سير أعلام النبلاء، ط الحديث

الطَّبَقَةُ الثَّانِيَةُ مِنَ التَّابِعِيْنَ:
476- أَبُو سَلَمَةَ بنُ عبد الرحمن 1: "ع"
ابن عوف بن عَبْدِ عَوْفِ بنِ عَبْدِ بنِ الحَارِثِ بنِ زُهْرَةَ بنِ كِلاَبِ بنِ مُرَّةَ بنِ كَعْبٍ القُرَشِيُّ، الزُّهْرِيُّ الحَافِظُ, أَحَدُ الأَعْلاَمِ بِالمَدِيْنَةِ. قِيْلَ: اسمه عبد الله. وقيل: إِسْمَاعِيْل. وُلِدَ: سَنَةَ بِضْعٍ وَعِشْرِيْنَ.
وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ بِشَيْءٍ قَلِيْلٍ؛ لِكَوْنِهِ تُوُفِّيَ وَهَذَا صَبِيٌّ. وَعَنْ: أُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ سَلاَمٍ، وَأَبِي أَيُّوْبَ، وَعَائِشَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ، وَبِنْتِهَا زَيْنَبَ، وَأُمِّ سُلَيْمٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي أُسَيْدٍ السَّاعِدِيِّ، وَمُعَيْقِيْبٍ الدَّوْسِيِّ، وَالمُغِيْرَةِ بنِ شُعْبَةَ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَلَمْ يُدْرِكْهُ -وَعُثْمَانَ بنِ عَفَّانَ، وَحَسَّانِ بنِ ثَابِتٍ، وَثَوْبَانَ، وَحَمْزَةَ بنِ عَمْرٍو الأَسْلَمِيِّ، وَعُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ- مُرْسَلٌ وَطَلْحَةَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ، كَذَلِكَ وَرَبِيْعَةَ بنِ كَعْبٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ، وَجَابِرٍ، وَزَيْدِ بنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ، وَنَافِعِ بنِ عَبْدِ الحَارِثِ، وَعِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ثُمَّ عَنْ بُسْرِ بنِ سَعِيْدٍ، وَجَعْفَرِ بنِ عَمْرِو بنِ أُمَيَّةَ، وَعُرْوَةَ، وَعَطَاءِ بنِ يَسَارٍ، وَغَيْرِهِم وَنَزَلَ إِلَى أَنْ رَوَى عَنْ: عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ. كَانَ طَلاَّبَةً لِلْعِلْمِ فَقِيْهاً مُجْتَهِداً كَبِيْرَ القَدْرِ حُجَّةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ؛ عُمَرُ بنُ أَبِي سَلَمَةَ، وابن أخيه؛ سعد بن إبراهيم، وابن أَخِيْهِ؛ عَبْدُ المَجِيْدِ بنُ سُهَيْلٍ وَابْنُ أَخِيْهِ زُرَارَةُ بنُ مُصْعَبٍ، وَعُرْوَةُ، وَعِرَاكُ بنُ مَالِكٍ، والشعبي، وسعيد المقبري، وعمرو بن دينارن وعمرو بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَنَافِعٌ العُمَرِيُّ، وَالزُّهْرِيُّ، وَيَحْيَى بنُ أَبِي كَثِيْرٍ، وَسَلَمَةُ بنُ كُهَيْلٍ، وَبُكَيْرُ بنُ الأَشَجِّ، وَسَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ، وَأَبُو الزِّنَادِ، وَأَبُو طُوَالَةَ وَصَفْوَانُ، بنُ سُلَيْمٍ, وَعَبْدُ اللهِ بنُ الفَضْلِ الهَاشِمِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي لَبِيْدٍ وَشَرِيْكُ بنُ أَبِي نَمِرٍ وَأَبُو حَازِمٍ الأَعْرَجُ وَصَالِحُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ زَائِدَةَ وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَقِيْلٍ, وَهِشَامُ بنُ عُرْوَةَ وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ, وَأَخُوْهُ عَبْدُ رَبِّهِ بنُ سَعِيْدٍ وَعُثْمَانُ بنُ أَبِي سُلَيْمَانَ بنِ جُبَيْرِ بنِ مُطْعِمٍ وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي حَرْمَلَةَ, وَمُحَمَّدُ بنُ عَمْرِو بنِ عَلْقَمَةَ وَنُوْحُ بنُ أبي بلال, وخلق كثير.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 155"، تاريخ الإسلام "4/ 76"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 52"، العبر "1/ 112"، تهذيب التهذيب "12/ 115".

(5/166)


قَالَ ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَةِ الثَّانِيَة مِنَ المَدَنِيِّيْنَ: كَانَ ثِقَةً فَقِيْهاً، كَثِيْرَ الحَدِيْثِ، وَأُمُّهُ تُمَاضِرُ بِنْتُ الأَصْبَغِ بنِ عَمْرٍو، مِنْ أَهْلِ دُوْمَةَ الجَنْدَلِ, أَدْرَكَتْ حَيَاةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ أَوَّلُ كَلْبِيَّةٍ نَكَحَهَا قُرَشِيٌّ.
وَأَرْضَعَتْهُ؛ أُمُّ كُلْثُوْمٍ، فَعَائِشَةُ خَالَتُهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ.
وَرَوَى الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ: لَوْ رَفَقْتَ بِابْنِ عَبَّاسٍ لاَسْتَخْرَجْتَ مِنْهُ عِلْماً كَثِيْراً.
قَالَ سَعْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ: كَانَ أَبُو سَلَمَةَ يَخْضِبُ بِالسَّوَادِ.
شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: أَبُو سَلَمَةَ فِي زَمَانِهِ خَيْرٌ مِنِ ابْنِ عمر في زمانه.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: ثِقَةٌ إِمَامٌ.
وَقَالَ مَالِكٌ: كَانَ عِنْدَنَا مِنْ رِجَالِ أَهْلِ العِلْمِ، اسْمُ أَحَدِهِم كُنْيَتُهُ؛ مِنْهُم: أَبُو سَلَمَةَ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي يَعْقُوْبَ الضَّبِّيُّ: قَدِمَ عَلَيْنَا البَصْرَةَ أَبُو سَلَمَةَ فِي إِمَارَةِ بِشْرِ بنِ مَرْوَانَ، وَكَانَ رَجُلاً صَبِيْحاً، كَأَنَّ وَجْهَهُ دِيْنَارٌ هِرَقْلِيٌّ.
قَالَ الزُّهْرِيُّ: أَرْبَعَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ وَجَدْتُهُم بُحُوْراً: عُرْوَةُ، وَابْنُ المُسَيِّبِ، وَأَبُو سَلَمَةَ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: وَكَانَ أَبُو سَلَمَةَ كَثِيْراً مَا يُخَالِفُ ابْنَ عَبَّاسٍ، فَحُرِمَ لِذَلِكَ مِنْهُ عِلْماً كَثِيْراً. قَالَهُ: الزُّهْرِيُّ.
عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: قَدِمْتُ مِصْرَ عَلَى عَبْدِ العَزِيْزِ يَعْنِي: مُتَوَلِّيْهَا وَأَنَا أُحَدِّثُ عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، فَقَالَ لِي إِبْرَاهِيْمُ بنُ قَارِظٍ: مَا أَسْمَعُكَ تُحَدِّثُ إلَّا عَنْ سَعِيْدٍ فَقُلْتُ: أَجَلْ فَقَالَ: لَقَدْ تَرَكْتَ رَجُلَيْنِ مِنْ قَوْمِكَ لاَ أَعْلَمُ أَكْثَرَ حَدِيْثاً مِنْهُمَا: عُرْوَةُ وَأَبُو سَلَمَةَ قَالَ: فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى المَدِيْنَةِ وَجَدْتُ عُرْوَةَ بَحْراً لاَ تُكَدِّرُهُ الدِّلاَءُ.
قُلْتُ: لَمْ يُكْثِرْ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، وَهُوَ مِنْ عَشِيْرَتِهِ؛ رُبَّمَا كَانَ بَيْنَهُمَا شَيْءٌ، وَإِلاَّ فَمَا أَبُو سَلَمَةَ بِدُوْنِ عُرْوَةَ فِي سَعَةِ العِلْمِ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: تُوُفِّيَ أَبُو سَلَمَةَ بِالمَدِيْنَةِ, سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ, فِي خِلاَفَةِ الوَلِيْدِ وهو ابن اثنتين وسبعين سنة.
وَقَالَ الوَاقِدِيُّ: فِي وَفَاتِهِ وَسِنِّهِ مَا لاَ يُتَابَعُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَمائَةٍ, وَهُوَ ابْنُ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.

(5/167)


وَقَالَ الهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ فِي وَفَاتِهِ كَالأَوَّلِ.
قَالَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ: قَدِمَ عَلَيْنَا أَبُو سَلَمَةَ زَمَن بِشْرِ بنِ مَرْوَانَ، وَكَانَ زَوَّجَ بِنْتَهُ بِمُدِّ تَمْرٍ.
وَقَالَ عَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ: قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: أَنَا أَفْقَهُ مَنْ بَالَ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فِي المَبَارِكِ. رَوَاهَا: ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْهُ.
ابْنُ لَهِيْعَةَ، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ، قَالَ: كَانَ أَبُو سَلَمَةَ مَعَ قَوْمٍ، فَرَأَوْا قَطِيْعاً مِنْ غَنَمٍ، فَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ فِي سَابِقِ عِلْمِكَ أَنْ أَكُوْنَ خَلِيْفَةً فَاسْقِنَا مِنْ لَبَنِهَا فَانْتَهَى إِلَيْهَا، فَإِذَا هِيَ تُيُوْسٌ كُلُّهَا.
قَالَ عَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّهَا قَالَتْ لأَبِي سَلَمَةَ وَهُوَ حَدَثٌ: إِنَّمَا مَثَلُكَ مَثَلُ الفَرُّوْجِ، يَسْمَعُ الدِّيَكَةَ تَصِيْحُ، فَيَصِيْحُ.
وَرُوِيَ عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: قَدِمَ أَبُو سَلَمَةَ الكُوْفَةَ، فَكَانَ يَمْشِي بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ, فَسُئِلَ عَنْ أَعْلَمِ مَنْ بَقِيَ فَتَمَنَّعَ سَاعَةً, ثُمَّ قَالَ: رَجُلٌ بَيْنَكُمَا.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ، وَجَمَاعَةٌ كِتَابَةً، أَنَّ عُمَرَ بنَ طَبَرْزَذَ أَخْبَرَهُم، قَالَ: أَنْبَأَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ الحُصَيْنِ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ غَيْلاَنَ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا يزيد ابن هَارُوْنَ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَمْرِوٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لاَ تَشُدُّوا الرِّحَالَ إلَّا إِلَى ثَلاَثَةِ مَسَاجِدَ مَسْجِدِي, وَالمَسْجِدِ الحَرَامِ, وَالمَسْجِدِ الأَقْصَى" 1.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الخَالِقِ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ الشَّافِعِيُّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الفَقِيْهُ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الغَنِيِّ، أَنْبَأَنَا نَصْرُ بنُ البَطِرِ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُبَيْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا أَبُو عبد الله المحاملي، حَدَّثَنَا حَفْصٌ الرَّبَالِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى القَطَّانُ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ بنَ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ، سَمِعْتُ أَبَا قَتَادَةَ: أَنَّهُ سَمِعَ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم يقول: "الرُّؤْيَا مِنَ اللهِ، وَالحُلْمُ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُم شَيْئاً يَكْرَهُهُ، فَلْيَبْزُقْ عَنْ شِمَالِهِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ, وَلْيَسْتَعِذْ بِاللهِ مِنْ شَرِّهَا, فَإِنَّهَا لَنْ تَضُرَّهُ" 2.
قَالَ خَلِيْفَةُ بنُ خَيَّاطٍ: عُزِلَ مَرْوَانُ عَنِ المَدِيْنَة فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ, وَوَلِيَهَا سَعِيْدُ بنُ العَاصِ، فَاسْتَقْضَى أَبَا سَلَمَةَ بن عبد الرحمن، فَلَمْ يَزَلْ قَاضِياً حَتَّى عُزِلَ سَعِيْدٌ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ.
سَلَمَةُ الأَبْرَشُ: حَدَّثَنَا ابْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا سَلَمَةَ يَأْتِي المَكْتَبَ، فَيَنْطَلِقُ بالغلام إلى بيته فيملي عليه الحديث.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "1189"، ومسلم "1397"، وأبو داود "2033"، والنسائي "2/ 37"، وأحمد "2/ 234 و 238"، وابن الجارود في "المنتقى" "512"، والبيهقي "5/ 244" و "10/ 82" من طريق الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: فذكره.
وأخرجه البخاري "1197" و "1995"، ومسلم "827"، والترمذي "326"، وأحمد "3/ 7 و43"، والبيهقي "10/ 82" من طرق عن عَبْدُ المَلِكِ بنُ عُمَيْرٍ، عَنْ قَزَعَة، عَنْ أبي سعيد الخدري، به مرفوعًا، وقد خرجت الحديث في كتاب "الجواب الباهر في زوار المقابر" بتخريجنا وتعليقنا ط. دار الجيل بيروت "ص33" بنحو هذا فراجعه ثم إن شئت.
2 صحيح: أخرجه مالك "2/ 957"، وأحمد "5/ 310"، وابن أبي شيبة "11/ 70"، والبخاري "3392" و "5747" و "6984"، ومسلم "2261" "1" و "2"، وأبو داود "5021"، والترمذي "2277"، والنسائي في "اليوم والليلة" "897" و "900" و "901"، وابن ماجة "3909" من طرق عن يحيى بن سعيد، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: سمعت أبا قتادة يقول: فذكره.

(5/168)


447- إبراهيم بن عبد الرحمن 1: "خ، م"
ابن عوف، الإِمَامُ، الفَقِيْهُ، أَبُو إِسْحَاقَ الزُّهْرِيُّ، العَوْفِيُّ، المَدَنِيُّ، وَقِيْلَ: كُنْيَتُهُ أَبُو مُحَمَّدٍ، أَخُو أَبِي سَلَمَةَ الفَقِيْهِ، وَحُمَيْدٍ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ. وَعَنْ: عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَسَعْدٍ، وَعَمَّارِ بنِ يَاسِرٍ، وَجُبَيْرِ بنِ مُطْعِمٍ، وَطَائِفَةٍ.
رَوَى عَنْهُ ابْنَاهُ: سَعْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ قَاضِي المَدِيْنَةِ، وَصَالِحُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَعَطَاءُ بنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَمْرِو بنِ عَلْقَمَةَ، وَغَيْرُهُم.
وَأُمُّهُ هِيَ المُهَاجِرَةُ أُمُّ كُلْثُوْمٍ بِنْتُ عُقْبَةَ بنِ أَبِي مُعَيْطٍ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ شَهِدَ حِصَارَ الدَّارِ مَعَ عُثْمَانَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ، عَنْ سِنٍّ عَالِيَةٍ. وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ وُلِدَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 55"، التاريخ الكبير "1/ ترجمة 947"، المعرفة والتاريخ "1/ 367"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 328"، أسد الغابة "1/ 42"، تاريخ الإسلام "3/ 335"، العبر "1/ 112"، تهذيب التهذيب "1/ 139"، الإصابة "1/ ترجمة رقم 404".

(5/169)


478- وحميد بن عبد الرحمن 1: "ع"
الزهري أَخُوْهُ وَشَقِيْقُهُ، وَخَالُهُمَا عُثْمَانُ؛ لأَنَّهُ أَخُو أُمِّ كُلْثُوْمٍ مِنَ الأُمِّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبَوَيْهِ. وَعَنْ: خَالِهِ؛ عُثْمَانَ، وَسَعِيْدِ بنِ زَيْدٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ، وَجَمَاعَةٍ.
رَوَى عَنْهُ سعد بن إبراهيم القاضي، وابن أبي ملكية، وَالزُّهْرِيُّ، وَصَفْوَانُ بنُ سُلَيْمٍ، وَقَتَادَةُ، وَآخَرُوْنَ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ لَحِقَ عُمَرَ، وَلَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ بَلْ وُلِدَ فِي أَيَّامِهِ.
وَكَانَ فَقِيْهاً، نَبِيْلاً، شَرِيْفاً. وَثَّقَهُ: أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ.
مَاتَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ. وَمَنْ قَالَ: إِنَّهُ مَاتَ فِي سنة خمس ومائة، فقد وهم.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 153"، التاريخ الكبير "2/ ترجمة 2696"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 989"، تاريخ الإسلام "3/ 360"، تهذيب التهذيب "3/ 45"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1652"، شذرات الذهب "1/ 111".

(5/170)


479- حميد بن عبد الرحمن 1: "ع"
الحميري، شَيْخٌ، بَصْرِيٌّ، ثِقَةٌ، عَالِمٌ.
يَرْوِي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي بَكْرٍ الثَّقَفِيِّ، وَابْنِ عُمَرَ. مَوْتُهُ قَرِيْبٌ مِنْ مَوْتِ سَمِيِّهِ: حُمَيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيِّ. وَيَرْوِي أَيْضاً عَنْ: سَعْدِ بنِ هشام وأولاد سعد بن أبي وقاص.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدُ اللهِ بنُ بُرَيْدَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ سِيْرِيْنَ، وَمُحَمَّدُ بنُ المُنْتَشِرِ، وَقَتَادَةُ بنُ دِعَامَةَ، وَأَبُو بِشْرٍ جَعْفَرُ بنُ إِيَاسٍ، وَدَاوُدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَوْدِيُّ، وَجَمَاعَةٌ.
قَالَ العِجْلِيُّ: تَابِعِيٌّ، ثِقَةٌ. ثُمَّ قَالَ: كَانَ ابْنُ سِيْرِيْنَ يَقُوْل: هُوَ أَفْقَهُ أَهْلِ البَصْرَةِ رَوَاهُ مَنْصُوْرُ بنُ زَاذَانَ، عَنْ مُحَمَّدٍ.
وَرَوَى هِشَامٌ، عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ، قَالَ: كَانَ حُمَيْدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَعْلَمَ أَهْلِ المِصْرَيْنِ يَعْنِي: الكُوْفَةَ وَالبَصْرَةَ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد: "7/ 147"، التاريخ الكبير "2/ ترجمة 2697"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 990"، تاريخ الإسلام "3/ 246 و 360"، تهذيب التهذيب "3/ 46"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1654".

(5/170)


480- حسان أَمِيْرُ المَغْرِبِ 1:
وَأَمِيْرُ العَرَبِ فَقِيْلَ: إِنَّهُ حَسَّانُ بنُ النُّعْمَانِ بنِ المُنْذِرِ الغَسَّانِيُّ. حَكَى عَنْهُ: أَبُو قَبِيْلٍ المَعَافِرِيُّ، وَكَانَ بَطَلاً، شُجَاعاً، غَزَّاءً، افْتَتَحَ فِي المَغْرِب بِلاَداً، وَكَانَتْ لَهُ فِي دمشق دار كبيرة، وقد جهز مُعَاوِيَةُ، فَصَالَحَ البَرْبَرَ، وَقَرَّرَ عَلَيْهِم الخَرَاجَ، وَحَكَمَ عَلَى المَغْرِبِ نَيِّفاً وَعِشْرِيْنَ سَنَةً، وَهَذَّبَ الإِقْلِيْمَ، إِلَى أَنْ عَزَلَهُ الوَلِيْدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ، فَقَدِمَ بِأَمْوَالٍ وَتُحَفٍ وَجَوَاهِرَ عَظِيْمَةٍ, ثُمَّ قَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ, إِنَّمَا خَرَجْتُ مُجَاهِداً للهِ, وَلَيْسَ مِثْلِي مِنْ يَخُوْنُ. وَأَحْضَرَ خَزَائِنَ المَالِ، فَقَالَ: ارْجِعْ إِلَى وِلاَيَتِكَ. فَأَبَى، وَحَلَفَ: أَنَّهُ لاَ يَلِي لِبَنِي أُمَيَّةَ أَبَداً.
وَكَانَ يُدْعَى الشَّيْخَ الأَمِيْنَ؛ لِثِقَتِهِ، وَجَلاَلَتِهِ.
وَأَمَّا أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ، فَأَرَّخَ مَوْتَ حَسَّانٍ سَنَةَ ثَمَانِيْنَ، رحمه الله.
__________
1 تقدم ترجمتنا له برقم تعليق "94" من هذا الجزء فراجعه ثمت إن شئت.

(5/171)


481- الشعبي 1: "ع"
عامر بن شراحبيل بن عَبْدِ بنِ ذِي كِبَارٍ وَذُوْ كِبَارٍ: قيل من أقيال اليَمِنِ، الإِمَامُ، عَلاَّمَةُ العَصْرِ، أَبُو عَمْرٍو الهَمْدَانِيُّ، ثُمَّ الشَّعْبِيُّ. وَيُقَالُ: هُوَ عَامِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَكَانَتْ أُمُّهُ مِنْ سَبْيِ جَلُوْلاَءَ.
مَوْلِدُهُ فِي إِمْرَةِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ، لِسِتِّ سِنِيْنَ خَلَتْ مِنْهَا، فَهَذِهِ رِوَايَةٌ. وَقِيْلَ: وُلِدَ سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ، قَالَهُ شَبَابٌ.
وَكَانَتْ جَلُوْلاَءُ فِي سَنَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ.
وَرَوَى ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ السَّرِيِّ بنِ إِسْمَاعِيْلَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: وُلِدْتُ عَامَ جَلُوْلاَءَ.
فَهَذِهِ رِوَايَةٌ مُنْكَرَةٌ، وَلَيْسَ السَّرِيُّ بِمُعْتَمَدٍ، قَدِ اتُّهِمَ.
وَعَنْ أَحْمَدَ بنِ يُوْنُسَ: ولد الشعبي سنة ثمان وعشرين.
وَيُقَارِبُهَا: رِوَايَةُ حَجَّاجٍ الأَعْوَرِ عَنْ شُعْبَةَ: قَالَ لِي أَبُو إِسْحَاقَ: الشَّعْبِيُّ أَكْبَرُ مِنِّي بِسَنَةٍ أو سنتين.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 246- 265"، التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2503" و "6/ ترجمة 2961"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1802"، الكاشف "2/ ترجمة 2556" تذكرة الحفاظ "1/ 76"، تهذيب التهذيب "5/ 65"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة رقم 3263"، شذرات الذهب "1/ 126"، النجوم الزاهرة "1/ 253"، تاريخ بغداد "12/ 227" الحلية "4/ 310".

(5/171)


قُلْتُ: وَإِنَّمَا وُلِدَ أَبُو إِسْحَاقَ بَعْد سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: هُوَ مِنْ حِمْيَرٍ وَعِدَادُهُ فِي هَمْدَانَ.
قُلْتُ: رَأَى عَلِيّاً -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وَصَلَّى خَلْفَهُ وَسَمِعَ مِنْ: عِدَّةٍ مِنْ كُبَرَاءِ الصَّحَابَةِ.
وَحَدَّثَ عَنْ: سَعْدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَسَعِيْدِ بنِ زَيْدٍ، وَأَبِي مُوْسَى الأَشْعَرِيِّ، وَعَدِيِّ بنِ حَاتِمٍ، وَأُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ، وَأَبِي مَسْعُوْدٍ البَدْرِيِّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وأبي سعيد، وَعَائِشَةَ، وَجَابِرِ بنِ سَمُرَةَ، وَابْنِ عُمَرَ، وَعِمْرَانَ بنِ حُصَيْنٍ، وَالمُغِيْرَةِ بنِ شُعْبَةَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، وَجَرِيْرِ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَكَعْبِ بنِ عُجْرَةَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ سَمُرَةَ، وَسَمُرَةَ بنِ جُنْدَبٍ، وَالنُّعْمَانِ بنِ بَشِيْرٍ، وَالبَرَاءِ بنِ عَازِبٍ، وَزَيْدِ بن أَرْقَمَ، وَبُرَيْدَةَ بنِ الحُصَيْبِ، وَالحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ، وَحُبْشِيِّ بنِ جُنَادَةَ، وَالأَشْعَثِ بنِ قَيْسٍ الكِنْدِيِّ، وَوَهْبِ بنِ خَنْبَشٍ الطَّائِيِّ، وَعُرْوَةَ بنِ مُضَرِّسٍ، وَجَابِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَعَمْرِو بنِ حُرَيْثٍ، وَأَبِي سَرِيْحَةَ الغِفَارِيِّ، وَمَيْمُوْنَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ، وَأَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ، وَفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، وَأُمِّ هَانِئ، وَأَبِي جُحَيْفَةَ السُّوَائِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي أَوْفَى، وَعَبْدِ اللهِ بنِ يَزِيْدَ الأَنْصَارِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبْزَى، وَعَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ، وَالمِقْدَامِ بن مَعْدِ يْكَرِبَ، وَعَامِرِ بنِ شَهْرٍ، وَعُرْوَةَ بنِ الجَعْدِ البَارِقِيِّ، وَعَوْفِ بنِ مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ مُطِيْعِ بنِ الأَسْوَدِ العَدَوِيِّ، وَأَنَسِ بنِ مَالِكٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ صَيْفِيٍّ، وَغَيْرِ هَؤُلاَءِ الخمسين، من الصحابة.
وَحَدَّثَ عَنْ: عَلْقَمَةَ، وَالأَسْوَدِ، وَالحَارِثِ الأَعْوَرِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى، وَالقَاضِي شُرَيْحٍ، وَعِدَّةٍ.
رَوَى عَنْهُ الحَكَمُ، وَحَمَّادٌ، وَأَبُو إِسْحَاقَ، وَدَاوُدُ بنُ أَبِي هِنْدٍ، وَابْنُ عَوْنٍ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ، وَعَاصِمٌ الأَحْوَلُ، وَمَكْحُوْلٌ الشَّامِيُّ، وَمَنْصُوْرُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الغُدَانِيُّ، وَعَطَاءُ بنُ السَّائِبِ، وَمُغِيْرَةُ بنُ مِقْسَمٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ سُوْقَةَ، وَمُجَالِدٌ، وَيُوْنُسُ بنُ أَبِي إِسْحَاقَ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَأَبُو حَنِيْفَةَ، وَعِيْسَى بنُ أَبِي عِيْسَى الحَنَّاطُ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَيَّاشٍ المَنْتُوْفُ، وَأَبُو بَكْرٍ الهُذَلِيُّ، وَأُمَمٌ سِوَاهُم.
وَقَبِيْلَتُهُ مَنْ كَانَ مِنْهُم بِالكُوْفَةِ، قِيْلَ: شَعْبِيٌّ وَمَنْ كَانَ بِمِصْرَ، قِيْلَ الأُشْعُوْبِيُّ وَمَنْ كَانَ بِاليَمَنِ، قِيْلَ: لَهُم آلُ ذِي شَعْبَيْنِ، وَمَنْ كَانَ بِالشَّامِ قِيْلَ الشَّعْبَانِيُّ وَأُرَى قَبِيْلَةَ شَعْبَانَ نَزَلَتْ بِمَرْجِ كَفْرَ بَطْنَا فَعُرِفَ بِهِم وَهُمْ جَمِيْعاً وَلَدُ حَسَّانِ بنِ عَمْرِو بنِ شَعْبَيْنِ.
قَالَ الحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللهِ فَبَنُو عَلِيِّ بنِ حَسَّانِ بنِ عَمْرٍو رَهْطُ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ دَخَلُوا فِي

(5/172)


جُمْهُوْرِ هَمْدَانَ، وَكَانَ الشَّعْبِيُّ تَوْءماً ضَئِيْلاً، فَكَانَ يَقُوْلُ: إِنِّي زُوْحِمْتُ فِي الرَّحِمِ. قَالَ: وَأَقَامَ فِي المَدِيْنَة ثَمَانِيَة أَشْهُرٍ هَارِباً مِنَ المُخْتَارِ، فَسَمِع مِنِ ابْنِ عُمَرَ، وَتَعَلَّمَ الحِسَابَ مِنَ الحَارِثِ الأَعْوَرِ، وَكَانَ حَافِظاً، وَمَا كَتَبَ شَيْئاً قَطُّ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بن محمد بن مرة الشعباني، حدثني أَشْيَاخٌ مِنْ شَعْبَانَ؛ مِنْهُم: مُحَمَّدُ بنُ أَبِي أُمَيَّةَ -وَكَانَ عَالِماً: أَنَّ مَطَراً أَصَابَ اليَمَنَ, فَجَحَفَ السَّيْلُ مَوْضِعاً، فَأَبْدَى عَنْ أَزَجٍ عَلَيْهِ بَابٌ مِنْ حِجَارَةٍ، فَكُسِرَ الغَلَقُ، وَدُخِلَ، فَإِذَا بَهُوٌ عَظِيْمٌ، فِيْهِ سَرِيْرٌ مِنْ ذَهَبٍ, فَإِذَا عَلَيْهِ رَجُلٌ, شَبَرْنَاهُ فَإِذَا طُوْلُهُ اثْنَا عَشَرَ شِبْراً، وَإِذَا عَلَيْهِ جِبَابٌ مِنْ وَشْيٍ مَنْسُوْجَةٌ بِالذَّهَبِ، وَإِلَى جَنْبِهِ مِحْجَنٌ مِنْ ذَهَبٍ، عَلَى رَأْسِهِ يَاقُوْتَةٌ حَمْرَاءُ، وَإِذَا رَجُلٌ أَبْيَضُ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ، لَهُ ضَفْرَانِ، وَإِلَى جَنْبِهِ لَوْحٌ مَكْتُوْبٌ فِيْهِ بِالحِمْيَرِيَّةِ: بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ رَبَّ حِمْيَرٍ، أَنَا حَسَّانُ بنُ عَمْرٍو القَيْلُ، إِذْ لاَ قَيْلَ إلَّا اللهُ، عِشْتُ بِأَمَلٍ، وَمُتُّ بِأَجِلٍ؛ أَيَّامَ وَخْزِهَيْدَ، وَمَا وَخْزُهَيْدُ؟ هَلَكَ فِيْهِ اثْنَا عَشَرَ ألف قيل، كنت آخِرَهُم قَيْلاً فَأَتَيْتُ جَبَلَ ذِي شَعْبَيْنِ لِيُجِيْرَنِي مِنَ المَوْتِ, فَأَخْفَرَنِي. وَإِلَى جَنْبِهِ سَيْفٌ مَكْتُوْبٌ فِيْهِ: أَنَا قَيْلٌ بِي يُدْرَكُ الثَّأْرُ.
شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُوْرِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: أَدْرَكْتُ خَمْسَ مائَةٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، عَنْ مَكْحُوْلٍ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَعْلَمَ مِنَ الشَّعْبِيِّ.
هُشَيْمٌ: أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ سَالِمٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: مَا مَاتَ ذُوْ قرابة لِي وَعَلَيْهِ دَيْنٌ إلَّا وَقَضَيْتُ عَنْهُ، وَلاَ ضَرَبْتُ مَمْلُوْكاً لِي قَطُّ، وَلاَ حَلَلْتُ حَبْوَتِي إِلَى شَيْءٍ مِمَّا يَنْظُرُ النَّاسُ.
أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً قَطُّ كَانَ أَفْقَهَ مِنَ الشَّعْبِيِّ. قُلْتُ: وَلاَ شُرَيْحٌ؟ فَغَضِبَ, وَقَالَ: إِنَّ شُرَيْحاً لَمْ أَنْظُرْ أَمْرَهُ.
زَائِدَةُ، عَنْ مُجَالِدٍ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ إِبْرَاهِيْمَ فِي أَصْحَابِ المُلاَّ، فَأَقْبَلَ الشَّعْبِيُّ، فَقَامَ إِلَيْهِ إِبْرَاهِيْمُ، فَقَالَ لَهُ: يَا أَعْوَرُ، لَوْ أَنَّ أَصْحَابِي أَبْصَرُوْكَ ثُمَّ جَاءَ فَجَلَسَ فِي مَوْضِعِ إِبْرَاهِيْمَ.
سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَفْقَهَ من الشعبي، لا سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ، وَلاَ طَاوُوْسَ، وَلاَ عَطَاءً، وَلاَ الحَسَنَ، وَلاَ ابْنَ سِيْرِيْنَ، فَقَدْ رَأَيْتُ كُلَّهُم.
عَبْدُ اللهِ بنُ رَجَاءٍ: حَدَّثَنَا جَرِيْرُ بنُ أَيُّوْبَ، قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ الشَّعْبِيَّ عَنْ وَلَدِ الزِّنَى شَرُّ الثَّلاَثَةِ هُوَ؟ فَقَالَ: لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَرُجِمَتْ أُمُّهُ وَهُوَ فِي بَطْنِهَا، ولم تؤخر حتى تلد.

(5/173)


ابْنُ حُمَيْدٍ: حَدَّثَنَا حُرٌّ، عَنْ مُغِيْرَةَ: قَالَ رَجُلٌ مِنَ الكَيْسَانِيَّةِ1 عِنْدَ الشَّعْبِيِّ: كَانَتْ عَائِشَةُ مِنْ أَبْغَضِ زَوْجَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِ. قَالَ: خَالَفْتَ سُنَّةَ نَبِيِّكَ.
عَلِيُّ بنُ القَاسِمِ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الهُذَلِيِّ: قَالَ لِي ابْنُ سِيْرِيْنَ: الْزَمِ الشَّعْبِيَّ، فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يُسْتَفْتَى وَأَصْحَابُ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَوَافِرُوْنَ.
قَالَ أَبُو الحَسَنِ المَدَائِنِيُّ فِي كِتَابِ "الحِكْمَةِ": قِيْلَ لِلشَّعْبِيِّ: مِنْ أَيْنَ لَكَ كُلُّ هَذَا العِلْمِ؟ قَالَ: بِنَفْيِ الاغْتِمَامِ، وَالسَّيْرِ فِي البِلاَدِ، وَصَبْرٍ كَصَبْرِ الحَمَامِ، وَبُكُوْرٍ كَبُكُوْرِ الغُرَابِ.
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: عُلَمَاءُ النَّاسِ ثَلاَثَةٌ: ابْنُ عَبَّاسٍ فِي زَمَانِهِ، وَالشَّعْبِيُّ فِي زَمَانِهِ، وَالثَّوْرِيُّ فِي زَمَانِهِ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ الشَّعْبِيُّ ضَئِيْلاً، نَحِيْفاً، وُلِدَ هُوَ وَأَخٌ لَهُ توءمًا.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيُّ: سَمِعَ الشَّعْبِيُّ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِيْنَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: وَلاَ يَكَادُ يُرْسِلُ إلَّا صَحِيْحاً.
رَوَى عَقِيْلُ بنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مَنْصُوْرٍ الغُدَانِيِّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: أَدْرَكْتُ خَمْسَ مائَةِ صَحَابِيٍّ، أَوْ أَكْثَرَ، يَقُوْلُوْنَ: أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ.
وَأَمَّا عَمْرُو بنُ مَرْزُوْقٍ، فرواه عن شعبة، وفيه يقولون: علي، وطلحةن وَالزُّبَيْرُ، فِي الجَنَّةِ.
ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ: سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ يَقُوْلُ: مَا كَتَبْتُ سَوْدَاءَ فِي بَيْضَاءَ إِلَى يَوْمِي هَذَا، وَلاَ حَدَّثَنِي رَجُلٌ بِحَدِيْثٍ قَطُّ إلَّا حَفِظْتُهُ، وَلاَ أَحْبَبْتُ أَنَّ يُعِيْدَهُ عَلَيَّ.
هَذَا سَمَاعُنَا فِي "مُسْنَدِ الدَّارِمِيِّ".
أَنْبَأَنَا مَالِكُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ، أَنْبَأَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ: فَكَأَنَّ الشَّعْبِيَّ يُخَاطِبُكَ بِهِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أُمِّيٌّ، لاَ كَتَبَ وَلاَ قَرَأَ.
__________
1 الكيسانية: هم أتباع المختار بن أبي عبيد الثقفي الذي قام بثأر الحسين بن علي بن أبي طالب، وقتل أكثر الذين قتلوا حسينًا بكربلاء، وكان المختار يقال له: كيسان؛ وقيل: إنه أخذ مقالته على مولى لعلي -رضي الله عنه- كان اسمه: كيسان.
واقترفت الكيسانية فرقًا يجمعها شيئان: -أحدهما: قولهم بإمامة محمد ابن الحنفية وإليه كان يدعو المختار بن أبي عبيد. والثاني: قولهم بجواز البداء على الله -عز وجل- ولهذه البدعة قال بتكفيرهم كل من لا يجيز البداء على الله سبحانه.

(5/174)


الفَسَوِيُّ فِي "تَارِيْخِهِ": حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا ابْنُ شُبْرُمَةَ، سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ يَقُوْلُ: مَا سَمِعْتُ مُنْذُ عِشْرِيْنَ سَنَةً رَجُلاً يُحَدِّثُ بِحَدِيْثٍ إلَّا أَنَا أَعْلَمُ بِهِ مِنْهُ، وَلَقَدْ نَسِيْتُ مِنَ العِلْمِ مَا لَوْ حَفِظَهُ رَجُلٌ لَكَانَ بِهِ عَالِماً.
نُوْحُ بنُ قَيْسٍ، عَنْ يُوْنُسَ بنِ مُسْلِمٍ، عَنْ وَادِعٍ الرَّاسِبِيِّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: مَا أَرْوِي شَيْئاً أَقَلَّ مِنَ الشِّعْرِ، وَلَوْ شِئْتُ، لأَنْشَدْتُكُم شَهْراً لاَ أُعِيْدُ.
وَرُوِيَتْ عَنْ نُوْحٍ مَرَّةً، فَقَالَ: عَنْ يُوْنُسَ وَوَادِعٍ.
مَحْمُوْدُ بنُ غَيْلاَنَ: سَمِعْتُ أَبَا أُسَامَةَ يَقُوْلُ: كَانَ عُمَرُ فِي زَمَانِهِ رَأْسَ النَّاسِ وَهُوَ جَامِعٌ، وَكَانَ بَعْدَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي زَمَانِهِ، وَكَانَ بَعْدَهُ الشَّعْبِيُّ فِي زَمَانِهِ، وَكَانَ بَعْدَهُ الثوري في زمانه، ثم كان بعده يحي بنُ آدَمَ.
شَرِيْكٌ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: مَرَّ ابْنُ عُمَرَ بِالشَّعْبِيِّ وَهُوَ يَقْرَأُ المَغَازِي، فَقَالَ: كَأَنَّ هَذَا كَانَ شَاهِداً مَعَنَا، وَلَهُوَ أَحْفَظُ لَهَا مِنِّي وَأَعْلَمُ.
أَشْعَبُ بنُ سَوَّارٍ، عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ، قَالَ: قَدِمْتُ الكُوْفَةَ، وَلِلشَّعْبِيِّ حَلْقَةٌ عَظِيْمَةٌ، وَالصَّحَابَةُ يَوْمَئِذٍ كَثِيْرٌ.
ابْن عُيَيْنَةَ، عَنْ دَاوُدَ بنِ أَبِي هِنْدٍ، قَالَ: مَا جَالَسْتُ أَحَداً أَعْلَمَ مِنَ الشَّعْبِيِّ.
وَقَالَ عَاصِمُ بنُ سُلَيْمَانَ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَعْلَمَ بِحَدِيْثِ أَهْلِ الكُوْفَةِ وَالبَصْرَةِ وَالحِجَازِ وَالآفَاقِ مِنَ الشَّعْبِيِّ.
أَبُو مُعَاوِيَةَ: سَمِعْتُ الأَعْمَشَ يَقُوْلُ: قَالَ الشَّعْبِيُّ: ألَّا تَعْجَبُوْنَ مِنْ هَذَا الأَعْوَرِ؟! يَأْتِيْنِي بِاللَّيْلِ، فَيَسْأَلُنِي، وَيُفْتِي بِالنَّهَارِ يَعْنِي: إِبْرَاهِيْمَ.
أَبُو شِهَابٍ، عَنِ الصَّلْتِ بنِ بَهْرَامَ، قَالَ: مَا بَلَغَ أَحَدٌ مَبْلَغَ الشَّعْبِيِّ أَكْثَرَ مِنْهُ يقول: لا أدري.
أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، قَالَ: كَانَ الشَّعْبِيُّ إِذَا جَاءهُ شَيْءٌ اتَّقَاهُ، وَكَانَ إِبْرَاهِيْمُ يَقُوْلُ وَيَقُوْلُ.
جَعْفَرُ بنُ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي ليلى، قال: كَانَ إِبْرَاهِيْمُ صَاحِبَ قِيَاسٍ، وَالشَّعْبِيُّ صَاحِبَ آثَارٍ.
ابْنُ المُبَارَكِ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ: كَانَ الشَّعْبِيُّ مُنْبَسِطاً، وَكَانَ إِبْرَاهِيْمُ مُنْقَبِضاً، فَإِذَا وَقَعَتِ الفَتْوَى، انْقَبَضَ الشَّعْبِيُّ، وَانْبَسَطَ إِبْرَاهِيْمُ.

(5/175)


وَقَالَ سَلَمَةُ بنُ كُهَيْلٍ: مَا اجْتَمَعَ الشَّعْبِيُّ وَإِبْرَاهِيْمُ، إلَّا سَكَتَ إِبْرَاهِيْمُ.
أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو الجَابِيَةِ الفَرَّاءُ، قَالَ: قَالَ الشَّعْبِيُّ: إِنَّا لَسْنَا بِالفُقَهَاءِ، وَلَكِنَّا سَمِعنَا الحَدِيْثَ فَرَوَيْنَاهُ، وَلَكِنَّ الفُقَهَاءَ مَنْ إِذَا عَلِمَ، عَمِلَ.
مَالِكُ بنُ مِغْولٍ: سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ يَقُوْل: لَيْتَنِي لَمْ أَكُنْ عَلِمْتُ مِنْ ذَا العِلْمِ شَيْئاً.
قُلْتُ: لأَنَّهُ حُجَّةٌ عَلَى العَالِمِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَعْمَلَ بِهِ، وينبه الجَاهِلَ، فَيَأْمُرَهُ وَيَنْهَاهُ، وَلأَنَّهُ مَظِنَّةٌ أَنْ لاَ يخلص فيه، وأن يفتخر به، ويماري بِهِ، لِيَنَالَ رِئَاسَةً، ودُنْيَا فَانِيَةً.
الحُمَيْدِيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ: سُئِلَ الشَّعْبِيُّ عَنْ شَيْءٍ، فَلَمْ يُجِبْ فِيْهِ، فَقَالَ رَجُلٌ عِنْدَهُ: أبو عمرو ويقول فيه كذا وكذا. فقال الشعبي: هَذَا فِي المَحْيَا, فَأَنْتَ فِي المَمَاتِ عَلَيَّ أَكْذَبُ.
قَالَ ابْنُ عَائِشَةَ: وَجَّهَ عَبْدُ المَلِكِ بنُ مَرْوَانَ الشَّعْبِيَّ إِلَى مَلِكِ الرُّوْمِ -يَعْنِي: رَسُوْلاً- فَلَمَّا انْصَرَفَ مِنْ عِنْدِهِ، قَالَ: يَا شَعْبِيُّ، أَتَدْرِي مَا كَتَبَ بِهِ إِلَيَّ مَلِكُ الرُّوْمِ؟ قَالَ: وَمَا كَتَبَ بِهِ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ؟ قَالَ: كُنْتُ أَتَعَجَّبُ لأَهْلِ دِيَانَتِكَ، كَيْفَ لَمْ يَسْتَخْلِفُوا عَلَيْهِم رَسُوْلَكَ؟! قُلْتُ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، لأَنَّهُ رَآنِي وَلَمْ يَرَكْ. أَوْرَدَهَا: الأَصْمَعِيُّ؛ وَفِيْهَا قَالَ: يَا شَعْبِيُّ، إِنَّمَا أَرَادَ أَنْ يُغْرِيَنِي بِقَتْلِكَ. فَبَلَغَ ذَلِكَ مَلِكَ الرُّوْمِ، فَقَالَ: للهِ أَبُوْهُ! وَاللهِ مَا أَرَدْتُ إلَّا ذَاكَ.
يُوْسُفُ بنُ بَهْلُوْلٍ الحَافِظُ: حَدَّثَنَا جَابِرُ بنُ نُوْحٍ، حَدَّثَنِي مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ الحَجَّاجُ سَأَلنِي عَنْ أَشْيَاءَ مِنَ العِلْمِ، فَوَجَدَنِي بِهَا عَارِفاً، فَجَعَلَنِي عَرِيْفاً عَلَى قَوْمِي الشَّعْبِيِّيْنَ، وَمَنْكِباً عَلَى جَمِيْعِ هَمْدَانَ، وَفَرَضَ لِي، فَلَمْ أَزَلْ عِنْدَهُ بِأَحْسَنِ مَنْزِلَةٍ حَتَّى كَانَ شَأْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الأَشْعَثِ، فَأَتَانِي قُرَّاءُ أَهْلِ الكُوْفَةِ، فَقَالُوا: يَا أَبَا عَمْرٍو إِنَّكَ زَعِيْمُ القُرَّاءِ. فَلَمْ يَزَالُوا حَتَّى خَرَجْتُ مَعَهُم, فَقُمْتُ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ أَذْكُرُ الحَجَّاجَ، وَأَعِيْبُهُ بِأَشْيَاءَ، فَبَلَغَنِي أَنَّهُ قَالَ: ألَّا تَعْجَبُوْنَ مِنْ هَذَا الخَبِيْثِ؟! أَمَا لَئِنْ أَمْكَنَنِي اللهُ مِنْهُ، لأَجْعَلَنَّ الدُّنْيَا عَلَيْهِ أَضْيَقَ مِنْ مَسْكِ جَمَلٍ قَالَ: فَمَا لَبِثْنَا أَنْ هُزِمْنَا فَجِئْتُ إِلَى بَيْتِي، وَأَغْلَقْتُ عَلَيَّ, فَمَكَثْتُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ، فَنَدَبَ النَّاسَ لِخُرَاسَانَ، فَقَامَ قُتَيْبَةُ بنُ مُسْلِمٍ، فَقَالَ: أَنَا لَهَا. فَعَقَدَ لَهُ عَلَى خُرَاسَانَ فَنَادَى مُنَادِيْهِ: مَنْ لَحِقَ بِعَسْكَرِ قُتَيْبَةَ، فَهُوَ آمِنٌ. فَاشْتَرَى مَوْلَىً لِي حِمَاراً، وَزَوَّدَنِي، ثُمَّ خَرَجْتُ، فَكُنْتُ فِي العَسْكَرِ، فَلَمْ أَزَلْ مَعَهُ حَتَّى أَتَيْنَا فرغانة. فَجَلَسَ ذَاتَ يَوْمٍ وَقَدْ بَرِقَ، فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: أَيُّهَا الأَمِيْرُ، عِنْدِي عِلْمُ مَا تُرِيْدُ. فَقَالَ: وَمَنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: أُعِيْذُكَ ألَّا تَسْأَلَ عَنْ ذَاكَ فَعَرَفَ أَنِّي مِمَّنْ يُخْفِي نَفْسَهُ فَدَعَا بِكِتَابٍ فَقَالَ: اكْتُبْ نُسْخَةً قُلْتُ: لاَ تَحْتَاجُ إِلَى ذَلِكَ فَجَعَلْتُ أُمِلُّ عَلَيْهِ وَهُوَ يَنْظُرُ حَتَّى فَرَغَ مِنْ كِتَابِ الفَتْحِ قَالَ: فَحَمَلَنِي عَلَى بَغْلَةٍ وَأَرْسَلَ

(5/176)


إِلَيَّ بِسَرَقٍ مِنْ حَرِيْرٍ، وَكُنْتُ عِنْدَهُ فِي أَحْسَنِ مَنْزِلَةٍ، فَإِنِّي لَيْلَةً أَتَعَشَّى مَعَهُ، إِذَا أَنَا بِرَسُوْلِ الحَجَّاجِ بِكِتَابٍ فِيْهِ: إِذَا نَظَرْتَ فِي كِتَابِي هَذَا، فَإِنَّ صَاحِبَ كِتَابِكَ عَامِرٌ الشَّعْبِيُّ، فَإِنْ فَاتَكَ، قَطَعْتُ يَدَكَ عَلَى رِجْلِكَ، وَعَزَلْتُكَ. قَالَ: فَالْتَفَتَ إِلَيَّ، وَقَالَ: مَا عَرَفْتُكَ قَبْلَ السَّاعَةِ، فَاذْهَبْ حَيْثُ شِئْتَ مِنَ الأَرْضِ, فَوَاللهِ لأَحْلِفَنَّ لَهُ بِكُلِّ يَمِيْنٍ فَقُلْتُ: أَيُّهَا الأَمِيْر، إِنَّ مِثْلِي لاَ يَخْفَى. فَقَالَ: أَنْتَ أَعْلَمُ. قَالَ: فَبَعَثَنِي إِلَيْهِ، وَقَالَ: إِذَا وَصَلْتُمْ إِلَى خَضْرَاءِ وَاسِطَ فَقَيِّدُوْهُ, ثُمَّ أَدْخِلُوْهُ عَلَى الحَجَّاجِ.
فَلَمَّا دَنَوْتُ مِنْ وَاسِطٍ، اسْتَقْبَلَنِي ابْنُ أَبِي مُسْلِمٍ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَمْرٍو، إِنِّي لأَضِنُّ بِكَ عَنِ القَتْلِ، إِذَا دَخَلْتَ عَلَى الأَمِيْرِ، فَقُلْ كَذَا، وَقُلْ كَذَا. فَلَمَّا أُدْخِلْتُ عَلَيْهِ، وَرَآنِي، قَالَ: لاَ مَرْحَباً وَلاَ أَهْلاً جِئْتَنِي وَلَسْتَ فِي الشَّرَفِ مِنْ قَوْمِكَ وَلاَ عرِيْفاً، فَفَعَلْتَ وَفَعَلْتَ، ثُمَّ خَرَجْتَ عَلَيَّ وَأَنَا سَاكِتٌ، فَقَالَ: تَكَلَّمْ. فَقُلْتُ: أَصْلَحَ اللهُ الأَمِيْرَ، كُلُّ مَا قُلْتَهُ حَقٌّ وَلَكِنَّا قَدِ اكْتَحَلْنَا بَعْدَكَ السَّهَرَ, وَتَحَلَّسْنَا الخَوْفَ وَلَمْ نَكُنْ مَعَ ذَلِكَ بَرَرَةً أَتْقِيَاءَ وَلاَ فَجَرَةً أَقْوِيَاءَ, فَهَذَا أَوَانُ حَقَنْتَ لِي دَمِي, وَاسْتَقْبَلْتَ بِيَ التَّوْبَةَ. قال: قد فعلت ذلك.
وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: لَمَّا أُدْخِلَ الشَّعْبِيُّ عَلَى الحَجَّاجِ، قَالَ: هِيْه يَا شَعْبِيُّ! فَقَالَ: أَحْزَنَ بِنَا المَنْزِلُ، وَاسْتَحْلَسْنَا الخَوْفَ, فَلَمْ نَكُنْ فِيْمَا فَعَلْنَا بَرَرَةً أَتْقِيَاءَ، وَلاَ فَجَرَةً أَقْوِيَاءَ فَقَالَ: للهِ دَرُّكَ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: قَالَ أَصْحَابُنَا: كَانَ الشَّعْبِيُّ فِيْمَنْ خَرَجَ مَعَ القُرَّاءِ عَلَى الحَجَّاجِ، ثُمَّ اخْتَفَى زَمَاناً وَكَانَ يَكْتُبُ إِلَى يَزِيْدَ بنِ أَبِي مُسْلِمٍ أَنْ يُكَلِّمَ فِيْهِ الحَجَّاجَ.
قُلْتُ: خَرَجَ القُرَّاءُ وَهُمْ أَهْلُ القُرْآنِ وَالصَّلاَحِ بالعراق على الحجاج؛ لظلمه وتأخيره والصلاة وَالجَمْعِ فِي الحَضَرِ، وَكَانَ ذَلِكَ مَذْهَباً وَاهِياً لِبَنِي أُمَيَّةَ، كَمَا أَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "يَكُوْنُ عَلَيْكُم أُمَرَاءُ يُمِيْتُوْنَ الصَّلاَةَ". فَخَرَجَ عَلَى الحَجَّاجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ الأَشْعَثِ بنِ قَيْسٍ الكِنْدِيُّ، وَكَانَ شَرِيْفاً مُطَاعاً وَجَدَّتُهُ أخت الصديقن فَالْتَفَّ عَلَى مائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيْدُوْنَ, وَضَاقَتْ عَلَى الحَجَّاجِ الدُّنْيَا، وَكَادَ أَنْ يَزُوْلَ مُلْكُهُ, وَهَزَمُوْهُ مَرَّاتٍ، وَعَايَنَ التَّلَفَ، وَهُوَ ثَابِتٌ مِقْدَامٌ، إِلَى أَنِ انْتَصَرَ وَتَمَزَّقَ جَمْعُ ابْنِ الأَشْعَثِ، وقتل خلق كَثِيْرٌ مِنَ الفَرِيْقَيْنِ، فَكَانَ مَنْ ظَفِرَ بِهِ الحَجَّاجُ مِنْهُم قَتَلَهُ, إلَّا مَنْ بَاءَ مِنْهُم بِالكُفْرِ عَلَى نَفْسِهِ، فَيَدَعُهُ.
سَعْدُ بنُ عَامِرٍ، عَنْ حُمَيْدِ بنِ الأَسْوَدِ, عَنْ عِيْسَى الحَنَّاطِ, قَالَ: قَالَ الشَّعْبِيُّ: إِنَّمَا كَانَ يَطْلُبُ هَذَا العِلْمَ مَنِ اجْتَمَعَتْ فِيْهِ خَصْلَتَانِ: العَقْلُ وَالنُّسْكُ، فَإِنْ كَانَ عَاقِلاً، وَلَمْ يَكُنْ نَاسِكاً، قَالَ هذا أمر لا ينالهإلَّا النُّسَّاكُ، فَلَنْ أَطْلُبَهُ. وَإِنْ كَانَ نَاسِكاً، وَلَمْ يَكُنْ عَاقِلاً، قَالَ:

(5/177)


هَذَا أَمْرٌ لاَ يَنَالُهُ إلَّا العُقَلاَءُ، فَلَنْ أَطْلُبَهُ. يَقُوْلُ الشَّعْبِيُّ: فَلَقَدْ رَهِبْتُ أَنْ يَكُوْنَ يَطْلُبُهُ اليَوْمَ مِنْ لَيْسَ فِيْهِ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا، لاَ عَقْلَ وَلاَ نُسْكَ.
قُلْتُ: أَظُنُّهُ أَرَادَ بِالعَقْلِ الفَهْمَ وَالذَّكَاءَ.
قَالَ مُجَالِدٌ: قَالَ الشَّعْبِيُّ: إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ يَزْدَرِدُ العِلْمَ ازْدِرَاداً.
وَقَلَّمَا رَوَى الأَعْمَشُ عَنِ الشَّعْبِيِّ، فَرَوَى: حَفْصٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: لاَ بَأْسَ بِذَبِيْحَةِ اللِّيْطَةِ. فَقُلْتُ لِلأَعْمَشِ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ, مَا مَنَعَكَ مِنْ إِتْيَانِ الشَّعْبِيِّ؟ قَالَ: وَيْحَكَ! كَيْفَ كُنْتُ آتِيْهِ وَهُوَ إِذَا رَآنِي سَخَرَ بِي، وَيَقُوْلُ: هَذِهِ هَيْئَةُ عَالِمٍ! مَا هَيْئَتُكَ إلَّا هَيْئَةُ حَائِكٍ. وَكُنْتُ إِذَا أَتَيْتُ إِبْرَاهِيْمَ أَكْرَمَنِي وَأَدْنَانِي.
قَالَ عَاصِمٌ الأَحْوَلُ: حَدَّثَنِي الشَّعْبِيُّ بِحَدِيْثٍ، فَقُلْتُ: إِنَّ هَذَا يُرْفَعُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ دُوْنَهُ أَحَبُّ إِلَيْنَا، إِنْ كَانَ فِيْهِ زِيَادَةٌ أَوْ نُقْصَانُ.
خَالِدٌ الحَذَّاءُ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ عَامِرٍ، قَالَ: مَا كُذِبَ عَلَى أَحَدٍ فِي هَذِهِ الأُمَّةِ مَا كُذِبَ عَلَى عَلِيٍّ.
ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: مَا جلست مع قوم مذ كذا وكذا، فخاضوا حَدِيْثٍ إلَّا كُنْتُ أَعْلَمَهُم بِهِ.
عُبَيْدُ اللهِ بنُ مُوْسَى: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بنُ يَزِيْدَ, سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ يَقُوْلُ: وَاللهِ لَوْ أَصَبْتُ تِسْعاً وَتِسْعِيْنَ مَرَّةً وَأَخْطَأْتُ مَرَّةً، لأَعَدُّوا عَلَيَّ تِلْكَ الوَاحِدَةَ.
وَعَنْ زَكَرِيَّا بنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: كَأَنِّي بِهَذَا العِلْمِ تَحَوَّلَ إِلَى خُرَاسَانَ.
عَبْدُ اللهِ بنُ إِدْرِيْسَ، عَنْ عَمْرِو بنِ خَلِيْفَةَ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: أَصْبَحَتِ الأُمَّةُ عَلَى أَرْبَعِ فِرَقٍ: مُحِبٌّ لِعَلِيٍّ مُبْغِضٌ لِعُثْمَانَ، وَمُحِبٌّ لِعُثْمَانَ مُبْغِضٌ لِعَلِيٍّ، وَمُحِبٌّ لَهُمَا وَمُبْغِضٌ لَهُمَا، قُلْتُ: مِنْ أَيِّهِمَا أَنْتَ قَالَ مُبْغِضٌ لِبَاغِضِهِمَا.
عَبْدُ اللهِ بنُ إِدْرِيْسَ: حَدَّثَنَا عَمِّي، قَالَ لِي الشَّعْبِيُّ: أُحَدِّثُكَ عَنِ القَوْمِ كَأَنَّكَ شَهِدْتَهُم كَانَ شُرَيْحٌ أَعْلَمَهُم بِالقَضَاءِ، وَكَانَ عَبِيْدَةُ يُوَازِي شُرَيْحاً فِي عِلْمِ القَضَاءِ، وَأَمَّا عَلْقَمَةُ فَانْتَهَى إِلَى عِلْمِ عَبْدِ اللهِ، لَمْ يُجَاوِزْهُ، وَأَمَّا مَسْرُوْقٌ فَأَخَذَ عَنْ كُلٍّ، وَكَانَ الرَّبِيْعُ بنُ خُثَيْمٍ أَعْلَمَهُم عِلْماً وَأَوْرَعَهُم وَرَعاً.
قَالَ زَكَرِيَّا بنُ أَبِي زَائِدَةَ: كَانَ الشَّعْبِيُّ يَمُرُّ بِأَبِي صَالِحٍ، فَيَأْخُذُ بِأُذُنِهِ، وَيَقُوْل: تُفَسِّرُ القُرْآنَ وَأَنْتَ لاَ تَقْرَأُ القُرْآنَ!.

(5/178)


عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ نَجْدَةَ: حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، حَدَّثَنِي رَبِيْعَةُ بنُ يَزِيْدَ، قَالَ: جَلَسْتُ إِلَى الشَّعْبِيِّ بِدِمَشْقَ فِي خلافة المَلِكِ، فَحَدَّثَ رَجُلٌ مِنَ الصَّحَابَةِ: عَنْ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "اعبدوا رَبَّكُم، وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً، وَأَقِيْمُوا الصَّلاَةَ، وَآتُوا الزَّكَاةَ, وَأَطِيْعُوا الأُمَرَاءَ، فَإِنْ كَانَ خَيْراً لكم، وَإِنْ كَانَ شَرّاً فَعَلَيْهِم، وَأَنْتُم مِنْهُ بُرَآءُ" فَقَالَ لَهُ الشَّعْبِيُّ: كَذَبْتَ.
هَكَذَا رَوَاهُ الحَاكِمُ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُضَارِبٍ العُمَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ مِهْرَانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ، فَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِهَا: أَخْطَأْتَ.
قُرَادٌ: حَدَّثَنَا يُوْنُسُ بنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ طَارِقِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: كُنْتُ جَالِساً عَلَى بَابِ الشَّعْبِيِّ، إِذْ جَاءَ جَرِيْرُ بنُ يَزِيْدَ بنِ جَرِيْرٍ البَجَلِيُّ، فَدَعَا الشَّعْبِيُّ لَهُ بِوِسَادَةٍ. فَقُلْنَا لَهُ: حَوْلَكَ أَشْيَاخٌ، وَجَاءَ هَذَا الغُلاَمُ فَدَعَوْتَ لَهُ بِوِسَادَةٍ؟! قَالَ: نَعَمْ، إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَلْقَى لِجَدِّهِ وِسَادَةً وَقَالَ: "إِذَا أَتَاكُمْ كَرِيْمُ قَوْمٍ فأكرموه" 1.
__________
1 صحيح: ورد من حديث عبد الله بن عمر، وجرير بن عبد الله البجلي، وَجَابِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عباس، ومعاذ بن جبل، وعدي بن حاتم، وأبي راشد عبد الرحمن بن عبد، وأنس بن مالك -رضي الله عنهم أجمعين.
أما حديث ابن عمر: فأخرجه ابن ماجه "3712"، والقضاعي في "الشهاب" "761".
وأما حديث جرير بن عبد الله: فأخرجه الطبراني في "2266" وابن عدي، والبيهقي "8/ 168" والخطيب في "التاريخ" "1/ 188"، والقضاعي "762" من طريق حصين بن عمر الأحمسي، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ بن أبي حازم، عنه قال: "لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم أتيته، فقال يا جرير لأي شيء جئت؟ قال: جئت لأسلم على يديك يا رسول الله، قال: فألقى إلى كساءه، ثم أقبل على أصحابه وقال: "إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه".
قلت: إسناده واه، آفته حصين بن عمر، متروك كما قال الحافظ في "التقريب"، ولكنه لم ينفرد به فأخرجه الخطيب في "تاريخه" "7/ 94" من طريق أبي أمية بن فرقد قال: حدثنا يحيى بن سعيد القطان حدثنا إسماعيل، به. وقال الدارقطني: "لم يروه عن يحيى القطان غير أبي أمية هذا، ولم يكن بالقوى، وهذا إنما يعرف من رواية حصين بن عمر الأحمسي، عن إسماعيل، ورواه كادح عن إسماعيل".
قلت: كادح كذاب. وله طريق آخر عن جرير بن عبد الله: أخرجه أبو نعيم في "الحلية" "5/ 205- 206". وأما حديث جابر عبد الله: فأخرجه الحاكم "4/ 291- 292". وأما حديث أبي هريرة: فأخرجه ابن عدي، وفيه ابن لهيعة سيء الحفظ، ومن فوقه ثقات وله طريق آخر عند البزار في "كشف الأستار". وأما حديث ابن عباس: فأخرجه الطبراني في "الكبير"، والعقيلي في "الضعفاء الكبير".
وأما حديث عدي بن حاتم: فأخرجه القضاعي "760"، والعقيلي في "الضعفاء".

(5/179)


شَبَابَةُ: حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ عِيَاضٍ، عَنْ مُجَالِدٍ، قَالَ: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ قَيْسٍ الأَرْقَبِ، فَمَرَرْنَا بِالشَّعْبِيِّ، فَقَالَ لِي الشَّعْبِيُّ: اتَّقِ اللهَ لاَ يُشْعِلْكَ بِنَارِهِ. فَقَالَ قَيْسٌ: أَمَا -وَاللهِ- قَدْ كُنْتُ فِي هَذِهِ الدَّارِ كَذَا قَالَ، وَلَعَلَّهُ فِي هَذَا الرَّأْيِ ثُمَّ قَالَ لَهُ: وَمَا تَرَكْتُهُ إلَّا لِحُبِّ الدُّنْيَا. قَالَ: فَقُلْتُ: إِنْ كُنْتَ كَاذِباً، فَلَعَنَكَ اللهُ، قَالَ: فَهَلْ تَعْرِفُ أَصْحَابَ عَلِيٍّ؟ قَالَ الشَّعْبِيُّ: مَا كُنْتُ أَعْرِفُ فُقَهَاءَ الكُوْفَةِ إلَّا أَصْحَابَ عَبْدِ اللهِ قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ عَلَيْنَا عَلِيٌّ, وَلَقَدْ كَانَ أَصْحَابُ عَبْدِ اللهِ يُسَمَّوْنَ قَنَادِيْلَ المَسْجِدِ أَوْ سُرُجَ المِصْرِ. قَالَ قَيْسٌ: أَفَلاَ تَعْرِفُ أَصْحَابَ عَلِيٍّ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَهَلْ تَعْرِفُ الحَارِثَ الأَعْوَرَ؟ قال: نعم لَقَدْ تَعْلَّمْتُ مِنْهُ حِسَابَ الفَرَائِضِ، فَخَشِيْتُ عَلَى نَفْسِي مِنْهُ
الوَسْوَاسَ، فَلاَ أَدْرِي مِمَّنْ تَعَلَّمَهُ. قَالَ: فَهَلْ تَعْرِفُ ابْنَ صَبُوْرٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَلَمْ يَكُنْ بِفَقِيْهٍ، وَلَمْ يَكُنْ فِيْهِ خَيْرٌ. قَالَ: فَهَلْ تَعْرِف صَعْصَعَةَ بنَ صُوْحَانَ؟ قَالَ: كَانَ رَجُلاً خَطِيْباً وَلَمْ يَكُنْ بِفَقِيْهٍ قَالَ فهل تعرف رشيد الهَجَرِيَّ؟ قَالَ الشَّعْبِيُّ: نَعَمْ، بَيْنمَا أَنَا وَاقِفٌ فِي الهَجَرِيِّيْنَ إِذْ قَالَ لِي رَجُلٌ: هَلْ لَكَ فِي رَجُلٍ عَلَيْنَا، يُحِبُّ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ فَأَدْخَلَنِي عَلَى رُشَيْدٍ، فَقَالَ: خَرَجْتُ حَاجّاً فَلَمَّا قَضَيْتُ نُسُكِي، قُلْتُ: لَوْ أَحْدَثْتُ عهدًا بأمير المؤمنين فممرت بِالمَدِيْنَةِ، فَأَتَيْتُ بَابَ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- فَقُلْتُ لإِنْسَانٍ: اسْتَأْذِنْ لِي عَلَى سَيِّدِ المُسْلِمِيْنَ فَقَالَ: هُوَ نَائِمٌ، وَهُوَ يَحْسِبُ أَنِّي أَعْنِي الحَسَنَ، قُلْتُ: لَسْتُ أَعْنِي الحَسَنَ، إِنَّمَا أَعْنِي أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، وَإِمَامَ المُتَّقِيْنَ وَقَائِدَ الغُرِّ المُحَجَّلِيْنَ، قَالَ: أَوَ لَيْسَ قَدْ مَاتَ فَبَكَى؟ فَقُلْتُ: أَمَا -وَاللهِ- إِنَّهُ لَيَتَنَفَّسُ الآنَ بِنَفَسِ حَيٍّ, وَيَعْتَرِقُ مِنَ الدِّثَارِ الثَّقِيْلِ، فَقَالَ: أَمَا إِذْ عَرَفْتَ سِرَّ آلِ مُحَمَّدٍ فَادْخُلْ عَلَيْهِ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ فَدَخَلْتُ عَلَى أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَأَنْبَأَنِي بِأَشْيَاءَ تَكُوْنُ، قَالَ الشَّعْبِيُّ فَقُلْتُ: لِرُشَيْدٍ إِنْ كُنْتَ كَاذِباً، فَلَعَنَكَ اللهُ ثُمَّ خَرَجْتُ، وَبَلَغَ الحَدِيْثُ زِيَاداً، فَقَطَعَ لِسَانَهُ وَصَلَبَهُ.
قَالَ شَبَابَةُ: وَحَدَّثَنِيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ مُجَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ.
إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ: أَفْرَطَ نَاسٌ فِي حُبِّ عَلِيٍّ، كَمَا أَفْرَطَتِ النَّصَارَى فِي حُبِّ المَسِيْحِ.
وَرَوَى خَالِدُ بنُ سَلَمَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: حُبُّ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَمَعْرِفَةُ فَضْلِهِمَا مِنَ السنة.
مَالِكُ بنُ مِغْوَلٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ: مَا بَكَيْتُ مِنْ زَمَانٍ، إلَّا بَكَيْتُ عَلَيْهِ.
رَوَى مُجَالِدٌ، وَغَيْرُهُ: أَنَّ رَجُلاً مُغَفَّلاً لَقِيَ الشَّعْبِيَّ، وَمَعَهُ امْرَأَةٌ تَمْشِي، فَقَالَ: أَيُّكُمَا الشَّعْبِيُّ؟ قَالَ: هَذِهِ.

(5/180)


وَعَنْ عَامِرِ بنِ يِسَافٍ، قَالَ: قَالَ لِي الشَّعْبِيُّ: امْضِ بِنَا، نَفِرَّ مِنْ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ. فَخَرَجْنَا، قَالَ: فَمَرَّ بِنَا شَيْخٌ، فَقَالَ لَهُ الشَّعْبِيُّ: مَا صَنْعَتُكَ؟ قَالَ: رَفَّاءٌ قَالَ: عِنْدَنَا دَنٌّ مَكْسُوْرٌ, تَرْفُوْهُ لَنَا؟ قَالَ إِنْ هَيَّأْتَ لِي سُلُوْكاً مِنْ رَمْلٍ، رَفَوْتُهُ. فَضَحِكَ الشَّعْبِيُّ حَتَّى اسْتَلْقَى.
رَوَى عَطَاءُ بنُ السَّائِبِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: مَا اخْتَلَفَتْ أُمَّةٌ بَعْد نَبِيِّهَا، إلَّا ظَهَرُ أَهْلُ بَاطِلِهَا عَلَى أَهْلِ حَقِّهَا.
عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ زِيَادٍ، عَنِ الحَسَنِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: رَأَيْتُ الشَّعْبِيَّ سَلَّمَ عَلَى نَصْرَانِيٍّ، فَقَالَ السَّلاَمُ: عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللهِ. فَقِيْلَ له في ذلك، فقال: أوليس فِي رَحْمَةِ اللهِ، لَوْلاَ ذَلِكَ، لَهَلَكَ.
رَوَى مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: لَعَنَ اللهُ أَرَأَيْتَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الهُذَلِيُّ: قَالَ الشَّعْبِيُّ: أَرَأَيْتُم لَوْ قُتِلَ الأَحْنَفُ، وَقُتِلَ مَعَهُ صَغِيْرٌ، أَكَانَتْ دِيَتُهُمَا سَوَاءً، أَمْ يُفَضَّلُ الأَحْنَفُ لِعَقْلِهِ وَحِلْمِهِ؟ قُلْتُ بَلْ سَوَاءٌ، قَالَ: فَلَيْسَ القِيَاسُ بِشَيْءٍ.
مُجَالِدٌ عَنِ الشَّعْبِيِّ: نِعْمَ الشَّيْءُ الغَوْغَاءُ، يَسُدُّوْنَ السَّيْلَ، وَيُطْفِئُوْنَ الحَرِيْقَ، وَيَشْغَبُوْنَ عَلَى وُلاَةِ السَّوْءِ.
وَبَلَغَنَا عَنِ الشَّعْبِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: يَا لَيْتَنِي أَنْفَلِتُ مِنْ عِلْمِي كَفَافاً لاَ عَلَيَّ وَلاَ لِيَ.
إِسْحَاقُ الأَزْرَقُ عَنِ الأَعْمَشِ، قَالَ: أَتَى رَجُلٌ الشَّعْبِيَّ، فَقَالَ: مَا اسْمُ امْرَأَةِ إِبْلِيْسَ؟ قَالَ: ذَاكَ عُرْسٌ مَا شَهِدْتُهُ.
ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ، قَالَ: سُئِلَ الشَّعْبِيُّ عَمَّنْ نَذَرَ أَنْ يُطِلِّقَ امْرَأَتَهُ، قَالَ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. قَالَ: فَنَهَيْتُ الشَّعْبِيَّ أَنَا، فَقَالَ: رُدُّوا عَلَيَّ الرَّجُلَ، نَذْرُكَ فِي عُنُقِكَ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ.
عِيْسَى بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: رَأَيْتُ الشَّعْبِيَّ يُنْشِدُ الشِّعْرَ فِي المَسْجِدِ، وَرَأَيْتُ عَلَيْهِ مِلْحَفَةً حَمْرَاءَ وَإِزَاراً أَصْفَرَ.
قَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ: اسْتَعْمَلَ ابْنُ هُبَيْرَةَ الشَّعْبِيَّ عَلَى القضاء، وَكَلَّفَهُ أَنْ يُسَامِرَهُ، فَقَالَ: لاَ أَسْتطِيْعُ، فَأَفْرِدْنِي بِأَحَدِهِمَا.
قَالَ عَاصِمٌ الأَحْوَلُ: كَانَ الشَّعْبِيُّ أَكْثَرَ حَدِيْثاً مِنَ الحَسَنِ، وَأَسَنَّ مِنْهُ بِسَنَتَيْنِ.
الهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ: حَدَّثَنَا مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: كره الصالحون الأَوَّلُوْنَ الإِكثَارَ مِنَ الحَدِيْثِ، وَلَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ، مَا حَدَّثْتُ إلَّا بِمَا أجمع عليه أهل الحديث.

(5/181)


قال: الهَيْثَمُ وَاهٍ.
وَرُوِيَ عَنِ: الشَّعْبِيِّ، قَالَ: رُزِقَ صِبِيَانُ هَذَا الزَّمَانِ مِنَ العَقْلِ مَا نَقَصَ مِنْ أَعْمَارِهِمْ فِي هَذَا الزَّمَانِ.
قَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ: مَرَّ الشَّعْبِيُّ وَأَنَا مَعَهُ بِإِنْسَانٍ وَهُوَ يَقُوْلُ:
فُتِنَ الشَّعْبِيُّ لَمَّا ... رَفَعَ الطَّرْفَ إِلَيْهَا
فَلَمَّا رَأَى الشَّعْبِيَّ كَأَنَّهُ وَلَمْ يُتِمَّ البَيْتَ، فَقَالَ الشَّعْبِيُّ: نَظَرَ الطَّرْفَ إِلَيْهَا.
قُلْتُ:هَذِهِ أَبْيَاتٌ مَشْهُوْرَةٌ، عَمِلَهَا رَجُلٌ تَحَاكَمَ هُوَ وَزَوْجَتُهُ إِلَى الشَّعْبِيِّ أَيَّامَ قَضَائِهِ يَقُوْلُ فِيْهَا:
فَتَنَتْهُ ببنان ... وبخطي مقلتيها
قال للجلواز: قدمها ... وأحضر شاهديها
فقضى جوار على الخصم ... وَلَمْ يَقْضِ عَلَيْهَا
قَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ: [عَنِ الشَّعْبِيِّ] : إِذَا عَظُمَتِ الحَلْقَةُ، فَإِنَّمَا هُوَ نَجَاءٌ أَوْ نِدَاءٌ.
قَرَأْتُ عَلَى إِسْحَاقَ بنِ طَارِقٍ: أَخْبَرَكُم ابْنُ خَلِيْلٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو المَكَارِمِ اللَّبَّانُ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ, وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَارِبٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ البُوْشَنْجِيُّ، حَدَّثَنَا يَعْقُوْبُ بنُ كَعْبٍ "ح" قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حُبَيْشٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ زَنْجَوَيْه، أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ اللهِ الرَّقِّيُّ "ح"، وَحَدَّثَنَا الطَّبَرَانِيُّ, حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ المُعَلَّى, حَدَّثَنَا هِشَامٌ، قَالُوا: حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ يُوْنُسَ، عَنْ عَبَّادِ بنِ مُوْسَى، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: أُتِيَ بِيَ الحَجَّاجُ مُوْثَقاً, فَلَمَّا انْتَهَيْتُ إِلَى بَابِ القَصْرِ، لَقِيَنِي يَزِيْدُ بنُ أَبِي مُسْلِمٍ, فَقَالَ: إِنَّا للهِ يَا شَعْبِيُّ لِمَا بَيْنَ دَفَّتَيْكَ مِنَ العِلْمِ، وَلَيْسَ بِيَوْمِ شَفَاعَةٍ, بُؤْ لِلأَمِيْرِ بِالشِّرْكِ وَالنِّفَاقِ عَلَى نَفْسِكَ فَبِالحَرِيِّ، أَنْ تَنْجُوَ ثُمَّ لَقِيَنِي مُحَمَّدُ بنُ الحَجَّاجِ، فَقَالَ لِي مِثْلَ مَقَالَةِ يَزِيْدَ فَلَمَّا دَخَلْتُ عَلَيْهِ قَالَ وَأَنْتَ يَا شَعْبِيُّ فِيْمَنْ خَرَجَ عَلَيْنَا وَكَثَّرَ؟
قُلْتُ: أَصْلَحَ اللهُ الأَمِيْرَ، أَحْزَنَ بِنَا المَنْزِلُ وَأَجْدَبَ الجَنَابُ, وَضَاقَ المَسْلَكُ، وَاكْتَحَلْنَا السَّهَرَ وَاسْتَحْلَسْنَا الخَوْفَ, وَوَقَعْنَا فِي خِزْيَةٍ لَمْ نَكُنْ فِيْهَا بَرَرَةً أَتْقِيَاءَ، وَلاَ فَجَرَةً أَقْوِيَاءَ قَالَ: صَدَقَ وَاللهِ مَا بَرُّوْا فِي خُرُوْجِهِمْ عَلَيْنَا، وَلاَ قَوُوْا عَلَيْنَا حَيْثُ فَجَرُوا، فَأَطْلَقُوا عَنِّي. قَالَ: فَاحْتَاجَ إِلَى فَرِيْضَةٍ فَقَالَ: مَا تَقُوْلُ فِي أُخْتٍ وَأُمٍّ وَجَدٍّ؟ قُلْتُ: اخْتَلَفَ فِيْهَا خَمْسَةٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: عثمان، وزيد، وابن مَسْعُوْدٍ، وَعَلِيٌّ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، قَالَ: فَمَا قَالَ

(5/182)


فِيْهَا ابْنُ عَبَّاسٍ؟ إِنْ كَانَ لَمُنَقِّباً. قُلْتُ: جَعَلَ الجَدَّ أَباً, وَأَعْطَى الأُمَّ الثُّلُثَ، وَلَمْ يُعْطِي الأُخْتَ شَيْئاً. قَالَ: فَمَا قَالَ فِيْهَا أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ؟ يَعْنِي: عُثْمَانَ. قُلْتُ: جَعَلَهَا أَثْلاَثاً. قَالَ: فَمَا قَالَ فِيْهَا زَيْدٌ؟ قُلْتُ: جَعَلَهَا مِنْ تِسْعَةٍ، فَأَعْطَى الأُمَّ ثَلاَثاً، وَأَعْطَى الجَدَّ أَرْبَعاً وَأَعْطَى الأُخْتَ سَهْمَيْنِ. قَالَ: فَمَا قَالَ فِيْهَا ابْنُ مَسْعُوْدٍ؟ قُلْتُ: جَعَلَهَا مِنْ سِتَّةٍ أَعْطَى الأُخْتَ ثَلاَثاً, وَأَعْطَى الأُمَّ سَهْماً وَأَعْطَى الجَدَّ سَهْمَيْنِ قَالَ: فَمَا قَالَ فِيْهَا أَبُو تُرَابٍ؟ قُلْتُ: جَعَلَهَا مِنْ سِتَّةٍ، فَأَعْطَى الأُخْتَ ثَلاَثاً وَالأُمَّ سَهْمَيْنِ، وَالجَدَّ سَهْماً قَالَ: مُرِ القاضي, فليمضها على ما أمضاها عليه أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ عُثْمَانُ، إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ الحَاجِبُ فَقَالَ: إِنَّ بِالبَابِ رُسُلاً. قَالَ: ائْذَنْ لَهُمْ. فَدَخَلُوا عَمَائِمُهُمْ عَلَى أَوْسَاطِهِمْ، وَسُيُوْفُهُمْ عَلَى عَوَاتِقِهِمْ وَكُتُبُهُمْ فِي أَيْمَانِهِمْ، فَدَخَلَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سليم يقال له: سيابة بن عاصم، قال:مِنْ أَيْنَ أَنْتَ؟ قَالَ: مِنَ الشَّامِ قَالَ: كَيْفَ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ؟ كَيْفَ حَشَمُهُ؟ قَالَ: هَلْ كَانَ وَرَاءكَ مِنْ غَيْثٍ؟ قَالَ: نَعَمْ, أَصَابَنِي فِيْمَا بَيْنِي وَبَيْنَ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ ثَلاَثُ سَحَائِبَ. قَالَ: فَانْعَتْ لِي. قَالَ: أَصَابَتْنِي سَحَابَةٌ بِحَوْرَانَ فَوَقَعَ قَطْرٌ صِغَارٌ وَقَطْرٌ كِبَارٌ فَكَانَ الكِبَارُ لُحْمَةً لِلْصِّغَارِ، فَوَقَعَ سَبْطٌ مُتَدَارَكٌ, وَهُوَ السَّحُّ الذي سمعت به فؤاد سَائِلٍ، وَوَادٍ نَازِحٍ وَأَرْضٌ مُقْبِلَةٌ, وَأَرْضٌ مُدْبِرَةٌ, فَأَصَابَتْنِي سَحَابَةٌ بِسَوَاءَ -أَوْ قَالَ: بِالقَرْيَتَيْنِ- شَكَّ عيسى, فلبدت الدماث, وَأَسَالَتِ العَزَازَ, وَأَدْحَضَتِ التِّلاَعَ, فَصَدَعَتْ عَنِ الكَمْأَةِ أَمَاكِنَهَا وَأَصَابَتْنِي أَيْضاً سَحَابَةٌ فَقَاءتِ العُيُوْنُ بَعْدَ الرِّيِّ، وَامْتَلأَتِ الإِخَاذُ وَأُفْعِمَتِ الأَوْدِيَةُ، وَجِئْتُكَ فِي مِثْلِ وِجَارِ الضَّبُعِ.
ثُمَّ قَالَ: ائْذَنْ فَدَخَلَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي أَسَدٍ، فَقَالَ: هَلْ كَانَ وَرَاءكَ مِنْ غَيْثٍ؟ قَالَ: لاَ،كَثُرَ الإِعْصَارُ، وَاغْبَرَّ البِلاَدُ, وَأُكِلَ مَا أَشْرَفَ مِنَ الجَنْبَةِ، فاستقينا أَنَّهُ عَامُ سَنَةٍ فَقَالَ: بِئْسَ المُخْبِرُ أَنْتَ.
ثُمَّ قَالَ: ائْذَنْ. فَدَخَلَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ اليَمَامَةِ, فَقَالَ: هَلْ كَانَ وَرَاءكَ مِنْ غَيْثٍ؟ قَالَ: تَقَنَّعَتِ الرُّوَّادُ تَدْعُو إِلَى زِيَادَتِهَا وَسَمِعْتُ قَائِلاً يَقُوْلُ: هَلُمَّ أُظْعِنُكُمْ إِلَى مَحَلَّةٍ تُطْفَأُ فِيْهَا النِّيْرَانُ، وَتَشَكَّى فِيْهَا النِّسَاءُ، وَتَنَافَسُ فِيْهَا المِعْزَى. قَالَ الشَّعْبِيُّ: فَلَمْ يَدْرِ الحَجَّاجُ مَا قَالَ. فَقَالَ: وَيْحَكَ! إِنَّمَا تُحَدِّثُ أَهْلَ الشَّامِ فَأَفْهِمْهُمْ فَقَالَ: نَعَمْ, أَصْلَحَ اللهُ الأَمِيْرَ، أَخْصَبَ النَّاسُ، فَكَانَ التَّمْرُ، وَالسَّمْنُ، وَالزُّبْدُ، وَاللَّبَنُ، فَلاَ تُوْقَدُ نَارٌ لِيُخْتَبَزَ بِهَا، وَأَمَّا تَشَكِّي النِّسَاءِ, فَإِنَّ المَرْأَةَ تَظَلُّ بِرِبْقِ1 بَهْمِهَا تَمْخَضُ لَبَنَهَا, فَتَبِيْتُ وَلَهَا أَنِيْنٌ مِنْ عَضُدَيْهَا، كَأَنَّهَا لَيْسَتَا مَعَهَا, وَأَمَّا تَنَافُسُ المِعْزَى، فَإِنَّهَا تَرْعَى مِنْ أَنْوَاعِ الشَّجَرِ، وَأَلْوَانِ الثَّمَرِ، وَنَوْرِ النَّبَاتِ مَا تشبع
__________
1 الربق والربقة: الحبل والحلقة تشد بها الغنم الصغار لئلا ترضع.

(5/183)


بُطُوْنَهَا، وَلاَ تُشْبِعُ عُيُوْنَهَا، فَتَبِيْتُ وَقَدِ امْتَلأَتْ أَكْرَاشُهَا، لَهَا مِنَ الكَظَّةِ جِرَّةٌ1 فَتَبْقَى، الجِرَّةُ حَتَّى تَسْتَنْزِلَ بِهَا الدَّرَّةَ.
ثُمَّ قَالَ: ائْذَنْ فَدَخَلَ رَجُلٌ مِنَ المَوَالِي، كَانَ يُقَالُ أَنَّهُ من أنشد النَّاسِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ، فَقَالَ: هَلْ كَانَ وَرَاءكَ مِنْ غَيْثٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَلَكِنِّي لاَ أُحْسِنُ أَقُوْلُ كَمَا قَالَ هَؤُلاَءِ. قَالَ: قُلْ كَمَا تُحْسِنُ. قَالَ: أَصَابَتْنِي سَحَابَةٌ بِحُلْوَانَ2 فَلَمْ أَزَلْ أَطَأُ فِي إِثْرِهَا حَتَّى دَخَلْتُ عَلَى الأَمِيْرِ. فَقَالَ الحَجَّاجُ: لَئِنْ كُنْتَ أَقْصَرَهُمْ فِي المَطَرِ خُطْبَةً، إِنَّكَ أَطْوَلُهُمْ بِالسَّيْفِ خَطْوَةً.
وَبِهِ، إِلَى أَبِي نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدٍ بنُ جبلة حدثنا أبو العباس السراجن حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبَّادِ بنِ مُوْسَى العُكْلِيُّ، حدثنا أبي أخبرني أبو بكر الهُذَلِيُّ، قَالَ: قَالَ لِي الشَّعْبِيُّ: إلَّا أُحَدِّثُكَ حَدِيْثاً تَحْفَظُهُ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ إِنْ كُنْتُ حَافِظاً كَمَا حَفِظتُ: إِنَّهُ لَمَّا أُتِيَ بِيَ الحَجَّاجُ وَأَنَا مُقَيَّدٌ، فَخَرَجَ إِلَيَّ يَزِيْدُ بنُ أَبِي مُسْلِمٍ، فَقَالَ: إِنَّا للهِ ... , فَذَكَرَ نَحْوَهُ.
عَلِيُّ بنُ الجَعْدِ: أَنْبَأَنَا شُعْبَةُ, عَنْ سَلَمَةَ بنِ كُهَيْلٍ, وَمُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: شَهِدْتُ عَلِيّاً جَلَدَ شُرَاحَةَ يَوْمَ الخَمِيْسِ وَرَجَمَهَا يَوْمَ الجُمُعَةِ، فَكَأَنَّهُم أَنْكَرُوا أَوْ رَأَى أَنَّهُم أَنْكَرُوا، فَقَالَ: جَلَدْتُهَا بِكِتَابِ اللهِ، وَرَجَمْتُهَا بِسُنَّةِ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
رَوَاهُ جَمَاعَةٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، وَزَادَ بَعْضُهُم إِنَّهَا اعْتَرَفَتْ بِالزِّنَى.
قَالَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُجَالِدٍ، وَخَلِيْفَةُ، وَطَائِفَةٌ: مَاتَ الشَّعْبِيُّ سَنَة أَرْبَعٍ وَمائَةٍ. زَادَ ابْنُ مُجَالِدٍ: وَقَدْ بَلَغَ ثِنْتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
وَقَالَ الوَاقِدِيُّ: مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَمائَةٍ، عَنْ سَبْعٍ وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
وَفِيْهِمَا أَرَّخَهُ: مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ. وَقَالَ الفَلاَّسُ: فِي أَوَّلِ سَنَةِ سِتٍّ وَمائَةٍ. وَقَالَ يَحْيَى: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَمائَةٍ. وَالأَوَّلُ أَشْهَرُ.
وَمِنْ كَلاَمِهِ: ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: إِنَّمَا سُمِّيَ هَوَىً لأَنَّهُ يَهْوِي بِأَصْحَابِهِ.
أَبُو عَوَانَةَ عَنْ مُغِيْرَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: لاَ أَدْرِي، نِصْفُ العلم.
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الفَارِسِيُّ، وَجَمَاعَةٌ قَالُوا: أَنْبَأَنَا ابْنُ اللَّتِّيِّ, أَنْبَأَنَا أَبُو الوَقْتِ,
أَنْبَأَنَا الداودي، أَنْبَأَنَا ابْنُ حَمُّوْيَةَ أَنْبَأَنَا عِيْسَى بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الدَّارِمِيُّ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ -هُوَ ابْنُ مِغْوَلٍ- قَالَ: قَالَ الشَّعْبِيُّ: مَا حَدَّثُوْكَ هَؤُلاَءِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخُذْهُ, وَمَا قَالُوْهُ بِرَأْيِهِم, فَأَلْقِهِ فِي الحُشِّ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ إِجَازَةً، أَنْبَأَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو طَالِبٍ بنُ غَيْلاَنَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ الجَهْمِ السِّمَّرِيُّ حَدَّثَنَا يَعْلَى وَيَزِيْدُ, عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ عَامِرٍ: أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ نَذَرَ، أَنْ يَمْشِيَ إِلَى الكَعْبَةِ, فَمَشَى نِصْفَ الطَّرِيْقِ, ثُمَّ رَكِبَ؟ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِذَا كَانَ عَاماً قَابِلاً، فَلْيَرْكَبْ مَا مَشَى، وَلْيَمْشِي مَا رَكِبَ، وينحر بدنه.
__________
1 الكظة: البطنة، والجرة: ما يخرجه البعير من بطنه ليمضغه ثم يبلعه.
2 حلوان: مدينة عامرة في آخر حدود خراسان مما يلي أصبهان كما قال ياقوت في معجم البلدان.

(5/184)


482- عبد الرحمن 1: "ع"
ابن أبي بكرة الثقفي، أَخُو عُبَيْدِ اللهِ المَذْكُوْرِ. يُكْنَى: أَبَا بَحْرٍ. وقيل: أبا حاتم.
سمع أباه، وعليًا.
وعن: ابْنُ سِيْرِيْنَ، وَأَبُو بِشْرٍ2، وَخَالِدٌ الحَذَّاءُ، وَآخَرُوْنَ.
وُلِدَ زَمَنَ عُمَرَ، وَكَانَ ثِقَةً، كَبِيْرَ القَدْرِ، مُقْرِئاً, عَالِماً.
قَالَ شُعْبَةُ: كَانَ أَقْرَأَ أَهْلِ البَصْرَةِ. وَقِيْلَ: كَانَ يَقُوْلُ: أَنَا أَنْعَمُ النَّاسِ، أَنَا أَبُو أَرْبَعِيْنَ، وَعَمُّ أَرْبَعِيْنَ، وَخَالُ أَرْبَعِيْنَ، وَعَمِّي زِيَادٌ الأَمِيْرُ، وَكُنْتُ أَوَّلَ مَوْلُوْدٍ بِالبَصْرَةِ.
كَانَ جَوَاداً، مُمَدَّحاً، أَعْطَى إِنْسَاناً تِسْعَ مائَةِ جَامُوْسَةٍ. وَقِيْلَ ذَاكَ أَخُوْهُ.
قَالَ المَدَائِنِيُّ تُوُفِّيَ سنة ست وتسعين.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 190"، التاريخ الكبير"5/ ترجمة 738"، الكاشف "2/ ترجمة 3195"، العبر "1/ 123"، تاريخ الإسلام "4/ 23"، تهذيب التهذيب "6/ 148- 149" الإصابة "3/ ترجمة 6678"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4042"، شذرات الذهب "1/ 122".
2 هو جعفر بن إياس، أبو بشر بن أبي وحشية، ثقة، من أثبت الناس في سعيد بن جبير، روى له الجماعة.

(5/185)


483- خيثمة بن عبد الرحمن 1: "ع"
ابن أبي سبرة يَزِيْدَ بنِ مَالِكِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ ذُؤَيْبِ بنِ سَلَمَةَ بنِ عَمْرِو بنِ ذُهْلِ بنِ مُرَّانَ بنِ جُعْفِيٍّ المَذْحِجِيُّ، ثُمَّ الجُعْفِيُّ الكُوْفِيُّ، الفَقِيْهُ، وَلأَبِيْهِ وَلِجَدِّهِ صُحْبَةٌ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ. وَعَنْ: عَائِشَةَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، وَعَدِيِّ بنِ حَاتِمٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عَمْرٍو، وَعَنْ سُوَيْدِ بنِ غَفَلَةَ، وَطَائِفَةٍ وَلَمْ يَلْقَ ابن مسعود.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَمْرُو بنُ مُرَّةَ, وَطَلْحَةُ بنُ مُصَرِّفٍ, وَمَنْصُوْرُ بنُ المُعْتَمِرِ, وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ, وَالأَعْمَشُ.
وَكَانَ مِنَ العُلَمَاءِ العُبَّادِ، مَا نَجَا مِنْ فِتْنَةِ ابْنِ الأَشْعَثِ إلَّا هُوَ وَإِبْرَاهِيْمُ النَّخَعِيُّ -فِيْمَا قِيْلَ- وَحَدِيْثُهُ فِي دَوَاوِيْنِ الإسلام. وكان سخيًا، جواد، يَرْكَبُ الخَيْلَ, وَيَغْزُو.
قَالَ شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ خَيْثَمَةَ، قَالَ: لَمَّا وُلِدَ أَبِي سَمَّاهُ جَدِّي عَزِيْزاً، ثُمَّ ذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "سَمِّهِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ".
وَقِيْلَ: وُلِدَ لِلْمُسَيّبِ بِالكُوْفَةِ ابْنٌ, فَاشْتَرَى خَيْثَمَةُ لَهُ ظِئْراً، فَبَعَثَ بِهَا إِلَيْهِ.
وَقَالَ طَلْحَةُ بنُ مُصَرِّفٍ: كَانَ خَيْثَمَةُ وَإِبْرَاهِيْمُ أَعْجَبَ أَهْلِ الكُوْفَةِ إِلَيَّ.
قَالَ شُعْبَةُ، عَنْ نُعَيْمِ بنِ أَبِي هِنْدٍ، قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا وَائِلٍ فِي جَنَازَةِ خَيْثَمَةَ، وَهُوَ عَلَى حِمَارٍ, وَهُوَ يَقُوْلُ: وَاحُزْنَاهُ أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا.
وَرُوِيَ عَنْ خَيْثَمَةَ: أَنَّهُ أَدْرَكَ ثَلاَثَةَ عَشَرَ صَحَابِيّاً، مَا منهم من غير شيبه.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 286"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 732"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 1808"، الحلية "4/ 113"، تاريخ الإسلام "3/ 247"، تهذيب التهذيب "3/ 178"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1889"، والمعرفة والتاريخ "3/ 141".

(5/186)


484- سعيد بن جبير 1: "ع"
ابن هشام، الإِمَامُ، الحَافِظُ, المُقْرِئُ، المُفَسِّرُ، الشَّهِيْدُ، أَبُو مُحَمَّدٍ -وَيُقَالُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ الأَسَدِيُّ، الوَالِبِيُّ مَوْلاَهُم الكوفي، أحد الأعلام.
رَوَى عَنِ: ابْنِ عَبَّاسٍ -فَأَكْثَرَ وَجَوَّدَ- وَعَنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ مُغَفَّلٍ، وَعَائِشَةَ، وَعَدِيِّ بنِ حَاتِمٍ، وَأَبِي مُوْسَى الأَشْعَرِيِّ فِي "سُنَنِ النَّسَائِيِّ"، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي مَسْعُوْدٍ البَدْرِيِّ -وَهُوَ مُرْسَلٌ- وَعَنِ: ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَالضَّحَّاكِ بنِ قَيْسٍ، وَأَنَسٍ، وَأَبِي سَعِيْدٍ الخُدْرِيِّ.
وَرَوَى عَنِ التَّابِعِيْنَ؛ مِثْلِ: أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، وَكَانَ مِنْ كِبَارِ العُلَمَاءِ.
قَرَأَ القُرْآنَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ. قَرَأَ عَلَيْهِ أَبُو عَمْرٍو بنُ العَلاَءِ، وَطَائِفَةٌ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ, وَآدَمُ بنُ سُلَيْمَانَ وَالِدُ يَحْيَى، وَأَشْعَثُ بنُ أَبِي الشَّعْثَاءِ، وَأَيُّوْبُ السِّخْتِيَانِيُّ, وَبُكَيْرُ بنُ شِهَابٍ، وَثَابِتُ بنُ عَجْلاَنَ، وَأَبُو المِقْدَامِ ثَابِتُ بنُ هُرْمُزَ، وَجَعْفَرُ بنُ أَبِي المُغِيْرَةِ، وَأَبُو بِشْرٍ جَعْفَرُ بنُ أَبِي وَحْشِيَّةَ، وَحَبِيْبُ بنُ أَبِي ثَابِتٍ, وَحَبِيْبُ بنُ أَبِي عَمْرَةَ، وَحَسَّانُ بنُ أَبِي الأَشْرَسِ, وَحُصَيْنٌ, وَالحَكَمُ، وَحَمَّادٌ, وَخُصَيْفٌ الجَزَرِيُّ، وَذَرٌّ الهَمْدَانِيُّ, وَزَيْدٌ العَمِّيُّ, وَسَالِمٌ الأَفْطَسُ، وَسَلَمَةُ بنُ كُهَيْلٍ, وَسُلَيْمَانُ بنُ أَبِي المُغِيْرَةِ، وَسُلَيْمَانُ الأَحْوَلُ، وَسُلَيْمَانُ الأَعْمَشُ, وَسِمَاكُ بنُ حَرْبٍ، وَأَبُو سِنَانٍ ضِرَارُ بنُ مُرَّةَ، وَطَارِقُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, وَطَلْحَةُ بنُ مُصَرِّفٍ, وَأَبُو سِنَانٍ طَلْحَةُ بنُ نَافِعٍ, وَأَبُو حَرِيْزٍ، عَبْدُ اللهِ بنُ حُسَيْنٍ, وَابْنُهُ؛ عَبْدُ اللهِ بنُ سَعِيْدٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عُثْمَانَ بنِ خُثَيْمٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عِيْسَى بنِ أَبِي لَيْلَى, وَعَبْدُ الأَعْلَى بنُ عَامِرٍ الثَّعْلَبِيُّ, وَعَبْدُ الكَرِيْمِ الجَزَرِيُّ، وَعَبْدُ الكَرِيْمِ أَبُو أُمَيَّةَ البصري, وابنه عبد الملك بن سعيدن, وَعَبْدُ المَلِكِ بنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَعَبْدُ المَلِكِ بنُ مَيْسَرَةَ, وعُثْمَانُ بنُ حَكِيْمٍ, وَعُثْمَانُ بنُ أَبِي سُلَيْمَانَ, وَعُثْمَانُ بنُ قَيْسٍ, وَعَدِيُّ بنُ ثَابِتٍ، وَعَزْرَةُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, وَعَطَاءُ بنُ السَّائِبِ، وَعِكْرِمَةُ بنُ خَالِدٍ, وَعَلِيُّ بنُ بَذِيْمَةَ، وَعَمَّارٌ الدُّهْنِيُّ وَعَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ, وَعَمْرُو بنُ سَعِيْدٍ البَصْرِيُّ، وَعَمْرُو بنُ عَمْرٍو المَدَنِيُّ، وَعَمْرُو بنُ مُرَّةَ, وَعَمْرُو بنُ هَرِمٍ, وَفَرْقَدٌ السَّبَخِيُّ، وَفُضَيْلُ بنُ عَمْرٍو الفُقَيْمِيُّ، وَالقَاسِمُ بنُ أَبِي أَيُّوْبَ, وَالقَاسِمُ بنُ أَبِي بَزَّةَ، وَكَثِيْرُ بنُ كَثِيْرِ بنِ المُطَّلِبِ, وَكُلْثُوْمُ بنُ جَبْرٍ، وَمَالِكُ بنُ دِيْنَارٍ, وَمُجَاهِدٌ -رَفِيْقُهُ- وَمُحَمَّدُ بنُ سُوْقَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي مُحَمَّدٍ، وَالزُّهْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ وَاسِعٍ, وَمَسْعُوْدُ بنُ مَالِكٍ، وَمُسْلِمٌ البَطِيْنُ, وَالمُغِيْرَةُ بنُ النُّعْمَانِ, وَمَنْصُوْرُ بنُ حَيَّانَ, وَمَنْصُوْرُ بنُ المُعْتَمِرِ, وَالمِنْهَالُ بنُ عَمْرٍو, وَمُوْسَى بنُ أَبِي عَائِشَةَ, وَأَبُو شِهَابٍ الحَنَّاطُ، الأَكْبَرُ مُوْسَى بنُ نَافِعٍ, وَمَيْمُوْنُ بنُ مِهْرَانَ, وَهِشَامُ بنُ حَسَّانٍ، وَهِلاَلُ بنُ خَبَّابٍ, وَوَبَرَةُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, وَوَهْبُ بنُ مَأْنُوْسٍ, وَأَبُو هُبَيْرَةَ يَحْيَى بنُ عَبَّادٍ، وَيَحْيَى بنُ مَيْمُوْنٍ أَبُو المُعَلَّى العَطَّارُ، ويعلي بن الحكيم, وَيَعْلَى بنُ مُسْلِمٍ وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ، وَأَبُو حَصِيْنٍ الأَسَدِيُّ, وَأَبُو الزُّبَيْرِ المَكِّيُّ, وَأَبُو الصَّهْبَاءِ الكُوْفِيُّ, وَأَبُو عَوْنٍ الثَّقَفِيُّ, وَأَبُو هَاشِمٍ الرُّمَّانِيُّ, وخلق كثير.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 256"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 1533"، الكنى للدولابي "2/ 56"، المعرفة والتاريخ "1/ 712"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 29" حلية الأولياء "4/ 272"، وفي أخبار أصبهان "1/ 324"، وفيات الأعيان "2/ 261"، تاريخ الإسلام "4/ 2"، الكاشف "1/ ترجمة 1879" تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 73"، والعبر "1/ 112"، تهذيب التهذيب "4/ 11"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2425"، شذرات الذهب "1/ 108"، النجوم الزاهرة "1/ 228".

(5/187)


رَوَى ضَمْرَةُ بنُ رَبِيْعَةَ، عَنْ أَصْبَغَ بنِ زَيْدٍ قَالَ: كَانَ لِسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ دِيْكٌ، كَانَ يَقُوْم مِنَ اللَّيْلِ بِصِيَاحِهِ, فَلَمْ يَصِحْ لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِي حَتَّى أَصْبَحَ, فَلَمْ يُصَلِّ سَعِيْدٌ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، فَشَقَّ عَلَيْهِ فَقَالَ: مَا لَهُ قَطَعَ اللهُ صَوْتَهُ؟! فَمَا سُمِعَ لَهُ صَوْتٌ بَعْدُ. فَقَالَتْ لَهُ أُمُّهُ: يَا بُنَيَّ لا تدع على شيء بعدها.
قال أبو الشيخ: قدم سعيد أصهبان زَمَنَ الحَجَّاجِ، وَأَخَذُوا عَنْهُ.
وَعَنْ عُمَرَ بنِ حَبِيْبٍ، قَالَ: كَانَ سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ بِأَصْبَهَانَ لاَ يُحَدِّثُ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الكُوْفَةِ فَجَعَلَ يُحَدِّثُ. فَقُلْنَا لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: انْشُرْ بَزَّكَ حَيْثُ تُعْرَفُ.
قَالَ عَطَاءُ بنُ السَّائِبِ: كَانَ سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ بفَارِسٍ, وَكَانَ يَتَحَزَّنُ، يَقُوْلُ: لَيْسَ أَحَدٌ يَسْأَلُنِي عَنْ شَيْءٍ. وَكَانَ يُبْكِيْنَا، ثُمَّ عَسَى أَنْ لاَ يَقُوْمَ حَتَّى نَضْحَكَ.
شُعْبَةُ، عَنِ القَاسِمِ بنِ أَبِي أَيُّوْبَ: كَانَ سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ بِأَصْبَهَانَ، وَكَانَ غُلاَمٌ مَجُوْسِيٌّ يَخْدِمُهُ, وَكَانَ يَأْتِيْهِ بِالمُصْحَفِ فِي غِلاَفِهِ.
قَالَ القَاسِمُ بنُ أَبِي أَيُّوْبَ: سَمِعْتُ سَعِيْداً يُرَدِّدُ هَذِهِ الآيَةَ فِي الصَّلاَةِ بِضْعاً وَعِشْرِيْنَ مَرَّةً: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّه} [البَقَرَةُ: 281] .
أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ أَبِي الخَيْرِ، عَنِ اللبان أنبأنا الحداد، وأنبأنا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ أَبِي الرَّبِيْعِ السَّمَّانُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ, عَنْ إِسْحَاقَ، مَوْلَى عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ, عَنْ هِلاَلِ بنِ يِسَافٍ، قَالَ: دَخَلَ سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ الكَعْبَةَ, فَقَرَأَ القُرْآنَ فِي رَكْعَةٍ.
الحَسَنُ بنُ صَالِحٍ، عَنْ وِقَاءِ بنِ إِيَاسٍ، قَالَ: كَانَ سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ يَخْتِمُ القُرْآنَ فِيْمَا بَيْنَ المَغْرِبِ وَالعَشَاءِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَكَانُوا يؤخرون العشاء1.
قُلْتُ: هَذَا خِلاَفُ السُّنَّةِ، وَقَدْ صَحَّ النَّهْيُ عَنْ قِرَاءةِ القُرْآنِ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلاَثٍ.
يَزِيْدُ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ المَلِكِ بنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ: أَنَّهُ كَانَ يَخْتِمُ القُرْآنَ فِي كُلِّ لَيْلَتَيْنِ.
يَعْقُوْبُ القُمِّيُّ، عَنْ جَعْفَرِ بنِ أَبِي المُغِيْرَةِ: كان ابن عباس إِذَا أَتَاهُ أَهْلُ الكُوْفَةِ يَسْتَفْتُوْنَهُ يَقُوْلُ: أَلَيْسَ فِيْكُمُ ابْنُ أُمِّ الدَّهْمَاءِ؟ -يَعْنِي: سَعِيْدَ بنَ جبير.
__________
1 ضعيف: في إسناده وقاء بن إياس الأسدي، أبو يزيد الكوفي، لين الحديث كما قال الحافظ في "التقريب".

(5/188)


قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَمْرِو بنِ مَيْمُوْنٍ، عَنْ أَبِيْهِ, قَالَ: لَقَدْ مَاتَ سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ، وَمَا عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ أَحَدٌ إلَّا وَهُوَ مُحْتَاجٌ إِلَى عِلْمِهِ.
وَقَالَ ضِرَارُ بنُ مُرَّةَ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: التَّوَكُّل عَلَى اللهِ جِمَاعُ الإِيْمَانِ وَكَانَ يَدْعُو: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ صِدْقَ التَّوَكُّلِ عَلَيْكَ، وَحُسْنَ الظَنِّ بِكَ.
أَبُو عَوَانَةَ عَنْ هِلاَلِ بنِ خَبَّابٍ، قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ فِي رَجَبٍ، فَأَحْرَمَ مِنَ الكُوْفَةِ بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ رَجَعَ مِنْ عُمْرَتِهِ، ثُمَّ أَحْرَمَ بِالحَجِّ فِي النِّصْفِ مِنْ ذِي القَعْدَةِ، وَكَانَ يُحْرِمُ فِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّتَيْنِ؛ مَرَّةً لِلْحَجِّ وَمَرَّةً للعمرة.
ابْنُ لَهِيْعَةَ، عَنْ عَطَاءِ بنِ دِيْنَارٍ، عَنْ سعيد بن جبير، قال: إنه الخَشْيَةَ أَنْ تَخْشَى اللهَ حَتَّى تَحُوْلَ خَشْيَتُكَ بينك وبين معصيتك, فلتلك الخَشْيَةُ، وَالذِّكْرُ طَاعَةُ اللهِ، فَمَنْ أَطَاعَ اللهَ, فَقَدْ ذَكَرَهُ, وَمَنْ لَمْ يُطِعْهُ، فَلَيْسَ بِذَاكِرٍ، وَإِنْ أَكْثَرَ التَّسْبِيْحَ وَتِلاَوَةَ القُرْآنِ.
وَرُوِيَ عَنْ حَبِيْبِ بنِ أَبِي ثَابِتٍ: قَالَ لِي سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ: لأَنْ أَنْشُرَ عِلْمِي، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَذْهَبَ بِهِ إِلَى قَبْرِي.
قَالَ هِلاَلُ بنُ خَبَّابٍ: قُلْتُ لِسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ: مَا عَلاَمَةُ هَلاَكِ النَّاسِ؟ قَالَ: إِذَا ذَهَبَ علماؤهم.
وقال عمرو بنُ ذَرٍّ: كَتَبَ سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ إِلَى أَبِي كِتَاباً أَوْصَاهُ بِتَقْوَى اللهِ، وَقَالَ: إِنَّ بَقَاءَ المُسْلِمِ كُلَّ يَوْمٍ غَنِيْمَةٌ ... , فَذَكَرَ الفَرَائِضَ وَالصَّلَوَاتِ وَمَا يَرْزُقُهُ اللهُ مِنْ ذِكْرِهِ.
أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، عَنِ الفُضَيْلِ بنِ مَيْسَرَةَ عَنْ أَبِي حَرِيْزٍ: أَنَّ سَعِيْدَ بنَ جُبَيْرٍ قَالَ: لاَ تُطْفِئُوا سُرُجَكُم لَيَالِيَ العَشْرِ -تُعْجِبُهُ العِبَادَةُ- وَيَقُوْل: أَيْقِظُوا خَدَمَكُم يَتَسَحَّرُوْنَ لِصَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ.
عَبَّادُ بنُ العَوَّامِ: أَنْبَأَنَا هِلاَلُ بنُ خَبَّابٍ: خرجنا مع سعيد بن جبير في جَنَازَةٍ، فَكَانَ يُحَدِّثُنَا
فِي الطَّرِيْقِ، وَيُذَكِّرُنَا حَتَّى بَلَغَ, فَلَمَّا جَلَسَ، لَمْ يَزَلْ يُحَدِّثُنَا حَتَّى قُمْنَا فَرَجَعْنَا وَكَانَ كَثِيْرَ الذِّكْرِ للهِ.
وَعَنْ سَعِيْدٍ، قَالَ: وَدِدْتُ النَّاسَ أَخَذُوا مَا عِنْدِي، فَإِنَّهُ مِمَّا يَهُمُّنِي.
أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ قَالَ: أَتَيْتُ سَعِيْدَ بنَ جُبَيْرٍ بِمَكَّةَ، فَقُلْتُ: إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ -قَادِمٌ- يَعْنِي: خَالِدَ بنَ عَبْدِ اللهِ- وَلاَ آمَنُهُ عَلَيْكَ، فَأَطِعْنِي، وَاخْرُجْ. فَقَالَ: وَاللهِ لَقَدْ

(5/189)


فررت حتى استحيت مِنَ اللهِ. قُلْتُ: إِنِّي لأَرَاكَ كَمَا سَمَّتْكَ أُمُّكَ سَعِيْداً. فَقَدِمَ خَالِدٌ مَكَّةَ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ، فَأَخَذَهُ.
أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا أُمَيَّةُ بنُ شِبْلٍ عَنْ عُثْمَانَ بنِ بُوْذَوَيْه، قَالَ: كُنْتُ مَعَ وَهْبٍ وَسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ يوم عرفة بنخيل بن عَامِرٍ, فَقَالَ لَهُ وَهْبٌ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ, كَمْ لَكَ مُنْذُ خِفْتَ مِنَ الحَجَّاجِ؟ قَالَ: خَرَجْتُ عَنِ امْرَأَتِي وَهِيَ حَامِلٌ, فَجَاءنِي الذي في بطنها، وخرج وَجْهُهُ. فَقَالَ وَهْبٌ: إِنَّ مَنْ قَبْلَكُم كَانَ إِذَا أَصَابَ أَحَدَهُم بَلاَءٌ عَدَّهُ رُخَاءً، وَإِذَا أصابه رخاء عده بلاء.
قَالَ سَالِمُ بنُ أَبِي حَفْصَةَ: لَمَّا أُتِيَ الحَجَّاجُ بِسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: أَنَا سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ. قَالَ: أَنْتَ شَقِيُّ بنُ كُسَيْرٍ، لأَقْتُلَنَّكَ. قَالَ: فَإِذاً أَنَا كَمَا سَمَّتْنِي أُمِّي. ثُمَّ قَالَ: دَعُوْنِي أُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ، قَالَ: وَجِّهُوْهُ إلى قبلة النصارى. قال {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة: 115] وَقَالَ: إِنِّي أَسْتعِيْذُ مِنْكَ بِمَا عَاذَتْ بِهِ مَرْيَمُ. قَالَ: وَمَا عَاذَتْ بِهِ؟ قَالَ: قَالَتْ: {إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا} [مريم: 18] .
رَوَاهَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ سَالِمٍ. ثُمَّ قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: لَمْ يَقْتُلْ بَعْدَ سَعِيْدٍ إلَّا رَجُلاً وَاحِداً.
وَعَنْ عُتْبَةَ مَوْلَى الحَجَّاجِ، قَالَ: حَضَرْتُ سَعِيْداً حِيْنَ أَتَى بِهِ الحَجَّاجُ بِوَاسِطَ، فَجَعَلَ الحَجَّاجُ يَقُوْلُ: أَلَمْ أَفْعَلْ بِكَ؟! أَلَمْ أَفْعَلْ بِكَ؟! فَيَقُوْلُ: بَلَى. قَالَ: فَمَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ مِنْ خُرُوْجِكَ عَلَيْنَا؟ قَالَ: بَيْعَةٌ كَانَتْ عَلَيَّ يَعْنِي: لابْنِ الأَشْعَثِ- فَغَضِبَ الحَجَّاجُ، وَصَفَّقَ بِيَدَيْهِ، وَقَالَ: فَبَيْعَةُ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ كَانَتْ أَسْبَقُ وَأَوْلَى. وَأَمَرَ بِهِ، فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ.
وَقِيْلَ: لَوْ لَمْ يُوْاجِهْهُ سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ بِهَذَا، لاَسْتَحْيَاهُ كَمَا عَفَا عَنِ الشَّعْبِيِّ لَمَّا لاَطَفَهُ فِي الاعْتِذَارِ.
حَامِدُ بنُ يَحْيَى البَلْخِيُّ: حَدَّثَنَا حَفْصٌ أَبُو مُقَاتِلٍ السَّمَرْقَنْدِيُّ، حَدَّثَنَا عَوْنُ بنُ أَبِي شَدَّادٍ: بَلَغَنِي أَنَّ الحَجَّاجَ لَمَّا ذُكِرَ لَهُ سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ، أَرْسَلَ إِلَيْهِ قَائِداً يُسَمَّى المُتَلَمِّسَ بنَ أَحْوَصَ فِي عِشْرِيْنَ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، فَبَيْنَمَا هُمْ يَطْلُبُوْنَهُ, إِذَا هُمْ برَاهِبٍ فِي صَوْمَعَتِهِ, فَسَأَلُوْهُ عَنْهُ؟ فَقَالَ: صِفُوْهُ لِي. فَوَصَفُوْهُ فَدَلَّهُمْ عَلَيْهِ, فَانْطَلقُوا فَوَجَدُوْهُ ساجدًا يناجي بأعلى صوته, فدنوا وسلموا فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَأَتَمَّ بَقِيَّةَ صَلاَتِهِ, ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ, فَقَالُوا: إِنَّا رُسُلُ الحَجَّاجِ إِلَيْكَ, فَأَجِبْهُ. قَالَ: وَلاَ بُدَّ مِنَ الإِجَابَةِ؟ قَالُوا: لابد. فَحَمِدَ اللهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَامَ مَعَهُم، حَتَّى انْتَهَى إِلَى دَيْرِ الرَّاهِبِ، فَقَالَ الرَّاهِبُ: يَا مَعْشَرَ الفُرْسَانِ أَصَبْتُمْ صَاحِبَكُم قَالُوا: نَعَمْ

(5/190)


فَقَالَ: اصْعَدُوا, فَإِنَّ اللَّبْوَةَ وَالأَسَدَ يَأْوِيَانِ حَوْلَ الدَّيْرِ. فَفَعَلُوا وَأَبَى سَعِيْدٌ أَنْ يَدْخُلَ، فَقَالُوا: مَا نَرَاكَ إلَّا وَأَنْتَ تُرِيْدُ الهَرَبَ مِنَّا. قَالَ: لاَ، وَلَكِنْ لاَ أَدْخُلُ مَنْزِلَ مُشْرِكٍ أَبَداً. قَالُوا: فَإِنَّا لاَ نَدَعُكَ، فَإِنَّ السِّبَاعَ تَقْتُلُكَ. قَالَ لاَ ضَيْرَ, إِنَّ مَعِيَ رَبِّي يَصْرِفُهَا عَنِّي، وَيَجْعَلُهَا حَرَساً تَحْرُسُنِي. قَالُوا: فَأَنْتَ من لأنبياء؟ قَالَ: مَا أَنَا مِنَ الأَنْبِيَاءِ، وَلَكِنْ عَبْدٌ مِنْ عَبِيْدِ اللهِ مُذْنِبٌ. قَالَ الرَّاهِبُ: فَلْيُعْطِنِي مَا أَثِقُ بِهِ عَلَى طُمَأْنِيْنَةٍ. فَعَرَضُوا عَلَى سَعِيْدٍ أَنْ يُعْطِيَ الرَّاهِبَ مَا يُرِيْدُ قَالَ: إِنِّي أُعْطِي العَظِيْمَ الَّذِي لاَ شَرِيْكَ لَهُ، لاَ أَبْرَحُ مَكَانِي حَتَّى أُصْبِحَ -إِنْ شَاءَ اللهُ- فَرَضِيَ الرَّاهِبُ بِذَلِكَ, فَقَالَ لَهُم: اصْعَدُوا, وَأَوْتِرُوا القِسِّيَّ, لِتُنَفِّرُوا السِّبَاعَ عَنْ هَذَا العَبْدِ الصَّالِحِ، فَإِنَّهُ كَرِهَ الدُّخُوْلَ فِي الصَّوْمَعَةِ لِمَكَانِكُمْ. فَلَمَّا صَعِدُوا, وَأَوْتَرُوا القِسِّيَّ، إِذَا هُمْ بِلَبْوَةٍ قَدْ أَقْبَلَتْ, فَلَمَّا دَنَتْ مِنْ سَعِيْدٍ, تَحَكَّكَتْ بِهِ, وَتَمَسَّحَتْ بِهِ ثُمَّ رَبَضَتْ قَرِيْباً مِنْهُ وَأَقْبَلَ الأَسَدُ يَصْنَعُ كَذَلِكَ. فَلَمَّا رَأَى الرَّاهِبُ ذَلِكَ, وَأَصْبَحُوا, نَزَلَ إِلَيْهِ، فَسَأَلَهُ عَنْ شَرَائِعِ دِيْنِهِ، وَسُنَنِ رَسُوْلِهِ، فَفَسَّرَ لَهُ سَعِيْدٌ ذَلِكَ كُلَّهُ, فَأَسْلَمَ, وَأَقْبَلَ القَوْمُ عَلَى سَعِيْدٍ يَعْتَذِرُوْنَ إِلَيْهِ، وَيُقَبِّلُوْنَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ, وَيَأْخُذُوْنَ التُّرَابَ الَّذِي وَطِئَهُ، فَيَقُوْلُوْنَ: يَا سَعِيْدُ حَلَّفَنَا الحَجَّاجُ بِالطَّلاَقِ، وَالعَتَاقِ، إِنْ نَحْنُ رَأَيْنَاكَ لاَ نَدَعُكَ حَتَّى نُشْخِصَكَ إِلَيْهِ، فَمُرْنَا بِمَا شِئْتَ. قَالَ: امْضُوا لأَمْرِكُم, فَإِنِّي لاَئِذٌ بِخَالِقِي, وَلاَ رَادَّ لِقَضَائِهِ. فسارو حَتَّى بَلَغُوا وَاسِطَ, فَقَالَ سَعِيْدٌ: قَدْ تَحَرَّمْتُ بِكُم وَصَحِبْتُكُم, وَلَسْتُ أَشُكُّ أَنَّ أَجَلِي قَدْ حَضَرَ, فَدَعُوْنِي اللَّيْلَةَ آخُذْ أُهْبَةَ المَوْتِ, وَأَسْتَعِدَّ لِمُنْكَرٍ وَنَكِيْرٍ, وَأَذْكُرْ عَذَابَ القَبْرِ, فَإِذَا أَصْبَحْتُم, فَالمِيْعَادُ بَيْنَنَا المَكَانُ الَّذِي تُرِيْدُوْنَ. فَقَالَ بَعْضُهُم: لاَ تُرِيْدُوْنَ أَثَراً بَعْد عَيْنٍ. وَقَالَ بَعْضُهُم: قَدْ بَلَغْتُم أَمْنَكُم, وَاسْتَوْجَبْتُم جَوَائِزَ الأَمِيْرِ, فَلاَ تَعْجَزُوا عَنْهُ. وَقَالَ بَعْضُهُم: يُعْطِيْكُم، مَا أَعْطَى الرَّاهِبَ, وَيْلَكُم!
أَمَا لَكُم عِبْرَةٌ بِالأَسَدِ، وَنَظَرُوا إِلَى سَعِيْدٍ قَدْ دَمَعَتْ عَيْنَاهُ, وَشَعِثَ رَأْسُهُ، وَاغْبَرَّ لَوْنُهُ، وَلَمْ يَأْكُلْ، وَلَمْ يَشْرَبْ، وَلَمْ يَضْحَكْ، مُنْذُ يَوْمِ لَقُوْهُ وَصَحِبُوْهُ فَقَالُوا: يَا خَيْرَ أَهْلِ الأَرْضِ لَيْتَنَا لَمْ نَعْرِفْكَ, وَلَمْ نُسَرَّحْ إِلَيْكَ, الوَيْلُ لَنَا وَيْلاً طَوِيْلاً, كَيْفَ ابْتُلِيْنَا بِكَ اعْذُرْنَا عِنْدَ خَالِقِنَا يَوْمَ الحَشْرِ الأَكْبَرِ, فَإِنَّهُ القَاضِي الأَكْبَرُ, وَالعَدْلُ الَّذِي لاَ يَجُوْرُ. قَالَ: مَا أَعْذَرَنِي لَكُم وَأَرْضَانِي لِمَا سَبَقَ مِنْ عِلْمِ اللهِ فِيَّ. فَلَمَّا فَرَغُوا مِنَ البُكَاءِ وَالمُجَاوَبَةِ قَالَ كَفِيْلُهُ: أَسْأَلُكَ بِاللهِ لَمَا زَوَّدْتَنَا مِنْ دُعَائِكَ وَكَلاَمِكَ فَإِنَّا لَنْ نَلْقَى مِثْلَكَ أَبَداً فَفَعَلَ ذَلِكَ فَخَلَّوْا سَبِيْلَهُ فَغَسَلَ رَأْسَهُ وَمِدْرَعَتَهُ وَكِسَاءهُ, وَهُم مُحْتَفُوْنَ اللَّيْلَ كُلَّهُ, يُنَادُوْنَ بِالوَيْلِ وَاللَّهْفِ. فَلَمَّا انْشَقَّ عَمُوْدُ الصُّبْحِ, جَاءهُم سَعِيْدٌ فَقَرَعَ البَابَ, فَنَزَلُوا وَبَكَوْا مَعَهُ وَذَهَبُوا بِهِ إِلَى الحَجَّاجِ, وَآخَرَ مَعَهُ, فَدَخَلاَ, فَقَالَ الحَجَّاجُ: أَتَيْتُمُوْنِي بِسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ؟ قَالُوا: نَعَمْ, وَعَايَنَّا مِنَّا العَجَبَ. فَصَرَفَ بِوَجْهِهِ عَنْهُم, فَقَالَ: أَدْخِلُوْهُ عَلَيَّ. فَخَرَجَ المُتَلَمِّسُ, فَقَالَ لِسَعِيْدٍ: أَسْتَوْدِعُكَ اللهَ وَأَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلاَمَ فَأُدْخِلَ عَلَيْهِ فَقَالَ: مَا اسْمُكَ؟ قَالَ: سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ. قَالَ: أَنْتَ شَقِيُّ بنُ كُسَيْرٍ. قَالَ: بل

(5/191)


أُمِّي كَانَتْ أَعْلَمَ بِاسْمِي مِنْكَ. قَالَ: شَقِيْتَ أَنْتَ، وَشَقِيَتْ أُمُّكَ. قَالَ: الغَيْبُ يَعْلَمُهُ غَيْرُكَ. قَالَ: لأُبْدِلَنَّكَ بِالدُّنْيَا نَاراً تَلَظَّى قَالَ: لَوْ علمت أن ذلك بِيَدِكَ لاتَّخَذْتُكَ إِلَهاً. قَالَ: فَمَا قَوْلُكَ فِي مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَبِيُّ الرَّحْمَةِ، إِمَامُ الهُدَى قَالَ: فَمَا قَوْلُكَ فِي عَلِيٍّ فِي الجَنَّةِ هُوَ أَمْ فِي النَّارِ قَالَ: لَوْ دَخَلْتُهَا فَرَأَيْتُ أَهْلَهَا, عَرَفْتُ. قَالَ: فَمَا قَوْلُكَ فِي الخُلَفَاءِ؟ قَالَ: لَسْتُ عَلَيْهِم بِوَكِيْلٍ قَالَ: فَأَيُّهُم أَعْجَبُ إِلَيْكَ قَالَ: أَرْضَاهُم لِخَالِقِي. قَالَ: فَأَيُّهُم أَرْضَى لِلْخَالِقِ؟ قَالَ: عِلْمُ ذَلِكَ عِنْدَهُ. قَالَ: أَبَيْتَ أَنْ تَصْدُقَنِي. قَالَ: إِنِّي لَمْ أُحِبَّ أَنْ أَكْذِبَكَ. قَالَ: فَمَا بَالُكَ لَمْ تَضْحَكْ؟ قَالَ: لَمْ تَسْتَوِ القُلُوْبُ.
قَالَ: ثُمَّ أَمَرَ الحَجَّاجُ بِاللُّؤْلُؤِ وَاليَاقُوْتِ وَالزَّبَرْجَدِ، فجمعه بين يَدَيْ سَعِيْدٍ، فَقَالَ: إِنْ كُنْتَ جَمَعْتَهُ لِتَفْتَدِيَ بِهِ مِنْ فَزَعِ يَوْمِ القِيَامَةِ فَصَالِحٌ، وَإِلاَّ فَفَزْعَةٌ وَاحِدَةٌ تُذْهِلُ كُلَّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ، وَلاَ خَيْرَ فِي شَيْءٍ جُمِعَ لِلدُّنْيَا إلَّا مَا طَابَ وَزَكَا. ثُمَّ دَعَا الحَجَّاجُ بِالعُوْدِ وَالنَّايِ, فَلَمَّا ضُرِبَ بِالعُوْدِ وَنُفِخَ فِي النَّايِ، بَكَى، فَقَالَ الحَجَّاجُ: مَا يُبْكِيْكَ؟ هُوَ اللَّهْوُ. قَالَ: بَلْ هُوَ الحُزْنُ، أَمَّا النَّفْخُ فَذَكَّرَنِي يَوْمَ نَفْخِ الصُّوْرِ، وَأَمَّا العُوْدُ فَشَجَرَةٌ قُطِعَتْ مِنْ غَيْرِ حَقٍّ، وَأَمَّا الأَوْتَارُ فَأَمْعَاءُ شَاةٍ يُبْعَثُ بِهَا مَعَكَ يَوْمَ القِيَامَةِ فَقَالَ الحَجَّاجُ: وَيْلَكَ يَا سَعِيْدُ! قَالَ: الوَيْلُ لِمَنْ زُحْزِحَ عَنِ الجَنَّةِ، وَأُدْخِلَ النَّارُ. قَالَ: اخْتَرْ أَيَّ قِتْلَةٍ تُرِيْدُ أَنْ أَقْتُلَكَ؟ قَالَ: اخْتَرْ لِنَفْسِكَ يَا حَجَّاجُ، فَوَاللهِ مَا تَقْتُلُنِي قِتْلَةً، إلَّا قَتَلْتُكَ قَتْلَةً فِي الآخِرَةِ. قَالَ: فَتُرِيْدُ أَنْ أعفوا عَنْكَ؟ قَالَ: إِنْ كَانَ العَفْوُ، فَمِنَ اللهِ، وَأَمَّا أَنْتَ فَلاَ بَرَاءةَ لَكَ وَلاَ عُذْرَ. قَالَ: اذْهبُوا بِهِ، فَاقْتُلُوْهُ. فَلَمَّا خَرَجَ مِنَ البَابِ، ضَحِكَ، فَأُخْبِرَ الحَجَّاجُ بِذَلِكَ، فَأَمَرَ بِرَدِّهِ، فَقَالَ: مَا أَضْحَكَكَ؟ قَالَ: عَجِبْتُ مِنْ جُرْأَتِكَ عَلَى اللهِ، وَحِلْمِهِ عَنْكَ! فَأَمَرَ بِالنِّطْعِ، فَبُسِطَ، فقال: اقتلوه. فقال: {إِنّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْض} [الأنعام: 79] . قَالَ: شُدُّوا بِهِ لِغَيْرِ القِبْلَةِ. قَالَ: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة: 115] . قَالَ: كُبُّوْهُ لِوَجْهِهِ قَالَ: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ} [طه: 55] . قَالَ: اذْبَحُوْهُ قَالَ: إِنِّي أَشْهَدُ وَأُحَاجُّ أَنْ لاَ إِلَهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيْكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ, خُذْهَا مِنِّي حَتَّى تَلْقَانِي يَوْمَ القِيَامَةِ. ثُمَّ دَعَا اللهَ سَعِيْدٌ، وَقَالَ: اللَّهُمَّ لاَ تُسَلِّطْهُ عَلَى أَحَدٍ يَقْتُلُهُ بَعْدِي. فَذُبِحَ عَلَى النِّطْعِ.
وَبَلَغَنَا: أَنَّ الحجاج عاش بعده خمس عشر لَيْلَةً، وَقَعَتْ فِي بَطْنِهِ الأَكِلَةُ1، فَدَعَا بِالطَّبِيْبِ لِيَنْظُرَ إِلَيْهِ فَنَظَرَ إِلَيْهِ ثُمَّ دَعَا بِلَحْمٍ مُنْتِنٍ، فَعَلَّقَهُ فِي خَيْطٍ, ثُمَّ أَرْسَلَهُ فِي حَلْقِهِ, فَتَرَكَهُ سَاعَةً ثُمَّ اسْتَخْرَجَهُ وَقَدْ لَزِقَ بِهِ مِنَ الدَّمِ فَعَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ بِنَاجٍ.
__________
1 الأكلة: داء يقع في البطن.

(5/192)


هَذِهِ حِكَايَةٌ مُنْكَرَةٌ، غَيْرُ صَحِيْحَةٍ. رَوَاهَا أَبُو نُعَيْمٍ فِي "الحِلْيَةِ" فَقَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا خَالِي أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ, أَخْبَرَنِي أَبُو أُمَيَّةَ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ كِتَابَةً، حَدَّثَنَا حَامِدُ بنُ يَحْيَى.
هَارُوْنُ الحَمَّالُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مَسْلَمَةَ المَخْزُوْمِيُّ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، عَنْ كَاتِبِ الحَجَّاجِ قَالَ مَالِكٌ -هُوَ أَخٌ لأَبِي سَلَمَةَ الَّذِي كَانَ عَلَى بَيْتِ المَالِ- قَالَ: كُنْتُ أَكْتُبُ لِلْحَجَّاجِ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ غُلاَمٌ يَسْتَخِفُّنِي وَيَسْتَحْسِنُ كِتَابَتِي، وَأَدْخُلُ عَلَيْهِ بغير إذن، فدخلت عليه يومًا بعدما قَتَلَ سَعِيْدَ بنَ جُبَيْرٍ وَهُوَ فِي قُبَّةٍ له، لها أربع أَبْوَابٍ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ مِمَّا يَلِي ظَهْرَهُ، فَسَمِعْتُهُ يقول: مالي وَلِسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ فَخَرَجْتُ رُوَيْداً وَعَلِمْتُ أَنَّهُ إِنْ عَلِمَ بِي قَتَلَنِي فَلَمْ يَنْشَبْ قَلِيْلاً حَتَّى مَاتَ.
أَبُو حُذَيْفَةَ النَّهْدِيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عُمَرَ، بنِ سَعِيْدِ بنِ أَبِي حُسَيْنٍ، قَالَ: دَعَا سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ حِيْنَ دُعِيَ للقتل, فجعل ابنه يبكي، فقال: ما يُبْكِيْكَ؟! مَا بَقَاءُ أَبِيْكَ بَعْدَ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ سَنَةً.
ابْنُ حُمَيْدٍ: حَدَّثَنَا يَعْقُوْبُ القُمِّيُّ، عَنْ جَعْفَرِ بنِ أَبِي المُغِيْرَةِ، عَنْ سَعِيْدٍ، قَالَ: قُحِطَ النَّاسُ فِي زَمَانِ مَلِكٍ مِنْ مُلُوْكِ بَنِي إِسْرَائِيْلَ ثَلاَثَ سِنِيْنَ, فَقَالَ المَلِكُ: لَيُرْسِلَنَّ عَلَيْنَا السَّمَاءَ أَوْ لَنُؤْذِيَنَّهُ. قَالُوا: كَيْفَ تَقْدِرُ عَلَى أَنْ تُؤْذِيَهُ وَهُوَ فِي السَّمَاءِ وَأَنْتَ في الأرض؟! قال: أقتل أوليائه مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ، فَيَكُوْنُ ذَلِكَ أَذَىً لَهُ. قَالَ فَأَرْسَلَ اللهُ عَلَيْهِمُ السَّمَاءَ.
وَرَوَى أَصْبَغُ بنُ زَيْدٍ، عَنِ القَاسِمِ الأَعْرَجِ، قَالَ: كَانَ سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ يَبْكِي بِاللَّيْلِ حَتَّى عَمِشَ.
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: كَانَ سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ يَؤُمُّنَا، يُرَجِّعُ صَوْتَهُ بِالقُرْآنِ.
وَرَوَى الثَّوْرِيُّ، عَنْ حَمَّادٍ، قَالَ: قَالَ سَعِيْدٌ: قَرَأْتُ القُرْآنَ فِي رَكْعَتَيْنِ فِي الكَعْبَةِ.
جَرِيْرٌ الضَّبِّيُّ، عَنْ أَشْعَثَ بنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: كَانَ يُقَالُ سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ جِهْبِذُ العُلَمَاءِ1.
ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي سِنَانٍ عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ قَالَ: لَدَغَتْنِي عَقْرَبٌ, فَأَقْسَمَتْ عَلَيَّ أُمِّي أَنْ أَسْتَرْقِيَ, فَأَعْطَيْتُ الرَّاقِي يَدِي الَّتِي لَمْ تُلْدَغْ، وكرهت أن أحنثها.
__________
1 الجهبذ: الناقد البصير.

(5/193)


جَرِيرُ بنُ حَازِمٍ، عَنْ يَعْلَى بنِ حَكِيْمٍ، قَالَ: قَالَ سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ: مَا رَأَيْتُ أَرْعَى لِحُرْمَةِ هَذَا البَيْتِ وَلاَ أَحْرَصَ عَلَيْهِ مِنْ أَهْلِ البَصْرَةِ لَقَدْ رَأَيْتُ جَارِيَةً ذَاتَ لَيْلَةٍ تَعَلَّقَتْ بَأَسْتَارِ الكَعْبَةِ تَدْعُو وَتَضَرَّعُ وَتَبْكِي حَتَّى مَاتَتْ.
إِسْنَادُهَا صَحِيْحٌ.
مُحَمَّدُ بنُ حُمَيْدٍ الرَّازِيُّ: حَدَّثَنَا يَعْقُوْبُ القُمِّيُّ، عَنْ جَعْفَرِ بنِ أَبِي المُغِيْرَةِ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ, قَالَ: لَمَّا أَهْبَطَ اللهُ آدَمَ إِلَى الأَرْضِ، كَانَ فِيْهَا نَسْرٌ وَحُوْتٌ لَمْ يَكُنْ غَيْرُهُمَا فَلَمَّا رَأَى النَّسْرُ آدَمَ وَكَانَ يَأْوِي إِلَى الحُوْتِ يَبِيْتُ عِنْدَهُ فَقَالَ: يَا حُوْتُ لَقَدْ أُهْبِطَ اليَوْمَ إِلَى الأَرْضِ شَيْءٌ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْهِ ويبطش بيديه قال لئن كنت صادقًا مالي فِي البَحْرِ مِنْهُ مَنْجَىً وَلاَ لَكَ فِي البَرِّ.
وَرُوِيَ عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: لَوْ فَارَقَ ذِكْرُ المَوْتِ قَلْبِي لَخِشِيْتُ أَنْ يُفْسِدَ عَلَيَّ قَلْبِي.
وَعَنْهُ، قَالَ: إِنَّمَا الدُّنْيَا جَمْعٌ مِنْ جُمَعِ الآخِرَةِ.
رَوَاهُ ضَمْرَةُ بنُ رَبِيْعَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْهُ.
قَالَ ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ بُكَيْرِ بنِ عَتِيْقٍ، قَالَ: سَقَيْتُ سَعِيْدَ بنَ جُبَيْرٍ شَرْبَةً مِنْ عَسَلٍ فِي قَدَحٍ, فَشَرِبَهَا, ثُمَّ قَالَ: وَاللهِ لأُسْأَلَنَّ عَنْهُ. قُلْتُ: لِمَ؟ قَالَ: شَرِبْتُهُ, وَأَنَا أَسْتَلِذُّهُ.
وَعَنْ خَلَفِ بنِ خَلِيْفَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: شَهِدْتُ مَقْتَلَ سعيد، فلما بان رَأْسُهُ، قَالَ لاَ إِلَهَ إلَّا اللهُ لاَ إِلَهَ إلَّا الله ولم يتم الثلاثة.
هَمَّامُ بنُ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ جُحَادَةَ, عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ, عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: رَآنِي أَبُو مَسْعُوْدٍ البَدْرِيُّ فِي يَوْمِ عيد لي ذُؤَابَةٌ، فَقَالَ: يَا غُلاَمُ! إِنَّهُ لاَ صَلاَةَ فِي مِثْلِ هَذَا اليَوْمِ قَبْلَ صَلاَةِ الإِمَامِ، فَإِذَا صَلَّى الإِمَامُ، فَصَلِّ بَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ، وَأَطِلِ القِرَاءةَ.
شُعْبَةُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: ابْنُ عَبَّاسٍ لِسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ: حَدِّثْ قَالَ: أُحَدِّثُ وَأَنْتَ هَا هُنَا؟! قَالَ: أَوَلَيْسَ مِنْ نِعْمَةِ اللهِ عَلَيْكَ أَنْ تُحِدِّثَ وَأَنَا شَاهِدٌ، فَإِنْ أَصَبْتَ فَذَاكَ وَإِنْ أَخْطَأْتَ عَلَّمْتُكَ.
يَعْقُوْبُ القمي، عن جعفر بن المُغِيْرَةِ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: رُبَّمَا أَتَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَكَتَبْتُ فِي صَحِيْفَتِي حَتَّى أَمْلأَهَا، وَكَتَبْتُ فِي نَعْلِي حَتَّى أَمْلأَهَا، وَكَتَبْتُ فِي كَفِّي.
قَالَ جَعْفَرُ بنُ أَبِي المُغِيْرَةِ: كان ابن عباس بعدما عَمِيَ إِذَا أَتَاهُ أَهْلُ الكُوْفَةِ يَسْأَلُوْنَهُ يَقُوْلُ: تَسْأَلُوْنِي وَفِيْكُم ابْنُ أُمِّ دَهْمَاءَ! يَعْنِي: سَعِيْدَ بن جبير.

(5/194)


وَقَالَ أَيُّوْبُ السِّخْتِيَانِيُّ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: كُنْتُ أَسْأَلُ ابْنَ عُمَرَ فِي صَحِيْفَةٍ, وَلَوْ عَلِمَ بِهَا, كَانَتِ الفَيْصَلَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ.
الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَسْلَمَ المِنْقَرِيِّ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ ابْنَ عُمَرَ عَنْ فَرِيْضَةٍ فَقَالَ: ائْتِ سَعِيْدَ بنَ جُبَيْرٍ، فَإِنَّهُ أَعْلَمُ بِالحِسَابِ مِنِّي، وَهُوَ يَفْرِضُ فِيْهَا مَا أَفْرِضُ.
عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ زِيَادٍ: حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ، قَالَ: كَانَ يَقُصُّ لَنَا سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ، بَعْدَ الفَجْرِ وَبَعْدَ العَصْرِ.
قَيْسُ بنُ الرَّبِيْعِ، عَنِ الصَّعْبِ بنِ عُثْمَانَ، قَالَ: قَالَ سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ: مَا مَضَتْ عَلَيَّ لَيْلَتَانِ مُنْذُ قُتِلَ الحُسَيْنُ إلَّا أقرأ فيها القُرْآنَ، إلَّا مَرِيْضاً أَوْ مُسَافِراً.
إِسْرَائِيْلُ، عَنْ أَبِي الجَحَّافِ، عَنْ مُسْلِمٍ البَطِيْنِ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ: أَنَّهُ كَانَ لاَ يَدَعُ أَحَداً يَغْتَابُ عِنْدَهُ.
أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ، قَالَ رَأَيْتُ سَعِيْدَ بنَ جُبَيْرٍ يُصَلِّي فِي الطَّاقِ، وَلاَ يَقْنُتُ فِي الصُّبْحِ وَيَعْتَمُّ، وَيُرْخِي لَهَا طَرَفاً مِنْ وَرَائِهِ شِبْراً.
قُلْتُ: الطَّاقُ، هُوَ المِحْرَابُ.
قَالَ هِلاَلُ بنُ خَبَّابٍ: رَأَيْتُ سَعِيْدَ بنَ جُبَيْرٍ أَهَلَّ مِنَ الكُوْفَةِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: كَانَ الَّذِي قَبَضَ عَلَى سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ:وَالِي مَكَّةَ خَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ القَسْرِيُّ فَبَعَثَ بِهِ إلى الحجاج, فأخبرنا يزيد، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ أَبِي سُلَيْمَانَ, قَالَ: سَمِعَ خَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ صَوْتَ القُيُوْدِ, فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قِيْلَ: سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ، وَطَلْقُ بنُ حَبِيْبٍ، وَأَصْحَابُهُمَا يَطُوْفُوْنَ بِالبَيْتِ. فَقَالَ اقْطَعُوا عَلَيْهِمُ الطَّوَافَ.
وَأَنْبَأَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ مُوْسَى، أَنْبَأَنَا الرَّبِيْعُ بنُ أَبِي صَالِحٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ حِيْنَ جِيْءَ بِهِ إِلَى الحَجَّاجِ فَبَكَى رَجُلٌ فَقَالَ سَعِيْدٌ: مَا يُبْكِيْكَ قَالَ: لِمَا أَصَابَكَ. قَالَ: فَلاَ تَبْكِ كَانَ فِي عِلْمِ اللهِ أَنْ يَكُوْنَ هَذَا، ثُمَّ تلا: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا} [الحَدِيْدُ: 22] .
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوْبَ: سُئِلَ سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ عَنِ الخِضَابِ بِالوَسِمَةِ، فَكَرِهَهُ، وَقَالَ: يَكْسُو اللهُ العَبْدَ النُّوْرَ فِي وَجْهِهِ ثُمَّ يُطْفِئُهُ بِالسَّوَادِ.
الحُسَيْنُ بنُ حُمَيْدِ بنِ الرَّبِيْعِ: حَدَّثَنَا وَاصِلُ بنُ عَبْدِ الأَعْلَى، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ، عَنْ

(5/195)


أَبِي حَصِيْنٍ، قَالَ: رَأَيْتُ سَعِيْداً بِمَكَّةَ, فَقُلْتُ: إِنَّ هَذَا قَادِمٌ -يَعْنِي: خَالِدَ بنَ عَبْدِ اللهِ- وَلَسْتُ آمَنُهُ عَلَيْكَ. قَالَ: وَاللهِ لَقَدْ فَرَرْتُ حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ مِنَ اللهِ.
قُلْتُ: طَالَ اخْتِفَاؤُهُ, فَإِنَّ قِيَامَ القُرَّاءِ عَلَى الحَجَّاجِ كَانَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ، وَمَا ظَفِرُوا بِسَعِيْدٍ إِلَى سَنَةِ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ؛ السَّنَةِ الَّتِي قلع الله فيها الحجاج.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ: فَأَخْبَرَنِي يَزِيْدُ بنُ أَبِي زِيَادٍ، قَالَ: أَتَيْنَا سَعِيْداً، فَإِذَا هُوَ طَيِّبُ النَّفْسِ، وَبِنْتُهُ فِي حَجْرِهِ، فَبَكَتْ وشيعناه إلى الجِسْرِ، فَقَالَ الحَرَسُ لَهُ: أَعْطِنَا كَفِيْلاً، فَإِنَّا نَخَافُ أَنْ تُغْرِقَ نَفْسَكَ قَالَ: فَكُنْتُ فِيْمَنْ كَفَلَ بِهِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَبَلَغَنِي أَنَّ الحَجَّاجَ قَالَ: ائْتُوْنِي بِسَيْفٍ عَرِيْضٍ.
قَالَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ: كَانَ الشَّعْبِيُّ يَرَى التَّقِيَّةَ، وَكَانَ ابْنُ جُبَيْرٍ لاَ يَرَى التَّقِيَّةَ، وَكَانَ الحَجَّاجُ إِذَا أَتَى بِالرَّجُلِ -يَعْنِي مِمَّنْ قَامَ عَلَيْهِ- قَالَ لَهُ: أَكَفَرْتَ بِخُرُوْجِكَ عَلَيَّ، فَإِنْ قَالَ: نَعَمْ خَلَّى سَبِيْلَهُ فَقَالَ لِسَعِيْدٍ أَكَفَرْتَ؟ قَالَ: لاَ. قَالَ: اخْتَرْ أَيَّ قِتْلَةٍ أَقْتُلُكَ؟ قَالَ: اخْتَرْ أَنْتَ، فَإِنَّ القِصَاصَ أَمَامَكَ.
أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ أَيْمَنَ، قَالَ: قُلْتُ لِسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ: مَا تَقُوْلُ لِلْحَجَّاجِ؟ قَالَ: لاَ أَشْهَدُ عَلَى نَفْسِي بِالكُفْرِ.
ابْنُ حُمَيْدٍ: حَدَّثَنَا يَعْقُوْبُ القُمِّيُّ, عَنْ جَعْفَرٍ: عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: "إِنَّ فِي النَّارِ لَرَجُلاً يُنَادِي قَدْرَ أَلْفِ عَامٍ: يَا حَنَّانُ يَا مَنَّانُ فَيَقُوْلُ: يَا جِبْرِيْلُ أَخْرِجْ عَبْدِي مِنَ النَّارِ قَالَ فَيَأْتِيْهَا فَيَجِدُهَا مُطَبَقَةً فَيَرْجِعُ فَيَقُوْلُ يَا رَبِّ: {إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ} [الهُمَزَةُ: 8] ، فَيَقُوْلُ: يَا جِبْرِيْلُ ارْجِعْ فَفُكَّهَا, فَأَخْرِجْ عَبْدِي مِنَ النَّارِ فَيَفُكُّهَا، فَيَخْرُجُ مِثْلَ الخِيَالِ فَيَطْرَحُهُ عَلَى سَاحِلِ الجَنَّةِ حَتَّى يُنْبِتَ اللهُ لَهُ شَعْراً وَلَحْماً".
إِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ، عَنْ عَطَاءِ بنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "كَانَ نَبِيُّ اللهِ سُلَيْمَانُ إِذَا قَامَ فِي مُصَلاَّهُ رَأَى شَجَرَةً نَابِتَةً بَيْنَ يَدَيْهِ, فَقَالَ لَهَا: مَا اسْمُكِ قَالَتِ: الخُرْنُوْبُ. قَالَ: لأَيِّ شَيْءٍ أَنْتِ؟ فَقَالَتْ: لِخَرَابِ هَذَا البَيْتِ. فَقَالَ: اللَّهُمَّ عَمِّ عَلَيْهِم مَوْتِي حَتَّى يَعْلَمَ الإِنْسُ أَنَّ الجِنَّ لاَ تَعْلَمُ الغَيْبَ. قَالَ: فَنَحَتَهَا عَصاً يَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا, فَأَكَلَتْهَا الأَرَضَةُ، فَسَقَطَتْ، فَخَرَّ، فحزروا أكلها الأرضة، فوجدوا حَوْلاً, فَتَبَيَّنَتِ الإِنْسُ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُوْنَ الغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي العَذَابِ المَهِيْنِ -وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقْرَؤُهَا هَكَذَا- فَشَكَرَتِ الجِنُّ الأَرَضَةَ، فَكَانَتْ تَأْتِيْهَا بِالمَاءِ حَيْثُ كَانَتْ.
قَرَأْتُهُ عَلَى إِسْحَاقُ بنُ أَبِي بَكْرٍ، أَنْبَأَنَا يُوْسُفُ بنُ خَلِيْلٍ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيُّ،

(5/196)


أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ, حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ مُوْسَى بنُ مَسْعُوْدٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ.
إِسْنَادُهُ حَسَنٌ.
أَخْبَرَنَا يَحْيَى بنُ أَحْمَدَ الجُذَامِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ حُسَيْنٍ الفُوِّيُّ، قَالاَ: أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عِمَادٍ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ رِفَاعَةَ, أَنْبَأَنَا أَبُو الحَسَنِ الخِلَعِيُّ, أَنْبَأَنَا شُعَيْبُ بنُ عَبْدِ المِنْهَالِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ بنِ إِسْحَاقَ الرَّازِيُّ, حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنْبَاعِ رَوْحُ بنُ الفَرَجِ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ خَالِدٍ, حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ الكَرِيْمِ بنِ مَالِكٍ الجَزَرِيِّ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "يَكُوْنُ قَوْمٌ فِي آخِرِ الزَّمَانِ يَخْضِبُوْنَ بِهَذَا السَّوَادِ كَحَوَاصِلِ الحَمَامِ لاَ يَرِيْحُوْنَ رَائِحَةَ الجَنَّةِ".
هَذَا حَدِيْثٌ حَسَنٌ غَرِيْبٌ، أَخْرَجَهُ: أَبُو دَاوُدَ والنسائي, من طريق عبد الله الرقي.
قَالَ خَلَفُ بنُ خَلِيْفَةَ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ: إِنَّ سَعِيْدَ بنَ جُبَيْرٍ لَمَّا نَدَرَ رَأْسُهُ، هَلَّلَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ يُفْصِحُ بِهَا.
يَحْيَى بنُ حَسَّانٍ التِّنِّيْسِيُّ: حَدَّثَنَا صَالِحُ بنُ عُمَرَ، عَنْ دَاوُدَ بنِ أَبِي هِنْدٍ، قَالَ: لَمَّا أَخَذَ الحَجَّاجُ سَعِيْدَ بنَ جُبَيْرٍ قَالَ: مَا أُرَانِي إلَّا مَقْتُوْلاً وَسَأُخْبِرُكُمْ: إِنِّي كُنْتُ أَنَا وَصَاحِبَانِ لِي دَعَوْنَا حِيْنَ وَجَدْنَا حَلاَوَةَ الدُّعَاءِ، ثُمَّ سَأَلْنَا اللهَ الشَّهَادَةَ، فَكِلاَ صَاحِبَيَّ رُزِقَهَا، وَأَنَا أَنْتَظِرُهَا. قَالَ: فَكَأَنَّهُ رَأَى أَنَّ الإِجَابَةَ عِنْدَ حَلاَوَةِ الدُّعَاءِ.
قُلْتُ: وَلَمَّا عَلِمَ مِنْ فَضْلِ الشَّهَادَةِ، ثَبَتَ لِلْقَتْلِ، وَلَمْ يَكْتَرِثْ، وَلاَ عَامَلَ عَدُوَّهُ بِالتَّقِيَّةِ المُبَاحَةِ لَهُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
أَحْمَدُ بنُ دَاوُدَ الحَرَّانِيُّ: حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ يُوْنُسَ, سَمِعْتُ الأَعْمَشَ يَقُوْلُ: لَمَّا جِيْءَ بِسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، وَطَلْقِ بنِ حَبِيْبٍ, وَأَصْحَابِهِمَا دَخَلْتُ عَلَيْهِمُ السِّجْنَ، فَقُلْتُ: جَاءَ بِكُمْ شُرْطِيٌّ أَوْ جُلَيْوِيْزٌ مِنْ مَكَّةَ إِلَى القَتْلِ، أَفَلاَ كَتَّفْتُمُوْهُ وَأَلْقَيْتُمُوْهُ فِي البَرِّيَّةِ؟! فَقَالَ سَعِيْدٌ: فَمَنْ كَانَ يَسْقِيْهِ المَاءَ إِذَا عَطِشَ.
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الحَكَمِ: حَدَّثَنَا أَبِي سَمِعْتُ مَالِكاً يَقُوْلُ: حَدَّثَنِي رَبِيْعَةُ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ: وَكَانَ سَعِيْدٌ مِنَ العُبَّادِ العُلَمَاءِ, قَتَلَهُ الحَجَّاجُ, وَجَدَهُ فِي الكَعْبَةِ وَنَاساً فِيْهِم طَلْقُ بنُ حَبِيْبٍ، فَسَارِ بِهِم إِلَى العِرَاقِ فَقَتَلَهُمْ عَنْ غير شيء تعلق عليهم بهإلَّا العِبَادَةَ, فَلَمَّا قُتِلَ سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ, خَرَجَ مِنْهُ دَمٌ كَثِيْرٌ حَتَّى رَاعَ الحَجَّاجَ, فَدَعَا طَبِيْباً, قَالَ لَهُ: مَا بَالُ دَمِ هَذَا كَثِيْرٌ؟ قَالَ: إِنْ أَمَّنْتَنِي أَخْبَرْتُكَ فَأَمَّنَهُ، قَالَ: قَتَلْتَهُ وَنَفْسُهُ مَعَهُ.

(5/197)


عَبْدُ السَّلاَمِ بنُ حَرْبٍ، عَنْ خُصَيْفٍ، قَالَ: كَانَ أَعْلَمَهُمْ بِالقُرْآنِ: مُجَاهِدٌ وَأَعْلَمَهُمْ بِالحَجِّ: عَطَاءٌ وأعلمهم بالحلال والحرام: طاوس وَأَعْلَمَهُمْ بِالطَّلاَقِ: سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ وَأَجْمَعَهُمْ لِهَذِهِ العُلُوْمِ: سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ.
أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، حَدَّثَنِي مَسْعُوْدُ بنُ الحَكَمِ, قَالَ: قَالَ: لِي عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ: أَتُجَالِسُ سَعِيْدَ بنَ جُبَيْرٍ؟ قُلْتُ: نَعَمْ قَالَ لأُحِبُّ مُجَالَسَتَهُ وَحَدِيْثَهُ ثُمَّ أَشَارَ نَحْوَ الكُوْفَةِ, وَقَالَ: إِنَّ هَؤُلاَءِ يُشِيْرُوْنَ إِلَيْنَا بِمَا لَيْسَ عِنْدَنَا.
جَرِيْرٌ، عَنْ أَشْعَثَ بنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: كَانَ يُقَالُ: سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ جِهْبِذُ العُلَمَاءِ.
الأَصْبَغُ بنُ زَيْدٍ، قَالَ: كُنْتُ إِذَا سَأَلْتُ سَعِيْدَ بنَ جُبَيْرٍ عَنْ حَدِيْثٍ فَلَمْ يُرِدْ أَنْ يُحَدِّثَنِي قَالَ: كَيْفَ تُبَاعُ الحِنْطَةُ?
مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ البَرَاءِ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ, قَالَ: لَيْسَ فِي أَصْحَابِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلُ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ. قِيْلَ: وَلاَ طَاوُوْسٌ؟ قَالَ: وَلاَ طَاوُوْسٌ، وَلاَ أَحَدٌ.
وَكَانَ قَتْلُهُ فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ عَاشَ تِسْعاً وَأَرْبَعِيْنَ سَنَةً لَمْ يَصْنَعْ شَيْئاً, وَقَدْ مَرَّ قَوْلُهُ لابْنِهِ: مَا بَقَاءُ أَبِيْكَ بَعْدَ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ فَعَلَى هَذَا يَكُوْنُ مَوْلِدُهُ فِي خِلاَفَةِ أَبِي الحَسَنِ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
أَخْبَرَنَا يُوْسُفُ بنُ أَحْمَدَ، وَعَبْدُ الحَافِظِ بنُ بَدْرَانَ, قَالاَ: أَنْبَأَنَا مُوْسَى بنُ عَبْدِ القَادِرِ, أَنْبَأَنَا سَعِيْدُ بنُ أَحْمَدَ, أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ البُسْرِيِّ، أَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِرٍ المُخَلِّصُ, حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ, حَدَّثَنَا أَبُو نَصْرٍ التَّمَّارُ, حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ مُسْلِمٍ, عَنِ الأَعْمَشِ, عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ, عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ, قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَرَّمَ: "اسْتَغْنُوا عَنِ النَّاسِ وَلَوْ بِشَوْصِ السِّوَاكِ".
وَبِهِ إِلَى المُخَلِّصُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ البَغَوِيُّ, حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيْعِ الزَّهْرَانِيُّ, حَدَّثَنَا يَعْقُوْبُ القُمِّيُّ, حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بن أبي المغيرة, عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ, عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سَلُوْنَا, فَإِنَّكُمْ لَنْ تَسْأَلُوْنَا عَنْ شَيْءٍ إلَّا وَقَدْ سَأَلْنَا عَنْهُ. فَقَالَ رَجُلٌ: أَفِي الجَنَّةِ غِنَاءٌ؟ قَالَ: فِيْهَا أَكْمَاتٌ مِنْ مِسْكٍ عَلَيْهِنَّ جَوَارٍ يَحْمَدْنَ اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ- بِأَصْوَاتٍ لَمْ تَسْمَعِ الآذَانُ بِمِثْلِهَا قَطُّ.
أَخْبَرَنَا المُسَلَّمُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَابْنُ أَبِي عُمَرَ كِتَابَةً، أَنَّ عُمَرَ بنَ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَهُم, أَنْبَأَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ, أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ, أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ شَدَّادٍ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ حَبِيْبِ عَنْ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَوْحَى اللهُ إِلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنِّي قَدْ قَتَلْتُ بِيَحْيَى بنِ زَكَرِيَّا سَبْعِيْنَ أَلْفاً، وإِنِّي قَاتِلٌ بِابْنِ ابْنَتِكَ سبعين ألفًا وسبعين ألفًا".
هَذَا حَدِيْثٌ نَظِيْفُ الإِسْنَادِ، مُنْكَرُ اللَّفْظِ. وَعَبْدُ اللهِ: وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِيْنٍ، وَخَرَّجَ لَهُ مُسْلِمٌ.

(5/198)


485- الحجاج 1:
أَهْلَكَهُ اللهُ: فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ, كهلًا. وكان ظلوما، جبارا، ناصبيا، خبيثا, سفاكاللدماء, وَكَانَ ذَا شَجَاعَةٍ, وَإِقْدَامٍ, وَمَكْرٍ, وَدَهَاءٍ, وَفَصَاحَةٍ, وَبَلاَغَةٍ، وَتعَظِيْمٍ لِلْقُرَآنِ قَدْ سُقْتُ مِنْ سُوْءِ سِيْرَتِهِ فِي "تَارِيْخِي الكَبِيْرِ" وَحِصَارِهِ لابْنِ الزُّبَيْرِ بِالكَعْبَةِ, وَرَمْيِهِ إِيَّاهَا بِالمَنْجَنِيْقِ, وَإِذْلاَلِهِ لأَهْلِ الحَرَمَيْنِ, ثُمَّ وِلاَيَتِهِ عَلَى العِرَاقِ وَالمَشْرِقِ كُلِّهِ عِشْرِيْنَ سَنَةً, وَحُرُوْبِ ابْنِ الأَشْعَثِ لَهُ، وَتَأْخِيْرِهِ لِلصَّلَوَاتِ إِلَى أَنِ اسْتَأْصَلَهُ اللهُ، فَنَسُبُّهُ وَلاَ نُحِبُّهُ, بَلْ نُبْغِضُهُ فِي اللهِ, فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ أَوْثَقِ عُرَى الإِيْمَانِ.
وَلَهُ حَسَنَاتٌ مَغْمُوْرَةٌ فِي بَحْرِ ذُنُوْبِهِ, وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ, وَلَهُ تَوْحِيْدٌ فِي الجُمْلَةِ, وَنُظَرَاءُ مِنْ ظَلَمَةِ الجَبَابِرَةِ وَالأُمَرَاءِ.
__________
1 ترجمته في تاريخ الإسلام "3/ 349"، والعبر "1/ 112"، البداية والنهاية "9/ 117"، النجوم الزاهرة "1/ 230"، شذرات الذهب "1/ 106".

(5/199)


486- أبو بردة 1: "ع"
ابن أبي موسى الأشعري، الإمام، الفقيه، الثبت, حارث- ويقال: عَامِرٌ، وَيُقَالُ: اسْمُهُ كُنْيَتُهُ -ابْنُ صَاحِبِ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم عبد الله بنُ قَيْسِ بنِ حَضَّارٍ الكُوْفِيُّ، الفَقِيْهُ، وَكَانَ قَاضِيَ الكُوْفَةِ لِلْحَجَّاجِ، ثُمَّ عَزَلَهُ بِأَخِيْهِ أَبِي بَكْرٍ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ، وَعَلِيٍّ، وَعَائِشَةَ، وَأَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ سَلاَمٍ، وَحُذَيْفَةَ، وَمُحَمَّدِ بنِ مَسْلَمَةَ, وَأَبِي هُرَيْرَةَ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو, وَابْنِ عُمَرَ, وَالبَرَاءِ, وَمُعَاوِيَةَ, وَالأَغَرِّ المُزَنِيِّ وَعِدَّةٍ.
وَيَنْزِلُ إِلَى عُرْوَةَ بنِ الزُّبَيْرِ، وَالرَبِيْعِ بنِ خُثَيْمٍ، وَزِرِّ بنِ حُبَيْشٍ، وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: بَنُوْهُ؛ سَعِيْدٌ، وَيُوْسُفُ، وَالأَمِيْرُ، بِلاَلٌ، وَحَفِيْدُهُ، بُرَيْدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 268" التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2949"، وفيات الأعيان "3"، ترجمة 316"، تاريخ الإسلام "4/ 216"، تذكرة الحفاظ "1/ 86"، العبر "1/ 128" النجوم الزاهرة "1/ 252"، شذرات الذهب "1/ 126".

(5/199)


بُرْدَةَ, وَالشَّعْبِيُّ, وَالقَاسِمُ بنُ مُخَيْمَرَةَ, وَأَبُو مِجْلَزٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ، وَمَكْحُوْلٌ الشَّامِيُّ, وَقَتَادَةُ, وَعَمْرُو بنُ مُرَّةَ وَطَلْحَةُ بنُ مُصَرِّفٍ، وَعَبْدُ المَلِكِ بنُ عُمَيْرٍ، وَعَدِيُّ بنُ ثَابِتٍ, وَعَوْنُ بنُ عبد الله، والنضير بنُ أَنَسٍ, وَأَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ، وَأَبُو صَخْرَةَ جامع بن شداد, وثابت البناني، وأشعث ابن أَبِي الشَّعْثَاءِ, وَحَكِيْمُ بنُ الدَّيْلَمِ، وَحُمَيْدُ بنُ هِلاَلٍ, وَطَلْحَةُ بنُ يَحْيَى بنِ طَلْحَةَ، وَأَبُو حُصَيْنٍ، وَفُرَاتُ بنُ السَّائِبِ، وَلَيْثُ بنُ أَبِي سُلَيْمٍ، وَبُكَيْرُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الأَشَجِّ, وَيُوْنُسُ بنُ أَبِي إِسْحَاقَ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ. وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الاجْتِهَادِ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً, كَثِيْرَ الحَدِيْثِ. وَقَالَ العِجْلِيُّ: كُوْفِيٌّ, تَابِعِيٌّ, ثقة.
أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ وَهْبٍ: حَدَّثَنَا عَمِّي، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِيْهِ: أَنَّ يَزِيْدَ بنَ المُهَلَّبِ لَمَّا وَلِيَ خُرَاسَانَ، قَالَ: دُلُّوْنِي عَلَى رَجُلٍ كَامِلٍ لِخِصَالِ الخَيْرِ فَدُلَّ عَلَى أَبِي بُرْدَةَ الأَشْعَرِيِّ فَلَمَّا جَاءَ رَآهُ رَجُلاً فَائِقاً, فَلَمَّا كَلَّمَهُ, رَأَى مِنْ مَخْبَرَتِهِ أَفَضْلَ مِنْ مَرْآتِهِ، فَقَالَ: إِنِّي وَلَّيْتُكَ كَذَا وَكَذَا مِنْ عَمَلِي. فَاسْتَعْفَاهُ, فَأَبَى أَنَّ يُعْفِيَهُ, فَقَالَ: أَيُّهَا الأَمِيْرُ, ألَّا أُخْبِرُكَ بِشَيْءٍ حَدَّثَنِيْهُ أَبِي إِنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: هَاتِهِ قَالَ: إِنَّهُ سَمِعَ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم يقول: "من تولى عملا وهو يَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ لِذَلِكَ العَمَلِ بِأَهْلٍ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ" وَأَنَا أَشْهَدُ أَيُّهَا الأَمِيْرُ أَنِّي لَسْتُ بِأَهْلٍ لِمَا دَعَوْتَنِي إِلَيْهِ. فَقَالَ: مَا زِدْتَ عَلَى أَنْ حَرَّضْتَنَا عَلَى نَفْسِكَ, وَرَغَّبْتَنَا فِيْكَ, فَاخْرُجْ إِلَى عَهْدِكَ, فَإِنِّي غَيْرُ مُعْفِيْكَ. فَخَرَجَ, ثُمَّ أَقَامَ فِيْهِم مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يُقِيْمَ, فَاسْتَأْذَنَ فِي القُدُوْم عَلَيْهِ, فَأَذِنَ لَهُ فَقَالَ: أَيُّهَا الأَمِيْرُ ألَّا أُحَدِّثُكَ بِشَيْءٍ حَدَّثَنِيْهُ أَبِي سَمِعَهُ مِنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: قَالَ: "مَلْعُوْنٌ مَنْ سَأَلَ بِوَجْهِ اللهِ وَمَلْعُوْنٌ مَنْ سُئِلَ بِوَجْهِ اللهِ ثُمَّ مَنَعَ سَائِلَهُ مَا لَمْ يَسْأَلْ هُجْراً"1 وَأَنَا سَائِلُكَ بِوَجْهِ اللهِ إلَّا مَا أَعْفَيْتَنِي أَيُّهَا الأَمِيْرُ مِنْ عَمَلِكَ فَأَعْفَاهُ.
__________
1 منكر: في إسناده عَبْدُ اللهِ بنُ عَيَّاشِ بنِ عَبَّاسٍ القِتْبَانِيُّ المصري. قال أبو حاتم: صدوق، ليس بالمتين. وقال أبو داود، والنسائي ضعيف. وأخرج له مسلم في الشواهد وفي إسناده أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، قال ابن حبان: إنه أتى بمناكير في آخر عمره، فروى عَنْ عَمِّهِ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ مرفوعًا. وذكر له حديثًا موضوعًا عليه.
ومتن الحديث يمجه كل من ملك عليه حب السنة الصحيحة شغاف قلبه: إذا كيف يكون من سأل بوجه الله ملعونًا وقد قال الله -تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ} [النساء: 1] ، فئقد أجازه وأباحه المولى سبحانه، وقد كان الصحابة -رضوان الله عليهم- ينشدون بعضهم بعضًا بالله ورسول الله صلى الله عليه وسلم يسمعهم ويقرهم، ولعل في حصار عثمان بن عفان ومناشدته الصحابة بالله وتقريره لهم على ما فعل من مآثر خيل دليل على نكارة بل وبطلان متن الحديث وبالله -تعالى-وحده التوفيق.

(5/200)


رَوَاهُ الرُّوْيَانِيُّ فِي "مُسْنَدِهِ", عَنْ أَحْمَدَ.
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: سَأَلَ عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ أبا بردة بن أبي موسى: كم أَتَى عَلَيْكَ؟ قَالَ: أَشُدَّانِ يَعْنِي: أَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِيْنَ.
ذِكْرُ الاخْتِلاَفِ فِي وَفَاةِ أَبِي بُرْدَةَ:
رَوَى الهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَيَّاشٍ المَنْتُوْفِ: أَنَّهُ مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَمائَةٍ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ، وَخَلِيْفَةُ وَطَائِفَةٌ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَمائَةٍ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ مَاتَ وَلَهُ بِضْعٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً.
وَوَهِمَ مَنْ قَالَ: مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَمائَةٍ.

(5/201)


487- أيوب ابن القرية 1:
وَهِيَ أُمُّهُ. وَاسْمُ أَبِيْهِ يَزِيْدُ بنُ قَيْسِ بنِ زُرَارَةَ النَّمَرِيُّ، الهِلاَلِيُّ، أَعْرَابِيٌّ، أُمِّيٌّ، فَصِيْحٌ، مُفَوَّهٌ، يُضْرَبُ بِبَلاَغَتِهِ المَثَلُ. وَفَدَ عَلَى عَبْدِ المَلِكِ وَعَلَى الحَجَّاجِ، فَأُعْجِبَ بِفَصَاحَتِهِ، ثُمَّ بَعَثَهُ رَسُوْلاً إِلَى ابْنِ الأَشْعَثِ إِلَى سِجِسْتَانَ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَخْلَعَ الحَجَّاجَ, وَيَقُوْمَ بِذَلِكَ وَيَشْتِمَهُ. فَقَالَ: إِنَّمَا أَنَا رَسُوْلٌ فَقَالَ: لَتَفْعَلَنَّ, أَوْ لأَضْرِبَنَّ عُنُقَكَ. فَفَعَلَ, فَلَمَّا انْتَصَرَ الحَجَّاجُ, جِيءَ بِابْنِ القِرِّيَّةِ، فَقَالَ: أَخْبِرْنِي عَنْ أَهْلِ العِرَاقِ؟ قَالَ: أَعْلَمُ النَّاسِ بِحَقٍّ وَبِبَاطِلٍ. قَالَ: فَأَهْلُ الحِجَازِ؟ قَالَ: أَسْرَعُ النَّاسِ إِلَى فِتْنَةٍ وَأَعْجَزُهُمْ عَنْهَا قَالَ: فَأَهْلُ الشَّامِ؟ قَالَ: أَطْوَعُ شَيْءٍ لأُمَرَائِهِمْ. قال: فأهل مصر؟ قَالَ: عَبِيْدُ مَنْ عَلِمْتَ. قَالَ: فَأَهْلُ الجَزِيْرَةِ؟ قَالَ: أَشْجَعُ فُرْسَانٍ, وَأَقْتَلُ لِلأَقْرَانِ. قَالَ: فَأَهْلُ اليَمَنِ؟ قَالَ: أَهْلُ سَمْعٍ وَطَاعَةٍ. ثُمَّ سَأَلَهُ عَنْ قبَائِلِ العَرَبِ وَعَنِ البُلْدَانِ، وَهُوَ يُجِيْبُ، ثُمَّ ضَرَبَ عُنُقَهُ، وَنَدِمَ عَلَيْهِ وَذَلِكَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ.
طَوَّلَ أَخْبَارَهُ ابْنُ عَسَاكِرَ.
__________
1 سبق ترجمتنا له في هذا الجزء بتعليقنا رقم "145" فراجعه ثمت إن شئت.

(5/201)


488- الوليد 1:
الخَلِيْفَةُ، أَبُو العَبَّاسِ الوَلِيْدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ مَرْوَانَ بنِ الحَكَمِ الأُمَوِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ, الَّذِي أَنْشَأَ جَامِعَ بَنِي أُمَيَّةَ.
بُوْيِعَ بِعَهْدٍ مِنْ أَبِيْهِ، وَكَانَ مُتْرَفاً, دَمِيْماً, سَائِلَ الأَنْفِ, طَوِيْلاً, أَسْمَرَ, بِوَجْهِهِ أَثَرُ جُدَرِيٍّ فِي عَنْفَقَتِهِ2 شَيْبٌ يَتَبَخْتَرُ فِي مَشْيِهِ, وَكَانَ قَلِيْلَ العِلْمِ، نُهْمَتُهُ فِي البِنَاءِ أَنْشَأَ أَيْضاً مَسجدِ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَزَخْرَفَهُ، وَرُزِقَ فِي دَوْلَتِهِ سَعَادَةً.
فَفَتَحَ بَوَّابَةَ الأَنْدَلُسِ، وَبِلاَدَ التُّرْكِ، وَكَانَ لُحَنَةً, وَحَرَصَ عَلَى النَّحْوِ أَشْهُراً، فَمَا نَفَعَ، وَغَزَا الرُّوْمَ مَرَّاتٍ فِي دَوْلَةِ أَبِيْهِ، وَحَجَّ.
وَقِيْلَ: كَانَ يَخْتِمُ فِي كُلِّ ثَلاَثٍ، وَخَتَمَ فِي رَمَضَانَ سَبْعَ عَشْرَةَ خَتْمَةً. وَكَانَ يَقُوْلُ: لَوْلاَ أَنَّ اللهَ ذَكَرَ قَوْمَ لُوْطٍ ما شعرت أن أحدًا يفعل ذلك.
قَالَ ابْنُ أَبِي عَبْلَةَ: رَحِمَ اللهُ الوَلِيْدَ، وَأَيْنَ مِثْلُ الوَلِيْدِ افْتَتَحَ الهِنْدَ وَالأَنْدَلُسَ، وَكَانَ يُعْطِي قِصَاعَ الفِضَّةِ أَقْسِمُهَا عَلَى القُرَّاءِ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ قَرَأَ عَلَى المِنْبَرِ "يَا لَيْتُهَا" بِالضَّمِّ، وَكَانَ فِيْهِ عَسَفٌ، وَجَبَرُوْتٌ, وَقِيَامٌ بِأَمْرِ الخِلاَفَةِ, وَقَدْ فَرَضَ لِلْفُقَهَاءِ, وَالأَيْتَامِ، وَالزَّمْنَى, وَالضُّعَفَاءِ, وَضَبَطَ الأُمُوْرَ -فَاللهُ يُسَامِحُهُ- وَقَدْ سَاقَ ابْنُ عَسَاكِرَ أَخْبَارَهُ.
مَاتَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ, وَلَهُ إِحْدَى وَخَمْسُوْنَ سَنَةً. وَكَانَ فِي الخِلاَفَةِ عَشْرَ سِنِيْنَ سِوَى أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، وَقَبْرُهُ بباب الصغير.
وقام بعد: أَخُوْهُ سُلَيْمَانُ بِعَهْدٍ لَهُ مِنْ أَبِيْهِمَا عَبْدِ المَلِكِ.
وَقَدْ كَانَ عَزَمَ عَلَى خَلْعِ سُلَيْمَانَ مِنْ وِلاَيَةِ العَهْدِ لِوَلَدِهِ عَبْدِ العَزِيْزِ، فَامْتَنَعَ عَلَيْهِ عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ وَقَالَ: لِسُلَيْمَانَ بَيْعَةٌ فِي أَعْنَاقِنَا. فَأَخَذَهُ الوَلِيْدُ، وَطَيَّنَ عَلَيْهِ، ثُمَّ فَتَحَ عَلَيْهِ بَعْدَ ثَلاَثٍ وَقَدْ مَالَتْ عُنُقُهُ. وَقِيْلَ خَنَقَهُ بِالمِنْدِيْلِ حَتَّى صَاحَتْ أُخْتُهُ أُمُّ البَنِيْنَ, فَشَكَرَ سُلَيْمَانُ لِعُمَرَ ذَلِكَ, وَعَهِدَ إِلَيْهِ بِالخِلاَفَةِ. وَلَهُ تَرْجَمَةٌ طَوِيْلَةٌ فِي "تَارِيْخِ دمشق" وغير ذلك.
__________
1 ترجمته في تاريخ الإسلام "4/ 65"، العبر "1/ 114"، النجوم الزاهرة "1/ 220 و 234"، شذرات الذهب "1/ 111".
2 العنفقة: هي الشعيرات التي بين الشقة السفلى والذقن.

(5/202)


489- محمد بن سعد 1: "خ، م، ت، س، ق"
ابن أبي وقاص مالك الإِمَامُ، الثِّقَةُ أَبُو القَاسِمِ القُرَشِيُّ الزُّهْرِيُّ، المَدَنِيُّ أَخُو: عُمَرَ بنِ سَعِيْدٍ الأَمِيْرِ وَعَامِرِ بن سعد، وعائشة بنت سعد.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ وَعَنْ: عُثْمَانَ بنِ عَفَّان، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنَاهُ؛ إِبْرَاهِيْمُ وَإِسْمَاعِيْلُ, وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ، وَيُوْنُسُ بنُ جُبَيْرٍ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ، وَجَمَاعَةٌ.
رَوَى جُمْلَةً صَالِحَةً مِنَ العِلْمِ، ثُمَّ كَانَ مِمَّنْ قَامَ عَلَى الحَجَّاجِ مَعَ ابْنِ الأَشْعَثِ، فَأُسِرَ يَوْمَ دَيْرِ الجَمَاجِمِ، فَقَتَلَهُ الحَجَّاجُ.
رَوَى لَهُ الشَّيْخَانِ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالقَزْوِيْنِيُّ.
قِيْلَ: إِنَّهُ انْهَزَمَ إِلَى المَدَائِنِ، فَتَجَمَّعَ إِلَيْهِ نَاسٌ كَثِيْرٌ، ثُمَّ لَحِقَ بِالبَصْرَةِ. وَكَانَ مَصْرعُهُ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 167" و "6/ 221"، التاريخ الكبير "1/ ترجمة رقم 246"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة 1427"، الكاشف "3/ ترجمة 4944"، العبر "1/ 95"، تاريخ الإسلام "3/ 294"، تهذيب التهذيب "9/ 183"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6247" شذرات الذهب "1/ 91".

(5/203)


490- أخوه: عامر 1: "ع"
ابن سعد بن أبي وقاص، إِمَامٌ، ثِقَةٌ، مَدَنِيٌّ.
سَمِعَ أَبَاهُ، وَأُسَامَةَ بنَ زَيْدٍ، وَعَائِشَةَ وَأَبَا هُرَيْرَةَ, وَجَابِرَ بنَ سَمُرَةَ.
وَعَنْهُ: ابْنُهُ؛ دَاوُدُ بنُ عَامِرٍ وَابْنَا إِخْوَتِهِ, وَعَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ، وَالزُّهْرِيُّ، وَمُوْسَى بنُ عُقْبَةَ, وآخرون.
مات سنة أربع ومائة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 167"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2956" الجرح والتعديل" "6/ ترجمة 1794"، الكاشف "2/ ترجمة 2553"، تهذيب التهذيب "5/ 63"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3259"، شذرات الذهب "1/ 126".

(5/203)


وأخوهما عمر، وأخوهم عمرو، وأخوهم مصعب، وأخوهم إبراهيم، وأخوهم عمير

491- وأخوهما عمر 1: "س"
ابن سعد، أَمِيْرُ السَّرِيَةِ الَّذِيْنَ قَاتَلُوا الحُسَيْنَ -رَضِيَ اللهُ عنه- ثم قتله المُخْتَارُ، وَكَانَ ذَا شَجَاعَةٍ وَإِقْدَامٍ.
رَوَى لَهُ النَّسَائِيُّ. قُتِلَ هُوَ وَوَلَدَاهُ صَبْراً.
492- وَأَخُوْهُم عَمْرُو2
ابن سعد. قتل يوم الحرة
493- وأخوهم مصعب 3: "ع"
ابن سعد بَقِيَ بِالكُوْفَةِ إِلَى سَنَةِ ثَلاَثٍ وَمائَةٍ.
خَرَّجُوا له في الكتب الستة.
494- وأخوهم إبراهيم 4: "خ، م"
ابن سعد، وَالِدُ قَاضِي المَدِيْنَةِ سَعْدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ.
حَدِيْثُهُ في "الصحيحين".
495- وأخوهم عمير 5:
قتل أيضًا يوم الحرة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 168"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2016"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 592"، تاريخ الإسلام "3/ 52"، الكاشف "2/ ترجمة 4121"، تهذيب التهذيب "7/ 450" خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5165"، الإصابة "3/ ترجمة 6827".
2 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 168"، شذرات الذهب "1/ 74".
3 ترجمته في طبقات ابن سعد: "5/ 169" و "6/ 222"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 1514" الجرح والتعديل "8/ ترجمة 1403"، العبر "1/ 125"، الكاشف "3/ ترجمة 5559"، تهذيب التهذيب "10/ 160"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7020"، شذرات الذهب "1/ 125".
4 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 169"، التاريخ الكبير "1/ ترجمة 927"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 282"، تهذيب التهذيب "1/ ترجمة 217".
5 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 169".

(5/204)


وإخوتهم إسماعيل، ويحيى، وعبد الرحمن، بشير بن كعب، أما بشير بن كعب، أبان بن عثمان

496- وإخوتهم إسماعيل 1:
497- ويحيى 2:
498- وعبد الرحمن 3:
لهم ذكر.
499- بشير بن كعب 4: "خ، 4"
ابن أبي، الفَقِيْهُ، أَبُو أَيُّوْبَ الحِمْيَرِيُّ، العَدَوِيُّ, البَصْرِيُّ, العَابِدُ, أَحَدُ المُخَضْرَمِيْنَ. قِيْلَ: إِنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ بنَ الجَرَّاحِ اسْتعَمَلَهُ عَلَى بَعْضِ الأُمُوْرِ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي ذَرٍّ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدُ اللهِ بنُ بُرَيْدَةَ، وَقَتَادَةُ، وَطَلْقُ بنُ حَبِيْبٍ، وَالعَلاَءُ بنُ زِيَادٍ وَثَابِتٌ البُنَانِيُّ وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ. وَكَانَ أَحَدَ القُرَّاءِ وَالزُّهَّادِ، رَحِمَهُ اللهُ.
500- أَمَّا بَشِيْرُ بنُ كَعْبٍ 5:
العَلَوِيُّ بِفَتْحِ المُوَحَّدَةِ، فَهُوَ شَاعِرٌ، لَهُ ذِكْرٌ. كَانَ فِي دَوْلَةِ مُعَاوِيَةَ.
501- أَبَانُ بنُ عُثْمَانَ 6: "م، 4"
ابن عفان، الإمام، الفقيه، الأمير, أبو سعد بن أمير المؤمنين أبي عمرو الأموي، المدني.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 170".
2 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 170"، التاريخ الكبير "8/ ترجمة 2978"، الجرح والتعديل "9/ ترجمة 631".
3 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 170".
4 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 223"، التاريخ الكبير "2/ ترجمة 1944"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 1541"، أسد الغابة "1/ 200"، تاريخ الإسلام "3/ 243"، تهذيب التهذيب "1/ 447"، الإصابة "1/ ترجمة 822".
5 ترجمته في تاريخ الإسلام "3/ 243".
6 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 151"، التاريخ الكبير "1/ ترجمة 1440"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 1084"، تاريخ الإسلام "3/ 241"، العبر "1/ 129"، تهذيب التهذيب "1/ 97"، النجوم الزاهرة "1/ 253"، شذرات الذهب "1/ 131".

(5/205)


سَمِعَ أَبَاهُ، وَزَيْدَ بنَ ثَابِتٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ, وَالزُّهْرِيُّ، وَأَبُو الزِّنَادِ، وَجَمَاعَةٌ.
لَهُ أَحَادِيْثُ قَلِيْلَةٌ، وَوِفَادَةٌ عَلَى عَبْدِ المَلِكِ.
قَالَ ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيْهِ عَنْ أَبَانٍ سَمِعْتُ عُثْمَانَ يَقُوْلُ: مَنْ قَالَ فِي أَوَّلِ يَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ: بِسْمِ اللهِ الَّذِي لاَ يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ في السماء وهو السميع العليم، ولم يَضُرَّهُ ذَلِكَ اليَوْمَ شَيْءٌ، أَوْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ. فَلَمَّا أَصَابَ أَبَانَ الفَالِجُ، قَالَ: إِنِّي -وَاللهِ- نَسِيْتُ هَذَا الدُّعَاءَ هَذِهِ اللَّيْلَةَ لِيَمْضِيَ فِيَّ أَمْرُ اللهِ.
حَدِيْث صَحِيْح. وَرَوَاهُ عَنْ أَبَانَ: مُنْذِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ الحِزَامِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ كَعْبٍ القُرَظِيُّ. أَخْرَجَهُ: التِّرْمِذِيُّ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: ثِقَةٌ لَهُ أَحَادِيْثُ عَنْ أَبِيْهِ. وَكَانَ بِهِ صَمَمٌ، وَوَضَحٌ كَثِيْرٌ، أَصَابَهُ الفَالِجُ فِي أَوَاخِر عُمُرِهِ.
قَالَ خَلِيْفَةُ: هُوَ أَخُو عَمْرٍو، وَأُمُّهُمَا: أُمُّ عَمْرٍو بِنْتُ جُنْدُبٍ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: كَانَ ولاية أبان على المدينة سبع سنين.
وَعَنْ أَبِي الزِّنَادِ، قَالَ: مَاتَ أَبَانٌ قَبْلَ عَبْدِ المَلِكِ بنِ مَرْوَانَ.
قَالَ يَحْيَى القَطَّانُ: فُقَهَاءُ المَدِيْنَةِ عَشْرَةٌ: أَبَانُ بنُ عُثْمَانَ, وَسَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ ... , وَذَكَرَ سَائِرَهُم.
قَالَ مَالِكٌ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي بَكْرٍ: أَنَّ وَالِدَهُ أَبَا بَكْرٍ بنَ حَزْمٍ كَانَ يَتَعَلَّمُ مِنْ أَبَانٍ القَضَاءَ.
وَعَنْ عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَعْلَمَ بِحَدِيْثٍ وَلاَ فَقْهٍ مِنْ أَبَانِ بنِ عُثْمَانَ.
وَقَالَ خَلِيْفَةُ: إِنَّ أبانًا توفي سنة خمس ومائة.

(5/206)


502- أخوه عمرو 1: "ع"
ابن عثمان، قَدِيْمُ المَوْتِ.
يَرْوِي عَنْ: أَبِيْهِ، وَأُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ.
وَعَنْهُ: سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ، وَعَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ, وَأَبُو الزِّنَادِ, وَآخَرُوْنَ. ثِقَةٌ, لَيْسَ بِالمُكْثِرِ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 150"، تاريخ الإسلام "3/ 197 و 290"، تهذيب التهذيب "8/ 78".

(5/206)


503-مورق 1:
العجلي، الإمام، أبو المعتمر البصري.
يَرْوِي عَنْ: عُمَرَ وَأَبِي ذَرٍّ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَطَائِفَةٍ مِمَّنْ لَمْ يَلْحَقِ السَّمَاعَ مِنْهُم، فَذَلِكَ مُرْسَلٌ. وَرَوَى عَنِ: ابْنِ عُمَرَ، وَجُنْدُبِ بنِ عَبْدِ اللهِ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: تَوْبَةُ العَنْبَرِيُّ, وَقَتَادَةُ بنُ دِعَامَةَ, وَعَاصِمٌ الأَحْوَلُ، وَحُمَيْدٌ الطَّوِيْلُ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ، وَجَمَاعَةٌ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً، عَابِداً، تُوُفِّيَ فِي وِلاَيَةِ عُمَرَ بنِ هُبَيْرَةَ عَلَى العِرَاقِ.
يُوْسُفُ بنُ عَطِيَّةَ: حَدَّثَنَا مُعَلَّى بنُ زِيَادٍ, قَالَ: قَالَ مُوَرِّقٌ العِجْلِيُّ: مَا مِنْ أَمْرٍ يَبْلُغُنِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مَوْتِ أَحَبِّ أَهْلِي إِلَيَّ. وَقَالَ: تَعَلَّمْتُ الصَّمْتَ فِي عَشْرِ سِنِيْنَ، وَمَا قُلْتُ شَيْئاً قَطُّ إِذَا غَضِبْتُ أَنْدَمُ عَلَيْهِ إِذَا زَالَ غَضَبِي.
رَوَى حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ جَمِيْلِ بنِ مُرَّةَ، قَالَ: كَانَ مُوَرِّقٌ -رَحِمَهُ اللهُ- يَجِيْئُنَا، فَيَقُوْلُ: أَمْسِكُوا لَنَا هَذِهِ الصُّرَةَ، فَإِنِ احْتَجْتُم فَأَنْفِقُوْهَا. فَيَكُوْنُ آخِرَ عَهْدِهِ بِهَا.
قَالَ جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ: حَدَّثَنَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا، قَالَ: كَانَ مُوَرِّقٌ يَتَّجِرُ, فَيُصِيْبُ المَالَ، فَلاَ يَأْتِي عَلَيْهِ جُمُعَةٌ وَعِنْدَهُ مِنْهُ شَيْءٌ, وَكَانَ يَأْتِي الأَخَ, فَيُعْطِيْهِ الأَرْبَعَ مائَةٍ وَالخَمْسَ مائَةٍ، وَيَقُوْل: ضَعْهَا لَنَا عِنْدَكَ ثُمَّ يَلْقَاهُ بَعْدُ فَيَقُوْلُ: شَأْنُكَ بِهَا لا حاجة لي فيها.
مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ خُلَيْفٍ حَدَّثَنَا هِشَامُ بنُ حَسَّانٍ، عَنْ مُوَرِّقٍ: قَالَ: مَا امْتَلأْتُ غَضَباً قَطُّ, وَلَقَدْ سَأَلْتُ اللهَ حَاجَةً مُنْذُ عِشْرِيْنَ سَنَةً، فَمَا شَفَّعَنِي فِيْهَا وَمَا سَئِمْتُ مِنَ الدُّعَاءِ.
أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ, أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ, حَدَّثَنَا فَارُوْقٌ, حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ الكَشِّيُّ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بنُ شَبِيْبٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ, عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُوَرِّقٍ عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "فَضْلُ صَلاَةِ الجَمَاعَةِ عَلَى صَلاَةِ الرَّجُلِ وَحْدَهُ: خَمْسَةٌ وَعِشْرُوْنَ درجة" 2.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 213"، التاريخ الكبير "8/ ترجمة 2117"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 1851"، حلية الأولياء "2/ 234"، تاريخ الإسلام "4/ 206"، العبر "1/ 122"، تهذيب التهذيب "10/ 321".
2 حديث صحيح: أخرجه أحمد "1/ 437"، وأبو نعيم في "الحلية" "2/ 237". وأخرجه البخاري "648" و "4717"، ومسلم "649" "246" من طريق الزهري، عن سعيد وأبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعًا: "تفضل صلاة في الجميع على صلاة الرجل وحده خمسًا وعشرين درجة" واللفظ لمسلم.

(5/207)


504- أبو سلام 1: "م، 4"
ممطور الحبشي، ثم الدمشقي الأَسْوَدُ الأَعْرَجُ. وَقِيْلَ: إِنَّمَا قِيْلَ لَهُ الحَبَشِيُّ نِسْبَةً إِلَى حَيٍّ مِنْ حِمْيَرٍ -فَاللهُ أَعْلَمُ- مِنْ جِلَّةِ العُلَمَاءِ بِالشَّامِ.
حَدَّثَ عَنْ: حُذَيْفَةَ، وَثَوْبَانَ وَعَلِيٍّ, وَأَبِي ذَرٍّ, وَعَمْرِو بنِ عَبَسَةَ، وَكَثِيْرٌ مِنْ ذَلِكَ مَرَاسِيْلُ، كَعَادَةِ الشَّامِيِّيْنَ يُرْسِلُوْنَ عن الكبار. وروى أيضًا عن: أبي أُمَامَةَ البَاهِلِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ غَنْمٍ، وَأَبِي أَسْمَاءَ الرَّحَبِيِّ, وَأَبِي مَالِكٍ الأَشْعرِيِّ، وَالنُّعْمَانِ بنِ بَشِيْرٍ، وَطَائِفَة.
وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو مُسْهِرٍ: أَنَّ أَبَا سَلاَّمٍ سَمِعَ مِنْ عُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ بِبَيْتِ المَقْدِسِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: حَفِيْدَاهُ؛ يَزِيْدُ وَمُعَاوِيَةُ ابنا سلام, ومكحول, وعبد الرحمن ابن يَزِيْدَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ العَلاَءِ بنِ زَبْرٍ، وَالأَوْزَاعِيُّ، وَطَائِفَةٌ. وَعُمِّرَ دَهْراً.
وَثَّقَهُ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ، وَغَيْرُهُ. وَقَدْ كَانَ كَتَبَ إِلَى يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ بِأَحَادِيْثَ مِنْ مَرْوِيَّاتِهِ وَاسْتَقْدَمَهُ عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ فِي -خِلاَفَتِهِ- إِلَيْهِ عَلَى البَرِيْدِ, لِيُشَافِهَهُ بِمَا سَمِعَ مِنْ ثَوْبَانَ فِي حَوْضِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ: شَقَقْتَ عَلِيَّ. فَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ عُمَرُ, وَأَكْرَمَهُ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ نَيِّفٍ وَمائَةٍ. فَإِنْ كَانَ الأَوْزَاعِيُّ شَافَهَهُ، فهو أكبر شيخ له.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 554"، التاريخ الكبير "8/ ترجمة 2133"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 1972"، العبر "1/ 123 و 262"، الكاشف "3/ ترجمة 5723"، تاريخ الإسلام "4/ 205"، تهذيب التهذيب "10/ 296"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7433" شذرات الذهب "1/ 123- 124".

(5/208)


505- مالك بن أسماء 1:
ابن خَارِجَةَ الفَزَارِيُّ، مِنْ فُحُوْلِ الشُّعَرَاءِ, لَهُ وِفَادَةٌ عَلَى عَبْدِ المَلِكِ بنِ مَرْوَانَ، وَكَانَ عَامِلاً عَلَى الحِيْرَةِ لِلْحَجَّاجِ. وَكَانَ جَمِيْلاً، وَسِيْماً. وَمِنْ شِعْرِهِ:
رُبَّمَا قَدْ لُقِيْتُ أَمْسِ كَئِيْباً ... أَقْطَعُ اللَّيْلَ عَبْرَةً وَنَحِيْبَا
أَيُّهَا المُشْفِقُ المُلِحُّ حِذَاراً ... إن الموت طالبا رقيبا
__________
1 ترجمته في الأغاني "16/ 41"، تاريخ الإسلام "4/ 188".

(5/209)


506- أبو الأشعث 1: "م، 4"
الصنعاني، مِنْ كِبَارِ عُلَمَاءِ دِمَشْقَ وَفِي اسْمِهِ أَقْوَالٌ، أقواها: شراحيل ابن آدَةَ.
حَدَّثَ عَنْ: عُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ، وَثَوْبَانَ, وَشَدَّادِ بنِ أَوْسٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ, وَأَبِي ثَعْلَبَةَ الخُشَنِيِّ، وَأَوْسِ بنِ أَوْسٍ, وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو قِلاَبَةَ الجَرْمِيُّ، وَحَسَّانُ بنُ عَطِيَّةَ وَيَحْيَى الذِّمَارِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ يَزِيْدَ بنِ جَابِرٍ، وجماعة.
وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَغَيْرُهُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: هُوَ يَمَانِيٌّ، نَزَلَ دِمَشْقَ.
وَقَالَ الحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ: لَعَلَّهُ مِنْ صَنْعَاءِ اليَمَنِ، فَنَزَلَ صَنْعَاءَ دِمَشْقَ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ بَعْدَ المائَةِ, وَلَمْ يُخَرِّجْ لَهُ البُخَارِيُّ، وَلاَ لأَبِي سَلاَّمٍ؛ لأَنَّهُمَا لاَ يَكَادَانِ يُصَرِّحَانِ بِاللِّقَاءِ، وَهُوَ لاَ يَقْنَعُ بِالمُعَاصَرَةِ.
وَفِي "صَحِيْحِ مُسْلِمٍ" عَنْ أَيُّوْبَ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ، قَالَ: كُنْتُ بِالشَّامِ فِي حَلْقَةٍ فِيْهَا مُسْلِمُ بنُ يَسَارٍ فَجَاءَ أَبُو الأَشْعَثِ فَقَالُوا: أَبُو الأَشْعَثِ, أَبُو الأَشْعَثِ. فَجَلَسَ فَقَالُوا لَهُ: حَدِّثْ أَخَانَا حَدِيْثَ عُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ قَالَ: نَعَمْ، غَزَوْنَا غَزَاةً, وَعَلَى النَّاسِ مُعَاوِيَةُ، فَغَنِمْنَا, فَكَانَ فِيْمَا غَنِمْنَا آنِيَةٌ مِنْ فِضَّةٍ فَأَمَرَ مُعَاوِيَةُ رَجُلاً أَنْ يَبِيْعَهَا فِي أُعْطِيَاتِ النَّاسِ، فَتَسَارَعَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ. فَقَامَ عُبَادَةُ بنُ الصَّامِتِ فَقَالَ: "إِنِّي سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينهى عن بيع الذهب بالذهب"2 الحديث.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 536"، التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2717"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 1627"، الكاشف "2/ ترجمة 2275"، تاريخ الإسلام "3/ 254" و "4/ 71"، تهذيب التهذيب "4/ 319"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2923"، شذرات الذهب "1/ 123".
2 صحيح: أخرجه مسلم "1857".

(5/209)


507- ربعي بن حراش 1: "ع"
ابن جحش بن عمرو، الإِمَامُ، القُدْوَةُ، الوَلِيُّ، الحَافِظُ، الحُجَّةُ، أَبُو مَرْيَمَ الغَطَفَانِيُّ، ثُمَّ العَبْسِيُّ الكُوْفِيُّ، المُعَمَّرُ أَخُو العَبْدِ الصَّالِحِ مَسْعُوْدٍ؛ الَّذِي تَكَلَّمَ بَعْدَ المَوْتِ.
سَمِع مِنْ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ يَوْمَ الجَابِيَةِ، وَعَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ، وَأَبِي مُوْسَى الأَشْعَرِيِّ، وَأَبِي مَسْعُوْدٍ البَدْرِيِّ, وَحُذَيْفَةَ بنِ اليَمَانِ، وَأَبِي بَكْرَةَ الثَّقَفِيِّ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ, ومنصور بن المعتمر, وعبد الملك بن عُمَيْرٍ، وَحُصَيْنُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَآخَرُوْنَ.
عِمْرَانُ بنُ عُيَيْنَةَ: عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بنِ حِرَاشٍ، قَالَ: خَطَبَنَا عُمَرُ بِالجَابِيَةِ.
وَعَنِ الكَلْبِيِّ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ إِلَى حِرَاشِ بنِ جَحْشٍ، فَخَرَّقَ كِتَابَهُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ السُّلَمِيُّ: رَأَيْتُ رِبْعِيَّ بنَ حِرَاشٍ مَرَّ بِعَشَّارٍ, وَمَعَهُ مَالٌ، فَوَضَعَهُ عَلَى قَرَبُوْسِ سَرْجِهِ، ثُمَّ غَطَّاهُ وَمَرَّ.
قَالَ الأَصْمَعِيُّ: أَتَى رَجُلٌ الحَجَّاجَ، فَقَالَ: إِنَّ رِبْعِيَّ بنَ حِرَاشٍ زَعَمُوا لاَ يَكْذِبُ، وَقَدْ قَدِمَ وَلدَاهُ عَاصِيَيْنِ. قَالَ: فَبَعَثَ إِلَيْهِ الحَجَّاجُ، فَقَالَ: مَا فَعَلَ ابْنَاكَ؟ قَالَ: هُمَا فِي البَيْتِ -وَاللهُ المُسْتَعَانُ- فَقَالَ لَهُ الحَجَّاجُ بنُ يُوْسُفَ: هُمَا لَكَ وَأَعْجَبَهُ صِدْقُهُ.
وَرَوَاهَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ مَنْصُوْرٍ, وَزَادَ: قَالُوا: مَنْ ذَكَرْتَ يا أبا سفيان؟ قال: ذكرت ربيعًا وَتَدْرُوْنَ مَنْ رِبْعِيٌّ؟ كَانَ رِبْعِيٌّ مِنْ أَشْجَعَ، زَعَمَ قَوْمُهُ أَنَّهُ لَمْ يَكْذِبْ قَطُّ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيُّ: رِبْعِيٌّ ثِقَةٌ. وقال ابن خراش: صدوق.
البُرْجُلاَنِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ عَوْنٍ أَنْبَأَنَا بَكْرُ بنُ مُحَمَّدٍ العَابِدُ، عَنِ الحَارِثِ الغَنَوِيِّ، قَالَ: آلَى رِبْعِيُّ بنُ حِرَاشٍ أَنْ لاَ تَفْتَرَّ أَسْنَانُهُ ضَاحِكاً حَتَّى يَعْلَمَ أَيْنَ مَصِيْرُهُ؟ قَالَ الحَارِثُ: فَأَخْبَرَ الَّذِي غَسَّلَهُ أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ مُتَبَسِّماً عَلَى سَرِيْرِهِ, وَنَحْنُ نُغَسِّلِهُ, حتى فرغنا منه، رحمة الله عليه.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 127"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 1106"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 2307"، الحلية لأبي نعيم "4/ 367"، تاريخ بغداد "8/ 433"، أسد الغابة "2/ 162"، تاريخ الإسلام "4/ 111"، تذكرة الحفاظ "1/ 65"، العبر "1/ 121"، تهذيب التهذيب "3/ 336"، الإصابة "1/ ترجمة 2721"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة رقم 2013"، شذرات الذهب "1/ 121".

(5/210)


قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: بَنُوْ حِرَاشٍ ثَلاَثَةٌ: رِبْعِيٌّ، وَرَبِيْعٌ, وَمَسْعُوْدٌ.
قَالَ مَنْصُوْرُ بنُ المُعْتَمِرِ: سُعِيَ إِلَى الحَجَّاجِ بِأَنَّكَ ضَرَبْتَ البَعْثَ عَلَى ابْنَيْ رِبْعِيٍّ، فَعَصَيَا. فَبَعَثَ إِلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ شَيْخٌ مُنْحَنٍ، فَقَالَ: مَا فَعَلَ ابْنَاكَ؟ قَالَ: هُمَا فِي البَيْتِ. قَالَ: فَحَمَلَهُ وَكَسَاهُ، وَأَوْصَى بِهِ خَيْراً.
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ الصَّفَّارُ، أَنْبَأَنَا ابْنُ خَلِيْلٍ, أَنْبَأَنَا أَبُو المَكَارِمِ اللَّبَّانُ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الغَسَّانِيُّ, حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ العَبَّاسِ البَجَلِيُّ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ رِيَاحٍ الأَشْجَعِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي, عَنْ عَبِيْدَةَ, عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ, عَنْ رِبْعِيٍّ، قَالَ: كُنَّا أَرْبَعَةَ إِخْوَةٍ, فَكَانَ الرَّبِيْعُ أَكْثَرَنَا صَلاَةً وَصِيَاماً فِي الهَوَاجِرِ, وَإِنَّهُ تُوُفِّيَ، فَبَيْنَا نَحْنُ حَوْلَهُ قَدْ بَعَثْنَا من يبتاع له كفنًا, إذا كَشَفَ الثَّوْبَ عَنْ وَجْهِهِ، فَقَالَ: السَّلاَمُ عَلَيْكُم. فَقَالَ القَوْمُ: عَلَيْكُمُ السَّلاَمُ يَا أَخَا عِيْسَى أَبَعْدَ المَوْتِ؟ قَالَ: نَعَمْ، إِنِّي لَقِيْتُ رَبِّي بَعْدَكُم فَلقِيْتُ رَبّاً غَيْرَ غَضْبَانَ وَاسْتَقْبَلَنِي بِرُوْحٍ وَرَيْحَانٍ وَإِسْتَبْرَقٍ ألَّا وَإِنَّ أَبَا القَاسِمِ يَنْتَظِرُ الصلاة علي، فجعلوني ثُمَّ كَانَ بِمَنْزِلَةِ حَصَاةٍ رُمِيَ بِهَا فِي طَسْتٍ. فَنُمِيَ الحَدِيْثُ إِلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا فَقَالَتْ: أَمَا إِنِّي سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُوْلُ: "يَتَكَلَّمُ رَجُلٌ من أمتي بعد الموت".
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: وَرَوَاهُ عَنْ عَبْدِ المَلِكِ: زيد بن أبي أنيسة، وإسماعيل ابن أَبِي خَالِدٍ, وَالثَّوْرِيُّ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ. وَمَا رَفَعَهُ سِوَى عَبِيْدَةُ.
وَبِهِ، قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى, حَدَّثَنَا عَاصِمُ بنُ عَلِيٍّ, حَدَّثَنَا المَسْعُوْدِيُّ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ عَنْ رِبْعِيٍّ قَالَ: مَاتَ أَخٌ لَنَا فَسَجَّيْنَاهُ فَذَهَبْتُ فِي الْتِمَاسِ كَفَنِهِ, فَرَجَعْتُ وَقَدْ كَشَفَ الثَّوْبَ، وَهُوَ يَقُوْلُ..، فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَفِيْهِ: وَعَدْتُ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لاَ يَذْهَبَ حَتَّى أُدْرِكَهُ. قَالَ: فَمَا شَبَّهْتُ خُرُوْجَ نَفْسِهِ إلَّا كَحَصَاةٍ أُلْقِيَتْ فِي مَاءٍ، فَرَسَبَتْ. فَذُكِرَ ذَلِكَ لِعَائِشَةَ، فَقَالَتْ: قَدْ كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّ رَجُلاً مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ يَتَكَلَّمُ بَعْدَ المَوْتِ.
قَالَ هَارُوْنُ بنُ حَاتِمٍ: حَدَّثُوْنَا أَنَّ رِبْعِيّاً تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ. وَقَالَ خَلِيْفَةُ: بَعْد الجَمَاجِمِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ، وَغَيْرُهُمَا: مَاتَ فِي خِلاَفَةِ عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ. وَقَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَمائَةٍ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: سَنَة مائَةٍ. وَقَالَ المَدَائِنِيُّ، وَابْنُ مَعِيْنٍ: سَنَةَ أَرْبَعٍ ومائة.

(5/211)


508- أبو ظبيان 1: "ع"
الجنبي الكوفي، وَاسْمُهُ: حُصَيْنُ بنُ جُنْدُبِ بنِ عَمْرٍو، مِنْ علماء الكوفة.
يَرْوِيْ عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَحُذَيْفَةَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِمُتَّصِلٍ وَرَوَى عَنْ: جَرِيْرِ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَأُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ؛ قَابُوْسٌ, وَحُصَيْنُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَطَاءُ بنُ السَّائِبِ، وَسُلَيْمَانُ الأَعْمَشُ، وَجَمَاعَةٌ.
وَثَّقَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَى صِدْقِهِ، وَحَدِيْثُهُ فِي الكُتُبِ كُلِّهَا.
وَكَانَ مِمَّنْ غَزَا القُسْطَنْطِيْنِيَّةَ مَعَ يَزِيْدَ بنِ مُعَاوِيَةَ سَنَةَ خَمْسِيْنَ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ. وَقِيْلَ: سَنَةَ تسعين.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 224"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 6"، و "9/ ترجمة 850"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 824"، تهذيب التهذيب "2/ 379"، الإصابة "1/ ترجمة 1730"، شذرات الذهب "1/ 99".

(5/212)


509- أبو عبيدة 1: "ع"
ابن عبد الله بن مسعود الهذلي الكُوْفِيُّ، أَخُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ. يُقَالُ اسْمُهُ: عَامِرٌ، وَلَكِنْ لاَ يَرِدُ إلَّا بِالكُنْيَةِ.
رَوَى عَنْ أَبِيْهِ شَيْئاً، وَأَرْسَلَ عَنْهُ أَشْيَاءَ. وَرَوَى عَنْ: أَبِي مُوْسَى الأَشْعَرِيِّ، وَعَائِشَةَ, وَكَعْبِ بنِ عُجْرَةَ, وَجَمَاعَةٍ, وَعَنْ: مَسْرُوْقٍ، وَعَلْقَمَةَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: إِبْرَاهِيْمُ النَّخَعِيُّ، وَسَالِمٌ الأَفْطَسُ، وَسَعْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَخُصَيْفٌ الجَزَرِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الجَزَرِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ، وآخرون, وثقوه.
توفي سنة إحدى وثمانين.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 210"، التاريخ الكبير "9/ ترجمة 447"، حلية الأولياء "4/ 204" تاريخ الإسلام "3/ 230"، تهذيب التهذيب "5/ 75"، شذرات الذهب "1/ 90".

(5/212)


510- طويس 1:
المدني، أَحَدُ مَنْ يُضْرَبُ بِهِ المَثَلُ فِي صِنَاعَةِ الغِنَاءِ. اسْمُهُ أَبُو عَبْدِ المُنْعِمِ، عِيْسَى بنُ عَبْدِ اللهِ. وَكَانَ أَحْوَلَ, طُوَالاً. وَكَانَ يُقَالُ: أَشْأَمُ مِنْ طُوَيْسٍ؛ قِيْلَ: لأَنَّهُ وُلِدَ يَوْمَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفُطِمَ يَوْمَ مَوْتِ أَبِي بَكْرٍ, وَبَلَغَ يَوْمَ مَقْتَلِ عُمَرَ، وَتَزَوَّجَ يَوْمَ مَقْتَلِ عُثْمَانَ, وَوُلِدَ لَهُ يَوْمَ مَقْتَلِ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُم.
مَاتَ سنة اثنتين وتسعين.
__________
1 ترجمته في الأغاني "2/ 170"، وفيات الأعيان "3/ ترجمة 519"، تاريخ الإسلام "4/ 16"، النجوم الزاهرة "1/ 225"، شذرات الذهب "1/ 100".

(5/213)


511- موسى بن طلحة 1: "ع"
ابن عبيد الله، الإِمَامُ، القُدْوَةُ، أَبُو عِيْسَى القُرَشِيُّ, التَّيْمِيُّ, المَدَنِيُّ، نَزِيْلُ الكُوْفَةِ.
رَوَى عَنْ أَبِيْهِ. وَعَنْ: عُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَأَبِي أَيُّوْبَ، وَعَائِشَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ, وَغَيْرِهِمْ.
حَدَّثَ عَنْهُ: وَلَدُهُ؛ عِمْرَانُ، وَحَفِيْدُهُ؛ سُلَيْمَانُ بنُ عِيْسَى, وَأَوْلاَدُ إِخْوَتِهِ؛ مُعَاوِيَةُ وَمُوْسَى ابْنَا إِسْحَاقَ بنِ طَلْحَةَ، وَطَلْحَةُ, وَإِسْحَاقُ ابْنَا يَحْيَى بنِ طَلْحَةَ، وَسِمَاكُ بنُ حَرْبٍ، وَبَيَانُ بنُ بِشْرٍ، وَعَبْدُ المَلِكِ بنُ عُمَيْرٍ, وَعُثْمَانُ بن عبد الله ابن مَوْهَبٍ, وَابْنَاهُ؛ مُحَمَّدٌ وَعَمْرُو ابْنَا عُثْمَانَ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: هُوَ أَفَضْلُ وَلَدِ طَلْحَةَ بَعْدَ مُحَمَّدٍ
قُلْتُ: كَانَ مُحَمَّدٌ هَذَا أَكْبَرَ أَوْلاَدِ أَبِيْهِ، قُتِلَ مَعَهُ يَوْمَ الجَمَلِ، وَكَانَ عَابِداً، نَبِيْلاً، ثُمَّ أَفَضْلُهُمْ مُوْسَى صَاحِبُ التَّرْجَمَةِ، ثُمَّ عِيْسَى بنُ طَلْحَةَ، ثُمَّ يَحْيَى بنُ طَلْحَةَ، ثُمَّ يَعْقُوْبُ بنُ طَلْحَةَ أَحَدُ الأَجْوَادِ قُتِلَ يَوْمَ الحَرَّةِ، ثُمَّ زَكَرِيَّا بنُ طَلْحَةَ سِبْطِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ، ثُمَّ إِسْحَاقُ بنُ طَلْحَةَ، ثُمَّ عِمْرَانُ بنُ طَلْحَةَ، وَلَهُمْ أَوْلاَدٌ وَعَقِبٌ.
قِيْلَ: كَانَ مُوْسَى يُسَمَّى المَهْدِيُّ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 161" و "6/ 211"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 1221" الجرح والتعديل "8/ ترجمة 667"، حليلة الأولياء "4/ 371" العبر "1/ 126"، تاريخ الإسلام "4/ 206"، الكاشف "3/ ترجمة 5805"، تهذيب التهذيب "10/ 350"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة رقم 7280"، شذرات الذهب "1/ 125".

(5/213)


وَثَّقَهُ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ، وَغَيْرُهُ.
وَرَوَى الأَسْوَدُ بنُ شَيْبَانَ، عَنْ خَالِدِ بنِ سُمَيْرٍ، قَالَ: لَمَّا ظَهَرَ المُخْتَارُ الكَذَّابُ بِالكُوْفَةِ، هَرَبَ مِنْهُ نَاسٌ, فقدموا علينا البصرة، فكان منهم مُوْسَى بنُ طَلْحَةَ، وَكَانَ فِي زَمَانِهِ يَرَوْنَ أَنَّهُ المَهْدِيُّ، فَغَشِيْنَاهُ, فَإِذَا هُوَ رَجُلٌ طَوِيْلُ السُّكُوْتِ, شَدِيْدُ الكَآبَةِ وَالحُزْنِ، إِلَى أَنْ رَفَعَ رَأْسَهُ يَوْماً, فَقَالَ: وَاللهِ لأَنْ أَعْلَمَ أَنَّهَا فِتْنَةٌ لَهَا انْقِضَاءٌ, أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا، وَأَعْظَمَ الخَطَرَ. فَقَالَ رَجُلٌ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، وَمَا الَّذِي تَرْهَبُ أَنْ يَكُوْنَ أَعْظَمَ مِنَ الفِتْنَةِ؟ قَالَ: الهَرْجُ قَالُوا: وَمَا الهَرْجُ. قال كان أصحاب رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَدِّثُوْنَا القَتْلَ القَتْلَ حَتَّى تَقُوْمَ السَّاعَةُ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ.
وَعَنْ مُوْسَى بنِ طَلْحَةَ، قَالَ: صَحِبْتُ عُثْمَانَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- ثِنْتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً.
قَالَ ابْنُ مَوْهَبٍ: رَأَيْتُ مُوْسَى بنَ طَلْحَةَ يَخْضِبُ بِالسَّوَادِ.
وَقَالَ عِيْسَى بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: رَأَيْتُ عَلَى مُوْسَى بنِ طَلْحَةَ بُرْنُسَ خَزٍّ.
رَوَى صَالِحُ بنُ مُوْسَى الطَّلْحِيُّ، عَنْ عَاصِمِ بنِ أَبِي النَّجُوْدِ، قَالَ: فُصَحَاءُ النَّاسِ ثَلاَثَةٌ: مُوْسَى بنُ طَلْحَةَ التَّيْمِيُّ، وَقَبِيْصَةُ بنُ جَابِرٍ الأَسَدِيُّ، وَيَحْيَى بنُ يَعْمَرَ.
وَوَرَدَ مِثْلُ هَذَا القَوْلِ عَنْ: عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ.
مَاتَ مُوْسَى فِي آخِرِ سَنَةِ ثَلاَثٍ وَمائَةٍ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيِّ إِجَازَةً، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ, حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ خَلاَّدٍ، حَدَّثَنَا الحَارِثُ بنُ مُحَمَّدٍ, حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ, أَنْبَأَنَا أَبُو مَالِكٍ الأشجعي، عن موسى بن طَلْحَةَ, عَنْ أَبِي أَيُّوْبَ الأَنْصَارِيِّ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "أَسْلَمُ, وَغِفَارُ, وَجُهَيْنَةُ, وَأَشْجَعُ, وَمَنْ كَانَ مِنْ بَنِي كَعْبٍ موالي دون الناس والله رسوله مولاهم" 1.
__________
1 صحيح: أخرجه أبو نعيم "في الحلية" "4/ 374"، والحاكم "4/ 82"، من طريق يزيد بن هارون، به. وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي في "التلخيص".
قلت: إسناده صحيح، رجاله ثقات، وأبو مالك الأشجعي، هو سعد بن طارق، ثقة.

(5/214)


عيسى بن طلحة، محمد بن طلحة، إسحاق بن طلحة

512- عيسى بن طلحة 1: "ع"
ابن عبيد الله، أبو محمد القرشي التَّيْمِيُّ، المَدَنِيُّ، أَحَدُ الإِخْوَةِ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ، [و] معاوية، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَطَلْحَةُ بنُ يَحْيَى بنِ طَلْحَةَ، وَالزُّهْرِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ مِنَ الحُلَمَاءِ الأَشْرَافِ، وَالعُلَمَاءِ الثِّقَاتِ، وَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، وَعَاشَ إِلَى حُدُوْدِ سَنَةِ مائَةٍ.
وَرَوَى أَيُّوْبُ بنُ عَبَايَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ مِرْبَاعٍ، قَالَ: دَخَلَ رَجُلٌ إِلَى عِيْسَى بنِ طَلْحَةَ، فَأَنْشَدَ عِيْسَى:
يَقُوْلُوْنَ لَوْ عَذَّبْتَ قَلْبَكَ لاَرْعَوَى؟
فَقُلْتُ وَهَلْ لِلْعَاشِقِيْنَ قُلُوْبُ؟
عَدِمْتُ فُؤَادِي كَيْفَ عَذَّبَهُ الهَوَى؟!
وَمَا لِفُؤَادِي مِنْ هَوَاهُ طَبِيْبُ
فَقَامَ الرَّجُلُ، فَأَسْبَلَ إِزَارَهُ، وَمضَى إِلَى بَابِ الحُجْرَةِ يتبختر، ثم يرجع حتى عَادَ إِلَى مَجْلِسِهِ طَرِباً، وَقَالَ: أَحْسَنْتَ. فَضَحِكَ عِيْسَى وَجَلَسَاؤُهُ لِطَرَبِ الرَّجُلِ.
513- مُحَمَّدُ بنُ طَلْحَةَ 2:
المُلَقَّبُ بِالسَّجَّادِ لِعِبَادَتِهِ وَتَأَلُّهِهِ. وُلِدَ: فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قُتِلَ شَابّاً يَوْمَ الجَمَلِ, لَمْ يَزَلْ بِهِ أَبُوْهُ حَتَّى سَارَ مَعَهُ. وَأُمُّهُ: هِيَ حَمْنَةُ بِنْتُ جَحْشٍ، وَسَيَأْتِي ابْنُهُ إِبْرَاهِيْمُ.
514- إِسْحَاقُ بنُ طَلْحَةَ 3:
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ وَعَائِشَةَ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ، مُعَاوِيَةُ، وَابْنُ أخيه؛ إسحاق بن يحيى وَهُوَ ابْنُ خَالَةِ مُعَاوِيَةَ بنِ أَبِي سُفْيَانَ، وَجَدُّهُ: هُوَ عُتْبَةُ بنُ رَبِيْعَةَ. وَلاَّهُ مُعَاوِيَةُ خَرَاجَ خُرَاسَانَ، فَمَاتَ هُنَاكَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وخمسين أرخه: المدائني.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 164"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2719"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1550"، الكاشف "2/ ترجمة 4446"، تاريخ الإسلام "4/ 43"، تهذيب التهذيب "8/ 215"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5572"، شذرات الذهب "1/ 119".
2 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 52"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة 1577"، أسد الغابة "4/ 322"، الإصابة "3/ ترجمة 7781 "، شذرات الذهب "1/ 43".
3 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 166"، التاريخ الكبير "1/ ترجمة 1293"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 784"، تاريخ الإسلام "2/ 273"، تهذيب التهذيب "1/ 238".

(5/215)


515- عائشة بنت طلحة 1: "ع"
ابن عبيد الله التيمية، بِنْتُ أُخْتِ أُمِّ المُؤْمِنِيْنَ عَائِشَةَ؛ أُمِّ كُلْثُوْمٍ؛ بِنْتَيِ الصِّدِّيْقِ. تَزَوَّجَهَا ابْنُ خَالِهَا؛ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ، ثُمَّ بَعْدَهُ: أَمِيْرُ العِرَاقِ مُصْعَبٌ، فَأَصْدَقَهَا مُصْعَبٌ مائَةَ أَلْفِ دِيْنَارٍ قِيْلَ: وَكَانَتْ أَجْمَلَ نِسَاءِ زَمَانِهَا وَأَرْأَسَهُنَّ وَحَدِيْثُهَا مُخَرَّجٌ فِي الصِّحَاحِ. وَلَمَّا قُتِلَ مُصْعَبُ بنُ الزُّبَيْرِ تَزَوَّجَهَا عُمَرُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ التَّيْمِيُّ، فَأَصْدَقَهَا أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ, وَفِي ذَلِكَ يَقُوْلُ الشَّاعِرُ:
بُضْعُ الفَتَاةِ2 بِأَلْفِ أَلْفٍ كَامِلٍ
وَتَبِيْتُ سَادَاتُ الجُيُوْشِ جِيَاعَا
رَوَتْ عَنْ خَالَتِهَا عَائِشَةَ. وَعَنْهَا: حَبِيْبُ بنُ أَبِي عَمْرَةَ, وَابْنُ أَخِيْهَا؛ طَلْحَةُ بنُ يَحْيَى وَابْنُ أَخِيْهَا الآخَرُ مُعَاوِيَةُ بنُ إِسْحَاقَ, وَابْنُ ابْنِ أَخِيْهَا مُوْسَى؛ عُبَيْدُ اللهِ بنُ إِسْحَاقَ, وَفُضَيْلٌ الفُقَيْمِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَفَدَتْ عَلَى هِشَامِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ، فَاحْتَرَمَهَا وَوَصَلَهَا بِجُمْلَةٍ كَبِيْرَةٍ.
وَثَّقَهَا يَحْيَى بن معين.
هُشَيْمٌ: أَنْبَأَنَا مُغِيْرَةُ, عَنْ إِبْرَاهِيْمَ: أَنَّ عَائِشَةَ بِنْتَ طَلْحَةَ قَالَتْ: إِنْ تَزَوَّجَتْ مُصْعَباً فَهُوَ عَلَيْهَا كَظَهْرِ أُمِّهَا فَتَزَوَّجَتْهُ فَسَأَلَتْ عَنْ ذَلِكَ, فَأُمِرَتْ أَنْ تُكَفِّرَ فَأَعْتَقَتْ غُلاَماً لَهَا ثَمَنَ أَلْفَيْنِ. رَوَاهُ: سَعِيْدٌ فِي "سُنَنِهِ".
بَقِيَتْ إِلَى قريب من سنة عشر ومائة بالمدينة.
__________
1 ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 467"/ الأغاني "11/ 176"، تاريخ الإسلام "4/ 135"، العبر "1/ 123"، تهذيب التهذيب "12/ 436"، النجوم الزاهرة "1/ 290"، شذرات الذهب "1/ 122".
2 بضع القناة: مهرة الفتاة.

(5/216)


516- عمران بن طلحة 1: "د، ت، ق"
ابن عبيد الله، قَدِيْمُ الوَفَاةِ.
حَدَّثَ عَنْ أَبِيْهِ: وَأُمِّهِ؛ حَمْنَةَ، وَعَلِيٍّ.
وَعَنْهُ: ابْنَا أَخِيْهِ؛ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَمُعَاوِيَةُ بنُ إِسْحَاقَ، وَسَعْدُ بنُ طَرِيْفٍ.
قَالَ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ تَابِعِيٌّ, ثِقَةٌ. وَقِيْلَ: انْقَرَضَ عَقِبُهُ. وَيُقَالُ: وُلِدَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 166"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2833"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1661"، الكاشف "2/ ترجمة 4335"، تاريخ الإسلام "3/ 286"، تهذيب التهذيب "8/ 133"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5431"، الإصابة "3/ ترجمة 6271".

(5/217)


517- عكرمة 1: "خ، م"
ابن عبد الرحمن بن الحَارِثِ بنِ هِشَامِ بنِ المُغِيْرَةِ، سَيِّدُ بَنِي مخزوم في زَمَانِهِ. أَبُو عَبْدِ اللهِ, وَأَخُو الفَقِيْهِ أَبِي بَكْرٍ.
سَمِع أَبَاهُ، وَابْنَ عَمْرٍو السَّهْمِيَّ، وَأُمَّ سَلَمَةَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنَاهُ؛ عَبْدُ اللهِ وَمُحَمَّدٌ، وَالزُّهْرِيُّ، وَيَحْيَى بنُ مُحَمَّدِ بنِ صَيْفِيٍّ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: هُوَ قَلِيْلُ الحَدِيْثِ, ثِقَةٌ.
قُلْتُ: توفي بعد المائة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 209"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 225"، المعرفة والتاريخ "1/ 372"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة 37"، تاريخ الإسلام "4/ 156"، الكاشف "2/ ترجمة 3922"، تهذيب التهذيب "7/ 260"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4926".

(5/217)


518- أبو الجوزاء 1: "ع"
أوس بن عبد الله الربعي البصري، مِنْ كِبَارِ العُلَمَاءِ.
حَدَّثَ عَنْ: عَائِشَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرِو بنِ العَاصِ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو الأَشْهَبِ العُطَارِدِيُّ، وَعَمْرُو بنُ مَالِكٍ النُّكْرِيُّ, وَبُدَيْلُ بنُ مَيْسَرَةَ، وَجَمَاعَةٌ.
وَكَانَ أَحَدَ العُبَّادِ الَّذِيْنَ قَامُوا عَلَى الحَجَّاجِ. فَقِيْلَ: إِنَّهُ قُتِلَ يَوْمَ الجَمَاجِمِ.
رَوَى حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بنِ مَالِكٍ، سَمِعَ أَبَا الجَوْزَاءِ يَقُوْلُ: مَا لَعَنْتُ شَيْئاً قَطُّ، وَلاَ أَكَلْتُ شَيْئاً مَلْعُوْناً قَطُّ، وَلاَ آذَيْتُ أَحَداً قَطُّ.
قُلْتُ: انْظُر إِلَى هَذَا السَّيِّدِ، وَاقْتَدِ به.
وَعَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: مَا مَارَيْتُ أَحَداً قَطُّ.
وَرَوَى عَنْهُ: عَمْرُو بنُ مَالِكٍ, قَالَ: لأَنْ أُجَالِسَ الخَنَازِيْرَ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُجَالِسَ أَحَداً مِنْ أَهْلِ الأَهْوَاءِ.
وَكَانَ أَبُو الجَوْزَاءِ قَوِيّاً بِالمَرَّةِ. رَوَى نُوْحُ بنُ قَيْسٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ الرَّبَعِيِّ، قَالَ: كَانَ أَبُو الجَوْزَاءِ يُوْاصِلُ أُسْبُوْعاً, وَيَقْبِضُ عَلَى ذِرَاعِ الشَّابِّ، فَيَكَادُ يَحْطِمُهَا.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 223"، التاريخ الكبير "2/ ترجمة 1540"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 1133"، حلية الأولياء، "3/ 78"، العبر "1/ 96"، تاريخ الإسلام "3/ 316"، تهذيب التهذيب "1/ 383"، شذرات الذهب "1/ 93".

(5/217)


519- شهر بن حوشب 1: "4، م مقرونًا"
أبو سعيد الأشعري الشَّامِيُّ، مَوْلَى الصَّحَابِيَّةِ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيْدَ الأَنْصَارِيَّةِ، كَانَ مِنْ كِبَارِ عُلَمَاءِ التَّابِعِيْنَ.
حَدَّثَ عَنْ: مَوْلاَتِهِ؛ أَسْمَاءَ, وَعَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَائِشَةَ, وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، وَأُمِّ سَلَمَةَ وَأَبِي سَعِيْدٍ الخُدْرِيِّ, وَعِدَّةٍ.
وَقَرَأَ القُرْآنَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ. وَيُرْسِلُ عَنْ: بِلاَلٍ، وَأَبِي ذَرٍّ وَسَلْمَانَ، وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: قَتَادَةُ, وَمُعَاوِيَةُ بنُ قُرَّةَ, وَالحَكَمُ بنُ عُتَيْبَةَ, وَأَبُو بِشْرٍ جَعْفَرُ ابن أَبِي وَحْشِيَّةَ، وَمُقَاتِلُ بنُ حَيَّانَ, وَدَاوُدُ بنُ أَبِي هِنْدٍ، وَأَشْعَثُ بنُ عَبْدِ اللهِ الحُدَّانِيُّ, وَأَبُو بَكْرٍ الهُذَلِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عُثْمَانَ بنِ خُثَيْمٍ, وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ زِيَادٍ المَكِّيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ ثَابِتِ بنِ ثَوْبَانَ، وَعَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ بَهْرَامَ, وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
أَبَانُ بنُ صَمْعَةَ قَالَ: قُلْتُ لِشَهْرٍ: يَا أَبَا سَعِيْدٍ ... ، وَبِهَا كَنَّاهُ: مُسْلِمٌ, وَالنَّسَائِيُّ.
وَعَنْ حَنْظَلَةَ، عَنْ شَهْرٍ، قَالَ: عَرَضْتُ القُرْآنَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ سَبْعَ مَرَّاتٍ.
وَعَنِ ابْنِ أَبِي نَهِيْكٍ، قَالَ: قَرَأْتُ القُرْآنَ عَلَى: ابْنِ عَبَّاسٍ, وَابْنِ عُمَرَ, وَجَمَاعَةٍ، فَمَا رَأَيْتُ أَحَداً أَقْرَأَ مِنْ شَهْرِ بن حوشب.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 449"، التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2730"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 1668" حلية الأولياء "6/ 59" أخبار أصبهان "1/ 343"، الكاشف "2/ ترجمة 2336"، تاريخ الإسلام "4/ 12"، العبر "1/ 119"، تهذيب التهذيب "4/ 369" شذرات الذهب "1/ 119"، النجوم الزاهرة "1/ 271".

(5/218)


رَوَاهُ البُخَارِيُّ فِي تَرْجَمَةِ شَهْرٍ، ثُمَّ قَالَ: سَمِعَ مِنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي سَعِيْدٍ, وَأُمِّ سَلَمَةَ وَجُنْدُبِ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو.
عَلِيُّ بنُ عَيَّاشٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ بَهْرَامَ, قَالَ: أَتَى عَلَى شَهْرِ بنِ حَوْشَبٍ ثَمَانُوْنَ سَنَةً, وَرَأَيْتُهُ يَعْتَمُّ بِعِمَامَةٍ سَوْدَاءَ, طَرَفُهَا بَيْنَ كَتِفَيْهِ, وَعِمَامَةٍ أُخْرَى قَدْ أَوْثَقَ بِهَا وَسَطَهُ سَوْدَاءَ، وَرَأَيْتُهُ مَخْضُوْباً خِضَابَةً سَوْدَاءَ فِي حُمْرَةٍ، وَوَفَدَ عَلَى بِلاَلِ بنِ مِرْدَاسٍ الفَزَارِيِّ بِحَوْلاَيَا، فَأَجَازَهُ بِأَرْبَعَةِ آلاَفِ دِرْهَمٍ, فَأَخَذَهَا.
إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَيَّاشٍ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بنُ نويرة: دعي شهر بن حَوْشَبٍ إِلَى وَلِيْمَةٍ، وَأَنَا مَعَهُ فَدَخَلْنَا، فَأَصَبْنَا مِنْ طَعَامِهِمْ، فَلَمَّا سَمِعَ شَهْرُ المِزْمَارَ، وَضَعَ أُصْبُعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ وَخَرَجَ.
رَوَى حَرْبٌ الكَرْمَانِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ: شَهْرٌ ثِقَةٌ، مَا أَحْسَنَ حَدِيْثَهُ!
وَقَالَ حَنْبَلٌ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ يَقُوْلُ: شَهْرٌ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: قَالَ مُحَمَّدٌ يَعْنِي: البُخَارِيَّ: شَهْرٌ حَسَنُ الحَدِيْثِ. وَقَوَّى أَمْرَهُ، وَقَالَ: إِنَّمَا تَكَلَّمَ فِيْهِ ابْنُ عَوْنٍ, ثُمَّ إِنَّهُ رَوَى عَنْ رَجُلٍ، عَنْهُ.
وَقَالَ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ: ثِقَةٌ. وَرَوَى عَبَّاسٌ، عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ: شَهْرٌ ثَبْتٌ.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ، وَغَيْرُهُ: لاَ بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالقَوِيِّ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لاَ يُحْتَجُّ بِهِ وَلاَ يُتَدَيَّنُ بِحَدِيْثِهِ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: لَيْسَ هُوَ بِدُوْنِ أَبِي الزُّبَيْرِ المَكِّيِّ، وَلاَ يُحْتَجُّ بِهِ.
وَرَوَى مُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ، وَأَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ، عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ.
وَرَوَى النَّضْرُ بنُ شُمَيْلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَوْنٍ، قَالَ: إِنَّ شَهْراً تركوه.
وَقَالَ صَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ جَزَرَةُ: قَدِمَ شَهْرٌ عَلَى الحَجَّاجِ، فَحَدَّثَ بِالعِرَاقِ، وَلَمْ يُوْقَفْ مِنْهُ عَلَى كَذِبٍ وَكَانَ رَجُلاً يَتَنَسَّكُ. وَقَالَ: قَالَ أَبُو حَفْصٍ الفَلاَّسُ: كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ القَطَّانُ لاَ يُحَدِّثُ عَنْ شَهْرٍ، وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يُحَدِّثُ عَنْهُ.
قُلْتُ: يَعْنِي الاحْتِجَاجَ وَعَدَمَهُ.
وَرَوَى يَحْيَى بنُ أَبِي بُكَيْرٍ الكَرْمَانِيُّ، عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: كَانَ شَهْرُ بنُ حَوْشَبٍ عَلَى بَيْتِ المَالِ فَأَخَذَ خَرِيْطَةً فِيْهَا دَرَاهِمُ، فَقِيْلَ فِيْهِ:
لَقَدْ بَاعَ شَهْرٌ دِيْنَهُ بِخَرِيْطَةٍ ... فَمَنْ يَأْمَنُ القُرَّاءَ بَعْدَكَ يَا شَهْرُ?
أَخَذْتَ بِهَا شَيْئاً طَفِيْفاً وَبِعْتَهُ ... مِنِ ابْنِ جَرِيْرٍ إِنَّ هَذَا هُوَ الغَدْرُ

(5/219)


قُلْتُ: إِسْنَادُهَا مُنْقَطِعٌ وَلَعَلَّهَا وَقَعَتْ وَتَابَ مِنْهَا، أَوْ أَخَذَهَا مُتَأَوِّلاً أَنَّ لَهُ فِي بَيْتِ مَالِ المُسْلِمِيْنَ حَقّاً؛ نَسْأَلُ اللهَ الصَّفْحَ.
فَأَمَّا رِوَايَةُ يَحْيَى القَطَّانِ, عَنْ عَبَّادِ بنِ مَنْصُوْرٍ، قَالَ: حَجَجْتُ مَعَ شَهْرِ بنِ حَوْشَبٍ, فَسَرَقَ عَيْبَتِي فَمَا أَدْرِي مَا أَقُوْلُ!
وَمِنْ مَلِيْحِ قَوْلِ شَهْرٍ: مَنْ رَكِبَ مَشْهُوْراً مِنَ الدَّوَابِّ وَلَبِسَ مَشْهُوْراً مِنَ الثِّيَابِ، أَعْرَضَ اللهُ عَنْهُ، وإن كان كريمًا.
قُلْتُ: مَنْ فَعَلَهُ لِيُعِزَّ الدِّيْنَ, وَيُرْغِمَ المُنَافِقِيْنَ, وَيَتَوَاضَعَ مَعَ ذَلِكَ لِلْمُؤْمِنِيْنَ، وَيَحْمَدَ رَبَّ العَالِمِيْنَ، فَحَسَنٌ وَمَنْ فَعَلَهُ بَذْخاً وَتِيْهاً وَفَخْراً، أَذَلَّهُ اللهُ وَأَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنْ عُوْتِبَ وَوُعِظِ، فَكَابَرَ وَادَّعَى أَنَّهُ لَيْسَ بِمُخْتَالٍ وَلاَ تَيَّاهٍ، فَأَعْرِضْ عَنْهُ, فَإِنَّهُ أَحْمَقٌ مَغْرُوْرٌ بِنَفْسِهِ.
قَالَ أَبُو بِشْرٍ الدُّوْلاَبِيُّ: شَهْرٌ لاَ يُشْبِهُ حَدِيْثُهُ حَدِيْثَ النَّاسِ، كَأَنَّهُ مُوْلَعٌ بِزِمَامِ نَاقَةِ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَهُ: أَبُو إِسْحَاقَ السَّعْدِيُّ.
الطَّيَالِسِّيُّ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَطَاءٍ عَنْ عُقْبَةَ بنِ عَامِرٍ: قَالَ شُعْبَةُ: فَلَقِيْتُ عَبْدَ اللهِ بن عطاء, فسألته, فقال: حدثني زياد ابن مِخْرَاقٍ, فَقَدِمْتُ عَلَى زِيَادٍ, فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ, عَنْ شَهْرٍ،عَنْ حَدِيْثِ عُقْبَةَ, عَنْ عُمَرَ فِي الوُضُوْءِ.
وَقَالَ مُعَاذُ بنُ مُعَاذٍ: سَأَلْتُ ابْنَ عَوْنٍ عَنْ حَدِيْثِ هِلاَلِ بنِ أَبِي زَيْنَبَ، عَنْ شَهْرٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لاَ تَجِفُّ الأَرْضُ مِنْ دَمِ الشَّهِيْدِ حَتَّى تَبْتَدِرَهُ زَوْجَتَاهُ" فَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ: مَا يُصْنَعُ بِشَهْرٍ إِنَّ شُعْبَةَ قَدْ تَرَكَ شَهْراً.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ حَفْصٍ المَدَائِنِيُّ: سَأَلْتُ شُعْبَةَ عَنْ عَبْدِ الحَمِيْدِ بنِ بَهْرَامَ، فَقَالَ: صَدُوْقٌ إلَّا أَنَّهُ يُحَدِّثُ عَنْ شَهْرٍ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ بَهْرَامَ حَدِيْثُهُ مُقَارِبٌ مِنْ حَدِيْثِ شَهْرٍ، وَكَانَ يَحْفَظُهَا كَأَنَّهُ يَقْرَأُ سُوْرَةً، وَهِيَ سَبْعُوْنَ حَدِيْثاً.
قَالَ سَيَّارُ بنُ حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الهُذَلِيِّ، عَنْ شَهْرِ بنِ حَوْشَبٍ, قَالَ: لَمَّا قَتَلَ ابْنُ آدَمَ أَخَاهُ، مَكَثَ آدَمُ مائَةَ سَنَةٍ لاَ يَضْحَكُ ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُوْلُ:
تَغَيَّرَتِ البِلاَدُ وَمَنْ عَلَيْهَا ... فَوَجْهُ الأَرْضِ مُغْبَرٌّ قَبِيْحُ
تَغَيَّرَ كُلُّ ذِي لَوْنٍ وَطَعْمٍ ... وَقَلَّ بَشَاشَةً الوَجْهُ المليح

(5/220)


إِسْحَاقُ بنُ المُنْذِرِ: شَيْخٌ صَدُوْقٌ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ بَهْرَامَ، عَنْ شَهْرٍ, عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لِكُلِّ نَبِيٍّ حَرَمٌ وَحَرَمِيَ المَدِيْنَةُ".
ثَابِتٌ البُنَانِيُّ عَنْ شَهْرِ بنِ حَوْشَبٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ: {إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِح} [هُوْدٌ: 46] .
الحَكَمُ بنُ عُتَيْبَةَ عَنْ شَهْرٌ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عن كل مسكر ومفتر.
ثَابِتٌ البُنَانِيُّ عَنْ شَهْرٌ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ: {إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} ولا يبالي [الزُّمَرُ: 53] .
فَهَذَا مَا اسْتُنْكِرَ مِنْ حَدِيْثِ شَهْرٍ فِي سَعَةِ رِوَايَتِهِ، وَمَا ذَاكَ بِالمُنْكَرِ جِدّاً.
يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: شَهْرٌ ثِقَةٌ, طَعَنَ فِيْهِ بَعْضُهُمْ.
وَقَالَ يَعْقُوْبُ بنُ سُفْيَانَ: شَهْرٌ وَإِنْ تَكَلَّمَ فِيْهِ ابْنُ عَوْنٍ، فَهُوَ ثِقَةٌ
قُلْتُ: الرَّجُلُ غَيْرُ مَدْفُوْعٍ عَنْ صِدْقٍ وَعِلْمٍ، وَالاحْتِجَاجُ بِهِ مُتَرَجِّحٌ.
ذِكْرُ الاخْتِلاَفِ فِي تَارِيْخِ مَوْتِهِ:
قَالَ صَاحِبُهُ عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ بَهْرَامَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ مائَةٍ وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ: المَدَائِنِيُّ، وَالهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ وَخَلِيْفَةُ, وَآخَرُوْنَ.
وَيُرْوَى أَنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ، وَلَمْ يَصِحَّ.
وَأَمَّا يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ، فَقَالَ: مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَمائَةٍ. فَاللهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ الوَاقِدِيُّ، وَكَاتِبُهُ: سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَيَعْضُدُهُ: أَنَّ شُعْبَةَ يَقُوْلُ: أَدْرَكْتُ شَهْرَ بنَ حَوْشَبٍ، وَتَرَكْتُهُ عَمْداً لَمْ آخُذْ عَنْهُ.
قُلْتُ: وَمَوْلِدُهُ فِي خِلاَفَةِ عُثْمَانَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وَطَلَبَ العِلْمَ بَعْدَ الخَمْسِيْنَ، فِي أيام معاوية.

(5/221)


عمر بن عبد الله

(5/)


يحيى بن وثاب

(5/470)