَقَدْ وَلِيَ قَضَاءَ البَصْرَةِ، وَوَلِيَ إِمْرَةَ "سِجِسْتَانَ" سَنَةَ خَمْسِيْنَ, ثُمَّ عُزِلَ بَعْدَ ثَلاَثِ سِنِيْنَ, ثُمَّ وَلِيَهَا الحَجَّاجُ.
وَقِيْلَ: كَانَ يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِ مائَةٍ وَسِتِّيْنَ دَاراً مِنْ جِيْرَانِ دَارِهِ, وَيَعْتِقُ فِي كُلِّ عِيْدٍ مائَةَ مَمْلُوْكٍ. وَقِيْلَ إِنَّ المُهَلَّبَ طَلَبَ مِنْهُ لَبَنَ بَقَرٍ, فَبَعَثَ إِلَيْهِ بِسَبْعِ مائَةِ بَقَرَةٍ وَرُعَاتِهَا, وَوَصَلَ ابْنَ مُفَرِّغٍ الشَّاعِرَ بِخَمْسِيْنَ أَلْفاً وَلَهُ أَخْبَارٌ فِي الكَرَمِ وَكَانَ أَسْوَدَ اللَّوْنِ.
قَالَ أَبُو جَمْرَةَ الضبعي: مات بسجستان، سنة تسع وسبعين.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 190"، التاريخ الكبير "5/ ترجمة 1192"، تاريخ الإسلام "3/ 189".

(5/72)


413- عياض بن عمرو 2: "م، ق"
الأشعري: حَدَّثَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، وَخَالِدِ بنِ الوَلِيْدِ، وعياض بن غنم الأشعري، وطائفة.
وعنه: الشعبي، وسماك ابن حَرْبٍ، وَحُصَيْنُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. سَكَنَ الكُوْفَةَ.
قَالَ الشَّعْبِيُّ: مَرَّ عِيَاضُ بنُ عَمْرٍو فِي يوم عيد, فقال مالي لاَ أَرَاهُمْ يُقَلِّسُوْنَ فَإِنَّهُ مِنَ السُّنَّةِ2.
قَالَ هُشَيْمٌ: التَّقْلِيْسُ, الضَّرْبُ بِالدُّفِّ.
وَقَالَ سِمَاكٌ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: شَهِدْتُ اليَرْمُوْكَ، فَقَتَلْنَاهُمْ أَرْبَعَ فَرَاسِخَ، وَرَأَيْتُ أبا عبيدة سابق بفرس عربي.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "7/ ترجمة 87"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 2276"، أسد الغابة "4/ 164"، الإصابة "3/ ترجمة 6139"، تهذيب التهذيب "8/ 202".
2 ضعيف: أخرجه ابن ماجه "1302" حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بنُ سَعِيْدٍ، حَدَّثَنَا شَرِيْكٌ، عَنْ مغيرة، عن عامر؛ قال: شهد عياض الأشعري عيدًا بالأنبار، فقال ما لي لا أراكم تقلسون كما كان يقلس عِنْد رَسُوْل اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".
قُلْتُ: إسناده ضعيف، آفته شريك، وهو ابن عبد الله النخعي القاضي، سيء الحفظ.

(5/72)


معاوية بن يزيد، حسان بن النعمان، مصعب بن الزبير

414- معاوية بن يزيد 1:
ابن مُعَاوِيَةَ بنِ أَبِي سُفْيَانَ، أَبُو لَيْلَى الخَلِيْفَةُ. بُوْيِعَ بِعَهْدٍ مِنْ أَبِيْهِ، وَكَانَ شَابّاً، دَيِّناً، خَيْراً مِنْ أَبِيْهِ. وَأُمُّهُ: هِيَ بِنْتُ أَبِي هَاشِمٍ بنِ عُتْبَةَ بنِ رَبِيْعَةَ.
فَوَلِيَ أَرْبَعِيْنَ يومًا. وقيل: ثلاث أَشْهُرٍ. وَقِيْلَ بَلْ وَلِيَ عِشْرِيْنَ يَوْماً. وَمَاتَ وَلَهُ ثَلاَثٌ وَعِشْرُوْنَ سَنَةً. وَقِيْلَ: إِحْدَى وَعِشْرُوْنَ سَنَةً. وَقِيْلَ: بَلْ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً.
وَصَلَّى عَلَيْهِ مَرْوَانُ، وَدُفِنَ إِلَى جَنْبِ قَبْرِ أَبِيْهِ، وَلَمْ يُعْقِبْ. وَامْتَنَعَ أَنْ يَعْهَدَ بِالخِلاَفَةِ إِلَى أحد، رحمة الله.
415- حسان بن النعمان 2:
ابن المُنْذِرِ الغَسَّانِيُّ، مِنْ مُلُوْكِ العَرَبِ. وَلِيَ المَغْرِبَ، فَهَذَّبَهُ، وَعَمَرَهُ.
وَكَانَ بَطَلاً، شُجَاعاً، مُجَاهِداً، لَبِيْباً، مَيْمُوْنَ النَّقِيْبَةِ, كَبِيْرَ القَدْرِ, وَجَّهَهُ مُعَاوِيَةُ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ, فَصَالَحَ البَرْبَرَ, وَرتَّبَ عَلَيْهِمُ الخَرَاجَ, وَانْعَمَرَتِ البِلاَدُ.
وَلَهُ غَزْوَاتٌ مَشْهُوْدَةٌ بَعْدَ قَتْلِ الكَاهِنَةِ. فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ الوَلِيْدُ, عَزَلَهُ, وَبَعَثَ نُوَّاباً عِوَضَهُ, وَحَرَّضَهُمْ عَلَى الغَزْوِ. فَقَدِمَ حَسَّانُ عَلَى الوَلِيْدِ بِأَمْوَالٍ عَظِيْمَةٍ وَتُحَفٍ, وَقَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ إِنّمَا ذَهَبْتُ مُجَاهِداً وَمَا مِثْلِي مَنْ يَخُوْنُ. قَالَ: إِنِّي رَادُّكَ إِلَى عَمَلِكَ. فَحَلَفَ أَنَّهُ لاَ يَلِي شَيْئاً أَبَداً وَكَانَ يُدْعَى الشَّيْخَ الأَمِيْنَ.
وَقَالَ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانِيْنَ, فَلَعَلَّ الَّذِي عَزَلَهُ عبد الملك.
416- مصعب بن الزبير 3:
ابن العَوَّامِ القُرَشِيُّ الأَسَدِيُّ أَمِيْرُ العِرَاقَيْنِ, أَبُو عِيْسَى وأبو عبد الله. لا رواية له
__________
1 ترجمته في تاريخ الإسلام "3/ 83"، العبر "1/ 69"، النجوم الزاهرة "1/ 163".
2 ترجمته في تاريخ الإسلام "3/ 244"، العبر "1/ 92"، النجوم الزاهرة "1/ 200"، شذرات الذهب "1/ 88".
3 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 182"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 1510"، تاريخ بغداد "13/ 105"، تاريخ الإسلام "3/ 208"، العبر "1/ 80- 81"، النجوم الزاهرة "1/ 187".

(5/73)


كَانَ فَارِساً، شُجَاعاً، جَمِيْلاً، وَسِيْماً، حَارَبَ المُخْتَارَ وَقَتَلَهُ وَكَانَ سَفَّاكاً لِلدِّمَاءِ. سَارَ لِحَرْبِهِ عَبْدُ المَلِكِ بنُ مَرْوَانَ. وَأُمُّهُ: هِيَ الرَّبَابُ بِنْتُ أُنَيْفٍ الكَلْبِيَّةُ. وَكَانَ يُسَمَّى مِنْ سَخَائِهِ: آنِيَةَ النَّحْلِ. وَفِيْهِ يَقُوْلُ عُبَيْدُ اللهِ بنُ قَيْسِ الرقيات:
إنما مصعب شهاب من الله ... تَجَلَّتْ عَنْ وَجْهِهِ الظَّلْمَاءُ
مُلْكُهُ مُلْكُ عِزَّةٍ لِيْسَ فِيْهَا ... جَبَرُوْتٌ مِنْهُ وَلاَ كِبْرِيَاءُ
يتَّقِي اللهَ فِي الأُمُوْرِ وَقَدْ أَفْ ... لَحَ مَنْ كَانَ هَمَّهُ الاتِّقَاءُ
قَالَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ: مَا رَأَيْتُ أَمِيْراً قَطُّ أَحْسَنَ مِنْ مُصْعَبٍ.
وَرَوَى عُمَرُ بنُ أَبِي زَائِدَةَ: أَنَّ الشَّعْبِيَّ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَمِيْراً قَطُّ عَلَى مِنْبَرٍ أَحْسَنَ مِنْ مُصْعَبٍ.
قَالَ المَدَائِنِيُّ: كَانَ يُحْسَدُ عَلَى الجَمَالِ.
وَرَوَى ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: اجْتَمَعَ فِي الحِجْرِ: عَبْدُ اللهِ، وَمُصْعَبٌ, وَعُرْوَةُ -بَنُوْ الزُّبَيْرِ -وَابْنُ عُمَرَ, فَقَالَ: تَمَنَّوْا. فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: أَتَمَنَّى الخِلاَفَةَ. وقال عروة: أتمنى أن يؤخذ عني العلم. وَقَالَ مُصْعَبٌ: أَتَمَنَّى إِمْرَةَ العِرَاقِ, وَالجَمْعَ بَيْنَ عائشة بنت طلحة, وسكنية بِنْتِ الحُسَيْنِ. فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: أَمَّا أَنَا فَأَتَمَنَّى المَغْفِرَةَ. فَنَالُوا مَا تَمَنَّوْا وَلَعَلَّ ابْنَ عمر قد غفر له.
وَكَانَ عَبْدُ المَلِكِ وَدُوْداً لِمُصْعَبٍ، وَصَدِيْقاً.
قَالَ عَلِيُّ بنُ زَيْدِ بنِ جُدْعَانَ: بَلَغَ مُصْعباً شَيْءٌ عَنْ عَرِيْفِ الأَنْصَارِ، فَهَمَّ بِهِ، فَأَتَاهُ أَنَسٌ فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: "اسْتَوْصُوا بِالأَنْصَارِ خَيْراً اقْبَلُوا مِنْ مُحْسِنِهِمْ وَتَجَاوَزُوا عَنْ مُسِيْئِهِم" فَأَلْقَى مُصْعَبٌ نَفْسَهُ عَنِ السَّرِيْرَ, وَأَلْزَقَ خَدَّهُ بِالبِسَاطِ, وَقَالَ: أَمْرُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى العين والرأس؛ وتركه. أخرجه: أحمد1.
__________
1 ضعيف: أخرجه أحمد "3/ 240- 241"، وابن سعد "2/ 253" من طرق عن حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ زَيْدٍ، به.
قلت: إسناده ضعيف، آفته على بن زيد بن جدعان، ضعيف.
لكن صح عن أنس بن مالك مرفوعا بلفظ: "إن الأنصار عيبتى التي أويت إليها، فأقبلوا محسنهم، واعفوا عن مسيئهم، فإنهم قد أدوا الذي عليهم، وبقي الذي لهم". أخرجه البخاري "3799"، والنسائي في "الكبرى" "8346"، والبيهقي "6/ 371" من طريق شعبة عن هشام بن زيد، عن أنس، به.
وأخرجه أحمد "3/ 176 و 272"، والبخاري "3801"، ومسلم "2510"، والترمذي "3907"، والنسائي في "فضائل الصحابة" "230"، وأبو يعلى "2994"، والبغوي "3972" من طريق محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، قال: سمعت قتادة يحدث عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: فذكره.

(5/74)


قَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: أُهْدِيَتْ لِمُصْعَبٍ نَخْلَةٌ مِنْ ذَهَبٍ، عَثَاكِلُهَا مِنْ صُنُوْفِ الجَوْهَرِ، قُوِّمَتْ بِأَلْفَيْ ألف دينار وكانت لِلْفُرْسِ, فَدَفَعَهَا إِلَى عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي فَرْوَةَ.
قَالَ أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيْلُ: كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ إِذَا كَتَبَ لأَحَدٍ بِجَائِزَةٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ, جَعَلَهَا مُصْعَبٌ مائَةَ أَلْفٍ.
وَقَدْ سُئِلَ سَالِمٌ: أَيُّ ابْنَيِ الزُّبَيْرِ أَشْجَعُ؟ قَالَ: كِلاَهُمَا، جَاءَ المَوْتُ وَهُوَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ.
وَقِيْلَ: تَذَاكَرُوا الشُّجْعَانَ، فَقَالَ عَبْدُ المَلِكِ: أَشَجَعُ العَرَبِ مَنْ وَلِيَ العِرَاقَيْنِ خَمْسَ سِنِيْنَ، فَأَصَابَ ثَلاَثَةَ آلاَفِ أَلْفٍ، وَتَزَوَّجَ بِنْتَ الحُسَيْنِ، وَبِنْتَ طَلْحَةَ، وَبِنْتَ عَبْدِ اللهِ بنِ عَامِرٍ وَأُمُّهُ رَبَابُ بِنْتُ أُنَيْفٍ الكلبي, سيد ضَاحِيَةِ العَرَبِ, وَأُعْطِيَ الأَمَانَ, فَأَبَى, وَمَشَى بِسَيْفِهِ حَتَّى قُتِلَ.
قَالَ عَبْدُ المَلِكِ بنُ عُمَيْرٍ: رَأَيْتُ بِقَصْرِ الكُوْفَةِ رَأْسَ الحُسَيْنِ الشَّهِيْدِ, ثُمَّ رَأْسَ ابْنِ زِيَادٍ, ثُمَّ رَأْسَ المُخْتَارِ ثُمَّ رَأْسَ مُصْعَبٍ بَيْنَ يَدَي عَبْدِ المَلِكِ.
قُتِلَ مُصْعَبٌ يَوْمَ نِصْفِ جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ، وَلَهُ أَرْبَعُوْنَ سَنَةً. وَكَانَ مُصْعَبٌ قَدْ سَارَ لِيَأْخُذَ الشَّامَ. فَقَصَدَهُ عَبْدُ المَلِكِ، فَوَقَعَ بَيْنَهُمَا مَلْحَمَةٌ كُبْرَى بِدَيْرِ الجَاثَلِيْقِ، بِقُرْبِ أَوَانَا1، وَكَانَ قَدْ كَاتَبَ عَبْدُ المَلِكِ جَمَاعَةً مِنَ الوجوه, يمينهم وَيَعِدُهُمْ إِمْرَةَ العِرَاقِ وَإِمْرَةَ العَجَمِ, فَأَجَابُوْهُ, إلَّا إِبْرَاهِيْمَ بنَ الأَشْتَرِ, فَأَتَى مُصْعَباً بِكِتَابِهِ, وَفِيْهِ: إِنْ بَايَعْتَنِي, وَلَّيْتُكَ العِرَاقَ. وَقَالَ: قَدْ كَتَبَ إِلَى أَصْحَابِكَ فَأَطِعْنِي, وَاضْرِبْ أَعْنَاقَهُمْ. قَالَ: إِذاً تَغْضَبُ عَشَائِرُهُمْ. قَالَ: فَاسْجُنْهُم. قَالَ: فَإِنِّي لَفِي شُغُلٍ عَنْ ذَلِكَ يَرْحَمُ اللهُ الأَحْنَفَ إِنْ كَانَ لَيُحَذِّرُ غَدْرَ العِرَاقِيِّيْنَ. وَقِيْلَ: قَالَ لَهُم قَيْسُ بنُ الهَيْثَمِ: وَيْحَكُمْ! لاَ تُدْخِلُوا أَهْلَ الشَّامِ عَلَيْكُم مَنَازِلَكُم. وَأَشَارَ ابْنُ الأَشْتَرِ بِقَتْلِ زِيَادِ بنِ عَمْرٍو, وَمَالكِ بنِ مِسْمَعٍ. فَلَمَّا الْتَقَى الجَمْعَانِ, لَحِقُوا بِعَبْدِ المَلِكِ, وَهَرَبَ عَتَّابُ بنُ وَرْقَاءَ, وَخَذَلُوا مُصْعَباً. فَقَالَ ابْنُ قَيْسِ الرقيات:
إن الرزية يوم مسك ... ن والمصيبة والفجيعة
__________
1 دير الجاثليق، دير قديم رحب الفناء من ناحية مسكن قرب بغداد في غربي دجلة، وهو رأس الحدبين السواد وأرض تكريت، وأوانا: بليدة كثيرة البساتين والشجر، نزهة من نواحي دجيل، بينها وبين بغداد عشرة فراسخ من جهة تكريت، وكثيرا ما يذكرها الخلعاء في أشعارهم. قاله ياقوت في معجم البلدان.

(5/75)


بِابْنِ الحَوَارِيِّ الَّذِي ... لَمْ يَعْدُهُ يَوْمُ الوَقِيْعَهْ
غدرت به مضر العراق ... وَأَمْكَنَتْ مِنْهُ رَبِيْعَهْ
فَأَصَبْتِ وِتْرَكِ يَا رَبِيْ ... ع وكنت سامعة مطيعة
يالهف لَو كَانَتْ لهُ ... بِالدَّيْرِ يَوْمَ الدَّيْرِ شِيْعَهْ
أَوْ لَمْ يَخُونُوا عَهْدَهُ ... أَهْلُ العِرَاقِ بَنُوْ اللكيعه
لوجدتموه حين يج ... در لا يعرس بالمضيعه
وجعل مصعب كما قَالَ لِمُقَدَّمٍ مِنْ جَيْشِهِ: تَقَدَّمْ لاَ يُطِيْعُهُ.
فَقِيْلَ: أُخْبِرَ عَبْدُ اللهِ بنُ خَازِمٍ السُّلَمِيُّ أَمِيْرُ خُرَاسَانَ بِمَسِيْرِ مُصْعَبٍ إِلَى عَبْدِ المَلِكِ، فَقَالَ: أَمَعَهُ عُمَرُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ التَّيْمِيُّ؟ قِيْلَ: لاَ، ذَاكَ اسْتَعَمَلَهُ عَلَى فَارِسٍ. قَالَ: أَفَمَعَهُ المُهَلَّبُ بنُ أَبِي صُفْرَةَ؟ قِيْلَ: لاَ، وَلاَّهُ المَوْصِلَ قَالَ: أَمَعَهُ عَبَّادُ بنُ حُصَيْنٍ؟ قِيْلَ: اسْتعَمَلَهُ عَلَى البَصْرَةِ فَقَالَ: وَأَنَا هُنَا ثم تمثل:
خذيني وجربني ضباع وأبشري ... بلحم امرئ لم يشهد يوم نَاصِرُهْ
قَالَ الطَّبَرِيُّ: فَقَالَ مُصْعَبٌ لابْنِهِ عِيْسَى: اركب بمن معك إلى عمك أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ، فَأَخْبِرْهُ بِمَا صَنَعَ أَهْلُ العِرَاقِ وَدَعْنِي فَإِنِّي مَقتُوْلٌ قَالَ: لاَ أُخْبِرُ قُرَيْشاً عَنْكَ أَبَداً, وَلَكِنْ سِرْ إِلَى البَصْرَةِ فَهُمْ عَلَى الطَّاعَةِ أَوِ الْحَقْ بِأَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ قَالَ: لاَ تَتَحَدَّثُ قُرَيْشٌ أَنَّنِي فَرَرَتُ لِخُذْلاَنِ رَبِيْعَةَ وَمَا السَّيْفُ بِعَارٍ وَمَا الفِرَارُ لِي بِعَادَةٍ, وَلاَ خُلُقٍ وَلَكِنْ إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَرْجِعَ فَارْجِعْ فَقَاتِلْ فَرَجَعَ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ وَبَعَث إِلَيْهِ عَبْدُ المَلِكِ مَعَ أَخِيْهِ مُحَمَّدٍ إِنِّي يَا ابْنَ العَمِّ أَمَّنْتُكَ قَالَ: مِثْلِي لاَ يَنْصَرِفُ عَنْ هَذَا المَقَامِ إلَّا غَالِباً أَوْ مَغْلُوْباً فَقِيْلَ: أَثْخَنُوْهُ بِالسِّهَامِ, ثُمَّ طَعَنَهُ زَائِدَةُ الثَّقَفِيُّ -وَكَانَ مِنْ جُنْدِهِ- وَقَالَ: يَا لَثَارَاتِ المُخْتَارِ. وَقَاتَلَ قَتَلَةَ ابْنِ الأَشْتَرِ حَتَّى قُتِلَ وَاسْتَوْلَى عَبْدُ المَلِكِ عَلَى المَشْرِقِ.

(5/76)


417- بشر بن مروان 1:
ابن الحَكَمِ الأُمَوِيُّ أَحَدُ الأَجْوَادِ. وَلِيَ العِرَاقَيْنِ لأَخِيْهِ عِنْدَ مَقْتَلِ مُصْعَبٍ. وَدَارُهُ بِدِمَشْقَ عِنْدَ عَقَبَةِ الكَتَّانِ.
رَوَى ابْنُ جُدْعَانَ، عَنِ الحَسَنِ قَالَ: قدم علينا بشر البصرة، وهو أبيض، أَخُو خَلِيْفَةٍ وَابْنُ خَلِيْفَةٍ. فَأَتَيْتُهُ فَقَالَ الحَاجِبُ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: حَسَنٌ البَصْرِيُّ، قَالَ: ادْخُلْ، وإياك أن تطل وَلاَ تُمِلَّهُ فَأَدْخُلُ فَإِذَا هُوَ عَلَى سَرِيْرٍ، عَلَيْهِ فُرُشٌ قَدْ كَادَ أَنْ يَغُوْصَ فِيْهَا، وَرَجُلٌ بِالسَّيْفِ وَاقِفٌ عَلَى رَأْسِهِ فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ قُلْتُ: الحَسَنُ "البَصْرِيُّ الفَقِيْهُ" فَأَجْلَسَنِي ثُمَّ قَالَ: مَا تَقُوْلُ فِي زَكَاةِ أَمْوَالِنَا؟ نَدْفَعُهَا إِلَى السُّلْطَانِ أَمْ إِلَى الفُقَرَاءِ؟ قُلْتُ: أَيَّهُمَا فَعَلْتَ أَجْزَأَ عَنْكَ.
فَتَبَسَّمَ وَقَالَ: لِشَيْءٍ مَا يَسُوْدُ مَنْ يَسُوْدُ. ثُمَّ عُدْتُ إِلَيْهِ مِنَ العَشِيِّ وَإِذَا هُوَ انْحَدَرَ مِنْ سَرِيْرِهِ يَتمَلْمَلُ وَحَوْلَهُ الأَطِبَّاءُ. ثُمَّ عُدْتُ مِنَ الغَدِ وَالنَّاعِيَةُ تَنْعَاهُ وَدَوَابُّهُ قَدْ جُزَّتْ نَوَاصِيْهَا وَوَقَفَ الفَرَزْدَقُ عَلَى قَبْرِهِ وَرَثَاهُ بِأَبْيَاتٍ فَمَا بَقِيَ أَحَدٌ إلَّا بَكَى.
قَالَ خَلِيْفَةُ: مَاتَ بِالبَصْرَةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ وَلَهُ نَيِّفٌ وَأَرْبَعُوْنَ سَنَةً.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ كَتَبَ إِلَى أَخِيْهِ: إِنَّكَ شَغَلْتَ إِحْدَى بِالعِرَاقِ، وَبَقِيَتِ الأُخْرَى فَارِغَةً. فَكَتَبَ إِلَيْهِ بِوِلاَيَةِ الحرمين اليمن. فَمَا جَاءهُ الكِتَابُ إلَّا وَقَدْ وَقَعَتِ القَرْحَةُ فِي يَمِيْنِهِ. فَقِيْلَ: اقْطَعْهَا مِنَ المَفْصِلِ فَجَزِعَ فَبَلَغَتِ المِرْفَقَ ثُمَّ أَصْبَحَ وَقَدْ بَلَغتِ الكَتِفَ وَمَاتَ فَجَزِعَ عَلَيْهِ عَبْدُ المَلِكِ وَأَمَرَ الشُّعَرَاءَ فرثوه.
__________
1 ترجمته في تاريخ الإسلام "3/ 141"، العبر "1/ 86" النجوم الزاهرة "1/ 191"، شذرات الذهب "1/ 83".

(5/76)


418- شبيب بن يزيد 1:
ابن أَبِي نُعَيْمٍ الشَّيْبَانِيُّ، رَأْسُ الخَوَارِجِ بِالجَزِيْرَةِ, وَفَارِسُ زَمَانِهِ. بَعَثَ لِحَرْبِهِ الحَجَّاجُ خَمْسَةَ قُوَّادٍ، فَقَتَلَهُمْ وَاحِداً بَعْدَ وَاحِدٍ، ثُمَّ سَارَ إِلَى الكُوْفَةِ، وَحَاصَرَ الحَجَّاجَ، وَكَانَتْ زَوْجَتُهُ غَزَالَةُ عَدِيْمَةَ النَّظِيْرِ فِي الشَّجَاعَةِ فَعَيَّرَ الحَجَّاجَ شَاعِرٌ فَقَالَ:
أَسَدٌ عَلَيَّ وَفِي الحُرُوْبِ نَعَامَةٌ ... فَتَخَاءُ تَنْفِرُ مِنْ صَفِيْرِ الصَّافِرِ
هَلاَّ بَرَزْتَ إِلَى غَزَالَةَ فِي الوَغَى ... بَلْ كَانَ قَلْبُكَ فِي جَنَاحَيْ طَائِرِ
وَكَانَتْ أُمُّ شَبِيْبٍ جَهِيْزَةُ تَشْهَدُ الحَرْبَ.
قَالَ رَجُلٌ: رَأَيْتُ شَبِيْباً دَخَلَ المَسْجِدَ فَبَقِي المَسْجِدُ يَرْتَجُّ لَهُ, وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ طَيَالِسَةٌ. وَهُوَ طَوِيْلٌ, أَشْمَطُ, جَعْدٌ آدَمُ.
غَرِقَ شَبِيْبٌ, فِي القِتَالِ بِدُجَيْلٍ. سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِيْنَ، وَلَهُ إِحْدَى وَخَمْسُوْنَ سَنَةً. قِيْلَ: حَضَرَ عِتْبَانُ الحَرُوْرِيُّ عِنْدَ عَبْدِ الملك بن مروان، فقال: أنت القائل:
__________
1 ترجمته في تاريخ الإسلام "3/ 160" النجوم الزاهرة "1/ 196".

(5/77)


فَإِنْ يَكُ مِنْكُم كَانَ مَرْوَانُ وَابْنُهُ ... وَعَمْرٌو وَمِنْكُمْ هَاشِمٌ وَحَبِيْبُ
فَمِنَّا حُصَيْنٌ وَالبَطِيْنُ وَقَعْنَبٌ ... وَمِنَّا أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ شَبِيْبُ؟
فَقَالَ: إِنَّمَا قُلْتُ: "وَمِنَّا أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ شَبِيْبُ" عَلَى النِّدَاءِ، فَأَعْجَبَهُ، وأطلقه.
وَلَمَّا غَرِقَ، قِيْلَ لأُمِّهِ، فَقَالَتْ: لَمَّا وَلَدْتُهُ، رَأَيْتُ كَأَنَّهُ خَرَجَ مِنِّي شِهَابُ نَارٍ، فَعَلِمْتُ أَنَّهُ لاَ يُطْفِئُهُ إلَّا المَاءُ.
وَكَانَ قَدْ خَرَجَ صَالِحُ بنُ مُسَرِّحٌ العَابِدُ التَّمِيْمِيُّ بِدَارَا، وَلَهُ أَصْحَابٌ يُفَقِّهُهُم، وَيَقُصُّ عَلَيْهِم، وَيَذُمُّ عُثْمَانَ وعليًا، وكأدب الخَوَارِجِ، وَيَقُوْلُ: تَأَهَّبُوا لِجِهَادِ الظَّلَمَةِ، وَلاَ تَجْزَعُوا مِنَ القَتْلِ فِي اللهِ، فَالقَتْلُ أَسَهْلُ مِنَ المَوْتِ, وَالمَوْتُ لاَ بُدَّ مِنْهُ. فَأَتَاهُ كِتَابُ شَبِيْبٍ يَقُوْلُ: إِنَّكَ شَيْخُ المُسْلِمِيْنَ، وَلَنْ نَعْدِلَ بِكَ أَحَداً، وَقَدِ اسْتَجَبْتُ لَكَ, وَالآجَالُ غَادِيَةٌ وَرَائِحَةٌ، وَلاَ آمَنُ أَنْ تَخْتَرِمَنِي المَنِيَّةُ، وَلَمْ أُجَاهِدِ الظَّالِمِيْنَ، فَيَا لَهُ غَبْناً، وَيَا لَهُ فَضْلاً مَتْرُوْكاً، جَعَلَنَا اللهُ مِمَّنْ يُرِيْدُ اللهَ بِعَمَلِهِ. ثُمَّ أَقْبَلَ هُوَ وَأَخُوْهُ مُصَادٌ، وَالمُحَلِّلُ بنُ وَائِلٍ, وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ حَجَرٍ, وَالفَضْلُ بنُ عَامِرٍ الذُّهْلِيُّ, إِلَى صَالِحٍ فَصَارُوْا مائَةً وَعَشْرَةَ أَنْفُسٍ, ثُمَّ شَدُّوا عَلَى خَيْلٍ لِمُحَمَّدِ بنِ مَرْوَانَ, فَأَخَذُوْهَا وَقَوِيَتْ شَوْكَتُهُم. فَسَارَ لِحَرْبِهِمْ عَدِيُّ بنُ عَدِيِّ بنِ عُمَيْرَةَ الكِنْدِيُّ, فَالْتَقَوْا فَانْهَزَمَ عدي وبعده مُدِيْدَةٍ تُوُفِّيَ صَالِحٌ مِنْ جِرَاحَاتٍ سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ وَعُهِدَ إِلَى شَبِيْبٍ فَهَزَمَ العَسَاكِرَ وَعَظُمَ الخَطْبُ وَهَجَمَ عَلَى الكُوْفَةِ وَقَتَلَ جَمَاعَةَ أَعْيَانٍ فَنَدَبَ الحَجَّاجُ لِحَرْبِهِ زَائِدَةَ بنَ قُدَامَةَ الثَّقَفِيَّ فَالْتَقَوْا فَقُتِلَ زَائِدَةُ وَدَخَلَتْ غَزَالَةُ جَامِعَ الكُوْفَةِ وَصَلَّتْ وِرْدَهَا وَصَعِدَتِ المِنْبَرَ وَوَفَتْ نَذْرَهَا وَهَزَمَ شَبِيْبٌ جُيُوْشَ الحَجَّاجِ مَرَّاتٍ, وَقَتَلَ عِدَّةً مِنَ الأشراف وتزلزل له عبد المَلِكِ, وَتَحَيَّرَ الحَجَّاجُ فِي أَمْرِهِ وَقَالَ: أَعْيَانِي هَذَا وَجَمَعَ لَهُ جَيْشاً كَثِيْفاً نَحْوَ خَمْسِيْنَ أَلْفاً.
وَعَرَضَ شَبِيْبٌ جُنْدَهُ, فَكَانُوا أَلْفاً, وَقَالَ: يَا قَوْمُ, إِنَّ اللهَ نَصَرَكُم وَأَنْتُم مائَةٌ فَأَنْتُمُ اليَوْمَ مِئُوْنَ ثُمَّ ثَبَتَ مَعَهُ سِتُّ مئة فحمل في مئتين عَلَى المَيْسَرَةِ هَزَمَهَا ثُمَّ قَتَلَ مُقَدَّمَ العَسَاكِرِ عَتَّابَ بنَ وَرْقَاءَ التَّمِيْمِيَّ. فَلَمَّا رَآهُ شَبِيْبٌ صَرِيْعاً, تَوَجَّعَ لَهُ فَقَالَ خَارِجِيٌّ لَهُ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ, تَتَوَجَّعُ لِكَافِرٍ؟! ثُمَّ نَادَى شَبِيْبٌ بِرَفْعِ السَّيْفِ وَدَعَا إِلَى طَاعَتِهِ فَبَايَعُوْهُ ثُمَّ هَرَبُوا فِي اللَّيْلِ.
ثُمَّ جَاءَ المَدَدُ مِنَ الشَّامِ فَالْتَقَاهُ الحَجَّاجُ بِنَفْسِهِ فَجَرَى مَصَافٌّ لَمْ يُعْهَدْ مِثْلُهُ, وَثَبَتَ الفَرِيْقَانِ وَقُتِلَ مُصَادٌ أَخُو شَبِيْبٍ وَزَوْجَتُهُ غَزَالَةُ وَدَخَلَ اللَّيْلُ وَتَقَهْقَرَ شَبِيْبٌ وَهُوَ يَخْفُقُ رَأْسُهُ, وَالطَّلَبُ فِي أَثَرِهِ ثُمَّ فَتَرَ الطَّلَبُ عَنْهُم وَسَارُوا إِلَى الأَهْوَازِ, فَبَرَزَ مُتَوَلِّيْهَا مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى بنِ طَلْحَةَ، فَبَارَزَ شَبِيْباً، فَقَتَلَهُ شَبِيْبٌ، وَمَضَى إِلَى كَرْمَانَ، فَأَقَامَ شَهْرَيْنِ، وَرَجَعَ، فَالْتَقَاهُ سُفْيَانُ بنُ أَبْرَدَ الكَلْبِيُّ وَحَبِيْبٌ الحَكَمِيُّ عَلَى جِسْرِ دُجَيْلٍ فَاقْتَتَلُوا حَتَّى دَخَلَ اللَّيْلُ فَعَبَرَ شَبِيْبٌ عَلَى الجِسْرِ فَقُطِع بِهِ فَغَرِقَ وَقِيْلَ: بَلْ نَفَرَ بِهِ فَرَسُهُ فَأَلْقَاهُ فِي المَاءِ سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَعَلَيْهِ الحَدِيْدُ فَقَالَ: {ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيم} [يس: 38] ، وَأَلْقَاهُ دُجَيْلٌ إِلَى السَّاحِلِ مَيْتاً، وَحُمِلَ إِلَى الحَجَّاجِ، فَشَقَّ جَوْفَهُ، وَأَخْرَجَ قَلْبَهُ فَإِذَا دَاخِلُهُ قلب آخر.

(5/78)


419- شَبَثُ بنُ رِبْعِيٍّ 1:
التَّمِيْمِيُّ اليَرْبُوْعِيُّ، أَحَدُ الأَشْرَافِ والفرسان، وكان مِمَّنْ خَرَجَ عَلَى عَلِيٍّ، وَأَنْكَرَ عَلَيْهِ التَّحْكِيْمَ، ثُمَّ تَابَ وَأَنَابَ.
وَحَدَّثَ عَنْ: عَلِيٍّ، وَحُذَيْفَةَ. وَعَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ كَعْبٍ القُرَظِيُّ, وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ لَهُ حَدِيْثٌ وَاحِدٌ فِي "سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ".
قَالَ الأَعْمَشُ: شَهِدْتُ جَنَازَةَ شَبَثٍ، فَأَقَامُوا العَبِيْدَ عَلَى حِدَةٍ وَالجَوَارِيَ عَلَى حِدَةٍ، وَالجِمَالَ عَلَى حِدَةٍ ... ، وَذَكَرَ الأَصْنَافَ. قَالَ: وَرَأَيْتُهُم يَنُوْحُوْنَ, عَلَيْهِ وَيَلْتَدِمُوْنَ2.
قُلْتُ: كَانَ سَيِّدَ تَمِيْمٍ هُوَ وَالأَحْنَفُ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 216"، التاريخ "4/ ترجمة 2755"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 1695"، الكاشف "2/ ترجمة 2252"، والعبر "1/ 44"، تهذيب التهذيب "4/ 303"، الإصابة "2/ ترجمة 3955"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2994".
2 يلتدمون: يضربن صدورهن ووجوهن.

(5/79)


420- عبد الله بن صفوان 1: "م، س، ق"
ابن أمية بن خلف، أَبُو صَفْوَانَ الجُمَحِيُّ، المَكِّيُّ. مِنْ أَشْرَافِ قُرَيْشٍ، لاَ صُحْبَةَ لَهُ. يُقَالُ: وُلِدَ أَيَّامَ النُّبُوَّةِ.
وروى عن: أبيه، وعمر، وأبي الرداء، وحفصة.
وَعَنْهُ: حَفِيْدُهُ؛ أُمَيَّةُ بنُ صَفْوَانَ، وَابْنُ أَبِي ملكية, وَعَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ, وَالزُّهْرِيُّ وَسَالِمُ بنُ أَبِي الجَعْدِ وَلَهُ دَارٌ بِدِمَشْقَ.
قِيْلَ: حَجَّ مُعَاوِيَةُ، فَتَلَقَّاهُ ابْنُ صَفْوَانَ عَلَى بَعِيْرٍ، فَسَايَرَ مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ الشَّامِيُّوْنَ: مَنْ هَذَا الأَعْرَابِيُّ؟ فَقَدَّمَ لِمُعَاوِيَةَ أَلْفَيْ شَاةٍ.
وَكَانَ سَيِّدَ أَهْلِ مَكَّةَ فِي زَمَانِهِ لِحِلْمِهِ وَسَخَائِهِ وَعَقْلِهِ.
قُتِل مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالأَسْتَارِ.
قَالَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ: جَاؤُوا إِلَى المَدِيْنَةِ بِرَأْسِ ابْنِ صَفْوَانَ، وَرَأْسِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَرَأْسِ عَبْدِ اللهِ بن مطيع.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 465"، التاريخ الكبير "5/ ترجمة 353"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 389"، الاستيعاب "3/ 927"، أسد الغابة "3/ 185"، الكاشف "2/ ترجمة 2817" تجريد أسماء الصحابة "1/ ترجمة 3360"، تاريخ الإسلام "3/ 176"، الإصابة "2/ ترجمة 6177"، تهذيب التهذيب "5/ 265"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3574".

(5/79)


421- قطري بن الفجاءة 1:
الأَمِيْرُ، أَبُو نَعَامَةَ التَّمِيْمِيُّ، المَازِنِيُّ، البَطَلُ المَشْهُوْرُ، رَأْسُ الخَوَارِجِ. خَرَجَ زَمَنَ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَهَزَمَ الجُيُوْشَ وَاسْتَفْحَلَ بَلاَؤُهُ.
جَهَّزَ إِلَيْهِ الحَجَّاجُ جَيْشاً بَعْدَ جَيْشٍ، فَيَكْسِرُهُم، وَغلَبَ عَلَى بِلاَدِ فَارِسٍ، وله وقائع مشهودة، وشجاعة ولم يُسْمَعْ بِمِثْلِهَا، وَشِعْرٌ فَصِيْحٌ سَائِرٌ. فَلَهُ:
أَقُوْلُ لَهَا وَقَدْ طَارَتْ شَعَاعاً ... مِنَ الأَبْطَالِ: وَيْحَكِ لَنْ تُرَاعِي
فَإِنَّكِ لَوْ سَأَلْتِ بَقَاءَ يَوْمٍ ... عَلَى الأَجَلِ الَّذِي لَكِ لَمْ تُطَاعِي
فَصَبْراً فِي مَجَالِ المَوْتِ صَبْراً ... فَمَا نَيْلُ الخُلُوْدِ بمستطاع
وَلاَ ثَوْبُ الحَيَاةِ بِثَوْبِ عِزٍّ ... فَيُطْوَى عَنْ أَخِي الخَنَعِ اليَرَاعِ
سَبِيْلُ المَوْتِ غَايَةُ كُلِّ حَيٍّ ... وَدَاعِيْهِ لأَهْلِ الأَرْضِ دَاعِي
وَمَنْ لَمْ يُعْتَبَطْ يَهْرَمْ وَيَسْأَمْ ... وَتُسْلِمْهُ المَنُوْنُ إِلَى انْقِطَاعِ
وَمَا لِلْمَرْءِ خَيْرٌ فِي حَيَاةٍ ... إِذَا مَا عُدَّ مِنْ سَقَطِ المَتَاعِ
وَاسْمُ الفُجَاءةِ: جَعْوَنَةُ بنُ مَازِنٍ. بَقِيَ قَطَرِيٌّ يُحَارِبُ نَيِّفَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَيُسَلَّمُ عَلَيْهِ بِالخِلاَفَةِ. اسْتَوْفَى المُبَرِّدُ فِي "كَامِلِهِ" أَخْبَارَهُ إِلَى أَنْ سَارَ لِحَرْبِهِ سُفْيَانُ بنُ الأَبْرَدِ الكَلْبِيُّ، فَانْتَصَرَ عَلَيْهِ، وَقَتَلَهُ. وَقِيْلَ: عَثَرَ بِهِ الفَرَسُ، فَانْكَسَرَتْ فَخِذُهُ بِطَبَرِسْتَانَ، فَظَفِرُوا بِهِ، وَحُمِلَ رَأْسُهُ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِيْنَ إِلَى الحَجَّاجِ. وَكَانَ خَطِيْباً بَلِيْغاً كَبِيْرَ المَحَلِّ مِنْ أفراد زمانه.
__________
1 ترجمته في تاريخ الإسلام "3/ 203"، النجوم الزاهرة "1/ 197"، شذرات الذهب "1/ 86".

(5/80)


422- الحارث الأعور 1: "4"
هُوَ العَلاَّمَةُ، الإِمَامُ، أَبُو زُهَيْرٍ الحَارِثُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ كَعْبِ بنِ أَسَدٍ الهَمْدَانِيُّ، الكُوْفِيُّ، صَاحِبُ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُوْدٍ. كَانَ فَقِيْهاً، كَثِيْرَ العِلْمِ، عَلَى لِيْنٍ فِي حَدِيْثِهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الشَّعْبِيُّ، وَعَطَاءُ بنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَعَمْرُو بن مرة، وأبو إسحاق السبيعي، وغيرهم.
وَقَدْ جَاءَ أَنَّ أَبَا إِسْحَاقَ سَمِعَ مِنَ الحارث أَحَادِيْثَ، وَبَاقِي ذَلِكَ مُرْسَلٌ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ: كَانَ الحَارِثُ أَفْقَهَ النَّاسِ، وَأَحْسَبَ النَّاسِ، تَعَلَّمَ الفَرَائِضَ مِنْ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سِيْرِيْنَ: أَدْرَكْتُ أَهْلَ الكُوْفَةِ وَهُمْ يُقَدِّمُوْنَ خَمْسَةً: مَنْ بَدَأَ بِالحَارِثِ الأَعْوَرِ، ثَنَّى بِعَبِيْدَةَ السَّلْمَانِيِّ وَمَنْ بَدَأَ بِعَبِيْدَةَ, ثَنَّى بِالحَارِثِ, ثُمَّ عَلْقَمَةَ, ثُمَّ مَسْرُوْقٍ, ثُمَّ شُرَيْحٍ.
قُلْتُ: قَدْ كَانَ الحَارِثُ مِنْ أوعية العلم, ومن الشيعة الأول. وكان يَقُوْلُ: تَعَلَّمْتُ القُرْآنَ فِي سَنَتَيْنِ وَالوَحْيَ فِي ثَلاَثِ سِنِيْنَ.
فَأَمَّا قَوْلُ الشَّعْبِيِّ الحَارِثُ كَذَّابٌ, فَمَحْمُوْلٌ عَلَى أَنَّهُ عَنَى بِالكَذِبِ الخَطَأَ لاَ التَّعَمُّدَ وَإِلاَّ فَلِمَاذَا يَرْوِي عَنْهُ وَيَعْتَقِدُهُ بِتَعَمُّدِ الكَذِبِ فِي الدِّيْنِ؟! وَكَذَا قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ، وَأَبُو خَيْثَمَةَ: هُوَ كَذَّابٌ وَأَمَّا يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، فَقَالَ: هُوَ ثِقَةٌ وَقَالَ مَرَّةً: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَكَذَا قَالَ الإِمَامُ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ, وَقَالَ أَيْضاً: لَيْسَ بِالقَوِيِّ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لاَ يُحْتَجُّ بِهِ. ثُمَّ إِنَّ النَّسَائِيَّ وَأَرْبَابَ السُّنَنِ احْتَجُّوا بِالحَارِثِ وَهُوَ مِمَّنْ عِنْدِي وِقْفَةٌ فِي الاحْتِجَاجِ بِهِ.
قَالَ عِلْبَاءُ بنُ أَحْمَرَ: خَطَبَ عَلِيٌّ النَّاسَ، فَقَالَ: يَا أَهْلَ الكُوْفَةِ, غَلَبَكُم نِصْفُ رَجُلٍ.
قَالَ شُعْبَةُ: لَمْ يَسْمَعْ أَبُو إِسْحَاقَ مِنَ الحَارِثِ إلَّا أَرْبَعَةَ أَحَادِيْثَ.
وَرَوَى مَنْصُوْرٌ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، قال: الحارث اتهم.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 168"، التاريخ الكبير "2/ ترجمة 2437"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 363"، المجروحين لابن حبان "1/ 222"، ميزان الاعتدال "1/ 435"، تهذيب التهذيب "2/ 145"، خلاصة الخزرجي ترجمة "1142".

(5/81)


وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيُّ: مَا سَمِعَ مِنَ الحَارِثِ -يَعْنِي: أَبَا إِسْحَاقَ- إلَّا أربعة أحاديث، وسائر ذلك الكتاب أَخَذَهُ.
وَرَوَى أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ، عَنْ مُغِيْرَةَ، قَالَ: لَمْ يَكنِ الحَارِثُ يُصَدَّقُ عَنْ عَلِيٍّ فِي الحَدِيْثِ. وَقَالَ جَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ: كَانَ زَيْفاً. وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ أَيْضاً فِي رِوَايَةٍ ثَالِثَةٍ عَنْهُ: ضَعِيْفٌ. وَكَذَا قَالَ: الدَّارَقُطْنِيُّ. وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ: عَامَّةُ مَا يَرْوِيْهِ غَيْرُ مَحْفُوْظٍ.
وَرَوَى يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ القَطَّانُ, عَنْ سُفْيَانَ، تَرْجِيْحَ حَدِيْثِ عَاصِمِ بنِ ضَمْرَةَ عَلَى حَدِيْث الحَارِثِ فَقَالَ: كُنَّا نَعْرِفُ فَضْلَ حَدِيْثِ عَاصِمٍ عَلَى حَدِيْثِ الحَارِثِ.
قَالَ عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ: لاَ يُتَابَعُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ عَلَى قَوْلِهِ فِي الحَارِثِ: أَنَّهُ ثِقَةٌ.
قَالَ حُصَيْنٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ: مَا كُذِبَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ مَا كُذِبَ عَلَى عَلِيٍّ.
وَرَوَى مُفَضَّلُ بنُ مُهَلْهِلٍ، عَنْ مُغِيْرَةَ، سَمِعَ الشَّعْبِيَّ يَقُوْلُ: حَدَّثَنِي الحَارِثُ الأَعْوَرُ وَأَشْهَدُ أَنَّهُ أَحَدُ الكَذَّابِيْنَ.
قَالَ بُنْدَارُ: أَخَذَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ وَابْنُ مَهْدِيٍّ القَلَمَ مِنْ يَدِي فَضَرَبَا عَلَى نَحْوٍ مِنْ أَرْبَعِيْنَ حَدِيْثاً: مِنْ حَدِيْثِ الحَارِثِ, عَنْ عَلِيٍّ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ بنُ حِبَّانَ: كَانَ الحَارِثُ غَالِياً فِي التَّشَيُّعِ، وَاهِياً فِي الحَدِيْثِ, هُوَ الرَّاوِي عَنْ عَلِيٍّ: قَالَ لِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لاَ تَفْتَحَنَّ عَلَى الإِمَامِ فِي الصَّلاَةِ" رَوَاهُ: الفِرْيَابِيُّ, عَنْ يُوْنُسَ بنِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أبيه عنه1 وإنما ذا قول علي.
وَخَرَّجَ البُخَارِيُّ فِي كِتَابِ "الضُّعَفَاءِ" لِمُحَمَّدِ بنِ يَعْقُوْبَ بنِ عَبَّادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ دَاوُدَ عَنْ إِسْمَاعِيْلَ عَنْ إِسْرَائِيْلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم:
__________
1 ضعيف: أخرجه أبو داود "908" حدثنا عبد الوهاب بن نجدة، حدثنا محمد بن يوسف الفِرْيَابِيُّ عَنْ يُوْنُسَ بنِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "يا علي، لا تفتح على الإمام في الصلاة".
وقال أبو داود: أبو إسحاق لم يسمع من الحارث إلا أربعة أحاديث ليس هذا منها".
قلت: والعلة الثانية: هي ضعف الحارث بن عبد الله الأعور، وقد رماه الشعبي وابن المديني بالكذب. قال أيوب: كان ابن سيرين يرى أن عامة ما يروي عن علي باطل.
وقال ابن حبان: كان الحارث غالبًا في التشيع، واهيًا في الحديث، وهو الذي روى عَنْ عَلِيٍّ قَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الحديث فذكره، وإنما هو قول علي.

(5/82)


"أَنِيْنُ المَرِيْضِ تَسْبِيْحُهُ، وَصِيَاحُهُ تَهْلِيْلُهُ: وَنَوْمُهُ عِبَادَةٌ، وَنَفَسُهُ صَدَقَةٌ، وَتَقَلُّبُهُ قِتَالٌ لِعَدُوِّهِ" الحَدِيْثَ.
فَهَذَا حَدِيْثٌ مُنْكَرٌ جِدّاً، مَا أَظُنُّ أَنَّ إِسْرَائِيْلَ حَدَّثَ بِذَا. وَقَدِ اسْتَوْفَيْتُ تَرْجَمَةَ الحَارِثِ فِي "مِيْزَانِ الاعْتِدَالِ"، وَأَنَا مُتَحَيِّرٌ فِيْهِ. وَتُوُفِّيَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ، بِالكُوْفَةِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ الشَّافِعِيُّ، عَنْ عَبْدِ المُعِزِّ بنِ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا تَمِيْمُ بنُ أَبِي سَعِيْدٍ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ الحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: "لَعَنَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا, وَمُوْكِلَهُ, وَشَاهِدَيْهِ, وَكَاتِبَهُ, وَالوَاشِمَةَ, وَالمُسْتَوْشِمَةَ, وَالحَالَّ, وَالمُحَلَّلَ لَهُ, وَمَانِعَ الصَّدَقَةِ وَنَهَى عن النوح"1 مجالد أيضًا لين.
__________
1 ضعيف بهذا التمام: لكن جاءت معظم فقرات الحديث بألفاظ صحيحة؛ فقد ورد عند مسلم "1598" عن جابر قال: لَعَنَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكل الربا، وموكله، وكاتبه وشاهديه، وقال: هم سواء".
وورد عن عبد الله بن مسعود قال: لعن الله الواشمات والمتوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن، المغيرات خلق الله" أخرجه أحمد "1/ 433- 434 و 443"، والحميدي "97"، والبخاري "4886" و "4887" و "5943" و "5948"، ومسلم "2125"، والنسائي "8/ 146"، وابن ماجه "1989" والدارمي "2/ 279"، والبغوي "3191" من طرق عَنْ سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُوْرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، به.
وورد عن أبي مالك الأَشْعَرِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "أربع في أمتي من أمر الجاهلية، لا يتركونهن الفخر في الأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة" وقال: "النائحة إذا لم تتب قبل موتها، تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران، ودرع من جرب". أخرجه مسلم "934"، والحاكم "1/ 383"، والطبراني في "الكبير" "3425" و "3426"، والبيهقي "4/ 63"، وأحمد "5/ 342 و 343 و 344"، والبغوي "1533" من طرق عَنْ يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ، عَنْ زَيْدِ بن سلام، عن أبي سلام، عن أبي مالك الأشعري، به، وأخرجه عبد الرزاق "3/ 6686"، ومن طريقه ابن ماجه مختصرًا "1581" عن يحيى بن أبي كثير، عن ابن معانق أو أبي معانق، عن أبي مالك الأعشري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.

(5/83)


423- الحارث بن سويد 1: "ع"
التيمي الكوفي، إِمَامٌ، ثِقَةٌ، رَفِيْعُ المَحَلِّ.
حَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ, وابن مسعود، وعلي ويكنى: أَبَا عَائِشَةَ.
رَوَى عَنْهُ: إِبْرَاهِيْمُ التَّيْمِيُّ، وَأَشْعَثُ بنُ أَبِي الشَّعْثَاءِ، وَعُمَارَةُ بنُ عُمَيْرٍ، وَجَمَاعَةٌ. وَهُوَ قَلِيْلُ الحَدِيْثِ، قَدِيْمُ المَوْتِ، قَدْ ذَكَرَهُ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، فَعَظَّمَ شَأْنَهُ، وَرَفَعَ مِنْ قَدْرِهِ وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: مَاتَ فِي آخِرِ خِلاَفَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 167"، التاريخ الكبير "2/ ترجمة 2446"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 350"، الحلية لأبي نعيم "4/ 126"، الكاشف "1/ ترجمة 865" تجريد أسماء الصحابة "ترجمة 951"، تهذيب التهذيب "2/ 143"، الإصابة "1/ ترجمة 1921"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1137".

(5/83)


424- عبيد بن عمير 1: "ع"
ابن قتادة الليثي الجندعي المكي، الوَاعِظُ، المُفَسِّرُ. وُلِدَ: فِي حَيَاةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ، وَعَنْ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ، وَعَلِيٍّ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَعَائِشَةَ وَأَبِي مُوْسَى الأَشْعَرِيِّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ؛ عَبْدُ اللهِ بنُ عُبَيْدٍ، وَعَطَاءُ بنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَعَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ رُفَيْعٍ، وَأَبُو الزُّبَيْرِ، وَجَمَاعَةٌ.
وَكَانَ مِنْ ثِقَاتِ التَّابِعِيْنَ وَأَئِمَّتِهِم بِمَكَّةَ. وَكَانَ يُذَكِّرُ النَّاسَ، فَيَحْضُرُ ابْنُ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا مَجْلِسَهُ.
رَوَى حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، قَالَ: أَوَّلُ مَنْ قَصَّ عُبَيْدُ بنُ عُمَيْرٍ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ.
أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وعبيد ابن عُمَيْرٍ عَلَى عَائِشَةَ، فَقَالَتْ لَهُ: خَفِّفْ، فَإِنَّ الذِّكْرَ ثَقِيْلٌ, تَعْنِي: إِذَا وَعَظْتَ.
وَقَالَ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ أَيْمَنَ: رَأَيْتُ عُبَيْدَ بنَ عُمَيْرٍ, وَلَهُ جُمَّةٌ إِلَى قَفَاهُ, وَلِحْيَتُهُ صَفْرَاءُ. قُلْتُ: هُوَ مِنْ خِضَابِ السُّنَّةِ.
تُوُفِّيَ قَبْلَ ابْنِ عُمَرَ بِأَيَّامٍ يَسِيْرَةٍ. وَقِيْلَ: تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ.
وَكَانَ ابْنُهُ عَبْدُ اللهِ مِنْ عُلَمَاءِ المَكِّيِّيْنَ. وَكَانَ حَفِيْدُهُ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ المَعْرُوْفُ بِالمُحْرِمِ ضَعِيْفاً حَدَّثَ عَنْ عَطَاءٍ وجماعة لحقه داود بن عمرو الضبي.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 463"، التاريخ الكبير "5/ ترجمة 1479"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 1896"، حلية الأولياء "3/ 266- 279"، الإسيتعاب "3/ 1018"، أسد الغابة "3/ 353" تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 50"، تهذيب التهذيب "7/ 71"، الإصابة "3/ ترجمة 6242"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4647".

(5/84)


425- فابنه 1: "م، 4"
عبد الله بن عبيد، يُكْنَى أَبَا هَاشِمٍ. مَا رَوَى لَهُ البُخَارِيُّ شيئًا.
يَرْوِي عَنْ: عَائِشَةَ أَيْضاً، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ.
وَعَنْهُ: ابْنُ جُرَيْجٍ، وَجَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ، وَالأَوْزَاعِيُّ، وَثَّقَهُ: أَبُو حَاتِمٍ. تُوُفِّيَ: سَنَةَ ثَلاَثَ عشرة ومائة, بمكة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 474"، التاريخ الكبير "5/ ترجمة 430"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة رقم 467"، حلية الأولياء "3/ 354"، تهذيب التهذيب "5/ 308"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3640".

(5/85)


426- عمرو بن ميمون 1: "ع"
الأودي المذحجي الكوفي، الإِمَامُ، الحُجَّةُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ. أَدْرَكَ الجَاهِلِيَّةَ، وَأَسْلَمَ فِي الأَيَّامِ النَّبَوِيَّةِ، وَقَدِمَ الشَّامَ مَعَ مُعَاذِ بنِ جَبَلٍ، ثُمَّ سَكَنَ الكُوْفَةَ.
حَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُوْدٍ، وَمُعَاذٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي أَيُّوْبَ الأَنْصَارِيِّ، وَطَائِفَةٍ.
رَوَى عَنْهُ: الشَّعْبِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ، وَحُصَيْنُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, وَعَبْدَةُ بنُ أَبِي لُبَابَةَ, وَمُحَمَّدُ بنُ سُوْقَةَ وَسَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ, وَآخَرُوْنَ.
أَبُو إِسْحَاقَ: عَنْ عمرِو بنِ مَيْمُوْنٍ، عَنِ مُعَاذٍ، قَالَ: كُنْتُ رِدْفَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى حِمَارٍ يُقَالُ لَهُ: عُفَيْرٌ.
أَحْمَدُ فِي "المُسْنَدِ": حَدَّثَنَا الوَلِيْدُ، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، عَنْ حَسَّانِ بن عَطِيَّةَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ سَابِطٍ، عَنْ عمرو بن ميمون بن الأَوْدِيِّ, قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا مُعَاذٌ اليَمَنَ, رَسُوْلُ رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشِّحْرِ, رَافِعاً صَوْتَهُ بِالتَّكْبِيْرِ, أَجَشَّ الصَّوْتِ, فَأُلْقِيَتْ مَحَبَّتِي عَلَيْهِ, فَمَا فَارَقْتُهُ حَتَّى حَثَوْتُ عَلَيْهِ مِنَ التُّرَابِ. ثُمَّ نَظَرْتُ فِي أَفْقَهِ النَّاسِ بَعْدَهُ, فَأَتَيْتُ ابْنَ مَسْعُوْدٍ. رَوَاهُ: أَبُو خَيْثَمَةَ عن الوليد ابن مسلم, وقال: فألقيت علي محبته2.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 117"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2659"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1422"، حلية الأولياء "4/ 148"، الاستيعاب "3/ 1205"، أسد الغابة "4/ 134"، الكاشف "2/ ترجمة 4304"، تجريد أسماء الصحابة "1/ ترجمة 4521"، تهذيب التهذيب "8/ 109"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة رقم 5394".
2 صحيح: أخرجه أحمد "5/ 231"، وأبو داود "432" وتمام الحديث: " ... فألقيت عليه محبتي
فما فارقته حتى دفنته بالشام ميتًا، ثم نظرت إلى أفقه الناس بعده فأتيت ابن مسعود فلزمته حتى مات فقال: قَالَ لِي رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: كيف بكم إذا أنت عليكم أمراء يصلون الصلاة لغير مياقتها؟ قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك يا رسول الله؟ قال: صل الصلاة لميقاتها، واجعل صلاتك معهم سبحة".

(5/85)


"خَ" نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي بَلْجٍ، وَحُصَيْنٍ، عَنْ عَمْرِو بنِ مَيْمُوْنٍ قَالَ: رَأَيْتُ فِي الجَاهِلِيَّةِ قِرْدَةً اجْتَمَعَ عَلَيْهَا قِرَدَةٌ, فَرَجَمُوْهَا فَرَجَمْتُهَا مَعَهُم1.
شَبَابَةُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ المَلِكِ بنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ حِطَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ مَيْمُوْنٍ قَالَ: كُنْتُ فِي حَرْثٍ, فَرَأَيْتُ قُرُوْداً كَثِيْرَةً قَدِ اجْتَمَعْنَ, فرأيت قردًا وقردة قد اضَّطَجَعَا، ثُمَّ أَدْخَلَتِ القِرْدَةُ، يَدَهَا تَحْتَ عُنُقِ القِرْدِ, وَاعْتَنَقَهَا وَنَامَا. فَجَاءَ قِرْدٌ, فَغَمَزَهَا, فَنَظَرَتْ إِلَيْهِ, وَانْسلَّتْ يَدُهَا مِنْ تَحْتِ رَأْسِ القِرْدِ ثُمَّ انْطَلَقَتْ مَعَهُ غَيْرَ بَعِيْدٍ فَنَكَحَهَا وَأَنَا أَنْظُرُ ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَى مَضْجَعِهَا فَذَهَبَتْ تُدْخِلُ يَدَهَا تَحْتَ عُنُقِ القِرْدِ فَانْتَبَهَ فَقَامَ إِلَيْهَا فَشَمَّ دُبُرَهَا. قَالَ: فَاجْتَمَعَتِ القِرَدَةُ, فَجَعَلَ يُشِيْرُ إِلَيْهَا فَتَفَرَّقَتِ القِرَدَةُ, فَلَمْ أَلْبَثْ أَنْ جِيْءَ بِذَلِكَ القِرْدِ بِعَيْنِهِ -أَعْرِفُهُ- فَانْطَلَقُوا بِهَا وَبِهِ إِلَى مَوْضِعٍ كَثِيْرِ الرَّمْلِ فَحَفَرُوا لَهُمَا حُفَيْرَةً, فَجَعَلُوْهُمَا فِيْهَا, ثُمَّ رَجَمُوْهُمُا حَتَّى قَتَلُوْهُمَا2.
رَوَاهُ عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ, عَنْ عَبْدِ المَلِكِ, نَحْوَهُ.
عَمْرٌو، وَثَّقَهُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَأَحْمَدُ العِجْلِيُّ.
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: حَجَّ عَمْرُو بنُ مَيْمُوْنٍ سِتِّيْنَ مَرَّةً، مِنْ بَيْنِ حِجَّةٍ وَعُمْرَةٍ. وَفِي رِوَايَةٍ: مائَةَ مَرَّةٍ.
مَنْصُوْرٌ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، قَالَ: لَمَّا كَبرَ عَمْرُو بنُ مَيْمُوْنٍ، أُوْتِدَ لَهُ فِي الحَائِطِ، فَكَانَ إِذَا سَئِمَ مِنَ القِيَامِ، أَمْسَكَ بِهِ، أَوْ يَتَعَلَّقُ بحبل.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "3849" حدثنا نعيم بن حماد، به.
2 أورد ابن حجر الحديث في "الفتح" "7/ 160" ثم قال في إثره: قال ابن التين: لعل هؤلاء كانوا من نسل الذين مسخوا فبقي فيهم ذلك الحكم. ثم قال إن الممسوخ لا ينسل. قلت: وهذا هو المعتمد لما ثبت في صحيح مسلم: أن الممسوخ لا نسل له" وعنده من حديث ابن مسعود مرفوعا: "إن الله لم يهلك قومًا فيجعل لهم نسلًا" ثم قال الحافظ في "الفتح" "7/ 160": "وقد استنكر ابن عبد البر قصة عمرو بن ميمون هذه وقال: فيها إضافة الزنى إلى غير مكلف وإقامة الحد على البهائم وهذا منكر عند أهل العلم.
يقول محمد أيمن الشبراوي: هذا الحديث منكر، فالقصة بطولها مدارها على عبد الملك بن مسلم الرقاشي، عن عيسى بن حطان، وكلاهما لا يحتج بهما كما قال الذهبي عنهما في ترجمتيهما في "الميزان".

(5/86)


يُوْنُسُ بنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِيْهِ: كَانَ عَمْرُو بنُ مَيْمُوْنٍ إِذَا رُئِيَ, ذُكِرَ اللهُ.
عَبَّادُ بنُ العَوَّامِ: حَدَّثَنَا عَاصِمُ بنُ كُلَيْبٍ، قَالَ: رَأَيْتُ عَمْرَو بنَ مَيْمُوْنٍ، وَسُوَيْدَ بنَ غَفَلَةَ الْتَقَيَا، فَاعْتَنَقَا.
أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بنِ مَيْمُوْنٍ، قَالَ: شَهِدْتُ عُمَرَ غَدَاةَ طُعِنَ، فَكُنْتُ فِي الصَّفِّ الثَّانِي.
هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي بَلْجٍ، عَنْ عَمْرِو بنِ مَيْمُوْنٍ: أَنَّهُ كَانَ لا يتمنى الموت، يَقُوْلُ: إِنِّي أُصَلِّي فِي اليَوْمِ كَذَا، وَكَذَا، حَتَّى أَرْسَلَ إِلَيْهِ يَزِيْدُ بنُ أَبِي مُسْلِمٍ، فَتَعَنَّتَهُ وَلَقِيَ مِنْهُ شِدَّةً فَكَانَ يَقُوْلُ: اللَّهُمَّ أَلْحِقْنِي بِالأَخْيَارِ, وَلاَ تُخَلِّفْنِي مَعَ الأَشْرَارِ, وَاسْقِنِي مِنْ عَذْبِ الأَنْهَارِ.
قَالَ الفَلاَّسُ، وَغَيْرُهُ: مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ. وَقِيْلَ سَنَةَ سِتٍّ.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ، وَغَيْرُهُ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ.

(5/87)


427- شقيق بن سلمة 1: "ع"
الإِمَامُ الكَبِيْرُ، شَيْخُ الكُوْفَةِ، أَبُو وَائِلٍ الأَسَدِيُّ؛ أَسَدُ خُزَيْمَةَ، الكُوْفِيُّ. مُخَضْرَمٌ، أَدْرَكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا رَآهُ.
وَحَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَعَمَّارٍ، وَمُعَاذٍ، وَابْنِ مَسْعُوْدٍ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَأَبِي مُوْسَى، وَحُذَيْفَةَ، وَعَائِشَةَ، وَخَبَّابٍ، وَأُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ، وَالأَشْعَثِ بنِ قَيْسٍ، وَسَلْمَانَ بنِ رَبِيْعَةَ، وَسَهْلِ بنِ حَنِيْفٍ، وَشَيْبَةَ بنِ عُثْمَانَ، وَعَمْرِو بنِ الحَارِثِ المُصْطَلِقِيِّ، وَقَيْسِ بنِ أَبِي غَرَزَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي الهَيَّاجِ الأسدي، وخلق سواهم.
ويروى عن أقرانه: كمسورق، وَعَلْقَمَةَ وَحُمْرَانَ بنِ أَبَانٍ. وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الدِّيْنِ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ رَوَى عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصديق.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَمْرُو بنُ مُرَّةَ، وَحَبِيْبُ بنُ أبي ثابت، والحكم بن عتبة، وَوَاصِلٌ الأَحْدَبُ، وَحَمَّادٌ الفَقِيْهُ، وَعَبْدَةُ بنُ أَبِي لُبَابَةَ, وَعَاصِمُ بنُ بَهْدَلَةَ, وَأَبُو حَصِيْنٍ, وَأَبُو إسحاق, ونعيم بن
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 96 و 180"، التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2681"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 1613"، حلية الأولياء "4/ 101"، تاريخ بغداد "9/ 268"، الاستيعاب "2/ 710" و "4/ 177"، أسد الغابة "3/ 3"، تذكرة الحفاظ "1/ 60"، الكاشف "2/ ترجمة 2322" تجريد أسماء الصحابة "1/ ترجمة 2731"، تهذيب التهذيب "4/ 361"، الإصابة "2/ ترجمة 3982"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2974".

(5/87)


أَبِي هِنْدٍ، وَمَنْصُوْرٌ, وَالأَعْمَشُ، وَمُغِيْرَةُ، وَعَطَاءُ بنُ السَّائِبِ، وَزُبَيْدٌ اليَامِيُّ، وَسَيَّارٌ أَبُو الحَكَمِ، وَمُحَمَّدُ بنُ سُوْقَةَ، وَالعَلاَءُ بنُ خَالِدٍ، وَأَبُو هَاشِمٍ الرُّمَّانِيُّ، وَأَبُو بِشْرٍ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
رَوَى الزِّبْرِقَانُ السَّرَّاجُ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: إِنِّي أَذْكُرُ وَأَنَا ابْنُ عَشْرٍ فِي الجَاهِلِيَّةِ أَرْعَى غَنَماً أَوْ قَالَ إِبِلاً لأَهْلِي حِيْنَ بُعِثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
عَاصِمُ بنُ بَهْدَلَةَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: أَدْرَكْتُ سَبْعَ سِنِيْنَ مِنْ سِنِيِّ الجَاهِلِيَّةِ.
وَكِيْعٌ، عَنْ أَبِي العَنْبَسِ: قُلْتُ لأَبِي وَائِلٍ: هَلْ أَدْرَكْتَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَأَنَا غُلاَمٌ أَمْرَدُ، وَلَمْ أَرَهُ.
وَرَوَى مُغِيْرَةُ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: أَتَانَا مُصَدِّقُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَيْتُهُ بِكَبْشٍ, فَقُلْتُ: خُذْ صَدَقَةَ هَذَا. قَالَ: لَيْسَ فِي هَذَا صَدَقَةٌ.
وَقَالَ الأَعْمَشُ: قَالَ لِي شَقِيْقُ بنُ سَلَمَةَ: يَا سُلَيْمَانُ، لَوْ رَأَيْتَنَا وَنَحْنُ هُرَّابٌ مِنْ خَالِدِ بنِ الوَلِيْدِ يَوْمَ بُزَاخة، فَوَقَعْتُ عَنِ البَعِيْرِ، فكادت تندق عُنُقِي, فَلَوْ مُتُّ يَوْمئِذٍ, كَانَتِ النَّارُ. قَالَ: وَكُنْتُ يَوْمئِذٍ ابْنَ إِحْدَى عَشْرَةَ سَنَةً. وَفِي نُسْخَةٍ: ابْنَ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ سَنَةً وَهُوَ أَشْبَهُ.
قُلْتُ: كَوْنُهُ جَاءَ بِالكَبْشِ ثُمَّ هَرَبَ مِنْ خَالِدٍ، يُؤْذِنُ بِارْتِدَادِهِ، ثُمَّ مَنَّ اللهُ عَلَيْهِ بِالإِسْلاَمِ؛ ألَّا تَرَاهُ يَقُوْلُ: لَوْ مُتُّ يَوْمئِذٍ كانت النار؟ فكانت الله بِهِ عِنَايَةٌ.
وَرَوَى يَزِيْدُ بنُ أَبِي زِيَادٍ, عَنْ أَبِي وَائِلٍ: أَنَا أَكْبَرُ مِنْ مَسْرُوْقٍ.
مُحَمَّدُ بنُ فُضَيْلٍ: عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ: أَنَّهُ تَعَلَّمَ القُرْآنَ فِي شَهْرَيْنِ.
وَقَالَ عَمْرُو بنُ مُرَّةَ: مَنْ أَعْلَمُ أَهْلِ الكُوْفَةِ بِحَدِيْثِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ؟ قَالَ: أَبُو وَائِلٍ.
قَالَ الأَعْمَشُ: قَالَ لِي إِبْرَاهِيْمُ النَّخَعِيُّ: عَلَيْكَ بِشَقِيْقٍ، فَإِنِّي أَدْرَكْتُ النَّاسَ وَهُمْ مُتَوَافِرُوْنَ وَإِنَّهُم لَيَعُدُّوْنَهُ مِنْ خِيَارِهِم.
وَرَوَى مُغِيْرَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ -وَذُكِرَ عِنْدَهُ أَبُو وَائِلٍ- فَقَالَ: إِنِّي لأَحْسِبُهُ مِمَّنْ يُدْفَعُ عَنَّا بِهِ. وَعَنْهُ، قَالَ: أَمَا إِنَّهُ خَيْرٌ مِنِّي.
قَالَ عَاصِمُ بنُ أَبِي النَّجُوْدِ: ما سمعت أبا وائل سب إنسان قَطُّ، وَلاَ بَهِيْمَةً.
قَالَ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِيْهِ، سَمِعَ أَبَا وَائِلٍ سُئِلَ: أَنْتَ أَكْبَرُ أَوِ الرَّبِيْعُ بنُ خُثَيْمٍ؟ قَالَ: أَنَا أَكْبَرُ مِنْهُ سنًا وهو أكبر مني عقلًا.

(5/88)


وَقَالَ عَاصِمٌ: كَانَ عَبْدُ اللهِ إِذَا رَأَى أَبَا وَائِلٍ، قَالَ: التَّائِبُ. قَالَ: كَانَ أَبُو وَائِلٍ يُحِبُّ عُثْمَانَ.
رَوَى حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ عَاصِمِ بنِ بَهْدَلَةَ, قَالَ: قِيْلَ لأَبِي وَائِلٍ: أَيُّهُمَا أَحَبُّ إِلَيْكَ عَلِيٌّ أَوْ عُثْمَانُ؟، قَالَ: كَانَ عَلِيٌّ أَحَبَّ إِلَيَّ ثُمَّ صَارَ عُثْمَانُ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ عَلِيٍّ.
وَقَالَ إِسْحَاقُ بنُ مَنْصُوْرٍ، عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ: أَبُو وَائِلٍ ثِقَةٌ، لاَ يُسْأَلُ عَنْ مِثْلِهِ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً، كَثِيْرَ الحَدِيْثِ.
أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، قَالَ لِي أَبُو وَائِلٍ: يَا سليمان، ما في أمرئنا هَؤُلاَءِ وَاحِدَةٌ مِنِ اثْنَتَيْنِ: مَا فِيْهِم تَقْوَى أَهْلِ الإِسْلاَمِ، وَلاَ عُقُوْلُ أَهْلِ الجَاهِلِيَّةِ.
عَمْرُو بنُ عَبْدِ الغَفَّارِ، عَنِ الأَعْمَشِ: قَالَ لِي شَقِيْقٌ: نِعْمَ الرَّبُّ رَبُّنَا، لَوْ أَطَعْنَاهُ مَا عَصَانَا.
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بنُ طَارِقٍ، أَنْبَأَنَا ابْنُ خَلِيْلٍ، أَنْبَأَنَا اللَّبَّانُ، أَنْبَأَنَا الحَدَّادُ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بنُ مُوْسَى، حَدَّثَنَا خَلاَّدُ بنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا مُعَرِّفُ بنُ وَاصِلٍ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أَبِي وَائِلٍ فَذَكَرُوا قُرْبَ اللهِ مِنْ خَلْقِهِ فَقَالَ نَعَمْ يَقُوْلُ اللهُ تَعَالَى: "ابْنَ آدَمَ ادْنُ مِنِّي شِبْراً أَدْنُ مِنْكَ ذِرَاعاً ادن من ذِرَاعاً أَدْنُ مِنْكَ بَاعاً امْشِ إِلَيَّ أُهَرْوِلْ إليك" 1.
وَبِهِ إِلَى أَبِي نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا هَنَّادٌ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ عَنِ الزِّبْرِقَانِ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي وَائِلٍ فَجَعَلْتُ أَسُبُّ الحَجَّاجَ، وَأَذْكُرُ مَسَاوِئَهُ، فَقَالَ: لاَ تَسُبَّهُ وَمَا يُدْرِيْكَ لَعَلَّهُ قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، فَغَفَرَ لَهُ.
وَبِهِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي يُوْسُفُ بنُ يَعْقُوْبَ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ عَنْ عَاصِمٍ، قَالَ: كَانَ أَبُو وَائِلٍ إِذَا صلى في بيته ينشج نشيجًا ولو رجعت لَهُ الدُّنْيَا عَلَى أَنْ يَفْعَلَهُ وَأَحَدٌ يَرَاهُ ما فعله.
__________
1 هو في معنى الحديث الصحيح عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: يقول الله -عز وجل: "أنا عند ظن عبدي، وأنا معه حين يذكرني، فإن ذكرني في نفسه، ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملا، ذكرته في ملا خير منه، وإن اقترب إلي شبرًا، تقريب إليه ذراعًا، وإن اقترب إلي ذراعًا، اقتربت إليه باعا، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة". أخرجه أحمد "2/ 251 و413"، والبخاري "7405"، ومسلم "2675" "21" واللفظ له، والترمذي "3603"، وابن ماجه "3822"، ابن خزيمة في "التوحيد" "ص7"، والبغوي "1251" من طرق عن الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، به.

(5/89)


قَالَ مُغِيْرَةُ: كَانَ إِبْرَاهِيْمُ التَّيْمِيُّ يُذَكِّرُ فِي مَنْزِلِ أَبِي وَائِلٍ، وَكَانَ أَبُو وَائِلٍ يَنْتَفِضُ انْتِفَاضَ الطَّيْرِ.
قَالَ عَاصِمُ بنُ بَهْدَلَةَ: كَانَ أبو وائل يقول لجارته: إِذَا جَاءَ يَحْيَى -يَعْنِي ابْنَهُ- بِشَيْءٍ, فَلاَ تَقْبَلِيْهِ، وَإِذَا جَاءَ أَصْحَابِي بِشَيْءٍ فَخُذِيْهِ. وَكَانَ ابْنُهُ قَاضِياً عَلَى الكُنَاسَةِ1 قَالَ: وَكَانَ لأَبِي وَائِلٍ -رَحِمَهُ اللهُ - خُصٌّ مِنْ قَصَبٍ, يَكُوْنُ فِيْهِ هُوَ وَفَرَسُهُ, فَإِذَا غَزَا نَقَضَهُ, وَتَصَدَّقَ بِهِ, فَإِذَا رَجَعَ أَنْشَأَ بِنَاءهُ.
قُلْتُ: قَدْ كَانَ هَذَا السَّيِّدُ رَأْساً فِي العِلْمِ وَالعَمَلِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ: مَاتَ فِي زَمَنِ الحَجَّاجِ، بَعْدَ الجَمَاجِمِ. وَقَالَ خَلِيْفَةُ: مَاتَ بَعْدَ الجَمَاجِمِ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ. وأما قول الوَاقِدِيِّ: مَاتَ فِي خِلاَفَةِ عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، فَوَهْمٌ. مَاتَ: فِي عَشْرِ المائَةِ.
قَالَ عَاصِمُ بنُ أَبِي النَّجُوْدِ: قُلْتُ لأَبِي وَائِلٍ: شَهِدْتَ صِفِّيْنَ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَبِئْسَتِ الصُّفُّوْنُ كَانَتْ. فَقِيْلَ لَهُ: أَيُّهُمَا أَحَبُّ إِلَيْكَ عَلِيٌّ أَوْ عُثْمَانُ؟ قَالَ: عَلِيٌّ ثُمَّ صَارَ عُثْمَانُ أَحَبَّ إِلَيَّ.
عَامِرُ بنُ شَقِيْقٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ: اسْتَعْمَلَنِي ابْنُ زِيَادٍ عَلَى بَيْتِ المَالِ، فَأَتَانِي رَجُلٌ بِصَكٍّ: أَنْ أَعْطِ صَاحِبَ المَطْبَخِ ثَمَانِ مائَةِ دِرْهَمٍ. فَأَتَيْتُ ابْنَ زِيَادٍ، فَكَلَّمْتُهُ فِي الإِسْرَافِ، فَقَالَ: ضَعِ المَفَاتِيْحَ وَاذْهَبْ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالاَ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ قُدَامَةَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ النَّقُّوْرِ, أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ العَلاَّفُ، أَنْبَأَنَا أَبُو الحَسَنِ الحَمَّامِيُّ، حَدَّثَنَا عثمان بن أحمد، حدثنا بن عبيد الله ابن أَبِي دَاوُدَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَدْرٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ مِهْرَانَ عَنْ شَقِيْقِ بنِ سَلَمَةَ قَالَ قَالَ عَبْدِ اللهِ قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الجَنَّةُ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُم من شراك نعله والنار مثل ذلك" 2.
__________
1 الكناسة: محلة بالكوفة.
2 صحيح على شرط الشيخين: أخرجه أحمد "1/ 387 و 442"، والبخاري "6488" والبغوي "4174" من طريق الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ مرفوعًا.

(5/90)


428- زر بن حبيش 1: "ع"
ابن حباشة بن أوس، الإِمَامُ، القُدْوَةُ، مُقْرِئُ الكُوْفَةِ مَعَ السُّلَمِيِّ، أَبُو مَرْيَمَ الأَسَدِيُّ، الكُوْفِيُّ، وَيُكْنَى أَيْضاً: أَبَا مُطَرِّفٍ أدرك أيام الجاهلية.
وَحَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ، وَأُبَيِّ بنِ كَعْبٍ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَعَبْدِ اللهِ، وَعَمَّارٍ، وَالعَبَّاسِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ، وَحُذَيْفَةَ بنِ اليَمَانِ، وَصَفْوَانَ بنِ عَسَّالٍ، وَقَرَأَ عَلَى: ابْنِ مَسْعُوْدٍ وَعَلِيٍّ.
وَتَصَدَّرَ لِلإِقْرَاءِ، فَقَرَأَ عَلَيْهِ: يَحْيَى بنُ وَثَّابٍ وَعَاصِمُ بنُ بَهْدَلَةَ, وَأَبُو إِسْحَاقَ, وَالأَعْمَشُ, وغيرهم.
وحدثوا عنه: همن وَالمِنْهَالُ، بنُ عَمْرٍو، وَعَبْدَةُ بنُ أَبِي لُبَابَةَ، وَعَدِيُّ بنُ ثَابِتٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ، وَأَبُو بُرْدَةَ بنُ أَبِي مُوْسَى، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ, وَآخَرُوْنَ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً، كَثِيْرَ الحَدِيْثِ.
وَقَالَ عَاصِمٌ: كَانَ زِرٌّ مِنْ أَعْرَبِ النَّاسِ، كَانَ ابْنُ مَسْعُوْدٍ يَسْأَلُهُ عَنِ العَرَبِيَّةِ.
وَقَالَ هَمَّامٌ: حَدَّثَنَا عَاصِمٌ، عَنْ زِرٍّ قَالَ: وَفَدْتُ إِلَى المَدِيْنَةِ فِي خِلاَفَةِ عُثْمَانَ, وَإِنَّمَا حَمَلَنِي عَلَى ذَلِكَ الحِرْصُ عَلَى لُقِيِّ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلقيت صفوان ابن عَسَّالٍ, فَقُلْتُ لَهُ: هَلْ رَأَيْتَ رَسُوْلَ اللهِ؟ قَالَ: نَعَمْ, وَغزَوَتُ مَعَهُ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ غَزْوَةً.
شَيْبَانُ النَّحْوِيُّ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، قَالَ: خَرَجْتُ فِي وَفْدٍ مِنْ أَهْلِ الكُوْفَةِ, وَايْمُ اللهِ إِنْ حَرَّضَنِي عَلَى الوِفَادَةِ إلَّا لُقِيُّ أصحاب رَسُوْل اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا قَدِمْتُ المَدِيْنَةَ أَتَيْتُ أُبَيَّ بنَ كَعْبٍ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ عَوْفٍ فَكَانَا جَلِيْسَيَّ وَصَاحِبَيَّ فَقَالَ: أُبَيٌّ يَا زِرُّ, مَا تُرِيْدُ أَنْ تَدَعَ مِنَ القُرْآنِ آيَةً إلَّا سَأَلْتَنِي عَنْهَا؟
شُعْبَةُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، قَالَ: كُنْتُ بِالمَدِيْنَةِ فِي يَوْمِ عِيْدٍ, فَإِذَا عُمَرُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- ضَخْمٌ أَصْلَعُ, كَأَنَّهُ عَلَى دَابَّةٍ مَشْرَفٍ.
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ, قَالَ: لَزِمْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ عَوْفٍ, وأبيًا. ثم قال
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 104"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 1495"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 2817"، حلية الأولياء ""4/ 181"، الاستيعاب "2/ 563"، أسد الغابة "2/ 300"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 40"، العير "1/ 95"، الكاشف "1/ ترجمة 1643"، تجريد اسماء الصحابة "1/ 189"، تهذيب التهذيب "3/ 321"، الإصابة "1/ ترجمة 2971"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2304".

(5/91)


عَاصِمٌ: أَدْرَكْتُ أَقْوَاماً كَانُوا يَتَّخِذُوْنَ هَذَا اللَّيْلَ جَمَلاً، يَلْبَسُوْنَ المُعَصْفَرَ، وَيَشْرَبُوْنَ نَبِيْذَ الجَرِّ، لاَ يَرَوْنَ بِهِ بَأْساً، مِنْهُم زِرٌّ وَأَبُو وَائِلٍ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَاصِمٍ: كَانَ أَبُو وَائِلٍ عُثْمَانِيّاً، وَكَانَ زِرُّ بنُ حُبَيْشٍ عَلَوِيّاً، وَمَا رَأَيْتُ وَاحِداً مِنْهُمَا قَطُّ. تكلم في صحابه حَتَّى مَاتَا وَكَانَ زِرٌّ أَكْبَرَ مِنْ أَبِي وَائِلٍ فَكَانَا إِذَا جَلَسَا جَمِيْعاً لَمْ يُحَدِّثْ أَبُو وَائِلٍ مَعَ زِرٍّ يَعْنِي يَتَأَدَّبُ مَعَهُ لِسِنِّهِ.
قَالَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ: رَأَيْتُ زِرَّ بنَ حُبَيْشٍ وَإِنَّ لَحْيَيْهِ لَيَضْطَرِبَانِ مِنَ الكبر، وقد أتى عليه عشرون ومئة سَنَةٍ.
وَعَنْ عَاصِمٍ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَقْرَأَ مِنْ زِرٍّ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: مَاتَ زِرٌّ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ. قَالَ خَلِيْفَةُ، وَالفَلاَّسُ: مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ.
قَالَ إِسْحَاقُ الكَوْسَجُ، عن يحيى بن معين: زر ثقة.
وَقَالَ لَنَا الحَافِظُ أَبُو الحَجَّاجِ فِي "تَهْذِيْبِهِ": زر بن حبيش بن حباشة ابن أَوْسِ بنِ بِلاَلٍ -وَقِيْلَ: هِلاَلٌ بَدَلَ بِلاَلٍ- ابْنِ سَعْدِ بنِ حَبَّالِ بنِ نَصْرِ بنِ غَاضِرَةَ بنِ مَالِكِ بنِ ثَعْلَبَةَ بنِ غَنْمِ بنِ دُوْدَانَ بنِ أَسَدِ بنِ خُزَيْمَةَ الأَسَدِيُّ، مُخَضْرَمٌ، أَدْرَكَ الجَاهِلِيَّةَ.
وَرَوَى عَنْ: فَسَمَّى المَذْكُوْرِيْنَ، وَسَعِيْدِ بنِ زَيْدٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرِو بنِ العَاصِ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَعَائِشَةَ، وَعَنْ: أَبِي وَائِلٍ وَهُوَ مِنْ أَقْرَانِهِ.
رَوَى عَنْهُ: بِسَرْدِ المَذْكُوْرِيْنَ، وَإِبْرَاهِيْمُ النَّخَعِيُّ، وَحَبِيْبُ بنُ أَبِي ثَابِتٍ، وَزُبَيْدٌ اليَامِيُّ وَطَلْحَةُ بنُ مُصَرِّفٍ، وَشِمْرُ بنُ عطية، والشعبي، وعبد الرحمن، ابن مَرْزُوْقٍ الدِّمَشْقِيُّ، وَعُثْمَانُ بنُ الجَهْمِ وَعَلْقَمَةُ بنُ مَرْثَدٍ وَعِيْسَى بنُ عَاصِمٍ الأَسَدِيُّ وَعِيْسَى بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى وَأَبُو رَزِيْنٍ مَسْعُوْدُ بنُ مَالِكٍ.
شَيْبَانُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ: قُلْتُ لأُبَيٍّ: يَا أَبَا المُنْذِرِ، اخْفِضْ لِي جَنَاحَكَ، فَإِنَّمَا أَتَمَتَّعُ مِنْكَ تَمَتُّعاً.
مُحَمَّدُ بنُ طَلْحَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، قَالَ: أَدْرَكْتُ أَشْيَاخَنَا؛ زِرّاً، وَأَبَا وَائِلٍ، فَمِنْهُم: مَنْ عُثْمَانُ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ عَلِيٍّ، وَمِنْهُم: مَنْ عَلِيٌّ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ عُثْمَانَ، وَكَانُوا أَشَدَّ شَيْءٍ تَحَابّاً وَتَوَادّاً.
قَيْسُ بنُ الرَّبِيْعِ، عَنْ عَاصِمٍ، قَالَ: مَرَّ رَجُلٌ عَلَى زِرٍّ وَهُوَ يُؤَذِّنُ، فَقَالَ: يَا أَبَا مَرْيَمَ، قَدْ كُنْتُ أُكْرِمُكَ عَنْ ذا. قال: إذا لا أكلمك حتى تلحق بالله.
ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيْلَ: قُلْتُ لِزِرٍّ: كَمْ أَتَى عَلَيْكَ؟ قَالَ: أَنَا ابْنُ مائَةٍ وَعِشْرِيْنَ سَنَةً. وَقَالَ هُشَيْمٌ: بَلَغ زِرٌّ مائَةً وَاثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ سَنَةً. وَقَالَ الهَيْثَمُ: مَاتَ قَبْلَ الجَمَاجِمِ. وقال أبو نعيم: مات سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ.
وَرَوَى زَكَرِيَّا بنُ حَكِيْمٍ الحَبَطِيُّ, عَنِ الشَّعْبِيِّ: أَنَّ زِرّاً كَتَبَ إِلَى عَبْدِ المَلِكِ بنِ مَرْوَانَ كِتَاباً يَعِظُهُ.

(5/92)


429- عبد الله بن أبي الهذيل 1: "م، ت، س"
القُدْوَةُ، العَابِدُ، الإِمَامُ، أَبُو المُغِيْرَةِ العَنَزِيُّ، الكُوْفِيُّ.
رَوَى عَنْ: أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ مُرْسَلاً. وَعَنْ: عَلِيٍّ، وَعَمَّارٍ، وَأُبَيٍّ، وَابْنِ مسعود، وخباب، وأبي وهريرة، وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ:وَاصِلٌ الأَحْدَبُ، وَأَبُو التَّيَّاحِ الضُّبَعِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ رَجَاءٍ، وَأَجْلَحُ الكِنْدِيُّ، وَسَلْمُ بنُ عَطِيَّةَ، وَعَطَاءُ بنُ السَّائِبِ، وَالعَوَّامُ بنُ حَوْشَبٍ.
قَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَبُو التَّيَّاحِ: مَا رَأَيْتُهُ إلَّا وَكَأَنَّهُ مَذْعُوْرٌ. وَقَالَ العَوَّامُ: قَالَ ابْنُ أَبِي الهُذَيْلِ: إِنِّي لأَتَكَلَّمُ حَتَّى أَخْشَى اللهَ وَأَسْكُتُ حَتَّى أَخْشَى اللهَ.
وَرَوَى الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي الهُذَيْلِ، قَالَ: أَدْرَكْنَا أَقْوَاماً وَإِنَّ أَحَدَهُم يَسْتَحْيِي مِنَ اللهِ فِي سَوَادِ اللَّيْلِ قَالَ الثَّوْرِيُّ: يَعْنِي التكشف.
أَنْبَأَنَا ابْنُ سَلاَمَةَ، عَنْ أَبِي المَكَارِمِ التَّيْمِيِّ، أَنْبَأَنَا الحَدَّادُ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ خَلاَّدٍ، حَدَّثَنَا الحَارِثُ بنُ أَبِي أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَائِشَةَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي الهُذَيْلِ عَنْ عَمَّارٍ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "تَقْتُلُكَ الفِئَةُ البَاغِيَةُ" 2 تَابَعَهُ عَبْدُ الوَارِثِ, عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ.
يَعْلَى بنُ عُبَيْدٍ: حَدَّثَنَا الأَجْلَحُ، عَنِ ابْنِ أَبِي الهُذَيْلِ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ عُمَرَ، فَجِيْءَ، بِشَيْخٍ نَشْوَانَ فِي رَمَضَانَ، قَالَ: وَيْلَكَ وَصِبْيَانُنَا صِيَامٌ فضربه ثمانين.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 115"، التاريخ الكبير "5/ ترجمة 727"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 908"، حلية الأولياء "4/ 358"، الكاشف "2/ ترجمة 3072"، تاريخ الإسلام "3/ 270"، تهذيب التهذيب "6/ 62"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3880".
2 حديث صحيح: سبق تخريجنا له مرارًا.

(5/93)


430- مالك بن أوس 1: "ع"
ابن الحدثان بن الحارث بن عوف، الفَقِيْهُ، الإِمَامُ، الحُجَّةُ، أَبُو سَعْدٍ -وَيُقَالُ: أَبُو سَعِيْدٍ- النَّصْرِيُّ، الحِجَازِيُّ، المَدَنِيُّ، أَدْرَكَ حَيَاةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَحَدَّثَ عَنِ: عمر، وعلي، وعثمانن وطلحة، والزبير، وعبد الرحمن ابن عَوْفٍ، وَالعَبَّاسِ، وَسَعْدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَطَائِفَةٍ،
حَدَّثَ عَنْهُ: الزُّهْرِيُّ, وَمُحَمَّدُ بنُ المُنْكَدِرِ, وَعِكْرِمَةُ بنُ خَالِدٍ, وَأَبُو الزُّبَيْرِ, وَمُحَمَّدُ بنُ عَمْرِو بنِ حَلْحَلَةَ, وَمُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ عَطَاءٍ, وَسَلَمَةُ بنُ وَرْدَانَ, وَآخَرُوْنَ.
وَشَهِدَ الجَابِيَةَ، وَفَتْحَ بَيْتِ المَقْدِسِ مَعَ عُمَرَ.
قَالَ الزُّهْرِيُّ: أَخْبَرَنِي مَالِكُ بنُ أَوْسٍ: أَنَّ عُمَرَ دَعَاهُ. قَالَ: فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ عَلَى رِمَالِ سَرِيْرٍ لَهُ, لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرِّمَالِ فِرَاشٌ, فَقَالَ: يَا مَالِكُ إِنَّهُ قَدْ قَدِمَ مِنْ قَوْمِكَ أَهْلُ أَبْيَاتٍ حَضَرُوا المَدِيْنَةَ, وَقَدْ أَمَرْتُ لَهُم بِرَضْخٍ, فَاقْسِمْهُ بَيْنَهُم. قُلْتُ: لَوْ أَمَرْتَ بِذَلِكَ غَيْرِي قَالَ: اقْسِمْهُ أَيُّهَا المَرْءُ.
قَالَ البُخَارِيُّ: مَالِكُ بنُ أَوْسٍ، قَالَ بَعْضُهُم: لَهُ صُحْبَةٌ، وَلاَ يَصِحُّ قَالَ: وَقَدْ رَكِبَ الخَيْلَ فِي الجَاهِلِيَّةِ قَالَهُ: الوَاقِدِيُّ.
وَرَوَى ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ بنِ عَطَاءٍ، عَنْ مَالِكِ بنِ أَوْسٍ، قَالَ: كُنْتُ عَرِيْفاً فِي زَمَنِ عُمَرَ.
وَقَالَ ابْنُ خِرَاشٍ, وَغَيْرُهُ: ثِقَةٌ.
قُلْتُ: كَانَ مَذْكُوْراً بِالبَلاَغَةِ وَالفَصَاحَةِ, وَهُوَ قَلِيْلُ الحَدِيْثِ.
قَالَ أَبُو حَفْصٍ الفَلاَّسُ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ: مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ.
قُلْتُ: لَعَلَّهُ عَاشَ مائة سنة. ذكره أبو القاسم بن عساكر في "تاريخه".
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 56"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 1296"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 896"، الاستيعاب "3/ 1346"، أسد الغابة "4/ 372"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 61"، الكاشف "3/ ترجمة 5334"، العبر "1/ 106"، تاريخ الإسلام "4/ 69"، تهذيب التهذيب "10/ 10"، الإصابة "3/ ترجة 7595"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 6797".

(5/94)


431- عمر بن عبيد الله 1:
ابن معمر، الأَمِيْرُ، أَبُو حَفْصٍ التَّيْمِيُّ، مِنْ أَشْرَافِ قُرَيْشٍ. كان جوادًا، مُمَدَّحاً، شُجَاعاً، كَبِيْرَ الشَّأْنِ، لَهُ فُتُوْحَاتٌ مَشْهُوْدَةٌ، وَلِيَ البَصْرَةَ لابْنِ الزُّبَيْرِ.
وَحَدَّثَ عَنْ: ابْنِ عُمَرَ، وَجَابِرٍ، وَعَنْهُ: عَطَاءُ بنُ أَبِي رَبَاحٍ, وَابْنُ عَوْنٍ.
وَوَلِيَ إِمْرَةَ فَارِسٍ، ثُمَّ وَفَدَ عَلَى عَبْدِ المَلِكِ، وَتُوُفِّيَ بِدِمَشْقَ. وَكَانَ مُرَاهِقاً عِنْدَ مَقْتَلِ عُثْمَانَ. وَكَانَ يُقَالُ لَهُ: أَحْمَرُ قُرَيْشٍ يُضْرَبُ بِشَجَاعَتِهِ المَثَلُ. وَقَدْ بَعَثَ مَرَّةً بِأَلْفِ دِيْنَارٍ إِلَى ابْنِ عُمَرَ, فَقَبِلَهَا, وَقَالَ: وَصَلَتْهُ رَحِمٌ. وَقِيْلَ: إِنَّهُ اشْتَرَى مَرَّةً جَارِيَةً بِمائَةِ أَلْفٍ فَتَوَجَّعَتْ لِفِرَاقِ سَيِّدِهَا, فَقَالَ لَهُ: خُذْهَا وَثَمَنَهَا.
قَالَ المَدَائِنِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وثمانين.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2081"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 646"، تاريخ الإسلام "3/ 287".

(5/95)


432- أبو عمرو الشيباني 1: "ع"
اسْمُهُ سَعْدُ بنُ إِيَاسٍ الكُوْفِيُّ، مِنْ بَنِي شَيْبَانَ بنِ ثَعْلَبَةَ بنِ عُكَابَةَ. أَدْرَكَ الجَاهِلِيَّةَ، وَكَادَ أَنْ يَكُوْنَ صَحَابِيّاً.
حَدَّثَ عَنْ: عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُوْدٍ، وَحُذَيْفَةَ، وَطَائِفَةٍ.
رَوَى عَنْهُ: مَنْصُوْرٌ، وَالأَعْمَشُ، وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، وَالوَلِيْدُ بنُ العَيْزَارِ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ عَمْرُو بن عبد الله النخعي، وآخرون.
وَعَاشَ مائَةَ عَامٍ وَعِشْرِيْنَ عَاماً. فَعَنْهُ، قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَرْعَى إِبِلاً بِكَاظِمَةَ. قَالَ: وَكُنْتُ يَوْمَ القَادِسِيَّةِ ابْنَ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً.
قَالَ عَاصِمُ بنُ أَبِي النَّجُوْدِ: كَانَ أَبُو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ يُقْرِئُ القُرْآنَ فِي المَسْجِدِ الأَعْظَمِ, فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ, ثُمَّ سَأَلْتُهُ عَنْ آيَةٍ, فَاتَّهَمَنِي بِهَوَىً.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: كُوْفِيٌّ، ثِقَةٌ.
قُلْتُ: هُوَ مِنْ رِجَالِ الكُتُبِ السِّتَّةِ. وَمَاتَ: فِي خِلاَفَةِ الوَلِيْدِ بنِ عبد الملك -فيما أحسب.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 104"، التاريخ الكبير "4/ ترجمة 1920"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 340"، الاستيعاب "2/ 583"، أسد الغابة "2/ 270"، تاريخ الإسلام "4/ 83"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 62"، الكاشف "1/ ترجمة 1842"، تهذيب التهذيب "3/ 468" الإصابة "2/ ترجمة 3669"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2378".

(5/95)


المعرور بن سويد، طلحة بن عبد الله، أبو عثمان النهدي

433- المعرور بن سويد 1: "ع"
الإِمَامُ, المُعَمَّرُ، أَبُو أُمَيَّةَ الأَسَدِيُّ، الكُوْفِيُّ.
حدث عن: ابن مسعود, وأبي ذر، جماعة. وَعَنْهُ: وَاصِلٌ الأَحْدَبُ، وَسَالِمُ بنُ أَبِي الجَعْدِ, وَعَاصِمُ بنُ بَهْدَلَةَ, وَمُغِيْرَةُ اليَشْكُرِيُّ, وَسُلَيْمَانُ الأَعْمَشُ.
وَثَّقَهُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: قَالَ الأَعْمَشُ: رَأَيْتُهُ وَهُوَ ابْنُ مائَةٍ وَعِشْرِيْنَ سَنَةً، أَسْوَدَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ بضع وثمانين.
434- طلحة بن عبد الله 2: "خ، 4"
ابن عوف الزهري، قاضي المدينة زمن يزيد.
حَدَّثَ عَنْ: عَمِّهِ؛ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ، وَعُثْمَانَ، وَسَعِيْدِ بنِ زَيْدٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَنْهُ: سَعْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَالزُّهْرِيُّ, وَأَبُو الزِّنَادِ، وَجَمَاعَةٌ.
وَكَانَ شَرِيْفاً، جَوَاداً، حُجَّةً، إِمَاماً. يُقَالُ لَهُ: طَلْحَةُ النَّدَى.
مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ.
435- أَبُو عثمان النهدي 3: "ع"
الإِمَامُ، الحُجَّةُ، شَيْخُ الوَقْتِ، عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُلٍّ -وَقِيْلَ: ابْنُ مَلِيٍّ- ابنِ عَمْرِو بن عدي البصري. مخضرم، معمرن أَدْرَكَ الجَاهِلِيَّةَ وَالإِسْلاَمَ وَغَزَا فِي خِلاَفَةِ عُمَرَ وبعدها غزوات.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 118"، التاريخ الكبير "8/ ترجمة 2073"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 1895"، الكاشف "3/ ترجمة 5649"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 59"، تاريخ الإسلام "1/ 306/
3ٍ" تهذيب التهذيب "10/ 230"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7423".
2 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 160"، التاريخ الكبير "4/ ترجمة 3074"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 2078"، الكاشف "2/ ترجمة 2497"، تاريخ الإسلام "4/ 16"، تهذيب التهذيب "5/ 19"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3192".
3 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 97"، التاريخ الكبير "9/ ترجمة 816"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 1350"، تاريخ بغداد "10/ 202- 205"، الاستيعاب "2/ 853"، و "4/ 1712"، أسد الغابة "3/ 324"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 56"، العبر "1/ 119"، الكاشف "2/ ترجمة 3367"، تاريخ الإسلام "4/ 82"، تهذيب التهذيب "6/ ترجمة 546"/ الإصابة "3/ ترجمة 6379"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4258".

(5/96)


وَحَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُوْدٍ، وَأُبَيِّ بن كعب، وبلال، وسعد ابن أَبِي وَقَّاصٍ، وَسَلْمَانَ الفَارِسِيِّ، وَحُذَيْفَةَ بنِ اليَمَانِ، وَأَبِي مُوْسَى الأَشْعَرِيِّ، وَأُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ، وَسَعِيْدِ بنِ زَيْدِ، بنِ عَمْرِو بنِ نُفَيْلٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَطَائِفَةٍ سِوَاهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: قَتَادَةُ، وَعَاصِمٌ الأَحْوَلُ، وَحُمَيْدٌ الطَّوِيْلُ، وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، وَأَيُّوْبُ السِّخْتِيَانِيُّ، وَدَاوُدُ بنُ أَبِي هِنْدٍ، وَخَالِدٌ الحذاء، وعمران بن حدير، وَعَلِيُّ بنُ جُدْعَانَ، وَحَجَّاجُ بنُ أَبِي زَيْنَبَ، وَخَلْقٌ.
وَشَهِدَ وَقْعَةَ اليَرْمُوْكِ. وَثَّقَهُ: عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ، وَأَبُو زُرْعَةَ، وَجَمَاعَةٌ، وَقِيْلَ: أَصْلُهُ كُوْفِيٌّ، وَتَحَوَّلَ إِلَى البَصْرَةِ. وَكَانَتْ هِجْرَتُهُ مِنْ أَرْضِ قَوْمِهِ وَقْتَ اسْتِخْلاَفِ عُمَرَ وَكَانَ مِنْ سَادَةِ العُلَمَاءِ العَامِلِيْنَ.
رَوَى حُمَيْدٌ الطَّوِيْلُ, عَنْهُ قَالَ: بَلَغْتُ مائَةً وَثَلاَثِيْنَ سَنَةً.
قُلْتُ: فَعَلَى هَذَا، هُوَ أَكْبَرُ مِنْ أَنسِ بنِ مَالِكٍ، وَمِنْ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ، نَعَمْ، وَمِنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَائِشَةَ.
قَالَ الحَافِظُ أَبُو نَصْرٍ الكَلاَبَاذِيُّ: أَسْلَمَ أَبُو عُثْمَانَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَرَهُ، وَلَكِنَّهُ أَدَّى إِلَى عُمَّالِهِ الزَّكَاةَ.
قَالَ يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بنُ أَبِي زَيْنَبَ، سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ يَقُوْلُ: كُنَّا فِي الجَاهِلِيَّةِ نَعْبُدُ حَجَراً، فسمعنا منادي يُنَادِي: يَا أَهْلَ الرِّحَالِ، إِنَّ رَبَّكُم قَدْ هَلَكَ، فَالْتَمِسُوا رَبّاً. فَخَرَجْنَا عَلَى كُلِّ صَعْبٍ وذلول، فبينا نحن كذلك إذ سمعنا منادي يُنَادِي: إِنَّا قَدْ وَجَدْنَا رَبَّكُم أَوْ شِبْهَهُ فَجِئْنَا فَإِذَا حَجَرٌ فَنَحَرْنَا عَلَيْهِ الجُزُرَ.
وَرَوَى عَاصِمٌ الأَحْوَلُ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، قَالَ: رَأَيْت يَغُوْثَ صَنَماً مِنْ رَصَاصٍ، يُحْمَلُ عَلَى جَمَلٍ أَجْرَدَ، فَإِذَا بَلَغَ وَادِياً، بَرَك فِيْهِ، وَقَالُوا: قَدْ رَضِي لَكُم رَبُّكُم هَذَا الوَادِي.
أَبُو قُتَيْبَةَ: حَدَّثَنَا أَبُو حَبِيْبٍ المَرْوَزِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ النَّهْدِيَّ يَقُوْلُ: حَجَجْتُ فِي الجَاهِلِيَّةِ حِجَّتَيْنِ.

(5/97)


عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ، قال: سئل أبو عثمان النَّهْدِيُّ -وَأَنَا أَسْمَعُ: هَلْ أَدْرَكْتَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَأَدَّيْتُ إِلَيْهِ ثَلاَثَ صَدَقَاتٍ، وَلَمْ أَلْقَهُ وَغَزَوْتُ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ, وَشَهِدْتُ: اليَرْمُوْكَ, وَالقَادِسِيَّةَ وَجَلُوْلاَءَ وَتُسْتَرَ وَنَهَاوَنْدَ وَأَذْرَبِيْجَانَ، وَمِهْرَانَ، وَرُسْتُمَ.
عَبْدُ القَاهِرِ بنُ السَّرِيِّ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: كَانَ أَبُو عُثْمَانَ مِنْ قُضَاعَةَ، وَسَكَنَ الكُوْفَةَ، فَلَمَّا قُتِلَ الحُسَيْنُ، تَحَوَّلَ إِلَى البَصْرَةِ، وَقَالَ: لاَ أَسْكُنُ بَلَداً قُتِلَ فِيْهِ ابْنُ بِنْتِ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: وَحَجَّ سِتِّيْنَ مَرَّةً، مَا بَيْنَ حِجَّةٍ وَعُمْرَةٍ وَقَالَ أَتَتْ عَلَيَّ ثَلاَثُوْنَ وَمائَةُ سَنَةٍ وَمَا شَيْءٌ إلَّا وَقَدْ أَنْكَرْتُهُ خَلاَ أَمَلِي فَإِنَّهُ كَمَا هُوَ.
زُهَيْرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي عثمان، قال: صحبت سلمان الفارسي ثنتي عشر سَنَةً.
حَمَّادٌ، عَنْ عَلِيِّ بنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، قَالَ: أَتَيْتُ عُمَرَ -رَضِيَ الله عنه- بالبشارة يوم نهاوند.
معتمرن, عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: كَانَ أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ يُصَلِّي حَتَّى يُغْشَى عَلَيْهِ.
وَقَالَ مُعَاذُ بنُ مُعَاذٍ: كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ عِبَادَةَ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، مِنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ أَخَذَهَا.
أَبُو عُمَرَ الضَّرِيْرُ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: إِنِّي لأحسب أَبَا عُثْمَانَ كَانَ لاَ يُصِيْبُ دُنْيَا كَانَ لَيْلَهُ قَائِماً وَنَهَارَهُ صَائِماً وَإِنْ كَانَ لَيُصَلِّي حَتَّى يُغْشَى عَلَيْهِ.
عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ، قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ أَبَا عُثْمَانَ النَّهْدِيَّ كَانَ يُصَلِّي ما بين المغرب والعشاء مئة ركعة.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: كَانَ ثِقَةً. وَكَانَ عَرِيْفَ قَوْمِهِ.
أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو طَالُوْتَ عَبْدُ السَّلاَمِ: رَأَيْتُ أَبَا عُثْمَانَ النَّهْدِيَّ شُرْطِيّاً. قَالَ المدائني، وخليفة بن خياط، وابن معين: ومات سَنَةَ مائَةٍ. وَشَذَّ أَبُو حَفْصٍ الفَلاَّسُ فَقَالَ مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَقِيْلَ غَيْرُ ذَلِكَ.
يَقَعُ حَدِيْثُهُ عَالِياً فِي: "جُزْءِ الأَنْصَارِيِّ" وَفِي "الغَيْلاَنِيَّاتِ" وَغَيْرِ ذَلِكَ وَاللهُ أَعْلَمُ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الفَقِيْهِ، وَجَمَاعَةٌ إِذْناً قالوا: أنبأنا عمر ابن مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا ابْنُ غَيْلاَنَ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ سَهْلٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ عَنْ حُذَيْفَةَ بنِ اليَمَانِ قَالَ خَرَجَ فِتْيَةٌ يَتَحَدَّثُوْنَ، فَإِذَا هُمْ بِإِبِلٍ مُعَطَّلَةٍ، فَقَالَ بَعْضُهُم: كَأَنَّ أَرْبَابَ هَذِهِ لَيْسُوا مَعَهَا فَأَجَابَه بَعِيْرٌ مِنْهَا، فَقَالَ: إِنَّ أَرْبَابَهَا حُشِرُوا ضُحَىً.
وَبِهِ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيْدُ، أَنْبَأَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ أُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "وَقَفْتُ عَلَى بَابِ الجَنَّةِ فَإِذَا أَكْثَرُ مَنْ يَدْخُلُهَا الفقراء وإن أهل الجد محبوسون" 1.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "6547"، ومسلم "2736"، ومسلم "2736" من طرق عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أسامة بن زيد، به مرفوعًا.

(5/98)


436- أبو الشعثاء 1: "ع"
هُوَ سُلَيْمُ بنُ أَسْوَدَ المُحَارِبِيُّ، الفَقِيْهُ، الكُوْفِيُّ، صَاحِبُ عَلِيٍّ.
رَوَى عَنْ: عَلِيٍّ، وَشَهِدَ مَعَهُ مشَاهِدَهُ. وَعَنْ: حُذَيْفَةَ وَأَبِي ذَرٍّ الغِفَارِيِّ، وَأَبِي أَيُّوْبَ الأَنْصَارِيِّ، وَأَبِي مُوْسَى الأَشْعَرِيِّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَائِشَةَ، وَابْنِ عُمَرَ وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ؛ أَشْعَثُ بنُ أَبِي الشَّعْثَاءِ، وَأَبُو صَخْرَةَ، جامع بن شداد، وإبراهيم بن مجاهر، وَحَبِيْبُ بنُ أَبِي ثَابِتٍ، وَغَيْرُهُم.
مُتَّفَقٌ عَلَى تَوْثِيْقِهِ. وَسُئِلَ عَنْهُ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، فَقَالَ: لاَ يُسْأَلُ عَنْ مِثْلِهِ.
قِيْلَ: إِنَّ أَبَا الشَّعْثَاءِ المُحَارِبِيَّ قُتِلَ يَوْمَ الزَّاوِيَةِ مَعَ ابْنِ الأَشْعَثِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ.
أَمَّا أَبُو الشَّعْثَاءِ "ع" عَالِمُ البَصْرَةِ: فَأَصْغَرُ مِنْ هَذَا، وَسَيَأْتِي.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 195"، التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2176"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 910"، تاريخ الإسلام "3/ 252 و 318"، الكاشف "1/ ترجمة 2082"، العبر "1/ 95" تهذيب التهذيب "4/ 165"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2661".

(5/99)


437- عابس بن ربيعة 1: "ع"
النخعي. كوفي مخضرم، حجة.
حَدَّثَ عَنْ: عَلِيٍّ، وَعُمَرَ، وَعَائِشَةَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنَاهُ؛ إِبْرَاهِيْمُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَإِبْرَاهِيْمُ النَّخَعِيُّ، وَأَبُو إسحاق السبيعي، وآخرون. له أحاديث يسيره.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 122"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 367"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة رقم 191"، تجريد أسماء الصحابة "1/ ترجمة 2961"، تهذيب التهذيب "5/ 37"، الإصابة "2/ ترجمة 4336".

(5/99)


438- سعيد بن وهب 1: "م، ن"
الهمداني الخيواني الكوفي. مِنْ كُبَرَاءِ شِيْعَةِ عَلِيٍّ.
حَدَّثَ عَنْ: عَلِيٍّ, وَابْنِ مَسْعُوْدٍ، وَمُعَاذِ بنِ جَبَلٍ، وَخَبَّابٍ.
أَسْلَمَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَزِمَ عَلِيّاً -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- حَتَّى كَانَ يُقَالُ لَهُ: القُرَادُ؛ لِلُزُوْمِهِ إِيَّاهُ.
وَرَوَى عَنْ: سَلْمَانَ، وَابْنِ عُمَرَ، وَالقَاضِي شُرَيْحٍ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو إِسْحَاقَ، وَوَلدُهُ؛ يُوْنُسُ بنُ أَبِي إِسْحَاقَ، وَطَائِفَةٌ.
وَكَانَ يَخْضِبُ بِالصُّفْرَةِ، وَكَانَ عَرِيْفَ قَوْمِهِ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ أَيْضاً: ابْنُهُ؛ عَبْدُ الرَّحْمَنِ. لَهُ أَحَادِيْثُ. وَثَّقَهُ: يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ.
مَاتَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ. كَذَا قُلْتُ فِي "تَارِيْخِ الإِسْلاَمِ". وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: مَاتَ بِالكُوْفَةِ، فِي خلافة عبد الملك، سنة ست وثمانين.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 170"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 1731"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 294"، أسد الغابة "2/ 316"، تاريخ الإسلام "3/ 156" و "4/ 7"، الكاشف "1/ ترجمة 1990"، تجريد أسماء الصحابة "1/ ترجمة 2346"، تهذيب التهذيب "4/ 95"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2530".

(5/100)


439- جميل بن عبد الله 1:
ابن مَعْمَرٍ، أَبُو عَمْرٍو العُذْرِيُّ الشَّاعِرُ البَلِيْغُ، صَاحِبُ بُثَيْنَةَ، وَمَا أَحْلَى اسْتِهْلاَلَهُ حَيْثُ يَقُوْلُ:
أَلاَ أيها النوام ويحكم هبوا
أسألكم هَلْ يَقْتُلُ الرَّجُلَ الحُبُّ
وَيُحْكَى عَنْهُ: تَصَوُّنٌ، وَدِيْنٌ، وَعِفَّةٌ.
يُقَالُ: مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ. وَقِيْلَ: بَلْ عَاشَ حَتَّى وَفَدَ عَلَى عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ. وَنَظْمُهُ فِي الذُّرْوَةِ، يُذْكَرُ مع كثير: عزة، والفرزدق.
__________
1 طبقات فحول الشعراء "ص 543"، الأغاني "7/ 77"، وفيات الأعيان "1/ 366"، تاريخ الإسلام "3/ 347"، حسن المحاضرة "1/ 558"، خزانة الأدب "1/ 397".

(5/100)


440- القباع 1:
لأمير، مُتَوَلِّي البَصْرَةِ لابْنِ الزُّبَيْرِ، الحَارِثَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي رَبِيْعَةَ المَخْزُوْمِيُّ، المَكِّيُّ. لُقِّبَ بِالقُبَاعِ بِاسْمِ مِكْيَالٍ وَضَعَهُ لَهُم.
حَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ، وَعَنْ: عَائِشَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ، وَمُعَاوِيَةَ.
وَعَنْهُ: الزُّهْرِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عُمَيْرٍ، وَالوَلِيْدُ بنُ عطاء، وابن سابط.
روى حاتم بن أبي صغير، عَنْ أَبِي قَزَعَةَ: أَنَّ عَبْدَ المَلِكِ قَالَ فِي الطَّوَافِ: قَاتَلَ اللهُ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَكْذِبُ عَلَى عَائِشَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا: "لَوْلاَ حِدْثَانُ قَوْمِكِ بِالكُفْرِ لَنَقَضْتُ البَيْتَ حَتَّى أَزِيْدَ فِيْهِ الحِجْرَ". فَقَالَ لَهُ الحَارِثَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي رَبِيْعَةَ: لاَ تَقُلْ هَذَا يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، فَأَنَا سَمِعْتُهَا تَقُوْلُهُ. فَقَالَ: لَوْ كُنْتُ سَمِعْتُهُ قُبَيْلَ أَنْ أَهْدِمَهُ، لَتَرَكْتُهُ عَلَى بِنَاءِ ابْنِ الزُّبَيْرِ2.
وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: كَانَتْ أُمُّهُ نَصْرَانِيَّةً، فَشَيَّعَهَا أَصْحَابُ رَسُوْلِ اللهِ. وَقِيْلَ: إِنَّهُ خَرَجَ عَلَيْهِم، فَقَالَ: إِنَّ لَنَا أَهْلَ دِيْنٍ غَيْرَكُم. فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: لَقَدْ سَادَ هَذَا. وَقِيْلَ: كَانَتْ حَبَشِيَّةً, فَكَانَ هُوَ أَسْوَدَ. وَكَانَ خَطِيْباً بَلِيْغاً دَيِّناً.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 28 و 464"، التاريخ الكبير "2/ ترجمة 2436"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة362"، الأغاني لأبي الفرج "1/ 66 "، أسد الغابة "1/ 328 و 337" تاريخ الإسلام "3/ 244" الوافي بالوفيات "11/ 254- 255"، تهذيب التهذيب "2/ 144" الإصابة "1/ 2043"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1141".
2 صحيح: أخرجه مسلم "1333" "404".

(5/101)


441- حمران بن أبان 1: "ع"
الفارسي الفَقِيْهُ، مَوْلَى أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ عُثْمَانَ. كَانَ مِنْ سَبْيِ عَيْنِ التَّمْرِ ابْتَاعَهُ عُثْمَانُ مِنَ المُسَيِّبِ بنِ نَجَبَةَ.
حَدَّثَ عَنْ: عُثْمَانَ، وَمُعَاوِيَةَ، وَهُوَ قليل الحديث. روى عنه: عطاء بن يزيد الليثي، وعروة، زيد بنُ أَسْلَمَ، وَبَيَانُ بنُ بِشْرٍ، وَبُكَيْرُ بنُ الأَشَجِّ، وَمُعَاذُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ صَالِحُ بنُ كَيْسَانَ: كَانَ مِمَّنْ سَبَاهُ خَالِدٌ مِنْ عَيْنِ التَّمْرِ.
وَقَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: إِنَّمَا هُوَ حُمْرَانُ بنُ أَبَّا. فَقَالَ بَنُوْهُ: ابْنُ أَبَانٍ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: نَزَلَ البَصْرَةَ، وَادَّعَى وَلَدُهُ أَنَّهُ مِنَ النَّمِرِ بنِ قَاسِطٍ.
قَالَ قَتَادَةُ: كَانَ حُمْرَانُ يُصَلِّي خَلْفَ عُثْمَانَ، فَإِذَا أَخْطَأَ، فَتَحَ عَلَيْهِ وَعَنِ الزُّهْرِيِّ: أَنَّ حُمْرَانَ كَانَ يَأْذَنُ عَلَى عُثْمَانَ وَقِيْلَ كَانَ كَاتِبَ عُثْمَانَ وَكَانَ وَافِرَ الحُرْمَةِ عِنْدَ عَبْدِ المَلِكِ.
طَالَ عُمُرُهُ، وَتُوُفِّيَ سَنَةَ نَيِّفٍ وَثَمَانِيْنَ.
وَسَيَأْتِي أَبَانٌ وَلَدُ عُثْمَانَ، وَأَخُوْهُ عُمَرُ بنُ عُثْمَانَ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 283" و "7/ 148"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 287" الجرح والتعديل "3/ ترجمة 1182"، تاريخ الإسلام "3/ 152 و 245"، العبر "1/ 206"، تهذيب التهذيب "3/ 24"، الإصابة "1/ ترجمة 1998"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1615".

(5/101)


442- ابن الأشعث1
الأَمِيْرُ، مُتَوَلِّي سِجِسْتَانَ، عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الأَشْعَثِ بنِ قَيْسٍ الكِنْدِيُّ.
بَعَثَهُ الحَجَّاجُ عَلَى سِجِسْتَانَ، فَثَارَ هُنَاكَ، وَأَقْبَلَ فِي جَمْعٍ كَبِيْرٍ، وَقَامَ مَعَهُ عُلَمَاءُ وَصُلَحَاءُ للهِ تَعَالَى لِمَا انْتَهَكَ الحَجَّاجُ مِنْ إِمَاتَةِ وَقْتِ الصَّلاَةِ، وَلِجَوْرِهِ وَجَبَرُوْتِهِ. فَقَاتَلَهُ الحَجَّاجُ، وَجَرَى بَيْنَهُمَا عِدَّةُ مصافات، وينتصر ابن الأَشْعَثِ. وَدَامَ الحَرْبُ أَشْهُراً، وَقُتِلَ خَلْقٌ مِنَ الفَرِيْقَيْنِ وَفِي آخِرِ الأَمْرِ انْهَزَمَ جَمْعُ ابْنِ الأَشْعَثِ وَفَرَّ هُوَ إِلَى المَلِكِ رُتْبِيْلَ مُلْتَجِئاً إِلَيْهِ. فَقَالَ لَهُ عَلْقمَةُ بنُ عَمْرٍو: أَخَافُ عَلَيْكَ، وَكَأَنِّي بِكِتَابِ الحَجَّاجِ قَدْ جَاءَ إِلَى رُتْبِيْلَ يُرْغِبُهُ وَيُرْهِبُهُ, فَإِذَا هُوَ قَدْ بَعَثَ بِكَ أَوْ قَتَلَكَ وَلَكِن هَا هُنَا خَمْسُ مائَةِ مُقَاتِلٍ قَدْ تَبَايَعْنَا عَلَى أَنْ نَدْخُلَ مَدِيْنَةً نَتَحَصَّنُ بِهَا، وَنُقَاِتُلُ حَتَّى نُعْطَى أَمَاناً، أَوْ نَمُوْتَ كِرَاماً فَأَبَى عَلَيْهِ، وَأَقَامَ الخَمْسَ مائَةٍ حَتَّى قَدِمَ عُمَارَةُ بنُ تَمِيْمٍ، فَقَاتَلُوْهُ، حَتَّى أَمَّنَهُم، وَوَفَى لَهُم ثُمَّ تَتَابَعَتْ كُتُبُ الحَجَّاجِ إِلَى رُتْبِيْلَ بِطَلَبِ ابْنِ الأَشْعَثِ، فَبَعَثَ بِهِ إِلَيْهِ عَلَى أَنْ تَرَكَ لَهُ الحِمْلَ سَبْعَةَ أَعْوَامٍ وَقِيْلَ: إِنَّ ابْنَ الأَشْعَثِ أَصَابَهُ السِّلُّ، فَمَاتَ فَقُطِعَ رَأْسُهُ، وَنُفِذَ إِلَى الحَجَّاجِ وَقِيْلَ: إِنَّ الحَجَّاجَ كَتَبَ إِلَى رُتْبِيْلَ: إِنِّي قَدْ بَعَثْتُ إِلَيْكَ عُمَارَةَ فِي ثَلاَثِيْنَ أَلْفاً يَطْلُبُوْنَ ابْنَ الأَشْعَثِ. فَأَبَى أَنْ يُسْلِمَهُ، وَكَانَ مَعَ ابْنِ الأَشْعَثِ عُبَيْدُ بنُ أَبِي سُبَيْعٍ, فَأَرْسَلَهُ إِلَى رُتْبِيْلَ, فَخَفَّ عَنْ رُتْبِيْلَ, وَاخْتَصَّ بِهِ. قَالَ لابْنِ الأَشْعَثِ أَخُوْهُ القَاسِمُ: لاَ آمَنُ غَدْرَ رُتْبِيْلَ، فَاقْتُلْهُ يَعْنِي: عُبَيْداً -فَهَمَّ بِهِ. فَفَهِمَ ذَلِكَ، وَخَافَ، فَوُشِيَ بِهِ إِلَى رُتْبِيْلَ، وَخَوَّفَهُ مِنْ غَائِلَةِ الحَجَّاجِ، وَهَرَبَ سِرّاً إِلَى عُمَارَةَ، فَاسْتَعْجَلَ فِي ابْنِ الأَشْعَثِ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ. فَكَتَبَ بِذَلِكَ عُمَارَةُ إِلَى الحَجَّاجِ، فَكَتَبَ: أَنْ أَعْطِ عُبَيْدَةَ وَرُتْبِيْلَ مَا طَلَبَا فَاشْتَرَطَ أُمُوْراً، فَأُعْطِيَهَا، وَأَرْسَلَ إِلَى ابْنِ الأَشْعَثِ وَإِلَى ثَلاَثِيْنَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَقَدْ هَيَّأَ لَهُم القُيُوْدَ وَالأَغْلاَلَ، فَقَيَّدَهُم، وَبَعَثَ بِهِم إِلَى عُمَارَةَ، وَسَارَ بِهِم فَلَمَّا قَرُبَ ابْنُ الأَشْعَثِ مِنَ العِرَاقِ، أَلْقَى نَفْسَهُ مِنْ قَصْرٍ خَرَابٍ أَنْزَلُوْهُ فَوْقَهُ فَهَلَكَ فَقِيْلَ أَلْقَى نَفْسَهُ وَالحُرَّ مَعَهُ الَّذِي هُوَ مُقَيَّدٌ مَعَهُ, وَالقَيْدُ فِي رِجْلَيِ الاثْنَيْنِ, فَهَلَكَا وَذَلِكَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وثمانين.
__________
1 ترجمته في تاريخ الإسلام "3/ 273"، العبر "1/ 90 و 97"، النجوم الزاهرة "1/ 202"، شذرات الذهب "1/ 94".

(5/102)


443- أعشى همدان 1:
اعر، مُفَوَّهٌ، شَهِيْرٌ، كُوْفِيٌّ، وَهُوَ: أَبُو المُصَبَّحِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الحَارِثِ الهَمْدَانِيُّ كَانَ مُتَعَبِّداً فَاضِلاً، ثُمَّ عَبَثَ بِالشِّعْرِ، وَامْتَدَحَ النُّعْمَانَ بنَ بَشِيْرٍ، فَاعْتَنَى بِهِ، وَجَمَعَ لَهُ مِنْ جَيْشِ حِمْصَ أَرْبَعِيْنَ أَلْفَ دِيْنَارٍ. ثُمَّ إِنَّ الأَعْشَى خَرَجَ مَعَ القُرَّاءِ مَعَ ابْنِ الأَشْعَثِ، وَكَانَ زَوْجَ أُخْتِ الشَّعْبِيِّ، وَكَانَ الشَّعْبِيُّ زَوْجَ أُخْتِهِ.
قَتَلَهُ الحَجَّاجُ سَنَةَ نَيِّفٍ وَثَمَانِيْنَ.
__________
1 ترجمته في الأغاني لأبي الفرج "5/ 146"، تاريخ الإسلام "3/ 242".

(5/103)


444- معبد بن عبد الله 1: "ق"
ابن عويمر -وقيل: ابن عبد الله ابن عُكَيْمٍ الجُهَنِيُّ، نَزِيْلُ البَصْرَةِ، وَأَوَّلُ مَنْ تَكَلَّمَ بِالقَدَرِ فِي زَمَنِ الصَّحَابَةِ.
حَدَّثَ عَنْ: عِمْرَانَ بنِ حُصَيْنٍ، وَمُعَاوِيَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَحُمْرَانَ بنِ أَبَانٍ، وَطَائِفَةٍ.
وَكَانَ مِنْ عُلَمَاءِ الوَقْتِ عَلَى بِدْعَتِهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُعَاوِيَةُ بنُ قُرَّةَ، وَزَيْدُ بنُ رُفَيْعٍ، وَقَتَادَةُ، وَمَالِكُ بنُ دِيْنَارٍ، وَعَوْفٌ الأَعْرَابِيُّ، وَسَعْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَآخَرُوْنَ.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "7/ ترجمة 1745"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 1282"، تاريخ الإسلام "3/ 304"، العبر "1/ 92"، تهذيب التهذيب "10/ 225".

(5/103)


وَقَدْ وَثَّقَهُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ فِي الحَدِيْثِ. وَقِيْلَ: هُوَ وَلَدُ صَاحِبِ حَدِيْثِ: "لاَ تَنْتَفِعُوا مِنَ المَيْتَةِ بِإِهَابٍ ولا عصب" 1. وقيل: وهو مَعْبَدُ بنُ خَالِدٍ.
وَعَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ: أَنَّ القُرَّاءَ اجْتَمَعُوا عَلَى مَعْبَدٍ الجُهَنِيِّ، وَكَانَ أَحَدَ مَنْ شَهِدَ الحَكَمَيْنِ، وَقَالُوا لَهُ: قَدْ طَالَ أَمْرُ هَذَيْنِ: عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ، فَلَوْ كَلَّمْتَهُمَا. قَالَ: لاَ تُعَرِّضُوْنِي لأَمْرٍ أَنَا لَهُ كَارِهٌ، وَاللهِ مَا رَأَيْتُ كَقُرَيْشٍ، كَأَنَّ قُلُوْبَهُم أُقْفِلَتْ بِأَقْفَالِ الحَدِيْدِ، وَأَنَا صَائِرٌ إِلَى مَا سَأَلْتُم. قَالَ مَعْبَدٌ: فَلَقِيْتُ أَبَا مُوْسَى، فَقُلْتُ: انْظُرْ مَا أَنْتَ صَانِعٌ قَالَ: يَا مَعْبَدُ، غَداً نَدْعُو النَّاسَ إِلَى رَجُلٍ لاَ يَخْتَلِفُ فِيْهِ اثْنَانِ فَقُلْتُ لِنَفْسِي: أَمَّا هَذَا، فَقَدْ عَزَلَ صَاحِبَهُ. ثُمَّ لَقِيْتُ عَمْراً، وَقُلْتُ: قَدْ وَلِيْتَ أَمْرَ الأُمَّةِ، فَانْظُرْ مَا أَنْتَ صَانِعٌ. فَنَزَعَ عِنَانَهُ مِنْ يَدِي ثُمَّ قَالَ: إِيْهاً تَيْسَ جُهَيْنَةَ مَا أَنْتَ وَهَذَا لَسْتَ مِنْ أَهْلِ السِّرِّ وَلاَ العَلاَنِيَةِ وَاللهِ مَا يَنْفَعُكَ الحَقُّ وَلاَ يَضُرُّكَ البَاطِلُ.
قَالَ الجَوْزَجَانِيُّ: كَانَ قَوْمٌ يَتَكَلَّمُوْنَ فِي القَدَرِ، احْتَمَلَ النَّاسُ حَدِيْثَهُم لِمَا عَرَفُوا مِنِ اجْتِهَادِهِم فِي الدِّيْنِ وَالصِّدْقِ وَالأَمَانَةِ، وَلَمْ يُتَوَهَّمْ عَلَيْهِمُ الكَذِبَ، وَإِنْ بُلُوا بِسُوْءِ رَأْيِهِم, مِنْهُمْ مَعْبَدٌ الجُهَنِيُّ وَقَتَادَةُ وَمَعْبَدٌ رَأْسُهُم.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ شُعَيْبٍ: سَمِعْتُ الأَوْزَاعِيَّ يَقُوْلُ: أول من نطق في القدر سَوْسَنٌ بِالعِرَاقِ كَانَ نَصْرَانِيّاً فَأَسْلَمَ ثُمَّ تَنَصَّرَ فَأَخَذَ عَنْهُ مَعْبَدٌ وَأَخَذَ غَيْلاَنُ القَدَرِيُّ عَنْ مَعْبَدٍ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ حِمْيَرٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ زِيَادٍ الأَلْهَانِيُّ، قَالَ: كُنَّا فِي المَسْجِدِ، إِذْ مُرَّ بِمَعْبَدٍ الجُهَنِيِّ إِلَى عَبْدِ المَلِكِ، فَقَالَ النَّاسُ هَذَا هُوَ البَلاَءُ فَقَالَ خَالِدُ بنُ مَعْدَانَ: إِنَّ البَلاَءَ كُلَّ البَلاَءِ إِذَا كانت الأئمة منهم.
قال مرحرم العَطَّارُ: حَدَّثَنَا أَبِي، وَعَمِّي، سَمِعَا الحَسَنَ يَقُوْلُ: إِيَّاكُم وَمَعْبَداً الجُهَنِيَّ، فَإِنَّهُ ضَالٌّ مُضِلٌّ. قَالَ يُوْنُسُ: أَدْرَكْتُ الحَسَنَ يَعِيْبُ قَوْلَ مَعْبَدٍ، ثُمَّ تلطف له معبد، فألقى من نَفْسِهِ مَا
أَلْقَى قَالَ طَاوُوْسٌ: احْذَرُوا قَوْلَ مَعْبَدٍ، فَإِنَّهُ كَانَ قَدَرِيّاً.
وَقَالَ مَالِكُ بنُ دِيْنَارٍ: لَقِيْتُ مَعْبَداً بِمَكَّةَ بَعْد فِتْنَةِ ابْنِ الأَشْعَثِ وَهُوَ جَرِيْحٌ, قَدْ قَاتَلَ الحَجَّاجَ فِي المَوَاطِنِ كُلِّهَا.
وَرَوَى ضَمْرَةُ، عَنْ صَدَقَةَ بنِ يَزِيْدَ، قَالَ: كَانَ الحَجَّاجُ يُعَذِّبُ مَعْبَداً الجُهَنِيَّ بِأَصْنَافِ العَذَابِ وَلاَ يَجْزَعُ، ثُمَّ قَتَلَهُ.
قَالَ خَلِيْفَةُ: مَاتَ قَبْلَ التِّسْعِيْنَ. وَقَالَ سَعِيْدُ بنُ عُفَيْرٍ: فِي سَنَةِ ثَمَانِيْنَ صَلَبَ عَبْدُ المَلِكِ مَعْبَداً الجُهَنِيَّ بِدِمَشْقَ.
قُلْتُ يَكُوْنُ صَلَبَهُ ثُمَّ أطلقه.
__________
1 صحيح: تقدم تخريجنا له في الجزء السابق برقم "863 و 864".

(5/104)


445- مطرف بن عبد الله 1: "ع"
ابن الشخير، الإِمَامُ، القُدْوَةُ، الحُجَّةُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَرَشِيُّ، العَامِرِيُّ، البَصْرِيُّ، أَخُو يَزِيْدَ بنِ عَبْدِ اللهِ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وَعَلِيٍّ، وَعَمَّارٍ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَعُثْمَانَ، وَعَائِشَةَ، وَعُثْمَانَ، بنِ أَبِي العَاصِ، وَمُعَاوِيَةَ، وَعِمْرَانَ بنِ حُصَيْنٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ مُغَفَّلٍ، المُزَنِيِّ وَغَيْرِهِم وَعَنْ أَبِي مُسْلِمٍ الجَذْمِيِّ وَحَكِيْمِ بنِ قَيْسِ بنِ عَاصِمٍ المِنْقَرِيِّ وَأَرْسَلَ عَنْ: أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الحَسَنُ البَصْرِيُّ، وَأَخُوْهُ؛ يَزِيْدُ بنُ عَبْدِ الله، وأبو التياح يزيد ابن حُمَيْدٍ، وَثَابِتٌ
البُنَانِيُّ، وَسَعِيْدُ بنُ أَبِي هِنْدٍ، وَقَتَادَةُ، وَغَيْلاَنُ بنُ جَرِيْرٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ وَاسِعٍ، وَأَبُو نَضْرَةَ العَبْدِيُّ، وَيَزِيْدُ الرِّشْكُ, وَحُمَيْدُ بنُ هِلاَلٍ، وَسَعِيْدٌ الجُرَيْرِيُّ، وَابْنُ أَخِيْهِ, عَبْدُ اللهِ بنُ هَانِئ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الشِّخِّيْرِ، وَعَبْدُ الكَرِيْمِ بنُ رُشَيْدٍ وَأَبُو نَعَامَةَ السَّعْدِيُّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
أَنْبَأَنَا ابْنُ أَبِي الخَيْرِ، عَنِ اللبان، أنبأنا الحداد، أنبأنا أبو نعيمن حَدَّثَنَا يُوْسُفُ النَّجِيْرَمِيُّ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَفَّانُ, حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ عَنْ مُطَرِّفِ، بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الشِّخِّيْرِ عَنْ أَبِيْهِ قَالَ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي وَلِصَدْرِهِ أَزِيْزٌ كأزيز المرجل من البكاء.
ذَكَرَهُ ابْنُ سَعْدٍ، فَقَالَ: رَوَى عَنْ أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ. وَكَانَ ثِقَةً، لَهُ فَضْلٌ، وَوَرَعٌ، وَعَقْلٌ، وَأَدَبٌ.
وَقَالَ العِجْلِيُّ: كَانَ ثِقَةً، لَمْ يَنْجُ بِالبَصْرَةِ مِنْ فِتْنَةِ ابْنِ الأَشْعَثِ إلَّا هُوَ وَابْنُ سِيْرِيْنَ وَلَمْ يَنْجُ مِنْهَا بِالكُوْفَةِ إلَّا خَيْثَمَةُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, وَإِبْرَاهِيْمُ النَّخَعِيُّ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 141"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 1730"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 1446"، حلية الأولياء "2/ 198"، تذكر الحفاظ "1/ ترجمة 54"، الكاشف "3/ ترجمة رقم 5576"، العبر "1/ 113"، تهذيب التهذيب "10/ 173"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7035".
2 صحيح: أخرجه أحمد "4/ 25 و 26"، بو داود "904"، والترمذي في "الشمائل" "315" والنسائي "3/ 13"، وابن خزيمة "900"، والحاكم "1/ 264"، والبيهقي "2/ 251"، والبغوي "729" من طرق عن حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن مطرف بن عبد الله بن الشخير، به.

(5/105)


قَالَ مَهْدِيُّ بنُ مَيْمُوْنٍ: حَدَّثَنَا غَيْلاَنُ بنُ جَرِيْرٍ: أَنَّهُ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَجُلٍ كَلاَمٌ، فكذب عليه، فقال: اللهم إن كان كذابًا فَأَمِتْهُ. فَخَرَّ مَيْتاً مَكَانَهُ. قَالَ: فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى زِيَادٍ، فَقَالَ: قَتَلْتَ الرَّجُلَ. قَالَ: لاَ، وَلَكِنَّهَا دَعْوَةٌ وَافَقَتْ أَجَلاً.
وَعَنْ غَيْلاَنَ: أَنَّ مُطَرِّفاً كَانَ يَلْبَسُ المَطَارِفَ وَالبَرَانِسَ، وَيَرْكَبُ الخَيْلَ، وَيَغْشَى السُّلْطَانَ، وَلَكِنَّهُ إِذَا أَفْضَيْتَ إِلَيْهِ، أَفْضَيْتَ إِلَى قُرَّةِ عَيْنٍ.
وَكَانَ يَقُوْلُ عُقُوْلُ النَّاسِ عَلَى قَدْرِ زَمَانِهِم.
وَرَوَى قَتَادَةُ، عَنْ مُطَرِّفِ بنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: فَضْلُ العِلْمِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ فَضْلِ العِبَادَةِ وَخَيْرُ دِيْنِكُمُ الوَرَعُ.
قَالَ يَزِيْدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الشِّخِّيْرِ: مُطَرِّفٌ أَكْبَرُ مِنِّي بِعَشْرِ سِنِيْنَ، وَأَنَا أَكْبَرُ مِنَ الحَسَنِ البَصْرِيِّ بِعَشْرِ سِنِيْنَ.
قُلْتُ: عَلَى هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ مَوْلِدَ مُطَرِّفٍ كَانَ عَامَ بَدْرٍ، أَوْ عَامَ أُحُدٍ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُوْنَ سمع من عمر، وأبي.
قال ابن سعد: توفي المطرف فِي أَوَّلِ وِلايَةِ الحَجَّاجِ.
قُلْتُ: بَلْ بَقِيَ إِلَى أَنْ خَرَجَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الأَشْعَثِ بَعْدَ الثَّمَانِيْنَ. وَأَمَّا عَمْرُو بنُ عَلِيٍّ، وَالتِّرْمِذِيُّ: فَأَرَّخَا مَوْتَهُ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ، وَهَذَا أَشْبَهُ.
وَفِي "الحِلْيَةِ": رَوَى أَبُو الأَشْهَبِ، عَنْ رَجُلٍ، قَالَ مُطَرِّفُ بنُ عَبْدِ اللهِ: لأَنْ أَبِيْتَ نَائِماً وَأُصْبِحَ نَادِماً، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَبِيْتَ قَائِماً وَأُصْبِحَ مُعْجَباً.
قُلْتُ: لاَ أَفْلَحَ وَاللهِ مَنْ زَكَّى نَفْسَهُ، أَوْ أَعْجَبَتْهُ.
وَعَنْ ثَابِتٍ البُنَانِيِّ، عَنْ مُطَرِّفٍ، قَالَ: لأَنْ يَسْأَلَنِي اللهُ -تَعَالَى- يَوْمَ القِيَامَةِ، فَيَقُوْلُ؛ يَا مُطَرِّفُ، إلَّا فَعَلْتَ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَقُوْلَ: لِمَ فَعَلْتَ؟.
جَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بنُ هِلاَلٍ، قَالَ: قَالَ مُطَرِّفُ بنُ عَبْدِ اللهِ: إِنَّمَا وَجَدْتُ العَبْدَ مُلْقَىً بَيْنَ رَبِّهِ وَبَيْنَ الشَّيْطَانِ، فَإِنْ اسْتَشْلاَهُ ربه واستنفذه، نَجَا، وَإِنْ تَرَكَهُ وَالشَّيْطَانَ ذَهَبَ بِهِ.
جَعْفَرُ بن سليمان: حدثنا ثابت، قَالَ: مُطَرِّفٌ: لَوْ أُخْرِجَ قَلْبِي فَجُعِلَ فِي يَسَارِي وَجِيْءَ بِالخَيْرِ فَجُعِلَ فِي يَمِيْنِي مَا اسْتَطَعْتُ أَنْ أُوْلِجَ قَلْبِي مِنْهُ شَيْئاً حَتَّى يَكُوْنَ اللهُ يَضَعُهُ.

(5/106)


أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُطَرِّفٍ، قال: إن هذا الموت قد أفسد عَلَى أَهْلِ النَّعِيْمِ نَعِيْمَهُم فَاطْلُبُوا نَعِيْماً لاَ مَوْتَ فِيْهِ.
حَمَّادُ بنُ يَزِيْدَ، عَنْ دَاوُدَ بنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ مُطَرِّفِ بنِ عَبْدِ الله، قال: ليس لأحد أن يصعد فليقي نَفْسَهُ مِنْ شَاهِقٍ، وَيَقُوْلُ: قَدَّرَ لِي رَبِّي، وَلَكِنْ يَحْذَرُ، وَيَجْتَهِدُ، وَيَتَّقِي، فَإِنْ أَصَابَهُ شَيْءٌ، علم أنه لن يصيبهإلَّا مَا كَتَبَ اللهُ لَهُ.
غَيْلاَنُ بنُ جَرِيْرٍ، عَنْ مُطَرِّفٍ، قَالَ: لاَ تَقُلْ: فَإِنَّ اللهَ يَقُوْلُ، وَلَكِنْ قُلْ: قَالَ اللهُ تَعَالَى, وَقَالَ: إِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ مَرَّتَيْنِ يُقَالُ لَهُ: مَا هذا؟ فيقول: لا شيء إلَّا بشيء لَيْسَ بِشَيْءٍ.
أَبُو عَقِيْلٍ بَشِيْرُ بنُ عُقْبَةَ، قَالَ: قُلْتُ لِيَزِيْدَ بنِ الشِّخِّيْرِ: مَا كَانَ مُطَرِّفٌ يَصْنَعُ إِذَا هَاجَ النَّاسُ؟ قَالَ: يَلْزَمُ قَعْرَ بَيْتِهِ، وَلاَ يَقْرَبُ لَهُم جُمُعَةً وَلاَ جَمَاعَةً حَتَّى تَنْجَلِيَ.
وَقَالَ أَيُّوْبُ: قَالَ مُطَرِّفٌ: لأَنْ آخُذَ بِالثِّقَةِ فِي القُعُوْدِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَلْتَمِسَ فَضْلَ الجِهَادِ بِالتَّغْرِيْرِ.
قَالَ غَيْلاَنُ بنُ جَرِيْرٍ: كَانَ مُطَرِّفٌ يَلْبَسُ البَرَانِسَ وَالمَطَارِفَ، وَيَرْكَبُ الخَيْلَ، وَيَغْشَى السُّلْطَانَ، لَكِنْ إِذَا أَفْضَيْتَ إِلَيْهِ، أَفْضَيْتَ إِلَى قُرَّةِ عَيْنٍ.
قَالَ مَسْلَمَةُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ: حَدَّثَنَا أَبُو طَلْحَةَ بِشْرُ بن كثير، قال: حدثتني امرأة مطرف أنه تزوجها عن ثَلاَثِيْنَ أَلْفاً وَبَغْلَةٍ وَقَطِيْفَةٍ وَمَاشِطَةٍ. وَرَوَى: مَهْدِيُّ بنُ مَيْمُوْنٍ, أَنَّ غَيْلاَنَ قَالَ: تَزَوَّجَ مُطَرِّفٌ امْرَأَةً عَلَى عِشْرِيْنَ أَلْفاً.
قُلْتُ: كَانَ مُطَرِّفٌ لَهُ مَالٌ، وَثَرْوَةٌ، وَبِزٌّةٌ جَمِيْلَةٌ، وَوَقْعٌ فِي النُّفُوْسِ وَرَوَى أَبُو خَلْدَةَ: أَنَّ مُطَرِّفاً كَانَ يَخْضِبُ بِالصُّفْرَةِ.
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بنُ أَبِي بَكْرٍ، أَنْبَأَنَا ابْنُ خَلِيْلٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو المَكَارِمِ اللَّبَّانُ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ المُقْرِئُ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا يُوْسُفُ بنُ يَعْقُوْبَ النَّجِيْرَمِيُّ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، سَمِعْتُ قَتَادَةَ يَقُوْلُ: حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ، قَالَ: كُنَّا نَأْتِي زَيْدَ بنَ صُوْحَانَ، فَكَانَ يَقُوْلُ: يَا عِبَادَ اللهِ أَكْرِمُوا وَأَجْمِلُوا، فَإِنَّمَا وَسِيْلَةُ العِبَادِ إِلَى اللهِ بِخَصْلَتَيْنِ: الخَوْفِ وَالطَّمَعِ فَأَتَيْتُهُ ذَاتَ يَوْمٍ، وَقَدْ كَتَبُوا كِتَاباً، فَنَسَقُوا كَلاَماً مِنْ هَذَا النَّحْوِ: إِنَّ اللهَ رَبُّنَا، وَمُحَمَّدٌ نَبِيُّنَا، وَالقُرْآنُ إِمَامُنَا، وَمَنْ كَانَ مَعَنَا كُنَّا وَكُنَّا، وَمَنْ خَالَفَنَا كَانَتْ يَدُنَا عَلَيْهِ، وَكُنَّا وَكُنَّا. قَالَ: فَجَعَلَ يَعْرِضُ الكِتَابِ عَلَيْهِم رَجُلاً، رَجُلاً فَيَقُوْلُوْنَ: أَقْرَرْتَ يَا فُلاَنُ؟ حَتَّى انْتَهَوْا

(5/107)


إِلَيَّ، فَقَالُوا: أَقْرَرْتَ يَا غُلاَمُ؟ قُلْتُ: لاَ. قَالَ -يَعْنِي زَيْداً: لاَ تَعْجَلُوا عَلَى الغُلاَمِ، مَا تَقُوْلُ يَا غُلاَمُ؟ قُلْتُ: إِنَّ اللهَ قَدْ أَخَذَ عَلَيَّ عَهْداً فِي كِتَابِهِ، فَلَنْ أُحْدِثَ عَهْداً سِوَى العَهْدِ الَّذِي أَخَذَهُ عَلَيَّ. فَرَجَعَ القَوْمُ مِنْ عِنْدِ آخِرِهِم مَا أَقَرَّ مِنْهُم أَحَدٌ وَكَانُوا زُهَاءَ ثَلاَثِيْنَ نَفْساً.
قَالَ قَتَادَةُ: فَكَانَ مُطَرِّفٌ إِذَا كَانَتِ الفِتْنَةُ، نَهَى عَنْهَا، وَهَرَبَ. وَكَانَ الحَسَنُ يَنْهَى عَنْهَا، وَلاَ يَبْرَحُ قَالَ مُطَرِّفٌ: مَا أُشَبِّهُ الحَسَنَ إلَّا برجل يحذر الناس السيل، ويقوم بسننه.
وَبِهِ، قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: كَانَ مُطَرِّفُ بنُ عَبْدِ اللهِ وَصَاحِبٌ لَهُ سَرَيَا فِي لَيْلَةٍ مظلمة: فإذا طرف سوط أحدهما عند ضَوْءٌ فَقَالَ أَمَا إِنَّهُ لَوْ حَدَّثْنَا النَّاسَ بهذا كذبونا فقال مطرف المكذب أكذب الناس.
وَبِهِ، حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدٍ بنُ جَبَلَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ مَنْصُوْرٍ، حَدَّثَنَا
حَجَّاجٌ، عَنْ مَهْدِيِّ بنِ مَيْمُوْنٍ، عَنْ غَيْلاَنَ بنِ جَرِيْرٍ، قَالَ: أَقْبَلَ مُطَرِّفٌ مَعَ ابْنِ أَخٍ لَهُ مِنَ البَادِيَةِ -وَكَانَ يَبْدُو- فَبَيْنَا هُوَ يَسِيْرُ، سَمِعَ فِي طَرَفِ سَوْطِهِ كَالتَّسْبِيْحِ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ أَخِيْهِ: لَوْ حَدَّثْنَا النَّاسَ بِهَذَا، كَذَّبُوْنَا. فَقَالَ: المُكَذِّبُ أَكْذَبُ النَّاسِ.
وَبِهِ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ مَالِكٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ بنِ حِسَابٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو التَّيَّاحِ، قَالَ: كَانَ مُطَرِّفُ بنُ عَبْدِ اللهِ يَبْدُو، فَإِذَا كَانَ لَيْلَةَ الجُمُعَةِ، أَدْلَجَ عَلَى فَرَسِهِ، فَرُبَّمَا نَوَّرَ لَهُ سَوْطُهُ، فَأَدْلَجَ لَيْلَةً، حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ القُبُوْرِ، هَوَّمَ1 عَلَى فَرَسِهِ. قَالَ: فَرَأَيْتُ أَهْلَ القُبُوْرِ صَاحِبَ كُلِّ قَبْرٍ جَالِساً عَلَى قَبْرِهِ، فَلَمَّا رَأَوْنِي، قَالُوا:
هَذَا مُطَرِّفٌ يَأْتِي الجُمُعَةَ. قُلْتُ: أَتُعَلِّمُوْنَ عِنْدَكُم يَوْمَ الجُمُعَةِ؟ قَالُوا: نَعَمْ نَعْلم مَا تَقُوْلُ الطَّيْرُ فِيْهِ. قُلْتُ: وَمَا تَقُوْلُ الطَّيْرُ؟ قَالُوا: تَقُوْلُ: سَلاَمٌ سَلاَمٌ مِنْ يَوْمٍ صَالِحٍ إِسْنَادُهَا صَحِيْحٌ.
عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ عَمْرٍو الفَزَارِيُّ، عَنْ ثابت البُنَانِيِّ، وَرَجُلٍ آخَرَ: أَنَّهُمَا دَخَلاَ عَلَى مُطَرِّفٍ وَهُوَ مُغْمَىً عَلَيْهِ، قَالَ: فَسَطَعَتْ مَعَهُ ثَلاَثَةُ أَنْوَارٍ نُوْرٌ مِنْ رَأْسِهِ، وَنُوْرٌ مِنْ وَسَطِهِ، وَنُوْرٌ مِنْ رِجْلَيْهِ، فَهَالَنَا ذَلِكَ، فَأَفَاقَ، فَقُلْنَا: كَيْفَ أَنْتَ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ؟ قَالَ: صَالِحٌ. فَقِيْلَ: لَقَدْ رَأَيْنَا شَيْئاً هَالَنَا. قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قُلْنَا: أَنْوَارٌ سَطَعَتْ مِنْكَ. قَالَ: وَقَدْ رَأَيْتُم ذَلِكَ؟ قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: تِلْكَ تَنْزِيْلُ السَّجْدَةِ، وَهِيَ تِسْعٌ وَعِشْرُوْنَ آيَةً، سَطَعَ
__________
1 هوم: هز رأسه من النعاس.

(5/108)


أولها ومن رَأْسِي، وَوَسَطُهَا مِنْ وَسَطِي، وَآخِرُهَا مِنْ قَدَمَيَّ، وَقَدْ صُوِّرَتْ تَشْفَعُ لِي، فَهَذِهِ ثَوَابِيَّةٌ تَحْرُسُنِي.
وَعَنْ مُحَمَّدِ بنِ وَاسِعٍ، قَالَ: كَانَ مُطَرِّفٌ يَقُوْلُ: اللَّهُمَّ ارْضَ عَنَّا، فَإِنْ لَمْ تَرْضَ عنا، فاعف عنا، فإنا المَوْلَى قَدْ يَعْفُو عَنْ عَبْدِهِ، وَهُوَ عَنْهُ غَيْرُ رَاضٍ.
وَعَنْ مُطَرِّفٍ: أَنَّهُ قَالَ لِبَعْضِ إِخْوَانِهِ: يَا أَبَا فُلاَنٍ، إِذَا كَانَتْ لَكَ حَاجَةٌ، فَلاَ تُكَلِّمْنِي، وَاكْتُبْهَا فِي رُقْعَةٍ، فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أَرَى فِي وَجْهِكَ ذُلَّ السُّؤَالِ.
رَوَى أَبُو التَّيَّاحِ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ عَبْدِ اللهِ: أَنَّ أَخَاهُ أَوْصَى أَنْ لاَ يُؤْذِنَ بِجَنَازَتِهِ أَحَداً. وَكَانَ يَزِيْدُ أَخُو مُطَرِّفٍ مِنْ ثِقَاتِ التَّابِعِيْنَ، عَاشَ بَعْد أَخِيْهِ أَعْوَاماً.
ابْنُ أَبِي عَرُوْبَةَ: عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُطَرِّفٍ، قَالَ: لَقِيْتُ عَلِيّاً -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- فَقَالَ لِي: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ، مَا بَطَّأَ بِكَ؟ أَحُبُّ عُثْمَانَ؟ ثُمَّ قَالَ: لَئِنْ قُلْتَ ذَاكَ, لَقَدْ كَانَ أَوْصَلَنَا لِلرَّحِمِ وَأَتْقَانَا لِلرَّبِّ.
وَقَالَ مَهْدِيُّ بنُ مَيْمُوْنٍ: قَالَ مُطَرِّفٌ: لَقَدْ كَادَ خَوْفُ النَّارِ يَحُوْلُ بَيْنِي وَبَيْنَ أَنْ أَسْأَلَ الله الجنة.
وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: قَالَ مُطَرِّفُ بنُ عَبْدِ اللهِ: مَا يَسُرُّنِي أَنِّي كَذَبْتُ كِذْبَةً وَأَنَّ لِيَ الدُّنْيَا وَمَا فِيْهَا.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بنُ زَاذَانَ، قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى مُطَرِّفِ بنِ الشِّخِّيْرِ مِطْرَفَ خَزٍّ أَخَذَهُ بِأَرْبَعَةِ آلاَفِ دِرْهَمٍ.
وَقَالَ حُمَيْدُ بنُ هِلاَلٍ: أَتَتِ الحَرُوْرِيَّةُ مُطَرِّفَ بنَ عَبْدِ اللهِ يَدْعُوْنَهُ إِلَى رَأْيِهِم، فَقَالَ: يَا هَؤُلاَءِ، لَوْ كَانَ لِي نَفْسَانِ، بَايَعْتُكُم بِإِحْدَاهُمَا، وَأَمْسَكْتُ الأُخْرَى، فَإِنْ كَانَ الَّذِي تَقُوْلُوْنَ هُدَىً، أَتْبَعْتُهَا الأُخْرَى، وَإِنْ كَانَ ضَلاَلَةً, هَلَكَتْ نَفْسٌ وَبَقِيَتْ لِي نَفْسٌ, وَلَكِنْ هِيَ نَفْسٌ وَاحِدَةٌ لاَ أُغِرِّرُ بِهَا.
قَالَ قَتَادَةُ: قَالَ مُطَرِّفٌ: لأَنْ أُعَافَى فَأَشْكُرَ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُبْتَلَى فَأَصْبِرَ.
قَالَ سُلَيْمَانُ بنُ المُغِيْرَةِ: كَانَ مُطَرِّفٌ إِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ، سَبَّحَتْ مَعَهُ آنِيَةُ بَيْتِهِ.
وَقَالَ سُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ: كَانَ مُطَرِّفٌ مُجَابَ الدَّعْوَةِ، قَالَ لِرَجُلٍ: إِنْ كُنْتَ كَذَبْتَ فَأَرِنَا بِهِ فَمَاتَ مَكَانَهُ.
وَقَالَ مَهْدِيُّ بنُ مَيْمُوْنٍ، عَنْ غَيْلاَنَ بنِ جَرِيْرٍ، قَالَ: حَبَسَ السُّلْطَانُ ابْنَ أَخِي مُطَرِّفٍ، فَلَبِسَ مُطَرِّفٌ خُلْقَانَ ثِيَابِهِ، وَأَخَذَ عُكَّازاً، وَقَالَ: أَسْتكِيْنُ لِرَبِّي، لَعَلَّهُ أَنْ يُشَفِّعَنِي فِي ابْنِ أَخِي.
قَالَ خَلِيْفَةُ بنُ خَيَّاطٍ: مَاتَ مُطَرِّفٌ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ. وَقِيْلَ فِي وَفَاتِهِ غَيْرُ ذلك كما مضى.

(5/109)


446- زيد بن وهب 1: "ع"
الإِمَامُ، الحُجَّةُ، أَبُو سُلَيْمَانَ الجُهَنِيُّ، الكُوْفِيُّ، مُخَضرَمٌ قَدِيْمٌ. ارْتَحَلَ إِلَى لِقَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصُحْبَتِهِ، فَقُبِضَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَزَيْدٌ فِي الطَّرِيْقِ عَلَى مَا بَلَغَنَا.
سَمِع عُمَرَ، وَعَلِيّاً، وَابْنَ مَسْعُوْدٍ، وَأَبَا ذَرٍّ الغِفَارِيَّ، وَحُذَيْفَةَ بنَ اليَمَانِ، وَطَائِفَةً. وَقَرَأَ القُرْآنَ عَلَى ابْنِ مَسْعُوْدٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: حَبِيْبُ بنُ أَبِي ثَابِتٍ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ رُفَيْعٍ، وَحُصَيْنُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسُلَيْمَانُ الأَعْمَشُ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ، وَآخَرُوْنَ.
تُوُفِّيَ بَعْد وَقْعَةِ الجَمَاجِمِ2، فِي حُدُوْدِ سَنَةِ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: شَهِدَ مَعَ عَلِيٍّ مَشَاهِدَهُ. وَغَزَا فِي أَيَّامِ عُمَرَ أَذْرَبِيْجَانَ. وَقَالَ الأَعْمَشُ: رَأَيْتُهُ يُصَفِّرُ لحيته. وثقه: ابن سعد.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 102"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 1352" الجرح والتعديل "3/ ترجمة 2600"، حلية الأولياء "4/ 171"، الاستيعاب "2/ 559"، أسد الغابة "2/ 243"، الكاشف "1/ ترجمة 1775"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 58"، تهذيب التهذيب "3/ 427"، الإصابة "1/ ترجمة رقم 3001"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2282".
2 دير الجماجم: بظاهر الكوفة على سبعة فراسخ منها على طرف البر للسالك إلى البصرة. وكانت الوقعة عند هذا الموضع بين الحجاج وابن الاشعث التي كسر فيها ابن الأشعث وقتل القراء.

(5/110)


447- حفص بن عاصم 1: "ع"
ابن عمر بن الخطاب، القرشي العمري، المدني، الفقيه.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ، وَعَمِّهِ؛ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ بُحَيْنَةَ، وَأَبِي سَعِيْدٍ بنِ المُعَلَّى، وَغَيْرِهِم.
رَوَى عَنْهُ: بَنُوْهُ؛ عُمَرُ، وَعِيْسَى، وَرَبَاحٌ، وَابْنُ عَمِّهِ؛ سَالِمُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَقَرَابَتُهُ؛ عُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ زَيْدٍ، وَسَعْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ وَابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيَّانِ، وَخُبَيْبُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَجَمَاعَةٌ. وَكَانَ مِنْ سَرَوَاتِ. الرِّجَالِ. مُتَّفَقٌ عَلَى الاحْتِجَاجِ. بِهِ توفي في حدود سنة تسعين.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "3/ ترجمة 2747"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 796"، تاريخ الإسلام "3/ 359"، تهذيب التهذيب "2/ 402"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1506".

(5/110)


448- أيوب القرية 1:
هُوَ أَيُّوْبُ بنُ يَزِيْدَ بنِ قَيْسِ بنِ زُرَارَةَ النَّمَرِيُّ، الهِلاَلِيُّ, الأَعْرَابِيُّ.
صَحِبَ الحَجَّاجَ، وَوَفَدَ عَلَى الخَلِيْفَةِ عَبْدِ المَلِكِ. وَكَانَ رَأْساً فِي البَلاَغَةِ، وَالبَيَانِ، وَاللُّغَةِ. ثُمَّ إِنَّهُ خَرَجَ عَلَى الحَجَّاجِ مَعَ ابْنِ الأَشْعَثِ؛ لأَنَّ الحَجَّاجَ نَفَّذَهُ إِلَى ابْنِ الأَشْعَثِ إِلَى سِجِسْتَانَ رَسُوْلاً. فَأَمَرَهُ ابْنُ الأَشْعَثِ أَنْ يَقُوْمَ وَيَسُبَّ الحَجَّاجَ، وَيَخْلَعَهُ، أَوْ لَيَقْتُلَنَّهُ، فَفَعَلَ مُكْرَهاً. ثُمَّ أُسِرَ أَيُّوْبُ، وَلَمَّا ضَرَبَ الحَجَّاجُ عُنُقَهُ، نَدِمَ، وَذَلِكَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ. وَلَهُ كَلاَمٌ بَلِيْغٌ مُتَدَاوَلٌ.
__________
1 ترجمته في تاريخ الإسلام "3/ 242"، العبر "1/ 97"، النجوم الزاهرة "1/ 207". شذرات الذهب "1/ 93".

(5/111)


449- قيس بن أبي حازم 1: "ع"
العَالِمُ، الثِّقَةُ، الحَافِظُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ البَجَلِيُّ، الأَحْمَسِيُّ، الكُوْفِيُّ، وَاسْمُ أَبِيْهِ: حُصَيْنُ بنُ عَوْفٍ. وَقِيْلَ: عَوْفُ بنُ عَبْدِ الحَارِثِ بنِ عَوْفِ بنِ حُشَيْشِ بنِ هِلاَلٍ. وَفِي نَسَبِهِ اخْتِلاَفٌ. وَبَجِيْلَةُ: هُمْ بَنُوْ أَنْمَارٍ.
أَسْلَمَ وَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُبَايِعَهُ، فَقُبِضَ نَبِيُّ اللهِ وَقَيْسٌ فِي الطَّرِيْقِ، وَلأَبِيْهِ أَبِي حَازِمٍ صُحْبَةٌ. وَقِيْلَ: إِنَّ لِقَيْسٍ صُحْبَةً. وَلَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ. وَكَانَ مِنْ عُلَمَاءِ زَمَانِهِ.
رَوَى عَنْ: أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَعَمَّارٍ، وَابْنِ مَسْعُوْدٍ، وَخَالِدٍ، وَالزُّبَيْرِ، وَخَبَّابٍ، وَحُذَيْفَةَ، وَمُعَاذٍ، وَطَلْحَةَ، وَسَعْدٍ، وَسَعِيْدِ بنِ زَيْدٍ، وَعَائِشَةَ، وَأَبِي مُوْسَى، وَعَمْرٍو، وَمُعَاوِيَةَ، وَالمُغِيْرَةِ, وَبِلاَلٍ, وَجَرِيْرٍ, وَعَدِيِّ بنِ عُمَيْرَةَ، وَعُقْبَةَ بنِ عَامِرٍ، وَأَبِي مَسْعُوْدٍ، عقبة بن عمرو، وخلق.
وَعَنْهُ: أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ، وَالمُغِيْرَةُ بنُ شُبَيْلٍ، وَبَيَانُ بنُ بِشْرٍ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ، وَسُلَيْمَانُ الأَعْمَشُ، وَمُجَالِدُ بنُ سَعِيْدٍ، وَعُمَرُ بنُ أَبِي زَائِدَةَ، وَالحَكَمُ بنُ عُتَيْبَةَ، وَأَبُو حَرِيْزٍ عَبْدُ اللهِ بنُ حُسَيْنٍ قَاضِي سِجِسْتَانَ -إِنْ صَحَّ- وَعِيْسَى بنُ المُسَيِّبِ البَجَلِيُّ، وَالمُسَيَّبُ بنُ رَافِعٍ وَآخَرُوْنَ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: رَوَى عَنْ بِلاَلٍ، وَلَمْ يَلْقَهُ. وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَلاَ سَلْمَانَ.
وَقَالَ سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ: مَا كَانَ بِالكُوْفَةِ أَحَدٌ أَرْوَى عَنْ أَصْحَابِ رَسُوْل اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- مِنْ قَيْسِ بنِ أَبِي حَازِمٍ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: أَجْوَدُ التَّابِعِيْنَ إِسْنَاداً قَيْسٌ. وَقَدْ رَوَى عَنْ تِسْعَةٍ مِنَ العَشْرَةِ، وَلَمْ يَرْوِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ.
وَقَالَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: أَدْرَكَ قَيْسٌ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيْقَ، وَهُوَ رَجُلٌ كَامِلٌ، إِلَى أَنْ قَالَ: وَهُوَ مُتْقِنُ الرِّوَايَةِ؛ وَقَدْ تَكَلَّمَ أَصْحَابُنَا فِيْهِ، فَمِنْهُم: مَنْ رَفَعَ قَدْرَهُ، وَعَظَّمَهُ، وَجَعَلَ الأَحَادِيْثَ عَنْهُ مِنْ أَصَحِّ الأَسَانِيْدِ.
وَمِنْهُم مَنْ حَمَلَ عَلَيْهِ، وَقَالَ: لَهُ أَحَادِيْثُ مَنَاكِيْرُ. وَالَّذِيْنَ أَطْرَوْهُ حَمَلُوا عَنْهُ هَذِهِ الأَحَادِيْثَ عَلَى أَنَّهَا عِنْدَهُم غَيْرُ مَنَاكِيْرَ، وَقَالُوا: هِيَ غَرَائِبُ.
وَمِنْهُم مَنْ لَمْ يَحْمِلْ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنَ الحَدِيْثِ، وَحَمَلَ عَلَيْهِ فِي مَذْهَبِهِ، وَقَالُوا: كَانَ يَحْمِلُ عَلَى عَلِيٍّ. وَالمَشْهُوْرُ: أَنَّهُ كَانَ يُقَدِّمُ عُثْمَانَ، وَلِذَلِكَ تَجَنَّبَ كثير من قدماء الكوفيين الرواية عنه.
وَمِنْهُم مَنْ قَالَ: إِنَّهُ مَعَ شُهْرَتِهِ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ كَبِيْرُ أَحَدٍ، وَلَيْسَ الأَمْرُ عِنْدَنَا كَمَا قَالَ هَؤُلاَءِ، وَأَرْوَاهُم عَنْهُ: إِسْمَاعِيْلُ بنُ أبي خالد، وكان ثقة، وثبتًا. وَبَيَانُ بنُ بِشْرٍ، وَكَانَ ثِقَةً، ثَبْتاً، وَذَكَرَ جَمَاعَةً.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ خِرَاشٍ: هُوَ كُوْفِيٌّ جَلِيْلٌ، لَيْسَ فِي التَّابِعِيْنَ أَحَدٌ رَوَى عن العشرةإلَّا قَيْسُ بنُ أَبِي حَازِمٍ.
وَرَوَى مُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ، عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، قَالَ: قَيْسُ بنُ أَبِي حَازِمٍ أَوْثَقُ مِنَ الزُّهْرِيِّ، وَمِنَ السَّائِبِ بنِ يَزِيْدَ.
وَرَوَى أَحْمَدُ بنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ، وَكَذَا وَثَّقَهُ وغير واحد.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 67"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 648"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة 579"، تاريخ بغداد "12/ 452"، الاستيعاب "3/ 1285"، أسد الغابة "4/ 211"، تاريخ الإسلام "4/ 64"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 49"، الكاشف "2/ ترجمة 4666"، تهذيب التهذيب "8/ 386"، الإصابة "3/ ترجمة 7274"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5869".

(5/112)


وَرَوَى عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ، أَنَّ يَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ قَالَ لَهُ: قَيْسُ بنُ أَبِي حَازِمٍ مُنْكَرُ الحَدِيْثِ. قَالَ: ثُمَّ ذَكَرَ لَهُ يَحْيَى أَحَادِيْثَ مَنَاكِيْرَ، مِنْهَا: حَدِيْثُ "كِلاَبِ الحَوْأَبِ"1.
وَقَالَ أَبُو سَعِيْدٍ الأَشَجُّ: سَمِعْتُ أَبَا خَالِدٍ الأَحْمَرَ يَقُوْلُ لابْنِ نُمَيْرٍ: يَا أَبَا هِشَامٍ، أَمَا تَذْكُرُ إِسْمَاعِيْلَ بنَ أَبِي خَالِدٍ وَهُوَ يَقُوْلُ: حدثنا قيس بن أبي حازم، هَذِهِ الأُسْطُوَانَةَ يَعْنِي: أَنَّهُ فِي الثِّقَةِ مِثْلُ هَذِهِ الأُسْطُوَانَةِ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ أَبِي غَنِيَّةَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ، قَالَ: كَبِرَ قَيْسٌ حَتَّى جَازَ المائَةَ بِسِنِيْنَ كَثِيْرَةٍ، حَتَّى خَرِفَ، وَذَهَبَ عَقْلُهُ. قَالَ: فَاشْتَرَوْا لَهُ جَارِيَةً سَوْدَاءَ أَعْجَمِيَّةً. قَالَ: وَجُعِلَ فِي عُنُقِهَا قَلاَئِدُ مِنْ عِهْنٍ وَوَدَعٍ وَأَجْرَاسٍ مِنْ نُحَاسٍ، فَجُعِلَتْ مَعَهُ فِي مَنْزِلِهِ، وَأُغْلِقَ عَلَيْهِ بَابٌ. قَالَ: وَكُنَّا نَطَّلِعُ إِلَيْهِ مِنْ وَرَاءِ البَابِ وَهُوَ مَعَهَا. قَالَ: فَيَأْخُذُ تِلْكَ القَلاَئِدَ بِيَدِهِ، فَيُحَرِّكُهَا، وَيَعْجَبُ مِنْهَا، وَيَضْحَكُ فِي وَجْهِهَا. رَوَاهَا: يَحْيَى بنُ سُلَيْمَانَ الجُعْفِيُّ، عَنْ يَحْيَى.
رَوَى أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ، عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ، قَالَ: مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ، أَوْ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ. وَقَالَ خَلِيْفَةُ، وَأَبُو عُبَيْدٍ: مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ. وَقَالَ الهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ: مَاتَ فِي آخِرِ خِلاَفَةِ سليمان بن عبد الملك. وشذ والفلاس، فَقَالَ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ.
وَلاَ عِبْرَةَ بِمَا رَوَاهُ: حَفْصُ بنُ سَلْمٍ السَّمَرْقَنْدِيُّ -فَقَدِ أتهم- عن إسماعيل ابْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ، قَالَ: دَخَلْتُ المَسْجِدَ مَعَ أَبِي، فَإِذَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ وَأَنَا ابْنُ سَبْعٍ أَوْ ثَمَانِ سِنِيْنَ. فَهَذَا لَوْ صَحَّ، لَكَانَ قَيْسٌ هَذَا هُوَ قَيْسُ بنُ عَائِذٍ صَحَابِيٌّ صَغِيْرٌ، فَإِنَّ قَيْسَ بنَ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: أَتَيْتُ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأُبَايِعَهُ، فَجِئْتُ وَقَدْ قُبِضَ. رَوَاهُ: السَّرِيُّ بنُ إِسْمَاعِيْلَ، عَنْهُ.
وَقِيْلَ: كَانَ قَيْسٌ فِي جَيْشِ خَالِدِ بنِ الوَلِيْدِ، إِذْ قَدِمَ الشام على برية السماوة.
وَرَوَى الحَكَمُ بنُ عُتَيْبَةَ، عَنْ قَيْسٍ، قَالَ: أَمَّنَا خَالِدٌ بِاليَرْمُوْكِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ.
وَرَوَى مُجَالِدٌ، عَنْ قَيْسٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ فِي مَرَضِهِ، وَأَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ تُرَوِّحُهُ، فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَشْمٍ فِي ذِرَاعِهَا، فَقَالَ لأَبِي: يَا أَبَا حَازِمٍ، قَدْ أَجَزْتُ لَكَ فرسك.
__________
1 الحوأب: موضع بئر بين مكة والبصرة، نبحت كلابه على عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- عند مقبلها إلى البصرة في وقعة الجمل. وحديث كلاب الجوأب أخرجه أحمد "6/ 52 و 97" من طريق إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم قال: لما أقبلت عائشة بَلَغَتْ مِيَاهَ بَنِي عَامِرٍ لَيْلاً نَبَحَتِ الكِلاَبُ، قالت: أي ماء هذا؟ قالوا: ماء الجوأب؛ قالت: ما أظنني إلا أنني راجعة، وقال بَعْضُ مَنْ كَانَ مَعَهَا: بَلْ تَقْدَمِيْنَ فَيَرَاكِ المسلمون فيصلح الله -عز وجل- ذَاتَ بَيْنِهِمْ، قَالَتْ: إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لها ذَاتَ يَوْمٍ: "كَيْفَ بِإِحْدَاكُنَّ" تَنْبُحُ عَلَيْهَا كِلاَبُ الحوأب" وإسناده صحيح. وقد خرجته في كتاب [منهاج السنة] لابن تيمية بأوسع من هذا فراجعه ثم إن شئت.

(5/113)


450- العلاء بن زياد 1: "ق"
ابن مطر بن شريح، القُدْوَةُ، العَابِدُ، أَبُو نَصْرٍ العَدَوِيُّ، البَصْرِيُّ. أَرْسَلَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَحَدَّثَ عَنِ: عِمْرَانَ بنِ حُصَيْنٍ، وَعِيَاضِ بنِ حِمَارٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَمُطَرِّفِ بنِ الشِّخِّيْرِ، وَغَيْرِهِم.
رَوَى عَنْهُ: الحَسَنُ، وَأَسِيْدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الخَثْعَمِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَمَطَرٌ الوَرَّاقُ، وَأَوْفَى بنُ دِلْهَمٍ، وَإِسْحَاقُ بنُ سُوَيْدٍ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ رَبَّانِيّاً، تَقِيّاً، قَانِتاً للهِ، بَكَّاءً مِنْ خَشْيَةِ اللهِ.
قَالَ قَتَادَةُ: كَانَ العَلاَءُ بنُ زِيَادٍ قَدْ بَكَى حَتَّى غشي بصره، وكان إذا أَرَادَ أَنْ يَقْرَأَ أَوْ يَتَكَلَّمَ جَهَشَهُ البُكَاءُ، وَكَانَ أَبُوْهُ قَدْ بَكَى حَتَّى عَمِيَ.
وَقَالَ هشام ابن حَسَّانٍ: كَانَ قُوْتُ العَلاَءِ بنِ زِيَادٍ رَغِيْفاً كُلَّ يَوْمٍ. وَقَالَ أَوْفَى بنُ دِلْهَمٍ: وَكَانَ لِلْعَلاَءِ بنِ زِيَادٍ مَالٌ وَرَقِيْقٌ، فَأَعْتَقَ بَعْضَهُم، وَبَاعَ بَعْضَهُم، وَتَعَبَّدَ، وَبَالَغَ، فَكُلِّمَ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: إِنَّمَا أَتَذَلَّلُ للهِ، لَعَلَّهُ يَرْحَمُنِي.
وَعَنْ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ زَيْدٍ، قَالَ: أَتَى رَجُلٌ العَلاَءَ بنَ زِيَادٍ فَقَالَ: أَتَانِي آتٍ فِي مَنَامِي فَقَالَ: ائْتِ العَلاَءَ بنَ زِيَادٍ، فَقُلْ لَهُ: لِمَ تَبْكِي؟ قَدْ غُفِرَ لَكَ. قَالَ فَبَكَى، وَقَالَ: الآنَ حِيْنَ لاَ أَهْدَأُ.
وَقَالَ سَلَمَةُ بنُ سَعِيْدٍ: رُؤِيَ العَلاَءُ بنُ زِيَادٍ أنه من أهل الجنة، فمكث ثلاث لاَ تَرْقَأُ لَهُ دَمْعَةٌ وَلاَ يَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، وَلاَ يَذُوْقُ طَعَاماً. فَأَتَاهُ الحَسَنُ، فَقَالَ: أَيْ أَخِي، أَتَقْتُلُ نَفْسَكَ أَنْ بُشِّرْتَ بِالجَنَّةِ! فَازْدَادَ بُكَاءً فَلَمْ يُفَارِقْهُ حَتَّى أَمْسَى، وَكَانَ صَائِماً، فَطَعِمَ شَيْئاً. رَوَاهَا: عُبَيْدُ اللهِ العَنْسِيُّ، عَنْ سلمة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 217"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 3133"، الجرح والتعديل، "ترجمة 1961"، حلية الولياء "2/ 243"، تاريخ الإسلام "4/ 41"، الكاشف "2/ ترجمة 4399" تهذيب التهذيب "8/ 181"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5511".

(5/114)


جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ: سَمِعْتُ مَالِكَ بنَ دِيْنَارٍ، وَسَأَلَ هِشَامَ بنَ زِيَادٍ العَدَوِيَّ، فَقَالَ: تَجَهَّزَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ لِلْحَجِّ، فَأَتَاهُ آتٍ فِي مَنَامِهِ: ائْتِ البَصْرَةَ، فَائْتِ العَلاَءَ بنَ زِيَادٍ، فَإِنَّهُ رَجُلٌ رَبْعَةٌ، أَقْصَمُ الثَّنِيَّةِ، بَسَّامٌ، فَبَشِّرْهُ بِالجَنَّةِ. فَقَالَ: رُؤْيَا لَيْسَتْ بِشَيْءٍ. فَأَتَاهُ فِي اللَّيْلَةِ الثَّانِيَةِ، ثُمَّ فِي الثَّالِثَةِ، وَجَاءهُ بِوَعِيْدٍ، فَأَصْبَحَ، وَتَجَهَّزَ إِلَى العِرَاقِ، فَلَمَّا خَرَجَ مِنَ البُيُوْتِ، إِذَا الَّذِي أَتَاهُ فِي مَنَامَهِ يَسِيْرُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَإِذَا نَزَلَ فَقَدَهُ. قَالَ: فَجَاءَ، فَوَقَفَ عَلَى بَابِ العَلاَءِ، فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: أَنْتَ العَلاَءُ؟ قُلْتُ: لاَ، انْزِلْ -رَحِمَكَ اللهُ- فَضَعْ رَحْلَكَ. قَالَ: لاَ، أَيْنَ العَلاَءُ؟ قُلْتُ: فِي المَسْجِدِ. فَجَاءَ العَلاَءُ، فَلَمَّا رَأَى الرَّجُلَ تَبَسَّمَ فَبَدَتْ ثَنِيَّتُهُ، فَقَالَ: هَذَا وَالله هو فقال العلاء: هلا حططت رحل الرَّجُلِ إلَّا أَنْزَلْتَهُ قَالَ: قُلْتُ لَهُ: فَأَبَى قَالَ العَلاَءُ: انْزِلْ رَحِمَكَ اللهُ قَالَ: أَخْلِنِي فَدَخَلَ العَلاَءُ مَنْزِلَهُ وَقَالَ: يَا أَسْمَاءُ تَحَوَّلِي فَدَخَلَ الرَّجُلُ فَبَشَّرَهُ بِرُؤْيَاهُ ثُمَّ خَرَجَ فَرَكِبَ وَأَغْلَقَ العَلاَءُ بَابَهُ وَبَكَى ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ أَوْ قَالَ: سَبْعَةً لاَ يَذُوْقُ فِيْهَا طَعَاماً وَلاَ شَرَاباً فَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ فِي خِلاَلِ بُكَائِهِ: أَنَا أَنَا وَكُنَّا نَهَابُهُ أَنْ نَفْتَحَ بَابَهُ وَخَشِيْتُ أَنْ يَمُوْتَ فَأَتَيْتُ الحَسَنَ فَذَكَرْتُ لَهُ ذَلِكَ فَجَاءَ فَدَقَّ عَلَيْهِ فَفَتَحَ وَبِهِ مِنَ الضُّرِّ شيء الله به علم ثُمَّ كَلَّمَ الحَسَنَ فَقَالَ وَمِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ إِنْ شَاءَ اللهُ أَفَقَاتِلٌ نَفْسَكَ أَنْتَ قَالَ هِشَامٌ فَحَدَّثَنَا العَلاَءُ لِي وَللْحَسَنِ بِالرُّؤْيَا وَقَالَ: لاَ تُحَدِّثُوا بِهَا مَا كُنْتُ حَيّاً.
قَتَادَةُ، عَنِ العَلاَءِ بنِ زِيَادٍ، قَالَ: مَا يَضُرُّكَ شَهِدْتَ عَلَى مُسْلِمٍ بِكُفْرٍ، أَوْ قَتَلْتَهُ.
وَقَالَ هِشَامُ بنُ حَسَّانٍ: كَانَ العَلاَءُ يَصُوْمُ حَتَّى يَخْضَرَّ، وَيُصَلِّي حَتَّى يَسْقُطَ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَنَسٌ وَالحَسَنُ، فَقَالاَ: إِنَّ اللهَ لَمْ يَأْمُرْكَ بِهَذَا كُلِّهِ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: أُخْبِرْتُ عَنْ مُبَارَكِ بنِ فَضَالَةَ، عَنْ حُمَيْدِ بنِ هِلاَلٍ، قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ الحَسَنِ عَلَى العَلاَءِ بنِ زِيَادٍ، وَقَدْ أَسَلَّهُ الحُزْنُ، وَكَانَتْ لَهُ أُخْتٌ تَنْدِفُ عَلَيْهِ القُطْنَ غُدْوَةً وَعَشِيَّةً، فَقَالَ: كَيْفَ أَنْتَ يَا عَلاَءُ؟ قَالَ: وَاحُزْنَاهُ عَلَى الحُزْنِ.
حُمَيْدُ بنُ هِلاَلٍ، عَنِ العَلاَءِ بنِ زِيَادٍ، قَالَ: رَأَيْتُ النَّاسَ فِي النَّوْمِ، يَتْبَعُوْنَ شَيْئاً، فَتَبِعْتُهُ، فَإِذَا عَجُوْزٌ كَبِيْرَةٌ هَتْمَاءُ عَوْرَاءُ، عَلَيْهَا من كل حلية وَزِيْنَةٍ، فَقُلْتُ: مَا أَنْتِ؟ قَالَتْ: أَنَا الدُّنْيَا. قُلْتُ: أَسْأَلُ اللهَ أَنْ يُبَغِّضَكِ إِلَيَّ. قَالَتْ: نَعَمْ، إِنْ أَبْغَضْتَ الدَّرَاهِمَ.
رَوَى الحَارِثُ بنُ نَبْهَانَ، عَنْ هَارُوْنَ بنِ رِئَابٍ، عَنِ العَلاَءِ، بِنَحْوِهِ.
جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ الضُّبَعِيُّ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بنُ زِيَادٍ أَخُو العَلاَءِ: أَنَّ العَلاَءَ كَانَ يحيى ليلة

(5/115)


الجُمُعَةِ، فَنَامَ لَيْلَةَ جُمُعَةٍ، فَأَتَاهُ مَنْ أَخَذَ بِنَاصِيَتِهِ، فَقَالَ: قُمْ يَا ابْنَ زِيَادٍ، فَاذْكُرِ اللهَ يَذْكُرْكَ. فَقَامَ، فَمَا زَالَتْ تِلْكَ الشَّعْرَاتُ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْهُ قَائِمَةً حَتَّى مَاتَ.
قَالَ البُخَارِيُّ فِي تَفْسِيْر "حم، المُؤْمِنُ" فِي: {لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّه} [الزُّمَرُ: 53] ، رَوَى حُمَيْدُ بنُ هِلاَلٍ، عَنِ العَلاَءِ بنِ زِيَادٍ، قَالَ: رأيت في النوم دنيا عَجُوْزاً شَوْهَاءَ هَتْمَاءَ، عَلَيْهَا مِنْ كُلِّ زِيْنَةٍ وَحِلْيَةٍ، وَالنَّاسُ يَتْبَعُوْنَهَا، قُلْتُ مَا أَنْتِ؟ قَالَتْ: الدُّنْيَا وَذَكَرَ الحِكَايَةَ1.
ذَكَرَ أَبُو حَاتِمٍ بنُ حِبَّانَ: أَنَّ العَلاَءَ بنَ زِيَادٍ تُوُفِّيَ فِي أَخَرَةِ وِلاَيَةِ الحَجَّاجِ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ.
قَرَأْتُ عَلَى إِسْحَاقَ الأَسَدِيِّ: أَخْبَرَكُم يُوْسُفُ بنُ خَلِيْلٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو المَكَارِمِ التَّيْمِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا فَارُوْقٌ وَحَبِيْبُ بنُ الحَسَنِ فِي جَمَاعَةٍ، قَالُوا: أَنْبَأَنَا أبو مسلم الكشي، حدثنا عمرو بنُ مَرْزُوْقٍ، أَنْبَأَنَا عِمْرَانُ القَطَّانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ العَلاَءِ بنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الجَنَّةُ لَبِنَةٌ مِنْ ذَهَبٍ وَلَبِنَةٌ مِنْ فِضَّةٍ" رَوَاهُ مَطَرٌ الوَرَّاقُ، عَنِ العَلاَءِ، مِثْلَهُ إِسْنَادُهُ قَوِيٌّ2.
فَأَمَّا "العَلاَءُ بنُ زِيَادٍ": فَشَيْخٌ آخَرُ، بَصْرِيٌّ، يَرْوِي عَنِ: الحُسَيْنِ، رَوَى عَنْهُ: حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، رَوَى لَهُ: النَّسَائِيُّ. وَقَدْ جَعَلَ شَيْخُنَا أَبُو الحَجَّاجِ الحَافِظُ التَّرْجَمَتَيْنِ وَاحِدَةً، وَلاَ يستقيم ذلك.
__________
1 ليس في صحيح البخاري، إنما أورد البخاري "8/ 553" في ترجمة الباب "40 سورة المؤمن" عن العلاء بن زياد قال: كان العلاء بن زياد يذكر النار، فقال رجل: لم تقنط الناس؟ قال: وأنا أقدر أن أقنط الناس؟ والله -عز وجل- يقول: {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} [الزمر: 53] ،، ويقول: {وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ} [غافر: 43] ، ولكنكم تحبون أن تبشروا بالجنة على مساوئ أعمالكم، وإنما بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم بمشرا بالجنة لمن أطاعه، ومنذرا بالنار لمن عصاه".
2 صحيح: أخرجه أحمد "2/ 362"، والبزار "3509"، والطبراني في "الأوسط" "2553"، وأبو نعيم في "الحلية" "2/ 248"، وفي "صفة الجنة" له "137" من طريق عِمْرَانُ القَطَّانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ العَلاَءِ بنِ زياد العدوي، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "بناء الجَنَّةُ لَبِنَةٌ مِنْ ذَهَبٍ، وَلَبِنَةٌ مِنْ فِضَّةٍ".

(5/116)


عبد الله بن معقل، عبد الله بن معبد، أبو العالية

451- عبد الله بن معقل 1: "خ، م، د، س"
ابن مقرن، الإِمَامُ، أَبُو الوَلِيْدِ المُزَنِيُّ، الكُوْفِيُّ. لأَبِيْهِ صُحْبَةٌ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ. وَعَنْ: عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُوْدٍ، وَكَعْبِ بنِ عُجْرَةَ، وَجَمَاعَةٍ.
وَعَنْهُ: أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ، وَعَبْدُ المَلِكِ بنُ عُمَيْرٍ، وَيَزِيْدُ بنُ أَبِي زِيَادٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ سُلَيْمَانُ بنُ فَيْرُوْزٍ الشَّيْبَانِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
ذَكَرَهُ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيُّ، فَقَالَ: ثِقَةٌ، مِنْ خِيَارِ التَّابِعِيْنَ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ.
452- عَبْدُ اللهِ بنُ مَعْبَدٍ 2: "م، 4"
الزماني، بصري، ثقة، جليل.
رَوَى عَنِ: ابْنِ مَسْعُوْدٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي قَتَادَةَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ثَابِتٌ البُنَانِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَغَيْلاَنُ بنُ جَرِيْرٍ، وَآخَرُوْنَ. مَاتَ: قَبْلَ المائَةِ.
453- أَبُو العالية 3: "ع"
رفيع بن مهران، الإِمَامُ، المُقْرِئُ، الحَافِظُ، المُفَسِّرُ، أَبُو العَالِيَةِ الرِّيَاحِيُّ، البصري، أحد الأعلام. كان مولى لامرأة بَنِي رِيَاحِ بنِ يَرْبُوْعٍ، ثُمَّ مِنْ بَنِي تَمِيْمٍ.
أَدْرَك زَمَانَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ شَابٌّ، وَأَسْلَمَ فِي خِلاَفَةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ، وَدَخَلَ عَلَيْهِ.
وَسَمِعَ مِنْ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَأُبَيٍّ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَابْنِ مَسْعُوْدٍ، وَعَائِشَةَ، وَأَبِي مُوْسَى، وَأَبِي أَيُّوْبَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَزَيْدِ بنِ ثَابِتٍ، وَعِدَّةٍ.
وَحَفِظَ القُرْآنَ، وَقَرَأَهُ عَلَى: أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ، وَتَصَدَّرَ لإِفَادَةِ العِلْمِ، وَبعُدَ صِيْتُهُ. قَرَأَ عَلَيْهِ: أَبُو عَمْرٍو بنُ العَلاَءِ -فِيْمَا قِيْلَ- وَمَا ذَاكَ بِبَعِيْدٍ فَإِنَّهُ تَمِيْمِيٌّ، وَكَانَ مَعَهُ بِبَلَدِهِ، وَأَدْرَكَ مِنْ حَيَاةِ أَبِي العالية نيفًا وعشرين سنة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 175"، التاريخ الكبير "5/ ترجمة 615"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 780"، الكاشف "2/ ترجمة 3037"، تاريخ الإسلام "3/ 270"، تهذيب التهذيب "6/ 40"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3837".
2 ترجمته في التاريخ الكبير "5/ ترجمة 622"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 805"، الكاشف "2/ ترجمة 3036"، تاريخ الإسلام "3/ 270"، تهذيب التهذيب "6/ 40"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة رقم "3836".
3 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 112"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 1103"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 2312"، الحلية لأبي نعيم "2/ 217"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 50"، تاريخ الإسلام "3/ 319" و "4/ 79"، العبر "1/ 109"، الإصابة "1/ ترجمة 2740"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2100".

(5/117)


قَالَ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ: أَخَذَ أَبُو العَالِيَةِ القِرَاءةَ عَرْضاً عَنْ: أُبَيٍّ، وَزَيْدٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ. وَيُقَالُ: قَرَأَ عَلَى عُمَرَ.
رَوَى عَنْهُ القِرَاءةَ عَرْضاً شُعَيْبُ بنُ الحَبْحَابِ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ قَتَادَةُ: قَالَ أَبُو العَالِيَةِ: قَرَأْتُ القُرْآنَ بَعْد وَفَاةِ نَبِيِّكُم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَشْرِ سِنِيْنَ.
وَرَوَى مُعْتَمِرُ بنُ سُلَيْمَانَ، وَغَيْرُهُ، عَنْ هِشَامُ بنُ حَسَّانٍ، عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيْرِيْنَ، قَالَتْ: قَالَ لِي أَبُو العَالِيَةِ: قَرَأْتُ القُرْآنَ عَلَى عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- ثَلاَثَ مِرَارٍ.
وَعَنْ أَبِي خَلْدَةَ، عَنْ أَبِي العَالِيَةِ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَرْفَعُنِي عَلَى السَّرِيْرِ، وَقُرَيْشٌ أَسْفَلَ مِنَ السَّرِيْرِ، فَتَغَامَزَتْ بِي قُرَيْشٌ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هَكَذَا العِلْمُ يَزِيْدُ الشَّرِيْفَ شَرَفاً، وَيُجْلِسُ المَمْلُوْكَ عَلَى الأَسِرَّةِ.
قُلْتُ: هَذَا كَانَ سَرِيْرَ دَارِ الإِمْرَةِ، لَمَّا كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ مُتَوَلِّيَهَا لِعَلِيٍّ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ: وَلَيْسَ أَحَدٌ بَعْدَ الصَّحَابَةِ أَعْلَمَ بِالقُرْآنِ مِنْ أَبِي العَالِيَةِ، وَبَعْدَهُ: سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ. وَقَدْ وَثَّقَ أَبَا العَالِيَةِ: الحَافِظَانِ؛ أبو زرعة، وأبو حاتم.
قَالَ خَالِدٌ أَبُو المُهَاجِرِ: عَنْ أَبِي العَالِيَةِ: كُنْتُ بِالشَّامِ مَعَ أَبِي ذَرٍّ.
وَقَالَ أَبُو خلدة خالد بن دينار: سمعت أبو العَالِيَةِ يَقُوْلُ: كُنَّا عَبِيْداً مَمْلُوْكِيْنَ، مِنَّا مَنْ يُؤَدِّي الضَّرَائِبَ، وَمِنَّا مَنْ يَخْدُمُ أَهْلَهُ، فَكُنَّا نَخْتِمُ كُلَّ لَيْلَةٍ، فَشَقَّ عَلَيْنَا، حَتَّى شَكَا بَعْضُنَا إِلَى بَعْضٍ، فَلَقِيْنَا أَصْحَابَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَعَلَّمُوْنَا أَنْ نَخْتِمَ كُلَّ جُمُعَةٍ، فَصَلَّيْنَا، وَنِمْنَا، وَلَمْ يَشُقَّ عَلَيْنَا.
قَالَ أَبُو خَلْدَةَ ذُكِرَ الحَسَنُ البَصْرِيُّ لأَبِي العَالِيَةِ، فَقَالَ: رَجُلٌ مُسْلِمٌ، يَأْمُرُ بِالمَعْرُوْفِ، وَيَنْهَى عَنِ المُنْكَرِ، وَأَدْرَكْنَا الخَيْرَ، وَتَعَلَّمْنَا قَبْلَ أَنْ يُوْلَدَ. وَكُنْتُ آتِي ابْنَ عَبَّاسٍ، وَهُوَ أَمِيْرُ البَصْرَةِ، فَيُجْلِسُنِي عَلَى السَّرِيْرِ، وَقُرَيْشٌ أَسْفَلُ.
وَرَوَى جَرِيْرٌ، عَنْ مُغِيْرَةَ، قَالَ: كَانَ أَشْبَهُ أَهْلِ البَصْرَةِ عِلْماً بِإِبْرَاهِيْمَ النَّخَعِيِّ أَبُو العَالِيَةِ.
وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ: عَنِ الرَّبِيْعِ بنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي العَالِيَةِ، قَالَ: كُنْتُ أَرْحَلُ إِلَى الرَّجُلِ مَسِيْرَةَ أَيَّامٍ لأَسْمَعَ مِنْهُ، فَأَتَفَقَّدُ صَلاَتَهُ، فَإِنْ وَجَدْتُهُ يُحْسِنُهَا، أَقَمْتُ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَجِدْهُ يُضِيِّعُهَا، رَحَلْتُ وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ، وَقُلْتُ: هُوَ لما سواها أضيع.
قال شعيب بن الحباب: حَابَيْتُ أَبَا العَالِيَةِ فِي ثَوْبٍ، فَأَبَى أَنْ يَشْتَرِيَ مِنِّي الثَّوْبَ.
قَالَ أَبُو خَلْدَةَ: قَالَ أَبُو العَالِيَةِ: لَمَّا كَانَ زَمَانُ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ، وَإِنِّي لَشَابٌّ، القِتَالُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الطَّعَامِ الطَّيِّبِ، فَتَجَهَّزْتُ بِجَهَازٍ حَسَنٍ حَتَّى أَتَيْتُهُم، فَإِذَا صفان ما يرى طرفهما، إذا

(5/118)


كبر هؤلاء، كبر هؤلاء, وإذا هلل هَؤُلاَءِ، هَلَّلَ هَؤُلاَءِ, فَرَاجَعْتُ نَفْسِي، فَقُلْتُ: أَيُّ الفَرِيْقَيْنِ أُنَزِّلُهُ كَافِراً؟ وَمَنْ أَكْرَهَنِي عَلَى هَذَا؟ قَالَ: فَمَا أَمْسَيْتُ حَتَّى رَجَعْتُ، وَتَرَكْتُهُم.
قَالَ عَاصِمٌ الأَحْوَلُ: كَانَ أَبُو العَالِيَةِ إِذَا جَلَسَ إِلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةٍ قَامَ، فَتَرَكَهُم.
مَعْمَرٌ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي العَالِيَةِ، قَالَ: أَنْتُم أَكْثَرُ صَلاَةً وَصِيَاماً مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُم، وَلَكِنَّ الكَذِبَ قَدْ جَرَى عَلَى أَلْسِنَتِكُم.
زَيْدُ بنُ الحُبَابِ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ دِيْنَارٍ، عَنْ أَبِي العَالِيَةِ، قَالَ: تَعَلَّمْتُ الكِتَابَةَ وَالقُرْآنَ، فَمَا شَعَرَ بِي أَهْلِي، وَلاَ رُئِيَ فِي ثَوْبِي مِدَادٌ قَطُّ.
ابْنُ عُيَيْنَةَ: سَمِعْتُ عَاصِماً الأَحْوَلَ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي العَالِيَةِ، قَالَ: تَعَلَّمُوا القُرْآنَ، فَإِذَا تَعْلَّمْتُمُوْهُ، فَلاَ تَرْغَبُوا عَنْهُ، وَإِيَّاكُم وَهَذِهِ الأَهْوَاءَ، فَإِنَّهَا تُوْقِعُ العَدَاوَةَ وَالبَغْضَاءَ بَيْنَكُم، فَإِنَّا قَدْ قَرَأْنَا القُرْآنَ قَبْلَ أَنْ يُقْتَلَ يَعْنِي: عُثْمَانَ بِخَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً. قَالَ: فَحَدَّثْتُ بِهِ الحَسَنَ، فَقَالَ: قَدْ نَصَحَكَ وَاللهِ وَصَدَقَكَ.
أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو خَلْدَةَ، عَنْ أَبِي العَالِيَةِ، قَالَ: مَا مَسَسْتُ ذَكَرِي بِيَمِيْنِي منذُ سِتِّيْنَ، أَوْ سَبْعِيْنَ سَنَةً.
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، أَنَّ أَبَا العَالِيَةِ قَالَ: إِنِّي لأَرْجُو أَنْ لاَ يَهْلِكَ عَبْدٌ بَيْنَ نِعْمَتَيْنِ: نِعْمَةٍ يَحْمَدُ الله عليها، وذنب يستغفر الله منه.
وَقَالَ أَبُو خَلْدَةَ: سَمِعْتُ أَبَا العَالِيَةِ يَقُوْلُ: تَعَلَّمُوا القُرْآنَ خَمْسَ آيَاتٍ، خَمْسَ آيَاتٍ، فَإِنَّهُ أَحْفَظُ عَلَيْكُم، وَجِبْرِيْلُ كَانَ يَنْزِلُ بِهِ خَمْسَ آيَاتٍ، خَمْسَ آيَاتٍ.
قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا جَرِيْرٌ، عَنْ مُغِيْرَةَ، قَالَ: أَوَّلُ مَنْ أَذَّنَ بِمَا وَرَاءَ النَّهْرِ: أَبُو العَالِيَةِ الرِّيَاحِيُّ.
أَبُو خَلْدَةَ، قَالَ: كَانَ أَبُو العَالِيَةِ إِذَا دَخَلَ عَلَيْهِ أَصْحَابٌ، يُرَحِّبُ بِهِم، وَيَقْرَأُ: {وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُم} [الأَنْعَامُ:54] .
مُحَمَّدُ بنُ مُصْعَبٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ، عَنِ الرَّبِيْعِ، عَنْ أَبِي العَالِيَةِ، قَالَ: إِنَّ اللهَ قَضَى عَلَى نَفْسِهِ أَنَّ: مَنْ آمَنَ بِهِ هَدَاهُ، وَتَصْدِيْقُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللهِ: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} [التَّغَابُنُ:11] . وَمَنْ تَوَكَّلَ عَلَيْهِ كَفَاهُ، وَتَصْدِيْقُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللهِ: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطَّلاَقُ: 3] . وَمَنْ أَقْرَضَهُ جَازَاهُ، وَتَصْدِيْقُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللهِ {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً} [البَقَرَةُ: 245] . وَمَنِ اسْتَجَارَ مِنْ عَذَابِهِ أَجَارَهُ، وَتَصْدِيْقُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللهِ {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا} [آلُ عِمْرَانَ: 103] ،

(5/119)


وَالاعْتِصَامُ: الثِّقَةُ بِاللهِ. وَمَنْ دَعَاهُ أَجَابَهُ، وَتَصْدِيْقُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللهِ: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَان} [البقرة: 186] .
وَمِنْ مَرَاسِيْلِ أَبِي العَالِيَةِ الَّذِي صَحَّ إِسْنَادُهُ إِلَيْهِ: الأَمْرُ بِإِعَادَةِ الوُضُوْءِ، وَالصَّلاَةِ عَلَى مَنْ ضَحِكَ فِي الصَّلاَةِ. وَبِهِ يَقُوْلُ أَبُو حَنِيْفَةَ، وَغَيْرُهُ مِنْ أَئِمَّةِ العِلْمِ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ، سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُوْلُ: حَدِيْث أَبِي العَالِيَةِ الرِّيَاحِيِّ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ يَعْنِي: مَا يُرْوَى فِي الضَّحِكِ فِي الصَّلاَةِ.
وَرَوَى حَمَّادُ بن زيد، عن شعيب بن الحجباب، قَالَ: قَالَ أَبُو العَالِيَةِ: اشْتَرَتْنِي امْرَأَةٌ، فَأَرَادَتْ أَنْ تُعْتِقَنِي، فَقَالَ بَنُوْ عَمِّهَا: تُعْتِقِيْنَهُ، فَيَذْهَبَ إِلَى الكُوْفَةِ، فَيَنْقَطِعَ؟! فَأَتَتْ لِي مَكَاناً فِي المَسْجِدِ، فَقَالَتْ: أَنْتَ سَائِبَةٌ -تُرِيْدُ: لاَ وَلاَء لأَحَدٍ عَلَيْكَ- قَالَ: فَأَوْصَى أَبُو العَالِيَةِ بِمَالِهِ كُلِّهِ.
وَقَالَ أَبُو خَلْدَةَ: عَنْ أَبِي العَالِيَةِ، قَالَ: مَا تَرَكْتُ مِنْ مَالٍ، فَثُلُثُهُ فِي سَبِيْلِ اللهِ، وَثُلثُهُ فِي أَهْلِ بَيْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَثُلُثُهُ فِي الفُقَرَاءِ. قُلْتُ لَهُ: فَأَيْنَ مَوَالِيْكَ؟ قَالَ السَّائِبَةُ يَضَعُ نَفْسَهُ حَيْثُ شَاءَ.
هَمَّامُ بنُ يَحْيَى: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَبِي العَالِيَةِ، قَالَ: قَرَأْتُ المُحْكَمَ بَعْد وَفَاةِ نَبِيِّكُم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَشْرِ سِنِيْنَ فَقَدْ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيَّ بِنِعْمَتَيْنِ لاَ أَدْرِي أَيُّهُمَا أَفَضْلُ أَنْ هَدَانِي لِلإِسْلاَمِ ولم يجعلني حروريًا1.
قَالَ أَبُو خَلْدَةَ: سَمِعْتُ أَبَا العَالِيَةِ يَقُوْلُ: زَارَنِي عَبْدُ الكَرِيْمِ أَبُو أُمَيَّةَ، وَعَلَيْهِ ثِيَابٌ صُوْفٌ فَقُلْتُ لَهُ: هَذَا زِيُّ الرُّهْبَانِ، إِنَّ المُسْلِمِيْنَ إِذَا تَزَاوَرُوا، تَجَمَّلُوا.
وَرَوَى حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ: أَنَّ أَبَا العَالِيَةِ أَوْصَى مُوَرِّقاً العِجْلِيَّ أَنْ يَجْعَلَ فِي قَبْرِهِ جَرِيْدَتَيْنِ.
وَقَالَ مُوَرِّقٌ: وَأَوْصَى بُرَيْدَةُ الأَسْلَمِيُّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنْ يُوْضَعَ فِي قَبْرِهِ جَرِيْدَتَانِ2.
قَرَأْتُ عَلَى إِسْحَاقَ الأَسَدِيِّ: أَخْبَرَكُمُ ابْنُ خَلِيْلٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو المَكَارِمِ التَّيْمِيُّ، أَنْبَأَنَا الحَدَّادُ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي العَالِيَةِ، قَالَ: مَا تَرَكَ عِيْسَى ابْنُ مَرْيَمَ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- حِيْنَ رُفِعَ إلى مِدْرَعَةَ صُوْفٍ، وَخُفَّيْ رَاعٍ، وَقَذَّافَةً يَقْذِفُ بِهَا الطَّيْرَ.
قَالَ أَبُو خَلْدَةَ: مَاتَ أَبُو العَالِيَةِ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ تِسْعِيْنَ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ، وَغَيْرُهُ: مات سنة ثلاث وتسعين.
وشد المَدَائِنِيُّ، فَوَهِمَ، وَقَالَ: مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَمائَةٍ.
__________
1 الحرورية نسبة إلى حروراء: قرية من قرى الكوفة، تجمع فيها المحكمة الأولى الذين خرجوا على علي بن أبي طالب بعد تحكيم المحكمين، فاجتمعوا فيها، وكان رأسهم عبد الله بن الكواء، وحر قوص بن زهير البجلي المعروف بذي الثدية، وعدة فكفروا عليا وتبرؤوا منه فحاربهم بالنهروان فقتلهم وقتل ذا الثدية راجع الملل والنحل للشهرستاني "1/ 115".
2 أخرجه البخاري معلقًا "3/ 222" باب الجريدة على القبر، ووصله ابن سعد في "الطبقات" "7/ 8" من طريق عفان بن مسلم، عن حماد بن سلمة، عن عاصم الأحول قال: قال مورق: أوصى بريدة الأسلمي أن توضع في قبره جريدتان. فكمان مات بأدتى خراسان فلم توجد إلا في جوالق حمار".

(5/120)


454- عمران بن حطان 1: "خ، د، ت".
ابن ظبيان، السدوسي البَصْرِيُّ. مِنْ أَعْيَانِ العُلَمَاءِ، لَكِنَّهُ مِنْ رُؤُوْسِ الخَوَارِجِ.
حَدَّثَ عَنْ: عَائِشَةَ، وَأَبِي مُوْسَى الأَشْعَرِيِّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ سِيْرِيْنَ، وَقَتَادَةُ، وَيَحْيَى بنُ أَبِي كَثِيْرٍ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: لَيْسَ فِي أَهْلِ الأَهْوَاءِ أَصَحُّ حَدِيْثاً مِنَ الخَوَارِجِ. ثُمَّ ذَكَرَ عِمْرَانَ بنَ حِطَّانَ، وَأَبَا إحسان الأَعْرَجَ.
قَالَ الفَرَزْدَقُ: عِمْرَانُ بنُ حِطَّانَ مِنْ أَشْعَرِ النَّاسِ؛ لأَنَّهُ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَقُوْلَ مِثْلَنَا، لَقَالَ، وَلَسْنَا نَقْدِرُ أَنْ نَقُوْلَ مِثْلَ قَوْلِهِ.
حَدَّثَ سَلَمَةُ بنُ عَلْقَمَةَ، عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ، قَالَ: تَزَوَّجَ عِمْرَانُ خَارِجِيَّةً، وَقَالَ: سَأَرُدُّهَا. قَالَ: فَصَرَفَتْهُ إِلَى مَذْهَبِهَا. فَذَكَرَ المَدَائِنِيُّ: أَنَّهَا كَانَتْ ذَاتَ جَمَالٍ، وَكَانَ دَمِيْماً، فَأَعْجَبَتْهُ يَوْماً، فَقَالَتْ: أَنَا وَأَنْتَ فِي الجَنَّةِ، لأَنَّكَ أُعْطِيْتَ، فَشَكَرْتَ، وَابْتُلِيْتُ، فَصَبَرْتُ.
قَالَ الأَصْمَعِيُّ: بَلَغَنَا أَنَّ عِمْرَانَ بنَ حِطَّانَ كَانَ ضَيْفاً لِرَوْحِ بنِ زِنْبَاعٍ، فَذَكَرَهُ لِعَبْدِ المَلِكِ، فَقَالَ: اعْرِضْ عَلَيْهِ أن يأتينا. فهرب، وكتب:
__________
قلت: إسناده صحيح، رجاله ثقات.
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 155"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2822"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1643"، الكاشف "2/ ترجمة 4330"، تاريخ الإسلام "3/ 284"، "العبر "1/ 98"، تهذيب التهذيب "8/ 127"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5425"، شذرات الذهب "1/ 95"، خزانة الأدب "350".

(5/121)


يَا رَوْحُ كَمْ مِنْ كَرِيْمٍ قَدْ نَزَلْتُ به ... قد ظن مِنْ لَخْمٍ وَغَسَّانِ؟
حَتَّى إِذَا خِفْتُهُ زَايَلْتُ مَنْزِلَهُ ... مِنْ بَعْدِ مَا قِيْلَ عِمْرَانُ بنُ حِطَّانِ
قَدْ كنْتُ ضَيْفَكَ حَوْلاً مَا تُرَوِّعُنِي ... فِيْهِ طَوَارِقُ مِنْ إِنْسٍ وَلاَ جَانِ
حَتَّى أَرَدْتَ بِيَ العُظْمَى فَأَوْحَشَنِي ... مَا يُوْحِشُ النَّاسَ مِنْ خَوْفِ ابْنِ مَرْوَانِ
لَوْ كُنْتُ مُسْتَغْفِراً يَوْماً لِطَاغِيَةٍ ... كُنْتَ المُقَدَّمَ فِي سِرٍّ وَإِعْلاَنِ
لَكِنْ أَبَتْ لِي آيَاتٌ مُفَصَّلَةٌ ... عَقْدَ الوِلاَيَةِ فِي "طه" وَ"عِمْرَانِ"
وَمِنْ شِعْرِهِ فِي مَصْرَعِ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ:
يَا ضَرْبَةً مِنْ تَقِيٍّ مَا أَرَادَ بِهَا ... إِلاَّ لِيَبْلُغَ مِنْ ذِي العَرْشِ رِضْوَانَا
إِنِّي لأَذْكُرُهُ حِيْناً فأحسبه ... أو فى البَرِيَّةِ عِنْدَ اللهِ مِيْزَانَا
أَكْرِمْ بِقَوْمٍ بُطُوْنُ الطِّيْرِ قَبْرُهُمُ ... لَمْ يَخْلِطُوا دِيْنَهُم بَغْياً وَعُدْوَانَا
فَبَلَغَ شِعْرُهُ عَبْدَ المَلِكِ بنَ مَرْوَانَ, فَأَدْرَكَتْهُ حمية لقرابته من علي -رضي اللهُ عَنْهُ- فَنَذَرَ دَمَهُ وَوَضَعَ عَلَيْهِ العُيُوْنَ. فَلَمْ تَحْمِلْهُ أَرْضٌ فَاسْتَجَارَ بِرَوْحِ بنِ زِنْبَاعٍ, فَأَقَامَ فِي ضِيَافَتِهِ, فَقَالَ: مِمَّنْ أَنْتَ؟ قَالَ: مِنَ الأَزْدِ. فَبَقِي عِنْدَهُ سَنَةً فَأَعْجَبَهُ, إِعْجَاباً شَدِيْداً فَسَمَرَ رَوْحٌ لَيْلَةً عِنْدَ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ فَتَذَاكَرَا شِعْرَ عِمْرَانَ هَذَا. فَلَمَّا انْصَرَفَ رَوْحٌ, تَحَدَّثَ مَعَ عِمْرَانَ بِمَا جَرَى, فَأَنْشَدَهُ بَقِيَّةَ القَصِيْدِ فَلَمَّا عَادَ إِلَى عَبْدِ المَلِكِ قَالَ: إِنَّ فِي ضِيَافَتِي رَجُلاً مَا سَمِعْتُ مِنْهُ حَدِيْثاً قَطُّ إلَّا وَحَدَّثَنِي بِهِ وَبِأَحْسَنَ مِنْهُ, وَلَقَدْ أَنْشَدَنِي تِلْكَ القَصِيْدَةَ كُلَّهَا. قَالَ: صِفْهُ لِي فَوَصَفَهُ لَهُ قَالَ: إِنَّكَ لَتَصِفُ عِمْرَانَ بنَ حِطَّانَ, اعْرِضْ عَلَيْهِ أَنْ يَلْقَانِي قَالَ: فَهَرَبَ إِلَى الجَزِيْرَةِ ثُمَّ لَحِقَ بِعُمَانَ فَأَكْرَمُوْهُ.
وَعَنْ قَتَادَةَ قَالَ: لَقِيَنِي عِمْرَانُ بنُ حِطَّانَ, فَقَالَ: يَا أَعْمَى احْفَظْ عَنِيِّ هَذِهِ الأَبْيَاتَ:
حَتَّى مَتَى تُسْقَى النُّفُوْسُ بِكَأْسِهَا ... رَيْبَ المَنُوْنِ وَأَنْتَ لاَهٍ تَرْتَعُ؟
أَفَقَدْ رَضِيْتَ بِأَنْ تُعَلَّلَ بِالمُنَى ... وَإِلَى المَنِيَّةِ كُلَّ يَوْمٍ تُدْفَعُ؟
أَحْلاَمُ نَوْمٍ أَوْ كَظِلٍّ زَائِلٍ ... إِنَّ اللَّبِيْبَ بِمِثْلِهَا لاَ يُخْدَعُ
فَتَزَوَّدَنَّ لِيَوْمِ فَقْرِكَ دَائِباً ... وَاجْمَعْ لِنَفْسِكَ لاَ لِغَيْرِكَ تَجْمَعُ
وَبَلَغَنَا أَنَّ الثَّوْرِيَّ كَانَ كَثِيْراً مَا يَتَمَثَّلُ بِأَبْيَاتِ عِمْرَانَ هَذِهِ
أَرَى أَشْقِيَاءَ النَّاسِ لاَ يَسْأَمُوْنَهَا ... عَلَى أَنَّهُمْ فِيْهَا عُرَاةٌ وَجُوَّعُ
أَرَاهَا وَإِنْ كَانَتْ تُحِبُّ فَإِنَّهَا ... سَحَابَةُ صَيْفٍ عَنْ قَلِيْلٍ تَقَشَّعُ
كَرَكْبٍ قَضَوْا حَاجَاتِهِم وَتَرَحَّلُوا ... طَرِيْقُهُمُ بَادِي العَلاَمَةِ مَهْيَعُ
قَالَ عَبْدُ البَاقِي بنُ قَانِعٍ الحَافِظُ: تُوُفِّيَ عمران بن حطان سنة أربع وثمانين.

(5/122)


455- عباد بنُ عَبْدِ اللهِ 1: "ع"
ابْنِ الزُّبَيْرِ بنِ العوام، الإِمَامُ الكَبِيْرُ، القَاضِي، أَبُو يَحْيَى القُرَشِيُّ، الأَسَدِيُّ، كَانَ عَظِيْمَ المَنْزِلَةِ عِنْدَ وَالِدِهِ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ، فَاسْتَعْمَلَهُ عَلَى القَضَاءِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَكَانُوا يَظنُّوْنَ أَنَّ أَبَاهُ تَعَهَّدَ إِلَيْهِ بِالخِلاَفَةِ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ، وَجَدَّتِهِ؛ أَسْمَاءَ، وَخَالَةِ أَبِيْهِ؛ عَائِشَةَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ؛ يَحْيَى، وَابْنُ عَمِّهِ؛ هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ، وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَابْنُ أَخِيْهِ؛ عَبْدُ الواحد بن حمزة، وابن عمه؛ بن مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ الزُّبَيْرِ، وَآخَرُوْنَ.
وَلَهُ تَرْجَمَةٌ حَسَنَةٌ فِي "النَّسَبِ"2، وَلَمْ أَظْفَرْ لَهُ بوفاة.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 1592"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 419"، تهذيب التهذيب "5/ 98"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3312".
2 أي ترجمته في "نسب قريش" للزبير بن بكار "1/ 70" تحقيق الأستاذ محمود شاكر.

(5/123)


456- سعيد بن المسيب 1: "ع"
ابن حزن بن أَبِي وَهْبٍ بنِ عَمْرِو بنِ عَائِذِ بنِ عمران ابن مَخْزُوْمِ بنِ يَقَظَةَ، الإِمَامُ، العَلَمُ، أَبُو مُحَمَّدٍ القرشي المخزومي، عالم أهل المدينة, وَسَيِّدُ التَّابِعِيْنَ فِي زَمَانِهِ، وُلِدَ: لِسَنَتَيْنِ مَضَتَا مِنْ خِلاَفَةِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-. وَقِيْلَ: لأَرْبَعٍ مَضَيْنَ مِنْهَا, بِالمَدِيْنَةِ.
رَأَى عُمَرَ، وَسَمِعَ عُثْمَانَ، وَعَلِيّاً، وَزَيْدَ بنَ ثَابِتٍ، وَأَبَا مُوْسَى، وَسَعْداً، وَعَائِشَةَ، وَأَبَا هُرَيْرَةَ، وَابْنَ عَبَّاسٍ، وَمُحَمَّدَ بن سلمة، وَأُمَّ سَلَمَةَ، وَخَلْقاً سِوَاهُم، وَقِيْلَ: إِنَّهُ سَمِعَ مِنْ عُمَرَ.
وَرَوَى عَنْ أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ مُرْسَلاً وَبِلاَلٍ كَذَلِكَ وَسَعْدِ بنِ عُبَادَةَ كَذَلِكَ, وأبي ذرة, وَأَبِي
الدَّرْدَاءِ كَذَلِكَ وَرِوَايَتُهُ عَنْ: عَلِيٍّ، وَسَعْدٍ، وَعُثْمَانَ، وَأَبِي مُوْسَى، وَعَائِشَةَ، وَأُمِّ شَرِيْكٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَحَكِيْمِ بنِ حِزَامٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، وَأَبِيْهِ المُسَيِّبِ، وَأَبِي سَعِيْدٍ، فِي" الصَّحِيْحَيْنِ" وَعَنْ حَسَّانِ بنِ ثَابِتٍ، وَصَفْوَانَ بنِ أُمَيَّةَ، وَمَعْمَرِ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَمُعَاوِيَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ، فِي "صَحِيْحِ مُسْلِمٍ" وَرِوَايَتُهُ عَنْ: جُبَيْرِ، بنِ مُطْعِمٍ، وَجَابِرٍ، وَغَيْرِهِمَا. فِي "البُخَارِيِّ" وَرِوَايَتُهُ عَنْ عُمَرَ، فِي "السُّنَنِ الأَرْبَعَةِ" وَرَوَى أَيْضاً: عَنْ زَيْدِ بنِ ثَابِتٍ، وَسُرَاقَةَ بنِ مَالِكٍ، وَصُهَيْبٍ، وَالضَّحَّاكِ بنِ سُفْيَانَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عُثْمَانَ التَّيْمِيِّ، وَرِوَايَتُهُ عَنْ: عَتَّابِ، بنِ أَسِيْدٍ، فِي "السُّنَنِ الأَرْبَعَةِ"، وَهُوَ مُرْسَلٌ. وَأَرْسَلَ عَنِ: النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ: أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ. وَكَانَ زَوْجَ بِنْتِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَعْلَمَ النَّاسِ بِحَدِيْثِهِ.
رَوَى عن خَلْقٌ، مِنْهُم: إِدْرِيْسُ بنُ صَبِيْحٍ، وَأُسَامَةُ بنُ زَيْدِ اللَّيْثِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ أُمَيَّةَ، وَبَشِيْرٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ حَرْمَلَةَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ حُمَيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَبْدُ الكَرِيْمِ الجَزَرِيُّ، وَعَبْدُ المَجِيْدِ بنُ سُهَيْلٍ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ سُلَيْمَانَ العَبْدِيُّ، وَعُثْمَانُ بنُ حَكِيْمٍ، وَعَطَاءٌ الخُرَاسَانِيُّ، وَعُقْبَةُ بنُ حُرَيْثٍ، وَعَلِيُّ بنُ جُدْعَانَ، وَعَلِيُّ بنُ نُفَيْلٍ الحَرَّانِيُّ، وَعُمَارَةُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ طُعْمَةَ، وَعَمْرُو بنُ شُعَيْبٍ، وَعَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ، وَعَمْرُو بنُ مُرَّةَ، وَعَمْرُو بنُ مُسْلِمٍ اللَّيْثِيُّ، وَغَيْلاَنُ بنُ جَرِيْرٍ، وَالقَاسِمُ بنُ عَاصِمٍ، وَابْنُهُ مُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدٍ، وَقَتَادَةُ، وَمُحَمَّدُ بنُ صَفْوَانَ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَبِيْبَةَ، وَأَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَمْرِو بنِ عَطَاءٍ، وَالزُّهْرِيُّ، وَابْنُ المُنْكَدِرِ، وَمَعْبَدُ بنُ هُرْمُزَ، وَمَعْمَرُ بنُ أَبِي حَبِيْبَةَ، وَمُوْسَى بنُ وَرْدَانَ، وَمَيْسَرَةُ الأَشْجَعِيُّ، وَمَيْمُوْنُ بنُ مِهْرَانَ، وَأَبُو سُهَيْلٍ نَافِعُ بنُ مَالِكٍ، وَأَبُو مَعْشَرٍ نَجِيْحٌ السِّنْدِيُّ، -وَهُوَ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ- وَهَاشِمُ بنُ هَاشِمٍ الوَقَّاصِيُّ، وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَيَزِيْدُ بنُ قُسَيْطٍ، وَيَزِيْدُ بنُ نُعَيْمِ بنِ هَزَّالٍ، وَيَعْقُوْبُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الأَشَجِّ، وَيُوْنُسُ بنُ سَيْفٍ، وَأَبُو جَعْفَرٍ الخَطْمِيُّ، وَأَبُو قُرَّةَ الأَسَدِيُّ، مِنْ "التَّهْذِيْبِ".
وَعَنْهُ: الزُّهْرِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَعَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ، وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ, وَبُكَيْرُ بنُ الأَشَجِّ, وَدَاوُدُ بنُ أَبِي هِنْدٍ, وَسَعْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ, وَعَلِيُّ بنُ زَيْدِ بنِ جُدْعَانَ, وَشَرِيْكُ بنُ أَبِي نَمِرٍ, وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ حَرْمَلَةَ, وَبَشَرٌ كَثِيْرٌ.
وَكَانَ مِمَّنْ بَرَّزَ فِي العِلْمِ وَالعَمَلِ وَقَعَ لَنَا جُمْلَةٌ مِنْ عَالِي حَدِيْثِهِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ القَرَافِيُّ، أَنْبَأَنَا الفَتْحُ بنُ عَبْدِ اللهِ الكَاتِبُ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ الشَّافِعِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أحمد الطرائفي، ومحمد ابن عَلِيِّ بنِ الدَّايَةِ، قَالُوا: أَنْبَأَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ، بنِ المُسْلِمَةِ، أَنْبَأَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيُّ، سَنَةَ ثَمَانِيْنَ
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "2/ 379" و "5/ 119"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 1698"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 262"، الكنى للدولابي "2/ 96"، حلية الأولياء "2/ 161"، تاريخ الإسلام "4/ 4 و 118" الكاشف "1/ ترجمة 1979"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 38"، العبر "1/ 110"، تهذيب التهذيب "4/ 84"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2542"، النجوم الزاهرة "1/ 228"، شذرات الذهب "1/ 102".

(5/124)


وثلاث مائة، أنبأنا جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الفِرْيَابِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ الحَجَّاجِ السَّامِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ دَاوُدَ بنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ: رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيْهِ فَهُوَ مُنَافِقٌ وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى وَزَعَمَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ مَنْ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا ائْتُمِنَ خَانَ".
هَذَا صَحِيْحٌ، عَالٍ، فِيْهِ دَلِيْلٌ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الخِصَالَ مِنْ كِبَارِ الذُّنُوْبِ أَخْرَجَهُ: مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي نَصْرٍ التَّمَّارِ، عَنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، فَوَقَعَ لَنَا بَدَلاً عَالِياً مَعَ عُلُوِّهِ فِي نَفْسِهِ لِمُسْلِمٍ وَلَنَا فَإِنَّ أَعْلَى أَنْوَاعِ الإِبْدَالِ أَنْ يَكُوْنَ الحَدِيْثُ مِنْ أَعْلَى حَدِيْثِ صَاحِبِ ذَلِكَ الكِتَابِ وَيَقَعُ لَكَ بِإِسْنَادٍ آخَرَ أَعْلَى بِدَرَجَةٍ أَوْ أَكْثَرَ وَاللهُ أَعْلَمُ.
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ الأَسَدِيُّ، أَنْبَأَنَا يُوْسُفُ الآدَمِيُّ "ح"، وَأَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، قَالاَ: أَنْبَأَنَا أَبُو المَكَارِمِ الأَصْبَهَانِيُّ، قَالَ يُوْسُفُ سَمَاعاً، وَقَالَ الآخَرُ إِجَازَةً: أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَنْبَأَنَا، أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ دَاوُدَ المَكِّيُّ، حَدَّثَنَا حَبِيْبٌ كَاتِبُ مَالِكٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ، قَالَ: قَالَ: رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَالَ لِي جِبْرِيْلُ لِيَبْكِ الإِسْلاَمُ عَلَى مَوْتِ عُمَرَ"1.
هَذَا حَدِيْثٌ مُنْكَرٌ. وَحَبِيْبٌ: لَيْسَ بِثِقَةٍ، مَعَ أَنَّ سَعِيْداً عَنْ أُبَيٍّ: مُنْقَطِعٌ.
عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ المُخْتَارِ، عَنْ عَلِيِّ بنِ زَيْدٍ، حَدَّثَنِي سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ بنِ حَزْنٍ: أَنَّ جَدَّهُ حَزْناً أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "مَا اسْمُكَ؟ " قَالَ: حزن. قَالَ: "بَلْ أَنْتَ سَهْلٌ". قَالَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ اسْمٌ سَمَّانِي بِهِ أَبَوَايَ, وَعُرِفْتُ بِهِ فِي النَّاسِ. فَسَكَتَ عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ سَعِيْدٌ: فَمَا زِلْنَا تُعْرَفُ الحُزُوْنَةُ فِيْنَا أَهْلَ البَيْتِ.
هَذَا حَدِيْثٌ مُرْسَلٌ، وَمَرَاسِيْلُ سَعِيْدٍ مُحْتَجٌّ بِهَا. لَكِنَّ عَلِيَّ بنَ زَيْدٍ: لَيْسَ بِالحُجَّةِ. وَأَمَّا الحَدِيْثُ فَمَرْوِيٌّ بِإِسْنَادٍ صَحِيْحٍ مُتَّصِلٍ، وَلَفْظُهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: "مَا اسْمُكَ؟ ". قَالَ: حَزْنٌ. قَالَ: "أَنْتَ سَهْلٌ" فَقَالَ: لاَ أُغَيِّرُ اسْماً سَمَّانِيْهِ أَبِي قَالَ سَعِيْدٌ: فَمَا زَالَتْ تلك الحزونة فينا بعد2.
__________
1 ضعيف جدًا: أخرجه أبو نعيم في "الحلية" "2/ 175"، وفي إسناده حبيب بن أبي حبيب المصري كاتب مالك، متروك، كذبه أبو داود وجماعة، وفيه الانقطاع بين سعيد وأبي.
2 صحيح: أخرجه البخاري "6190" من طريق عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ ابن المسيب، عن أبيه، به.

(5/125)


العَطَّافُ بنُ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي حَرْمَلَةَ، عَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ، قَالَ: مَا فَاتَتْنِي الصَّلاَةُ فِي جَمَاعَةٍ مُنْذُ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً.
سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عُثْمَانَ بنِ حَكِيْمٍ، سَمِعْتُ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ يَقُوْلُ: مَا أَذَّنَ المُؤَذِّنُ مُنْذُ ثَلاَثِيْنَ سَنَةً، إلَّا وَأَنَا فِي المَسْجِدِ. إِسْنَادُهُ ثَابِتٌ.
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ حَازِمٍ: أَنَّ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ كَانَ يَسْرُدُ الصَّوْمَ.
مِسْعَرٌ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، سَمِعَ ابْنَ المُسَيِّبِ يَقُوْلُ: مَا أَحَدٌ أَعْلَمُ بِقَضَاءٍ قَضَاهُ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلاَ أَبُو بَكْرٍ ولا عمر مني.
أُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ ذَكَرَ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ، فَقَالَ: هُوَ -وَاللهِ- أَحَدُ المُفْتِيْنَ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ: مُرْسَلاَتُ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ صِحَاحٌ.
وَقَالَ قَتَادَةُ، وَمَكْحُوْلٌ، وَالزُّهْرِيُّ، وَآخَرُوْنَ -وَاللَّفْظُ لِقَتَادَةَ: مَا رَأَيْتُ أَعْلَمَ مِنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: لاَ أَعْلَمُ فِي التَّابِعِيْنَ أَحَداً أَوْسَعَ عِلْماً مِنِ ابْنِ المُسَيِّبِ، هُوَ عِنْدِي أَجَلُّ التَّابِعِيْنَ.
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ حَرْمَلَةَ: سَمِعْتُ ابْنَ المُسَيِّبِ يَقُوْلُ: حَجَجْتُ أَرْبَعِيْنَ حِجَّةً.
قَالَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ: كَانَ سَعِيْدٌ يُكْثِرُ أَنْ يَقُوْلَ فِي مَجْلِسِهِ: اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ.
مَعْنٌ: سَمِعْتُ مَالِكاً يَقُوْلُ: قَالَ ابْنُ المُسَيِّبِ: إِنْ كُنْتُ لأَسِيْرُ الأَيَّامَ وَاللَّيَالِيَ فِي طَلَبِ الحَدِيْثِ الوَاحِدِ.
ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ طَرِيْفٍ، عَنْ حُمَيْدِ بنِ يَعْقُوْبَ، سَمِعَ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ، يَقُوْلُ: سَمِعْتُ مِنْ عُمَرَ كَلِمَةً مَا بَقِيَ أَحَدٌ سَمِعَهَا غَيْرِي.
أَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ، عَنْ بُكَيْرِ بنِ الأَخْنَسِ، عن سعيد بن المُسَيِّبِ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ عَلَى المِنْبَرِ، وَهُوَ يَقُوْلُ: لاَ أَجِدُ أَحَداً جَامَعَ فَلَمْ يَغْتَسِلْ, أَنْزَلَ أَوْ لَمْ يُنْزِلْ إلَّا عَاقَبْتُهُ.
ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، عَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ، قَالَ: وُلِدْتُ لِسَنَتَيْنِ مَضَتَا مِنْ خِلاَفَةِ عُمَرَ. وَكَانَتْ خِلاَفَتُهُ عَشْرَ سِنِيْنَ وَأَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي هِشَامُ بنُ سَعْدٍ سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ وَسُئِلَ عَمَّنْ أَخَذَ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ

(5/126)


عِلْمَهُ؟ فَقَالَ: عَنْ زَيْدِ بنِ ثَابِتٍ. وَجَالَسَ: سعْداً، وَابْنَ عَبَّاسٍ، وَابْنَ عُمَرَ، وَدَخَلَ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَائِشَةَ، وأم سلمة. وسمع مِنْ: عُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَصُهَيْبٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ مَسْلَمَةَ، وَجُلُّ رِوَايَتِهِ المُسْنَدَةِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، كَانَ زَوْجَ ابْنَتِهِ وَسَمِعَ مِنْ: أَصْحَابِ عُمَرَ وَعُثْمَانَ. وَكَانَ يُقَالُ: لَيْسَ أَحَدٌ أَعْلَمَ بِكُلِّ مَا قَضَى بِهِ عُمَرُ وَعُثْمَانُ مِنْهُ.
وَعَنْ قُدَامَةَ بنِ مُوْسَى، قَالَ: كَانَ ابْنُ المُسَيِّبِ يُفْتِي وَالصَّحَابَةُ أَحْيَاءٌ.
وَعَنْ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ حَبَّانَ، قَالَ: كَانَ المُقَدَّمَ فِي الفَتْوَى فِي دَهْرِهِ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ، وَيُقَالَ لَهُ: فَقِيْهُ الفُقَهَاءِ.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا ثَوْرُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ مَكْحُوْلٍ، قَالَ: سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ عَالِمُ العُلَمَاءِ.
وَعَنْ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ، قَالَ: ابْنُ المُسَيِّبِ أَعْلَمُ النَّاسِ بِمَا تَقَدَّمَهُ مِنَ الآثَارِ، وَأَفْقَهُهُم فِي رَأْيِهِ.
جَعْفَرُ بنُ بُرْقَانَ: أَخْبَرَنِي مَيْمُوْنُ بنُ مِهْرَانَ، قَالَ: أَتَيْتُ المَدِيْنَةَ، فَسَأَلْتُ عَنْ أَفْقَهِ أَهْلِهَا، فَدُفِعْتُ إِلَى سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ.
قُلْتُ: هَذَا يَقُوْلُهُ مَيْمُوْنٌ مَعَ لُقِيِّهِ لأَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ.
عُمَرُ بنُ الوَلِيْدِ الشَّنِّيُّ، عَنْ شِهَابِ بنِ عَبَّادٍ العَصَرِيِّ: حَجَجْتُ، فَأَتَيْنَا المَدِيْنَةَ، فَسَأَلْنَا عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِهَا، فَقَالُوا: سَعِيْدٌ.
قُلْتُ: عُمَرُ لَيْسَ بِالقَوِيِّ. قَالَهُ: النَّسَائِيُّ.
مَعْنُ بنُ عِيْسَى، عَنْ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ عُمَرُ بن عبد العزيز لا يقضي بِقَضِيَّةٍ يَعْنِي: وَهُوَ أَمِيْرُ المَدِيْنَةِ حَتَّى يَسْأَلَ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ، فَأَرْسَل إِلَيْهِ إِنْسَاناً يَسْأَلُهُ، فَدَعَاهُ، فَجَاءَ. فَقَالَ عُمَرُ لَهُ: أَخْطَأَ الرَّسُوْلُ، إِنَّمَا أَرْسَلْنَاهُ يَسْأَلُكَ فِي مَجْلِسِكَ. وَكَانَ عُمَرُ يَقُوْلُ: مَا كَانَ بِالمَدِيْنَةِ عَالِمٌ إلَّا يَأْتِيْنِي بِعِلْمِهِ، وَكُنْتُ أُوْتَى بِمَا عِنْدَ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ.
سَلاَّمُ بنُ مِسْكِيْنٍ: حَدَّثَنِي عِمْرَانُ بنُ عَبْدِ اللهِ الخُزَاعِيُّ، قَالَ: سَأَلَنِي سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ، فَانْتَسَبْتُ لَهُ، فَقَالَ: لَقَدْ جَلَسَ أَبُوْكَ إِلَيَّ فِي خِلاَفَةِ مُعَاوِيَةَ، وَسَأَلَنِي. قَالَ سَلاَّمٌ: يَقُوْلُ عِمْرَانُ: وَاللهِ مَا أَرَاهُ مَرَّ عَلَى أذنه قَطُّ إلَّا وَعَاهُ قَلْبُهُ يَعْنِي: ابْنَ المُسَيِّبِ وَإِنِّي أَرَى أَنَّ نَفْسَ سَعِيْدٍ كَانَتْ أَهْوَنَ عَلَيْهِ فِي ذَاتِ اللهِ مِنْ نَفْسِ ذُبَابٍ.
جَعْفَرُ بنُ بُرْقَانَ: حَدَّثَنَا مَيْمُوْنُ بنُ مِهْرَانَ بَلَغَنِي أَنَّ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ بَقِيَ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً لَمْ يَأْتِ المَسْجِدَ فَيَجِدُ أَهْلَهُ قَدِ اسْتَقْبَلُوْهُ خَارِجِيْنَ مِنَ الصَّلاَةِ.

(5/127)


عَفَّانُ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ زَيْدٍ: قُلْتُ لِسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ: يَزْعُمُ قومك أن ما منعك من الحجإلَّا أنك جعلت الله عَلَيْكَ إِذَا رَأَيْتَ الكَعْبَةَ أَنْ تَدْعُوَ عَلَى ابْنِ مَرْوَانَ قَالَ: مَا فَعَلْتُ وَمَا أُصَلِّي صَلاَةً إلَّا دَعَوْتُ اللهَ عَلَيْهِم وَإِنِّي قَدْ حَجَجْتُ وَاعْتَمَرْتُ بِضْعاً وَعِشْرِيْنَ مَرَّةً، وَإِنَّمَا كُتِبَتْ علِيَّ حِجَّةٌ وَاحِدَةٌ وَعُمْرَةٌ، وَإِنِّي أَرَى نَاساً مِنْ قَوْمِكَ يَسْتَدِيْنُوْنَ وَيَحِجُّوْنَ وَيَعْتَمِرُوْنَ ثُمَّ يَمُوْتُوْنَ وَلاَ يُقْضَى عَنْهُم، وَلَجُمُعَةٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ حِجَّةٍ أَوْ عُمْرَةٍ تَطَوُّعاً فَأَخْبَرْتُ بِذَلِكَ الحَسَنَ، فَقَالَ: مَا قَالَ شَيْئاً، لَوْ كَانَ كَمَا قَالَ، مَا حَجَّ أَصْحَابُ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلم ولا اعتمروا.
فَصْلٌ: فِي عِزَّةِ نَفْسِهِ وَصَدْعِهِ بِالحَقِّ
سَلاَّمُ بنُ مِسْكِيْنٍ: حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: كَانَ لِسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ فِي بَيْتِ المَالِ بِضْعَةٌ وَثَلاَثُوْنَ أَلْفاً، عَطَاؤُهُ. وَكَانَ يُدْعَى إِلَيْهَا، فَيَأْبَى، وَيَقُوْلُ: لاَ حَاجَةَ لِي فِيْهَا حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ بَيْنِي وَبَيْنَ بَنِي مَرْوَانَ.
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ زَيْدٍ: أَنَّهُ قِيْلَ لِسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ: مَا شَأْنُ الحَجَّاجَ لاَ يَبْعَثُ إِلَيْكَ، وَلاَ يُحَرِّكُكَ، وَلاَ يُؤْذِيْكَ؟ قَالَ وَاللهِ مَا أَدْرِي إلَّا أَنَّهُ دَخَلَ ذَاتَ يَوْمٍ مَعَ أَبِيْهِ المَسْجِدَ فَصَلَّى صَلاَةً لاَ يُتِمُّ رُكُوْعَهَا وَلاَ سُجُوْدَهَا فَأَخَذْتُ كَفّاً مِنْ حَصَىً فَحَصَبْتُهُ بِهَا زَعَمَ أَنَّ الحَجَّاجَ قَالَ: مَا زِلْتُ بَعْدُ أُحْسِنُ الصَّلاَةَ.
فِي "الطَّبَقَاتِ" لابْنِ سَعْدٍ: أَنْبَأَنَا كَثِيْرُ بنُ هِشَامٍ, حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ بُرْقَانَ، حَدَّثَنَا مَيْمُوْنٌ، وَأَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو المليح عن ميمون ابن مِهْرَانَ، قَالَ: قَدِمَ عَبْدُ المَلِكِ بنُ مَرْوَانَ المَدِيْنَةَ فَامْتَنَعَتْ مِنْهُ القَائِلَةُ, وَاسْتَيْقَظَ, فَقَالَ لِحَاجِبِهِ: انْظُرْ, هَلْ فِي المَسْجِدِ أَحَدٌ مِنْ حُدَّاثِنَا؟ فَخَرَجَ، فَإِذَا سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ فِي حَلْقَتِهِ, فَقَامَ حَيْثُ يَنْظُرُ إِلَيْهِ, ثُمَّ غَمَزَهُ, وَأَشَارَ إِلَيْهِ بِأُصْبُعِهِ، ثُمَّ وَلَّى فَلَمْ يَتَحَرَّكْ سَعِيْدٌ فَقَالَ لاَ أُرَاهُ فَطِنَ فَجَاءَ وَدَنَا مِنْهُ ثُمَّ غَمَزَهُ وَقَالَ: أَلَمْ تَرَنِي أُشِيْرُ إِلَيْكَ؟ قَالَ وَمَا حَاجَتُكَ؟ قَالَ أَجِبْ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ. فَقَالَ: إِلَيَّ أَرْسَلَكَ؟ قَالَ: لاَ, وَلَكِنْ قَالَ: انْظُرْ بَعْضَ حُدَّاثِنَا فَلَمْ أَرَى أَحَداً أَهْيَأَ مِنْكَ قَالَ: اذْهَبْ فَأَعْلِمْهُ أَنِّي لَسْتُ مِنْ حُدَّاثِهِ. فَخَرَجَ الحَاجِبُ وَهُوَ يَقُوْلُ: مَا أَرَى هَذَا الشَّيْخَ إلَّا مَجْنُوْناً وَذَهَبَ، فَأَخْبَرَ عَبْدَ المَلِكِ، فَقَالَ: ذَاكَ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ فَدَعْهُ.
سُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ، وَعَمْرُو بنُ عَاصِمٍ: حَدَّثَنَا سَلاَّمُ بنُ مِسْكِيْنٍ، عَنْ عِمْرَانَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ طَلْحَةَ الخُزَاعِيِّ, قَالَ: حَجَّ عَبْدُ المَلِكِ بنُ مَرْوَانَ فَلَمَّا قَدِمَ المَدِيْنَة، وَوَقَفَ على باب

(5/128)


المَسْجِدِ، أَرْسَلَ إِلَى سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ رَجُلاً يَدْعُوْهُ وَلاَ يُحَرِّكُهُ. فَأَتَاهُ الرَّسُوْلُ, وَقَالَ: أَجِبْ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ, وَاقِفٌ بِالبَابِ يُرِيْدُ أَنْ يُكَلِّمَكَ فقال: ما لأمير المؤمنين إلي حاجة، ومالي إليه حاجة وإن حاجته لي غير مَقْضِيَّةٍ فَرَجَعَ الرَّسُوْلُ، فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: ارْجِعْ، فَقُلْ لَهُ: إِنَّمَا أُرِيْدُ أَنْ أُكَلِّمَكَ، وَلاَ تُحَرِّكْهُ فَرَجَعَ إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ: أَجِبْ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ فَرَدَّ عَلَيْهِ مِثْلَ مَا قَالَ أَوَّلاً. فَقَالَ: لولا أن تَقَدَّمَ إِلَيَّ فِيْكَ، مَا ذَهَبْتُ إِلَيْهِ إلَّا بِرَأْسِكَ يُرْسِلُ إِلَيْكَ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ يُكَلِّمُكَ تَقُوْلُ: مِثْلَ هَذَا فَقَالَ: إِنْ كَانَ يُرِيْدُ أَنْ يَصْنَعَ بِي خَيْراً فَهُوَ لَكَ، وَإِنْ كَانَ يريد غير ذلك فلا أرحل حَبْوَتِي حَتَّى يَقْضِيَ مَا هُوَ قَاضٍ فَأَتَاهُ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ: رَحِمَ اللهُ أَبَا مُحَمَّدٍ أَبَى إلَّا صَلاَبَةً.
زَادَ عَمْرُو بنُ عَاصِمٍ فِي حَدِيْثِهِ بِهَذَا الإِسْنَادِ: فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ الوَلِيْدُ، قَدِمَ المَدِيْنَةَ، فَدَخَلَ المَسْجِدَ، فَرَأَى شَيْخاً قَدِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ النَّاسُ فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ فَلَمَّا جَلَسَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ, فَأَتَاهُ الرَّسُوْلُ فَقَالَ: أَجِبْ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ. فَقَالَ: لَعَلَّكَ أَخْطَأْتَ بِاسْمِي، أَوْ لَعَلَّهُ أَرْسَلَكَ إِلَى غَيْرِي. فَرَدَّ الرَّسُوْلَ، فَأَخْبَرَهُ، فَغَضِبَ، وَهَمَّ بِهِ. قَالَ: وَفِي النَّاسِ يَوْمئِذٍ تَقِيَّةٌ فَأَقْبَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ فَقِيْهُ المَدِيْنَةِ, وَشَيْخُ قُرَيْشٍ, وَصَدِيْقُ أَبِيْكَ, لَمْ يَطْمَعْ مَلِكٌ قَبْلَكَ أَنْ يَأْتِيَهُ. فَمَا زَالُوا بِهِ حَتَّى أَضْرَبَ عَنْهُ.
عِمْرَانُ بنُ عَبْدِ اللهِ -مِنْ أَصْحَابِ سَعِيْدِ بن المسيب: ما علمت فيه لِيْناً. قُلْتُ: كَانَ عِنْدَ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ أَمْرٌ عَظِيْمٌ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ وَسُوْءِ سِيْرَتِهِم, وَكَانَ لاَ يَقْبَلَ عَطَاءهُم.
قَالَ مَعْنُ بنُ عِيْسَى: حَدَّثَنَا مَالِكٌ, عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: قُلْتُ لِسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ: لَوْ تَبَدَّيْتَ وَذَكَرْتُ لَهُ البَادِيَةَ وَعَيْشَهَا وَالغَنَمَ. فَقَالَ كَيْفَ بِشُهُوْدِ العَتْمَةِ.
ابْنُ سَعْدٍ: أَنْبَأَنَا الوَلِيْدُ بنُ عَطَاءِ بنِ الأَغَرِّ المَكِّيُّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ سَمِعْتُ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ يَقُوْلُ: لَقَدْ رَأَيْتُنِي لَيَالِيَ الحَرَّةِ, وَمَا فِي المَسْجِدِ أَحَدٌ غَيْرِي. وَإِنَّ أَهْلَ الشَّامِ لَيَدْخُلُوْنَ زُمَراً يَقُوْلُوْنَ: انْظُرُوا إِلَى هَذَا المَجْنُوْنِ. وَمَا يأتي وقت صلاة إلَّا وسمعت أَذَاناً فِي القَبْرِ، ثُمَّ تَقَدَّمْتُ فَأَقَمْتُ، وَصَلَّيْتُ، وَمَا فِي المَسْجِدِ أَحَدٌ غَيْرِي.
عَبْدُ الحَمِيْدِ هَذَا: ضَعِيْفٌ.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا طَلْحَةُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: كَانَ سَعِيْدٌ أَيَّامَ الحَرَّةِ فِي المَسْجِدِ لَمْ يخرج، وكان يصلي معهم الجُمُعَةَ، وَيَخْرُجُ فِي اللَّيْلِ. قَالَ: فَكُنْتُ إِذَا حَانَتِ الصَّلاَةُ أَسْمَعُ أَذَاناً يَخْرُجُ مِنْ قِبَلِ القَبْرِ حَتَّى أَمِنَ النَّاسُ.

(5/129)


ذِكْرُ مِحْنَتِهِ:
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ، وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا, قَالُوا: اسْتَعْمَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ جَابِرَ بنَ الأَسْوَدِ بنِ عَوْفٍ الزُّهْرِيَّ عَلَى المَدِيْنَةِ, فَدَعَا النَّاسَ إِلَى البَيْعَةِ لابْنِ الزُّبَيْرِ. فَقَالَ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ: لاَ، حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ فَضَرَبَهُ سِتِّيْنَ سَوْطاً، فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ الزُّبَيْرِ، فَكَتَبَ إِلَى جَابِرٍ يَلُوْمُهُ، وَيَقُوْلُ: مالنا وَلِسَعِيْدٍ دَعْهُ.
وَعَنْ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ أَبِي عَوْنٍ، قَالَ: كَانَ جَابِرُ بنُ الأَسْوَدِ -عَامِلُ ابْنِ الزُّبَيْرِ عَلَى المَدِيْنَةِ- قَدْ تَزَوَّجَ الخَامِسَةَ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّةِ الرَّابِعَةِ، فَلَمَّا ضَرَبَ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ صَاحَ بِهِ سَعِيْدٌ وَالسِّيَاطُ تَأْخُذُهُ: وَاللهِ مَا رَبَّعْتَ عَلَى كِتَابِ اللهِ، وَإِنَّك تَزَوَّجْتَ الخَامِسَةَ قَبْل انْقِضَاءِ عِدَّةِ الرَّابِعَةِ وَمَا هِيَ إلَّا لَيَالٍ, فَاصْنَعْ مَا بَدَا لَكَ, فَسَوْفَ يَأْتِيْكَ مَا تَكْرَهُ. فَمَا مَكَثَ إلَّا يَسِيْراً حَتَّى قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ، وَغَيْرُهُ: أَنَّ عَبْدَ العزيز بن مروان توفي بِمِصْرَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ، فَعَقَدَ عَبْدُ المَلِكِ لابْنَيْهِ: الوَلِيْدِ وَسُلَيْمَانَ بِالعَهْدِ, وَكَتَبَ بِالبَيْعَةِ لَهُمَا إِلَى البُلْدَانِ وَعَامِلُهُ يَوْمَئِذٍ عَلَى المَدِيْنَةِ هِشَامُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ المَخْزُوْمِيُّ. فَدَعَا النَّاسَ إِلَى البَيْعَةِ, فَبَايَعُوا وَأَبَى سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ أَنْ يُبَايِعَ لَهُمَا، وَقَالَ: حَتَّى أَنْظُرَ فَضَرَبَهُ هِشَامٌ سِتِّيْنَ سَوْطاً, وَطَافَ بِهِ فِي تُبَّانٍ مِنْ شَعْرٍ, حَتَّى بَلَغَ بِهِ رَأْسَ الثَّنِيَّةِ، فَلَمَّا كَرُّوا بِهِ, قَالَ: أَيْنَ تَكُرُّوْنَ بِي؟ قَالُوا: إِلَى السِّجْنِ. فَقَالَ: وَالله لَوْلاَ أَنِّي ظَنَنْتُهُ الصَّلْبُ مَا لَبِسْتُ هَذَا التُّبَّانَ أَبَداً. فَرَدُّوْهُ إِلَى السِّجْنِ، فَحَبَسَهُ، وَكَتَبَ إِلَى عَبْدِ المَلِكِ يُخْبِرُهُ بِخِلاَفِهِ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ المَلِكِ يَلُوْمُهُ فِيْمَا صَنَعَ بِهِ وَيَقُوْلُ: سَعِيْدٌ كَانَ وَاللهِ أَحْوَجَ إِلَى أَنْ تَصِلَ رَحِمَهُ مِنْ أَنْ تَضْرِبَهُ، وَإِنَّا لَنَعْلَمُ مَا عِنْدَهُ خِلاَفٌ.
وَحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي سَبْرَةَ، عَنِ المِسْوَرِ بنِ رِفَاعَةَ، قَالَ: دَخَلَ قَبِيْصَةُ بنُ ذُؤَيْبٍ عَلَى عَبْدِ المَلِكِ بِكِتَابِ هِشَامِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ يَذْكُرُ أَنَّهُ ضَرَبَ سَعِيْداً وَطَافَ بِهِ قَالَ قَبِيْصَةُ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ, يَفْتَاتُ عَلَيْكَ هِشَامٌ بِمِثْلِ هذا، والله لا يكون سعيدًا أَبَداً أَمْحَلَ وَلاَ أَلَجَّ مِنْهُ حِيْنَ يُضْرَبُ لَوْ لَمْ يُبَايِعْ سَعِيْدٌ مَا كَانَ يَكُوْنُ مِنْهُ، وَمَا هُوَ مِمَّنْ يُخَافُ فَتْقُهُ، يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ اكْتُبْ إِلَيْهِ فَقَالَ عَبْدُ المَلِكِ: اكْتُبْ أَنْتَ إِلَيْهِ عَنِّي تُخْبِرْهُ بِرَأْيِي فِيْهِ وَمَا خَالَفَنِي مِنْ ضَرْبِ هِشَامٍ إِيَّاهُ فَكَتَبَ قَبِيْصَةُ بِذَلِكَ إِلَى سَعِيْدٍ، فَقَالَ سَعِيْدٌ حِيْنَ قَرَأَ الكِتَابَ: اللهُ بَيْنِي وَبَيْنَ مَنْ ظَلَمنِي.
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بنُ يَزِيْدَ الهُذَلِيُّ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ السِّجْنَ, فَإِذَا هُوَ قَدْ ذُبِحَتْ لَهُ شَاةٌ فَجُعِلَ الإِهَابُ عَلَى ظَهْرِهِ, ثُمَّ جَعَلُوا لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ قَضْباً رَطْباً. وَكَانَ كُلَّمَا نَظَرَ إِلَى عَضُدَيْهِ قال اللهم انصرني من هشام.

(5/130)


شَيْبَانُ بنُ فَرُّوْخٍ: حَدَّثَنَا سَلاَّمُ بنُ مِسْكِيْنٍ، حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بنُ عَبْدِ اللهِ الخُزَاعِيُّ، قَالَ: دُعِيَ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ لِلْوَلِيْدِ وَسُلَيْمَانَ بَعْدَ أَبِيْهِمَا, فَقَالَ لاَ أُبَايِعُ اثْنَيْنِ مَا اخْتَلَفَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ. فَقِيْلَ: ادْخُلْ وَاخْرُجْ مِنَ البَابِ الآخَرِ. قَالَ: وَاللهِ لاَ يَقْتَدِي بِي أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ. قَالَ: فَجَلَدَهُ مائَةً, وَأَلْبَسَهُ المُسُوْحَ.
ضَمْرَةُ بنُ رَبِيْعَةَ: حَدَّثَنَا رَجَاءُ بنُ جَمِيْلٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدٍ القَارِّيُّ لِسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ حِيْنَ قَامَتِ البَيْعَةُ لِلْوَلِيْدِ وَسُلَيْمَانَ بِالمَدِيْنَةِ: إِنِّي مُشِيْرٌ عَلَيْكَ بِخِصَالٍ. قَالَ: مَا هُنَّ؟ قَالَ: تَعْتَزِلُ مَقَامَكَ فَإِنَّكَ تَقُوْمُ حَيْثُ يَرَاكَ هِشَامُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ قَالَ: مَا كُنْتُ لأُغَيِّرَ مَقَاماً قُمْتُهُ مُنْذُ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً قَالَ تَخْرُجُ مُعْتَمِراً. قَالَ مَا كُنْتُ لأُنْفِقَ مَالِي وَأُجْهِدَ بَدَنِي فِي شَيْءٍ لَيْسَ لِي فِيْهِ نِيَّةٌ. قَالَ فَمَا الثَّالِثَةُ؟ قَالَ: تُبَايِعُ قَالَ أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ اللهُ أَعْمَى قَلْبَكَ كَمَا أَعْمَى بَصَرَكَ فَمَا عَلَيَّ؟ قَالَ -وَكَانَ أَعْمَى- قَالَ رَجَاءٌ: فَدَعَاهُ هِشَامُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ إِلَى البَيْعَةِ فَأَبَى فَكَتَبَ فِيْهِ إِلَى عَبْدِ المَلِكِ فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ المَلِكِ مَالَكَ وَلِسَعِيْدٍ وَمَا كَانَ عَلَيْنَا مِنْهُ شَيْءٌ نَكْرَهُهُ, فَأَمَّا إِذْ فَعَلْتَ فَاضْرِبْهُ ثَلاَثِيْنَ سَوْطاً، وَأَلْبِسْهُ تُبَّانَ شَعْرٍ، وَأَوْقِفْهُ لِلنَّاسِ، لِئَلاَّ يَقْتَدِيَ بِهِ النَّاسُ، فَدَعَاهُ هِشَامٌ, فَأَبَى وَقَالَ: لاَ أُبَايِعُ لاثْنَيْنِ. فَأَلْبَسَهُ تُبَّانَ شَعْرٍ وَضَرَبَه ثَلاَثِيْنَ سَوْطاً, وَأَوْقَفَهُ لِلنَّاسِ. فَحَدَّثَنِي الأَيْلِيُّوْنَ الَّذِيْنَ كَانُوا فِي الشُّرَطِ بِالمَدِيْنَةِ, قَالُوا: عَلِمْنَا أَنَّهُ لاَ يَلْبَسُ التُّبَّانَ طَائِعاً, قُلْنَا لَهُ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ, إِنَّهُ القَتْلُ, فَاسْتُرْ عَوْرَتَكَ. قَالَ: فَلَبِسَهُ فَلَمَّا ضُرِبَ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّا خَدَعْنَاهُ. قَالَ يَا مُعَجِّلَةَ أَهْلِ أَيْلَةَ لَوْلاَ أَنِّي ظَنَنْتُ أَنَّهُ القَتْلُ مَا لَبِسْتُهُ.
وَقَالَ هِشَامُ بنُ زَيْدٍ: رَأَيْتُ ابْنَ المُسَيِّبِ حِيْنَ ضُرِبَ فِي تُبَّانٍ شَعْرٍ.
يَحْيَى بنُ غَيْلاَنَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: أَتَيْتُ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ, وَقَدْ أُلْبِسَ تُبَّانَ شَعْرٍ, وَأُقِيْمَ فِي الشَّمْسِ, فَقُلْتُ لقائدي: أدنني منه فأدناني منه فَجَعَلْتُ أَسْأَلُهُ خَوْفاً مِنْ أَنْ يَفُوْتَنِي، وَهُوَ يُجِيْبُنِي حِسْبَةً وَالنَّاسُ يَتَعَجَّبُوْنَ.
قَالَ أَبُو المَلِيْحِ: الرَّقِّيُّ حَدَّثَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ: أَنَّ عَبْدَ المَلِكِ ضَرَبَ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ خَمْسِيْنَ سَوْطاً، وَأَقَامَهُ بِالحَرَّةِ وَأَلْبَسَهُ تُبَّانَ شَعْرٍ فَقَالَ سَعِيْدٌ: لَوْ عَلِمْتُ أَنَّهُم لاَ يَزِيْدُوْنِي عَلَى الضَّرْبِ مَا لَبِسْتُهُ، إِنَّمَا تَخَوَّفْتُ مِنْ أَنْ يَقْتُلُوْنِي، فَقُلْتُ: تُبَّانٌ أَسْتَرُ مِنْ غَيْرِهِ.
قَبِيْصَةُ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ رَجُلٍ مِنْ آلِ عُمَرَ قَالَ: قُلْتُ لِسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ: ادْعُ عَلَى بَنِي أُمَيَّةَ. قَالَ اللَّهُمَّ: أَعِزَّ دِيْنَكَ، وَأَظْهِرْ أَوْلِيَاءكَ، وَاخْزِ أَعْدَاءكَ، فِي عَافِيَةٍ لأُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيْلُ، عَنْ أَبِي يُوْنُسَ القَوِيِّ، قَالَ: دَخَلْتُ مَسْجِدَ المَدِيْنَةِ, فَإِذَا سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ جَالِسٌ وَحْدَهُ، فَقُلْتُ: مَا شَأْنُهُ؟ قِيْلَ: نُهِيَ أَنْ يُجَالِسَهُ أَحَدٌ.

(5/131)


هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ: أَنَّ ابْنَ المُسَيِّبِ كَانَ إذا أراد أحدا أَنْ يُجَالِسَهُ، قَالَ: إِنَّهُم قَدْ جَلَدُوْنِي، وَمَنَعُوا النَّاسَ أَنْ يُجَالِسُوْنِي.
عَنْ أَبِي عِيْسَى الخُرَاسَانِيِّ، عَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ، قَالَ: لَا تَمْلَؤُوا أَعْيُنَكُم مِنْ أَعْوَانِ الظَّلَمَةِ إلَّا بِإِنْكَارٍ مِنْ قُلُوْبِكُم لكيلا تحبط أعمالكم.
تَزْوِيْجُهُ ابْنَتَهُ:
أُنْبِئْتُ عَنْ أَبِي المَكَارِمِ الشُّرُوْطِيِّ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا القَطِيْعِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، قَالَ: كُتِبَ إِلَى ضَمْرَةَ بنِ رَبِيْعَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ اللهِ الكِنَانِيِّ: أَنَّ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ زَوَّجَ ابْنَتَهُ بِدِرْهَمَيْنِ.
سَعِيْدُ بنُ مَنْصُوْرٍ: حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ الزَّنْجِيُّ عَنْ يَسَارِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ: أَنَّهُ زَوَّجَ ابْنَةً لَهُ عَلَى دِرْهَمَيْنِ مِنِ ابْنِ أَخِيْهِ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ: كَانَتْ بِنْتُ سَعِيْدٍ قَدْ خَطَبَهَا عَبْدُ المَلِكِ لابْنِهِ الوَلِيْدِ، فَأَبَى عَلَيْهِ، فَلَمْ يَزَلْ يَحْتَالُ عَبْدُ المَلِكِ عَلَيْهِ حَتَّى ضَرَبَهُ مائَةَ سَوْطٍ فِي يَوْمٍ بَارِدٍ، وَصَبَّ عَلَيْهِ جَرَّةَ مَاءٍ وَأَلْبَسَهُ جُبَّةَ صُوْفٍ ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ ابْنُ أَخِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ وَهْبٍ, حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ وَهْبٍ، عَنْ عَطَّافِ بنِ خَالِدٍ, عَنِ ابْنِ حَرْمَلَةَ, عَنِ ابْنِ أَبِي وَدَاعَةَ -يَعْنِي: كَثِيْراً- قَالَ: كُنْتُ أُجَالِسُ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ، فَفَقَدَنِي أَيَّاماً فَلَمَّا جِئْتُهُ، قَالَ: أَيْنَ كُنْتَ؟ قُلْتُ: تُوُفِّيَتْ أَهْلِي، فَاشْتَغَلْتُ بِهَا. فَقَالَ: ألَّا أَخْبَرْتَنَا فَشَهِدْنَاهَا. ثُمَّ قَالَ: هَلِ اسْتَحْدَثْتَ امْرَأَةً؟ فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللهُ وَمَنْ يُزَوِّجُنِي وَمَا أَمْلِكُ إلَّا دِرْهَمَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةً؟ قَالَ: أَنَا. فَقُلْتُ: وَتَفْعَلُ؟ قَالَ: نَعَمْ ثُمَّ تَحَمَّدَ, وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَزَوَّجَنِي عَلَى دِرْهَمَيْنِ أَوْ قَالَ: ثَلاَثَةٍ فَقُمْتُ, وَمَا أَدْرِي مَا أَصْنَعُ مِنَ الفَرَحِ، فَصِرْتُ إِلَى مَنْزِلِي وَجَعَلْتُ أَتَفَكَّرُ فِيْمَنْ أَسْتدِيْنُ. فَصَلَّيْتُ المَغْرِبَ, وَرَجَعْتُ إِلَى مَنْزِلِي, وَكُنْتُ وَحْدِي صَائِماً فَقَدَّمْتُ عَشَائِي أُفْطِرُ, وَكَانَ خُبْزاً وَزَيْتاً فَإِذَا بَابِي يُقْرَعُ. فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: سَعِيْدٌ فَأَفْكَرْتُ فِي كُلِّ مَنِ اسْمُهُ سَعِيْدٌ إلَّا ابْنَ المُسَيِّبِ فَإِنَّهُ لَمْ يُرَ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً إلَّا بَيْنَ بَيْتِهِ وَالمَسْجِدِ، فَخَرَجْتُ، فَإِذَا سَعِيْدٌ، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ قَدْ بَدَا لَهُ. فَقُلْتُ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، إلَّا أَرْسَلْتَ إِلَيَّ فَآتِيَكَ؟ قَالَ: لاَ أَنْتَ أَحَقُّ أَنْ تُؤْتَى, إِنَّكَ كُنْتَ رَجُلاً عَزَباً فَتَزَوَّجْتَ فَكَرِهْتُ أَنْ تَبِيْتَ اللَّيْلَةَ وَحْدَكَ وَهَذِهِ امْرَأَتُكَ فَإِذَا هِيَ قَائِمَةٌ مِنْ خَلْفِهِ فِي طُوْلِهِ, ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِهَا, فَدَفَعَهَا فِي البَابِ وَرَدَّ البَابَ. فَسَقَطَتِ المَرْأَةُ مِنَ الحِيَاءِ فَاسْتَوْثَقْتُ مِنَ البَابِ ثُمَّ وَضَعْتُ القَصْعَةَ فِي ظِلِّ السِّرَاجِ لَكِي لاَ تَرَاهُ ثُمَّ صَعِدْتُ السَّطْحَ فَرَمَيْتُ الجِيْرَانَ فَجَاؤُوْنِي فَقَالُوا مَا شَأْنُكَ فَأَخْبَرْتُهُم وَنَزَلُوا إِلَيْهَا وبلغ أمي

(5/132)


فَجَاءتْ، وَقَالَتْ: وَجْهِي مِنْ وَجْهِكَ حَرَامٌ إِنْ مَسَسْتَهَا قَبْلَ أَنْ أُصْلِحَهَا إِلَى ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ. فَأَقَمْتُ ثَلاَثاً، ثُمَّ دَخَلْتُ بِهَا، فَإِذَا هِيَ مِنْ أَجْمَلِ النَّاسِ، وَأَحْفَظِ النَّاسِ لِكِتَابِ اللهِ، وَأَعْلَمِهِم بِسُنَّةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَعْرَفِهِم بِحَقِّ زَوْجٍ. فَمَكَثْتُ شَهْراً لاَ آتِي سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ وَهُوَ فِي حَلْقَتِهِ، فَسَلَّمْتُ فَرَدَّ عَلَيَّ السَّلاَمَ, وَلَمْ يكلمني حتى تقوض المجلس. فلما لم يبقى غَيْرِي، قَالَ: مَا حَالُ ذَلِكَ الإِنْسَانِ؟ قُلْتُ: خَيْرٌ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ عَلَى مَا يُحِبُّ الصَّدِيْقُ, وَيَكْرَهُ العَدُوُّ. قَالَ: إِنْ رَابَكَ شَيْءٌ فَالعَصَا فَانْصَرَفْتُ إِلَى مَنْزِلِي فَوَجَّهَ إِلَيَّ بِعِشْرِيْنَ أَلْفَ دِرْهَمٍ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ: ابْنُ أَبِي وَدَاعَةَ هُوَ كَثِيْرُ بنُ المُطَّلِبِ بنِ أَبِي وَدَاعَةَ.
قُلْتُ: هُوَ سَهْمِيٌّ، مَكِيٌّ، رَوَى عَنْ: أَبِيْهِ المُطَّلِبِ, أَحَدِ مُسْلِمَةِ الفَتْحِ. وَعَنْهُ: وَلَدُهُ، جَعْفَرُ بنُ كَثِيْرٍ وَابْنُ حَرْمَلَةَ.
تَفَرَّدَ بِالحِكَايَةِ: أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ وَهْبٍ. وَعَلَى ضَعْفِهِ قَدِ احْتَجَّ بِهِ مسلم.
قَالَ عَمْرُو بنُ عَاصِمٍ: حَدَّثَنَا سَلاَّمُ بنُ مِسْكِيْنٍ، حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: زَوَّجَ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ بِنْتاً لَهُ مِنْ شَابٍّ مِنْ قُرَيْشٍ، فَلَمَّا أَمْسَتْ، قَالَ لَهَا: شُدِّي عَلَيْكِ ثِيَابَكِ، وَاتْبَعِيْنِي فَفَعَلَتْ، ثُمَّ قَالَ: صَلِّي رَكْعَتَيْنِ. فَصَلَّتْ: ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى زَوْجِهَا, فَوَضَعَ يَدَهَا فِي يَدهِ وَقَالَ انْطَلِقْ بِهَا فَذَهَبَ بِهَا فَلَمَّا رَأَتْهَا أَمُّهُ, قَالَتْ: مَنْ هَذِهِ قَالَ: امْرَأَتِي. قَالَتْ: وَجْهِي مِنْ وَجْهِكَ حَرَامٌ إِنْ أَفْضَيْتَ إِلَيْهَا حَتَّى أَصْنَعَ بِهَا صَالِحَ مَا يُصْنَعُ بِنِسَاءِ قُرَيْشٍ فَأَصْلَحَتْهَا ثُمَّ بَنَى بِهَا.
وَمِنْ مَعْرِفَتِهِ بِالتَّعْبِيْرِ:
قَالَ الوَاقِدِيُّ: كَانَ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ مِنْ أَعْبَرِ النَّاسِ لِلْرُّؤْيَا أَخَذَ ذَلِكَ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ وَأَخَذَتْهُ أَسْمَاءُ عَنْ أَبِيْهَا ثُمَّ سَاقَ الوَاقِدِيُّ عِدَّةَ مَنَامَاتٍ مِنْهَا:
حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ يَعْقُوْبَ، عَنِ الوَلِيْدِ بنِ عَمْرِو بنِ مُسَافِعٍ، عَنْ عُمَرَ بنِ حَبِيْبِ بنِ قُلَيْعٍ، قَالَ: كُنْتُ جَالِساً عِنْد سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ يَوْماً، وَقَدْ ضَاقَتْ بِيَ الأَشْيَاءُ، وَرَهِقَنِي دَيْنٌ فَجَاءهُ رَجُلٌ فَقَالَ رَأَيْتُ كَأَنِّي أَخَذْتُ عَبْدَ الملك ابن مَرْوَانَ, فَأَضْجَعْتُهُ إِلَى الأَرْضِ وَبَطَحْتُهُ فَأَوْتَدْتُ فِي ظَهْرِهِ أَرْبَعَةَ أَوْتَادٍ قَالَ: مَا أَنْتَ رَأَيْتَهَا. قَالَ: بَلَى قَالَ لاَ أُخْبِرُكَ أَوْ تُخْبِرَنِي. قَالَ: ابْنُ الزُّبَيْرِ رَآهَا، وَهُوَ بَعَثَنِي إِلَيْكَ. قَالَ: لَئِنْ صَدَقَتْ رُؤْيَاهُ قَتَلَهُ عَبْدُ المَلِكِ, وَخَرَجَ مِنْ صُلْبِ عَبْدِ المَلِكِ أَرْبَعَةٌ كُلُّهُم يَكُوْنُ خَلِيْفَةً. قَالَ: فَرَحلْتُ إِلَى عَبْدِ المَلِكِ بِالشَّامِ فَأَخْبَرْتُهُ فَسُرَّ، وَسَأَلَنِي عَنْ سَعِيْدٍ وَعَنْ حَالِهِ، فَأَخْبَرْتُهُ, وَأَمَرَ بِقَضَاءِ دَيْنِي وَأَصَبْتُ مِنْهُ خيرًا.

(5/133)


قَالَ: وَحَدَّثَنِي الحَكَمُ بنُ القَاسِمِ، عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي حَكِيْمٍ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: رَأَيْتُ كأن عبد الملك بن مروان يبول قِبْلَةِ مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَ مِرَارٍ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، فَقَالَ: إِنْ صَدَقَتْ رُؤْيَاكَ قَامَ فِيْهِ مِنْ صُلْبِهِ أَرْبَعَةُ خُلَفَاءَ.
وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ السَّلاَمِ بنُ حَفْصٍ، عَنْ شَرِيْكِ بنِ أَبِي نَمِرٍ: قُلْتُ لسعيد ابن المُسَيِّبِ: رَأَيْتُ كَأَنَّ أَسْنَانِي سَقَطَتْ فِي يَدِي ثُمَّ دَفَنْتُهَا. فَقَالَ إِنْ صَدَقَتْ رُؤْيَاكَ دَفَنْتَ أَسْنَانَكَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ.
وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ مُسْلِمٍ الحَنَّاطِ: قَالَ رَجُلٌ لابْنِ مسيب رَأَيْتُ أَنِّي أَبُوْلُ فِي يَدِي فَقَالَ: اتَّقِ اللهَ، فَإِنَّ تَحْتَكَ ذَاتُ مَحْرَمٍ فَنَظَرَ فَإِذَا امْرَأَةٌ بَيْنَهُمَا رَضَاعٌ.
وَبِهِ، وَجَاءهُ آخَرُ، فَقَالَ: أَرَانِي كَأَنِّي أَبُوْلُ فِي أَصْلِ زَيْتُوْنَةٍ. فَقَالَ إِنَّ تَحْتَكَ ذَاتُ رَحِمٍ فَنَظَرَ فَوَجَدَ كَذَلِكَ.
وَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: إِنِّي رَأَيْتُ كَأَنَّ حَمَامَةً وَقَعَتْ عَلَى المَنَارَةِ. فَقَالَ يَتَزَوَّجُ الحَجَّاجُ ابْنَةَ عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ.
وَبِهِ، عَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ، قَالَ: الكَبْلُ فِي النَّوْمِ ثَبَاتٌ فِي الدين. وقيل لَهُ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ رَأَيْتُ كَأَنِّي فِي الظِّلِ, فَقُمْتُ إِلَى الشَّمْسِ. فَقَالَ: إِنْ صَدَقَتْ رُؤْيَاكَ, لَتَخْرُجَنَّ مِنَ الإِسْلاَمِ. قَالَ يَا أَبَا محمد إني أراني أُخْرِجْتُ حَتَّى أُدْخِلْتُ فِي الشَّمْسِ فَجَلَسْتُ. قَالَ: تُكْرَهُ عَلَى الكُفْرِ. قَالَ: فَأُسِرَ، وَأُكْرِهَ عَلَى الكُفْرِ، ثُمَّ رَجَعَ فَكَانَ يُخْبِرُ بِهَذَا بِالمَدِيْنَةِ.
وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ السَّائِبِ: قَالَ رَجُلٌ لابْنِ المُسَيِّبِ: إِنَّهُ رَأَى كَأَنَّهُ يَخُوْضُ النَّارَ. قَالَ: لاَ تَمُوْتُ حَتَّى تَرْكَبَ البَحْرَ, وَتَمُوْتَ قَتِيْلاً فَرَكِبَ البَحْرَ وَأَشْفَى عَلَى الهَلَكَةِ، وقتل يوم قديد.
وحدثنا الصالح بنُ خَوَّاتٍ، عَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ، قَالَ آخِرُ الرُّؤْيَا أَرْبَعُوْنَ سَنَةً يَعْنِي تَأْوِيْلَهَا.
رَوَى هَذَا الفصل: ابن سحد فِي "الطَّبَقَاتِ"، عَنِ الوَاقِدِيِّ.
سَلاَّمُ بنُ مِسْكِيْنٍ، عَنْ عِمْرَانَ، بنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: رَأَى الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ كَأَنَّ بَيْنَ عَيْنَيْهِ مَكْتُوْبٌ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد} ، فَاسْتَبْشَرَ بِهِ، وَأَهْلُ بَيْتِهِ. فَقَصُّوْهَا عَلَى سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ فَقَالَ: إِنْ صَدَقَتْ رُؤْيَاهُ فَقَلَّمَا بَقِيَ مِنْ أَجَلِهِ فَمَاتَ بَعْدَ أَيَّامٍ.

(5/134)


وَمِنْ كَلاَمِهِ:
سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَلِيِّ بنِ زَيْدٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، قَالَ: مَا أَيِسَ الشَّيْطَانُ مِنْ شَيْءٍ إلَّا أَتَاهُ مِنْ قِبَلِ النِّسَاءِ ثُمَّ قَالَ لَنَا سَعِيْدٌ -وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ سَنَةً، وَقَدْ ذَهَبَتْ إِحْدَى عَيْنَيْهِ وَهُوَ يَعْشُو بِالأُخْرَى-: مَا شَيْءٌ أخوف عندي من النساء.
وَقَالَ: مَا أُصَلِّي صَلاَةً، إلَّا دَعَوْتُ اللهَ عَلَى بَنِي مَرْوَانَ.
قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا عَطَّافُ بنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ حَرْمَلَةَ قَالَ: مَا سَمِعْتُ سعيد بن المسيب سب أحد مِنَ الأَئِمَّةِ، إلَّا أَنِّي سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: قَاتَلَ الله فُلاَناً، كَانَ أَوَّلَ مَنْ غَيَّرَ قَضَاءَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَإِنَّهُ قَالَ: "الوَلَدُ لِلْفِرَاشِ" 1.
سَلاَّمُ بنُ مِسْكِيْنٍ، عَنْ عِمْرَانَ بنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: كَانَ ابْنُ المُسَيِّبِ لاَ يَقْبَلُ مِنْ أَحَدٍ شَيْئاً.
العَطَّافُ، عَنِ ابْنِ حَرْمَلَةَ، قَالَ قَالَ سَعِيْدٌ: لاَ تَقُوْلُوا مُصَيْحِفٌ وَلاَ مُسَيْجِدٌ مَا كَانَ للهِ فَهُوَ عَظِيْمٌ حَسَنٌ جَمِيْلٌ.
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ زِيَادِ بنِ أَنْعُمَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ، سَمِعَ ابْنَ المُسَيِّبِ يَقُوْل: لاَ خَيْرَ فِيْمَنْ لاَ يُرِيْدُ جَمْعَ المَالِ مِنْ حِلِّهِ، يُعْطِي مِنْهُ حَقَّهُ، وَيَكُفُّ بِهِ وَجْهَهُ عَنِ النَّاسِ.
الثَّوْرِيُّ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ: أَنَّ ابْنَ المسيب خلف مئة دِيْنَارٍ. وَعَنْ عَبَّادِ بنِ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ: أَنَّ ابْنَ المُسَيِّبِ خَلَّفَ أَلْفَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةَ آلاَفٍ. وَعَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ، قَالَ: مَا تَرَكْتُهَا إلَّا لأَصُوْنَ بِهَا دِيْنِي وَعَنْهُ قَالَ مَنِ اسْتَغْنَى بِاللهِ, افْتَقَرَ النَّاسُ إِلَيْهِ.
دَاوُدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ العَطَّارُ، عَنْ بِشْرِ بنِ عَاصِمٍ، قَالَ: قُلْتُ لِسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ: يَا عَمِّ ألَّا تَخْرُجُ، فَتَأْكُلَ اليَوْمَ مَعَ قَوْمِكَ؟ قَالَ: مَعَاذِ اللهِ يَا ابْنَ أَخِي أَدَعُ خَمْساً وعشرين صلاة خمس صلوات قد سمعت كعبًا2 يقول وَدِدْتُ أَنَّ هَذَا اللَّبَنَ عَادَ قَطِرَاناً تَتْبَعُ قُرَيْشٌ أَذْنَابَ الإِبِلِ فِي هَذِهِ الشِّعَابِ إِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الشَّاذِّ وَهُوَ مِنَ الاثْنَيْنِ أَبْعَدُ.
__________
1 صحيح: أخرجه النسائي "6/ 181"، والخطيب في "تاريخ بغداد" "11/ 116" من حديث عبد الله بن مسعود، وأخرجه أحمد "2/ 239 و 280 و 386 و 409 و 492"، والبخاري "6750" و "6818"، ومسلم "1458"، والترمذي "1157"، والنسائي "6/ 180"، وابن ماجه "2006" من حديث أبي هريرة، به وأخرجه أحمد "1/ 65" من حديث عثمان بن عفان.
وأخرجه أحمد "1/ 59 و 65 و 104"، وأبو داود "2275" من حديث علي، به.
ورد عن عبد الله بن عمرو: عند أبي داود "2274".
2 هو: كعب بن مانع الحميري، يقال له: كعب الأحبار.

(5/135)


العَطَّافُ بنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ حَرْمَلَةَ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ: أَنَّهُ اشْتَكَى عَيْنَهُ، فَقَالُوا: لَوْ خَرَجْتَ إِلَى العَقِيْقِ، فَنَظَرْتَ إِلَى الخُضْرَةِ لَوَجَدْتَ لِذَلِكَ خِفَّةً قَالَ فَكَيْفَ أَصْنَعُ بِشُهُوْدِ العَتْمَةِ وَالصُّبْحِ.
العَطَّافُ، عَنِ ابْنِ حَرْمَلَةَ: قُلْتُ لِبُرْدٍ مَوْلَى ابْنِ المُسَيِّبِ: مَا صَلاَةُ ابْنِ المُسَيِّبِ فِي بَيْتِهِ؟
قَالَ: مَا أَدْرِي، إِنَّهُ لَيُصَلِّي صَلاَةً كَثِيْرَةً, إلَّا أَنَّهُ يَقْرَأُ بـ {ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْر} [ص: 1] .
وَقَالَ عَمْرُو بنُ عَاصِمٍ: حَدَّثَنَا عَاصِمُ بنُ العَبَّاسِ الأَسَدِيُّ، قَالَ: كَانَ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ يُذَكِّرُ, وَيُخَوِّفُ, وَسَمِعْتُهُ يَقْرَأُ فِي اللَّيْلِ عَلَى رَاحِلَتِهِ فَيُكْثِرُ، وَسَمِعْتُهُ يَجْهَرُ بِبِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ, وَكَانَ يُحِبُّ أَنْ يَسْمَعَ الشِّعْرَ، وَكَانَ لاَ يُنْشِدُهُ، وَرَأَيْتُهُ يَمْشِي حَافِياً وَعَلَيْهِ بَتٌّ، وَرَأَيْتُهُ يُخْفِي شَارِبَهُ شَبِيْهاً بِالحَلْقِ، وَرَأَيْتُهُ يُصَافِحُ كُلَّ مَنْ لَقِيَهُ، وَكَانَ يَكْرَهُ كَثْرَةَ الضَّحِكِ.
سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ دَاوُدَ بنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ سَعِيْدٍ: أَنَّهُ كَانَ يَسْتَحِبُّ أَنْ يُسَمِّيَ وَلَدَهُ بَأَسْمَاءِ الأَنْبِيَاءِ.
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بنِ زَيْدٍ: أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي التَّطَوُّعَ فِي رَحْلِهِ، وَكَانَ يَلْبَسُ مُلاَءً شَرْقِيَّةً.
سَلاَّمُ بنُ مِسْكِيْنٍ: حَدَّثَنِي عِمْرَانُ بنُ عَبْدِ اللهِ، قال: ما أحصي ما رأيت عَلَى سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ مِنْ عِدَّةِ قُمُصِ الهَرَوِيِّ، وَكَانَ يَلْبَسُ هَذِهِ البُرُوْدَ الغَالِيَةَ البِيْضَ.
أَبَانُ بنُ يَزِيْدَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ: سَأَلْتُ سَعِيْداً عَنِ الصَّلاَةِ عَلَى الطَّنْفِسَةِ، فَقَالَ: مُحْدَثٌ.
مُوْسَى بنُ إِسْمَاعِيْلَ: حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سعيد بن المسيب، حدثني غُنَيْمَةُ جَارِيَةُ سَعِيْدٍ: أَنَّهُ كَانَ لاَ يَأْذَنُ لِبِنْتِهِ فِي لُعَبِ العَاجِ، وَيُرَخِّصُ لَهَا فِي الكَبَرِ تَعْنِي: الطَّبْلَ.
إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي أُوَيْسٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ هِلاَلٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، أَنَّهُ قَالَ: مَا تِجَارَةٌ أَعْجَبَ إِلَيَّ مِنَ البَّزِّ مَا لَمْ يَقَعْ فِيْهِ أَيْمَانٌ!.
مُطَرِّفُ بنُ عَبْدِ اللهِ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، قَالَ: قَالَ بُرْدٌ مَوْلَى ابْنِ المُسَيِّبِ لِسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ: مَا رَأَيْتُ أَحْسَنَ مَا يَصْنَعُ هَؤُلاَءِ! قَالَ سَعِيْدٌ: وَمَا يَصْنَعُوْنَ؟ قَالَ: يُصَلِّي أَحَدُهُم الظُّهْرَ، ثُمَّ لاَ يَزَالُ صَافّاً رِجْلَيْهِ حَتَّى يُصَلِّيَ العَصْرَ فَقَالَ: وَيْحَكَ يَا بُرْدُ! أَمَا -وَاللهِ- مَا هِيَ بِالعِبَادَةِ, إِنَّمَا العِبَادَةُ التَّفَكُّرُ فِي أَمْرِ اللهِ وَالكَفُّ عَنْ مَحَارِم اللهِ.

(5/136)


سَلاَّمُ بنُ مِسْكِيْنٍ: حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بنُ عَبْدِ اللهِ الخُزَاعِيُّ، قَالَ: قَالَ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ مَا خِفْتُ عَلَى نَفْسِي شَيْئاً مَخَافَةَ النِّسَاءِ. قَالُوا يَا أَبَا مُحَمَّدٍ إِنَّ مِثْلَكَ لاَ يُرِيْدُ النِّسَاءَ، وَلاَ تُرِيْدُهُ النِّسَاءُ. فَقَالَ: هُوَ مَا أَقُوْلُ لَكُم, وَكَانَ شَيْخاً كَبِيْراً أَعْمَشَ.
الوَاقِدِيُّ: أَنْبَأَنَا طَلْحَةُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِيْهِ: قَالَ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ: قِلَّةُ العِيَالِ أَحَدُ اليُسْرَيْنِ.
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ زَيْدٍ، قَالَ: قَالَ لِي سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ: قُلْ لِقَائِدِكَ يَقُوْمُ، فَيَنْظُرُ إِلَى وَجْهِ هَذَا الرَّجُلِ وَإِلَى جَسَدِهِ. فقام, وجاء فقال: رأيت وجه زنجي، وجسد أَبْيَضُ. فَقَالَ سَعِيْدٌ: إِنَّ هَذَا سَبَّ هَؤُلاَءِ: طلحة والزبير وعليًا رضي الله عنهم فنيهته، فَأَبَى فَدَعَوْتُ اللهَ عَلَيْهِ قُلْتُ: إِنْ كُنْتَ كَاذِباً، فَسَوَّدَ اللهُ وَجْهَكَ. فَخَرَجَتْ بِوَجْهِهِ قَرْحَةٌ، فَاسْوَدَّ وَجْهُهُ.
مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، قَالَ: سُئِلَ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ عَنْ آيَةٍ: فَقَالَ سَعِيْدٌ: لاَ أَقُوْلُ فِي القُرْآنِ شَيْئاً.
قُلْتُ: وَلِهَذَا قَلَّ مَا نُقِل عَنْهُ فِي التَّفْسِيْرِ.
ذِكْرُ لِبَاسِهِ:
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ فِي "الطَّبَقَاتِ": أَخْبَرَنَا قَبِيْصَةُ، عَنْ عُبَيْدِ بنِ نِسْطَاسَ، قَالَ: رَأَيْتُ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ يَعْتَمُّ بِعِمَامَةٍ سَوْدَاءَ, ثُمَّ يُرْسِلُهَا خَلْفَهُ، وَرَأَيْتُ عَلَيْهِ إِزَاراً وَطَيْلَسَاناً وَخُفَّيْنِ.
أَخْبَرَنَا مَعْنٌ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ هِلاَلٍ: أَنَّهُ رَأَى سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ يَعْتَمُّ وَعَلَيْهِ قَلَنْسُوَةٌ لَطِيْفَةٌ بِعِمَامَةٍ بَيْضَاءَ لَهَا عَلَمٌ أَحْمَرُ يُرْخِيْهَا وَرَاءهُ شِبْراً.
أَخْبَرَنَا القَعْنَبِيُّ، حَدَّثَنَا عُثَيْمٌ: رَأَيْتُ ابْنَ المُسَيِّبِ يَلْبَسُ فِي الفِطْرِ وَالأَضْحَى عِمَامَةً سَوْدَاءَ، وَيَلْبَسُ عَلَيْهَا بُرْنُساً أَحْمَرَ أرجوانيًا.
أَخْبَرَنَا عَارِمٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ شُعَيْبِ بنِ الحَبْحَابِ: رَأَيْتُ عَلَى سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ بُرْنُسَ أُرْجُوَانٍ.
أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ إِلْيَاسَ: رَأَيْتُ عَلَى سَعِيْدٍ قَمِيْصاً إِلَى نِصْفِ سَاقِهِ، وَكُمَّاهُ إِلَى أَطْرَافِ أَصَابِعِهِ وَرِدَاءً فَوْقَ القَمِيْصِ, خَمْسَةُ أَذْرُعٍ وَشِبْرٌ.
أَخْبَرَنَا رَوْحٌ، أَخْبَرَنَا سَعِيْدٌ، عَنْ قَتَادَةَ عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ عِمْرَانَ قَالَ: كَانَ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ يَلْبَسُ طَيْلَسَاناً أزراره ديباج.

(5/137)


أَخْبَرَنَا مَعْنٌ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ هِلاَلٍ، قَالَ: لم أرى سَعِيْداً لَبِسَ غَيْرَ البَيَاضِ.
وَعَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ: أَنَّهُ كَانَ يَلْبَسُ سَرَاوِيْلَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ، قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ الخَزَّ.
أَخْبَرَنَا يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَمْرِوٍ، قَالَ: كَانَ ابْنُ المُسَيِّبِ لاَ يَخْضِبُ.
أَخْبَرَنَا خَالِدُ بنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ هِلاَلٍ: رَأَيْتُ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أُوَيْسٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الغُصْنِ: أنه رَأَى سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ أَبَيْضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ.
وَعَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ: أَنَّ ابْنَ المُسَيِّبِ كَانَ إِذَا مَرَّ بِالمَكْتَبِ، قَالَ لِلصِّبْيَانِ: هَؤُلاَءِ النَّاسُ بَعْدَنَا.
ذِكْرُ مَرَضِهِ وَوَفَاتِهِ:
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بنُ بِلاَلٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ حَرْمَلَةَ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ وَهُوَ شَدِيْدُ المَرَضِ، وَهُوَ يُصَلِّي الظُّهْرَ، وَهُوَ مُسْتَلْقٍ يُوْمِئُ إِيْمَاءً، فَسَمِعْتُهُ يَقْرَأُ: بِـ "الشَّمْسِ وَضُحَاهَا".
الثَّوْرِيُّ، عَنِ ابْنِ حَرْمَلَةَ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ ابْنِ المُسَيِّبِ فِي جَنَازَةٍ، فَقَالَ رَجُلٌ: اسْتَغْفِرُوا لَهَا. فَقَالَ: مَا يَقُوْلُ رَاجِزُهُم! قَدْ حَرَّجْتُ عَلَى أَهْلِي أَنْ يَرْجُزَ مَعِي رَاجِزٌ، وَأَنْ يَقُوْلُوا: مَاتَ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ، حَسْبِي مَنْ يَقْلِبُنِي إِلَى رَبِّي، وَأَنْ يَمْشُوا مَعِي بِمِجْمَرٍ، فَإِنْ أَكُنْ طَيِّباً، فَمَا عِنْدَ اللهِ أَطْيَبُ مِنْ طِيْبِهِم.
مُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، قَالَ: أَوْصَيْتُ أَهْلِي بِثَلاَثٍ: أَنْ لاَ يَتْبَعَنِي رَاجِزٌ وَلاَ نَارٌ، وَأَنْ يَعْجَلُوا بِي، فَإِنْ يَكُنْ لِي عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ، فَهُوَ خَيْرٌ مِمَّا عِنْدَكُم.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي أُوَيْسٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الحَارِثِ المَخْزُوْمِيِّ، قَالَ: اشْتدَّ وَجَعُ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ نَافِعُ بنُ جُبَيْرٍ يَعُوْدُهُ، فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ،
فَقَالَ نَافِعٌ: وَجِّهُوْهُ. فَفَعَلُوا، فأفاق، فقال: من أمركم أن تحلوا فِرَاشِي إِلَى القِبْلَةِ، أَنَافِعٌ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ لَهُ سَعِيْدٌ: لَئِنْ لَمْ أَكُنْ عَلَى القِبْلَةِ وَالمِلَّةِ وَاللهِ لاَ يَنْفَعُنِي تَوْجِيْهُكُم فِرَاشِي.

(5/138)


ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ أَخِيْهِ المُغِيْرَةِ: أَنَّهُ دَخَلَ مَعَ أَبِيْهِ عَلَى سَعِيْدٍ، وَقَدْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ، فَوُجِّهِ إِلَى القِبْلَةِ، فَلَمَّا أَفَاقَ, قَالَ: مَنْ صَنَعَ بِي هَذَا، أَلَسْتُ امْرَءاً مُسْلِماً؟ وَجْهِي إِلَى اللهِ حَيْثُ مَا كُنْتُ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ القَيْسِ الزَّيَّاتُ، عَنْ زُرْعَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: قَالَ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ: يَا زُرْعَةُ, إِنِّي أُشْهِدُكَ عَلَى ابْنِي مُحَمَّدٍ لاَ يُؤْذِنَنَّ بِي أَحَداً، حَسْبِي أَرْبَعَةٌ يَحْمِلُوْنِي إِلَى رَبِّي.
وَعَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، قَالَ: لَمَّا احْتُضِرَ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ, تَرَكَ دَنَانِيْرَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أني لم أتركهاإلَّا لأَصُوْنَ بِهَا حَسَبِي وَدِيْنِي.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الحَكِيْمِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي فَرْوَةَ: شَهِدتُ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ يَوْمَ مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ، فَرَأَيْتُ قَبْرَهُ قَدْ رُشَّ عَلَيْهِ المَاءُ، وَكَانَ يُقَالُ لِهَذِهِ السَّنَةِ سَنَةَ الفُقَهَاءِ لَكَثْرَةِ مَنْ مَاتَ مِنْهُم فِيْهَا.
وَقَالَ الهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ: مَاتَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ عِدَّةُ فُقَهَاءٍ، مِنْهُم سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ. وَفِيْهَا أَرَّخَ وَفَاةَ ابْنِ المُسَيِّبِ: سَعِيْدُ بنُ عُفَيْرٍ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، وَالوَاقِدِيُّ. وَمَا ذكر ابن سعد سواه.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ، وَعَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ خَالِدٍ الخَيَّاطُ: أَنَّ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ، وَالأَوَّلُ أَصَحُّ.
وَأَمَّا مَا قَالَ المَدَائِنِيُّ، وَغَيْرُهُ مِنْ أَنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَمائَةٍ، فَغَلَطٌ. وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ بَعْضُهُم، وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ. وَمَالَ إِلَيْهِ: أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ, وَاللهُ أعلم.
آخر الترجمة، والحمد الله.

(5/139)


457- عبد الملك بن مروان 1:
ابْنِ الحَكَمِ بنِ أَبِي العَاصِ بنِ أُمَيَّةَ، الخَلِيْفَةُ، الفَقِيْهُ، أَبُو الوَلِيْدِ الأُمَوِيُّ. وُلِدَ: سَنَةَ سِتٍّ
وَعِشْرِيْنَ.
سَمِعَ عُثْمَانَ، وَأَبَا هُرَيْرَةَ، وَأَبَا سَعِيْدٍ، وَأُمَّ سَلَمَةَ، وَمُعَاوِيَةَ، وَابْنَ عُمَرَ، وَبَرِيْرَةَ، وَغَيْرَهُم.
ذَكَرْتُهُ لِغَزَارَةِ عِلْمِهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عُرْوَةُ، وَخَالِدُ بنُ مَعْدَانَ، وَرَجَاءُ بنُ حَيْوَةَ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ، وَالزُّهْرِيُّ، وَرَبِيْعَةُ بنُ يَزِيْدَ، ويونس بن ميسرة, وآخرون.
تَمَلَّكَ بَعْدَ أَبِيْهِ الشَّامَ وَمِصْرَ، ثُمَّ حَارَبَ ابْنَ الزُّبَيْرِ الخَلِيْفَةَ، وَقَتَلَ أَخَاهُ مُصْعَباً فِي وَقْعَةِ مَسْكِنَ، وَاسْتَوْلَى عَلَى العِرَاقِ وَجْهَّزَ الحَجَّاجَ لحرب بن الزُّبَيْرِ، فَقَتَلَ ابْنَ الزُّبَيْرِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ، وَاسْتَوْسَقَتِ المَمَالِكُ لِعَبْدِ المَلِكِ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ قَبْلَ الخِلاَفَةِ عَابِداً نَاسِكاً بِالمَدِيْنَةِ. شَهِدَ مَقْتَلَ عُثْمَانَ وَهُوَ ابْنُ عَشْرٍ، وَاسْتَعْمَلَهُ مُعَاوِيَةُ عَلَى المَدِيْنَةِ -كَذَا قَالَ- وَإِنَّمَا اسْتَعْمَلَ أَبَاهُ.
وَكَانَ أَبْيَضَ، طَوِيْلاً، مَقْرُوْنَ الحَاجِبَيْنِ، أَعْيَنَ, مُشْرِفَ الأَنْفِ، رَقِيْقَ الوَجْهِ، لَيْسَ بِالبَادِنِ, أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ.
عَبْدُ اللهِ بنُ العَلاَءِ بنِ زَبْرٍ: عَنْ يُوْنُسَ بنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ، أَنَّهُ قَالَ عَلَى المِنْبَرِ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُوْلُ: قَالَ رَسُوْل اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا مِنْ مُسْلِمٍ لاَ يَغْزُو، أَوْ يُجَهِّزُ غَازِياً أَوْ يَخْلُفُهُ بِخَيْرٍ إلَّا أَصَابَهُ اللهُ بِقَارِعَةٍ قَبْلَ المَوْتِ" 2.
قَالَ عُبَادَةُ بنُ نُسَيٍّ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: إِنَّ لِمَرْوَانَ ابْناً فَقِيْهاً، فَسَلُوْهُ.
وَقِيْلَ: إِنَّ أَبَا هُرِيْرَةَ نَظَرَ إِلَى عَبْدِ المَلِكِ وَهُوَ غُلاَمٌ فَقَالَ هَذَا يملك العرب.
جَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُ المَدِيْنَةَ وَمَا بِهَا شَابٌّ أَشَدُّ تَشْمِيْراً وَلاَ أَفْقَهُ وَلاَ أَنْسَكُ وَلاَ أَقْرَأُ لِكِتَابِ اللهِ مِنْ عَبْدِ المَلِكِ.
وَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ: فُقَهَاءُ المَدِيْنَةِ: سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ، وَعَبْدُ المَلِكِ، وَعُرْوَةُ، وَقَبِيْصَةُ بنُ ذُؤَيْبٍ.
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ: وُلِدَ النَّاسُ أَبْنَاءً وَوُلِدَ مَرْوَانُ أَباً.
وَعَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيِّ: أَوَّلُ مَنْ صَلَّى بَيْنَ الظُّهْرِ وَالعَصْرِ عَبْدُ المَلِكِ بنُ مَرْوَانَ، وفتيان معه كانوا يصلون إلى العصر.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 223"، التاريخ الكبير "5/ ترجمة 1397"، تاريخ الخطيب "10/ 388- 391"، تهذيب التهذيب "6/ 422- 423"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4460"، شذرات الذهب "1/ 82 و 97"، تاريخ الإسلام "3/ 276".
2 حسن: أخرجه أبو داود "2503"، وابن ماجه "2762"، والدارمي "2/ 209" من طريق الوليد بن مسلم، حدثنا يحيى بن الحارث، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبي أمامة، به.

(5/140)


إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ, عَنِ الشَّعْبِيِّ, قَالَ: مَا جَالَسْتُ أَحَداً إلَّا وَجَدْتُ لِي عَلَيْهِ الفَضْلَ إلَّا عَبْدُ المَلِكِ وَقِيْلَ: إِنَّهُ تَأَوَّهَ مِنْ تَنْفِيْذِ يَزِيْدَ جَيْشَهُ إِلَى حَرْبِ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَلَمَّا وَلِيَ الأَمْرَ جَهَّزَ إِلَيْهِ الحَجَّاجَ الفَاسِقَ.
قَالَ ابْنُ عَائِشَةَ أَفْضَى الأَمْرُ إِلَى عَبْدِ المَلِكِ وَالمُصْحَفُ بَيْنَ يَدَيْهِ, فَأَطْبَقَهُ, وَقَالَ: هَذَا آخِرُ العَهْدِ بِكَ.
قُلْتُ: اللَّهُمَّ لاَ تَمْكُرْ بِنَا.
قَالَ الأَصْمَعِيُّ: قِيْلَ لِعَبْدِ المَلِكِ: عَجِلَ بِكَ الشَّيْبُ. قَالَ: وَكَيْفَ لاَ وَأَنَا أَعْرِضُ عَقْلِي عَلَى النَّاسِ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ.
قَالَ مَالِكٌ: أَوَّلُ مَنْ ضَرَبَ الدَّنَانِيْرَ عَبْدُ الملك, وكتب عليها القرآن.
وَقَالَ يُوْسُفُ بنُ المَاجِشُوْنِ: كَانَ عَبْدُ المَلِكِ إِذَا جَلَسَ لِلْحُكْمِ, قِيْمَ عَلَى رَأْسِهِ بِالسُّيُوْفِ.
وَعَنْ يَحْيَى بنِ يَحْيَى الغَسَّانِيِّ, قَالَ: كَانَ عَبْدُ المَلِكِ كَثِيْراً مَا يَجْلِسُ إِلَى أُمِّ الدَّرْدَاءِ فِي مُؤَخَّرِ مَسْجِدِ دِمَشْقَ. فَقَالَتْ: بَلَغَنِي أَنَّك شَرِبْتَ الطِّلاَءَ1 بَعْدَ النُّسْكِ وَالعِبَادَةِ! فَقَالَ: إِي وَاللهِ وَالدِّمَاءَ.
وَقِيْلَ: كَانَ أَبْخَرَ.
قَالَ الشَّعْبِيُّ: خَطَبَ عَبْدُ المَلِكِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّ ذُنُوْبِي عِظَامٌ, وَهِيَ صِغَارٌ فِي جَنْبِ عَفْوِكَ يَا كَرِيْمُ فَاغْفِرْهَا لِي.
قُلْتُ: كَانَ مِنْ رِجَالِ الدَّهْرِ وَدُهَاةِ الرِّجَالِ وَكَانَ الحَجَّاجُ مِنْ ذُنُوْبِهِ.
تُوُفِّيَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ستٍّ وَثَمَانِيْنَ, عن نيف وستين سنة.
__________
1 الطلاء: ما طبخ من عصير العنب حتى ذهب ثلثاه.

(5/141)


458- عبد العزيز بن مروان 1: "د"
ابن الحكم, أَمِيْرُ مِصْرَ، أَبُو الأَصْبَغِ المَدَنِيُّ وَلِيَ العَهْدَ بَعْدَ عَبْدِ المَلِكِ, عَقَدَ لَهُ بِذَلِكَ أَبُوْهُ, واستقل بملك مصر عشرين سنة وزيادة.
يَرْوِي عَنْ أَبِيْهِ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَعُقْبَةَ بنِ عَامِرٍ وَابْنِ الزُّبَيْرِ. وَلَهُ بِدِمَشْقَ دَارٌ إِلَى جَانِبِ الجَامِعِ، هِيَ السُّمَيْسَاطِيَّةُ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ؛ عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَالزُّهْرِيُّ، وَكَثِيْرُ بنُ مرة، وعلي بن رباح، وابن أبي ملكية، وَبَحِيْرُ بنُ ذَاخِرٍ.
وَثَّقَهُ ابْنُ سَعْدٍ، وَالنَّسَائِيُّ. وَلَهُ فِي "سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ" حَدِيْثٌ.
قَالَ سُوَيْدُ بنُ قَيْسٍ: بَعَثَنِي عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ مَرْوَانَ بِأَلْفِ دِيْنَارٍ إِلَى ابْنِ عُمَرَ، فَجِئْتُهُ بِهَا فَفَرَّقَهَا.
قَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: شَهِدْتُ عَبْدَ العَزِيْزِ عِنْدَ المَوْتِ يَقُوْل: يَا لَيْتَنِي لَمْ أَكُنْ شَيْئاً، يَا لَيْتَنِي كَهَذَا المَاءِ الجَارِي. وَقِيْلَ: قَالَ: هَاتُوا كَفَنِي، أُفٍّ لَكِ، مَا أَقْصَرَ طَوِيْلَكِ وَأَقَلَّ كَثِيْرَكِ.
وَعَنْ حَمَّادِ بنِ مُوْسَى، قَالَ: لَمَّا احْتُضِرَ عَبْدُ العَزِيْزِ، أَتَاهُ البَشِيْرُ يُبَشِّرُهُ بِمَالِهِ الوَاصِلِ فِي العَامِ، فقال: مالك؟ قَالَ: هَذِهِ ثَلاَثُ مائَةِ مُدْيٍ مِنْ ذَهَبٍ. قال: مالي وَلَهُ لَوَدِدْتُ، أَنَّهُ كَانَ بَعْراً حَائِلاً بِنَجْدٍ.
قُلْتُ: هَذَا قَوْلُ كُلِّ مَلِكٍ كَثِيْرِ الأَمْوَالِ، فهلا يبادر ببذله.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ، وَسَعِيْدُ بنُ عُفَيْرٍ، وَالزِّيَادِيُّ، وغيرهم: مات سنة خمس ثمانين. وَقَالَ ابْنُ يُوْنُسَ: قَالَ اللَّيْثُ: مَاتَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ ستٍّ وَثَمَانِيْنَ.
قُلْتُ: الأَوَّلُ أَصَحُّ، وَقَدْ كَانَ مَاتَ قَبْلَهُ ابْنُهُ أَصْبَغُ بِسِتَّةَ عَشَرَ يَوْماً، فَحَزِنَ عَلَيْهِ وَمَرِضَ وَمَاتَ بِحُلْوَانَ؛ مَدِيْنَةٍ صَغِيْرَةٍ أَنْشَأَهَا عَلَى بَرِيْدٍ فَوْقَ مِصْرَ وَعَاشَ أَخُوْهُ عَبْدُ المَلِكِ بَعْدَهُ فَلَمَّا جَاءهُ نَعْيُهُ عَقَدَ بِوِلاَيَةِ العَهْدِ لابْنَيْهِ: الوَلِيْدِ ثم سليمان.
__________
1ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 236"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 1514"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 1827"، الكاشف "2/ ترجمة 3456"، تاريخ الإسلام "3/ 274"، تهذيب التهذيب "6/ 356"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4373".

(5/142)


459- روح بن زنباع 1:
ابن روح بن سلامة، الأَمِيْرُ الشَّرِيْفُ, أَبُو زُرْعَةَ الجُذَامِيُّ، الفِلَسْطِيْنِيُّ، سَيِّدُ قَوْمِهِ. وَكَانَ شِبْهَ الوَزِيْرِ لِلْخَلِيْفَةِ عَبْدِ المَلِكِ.
رَوَى عَنْ: أَبِيْهِ -وَلَهُ صُحْبَةٌ- وَعَنْ تَمِيْمٍ الدَّارِيِّ، وَعُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ.
وَعَنْهُ: ابْنُهُ؛ رَوْحُ بنُ رَوْحٍ، وَشُرَحْبِيْلُ بنُ مُسْلِمٍ، وَعُبَادَةُ بنُ نُسَيٍّ، وَآخَرُوْنَ.
وَلَهُ دَارٌ بِدِمَشْقَ فِي البُزُوْرِيِّيْنَ2 وَلِيَ جُنْدَ فِلَسْطِيْنَ لِيَزِيْدَ. وَكَانَ يَوْمَ مَرْجِ رَاهِطٍ3 مَعَ مَرْوَانَ. وَقَدْ وَهِمَ مُسْلِمٌ, وَقَالَ: له صحبة، وإنما الصحبة لأبيه.
رَوَى ضَمْرَةُ، عَنْ شَيْخٍ لَهُ، قَالَ: كَانَ رَوْحُ بنُ زِنْبَاعٍ إِذَا خَرَجَ مِنَ الحَمَّامِ، أَعْتَقَ رَقَبَةً. قَالَ ابْنُ زَبْرٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ.
قُلْتُ: هُوَ صَدُوْقٌ، وَمَا وَقَعَ لَهُ شَيْءٌ فِي الكُتُبِ السِّتَّةِ وَحَدِيْثُهُ قَلِيْلٌ.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "3/ ترجمة 1042"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 2242"، أسد الغابة "2/ 189"، تاريخ الإسلام "3/ 248"، العبر "1/ 98"، الإصابة "1/ ترجمة رقم 2713"، النجوم الزاهرة "1/ 205"، شذرات الذهب "1/ 95".
2 البزوريين: من أسواق دمشق القديمة. ويعرف اليوم بسوق البزورية.
3 مرج راهط: الموضع الذي وقعت فيه الموقعة المشهورة بين مروان بن الحكم وأنصار عبد الله بن الزبير.

(5/142)


460- ابن أم بُرثن 1: "م، د"
الأَمِيْرُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ آدَمَ البَصْرِيُّ، صَاحِبُ السِّقَايَةِ، هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنُ أُمِّ بُرْثُنٍ. لَعَلَّهُ ابْنُ مُلاَعِنَةٍ. وَآدَمُ هُنَا، هُوَ أَبُوْنَا -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- وَقِيْلَ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ بُرْثُمٍ، وَابْنُ بُرْثُنٍ وَقِيْلَ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ مَوْلَى أُمِّ بُرْثُنٍ مِنْ جِلَّةِ التَّابِعِيْنَ.
رَوَى عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَجَابِرٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو.
وَعَنْهُ: أَبُو العَالِيَةِ الرِّيَاحِيُّ -وَهُوَ مِنْ طَبَقَتِهِ- وَقَتَادَةُ، وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، وَعَوْفٌ الأَعْرَابِيُّ.
قَالَ المَدَائِنِيُّ: اسْتَعْمَلَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ زِيَادٍ ابْنَ أُمِّ بُرْثُنٍ، ثُمَّ غَضِبَ عَلَيْهِ، وَغَرَّمَهُ مائَةَ أَلْفٍ، فَخَرَجَ إِلَى يَزِيْدَ. قَالَ: فَنَزَلْتُ عَلَى مرحلة من دمشق، وَضُرِبَ لِي خِبَاءٌ وَحُجْرَةٌ، فَإِذَا كَلْبٌ دَخَلَ فِي عُنُقِهِ طَوْقٌ مِنْ ذَهَبٍ فَأَخَذْتُهُ وَطَلَعَ فَارِسٌ فَهِبْتُهُ، وَأَنْزَلْتُهُ فَلَمْ أَلْبَثْ أَنْ تَوَافَتِ الخَيْلُ، فَإِذَا هُوَ يَزِيْدُ بنُ مُعَاوِيَةَ. فَقَالَ لي بعدما صَلَّى: مَنْ أَنْتَ؟ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: إِنْ شِئْتَ كَتَبْتُ لَكَ هُنَا، وَإِنْ شِئْتَ دَخَلْتَ. قُلْتُ: بَلْ تَكْتُبُ لِي مِنْ مَكَانِي. قَالَ: وَأَمَرَ بِأَنْ تُرَدَّ عَلَيَّ المائَةُ أَلْفٍ, فَرَجَعْتُ. قَالَ: وَأَعْتَقَ هُنَاكَ ثَلاَثِيْنَ مَمْلُوْكاً وَكَانَ يَتَأَلَّهُ.
وَقَالَ المدائني: رمى عبدًا له بفسود, فَأَخْطَأَهُ، وَأَصَابَ وَلَدَهُ فَنَتَرَ دِمَاغَهُ. فَخَافَ الغُلاَمُ، فَقَالَ: اذْهَبْ فَأَنْتَ حُرُّ، فَلَوْ قَتَلْتُكَ لَكُنْتُ هَلَكْتُ، لأَنِّي كُنْتُ مُتَعَمِّداً وَأَصَبْتُ
ابْنِي خَطَأً. ثُمَّ عَمِيَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بَعْدُ، وَمَرِضَ وَقِيْلَ: كَانَتْ أُمُّهُ تَعْمَلُ الطِّيْبَ، وَتُخَالِطُ نِسَاءَ ابْنِ زِيَادٍ، فَالْتَقَطَتْ هَذَا وَرَبَّتْهُ.
مَاتَ فِي خِلاَفَةِ عبد الملك بن مروان. وهو ثقة.
__________
1 تراجمته في التاريخ الكبير "5/ 818"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 989"، الكاشف "2/ ترجمة 3175"، تاريخ الإسلام "3/ 270"، تهذيب التهذيب "6/ 134"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4019".

(5/143)


461- أبو رجاء العُطاردي 1: "ع"
الإِمَامُ الكَبِيْرُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، عِمْرَانُ بنُ مِلْحَانَ التَّمِيْمِيُّ، البَصْرِيُّ. مِنْ كِبَارِ المُخَضْرَمِيْنَ، أَدْرَكَ الجَاهِلِيَّةَ وَأَسْلَمَ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ وَلَمْ يَرَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَوْرَدَهُ: أَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ البَرِّ فِي كِتَابِ "الاسْتِيْعَابِ" وقيل: إنه رأى أبا بكر الصديق.
حَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَعِمْرَانَ بنِ حُصَيْنٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ، وَسَمُرَةَ بنِ جُنْدَبٍ، وَأَبِي مُوْسَى الأَشْعَرِيِّ، وَتَلقَّنَ عَلَيْهِ القُرْآنَ، ثُمَّ عَرَضَهُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَهُوَ أَسَنُّ مِنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَكَانَ خَيِّراً، تَلاَّءً لِكِتَابِ اللهِ.
قَرَأَ عَلَيْهِ: أَبُو الأَشْهَبِ العُطَارِدِيُّ, وَغَيْرُهُ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: أَيُّوْبُ، وَابْنُ عَوْنٍ، وَعَوْفٌ الأَعْرَابِيُّ، وَسَعِيْدُ بنُ أَبِي عَرُوْبَةَ، وَسَلْمُ بنُ زَرِيْرٍ، وَصَخْرُ بنُ جُوَيْرِيَةَ، وَمَهْدِيُّ بنُ مَيْمُوْنٍ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ جَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: هَرَبْنَا مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ لَهُ: مَا طَعْمُ الدَّمِ؟ قَالَ: حُلْوٌ.
قَالَ الأَصْمَعِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو بنُ العَلاَءِ: قُلْتُ لأَبِي رَجَاءٍ: مَا تَذْكُرُ؟ قَالَ: أَذْكُرُ قَتْلَ بِسْطَامَ، ثُمَّ أَنْشَدَ:
وَخَرَّ عَلَى الأَلاَءةِ لَمْ يوسد
وكأن جَبِيْنَهُ سَيْفٌ صَقِيْلُ
ثُمَّ قَالَ الأَصْمَعِيُّ: قُتِلَ بِسْطَامُ قَبْلَ الإِسْلاَمِ بِقَلِيْلٍ.
أَبُو سَلَمَةَ المِنْقَرِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو الحَارِثِ الكَرْمَانِيُّ [وَكَانَ] ثِقَةً قَالَ: سمعت أبا رجاء.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 138"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2811"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1687"، حلية الأولياء "2/ 304"، الاستيعاب "3/ ترجخمة 1971"، أسد الغابة "4/ 136"، الكاشف "2/ ترجمة 4343"، تاريخ الإسلام "4/ 178"، تهذيب التهذيب "8/ 140"، الإصابة "3/ ترجمة 6523"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5443"، شذرات الذهب "1/ 130".

(5/144)


يَقُوْلُ: أَدْرَكْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا شَابٌّ أَمْرَدُ، وَلَمْ أَرَ نَاساً كَانُوا أَضَلَّ مِنَ العَرَبِ، كَانُوا يَجِيْئُوْنَ بِالشَّاةِ البَيْضَاءِ، فَيَعْبُدُوْنَهَا فَيَخْتَلِسُهَا الذِّئْبُ, فَيَأْخُذُوْنَ أُخْرَى مَكَانَهَا يَعْبُدُوْنَهَا، وإذا رأوا صخرة حسنة، جاؤوا بِهَا وَصَلُّوا إِلَيْهَا فَإِذَا رَأَوْا أَحْسَنَ مِنْهَا رَمَوْهَا. فَبُعِثَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَرْعَى الإِبِلَ عَلَى أَهْلِي. فَلَمَّا سَمِعْنَا بِخُرُوْجِهِ لَحِقْنَا بِمُسَيْلِمَةَ.
وَقِيْلَ: إِنَّ اسْمَ أَبِي رَجَاءٍ العُطَارِدِيِّ عِمْرَانُ بنُ تَيْمٍ، وَبَنُوْ عُطَارِدٍ: بَطْنٌ مِنْ تَمِيْمٍ، وَكَانَ أَبُو رَجَاءٍ -فِيْمَا قِيْلَ- يَخْضِبُ رَأْسَهُ دُوْنَ لِحْيَتِهِ.
قَالَ ابْنُ الأَعْرَابِيِّ: كَانَ أَبُو رَجَاءٍ عَابِداً، كَثِيْرَ الصَّلاَةِ وَتِلاَوَةِ القُرْآنِ، كَانَ يَقُوْلُ: مَا آسَى على شيء من الدنياإلَّا أَنْ أُعَفِّرَ فِي التُّرَابِ وَجْهِي كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ: كَانَ رَجُلاً فِيْهِ غَفْلَةٌ، وَلَهُ عِبَادَةٌ عُمِّرَ عُمُراً طَوِيْلاً أَزْيَدَ مِنْ مائَةٍ وَعِشْرِيْنَ سَنَةً.
ذَكَرَ الهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ، قَالَ: اجْتَمَعَ فِي جَنَازَةِ أَبِي رَجَاءٍ الحَسَنُ البَصْرِيُّ، وَالفَرَزْدَقُ فَقَالَ: الفَرَزْدَقُ: يَا أَبَا سَعِيْدٍ، يَقُوْلُ النَّاسُ: اجْتَمَعَ فِي هَذِهِ الجَنَازَةِ خَيْرُ النَّاسِ وَشَرُّهُم فَقَالَ الحَسَنُ: لَسْتُ بِخِيْرِ النَّاسِ، وَلَسْتَ بِشَرِّهِم، لَكِنْ مَا أَعْدَدْتَ لِهَذَا اليَوْمِ يَا أَبَا فَرَاسٍ؟ قَالَ: شَهَادَةَ أَنْ لاَ إِلَهَ إلَّا اللهَ وَأَنَّ محمد رَسُوْلُ اللهِ وَعَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ. ثُمَّ انْصَرَفَ، وَقَالَ:
أَلَمْ تَرَ أَنَّ النَّاسَ مَاتَ كَبِيْرُهُم ... وَقَدْ كَانَ قَبْلَ البَعْثِ بَعْثِ مُحَمَّدِ
وَلَمْ يُغْنِ عَنْهُ عَيْشُ سَبْعِيْنَ حِجَّةً ... وَسِتِّيْنَ لَمَّا بَاتَ غَيْرُ مُوَسَّدِ
إِلَى حُفْرَةٍ غَبْرَاءَ يُكْرَهُ وَرْدُهَا ... سوى أنها مثوى وضيع وسيد
وَلَوْ كَانَ طُوْلُ العُمْرِ يُخْلِدُ وَاحِداً ... وَيَدْفَعُ عَنْهُ عَيْبَ عُمْرٍ عَمَرَّدِ
لَكَانَ الَّذِي رَاحُوا بِهِ يَحْمِلُوْنَهُ ... مُقِيْماً وَلَكِنْ لَيْسَ حَيٌّ بِمُخْلَدِ
نَرُوْحُ وَنَغْدُو وَالحُتُوْفُ أَمَامَنَا ... يَضَعْنَ بِنَا حَتْفَ الرَّدَى كُلَّ مَرْصَدِ
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بنُ طَارِقٍ، أَنْبَأَنَا ابْنُ خَلِيْلٍ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا الحَدَّادُ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ, حَدَّثَنَا أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ، حَدَّثَنَا المُفَضَّلُ بنُ غَسَّانَ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بنُ جَرِيْرٍ عَنْ أَبِيْهِ سَمِعْتُ أَبَا رَجَاءٍ يَقُوْلُ: بَلَغنَا أَمْرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ عَلَى مَاءٍ لَنَا، يُقَالَ لَهُ: سَنَدٌ فَانْطَلَقْنَا نَحْوَ الشَّجَرَةِ هَارِبِيْنَ بِعِيَالِنَا فَبَيْنَا أَنَا أَسُوْقُ القَوْمَ، إِذْ وَجَدْتُ كُرَاعَ ظَبْيٍ فَأَخَذْتُهُ فَأَتَيْتُ المَرْأَةَ فَقُلْتُ: هَلْ عِنْدَكِ شَعِيْرٌ؟ فَقَالَتْ قَدْ كَانَ فِي

(5/145)


وِعَاءٍ لَنَا عَامَ أَوَّلٍ شَيْءٌ مِنَ الشَّعِيْرِ، فَمَا أَدْرِي بَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ أَمْ لاَ. فَأَخَذْتُهُ، فَنَفَضْتُهُ، فَاسْتَخْرَجْتُ مِنْهُ مِلْءَ كَفٍّ مِنْ شَعِيْرٍ، وَرَضَخْتُهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ، وَأَلْقَيْتُهُ وَالكُرَاعَ فِي بُرْمَةٍ لَنَا، ثُمَّ قُمْتُ إِلَى بَعِيْرٍ فَفَصَدْتُهُ إناء من دم، وأوقدت تحته ثم أخذ عوادًا، فَلَبَكْتُهُ بِهِ لَبْكاً شَدِيْداً حَتَّى أَنْضَجْتُهُ، ثُمَّ أَكَلْنَا. فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: وَكَيْفَ طَعْمُ الدَّمِ؟ قَالَ: حُلْوٌ.
مُحْرِزُ بنُ عَوْنٍ: حَدَّثَنَا يُوْسُفُ بنُ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِيْهِ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي رَجَاءٍ، فَقَالَ: بُعِثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ لَنَا صَنَمٌ مُدَوَّرٌ، فَحَمَلْنَاهُ عَلَى قَتَبٍ، وَتَحَوَّلْنَا، فَفَقَدْنَا الحَجَرَ، انْسَلَّ فَوْقَعَ فِي رَمْلٍ فَرَجَعْنَا فِي طَلَبِهِ فَإِذَا هُوَ فِي رمل قد غب فِيْهِ فَاسْتَخْرَجْتُهُ، فَكَانَ ذَلِكَ أَوَّل إِسْلاَمِي. فَقُلْتُ: إِنَّ إِلَهاً لَمْ يَمْتَنِعْ مِنْ تُرَابٍ يَغِيْبُ فِيْهِ لإِلَهُ سَوْءٍ، وَإِنَّ العَنْزَ لَتَمْنَعُ حَيَاهَا بذنبها. فكان ذَلِكَ أَوَّلَ إِسْلاَمِي. فَرَجَعْتُ إِلَى المَدِيْنَةِ، وَقَدْ تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ عُمَارَةُ المِعْوَلِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا رَجَاءٍ يَقُوْلُ: كُنَّا نَعْمَدُ إِلَى الرَّمْلِ، فَنَجْمَعُهُ، وَنَحْلِبُ عَلَيْهِ, فَنَعْبُدُهُ وَكُنَّا نَعْمَدُ إِلَى الحَجَرِ الأَبْيَضِ، فَنَعْبُدُهُ.
قَالَ أَبُو الأَشْهَبِ: كَانَ أَبُو رَجَاءٍ العُطَارِدِيُّ يَخْتِمُ بِنَا فِي قِيَامٍ لِكُلِّ عَشْرَةِ أَيَّامٍ.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ، وَغَيْرُهُ: مَاتَ أَبُو رَجَاءٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَمائَةٍ، وَلَهُ أَزْيَدُ مِنْ مائَةٍ وَعِشْرِيْنَ سَنَةً وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ المُؤَرِّخِيْنَ: مات سنة سبع ومائة. وقيل: سنة وثمان.

(5/146)


462- الأسود بن هلال 1: "خ، م، د، س"
أبو سلام المحاربي الكُوْفِيُّ، مِنْ كُبَرَاءِ التَّابِعِيْنَ، أَدْرَكَ أَيَّامَ الجَاهِلِيَّةِ.
وَقَدْ حَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ، وَمُعَاذٍ، وَابْنِ مَسْعُوْدٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَمَا هُوَ بِالمُكْثِرِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَشْعَثُ بنُ أَبِي الشَّعْثَاءِ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ، وَأَبُو حَصِيْنٍ عُثْمَانُ بنُ عَاصِمٍ، وَجَمَاعَةٌ.
وَثَّقَهُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 119"، التاريخ الكبير "1/ ترجمة 1436"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 1068"، تاريخ الإسلام "3/ 242"، الإصابة "1/ ترجمة 459"، تهذيب التهذيب "1/ 342".

(5/146)


463- الربيع بن خُثَيْم 1: "خ، م"
ابن عائذ، الإِمَامُ، القُدْوَةُ، العَابِدُ، أَبُو يَزِيْدَ الثَّوْرِيُّ، الكُوْفِيُّ، أَحَدُ الأَعْلاَمِ. أَدْرَكَ زَمَانَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَرْسَلَ عَنْهُ.
وَرَوَى عَنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُوْدٍ، وَأَبِي أَيُّوْبَ الأَنْصَارِيِّ، وَعَمْرِو بنِ مَيْمُوْنٍ. وَهُوَ قَلِيْلُ الرِّوَايَةِ إلَّا أَنَّهُ كَبِيْرُ الشَّأْنِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الشَّعْبِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ النَّخَعِيُّ، وَهِلاَلُ بنُ يِسَافٍ، وَمُنْذِرٌ الثَّوْرِيُّ، وَهُبَيْرَةُ بنُ خُزَيْمَةَ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ يُعَدُّ مِنْ عُقَلاَءِ الرِّجَالِ.
رُوِيَ عَنْ: أَبِي عُبَيْدَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُوْدٍ، قَالَ: كَانَ الرَّبِيْعُ بنُ خُثَيْمٍ إِذَا دَخَلَ عَلَى ابْنِ مَسْعُوْدٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِذْنٌ لأَحَدٍ حَتَّى يَفْرُغَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ صَاحِبِهِ فَقَالَ لَهُ ابْنُ مَسْعُوْدٍ: يَا أَبَا يَزِيْدَ لَوْ رَآكَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأَحَبَّكَ، وَمَا رَأَيْتُكَ إلَّا ذَكَرْتُ المُخْبِتِيْنَ.
فَهَذِهِ مَنْقَبَةٌ عَظِيْمَةٌ لِلرَّبِيْعِ، أَخْبَرَنِي بِهَا إِسْحَاقُ الأَسَدِيُّ، أَنْبَأَنَا ابْنُ خَلِيْلٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو المَكَارِمِ التَّيْمِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ المُقْرِئُ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا الطَّبَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدَانُ بن أحمد، أَزْهَرُ بنُ مَرْوَانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ الرَّبِيْعِ بنُ خُثَيْمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ.
أَبُو الأَحْوَصِ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ مَسْرُوْقٍ، عَنْ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيِّ، قَالَ: كان الرَّبِيْعُ إِذَا أَتَاهُ الرَّجُلُ يَسْأَلُهُ، قَالَ: اتَّقِ اللهَ فِيْمَا عَلِمْتَ وَمَا اسْتُؤْثِرَ بِهِ عَلَيْكَ فَكِلْهُ إِلَى عَالِمِهِ، لأَنَّا عَلَيْكُمْ فِي العَمْدِ أَخْوَفُ مِنِّي عَلَيْكُم فِي الخَطَأِ، وَمَا خَيِّرُكُمْ اليَوْمَ بِخَيِّرٍ, وَلَكِنَّهُ خَيْرٌ مِنْ آخِرِ شَرٍّ مِنْهُ، وَمَا تَتَّبِعُوْنَ الخَيْرَ حَقَّ اتِّبَاعِهِ وَمَا تَفِرُّوْنَ مِنَ الشَّرِّ حَقَّ فِرَارِهِ، وَلاَ كُلُّ مَا أَنْزَلَ اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَدْرَكْتُمْ, وَلاَ كُلُّ مَا تَقْرَؤُوْنَ تَدْرُوْنَ مَا هُوَ ثُمَّ يَقُوْلُ: السَّرَائِرَ السَّرَائِرَ اللاَّتِي يَخْفَيْنَ مِنَ النَّاسِ وَهُنَّ -وَاللهِ- بَوَادٍ الْتَمِسُوا دَوَاءهُنَّ، وَمَا دَوَاؤُهُنَّ إِلاَّ أَنْ يَتُوْبَ، ثُمَّ لاَ يَعُوْدَ.
رَوَى مَنْصُوْرٌ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، قَالَ: قَالَ فُلاَنٌ: مَا أَرَى الرَّبِيْعَ بنَ خُثَيْمٍ تَكَلَّمَ بِكَلاَمٍ مُنْذُ عِشْرِيْنَ سَنَةً، إلَّا بِكَلِمَةٍ تَصْعَدُ. وَعَنْ بَعْضِهِمْ، قَالَ: صَحِبْتُ الرَّبِيْعَ عِشْرِيْنَ عَاماً مَا سَمِعْتُ مِنْهُ كَلِمَةً تُعَابُ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 182"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 917"، الجرح والتعديل "3/ 2068"، الحلية لأبي نعيم "2/ 105"، تاريخ الإسلام "3/ 15 و 247 و 365"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 41"، تهذيب التهذيب "3/ ترجمة 467"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2021".

(5/147)


وَرَوَى الثَّوْرِيُّ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: جَالَسْتُ الرَّبِيْعَ بنَ خُثَيْمٍ سِنِيْنَ، فَمَا سَأَلَنِي عَنْ شَيْءٍ مِمَّا فِيْهِ النَّاسُ، إلَّا أَنَّهُ قَالَ لِي مَرَّةً: أُمُّكَ حَيَّةٌ؟.
وَرَوَى الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: كَانَ الرَّبِيْعُ بنُ خُثَيْمٍ إِذَا قِيْلَ لَهُ: كَيْفَ أَصْبَحْتُم؟ قَالَ: ضُعَفَاءَ مُذْنِبِيْنَ، نَأْكُلُ أَرْزَاقَنَا، وَنَنْتَظِرُ آجَالَنَا.
وَعَنْهُ، قَالَ: كُلُّ مَا لاَ يُرَادُ بِهِ وَجْهُ اللهِ يَضْمَحِلُّ.
وَرَوَى الأَعْمَشُ، عَنْ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيِّ: أَنَّ الربيع أخذ يطعم مصابًا خَبِيْصاً، فَقِيْلَ لَهُ: مَا يُدْرِيْهِ مَا أَكَلَ؟ قَالَ: لَكِنَّ اللهَ يَدْرِي.
الثَّوْرِيُّ، عَنْ سُرِّيَّةٍ لِلرَّبِيْعِ: أَنَّهُ كَانَ يَدْخُلُ عَلَيْهِ الدَّاخِلُ، وَفِي حَجْرِهِ المُصْحَفُ، فَيُغَطِّيْهِ.
وَعَنِ ابْنَةٍ لِلرَّبِيْعِ قَالَتْ: كُنْتُ أَقُوْلُ: يَا أَبَتَاهُ، ألَّا تَنَامُ؟! فَيَقُوْلُ: كَيْفَ يَنَامُ مَنْ يَخَافُ البَيَاتَ.
الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي حَيَّانَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: كَانَ الرَّبِيْعُ بنُ خُثَيْمٍ يُقَادُ إِلَى الصَّلاَةِ وَبِهِ الفَالِجُ. فَقِيْلَ لَهُ: قَدْ رُخِّصَ لَكَ. قَالَ: إِنِّي أَسْمَعُ "حَيَّ عَلَى الصَّلاَةِ"، فَإِنْ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَأْتُوْهَا وَلَوْ حَبْواً وَقِيْلَ: إِنَّهُ قَالَ: مَا يَسُرُّنِي أَنَّ هَذَا الَّذِي بِي بِأَعْتَى الدَّيْلَمِ على الله.
قال سفيان الثوري: وقيل له لو تداويت. قال: ذكرت عادًا وثمودًا وَأَصْحَابَ الرَّسِّ، وَقُرُوْناً بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيْراً، كَانَتْ فِيْهِم أَوْجَاعٌ، وَكَانَتْ لَهُم أَطِبَّاءٌ، فَمَا بَقِيَ المُدَاوِي وَلاَ المُدَاوَى إلَّا وَقَدْ فَنِيَ.
قَالَ الشَّعْبِيُّ: مَا جَلَسَ رَبِيْعٌ فِي مَجْلِسٍ مُنْذُ اترز بِإِزَارٍ، يَقُوْلُ: أَخَافُ أَنْ أَرَى أَمْراً أَخَافُ أَنْ لاَ أَرُدَّ السَّلاَمَ أَخَافُ أَنْ لاَ أغمض بصري.
قَالَ نُسَيْرُ بنُ ذُعْلُوْقٍ: مَا تَطَوَّعَ الرَّبِيْعُ بنُ خُثَيْمٍ فِي مَسْجِدِ الحَيِّ إلَّا مَرَّةً.
قَالَ الشَّعْبِيُّ: حَدَّثَنَا الرَّبِيْعُ وَكَانَ مِنْ مَعَادِنِ الصِّدْقِ.
وَعَنْ مُنْذِرٍ: أَنَّ الرَّبِيْعَ كَانَ إِذَا أَخَذَ عَطَاءهُ، فَرَّقَهُ، وَتَرَكَ قَدْرَ مَا يَكْفِيْهِ.
وَعَنْ يَاسِيْنَ الزَّيَّاتِ، قَالَ: جَاءَ ابْنُ الكَوَّاءِ إِلَى الرَّبِيْعِ بنِ خُثَيْمٍ، فَقَالَ: دُلَّنِي عَلَى مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ قَالَ: نَعَمْ، مَنْ كَانَ مَنْطِقُهُ ذِكْراً، وَصَمْتُهُ تَفَكُّراً، وَمَسِيْرُهُ تَدَبُّراً، فَهُوَ خَيْرٌ مِنِّي.
وَعَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: كَانَ الرَّبِيْعُ أَوْرَعَ أَصْحَابِ عَبْدِ اللهِ.

(5/148)


أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ أَبِي الخَيْرِ فِي كِتَابِهِ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيِّ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ, حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ خَلاَّدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ غَالِبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، عَنْ مَنْصُوْرٍ، عَنْ هِلاَلِ بنِ يِسَافٍ، عَنْ الربيع بن خثيم، عن عمرو بن ميمون، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ امرأة مِنَ الأَنْصَارِ، عَنْ أَبِي أَيُّوْبَ الأَنْصَارِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم "أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ لَيْلَةً بِثُلُثِ القُرْآنِ "؟ فَأَشْفَقْنَا أَنْ يَأْمُرَنَا بِأَمْرٍ نَعْجَزُ عَنْهُ قَالَ فَسَكَتْنَا قَالَهَا ثَلاَثَ مَرَّاتٍ: "أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ بِثُلُثِ القُرْآنِ؟ فَإِنَّهُ مَنْ قَرَأَ: اللهُ الوَاحِدُ الصَّمَدُ فَقَدْ قَرَأَ لَيْلَتَئِذٍ ثُلُثَ القُرْآنِ" 1.
وَرَوَاهُ الشَّعْبِيُّ، عَنِ الرَّبِيْعِ بنِ خُثَيْمٍ. قَدْ تَجَمَّعَ فِي إِسْنَادِهِ خَمْسَةٌ تَابِعِيُّوْنَ. أَخْرَجَهُ: التِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، مِنْ طَرِيْقِ زَائِدَةَ، وَحَسَّنَهُ: التِّرْمِذِيُّ، وَقَدْ رَوَاهُ: غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مَنْصُوْرٍ، عَنْ هِلاَلٍ، عَنْ ربِيْعٍ، فَقَالَ: عَنْ عَمْرٍو، عَنِ امْرَأَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ، فَحَذَفَ مِنْهُ: ابْنَ أَبِي لَيْلَى وَرَوَاهُ جَرِيْرٌ عَنْ مَنْصُوْرٍ فَحَذَفَ مِنْهُ: ابْنَ أَبِي لَيْلَى وَالمَرْأَةَ.
قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنِ العَلاَءِ بنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي يَعْلَى الثَّوْرِيِّ، قَالَ: كَانَ فِي بَنِي ثَوْرٍ ثَلاَثُوْنَ رَجُلاً، مَا مِنْهُمْ رَجُلٌ دُوْنَ الرَّبِيْعِ بنِ خثيم.
قال ابن عيينة: سمعت مالكًا يَقُوْلُ: قَالَ الشَّعْبِيُّ: مَا رَأَيْتُ قَوْماً قَطُّ أَكْثَرَ عِلْماً، وَلاَ أَعْظَمَ حِلْماً، وَلاَ أَكَفَّ عَنِ الدُّنْيَا مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللهِ، وَلَوْلاَ مَا سَبَقَهُمْ بِهِ الصَّحَابَةُ، مَا قَدَّمْنَا عَلَيْهِمْ أَحَداً.
حَمَّادُ بنُ يَزِيْدَ: عَمَّنْ ذَكَرَهُ، عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ قَوْماً سُوْدَ الرُّؤُوْسِ أَفْقَهَ مِنْ أَهْلِ الكُوْفَةِ مِنْ قَوْمٍ فِيْهِمْ جُرَةٌ2.
قِيْلَ: تُوُفِّيَ الرَّبِيْعُ بنُ خُثَيْمٍ سنة خمس وستين.
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "5/ 418- 419"، وأبو نعيم في "الحلية" "2/ 117" من طريق منصور، عن هلال بن يساف، به. وورد عن ابن مسعود أخرجه النسائي في "علم اليوم والليلة" "675"، والبزار "2298"، والطبراني في "الكبير" "10484" و "10485" من طريق الربيع بن خثيم، عن ابن مسعود، به وفي الباب عن أبي سعيد الخدري: أخرجه البخاري "5015"، وأحمد "3/ 8".
وعن أبي الدرداء: عند مسلم "811"، والدارمي "2/ 460"، وأحمد "6/ 442 و 447".
2 الجرة: لغة في "الجراء" وهي الشجاعة.

(5/149)


464- عبد الرحمن بن أبي ليلى 1: "ع"
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، الحَافِظُ، أَبُو عِيْسَى الأَنْصَارِيُّ، الكوفي، الفقيه. ويقال: أَبُو مُحَمَّدٍ، مِنْ أَبْنَاءِ الأَنْصَارِ. وُلِدَ فِي خِلاَفَةِ الصِّدِّيْقِ، أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ.
وَحَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَابْنِ مَسْعُوْدٍ، وَبِلاَلٍ، وَأُبَيِّ بنِ كَعْبٍ، وَصُهَيْبٍ، وَقَيْسِ بنِ سَعْدٍ، وَالمِقْدَادِ، وَأَبِي أَيُّوْبَ، وَوَالِدِهِ، وَمُعَاذِ بنِ جَبَلٍ، وَمَا إِخَالُهُ لَقِيْهُ، مَعَ كَوْنِ ذَلِكَ فِي "السُّنَنِ الأَرْبَعَةِ" وَقِيْلَ: بَلْ وُلِدَ فِي وَسَطِ خِلاَفَةِ عُمَرَ، وَرَآهُ يَتَوَضَّأُ، وَيَمْسَحُ عَلَى الخُفِّيْنِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَمْرُو بنُ مُرَّةَ، وَالحَكَمُ بنُ عُتَيْبَةَ، وَحُصَيْنُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَبْدُ المَلِكِ بنِ عمير، والأعمش، وطائف سِوَاهُمْ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ قَرَأَ القُرْآنَ عَلَى عَلِيٍّ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سِيْرِيْنَ، جَلَسْتُ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى، وَأَصْحَابُهُ يُعَظِّمُوْنَهُ، كَأَنَّهُ أَمِيْرٌ.
وَقَالَ ثَابِتٌ البُنَانِيُّ: كُنَّا إِذَا قَعَدْنَا إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ لِرَجُلٍ: اقْرَأِ القُرْآنَ فَإِنَّهُ يَدُلُّنِي عَلَى مَا تُرِيْدُوْنَ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي كَذَا وَهَذِهِ الآيَةُ فِي كَذَا.
وَرَوَى عَطَاءُ بنُ السَّائِبِ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: أَدْرَكْتُ عِشْرِيْنَ ومئة مِنْ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الأَنْصَارِ، إِذَا سُئِلَ أَحَدُهُمْ عَنْ شيء، ود أن أخاه كفاه.
وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ الحَارِثِ: أَنَّهُ اجْتَمَعَ بِابْنِ أَبِي لَيْلَى، فَقَالَ: مَا شَعَرْتُ أَنَّ النِّسَاءَ وَلَدْنَ مِثْلَ هَذَا.
شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بنِ مُرَّةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: صَحِبْتُ عَلِيّاً رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي الحَضَرِ وَالسَّفَرِ، وَأَكْثَرُ مَا يَتَحَدَّثُوْنَ عَنْهُ بَاطِلٌ.
قَالَ الأَعْمَشُ: رَأَيْتُ ابْنَ أَبِي لَيْلَى، وَقَدْ ضَرَبَهُ الحَجَّاجُ، وَكَأَنَّ ظَهْرَهُ مِسْحٌ، وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى ابْنِهِ، وَهُمْ يَقُوْلُوْنَ: الْعَنِ الكَذَّابِيْنَ، فَيَقُوْلُ: لَعَنَ الله الكذابين يقول: الله الله علي
__________
1 ترجمة في طبقات ابن سعد "6/ 109"، التاريخ الكبير "5/ ترجمة 1164"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 1424"، تاريخ "10/ 199"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 42"، العبر "1/ 96 و 195"، الكاشف "2/ ترجمة 3344"، تاريخ الإسلام "3/ 272"، تهذيب التهذيب "6/ 220- 262"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4231"، شذرات الذهب "1/ 92".

(5/150)


بنُ أَبِي طَالِبٍ، عَبْدُ اللهِ بنُ الزُّبَيْرِ، المُخْتَارُ بنُ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ: وَأَهْلُ الشَّامِ كَأَنَّهُمْ حَمِيْرٌ لاَ يَدْرُوْنَ مَا يَقْصِدُ، وَهُوَ يُخْرِجُهُمْ مِنَ اللَّعْنِ.
قُلْتُ: ثُمَّ كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ مِنْ كِبَارِ مَنْ خَرَجَ مَعَ عَبْدِ الرحمن الله بنِ الأَشْعَثِ مِنَ العُلَمَاءِ وَالصُّلَحَاءِ، وَكَانَ لَهُ وِفَادَةٌ عَلَى مُعَاوِيَةَ. ذَكَرَهَا: وَلَدُهُ القَاضِي مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى.
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا ابْنُ خَلِيْلٍ، حَدَّثَنَا اللَّبَّانُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ مَالِكٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي لَيْلَى يُصَلِّي فَإِذَا دَخَلَ الدَّاخِلُ نَامَ عَلَى فِرَاشِهِ.
وَبِهِ، قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ مِهْرَانَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، قَالَ: رَأَيْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ مَحْلُوْقاً عَلَى المصطبة، وهم يقولون له: العن الكاذبين. وَكَانَ رَجُلاً ضَخْماً، بِهِ رَبْوٌ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ العن الكاذبين، آهٍ- ثُمَّ يَسْكُتُ- عَلِيٌّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ الزُّبَيْرِ، وَالمُخْتَارُ.
اسْمُ وَالِدِهِ أَبِي لَيْلَى: يَسَارٌ. وَقِيْلَ: بِلاَلٌ. وَقِيْلَ: دَاوُدُ بنُ أَبِي أُحَيْحَةَ ابن الجُلاَحِ بنِ الحَرِيْشِ بنِ جَحْجَبَى بنِ كُلْفَةَ.
ابْنُ عُيَيْنَةَ: عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيْحٍ، عَنْ مُجَاهِد، قال: كان لعبد الرحمن ابن أَبِي لَيْلَى بَيْتٌ فِيْهِ مَصَاحِفُ، يَجْتَمِعُ إِلَيْهِ فيه القراء، فلما تَفَرَّقُوا إلَّا عَنْ طَعَامٍ. فَأَتَيْتُهُ وَمَعِي تِبْرٌ، فَقَالَ: أَتُحَلِّي بِهِ سَيْفاً؟ قُلْتُ: لاَ. قَالَ: فَتُحَلِّي بِهِ مُصْحَفاً؟ قُلْتُ: لاَ. قَالَ: فَلَعَلَّكَ تَجْعَلُهَا أَخْرَاصاً, فَإِنَّهَا تُكْرَهُ.
قَالَ ثَابِتٌ: كَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى إِذَا صَلَّى الصُّبْحَ، نَشَرَ المُصْحَفَ وَقَرَأَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ.
شَرِيْكٌ، عَنْ مُغِيْرَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيْلَ يَعْمَلُ بِمِسْحَاةٍ لَهُ، فَأَصَابَ أَبَاهُ فَشَجَّهُ فَقَالَ: لاَ يَصْحَبُنِي مَنْ فَعَلَ بِأَبِي مَا فَعَلَ فَقَطَعَ يَدَهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ بَنِي إِسْرَائِيْلَ ثُمَّ إِنَّ ابْنَةَ المَلِكِ أَرَادَتْ أَنْ تُصَلِّيَ فِي بَيْتِ المَقْدِسِ، فَقَالَ مَنْ نَبْعَثُ بِهَا؟ قَالُوا: فُلاَنٌ. فَبَعَثَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: أَعْفِنِي. قَالَ: لاَ. قَالَ: فَأَجِّلْنِي إِذاً أَيَّاماً. قَالَ: فَذَهَبَ فَقَطَعَ
مَذَاكِيْرَهُ فِي حُقٍّ، ثُمَّ جَاءَ بِهِ خاتمه عَلَيْهِ، فَقَالَ: هَذِهِ وَدِيْعَتِي عِنْدَكَ، فَاحْفَظْهَا. قَالَ: وَنَزَّلَهَا المَلِكُ مَنْزِلاً مَنْزِلاً انْزِلْ يَوْمَ كَذَا وكذا وكذا وَكَذَا وَيَوْمَ كَذَا وَكَذَا

(5/151)


كَذَا وَكَذَا، فَوَقَّتَ لَهُ وَقْتاً. فَلَمَّا سَارَ، جعلت ابنة الملك لا ترتقع بِهِ1، فَتَنْزِلُ حَيْثُ شَاءتْ، وَتَرْتَحِلُ مَتَى شَاءتْ، وَجَعَلَ إِنَّمَا هُوَ يَحْرُسُهَا، وَيَنَامُ عِنْدَهَا. فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ، قَالُوا لَهُ: إِنَّمَا كَانَ يَنَامُ عِنْدَهَا فَقَالَ لَهُ المَلِكُ: خَالَفْتَ، وَأَرَادَ قَتْلَهُ فَقَالَ: ارْدُدْ عَلَيَّ وَدِيْعَتِي. فَلَمَّا رَدَّهَا، فَتَحَ الحُقَّ, وَتَكَشَّفَ عَنْ مِثْلِ الرَّاحَةِ فَفَشَا ذَلِكَ فِي بَنِي إِسْرَائِيْلَ. قَالَ: فَمَاتَ قَاضٍ لَهُمْ، فَقَالُوا: مَنْ نَجْعَلُ مَكَانَهُ؟ قَالُوا: فُلاَنٌ. فَأَبَى، فَلَمْ يَزَالُوا بِهِ حَتَّى قَالَ: دَعُوْنِي حَتَّى أَنْظَرَ فِي أَمْرِي فَكَحَّلَ عَيْنَيْهِ بِشَيْءٍ حَتَّى ذَهَبَ بَصَرُهُ. قَالَ: ثُمَّ جَلَسَ عَلَى القَضَاءِ فَقَامَ لَيْلَةً فَدَعَا اللهَ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا الَّذِي صَنَعْتُ لَكَ رِضَىً، فَارْدُدْ عَلَيَّ خَلْقِي أَصَحَّ مَا كَانَ فَأَصْبَحَ، وَقَدْ رَدَّ اللهُ عَلَيْهِ بَصَرَهُ وَمُقْلَتَيْهِ أَحْسَنَ مَا كَانَتَا، وَيَدَهُ وَمَذَاكِيْرَهُ.
أَنْبَأَنَا بِهَا: أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، عَنْ أَبِي المَكَارِمِ التَّيْمِيِّ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، يَعْنِي: العَسَّالَ فِي كِتَابِهِ -حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا شَرِيْكٌ فَذَكَرَهَا.
وَبِهِ إِلَى أَبِي نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيْلُ، عَنْ عَبْدِ الأَعْلَى، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، بنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: كُنْتُ جَالِساً عِنْدَ عُمَرَ، فَأَتَاهُ رَاكِبٌ فَزَعَمَ أَنَّهُ رَأَى الهِلاَلَ هِلاَلَ شَوَّالٍ, فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ أَفْطِرُوا ثُمَّ قَامَ إِلَى عس2 من ماء فَتَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى مُوْقَيْنِ لَهُ ثُمَّ صَلَّى المَغْرِبَ فَقَالَ لَهُ الرَّاكِبُ: مَا جِئْتُكَ إلَّا لأَسْأَلَكَ عَنْ هَذَا أَشَيْئاً رَأَيْتَ غَيْرَكَ يَفْعَلُهُ؟ قَالَ: نَعَمْ رَأَيْتُ خَيْراً مِنِّي وَخَيْرَ الأُمَّةِ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَ ذَلِكَ.
تَفَرَّدَ بِهِ إِسْرَائِيْلُ.
رُوِيَ عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ: أَنَّ الحَجَّاجَ اسْتَعْمَلَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ أَبِي لَيْلَى عَلَى القَضَاءِ، ثُمَّ عَزَلَهُ،
ثُمَّ ضَرَبَهُ لِيَسُبَّ أَبَا تُرَابٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَكَانَ قَدْ شَهِدَ النَّهْرَوَانَ مَعَ عَلِيٍّ.
وَقَالَ شُعْبَةُ بنُ الحَجَّاجِ: قَدِمَ عَبْدُ اللهِ بنُ شَدَّادِ بنِ الهَادِ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، فَاقْتَحَمَ بِهِمَا فَرَسُهُمَا، الفُرَاتَ فَذَهَبَا- يَعْنِي: غَرَقاً.
وَأَمَّا نُعَيْمٍ المُلاَئِيُّ، فَقَالَ: قُتِلَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى بِوَقْعَةِ الجَمَاجِمِ، يَعْنِي: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ. وَقِيْلَ: سنة ثلاث.
__________
1 لا ترتقع به: أي لا تأبه ولا تبالي به.
2 العس: القدح الضخم.

(5/152)


465- أبو عبد الرحمن السُّلمي 1: "ع"
مُقْرِئُ الكُوْفَةِ، الإِمَامُ، العَلَمُ، عَبْدُ اللهِ بنُ حَبِيْبِ بنِ رُبَيِّعَةَ الكُوْفِيُّ. مِنْ أَوْلاَدِ الصَّحَابَةِ، مَوْلِدُهُ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَرَأَ القُرْآنَ، وَجَوَّدَهُ, وَمَهَرَ فِيْهِ، وَعَرَضَ عَلَى عُثْمَانَ -فِيْمَا بَلَغنَا- وَعَلَى عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُوْدٍ.
وَحَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَطَائِفَةٍ.
قَالَ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ: أَخَذَ القِرَاءةَ عَرْضاً عَنْ عُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَزِيْدٍ، وَأُبَيٍّ، وَابْنِ مَسْعُوْدٍ.
أَخَذَ عَنْهُ القُرْآنَ: عَاصِمُ بنُ أَبِي النَّجُوْدِ، وَيَحْيَى بنُ وَثَّابٍ، وَعَطَاءُ بنُ السَّائِبِ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عِيْسَى بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، بنِ أبي ليلى، وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي أَيُّوْبَ، وَالشَّعْبِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ، بنُ أَبِي خَالِدٍ، وَعَرَضَ عَلَيْهِ الحَسَنُ، وَالحُسَيْنُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: عَاصِمٌ، وَأَبُو إِسْحَاقَ، وَعَلْقَمَةُ بنُ مَرْثَدٍ، وَعَطَاءُ بنُ السَّائِبِ، وَعَدَدٌ كَثِيْرٌ.
رَوَى حُسَيْنٌ الجُعْفِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ أَبَانٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بنِ مَرْثَدٍ: أَنَّ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيَّ تَعَلَّمَ القُرْآنَ مِنْ عُثْمَانَ وَعَرَضَ عَلَى عَلِيٍّ.
مُحَمَّدٌ لَيْسَ بِحُجَّةٍ.
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: كَانَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ يُقْرِئُ النَّاسَ فِي المَسْجِدِ الأَعْظَمِ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً.
وَقَالَ سَعْدُ بنُ عُبَيْدَةَ: أَقرَأَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي خِلاَفَةِ عُثْمَانَ، وَإِلَى أَنْ تُوُفِّيَ في زمن الحجاج.
قَالَ شُعْبَةُ: لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عُثْمَانَ كَذَا قَالَ شُعْبَةُ، وَلَمْ يُتَابَعْ.
وَرَوَى أَبَانٌ العَطَّارُ، عَنْ عَاصِمِ بنِ بَهْدَلَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرحمن، قال: أخذت القراءة عن علي.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 172"، التاريخ الكبير "5/ ترجمة 188"، و "9/ ترجمة 835"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 164"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 43"، الكاشف "2/ ترجمة 2708"، تاريخ الإسلام "3/ 222"، تهذيب التهذيب "5/ 183" خلاخصة الخزرجي "2/ ترجمة 3446".

(5/153)


وَرَوَى مَنْصُوْرٌ، عَنْ تَمِيْمِ بنِ سَلَمَةَ: أَنَّ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ كَانَ إِمَامَ المَسْجِدِ، وَكَانَ يُحْمَلُ فِي اليَوْمِ المَطِيْرِ.
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ عَطَاءِ بنِ السَّائِبِ أَنَّ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: أَخَذْنَا القُرْآنَ عَنْ قَوْمٍ أَخْبَرُوْنَا أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا تَعَلَّمُوا عَشْرَ آيَاتٍ لَمْ يُجَاوِزُوْهُنَّ إِلَى العَشْرِ الآخَرِ حَتَّى يَعْلَمُوا مَا فِيْهنَّ، فَكُنَّا نَتَعَلَّمُ القُرْآنَ وَالعَمَلَ بِهِ، وَسَيَرِثُ القُرْآنَ بَعْدَنَا قَوْمٌ يَشْرَبُوْنَهُ شُرْبَ المَاءِ لاَ يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ.
عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ أَبِي جَعْفَرٍ الفَرَّاءُ، عَنْ أَبِيْهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ: أَنَّهُ جَاءَ وَفِي الدَّارِ جِلاَلٌ وَجُزُرٌ فَقَالُوا: بَعَثَ بِهَا عُمَرُ بنُ حُرَيْثٍ؛ لأَنَّكَ عَلَّمْتَ ابْنَهُ القُرْآنَ. فَقَالَ: رُدَّ إِنَّا لاَ نَأْخُذُ عَلَى كِتَابِ اللهِ أَجْراً.
وَرَوَى أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: وَالِدِي عَلَّمَنِي القُرْآنَ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ غَزَا معه.
وَرَوَى سَعْدُ بنُ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عُثْمَانَ بنِ عَفَّانَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "خيركم من تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ" 1.
قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ: فَذَلِكَ الَّذِي أَقْعَدَنِي هَذَا المَقْعَدَ.
قَالَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ: كَانَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ يُعَلِّمُنَا القُرْآنَ خَمْسَ آيَاتٍ خَمْسَ آيَاتٍ.
قَالَ أَبُو حَصِيْنٍ عُثْمَانُ بنُ عَاصِمٍ: كُنَّا نَذْهَبُ بِأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ مِنْ مَجْلِسِهِ، وَكَانَ أَعْمَى.
أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ: عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى عَلِيٍّ.
وَعَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَأَنَا أُقْرِئُ.
وَرَوَى أَبُو جَنَابٍ الكَلْبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوْنٍ الثَّقَفِيُّ، قَالَ: كُنْتُ أَقْرَأُ عَلَى أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَكَانَ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ -رَضِيَ الله عنهما يقرأ عليه.
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "1/ 58"، والبخاري "5027"، وأبو داود "1452"، والترمذي "2907"، والدارمي "2/ 437" من طرق عن شعبة، عن علقمة بن مرثد، عن سعيد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن عثمان بن عفان، به.
وأخرجه عبد الرزاق "5995"، وأحمد "1/ 57"، والبخاري "5028"، والترمذي "2908"، وابن ماجه "212" من طرق عن سفيان الثوري، عن علقمة بن مرثد، عن أبي عبد الرحمن السلمي، به.

(5/154)


قَالَ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ أَبِي هَاشِمٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ المُقْرِئُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا أَبِي, حَدَّثَنَا حَفْصٌ أَبُو عُمَرَ، عَنْ عَاصِمِ بنِ بَهْدَلَةَ، وَعَطَاءِ بنِ السَّائِبِ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَبِي أَيُّوْبَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عِيْسَى: أَنَّهُم قَرَؤُوْا عَلَى أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، وَذَكَرُوا أَنَّهُ أَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى عُثْمَانَ عَامَّةَ القُرْآنِ، وَكَانَ يَسْأَلُهُ عَنِ القُرْآنِ، فَيَقُوْلُ: إِنَّكَ تَشْغَلُنِي عَنْ أَمْرِ النَّاسِ، فَعَلَيْكَ بِزَيْدِ بنِ ثَابِتٍ، فَإِنَّهُ يجلس للناس، ويتفرغ لهم، ولست أخالفه في شيء من القرآن. وَكُنْتُ أَلْقَى عَلِيّاً فَأَسْأَلُهُ فَيُخْبِرُنِي وَيَقُوْلُ: عَلَيْكَ بِزَيْدٍ. فَأَقْبَلْتُ عَلَى زَيْدٍ فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ القُرْآنَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ مَرَّةً.
قُلْتُ: لَيْسَ إِسْنَادُهَا بِالقَائِمِ.
وَرَوَى عَنْ عَطَاءِ بنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرحمن، قال: حدثني الذين كانوا يقرئوننا: عُثْمَانُ، وَابْنُ مَسْعُوْدٍ، وَأُبَيٌّ: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُقْرِئُهُمُ العَشْرُ ... ، فَذَكَرَ الحَدِيْثَ.
أَحْمَدُ بنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا وَكِيْعٌ عَنْ عَطَاءِ ابن السَّائِبِ، قَالَ: كَانَ رَجُلٌ يَقْرَأُ عَلَى أَبِي عبد الرحمن، فأهدى له قوسًا، فردها، وقالإلَّا كَانَ هَذَا قَبْلَ القِرَاءةِ.
كَذَا عِنْدِي: وَكِيْعٌ عَنْ عَطَاءٍ وَلَمْ يَلْحَقْهُ.
وَعَنْ عَطَاءِ بنِ السَّائِبِ، قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ نَعُوْدُهُ، فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ يُرَجِّيْهِ، فَقَالَ: أَنَا أَرْجُو رَبِّي، وَقَدْ صُمْتُ لَهُ ثَمَانِيْنَ رَمَضَاناً.
قُلْتُ: مَا أَعْتَقِدُ صَامَ ذَلِكَ كُلَّهُ وَقَدْ كَانَ ثَبْتاً فِي القِرَاءةِ، وَفِي الحَدِيْثِ. حَدِيْثُهُ مُخَرَّجٌ فِي الكُتُبِ السِّتَّةِ.
يُقَالُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ. وَقِيْلَ: مَاتَ فِي إِمْرَةِ بِشْرِ بنِ مروان عَلَى العِرَاقِ. وَقِيْلَ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسَبْعِيْنَ. وَقِيْلَ: مَاتَ قَبْلَ سَنَةِ ثَمَانِيْنَ. وَقِيْلَ: مَاتَ فِي أَوَائِلِ وِلاَيَةِ الحَجَّاجِ عَلَى العِرَاقِ وَغَلِطَ ابْنُ قَانِعٍ حَيْثُ قَالَ فِي وَفَاتِهِ إِنَّهَا سَنَةُ خَمْسٍ وَمائَةٍ.

(5/155)


466- أمية بن عبد الله 1: "س، ق"
ابن خَالِدِ بنِ أُسَيْدِ بنِ أَبِي العِيْصِ بنِ أُمَيَّةَ بنِ عَبْدِ شَمْسٍ القُرَشِيُّ، الأُمَوِيُّ، أَحَدُ الأَشْرَافِ، وَلِيَ إِمْرَةَ خُرَاسَانَ لِعَبْدِ المَلِكِ بنِ مَرْوَانَ.
وَحَدَّثَ عَنِ: ابْنِ عُمَرَ. رَوَى عَنْهُ: عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي بَكْرٍ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المَخْزُوْمِيُّ، وَالمُهَلَّبُ الأَمِيْرُ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 478"، التاريخ الكبير "2/ ترجمة 1515"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 1112"، تاريخ الإسلام "3/ 242 "، الإصابة "1/ ترجمة550 "، تهذيب التهذيب "1/ 371".

(5/155)


467-أبو إدريس الخَولاني 1: "ع"
عائذ الله بن عبد الله، وَيُقَالُ فِيْهِ: عَيِّذُ اللهِ بنُ إِدْرِيْسَ بنِ عَائِذِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُتْبَةَ، قَاضِي دمشق، وعالمها، وواعظها، ولد: عام الفتح.
وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِي ذَرٍّ, وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَحُذَيْفَةَ، وَأَبِي مُوْسَى، وَشَدَّادِ بنِ أَوْسٍ، وَعُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَوْفِ بنِ مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ، وَعُقْبَةَ بنِ عَامِرٍ الجُهَنِيِّ، وَالمُغِيْرَةِ بنِ شُعْبَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَمُعَاوِيَةَ بنِ أَبِي سُفْيَانَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ حَوَالَةَ، وَأَبِي مُسْلِمٍ الخَوْلاَنِيِّ، وَعِدَّةٍ.
قَالَ أَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ البَرِّ: سَمَاعُهُ مِنْ مُعَاذِ بنِ جَبَلٍ صَحِيْحٌ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: سَمِعَ أَبُو إِدْرِيْسَ مِنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَعُبَادَةَ.
قُلْتُ: حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو سَلاَّمٍ الأَسْوَدُ، وَمَكْحُوْلٌ، وَابْنُ شِهَابٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَامِرٍ اليَحْصُبِيُّ، وَيَحْيَى بنُ يَحْيَى الغَسَّانِيُّ، وَعَطَاءُ بنُ أَبِي مُسْلِمٍ، وَأَبُو قِلاَبَةَ الجَرْمِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَزِيْدَ الرَّحَبِيُّ، وَيُوْنُسُ بنُ مَيْسَرَةَ بنِ حَلْبَسٍ، وَيَزِيْدُ بنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَرَبِيْعَةُ القَصِيْرُ، وَآخَرُوْنَ.
وَلَيْسَ هُوَ بِالمُكْثِرِ، لَكِنْ لَهُ جَلاَلَةٌ عَجِيْبَةٌ، سُئِلَ دُحَيْمٌ عَنْهُ وَعَنْ جُبَيْرٍ: أَيُّهُمَا أَعْلَمُ؟ قَالَ: أَبُو إِدْرِيْسَ هُوَ المُقَدَّمُ، وَرَفَعَ أَيْضاً مِنْ شَأْنِ جُبَيْرِ بنِ نُفَيْرٍ لإِسْنَادِهِ وَأَحَادِيْثِهِ.
قُلْتُ: هُمَا كَانَا مَعَ كَثِيْرِ بنِ مُرَّةَ، وَقَبِيْصَةَ بنِ ذُؤَيْبٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ مُحَيْرِيْزٍ الجُمَحِيِّ، وَأُمِّ الدَّرْدَاءِ عُلَمَاءَ الشَّامِ فِي عَصْرِهِمْ في دولة عبد الملك ابن مَرْوَانَ، وَقَبْلَ ذَلِكَ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: أَبُو إِدْرِيْسَ قَدْ سَمِعَ مِنْ أَبِي ذَرٍّ.
يُوْنُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي أَبُو إِدْرِيْسَ الخَوْلاَنِيُّ، وَكَانَ من فقهاء أهل الشام.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 448"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 375"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة 200"، الاستيعاب "4/ 1594"، أسد الغابة "5/ 134"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 39"، تاريخ الإسلام "3/ 215"، العبر "1/ 91"، الكاشف "2/ ترجمة رقم 2578"، تجريد أسماء الصحابة "1/ ترجمة 3070"، تهذيب التهذيب "5/ 85"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3290"، شذرات الذهب "1/ 88"، النجوم الزاهرة "1/ 201".

(5/156)


وَرَوَى عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ الوَلِيْدِ بنِ أَبِي السَّائِبِ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ مَكْحُوْلٍ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَ أَبِي إِدْرِيْسَ الخَوْلاَنِيِّ.
وَكَذَلِكَ رَوَى: أَبُو مُسْهِرٍ، عَنْ سَعِيْدٍ، عَنْ مَكْحُوْلٍ.
وَعَنْ سَعِيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، أَنَّهُ قَالَ: كَانَ أَبُو إِدْرِيْسَ عَالِمَ الشَّامِ بَعْدَ أَبِي الدَّرْدَاءِ.
ابْنُ جَوْصَاءَ الحَافِظُ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ حِمْيَرٍ، حَدَّثَنِي سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، سَمِعْتُ مَكْحُوْلاً، يَقُوْلُ: كانت خلقة مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْرُسُوْنَ جَمِيْعاً فَإِذَا بَلَغُوا سَجْدَةً، بَعَثُوْا إِلَى أَبِي إِدْرِيْسَ الخَوْلاَنِيِّ فَيَقْرَؤُهَا ثُمَّ يَسْجُدُ فَيَسْجُدُ أَهْلُ المَدَارِسِ.
مُحَمَّدُ بنُ شُعَيْبِ بنِ شَابُوْرٍ: أَخْبَرَنِي يَزِيْدُ بنُ عُبَيْدَةَ: أَنَّهُ رَأَى أَبَا إِدْرِيْسَ فِي زَمَنِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ مَرْوَانَ، وَأَنَّ حِلَقَ المَسْجِدِ بِدِمَشْقَ يَقْرَؤُوْنَ القُرْآنَ، يَدْرُسُوْنَ جَمِيْعاً وَأَبُو إِدْرِيْسَ جَالِسٌ إِلَى بَعْضِ العُمُدِ، فَكُلَّمَا مَرَّتْ حَلْقَةٌ بِآيَةِ سَجْدَةٍ، بَعَثُوْا إِلَيْهِ يَقْرَأُ بِهَا وَأَنْصَتُوا لَهُ سَجَدَ بِهِم جَمِيْعاً وَرُبَّمَا سَجَدَ بِهِم ثِنْتَيْ عَشْرَةَ سَجْدَةٍ، حَتَّى إِذَا فَرَغُوا مِنْ قِرَاءتِهِمْ، قَالَ أَبُو إِدْرِيْسَ يَقُصُّ: ثُمَّ قَالَ يَزِيْدُ بنُ عَبِيْدَةَ: ثُمَّ إِنَّهُ قَدَّمَ القَصَصَ بَعْدَ ذَلِكَ.
الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ يَزِيْدَ بنِ أَبِي مَالِكٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: كُنَّا نَجْلِسُ إِلَى أَبِي إِدْرِيْسَ الخَوْلاَنِيِّ, فَيُحَدِّثُنَا, فَحَدَّثَ يَوْماً عَنْ بَعْضِ مَغَازِي رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى اسْتَوْعَبَ الغَزَاةَ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ من ناحية المجلس: أَحَضَرْتَ هَذِهِ الغَزْوَةَ؟ فَقَالَ: لاَ. فَقَالَ الرَّجُلُ: قَدْ حَضَرْتُهَا مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلأَنْتَ أَحْفَظُ لَهَا مِنِّي.
أَبُو مُسْهِرٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ: أَنَّ عَبْدَ المَلِكِ بنَ مَرْوَانَ عَزَلَ بِلاَلاً عَنِ القَضَاءِ -يَعْنِي: وَوَلَّى أَبَا إِدْرِيْسَ.
وَرَوَى الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ، عَنِ ابْنِ جَابِرٍ: أَنَّ عَبْدَ المَلِكِ عَزَلَ أَبَا إِدْرِيْسَ عَنِ القَصَصِ، وَأَقَرَّهُ عَلَى القَضَاءِ فَقَالَ أَبُو إِدْرِيْسَ: عَزَلْتُمُوْنِي عَنْ رَغْبَتِي، وَتَرَكْتُمُوْنِي فِي رَهْبَتِي.
قُلْتُ: قَدْ كَانَ القَاصُّ فِي الزَّمَنِ الأَوَّلِ يَكُوْنُ لَهُ صُوْرَةٌ عَظِيْمَةٌ فِي العِلْمِ وَالعَمَلِ.
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يَقُوْلُ: أَخْبَرَنِي أَبُو إِدْرِيْسَ، أَنَّهُ سَمِعَ عُبَادَةَ بنَ الصَّامِتِ:

(5/157)


عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "بَايِعُوْنِي" 1.
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: حَفِظْنَا مِنَ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي إِدْرِيْسَ الخَوْلاَنِيِّ، أَخْبَرَهُ، قَالَ: أَدْرَكْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ -وَوَعَيْتُ عَنْهُ- وَعُبَادَةَ بنَ الصَّامِتِ، وَشَدَّادَ بنَ أَوْسٍ -وَوَعَيْتُ عَنْهُمَا- وَفَاتَنِي مُعَاذُ بن جبل.
قَالَ النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ: أَبُو إِدْرِيْسَ ثِقَةٌ.
وَقَالَ خَلِيْفَةُ بنُ خَيَّاطٍ، وَابْنُ مَعِيْنٍ: مَاتَ أَبُو إِدْرِيْسَ الخَوْلاَنِيُّ سَنَةَ ثَمَانِيْنَ.
قُلْتُ: فَعَلَى مَوْلِدِهِ عَامَ حُنَيْنٍ يَكُوْنُ عُمُرُهُ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ سَنَةً، رَحِمَهُ اللهُ.
وَلأَبِيْهِ صُحْبَةٌ.
أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ: أَنْبَأَنَا أَبُو المَحَاسِنِ مُحَمَّدُ بنُ هِبَةِ اللهِ الدِّيْنَوَرِيُّ، أَنْبَأَنَا عَمِّي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَأَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ الفَرَّاءٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ قُدَامَةَ، أَنْبَأَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ هِلاَلٍ، قَالاَ: أَنْبَأَنَا أَبُو الحُسَيْنِ عَاصِمُ بنُ الحَسَنِ "ح" وَأَنبانَا أَبُو المَعَالِي، أَنْبَأَنَا القَاضِي أَبُو صَالِحٍ نَصْرُ بنُ عبد الرزق "ح" وأنبأنا أحمد بن الحَمِيْدِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ بَطِّيْخٍ، وَعَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ أَحْمَدَ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالُوا: أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَجْمٍ الوَاعِظُ، وَأَنْبَأَنَا عَبْدُ الخَالِقِ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ، وَسِتُّ الأَهْلِ بِنْتُ النَّاصِحِ، وَخَدِيْجَةُ بِنْتُ الرِّضَى، قَالُوا: أَنْبَأَنَا البَهَاءُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، قَالُوا: أَخْبَرَتْنَا فَخْرُ النِّسَاءِ، شُهْدَةُ بِنْتُ أَبِي نَصْرٍ"ح"، وَأَنْبَأَنَا أَبُو المَعَالِي الزَّاهِدُ, أَنْبَأَنَا أَبُو الحَسَنِ، وَاثِلَةُ بنُ كَرَّازٍ بِبَغْدَادَ, أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الرَّحَبِيُّ، قَالَ هُوَ وَشُهْدَةُ: أَنْبَأَنَا الحُسَيْنُ بنُ أَحْمَدَ، النِّعَالِيُّ قَالاَ: أَنْبَأَنَا أَبُو عُمَرَ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ المَحَامِلِيُّ إِمْلاَءً, حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ, حَدَّثَنَا مَالِكٌ, عَنِ ابْنِ شِهَابٍ, عَنْ أَبِي إِدْرِيْسَ الخَوْلاَنِيِّ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ "مَنْ تَوَضَّأَ فَلْيَسْتَنْثِرْ وَمَنِ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوْتِرْ".
هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ, عَالٍ أَخْرَجَاهُ فِي "الصَّحِيْحَيْنِ" من طرق عن الزهري.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "18"، ومسلم "1709" من طريق الزهري، عن أبي إدريس عن عباد بن الصامت قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم في مجلس فقال: "تبايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا، ولا تزنوا، ولا تسرقوا، ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق فمن وفي منكم فأجره على الله، ومن أصاب شيئا من ذلك فعوقب به، فهو كفارة له، ومن أصاب شيئا من ذلك فستره الله عليه، فأمره إلى الله، إن شاء الله عفا عنه وإن شاء عذبه" واللفظ المسلم.

(5/158)


468- أم الدرداء 1: "ع"
السَّيِّدَةُ، العَالِمَةُ، الفَقِيْهَةُ، هُجَيْمَةُ. وَقِيْلَ: جُهَيْمَةُ، الأَوْصَابِيَّةُ، الحِمْيَرِيَّةُ، الدِّمَشْقِيَّةُ، وَهِيَ أُمُّ الدَّرْدَاءِ الصُّغْرَى.
رَوَتْ عِلْماً جَمّاً عَنْ زَوْجِهَا؛ أَبِي الدَّرْدَاءِ. وَعَنْ: سَلْمَانَ الفَارِسِيِّ، وَكَعْبِ بنِ عَاصِمٍ الأَشْعَرِيِّ، وَعَائِشَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَطَائِفَةٍ.
وَعَرَضَتِ القُرْآنَ وَهِيَ صَغِيْرَةٌ عَلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَطَالَ عُمُرُهَا، وَاشَتَهَرَتْ بِالعِلْمِ وَالعَمَلِ وَالزُّهْدِ.
حَدَّثَ عَنْهَا: جُبَيْرُ بنُ نُفَيْرٍ، وَأَبُو قِلاَبَةَ الجَرْمِيُّ، وَسَالِمُ بنُ أَبِي الجَعْدِ، وَرَجَاءُ بنُ حَيْوَةَ، وَيُوْنُسُ بنُ مَيْسَرَةَ، ومَكْحُوْلٌ، وعطاء الكيخاراني، وإسماعيل، بين عُبَيْدِ اللهِ بنِ أَبِي المُهَاجِرِ، وَزَيْدُ بنُ سَالِمٍ، وَأَبُو حَازِمٍ الأَعْرَجُ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي عَبْلَةَ، وَعُثْمَانُ بنُ حَيَّانَ المُرِّيُّ.
قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ الغَسَّانِيُّ: أُمُّ الدَّرْدَاءِ هِيَ هُجَيْمَةُ بِنْتُ حُيَيٍّ الوَصَّابِيَّةُ2، وَأُمُّ الدَّرْدَاءِ الكُبْرَى هِيَ خَيْرَةُ بنت أبي حدرد لها صحبة.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سُلَيْمَانَ بنِ أَبِي الدَّرْدَاءِ، اسْمُ أُمِّ الدَّرْدَاءِ الفَقِيْهَةُ الَّتِي مَاتَ عَنْهَا أَبُو الدَّرْدَاءِ، وَخَطَبَهَا مُعَاوِيَةُ: هُجَيْمَةُ بِنْتُ حَيٍّ الأَوْصَابِيَّةُ.
وَقَالَ ابْنُ جَابِرٍ، وَعُثْمَانُ بنُ أَبِي العَاتِكَةِ: كَانَتْ أُمُّ الدَّرْدَاءِ يَتِيْمَةً فِي حِجْرِ أَبِي الدَّرْدَاءِ، تَخْتَلِفُ مَعَهُ فِي بُرْنُسٍ، تُصَلِّي فِي صُفُوْفِ الرِّجَالِ، وَتَجْلِسُ فِي حِلَقِ القُرَّاءِ، تَعَلَّمُ القُرْآنَ، حَتَّى قَالَ لَهَا أَبُو الدَّرْدَاءِ يَوْماً: الْحَقِي بِصُفُوْفِ النِّسَاءِ.
عَبْدُ اللهِ بنُ صَالِحٍ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ عَنْ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ، عَنْ جُبَيْرِ بنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، أَنَّهَا قَالَتْ لأَبِي الدَّرْدَاءِ عِنْدَ المَوْتِ: إِنَّكَ خَطَبْتَنِي إِلَى أَبَوَيَّ فِي الدُّنْيَا، فَأَنْكَحُوْكَ، وَأَنَا أَخْطِبُكَ إِلَى نَفْسِكَ فِي الآخِرَةِ قَالَ: فَلاَ تَنْكِحِيْنَ بَعْدِي فَخَطَبَهَا مُعَاوِيَةُ فَأَخْبَرَتْهُ بِالَّذِي كَانَ فَقَالَ: عَلَيْكِ بِالصِّيَامِ.
وَرُوِيَتْ مِنْ وَجْهٍ عَنْ لُقْمَانَ بنِ عَامِرٍ، وَزَادَ: وَكَانَ لَهَا جمال وحسن.
__________
1 ترجمتهما في "المعرفة والتاريخ" "2/ 327"، الجرح والتعديل "9/ ترجمة رقم 2372"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 37"، تاريخ الإسلام "3/ 316"، تهذيب التهذيب "12/ ترجمة 2943".
2 الوصابية: بطن من حمير.

(5/159)


وَرَوَى مَيْمُوْنُ بنُ مِهْرَانَ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ لِي أَبُو الدَّرْدَاءِ: لاَ تَسْأَلِي أَحَداً شَيْئاً. فَقُلْتُ: إِنِ احْتَجْتُ؟ قَالَ: تَتَبَّعِي الحَصَّادِيْنَ، فَانْظُرِي مَا يَسْقُطُ مِنْهُم، فَخُذِيْهِ، فَاخْبُطِيْهِ، ثُمَّ اطْحَنِيْهِ، وَكُلِيْهِ.
قَالَ مَكْحُوْلٌ: كَانَتْ أُمُّ الدَّرْدَاءِ فَقِيْهَةً.
وَعَنْ عَوْنِ بنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: كُنَّا نَأْتِي أُمَّ الدَّرْدَاءِ، فَنَذْكُرَ اللهَ عِنْدَهَا.
وَقَالَ يُوْنُسُ بنُ مَيْسَرَةَ: كُنَّ النِّسَاءُ يَتَعَبَّدْنَ مَعَ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، فَإِذَا ضَعُفْنَ عَنِ القِيَامِ تَعَلَّقْنَ بِالحِبَالِ.
وَقَالَ عُثْمَانُ بنُ حَيَّانَ: سَمِعْتُ أُمَّ الدرداء تقول: إن أحدهم يقول: اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي، وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ اللهَ لاَ يُمْطِرُ عَلَيْهِ ذَهَباً وَلاَ دَرَاهِمَ، وَإِنَّمَا يَرْزُقُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ، فَمَنْ أُعْطِيَ شَيْئاً، فَلْيَقْبَلْ، فَإِنْ كَانَ غَنِيّاً، فَلْيَضَعْهُ فِي ذِي الحَاجَةِ وَإِنْ كَانَ فَقِيْراً فَلْيَسْتَعِنْ بِهِ.
قَالَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ: كَانَ عَبْدُ المَلِكِ بنُ مَرْوَانَ جَالِساً فِي صَخْرَةِ بَيْتِ المَقْدِسِ، وَأُمُّ الدَّرْدَاءِ مَعَهُ جَالِسَةٌ، حَتَّى إِذَا نُوْدِيَ لِلْمَغْرِبِ، قَامَ، وَقَامَتْ تَتَوَكَّأُ عَلَى عَبْدِ المَلِكِ حَتَّى يَدْخُلَ بِهَا المَسْجِدَ، فَتَجْلِسُ مَعَ النِّسَاءِ، وَيَمْضِي عَبْدُ المَلِكِ إِلَى المَقَامِ يُصَلِّي بِالنَّاسِ.
وَعَنْ يَحْيَى بنِ يَحْيَى الغَسَّانِيِّ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ المَلِكِ بنُ مَرْوَانَ كَثِيْراً مَا يَجْلِسُ إِلَى أُمِّ الدَّرْدَاءِ فِي مُؤَخَّرِ المَسْجِدِ بِدِمَشْقَ.
وَعَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بنِ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَجَّتْ أُمُّ الدَّرْدَاءِ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ.

(5/160)


469- أبو البَخْتري 2: "ع"
الطائي، مولاهم، الكُوْفِيُّ، الفَقِيْهُ، أَحَدُ العُبَّادِ. اسْمُهُ: سَعِيْدُ بنُ فَيْرُوْزٍ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَأَبِي سَعِيْدٍ الخُدْرِيِّ، وَطَائِفَةٍ. وَأَرْسَلَ عَنْ: عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُوْدٍ.
وَرَوَى عَنْهُ: عَمْرُو بنُ مُرَّةَ، وَعَطَاءُ بنُ السَّائِبِ، وَيُوْنُسُ بنُ خَبَّابٍ، وَيَزِيْدُ بنُ أَبِي زِيَادٍ، وَحَبِيْبُ بن أبي ثابت.
وَثَّقَهُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَكَانَ مُقَدَّمَ الصَّالِحِيْنَ القُرَّاءِ الَّذِيْنَ قَامُوا عَلَى الحَجَّاجِ فِي فِتْنَةِ ابْنِ الأَشْعَثِ، فَقُتِلَ أَبُو البَخْتَرِيِّ فِي وَقْعَةِ الجَمَاجِمِ، سَنَةَ اثْنَيْنِ وَثَمَانِيْنَ.
قَالَ حَبِيْبُ بنُ أَبِي ثَابِتٍ: اجْتَمَعْتُ أَنَا، وَسَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ، وَأَبُو البَخْتَرِيِّ، فَكَانَ أَبُو البَخْتَرِيِّ أَعْلَمَنَا وَأَفْقَهَنَا.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 292"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 1684"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 241"، حليلة الأولياء "4/ 379"، تاريخ الإسلام "3/ 316"، الكاشف "1/ ترجمة 1965"، العبر "1/ 96"، تهذيب التهذيب "4/ 72"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2525".

(5/160)


470- زاذان 1: "م، 4"
أبو عمر الكندي، مولاهم، الكُوْفِيُّ، البَزَّازُ، الضَّرِيْرُ، أَحَدُ العُلَمَاءِ الكِبَارِ. وُلِدَ: فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم وَشَهِدَ خُطْبَةَ عُمَرَ بِالجَابِيَةِ.
رَوَى عَنْ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَسَلْمَانَ، وَابْنِ مَسْعُوْدٍ، وَعَائِشَةَ، وَحُذَيْفَةَ، وَجَرِيْرٍ البَجَلِيِّ، وَابْنِ عُمَرَ، وَالبَرَاءِ بنِ عَازِبٍ، وَغَيْرِهِمْ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ، وَعَمْرُو بنُ مُرَّةَ، وَحَبِيْبُ بنُ أَبِي ثَابِتٍ، وَالمِنْهَالُ بنُ عَمْرٍو، وَعَطَاءُ بنُ السَّائِبِ، وَمُحَمَّدُ بنُ جُحَادَةَ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ ثِقَةً، صَادِقاً، رَوَى جَمَاعَةَ أَحَادِيْثَ.
قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
وَرَوَى إِبْرَاهِيْمُ بنُ الجُنَيْدِ، عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ شُعْبَةُ: سَأَلْتُ سَهْلَ بنَ كُهَيْلٍ عَنْهُ، فَقَالَ: أَبُو البَخْتَرِيِّ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أَحَادِيْثُهُ لاَ بَأْسَ بِهَا.
وَقَالَ شُعْبَةُ: قُلْتُ لِلْحَكَمِ: لِمَ لَمْ تَحْمِلْ عَنْهُ -يَعْنِي: زَاذَانَ-؟ قَالَ: كَانَ كَثِيْرَ الكَلاَمِ.
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ: لَيْسَ بِالمَتِيْنِ عِنْدَهُمْ. كَذَا قَالَ: أَبُو أَحْمَدَ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: تَابَ عَلَى يَدِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ. وَعَنْ أَبِي هَاشِمٍ الرُّمَّانِيِّ. قَالَ: قَالَ زَاذَانُ: كُنْتُ غُلاَماً حَسَنَ الصَّوْتِ، جَيِّدَ الضَّرْبِ بِالطُّنْبُوْرِ، فَكُنْتُ مَعَ صَاحِبٍ لِي، وَعِنْدَنَا نَبِيْذٌ وَأَنَا أُغَنِّيْهِمْ, فَمَرَّ ابْنُ مَسْعُوْدٍ, فَدَخَلَ, فَضَرَبَ البَاطِيَةَ, بَدَّدَهَا وَكَسَرَ الطُّنْبُوْرَ ثُمَّ قَالَ: لَوْ كَانَ مَا يُسْمَعُ مِنْ حُسْنِ صَوْتِكَ يَا غُلاَمُ بِالقُرْآنِ، كُنْتَ أَنْتَ أَنْتَ. ثُمَّ مَضَى, فَقُلْتُ لأَصْحَابِي: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا ابْنُ مَسْعُوْدٍ. فَأَلْقَى فِي نَفْسِي التَّوْبَةَ، فَسَعَيْتُ أَبْكِي، وَأَخَذْتُ بِثَوْبِهِ، فَأَقْبَلَ عَلَيَّ، فَاعْتَنَقَنِي، وَبَكَى، وَقَالَ: مَرْحَباً بِمَنْ أَحَبَّهُ اللهُ، اجْلِسْ. ثُمَّ دَخَلَ وَأَخْرَجَ لِي تَمْراً.
قَالَ زُبَيْدٌ: رَأَيْتُ زَاذَانَ يُصَلِّي كَأَنَّهُ جِذْعٌ.
رُوِيَ أَنَّ زَاذَانَ قَالَ يَوْماً: إِنِّي جَائِعٌ. فَسَقَطَ عَلَيْهِ رَغِيْفٌ مِثْلُ الرَّحَا.
وَقِيْلَ: كَانَ إِذَا بَاعَ ثَوْباً لَمْ يَسُمْ فِيْهِ.
مَاتَ سَنَةَ اثنتين وثمانين.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 178"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 1455"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 2781"، حليلة الأولياء "4/ 199"، تاريخ بغداد "8/ 487"، تاريخ الإسلام "3/ 248"، العبر "1/ 94"، تهذيب التهذيب "3/ 302"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2298"، شذرات الذهب "1/ 90".

(5/161)


471- قبيصة بن ذؤيب 1: "ع"
الإِمَامُ الكَبِيْرُ، الفَقِيْهُ، أَبُو سَعِيْدٍ الخُزَاعِيُّ، المَدَنِيُّ، ثُمَّ الدِّمَشْقِيُّ، الوَزِيْرُ. مَوْلِدُهُ: عَامَ الفَتْحِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَمَاتَ أَبُوْهُ ذُؤَيْبُ بنُ حَلْحَلَةَ صَاحِبُ بُدْنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي آخِرِ أَيَّامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأُتِيَ بِقَبِيْصَةَ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيْهِ -فِيْمَا قِيْلَ- فَدَعَا لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَعِ هُوَ ذَلِكَ.
وَرَوَى عَنْ أَبِي بَكْرٍ -إِنْ صَحَّ- وَعَنْ: عُمَرَ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَبِلاَلٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ، وَتَمِيْمٍ الدَّارِيِّ، وَعُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ، إِسْحَاقُ، وَمَكْحُوْلٌ، وَرَجَاءُ بنُ حَيْوَةَ، وَأَبُو الشَّعْثَاءِ جَابِرُ بنُ زَيْدٍ، وَأَبُو
قِلاَبَةَ, وَالزُّهْرِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ، وَهَارُوْنُ بنُ رِئَابٍ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ عَلَى الخَتْمِ وَالبَرِيْدِ لِلْخَلِيْفَةِ عَبْدِ المَلِكِ، وَقَدْ أُصِيْبَتْ عَيْنُهُ يَوْمَ الحَرَّةِ، وَلَهُ دَارٌ مُعْتَبَرَةٌ بِبَابِ البَرِيْدِ.
وَقَدْ كَنَّاهُ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ أَبَا إِسْحَاقَ، وَقَالَ: شَهِدَ أَبُوْهُ الفتح، وكان يَنْزِلُ بِقُدَيْدٍ, وَكَانَ يَقْرَأُ الكُتُبَ إِذَا وَرَدَتْ عَلَى الخَلِيْفَةِ. قَالَ: وَكَانَ ثِقَةً, مَأْمُوْناً، كَثِيْرَ الحَدِيْثِ. تُوُفِّيَ: سَنَةَ سِتٍّ، أَوْ سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ.
قَالَ البُخَارِيُّ: سَمِعَ قَبِيْصَةُ: أَبَا الدَّرْدَاءِ، وَزَيْدَ بنَ ثَابِتٍ.
قَالَ أَبُو الزِّنَادِ: كَانَ عَبْدُ المَلِكِ بنُ مَرْوَانَ رَابِعَ أَرْبَعَةٍ فِي الفِقْهِ وَالنُّسُكِ: هُوَ, وَسَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ، وَقَبِيْصَةُ بنُ ذؤيب، وعروة بن الزبير.
قال محمد مجالد بنُ رَاشِدٍ المَكْحُوْلِيُّ: حَدَّثَنَا حَفْصُ بنُ عُمَرَ بنِ نُبَيْهٍ الخُزَاعِيُّ، عَنْ أَبِيْهِ: أَنَّ قَبِيْصَةَ بنَ ذُؤَيْبٍ كَانَ مُعَلِّمَ كُتَّابٍ. قُلْتُ: يَعْنِي فِي مَبْدَأِ أَمْرِهِ.
وَعَنْ مُجَالِدِ بنِ سَعِيْدٍ، قَالَ: كَانَ قَبِيْصَةُ كَاتِبَ عَبْدِ المَلِكِ بنِ مَرْوَانَ.
وَعَنْ مَكْحُوْلٍ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَعْلَمَ مِنْ قَبِيْصَةَ.
وَعَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: كَانَ قَبِيْصَةُ أَعْلَمَ النَّاسِ بِقَضَاءِ زَيْدِ بنِ ثَابِتٍ.
ابْنُ لَهِيْعَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: كَانَ قَبِيْصَةُ بنُ ذُؤَيْبٍ مِنْ عُلَمَاءِ هَذِهِ الأُمَّةِ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ، وَجَمَاعَةٌ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ. وَقِيْلَ: سَنَةَ سَبْعٍ وَقِيْلَ سَنَةَ ثمان وثمانين.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 176" و "7/ 447"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 784"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة 713"، الاستيعاب "3/ 1272"، أسد الغابة "4/ 191"/ الكاشف "2/ ترجمة 4615"، تاريخ الإسلام "3/ 290"، تهذيب التهذيب "8/ 346"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5827"، شذرات الذهب "1/ 97"، النجوم الزاهرة "1/ 214".

(5/162)


472- همام بن الحارث 1: "ع"
النخعي الكوفي الفقيه.
حَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ، وَعَمَّارِ بنِ يَاسِرٍ، وَالمِقْدَادِ بنِ الأَسْوَدِ، وَحُذَيْفَةَ بنِ اليَمَانِ، وَجَمَاعَةٍ.
وَعَنْهُ: إِبْرَاهِيْمُ النَّخَعِيُّ وَسُلَيْمَانُ بنُ يَسَارٍ، وَوَبَرَةُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَثَّقَه يَحْيَى بنُ مَعِيْنَ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: تُوُفِّيَ زَمَنَ الحَجَّاجِ.
قَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ: كَانَ النَّاسُ يَتَعَلَّمُوْنَ مِنْ هَدْيِهِ وَسَمْتِهِ، وَكَانَ طَوِيْلَ السَّهَرِ، رَحِمَهُ اللهُ.
حُصَيْنٌ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ: أَنَّ هَمَّامَ بنَ الحَارِثِ كَانَ يَدْعُو: اللَّهُمَّ اشْفِنِي مِنَ النَّوْمِ بِاليَسِيْرِ، وَارْزُقْنِي سَهَراً فِي طَاعَتِكَ. قَالَ: فَكَانَ لاَ يَنَامُ إلَّا هنيهة, وهو قاعد.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 118"، التاريخ الكبير "8/ ترجمة 2848"، الجرح والتعديل "9/ ترجمة 452"، حلية الأولياء "4/ 178"، الكاشف "3/ ترجمة 6089"، تاريخ الإسلام "3/ 212"، تهذيب التهذيب "11/ 66"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7697"، حلية الأولياء "4/ 178".

(5/163)


473- مرثد بن عبد الله 1: "ع"
الإِمَامُ، أَبُو الخَيْرِ اليَزَنِيُّ، المِصْرِيُّ، عَالِمُ الدِّيَارِ المِصْرِيَةِ، وَمُفْتِيْهَا. وَيَزَنُ: بَطْنٌ مِنْ حِمْيَرٍ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي أَيُّوْبَ الأَنْصَارِيِّ، وَزَيْدِ بنِ ثابت، وأبي بصرة الغفاري، وَعُقْبَةَ بنِ عَامِرٍ، وَعَمْرِو بنِ العَاصِ، وَابْنِهِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، وَجَمَاعَةٍ. وَلَزِمَ عُقْبَةَ مُدَّةً, وَتَفَقَّهَ بِهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: جَعْفَرُ بنُ رَبِيْعَةَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ شُمَاسَةَ، وَيَزِيْدُ بنُ أَبِي حَبِيْبٍ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ أَبِي جَعْفَرٍ، وَعَيَّاشُ بنُ عَبَّاسٍ القِتْبَانِيُّ، وَجَمَاعَةٌ.
قَالَ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ: كَانَ مُفْتِي أَهْلِ مِصْرَ فِي أَيَّامِهِ، وَكَانَ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ مَرْوَانَ يَعْنِي: مُتَوَلِّي مِصْرَ -يُحْضِرُهُ مَجْلِسَهُ لِلْفُتْيَا. قَالَ: وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ: تُوُفِّيَ أَبُو الخَيْرِ سَنَةَ تسعين.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 511"، التاريخ الكبير "7/ ترجة 1826"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 380"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 68"، الكاشف "3/ ترجمة 5446"، العبر "1/ 105"، تاريخ الإسلام "3/ 303"، تهذيب التهذيب "10/ 82"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 6909".

(5/164)


474- بلال بن أبي الدرداء 1: "د"
الأنصاري، حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ, وَأُمِّ الدَّرْدَاءِ.
رَوَى عَنْهُ: خَالِدُ بنُ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيُّ، وَحُمَيْدُ بنُ مُسْلِمٍ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي عَبْلَةَ، وَحَرِيْزُ بنُ عُثْمَانَ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي مَرْيَمَ.
قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: كَانَ أَسَنَّ مِنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ الصُّغْرَى.
قَالَ البُخَارِيُّ: بِلاَلٌ أَمِيْرُ الشَّامِ.
وَقَالَ سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ: وَلِيَ القَضَاءَ بَعْد النُّعْمَانِ بنِ بَشِيْرٍ، فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ عَبْدُ المَلِكِ عَزَلَهُ بِأَبِي إِدْرِيْسَ الخَوْلاَنِيِّ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: مَاتَ سنة ثلاث وتسعين.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 1853"، المعرفة والتاريخ "2/ 328"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 1551"، تهذيب التهذيب "1/ 502".

(5/164)


475- صفوان بن محرز 1: "خ، م"
المازني البصري، العَابِدُ، أَحَدُ الأَعْلاَمِ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي مُوْسَى الأَشْعَرِيِّ، وَعِمْرَانَ بنِ حُصَيْنٍ، وَحَكِيْمِ بنِ حِزَامٍ، وَابْنِ عُمَرَ.
رَوَى عَنْهُ: جَامِعُ بنُ شَدَّادٍ، وَبَكْرٌ المُزَنِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَثَابِتٌ، وَمُحَمَّدُ بنُ وَاسِعٍ، وَعَاصِمٌ الأَحْوَلُ، وَعَلِيُّ بنُ زَيْدِ بنِ جُدْعَانَ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: ثِقَةٌ، لَهُ فَضْلٌ وَوَرَعٌ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: كَانَ وَاعِظاً، قَانِتاً للهِ، قَدِ اتَّخَذَ لِنَفْسِهِ سَرَباً2 يَبْكِي فِيْهِ.
عُثْمَانُ بنُ مَطَرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الحَسَنِ، قَالَ: لَقِيْتُ أَقْوَاماً كَانُوا فِيْمَا أَحَلَّ اللهُ لَهُم أَزْهَدَ مِنْكُم فِيْمَا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْكُم، وَصَحِبْتُ أَقْوَاماً كَانَ أَحَدُهُم يَأْكُلُ عَلَى الأَرْضِ، وَيَنَامُ عَلَى الأَرْضِ مِنْهُم: صَفْوَانُ بنُ مُحْرِزٍ كَانَ يَقُوْلُ: إِذَا أَوَيْتُ إِلَى أَهْلِي وَأَصَبْتُ رَغِيْفاً فَجَزَى اللهُ الدُّنْيَا عَنْ أَهْلِهَا شَرّاً وَاللهِ مَا زَادَ عَلَى رَغِيْفٍ حَتَّى مَاتَ، كَانَ يَظَلُّ صَائِماً وَيُفْطِرُ عَلَى رَغِيْفٍ، وَيُصَلِّي حَتَّى يُصْبِحَ ثُمَّ يَأْخُذُ المُصْحَفَ فَيَتْلُو حَتَّى يَرْتَفِعَ النَّهَارُ ثُمَّ يُصَلِّي ثُمَّ يَنَامُ إِلَى الظُّهْرِ، فَكَانَتْ تِلْكَ نَوْمَتَهُ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا، وَيُصَلِّي من الظهر إلى العصر ويتلوا فِي المُصْحَفِ إِلَى أَنْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ.
تَفَرَّدَ بها: عثمان هذا وليس بقوي.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 147"، التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2926"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 1853"، حلية الأولياء "2/ 213"، الكاشف "2/ ترجمة 2428"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 48"، تاريخ الإسلام "4/ 14"، تهذيب التهذيب "4/ 430"، الإصابة "2/ ترجمة 4150"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 3106".
2 السرب: حفير أو بيت تحت الأرض.

(5/165)