سير أعلام النبلاء، ط الحديث

الطَّبَقَةُ الرَّابِعَةُ مِنَ التَّابِعِيْنَ:
796- مَنْصُوْرُ بنُ المُعْتَمِرِ 1: "ع"
الحَافِظُ, الثَّبْتُ, القُدْوَةُ أَبُو عَتَّابٍ السُّلَمِيُّ, الكُوْفِيُّ أَحَدُ الأَعْلاَمِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَمٍ: هُوَ مِنْ بَنِي بُهْثَةَ بنِ سُلَيْمٍ, مِنْ رَهطِ العَبَّاسِ بنِ مِرْدَاسٍ السُّلَمِيِّ.
قُلْتُ: يَرْوِي، عَنْ: أَبِي وَائِلٍ, وَرِبْعِيِّ بنِ حِرَاشٍ, وَإِبْرَاهِيْمَ النَّخَعِيِّ, وَخَيْثَمَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, وَهِلاَلِ بنِ يِسَافٍ, وَزَيْدِ بنِ وَهْبٍ, وَذَرِّ بنِ عَبْدِ اللهِ, وَكُرَيْبٍ, وَأَبِي الضُّحَى, وَأَبِي صَالِحٍ بَاذَامَ, وَأَبِي حَازِمٍ الأَشْجَعِيِّ, وَسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ, وَعَامِرٍ الشَّعْبِيِّ, وَمُجَاهِدٍ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ مُرَّةَ, وَطَبَقَتِهم.
وَمَا عَلِمتُ لَهُ رِحلَةً وَلاَ رِوَايَةً، عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ, وَبلاَ شَكٍّ كَانَ عِنْدَه بِالكُوْفَةِ بَقَايَا الصَّحَابَةِ, وَهُوَ رَجُلٌ شَابٌّ مِثْلُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي أَوْفَى, وَعَمْرِو بنِ حُرَيْثٍ إلَّا أَنَّهُ كَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ صَاحِبَ إِتقَانٍ وَتَألُّهٍ وَخَيْرٍ.
وَيَنْزِلُ فِي الرِّوَايَةِ إِلَى: الزُّهْرِيِّ, وَخَالِدٍ الحَذَّاءِ وَيُفَضِّلُوْنَهُ عَلَى الأَعْمَشِ.
وَقِيْلَ: أَصَحُّ الأَسَانِيْدِ مُطْلَقاً: سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُوْرٌ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنِ ابْنِ مسعود.
حَدَّثَ عَنْهُ خَلْقٌ كَثِيْرٌ مِنْهُم: حُصَيْنُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ -وَهُوَ ابْنُ عَمِّه- وَأَيُّوْبُ السِّخْتِيَانِيُّ وَسُلَيْمَانُ الأَعْمَشُ, وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ -وَهُم مِنْ أَقْرَانِهِ- وَشُعْبَةُ, وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ, وَشَيْبَانُ النَّحْوِيُّ, وَشَرِيْكٌ القَاضِي, وَمَعْمَرُ بنُ رَاشِدٍ, وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَدْهَمَ, وَالفُضَيْلُ بنُ عِيَاضٍ, وَأَسْبَاطُ بنُ نَصْرٍ وَإِسْرَائِيْلُ, وَجَعْفَرُ بنُ زِيَادٍ الأَحْمَرُ, وَالحَسَنُ بنُ صَالِحِ بنِ حَيٍّ, وَمُفَضَّلُ بنُ مُهَلْهَلٍ, وَهُرَيْمُ بنُ سُفْيَانَ, وَوَرْقَاءُ بنُ عُمَرَ وَزَائِدَةُ بنُ قُدَامَةَ, وَوُهَيْبُ بنُ خَالِدٍ, وَأَبُو حَمْزَةَ مُحَمَّدُ بنُ مَيْمُوْنٍ المَرْوَزِيُّ, وَالجَرَّاحُ بنُ مَلِيْحٍ أَبُو وَكِيْعٍ, وَالحَكَمُ بنُ هِشَامٍ الثَّقَفِيُّ, وَسَلاَمُ بنُ أَبِي مُطِيْعٍ, وَالقَاسِمُ بنُ مَعْنٍ المَسْعُوْدِيُّ, وَمُعَلَّى بنُ هِلاَلٍ الطَّحَّانُ, وَأَبُو عَوَانَةَ الوَضَّاحُ, وَأَبُو المُحَيَّاةِ يَحْيَى بنُ يَعْلَى التَّيْمِيُّ, وَعَبْدَةُ بنُ حُمَيْدٍ, وَعُمَرُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَبَّارُ, وَأَبُو الأَحْوَصِ سَلاَّمٌ, وَجَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمَيْدِ, وَمُعْتَمِرُ بنُ سُلَيْمَانَ, وسفيان بن عيينة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 337"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 1491"، الكنى للدولابي "2/ 76"، والجرح والتعديل "8/ ترجمة 778" حلية الأولياء "5/ 40"، والإكمال لابن ماكولا "4/ 23"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 135"، الكاشف "3/ ترجمة 5746"، تاريخ الإسلام "5/ 305" العبر "1/ 259"، تهذيب التهذيب "10/ 312"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7217"، شذرات الذهب "لابن العماد "1/ 189".

(6/128)


رَوَى شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُوْرٍ, قَالَ: مَا كَتَبتُ حَدِيْثاً قَطُّ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ: لَمْ يَكُنْ بِالكُوْفَةِ أَحَدٌ أَحْفَظَ مِنْ مَنْصُوْرٍ.
أجَازَ لَنَا ابْنُ البُخَارِيِّ، أَنْبَأَنَا ابْنُ طَبَرْزَدْ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ الأَنْمَاطِيُّ، أَنْبَأَنَا الصَّرِيْفِيْنِيُّ، أَنْبَأَنَا ابْنُ حَبَابَةَ, حَدَّثَنَا البَغَوِيُّ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ القَصَّارُ, حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بنُ المِقْدَامِ، عَنْ زَائِدَةَ قَالَ: قُلْتُ لِمَنْصُوْرِ بنِ المُعْتَمِرِ اليَوْمَ الَّذِي أَصُومُ أَقَعُ فِي الأُمَرَاءِ? قَالَ: لاَ قُلْتُ: فَأَقعُ فِي مَنْ يَتَنَاوَلُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ? قَالَ: نَعَمْ.
وَبِهِ إِلَى البَغَوِيِّ: حَدَّثَنِي ابْنُ زَنْجَوَيْه, سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ مَهْدِيٍّ, سمعت أبا الأحوص, قال: قالت: بنت جار مَنْصُوْرِ بنِ المُعْتَمِرِ يَا أَبَةُ أَيْنَ الخَشَبَةُ الَّتِي كَانَتْ فِي سَطحِ مَنْصُوْرٍ قَائِمَةً? قَالَ: يَا بُنَيَّةُ ذَاكَ مَنْصُوْرٌ كَانَ يَقُوْمُ اللَّيْلَ.
حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيْدٍ الأَشَجُّ, حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ: رَأَيْت مَنْصُوْراً إِذَا قَامَ فِي الصَّلاَةِ, عَقَدَ لِحْيَتَه فِي صَدْرِهِ.
حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيْدٍ, حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ الأَجْلَحِ, قَالَ: رَأَيْتُ مَنْصُوْراً أَحْسَنَ النَّاسِ قِيَاماً فِي الصَّلاَةِ, وَكَانَ يَخْضِبُ بِالحِنَّاءِ.
حَدَّثَنِي العَبَّاسُ بنُ مُحَمَّدٍ, حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي الأَسْوَدِ, سَمِعْتُ ابْنَ مَهْدِيٍّ يَقُوْلُ: لَمْ يَكُنْ بِالكُوْفَةِ أَثْبَتَ مِنْ أَرْبَعَةٍ, فَبَدَأَ بِمَنْصُوْرٍ, وَأَبِي حَصِيْنٍ, وَسَلَمَةَ بن كهيل, وعمرو بن مرة قال: وكان مَنْصُوْرٌ أَثبَتَهم.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عِمْرَانَ الأَخْنَسِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ عَيَّاشٍ يَقُوْلُ: رَحِمَ اللهُ مَنْصُوْراً, كَانَ صَوَّاماً قَوَّاماً.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَعْلَمَ بِحَدِيْثِ مَنْصُوْرٍ مِنَ الثَّوْرِيِّ. وَقَدْ رَوَى حُصَيْنٌ، عَنْ مَنْصُوْرٍ, وَكَانَ حُصَيْنٌ أَسَنَّ مِنْهُ.
وَقَالَ هُشَيْمٌ سُئِلَ حُصَيْنٌ أَنْتَ أَكْبَرُ أَمْ مَنْصُوْرٌ? قَالَ: إِنِّي لأَذكُرُ لَيْلَةَ زُفَّتْ أُمُّ مَنْصُوْرٍ إِلَى أَبِيْهِ.
أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ، عَنْ مُغِيْرَةَ قَالَ: اخْتَلَفَ مَنْصُوْرٌ إِلَى إِبْرَاهِيْمَ وَهُوَ مِنْ أَعْبَدِ النَّاسِ فَلَمَّا أَخَذَ فِي الآثَارِ فَتَرَ.
وَبِهِ قَالَ البَغَوِيُّ: حَدَّثَنَا الأَخْنَسِيُّ, سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ يَقُوْلُ: لَوْ رَأَيْتَ مَنْصُوْرَ بنَ المُعْتَمِرِ, وَرَبِيْعَ بنَ أَبِي رَاشِدٍ, وَعَاصِمَ بنَ أَبِي النَّجُوْدِ فِي الصَّلاَةِ قَدْ وَضَعُوا لِحَاهُم عَلَى صُدُوْرِهِم عَرَفْتَ أَنَّهُم مِنْ أَبزَارِ الصَّلاَةِ.
ابْنُ المَدِيْنِيِّ، عَنْ يَحْيَى وَسُئِلَ، عَنْ أَصْحَابِ إِبْرَاهِيْمَ: أَيُّهُم أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ فَقَالَ: إِذَا جَاءكَ

(6/129)


مَنْصُوْرٌ, فَقَدْ مَلأتَ يَدَيْكَ لاَ تُرِيْدُ غَيْرَه كَانَ سُفْيَانُ يَقُوْلُ: كُنْتُ لاَ أُحَدِّثُ الأَعْمَشَ، عَنْ أَحَدٍ إلَّا رَدَّه فَإِذَا قُلْتُ: مَنْصُوْرٌ سَكَتَ.
حَجَّاجُ بنُ مُحَمَّدٍ: سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُوْلُ: قَالَ مَنْصُوْرٌ: وَدِدْتُ أَنِّي كَتَبتُ, وَأَنَّ عَلَيَّ كَذَا وَكَذَا, قَدْ ذَهَبَ مِنِّي مِثْلُ عِلْمِي.
وَقَالَ يَحْيَى القَطَّانُ: مَنْصُوْرٌ أَحْسَنُ حَدِيْثاً، عَنْ مُجَاهِدٍ مِنِ ابْنِ أَبِي نَجِيْحٍ.
وَبِهِ إِلَى البَغَوِيِّ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ عَبْدِ الحَمَيْدِ, حَدَّثَنَا شَرِيْكٌ, حَدَّثَنَا مَنْصُوْرٌ وَلَوْ أَنَّ غَيْرَ مَنْصُوْرٍ حَدَّثَنِي مَا قَبِلتُه مِنْهُ, وَلَقَدْ سَأَلتُه عَنْهُ فَأَبَى أَنْ يُحَدِّثَنِي, فَلَمَّا جَرتْ بَيْنِي وَبَيْنَه المَعْرِفَةُ كَانَ هُوَ الَّذِي ابْتَدَأَنِي قَالَ: حَدَّثَنَا رِبْعِيٌّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيٌّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: اجْتَمَعتْ قُرَيْشٌ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَفِيْهِم سُهَيْلُ بنُ عَمْرٍو فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ أَرِقَّاؤُنَا لَحِقُوا بِكَ فَارْدُدْهُم عَلَيْنَا فَغَضِبَ حَتَّى رُؤِيَ الغَضبُ فِي وَجْهِه ... , وَذَكَرَ الحَدِيْثَ1.
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ سَهْلٍ, حَدَّثَنَا عَفَّانُ, حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ قَالَ: لَمَّا وَلِيَ مَنْصُوْرُ بنُ المُعْتَمِرِ القَضَاءَ كَانَ يَأْتِيْهِ الخَصمَانِ فَيَقُصُّ ذَا قِصَّتَه وَذَا قِصَّتَه فَيَقُوْلُ: قَدْ فَهِمتُ مَا قُلتُمَا وَلَسْتُ أَدْرِي مَا أَرُدُّ عَلَيْكُمَا فَبَلَغَ ذَلِكَ خَالِدَ بنَ عَبْدِ اللهِ أَوِ ابْنَ هُبَيْرَةَ, وَهُوَ الَّذِي كَانَ وَلاَّهُ فَقَالَ: هَذَا أَمرٌ لاَ يَنْفَعُ إلَّا مَنْ أَعَانَ عَلَيْهِ بِشَهْوَةٍ قَالَ: يَعْنِي: فَعَزَلَهُ.
حَدَّثَنَا الأَخْنَسِيُّ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ يَقُوْلُ: كُنْتُ مَعَ مَنْصُوْرٍ جَالِساً فِي مَنْزِلِهِ, فَتَصِيْحُ بِهِ أُمُّه, وَكَانَتْ فَظَّةً عَلَيْهِ, فَتَقُوْلُ: يَا مَنْصُوْرُ يُرِيْدُك ابْنُ هُبَيْرَةَ عَلَى القَضَاءِ فَتَأْبَى وَهُوَ وَاضِعٌ لِحْيَتَه عَلَى صَدْرِهِ, مَا يَرْفَعُ طَرْفَه إِلَيْهَا. قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: مَنْصُوْرٌ أَثْبَتُ مِنَ الحَكَمِ.
يَحْيَى القَطَّانُ، عَنِ الثَّوْرِيِّ, قَالَ: لَوْ رَأَيْتَ مَنْصُوْرَ بنَ المُعْتَمِرِ, لَقُلْتَ: يَمُوْتُ السَّاعَةَ.
وَقَالَ زَائِدَةُ: امْتَنَعَ مَنْصُوْرٌ مِنَ القَضَاءِ, فَدَخَلتُ عَلَيْهِ وَقَدْ جِيْءَ بِالقَيدِ لِيُقَيَّدَ, فَجَاءهُ خَصمَانِ, فَقَعَدَا فَلَمْ يَسْأَلْهُمَا وَلَمْ يُكَلِّمْهُمَا فَقِيْلَ لِيُوْسُفَ بنِ عُمَرَ: لَوْ نَثَرتَ لَحْمَه لَمْ يَلِ القَضَاءِ فَتَرَكَهُ.
يَحْيَى القَطَّانُ، عَنْ شُعْبَةَ: سَأَلْتُ مَنْصُوْراً وَأَيُّوْبَ، عَنِ القِرَاءةِ يَعْنِي: قِرَاءةَ الحَدِيْثِ فَقَالاَ جَيِّدَةٌ.
ابْنُ مَعِيْنٍ: سَمِعْتُ جَرِيْراً يَقُوْلُ: كَانَ مَنْصُوْرٌ إِذَا رَأَى مَعِي رُقعَةً يَقُوْلُ: لاَ تكتب عني فأتركه وآتي مغيرة.
__________
1 ضعيف: في إسناده شريك، وهو ابن عبد الله النخعي، ضعيف لسوء حفظه.

(6/130)


قَالَ العَلاَءُ بنُ سَالِمٍ: كَانَ مَنْصُوْرٌ يُصَلِّي فِي سَطْحِه, فَلَمَّا مَاتَ, قَالَ غُلاَمٌ لأُمِّهِ: يَا أُمَّه! الجِذعُ الَّذِي فِي سَطحِ آلِ فُلاَنٍ, لَيْسَ أَرَاهُ! قَالَتْ: يَا بُنَيَّ لَيْسَ ذَاكَ بِجِذعٍ ذَاكَ مَنْصُوْرٌ, وَقَدْ مَاتَ رَحِمَهُ اللهُ.
قَالَ خَلَفُ بنُ تَمِيْمٍ: حَدَّثَنَا زَائِدَةُ: أَنَّ مَنْصُوْراً صَامَ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً, وَقَامَ لَيْلَهَا وَكَانَ يَبْكِي فَتَقُوْلُ لَهُ: أُمُّهُ يَا بُنَيَّ قَتَلتَ قَتِيْلاً? فَيَقُوْلُ: أَنَا أَعْلَمُ بِمَا صَنَعتُ بِنَفْسِي. فَإِذَا كَانَ الصُّبْحُ كَحَّلَ عَيْنَيْهِ وَدَهَنَ رَأْسَه وَبرَّقَ شَفَتَيْهِ وَخَرَجَ إِلَى النَّاسِ.
وَذَكَرَ سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ مَنْصُوْراً, فَقَالَ: قَدْ كَانَ عَمِشَ مِنَ البُكَاءِ.
وَعَنْ مُفَضَّلٍ, قَالَ: حَبَسَ ابْنُ هُبَيْرَةَ مَنْصُوْراً شَهراً عَلَى القَضَاءِ, يُرِيْدُهُ عَلَيْهِ, فَأَبَى, وَقِيْلَ: إِنَّهُ أَحضَرَ قَيداً لِيُقَيِّدَه بِهِ, ثُمَّ خَلاَّهُ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيُّ: كَانَ مَنْصُوْرٌ أَثْبَتَ أَهْلِ الكُوْفَةِ, لا يختلف فيه أحد, صالحا، مُتَعَبِّدٌ أُكرِهَ عَلَى القَضَاءِ, فَقَضَى شَهْرَيْنِ. قَالَ: وَفِيْهِ تَشَيُّعٌ قَلِيْلٌ, وَكَانَ قَدْ عَمِشَ مِنَ البُكَاءِ.
قُلْتُ: تَشَيُّعُه حُبٌّ وَوَلاَءٌ فَقَطْ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: الأَعْمَشُ: حَافِظٌ, يُدَلِّسُ, وَيُخَلِّطُ, وَمَنْصُوْرٌ: أَتْقنُ مِنْهُ, لاَ يُخَلِّطُ وَلاَ يُدَلِّسُ.
وَقَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُوْسَى الفَرَّاءُ: أَثْبَتُ أَهْلِ الكُوْفَةِ: مَنْصُوْرٌ, ثُمَّ مِسْعَرٌ.
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ فِي "الكُنَى": أَبُو عَتَّابٍ مَنْصُوْرُ بنُ المُعْتَمِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ رَبِيْعَةَ, وَيُقَالُ: ابْنُ المُعْتَمِرِ بنِ عَتَّابِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ رَبِيْعَةَ, وَيُقَالُ: ابْنُ المُعْتَمِرِ بنِ عَتَّابِ بنِ فَرْقَدٍ السُّلَمِيُّ, مِنْ بُهْثَةَ1 بنِ سُلَيْمٍ, مِنْ رَهطِ العَبَّاسِ بنِ مِرْدَاسٍ, وَمُجَاشِعِ بنِ مَسْعُوْدٍ السُّلَمِيَّيْنِ, وَجَدُّهُ عَبْدُ اللهِ بنُ رَبِيْعَةَ السُّلَمِيُّ قَدْ رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِدَادُه فِي التَّابِعِيْنَ.
سَمِعَ زَيْدَ بنَ وَهْبٍ, وَأَبَا وَائِلٍ شَقِيْقَ بنَ سَلَمَةَ, وَرَوَى عَنْهُ عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ, إِنْ كَانَ ذَلِكَ مَحْفُوْظاً.
رَوَى عَنْهُ: سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ, وَحُصَيْنُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, وَأَيُّوْبُ بنُ أَبِي تَمِيْمَةَ السِّخْتِيَانِيُّ, وَسُلَيْمَانُ بنُ مِهْرَانَ الكَاهِلِيُّ, وَهُوَ أَحَدُ مُتَّقِي مَشَايِخِ الكُوْفِيِّينَ, وَنُسَّاكِهِم مَاتَ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ,
__________
1 البهثة: بطنان. بهثة من بني ضبيعة بن ربيعة. وبهثه من بن سليم، وهو أبو حي من سليم وهو بهثة بن سليم ابن منصور.

(6/131)


وَيُقَالُ سَنَةَ ثَلاَثٍ, وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ. وَهُوَ ابْنُ عَمِّ حُصَيْنِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, وَعُتْبَةَ بنِ فَرْقَدٍ. قَالَ: وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ السُّلَمِيُّ أَخُوْهُ لأُمِّهِ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: طَلبَ مَنْصُوْرٌ الحَدِيْثَ قَبْل وَقْعَةِ الجَمَاجِمِ1 وَالأَعْمَشُ طَلَبَ بَعْدَ الجَمَاجِمِ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: هُوَ أَتْقَنُ مِنَ الأَعْمَشِ لاَ يُخَلِّطُ وَلاَ يُدلِّسُ بِخِلاَفِ الأَعْمَشِ.
قَالَ سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ: كَانَ مَنْصُوْرٌ فِي الدِّيوَانِ فَكَانَ إِذَا دَارَتْ نَوبَتُه لَبِسَ ثِيَابَه وَذَهَبَ فَحَرَسَ يَعْنِي فِي الرِّبَاطِ.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ المُلاَئِيُّ: سَمِعْتُ حَمَّادَ بنَ زَيْدٍ يَقُوْلُ: رَأَيْتُ مَنْصُوْرَ بنَ المُعْتَمِرِ صَاحِبَكُم, وَكَانَ مِنْ هَذِهِ الخَشَبِيَّةِ وَمَا أُرَاهُ كَانَ يَكْذِبُ قُلْتُ: الخَشَبِيَّةُ هُمُ الشِّيْعَةُ.
قَالَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ القَطَّانُ: كَانَ مَنْصُوْرٌ مِنْ أَثْبَتِ النَّاسِ.
وَحِكَايَةُ أَبِي بَكْرٍ البَاغَنْدِيِّ الحَافِظِ مَشْهُوْرَةٌ, سَمِعنَاهَا فِي "مُعْجَمِ الغَسَّانِيِّ", أَنَّهُ كَانَ يَنتَخِبُ عَلَى شَيْخٍ, فَكَانَ يَقُوْلُ لَهُ: كَمْ تُضجِرُنِي? أَنْتَ أَكْثَرُ حَدِيْثاً مِنِّي وَأَحْفَظُ فَقَالَ: إِنِّي قَدْ جِئْتُ إِلَى الحَدِيْثِ بِحَسْبِكَ أَنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي النَّوْمِ فَلَمْ أَسْأَلْه الدُّعَاءَ وَإِنَّمَا قُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ أَيُّمَا أَثْبَتُ فِي الحَدِيْثِ مَنْصُوْرٌ أَوِ الأَعْمَشُ? فَقَالَ: مَنْصُوْرٌ مَنْصُوْرٌ.
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بنُ طَارِقٍ، أَنْبَأَنَا ابْنُ خَلِيْلٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو المَكَارِمِ اللَّبَّانُ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ حَيَّانَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ ابن يَحْيَى حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بنُ جَمِيْلٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بن عيينة قال رأيت منصور ابن المُعْتَمِرِ فَقُلْتُ مَا فَعَلَ اللهُ بِكَ? قَالَ كِدتُ أَنْ أَلْقَى الله تَعَالَى بِعَمَلِ نَبِيٍّ. ثُمَّ قَالَ سُفْيَانُ صَامَ مَنْصُوْرٌ سِتِّيْنَ سَنَةً يَقُوْمُ لَيْلَهَا وَيَصُوْمُ نَهَارَهَا رَحِمَهُ اللهُ.
قَالَ أبو نعيم الملائي: مات منصور بعدما قَدِمَ السُّوْدَانُ- يَعْنِي: المُسَوَّدَةَ, أَيْ: آلَ العَبَّاسِ.
أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ: سَمِعْتُ ابْنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: مَاتَ مَنْصُوْرٌ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ وَفِيْهَا أَرَّخَهُ: مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ, وَشَبَابٌ العُصْفُرِيُّ وَقَالَ أَبُو القَاسِمِ بنُ مَنْدَةَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ بَعْد السُّودَانِ بِقَلِيْلٍ, ثُمَّ أعاده في سنة ثلاث ثلاثين فالله أعلم. ومن عواليه:
__________
1 وقعة الجماجم كانت بين عبد الرحمن بن الاشعث، والحجاج بن يوسف الثقفي، وكانت الغلبة فيها للحجاج وقتل فيها عدد كبير من القراء. والجماجم موضع بظاهر الكوفة على سبعة فراسخ منها.

(6/132)


أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مُؤَيَّدٍ المِصْرِيُّ بِهَا, فِي رَجَبٍ, سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو الفَرَجِ الفَتْحُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الكَاتِبُ بِبَغْدَادَ، أَنْبَأَنَا أَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ القَاضِي, وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الطَّرَائِفِيُّ, وَأَبُو غَالِبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ قَالُوا، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ المُعَدَّلُ، أَنْبَأَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سَنَةَ ثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ ومائة فِي مَنْزِلِنَا أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ الحَافِظُ سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ حَدَّثَنَا عثمان بن أبي شبية حَدَّثَنَا جَرِيْرٌ، عَنْ مَنْصُوْرٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُوْدٍ, قَالَ: "ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيْهِ فَهُوَ مُنَافِقٌ كَذُوْبٌ إِذَا حَدَّثَ, مُخَالِفٌ إِذَا وَعَدَ, خَائِنٌ إِذَا ائْتُمِنَ, فَمَنْ كَانَتْ فِيْهِ خَصْلَةٌ فَفِيْهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا" 1.
وَبِهِ قَالَ جَعْفَرٌ حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ عَلِيٍّ, حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ, حَدَّثَنَا شُعْبَةُ, أَخْبَرَنِي مَنْصُوْرٌ, سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ: عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "آيَةُ المُنَافِق...." فَذَكَرَ نَحْوَهُ2.
قَالَ عَمْرٌو لاَ أَعْلَمُ أَحَداً تَابَعَ أَبَا دَاوُدَ عَلَى هَذَا, وَهُوَ ثِقَةٌ قُلْتُ: يَعْنِي تَفَرَّدَ برفعه.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ، أَنْبَأَنَا الفَتْحُ بنُ عَبْدِ اللهِ، أَنْبَأَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ حُسَيْنٍ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَزَّازُ حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ عَلِيٍّ إِملاَءً حَدَّثَنَا أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ عَبْدِ الحَمَيْدِ حَدَّثَنَا شَرِيْكٌ حَدَّثَنَا مَنْصُوْرٌ حَدَّثَنَا رِبْعِيُّ بنُ خِرَاشٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ أَبِي طَالِبٍ قَالَ أَمَا إِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: "لاَ تَكْذِبُوا عَلَيَّ فَمَنْ كذب علي معتمدا فَلْيَلِجِ النَّارَ" 3. هَذَا
حَدِيْثٌ حَسَنٌ عَالٍ, وَإِسْنَادُهُ مُسلْسَلٌ بِحَدَّثَنَا وَقَلَّ أَنْ يَقَعَ مِثْلُ هَذَا وَفِي رِجَالِه مَعَ صِدْقِهِم خَمْسَةُ رِجَالٍ فِيْهِم مَقَالٌ, وَمَتْنُهُ مَقْطُوْعٌ بِهِ.
وَرَوَاهُ البَغَوِيُّ أَيْضاً فِي "الجَعْدِيَّاتِ" فَقَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، أَنْبَأَنَا شُعْبَةُ، أنبأنا منصور.
__________
1 صحيح: أخرجه البزار "86" كشف الأستار من طريق شعبة، عَنْ مَنْصُوْرٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ الله، به مرفوعا، ورواه أبو هريرة مرفوعا بلفظ: "ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيْهِ فَهُوَ مُنَافِقٌ، وَإِنْ صلى وصام وَزَعَمَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ مَنْ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا ائتمن خان" أخرجه أحمد "2/ 397 و536"، ومسلم "59" "110"، وأبو عوانة "1/ 21"، وابن منده "530"، والبيهقي "6/ 288"، والبغوي "36" من طرق عن حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ دَاوُدَ بنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هريرة، به.
2 راجع تخريجنا السابق.
3 صحيح: تقدم تخريجنا له مرارا من طرق أخرى غير طريق علي بن أبي طالب، وطريق على هذا ضعيف، آفته شريك، وهو ابن عبد الله النخعي القاضي، ضعيف لسوء حفظه. لكن الحديث يصح من طريق أنس بن مالك وعقبة بن عامر، وابن عمر وغيرهم- رضي الله عنهم.

(6/133)


أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ إِجَازَةً، عَنْ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيِّ، أَنْبَأَنَا أَبُو علي، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ, حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ, حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الدَّبَرِيُّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ مَنْصُوْرٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُوْلَ اللهِ كَيْفَ لِي أَنْ أَعْلَمَ إِذَا أَحْسَنتُ وَإِذَا أَسَأتُ? قَالَ: "إِذَا سَمِعْتَ جِيْرَانَكَ يَقُوْلُوْنَ قَدْ أَحْسَنْتَ فَقَدْ أَحْسَنْتَ وَإِذَا سَمِعْتَهُم يَقُوْلُوْنَ: قَدْ أَسَأْتَ فَقَدْ أَسَأْتَ" قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ غَرِيْبٌ مِنْ حَدِيْثِ مَنْصُوْرٍ.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المُعَدَّلُ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الفَقِيْهُ سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَسِتِّ مائَةٍ، أَنْبَأَنَا خَطِيْبُ المَوْصِلِ عَبْدُ اللهِ وَشُهْدَةُ الكَاتِبَةُ, وَتَجَنِّي الوَهْبَانِيَّةُ قَالُوا: أَنْبَأَنَا طِرَادُ بنُ مُحَمَّدٍ الهَاشِمِيُّ، أَنْبَأَنَا هِلاَلُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا الحُسَيْنُ بنُ يَحْيَى المتولي حدثنا ابو الأشعث حدثنا فضيل ابن عِيَاضٍ، عَنْ مَنْصُوْرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ {يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُون} [الذَّارِيَاتُ: 13] قَالَ: يُحْرَقُوْنَ عَلَيْهَا, وَيُعَذَّبُوْنَ.
أَخْبَرَنَا عِيْسَى بنُ بَرَكَةَ, وَجَمَاعَةٌ, قَالُوا: أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، أَنْبَأَنَا سَعِيْدُ بنُ أَحْمَدَ حُضُوْراً, وَأَنْبَأَنَا أَبُو نَصْرٍ الزَّيْنَبِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ الوَرَّاقُ, حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مُحَمَّدِ بنِ صَاعِدٍ, حَدَّثَنَا عَبْدُ الجَبَّارِ بنُ العَلاَءِ, وَالحَسَنُ بنُ الصَّبَّاحِ البَزَّارُ, وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ المقرىء وَاللَّفْظُ لِعَبْدِ الجَبَّارِ, حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُوْرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ أَنَّ عَبْدَ اللهِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- سَجَدَ سَجْدَتَي السَّهْوِ بَعْد التَّسْلِيمِ وَحَدَّثَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَجَدَ بَعْدَ التَّسْلِيمِ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَافِظِ بنُ بَدْرَانَ, وَيُوْسُفُ الحَجَّارُ قَالاَ، أَنْبَأَنَا مُوْسَى بنُ عَبْدِ القَادِرِ، أَنْبَأَنَا أَبُو القَاسِمِ بنُ البَنَّاءِ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مَيْمُوْنٍ المَكِّيُّ, حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُوْرٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَبْلُغُ بِهِ قَالَ: "لاَ تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لغني ولا لذي مرة سوي" 2.
__________
1 صحيح: أخرجه ابن ماجه "4223"، وأبو نعيم في "الحلية" "5/ 43".
2 صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة "3/ 207"، وأحمد "2/ 377 و389"، والنسائي "5/ 99" وابن ماجه "1839"، وابن الجارود "364"، وأبو يعلى "6401"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "2/ 14"والدارقطني "2/ 118"، وأبو نعيم في "الحلية" والبيهقي "7/ 14" من طرق عن أبي بكر بن عياش، أخبرنا أبو حصين، عَنْ سَالِمِ بنِ أَبِي الجَعْدِ، عَنْ أَبِي هريرة، به مرفوعا. وأبو حصين هو عثمان ابن حصين الأسدي، وفي الإسناد سالم بن أبي الجعد، لم يصرح بسماعه من أبي هريرة، فقد كان كثير الإرسال عن الصحابة.=

(6/134)


هَذَا حَدِيْثٌ قَوِيُّ الإِسْنَادِ, مُتَجَاذَبٌ بَيْنَ الوَقفِ وَالرَّفعِ, إِذْ قَوْلُه: يَبْلُغُ بِهِ, مُشْعِرٌ بِرَفْعِهِ, وَتَرْكُهُ لِذِكْرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُؤْذِنٌ بِوَقْفِهِ.
قَالَ حَمَّادِ بنِ زَاذَانَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ مَهْدِيٍّ يَقُوْلُ: حُفَّاظُ الكُوْفَةِ أَرْبَعَةٌ: عَمْرُو بنُ مُرَّةَ, وَمَنْصُوْرٌ, وَسَلَمَةُ بنُ كُهَيْلٍ, وَأَبُو حُصَيْنٍ.
وَقَالَ بِشْرُ بنُ المُفَضَّلِ: لَقِيْتُ سُفْيَانَ بِمَكَّةَ, فَقَالَ: مَا خَلَّفتُ بَعْدِي بِالكُوْفَةِ آمَنَ عَلَى الحَدِيْثِ مِنْ مَنْصُوْرٍ.
وَقَالَ صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ قُلْتُ: لأَبِي إِنَّ قَوْماً قَالُوا: مَنْصُوْرٌ أَثْبَتُ فِي الزُّهْرِيِّ مِنْ مَالِكٍ. قَالَ: وَأَيُّ شَيْءٍ رَوَى، عَنِ الزُّهْرِيِّ? هَؤُلاَءِ جُهَّالٌ, مَنْصُوْرٌ إِذَا نَزَلَ إِلَى المَشَايِخِ اضْطَرَبَ, وَلَيْسَ أَحَدٌ أَرْوَى، عَنْ مُجَاهِدٍ مِنْهُ.
وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: مَنْصُوْرٌ نَظِيْرُ أَيُّوْبَ عِنْدِي, وَهُوَ أَثْبَتُ مِنَ الحَكَمِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: الحَكَمُ أَثْبَتُ.
وَقَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: إِذَا حَدَّثكَ، عَنْ مَنْصُوْرٍ ثِقَةٌ فَقَدْ مَلأتَ يَدَيْكَ لاَ تُرِيْدُ غَيْرَه.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: حَدَّثَ سُفْيَانُ يَوْماً، عَنْ مَنْصُوْرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ فقال هذا الشرف على الكراسي.
__________
= والحديث ورد عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرِو بنِ العَاصِ: أخرجه ابن أبي شيبة "3/ 207" و"14/ 274-275"، وأحمد "2/ 164 و192"، وعبد الرزاق "7155"، والطيالسي "2271"، والترمذي "652"، والدارمي "1/ 386"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "2/ 14"، والدراقطني في "السنن" "3/ 119"، والحاكم "1/ 407"، وابن الجارود في "المنتقى" "362"، والبيهقي في " السنن" "7/ 13"، والبغوي "1559"، والقضاعي في "مسند الشهاب "884" من طرق عن سفيان الثوري، عن سعد بن إبراهيم، عن ريحان بن يزيد العامري، عن عبد الله بن عمرو، به مرفوعا.

(6/135)


797- أبو حصين 1: "ع"
عثمان بن عاصم بن حصين وَقِيْلَ: بَدَلَ حَصِيْنٍ زَيْدُ بنُ كَثِيْرٍ الإِمَامُ الحافظ الأسدي الكوفي.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُقَالُ: هُوَ مِنْ وَلَدِ عَبِيْدِ بنِ الأَبْرَصِ.
رَوَى عَنْ: جَابِرِ بنِ سَمُرَةَ, وَابْنِ عَبَّاسٍ, وَابْنِ الزُّبَيْرِ, وَأَنَسٍ, وَأَبِي سَعِيْدٍ الخُدْرِيِّ, وَغَيْرِهِم مِنَ الصَّحَابَةِ.
وَرَوَى عَنْ: عِمْرَانَ بنِ حُصَيْنٍ مُرْسَلاً. وَعَنْ: عُمَيْرِ بنِ سَعِيْدٍ, وَمُجَاهِدٍ, وَالشَّعْبِيِّ, وَسَالِمِ بنِ أَبِي الجَعْدِ, وَأَبِي الضُّحَى, وَسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ, وَأَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ, وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّمَّانِ, وَأَبِي وَائِلٍ الأَسَدِيِّ, وَيَحْيَى بنِ وَثَّابٍ, وَأَبِي مَرْيَمَ الأَسَدِيِّ, وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ: أَبُو مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ, وَمُحَمَّدُ بنُ جُحَادَةَ, وَشُعْبَةُ, وَالثَّوْرِيُّ, وَمَالِكُ بنُ مِغْوَلٍ, وَزَائِدَةُ, وَشَرِيْكٌ, وَأَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بنُ مُطَرِّفٍ, وَأَبُو عَوَانَةَ, وَأَبُو الأَحْوَصِ الحَنَفِيُّ يُقَالُ: حَدِيْثاً وَاحِداً وَإِسْرَائِيْلُ, وَخَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ, وَجَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمَيْدِ, وَأَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ, وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ, وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: هُوَ مِنْ جُشَمِ بنِ الحَارِثِ, ثُمَّ مِنْ أَسَدِ بنِ خُزَيْمَةَ.
وَرَوَى أَحْمَدُ بنُ سِنَانٍ القَطَّانُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مَهْدِيٍّ, قَالَ: أَرْبَعَةٌ بِالكُوْفَةِ لاَ يُخْتَلَفُ فِي حَدِيْثِهِم فَمَنِ اختلف عليهم فهو مخطىء لَيْسَ هُم مِنْهُم أَبُو حَصِيْنٍ الأَسَدِيُّ.
وَرَوَى أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي الأَسْوَدِ، عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ, قَالَ: لَمْ يَكُنْ بِالكُوْفَةِ أَثْبَتُ مِنْ أَرْبَعَةٍ مَنْصُوْرٌ, وَأَبُو حَصِيْنٍ, وَسَلَمَةُ بنُ كُهَيْلٍ, وَعَمْرُو بنُ مُرَّةَ.
قَالَ: وَكَانَ مَنْصُوْرٌ أَثْبَتَ أَهْلِ الكُوْفَةِ.
وَرَوَى الحَارِثُ بنُ شُرَيْحٍ النَّقَّالُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مَهْدِيٍّ قَالَ: لاَ تَرَى حَافِظاً يَخْتَلِفُ عَلَى أَبِي حَصِيْنٍ.
الفَضْلُ بنُ زِيَادٍ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ, قَالَ: الأَعْمَشُ, وَيَحْيَى بنُ وَثَّابٍ مَوَالِي وَأَبُو حَصِيْنٍ مِنَ العَرَبِ وَلَوْلاَ ذَلِكَ لَمْ يَصْنَعِ الأَعْمَشُ مَا صَنَعَ, وَكَانَ قَلِيْلَ الحَدِيْثِ صَحِيْحَ الحَدِيْثِ قِيْلَ لَهُ: أَيُّهُمَا أَصَحُّ حَدِيْثاً هُوَ أَوْ أَبُو إِسْحَاقَ؟ قَالَ: أَبُو حَصِيْنٍ أَصَحُّ حَدِيْثاً لِقِلَّةِ حَدِيْثِه وَكَذَا مَنْصُوْرٌ أَصَحُّ حَدِيْثاً مِنَ الأَعْمَشِ لِقِلَّةِ حَدِيْثِه.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيُّ: كَانَ أَبُو حَصِيْنٍ شَيْخاً, عَالِياً, وَكَانَ صَاحِبَ سُنَّةٍ يُقَالُ: كَانَ قَيْسُ بنُ الرَّبِيْعِ أَرْوَى النَّاسِ عَنْهُ, عِنْدَهُ عَنْهُ أَرْبَعُ مائة حديث.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 321"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2277"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 883"، الكاشف "2/ ترجمة 3762"، تاريخ الإسلام "5/ 107"، تهذيب التهذيب "7/ 126"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4751"، شذرات الذهبي "1/ 175".

(6/136)


وَرَوَى مُحَمَّدُ بنُ عِمْرَانَ الأَخْنَسِيُّ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ, قَالَ: دَخَلتُ عَلَى أَبِي حَصِيْنٍ وَهُوَ مُختَفٍ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ, فَقَالَ: إِنَّ هَؤُلاَءِ -يَعْنِي: بَنِي أُمَيَّةَ- يُرِيْدُوْنِي عَلَى دِيْنِي وَاللهِ لاَ أُعْطِيْهِم إِيَّاهُ أَبَداً.
وَقَالَ الشَّيْبَانِيُّ: قَالَ لِي الشَّعْبِيُّ -وَدَخَلتُ مَعَهُ المَسْجِدَ: انْظُرْ, هَلْ تَرَى أَبَا حَصِيْنٍ نَجلِسْ إِلَيْهِ?.
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ, قَالَ: سُئِلَ الشَّعْبِيُّ لَمَّا حَضَرتْهُ الوَفَاةُ: بِمَنْ تَأمُرُنَا؟ قَالَ: مَا أَنَا بِعَالِمٍ وَلاَ أَترُكُ عَالِماً, وَإِنَّ أبا حصين رجل صالح رَوَى مِثْلَهَا: مَالِكُ بنُ مِغْوَلٍ.
وَقَالَ مِسْعَرٌ: بَعَثَ بَعْضُ الأُمَرَاءِ إِلَى أَبِي حَصِيْنٍ بِأَلْفَي دِرْهَمٍ وَهُوَ عَائِلٌ فَرَدَّهَا فَقُلْتُ لَهُ: لِمَ رَدَدْتَهَا? قَالَ الحَيَاءُ وَالتَّكَرُّمُ.
وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: كَانَ أَبُو حَصِيْنٍ إِذَا سُئِلَ، عَنْ مَسْأَلَةٍ قَالَ: لَيْسَ لِي بِهَا عِلْمٌ وَاللهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ أَبُو شِهَابٍ الحَنَّاطُ: سَمِعْتُ أَبَا حَصِيْنٍ يَقُوْلُ: إِنَّ أَحَدَهُم لَيُفْتِي فِي المَسْأَلَةِ, وَلَوْ وَرَدَتْ عَلَى عُمَرَ لَجَمَعَ لَهَا أَهْلَ بَدْرٍ.
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ العَسْكَرِيُّ: أَبُو حَصِيْنٍ كَانَ يُقْرَأُ عَلَيْهِ فِي مَسْجِدِ الكُوْفَةِ خَمْسِيْنَ سَنَةً.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلدٌ ذَكَرٌ وَكَانَتْ لَهُ بِنْتٌ وَبِنتُ بِنْتٍ تَزَوَّجَ بِهَا قَيْسُ بنُ الرَّبِيْعِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ دَخَلْتُ عَلَى أَبِي حَصِيْنٍ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيْهِ فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ, ثُمَّ أَفَاقَ فَجَعَلَ يَقُوْلُ: {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِين} [الزُّخْرُفُ76] ثُمَّ أُغمِيَ عَلَيْهِ, ثُمَّ أَفَاقَ, فَجَعَلَ يُرَدِّدُهَا, فَلَمْ يَزَلْ عَلَى ذَلِكَ.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ, وَخَلِيْفَةُ: مَاتَ أَبُو حَصِيْنٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ الوَاقِدِيُّ, وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ التَّمِيْمِيُّ, وَأَبُو عُبَيْدٍ, وَابْنُ بُكَيْرٍ, وَابْنُ نُمَيْرٍ, وَغَيْرُهُم: سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ. وَهَذَا الصَّوَابُ.
وَقَدْ رَوَى ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ رِوَايَةً أُخْرَى شَاذَّةً: أَنَّهُ مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبِي عَصْرُوْنَ التَّمِيْمِيُّ بِسَفحِ قَاسِيُوْنَ وَبِالبَلَدِ، عَنْ عَبْدُ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ

(6/138)


البَزَّازُ، أَنْبَأَنَا تَمِيْمُ بنُ أَبِي سَعِيْدٍ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، أَنْبَأَنَا أَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ, حَدَّثَنَا إسماعيل بن بِنْتِ السُّدِّيِّ, حَدَّثَنَا شَرِيْكٌ، عَنْ أَبِي حَصِيْنٍ، عَنْ عُمَيْرِ بنِ سَعْدٍ، عَنْ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ:
مَا كُنْتُ أَدِي مَنْ أَقَمْتُ عَلَيْهِ الحَدَّ إلَّا شَارِبَ الخَمْرِ فَإِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمْ يَسُنَّ فِيْهِ شَيْئاً, إِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ قُلْنَاهُ نَحْنُ.
هَذَا حَدِيْثٌ حَسَنٌ, عَالٍ أَخْرَجَهُ: أَبُو دَاوُدَ, وَابْنُ مَاجَة جَمِيْعاً، عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ مُوْسَى, فَوَافَقْنَاهم بِعُلُوِّ دَرَجَتِه.

(6/139)


798- مخرمة بن سليمان 1: "ع"
الوالبي المدني مِنْ ثِقَاتِ التَّابِعِيْنَ.
حَدَّثَ عَنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ الهَاشِمِيِّ, وَالسَّائِبِ بنِ يَزِيْدَ, وَكُرَيْبٍ مولى ابن عباس.
ورى عَنْهُ: عَبْدُ رَبِّهِ بنُ سَعِيْدٍ, وَالضَّحَّاكُ بنُ عُثْمَانَ, وَمَالِكُ بنُ أَنَسٍ, وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي الزِّنَادِ.
وَثَّقَهُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ.
قُتِلَ يَوْمَ وَقْعَةِ قُدَيْدٍ, سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ بِقُربِ مَكَّةَ في طلب الإمارة فقتل يَوْمَئِذٍ نَحْوُ الثَّلاَثِ مائَةٍ فِي صَفَرٍ وَانْهَزَمَ أهل المدينة وقالت امرأة:
ما للزمان وماليه ... أفنت قديد رجاليه
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "8/ ترجمة 1983"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 1659"، الكاشف "3/ ترجمة 5431"، تاريخ الإسلام "5/ 162"، تهذيب التهذيب "10/ 71"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 6896".

(6/139)


799- سعد بن إبراهيم 1: "ع"
ابن عبد الرحمن بن عوف الإِمَامُ, الحُجَّةُ, الفَقِيْهُ, قَاضِي المَدِيْنَةِ, أَبُو إِسْحَاقَ وَيُقَالُ: أَبُو إِبْرَاهِيْمَ القُرَشِيُّ, الزُّهْرِيُّ, المَدَنِيُّ.
رَأَى ابْنَ عُمَرَ, وَجَابِراً. وَحَدَّثَ عَنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرِ بنِ أَبِي طَالِبٍ, وَأَنَسِ بنِ مَالِكٍ, وَأَبِي أُمَامَةَ بنِ سَهْلٍ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ شَدَّادِ بنِ الهَادِ, وَأَبِي عُبَيْدَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُوْدٍ, وَأَبِي عُبَيْدَةَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَمَّارٍ, وَسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ, وَحَفْصِ بنِ عَاصِمٍ, وَأَبِيْهِ إِبْرَاهِيْمَ, وَعَمِّهِ حُمَيْدٍ, وَخَالَيْهِ إِبْرَاهِيْمَ, وَعَامِرٍ ابْنَيْ عَامِرِ بنِ سَعْدٍ, وَعُرْوَةَ بنِ الزُّبَيْرِ, وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ هُرْمُزَ الأَعْرَجِ, وَالقَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ, وَطَلْحَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَوْفٍ, وَطَلْحَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُثْمَانَ, وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُتْبَةَ, وَمَعَبْدٍ الجُهَنِيِّ, وَنَافِعِ بنِ جُبَيْرٍ, وَمُحَمَّدِ بنِ حَاطِبٍ, وَخَلْقٍ سِوَاهُم.
وَكَانَ مِنْ كِبَارِ العُلَمَاءِ, يُذْكَرُ مَعَ الزُّهْرِيِّ, وَيَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيِّ.
رَوَى عَنْهُ: وَلدُهُ الحَافِظُ إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعْدٍ, وَالزُّهْرِيُّ, وَيَزِيْدُ بنُ الهَادِ, وَمُوْسَى بنُ عُقْبَةَ, وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ, وَابْنُ عَجْلاَنَ, وَأَيُّوْبُ السِّخْتِيَانِيُّ, وَزَكَرِيَّا بنُ أَبِي زَائِدَةَ, وَمِسْعَرٌ, وَابْنُ إِسْحَاقَ, وَيُوْنُسُ بنُ يَزِيْدَ, وَشُعْبَةُ, وَسُفْيَانُ, وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ المَاجِشُوْنِ, وَحَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ وحماد بن زَيْدٍ, وَعَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ المَخْرَمِيُّ, وَأَبُو عَوَانَةَ, وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ, وَآخَرُوْنَ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً كَثِيْرَ الحَدِيْثِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: كَانَ ثِقَةً, فَاضِلاً, وَلِيَ قَضَاءَ المَدِيْنَةِ.
وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ, وَأَبُو حَاتِمٍ, وَجَمَاعَةٌ: ثِقَةٌ.
قَالَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ المَدِيْنِيِّ, وقيل لَهُ: سَعْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ سَمِعَ مِنْ عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ? قَالَ لَيْسَ فِيْهِ سَمَاعٌ ثُمَّ قَالَ: لَمْ يَلْقَ أَحَداً مِنَ الصَّحَابَةِ.
قُلْتُ: حَدِيْثُه، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ فِي "الصَّحِيْحَيْنِ".
وَرَوَى أَبُو حَاتِمٍ، عَنْ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: كَانَ سَعْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ لاَ يُحَدِّثُ بِالمَدِيْنَةِ فَلِذَلِكَ لَمْ يَكْتُبْ عَنْهُ أَهْلُهَا, وَمَالِكٌ لَمْ يُكْتَبْ عَنْهُ وَإِنَّمَا سَمِعَ مِنْهُ: شُعْبَةُ, وَسُفْيَانُ بِوَاسِطَ, وَابْنُ عُيَيْنَةَ بِمَكَّةَ.
وَذَكَرَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعْدٍ: أَنْ أَبَاهُ سَرَدَ الصَّوْمَ قَبْلَ أَنْ يَمُوْتَ بِأَرْبَعِيْنَ سَنَةً.
قَالَ حَجَّاجٌ الأَعْوَرُ: كَانَ شُعْبَةُ إِذَا ذَكَرَ سَعْدَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ قَالَ حَدَّثَنِي حَبِيْبِي سَعْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ يَصُوْمُ الدَّهْرَ وَيَخْتِمُ القُرْآنَ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ.
مَعْنٌ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ مُسْلِمِ بنِ بَانَكَ قَالَ: رَأَيْتُ سَعْدَ بنَ إبراهيم يقضي في المسجد.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "4/ ترجمة 1928"، المعرفة والتاريخ "1/ 411" و"3/ 31" الكنى للدولابي "1/ 95"، تاريخ الإسلام "5/ 77"، الكاشف "1/ ترجمة 1836"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 124"، تهذيب التهذيب "3/ 463"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2371"، شذرات الذهب "1/ 173".

(6/140)


وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: أَتَى عَزلُ سَعْدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، عَنِ القَضَاءِ, كَانَ يُتَّقَى كَمَا يُتَّقَى وَهُوَ قَاضٍ.
الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنِي مَنْ لاَ أَتَّهِمُ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ قَالَ: قَضَى سَعْدُ بن إِبْرَاهِيْمَ عَلَى رَجُلٍ بِرَأْيِ رَبِيْعَةَ فَأَخْبَرْتُه، عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِخِلاَفِ مَا قَضَى بِهِ فَقَالَ سَعْدٌ لِرَبِيْعَةَ: هَذَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَهُوَ عِنْدِي ثِقَةٌ يُحَدِّثُ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِخِلاَفِ مَا قَضَيْتُ بِهِ فَقَالَ لَهُ رَبِيْعَةُ: قَدِ اجْتَهَدتَ, وَمَضَى حُكمُكَ فَقَالَ سَعْدٌ: وَاعَجَباً أُنفِذُ قَضَاءَ سَعْدِ بنِ أُمِّ سَعْدٍ وَأَرُدُّ قَضَاءً قَضَى رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَلْ أَردُّ قَضَاءَ سَعْدٍ وَأُنفِذُ قَضَاءَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَدَعَا بِكِتَابِ القَضِيَّةِ فَشَقَّهُ وَقَضَى لِلْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ.
البُخَارِيُّ: حَدَّثَنِي سَهْلٌ حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ أَخْبَرَنِي أَبُو الهَيْثَمِ بن محمد ابن حَفْصٍ قَالَ: كَانَ سَعْدٌ عِنْدَ ابْنِ هِشَامٍ المَخْزُوْمِيِّ أَمِيْرِ المَدِيْنَةِ فَاختَصَمَ عِنْدَه يَوْماً وَلَدٌ لِمُحَمَّدِ بنِ مَسْلَمَةَ, وَآخَرُ مِنْ بَنِي حَارِثَةَ فَقَالَ ابْنُ مُحَمَّدٍ: أَنَا ابْنُ قَاتِلِ كَعْبِ بنِ الأَشْرَفِ فَقَالَ الحَارِثِيُّ: أَمَا وَاللهِ مَا قُتِلَ إلَّا غَدراً فَانْتَظَرَ سَعْدٌ أَنْ يُغَيِّرَهَا الأَمِيْرُ فَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى قَامَا فَلَمَّا اسْتُقْضِيَ سَعْدٌ قَالَ: أُعطِي اللهَ عَهداً لَئِنْ أُفْلِتَ الحَارِثِيُّ مِنْكَ يَقُوْلُ لِمَوْلاَهُ: لأُوْجِعَنَّكَ قَالَ: شُعْبَةُ فَصَلَّيْتُ مَعَهُ الصُّبْحَ ثُمَّ جِئْتُ بِهِ سَعْداً فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ سَعْدٌ شَقَّ القَمِيْصَ, ثُمَّ قَالَ: أَنْتَ القَائِلُ إِنَّمَا قُتِلَ ابْنُ الأَشْرَفِ غَدراً ثُمَّ ضَرَبَه خَمْسِيْنَ وَمائَةَ سَوْطٍ, وَحَلَقَ رَأْسَه, وَلِحْيَتَه وَقَالَ: وَاللهِ لأُقَوِّمَنَّكَ بِالضَّربِ مَا كَانَ لِي عَلَيْكَ سُلْطَانٌ.
وَرَوَى يَعْقُوْبُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: دَخلَ نَاسٌ مِنَ القُرَّاءِ يَعُودُوْنَهُ, مِنْهُمُ ابْنُ هُرْمُزَ, وَصَالِحٌ مَوْلَى التَّوْءمَةِ فَاغْرَوْرَقَتْ عَيْنَا ابْنِ هُرْمُزَ فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ: مَا يُبْكِيْكَ? فَقَالَ: وَاللهِ لَكَأَنِّي بِقَائِلَةٍ غَداً تَقُوْلُ: وَاسْعدَاهُ لِلْحَقِّ وَلاَ سَعْدُ قَالَ: وَاللهِ لَئِنْ قُلْتُ: ذَاكَ مَا أَخَذَنِي فِي اللهِ لَوْمَةُ لاَئمٍ مُنْذُ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً ثُمَّ قَالَ: أَلَيْسَ تَعْلَمُ أَنَّكَ أَحَبُّ خَلْقِه إِلَيَّ يَعْنِي القُرْآنَ قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعْدٍ وَطَائِفَةٌ: مَاتَ سَعْدٌ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ ومائة وقال يعقوب ابن إِبْرَاهِيْمَ وَخَلِيْفَةُ وَغَيْرُهُمَا: سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ وقيل: سنة ست.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عُيَيْنَةَ: أَنْبَأَنَا ابْنُ سَعْدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ قَالَ: كَانَ أَبِي يَحتَبِي فَمَا يَحُلُّ حَبْوَتَه حَتَّى يَقْرَأَ القُرْآنَ.
وَقَالَ يَعْقُوْبُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ: كَانَ سَعْدٌ لَمَّا تُوُفِّيَ ابْنَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ سَنَةً. قُلْتُ: فَيَكُوْنُ مَوْلِدُه فِي حياة عائشة أم المؤمنين.

(6/141)


800- عُمير بن هانئ 1: "ع"
العبسي الداراني الإِمَامُ, أَبُو الوَلِيْدِ.
سَمِعَ مُعَاوِيَةَ, وَابْنَ عُمَرَ, وَأَبَا هُرَيْرَةَ, وَطَائِفَةً. وَحَدِيْثُه عَنْ مُعَاوِيَةَ فِي "الصَّحِيْحَيْنِ".
حَدَّثَ عَنْهُ: الزُّهْرِيُّ, وَقَتَادَةُ, وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي مَرْيَمَ, وَالأَوْزَاعِيُّ, وَمُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ, وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ يَزِيْدَ بنِ جَابِرٍ, وَسَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ. وَقَدْ نَابَ عَنِ الحَجَّاجِ بِالكُوْفَةِ ثُمَّ وَلِيَ الخَرَاجَ لِعُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ.
قِيْلَ: لَحِقَ ثَلاَثِيْنَ صَحَابِيّاً.
قَالَ ابْنُ جَابِرٍ: كَانَ يَضْحَكُ, ثُمَّ يَقُوْلُ: بَلَغَنِي أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ قَالَ: إِنِّي لأَستَجِمُّ, لِيَكُوْنَ أَنْشَطَ لِي فِي الحَقِّ فَقُلْتُ: أَرَاكَ لاَ تَفْتُرُ، عَنِ الذِّكرِ فَكَم تُسَبِّحُ قَالَ: مائَةَ أَلفٍ إلَّا أن تخطىء الأَصَابِعُ.
وَرَوَى عَنْهُ سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ: أَنَّ عَبْدَ المَلِكِ وَجَّهَه بِكُتُبٍ إِلَى الحَجَّاجِ وَهُوَ يُحَاصِرُ ابْنَ الزُّبَيْرِ.
قَالَ العِجْلِيُّ: تَابِعِيٌّ ثِقَةٌ وَقَالَ الفَسَوِيُّ: لاَ بَأْسَ بِهِ.
قُلْتُ: هُوَ مُقِلٌّ, وَقَدْ كَرِهَ ظُلمَ الحَجَّاجِ وَفَارَقَه, وقال: كان إذا كتب إلي فِي رَجُلٍ أَحَدُّه حَدَدْتُه وَإِذَا كَتَبَ فِيْمَنْ أَقتُلُه لَمْ أَقْتُلْه.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قُتِلَ عُمَيْرٌ صَبْراً بِدَارَيَّا أَيَّامَ فِتْنَةِ الوَلِيْدِ؛ لأَنَّهُ كَانَ يُحَرِّضُ عَلَى قَتْلِه يَعْنِي, وَقَامَ بِبَيْعَةِ النَّاقِصِ قَالَ: فَقَتَلَه ابْنُ مُرَّةَ وَسَمطَ رَأْسه حلقه وَأَتَى بِهِ مَرْوَانَ بنَ مُحَمَّدٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ: إِنِّي لأُبغِضُه. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: كَانَ قَدَرِيّاً. وَقَالَ مَرْوَانُ الطَّاطَرِيُّ: كَانَ عُمَيْرٌ أَبغَضَ إِلَى سَعِيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ مِنَ النَّارِ. قَالَ عَلَى المِنْبَرِ يَوْمَ بَيْعَةِ النَّاقِصِ: سَارِعُوا إِلَى هَذِهِ البَيْعَةِ فَإِنَّمَا هُمَا هِجْرَتَانِ هِجْرَةٌ إِلَى اللهِ وَرَسُوْلِه وَهِجْرَةٌ إِلَى يَزِيْدَ بنِ الوليد.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 3236"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 2097"، الكاشف "2/ ترجمة 4358"، تاريخ الإسلام "5/ 119"، تهذيب التهذيب "8/ 149"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5462"، شذرات الذهب "1/ 173".

(6/142)


801- حصين بن عبد الرحمن 1: "ع"
الحَافِظُ, الحُجَّةُ, المُعَمَّرُ, أَبُو الهُذَيْلِ السُّلَمِيُّ, الكُوْفِيُّ, ابْنُ عَمِّ مَنْصُوْرٍ.
وُلِدَ فِي زَمَنِ مُعَاوِيَةَ, فِي حُدُوْدِ سَنَةِ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ.
وَحَدَّثَ عَنْ: عُمَارَةَ بنِ رُوَيْبَةَ الصَّحَابِيِّ, وَجَابِرِ بنِ سَمُرَةَ وَعَنْ: أَبِي وَائِلٍ, وَزَيْدِ بنِ وَهْبٍ, وَعَمْرِو بنِ مَيْمُوْنٍ, وَعِيَاضٍ الأَشْعَرِيِّ, وَهِلاَلِ بنِ يِسَافٍ, وَمُرَّةَ بنِ شَرَاحِيْلَ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي قَتَادَةَ, وَسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ, وَسَالِمِ بنِ أَبِي الجَعْدِ, وَسَعْدِ بنِ عُبَيْدَةَ, وَأَبِي ظَبْيَانَ حُصَيْنِ بنِ جُنْدَبٍ وَالشَّعْبِيِّ, وَعِرَاكٍ الغِفَارِيِّ, وَأَبِي عُبَيْدَةَ بنِ حُذَيْفَةَ, وَعَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ, وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
وَعَنْهُ: سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ, وَشُعْبَةُ, وَزَائِدَةُ, وَالثَّوْرِيُّ, وَجَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ, وَجَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمَيْدِ, وَأَبُو عَوَانَةَ, وَهُشَيْمٌ, وَابْنُ فُضَيْلٍ, وَفُضَيْلُ بن عياض, وَعَبْثَرُ بنُ القَاسِمِ, وَعَبْدُ اللهِ بنُ إِدْرِيْسَ, وَعَبَّادُ بنُ العَوَّامِ, وَعَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ, وَعِمْرَانُ بنُ عُيَيْنَةَ, وَأَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ, وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ, وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الأَثَرِ.
رَوَى أَبُو حَاتِمٍ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ: حُصَيْنُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: الثِّقَةُ المَأمُوْنُ مِنْ كِبَارِ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ: كُوْفِيٌّ, ثِقَةٌ, ثَبْتٌ فِي الحَدِيْثِ, سَكَنَ بَلَدَ المُبَارَكِ بِأَخَرَةٍ وَالوَاسِطِيُّوْنَ أَرْوَى النَّاسِ عَنْهُ.
قَالَ ابْنُ حَاتِمٍ قُلْتُ: لأَبِي زُرْعَةَ: حُصَيْنٌ حُجَّةٌ؟ قَالَ: إِيْ وَاللهِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ فِي الحَدِيْثِ قَالَ: وَفِي آخِرِ عُمُرِهِ سَاءَ حِفْظُه وَقَالَ النَّسَائِيُّ: تَغَيَّرَ.
وَقَالَ يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ طَلَبتُ الحَدِيْثَ وَحُصَيْنٌ حَيٌّ كَانَ يُقْرَأُ عَلَيْهِ وَكَانَ قَدْ نَسِيَ وَعَنْ يَزِيْدَ قَالَ اخْتلَطَ حُصَيْنٌ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ المديني وغيره: لم يختلط.
__________
1 ترجمته في طبقت ابن سعد "6/ 238"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 25"، الكنى للدولابي "2/ 150"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 837"، تاريخ الإسلام "5/ 237"، ميزان الاعتدال "1/ 551- 552"، تهذيب التهذيب "2/ 381"، خلاصة الخزرجي "1/ 134"، شذرات الذهب "1/ 193".

(6/143)


قُلْتُ: احْتَجَّ بِهِ أَربَابُ الصِّحَاحِ, وَهُوَ أَقْوَى مِنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ, وَمِنْ سِمَاكِ بنِ حَرْبٍ, وَمَا هُوَ بِدُوْنِ أَبِي إِسْحَاقَ, وَالعَجَبُ مِنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ البُخَارِيِّ وَمِنَ العُقَيْلِيِّ وَابْنِ عَدِيٍّ كَيْفَ تَسَرَّعُوا إِلَى ذِكرِ حُصَيْنٍ فِي كُتُبِ الجَرحِ.
وَقِيْلَ: كَانَ يَخْضِبُ بِالحِنَّاءِ.
وَقَالَ هُشَيْمٌ: أَتَى عَلَيْهِ ثَلاَثٌ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً, وَكَانَ أَكْبَرَ مِنَ الأَعْمَشِ, وَقَرِيْباً مِنْ إِبْرَاهِيْمَ النَّخَعِيِّ.
قُلْتُ: وَذَكَرَ أَنَّهُ شَهِدَ عُرسَ وَالِدِ مَنْصُوْرِ بنِ المُعْتَمِرِ عَلَى أُمِّ مَنْصُوْرٍ.
رَوَى عَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ، عَنْ حُصَيْنٍ قَالَ: جَاءنَا قَتْلُ الحُسَيْنِ, فَمَكَثنَا ثَلاَثاً كَأَنَّ وُجُوهَنَا طُلِيَتْ بِرَمَادٍ قُلْتُ: مِثْلُ مَنْ أَنْتَ يَوْمَئِذٍ? قَالَ: رَجُلٌ مُتَأَهِّلٌ. قَالَ مُطَيَّنٌ: مَاتَ سَنَةَ ست وثلاثين ومائة.

(6/144)


حصين بن عبد الرحمن، حصين بن عبد الرحمن الجُعْفِي الكوفي:
وَمِمَّنِ اسْمُهُ:
802- حُصَيْنُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ 1:
هُوَ ابْنُ عَمْرِو بنِ سَعْدِ بنِ مُعَاذٍ الأَنْصَارِيُّ, الأَشْهَلِيُّ.
رَوَى عَنْ: أَنَسٍ, وَطَائِفَةٍ.
وَعَنْهُ: ابْنُ إِسْحَاقَ, وَمُحَمَّدُ بنُ صَالِحٍ الأَزْرَقُ, وَابْنُه مُحَمَّدُ بنُ حُصَيْنٍ.
رَوَى لَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَهُوَ مُقِلٌّ تُوُفِّيَ: سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ بِالمَدِيْنَةِ.
وَمِنْهُم:
803- حُصَيْنُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الجُعْفِيُّ الكوفي 2:
يروي عنه: طعمة بن غيلان.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "3/ ترجمة 28"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 839"، تاريخ الإسلام "5/ 62"، ميزان الاعتدال "1/ ترجمة 2085"، تهذيب التهذيب "2/ 380"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1474".
2 ترجمته في ميزان الاعتدال "1/ ترجمة 2081"، تهذيب التهذيب "2/ 283".

(6/144)


حصين بن عبد الرحمن الحارثي الكوفي، وحصين بن عبد الرحمن النخعي الكوفي، القَسْرِي:
804- وحصين بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحَارِثِيُّ الكُوْفِيُّ 1:
عَنِ الشَّعْبِيِّ وعنه: حجاج بن أرطاة, وغيره.
805- وحصين بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّخَعِيُّ الكُوْفِيُّ 2:
عَنِ الشَّعْبِيِّ أَيْضاً. وَعَنْهُ: حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ, أَخْبَرَنَا وَاثِلَةُ بنُ كَرَّازٍ بِبَغْدَادَ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرَّحَبِيُّ، أَنْبَأَنَا ابْنُ طَلْحَةَ، أَنْبَأَنَا أَبُو عُمَرَ بنُ مَهْدِيٍّ, حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الله المَحَامِلِيُّ, حَدَّثَنَا سَلْمُ بنُ جُنَادَةَ, حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيْسَ, حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ، عَنْ شَقِيْقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: "كُنَّا نَقُوْلُ: السَّلاَمُ عَلَى اللهِ. فَقَالَ: "لاَ تَقُوْلُوا: السَّلاَمُ عَلَى اللهِ؛ فَإِنَّ اللهَ هُوَ السَّلاَمُ، وَلَكِنْ قُوْلُوا: التَّحِيَّاتُ للهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النبي ورحمة الله وبركاته ... " وذكر الحديث3.
806- القسري 4: "د"
الأَمِيْرُ الكَبِيْرُ, أَبُو الهَيْثَمِ خَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ يَزِيْدَ بنِ أَسَدِ بنِ كُرْزٍ البَجَلِيُّ, القَسْرِيُّ, الدِّمَشْقِيُّ, أَمِيْرُ العِرَاقَيْنِ لِهِشَامٍ, وَوَلِيَ قَبْلَ ذَلِكَ مَكَّةَ لِلْوَلِيْدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ ثُمَّ لِسُلَيْمَانَ.
رَوَى عَنْ: أَبِيْهِ وَعَنْهُ: سَيَّارٌ أَبُو الحَكَمِ, وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ أَوْسَطَ البَجَلِيُّ, وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ, وَحُمَيْدٌ الطَّوِيْلُ. وَقَلَّمَا روى.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "3/ ترجمة 26"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 838"، ميزان الاعتدال "1/ ترجمة 2082"، تهذيب التهذيب "2/ 383"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة رقم 1475".
2 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 324"، التاريخ الكبير "3/ 27"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 840" ميزان الاعتدال "1/ ترجمة 2083"، تهذيب التهذيب "2/ 383".
3 صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة "1/ 291" وأحمد "1/ 382 و427 و431" والبخاري "831" و"835" و"6265" ومسلم "402"، وأبو داود "968"، والنسائي "2/ 241، وابن ماجه "899"، والدارمي "1/ 308"، وابن الجارود "205"، وأبو عوانة "2/ 229"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "1/ 262"، والطبراني في "الكبير" "9886"، والبيهقي "2/ 153" من طرق عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مسعود، به.
4 ترجمته في التاريخ الكبير: "3/ ترجمة 542"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 1533"، الأغاني لأبي الفرج الأصبهاني "22/ 5-29"، وفيات الأعيان لابن خلكان "2/ ترجمة 213"، تاريخ الإسلام "5/ 64"، ميزان الاعتدال "1/ 633"، تهذيب التهذيب "3/ 101" خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1775"، شذرات الذهب لابن العماد "1/ 169".

(6/145)


لَهُ حَدِيْثٌ فِي "مُسْنَدِ أَحْمَدَ" وَفِي "سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ" حَدِيْثٌ رَوَاهُ، عَنْ جَدِّهِ يَزِيْدَ وله صحبة.
وَكَانَ جَوَاداً مُمَدَّحاً, مُعَظَّماً عَالِيَ الرُّتبَةِ, مِنْ نُبَلاَءِ الرِّجَالِ, لَكِنَّهُ فِيْهِ نُصبٌ مَعْرُوْفٌ, وَلَهُ دَارٌ كَبِيْرَةٌ فِي مُربَّعَةِ القَزِّ بِدِمَشْقَ, ثُمَّ صَارَتْ تُعْرَفُ بِدَارِ الشَّرِيْفِ اليَزِيْدِيِّ, وَإِلَيْهِ يُنسَبُ الحَمَّامُ الَّذِي مُقَابِلَ قَنْطَرَةِ سِنَانٍ بِنَاحِيَةِ بَابِ تُوْمَا.
قَالَ يَحْيَى الحِمَّانِيُّ: قِيْلَ لِسَيَّارٍ: تَروِي، عَنْ مِثْلِ خَالِدٍ? فَقَالَ: إِنَّهُ أَشْرَفُ مِنْ أَنْ يَكْذِبَ.
قَالَ خَلِيْفَةُ بنُ خَيَّاطٍ: عَزَلَ الوَلِيْدُ عَنْ مَكَّةَ نَافِعَ بنَ عَلْقَمَةَ بِخَالِدٍ القَسْرِيِّ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ, فَلَمْ يَزَلْ وَالِيْهَا إِلَى سَنَةِ سِتٍّ وَمائَةٍ, فَوَلاَّهُ هِشَامُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ العِرَاقَ مُدَّةً إِلَى أَنْ عَزَلَه سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَمائَةٍ بِيُوْسُفَ بنِ عُمَرَ الثَّقَفِيِّ.
رَوَى العُتْبِيُّ، عَنْ رَجُلٍ قَالَ: خَطَبَ خَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بِوَاسِطَ, فَقَالَ: إِنَّ أَكرَمَ النَّاسِ مَنْ أَعْطَى مَنْ لاَ يَرجُوْهُ, وَأَعْظَمَ النَّاسِ عَفْواً مَنْ عَفَا، عَنْ قُدرَةٍ وَأَوصَلَ النَّاسِ مَنْ وَصَلَ، عَنْ قَطِيْعَةٍ.
ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ يَزِيْدَ الرِّفَاعِيُّ, سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ عَيَّاشٍ يَقُوْلُ: رَأَيْتُ خَالِداً القَسْرِيَّ حِيْنَ أَتَى بِالمُغِيْرَةِ بنِ سَعِيْدٍ وَأَصْحَابِه, وَكَانَ يُرِيهِم أَنَّهُ يُحْيِى المَوْتَى فَقَتَلَ, خَالِدٌ وَاحِداً مِنْهُم ثُمَّ قَالَ لِلْمُغِيْرَةِ: أَحْيِهِ. فَقَالَ: وَاللهِ مَا أُحْيِي المَوْتَى قَالَ: لَتُحْيِيَنَّه أَوْ لأَضْرِبَنَّ عُنُقَكَ ثُمَّ أَمَرَ بِطنٍّ مِنْ قَصَبٍ فَأَضْرَمُوْهُ وَقَالَ: اعْتَنِقْه فَأَبَى فَعَدَا رَجُلٌ مِنْ أَتبَاعِه فَاعْتَنَقَه قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَرَأَيْتُ النَّارَ تَأْكُلُه وَهُوَ يُشِيْرَ بِالسَّبَّابَةِ فَقَالَ خَالِدٌ: هَذَا وَاللهِ أَحَقُّ بِالرِّئَاسَةِ مِنْكَ ثُمَّ قَتَلَهُ وَقَتَلَ أَصْحَابَه.
قُلْتُ: كَانَ رَافِضِيّاً, خَبِيْثاً, كَذَّاباً, سَاحِراً, ادَّعَى النُّبُوَةَ, وَفَضَّلَ عَلِيّاً عَلَى الأَنْبِيَاءِ وَكَانَ مُجَسِّماً, سُقتُ أَخْبَارَه فِي "مِيْزَانِ الاعْتِدَالِ".
وَكَانَ خَالِدٌ عَلَى هِنَاتِه يَرْجِعُ إِلَى إِسْلاَمٍ.
وَقَالَ القَاضِي ابْنُ خَلِّكَانَ: كَانَ يُتَّهَمُ فِي دِيْنِه, بَنَى لأُمِّهِ كَنِيْسَةً تَتَعَبَّدُ فِيْهَا وَفِيْهِ يَقُوْلُ الفَرَزْدَقُ:
أَلاَ قَبَّحَ الرَّحْمَنُ ظَهْرَ مَطِيَّةٍ ... أَتَتْنَا تَهَادَى مِنْ دِمَشْقَ بِخَالِدِ
وَكَيْفَ يَؤُمُّ النَّاسَ مَنْ كَانَ أُمُّهُ ... تَدِيْنُ بِأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِوَاحِدِ
بَنَى بِيْعَةً فِيْهَا الصَّلِيْبُ لأُمِّهِ ... وَيَهْدِمُ مِنْ بُغْضٍ مَنَارَ المَسَاجِدِ

(6/146)


قَالَ الأَصْمَعِيُّ: حَرَّمَ القَسْرِيُّ الغِنَاءَ, فَأَتَاهُ حُنَيْنٌ فِي أَصْحَابِ المظَالِمِ مُلتَحِفاً عَلَى عُودٍ, فَقَالَ: أَصْلَحَ اللهُ الأَمِيْرَ, شَيْخٌ ذُوْ عِيَالٍ كَانَتْ لَهُ صِنَاعَةٌ حُلْتَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا قَالَ وَمَا ذَاكَ؟ فَأَخرَجَ عُودَه, وَغَنَّى:
أَيُّهَا الشَّامِتُ المُعَيِّرُ بِالشَّيْـ ... ــبِ أَقِلَّنَّ بِالشَّبَابِ افْتِخَارَا
قَدْ لَبِسْتُ الشَّبَابَ قَبْلَكَ حِيْناً ... فَوَجَدْتُ الشَّبَابَ ثَوْباً مُعَارَا
فَبَكَى خَالِدٌ, وَقَالَ صَدَقَ وَاللهِ, عُدْ, وَلاَ تُجَالِسْ شَابّاً وَلاَ مُعَربِداً.
الأَصْمَعِيُّ، عَنِ ابْنِ نُوْحٍ: سَمِعْتُ خَالِداً يَقُوْلُ عَلَى المِنْبَرِ: إِنِّي لأُطعِمُ كُلَّ يَوْمٍ سِتَّةً وَثَلاَثِيْنَ أَلفاً مِنَ الأَعرَابِ تَمراً وَسَوِيْقاً.
الأَصْمَعِيُّ: أَنَّ أَعْرَابِيّاً قَالَ لِخَالِدٍ القَسْرِيِّ: أَصْلَحَكَ اللهُ لَمْ أَصُنْ وَجْهِي، عَنْ مَسْأَلَتِكَ فَصُنْهُ، عَنِ الرَّدِّ وَضَعْنِي مِنْ مَعْرُوْفِكَ حَيْثُ وَضَعتُكَ مِنْ رَجَائِي فَوَصَلَهُ.
وَقَالَ أعرابي: يأمر الأمير لي بمل جِرَابِي دَقِيْقاً؟ قَالَ: امْلَؤُوْهُ لَهُ دَرَاهِمَ. فَقِيْلَ لِلأَعْرَابِيِّ, فَقَالَ: سَأَلْتُ الأَمِيْرَ مَا أَشْتَهِي, فَأَمَرَ لِي بِمَا يَشْتَهِي.
ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ, حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بنُ شَمِرٍ الخَوْلاَنِيُّ, حَدَّثَنِي عَبْدُ المَلِكِ مَوْلَى خَالِدِ بنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: إِنِّي لأَسِيْرُ بَيْنَ يَدَيْ خَالِدٍ بِالكُوْفَةِ, وَمَعَهُ الوُجُوْهُ فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: أَصْلَحَ اللهُ الأَمِيْرَ فَوَقَفَ وَكَانَ كريمًا فقال: مالك? قَالَ تَأمُرُ بِضَربِ عُنُقِي? قَالَ: لِمَ? قَطَعتَ طَرِيْقاً? قَالَ: لاَ قَالَ: فَنَزَعتَ يَداً مِنْ طَاعَةٍ? قَالَ: لاَ قَالَ: فَعَلاَمَ أَضرِبُ عُنُقَكَ? قَالَ: الفَقْرُ وَالحَاجَةُ قَالَ: تَمَنَّ? قَالَ: ثَلاَثِيْنَ أَلفاً فَالْتَفَتَ إِلَى أَصْحَابِه فَقَالَ: هَلْ عَلِمتُم تَاجِراً رَبِحَ الغَدَاةَ مَا رَبِحْتُ نَوَيْتُ لَهُ مائَةَ أَلفٍ فَتَمَنَّى ثَلاَثِيْنَ أَلفاً ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِهَا.
وَقِيْلَ: كَانَ خَالِدٌ يَجْلِسُ ثُمَّ يَدْعُو بِالبِدَرِ وَيَقُوْلُ: إِنَّمَا هَذِهِ الأَمْوَالُ وَدَائِعُ لاَ بُدَّ مِنْ تَفرِيقِهَا.
وَقِيْلَ أَنْشَدَهُ أَعْرَابِيٌّ:
أَخَالِدُ بَيْنَ الحَمْدِ وَالأَجْرِ حَاجَتِي ... فَأَيُّهُمَا يَأْتِي فَأَنْتَ عِمَادُ
أَخَالِدُ إِنِّي لَمْ أَزُرْكَ لِحَاجَةٍ ... سِوَى أَنَّنِي عَافٍ وَأَنْتَ جَوَادُ
فَقَالَ: سَلْ. قَالَ: مائَةَ أَلفٍ. قَالَ: أَسرَفْتَ يَا أَعْرَابِيُّ. قَالَ: فَأَحُطُّ لِلأَمِيْرِ? قَالَ: نَعَمْ.

(6/147)


قَالَ: قَدْ حَطَطتُكَ تِسْعِيْنَ أَلفاً فَتَعَجَّبَ مِنْهُ, فَقَالَ: سَأَلتُكَ عَلَى قَدْرِكَ, وَحَطَطْتُكَ عَلَى قَدْرِي, وَمَا أَسْتَأهِلُه فِي نَفْسِي قَالَ: لاَ وَاللهِ لاَ تَغْلِبُنِي يَا غُلاَمُ أَعْطِه مائَةَ أَلفٍ.
قَالَ الأَصْمَعِيُّ: أَنْشَدَهُ أَعْرَابِيٌّ فِي مَجْلِسِ الشُّعَرَاءِ:
تَعَرَّضْتَ لِي بِالجُوْدِ حَتَّى نَعَشْتَنِي ... وَأَعْطَيْتَنِي حَتَّى ظَنَنْتُكَ تَلْعَبُ
فَأَنْتَ النَّدَى وَابْنُ النَّدَى وَأَخُو النَّدَى ... حَلِيْفُ النَّدَى مَا لِلنَّدَى عَنْكَ مَذْهَبُ
فَأَعْطَاهُ مائَةَ أَلفٍ.
الأَصْمَعِيُّ، عَنْ يُوْنُسَ بنِ حَبِيْبٍ, نَحْوَهَا وَزَادَ: فَقَامَ أَعْرَابِيٌّ آخَرُ, فَقَالَ:
قَدْ كَانَ آدَمُ قَبْلُ حِيْنَ وَفَاتِهِ ... أَوْصَاكَ وَهُوَ يَجُوْدُ بِالحَوْبَاءِ
بِبَنِيْهِ أَنْ تَرْعَاهُمُ فَرَعَيْتَهُم ... فَكَفَيْتَ آدَمَ عَيْلَةَ الأَبْنَاءِ
فَتَمَنَّى أَنْ يُعْطِيَه عِشْرِيْنَ أَلفاً, فَأَعْطَاهُ أَرْبَعِيْنَ أَلفاً, وَأَنْ يُضرَبَ خمسين جلدة, وأن ينادى عليه: هذا جزءا مَنْ لاَ يُحسِنُ قِيْمَةَ الشِّعْرِ وَعَنْهُ قَالَ: لاَ يَحتَجِبُ الأَمِيْرُ، عَنِ النَّاسِ إلَّا لِثَلاَثٍ: لِعَيٍّ أَوْ لِبُخلٍ أَوِ اشْتِمَالٍ عَلَى سُوءةٍ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: سَمِعْتُ ابْنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: خَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ القَسْرِيُّ رَجُلُ سُوءٍ يَقعُ فِي عَلِيٍّ وَقَالَ فَضْلُ بنُ الزُّبَيْرِ: سَمِعْتُ القَسْرِيَّ يَقُوْلُ فِي عَلِيٍّ مَا لاَ يَحِلُّ ذِكْرُهُ.
وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: خُبِّرتُ أَنَّ القَسْرِيَّ ذَمَّ زَمْزَمَ, وَقَالَ: يُقَالُ: إِنَّ زَمْزَمَ لاَ تُنْزَحُ وَلاَ تُذَمُّ بَلَى -وَاللهِ- إِنَّهَا تُنْزَحُ وَتُذَمُّ, وَلَكِنْ هَذَا أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ قَدْ سَاقَ لَكُم قَنَاةً بِمَكَّةَ.
قَالَ أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيْلُ: سَاقَ خَالِدٌ مَاءً إِلَى مَكَّةَ, فَنَصَبَ طِسْتاً إِلَى جَنْبِ زَمْزَمَ, وَقَالَ: قَدْ جِئْتُكم بِمَاءِ العَاذِبَةِ لاَ تُشبِهُ أُمَّ الخَنَافِسِ يَعْنِي: زَمْزَمَ فَسَمِعتُ عُمَرَ بنَ قَيْسٍ يَقُوْلُ: لَمَّا أَخَذَ خَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ سَعِيْدَ بن جبير وطلق ابن حَبِيْبٍ خَطَبَ فَقَالَ: كَأَنَّكُم أَنْكَرتُم مَا صَنَعتُ وَاللهِ لَوْ كَتَبَ إِلَيَّ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ لَنَقَضتُهَا حَجَراً حَجَراً يَعْنِي: الكَعْبَةَ.
الأَصْمَعِيُّ: سَمِعْتُ شَبِيْبَ بنَ شَيْبَةَ, يَقُوْلُ: كَانَ سَبَبُ عَزلِ خَالِدٍ أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ لَهُ: إِنَّ غُلاَمَكَ المَجُوْسِيَّ أَكْرَهَنِي عَلَى الفُجُورِ وَغَصَبَنِي نَفْسِي.
قَالَ: كَيْفَ وَجَدْتِ قُلْفَتَه? فَكَتَبَ بِذَلِكَ حَسَّانٌ النَّبْطِيُّ إِلَى هِشَامٍ فَعَزَلَهُ.
وَكَانَ خَطَبَ يَوْماً فَقَالَ: تَسُومُونَنِي أَنْ أَقِيدَ مِنْ قَائِدٍ لِي وَلَئِنْ أَقَدتُ مِنْهُ أَقَدتُ مِنْ نَفْسِي وَلَئِنْ أَقَدتُ مِنْ نَفْسِي لَقَدْ أَقَادَ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ مِنْ نَفْسِهِ, وَلَئِنْ أَقَادَ لَقَدْ أَقَادَ رَسُوْلُ اللهِ مِنْ نفسه ولئن أقاد ليقيدن هاه هاه ويومىء بِيَدِهِ إِلَى فَوْقُ.

(6/148)


عَنْ أَبِي سُفْيَانَ الحِمْيَرِيِّ, قَالَ: أَرَادَ الوَلِيْدُ بنُ يَزِيْدَ الحَجَّ, فَاتَّعَدَ فِتْيَةٌ أَنْ يَفتِكُوا به في طريقه, وسألوا خالد القَسْرِيَّ الدُّخُولَ مَعَهُم, فَأَبَى ثُمَّ أَتَى خَالِدٌ, فَقَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ, دَعِ الحَجَّ. قَالَ: وَمَنْ تَخَافُ سَمِّهِم؟ قَالَ: قَدْ نَصَحتُكَ, وَلَنْ أُسَمِّيَهُم. قَالَ: إِذاً أَبعَثُ بِكَ إِلَى عَدُوِّكَ يُوْسُفَ بنِ عُمَرَ قَالَ: وَإِنْ فَبَعَثَ بِهِ إِلَيْهِ فَعَذَّبَه حَتَّى قَتَلَهُ.
ابْنُ خَلِّكَانَ, قَالَ: لَمَّا أَرَادَ هِشَامٌ عَزلَ خَالِدٍ عَنِ العِرَاقِ, وَعِنْدَهُ رَسُوْلُ يُوْسُفَ بنِ عُمَرَ مِنَ اليَمَنِ, قَالَ: إِنَّ صَاحِبَكَ قَدْ تَعَدَّى طَوْرَه, وَفَعَلَ وَفَعَلَ ثُمَّ أَمَرَ بِتَخرِيقِ ثِيَابِه وَضَرَبَهُ أَسْوَاطاً, وَقَالَ: امضِ إِلَى صَاحِبِكَ فَعَلَ الله بِهِ ثُمَّ دَعَا بِسَالِمٍ كَاتِبِه, وَقَالَ: اكْتُبْ إِلَى يُوْسُفَ سِرْ إِلَى العِرَاقِ وَالِياً سِرّاً وَاشْفِنِي مِنِ ابْنِ النَّصْرَانِيَّةِ وَعُمَّالِه, ثُمَّ أَمْسَكَ الكِتَابَ بِيَدِهِ, وَجَعَلَه فِي طَيِّ كِتَابٍ آخَرَ, وَلَمْ يَشعُرِ الرَّسُوْلُ فَقَدِمَ اليَمَنَ فَقَالَ يُوْسُفُ: مَا وَرَاءكَ? قَالَ: الشَّرُّ ضَرَبنِي أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ وَخَرَّقَ ثِيَابِي وَلَمْ يَكْتُبْ إِلَيْكَ بَلْ إِلَى صَاحِبِ دِيْوَانِكَ فَفَضَّ الكِتَابَ وَقَرَأَهُ ثُمَّ وَجَدَ الكِتَابَ الصَّغِيْرَ فَاسْتَخلَفَ عَلَى اليَمَنِ ابْنَه الصَّلْتَ, وَسَارَ إِلَى العِرَاقِ, وَجَاءتِ العُيُوْنُ إِلَى خَالِدٍ فَأَشَارَ عَلَيْهِ نَائِبُه طَارِقٌ ائْذَنْ لِي إِلَى أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ وَأَضمَنَ لَهُ مَالِي السَّنَةَ مائَةَ أَلفِ أَلفٍ وَآتِيَكَ بِعَهْدِكَ قَالَ: وَمِنْ أَيْنَ هَذِهِ الأَمْوَالُ? قَالَ:
أَتَحَمَّلُ أَنَا وَسَعِيْدُ بنُ رَاشِدٍ أَرْبَعِيْنَ أَلفَ أَلفٍ, وَأَبَانٌ وَالزَّيْنَبِيُّ عِشْرِيْنَ أَلفَ ألف ويفرق على باقي العمال فقال: إني إذًا لَلَئِيمٌ أُسَوِّغُهُم شَيْئاً ثُمَّ أَرجِعُ فِيْهِ قَالَ: إِنَّمَا نَقِيكَ وَنَقِي أَنْفُسَنَا بِبَعْضِ أَمْوَالِنَا وَتَبقَى النِّعْمَةُ عَلَيْنَا فَأَبَى فَوَدَّعَه طَارِقٌ وَوَافَى يُوْسُفَ فَمَاتَ طَارِقٌ فِي العَذَابِ, وَلَقِيَ خَالِدٌ كُلَّ بَلاَءٍ, وَمَاتَ فِي العَذَابِ جَمَاعَةٌ مِنْ عُمَّالِه بَعْدَ أَن اسْتَخرَجَ مِنْهُم يُوْسُفُ تِسْعِيْنَ أَلفَ أَلفِ دِرْهَمٍ.
وَقِيْلَ: إِنَّ هِشَاماً حَقَدَ عَلَى خَالِدٍ بِكَثْرَةِ أَمْوَالِه وَأَملاَكِه, وَلأَنَّهُ كَانَ يُطلِقُ لِسَانَه فِي هِشَامٍ, وَكَتَبَ إِلَى يُوْسُفَ: أَن سِرْ إِلَيْهِ فِي ثَلاَثِيْنَ رَاكِباً. فَقَدِمَ الكُوْفَةَ فِي سَبْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً, فَبَاتَ بِقُربِ الكُوْفَةِ, وَقَدْ خَتَنَ وَالِيْهَا طَارِقٌ, وَلَدَهُ فَأَهْدَوْا لِطَارِقٍ أَلفَ عَتِيْقٍ وَأَلْفَ وَصِيْفٍ, وَأَلفَ جَارِيَةٍ, سِوَى الأَمْوَالِ وَالثِّيَابِ, فَأَتَى رَجُل طَارِقاً, فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ قَوْماً أَنْكَرتُهم وَزَعُمُوا أَنَّهُم سُفَّارٌ وَصَارَ يُوْسُفُ إِلَى دُورِ بَنِي ثَقِيْفٍ, فَأَمَرَ رَجُلاً, فَجَمَعَ لَهُ مَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ مِنْ مُضَرَ, وَدَخَلَ المَسْجِدَ الفَجْرَ فَأَمَرَ المُؤَذِّنَ بِالإِقَامَةِ فَقَالَ: لاَ, حَتَّى يَأْتِيَ الإِمَامُ. فَانْتَهَرَه, وَأَقَامَ, وَصَلَّى, وَقَرَأَ {إِذَا وَقَعَت} وَ {سَأَلَ سَائِل} ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى خَالِدٍ وَأَصْحَابِه, فَأُخِذُوا, وَصَادَرَهُم.
قَالَ أَشْرَسُ الأَسَدِيُّ: أَتَى كِتَابُ هِشَامٍ يُوْسُفَ, فَكَتَمْنَا, وَقَالَ: أُرِيْدُ العُمْرَةَ. فَخَرَجَ وَأَنَا

(6/149)


معه, فما كلم أحد مِنَّا بِكَلِمَةٍ, حَتَّى أَتَى العُذَيْبَ, فَقَالَ: مَا هِيَ بِأَيَّامِ عُمْرَةٍ. وَسَكَتَ حَتَّى أَتَى الحِيْرَةَ, ثُمَّ اسْتَلقَى عَلَى ظَهْرِهِ, وَقَالَ:
فَمَا لَبَّثَتْنَا العِيسُ أَنْ قَذَفَتْ بِنَا ... نَوَى غُرْبَةٍ وَالعَهْدُ غَيْرُ قَدِيْمِ
ثُمَّ دَخَلَ الكُوْفَةَ, فَصَلَّى الفَجْرَ, وَكَانَ فَصِيْحاً طَيِّبَ الصَّوْتِ.
وَقِيْلَ: إِنَّ هِشَامَ بنَ عَبْدِ المَلِكِ كَتَبَ إِلَى يُوْسُفَ: لَئِنْ شَاكَتْ خَالِداً شَوكَةٌ لأَقتُلَنَّكَ فَأَتَى خَالِدٌ الشَّامَ فَلَمْ يَزَلْ بِهَا يَغْزُو الصَّوَائِفَ حَتَّى مَاتَ هِشَامٌ.
وَقِيْلَ: بَلْ عَذَّبَه يُوْسُفُ يَوْماً وَاحِداً, وَسَجَنَهُ بِضْعَةَ عَشَرَ شَهراً, ثُمَّ أُطْلِقَ, فَقَدِمَ الشَّامَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ.
وَنَقَلَ ابْنُ خَلِّكَانَ: أَنَّ يُوْسُفَ عَصَرَهُ حَتَّى كَسَرَ قَدَمَيْهِ وَسَاقَيْهِ, ثُمَّ عَصَرَهُ عَلَى صُلبِه فَلَمَّا انْقَصَفَ مَاتَ وَهُوَ فِي ذَلِكَ لاَ يَتَأَوَّهُ وَلاَ يَنطِقُ وَهَذَا لَمْ يَصِحَّ فَإِنَّهُ جَاءَ إِلَى الشَّامِ وَبَقِيَ بِهَا, حَتَّى قَتَلَهُ الوَلِيْدُ الفَاسِقُ.
قَالَ ابْنُ جَرِيْرٍ: لَبِثَ خَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ فِي العَذَابِ يَوْماً, ثُمَّ وُضِعَ عَلَى صَدْرِهِ المُضرسَةُ, فَقُتِلَ مِنَ اللَّيْلِ, فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ -فِي قَوْلِ الهَيْثَمِ بنِ عَدِيٍّ- فَأَقْبَلَ عَامِرُ بنُ سَهْلَةَ الأَشْعَرِيُّ, فَعَقَرَ فَرَسَه عَلَى قَبْرِهِ فَضَرَبَهُ يُوْسُفُ بنُ عُمَرَ سَبْعَ مائَةِ سَوْطٍ.
وَقَالَ فِيْهِ أَبُو الأَشْعَثِ العَبْسِيُّ:
أَلاَ إِنَّ خَيْرَ النَّاسِ حَيّاً وَمَيِّتاً ... أَسِيْرُ ثَقِيْفٍ عِنْدَهُم فِي السَّلاَسِلِ
لَعَمْرِي لَقَدْ أَعْمَرْتُمُ السِّجْنَ خَالِداً ... وَأَوْطَأْتُمُوْهُ وَطْأَةَ المُتَثَاقِلِ
فَإِنْ سَجَنُوا القَسْرِيَّ لاَ يَسْجُنُوا اسْمَهُ ... وَلاَ يَسْجُنُوا مَعْرُوْفَهُ فِي القَبَائِلِ
لَقَدْ كَانَ نَهَّاضاً بِكُلِّ مُلِمَّةٍ ... وَمُعْطِي اللُّهَى غَمْراً كَثِيْرَ النَّوَافِلِ
قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيْدٍ وَغَيْرُهُ قَالاَ: حَدَّثَنَا القَاسِمُ بنُ محمد، عن عبد الرحمن ابن مُحَمَّدِ بنِ حَبِيْبٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ شَهِدتُ خَالِداً القَسْرِيَّ فِي يَوْم أَضْحَى يَقُوْلُ ضَحُّوا تَقبَّلَ اللهُ مِنْكُم فَإِنِّي مُضَحٍّ بِالجَعْدِ بنِ دِرْهَمٍ زَعَمَ أَنَّ اللهَ لَمْ يَتَّخِذْ إِبْرَاهِيْمَ خَلِيْلاً وَلَمْ يُكَلِّمْ مُوْسَى تَكلِيماً تَعَالَى اللهُ عَمَّا يَقُوْلُ الجَعْدُ عُلُوّاً كَبِيْراً ثُمَّ نَزَلَ فَذَبَحَه1 قُلْتُ: هَذِهِ مِنْ حَسَنَاتِهِ, هي, وقتله مغيرة الكذاب.
__________
1 أخرجه البخاري في "خلق أفعال العباد" "ص69"، وفي الإسناد عبد الرحمن بن محمد بن حبيب، مجهول، لذا قال الحافظ في "التقريب": مقبول أي عند المتابعة. وكذا أبوه محمد بن حبيب الجرمي، قال الحافظ في "التقريب": مجهول. فالإسناد ضعيف لا يصح.

(6/150)


807- الجَعْدُ بنُ دِرْهَمٍ 1:
مُؤَدِّبُ مَرْوَانَ الحِمَارِ هُوَ أَوَّلُ مَنِ ابْتَدَعَ بِأَنَّ اللهَ مَا اتَّخَذَ إِبْرَاهِيْمَ خَلِيْلاً, وَلاَ كَلَّمَ مُوْسَى, وَأَنَّ ذَلِكَ لاَ يَجُوْزُ عَلَى اللهِ.
قَالَ المَدَائِنِيُّ: كَانَ زِندِيقاً وَقَدْ قَالَ لَهُ وَهْبٌ: إِنِّي لأَظُنُّكَ مِنَ الهَالِكِيْنَ, لَوْ لَمْ يُخْبِرْنَا اللهُ أَنَّ لَهُ يَداً, وَأَنَّ لَهُ عَيْناً مَا قُلْنَا ذَلِكَ ثُمَّ لَمْ يَلْبَثِ الجَعْدُ أَنْ صُلِبَ.
__________
1 ترجمته في تاريخ الإسلام "4/ 238"، ميزان الاعتدال "1/ ترجمة 1482"، لسان الميزان "2/ ترجمة 427"، النجوم الزاهرة لابن تغرى بردى "1/ 322".

(6/151)


808- سليمان بن موسى 1: "4"
الإِمَامُ الكَبِيْرُ, مُفْتِي دِمَشْقَ أَبُو أَيُّوْبَ -وَيُقَالُ: أَبُو هِشَامٍ, وَأَبُو الرَّبِيْعِ, الدِّمَشْقِيُّ, الأَشْدَقُ, مَوْلَى آل معاوية بن أبي سفيان.
يَرْوِي عَنْ: جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ, وَأَبِي أُمَامَةَ, وَمَالِكِ بنِ يَخَامِرَ, وَأَبِي سَيَّارَةَ المُتَعِيِّ, وَوَاثِلَةَ بنِ الأَسْقَعِ, وَغَالِبُه مُرْسَلٌ.
وَيَرْوِي عَنْ: كَثِيْرِ بنِ مُرَّةَ -فَلَعَلَّهُ أَدْركَهُ- وَعَنْ: طَاوُوْسٍ, وَنَافِعِ بنِ جُبَيْرٍ, وَكُرَيْبٍ, وَالقَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ, وَعَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ, وَنَافِعٍ, وَعَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ, وَمَكْحُوْلٍ, وَابْنِ شِهَابٍ, وَنُصَيْرٍ مَوْلَى مُعَاوِيَةَ, وَعِدَّةٍ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ جُرَيْجٍ وَثَوْرُ بنُ يَزِيْدَ, وَرَجَاءُ بنُ أَبِي سَلَمَةَ, وَزَيْدُ بنُ وَاقِدٍ, وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ الحَارِثِ المَخْزُوْمِيُّ, وَمُحَمَّدُ بنُ رَاشِدٍ المَكْحُوْلُ وَالأَوْزَاعِيُّ, وَسَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ, وَأَبُو مُعَيْدٍ حَفْصُ بنُ غَيْلاَنَ, وَابْنُ لَهِيْعَةَ, وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ يَزِيْدَ بنِ جَابِرٍ, وَمَسَرَّةُ بنُ مَعْبَدٍ وَمُعَاوِيَةُ بنُ يَحْيَى الصَّدَفِيُّ. وَهَمَّامُ بنُ يَحْيَى وَالزُّبَيْدِيُّ, وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ: كَانَ سُلَيْمَانُ بنُ مُوْسَى أَعْلَمَ أَهْلِ الشَّامِ بَعْدَ مَكْحُوْلٍ وَلَوْ قِيْلَ لِي مَنْ أَفْضَلُ النَّاسِ? لأَخَذتُ بِيَدِ سليمان.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 457"، التاريخ الكبير "4/ ترجمة 1888"، الكنى للدولابي "1/ 102"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 615"، الكاشف "1/ ترجمة 2154"، تاريخ الإسلام "4/ 254"، ميزان الاعتدال "2/ 225"، تهذيب التهذيب "4/ 226"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2749"، شذرات الذهب "1/ 156".

(6/151)


وَكَانَ عَطَاءٌ إِذَا جَاءَ سُلَيْمَانُ بنُ مُوْسَى يَقُوْلُ: كُفُّوا، عَنِ المَسْأَلَةِ فَقَدْ جَاءكُم مَنْ يَكفِيْكُمُ المَسْأَلَةَ.
قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: قَالَ لِي سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ: مَا رَأَيْتُ أَحْسَنَ مَسْأَلَةً مِنْكَ بَعْدَ سُلَيْمَانَ بنِ مُوْسَى.
قَالَ سَعِيْدٌ: قَالَ سُلَيْمَانُ بنُ مُوْسَى: حُسْنُ المَسْأَلَةِ نِصْفُ العِلْمِ.
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: لاَ نَعْلَمُ مَكْحُوْلاً خَلَّفَ بِالشَّامِ مِثْلَ يَزِيْدَ بنِ يَزِيْدَ إلَّا مَا ذَكَرَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ مِنْ سُلَيْمَانَ بنِ مُوْسَى.
وَقَالَ مُطْعِمُ بنُ المِقْدَامِ: سَمِعْتُ عَطَاءَ بنَ أَبِي رَبَاحٍ يَقُوْلُ: سَيِّدُ شَبَابِ أَهْلِ الحِجَازِ: ابْنُ جُرَيْجٍ, وَسَيِّدُ شَبَابِ أَهْلِ العِرَاقِ الحَجَّاجُ بنُ أَرْطَاةَ, وَسَيِّدُ شَبَابِ أَهْلِ الشَّامِ سُلَيْمَانُ بنُ مُوْسَى.
وَقَالَ شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: إِنَّ مَكْحُوْلاً يَأْتِيْنَا وَسُلَيْمَانُ بنُ مُوْسَى -وَايْمُ اللهِ- أَحْفَظُ الرَّجُلَيْنِ.
وَقَالَ مَرْوَانُ الطَّاطَرِيُّ: سَمِعْتُ ابْنَ لَهِيْعَةَ يَقُوْلُ مَا لَقِيْتُ مِثْلَهُ يَعْنِي سُلَيْمَانَ بنَ مُوْسَى فَقُلْتُ لَهُ وَلاَ الأَعْرَجُ? قَالَ مَا رَأَيْتُ مِثْلَ سُلَيْمَانَ بنِ مُوْسَى.
قَالَ زَيْدُ بنُ وَاقِدٍ عَاشَ سُلَيْمَانُ بنُ مُوْسَى بَعْدَ مَكْحُوْلٍ سَنَتَيْنِ فَكُنَّا نَجلِسُ إِلَيْهِ بَعْدَ مَكْحُوْلٍ فَكَانَ يَأْخُذُ كُلَّ يَوْمٍ فِي بَابٍ مِنَ العِلْمِ فَلاَ يَقْطَعُهُ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهُ ثُمَّ يَأْخُذَ فِي بَابٍ غَيْرِه فَقُلْتُ لَهُ يَوْماً: يَا أَبَا الرَّبِيْعِ جَزَاكَ اللهُ عَنَّا خَيْراً فَإِنَّكَ تُحَدِّثُنَا بِمَا نُرِيْدُ وَمَا لاَ نَعقِلُه فَلَوْ بَقِيَ لَنَا لَكفَانَا النَّاسَ.
قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: كَانَ أَعْلَى أَصْحَابِ مَكْحُوْلٍ سُلَيْمَانُ بنُ مُوْسَى وَمَعَهُ يَزِيْدُ بنُ يَزِيْدَ بنِ جَابِرٍ.
قَالَ دُحَيْمٌ: هُوَ ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، عَنْ يَحْيَى: سُلَيْمَانُ بنُ مُوْسَى، عَنْ مَالِكِ بنِ يَخَامِرَ مُرْسَلاً وَعَنْ جَابِرٍ مُرْسَلاً.
وَقَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: لَمْ يُدْرِكْ سُلَيْمَانُ كَثِيْرَ بنَ مُرَّةَ, وَلاَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ غَنْمٍ.
وَقَالَ عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ: قُلْتُ لِيَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ: سُلَيْمَانُ بنُ مُوْسَى مَا حَالُه فِي الزُّهْرِيِّ?

(6/152)


قَالَ: ثِقَةٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَحَلُّهُ الصِّدْقُ وَفِي حَدِيْثِهِ بَعْضُ الاضْطِرَابِ, وَلاَ أَعْلَمُ أَحَداً مِنْ أَصْحَابِ مَكْحُوْلٍ أَفْقَهَ مِنْهُ وَلاَ أَثْبَتَ مِنْهُ.
وَقَالَ أَيْضاً: أَخْتَارُ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ بعد الزهري ومكحول للفقه سليمان ابن مُوْسَى.
وَقَالَ البُخَارِيُّ: عِنْدَه مَنَاكِيْرُ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ هُوَ أَحَدُ الفُقَهَاءِ وَلَيْسَ بِالقَوِيِّ فِي الحَدِيْثِ وَقَالَ مَرَّةً فِي حَدِيْثِهِ شَيْءٌ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: هُوَ فَقِيْهٌ, رَاوٍ, حَدَّثَ عَنْهُ الثِّقَاتُ, وَهُوَ أَحَدُ العُلَمَاءِ رَوَى أَحَادِيْثَ يَنْفَرِدُ بِهَا, لاَ يَروِيهَا غَيْرُه, وَهُوَ عِنْدِي ثَبْتٌ, صَدُوْقٌ.
قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ, حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ مُوْسَى بِصَحِيْفَةٍ حَفِظهَا فَأَعْجَبَه ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ مَكْحُوْلٌ: أَتَعجَبُ?! مَا سَمِعْتُ شَيْئاً فَاسْتَودعتُه صَدْرِي إلَّا وَجَدْتُه حِيْنَ أُرِيْدُه.
وَقَالَ عَبَّاسُ بنُ مُحَمَّدٍ: قُلْتُ لِيَحْيَى: حَدِيْثُ: "لاَ نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ" 1 يَرْوِيْهِ ابْنُ جريج فقال: لا يصح
في هذا شيءإلَّا حَدِيْثُ سُلَيْمَانَ بنِ مُوْسَى.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ أَبِي يَحْيَى سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ يَقُوْلُ: حديث "أفطر الحاجم والمحجوم" 2 "ولا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ" أَحَادِيْثُ يُشبِهُ بَعْضُهَا بَعْضاً, وأنا أذهب إليها.
__________
1 صحيح: ورد من حديث ابن عباس: عند أحمد "1/ 250"، وابن ماجه "1880"، والدارقطني "3/ 221-222"، والطبراني في "الكبير" "11/ 11298" و"11343" و"11944"، والبيهقي "7/ 109" وورد من حديث ابن مسعود: عند الدارقطني "3/ 225"، وفيه عبد الله بن محرز وهو متروك.
وورد من حديث علي: عند البيهقي "7/ 111"، وفيه الحارث الأعور، وهو ضعيف.
وورد من حديث ابن عمر: عند الدراقطني "3/ 225"، وفيه ثابت بن زهير، وهو منكر الحديث.
وورد من حديث أبي هريرة: عند ابن عدي"6/ 358"، وفيه المغيرة بن موسى، وهو منكر الحديث.
وورد من حديث أبي موسى: أخرجه الحاكم "2/ 171"، وابن الجارود "703"، والبيهقي "7/ 107"، من طريق عمر بن عثمان الرقى، عن زُهَيْرُ بنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أبي بردة، عن أبي موسى، به وفي إسناده عمرو بن عثمان الرقى، وهو ضعيف، وفيه رواية زهير بن معاوية عن أبي إسحاق السبيعي، وقد روى عنه بعد الاختلاط.
وله طرق أخرى عن أبي موسى، وعن عائشة يضيق المقام عن ذكره واستيعابها.
2 صحيح: ورد من حديث شداد بن أوس: أخرجه عبد الرزاق "7519" وأحمد "4/ 123- 124"، وابن أبي شيبة "3/ 49-50"، والطبراني "7147" و"7149" و"7150" و"7153" و"7154"، والبيهقي "4/ 265".

(6/153)


قُلْتُ: رَوَى الثِّقَاتُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ سليمان بن موسى، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ وَلَهَا مَهْرُهَا بِمَا أَصَابَ مِنْهَا فَإِنِ اشْتَجَرُوا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لاَ وَلِيَّ لَهُ" 1.
وَعِيْسَى بنُ يُوْنُسَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ نَحْوَه, وَلَفظُه: "لاَ نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ". ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: رَوَاهُ مَعَ سُلَيْمَانَ: يَزِيْدُ بنُ أَبِي حبيب, وَحَجَّاجُ بنُ أَرْطَاةَ, وَقُرَّةُ بنُ حَيْوَئِيْلَ, وَأَيُّوْبُ بنُ مُوْسَى, وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ, وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعْدٍ وَكُلُّهَا طُرُقٌ غَرِيْبَةٌ, سِوَى حَجَّاجٍ, وَطَرِيْقُه مَشْهُوْرٌ.
قُلْتُ: وَهُوَ صَاحِبُ حَدِيْثِ زَمَّارَةَ الرَّاعِي، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ2.
وَرَوَى ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْهُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوْعاً "المَضْمَضَةُ وَالاسْتِنْشَاقُ مِنَ الوُضُوْءِ الَّذِي لاَ بُدَّ مِنْهُ"3.
قَالَ دُحَيْمٌ: مَاتَ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَمائَةٍ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ, وَابْنُ سَعْدٍ, وَخَلِيْفَةُ, وَجَمَاعَةٌ: مَاتَ سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ ومائة وله شيء في "مقدمة مسلم".
__________
= وورد من حديث ثوبان: أخرجه أحمد "5/ 280"، والطيالسي "989"، وأبو داود "2367"، وابن ماجه "1680"، والدارمي "2/ 14-15"، والحاكم "1/ 427"، وابن الجارود "386"، والبيهقي "4/ 265" من طرق عن يحيى بن أبي كثير، قال: حدثني أبو قلابة عن أسماء الرحبي، عن ثوبان، به مرفوعا.
وورد عن رافع بن خديج رضي الله عنه: أخرجه عبد الرزاق "7523" وأحمد "3/ 465"، والترمذي "774"، والطبراني "4257" وابن خزيمة "1964"، والحاكم "1/ 428"، والبيهقي "4/ 265".
1 حسن: أخرجه عبد الرزاق "10472"، وابن أبي شيبة "4/ 128"، والطيالسي "1463"، والشافعي "2/ 11" وأحمد "6/ 47 و165- 166"، وأبو داود "2083"، والترمذي "1102"، وابن ماجه "1879"، والدارمي "2/ 137"، وابن الجارود "700"، والدارقطني "3/ 221 و225 -226"، والطحاوي "3/ 7- 8"، والحاكم "2/ 168"، والبيهقي "7/ 105 و113 و124 -125و125 و138"، والبغوي "2262" من طرق عن ابن جري، عن سليمان بن موسى الأشدق، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، به مرفوعا.
قلت: إسناده حسن، سليمان بن موسى، صدوق كما قال الحافظ في "التقريب".
2 حسن: أخرجه أبو داود "4924" من طريق سليمان بن موسى، عن نافع قال: سمع ابن عمر مزمارا، قال: فوضع إصبعيه على أذنيه، ونأى عن الطريق، وقال لي: يا نافع هل تسمع شيئا؟ فقلت: لا، قال: فرفع إصبعيه من أذنيه، وقال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم فسمع مثل هذا فصنع مثل هذا".
قلت: إسناده حسن، سليمان بن موسى الأشدق، صدوق كما قال الحافظ في "التقريب".
3 ضعيف: أخرجه البيهقي "1/ 52" من طريق عصام بن يوسف بن عبد الله، عن ابن جريح، به قلت: إسناده ضعيف، فيه عصام بن يوسف، وهو البلخي، قال ابن عدي: روى أحاديث لا يتابع عليها. وفي الإسناد ابن جريج، مدلس، وقد عنعنه.
قال الدارقطني: تفرد به عصام، ووهم فيه، والصواب عن ابن جريج، عن سليمان بن موسى مرسلا.

(6/154)


809- يزيد بن أبي مالك 1: "د، س، ق"
هُوَ العَلاَّمَةُ, قَاضِي دِمَشْقَ, بن عبد الرحمن بن أبي مالك هانىء الهَمْدَانِيُّ, الدِّمَشْقِيُّ.
وُلِدَ سَنَةَ سِتِّيْنَ وَأَرْسَلَ، عَنْ أَبِي أَيُّوْبَ وَرَوَى عَنْ: وَاثِلَةَ بنِ الأَسْقَعِ وَأَنَسِ بنِ مَالِكٍ, وَجُبَيْرِ بنِ نُفَيْرٍ, وَابْنِ المُسَيِّبِ, وَأَبِي إِدْرِيْسَ الخَوْلاَنِيِّ وَسُلَيْمَانَ بنِ يَسَارٍ, وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ: ابْنُهُ خَالِدٌ, وَالأَوْزَاعِيُّ, وَسَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ, وَسَعِيْدُ بنُ بَشِيْرٍ, وَعَمْرُو بنُ, واقد, وآخرون.
وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: رَأَى أنسًا وقال ابن معين: قضى لهشام ابن عَبْدِ المَلِكِ.
قُلْتُ: كَانَ أَحَدَ الفُقَهَاءِ مَعَ مَكْحُوْلٍ, وَقَدْ نَدَبَهُ عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ لِيُفقِّهَ بَنِي نُمَيْرٍ وَيُقرِئَهم.
قَالَ سَعِيْدُ بنُ بَشِيْرٍ: كَانَ صَاحِبَ كُتُبٍ -يَعْنِي: أَنَّهُ كَانَ بَلِيْغاً فِي تَرَسُّلِه.
قُلْتُ: لَمَّا اسْتُخْلفَ الوَلِيْدُ بنُ يَزِيْدَ, عَزَلَهُ بِالحَارِثِ بنِ مُحَمَّدٍ الأَشْعَرِيِّ.
وَقَالَ سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ: لَمْ يَكُنْ عِنْدَنَا أَعْلَمُ بِالقَضَاءِ مِنْ يَزِيْدَ بنِ أَبِي مَالِكٍ لاَ مَكْحُوْلٌ وَلاَ غَيْرُه.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ. وَقَالَ الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ: بَقِيَ إِلَى سَنَةِ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ ومائة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 461"، التاريخ الكبير "8/ ترجمة 3272"، المعرفة والتاريخ "2/ 334 و394 و410" الجرح والتعديل "9/ ترجمة 1165"، تاريخ الإسلام "5/ 187 و315"، ميزان الاعتدال "4/ 439"، تهذيب التهذيب "11/ 435"، شذرات الذهب لابن العماد "1/ 179".

(6/155)


810- عبد الملك بن عمير 1: "ع"
ابن سويد بن حارثة القرشي, وَيُقَالُ: اللَّخْمِيُّ, أَبُو عَمْرٍو- وَيُقَالُ: أَبُو عُمَرَ الكُوْفِيُّ, الحَافِظُ, وَيُعْرَفُ: بِالقِبْطِيِّ.
رَأَى عَلِيّاً -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وَأَبَا مُوْسَى الأَشْعَرِيَّ.
وَحَدَّثَ عَنْ: جُنْدُبٍ البَجَلِيِّ, وَجَابِرِ بنِ سَمُرَةَ, وَجَبْرِ بنِ عَتِيْكٍ, وَعَمْرِو بنِ حُرَيْثٍ, وَعَطِيَّةَ القُرَظِيِّ, وَالنُّعْمَانِ بنِ بَشِيْرٍ, وَأُمِّ عَطِيَّةَ, وَجَرِيْرِ بنِ عَبْدِ اللهِ البَجَلِيِّ إِنْ صَحَّ, وَحُصَيْنِ بن قَبِيْصَةَ أَوِ ابْنِ عُقْبَةَ, وَإِيَادِ بنِ لَقِيْطٍ, وَالأَشْعَثِ ابن قَيْسٍ, وَلَمْ يُدْرِكْهُ, وَحُصَيْنِ بنِ أَبِي الحُرِّ, وزيد بن عقبة, وربعي بن حراش, وَابْنِ أَبِي لَيْلَى, وَقَزَعَةَ بنِ يَحْيَى, وَعَمْرِو بنِ مَيْمُوْنٍ الأَوْدِيِّ, وَوَرَّادٍ كَاتِبِ المُغِيْرَةِ, وَمُوْسَى بنِ طَلْحَةَ, وَأَبِي بُرْدَةَ بنِ أَبِي مُوْسَى, وَأَبِي الأَحْوَصِ الجُشَمِيِّ, وَخَلْقٍ مِنَ الصَّحَابَةِ, وَكِبَارِ التَّابِعِيْنَ, وَعُمِّرَ دَهْراً طَوِيْلاً, وَصَارَ مُسْنِدَ أَهْلِ الكوفة.
حدث عن: شُعْبَةُ, وَالثَّوْرِيُّ, وَمِسْعَرٌ, وَهُشَيْمٌ, وَأَبُو عَوَانَةَ, وَإِسْرَائِيْلُ, وَزَائِدَةُ, وَحَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ, وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عَمْرٍو الرَّقِّيُّ, وَجَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمَيْدِ, وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ, وَعُبَيْدَةُ بنُ حُمَيْدٍ, وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ مِنَ القُدَمَاِءِ: شَهْرُ بنُ حَوْشَبٍ, وَذَلِكَ فِي صَحِيْحِ مُسْلِمٍ مَقْرُوْناً بِآخَرَ قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ لَهُ نَحْوُ مائَتَيْ حديث.
رَوَى المَيْمُوْنِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، عَنْ سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ: سَمِعْتُ عَبْدَ المَلِكِ بنَ عُمَيْرٍ يَقُوْلُ: "وَاللهِ إِنِّي لأُحَدِّثُ بِالحَدِيْثِ فَمَا أَدَعُ مِنْهُ حَرْفاً وَاحِداً.
قَالَ النَّسَائِيُّ, وَغَيْرُهُ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الحَدِيْثِ, لَيْسَ بِحَافِظٍ تَغَيَّرَ حِفْظُه قَبْلَ مَوْتِه.
وَرَوَى إِسْحَاقُ الكَوْسَجُ، عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ قَالَ: مُخَلِّطُ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ الهِسِنْجَانِيُّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ يَقُوْلُ: عَبْدُ المَلِكِ بن عمير
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 315"، التاريخ الكبير "5/ ترجمة 1386"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 1700"، وفيات الأعيان لابن خلكان "3/ ترجمة 376"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 123"، الكاشف "2/ ترجمة 3515"، تاريخ الإسلام "5/ 271"، ميزان الاعتدال "2/ 660"، تهذيب التهذيب "6/ 411"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4447".

(6/156)


مُضْطَرِبُ الحَدِيْثِ جِدّاً, مَعَ قِلَّةِ رِوَايَتِه, مَا أَرَى لَهُ خَمْسَ مائَةِ حَدِيْثٍ, وَقَدْ غَلِطَ فِي كَثِيْرٍ مِنْهَا.
وَذَكَرَ إِسْحَاقُ الكَوْسَجُ، عَنْ أَحْمَدَ: أَنَّهُ ضَعَّفَه جِدّاً.
وَرَوَى صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، عَنْ أَبِيْهِ, قَالَ: سِمَاكُ بنُ حَرْبٍ أَصلَحُ حَدِيْثاً مِنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ, وَذَلِكَ أَنَّ عَبْدَ المَلِكِ يَخْتَلِفُ عَلَيْهِ الحُفَّاظُ.
وَرَوَى مُحَمَّدُ بنُ سُفْيَانَ الكُوْفِيُّ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ سَمِعتُ: أَبَا إِسْحَاقَ يَقُوْلُ: خُذُوا العِلْمَ مِنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ. قَالَ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ: يُقَالُ لَهُ: ابْنُ القِبْطَةِ, كَانَ عَلَى قَضَاءِ الكُوْفَةِ, وَهُوَ صَالِحُ الحَدِيْثِ, رَوَى أَكْثَرَ مِنْ مائَةِ حَدِيْثٍ, وَهُوَ ثِقَةٌ فِي الحَدِيْثِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ, حَدَّثَنَا عَلِيٌّ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ مَهْدِيٍّ يَقُوْلُ: كَانَ سُفْيَانُ يَعجَبُ مِنْ تَحَفُّظِ عَبْدِ المَلِكِ. قَالَ صَالِحٌ: فَقُلْتُ لأَبِي: هُوَ عَبْدُ المَلِكِ بنُ عُمَيْرٍ قَالَ نَعَمْ قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فَذَكَرتُ هَذَا لأَبِي فَقَالَ: هَذَا وَهْمٌ وَإِنَّمَا هُوَ عَبْدُ المَلِكِ بنُ أَبِي سَلْمَانَ عَبْدُ المَلِكِ بنُ عُمَيْرٍ لَمْ يُوْصَفْ بِالحِفظِ.
قَالَ البُخَارِيُّ: كَانَ عَبْدُ المَلِكِ بنُ عُمَيْرٍ مِنْ أَفصَحِ النَّاسِ.
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: قَالَ رَجُلٌ لِعَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ القِبْطِيِّ, قَالَ أَمَّا عَبْدُ المَلِكِ, فَأَنَا وَأَمَّا القِبْطِيُّ, فَكَانَ فَرَسٌ لَنَا سَابِقٌ.
وَرُوِيَ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ سَمِعْتُ عَبْدَ المَلِكِ بنَ عُمَيْرٍ يَقُوْلُ هَذِهِ السَّنَةُ تُوُفِّيَ لِي مائَةٌ وَثَلاَثُ سِنِيْنَ.
رَوَى أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي الأَسْوَدِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ البَجَلِيِّ, قَالَ: مَاتَ عَبْدُ المَلِكِ بنُ عُمَيْرٍ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ أَوْ نَحْوِهَا زَادَ غَيْرُه فِي ذِي الحِجَّةِ مِنْهَا.
أَخْبَرَنَا أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, وَغَيْرُهُ قَالُوا: أَنْبَأَنَا الحُسَيْنُ بنُ هِبَةِ اللهِ التَّغْلِبِيُّ، أَنْبَأَنَا نَضْرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُقَاتِلٍ, وَالحُسَيْنُ بنُ الحَسَنِ الأَسَدِيُّ قَالاَ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ بنِ أَبِي العَلاَءِ المَصِّيْصِيُّ الفَقِيْهُ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدٌ وَأَحْمَدُ، أَنْبَأَنَا الحَسَنُ بنُ سَهْلِ بنِ الصَّبَّاحِ بِبَلَدٍ فِي سَنَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَحْمَدَ الإِمَامُ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لاَ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَقْضِيَ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَانُ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1. وَفِي بَعْضِ أَلْفَاظِ الصَّحِيْحِ: "لاَ يَقْضِيَنَّ حَكَمٌ". رَوَاهُ: شُعْبَةُ, وَالكِبَارُ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ أَخْرَجَهُ: الأَئِمَّةُ مِنْ حَدِيْثِهِ فِي كُتُبِهِم.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "7158"، ومسلم "1717"، وأبو داود "3589"، والترمذي "1334" والنسائي "8/ 237-238".

(6/157)


811- منصور بن زاذان 1: "ع"
الإِمَامُ, الرَّبَّانِيُّ, شَيْخُ وَاسِطَ عِلْماً وَعَمَلاً, أَبُو المُغِيْرَةِ الثَّقَفِيُّ مَوْلاَهُم, الوَاسِطِيُّ.
وُلِدَ فِي حَيَاةِ ابْنِ عُمَرَ. وَحَدَّثَ عَنْ: أَنَسِ بنِ مَالِكٍ, وَأَبِي العَالِيَةِ, وَالحَسَنِ, وَابْنِ سِيْرِيْنَ, وَعَمْرِو بن ينار, وَالحَكَمِ بنِ عُتَيْبَةَ, وَحَبِيْبِ بنِ مُهَاجِرٍ, وَقَتَادَةَ, وَمُعَاوِيَةَ بنِ قُرَّةَ, وَعَطَاءٍ, وَحُمَيْدِ بنِ هِلاَلٍ, وَعِدَّةٍ. رَوَى عَنْهُ: شُعْبَةُ, وَجَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ, وَأَبُو عَوَانَةَ, وَهُشَيْمٌ, وَخَلَفُ بنُ خَلِيْفَةَ وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً حُجَّةً سَرِيْعَ القِرَاءةِ يُرِيْدُ أَنْ يَتَرَسَّلَ فَلاَ يَسْتَطِيْعُ وَكَانَ يَخْتِمُ فِي الضُّحَى وَكَانَ قَدْ تَحَوَّلَ, فَنَزَلَ المُبَارَكَ.
قَالَ يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ: كَانَ مَنْصُوْرُ بنُ زَاذَانَ يَقْرَأُ القُرْآنَ كُلَّه فِي صَلاَةِ الضُّحَى وَكَانَ يَخْتِمُ القُرْآنَ مِنَ الأُوْلَى إِلَى العَصْرِ وَيَخْتِمُ فِي اليَوْمِ مَرَّتَيْنِ وَيُصَلِّي الليل كله2.
وَعَنْ هِشَامِ بنِ حَسَّانٍ قَالَ: كَانَ يَخْتِمُ فِيْمَا بَيْنَ المَغْرِبِ وَالعِشَاءِ مَرَّتَيْنِ, وَالثَّالِثَةُ إِلَى الطَّوَاسِيْنَ وَكَانَ يَبُلُّ عِمَامَتَه مِنْ دُمُوْعِ عَيْنَيْهِ.
قَالَ صَالِحُ بنُ عُمَرَ الوَاسِطِيُّ: كَانَ الحَسَنُ يَقعُدُ مَعَ أَصْحَابِه فَلاَ يَقُوْمُ حَتَّى يَخْتِمَ مَنْصُوْرُ بنُ زَاذَانَ.
قَالَ هُشَيْمٌ: كَانَ مَنْصُوْرٌ لَوْ قِيْلَ: لَهُ إِنَّ مَلَكَ المَوْتِ عَلَى البَابِ مَا كَانَ عِنْدَه زِيَادَةٌ فِي العَمَلِ, وَكَانَ يُصَلِّي مِنْ طُلُوْعِ الشَّمْسِ إِلَى أَنْ يصلي العصر, ثم يسبح إلى المغرب.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 311"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 1492"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 759"، حلية الأولياء "3/ 57"، الكاشف "3/ ترجمة 5738"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 134"، تهذيب التهذيب "10/ 306- 307"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7205"، شذرات الذهب لابن العماد "1/ 181".
2 لم يأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قراءة القرآن في أقل من ثلاثة أيام كما وردت النصوص الصحيحة عنه بذلك وقد تقدم ذكرنا لها في الجزء السابق.

(6/158)


وَرَوَى خَلَفُ بنُ خَلِيْفَةَ، عَنْ مَنْصُوْرٍ: الهَمُّ وَالحُزْنُ يَزِيْدُ فِي الحَسَنَاتِ, وَالأَشَرُ وَالبَطَرُ يَزِيْدُ فِي السَّيِّئَاتِ.
قَالَ أَبُو مَعْمَرٍ القَطِيْعِيُّ: ذَكَرَ عَبَّادُ بنُ العَوَّامِ, أَنَّهُ شَهِدَ جِنَازَةَ مَنْصُوْرِ بنِ زَاذَانَ, قَالَ: فَرَأَيْتُ النَّصَارَى عَلَى حِدَةٍ, وَالمَجُوْسَ عَلَى حِدَةٍ وَاليَهُوْدَ عَلَى حِدَةٍ, وَقَدْ أَخَذَ خَالِي بِيَدِي مِنْ كَثْرَةِ الزِّحَامِ.
شُعْبَةُ عَنْ هِشَامِ بنِ حَسَّانٍ, قَالَ: صَلَّيْتُ إِلَى جَنْبِ مَنْصُوْرِ بنِ زَاذَانَ فِيْمَا بَيْنَ المَغْرِبِ وَالعشَاءِ فَقَرَأَ القُرْآنَ, وَبلَغَ فِي الثَّانِيَةِ إِلَى النَّحْلِ. قَالَ يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ: تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ قُلْتُ: قَبْرُهُ بِوَاسِطَ ظاهر, يزار.

(6/159)


812- يوسف بن عمر 1:
ابن مُحَمَّدِ بنِ الحَكَمِ بنِ أَبِي عُقَيْلٍ الثَّقَفِيُّ, أَمِيْرُ العِرَاقَيْنِ وَخُرَاسَانَ لِهِشَامٍ, ثُمَّ أَقَرَّهُ الوَلِيْدُ بنُ يَزِيْدَ. وَكَانَ شَهْماً, كَافِياً, سَائِساً, مَهِيْباً, جبارًا عسوفًا, جوادًا, معطاء.
نَقَلَ المَدَائِنِيُّ: أَنَّ سِمَاطَه بِالعِرَاقِ كَانَ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مائَةِ مَائِدَةٍ, كُلُّهَا شِوَاءٌ, وَقَدْ كَانَ وَلِيَ اليَمَنَ, وَضَرَبَ وَهْبَ بنَ مُنَبِّهٍ حَتَّى أَثخَنَه.
قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: لَمَّا هَلَكَ الحَجَّاجُ, أُخِذَ يُوْسُفُ هَذَا فِي آلِ الحَجَّاجِ لِيُعَذَّبَ, فَقَالَ: أَخرِجُونِي أَسْأَلْ. فَدُفِعَ إِلَى الحَارِثِ الجَهْضَمِيِّ, وَكَانَ مُغَفَّلاً فَأَتَى دَاراً لَهَا بَابَانِ فَقَالَ: دَعنِي أَدخُلْ إِلَى عَمَّتِي أَسْأَلَهَا فَدَخَلَ, وَهَرَبَ مِنَ البَابِ الآخَرِ, وَذَلِكَ فِي خِلاَفَةِ سُلَيْمَانَ.
قَالَ شَبَابٌ: وَلِيَ يُوْسُفُ اليَمَنَ سَنَةَ سِتٍّ وَمائَةٍ, فَمَا زَالَ عَلَيْهَا حَتَّى جَاءهُ التَّقْلِيْدُ بِوِلاَيَةِ العِرَاقِ, فَاسْتَخلَفَ ابْنَهُ الصَّلْتَ وَسَارَ.
قَالَ اللَّيْثُ: نُزِعَ عَنِ العِرَاقِ خَالِدٌ القَسْرِيُّ سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَمائَةٍ بِيُوْسُفَ, وَكَانَ يُضرَبُ بِحُمْقِه وَتِيْهِهِ المَثَلُ فَكَانَ يُقَالُ: أَحْمَقُ مِنْ أَحْمَقِ ثَقِيْفٍ وَحَجَمَه إِنْسَانٌ مَرَّةً فَهَابَه وَأَرْعَدَ فَقَالَ يُوْسُفُ: قُلْ لِهَذَا البَائِسِ لاَ تَخَفْ وَمَا رَضِيَ أَنْ يُخَاطِبَه.
وَقَدْ هَمَّ الوَلِيْدُ بِعَزْلِهِ, فَبَادَرَ, وَقَدَّمَ لَهُ أَمْوَالاً عَظِيْمَةً, وَبَذَلَ فِي خَالِدٍ القَسْرِيِّ أَرْبَعِيْنَ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَأُخرِجَ, وَسُلِّمَ إِلَيْهِ العِرَاقُ فَأَهْلَكَه تَحْتَ العَذَابِ, وَالمُصَادَرَةِ, وَأَخَذَ مِنْهُ, وَمِنْ أَعْوَانِه تِسْعِيْنَ أَلْفَ أَلفِ دِرْهَمٍ. وَاقْتَصَّ يَزِيْدُ بنُ خَالِدِ بنِ عَبْدِ اللهِ مِنْ يُوْسُفَ وَقَتَلَهُ نَائِبُه, ثُمَّ قُتِلَ يَزِيْدُ إِذْ تَملَّكَ مَرْوَانُ الحِمَارُ.
قَالَ أَبُو الصَّيْدَاءِ: أَنَا شَهِدتُ هَذَا الخَبِيْثَ يُوْسُفَ ضَرَبَ وَهْبَ بنَ مُنَبِّهٍ حَتَّى قَتَلَهُ.
وَقَالَ أَبُو هَاشِمٍ: بَعَثَ يَزِيْدُ بنُ خَالِدٍ مَوْلاَهُ أَبَا الأَسَدِ, فَدَخَلَ السِّجْنَ, فَضَربَ عُنُقَ يُوْسُفَ بنِ عُمَرَ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ, وَعَاشَ أَزْيَدَ مِنْ سِتِّيْنَ سَنَةً, وَقِيْلَ: رَمَوْهُ قَتِيْلاً فَشَدَّ الصِّبْيَانُ فِي رِجْلِهِ حَبلاً, وَجَرُّوْهُ فِي أَزِقَّةِ دِمَشْقَ, وَكَانَ دَمِيْمَ الجُثَّةِ, لَهُ لِحْيَةٌ عَظِيْمَةٌ نعوذ بالله من البغي وعواقبه.
__________
1 ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "7/ ترجمة 843"، تاريخ الإسلام "5/ 191"، شذرات الذهب لابن خلكان "1/ 172".

(6/159)


813- دَاوُدُ بنُ عَلِيِّ 1:
ابْنِ حَبْرِ الأُمَّةِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ الهَاشِمِيُّ عَمُّ السَّفَّاحِ, الأَمِيْرُ, أَبُو سُلَيْمَانَ.
رَوَى عَنْ: أَبِيْهِ. وَعَنْهُ. الأَوْزَاعِيُّ, وَالثَّوْرِيُّ, وَشَرِيْكٌ, وَسَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ, وَقَيْسُ بنُ الرَّبِيْعِ.
لَهُ حَدِيْثٌ طَوِيْلٌ فِي الدُّعَاءِ. تَفَرَّدَ بِهِ عَنْهُ: ابْنُ أَبِي لَيْلَى, وَقَيْسٌ, وَمَا هُوَ بِحُجَّةٍ, وَالخَبَرُ يُعَدُّ مُنْكَراً, وَلَمْ يُقَحِّمْ أُوْلُوِ النَّقْدِ عَلَى تَلْيِينِ هَذَا الضَّربِ لِدَوْلَتِهِم.
وَكَانَ دَاوُدُ ذَا بَأْسٍ, وَسَطوَةٍ, وَهَيْبَةٍ, وَجَبَرُوتٍ, وَبَلاَغَةٍ, وَقِيْلَ: كَانَ يَرَى القَدَرَ.
وَلَمَّا قَامَ السَّفَّاحُ يَوْمَ بُوْيِعَ يَخطُبُ, حُصِرَ فَقَامَ دُوْنَه عَمُّه هَذَا فَأَبْلَغَ وَقَالَ فَأَوْجزَ وَبَسَطَ آمال الناس.
مَاتَ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ, سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ, بَعدَ أَنْ أَقَامَ المَوْسِمَ وَعَاشَ اثْنَتَيْنِ وأربعين سنة.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "3/ ترجمة 795"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 1914"، تاريخ الإسلام "5/ 242"، العبر "2/ 45"، الكاشف "1/ 1467"، ميزان الاعتدال "2/ 12-13"، تهذيب التهذيب "3/ 194"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1934"، شذرات الذهب "1/ 191".

(6/160)


814- أبو الزناد 1: "ع"
عبد الله بن ذكوان, الإِمَامُ الفَقِيْهُ, الحَافِظُ, المُفْتِي, أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ القُرَشِيُّ, المَدَنِيُّ, وَيُلَقَّبُ بِأَبِي الزِّنَادِ, وَأَبُوْهُ مَوْلَى رَمْلَةَ بِنْتِ شَيْبَةَ بنِ رَبِيْعَةَ, زَوْجَةِ الخَلِيْفَةِ عُثْمَانَ. وَقِيْلَ مَوْلَى عَائِشَةَ بِنْتِ عُثْمَانَ بنِ عَفَّانَ وَقِيْلَ: مَوْلَى آلِ عُثْمَانَ وَقِيْلَ: إِنَّ ذَكْوَانَ كَانَ أَخَا أَبِي لُؤْلُؤَةَ قَاتِلِ عُمَرَ قَالَهُ: أَبُو دَاوُدَ السِّجْزِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ صَالِحٍ.
قُلْتُ: مَوْلِدُه فِي نَحْوِ سَنَةِ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ, فِي حَيَاةِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَحَدَّثَ عَنْ: أَنَسِ بنِ مَالِكٍ, وَأَبِي أُمَامَةَ بنِ سَهْلٍ, وَأَبَانِ بنِ عُثْمَانَ, وَعُرْوَةَ, وَابْنِ المُسَيِّبِ, وَخَارِجَةُ بنُ زَيْدٍ, وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُتْبَةَ, وعبيد ابن حُنَيْنٍ, وَعَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ, وَأَبِي سَلَمَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, وَالقَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ, وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ, وَهُوَ مُكْثِرٌ عَنْهُ ثَبْتٌ فِيْهِ, وَعَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ, وَمُرَقِّعِ بنِ صَيْفِيٍّ, وَمُجَالِدِ بنِ عَوْفٍ, وَمُحَمَّدِ بنِ حَمْزَةَ بنِ عَمْرٍو الأَسْلَمِيِّ, وَالشَّعْبِيِّ, وَسُلَيْمَانَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, وَعِدَّةٍ.
وَشَهِدَ مَعَ عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ الهَاشِمِيِّ جِنَازَةً وَأَرْسَلَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ, وَكَانَ مِنْ عُلَمَاءِ الإِسْلاَمِ, وَمِنْ أَئِمَّةِ الاجْتِهَادِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ, وَمُوْسَى بنُ عُقْبَةَ, وَابْنُ أَبِي مليكة مع تَقَدُّمِهِ, وَصَالِحُ بنُ كَيْسَانَ, وَهِشَامُ بنُ عُرْوَةَ, وعبد الوهاب بن بخت, ومحمد ابن عَبْدِ اللهِ بنِ حَسَنٍ, وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ, وَابْنُ عَجْلاَنَ, وَابْنُ إِسْحَاقَ, وَمَالِكٌ, وَاللَّيْثُ, وَوَرْقَاءُ بنُ عُمَرَ, وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ, وَزَائِدَةُ وَشُعَيْبُ بنُ أَبِي حَمْزَةَ, وَالمُغِيْرَةُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحِزَامِيُّ, وَسَعِيْدُ بنُ أَبِي هِلاَلٍ, وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ, وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِيْنٍ قَالَ حَرْبُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ, قَالَ: كَانَ سُفْيَانُ يُسَمِّي أَبَا الزِّنَادِ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ فِي الحَدِيْثِ قَالَ أَحْمَدُ: هُوَ فَوْقَ العَلاَءِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, وَفَوْقَ سُهَيْلٍ, وَمُحَمَّدِ بنِ عَمْرٍو.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: أَنَّ أَبَا الزِّنَادِ أَعْلَمُ مِنْ رَبِيْعَةَ.
وَرَوَى أَحْمَدُ بنُ سَعْدِ بنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ, قَالَ ثِقَةٌ حَجَّةٌ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: لَمْ يَكُنْ بِالمَدِيْنَةِ بَعْدَ كِبَارِ التَّابِعِيْنَ أَعْلَمَ مِنِ ابْنِ شِهَابٍ وَيَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيِّ وَأَبِي الزِّنَادِ وَبُكَيْرٍ الأَشَجِّ.
قَالَ خَلِيْفَةُ بنُ خَيَّاطٍ: أَبُو الزِّنَادِ لَقِيَ ابْنَ عُمَرَ, وَأَنَسَ بنَ مَالِكٍ, وَقَالَ العِجْلِيُّ: تَابِعِيٌّ ثِقَةٌ سَمِعَ مِنْ أَنَسٍ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ ثِقَةٌ, فَقِيْهٌ صَالِحُ الحَدِيْثِ, صَاحِبُ سُنَّةٍ, وَهُوَ مِمَّنْ تَقُوْمُ به الحجة إذا روى عنه الثقات.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "5/ ترجمة 228"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 227"، الكاشف "2/ ترجمة 2736"، تاريخ الإسلام "5/ 194"، ميزان الاعتدال "2/ 418-420"، تهذيب التهذيب "5/ 203"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3480" شذرات الذهب لابن العماد "1/ 182".

(6/161)


قَالَ البُخَارِيُّ: أَصَحُّ الأَسَانِيْدِ كُلِّهَا: مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ. وَأَصحُّ أَسَانِيْدِ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
قَالَ اللَّيْثُ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بنِ سَعِيْدٍ: دَخَلَ أَبُو الزِّنَادِ مَسْجِدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَعَهُ مِنَ الأَتبَاعِ يَعْنِي: طَلَبَةَ العِلْمِ- مِثْلُ مَا مَعَ السُّلْطَانِ, فَمِنْ سَائِلٍ، عَنْ فَرِيْضَةٍ وَمِنْ سَائِلٍ، عَنِ الحِسَابِ وَمِنْ سَائِلٍ، عَنِ الشِّعرِ وَمِنْ سَائِلٍ عَنِ الحَدِيْثِ, وَمِنْ سَائِلٍ عَنْ مُعضِلَةٍ.
وَرَوَى يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ، عَنِ اللَّيْثِ بنِ سَعْدٍ, قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا الزِّنَادِ, وَخَلْفَه ثَلاَثُ مائَةِ تَابِعٍ مِنْ طَالِبِ فِقْهٍ وَشِعْرٍ وَصُنُوفٍ, ثُمَّ لَمْ يَلْبَثْ أَنْ بَقِيَ وَحْدَه, وَأَقْبَلُوا عَلَى رَبِيْعَةَ, وَكَانَ رَبِيْعَةُ يَقُوْلُ: شِبْرٌ مِنْ حُظوَةٍ خَيْرٌ مِنْ بَاعٍ مِنْ عِلْمٍ.
وَنَقَلَ: أَبُو يُوْسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيْفَةَ, قَالَ: قَدِمتُ المَدِيْنَةَ, فَأَتَيْتُ أَبَا الزِّنَادِ, وَرَأَيْتُ رَبِيْعَةَ, فَإِذَا النَّاسُ عَلَى رَبِيْعَةَ, وَأَبُو الزِّنَادِ أَفْقَهُ الرَّجُلَيْنِ فَقُلْتُ لَهُ: أَنْتَ أَفْقَهُ أَهْلِ بَلَدِكَ وَالعَمَلُ عَلَى رَبِيْعَةَ? فَقَالَ: وَيْحَكَ كَفٌّ مِنْ حَظٍّ خَيْرٌ مِنْ جِرَابٍ مِنْ عِلْمٍ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، عَنْ مُصْعَبِ بنِ عَبْدِ اللهِ, قَالَ: كَانَ أَبُو الزِّنَادِ فَقِيْهَ أَهْلِ المَدِيْنَةِ, وَكَانَ صَاحِبَ كِتَابٍ وَحِسَابٍ, وَكَانَ كَاتِباً لِخَالِدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ الحَارِثِ بنِ الحَكَمِ بِالمَدِيْنَةِ, وَكَانَ كَاتِباً لِعَبْدِ الحَمِيْدِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ زَيْدِ بنِ الخَطَّابِ, وَفَدَ عَلَى هِشَامِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ بِحسَابِ دِيْوَانِ المَدِيْنَةِ, فَجَالَسَ هِشَاماً مَعَ ابْنِ شِهَابٍ فَسَأَلَ هِشَامٌ ابْنَ شِهَابٍ فِي أَيِّ شَهْرٍ كَانَ عُثْمَانُ يُخْرِجُ العَطَاءَ لأَهْلِ المَدِيْنَةِ قَالَ: لاَ أَدْرِي قَالَ أَبُو الزِّنَادِ: كُنَّا نَرَى أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ لاَ يَسْأَلُ عَنْ شَيْءٍ إلَّا وُجِدَ عِلْمُهُ عِنْدَه فَسَأَلَنِي هِشَامٌ فَقُلْتُ: فِي المُحَرَّمِ فَقَالَ هِشَامٌ لابْنِ شِهَابٍ: يَا أَبَا بَكْرٍ هَذَا عِلْمٌ أَفَدتُه اليَوْمَ. فَقَالَ مَجْلِسُ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ أَهْلٌ أَنْ يُفَادَ فِيْهِ العِلْمُ قَالَ: وَكَانَ أَبُو الزِّنَادِ مُعَادِياً لِرَبِيْعَةَ الرَّأْيِ وَكَانَا فَقِيْهَيِ البلد في زمانهما وكان الماجشون يعقوب ابن أَبِي سَلَمَةَ يُعِيْنُ رَبِيْعَةَ عَلَى أَبِي الزِّنَادِ وَكَانَ المَاجِشُوْنُ أَوَّلَ مَنْ عَلِمَ الغِنَاءَ مِنْ أَهْلِ المُرُوْءةِ بِالمَدِيْنَةِ.
قَالَ أَبُو الزِّنَادِ: مَثَلِي وَمَثَلُ ذِئْبٍ, كَانَ يُلِحُّ عَلَى أَهْلِ قَرْيَةٍ فَيَأْكُلُ صِبْيَانَهُم وَدَوَاجِنَهُم, فَاجْتَمَعُوا لَهُ فَخَرَجُوا فِي طَلَبِه, فَهَرَبَ مِنْهُم فَتَقَطَّعُوا عَنْهُ إلَّا صَاحِبَ فَخَّارٍ فَأَلَحَّ عَلَيْهِ فَوَقَفَ لَهُ الذِّئْبُ وَقَالَ: هؤلاء عذرتهم, أرأيتك أنت مالي وَلَكَ?! وَاللهِ مَا كَسَرْتُ لَكَ فَخَّارَةً قَطُّ ثم قال: مالي وَلِلْمَاجِشُوْنِ, وَالله مَا كَسَرْتُ لَهُ كَبَراً وَلاَ بربطًا1.
__________
1 البربط: عود أعجمي ليس من ملاهي العرب، أعربته حين سمعت، به.

(6/162)


رَوَى الأَصْمَعِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: كَانَ الفُقَهَاءُ بِالمَدِيْنَةِ يَأْتُوْنَ عُمَرَ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ خَلاَ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ فَإِنَّ عُمَرَ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ كَانَ يَرْضَى أَنْ يَكُوْنَ بَيْنَهُمَا رَسُوْلٌ وَأَنَا كُنْتُ الرَّسُوْلَ بَيْنَهُمَا.
وَقَالَ سُلَيْمَانُ بنُ أَبِي شَيْخٍ: وَلَّى عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ أَبَا الزِّنَادِ بَيْتَ مَالِ الكُوْفَةِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَلاَّمٍ الجُمَحِيُّ: قِيْلَ لأَبِي الزِّنَادِ: لِمَ تُحِبُّ الدَّرَاهِمَ وَهِيَ تدنيك من الدنيا? فقال: إنها وإن أذنتني مِنْهَا فَقَدْ صَانَتْنِي عَنْهَا.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: كَانَ أَبُو الزِّنَادِ ثِقَةً, كَثِيْرَ الحَدِيْثِ, فَصِيْحاً, بَصِيْراً بِالعَرَبِيَّةِ, عَالِماً, عَاقِلاً.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ المُنْذِرِ الحِزَامِيُّ: هُوَ كَانَ سَبَبَ جَلدِ رَبِيْعَةَ الرَّأْيِ, ثُمَّ وَلِيَ بَعْدَ ذَلِكَ المَدِيْنَةَ فُلاَنٌ التَّيْمِيُّ, فَأَرْسَلَ إِلَى أَبِي الزِّنَادِ, فَطَيَّنَ عَلَيْهِ بَيْتاً, فَشَفَعَ فِيْهِ رَبِيْعَةُ.
قُلْتُ: تَؤُولُ الشَّحنَاءُ بَيْنَ القُرَنَاءِ إِلَى أَعْظَمَ مِنْ هَذَا.
وَلَمَّا رَأَى رَبِيْعَةُ أَنَّ أَبَا الزِّنَادِ يَهلِكُ بِسَبَبِه, مَا وَسِعَه السُّكُوْتُ, فَأَخْرَجُوا أَبَا الزِّنَادِ, وَقَدْ عَايَنَ المَوْتَ وَذَبُلَ, وَمَالَتْ عُنُقُه نَسْأَلُ الله السلامة.
وَرَوَى اللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ، عَنْ رَبِيْعَةَ بنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: أَمَّا أَبُو الزِّنَادِ, فَلَيْسَ بِثِقَةٍ وَلاَ رَضِيٍّ.
قُلْتُ: انْعَقَدَ الإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ أَبَا الزِّنَادِ ثِقَةٌ رَضِيٌّ.
وَقِيْلَ: كان مالك لايرضى أَبَا الزِّنَادِ, وَهَذَا لَمْ يَصِحَّ, وَقَدْ أَكْثَرَ مَالِكٌ عَنْهُ فِي "مُوَطَّئِهِ".
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: قُلْتُ لِلثَّوْرِيِّ: جَالَستَ أَبَا الزِّنَادِ? قَالَ: مَا رَأَيْتُ بِالمَدِيْنَةِ أَمِيْراً غَيْرَه.
وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: جَلَسْتُ إِلَى إِسْمَاعِيْلَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سَعْدٍ فَقُلْتُ: حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ فَأَخَذَ كَفّاً مِنْ حَصَىً فَحَصَبنِي بِهِ وَكُنْتُ أَسْأَلُ أَبَا الزِّنَادِ وَكَانَ حَسَنَ الخُلُقِ.
يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ, قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَبِيْعَةَ فَقَالَ: إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَسْأَلَكَ، عَنْ مَسْأَلَةٍ وَأَسْأَلَ يَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ, وَأَسْأَلَ أَبَا الزِّنَادِ فَقَالَ: هَذَا يَحْيَى وَأَمَّا أَبُو الزِّنَادِ فَلَيْسَ بِثِقَةٍ.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: قَالَ مَالِكٌ: كَانَ أَبُو الزِّنَادِ كَاتِباً لِهَؤُلاَءِ يَعْنِي بَنِي أُمَيَّةَ وَكَانَ لاَ يَرضَاهُ يَعْنِي: لِذَلِكَ.

(6/163)


ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أَبُو الزِّنَادِ كَمَا قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ, حُجَّةٌ, وَلَمْ أُوْرِدْ لَهُ حَدِيْثاً, لأَنَّ كُلَّهَا مُسْتقِيْمَةٌ.
وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ العُقَيْلِيُّ فِي تَرْجَمَةِ عَبْدِ اللهِ بنِ ذَكْوَانَ: حَدَّثَنَا مِقْدَامُ بنُ دَاوُدَ, حَدَّثَنَا الحَارِثُ بنُ مِسْكِيْنٍ, وَابْنُ أَبِي الغَمْرِ, قَالاَ: حَدَّثَنَا ابْنُ القَاسِمِ, قَالَ: سَأَلْتُ مَالِكاً عَمَّنْ يُحَدِّثُ بِالحَدِيْثِ الَّذِي قَالُوا: "إِنَّ اللهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُوْرَتِهِ" 1 فَأَنْكَر ذَلِكَ إِنْكَاراً شَدِيْداً, وَنَهَى أَنْ يَتَحَدَّثَ بِهِ أَحَدٌ فَقِيْلَ إِنَّ نَاساً مِنْ أَهْلِ العِلْمِ يَتَحَدَّثُوْنَ بِهِ قَالَ: مَنْ هُم? قِيْلَ: ابْنُ عَجْلاَنَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ فَقَالَ: لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُ ابْنُ عَجْلاَنَ هَذِهِ الأَشْيَاءَ وَلَمْ يَكُنْ عَالِماً, وَلَمْ يَزَلْ أَبُو الزِّنَادِ عَامِلاً لِهَؤُلاَءِ حَتَّى مَاتَ, وَكَانَ صَاحِبَ عُمَّالٍ يَتْبَعُهُم.
قُلْتُ: الخَبَرُ لَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ ابْنُ عَجْلاَنَ, بَلْ وَلاَ أَبُو الزِّنَادِ, فَقَدْ رَوَاهُ: شُعَيْبُ بنُ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ. وَرَوَاهُ: قَتَادَةُ، عَنْ أَبِي أَيُّوْبَ المَرَاغِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَرَوَاهُ: ابْنُ لَهِيْعَةَ، عَنِ الأَعْرَجِ, وَأَبِي يُوْنُسَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَرَوَاهُ: مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَصحَّ أَيْضاً مِنْ حَدِيْثِ ابْنِ عُمَرَ وَقَدْ قَالَ إِسْحَاقُ بنُ رَاهُوَيْه عَالِمُ خُرَاسَانَ: صَحَّ هَذَا، عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فَهَذَا الصَّحِيْحُ مُخَرَّجٌ فِي كِتَابَيْ "البُخَارِيِّ" وَ"مُسْلِمٍ" فَنُؤْمِنُ بِهِ, وَنُفَوِّضُ, وَنُسِلِّمُ, وَلاَ نَخُوضُ فِيْمَا لاَ يَعْنِيْنَا, مَعَ عِلْمِنَا بِأَنَّ اللهَ لَيْسَ كَمِثلِهِ شَيْءٌ, وَهُوَ السَّمِيْعُ البَصِيْرُ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: مَاتَ أَبُو الزِّنَادِ فَجْأَةً فِي مُغتَسَلِه, لَيْلَةَ الجُمُعَةِ, لِسَبْعَ عَشْرَةَ خَلتْ مِنْ رَمَضَانَ, وَهُوَ ابْنُ سِتٍّ وَسِتِّيْنَ سَنَةً, فِي سَنَةِ ثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: مَاتَ فِي رَمَضَانَ مِنْهَا وَقَالَ خَلِيْفَةُ وَطَائِفَةٌ: سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ وَابْنُ نُمَيْرٍ وَعَلِيُّ بن عبد الله التميمي وغيرهم: مات سنة إحدى وثلاثين ومائة.
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "2/ 244"، والحميدي "1121"، ومسلم "2612" "112"، والآجري في "الشريعة" "ص314"، والبيهقي في "الأسماء والصفات" "ص290" وفي "السنن" "8/ 327" من طرق عن سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هريرة مرفوعا بلفظ: -"إذا ضرب أحدكم فليجتنب الوجه، فإن الله خلق آدم على صورته" وأخرجه أحمد "2/ 251 و434"، والبخاري "2559"، وابن خزيمة في "التوحيد" "ص36-37"، والآجري في "الشريعة" "ص315"، والبيهقي في "الأسماء والصفات" "ص291" من طريق سعيد المقبري، عن أبي هريرة، به.
وأخرجه أحمد "2/ 327 و337"، ومسلم "2612" "113" من طريق سُهَيْلِ بنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أبي هريرة، به.

(6/164)


قَرَأْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ حُسَيْنٍ القُرَشِيِّ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عِمَادٍ، أَنْبَأَنَا ابْنُ رِفَاعَةَ، أَنْبَأَنَا أَبُو الحَسَنِ الخِلَعِيُّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عمر، أنبأنا أبو سعيد ابن الأَعْرَابِيِّ, حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الصَّبَّاحِ, حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ -: إِذَا هَمَّ عَبْدِي بِحَسَنَةٍ فَاكْتُبُوْهَا فَإِنْ عَمِلَهَا فَاكْتُبُوْهَا عَشْرَ أَمْثَالِهَا, فَإِنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلاَ تَكْتُبُوْهَا فَإِنْ عَمِلَهَا فَاكْتُبُوْهَا مِثْلَهَا, وإن تركها فاكتبوها حسنة" 1.
__________
1 صحيح: أخرجه مسلم "128"، والترمذي "3073" من طريق سفيان بن عيينة، به.

(6/165)


815- يعلى بن حكيم 1: "خ، م، د، س، ق"
الثقفي مَكِّيٌّ, ثِقَةٌ, نَزَلَ البَصْرَةَ.
وَحَدَّثَ عَنْ: سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ, وَطَاوُوْسٍ, وَمُسْلِمِ بنِ يَسَارٍ, وَعُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ, وَعِكْرِمَةَ, وَجَمَاعَةٍ.
وَعَنْهُ: قَتَادَةُ -مَعَ تَقَدُّمِهِ- وَجَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ, وَحَمَّادُ بنُ زيد, وَمُحَمَّدُ بنُ ذَكْوَانَ, وَغَيْرُهُم, وَوَفَدَ عَلَى عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ.
وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ, وَأَحْمَدُ, وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لاَ بَأْسَ بِهِ قَالَ حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: مَاتَ بِالشَّامِ, وَتَرَكَ أُمَّه, فَكَانَتْ تَأْتِي أَيُّوْبَ. قَالَ: فَأَتَاهَا أَيُّوْبُ ثَلاَثَةَ ايام, يقعد عَلَى بَابِهَا, وَتَأْتِيْهِ فَتَجْتَمِعُ وَقَالَ جَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ: بَعَثَ يَعْلَى مِنَ الشَّامِ بِصَحِيْفَةٍ ضَخْمَةٍ فِيْهَا مَسَائِلُ فَقَالَ: سَلْ عَنْهَا قَتَادَةُ فَسأَلتُهُ فَقَالَ: يَشُقُّ عَلَيَّ فَسَلْ سَعِيْدَ بنَ أَبِي عَرُوْبَةَ فَفَعَلتُ ثُمَّ عَرضْتُهَا عَلَى قَتَادَةَ فَمَا غير إلَّا شيئين.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "8/ ترجمة 3548"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 542" و"2/ 89و 266" و"3/ 27 و240"، الجرح والتعديل "9/ ترجمة 1303"، الكاشف "3/ ترجمة 6528"، تاريخ الإسلام "5/ 191"، تهذيب التهذيب "11/ 401".

(6/165)


816- يعلى بن عطاء 1: "م، 4"
الطائفي نَزلَ وَاسِطَ وَحَدَّثَ، عَنْ أَوْسِ بنِ أَبِي أَوْسٍ, وَعُمَارَةَ بنِ حَدِيْدٍ, وَوَكِيْعِ بنِ عُدُسٍ, وَطَائِفَةٍ.
وَعَنْهُ: شُعْبَةُ, وَأَبُو عَوَانَةَ, وَالثَّوْرِيُّ, وَحَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ, وَهُشَيْمٌ, وَآخَرُوْنَ, وَهُوَ مِنْ مَوَالِي عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرِو بنِ العَاصِ.
وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِيْنٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الحَدِيْثِ. وقال البخاري: مات سنة عشرين ومائة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 520" و"7/ 310"، التاريخ الكبير "8/ ترجمة رقم 3538"، الجرح والتعديل "9/ ترجمة 1302"، الكاشف "3/ ترجمة 6533"، تاريخ الإسلام "5/ 20"، تهذيب التهذيب "11/ 403".

(6/166)


817- مطر الوراق 1: "م، 4"
الإِمَامُ, الزَّاهِدُ, الصَّادِقُ, أَبُو رَجَاءٍ بنُ طَهْمَانَ الخُرَاسَانِيُّ, نَزِيلُ البَصْرَةِ, مَوْلَى عِلْبَاءَ بنِ أَحْمَرَ اليَشْكُرِيِّ كَانَ مِنَ العُلَمَاءِ العَامِلِيْنَ, وَكَانَ يكتب المصاحف ويتقن ذلك.
رَوَى عَنْ: أَنَسِ بنِ مَالِكٍ, وَالحَسَنِ, وَابْنِ بُرَيْدَةَ, وَعِكْرِمَةَ, وَشَهْرِ بنِ حَوْشَبٍ, وَبَكْرِ بنِ عَبْدِ اللهِ, وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: شُعْبَةُ, وَالحُسَيْنُ بنُ وَاقِدٍ, وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ, وَحَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ, وَحَمَّادُ بنُ زَيْدٍ, وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عَبْدِ الصَّمَدِ العَمِّيٌّ, وَآخَرُوْنَ.
وَغَيْرُه أَتقَنُ لِلرِّوَايَةِ مِنْهُ, وَلاَ يَنحَطُّ حَدِيْثُه عَنْ رُتبَةِ الحَسَنِ. وَقَدِ احْتَجَّ بِهِ: مُسْلِمٌ.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: صَالِحٌ وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: هُوَ فِي عَطَاءٍ ضَعِيْفٌ وَقَالَ النَّسَائِيُّ لَيْسَ بِالقَوِيِّ.
قَالَ الخَلِيْلُ بنُ عُمَرَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ: سَمِعْتُ عَمِّي عِيْسَى يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَ مَطَرٍ الوَرَّاقِ فِي فِقْهِهِ وَزُهْدِهِ.
وَقَالَ مَالِكُ بنُ دِيْنَارٍ: رَحِمَ اللهُ مَطَراً الوَرَّاقَ إِنِّي لأَرْجُو لَهُ الجَنَّةَ.
وَعَنْ شَيْبَةَ بِنْتِ الأَسْوَدِ قَالَتْ: رأيت مطر الوَرَّاقَ وَهُوَ يَقُصُّ.
يُقَالُ: تُوُفِّيَ مَطَرٌ الوَرَّاقُ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: ضَعِيْفٌ وَكَانَ يَحْيَى القَطَّانُ يُشَبِّهُ مَطَراً بِابْنِ أَبِي لَيْلَى فِي سُوءِ الحِفظِ وَفِيْهِ يَقُوْلُ عُثْمَانُ بنُ دِحْيَةَ اللُّغَوِيُّ: لاَ يُسَاوِي دَسْتَجَةَ بَقْلٍ وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: فِيْهِ ضَعفٌ فِي الحَدِيْثِ.
وَعَنْ مَطَرٍ الوَرَّاقِ, قَالَ: لَمَّا خَلقَ اللهُ الدَّاءَ وَالدَّوَاءَ جَعَلَ دَوَاءَ المَرَّةِ المشِيَ وَدَوَاءَ الدَّمِ الحِجَامَةَ وَدَوَاءَ البَلْغَمِ الحمام.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 254"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 1752"، الكنى للدولابي "1/ 175"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 1319"، حلية الأولياء "3/ 75"، تاريخ الإسلام "5/ 164"، الكاشف "3/ ترجمة 5569"، ميزان الاعتدال "4/ 126"، تهذيب التهذيب "10/ 167"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7028".

(6/166)


818- صالح بن كيسان 1: "ع"
الإِمَامُ, الحَافِظُ, الثِّقَةُ, أَبُو مُحَمَّدٍ -وَيُقَالُ: أَبُو الحَارِثِ- المَدَنِيُّ, المُؤَدِّبُ, مُؤَدِّبُ وَلَدِ عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ.
يُقَالَ: مَوْلَى بَنِي غِفَارٍ. وَيُقَالُ: مَوْلَى بَنِي عَامِرٍ. وَيُقَالُ: مَوْلَى آلِ مُعَيْقِيْبٍ الدَّوْسِيِّ.
رَأَى عَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ. وَقَدْ قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: إِنَّهُ سَمِعَ مِنْهُمَا.
وَحَدَّثَ عَنْ: عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ اللهِ, وَعُرْوَةَ بنِ الزُّبَيْرِ, وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ هُرْمُزَ الأَعْرَجِ, وَسَالِمِ بنِ عَبْدِ اللهِ, وَنَافِعِ بنِ جُبَيْرٍ, وَنَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ, وَنَافِعٍ مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ, وَالقَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ, وَابْنِ شِهَابٍ رَفِيْقِهِ, وَيَنْزِلُ إِلَى ابْنِ عَجْلاَنَ, وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سَعْدٍ, وَعِدَّةٍ, وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الأَثَرِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ -وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ- وَمُوْسَى بنُ عُقْبَةَ- وَهُوَ مِنْ طَبَقَتِهِ- وَابْنُ عَجْلاَنَ, وَابْنُ إِسْحَاقَ, وَابْنُ جُرَيْجٍ, وَمَعْمَرٌ, وَمَالِكٌ, وسليمان ابن بِلاَلٍ, وَابْنُ عُيَيْنَةَ, وَالدَّرَاوَرْدِيُّ, وَحَمَّادُ بنُ زَيْدٍ, وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعْدٍ, وَأَبُو ضَمْرَةَ اللَّيْثِيُّ, وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ مُصْعَبُ بنُ عَبْدِ اللهِ: كَانَ مَوْلَى امْرَأَةٍ مِنْ دَوْسٍ, وَكَانَ عَالِماً, ضَمَّه عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ إِلَى نَفْسِهِ, وَهُوَ أَمِيْرٌ -يَعْنِي: بِالمَدِيْنَةِ- قَالَ: فَكَانَ يَأْخُذُ عَنْهُ, ثُمَّ بَعَثَ إِلَيْهِ الوَلِيْدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ, فَضَمَّهُ إِلَى ابْنِهِ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ الوَلِيْدِ.
وَكَانَ صَالِحٌ جَامِعاً مِنَ الحَدِيْثِ وَالفِقْهِ وَالمُرُوْءةِ.
قَالَ حَرْبٌ الكَرْمَانِيُّ: سُئِلَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، عَنْ صَالِحِ بنِ كَيْسَانَ, فَقَالَ: بَخٍ بَخٍ وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، عَنْ صَالِحٍ أَكْبَرُ مِنَ الزُّهْرِيِّ قَدْ رَأَى صَالِحَ بنَ عُمَرَ.
وَرَوَى إِسْحَاقُ الكَوْسَجُ، عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ: ثقة.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2848"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 1808"، الكاشف "2/ ترجمة 2377"، تذكرة الحفاظ "1/ 148"، تاريخ الإسلام "6/ 282"، تهذيب التهذيب "4/ 399"، الإصابة "2/ ترجمة 4121"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 3052"، شذرات الذهب لابن العماد "1/ 208".

(6/167)


وَرَوَى عَبَّاسٌ، عَنْ يَحْيَى, قَالَ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ فِي الزُّهْرِيِّ. وَقَدْ سَمِعَ مِنِ: ابْنِ عُمَرَ وَعَنْ يَحْيَى قَالَ: مَعْمَرٌ أَحَبُّ إِلَيَّ فِي الزُّهْرِيِّ.
وَرَوَى يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ, حَدَّثَنَا أحمد بن العباس قال: قال يحيى ابن مَعِيْنٍ: لَيْسَ فِي أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ أَثْبَتُ مِنْ مَالِكٍ, ثُمَّ صَالِحِ بنِ كَيْسَانَ, ثُمَّ مَعْمَرٍ ثُمَّ يُوْنُسَ.
وَقَالَ يَعْقُوْبُ: صَالِحٌ ثِقَةٌ ثَبْتٌ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: كَانَ أَسَنَّ مِنَ الزُّهْرِيِّ, رَأَى ابْنَ عُمَرَ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ أَبِيْهِ, قَالَ: صَالِحٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ عُقَيْلٍ؛ لأَنَّهُ حِجَازِيٌّ وَهُوَ أَسَنُّ رَأَى ابْنَ عُمَرَ وَهُوَ ثِقَةٌ يُعَدُّ فِي التَّابِعِيْنَ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ, وَابْنُ خِرَاشٍ, وَغَيْرُهُمَا: ثِقَةٌ.
رَوَى مَعْمَرٌ، عَنْ صَالِحٍ قَالَ: اجْتَمَعتُ أَنَا وَابْنُ شِهَابٍ, وَنَحْنُ نَطلُبُ العِلْمَ فَاجْتَمَعنَا عَلَى أَنْ نَكْتُبَ السُّنَنَ, فَكتَبْنَا كُلَّ شَيْءٍ سَمِعْنَا، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ قَالَ نَكْتُبُ مَا جَاءَ، عَنْ أَصْحَابِه فَقُلْتُ: لَيْسَ بِسُنَّةٍ فَقَالَ: بَلْ هُوَ سُنَّةٌ فَكَتَبَ وَلَمْ أَكْتُبْ, فَأَنْجَحَ وَضَيَّعْتُ.
الحُمَيْدِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ, قَالَ: كَانَ عَمْرٌو يُحَدِّثُ حَدِيْثَ صَالِحِ بنِ كَيْسَانَ فِي نُزُوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الأَبْطَحَ يَعْنِي، عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ- عَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ ثُمَّ قَدِمَ صَالِحٌ فقال لنا عمرو اذهبو فَسَلُوْهُ، عَنْ هَذَا الحَدِيْثِ فَذَهَبنَا إِلَيْهِ, فَسَأَلْنَاهُ.
يَعْقُوْبُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيْهِ, قَالَ: كَانَ صَالِحُ بنُ كَيْسَانَ مُؤَدِّبَ ابْنِ شِهَابٍ فَرُبَّمَا ذَكَرَ صَالِحٌ الشَّيْءَ, فَيَرُدُّ عَلَيْهِ ابْنُ شِهَابٍ فَيَقُوْلُ: حَدَّثَنَا فُلاَنٌ, وَحَدَّثَنَا فُلاَنٌ, بِخِلاَفِ مَا قَالَ فَيَقُوْلُ لَهُ صَالِحٌ: تُكَلِّمُنِي وَأَنَا أَقَمْتُ أَوَدَ لِسَانِكَ.
عَبْدُ العَزِيْزِ الأُوَيْسِيُّ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ سَعْدٍ: جِئْتُ صَالِحَ بنَ كَيْسَانَ فِي مَنْزِلِهِ, وَهُوَ يَكسِرُ لِهِرَّةٍ لَهُ يُطعِمُهَا ثُمَّ يَفُتُّ لِحَمَامَاتٍ لَهُ أَوْ لِحَمَامٍ يُطعِمُه.
وَهِمَ الحَاكِمُ وَهْمَيْنِ فِي قَوْلَةٍ فَقَالَ: مَاتَ زَيْدُ بنُ أَبِي أُنَيْسَةَ وَهُوَ ابْنُ ثَلاَثِيْنَ سَنَةً وَصَالِحُ بنُ كَيْسَانَ وَهُوَ ابْنُ مائَةٍ وَنَيِّفٍ وَسِتِّيْنَ سَنَةً, وَكَانَ قَدْ لَقِيَ جَمَاعَةً مِنَ الصَّحَابَةِ, ثُمَّ تَلْمَذَ بَعْدُ لِلزُّهْرِيِّ, وَتَلَقَّنَ عَنْهُ العِلْمَ, وَهُوَ ابْنُ تِسْعِيْنَ سَنَةً ابْتَدَأَ بِالعِلْمِ وَهُوَ ابْنُ سَبْعِيْنَ سَنَةً.
وَالجَوَابُ: أَنَّ زَيْداً مَاتَ كَهْلاً مِنْ أَبْنَاءِ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً أَوْ أَكْثَرَ وَصَالِحٌ عَاشَ نَيِّفاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً مَا بَلَغَ التِّسْعِيْنَ, وَلَوْ عَاشَ كَمَا زَعَمَ أَبُو عَبْدِ اللهِ لَعُدَّ فِي شَبَابِ الصَّحَابَةِ, فَإِنَّهُ مَدَنِيٌّ وَلَكَانَ ابْنَ نَيِّفٍ وَثَلاَثِيْنَ سَنَةً وَقْتَ وَفَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَوْ طَلَبَ العِلْمَ -كَمَا قَالَ الحَاكِمُ- وَهُوَ ابْنُ سَبْعِيْنَ سَنَةً, لَكَانَ قَدْ عَاشَ بَعْدَهَا نَيِّفاً وَتِسْعِيْنَ سَنَةً, وَلَسَمِعَ مِنْ سَعْدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَعَائِشَةَ, فَتَلاَشَى مَا زَعَمَه.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: مَاتَ صَالِحُ بنُ كَيْسَانَ بَعْدَ الأَرْبَعِيْنَ وَالمائَةِ, وَقَبلَ مَخرَجِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ حَسَنٍ قَالَ: وَكَانَ ثِقَةً, كَثِيْرَ الحديث.

(6/168)


819- زِيَادٍ مَوْلَى ابْنِ عَيَّاشٍ 1: "م، ت، ق"
هُوَ الفَقِيْهُ, الرَّبَّانِيُّ, زِيَادُ بنُ أَبِي زِيَادٍ, مَوْلَى عَبْدِ اللهِ بنِ عَيَّاشِ بنِ أَبِي رَبِيْعَةَ, مِنْ مَشَايِخِ وَقْتِه بِدِمَشْقَ, وَلَهُ بِهَا دَارٌ, وَذُرِّيَّةٌ.
حَدَّثَ عَنْ: مَوْلاَهُ, وَأَنَسٍ, وَأَبِي بَحْرِيَّةَ عَبْدِ اللهِ بنِ قَيْسٍ, وَنَافِعِ بنِ جُبَيْرِ بنِ مُطْعِمٍ, وَعِرَاكِ بنِ مَالِكٍ, وَجَمَاعَةٍ.
رَوَى عَنْهُ: يَزِيْدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الهَادِ -وَهُوَ مِنْ أَقْرَانِهِ- وَعَبْدُ اللهِ بنُ سَعِيْدِ بنِ أَبِي هِنْدٍ, وَابْنُ إِسْحَاقَ, وَمَالِكُ بنُ أَنَسٍ, وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ, وَغَيْرُهُ. وَكَانَ عَبداً صَالِحاً, قَانِتاً للهِ.
قَالَ مَالِكُ بنُ أَنَسٍ: كَانَ مَمْلُوْكاً فَدَخَلَ يَوْماً عَلَى عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ, وَكَانَ يُكرِمُه.
وَقَالَ الفَرَزْدَقُ وَقَصَدَ بِهَذَا:
يَا أَيُّهَا القَارِئُ المُرْخِي عِمَامَتَهُ ... هَذَا زَمَانُكَ, إِنِّي قَدْ مَضَى زَمَنِي
وَكَانَ مُتَعَبِّداً مُنعَزِلاً وَلَهُ دَرَاهِمُ يُعَالجُ لَهُ فِيْهَا, وَفِيْهِ عُجمَةٌ, وَكَانَ يَلْبَسُ الصُّوْفَ, وَيَهجُرُ اللَّحْمَ.
رَوَى يَحْيَى الوُحَاظِيُّ، عَنِ النَّضْرِ بنِ عَرَبِيٍّ, قَالَ: بَيْنَمَا عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ يَتَغَدَّى, إِذْ بَصُرَ بِزِيَادٍ, فَطَلَبَه, ثُمَّ قَعَدَ مَعَهُ, وَقَالَ: يَا فَاطِمَةُ, هَذَا زِيَادٌ, فَاخرُجِي فَسَلِّمِي, هَذَا زِيَادٌ عَلَيْهِ جُبَّةُ صُوْفٍ, وَعُمَرُ قَدْ وَلِيَ أَمرَ الأُمَّةِ وَبَكَى فَقَالَتْ: يَا زِيَادُ هَذَا أَمرُنَا وَأَمرُهُ مَا فَرِحنَا بِهِ وَلاَ قَرَّتْ أَعْيُنُنَا مُنْذُ وَلِيَ.
ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ زِيَادٌ مَوْلَى ابْنِ عَيَّاشٍ يمر, فربما أفزعني حسه, فيضع
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 305" التاريخ الكبير "3/ ترجمة 1196"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 667"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 2460"، تاريخ الإسلام "5/ 72"، تهذيب التهذيب "3/ 367"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2199".

(6/169)


يَدَهُ بَيْنَ كَتِفَيَّ, فَيَقُوْلُ: عَلَيْكَ بِالجِدِّ, فَإِنْ كان ما يقول هؤلاء مِنَ الرُّخَصِ حَقّاً لَمْ يَضُرَّكَ وَإِلاَّ كُنْتَ قَدْ أَخَذتَ بِالحَذَرِ.
قَالَ مَالِكٌ: وَكَانَ قَدْ أَعَانَهُ النَّاسُ عَلَى فِكَاكِ رَقبَتِه, وَتَسَارَعُوا فِي ذَلِكَ فَفَضَلَ مَالٌ كَثِيْرٌ فَرَدَّهُ زِيَادٌ إِلَيْهِم بِالحُصَصِ, وَكَتَبَهُم عِنْدَه فَمَا زَالَ يَدْعُو لَهُم حَتَّى مَاتَ.
قُلْتُ: لَهُ فِي الكُتُبِ ثَلاَثَةُ أَحَادِيْثَ. قُلْتُ: اسْمُ أَبِيْهِ: مَيْسَرَةُ.

(6/170)


820- سهيل بن أبي صالح 1: "م، 4، خَ، مَقْرُوْناً"
الإِمَامُ, المُحَدِّثُ الكَبِيْرُ, الصَّادِقُ, أَبُو يَزِيْدَ المَدَنِيُّ, مَوْلَى جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الأَحْمَسِ الغَطَفَانِيَّةِ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ, أَبِي صَالِحٍ ذَكْوَانَ السَّمَّانِ, وَالنُّعْمَانِ بنِ أَبِي عَيَّاشٍ الزُّرَقِيِّ, وَعَطَاءِ بنِ يَزِيْدَ اللَّيْثِيِّ, وَأَبِي الحُبَابِ سَعِيْدِ بنِ يَسَارٍ, وَأَبِي عُبَيْدٍ الحَاجِبِ, وَالحَارِثِ بنِ مُخَلَّدٍ الأَنْصَارِيِّ, وَصَفْوَانَ بنِ أَبِي يَزِيْدَ, وَابْنِ المُنْكَدِرِ, وَابْنِ شِهَابٍ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ دِيْنَارٍ, وَيَنْزِلُ إِلَى أَقرَانِه كَالأَعْمَشِ وَسُمَيٍّ, وَرَبِيْعَةَ الرَّأْيِ, وَمَا علمت له شيئًا، عن أحد الصَّحَابَةِ, وَهُوَ مَعْدُوْدٌ فِي صِغَارِ التَّابِعِيْنَ.
وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ: الأَعْمَشُ, وَرَبِيْعَةُ, وَمُوْسَى بنُ عُقْبَةَ, وَهُم مِنَ التَّابِعِيْنَ, وَجَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ, وَابْنُ عَجْلاَنَ, وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ, وَشُعْبَةُ, وَالثَّوْرِيُّ, وَالحَمَّادَانِ, وَزَيْدُ بنُ أَبِي أُنَيْسَةَ, وَمَاتَ قَبْلَه بِدَهْرٍ, وَجَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمَيْدِ, وَسُلَيْمَانُ بنُ بِلاَلٍ, وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَبِي حَازِمٍ, وَعَبْدُ العَزِيْزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ, وَوُهَيْبُ بنُ خَالِدٍ, وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ, وَابْنُ عُلَيَّةَ, وَأَبُو إِسْحَاقَ الفَزَارِيُّ, وَأَنَسُ ابن عِيَاضٍ اللَّيْثِيُّ, وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَكَانَ مِنْ كِبَارِ الحُفَّاظِ, لَكِنَّهُ مَرِضَ مَرضَةً غَيَّرَتْ مِنْ حِفْظِه.
حَكَى التِّرْمِذِيُّ: أَنَّ سُفْيَانَ بنَ عُيَيْنَةَ, قَالَ: كُنَّا نَعُدُّ سُهَيْلَ بنَ أَبِي صَالِحٍ ثَبْتاً فِي الحَدِيْثِ وَقَالَ أَحْمَدُ: مَا أَصْلَحَ حَدِيْثَهُ!.
وَقَالَ أَبُو طَالِبٍ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ، عَنْ سُهَيْلٍ, وَمُحَمَّدِ بنِ عَمْرٍو, فَقَالَ: قَالَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ: مُحَمَّدٌ أَحَبُّ إِلَيَّ قَالَ وما صنع شيئًا سهيل أثبت عندهم.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2120"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 423" و"2/ 166و 706" و"3/ 140"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 1063"، تاريخ الإسلام "5/ 261"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 128"، العبر "1/ 273 و296"، ميزان الاعتدال "2/ 243"، تهذيب التهذيب "4/ 263"، شذرات الذهب "1/ 208".

(6/170)


وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: سُهَيْلٌ, وَالعَلاَءُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدِيْثُهُمَا قَرِيْبٌ مِنَ السَّوَاءِ, وَلَيْسَ حَدِيْثُهُمَا بِحُجَّةٍ. رَوَاهُ: عَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ, عَنْهُ.
وَقَالَ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ: سُهَيْلٌ وَأَخُوْهُ عَبَّادٌ ثِقَتَانِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَأَلْتُ أَبَا زُرْعَةَ: سُهَيْلٌ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَوِ العَلاَءُ? فَقَالَ: سُهَيْلٌ أَثْبَتُ وَأَشهَرُ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيْثُهُ, وَلاَ يُحْتَجُّ بِهِ, وَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ العَلاَءِ, وَمِنْ عَمْرِو بنِ أَبِي عَمْرٍو.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ, وَغَيْرُهُ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: وَلِسُهَيْلٍ نَسْخٌ, رَوَى عَنْهُ الأَئِمَّةُ, وَهُوَ عِنْدِي ثَبْتٌ, لاَ بَأْسَ بِهِ.
وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: سُمَيٌّ خَيْرٌ مِنْهُ.
قُلْتُ: سُمَيٌّ مِنْ رِجَالِ "الصَّحِيْحِيْنِ" بِخِلاَفِ سُهَيْلٍ.
وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ مَرَّةً: ثِقَةٌ وَأَخوَاهُ عَبَّادٌ وَصَالِحٌ.
وَمِنْ غَرَائِبِ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدِيْثُ: "مَنْ قَتَلَ وَزَغاً فِي أَوَّلِ ضَرْبَةٍ" 1 وَحَدِيْثُ "فَرْخُ الزنى لا يدخل الجنة"2.
__________
1 صحيح: أخرجه مسلم "2240"، وأبو داود "5263"، والترمذي "1482"، وابن ماجه "3228"، وأحمد "2/ 355" من طرق عَنْ سُهَيْلِ بنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "من قتل وزغة في أول ضربة فله كذا وكذا حسنة ومن قتلها في الضربة الثانية فله كذا وكذا حسنة لدون الأولى- وإن قتلها في الضربة الثالثة فله كذا وكذا حسنة، لدون الثانية" واللفظ لمسلم.
2 موضوع: أخرجه ابن عدي في "الكامل" "3/ 448-449" من طريق حمزة بن داود الثقفي، حدثنا محمد بن زنبور، حدثن عبد العزيز بن أبي حازم، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "فرخ الزنى لا يدخل الجنة".
قلت: إسناده موضوع، فيه حمزة بن داود، قال الدارقطني: ليس بشيء، وفيه محمد بن زنبور المكي، قال ابن خزيمة: ضعيف، وقال أبو أحمد الحاكم: ليس بالمتين. ووثقه النسائي وابن حبان.
والخبر متنه كذب لا يقبله ذوي الفطر لسليمة والعقول المستنيرة بنور العلم ويمجه كل ذي ذوق سليم ومن له اطلاع على السنة المشرفة فما ذنب الأبناء بما فعل الآباء، قال -تعالى: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164] ، وقال تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} [النجم: 39] ، فكيف يعاقب سبحانه الأبناء بذنب فعله الآباء، وهو الذي حرم الظلم على نفسه وجعله بين العباد محرما، سبحانك هذا بهتان عظيم.

(6/171)


قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ: سَأَلْتُ الدَّارَقُطْنِيَّ: لِمَ تَرَكَ البُخَارِيُّ سُهَيْلاً فِي "الصَّحِيْحِ"? فَقَالَ: لاَ أَعْرِفُ لَهُ فِيْهِ عُذراً, فَقَدْ كَانَ النَّسَائِيُّ إِذَا حَدَّثَ بِحَدِيْثٍ لِسُهَيْلٍ قَالَ سُهَيْلٌ -وَاللهِ- خَيْرٌ مِنْ أَبِي اليَمَانِ, وَيَحْيَى بنِ بُكَيْرٍ, وَغَيْرِهِمَا, وَ"كِتَابُ البُخَارِيِّ" مِنْ هَؤُلاَءِ مَلآنُ ,وَخَرَّجَ لِفُلَيْحِ بنِ سُلَيْمَانَ, وَلاَ أَعْرِفُ لَهُ وَجْهاً.
قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: مَاتَ أَخٌ لِسُهَيْلٍ, فَوَجَدَ عَلَيْهِ, فَنَسِيَ كَثِيْراً مِنَ الحَدِيْثِ.
وَرَوَى أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ، عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ, قَالَ: لَمْ يَزَلْ أَصْحَابُ الحَدِيْثِ يَتَّقُوْنَ حَدِيْثَه وَقَالَ مَرَّةً: ضَعِيْفٌ, وَمَرَّةً: لَيْسَ بِذَاكَ.
وَقِيْلَ: إِنَّ مَالِكاً إِنَّمَا أَخَذَ عَنْهُ قَبْلَ التَّغَيُّرِ.
قَالَ الحَاكِمُ: رَوَى لَهُ مُسْلِمٌ كَثِيْراً, وَأَكْثَرُهَا فِي الشَّوَاهِدِ وَيُقَالُ: ظَهَرَ لِسُهَيْلٍ نَحْوٌ مِنْ أَرْبَعِ مائَةِ حَدِيْثٍ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ القَزْوِيْنِيُّ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدٍ, وَأَنْبَأَنَا أَبُو الحُسَيْنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ, وَطَائِفَةٌ قَالُوا: أَنْبَأَنَا الحُسَيْنُ بنُ أَبِي بَكْرٍ قالا: أنبأنا أَبُو زُرْعَةَ، أَنْبَأَنَا مَكِّيُّ بنُ مَنْصُوْرٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الحِيْرِيُّ, حَدَّثَنَا أَبُو العَبَّاسِ مُحَمَّدُ بنُ يَعْقُوْبَ، أَنْبَأَنَا الرَّبِيْعُ بنُ سُلَيْمَانَ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الشَّافِعِيُّ, حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ رَبِيْعَةَ بنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُهَيْلِ بنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَضَى بِاليَمِيْنِ مَعَ الشَّاهِدِ1
وَبِهِ قَالَ عَبْدُ العَزِيْزِ: فَذَكَرتُ ذَلِكَ لِسُهَيْلٍ فَقَالَ: أَخْبَرَنِي رَبِيْعَةُ وَهُوَ عِنْدِي ثِقَةٌ, أَنَّنِي حَدَّثتُه إِيَّاهُ وَلاَ أَحْفَظُهُ ثُمَّ قَالَ عَبْدُ العَزِيْزِ: وَقَدْ كَانَ أَصَابَ سُهَيْلاً عِلَّةٌ أَضَرَّتْ بِبَعْضِ حِفْظِه, وَنَسِيَ بَعْضَ حَدِيْثِه فَكَانَ سُهَيْلٌ بَعْدُ يُحَدِّثُ بِهِ، عَنْ رَبِيْعَةَ عَنْهُ، عَنْ أَبِيْهِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ, حَدَّثَنَا الفَتْحُ بنُ عَبْدِ اللهِ، أَنْبَأَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ الحُسَيْنِ، أَنْبَأَنَا أَبُو الحُسَيْنِ بنُ النَّقُّوْرِ حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ عَلِيٍّ إِمْلاَءً حَدَّثَنَا أَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بنُ حَمَّادٍ النَّرْسِيُّ حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الوَاسِطِيُّ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ دِيْنَارٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الإِيْمَانُ بِضْعٌ وَسِتُّوْنَ بَاباً أَوْ بِضْعٌ وَسَبْعُوْنَ بَاباً أَفْضَلُهَا لاَ إِلَهَ إلَّا اللهُ وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الأَذَى، عَنِ الطَّرِيْقِ وَالحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيْمَانِ" 2 هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ مِنَ العَوَالِي أَخْرَجَهُ الأَئِمَّة السِّتَّةُ فِي كُتُبِهِم مِنْ حَدِيْثِ سُهَيْلِ بنِ أَبِي صَالِحٍ وَابْنِ عَجْلاَنَ وسليمان بن بِلاَلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ دِيْنَارٍ نَحْوَه.
__________
1 صحيح: أخرجه الشافعي "2/ 235"، وأبو داود "3610"، والترمذي "1343"، وابن ماجه "2369"، وله شاهد عن حديث ابن عباس: أخرجه الشافعي "2/ 234"، ومسلم "1712".
2 صحيح: أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ "9"، وَمُسْلِمٌ "35"، وَأَبُو دَاوُدَ "4676"، وَالتِّرْمِذِيُّ "2617"، وَالنَّسَائِيُّ "8/ 110"، وابن ماجه "57".

(6/172)


821- سمي 1: "ع"
المدني الحَافِظُ, الحُجَّةُ.
حَدَّثَ عَنْ: مَوْلاَهُ, أَبِي بَكْرٍ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الحَارِثِ بنِ هشام الفَقِيْهِ, وَسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ, وَأَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ, وَطَائِفَةٍ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ عَجْلاَنَ, وَمَالِكٌ, وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ, وَوَرْقَاءُ بنُ عُمَرَ, وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ, وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ, وَغَيْرُهُ.
قُتِلَ: يَوْمَ وَقْعَةِ قُدَيْدٍ2, فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ كَانَ مِنْ عُلَمَاءِ الحَدِيْث بِالمَدِيْنَةِ, رَحِمَهُ الله.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2499"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 1369"، الكاشف "1/ ترجمة 2172"، تاريخ الإسلام "5/ 260"،تهذيب التهذيب "4/ 238"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2777"، شذرات الذهب "1/ 181".
2 وقعة قديد كانت بين جيش عبد الله بن يحيى الكندي وبين جيش مروان الأموي.

(6/173)


822- عبد الحميد 1:
ابن يحيى بن سعد الأنباري العَلاَّمَةُ, البَلِيْغُ أَبُو يَحْيَى الكَاتِبُ, تِلْمِيْذُ سَالِمٍ مَوْلَى هِشَامِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ.
سَكنَ الرَّقَّةَ, وكتب الترسل لمروان الحمار, وله عقب.
أَخَذَ عَنْهُ: خَالِدُ بنُ بَرْمَكٍ, وَغَيْرُه. وَتَنَقَّلَ فِي النَّوَاحِي, وَمَجْمُوْعُ رَسَائِلِه نَحْوٌ مِنْ مائَةِ كُرَّاسٍ.
وَيُقَالُ: افْتُتِحَ التَّرَسُّلُ بِعَبْدِ الحَمَيْدِ, وَخُتِمَ بِابْنِ العَمِيْدِ.
وَسَارَ مُنْهزِماً فِي خِدمَةِ مَرْوَانَ, فَلَمَّا قُتِلَ مَخدُوْمُه بِبُوْصِيْرَ, أُسِرَ هَذَا. فَقِيْلَ: حَمَوْا لَهُ طِسْتاً, ثُمَّ وَضَعُوْهُ عَلَى دِمَاغِه, فَتَلِفَ.
وَمِنْ تَلاَمِذَتِه: وَزِيْرُ المَهْدِيِّ يَعْقُوْبُ بنُ دَاوُدَ.
وَيُرْوَى عَنْ: مُهْزِمِ بنِ خَالِدٍ, قَالَ: قَالَ لِي عَبْدُ الحَمِيْدِ: إِذَا أَرَدْتَ أَنْ يَجُوْدَ خَطُّكَ فَأَطِلْ جُلْفَةَ قَلَمِكَ وَأَسْمِنْهَا وَحَرِّفْ قِطَّتَكَ وَأَيْمِنْهَا قُتِلَ: فِي آخِرِ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وثلاثين ومائة.
__________
1 ترجمته في مروج الذهب للمسعودي "3/ 263"، تاريخ الإسلام للذهبي "5/ 270".

(6/173)


823- عبد الملك 1:
ابن مروان بن فَاتِحِ الأَنْدَلُسِ مُوْسَى بنِ نُصَيْرٍ اللَّخْمِيُّ الأَمِيْرُ, كَانَ فَصِيْحاً, خَطِيْباً, مُفَوَّهاً, عَادِلاً, كَبِيْرَ القَدْرِ.
وَلِي مِصْرَ لِمَرْوَانَ بنِ مُحَمَّدٍ, فَأَحْسَنَ السِّيْرَةَ, وَلَمَّا زَالتِ الدَّوْلَةُ المَرْوَانِيَّةُ, وَدَخَلَ صَالِحُ بنُ عَلِيٍّ مِصْرَ, أَكرَمَ عَبْدَ المَلِكِ هَذَا؛ لِمَا رَأَى مِنْ نَجَابَتِه وَأَخَذَهُ مَعَهُ إِلَى العِرَاقِ فَكَانَ بِهَا أَحَدَ القُوَّادِ الكِبَارِ ثُمَّ وَلاَّهُ المَنْصُوْرُ إِقْلِيْمَ فَارِسٍ سَنَةَ بِضْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ.
__________
1 ترجمته في تاريخ الإسلام "5/ 272"، النجوم الزاهرة "1/ 324".

(6/174)


824- نصر بن سيار 1:
صَاحِبُ خُرَاسَانَ, الأَمِيْر, أَبُو اللَّيْثِ المَرْوَزِيُّ, نَائِبُ مروان بن محمد. حَدَّثَ، عَنْ عِكْرِمَةَ وَأَبِي الزُّبَيْرِ.
وَعَنْهُ: ابْنُ المُبَارَكِ -فِيْمَا قِيْلَ- وَمُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ بنِ عَطِيَّةَ.
خَرَجَ عَلَيْهِ أَبُو مُسْلِمٍ صَاحِبُ الدَّعْوَةِ, وَحَارَبَه, فَعَجِزَ عَنْهُ نَصْرٌ, وَاسْتَصْرَخَ بِمَرْوَانَ غَيْرَ مَرَّةٍ فَبَعُدَ، عَنْ نَجْدَتِه وَاشْتَغَلَ باخْتِلاَلِ أَمرِ أَذْرَبِيْجَانَ وَالجَزِيْرَةِ, فَتَقَهقَرَ نَصْرٌ, وَجَاءهُ المَوْتُ عَلَى حَاجَةٍ, فَتُوُفِّيَ بِسَاوَةَ, فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ. وَقَدْ وَلِي إِمْرَةَ خُرَاسَانَ عَشْرَ سِنِيْنَ. وكان من رجال الدهر سؤددًا وكفاءة.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "8/ ترجمة 2148"، تاريخ الإسلام "5/ 308"، خزانة الأدب للبغدادي "1/ 326".

(6/174)


واصل بن عطاء، وأبو بشر:

825- واصل بن عطاء 1:
البَلِيْغُ, الأَفْوَهُ, أَبُو حُذَيْفَةَ المَخْزُوْمِيُّ مَوْلاَهُم, البَصْرِيُّ, الغَزَّالُ وَقِيْلَ: وَلاَؤُهُ لِبَنِي ضَبَّةَ.
مَوْلِدُه سَنَةَ ثَمَانِيْنَ, بِالمَدِيْنَةِ وَكَانَ يَلثَغُ بِالرَّاءِ غَيْناً فَلاِقْتِدَارِهِ عَلَى اللُّغَةِ وَتَوَسُّعِهِ يَتَجَنَّبُ الوُقُوْعَ فِي لَفظَةِ فِيْهَا رَاءٌ كَمَا قِيْلَ:
وَخَالَفَ الرَّاءَ حَتَّى احْتَالَ لِلشِّعْرِ
وَهُوَ وَعَمْرُو بنُ عُبَيْدٍ رَأْسَا الاعْتِزَالِ, طَرَدَهُ الحَسَنُ عَنْ مَجْلِسِهِ لَمَّا قَالَ: الفَاسِقُ لاَ مُؤْمِنٌ وَلاَ كَافِرٌ فَانضَمَّ إِلَيْهِ عمرو واعتزلا حلقة الحسن فسموا المُعْتَزِلَة قَالَ شَاعِرٌ:
وَجَعَلْتَ وَصْلِي الرَّاءَ لَمْ تَلْفِظْ بِهِ ... وَقَطَعْتَنِي حَتَّى كَأَنَّكَ وَاصِلُ
وَقِيْلَ: لِوَاصِلٍ تَصَانِيْفُ. وَقِيْلَ: كَانَ يُجِيْزُ التِّلاَوَةَ بِالمَعْنَى, وَهَذَا جَهْلٌ.
قِيْلَ: مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ وَقِيْلَ: عُرِفَ بِالغَزَّالِ لِتَرْدَادِهِ إِلَى سُوْقِ الغَزْلِ, لِيَتَصدَّقَ عَلَى النِّسوَةِ الفَقِيْرَاتِ.
جَالَسَ أَبَا هاشم عبد الله بن محمد بن الحَنَفِيَّةِ, ثُمَّ لاَزمَ الحَسَنَ, وَكَانَ صَمُوتاً, طَوِيْلَ الرَّقَبَةِ جِدّاً. وَلَهُ مُؤَلَّفٌ فِي التَّوْحِيْدِ, وَكِتَاب "المنزلة بين المنزلتين".
826- أبو بشر 2: "ع"
جعفر بن أبي وحشية إياس اليشكري البَصْرِيُّ, ثُمَّ الوَاسِطِيُّ, أَحَدُ الأَئِمَّةِ وَالحُفَّاظِ.
حَدَّثَ عَنْ: الشَّعْبِيِّ, وَسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ, وَحُمَيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحِمْيَرِيِّ, وَمُجَاهِدٍ, وَطَاوُوْسٍ, وَعَطَاءٍ, وَعِكْرِمَةَ, وأبي الضحى, وميمون ابن مِهْرَانَ, وَنَافِعٍ العُمَرِيِّ, وَعِدَّةٍ وَرَوَى، عَنْ عَبَّادِ بن شرحبيل اليشكري, وله صحبة.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: الأَعْمَشُ, وَشُعْبَةُ, وَأَبُو عَوَانَةَ, وَهُشَيْمٌ, وَخَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ, وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ, وَغَيْرُهُ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: أَبُو بِشْرٍ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنَ المِنْهَالِ بنِ عَمْرٍو, وَأَوْثَقُ. وَقَالَ يَحْيَى القَطَّانُ: كَانَ شُعْبَةُ يُضَعِّفُ حَدِيْثَ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ, وَقَالَ: لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ شَيْئاً. وَقَالَ شُعْبَةُ أَيْضاً: أَحَادِيْثُ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ حَبِيْبِ بنِ سَالِمٍ ضَعِيْفَةٌ.
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ: أَرْجُو أَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِهِ.
قَالَ نُوْحُ بنُ حَبِيْبٍ: كَانَ أَبُو بِشْرٍ سَاجِداً خَلْفَ المَقَامِ حِيْنَ مَاتَ رَحِمَهُ اللهُ.
مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ. وَقَالَ مُطَيَّنٌ, وَغَيْرُهُ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ وَقَالَ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ المَدَائِنِيُّ, وَجَمَاعَةٌ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ.
__________
1 ترجمته في وفيات الأعيان "6/ 768"، تاريخ الإسلام للذهبي "5/ 310"، ميزان الاعتدال "4 ترجمة 9325"، لسان الميزان "6/ ترجمة 752"، النجوم الزاهرة لابن تغرى بردى "1/ 313"، شذرات الذهب "1/ 18".
2 ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 2141"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 515" و"3/ 10"، الكنى للدولابي "1/ 127"، الجرح والتعديل "2/ترجمة 1927"، تاريخ الإسلام "5/ 54"، ميزان الاعتدال "1/ 402"، تهذيب التهذيب "2/ 83"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1028".

(6/175)


827- حسان بن عطية 1: "ع"
الإِمَامُ, الحُجَّةُ أَبُو بَكْرٍ المُحَارِبِيُّ مَوْلاَهُم, الدِّمَشْقِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي أُمَامَةَ البَاهِلِيِّ, وَسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ, وَأَبِي كَبْشَةَ السَّلُوْلِيِّ, وَأَبِي الأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ, وَمُحَمَّدِ بنِ أَبِي عَائِشَةَ, وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الأَوْزَاعِيُّ, وَأَبُو مُعَيْدٍ حَفْصُ بنُ غَيْلاَنَ, وأبو غسان محمد ابن مُطَرِّفٍ, وَقَدْ أَخْطَأَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الوَلِيْدَ بنَ مُسْلِمٍ رَوَى عَنْهُ أَنَّى يَكُوْنَ ذَلِكَ?!.
وَقَالَ الأَوْزَاعِيُّ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَكْثَرَ عَمَلاً فِي الخَيْرِ مِنْ حَسَّانِ بنِ عَطِيَّةَ وَقِيْلَ: كَانَ حَسَّانٌ مِنْ أَهْلِ بَيْرُوْتَ.
وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ, وَيَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ.
وَقَدْ رُمِيَ بِالقَدَرِ قَالَ مَرْوَانُ بنُ مُحَمَّدٍ الطَّاطَرِيُّ: عَنْ سَعِيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ ذَلِكَ, فَبَلَغَ الأَوْزَاعِيَّ كلام سعيد فيه فقال: ما أغر سعيد بِاللهِ, مَا أَدْرَكتُ أَحَداً أَشَدَّ اجْتِهَاداً وَلاَ أَعمَلَ مِنْ حَسَّانِ بنِ عَطِيَّةَ.
ضَمْرَةُ، عَنْ رَجَاءِ بنِ أَبِي سَلَمَةَ, سَمِعَ يُوْنُسَ بنَ سَيْفٍ, يَقُوْلُ: مَا بَقِيَ مِنَ القَدَرِيَّةِ إلَّا: كَبْشَانِ أَحَدُهُمَا: حَسَّانُ بنُ عَطِيَّةَ.
وَرَوَى عُقْبَةُ بنُ عَلْقَمَةَ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ, وَذَكَرَ شَيْئاً مِنْ مَنَاقِبِ حَسَانٍ.
الوَلِيْدُ بنُ مِزْيَدٍ: سَمِعْتُ الأَوْزَاعِيَّ يَقُوْلُ: كَانَ لِحسَّانٍ غَنَمٌ, فَسَمِعَ مَا جَاءَ فِي المَنَائِحِ2 فَتَرَكَهَا فَقُلْتُ: كَيْفَ الَّذِي سَمِعَ؟ قَالَ: يَوْمٌ لَهُ وَيَوْمٌ لِجَارِهِ.
وَرَوَى عَبْدُ المَلِكِ الصَّنْعَانِيُّ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ قَالَ: كَانَ حَسَّانُ بنُ عَطِيَّةَ إِذَا صَلَّى العَصْرَ, يَذْكُرُ اللهَ -تعالى- في المسجد حتى تغيب الشمس.
وَمِنْ دُعَائِهِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوْذُ بِكَ أَنْ أَتَعَزَّزَ بِشَيْءٍ مِنْ مَعْصِيَتِكَ, وَأَنْ أَتَزَيَّنَ لِلنَّاسِ بِمَا يَشِيْنُنِي عِنْدَكَ.
بَقِيَ حسَانٌ إِلَى حُدُوْدِ سَنَةِ ثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: كان قدريًا قلت: لعله رجع وتاب.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "3/ ترجمة 134"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة رقم "1044"، حلية الأولياء "6/ 70"، ميزان الاعتدال "1/ 478"، تاريخ الإسلام "5/ 60"، تهذيب التهذيب "2/ 251"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1308".
2 المنائح: جمع منحة: وهي أن يعطي رجل ناقة أو شاة لغيره ينتفع بلبنها ويعيدها. وكذلك إذا أعطاه لينتفع بوبريها وصوفها زمانا ثم يردها، وفي حديث مسلم "1020"، من حديث أبي هريرة مرفوعا: "من منح منيحة، غدت بصدقة، وراحت بصدقة، صبوحها وغبوقها".

(6/176)


828- يحيى بن سعيد 1: "ع"
ابن قيس بن عمرو وَقِيْلَ: يَحْيَى بنُ سَعِيْدِ بنِ قَيْسِ بنِ قهدٍ الإِمَامُ العَلاَّمَةُ المُجَوِّدُ عَالِمُ المَدِيْنَةِ فِي زَمَانِهِ, وَشَيْخُ عَالِمِ المَدِيْنَةِ, وَتِلْمِيْذُ الفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ أَبُو سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ الخَزْرَجِيُّ النَّجَّارِيُّ المَدَنِيُّ القَاضِي مَوْلِدُه قَبْلَ السَّبْعِيْنَ زَمَنَ ابْنِ الزُّبَيْرِ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَنَسِ بنِ مَالِكٍ, وَالسَّائِبِ بنِ يَزِيْدَ, وَأَبِي أُمَامَةَ بنِ سَهْلٍ, وَسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ, وَالقَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ, وَعَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ, وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ ثَوْبَانَ, وَعَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, وَأَبِي سَلَمَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, وَعُبَيْدِ بنِ حُنَيْنٍ, وَنَافِعٍ العُمَرِيِّ, وَابْنِ شِهَابٍ وَسُلَيْمَانَ بنِ يَسَارٍ الفَقِيْهِ, وَبَشِيْرِ بنِ يَسَارٍ, وسعيد بن يسار الإخوة, والأعرج,
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "8/ ترجمة 2980"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 635 و648"، الجرح والتعديل "9/ ترجمة 620"، تاريخ بغداد "14/ 101"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 130"، الكاشف "3/ ترجمة 6286"، العبر "1/ 195 و311"، تاريخ الإسلام "6/ 149"، تهذيب التهذيب "11/ 211"، شذرات الذهب "1/ 212".

(6/177)


وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَامِرِ بنِ رَبِيْعَةَ, وَحَنْظَلَةَ بنِ قَيْسٍ, وَالنُّعْمَانِ بنِ أَبِي عَيَّاشٍ, وَأَبِي صالح ذكوان, وعباد ابن تَمِيْمٍ, وَخَلْقٍ سِوَاهُم.
رَوَى عَنْهُ: الزُّهْرِيُّ -مَعَ تَقَدُّمِهِ- وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ, وَشُعْبَةُ, وَمَالِكٌ, وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ المَاجِشُوْنِ, وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ, وَحَمَّادُ بنُ سلمة, والأوزاعي وحماد ابن زَيْدٍ, وَاللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ, وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعْدٍ, وَأَبُو إِسْحَاقَ الفَزَارِيُّ, وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عَيَّاشٍ, وَابْنُ المبارك, والقاضي, وأبو يُوْسُفَ, وَابْنُ عُلَيَّةَ, وَسَعِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ الوَرَّاقُ, وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ, وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيُّ, وَعَبْدُ الوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ, وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأُمَوِيُّ, وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ القَطَّانِ, وَيَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ, وَجَعْفَرُ بنُ عَوْنٍ العُمَرِيُّ, وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَهُوَ صَاحِبُ حَدِيْثِ::الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ:, وَعَنْهُ اشْتُهِرَ, حَتَّى يُقَالَ: رَوَاهُ عَنْهُ نَحْوُ المائَتَيْنِ، وَوَقَعَ عَالِياً لأَصْحَابِ ابْنِ طَبَرْزَدْ.
وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي نَسَبِهِ, فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ أَبِي السَّفَرِ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ, حَدَّثَنِي يَحْيَى بنُ سَعِيْدِ بنِ قَيْسِ بنِ قهدٍ الأَنْصَارِيُّ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ بنِ حَسَّانٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ قَالَ: كَانَتْ حَبِيْبَةُ بِنْتُ سَهْلٍ إِحْدَى عَمَّاتِي. وَأَنْبَأَنَا يَحْيَى بنُ سَعِيْدِ بنِ قَيْسِ بنِ عَمْرِو بنِ سَهْلٍ.
قُلْتُ: حَبِيْبَةُ هَذِهِ هِيَ القَائِلَةُ: لاَ أَنَا وَلاَ ثَابِتُ بنُ قَيْسِ بنِ شَمَّاسٍ.
وَأَمَّا قَيْسُ بنُ عَمْرٍو فَصَحَابِيٌّ, له في السنن في ركعتي الصبح.
قَالَ الحَاكِمُ: هُوَ قَاضِي حَرَمِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمُفْتِيْهَا فِي عَصرِه, يحيى ابن سَعِيْدِ بنِ قَيْسِ بنِ قهدِ بنِ عَمْرِو بنِ ثَعْلَبَةَ بنِ الحَارِثِ بنِ يَزِيْدَ بنِ ثَعْلَبَةَ بنِ غَنْمِ بنِ مَالِكِ بنِ النَّجَّارِ.
وَقَالَ خَلِيْفَةُ فِي "الطَّبَقَاتِ" يَحْيَى بنُ سَعِيْدِ بنِ قَيْسِ بنِ قهدِ بنِ سَهْلِ بنِ ثَعْلَبَةَ بنِ غَنْمِ بنِ مَالِكِ بنِ النَّجَّارِ أَبُو سَعِيْدٍ.
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ فِي "الكُنَى" يحيى بن سعيد بن قيس بن عمرو بن سهل ابن الحَارِثِ بنِ زَيْدِ بنِ ثَعْلَبَةَ بنِ غَنْمٍ ثُمَّ قَالَ: وَيُقَالُ: ابْنُ سَعِيْدِ بنِ قَيْسِ بنِ قهدٍ وَلَمْ يَصِحَّ أَخُو سَعْدٍ وَعَبْدِ رَبِّهِ وَسَعِيْدٍ.
قُلْتُ: وَمِمَّنْ قَالَ: إِنَّ جَدَّه هُوَ قَيْسُ بنُ عَمْرِو بنِ سَهْلِ بنِ ثَعْلَبَةَ: أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِيْنٍ وَقَالَ مُصْعَبٌ: جَدُّه قَيْسُ بنُ قهدِ بن قَيْسٍ فَقَالَ أَحْمَدُ بنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: غَلِطَ مُصْعَبٌ, وَقَيْسُ بنُ قهدٍ هُوَ جَدُّ أَبِي مَرْيَمَ عَبْدِ الغَفَّارِ بنِ القَاسِمِ الأَنْصَارِيِّ الكُوْفِيِّ قَالَ: وَكِلاَهمَا لَهُ صحبة.

(6/178)


ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "خَيْرُ دُوْرِ الأَنْصَارِ دَارُ بَنِي النَّجَّارِ" 1.
رَأَى يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ عَبْدَ اللهِ بنَ عُمَرَ. قَالَهُ: الحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللهِ, ثُمَّ قَالَ: سَمِعَ أَنَساً, وَالسَّائِبَ, وَأَبَا أُمَامَةَ, وَعَبْدَ الله بن عامر بن ربيعة, ويوسف ابن عَبْدِ اللهِ بنِ سَلاَمٍ. وَسَمِعَ: ابْنَ المُسَيِّبِ, وَمَنْ بَعْدَهُ مِنَ الفُقَهَاءِ السَّبعَةِ, وَجَالَسَهُم.
رَوَى عَنْهُ مِنَ التَّابِعِيْنَ أَرْبَعَةٌ: هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ, وَحُمَيْدٌ الطَّوِيْلُ, وَأَيُّوْبُ السِّخْتِيَانِيُّ, وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عمر.
إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي أُوَيْسٍ: حَدَّثَنِي أَبِي, حَدَّثَنَا يحيى بن سعيد بن قيس ابن عَمْرِو بنِ سَهْلِ بنِ ثَعْلَبَةَ.
ابْنُ سَعْدٍ: أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ قَالَ: يَحْيَى بنُ سعيد بن قيس بن عمرو بن سهل النَّجَّارِيُّ تُوُفِّيَ بِالهَاشِمِيَّةِ, وَكَانَ قَاضِياً بِهَا لأَبِي جَعْفَرٍ, سَنَة ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ.
عَارِمٌ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي العَدْلُ الرِّضَى الأَمِيْنُ عَلَى مَا يَغِيبُ عَلَيْهِ, أَبُو سَعِيْدٍ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ.
قُلْتُ: عَامَّةُ النَّاسِ كَنَّوْهُ هَكَذَا.
وَرَوَى أَبُو يَحْيَى صَاعِقَةٌ، عَنِ ابْنِ المَدِيْنِيِّ قَالَ: كُنْيَتُه أَبُو نَصْرٍ.
قَالَ سُلَيْمَانُ بنُ بِلاَلٍ: كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ قَدْ سَاءتْ حَالَتُه, وَأَصَابَه ضَيْقٌ شَدِيْدٌ وَرَكِبَه الدَّيْنُ, فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَاكَ إِذْ جَاءهُ كِتَابُ أَبِي جَعْفَرٍ المَنْصُوْرِ يَسْتَقْضِيهِ, فَوَكَلَنِي بِأَهْلِهِ, وَقَالَ لِي: وَاللهِ مَا خَرَجتُ وَأَنَا أَجهَلُ شَيْئاً, فَلَمَّا قَدِمَ العِرَاقَ كَتَبَ إِلَيَّ قُلْتُ: لَكَ ذَاكَ القَوْلَ, وَإِنَّهُ وَاللهِ لأَوَّلُ خَصمَيْنِ جَلَسَا بَيْنَ يَدَيَّ فَاقَتَصَّا شَيْئاً, وَالله مَا سَمِعْتُه قَطُّ فَإِذَا جَاءكَ كِتَابِي هَذَا فَسَلْ رَبِيْعَةَ بنَ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ, وَاكتُبْ إِلَيَّ مَا يَقُوْلُ وَلاَ تُعْلِمْهُ هَذِهِ حِكَايَةُ مُنْكَرَةٌ فَإِنَّ رَبِيْعَةَ كَانَ قَدْ مَاتَ رَوَاهَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ المنذر الحزامي، عن يحيى بن محمد ابن طَلْحَةَ مِنْ وَلَدِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ وَزَادَ فِيْهَا فَلَمَّا خَرَجتُ إِلَى العِرَاقِ شَيَّعتُه فَكَانَ أَوَّلَ مَا اسْتَقْبَلَه جِنَازَةٌ فَتَغَيَّرَ وَجْهِي فَقَالَ: كَأَنَّكَ تَغَيَّرْتَ؟ فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ لاَ طَيْرَ إلَّا طَيْرُكَ فَقَالَ: وَاللهِ لَئِنْ صَدقَ طَيرُكَ لَيُنْعَشَنَّ أَمْرِي. فَمَضَى فَمَا أَقَامَ إلَّا شَهْرَيْنِ حتى قضى دينه وأصاب خيرًا.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "3879"، ومسلم "2511" من حديث أبي أسيد، به مرفوعا.

(6/179)


قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ بِشْرٍ الطَّالَقَانِيُّ: سَمِعْتُ أحمد بن حنبل يقول: يحيى ابن سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ أَثْبَتُ النَّاسِ.
وَقَالَ حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: قَدِمَ أَيُّوْبُ مِنَ المَدِيْنَةِ, فَقِيْلَ لَهُ: مَنْ أَفْقَهُ مَنْ خَلَّفتَ بِهَا؟ قَالَ: يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ.
أَبُو صَالِحٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ يُحَدِّثنَا فَيَسُحُّ عَلَيْنَا مِثْلَ اللُّؤْلُؤِ, إِذَا طَلعَ رَبِيْعَةُ, فَقَطَعَ حَدِيْثَه إِجْلاَلاً لِرَبِيْعَةَ وَإِعْظَاماً.
عَلِيُّ بنُ مُسْهِرٍ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُوْلُ: أَدْرَكتُ مِنَ الحُفَّاظِ ثَلاَثَةً: إِسْمَاعِيْلَ بنَ أَبِي خَالِدٍ, وَعَبْدَ المَلِكِ بنَ أَبِي سليمان, وَيَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيَّ قُلْتُ: فَالأَعْمَشُ فَأَبَى أَنْ يَجْعَلَه مَعَهُم.
مُحَمَّدُ بنُ المِنْهَالِ: سَمِعْتُ يَزِيْدَ بنَ زُرَيْعٍ يَقُوْلُ: لَمَّا قَدِمَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ, نَزَلَ عَلَى عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ عَبْدِ الحَمَيْدِ, وَكَانَ يَحْيَى لاَ يُملِي فَكُنَّا نَدْخُلُ عَلَيْهِ, وَمَعَنَا ابْنُ عُلَيَّة, وَجَمَاعَةٌ فَنَحفَظُ, فَإِذَا خَرَجنَا كَتبَ هَذَا مَا حَفِظَ, وَهَذَا مَا حَفِظَ فَتَرَكتُ لِذَلِكَ حَدِيْثَه, وَقُلْتُ: لاَ آخُذُ دِيْنِي عَنْكُم.
مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ، عَنِ الوَاقِدِيِّ أَنَّ سُلَيْمَانَ بنَ بِلاَلٍ أَخْبَرَهُ, قَالَ: خَرَجَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ إِلَى إِفْرِيْقِيَةَ فِي مِيْرَاثٍ لَهُ, فَطَلَبَ لَهُ رَبِيْعَةُ بنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ البَرِيْدَ, فَرَكِبَه إِلَى إِفْرِيْقِيَةَ فَقَدِمَ بِذَلِكَ المِيْرَاثِ وَهُوَ خَمْسُ مائَةِ دِيْنَارٍ فَأَتَاهُ النَّاسُ يُسَلِّمُوْنَ عَلَيْهِ, وَأَتَاهُ رَبِيْعَةُ أَغلَقَ البَابَ عَلَيْهِمَا, وَدَعَا بِمِنْطَقَتِه فَصَيَّرَهَا بَيْنَ يَدَيْ رَبِيْعَةَ وَقَالَ: يَا أَبَا عُثْمَانَ وَاللهِ مَا غَيَّبْتُ مِنْهَا دِيْنَاراً إلَّا مَا أَنْفَقنَاهُ فِي الطَّرِيْقِ ثُمَّ عَدَّ مائَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ دِيْنَاراً, فَدَفَعهَا إِلَى رَبِيْعَةَ, وَأَخَذَ هُوَ مِثْلَهَا قَاسَمَه.
قَالَ يَحْيَى القَطَّانُ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ بنَ سَعِيْدٍ يَقُوْلُ: كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ أَجَلَّ عِنْدَ أَهْلِ المَدِيْنَةِ مِنَ الزُّهْرِيِّ.
التِّرْمِذِيُّ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ, حَدَّثَنَا جَرِيْرٌ: سَأَلْتُ يَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ فَقُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَنْ أَدْرَكتَ مِنَ الأَئِمَّةِ? مَا كَانَ قَوْلُهم فِي أَبِي بَكْرٍ, وَعُمَرَ, وَعَلِيٍّ؟ فَقَالَ سُبْحَانَ اللهِ! مَا رَأَيْتُ أَحَداً يَشُكُّ فِي تَفْضِيْلِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ عَلَى عَلِيٍّ إِنَّمَا كَانَ الاخْتِلاَفُ فِي عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ قَالَ: قَدِمْتُ المَدِيْنَةَ فَلَمْ أَلقَ بِهَا أَحَداً إلَّا وَأَنْتَ تَعْرِفُ وَتُنكِرُ غَيْرَ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ وَمَالِكٍ.

(6/180)


الحَاكِمُ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ دَاوُدَ الزَّاهِدُ, حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ أَحْمَدَ الهَرَوِيُّ, أَنَّ مُحَمَّدَ بنَ حَفْصٍ حَدَّثَهُم, حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ أَيُّوْبَ المَقَابِرِيُّ, حَدَّثَنِي أَبُو عِيْسَى وَغَيْرُهُ, أَنَّ قَوْماً كَانَتْ بَيْنَهُم وَبَيْنَ المُسَيِّبِ بنِ زُهَيْرٍ خُصُومَةٌ, فَارتَفَعُوا إِلَى يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيِّ, فَكَتَبَ إِلَيْهِ يَحْيَى أَنْ يَحضُرَ, فَأَتَوهُ بِكِتَابِ يَحْيَى فَانْتَهَرَهُم وَأَبَى فَجَاؤُوا إِلَى يَحْيَى فَقَامَ مُغضَباً يُرِيْدُ المُسَيِّبَ فَوَافَقَه قَدْ رَكِبَ وَبَيْنَ يَدَيْهِ نَحْو المائَتَيْنِ مِنَ الخَشَّابَةِ, فَلَمَّا رَأَوُا القَاضِي أَفْرَجُوا لَهُ, فَأَتَى المُسَيِّبَ فَأَخَذَ بِحمَائِلِ السيف وَرَمَى بِهِ إِلَى الأَرْضِ, ثُمَّ بَركَ عَلَيْهِ يَخْنِقُه قَالَ: فَمَا خَلَّصَ حَمَائِلَ السَّيْفِ مِنْ يَدِهِ إلَّا أَبُو جَعْفَرٍ بِنَفْسِهِ قُلْتُ: هَكَذَا فَلْيَكُنِ الحَاكِمُ وَمَتَى خَافَ الحَاكِمُ مِنَ العَزلِ لَمْ يُفلِحْ وَفِي ثُبُوتِ هَذِهِ الحِكَايَةِ نَظَرٌ.
الحسن ين عِيْسَى بنِ مَاسَرْجِسَ: حَدَّثَنَا جَرِيْرٌ قَالَ: سَأَلْتُ يَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ, وَمَا رَأَيْتُ شَيْخاً أَنْبَلَ مِنْهُ فَذَكَرَ تَفْضِيْلَ الشَّيْخَيْنِ وَقَدْ مَرَّ.
قَالَ حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ يَقُوْلُ فِي مَجْلِسِهِ: اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ.
وَقَالَ يَحْيَى: كَانَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَدِيِّ بنِ الخِيَارِ يَقُوْلُ: فِي مَجْلِسِهِ اللَّهُمَّ سَلِّمْنَا وَسَلِّمِ المُؤْمِنِيْنَ مِنَّا.
ابْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ قَالَ: أَهْلُ العِلْمِ أَهْلُ وَسْعَةٍ, وَمَا بَرِحَ المُفْتُوْنَ يَخْتَلِفُوْنَ فَيُحَلِّلُ هَذَا وَيُحَرِّمُ هَذَا وَإِنَّ المَسْأَلَةَ لَتَرِدُ عَلَى أَحَدِهِم كَالجَبَلِ فَإِذَا فَتَحَ لَهَا بَابَهَا قَالَ: مَا أَهْوَنَ هَذِهِ.
يَعْقُوْبُ بنُ كَاسِبٍ: حَدَّثَنَا بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ قَالَ:سَمِعْتُ صَائِحاً يَصِيْحُ فِي المَسْجِدِ الحَرَامِ أَيَّامَ مَرْوَانَ لاَ يُفْتِي الحَاجَّ في المسجد إلَّا يحيى ابن سَعِيْدٍ, وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ, وَمَالِكُ بنُ أَنَسٍ.
ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى قَالَ: قُلْتُ لِسَالِمِ بنِ عَبْدِ اللهِ: أَسَمِعْتَ هَذَا مِنِ ابْنِ عُمَرَ فَقَالَ: مَرَّةً وَاحِدَةً نَعَمْ أَكْثَرُ مِنْ مائَةِ مَرَّةٍ.
وَبِهِ، عَنْ يَحْيَى قَالَ: لأَنْ أَكُوْنَ كَتَبتُ كُلَّ مَا أَسْمَعُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَكُوْنَ لِي مِثْلُ مَا لِي.
قَالَ أَبُو سَعِيْدٍ الحَنَفِيُّ: سَمِعْتُ يَزِيْدَ بنَ هَارُوْنَ يَقُوْلُ: حَفِظتُ لِيَحْيَى ابن سَعِيْدٍ ثَلاَثَةَ آلاَفِ حَدِيْثٍ, فَمَرِضتُ مَرضَةً, فَنَسِيتُ نِصْفَهَا فَقَالَ: فَتَىً مِنَ القَوْمِ رُوَيْداً لَيتكَ مَرِضتَ الثَّانِيَةَ فَنَسِيتَهَا كُلَّهَا فَنَستَرِيْحُ مِنْكَ. رَوَاهَا الحَاكِمُ, وَلاَ أَعْرِفُ الحَنَفِيَّ.

(6/181)


كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ القَطَّانُ يُقَدِّمُ يَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيَّ عَلَى الزُّهْرِيِّ, لِكَوْنِهِ رَآهُ وَلَمْ يَرَ الزُّهْرِيَّ.
قَالَ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ: كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ رَجُلاً صَالِحاً فَقِيْهاً, ثِقَةً. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: كَانَ حَافِظاً. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: محدثوا الحجاز اين شهاب, ويحيى ابن سَعِيْدٍ, وَابْنُ جُرَيْجٍ.
وَرَوَى أَبُو أُوَيْسٍ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ قَالَ: صَحِبتُ أَنَسَ بنَ مَالِكٍ إِلَى الشَّامِ.
وَرَوَى مُحَمَّدُ بنُ سَلاَّمٍ الجُمَحِيُّ قَالَ: كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ خَفِيْفَ الحَالِ, فَاسْتَقضَاهُ المَنْصُوْرُ, فَلَمْ يَتَغَيَّرْ حَالُهُ فَقِيْلَ لَهُ: فِي ذَلِكَ فَقَالَ مَنْ كَانَتْ نَفْسُهُ وَاحِدَةً لَمْ يُغَيِّرْهُ المَالُ.
وَقَالَ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ: قَالَ يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ: قُلْتُ: لِيَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ كَمْ تَحفَظُ؟
قَالَ سِتَّ مائَةٍ سَبْعَ مائَةٍ قُلْتُ: هَذَا يُوَضِّحُ لَكَ ضَعفَ القَوْلِ المَارِّ، عَنْ يَزِيْدَ, وَلاَ كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ عِنْدَه ثَلاَثَةُ آلاَفِ حَدِيْثٍ قَطُّ.
وَعَنْ يَحْيَى القَطَّانِ قَالَ: هُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الزُّهْرِيِّ, لأَنَّ الزُّهْرِيَّ اخْتُلِفَ عَلَيْهِ, وَيَحْيَى لَمْ يُخْتَلَفْ عَلَيْهِ.
وَأَمَّا عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ, فَقَالَ: لَهُ نَحْوٌ مِنْ ثَلاَثِ مائَةِ حَدِيْثٍ, فَكَأَنَّهُ عَنَى "المُسْنَدَ" مِنْ حَدِيْثِهِ أَوِ الَّذِي اشْتُهِرَ لَهُ.
سليمان بن حرب: سمعت حماد بن زيد يَقُوْلُ: لَيْسَ لأَحَدٍ عِنْدِي كِتَابٌ, وَلَوْ كَانَ لَسَرَّنِي أَنْ يَكُوْنَ لِيَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيِّ. قُلْتُ: تُوُفِّيَ بِالهَاشِمِيَّةِ, بِقُربِ الكُوْفَةِ وَلَهُ بِضْعٌ وسبعون سنة وسنة ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهُ فِي كِتَابِهِ، أَنْبَأَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الشَّيْبَانِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو طَالِبٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ غَيْلاَنَ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، أَنْبَأَنَا الحَارِثُ بنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ، أَنْبَأَنَا يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ زَحْرٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيْدٍ الرُّعَيْنِيَّ يُحَدِّثُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مَالِكٍ أَنَّهُ سَمِعَ عُقْبَةَ بنَ عَامِرٍ يَذْكُرُ أَنَّ أُخْتَه نَذَرَتْ أَنْ تَمْشِيَ إِلَى البَيْتِ حَافِيَةً غَيْرَ مُختَمِرةٍ فَذَكَرَ ذَلِكَ عُقْبَةُ لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "مُرْ أُخْتَكَ فَلْتَرْكَبْ وَلْتَخْتَمِرْ وَلْتَصُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ"1 هَذَا حَدِيْثٌ غَرِيْبٌ فَرْدٌ. واسم أبي
__________
1 ضعيف: أخرجه أبو داود "3293"، والنسائي "2/ 143"، والترمذي "1544"، والدارمي "2/ 183"، وابن ماجه "2134"، والبيهقي "10/ 80"، وأحمد "4/ 143، 145، و149 و151" من طريق عبيد الله بن زحر، عن أبي سعيد الرعيني، عن عبد الله بن مالك، عن عقبة بن عامر، به.

(6/182)


سعيد: جعثل بن هاغان, قَاضِي إِفْرِيْقِيَةَ مَاتَ: سنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَمائَةٍ مَحَلُّه الصِّدْقُ مَا رَوَاهُ عَنْهُ سِوَى عُبَيْدِ اللهِ بنِ زَحْرٍ, وَفِيْهِ لِيْنٌ أَخْرَجَهُ: أَبُو دَاوُدَ، عَنْ مَخْلَدِ بنِ خَالِدٍ الشَّعِيْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ كَتَبَ إِلَى يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ بِهَذَا وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، عَنْ مَحْمُوْدِ بنِ غَيْلاَنَ، عَنْ وَكِيْعٍ، عَنْ سُفِيَانَ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ, وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ, وَوَقَعَ لَنَا عَالِياً بِدَرَجَتَيْنِ, وَهَذَا الحَدِيْثُ مِنْ جُمْلَةِ مَا اسْتَفَادَ يَحْيَى فِي رَحلتِهِ إِلَى إِفْرِيْقِيَةَ.
عَارِمٌ، عَنْ حَمَّادٍ, قَالَ: قِيْلَ لِهِشَامِ بنِ عُرْوَةَ: سَمِعْتَ أَبَاكَ يَقُوْلُ كَذَا وَكَذَا؟ قَالَ: لاَ, وَلَكِنْ حَدَّثنِي العَدْلُ, الرِّضَى الأَمِيْنُ عدل نفسي عندي يحيى ابن سَعِيْدٍ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ أَبِي.
قَالَ النَّسَائِيُّ: يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ: ثِقَةٌ, ثَبْتٌ.
وَقَالَ العِجْلِيُّ: كَانَ قَاضِياً عَلَى الحِيْرَةِ, وَثَمَّ لَقِيَهُ يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ, فَرَوَى عَنْهُ مائَةً وَسَبْعِيْنَ حَدِيْثاً.
قَالَ القَطَّانُ, وَأَبُو عُبَيْدٍ, وَأَحْمَدُ, وَعِدَّةٌ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ وَقَالَ يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ, وَابْنُ بُكَيْرٍ, وَالفَلاَّسُ: سَنَةَ أَرْبَعٍ.
قَالَ أَبُو القَاسِمِ بنُ مَنْدَةَ: طُرُقِ حَدِيْثِ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ عَلْقَمَةَ بنِ وَقَّاصٍ، عَنْ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ، عنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ".
رَوَاهُ عَنْهُ: إِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ, وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَدْهَمَ, وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عُيَيْنَةَ الهِلاَلِيُّ, وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدٍ أَبُو إِسْحَاقَ الفَزَارِيُّ, وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي يَحْيَى المَدَنِيُّ, وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ صِرْمَةَ المَدَنِيُّ, وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ جناح, وإبراهيم ابن زَكَرِيَّا المُعَلِّمُ الضَّرِيْرُ, وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي اليَسَعِ, وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ الحَمَيْدِ الحِمْصِيُّ, وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ مُجَمِّعٍ, وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عُلَيَّةَ, وَإِسْمَاعِيْلُ ابن عَيَّاشٍ, وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ القَاسِمِ أَبُو العَتَاهِيَةِ فِيْمَا قِيْلَ, وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ زَكَرِيَّا الخُلْقَانِيُّ, وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ قَيْسِ بنِ سَعْدِ بنِ زَيْدِ بنِ ثَابِتٍ, وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ زِيَادٍ, وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ ثَابِتِ بنِ مُجَمِّعٍ, وَإِسْحَاقُ بنُ الرَّبِيْعِ العَطَّارُ, وَأَنَسُ بنُ عياض أبو ضمرة, وأبان بن يزيد,
__________
= قلت: إسناده ضعيف، عبيد الله بن زحر، ضعيف. لكن قد صح عن عقبة بن عامر الجهني قال: نذرت أختي أن تمشي إلى بيت الله حافية، فأمرتني أن أستفتي لها رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "لتمش، ولتركب". أخرجه البخاري، ومسلم "1644"، وأبو داود "3299"، والنسائي وابن الجارود "9377"، وأحمد "4/ 152" من طريق يَزِيْدُ بنُ أَبِي حَبِيْبٍ، عَنْ أَبِي الخَيْرِ، عن عقبة بن عامر، به.

(6/183)


وَأَسِيْدُ بنُ القَاسِمِ الكَتَّانِيُّ, وَأَبْرَدُ بنُ الأَشْرَسِ, وَأَبُو الرَّبِيْعِ أَشْعَثُ بنُ سَعِيْدٍ السَّمَّانُ, وَأَسْبَاطُ بن محمد وأسد بن عمرو, وأسامة ابن حَفْصٍ, وَأَيُّوْبُ بنُ وَاقِدٍ كُوْفِيٌّ, وَأَبْيَضُ بنُ الأَغَرِّ, وَأَبْيَضُ بنُ أَبَانٍ, وَبَحْرُ بنُ كُنَيْزٍ السَّقَّاءُ, وَبَكْرُ بنُ عَمْرٍو المَعَافِرِيُّ, وَبَشِيْرُ بنُ زِيَادٍ الجَزَرِيُّ, وَتَوْبَةُ بنُ سَعِيْدٍ العَنْبَرِيِّ بنِ أَبِي الأَسَدِ, وَتَلِيْدُ بنُ سُلَيْمَانَ الكُوْفِيُّ, وَثَوْرُ بنُ يَزِيْدَ, وَثَابِتُ بنُ كَثِيْرٍ, وَجَعْفَرٌ الصَّادِقُ, وَجَعْفَرُ بنُ عَوْنٍ, وَجَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ, وَجَرِيْرُ ابن عَبْدِ الحَمَيْدِ, وَجُنَادَةُ بنُ سَلْمٍ, وَجَارِيَةُ بنُ هَرِمٍ الهُنَائِيُّ, وَجُمَيْعُ بنُ ثُوْبٍ الشَّامِيُّ ,وَحَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ, وَحَمَّادُ بنُ زَيْدٍ, وَحَمَّادُ بنُ زَيْدِ بنِ عُمَرَ كُوْفِيٌّ وَحَمَّادُ بنُ أُسَامَةَ أَبُو أُسَامَةَ، وَحَمَّادٌ أَخُو شُعْبَةَ بنِ الحَجَّاجِ، وَحَمَّادُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ الخَوْلاَنِيُّ، وَحَمَّادُ بنُ يَحْيَى الأَبَحُّ، وَحَمَّادُ بنُ شَيْبَةَ، وَحَمَّادُ بنُ يُوْنُسَ، وَحَمَّادُ بنُ نَجِيْحٍ، وَالحَسَنُ بنُ صَالِحٍ، وَالحَسَنُ بنُ عَيَّاشٍ أَخُو أَبِي بَكْرٍ، وَالحَسَنُ بنُ عُمَارَةَ، وَالحَسَنُ بنُ أَبِي جَعْفَرٍ، وَحُسَيْنُ بنُ عُلْوَانَ، وَحُرٌّ الحَذَّاءُ، وَحُدَيْجُ بنُ مُعَاوِيَةَ، وَحِبَّانُ بنُ عَلِيٍّ، وَحَمْزَةُ الزَّيَّاتُ، وَحَسَّانُ بنُ غَيْلاَنَ، وَحَفْصُ بنُ غِيَاثٍ، وَحَفْصُ بنُ عُمَرَ القناد، وحفص بن سليمان القارىء، وَحَكِيْمُ بنُ نَافِعٍ الرَّقِّيُّ، وَالحَارِثُ بنُ عُمَيْرٍ، وَحُمَيْدُ بنُ زِيَادٍ أَبُو صَخْرٍ، وَحَجَّاجُ بنُ أَرْطَاةَ، وَخَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الطَّحَّانُ، وَخَالِدُ بنُ حُمَيْدٍ الرُّؤَاسِيُّ، وَخَالِدُ بنُ سَلَمَةَ الجُهَنِيُّ، وَخَالِدُ بنُ القَاسِمِ المَدَائِنِيُّ، وَلَمْ يَصِحَّ، وَخَالِدُ بنُ يَزِيْدَ البَحْرَانِيُّ، وَخَلَفُ بنُ خَلِيْفَةَ، وَخَلِيْفَةُ بنُ غَالِبٍ بَصْرِيٌّ، وَخَارِجَةُ بنُ مُصْعَبٍ، وَخَطَّابُ بنُ أَبِي خَيْرَةَ، وَالخَلِيْلُ بنُ مُرَّةَ، وَخُصَيْبُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَخَازِمُ بنُ الحَارِثِ أَبُو عِصْمَةَ، وَالخُصَيْبُ بنُ جَحْدَرٍ، وَالخُصَيْبُ بنُ عُقْبَةَ الوَابِشِيُّ، وَدَاوُدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ العَطَّارُ، وَدَاوُدُ بنُ الزِّبْرِقَانِ، وَدَاوُدُ بنُ بَكْرِ بنِ أَبِي الفُرَاتِ، وَدَاوُدُ بنُ جُشَمٍ، وَذُؤَادُ بنُ عُلْبَةَ، وَرَبِيْعَةُ الرَّأْيُ، وَرَقَبَةُ بنُ مَصْقَلَةَ، وَرَوْحُ بنُ القَاسِمِ، وَالرَّبِيْعُ بنُ حَبِيْبٍ كُوْفِيٌّ، وَرِشْدِيْنُ بنُ سَعْدٍ، وَرَجَاءُ بنُ صَبِيْحٍ، وَزُهَيْرُ بنُ مُعَاوِيَةَ، وَزُهَيْرُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَزَيْدُ بنُ بَكْرِ بنِ خُنَيْسٍ، وَزَيْدُ بنُ عَلِيٍّ، وَزَيْدُ بنُ أَبِي أُنَيْسَةَ، وَزِيَادُ بنُ خَيْثَمَةَ، وَزَمْعَةُ بنُ صَالِحٍ، وَزَكَرِيَّا بنُ أَبِي العَتِيْكِ كُوْفِيٌّ، وَزَافِرُ بنُ سُلَيْمَانَ، وَزُفَرُ الفَقِيْهُ، وَزَائِدَةُ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، وَسُفْيَانُ بنُ عُمَرَ الحَضْرَمِيُّ كُوْفِيٌّ، وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، وَسُلَيْمَانُ أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ، وَسُلَيْمَانُ بنُ بِلاَلٍ، وَسُلَيْمَانُ الأَعْمَشُ، وَسُلَيْمَانُ بنُ عُمَرَ، وَأَبُو دَاوُدَ النَّخَعِيُّ، وَسُلَيْمَانُ بنُ يَزِيْدَ الكَعْبِيُّ، وَسُلَيْمَانُ بنُ خُثَيْمٍ، وَسَعِيْدُ بنُ المَرْزُبَانِ أَبُو سَعْدٍ البَقَّالُ، وَسَعِيْدُ بنُ مَسْلمَةَ الأُمَوِيُّ، وَسُعَيْرُ بنُ الخِمْسِ، وَسَعِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ الوَرَّاقُ الثَّقَفِيُّ، وَسَعِيْدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَوْدِيُّ، وَسَلَمَةُ بنُ رجاء، وسلام أبو المنذر القارىء، وَأَبُو الأَحْوَصِ سَلاَّمُ بنُ سُلَيْمٍ، وَسَابِقٌ البَرْبَرِيُّ، وَسُوَيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَسَيْفُ بنُ مُحَمَّدٍ الثَّوْرِيُّ، وَسَيْفُ بنُ عُمَرَ، وَسَعَّادُ بنُ سُلَيْمَانَ التميمي، وسنان

(6/184)


بنُ هَارُوْنَ، وَشُعْبَةُ، وَشَرِيْكٌ، وَشُعَيْبُ بنُ إِسْحَاقَ، وَشُجَاعُ بنُ الوَلِيْدِ، وَشَرْقِيُّ بنُ قُطَامِيٍّ، وَشُجَاعُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَشَقِيْقُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَصَدَقَةُ بنُ عَبْدِ اللهِ الدِّمَشْقِيُّ، وَصَالِحُ بنُ يَحْيَى، وَصَالِحُ بنُ جَبَلَةَ، وَصَالِحُ بنُ قُدَامَةَ الجُمَحِيُّ، وَصَالِحُ بنُ كَيْسَانَ، وَالضَّحَّاكُ بنُ عُثْمَانَ، وَطَلْحَةُ بنُ مُصَرِّفٍ اليَامِيُّ، وَطَلْحَةُ بنُ زَيْدٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ أَبُو أُوَيْسٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ إِدْرِيْسَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ نُمَيْرٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ زِيَادِ بنِ سَمْعَانَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ لَهِيْعَةَ، وعبد الله ابن، وَاقِدٍ الهَرَوِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَرَّادَةَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مَيْمُوْنٍ القَدَّاحُ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ حُسَيْنِ بنِ عَطَاءٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ سُفْيَانَ الوَاسِطِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ شَوْذَبٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ الأَوْزَاعِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ بُدَيْلٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ الأَسْوَدِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ حُمَيْدٍ الزُّهْرِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ صَالِحِ بنِ مُوْسَى، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ المُحَارِبِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَغْرَاءَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ زِيَادٍ أَبُو خَالِدٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ العَرْزَمِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ حُمَيْدٍ الرُّؤَاسِيُّ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عَمْرٍو الرَّقِّيُّ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عَدِيٍّ الكِنْدِيُّ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ هِشَامِ بنِ عروة، وعبد العزيز الدراوردي، وعبد العزيز ابن الحُصَيْنِ، وَعَبْدُ الغَفَّارِ بنُ القَاسِمِ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَبِي حَازِمٍ، وَعَبْدُ الأَعْلَى بنُ مُحَمَّدٍ المِصْرِيُّ، وَعَبْدُ المَلِكِ بنُ أَبِي بَكْرٍ، وَعَبْدُ الملك بن محمد ابن زُرَارَةَ، وَعَبْدُ المَلِكِ بنُ جُرَيْجٍ، وَعَبْدُ الوَهَّابِ بنُ عَطَاءٍ، وَعَبْدُ الوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، وَعَبْدُ السَّلاَمِ بنُ حَرْبٍ، وَعَبْدُ السَّلاَمِ بنُ حَفْصٍ، وَعَبْدُ رَبِّهِ أَبُو شِهَابٍ الحَنَّاطُ، وَعَبْدَةُ بنُ سُلَيْمَانَ، وَعَبَّادُ بنُ عَبَّادٍ، وَعَبَّادُ بنُ العَوَّامِ، وَعَبَّادُ بنُ صُهَيْبٍ، وَعَبْدُ الحَمِيْدِ الفَرَّاءُ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ، وَعَبْدَةُ بنُ أَبِي بَرْزَةَ السِّجِسْتَانِيُّ، وَعُمَرُ بنُ عُبَيْدٍ، وَعُمَرُ بنُ سَعِيْدِ بنِ أَبِي حُسَيْنٍ، وَعُمَرُ بنُ يَزِيْدَ، وَعُمَرُ بنُ حَبِيْبٍ، وَعُمَرُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُقَدَّمٍ، وَعُمَرُ بنُ عَبْدِ الحَمَيْدِ الطَّائِيُّ، وَعُمَرُ بنُ هَارُوْنَ، وَعُمَرُ بنُ مَرْوَانَ الجَلاَّبُ، وَعُمَرُ بنُ، وَجِيْهٍ، وَعَبْدُ الأَعْلَى بنُ عَبْدِ الأَعْلَى، وَعَبْدُ المُنْعِمِ بنُ نُعَيْمٍ، وَعَامِرُ بنُ خِدَاشٍ، وَعَبْدُ الجَبَّارِ بنُ سُلَيْمَانَ أَوِ ابْنُ عُثْمَانَ، وَعِمْرَانُ بنُ الرَّبِيْعِ، وَعَمْرُو بنُ هَاشِمٍ، وَعَبَّادُ بنُ كَثِيْرٍ الثَّقَفِيُّ، وَعَبَّادُ بنُ مَنْصُوْرٍ، وَعَدِيُّ بنُ الفَضْلِ، وَعِيْسَى بنُ شُعَيْبٍ، وَعِيْسَى بنُ يُوْنُسَ، وَعَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ سُلَيْمَانَ الرَّازِيُّ، وَعَبْدُ رَبِّهِ بنُ سَعِيْدٍ، وَعَلِيُّ بنُ هَاشِمٍ، وَعَلِيُّ بنُ مُسْهِرٍ، وَعَلِيُّ بنُ القَاسِمِ العُمَرِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ هَاشِمِ بنِ هَاشِمٍ، وَعَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ، وَعَلِيُّ بنُ هَاشِمِ بنِ مَرْزُوْقٍ، وَعَلِيُّ بنُ صَالِحٍ، وَعِيْسَى بنُ ثَوْبَانَ، وَعِيْسَى بنُ زَيْدِ بنِ عَلِيٍّ، وَعُمَارَةُ بنُ غَزِيَّةَ، وَعَمْرُو بنُ الحَارِثِ الفَقِيْهُ، وَعَمْرُو بنُ جُمَيْعٍ، وَعَمْرُو بنُ أَبِي قَيْسٍ، وَعُثْمَانُ بنُ الحَكَمِ، وَعُثْمَانُ بنُ مُخَارِقٍ، وَعُقْبَةُ بنُ خَالِدٍ، وَعِصْمَةُ بنُ مُحَمَّدٍ الزُّرَقِيُّ، وَعَائِذُ بنُ حَبِيْبٍ، وَعَمَّارُ بنُ رُزَيْقٍ، وَعَمَّارُ بنُ سَيْفٍ، وَعَطَاءُ بنُ جَبَلَةَ،

(6/185)


وَعُمَرُ بنُ الخَطَّابِ بنِ أَبِي خَيْرَةَ. وَغَسَّانُ بنُ غَيْلاَنَ، وَغِيَاثُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَفُضَيْلُ بنُ عياض، وفرح ابن فَضَالَةَ، وَفُلَيْحُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَفُلَيْحُ بنُ سُلَيْمَانَ، وَفَضَالَةُ بنُ نُوْحٍ، وَفِطْرُ بنُ خَلِيْفَةَ، وَقَيْسُ بنُ الرَّبِيْعِ، وَالقَاسِمُ بنُ عَبْدِ اللهِ العُمَرِيُّ، وَالقَاسِمُ بنُ مَعْنٍ، وَالقَاسِمُ بنُ الحَكَمِ، وَقُرَيْبٌ الأَصْمَعِيُّ، وَكِنَانَةُ بنُ جَبَلَةَ، وَكَثِيْرُ بنُ زِيَادٍ أَبُو سَهْلٍ، وَاللَّيْثُ، وَابْنُ عَجْلاَنَ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُبَيْدٍ اللَّيْثِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ، وَرْدٍ العِجْلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ القَارِئُ، وَمُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ أَبِي كَثِيْرٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ مَيْمُوْنٍ السُّكَّرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُغِيْثٍ البَجَلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدٍ المَدَنِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُسْلِمٍ أَبُو سَعِيْدٍ المُؤَدِّبُ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ رَجَاءٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ دِيْنَارٍ الطَّاحِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ الأَنْصَارِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ فُضَيْلٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَزِيْدَ، وَمُحَمَّدُ بنُ مَرْوَانَ العِجْلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ زِيَادِ بنِ عِلاَقَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ خَازِمٍ أَبُو مُعَاوِيَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي ذِئْبٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ مَيْمُوْنٍ الأَسَدِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عِصْمَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ، وَمُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ العَرْزَمِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ جُحَادَةَ، وَمَالِكٌ، وَمَرْوَانُ بنُ مُعَاوِيَةَ، وَمَرْوَانُ بنُ سَالِمٍ، وَمَعْمَرٌ، وَمَنْدَلٌ، وَمُفَضَّلُ بنُ يُوْنُسَ، وَمَسْلَمَةُ بنُ عُلَيٍّ، وَمَنْصُوْرُ بنُ يَسِيْرٍ، وَمَنْصُوْرُ بنُ الأَسْوَدِ، وَمُصَادُ بنُ عُقْبَةَ، وَمِسْكِيْنٌ أَبُو فَاطِمَةَ الطَّاحِيُّ، وَالمُسَيِّبُ بنُ شَرِيْكٍ، وَمُعَاوِيَةُ بنُ يَحْيَى، وَمُعَلَّى بنُ هِلاَلٍ، وَمُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ، وَمُغَلِّسُ بنُ زِيَادٍ، وَمُقَاتِلُ بنُ حَيَّانَ، وَمِسْعَرٌ، وَمَكِّيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَنُوْحُ بنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَنُوْحُ بنُ المُخْتَارِ، وَالنَّضْرُ بنُ مُحَمَّدٍ المَرْوَزِيُّ، وَالنُّعْمَانُ أَبُو حَنِيْفَةَ، وَنَصْرُ بنُ بَابٍ، وَنَصْرُ بنُ طَرِيْفٍ، وَأَبُو عَوَانَةَ الوَضَّاحُ، وَوُهَيْبٌ، وَهَمَّامٌ، وَهُشَيْمٌ، وَهِشَامُ بنُ عُرْوَةَ، وَهِشَامُ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ، وَهِشَامُ بنُ حَسَّانٍ، وَهِشَامُ بنُ أَبِي عبد الله، وهارون بن عنترة، وهاشم ابن يَحْيَى الغَسَّانِيُّ، وَهُرَيْمُ بنُ سُفْيَانَ، وَهَبَّارُ بنُ عُقَيْلٍ، وَالهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ، وَهِشَامُ بنُ زَيْدٍ، وَيَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ، وَيَزِيْدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ النَّوْفَلِيُّ، وَيَزِيْدُ بنُ عَمْرٍو، وَيَزِيْدُ بنُ أَبِي حَفْصٍ كُوْفِيٌّ، وَيُوْنُسُ بنُ رَاشِدٍ، وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ القَطَّانُ، وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأُمَوِيُّ، وَيَحْيَى بنُ أَبِي زَائِدَةَ، وَأَبُو عُقَيْلٍ يَحْيَى بنُ المُتَوَكِّلِ، وَأَبُو المِقْدَامِ يَحْيَى بنُ ثَعْلَبَةَ، وَيَحْيَى بن أيوب المصري، ويحيى ابن العَلاَءِ الرَّازِيُّ، وَيَحْيَى بنُ سُلَيْمٍ الطَّائِفِيُّ، وَيَحْيَى بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الأَجْلَحِ، وَيَحْيَى بنُ المُهَلَّبِ أَبُو كُدَيْنَةَ، وَيَعْلَى بنُ عُبَيْدٍ، وَالقَاضِي أَبُو يُوْسُفَ يَعْقُوْبُ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي سَبْرَةَ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَافِظِ بنُ بَدْرَانَ، وَيُوْسُفُ بنُ أَحْمَدَ قَالاَ، أَنْبَأَنَا مُوْسَى بنُ عَبْدِ القَادِرِ، أَنْبَأَنَا سَعِيْدُ بنُ أَحْمَدَ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ البُسْرِيِّ، أَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِرٍ المُخَلِّصُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ البَغَوِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاهِبِ الحَارِثِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُبَيْدِ بنِ عُمَيْرٍ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، عَنِ القَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا مَاتَ عُثْمَانُ بنُ مَظْعُوْنٍ كَشَفَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ، وَسَلَّمَ- الثَّوْبَ عَنْ وَجْهِهِ، وَقَبَّلَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ ثُمَّ بَكَى بُكَاءً طَوِيْلاً فَلَمَّا رُفِعَ عَلَى السَّرِيْرِ قَالَ: "طُوْبَاكَ يَا عُثْمَانُ لَمْ تَلْبَسْكَ الدُّنْيَا وَلَمْ تَلْبَسْهَا".
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ هَذَا المعروف بالمحرم: ضعفوه.

(6/186)


عبد ربه بن سعيد، سعد بن سعيد الأنصاري:
أخوه:
829- عبد ربه بن سعيد 1: "ع"
يَرْوِي عَنْ: أَبِي أُمَامَةَ بنِ سَهْلٍ, وَأَبِي سَلَمَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, وَعَمْرَةَ, وَجَمَاعَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَطَاءُ بنُ أَبِي رَبَاحٍ -أَحَدُ شُيُوْخِهِ- وَشُعْبَةُ, وَعَمْرُو بنُ الحَارِثِ, وَاللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ, وَابْنُ عُيَيْنَةَ.
وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ يَحْيَى القَطَّانُ: كَانَ حَيَّ الفُؤَادِ, وَقَّاداً.
تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ.
أَخُوْهُمَا:
830- سَعْدُ بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ 2: "م، 4"
أَحَدُ الثِّقَاتِ.
يَرْوِي عَنْ: أَنَسِ بنِ مَالِكٍ, وَالسَّائِبِ بنِ يَزِيْدَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: شُعْبَةُ, وَابْنُ المُبَارَكِ, وَجَمَاعَةٌ.
قَالَ فيه النسائي: ليس بالقوي.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 1760"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 271" و"2/ 724 و736"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 213"، الكاشف "2/ ترجمة 3167"، تاريخ الإسلام "5/ 274"، تهذيب التهذيب "6/ 126"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4008".
2 ترجمته في التاريخ الكبير "4/ ترجمة 1948"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 370"، تاريخ الإسلام "6/ 8"، الكاشف "1/ ترجمة 1845"، ميزان الاعتدال "2/ 120" تهذيب التهذيب "3/ 470"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2382".

(6/187)


831- عبد الرحمن بن القاسم 1: "ع"
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ القَاسِمِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ خَلِيْفَةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبِي بكر الصديق, الإِمَامُ الثَّبْتُ الفَقِيْهُ أَبُو مُحَمَّدٍ, القُرَشِيُّ, التَّيْمِيُّ, البَكْرِيُّ, المَدَنِيُّ.
سَمِعَ: أَبَاهُ وَأَسْلَمَ العُمَرِيَّ, وَمُحَمَّدَ بنَ جَعْفَرِ بنِ الزُّبَيْرِ, وَطَائِفَةً سِوَاهُم, وَمَا عَلِمْتُ لَهُ رِوَايَةً، عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ, وَعِدَادُهُ فِي صِغَارِ التَّابِعِيْنَ.
حَدَّثَ عَنْهُ شُعْبَةُ, وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ, وَالأَوْزَاعِيُّ, وَمَالِكٌ, وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ, وَآخَرُوْنَ, وَكَانَ إِمَاماً حُجَّةً وَرِعاً فَقِيْهَ النَّفسِ كَبِيْرَ الشَّأْنِ.
رَوَى البُخَارِيُّ فِي كِتَابِ الحَجِّ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ القَاسِمِ, وَكَانَ أَفْضَلَ أَهْلِ زَمَانِهِ2.
قُلْتُ: وَهُوَ خَالُ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ مَوْلِدُهُ: فِي خِلاَفَةِ مُعَاوِيَةَ, وَأَنَا أَتَعَجَّبُ كَيْفَ لَمْ يَحْمِلْ، عَنْ جَابِرٍ وَسَهْلِ بنِ سَعْدٍ؟!
وَقَدْ طَلَبَهُ الخَلِيْفَةُ الفَاسِقُ الوَلِيْدُ بنُ يَزِيْدَ الى الشام في جماعة لِيَسْتَفْتِيَهُم, فَأَدْرَكَهُ أَجَلُهُ بِحَوْرَانَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ وَهُوَ فِي عَشْرِ السَّبْعِيْنَ.
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي المَعَالِي أَحْمَدَ بنِ إِسْحَاقَ, أَخْبَرَكُم مُحَمَّدُ بنُ أَبِي الفَرَجِ هِبَةِ اللهِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ, أَخْبَرَنَا عَمِّي مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ الدِّيْنَوَرِيُّ, أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بنُ الحَسَنِ, أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بن محمد بن مهدي, حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ القَاضِي, حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ, حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: "حاضت صفية بنت حيي بعدما أَفَاضَتْ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: أَحَابِسَتُنَا هِيَ? فَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ إِنَّهَا قَدْ أَفَاضَتْ ثُمَّ حَاضَتْ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ: "فَلْتَنْفِرْ إِذاً" 3.
وَبِهِ, إِلَى الزَّعْفَرَانِيِّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ القَاسِمِ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِثْلَهُ إلَّا أَنَّهُ قَالَ: "فَلاَ إِذاً" 4.
أَخْرَجَ الأَوَّلَ: النَّسَائِيُّ, وَالثَّانِيَ: مسلم, كلاهما من حديث ابن عيينة.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "5/ ترجمة 1086"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 238" و"2/ 280-281" و"3/ 28" الجرح والتعديل "5/ ترجمة 1324"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 112"، الكاشف "2/ ترجمة 3334"، تاريخ الإسلام "5/ 102"، تهذيب التهذيب "6/ 254"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4219"، شذرات الذهب "1/ 171".
2 صحيح: أخرجه البخاري "1754" حدثنا علي بن عبد الله، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
القَاسِمِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ -وَكَانَ أَفْضَلَ أَهْلِ زَمَانِهِ- يقول: سمعت عائشة -رضي الله عنها- تَقُوْلُ: طَيَّبْتُ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِي هاتين حِيْنَ أَحْرَمَ، وَلِحِلِّهِ حِيْنَ أَحَلَّ قَبْلَ أَنْ يطوف، وبسطت يدها".
3 صحيح: أخرجه أحمد "6/ 82"، والبخاري "4401"، ومسلم "1211"، من طريق الزهري، عن أبي سلمة وعروة، عن عائشة، به، وأخرجه الشافعي في "مسنده" "1/ 367"، وأحمد "6/ 38 و164"، وابن ماجه "3072"، وابن خزيمة "3002"، وابن الجارود "496"، والطحاوي "2/ 234"، والبيهقي "5/ 162" من طرق عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، به.
4 صحيح: أخرجه مسلم "1211" "383" من طريق سفيان، عن عبد الرحمن بن القاسم، به.

(6/188)


832- سالم أبو النضر 1: "ع"
سَالِمٌ, أَبُو النَّضْرِ بنُ أَبِي أُمَيَّةَ المَدَنِيُّ, كَاتِبُ عُمَرَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ التَّيْمِيِّ, وَمَوْلاَهُ.
حَدَّثَ عَنْ: أَنَسِ بنِ مَالِكٍ, وَعُبَيْدِ بنِ حنين, وبسر بن سعيد, وسليمان بن يَسَارٍ, وَعُمَيْرٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ, وَعَامِرِ بنِ سعد وكتب إليه بحديث عبد الله ابن أَبِي أَوْفَى -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وَهُوَ مُخَرَّجٌ فِي" الصَّحِيْحَيْنِ" وَهُوَ حَدِيْثُ: "لاَ تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ العَدُوِّ" 2.
رَوَى عَنْهُ: مُوْسَى بنُ عُقْبَةَ, وَعَمْرُو بنُ الحَارِثِ, وَمَالِكٌ, وَاللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ, وَالسُّفْيَانَانِ, وَفُلَيْحُ بنُ سُلَيْمَانَ, وَآخَرُوْنَ.
قَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: لَهُ نَحْوٌ مِنْ خَمْسِيْنَ حَدِيْثاً.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحٌ, ثِقَةٌ.
قِيْلَ: تُوُفِّيَ سَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ وَقَالَ أَبُو عبيد القاسم ابن سلام: توفي سنة ثلاث وثلاثين ومائة.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2139"، الكنى للدولابي "2/ 137"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 779"، تاريخ الإسلام "5/ 76"، الكاشف "1/ ترجمة 1783"، تهذيب التهذيب "3/ 431"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2313"، شذرات الذهب "1/ 176".
2 صحيح: أخرجه البخاري "3025"، ومسلم "1742" من طريق موسى بن عقبة، قال: حدثني سالم أبو النضر مولى عمر بن عبيد الله، كنت كاتبا له قال: كتب إليه عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي أَوْفَى أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: فذكره.
وورد عن أبي هريرة: أخرجه مسلم "1714".

(6/189)


الخلال، عبيد الله بن أبي جعفر:
833- الخلال 1:
الوَزِيْرُ القَائِمُ بِأَعْبَاءِ الدَّوْلَةِ السَّفَّاحِيَّةِ, أَبُو سَلَمَةَ حَفْصُ بنُ سُلَيْمَانَ الهَمْدَانِيُّ مَوْلاَهُم, الكُوْفِيُّ رَجُلٌ شَهْمٌ, سَائِسٌ شُجَاعٌ, مُتَمَوِّلٌ, ذُوْ مُفَاكَهَةٍ, وَأَدَبٍ, وَخِبْرَةٍ بِالأُمُوْرِ وَكَانَ صَيْرَفِيّاً2 أَنفَقَ أَمْوَالاً كَثِيْرَةً فِي إِقَامَةِ الدَّولَةِ, وَذَهَبَ إِلَى خُرَاسَانَ.
وَكَانَ أَبُو مُسْلِمٍ تَابِعاً لَهُ فِي الدَّعْوَةِ, ثُمَّ تُوُهِّمَ مِنْهُ مَيْلٌ إِلَى آلِ عَلِيٍّ عِنْدَمَا قَتَلَ مَرْوَانُ إِبْرَاهِيْمَ الإِمَامَ, فَلَمَّا قَامَ السَّفَّاحُ, وَزَرَ لَهُ وَفِي النَّفْسِ شَيْءٌ, ثُمَّ كَتَبَ أَبُو مُسْلِمٍ إِلَى السَّفَّاحِ يُحَسِّنُ لَهُ قَتْلَهُ, فَأَبَى, وَقَالَ: رَجُلٌ قَدْ بَذَلَ نَفْسَهُ وَمَالَهُ لَنَا. فَدَسَّ عَلَيْهِ أَبُو مُسْلِمٍ مَنْ سَافَرَ إِلَيْهِ وَقَتَلَهُ غِيْلَةً لَيْلاً بِالأَنْبَارِ فَإِنَّهُ خَرَجَ مِنَ السَّمَرِ مِنْ عِنْدِ الخَلِيْفَةِ فَشَدَّ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ فَقَتَلُوْهُ وَذَلِكَ بَعْدَ قِيَامِ السَّفَّاحِ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ فِي رَجَبِهَا.
وَتَحَدَّثَ العَوَامُّ أَنَّ الخَوَارِجَ قَتَلُوْهُ. وَكَانَ -سَامَحَهُ اللهُ- يُقَالَ لَهُ: وَزِيْرُ آلِ مُحَمَّدٍ وَكَانَ يَنْزِلُ دَربَ الخَلاَّلِيْنَ, فَعُرِفَ بِذَلِكَ وَفِيْهِ قِيْلَ:
إِنَّ الوَزِيْرَ وَزِيْرَ آلِ مُحَمَّدٍ ... أَوْدَى فَمَنْ يَشْنَاكَ صَارَ وَزِيْرَا
834- عُبَيْدُ اللهِ بنُ أَبِي جعفر 3: "ع"
الإِمَامُ, الحَافِظُ, فَقِيْهُ مِصْرَ, أَبُو بَكْرٍ المِصْرِيُّ, الكِنَانِيُّ مَوْلاَهُم, اللَّيْثِيُّ وَقِيْلَ: وَلاَؤُهُ لِبَنِي أُمَيَّةَ وَاسْمُ أَبِيْهِ: يَسَارٌ.
قَالَ ابْنُ مَاكُوْلاَ: يَسَارٌ مَوْلَى عُرْوَةَ بنِ شُيَيْمٍ اللَّيْثِيِّ, رَأَى عَبْدَ اللهِ بنَ الحَارِثِ بنِ جَزْءٍ الصَّحَابِيَّ.
وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِي سَلَمَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ والشعبي, وعطاء, وعبد الرحمن ابن هُرْمُزَ الأَعْرَجِ, وَحَمْزَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ, وَنَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ, وَأَبِي الأَسْوَدِ يتيم عروة, وأبي
__________
1 ترجمته في وفيات الأعيان "2/ ترجمة 201"، شذرات الذهب لابن العماد "1/ 191".
2 الصيرفي: المحتال المتقلب في أموره المتصرف في الأمور المجرب لها، قال سويد أبي كاهل اليشكري ولسانا صيرفيا صارما.... كحسام السيف مامس قطع.
3 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 514"، التاريخ الكبير "5/ ترجمة 1197"، المعرفة والتاريخ "2/ 463"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 1478"، الكاشف "2/ ترجمة 3585"، ميزان الاعتدال "3/ 4"، تاريخ الإسلام "5/ 272"، تهذيب التهذيب "7/ 5"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4534"، شذرات الذهب "1/ 190".

(6/190)


عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحُبُلِيِّ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي قَتَادَةَ, وَمُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرِ بنِ الزُّبَيْرِ, وَسَالِمِ بنِ أَبِي سَالِمٍ الجَيْشَانِيِّ, وَبُكَيْرِ بنِ الأَشَجِّ, وطائفة.
وَعَنْهُ: عَمْرُو بنُ مَالِكٍ الشَّرْعَبِيُّ, وَعُمَارَةُ بنُ غَزِيَّةَ, وَسَعِيْدُ بنُ أَبِي أَيُّوْبَ, وَحَيْوَةُ بنُ شُرِيْحٍ, وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ شُرَيْحٍ, وَابْنُ إِسْحَاقَ, وَيَحْيَى بنُ أَيُّوْبَ, وَاللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ, وَابْنُ لَهِيْعَةَ, وَعَمْرُو بنُ الحَارِثِ, وَخَالِدُ بنُ حُمَيْدٍ المَهْرِيُّ, وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ, كَانَ يَتَفَقَّهُ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ, بَابَةُ1 يَزِيْدَ بنِ أَبِي حَبِيْبٍ وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: ثِقَةٌ, فَقِيْهُ زَمَانِه. وَقَالَ أَبُو نَصْرٍ الكَلاَبَاذِيُّ: كَانَ فَقِيْهاً فِي زَمَانِهِ وَقَالَ ابْنُ يُوْنُسَ: كَانَ عَالِماً, زَاهِداً, عَابِداً.
سَعِيْدُ بنُ زَكَرِيَّا الأَدَمُ: كَانَ سُلَيْمَانُ بنُ أَبِي دَاوُدَ يَقُوْلُ: مَا رَأتْ عَيْنَايَ عَالِماً زَاهِداً إلَّا عُبَيْدَ اللهِ بنَ أَبِي جَعْفَرٍ.
وَرَوَى إِبْرَاهِيْمُ بنُ نَشِيْطٍ الوَعْلاَنِيُّ2، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ أَبِي جَعْفَرٍ, قَالَ: كَانَ يُقَالُ: مَا اسْتَعَانَ عَبْدٌ عَلَى دِيْنِه بِمِثْلِ الخَشْيَةِ مِنَ اللهِ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ شُرَيْحٍ: عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ أَبِي جَعْفَرٍ, قَالَ: غَزَوْنَا القُسْطَنْطِيْنِيَّةَ فَكُسِرَ بِنَا مَركَبُنَا, فَأَلْقَانَا المَوجُ عَلَى خَشَبَةٍ فِي البَحْرِ, وَكُنَّا خَمْسَةً أَوْ سِتَّةً, فَأَنبَتَ اللهُ لَنَا بَعَدَدِنَا وَرَقَةً لِكُلِّ رَجُلٍ مِنَّا فَكُنَّا نَمُصُّهَا فَتُشبِعُنَا وَتَروِينَا فَإِذَا أَمْسَينَا أَنبَتَ اللهُ لَنَا مَكَانَهَا.
قَالَ رِشْدِيْنُ بنُ سَعْدٍ: حَدَّثَنَا الحَجَّاجُ بنُ شَدَّادٍ: سَمِعَ عُبَيْدَ اللهِ بنَ أَبِي جَعْفَرٍ -وَكَانَ أَحَدَ الحُكَمَاءِ- قَالَ: إِذَا كَانَ المَرْءُ يُحَدِّثُ فِي مَجْلِسٍ فَأَعْجَبَه الحَدِيْثُ فَلْيُمْسِكْ وَإِذَا كَانَ سَاكِتاً فَأَعْجَبَه السُّكُوتُ فَلْيَتَحَدَّثْ.
قَالَ ابْنُ لَهِيْعَةَ: وُلدَ ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ سَنَةَ سِتِّيْنَ, وَهُوَ مِنْ سَبْيِ طَرَابُلُسَ المَغْرِبِ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: تُوُفِّيَ مَدْخَلَ المُسَوَّدَةِ يَعْنِي: بَنِي العَبَّاسِ- فِي ذي الحجة سنة اثنتين
__________
1 بابة: أي في منزلة. قال ابن السكيت وغيره: البابة عند العرب: الوجه والبابات: الوجوه. وأنشد بيت تميم بن مقبل:
تخير بابات الكتاب هجائيا
قال معناه: تخير هجائي من وجوه الكتاب، ويقال هذا شيء من بابتك أي يصلح لك.
2 نسبة إلى وعلان، وهي بطن من مراد.

(6/191)


وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ, وَصَلَّى عَلَيْهِ: أَبُو عَوْنٍ عَبْدُ المَلِكِ بنُ يَزِيْدَ أَمِيْرُ مِصْرَ وَقَالَ خَلِيْفَةُ: مَاتَ سنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَقِيْلَ: سَنَةَ خَمْسٍ أَوْ سِتٍّ وَقَالَ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ مَرَّةً: لَيْسَ بِالقَوِيِّ وَاسْتَنكَرَ لَهُ حَدِيْثاً ثَابِتاً فِي "الصَّحِيْحَيْنِ" فِي: "مَنْ مات وعليه صوم صام عنه وليه" 1.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "1952"، ومسلم "1147"، وأبو داود "2400".

(6/192)


835- مغيرة 2: "ع"
مغيرة بن مقسم, الإِمَامُ, العَلاَّمَةُ, الثِّقَةُ, أَبُو هِشَامٍ الضَّبِّيُّ مَوْلاَهُم, الكُوْفِيُّ الأَعْمَى الفَقِيْهُ يُلْحَقُ بِصِغَارِ التَّابِعِيْنَ, لَكِنِّي لَمْ أَعْلَمْ لَهُ شَيْئاً، عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي وَائِلٍ, وَمُجَاهِدٍ, وَإِبْرَاهِيْمَ النَّخَعِيِّ, وَالشَّعْبِيِّ, وَعِكْرِمَةَ, وَأُمِّ مُوْسَى سُرِّيَّةِ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وَأَبِي رَزِيْنٍ الأَسَدِيِّ, وَنُعَيْمِ بنِ أَبِي هِنْدٍ, وَمَعَبْدِ بنِ خَالِدٍ, وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي نُعْمٍ, وَأَبِي مَعْشَرٍ زِيَادِ بنِ حَبِيْبٍ, وَالحَارِثِ العُكْلِيِّ, وَسَعْدِ بنِ عُبَيْدَةَ, وَسِمَاكِ بنِ حَرْبٍ, وَعِدَّةٍ.
رَوَى عَنْهُ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ -أَحَدُ التَّابِعِيْنَ- وَشُعْبَةُ, وَالثَّوْرِيُّ, وَزَائِدَةُ, وَزُهَيْرٌ, وَأَبُو عَوَانَةَ, وَهُشَيْمٌ, وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ, وَإِسْرَائِيْلُ, وَالحَسَنُ بنُ صَالِحٍ, وَسُعَيْرُ بنُ الخِمْسِ, وَمُفَضَّلُ بنُ مُهَلْهِلٍ, وَأَبُو الأَحْوَصِ, وَجَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمَيْدِ, وَأَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ, وَخَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الطَّحَّانُ, وَعُمَرُ بنُ عُبَيْدٍ, وَعَبْثَرُ بنُ القَاسِمِ, وَالمُفَضَّلُ بنُ مُحَمَّدٍ النَّحْوِيُّ, وَمَنْصُوْرُ بنُ أَبِي الأَسْوَدِ, وَمُحَمَّدُ بنُ فُضَيْلٍ, وَخَلْقٌ.
رَوَى حَجَّاجُ بنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ شُعْبَةَ قَالَ: كَانَ مُغِيْرَةُ أَحْفَظَ مِنَ الحَكَمِ. وَفِي رِوَايَةٍ: أَحْفَظَ مِنْ حَمَّادٍ.
وَرَوَى نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ، عَنِ ابْنِ فُضَيْلٍ قَالَ: كَانَ مُغِيْرَةُ يُدَلِّسُ, وَكُنَّا لاَ نَكْتُبُ إلَّا مَا قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ: كَانَ مُغِيْرَةُ مِنْ أَفْقَهِهِم مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَفْقَه منه فلزمته.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "1952"، ومسلم "1147"، وأبو داود "2400".
2 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 337"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 1381"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 1030"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 136"، الكاشف "3/ ترجمة 5701"، تاريخ الإسلام "5/ 302"، ميزان الاعتدال "4/ 165-166"، تهذيب التهذيب "10/ 269"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7164"، شذرات الذهب "1/ 191".

(6/192)


قَالَ يَحْيَى بنُ المُغِيْرَةِ، عَنْ جَرِيْرِ بنِ عَبْدِ الحَمِيْدِ, قَالَ: قَالَ مُغِيْرَةُ: مَا وَقَعَ فِي مَسَامعِي شَيْءٌ فَنَسِيتُه.
قُلْتُ: هَذَا -وَاللهِ- الحِفظُ, لاَ حِفْظُ مَنْ دَرَسَ كِتَاباً مَرَّاتٍ عِدَّةً حَتَّى عَرَضَه, ثُمَّ تَخَبَّطَ عَلَيْهِ, ثُمَّ دَرَسَه وَحَفِظَه, ثُمَّ نَسِيَه, أَوْ أَكْثَرَه.
قَالَ مُعْتَمِرُ بنُ سُلَيْمَانَ: كَانَ أَبِي يَحُثُّنِي عَلَى حَدِيْثِ المُغِيْرَةِ, وَكَانَ عِنْدَه كِتَابٌ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ مَأْمُوْنٌ.
وَرَوَى أَبُو حَاتِمٍ، عَنْ يَحْيَى, قَالَ: كَانَ مُغِيْرَةُ أَحْفَظَ مِنْ حَمَّادِ بنِ أَبِي سُلَيْمَانَ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَأَلْتُ أَبِي: مُغِيْرَةُ، عَنِ الشَّعْبِيِّ أَحَبُّ إِلَيْكَ, أَمِ ابْنُ شُبْرُمَةَ؟ فَقَالَ: جَمِيْعاً ثِقَتَانِ.
قَالَ العِجْلِيُّ: مُغِيْرَةُ ثِقَةٌ, فَقِيْهٌ إلَّا أَنَّهُ كَانَ يُرسِلُ الحَدِيْثَ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ, وَإِذَا وُقِّفَ أَخْبَرَهُم مِمَّنْ سَمِعَهُ وَكَانَ مِنْ فُقَهَاءِ أَصْحَابِ إِبْرَاهِيْمَ, وَكَانَ أَعْمَى, وَكَانَ عُثْمَانِيّاً يَحْمِلُ بَعْضَ الحِملِ عَلَى عَلِيٍّ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: سَمِعَ مُغِيْرَةُ مِنْ أَبِي وَائِلٍ, وَمِنْ أَبِي رَزِيْنٍ, وَسَمِعَ مِنْ إِبْرَاهِيْمَ مائَةً وَثَمَانِيْنَ حَدِيْثاً إِلَى أَنْ قَالَ, وَمُغِيْرَةُ لاَ يُدَلِّسُ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَالَ جَرِيْرٌ: جَلَسْتُ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ فَقَالَ: إِنَّمَا سَمِعَ مُغِيْرَةُ مِنْ إِبْرَاهِيْمَ أَرْبَعَةَ أَحَادِيْثَ فَلَمْ أَقُلْ شَيْئاً.
قَالَ عَلِيٌّ: وَكِتَابُ جَرِيْرٍ، عَنْ مُغِيْرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ مائَةُ حَدِيْثٍ سَمَاعٍ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: أَدخَلَ مُغِيْرَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ إِبْرَاهِيْمَ قَرِيْباً مِنْ عِشْرِيْنَ رَجُلاً وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ جَرِيْرٌ، عَنْ مُغِيْرَةَ: إِنِّي لأَحتَسِبُ اليَوْمَ فِي مَنْعِيَ الحَدِيْثَ كَمَا يَحتَسِبُوْنَ فِي بَذلِه.
وَرَوَى جَرِيْرٌ عَنْهُ قَالَ: إِذَا تَكَلَّمَ اللِّسَانُ بِمَا لاَ يَعْنِيْهِ قَالَ: القَفَا وَاحَرْبَاهُ!.
قَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ, وَأَحْمَدُ: مَاتَ سنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ. وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: سنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ.
قَرَأْتُ بِبَعْلَبَكَّ عَلَى أَبِي الحُسَيْنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ, وَعَبْدُ الوَلِيِّ بنُ رَافِعٍ الخَطِيْبِ, وَسَمِعْتُه بِدِمَشْقَ مِنْ عِيْسَى بنِ بَرَكَةَ, وَأَحْمَدَ بنِ هِبَةِ اللهِ, وَجَمَاعَةٌ قَالُوا: أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ،

(6/193)


أَنْبَأَنَا سَعِيْدُ بنُ أَحْمَدَ حُضُوْراً، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ زُنْبُوْرٍ, حَدَّثَنَا يحي بنُ صَاعِدٍ, حَدَّثَنَا زِيَادُ بنُ أَيُّوْبَ, حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ حَدَّثَنَا مُغِيْرَةُ، عَنْ شِبَاكٍ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ هُنَيِّ بنِ نُوَيْرَةَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ أَعَفَّ النَّاسِ قِتْلَةً أَهْلُ الإِيْمَانِ" 1 تَابَعَهُ شُعْبَةُ، عَنْ مُغِيْرَةَ أَخْرَجَهُ أبو داود، عن زياد.
__________
1 حسن لغيره: أخرجه الطيالسي "274"، وأحمد "1/ 393"، والبيهقي في "السنن" "8/ 61" من طريق المغيرة، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ هُنَيِّ بنِ نُوَيْرَةَ، عَنْ علقمة، عن عبد الله، به مرفوعا.
قلت: إسناده ضعيف، فيه علتان: الأولى: المغيرة، وهو ابن مقسم الضبي، ثقة متقن، من رجال الشيخين، إلا أنه يدلس وبخاصة عن إبراهيم، وهو ابن يزيد النخعي، وقد عنعنه. العلة الثانية: هني بن نويرة، مجهول، لذا قال الحافظ في "التقريب" مقبول.
لكن الحديث قد ورد بواسطة شباك الضبي بين المغيرة بن مقسم، وإبراهيم بن يزيد النخعي، فقد أخرجه ابن أبي شيبة "9/ 420"، وأبو داود "2666"، وابن ماجه "2682"، وأبو يعلى "4973" و"4974". والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "3/ 183"، والبيهقي في "السنن" "9/ 71"، من طريق المغيرة، عن شباك، عن إبراهيم، عن هني بن نويرة، به.
قلت: إسناده ضعيف، آفته بن نويرة، مجهول كما علمت.
وأخرجه ابن ماجه "2681" عن يعقوب بن إبراهيم الدورقي، عن هشيم، عن مغيرة، عن شباك، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، به.
قلت: ولم يذكر هنيا، وزاد شباكا، لكن هشيما وإن كان ثقة ثبتا، لكنه كان كثير التدليس والإرسال الخفي، فالإسناد ضعيف، لكن الحديث يرتقى للحسن بمجموع الطريقين والله أعلم. وقد ورد الحديث موقوفا على عبد الله بن مسعود: عند عبد الرزاق "18232"، ومن طريقه الطبراني في "الكبير" "9737" عن الثوري، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن ابن مسعود موقوفا. وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، وأخرجه ابن أبي شيبة "9/ 420"، من طريق حفص، عن الأعمش، عن إبراهيم أنه مر على ابن مكعبر وقد قطع زياد يديه ورجليه، فقال سمعت عبد الله يقول: "إن أعف الناس قتلة أهل الإيمان".

(6/194)


836- عاصم بن سليمان 1: "ع"
الإِمَامُ, الحَافِظُ, مُحَدِّثُ البَصْرَةِ, أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ البَصْرِيُّ, الأَحْوَلُ, مُحْتَسِبُ المَدَائِنِ قِيْلَ: وَلاَؤُهُ لِتَمِيْمٍ وَقِيْلَ: لِبَنِي أُمَيَّةَ.
رَوَى عَنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ سَرْجِسَ, وَأَنَسِ بنِ مَالِكٍ وَعَنْ: رُفَيْعٍ أَبِي العَالِيَةِ, وَمُعَاذَةَ, وَحَفْصَةَ بِنْتِ سِيْرِيْنَ, وَعَمْرِو بنِ سَلَمَةَ الجَرْمِيِّ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ شَقِيْقٍ العُقَيْلِيِّ, وَأَبِي قِلاَبَةَ, وَالشَّعْبِيِّ, وَالنَّضْرِ بنِ أَنَسٍ, وَأَبِي نَضْرَةَ, وَأَبِي الصِّدِّيْقِ النَّاجِي, وَبَكْرٍ المُزَنِيِّ, وَسَوَادَةَ بنِ عَاصِمٍ, وَأَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ وَالحَسَنِ وَابْنِ سِيْرِيْنَ, وَأَبِي المُتَوَكِّلِ النَّاجِي, وَأَبِي الوليد عبد الله بن يُوْسُفَ بنِ عَبْدِ اللهِ, وَخَلْقٍ سِوَاهُم. وَكَانَ مِنَ الحُفَّاظِ المَعْدُوْدِيْنَ.
رَوَى عَنْهُ: قَتَادَةُ, وَدَاوُدُ بنُ أَبِي هِنْدٍ, وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ, وَشُعْبَةُ, وَشَرِيْكٌ, وَمَعْمَرٌ, وَهُشَيْمٌ, وَثَابِتُ بنُ يَزِيْدَ الأَحْوَلُ, وَالحَسَنُ بنُ حَيٍّ, وَحَمَّادُ بنُ زَيْدٍ, وَحَفْصُ بنُ غِيَاثٍ, وَابْنُ عُلَيَّةَ, وَجَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ, وزهير, والسفيانات, وَعَبَّادُ بنُ عَبَّادٍ, وَأَبُو مُعَاوِيَةَ, وَعَلِيُّ بنُ مُسْهِرٍ, وَابْنُ فُضَيْلٍ, وَمَرْوَانُ بنُ مُعَاوِيَةَ, وَيَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ, وَعَبْدُ اللهِ بنُ نُمَيْرٍ, وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: لَهُ نَحْوُ مائَةٍ وَخَمْسِيْنَ حَدِيْثاً.
قَالَ عَلِيٌّ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ يَقُوْلُ: عَاصِمٌ الأَحْوَلُ لَمْ يَكُنْ بِالحَافِظِ.
وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: كَانَ يَحْيَى القَطَّانُ يُضَعِّفُ عَاصِماً الأَحْوَلَ.
وَقَالَ حَجَّاجُ بنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ شُعْبَةَ: عَاصِمٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ قَتَادَةَ فِي أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ لأَنَّهُ أَحْفَظَهُمَا.
ابْنُ المُبَارَكِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ قَالَ: أَدْرَكْتُ حُفَّاظَ النَّاسِ أَرْبَعَةً إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ وَعَاصِمٌ الأَحْوَلُ وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ قَالَ: وَأَرَى هِشَاماً الدَّسْتُوَائِيَّ مِنْهُم وَرَوَى نَوْفَلُ بنُ مُطَهِّرٍ، عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ، عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: حُفَّاظُ البَصْرَةِ ثَلاَثَةٌ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ وَعَاصِمٌ الأَحْوَلُ وَدَاوُدُ بنُ أَبِي هِنْدٍ. وَقَالَ: حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ إِذَا قَالَ عَاصِمٌ زَعَمَ فَهُوَ الَّذِي لَيْسَ بِشَكٍّ.
وَقَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: كَانَ عَاصِمٌ الأَحْوَلُ مِنْ حُفَّاظِ أَصْحَابِه.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ وَابْنُ مَعِيْنٍ وَأَبُو زرعة وطائفة: ثقة ووثقه: علي ابن المَدِيْنِيِّ وَقَالَ مَرَّةً: ثَبْتٌ.
وَقَالَ يَحْيَى القَطَّانُ وابن مثنى وغيرهما: مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى أَوِ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ: مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلاَثٍ وأربعين ومائة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 256 و319"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 3058"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1900"، الأنساب "للسمعاني "1/ 149" و"10/ 493"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 144"، الكاشف "2/ ترجمة 2524"، تاريخ الإسلام "6/ 86"، ميزان الاعتدال "2/ 350"، تهذيب التهذيب "5/ 42"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3228"، شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "1/ 210".

(6/195)


أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ, أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُخْتَارٍ "ح" وَأَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بنُ مُنَيْرٍ قَالاَ، أَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ, أَخْبَرَنَا القَاسِمُ بنُ الفَضْلِ, أَخْبَرَنَا هِلاَلُ بنُ مُحَمَّدٍ, حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ عَيَّاشٍ, حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ المِقْدَامِ, حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَاصِمِ بنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ سَرْجِسَ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ جَالِسٌ فِي أَصْحَابِهِ, فَدُرْتُ مِنْ خَلْفِهِ, فَعَرَفَ الَّذِي أُرِيْدُ, فَأَلْقَى الرِّدَاءَ، عَنْ ظَهْرِه فَرَأَيْتُ مَوْضِعَ الخَاتَمِ عَلَى نُغْضِ كَتِفِه مِثْلَ الجُمْعِ حَوْلَه خِيْلاَنُ كَأَنَّهَا الثَّآلِيْلُ فَرَجَعتُ حَتَّى اسْتَقبَلْتُه فَقُلْتُ غَفَرَ اللهُ لَكَ يَا رَسُوْلَ اللهِ فَقَالَ: "وَلَكَ" فَقَالَ القَوْمُ اسْتَغْفرَ لَكَ رَسُوْلُ اللهِ فَقَالَ: نَعَمْ وَلَكُم ثم تلا {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات} [محمد: 19] 1.
__________
1 صحيح: أخرجه مسلم "2346"، وأحمد "5/ 82" من طريق عاصم بن سليمان به. وقوله: نغض الكتف". أعلى الكتف. وقيل: هو العظم الرقيق الذي على طرفه وقيل: مايظهر منه عند التحرك. سمى ناغضا لتحركه. الجمع: معناه أنه كجمع الكف وهو صورته بعد أن تجمع الأصابع وتضمها.
قوله: "خيلان": جمع خال. وهو الشامة في الجسد.
قوله: "الثآليل": جمع ثؤلول. وهو حبيبات تعلو الجسد.
قال القاضي عياض: وهذه الروايات متقاربة متفقة على أنها شاخص في جسده قدر بيضة الحمامة، ونحو بيضة الحجلة وزر الحجلة. والمعنى هنا أنها على هيئة جمع الكف لكنه أصغر منه في قدر بيضة الحمامة.

(6/196)


837- أيوب السختياني 1: "ع"
الإِمَامُ, الحَافِظُ سَيِّدُ العُلَمَاءِ, أَبُو بَكْرٍ بن أبي تميمة كيسان العنزي مَوْلاَهُم, البَصْرِيُّ, الآدَمِيُّ وَيُقَالُ: وَلاَؤُهُ لِطَهِيِّةَ. وَقِيْلَ: لِجُهَيْنَةَ. عِدَادُه فِي صِغَارِ التَّابعِيْنَ.
سَمِعَ مِنْ أَبِي بُرَيْدٍ عَمْرِو بنِ سَلِمَةَ الجَرْمِيِّ, وَأَبِي عثمان النهدي, وسعيد ابن جُبَيْرٍ, وَأَبِي العَالِيَةِ الرِّيَاحِيِّ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ شَقِيْقٍ, وَأَبِي قِلاَبَةَ الجَرْمِيِّ, وَمُجَاهِدِ بنِ جَبْرٍ, وَالحَسَنِ البَصْرِيِّ, وَمُحَمَّدِ بنِ سِيْرِيْنَ, وَمُعَاذَةَ العَدَوِيَّةِ, وَقَيْسِ بنِ عَبَايَةَ الحَنَفِيِّ, وَأَبِي رَجَاءٍ عِمْرَانَ بن ملحان العطاردي وعكرمة مولى بن عَبَّاسٍ, وَأَبِي مِجْلَزٍ لاَحِقِ بنِ حُمَيْدٍ, وَحَفْصَةَ بنت سيرين, ويوسف ابن مَاهَكَ, وَعَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ, وَنَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ, وَأَبِي الشَّعْثَاءِ جَابِرِ بنِ زَيْدٍ, وَحُمَيْدِ بنِ هِلاَلٍ, وَأَبِي الوَلِيْدِ عَبْدِ اللهِ بن الحارث, والأعرج, وعمرو ابن شُعَيْبٍ, وَالقَاسِمِ بنِ عَاصِمٍ, وَالقَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ, وابن أبي مليكة, وقتادة, وخلق سواهم.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 246"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 915"، حلية الأولياء "3/ 2- 14"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 117"، تهذيب التهذيب "1/ 397"، شذرت الذهب لابن العماد "1/ 181".

(6/196)


حَدَّثَ عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ سِيْرِيْنَ, وَعَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ, وَالزُّهْرِيُّ, وَقَتَادَةُ -وَهُم مِنْ شُيُوْخِهِ- وَيَحْيَى بن أبي كَثِيْرٍ, وَشُعْبَةُ, وَسُفْيَانُ, وَمَالِكٌ, وَمَعْمَرٌ, وَعَبْدُ الوَارِثِ, وَحَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ, وَسُلَيْمَانُ بنُ المُغِيْرَةِ, وَحَمَّادُ بنُ زَيْدٍ, وَمُعْتَمِرُ بنُ سُلَيْمَانَ, وَوُهَيْبٌ, وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عَمْرٍو, وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عُلَيَّةَ, وَعَبْدُ السَّلاَمِ بنُ حَرْبٍ, وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطفاوي, ونوح بن قيس الحداني, وهشيم ابن بَشِيْرٍ, وَيَزِيْدُ بنُ زُرَيْعٍ, وَخَالِدُ بنُ الحَارِثِ, وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ, وَعَبْدُ الوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ, وَأُمَمٌ سِوَاهُم.
مَوْلِدُه عَامَ تُوُفِّيَ ابْنُ عَبَّاسٍ, سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ. وَقَدْ رَأَى أَنَسَ بنَ مَالِكٍ, وَمَا وَجَدْنَا لَهُ عَنْهُ رِوَايَةً, مَعَ كَوْنِه مَعَهُ فِي بَلَدٍ وَكَونِه أَدْرَكَه وَهُوَ ابْنُ بِضْعٍ وَعِشْرِيْنَ سَنَةً.
قَرَأْتُ عَلَى إِسْحَاقُ بنُ أَبِي بَكْرٍ، أَنْبَأَنَا ابْنُ خَلِيْلٍ، أَنْبَأَنَا اللَّبَّانُ، أَنْبَأَنَا الحَدَّادُ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ, حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ, حَدَّثَنِي عَبَّاسٌ النَّرْسِيُّ, حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ, حَدَّثَنَا الجَعْدُ أَبُو عُثْمَانَ سَمِعْتُ الحَسَنَ يَقُوْلُ: أَيُّوْبُ سَيِّدُ شَبَابِ أَهْلِ البَصْرَةِ.
وَبِهِ إِلَى أَبِي نُعَيْمٍ, حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الصَّوَّافُ, حَدَّثَنَا بِشْرٌ, حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ, قَالَ: لَقِيَ ابْن عُيَيْنَةَ سِتَّةً وَثَمَانِيْنَ مِنَ التَّابِعِيْنَ وَكَانَ يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَ أَيُّوْبَ.
حَدَّثَنَا حَبِيْبُ بنُ الحَسَنِ, حَدَّثَنَا يُسْرُ بنُ أَنَسٍ البَغْدَادِيُّ, حَدَّثَنَا أَبُو يُوْنُسَ المَدِيْنِيُّ, حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بنُ مُحَمَّدٍ سَمِعْتُ مَالِكاً يَقُوْلُ: كُنَّا نَدْخُلُ عَلَى أَيُّوْبَ السِّخْتِيَانِيِّ, فَإِذَا ذَكرْنَا لَهُ حَدِيْثَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَكَى حَتَّى نَرحَمَه.
حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدٍ بنُ جَبَلَةَ, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ الصَّبَّاحِ, حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ عَامِرٍ، عَنْ سَلاَمٍ قَالَ: كَانَ أَيُّوْبُ السِّخْتِيَانِيُّ يَقُوْمُ اللَّيلَ كُلَّه فَيُخفِي ذَلِكَ فَإِذَا كَانَ عِنْدَ الصُّبْحِ رَفعَ صَوْتَه كَأَنَّهُ قَامَ تِلْكَ السَّاعَةَ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ, حَدَّثَنَا الفِرْيَابِيُّ, حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ, حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ, حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ سَمِعْتُ أَيُّوْبَ وقيل له: مالك لاَ تَنْظُرُ فِي هَذَا يَعْنِي الرَّأْيَ فَقَالَ: قِيْلَ لِلْحِمَارِ إلَّا تَجْتَرُّ? فَقَالَ: أَكْرَهُ مَضْغَ البَاطِلِ.
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ, حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ, حَدَّثَنَا عَارِمٌ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ, قَالَ: مَا رَأَيْتُ رَجُلاً قَطُّ أَشَدَّ تَبُسُّماً فِي وَجُوْهِ الرِّجَالِ مِنْ أَيُّوْبَ.
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الجُذُوْعِيُّ, حَدَّثَنَا هُدْبَةُ, حَدَّثَنَا سَلاَّمُ بنُ مِسْكِيْنٍ: سَمِعْتُ أَيُّوْبَ يَقُوْلُ: لاَ خَبِيْثَ أخبث من قارىء فاجر.

(6/197)


قَالَ أَبُو أَحْمَدَ فِي "الكُنَى": أَيُّوْبُ رَوَى عَنْهُ: ابْنُ سِيْرِيْنَ, وَقَتَادَةُ, وَحُمَيْدٌ الطَّوِيْلُ, وَالأَعْمَشُ, وَعَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ, وَابْنُ عَوْنٍ, وَيَحْيَى بنُ أَبِي كَثِيْرٍ وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ, وَمَالِكُ بنُ أَنَسٍ.
أَخْبَرَنَا الفَخْرُ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ وَغَيْرُهُ, قَالاَ: أَنْبَأَنَا ابْنُ طَبَرْزَدْ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ الحَافِظُ أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ هَزَارَمَرْدَ أَخْبَرَنَا ابْنُ حَبَابَةَ أَخْبَرَنَا البَغَوِيُّ, حَدَّثَنَا عَمِّي, حَدَّثَنَا عَارِمٌ, حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ قَالَ: وُلدَ أَيُّوْبُ قَبْلَ طَاعُوْنِ الجَارِفِ بِسَنَةٍ.
قَالَ البَغَوِيُّ: بَلَغَنِي أَنَّ مَولِدَ أَيُّوْبَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ.
قُلْتُ: وَكَانَ الطَّاعُوْنُ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ يُقَالَ: مَاتَ بِالبَصْرَةِ فِيْهِ فِي ثَلاَثَةِ أيام أو نحوها مئتا أَلْفِ نَفْسٍ.
وَبِهِ قَالَ البَغَوِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ غِيَاثٍ, حَدَّثَنَا حَمَّادٌ قَالَ رَأَيْتُ أَيُّوْبَ وَضَعَ يَدَه عَلَى رَأْسِهِ وَقَالَ الحَمْدُ للهِ الَّذِي عَافَانِي مِنَ الشِّرْكِ لَيْسَ بَيْنِي وبينهإلَّا أَبُو تَمِيْمَةَ.
وَبِهِ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ حَدَّثَنَا مَيْمُوْنٌ الغَزَّالُ قَالَ جَاءَ أَيُّوْبُ فَسَأَل الحَسَنَ، عَنْ أَشْيَاءَ فَلَمَّا قَامَ قَالَ لَنَا الحَسَنُ هَذَا سَيِّدُ الفِتْيَانِ.
وَعَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ قَالَ: قَالَ الحَسَنُ لأَيُّوْبَ: هَذَا سَيِّدُ شَبَابِ أَهْلِ البَصْرَةِ.
وَبِهِ أَخْبَرَنَا الصَّلْتُ بنُ مَسْعُوْدٍ, حَدَّثَنَا سُفْيَانُ سَمِعْتُ هِشَامَ بنَ عُرْوَةَ يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ بِالبَصْرَةِ مِثْلَ أيوب السختياني, ولا بالكوفة مثل مسعر.
وَبِهِ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى, حَدَّثَنَا الوَلِيْدُ سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُوْلُ حَدَّثَنِي أَيُّوْبُ سَيِّدُ الفُقَهَاءِ.
وَبِهِ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، عَنْ شُعْبَةَ مَا رَأَيْتُ قَطُّ مِثْلَ أَيُّوْبَ وَيُوْنُسَ وَابْنِ عَوْنٍ.
وَعَنِ الثَّوْرِيِّ قَالَ: مَا رَأَيْتُ بِالبَصْرَةِ مِثْل أَرْبَعَةٍ فَبَدَأَ بِأَيُّوْبَ.
وَقَالَ أَبُو عَوَانَةَ: رَأَيْتُ النَّاسَ مَا رَأَيْتُ مِثْلَ هَؤُلاَءِ أَيُّوْبَ وَيُوْنُسَ وَابْنِ عَوْنٍ.
وَبِهِ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ مُسْلِمٍ, حَدَّثَنِي حِبَّانُ مَوْلَى بَنِي أُمَيَّةَ سَمِعْتُ سَلاَّمَ بنَ أَبِي مُطِيْعٍ يَقُوْلُ مَا فُقْنَا أَهْلَ الأَمصَارِ فِي عَصرٍ قَطُّ, إلَّا فِي زَمَنِ أَيُّوْبَ, وَيُوْنُسَ, وَابْنِ عَوْنٍ لَمْ يَكُنْ فِي الأَرْضِ مثلهم.

(6/198)


وَبِهِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ المَوْصِلِيُّ, حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: كَانَ أَيُّوْبُ لاَ يَقِفُ عَلَى آيَةٍ إلَّا إِذَا قَالَ: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِي} [الأَحْزَابُ: 56] سَكَتَ سَكتَةً.
وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ, حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوْبَ, قَالَ: أَدْرَكْتُ النَّاسَ هَا هُنَا, وَكَلاَمُهُم: إِنْ قُضِيَ وَإِنْ قُدِّرَ. وَكَانَ يَقُوْلُ: لِيتَّقِ اللهَ رَجُلٌ فَإِنْ زَهِدَ فَلاَ يَجْعَلَنَّ زُهْدَه عَذَاباً عَلَى النَّاسِ, فَلأَنْ يُخْفِيَ الرَّجُلُ زُهْدَه خَيْرٌ مِنْ أَنْ يُعْلِنَه.
وَكَانَ أَيُّوْبُ مِمَّنْ يُخفِي زُهْدَه دَخَلنَا عَلَيْهِ, فَإِذَا هُوَ عَلَى فِرَاشٍ مُخَمَّسٍ أَحْمَرَ, فَرَفَعتُه- أَوْ رَفَعَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا- فَإِذَا خَصَفَةٌ مَحْشُوَّةٌ بِلِيْفٍ.
وَبِهِ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ مُسْلِمٍ, حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ, قَالَ: قَالَ شُعْبَةُ: مَا وَاعَدتُ أَيُّوْبَ مَوْعِداً قَطُّ إلَّا قَالَ حِيْنَ يُفَارِقُنِي لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ مَوْعِدٌ فَإِذَا جِئْتُ وَجَدْتُه قَدْ سَبَقَنِي.
وَبِهِ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ المَرْوَزِيُّ, حَدَّثَنَا النَّضْرُ بنُ شُمَيْلٍ, أَخْبَرَنِي الخَلِيْلُ بنُ أَحْمَدَ قَالَ: لَحَنَ أَيُّوْبُ فِي حَرْفٍ, فَقَالَ: أَسْتَغْفِرُ اللهَ.
وَبِهِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ أَخْبَرَنِي رَجُلٌ: أَنَّهُ رَأَى أَيُّوْبَ بَيْنَ قَبْرَيِ الحَسَنِ وَمُحَمَّدٍ قَائِماً يَبْكِي يَنْظُرُ إِلَى هَذَا مَرَّةً وَإِلَى هَذَا مَرَّةً.
وَبِهِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ حَدَّثَنَا أَيُّوْبُ قَالَ: رَأَيْت الحَسَنَ فِي النَّوْمِ مُقَيَّداً وَرَأَيْتُ ابْنَ سِيْرِيْنَ مُقَيَّداً فِي سَجْنٍ قَالَ: كَأَنَّهُ أَعْجَبَه ذَلِكَ.
قَالَ مَخْلَدُ بنُ الحُسَيْنِ قَالَ أَيُّوْبُ مَا صَدَقَ عَبْدٌ قَطُّ فَأَحَبَّ الشُّهرَةَ.
رَوَى مُؤَمَّلٌ، عَنْ شُعْبَةَ قَالَ: مَنْ أَرَادَ أَيُّوْبَ فَعَلَيْهِ بِحَمَّادِ بنِ زَيْدٍ.
قُلْتُ صَدَقَ أَثْبَتُ النَّاسِ فِي أَيُّوْبَ هُوَ.
وَقَالَ حَمَّادٌ: لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَكرَمَ عَلَى ابْنِ سِيْرِيْنَ مِنْ أَيُّوْبَ.
وَقَالَ يُوْنُسُ بنُ عُبَيْدٍ مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَنصَحَ لِلْعَامَّةِ مِنْ أَيُّوْبَ وَالحَسَنِ.
وَرَوَى سُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ، عَنْ حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ قَالَ: كَانَ أَيُّوْبُ فِي مَجْلِسٍ فَجَاءتْهُ عَبْرَةٌ فَجَعَلَ يَمْتَخِطُ وَيَقُوْلُ مَا أَشَدَّ الزُّكَامَ.
وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ: مَاتَ ابْنُ سِيْرِيْنَ فَقُلْنَا: مَن ثُمَّ? قُلْنَا أَيُّوْبُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ الكَاتِبُ: كَانَ أَيُّوْبُ ثِقَةً ثَبْتاً فِي الحَدِيْثِ جَامِعاً كَثِيْرَ العِلْمِ حُجَّةً عَدلاً.

(6/199)


وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ, وَسُئِلَ، عَنْ أَيُّوْبَ فَقَالَ: ثِقَةٌ لاَ يُسْأَلُ عَنْ مِثْلِهِ.
قُلْتُ: إِلَيْهِ المُنْتَهَى فِي الإِتْقَانِ.
قَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: لَهُ نَحْوٌ مِنْ ثَمَانِ مائَةِ حَدِيْثٍ وَأَمَّا ابْنُ عُلَيَّةَ فَقَالَ: كُنَّا نَقُوْلُ: حَدِيْثُ أَيُّوْبَ أَلْفَا حَدِيْثٍ فَمَا أَقَلَّ مَا ذَهَبَ عَلَيَّ مِنْهَا.
وَسُئِلَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ عَنْ أَصْحَابِ نَافِعٍ, فَقَالَ: أَيُّوْبُ وَفَضْلُه, وَمَالِكٌ, وَإِتقَانُه, وَعُبَيْدُ اللهِ, وَحِفظُه.
رَوَى ضَمْرَةُ، عَنِ ابْنِ شَوْذَبٍ قَالَ: كَانَ أَيُّوْبُ يَؤُمُّ أَهْلَ مَسْجِدِه فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَيُصَلِّي بِهِم فِي الرَّكعَةِ قَدرَ ثَلاَثِيْنَ آيَةً, وَيُصَلِّي لِنَفْسِهِ فِيْمَا بَيْنَ التَّروِيْحَتَيْنِ بِقَدرِ ثَلاَثِيْنَ آيَةً, وَكَانَ يَقُوْلُ هُوَ بِنَفْسِهِ لِلنَّاسِ الصَّلاَةَ وَيُوْتِرُ بِهِم وَيَدعُو بِدُعَاءِ القُرْآنِ, وَيُؤَمِّنُ مَنْ خَلْفَهُ, وَآخِرُ ذَلِكَ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَيَقُوْلُ اللَّهُمَّ اسْتَعْمِلْنَا بِسُنَّتِه وَأَوْزِعْنَا بِهَدْيِه وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِيْنَ إِمَاماً ثُمَّ يَسْجُدُ وَإِذَا فَرَغَ مِنَ الصَّلاَةِ دَعَا بِدَعَوَاتٍ.
قَالَ حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: أَيُّوْبُ عِنْدِي أَفْضَلُ مَنْ جَالَستُه وَأَشَدُّه اتِّبَاعاً لِلسُّنَّةِ.
قَالَ سَعِيْدُ بنُ عَامِرٍ الضُّبَعِيُّ، عَنْ سَلاَّمِ بنِ أَبِي مُطِيْعٍ, قَالَ: رَأَى أَيُّوْبُ رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِ الأَهْوَاءِ, فَقَالَ: إِنِّي لأَعرِفُ الذِّلَّةَ فِي وَجْهِه, ثُمَّ تَلاَ {سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّة} [الأَعْرَافُ: 152] ثُمَّ قَالَ: هَذِهِ لِكُلِّ مُفتَرٍ وَكَانَ يُسَمِّي أَصْحَابَ الأَهْوَاءِ: خَوَارِجَ وَيَقُوْلُ: إِنَّ الخَوَارِجَ اخْتَلَفُوا فِي الاسْمِ وَاجْتَمَعُوا عَلَى السَّيفِ.
وَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ الأَهْوَاءِ: يَا أَبَا بَكْرٍ! أَسْأَلُكَ، عَنْ كَلِمَةٍ؟ فَوَلَّى وَهُوَ يَقُوْلُ: وَلاَ نِصْفِ كَلِمَةٍ مَرَّتَيْنِ.
وَرَوَى جَرِيْرٌ الضَّبِّيُّ، عَنْ أَشْعَثَ قَالَ كَانَ أَيُّوْبُ جِهْبِذَ العُلَمَاءِ.
قَالَ سَلاَّمُ بنُ أَبِي مُطِيْعٍ: كَانَ أَفْقَهَهُم فِي دِيْنِه أَيُّوْبُ وَعَنْ هِشَامِ بنِ حَسَّانٍ: أَنَّ أيوب السختياني حج أربعين حجة.
وَقَالَ وُهَيْبٌ: سَمِعْتُ أَيُّوْبَ يَقُوْلُ: إِذَا ذُكِرَ الصَّالِحُوْنَ كُنْتُ عَنْهُم بِمَعزِلٍ.
وَقَالَ حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: كَانَ أَيُّوْبُ صَدِيْقاً لِيزَيْدَ بنِ الوَلِيْدِ فَلَمَّا وَلِيَ الخِلاَفَةَ قَالَ أَيُّوْبُ: اللَّهُمَّ أَنْسِهِ ذِكْرِي وَكَانَ يَقُوْلُ: لِيَتَّقِ اللهَ رَجُلٌ وَإِنْ زهد فلا يجعلن زهده عذابا على الناس.

(6/200)


وَقَالَ حَمَّادٌ: غَلَبه البُكَاءُ مَرَّةً, فَقَالَ: الشَّيْخُ إِذَا كَبِرَ مَجَّ.
قَالَ مَعْمَرٌ: كَانَ فِي قَمِيْصِ أَيُّوْبَ بَعْضُ التَّذْيِيلِ, فَقِيْلَ لَهُ فَقَالَ: الشُّهرَةُ اليَوْمَ فِي التَّشمِيْرِ.
قَالَ صَالِحُ بنُ أبي الأخضر: قلت لأيوب: أوصيني قَالَ: أَقِلَّ الكَلاَمَ.
قَالَ حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: لَوْ رَأَيْتُم أَيُّوْبَ, ثُمَّ اسْتَقَاكُم شُرْبَةً عَلَى نُسُكِه, لَمَا سَقَيْتُمُوْهُ, لَهُ شَعرٌ وَافِرٌ, وَشَارِبٌ, وَافِرٌ, وَقَمِيْصٌ جَيِّدٌ هَرَوِيٌّ يَشَمُّ الأَرْضَ وَقَلَنْسُوَةٌ مُتركَةٌ جَيِّدَةٌ, وَطَيْلَسَانُ كُرْدِيٌّ جَيِّدٌ, وَرِدَاءٌ عَدَنِيٌّ -يَعْنِي: لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ سِيْمَا النُّسَّاكِ وَلاَ التَّصنُّعِ.
قَالَ شُعْبَةُ: قَالَ أَيُّوْبُ: ذُكِرْتُ, وَلاَ أُحِبُّ أَنْ أُذْكَرَ.
قَالَ حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: كَانَ لأَيُّوْبَ بُرْدٌ أَحْمَرُ يَلْبَسَه إِذَا أَحرَمَ, وَكَانَ يُعِدُّه كَفَناً, وَكُنْتُ أَمشِي مَعَهُ, فَيَأْخُذُ فِي طُرُقٍ, إِنِّي لأَعجَبُ لَهُ كَيْفَ يَهتَدِي لَهَا فِرَاراً مِنَ النَّاسِ أَنْ يُقَالَ هَذَا أَيُّوْبُ.
وَقَالَ شُعْبَةُ: رُبَّمَا ذَهَبتُ مَعَ أَيُّوْبَ لِحَاجَةٍ, فَلاَ يَدَعُنِي أَمشِي مَعَهُ, وَيَخْرُجُ من ها هنا ها هُنَا, لَكِي لاَ يُفطَنَ لَهُ.
وَفِي "شَمَائِلِ الزُّهَّادِ" لابْنِ عَقِيْلٍ البَلْخِيِّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إبراهيم, حدثنا أَبُو الرَّبِيْعِ سَمِعْتُ أَبَا يَعْمُرَ بِالرَّيِّ يَقُوْلُ: كَانَ أَيُّوْبُ فِي طَرِيْقِ مَكَّةَ فَأَصَابَ النَّاسَ عَطَشٌ حَتَّى خَافُوا فَقَالَ أَيُّوْبُ: أَتَكْتُمُوْنَ عَلَيَّ قَالُوا: نَعَمْ فَدَوَّرَ رِدَاءهُ, وَدَعَا فَنَبَعَ المَاءُ, وَسَقَوُا الجِمَالَ, وَرَوُوْا ثُمَّ أَمَرَّ يَدَه عَلَى المَوْضِعِ فَصَارَ كَمَا كَانَ قَالَ أَبُو الرَّبِيْعِ: فَلَمَّا رَجَعتُ إِلَى البَصْرَةِ حَدَّثْتُ حَمَّادَ بنَ زَيْدٍ بِالقِصَّةِ فَقَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ زَيْدٍ أَنَّهُ كَانَ مَعَ أَيُّوْبَ فِي هَذِهِ السَّفرَةِ الَّتِي كَانَ هَذَا فِيْهَا.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ كِتَابَةً، عَنْ أَبِي المَكَارِمِ اللَّبَّانِ, أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ, أَخْبَرْنَا أَبُو نُعَيْمٍ, حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بنُ مُحَمَّدٍ العُثْمَانِيُّ, حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ النَّضْرِ, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى الحَرَشِيُّ, حَدَّثَنَا النَّضْرُ بنُ كَثِيْرٍ السَّعْدِيُّ, حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ زَيْدٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَيُّوْبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَلَى حِرَاءَ فَعَطِشتُ عَطَشاً شَدِيْداً حَتَّى رَأَى ذَلِكَ فِي وَجْهِي وَقُلْتُ لَهُ: قَدْ خِفتُ عَلَى نَفْسِي قَالَ: تَسْتُرُ عَلَيَّ? قُلْتُ: نَعَمْ فَاسْتَحْلَفَنِي فَحَلَفتُ لَهُ أَلاَّ أُخبِرَ أَحَداً مَا دام حيًا فغمر بِرِجْلِهِ عَلَى حِرَاءَ فَنَبَعَ المَاءُ فَشَرِبتُ حَتَّى رَوِيتُ وَحَمَلتُ مَعِي مِنَ المَاءِ.

(6/201)


قُلْتُ: لاَ يَثبُتُ هَذَا, وَعُثْمَانُ تَالِفٌ1.
وَبِهِ إِلَى أَبِي نُعَيْمٍ, حَدَّثَنَا فَارُوْقٌ, حَدَّثَنَا هِشَامُ بن علي, حدثنا عون ابن الحَكَمِ البَاهِلِيُّ, حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ قَالَ: غَدَا عَلَيَّ مَيْمُوْنٌ أَبُو حَمْزَةَ يَوْمَ الجُمُعَةِ قَبْلَ الصَّلاَةِ, فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ البَارِحَةَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- فِي النَّوْمِ فَقُلْتُ لَهُمَا: مَا جَاءَ بِكُمَا قَالاَ: جِئنَا نُصَلِّي عَلَى أَيُّوْبَ السِّخْتِيَانِيِّ قَالَ: وَلَمْ يَكُنْ عَلِمَ بِمَوْتِه فَقِيْلَ لَهُ: قَدْ مَاتَ أَيُّوْبُ البَارِحَةَ.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ: أَسنَدَ أَيُّوْبُ عَنْ: أَنَسِ بنِ مَالِكٍ, وَعَمْرِو بنِ سَلَمَةَ, وأبي العالية, وأبي رجاء, وآخرين.
بَلَغَنَا أَنَّهُم قَالُوا لِمَالِكٍ: إِنَّك تَتَكَلَّمُ فِي حَدِيْثِ أَهْلِ العِرَاقِ, وَتَروِي مَعَ هَذَا، عَنْ أَيُّوْبَ فَقَالَ: مَا حَدَّثتُكُم، عَنْ أَحَدٍ, إلَّا وَأَيُّوْبُ أَوثَقُ مِنْهُ.
أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي زَيْدٍ الكَرَّانِيِّ, أَخْبَرَنَا مَحْمُوْدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ أَخْبَرَنَا ابْنُ قَادْشَاه, أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ, حَدَّثَنَا العَبَّاسُ بنُ الفَضْلِ الأَسْفَاطِيُّ, حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ سَمِعْتُ حَمَّادَ بنَ زَيْدٍ سَمِعْتُ أَيُّوْبَ ,وَذَكَرَ المُعْتَزِلَةَ وَقَالَ: إِنَّمَا مَدَارُ القَوْمِ عَلَى أَنْ يَقُوْلُوا لَيْسَ فِي السَّمَاءِ شَيْءٌ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: لأَيُّوْبَ نَحْوٌ مِنْ ثَمَانِ مائَةِ حَدِيْثٍ.
قُلْتُ: اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ بِالبَصْرَةِ, زَمَنَ الطَّاعُوْنِ, وَلَهُ ثَلاَثٌ وَسِتُّوْنَ سَنَةً وَآخِرُ مَنْ رَوَى حَدِيْثَه عَالِياً أَبُو الحَسَنِ بنُ البُخَارِيِّ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهُ, وَأَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ وَجَمَاعَةٌ إِجَازَةً, قَالُوا: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ, أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ, أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ غَيْلاَنَ, أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الشَّافِعِيُّ, أَخْبَرَنَا مُوْسَى بنُ سَهْلٍ الوَشَّاءُ, حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الصُوَرِ يُعَذَّبُوْنَ يَوْمَ القِيَامَةِ وَيُقَالُ لَهُم أَحْيُوا مَا خلقتم" أخرجه مسلم2.
__________
1 وفي إسناده: عبد الواحد بن زيد البصري، قال يحيى: ليس بشيء. وقال البخاري: متروك. وقال الجوزجاني: سيئ المذهب، ليس من معادن الصدق. وفي الإسناد ضعفاء آخرون.
2 صحيح: أخرجه البخاري "7558"، ومسلم "2108"، من طريق حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوْبَ، عَنْ نَافِعٍ، عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فذكره، ورواه مسلم "2108" من طريق إسماعيل ابن علية عن أيوب، به.

(6/202)


أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَافِظِ بنُ بَدْرَانَ, وَيُوْسُفُ بنُ أَحْمَدَ, قَالاَ: أَخْبَرَنَا مُوْسَى بنُ عَبْدِ القَادِرِ, أَخْبَرَنَا سَعِيْدُ بنُ البَنَّاءِ, أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ البُنْدَارُ, أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ المُخَلِّصُ, حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مُحَمَّدِ بنِ صَاعِدٍ, حَدَّثَنَا أَبُو الأَشْعَثِ, حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوْبَ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ طَاوُوْسٍ قَالَ: كُنْتُ جَالِساً إِلَى ابْنِ عُمَرَ فَسُئِلَ عَنْهَا فَقَالَ: تُقِيْمُ حَتَّى يَكُوْنَ آخِرُ عَهْدِهَا بِالبَيْتِ قَالَ طَاوُوْسٌ: فَلاَ أَدْرِي ابْنُ عُمَرَ نَسِيَه أَمْ لَمْ يَسْمَعْ مَا سَمِعَ أَصْحَابُه فَقَالَ: نُبِّئتُ أَنَّهُ رُخِّصَ لَهُنَّ يَعْنِي: الحَائِضَ فِي حَجِّهَا1.
وَبِهِ إِلَى المُخَلِّصِ: حَدَّثَنَا أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ البَغَوِيُّ, حَدَّثَنَا أَبُو نَصْرٍ عَبْدُ المَلِكِ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ التَّمَّارُ, حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِين} [المُطَفِّفِيْنَ: 6] ، قَالَ: "يَقُوْمُوْنَ حَتَّى يَبْلُغَ الرَّشْحُ أطراف آذانهم" 2.
أَنْبَأَنَا طَائِفَةٌ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الصَّيْدَلاَنِيِّ, أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ حُضُوْراً, أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ, حَدَّثَنَا أَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ, حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ القَاسِمِ بنِ مُسَاوِرٍ, حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ خِدَاشٍ, حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ يَحْيَى بنِ عَتِيْقٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ سِيْرِيْنَ، عَنْ أَيُّوْبَ السِّخْتِيَانِيِّ، عَنْ يُوْسُفَ بنِ مَاهَكَ، عَنْ حَكِيْمِ بنِ حِزَامٍ قَالَ "نَهَانِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ أَبِيْعَ مَا لَيْسَ عِنْدِي3.
أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ، عَنِ الحَسَنِ بنِ إِسْحَاقَ المَرْوَزِيِّ، عَنْ خَالِدِ بنِ خِدَاشٍ المُهَلَّبِيِّ -وَهُوَ صَدُوْقٌ مُكْثِرٌ- عَنْ حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ, يَنْفَرِدُ عَنْهُ بِغَرَائِبَ.
__________
1 ورد عن عائشة: أن صفية بنت حيي زوج النبي صلى الله عليه وسلم حاضت، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: أحابستنا هي؟ فقيل له: إنها قد أفاضت. قال: فلا إذا" أخرجه مالك "1/ 412"، والشافعي "1/ 367"، وأحمد "6/ 39"، والبخاري "1757"، ومسلم "1211"، والترمذي "943"، والطحاوي "2/ 234" والبيهقي "5/ 162"، والبغوي "1974"، من طرق عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ القَاسِمِ، عَنْ أَبِيْهِ، عن عائشة به. ووقع في رواية عَنْ عَائِشَةَ قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أحابستنا هي؟ قالت: فقلت: يا رسول الله إنها قد كانت أفاضت وطافت بالبيت، ثم حاضت بعد الإفاضة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلتنفر" وهي عند أحمد "6/ 82"، والبخاري "4401"، ومسلم "1211". فرخص للمرأة الحائض في ترك طواف الوداع كما روى البخاري "1328"، من حديث ابن عباس قال: أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت، إلا أنه رخص للمرأة الحائض".
2 صحيح: أخرجه البخاري "4938"، ومسلم "2862" من طريق نافع، عن ابن عمر، به.
3 صحيح: أخرجه الشافعي في "مسنده" "2/ 156" والترمذي "1223" من طريق حماد بن زيد، عن أيوب، به.

(6/203)


838- جَهْمُ بنُ صَفْوَانَ 1:
أَبُو مُحْرِزٍ الرَّاسِبِيُّ مَوْلاَهُم, السَّمَرْقَنْدِيُّ, الكَاتِبُ, المُتَكَلِّمُ, أُسُّ الضَّلاَلَةِ, وَرَأْسُ الجَهْمِيَّةِ. كَانَ صَاحِبَ ذَكَاءٍ وَجِدَالٍ. كَتَبَ لِلأَمِيْرِ حَارِثِ بنِ سُرَيْجٍ التَّمِيْمِيِّ وَكَانَ يُنْكِرُ الصِّفَاتِ وَيُنَزِّهُ الباري عنها بزعمه ويقول: بِخَلْقِ القُرْآنِ وَيَقُوْلُ إِنَّ اللهَ فِي الأَمكِنَةِ كُلِّهَا.
قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: كَانَ يُخَالِفُ مُقَاتِلاً فِي التَّجْسِيْمِ.
وَكَانَ يَقُوْلُ: الإِيْمَانُ عَقدٌ بِالقَلْبِ, وَإِن تَلَفَّظَ بِالكُفْرِ.
قِيْلَ: إِنَّ سَلْمَ بنَ أَحْوَزَ قَتَلَ الجَهْمَ لإِنْكَارِه أَنَّ اللهَ كَلَّمَ موسى.
__________
1 ترجمته في ميزان الاعتدال "1/ 426"، الكامل لابن الأثير في حوادث سنة 128، الملل والنحل "1/ 199-200".

(6/204)


839- يحيى بن أبي كثير 1: "ع"
الإِمَامُ, الحَافِظُ, أَحَدُ الأَعْلاَمِ, أَبُو نَصْرٍ الطَّائِيُّ مَوْلاَهُم, اليَمَامِيُّ. وَاسْمُ أَبِيْهِ: صَالِحٌ وَقِيْلَ: يَسَارٌ وَقِيْلَ: نَشِيْطٌ.
رَوَى عَنْ: أَبِي أُمَامَةَ البَاهِلِيِّ, وَذَلِكَ فِي "صَحِيْحِ مُسْلِمٍ" وَلَكِنَّهُ مُرْسَلٌ, وَعَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ, وَذَلِكَ فِي كِتَابِ النَّسَائِيِّ ,وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي قَتَادَةَ, وَأَبِي قِلاَبَةَ الجَرْمِيِّ, وَبَعْجَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ الجُهَنِيِّ, وَعِمْرَانَ بنِ حِطَّانَ, وَهِلاَلِ بنِ أَبِي مَيْمُوْنَةَ, وَعِدَّةٍ.
وَرَوَى عَنْ: جَابِرٍ -مُرْسَلاً- وَدِيْنَارٍ, وَالسَّائِبِ بنِ يَزِيْدَ, وَضَمْضَمِ بنِ جَوْسٍ, وَعُقْبَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ الغَافِرِ, وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ مِقْسَمٍ, وَعِكْرِمَةَ, وَحَيَّةَ بنِ حَابِسٍ, وَنَافِعٍ, وَمُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ التَّيْمِيِّ وَأَبِي سَلاَّمٍ الحَبَشِيِّ وَيَنْزِلُ إِلَى أَنْ رَوَى عَنْ: زَيْدِ بنِ سَلاَّمٍ -حَفِيْدِ هَذَا- وَعَنِ الأَوْزَاعِيِّ, وَهُوَ تِلْمِيْذُهُ.
وَكَانَ طَلاَّبَةً لِلْعِلْمِ, حجة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 555"، التاريخ الكبير "8/ ترجمة 3087"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 318 و612" و"2/ 466"، الجرح والتعديل "9/ ترجمة 599" حلية الأولياء "3/ 66"، تذكرة الحفاظ "1/ 128"، العبر "1/ 237"، الكاشف "3/ ترجمة 6341"، تاريخ الإسلام "5/ 179"، ميزان الاعتدال "4/ 402-403"، تهذيب التهذيب "11/ 268"، شذرات الذهب "1/ 176".

(6/204)


رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ, عَبْدُ اللهِ, وَمَعْمَرٌ, وَالأَوْزَاعِيُّ, وَهِشَامُ بنُ أَبِي عَبْدِ اللهِ, وَحَرْبُ بنُ شَدَّادٍ, وَعِكْرِمَةُ بنُ عَمَّارٍ, وَشَيْبَانُ النَّحْوِيُّ, وَهَمَّامُ بن يحيى وأبان ابن يَزِيْدَ, وَأَيُّوْبُ بنُ عُتْبَةَ, وَمُحَمَّدُ بنُ جَابِرٍ, وَأَيُّوْبُ بنُ النَّجَّارِ, وَجَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ, وَسُلَيْمَانُ بنُ أَرْقَمَ, وَأَبُو عَامِرٍ الخَزَّازُ, وَعِمْرَانُ القَطَّانُ, وَعَلِيُّ بنُ المُبَارَكِ, وَأَبُو إِسْمَاعِيْلَ القَنَّادُ, وَخَلْقٌ.
وَقَالَ حَرْبُ بنُ شَدَّادٍ، عَنْ يَحْيَى, قَالَ: كُلُّ شَيْءٍ عِنْدِي، عَنْ أَبِي سَلاَّمٍ الأَسْوَدِ, إِنَّمَا هُوَ كِتَابٌ وَرَوَى: وُهَيْبُ بنُ خَالِدٍ، عَنْ أَيُّوْبَ قَالَ: مَا بَقِيَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ مِثْلُ يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ.
وَقَالَ شُعْبَةُ: يَحْيَى بنُ أَبِي كَثِيْرٍ أَحْسَنُ حَدِيْثاً مِنَ الزُّهْرِيِّ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: إِذَا خَالَفَه الزُّهْرِيُّ فَالقَولُ قَوْلُ يَحْيَى.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: هُوَ إِمَامٌ, لاَ يَرْوِي إلَّا، عَنْ ثِقَةٍ وَقَدْ نَالَتْهُ مِحْنَةٌ وَضُرِبَ لِكَلاَمِه فِي وُلاَةِ الجَوْرِ.
نَقَلَ جَمَاعَةٌ: أَنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ وَبَعْضُهُم نَقَلَ: أَنَّهُ بَقِيَ إِلَى سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ وَالأَوَّلُ أَصَحُّ.
قَالَ أَحْمَدُ: هُوَ مِنْ أَثْبَتِ النَّاسِ إِنَّمَا يُعَدُّ مَعَ الزُّهْرِيِّ وَيَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ.
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ مِنَ العُبَّادِ إِذَا حَضَرَ جَنَازَةً لَمْ يَتَعَشَّ تِلْكَ اللَّيلَةَ وَلاَ يُكَلِّمُه أَحَدٌ.
وَقَالَ العُقَيْلِيُّ: كَانَ يُذْكَرُ بِالتَّدلِيسِ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: قَدْ رَأَى أَنَساً يُصَلِّي فِي الحَرَمِ.
وَقَالَ حُسَيْنٌ المُعَلِّمُ: قَالَ لِي يَحْيَى: كُلُّ شَيْءٍ، عَنْ أَبِي سَلاَّمٍ إِنَّمَا هُوَ كِتَابٌ.
المُعَافَى بنُ عِمْرَانَ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ قَالَ: قَالَ سُلَيْمَانُ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ: "يَا بُنَيَّ إِيَّاكَ وَالمِرَاءَ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيْهِ مَنفَعَةٌ وَهُوَ يُوْرِثُ العَدَاوَةَ بَيْنَ الإِخْوَانِ.
عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: لاَ يُسْتَطَاعُ العِلْمُ بِرَاحَةِ الجَسَدِ.
أَبُو إِسْحَاقَ الفَزَارِيُّ: عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ, قَالَ: إِذَا رَأَيْتَ المُبْتَدِعَ فِي طَرِيْقٍ, فَخُذْ فِي غيره.

(6/205)


ابْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ الأَوْزَاعِيَّ، عَنْ يحيى بن أبي كثير: أن سليمان ابن دَاوُدَ قَالَ لابْنِهِ: إِنَّ الأَحلاَمَ تَصْدُقُ قَلِيْلاً, وَتَكذِبُ كَثِيْراً فَعَلَيْكَ بِكِتَابِ اللهِ فَالْزَمْهُ وَإِيَّاهُ فَتَأَوَّلْ.
عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ, قَالَ: حَدَّثَ يحيى بن أبي كثير بأحاديث, فقال: اكتب لِي حَدِيْثَ كَذَا, وَحَدِيْثَ كَذَا. فَقُلْتُ: يَا أَبَا نَصْرٍ! أَمَا تَكرَهُ كَتْبَ العِلْمِ? قَالَ: اكْتُبْه لِي, فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تَكْتُبْ فَقَدْ ضَيَّعتَ, أَوْ عَجَزْتَ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ, وَعَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ كِتَابَةً، عَنِ المُبَارَكِ بنِ المُبَارَكِ, أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الخَطِيْبُ, أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ, أَخْبَرَنَا أبو بحر ابن مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ سُلَيْمَانَ البَاغَنْدِيُّ, حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ, حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ الصَّوَّافُ، عَنْ يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ حَدَّثَنِي حَجَّاجُ بنُ عُمَرَ الأَنْصَارِيُّ. أَنَّهُ سَمِعَ رسول الله يَقُوْلُ: "مَنْ كُسِرَ أَوْ عَرِجَ فَقَدْ حَلَّ وعليه الحَجُّ مِنْ قَابِلٍ" 1 رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، عَنْ حَجَّاجٍ, وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ, وَالنَّسَائِيُّ, وَابْنُ مَاجَه، عَنْ أَصْحَابِ يَحْيَى نَحْوَه.
وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، عَنِ الكَوْسَجِ، عَنْ رَوْحٍ وَالأَنْصَارِيِّ، عَنْ حَجَّاجٍ, وَحَسَّنَهُ.
لَكِنَّهُ مَعلُولٌ بِمَا رَوَاهُ: مَعْمَرٌ, وَمُعَاوِيَةُ بنُ سَلاَّمٍ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عِكْرِمَةَ, فَقَالَ: عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ رَافِعٍ، عَنِ الحَجَّاجِ. قَالَ البُخَارِيُّ: وَهَذَا أَصَحُّ.
قَالَ حُسَيْنٌ المُعَلِّمُ: قُلْنَا لِيَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ: هَذِهِ المُرْسَلاَتُ عَمَّنْ? قَالَ أَتَرَى رَجُلاً أَخَذَ مِدَاداً وَصَحِيْفَةً فَكَتَبَ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الكَذِبَ? قَالَ: فَقُلْتُ: إِذَا جَاءَ مِثْلُ هَذَا فَأَخْبِرْنَا قَالَ إِذَا قُلْتُ بَلَغَنِي فَإِنَّهُ مِنْ كِتَابٍ.
وَقَالَ يَحْيَى القَطَّانُ: مُرْسَلاَتُ يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ شِبهُ الرِّيحِ.
وَقَالَ الفَلاَّسُ: مَا حَدَّثَنَا يَحْيَى القَطَّانُ لِقَتَادَةَ, وَلاَ لِيَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ بِشَيْءٍ مُرْسَلٍ إلَّا حَدِيْثاً وَاحِداً.
حَدَّثَنَا عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى: أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ لاَ يَرَى طَلاَقَ المُكرَهِ شَيْئاً قَالَ يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ: عَنْ هَمَّامٍ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أصلب وجها من يحيى ابن أَبِي كَثِيْرٍ كُنَّا نُحَدِّثُه بِالغَدَاةِ فَنَرُوحُ بِالعَشِيِّ فَيُحَدِّثَنَاهُ.
وَيُرْوَى أَنَّ يَحْيَى بنَ أَبِي كَثِيْرٍ أَقَامَ بِالمَدِيْنَةِ عَشْرَ سِنِيْنَ فِي طَلَبِ العِلْمِ. قَالَ الفَلاَّسُ: مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ.
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "3/ 450"، وأبو داود "1862" و"1863"، والترمذي "940"، والنسائي "5/ 198"، وابن ماجه "3077".

(6/206)


840- يزيد بن أبي حبيب 1: "ع"
الإِمَامُ, الحُجَّةُ, مُفْتِي الدِّيَارِ المِصْرِيَّةِ, أَبُو رجا الأَزْدِيُّ مَوْلاَهُم, المِصْرِيُّ وَقِيْلَ: كَانَ أَبُوْهُ سُوَيْدٌ مَوْلَى امْرَأَةٍ, مَوْلاَةٍ لِبَنِي حَسْلٍ وَأُمُّهُ: مَوْلاَةٌ لِتُجِيْبٍ.
وُلِدَ بَعْدَ سَنَةِ خَمْسِيْنَ, فِي دَوْلَةِ مُعَاوِيَةَ, وَهُوَ مِنْ صِغَارِ التَّابِعِيْنَ.
حَدَّثَ عَنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ الحَارِثِ بنِ جَزْءٍ الزُّبَيْدِيِّ الصَّحَابِيِّ, وَأَبِي الخَيْرِ مَرْثَدِ بنِ عَبْدِ اللهِ اليَزَنِيِّ, وَأَبِي الطُّفَيْلِ اللَّيْثِيِّ إِنْ صَحَّ, وَسَعِيْدِ بنِ أَبِي هِنْدٍ, وَعِكْرِمَةَ, وَعَطَاءٍ, وَعُلَيِّ بنِ رَبَاحٍ, وَعِرَاكِ بنِ مَالِكٍ, وَعَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ, وَنَافِعٍ, وَأَبِي وَهْبٍ الجَيْشَانِيِّ, وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ حُنَيْنٍ, وَأَسْلَمَ أَبِي عِمْرَانَ التُّجِيْبِيِّ, وَالحَارِثِ بنِ يَعْقُوْبَ, وَسُوَيْدِ بنِ قَيْسٍ, وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ شِمَاسَةَ, وَعِيْسَى بنِ طَلْحَةَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ, وَلَهِيْعَةَ بنِ عُقْبَةَ وَالِدِ عَبْدِ اللهِ, وَمُحَمَّدُ بنُ عَمْرِو بنِ حَلْحَلَةَ, وَمُحَمَّدُ بنُ عَمْرِو بنِ عَطَاءٍ, وَالهَيْثَمِ بنِ شُفَيٍّ, وَخَلْقٍ وَيَنْزِلُ إِلَى أَنْ رَوَى، عَنِ الزُّهْرِيِّ بِالإِجَازَةِ.
وَكَانَ مِنْ جِلَّةِ العُلَمَاءِ العَامِلِيْنَ ارْتَفَعَ بِالتَّقْوَى مَعَ كَوْنِه مَوْلَىً أَسْوَدَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ, وَزَيْدُ بنُ أَبِي أُنَيْسَةَ, وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ, وَعَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ جَعْفَرٍ, وَعَمْرُو بنُ الحَارِثِ, وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَيَّاشٍ القِتْبَانِيُّ وحيوة بن شُرَيْحٍ, وَسَعِيْدُ بنُ أَبِي أَيُّوْبَ, وَمُعَاوِيَةُ بنُ سَعِيْدٍ التُّجِيْبِيُّ, وَيَحْيَى بنُ أَيُّوْبَ, وَاللَّيْثُ, وَابْنُ لَهِيْعَةَ, وَرِشْدِيْنُ بنُ سَعْدٍ, وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ يَزِيْدَ الثَّاتِيُّ, وَآخَرُوْنَ. وَهُوَ مُجمَعٌ عَلَى الاحْتِجَاجِ بِهِ, وَذَكَرَه أَبُو حَاتِمٍ البُسْتِيُّ فِي كِتَابِ "الثِّقَاتِ" لَهُ.
قَالَ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ: كَانَ مُفْتِي أَهْلِ مِصْرَ فِي أَيَّامِهِ, وَكَانَ حَلِيْماً, عَاقِلاً, وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ أَظْهَرَ العِلْمَ بِمِصْرَ وَالكَلاَمَ فِي الحَلاَلِ وَالحَرَامِ وَمَسَائِلَ وَقِيْلَ إِنَّهُم كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ يَتَحَدَّثُوْنَ بِالفِتَنِ وَالمَلاَحِمِ وَالتَّرغِيبِ في الخير.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 513"، التاريخ الكبير "8/ ترجمة 3226"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 431"، تاريخ الإسلام "5/ 184"، الكاشف "3/ ترجمة 6401"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 116"، العبر "229 و282"، تهذيب التهذيب "11/ 318"، شذرات الذهب "1/ 175".

(6/207)


وَقَالَ اللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ: يَزِيْدُ بنُ أَبِي حَبِيْبٍ سَيِّدُنَا, وَعَالِمُنَا.
وَقَالَ ضَمْرَةَ بنِ رَبِيْعَةَ: عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ اللهِ الكِنَانِيِّ: اجْتَمَعَ نَاسٌ فِيْهِم يَزِيْدُ بنُ أَبِي حَبِيْبٍ, وَهُم يُرِيْدُوْنَ أَنْ يَعُودُوا مَرِيْضاً فَتَدَافَعُوا الاسْتِئْذَانَ عَلَى المَرِيْضِ فَقَالَ يَزِيْدُ: قَدْ عَلِمتُ أَنَّ الضَّأنَ وَالمِعزَى إِذَا اجْتَمَعَتْ تَقَدَّمَتِ المِعزَى. فَتَقَدَّمَ فَاسْتَأْذَنَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: يَزِيْدُ بنُ حَبِيْبٍ مَوْلَىً لِبَنِي عَامِرِ بنِ لُؤَيٍّ مِنْ قُرَيْشٍ, وَكَانَ ثِقَةً كَثِيْرَ, الحَدِيْثِ مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: بَلَغ زِيَادَةً عَلَى خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ، أَنْبَأَنَا أَكْمَلُ بنُ أَبِي الأَزْهَرِ العَلَوِيُّ, أَخْبَرَنَا سعيد ابن أَحْمَدَ, وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ, وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ, وَأَحْمَدُ بنُ مَكْتُوْمٍ, وَسُنْقُرُ الزَّيْنِيُّ, وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ المُفِيْدُ, وَآخَرُوْنَ قَالُوا: أَنْبَأَنَا عبد الله ابن عُمَرَ، أَنْبَأَنَا سَعِيْدُ بنُ أَحْمَدَ حُضُوْراً، أَنْبَأَنَا محمد بن محمد الزيني أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ عُمَرَ الوَرَّاقُ, حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ سُلَيْمَانَ, حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ حَمَّادٍ ,حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ أَبِي حَبِيْبٍ، عَنْ أَبِي الخَيْرِ، عَنْ عُقْبَةَ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَرَجَ يَوْماً فَصَلَّى عَلَى أَهْلِ أُحُدٍ صَلاَتَه عَلَى المَيِّتِ ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى المِنْبَر فَقَالَ: "إِنِّي فَرَطُكُمْ عَلَى الحَوْضِ وَأَنَا شَهِيْدٌ عَلَيْكُمْ وَإِنِّي وَاللهِ لأَنْظُرُ إِلَى حَوْضِي الآنَ وَإِنِّي قَدْ أُعْطِيْتُ مَفَاتِيْحَ خَزَائِنِ الأَرْضِ أَوْ مَفَاتِيْحَ الأَرْضِ وَإِنِّي وَاللهِ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تُشْرِكُوا بَعْدِي وَلَكِنْ أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنَافَسُوا فِيْهَا" 1.
هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ عَالٍ أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ وَجُوْهٍ، عَنْ يزيد.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "6590"، ومسلم "2296"، وأبو داود "3223" و"3224"، والنسائي "4/ 61-62"، والطحاوي "1/ 504"، والطبراني في "الكبير" "17/ 767"، والبيهقي "4/ 14"، وأحمد "4/ 149 و153- 154" من طريق يزيد بن أبي حبيب، به.

(6/208)


841- إسحاق بن عبد الله 1: "ع"
ابْنِ صَاحِبِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبِي طَلْحَةَ زَيْدِ بنِ سَهْلٍ الأنصاري الخَزْرَجِيُّ, النَّجَّارِيُّ, المَدَنِيُّ, الفَقِيْهُ أَحَدُ الثِّقَاتِ.
سَمِعَ مِنْ عَمِّهِ, أَنَسِ بنِ مَالِكٍ, وَأَبِي مُرَّةَ مَوْلَى عَقِيْلٍ وَالطُّفَيْلِ بنِ أُبَيٍّ, وَسَعِيْدِ بنِ يَسَارٍ, وَجَمَاعَةٍ.
وَعَنْهُ: عِكْرِمَةُ بنُ عَمَّارٍ, وَهَمَّامُ بنُ يَحْيَى, وَمَالِكٌ, وَابْنُ عُيَيْنَةَ, وَجَمَاعَةٌ.
وَكَانَ مَالِكٌ يُثْنِي عَلَيْهِ, وَلاَ يُقَدِّمُ عَلَيْهِ أَحَداً. وَأَبُوْهُ عَبْدُ اللهِ قَدْ حَنَّكَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَمَلَهُ إِلَيْهِ أَخُوْهُ أَنَسٌ وأمهما: أم سليم.
مَاتَ إِسْحَاقُ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ. وَقِيْلَ: سنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ.
رَوَى لَهُ الجَمَاعَةُ.
وَأَخرَجَ مُسْلِمٌ لِوَالِدِه عَبْدِ اللهِ يَرْوِي عَنِ ابْنِهِ وَعَنْ أَخِيْهِ أَنَسٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو طُوَالَةَ, وَسُلَيْمَانُ مَوْلَى الحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ.
تُوُفِّيَ فِي خِلاَفَةِ الوَلِيْدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ، عَنْ نَحْوٍ من ثمانين سنة.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 1255"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 786"، الوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "8/ 416"، تهذيب التهذيب "1/ 239-240".

(6/209)


842- هشام بن عروة 1: "ع"
ابن الزُّبَيْرُ بنُ العَوَّامِ بنِ خُوَيْلِدِ بنِ أَسَدِ بنِ عَبْدِ العُزَّى بنِ قُصَيِّ بنِ كِلاَبٍ. الإِمَامُ, الثِّقَةُ, شَيْخُ الإِسْلاَمِ, أَبُو المُنْذِرِ القُرَشِيُّ, الأَسَدِيُّ, الزُّبَيْرِيُّ المَدَنِيُّ.
وُلِدَ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ وَسَمِعَ مِنْ: أَبِيْهِ, وَعَمِّه ابْنِ الزُّبَيْرِ, وَزَوْجَتِه أَسْمَاءَ بِنْتِ عَمِّهِ المُنْذِرِ, وَأَخِيْهِ عَبْدُ اللهِ بنُ عُرْوَةَ, وَعَبْدُ اللهِ بنُ عُثْمَانَ, وَطَائِفَةٍ مِنْ كُبَرَاءِ التَّابعِيْنَ مِنْهُم أَخُوْهُ عُثْمَانَ, وَابْنُ عَمِّهِ عَبَّادٌ, وَابْنُ ابْنِ عَمِّهِ عَبَّادُ بنُ حَمْزَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ, وَأَبُو سَلَمَةَ, وَابْنُ المُنْكَدِرِ, وَعُمَرُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ, وَعَمْرُو بنُ خُزَيْمَةَ, وَعَمْرُو بنُ شُعَيْبٍ, وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَامِرِ بنِ رَبِيْعَةَ, وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ سَعْدٍ, وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ كَعْبٍ, وَعَوْفُ بنُ الطُّفَيْلِ, وَمُحَمَّدٌ وَالِدُ السَّفَّاحِ, وَابْنُ شِهَابٍ, وَأَبُو الزُّبَيْرِ, وَوَهْبُ بنُ كَيْسَانَ, وَأَبُو وَجْزَةَ, وَكُرَيْبٌ, وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ التَّيْمِيُّ, وَبَكْرُ بنُ وَائِلٍ, وَهُوَ أَصْغَرُ مِنْهُ, وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي بَكْرٍ بنِ حَزْمٍ, وَأَبُو الزِّنَادِ, وَابْنُ القَاسِمِ, وَيَزِيْدُ بنُ رومان, وغيرهم.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 321"، التاريخ الكبير "8/ ترجمة 2673"، الجرح والتعديل "9/ ترجمة 249"، تاريخ الخطيب "14/ 37"، وفيات الأعيان لابن خلكان "6/ ترجمة 781"، تاريخ الإسلام "6/ 145"، الكاشف "3/ ترجمة 6077"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 138"، العبر "1/ 62 و206 و265"، تهذيب التهذيب "11/ 48"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7685"، شذرات الذهب "1/ 218".

(6/209)


وَلَقَدْ كَانَ يُمكِنُه السَّمَاعُ مِنْ جَابِرٍ, وَسَهْلِ بنِ سَعْدٍ, وَأَنَسٍ وَسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ, فَمَا تَهَيَّأَ لَهُ عَنْهُم رِوَايَةٌ، وَقَدْ رَأَى ابْنَ عُمَرَ، وَحَفِظَ عَنْهُ: أَنَّهُ دَعَا لَهُ، وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ شُعْبَةُ، وَمَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَلَحِقَ البُخَارِيُّ بَقَايَا أَصْحَابِه: كَعُبَيْدِ اللهِ بنِ مُوْسَى.
قَالَ وُهَيْبٌ: قَدِمَ عَلَيْنَا هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ, فَكَانَ مِثْلَ الحَسَنِ، وَابْنِ سِيْرِيْنَ، وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً, ثَبْتاً كَثِيْرَ الحَدِيْثِ, حُجَّةً.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: ثِقَةٌ إِمَامٌ فِي الحَدِيْثِ، وَقَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: لَهُ نَحْوٌ مِنْ أَرْبَعِ مائَةِ حَدِيْثٍ. وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَجَمَاعَةٌ ثِقَةٌ، وَقَالَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: هِشَامٌ ثَبْتٌ لَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ مَا صَارَ إِلَى العِرَاقِ فَإِنَّهُ انبَسَطَ فِي الرِّوَايَةِ، وَأَرْسَلَ، عَنْ أَبِيْهِ أَشْيَاءَ مِمَّا كَانَ قَدْ سَمِعَهُ مِنْ غَيْرِ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِيْهِ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ خِرَاشٍ: بَلَغَنِي أَنَّ مَالِكاً نَقَمَ عَلَى هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ حَدِيْثَه لأَهْلِ العِرَاقِ، وَكَانَ لاَ يَرضَاهُ ثُمَّ قَالَ قَدِمَ الكُوْفَةَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ قَدْمَةً كَانَ يَقُوْلُ فِيْهَا حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ سَمِعْتُ عَائِشَةَ، وَالثَّانِيَةُ فَكَانَ يَقُوْلُ أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ، وَقَدِمَ الثَّالِثَةَ فَكَانَ يَقُوْلُ أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ يَعْنِي يُرسِلُ، عَنْ أَبِيْهِ.
قُلْتُ: الرَّجُلُ حُجَّةٌ مُطْلَقاً، وَلاَ عِبرَةَ بِمَا قَالَهُ الحَافِظُ أَبُو الحَسَنِ بنُ القَطَّانِ مِنْ أَنَّهُ هُوَ، وَسُهَيْلُ بنُ أَبِي صَالِحٍ اخْتَلَطَا وَتَغَيَّرَا, فَإِنَّ الحَافِظَ قَدْ يَتَغَيَّرُ حِفْظُه إِذَا كَبِرَ، وَتَنْقُصُ حِدَّةُ ذِهْنِهِ, فَلَيْسَ هُوَ فِي شَيْخُوْخَتِه كَهُوَ في شَبِيْبَتِه، وَمَا ثَمَّ أَحَدٌ بِمَعْصُوْمٍ مِنَ السَّهْوِ، وَالنِّسْيَانِ، وَمَا هَذَا التَّغَيُّرُ بِضَارٍّ أَصْلاً، وَإِنَّمَا الَّذِي يَضُرُّ الاخْتِلاَطُ، وَهِشَامٌ فَلَمْ يَختَلِطْ قَطُّ هذا أمر مقطوع به، وحديثه محتج في الموطأ، والصحاح، والسنن فَقَوْلُ ابْنِ القَطَّانِ إِنَّهُ اخْتُلِطَ قَوْلٌ مَرْدُوْدٌ مَرذُولٌ فَأَرِنِي إِمَاماً مِنَ الكِبَارِ سَلِمَ مِنَ الخَطَأِ، وَالوَهمِ.
فَهَذَا شُعْبَةُ، وَهُوَ فِي الذِّرْوَةِ لَهُ أَوهَامٌ، وَكَذَلِكَ مَعْمَرٌ، وَالأَوْزَاعِيُّ، وَمَالِكٌ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِم.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ فِي كِتَابِهِ، عَنِ خَلِيْلِ بنِ أَبِي الرَّجَاءِ، وَأَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ سُلَيْمَانَ، وَعَبْدُ المُحْسِنِ بنُ مُحَمَّدٍ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ صَالِحٍ، وَجَمَاعَةٌ قَالُوا، أَنْبَأَنَا يُوْسُفُ بنُ خَلِيْلٍ، أَنْبَأَنَا خَلِيْلُ بنُ بَدْرٍ، أَنْبَأَنَا أبو علي الحداد، أنبأنا أبو النعيم الحَافِظُ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ يُوْسُفَ حَدَّثَنَا الحَارِثُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي أُسَامَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ كُنَاسَةَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بنُ

(6/210)


عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرِو بنِ العَاصِ: عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِنَّ الله ايَقْبِضُ العِلْمَ بِأَنْ يَنْتَزِعَهُ انْتِزَاعاً، وَلَكِنْ يَقْبِضُهُ بِقَبْضِ العُلَمَاءِ حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِماً اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤُوْساً جُهَّالاً فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا، وَأَضَلُّوا" 1.
هَذَا حَدِيْثٌ ثَابِتٌ مُتَّصِلُ الإِسْنَادِ هُوَ فِي دَوَاوِيْنِ الإِسْلاَمِ الخَمْسَةِ, مَا عدا "سنن أبي داود"، وهو من لاثة عَشَرَ طَرِيْقاً، عَنْ هِشَامٍ، وَمِنْ طَرِيْقِ أَبِي الأَسْوَدِ يَتِيْمِ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ نَحْوَهُ، وَقَدْ حَدَّثَ بِهِ، عَنْ هِشَامٍ عَددٌ كَثِيْرٌ سَمَّاهُم أَبُو القَاسِمِ العَبْدِيُّ.
مِنْهُم ابْنُ عَجْلاَنَ، وَأَبُو حَمْزَةَ السُّكَّرِيُّ، وَابْنُ شِهَابٍ، وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ، وأبو مُعَاوِيَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي عَدِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بنُ سواد، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي فُدَيْكٍ، وَمَا أَحْسِبُهُ لَحِقَهُ، وَمُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ أَبِي كَثِيْرٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطُّفَاوِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ الوَاسِطِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ بِشْرٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ فُضَيْلٍ، وَابْنُ كُنَاسَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى بنِ سُمَيْعٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ رَبِيْعَةَ الكِلاَبِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ الحَجَّاجِ بنِ سُوَيْدٍ البُرْجُمِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ فُلَيْحِ بنِ سُلَيْمَانَ، وَمُحَمَّدُ بنُ مَنْصُوْرِ بنِ أَبِي الأَسْوَدِ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُيَسَّرٍ أَبُو سَعْدٍ الصَّاغَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي ذِئْبٍ، وَأَحْمَدُ بنُ أَبِي ظَبْيَةَ، وَأَحْمَدُ بنُ بَشِيْرٍ، وَأَيُّوْبُ السِّخْتِيَانِيُّ، وَهُوَ أَقدَمُ مِنْهُ، وَأَيُّوْبُ بنُ خُوْطٍ، وَأَيُّوْبُ بنُ مسكين، وأيوب بن، واقد، وإبراهيم بن طعمان، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي يَحْيَى، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عُثْمَانَ العَبْسِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعْدٍ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ سُلَيْمَانَ أَبُو إِسْمَاعِيْلَ المُؤَدِّبُ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ مُجَمِّعٍ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ حُمَيْدٍ الرُّؤَاسِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ المُغِيْرَةِ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي حَيَّةَ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عيينة، واسماعيل ابن أَبَانٍ الغَنَوِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ السُّدِّيُّ إِنْ صَحَّ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عَيَّاشٍ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ زَكَرِيَّا، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ زَيْدِ بنِ قَيْسٍ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ بنِ مَعْقِلٍ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ هِلاَلٍ، وَإِسْحَاقُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي فَرْوَةَ، وَإِسْحَاقُ بنُ يُوْسُفَ الأَزْرَقُ، وَأَسْبَاطُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَأَنَسُ بنُ عِيَاضٍ، وَأَنَسُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ أَخُو جَرِيْرٍ، وَأَبَانُ بنُ يَزِيْدَ، وَأَبْيَضُ بنُ أَبَانٍ الثَّقَفِيُّ، وَأَبْيَضُ بنُ عَجْلاَنَ، وَإِسْرَائِيْلُ، وَأَبْيَضُ بنُ الأَغَرِّ، وَأُسَامَةُ بنُ حَفْصٍ، وَأَشْعَثُ بنُ سَعِيْدٍ السَّمَّانُ، وَإِيَاسُ بنُ دَغْفَلٍ، وَآدَمُ بنُ عُيَيْنَةَ، وَأَشْعَثُ بن عبد الله أبو الربيع القاضي.
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "2/ 162 و190"، والبخاري "100"، ومسلم "2673" "13" والترمذي "2652"، وابن ماجه "52"، والدارمي "1/ 77"، والبغوي "147"، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم" "1/ 148-149 و150" من طرق عن هشام بن عروة، به.

(6/211)


وَبَحْرُ بنُ كَثِيْرٍ، وَبَكْرُ بنُ سُلَيْمَانَ الصَّوَّافُ، وَبَكْرُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ الأَعْتَقُ، وَبُكَيْرُ بنُ الأَشَجِّ -قَدِيْمٌ- وَبَزِيْعُ بنُ حَسَّانٍ، وَبِشْرُ بنُ المُفَضَّلِ.
وَتَلِيْدُ بنُ سُلَيْمَانَ، وثَابِتُ بنُ كَثِيْرٍ، وَثَابِتُ بنُ زُهَيْرٍ، وَثَابِتُ بنُ قَيْسٍ، وَثَابِتُ بنُ حَمَّادٍ.، وَجَعْفَرُ بنُ عَوْنٍ، وَجَعْفَرُ بنُ زِيَادٍ الأَحْمَرُ، وَجَعْفَرُ بنُ بُرْقَانَ، وَجُنَادَةُ بنُ سَلْمٍ أَبُو سَلْمٍ، وَجَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ، وَجَارِيَةُ بنُ هَرِمٍ، وَجَامِعُ بنُ مُدْرِكٍ اللَّخْمِيُّ، وَجَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ، وَجَابِرُ بنُ نُوْحٍ.
وَالحَسَنُ بنُ أَبِي جَعْفَرٍ، وَالخُشَنِيُّ الحَسَنُ بنُ يَحْيَى، وَالحَسَنُ بنُ دِيْنَارٍ، وَالحَسَنُ بنُ عُمَارَةَ، وَالحُسَيْنُ بنُ عُلْوَانَ، وَحَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، وَحَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، وَحَمَّادُ بنُ أُسَامَةَ، وَحَمَّادُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ قَاضِي أَفْرِيْقِيَةَ، وَحَمَّادُ بنُ مُصْبِحٍ، وَحَمَّادُ بنُ شُعَيْبٍ، وَحَمَّادُ بنُ مَسْعَدَةَ، وَالحَارِثُ بنُ عُبَيْدَةَ، وَالحَارِثُ بنُ عِمْرَانَ الجَعْفَرِيُّ، وَحَفْصُ بنُ قَيْسٍ الصَّنْعَانِيُّ، وَحَفْصُ بنُ رَاشِدٍ، وَحَفْصُ بنُ غِيَاثٍ، وَحَفْصُ بنُ عَمْرٍو الجَعْفَرِيُّ، وَحَفْصُ بنُ سلم أبو مقاتل، وحفص ابن مُخَارِقٍ، وَحَفْصُ بنُ مَيْسَرَةَ، وَحَفْصُ بنُ سُوَيْدٍ البُرْجُمِيُّ، وَحَجَّاجُ بنُ أَرْطَاةَ، وَحَجْوَةُ بنُ مُدْرِكٍ الغَسَّانِيُّ، وَحَكِيْمُ بنُ نَافِعٍ، وَحَكِيْمُ بنُ بَشِيْرٍ النَّهْدِيُّ، وَحِبَّانُ بنُ عَلِيٍّ، وَحَسَّانُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَحَمْزَةُ بنُ حَبِيْبٍ، وَحَبِيْبُ بنُ الشَّهِيْدِ، وَحُصَيْنُ بنُ مُخَارِقٍ، وَحَدِيْجُ بنُ مُعَاوِيَةَ، وَحُسَامُ بنُ مِصَكٍّ.، وَخَالِدُ بنُ يَزِيْدَ، وَخَالِدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ المَخْزُوْمِيُّ، وَخَالِدُ بنُ أَبِي عِمْرَانَ، وَخَالِدُ بنُ الحَارِثِ، وَخَالِدُ بنُ يَزِيْدَ القُشَيْرِيُّ، وَخَالِدٌ العَبْدُ، وَخَالِدُ بنُ رَبَاحٍ، وَخَالِدُ بنُ إِلْيَاسَ، وَالخَلِيْلُ بنُ مُرَّةَ، وَخَارِجَةُ بنُ مُصْعَبٍ، وَالخُصَيْبُ بنُ نَاصِحٍ، وَخَاقَانُ بنُ الحَجَّاجِ، وَالخَلِيْلُ بنُ مُوْسَى.
وَدَاوُدُ بنُ الزِّبْرِقَانِ، وَدَاوُدُ العَطَّارُ، وَدَاوُدُ بنُ الأَسْوَدِ، وَدَاوُدُ الطَّائِيُّ، وَدَلْهَمٌ العِجْلِيُّ، وَدَلْهُمُ بنُ صَالِحٍ النُّمَيْرِيُّ، وَدُجَيْنُ بنُ ثَابِتٍ أَبُو الغُصْنِ اليَرْبُوْعِيُّ.
وَذَوَّادُ بنُ عُلْبَةَ.، وَرَوْحُ بنُ القَاسِمِ، وَرَوْحُ بنُ مُسَافِرٍ، وَرَحِيْلُ بنُ مُعَاوِيَةَ، وَرَقَبَةُ بنُ مَصْقَلَةَ، وَالرَّبِيْعُ بنُ صَبِيْحٍ، وَرَافِعُ بنُ اللَّيْثِ، وَرَوَّادُ بنُ الفَضْلِ، وَرَوَّادُ بنُ دَاوُدَ.
وَأَبُو عَمْرٍو بنُ العَلاَءِ زَبَّانُ، وَزَيْدُ بنُ يَحْيَى، وَزَيْدُ بنُ بَكْرِ بنِ حُبَيْشٍ، وَزَائِدَةُ بنُ قُدَامَةَ، وَزِيَادُ بنُ خَيْثَمَةَ، وَزِيَادُ بنُ سَعْدٍ، وَأَبُو مَعْشَرٍ زِيَادُ بنُ كُلَيْبٍ، وَزَكَرِيَّا بنُ مَنْظُوْرٍ، وَزَمْعَةُ بنُ

(6/212)


صَالِحٍ، وَالزُّبَيْرُ بنُ حَبِيْبٍ، وَزُفَرُ بنُ الهُذَيْلِ، وَزَكَرِيَّا بنُ مُسَافِرٍ، وَزُهَيْرُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَزُهَيْرُ بن معاوية.
والسفيانات، وَسُلَيْمَانُ الأَعْمَشُ، وَسُلَيْمَانُ بنُ حَيَّانَ أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ، وَسُلَيْمَانُ بنُ بِلاَلٍ، وَسُلَيْمَانُ بنُ قَرْمٍ، وَسُلَيْمَانُ بنُ عَمْرٍو أَبُو دَاوُدَ النَّخَعِيُّ، وَسُلَيْمَانُ بنُ مُسْلِمٍ، وَسُلَيْمَانُ بنُ عَيَّاشٍ، وَسَعِيْدُ بنُ دُرَيْكٍ، وَسَعِيْدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الجُمَحِيُّ، وَسَعِيْدُ بنُ أَبِي عَرُوْبَةَ، وَسَعِيْدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيُّ، وَسَعِيْدُ بنُ الحَسَنِ، وَسَعِيْدُ بنُ سَلَمَةَ بنِ أَبِي الحُسَامِ، وَسَعِيْدُ بنُ أَبِي سَعِيْدٍ الزُّبَيْدِيُّ، وَسَعِيْدُ بنُ خَالِدٍ القُرَشِيُّ، وَسُعَيْرُ بنُ الخِمْسِ، وَسُوَيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَسَعِيْدٌ الأَزْرَقُ، وَسَلاَّمُ بنُ سَعِيْدٍ القَطَّانُ، وَسَلاَّمُ بنُ أَبِي مطيع، وسلام ابن سُلَيْمٍ أَبُو الأَحْوَصِ، وَسَلْمُ بنُ رَزِيْنٍ، وَسَيْفُ بن محمد، وسلام بن مسكين، وسعد بنُ الحَسَنِ، وَسَابِقٌ البَرْبَرِيُّ، وَسُلَيْمَانُ بنُ أَبِي دَاوُدَ، وَسُلَيْمَانُ بنُ يَزِيْدَ الكَعْبِيُّ.
وَشُعْبَةُ، وَشَرِيْكٌ، وَشُعَيْبُ بنُ إِسْحَاقَ، وَشُعَيْبُ بنُ أَبِي حَمْزَةَ، وَشُعَيْبُ بنُ حَرْبٍ، وَشُجَاعُ بنُ الوَلِيْدِ، وَشَبِيْبُ بنُ شَيْبَةَ، وَشَبِيْبُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَشُبَيْلُ بن عزير، وَشَرْقِيُّ بنُ قَطَامِيٍّ.
وَصَفْوَانُ بنُ سُلَيْمٍ، وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ، وَالصَّلْتُ بنُ الحَجَّاجِ، وَالصَّبَّاحُ بنُ مُحَارِبٍ، وَالصَّبَّاحُ بنُ عُمَيْرٍ المُزَنِيُّ، وَصَدَقَةُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَصَالِحُ بنُ حَسَّانٍ، وَصَالِحُ بنُ قُدَامَةَ، وَالصَّبَّاحُ بنُ يَحْيَى.
وَالضَّحَّاكُ بنُ عُثْمَانَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ إِدْرِيْسَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَوْنٍ، وَعَبْدُ اللهِ ابن عَاصِمٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ نُمَيْرٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ الحَارِثِ الجُمَحِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ الزُّبَيْرِ، وَالِدُ مُصْعَبٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ عُرْوَةَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ طَلْحَةَ، وَعَبْدُ اللهِ الخُرَيْبِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ بِشْرٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ، وَالِدُ ابْنِ المَدِيْنِيِّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ فَرُّوْخٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ المُغِيْرَةِ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ قطَافٍ أَبُو بَكْرٍ النَّهْشَلِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ أَبُو أُوَيْسٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ فَرْقَدٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ الأَجْلَحِ الكِنْدِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ نَافِعٍ أَبُو يَعْقُوْبَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ محمد ابن زَاذَانَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ يَزِيْدَ الكُوْفِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ رَجَاءٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَيَّاشٍ القتباني، وعبيد الله بنُ عُمَرَ العُمَرِيُّ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ مُوْسَى العبسي، وعبيد الله ابن هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ سَعِيْدِ بنِ العَاصِ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ العَلاَءِ بنِ خَالِدٍ الحَنَفِيُّ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ الوَازِعِ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَاطِبٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عُمَيْرٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ حَكِيْمٍ المَدَنِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُعَاوِيَةَ بنِ عَاصِمٍ الزُّبَيْرِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ أَبُو ظَبْيَةَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَمْرٍو الأَوْزَاعِيُّ، وَعَبْدُ

(6/213)


الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي الزِّنَادِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُثْمَانَ أَبُو بَحْرٍ البَكْرَاوِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ الحَارِثِ بنِ هِشَامٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ ثَابِتِ بنِ ثَوْبَانَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ المَسْعُوْدِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بن زيد ابن أَسْلَمَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَغْرَاءَ، وَعَبْدُ المَلِكِ بن جريح، وَعَبْدُ المَلِكِ بنُ عَبْدِ الوَارِثِ، وَعَبْدُ المَلِكِ بنُ مُحَمَّدٍ، وَعَبْدُ المَلِكِ بنُ حُسَيْنٍ أَبُو مَالِكٍ النَّخَعِيُّ، وَعَبْدُ المَلِكِ بنُ قُدَامَةَ الجُمَحِيُّ وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَبِي حَازِمٍ وَعَبْدُ العَزِيْزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ مُسْلِمٍ القَسْمَلِيُّ وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ المُخْتَارِ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ الحُصَيْنِ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عِمْرَانَ، وَعَبْدُ الوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، وَعَبْدُ الوَهَّابِ بنُ عَطَاءٍ الخَفَّافُ، وَعَبْدُ المَجِيْدِ الثَّقَفِيُّ، وَالِدُ عَبْدِ الوَهَّابِ، وَعَبْدُ الوَهَّابِ بنُ مُجَاهِدٍ، وَعَبْدُ القَاهِرِ بنُ السَّرِيِّ، وَعَبْدُ الوَارِثِ بنُ سَعِيْدٍ، وَعَبْدُ الوَارِثِ بنُ صَخْرٍ، وَعَبْدُ القُدُّوْسِ بنُ بَكْرِ بنِ خُنَيْسٍ، وَعَبْدُ الحَكِيْمِ ابن مَنْصُوْرٍ، وَعَبْدُ الغَفَّارِ بنُ القَاسِمِ أَبُو مَرْيَمَ، وَعَبْدَةُ بنُ سُلَيْمَانَ، وَعُبَيْدَةُ بنُ أَبِي رَائِطَةَ، وَعُبَيْدَةُ بنُ الأَسْوَدِ، وَعُبَيْدُ بنُ القَاسِمِ البَصْرِيُّ، وَعَمَّارُ بنُ عُمَيْرٍ، وَعِصْمَةُ بنُ المُنْذِرِ، وَعَبَّادُ بنُ عَبَّادٍ المُهَلَّبِيُّ، وَعَبَّادُ بنُ العَوَّامِ، وَعَبَّادُ بنُ صُهَيْبٍ الكُلَيْبِيُّ، وَعَبَّادُ بنُ رَاشِدٍ، وَعَبَّادُ بنُ كَثِيْرٍ، وَعَبَّادُ بنُ مَنْصُوْرٍ، وَعُمَرُ بنُ عَلِيٍّ المُقَدَّمِيُّ، وَعُمَرُ بنُ حَبِيْبٍ القَاضِي، وَعُمَرُ بنُ عُبَيْدٍ، وَعُمَرُ بنُ صُهْيَانَ الأَسْلَمِيُّ، وَعُمَرُ بنُ أَبِي زَائِدَةَ، وَعُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ زَيْدٍ العُمَرِيُّ، وَعُمَرُ بنُ مُجَاشِعٍ، وَعُمَرُ بنُ هَارُوْنَ البَلْخِيُّ، وَعُمَرُ بنُ المُغِيْرَةِ، وَعُمَرُ بنُ رَبَاحٍ، وَعُمَرُ بنُ نَبْهَانَ، وَعُثْمَانُ بنُ فَرْقَدٍ العَطَّارُ، وَعُثْمَانُ بنُ الحَكَمِ الجُذَامِيُّ، وَعُثْمَانُ بنُ عُثْمَانَ، وَعُثْمَانُ بنُ مِكْيَلٍ، وَعُثْمَانُ بنُ مُخَارِقٍ، وَعُثْمَانُ بنُ خَالِدٍ، وَعَلِيُّ بنُ المُبَارَكِ، وَعَلِيُّ بنُ مُسْهِرٍ، وَعَلِيُّ بنُ هَاشِمِ بنِ البَرِيْدِ، وَعَلِيُّ بنُ ثَابِتٍ، وَعَلِيُّ بنُ عَلِيٍّ الرِّفَاعِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ غُرَابٍ، وَعَلِيُّ بنُ مُصْعَبٍ، وَالعَلاَءُ بنُ رَاشِدٍ، وَالعَلاَءُ بنُ المِنْهَالِ، وَعِيْسَى بنُ مَيْمُوْنٍ، وَعِيْسَى بنُ يُوْنُسَ، وَعِيْسَى بنُ مَاهَانَ أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، وَعِمْرَانُ القَطَّانُ، وَعِمْرَانُ بنُ أَبِي الفَضْلِ، وَعَتَّابُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ شَوْذَبٍ، وَعَثَّامُ بنُ عَلِيٍّ، وَعِصْمَةُ بنُ مُحَمَّدٍ الزُّرَقِيُّ، وَعِصْمَةُ بنُ عِيَاضٍ، وَعِصْمَةُ بنُ المُنْذِرِ، وَعَاصِمٌ غَيْرُ مَنْسُوْبٍ، وَعُقْبَةُ بنُ خَالِدٍ السَّكُوْنِيُّ، وَعَمْرُو بنُ الحَارِثِ، وَعَمْرُو بنُ فَايِدٍ، وَعَمْرُو بنُ هاشم الجنبي، وعمرو بن خَلِيْفَةَ الأَعْشَى أَبُو يُوْسُفَ، وَعَطَاءُ بنُ السَّائِبِ، وَعَطَاءُ بنُ عُرْوَةَ، وَعَمْرُو بنُ عُثْمَانَ الجُعْفِيُّ، وَعَطَّافُ بنُ خَالِدٍ، وَعَنْبَسَةُ بنُ سَعِيْدٍ، وَعَنْبَسَةُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ، وَعَابِدُ بنُ حَبِيْبٍ، وَعَبَايَةُ بنُ عُمَرَ، وَعِكْرِمَةُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَعُقَيْلُ بنُ خَالِدٍ، وَعُمَارَةُ بنُ غَزِيَّةَ، وَعَدِيُّ بنُ الفَضْلِ، وَعَرْعَرَةُ بنُ البِرِنْدِ، وَعُبَيْسُ بنُ مَيْمُوْنٍ، وَعَلِيُّ بنُ حَيٍّ، وَعَبْدُ الوَهَّابِ الحَجَبِيُّ، وَعَمَّارُ بنُ رُزَيْقٍ، وَعَاصِمُ بنُ سُلَيْمَانَ، وَعَبْدُ الأَعْلَى بنُ سُلَيْمَانَ الزَّرَّادُ، وَعُمَرُ بنُ عَبْدِ الغَافِرِ، وَعِمْرَانُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ العَوْفِيُّ، وَعَمَّارُ بنُ سَيْفٍ، وَعُثْمَانُ بنُ زَائِدَةَ.

(6/214)


وَغَالِبُ بنُ فَائِدٍ.
وَالفَضْلُ بنُ مُوْسَى, وَالفَضْلُ بنُ خَالِدٍ أَبُو مُعَاذٍ النَّحْوِيُّ، وَفُلَيْحُ بنُ سُلَيْمَانَ، وَفُلَيْحُ بنُ مُسْلِمٍ الحَجَبِيُّ، وَفَرَجُ بنُ فَضَالَةَ، وَفَزَارَةُ بنُ جَرِيْرٍ.
وَالقَاسِمُ بنُ غُصْنٍ، وَالقَاسِمُ بنُ مَعْنٍ، وَالقَاسِمُ بنُ بَهْرَامَ، وَالقَاسِمُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ أَبُو العَتَاهِيَةِ، وَالقَاسِمُ بنُ يَحْيَى، وَقُطْبَةُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَقُطْبَةُ بنُ العَلاَءِ، وَقُرَّانُ بنُ تَمَّامٍ، وَقَيْسُ بنُ الرَّبِيْعِ.
وَكَثِيْرُ بنُ جَعْفَرِ بنِ أَبِي كَثِيْرٍ، وَكَثِيْرُ بنُ همام، وَكِنَانَةُ بنُ جَبَلَةَ، وَأُمُّ كُلْثُوْمٍ بِنْتُ عُثْمَانَ بنِ مُصْعَبٍ.، وَلَوْذَانُ بنُ سُلَيْمَانَ، وَاللَّيْثُ، وَمَالِكٌ، ومالك بن سعير، ومسلمة بن سعيد ابن عَبْدِ المَلِكِ، وَمَسْلَمَةُ بنُ قَعْنَبٍ، وَمَسْلَمَةُ بنُ عَلِيٍّ، وَمُبَارَكُ بنُ فَضَالَةَ، وَمُبَارَكُ بنُ مُجَاهِدٍ الخُرَاسَانِيُّ، وَمُفَضَّلُ بنُ صَالِحٍ أَبُو جَمِيْلَةَ، وَمُفَضَّلُ بنُ فَضَالَةَ، وَمُغِيْرَةُ بنُ مُطَرِّفٍ، وَمُغِيْرَةُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمُوْسَى بنُ يَعْقُوْبَ الزَّمْعِيُّ، وَمُوْسَى بنُ عُقْبَةَ، وَمَعْمَرٌ، وَمُحَاضِرُ بنُ المُوَرِّعِ، وَمُعَافَى بنُ عِمْرَانَ، وَلَمْ يَلْحَقْهُ، وَمَهْدِيُّ بنُ مَيْمُوْنٍ المِعْوَلِيُّ، وَالمُسَيِّبُ بنُ شَرِيْكٍ، وَمُسْلِمٌ الزَّنْجِيُّ، وَمُصْعَبُ بنُ المِقْدَامِ، وَمُصْعَبُ بنُ ثَابِتٍ، وَمُصْعَبُ بنُ سَلاَّمٍ، وَمِسْعَرٌ، وَمُهَلَّبُ بنُ أَبِي عِيْسَى، وَمَرْوَانُ بنُ مُعَاوِيَةَ، وَمَطَرٌ الوَرَّاقُ، وَهُوَ أَقدَمُ مِنْهُ، وَمَنْصُوْرُ بنُ أَبِي الأَسْوَدِ، وَمِشْمَعِلُّ بنُ مِلْحَانَ، وَوَالِدُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ المُنْذِرِ الحِزَامِيِّ، وَمُجَاشِعُ بنُ عَمْرٍو، وَالمُحَبَّرُ بنُ قَحْذَمٍ، وَمُرَجَّى بنُ رَجَاءٍ، وَمَرْوَانُ بنُ جَنَاحٍ، وَمُؤَمَّلُ بنُ هَارُوْنَ، وَمُعَاوِيَةُ الضَّالُّ1، وَمُعَلَّى بنُ هِلاَلٍ، وَمُقَاتِلُ بنُ حَيَّانَ، وَمَنْدَلُ بنُ عَلِيٍّ، وَمَيْمُوْنُ بنُ تَوْبَةَ.
وَنُوْحُ بنُ أَبِي مَرْيَمَ الجَامِعُ، وَنُوْحُ بنُ دَرَّاجٍ، وَنُوْحُ بنُ ذَكْوَانَ، وَنُوْحُ بنُ قَيْسٍ، وَالنَّضْرُ بنُ شُمَيْلٍ، وَالنَّضْرُ بنُ مُحَمَّدٍ العَامِرِيُّ المَرْوَزِيَّانِ، وَنَصْرُ بنُ طَرِيْفٍ، وَنَصْرُ بنُ قَابُوْسٍ، وَنَصْرُ بنُ بَابٍ، وَأَبُو حَنِيْفَةَ النُّعْمَانُ، وَنُعَيْمُ بنُ المُوَرِّعِ، وَأَبُو مَعْشَرٍ نَجِيْحٌ، وَنَجِيْحٌ العَطَّارُ، وَنَافِعٌ المقرىء، ونافع بن يزيد.
__________
1 هو: معاوية بن عبد الكريم الثقفي، أبو عبد الرحمن البصري، المعروف بالضال، وهو ليس بضال في الدين، بل هو ثقة، من عقلاء أهل البصرة، وهو مولى أبي بكر. قيل له: الضال؛ لأنه ضل طريق مكة كما ذكره السمعاني والأزدي, ونقله الحافظ في تهذيب التهذيب، مات سنة مائة وثمانين وقد قارب المائة، وهو من صغار الطبقة السادسة، وهي طبقة صغار التابعين الذين لم يثبت لهم لقاء أحد من الصحابة.

(6/215)


وَوَكِيْعٌ، وَوُهَيْبٌ، وَأَبُو عَوَانَةَ، وَضَّاحٌ، وَوَهْبُ بنُ، وَهْبٍ أَبُو البَخْتَرِيِّ، وَهِشَامُ بنُ عَبْدِ اللهِ المخزومي، وهشام بن حسان، وهشام بن زياد، وهشام ابن يَحْيَى الغَسَّانِيُّ، وَهِشَامُ بنُ أَبِي خُبْزَةَ، وَهَمَّامُ بنُ يَحْيَى، وَهُدْبَةُ بنُ المِنْهَالِ، وَالهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ.
وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَمَاتَ قَبْلَه، وَيَحْيَى بنُ أَبِي كَثِيْرٍ كَذَلِكَ، وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدِ بنِ العَاصِ، وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأُمَوِيُّ، وَيَحْيَى بنُ مُحَمَّدٍ أَبُو زُكَيْرٍ، وَيَحْيَى بنُ أَبِي زَائِدَةَ، وَيَحْيَى بنُ دِيْنَارٍ أَبُو هَاشِمٍ الرُّمَّانِيُّ، وَيَحْيَى بنُ زَكَرِيَّا الغَسَّانِيُّ، وَيَحْيَى بنُ سُلَيْمٍ الطَّائِيُّ، وَيَحْيَى بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ سَالِمٍ، وَيَحْيَى بنُ عِيْسَى الرَّمْلِيُّ، وَيَحْيَى بنُ يُوْنُسَ، وَيَحْيَى بنُ هَاشِمٍ السِّمْسَارُ التَّالِفُ1، وَيَحْيَى بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ أَبِي غَنِيَّةَ، وَيَحْيَى بن عمير مولى بني هاشم، وَيَحْيَى بنُ أَبِي زَكَرِيَّا، وَيَحْيَى بنُ يَعْلَى، وَيَحْيَى بنُ الحَارِثِ المُرْهِبِيُّ، وَيَحْيَى بنُ كَثِيْرٍ، وَيَعْقُوْبُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَيَعْقُوْبُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدٍ قُلْتُ مَا لَحِقَهُ أَبَداً بَلْ ذَا يَعْقُوْبُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ مَدَنِيٌّ، وَيَعْقُوْبُ أَبُو يُوْسُفَ القَاضِي، وَيَعْقُوْبُ بنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ، وَيَعْقُوْبُ بنُ أَبِي المُتَّئِدِ، وَأَبُو يُوْسُفَ يَعْقُوْبُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ خَلِيْفَةَ الأَعْشَى، وَيُقَالُ اسْمُهُ عَمْرٌو كَمَا مَرَّ، وَيَعْقُوْبُ أَصَحُّ، وَيَعْقُوْبُ بنُ الوَلِيْدِ المدني، ويزيد بن سنان الرهاوي، ويزيد ابن عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ سِيَاه، وَيَزِيْدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الهَادِ، وَمَاتَ قَبْلَهُ، وَيَزِيْدُ بنُ زُرَيْعٍ، وَيَزِيْدُ بنُ عِيَاضٍ، وَيَاسِيْنُ بنُ مُعَاذٍ الزيات، ويعلى بن عبيد، ويونس ابن رَاشِدٍ، وَيُوْنُسُ بنُ يَزِيْدَ، وَيُوْنُسُ بنُ عُبَيْدٍ، وَمَاتَ قَبْلَهُ، وَيُوْنُسُ بنُ بُكَيْرٍ الكُوْفِيُّ.
وَأَبُو بَكْرٍ النَّهْشَلِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي سَبْرَةَ، وأبو بكر بن عياش، وأبو سهل الخرساني، وَأَبُو إِسْمَاعِيْلَ المُؤَدِّبُ إِبْرَاهِيْمُ، وَأَبُو مَرْوَانَ الغَسَّانِيُّ، وَغَيْرُهُم.
وَتَابَعَ هِشَاماً عَلَيْه الزُّهْرِيُّ، وَأَبُو الأَسْوَدِ يَتِيْمُ عُرْوَةَ، وَيَحْيَى بنُ أَبِي كَثِيْرٍ، وَرَوَاهُ عُمَرُ بنُ الحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرِو بنِ العَاصِ فَقَالَ: عَنْ أَبِيْهِ عَمْرٍو، وَقِيْلَ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَخَوَيْهِ يَحْيَى، وَعُثْمَانَ، عَنْ أَبِيْهِمَا، وَلَمْ يَصِحَّ.
رَوَى عَبْدُ اللهِ بنُ مُصْعَبٍ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ قَالَ، وَضَعَ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ، وَالِدُ المنصور وصيته عندي.
__________
1 يحيى بن هاشم السمسار، أبو زكريا الغساني الكوفي، كذبه ابن معين. وقال النسائي وغيره: متروك وقال ابن عدي: كان ببغداد يصنع الحديث ويسرقه. وقال صالح جزرة: رأيت يحيى بن هاشم وكان يكذب في الحديث.

(6/216)


وَرَوَى الزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ، عَنْ عُثْمَانَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: قَالَ المَنْصُوْرُ لِهِشَامِ بنِ عُرْوَةَ: يَا أَبَا المُنْذِرِ تَذْكُرُ يَوْمَ دَخَلْتُ عَلَيْكَ أَنَا وَإِخْوَتِي مَعَ أَبِي, وَأَنْتَ تَشرَبُ سَوِيْقاً بِقَصَبَةِ يَرَاعٍ? فَلَمَّا خَرَجنَا, قَالَ أَبُوْنَا: اعرفوا لهذا الشيخ حقه, فإنه لا يَزَالُ فِي قَوْمِكُم بَقِيَّةٌ مَا بَقِيَ؟ قَالَ: لاَ أَذْكُرُ ذَلِكَ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ. قَالَ: فَلِيْمَ فِي ذَلِكَ. فَقَالَ: لَمْ يُعَوِّدْنِي اللهُ فِي الصِّدْقِ إلَّا خَيْراً.
يُوْنُسُ بنُ بُكَيْرٍ، عَنْ هِشَامٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ لَهُ جُمَّةٌ تَضرِبُ أَطرَافَ مَنْكِبَيْهِ.
عَلِيُّ بنُ مُسْهِرٍ: عَنْ هِشَامٍ, قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ إِذَا صَلَّى العَصْرَ, صَفَّنَا خَلْفَهُ, فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ, وَرَأَيْتُهُ يَصعَدُ المِنْبَرَ وَفِي يَدِهِ عَصَا, فَيُسَلِّمُ, ثُمَّ يَجْلِسُ, وَيُؤَذِّنُ المُؤَذِّنُوْنَ, فَإِذَا فَرَغُوا قَامَ فَتَوَكَّأَ عَلَى العَصَا, فَخَطَبَ.
عُمَرُ بنُ عَلِيٍّ المُقَدَّمِيُّ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ, أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى المَنْصُوْرِ, فَقَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ اقْضِ عَنِّي دَيْنِي قَالَ: وَكَمْ دَيْنُكَ? قَالَ: مائَةُ أَلْفٍ. قَالَ: وَأَنْتَ فِي فِقْهِكَ وَفَضْلِكَ تَأخُذُ مائَةَ أَلْفٍ, لَيْسَ عِنْدَكَ قَضَاؤُهَا قَالَ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ شَبَّ فِتْيَانٌ مِنْ فِتْيَانِنَا فَأَحْبَبْتُ أَنْ أُبَوِّئَهُم وَاتَّخَذْتُ لَهُم مَنَازِلَ وَأَوْلَمْتُ عَنْهُم خَشِيْتُ أَنْ يَنتَشِرَ عَلَيَّ مِنْ أَمرِهِم مَا أَكْرَهُ فَفَعَلتُ ثِقَةً بِاللهِ وَبأَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ1. قَالَ: فَرَدَدَ عَلَيْهِ مائَةَ أَلْفٍ اسْتِعظَاماً لَهَا ثُمَّ قَالَ: قَدْ أَمَرْنَا لَكَ بِعَشْرَةِ آلاَفٍ فَقَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ فَأَعْطِنِي مَا أَعْطَيْتَ, وَأَنْتَ طَيِّبُ النَّفسِ, فَإِنِّي سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ: عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ أَعْطَى عَطِيَّةً وَهُوَ بِهَا طَيِّبُ النَّفْسِ بُوْرِكَ لِلْمُعْطِي وَالآخِذِ"2.
قَالَ: فَإِنِّي طَيِّبُ النَّفْسِ بها. هذا حديث مرسل.
وَرُوِيَ أَنَّ هِشَاماً أَهوَى إِلَى يَدِ أَبِي جَعْفَرٍ لِيُقَبِّلَهَا, فَمَنَعَهُ, وَقَالَ: يَا ابْنَ عُرْوَةَ! إنا نكرمك عنها, ونكرمها عن غيرك.
__________
1 هذا يخالف ما ورد عن حذيفة بن اليمان عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لا تقولوا ما شاء الله وشاء فلان، ولكن قولوا ما شاء الله ثم شاء فلان" أخرجه أبو داود "4980"، والنسائي في "اليوم والليلة" "985"، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" "236"، والبيهقي "3/ 216"، والطيالسي "430"، وأحمد "5/ 384 و394 و398" من طرق عن شعبة، عن منصور بن المعتمر، سمعت عبد الله بن يسار، عن حذيفة، به.
قلت: وإسناده صحيح، رجاله ثقات رجال البخاري ومسلم خلا عبد الله بن يسار الجهني الكوفي، وهو ثقة روى له أبو داود والنسائي.
2 ضعيف: في إسناده علتان: الإرسال الثانية عمر بن علي المقدمي، كان يدلس تدليسا شديدا، وقد عنعنه.

(6/217)


قُلْتُ: كَانَ يَرَى لَهُ لِشَرَفِهِ, وَعِلمِهِ, وَلِكَونِهِ مِنْ أَوْلاَدِ صَفِيَّةَ أُخْتِ العَبَّاسِ.
وَقَالَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: هِشَامٌ ثَبْتٌ, لَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ مَصِيْرِهِ إِلَى العِرَاقِ, فَإِنَّهُ انبَسَطَ فِي الرِّوَايَةِ, وَأَرْسَلَ عَنْ أَبِيْهِ مِمَّا كَانَ سَمِعَهُ مِنْ غَيْرِ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِيْهِ.
قُلْتُ: فِي حَدِيْثِ العِرَاقِيِّيْنَ، عَنْ هِشَامٍ أَوهَامٌ تُحْتَمَلُ, كَمَا وَقَعَ فِي حَدِيْثِهِم، عَنْ مَعْمَرٍ أَوهَامٌ.
وَضَبَطَ جَمَاعَةٌ وَفَاةَ هِشَامٍ بِبَغْدَادَ, فِي سَنَةِ سته وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ وَصَلَّى عَلَيْهِ أَبُو جَعْفَرٍ المَنْصُوْرُ وَشَذَّ: الفَلاَّسُ فَقَالَ: سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ. وَقِيْلَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَقِيْلَ: عَاشَ سَبْعاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً. وَقِيْلَ غَيْرُ ذَلِكَ.
وَقَعَ لِي الكَثِيْرُ مِنْ عَوَالِيْهِ, حَتَّى فِي "الجَامِعِ الصَّحِيْحِ" مِنْ رِوَايَةِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ مُوْسَى, عَنْهُ وَأَعْلَى مِنْ ذَلِكَ: مَا حَدَّثَنَا وَأَخْبَرَنَا، عَنْ عُمَرَ بنِ طَبَرْزَدْ سَمَاعاً، أَنْبَأَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ الحُصَيْنِ, أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ غَيْلاَنَ, أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ غَالِبٍ تَمْتَامٌ, حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ هَاشِمٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُحِبُّ الحَلْوَاءَ وَالعَسَلَ لَكِنَّ يَحْيَى السِّمْسَارَ لَيْسَ بِثِقَةٍ1. وَأَمَّا المتن ففي الصحاح.
وَحَدِيْثُ هِشَامٍ لَعَلَّهُ أَزْيَدُ مِنْ أَلفِ حَدِيْثٍ والله أعلم.
__________
1 سبق ترجمتنا له قريبا في تعليقنا رقم "240"، وهو كذاب، وقد ورد عن عائشة -رضي الله عنها- قَالَتْ: كَانَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ الحلوى والعسل" أخرجه البخاري "5431"، ومسلم "1474" "21"، وأبو داود "3751"، والترمذي "1831"، وابن ماجه "3323"، من طريق أبي أسامة قال: حدثنا هشام بن عروة، به.

(6/218)


843- إسحاق بن سويد 1: "خ، م، د، س"
ابن هبيرة التميمي, البَصْرِيُّ, أَحَدُ الثِّقَاتِ.
حَدَّثَ عَنِ: ابْنِ عُمَرَ, وَمُعَاذَةَ العَدَوِيَّةَ, وَأَبِي قَتَادَةَ تَمِيْمِ بنِ نُذَيْرٍ العدوي, وعبد الرحمن بن أبي بكر الثَّقَفِيِّ, وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ الحَمَّادَانِ2, وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عُلَيَّةَ وَعَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ أَحْمَدُ, وَابْنُ مَعِيْنٍ, وَكَانَ كَبِيْرَ السِّنِّ. مَاتَ فِي سنة إحدى وثلاثين ومائة.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 1242"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 766"، الوافي بالوفيات "8/ 414"، تهذيب التهذيب "1/ 236".
2 الحمادان: هما حماد بن سلمة، وحماد بن زيد.

(6/218)


عطاء بن أبي ميمونة، أبو مسلم الخُرساني:
844- عَطَاءُ بنُ أَبِي مَيْمُوْنَةَ 1: "خَ، م، د، س، ق"
بَصْرِيٌّ, حُجَّةٌ حَدَّثَ، عَنْ عِمْرَانَ بنِ حُصَيْنٍ -فَلَعَلَّهُ مُرْسَلٌ- وَعَنْ: جَابِرِ بنِ سَمُرَةَ وَأَنَسٍ, وَجَمَاعَةٍ.
وَعَنْهُ: خَالِدٌ الحَذَّاءُ, وَرَوْحُ بنُ ,القَاسِمِ وَشُعْبَةُ, وَحَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ.
وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِيْنٍ, وَقَالَ: هُوَ وَوَلَدُهُ قَدَرِيَّانِ.
قِيْلَ: مات سنة إحدى وثلاثين ومائة.
845- أبو مسلم الخراساني 2:
اسْمُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُسْلِمٍ وَيُقَالُ: عَبْدُ الرحمن بن عثمان بن يسار الخرساني, الأَمِيْرُ, صَاحِبُ الدَّعوَةِ, وَهَازِمُ جُيُوْشِ الدَّولَةِ الأُمَوِيَّةِ, وَالقَائِمُ بِإِنشَاءِ الدَّولَةِ العَبَّاسِيَّةِ.
كَانَ مِنْ أَكْبَرِ المُلُوْكِ فِي الإِسْلاَمِ, كَانَ ذَا شَأْنٍ عَجِيْبٍ, وَنَبَأٍ غَرِيْبٍ, مِنْ رَجُلٍ يَذْهَبُ عَلَى حِمَارٍ بِإِكَافٍ مِنَ الشَّامِ حَتَّى يَدْخُلَ خُرَاسَانَ, ثُمَّ يَملِكُ خُرَاسَانَ بَعْدَ تِسْعَةَ أَعْوَامٍ, وَيَعُودُ بِكَتَائِبَ أمثال الجبال, ويقلب الدولة, وَيُقِيْمُ دَوْلَةً أُخْرَى.
ذَكَرَهُ القَاضِي شَمْسُ الدِّيْنِ بنِ خَلِّكَانَ فَقَالَ: كَانَ قَصِيْراً, أَسْمَرَ, جَمِيْلاً, حُلْواً, نَقِيَّ البَشْرَةِ, أَحوَرَ العَيْنِ, عَرِيْضَ الجَبهَةِ, حَسَنَ اللِّحْيَةِ, طَوِيْلَ الشَّعْرِ طَوِيْلَ الظَّهْرِ خَافِضَ الصَّوْتِ فَصِيْحاً بِالعَرَبِيَّةِ وَبِالفَارِسِيَّةِ حُلْوَ المَنْطِقِ, وَكَانَ رَاوِيَةً لِلشِّعْرِ عَارِفاً بِالأُمُوْرِ لَمْ يُرَ ضَاحِكاً وَلاَ مَازِحاً إلَّا فِي وَقْتِهِ وَكَانَ لاَ يَكَادُ يُقَطِّبُ فِي شَيْءٍ مِنْ أَحوَالِهِ.
تَأْتِيْهِ الفتوحات العظام, فلا يظهر عليه السُّرُوْرِ, وَتَنْزِلُ بِهِ الفَادِحَةُ الشَّدِيْدَةُ فَلاَ يُرَى مُكْتَئِباً وَكَانَ إِذَا غَضِبَ لَمْ يَسْتَفِزَّهُ الغَضَبُ إِلَى أَنْ قَالَ: وَكَانَ لاَ يَأْتِي النِّسَاءَ فِي العَامِ إلَّا مَرَّةً, يُشِيْرُ إِلَى شَرَفِ نفسه وتشاغلها بأعباء الملك.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 245"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 3012"، المعرفة والتاريخ "2/ 114" و"3/ 123 و397"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1862"، الكاشف "2/ ترجمة 3861"، ميزان الاعتدال "3/ 76"، تهذيب التهذيب "7/ 215"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4862".
2 ترجمته في تاريخ بغداد "10/ 207"، وفيات الأعيان لابن خلكان "3/ ترجمة 372"، تاريخ الإسلام "5/ 198 و213 و322"، ميزان الاعتدال "2/ 589"، لسان الميزان "3/ 436"، شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "1/ 179".

(6/219)


قِيْلَ: مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ مائَةٍ, وَأَوَّلُ ظُهُوْرِهِ كان بمرو في شهر رمضان يوم الجُمُعَةِ مِنْ سَنَةِ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ, وَمُتَوَلِّي خُرَاسَانَ إِذْ ذَاكَ الأَمِيْرُ نَصْرُ بنُ سَيَّارٍ اللَّيْثِيُّ نَائِبُ مَرْوَانَ بنِ مُحَمَّدٍ الحِمَارِ خَاتِمَةُ خُلَفَاءِ بَنِي مَرْوَانَ ... , إِلَى أَنْ قَالَ: فَكَانَ ظُهُوْرُهُ يَوْمَئِذٍ فِي خَمْسِيْنَ رَجُلاً, وَآلَ أَمرُهُ إِلَى أَنْ هَرَبَ مِنْهُ نَصْرُ بنُ سَيَّارٍ قَاصِداً العِرَاقَ, فَنَزَلَ بِهِ المَوْتُ بِنَاحِيَةِ سَاوَةَ, وَصَفَا إِقْلِيْمُ خُرَاسَانَ لأَبِي مُسْلِمٍ صَاحِبِ الدَّعوَةِ فِي ثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِيْنَ شَهْراً.
قَالَ: وَكَانَ أَبُوْهُ مِنْ أَهْلِ رُسْتَاقِ فريذينَ, مِنْ قَرْيَةٍ تُسَمَّى: سنجردَ, وَكَانَتْ هِيَ وَغَيْرُهَا مُلْكاً لَهُ, وَكَانَ يَجلِبُ فِي بَعْضِ الأَوقَاتِ مَوَاشِيَ إِلَى الكُوْفَةِ, ثُمَّ إِنَّهُ قَاطَعَ عَلَى رُسْتَاقِ فريذينَ -يَعْنِي: ضَمِنَهُ- فَغَرِمَ, فَنَفَذَ إِلَيْهِ عَامِلُ البَلَدِ مَنْ يُحْضِرُهُ فَهَرَبَ بِجَارِيَتِهِ وَهِيَ حُبْلَى, فَوَلَدَتْ لَهُ هَذَا فَطَلَعَ ذَكِيّاً وَاخْتَلَفَ إِلَى الكُتَّابِ وَحَصَّلَ. ثُمَّ اتَّصَلَ بِعِيْسَى بنِ مَعْقِلٍ, جَدِّ الأَمِيْرِ أَبِي دُلَفٍ العِجْلِيِّ, وَبأَخِيْهِ إِدْرِيْسَ بنِ مَعْقِلٍ فَحَبَسَهُمَا أَمِيْرُ العِرَاقِ عَلَى خَرَاجٍ انْكَسَرَ فَكَانَ أَبُو مُسْلِمٍ يَخْتَلِفُ إِلَيْهِمَا إِلَى السِّجْنِ وَيَتَعَهَّدُهُمَا وَذَلِكَ بِالكُوْفَةِ فِي اعْتِقَالِ الأَمِيْرِ خَالِدِ بنِ عَبْدِ اللهِ القَسْرِيِّ, فَقَدِمَ الكُوْفَةَ جَمَاعَةٌ مِنْ نُقَبَاءِ الإِمَامِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ وَالِدِ المَنْصُوْرِ, وَالسَّفَّاحِ فَدَخَلُوا عَلَى الأَخَوَيْنِ يُسَلِّمُوْنَ عَلَيْهمَا فَرَأَوْا عِنْدَهُمَا أَبَا مُسْلِمٍ فَأَعْجَبَهُم عَقْلُهُ, وَأَدبُهُ, وَكَلاَمُهُ, وَمَالَ هُوَ إِلَيْهِم, ثُمَّ إِنَّهُ عَرَفَ أَمْرَهُم وَدَعْوَتَهُم يَعْنِي إِلَى بَنِي العَبَّاسِ ,ثُمَّ هَرَبَ الأَخَوَانِ عِيْسَى وَإِدْرِيْسُ مِنَ السِّجْنِ فَلَزِمَ هُوَ النُّقَبَاءَ وَسَارَ صُحْبَتَهُم إِلَى مَكَّةَ فَأَحضَرُوا إِلَى إِبْرَاهِيْمَ بنِ الإِمَامِ وَقَدْ مَاتَ الإِمَامُ مُحَمَّدٌ عِشْرِيْنَ أَلْفَ دينار ومئتي أَلْفِ دِرْهَمٍ وَأَهْدَوْا لَهُ أَبَا مُسْلِمٍ فَأُعْجِبَ بِهِ وَقَالَ إِبْرَاهِيْمُ لَهُم هَذَا عُضْلَةٌ مِنَ العُضَلِ. فَأَقَامَ مُسْلِمٌ يَخدِمُ الإِمَامَ إِبْرَاهِيْمَ وَرَجَعَ النقباء إلى خراسان.
فقال: إني جَرَّبْتُ هَذَا الأَصْبَهَانِيَّ, وَعَرَفتُ ظَاهِرَهُ وَبَاطِنَهُ فَوَجَدتُهُ حَجَرَ الأَرْضِ ثُمَّ قَلَّدَهُ الأَمْرَ, وَنَدَبَهُ إِلَى المُضِيِّ إِلَى خُرَاسَانَ فَكَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ.
قَالَ المَأْمُوْنُ: أَجلُّ مُلُوْكِ الأَرْضِ ثَلاَثَةٌ الَّذِيْنَ قَامُوا بِنَقْلِ الدُّوَلِ وَهُم الإِسْكَنْدَرُ وَأَزْدَشِيْرُ وأبو مسلم.
قال أبو القاسم بن عَسَاكِرَ: ذَكَرَ أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ القَوَّاسِ فِي "تَارِيْخِهِ" قَدِمَ أَبُو مُسْلِمٍ هُوَ وَحَفْصُ بنُ سَلَمَةَ الخَلاَّلُ عَلَى إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدٍ الإِمَامِ فَأَمَرَهُمَا بِالمَصِيْرِ إِلَى خُرَاسَانَ وَكَانَ إِبْرَاهِيْمُ بِالحُمَيْمَةِ1 مِنْ أَرْضِ البلقَاءِ, إِذْ ذاك سمع أبو مسلم من عكرمة.
__________
1 الحميمة: بلدة من أعمال عمان.

(6/220)


هَكَذَا قَالَ الحَافِظُ أَبُو القَاسِمِ وَهَذَا غَلَطٌ, لَمْ يُدْرِكْهُ.
قَالَ: وَسَمِعَ ثَابِتاً البُنَانِيَّ, وَأَبَا الزُّبَيْرِ المَكِّيَّ, وَمُحَمَّدَ بنَ عَلِيٍّ الإِمَامَ, وَابْنَهُ, وَإِسْمَاعِيْلَ السُّدِّيَّ, وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ حَرْمَلَةَ.
رَوَى عَنْهُ: إِبْرَاهِيْمُ بنُ مَيْمُوْنٍ الصَّائِغُ, وَابْنُ شُبْرُمَةَ الفَقِيْهُ, وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُنِيْبٍ, وَعَبْدُ اللهِ بنُ ,المُبَارَكِ, وَغَيْرُهُم.
قُلْتُ: وَلاَ أَدْرَكَ ابْنُ المُبَارَكِ الرِّوَايَةَ عَنْهُ, بَلْ رَآهُ.
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَبِيْبٍ المَرْوَزِيُّ: حدثنا أبو يوسف محمد ابن عَبْدَكَ, حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بنُ بِشْرٍ, سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: قَامَ رَجُلٌ إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ وَهُوَ يَخْطُبُ, فَقَالَ: مَا هَذَا السَّوَادُ عَلَيْكَ? فَقَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَخَلَ مكة يوم الفتح, وعليه عمامة سوداء"1, وهذه ثِيَابُ الهَيْبَةِ, وَثِيَابُ الدَّولَةِ, يَا غُلاَمُ اضرِبْ عُنُقَهُ!.
وَقَالَ جَمَاعَةٌ: حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ أَحْمَدُ بنُ حَسَنِ بنِ هَارُوْنَ الرَّازِيُّ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي خُرَاسَانَ, حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ المَرْوَزِيُّ, حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُصْعَبٍ, حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدٍ الدَّاوُوْدِيُّ قَالَ: دَخَلَ رَجُلٌ وَعَلَى رَأْسِ أَبِي مُسْلِمٍ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ, فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالَ: اسْكُتْ, حَدَّثَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "دَخَلَ مَكَّةَ يَوْمَ الفَتْحِ وَعَلَى رَأْسِهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ" يَا غُلاَمُ اضْرِبْ عُنُقَهُ!.
وَرُوِيَتُ القِصَّةَ بِإِسْنَادٍ ثَالِثٍ مُظْلِمٍ.
قُلْتُ: كَانَ أَبُو مُسْلِمٍ سَفَّاكاً لِلدِّمَاءِ يَزِيْدُ عَلَى الحَجَّاجِ فِي ذَلِكَ وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ لِلدَّولَةِ لُبْسَ السَّوَادِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ جَرِيْرٍ فِي "تَارِيْخِهِ": ذَكَرَ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ -يَعْنِي: المَدَائِنِيَّ -أَنَّ حَمْزَةَ بنَ طَلْحَةَ السُّلَمِيَّ حَدَّثَهُ، عَنْ أَبِيْهِ, قَالَ: كَانَ بُكَيْرُ بنُ مَاهَانَ كَاتِباً لبَعْضِ عُمَّالِ السِّنْدِ, فَقَدِمَ, فَاجْتَمَعُوا بِالكُوْفَةِ فِي دَارٍ, فَغُمِزَ بِهِم, فَأُخِذُوا فَحُبِسَ بُكَيْرٌ, وَخُلِّيَ، عَنِ الآخَرِيْنَ, وَكَانَ فِي الحَبْسِ أَبُو عَاصِمٍ وَعِيْسَى العِجْلِيُّ, وَمَعَهُ أَبُو مُسْلِمٍ الخُرَاسَانِيُّ فَحَدَّثَهُ, فَدَعَاهُم بُكَيْرٌ فَأَجَابُوْهُ إِلَى رَأْيِهِ فَقَالَ لِعِيْسَى العِجْلِيِّ: مَا هَذَا الغُلاَمُ قَالَ: مَمْلُوْكٌ قَالَ: تبعه قَالَ: هُوَ لَكَ قَالَ: أُحِبُّ أَنْ تَأخُذَ ثمنه فأعطاه أربع مائة درهم.
__________
1 صحيح: أخرجه مسلم "1358" من حديث جابر بن عبد الله الأنصاري، وقد تقدم تخريجنا له.

(6/221)


ثُمَّ أُخْرِجُوا مِنَ السِّجْنِ, وَبَعَث بِهِ إِلَى إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدٍ, فَدَفَعَهُ إِبْرَاهِيْمُ إِلَى مُوْسَى السَّرَّاجِ, فَسَمِعَ مِنْهُ وحَفِظَ, ثُمَّ اخْتَلَفَ إِلَى خراسان.
وَقَالَ غَيْرُهُ: تَوَجَّهَ سُلَيْمَانُ بنُ كَثِيْرٍ, وَمَالِكُ بنُ الهَيْثَمِ, وَلاَهِزٌ, وَقَحْطَبَةُ بنُ شَبِيْبٍ مِنْ بِلاَدِ خُرَاسَانَ لِلْحَجِّ, فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ, فَدَخَلُوا الكُوْفَةَ فَأَتَوْا عَاصِمَ بنَ يُوْنُسَ العِجْلِيَّ, وَهُوَ فِي الحَبسِ فَبَدَأَهُم بِالدُّعَاءِ إِلَى وَلَدِ العَبَّاسِ, وَمَعَهُ عِيْسَى بنُ مَعْقِلٍ العِجْلِيُّ, وَأَخُوْهُ حَبَسَهُمَا عِيْسَى بنُ عُمَرَ أَمِيْرُ العِرَاقِ فِيْمَنْ حَبَسَ مِنْ عُمَّالِ خَالِدٍ القَسْرِيِّ هَكَذَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ قَالَ وَمَعَهُمَا أَبُو مُسْلِمٍ يَخدِمُهُمَا فَرَأَوْا فِيْهِ العَلاَمَاتِ فَقَالُوا: مِنْ أَيْنَ هَذَا الفَتَى? قَالَ: غُلاَمٌ مَعَنَا مِنَ السَّراجِينَ وَقَدْ كَانَ أَبُو مُسْلِمٍ إِذَا سَمِعَ عِيْسَى, وَإِدْرِيْسَ يَتَكَلَّمَانِ فِي هَذَا الرّأيِ بَكَى فَلَمَّا رأو ذَلِكَ دَعَوْهُ إِلَى مَا هُم عَلَيْهِ يَعْنِي: مَنْ نُصْرَةِ آلِ بَيْتِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَجَابَ.
قَالَ أَبُو الحَسَنِ بنُ رَزْقُوَيْه: أَنْبَأَنَا مُظَفَّرُ بنُ يَحْيَى, حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ المَرْثَدِيُّ, حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الطَّلْحِيُّ, حدثني أبو مسلم محمد بن المطلب ابن فَهْمٍ مِنْ وَلَدِ أَبِي مُسْلِمٍ صَاحِبِ الدَّعْوَةِ قَالَ: كَانَ اسْمُ أَبِي مُسْلِمٍ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عُثْمَانَ بنِ يَسَارٍ مِنْ وَلَدِ بزرجمهرَ, وَكَانَ يُكْنَى أَبَا إِسْحَاقَ وُلِدَ بِأَصْبَهَانَ, وَنَشَأَ بِالكُوْفَةِ, وَكَانَ أَبُوْهُ أَوْصَى إِلَى عِيْسَى السَّرَّاجِ فَحَمَلَهُ إِلَى الكُوْفَةِ, وَهُوَ ابْنُ سَبْعِ سِنِيْنَ فَقَالَ لَهُ:
إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ لَمَّا عزَمَ عَلَى تَوجِيْهِهِ إِلَى خُرَاسَانَ: غَيِّرِ اسْمَكَ فَإِنَّهُ لاَ يَتِمُّ لَنَا الأَمْرُ إلَّا بِتَغْيِيْرِ اسْمِكَ عَلَى مَا وَجَدْتُهُ فِي الكُتُبِ فَقَالَ: قَدْ سَمَّيتُ نَفْسِي عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ مُسْلِمٍ ثُمَّ تَكَنَّى أَبَا مُسْلِمٍ وَمَضَى لِشَأْنِهِ وَلَهُ ذؤابة فمضى على الحمار فَقَالَ لَهُ: خُذْ نَفَقَةً. قَالَ: ثُمَّ مَاتَ عِيْسَى السَّرَّاجُ, وَمَضَى أَبُو مُسْلِمٍ لِشَأْنِهِ, وَلَهُ تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَزَوَّجَهُ إِبْرَاهِيْمُ الإِمَامُ بَابْنَةِ أَبِي النَّجْمِ عِمْرَانَ الطَّائِيِّ, وَكَانَتْ بِخُرَاسَانَ فَبَنَى بِهَا.
ابْنُ دُرَيْدٍ: حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ, قَالَ حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ خُرَاسَانَ، عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: كُنْتُ أَطْلُبُ العِلْمَ, فَلاَ آتِي مَوْضِعاً إلَّا وَجَدْتُ أَبَا مُسْلِمٍ قَدْ سَبَقَنِي إِلَيْهِ, فَأَلِفْتُهُ فَدَعَانِي إِلَى مَنْزِلِهِ وَدَعَا بِمَا حَضَرَ ثُمَّ لاَعَبْتُهُ بِالشَّطْرَنْجِ وَهُوَ يَلهُوَ بِهَذَيْنِ البَيْتَيْنِ:
ذَرُوْنِي ذَرُوْنِي مَا قَرَرْتُ فَإِنَّنِي ... مَتَى مَا أُهِجْ حَرْباً تَضِيقُ بِكُم أَرْضِي
وَأَبْعَثُ فِي سُوْدِ الحَدِيْدِ إِلَيْكُمُ ... كَتَائِبَ سُوْدٍ طَالَمَا انْتَظَرَتْ نَهْضِي
قَالَ رُؤْبَةُ بنُ العَجَاجِ: كَانَ أَبُو مُسْلِمٍ عَالِماً بِالشِّعْرِ.
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الجُلُوْدِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ زَكَوَيْه, قَالَ: رُوِيَ لَنَا: أَنَّ أَبَا مُسْلِمٍ صَاحِبَ

(6/222)


الدَّولَةِ, قَالَ: ارْتَدَيْتُ الصَّبْرَ, وَآثَرْتُ الكِتْمَانَ, وَحَالَفْتُ الأَحزَانَ, وَالأَشجَانَ, وَسَامَحْتُ المَقَادِيرَ وَالأَحكَامَ حَتَّى أَدْرَكتُ بُغْيَتِي. ثُمَّ أَنْشَدَ:
قَدْ نِلْتُ بِالحزْمِ وَالكِتمَانِ ما عجزت ... عنه ملوك بني مروان إذا حَشَدُوا
مَا زِلْتُ أَضْرِبُهُم بِالسَّيْفِ فَانْتَبَهُوا ... مِنْ رَقْدَةٍ لَمْ يَنَمْهَا قَبْلَهُم أَحَدُ
طَفِقْتُ أَسْعَى عَلَيْهِم فِي دِيَارِهِمُ ... وَالقَوْمُ فِي مُلْكِهِمْ بِالشَّامِ قَدْ رَقَدُوا
وَمَنْ رَعَى غَنَماً فِي أَرْضِ مَسْبَعَةٍ ... وَنَامَ عَنْهَا تَوَلَّى رَعْيَهَا الأَسَدُ
وَرُوِيتُ هَذِهِ عَنِ الحَسَنِ بنِ عَقِيْلٍ التّبعِيِّ، عَنْ أَبِيْهِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ الفَرَّاءُ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ عَثَّامٍ يَقُوْلُ: قَالَ إِبْرَاهِيْمُ الصَّائِغُ: لَمَّا رَأَيْتُ العَرَبَ وَصَنِيْعَهَا, خِفْتُ إلَّا يَكُوْنَ للهِ فِيْهِم حَاجَةٌ, فَلَمَّا سَلَّطَ اللهُ عَلَيْهِم أَبَا مُسْلِمٍ رَجَوْتُ أَنْ تَكُوْنَ للهِ فِيْهِم حَاجَةٌ.
قُلْتُ: كَانَ أَبُو مُسْلِمٍ بَلاَءً عَظِيْماً عَلَى عَرَبِ خُرَاسَانَ, فَإِنَّهُ أَبَادَهُم بِحَدِّ السَّيفِ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ سَيَّارٍ فِي "تَارِيْخِ مَرْوَ": حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ رَشِيْدٍ العَنْبَرِيُّ, سَمِعْتُ يَزِيْدَ النَّحْوِيَّ يَقُوْلُ: أَتَانِي إِبْرَاهِيْمُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الصائغ, فقال لِي: مَا تَرَى مَا يَعْمَلُ هَذَا الطَّاغِيَةُ, إِنَّ النَّاسَ مَعَهُ فِي سَعَةٍ, غَيْرَنَا أَهْلَ العِلْمِ؟ قُلْتُ: لَوْ عَلِمتُ أَنَّهُ يَصْنَعُ بِي إِحْدَى الخَصْلَتَيْنِ لَفَعَلتُ, إِنْ أَمَرْتُ وَنَهَيْتُ يُقِيْلُ أَوْ يَقْتُلُ, وَلَكِنِّي أَخَافُ أَنْ يَبسُطَ عَلَيْنَا العَذَابَ, وَأَنَا شَيْخٌ كَبِيْرٌ, لاَ صَبْرَ لِي عَلَى السِّيَاطِ. فَقَالَ الصَّائِغُ: لَكِنِّي لاَ أَنْتَهِي عَنْهُ. فَذَهَبَ, فَدَخَلَ عَلَيْهِ, فَأَمَرَهُ وَنَهَاهُ, فَقَتَلَهُ.
وَذَكَرَ بَعْضُهُم: أَنَّ أَبَا مُسْلِمٍ كَانَ يَجْتَمِعُ -قَبْلَ أَنْ يَدْعُوَ- بِإِبْرَاهِيْمَ الصَّائِغِ, وَيَعِدُهُ بِإِقَامَةِ الحَقِّ, فَلَمَّا ظَهَرَ وَبَسَطَ يَدَه, دَخَلَ عَلَيْهِ, فَوَعَظَهُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَلاَّمٍ الجُمَحِيُّ: دَخَلَ أَبُو مُسْلِمٍ عَلَى أَبِي العَبَّاسِ السَّفَّاحِ, فَسَلَّمَ عَلَيْهِ, وَعِنْدَه أَخُوْهُ أَبُو جَعْفَرٍ, فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا مُسْلِمٍ هَذَا أَبُو جَعْفَرٍ فَقَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ هَذَا مَوْضِعٌ لاَ يُؤَدَّى فيهإلَّا حَقُّكَ.
وَكَانَتْ بِخُرَاسَانَ فِتَنٌ عَظِيْمَةٌ, وَحُرُوْبٌ مُتَوَاتِرَةٌ, فَسَارَ الكَرْمَانِيُّ فِي جَيْشٍ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ, فَالتَقَاهُ سَلْمُ بنُ أَحْوَزَ المَازِنِيُّ؛ متولي مروالروذ, فَانْهَزَمَ أَوَّلاً الكَرْمَانِيُّ, ثُمَّ كَرَّ عَلَيْهِم بِاللَّيلِ فَاقْتَتَلُوا, ثُمَّ إِنَّهُم تَهَادَنُوا. ثُمَّ سَارَ نَصْرُ بنُ سَيَّارٍ, فَحَاصَرَ الكَرْمَانِيَّ سِتَّةَ أَشْهُرٍ, وَجَرَتْ أُمُوْرٌ يَطُولُ شَرحُهَا, أَوْجَبَتْ ظُهُوْرَ أَبِي مُسْلِمٍ, لِخُلُوِّ الوَقْتِ لَهُ, فَقَتَلَ

(6/223)


الكَرْمَانِيَّ, وَلَحِقَ جُمُوْعَه شَيْبَانُ بنُ مَسْلَمَةَ السَّدُوْسِيُّ الخارجي, المتغلب على سرخس وطوس, فحاربم نَصْرُ بنُ سَيَّارٍ نَحْواً مِنْ سَنَةٍ وَنِصْفٍ ثُمَّ اصْطَلَحَ نَصْرٌ وَجُدَيْعُ بنُ الكَرْمَانِيِّ عَلَى أَنْ يُحَارِبُوا أَبَا مُسْلِمٍ فَإِذَا فَرَغُوا مِنْ حَرْبِه وَظَهَرُوا, نَظَرُوا فِي أَمرِهِم فَدَسَّ أَبُو مُسْلِمٍ إِلَى ابْنِ الكَرْمَانِيِّ يَخْدَعُه وَيَقُوْلُ إِنِّي مَعَكَ فَوَافَقَه ابْنُ الكَرْمَانِيِّ وَانْضَمَّ إِلَيْهِ فَحَارَبَا نَصْراً, وَعَظُمَ الخَطبُ.
ثُمَّ إِنَّ نَصْرَ بنَ يسار كَتَبَ إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ: أَنَا أُبَايِعُكَ, وَأَنَا أَحَقُّ بِكَ مِنِ ابْنِ الكَرْمَانِيِّ فَقَوِيَ أَمرُ أَبِي مُسْلِمٍ, وَكَثُرَتْ جُيُوْشُه, ثُمَّ عَجَزَ عَنْهُ نصر, وتقهقر إِلَى نَيْسَابُوْرَ, وَاسْتَولَى أَبُو مُسْلِمٍ عَلَى أَسبَابِه وَأَهْلِه ثُمَّ جَهَّزَ أَبُو مُسْلِمٍ جَيْشاً إِلَى سرخس, فقاتلهم فقتل شيبان وَقُتِلَتْ أَبْطَالُه ثُمَّ التَقَى جَيْشُ أَبِي مُسْلِمٍ, وَجَيْشُ نَصْرٍ, وَسَعَادَةُ أَبِي مُسْلِمٍ فِي إِقبَالٍ فَانْهَزَمَ أَصْحَابُ نَصْرٍ, وَتَأَخَّرَ هُوَ إِلَى قُوْمِسَ, ثُمَّ ظَفِرَ أَبُو مُسْلِمٍ بِسَلْمِ بنِ أَحْوَزَ الأَمِيْرِ فَقَتَلَه, وَاسْتَولَى عَلَى مَدَائِنِ خُرَاسَانَ فِي أَوَاخِرِ سَنَةِ ثَلاَثِيْنَ, وَظَفِرَ بِعَبْدِ اللهِ بنِ مُعَاوِيَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ الهَاشِمِيِّ, فَقَتَلَه.
ثُمَّ جَهَّزَ أَبُو مُسْلِمٍ قَحْطَبَةَ بنَ شَبِيْبٍ, فَالْتَقَى هُوَ وَنُبَاتَةُ بنُ حَنْظَلَةَ الكِلاَبِيُّ عَلَى جُرْجَانَ فَقَتَلَ الكِلاَبِيَّ, وَتَمَزَّقَ جَيْشُه, وَتَقَهقَرَ نَصْرُ بنُ سَيَّارٍ إِلَى وَرَاءَ, وَكَتَبَ إِلَى مُتَوَلِّي العِرَاقِ يَزِيْدَ بنِ عُمَرَ بنِ هُبَيْرَةَ وَالِي الخَلِيْفَةِ مَرْوَانَ يَسْتَصْرِخُ بِهِ وَلاَتَ حِيْنَ مَنَاصَ, وَكَثُرَتِ البُثُوقُ عَلَى مَرْوَانَ مِنْ خَوَارِجِ المَغْرِبِ, وَمِنَ القَائِمِيْنَ بِاليَمَنِ, وَبِمَكَّةَ, وَبِالجَزِيْرَةِ وَوَلَّتْ دَوْلَتُه فَجَهَّزَ ابْنُ هُبَيْرَةَ جَيْشاً عَظِيْماً, فَنَزَلَ بعضهم همدان وبعضهم بماه فالتقاهم قحطبة ابن شَبِيْبٍ بِنَوَاحِي أَصْبَهَانَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ, فَانْكَسَرَ جَيْشُ ابْنِ هُبَيْرَةَ, ثُمَّ نَازَلَ قَحْطَبَةُ نَهَاوَنْدَ يُحَاصِرُهَا, وَتَقَهقَرَ نَصْرُ بنُ سَيَّارٍ إِلَى الرَّيِّ.
ذَكَرَ ابْنُ جَرِيْرٍ: أَنَّ جَيْشَ ابْنِ هُبَيْرَةَ كَانُوا مائَةَ, أَلْفٍ عَلَيْهِم عَامِرُ بنُ ضُبَارَةَ, وَكَانَ قَحْطَبَةُ فِي عِشْرِيْنَ أَلْفاً, فَنَصَبَ قَحْطَبَةُ رُمْحاً عَلَيْهِ مُصْحَفٌ وَنَادَوْا: يَا أهل الشام ندعوكم إلى ما في المُصْحَفِ فَشَتَمُوهُم فَحَمَلَ قَحْطَبَةُ فَلَمْ يَطُلِ القِتَالُ حَتَّى انْهَزَمَ جُنْدُ مَرْوَانَ وَمَاتَ نَصْرُ بنُ سَيَّارٍ بِالرَّيِّ. وَقِيْلَ بِسَاوَةَ وَأَمَرَ أَوْلاَدَهُ أَنْ يَلْحَقُوا بِالشَّامِ وَكَانَ يُنشِدُ لَمَّا أَبْطَأَ عَنْهُ المدد:
أَرَى خَلَلَ الرَّمَادِ وَمِيضَ نَارٍ ... خَلِيقٌ أَنْ يَكُوْنَ لَهُ ضِرَامُ
فَإِنَّ النَّارَ بِالزَّنْدَيْنِ تُورَى ... وَإِنَّ الفِعلَ يَقْدُمُهُ الكَلاَمُ
وَإِنْ لَمْ يُطفِهَا عُقَلاَءُ قَوْمٍ ... يَكُوْنُ وَقُوْدَهَا جُثَثٌ وَهَامُ
أَقُوْلُ مِنَ التَّعَجُّبِ لَيْتَ شِعْرِي ... أَيَقْظَانٌ أُمَيَّةُ أَمْ نيام?!

(6/224)


وَكَتَبَ ابْنُ هُبَيْرَةَ إِلَى مَرْوَانَ الخَلِيْفَةِ يُخْبِرُه بِقَتلِ ابْنِ ضُبَارَةَ, فَوَجَّه لِنَجدَتِه حَوْثَرَةَ بنَ سُهَيْلٍ البَاهِلِيَّ فِي عَشْرَةِ آلاَفٍ مِنَ القَيْسِيَّةِ, فَتَجَمَّعَتْ عَسَاكِرُ مَرْوَانَ بِنَهَاوَنْدَ وَعَلَيْهِم مَالِكُ بنُ أَدْهَمَ فَحَاصَرَهُم قَحْطَبَةُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ, وَضَايَقَهُم حَتَّى أَكَلُوا دَوَابَّهُم مِنَ الجُوْعِ, ثُمَّ خَرَجُوا بِالأَمَانِ فِي شَوَّالٍ, وَقَتَلَ قَحْطَبَةُ وَجُوْهَ أُمَرَاءِ نَصْرِ بنِ سَيَّارٍ وَأَوْلاَدَه وَأَقبَلَ يُرِيْدُ العِرَاقَ, فَبَرَزَ لَهُ ابْنُ هُبَيْرَةَ, وَنَزَلَ بِقُربِ حُلْوَانَ, فَكَانَ فِي ثَلاَثَةٍ وَخَمْسِيْنَ أَلْفَ فَارِسٍ, وَتَقَارَبَ الجَمْعَانِ.
فَفِي هَذِهِ السَّنَةِ, سَنَةِ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ: تَحَوَّلَ أَبُو مُسْلِمٍ مِنْ مَرْوَ, فَنَزَلَ بِنَيْسَابُوْرَ, وَدَانَ لَهُ الإِقْلِيْمُ جَمِيْعُه ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ, فَبَلَغَ ابْنَ هُبَيْرَةَ أَنَّ قَحْطَبَةَ تَوَجَّه نَحْوَ المَوْصِلِ, فَقَالَ لأَصْحَابِهِ: مَا بَالُهُم تَنَكَّبُونَا؟ قِيْلَ: يُرِيْدُوْنَ الكُوْفَةَ فَرَحَلَ ابْنُ هُبَيْرَةَ رَاجعاً نَحْوَ الكُوْفَةِ, وَكَذَلِكَ فَعَلَ قَحْطَبَةُ ثُمَّ جَازَ قَحْطَبَةُ الفُرَاتَ فِي سَبْعِ مائَةِ فَارِسٍ وَتَتَامَّ إِلَى ابْنِ هُبَيْرَةَ نَحْوُ ذَلِكَ وَاقْتَتَلُوا, فَطُعِنَ قَحْطَبَةُ بنُ شَبِيْبٍ, ثُمَّ وَقَعَ فِي المَاءِ, فَهَلَكَ, وَلَمْ يَدرِ بِهِ قَوْمُه, وَلَكِنِ انْهَزَمَ أَيْضاً أَصْحَابُ ابْنِ هُبَيْرَةَ, وَغَرِقَ بَعْضُهم, وَرَاحَتْ أَثقَالُهُم.
قَالَ بَيْهَسُ بنُ حَبِيْبٍ: أَجْمَعَ النَّاسُ بَعْدَ أَنْ عَدَّيْنَا, فَنَادَى مُنَادٍ: مَنْ أَرَادَ الشَّامَ فَهَلُمَّ! فَذَهَبَ مَعَهُ عُنُقٌ مِنَ النَّاسِ, وَنَادَى آخَرُ: مَنْ أَرَادَ الجَزِيْرَةَ ... وَنَادَى ... آخَرُ مَنْ أَرَادَ الكُوْفَةَ وَتَفَرَّقَ الجَيْشُ إِلَى هَذِهِ النَّوَاحِي فَقُلْتُ مَنْ أَرَادَ وَاسِطَ فَهَلُمَّ. فَأَصبَحْنَا بِقَنَاطِرِ المُسَيِّبِ مَعَ الأَمِيْرِ ابْنِ هُبَيْرَةَ, فَدَخَلنَاهَا يَوْمَ عَاشُوْرَاءَ وَأَصبَحَ المُسَوِّدَةُ قَدْ فَقَدُوا أَمِيْرَهُم قَحْطَبَةَ ثُمَّ أَخْرُجُوْه مِنَ المَاءِ, وَدَفَنُوْهُ وَأَمَّرُوا مَكَانَه وَلَدَهُ الحَسَنَ بنَ قَحْطَبَةَ فَسَارَ بِهِم إِلَى الكُوْفَةِ فَدَخَلُوهَا يَوْمَ عَاشُوْرَاءَ أَيْضاً فَهَرَبَ مُتَوَلِّيْهَا زِيَادُ بنُ صَالِحٍ إِلَى وَاسِطَ.
وَتَرَتَّبَ فِي إِمْرَةِ الكُوْفَةِ لِلْمُسَوِّدَةِ أَبُو سَلَمَةَ الخَلاَّلُ. ثُمَّ سَارَ ابْنُ قَحْطَبَةَ, وَحَازِمُ بنُ خُزَيْمَةَ, فَنَازَلُوا وَاسِطَ, وَعَمِلُوا عَلَى أَنْفُسِهم خَنْدَقاً, فَعَبَّأَ ابْنُ هُبَيْرَةَ جُيُوْشَه, وَالتَقَاهُم فَانْكَسَرَ جَمعُه وَنَجَوْا إِلَى وَاسِطَ.
وَقُتِلَ فِي المَصَافِّ: يَزِيْدُ أَخُو الحَسَنِ بنِ قَحْطَبَةَ, وَحَكِيْمُ بنُ المُسَيِّبِ الجَدَلِيُّ وَفِي المُحَرَّمِ: قَتَلَ أَبُو مُسْلِمٍ جَمَاعَةً, مِنْهُمُ ابْنُ الكَرْمَانِيِّ, وَجَلَسَ عَلَى تَخْتِ المُلْكِ, وَبَايَعُوْهُ وَخَطَبَ وَدَعَا لِلسَّفَّاحِ.
وَفِي ثَالِثِ يَوْمٍ مِنْ رَبِيْعٍ الأَوَّلِ: بُوْيِعَ السَّفَّاحُ بِالخِلاَفَةِ, بِالكُوْفَةِ, فِي دَارِ مَوْلاَهُ الوَلِيْدِ بنِ سَعْدٍ. وَسَارَ الخَلِيْفَةُ مَرْوَانُ فِي مائَةِ أَلْفِ فَارِسٍ, حَتَّى نَزَلَ الزَّابَيْنِ دُوْنَ المَوْصِلِ, يَقْصِدُ العِرَاقَ فَجَهَّزَ السَّفَّاحُ لَهُ عَمَّه عَبْدَ اللهِ بنَ عَلِيٍّ فَكَانَتِ الوَقعَةُ عَلَى كُشَافٍ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ فَانْكَسَرَ مَرْوَانُ وَتَقَهقَرَ وَعَدَّى الفُرَاتَ وَقَطَعَ وَرَاءهُ الجِسْرَ وَقَصَدَ الشَّامَ لِيَتَقَوَّى وَيَلتَقِيَ ثَانِياً.

(6/225)


فَجَدَّ فِي طَلَبِه عَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيٍّ حَتَّى طَرَدَه عَنْ دِمَشْقَ وَنَازَلَهَا, وَأَخَذَهَا بَعْدَ أَيَّامٍ, وَبَذَلَ السَّيفَ, وَقَتَلَ بِهَا فِي ثَلاَثِ سَاعَاتٍ نَحْواً مِنْ خَمْسِيْنَ أَلفاً, غَالِبُهم مِنْ جُنْدِ بَنِي أُمَيَّةَ.
وَانقَضَتْ أَيَّامُهُم, وَهَرَبَ مَرْوَانُ إِلَى مِصْرَ فِي عَسْكَرٍ قَلِيْلٍ, فَجَدُّوا فِي طَلَبِه إِلَى أَنْ بَيَّتُوهُ بِقَرْيَةِ بُوْصِيْرَ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ, وَطِيْفَ بِرَأْسِهِ فِي البُلْدَانِ وَهَرَبَ ابناه إلى بلاد النوبة.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ جَرِيْرٍ فِي "تَارِيْخِهِ" كَانَ بُدُوُّ أَمْرِ بَنِي العَبَّاسِ: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيْمَا قِيْلَ أَعْلَمَ العَبَّاسَ أَنَّ الخِلاَفَةَ تَؤُولُ إِلَى وَلَدِه فَلَمْ يَزَلْ وَلَدُه يَتَوَقَّعُوْنَ ذَلِكَ.
قُلْتُ: لَمْ يَصِحَّ هَذَا الخَبَرُ, وَلَكِنَّ آلَ العَبَّاسِ كَانَ النَّاسُ يُحِبُّونَهُم, وَيُحِبُّوْنَ آلَ عَلِيٍّ, وَيَوَدُّوْنَ أَنَّ الأَمْرَ يَؤُولُ إِلَيْهِم، حُبّاً لآلِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَبُغْضاً فِي آلِ مَرْوَانَ بنِ الحَكَمِ, فَبَقُوا يَعْمَلُوْنَ عَلَى ذَلِكَ زَمَاناً حَتَّى تَهَيَّأَتْ لَهُمُ الأَسبَابُ, وَأَقبَلَتْ دَوْلَتُهُم وَظَهَرَتْ مِنْ خُرَاسَانَ.
وَعَنْ رِشْدِيْنَ بنِ كُرَيْبٍ: أَنَّ أبا هاشم بن محمد بن الحَنَفِيَّةِ خَرَجَ إِلَى الشَّامِ, فَلَقِيَ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عباس, والد السَّفَّاحِ, فَقَالَ: يَا ابْنَ عَمِّ إِنَّ عِنْدِي عِلْماً أُرِيْدُ أَنْ أُلْقِيَه إِلَيْكَ, فَلاَ تُطْلِعَنَّ عَلَيْهِ أَحَداً, إِنَّ هَذَا الأَمْرَ الَّذِي يَرتَجِيْهِ النَّاسُ هُوَ فِيْكُم قَالَ: قَدْ عَلِمتُه فَلاَ يَسْمَعَنَّهُ مِنْكَ أَحَدٌ.
قُلْتُ: فَرِحنَا بِمَصِيْرِ الأَمْرِ إِلَيْهِم, وَلَكِنْ وَاللهِ- سَاءنَا مَا جَرَى لِمَا جَرَى مِنْ سُيُولِ الدِّمَاءِ وَالسَّبْيِ وَالنَّهْبِ- فَإِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُوْنَ- فَالدَّولَةُ الظَّالِمَةُ مَعَ الأَمنِ وَحَقنِ الدِّمَاءِ وَلاَ دَوْلَةً عَادلَةً تُنتَهَكُ دُوْنَهَا المَحَارِمُ, وَأَنَّى لَهَا العَدْلُ؟ بَلْ أَتَتْ دَوْلَةً أَعْجَمِيَّةً خُرَاسَانِيَّةً جَبَّارَةً مَا أَشْبَهَ اللَّيْلَةَ بِالبَارِحَةِ.
رَوَى أَبُو الحَسَنِ المَدَائِنِيُّ، عَنْ جَمَاعَةٍ: أَنَّ الإِمَامَ مُحَمَّدَ بنَ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ لَنَا ثَلاَثَةُ أَوقَاتٍ: مَوْتُ يَزِيْدَ بن معاوية ورأس المئة وَفَتْقٌ بِإِفْرِيْقِيَا فَعِندَ ذَلِكَ يَدْعُو لَنَا دُعَاةٌ ثُمَّ يُقْبِلُ أَنْصَارُنَا مِنَ المَشْرِقِ حَتَّى تَرِدَ خُيُوْلُهُمُ المَغْرِبَ.
فَلَمَّا قُتِلَ يَزِيْدُ بنُ أَبِي مُسْلِمٍ بِأَفْرِيْقِيَةَ, وَنَقَضَتِ البَرْبَرُ, بَعَثَ مُحَمَّدٌ الإِمَامُ رَجُلاً إِلَى خُرَاسَانَ وَأَمَرَه أَنْ يَدْعُوَ إِلَى الرِّضَا مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ وَلاَ يُسَمِّي أَحَداً, ثُمَّ إِنَّهُ وَجَّه أَبَا مُسْلِمٍ وَكَتَبَ إِلَى النُّقَبَاءِ فَقَبِلُوا كُتُبَه, ثُمَّ وَقَعَ فِي يَدِ مَرْوَانَ بنِ مُحَمَّدٍ كِتَابٌ لإِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدٍ إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ جَوَابَ كِتَابٍ, يَأمُرُ أَبَا مُسْلِمٍ بِقَتْلِ كُلِّ مَنْ تَكَلَّمَ بِالعَرَبِيَّةِ بِخُرَاسَانَ.
فَقَبَضَ مَرْوَانُ عَلَى إِبْرَاهِيْمَ, وَقَدْ كَانَ مَرْوَانُ وَصَفَ لَهُ صِفَةَ السَّفَّاحِ الَّتِي كَانَ يَجِدُهَا في

(6/226)


الكُتُبِ, فَلَمَّا جِيْءَ بِإِبْرَاهِيْمَ, قَالَ: لَيْسَتْ هَذِهِ الصِّفَةُ وَرَدَّ أَعْوَانَه فِي طَلَبِ المَنْعُوتِ لَهُ, وَإِذَا بِالسَّفَّاحِ وَإِخْوَتِهِ وَأَعْمَامِه قَدْ هَرَبُوا إِلَى العِرَاقِ, وَاخْتَفَوْا بِهَا عِنْدَ شِيْعَتِهم.
فَيُقَالُ: إِنَّ إِبْرَاهِيْمَ كَانَ نَعَى إِلَيْهِم نَفْسَه, وَأَمَرَهُم بِالهَرَبِ فَهَرَبُوا مِنَ الحُمَيْمَةِ, فَلَمَّا قَدِمُوا الكُوْفَةَ أَنْزَلَهم أَبُو سَلَمَةَ الخَلاَّلُ, وَكَتَمَ أَمْرَهُمْ.
فَبَلَغَ الخَبَرُ أَبَا الجَهْمِ, فَاجْتَمَعَ بِكِبَارِ الشِّيْعَةِ, فَدَخَلُوا عَلَى آلِ العَبَّاسِ, فَقَالُوا: أَيُّكُم عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَارِثِيَّةِ؟ قَالُوا: هَذَا فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ بِالخِلاَفَةِ ثُمَّ خَرَجَ أَبُو الجَهْمِ وَمُوْسَىُ بنُ كَعْبٍ وَالأَعْيَانُ فَهَيَّؤُوا أَمْرَهُم وَخَرَجَ السَّفَّاحُ عَلَى بِرْذَوْنٍ فَصَلَّى بِالنَّاسِ الجُمُعَةَ وذَلِكَ مُسْتَوْفَىً فِي تَرْجَمَةِ السَّفَّاحِ وَفِي "تَارِيْخِي الكَبِيْرِ" وَفِي تَرْجَمَةِ عَمِّ السَّفَّاحِ عَبْدِ اللهِ.
وَفِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ سَارَ أَبُو جَعْفَرٍ المَنْصُوْرُ إِلَى خُرَاسَانَ إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ, لِيَأْخُذَ رَأْيَه فِي قَتْلِ أَبِي سَلَمَةَ حَفْصِ بنِ سُلَيْمَانَ الخَلاَّلِ وزيرهم, وذلك أنه نَزَلَ بِهِ السَّفَّاحُ وَأَقَارِبُه حَدّثَتْهُ نَفْسُه بِأَنْ يُبَايِعَ عَلَوِيّاً وَيَدَعَ هَؤُلاَءِ, وَشَرَعَ يُعَمِّي أَمْرَهُم عَلَى قُوَّادِ شِيْعَتِهم, فَبَادَرَ كِبَارُهم وَبَايَعُوا لِسَفَّاحٍ, وَأَخْرَجُوْه فَخَطَبَ النَّاسَ فَمَا وَسِعَهُ أَعْنِي أَبَا سَلَمَةَ إلَّا المُبَايَعَةُ فَاتَّهَمُوْهُ.
فَعَنْ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ: انْتَدَبَنِي أَخِي السَّفَّاحُ لِلذَّهَابِ إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ, فَسِرتُ عَلَى وَجَلٍ, فَقَدِمتُ الرَّيَّ, ثُمَّ شَرُفْتُ عَنْهَا فَرْسَخَيْنِ, فَلَمَّا صَارَ بَيْنِي وَبَيْنَ مَرْوَ فَرْسَخَيْنِ, تَلَقَّانِي أَبُو مُسْلِمٍ فِي الجُنُوْدِ, فلما دنا مني, ترجل ماشيا, فقبل يَدِي ثُمَّ نَزَلتُ, فَمَكَثتُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ لاَ يَسْأَلُنِي، عَنْ شَيْءٍ ثُمَّ سَأَلَنِي فَأَخْبَرْتُه فَقَالَ فعلها أبو سلمة؟ أنا اكفيكموه فدعا مرارا بنَ أَنَسٍ الضَّبِّيَّ فَقَالَ: انْطلِقْ إِلَى الكُوْفَةِ, فَاقْتُلْ أَبَا سَلَمَةَ حَيْثُ لَقِيْتَه. قَالَ: فَقَتَلَهُ بَعْدَ العِشَاءِ وَكَانَ يُقَالُ لَهُ: وَزِيْرُ آلِ مُحَمَّدٍ.
وَلَمَّا رَأَى أَبُو جَعْفَرٍ عَظَمَةَ أَبِي مُسْلِمٍ, وَسَفْكَه لِلدِّمَاءِ, رَجَعَ مِنْ عِنْدِه, وَقَالَ لِلسَّفَّاحِ: لَسْتَ بِخَلِيْفَةٍ إِنْ أَبْقَيْتَ أَبَا مُسْلِمٍ قال وكيف؟ قال: ما يصنعإلَّا مَا يُرِيْدُ. قَالَ: فَاسْكُتْ, وَاكْتُمْهَا.
وَأَمَّا ابْنُ هُبَيْرَةَ, فَدَامَ ابْنُ قَحْطَبَةَ يُحَاصِرُه بِوَاسِطَ أَحَدَ عَشَرَ شَهْراً, فَلَمَّا تَيَقَّنُوا هَلاَكَ مَرْوَانَ, سَلَّمُوْهَا بِالأَمَانِ, ثُمَّ قَتَلُوا ابْنَ هُبَيْرَةَ, وَغَدَرُوا بِهِ, وَبِعِدَّةٍ مِنْ أُمَرَائِهِ.
وَفِي عَامِ ثَلاَثَةٍ وَثَلاَثِيْنَ: خَرَجَ عَلَى أَبِي مُسْلِمٍ شَرِيْكٌ المَهْرِيُّ بِبُخَارَى, وَنقمَ عَلَى أَبِي مُسْلِمٍ كَثْرَةَ قَتْلِه وَقَالَ: مَا عَلَى هَذَا اتَّبَعْنَا آلَ مُحَمَّدٍ. فَاتَّبَعَه ثَلاَثُوْنَ أَلفاً فَسَارَ عَسْكَرُ أَبِي مُسْلِمٍ, فَالْتَقَوْا, فقتل شريك.

(6/227)


وَفِي سَنَةِ خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ: خَرَجَ زِيَادُ بنُ صَالِحٍ الخُزَاعِيُّ مِنْ كِبَارِ قُوَّادِ أَبِي مُسْلِمٍ عَلَيْهِ, وَعَسْكَرَ بِمَا وَرَاءَ النَّهْرِ, وَكَانَ قَدْ جَاءهُ عَهدٌ بِوِلاَيَةِ خُرَاسَانَ مِنَ السَّفَّاحِ وَأَنْ يَغْتَالَ أَبَا مُسْلِمٍ إِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ.
فَظَفرَ أَبُو مُسْلِمٍ بِرَسُوْلِ السَّفَّاحِ, فَقَتَلَه, ثُمَّ تَفَلَّلَ عَنْ زِيَادٍ جُمُوْعُه, وَلَحِقُوا بِأَبِي مُسْلِمٍ, فَلَجَأَ زِيَادٌ إِلَى دِهْقَانَ, فَقَتَلَهُ غِيْلَةً, وَجَاءَ بِرَأْسِهِ إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ.
وَفِي سَنَةِ سِتٍّ: بَعَثَ أَبُو مُسْلِمٍ إِلَى السَّفَّاحِ يَسْتَأْذِنُه فِي القُدُوْمِ, فَأَذِنَ لَهُ, وَاسْتنَابَ عَلَى خُرَاسَانَ خَالِدَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ فَقَدِمَ فِي هَيْئَةٍ عَظِيْمَةٍ فَاسْتَأْذَنَ فِي الحَجِّ فَقَالَ لَوْلاَ أَنَّ أَخِي حَجَّ لَوَلَّيْتُكَ المَوْسِمَ.
وَكَانَ أَبُو جَعْفَرٍ يَقُوْل لِلسَّفَاحِ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ أَطِعْنِي, وَاقْتُلْ أَبَا مُسْلِمٍ, فَوَاللهِ إِنَّ فِي رَأْسِهِ لَغَدْرَةً فَقَالَ: يَا أَخِي قَدْ عَرَفْتَ بَلاَءهُ وَمَا كَانَ مِنْهُ, وَأَبُو جَعْفَرٍ يُرَاجِعُه.
ثُمَّ حَجَّ أَبُو جَعْفَرٍ وَأَبُو مُسْلِمٍ, فَلَمَّا قَفَلاَ تَلَقَّاهُمَا مَوْتُ السَّفَّاحِ بِالجُدَرِيِّ فَولِيَ الخِلاَفَةَ أَبُو جَعْفَرٍ.
وَخَرَجَ عَلَيْهِ عَمُّه عَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيٍّ بِالشَّامِ, وَدَعَا إِلَى نَفْسِهِ, وَأَقَامَ شُهُوْداً بِأَنَّهُ وَلِيُّ عَهدِ السَّفَّاحِ, وَأَنَّهُ سَارَ لِحربِ مَرْوَانَ, وَهَزَمَه, وَاسْتَأصَلَه.
فَخلاَ المَنْصُوْرُ بِأَبِي مُسْلِمٍ, وَقَالَ: إِنَّمَا هُوَ أَنَا وَأَنْتَ, فَسِرْ إِلَى عَبْدِ اللهِ عَمِّي, فَسَارَ بِجُيُوْشِه مِنَ الأَنْبَارِ, وَسَارَ لِحَرْبِهِ عَبْدُ اللهِ, وَقَدْ خَشِيَ أَنْ يُخَامِرَ عَلَيْهِ الخُرَاسَانِيَّةَ, فَقَتَلَ مِنْهُم بِضْعَةَ عَشَرَ أَلْفاً صَبْراً, ثُمَّ نَزَلَ نَصِيْبِيْنَ وَأقبلَ أَبُو مُسْلِمٍ فَكَاتَبَ عَبْدَ اللهِ إني لم أومر بِقِتَالِكَ وَإِنَّ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ وَلاَّنِي الشَّامَ وَأَنَا أُرِيْدُهَا وَذَلِكَ مِنْ مَكرِ أَبِي مُسْلِمٍ لِيُفْسِدَ نِيَّاتِ الشَّامِيِّيْنَ.
فَقَالَ جُنْدُ الشَّامِيِّيْنَ لِعَبْدِ اللهِ: كَيْفَ نُقِيْمُ مَعَكَ وَهَذَا يَأْتِي بِلاَدَنَا, فَيَقتُلُ, وَيَسْبِي؟ وَلَكِنْ نَمْنَعُهُ، عَنْ بِلاَدِنَا.
فَقَالَ لَهُم: إِنَّهُ مَا يُرِيْدُ الشَّامَ, وَلَئِنْ أَقَمْتُم, لَيَقصِدَنَّكم قَالَ: فَكَانَ بَيْنَ الطَّائِفَتَيْنِ القِتَالُ مُدَّةَ خَمْسَةِ أَشْهُرٍ, وَكَانَ أَهْلُ الشَّامِ أَكْثَرَ فُرسَاناً, وَأَكمَلَ عِدَّةً, فَكَانَ عَلَى مَيْمَنَةِ عَبْدِ اللهِ: الأَمِيْرُ بَكَّارُ بنُ مُسْلِمٍ العُقَيْلِيُّ, وَعَلَى المَيْسَرَةِ: الأَمِيْرُ حَبِيْبُ بنُ سُوَيْدٍ الأَسَدِيُّ.
وَكَانَ عَلَى مَيْمَنَةِ أَبِي مُسْلِمٍ: الحَسَنُ بنُ قَحْطَبَةَ, وَعَلَى مَيسرَتِه: حَازِمُ بنُ خُزَيْمَةَ, وَطَالَ الحَرْبُ, وَيَسْتظهِرُ الشَّامِيُّوْنَ غَيْرَ مَرَّةٍ, وَكَادَ جَيْشُ أَبِي مُسْلِمٍ أَنْ يَنهَزِمَ, وَأَبُو مُسْلِمٍ يُثَبِّتُهُم وَيَرْتَجِزُ:

(6/228)


مَنْ كَانَ يَنْوِي أَهْلَهُ فَلاَ رَجَعْ ... فَرَّ مِنَ المَوْتِ وَفِي المَوْتِ وَقَعْ
ثُمَّ إِنَّهُ أَردَفَ مَيْمَنَتَه, وَحَمَلُوا عَلَى مَيْسَرَةِ عَبْدِ اللهِ, فَمَزَّقُوْهَا فَقَالَ عَبْدُ اللهِ لابْنِ سُرَاقَةَ الأَزْدِيِّ: مَا تَرَى؟ قَالَ: أَرَى أَنْ تَصبِرَ وَتُقَاتِلَ, فَإِنَّ الفِرَارَ قَبِيْحٌ بِمِثْلِكَ, وَقَدْ عِبْتَهُ عَلَى مَرْوَانَ قَالَ: إِنِّي أَذهَبُ إِلَى العِرَاقِ. قَالَ: فَأَنَا مَعَكم. فَانْهَزَمُوا وَتَرَكُوا الذَّخَائِرَ وَالخَزَائِنَ وَالمُعَسْكَرَ, فَاحْتَوَى أَبُو مُسْلِمٍ عَلَى الكُلِّ, وَكَتَبَ بِالنَّصرِ إِلَى المَنْصُوْرِ.
وَاخْتَفَى عَبْدُ اللهِ, وَأَرْسَلَ المَنْصُوْرُ مَوْلاَهُ لِيُحصِيَ مَا حَوَاهُ أَبُو مُسْلِمٍ فَغَضِبَ مِنْ ذَلِكَ أَبُو المُسْلِمِ, وَهَمَّ بِقَتْلِ ذَلِكَ المَوْلَى, وَقَالَ: إِنَّمَا لِلْخَلِيْفَةِ مِنْ هَذَا الخُمْسُ.
وَمَضَى عَبْدُ اللهِ وَأَخُوْهُ عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ علي إلى الكوفة, فدخلا على عيسى ابن مُوْسَى, وَلِيِّ العَهْدِ, فَاسْتَأمَنَ لِعَبْدِ الصَّمَدِ فَأَمَّنَهُ المَنْصُوْرُ، وَأَمَّا عَبْدُ اللهِ فَقَصَدَ أَخَاهُ سُلَيْمَانَ بنَ عَلِيٍّ بِالبَصْرَةِ، وَأَقَامَ عِنْدَه مُخْتَفِياً.
وَلَمَّا عَلِمَ المَنْصُوْرُ أَنَّ أَبَا مُسْلِمٍ قَدْ تَغَيَّرَ كَتَبَ إِلَيْهِ يُلاَطفُه وَإِنِّي قَدْ وَلَّيتُكَ مِصْرَ وَالشَّامَ فَانْزِلْ بِالشَّامِ، وَاسْتَنِبْ عَنْكَ بِمِصْرَ فَلَمَّا جَاءهُ الكِتَابُ أَظهَرَ الغَضَبَ، وَقَالَ يُوَلِّيْنِي هَذَا، وَخُرَاسَانُ كُلُّهَا لِي، وَشَرعَ فِي المُضِيِّ إِلَى خُرَاسَانَ.
وَيُقَالُ: إِنَّهُ شَتمَ المَنْصُوْرَ, وَأَجمَعَ عَلَى الخِلاَفِ, وَسَارَ وَخَرَجَ المَنْصُوْرُ إِلَى المَدَائِنِ, وَكَاتَبَ أَبَا مُسْلِمٍ لِيَقْدَمَ عَلَيْهِ, فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَبُو مُسْلِمٍ, وَهُوَ قَاصِدٌ طَرِيْقَ حُلْوَانَ: إِنَّهُ لَمْ يَبقَ لَكَ عَدُوٌّ إلَّا أَمْكَنَكَ اللهُ مِنْهُ, وَقَدْ كُنَّا نَروِي، عَنْ مُلُوْكِ آلِ سَاسَانَ إِنَّ أَخَوْفَ مَا يَكُوْنَ الوُزرَاءُ إِذَا سَكَنَتِ الدَّهْمَاءَ فَنَحْنُ نَافرُوْنَ مِنْ قُربِكَ حَرِيْصُوْنَ عَلَى الوَفَاءِ بِعَهْدِكَ مَا وَفَيْتَ فَإِنْ أَرْضَاكَ ذَلِكَ فَأَنَا كَأَحسَنِ عَبِيْدِكَ وَإِنْ أَبَيْتَ نَقَضتُ مَا أبرمت من عهدك ضنًا بنفسي والسلام.
فَردَّ عَلَيْهِ الجوَابَ يُطَمْئِنُه وَيُمَنِّيْهِ مَعَ جَرِيْرِ بنِ يَزِيْدَ بنِ جَرِيْرٍ البَجَلِيِّ, وَكَانَ دَاهِيَةَ وَقْتِهِ فَخَدَعَهُ وَرَدَّهُ.
وَأَمَّا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ المَدَائِنِيُّ فَنقلَ، عَنْ جَمَاعَةٍ, قَالُوا: كَتَبَ أَبُو المُسْلِمِ: أَمَّا بَعْدُ, فَإِنِّي اتَّخَذتُ رَجُلاً إِمَاماً وَدَلِيْلاً عَلَى مَا افْترضَهُ اللهُ, وَكَانَ فِي مَحلَّةِ العِلْمِ نَازلاً, فَاسْتَجْهَلَنِي بِالقُرْآنِ فَحرَّفَهُ، عَنْ مَوَاضِعِهِ, طَمعاً فِي قَلِيْلٍ قَدْ نَعَاهُ اللهُ إِلَى خلقِه, وَكَانَ كَالَّذِي دُلِّيَ بِغرُوْرٍ وَأَمرنِي أَنْ أُجرِّدَ السَّيْفَ وَأَرْفَعَ الرَّحْمَةَ فَفَعَلتُ تَوطِئَةً لِسُلْطَانِكم ثُمَّ اسْتنقذنِي اللهُ بِالتَّوْبَةِ فَإِنْ يَعفُ عَنِّي فَقِدَماً عُرفَ بِهِ وَنُسبَ إِلَيْهِ, وَإِنْ يُعَاقِبْنِي, فَبمَا قَدَّمتْ يَدَايَ.
ثُمَّ سَارَ نَحْوَ خراسان مرغمًا.

(6/229)


فَأَمَرَ المَنْصُوْرُ مَنْ حضرَهُ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ يَكْتُبُوْنَ إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ, يُعظمُوْنَ شَأْنَهُ, وَأَنَّ يُتِمَّ عَلَى الطَّاعَةِ وَيُحسِّنُوْنَ لَهُ القُدُوْمَ عَلَى المَنْصُوْرِ.
ثُمَّ قَالَ المَنْصُوْرُ لِلرَّسُوْلِ أَبِي حُمَيْدٍ المَرْوَرُّوْذِيِّ: كلِّمْ أَبَا مُسْلِمٍ بِأَلْيَنِ مَا تَقْدِرُ عَلَيْهِ, وَمَنِّهِ وَعرِّفْهُ أَنِّي مُضمِرٌ لَهُ كُلَّ خَيْرٍ, فَإِنْ أَيستَ مِنْهُ فَقُلْ لَهُ قَالَ وَاللهِ لَوْ خُضتَ البَحْرَ لَخضتُهُ وَرَاءكَ وَلَوِ اقتحمت النار لا قتحمتها حَتَّى أَقتُلَكَ.
فَقَدِمَ عَلَى أَبِي مُسْلِمٍ بِحُلْوَانَ. قَالَ: فَاسْتشَارَ أَبُو مُسْلِمٍ خوَاصَّه, فَقَالُوا: احْذرْهُ.
فَلَمَّا طلبَ الرَّسُوْلُ الجوَابَ, قَالَ: ارْجعْ إِلَى صَاحِبِك, فَلَسْتُ آتِيْهِ, وَقَدْ عزمتُ عَلَى خِلاَفِهِ فَقَالَ: لاَ تَفْعَلْ.
فَلَمَّا آيسَهُ مِنَ المَجِيْءِ كلَّمَهُ بِمَا أَمرَهُ بِهِ المَنْصُوْرُ فَوَجَمَ لَهَا طَوِيْلاً ثُمَّ قَالَ قُم وَكَسرَهُ ذَلِكَ القَوْلُ وَأَرعبَه.
وَكَانَ المَنْصُوْرُ قَدْ كَتَبَ إِلَى أَبِي دَاوُدَ خَلِيْفَةِ أَبِي مُسْلِمٍ عَلَى خُرَاسَانَ, فَاسْتمَالَه, وَقَالَ إِمْرَةُ خُرَاسَانَ لَكَ فَكَتَبَ أَبُو دَاوُدَ إلى أبي مسلم يلومه وَيَقُوْلُ: إِنَّا لَمْ نَخرجْ لِمَعْصِيَةِ خُلَفَاءِ اللهِ, وَأَهْلِ بَيْتِ النُّبوَّةِ فَلاَ تُخَالفنَّ إِمَامَكَ.
فوَافَاهُ كِتَابُهُ وَهُوَ عَلَى تِلْكَ الحَالِ فَزَاده هَمّاً وَرُعباً ثُمَّ إِنَّهُ أَرْسَلَ مَنْ يَثقُ بِهِ من أمرأته إِلَى المَنْصُوْرِ فَلَمَّا قَدِمَ تَلقَّاهُ بَنُو هَاشِمٍ بِكُلِّ مَا يُحِبُّ وَقَالَ لَهُ المَنْصُوْرُ اصْرِفْهُ، عَنْ وَجْهِهِ وَلَكَ إِمْرَةُ بِلاَدِهِ فَرَجَعَ وَقَالَ لَمْ أَرَ مَكروهاً وَرَأَيْتُهم مُعَظِّمِيْنَ لِحقِّكَ فَارجِعْ, وَاعتذِرْ.
فَأَجْمَعَ رَأْيَهُ عَلَى الرُّجوعِ, فَقَالَ رَسُوْلُه أَبُو إِسْحَاقَ:
مَا لِلرِّجَالِ مَعَ القَضَاءِ مَحَالَةٌ ... ذَهَبَ القَضَاءُ بِحِيْلَةِ الأَقْوَامِ
خَارَ اللهُ لَكَ, إِحْفظْ عَنِّي وَاحِدَةً, إِذَا دَخَلتَ عَلَى المَنْصُوْرِ فَاقتُلْهُ, ثُمَّ بَايعْ مَنْ شِئْتَ فَإِنَّ النَّاسَ لاَ يُخَالِفُونَكَ.
ثُمَّ إِنَّ المَنْصُوْرَ سَيَّرَ أُمَرَاءَ لتلقي أبي مسلم, ويظهرون أَنَّهُ بَعَثَهم لِيُطَمئنَهُ, وَيَذكرُوْنَ حُسنَ نِيَّةِ المَنْصُوْرِ لَهُ فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ انخدعَ المَغْرُوْرُ وَفرِحَ.
فَلَمَّا وَصلَ إِلَى المَدَائِنِ, أَمرَ المَنْصُوْرُ أَكَابِرَ دَوْلَتِه فَتَلَقَّوْهُ, فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ, سلَّمَ عَلَيْهِ قَائِماً فَقَالَ: انْصَرَفْ يَا أَبَا مُسْلِمٍ فَاسْترحْ وَادخُلِ الحَمَّامَ ثُمَّ اغْدُ. فَانْصَرَفَ وَكَانَ مِنْ نِيَّةِ المَنْصُوْرِ أَنْ يَقتُلَهُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ فَمَنَعَهُ وَزِيْرُه أَبُو أَيُّوْبَ المُوْرِيَانِيُّ.
قَالَ أَبُو أَيُّوْبَ: فَدَخَلْتُ بَعْد خُرُوْجِه, فَقَالَ لِي المَنْصُوْر: أقدرُ عَلَى هَذَا, فِي مِثْلِ هَذِهِ

(6/230)


الحَالِ, قَائِماً عَلَى رِجْلَيْهِ, وَلاَ أَدْرِي مَا يَحدُثُ فِي لَيْلَتِي, ثُمَّ كلَّمنِي فِي الفَتكِ بِهِ. فَلَمَّا غَدَوْتُ عَلَيْهِ, قَالَ لِي: يَا ابْنَ اللَّخنَاءِ! لاَ مَرْحَباً بِكَ, أَنْتَ مَنعتَنِي مِنْهُ أَمْسِ؟ وَالله مَا نِمتُ البَارِحَةَ, ادْعُ لي عثمان بن نهيك. فَدعوتُهُ, فَقَالَ: يَا عُثْمَانُ كَيْفَ بلاَءُ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ عِنْدَكَ؟ قَالَ: إِنَّمَا أَنَا عبدُكَ, وَلَوْ أمرتني أن أتكىء عَلَى سَيْفِي حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ ظَهْرِي, لَفعلتُ. قَالَ: كَيْفَ أَنْتَ إِنْ أَمرتُكَ بِقَتلِ أَبِي مُسْلِمٍ؟ قَالَ: فَوَجمَ لَهَا سَاعَةً لاَ يَتَكَلَّمُ. فقلت: مالك سَاكِتاً؟ فَقَالَ قَوْلَةً ضَعِيْفَةً: أَقتُلُهُ.
فَقَالَ: انْطلقْ, فجىء بِأَرْبَعَةٍ مِنْ وَجُوْهِ الحَرسِ, شُجعَانَ. فَأحضرَ أَرْبَعَةً, مِنْهُم شَبِيْبُ بنُ وَاجٍ, فَكلَّمهم, فَقَالُوا: نَقتُلُهُ فَقَالَ: كُوْنُوا خَلْفَ الرّوَاقِ فَإِذَا صفقتُ فَاخرجُوا فَاقتلُوْهُ.
ثُمَّ طلبَ أَبَا مُسْلِمٍ, فَأَتَاهُ.
قَالَ أَبُو أَيُّوْبَ: وَخَرَجتُ لأَنظُرَ مَا يَقُوْلُ النَّاسُ, فَتلقَّانِي أَبُو مُسْلِمٍ دَاخِلاً, فَتَبَسَّمَ, وَسلَّمتُ عَلَيْهِ, فَدَخَلَ, فَرَجَعتُ, فَإِذَا هُوَ مَقْتُوْلٌ. ثُمَّ دَخَلَ أَبُو الجَهْمِ فَقَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! إلَّا أَردُّ النَّاسَ? قَالَ: بَلَى.
فَأَمرَ بِمَتَاعٍ يُحوَّلُ إِلَى روَاقٍ آخرَ, وَفُرشٍ. وَقَالَ أَبُو الجَهْمِ لِلنَّاسِ: انْصَرَفُوا, فَإِنَّ الأَمِيْرَ أَبَا مُسْلِمٍ يُرِيْدُ أَنْ يُقِيْلَ عِنْدَ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ. وَرَأَوا الفُرشَ وَالمَتَاعَ يُنْقَلُ, فَظنُّوْهُ صَادِقاً, فَانْصَرَفُوا.
وَأَمرَ المَنْصُوْرُ لِلأُمرَاءِ بِجَوَائِزِهم.
قَالَ أَبُو أَيُّوْبَ: فَقَالَ لِي المَنْصُوْرُ: دَخَلَ عَلِيَّ أَبُو مُسْلِمٍ, فَعَاتَبْتُهُ, ثُمَّ شَتمتُهُ, وَضَرَبَه عُثْمَانُ بنُ نَهِيْكٍ, فَلَمْ يَصْنَعْ شَيْئاً, وَخَرَجَ شَبِيْبُ بنُ وَاجٍ, فَضَربُوْهُ, فَسَقَطَ, فَقَالَ وَهُم يَضْربُوْنَهُ: العَفْوَ. قُلْتُ: يَا ابْنَ اللَّخنَاءِ! العَفْوَ وَالسُّيُوْفُ تَعتوركَ؟ وَقُلْتُ: اذْبَحُوْهُ فَذبحُوْهُ.
وَقِيْلَ: أَلقَى جَسَدَهُ فِي دِجْلَةَ.
وَيُقَالُ: لَمَّا دَخَلَ وَهُم خَلوَةٌ, قَالَ لَهُ المَنْصُوْرُ: أَخْبِرْنِي، عَنْ سَيْفَيْنِ أَصَبتَهُمَا فِي مَتَاعِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَلِيٍّ فَقَالَ: هَذَا أَحَدُهمَا قَالَ: أَرِنِيْهِ. فَانتضَاهُ, فَنَاولَهُ, فَهزَّه أَبُو جَعْفَرٍ, ثُمَّ وَضَعَهُ تَحْت مِفرَشِهِ, وَأَقْبَلَ عَلَيْهِ يُعَاتِبهُ.
وَقَالَ: أَخْبِرْنِي عَنْ كِتَابِك إِلَى أَبِي العَبَّاسِ أَخِي تَنهَاهُ عَنِ الموَاتِ, أَرَدْتَ أَنْ تُعَلِّمَنَا الدِّيْنَ؟ قَالَ ظَنَنْتُ أَخْذَه لاَ يَحِلُّ. قَالَ: فَأَخْبِرْنِي، عَنْ تَقدُّمِك عَلَيَّ فِي طَرِيْقِ الحجِّ. قَالَ:

(6/231)


كرهتُ اجْتِمَاعَنَا عَلَى المَاءِ, فَيَضرُّ ذَلِكَ بِالنَّاسِ. قَالَ: فَجَارِيَةُ عَبْدِ اللهِ, أَرَدْتَ أَنْ تَتَّخِذَهَا? قَالَ: لاَ وَلَكِن خِفتُ عَلَيْهَا أَنْ تَضِيعَ فَحَمَلتُهَا فِي قُبَّةٍ, وَوكلتُ بِهَا. قَالَ: فَمُرَاغمتُكَ وَخُرُوْجُك إِلَى خُرَاسَانَ؟ قَالَ: خِفتُ أَنْ يَكُوْنَ قَدْ دَخلَكَ مِنِّي شَيْءٌ, فَقُلْتُ: أَذْهَبُ إِلَيْهَا, وَإِلَيْكَ أَبعثُ بعُذرِي, وَالآنَ فَقَدْ ذَهَبَ مَا فِي نَفْسِكَ عَلَيَّ؟ قَالَ: تَاللهِ, مَا رَأَيْتُ كَاليَوْمِ قَطُّ. وَضربَ بِيَدِهِ فَخَرَجُوا عَلَيْهِ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ قَالَ لَهُ: أَلستَ الكَاتِبَ إِلَيَّ, تَبدَأُ بِنَفْسِكَ? وَالكَاتِبَ إِلَيَّ تَخطُبُ أُمَيْنَةَ بِنْتَ عَلِيٍّ عَمَّتِي? وَتَزْعُمُ أَنَّكَ ابْنُ سَلِيْطِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ؟.
وَأَيضاً, فَمَا دعَاكَ إِلَى قَتْلِ سُلَيْمَانَ بنِ كَثِيْرٍ, مَعَ أَثرِهِ فِي دَعوتِنَا, وَهُوَ أَحَدُ نُقبَائِنَا?
قَالَ: عَصَانِي, وَأَرَادَ الخِلاَفَ عَلَيَّ, فَقَتلتُهُ قَالَ: وَأَنْتَ قَدْ خَالفتَ عَلَيَّ, قَتَلنِي اللهُ إِنْ لَمْ أَقتُلْكَ. وضَرَبه بِعَمُودٍ, ثُمَّ وَثَبُوا عَلَيْهِ, وَذَلِكَ لِخَمْسٍ بَقِيْنَ مِنْ شَعْبَانَ.
وَيُقَالُ: إِنَّ المَنْصُوْرَ لَمَّا سبَّهُ, انكبَّ عَلَى يَدِه يُقَبِّلُهَا, وَيَعْتَذِرُ.
وَقِيْلَ: أَوَّلُ مَا ضَرَبَه ابْنُ نَهِيْكٍ لَمْ يَصْنَعْ أَكْثَرَ مِنْ قَطْعِ حَمَائِلِ سَيْفِهِ, فَصَاحَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ اسْتَبقِنِي لِعدُوِّكَ قَالَ: لاَ أَبقَانِي اللهُ إِذاً وَأَيُّ عَدُوٍّ أَعْدَى لِي مِنْكَ.
ثُمَّ هَمَّ المَنْصُوْرُ بِقَتلِ الأَمِيْرِ أَبِي إِسْحَاقَ صَاحِبِ حَرَسِ أَبِي مُسْلِمٍ, وَبِقَتلِ نَصْرِ بنِ مَالِكٍ الخُزَاعِيِّ, فَكلَّمَهُ فِيْهِمَا أَبُو الجَهْمِ, وَقَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! إِنَّمَا جُندُهُ جُندُكَ, أَمرتَهُم بِطَاعتِهِ فَأطَاعُوْهُ.
ثُمَّ إِنَّهُ أَعْطَاهُمَا مَالاً جَزِيْلاً, وَفرَّقَ عَسَاكِرَ أَبِي مُسْلِمٍ, وَكَتَبَ بِعَهْدٍ لِلأمِيْرِ أَبِي دَاوُدَ خَالِدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ عَلَى خُرَاسَانَ.
وَقَدْ كَانَ بَعْضُ الزّنَادقَةِ, وَالطّغَامِ مِنَ التَّنَاسُخِيَّةِ, اعتقدُوا أَنَّ البَارِي -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- حَلَّ فِي أَبِي مُسْلِمٍ الخُرَاسَانِيِّ المَقْتُوْلِ, عِنْدمَا رَأَوْا مِنْ تَجبُّرِهِ, وَاسْتِيْلاَئِهِ عَلَى المَمَالِكِ, وَسَفكِهِ لِلدِّمَاءِ, فَأَخْبَارُ هَذَا الطَّاغِيَةِ يَطُولُ شَرحُهَا.
قَالَ خَلِيْفَةُ بنُ خَيَّاطٍ: قَدِمَ أَبُو مُسْلِمٍ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ بِالمَدَائِنِ, فَسَمِعتُ يَحْيَى بنَ المُسَيِّبِ يَقُوْلُ: قَتلَه وَهُوَ فِي سُرَادِقَاتِهِ -يَعْنِي: الدِّهلِيزَ- ثُمَّ بَعَثَ إِلَى عِيْسَى بنِ مُوْسَى وَلِيِّ العَهْدِ فَأَعْلَمَهُ وَأَعْطَاهُ الرَّأسَ وَالمَالَ فَخَرَجَ بِهِ فَأَلقَاهُ إِلَيْهِم وَنَثرَ الذَّهَبَ فَتَشَاغلُوا بِأَخذِهِ.
وَقَالَ خَلِيْفَةُ فِي مَكَانٍ آخرَ: فَلَمَّا حلَّ أَبُو مُسْلِمٍ بِحُلْوَانَ, تَردَّدتْ الرُّسلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِي جَعْفَرٍ, فَمِنْ ذَلِكَ كَتَبَ إِلَيْهِ أَبُو جَعْفَرٍ: أَمَّا بَعْدُ, فَإِنَّهُ يَرِيْنُ عَلَى القُلُوْبِ, وَيَطبعُ عَلَيْهَا

(6/232)


المَعَاصِي, فَقعْ أَيُّهَا الطَّائِرُ, وَأَفِقْ أَيُّهَا السَّكْرَانُ, وَانتبِهْ أَيُّهَا الحَالِمُ, فَإِنَّكَ مَغْرُوْرٌ بِأَضغَاثِ أَحلامٍ كَاذِبَةٍ, وَفِي بَرزَخِ دُنْيَا قَدْ غَرَّتْ قَبْلَك سَوَالفَ القُرُوْنِ، فَـ: {هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا} [مَرْيَمُ: 98] وَإِنَّ اللهَ لاَ يُعجِزُه مَنْ هَرَبَ, وَلاَ يَفُوْتُه مَنْ طَلبَ, فَلاَ تَغترَّ بِمَنْ مَعَكَ مِنْ شِيْعَتِي, وَأَهْلِ دَعوتِي فَكَأَنَّهُم قَدْ صَاوَلُوكَ إِنْ أَنْتَ خَلعتَ الطَّاعَةَ, وَفَارقتَ الجَمَاعَةَ, فَبدَا لَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَحْتسِبُ, فَمَهلاً مَهلاً, احْذرِ البَغْيَ أَبَا مُسْلِمٍ, فَإِنَّ مَنْ بَغَى وَاعْتدَى تَخلَّى اللهُ عَنْهُ وَنَصرَ عَلَيْهِ مَنْ يَصرعُهُ لِلْيَدَيْنِ وَلِلفَمِ.
فَأَجَابَهُ أَبُو مُسْلِمٍ بِكِتَابٍ فِيْهِ غِلظٌ يَقُوْلُ فِيْهِ: يَا عَبْدَ اللهِ بنَ محمد إني كنت فِيْكُم مُتَأوِّلاً فَأَخطَأتُ. فَأَجَابَهُ: أَيُّهَا المُجرمُ تَنْقِمُ عَلَى أَخِي, وَإِنَّهُ لإِمَامُ هُدَىً, أَوضحَ لَكَ السَّبِيْلَ, فَلَوْ بِهِ اقْتدَيتَ مَا كُنْتَ، عَنِ الحَقِّ حَائِداً وَلَكِنَّهُ لَمْ يَسْنَحْ لَكَ أَمرَانِ ,إلَّا كُنْتَ لأَرْشَدِهِمَا تَارِكاً, وَلأَغْوَاهُمَا مُوَافِقاً تَقتلُ قَتْلَ الفَرَاعِنَةِ وَتَبطشُ بَطْشَ الجَبَّارِيْنَ ثُمَّ إِنَّ مِنْ خِيْرَتِي أَيُّهَا الفَاسِقُ أَنِّي قَدْ وَلَّيتُ خُرَاسَانَ مُوْسَى بنَ كَعْبٍ, فَأَمرتُه بِالمقَامِ بِنَيْسَابُوْرَ, فَهُوَ مِنْ دُوْنِكَ بِمَنْ مَعَهُ مِنْ قُوَّادِي وَشِيْعَتِي, وَأَنَا مُوَجِّهٌ لِلِقَائِكَ أَقرَانَكَ, فَاجْمَعْ كَيدَكَ وَأَمرَكَ غَيْرَ مُوفَّقٍ وَلاَ مُسدَّدٍ وَحسبُ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيْلُ.
فَشَاورَ البَائِسُ أَبَا إِسْحَاقَ المَرْوَزِيَّ فَقَالَ لَهُ: مَا الرَّأْيُ؟ هَذَا مُوْسَى بنُ كَعْبٍ لَنَا دُوْنَ خُرَاسَانَ, وَهَذِهِ سُيُوْفُ أَبِي جَعْفَرٍ مِنْ خَلفِنَا, وَقَدْ أَنْكَرتُ مَنْ كُنْتُ أَثقُ بِهِ مِنْ أُمرَائِي!
فَقَالَ: أَيُّهَا الأَمِيْرُ! هَذَا رَجُلٌ يَضطغِنُ عَلَيْكَ أُمُوْراً مُتَقَدِّمَةً, فَلَوْ كُنْتَ إِذْ ذَاكَ هَذَا رَأْيُكَ, وَوَالَيتَ رَجُلاً مِنْ آلِ عَلِيٍّ, كَانَ أَقْرَبَ, وَلَوْ أَنَّكَ قَبِلتَ تَوْلِيَتَه إِيَّاكَ خُرَاسَانَ وَالشَّامَ وَالصَّائِفَةَ مُدَّتْ بِكَ الأَيَّامُ, وَكُنْتَ فِي فُسحَةٍ مِنْ أَمرِكَ فَوَجَّهتَ إِلَى المَدِيْنَةِ فَاختلستَ عَلَوِيّاً فَنصَّبتَهُ إِمَاماً فَاسْتملتَ أَهْلَ خُرَاسَانَ, وَأَهْلَ العِرَاقِ, وَرَمَيتَ أَبَا جَعْفَرٍ بِنَظِيْرِه لَكُنتَ عَلَى طَرِيْقِ تَدبِيْرٍ أَتطمعُ أَنْ تُحَاربَ أَبَا جَعْفَرٍ, وَأَنْتَ بِحُلْوَانَ, وَعَسَاكِرُه بِالمَدَائِنِ وَهُوَ خَلِيْفَةٌ مُجمَعٌ عَلَيْهِ? لَيْسَ مَا ظَنَنْتَ لَكِنْ بَقِيَ لَكَ أَنْ تَكْتُبَ إِلَى قُوَّادِكَ وَتَفْعَلَ كَذَا وَكَذَا.
فَقَالَ: هَذَا رَأْيٌ, إِنْ وَافَقَنَا عَلَيْهِ قُوَّادُنَا. قَالَ: فَمَا دعَاكَ إِلَى خَلعِ أَبِي جَعْفَرٍ وَأَنْتَ عَلَى غَيْرِ ثِقَةٍ مِنْ قُوَّادِكَ؟ أَنَا أَسْتودِعُكَ اللهَ مِنْ قَتِيْلٍ! أَرَى أَنْ تُوَجِّهَ بِي إِلَيْهِ حَتَّى أَسْأَلَه لَكَ الأَمَانَ فَإِمَّا صَفْحٌ وَإِمَّا قَتْلٌ عَلَى عِزٍّ قَبْلَ أَنْ تَرَى المَذَلَّةَ وَالصَّغَارَ مِنْ عَسْكَرِكَ إِمَّا قَتَلُوكَ وَإِمَّا أَسْلَمُوكَ.
قَالَ: فَسفَرَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ المَنْصُوْرِ السُّفرَاءُ, وَطَلبُوا لَهُ أَمَاناً, فَأَتَى المَدَائِنَ, فَأَمرَ أَبُو جعفر,

(6/233)


فَتَلَقَّوْهُ, وَأَذنَ لَهُ, فَدَخَلَ عَلَى فَرَسِه, وَرَحَّبَ بِهِ, وَعَانَقَهُ, وَقَالَ: انْصَرَفْ إِلَى مَنْزِلِك, وَضَعْ ثِيَابَك وَادْخُلِ الحَمَّامَ. وَجَعَلَ يَنْتَظِرُ بِهِ الفُرصَ. فَأَقَام أَيَّاماً يَأْتِي أَبَا جَعْفَرٍ, فَيَرَى كُلَّ يَوْمٍ مِنَ الإِكرَامِ مَا لَمْ يَرهُ قَبْلُ.
ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى التَّجنِّي عَلَيْهِ, فَأَتَى أَبُو مُسْلِمٍ الأَمِيْرَ عِيْسَى بنَ مُوْسَى, فَقَالَ: ارْكبْ مَعِي إِلَى أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ, فَإِنِّي قَدْ أَرَدْتُ عِتَابَهُ. قَالَ: تَقدَّمْ, وَأَنَا أَجِيْءُ قَالَ: إِنِّي أَخَافُهُ. قَالَ: أَنْتَ فِي ذِمَّتِي قَالَ: فَأَقْبَلَ, فَلَمَّا صَارَ فِي الرّوَاقِ الدَّاخِلِ, قِيْلَ لَهُ: أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ يَتَوَضَّأُ, فَلَوْ جَلَستَ. وَأَبْطَأَ عَلَيْهِ عِيْسَى, وَقَدْ هَيَّأَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ عُثْمَانَ بنَ نَهِيْكٍ فِي عِدَّةٍ وَقَالَ: إِذَا عَاينْتُهُ وَعَلاَ صَوْتِي فَدُونَكُمُوْهُ.
قَالَ نَفْطَوَيْه: حَدَّثَنَا أَبُو العَبَّاسِ المَنْصُوْرِيُّ, قَالَ: لَمَّا قَتَلَ أَبُو جَعْفَرٍ أَبَا مُسْلِمٍ قَالَ: رَحمَكَ اللهُ أَبَا مُسْلِمٍ بَايعتَنَا وَبَايعنَاكَ, وَعَاهدَتَنَا وَعَاهَدْنَاكَ, وَوَفَّيْتَ لَنَا وَوَفَّيْنَا لك وإنا بايعنا علىإلَّا يخرج علينا أحدإلَّا قَتَلنَاهُ فَخَرَجتَ عَلَيْنَا فَقَتَلنَاكَ.
وَقِيْلَ: قَالَ لأُوْلَئِكَ: إِذَا سَمِعْتُم تَصفِيْقِي فَاضْرِبُوْهُ فَضرَبَهُ شَبِيْبُ بنُ وَاجٍ ثُمَّ ضَرَبَهُ القُوَّادُ فَدَخَلَ عِيْسَى وَكَانَ قَدْ كلَّمَ المَنْصُوْرَ فِيْهِ فَلَمَّا رَآهُ قَتِيْلاً اسْتَرْجَعَ.
وَقِيْلَ: لَمَّا قَتَلَهُ وَدَخَلَ جَعْفَرُ بنُ حَنْظَلَةَ, فَقَالَ: مَا تَقُوْلُ فِي أَمرِ أَبِي مُسْلِمٍ? قَالَ: إِنْ كُنْتَ أَخَذتَ مِنْ شِعْرِهِ, فَاقتُلْهُ. فَقَالَ: وَفَّقكَ اللهُ هَا هُوَ فِي البِسَاطِ قَتِيْلاً. فَقَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ عُدَّ هذا اليوم أول خلافتك وأنشد المنصور:
فألقيت عَصَاهَا وَاسْتَقَرَّتْ بِهَا النَّوَى ... كَمَا قَرَّ عَيْناً بِالإِيَابِ المُسَافِرُ
وَقَرَأْتُ فِي كِتَابٍ: أَنَّ المَنْصُوْرَ لَمْ يَزلْ يَخْدَعُ أَبَا مُسْلِمٍ, وَيَتَحَيَّلُ عَلَيْهِ, حَتَّى وَقَعَ فِي بَرَاثنِهِ بِعُهودٍ وَأَيْمَانٍ.
وَكَانَ أَبُو مُسْلِمٍ يَنْظُرُ فِي المَلاَحِمِ, وَيَجدُ أَنَّهُ مُمِيْتُ دَوْلَةٍ, وَمُحْيِي دَوْلَةٍ, ثُمَّ يُقتَلُ بِبَلَدِ الرُّوْمِ وَكَانَ المَنْصُوْرُ يَوْمَئِذٍ بِرُوْمِيَّةِ المَدَائِنِ وَهِيَ مَعْدُوْدَةٌ مِنْ مَدَائِنِ كِسْرَى بَيْنَهَا وَبَيْنَ بَغْدَادَ سبعة فراسخ قيل بناها الإسكندر لما أقام بِالمَدَائِنِ فَلَمْ يَخطُرْ بِبَالِ أَبِي مُسْلِمٍ أَنَّ بِهَا مَصْرَعَهُ وَذَهَبَ وَهْمُهُ إِلَى الرُّوْمِ.
وَقِيْلَ: إِنَّ المَنْصُوْرَ كَانَ يَقُوْلُ: فَعَلتَ وَفَعَلتَ. فَقَالَ أَبُو مُسْلِمٍ: مَا يُقَالُ لِي هَذَا بَعْدَ بَيْعتِي وَاجْتِهَادِي
قَالَ: يَا ابْنَ الخَبِيْثَةِ إِنَّمَا فَعَلتَ ذَلِكَ بِجِدِّنَا وَحَظِّنَا, وَلَوْ كَانَ مَكَانَكَ أَمَةٌ سَوْدَاءُ لَعمِلَتْ عَمَلَكَ وَتَفْعَلُ كَذَا وَتَخطِبُ عَمَّتِي, وَتَدَّعِي أَنَّكَ عَبَّاسِيٌّ, لَقَدِ ارْتَقَيْتَ مُرْتَقَى صعبًا.

(6/234)


فَأَخَذَ يُفرِّكُ يَدَهُ, وَيُقَبِّلُهَا, وَيَخضعُ, وَأَبُو جَعْفَرٍ يَتنمَّرُ.
وَعَنْ مَسْرُوْرٍ الخَادِمِ, قَالَ: لَمَّا ردَّ أَبُو مُسْلِمٍ, أَمرَهُ أَبُو جَعْفَرٍ أَنْ يَرْكَبَ فِي خَوَاصِّ أَصْحَابِه, فَرَكِبَ فِي أَرْبَعَةِ آلاَفِ غُلاَمٍ, جُرْدٍ مُرْدٍ, عَلَيْهِم أَقْبِيَةُ الدِّيْبَاجِ وَالسُّيُوْفِ بِمَنَاطِقِ الذَّهَبِ. فَأَمَرَ المَنْصُوْرُ عُمُوْمَتَهُ أَنْ يَسْتَقْبِلُوْهُ, وكان قَدْ بَقِيَ مِنْ عُمُوْمتِهِ: صَالِحٌ, وَسُلَيْمَانُ, وَدَاوُدُ. فَلَمَّا أَنْ أَصحرَ سَايرَهُ صَالِحٌ بِجَنبِهِ, فَنَظَرَ إِلَى كَتَائِبِ الغِلمَانِ, وَرَأَى شَيْئاً لَمْ يَعهدْ مِثْلَهُ فَأَنْشَأَ صَالِحٌ يَقُوْلُ:
سَيَأْتِيْكَ مَا أَفْنَى القرون التي مضت ... وما حل في أكناف عَادٍ وَجُرْهُمِ
وَمَنْ كَانَ أَقْوَى مِنْكَ عِزّاً وَمَفْخراً ... وَأَقْيَدَ لِلْجَيْشِ اللُّهَامِ العَرَمْرَمِ
فَبَكَى أَبُو مُسْلِمٍ, وَلَمْ يَحِرْ جَوَاباً.
قَالَ أَبُو حَسَّانٍ الزِّيَادِيُّ, وَيَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ, وَغَيْرُهُمَا: قُتِلَ فِي شَعْبَانَ, سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ.
قُلْتُ: وَعُمُرُهُ سَبْعَةٌ وثلاثين عَاماً.
وَلَمَّا قُتِلَ, خَرَجَ بِخُرَاسَانَ سُنْبَاذُ لِلطَّلبِ بثأر أبي مسلم, وكان سنباد مَجُوْسِيّاً, فَغلبَ عَلَى نَيْسَابُوْرَ وَالرَّيِّ وَظَفرَ بِخَزَائِنِ أَبِي مُسْلِمٍ, وَاسْتفحلَ أَمرُهُ. فَجهَّزَ المَنْصُوْرُ لِحَرْبِهِ جُمْهُوْرَ بنَ مَرَّارٍ العِجْلِيَّ, فِي عَشْرَةِ آلاَفِ فَارِسٍ, وَكَانَ المَصَافُّ بَيْنَ الرَّيِّ وَهَمَذَانَ, فَانْهَزَمَ سنباد, وَقُتِلَ مِنْ عَسْكَرِه نَحْوٌ مِنْ سِتِّيْنَ أَلْفاً وَعَامَّتُهم كَانُوا مِنْ أَهْلِ الجِبَالِ, فَسُبِيَتْ ذَرَارِيهِم ثم قتل سنباد بِأَرْضِ طَبَرِسْتَانَ.
أَنْبَأَتْنَا فَاطِمَةُ بِنْتُ عَلِيٍّ، أَنْبَأَنَا فَرْقَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الكِنَانِيُّ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّ مَائَةٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ محمد ابن سُلَيْمٍ المُعَلِّمُ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ المَرْزُبَانِ بنِ مَنْجَوَيْه، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بن المقرىء حَدَّثَنِي أَبُو نَصْرٍ غُلاَمُ ابْنِ الأَنْبَارِيِّ سَمِعْتُ ابْنَ الأَنْبَارِيِّ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى النَّحْوِيَّ سَمِعْتُ مَسْرُوْراً الخَادِمَ يَقُوْلُ لَمَّا اسْتردَّ المَنْصُوْرُ أَبَا مُسْلِمٍ مِنْ حُلْوَانَ أَمرَهُ أَنْ يَنْصَرِفَ فِي خَوَاصِّ غِلمَانِهِ فَانْصَرَفَ فِي أَرْبَعَةِ آلاَفِ غُلاَمٍ جُرْدٍ مُرْدٍ عَلَيْهِم أَقْبِيَةُ الدِّيْبَاجِ وَالسُّيُوْفِ وَمَنَاطِقُ الذَّهَبِ فَأَمَرَ المَنْصُوْرُ عُمُوْمتَه أَنْ يَسْتَقبِلُوْهُ وَكَانَ قَدْ بَقِيَ مِنْ عُمُوْمتِهِ يَوْمَئِذٍ صَالِحٌ وَسُلَيْمَانُ وَدَاوُدُ. فَلَمَّا أَنْ أَصحرُوا, سَايرَهُ صَالِحٌ بِجَنبِهِ, فَنَظَرَ إِلَى كَتَائِبِ الغِلمَانِ, فَرَأَى شَيْئاً لَمْ يَعهَدْ مِثْلَهُ, فَأَنْشَأَ يَقُوْلُ:

(6/235)


سيأتيك ما أفنى القرون التي مضت ... وما حل في أكناف عاد وجرهم
ومن كان أَقْوَى مِنْكَ عِزّاً وَمَفْخراً ... وَأَقْيَدَ لِلْجَيْشِ اللُّهَامِ العرمرم
فبكى أبو مسلم, ولم يجر جَوَاباً, وَلَمْ يَنطِقْ حَتَّى دَخَلَ عَلَى المَنْصُوْرِ, فَأَجلَسَه بَيْنَ يَدَيْهِ, وَجَعَلَ يُعَاتبُهُ, وَيَقُوْلُ: تَذْكُرُ يَوْمَ كَذَا, وَكَذَا فَعَلتَ كَذَا وَكَذَا وَكَتَبتَ إِلَيَّ بِكَذَا وَكَذَا ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُوْلُ:
زَعَمْتَ أَنَّ الدَّيْنَ لاَ يُقْتَضَى ... فَاقْتَضِ بِالدَّيْنِ أَبَا مُجْرِمِ
وَاشْرَبْ بِكَأْسٍ كُنْتَ تَسْقِي بِهَا ... أَمَرَّ فِي الحَلْقِ مِنَ العَلْقَمِ
ثُمَّ أَمرَ أَهْلَ خُرَاسَانَ, فَقَطَّعُوْهُ إِرْباً إِرْباً.
وَبِهِ إِلَى مَنْجَوَيْه: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ الأَنْمَاطِيُّ, حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَلِيِّ بنِ إِسْمَاعِيْلَ, حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بنُ فَهْمٍ, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ سَلاَّمٍ, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَارَةَ سَمِعْتُ أَبَا مُسْلِمٍ صَاحِبَ الدَّولَةِ يَقْرَأُ: {فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْل} [الإِسْرَاءُ: 33] . بِالتَّاءِ.
قَالَ ابْنُ مَنْجَوَيْه: حكَى لِي الثِّقَةُ، عَنْ أَبِي أَحْمَدَ، أَنْبَأَنَا الإمام: أن عبد الله بن مَنْدَةَ كَتَبَ عَنْهُ هَذَا. وَحُسَيْنُ بنُ فَهْمٍ: هُوَ ابْنُ بِنْتِ أَبِي مُسْلِمٍ.
وَبِهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الوَاحِدِ الطَّبَرِيُّ إِمْلاَءً مِنْ أَصْلِهِ, حَدَّثَنَا أَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى الحَافِظُ, حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ يَحْيَى بنِ زُكَيْرٍ, حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ خَالِدِ بنِ نَجِيْحٍ, حَدَّثَنَا أَبِي, حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُنِيْبٍ الخُرَاسَانِيُّ, حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ صَاحِبِ الدَّوْلَةِ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَرَادَ هَوَانَ قُرَيْشٍ أَهَانَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ" 1.
وَبِهِ أَخْبَرَنَاهُ أَحْمَدُ بنُ مُوْسَى الحَافِظُ, حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدٍ, حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ بِحَرَّانَ, حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بنُ مُوْسَى بِدِمَشْقَ, حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ خَالِدٍ بِهَذَا لَمْ يَقُلْ: ابْنُ مُنِيْبٍ، عَنْ أَبِيْهِ وَهُوَ أَشْبَهُ.
آخِرُ سِيْرَةِ أَبِي مسلم, والله -سبحانه- أعلم.
__________
1 حسن: وهذا إسناد ضعيف، آفتة أبو مسلم الخراساني، قال الذهبي: ليس بأهل لأن يحمل عنه شيء. لكن الحديث أخرجه أحمد "1/ 171 و183"، وابن أبي شيبة "12/ 171"، وابن أبي عاصم في " السنة" "1504"، وفي "الآحاد والمثاني" "216"، والحاكم "4/ 74"، من طريق محمد بن أبي سفيان بن جارية أن يوسف بن الحكم أبا الحجاج أخبره أن سعد بن أبي وقاص قَالَ سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: فذكره.
قلت: إسناده ضعيف، فيه علتان: الأولى: محمد بن أبي سفيان بن جارية، مجهول، لذا قال الحافظ في "التقريب": مقبول -أي عند المتابعة. العلة الثانية: يوسف بن الحكم، مجهول أيضا لذا قال الحافظ في "التقريب" مقبول. وأخرجه أحمد "1/ 64"، والبزار "2781"، والعقيلي في "الضعفاء" "3/ 124"، والحاكم "4/ 74" من طريق عبيد الله بن محمد بن حفص قال: سمعت أبي مُحَمَّدِ بنِ حَفْصِ بنِ عُمَرَ بنِ مُوْسَى، قال سمعت عمي عبيد الله بن عمر بن موسى يقول: حدثنا ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن سعيد بن المسيب، عن عمرو بن عثمان قال: قال لي أبي عثمان بن عفان: أي بني، إن وليت من أمر المسلمين شيئا، فأكرم قريشا، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: فذكره.
قلت: إسناده ضعيف، فيه علتان: محمد بن حفص بن عمر، مجهول، لم يوثقه غير ابن حبان كعادته في توثيق المجاهيل والمجروحين. العلة الثانية: عبيد الله بن عمر بن موسى، قال العقيلي: لا يتابع على حديثه. وله شاهد من حديث أنس: عند الطبراني في "الكبير" "753"، "والبزار "2782" وفي إسناده محمد بن سليم أبو هلال، وقد وثقه جمع، وفيه ضعف.

(6/236)


يزيد بن الطثرية، مروان بن محمد:
846- يزيد بن الطثرية 1:
الشَّاعِرُ, المُحَسِّنُ, أَبُو المَكْشُوْحِ يَزِيْدُ بنُ سَلَمَةَ بن سمرة. وله شعر فَائِقٌ, كَثِيْرٌ فِي "الحَمَاسَةِ" وَقِيْلَ: إِنَّ أَبَا الفَرَجِ صَاحِبَ "الأَغَانِي" جَمَعَ شِعرَهُ, وَدَوَّنَهُ قُتِلَ: باليمامة, في سنة ستة وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ وَالطَّثْرُ: ضَرْبٌ مِنَ اللَّبَنِ.
847- مَرْوَانُ بن محمد 2:
ابْنِ عَبْدُ المَلِكِ بنُ مَرْوَانَ بنِ الحَكَمِ بنِ أَبِي العَاصِ بنِ أُمَيَّةَ, أَبُو عَبْدِ المَلِكِ, الخَلِيْفَةُ الأُمَوِيُّ, يُعْرَفُ: بِمَرْوَانَ الحِمَارِ وَبِمَرْوَانَ الجَعْدِيِّ نِسبَةً إِلَى مُؤَدِّبِهِ جَعْدِ بنِ دِرْهَمٍ.
وَيُقَالُ: أَصبرُ فِي الحَرْبِ مِنْ حِمَارٍ.
وَكَانَ مَرْوَانُ بَطَلاً, شُجَاعاً, دَاهِيَةً, رَزِيْناً, جَبَّاراً, يَصلُ السَّيْرَ بِالسُّرَى, وَلاَ يَجِفُّ لَهُ لِبْدٌ, دَوَّخَ الخَوَارِجَ بِالجَزِيْرَةِ.
وَيُقَالُ: بَلِ العَرَبُ تُسمِّي كُلَّ مائَةِ عَامٍ حِمَاراً, فَلَمَّا قَاربَ مُلكُ آل أمية مائة سنة, لقبوا
__________
1 ترجمته في الأغاني لأبي الفرج الأصبهاني "7/ 104".
2 ترجمته في المجروحين لابن حبان "3/ 14"، تاريخ الإسلام "5/ 222".

(6/237)


مَرْوَانَ بِالحِمَارِ. وذَلِكَ مَأخُوذٌ مِنْ مَوْتِ حِمَارِ العُزَيْرِ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- وَهُوَ مائَةُ عَامٍ, ثُمَّ بَعَثَهُمَا الله, تَعَالَى.
مَولِدُ مَرْوَانَ بِالجَزِيْرَةِ, فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ, إِذْ أَبُوْهُ مُتَوَلِّيْهَا, وَأُمُّه أُمُّ وَلَدٍ.
وَقَدِ افْتَتَحَ فِي سَنَةِ خَمْسِيْنَ وَمائَةٍ قُوْنِيَةَ, وَوَلِيَ إِمْرَةَ الجَزِيْرَةِ, وَأَذْرَبِيْجَانَ لِهِشَامٍ, فِي سَنَةِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَمائَةٍ. وَقَدْ غَزَا مرَّةً حَتَّى جَاوَزَ نَهْرَ الرُّوْمِ, فَأغَارَ وَسَبَى فِي الصَّقَالِبَةِ1.
وَكَانَ أَبْيَضَ, ضَخْمَ الهَامَةِ, شَدِيْدَ الشهلة, كث اللحية, أبيضها, ربعة, مَهِيْباً, شَدِيْدَ الوَطْأَةِ, أَدِيْباً, بَلِيغاً, لَهُ رَسَائِلُ تُؤثرُ.
وَمَعَ كَمَالِ أَدوَاتِهِ لَمْ يُرْزَقْ سَعَادَةً بَلْ اضْطَرَبتِ الأُمُوْرُ, وَوَلَّتْ دَوْلَتُهُم بُوْيِعَ بِالإِمَامَةِ فِي نِصْفِ صَفَرٍ, سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ, وَلَمَّا سَمِعَ بِمَقْتَلِ الوَلِيْدِ فِي العَامِ المَاضِي, دَعَا إِلَى بَيْعَةِ مَنْ رَضِيَهُ المُسْلِمُوْنَ فَبَايَعُوْهُ, فَلَمَّا بَلَغَهُ مَوْتُ يَزِيْدَ النَّاقِصِ, أَنفقَ الأَمْوَالَ, وَأَقْبَلَ فِي ثَلاَثِيْنَ أَلْفِ فَارِسٍ, فَلَمَّا وَصلَ إِلَى حَلَبَ, بَايَعُوْهُ. ثُمَّ قَدِمَ حِمْصَ, فَدَعَاهم إلى بيعة ولي العَهْدِ: الحَكَمِ وَعُثْمَانَ, ابْنَيِ الوَلِيْدِ بنِ يَزِيْدَ, وَكَانَا فِي حَبسِ الخَلِيْفَةِ إِبْرَاهِيْمَ, فَأَقْبَلَ مَعَهُ جَيْشُ حِمْصَ, ثُمَّ الْتَقَى الجَمعَانِ بِمَرْجِ عَذْرَاءَ, وَانتصرَ مَرْوَانُ, فَبرزَ إِبْرَاهِيْمُ وَعَسْكَرَ بِمَيْدَانِ الحَصَا, فَتفلَّلَ جَمعُهُ, فَتوثَّبَ أَعْوَانُهُ, فَقَتلُوا وَلِيَّيِ العَهْدِ وَيُوْسُفَ بنَ عُمَرَ فِي السِّجْنِ وَثَارَ شَبَابُ دِمَشْقَ بِعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ الحَجَّاجِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ فَقَتلُوْهُ لِكَوْنِهِ أَمرَ بِقَتلِ الثَّلاَثَةِ ثُمَّ أَخْرُجُوا مِنَ الحَبْسِ أَبَا مُحَمَّدٍ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ يَزِيْدَ بنِ مُعَاوِيَةَ السُّفْيَانِيَّ وَوَضعُوْهُ عَلَى المِنْبَرِ فِي قُيُودِه لِيُبَايِعُوْهُ وَبَيْنَ يَدَيْهِ رَأْسُ عَبْدِ العَزِيْزِ فَخَطَبَ وَحَضَّ عَلَى الجَمَاعَةِ وأذعن بالبيعة لمروان فسمع إبراهيم الخليقة فَهَرَبَ وَآمَنَ مَرْوَانُ النَّاسَ.
فَأوَّلُ مَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ بِالخِلاَفَةِ أَبُو مُحَمَّدٍ السُّفْيَانِيُّ, وَأَمرَ بِنَبشِ يَزِيْدَ النَّاقِصِ, وَصَلبِهِ. وَأَمَّا إِبْرَاهِيْمُ فَخَلعَ نَفْسَهُ, وَكَتَبَ بِالبَيْعَةِ إِلَى مَرْوَانَ الحِمَارِ فَآمَنَهُ فَسَكَنَ بِالرَّقَّةِ خَامِلاً.
قَالَ المَدَائِنِيُّ: كَانَ مَرْوَانُ عَظِيْمَ المُرُوْءةِ, مُحِبّاً لِلَّهْوِ, غَيْرَ أَنَّهُ شُغِلَ بِالحَرْبِ, وكان يحب الحركة والسفر.
قَالَ الوَزِيْرُ أَبُو عُبَيْدِ اللهِ: قَالَ لِي المَنْصُوْرُ: مَا كَانَ أَشْيَاخُكَ الشَّامِيُّوْنَ يَقُوْلُوْنَ؟ قُلْتُ: أَدْرَكتُهُم يَقُوْلُوْنَ: إِنَّ الخَلِيْفَةَ إِذَا اسْتُخلِفَ غُفِرَ لَهُ مَا مَضَى مِنْ ذُنُوْبِهِ فَقَالَ: إِيْ والله, وما
__________
1 الصقالبة: هم جيل من الناس كانت مساكنهم إلى الشمال من شعب البلغار وانتشروا في بلاد شرق أوربا، وهم يسمون الآن: بـ السلاف.

(6/238)


تَأَخَّرَ, أَتَدْرِي مَا الخَلِيْفَةُ؟ بِهِ تُقَامُ الصَّلاَةُ, وَالحجُّ, وَالجِهَادُ, وَيُجَاهَدُ العَدُوُّ ... قَالَ: فَعدَّدَ مِنْ مَنَاقِبِ الخَلِيْفَةِ مَا لَمْ أَسْمَعْ أَحَداً ذَكَرَ مِثْلَهُ, وَقَالَ: وَاللهِ لَوْ عَرَفْتُ مِنْ حَقِّ الخِلاَفَةِ فِي دَهْرِ بَنِي أُمَيَّةَ مَا أَعْرِفُ اليَوْمَ, لأَتَيْتُ الرَّجُلَ مِنْهُم فَبَايعتُهُ فَقَالَ ابْنُهُ: أَفَكَانَ الوَلِيْدُ مِنْهُم؟ فَقَالَ: قبَّحَ اللهُ الوَلِيْدَ, وَمَنْ أَقعدَهُ خَلِيْفَةً! قَالَ: أَفَكَانَ مَرْوَانُ مِنْهُم؟ فَقَالَ: للهِ دَرُّهُ, مَا كَانَ أَحزمَهُ وَأَسوسَهُ, وَأَعفَّهُ، عَنِ الفَيْءِ قَالَ: فَلِمَ قَتَلْتُمُوْهُ? قَالَ: لِلأَمرِ الَّذِي سَبقَ فِي عِلْمِ اللهِ -تَعَالَى.
قَالَ خَلِيْفَةُ: سَارَ مَرْوَانُ لِحربِ المُسَوِّدَةِ فِي مائَةٍ وَخَمْسِيْنَ أَلْفاً, حَتَّى نَزَلَ بِقُربِ المَوْصِلِ, فَالْتَقَى هُوَ وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيٍّ عَمُّ المَنْصُوْرِ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ, سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ فَانْكَسَرَ جَمْعُ مَرْوَانَ, وَفَرَّ فَاسْتَوْلَى عَبْدُ اللهِ عَلَى الجَزِيْرَةِ, ثُمَّ طَلبَ الشَّامَ, فَفرَّ مَرْوَانُ إِلَى فِلَسْطِيْنَ, فَلَمَّا سَمِعَ بِأَخذِ دِمَشْقَ سَارَ إِلَى مِصْرَ وَطَلبَ الصَّعِيْدَ ثُمَّ أَدْرَكُوْهُ وَبَيَّتُوهُ بِبُوْصِيْرَ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ.
وَعَاشَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ سَنَةً, قُتِلَ فِي ذِي الحِجَّةِ, سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَانتَهَتْ خِلاَفَةُ بَنِي أُمَيَّةَ, وَبُوْيِعَ السَّفَّاحُ قَبْلَ مَقْتَلِ مَرْوَانَ الحِمَارِ بِتِسْعَةِ أَشْهُرٍ.
وَمِنْ جَبَروتِ مَرْوَانَ: أَنَّ يَزِيْدَ بنَ خَالِدِ بنِ عبد الله القسري الأمير كان قد قَاتَلَهُ, ثُمَّ ظَفِرَ بِهِ فَأُدخِلَ عَلَيْهِ يَوْماً, فَاسْتَدْنَاهُ, وَلفَّ عَلَى إِصْبعِهِ مِندِيلاً, وَرصَّ عَيْنَهُ حَتَّى سَالتْ, ثُمَّ فَعَلَ كَذَلِكَ بِعَيْنِهِ الأُخْرَى وَمَا نَطقَ يَزِيْدُ بَلْ صَبَرَ نَسْأَلُ اللهَ العَافِيَةَ.
وَقِيْلَ: إِنَّ أُمَّ مَرْوَانَ الحِمَارَ كُرْدِيَّةٌ, يُقَالَ لَهَا: لُبَابَةُ جَارِيَةُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ الأَشْتَرِ, أَخَذَهَا مُحَمَّدٌ مِنْ عَسْكَرِ إِبْرَاهِيْمَ فَوَلَدَتْ لَهُ: مروان ومنصور وَعَبْدَ اللهِ وَلَمَّا قُتِلَ مَرْوَانُ, هَرَبَ ابْنَاهُ عَبْدُ اللهِ وَعُبَيْدُ اللهِ إِلَى الحَبَشَةِ, فَقَتَلَتِ الحَبَشَةُ عُبَيْدَ اللهِ وَهَرَبَ عَبْدُ اللهِ, ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ ظَفِرَ بِهِ المَنْصُوْرُ, فَاعْتَقَلَهُ.

(6/239)


848- السفاح 1:
الخَلِيْفَةُ, أَبُو العَبَّاسِ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ حَبْرِ الأُمَّةِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبَّاسِ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ بنِ هَاشِمِ بنِ عَبْدِ مَنَافٍ القُرَشِيُّ, الهَاشِمِيُّ العَبَّاسِيُّ, أَوَّلُ الخُلَفَاءِ مِنْ بَنِي العَبَّاسِ.
كَانَ شَابّاً مَلِيْحاً مَهِيْباً أَبْيَضَ طَوِيْلاً وَقُوْراً هَربَ السَّفَّاحُ وَأَهْلُه مِنْ جَيْشِ مَرْوَانَ الحِمَارِ, وَأَتَوُا الكُوْفَةَ لَمَّا اسْتفحَلَ لَهُمُ الأَمْرُ
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "10/ 53"، فوات الوفيات لمحمد بن شاكر الكتبي "2/ 215-216"، شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "1/ 183".

(6/239)


بِخُرَاسَانَ. ثُمَّ بُوْيِعَ فِي ثَالِثِ رَبِيْعٍ الأَوَّلِ, سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ, ثُمَّ جَهَّزَ عَمَّهُ عَبْدَ اللهِ بنَ عَلِيٍّ فِي الجَيْشِ, فَالْتَقَى هُوَ وَمَرْوَانُ الحِمَارُ عَلَى كُشَافٍ, فَكَانَتْ وَقْعَةً عَظِيْمَةً, ثُمَّ تَفلَّلَ جَمْعُ مَرْوَانَ, وَانطوَتْ سَعَادتُهُ.
وَلكن لَمْ تَطُلْ أَيَّامُ السَّفَّاحِ, وَمَاتَ فِي ذِي الحِجَّةِ, سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ, وَعَاشَ: ثمانيا وعشرين سنة, في قول.
وَقَالَ الهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ, وَابْنُ الكَلْبِيِّ: عَاشَ ثَلاَثاً وَثَلاَثِيْنَ سَنَةً, وَقَامَ بَعْدَهُ المَنْصُوْرُ أَخُوْهُ.
وَقِيْلَ: بَلْ مَوْلِدُه سَنَةَ خَمْسٍ وَمائَةٍ. وَقِيْلَ: خَرَجَ آلُ العَبَّاسِ هَارِبِيْنَ إِلَى الكُوْفَةِ, فَنَزَلُوا عَلَى أَبِي سَلَمَةَ الخَلاَّلِ, فَآوَاهُم فِي سربٍ فِي دَارِهِ. وَكَانَ أَبُو مُسْلِمٍ قَدِ اسْتَولَى عَلَى خُرَاسَانَ, وَعَيَّنَ لَهُم يَوْماً يَخْرُجُوْنَ فِيْهِ, فَخَرَجُوا فِي جَمْعٍ كَثِيفٍ مِنَ الخَيَّالَةِ وَالحَمَّارَةِ وَالرَّجَّالَةِ فَنَزَلَ الخَلاَّلُ إِلَى السِّردَابِ وَصَاحَ: يَا عَبْدَ اللهِ مُدَّ يَدَكَ فَتَبَارَى إِلَيْهِ الأَخوَانِ فَقَالَ: أَيُّكمَا الَّذِي مَعَهُ العَلاَمَةُ?.
قَالَ المَنْصُوْرُ: فَعَلِمتُ أَنِّي أُخِّرتُ لأَنِّي لَمْ يَكُنْ مَعِي عَلاَمَةٌ. فَتَلاَ أَخِي العَلاَمَةَ, وَهِيَ {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّة} الآيَة [القَصَصُ: 5] . فَبَايَعَه أَبُو سَلَمَةَ, وَخَرَجُوا جَمِيْعاً إِلَى جَامِعِ الكُوْفَةِ, فَبُوْيِعَ, وَخَطَبَ فِي النَّاسِ, وَهُوَ يَقُوْلُ: فَأَمْلَى اللهُ لِبَنِي أُمَيَّةَ حِيْناً, فَلَمَّا آسَفُوْهُ, انْتقمَ مِنْهُم بِأَيْدِيْنَا وَرَدَّ عَلَيْنَا حقَّنَا فَأَنَا السَّفَّاحُ المُبِيْحُ وَالثَّائِرُ المُبِيْرُ. وَكَانَ مَوْعُوْكاً فَجَلَسَ عَلَى المِنْبَرِ فَنهضَ عَمُّه دَاوُدُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ فَقَالَ إِنَّا وَاللهِ مَا خَرَجْنَا لِنحفِرَ نَهْراً وَلاَ لِنَبنِيَ قَصراً وَلاَ لِنكثِرَ مَالاً وَإِنَّمَا خَرَجْنَا أَنفَةً مِنِ ابْتزَازِهم حقَّنَا وَلَقَدْ كَانَتْ أُمُوْرُكُم تَتَّصلُ بِنَا لَكُم ذِمَّةُ اللهِ وَذِمَّةُ رَسُوْلِه وَذِمَّةُ العَبَّاسِ أَنْ نَحكُمَ فِيْكُم بِمَا أَنْزَلَ اللهُ وَنَسِيْرَ فِيْكُم بِسُنَّةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاعْلَمُوا أَنَّ هَذَا الأَمْرَ فِيْنَا لَيْسَ بِخَارِجٍ عَنَّا حَتَّى نُسلِمَهُ إِلَى عِيْسَى بنِ مَرْيَمَ.
فَقَامَ السَّيِّدُ الحِمْيَرِيُّ, وَقَالَ قَصِيدَةً. ثُمَّ نَزَلَ السَّفَّاحُ, وَدَخَلَ القَصرَ, وَأَجلسَ أَخَاهُ يَأْخُذُ بَيْعَةَ العَامَّةِ.
وَمِنْ كَلاَمِهِ: مَنْ شَدَّدَ نَفَّرَ, وَمَنْ لاَنَ تَألَّفَ. وَيُقَالُ: لَهُ هَذَانِ البَيْتَانِ:
يَا آلَ مَرْوَانَ إِنَّ اللهَ مُهْلِكُكُمْ ... وَمُبْدِلٌ أَمْنَكُمْ خَوْفاً وَتَشْرِيْدَا
لاَ عَمَّرَ اللهُ مِنْ أَنْسَالِكُم أَحَداً ... وَبَثَّكُمْ فِي بِلاَدِ اللهِ تَبدِيْدَا
ثُمَّ تَحَوَّلَ إِلَى الأَنْبَارِ, وَبِهَا تُوُفِّيَ.

(6/240)


وَكَانَ إِذَا عَلِمَ بَيْنَ اثْنَيْنِ تَعَادِياً, لَمْ يقبل شهادة ذا على ذا, ويقول: العَدَاوَةُ تُزِيلُ العَدَالَةَ.
ثُمَّ إِنَّ أَبَا مُسْلِمٍ جَهَّزَ مَنْ قَتَلَ أَبَا سَلَمَةَ الخَلاَّلَ الوَزِيْرَ بَعْدَ العَتَمَةِ غِيلَةً, بَعْدَ أَنْ قَامَ مِنَ السَّمَرِ عِنْدَ السَّفَّاحِ, فَقَالَتِ العَامَّةُ: قَتلَتْهُ الخَوَارِجُ. فَقَالَ سُلَيْمَانُ بنُ مُهَاجِرٍ البَجَلِيُّ:
إِنَّ المَسَاءَةَ قَدْ تَسُرُّ وَرُبَّمَا ... كَانَ السُّرُوْرُ بِمَا كَرِهْتَ جديدا
إِنَّ الوَزِيْرَ وَزِيْرَ آلِ مُحَمَّدٍ ... أَوْدَى فَمَنْ يَشْنَاكَ كَانَ وَزِيْرَا
قُتلَ بَعْدَ البَيْعَةِ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ.
وَقِيْلَ: وَجَّهَ عَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيٍّ عَمُّ السَّفَّاحِ مَشْيَخَةَ شَامِيِّينَ إِلَى السَّفَّاحِ لِيُعَجِّبَهُ مِنْهُم, فَحَلفُوا لَهُ: إِنَّهُم مَا عَلِمُوا لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَرَابَةً يَرِثُوْنَهُ سِوَى بَنِي أُمَيَّةَ, حَتَّى وُلِّيتُم.
وَعَنِ السَّفَّاحِ, قَالَ: إِذَا عَظمتِ القُدْرَةُ, قلَّتِ الشَّهْوَةُ, قَلَّ تَبرُّعٌ إلَّا وَمَعَهُ حَقٌّ مُضَاعٌ الصَّبْرُ حَسَنٌ إلَّا عَلَى مَا أَوْتَغَ1 الدِّيْنَ, وَأَوْهَنَ السُّلْطَانَ.
قَالَ الصُّوْلِيُّ: أَحضرَ السَّفَّاحُ جَوْهَراً مِنْ جَوَاهِرِ بَنِي أُمَيَّةَ, فَقسمَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَبْدِ اللهِ بنِ حَسَنِ بنِ حَسَنٍ. وَكَانَ يُضرَبُ بِجُوْدِ السَّفَّاحِ المَثَلُ. وَكَانَ إِذَا تَعَادَى اثْنَانِ مِنْ خَاصَّتِهِ, لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَحَدِهِمَا فِي الآخَرِ, ويقول: الضغائن تولد العداوة.
وَكَانَ يَحضرُ الغنَاءَ مِنْ وَرَاءِ سِتَارَةٍ, كَمَا كَانَ يَفْعَلُ أَزْدَشِيْرُ, وَيُجزِلُ العَطَاءَ.
وَلَمَّا جِيْءَ بِرَأْسِ مَرْوَانَ الحِمَارِ, سَجَدَ للهِ, وَقَالَ: أَخَذْنَا بِثأْرِ الحُسَيْنِ وَآلِهِ, وَقَتَلنَا مائَتَيْنِ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ بِهِم.
وَقِيْلَ: إِنَّ السَّفَّاحَ أَعْطَى عَبْدَ اللهِ بنَ حَسَنِ بنِ حَسَنٍ أَلْفَيْ أَلْفِ درهم.
__________
1 أوتغ: أفسد وأهلك.

(6/241)


849- عبد الكريم بن مالك 1: "ع"
الإِمَامُ, الحَافِظُ, عَالِمُ الجَزِيْرَةِ, أَبُو سَعِيْدٍ الجَزَرِيُّ, الحَرَّانِيُّ, مَوْلَى بَنِي أُمَيَّةَ, وَأَصلُهُ مِنْ بَلَدِ إِصْطَخْرَ.
رَأَى أَنَسَ بنَ مَالِكٍ, وَعِدَادُهُ فِي صِغَارِ التَّابِعِيْنَ.
حَدَّثَ عَنْ: سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ, وَطَاوُوْسٍ, وَسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ ,وَمُجَاهِدِ بنِ جَبْرٍ, وَعِكْرِمَةَ, وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ ابْنُ جُرَيْجٍ, وَشُعْبَةُ, وَمَعْمَرٌ, وَفُرَاتٌ القَزَّازُ, وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ, وَمَالِكُ بنُ أَنَسٍ, وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ, وَآخَرُوْنَ سِوَاهُم.
رَوَينَا مِنْ طَرِيْقِ الشَّافِعِيِّ, وَالقَعْنَبِيِّ, وَأَبِي مُصْعَبٍ, وَيَحْيَى بنِ بُكَيْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الكَرِيْمِ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بنِ عجرة حديث: "أتُؤْذِيْكَ هَوَامُّكَ" 1 فِي الفِدْيَةِ. ثُمَّ قَالَ الشَّافِعِيُّ: غَلِطَ مَالِكٌ فِيْهِ, الحُفَّاظُ حَفِظُوهُ عَنْ عَبْدِ الكَرِيْمِ الجَزَرِيِّ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى.
قُلْتُ: قَدْ رَوَاهُ، عَنْ مَالِكٍ -بِإِثبَاتِ مُجَاهِدٍ-: إِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ, وَابْنُ وَهْبٍ, وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ, وَمُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ الفَقِيْهُ, وَسَمَاعُ هَؤُلاَءِ مِنْهُ قَدِيْمٌ. وَأَخْرَجَهُ: مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ, مِنْ حَدِيْثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ الكَرِيْمِ مُتَّصِلاً.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ, وَخَلِيْفَةُ: عَبْدُ الكَرِيْمِ الجَزَرِيُّ هُوَ ابْنُ عَمِّ خُصَيْفٍ لَحَّا2.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: عَبْدُ الكَرِيْمِ: ثِقَةٌ كَثِيْرُ الحَدِيْثِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ. هَكَذَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بنِ صَالِحٍ, عَنْهُ.
قَالَ الكَلاَبَاذِيُّ: حَدِيْثُهُ فِي تَفْسِيْرِ: اقْرَأْ, وَفِي النِّسَاءِ, وَالحَجِّ.
قَالَ أَبُو عَرُوْبَةَ الحَرَّانِيُّ: هُوَ ثَبتٌ عِنْدَ العَارِفِيْنَ بِالنَّقلِ, وَهُوَ خِضْرِمِيٌّ, نَزَلَ حَرَّانَ وَخِضْرِمَةُ: قرية باليمامة, ينسبون إليها.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 1794"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 533" و"2/ 175 و692" و"3/ 362"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 310"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 132"، الكاشف "2/ ترجمة 3477" العبر "1/ 56 و289"، تاريخ الإسلام "5/ 140"، ميزان الاعتدال "2/ 645"، تهذيب التهذيب "6/ 373"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4405"، شذرات الذهب "1/ 173".
2 صحيح: أخرجه الطيالسي "1065"، وأحمد "4/ 242"، والبخاري "1817" و"1818" و"4159" و"4191"، وابن خزيمة "2677" و"2678"، والدارقطني "2/ 298"، والطبراني "19/ 244-227 و229"، والبيهقي "5/ 87" من طرق عَنِ ابْنِ أَبِي نُجِيْحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ كعب بن عجرة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رآه وأنه يسقط على وجهه القمل فقال: أيؤذيك هوامك؟ قال: نعم. فأمره أن يحلق وهو بالحديبية، ولم يتبين لهم أنهم يحلون بها، وهم على طمع أن يدخلوا مكة، فأنزل الله الفدية، فأمره رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يطعم فرقا بين ستة، أو يهدي شاة، أو يصوم ثلاثة أيام".
3 ابن عمي لحا: أي لازق النسب.

(6/242)


الحُمَيْدِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ, قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الكَرِيْمِ بن مالك, وكان حافظًا, وَكَانَ مِنَ الثِّقَاتِ, لاَ يَقُوْلُ إلَّا سَمِعْتُ وَحَدَّثَنَا وَرَأَيْتُ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: عَبْدُ الكَرِيْمِ: ثِقَةٌ, هُوَ أَثْبَتُ مِنْ خُصَيْفٍ.
أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ، عَنْ يَحْيَى, وَسُئِلَ، عَنْ عَبْدِ الكَرِيْمِ الجَزَرِيِّ, فَقَالَ: ثِقَةٌ, وَعَبْدُ الكَرِيْمِ الآخرُ لَيْسَ بِشَيْءٍ- يَعْنِي: ابْنَ أَبِي المُخَارِقِ, أَبَا أُمَيَّةَ البَصْرِيَّ.
قَالَ الفَسَوِيُّ: قَدْ رَوَى مَالِكٌ -وَكَانَ يَنتقِي الرِّجَالَ- عَنْ عَبْدِ الكَرِيْمِ الجَزَرِيِّ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ, وَأَبُو زُرْعَةَ: ثِقَةٌ.
عَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ، عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ, قَالَ حَدِيْثُ عَبْدِ الكَرِيْمِ، عَنْ عَطَاءٍ رَدِيْءٌ. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ هُوَ الحَدِيْثُ الَّذِي رَوَاهُ عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ الكَرِيْمِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عَائِشَةَ "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يقبلها ولا يتوضأ1.
قُلْتُ هَذَا غَرِيْبٌ, فَرْدٌ, وَلَيْسَ هُوَ بِمَحْفُوْظٍ.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عَبْدُ الكَرِيْمِ الجَزَرِيُّ إِذَا رَوَى عَنْهُ ثِقَةٌ, فَأَحَادِيْثُه مُسْتقِيْمَةٌ
وَقَالَ سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ: لَزمتُ عَبْدَ الكَرِيْمِ سَنَةً قُلْتُ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى سَعَةِ عِلْمِهِ.
قَالَ البُخَارِيُّ: قَالَ لِي عَلِيٌّ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ: لَمْ أَرَ مِثْلَهُ وَيُقَالُ: أَصلُهُ مِنْ إِصْطَخْرَ.
وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: هُوَ ثِقَةٌ, رَضِيٌّ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: ثَبْتٌ, ثَبْتٌ, ثِقَةٌ.
وَقَالَ النُّفَيْلِيُّ, وَجَمَاعَةٌ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ.
قَالَ ابن حبان: أتوقف فيه.
أما:
__________
1 صحيح: أخرجه الدارقطني "1/ 137" من طريق الوليد بن صالح، أخبرنا عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ الكَرِيْمِ الجزري, به. وأخرجه من طريق إسماعيل بن يعقوب بن صبيح، حدثنا محمد بن موسى بن أعين، حدثنا أبي، عن عبد الكريم الجزري، به. وأخرجه أبو داود "179"، والترمذي "86"، وابن ماجه "502"، وأحمد "6/ 210"، وابن جرير "9630" من طريق الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبل امرأة من نسائه، ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ قال عروة: فقلت لها: من هي إلا أنت؟ فضحكت".
وأخرجه الدارقطني "1/ 135" من طريق سعيد بن بشير، حدثني منصور، عن الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لقد كَانَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقبلني إذا خرج إلى الصلاة، وما يتوضأ" ثم قال الدارقطني: تفرد به سعيد بن بشير عن منصور عن الزهري، ولم يتابع عليه، وليس بقوي في الحديث. والمحفوظ عن الزهري، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقبل وهو صائم. وكذلك رواه الحفاظ الثقات عن الزهري، منهم معمر وعقيل وابن أبي ذئب.

(6/243)


أَبُو أُمَيَّةَ عَبْدُ الكَرِيْمِ بنُ أَبِي المُخَارِقِ، كُرْز:
850- أَبُو أُمَيَّةَ عَبْدُ الكَرِيْمِ بنُ أَبِي المُخَارِقِ 1: "ت، س، ق، م"
فَضَعِيْفُ الحَدِيْثِ, مُؤَدِّبٌ. يَرْوِي عَنْ: أَنَسٍ, وَعَنْ: مُجَاهِدٍ, وَسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ.
وَعَنْهُ أَيْضاً: مَالِكٌ, وَالسُّفْيَانَانِ, وَحَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ.
وَكَانَ يَرَى الإِرْجَاءَ, مَعَ تَعَبُّدٍ وَخُشُوْعٍ. يُقَالُ: اسْمُ أَبِيْهِ قَيْسٌ.
قَالَ النَّسَائِيُّ, وَالدَّارَقُطْنِيُّ: مَتْرُوْكٌ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: ضَربتُ عَلَى حَدِيْثِهِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ: اغْترَّ مَالِكٌ بِبُكَائِهِ فِي المَسْجِدِ, وَرَوَى عَنْهُ فِي الفَضَائِلِ.
قُلْتُ: اشْتركَ هُوَ وَالجَزَرِيُّ فِي الرِّوَايَةِ عَنِ: ابْنِ جُبَيْرٍ, وَمُجَاهِدٍ, وَالحَسَنِ, وَفِي مَوْتِهمَا: تُوُفِّيَا فِي عَامٍ واحد. وفي رواية مالك, والثوري, وابن جريح, عنهما, فربما اشتبها في بعض الأسنانيد.
851- كرز 2:
الزَّاهِدُ, القُدْوَةُ, أَبُو عَبْدِ اللهِ كُرْزُ بنُ وَبَرَةَ الحَارِثِيُّ, الكُوْفِيُّ, نَزِيْلُ جُرْجَانَ, وَكَبِيْرُهَا, فَإِنَّهُ دَخَلَهَا غَازِياً فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ, مَعَ يَزِيْدَ بنِ المُهَلَّبِ, فَاتَّخَذَ كُرْزٌ بِهَا مَسْجِداً بِقُربِ قَبْرِهِ.
حَدَّثَ عَنْ: أَنَسِ بنِ مَالِكٍ, وَالرَّبِيْعِ بنِ خُثَيْمٍ, وَنُعَيْمِ بنِ أَبِي هِنْدٍ, وَطَاوُوْسٍ, وَطَارِقِ بنِ شِهَابٍ, وَمُجَاهِدٍ, وَعَطَاءٍ, وَغَيْرِهِم.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 252"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 1797"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 425" و"3/ 45"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 311"، المجروحين لابن حبان "2/ 144"، الكاشف "2/ ترجمة 3479"، تاريخ الإسلام "5/ 103"، ميزان الاعتدال "2/ 646"، تهذيب التهذيب "6/ 376"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4407".
2 ترجمته في حلية الأولياء "5/ 79".

(6/244)


حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو طَيْبَةَ عِيْسَى بنُ سُلَيْمَانَ الدَّارِمِيُّ, وَعُبَيْدُ اللهِ الوَصَّافِيُّ, وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ, وَمُخْتَارٌ التَّمِيْمِيُّ, وَابْنُ شُبْرُمَةَ, وَمُحَمَّدُ بنُ النَّضْرِ الحَارِثِيُّ, وَمُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ بنِ عَطِيَّةَ, وَمُحَمَّدُ بنُ فُضَيْلٍ, وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ: كَانَ يَسْكُنُ جُرْجَانَ, لَهُ الصِّيْتُ البَلِيْغُ فِي النُّسُكِ وَالتَّعَبُّدِ.
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ الصَّفَّارُ، أَنْبَأَنَا يُوْسُفُ الحَافِظُ، أَنْبَأَنَا أَبُو المَكَارِمِ التَّمِيْمِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ المُقْرِي، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ مَالِكٍ, حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ, حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بنُ يُوْنُسَ, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ فُضَيْلٍ، عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى كُرْزٍ بَيْتَهُ, فَإِذَا عِنْدَ مُصَلاَّهُ حُفَيرَةٌ قَدْ مَلأَهَا تِبناً وَبَسطَ عَلَيْهَا كِسَاءً مِنْ طُوْلِ القِيَامِ فَكَانَ يَقْرَأُ فِي اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ القُرْآنَ ثَلاَثَ مرات1.
وَبِهِ قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ حَيَّانَ, حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ, حَدَّثَنَا أَحْمَدُ الدَّوْرَقِيُّ, حَدَّثَنِي سَعِيْدٌ أَبُو عُثْمَانَ, سَمِعْتُ ابْنَ عُيَيْنَةَ يَقُوْلُ: قَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ: سَأَلَ كُرْزٌ رَبَّهُ أن يعطيه الاسم الأعظم علىإلَّا يَسْأَلَ بِهِ شَيْئاً مِنَ الدُّنْيَا فَأُعْطِيَ فَسَأَلَ أَنْ يُقَوَّى حَتَّى يَخْتِمَ القُرْآنَ فِي اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ.
وَبِهِ حَدَّثَنَا ابْنُ مَالِكٍ, حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ, حَدَّثَنَا شُرَيْحٌ, حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ أَبِيْهِ -أَوْ عَنْ نَفْسِهِ- قَالَ كَانَ كُرْزٌ إِذَا خَرَجَ, أَمرَ بِالمَعْرُوْفِ فَيَضرِبُوْنَهُ حَتَّى يُغْشَى عَلَيْهِ.
وَرَوَى ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: لَمْ يَرْفَعْ كُرْزٌ بَصَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً وَكَانَ لَهُ عُوْدٌ عِنْدَ المِحْرَابِ, يَعتمدُ عَلَيْهِ إِذَا نَعِسَ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الدَّوْرَقِيُّ: حَدَّثَنِي جَرِيْرُ بنُ زِيَادِ بنِ كُرْزٍ الحَارِثِيُّ، عَنْ شُجَاعِ بنِ صَبِيْحٍ مَوْلَى كُرْزِ بنِ وَبَرَةَ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سُلَيْمَانَ المُكْتِبُ, قَالَ: صَحِبتُ كُرْزاً إِلَى مَكَّةَ, فَاحْتبسَ يَوْماً وَقْتَ الرَّحِيْلِ, فَانبثُّوا فِي طَلبِهِ, فَأَصبتُهُ فِي وَهْدَةٍ يُصَلِّي فِي سَاعَةٍ حَارَّةٍ, وَإِذَا سَحَابَةٌ تُظِلُّهُ, فَقَالَ لِي: اكْتُم هَذَا وَاسْتَحْلَفَنِي.
قَالَ أَحْمَدُ: وَحَدَّثَنِي جَرِيْرٌ، عَنِ النَّضْرِ بنِ عَبْدِ اللهِ, حَدَّثَتْنِي رَوْضَةُ مَوْلاَةُ كُرْزٍ: قُلْتُ: مَنْ أَيْنَ يُنْفِقُ كُرْزٌ? قَالَتْ: كَانَ يَقُوْلُ لِي: يَا رَوْضَةُ! إِذَا أَرَدْتِ شَيْئاً فَخُذِي مِنْ هَذِهِ الكُوَةِ. فَكُنْتُ آخُذُ كُلَّمَا أردت.
__________
1 هذا مخالف لهدي النبي صلى لله عليه وسلم، فلم يأذن النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو بن العاص في قراءة القرآن في أقل من ثلاث. وكما ورد عند أبي داود "1394"، والترمذي "2950"، مِنْ حَدِيْثِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرِو بنِ العاص مرفوعا بلفظ: "لم يفقه مَنْ قَرَأَ القُرْآنَ فِي أَقلَّ مِنْ ثَلاَثٍ". وهو حديث صحيح.

(6/245)


وأنشد ابن شبرمة:
لو شئت كنت كرز فِي تَعَبُّدِهِ ... أَوْ كَابْنِ طَارِقٍ حَوْلَ البَيْتِ فِي الحَرَمِ
قَدْ حَالَ دُوْنَ لَذِيْذِ العَيْشِ خَوْفُهُمَا ... وَسَارَعَا فِي طِلاَبِ الفَوْزِ وَالكَرَمِ
عَنْ فُضَيْلِ بنِ غَزْوَانَ: كَانَ كُرْزٌ يُصَلِّي حَتَّى تَرِمَ قَدَمَاهُ, فَيَحفِرُ الحُفَيرَةَ- يَعْنِي: تَحْتَ رِجْلَيْهِ. وَقِيْلَ: كَانَ كُرْزٌ لاَ يَنْزِلُ مَنْزِلاً إلَّا ابْتنَى فِيْهِ مَسْجِداً, فَيُصَلِّي فِيْهِ.
وَعَنْ أَبِي حَفْصٍ السَّائِحِ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ, قَالَ: كَانَ كُرْزُ بنُ وَبَرَةَ مِنْ أَعَبْدِ النَّاسِ, وَكَانَ قَدِ امْتنعَ مِنَ الطَّعَامِ حَتَّى لَمْ يُوْجَدْ عليه من اللحمإلَّا بِقَدرِ مَا يُوْجَدُ عَلَى العُصْفُوْرِ, وَكَانَ يَطْوِي أَيَّاماً كَثِيْرَةً, وَكَانَ إِذَا دَخَلَ فِي الصَّلاَةِ لاَ يَرْفَعُ طَرْفَهُ يَمِيْناً وَلاَ شِمَالاً, وَكَانَ مِنَ المُحِبِّيْنَ المُخْبِتِيْنَ للهِ قَدْ وَلِهِ مِنْ ذَلِكَ, فَرُبَّمَا كُلِّمَ فَيُجِيْبُ بَعْد مُدَّةٍ مِنْ شِدَّةِ تَعلُّقِ قَلْبِهِ بِاللهِ وَاشْتِيَاقِهِ إِلَيْهِ.
ابْنُ يَمَانٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ كُرْزٍ قَالَ: لاَ يَكُوْنَ العَبْدُ قَارِئاً, حَتَّى يَزْهَدَ فِي الدِّرْهَمِ.
وَعَنْ عَمْرِو بنِ حُمَيْدٍ الدِّيْنَوَرِيِّ، عَنْ بَعْضِ أَهْلِ جُرْجَانَ، عَنْ أَبِيْهِ: رَأَيْتُ فِي النَّوْمِ كَأَنِّي أَتَيْتُ عَلَى قُبُوْرِ أَهْلِ جُرْجَانَ, فَإِذَا هُمْ جُلُوْسٌ عَلَى قُبُوْرِهم عَلَيْهِم ثِيَابٌ بِيْضٌ فَقُلْتُ: يَا أَهْلَ القُبُوْرِ مَا لَكُم قَالُوا: إِنَّا كُسِينَا ثِيَاباً جُدداً لِقُدُوْمِ كُرْزِ بنِ وَبَرَةَ عَلَيْنَا.
قُلْتُ: هَكَذَا كَانَ زُهَّادُ السَّلَفِ وَعُبَّادُهُم, أَصْحَابَ خَوْفٍ, وَخُشُوْعٍ, وَتعَبُّدٍ وَقُنوعٍ, وَلاَ يَدْخُلُوْنَ فِي الدُّنْيَا وَشَهَوَاتِهَا, وَلاَ فِي عِبَارَاتٍ أَحْدَثهَا المُتَأَخِّرُوْنَ مِنَ الفَنَاءِ, وَالمَحْوِ, وَالاَصْطِلاَمِ, وَالاَتِّحَادِ, وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ مِمَّا لاَ يُسَوِّغُهُ كِبَارُ العُلَمَاءِ.
فَنسَألُ اللهَ التَّوفِيْقَ, وَالإِخْلاَصَ, وَلُزومَ الاَتِّبَاعِ.

(6/246)


852- عَطَاءٌ السَّلِيْمِيُّ 1:
البَصْرِيُّ العَابِدُ, مِنْ صِغَارِ التَّابِعِيْنَ. أَدْرَكَ أَنَسَ بنَ مَالِكٍ. وَسَمِعَ مِنَ: الحَسَنِ البَصْرِيِّ وَجَعْفَرِ بنِ زَيْدٍ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ غَالِبٍ الزَّاهِدِ.
وَاشْتَغَل بِنَفْسِهِ عَنِ الرِّوَايَةِ.
رَوَى عَنْهُ: مُرَجَّى بنُ وَدَاعٍ, وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَدْهَمَ, وخليد بن دعلج, وصالح المُرِّيُّ, وَعَبْدُ الوَاحِدِ بنُ زِيَادٍ, وَآخَرُوْنَ حِكَايَاتٍ, وَمَا أَظُنُّه رَوَى شَيْئاً مُسْنَداً.
وَكَانَ قَدْ أَرعبَهُ فَرطُ الخَوْفِ مِنَ اللهِ.
رَوَى جَمَاعَةٌ، عَنْ بِشْرِ بنِ مَنْصُوْرٍ, قَالَ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ السَّلِيْمِيِّ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ نَاراً أُشْعِلَتْ, ثُمَّ قِيْلَ: مَنِ اقْتَحَمهَا نَجَا, تَرَى كَانَ يَدْخُلُهَا أَحَدٌ? قَالَ: لَوْ قِيْلَ ذَلِكَ لَخشِيْتُ أَنْ تَخْرُجَ نَفْسِي فَرحاً قَبْلَ أَنْ أَصِلَ إِلَيْهَا.
قَالَ نُعَيْمُ بنُ مُوَرِّعٍ: أَتَيْنَا عَطَاءً السَّلِيْمِيَّ, فَجَعَلَ يَقُوْلُ: لَيْتَ عَطَاءً لَمْ تَلِدْهُ أُمُّهُ. وَكرَّرَ ذَلِكَ حَتَّى اصْفرَّتِ الشَّمْسُ.
وَكَانَ يَقُوْلُ فِي دُعَائِهِ: اللَّهُمَّ ارحمْ غُربتِي فِي الدُّنْيَا, وَارحمْ مَصْرَعِي عِنْدَ المَوْتِ, وَارحمْ قِيَامِي بَيْنَ يَدَيْكَ.
قَالَ أَحْمَدُ الدَّوْرَقِيُّ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ بَكَّارٍ قَالَ: تَرَكتُ عَطَاءً السَّلِيْمِيَّ, فَمَكَثَ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً عَلَى فِرَاشِهِ لاَ يَقُوْمُ مِنَ الخَوْفِ, وَلاَ يَخْرُجُ وَكَانَ يَتَوَضَّأُ عَلَى فِرَاشِهِ.
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيُّ: اشْتَدَّ خَوْفُهُ, فَكَانَ لاَ يَسْأَلُ الجَنَّةَ, بَلْ يَسْأَلُ العَفْوَ.
وَيُقَالُ: نَسِيَ عَطَاءٌ القُرْآنَ مِنَ الخَوْفِ. وَيقُوْلُ: الْتَمِسُوا لِي أَحَادِيْثَ الرُّخَصِ, لِيخِفَّ مَا بِي.
وَقِيْلَ: كَانَ إِذَا بَكَى بَكَى ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ بِلَيَالِيْهَا.
قَالَ صَالِحٌ المُرِّيُّ: قُلْتُ لَهُ: يَا شَيْخُ! قَدْ خَدَعَك إِبْلِيْسُ, فَلَوْ شَربتَ مَا تَقْوَى بِهِ على صلاتك ووضوئك؟ فأعطاني ثلاثة درهم, وَقَالَ: تَعَاهدنِي كُلَّ يَوْمٍ بِشربَةِ سَوِيْقٍ. فَشَرِبَ يَوْمَيْنِ, وَتَركَ, وَقَالَ: يَا صَالِحُ إِذَا ذَكرتُ جَهَنَّمَ مَا يَسعُنِي طَعَامٌ وَلاَ شَرَابٌ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ بَكَى حَتَّى عَمِشَ, وَرُبَّمَا غُشِيَ عَلَيْهِ عِنْدَ المَوْعِظَةِ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ شَيَّعَ جِنَازَةً فَغُشِيَ عَلَيْهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ.
وَعَنْ خُلَيْدِ بنِ دَعْلَجَ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عَطَاءٍ السَّلِيْمِيِّ, فَقِيْلَ: لَهُ إِنَّ ابْنَ عَلِيٍّ قَتَلَ أَرْبَعَ مائَةٍ مِنْ أَهْلِ دِمَشْقَ عَلَى دَمٍ وَاحِدٍ فَقَالَ مُتَنَفِّساً: هَاه ثُمَّ خَرَّ مَيِّتاً.
وَقِيْلَ: كَانَ إِذَا جَاءَ بَرْقٌ, وَرِيْحٌ, وَرَعدٌ قَالَ: هَذَا مِنْ أَجَلِي يُصِيْبُكُم لَوْ مِتُّ اسْترَاحَ النَّاسُ وَلِعَطَاءٍ حِكَايَاتٌ فِي الخَوْفِ وَإِزْرَائِهِ عَلَى نَفْسِهِ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ مَاتَ بَعْدَ الأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ. رَحْمَةُ اللهِ عليه.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 3029"، حلية الأولياء "6/ ترجمة 366".

(6/247)


زيد بن أبي أنيسة، ربيعة:
853- زيد بن أبي أنيسة 1: / "ع"
الإِمَامُ, الحَافِظُ, الثَّبْتُ, أَبُو أُسَامَةَ الجَزَرِيُّ, الرُّهَاوِيُّ, الغَنَوِيُّ, مَوْلَى آلِ غَنِيِّ بنِ أَعْصُرَ. كَانَ عَالِمَ الجَزِيْرَةِ فِي زَمَانِهِ, وَهُوَ مِنْ طَبَقَةِ شُعْبَةَ وَمَالِكٍ, لَكِنَّهُ قَدِيْمُ المَوْتِ تُوُفِّيَ كَهْلاً, فِي أَيَّامِ بَنِي أُمَيَّةَ.
حَدَّثَ عَنْ: الحَكَمِ بنِ عُتَيْبَةَ, وَعَطَاءُ بنُ أَبِي رَبَاحٍ, وَشَهْرُ بنُ حَوْشَبٍ, وَطَلْحَةَ بنِ مُصَرِّفٍ, وَعَمْرِو بنِ مُرَّةَ, وَعَدِيِّ بنِ ثَابِتٍ, وَسَعِيْدٍ المَقْبُرِيِّ, وَنُعَيْمٍ المُجْمِرِ, وَأَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيِّ, وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ, حَتَّى إِنَّهُ يَرْوِي عَنِ أَصحَابِهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو حَنِيْفَةَ, وَعَمْرُو بنُ الحَارِثِ, وَمَالِكُ بنُ أَنَسٍ, وَمَعْقِلُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ الجَزَرِيُّ, وَأَبُو عَبْدِ الرَّحِيْمِ خَالِدُ بنُ يَزِيْدَ, وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عَمْرٍو, وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ, وَغَيْرُهُ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
قَالَ ابْنُ سعد: كان ثقة, فقيهًا, رواية لِلْعِلْمِ, كَثِيْرَ الحَدِيْثِ.
قُلْتُ: كَانَ يَسْكُنُ مَدِيْنَة الرُّهَا, وَقَعَ لِي جُزءٌ مِنْ حَدِيْثِهِ.
قِيْلَ: إِنَّهُ لَمْ يَبلُغِ الأَرْبَعِيْنَ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ. وَقِيْلَ: بَلْ تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ. وَفِي "تَارِيْخِ البُخَارِيِّ": أنه عاش ستا وثلاثين سنة.
854- ربيعة 2: "ع"
ابن أبي عبد الرحمن فروخ الإِمَامُ, مُفْتِي المَدِيْنَةِ, وَعَالِمُ الوَقْتِ, أَبُو عُثْمَانَ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 481"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 1292"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 527" و"2/ 451" و"3/ 43"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 2517"، تاريخ الإسلام "5/ 76"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 131"، الكاشف "1/ ترجمة 1740"، ميزان الاعتدال "2/ 98"، تهذيب التهذيب "3/ 397"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2143"، وشذرات الذهب "1/ 166".
2 ترجمته في التاريخ الكبير "3/ ترجمة 976"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 2131"، الحلية لأبي نعيم "3/ ترجمة 241"، تاريخ بغداد "8/ 420"، وفيت الأعيان لابن خلكان "2/ ترجمة 232" تاريخ الإسلام "5/ 245"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 153"، الكاشف "1/ ترجمة 1563"، وميزان الاعتدال "2/ 44"، تهذيب التهذيب "3/ 258"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2044"، شذرات الذهب "1/ 194".

(6/248)


وَيُقَالُ: أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ -القُرَشِيُّ, التَّيْمِيُّ مَوْلاَهُم, المَشْهُوْرُ بِرَبِيْعَةَ الرَّأْيِ, مِنْ مَوَالِي آلِ المُنْكَدِرِ.
رَوَى عَنْ: أَنَسِ بنِ مَالِكٍ, وَالسَّائِبِ بنِ يَزِيْدَ, وَسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ, وَالحَارِثِ بنِ بِلاَلِ بنِ الحَارِثِ, وَيَزِيْدَ مَوْلَى المُنْبَعِثِ, وَحَنْظَلَةَ بنِ قَيْسٍ الزُّرَقِيِّ, وَعَطَاءِ بنِ يَسَارٍ, وَالقَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ, وَسُلَيْمَانَ بنِ يَسَارٍ, وَسَالِمِ بنِ عَبْدِ اللهِ, وَعَبْدِ المَلِكِ بنِ سَعِيْدِ بنِ سُوَيْدٍ الأَنْصَارِيِّ, وَمُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ حَبَّانَ, وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ, وَعِدَّةٍ.
وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الاجْتِهَادِ.
وَعَنْهُ: يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ, وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ, وَسُهَيْلُ بنُ أَبِي صَالِحٍ, وَهُمْ مِنْ أَقْرَانِهِ, وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ أُمَيَّةَ, وَالأَوْزَاعِيُّ, وَشُعْبَةُ, وَعُقَيْلُ بنُ خَالِدٍ, وَعَمْرُو بنُ الحَارِثِ, وَمَالِكٌ, وَعَلَيْهِ تَفَقَّهَ, وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ, وَحَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ, وَفُلَيْحُ بنُ سُلَيْمَانَ, وَاللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ, وَمِسْعَرٌ, وَعُمَارَةُ بنُ غزية, ونافع القارىء, وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ جَعْفَرٍ, وَأَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ, وَابْنُ المُبَارَكِ, وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ, وَأَنَسُ بنُ عِيَاضٍ اللَّيْثِيُّ, وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
مُحَمَّدُ بنُ كَثِيْرٍ المَصِّيْصِيُّ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ, قَالَ: بَكَى رَبِيْعَةُ يَوْماً. فَقِيْلَ: مَا يُبْكِيْكَ? قَالَ: رِيَاءٌ حَاضِرٌ, وَشَهْوَةٌ خَفِيَّةٌ, وَالنَّاسُ عِنْدَ عُلَمَائِهِم كَصِبْيَانٍ فِي حُجُوْرِ أُمَّهَاتِهم, إِنْ أَمرُوهم ائْتَمرُوا وَإِنْ نَهوهُم انْتَهَوْا?!.
وَرَوَى ضَمْرَةُ بنُ رَبِيْعَةَ، عَنْ رَجَاءِ بنِ جَمِيْلٍ, قَالَ: قَالَ رَبِيْعَةُ: رَأَيْتُ الرَّأيَ أَهْوَنَ عَلَيَّ مِنْ تَبِعَةِ الحَدِيْثِ.
قَالَ الأُوَيْسِيُّ: قَالَ مَالِكٌ: كَانَ رَبِيْعَةُ يَقُوْلُ لابْنِ شِهَابٍ: إِنَّ حَالِي لَيْسَتْ تُشبِهُ حَالَكَ. قَالَ: وَكَيْفَ? قَالَ: أَنَا أَقُوْلُ بِرَأْيٍ مَنْ شَاءَ أَخَذَهُ وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ, وَأَنْتَ تُحدِّثُ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَيُحْفَظُ.
قَالَ أَبُو ضَمْرَةَ: وَقفَ رَبِيْعَةُ عَلَى قَوْمٍ يَتذَاكَرُوْنَ القَدَرَ, فَقَالَ مَا مَعنَاهُ: إِنْ كُنْتُم صَادِقِيْنَ, فَلَمَا فِي أَيْدِيكُم أَعْظَمُ مِمَّا فِي يَدِي رَبِّكُم إِنْ كَانَ الخَيْرُ وَالشَّرُّ بِأَيْدِيْكُم.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيُّ فِي "تَارِيْخِهِ" حَدَّثَنِي أَبِي, قَالَ: قَالَ رَبِيْعَةُ, وَسُئِلَ: كَيْفَ اسْتوَى؟ فَقَالَ: الكَيْفُ غَيْرُ مَعْقُوْلٍ, وَعَلَى الرَّسُوْلِ البَلاَغُ وَعَلَيْنَا التَّصْدِيْقُ.
وَصَحَّ عَنْ رَبِيْعَةَ قَالَ: العِلْمُ وَسِيْلَةٌ إِلَى كُلِّ فَضِيلَةٍ.

(6/249)


قَالَ مَالِكٌ: قَدِمَ رَبِيْعَةُ عَلَى أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ, فَأَمرَ لَهُ بِجَارِيَةٍ, فَأَبَى, فَأَعْطَاهُ خَمْسَةَ آلاَفٍ لِيَشْتَرِيَ بِهَا جَارِيَةً فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهَا.
وَعَنِ ابْنِ وَهْبٍ: أَنفقَ رَبِيْعَةُ عَلَى إِخْوَانِهِ أَرْبَعِيْنَ أَلْفَ دِيْنَارٍ, ثُمَّ جَعَلَ يَسْأَلُ إِخْوَانَهُ فِي إِخْوَانِهِ.
النَّسَائِيُّ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ يَحْيَى بنِ وَزِيْرٍ, حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ, حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: كُنَّا إِذَا رَأَينَا طَالباً لِلْحَدِيْثِ يَغْشَى ثَلاَثَةً ضَحِكنَا مِنْهُ: رَبِيْعَةَ, وَمُحَمَّدَ بنَ أَبِي بَكْرٍ بنِ حَزْمٍ, وَجَعْفَرَ بنَ مُحَمَّدٍ, لأَنَّهم كَانُوا لاَ يُتقنُوْنَ الحَدِيْثَ.
رَوَى مُطَرِّفٌ، عَنِ ابْنِ أَخِي ابْنِ هُرْمُزَ: رَأَيْتُ رَبِيْعَةَ جُلِدَ, وَحُلِقَ رَأْسُهُ وَلِحْيَتُهُ. قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ المُنْذِرِ: كَانَ سَبَبُهُ سَعَايَةَ أَبِي الزِّنَادِ بِهِ.
قَالَ مُطَرِّفٌ: سَمِعْتُ مَالِكاً يَقُوْلُ: ذَهَبتْ حَلاَوَةُ الفِقْهِ مُنْذُ مَاتَ رَبِيْعَةُ.
قُلْتُ: وَكَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ. وَثَّقَهُ: أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ, وَأَبُو حَاتِمٍ, وَجَمَاعَةٌ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: أَبُو الزِّنَادِ أَعْلَمُ مِنْهُ.
وَقَالَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: ثِقَةٌ, ثَبْتٌ, أَحَدُ مُفْتِي المَدِيْنَةِ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَبِيْعَةُ, وَعُمَرُ مَوْلَى غَفَرَةَ ابْنَا خَالَةٍ.
وَقَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: كَانَ يُقَالُ لَهُ: رَبِيْعَةُ الرَّأْيُ, وَكَانَ صَاحِبَ الفَتْوَى بِالمَدِيْنَةِ, وَكَانَ يَجْلِسُ إِلَيْهِ وَجُوْهُ النَّاسِ, كَانَ يُحصَى فِي مَجْلِسِهِ أَرْبَعُوْنَ مُعْتَمّاً.
وَعَنْهُ أَخَذَ مَالِكُ بنُ أَنَسٍ.
وَرَوَى اللَّيْثُ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ, قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَفطنَ مِنْ رَبِيْعَةَ بنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ.
وَرَوَى اللَّيْثُ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ قَالَ: هُوَ صَاحِبُ مُعْضِلاَتِنَا, وَعَالِمُنَا وَأَفَضْلُنَا.
ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ قَالَ: مَكَثَ رَبِيْعَةُ دَهْراً طَوِيْلاً, عَابِداً يُصَلِّي اللَّيلَ وَالنَّهَارَ, صَاحِبَ عِبَادَةٍ ثُمَّ نَزعَ ذَلِكَ إِلَى أَنْ جَالَسَ القَوْمَ قَالَ: فَجَالَسَ القَاسِمَ فَنطقَ بِلُبٍّ وَعَقلٍ قَالَ: وَكَانَ القَاسِمُ إِذَا سُئِلَ، عَنْ شَيْءٍ قَالَ: سَلُوا هَذَا لِرَبِيْعَةَ فَإِنْ كَانَ فِي كِتَابِ اللهِ أَخْبَرَهُم بِهِ القَاسِمُ أَوْ فِي سُنَّةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَإِلاَّ قَالَ سَلُوا رَبِيْعَةَ أَوْ سَالِماً.

(6/250)


الحَارِثُ بنُ مِسْكِيْنٍ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ قَالَ: كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ يُجَالِسُ رَبِيْعَةَ, فَإِذَا غَابَ رَبِيْعَةُ, حَدَّثَهم يَحْيَى أَحْسَنَ الحَدِيْثِ- وَكَانَ كَثِيْرَ الحَدِيْثِ- فَإِذَا حَضَرَ رَبِيْعَةُ, كفَّ يَحْيَى إِجْلاَلاً لِرَبِيْعَةَ, وَلَيْسَ رَبِيْعَةُ أَسنَّ مِنْهُ, وَهُوَ فِيْمَا هُوَ فِيْهِ, وَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُبجِّلاً لِصَاحِبِهِ.
وَرَوَى مُعَاذُ بنُ مُعَاذٍ، عَنْ سَوَّارِ بنِ عَبْدِ اللهِ العَنْبَرِيِّ, قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَعْلَمَ مِنْ رَبِيْعَةَ الرَّأْيِ قُلْتُ: وَلاَ الحَسَنُ وَابْنُ سِيْرِيْنَ? قَالَ: وَلاَ الحَسَنُ, وَابْنُ سِيْرِيْنَ.
ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ أَبِي سَلَمَةَ, قَالَ: لَمَّا جِئْتُ العِرَاقَ, جَاءنِي أَهْلُ العِرَاقِ, فَقَالُوا: حَدِّثْنَا، عَنْ رَبِيْعَةَ الرَّأْيِ فَقُلْتُ: يَا أَهْلَ العِرَاقِ! تَقُوْلُوْنَ: رَبِيْعَةُ الرَّأْيُ, وَاللهِ مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَحْفَظَ لِسُنَّةٍ مِنْهُ.
ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ زَيْدٍ, قَالَ: صَارَ رَبِيْعَةُ إِلَى فِقهٍ وَفَضْلٍ, وَمَا كَانَ بِالمَدِيْنَةِ رَجُلٌ أَسْخَى بِمَا فِي يَدَيْهِ لِصَدِيْقٍ, أَوْ لابْنِ صَدِيْقٍ أَوْ لِباغٍ يَبتغِيهِ مِنْهُ كَانَ يَسْتَصْحِبُهُ القَوْمُ, فَيَأْبَى صُحْبَةَ أَحَدٍ, إلَّا أَحَداً لاَ يَتزوَّدُ مَعَهُ, وَلَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ مَا يَحْمِلُ ذَلِكَ.
ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ مَالِكٍ, قَالَ: لَمَّا قَدِمَ رَبِيْعَةُ عَلَى أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ أَبِي العَبَّاسِ, أَمرَ لَهُ بِجَائِزَةٍ فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهَا فَأَعْطَاهُ خَمْسَةَ آلاَفِ دِرْهَمٍ يَشْتَرِي بِهَا جَارِيَةً حِيْنَ أَبَى أَنْ يقبلها فأبى أن يقبلها.
وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ رَبِيْعَةَ قَالَ: قَالَ لِي حِيْنَ أَرَادَ العِرَاقَ: إِنْ سَمِعْتَ أَنِّي حَدَّثْتُهم, أَوْ أَفْتَيْتُهم فَلاَ تَعُدَّنِي شَيْئاً. قَالَ: فَكَانَ كَمَا قَالَ, لَمَّا قَدِمهَا لَزمَ بَيْتَهُ, فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِم, وَلَمْ يُحَدِّثْهُم بِشَيْءٍ حَتَّى رَجَعَ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ عِمْرَانَ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ عَيَّاشٍ يَقُوْلُ: دَخَلْتُ المَسْجِدَ, فَإِذَا رَبِيْعَةُ جَالِسٌ, وَقَدْ أَحَدقَ بِهِ غِلمَانُ أَهْلِ الرَّأْيِ, فَسَألتُهُ: أَسَمِعْتَ مِنْ أَنَسٍ شَيْئاً؟ قَالَ: حَدِيْثَيْنَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: كَانَ رَبِيْعَةُ فَقِيْهاً, عَالِماً, حَافِظاً لِلْفِقْهِ وَالحَدِيْثِ, قَدِمَ عَلَى السَّفَّاحِ الأَنْبَارَ, وَكَانَ أَقدَمَهُ لِيُولِّيَهُ القَضَاءَ. فَيُقَالُ: إِنَّهُ تُوُفِّيَ بِالأَنْبَارِ وَيُقَالُ بَلْ تُوُفِّيَ بِالمَدِيْنَةِ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ بِالمَدِيْنَةِ, فِيْمَا أَخْبَرَنِي بِهِ الوَاقِدِيُّ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ, وَغَيْرُهُ: مَاتَ بِالأَنْبَارِ, وَكَانَ ثِقَةً, كَثِيْرَ الحَدِيْثِ, وَكَانُوا يَتَّقُونَهُ لِمَوْضِعِ الرَّأيِ. وَكَذَا أرخه جماعة.

(6/251)


قَالَ مُطَرِّفُ بنُ عَبْدِ اللهِ: سَمِعْتُ مَالِكاً يَقُوْلُ: ذَهَبتْ حَلاَوَةُ الفِقْهِ مُنْذُ مَاتَ رَبِيْعَةُ بنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ.
ذِكْرُ حِكَايَةٍ بَاطِلَةٍ قَدْ رُوِيَتْ: فَأَنْبَأَنَا المُسَلَّمُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا الكِنْدِيُّ، أَنْبَأَنَا القَزَّازُ، أَنْبَأَنَا الخَطِيْبُ، أَنْبَأَنَا أَبُو القَاسِمِ الأَزْهَرِيُّ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ شَاذَانَ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مَرْوَانَ المَالِكِيُّ بِمِصْرَ, حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ أَبِي طَالِبٍ, حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ عَطَاءٍ الخَفَّافُ, حَدَّثَنِي مَشْيَخَةُ أَهْلِ المَدِيْنَةِ أَنَّ فَرُّوْخَ وَالِدَ رَبِيْعَةَ خَرَجَ فِي البُعوثِ إِلَى خُرَاسَانَ أَيَّامَ بَنِي أُمَيَّةَ غَازِياً, وَرَبِيْعَةُ حِملٌ فِي بَطْنِ أُمِّهِ, وَخلَّفَ عِنْدَ زَوْجَتِهِ أُمِّ رَبِيْعَةَ ثَلاَثِيْنَ أَلْفَ دِيْنَارٍ, فَقَدِمَ المَدِيْنَةَ بَعْد سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ سَنَةً, وَهُوَ رَاكِبُ فَرسٍ فِي يَدِهِ رُمْحٌ فَنَزَلَ عَنْ فَرَسِهِ, ثُمَّ دَفعَ البَابَ بِرُمْحِهِ فَخَرَجَ رَبِيْعَةُ فَقَالَ: يَا عَدُوَّ اللهِ أَتَهجمُ عَلَى مَنْزِلِي فَقَالَ: لاَ وَقَالَ: فَرُّوْخٌ يَا عَدُوَّ اللهِ أَنْتَ رَجُلٌ دَخَلتَ عَلَى حُرمَتِي فَتَوَاثبَا وَتَلبَّثَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِصَاحِبِهِ حَتَّى اجْتَمَعَ الجِيْرَانُ فَبَلَغَ مَالِكَ بنَ أَنَسٍ وَالمَشْيَخَةَ فَأَتَوْا يُعِيْنُوْنَ رَبِيْعَةَ فَجَعَلَ رَبِيْعَةُ يَقُوْلُ: وَاللهِ لاَ فَارقتُكَ إلَّا عِنْدَ السُّلْطَانِ وَجَعَلَ فَرُّوْخٌ يَقُوْلُ: كَذَلِكَ وَيَقُوْلُ: وَأَنْتَ مَعَ امْرَأَتِي وَكثُرَ الضَّجِيْجُ فَلَمَّا أَبصَرُوا بِمَالِكٍ سَكتَ النَّاسُ كُلُّهُم فَقَالَ: مَالِكٌ أَيُّهَا الشَّيْخُ لَكَ سَعَةٌ فِي غَيْرِ هَذِهِ الدَّارِ فَقَالَ الشَّيْخُ: هِيَ دَارِي وَأَنَا فَرُّوْخٌ مَوْلَى بَنِي فُلاَنٍ فَسَمِعَتِ امْرَأَتُه كَلاَمَهُ فَخَرَجتْ فَقَالَتْ: هَذَا زَوْجِي. وَهَذَا ابْنِي الَّذِي خَلَّفتَهُ وَأَنَا حَامِلٌ بِهِ فَاعْتَنَقَا جَمِيْعاً وَبَكَيَا فَدَخَلَ فَرُّوْخٌ المَنْزِلَ وَقَالَ: هَذَا ابْنِي قَالَتْ: نَعَمْ قَالَ: فَأَخرِجِي المَالَ الَّذِي عِنْدَكَ وَهَذِهِ مَعِي أَرْبَعَةُ آلاَفِ دِيْنَارٍ قَالَتْ: المَالُ قَدْ دَفنتُهُ وَأَنَا أُخْرِجُهُ بَعْدَ أَيَّامٍ.
فَخَرَجَ رَبِيْعَةُ إِلَى المَسْجِدِ وَجَلَسَ فِي حَلقَتِهِ وَأَتَاهُ مَالِكُ بنُ أَنَسٍ وَالحَسَنُ بنُ زَيْدٍ وَابْنُ أَبِي عَلِيٍّ اللَّهْبِيُّ وَالمُسَاحِقِيُّ وَأَشرَافُ أَهْلِ المَدِيْنَةِ وَأَحدَقَ النَّاسُ بِهِ.
فَقَالَتِ امْرَأَتُهُ: اخْرُجْ صَلِّ فِي مَسْجِدِ الرَّسُوْلِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَخَرَجَ, فَصَلَّى, فَنَظَرَ إِلَى حَلْقَةٍ وَافرَةٍ, فَأَتَاهُ, فَوَقَفَ عَلَيْهِ, فَفرَّجُوا لَهُ قَلِيْلاً, وَنكَّسَ رَبِيْعَةُ رَأْسَهُ يُوْهِمُهُ أَنَّهُ لَمْ يَرَهُ وَعَلَيْهِ طَوِيْلَةٌ فَشكَّ فِيْهِ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَالَ: مَنْ هَذَا الرَّجُلُ قَالُوا لَهُ: هَذَا رَبِيْعَةُ بنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَالَ: لَقَدْ رَفعَ اللهُ ابْنِي فَرَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ فَقَالَ لِوَالِدتِهِ: لَقَدْ رَأَيْتُ وَلدَكِ فِي حَالَةٍ مَا رَأَيْتُ أَحَداً مِنْ أَهْلِ العِلْمِ وَالفِقْهِ عَلَيْهَا فَقَالَتْ أُمُّهُ: فَأَيُّمَا أَحَبُّ إِلَيْكَ ثَلاَثُوْنَ أَلْفَ دِيْنَارٍ أَوْ هَذَا الَّذِي هُوَ فِيْهِ مِنَ الجَاهِ قَالَ: لاَ وَاللهِ إلَّا هَذَا قَالَتْ: فَإِنِّي قَدْ أَنفقتُ المَالَ كُلَّهُ عَلَيْهِ قَالَ فَوَاللهِ مَا ضَيَّعْتِهِ.
قُلْتُ: لَوْ صَحَّ ذَلِكَ, لَكَانَ يَكْفِيْهِ أَلفُ دِيْنَارٍ فِي السَّبْعِ وَالعِشْرِيْنَ سَنَةً, بَلْ نِصْفُهَا فَهَذِهِ مُجَازَفَةٌ بَعِيْدَةٌ ثُمَّ لَمَّا كَانَ رَبِيْعَةُ ابْنَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ سَنَةً كَانَ شَابّاً لاَ حَلْقَةَ لَهُ بَلِ الدَّسْتُ لِمِثلِ

(6/252)


سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ, وَعُرْوَةَ بنِ الزُّبَيْرِ, وَمَشَايِخِ رَبِيْعَةَ, وَكَانَ مَالِكٌ لَمْ يُوْلَدْ بَعْدُ, أَوْ هُوَ رَضِيعٌ. وَالطَّوِيْلَةُ: إِنَّمَا أَخْرَجَهَا لِلنَّاسِ المَنْصُوْرُ بَعْدَ مَوْتِ رَبِيْعَةَ, وَالحَسَنُ بنُ زَيْدٍ, وَإِنَّمَا كَبِرَ وَاشتهرَ بَعْدَ رَبِيْعَةَ بِدَهْرٍ, وَإِسْنَادُهَا مُنْقَطِعٌ, وَلَعَلَّهُ قَدْ جَرَى بَعْضُ ذَلِكَ.
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي المَعَالِي، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ، أَنْبَأَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ مُحَمَّدُ بنُ اللَّيْثِ اللَّبَّانُ وَزَيْدُ بنُ هِبَةِ اللهِ البَيِّعُ بِبَغْدَادَ قَالاَ، أَنْبَأَنَا أَبُو القَاسِمِ أَحْمَدُ بنُ المُبَارَكِ بنِ عَبْدِ البَاقِي بنِ قَفَرْجَلَ، أَنْبَأَنَا عَاصِمُ بنُ الحَسَنِ، أنبأنا عبد الواحد ابن مُحَمَّدٍ, حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ القَاضِي إِمْلاَءً, حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ, حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ رَبِيْعَةَ بنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَنْظَلَةَ بنِ قَيْسٍ الزُّرَقِيِّ أَنَّهُ سَألَ رَافِعَ بنَ خَدِيْجٍ، عَنْ كِرَاءِ الأَرْضِ فَقَالَ: "نَهَى رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، عَنْ كِرَاءِ الأَرْضِ فَقُلْتُ: أَبِالذَّهَبِ وَالوَرِقِ? قَالَ أَمَّا الذَّهَبُ وَالوَرِقُ فَلاَ بَأْسَ بِهِ".
هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ, عَالٍ أَخْرَجَهُ: مُسْلِمٌ عَنْ يَحْيَى بنِ يَحْيَى وَأَبُو دَاوُدَ، عَنْ قُتَيْبَةَ كِلاَهُمَا، عَنْ مَالِكِ بنِ أَنَسٍ1.
قَالَ ابْنُ القَاسِمِ، عَنْ مَالِكٍ: قَدِمَ الزُّهْرِيُّ, فَأَخَذَ بِيَدِ رَبِيْعَةَ, وَدَخَلاَ المَنْزِلَ, فَمَا خَرَجَا إِلَى العَصْرِ. وَخَرَجَ ابْنُ شِهَابٍ يَقُوْلُ: مَا ظَنَنْتُ أَنَّ بِالمَدِيْنَةِ مِثْلَ رَبِيْعَةَ وَخَرَجَ رَبِيْعَةُ وَهُوَ يَقُوْلُ نَحْوَ ذَلِكَ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ: حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ، عَنْ يُوْنُسَ: شهدت أبا حنيفة في مَجْلِسِ رَبِيْعَةَ, مَجهودُهُ أَنْ يَفهمَ مَا يَقُوْلُ رَبِيْعَةُ.
مُطَرِّفُ بنُ عَبْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ أَخِي يَزِيْدَ بنِ هُرْمُزَ: أَنَّ رَجُلاً سَألَ ابْنَ هُرْمُزَ، عَنْ بَولِ الحِمَارِ, فَقَالَ: نَجِسٌ. قَالَ: فَإِنَّ رَبِيْعَةَ لاَ يَرَى بِهِ بَأْساً قَالَ: لاَ عَلَيْكَ إلَّا تَذْكُرَ هَنَاتِ رَبِيْعَةَ, فَلَرُبَّمَا تَكَلَّمْنَا فِي المَسْأَلَةِ نُخَالفُهُ فِيْهَا ثُمَّ نَرجِعُ إِلَى قَوْلِه بَعْدَ سَنَةٍ.
قَالَ مَالِكٌ: اعْتَمَمْتُ وَمَا فِي وَجْهِي شَعرَةٌ, وَلَقَدْ رَأَيْتُ فِي مَجْلِسِ رَبِيْعَةَ بِضْعَةً وَثَلاَثِيْنَ مُعْتَمّاً.
قَالَ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ المَاجَشُوْنِ: وَاللهِ مَا رَأَيْتُ أَحوطَ لِسُنَّةٍ مِنْ رَبِيْعَةَ.
وَقَالَ مَالِكٌ: كَانَ ربيعة أعجل شيء جوابًا.
__________
1 صحيح: أخرجه مالك "2/ 711"، ومن طريقه مسلم "1574" "115"، وأبو داود "3393" كلهم عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، به. وأخرجه البخاري "2346" و"2347" من طريق الليث، عن ربيعة ابن أبي عبد الرحمن، به.

(6/253)


855- "أبو حازم" 1: "ع"
سلمة بن دينار, الإِمَامُ, القُدْوَةُ, الوَاعِظُ, شَيْخُ المَدِيْنَةِ النَّبَويَّةِ, أَبُو حَازِمٍ المَدِيْنِيُّ المَخْزُوْمِيُّ, مَوْلاَهُمُ الأَعْرَجُ, الأَفزرُ2 التَّمَّارُ, القَاصُّ, الزَّاهِدُ.
وَقِيْلَ: وَلاَؤُهُ لِبَنِي لَيْثٍ. وُلِدَ: فِي أَيَّامِ ابْنِ الزُّبَيْرِ, وَابْنِ عُمَرَ.
وَرَوَى عَنْ: سَهْلِ بنِ سَعْدٍ, وَأَبِي أُمَامَةَ بنِ سَهْلٍ, وَسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي قَتَادَةَ, وَالنُّعْمَانِ بنِ أَبِي عَيَّاشٍ, وَأَبِي سَلَمَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, وَأُمِّ الدَّرْدَاءِ, وَعُمَارَةَ بنِ عَمْرِو بنِ حَزْمٍ, وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ مقسم, ومسلم بن قرط, وَمُحَمَّدِ بنِ المُنْكَدِرِ, وَأَبِي مُرَّةَ مَوْلَى عَقِيْلٍ: وَبَعْجَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ الجُهَنِيِّ, وَعِدَّةٍ.
وَرَوَى عَنِ: ابْنِ عُمَرَ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرِو بنِ العَاصِ, وَذَلِكَ مُنْقَطِعٌ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ شِهَابٍ وَيَزِيْدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الهَادِ, وعمارة بن غزية, وزيد ابن أَبِي أُنَيْسَةَ, وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ, وَالحَمَّادَانِ, وَالسُّفْيَانَانِ, وَمَالِكٌ وَسُلَيْمَانُ بنُ بِلاَلٍ, وَأَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بنُ مُطَرِّفٍ, وَمُوْسَى بنُ يَعْقُوْبَ, وَهِشَامُ ابن سَعْدٍ, وَفُضَيْلُ بنُ سُلَيْمَانَ, وَالدَّرَاوَرْدِيُّ, وَعُمَرُ بنُ عَلِيٍّ المُقَدَّمِيُّ, وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَبِي حَازِمٍ, وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِيْنٍ, وَأَحْمَدُ, وَأَبُو حَاتِمٍ, وَقَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ ثِقَةٌ, لَمْ يَكُنْ فِي زَمَانِهِ مِثْلُهُ.
قَالَ يَحْيَى الوُحَاظِيُّ: قُلْتُ لابْنِ أَبِي حَازِمٍ: أَسَمِعَ أَبُوْكَ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؟ قَالَ: مَنْ حَدَّثكَ أَنَّ أَبِي سَمِعَ مِنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ غَيْرَ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ فَقَدْ كَذَبَ.
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ: إِنِّي لأَعظُ وَمَا أَرَى مَوْضِعاً وما أراد إلَّا نَفْسِي.
وَرَوَى ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْهُ قَالَ: اشْتدَّتْ مُؤنَةُ الدِّيْنِ وَالدُّنْيَا. قِيْلَ: وَكَيْفَ؟ قَالَ: أَمَّا الدِّيْنُ, فَلاَ تَجدُ عَلَيْهِ أَعْوَاناً وَأَمَّا الدنيا فلا تمد يدك إلى شيء منهاإلَّا وَجَدْتَ فَاجراً قَدْ سَبقكَ إِلَيْهِ.
وَقَالَ عَنْهُ أَيْضاً: لَيْسَ لِلْمُلُوْكِ صَدِيْقٌ وَلاَ لِلْحَسُودِ رَاحَةٌ والنظر في العواقب تلقيح العقول.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2016"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 701"، وحلية الأولياء "3/ ترجمة 240"، تاريخ الإسلام "5/ 257"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 119"، الكاشف "1/ ترجمة 2084"، تهذيب التهذيب "4/ 143"، الخزرجي "1/ 2627"، شذرات الذهب "1/ 208".
2 الأفزر: هو الأحدب الذي في ظهره عجرة عظيمة.

(6/254)


قَالَ سُفْيَانُ: فَذَاكرتُ الزُّهْرِيَّ هَذِهِ الكَلِمَاتِ, فَقَالَ: كَانَ أَبُو حَازِمٍ جَارِي, وَمَا ظَنَنْتُ أَنَّهُ يُحسِنُ مِثْلَ هَذَا.
وَرَوَى عُبَيْدُ اللهِ عَنْ عُمَرَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ, قَالَ: لاَ تَكُوْنُ عَالِماً حَتَّى يَكُوْنَ فِيْكَ ثَلاَثُ خِصَالٍ: لاَ تَبغِ عَلَى مَنْ فَوْقَكَ, وَلاَ تَحقِرْ مَنْ دُوْنكَ, وَلاَ تَأخُذْ عَلَى عِلْمِكَ دُنْيَا.
وَرَوَى يَعْقُوْبُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ, قَالَ: مَا أَحببتَ أَنْ يَكُوْنَ مَعَكَ فِي الآخِرَةِ فَاترُكْهُ اليَوْمَ وَقَالَ: انْظُرْ كُلَّ عَملٍ كَرهتَ المَوْتَ مِنْ أَجْلِهِ فَاترُكْهُ ثُمَّ لاَ يَضرُّكَ مَتَى مِتَّ.
وَقَالَ: يَسِيْرُ الدُّنْيَا يُشغِلُ عَنْ كَثِيْرِ الآخِرَةِ. وَقَالَ: انْظُرِ الَّذِي يُصلِحُكَ فَاعملْ بِهِ, وَإِنْ كَانَ فَسَاداً لِلنَّاسِ وَانظُرِ الَّذِي يُفسِدُكَ فَدَعْهُ وَإِنْ كَانَ صَلاَحاً لِلنَّاسِ.
وَعَنْهُ قَالَ: شَيْئَانِ إِذَا عَمِلتَ بِهِمَا, أَصبتَ خَيْرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ, لاَ أُطوِّلُ عَلَيْكَ. قِيْلَ: مَا هُمَا؟ قَالَ تَحْمِلُ مَا تَكرَهُ إِذَا أَحَبَّهُ اللهُ, وَتتركُ مَا تُحبُّ إِذَا كَرِهَهُ اللهُ.
وَعَنْهُ: نِعمَةُ اللهِ فِيْمَا زَوَى عَنِّي مِنَ الدُّنْيَا, أَعْظَمُ مِنْ نِعمَتِهِ فِيْمَا أَعْطَانِي مِنْهَا, لأَنِّي رَأَيْتُهُ أَعْطَاهَا قَوْماً فَهَلكُوا.
وَرَوَى مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الصَّنْعَانِيُّ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ: قَالَ أَبُو حَازِمٍ لِجُلسَائِهِ, وَحَلَفَ لَهُم: لَقَدْ رَضِيْتُ مِنْكُم أَنْ يُبقِيَ أَحَدُكُم عَلَى دِيْنِهِ كَمَا يُبْقِي عَلَى نَعْلِهِ.
أَبُو الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيُّ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ, سَمِعْتُ أَبَا حَازِمٍ يَقُوْلُ: لاَ تُعَادِيَنَّ رَجُلاً وَلاَ تُنَاصِبنَّهُ حَتَّى تَنْظُرَ إِلَى سَرِيْرتِهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللهِ, فَإِنْ يَكُنْ لَهُ سَرِيْرَةٌ حَسَنَةٌ, فَإِنَّ اللهَ لَمْ يَكُنْ لِيَخذِلَهُ بِعَدَاوتِكَ, وَإِنْ كَانَتْ لَهُ سَرِيْرَةٌ رَدِيئَةٌ, فَقَدْ كَفَاكَ مَسَاوِئَهُ, وَلَوْ أَرَدْتَ أَنْ تَعْمَلَ بِهِ أَكْثَرَ مِنْ مَعَاصِي اللهِ, لَمْ تَقْدِرْ.
وَرَوَى يَحْيَى بنُ مُحَمَّدٍ المَدَنِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ: قُلْتُ لأَبِي حَازِمٍ: إِنِّي لأَجِدُ شَيْئاً يُحزِنُنِي. قَالَ: وَمَا هُوَ يَا ابْنَ أَخِي؟ قُلْتُ: حُبِّي لِلدُّنْيَا قَالَ: اعْلَمْ أَنَّ هَذَا لَشَيْءٌ مَا أُعَاتبُ نَفْسِي عَلَى بَعْضِ شَيْءٍ حَبَّبَهُ اللهُ إِلَيَّ لأَنَّ اللهَ قَدْ حَبَّبَ هَذِهِ الدُّنْيَا إِلَيْنَا, لِتكُنْ مُعَاتبتُنَا أَنْفُسَنَا فِي غَيْرِ هَذَا إلَّا يَدْعُوْنَا حُبُّهَا إِلَى أَنْ نَأخذَ شَيْئاً مِنْ شَيْءٍ يَكرهُهُ اللهُ وَلاَ أَنْ نَمنعَ شَيْئاً مِنْ شَيْءٍ أَحَبَّهُ اللهُ فَإِذَا فَعَلنَا ذَلِكَ لَمْ يَضرَّنَا حُبُّنَا إِيَّاهَا.
ضَمْرَةُ بنُ رَبِيْعَةَ، عَنْ ثَوَابَةَ بنِ رَافِعٍ قَالَ: قَالَ أَبُو حَازِمٍ: وَمَا إِبْلِيْسُ؟ لَقَدْ عُصِيَ فَمَا ضَرَّ, وَلَقَدْ أُطِيْعَ فَمَا نَفعَ.

(6/255)


وَعَنْهُ: مَا الدُّنْيَا? مَا مَضَى مِنْهَا, فَحُلُمٌ وَمَا بَقِيَ مِنْهَا, فَأَمَانِي.
وَرَوَى يَعْقُوْبُ بنُ عبد الرحمن، عن أبي حازم قال: السيء الخُلُقِ أَشْقَى النَّاسِ بِهِ نَفْسُهُ الَّتِي بَيْنَ جنبيه ي مِنْهُ فِي بَلاَءٍ ثُمَّ زَوْجَتُهُ, ثُمَّ وَلَدُهُ, حَتَّى إِنَّهُ لَيَدخُلُ بَيْتَهُ, وَإِنَّهُم لَفِي سُرُوْرٍ فَيَسْمَعُوْنَ صَوْتَهُ فَيَنفِرُوْنَ عَنْهُ فَرَقاً مِنْهُ, وَحَتَّى إِنَّ دَابَّتَهُ تَحِيْدُ مِمَّا يَرمِيهَا بِالحِجَارَةِ, وَإِنَّ كَلْبَهُ لَيَرَاهُ فَيَنْزُو عَلَى الجِدَارِ, حَتَّى إِنَّ قِطَّهُ لَيَفِرُّ مِنْهُ.
رَوَى أَبُو نُبَاتَةَ المَدَنِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ مُطَرِّفٍ, قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى أَبِي حَازِمٍ الأَعْرَجِ لَمَّا حَضرَهُ المَوْتُ, فَقُلْنَا: كَيْفَ تَجِدُكَ؟ قَالَ أَجِدُنِي بِخَيْرٍ رَاجِياً للهِ, حَسَنَ الظَنِّ بِهِ, إِنَّهُ وَاللهِ- مَا يَسْتَوِي مَنْ غَدَا أَوْ رَاحَ يَعْمُرُ عقدَ الآخِرَةِ لِنَفْسِهِ فَيُقَدِّمهَا أَمَامَهُ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ بِهِ المَوْتُ, حَتَّى يَقْدَمَ عَلَيْهَا, فَيَقُومُ لَهَا وَتَقُوْمُ لَهُ وَمَنْ غَدَا أَوْ رَاحَ فِي عقدِ الدُّنْيَا يَعْمُرُهَا لِغَيْرِهِ وَيَرْجِعُ إِلَى الآخِرَةِ لاَ حَظَّ لَهُ فِيْهَا وَلاَ نَصِيْبَ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً الحِكْمَةُ أَقْرَبُ إِلَى فِيْهِ مِنْ أَبِي حَازِمٍ.
يَعْقُوْبُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: تَجدُ الرَّجُلَ يَعْمَلُ بِالمَعَاصِي فَإِذَا قِيْلَ: لَهُ أَتُحبُّ المَوْتَ قَالَ: لاَ وَكَيْفَ وَعِنْدِي مَا عِنْدِي فَيُقَالُ لَهُ: أَفَلاَ تَترُكُ مَا تَعْمَلُ فَيَقُوْلُ: مَا أُرِيْدُ تَرْكَهُ وَلاَ أُحِبُّ أَنْ أَمُوْتَ حَتَّى أَترُكَهَ.
ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: وَجَدْتُ الدُّنْيَا شَيْئَيْنِ: فَشَيْئاً هُوَ لِي وَشَيْئاً لِغَيْرِي فَأَمَّا مَا كَانَ لِغَيْرِي فَلَوْ طَلبتُهُ بِحِيْلَةِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لَمْ أَصِلْ إِلَيْهِ, فَيُمنعُ رِزْقُ غَيْرِي مِنِّي كَمَا يُمْنَعُ رِزقِي مِنْ غَيْرِي. يَعْقُوْبُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: كُلُّ عَملٍ تَكرَهُ مِنْ أَجْلِهِ المَوْتَ فَاترُكْهُ ثُمَّ لاَ يَضرُّكَ مَتَى مِتَّ.
مُحَمَّدُ بنُ مُطَرِّفٍ حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ قَالَ: لاَ يُحسِنُ عَبْدٌ فِيْمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللهِ إلَّا أَحْسَنَ اللهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ العِبَادِ وَلاَ يُعوِّرُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللهِ, إلَّا عَوَّرَ فِيْمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ العِبَادِ, لَمُصَانَعَةُ وَجْهٍ وَاحِدٍ أَيسرُ مِنْ مُصَانَعَةِ الوُجُوْهِ كُلِّهَا إِنَّكَ إِذَا صَانَعْتَهُ مَالتِ الوُجُوْهُ كُلُّهَا إِلَيْكَ, وَإِذَا اسْتفسَدْتَ مَا بَيْنَهُ شَنِئَتْكَ الوُجُوْهُ كُلُّهَا.
وَعَنْ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: اكْتُمْ حَسنَاتِكَ كَمَا تَكتُمُ سَيِّئَاتِكَ.
سُفْيَانُ بنُ وَكِيْعٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ: دَخَلَ أَبُو حَازِمٍ عَلَى أَمِيْرِ المَدِيْنَةِ فَقَالَ لَهُ: تَكَلَّمْ. قَالَ لَهُ: انْظُرِ النَّاسَ بِبَابِكَ, إِنْ أَدْنَيتَ أَهْلَ الخَيْرِ ذَهَبَ أَهْلُ الشَّرِّ وَإِنْ أَدْنَيتَ أَهْلَ الشَّرِّ ذَهَبَ أَهْلُ الخَيْرِ.

(6/256)


وَقَالَ أَبُو حَازِمٍ: لأَنَا مِنْ أَنْ أُمْنَعَ مِنَ الدُّعَاءِ, أَخَوْفُ مِنِّي أَنْ أُمْنَعَ الإِجَابَةَ.
وَقَالَ: إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعملُ السَّيِّئَةَ, مَا عَمِلَ حَسَنَةً قَطُّ أَنْفَعَ لَهُ مِنْهَا, وَكَذَا فِي الحَسَنَةِ.
وَعَنْ أَبِي حَازِمٍ, قَالَ: خَصْلَتَانِ, مَنْ يَكفلُ لِي بِهِمَا؟ تَركُكَ مَا تُحِبُّ, وَاحْتِمَالُك ما تكره.
وَقِيْلَ: إِنَّ بَعْضَ الأُمَرَاءِ أَرْسَلَ إِلَى أَبِي حَازِمٍ, فَأَتَاهُ وَعِنْدَهُ الزُّهْرِيُّ, وَالإِفْرِيْقِيُّ, وَغَيْرُهُمَا, فَقَالَ: تَكَلَّمْ يَا أَبَا حَازِمٍ. فَقَالَ أَبُو حَازِمٍ: إِنَّ خَيْرَ الأُمَرَاءِ مَنْ أَحَبَّ العُلَمَاءَ, وَإِنْ شَرَّ العُلَمَاءِ مَنْ أَحَبَّ الأُمَرَاءَ.
وَعَنْ أَبِي حَازِمٍ, قَالَ: إِذَا رَأَيْتَ رَبَّكَ يُتَابعُ نِعمَةً عَلَيْكَ وَأَنْتَ تَعصِيْهِ, فَاحْذَرْهُ, وَإِذَا أَحببْتَ أَخاً فِي اللهِ فَأَقِلَّ مُخَالَطَتَهُ فِي دُنْيَاهُ.
قَالَ مُصْعَبُ بنُ عَبْدِ اللهِ الزُّبَيْرِيُّ: أَبُو حَازِمٍ أَصلُهُ فَارِسِيٌّ, وَأُمُّه رُوْمِيَّةٌ, وَهُوَ مَوْلَى بَنِي لَيْثٍ, وَكَانَ أَشقرَ, أَفْزرَ, أَحْوَلَ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ يَقُصُّ بَعْدَ الفَجْرِ, وَبعدَ العَصْرِ فِي مَسْجِدِ المَدِيْنَةِ. وَمَاتَ: فِي خِلاَفَةِ أَبِي جَعْفَرٍ, بَعْدَ سَنَةِ أَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ. قَالَ: وَكَانَ ثقة, كثير الحديث.
وقال الفَلاَّسُ وَالتِّرْمِذِيُّ مَاتَ سنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ.
وَقَالَ خَلِيْفَةُ: سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ. وَقَالَ الهَيْثَمُ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ.
قُلْتُ: آخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْهُ: أَنَسُ بنُ عِيَاضٍ اللَّيْثِيُّ, وَحَدِيْثُهُ فِي الكُتُبِ السِّتَّةِ.
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ مُحَمَّدٍ الحَاكِمُ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ المُسَلَّمِ الفَقِيْهُ، أَنْبَأَنَا الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ الخَطِيْبُ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الصَّيْدَاوِيُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي عَبَّادٍ الصَّفَّارُ بِالرَّمْلَةِ, حَدَّثَنَا يُوْنُسُ بنُ عَبْدِ الأَعْلَى, حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ نَابَهُ فِي صَلاَتِهِ شَيْءٌ فَلْيَقُلْ سُبْحَانَ اللهِ إِنَّمَا التَّصْفِيْقُ لِلنِّسَاءِ وَالتَّسْبِيْحُ لِلرِّجَالِ".
هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ أَخْرَجَهُ: ابْنُ مَاجَه1، عَنِ الثِّقَةِ، عَنْ سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ وَهُوَ فِي "صَحِيْحِ البُخَارِيِّ": مِنْ طَرِيْقِ الثوري، عن أبي حازم الأعرج.
__________
1 صحيح: أخرجه مالك "1/ 163-164"، ومن طريقه مسلم "421" "102"، وأبو داود "940" عن أبي حازم الأعرج، به.

(6/257)


أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَافِظِ بنُ بَدْرَانَ, وَيُوْسُفُ بنُ أَحْمَدَ, قَالاَ: أَنْبَأَنَا مُوْسَى بنُ عَبْدِ القَادِرِ، أَنْبَأَنَا سَعِيْدُ بنُ أَحْمَدَ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الذَّهَبِيُّ, حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ, حَدَّثَنَا خَلَفُ بنُ هِشَامٍ, حَدَّثَنَا العَطَّافُ بنُ خَالِدٍ, حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول: "غَدْوَةٌ فِي سَبِيْلِ اللهِ, أَوْ رَوْحَةٌ فِي سَبِيْلِ اللهِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيْهَا, وَمَوْضِعُ سَوْطٍ فِي الجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيْهَا" 1.
أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ, مِنْ حَدِيْثِ العَطَّافِ, وصححه. وهو في "البخاري", وَ"مُسْلِمٍ": مِنْ رِوَايَةِ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيْهِ.
__________
1 صحيح: أخرجه مختصرا البخاري "2794"، ومسلم "1881" "113" وأخرجه بتمامه "1648" كلهم من طريق أبي حازم، عن سهل بن سعد الساعدي، به.

(6/258)


عبد العزيز بن صُهَيْب، عبد الله بن طاوس:
856- عبد العزيز بن صهيب 1: "ع"
البناني البصري, الأَعْمَى, الحَافِظُ.
حَدَّثَ عَنْ: أَنَسِ بنِ مَالِكٍ, وَأَبِي نَضْرَةَ العَبْدِيِّ, وَشَهْرِ بنِ حَوْشَبٍ.
رَوَى عَنْهُ: شُعْبَةُ, وَالثَّوْرِيُّ, وَحَمَّادُ بنُ زَيْدٍ, وَهُشَيْمٌ, وَعَبْدُ الوَارِثِ, وَالمُبَارَكُ بنُ سُحَيْمٍ, وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ, وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ, وَغَيْرُهُ, وَمَا هُوَ بِالمُكْثِرِ.
مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ. وَقَعَ لَنَا مِنْ عَوَالِيْهِ.
857- عَبْدُ اللهِ بنُ طاووس 2: "ع"
الإِمَامُ, المُحَدِّثُ, الثِّقَةُ, أَبُو مُحَمَّدٍ اليَمَانِيُّ.
سَمِعَ مِنْ أَبِيْهِ -وَأَكْثَرَ عَنْهُ. وَمِنْ: عِكْرِمَةَ, وعمرو بن شعيب, وعكرمة بن خالد
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 245"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 1534"، الجرح والتعديل. "5/ ترجمة 1794"، الكاشف "2/ ترجمة 3441"ن تاريخ الإسلام "5/ 103"، تهذيب التهذيب "6/ 341" خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4354"، شذرات الذهب "1/ 177".
2 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 545"، التاريخ الكبير "5/ ترجمة 365"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 405"، معجم البلدان "2/ 128"، الكاشف "2/ ترجمة 2820"، تاريخ الإسلام "5/ 266"، تهذيب التهذيب "5/ 267"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3577"، شذرات الذهب "1/ 188".

(6/258)


المَخْزُوْمِيِّ, وَجَمَاعَةٍ. وَلَمْ يَأْخُذْ، عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ, وَيَسوغُ أَنْ يُعدَّ فِي صِغَارِ التَّابِعِيْنَ لتقدم وفاته.
حدث عنه: ابن جريح, وَمَعْمَرٌ, وَالثَّوْرِيُّ, وَرَوْحُ بنُ القَاسِمِ, وَوُهَيْبُ بنُ خَالِدٍ, وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ, وَآخَرُوْنَ. وثَّقُوْهُ.
وَقَالَ مَعْمَرٌ: كَانَ مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ بِالعَرَبِيَّةِ, وَأَحْسَنِهِم خلقا, ما رأينا ابن فقيه مثله.
وَذَكَرَ القَاضِي شَمْسُ الدِّيْنِ فِي تَرْجَمَةِ طَاوُوْسٍ: أَنَّ المَنْصُوْرَ طَلبَ ابْنَ طَاوُوْسٍ, وَمَالِكَ بنَ أنس قال: فصدعه ابن طاوس بِكَلاَمٍ.
فَهَذَا لاَ يَتَّجِهُ, لأَنَّ ابْنَ طَاوُوْسٍ مَاتَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ, وَذَلِكَ قَبْلَ دَوْلَةِ المَنْصُوْرِ بَلْ فِي هَذِهِ السَّنَةِ قُتِلَ آخِرُ الخُلَفَاءِ الأُمَوِيَّةِ مَرْوَانُ الحِمَارُ وَقَامَ فِيْهَا السَّفَّاحُ. وَاللهُ أَعْلَمُ.

(6/259)


858- عمرو بن عبيد 1:
الزَّاهِدُ, العَابِدُ, القَدَرِيُّ, كَبِيْرُ المُعْتَزِلَةِ وَأَوَّلُهم أَبُو عُثْمَانَ البَصْرِيُّ.
لَهُ، عَنْ أَبِي العَالِيَةِ, وَأَبِي قِلاَبَةَ, وَالحَسَنِ البَصْرِيِّ.
وَعَنْهُ: الحَمَّادَانِ, وَعَبْدُ الوَارِثِ, وَابْنُ عُيَيْنَةَ, وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ القَطَّانُ, وَعَبْدُ الوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ, وَعَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ, وَقُرَيْشُ بنُ أَنَسٍ ثُمَّ تَرَكَه القَطَّانُ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ.
وَقَالَ حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ: مَا لَقِيْتُ أَزْهَدَ مِنْهُ, وَانتحلَ مَا انْتحلَ.
وَقَالَ ابْنُ المُبَارَكِ: دَعَا إِلَى القَدَرِ, فَتَرَكُوْهُ.
وَقَالَ مُعَاذُ بنُ مُعَاذٍ: سَمِعْتُ عَمْراً يَقُوْلُ إِنْ كَانَتْ {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} [المسد: 1] ، فِي اللَّوحِ المَحْفُوْظِ, فَمَا للهِ عَلَى ابْنِ آدَمَ حُجَّةٌ. وَسَمِعْتُهُ ذَكرَ حَدِيْثَ الصَّادِقِ المَصْدُوْقِ, فَقَالَ: لَوْ سَمِعْتُ الأَعْمَشَ يَقُوْلُه لَكذَّبتُهُ إِلَى أن قال: ولو سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول لرددته.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 273"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2608"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1365"، المجروحين لابن حبان "2/ 69"، تاريخ الخطيب "12/ 166"، وتاريخ الإسلام "6/ 107"، تهذيب التهذيب "8/ 70"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5337"، شذرات الذهب "1/ 210".

(6/259)


وَقَالَ عَاصِمٌ الأَحْوَلُ: نِمتُ, فَرَأَيْتُ عَمْرَو بنَ عُبَيْدٍ يَحُكُّ آيَةً, فَلُمتُهُ, فَقَالَ: أُعِيْدُهَا؟ قُلْتُ: أَعِدْهَا. فَقَالَ: لاَ أَسْتَطِيْعُ.
وَقَالَ حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: قِيْلَ لأَيُّوْبَ: إِنَّ عَمْرَو بنَ عُبَيْدٍ رَوَى، عَنِ الحَسَنِ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِذَا رَأَيْتُمْ مُعَاوِيَةَ عَلَى مِنْبَرِي فَاقْتُلُوْهُ" قَالَ: كَذَبَ.
قَالَ ابْنُ عُلَيَّةَ: أَوَّلُ مَنْ تَكَلَّمَ فِي الاعْتزَالِ وَاصِلٌ الغَزَّالُ, فَدَخَلَ مَعَهُ عَمْرُو بنُ عُبَيْدٍ فَأُعْجِبَ بِهِ, وَزَوَّجَهُ أُخْتَهُ.
وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ: أَنَّهُ رَأَى عَمْرَو بنَ عُبَيْدٍ فِي النَّوْمِ قَدْ مُسِخَ قِرْداً.
وَقَدْ كَانَ المَنْصُوْرُ يُعظِّمُ ابْنَ عُبَيْدٍ, وَيَقُوْلُ:
كُلُّكُم يَمْشِي رُوَيْد ... كُلُّكُم يَطْلُبُ صَيْد
غَيْرَ عَمْرِو بن عُبَيْد
قُلْتُ: اغْترَّ بِزُهْدِهِ وَإِخْلاَصِهِ, وَأَغفلَ بِدْعَتَهُ.
قَالَ الخَطِيْبُ: مَاتَ بِطَرِيْقِ مَكَّةَ, سنَةَ ثَلاَثٍ. وَقِيْلَ: سنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ أَبِي خَيْثَمَةَ فِي "تَارِيْخِهِ" سَمِعْتُ ابْنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: كَانَ عَمْرُو بنُ عُبَيْدٍ مِنَ الدَّهْرِيَّةِ.
وَقَالَ سَلاَّمُ بنُ أَبِي مُطِيْعٍ: أَنَا للحجاج أرجى مني لعمرو بن عبيد.
قَدِ اسْتَوْفَيتُ تَرجَمَتَهُ فِي "تَارِيْخِ الإِسْلاَمِ".
وَقَدْ رثاه المنصور, وله كتاب "العدل" و"التوحيد", وَكِتَابُ "الرَّدِّ عَلَى القَدَرِيَّةِ" يُرِيْد السُّنَّةَ. وَمِنْ كتَابِ تَلاَمِذَتِهِ: عُثْمَانُ بنُ خَالِدٍ الطَّوِيْلُ شَيْخُ العَلاَّفِ, وَأَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بنُ أَبِي عُثْمَانَ الشمزي.

(6/260)


859- داود بن الحُصين 1: "ع"
الفَقِيْهُ, أَبُو سُلَيْمَانَ الأُمَوِيُّ مَوْلاَهُم, المَدَنِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ أَبِيْهِ, وَعِكْرِمَةَ, وَالأَعْرَجِ, وَأَبِي سُفْيَانَ مَوْلَى ابْنِ أَبِي أَحْمَدَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ إِسْحَاقَ, وَمَالِكٌ, وَمُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ أَبِي كَثِيْرٍ, وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي حَبِيْبَةَ, وَعِدَّةٌ.
وَثَّقَهُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ مُطْلَقاً. وَقَالَ النَّسَائِيُّ, وَغَيْرُهُ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: كُنَّا نَتَّقِي حَدِيْثَهُ. وَقَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: مَا رَوَى عَنْ عِكْرِمَةَ, فَمُنْكَرٌ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لَيِّنٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَوْلاَ أَنَّ مَالِكاً رَوَى عَنْهُ, لَتُرِكَ حَدِيْثُهُ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: أَحَادِيْثُهُ عَنْ عِكْرِمَةَ مَنَاكِيْرُ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ يَرَى الخُرُوْجَ.
وَتَكَلَّم التِّرْمِذِيُّ فِي حِفْظِهِ.
قُلْتُ: نَزَلَ عِكْرِمَةُ فِي بَيْتِ دَاوُدَ, وَتُوُفِّيَ عِنْدَه.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "3/ ترجمة 779"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 475"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 1874"، تاريخ الإسلام "5/ 241"، الكاشف "1/ ترجمة 1446"، المغني "1/ ترجمة 1987"، ميزان الاعتدال "2/ 5- 6"، تهذيب التهذيب "3/ 181"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1910"، شذرات الذهب "1/ 192".

(6/261)


860- عبد الملك بن أبي سليمان 1: "خت, م 4"
الإِمَامُ, الحَافِظُ, أَبُو مُحَمَّدٍ وَقِيْلَ: أَبُو عَبْدِ اللهِ, وَأَبُو سُلَيْمَانَ العَرْزَمِيُّ2 الكُوْفِيُّ نَزلَ جَبَّانَةَ عَرْزَمٍ فَنُسِبَ إِلَيْهَا وَعَرْزَمٌ: إِنْسَانٌ أَسْوَدُ. وَاسْمُ أَبِي سُلَيْمَانَ: مَيْسَرَةُ.
حَدَّثَ عَنْ: أَنَسِ بنِ مَالِكٍ, وَسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ, وَعَطَاءٍ, وَأَنَسِ بنِ سِيْرِيْنَ, وَأَبِي الزُّبَيْرِ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ كَيْسَانَ, وَعَبْدِ المَلِكِ بنِ أَعْيَنَ, وَمُسْلِمِ بنِ يَنَّاقَ, وَزُبَيْدٍ اليَامِيِّ, وَسَلَمَةَ بنِ كُهَيْلٍ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَطَاءٍ, وَأَبِي حَمْزَةَ اليَمَانِيِّ.
لَمْ يَزدْ صَاحِبُ "تَهْذِيْبِ الكَمَالِ" عَلَى هَؤُلاَءِ.
وَعَنْهُ: الثَّوْرِيُّ, وَزَائِدَةُ, وَابْنُ المُبَارَكِ, وَعِيْسَى بنُ يُوْنُسَ, وَعَلِيُّ بنُ مُسْهِرٍ, وَهُشَيْمٌ, وَيَحْيَى القَطَّانُ, وَخَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ, وَحَفْصُ بنُ غِيَاثٍ وَإِسْحَاقُ بنُ يُوْسُفَ, وَابْنُ نُمَيْرٍ, وَابْنُ فُضَيْلٍ, وَيَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ, وَيَعَلَى بنُ عُبَيْدٍ, وَخَلْقٌ آخِرُهُمْ مَوْتاً: عَبْدُ الرَّزَّاقِ, وَلَيْسَ هُوَ بِالمُكْثِرِ وكان يوصف بالحفظ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 350"، التاريخ الكبير "5/ ترجمة 1353"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 128" و"3/ 94 و239"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 1719"، الأنساب للسمعاني "8/ 428"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 151"، الكاشف "2/ ترجمة 3502"، المغني "2/ ترجمة 3818"، العبر "1/ 204"، تاريخ الإسلام "6/ 95" ميزان الاعتدال "2/ 656"، تهذيب التهذيب "6/ 396"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4433" شذرات الذهب "1/ 216".
2 العرزمي: نسبة إلى بطن من فزارة تسمى عرزم.

(6/261)


ابْنُ المَدِيْنِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, قَالَ: كَانَ شُعْبَةُ يَعجَبُ مِنْ حِفْظِ عَبْدِ المَلِكِ.
وَرَوَى نَوْفَلُ بنُ المُطَهَّرِ، عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ، عَنْ سُفْيَانَ, قَالَ: حُفَّاظُ النَّاسِ: إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ, وَعَبْدَ المَلِكِ بنَ أَبِي سليمان, ويحيى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ, وَحُفَّاظُ البَصْرِيِّينَ ثَلاَثَةٌ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ, وَعَاصِمٌ الأَحْوَلُ, وَدَاوُدُ بنُ أَبِي هِنْدٍ, وكان عاصم أحفظهم.
وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: حَدَّثَنِي المِيْزَانُ: عَبْدُ المَلِكِ بنُ أَبِي سُلَيْمَانَ -وَأَشَارَ سُفْيَانُ بِيَدِهِ كَأَنَّهُ يَزِنُ, وَقَالَ ابْنُ المُبَارَكِ عَبْدُ المَلِكِ بنُ أَبِي سُلَيْمَانَ مِيْزَانٌ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: قُلْتُ لأَحْمَدَ: عَبْدُ المَلِكِ بنُ أَبِي سُلَيْمَانَ? قَالَ ثقة. قلت: يخطىء? قَالَ: نَعَمْ, وَكَانَ مِنْ أَحْفَظِ أَهْلِ الكُوْفَةِ إلَّا أَنَّهُ رَفعَ أَحَادِيْثَ، عَنْ عَطَاءٍ.
وَسُئِلَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، عَنْ حَدِيْثِ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الشُّفْعَةِ1 فَقَالَ: لَمْ يُحَدِّثْ بِهِ إلَّا عَبْدُ المَلِكِ, وَقَدْ أَنْكَرهُ عَلَيْهِ النَّاسُ, وَلَكِنَّ عَبْدَ المَلِكِ ثِقَةٌ, صَدُوْقٌ, لاَ يُردُّ عَلَى مِثْلِهِ. قُلْتُ: تَكَلَّمَ فِيْهِ شُعْبَةُ لِهَذَا الحَدِيْثِ.
وَرَوَى عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، عَنْ أَبِيْهِ قال: هذا حديث منكر قال محمد ابن عُثْمَانَ بنِ أَبِي صَفْوَانَ: عَنْ أُمَيَّةَ بنِ خالد: قلت لشعبة: مالك لاَ تُحدِّثُ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ أَبِي سُلَيْمَانَ فَقَالَ: تَرَكتُ حَدِيْثَهُ قُلْتُ: تُحدِّثُ عَنْ محمد ابن عُبَيْدِ اللهِ العَرْزَمِيِّ, وَتَدعُ عَبْدَ المَلِكِ, وَقَدْ كَانَ حَسَنَ الحَدِيْثِ قَالَ: مِنْ حَسَنِهَا فَررتُ.
قَالَ الخَطِيْبُ: أَسَاءَ شُعْبَةُ فِي اخْتِيَارِه لِمُحَمَّدٍ, وَتَركِهِ عَبْدَ المَلِكِ, لأَنَّ مُحَمَّدَ بنَ عُبَيْدِ اللهِ لَمْ يَخْتَلِفْ أَئِمَّةُ الأَثرِ فِي ذَهَابِ حَدِيْثِهِ, وَسُقوطِ رِوَايَتِهِ وَثنَاؤُهُم عَلَى عَبْدِ المَلِكِ مُسْتفِيضٌ.
وَرَوَى عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، عَنْ أَبِيْهِ: أَنَّهُ ثِقَةٌ. وَقَالَ العِجْلِيُّ: ثِقَةٌ ثَبْتٌ. وَقَالَ ابْنُ عَمَّارٍ: ثِقَةٌ حُجَّةٌ وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ, ثُمَّ قَالَ الفَسَوِيُّ: ثِقَةٌ, مُتْقِنٌ, فَقِيْهٌ.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ، أَنْبَأَنَا نَصْرُ بنُ جَرْوٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو البَقَاءِ الحَبَّالُ، أَنْبَأَنَا زَيْدُ بنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ دُحَيْمٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ حَازِمٍ، أَنْبَأَنَا يَعَلَى بنُ عُبَيْدٍ، عَنْ عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء، عَنْ زَيْدِ بنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ, قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "لا تتخذوا بيوتكم قبورا وصلوا فيها" 2.
__________
1 صحيح: أخرجه أبو داود "3518"، والترمذي "1369"، وابن ماجه "2494" من طريق عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "الجار أحق بشفعة جاره ينتظر بها وإن كان غائبا، إذا كان طريقهما واحدا".
2 صحيح: أخرجه أحمد "4/ 114" و"5/ 192" من طريق عبد الملك، عن عطاء، به وإسناده صحيح.

(6/262)


861- عطاء بن السائب 1: "4"
الإِمَامُ, الحَافِظُ, مُحَدِّثُ الكُوْفَةِ, أَبُو السَّائِبِ. وَقِيْلَ: أَبُو زَيْدٍ, وَقِيْلَ: أَبُو يَزِيْدَ, وَأَبُو مُحَمَّدٍ الكُوْفِيُّ.
عَنْ أَبِيْهِ السَّائِبِ بنِ زَيْدٍ وَقِيْلَ: ابْنِ يَزِيْدَ وَقِيْلَ: ابْنِ مَالِكٍ الثَّقَفِيُّ مَوْلاَهُم, وَعَنْ: أَنَسِ بنِ مَالِكٍ- وَلَمْ يَثبُتْ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْهُ, وَقَدْ جَاءَ بِإِدخَالِ يَزِيْدَ الرَّقَاشِيِّ بَيْنَهمَا- وَعَنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي أَوْفَى, وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى, وَأَبِي وَائِلٍ, وَمُرَّةَ الطِّيِّبِ, وَعَمْرِو بنِ مَيْمُوْنٍ الأَوْدِيِّ, وَمُجَاهِدٍ, وَأَبِي البَخْتَرِيِّ الطَّائِيِّ, وَذَرِّ بنِ عَبْدِ اللهِ, وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ, وَسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ بُرَيْدَةَ, وَعِكْرِمَةَ, وَالحَسَنِ وَأَبِي ظَبْيَانَ, وَسَالِمٍ البَرَّادِ, وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ. وَكَانَ مِنْ كِبَارِ العُلَمَاءِ لَكِنَّهُ سَاءَ حِفْظُهُ قَلِيْلاً فِي أَوَاخِرِ عُمُرِهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خالد -وهو من طبقته- والثوري, وابن جريح, وَأَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ, وَرَوْحُ بنُ القَاسِمِ, وَالحَمَّادَانِ, وَمُوْسَى بنُ أَعَيْنَ, وَأَبُو عَوَانَةَ, وَجَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ, وَأَبُو الأَحْوَصِ, وَشُعْبَةُ, وَشَرِيْكٌ, وَعَبِيْدَةُ بنُ حُمَيْدٍ, وَابْنُ فُضَيْلٍ, وَجَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ, وَزَائِدَةُ, وَزُهَيْرُ بنُ مُعَاوِيَةَ, وَابْنُ عُيَيْنَةَ, وَهُشَيْمٌ, وَأَبُو إِسْحَاقَ الفَزَارِيُّ, وَعَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ, وَابْنُ عُلَيَّةَ, وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: حَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا: أَنَّ أَبَا إِسْحَاقَ كَانَ يُسْأَلُ، عن عطاء ابن السائب, فيقول: إنه من البقايا.
وَرَوَى إِبْرَاهِيْمُ بنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ, قَالَ: أَتَيْنَا أَيُّوْبَ, فَقَالَ: اذْهبُوا فَقَدْ قَدِمَ عَطَاءُ بنُ السَّائِبِ مِنَ الكُوْفَةِ, وَهُوَ ثِقَةٌ اذْهبُوا إِلَيْهِ, فَسَلُوْهُ، عَنْ حَدِيْثِ أَبِيْهِ في التسبيح2.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 338"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 3000"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1848"، تاريخ الإسلام "5/ 277"، الكاشف "2/ ترجمة 3853"، ميزان الاعتدال "3/ 70-73"، العبر "1/ 284"، تهذيب التهذيب "7/ 203"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4853"، شذرات الذهب "1/ 194".
2 صحيح: أحرجه أبو داود "1502" من طريق الأعمش، عن عطاء بن السائب، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو قَالَ: رَأَيْتُ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعقد التبسبيح بيمينه".
قلت: إسناده صحيح.

(6/263)


عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ, قَالَ: مَا سَمِعْتُ أَحَداً يَقُوْلُ فِي عَطَاءِ بنِ السَّائِبِ شَيْئاً قَطُّ فِي حَدِيْثِهِ القَدِيْمِ, وَمَا حَدَّثَ سُفْيَانُ وَشُعْبَةُ عَنْهُ صَحِيْحٌ, إلَّا حَدِيْثَيْنَ كَانَ شُعْبَةُ يَقُوْلُ: سَمِعْتُهمَا بِأَخَرَةٍ، عَنْ زَاذَانَ.
أَحْمَدُ بنُ سِنَانٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: لَيْثُ بنُ أَبِي سُلَيْمٍ, وَعَطَاءُ بنُ السَّائِبِ, وَيَزِيْدَ بنِ أَبِي زِيَادٍ ليث أحسنهم حَالاً عِنْدِي.
وَرَوَى عُثْمَانُ بنُ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ جَرِيْرٍ -وَذَكَرَ الثَّلاَثَةَ- فَقَالَ: يَزِيْدُ أَحْسَنُهُم اسْتِقَامَةً فِي الحَدِيْثِ, ثُمَّ عَطَاءٌ. قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: عَطَاءٌ ثِقَةٌ ثِقَةٌ, رَجُلٌ صَالِحٌ. وَقَالَ: مَنْ سَمِعَ مِنْهُ قَدِيْماً كَانَ صَحِيْحاً, وَمَنْ سَمِعَ مِنْهُ حَدِيْثاً لَمْ يَكُنْ بِشَيْءٍ. سَمِعَ مِنْهُ قَدِيْماً: شُعْبَةُ, وَسُفْيَانُ, وَسَمِعَ مِنْهُ حَدِيْثاً جَرِيْرٌ وَخَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ, وَإِسْمَاعِيْلُ, وَعَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ, وَكَانَ يَرْفَعُ، عَنْ سَعِيْدِ بن جبير أشياء لم يكن يرفعها.
قَالَ: وَقَالَ وُهَيْبٌ: لَمَّا قَدِمَ عَطَاءٌ البَصْرَةَ, قَالَ: كَتَبتُ عَنْ عَبِيْدَةَ ثَلاَثِيْنَ حَدِيْثاً, وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَبِيْدَةَ شَيْئاً, وَهَذَا اخْتِلاَطٌ شَدِيْدٌ.
أَبُو دَاوُدَ، عَنْ أَحْمَدَ قالَ: كَانَ عَطَاءُ بنُ السَّائِبِ مِنْ خِيَارِ عِبَادِ اللهِ, كَانَ يَخْتِمُ القُرْآنَ كُلَّ لَيْلَةٍ وَقَالَ شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَطَاءٌ وَكَانَ نَسِيّاً وَقَالَ يَحْيَى لَمْ يَسْمَعْ عَطَاءُ بنُ السَّائِبِ مِنْ يَعَلَى بنِ مُرَّةَ قَالَ وَاخْتلطَ عَطَاءٌ فَمَا سُمِعَ مِنْهُ قَدِيْماً فَهُوَ صَحِيْحٌ, وَقَدْ سَمِعَ مِنْهُ أَبُو عَوَانَةَ فِي الصَّحَةِ وَفِي الاخْتِلاَطِ جَمِيْعاً, وَلاَ يُحْتَجُّ بِحَدِيْثِهِ.
ابْنُ عَدِيٍّ: أَنْبَأَنَا ابْنُ أَبِي عِصْمَةَ, حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ أَبِي يَحْيَى, سَمِعْتُ يَحْيَى ابن مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: لَيْثُ بنُ أَبِي سُلَيْمٍ ضَعِيْفٌ مِثْلُ عَطَاءِ بنِ السَّائِبِ. وَجَمِيْعُ مَنْ رَوَى عَنْ عَطَاءٍ فَفِي الاخْتِلاَطِ إلَّا شُعْبَةَ وَسُفْيَانَ.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عَطَاءٌ اخْتلطَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ, فَمَنْ سَمِعَ مِنْهُ قَدِيْماً مِثْلُ الثَّوْرِيِّ, وَشُعْبَةَ فَحَدِيْثُهُ مُسْتقِيْمٌ وَمَنْ سَمِعَ مِنْهُ بَعْدَ الاخْتِلاَطِ فَأَحَادِيْثُهُ فِيْهَا بَعْضُ النَّكِرَةِ وَقَالَ العِجْلِيُّ كَانَ شَيْخاً, قَدِيْماً, ثِقَةً رَوَى، عَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى وَمَنْ سَمِعَ مِنْهُ قَدِيْماً فَهُوَ صَحِيْحٌ مِنْهُمُ الثَّوْرِيُّ فَأَمَّا مَنْ سَمِعَ مِنْهُ بِأَخَرَةٍ فَهُوَ مُضْطَرِبُ الحَدِيْثِ مِنْهُم هُشَيْمٌ وَخَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ وَكَانَ عَطَاءٌ بِأَخَرَةٍ يَتلقَّنُ إِذَا لُقِّنَ, لأَنَّهُ كَانَ غَيْرَ صَالِحِ الكِتَابِ, وَأَبُوْهُ: تَابِعِيٌّ, ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: كَانَ مَحَلُّهُ الصِّدْقَ قَدِيْماً قَبْلَ أَنْ يَختلِطَ, ثُمَّ تغير حفظه, فِي حَدِيْثِهِ تَخَالِيطٌ كَثِيْرَةٌ, وَمَا رَوَى عَنْهُ ابْنُ فُضَيْلٍ فَفِيْهِ غَلَطٌ وَاضْطِرَابٌ, رَفعَ أَشْيَاءَ كَانَ يَروِيهَا، عَنِ التَّابِعِيْنَ, فَرَفَعَهَا إِلَى الصَّحَابَةِ.

(6/264)


وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ فِي حَدِيْثِهِ القَدِيْمِ, إلَّا أَنَّهُ تَغَيَّرَ, وَرِوَايَةُ: حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ, وَشُعْبَةَ, وَسُفْيَانَ عَنْهُ جَيِّدَةٌ.
الحُمَيْدِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ, قَالَ: كُنْتُ سَمِعْتُ مِنْ عَطَاءِ بنِ السَّائِبِ قَدِيْماً, ثُمَّ قَدِمَ عَلَيْنَا قَدْمَةً فَسَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ بِبَعْضِ مَا كُنْتُ سَمِعْتُهُ, فَخَلَّطَ فِيْهِ, فَاتَّقيْتُهُ وَاعْتزلتُهُ.
وَقَالَ أَبُو النُّعْمَانِ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ: عَطَاءُ بنُ السَّائِبِ تَغَيَّرَ حِفْظُهُ بَعْدُ, وَحَمَّادُ بنُ زَيْدٍ سَمِعَ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَتغيَّرَ.
وَقَالَ أَبُو قُطْنٍ، عَنْ شُعْبَةَ: ثَلاَثَةٌ فِي القَلْبِ مِنْهُم هَاجسٌ: عَطَاءُ بنُ السَّائِبِ, وَيَزِيْدُ بنُ أَبِي زِيَادٍ, وَآخَرُ.
إِسْمَاعِيْلُ بنُ بَهْرَامَ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ, قَالَ: كُنْتُ إِذَا رَأَيْتُ عَطَاءَ بنَ السَّائِبِ, وَضِرَارَ بنَ مُرَّةَ, رَأَيْتُ أَثرَ البُكَاءِ عَلَى خُدُوْدِهِمَا.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ, وَغَيْرُهُ: مَاتَ عَطَاءُ بنُ السَّائِبِ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا تَمِيْمٌ بنُ أَبِي سَعِيْدٍ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، أَنْبَأَنَا أَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ, حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بنُ خَالِدٍ, حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَطَاءِ بنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَرَرْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي بِرَائِحَةٍ طَيِّبَةٍ فَقُلْتُ: مَا هَذِهِ الرَّائِحَةُ يَا جِبْرِيْلُ? قَالَ: هَذِهِ مَاشِطَةُ بِنْتِ فِرْعُوْنَ كَانَتْ تُمَشِّطُهَا فَوَقَعَ المِشْطُ مِنْ يَدِهَا قَالَتْ: بِسْمِ اللهِ قَالَتِ: ابْنَةُ فِرْعُوْنَ أَبِي قَالَتْ: رَبِّي وَرَبُّ أَبِيْكِ قَالَتْ: أَقُوْلُ لَهُ إِذاً قَالَتْ: قُوْلِي لَهُ قَالَ لَهَا: أَوَلَكِ رَبٌّ غَيْرِي؟ قَالَتْ: رَبِّي وَرَبُّكَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ قَالَ: فَأَحْمَى لَهَا بَقَرَةً مِنْ نُحَاسٍ فَقَالَتْ: إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً قَالَ: وَمَا حَاجَتُكِ؟ قَالَتْ: أَنْ تَجْمَعَ عِظَامِي وَعِظَامَ وَلَدِي قَالَ: ذَلِكَ لَكِ عَلَيْنَا لِمَا لَكِ عَلَيْنَا مِنَ الحق فألقى ولدها في البقرة أحدًا وَاحِداً فَكَانَ آخِرَهُم صَبِيٌّ فَقَالَ: يَا أُمَّه اصْبِرِي فَإِنَّكِ عَلَى الحَقِّ" 1.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَأَرْبَعَةٌ تَكَلَّمُوا وَهُم صِبْيَانٌ: ابْنُ مَاشِطَةِ فِرْعُوْنَ وصبي جريح, وعيسى بن مريم, والرابع لا أحفظه.
__________
1 حسن: أخرجه أحمد "1/ 309" ومن طريقه الطبراني في "الكبير" "12280" حدثنا أبو عمر الضرير، أخبرنا حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَطَاءِ بنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ به مرفوعا.
قلت: إسناده حسن، وقد سمع حماد بن سلمة من عطاء بن السائب قبل الاختلاط وأبو عمر الضرير، هو حفص بن عمر البصري، صدوق، وبقية رجاله ثقات رجال الصحيح.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" "12279" من طريق أَبِي نَصْرٍ التَّمَّارِ، عَنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، به.

(6/265)


862- موسى بن عقبة 1: "ع"
ابن أبي عياش, الإِمَامُ, الثِّقَةُ, الكَبِيْرُ, أَبُو مُحَمَّدٍ القُرَشِيُّ, مَوْلاَهُم, الأسدي, المطرفي, مَوْلَى آلِ الزُّبَيْرِ. وَيُقَالُ: بَلْ مَوْلَى الصّحَابِيَّةِ أُمِّ خَالِدٍ بِنْتِ خَالِدٍ الأُمَوِيَّةِ, زَوْجَةِ الزُّبَيْرِ. وَكَانَ بَصِيْراً بِالمَغَازِي النَّبويَّةِ, أَلَّفَهَا فِي مُجَلَّدٍ, فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ صَنَّفَ فِي ذَلِكَ. وَهُوَ أَخُو إِبْرَاهِيْمَ بنِ عُقْبَةَ, وَمُحَمَّدِ بنِ عُقْبَةَ, وَعَمُّ إِسْمَاعِيْلَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ.
أَدْرَكَ ابْنَ عُمَرَ, وَجَابِراً. وَحَدَّثَ عَنْ: أُمِّ خَالِدٍ. وَعِدَادُهُ فِي صغار التابعين. وحدت أَيْضاً عَنْ: عَلْقَمَةَ بنِ وَقَّاصٍ, وَأَبِي سَلَمَةَ, وَكُرَيْبٍ, وَسَالِمِ بنِ عَبْدِ اللهِ, وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ هُرْمُزَ الأَعْرَجِ, وَنَافِعِ بنِ جُبَيْرِ بنِ مُطْعِمٍ, وَنَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ, وَصَالِحٍ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ, وَعُرْوَةَ بنِ الزُّبَيْرِ, وَعِكْرِمَةَ وَابْنِ المُنْكَدِرِ, وَالزُّهْرِيِّ, وَأَبِي الزُّبَيْرِ, وَسَالِمٍ أَبِي الغَيْثِ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ دِيْنَارٍ, وَمُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ حَبَّانَ, وَحَمْزَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ, وَأَبِي الزِّنَادِ وَمُحَمَّدِ بنِ أَبِي بَكْرٍ الثَّقَفِيِّ, وَخَلْقٍ سِوَاهُم.
وَعَنْهُ: بُكَيْرُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الأَشَجِّ مَعَ تَقَدُّمِهِ, وَشُعْبَةُ, وَيَحْيَى بنُ سعيد الأنصاري, وابن جريح, وَمَالِكٌ, وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ, وَابْنُ أَبِي الزِّنَادِ وَحَفْصُ بنُ مَيْسَرَةَ, وَالسُّفْيَانَانِ, وَزُهَيْرٌ, وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنَ أَبِي حَازِمٍ, وَعَبْدَ العَزِيْزِ الدراوري, وَمُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ أَبِي كَثِيْرٍ, وَوُهَيْبٌ, وَأَبُو قُرَّةَ مُوْسَى بنُ طَارِقٍ, وَأَبُو إِسْحَاقَ الفَزَارِيُّ, وَفُضَيْلُ بنُ سُلَيْمَانَ, وَمُحَمَّدُ بنُ فُلَيْحٍ, وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عُقْبَةَ, وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عَيَّاشٍ, وَأَبُو ضَمْرَةَ اللَّيْثِيُّ, وَحَاتِمُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ, وَزُهَيْرُ بنُ مُحَمَّدٍ المَرْوَزِيُّ, وَأَبُو بَدْرٍ السَّكُوْنِيُّ, وَعَبْدُ اللهِ بنُ رَجَاءٍ المَكِّيُّ, وَأَبُو هَمَّامٍ مُحَمَّدُ بنُ الزِّبْرِقَانِ, وَيَعْقُوْبُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ القَارِيُّ, وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً, قَلِيْلَ الحَدِيْثِ, كَذَا هُنَا. وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخرَ وَهُوَ أَشْبَهُ: كَانَ ثِقَةً, ثَبْتاً, كثير الحديث.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "7/ ترجمة 1247"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 693"، والكاشف "3/ ترجمة 5817"، العبر "1/ 192"، تذكرة الحفاظ "1/ 148"، تاريخ الإسلام "6/ 133"، تهذيب التهذيب "10/ 360"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7293"، شذرات الذهب "1/ 209".

(6/266)


إِبْرَاهِيْمُ بنُ المُنْذِرِ، عَنْ مَعْنٍ, قَالَ: كَانَ مَالكٌ إِذَا قِيْلَ لَهُ: مَغَازِي مَنْ نَكْتُبُ? قَالَ: عَلَيْكُم بِـ "مَغَازِي مُوْسَى بنِ عُقْبَةَ" فَإِنَّهُ ثِقَةٌ. وَقَالَ ابْنُ المُنْذِرِ أَيْضاً: حَدَّثَنِي مُطَرِّفٌ, وَمَعْنٌ, وَمُحَمَّدُ بنُ الضَّحَّاكِ قَالُوا: كَانَ مَالِكٌ إِذَا سُئِلَ، عَنِ المَغَازِي؟ قَالَ: عَلَيْكَ "بمغازي" الرَّجُلِ الصَّالِحِ مُوْسَى بنِ عُقْبَةَ, فَإِنَّهَا أَصَحُّ المَغَازِي. وَقَالَ أَيْضاً: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ طَلْحَةَ, سَمِعْتُ مَالِكاً يَقُوْلُ: عَلَيْكُم بِـ "مَغَازِي مُوْسَى" فَإِنَّهُ رَجُلٌ ثِقَةٌ, طَلبهَا عَلَى كِبَرِ السِّنِّ, لِيُقَيِّدَ مَنْ شَهِدَ مَعَ رَسُوْل اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَمْ يُكثِّرْ كَمَا كَثَّرَ غَيْرُهُ.
قُلْتُ: هَذَا تَعرِيْضٌ بِابْنِ إِسْحَاقَ, وَلاَ ريب ابْنَ إِسْحَاقَ كثَّرَ وَطوَّلَ بِأَنْسَابٍ مُسْتَوْفَاةٍ, اخْتصَارُهَا أَملحُ, وَبأَشعَارٍ غَيْرِ طَائِلَةٍ, حَذفُهَا أَرْجَحُ, وَبآثَارٍ لَمْ تُصحَّحْ, مَعَ أَنَّهُ فَاتَهُ شَيْءٌ كَثِيْرٌ مِنَ الصَّحِيْحِ, لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ, فَكِتَابُهُ مُحْتَاجٌ إِلَى تَنقِيحٍ وَتَصْحِيْحٍ, وَرِوَايَةِ مَا فَاتَهُ.
وَأَمَّا "مَغَازِي مُوْسَى بنِ عُقْبَةَ": فَهِي فِي مُجَلَّدٍ لَيْسَ بِالكَبِيْرِ, سَمِعنَاهَا, وَغَالِبُهَا صَحِيْحٌ, وَمُرْسَلٌ جَيِّدٌ, لَكِنَّهَا مُخْتَصَرَةٌ, تَحْتَاجُ إِلَى زِيَادَةِ بَيَانٍ, وَتَتِمَّةٍ.
وَقَدْ أَحْسَنَ فِي عَملِ ذَلِكَ الحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ البَيْهَقِيُّ فِي تَألِيْفِهِ المُسَمَّى بِكِتَابِ "دَلاَئِلِ النُّبُوَّةِ".
وَقَدْ لَخَّصتُ أَنَا التَّرجمَةَ النَّبوِيَّةَ, وَالمَغَازِي المَدَنِيَّةَ فِي أَوَّلِ "تَارِيْخِي الكَبِيْرِ", وَهُوَ كَامِلٌ فِي مَعنَاهُ -إِنْ شَاءَ اللهُ. إِبْرَاهِيْمُ بنُ المُنْذِرِ الحِزَامِيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ, قَالَ: كَانَ بِالمَدِيْنَةِ شَيْخٌ يُقَالَ لَهُ: شُرَحْبِيْلُ أَبُو سَعْدٍ, وَكَانَ مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ بِالمَغَازِي قَالَ: فَاتَّهمُوْهُ أَنْ يَكُوْنَ يَجْعَلُ لِمَنْ لاَ سَابقَةَ لَهُ سَابقَةً, وَكَانَ قَدِ احْتَاجَ فَأَسقطُوا مَغَازِيهِ, وَعِلْمَهُ قَالَ إِبْرَاهِيْمُ: فَذَكَرْتُ هَذَا لِمُحَمَّدِ بنِ طلحة بن الطويل, ولم يكن أحدًا أَعْلَمَ بِالمَغَازِي مِنْهُ فَقَالَ لِي: كَانَ شُرَحْبِيْلُ أَبُو سَعْدٍ عَالِماً بِالمَغَازِي فَاتَّهمُوْهُ أَنْ يَكُوْنَ يُدْخِلُ فِيْهِم مَنْ لَمْ يَشْهَدْ بَدراً وَمَنْ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ, وَالهِجْرَةَ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُم وَكَانَ قَدِ احْتَاجَ فَسَقَطَ عِنْدَ النَّاسِ فَسَمِع بِذَلِكَ مُوْسَى بنُ عُقْبَةَ فَقَالَ: وَإِنَّ النَّاسَ قَدِ اجْتَرَؤُوا عَلَى هَذَا? فَدبَّ عَلَى كِبَرِ السِّنِّ وَقَيَّدَ مَنْ شَهِدَ بَدراً وَأُحُداً وَمَنْ هَاجَرَ إِلَى الحَبَشَةِ, وَالمَدِيْنَةِ وَكَتَبَ ذَلِكَ.
وَقَالَ إِبْرَاهِيْمُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ الضَّحَّاكِ, سَمِعْتُ المِسْوَرَ بنَ عَبْدِ المَلِكِ المَخْزُوْمِيَّ يَقُوْل لِمَالِكٍ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ! فُلاَنٌ كلَّمَنِي يَعرِضُ عَلَيْكَ, وَقَدْ شَهِدَ جدُّهُ بَدراً. فَقَالَ مَالِكٌ: لاَ تَدْرِي مَا يَقُوْلُوْنَ, مَنْ كَانَ فِي "كِتَابِ مُوْسَى بنِ عُقْبَةَ" قَدْ شَهِدَ بَدراً, فَقَدْ شَهِدَهَا, وَمَنْ لَمْ يَكُنْ فِي "كِتَابِ مُوْسَى" فَلَمْ يَشْهَدْ بَدراً.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: كَانَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: "كِتَابُ مُوْسَى بنِ عُقْبَةَ" عَنِ الزُّهْرِيِّ: مِنْ أَصَحِّ هَذِهِ الكُتُبِ.

(6/267)


وَقَالَ أَحْمَدُ, وَيَحْيَى, وَأَبُو حَاتِمٍ, وَالنَّسَائِيُّ: مُوْسَى ثقة. وروى: المفضل ابن غَسَّانَ، عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ قَالَ: مُوْسَى بنُ عُقْبَةَ: ثِقَةٌ, يَقُوْلُوْنَ: رِوَايَتُهُ، عَنْ نَافِعٍ فِيْهَا شَيْءٌ وَسَمِعْتُ ابْنَ مَعِيْنٍ يُضَعِّفُ مُوْسَى بَعْضَ الضَّعْفِ.
قُلْتُ: قَدْ رَوَى عَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ, وَجَمَاعَةٌ، عَنْ يَحْيَى تَوْثِيْقَهُ, فَلْيُحمَلْ هَذَا التَّضْعِيْفُ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ لَيْسَ هُوَ فِي القُوَّةِ، عَنْ نَافِعٍ كَمَالِكٍ وَلاَ عُبَيْدِ اللهِ. وَكَذَلِكَ رَوَى: إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الجُنَيْدِ، عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ قَالَ: لَيْسَ مُوْسَى بنُ عُقْبَةَ فِي نَافِعٍ مِثْلَ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ, وَمَالِكٍ.
قُلْتُ: احْتَجَّ الشَّيْخَانِ بِمُوْسَى بنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ -وَللهِ الحَمْدُ- قُلْنَا ثِقَةٌ, وَأَوْثَقُ مِنْهُ فَهَذَا مِنْ هَذَا الضَّرْبِ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: كَانَ لإِبْرَاهِيْمَ, وَمُوْسَى, وَمُحَمَّدِ بَنِي عُقْبَةَ حَلْقَةٌ فِي مَسجدِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَكَانُوا كُلُّهم فُقَهَاءَ مُحَدِّثِيْنَ وَكَانَ مُوْسَى يُفْتِي.
وَقَالَ مُصْعَبُ بنُ عَبْدِ اللهِ الزُّبَيْرِيُّ: كَانَ لَهُم هَيْئَةٌ, وَعِلمٌ وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: سَمِعَ ابْنُ المُبَارَكِ مِنْ مُوْسَى بنِ عُقْبَةَ, وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَخَوَيْهِ, أَقدمُهُم مُحَمَّدٌ, ثُمَّ إِبْرَاهِيْمُ, ثُمَّ مُوْسَى, وَمُوْسَى أَكْثَرُهم حَدِيْثاً.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ القَطَّانُ, فِيْمَا نَقَلَهُ عَنْهُ أَبُو حَفْصٍ الفَلاَّسُ: مَاتَ مُوْسَى بنُ عُقْبَةَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ المَدِيْنَةَ بِسَنَةٍ, سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ وَفِيْهَا أَرَّخَهُ: خَلِيْفَةُ وَالتِّرْمِذِيُّ, وَغَيْرُهُمَا, وَشَذَّ نُوْحُ بنُ حَبِيْبٍ فَقَالَ: مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ.
وَقَعَ لَنَا حَدِيْثُهُ عَالِياً فِي مَوَاضِعَ, مِنْ أَعْلاَهَا فِي "جُزْءِ ابْنِ عَرَفَةَ".
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ فَرَحٍ الإِشْبِيْلِيُّ الحَافِظُ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ مُحَمَّدٍ وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الدَّائِمِ قَالاَ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ المُنْعِمِ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ "ح" وَأَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، عَنْ عَبْدِ المُنْعِمِ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ بَيَانَ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ محمد بن محمد البَزَّازُ، أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا الحَسَنُ بن عرفه، أنبأنا إسماعيل ابن عَيَّاشٍ، عَنْ مُوْسَى بنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لاَ تَقْرَأُ الحَائِضُ وَلاَ الجُنُبُ شَيْئاً مِنَ القُرْآنِ"1. هَذَا حَدِيْثٌ لين
__________
1 منكر: أخرجه الترمذي "131"، وابن ماجه "595"، وفي إسناده إسماعيل بن عياش ضعيف في روايته عن الحجازيين وأهل العراق. بل قال الترمذي: إن إسماعيل بن عياش يروى عن أهل الحجاز وأهل العراق أحاديث مناكير.
قلت: وهذا من روايته عنهم، فهو منكر. بل قال أحمد: إنه باطل.

(6/268)


الإِسْنَادِ مِنْ قِبَلِ إِسْمَاعِيْلَ, إِذْ رِوَايَتُهُ، عَنِ الحِجَازِيِّينَ مُضعَّفَةٌ. أَخْرَجَهُ: التِّرْمِذِيُّ، عَنِ ابْنِ عَرَفَةَ فَوَافَقْنَاهُ بِعُلُوٍّ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ، أَنْبَأَنَا أَكْمَلُ بنُ أَبِي الأَزْهَرِ العَلَوِيُّ، أَنْبَأَنَا سَعِيْدُ بنُ أَحْمَدَ، أَنْبَأَنَا أَبُو نَصْرٍ الزَّيْنَبِيُّ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ الوَرَّاقُ, حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ ابن أَبِي دَاوُدَ, حَدَّثَنَا هَارُوْنُ بنُ إِسْحَاقَ, حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ رَجَاءٍ، عَنْ مُوْسَى بنِ عُقْبَةَ، عَنْ أُمِّ خَالِدٍ بِنْتِ خَالِدٍ قَالَتْ: "كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- يَتَعَوَّذُ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ". تَابَعَهُ: وُهَيْبُ بنُ خَالِدٍ, وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ جَعْفَرٍ
أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ1.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "1376" و"6364" والنسائي "3/ 58".

(6/269)


عمرو بن أبي عمرو، محمد بن واسع:
863- عمرو بن أبي عمرو 1: "ع"
مَوْلَى المُطَّلِبِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ حنطب, المخزومي, الفقيه, أبو عثمان المدني.
حَدَّثَ عَنْ: أَنَسِ بنِ مَالِكٍ, وَأَبِي سَعِيْدٍ المَقْبُرِيِّ, وَسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ, وَعِكْرِمَةَ, وَالأَعْرَجِ.
وَعَنْهُ: مَالِكٌ, وَمُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ, وَأَخُوْهُ إِسْمَاعِيْلُ بنُ جَعْفَرٍ, وَعَبْدُ العَزِيْزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ, وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي الزِّنَادِ, وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لاَ بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: لَيْسَ بِحُجَّةٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ: مَا بِهِ بَأْسٌ. اسْمُ أَبِيْهِ مَيْسَرَةُ وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: لَيْسَ بِذَاكَ.
864- مُحَمَّدُ بن واسع 2: "م، د، ت، س"
ابن جابر بن الأخنس, الإِمَامُ الرَّبَّانِيُّ, القُدْوَةُ, أَبُو بَكْرٍ. وَيُقَالُ: أَبُو عبد الله الأزدي, البصري أحد الأعلام.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2633"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 246"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1398"، ميزان الاعتدال "3/ 281-282"، تهذيب التهذيب "8/ 82"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5349".
2 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 241"، التاريخ الكبير "1/ ترجمة 814"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 501"، حلية الأولياء "2/ 345"، الكاشف "3/ ترجمة 5281"، العبر "1/ 290" تاريخ الإسلام "5/ 159"، ميزان الاعتدال "4/ 58"، تهذيب التهذيب "9/ 499"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة "6720"، شذرات الذهب "1/ 161".

(6/269)


حَدَّثَ عَنْ: أَنَسِ بنِ مَالِكٍ, وَعُبَيْدِ بنِ عُمَيْرٍ, وَمُطَرِّفِ بنِ الشِّخِّيْرِ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ الصَّامِتِ, وَأَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ, وَمُحَمَّدِ بنِ سِيْرِيْنَ, وغيرهم.
وَهُوَ قَلِيْلُ الرِّوَايَةِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: هِشَامُ بنُ حَسَّانٍ, وَأَزْهَرُ بنُ سِنَانٍ, وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ مُسْلِمٍ العَبْدِيُّ, وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ, وَمَعْمَرٌ, وَحَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ, وَسَلاَّمُ بنُ أَبِي مُطِيْعٍ, وَصَالِحٌ المُرِّيُّ, وَحَمَّادُ بنُ زَيْدٍ, وَجَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ الضُّبَعِيُّ, وَنُوْحُ بن قيس, وسلام القارىء, وَمُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ بنِ عَطِيَّةَ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: لَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ حَدِيْثاً, وَقَالَ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ: ثِقَةٌ, عَابِدٌ, صَالِحٌ وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ثِقَةٌ بُلِيَ بِرُوَاةٍ ضُعَفَاءَ.
قَالَ ابْنُ شَوْذَبٍ: لَمْ يَكُنْ لِمُحَمَّدِ بنِ وَاسِعٍ عِبَادَةٌ ظَاهِرَةٌ, وَكَانَتِ الفُتْيَا إِلَى غَيْرِه, وَإِذَا قِيْلَ: مَنْ أَفْضَلُ أَهْلِ البَصْرَةِ? قِيْلَ: مُحَمَّدُ بنُ وَاسِعٍ.
قَالَ الأَصْمَعِيُّ: قَالَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ: مَا أَحَدٌ أُحبُّ أَنْ أَلْقَى اللهَ بِمِثْلِ صَحِيْفَتِه مِثْلَ مُحَمَّدِ بنِ وَاسِعٍ.
وَرَوَى مُعْتَمِرٌ، عَنْ أَبِيْهِ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً قَطُّ أَخشعَ مِنْ مُحَمَّدِ بنِ وَاسِعٍ. وَقَالَ جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ: كُنْتُ إذا وجدت من قلب قَسوَةً, غَدَوْتُ, فَنَظَرتُ إِلَى وَجْهِ مُحَمَّدِ بنِ وَاسِعٍ, كَانَ كَأَنَّهُ ثَكْلَى قَالَ حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: قَالَ رَجُلٌ لِمُحَمَّدِ بنِ وَاسِعٍ: أَوْصِنِي قَالَ: أُوْصِيْكَ أَنْ تَكُوْنَ مَلكاً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ قَالَ: كَيْفَ؟ قَالَ: ازْهَدْ فِي الدُّنْيَا.
وَعَنْهُ قَالَ: طُوْبَى لِمَنْ وَجدَ عَشَاءً, وَلَمْ يَجِدْ غَدَاءً, وَوَجَدَ غَدَاءً, وَلَمْ يَجِدْ عَشَاءً, وَاللهُ عَنْهُ رَاضٍ.
قَالَ ابْنُ شَوْذَبٍ: قسمَ أَمِيْرُ البَصْرَةِ عَلَى قُرَّائِهَا, فَبَعَثَ إِلَى مَالِكِ بنِ دِيْنَارٍ, فَأَخَذَ فَقَالَ لَهُ ابْنُ وَاسِعٍ: قَبِلتَ جَوَائِزَهم? قَالَ: سَلْ جُلَسَائِي. قَالُوا: يَا أَبَا بَكْرٍ! اشْتَرَى بِهَا رَقِيْقاً, فَأَعتقَهم. قَالَ: أَنْشُدُكَ اللهَ أَقَلْبُكَ السَّاعَةَ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ؟ قَالَ: اللَّهُمَّ لاَ, إِنَّمَا مَالكٌ حِمَارٌ, إِنَّمَا يَعْبُدُ اللهَ مِثْلُ مُحَمَّدِ بنِ وَاسِعٍ.
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: قَالَ ابْنُ وَاسِعٍ: لَوْ كَانَ لِلذُّنُوْبِ رِيْحٌ, مَا جَلَسَ إِلَيَّ أَحَدٌ.
قَالَ الأَصْمَعِيُّ: لَمَّا صَافَّ قُتَيْبَةُ بنُ مُسْلِمٍ لِلتُّركِ, وَهَالَهُ أَمرُهم, سَألَ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ وَاسِعٍ؟ فَقِيْلَ: هُوَ ذَاكَ فِي المَيْمَنَةِ, جَامحٌ عَلَى قَوسِهِ, يُبصبصُ بِأُصْبُعِهِ نَحْوَ السَّمَاءِ قَالَ: تِلْكَ الأُصْبُعُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مائَةِ أَلْفِ سَيْفٍ شَهِيْرٍ وَشَابٍّ طرِيْرٍ.

(6/270)


قَالَ حَزْمٌ القُطَعِيُّ: قَالَ ابْنُ وَاسِعٍ وَهُوَ فِي المَوْتِ: يَا إِخْوَتَاهُ! تَدرُوْنَ أَيْنَ يُذْهَبُ بِي? وَاللهِ إِلَى النَّارِ, أَوْ يَعْفُوَ اللهُ عَنِّي.
قَالَ ابْنُ شَوْذَبٍ: لَمْ يَكُنْ لَهُ كَثِيْرُ عِبَادَةٍ كَانَ يَلْبَسُ قَمِيْصاً بَصْرِياً, وَسَاجاً.
قَالَ مَطَرٌ الوَرَّاقُ: لاَ نَزَالُ بِخَيْرٍ مَا بَقِيَ لَنَا أَشْيَاخُنَا: مَالِكُ بنُ دِيْنَارٍ, وَثَابِتٌ البُنَانِيُّ, وَمُحَمَّدُ بنُ وَاسِعٍ.
قَالَ جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ: قَالَ مُحَمَّدُ بنُ وَاسِعٍ: إِنِّي لأَغبِطُ رَجُلاً مَعَهُ دِيْنُهُ, وَمَا مَعَهُ مِنَ الدُّنْيَا شَيْءٌ وَهُوَ رَاضٍ.
وَعَنِ ابْنِ وَاسِعٍ, قَالَ: إِذَا أَقْبَلَ العَبْدُ بِقَلْبِهِ عَلَى اللهِ, أَقْبَلَ اللهُ بِقُلُوْبِ العِبَادِ عَلَيْهِ. وَقَالَ يَكفِي مِنَ الدُّعَاءِ مَعَ الوَرَعِ يَسِيْرُ العَمَلِ.
رَوَى هِشَامُ بن حسان، عن محمد بن واسع: وقيل لَهُ: كَيْفَ أَصْبَحتَ? قَالَ: قَرِيْباً أَجَلِي بَعِيْداً أَمَلِي, سَيِّئاً عَمَلِي.
وَقِيْلَ: اشْتكَى رَجُلٌ مِنْ وَلَدِ مُحَمَّدِ بنِ وَاسِعٍ إِلَيْهِ فَقَالَ لِوَلَدِهِ: تَسْتطِيلُ عَلَى النَّاسِ, وَأُمُّكَ اشْترَيتُهَا بِأَرْبَعِ مائَةِ دِرْهَمٍ وَأَبُوْكَ فَلاَ كثَّرَ اللهُ فِي المُسْلِمِيْنَ مِثْلَهُ!.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ قَالَ لِرَجُلٍ: هَلْ أَبكَاكَ قَطُّ سَابقُ عِلْمِ اللهِ فِيْكَ?
وَعَنْ أَبِي الطَّيِّبِ مُوْسَى بنِ يَسَارٍ, قَالَ: صَحِبتُ مُحَمَّدَ بنَ وَاسِعٍ إِلَى مَكَّةَ, فَكَانَ يُصَلِّي اللَّيْلَ أجمعه يصلي في المحمل جالسا ويومىء.
وَقِيْلَ: إِنَّ حَوْشَباً قَالَ لِمَالِكِ بنِ دِيْنَارٍ: رَأَيْتُ كَأَنَّ مُنَادِياً يُنَادِي الرَّحِيْلَ الرَّحِيْلَ فَمَا ارْتَحلَ إلَّا مُحَمَّدُ بنُ وَاسِعٍ فَبَكَى مَالِكٌ, وخر مغشيا عليه.
قَالَ مُضَرُ: كَانَ الحَسَنُ يُسَمِّي مُحَمَّدَ بنَ وَاسِعٍ: زَيْنَ القُرَّاءِ.
وَعَنِ ابْنِ وَاسِعٍ: إِنَّ الرَّجُلَ لَيَبكِي عِشْرِيْنَ سَنَةً, وَامْرَأَتُهُ مَعَهُ لاَ تَعْلَمُ.
أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الدَّوْرَقِيُّ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى, حَدَّثَنِي مَخْلَدُ بنُ الحُسَيْنِ، عَنْ هِشَامٍ, قَالَ: دَعَا مَالِكُ بنُ المُنْذِرِ الوَالِي مُحَمَّدَ بنَ وَاسِعٍ, فَقَالَ: اجْلِسْ عَلَى القَضَاءِ, فَأَبَى فَعَاوَدَهُ, وَقَالَ: لَتَجلِسَنَّ أَوْ لأَجْلِدَنَّكَ ثَلاَثَ مائَةٍ. قَالَ: إِنْ تَفْعَلْ, فَإِنَّك مُسلَّطٌ, وَإِنَّ ذَلِيْلَ الدُّنْيَا خَيْرٌ مِنْ ذَلِيْلِ الآخِرَةِ.
قَالَ: وَدَعَاهُ بَعْضُ الأُمَرَاءِ, فَأَرَادَهُ عَلَى بَعْضِ الأَمْرِ, فَأَبَى, فَقَالَ: إِنَّكَ أَحْمَقٌ. قَالَ مُحَمَّدٌ: مَا زِلْتُ يُقَالُ لِي هَذَا مُنْذُ أَنَا صَغِيْرٌ.

(6/271)


وَرَوَى أَنَّ قَاصّاً كَانَ يَقرَبُ مُحَمَّدَ بنَ واسع, فقال: مالي أَرَى القُلُوْبَ لاَ تَخشعُ. وَالعُيُوْنَ لاَ تَدمعُ, وَالجُلُوْدَ لاَ تَقشَعِرُّ? فَقَالَ مُحَمَّدٌ: يَا فُلاَنُ! مَا أَرَى القَوْمَ أَتَوْا إلَّا مِنْ قِبَلِكَ, إِنَّ الذِّكْرَ إِذَا خَرَجَ مِنَ القَلْبِ وَقَعَ عَلَى القَلْبِ.
وَقِيْلَ: كَانَ مُحَمَّدُ بنُ وَاسِعٍ يَسرُدُ الصَّوْمَ وَيُخْفِيْهِ. قَالَ سَعِيْدُ بنُ عَامِرٍ: دَخَلَ مُحَمَّدُ بنُ وَاسِعٍ عَلَى الأَمِيْرِ بِلاَلِ بنِ أَبِي بُرْدَةَ, فَدَعَاهُ إِلَى طَعَامِهِ فَاعْتلَّ عَلَيْهِ, فَغَضِبَ, وَقَالَ: إِنِّي أُرَاكَ تَكرَهُ طَعَامَنَا. قَالَ: لاَ تَقُلْ ذَاكَ أَيُّهَا الأَمِيْرُ فَوَاللهِ لَخِيَارُكم أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْ أَبنَائِنَا.
أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ أَبِي الخَيْرِ، عَنْ أَبِي المَكَارِمِ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ, حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ, حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عبد الله, حدثنا مسلم ابن إِبْرَاهِيْمَ, حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُسْلِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بن واسع، عن مطرف ابن عَبْدِ اللهِ، عَنْ عِمْرَانَ بنِ حُصَيْنٍ قَالَ: "تَمتَّعنَا مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَرَّتَيْنِ فَقَالَ رَجُلٌ بِرَأْيِهِ مَا شَاءَ"1.
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ, مِنْ طَرِيْقِ إِسْمَاعِيْلَ هَذَا.
قَالَ جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ, وَخَلِيْفَةُ بنُ خَيَّاطٍ: تُوُفِّيَ مُحَمَّدُ بنُ وَاسِعٍ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ. وَقَالَ بَعْضُ وَلَدِ مُحَمَّدِ بنِ وَاسِعٍ: مَاتَ سنة سبع وعشرين ومائة.
__________
1 صحيح: أخرجه مسلم "1226" "171"، والنسائي "5/ 150"، وأبو نعيم في "الحلية" "2/ 355" من طريق إسماعيل بن مسلم، حدثني محمد بن واسع، به.

(6/272)


المختار بن فُلْفُل، إبراهيم بن مَيْسرة:
865- المُخْتَارُ بنُ فُلْفُلٍ 1: "م، د، ت، س"
كُوْفِيٌّ, ثِقَةٌ, بَكَّاءٌ, عَابِدٌ. عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ, وَإِبْرَاهِيْمَ التَّيْمِيِّ. وَعَنْهُ: الثَّوْرِيُّ, وَجَرِيْرٌ الضَّبِّيُّ, وَابْنُ إِدْرِيْسَ, وَحَفْصُ بنُ غِيَاثٍ, وَمُحَمَّدُ بنُ فُضَيْلٍ, وَجَمَاعَةٌ, وَثَّقَهُ أَحْمَدُ, وَغَيْرُهُ. عَاشَ: إِلَى حُدُوْدِ سَنَةِ أَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ.
866- إِبْرَاهِيْمُ بنُ مَيْسرَةَ 2: "ع"
الطائفي, الفَقِيْهُ, نَزِيْلُ مَكَّةَ حَدَّثَ عَنْ: أَنَسِ بنِ مالك, وعمرو بن الشريد, وطاووس, وغيرهم.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "7/ ترجمة 1670"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 650" و"3/ 151"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 1432"، الكاشف "3/ ترجمة 5428"، تاريخ الإسلام "5/ 298"، ميزان الاعتدال "4/ 80"، تهذيب التهذيب "10/ 68"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 6893".
2 ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 1031"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 423"، تهذيب التهذيب "1/ 172"، شذرات الذهب "1/ 189".

(6/272)


وعنه: شعبة, وابن جريح, وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ, وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ.
قَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: لَهُ نَحْوٌ مِنْ سِتِّيْنَ حَدِيْثاً. قَالَ الحُمَيْدِيُّ: قَالَ سُفْيَانُ: أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيْمُ بنُ مَيْسَرَةَ, مَنْ لَمْ تَرَ -وَاللهِ عَيْنَاكَ مِثْلَه. وَقِيْلَ: إنه وفد على عمر ابن عَبْدِ العَزِيْزِ.
قَالَ أَبُو مُسْلِمٍ المُسْتَمْلِي: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ, قَالَ: كَانَ عَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ يُحَدِّثُ بِالمَعَانِي, وَكَانَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مَيْسَرَةَ يُحَدِّثُ كما سمع, كان فقيهًا.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: قُلْتُ لِسُفْيَانَ: أَيْنَ كان حفظ إبراهيم بن ميسرة عن طاوس, مِنْ حِفْظِ ابْنِ طَاوُوْسٍ? قَالَ: لَوْ شِئْتُ لَقُلْتُ لَكَ: إِنِّي أُقَدِّمُ عَلَيْهِ إِبْرَاهِيْمَ فِي الحِفْظِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ, وَيَحْيَى: ثِقَةٌ. قَالَ المَدِيْنِيُّ: تُوُفِّيَ قَرِيْباً مِنْ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وثلاثين ومائة.

(6/273)


بيان بن بشر، يعقوب بن عُتْبة:
867- بيان بن بشر 1: "ع"
الإِمَامُ, الثِّقَةُ, المُؤَدِّبُ, أَبُو بِشْرٍ الأَحْمَسِيُّ, الكُوْفِيُّ.
عَنْ: أَنَسِ بنِ مَالِكٍ, وَطَارِقِ بنِ شِهَابٍ, وَقَيْسِ بنِ أَبِي حَازِمٍ, وَالشَّعْبِيِّ, وَجَمَاعَةٍ.
رَوَى عَنْهُ: زَائِدَةُ, وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ, وَابْنُ فُضَيْلٍ, وَعَبِيْدَةُ بنُ حُمَيْدٍ, وَعَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ, وَآخَرُوْنَ لَهُ نَحْوٌ مِنْ سَبْعِيْنَ حَدِيْثاً, وَهُوَ حجة بلا تردد.
868- يعقوب بن عتبة 2: "د، س، ق"
ابن المغيرة بن الأخنس بن شريق الثقفي, المدني أَحَدُ العُلَمَاءِ بِالسِّيْرَةِ.
رَوَى عَنْ: عُرْوَةَ, وَعِكْرِمَةَ, وَيَزِيْدَ بنِ هُرْمُزَ. وَرَأَى: السَّائِبَ بنَ يَزِيْدَ. وَعَنْهُ: ابْنُ إِسْحَاقَ, وَابْنُ المَاجَشُوْنِ, وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعْدٍ, وَالوَلِيْدُ بنُ مُسَافِرٍ, وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ ذَا عِلْمٍ وَوَرَعٍ, يَنْظُرُ فِي أَمرِ الصَّدَقَاتِ. وَثَّقَهُ: ابْنُ مَعِيْنٍ, وَغَيْرُهُ. تُوُفِّيَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ ومائة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 331"، والتاريخ الكبير "2/ ترجمة 1947"، الجرح والتعديل "2 ترجمة 1687"، تهذيب التهذيب "1/ 506".
2 ترجمته في التاريخ الكبير "8/ ترجمة 3434"، والجرح والتعديل "9/ ترجمة 883"، الكاشف "3/ ترجمة 6505"، تاريخ الإسلام "5/ 190"، تهذيب التهذيب "11/ 392".

(6/273)


869- عبد الله بن أبي نجيح 1: "ع"
الإِمَامُ, الثِّقَةُ, المُفَسِّرُ, أَبُو يَسَارٍ الثَّقَفِيُّ, المَكِّيُّ. وَاسْمُ أَبِيْهِ: يَسَارٌ, مَوْلَى الأَخْنَسِ بنِ شُرَيْقٍ الصَّحَابِيِّ.
حَدَّثَ عَنْ: مُجَاهِدٍ, وَطَاوُوْسٍ, وَعَطَاءٍ, وَنَحْوِهِم. وَلَمْ أَجِدْ لَهُ شَيْئاً عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: شُعْبَةُ, وَالثَّوْرِيُّ, وَعَبْدُ الوَارِثِ, وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ, وَابْنُ عُلَيَّةَ, وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ, وَغَيْرُهُ, إلَّا أَنَّهُ دَخَلَ فِي القَدَرِ. قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: هُوَ مُفْتِي أَهْلِ مَكَّةَ بَعْدَ عَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ.
وَكَانَ جَمِيْلاً, فَصِيْحاً, حَسَنَ الوَجْهِ, لَمْ يَتَزَوَّجْ قَطُّ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ القَطَّانِ: كَانَ مُعْتَزِلِياً.
وَقَالَ يَعْقُوْبُ السَّدُوْسِيُّ: هُوَ ثِقَةٌ قَدَرِيٌّ.
قَالَ البُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا الفَضْلُ بنُ مُقَاتِلٍ, حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ كَيْسَانَ قَالَ: مَكَثَ ابْنُ أَبِي نَجِيْحٍ ثَلاَثِيْنَ سَنَةً لاَ يَتَكَلَّمُ بِكَلِمَةٍ يؤذي بها جليسه.
وَقَالَ يَحْيَى القَطَّانُ أَيْضاً: أَخْبَرَنِي ابْنُ المُؤَمَّلِ، عَنِ ابْنِ صَفْوَانَ, قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ أَبِي نَجِيْحٍ: أَدْعُوكَ إِلَى رَأْيِ الحَسَنِ يَعْنِي: القَدَرَ.
وَعَنْ بَعْضِهِم قَالَ: لَمْ يَسْمَعِ ابْنُ أَبِي نَجِيْحٍ كُلَّ التَّفْسِيْرِ مِنْ مُجَاهِدٍ. قُلْتُ: هُوَ مِنْ أَخَصِّ النَّاسِ بِمُجَاهِدٍ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ: كَانَ يُتَّهَمُ بِالاعْتِزَالِ, وَالقَدَرِ. وَقَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: كَانَ يَرَى الاعْتِزَالَ وَقَالَ أَحْمَدُ: أَفْسَدُوْهُ بِأَخَرَةٍ وَكَانَ جَالَسَ عَمْرَو بنَ عُبَيْدٍ. وَقَالَ عَلِيٌّ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ يَقُوْلُ: كَانَ ابْنُ أَبِي نَجِيْحٍ مِنْ رُؤُوْسِ الدُّعَاةِ.
قَالَ عَلِيٌّ: أَمَّا التَّفْسِيْرُ, فَهُوَ فِيْهِ ثِقَةٌ يَعْلَمُه قَدْ قَفَزَ القَنطَرَةَ وَاحْتَجَّ بِهِ أَربَابُ الصِّحَاحِ وَلَعَلَّهُ رَجَعَ، عَنِ البِدعَةِ, وَقَدْ رَأَى القَدَرَ جَمَاعَةٌ مِنَ الثِّقَاتِ وَأَخْطَؤُوا. نَسْأَلُ اللهَ العَفْوَ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ. ظَهرَ لَهُ مِنَ المرفوع نحو مائة حديث.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 483"، التاريخ الكبير "5/ ترجمة 767"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 135"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 947"، الكاشف "2/ ترجمة 3059"، ميزان الاعتدال "2/ 151"، تهذيب التهذيب "6/ 54"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3863" شذرات الذهب "1/ 182".

(6/274)


870- مطرف بن طريف 1: "ع"
الإِمَامُ, المُحَدِّثُ, القُدْوَةُ, أَبُو بَكْرٍ -وَيُقَالُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ- الكُوْفِيُّ, الحَارِثِيُّ. وَيُقَالُ: الخَارِفِيُّ, وَأَحَدُهُمَا تَصحِيْفٌ.
حَدَّثَ عَنْ: الشَّعْبِيِّ, وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى, وَالمِنْهَالِ بنِ عَمْرٍو, وَالحَكَمِ, وَحَبِيْبِ بنِ أَبِي ثَابِتٍ, وَسَوَادَةَ بنِ أَبِي الجَعْدِ, وَخَالِدِ بنِ أَبِي نَوْفٍ, وَزَيْدٍ العَمِّيِّ, وَسَلَمَةَ بنِ كُهَيْلٍ, وَعَطَاءِ بنِ نَافِعٍ, وَأَبِي السَّفَرِ سَعِيْدِ بنِ يُحْمِدَ, وَعَطِيَّةَ العَوْفِيِّ, وَأَبِي إِسْحَاقَ, وَخَلْقٍ عِدَادُهُ فِي صِغَارِ التَّابِعِيْنَ, وَلَمْ أَظفَرْ لَهُ بِشَيْءٍ عَنْ صَاحِبٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ, وَأَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ, وَأَبُو حَمْزَةَ السُّكَّرِيُّ, وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ مُسْلِمٍ, وَزُهَيْرُ بنُ مُعَاوِيَةَ, وَأَبُو عَوَانَةَ, وَهُشَيْمٌ, وَأَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ, وَعَبْثَرُ بنُ القَاسِمِ, وَخَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ, وَجَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ, وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ زَكَرِيَّا, وَعَبِيْدَةُ بنُ حُمَيْدٍ, وَابْنُ فُضَيْلٍ, وَمُوْسَى بنُ أَعَيْنَ, وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ, وَعَلِيُّ بنُ مُسْهِرٍ, وَابْنُ إِدْرِيْسَ, وَأَسْبَاطُ بنُ مُحَمَّدٍ, وَسَعْدُ بنُ الصَّلْتِ, وَعَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ, وَزُفَرُ بنُ الهُذَيْلِ, وَالقَاضِي أَبُو يُوْسُفَ, وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَثَّقَهُ أَحْمَدُ, وَأَبُو حَاتِمٍ, وَأَبُو دَاوُدَ, وَجَمَاعَةٌ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قُلْتُ: لأَحْمَدَ أَصْحَابُ الشَّعْبِيِّ مَنْ أَحَبُّهُمْ إِلَيْكَ? قَالَ: لَيْسَ عِنْدِي فِيْهِم مِثْلُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي خَالِدٍ. قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ? قَالَ: مُطَرِّفٌ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: مَا كَانَ ابْنُ عيينة بأحد أشد إعجابا منه بمطرف.
وَقَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ, حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ, وَكَانَ ثِقَةً.
وَرَوَى مُحَمَّدُ بنُ عَمْرِو بنِ العَبَّاسِ البَاهِلِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ: قَالَ مُطَرِّفُ بنُ طَرِيْفٍ: مَا يَسُرُّنِي أَنِّي كَذَبتُ كذبة, وأني لي الدنيا وما فيها.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 345"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 1734"، الكنى للدولابي "2/ 68"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 1448"، الكاشف "3/ ترجمة 5575"، العبر "1/ 195"، تاريخ الإسلام "6/ 131"، تهذيب التهذيب "10/ 172"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7034"، شذرات الذهب "212".

(6/275)


وَقَالَ حُسَيْنٌ الجُعْفِيُّ: عَنْ ذَوَّادِ بنِ عُلْبَةَ, قَالَ: مَا أَعْرِفُ عَرَبِيّاً وَلاَ أَعْجَمِياً أَفْضَلَ مِنْ مُطَرِّفِ بنِ طَرِيْفٍ.
قَالَ أَبُو حَفْصٍ الفَلاَّسُ, وَأَبُو عِيْسَى التِّرْمِذِيُّ: مَاتَ مُطَرِّفٌ سنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ. وَقَالَ البُخَارِيُّ قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي الأَسْوَدِ: عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ البَجَلِيِّ: مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى, أَوِ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ. وَقِيْلَ: سنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ.

(6/276)


إسماعيل بن محمد، يزيد بن أبي زياد:
871- إسماعيل بن محمد 1: "خ، م، ت، س، ق"
ابْنِ صَاحِبِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سعد بن أبي وقاص الزهري الإِمَامُ, الثَّبْتُ, أَبُو مُحَمَّدٍ المَدَنِيُّ عِدَادُهُ فِي صِغَارِ التَّابِعِيْنَ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ وَعَمَّيْهِ, عَامِرٍ, وَمُصْعَبٍ, وَأَنَسِ بنِ مَالِكٍ, وَطَائِفَةٍ.
رَوَى عَنْهُ صَالِحُ بنُ ,كَيْسَانَ وَمَالِكٌ, وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ, وَجَمَاعَةٌ.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ, حُجَّةٌ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: كَانَ مِنْ أَرْفَعِ هَؤُلاَءِ.
وَقَالَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: كَانَ مِنْ فُقَهَاءِ المَدِيْنَةِ.
قُلْتُ: فَتَكَ الحَجَّاجُ بِوَالِدِهِ مُحَمَّدٍ, لِقِيَامِه مع ابن الاشعث, وأسر هذا, فَبَعَثَ بِهِ الحَجَّاجُ إِلَى عَبْدِ المَلِكِ بنِ مَرْوَانَ, فَعَفَا عَنْهُ لِكَوْنِهِ لَمْ يَكُنْ أَنْبَتَ2 تُوُفِّيَ: فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ.
872- يَزِيْدُ بن أبي زياد 3: "4، م، قَرَنَهُ، خت"
الإِمَامُ, المُحَدِّثُ, أَبُو عَبْدِ اللهِ الهَاشِمِيُّ مَوْلاَهُم, الكُوْفِيُّ, مَوْلَى عَبْدِ اللهِ ابن الحَارِثِ بنِ نَوْفَلٍ مَعْدُوْدٌ فِي صِغَارِ التَّابِعِيْنَ.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 1174"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 658"، تاريخ الإسلام "5/ 227"، تهذيب التهذيب "1/ 329".
2 أي: كان دون سن البلوغ، لنه لم تنبت شعر عانته.
3 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 340"، التاريخ الكبير "8/ ترجمة 3220"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "3/ 81"، الجرح والتعديل "9/ ترجمة 1114"، المجروحين لابن حبان "3/ 99"، الكاشف "3/ ترجمة 6417"، تاريخ الإسلام "5/ 313"، ميزان الاعتدال "4/ 423-425"، تهذيب التهذيب "11/ 329"، شذرات الذهب "1/ 206".

(6/276)


قُلْتُ: رَأَى أَنَساً, وَرَوَى عَنْ: مَوْلاَهُ, عَبْدِ اللهِ, وَأَبِي جُحَيْفَةَ السُّوَائِيِّ -إِنْ صَحَّ- وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى, وَعَبْدُ اللهِ بنُ شَدَّادِ بنِ الهَادِ وَعَمْرِو بنِ سَلَمَةَ الهَمْدَانِيِّ لاَ الجَرْمِيِّ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ مَعْقِلِ بنِ مُقَرِّنٍ, وَمُجَاهِدٍ, وَعِكْرِمَةَ, وَعَطَاءٍ, وَأَبِي صَالِحٍ ذَكْوَانَ, وَسَالِمِ بنِ أَبِي الجَعْدِ, وَأَبِي فَاخِتَةَ سَعِيْدِ بنِ عِلاَقَةَ, وَمِقْسَمٍ, وَإِبْرَاهِيْمَ النَّخَعِيِّ, وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي نُعْمٍ, وَطَائِفَةٍ, وَيَنْزِلُ إِلَى عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَقِيْلٍ.
وَكَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ, وَلَيْسَ هُوَ بِالمُتقِنِ, فَلِذَا لَمْ يَحْتَجَّ بِهِ الشَّيْخَانِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: شُعْبَةُ, وَالثَّوْرِيُّ, وَأَبُو حَمْزَةَ السُّكَّرِيُّ, وَمَنْصُوْرُ بنُ أَبِي الأَسْوَدِ, وَزَائِدَةُ, وَقَيْسٌ, وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ مُسْلِمٍ, وَحِبَّانُ بنُ عَلِيٍّ, وَشَرِيْكٌ وَهُشَيْمٌ, وَابْنُ عُيَيْنَةَ, وَعَلِيُّ بنُ مُسْهِرٍ, وَابْنُ فُضَيْلٍ, وَأَبُو عَوَانَةَ وَجَرِيْرُ بن عَبْد الحَمِيْدِ وَخَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ, وَأَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ, وَزِيَادٌ البَكَّائِيُّ, وَعَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ, وَابْنُ إِدْرِيْسَ, وَابْنُ نُمَيْرٍ, وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَرَوَى عَنْهُ مِنْ أَقْرَانِهِ: إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ.
قَالَ شُعْبَةُ: كَانَ رَفَّاعاً -يَعْنِي: الآثَارَ الَّتِي هِيَ مِنْ أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ يَرْفَعُهَا-. وَقَالَ ابْنُ فُضَيْلٍ: كَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الشِّيْعَةِ الكِبَارِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: لَمْ يَكُنْ بِالحَافِظِ. وَرَوَى: عَبَّاسٌ، عَنْ يَحْيَى: لاَ يُحْتَجُّ بِحَدِيْثِهِ.
رَوَى عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ، عَنْ يَحْيَى: لَيْسَ بِالقَوِيِّ. وَرَوَى: أَبُو يَعْلَى، عَنْ يَحْيَى ضَعِيْفُ الحَدِيْثِ. وَقَالَ العِجْلِيُّ: جَائِزُ الحَدِيْثِ. كَانَ بِأَخَرَةٍ يُلَقِّنُ, وَأَخُوْهُ بُرْدٌ: ثِقَةٌ.
وَرَوَى عُثْمَانُ بنُ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ جَرِيْرٍ, قَالَ: كَانَ أَحْسَنَ حِفْظاً مِنْ عَطَاءِ بنِ السَّائِبِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: مَا أَقْرَبَهُمَا! وذَكَرَهُ ابْنُ المُبَارَكِ فَقَالَ: ارْمِ بِهِ.
وَقَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: لَيْثُ بنُ أَبِي سُلَيْمٍ, وَعَطَاءُ بنُ السَّائِبِ, وَيَزِيْدُ بنُ أَبِي زِيَادٍ, لَيْثٌ أَحْسَنُهُم حَالاً.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لَيِّنٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِالقَوِيِّ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: لاَ أَعْلَمُ أَحَداً تَرَكَ حَدِيْثَه. وَقَالَ الجُوْزَجَانِيُّ: سَمِعْتُهُم يُضَعِّفُوْنَ حَدِيْثَه. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: هُوَ مِنْ شِيْعَةِ أَهْلِ الكُوْفَةِ, وَمَعَ ضَعْفِه يُكْتَبُ حَدِيْثُه.
وَقَدْ عَلَّقَ البُخَارِيُّ لَهُ لَفظَةً, فَقَالَ: قَالَ جَرِيْرٌ، عَنْ يَزِيْدَ: القَسِّيَّةُ: ثباب مُضَلَّعَةٌ. وَقَدْ رَوَى لَهُ: مُسْلِمٌ فَقَرَنَه بِآخَرَ مَعَهُ. وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ: شُعْبَةُ مَعَ بَرَاعتِه فِي نَقدِ الرِّجَالِ.
وَرَوَى عَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ -وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ- عَنْ شُعْبَةَ قَالَ: مَا أُبَالِي إِذَا كَتَبتُ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ أَبِي زِيَادٍ أَنْ لاَ أَكْتُبَه، عَنْ أَحَدٍ. وَقَدْ خَرَّجَ لَهُ: التِّرْمِذِيُّ, وَحَسَّنَ لَهُ مَا رَوَاهُ مَنْ طريق هشيم:

(6/277)


أَنْبَأَنَا يَزِيْدُ بنُ أَبِي زِيَادٍ, حَدَّثَنَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي نُعْمٍ، عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سُئِلَ عَمَّا يَقْتُلُ المُحْرِمُ, قَالَ: "الحَيَّةَ وَالعَقْرَبَ وَالفُوَيْسِقَةَ وَيَرْمِي الغُرَابَ وَلاَ يَقْتُلْهُ وَالكَلْبَ العَقُوْرَ وَالحِدَأَةَ وَالسَّبُعَ العَادِي"1. وَأَخْرَجَهُ: أَبُو دَاوُدَ أَيْضاً, وَهَذَا خَبَرٌ مُنْكَرٌ.
ابْنُ فُضَيْلٍ: حَدَّثَنَا يَزِيْدُ، عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ عَمْرِو بنِ الأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي بَرْزَةَ, قَالَ: تَغَنَّى مُعَاوِيَةُ وَعَمْرُو بنُ العَاصِ, فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُمَّ أَرْكِسْهُمَا فِي الفِتْنَةِ رَكْساً, وَدُعَّهُمَا فِي النَّارِ دَعّاً"2. وَهَذَا أَيْضاً مُنْكَرٌ.
وَأُنكَرَ مِنْهُ حَدِيْثُ الرَّايَاتِ, فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ العُقَيْلِيُّ: حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ, حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ عَوْنٍ، أَنْبَأَنَا خَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: كُنَّا جُلُوْساً عِنْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذْ جَاءهُ فِتْيَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ فَتَغَيَّرَ لَوْنُهُ فَقُلْنَا: يَا رَسُوْلَ اللهِ إِنَّا لاَ نَزَالُ نَرَى فِي وَجْهِكَ الشَّيْءَ تَكرَهُهُ? فَقَالَ: "إِنَّا أَهْلَ بَيْتٍ اخْتَارَ اللهُ لَنَا الآخِرَةَ عَلَى الدُّنْيَا وَإِنَّ أَهْلَ بَيْتِي سَيَلْقَوْنَ بَعْدِي تَطْرِيْداً وَتَشْرِيْداً حَتَّى يَجِيْءَ قَوْمٌ مِنْ هَا هُنَا وَأَوْمَأَ نَحْوَ المَشْرِقِ أَصْحَابُ رَايَاتٍ سُوْدٍ يَسْأَلُوْنَ الحَقَّ وَلاَ يعطونه مرتين أو ثلاثًا فَيُقَاتِلُوْنَ فَيُعْطَوْنَ مَا سَأَلُوا فَلاَ يَقْبَلُوْنَ حَتَّى يَدْفَعُوْهَا إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يَمْلَؤُهَا عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً, فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُم فَلْيَأْتِهِ وَلَوْ حَبْواً عَلَى الثَّلْجِ"3. قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: حَدِيْثُه فِي الرَّايَاتِ لَيْسَ بِشَيْءٍ.
قُلْتُ: وَقَدْ رَوَاهُ عَنْهُ أَيْضاً: مُحَمَّدُ بنُ فُضَيْلٍ. قَالَ الحَافِظُ أَبُو قُدَامَةَ السَّرْخَسِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ, قَالَ: حَدِيْثُ يَزِيْدَ عَنْ إِبْرَاهِيْمَ فِي الرَّايَاتِ, لَوْ حَلَفَ عِنْدِي خَمْسِيْنَ يَمِيْناً قَسَامَةً مَا صَدَّقْتُهُ قُلْتُ: مَعْذُورٌ -وَاللهِ- أَبُو أُسَامَةَ, وَأَنَا قَائِلٌ كَذَلِكَ, فَإِنَّ مَنْ قَبْلَه وَمَنْ بَعْدَهُ أَئِمَّةٌ أَثْبَاتٌ, فَالآفَةُ منه عمدا أو خطأ.
__________
1 ضعيف: أخرجه أبو داود "1848"، والترمذي "838"، وآفته يزيد بن أبي زياد وهو ضعيف. وقوله: "ويرمي الغراب ولا يقتله" منكر.
2 منكر: أخرجه أحمد "4/ 421" من طريق يزيد، عن سليمان بن عمرو بن الأحوص، به. إلا أنه قال فلان وفلان بدل معاوية وعمرو بن العاص.
قلت: إسناده ضعيف، فيه علتان: الأولى يزيد بن أبي زياد، ضعيف. العلة الثانية: سليمان بن عمرو بن الأحوص، مجهول.
3 ضعيف: أخرجه ابن ماجه "4082"، من طريق علي بن صالح، عن يزيد بن أبي زياد، به.
قلت: آفته يزيد بن أبي زياد، فإنه ضعيف.

(6/278)


مُحَمَّدُ بنُ آدَمَ المَصِّيْصِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ سُلَيْمَانَ الرَّازِيُّ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو مَرْفُوْعاً, قَالَ: "مَنْ شَرِبَ الخَمْرَ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاَةٌ سَبْعاً فَإِنْ مَاتَ فِيْهِنَّ مَاتَ كَافِراً وَإِنْ هِيَ أَذْهَبَتْ عَقْلَهُ، عَنْ شَيْءٍ مِنَ القُرْآنِ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاَةٌ أَرْبَعِيْنَ يَوْماً وَإِنْ مَاتَ فِيْهِنَّ مَاتَ كَافِراً"1. وَهَذَا أَيْضاً شِبْهُ مَوْضُوْعٍ, وَلَوْ عَلِمَ شُعْبَةُ أَنَّ يَزِيْدَ حَدَّثَ بِهَذِهِ البَوَاطِيْلِ لَمَا رَوَى عَنْهُ كَلِمَةً.
رَوَى جَرِيرٌ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ أَبِي زِيَادٍ, قَالَ: قُتِلَ الحُسَيْنُ, وَأَنَا ابْنُ أربع عشرة سَنَةً, أَوْ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً. وَقَالَ مُطَيَّنٌ2 مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ.
قُلْتُ: فَعَلَى هَذَا عَاشَ نَحْواً مِنْ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
__________
1 باطل: أخرجه النسائي "8/ 316"، من طريق ابن فضيل، عن يزيد بن أبي زياد، به.
قلت: وآفته هي هي الآفة السابقة، والخبر كذب لا يصدق به من له اطلاع على كتب السنة المشرفة، ومن نور الله بصيرته بقراءة عقيدة أهل السنة والجماعة.
2 هو: محدث الكوفة الشيخ الصادق، أَبُو جَعْفَرٍ، مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ سليمان الحضرمي الملقب بمطين، سئل عنه الدارقطني فقال: ثقة جبل. عاش خمسا وتسعين سنة.

(6/279)


873- يزيد بن أبي سمية 1: "د"
المُحَدِّثُ, أَبُو صَخْرٍ الأَيْلِيُّ.
يَرْوِي عَنِ: ابْنِ عُمَرَ, وَأَبِي بَكْرٍ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, وَعُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ.
وَعَنْهُ: حُسَيْنُ بنُ رُسْتُمَ, وَعَبْدُ الجَبَّارِ بنُ عُمَرَ, وَسَعْدَانُ بنُ سَالِمٍ الأَيْلِيُّوْنَ, وَهِشَامُ بنُ سَعْدٍ, وَآخَرُوْنَ.
وَلَهُ وِفَادَةٌ عَلَى عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ, وَكَانَ مِنَ العُلَمَاءِ الصَّادِقِيْنَ البَكَّائِينَ.
وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ. وَقَالَ الوَاقِدِيُّ: كَانَ مِنَ العُبَّادِ يُصَلِّي اللَّيلَ كُلَّه وَيَبْكِي, وَكَانَ مَعَهُ فِي الدَّارِ يَهُوْدِيَّةٌ, فَتَبكِي رَحْمَةً لَهُ. فَقَالَ مَرَّةً فِي دُعَائِهِ: اللَّهُمَّ هَذِهِ يَهُوْدِيَّةٌ بَكَتْ رَحْمَةً لِي, وَدِيْنُهَا مخالف لديني, فأنت أولى برحمتي.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 519"، التاريخ الكبير "8/ ترجمة 3232"، الجرح والتعديل "9/ ترجمة 1130"، الكاشف "3/ ترجمة 425"، تهذيب التهذيب "11/ 334".

(6/279)


874- عمر بن أبي سلمة 1: "4"
ابن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ الزُّهْرِيُّ, المَدَنِيُّ, الفَقِيْهُ. مكثر عن والده. رَوَى عَنْهُ: مِسْعَرٌ, وَأَبُو عَوَانَةَ, وَهُشَيْمٌ, وَآخَرُوْنَ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هُوَ عِنْدِي صَالِحٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالقَوِيِّ. وَقَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: لاَ يُحْتَجُّ بِحَدِيْثِهِ.
قُلْتُ: اسْتَشْهَدَ بِهِ البُخَارِيُّ. وَرَوَى: أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ، عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: أَيْضاً هُوَ ضَعِيْفٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ أَيْضاً: لاَ يُحْتَجُّ بِهِ.
قُلْتُ: قَدْ كَانَ قَامَ مَعَ ابْنِ أُخْتٍ لَهُ أُمَوِيٍّ فِي مَبدَأِ دَوْلَةِ بَنِي العَبَّاسِ فَلَمْ يَتِمَّ لَهُ أَمرٌ, وَظَفِرَ عَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيٍّ عَمُّ السَّفَّاحِ, فَقَتَلَ عُمَرَ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ. وَقَدْ عَلَّقَ لَهُ البُخَارِيُّ فِي "صَحِيْحِهِ"2 قِصَّةَ جُرَيْجٍ وَالرَّاعِي, فَقَالَ: وَقَالَ عُمَرُ بنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيْهِ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَافِظِ بنُ بَدْرَانَ, وَيُوْسُفُ بنُ أَحْمَدَ قَالاَ: أَنْبَأَنَا مُوْسَى بنُ عَبْدِ القَادِرِ، أَنْبَأَنَا سَعِيْدُ بنُ البَنَّاءِ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ، أَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِرٍ المُخَلِّصُ, حَدَّثَنَا البَغَوِيُّ, حَدَّثَنَا العَبَّاسُ بنُ الوَلِيْدِ النَّرْسِيُّ, حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عُمَرَ بنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "غَيِّرُوا الشَّيْبَ وَلاَ تَشَبَّهُوا بِاليَهُوْدِ وَالنَّصَارَى" صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ3 مِنْ حديث أبي عوانة.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2054"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 635"، والكاشف "2/ ترجمة 4129"، ميزان الاعتدال "3/ ترجمة 6127"، تاريخ الإسلام "5/ 286"، تهذيب التهذيب "7/ 456"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5173".
2 أخرجه البخاري "1206" معلقا، قال قال الليث، حدثني جعفر، عن عبد الرحمن بن هرمز قال: قال أبو هريرة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نادت امرأة ابنها وهو في صومعة قالت: يا جريج. قال: اللهم أمي وصلاتي قالت: يا جريج قال: اللهم، أمي وصلاتي. قالت: يا جريج، قال: اللهم أمي وصلاتي. قالت: اللهم لا يموت جريج حى ينظر في وجه المياميس. وكانت تأوى إلى صومعته راعية ترعى الغنم فولدت، فقيل لها: ممن هذا الولد؟ قالت: من جريح نزل من صومعته. قال جريج: أين هذه التي تزعم أن ولدها لي؟ قال: يا با بوس، من أبوك؟ قال: راعي الغنم.
وقد وصله الإسماعيلي من طريق عاصم بن علي أحد شيوخ البخاري عن الليث مطولا، وجعفر هو ابن ربيعة المصري. وقوله: في وجه المياميس في رواية أبي ذر "وجوه" بصيغة الجمع والمياميس جمع مومسة بكسر الميم وهي الزانية. قال ابن بطال: سبب دعاء أم جريج على ولدها أن الكلام في الصلاة كان في شرعهم مباحا، فلما آثر استمراره في صلاته ومناجاته على إجابتها دعت عليه لتأخيره حقها.
3 صحيح: أخرجه الترمذي "1752"، حدثنا قتيبة، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عُمَرَ بنِ أَبِي سلمة، عن أبيه، عن أبي هريرة، به.
وقال الترمذي: حديث أبى هريرة حديث حسن صحيح.
قلت: إسناده حسن، عمر بن أبي سلمة، صدوق وأخرجه أحمد "2/ 261 و499"، والبغوي من طريق محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، به.
قلت: إسناده حسن، محمد بن عمرو، صدوق وهي متابعة لعمر بن أبي سلمة فيصح الحديث بهذه المتابعة والله -تعالى- أعلم.

(6/280)


محمد بن سُوقة، أيوب بن موسى:
875- محمد بن سوقة 1: "ع"
الإِمَامُ, العَابِدُ, الحُجَّةُ, أَبُو بَكْرٍ الغَنَوِيُّ, الكُوْفِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَنَسِ بنِ مَالِكٍ وَعَنْ: سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ, وَإِبْرَاهِيْمَ النَّخَعِيِّ, وَأَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ, وَمُنْذِرٍ الثَّوْرِيِّ, وَجَمَاعَةٍ.
رَوَى عَنْهُ: سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ, وَأَبُو مُعَاوِيَةَ, وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ المُحَارِبِيُّ, وَابْنُ عُيَيْنَةَ, وَعَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ, وَيَعْلَى بنُ عُبَيْدٍ, وَآخَرُوْنَ.
يُقَالُ: إِنَّهُ أَنفَقَ فِي أَبْوَابِ الخَيْرِ مائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ. قَالَ سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ: كَانَ مُحَمَّدُ بنُ سُوْقَةَ لاَ يُحسِنُ أَنْ يَعصِيَ اللهَ -تَعَالَى- وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ, مَرْضِيٌّ. قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ نَيِّفٍ وَأَرْبَعِيْنَ ومائة.
876- أيوب بن موسى 2: "ع"
الإِمَامُ, المُفْتِي, أَبُو مُوْسَى الأُمَوِيُّ, المَكِّيُّ. وَجَدُّه: هُوَ الأَمِيْرُ عَمْرُو بنُ سَعِيْدِ بنِ العَاصِ الأَشْدَقُ. وَهُوَ ابْنُ عَمِّ الفَقِيْهِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ أُمَيَّةَ, وَلَيْسَ أَيُّوْبُ بِأَخٍ لِلْفَقِيْهِ سُلَيْمَانَ بنِ مُوْسَى الَّذِي تَقَدَّمَ.
حَدَّثَ أَيُّوْبُ بنُ مُوْسَى عَنْ: عَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ, وَمَكْحُوْلٍ, ونافع, وعطاء ابن مِيْنَا, وَسَعِيْدٍ المَقْبُرِيِّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الأَوْزَاعِيُّ, وَرَوْحُ بنُ القَاسِمِ, وَشُعْبَةُ, وَالثَّوْرِيُّ, وَاللَّيْثُ, وَعَبْدُ الوَارِثِ, وَمَالِكٌ, وَابْنُ عُيَيْنَةَ, وَابْنُ عُلَيَّةَ, وَخَلْقٌ.
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: كَانَ فَقِيْهاً, مُفْتِياً. وَقَالَ أَحْمَدُ, وَأَبُو زُرْعَةَ: ثِقَةٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الحَدِيْثِ. وَقَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: لَهُ نَحْوٌ مِنْ أَرْبَعِيْنَ حَدِيْثاً. قِيْلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ ومائة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 340"، التاريخ الكبير "1/ ترجمة 287"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة 1520"، حلية الأولياء "5/ ترجمة 284"، العبر "1/ 306"، الكاشف "3/ ترجمة 4971"، تاريخ الإسلام "6/ 120"، تهذيب التهذيب "9/ 209"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6288".
2 ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 1356"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 920"، ميزان الاعتدال "1/ ترجمة 1106"، تهذيب التهذيب "1/ 412"، شذرات الذهب "1/ 191".

(6/281)


877- محمد بن عمرو 1: "4, خ"
ابن علقمة بن وقاص, الإِمَامُ المُحَدِّثُ, الصَّدُوْقُ, أَبُو الحَسَنِ اللَّيْثِيُّ, المَدَنِيُّ, صَاحِبُ أَبِي سَلَمَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَرَاوِيَتُهُ.
حَدَّثَ عَنْهُ, وَعَنْ: يَحْيَى بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ حَاطِبٍ, وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ حُنَيْنٍ, وَمُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ التَّيْمِيِّ, وَأَبِيْهِ عَمْرِو بنِ عَلْقَمَةَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مَالِكٌ, وَالثَّوْرِيُّ, وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ جَعْفَرٍ, وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ, وَعَبَّادُ بنُ عَبَّادٍ, وَأَبُو أُسَامَةَ وَيَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ, وَمُحَمَّدُ بنُ بِشْرٍ, وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي عَدِيٍّ, وَسَعِيْدُ بنُ عَامِرٍ, وَعَدَدٌ كَثِيْرٌ.
وَحَدِيْثُه فِي عِدَادِ الحَسَنِ. قَالَ النَّسَائِيُّ, وَغَيْرُهُ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الحَدِيْثِ وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: سَمِعْتُ ابْنَ مَعِيْنٍ, سُئِلَ: عَنْ سُهَيْلٍ وَالعَلاَءِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَقِيْلٍ, وَعَاصِمِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ, فَقَالَ: لَيْسَ حَدِيْثُهم بِحُجَّةٍ قِيْلَ لَهُ: فَمُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو? قَالَ: هُوَ فَوْقَهُم. قُلْتُ: رَوَى لَهُ البُخَارِيُّ مَقْرُوْناً بِآخَرَ, وَرَوَى لَهُ مُسْلِمٌ مُتَابَعَةً. وَرَوَى: عَبَّاسٌ، عَنْ يَحْيَى قال: ابن عجلان أوثق من محمد بن عَمْرٍو فَقَالَ: وَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنِ ابْنِ إِسْحَاقَ.
وَسُئِلَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَمْرٍو, فَقَالَ لِلسَّائِلِ: تُرِيْدُ العَفْوَ أَوْ نُشِدِّدَ؟ قَالَ: بَلْ شَدِّدْ قَالَ: لَيْسَ مِمَّنْ تريد.
قَالَ الجُوْزَجَانِيُّ: لَيْسَ بِالقَوِيِّ, وَهُوَ مِمَّنْ يُشتَهَى حَدِيْثُه.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: رَوَى عَنْهُ مَالِكٌ فِي "المُوَطَّأِ", وَأَرْجُو أَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِهِ. وَرَوَى: أَحْمَدُ بنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ يَحْيَى بن معين: ثقة.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 583"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 540" و"2/ 223 و697"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 138"، الكاشف "3/ ترجمة 5169"، وتاريخ الإسلام "6/ 127"، ميزان الاعتدال "3/ ترجمة 8015"، تهذيب التهذيب "9/ 375- 377"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6552"، شذرات الذهب "1/ 217".

(6/282)


حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ: عَنْ مُحَمَّدُ بنُ عَمْرِوٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- "من نسي الصلاة علي خطىء طَرِيْقَ الجَنَّةِ" 1.
مَاتَ مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ, أَوْ سنَةَ أَرْبَعٍ وَقَدْ حدث بالعراق.
__________
1 صحيح بطرقه: أخرجه ابن ماجه "908"، وأبو نعيم في "الحلية" "3/ 91" و"6/ 267" حدثنا جبارة ابن المغلس، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بنِ دينار، عَنْ جَابِرِ بنِ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: فذكره.
قلت: إسناده ضعيف، آفته جبارة بن المغلس، ضعيف، وقد ساق الذهبي الحديث في ترجمته وقال في إثره: "قلت: بهذا السند باطل". ورواه إسماعيل القاضي "41" من غير وجه عن أبي جعفر محمد بن على الباقر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.
قلت: وهو مرسل يتقوى به الإسناد الذي قبله. والحديث ذكره الحافظ في "الفتح" "11/ 168" باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وقال بعد أن ذكره. "وأخرجه البيهقي في "الشعب" من حديث أبي هريرة، وابن أبي حاتم من حديث جابر، والطبراني من حديث حسين بن علي، وهذه الطرق يشد بعضها بعضا".

(6/283)


878- عروة بن رويم 1: "د، س، ق"
اللخمي, الأردني الفَقِيْهُ, المُحَدِّثُ أَبُو القَاسِمِ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي ثَعْلَبَةَ -الخُشَنِيِّ- فَقِيْلَ: سَمِعَ مِنْهُ- وَعَنْ: أَنَسِ بنِ مَالِكٍ, وَأَبِي إِدْرِيْسَ الخَوْلاَنِيِّ. وَأَرْسَلَ عَنْ: أَبِي ذَرٍّ, وَغَيْرِهِ.
وَعَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ مُهَاجِرٍ, وَهِشَامُ بنُ سَعْدٍ, وَسَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ, ويحيى بنُ حَمْزَةَ, وَمُحَمَّدُ بنُ شُعَيْبِ بنِ سَابُوْرَ, وَجَمَاعَةٌ.
وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِيْنٍ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ: لاَ بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: عَامَّةُ حَدِيْثِه مَرَاسِيْلُ. وَيُقَالُ: سَمِعَ مِنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ.
قَالَ سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى: سَنَةَ خمس وثلاثين ومائة. وقيل: غير ذلك.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 460"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 143"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 122" و"2/ 292"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 2211"، حلية الأولياء "6/ ترجمة 351"، الكاشف "2/ ترجمة 3829"، العبر "1/ 288"، تاريخ الإسلام "5/ 277"، تهذيب التهذيب "7/ 179"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4825".

(6/283)


عمار الدُّهني، عُمارة بن أبي حفصة:
879- عمار الدهني 1: "م، 4"
الإِمَامُ, المُحَدِّثُ, أَبُو مُعَاوِيَةَ عَمَّارُ بنُ مُعَاوِيَةَ بنِ أَسْلَمَ البَجَلِيُّ, ثُمَّ الدُّهْنِيُّ, الكُوْفِيُّ. وَفِي بَنِي عَبْدِ القَيْسِ أَيْضاً: دُهْنُ بنُ عُذْرَةَ.
حَدَّثَ عَنْ: سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ, وَإِبْرَاهِيْمَ النَّخَعِيِّ, وَإِبْرَاهِيْمَ التَّيْمِيِّ, وَأَبِي سَلَمَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, وَسَالِمِ بنِ أَبِي الجَعْدِ, وَأَبِي الطُّفَيْلِ الَّذِي لَهُ رُؤْيَةٌ.
وَعَنْهُ: شُعْبَةُ, وَسُفْيَانُ, وَإِسْرَائِيْلُ, وَشَرِيْكٌ, وَابْنُ عُيَيْنَةَ, وَعَبِيْدَةُ بنُ حُمَيْدٍ, وَوَلَدُه مُعَاوِيَةُ بنُ عَمَّارٍ.
وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ, وَجَمَاعَةٌ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ. قَالَهُ: مطين.
880- عمارة بن أبي حفصة 2: "خ، 4"
البصري, العَتَكِيُّ مَوْلاَهُم, ابْنُ عَمِّ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ أبي رواد.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ, وَأَبِي مِجْلَزٍ لاَحِقٍ, وَعِكْرِمَةَ, وَالحَسَنِ, وَجَمَاعَةٍ.
وَعَنْهُ: شُعْبَةُ, وَيَزِيْدُ بنُ زُرَيْعٍ, وَعَبْدُ الوَارِثِ, وَيَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ, وَعَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ, وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ وَغَيْرُهُ وَمَا لَحِقَ وَلَدُه حَرَمِيُّ بنُ عُمَارَةَ السَّمَاعَ مِنْهُ قَالَ خَلِيْفَةُ بنُ خَيَّاطٍ توفي سنة اثنتين وثلاثين ومائة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 340"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 120"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 16 و548 و615" و"3/ 87 و189"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 2175"، تاريخ الإسلام "5/ 284"، والكاشف "2/ ترجمة 4060"، ميزان الاعتدال "3/ 170"، تهذيب التهذيب "7/ 406"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5090"، شذرات الذهب "1/ 191".
2 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 257"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 445 و585"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 2003"، تاريخ الإسلام للذهبي "5/ 284"، الكاشف للذهبي "2/ ترجمة 4067"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5102".

(6/284)


عُمارة بن غَزِيّة، عُمارة بن القعقاع، عطاء الخراساني

881- عمارة بن غزية 1: "م، 4"
ابن الحارث, بن عَمْرِو بنِ غَزِيَّةَ الأَنْصَارِيُّ, الخَزْرَجِيُّ, البُخَارِيُّ, المَازِنِيُّ, المَدَنِيُّ, أَحَدُ الثِّقَاتِ.
عَنْ: أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ, وَالشَّعْبِيِّ, وَالرَّبِيْعِ بنِ سَبْرَةَ, وَعَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ, وَمُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ التَّيْمِيِّ, وَغَيْرِهِم.
وَعَنْهُ: بَكْرُ بنُ مُضَرَ, وَسُلَيْمَانُ بنُ بِلاَلٍ, وَابْنُ لَهِيْعَةَ, وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ جَعْفَرٍ, وَالدَّرَاوَرْدِيُّ, وَبِشْرُ بنُ المُفَضَّلِ, وَطَائِفَةٌ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: ثِقَةٌ كَثِيْرُ الحَدِيْثِ, وَاحْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ, وَاسْتَشْهَدَ بِهِ البُخَارِيُّ, وَأَمَّا ابْنُ حَزْمٍ فَضَعَّفَه, وَلَمْ يُصِبْ مَاتَ: سَنَةَ أربعين ومائة.
882- عمارة بن القعقاع 2: "ع"
ابن شبرمة الضبي الكوفي.
مُكْثِرٌ عَنْ: أَبِي زُرْعَةَ البَجَلِيِّ, وَرَوَى عَنْ: أَخْنَسَ بنِ خَلِيْفَةَ.
رَوَى عَنْهُ: السُّفْيَانَانِ, وَشَرِيْكٌ, وَجَرِيْرٌ, وَابْنُ فُضَيْلٍ, وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِيْنٍ وَكَانَ أَسَنَّ مِنْ عَمِّه عَبْدِ اللهِ بنِ شبرمة وأفضل.
883- عطاء الخُرَاسَانِيُّ 3: "ع"
هُوَ عَطَاءُ بنُ أَبِي مُسْلِمٍ المحدث, الواعظ, نزيل دمشق والقدس.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 3121"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 238 و644" و"2/ 294" و"3/ 265"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 2030"، تاريخ الإسلام "5/ 285"، الكاشف "2/ ترجمة 4080"، ميزان الاعتدال "3/ 178"، تهذيب التهذيب "7/ 422"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5117"، شذرات الذهب "1/ 208".
2 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 351"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 3114"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "3/ 97 و102"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 2033"، الكاشف "2/ ترجمة 4081"، تاريخ الإسلام "5/ 285"، تهذيب التهذيب "7/ 423"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5118".
3 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 369"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 3027"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 255" و"2/ 325 و373" و"3/ 389"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1850"، المجروحين لابن حبان "2/ 130"، الأنساب للسمعاني "5/ 68"، تاريخ الإسلام "5/ 279"، =

(6/285)


أَرْسَلَ عَنْ: أَبِي الدَّرْدَاءِ, وَابْنِ عَبَّاسٍ, وَالمُغِيْرَةِ بنِ شُعْبَةَ, وَطَائِفَةٍ وَرَوَى عَنِ: ابْنِ المُسَيِّبِ, وَعُرْوَةَ, وَعَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ, وَابْنِ بُرَيْدَةَ, ونافع وعمرو ابن شُعَيْبٍ, وَعِدَّةٍ.
رَوَى عَنْهُ: مَعْمَرٌ, وَشُعْبَةُ, وَسُفْيَانُ, ومالك, وحماد بن سلمة, وإسماعيل ابن عَيَّاشٍ, وَعَدَدٌ كَثِيْرٌ حَتَّى إِنَّ شَيْخَه عَطَاءً حَدَّثَ عَنْهُ.
وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِيْنٍ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: هُوَ فِي نَفْسِهِ ثِقَةٌ, لَكِنْ لَمْ يَلْقَ ابن عَبَّاسٍ -يَعْنِي: أَنَّهُ يُدَلِّسُ.
وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: هُوَ عَطَاءُ بنُ مَيْسَرَةَ, سَمِعَ مِنِ ابْنِ عُمَرَ, وَقَالَ مَالِكٌ: هُوَ عَطَاءُ بنُ عَبْدِ اللهِ وَقَالَ النَّسَائِيُّ: هُوَ أَبُو أَيُّوْبَ عَطَاءُ بنُ عَبْدِ اللهِ بَلْخِيٌّ سَكنَ الشَّامَ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ وَقَالَ مَرَّةً: هُوَ عَطَاءُ بنُ مَيْسَرَةَ وَقَالَ أَحْمَدُ: ثِقَةٌ وَقَالَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: ثِقَةٌ مَعْرُوْفٌ بِالفَتْوَى وَالجِهَادِ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لاَ بَأْسَ بِهِ وَقَالَ حَجَّاجُ بنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ, حَدَّثَنَا عَطَاءٌ الخُرَاسَانِيُّ, وَكَانَ نَسِيّاً وَقَالَ عُثْمَانُ بنُ عَطَاءٍ: عَنْ أَبِيْهِ قَدِمْتُ المَدِيْنَةَ, وَقَدْ فَاتَنِي عَامَّةُ الصَّحَابَةِ, وذَكَرَهُ البُخَارِيُّ فِي الضُّعَفَاءِ, وَالعُقَيْلِيُّ, وَابْنُ حِبَّانَ.
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي "عِلَلِهِ": قَالَ مُحَمَّدٌ -يَعْنِي البُخَارِيَّ: مَا أَعْرِفُ لِمَالِكٍ رَجُلاً يَرْوِي عَنْهُ يَسْتَحِقُّ أَنْ يُتْرَكَ حَدِيْثُه غَيْرَ عَطَاءٍ الخُرَاسَانِيِّ. قُلْتُ: مَا شَأْنُه؟ قَالَ عَامَّةُ أَحَادِيْثِه مَقْلُوْبَةٌ. ثُمَّ قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هُوَ ثِقَةٌ, رَوَى عَنْهُ مِثْلُ مَالِكٍ, وَمَعْمَرٍ, وَلَمْ أَسْمَعْ أَحَداً مِنَ المُتَقَدِّمِيْنَ تَكَلَّمَ فِيْهِ.
قِيْلَ: إِنَّ الَّذِي فِي تَفْسِيْرِ سُوْرَةِ نُوْحٍ مِنْ "صَحِيْحِ البُخَارِيِّ" هُوَ عَطَاءٌ الخُرَاسَانِيُّ, وَلَيْسَ بِجَيِّدٍ, بَلْ هُوَ عَطَاءُ بنُ أبي رباح. فعلى هذا لا شيء لِلْخُرَاسَانِيِّ فِي "صَحِيْحِ البُخَارِيِّ".
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: أَصلُه مِنْ بَلْخَ, وَعِدَادُه فِي البَصْرِيِّينَ, وَإِنَّمَا قِيْلَ لَهُ: الخُرَاسَانِيُّ, لأَنَّهُ دَخَلَ إِلَى خُرَاسَانَ, وَأَقَامَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى العِرَاقِ, وَكَانَ مِنْ خِيَارِ عِبَادِ اللهِ, غَيْرَ أَنَّهُ كَانَ رَدِيْءَ الحِفْظِ, كَثِيْرَ الوَهمِ, فَلَمَّا كَثُرَ ذَلِكَ فِي روايته, بطل الاحتجاج به.
__________
= الكاشف "2/ ترجمة 3860"، ميزان الاعتدال "3/ 73"، تهذيب التهذيب "7/ 212"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4861"، شذرات الذهب "1/ 192". وقد رمز الحافظ الذهبي برمز "ع" أي أن الجماعة رووا له، وهو خطأ والصواب أن البخاري لم يرو له، وقد رمز الحافظ في "تقريب التهذيب" بالرموز "م عم" أي روى له مسلم وأصحاب السنن الأربعة، أبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
فالصواب: أن توضع رموز "م عم" بدل: "ع" التي تدل على الجماعة أخرجوا له ومنهم البخاري، وهو خطأ كما بينا، وقد صوبت هذا الخطأ ووضعته بين مكعوفين، ليتنبه القارئ.

(6/286)


قُلْتُ: هَذَا القَوْلُ فِيْهِ نَظَرٌ.
عُثْمَانُ بنُ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِيْهِ: أَوثَقُ عَمَلِي فِي نَفْسِي نَشرُ العِلْمِ, وَكَانَ يَجْلِسُ أَبِي مَعَ المسَاكِيْنِ, فَيُعَلِّمُهُم وَيُحَدِّثُهُم. قَالَ يَزِيْدُ بنُ سَمُرَةَ: سَمِعْتُ عَطَاءً الخُرَاسَانِيَّ يَقُوْلُ: مَجَالِسُ الذِّكرِ هِيَ مَجَالِسُ الحَلاَلِ وَالحَرَامِ.
قَالَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَيَّاشٍ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ الخُرَاسَانِيِّ: مَنْ أَيْنَ مَعَاشُكَ؟ قَالَ: مَنْ صِلَةِ الإِخْوَانِ وَجَوَائِزِ السُّلْطَانِ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ يَزِيْدَ بنِ جَابِرٍ: كُنَّا نُغَازِي عَطَاءً الخراساني, وننزل مُتَقَارِبِيْنَ, فَكَانَ يُحْيِي اللَّيْلَ, ثُمَّ يُخْرِجُ رَأْسَه مِنْ خَيمَتِه, فَيَقُوْلُ: يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ! يَا هِشَامَ بنَ الغَازِ! يَا فُلاَنُ! قِيَامُ اللَّيلِ, وَصِيَامُ النَّهَارِ أَيسَرُ مِنْ شُرْبِ الصَّدِيْدِ, وَلُبْسِ الحَدِيْدِ, وَأَكلِ الزَّقُّومِ وَالنَّجَاءَ النَّجَاءَ!
قَالَ سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ: تُوُفِّيَ بِأَرِيْحَا, وَدُفِنَ بِبَيْتِ المَقْدِسِ. وَقَالَ ابْنُهُ عُثْمَانُ: مَاتَ أَبِي سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ. وَقِيْلَ: مَوْلِدُه سَنَةَ خَمْسِيْنَ.

(6/287)


884- أيوب أبو العلاء 1: "د، ت، س"
القصاب, الواسطي. وَهُوَ أَيُّوْبُ بنُ مِسْكِيْنٍ. وَيُقَالُ: ابْنُ أَبِي مِسْكِيْنٍ, الفَقِيْهُ, مُفْتِي أَهْلِ وَاسِطَ.
حَدَّثَ عَنْ: قَتَادَةَ, وَسَعِيْدٍ المَقْبُرِيِّ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ شُبْرُمَةَ. وَمَاتَ: فِي الكُهُولَةِ, قَبْلَ انْتِشَارِ حَدِيْثِه.
رَوَى عَنْهُ: هُشَيْمٌ, وَإِسْحَاقُ الأَزْرَقُ, وَيَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ, وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لاَ بَأْسَ بِهِ. وَأَرَخَّ يَزِيْدُ وَفَاتَه: فِي سَنَةِ أَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ فَلَوْلاَ قِدَمُ مَوْتِهِ لأُخِّرَ إِلَى طَبَقَةِ الحَمَّادَيْنِ.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 1357"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 928"، تهذيب التهذيب "1/ ترجمة 754"، والكاشف "1/ ترجمة 531"، تاريخ الإسلام "5/ 231"، وميزان الاعتدال "1/ 293".

(6/287)


حبيب العجمي، الحسن بن عُبَيد الله:
885- حبيب العجمي 1: "بَخ"
زَاهِدُ أَهْلِ البَصْرَةِ, وَعَابِدُهُم, أَبُو مُحَمَّدٍ.
رَوَى عَنْ: الحَسَنِ البَصْرِيِّ, وَشَهْرِ بنِ حَوْشَبٍ, والفرزدق شيئًا يسيرًا.
وَعَنْهُ: حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ, وَأَبُو عَوَانَةَ, وَجَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ, وَدَاوُدُ الطَّائِيُّ, وَمُعْتَمِرُ بنُ سُلَيْمَانَ, وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ مُجَابَ الدَّعْوَةِ تُؤثَرُ عَنْهُ كَرَامَاتٌ وَأَحوَالٌ, وَكَانَ لَهُ دُنْيَا, فَوَقَعَتْ مَوْعِظَةُ الحَسَنِ فِي قَلْبِهِ, فَتَصَدَّقَ بِأَرْبَعِيْنَ أَلفاً, وَقَنِعَ بِاليَسِيْرِ, وَعَبَدَ اللهَ حَتَّى أَتَاهُ اليَقِيْنُ.
قَالَ ضَمْرَةُ بنُ رَبِيْعَةَ: حَدَّثَنَا السَّرِيُّ بنُ يَحْيَى قَالَ: كَانَ حَبِيْبٌ يُرَى بِالبَصْرَةِ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ, وَيُرَى بِعَرَفَةَ مِنَ الغَدِ2 قُلْتُ: سُقتُ مِنْ أَخْبَارِه فِي "تَارِيْخِ الإِسْلاَمِ" وَذَكَرَهُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي "تاريخه".
886- الحسن بن عبيد الله 3: "م، 4"
ابن عروة الفَقِيْهُ, أَبُو عُرْوَةَ النَّخَعِيُّ, الكُوْفِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ, وَشَقِيْقٍ أَبِي وَائِلٍ, وَزَيْدِ بنِ وَهْبٍ, وَإِبْرَاهِيْمَ النَّخَعِيِّ.
رَوَى عَنْهُ: الثَّوْرِيُّ, وجرير بن عبد الحميد, وسفيان بن عيينة, وعبد الله ابن إِدْرِيْسَ, وَحَفْصُ بنُ غِيَاثٍ.
وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. لَهُ: قَرِيْبٌ مِنْ ثَلاَثِيْنَ حَدِيْثاً. تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وثلاثين ومائة.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 2635"، الكنى للدولابي "2/ 95"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 519"، حلية الأولياء "6/ ترجمة 355"، تاريخ الإسلام "5/ 233"، ميزان الاعتدال "1/ 457"، الوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "11/ 299"، تهذيب التهذيب "2/ 189"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1216"، النجومن الزاهرة لابن تغرى بردى "1/ 283".
2 منكر: أخرجه أبو نعيم في "الحلية" "6/ 154"، من طريق محمد بن العباس بن أيوب حدثنا عبد الرحمن بن واقد، حدثن ضمرة، به.
قلت: إسناده مظلم، آفته عبد الرحمن بن واقد، أبو مسلم، قال ابن عدي: حدث بالمناكير عن الثقات، يسرق الحديث.
3 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 348"، التاريخ الكبير للبخاري "2/ ترجمة 2528"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "3/ 92 و230"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 96"، تاريخ الإسلام "5/ 236"، تهذيب التهذيب "2/ 292"، خلاصة الخزرجي "1/ 1355".

(6/288)


887- خصيف 1: "4"
ابن عبد الرحمن, الإِمَامُ, الفَقِيْهُ, أَبُو عَوْنٍ الخِضْرَمِيُّ -بِكَسرِ الخَاءِ المُعْجَمَةِ- الأُمَوِيُّ مَوْلاَهُم, الجَزَرِيُّ, الحَرَّانِيُّ.
رَأَى أَنَسَ بنَ مَالِكٍ. وَسَمِعَ: مُجَاهِداً, وَسَعِيْدَ بنَ جُبَيْرٍ, وعكرمة, وطبقتهم.
روى عنه: السفيانات, وَشَرِيْكٌ, وَمُحَمَّدُ بنُ فُضَيْلٍ, وَعَتَّابُ بنُ بَشِيْرٍ, وَمَرْوَانُ بنُ شُجَاعٍ, وَمُحَمَّدُ بنُ سَلَمَةَ, وَمُعَمَّرُ بنُ سُلَيْمَانَ, وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: وَقَالَ النَّسَائِيُّ: صَالِحٌ وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: ليس بحجة وقال أبو حاتم: سيء الحِفْظِ قَالَ خُصَيْفٌ: قَالَ لِي مُجَاهِدٌ: يَا أَبَا عَوْنٍ أَنَا أُحِبُّكَ فِي اللهِ وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: هُوَ ثِقَةٌ وَقَالَ ابْنُ حِرَاشٍ: لاَ بَأْسَ بِهِ قَالَ أَبُو فَرْوَةَ: وَلِيَ خُصَيْفٌ بَيْتَ المَالِ وَعَنْ جَرِيْرٍ, قَالَ: كَانَ متمكنا من الإرجاء. وقال أبي نجيح: كان من صالحي الناس.
قَالَ النُّفَيْلِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى: تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وثلاثين. وقال عتاب بن بشر, وَالبُخَارِيُّ: سَنَةَ سَبْعٍ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ, وَشَبَابٌ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ.
وَقَالَ أَحْمَدُ أَيْضاً: لَيْسَ بِقَوِيٍّ, تَكَلَّمَ فِي الإِرْجَاءِ. وَقَالَ يَحْيَى القَطَّانُ: كُنَّا نَجتَنِبُ خُصَيْفاً.
وَقَالَ عُثْمَانُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّرَائِفِيُّ: رَأَيْتُ عَلَى خُصَيْفٍ ثِيَاباً سُوداً, وَكَانَ عَلَى بَيْتِ المَالِ.
قُلْتُ: حَدِيْثُه يَرتَقِي إِلَى الحَسَنِ.
قَرَأْتُ عَلَى عُمَرَ بنِ عَبْدِ المُنْعِمِ، عَنْ زَيْدِ بنِ الحَسَنِ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الأَنْصَارِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيُّ، أَنْبَأَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الزَّيَّاتُ, حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ الفِرْيَابِيُّ, حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ رَاهَوَيْه, حَدَّثَنَا عَتَّابُ بنُ بَشِيْرٍ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا شَكَكْتَ فِي صَلاَتِكَ فِي ثَلاَثٍ أَوْ أَرْبَعٍ, وَأَكْبَرُ ظَنِّكَ عَلَى أَرْبَعٍ سَجَدْتَ سجدتين, ثم
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 482"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 766"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 175 و460" و"3/ 154"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 1848"، الأنساب للسمعاني "5/ 140"، تاريخ الإسلام "5/ 240"، الكاشف "1/ ترجمة 1400"، تهذيب التهذيب "3/ 143"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1898"، شذرات الذهب لابن العماد "1/ 206".

(6/289)


سَلَّمْتَ, وَإِنْ كَانَ أَكْبَرُ ظَنِّكَ عَلَى ثَلاَثٍ, فَصَلِّ رَكْعَةً, ثُمَّ تَشَهَّدْ, ثُمَّ اسْجُدْ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ, ثُمَّ سَلِّمْ"1.
لَوْ صَحَّ هَذَا, لَكَانَ فيه فرج، عن ذوي الوسواس.
__________
1 ضعيف: آفته خصيف، فإنه ضعيف، سيئ الحفظ. وفي الإسناد انقطاع بين أَبِي عُبَيْدَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُوْدٍ، وأبيه، فإنه لم يسمع منه. وهو عند أبي داود "1028" من طريق محمد بن سلمة، عن خصيف، به مرفوعا.
وقال أبو داود في إثره: رواه عبد الواحد عن خصيف ولم يرفعه، ووافق عبد الواحد أيضا سفيان وشريك وإسرائيل، واختلفوا في الكلام في متن الحديث ولم يسندوه.

(6/290)


واهب بن عبد الله، زُهرة بن معبد:
888- واهب بن عبد الله 1:
الشَّيْخُ, أَبُو عَبْدِ اللهِ الكَعْبِيُّ, المَعَافِرِيُّ, المِصْرِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ, وَعُتْبَةَ بنِ عَامِرٍ, وَابْنِ عُمَرَ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو, وَحَسَّانِ بنِ كُرَيْبٍ, وَجَمَاعَةٍ.
وَعَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ شُرَيْحٍ, وَاللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ, وَرَجَاءُ بنُ أَبِي عَطَاءٍ, وَضِمَامُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ, وَابْنُ لَهِيْعَةَ.
وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ. وَخَرَّجَ لَهُ: البُخَارِيُّ فِي كِتَابِ "الأَدَبِ" عُمِّرَ دَهْراً. وَتُوُفِّيَ بِبَرْقَةَ, فِي سَبْعٍ وثلاثين ببرقة.
889- زهرة بن معبد 2: "خ، 4"
ابن عبد الله, بن هِشَامِ بنِ زُهْرَةَ, الإِمَامُ أَبُو عُقَيْلٍ القُرَشِيُّ, التَّيْمِيُّ, المَدَنِيُّ, نَزِيْلُ الإِسْكَنْدَرِيَّةِ.
حَدَّثَ عَنْ: جَدِّه, عَبْدِ اللهِ الصَّحَابِيِّ. وَعَنِ: ابْنِ عُمَرَ, وَابْنِ الزبير, وسعيد بن المسيب, وغيرهم.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "8/ ترجمة 2657"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 510 و527" و"3/ 328"، الجرح والتعديل "9/ ترجمة 200"، تاريخ الإسلام "5/ 311" تهذيب التهذيب "11/ 108".
2 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 515"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 1476"، الكنى للدولابي "2/ 33"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 2786"، تاريخ الإسلام "5/ 251"، الكاشف "1/ ترجمة 1674"، تهذيب التهذيب "3/ 341"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2162"، شذرات الذهب "1/ 192".

(6/290)


رَوَى عَنْهُ: حَيْوَةُ بنُ شُرَيْحٍ, وَسَعِيْدُ بنُ أَبِي أَيُّوْبَ, وَاللَّيْثُ, وَابْنُ لَهِيْعَةَ, وَرِشْدِيْنُ بنُ سعد.
وَكَانَ مِنْ عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِيْنَ. قَالَ الدَّارِمِيُّ: زَعَمُوا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الأَبْدَالِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ, وَغَيْرُهُ: لاَ بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ لِجَدِّه صُحْبَةٌ.
ابْنُ وَهْبٍ: أَنْبَأَنَا حَيْوَةُ, أَخْبَرَنِي زُهْرَةُ بنُ مَعْبَدٍ: أَنَّ عُمَرَ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ قَالَ لَهُ: أَيْنَ تَسكُنُ? قُلْتُ: بِالفُسْطَاطِ قَالَ: تَسكُنُ الخَبِيْثَةَ المُنتِنَةَ, أُفٍّ! وَتَذَرُ الطَّيِّبَةَ الإِسْكَنْدَرِيَّةَ فَإِنَّك تَجْمَعُ بِهَا دُنْيَا وَآخِرَةً طَيِّبَةَ المَوْطَأِ, وَدِدْتُ أَنَّ قَبْرِي يَكُوْنُ بِهَا وَرَوَى نَحْوَهُ ضِمَامُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ، عَنْ زُهْرَةَ تُوُفِّيَ زُهْرَةُ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ وَقِيْلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ وَقَدْ شاخ.

(6/291)


عبد الحميد، عثمان البَتِّي:
890- عبد الحميد 1: "خ، م، د، س"
صاحب الزيادي, مِنْ عُلَمَاءِ البَصْرَةِ الجِلَّةِ.
حَدَّثَ عَنْ: أَنَسِ بنِ مَالِكٍ, وَأَبِي رَجَاءٍ العُطَارِدِيِّ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ الحَارِثِ, وَغَيْرِهِم.
وَعَنْهُ: شُعْبَةُ, وَحَمَّادُ بنُ زَيْدٍ, وَمَهْدِيُّ بنُ مَيْمُوْنٍ, وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عُلَيَّةَ, وثقه أحمد بن حنبل.
891- عثمان البتي 2: "4"
فَقِيْهُ البَصْرَةِ, أَبُو عَمْرٍو, بَيَّاعُ البُتُوْتِ3 اسْمُ أبيه: مسلم, وقيل: أسلم, وَقِيْلَ: سُلَيْمَانُ. وَأَصلُه مِنَ الكُوْفَةِ. حَدَّثَ عَنْ: أَنَسِ بنِ مَالِكٍ, وَالشَّعْبِيِّ, وَعَبْدِ الحَمِيْدِ بنِ سَلَمَةَ, وَالحَسَنِ.
وَعَنْهُ: شُعْبَةُ, وَسُفْيَانُ, وَهُشَيْمٌ, وَيَزِيْدُ بنُ زُرَيْعٍ, وَابْنُ عُلَيَّةَ, وَعِيْسَى بنُ يُوْنُسَ.
وَثَّقَهُ أَحْمَدُ, وَالدَّارَقُطْنِيُّ, وَابْنُ سَعْدٍ, وَابْنُ مَعِيْنٍ, فِيْمَا نَقَلَهُ عَبَّاسٌ عَنْهُ.
وَرَوَى مُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ: ضَعِيْفٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخٌ يُكْتَبُ حَدِيْثُهُ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: له أحاديث, كان صاحب رأي وفقه.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 1656"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 54 و90" الكاشف "2/ ترجمة 3141"، تاريخ الإسلام "5/ 270"، تهذيب التهذيب "6/ 114"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3974".
2 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 257"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2204 و2287" الجرح والتعديل لابن أبي حاتم "6/ ترجمة 786"، الكاشف "2/ ترجمة 3794"، تاريخ الإسلام "5/ 276"، ميزان الاعتدال "3/ 59-60"، تهذيب التهذيب "7/ 153"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4787".
3 البتوت: الأكسية الغليظة.

(6/291)


جعفر بن ربيعة، أبو الأسود:
892- جعفر بن ربيعة 1: "ع"
ابن الأمير شرحبيل بن حسنة, الفَقِيْهُ, الإِمَامُ, أَبُو شُرَحْبِيْلَ الكِنْدِيُّ, حَلِيْفُ بَنِي زُهْرَةَ بنِ كِلاَبٍ. سَكنَ مِصْرَ, أَوْ وُلِدَ بِهَا وَقَدْ أَدْرَكَ وَالِدُه رَبِيْعَةُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَرَآهُ وَرَأَى جَعْفَرٌ عَبْدَ اللهِ بنَ الحَارِثِ بنِ جَزْءٍ.
وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِي سَلَمَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, وَأَبِي الخَيْرِ مَرْثَدٍ اليَزَنِيِّ, وَعِرَاكِ بنِ مَالِكٍ, وَالأَعْرَجِ, وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: اللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ, وَبَكْرُ بنُ مُضَرَ, وَعَبْدُ اللهِ بنُ لَهِيْعَةَ, وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ ابْنُ سَعْدٍ, وَالنَّسَائِيُّ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ. وَقِيْلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ, وَهُوَ الأَصَحُّ وَقِيْلَ: تُوُفِّيَ سنة أربع وثلاثين ومائة قاله: شباب.
893- أبو الأسود 2: "ع"
محمد بن عبد الرحمن, بن نَوْفَلِ بنِ الأَسْوَدِ بنِ نَوْفَلِ بنِ خُوَيْلِدِ بنِ أَسَدِ بنِ عَبْدِ العُزَّى بنِ قصي, الإِمَامُ, أَبُو الأَسْوَدِ القُرَشِيُّ, الأَسَدِيُّ يَتِيْمُ عُرْوَةَ وَكَانَ أَبُوْهُ أَوْصَى بِهِ إِلَى عُرْوَةَ وَكَانَ جَدُّه أَحَدَ السَّابِقِيْنَ وَمِنْ مُهَاجِرَةِ الحَبَشَةِ -أَعْنِي نَوْفَلاً- وَبِأَرْضِ الحَبَشَةِ تُوُفِّيَ, فَيَقْتَضِي أَنْ يَكُوْنَ وَلَدُه عَبْدُ الرَّحْمَنِ مِنْ صِغَارِ الصَّحَابَةِ.
نَزَلَ أَبُو الأَسْوَدِ مِصْرَ, وَحَدَّثَ بِهَا بِكِتَابِ "المَغَازِي" لِعُرْوَةَ بنِ الزُّبَيْرِ, عَنْهُ. وَرَوَى عَنْ: عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ, وَالنُّعْمَانِ بنِ أَبِي عَيَّاشٍ, وَعِكْرِمَةَ, وَطَائِفَةٍ.
وَعَنْهُ: حَيْوَةُ بنُ شُرَيْحٍ, وَشُعْبَةُ بنُ الحَجَّاجِ, وَمَالِكُ بنُ أَنَسٍ, وَابْنُ لَهِيْعَةَ, وَأَنَسُ بنُ عِيَاضٍ اللَّيْثِيُّ, وَآخَرُوْنَ.
وَهُوَ مِنَ العُلَمَاءِ الثِّقَاتِ. عِدَادُه فِي صِغَار التَّابِعِيْنَ مَاتَ: سَنَةَ بضع وثلاثين ومائة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 514"، التاريخ الكبير "2/ ترجمة 2155"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 242 و284" و"2/ 442"، الكنى للدولابي "2/ 7"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 1947"، تاريخ الإسلام للذهبي "5/ 333"، العبر "1/ 183"، الكاشف "1/ ترجمة 797"، تهذيب التهذيب "2/ 90"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1036"، شذرات الذهب "1/ 193".
2 ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 435"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 238 و664" و"2/ 294" و"3/ 256 و311"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة 1735"، الكاشف "3/ ترجمة 5082"، تاريخ الإسلام "5/ 296"، تهذيب التهذيب "9/ 307"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6444".

(6/292)


موسى بن أبي عائشة، بُرْد بن سنان

894- موسى بن أبي عائشة 1: "ع"
الهمداني, الكوفي, العَابِدُ, أَحَدُ العُلَمَاءِ العَابِدِيْنَ. حَدَّثَ عَنْ: سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ شَدَّادٍ, وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُتْبَةَ, وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ: شُعْبَةُ, وَسُفْيَانُ, وَزَائِدَةُ, وَأَبُو إِسْحَاقَ الفَزَارِيُّ, وابن عيينة, وَعَبِيْدَةُ بنُ حُمَيْدٍ, وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ. وَقَالَ جَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ: كُنْتُ إِذَا رَأَيْتُه, ذَكَرتُ اللهَ.
وَقَالَ القَطَّانُ كَانَ يُحسِنُ سُفْيَانُ الثَّنَاءَ عَلَيْهِ. وَرَوَى ابْنُ عُيَيْنَةَ: أَنَّ جارًا لموسى ابن أَبِي عَائِشَةَ قَالَ: مَا رَفَعتُ رَأْسِي قَطُّ إلَّا رأيته يصلي.
895- برد بن سنان 2: "4"
الفَقِيْهُ, أَبُو العَلاَءِ الدِّمَشْقِيُّ, نَزِيْلُ البَصْرَةِ, مِنْ كِبَارِ العُلَمَاءِ.
حَدَّثَ عَنْ: وَاثِلَةَ بنِ الأَسْقَعِ, وَعَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ, وَعُبَادَةَ بنِ نُسَيٍّ, وعمرو ابن شُعَيْبٍ, وَمَكْحُوْلٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: السُّفْيَانَانِ, وَالحَمَّادَانِ, وَيَزِيْدُ بنُ زُرَيْعٍ, وَابْنُ عُلَيَّةَ, وَعَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ, وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ, وَغَيْرُهُ قَالَ يَزِيْدُ بنُ زُرَيْعٍ: مَا قَدِمَ عَلَيْنَا شَامِيٌّ خَيْرٌ مِنْ برد وقال يحيى ابن معين: هرب برد بن مَرْوَانَ الحِمَارِ إِلَى البَصْرَةِ. قِيْلَ: تُوُفِّيَ بُرْدٌ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ, رَحِمَهُ اللهُ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 326"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 1234"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 450 و514" و"2/ 672 و692" و"3/ 91 و239"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 700"، الكاشف "3/ ترجمة 5807"، تاريخ الإسلام "5/ 307" تهذيب التهذيب "10/ 352"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7282".
2 ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 1951"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 339"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 1675"، الكاشف "1/ ترجمة 557"، ميزان الاعتدال "1/ 302"، تاريخ الإسلام "5/ 231"، تهذيب التهذيب "1/ ترجمة 790".

(6/293)


حجاج بن حجاج، أبو هاشم الرُّماني:
896- حجاج بن حجاج 1: "خ, م, د, س, ق"
الباهلي, البصري, الأحول, الحافظ.
حَدَّثَ عَنْ: أَنَسِ بنِ سِيْرِيْنَ, وَالفَرَزْدَقِ, وَقَتَادَةَ -وَلاَزَمَه- وَأَبِي الزُّبَيْرِ المَكِّيِّ, وَكَانَ مَوْصُوْفاً بِالحِفْظِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ جُحَادَةَ -رَفِيْقُه- وَإِبْرَاهِيْمُ بن طهمان -تلميذه- ويزيد ابن زُرَيْعٍ, وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ, وَغَيْرُهُ. مَاتَ: فِي الكُهُولَةِ, بِالبَصْرَةِ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ, رَحِمَهُ اللهُ.
897- أَبُو هَاشِمٍ الرُّمَّانِيُّ 2: "ع"
الواسطي, ثِقَةٌ, حُجَّةٌ. قِيْلَ: اسْمُهُ: يَحْيَى بنُ دِيْنَارٍ. وَقِيْلَ: نَافِعٌ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي العَالِيَةِ, وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى, وَسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ, وَأَبِي عُمَرَ زَاذَانَ, وَأَبِي وَائِلٍ, وَأَبِي الأَحْوَصِ, وَأَبِي مِجْلَزٍ, وَإِبْرَاهِيْمَ النَّخَعِيِّ, وَمُجَاهِدٍ, وَعِكْرِمَةَ, وَأَبِي صَالِحٍ, وَعِدَّةٍ.
رَوَى عَنْهُ: خَلَفُ بنُ خَلِيْفَةَ, وَهُشَيْمٌ, وَرَوْحُ بنُ القَاسِمِ, وَشَرِيْكٌ, وَشُعْبَةُ وَسُفْيَانُ, وَقَيْسُ بنُ الرَّبِيْعِ, وَآخَرُوْنَ.
وَاحْتَجُّوا بِهِ فِي الكُتُبِ السِّتَّةِ, وَهُوَ مِمَّنْ يُجْمَعُ حَدِيْثُه.
تُوُفِّيَ سنة اثنتين وثلاثين ومائة.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 2813"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "3/ 29"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 678"، الكاشف "1/ ترجمة 941"، ميزان الاعتدال "1/ 461"، تاريخ الإسلام "5/ 235" و"6/ 53"، الوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "11/ 305"، تهذيب التهذيب "2/ 199"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1236".
2 ترجمته في التاريخ الكبير "8/ ترجمة 2967"، الجرح والتعديل "9/ ترجمة 595"، تاريخ الإسلام "5/ 196"، تهذيب التهذيب "12/ 261".

(6/294)


الحسن بن الحرُ، الجُرَيْرِي:
898- الحسن بن الحر 1: "د, س"
النخعي أَوِ الجُعْفِيُّ, كُوْفِيٌّ, إِمَامٌ, عَابِدٌ, سَكَنَ دِمَشْقَ.
وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِي الطُّفَيْلِ, وَالشَّعْبِيِّ, وَالقَاسِمِ بنِ مُخَيْمِرَةَ, وَخَالِه عَبْدَةَ بنِ أَبِي لُبَابَةَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ أَخِيْهِ, حُسَيْنُ بنُ عَلِيٍّ الجُعْفِيُّ, وزهير بن معاوية, وحميد ابن عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرُّؤَاسِيُّ, وَجَمَاعَةٌ.
وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِيْنٍ قَالَ زُهَيْرٌ: اقْتَرَضَ أَبِي مِنَ الحَسَنِ بنِ الحُرِّ أَلْفاً, ثُمَّ وَجَّهَ بِهَا إِلَيْهِ, فَرَدَّهَا وَقَالَ: اشْتَرِ بِهَا لِزُهَيْرٍ سُكَّراً. وَقَالَ حُسَيْنٌ الجُعْفِيُّ: كَانَ الحَسَنُ بنُ الحُرِّ إِذَا مَرَّ بِهِ مَنْ يَبِيْعُ مِلْحاً أَوْ مَنْ رَأْسُ ماله نحو درهمين, فيعيطه خَمْسَةً يَقُوْلُ: اجْعَلْهَا رَأْسَ مَالِكَ وَخَمْسَةً أُخْرَى فَيَقُوْلُ: خُذْ بِهَا دَقِيْقاً وَتَمراً. وَخَمْسَةً أُخْرَى فَيَقُوْلُ: خُذْ بِهَا قُطناً لِلْمَرْأَةِ.
قَالَ مُحْرِزُ بنُ حُرَيْثٍ: كَتَبَ الحَسَنُ بنُ الحُرِّ إِلَى عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ: إِنِّي كُنْتُ أُقَسِّمُ زَكَاتِي, فَلَمَّا وُلِّيتَ, رَأَيْتُ أَنْ أَسْتَأمِرَكَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ ابْعَثْ بِهَا إِلَيْنَا وَسَمِّ لَنَا إِخْوَانَكَ نُغنِهِم عَنْكَ.
قَالَ العِجْلِيُّ: كَانَ كَثِيْرَ المَالِ, سَخِيّاً, مُتَعَبِّداً قَالَ الأَوْزَاعِيُّ: مَا قَدِمَ عَلَيْنَا مِنَ العِرَاقِ مِثْلُ الحَسَنِ بنِ الحُرِّ, وَعَبْدَةَ بنِ أَبِي لُبَابَةَ, وَكَانَا شَرِيْكَيْنِ وَقَالَ الحَاكِمُ: ثِقَةٌ مَأْمُوْنٌ. وَيُنسَبُ إِلَى جَدِّه, فَيُقَالُ: الحَسَنُ ابْنُ الحَكَمِ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: هُوَ مَوْلَى لِبَنِي الصَّيْدَاءِ, قَوْمٍ مِنْ بَنِي أَسَدٍ. مَاتَ: سنة ثلاث وثلاثين ومائة.
899- الجريري 2: "ع"
الإِمَامُ, المُحَدِّثُ, الثِّقَةُ أَبُو مَسْعُوْدٍ سَعِيْدُ بنُ إِيَاسٍ الجُرَيْرِيُّ, البَصْرِيُّ, مِنْ كِبَارِ العُلَمَاءِ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 353"، التاريخ الكبير "2/ ترجمة 2504"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 26"، الكاشف "1/ ترجمة 1026"، تاريخ الإسلام "5/ 235"، الوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "11/ 416"، تهذيب التهذيب "2/ 261"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1328".
2 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 261"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 1520"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 76 و83 و123" و"3/ 13 و63"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 1"، حلية الأولياء "6/ ترجمة 363"، الأنساب للسمعاني "3/ 244"، تاريخ الإسلام "6/ 69"، تذكرة الحفاظ "1/ 150"، العبر "1/ 196"، ميزان الاعتدال "2/ 127-128" تهذيب التهذيب "4/ ترجمة 8"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2419"، شذرات الذهب "1/ 215".

(6/295)


رَوَى عَنْ: أَبِي الطُّفَيْلِ عَامِرِ بنِ وَاثِلَةَ وَأَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ وَعَبْدِ اللهِ بنِ شَقِيْقٍ وَأَبِي نَضْرَةَ وَابْنِ بُرَيْدَةَ, وَخَلْقٍ سِوَاهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ المُبَارَكِ وَبِشْرُ بنُ المُفَضَّلِ, وَإِسْمَاعِيْلُ بن علية ويزيد ابن هَارُوْنَ وَعِيْسَى بنُ يُوْنُسَ وَيَحْيَى القَطَّانُ وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ, وَعَدَدٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: هُوَ مُحَدِّثُ البَصْرَةِ وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ وَجَمَاعَةٌ ثِقَةٌ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ تَغَيَّرَ حِفْظُهُ قَبْلَ مَوْتِه وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي عَدِيٍّ لاَ نَكذِبُ اللهَ سَمِعنَا مِنَ الجُرَيْرِيِّ وَهُوَ مُختَلِطٌ وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ سَأَلْتُ ابْنَ عُلَيَّةَ أَكَانَ الجُرَيْرِيُّ اخْتُلِطَ? قَالَ لاَ كَبِرَ الشَّيْخُ, فَرَقَّ.
قَالَ الفَلاَّسُ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ يَقُوْلُ: أَتَيْتُ الجُرَيْرِيَّ فَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: حَدَّثَنَا ابْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو قَالَ: "بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلاَةٌ".
فَلَمَّا خَرَجتُ قَالَ لِي رَجُلٌ: إِنَّمَا هُوَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مُغَفَّلٍ1.
فَرَجَعتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ: لَهُ فَقَالَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مُغَفَّلٍ.
وَرَوَى ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ كَهْمَسٍ قَالَ أَنْكَرْنَا الجُرَيْرِيَّ قَبْلَ الطَّاعُوْنِ.
وَقَالَ يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ سَمِعْتُ مِنَ الجُرَيْرِيِّ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وأربعين ومائة وَهِيَ أَوَّلُ دُخُوْلِي البَصْرَةَ وَلَمْ نُنكِرْ مِنْهُ شَيْئاً وَكَانَ قَدْ قِيْلَ: لَنَا إِنَّهُ قَدِ اخْتُلِطَ وَقَدْ سَمِعَ مِنْهُ إِسْحَاقُ الأَزْرَقُ بَعْدَنَا.
وَرَوَى عَبَّاسٌ، عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ قَالَ سَمِعَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ مِنَ الجُرَيْرِيِّ, وَكَانَ لا يروي عنه.
__________
1 صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة "2/ 356"، وأحمد "5/ 57"، والبخاري "624"، ومسلم "838" والدارمي "1/ 336"، وابن خزيمة "1287"، والدارقطني "1/ 266"، وأبو عوانة "2/ 265"، والبيهقي "2/ 474" من طرق عن سعيد الجريري، عن عبد الله بن بريدة، عن عبد الله بن مغفل، به مرفوعا.
وأخرجه ابن أبي شيبة "2/ 356"، وأحمد "4/ 86" و"5/ 54"، والبخاري "627"، ومسلم "838"، والترمذي "185"، والنسائي "1/ 28"، وابن ماجه "1162"، والدراقطني "1/ 266"، والبيهقي "2/ 472"، والبغوي "430" من طرق عن كَهْمَسُ بنُ الحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ بريدة، عن عبد الله بن مغفل، به مرفوعا.

(6/296)


وَقَالَ أَحْمَدُ: كَانَ أَيُّوْبُ السِّخْتِيَانِيُّ يُقَدِّمُ الجُرَيْرِيَّ عَلَى سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ؛ لأَنَّهُ كَانَ يُخَاصِمُ القَدَرِيَّةَ وَكَانَ أَيُّوْبُ لاَ يُعجِبُهُ أَنْ يُخَاصِمَهُم وَقَالَ: وَمِنْ غَرَائِبِ الجُرَيْرِيِّ حَدِيْثُ مُسْلِمٍ "إِذَا بُوْيِعَ لِخَلِيْفَتَيْنِ فَاقْتُلِ الأَحْدَثَ مِنْهُمَا" 1, وَحَدِيْثُ: "لاَ تَقُلْ: عَلَيْكَ السَّلاَمُ فَإِنَّهَا تَحِيَّةُ المَيِّتِ" 2 وَقَدْ رَوَيَا له في " الصَّحِيْحَيْنِ" وَتَحَايَدَا مَا حَدَّثَ بِهِ فِي حَالِ تَغَيُّرِ حِفْظِه فَجَرَى لَهُ فِي الشَّيْخُوخَةِ نَظِيْرُ مَا تَمَّ لِسَعِيْدِ بنِ أَبِي عَرُوْبَةَ تُوُفِّيَ الجريري: سنة أربع وأربعين ومائة.
__________
1 صحيح: أخرجه مسلم "1853" من طريق خَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ، عَنِ الجُرَيْرِيِّ، عَنْ أبي نضرة، عن أبي سَعِيْدٍ الخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما".
2 صحيح: أخرجه أبو داود "4084"، والترمذي "2722" من طريق أبي غفار المثنى بن سعيد الطائي، حدثنا أبو تميمة الهجيمي "وأبو تميمة اسمه طريف بن مجالد" عن أبي جرى جابر بن سليم قال: رأيت رجلا يصدر الناس عن رأيه، لا يقول شيئا إلا صدروا عنه، قلت: من هذا؟ قالوا: هَذَا رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ: عليك السلام يا رسول الله مرتين. قال: لا تقل عليك السلام فإن عليك السلام تحية الميت. قل السلام عليك...." وذكر حديثا طويلا.
وأخرجه الترمذي "2721"، وابن السني في "عمل اليوم والليلة" "233" من طريق خالد الحذاء، عن أبي تميمة الهجيمي، عن رجل من قومه قال: فذكره. وأخرجه أحمد "3/ 482"، والحاكم "4/ 168" من طريق سعيد بن الجريري، عن أبي السليل، عن أبي تميمة الهجيمي، عن رجل من قومه، به.

(6/297)


900- رقبة بن مصقلة 1: "خَ, م, د, ت, س"
الإِمَامُ, الثَّبْتُ, العَالِمُ, أَبُو عَبْدِ اللهِ العَبْدِيُّ, الكُوْفِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَنَسِ بنِ مَالِكٍ. وَعَنْ عَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ, وَنَافِعٍ, وَطَلْحَةَ بنِ مُصَرِّفٍ, وَعَوْنِ بنِ أَبِي جُحَيْفَةَ, وَغَيْرِهِم.
وَعَنْهُ: صَاحِبُهُ, سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ, وَأَبُو عَوَانَةَ, وَجَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ, وَمُحَمَّدُ بنُ فُضَيْلٍ, وَجَمَاعَةٌ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: ثِقَةٌ مَأْمُوْنٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيُّ: كَانَ ثِقَةً, مُفَوَّهاً يُعَدُّ مِنْ رجالات العرب- رحمه الله تعالى.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "3/ ترجمة 1154"، المعرفة والتاريخ "2/ 676 و790 و814"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 2358"، تاريخ الإسلام "5/ 249"، الكاشف "1/ ترجمة 1599"، تهذيب التهذيب "3/ 286"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2101".

(6/297)


الزُّبَير بن عدى، يزيد بن عبد الله بن خُصَيْفة، يزيد بن يزيد بن جابر:
901- الزبير بن عدي 1: "ع"
العَلاَّمَةُ, الثِّقَةُ, أَبُو عَدِيٍّ الهَمْدَانِيُّ, اليَامِيُّ, الكُوْفِيُّ, قَاضِي الرَّيِّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَنَسِ بنِ مَالِكٍ, وَأَبِي وَائِلٍ شَقِيْقٍ, وَالحَارِثِ الأَعْوَرِ, وَإِبْرَاهِيْمَ النَّخَعِيِّ, وَمُصْعَبِ بنِ سَعْدٍ.
وَعَنْهُ: مَالِكُ بنُ مِغْوَلٍ وَمِسْعَرٌ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَبِشْرُ بنُ الحُسَيْنِ وَجَمَاعَةٌ.
وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَكَانَ فَاضِلاً صَاحِبَ سُنَّةٍ قَالَ العِجْلِيُّ ثِقَةٌ ثَبْتٌ مِنْ أَصْحَابِ إِبْرَاهِيْمَ كَانَ مَعَ قُتَيْبَةَ البَاهِلِيِّ فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيْمُ اتَّقِ اللهَ لاَ تُقْتَلْ مَعَ قُتَيْبَةَ يُقَالَ مات سنة إحدى وثلاثين ومئة.
902- يزيد بن عبد الله بن خصيفة 2: "ع"
وَخُصَيْفَةُ هُوَ أَخُو السَّائِبِ, ابْنَيْ يَزِيْدَ بنِ سَعِيْدِ بنِ أُخْتِ نَمِرٍ الكِنْدِيُّ, المَدَنِيُّ, الفَقِيْهُ.
حَدَّثَ عَنْ: السَّائِبِ بنِ يَزِيْدَ, وَعُرْوَةَ بنِ الزُّبَيْرِ, وَبُسْرِ بنِ سَعِيْدٍ, وَيَزِيْدَ بنِ قسيط.
وَعَنْهُ: مَالِكٌ, وَالثَّوْرِيُّ, وَسُلَيْمَانُ بنُ بِلاَلٍ, وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ جَعْفَرٍ, وَابْنُ عُيَيْنَةَ, وَالدَّرَاوَرْدِيُّ, وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثَبْتاً عَابِداً, نَاسِكاً, كَثِيْرَ الحَدِيْثِ قُلْتُ: تُوُفِّيَ بَعْد الثَّلاَثِيْنَ وَمائَةٍ.
903- يَزِيْدُ بنُ يَزِيْدَ بنِ جابر 3: "م, د, ت, ق"
الأزدي, الدمشقي, أخو عبد الرحمن بن يزيد.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 330"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 1363"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "3/ 87"، الكنى للدولابي "2/ 29"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 2632"، تاريخ الإسلام "5/ 250"، الكاشف "1/ ترجمة 1637"، ميزان الاعتدال "2/ 68"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2125"، شذرات الذهب "1/ 181".
2 ترجمته في التاريخ الكبير "8/ ترجمة 3261"، الجرح والتعديل "9/ ترجمة 1153"، الكاشف "3/ ترجمة 6438"، تاريخ الإسلام "5/ 314"، تهذيب التهذيب "11/ 340".
3 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 466"، التاريخ الكبير "8/ ترجمة 3359"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 334 و393"، الجرح والتعديل "9/ ترجمة 1262"، تاريخ الإسلام "5/ 316"، الكاشف "3/ 6381"، تهذيب التهذيب "11/ 370"، شذرات الذهب "1/ 192".

(6/298)


حَدَّثَ: عَنْ يَزِيْدَ بنِ الأَصَمِّ وَمَكْحُوْلٍ وَرُزَيْقِ بنِ حَيَّانَ وَوَهْبِ بنِ مُنَبِّهٍ وَطَائِفَةٍ.
رَوَى عَنْهُ: الأَوْزَاعِيُّ وَشُعَيْبُ بنُ أَبِي حَمْزَةَ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو المَلِيْحِ الرَّقِّيُّ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَحُسَيْنٌ الجُعْفِيُّ وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ مِنْ كِبَارِ الأَئِمَّةِ الأَعْلاَمِ ذُكِرَ لِلْقَضَاءِ مَرَّةً فَإِذَا هُوَ أَكْبَرُ مِنَ القَضَاءِ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: ثِقَةٌ أَجَازَه الوَلِيْدُ بنُ يَزِيْدَ بِخَمْسِيْنَ أَلْفَ دِيْنَارٍ.
وَعَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ لاَ أَعْلَمُ مَكْحُوْلاً خَلَّفَ مِثْلَ يَزِيْدَ بنِ يَزِيْدَ بِالشَّامِ إلَّا مَا ذَكَرَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ مِنْ سُلَيْمَانَ.
وَقَالَ الجُعْفِيُّ: قَدِمَ عَلَيْنَا يَزِيْدُ بنُ يَزِيْدَ فَذَكَرَ مِنْ بُكَائِهِ.
وَقَالَ هِشَامُ بنُ عَمَّارٍ: أَفسَدَ نَفْسَه خَرَجَ فَأَعَانَ عَلَى قَتْلِ الوَلِيْدِ وَأَخَذَ مائَةَ ألف دينار.
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: كَانَ حَسَنَ الهَيْئَةِ حَسَنَ النَّحْوِ يَقُوْلُوْنَ لَمْ يَكُنْ فِي أَصْحَابِ مَكْحُوْلٍ مِثْلُهُ.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: لَمْ يَكُنْ لِعَمِّي يَزِيْدَ كِتَابٌ.
قَالَ دُحَيْمٌ: مَاتَ مَكْحُوْلٌ فَأَحْدَقُوا بِيَزِيْدَ بنِ يَزِيْدَ وَكَانَ رَجُلاً سِكِّيْتاً فَتَحَوَّلُوا إِلَى سُلَيْمَانَ بنِ مُوْسَى فَأَوسَعَهم عِلْماً وَفِي لَفْظٍ كَانَ زِمِّيتاً1 لاَ يحدثإلَّا أَنْ يُسْأَلَ وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ وَالنَّسَائِيُّ ثِقَةٌ.
وَقَالَ خَلِيْفَةُ وَابْنُ سَعْدٍ مَاتَ سنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ وَقِيْلَ: مَاتَ سنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ قُلْتُ: عَاشَ أَخُوْهُ بَعْدَه ثَلاَثِيْنَ سنة.
__________
1 الزميت: هو القليل الكلام الوقور.

(6/299)


شريك، هاشم بن يزيد، عبد الله بن علي:
904- شريك 1: "خ, م, د, س, ق"
ابْنِ عَبْدِ اللهِ بن أبي نمر المدني, المُحَدِّثُ.
حَدَّثَ عَنْ: أَنَسٍ, وَسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ, وَكُرَيْبٍ, وَعَطَاءِ بنِ يَسَارٍ, وَجَمَاعَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مَالِكٌ, وَسُلَيْمَانُ بنُ بِلاَلٍ, وَعَبْدُ العَزِيْزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ, وإسماعيل ابن جَعْفَرٍ, وَأَبُو ضَمْرَةَ اللَّيْثِيُّ, وَرَوَى عَنْهُ مِنَ الكِبَارِ سَعِيْدٌ المَقْبُرِيُّ وَذَلِكَ فِي "الصَّحِيْحِ".
قَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ, وَالنَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالاَ مَرَّةً: لَيْسَ بِالقَوِيِّ. وَقَدْ جَهِلَ عَلَيْهِ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ حَزْمٍ وَاتَّهَمَهُ بِالوَضعِ. وَقَدْ وَثَّقَهُ أبو داود وروى عنه مثل مَالِكٍ وَلاَ رَيْبَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الثَّبْتِ كَيَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيِّ وَفِي حَدِيْثِ الإِسْرَاءِ مِنْ طَرِيْقِه أَلْفَاظٌ لَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهَا وَذَلِكَ فِي صَحِيْحِ البُخَارِيِّ مَاتَ قَبْلَ الأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ.
905- هاشم بن يزيد 2:
ابن خالد بن الخليفة يزيد بن معاوية السفياني.
بَايَعَه بِالخِلاَفَةِ أَهْلُ دِمَشْقَ لَمَّا هَلَكَ السَّفَّاحُ, وَدَعَا عَمُّه إِلَى نَفْسِهِ. فَكَانَ القَائِمَ بِخِلاَفَةِ هَاشِمٍ الأَمِيْرُ عُثْمَانُ بنُ عَبْدِ الأَعْلَى بنِ سُرَاقَةَ الأَزْدِيُّ, فَلَمَّا أَقْبَلَ لِحَرْبِهِ صَالِحٌ عَمُّ المَنْصُوْرِ هَرَبَ هَاشِمٌ وَابْنُ سُرَاقَةَ.
وَكَانَ ابْنُ سُرَاقَةَ قَدْ شَتَمَ بَنِي العَبَّاسِ عَلَى مِنْبَرِ دِمَشْقَ لأَفَاعِيْلِهِم, وَسَفكِهِمُ الدِّمَاءَ وَقَدْ كَانَ ابْنُ سُرَاقَةَ اسْتَنَابَه عَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيٍّ عَلَى دِمَشْقَ فَلَمَّا سَبَّهُم عُزِلَ وَجَاءَ عَلَى نِيَابَةِ دِمَشْقَ مُقَاتِلُ بنُ حَكِيْمٍ فَظَفِرَ بِابْنِ سُرَاقَةَ فَضَرَبَ عُنُقَه وَلَمْ يَبلُغْنَا مَا جَرَى لِهَاشِمٍ ذَكَرَهُ ابْنُ عَسَاكِرَ.
906- عَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيِّ 3:
ابْنِ البَحْرِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ. عَمُّ السَّفَّاحِ وَالمَنْصُوْرِ, مِنْ رِجَالِ العَالِمِ, وَدُهَاةِ قُرَيْشٍ كَانَ بَطَلاً, شُجَاعاً, مَهِيْباً, جَبَّاراً, عَسُوْفاً, سَفَّاكاً لِلدِّمَاءِ. بِهِ قَامتِ الدَّولَةُ العَبَّاسِيَّةُ. سَارَ فِي أَرْبَعِيْنَ أَلْفاً أَوْ أَكْثَرَ فَالْتَقَى الخَلِيْفَةَ مَرْوَانَ بِقُربِ المَوْصِلِ فَهَزَمَه وَمَزَّقَ جُيُوْشَه وَلَجَّ فِي طَلَبِه وَطَوَى البِلاَدَ حَتَّى نَازَلَ دَارَ المُلْكِ دِمَشْقَ فَحَاصَرَهَا أَيَّاماً وَأَخَذَهَا بِالسَّيْفِ وَقَتَلَ بِهَا إِلَى الظُّهْرِ نَحْواً مِنْ خَمْسِيْنَ أَلْفَ مُسْلِمٍ مِنَ الجُنْدِ وَغَيْرِهِم وَلَمْ يَرقُبْ فِيْهِم إلَّا وَلاَ ذِمَّةً وَلاَ رَعَى رَحِماً وَلاَ نَسَباً ثُمَّ جَهَّزَ فِي الحَالِ أَخَاهُ دَاوُدَ بنَ عَلِيٍّ في طلب مروان إلى أن
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2645"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 1592"، الكاشف "2/ ترجمة 2299"، تاريخ الإسلام "6/ 80"، تهذيب التهذيب "4/ 337"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2949".
2 ترجمته في تاريخ ابن عساكر.
3 ترجمته في تاريخ بغداد "10/ 8" النجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 7.

(6/300)


أَدْرَكَه بِقَرْيَةِ بُوْصِيْرَ, مِنْ بِلاَد مِصْرَ, فَبَيَّتَه, فَقَاتَلَ المِسْكِيْنُ حَتَّى قُتِلَ, وَهَرَبَ ابْنَاهُ إِلَى بِلاَدِ الحَبَشَةِ, وَانتَهَتِ الدَّولَةُ الأُمَوِيَّةُ.
وَلَمَّا مَاتَ السَّفَّاحُ, زَعَمَ عَبْدُ اللهِ أَنَّهُ وَلِيُّ عَهْدِه, وبايعه أمراء الشام, وبويع المَنْصُوْرُ بِالعِرَاقِ, وَنَدَبَ لِحَربِ عَمِّهِ صَاحِبَ الدَّعوَةِ أَبَا مُسْلِمٍ الخُرَاسَانِيَّ, فَالْتَقَى الجَمْعَانِ بِنَصِيْبِيْنَ فَاشتَدَّ القِتَالُ وَقُتِلَتِ الأَبْطَالُ, وَعَظُمَ الخَطْبُ ثُمَّ انْهَزَمَ عَبْدُ اللهِ فِي خَوَاصِّه, وَقَصَدَ البَصْرَةَ فَأَخفَاهُ أَخُوْهُ سُلَيْمَانُ مُدَّةً, ثُمَّ مَا زَالَ المَنْصُوْرُ يُلحُّ حَتَّى أَسلَمَه فَسَجَنَهُ سَنَوَاتٍ فَيُقَالُ: حَفَرَ أَسَاسَ الحَبسِ وَأَرْسَلَ عَلَيْهِ المَاءَ فَوَقَعَ عَلَى عَبْدِ اللهِ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ فالأمر لله.

(6/301)


رُؤْبَة بن العجَّاج، سليمان بن علي:
907- رُؤْبَةُ بنُ العَجَّاجِ 1:
التَّمِيْمِيُّ, الرَّاجِزُ, مِنْ أَعرَابِ البَصْرَةِ وَسَمِعَ: أَبَاهُ, وَالنَّسَّابَةَ البَكْرِيَّ.
وَرَوَى عَنْهُ: يَحْيَى القَطَّانُ, وَالنَّضْرُ بنُ شُمَيْلٍ, وَأَبُو عُبَيْدَةَ, وَأَبُو زَيْدٍ النَّحْوِيُّ, وَطَائِفَةٌ.
وَكَانَ رَأْساً فِي اللُّغَةِ, وَكَانَ أَبُوْهُ قَدْ سَمِعَ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ خَلَفٌ الأَحْمَرُ: سَمِعْتُ رُؤِبَةَ يَقُوْلُ: مَا فِي القُرْآنِ أَعرَبُ مِنْ قَوْلِه تَعَالَى: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَر} [الحِجْرُ: 94] قَالَ النَّسَائِيُّ فِي رُؤْبَةَ: لَيْسَ بِالقَوِيِّ. وَقَالَ غَيْرُهُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَرُؤْبَةُ -بِالهَمْزِ-: قِطعَةٌ مِنْ خشب, يشعب بها الإناء, جمعها: رئاب. والروية -بِوَاوٍ- خَمِيْرَةُ: اللَّبَنِ وَالرُّوْبَةُ أَيْضاً: قِطعَةٌ مِنَ الليل.
908- سليمان بن علي 2: "س, ق"
الأمير, عم المنصور.
روى عن: أبيه, وعكرمة.
وَعَنْهُ ابْنُهُ, جَعْفَرٌ, وَعَافِيَةُ القَاضِي, وَمُحَمَّدُ بنُ رَاشِدٍ المَكْحُوْلِيُّ, وَالأَصْمَعِيُّ, وَبِنْتُهُ, زَيْنَبُ بِنْتُ سُلَيْمَانَ.
وَكَانَ أَحَدَ الأَجْوَادِ. قِيْلَ: كَانَ يُعتِقُ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ مائَةَ مَمْلُوْكٍ وَقِيْلَ: بَلَغَتْ عَطَايَاهُ فِي بَعْضِ المَوَاسِمِ خَمْسَةَ آلاَفِ أَلْفِ دِرْهَمٍ.
وَلِيَ البصرة مدة, وكان يخصب, وَقَدْ شَابَ وَهُوَ ابْنُ عِشْرِيْنَ سَنَةً. وَوَرَدَ أَنَّهُ كَانَ فِي سَطحِ القَصرِ, فَسَمِعَ نِسوَةً يَقُلْنَ: لَيْتَ الأَمِيْرَ اطَّلَعَ عَلَيْنَا, فَأَغنَانَا؟ فَرَمَى إِلَيْهِم جَوْهَراً وَذَهَباً.
مَاتَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ, سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ. وَهُوَ وَالِدُ الأَمِيْرَيْنِ: محمد, وجعفر.
__________
1 ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "2/ 238"، شذرات الذهب لابن العماد "1/ 223"، خزانة الأدب للبغدادي "1/ 43"، لسان الميزان "2/ 264".
2 ترجمته في التاريخ الكبير "4/ ترجمة 1848"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 116 و125" و"2/ 247"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 572"، الكاشف "1/ ترجمة 2139"، تاريخ الإسلام "6/ 74"، تهذيب التهذيب "4/ 211"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2728".

(6/301)


909- حميد بن أبي حميد 1: "ع"
الطويل, الإِمَامُ, الحَافِظُ, أَبُو عُبَيْدَةَ البَصْرِيُّ, مَوْلَى طَلْحَةَ الطَلَحَاتِ. وَيُقَالُ: مَوْلَى سَلَمَةَ. وَقِيْلَ: غَيْرُ ذَلِكَ. وَفِي اسْمِ أَبِيْهِ أَقْوَالٌ: أَشهَرُهَا: تَيْرَوَيْه. وَقِيْلَ: تَيْرُ. وَقِيْلَ: زَاذَوَيْه, لاَ بَلْ ابْنُ: زَاذَوَيْه, شَيْخٌ, مُقِلٌّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ عَوْنٍ, هُوَ يَرْوِي أَيْضاً عَنْ أَنَسٍ. وَقِيْلَ: اسْمُ وَالِدِ حُمَيْدٍ الطَّوِيْلِ: دَاوَرُ, أَوْ مِهْرَانُ, أَوْ طَرْخَانُ, أَوْ مَخْلَدٌ, أَوْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ.
مَوْلِدُه فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ, عَامَ مَوْتِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَسَمِعَ أَنَسَ بنَ مَالِكٍ, وَالحَسَنَ, وَأَبَا المُتَوَكِّلِ, وعكرمة, وموسى بن أنس, وَبَكْرَ بنَ عَبْدِ اللهِ, وَعَبْدَ اللهِ بنَ شقيق العقيلي, وثابت البُنَانِيَّ, وَابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ, وَيُوْسُفَ بنَ مَاهَكَ, وَطَائِفَةً, وَكَانَ صَاحِبَ حَدِيْثٍ, وَمَعْرِفَةٍ, وَصِدْقٍ.
رَوَى عَنْهُ: عَاصِمُ بنُ بَهْدَلَةَ, وَشُعْبَةُ وَزِيَادُ بنُ سَعْدٍ, وَابْنُ جُرَيْجٍ, وَالسُّفْيَانَانِ, وَالحَمَّادَانِ, وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ جعفر, وأبو إسحاق الفزاري, وخالد ابن عَبْدِ اللهِ, وَزَائِدَةُ, وَزُهَيْرُ بنُ مُعَاوِيَةَ, وَبِشْرُ بنُ المُفَضَّلِ, وَخَالِدُ بنُ الحَارِثِ, وَأَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ, وَعَبَّادُ بنُ العَوَّامِ, وَابْنُ المُبَارَكِ, وَعَبْدُ الأَعْلَى السَّامِيُّ, وَعَبْدُ العَزِيْزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ, وَعَبْدُ الوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ, وَمَالِكٌ, وَهُشَيْمٌ, وَوُهَيْبٌ, وَيَزِيْدُ بنُ زُرَيْعٍ, وَعَبِيْدَةُ بنُ حُمَيْدٍ, وَيَحْيَى القَطَّانُ, وَأَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ, وَيَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ, وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي عَدِيٍّ, وَمَرْوَانُ بنُ مُعَاوِيَةَ, وَمُحَمَّدُ بنُ عيسى
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 252"، التاريخ الكبير "2/ ترجمة 2704"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 125 و231" و"2/ 37"، الكنى للدولابي "2/ 73"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 961"، تاريخ الإسلام "6/ 57"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 146"، العبر "1/ 194"، الكاشف "1/ ترجمة "1257"، تهذيب التهذيب "3/ 48"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1643"، شذرات الذهب "1/ 211".

(6/302)


سُمَيْعٍ, وَالنَّضْرُ بنُ شُمَيْلٍ, وَقُرَيْشُ بنُ أَنَسٍ, وَمُعَاذُ بنُ مُعَاذٍ, وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ, وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ, وَرَوَى عَنْهُ مِنْ أَقْرَانِهِ: يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ.
وَيُقَالُ: مِنْ سَبْيِ كَابُلَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ: وَالِدُ حُمَيْدٍ الطَّوِيْلِ.
وَرَوَى الفَسَوِيُّ، عَنْ أَبِي مُوْسَى الزَّمِنِ, قَالَ: حُمَيْدُ بنُ تَيْرَوَيْه وَهُم يَغضَبُوْنَ مِنْهُ.
قَالَ حَاشِدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ البُخَارِيُّ: سَأَلْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ حُمَيْدٍ الطَّوِيْلَ, قُلْتُ: مَا اسْمُ جَدِّكَ؟ قَالَ لاَ أَدْرِي.
قَالَ الأَصْمَعِيُّ: رَأَيْتُ حُمَيْداً وَلَمْ يَكُنْ بِطَوِيْلٍ, وَلَكِنْ كَانَ طَوِيْلَ اليَدَيْنِ, وَكَانَ قَصِيْراً, لَمْ يَكُنْ بِذَاكَ الطَّوِيْلِ, وَلَكِنْ كَانَ لَهُ جَارٌ يُقَالَ لَهُ: حُمَيْدٌ القَصِيْرُ. فَقِيْلَ: حُمَيْدٌ الطَّوِيْلُ لِيُعرَفَ مِنَ الآخَرِ.
وَرَوَى إِسْحَاقُ الكَوْسَجُ، عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ: بَصْرِيٌّ, تَابِعِيٌّ, ثِقَةٌ, وَهُوَ خَالُ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: ثِقَةٌ, لاَ بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ أَكْبَرُ أَصْحَابِ الحَسَنِ قَتَادَةُ, وَحُمَيْدٌ وَقَالَ ابْنُ خِرَاشٍ: ثِقَةٌ صَدُوْقٌ, وَعَامَّةُ حَدِيْثِه، عَنْ أَنَسٍ إِنَّمَا سَمِعَهُ مِنْ ثَابِتٍ. يُرِيْدُ أَنَّهُ كَانَ يُدَلِّسُهَا.
وَرَوَى يَحْيَى بنُ أَبِي بُكَيْرٍ، عَنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ قَالَ: أَخَذَ حُمَيْدٌ كُتُبَ الحَسَنِ, فَنَسَخَهَا ثُمَّ رَدَّهَا عَلَيْهِ.
وَرَوَى الأَصْمَعِيُّ، عَنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ قَالَ: لَمْ يَدَعْ حُمَيْدٌ لِثَابِتٍ البُنَانِيِّ عِلْماً إلَّا وَعَاهُ, وَسَمِعَهُ مِنْهُ.
التَّبُوْذَكِيُّ، عَنْ حَمَّادٍ قَالَ: عَامَّةُ مَا يَرْوِي حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ سَمِعَهُ مِنْ ثَابِتٍ. قَالَ زُهَيْرُ بنُ مُعَاوِيَةَ: قَدِمْتُ البَصْرَةَ, فَأَتَيْتُ حُمَيْداً الطَّوِيْلَ, وَعِنْدَهُ أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ, فَقُلْتُ: لَهُ حَدِّثْنِي؟ فَقَالَ: سَلْ؟ قُلْتُ: مَا مَعِي شَيْءٌ أَسْأَلُ عَنْهُ. قَالَ: فَحَدَّثَنِي بِثَلاَثِيْنَ حَدِيْثاً. قُلْتُ: حَدِّثْنِي؟ فَحَدَّثَنِي بِتِسْعَةٍ وَأَرْبَعِيْنَ حَدِيْثاً. فَقُلْتُ: مَا أَرَاكَ إلَّا قَدْ قَارَبتَ. فَجَعَلَ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ أَنَساً, وَالأَحْيَانَ يَقُوْلُ: قَالَ أَنَسٌ. فَلَمَّا فَرَغَ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَا قَدْ حَدَّثْتَنِي بِهِ، عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ أَنْتَ سَمِعْتَه مِنْهُ? فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَيْهَاتَ, فَاتَكَ مَا فَاتَكَ! يَقُوْلُ: كَانَ يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تَقِفَهُ عِنْدَ كُلِّ حَدِيْثٍ وَتَسْأَلَه فَكَأَنَّ حُمَيْداً وَجَدَ فِي نَفْسِهِ, فَقَالَ: مَا حَدَّثْتُكَ بِشَيْءٍ، عَنْ أَحَدٍ, فَعَنْهُ أُحَدِّثُكَ. قَالَ: فَلَمْ يَشفِ قَلْبِي.
قَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ, قَالَ: كَانَ حُمَيْدٌ الطَّوِيْلُ إِذَا ذَهَبْتَ تَقِفُهُ عَلَى بَعْضِ حَدِيْثِ أَنَسٍ يَشُكُّ فِيْهِ.

(6/303)


وَرَوَى عَفَّانُ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ, قَالَ: كُنْتُ أَسْأَلُ حُمَيْداً عَنِ الشَّيْءِ مِنْ فُتْيَا الحَسَنِ, فَيَقُوْلُ: نَسِيْتُه.
وَرَوَى يُوْسُفُ بنُ مُوْسَى، عَنْ يَحْيَى بنِ يَعْلَى المُحَارِبِيِّ, قَالَ: طَرَحَ زائدة حَدِيْثَ حُمَيْدٍ الطَّوِيْلِ.
وَرَوَى عُمَرُ بنُ حَفْصٍ الأَشْقَرُ، عَنْ مَكِّيِّ بنِ إِبْرَاهِيْمَ قَالَ: مَرَرْتُ بِحُمَيْدٍ الطَّوِيْلِ, وَعَلَيْهِ ثِيَابٌ سُودٌ, فَقَالَ لِي أَخِي: أَلاَ تَسْمَعُ مِنْ حُمَيْدٍ? فَقُلْتُ: أَسْمَعُ مِنَ الشُّرَطِيِّ?!
وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: يُقَالُ اخْتُلِطَ عَلَى حُمَيْدٍ مَا سَمِعَ مِنْ أَنَسٍ وَمِنْ ثَابِتٍ.
وَيُرْوَى عَنْ: شُعْبَةَ قَالَ: كُلُّ شَيْءٍ سَمِعَ حُمَيْدٌ مِنْ أَنَسٍ خَمْسَةُ أَحَادِيْثَ.
وَرَوَى أَبُو عُبَيْدَةَ الحَدَّادُ، عَنْ شُعْبَةَ, قَالَ: لَمْ يسمع حميد من أنسإلَّا أَرْبَعَةً وَعِشْرِيْنَ حَدِيْثاً, وَالبَاقِي سَمِعَهَا مِنْ ثَابِتٍ, أَوْ ثَبَّتَهُ فِيْهَا ثَابِتٌ.
قُلْتُ: لِحُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ فِي كُتُبِ الإِسْلاَمِ شَيْءٌ كَثِيْرٌ, وَأَظُنُّ لَهُ فِي الكُتُبِ السِّتَّةِ عَنْهُ مائَةُ حَدِيْثٍ.
عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ, سَمِعْتُ شُعْبَةَ, سَمِعْتُ حَبِيْبَ بنَ الشَّهِيْدِ يَقُوْلُ لِحُمَيْدٍ, وَهُوَ يُحَدِّثُنِي: انْظُرْ مَا تُحَدِّثُ بِهِ شُعْبَةَ, فَإِنَّهُ يَرْوِيْهِ عَنْكَ. ثُمَّ يَقُوْلُ لِي: إِنَّ حُمَيْداً رَجُلٌ نَسِيٌّ, فَانْظُرْ مَا يُحَدِّثُكَ بِهِ. وَقَالَ مُعَاذُ بنُ مُعَاذٍ: كُنَّا عِنْدَ حُمَيْدٍ, فَأَتَاهُ شُعْبَةُ, فَقَالَ: يَا أَبَا عُبَيْدَةَ حَدِيْثُ كَذَا وَكَذَا شَكَّ فِيْهِ قَالَ إِنَّهُ لِيَعرِضُ لِي أَحْيَاناً فَانْصَرَفَ شُعْبَةُ فَقَالَ حُمَيْدٌ: مَا أَشُكُّ فِي شَيْءٍ مِنْهَا, وَلَكِنَّهُ غُلاَمٌ صَلِفٌ, أَحبَبتُ أَنْ أُفسِدَهَا عَلَيْهِ.
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ: لَهُ أَحَادِيْثُ كَثِيْرَةٌ مُسْتقِيْمَةٌ, فَأَغنَى -لِكَثْرَةِ حَدِيْثِهِ- أَنْ أَذْكُرَ لَهُ شَيْئاً مِنْ حَدِيْثِهِ وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ: الأَئِمَّةُ, وَأَمَّا مَا ذكر عنه أنه لم يسمع من أنسإلَّا مِقْدَارَ مَا ذُكِرَ وَسَمِعَ البَاقِي مِنْ ثَابِتٍ عَنْهُ فَإِنَّ تِلْكَ الأَحَادِيْثَ يُمَيِّزُهَا مَنْ كَانَ يَتَّهِمُه أَنَّهَا، عَنْ ثَابِتٍ عَنْهُ لأَنَّهُ قَدْ رَوَى، عَنْ أَنَسٍ وَقَدْ رَوَى، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ أَحَادِيْثَ فَأَكْثَرُ مَا فِي بَابِه أَنَّ الَّذِي رَوَاهُ، عَنْ أَنَسٍ البَعْضُ مِمَّا يُدَلِّسُهُ، عَنْ أَنَسٍ وَقَدْ سَمِعَهُ مِنْ ثَابِتٍ, وَقَدْ دَلَّسَ جَمَاعَةٌ مِنَ الرُّوَاةِ، عَنْ مَشَايِخَ قد رأوهم.
ابن سعد: أنبأنا عَبْدِ اللهِ التَّمِيْمِيُّ, أَخْبَرَنِي أَبُو خَالِدٍ الدَّارِيُّ، عن حماد ابن سَلَمَةَ قَالَ: أَخَذَ إِيَاسُ بنُ مُعَاوِيَةَ بِيَدِي وَأَنَا غُلاَمٌ فَقَالَ: لاَ تَمُوْتُ أَوْ تَقُصَّ. أَمَا إِنِّي قَدْ قُلْتُ: هَذَا

(6/304)


لَخَالُكَ- يَعْنِي: حُمَيْداً- قَالَ: فَمَا مَاتَ حَتَّى قَصَّ. قَالَ أَبُو خَالِدٍ: فَقُلْتُ لِحَمَّادٍ: فَقَصَصْتَ أَنْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ مُعَاذُ بنُ مُعَاذٍ: قَالَ حُمَيْدٌ لِلْبَتِّيِّ -يَعْنِي: عُثْمَانَ-: إِذَا أَتَاكَ النَّاسُ, فَاحمِلْهُم عَلَى أَمْرٍ وَاحِدٍ, لاَ, وَلَكِن خُذْ مِنْ هَذَا وَمِنْ هَذَا, فَأَصلِحْ بَيْنَهُم, قَالَ: فَقَالَ البَتِّيُّ: لاَ أُطِيْقُ سِحْرَكَ. قَالَ: وَكَانَ حُمَيْدٌ مُصْلِحَ أَهْلِ البَصْرَةِ.
وَرَوَى قُرَيْشُ بنُ أَنَسٍ، عَنْ حَبِيْبِ بنِ الشَّهِيْدِ, قَالَ: كُنْتُ جَالِساً عَلَى بَابِ خَالِدِ بن بُرْزِيْنَ, إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ, فَقَالَ لَهُ إِيَاسٌ: إِنْ أَرَدْتَ الصُّلحَ, فَعَلَيْكَ بِحُمَيْدٍ الطَّوِيْلِ, تَدْرِي مَا يَقُوْلُ لَكَ? يَقُوْلُ لَكَ؟ اترُكْ شَيْئاً وَلِصَاحِبِكَ مِثْلُ ذَلِكَ.
قَالَ يَحْيَى القَطَّانُ: مَاتَ حُمَيْدٌ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي, وَمَاتَ عَبَّادُ بنُ مَنْصُوْرٍ وَهُوَ عَلَى بَطْنِ امْرَأَتِه.
وَقَالَ مُعَاذُ بنُ مُعَاذٍ: كَانَ حُمَيْدٌ الطَّوِيْلُ قَائِماً يُصَلِّي, فَمَاتَ فَذَكَرُوْهُ لابْنِ عَوْنٍ, وَجَعَلُوا يَذْكُرُوْنَ مِنْ فَضْلِه. فَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ: احْتَاجَ إِلَى مَا قَدمَ.
قَالَ سِبْطُ حُمَيْدٍ, وَهُوَ يَعْقُوْبُ بنُ إِسْحَاقَ: مَاتَ جَدِّي فِي جُمَادَى الأُوْلَى, سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ.
قُلْتُ: هَذَا وَهْمٌ وَقَالَ قُرَيْشُ بنُ أَنَسٍ, وَابْنُ سَعْدٍ: مَاتَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ وَكَذَا قَالَ: الهَيْثَمُ.
وَرَوَى أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ: مَاتَ حُمَيْدٌ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ, أَوْ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ فِي آخِرِهَا.
وَرَوَى مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ البِيْكَنْدِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ حُمَيْدٍ الطَّوِيْلِ: مَاتَ أَبِي سنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ, وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ, وَأَنَا ابْنُ عَشْرٍ أَوْ نَحْوِهَا. وَرَوَى: الزِّيَادِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ: مَاتَ أَبِي سنَةَ ثَلاَثٍ وَقَدْ أَتَتْ عَلَيْهِ خَمْسٌ وَسَبْعُوْنَ سَنَةً وَقَالَ خَلِيْفَةُ وَالفَلاَّسُ: سنَةَ ثَلاَثٍ.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المُرْدَاوِيُّ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ خَلَفٍ الفَقِيْهُ سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَسِتِّ مائَةٍ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّيْنَ بِالثَّغْرِ، أَنْبَأَنَا أَبُو مَسْعُوْدٍ مُحَمَّدٌ وَأَبُو الفَتْحِ أَحْمَدُ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ السُّوْذَرْجَانِيُّ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَيْلَةَ الفَرَضِيُّ, حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو بنُ حَكِيْمٍ, حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ مُحَمَّدُ بنُ إِدْرِيْسَ الحَنْظَلِيُّ, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ قَاضِي البَصْرَةِ, حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ الطَّوِيْلُ، عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ, قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لاَ تُقَامُ الساعة حتى لا يقال في الأرض الله الله" 1.
__________
1 صحيح: أخرجه مسلم "148"، والترمذي "2208"، من حديث أنس، به.

(6/305)


الربيع بن أنس، بُكَير بن عبد الله بن الأشج:
910- الربيع بن أنس 1: "4"
ابن زياد البكري, الخراساني, المروزي, بصري.
سَمِعَ أَنَسَ بنَ مَالِكٍ, وَأَبَا العَالِيَةِ الرِّيَاحِيَّ, -وَأَكْثَرَ عَنْهُ- وَالحَسَنَ البَصْرِيَّ.
وَعَنْهُ: سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ, وَالأَعْمَشُ, وَالحُسَيْنُ بنُ وَاقِدٍ, وَأَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ, وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ مُسْلِمٍ, وَابْنُ المُبَارَكِ, وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ عَالِمَ مَرْوَ فِي زَمَانِهِ. وَقَدْ رَوَى: اللَّيْثُ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ زَحْرٍ, عَنْهُ, وَلَقِيَهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي دَاوُدَ: سُجِنَ بِمَرْوَ ثَلاَثِيْنَ سَنَةً.
قُلْتُ: سَجَنَه أَبُو مُسْلِمٍ تِسْعَةَ أَعْوَامٍ, وَتَحَيَّلَ ابْنُ المُبَارَكِ حَتَّى دَخَلَ إِلَيْهِ, فَسَمِعَ مِنْهُ. يُقَالَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ. حَدِيْثُه: فِي السُّنَنِ الأَرْبَعَةِ.
911- بُكَيْرُ بنُ عَبْدِ الله بن الأشج 2: "ع"
الإِمَامُ, الثِّقَةُ, الحَافِظُ, أَبُو عَبْدِ اللهِ -وَيُقَالُ: أَبُو يُوْسُفَ- القُرَشِيُّ, المَدَنِيُّ, ثُمَّ المِصْرِيُّ, مَوْلَى بَنِي مَخْزُوْمٍ, أَحَدُ الأَعْلاَمِ, وَهُوَ وَالِدُ المُحَدِّثِ مَخْرَمَةَ بنِ بُكَيْرٍ, وَأَخُو يَعْقُوْبَ وَعُمَرَ.
مَعْدُوْدٌ فِي صِغَارِ التَّابِعِيْنَ؛ لأَنَّهُ رَوَى عَنِ: السَّائِبِ بنِ يَزِيْدَ, وَأَبِي أُمَامَةَ بنِ سَهْلٍ. وَرَوَى عَنْ: سُلَيْمَانَ بنِ يَسَارٍ, وَمَحْمُوْدِ بنِ لبيد -الذي عقل المجة3 النبوية -وكريب,
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 369"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 924"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 53"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 2054"، تاريخ الإسلام "5/ 245"، العبر "237"، الكاشف "1/ ترجمة 1537"، تهذيب التهذيب "3/ 238"، خلاصة الخزرجي "2015".
2 ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 1876"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 1585"، تهذيب التهذيب "1/ 491"، شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "1/ 160".
3 صحيح: أخرج البخاري "77" حدثني محمد بن يوسف، قال: حدثنا أبو مسهر، قال: حدثني محمد بن حرب، حدثني الزبيدي، عن الزهري، عن محمود بن الربيع قال: عقلت من النبي صلى الله عليه وسلم مجة مجها في وجهي، وأنا ابن خمس سنين من دلو".

(6/306)


وَأَبِي سَلَمَةَ, وَبُسْرِ بنِ سَعِيْدٍ, وَأَبِي صَالِحٍ السمان, وعفيف ابن عَمْرٍو السَّهْمِيِّ, وَالمُنْذِرِ بنِ المُغِيْرَةِ, وَعِرَاكِ بنِ مَالِكٍ, وَنَافِعٍ العُمَرِيِّ, وَيَحْيَى بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ حَاطِبٍ, وَأَبِي بُرْدَةَ بنِ أَبِي مُوْسَى, وَخَلْقٍ وَيَنْزِلُ إِلَى يَزِيْدَ بنِ أَبِي عُبَيْدٍ, وَسُهَيْلِ بنِ أَبِي صَالِحٍ, وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الإِسْلاَمِ.
رَوَى عَنْهُ: يَزِيْدُ بنُ أَبِي حَبِيْبٍ, وَأَيُّوْبُ بنُ مُوْسَى, وَابْنُ عَجْلاَنَ, وَابْنُ إِسْحَاقَ, وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ أَبِي جَعْفَرٍ, وَبَكْرُ بنُ عَمْرٍو المَعَافِرِيُّ, وَالقُدَمَاءُ مِنْ أَقْرَانِهِ, وَغَيْرُهُم, وَابْنُه مَخْرَمَةُ, وَعَمْرُو بنُ الحَارِثِ, وَاللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ, وَيَحْيَى بنُ أَيُّوْبَ, وَالضَّحَّاكُ بنُ عُثْمَانَ, وَابْنُ لَهِيْعَةَ, وَآخَرُوْنَ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: مَا ذَكَرَ مَالِكٌ بُكَيْراً إلَّا قَالَ: كَانَ مِنَ العُلَمَاءِ. وقال محمد ابن عِيْسَى بنِ الطَّبَّاعِ: سَمِعْتُ مَعْنَ بنَ عِيْسَى يَقُوْلُ: مَا يَنْبَغِي لأَحَدٍ أَنْ يَفُوْقَ أَوْ يَفْضُلَ بُكَيْرَ بنَ الأَشَجِّ فِي الحَدِيْثِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: ثِقَةٌ, صَالِحٌ. وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ, وَغَيْرُهُ: ثِقَةٌ. قَالَ أَبُو الحَسَنِ بنُ البَرَاءِ: لَمْ يَكُنْ بِالمَدِيْنَةِ بَعْدَ كِبَارِ التَّابِعِيْنَ أَعْلَمَ مِنِ: ابْنِ شِهَابٍ, وَبُكَيْرِ بنِ الأَشَجِّ, وَيَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيُّ: ثِقَةٌ, مَدَنِيٌّ, لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ مَالِكٌ شَيْئاً, خَرَجَ إِلَى مِصْرَ قَدِيْماً, فَنَزَلَ بِهَا.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ, ثَبْتٌ. وَقَالَ الوَاقِدِيُّ وَابْنُ نُمَيْرٍ: مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ. وَقَالَ أَبُو حَفْصٍ الفَلاَّسُ: مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ.
قُلْتُ: بَلْ هَذَا تَارِيْخُ وَفَاةِ أَخِيْهِ يَعْقُوْبَ, وَقَدِ اشْتُبَه بُكَيْرُ بنُ عَبْدِ اللهِ هَذَا عَلَى طَائِفَةٍ بِبُكَيْرِ بنِ عَبْدِ اللهِ الطَّائِيِّ الكُوْفِيِّ. وَيُقَالُ: بُكَيْرُ بنُ أَبِي عَبْدِ اللهِ الطَّوِيْلُ, الضَّخْمُ, وَهُمَا مُتَعَاصِرَانِ رَوَى الضَّخْمُ، عَنْ مُجَاهِدٍ, وَكُرَيْبٍ, وَسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ, وَهُوَ مُقِلٌّ رَوَى عَنْهُ سَلَمَةُ بنُ كُهَيْلٍ, وَأَشْعَثُ بنُ سَوَّارٍ وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ سُمَيْعٍ الحَنَفِيُّ وَكَأَنَّهُ مَاتَ شَابّاً.
أَخرَجَ مُسْلِمٌ, وَابْنُ مَاجَه مِنْ حَدِيْثِ سَلَمَةَ بنِ كُهَيْلٍ، عَنْ بُكَيْرٍ هَذَا، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ حَدِيْثَ: "بِتُّ عِنْدَ خَالَتِي مَيْمُوْنَةَ ... " 1 الحَدِيْثَ. ثُمَّ قَالَ سَلَمَةُ: فَلَقِيْتُ كُرَيْباً, فَحَدَّثَنِي عَنِ ابْنِ عباس, بهذا.
__________
1 صحيح: أخرجه عبد الرزاق "3862" و"4707"، والبخاري "6316"، ومسلم "763" "181"،=

(6/307)


أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ التَّمِيْمِيُّ, وَأَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ عَسَاكِرَ قِرَاءةً عَلَيْهِمَا مُنفَرِدَيْنِ، عَنْ عَبْدِ المُعِزِّ بنِ مُحَمَّدٍ البَزَّازِ ح, وَأَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ رِكَابٍ, وَمُوْسَى بنُ إِبْرَاهِيْمَ قَالاَ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ الحَافِظُ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ المُعِزِّ "ح"، أَنْبَأَنَا رَشِيْدُ بنُ كَامِلٍ وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي بَكْرٍ قَالاَ، أنبأنا أحمد ابن المُفَرَّجِ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ الحَافِظُ قَالاَ، أنبأنا محمد بن إسماعيل الفضيلي، أنبأنا محلم بن إسماعيل الظبي، أَنْبَأَنَا الخَلِيْلُ بنُ أَحْمَدَ القَاضِي حَدَّثَنَا أَبُو العَبَّاسِ الثَّقَفِيُّ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيْدٍ حَدَّثَنَا بَكْرُ بنُ مُضَرَ، عَنْ عَمْرِو بنِ الحَارِثِ، عَنْ بُكَيْرٍ، عَنْ يَزِيْدَ مَوْلَى سَلَمَةَ بنِ الأَكْوَعِ، عَنْ سَلَمَةَ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِين} [البَقَرَةُ: 184] , كَانَ مَنْ أَرَادَ مِنَّا أَنْ يُفْطِرَ وَيَفْتَدِيَ, حَتَّى نَزَلَتِ الآيَةُ الَّتِي بَعْدَهَا فَنَسَخَتْهَا1 هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ, نَازِلُ الإِسْنَادِ, وَإِنَّمَا عَزَّزَه ورفعه وقوعه من المُوَافَقَاتِ العَالِيَةِ فَقَدْ رَوَاهُ: الشَّيْخَانِ, وَأَبُو دَاوُدَ, وَأَبُو عِيْسَى, وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ جَمِيْعاً، عَنْ قُتَيْبَةَ بنِ سَعِيْدٍ الثَّقَفِيِّ رَحِمَهُ اللهُ تَفَرَّد بِهِ بُكَيْرُ بنُ الأَشَجِّ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ أَبِي عُبَيْدٍ وَمَاتَ قَبْلَ يَزِيْدَ بِمُدَّةٍ وَلَمْ يَرْوِهِ، عَنْ بُكَيْرٍ سِوَى عَمْرِو بنِ الحَارِثِ وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ مُتَابِعاً لِبَكْرِ بنِ مُضَرَ، عَنْ عَمْرٍو نَحْوَهُ وَاللهُ أَعْلَمُ.
أَخُوْهُ:
__________
= وأبو داود "5043"، والترمذي في "الشمائل" "255"، وابن ماجه "508" من طريق سفيان، عن سلمة بن كهيل، عن كريب، عن ابن عباس قال: بت عند خالتي ميمونة فقام النبي صلى الله عليه وسلم من الليل، فأتى حاجته، ثم غسل وجهه ويديه، ثم نام، ثم قام، فأتى القربة، فأطلق شناقها، ثم توضأ وضوءا بين الوضوءين، ولم يكثر وقد أبلغ، ثم قام فصلى، فقمت فتمطيت كراهية أن يرى أن كنت أنتبه له، فتوضأت، فقام فصلى، فقمت عن يساره، فأخذ بيدي فأدراني عن يمينه، فتتامت صَلاَةِ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الليل ثلاث عشرة ركعة، ثم اضطحع فنام حتى نفخ وكان إذا نام نفخ فأتاه بلال فآذنه بالصلاة، فقام فصلى ولم يتوضأ وكان في دعائه "اللهم اجعل في قلبي نورا، وفي بصري نورا، وفي سمعي نورا، وعن يميني نورا، وعن يساري نورا، وفوقي نورا، وتحتي نورا، وأمامي نورا، وخلفي نورا، وعظم لي نورا".
1 صحيح: أخرجه البخاري "4507"، ومسلم "1145"، وأبو داود "2315"، والنسائي "4/ 190".

(6/308)


912- يَعْقُوْبُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الأَشَجِّ 1: "م, ت, س, ق"
أَبُو يُوْسُفَ الفَقِيْهُ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي أُمَامَةَ بنِ سَهْلٍ, وَسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ, وَأَبِي صَالِحٍ ذَكْوَانَ, وَكُرَيْبٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: رَفِيْقُه, يَزِيْدُ بنُ أَبِي حَبِيْبٍ, وَمُحَمَّدُ بنُ عَجْلاَنَ, وَابْنُ إِسْحَاقَ, وَاللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ, وَجَمَاعَةٌ.
وَثَّقَهُ بَعْضُهم, وَاحْتَجَّ بِهِ: مُسْلِمٌ اسْتُشْهِدَ فِي غَزْوِ البَحْرِ, فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "8/ ترجمة 3441"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 293 و661"، والجرح والتعديل "9/ ترجمة 870"، الكاشف "3/ ترجمة 6507"، تاريخ الإسلام "5/ 190"، تهذيب التهذيب "11/ 390".

(6/308)


913- محمد بن جحادة 1: "ع"
الكوفي, أَحَدُ الأَئِمَّةِ الثِّقَاتِ.
حَدَّثَ عَنْ: أَنَسِ بنِ مَالِكٍ بِأَحَادِيْثَ لَكِنَّهَا مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بنِ عقبة بن أبي العَيْزَارِ عَنْهُ وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ, وَأَبِي صَالِحٍ السمان, وأبي صالح باذام, وعطاء ابن أَبِي رَبَاحٍ, وَرَجَاءِ بنِ حَيْوَةَ, وَالحَسَنِ, وَبَكْرٍ المُزَنِيِّ, وَأَبِي الجَوْزَاءِ الرَّبَعِيِّ, وَعَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ, وَأَبِي الزُّبَيْرِ, وَنَافِعٍ, وَعَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ, وَأَبِي حازم الأشجعي, وعطيه العوفي, وسليمان بن بريد, وَطَلْحَةَ بنِ مُصَرِّفٍ, وَجَمَاعَةٍ جَمَعَ الطَّبَرَانِيُّ حَدِيْثَ مُحَمَّدِ بنِ جُحَادَةَ سَمِعنَاهُ.
حَدَّثَ عَنْهُ: شُعْبَةُ, وَزُهَيْرُ بنُ مُعَاوِيَةَ, وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ, وَعَبْدُ الوَارِثِ, وَابْنُه إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ, وَأَبُو حَفْصٍ الأَبَّارُ, وَزِيَادٌ البَكَّائِيُّ, وَدَاوُدُ بنُ الزِّبْرِقَانِ, وَشَرِيْكٌ, وَعَبْدُ الحَكِيْمِ بنُ مَنْصُوْرٍ, وَخَلْقٌ.
وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ, وَأَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ, وَكَانَ مِنَ الفُضَلاَءِ الصُّلَحَاءِ. تُوُفِّيَ: بِطَرِيْقِ مَكَّةَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ.
قَرَأْتُ عَلَى إِسْحَاقَ الأَسَدِيِّ, أَخْبَرَكُمُ ابْنُ خَلِيْلٍ، أَنْبَأَنَا خَلِيْلُ بن بدر، أنبأنا أبو علي المقرىء، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا الطَّبَرَانِيُّ, حَدَّثَنَا العَبَّاسُ بنُ الرَّبِيْعِ بنِ ثَعْلَبٍ حَدَّثَنِي أَبِي حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ عُقْبَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ جُحَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ سُئِلَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، عَنِ القُبْلَةِ لِلصَّائِمِ قَالَ: "لاَ بَأْسَ بِهَا, إِنَّمَا هِيَ رَيْحَانَةٌ يَشَمُّهَا"2 والله أعلم.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 335"، التاريخ الكبير "1/ ترجمة 113"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 750" و"3/ 144"، والجرح والتعديل "7/ ترجمة 1227"، الكاشف "3/ ترجمة 4837"، ميزان الاعتدال "3/ 498"، تهذيب التهذيب "9/ 92"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6108"، شذرات الذهب "1/ 182".
2 موضوع: آفته يحيى بن عقبة بن أبي العيزار، كذاب، قال ابن معين: كذاب، وقال ابن حبان: كان ممن يروي الموضوعات عن أقوام أثبات، لا يجوز الاحتجاج به بحال من الأحوال.

(6/309)


914- إسماعيل بن أبي خالد 1: "ع"
الحَافِظُ, الإِمَامُ الكَبِيْرُ, أَبُو عَبْدِ اللهِ البَجَلِيُّ, الأَحْمَسِيُّ مَوْلاَهُم, الكُوْفِيُّ. وَاسْمُ أَبِيْهِ: هُرْمُزُ. وَقِيْلَ: سَعْدٌ. وَقِيْلَ: كَثِيْرٌ. وَلَهُ مِنَ الإِخْوَةِ: أَشْعَبُ, وَخَالِدٌ, وَسَعِيْدٌ كَانَ مُحَدِّثَ الكُوْفَةِ فِي زَمَانِهِ مَعَ الأَعْمَشِ, بَلْ هُوَ أَسنَدُ مِنَ الأَعْمَشِ.
حَدَّثَ عَنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي أَوْفَى, وَأَبِي جُحَيْفَةَ, وَهْبٍ السُّوَائِيِّ, وَعَمْرِو بنِ حُرَيْثٍ المَخْزُوْمِيِّ, وَأَبِي كَاهِلٍ قَيْسِ بنِ عَائِذٍ, وَلَهُم صُحْبَةٌ, وَعِدَادُه فِي صِغَارِ التَّابِعِيْنَ, وَرَوَى أيضًا، عن قيس بن أبي حازم وَزَيْدِ بنِ وَهْبٍ وَزِرِّ بنِ حُبَيْشٍ, وَالحَارِثِ بنِ شُبَيْلٍ, وَحَكِيْمِ بنِ جَابِرٍ, وَطَارِقِ بنِ شِهَابٍ, وَالشَّعْبِيِّ, وَمُحَمَّدِ بنِ سَعْدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ, وَيَنْزِلُ إِلَى أَبِي إِسْحَاقَ, وَالزُّبَيْرِ بنِ عَدِيٍّ, وَسَلَمَةَ بنِ كُهَيْلٍ, وَخَلْقٍ وَيَرْوِي، عَنْ أَبِيْهِ وَأَخِيْهِ خَالِدٍ, وَأَخِيْهِ سَعِيْدٍ, وَكَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ.
رَوَى عَنْهُ: الحَكَمُ بنُ عُتَيْبَةَ, وَمَالِكُ بنُ مِغْوَلٍ, وَشُعْبَةُ, وَسُفْيَانُ, وَشَرِيْكٌ, وَجَرِيْرٌ, وَعَبَّادُ بنُ العَوَّامِ, وَعَبْدُ اللهِ بنُ نُمَيْرٍ, وَعِيْسَى بنُ يُوْنُسَ وَالفَضْلُ بنُ مُوْسَى, وَأَبُو مُعَاوِيَةَ, وَوَكِيْعٌ, وَيَحْيَى القَطَّانُ, وَيَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ, وَابْنُ إِدْرِيْسَ, وَحَفْصُ بنُ غِيَاثٍ, وَمُحَمَّدُ بنُ بِشْرٍ العَبْدِيُّ, وَمُحَمَّدُ بنُ خَالِدٍ الوَهْبِيُّ, وَعُبَيْدُ الله بن موسى, ويحيى بن هاشم السمسمار, وهو على ضعفه آخِرُ مَنْ رَوَى عَنْهُ.
رَوَى البُخَارِيُّ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: لَهُ نَحْوُ ثَلاَثِ مائَةِ حَدِيْثٍ. رَوَى: ابْنُ المُبَارَكِ، عَنْ سُفْيَانَ: حُفَّاظُ النَّاسِ ثلاثة: إسماعيل بنَ أَبِي خَالِدٍ, وَعَبْدَ المَلِكِ بنَ أَبِي سليمان, ويحيى بن سعيد الأنصاري, وإسماعيل أعلم الناس بالعشبي وَأَثبَتُهُم فِيْهِ.
وَرَوَى الوَلِيْدُ بنُ عُتْبَةَ، عَنْ مَرْوَانَ بنِ مُعَاوِيَةَ قَالَ: كَانَ إِسْمَاعِيْلُ يُسَمَّى المِيْزَانَ. رَوَى: مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: ابْنُ أَبِي خَالِدٍ يَزْدَرِدُ العِلْمِ ازْدِرَاداً.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ إِسْمَاعِيْلُ يَحْسُو العِلْمَ حَسْواً.
قَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: قُلْتُ لِيَحْيَى القَطَّانِ: مَا حَمَلْتَ، عَنْ إِسْمَاعِيْلَ، عَنْ عَامِرٍ صِحَاحٌ قَالَ: نَعَمْ.
وَقَالَ القَطَّانُ: كَانَ سُفْيَانُ بِهِ مُعجَباً.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 344"، التاريخ الكبير "1/ ترجمة 1108"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 148"، تهذيب التهذيب "1/ 291"، شذرات الذهب "1/ 216".

(6/310)


وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: قَالَ أَبِي: أَصَحُّ النَّاسِ حَدِيْثاً، عَنِ الشَّعْبِيِّ: ابْنُ أَبِي خَالِدٍ, ابْنُ أَبِي خَالِدٍ يَشْرَبُ العِلْمَ شُرباً.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ. وَكَذَا وَثَّقَهُ: ابْنُ مَهْدِيٍّ, وَجَمَاعَةٌ. قَالَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: ثِقَةٌ, ثَبْتٌ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لاَ أُقَدِّمُ عَلَيْهِ أَحَداً مِنْ أَصْحَابِ الشَّعْبِيِّ. وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ: كُوْفِيٌّ, تَابِعِيٌّ, ثِقَةٌ.
وَكَانَ رَجُلاً صَالِحاً, سَمِعَ مِنْ خَمْسَةٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَكَانَ طَحَّاناً وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمَّارٍ المَوْصِلِيُّ: حُجَّةٌ إِذَا لَمْ يَكُنْ إِسْمَاعِيْلُ حُجَّةً, فَمَنْ يَكُوْنُ حُجَّةً?!.
قُلْتُ: أَجْمَعُوا عَلَى إِتقَانِه, وَالاحْتِجَاجِ بِهِ, وَلَمْ يُنْبَزْ بِتَشَيُّعٍ, وَلاَ بِدعَةٍ. وَللهِ الحَمْدُ. يَقعُ لَنَا مِنْ عَوَالِيْهِ جُملَةٌ, وَحَدِيْثُه مِنْ أَعْلَى مَا يَكُوْنُ فِي "صَحِيْحِ البُخَارِيِّ".
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ, وَهَذَا أَصَحُّ مِنْ قَوْلِ مَنْ قَالَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَاللهُ أَعْلَمُ.
كَتَبتُ إِلَى ابْنِ أَبِي عُمَرَ, وَابْنِ عَلاَّنَ, وَطَائِفَةٍ سَمِعُوا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنُ غَيْلاَنَ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ حَدَّثَنَا الحَارِثُ بنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلَ بنَ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ حَكِيْمِ بنِ جَابِرٍ، عَنْ عُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: "الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ, مِثْلاً بِمِثْلٍ يَداً بِيَدٍ, وَالشَّعِيْرُ بِالشَّعِيْرِ مِثْلاً بمثل يدا بيدا, والتمر بالتمر مثلا بمثلا يَداً بِيَدٍ حَتَّى ذَكَرَ المِلْحَ ... " فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: إِنَّ هَذَا لاَ يَقُوْلُ شَيْئاً. فَقَالَ عُبَادَةُ: أَي وَاللهِ مَا أُبَالِي أَنْ لاَ أَكُوْنَ بِأَرْضِكُم هَذِهِ1.
أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَحْدَه لَهُ عِلَّةٌ جَاءَ، عَنْ حَكِيْمٍ قَالَ: أُخْبِرْتُ، عَنْ عُبَادَةَ.
__________
1 صحيح: أخرجه النسائي "7/ 277" من طريق إسماعيل بن أبي خالد، به.
وأخرجه مسلم "1587" من طريق حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوْبَ، عَنْ أَبِي قلابة، به.
وأخرجه ابن أبي شيبة "7/ 103-104"، وأحمد "5/ 320"، ومسلم "1587" "81"، وأبو داود "3350"، والدارقطني "3/ 24"، وابن الجارود "650"، والبيهقي "5/ 278 و284" من طرق عن وكيع قال: حدثنا سفيان، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أبي الاشعث الصنعاني، عن عبادة بن الصامت، به مرفوعا.

(6/311)


915- ليث بن أبي سليم 1: "4,خت، م تبعًا"
ابن زنيم, مُحَدِّثُ الكُوْفَةِ, وَأَحَدُ عُلَمَائِهَا الأَعْيَانِ عَلَى لِيْنٍ فِي حَدِيْثِهِ لِنَقصِ حِفْظِهِ مَوْلَى آلِ أَبِي سفان بنِ حَرْبٍ الأُمَوِيِّ أَبُو بَكْرٍ وَيُقَالُ: أَبُو بُكَيْرٍ الكُوْفِيُّ وَفِي اسْمِ أَبِيْهِ أَبِي سُلَيْمٍ أَقْوَالٌ: أَيْمَنُ. وَيُقَالُ: أَنَسٌ. وَيُقَالُ: زِيَادَةُ, وَعِيْسَى.
وُلِدَ بَعْدَ السِّتِّيْنَ, لَعَلَّ فِي دَوْلَةِ يَزِيْدَ. وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِي بُرْدَةَ, وَالشَّعْبِيِّ, وَمُجَاهِدٍ, وَطَاوُوْسٍ, وَعَطَاءٍ, وَنَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ, وَشَهْرٍ, وَعِكْرِمَةَ, وَزَيْدِ بنِ أَرْطَاةَ, وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ, وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الأَسْوَدِ, وَأَشْعَثَ بنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ, وَخَلْقٍ وَلَمْ نَجْدْ لَهُ شَيْئاً، عَنْ صِغَارِ الصَّحَابَةِ, وَلَكِنَّهُ مَعْدُوْدٌ فِي صِغَارِ التَّابِعِيْنَ, وَكَانَ فِي حَيَاةِ بَعْضِ الصَّحَابَةِ كَابْنِ أَبِي أَوْفَى وَأَنَسٍ- رَجُلاً.
حَدَّثَ عَنْهُ: الثَّوْرِيُّ, وَزَائِدَةُ, وَشُعْبَةُ, وشيبان, وشريك, وزهير, والفضيل ابن عِيَاضٍ, وَأَبُو عَوَانَةَ, وَيَعْقُوْبُ القُمِّيُّ, وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عَمْرٍو, وَأَبُو الأَحْوَصِ, وَزِيَادٌ البَكَّائِيُّ, وَابْنُ إِدْرِيْسَ, وَالمُحَارِبِيُّ, وَأَبُو إِسْحَاقَ الفَزَارِيُّ, وَابْنُ عُلَيَّةَ, وَجَرِيْرٌ الضَّبِّيُّ, وَحَسَّانُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ, وَحَفْصُ بنُ غِيَاثٍ وَذَوَّادُ بنُ عُلْبَةَ, وَأَبُو بَدْرٍ السَّكُوْنِيُّ, وَعَبْدُ الوَاحِدِ بنُ زِيَادٍ, وَعَبْدُ الوَارِثِ, وَالقَاسِمُ بنُ مَالِكٍ, وَأَبُو مُعَاوِيَةَ, وَابْنُ فُضَيْلٍ, وَخَلْقٌ كثير.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: لَيْثُ بنُ أَبِي سُلَيْمٍ مُضْطَرِبُ الحَدِيْثِ, وَلَكِنْ حَدَّثَ عَنْهُ النَّاسُ وَقَالَ: مَا رَأَيْتُ يَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ أَسوَأَ رَأْياً فِي أَحَدٍ مِنْهُ فِي لَيْثٍ وَابْنِ إِسْحَاقَ وَهَمَّامٍ لاَ يَسْتَطِيْعُ أَحَدٌ أَنْ يُرَاجِعَه فِيْهِم.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: سَأَلْتُ عُثْمَانَ بنَ أَبِي شَيْبَةَ فَقَالَ سَأَلْتُ جَرِيْراً، عَنْ لَيْثٍ وَعَطَاءِ بنِ السَّائِبِ وَيَزِيْدَ بنِ أَبِي زِيَادٍ فَقَالَ كَانَ لَيْثٌ أَكْثَرَ تَخلِيطاً وَيَزِيْدُ أَحْسَنَهُم اسْتِقَامَةً قَالَ عَبْدُ اللهِ فَسَأَلْتُ أَبِي، عَنْ هَذَا فَقَالَ أَقُوْلُ كَمَا قَالَ جَرِيْرٌ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ: قَالَ لِي يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ لَيْثٌ أَضْعَفُ مِنْ يَزِيْدَ بنِ أبي زياد يزيد فوقه في الحديث.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 349"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 1051"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 519 و706" و"2/ 154 و164 و713" و"3/ 31" الجرح والتعديل "7/ ترجمة 4761"، المجروحين لابن حبان "2/ 231"، تاريخ الإسلام "6/ 116"، الكاشف "3/ ترجمة 4757"، العبر "1/ 195"، ميزان الاعتدال "3/ 420-423" تهذيب التهذيب "8/ 465"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6001" شذرات الذهب "1/ 207". وقد أخرج له مسلم متابعة أي مقرونا بغيره، فليس على شرطه.

(6/312)


وروى معاوية بن صالح عني يَحْيَى قَالَ: لَيْثٌ ضَعِيْفٌ إلَّا أَنَّهُ يُكْتَبُ حَدِيْثُه. وَقَالَ الفَلاَّسُ, وَغَيْرُهُ: كَانَ يَحْيَى القَطَّانُ لاَ يُحَدِّثُ عَنْ لَيْثٍ, وَلاَ حَجَّاجِ بنِ أَرْطَاةَ, وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يُحَدِّثُ، عَنْ سُفْيَانَ وَغَيْرِه. عَنْهُمَا.
وَقَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ, وَغَيْرُهُ: سَمِعْتُ يَحْيَى يَقُوْلُ: مُجَالِدٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ لَيْثٍ وَحَجَّاجٍ.
وَقَالَ أَبُو مَعْمَرٍ القَطِيْعِيُّ: كَانَ ابْنُ عُيَيْنَةَ يُضَعِّفُ لَيْثَ بنَ أَبِي سُلَيْمٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ سِنَانٍ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ يَقُوْلُ: لَيْثٌ وَعَطَاءٌ وَيَزِيْدُ بنُ أَبِي زِيَادٍ لَيْثٌ أَحْسَنُهم حَالاً عِنْدِي يَحْيَى بنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ ابْنِ إِدْرِيْسَ قَالَ: مَا جَلَستُ إِلَى لَيْثِ بنِ أَبِي سُلَيْمٍ إلَّا سَمِعْتُ مِنْهُ مَا لَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: قَالَ شُعْبَةُ: لِلَيْثٍ أَيْنَ اجْتَمَعَ لَكَ هَؤُلاَءِ الثَّلاَثَةُ عَطَاءٌ, وَطَاوُوْسٌ, وَمُجَاهِدٌ فَقَالَ: إِذْ أَبُوْكَ يُضرَبُ بِالخُفِّ لَيْلَةَ عُرسِه قَالَ قَبِيْصَةُ فَقَالَ رَجُلٌ كَانَ جَالِساً فَمَا زَالَ شُعْبَةُ مُتَّقِياً لِلَيْثٍ مُنْذُ يَوْمَئِذٍ قَالَ عَبْدُ المَلِكِ أَبُو الحَسَنِ المَيْمُوْنِيُّ: سَمِعْتُ يَحْيَى ذَكَرَ لَيْثَ بنَ أَبِي سُلَيْمٍ فَقَالَ: ضَعِيْفُ الحَدِيْثِ، عَنْ طَاوُوْسٍ فَإِذَا جمعَ طَاوُوْس وَغَيْره فَالزِّيَادَةُ هُوَ ضَعِيْفٌ.
مُؤَمَّلُ بنُ الفَضْلِ، عَنْ عِيْسَى بنِ يُوْنُسَ, وَقُلْنَا لَهُ: لِمَ لَمْ تَسْمَعْ مِنْ لَيْثٍ؟ قَالَ: قَدْ رَأَيْتُه كَانَ قَدِ اخْتُلِطَ, وَكَانَ يَصعَدُ المَنَارَةَ ارْتِفَاعَ النَّهَارِ, فَيُؤَذِّنُ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْثٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ يَزِيْدَ بنِ أَبِي زِيَادٍ, وَأَبرَأُ سَاحَةً, يُكْتَبُ حَدِيْثُه, وَهُوَ ضَعِيْفُ الحَدِيْثِ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ, وَغَيْرُهُ: لَيْثٌ لاَ يُشتَغَلُ بِهِ, هُوَ مُضْطَرِبُ الحَدِيْثِ, لاَ تَقُوْمُ بِهِ حُجَّةٌ.
أَحْمَدُ بنُ يُوْنُسَ، عَنْ فُضَيْلِ بنِ عِيَاضٍ, قَالَ: كَانَ لَيْثُ بنُ أَبِي سُلَيْمٍ أَعْلَمَ أَهْلِ الكُوْفَةِ بِالمَنَاسِكِ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: سَأَلْتُ يَحْيَى عَنْ لَيْثٍ, فَقَالَ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ: عَامَّةُ شُيُوْخِه لاَ يُعْرَفُوْنَ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ بَعْدَ أَنْ سَردَ أَحَادِيْثَ مُنْكَرَةً: لَهُ أَحَادِيْثُ صَالِحَةٌ غَيْرُ مَا ذَكَرتُ وَقَدْ رَوَى عَنْهُ شُعْبَةُ, وَالثَّوْرِيُّ, وَغَيْرُهُمَا مِنَ الثِّقَاتِ, وَمَعَ الضَّعفِ الَّذِي فِيْهِ يُكْتَبُ حَدِيْثُه.
وَقَالَ البَرْقَانِيُّ: سَأَلْتُ الدَّارَقُطْنِيَّ عَنْهُ فَقَالَ: صَاحِبُ سُنَّةٍ, يُخَرَّجُ حَدِيْثُه ثُمَّ قَالَ: إِنَّمَا أَنْكَرُوا عَلَيْهِ الجَمعَ بَيْنَ عَطَاءٍ, وَطَاوُوْسٍ, وَمُجَاهِدٍ حَسْبُ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: حَدَّثَ عَنْهُ أَيُّوْبُ السِّخْتِيَانِيُّ, وَعَبْدُ الوَهَّابِ بنُ عَطَاءٍ الخَفَّافُ, وَبَيْنَ وَفَاتَيْهِمَا خَمْسٌ وَقِيْلَ: أَرْبَعٌ وَقِيْلَ: ثَلاَثٌ وَقِيْلَ: اثْنَتَانِ وَسَبْعُوْنَ سَنَةً.
وَقَالَ مُطَيَّنٌ: مَاتَ لَيْثٌ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ مَحْمُوَيْه, وَابْنُ حِبَّانَ: مَاتَ سنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ وَقَدِ اسْتَشْهَدَ بِهِ البُخَارِيُّ فِي "صَحِيْحِهِ" وَرَوَى لَهُ مُسْلِمٌ

(6/313)


مَقْرُوْناً بِأَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ, وَالبَاقُوْنَ مِنَ السِّتَّةِ, وَقَدْ قَالَ عَبْدُ الوَارِثِ: كَانَ لَيْثٌ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ, وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ: كَانَ مِنْ أَكْثَرِ النَّاسِ صَلاَةً وَصِيَاماً فَإِذَا وَقَعَ عَلَى شَيْءٍ لَمْ يَرُدَّه.
وَقَالَ ابْنُ شَوْذَبٍ، عَنْ لَيْثٍ قَالَ: أَدْرَكْتُ الشِّيْعَةَ الأُوْلَى بِالكُوْفَةِ وَمَا يُفَضِّلُوْنَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ أَحَداً.
قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لَيْثُ بنُ أَبِي سُلَيْمٍ, وَاسْمُه: أَنَسٌ, وُلدَ بِالكُوْفَةِ, وَكَانَ مُعَلِّماً بِهَا, وَكَانَ مِنَ العُبَّادِ, وَلَكِنِ اخْتُلِطَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ, حَتَّى كَانَ لاَ يَدْرِي مَا يُحَدِّثُ بِهِ, فَكَانَ يَقْلِبُ الأَسَانِيْدَ, وَيَرفَعُ المَرَاسِيْلَ وَيَأْتِي، عَنِ الثِّقَاتِ بِمَا لَيْسَ مِنْ حَدِيْثِهِم كُلُّ ذَلِكَ كَانَ مِنْهُ فِي اخْتِلاَطِه. تَرَكَه: يَحْيَى القَطَّانُ وَابْنُ مَهْدِيٍّ وَأَحْمَدُ وَابْنُ مَعِيْنٍ.
رَوَى لَيْثٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرُ: إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- قَالَ: "الزِّنَى يُوْرِثُ الفَقْرَ"1 حَدَّثَنَاهُ الحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ, حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ, حَدَّثَنَا أَبُو وَهْبٍ, حَدَّثَنَا المَاضِي بنُ مُحَمَّدٍ عَنْهُ.
وَلَيْثٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عن عائشةك عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إذا كثرت ذنوب العَبْدِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مِنَ العَمَلِ مَا يُكَفِّرُهَا ابْتَلاَهُ اللهُ بِالحُزْنِ"2 رَوَاهُ عَنْهُ زَائِدَةُ.
مُؤَمَّلُ بنُ الفَضْلِ: سَأَلْتُ عِيْسَى بنَ يُوْنُسَ، عَنْ لَيْثٍ, فَقَالَ: قَدْ رَأَيْتُه وَكَانَ قَدِ اخْتُلِطَ, وَكُنْتُ رُبَّمَا مَرَرْتُ بِهِ ارْتِفَاعَ النَّهَارِ وَهُوَ عَلَى المَنَارَةِ يُؤَذِّنُ.
وَمِنْ مَنَاكِيْرِهِ: رَوَى عَبْدُ الوَارِثِ عَنْهُ، عَنْ مُجَاهِدٍ, وَعَطَاءٍ، عَنْ أبي هريرة في الذي
__________
1 منكر: أخرجه القضاعي في "مسند الشهاب" "66" من طريق الماضي بن محمد، عن ليث -يعني ابن أَبِي سُلَيْمٍ- عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بن عُمَرُ إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال: فذكره.
قلت: إسناده واه بمرة، فيه علتان: -الأولى: الماضي بن محمد، مجهول منكر الحديث كما قال ابن عدي عنه. العلة الثانية: ليث بن أبي سليم، ضعيف، أجمعوا على ضعفه وقد أورد الحديث ابن أبي حاتم في عنه. العلة الثانية: ليث بن أبي سليم، ضعيف، أجمعوا على ضعفه. وقد أورد الحديث ابن أبي حاتم في "العلل" "1/ 410-411": "سمعت أبي وحدثنا عن حرملة، عن ابن وهب، عن الماضي بن محمد، عن هشام، عن ليث بن أبي سليم، عن مجاهد، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: فذكره، قال أبي: هذا حديث باطل، لا أعرفه".
2 ضعيف: أخرجه أحمد "6/ 157" حدثنا حسين بن علي، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ لَيْث، عَنْ مُجَاهد عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فذكره.
قلت: إسناده ضعيف، آفته ليث، وهو ابن أبي سليم، ضعيف، مجمع على ضعفه وزائدة هو ابن قدامة الثقفي، ثقة ثبت.

(6/314)


وَقَعَ عَلَى أَهْلِه فِي رَمَضَانَ, قَالَ: "أَعْتِقْ رَقَبَةً". فَزَاد فِيْهِ: قَالَ "فَأَهْدِ بَدَنَةً" فَذَكَرَ هَذَا, وَأَسْقَطَ: "فَصُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ".
أَبُو حَفْصٍ الأَبَّارُ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ نَافِعٍ: عَنِ ابْنِ عُمَرَ, مَرْفُوْعاً: "لاَ يَرْكَبُ البَحْرَ إلَّا حَاجٌّ, أو معتمر, أو غاز"1.
أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! مَا حَقُّ الزَّوْجِ عَلَى زَوْجَتِه؟ قَالَ: "لاَ تَمْنَعُهُ نَفْسَهَا, وَإِنْ كَانَتْ عَلَى ظَهْرِ قَتَبٍ, وَلاَ تَصُوْمُ إلَّا بِإِذْنِهِ, وَلاَ تَصَدَّقُ مِنْ بَيْتِهِ إلَّا بإذنه, ولا تخرج من بيتهاإلَّا بِإِذْنِهِ فَإِنْ فَعَلَتْ لَعَنَتْهَا المَلاَئِكَةُ حَتَّى تَمُوْتَ أَوْ تُرَاجِعَ" قَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللهِ وَإِنْ كَانَ لَهَا ظَالِماً قَالَ "وَإِنْ كَانَ لَهَا ظَالِماً"2. الحَدِيْث رَوَاهُ: جَرِيْرٌ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ عَطَاءٍ نَفْسِهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
قُلْتُ: بَعْضُ الأَئِمَّةِ يُحَسِّنُ لِلَّيْثِ, وَلاَ يَبلُغُ حَدِيْثُه مَرتَبَةَ الحَسَنِ, بَلْ عِدَادُه فِي مَرتَبَةِ الضَّعِيْفِ المُقَارَبِ, فَيُرْوَى فِي الشَّوَاهِدِ وَالاعْتِبَارِ, وَفِي الرَّغَائِبِ, وَالفَضَائِلِ, أما في الواجبات, فلا.
__________
1 منكر: أخرجه أبو داود "2489"، والبيهقي "4/ 334" من طريق بشر أبي عبد الله عن بشير بن مسلم، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: فذكره.
قلت: إسناده ضعيف، فيه بشر أبو عبد الله، وبشير بن مسلم، مجهولان، كما قال الحافظ في "التقريب".
2 ضعيف: أخرجه ابن أَبِي شَيْبَةَ "3/ 397" حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ سُلَيْمَانَ، وأبو داود الطيالسي "1951" من طريق جرير كلاهما عن ليث بن أبي سليم، به.
قلت: لم يذكر الطيالسي عبد الملك، وهو ابن أبي بشير المدائني، وهو ثقة، لكن الإسناد ضعيف، آفته ليث، وهو ابن أبي سليم.

(6/315)


916- أبو مالك الأشجعي 1: "م، 4"
سعد بن طارق, بن أشيم كُوْفِيٌّ, صَدُوْقٌ.
رَوَى عَنْ: أَبِيْهِ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي أَوْفَى, وَأَنَسِ بنِ مَالِكٍ, وَمُوْسَى بنِ طَلْحَةَ, وَأَبِي حَازِمٍ الأَشْجَعِيِّ, وَرِبْعِيِّ بنِ حِرَاشٍ.
وَعَنْهُ: الثَّوْرِيُّ, وَأَبُو عَوَانَةَ, وَحَفْصُ بنُ غِيَاثٍ, وَخَلَفُ بنُ خَلِيْفَةَ, وَأَبُو مُعَاوِيَةَ, وَيَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ, وَعَبِيْدَةُ بنُ حُمَيْدٍ, وَعِدَّةٌ.
قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ, وَيَحْيَى: ثقة. وقال أبو حاتم: صَالِحُ الحَدِيْثِ, يُكْتَبُ حَدِيْثُه.
وَقَالَ العُقَيْلِيُّ: لاَ يتابع على حديثه في القنوت.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "4/ 284"، التاريخ الكبير "4/ ترجمة 1954"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 146" و"3/ 38 و58 و64 و107"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 378"، تاريخ الإسلام "6/ 69"، الكاشف "1/ ترجمة 1848"، ميزان الاعتدال "2/ 122"، تهذيب التهذيب "3/ 472"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2385".

(6/315)


917- العلاء 1: "م، 4"
ابن عبد الرحمن بن يعقوب, الإِمَامُ, المُحَدِّثُ, الصَّدُوْقُ أَبُو شِبْلٍ المَدَنِيُّ, مَوْلَى الحُرَقَةِ. وَالحُرَقَةُ: بَطْنٌ مِنْ جُهَيْنَةَ.
حَدَّثَ عَنْ: أَنَسِ بنِ مَالِكٍ, وَوَالِدِه, عَبْدِ الرَّحْمَنِ صَاحِبِ أَبِي هُرَيْرَةَ, وَأَبِي السَّائِبِ مَوْلَى هِشَامِ بنِ زُهْرَةَ, وَمَعَبْدِ بنِ كَعْبِ بنِ مَالِكٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مَالِكٌ, وَشُعْبَةُ, وَسُفْيَانُ, وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ جَعْفَرٍ, والدراوردي, وابن إسحاق, وابن عيينة, وآخرون.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: ثِقَةٌ, لَمْ أَسْمَعْ أَحَداً يَذْكُرُه بِسُوءٍ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَا أُنْكِرُ مِنْ حَدِيْثِهِ شَيْئاً. وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: لَيْسَ حَدِيْثُهُ بِحُجَّةٍ. وَقَالَ مَرَّةً: لَيْسَ بِالقَوِيِّ قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: مَا أَرَى بِحَدِيْثِهِ بَأْساً. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ أَيْضاً: صَالِحُ الحَدِيْثِ. وَقَالَ عَبَّاسٌ: سُئِلَ يَحْيَى، عَنْ سُهَيْلٍ, وَالعَلاَءِ, فَلَمْ يُقَوِّ أَمرَهُمَا.
وَرَوَى عُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ، عَنْ يَحْيَى قَالَ: سَعِيْدٌ المَقْبُرِيُّ أَوثَقُ مِنَ العَلاَءِ, العَلاَءُ ضَعِيْفٌ.
قُلْتُ: لاَ يَنْزِلُ حَدِيْثُه، عَنْ دَرَجَةِ الحَسَنِ, لكن يتجنب ما أنكر عليه.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 3141"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 306" و"2/ 271" و"3/ 291"، والجرح والتعديل "6/ ترجمة 1974"، تاريخ الإسلام "5/ 282"، الكاشف "2/ ترجمة 4405"، العبر "1/ 263 و275"، ميزان الاعتدال "3/ 102"، تهذيب التهذيب "8/ 186"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5520"، شذرات الذهب "1/ 207".

(6/316)


رَوَى زَيْدُ بنُ أَبِي أُنَيْسَةَ عَنْهُ، عَنْ نُعَيْمٍ المُجْمِرِ: عَنِ ابْنِ عُمَرَ, مَرْفُوْعاً: "إِزْرَةُ المُؤْمِنِ إِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ" 1.
وَمِنْ أَغرَبِ مَا أَتَى بِهِ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوْعاً: "إِذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ, فَلاَ تَصُوْمُوا ... " 2 الحَدِيْثَ. توفي العلاء: سنة ثمان وثلاثين ومائة.
__________
1 صحيح: أخرجه مسلم "2086" من طريق عبد الله بن واقد، عن ابن عمر، به نحوه. وأخرجه الطيالسي "2228"، وأحمد "3/ 5و 6 و30- 31 و44و 52و 97"، وابن أبي شيبة "8/ 391"، وأبو داود "4093"، وابن ماجه "3573" من طريق العَلاَءِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أبي سعيد الخدري، به مرفوعا.
2 صحيح: أخرجه عبد الرزاق "7325"، وأحمد "2/ 442"، وابن أبي شيبة "3/ 21" وأبو داود "2337"، والترمذي "738"، والنسائي في "الكبرى" "2911"، وابن ماجه "6151"، والدارمي "1740" و"1741"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "2/ 82" والبيهقي "4/ 209"، من طرق عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كان النصف من شعبان، فأمسكوا عن الصوم حتى يكون رمضان". وقال البيهقي قال أبو داود عن أحمد بن حنبل أنه قال: هذا حديث منكر.
قلت: إنما قال أحمد بن حنبل ذلك، لأنه كان عنده أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصل شعبان برمضان. ولا تعارض بينهما فإن معنى حديث العلاء أن يكون الرجل مفطرا، فإذا بقى من شعبان شيء أخذ في الصوم لحال شهر رمضان، لذا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإمساك عن الصوم إذا انتصف شعبان.

(6/317)


918- محمد بن زياد 1: "خ، 4"
الألهاني, مُحَدِّثُ حِمْصَ وَأَلْهَانُ: هُوَ أَخُو هَمْدَانَ, ابْنَا مَالِكِ بنِ زَيْدِ بنِ أَوْسَلَةَ القَحْطَانِيِّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي أُمَامَةَ البَاهِلِيِّ, وَأَبِي عِنَبَةَ الخَوْلاَنِيِّ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ بُسْرٍ, وَأَبِي رَاشِدٍ الحُبْرَانِيِّ.
وَعَنْهُ: إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَيَّاشٍ, وَبَقِيَّةُ وَمُحَمَّدُ بنُ حَرْبٍ, وَعَبْدُ اللهِ بنُ سَالِمٍ وَمُحَمَّدُ بنُ حِمْيَرٍ.
وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ تُوُفِّيَ فِي نَحْوِ الأربعين.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 223"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 259 و334 و353"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة 1408"، حلية الأولياء "6/ ترجمة رقم 347"، العبر "1/ 279 و315 و323و 334"، الكاشف "3/ ترجمة 4930"، تاريخ الإسلام "5/ 295"، ميزان الاعتدال "3/ 551- 552"، تهذيب التهذيب "9/ 170"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة رقم 6228".

(6/317)


919- يزيد بن عبد الله 1: "ع"
ابن أسامة بن الهاد الإِمَامُ, الحَافِظُ الحُجَّةُ, أَبُو عَبْدِ اللهِ اللَّيْثِيُّ, المَدَنِيُّ. ابْنُ ابْنِ عَمِّ شَدَّادِ بنِ الهَادِ. وَكَانَ أَعْرَجَ مِنْ رِجْلَيْهِ مَعاً, يَجْمَعُ مِنْهُمَا.
عِدَادُه فِي صِغَارِ التَّابِعِيْنَ.
حَدَّثَ عَنْ: عُمَيْرٍ مَوْلَى آبِي اللَّحْمِ -وَلَهُ صُحْبَةٌ- وَثَعْلَبَةَ بنِ أَبِي مَالِكٍ القُرَظِيِّ- وَلَهُ رُؤْيَةٌ- وَمُحَمَّدِ بنِ كَعْبٍ القُرَظِيِّ, وَعُمَارَةُ بنُ خُزَيْمَةَ بنِ ثَابِتٍ, وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ التَّيْمِيِّ, وَأَبِي مُرَّةَ مَوْلَى أم هانىء, وَمُعَاذِ بنِ رِفَاعَةَ بنِ رَافِعٍ, وَنَافِعٍ العُمَرِيِّ, وَمُحَمَّدِ بنِ المُنْكَدِرِ, وَابْنِ شِهَابٍ, وَعَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ, وَمُحَمَّدِ بنِ عَمْرِو بنِ عَطَاءٍ, وَسُهَيْلِ بن أبي صالح, وأبي إسحاق السَّبِيْعِيِّ, وَخَلْقٍ.
وَعَنْهُ: يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ -وَهُوَ مِنْ شُيُوْخِهِ- وَمَالِكٌ, وَاللَّيْثُ, وَنَافِعُ بنُ يَزِيْدَ, وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَبِي حَازِمٍ, وَعَبْدُ العَزِيْزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ, وَمُوْسَى بنُ سَرْجِسَ, وَعَمْرُو بنُ مَالِكٍ الشَّرْعَبِيُّ, وَحَيْوَةُ بنُ شُرَيْحٍ, وَبَكْرُ بنُ مُضَرَ, وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ, وَأَبُو ضَمْرَةَ أَنَسُ بنُ عِيَاضٍ, وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَحْمَدُ: لاَ أَعْلَمُ بِهِ بَأْساً. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ. وَرَوَى أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ، عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ابْنُ الهَادِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الحَارِثِ, وَهُوَ وَمُحَمَّدُ بنُ عَجْلاَنَ مُتَسَاوِيَانِ وَهُوَ -يَعْنِي: يَزِيْدَ- فِي نَفْسِهِ ثِقَةٌ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: تُوُفِّيَ بِالمَدِيْنَةِ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ قَالَ: وَكَانَ ثقة كثير الحديث.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "8/ ترجمة 3258"، الجرح والتعديل "9/ ترجمة 1156"، تهذيب التهذيب "11/ 339".

(6/318)


920- يحيى بن الحارث 1: "4"
الإمام الكبير, أو عَمْرٍو الغَسَّانِيُّ, الذِّمَارِيُّ, ثُمَّ الدِّمَشْقِيُّ, إِمَام جَامِعِ دِمَشْقَ, وَشَيْخُ المُقْرِئِيْنَ.
وَذِمَارٌ: قَرْيَةٌ بِاليَمَنِ.
وُلِدَ: فِي دَوْلَةِ مُعَاوِيَةَ. وَقَرَأَ عَلَى: ابْنِ عَامِرٍ. وَبَلَغَنَا أَيْضاً أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى: وَاثِلَةَ بنِ الأَسْقَعِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وَحَدَّثَ عَنْهُ. وَعَنْ: سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ, وَأَبِي سَلاَّمٍ الأَسْوَدِ, وَأَبِي الأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ, وَسَالِمِ بنِ عَبْدِ اللهِ, وَمَكْحُوْلٍ, وَعِدَّةٍ.
تَلاَ عَلَيْهِ: عِرَاكُ بنُ خَالِدٍ, وَأَيُّوْبُ بنُ تَمِيْمٍ, وَمُدْرِكُ بنُ أَبِي سَعْدٍ, وَالوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ, وَرَوَى عَنْهُ: هُمْ, وَالأَوْزَاعِيُّ, وَسَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ, وَصَدَقَةُ بنُ خَالِدٍ, وَصَدَقَةُ السَّمِيْنُ, وَسُوَيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ, وَيَحْيَى بنُ حَمْزَةَ, وَابْنُ شَابُوْرَ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الحَدِيْثِ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: ثِقَةٌ, عَالِمٌ بِالقِرَاءةِ فِي دَهْرِهِ. مَاتَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ. قَلِيْلُ الحَدِيْثِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ قَالَ أَيُّوْبُ بنُ تَمِيْمٍ: كَانَ يَقِفُ خَلْفَ الأَئِمَّةِ يَرُدُّ عَلَيْهِم لاَ يَسْتَطِيْعُ أَنْ يَؤُمَّ مِنَ الكِبَرِ. قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: عَاشَ تِسْعِيْنَ سَنَةً.
قَالَ سُوَيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ: سَأَلْتُ يَحْيَى بنَ الحَارِثِ، عَنْ عَدَدِ آيِ القُرْآنِ فَعَقَدَ بِيَدِهِ سَبْعَةُ آلاَفٍ وَمائَتَانِ وستة وعشرون.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 463"، التاريخ الكبير "8/ ترجمة 2953"، الجرح والتعديل "9/ ترجمة 575"، تهذيب التهذيب "11/ 193"، شذرات الذهب "1/ 217".

(6/319)


921- خالد بن مهران 1: "ع"
الإِمَامُ, الحَافِظُ, الثِّقَةُ أَبُو المُنَازِلِ البَصْرِيُّ, المَشْهُوْرُ: بِالحَذَّاءِ, أَحَدُ الأَعْلاَمِ.
رَأَى أَنَسَ بنَ مَالِكٍ. وَرَوَى عَنْ: أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ, وَعَبْدُ اللهِ بنُ شَقِيْقٍ, وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي بَكْرَةَ, وَعِكْرِمَةَ, وَابْنِ سِيْرِيْنَ, وَأُخْتِه حَفْصَةَ بِنْتِ سيرين, وأبي العالية الرياحي, وطائفة سواهم.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ سِيْرِيْنَ -شَيْخُه- وَأَبُو إِسْحَاقَ الفَزَارِيُّ, وَبِشْرُ بنُ المُفَضَّلِ, وَالحَمَّادَانِ, وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ, وَخَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الطَّحَّانُ, وشعبة ابن الحَجَّاجِ, وَمُعْتَمِرُ بنُ سُلَيْمَانَ وَعَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ وعبد الوهاب بن عطاء, وخلق كثير.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 259"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 592"، الكنى للدولابي "2/ ترجمة 143"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 1593"، تاريخ الإسلام "6/ 60"، تذكرة الحفاظ "1/ 149"، والعبر "1/ 192 و296"، ميزان الاعتدال "1/ 642- 643"، الكاشف "1/ ترجمة 1366"، تهذيب التهذيب "3/ 120"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1804"، شذرات الذهب "1/ 210".

(6/319)


وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ, وَيَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ, وَجَمَاعَةٌ, وَحَدِيْثُه فِي الصِّحَاحِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: يُكْتَبُ حَدِيْثُهُ, وَلاَ يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ عَبَّادُ بنُ عَبَّادٍ: أَرَادَ شُعْبَةُ أَنْ يَضَعَ مِنْ خَالِدٍ الحَذَّاءِ, فَأَتَيْتُهُ أَنَا وَحَمَّادُ بنُ زيد, فقلت: له مالك أَجُنِنْتَ؟! أَنْتَ أَعْلَمُ! قَالَ: وَتَهَدَّدنَاهُ, فَأَمْسَكَ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ آدَمَ: قُلْتُ لِحَمَّادِ بنِ زَيْدٍ: مَا لِخَالِدٍ الحَذَّاءِ فِي حَدِيْثِهِ؟ قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا قِدْمَةً مِنَ الشَّامِ, فَكَأَنَّا أَنْكَرْنَا حِفْظَه. وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: حَدَّثَنِي أَبِي, قَالَ: قِيْلَ لإِسْمَاعِيْلَ بنِ عُلَيَّةَ فِي هَذَا الحَدِيْثِ فَقَالَ: كَانَ خَالِدٌ يَرْوِيْهِ, فَلَمْ يَكُنْ يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ. ضَعَّفَ ابْنُ عُلَيَّةَ أَمرَه- يَعْنِي: الحَذَّاءَ.
قَالَ يَحْيَى بنُ آدَمَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ نَافِعٍ القُرَشِيُّ أَبُو شِهَابٍ قَالَ: قَالَ لِي شُعْبَةُ: عَلَيْكَ بِحَجَّاجِ بنِ أَرْطَاةَ, وَمُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ, فَإِنَّهُمَا حَافِظَانِ وَاكتُمْ عَلَيَّ عِنْدَ البَصْرِيِّينَ فِي خَالِدٍ الحَذَّاءِ, وَهِشَامٍ -يَعْنِي: ابْنَ حَسَّانٍ.
قُلْتُ: هَذَا الاجْتِهَادُ مِنْ شُعْبَةَ مَرْدُوْدٌ, لاَ يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ, بَلْ خَالِدٌ وَهِشَامٌ مُحْتَجٌّ بِهِمَا فِي "الصَّحِيْحَيْنِ" هُمَا أَوْثَقُ بِكَثِيْرٍ مِنْ حَجَّاجٍ, وَابْنِ إِسْحَاقَ, بَلْ ضَعْفُ هَذَيْنِ ظاهر ولم يتركا.
وَلَمْ يَكُنْ خَالِدٌ حَذَّاءً, بَلْ كَانَ يَجْلِسُ فِي سُوْقِ الحَذَّائِينَ أَحْيَاناً, فَعُرِفَ بِذَلِكَ. قَالَهُ: مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ. وَقَالَ فَهْدُ بنُ حَيَّانَ: لَمْ يَحْذُ خَالِدٌ قَطُّ, وَإِنَّمَا كَانَ يَقُوْلُ: احْذُ عَلَى هَذَا النَّحْوِ, فَلُقِّبَ الحَذَّاءَ. وَكَانَ حَافِظاً مَهِيْباً, لَيْسَ لَهُ كِتَابٌ. قَالَ شُعْبَةُ: قال خالد الحذاء: ما كتبت شيئًا قطإلَّا حَدِيْثاً طَوِيْلاً, فَلَمَّا حَفِظتُه, مَحَوتُه. وَقَالَ خَالِدٌ الطحان: سمعت خالد الحَذَّاءَ يَقُوْلُ: مَا حَذَوتُ نَعْلاً, وَلاَ بِعتُهَا, وَلَكِنْ تَزَوَّجتُ امْرَأَةً مِنْ بَنِي مُجَاشِعٍ, فَنَزَلتُ عَلَيْهَا فِي الحَذَّائِينَ هُنَاكَ, فَنُسِبْتُ إِلَيْهِم.
قَالَ فِيْهِ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: ثَبْتٌ وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ. قَالَ مُعْتَمِرُ بنُ سُلَيْمَانَ: سَمِعْتُ أَبِي ذَكَرَ خَالِداً الحَذَّاءَ, فَقَالَ: مَا عَلَيْهِ لَوْ صَنَعَ كَمَا صَنَعَ طَاوُوْسٌ, كَانَ يَجْلِسُ فَإِذَا أُتِيَ بِشَيْءٍ أَخَذَه وَإِلاَّ سَكَتَ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ خَالِدٌ الحَذَّاءُ قَدِ اسْتُعْمِلَ عَلَى القُبَّةِ, وَدَارِ العُشُوْرِ بِالبَصْرَةِ. قَالَ: وَمَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ وَقِيْلَ: مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ قَالَهُ: قُرَيْشُ بنُ أَنَسٍ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ، أَنْبَأَنَا زَكَرِيَّا العُلَبِيُّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الأَوَّلِ المَالِيْنِيُّ, أَخْبَرَتْنَا بِيْبَى بِنْتُ

(6/320)


عَبْدِ الصَّمَدِ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَحْمَدَ, حدثنا يحيى ابن محمد بن صاعد, حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ شَاهِيْنٍ, حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ, حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "اعْتَكَفَ وَاعْتَكَفَ مَعَهُ بَعْضُ نِسَائِهِ وَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ تَرَى الدَّمَ, فَرُبَّمَا وَضَعتِ الطَّسْتَ تَحْتَهَا مِنَ الدم". وَزَعَمَ أَنَّ عَائِشَةَ رَأَتْ مِثْلَ مَاءِ العُصفُرِ, فَقَالَتْ: كَأَنَّ هَذَا شَيْءٌ كَانَتْ فُلاَنَةُ تَجِدُه1.
أخرجه البخاري، عن ابن شاهين.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "309" حدثنا إسحاق قال حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ خَالِدٍ، عن عكرمة، عن عائشة، به. وأخرجه بنحوه البخاري "310"، وأبو داود "2476"، وابن ماجه من طريق يزيد بن زريع، عن خالد الحذاء، عن عكرمة، عن عائشة قالت: اعتكفت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من أزواجه فكانت ترى الدم والصفرة والطست تحتها وهي تصلي".

(6/321)


922- أبو إسحاق الشيباني 1: "ع"
سليمان بن أبي سليمان, فَيْرُوْزَ, وَيُقَالُ: خَاقَانَ, وَقِيْلَ: عَمْرٍو. الإِمَامُ الحَافِظُ, الحُجَّةُ, أَبُو إِسْحَاقَ, مَوْلَى بَنِي شَيْبَانَ بنِ ثَعْلَبَةَ, الكُوْفِيُّ. وُلِدَ: فِي أَيَّامِ الصَّحَابَةِ, كَابْنِ عُمَرَ, وَجَابِرٍ. وَلَحِقَ عَبْدَ اللهِ بنَ أَبِي أَوْفَى, وَسَمِعَ مِنْهُ.
وَحَدَّثَ، عَنْ كِبَارِ التَّابِعِيْنَ: يُسِيْرِ بنِ عَمْرٍو, وَزِرِّ بنِ حُبَيْشٍ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ شَدَّادِ بنِ الهَادِ, وَالوَلِيْدِ بنِ العَيْزَارِ, وَأَبِي بُرْدَةَ, وَالشَّعْبِيِّ, وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ يَزِيْدَ النَّخَعِيِّ, وَعِكْرِمَةَ, وَطَائِفَةٍ, وَيَنْزِلُ إِلَى أَبِي الزِّنَادِ, وَأَشْعَثَ بنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ, وَعَاصِمٌ الأَحْوَلُ -وَهُمَا مِنْ طَبَقَتِهِ- وَمِسْعَرٌ, وَشُعْبَةُ, وَسُفْيَانُ, وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ, وَجَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ, وَابْنُ عُيَيْنَةَ, وَزَائِدَةُ, وَعَبْثَرٌ, وَعَبْدُ الوَاحِدِ بنُ زِيَادٍ, وَهُشَيْمٌ, وَأَبُو عَوَانَةَ, وَأَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ, وَابْنُ فُضَيْلٍ, وَحَفْصُ بنُ غِيَاثٍ, وَخَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ, وَأَبُو إِسْحَاقَ الفَزَارِيُّ, وَأَسْبَاطُ بنُ مُحَمَّدٍ, وَجَعْفَرُ بنُ عَوْنٍ, وَهُوَ خَاتِمَةُ أَصْحَابِه, وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَكَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ. قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الجُوْزَجَانِيُّ: رَأَيْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ يُعجِبُه حَدِيْثُ الشَّيْبَانِيِّ, وَقَالَ: هُوَ أَهْلٌ أَنْ لاَ يدَعَ له شيئًا.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 345"، التاريخ الكبير "4/ ترجمة 1808"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 592"، الأنساب للسمعاني "7/ 438"، تاريخ الإسلام "6/ 74"، الكاشف "1/ ترجمة 2115"، تهذيب التهذيب "4/ 197"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2701" شذرات الذهب "1/ 207".

(6/321)


وَرَوَى أَحْمَدُ بنُ سَعْدِ بنِ أَبِي مَرْيَمَ: عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ, حُجَّةٌ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ, صَدُوْقٌ, صَالِحُ الحَدِيْثِ. وَقَالَ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ: ثِقَةٌ, مِنْ كِبَارِ أَصْحَابِ الشَّعْبِيِّ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ, وَيَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ: مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ. وَهَذَا القَوْلُ خَطَأٌ فَاحِشٌ.
وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ, وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ: مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ. فَهَذَا قَوْلٌ مُتَّجِهٌ. وَقَالَ الهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ: مَاتَ لِسَنَتَيْنِ خَلَتَا مِنْ خِلاَفَةِ أَبِي جَعْفَرٍ. وَقَالَ الفَلاَّسُ, وَالتِّرْمِذِيُّ: مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ فَأَبْعَدَ: مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى, أَوِ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ.
قُلْتُ: حَدَّثَ عَنْهُ: السَّبِيْعِيُّ, وَجَعْفَرُ بنُ عَوْنٍ وَبَيْنَهُمَا فِي المَوْتِ نَحْوٌ مِنْ ثَمَانِيْنَ سَنَةً.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ، أَنْبَأَنَا زَيْدُ بنُ يَحْيَى البَيِّعُ، أَنْبَأَنَا أبو القاسم أحمد ابن المُبَارَكِ، أَنْبَأَنَا عَاصِمُ بنُ الحَسَنِ، أَنْبَأَنَا أَبُو عُمَرَ بنُ مَهْدِيٍّ حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ المَحَامِلِيُّ حَدَّثَنَا يُوْسُفُ حَدَّثَنَا جَرِيْرٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ، عن عبد الله ابن ذَكْوَانَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ قَالَ بَعَثَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَجُلاً عَلَى الصَّدَقَةِ فَلَمَّا قَدِمَ جَاءَ بِسَوَادٍ كَثِيْرٍ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ يَتَوَفَّاهُ مِنْهُ فَجَعَلَ يَقُوْلُ هَذَا لِي وَهَذَا لَكُمْ حَتَّى مَيَّزَهُ قَالَ فَيَقُوْلُوْنَ من أين لك هذا قال أهدي لي قَالَ فَجَاؤُوا إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمَا أَعْطَاهُم وَأَخْبَرُوْهُ الخَبَرَ فَصَعِدَ المِنْبَر وَهُوَ مُغْضَبٌ فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: "مَا بَالُ أَقْوَامٍ نَبْعَثُهُم عَلَى هَذِهِ الأَعْمَالِ فَيَجِيْءُ أَحَدُهُم بِالسَّوَادِ الكَثِيْرِ ثُمَّ يَقُوْلُ هَذَا لِي وَهَذَا لَكُم فَإِذَا سُئِلَ مِنْ أَيْنَ لَكَ هَذَا? قَالَ أُهْدِيَ لِي أَفَلاَ إِنْ كَانَ صَادِقاً أُهْدِيَ ذَلِكَ لَهُ فِي بَيْتِ أُمِّهِ أَوْ بَيْتِ أَبِيْهِ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لاَ أَبْعَثُ رَجُلاً عَلَى عَمَلٍ فَيَغُلُّ منه شيئًاإلَّا جَاءَ بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ يَجْعَلُهُ عَلَى عُنُقِهِ فَلْيَنْظُرْ رَجُلٌ لاَ يَجِيْءُ يَوْمَ القِيَامَةِ عَلَى عُنُقِهِ بَعِيْرٌ يَرْغُو أَوْ بَقَرَةٌ تَخُوْرُ أَوْ شَاةٌ تَيْعَرُ" ثُمَّ قَالَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ "اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ" 1.
فَقُلْتُ لأَبِي حُمَيْدٍ: أَنْتَ سَمِعْتَه مِنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ - فَقَالَ: مَنْ فِيِّ رَسُوْلِ اللهِ إِلَى أُذُنِي.
وَبِهِ حَدَّثَنَا يُوْسُفُ بنُ مُوْسَى, حَدَّثَنَا جَرِيْرٌ, وَأَبُو مُعَاوِيَةَ, وَأَبُو أُسَامَةَ, وَوَكِيْعٌ كُلُّهُم، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَحْوَهُ. البُخَارِيُّ: عَنْ يُوْسُفَ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "2597"، ومسلم "1832" "26" وأبو داود "2946" من طريق سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عن أبي حميد الساعدي، به.

(6/322)


923- سليمان بن طرخان 1: "ع"
الإِمَامُ, شَيْخُ الإِسْلاَمِ, أَبُو المُعْتَمِرِ التَّيْمِيُّ, البَصْرِيُّ. نَزَلَ فِي بَنِي تَيْمٍ, فَقِيْلَ: التَّيْمِيُّ.
رَوَى عَنْ: أَنَسِ بنِ مَالِكٍ, وَعَنْ أَبِي عثمان النهدي, وأبي عثمان أخر, ويزيد ابن عَبْدِ اللهِ بنِ الشِّخِّيْرِ, وَطَاوُوْسٍ, وَأَبِي مِجْلَزٍ, وَيَحْيَى بنِ يَعْمَرَ, وَبَكْرِ بنِ عَبْدِ اللهِ المُزَنِيِّ, وَالحَسَنِ, وَطَلْقِ بنِ حَبِيْبٍ, وَبَرَكَةَ أَبِي الوَلِيْدِ, وَثَابِتٍ, وَقَتَادَةَ, وَرَقَبَةَ بنِ مَصْقَلَةَ, وَأَبِي نضرة, وخلق وينزل إلى الأعمش, وحسين ابن قَيْسٍ الرَّحَبِيِّ, وَالرَّبِيْعِ بنِ أَنَسٍ, وَكَانَ مُقَدَّماً فِي العِلْمِ وَالعَمَلِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ -أَحَدُ شُيُوْخِهِ- وَابْنُه, مُعْتَمِرٌ, وَشُعْبَةُ, وَسُفْيَانُ, وَحَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ, وَيَزِيْدُ بنُ زُرَيْعٍ, وَابْنُ المُبَارَكِ, وَهُشَيْمٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ, وَابْنُ عُلَيَّةَ, وَعِيْسَى بنُ يُوْنُسَ, وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعْدٍ, وَجَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ, وَزُهَيْرٌ الجُعْفِيُّ, وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي عَدِيٍّ, وَمَرْوَانُ بنُ مُعَاوِيَةَ, وَابْنُ فُضَيْلٍ, وَأَسْبَاطُ بنُ مُحَمَّدٍ, وَيَحْيَى القَطَّانُ, وَأَبُو هَمَّامٍ مُحَمَّدُ بنُ الزِّبْرِقَانِ, وَيُوْسُفُ بنُ يَعْقُوْبَ الضُّبَعِيُّ, وَيَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ, وَالأَنْصَارِيُّ, وَأَبُو عَاصِمٍ, وَهَوْذَةُ بنُ خَلِيْفَةَ, وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: لَهُ نَحْوُ مَائَتَيْ حَدِيْثٍ.
وَرَوَى الرَّبِيْعُ بنُ يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ, قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَصدَقَ مِنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ -رَحِمَهُ اللهُ- كَانَ إِذَا حَدَّثَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَغَيَّرَ لَوْنُهُ.
وَرَوَى أَبُو بَحْرٍ البَكْرَاوِيُّ، عَنْ شُعْبَةَ قَالَ: شَكُّ ابْنِ عَوْنٍ وَسُلَيْمَانَ التيمي: يقين.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: هُوَ ثِقَةٌ, وَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ فِي أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ, مِنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمَا: ثِقَةٌ قَالَ العِجْلِيُّ: ثِقَةٌ مِنْ خِيَارِ أهل البصرة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 252"، التاريخ الكبير "4/ ترجمة 1828"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 539"، حلية الأولياء "3/ ترجمة 203"، الأنساب للسمعاني "3/ 118"، تذكرة الحفاظ "1/ 150"، الكاشف "1/ ترجمة 2123"، العبر "1/ 194"تاريخ الإسلام "6/ 72"،ميزان الاعتدال "2/ 212"، تهذيب التهذيب "4/ 201"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2708"، شذرات الذهب "2/ 212".

(6/323)


وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: مِنَ العُبَّادِ المُجْتَهِدِيْنَ, كَثِيْرُ الحَدِيْثِ, ثِقَةٌ يُصَلِّي اللَّيْلَ كُلَّه بِوُضُوْءِ عِشَاءِ الآخِرَةِ, وَكَانَ هُوَ وَابْنُه يَدُورَانِ بِاللَّيْلِ فِي المَسَاجِدِ فَيُصَلِّيَانِ فِي هَذَا المَسْجِدِ مَرَّةً وَفِي هَذَا المَسْجِدِ مَرَّةً حَتَّى يُصْبِحَا وَكَانَ سُلَيْمَانُ مَائِلاً إِلَى عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
وَرَوَى نَوْفَلُ بنُ مُطَهِّرٍ، عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ، عَنْ سُفْيَانَ, قَالَ: حُفَّاظُ البَصْرِيِّينَ ثَلاَثَةٌ: سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ, وَعَاصِمٌ الأَحْوَلُ, وَدَاوُدُ بنُ أَبِي هِنْدٍ, وَعَاصِمٌ أَحْفَظُهُم وَعَنِ ابْنِ عُلَيَّةَ قَالَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ مِنْ حُفَّاظِ البَصْرَةِ.
ابْنُ المَدِيْنِيِّ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ قَالَ: مَا جَلَستُ إِلَى أَحَدٍ أَخَوْفَ للهِ مِنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ, وَسَمِعْتُه يَقُوْلُ: ذَهَبُوا بِصَحِيْفَةِ جَابِرٍ إِلَى الحَسَنِ, فَرَوَاهَا -أَوْ قَالَ: فَأَخَذَهَا- وَذَهَبُوا بِهَا إِلَى قَتَادَةَ, فَأَخَذَهَا, وَأَتَوْنِي بِهَا, فَلَمْ أَرُدَّهَا.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سُئِلَ أَبِي: سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ أَحَبُّ إِلَيْكَ فِي أَبِي عُثْمَانَ, أَوْ عَاصِمٌ؟ قَالَ: سُلَيْمَانُ. وَقَالَ أَبِي: لاَ يَبلُغُ التَّيْمِيُّ مَنْزِلَةَ أَيُّوْبَ, وَيُوْنُسَ, وَابْنِ عَوْنٍ هُم أَكْبَرُ مِنْهُ.
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الأَعْلَى: قَالَ لِي مُعْتَمِرُ بنُ سُلَيْمَانَ: لَوْلاَ أَنَّكَ مِنْ أَهْلِي, مَا حَدَّثتُكَ بِذَا، عَنْ أَبِي: مَكَثَ أَبِي أَرْبَعِيْنَ سَنَةً يَصُوْمُ يَوْماً وَيُفْطِرُ يَوْماً وَيُصَلِّي صَلاَةَ الفَجْرِ بِوُضُوْءِ عِشَاءَ الآخِرَةِ.
جَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ، عَنْ رَقَبَةَ بنِ مَصْقَلَةَ قَالَ: رَأَيْتُ رَبَّ العِزَّةِ فِي المَنَامِ فَقَالَ لأُكْرِمَنَّ مَثْوَى سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ صَلَّى لِيَ الفَجْرَ بِوُضُوْءِ العِشَاءِ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً.
أَحْمَدُ الدَّوْرَقِيُّ، عَنْ مُعَاذِ بنِ مُعَاذٍ قَالَ: كُنْتُ إِذَا رَأَيْتُ التَّيْمِيَّ كَأَنَّهُ غُلاَمٌ حَدَثٌ قَدْ أَخَذَ فِي العِبَادَةِ, كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُ أَخَذَ عِبَادَتَه، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ.
وَرَوَى مُثَنَّى بنُ مُعَاذٍ، عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: ما كنت أشبه عبادة سليمان التيميإلَّا بِعِبَادَةِ الشَّابِّ أَوَّلَ مَا يَدْخُلُ فِي تِلْكَ الشِّدَّةِ وَالحِدَّةِ.
وَرَوَى الوَلِيْدُ بنُ صَالِحٍ، عَنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ قَالَ: مَا أَتَيْنَا سُلَيْمَانَ التَّيْمِيَّ فِي سَاعَةٍ يُطَاعُ اللهُ فِيْهَا إلَّا وَجَدْنَاهُ مُطِيْعاً وَكُنَّا نَرَى أَنَّهُ لاَ يُحسِنُ يَعْصِي اللهَ. وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ يُثنِي عَلَى سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ وَيُقَدِّمُه عَلَى عَاصِمٍ الأَحْوَلِ وَكَانَ عِنْدَه، عَنِ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَنَسٍ أَرْبَعَةَ عَشَرَ حَدِيْثاً وَلَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ أَخْبَارَه يَعْنِي، عَنِ التَّيْمِيِّ فِي حَدِيْث أَنَسٍ قَالَ: وَرَأْيِي أَنْ أَصلَ التَّيْمِيِّ كَانَ قَدْ ضَاعَ.
ابْنُ المَدِيْنِيِّ: سَمِعْتُ يَحْيَى يَقُوْلُ: كَانَ التَّيْمِيُّ يُحَدِّثُ الشَّرِيْفَ وَالوَضِيْعَ خَمْسَةً

(6/324)


خَمْسَةً قُلْتُ: كَانَ يَدَعُكُم تَكْتبُوْنَ? قَالَ: لاَ, إِنْ رَدَّ عَلَيْهِ إِنْسَانٌ, حَسِبهُ عَلَيْهِ, وَكُنْتُ أَردُّ عَلَيْهِ وَيَحسِبُ عَلَيَّ. يَعْنِي بِقَوْلهِ: أَرُدُّ عَلَيْهِ أَنِّي أُعِيْدُ الحَدِيْثَ لأَحْفَظَهُ, فَيَحسِبُه عَلَيْهِ بِحَدِيْثٍ مِنْ تِلْكَ الخَمْسَةِ.
قَالَ خَالِدُ بنُ الحَارِثِ: قَالَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ: لَوْ أَخَذتَ بِرُخصَةِ كُلِّ عَالِمٍ, اجْتَمَعَ فِيْكَ الشَّرُّ كُلُّهُ.
وَرَوَى غَسَّانُ بنُ المُفَضَّلِ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ إِسْمَاعِيْلَ قَالَ: اسْتَعَارَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ مِنْ رَجُلٍ فَروَةً, فَلَبِسهَا ثُمَّ رَدَّهَا, قَالَ الرَّجُلُ: فَمَا زِلْتُ أَجِدُ فِيْهَا رِيْحَ المِسكِ.
وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَجُلٍ تَنَازُعٌ فَتَنَاولَ الرَّجُلُ سُلَيْمَانَ فَغَمَزَ بَطْنَه فَجَفَّتْ يَدُ الرَّجُلِ.
قَالَ مُعْتَمِرُ بنُ سُلَيْمَانَ: قَالَ لِي أَبِي عِنْدَ مَوْتِه: يَا مُعْتَمِرُ! حَدِّثْنِي بِالرُّخَصِ, لَعَلِّي أَلْقَى الله -تَعَالَى- وَأَنَا حَسَنُ الظَنِّ بِهِ.
وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ المُعْتَمِرِ, فَقَالَ لِي: مَكَانَكَ. ثُمَّ قَالَ: قَالَ أَبِي: إِذَا كَتَبتَ, فَلاَ تَكْتُبِ التَّيْمِيَّ, وَلاَ تَكْتُبِ المُرِّيَّ, فَإِنَّ أَبِي كَانَ مُكَاتَباً لِبُجَيْرِ بنِ حُمْرَانَ, وَإِنَّ أُمِّي كَانَتْ مَوْلاَةً لِبَنِي سُلَيْمٍ, فَإِنْ كَانَ أَدَّى الكِتَابَةَ وَالولاَءَ لِبَنِي مُرَّةَ- وَهُوَ مُرَّةُ بنُ عَبَّادِ بنِ ضُبَيْعَةَ بنِ قَيْسٍ -فَاكتُبِ القَيْسِيَّ, وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَدَّى الكِتَابَةَ وَالولاَءَ لِبَنِي سُلَيْمٍ -وَهُمْ مِنْ قَيْسِ عَيْلاَنَ- فَاكتُبِ القَيْسِيَّ.
وَعَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ: أَنَّهُ رُبَّمَا أَحْدَثَ الوُضُوْءَ فِي اللَّيْلِ مِنْ غَيْرِ نَوْمٍ. وَذَكَرَ جَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ: أَنَّ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيَّ لَمْ تَمَرَّ سَاعَةٌ قط عليهإلَّا تَصَدَّقَ بِشَيْءٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ.
قَرَأْتُ عَلَى إِسْحَاقُ بنُ طَارِقٍ، أَنْبَأَنَا يُوْسُفُ بنُ خَلِيْلٍ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الدَّوْرَقِيُّ حَدَّثَنَا الأَنْصَارِيُّ قَالَ كَانَ عَامَّةُ دَهْرِ التَّيْمِيِّ يُصَلِّي العِشَاءَ وَالصُّبْحَ بِوُضُوْءٍ وَاحِدٍ وَكَانَ يُسَبِّحُ بَعْدَ العَصْرِ إِلَى المَغْرِبِ وَيَصُوْمُ الدَّهْرَ كَذَا قَالَ وَإِنَّمَا المَعْرُوْفُ أَنَّهُ كَانَ يَصُوْمُ يَوْماً وَيَوْماً وَبِهِ قَالَ الدَّوْرَقِيُّ حَدَّثَنِي عَبَّاسُ بنُ الوَلِيْدِ، عَنْ يَحْيَى القَطَّانِ قَالَ خَرَجَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ إِلَى مَكَّةَ فَكَانَ يُصَلِّي الصُّبْحَ بوضوء عشاء الآخرة.
رَوَى المُسَيَّبُ بنُ وَاضِحٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ المُبَارَكِ -أَوْ غَيْرِهِ- قَالَ: أَقَامَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً إِمَامَ الجَامِعِ بِالبَصْرَةِ يُصَلِّي العِشَاءَ وَالصُّبْحَ بِوُضُوْءٍ وَاحِدٍ.

(6/325)


وَعَنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ, قَالَ: لَمْ يَضَعْ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ جَنْبَه بِالأَرْضِ عِشْرِيْنَ سَنَةً.
وَذَكَرَ مَرْدَوَيْه، عَنْ فُضَيْلِ بنِ عِيَاضٍ, قَالَ: قِيْلَ لِسُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ: أَنْتَ أَنْتَ وَمَنْ مِثْلُكَ؟! قَالَ: لا تقولو هَكَذَا لاَ أَدْرِي مَا يَبْدُو لِي مِنْ -رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ- سَمِعْتُ اللهَ يَقُوْلُ: {وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُون} [الزُّمَرُ: 47] .
وَرُوِيَ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ, قَالَ: إِنَّ الرَّجُلَ لَيُذْنِبُ الذَّنْبَ, فَيُصبِحُ وَعَلَيْهِ مَذَلَّتُهُ.
رَوَى سَعِيْدٌ الكُرَيْزِيُّ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ عَامِرٍ الضُّبَعِيِّ, قَالَ: مَرِضَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ, فَبَكَى فَقِيْلَ: مَا يُبْكِيْكَ؟ قَالَ: مَرَرْتُ عَلَى قَدَرِيٍّ, فَسَلَّمتُ عَلَيْهِ, فَأَخَافُ الحِسَابَ عَلَيْهِ.
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَأَنَا ابْنُ خَلِيْلٍ، أَنْبَأَنَا التَّيْمِيُّ، أَنْبَأَنَا الحَدَّادُ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ عِيْسَى سَمِعْتُ مَهْدِيَّ بنَ هِلاَلٍ يَقُوْلُ: أَتَيْتُ سُلَيْمَانَ, فَوَجَدتُ عِنْدَه حَمَّادَ بنَ زَيْدٍ وَيَزِيْدَ بنَ زُرَيْعٍ وَبِشْرَ بنَ المُفَضَّلِ وَأَصْحَابَنَا البَصْرِيِّينَ فَكَانَ لاَ يُحَدِّثُ أَحَداً حَتَّى يَمتَحِنَه فَيَقُوْلَ لَهُ: الزِّنَى بِقَدَرٍ? فَإِنْ قَالَ: نَعَمْ, اسْتَحلَفَه أَنَّ هَذَا دِيْنُكَ الَّذِي تَدِيْنُ اللهَ بِهِ؟ فَإِنْ حَلَفَ, حَدَّثَهُ خَمْسَةَ أَحَادِيْثَ.
قَالَ مُعَاذُ بنُ مُعَاذٍ: كَانَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ لاَ يَزِيْدُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَّا عَلَى خَمْسَةِ أَحَادِيْثَ وَكَانَ مَعَنَا رَجُلٌ فَجَعَلَ يُكَرِّرُ عَلَيْهِ فَقَالَ: نَشَدْتُكَ بِاللهِ أَجَهْمِيٌّ أَنْتَ؟ فَقَالَ: مَا أَفْطَنَكَ! مِنْ أَيْنَ تَعْرِفُنِي?
قَالَ مُعْتَمِرُ بنُ سُلَيْمَانَ: قَالَ أَبِي: أَمَا -وَاللهِ- لَوْ كُشِفَ الغِطَاءُ لَعَلِمَتِ القَدَرِيَّةُ أَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيْدِ.
أَخْبَرَنَا المُسَلَّمُ بنُ مُحَمَّدٍ, وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي عُمَرَ, وَجَمَاعَةٌ إِجَازَةً أَنَّهُم سَمِعُوا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الجُعْفِيُّ وَإِسْحَاقُ الحَرْبِيُّ قَالاَ: حَدَّثَنَا هَوْذَةُ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَأخُذُنِي وَالحَسَنَ وَيَقُوْلُ: "اللَّهُمَّ إِنِّيْ أُحِبُّهُمَا فَأَحِبَّهُمَا" 1 أَخْرَجَهُ: البُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيْثِ مُعْتَمِرِ بنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيْهِ وَرَوَاهُ سُلَيْمَانُ مَرَّةً، عَنْ أَبِي تَمِيْمَةَ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ قَالَ ثُمَّ نَظَرتُ فَإِذَا قَدْ سَمِعْتُه مِنْ أَبِي عُثْمَانَ وَكَتَبتُه.
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "5/ 210"، وفي "فضائل الصحابة" "1352"، والبخاري "3735" و"3747"، وابن سعد "4/ 62"، والطبراني "2642"، والبغوي "3940" من طريق سليمان التيمي، عن أبي عثمان، به.

(6/326)


أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ الأَسَدِيُّ، أَنْبَأَنَا ابْنُ خَلِيْلٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو المَكَارِمِ التَّيْمِيُّ, وَأَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ وغيره، عن التيمي، أنبأنا أبو علي المقرىء، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ, حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ خَلاَّدٍ, حَدَّثَنَا الحَارِثُ بنُ مُحَمَّدٍ, حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ عَطَاءٍ "ح". وَبِهِ قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ فِي جَمَاعَةٍ, قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ, حَدَّثَنَا مُعَاذُ بنُ عَوْذِ اللهِ -وَاللَّفْظُ لَهُ- قَالاَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَنَسٍ, قَالَ: خَرَجَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمُعَاذٌ بِالبَابِ فَقَالَ: "يَا مُعَاذُ مَنْ مَاتَ لاَ يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئاً دَخَلَ الجَنَّةَ". قَالَ مُعَاذٌ إلَّا أخبر الناس? قَالَ: "لاَ دَعْهُمْ فَلْيَتَنَافَسُوا فِي الأَعْمَالِ فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَتَّكِلُوا" 1 وَرَوَاهُ قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ نَحْوَه.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ تُوُفِّيَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ بِالبَصْرَةِ فِي ذِي القَعْدَةِ سنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ، عَنْ مُعْتَمِرِ بنِ سُلَيْمَانَ أَنَّهُ مَاتَ ابْنَ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ سنة.
__________
1 صحيح: أخرجه أبو نعيم في "الحلية" "3/ 34" من طريق أبي بكر بن خلاد، به، وأخرجه أحمد "3/ 157"، والبخاري "129" من طريق مسدد، حدثنا معتمر، قال سمعت أنسا قال: فذكره. ورواه مسلم "32" من طريق معاذ بن هشام قال: حدثني أبي، عن قتادة قال حدثنا أنس بن مالك به نحوه.

(6/327)


924- زكريا بن أبي زائدة 1: "ع"
قَاضِي الكُوْفَةِ, أَبُو يَحْيَى الهَمْدَانِيُّ, الكُوْفِيُّ.
حدث عن: الشعبي, ومصعب بن شيبةو وَخَالِدِ بنِ سَلَمَةَ, وَسَعِيْدِ بنِ أَبِي بُرْدَةَ, وَجَمَاعَةٍ.
يُعَدُّ فِي صِغَارِ التَّابِعِيْنَ بِالإِدرَاكِ وَإِلاَّ فَمَا عَلِمتُ لَهُ شَيْئاً، عَنِ الصَّحَابَةِ.
رَوَى عَنْهُ وَلَدُهُ الحَافِظُ يَحْيَى وَشُعْبَةُ وَالثَّوْرِيُّ وَابْنُ المُبَارَكِ وَالقَطَّانُ وَوَكِيْعٌ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَعُبَيْدُ اللهِ.
قَالَ أَحْمَدُ: ثِقَةٌ, حُلوُ الحَدِيْثِ وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: صُوَيلِحٌ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيِّنُ الحَدِيْثِ يُدَلِّسُ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ ومائة, وحديثه قوي.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 355"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 1396"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 133" و"1/ 133" و"2/ 155 و646" و"3/ 17و79"، الجرح التعديل لابن أبي حاتم "3/ ترجمة 2685"، تاريخ الإسلام للذهبي "6/ 65"، العبر "1/ 212"، الكاشف "1/ ترجمة رقم "1659"، ميزان الاعتدال "2/ 73"، تهذيب التهذيب "3/ 329"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2145"، شذرات الذهب "1/ 224".

(6/327)


فضيل بن غزوان، بكر بن عمرو، عبد الرحمن بن حُميد:
925- فضيل بن غزوان 1: "ع"
ابن جرير الإِمَامُ, المُحَدِّثُ, الثِّقَةُ, أَبُو مُحَمَّدٍ الضَّبِّيُّ, الكُوْفِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي حَازِمٍ الأَشْجَعِيِّ, وَأَبِي زُرْعَةَ البَجَلِيِّ, وَعِكْرِمَةَ, وَسَالِمِ بنِ عَبْدِ اللهِ, وَجَمَاعَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ, مُحَمَّدُ بنُ فُضَيْلٍ, وَجَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ, وَعَبْدُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ وَإِسْحَاقُ الأَزْرَقُ, وَابْنُ نُمَيْرٍ, وَيَحْيَى القَطَّانُ, وَعِدَّةٌ.
وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ, وَغَيْرُهُ. وَتُوُفِّيَ: سَنَةَ بضع وأربعين ومائة.
926- بكر بن عمرو 2: "خ, م, د, س, ت"
المعافري المصري, أَحَدُ الأَعْلاَمِ، عَنْ: أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحُبُلِيِّ, وَعِكْرِمَةَ, وَمِشْرَحِ بنِ هَاعَانَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: حَيْوَةُ بنُ شُرَيْحٍ, وَيَحْيَى بنُ أَيُّوْبَ, وَابْنُ لَهِيْعَةَ, وَاللَّيْثُ, وَغَيْرُهُم. وَكَانَ ثِقَةً ثَبْتاً, فَاضِلاً, مُتَأَلِّهاً, كبير القدر, إمام جامع الفسطاط.
927- عبد الرحمن بن حميد 3: "ع"
ابْنِ صَاحِبُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ الزُّهْرِيُّ, المَدَنِيُّ, الفَقِيْهُ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ وَالسَّائِبِ بنِ يَزِيْدَ وَابْنِ المُسَيِّبِ.
رَوَى عَنْهُ: صَالِحُ بنُ كَيْسَانَ, وَسُلَيْمَانُ بنُ بِلاَلٍ, وَحَاتِمُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ, وَابْنُ عُيَيْنَةَ, وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ القَطَّانُ, وَآخَرُوْنَ. مُتَّفَقٌ على توثيقه.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "7/ ترجمة 546"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 172" و"3/ 112"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة 419"، الكاشف "2/ ترجمة 4459"، تاريخ الإسلام "6/ 113" تهذيب التهذيب "8/ 297"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5742".
2 ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 1797"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 1517"، ميزان الاعتدال "1/ 347"، تهذيب التهذيب "1/ 485".
3 ترجمته في التاريخ الكبير "5/ ترجمة 884"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 1059"، الكاشف "2/ ترجمة 3223"، تاريخ الإسلام "5/ 270"، تهذيب التهذيب "6/ 164"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4075".

(6/328)


عبد المجيد بن سُهَيل، ابن عَقيل:
ابن عمه:
928- عبد المجيد بن سهيل 1: "خَ, م, د, س"
رَوَى عَنِ: ابْنِ المُسَيِّبِ, وَأَبِي سَلَمَةَ, وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ اللهِ.
وَعَنْهُ: مَالِكٌ, وَسُلَيْمَانُ بنُ بِلاَلٍ, وَالدَّرَاوَرْدِيُّ, وثقه يحيى بن معين.
929- ابن عقيل 2: "بَخ, د, ت, ق"
الإِمَامُ المُحَدِّثُ, أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَقِيْلٍ: ابْنُ عَمِّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبِي طَالِبٍ الهَاشِمِيُّ الطَّالِبِيُّ المَدَنِيُّ وَأُمُّه: هِيَ زَيْنَبُ بِنْتُ الإِمَامِ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ.
حَدَّثَ عَنِ: ابْنِ عُمَرَ, وَجَابِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ, وَأَنَسِ بنِ مَالِكٍ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ, وَخَالِه مُحَمَّدِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ, وَعَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ, وَالرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ الصَّحَابِيَّةِ, وَسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ, وَطَائِفَةٍ.
وَعَنْهُ: الثَّوْرِيُّ, وَزَائِدَةُ, وَفُلَيْحٌ, وَحَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ, وَبِشْرُ بنُ المُفَضَّلِ, وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ, وَزُهَيْرُ بنُ مُعَاوِيَةَ, وَزُهَيْرُ بنُ مُحَمَّدٍ, وَعِدَّةٌ.
احْتَجَّ بِهِ الإِمَامُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيِّنُ الحَدِيْثِ وَقَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: لاَ أَحْتَجُّ بِهِ لِسُوْءِ حِفْظِهِ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: سَمِعْتُ مُحَمَّداً يَقُوْلُ: كَانَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَالحُمَيْدِيُّ يَحْتَجُّوْنَ بِحَدِيْثِهِ وَعَنِ البُخَارِيِّ هُوَ مُقَارَبُ الحَدِيْثِ وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: ضَعِيْفٌ. وَقَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: لَمْ يُدخِلْه مَالِكٌ فِي كُتُبِه وَكَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ القَطَّانُ لاَ يُحَدِّثُ عَنْهُ. وَقَالَ آخَرُ: كَانَ مِنَ العُلَمَاءِ العُبَّادِ. وَقَالَ الفَسَوِيُّ: صَدُوْقٌ فِي حَدِيْثِهِ ضَعْفٌ.
قُلْتُ: لاَ يَرتَقِي خبره إلى درحة الصِّحَّةِ وَالاحْتِجَاجِ قَالَ خَلِيْفَةُ, وَابْنُ سَعْدٍ: مَاتَ ابْنُ عَقِيْلٍ: بَعْدَ الأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ, رَحِمَهُ اللهُ.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 1870"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 336"، الكاشف "2/ ترجمة 3481"، تاريخ الإسلام "5/ 271"، تهذيب التهذيب "6/ 380"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4409".
2 ترجمته في التاريخ الكبير "5/ ترجمة 576"، الجرح والتعديل "706"، المجروحين لابن حبان "2/ 3"، الأنساب للسمعاني "9/ 22"، الكاشف "2/ ترجمة 2999" ميزان الاعتدال "2/ 484"، تاريخ الإسلام "6/ 90"، تهذيب التهذيب "6/ 13"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3791".

(6/329)


غالب القطان، هاشم بن هاشم، يزيد بن أبي عُبيد:
930- غالب القطان 1: "ع"
هُوَ الفَقِيْهُ, أَبُو سَلَمَةَ بنُ أَبِي غَيْلاَنَ خَطَافٍ -بِالفَتْحِ- وَقِيْلَ: خُطَافٍ, مَوْلَى الأَمِيْرِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَامِرِ بنِ كُرَيْزٍ القُرَشِيِّ.
سَمِعَ الحَسَنَ, وَابْنَ سِيْرِيْنَ, وَبَكْرَ بنَ عَبْدِ الله.
وَعَنْهُ: ابْنُ عُلَيَّةَ وَبِشْرُ بنُ المُفَضَّلِ, وَحَزْمُ بنُ أَبِي حَزْمٍ, وَخَالِدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ.
قَالَ أَحْمَدُ: ثِقَةٌ ثِقَةٌ. وَسُئِلَ عَنْهُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ, فَقَالَ: لاَ أَعْرِفُه.
931- هَاشِمُ بن هاشم 2: "ع"
ابن هَاشِمِ بنِ عُتْبَةَ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ القُرَشِيُّ, الزُّهْرِيُّ.
سَمِعَ: سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ, وَعَامِرَ بنَ سَعْدٍ, وَعَبْدَ اللهِ بنَ وَهْبِ بنِ زَمْعَةَ.
وَعَنْهُ: مَالِكٌ, وَمَرْوَانُ بنُ مُعَاوِيَةَ, وَابْنُ نُمَيْرٍ, وَأَبُو أُسَامَةَ, وَمَكِّيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ, وَجَمَاعَةٌ.
وَثَّقَهُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ. بَقِيَ إِلَى سَنَةِ سَبْعٍ وأربعين ومائة.
932- يزيد بن أبي عبيد 3: "ع"
المدني, مِنْ بَقَايَا التَّابِعِيْنَ الثِّقَاتِ.
حَدَّثَ عَنْ: مَوْلاَهُ, سَلَمَةَ بنِ الأَكْوَعِ, وَعَنْ: عُمَيْرٍ مَوْلَى آبِي اللَّحْمِ.
وَعَنْهُ: حَاتِمُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ, وَيَحْيَى القَطَّانُ وَحَمَّادُ بنُ مَسْعَدَةَ وَأَبُو عَاصِمٍ النَّبِيْلُ وَمَكِّيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ أَبُو دَاوُدَ وَحَدِيْثُه مِنْ عَوَالِي البُخَارِيِّ الثَّلاَثِيَّاتِ تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وأربعين ومائة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 271"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 442"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "3/ 74 و210"، الكنى للدولابي "2/ 23"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة 270"، حلية الأولياء "6/ ترجمة 359"، تهذيب التهذيب "8/ 242"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5663".
2 ترجمته في التاريخ الكبير "8/ ترجمة 2838"، الجرح والتعديل "9/ ترجمة 434"، الكاشف "2/ ترجمة 6036"، تاريخ الإسلام "6/ 143"، تهذيب التهذيب "11/ 20"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7650".
3 ترجمته في التاريخ الكبير "8/ ترجمة 3278"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 437"، الجرح والتعديل "9/ ترجمة 1177"، الكاشف "3/ ترجمة 6453"، تاريخ الإسلام "6/ 152"، تهذيب التهذيب "11/ 349"، شذرات الذهب "1/ 219".

(6/330)


إبراهيم بن هَرْمة، ابن هُبيرة:
933- إبراهيم بن هرمة 1:
شَاعِرُ زَمَانِهِ, أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَلِيِّ بنِ سَلَمَةَ بنِ عَامِرٍ الفِهْرِيُّ المَدَنِيُّ.
أَحَدُ البُلغَاءِ, مِنْ شُعَرَاءِ الدَّوْلَتَيْنِ, وَكَانَ مُنْقَطِعاً إِلَى العَلَوِيَّةِ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: هُوَ مُقَدَّمٌ فِي شُعَرَاءِ المُحْدَثِيْنَ. قَدَّمَهُ بَعْضُهم عَلَى بَشَّارٍ. وَقَالَ ابْنُ عَائِشَةَ: وَفَدَ ابْنُ هَرْمَةَ, فَمَدَحَ المَنْصُوْرَ, فَأَعْطَاهُ عَشْرَةَ آلاَفِ دِرْهَمٍ. وَمِنْ شِعْرِهِ:
كَأَنَّ عَيْنَيَّ إِذْ وَلَّتْ حُمُوْلُهُمُ ... عَنِّي جَنَاحَا حَمَامٍ صَادَفَتْ مَطَرَا
أَو لُؤْلُؤٌ سَلِسٌ فِي عِقْدِ جَارِيَةٍ ... خرقاء نازعها الوالدان فانتثرا
934-ابن هبيرة 2:
أَمِيْرُ العِرَاقَيْنِ, أَبُو خَالِدٍ يَزِيْدُ بنُ عُمَرَ بنِ هُبَيْرَةَ الفَزَارِيُّ. نَائِبُ مَرْوَانَ الحِمَارِ.
كَانَ بَطَلاً, شُجَاعاً, سَائِساً, جَوَاداً, فَصِيْحاً, خَطِيْباً, وَكَانَ مِنَ الأَكَلَةِ وَلَهُ فِي كَثْرَةِ الأَكلِ أَخْبَارٌ.
هَزَمَتْه الخُرَاسَانِيَّةُ, فَدَخَلَ إِلَى وَاسِطَ, فَحَاصَرَهُ المَنْصُوْرُ مُدَّةً, ثُمَّ خَدَعَه المَنْصُوْرُ, وَآمَنَه, وَنَكَثَ, فَدَخَلُوا عَلَيْهِ دَارَه, فَقَتلُوْهُ صَبْراً, وَابْنَه دَاوُدَ, وَمَمَالِيْكَه, وَحَاجِبَه, فَسَجَدَ للهِ, فَنَزَلُوا عَلَيْهِ فَهَبَرُوْهُ.
وَقَدْ كَانَ وَلِيَ حَلَبَ لِلْوَلِيْدِ بنِ يَزِيْدَ مَوْلِدُه: فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَعَاشَ: خَمْساً وَأَرْبَعِيْنَ سَنَةً.
قَالَ المَدَائِنِيُّ: كَانَ جسِيْماً, كَثِيْرَ الأَكلِ, ضَخْماً, طَوِيْلاً, شُجَاعاً, خَطِيْباً, رِزقُه فِي السَّنَةِ سِتُّ مائَةِ أَلْفٍ وَكَانَ يُفَرِّقُهَا فِي العُلَمَاءِ وَالوُجُوْهِ.
وَعَنْ مُحَمَّدِ بنِ كَثِيْرٍ: أَنَّ السَّفَّاحَ أَلَحَّ عَلَى أَخِيْهِ أَبِي جَعْفَرٍ يَأمُرُه بِقَتلِ ابْنِ هُبَيْرَةَ, وَهُوَ يُرَاجِعُه لِكَوْنِهِ حَلَفَ لَهُ فَكَتَبَ إِلَيْهِ وَأَنَّبَه لَيَقْتُلَنَّه فَوَلَّى قَتْلَه الهَيْثَمَ ابن شُعْبَةَ وَقَدْ وَلِيَ أَبُوْهُ أَيْضاً إِمْرَةَ العِرَاقَيْنِ لِيَزِيْدَ بنِ عَبْدِ المَلِكِ بَعْدَ المائَةِ.
قُتِلَ يَزِيْدُ: فِي ذِي القَعْدَةِ سَنَة اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ. وَكَانَ أَبُو مُسْلِمٍ الخُرَاسَانِيُّ هُوَ الَّذِي أَغرَى السَّفَّاحَ بِقَتلِ ابْنِ هُبَيْرَةَ وَكَانَ ابْنُ هُبَيْرَةَ يَرْكَبُ رِكْبَةً عَظِيْمَةً إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ فَنَهَاهُ الحَاجِبُ إِلَى أَنْ بَقِيَ فِي ثَلاَثَةٍ.
__________
1 ترجمته في الأغاني لأبي الفرج الأصبهاني "4/ 101"، تاريخ بغداد "6/ 127"، الوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "6/ 59"، النجوم الزاهرة لابن تغرى بردى "2/ 84"، خزانة الأدب للبغدادي "1/ 244".
21 ترجمته في المجروحين لابن حبان "2/ 123"، تاريخ الإسلام "للذهبي "5/ 315".

(6/331)


935- عَبْدُ اللهِ بنُ المُقَفَّعِ 1:
أَحَدُ البُلغَاءِ وَالفُصَحَاءِ, وَرَأْسُ الكُتَّابِ, وَأُولِي الإِنشَاءِ, مِنْ نُظَرَاءِ عَبْدِ الحَمِيْدِ الكَاتِبِ وَكَانَ مِنْ مَجُوْسِ فَارِسٍ فَأَسلَمَ عَلَى يَدِ الأَمِيْرِ عِيْسَى عَمِّ السَّفَّاحِ وَكَتَبَ لَهُ وَاخْتَصَّ بِهِ قَالَ الهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ: قَالَ لَهُ: أُرِيْدُ أَنْ أُسْلِمَ عَلَى يَدِكَ بمحضر الأَعْيَانِ, ثُمَّ قَعَدَ يَأْكُلُ وَيُزَمْزِمُ بِالمَجُوْسِيَّةِ فَقَالَ: مَا هَذَا قَالَ: أَكرَهُ أَنْ أَبِيْتَ عَلَى غَيْرِ دِيْنٍ, وَكَانَ ابْنُ المُقَفَّعِ يُتَّهَمُ بِالزَّنْدَقَةِ وَهُوَ الَّذِي عَرَّبَ كَلِيْلَةَ وَدِمْنَةَ.
وَرُوِيَ عَنِ المَهْدِيِّ, قَالَ: مَا وَجَدْتُ كِتَابَ زَندَقَةٍ إلَّا وَأَصلُه ابْنُ المُقَفَّعِ.
وَغَضِبَ المَنْصُوْرُ مِنْهُ, لأَنَّهُ كَتَبَ فِي تَوَثُّقِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَلِيٍّ مِنَ المَنْصُوْرِ يَقُوْلُ: وَمَتَى غَدَرَ بِعَمِّهِ, فَنِسَاؤُهُ طَوَالِقُ, وَعَبِيْدُهُ أَحْرَارٌ, وَدَوَابُّهُ حُبسٌ وَالنَّاسُ فِي حِلٍّ مِنْ بَيْعتِه فَكَتَبَ إِلَى عَامِلِه سُفْيَانَ المُهَلَّبِيِّ يَأمُرُه بِقَتلِ ابْنِ المُقَفَّعِ.
وَكَانَ ابْنُ المُقَفَّعِ مَعَ سَعَةِ فَضْلِه, وَفَرطِ ذَكَائِهِ فِيْهِ طَيشٌ فَكَانَ يَقُوْلُ، عَنْ سُفْيَانَ المُهَلَّبِيِّ: ابْنُ المُغْتَلِمَةِ فَأَمَرَ لَهُ بِتَنُّورٍ فَسُجِّرَ ثُمَّ قَطَعَ أَرْبَعَتَه وَرَمَاهَا فِي التَّنُّورِ وَهُوَ يَنْظُرُ وَعَاشَ سِتّاً وَثَلاَثِيْنَ سَنَةً وَأُهْلِكَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ وَقِيْلَ: بَعْدَ الأَرْبَعِيْنَ وَاسْمُ أَبِيْهِ ذَادَوَيْه قَدْ وَلِيَ خَرَاجَ فَارِسٍ لِلْحَجَّاجِ فَخَانَ فَعَذَّبَه الحَجَّاجُ فَتَقَفَّعَتْ يَدُه وَقِيْلَ: بَلْ كَانَ يَعْمَلُ قِفَاعَ الخُوصِ, وَهِيَ كَالقُفَّةِ.
قِيْلَ لابْنِ المُقَفَّعِ: مَنْ أَدَّبَكَ؟ قَالَ: نَفْسِي إِذَا رَأَيْتُ مِنْ أَحَدٍ حَسَناً أَتَيْتُهُ وَإِنْ رَأَيْتُ قَبِيْحاً أَبَيْتُه.
وَقِيْلَ: اجْتَمَعَ بِالخَلِيْلِ فَلَمَّا تَفَرَّقَا, قِيْلَ: لِلْخَلِيْلِ كَيْفَ رَأَيْتَه؟ قَالَ: عِلْمُه أَكْثَرُ مِنْ عَقلِه. وَسُئِلَ هُوَ: كَيْفَ رَأَيْتَ الخَلِيْلَ? قَالَ: عَقلُه أَكْثَرُ مِنْ عِلْمِه. وَقِيْلَ: إِنَّ وَالِيَ البَصْرَةِ سُفْيَانَ بنَ مُعَاوِيَةَ بنِ يَزِيْدَ بنِ المُهَلَّبِ قَالَ يَوْماً: مَا نَدِمتُ عَلَى سُكُوْتٍ قَطُّ فَقَالَ ابْنُ المُقَفَّعِ فَالخَرَسُ زَيْنٌ لَكَ. وَقَالَ لَهُ مَرَّةً: مَا تَقُوْلُ فِي رَجُلٍ مَاتَ، عَنْ زَوجٍ وَزَوْجَةٍ فَأَحْنَقَه.
قَالَ الأَصْمَعِيُّ: صَنَّفَ ابْنُ المُقَفَّعِ "الدُّرَّةَ اليَتِيْمَةَ" الَّتِي مَا صُنِّفَ مِثْلُهَا وَمِنْ قَوْلِه: شَرِبْتُ مِنَ الخُطَبِ رِيَّا, وَلَمْ أَضْبِطْ لَهَا رَوِيَّا فَغَاضَتْ ثُمَّ فَاضَتْ فَلاَ هِيَ هِيَ نِظَاماً وَلاَ هِيَ غيرها كلامًا.
__________
1 ترجمته في لسان الميزان "3/ ترجمة 1465".

(6/332)


936- محمد بن عبد الله 1: "د, ت, س"
ابن حَسَنِ ابْنِ السَّيِّدِ الحَسَنِ بنِ عَلِيِّ بنِ أبي طالب الهاشمي, الحَسَنِيُّ, المَدَنِيُّ, الأَمِيْرُ, الوَاثبُ عَلَى المَنْصُوْرِ, هُوَ وَأَخُوْهُ إِبْرَاهِيْمُ.
حَدَّثَ عَنْ: نَافِعٍ, وَأَبِي الزِّنَادِ.
وَعَنْهُ: عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ المَخْرَمِيُّ, وَعَبْدُ العَزِيْزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ, وَعَبْدُ اللهِ بنُ نَافِعٍ الصَّائِغُ. وَثَّقَهُ: النَّسَائِيُّ, وَغَيْرُهُ.
حَجَّ المَنْصُوْرُ سنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ, فَاسْتَعْمَلَ عَلَى المَدِيْنَةِ رِيَاحاً المُرِّيَّ, وَقَدْ قَلِقَ لِتَخَلُّفِ ابْنَيْ حَسَنٍ، عَنِ المَجِيْءِ إِلَيْهِ فَيُقَالُ: إِنَّ المَنْصُوْرَ لَمَّا كَانَ حَجَّ قَبْلَ أَيَّامِ السَّفَّاحِ, كَانَ فِيْمَا قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ -إِذِ اشْتَوَرَ بَنُو هَاشِمٍ بِمَكَّةَ فِيْمَنْ يَعقِدُوْنَ لَهُ بِالخِلاَفَةِ حِيْنَ اضْطَرَبَ أَمرُ بَنِي أُمَيَّةَ- كَانَ المَنْصُوْرُ مِمَّنْ بَايَعَ لِي. وَسَأَلَ المَنْصُوْرُ زِيَاداً مُتَوَلِّي المَدِيْنَةِ، عَنِ ابْنَيْ حَسَنٍ, قَالَ: مَا يَهُمُّك مِنْهُمَا, أَنَا آتِيْكَ بِهِمَا. وَقَالَ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عِمْرَانَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي عُبَيْدَةَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَمَّارٍ, قَالَ اسْتُخلِفَ المَنْصُوْرُ, فَلَمْ يكن له همإلَّا طَلَبُ مُحَمَّدٍ, وَالمَسْأَلَةِ عَنْهُ فَدَعَا بَنِي هَاشِمٍ وَاحِداً وَاحِداً, يَخلُو بِهِ, وَيَسْأَلُه فَيَقُوْلُ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! قَدْ عَرَفَ أَنَّكَ قَدْ عَرَفْتَه يَطْلُبُ هَذَا الشَّأْنَ قَبْلَ اليَوْمِ فَهُوَ يَخَافُكَ, وهو الان لا يريد لك خلافًا. وَأَمَّا حَسَنُ بنُ زَيْدِ بنِ حَسَنٍ فَأَخْبَرَهُ بِأَمرِه وَقَالَ لاَ آمَنُ أَنْ يَخْرُجَ فَاشْتَرَى المَنْصُوْرُ رَقِيْقاً مِنَ العَرَبِ فَكَانَ يُعْطِي الوَاحِدَ مِنْهُمُ البَعِيْرَيْنِ وَفَرَّقَهم فِي طَلَبِه وَهُوَ مُختَفٍ.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 418"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 125"، والجرح والتعديل "7/ ترجمة 1602"، العبر "1/ 196 و198"، الكاشف "3/ ترجمة 5022"، تاريخ الإسلام "6/ 121"، ميزان الاعتدال "3/ 591"، تهذيب التهذيب "9/ 252"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6360".

(6/333)


وَقَالَ لِعُقْبَةَ السِّنْدِيِّ: اخْفِ شَخْصَكَ, وَاسْتَتِرْ, ثُمَّ ائْتِنِي وَقْتَ كَذَا. فَأَتَاهُ, فَقَالَ: إِنَّ بَنِي عَمِّنَا قَدْ أَبَوْا إلَّا كَيداً لَنَا, وَلَهُم شِيْعَةٌ بِخُرَاسَانَ يُكَاتِبُونَهُم, وَيُرسِلُوْنَ إِلَيْهِم بِصَدَقَاتِهِم, فَاخرُجْ إِلَيْهِم بِكِسْوَةٍ وَأَلطَافٍ, حَتَّى تَأْتِيَهُم مُتَنَكِّراً, فَحسَّهُم لِي, فَاشْخَصْ حَتَّى تَلقَى عَبْدَ اللهِ بنَ حَسَنٍ مُتَقَشِّفاً, فَإِنْ جَبَهَكَ وَهُوَ فَاعِلٌ فَاصْبِرْ وَعَاوِدْهُ حَتَّى يَأنَسَ بِكَ فَإِذَا ظَهَرَ لَكَ فَاعجَلْ عَلَيَّ فَذَهَبَ عُقْبَةُ فَلَقِيَ عَبْدَ اللهِ بِالكِتَابِ فَانْتَهَرَه وَقَالَ: مَا أَعْرِفُ هَؤُلاَءِ فَلَمْ يَزَلْ يَعُودُ إِلَيْهِ حَتَّى قَبِلَ الكِتَابَ وَالهَدِيَّةَ. فَسَأَلَه عُقْبَةُ الجَوَابَ فَقَالَ: لاَ أَكْتُبُ إِلَى أَحَدٍ فَأَنْتَ كِتَابِي إِلَيْهِم, وَأَخْبِرْهُم أَنَّ ابْنَيَّ خَارِجَانِ لِوقْتِ كَذَا. وَقَالَ: فَأَسرَعَ بِهَا عُقْبَةُ إِلَى المَنْصُوْرِ.
وَقِيْلَ: كَانَ ابْنَا حَسَنٍ مَنْهُومَيْنِ بِالصَّيدِ.
وَقَالَ المَدَائِنِيُّ: قَدِمَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ فِي أَرْبَعِيْنَ رَجُلاً مُتَخَفِّياً, فَأَتَى عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ عُثْمَانَ, فَقَالَ لَهُ: أَهْلَكْتَنِي, فَانزِلْ عِنْدِي, وَفَرِّقْ أَصْحَابَك. فَأَبَى. فَقَالَ: انْزِلْ فِي بَنِي رَاسِبٍ. فَفَعَلَ.
وَقِيْلَ: أَقَامَ مُحَمَّدٌ يَدْعُو النَّاسَ سِرّاً. وَقِيْلَ: نَزَلَ بِعَبْدِ اللهِ بنِ سُفْيَانَ المُرِّيِّ أَيَّاماً, وَحَجَّ المَنْصُوْرُ سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ, فَأَكرَمَ عَبْدَ اللهِ بنَ حَسَنٍ, ثُمَّ قَالَ لِعُقْبَةَ: تَرَاءَ لَهُ ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ! قَدْ عَلِمتَ مَا أَعْطَيْتَنِي مِنَ العُهُودِ. قَالَ: أَنَا عَلَى ذَلِكَ. فَتَرَاءى لَهُ عُقْبَةُ, وَغَمَزَهُ, فَأَبْلَسَ عَبْدُ اللهِ, وَقَالَ: أَقِلْنِي يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! أَقَالَكَ اللهُ قَالَ: كَلاَّ وَسَجَنَهُ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ قَالَ لَهُ: أَرَى ابْنَيْكَ قَدِ اسْتَوْحَشَا مِنِّي وَإِنِّي لأُحِبُّ قُرْبَهُمَا قَالَ مَا لِي بِهِمَا عِلْمٌ وَقَدْ خَرَجَا، عَنْ يَدِي.
وَقِيْلَ: هَمَّ الأَخَوَانِ بِاغتِيَالِ المَنْصُوْرِ بِمَكَّةَ وَوَاطَأَهُمَا قَائِدٌ كَبِيْرٌ فَفَهِمَ المَنْصُوْرُ فَتَحَرَّزَ وَهَرَبَ القَائِدُ وَتَحَيَّلَ المَنْصُوْرُ مِنْ زِيَادٍ فَقَبَضَ عَلَيْهِ وَاسْتَعْمَلَ عَلَى المَدِيْنَةِ مُحَمَّدَ بنَ خَالِدٍ القَسْرِيَّ وَبَذَلَ لَهُ أَزْيَدَ مِنْ مائَةِ أَلْفِ دِيْنَارٍ إِعَانَةً فَعَجَزَ فَعَزَلَهُ بِرِيَاحِ بنِ عُثْمَانَ بنِ حَيَّانَ المُرِّيِّ وَعُذِّبَ القَسْرِيُّ فَأُخْبِرَ رِيَاحٌ بِأَنَّ مُحَمَّدَ بنَ عَبْد اللهِ فِي شِعْبِ رَضْوَى مِنْ أَرْضِ يَنْبُعَ فَنَدَبَ لَهُ عَمْرَو بنَ عُثْمَانَ الجُهَنِيَّ فَكَبَسَه لَيْلَةً فَفَرَّ مُحَمَّدٌ وَمَعَهُ وَلَدٌ فَوَقَعَ مِنْ جَبَلٍ مِنْ يَدِ أُمِّه فَتَقَطَّعَ وَفِيْهِ يَقُوْلُ أَبُوْهُ:
مُنْخَرِقُ السِّربَالِ يَشْكُو الوَجَى ... تَنكُبُهُ أَطرَافُ مَرْوٍ حِدَادْ
شَرَّدَهُ الخَوْفُ وَأَزْرَى بِهِ ... كَذَاكَ مَنْ يَكْرَهُ حَرَّ الجِلاَدْ
قَدْ كَانَ فِي المَوْتِ لَهُ رَاحَةٌ ... وَالمَوْتُ حَتْمٌ فِي رِقَابِ العِبَادْ

(6/334)


وَتَتَبَّعَ رِيَاحٌ بَنِي حَسَنٍ, وَاعْتَقَلَهُم فَأَخَذَ حَسَناً: وَإِبْرَاهِيْمَ ابْنَيْ حَسَنٍ -وَهُمَا عَمَّا مُحَمَّدٍ- وَحَسَنَ بنَ جَعْفَرِ بنِ حَسَنِ بنِ حَسَنٍ, وَسُلَيْمَانَ بنَ دَاوُدَ بنِ حَسَنِ بنِ حَسَنٍ, وَأَخَاهُ عَبْدَ اللهِ, وَمُحَمَّداً, وَإِسْمَاعِيْلَ, وَإِسْحَاقَ أَوْلاَدَ إِبْرَاهِيْمَ المَذْكُوْرِ, وَعَبَّاسَ بنَ حَسَنِ بنِ حَسَنِ بنِ حَسَنٍ, وَأَخَاهُ عَلِيّاً العَابِدَ, وَقَيَّدَهُم, وَشَتَمَ ابْنَيْ حَسَنٍ عَلَى المِنْبَرِ فَسَبَّحَ النَّاسُ, وَعَظَّمُوا قَوْلَه. فَقَالَ رِيَاحٌ: أَلصَقَ اللهُ بِوُجُوهِكُمُ الهَوَانَ لأَكتُبَنَّ إِلَى خَلِيْفَتِكُم غِشَّكُم فَقَالُوا لاَ نَسْمَعُ مِنْكَ يَا ابْنَ المَجْلُوْدَةِ وَبَادَرُوْهُ يَرمُونَه بِالحَصبَاءِ فَنَزَلَ وَاقْتَحَمَ دَارَ مَرْوَانَ وَأَغلَقَ عَلَيْهِ فَأَحَاطَ بِهِ النَّاسُ وَرَجَمُوْهُ وَشَتَمُوْهُ, ثُمَّ إِنَّهُم كَفُّوا وَحَمَلُوا آل حسن في القيود إِلَى العِرَاقِ وَجَعْفَرٌ الصَّادِقُ يَبْكِي لَهُم وَأُخِذَ معهم أخوهم من أمهم محمد ابن عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرِو بنِ عُثْمَانَ بنِ عَفَّانَ, وَهُوَ ابْنُ فَاطِمَةَ بِنْتِ الحُسَيْنِ فَقِيْلَ: جُعِلُوا فِي المَحَامِلِ وَلاَ وِطَاءَ تَحْتَهُم وَقِيْلَ: أُخِذَ مَعَهُم أَرْبَعُ مائَةٍ مِنْ جُهَيْنَةَ وَمُزَيْنَةَ.
قَالَ ابْنُ أَبِي المَوَالِي: وَسُجِنتُ مَعَ عَبْدِ اللهِ بنِ حَسَنٍ, فَوَافَى المَنْصُوْرُ الرَّبَذَةَ رَاجِعاً مِنْ حَجِّه, فَطَلَبَ عَبْدَ اللهِ أَنْ يَحضُرَ إِلَيْهِ, فَأَبَى وَدَخَلتُ أَنَا وَعِنْدَه عَمُّه عِيْسَى بنُ عَلِيٍّ فَسَلَّمتُ قَالَ: لاَ سَلَّمَ اللهُ عَلَيْكَ أَيْنَ الفَاسِقَانِ ابْنَا الفَاسِقِ?!.
قُلْتُ: هَلْ يَنْفَعُنِي الصِّدْقُ? قَالَ: وَمَا ذَاكَ? قُلْتُ: امْرَأَتِي طَالِقٌ, وَعَلَيَّ, وَعَلَيَّ إِنْ كُنْتُ أَعْرِفُ مَكَانَهمَا فَلَمْ يَقْبَلْ فَضَرَبَنِي أَرْبَعَ مائَةِ سَوْطٍ فَغَابَ عَقْلِي, وَرُدِدتُ إِلَى أَصْحَابِي. ثُمَّ طَلَبَ أَخَاهم الدِّيْبَاجَ, فَحَلَفَ لَهُ, فَلَمْ يَقْبَلْ, وَضَرَبَه مائَةَ سَوْطٍ, وَغَلَّه, فَأَتَى وَقَدْ لصقَ قَمِيْصُه عَلَى جسمه من الدماء.
فَأَوَّلُ مَنْ مَاتَ فِي الحَبسِ عَبْدُ اللهِ أَبُوْهُمَا, ثُمَّ مَاتَ أَخُوْهُ حَسَنٌ, ثُمَّ الدِّيْبَاجُ, فَقَطَعَ رَأْسَه وَبَعَثَه مَعَ طَائِفَةٍ مِنَ الشِّيْعَةِ طَافُوا بِهِ خُرَاسَانَ يَحلِفُوْنَ أَنَّ هَذَا رَأْسُ محمد بن عبد الله بن فَاطِمَةَ, يُوْهِمُوْنَ أَنَّهُ ابْنُ حَسَنٍ الَّذِي كَانُوا يَجِدُوْنَ خُرُوْجَه فِي الكُتُبِ.
وَقِيْلَ: إِنَّ المَنْصُوْرَ قَالَ لِمُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ حَسَنٍ: أَنْتَ الدِّيْبَاجُ الأَصْفَرُ? قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: لأَقتُلَنَّكَ قِتْلَةً ما سمع بها ثم أمر باسطوانة فَنُقِرَتْ وَأُدخِلَ فِيْهَا ثُمَّ سُدَّ عَلَيْهِ وَهُوَ حَيٌّ وَكَانَ مِنَ المِلاَحِ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ قَتَلَ الدِّيْبَاجَ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ أَيْضاً.
وَعَنْ مُوْسَى بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ حَسَنٍ, قَالَ: مَا كُنَّا نَعْرِفُ فِي الحَبْسِ أَوقَاتَ الصَّلَوَاتِ إلَّا بِأَجزَاءٍ يَقْرَؤُهَا عَلِيُّ بنُ حَسَنٍ.
وَقِيْلَ: إِنَّ المَنْصُوْرَ قَتَلَ عَبْدَ اللهِ بنَ حَسَنٍ أيضًا بالسم.

(6/335)


وَعَنْ أَبِي نُعَيْمٍ, قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ عُبَيْدَ اللهِ بنَ عُمَرَ, وَابْنَ أَبِي ذِئْبٍ, وَعَبْدَ الحَمِيْدِ بنَ جَعْفَرٍ دَخَلُوا عَلَى مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ, وَقَالُوا: مَا تَنتَظِرُ! وَاللهِ مَا نَجِدُ فِي هَذَا البَلَدِ أَشْأَمَ عَلَيْهَا مِنْكَ.
وأما رياح, فطلب جعفر الصَّادِقَ وَبَنِي عَمِّه إِلَى دَارِهِ, فَسَمِعَ التَّكَبِيْرَ فِي اللَّيْلِ, فَاختَفَى رِيَاحٌ. فَظَهَرَ مُحَمَّدٌ فِي مائَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ نَفْساً, فَأَخرَجَ أَهْلَ السِّجنِ -وَكَانَ عَلَى حِمَارٍ- فِي أَوَّلِ رَجَبٍ, سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ, فَحَبَسَ رِيَاحاً وَجَمَاعَةً, وَخَطَبَ, فَقَالَ: أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّهُ كَانَ مِنْ أَمرِ هَذَا الطَّاغِيَةِ أَبِي جَعْفَرٍ مَا لَمْ يَخفَ عَلَيْكُم, مِنْ بِنَائِهِ القُبَّةَ الخَضْرَاءَ الَّتِي بَنَاهَا تَصْغِيْراً لِكَعْبَةِ الله, وإن أحق الناس بِالقِيَامِ لِلدِّيْنِ أَبْنَاءُ المُهَاجِرِيْنَ وَالأَنْصَارِ, اللَّهُمَّ قَدْ فَعلُوا وَفَعلُوا, فَأَحْصِهِم عَدَداً, وَاقْتُلْهُم بَدَداً, وَلاَ تُغَادِرْ مِنْهُم أَحَداً.
قَالَ عَلِيُّ بنُ الجَعْدِ: كَانَ المَنْصُوْرُ يَكْتُبُ عَلَى أَلسُنِ قُوَّادِه إِلَى مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بِأَنَّهم مَعَهُ, فَاخرُجْ فَقَالَ: يَثِقُ بِالمُحَالِ. وَخَرَجَ مَعَهُ مِثْلُ ابْنِ عَجْلاَنَ, وَعَبْدِ الحَمِيْدِ بنِ جَعْفَرٍ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: فَلَمَّا قُتِلَ, أَتَى وَالِي المَدِيْنَةِ بِابْنِ عَجْلاَنَ, فَسَبَّه, وَأَمَرَ بِقَطعِ يَدِه. فَقَالَ العُلَمَاءُ: أَصْلَحَ اللهُ الأَمِيْرَ, إِنَّ هَذَا فَقِيْهُ المَدِيْنَةِ, وَعَابِدُهَا, وَشُبِّهَ عَلَيْهِ أَنَّهُ المَهْدِيُّ فَتَرَكَه قَالَ وَلَزِمَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ ضَيعَةً لَهُ وَخَرَجَ أَخَوَاهُ عَبْدُ اللهِ وَأَبُو بَكْرٍ فَعَفَا عَنْهُمَا المَنْصُوْرُ.
وَاختَفَى جَعْفَرٌ الصَّادِقُ, ثُمَّ إِنَّ مُحَمَّداً اسْتَعْمَلَ عُمَّالاً عَلَى المَدِيْنَةِ وَلَزِمَ مَالِكٌ بَيْتَه.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ كَانَ الثَّوْرِيُّ يَتَكَلَّمُ فِي عَبْدِ الحَمِيْدِ بنِ جَعْفَرٍ لِخُرُوْجِه وَيَقُوْلُ إِنْ مَرَّ بِكَ المَهْدِيُّ وَأَنْتَ فِي البَيْتِ فَلاَ تَخْرُجْ إِلَيْهِ حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ عَلَيْهِ.
وَقِيْلَ: بَعَثَ مُحَمَّدٌ إِلَى إِسْمَاعِيْلَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرِ بنِ أَبِي طَالِبٍ وَقَدْ شَاخَ لِيُبَايِعَه فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي أَنْتَ وَاللهِ مَقْتُوْلٌ كَيْفَ أُبَايِعُكَ فَارتَدَعَ النَّاسُ عَنْهُ فَأَتَتْه بِنْتُ أَخِيْهِ مُعَاوِيَةَ فَقَالَتْ: يَا عَمِّ إِنَّ إِخْوَتِي قَدْ أَسرَعُوا إِلَى ابْنِ خَالِهِم, فَلاَ تُثَبِّطْ عَنْهُ فَيُقْتَلَ هُوَ وَإِخْوَتِي فَأَبَى فيقال: قتلته فأراد محمد الصَّلاَةَ عَلَيْهِ. فَقَالَ ابْنُهُ: تَقتُلُ أَبِي وَتُصَلِّي عَلَيْهِ فَنَحَّاهُ الحَرَسُ وَتَقَدَّمَ مُحَمَّدٌ وَكَانَ مُحَمَّدٌ أَسْوَدَ جَسِيْماً فِيْهِ تَمتَمَةٌ وَلَمَّا خَرَجَ قَامَتْ قِيَامَةُ المَنْصُوْرِ فَقَالَ: لآلِهِ اذْهَبُوا إِلَى هَذَا الأَحْمَقِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَلِيٍّ فَلَهُ رَأْيٌ جَيِّدٌ فِي الحَرْبِ فَلَمَّا دَخَلُوا قَالَ: لأَمرٍ مَا جِئْتُم فَمَا جَاءَ بِكُم جَمِيْعاً وَقَدْ هَجَرتُمُوْنِي مِنْ دَهْرٍ قَالُوا: اسْتَأْذَنَّا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ فَأَذِنَ لَنَا قَالَ: لَيْسَ ذَا بِشَيْءٍ مَا الخَبَرُ قَالُوا: خَرَجَ مُحَمَّدٌ قَالَ: فَمَا تَرَوْنَ ابْنَ سَلاَّمَةَ صَانِعاً يَعْنِي المَنْصُوْرَ قَالُوا: لاَ نَدْرِي قَالَ: إِنَّ البُخلَ قَدْ قَتَلَه فَلْيُخرِجِ الأَمْوَالَ وَيُكرِمِ الجُنْدَ, فَإِنْ غَلبَ فَمَا أَوشَكَ أَنْ يَعُودَ إِلَيْهِ مَالُه.

(6/336)


وَجَهَّزَ المَنْصُوْرُ وَلِيَّ عَهْدِه عِيْسَى بنَ مُوْسَى لِحَربِ مُحَمَّدٍ, وَكَتَبَ إِلَى مُحَمَّدٍ يَحُثُّه عَلَى التَّوبَةِ وَيَعِدُه وَيُمَنِّيْه فَأَجَابَه مِنَ المَهْدِيِّ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ {طَسم، تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ} [الشعراء: 1، 2] وَأَنَا أَعرِضُ عَلَيْكَ مِنَ الأَمَانِ مِثْلَ مَا عَرَضتَ فَإِنَّ الحَقَّ حَقُّنَا ... إِلَى أَنْ قَالَ: فَأَيُّ الأَمَانَاتِ تُعطِيْنِي, أَمَانُ ابْنِ هُبَيْرَةَ أَمْ أَمَانُ عَمِّكَ أَمْ أَمَانُ أَبِي مُسْلِمٍ؟.
فَأَرسَلَ إِلَيْهِ بِكِتَابٍ مُزعِجٍ, وَأَخَذَ جُنْدُ مُحَمَّدٍ مَكَّةَ, وَجَاءهُ مِنْهَا عَسْكَرٌ, وَسَارَ وَلِيُّ العَهْدِ فِي أَرْبَعَةِ آلاَفِ فَارِسٍ, وَنَفَذَ إِلَى أَهْلِ المَدِيْنَةِ يَتَأَلَّفُهُم فَتَفَلَّلَ خَلْقٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ وَبَادَرَ آخَرُوْنَ إِلَى خِدمَةِ عِيْسَى. فَأُشِيْرَ عَلَى مُحَمَّدٍ: أَنْ يَفِرَّ إِلَى مِصْرَ, فَلَنْ يَرُدَّكَ أَحَدٌ عَنْهَا. فَصَاحَ جُبَيْرٌ: أَعُوْذُ بِاللهِ أَنْ نَخرَجَ مِنَ المَدِيْنَةِ, وَنَبِيُّ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ "رَأَيْتُنِي فِي دِرْعٍ حَصِيْنَةٍ فَأَوَّلْتُهَا المَدِيْنَةَ".
ثُمَّ إِنَّ مُحَمَّداً اسْتَشَارَ أَنْ يُخَنْدِقَ عَلَى نَفْسِهِ فَاخْتَلَفَتِ الآرَاءُ ثُمَّ حَفَرَ خَنْدَقَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَحَفَرَ فِيْهِ بِيَدِهِ.
عَنْ عُثْمَانَ الزُّبَيْرِيِّ قَالَ: اجْتَمَعَ مَعَ مُحَمَّدٍ جَمْعٌ لَمْ أَرَ أَكْثَرَ مِنْهُ, إِنِّي لأَحسِبُنَا كُنَّا مائَةَ أَلْفٍ فَخَطَبَ مُحَمَّدٌ, وَقَالَ: إِنَّ هَذَا قَدْ قَرُبَ, وَقَدْ حَلَّلتُكُم مِنْ بَيْعَتِي. قَالَ: فَتَسلَّلُوا حَتَّى بَقِيَ فِي شِرْذِمَةٍ, وَهَرَبَ النَّاسُ بِذَرَارِيهِم فِي الجِبَالِ, فَلَمْ يَتَعَرَّضْ عِيْسَى لأَذَاهُم, وَرَاسَلَ مُحَمَّداً يَدعُوْهُ إِلَى الطَّاعَةِ فَقَالَ: إِيَّاكَ أَنْ يَقتُلَكَ مَنْ يَدْعُوكَ إِلَى اللهِ فَتَكُوْنَ شَرَّ قَتِيْلٍ, أَوْ تَقْتُلَه فَيَكُوْنَ أَعْظَمَ لِوِزْرِكَ.
فَبَعَثَ إِلَيْهِ: إِنْ أَبَيْتَ فَإِنَّا نُقَاتِلُكَ عَلَى مَا قَاتَلَ عَلَيْهِ جَدُّكَ طَلْحَةُ, وَالزُّبَيْرُ عَلَى نَكثِ البَيْعَةِ ثُمَّ أَحَاطَ عِيْسَى بِالمَدِيْنَةِ فِي أَثنَاءِ رَمَضَانَ, وَدَعَا مُحَمَّداً إِلَى الطَّاعَةِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ, ثُمَّ قَرُبَ مِنَ السُّورِ, فَنَادَى بِنَفْسِهِ يَا أَهْلَ المَدِيْنَةِ إِنَّ اللهَ قَدْ حَرَّمَ الدِّمَاءِ فَهَلُمُّوا إِلَى الأَمَانِ, وَخَلُّوا بَيْننَا وَبَيْنَ هَذَا فَشَتَمُوْهُ فَانْصَرَفَ وَفَعَلَ ذَلِكَ مِنَ الغَدِ, وَزَحَفَ فِي اليَوْمِ الثَّالِثِ, وَظَهَرَ وَكَرَّرَ بَذْلَ الأَمَانِ لِمُحَمَّدٍ فَأَبَى وَتَرَجَّلَ فَقَالَ بَعْضُهُم: إِنِّي لأحسِبُه قَتَلَ بِيَدِهِ سَبْعِيْنَ يَوْمَئِذٍ.
وَقَالَ عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ جَعْفَرٍ: كُنَّا مَعَ مُحَمَّدٍ فِي عِدَّةِ أَصْحَابِ بَدرٍ ثُمَّ تَبَارَزَ جَمَاعَةٌ وَأَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْ جُنْدِ المَنْصُوْرِ عِنْدَ أَحجَارِ الزَّيْتِ فَطَلَبَ المُبَارَزَةَ فَخَرَجَ إِلَيْهِ رَجُلٌ عَلَيْهِ قُبَاءٌ أَصْفَرُ فَقَتَلَ الجُنْدِيَّ ثُمَّ بَرَزَ آخَرُ فَقَتَلَه فَاعْتَوَرَهُ أَصْحَابُ عِيْسَى حَتَّى أَثبَتُوهُ بِالسِّهَامِ وَدَامَ القِتَالُ مِنْ بَكْرَةٍ إِلَى العَصْرِ وَطَمَّ أَصْحَابُ عِيْسَى الخَنْدَقَ, فَجَازَتْ خَيْلُهم.

(6/337)


قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ: تَحَنَّطَ مُحَمَّدٌ للموت, فقلت له: مالك بما ترى طاقة. فَالْحَقْ بِالحَسَنِ بنِ مُعَاوِيَةَ نَائِبِكَ بِمَكَّةَ قَالَ: لَوْ رُحتُ لَقُتِلَ هَؤُلاَءِ فَلاَ أَرجِعُ وَأَنْتَ مِنِّي فِي سَعَةٍ.
وَقِيْلَ: نَاشَدَه غَيْرُ وَاحِدٍ اللهَ وَهُوَ يَقُوْلُ: وَاللهِ لاَ تُبْتَلَوْنَ بِي مَرَّتَيْنِ. ثُمَّ قَتَلَ رِيَاحاً وَعَبَّاسَ بنَ عُثْمَانَ, فَمَقَتَه النَّاسُ ثُمَّ صَلَّى العَصْرَ, وَعَرقَبَ فَرَسَه, وَعَرقَبَ بَنُو شُجَاعٍ دَوَابَّهُم وَكَسَرُوا أَجفَانَ سُيُوْفِهم, ثُمَّ حَمَلَ هُوَ, فَهَزَمَ القَوْمَ مَرَّتَيْنِ, ثُمَّ اسْتَدَارَ بَعْضُهم مِنْ وَرَائِهِ, وَشَدَّ حُمَيْدُ بنُ قَحْطَبَةَ عَلَى مُحَمَّدٍ, فَقَتَلَه, وَأَخَذَ رَأْسَه, وَكَانَ مَعَ مُحَمَّدٍ سَيْفَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذُوْ الفِقَارِ فَجَاءهُ سَهْمٌ فَوَجَدَ المَوْتَ فَكُسِرَ السَّيفُ وَلَمْ يَصِحَّ بَلْ قِيْلَ: أَعْطَاهُ رَجُلاً كَانَ لَهُ عَلَيْهِ أَرْبَعُ مائَةِ دِيْنَارٍ, وَقَالَ: لَنْ تَلقَى طَالبِيّاً إلَّا وَأَخَذَه مِنْكَ, وَأَعْطَاكَ حَقَّكَ فَلَمَّا وَلِيَ جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ المَدِيْنَةَ, أَخَذَه مِنْهُ وَأَعْطَاهُ الدَّينَ.
وَكَانَ مَصْرَعُ مُحَمَّدٍ عِنْدَ أَحجَارِ الزَّيْتِ, فِي رَابِعَ عَشَرَ رَمَضَانَ, سَنَةَ خَمْسٍ. قَالَ الوَاقِدِيُّ: عَاشَ ثَلاَثاً وَخَمْسِيْنَ سَنَةً. وَقِيْلَ: صَلَبَ عِدَّةً مِنْ أَصْحَابِهِ وَطِيْفَ بِالرَّأْسِ.
قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: ذَهَبتْ طَائِفَةٌ مِنَ الجَارُوْدِيَّةِ أَنَّهُ لَمْ يَمُتْ وَلاَ يَمُوْتُ حَتَّى يَملأَ الأَرْضَ عَدلاً وَخَلَّفَ مِنَ الأَوْلاَدِ: حَسَناً وَعَبْدَ اللهِ وَفَاطِمَةَ وَزَيْنَبَ.

(6/338)


937- إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ حَسَنٍ 1:
العَلَوِيُّ, الَّذِي خَرَجَ بِالبَصْرَةِ, زَمَنَ خُرُوْجِ أَخِيْهِ بِالمَدِيْنَةِ.
قَالَ مُطَهِّرُ بنُ الحَارِثِ: أَقْبَلْنَا مَعَ إِبْرَاهِيْمَ مِنْ مَكَّةَ نُرِيْدُ البَصْرَةَ, وَنَحْنُ عَشْرَةٌ, فَنَزَلنَا عَلَى يَحْيَى بنِ زِيَادٍ.
وَعَنْ إِبْرَاهِيْمَ, قَالَ: اضْطَّرَنِي الطَّلَبُ بِالمَوْصِلِ, حَتَّى جَلَستُ عَلَى مَوَائِدِ أَبِي جَعْفَرٍ, وَكَانَ قَدْ قَدِمهَا يَطْلُبُنِي, فَتَحَيَّرتُ, وَلَفَظَتْنِي الأَرْضُ, وَضَاقَتْ عَلَيَّ, وَوَضَعَ عَلَيَّ الأَرصَادَ, وَدَعَا يَوْماً النَّاسَ إِلَى غَدَائِهِ, فَدَخَلتُ, وَأَكَلتُ.
وَجَرَتْ لِهَذَا أَلوَانٌ فِي اخْتِفَائِهِ, وَرُبَّمَا يَظفَرُ بِهِ بَعْضُ الأَعْوَانِ, فَيُطلِقُه لِمَا يَعْلَمُ مِنْ ظُلمِ عَدُوِّهُ.
ثُمَّ اخْتَفَى بِالبَصْرَةِ, وَهُوَ يَدْعُو إِلَى نَفْسِهِ, فَاسْتَجَابَ لَهُ خَلقٌ, لِشدَّةِ بُغضِهم في أبي جعفر.
__________
1 ترجمته: في الوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "6/ 31".

(6/338)


قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: ظَهَرَ مُحَمَّدٌ, وَغَلَبَ عَلَى الحَرَمَيْنِ, فَوَجَّهَ أَخَاهُ إِبْرَاهِيْمَ إِلَى البَصْرَةِ, فَدَخَلهَا فِي أَوَّلِ رَمَضَانَ فَغَلَبَ عَلَيْهَا, وَبَيَّضَ أَهْلُهَا وَرَمَوُا السَّوَادَ, فَخَرَجَ مَعَهُ عِدَّةُ عُلَمَاءٍ. وَقِيْلَ: لَمَّا قَارَبَ جَمْعُه أَرْبَعَةَ آلاَفٍ, شَهَرَ أَمرَهُ, وَنَزَلَ فِي دَارِ أَبِي مَرْوَانَ النَّيْسَابُوْرِيِّ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ سُفْيَانَ: أَتَيْتُ إِبْرَاهِيْمَ وَهُوَ مَرْعُوْبٌ, فَأَخْبَرتُه بِكِتَابِ أَخِيْهِ, وَأَنَّهُ ظَهَرَ بِالمَدِيْنَةِ, وَيَأمُرُه بِالظُّهُوْرِ فَوَجَمَ لَهَا وَاغتَمَّ فَأَخَذتُ أُسَهِّلُ عَلَيْهِ وَأَقُوْلُ مَعَكَ مضَاءُ التَّغْلِبِيِّ وَالطُّهَوِيِّ وَالمُغِيْرَةِ وَأَنَا وَنَخرُجُ فِي اللَّيْلِ إِلَى السِّجنِ فَنَفتَحُهُ وَيُصبِحُ مَعَكَ خَلقٌ. فَطَابَتْ نَفْسُه.
وَبَلَغَ المَنْصُوْرَ, فَنَدَبَ جَيْشاً إِلَى البَصْرَةِ وَسَارَ بِنَفْسِهِ فَضَبَطَ الكوفة, خوفا من وثوب الشيعة.
قَالَ أَبُو الحَسَنِ الحَذَّاءُ: أَلزمَ أَبُو جَعْفَرٍ النَّاسَ بِالسَّوَادِ, فَكُنْتُ أَرَى بَعْضَهم يَصبِغُ بِالمِدَادِ ثُمَّ أَخَذَ يَحبِسُ, أَوْ يَقتُلُ كُلَّ مَنْ يَتَّهِمُه. وَكَانَتِ البَيْعَةُ فِي السِّرِّ تُعمَلُ بِالكُوْفَةِ لإِبْرَاهِيْمَ. وَكَانَ بِالمَوْصِلِ أَلفَانِ لِمَكَانِ الخَوَارِجِ فَطَلَبَهمُ المَنْصُوْرُ, فَقَاتَلَهُم بَعْضُ مَنْ هَوِيَ إِبْرَاهِيْمَ فَقُتِلَ مِنْهُم خَمْسُ مائَةٍ وَصَارَ إِبْرَاهِيْمُ فِي أَوَّلِ رَمَضَانَ إِلَى مَقْبرَةِ بَنِي يَشْكُرَ فِي بِضْعَةَ عَشَرَ فَارِساً ثُمَّ صَلَّى بِالنَّاسِ الصُّبْحَ فِي الجَامِعِ فَتَحَصَّنَ مِنْهُ نَائِبُ البَصْرَةِ, وَكَانَ يَتَرَاكَكُ فِي أَمرِه حَتَّى تَمَكَّنَ إِبْرَاهِيْمُ ثُمَّ نَزَلَ إِلَيْهِ بِأَمَانٍ فَقَيَّدَه بِقَيدٍ خَفِيْفٍ وَعَفَا، عَنِ الأجناد فانتدب لحربه جعفر ابن سُلَيْمَانَ, وَأَخُوْهُ مُحَمَّدٌ فِي سِتِّ مائَةِ فَارِسٍ فَأَبرَزَ إِبْرَاهِيْمُ لِحرْبِهِم مضَاءً فِي خَمْسِيْنَ مُقَاتِلاً فَهَزَمَهُم مضَاءٌ وَجُرِحَ مُحَمَّدُ بنُ سُلَيْمَانَ وَوَجَدَ إِبْرَاهِيْمُ فِي بَيْتِ المَالِ سِتَّ مائَةِ أَلْفٍ فَفَرَّقهَا عَلَى عَسْكَرِهِ خَمْسِيْنَ خَمْسِيْنَ.
ثُمَّ جَهَّزَ المُغِيْرَةَ فِي خَمْسِيْنَ مُقَاتِلاً فَقَدِمَهَا وَقَدِ التَفَّ معه نحو مئتين فَهَزَمَ مُتَوَلِّي الأَهْوَازِ مُحَمَّدَ بنَ حُصَيْنٍ وَاسْتَولَى المُغِيْرَةُ عَلَى البَلَدِ.
وَهَمَّ إِبْرَاهِيْمُ بِالمَسِيْرِ إِلَى الكُوْفَةِ وَبَعَثَ جَمَاعَةً فَغَلَبُوا عَلَى إِقْلِيْمِ فَارِسَ وَاسْتَعْمَلَ عَلَى وَاسِطَ هَارُوْنَ العِجْلِيَّ.
فَجَهَّزَ المَنْصُوْرُ لِحَرْبِهِ خَمْسَةَ آلاَفٍ فَجَرَتْ بَيْنَهُم وَقعَاتٌ حَتَّى كَلَّ الفَرِيقَانِ وَبَقِيَ إِبْرَاهِيْمُ سَائِرَ رَمَضَانَ يُنفِذُ عُمَّالَه عَلَى البِلاَدِ وَحَارَبَ فَوَلَّى المَنْصُوْرُ وَتَحَيَّرَ وَحَدَّثَ نَفْسَه بِالهَرَبِ فَلَمَّا جَاءَ نَعْيُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بِالمَدِيْنَةِ رَجَعَتْ إِلَى المَنْصُوْرِ رُوْحُه وَفَتَّ ذَلِكَ فِي عَضُدِ إِبْرَاهِيْمَ وَبُهِتَ وَصَلَّى بِالنَّاسِ العِيْدَ بِالمُصَلَّى وَيُعْرَفُ فِيْهِ الحُزْنُ.
وَقِيْلَ: إِنَّ المَنْصُوْرَ قَالَ: مَا أَدْرِي مَا أَصْنَعُ مَا عِنْدِي نَحْوُ أَلْفَيْ فَارِسٍ, فَمَعَ ابني بالري

(6/339)


ثَلاَثُوْنَ أَلفاً, وَمَعَ مُحَمَّدِ بنِ أَشْعَثَ بِالمَغْرِبِ أَرْبَعُوْنَ أَلفاً, وَمَعَ عِيْسَى بِالحِجَازِ سِتَّةُ آلاَفٍ, لَئِنْ نَجَوتُ لاَ يُفَارِقُنِي ثَلاَثُوْنَ أَلْفَ فَارِسٍ فَمَا لَبِثَ أَنْ أَتَاهُ عِيْسَى مُؤَيَّداً مَنْصُوْراً, فَوَجَّهَهُ لِحَربِ إِبْرَاهِيْمَ. وَأَقبَلَ سَلْمُ بنُ قُتَيْبَةَ البَاهِلِيُّ مِنَ الرَّيِّ, فَكَاتَبَ أَهْلَ البَصْرَةِ, فَلَحِقَتْ بِهِ بَاهِلَةُ, وَسَارَ خَازِمُ بنُ خُزَيْمَةَ إِلَى الأهواز, وبقي المنصور كالجمل الهائج, إِلَى أَنْ انْتَصَرَ وَقَتَلَ إِبْرَاهِيْمَ فَمَكَثَ شَهْرَيْنِ لاَ يَأوِي إِلَى فِرَاشٍ.
قَالَ حَجَّاجُ بنُ مُسْلِمٍ: دَخَلْتُ عَلَيْهِ تِلْكَ الأَيَّامَ, وَقَدْ جَاءهُ فَتقُ البَصْرَةِ, وَفَتقُ فَارِسَ, وَوَاسِطَ, وَالمَدَائِنِ, وَهُوَ مُطرِقٌ يَتَمَثَّلُ:
وَنَصَبْتُ نَفْسِي لِلرِّمَاحِ دَرِيْئَةً ... إِنَّ الرَّئِيْسَ لِمِثْلِهَا لَفَعُولُ
هَذَا وَمائَةُ أَلْفِ سَيْفٍ كَامِنَةٌ حَوْلَه بِالكُوْفَةِ, يَنْتَظِرُوْنَ صَيْحَةً, فَوَجَدتُه صَقراً, أَحْوذِيّاً, مُشَمِّراً.
وَعَنْ وَالِدِ عَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ, قال: خرجنا مع إبراهيم, فعسكرنا ببا خمرا, فَطُفنَا لَيْلَةً, فَسَمِعَ إِبْرَاهِيْمُ أَصوَاتَ طَنَابِيْرَ وَغِنَاءً فَقَالَ: مَا أَطمَعُ فِي نَصْرِ عَسْكَرٍ فِيْهِ هَذَا.
وَعَنْ دَاوُدَ بنِ جَعْفَرِ بنِ سُلَيْمَانَ, قَالَ: أُحصِيَ دِيْوَانُ إِبْرَاهِيْمَ عَلَى مائَةِ أَلْفِ مُقَاتِلٍ وَقِيْلَ: بَلْ كَانُوا عَشْرَةَ آلاَفٍ- وَهَذَا أَصَحُّ.
وَكَانَ مَعَ عِيْسَى بنِ مُوْسَى خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفاً.
وَأُشِيْرَ عَلَى إِبْرَاهِيْمَ أَنْ يَكبِسَ الكُوْفَةَ, وَلَوْ فَعَلَ, لَرَاحَتْ عَلَى المَنْصُوْرِ, فَقَالَ: بل أُبَيِّتُ عِيْسَى.
وَعَنْ هُرَيْمٍ, قَالَ قُلْتُ: لإِبْرَاهِيْمَ: لاَ تَظهَرْ عَلَى المَنْصُوْرِ حَتَّى تَأْتِيَ الكُوْفَةَ, فَإِنْ مَلَكْتَهَا, لَمْ تَقُمْ لَهُ قَائِمَةٌ, وَإِلاَّ فَدَعنِي أَسِيْرُ إِلَيْهَا, أَدْعُو لَكَ سِرّاً ثُمَّ أَجهَرُ فَلَوْ سَمِعَ المَنْصُوْرُ هَيْعَةً بِهَا, طَارَ إِلَى حُلْوَانَ فَقَالَ: لاَ نَأمَنُ أَنْ تُجِيْبَكَ مِنْهُم طَائِفَةٌ فَيُرسِلُ إِلَيْهِم أَبُو جَعْفَرٍ خَيْلاً فيطأ البري وَالنَّطِفَ وَالصَّغِيْرَ وَالكَبِيْرَ فَتَتَعَرَّضُ لإِثْمٍ فَقُلْتُ: خَرَجْتَ لِقِتَالِ مِثْلِ المَنْصُوْرِ وَتَتَوَقَّى ذَلِكَ?!.
لَمَّا نَزَلَ بَاخَمْرَا, كَتَبَ إِلَيْهِ سَلْمُ بنُ قُتَيْبَةَ: إِنَّكَ قَدْ أَصحَرْتَ, وَمِثْلُكَ أَنْفَسُ بِهِ عَلَى المَوْتِ, فَخَنْدِقْ عَلَى نَفْسِكَ, فَإِنْ أَنْتَ لَمْ تَفْعَلْ, فَقَدْ أَعْرَى أَبُو جَعْفَرٍ عَسْكَرَهُ, فَخُفَّ فِي طَائِفَةٍ حَتَّى تَأْتِيَهُ, فَتَأْخُذَ بِقَفَاهُ. فَشَاورَ قُوَّادَه, فَقَالُوا نُخَنْدِقُ عَلَى نُفُوْسِنَا وَنَحْنُ ظَاهِرُوْنَ؟! وَقَالَ بَعْضُهُم: أَنَأْتِيْهِ وَهُوَ فِي أَيْدِيْنَا مَتَى شِئْنَا؟!.

(6/340)


وَعَنْ بَعْضِهم, قَالَ: الْتَقَى الجَمعَانِ, فَقُلْتُ لإِبْرَاهِيْمَ: إِنَّ الصَّفَّ إِذَا انْهَزَمَ, تَدَاعَى, فَاجْعَلْنَا كَرَادِيسَ. فَتَنَادَى أَصْحَابُه: لاَ, لاَ, وَقُلْتُ: إِنَّهُم مُصَبِّحُوكَ فِي أَكمَلِ سِلاَحٍ وَكُرَاعٍ, وَمَعَكَ عُرَاةٌ, فَدَعنَا نُبَيِّتْهُمْ. فَقَالَ: إِنِّي أَكرَهُ القَتْلَ. فَقَالَ: تُرِيْدُ الخِلاَفَةَ, وَتَكرَهُ القَتْلَ؟ - وَبَاخَمْرَا عَلَى يَوْمَيْنِ مِنَ الكُوْفَةِ- فَالتَحَمَ الحَرْبُ, وَانْهَزَمَ حُمَيْدُ بنُ قَحْطَبَةَ, فَتَدَاعَى الجَيْشُ, فَنَاشَدَهُم عِيْسَى, فَمَا أَفَادَ, وَثَبَتَ هُوَ فِي مائَةِ فَارِسٍ. فَقِيْلَ لَهُ: لَوْ تَنَحَّيتَ؟ قَالَ: لاَ أَزُولُ حَتَّى أُقتَلَ, أَوْ أُنْصَرَ, وَلاَ يُقَالَ: انْهَزَمَ.
وَكَانَ المَنْصُوْرُ يُصغِي إِلَى النُّجُوْمِ, وَلاَ يَتَأَثَّمُ مِنْ ذَلِكَ. فَيُقَالُ: إِنَّهُ قَالَ لِعِيْسَى: إِنَّهُم يَقُوْلُوْنَ: إِنَّكَ لاَقِيْهِ, وَإِنَّ لَكَ جَولَةً, ثُمَّ يَفِيءُ إِلَيْكَ أَصْحَابُه. قَالَ عِيْسَى: فَلَقَدْ رَأَيْتُنِي وَمَا مَعِي إلَّا ثَلاَثَةٌ أَوْ أَرْبَعَةٌ فَقَالَ غُلاَمِي: عَلاَمَ تَقِفُ؟! قلت: وَاللهِ لاَ يَرَانِي أَهْلُ بَيْتِي مُنْهَزِماً, فَإِنَّا لَكَذَلِكَ, إِذْ صَمَدَ ابْنَا سُلَيْمَانَ بنِ عَلِيٍّ لإِبْرَاهِيْمَ, فَخَرَجَا مِنْ خَلْفِهِ, وَلَوْلاَهُمَا لافْتُضِحْنَا, وَكَانَ مِنْ صُنْعِ اللهِ أَنَّ أَصْحَابَنَا لَمَّا انْهَزَمُوا, عَرَضَ لَهُم نَهْرٌ, وَلَمْ يَجِدُوا مَخَاضَةً, فَرَجَعُوا, فَانْهَزَمَ أَصْحَابُ إِبْرَاهِيْمَ, وَثَبَتَ هُوَ فِي خَمْسِ مائَةٍ. وَقِيْلَ: بَلْ فِي سَبْعِيْنَ. وَاشتَدَّ القِتَالُ, وَتَطَايَرَتِ الرُّؤُوْسُ, وَحَمِيَ الحَرْبُ, إِلَى أَنْ جَاءَ سَهْمٌ غَرْبٌ, لاَ يُعْرَفُ رَامِيهِ فِي حَلقِ إِبْرَاهِيْمَ, فَتَنَحَّى, وَأَنْزَلُوْهُ, وَهُوَ يَقُوْلُ: {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا} [الأَحْزَابُ: 38] , أَرَدْنَا أَمراً وَأَرَادَ اللهُ غَيْرَه, فَحَمَاهُ أَصْحَابُه, فَأَنْكَرَ حُمَيْدُ بنُ قَحْطَبَةَ اجْتِمَاعَهُم وَحَمَلَ عَلَيْهِم فَانْفَرَجُوا، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ فَنَزَلَ طَائِفَةٌ فَاحْتَزُّوا رَأْسَه رَحِمَهُ اللهُ وَأُتِيَ بِالرَّأْسِ إِلَى عِيْسَى فَسَجَدَ وَنَفَّذَه إِلَى المَنْصُوْرِ لِخَمْسٍ بَقِيْنَ مِنْ ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَعَاشَ ثَمَانِياً وَأَرْبَعِيْنَ سَنَةً وَقِيْلَ: كَانَ عَلَيْهِ زَرَدِيَّةٌ فَحَسَرَ مِنَ الحَرِّ، عَنْ صَدْرِه فَأُصِيْبَ وَكَانَ قَدْ وَصَلَ خَلقٌ مِنَ المُنهَزِمِيْنَ إِلَى الكُوْفَةِ وَتَهَيَّأَ المَنْصُوْرُ وَأَعَدَّ السُّبَّقَ لِلْهَرَبِ إِلَى الرَّيِّ فَقَالَ لَهُ: نُوْبَخْتُ المُنَجِّمُ الظَّفَرُ لَكَ فَمَا قَبِلَ مِنْهُ فَلَمَّا كَانَ الفَجْرُ أتاه الرأس فتمثل بقول معقر الباقري:
فَأَلْقَتْ عَصَاهَا وَاسْتَقَرَّتْ بِهَا النَّوَى ... كَمَا قَرَّ عَيْناً بِالإِيَابِ المُسَافِرُ
قَالَ خَلِيْفَةُ: صَلَّى إِبْرَاهِيْمُ العِيْدَ بِالنَّاسِ أَرْبَعاً, وَخَرَجَ مَعَهُ أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ, وَهُشَيْمٌ, وَعَبَّادُ بنُ العَوَّامِ, وَعِيْسَى بنُ يُوْنُسَ, وَيَزِيْد بنُ هَارُوْنَ, وَلَمْ يَخْرُجْ شُعْبَةُ, وَكَانَ أَبُو حَنِيْفَةَ يَأمُرُ بِالخُرُوْجِ قَالَ: وَحَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ حَمَّادَ بنَ زَيْدٍ يَقُوْلُ: مَا بِالبَصْرَةِ إلَّا مَنْ تَغَيَّرَ أَيَّامَ إِبْرَاهِيْمَ إلَّا ابن عون.
وَحَدَّثَنِي مَيْسُوْرُ بنُ بَكْرٍ, سَمِعَ عَبْدَ الوَارِثِ يَقُوْلُ: فَأَتَيْنَا شُعْبَةَ, فَقُلْنَا: كَيْفَ تَرَى؟ قَالَ:

(6/341)


أَرَى أَنْ تَخْرُجُوا, وَتُعِيْنُوْهُ. فَأَتَيْنَا هِشَاماً الدَّسْتُوَائِيَّ, فَلَمْ يُجِبْنَا, فَأَتَيْنَا سَعِيْدَ بنَ أَبِي عَرُوْبَةَ, فَقَالَ: مَا أَرَى بَأْساً أَنْ يَدْخُلَ رَجُلٌ مَنْزِلَه, فَإِنْ دَخَلَ عَلَيْهِ دَاخِلٌ, قَاتَلَهُ.
عُمَرُ بنُ شَبَّةَ: حَدَّثَنَا خَلاَّدُ بنُ يَزِيْدَ, سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُوْلُ: بَاخَمْرَا بَدْرٌ الصُّغْرَى.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: لَمَّا قُتِلَ إِبْرَاهِيْمُ, هَرَبَ أَهْلُ البَصْرَةِ بَرّاً وَبَحراً, وَاسْتَخْفَى النَّاسُ, وَقُتِلَ مَعَهُ الأَمِيْرُ بَشِيْرٌ الرَّحَّالُ, وَجَمَاعَةٌ كَثِيْرَةٌ.
قُلْتُ: وَعَرَفَتِ الخَزْرُ باخْتِلاَفِ الأُمَّةِ, فَخَرَجُوا مِنْ بَابِ الأَبْوَابِ, وَقَتَلُوا خَلقاً بِأَرْمِيْنِيَةَ, وَسَبَوْا الذُّرِّيَّةَ فَلِلَّهِ الأَمْرُ, وَتَشَتَّتَ الحُسَيْنِيُّوْنَ, وَهَرَبَ إِدْرِيْسُ مِنْهُم إِلَى أَقْصَى بِلاَد المَغْرِبِ, ثُمَّ خَرَجَ ابْنُهُ هُنَاكَ, ثُمَّ سُمَّ.
وَبَقِيَ طَائِفَةٌ مِنَ الإِدْرِيْسِيَّةِ, فَتَمَلَّكُوا بَعْدَ سَنَةِ أَرْبَعِ مائَةٍ سَنَوَاتٍ, وَلَقِيْتُ مِنْ أَوْلاَدِهِمْ جَعْفَرَ بنَ مُحَمَّدٍ الإِدْرِيْسِيَّ الأَدِيْبَ, فَرَوَى لَنَا عَنِ ابن باق.

(6/342)


938- الديباج 1: "ق"
أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بن عمرو ابْنِ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ عُثْمَانَ العُثْمَانِيُّ, المَدَنِيُّ المُلَقَّبُ: بِالدِّيْبَاجِ, لِحُسنِهِ. كَانَ جَوَاداً, سَخِيّاً, ذَا مُرُوْءةٍ, وَسُؤْددٍ, وَحِشْمَةٍ.
حَدَّثَ عَنْ: أُمِّهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ الحُسَيْنِ الشَّهِيْدِ, وَنَافِعٍ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ دِيْنَارٍ, وطائفة.
وَعَنْهُ: أُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ, وَالدَّرَاوَرْدِيُّ, وَمُحَمَّدُ بنُ مَعْنٍ, وَيَحْيَى بنُ سُلَيْمٍ الطَّائِفِيُّ, وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي الزِّنَادِ لَيَّنَهُ البُخَارِيُّ.
وَهُوَ عَمُّ الأَخَوَينِ ابْنَيْ حَسَنٍ لِلأُمِّ, فَأَخَذَهُ المَنْصُوْرُ لِذَلِكَ, وَضَرَبَه, وَقَيَّدَه, فَمَاتَ فِي سِجنِه بِالهَاشِمِيَّةِ, سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ. وَقِيْلَ: سَقَاهُ.
قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالقَوِيِّ. قَالَ مَعْنٌ القَزَّازُ: زَعَمُوا أَنَّ المَنْصُوْرَ قَتَلَه وَقْتَ خُرُوْجِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الله.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 417"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة 1635"، تاريخ الخطيب "5/ 385"، الأنساب للسمعاني "5/ 390"، الكاشف "3/ ترجمة 5043"، تاريخ الإسلام "6/ 121"، ميزان الاعتدال "3/ 593"، تهذيب التهذيب "9/ 268"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6385".

(6/342)


عمران بن مسلم، خالد بن صفوان:
939- عمران بن مسلم 1: "خَ, م, د, ت, س"
القَصِيْرُ, الرَّبَّانِيُّ, العَابِدُ, أَبُو بَكْرٍ البَصْرِيُّ, الصُّوْفِيُّ.
رَوَى عَنْ: أَبِي رَجَاءٍ العُطَارِدِيِّ, وَإِبْرَاهِيْمَ التَّيْمِيِّ, وَعَطَاءٍ, وَابْنِ سِيْرِيْنَ, وَالحَسَنِ, وَنَافِعٍ.
وَقِيْلَ: رَوَى عَنْ أَنَسٍ. وَعِدَادُه فِي صِغَارِ التَّابِعِيْنَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: بِشْرُ بنُ المُفَضَّلِ, وَيَحْيَى القَطَّانُ, وَعُثْمَانُ بنُ زَائِدَةَ, وَعِدَّةٌ, خَاتِمَتُهُم: عَبْدُ اللهِ بنُ رَجَاءٍ الغُدَانِيُّ إلَّا أَنَّهُ -فِيْمَا قَالَ يَحْيَى القَطَّانُ- كَانَ يَرَى القَدَرَ.
وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ, وَغَيْرُهُ. وذَكَرَهُ: ابْنُ عَدِيٍّ فِي "كَامِلِهِ" وَاسْتَنكَرَ لَهُ أَحَادِيْثَ, وَسَاقَهَا وَعِنْدِي أَنَّهَا قَوِيَّةٌ.
وَيُرْوَى عَنْهُ: أَنَّهُ عَاهَدَ اللهَ -تَعَالَى- أَنْ لاَ يَنَامَ إلَّا عَنْ غَلَبَةٍ. وَبَعْضُهُم سَمَّى أَبَاهُ: مَيْسرَةَ.
940- خالد بن صفوان 1:
ابن الأهتم. العَلاَّمَةُ, البَلِيْغُ, فَصِيْحُ زَمَانِه, أَبُو صَفْوَانَ المِنْقَرِيُّ, الأَهْتَمِيُّ, البَصْرِيُّ. وَقَدْ وَفَدَ عَلَى عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ, وَلَمْ أَظفَرْ لَهُ بِوَفَاةٍ, إلَّا أَنَّهُ كَانَ فِي أَيَّامِ التَّابِعِيْنَ.
رَوَى عَنْهُ: شَبِيْبُ بنُ شَيْبَةَ, وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعْدٍ, وَغَيْرُهُمَا.
وَهُوَ القَائِلُ: ثَلاَثَةٌ يُعْرَفُوْنَ عِنْدَ ثَلاَثَةٍ: الحَلِيْمُ عِنْدَ الغَضَبِ, وَالشُّجَاعُ عِنْدَ اللِّقَاءِ, وَالصَّدِيقُ عِنْدَ النَّائِبَةِ.
وَقَالَ: أَحْسَنُ الكَلاَمِ مَا لَمْ يَكُنْ بِالبَدَوِيِّ المُغْرِبِ, وَلاَ بِالقُرَوِيِّ المُخَدَّجِ, وَلَكِنْ مَا شَرُفَتْ مَنَابِتُهُ, وَطَرُفَتْ مَعَانِيْهِ, وَلَذَّ عَلَى الأَفْوَاهِ, وَحَسُنَ فِي الأَسْمَاعِ, وَازدَادَ حُسْناً عَلَى مَمَرِّ السِّنِيْنَ, تُحَنْحِنُهُ الدَّوَاةُ, وَتَقْتَنِيْهُ السَّرَاةُ. قُلْتُ: وَكَانَ مشهورا بالبخل -رحمه الله.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2840"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 126" و"3/ 76"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1690"، المجروحين لابن حبان "2/ 123"، الكاشف "2/ ترجمة 4324"، تاريخ الإسلام "6/ 259"، ميزان الاعتدال "3/ 243"، تهذيب التهذيب "8/ 137"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5441".
2 ترجمته في البيان والتبيين للجاحظ "1/ 32-47" و"2/ 93-117".

(6/343)


941- الأعمش 1: "ع"
سليمان بن مهران, الإِمَامُ, شَيْخُ الإِسْلاَمِ, شَيْخُ المُقْرِئِيْنَ وَالمُحَدِّثِيْنَ, أَبُو مُحَمَّدٍ الأَسَدِيُّ, الكَاهِلِيُّ مَوْلاَهُم, الكُوْفِيُّ, الحَافِظُ. أَصْلُه: مَنْ نَوَاحِي الرَّيِّ. فَقِيْلَ: وُلدَ بِقَرْيَةِ أُمِّهِ مِنْ أَعْمَالِ طَبَرِسْتَانَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ, وَقَدِمُوا بِهِ إِلَى الكُوْفَةِ طِفْلاً. وَقِيْلَ: حِمْلاً.
قَدْ رَأَى أَنَسَ بنَ مَالِكٍ, وَحَكَى عَنْهُ. وَرَوَى: عَنْهُ, وَعَنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي أَوْفَى عَلَى مَعْنَى التَّدلِيسِ, فَإِنَّ الرَّجُلَ مَعَ إِمَامَتِه كَانَ مُدَلِّساً, وَرَوَى، عَنْ أَبِي وَائِلٍ, وَزَيْدِ بنِ وَهْبٍ, وَأَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ, وَإِبْرَاهِيْمَ النَّخَعِيِّ, وَسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ, وَأَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ, وَمُجَاهِدٍ, وَأَبِي ظَبْيَانَ, وَخَيْثَمَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, وزر ابن حُبَيْشٍ, وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى, وَكُمَيْلِ بنِ زِيَادٍ, وَالمَعْرُوْرِ بنِ سُوَيْدٍ, وَالوَلِيْدِ بنِ عُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ, وَتَمِيْمِ بنِ سَلَمَةَ, وَسَالِمِ بنِ أَبِي الجَعْدِ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ مُرَّةَ الهمدانيو وَعُمَارَةَ بنِ عُمَيْرٍ اللَّيْثِيِّ, وَقَيْسِ بنِ أَبِي حازم, ومحمد ابن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ يَزِيْدَ النَّخَعِيِّ, وَهِلاَلِ بنِ يِسَافٍ, وَأَبِي حَازِمٍ الأَشْجَعِيِّ سَلْمَانَ, وَأَبِي العَالِيَةِ الرِّيَاحِيِّ, وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ رَجَاءٍ, وَثَابِتِ بنِ عُبَيْدٍ, وَأَبِي بِشْرٍ, وَحَبِيْبِ بنِ أَبِي ثَابِتٍ, وَالحَكَمِ, وَذَرِّ بنِ عَبْدِ اللهِ, وَزِيَادِ بنِ الحُصَيْنِ, وَسَعِيْدِ بنِ عُبَيْدَةَ, وَالشَّعْبِيِّ, وَالمِنْهَالِ بنِ عَمْرٍو, وَأَبِي سَبْرَةَ النَّخَعِيِّ, وَأَبِي السَّفْرِ الهَمْدَانِيِّ, وَعَمْرِو بنِ مُرَّةَ, وَيَحْيَى بنِ, وَثَّابٍ, وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِيْنَ, وَغَيْرِهِم.
رَوَى عَنْهُ: الحَكَمُ بنُ عُتَيْبَةَ, وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ, وَطَلْحَةُ بنُ مُصَرِّفٍ, وَحَبِيْبُ بنُ أَبِي ثَابِتٍ, وَعَاصِمُ بنُ أَبِي النَّجُوْدِ, وَأَيُّوْبُ السِّخْتِيَانِيُّ, وَزَيْدُ بنُ أَسْلَمَ, وَصَفْوَانُ بنُ سُلَيْمٍ, وَسُهَيْلُ بنُ أَبِي صَالِحٍ, وَأَبَانُ بنُ تَغْلِبَ, وَخَالِدٌ الحَذَّاءُ, وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ, وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ -وَهُمْ كُلُّهُم مِنْ أَقْرَانِهِ- وَأَبُو حَنِيْفَةَ, وَالأَوْزَاعِيُّ, وَسَعِيْدُ بنُ أَبِي عَرُوْبَةَ, وَابْنُ إِسْحَاقَ, وَشُعْبَةُ, وَمَعْمَرٌ, وَسُفْيَانُ, وَشَيْبَانُ, وَجَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ, وَزَائِدَةُ, وَجَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ, وَأَبُو مُعَاوِيَةَ, وَحَفْصُ بنُ غِيَاثٍ, وَعَبْدُ اللهِ بنُ إِدْرِيْسَ, وَعَلِيُّ بنُ مُسْهِرٍ, وَوَكِيْعٌ, وَأَبُو أُسَامَةَ, وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ, وَأَحْمَدُ بنُ بَشِيْرٍ, وَإِسْحَاقُ بنُ يُوْسُفَ الأَزْرَقُ, وَسَعْدُ بنُ الصَّلْتِ, وَعَبْدُ اللهِ بنُ نُمَيْرٍ, وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَغْرَاءَ, وَعَثَّامُ بنُ عَلِيٍّ, وَيَحْيَى بنُ سعيد
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 342"، التاريخ الكبير "4/ ترجمة 1886"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 630"، حلية الأولياء "5/ ترجمة 288"، تاريخ بغداد "9/ 3"، الأنساب للسمعاني "1/ 314" و"10/ 336"، وفيات الأعيان لابن خلكان "2/ ترجمة 271"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 149"، تاريخ الإسلام للذهبي "6/ 75"، الكاشف "1/ ترجمة 2153"، ميزان الاعتدال "2/ ترجمة 3517"، تهذيب التهذيب "4/ 222"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2748" شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "1/ 220".

(6/344)


الأموي, ويحيى بن سعيد القطان, ويونس ابن بُكَيْرٍ, وَيَعْلَى بنُ عُبَيْدٍ, وَجَعْفَرُ بنُ عَوْنٍ, وَالخُرَيْبِيُّ, وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ مُوْسَى, وَأَبُو نُعَيْمٍ الفَضْلُ بنُ دُكَيْنٍ, وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ. آخِرُهُم وَفَاةً: يَحْيَى بنُ هَاشِمٍ السِّمْسَارُ, أَحَدُ التَّلْفَى. وَقَدْ قرأ القران على: يحيى بن وثاب, مقرىء العِرَاقِ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ تَلاَ عَلَى أَبِي العَالِيَةِ الرِّيَاحِيِّ, وَذَلِكَ مُمْكِنٌ. قَرَأَ عَلَيْهِ: حَمْزَةُ الزَّيَّاتُ, وَزَائِدَةُ بنُ قُدَامَةَ. وَقَرَأَ الكَسَائِيُّ عَلَى زَائِدَةَ بِحُرُوْفِ الأَعْمَشِ. قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: لَهُ نَحْوٌ مِنْ أَلْفٍ وَثَلاَثِ مائَةِ حَدِيْثٍ. قَالَ سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ: كَانَ الأَعْمَشُ أَقْرَأَهُم لِكِتَابِ اللهِ, وَأَحْفَظَهُم لِلْحَدِيْثِ, وَأَعْلَمَهُم بِالفَرَائِضِ.
وَقَالَ يَحْيَى القَطَّانُ: هُوَ عَلاَّمَةُ الإِسْلاَمِ. قَالَ وَكِيْعُ بنُ الجَرَّاحِ: كَانَ الأَعْمَشُ قَرِيْباً مِنْ سَبْعِيْنَ سَنَةً لَمْ تَفُتْهُ التَّكْبِيْرَةُ الأُوْلَى.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ الخُرَيْبِيُّ: مَا خَلَّفَ الأَعْمَشُ أَعَبْدَ مِنْهُ وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: رَأَيْتُ الأَعْمَشَ لَبِسَ فَرْواً مَقْلُوْباً, وَبتّاً تَسِيْلُ خُيُوطُه عَلَى رِجْلَيْهِ, ثُمَّ قَالَ: أَرَأَيْتُم لَوْلاَ أَنِّي تَعَلَّمْتُ العِلْمَ, مَنْ كَانَ يَأْتِيْنِي لَوْ كُنْتُ بَقَّالاً؟ كَانَ يَقْدِرُ النَّاسُ أَنْ يَشتَرُوا مِنِّي.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: سَمِعْتُ الأَعْمَشَ يَقُوْلُ: كَانُوا يَقْرَؤُوْنَ عَلَى يَحْيَى بنِ وَثَّابٍ فَلَمَّا مَاتَ, أَحْدَقُوا بِي.
وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ: قَالَ الأَعْمَشُ: مَا أَطَفتُم بِأَحَدٍ إلَّا حَمَلْتُمُوْهُ عَلَى الكَذِبِ.
الأَشَجُّ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الأَعْمَشِ, قَالَ: اسْتَعَانَ بِي مَالِكُ بنُ الحَارِثِ فِي حَاجَةٍ, فَجِئْتُ فِي قَبَاءٍ مُخَرَّقٍ, فَقَالَ لِي: لَوْ لَبِسْتَ ثَوْباً غَيْرَه؟ فَقُلْتُ: امْشِ, فَإِنَّمَا حَاجَتُكَ بِيَدِ اللهِ. قَالَ فَجَعَلَ يَقُوْلُ فِي المَسْجِدِ: مَا صِرتُ مَعَ سُلَيْمَانَ إلَّا غُلاَماً.
قَالَ ابْنُ إِدْرِيْسَ: سُئِلَ الأَعْمَشُ، عَنْ حَدِيْثٍ, فَامْتَنَعَ, فَلَمْ يَزَالُوا بِهِ حَتَّى اسْتَخْرَجُوْه مِنْهُ, فَلَمَّا حَدَّثَ بِهِ, ضَرَبَ مَثَلاً, فَقَالَ: جَاءَ قَفَّافٌ1 بِدَرَاهِمَ إِلَى صَيْرَفِيٍّ يُرِيهِ إِيَّاهَا, فَلَمَّا ذَهَبَ يَزِنُهَا, وَجَدَهَا تَنْقُصُ سَبْعِيْنَ, فَقَالَ:
عَجِبْتُ عَجِيْبَةً مِنْ ذِئْبِ سُوْءٍ ... أَصَابَ فَرِيْسَةً مِنْ لَيْثِ غَابِ
فَقَفَّ بِكَفِّهِ سَبْعِيْنَ مِنْهَا ... تَنَقَّاهَا منَ السُّوْدِ الصِّلاَبِ2
فَإِنْ أُخْدَعْ فَقَدْ يُخْدَعْ وَيُؤْخَذْ ... عَتِيْقُ الطَّيْرِ من جو السحاب
__________
1 القفاف: هو الذي يسرق الدراهم بين أصابعه عند نقدها وأهل العراق يقولون للسوقى الذي يسرق بكفيه إذا انتقد الدراهم: قفاف.
2 رواه ابن منظور: في "لسان العرب" مادة قفف "من السود المروقة الصلاب".

(6/345)


وَقَالَ نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ, قَالَ: لَوْ رَأَيْتَ الأَعْمَشَ, وَعَلَيْهِ فَرْوٌ غَلِيْظٌ وَخُفَّانِ -أَظُنُّه قَالَ: غَلِيْظَانِ -كَأَنَّهُ إِنْسَانٌ سَائِلٌ فَقَالَ يَوْماً: لَوْلاَ القُرْآنُ, وَهَذَا العِلْمُ عِنْدِي, لَكُنْتُ مِنْ بَقَّالِي الكُوْفَةِ.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ فِي كِتَابِهِ، أَنْبَأَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ الأَنْمَاطِيُّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ حَبَابَةَ, حَدَّثَنَا أَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ, حَدَّثَنَا مَحْمُوْدُ بنُ غَيْلاَنَ, حَدَّثَنَا الفَضْلُ بنُ مُوْسَى, حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى مُجَاهِدٍ فَلَمَّا خَرَجتُ مِنْ عِنْدِه تَبِعَنِي بَعْضُ أَصْحَابِه فَقَالَ: سَمِعْتُ مُجَاهِداً يَقُوْلُ: لَوْ كَانَتْ بِي قُوَّةٌ لاَخْتَلَفْتُ إِلَى هَذَا يَعْنِي الأَعْمَشَ.
وَبِهِ إِلَى البَغَوِيِّ, حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيْدٍ, حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرُّؤَاسِيُّ, سَمِعْتُ الأَعْمَشَ يَقُوْلُ: انْظُرُوا, لاَ تَنثُرُوا هذه الدنانير على الكنائس.
وَسَمِعْتُه يَقُوْلُ: لاَ تَنثُرُوا اللُّؤْلُؤَ تَحْتَ أَظلاَفِ الخنَازِيْرِ.
وَبِهِ حَدَّثَنِي زِيَادُ بنُ أَيُّوْبَ, حَدَّثَنَا أَبُو سُفْيَانَ الحِمْيَرِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ بنِ حُسَيْنٍ قَالَ: خَرَجَ الأَعْمَشُ إِلَى بَعْضِ السَّوَادِ, فَأَتَاهُ قَوْمٌ فَسَأَلُوْهُ، عَنِ الحَدِيْثِ قَالَ: فَقَالَ لَهُ جُلَسَاؤُهُ لَوْ حَدَّثْتَ هَؤُلاَءِ المَسَاكِيْنَ فَقَالَ: مَنْ يُعَلِّقُ الدُّرَّ عَلَى الخَنَازِيْرِ?!.
حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيْدٍ الأَشَجُّ, حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيْسَ، عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ: جَلَسْتُ إِلَى إِيَاسِ بنِ مُعَاوِيَةَ بِوَاسِطَ, فَذَكَرَ حَدِيْثاً, فَقُلْتُ: مَنْ ذَكَرَ هَذَا؟ فَضَرَبَ لِي مَثَلَ رَجُلٍ مِنَ الخَوَارِجِ, فَقُلْتُ: أَتَضرِبُ لِي هَذَا المَثَلَ, تُرِيْدُ أَنْ أَكنسَ الطَّرِيْقَ بِثَوْبِي, فَلاَ أَمُرُّ بِبَعرَةٍ, وَلاَ خُنْفُسٍ إلَّا حَمَلْتُهَا?!.
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ, حَدَّثَنَا يَعْقُوْبُ القُمِّيُّ، عَنْ أَبِي رِبْعِيٍّ، عَنِ الأَعْمَشِ, قَالَ: العَمَالِقَةُ حَرُوْرِيَّةُ بَنِي إِسْرَائِيْلَ.
حَدَّثَنِي زِيَادُ بنُ أَيُّوْبَ, حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ, حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ: دَخَلَ عَلَيَّ إِبْرَاهِيْمُ يَعُوْدُنِي, وَكَانَ يُمَازِحُنِي, فَقَالَ: أَمَّا أَنْتَ, فَتعرفُ فِي مَنْزِلَةٍ, أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ القَرْيَتَيْنِ عَظِيْمٌ.
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ, حَدَّثَنَا ابْنُ عُمَيْرٍ, سَمِعْتُ أَبَا خَالِدٍ الأَحْمَرَ, سَمِعْتُ الأَعْمَشَ يَقُوْلُ: كَتَبتُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ أَلفَ حَدِيْثٍ.
حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيْدٍ, حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيْسَ, قَالَ لِيَ الأَعْمَشُ: أَمَا تَعجَبُ مِنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ أَبْجَرَ, قَالَ: جَاءنِي رَجُلٌ, فَقَالَ: إِنِّي لَمْ أَمرَضْ, وَأَنَا أَشتَهِي أَنْ أَمرَضَ؟ قَالَ فَقُلْتُ: احْمَدِ اللهَ عَلَى العَافِيَةِ. قَالَ: أَنَا أَشتَهِي أَنْ أَمرَضَ. قَالَ: كُلْ سَمَكاً مَالِحاً, وَاشرَبْ نَبِيذاً مَرِيْساً,

(6/346)


وَاقْعُدْ فِي الشَّمْسِ, وَاسْتَمرِضِ اللهَ. فَجَعَلَ الأَعْمَشُ يَضْحَكُ, وَيَقُوْلُ: كَأَنَّمَا قَالَ لَهُ: وَاسْتَشفِ اللهَ -عز وجل.
حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيْدٍ, حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ، عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا نَامَ حَتَّى يُصْبِحَ -يَعْنِي: لَمْ يُصَلِّ- تَوَرَّكَه الشَّيْطَانُ, فَبَالَ فِي أُذُنِه. وَأَنَا أَرَى أَنَّهُ قَدْ سَلَحَ فِي حَلْقِيَ اللَّيْلَةَ وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ يَسعُلُ.
حَدَّثَنِي صَالِحٌ, حَدَّثَنِي عَلِيٌّ, سَمِعْتُ يَحْيَى يَقُوْلُ: دَخَلَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ عَلَى الأَعْمَشِ, فَكَلَّمُوْهُ فِيْهِ وَنَحْنُ قُعُوْدٌ, ثُمَّ خَرَجَ الأَعْمَشُ, وَتَرَكَه فِي البَيْتِ. فَلَمَّا ذَهَبَ, قَالَ الأَعْمَشُ: قُلْتُ لَهُ: شَقِيْقٌ. فَقَالَ: قُلْ: أَبُو وَائِلٍ. قَالَ: وَقَالَ: زَوِّدْنِي مِنْ حَدِيْثِكَ حَتَّى آتِيَ بِهِ المَدِيْنَةَ. قَالَ: قُلْتُ: صَارَ حَدِيْثِي طَعَاماً. وَكُنْتُ آتِي شَقِيْقَ بنَ سَلَمَةَ, وَبَنُوْ عَمِّه يَلْعَبُوْنَ بِالنَّردِ وَالشَّطرَنْجِ, فَيَقُوْلُ: سَمِعْتُ أُسَامَةَ بنَ زَيْدٍ, وَسَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ, وَهُم لاَ يَدرُوْنَ فِيْمَ نَحْنُ؟.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ يَزِيْدَ الكُوْفِيُّ, أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ, قَالَ: كَانَ الأَعْمَشُ إِذَا حَدَّثَ ثَلاَثَةَ أَحَادِيْثَ, قَالَ: قَدْ جَاءكُم السَّيلُ. يَقُوْلُ أَبُو بَكْرٍ: وَأَنَا مِثْلُ الأَعْمَشِ.
قَالَ: وَحَدَّثَنِي الأَعْمَشُ, قَالَ إِبْرَاهِيْمُ: مَنْ تَأْتِي اليَوْمَ? قُلْتُ: أَبَا وَائِلٍ. قَالَ: أَمَا إِنَّهُ قَدْ كَانَ يُعَدُّ مِنْ خِيَارِ أَصْحَابِ عَبْدِ اللهِ. فَقَالَ لِي أَبُو وَائِلٍ: مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَأْتِيَنَا؟ فَاعْتَذَرْتُ إِلَيْهِ. قَالَ: أَمَا إِنَّهُ مَا هُوَ بِأَبغَضَ إِلَيَّ أَنْ تَأْتِيَنِي. فَقُلْتُ لَهُ: كَمْ أَكْثَرُ مَنْ كُنْتَ تَرَى عِنْدَ إِبْرَاهِيْمَ? قَالَ: ثَلاَثَةٌ, أَرْبَعَةٌ, اثْنَيْنِ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ يَزِيْدَ, أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، عَنِ الأَعْمَشِ, قَالَ: خَرَجَ مَالِكٌ إِلَى مُتَنَزَّهٍ لَهُ, فَمَطَرَتِ السَّمَاءُ, فَرَفَعَ رَأْسَه, فَقَالَ: لَئِنْ لَمْ تَكُفَّ, لأُوْذِيَنَّكَ. قَالَ فَأَمْسَكَ المَطَرَ. فَقِيْلَ: لَهُ أَيَّ شَيْءٍ أَرَدْتَ أَنْ تَصْنَعَ قَالَ: أَنْ لاَ أَدَعَ مَنْ يُوَحِّدُهُ إلَّا قَتَلْتهُ فعلمت أن الله يحفظ عبده المؤمن.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ, أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ قَالَ لِي سُفْيَانُ التَّمَّارُ: أَتَتْنِي أُمُّ الأَعْمَشِ بِهِ فَأَسلَمَتْه إِلَيَّ وَهُوَ غُلاَمٌ فَذَكَرتُ ذَلِكَ لِلأَعْمَشِ فَقَالَ وَيلَ أُمِّه مَا أَكْبَرَهُ.
ابْنُ الأَعْرَابِيِّ فِي "مُعْجَمِهِ": سَمِعْتُ الدَّقِيْقِيَّ, سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ الحَسَنِ بنِ سُلَيْمَانَ, سَمِعْتُ أَبَا مُعَاوِيَةَ, سَمِعْتُ الأَعْمَشَ يَقُوْلُ: تَزَوَّجَ جِنِّيٌّ إِلَيْنَا, فَقُلْنَا: إِيشْ تَشتَهُوْنَ مِنَ الطَّعَامِ؟ قَالَ الأَرزُ. فَأَتَيْنَا بِالأَرزِ, فَجَعَلتُ أَرَى اللُّقَمَ تُرفَعُ, وَلاَ أَرَى أَحَداً. قُلْتُ: فِيْكُم هَذِهِ الأَهْوَاءُ? قَالَ: نَعَمْ.

(6/347)


حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ يَزِيْدَ, حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ, ذَكَرَ الأَعْمَشُ -يَعْنِي حَدِيْثَ: "ذَاكَ بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنِهِ" -فَقَالَ: مَا أَرَى عَيْنِي عَمشَتْ إلَّا مِنْ كَثْرَةِ مَا يَبُولُ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنَيَّ, وَمَا أَظُنَّه فَعَلَ هَذَا قَطُّ.
قُلْتُ: يُرِيْدُ أَنَّ الأَعْمَشَ كَانَ صَاحِبَ لَيْلٍ وَتَعَبُّدٍ.
حَدَّثَنَا زِيَادُ بنُ أَيُّوْبَ, سَمِعْتُ هُشَيماً يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ بِالكُوْفَةِ أَحَداً أَقرَأَ لِكِتَابِ اللهِ وَلاَ أَجْوَدَ حَدِيْثاً مِنَ الأَعْمَشِ, وَلاَ أَفهَمَ وَلاَ أَسرَعَ إِجَابَةً لِمَا يُسْأَلُ عَنْهُ مِنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ.
حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ, سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ عَرْعَرَةَ, سَمِعْتُ يَحْيَى القَطَّانَ إِذَا ذَكَرَ الأَعْمَشَ, قَالَ: كَانَ مِنَ النُّسَّاكِ, وَكَانَ مُحَافِظاً عَلَى الصَّلاَةِ فِي جَمَاعَةٍ, وَعَلَى الصَّفِّ الأَوَّلِ, وَهُوَ عَلاَّمَةُ الإِسْلاَمِ. وَكَانَ يَحْيَى يَلتَمِسُ الحَائِطَ حَتَّى يَقُوْمَ فِي الصَّفِّ الأَوَّلِ.
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ سَهْلٍ, أَخْبَرَنَا عَفَّانُ, أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ, قَالَ: جَاءَ رَقَبَةُ إِلَى الأَعْمَشِ, فَسَأَلَهُ، عَنْ شَيْءٍ, فَكَلَحَ فِي وَجْهِه. فَقَالَ لَهُ رَقَبَةُ: أَمَا وَاللهِ مَا عَلِمتُكَ لَدَائِمُ القُطُوبِ, سَرِيْعُ المِلاَلِ, مُسْتَخِفٌّ بِحَقِّ الزُّوَّارِ, لَكَأَنَّمَا تُسعطُ الخردل إذا سئلت الحكمة.
وَبِهِ قَالَ أَبُو عَوَانَةَ: كَانَتْ لِلأَعْمَشِ عِنْدِي بِضَاعَةٌ, فَكُنْتُ آتِيْهِ, فَأَقُوْلُ: قَدْ رَبِحتَ كَذَا, وَرَبِحتَ كَذَا وَمَا حَرَّكْتُهَا.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ هَارُوْنَ, أَخْبَرَنَا نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ, أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمٍ سَمِعْتُ القَاسِمَ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَقُوْلُ: مَا أَحَدٌ أَعْلَمُ بِحَدِيْثِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ مِنَ الأَعْمَشِ. ثُمَّ قَالَ نُعَيْمٌ: وَسَمِعْتُ ابْنَ المُبَارَكِ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ الأَعْمَشَ يَحلِفُ أَنْ لاَ يُحَدِّثَنِي, وَيَقُوْلُ: لاَ أُحَدِّثُ قَوْماً وَهَذَا التُّركِيُّ فِيْهِم. وَسَمِعْتُ جَرِيْراً يَقُوْلُ: كُنَّا نُرَقِّعُهَا عِنْدَ الأَعْمَشِ, وَلَمْ يَكُنْ فِيْنَا أَحْفَظَ مِنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ. وَسَمِعْتُ ابْنَ عُيَيْنَةَ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ الأَعْمَشَ يَقُوْلُ: لَيْسَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ القَوْمِ إلَّا ستْرٌ.
حَدَّثَنَا مَحْمُوْدُ بنُ غَيْلاَنَ, قَالَ: قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: سَمِعْتُ الأَعْمَشَ يَقُوْلُ لأَبِي مُعَاوِيَةَ: أَمَّا أَنْتَ فَقَدْ رَبَطتَ رَأْسَ كَبشِكَ قُلْتُ: يَعْنِي وَعَى عَنْهُ عِلْماً جَمّاً.
حَدَّثَنَا مَحْمُوْدُ بنُ غَيْلاَنَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بنُ آدَمَ أَخْبَرَنَا حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ سَمِعْتُ الأَعْمَشَ يَقُوْلُ كُنْتُ إِذَا خَلَوتُ بِأَبِي إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا بِحَدِيْثِ عَبْدِ اللهِ غَضّاً لَيْسَ عَلَيْهِ غُبَارٌ.
حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيْدٍ الأَشَجُّ, أَخْبَرَنَا ابْنُ إِدْرِيْسَ قَالَ: سَأَلْتُ الأَعْمَشَ عَنْ حَدِيْثٍ, فَقَالَ: لاَ أُجِيْبُكَ إِلَى الأَضْحَى. فَقُلْتُ: لاَ آتِيْكَ إِلَى الأَضْحَى.
فَمَكَثتُ حَتَّى حَانَ وَقْتِي وَوَقْتُه, ثُمَّ أَتَيْتُ المَسْجِدَ, فَلَمْ أُكَلِّمْه, وَجَلَستُ نَاحِيَةً وَحَوْلَهُ جَمَاعَةٌ, وَابْنُه يَكْتُبُ فِي الأَرْضِ سَلُوْهُ عَنْ

(6/348)


كَذَا سَلُوْهُ عَنْ كَذَا. فَإِذَا دَخَلَ رَجُلٌ, لَمْ يُسَلِّمْ, فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَبْزُقَ, خَرَجَ فَقُلْتُ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ! مَا هَذَا الَّذِي حَدَثَ فِي مَجْلِسِكَ؟! فَقَالَ: ابْنُ إِدْرِيْسَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. فَسَلَّمَ عَلَيَّ سَلاَماً لَمْ يَكُنْ لِيُسَلِّمَه عَلَيَّ قَبْلَ ذَلِكَ, وَسَاءلَنِي مُسَاءلَةً لَمْ يَكُنْ يَسْأَلُنِي عَنْهَا, وَكَانَ يُعجِبُه أَنْ يَكُوْنَ لِلْعَربِيِّ مَرَارَةٌ.
حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيْدٍ, أَخْبَرَنَا أَبُو خَالِدٍ: كُنَّا عِنْدَ الأَعْمَشِ, فَسَأَلُوْهُ عَنْ حَدِيْثٍ, فَقَالَ لابْنِ المُخْتَارِ: تَرَى أَحَداً مِنْ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ? فَغَمَّضَ عَيْنَيْهِ, وَقَالَ: مَا أَرَى أَحَداً يَا أَبَا مُحَمَّدٍ, فَحَدِّثْ بِهِ.
حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيْدٍ, أَخْبَرَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ, سَمِعْتُ الأَعْمَشَ يَقُوْلُ: مَا ظَنُّكُم بِرَجُلٍ أَعْوَرَ, عَلَيْهِ قَبَاءٌ وَمَلحَفَةٌ مُوَرَّدَةٌ, جَالِساً مَعَ الشُّرَطِ -يَعْنِي: إِبْرَاهِيْمَ.
حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيْدٍ الأَشَجُّ, حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الجُعْفِيُّ، عَنْ حَفْصِ بنِ غِيَاثٍ قَالَ: قِيْلَ لِلأَعْمَشِ أَيَّامَ زَيْدٍ: لَوْ خَرَجتَ؟ قَالَ: وَيلَكُم! وَاللهِ مَا أَعْرِفُ أَحَداً أَجعَلُ عِرضِي دُوْنَه, فَكَيْفَ أَجعَلُ دِيْنِي دُوْنَه.
حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيْدٍ, أَخْبَرَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ: كُنْتُ آتِي مُجَاهِداً, فَيَقُوْلُ: لَوْ كُنْت أُطِيْقُ المَشْيَ لَجِئْتُكَ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ يَزِيْدَ, أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ, أَخْبَرَنَا مُغِيْرَةُ قَالَ: لَمَّا مَاتَ إِبْرَاهِيْمُ اخْتَلَفْتُ إِلَى الأَعْمَشِ فِي الفَرَائِضِ.
حدثني ابن زنجوبة, أَخْبَرَنَا نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ, أَخْبَرَنَا عِيْسَى بنُ يُوْنُسَ، عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ: إِنِّي لأَسَمَعُ الحَدِيْثَ فَأَنظُرُ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ فَآخُذُه وَأَدَعُ سَائِرَه.
قَالَ وَكِيْعٌ: جَاؤُوا إِلَى الأَعْمَشِ يَوْماً. فَخَرَجَ وَقَالَ: لَوْلاَ أَنَّ فِي مَنْزِلِي مَنْ هُوَ أَبغَضُ إِلَيَّ مِنْكُم مَا خَرَجتُ إِلَيْكُم قِيْلَ: إِنَّ أَبَا دَاوُدَ الحَائِكَ سَأَلَ الأَعْمَشَ: مَا تَقُوْلُ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ فِي الصَّلاَةِ خَلْفَ الحَائِكِ? فَقَالَ: لاَ بَأْسَ بِهَا عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ قَالَ: وَمَا تَقُوْلُ فِي شَهَادَتِه? قَالَ: يُقْبَلُ مَعَ عَدْلَيْنِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيُّ: الأَعْمَشُ ثِقَةٌ, ثَبْتٌ, كَانَ مُحَدِّثَ الكُوْفَةِ فِي زَمَانِهِ يُقَالَ: إِنَّهُ ظَهَرَ لَهُ أَرْبَعَةُ آلاَفِ حَدِيْثٍ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كِتَابٌ قال: وكان يقرىء القُرْآنَ وَهُوَ رَأْسٌ فِيْهِ وَكَانَ فَصِيْحاً وَكَانَ أبوه من سبي الديلم وكان عسرا سيىء الخُلُقِ وَكَانَ لاَ يَلحَنُ حَرفاً, وَكَانَ عَالِماً بِالفَرَائِضِ وَكَانَ فِيْهِ تَشَيُّعٌ وَلَمْ يَخْتِمْ عَلَيْهِ سِوَى ثَلاَثَةٍ طَلْحَةُ بنُ مُصَرِّفٍ, وَكَانَ أَسَنَّ مِنْهُ, وَأَفَضْلَ وَأَبَانُ بنُ تَغْلِبَ, وَأَبُو عُبَيْدَةَ بن معن.

(6/349)


قُلْتُ: مُرَادُ العِجْلِيِّ أَنَّهُم خَتَمُوا عَلَيْهِ تَلْقِيْناً, وَإِلاَّ فَقَدْ خَتَمَ عَلَيْهِ حَمْزَةُ, وَغَيْرُه عَرَضاً.
قَالَ عِيْسَى بنُ يُوْنُسَ: لَمْ نَرَ نَحْنُ مِثْلَ الأَعْمَشِ, وَمَا رَأَيْتُ الأَغْنِيَاءَ عِنْدَ أَحَدٍ أَحقَرَ مِنْهُم عِنْدَه مَعَ فَقرِه وَحَاجَتِه.
قُلْتُ: كَانَ عَزِيْزَ النَّفسِ, قَنُوعاً, وَلَهُ رِزقٌ عَلَى بَيْتِ المَالِ فِي الشَّهْرِ خَمْسَةُ دَنَانِيْرَ قُرِّرَتْ لَهُ فِي أَوَاخِرِ عُمُرِه.
وَكَانَ وَالِدُ وَكِيْعٍ -وَهُوَ الجرَّاحُ بنُ مَلِيْحٍ- عَلَى بَيْتِ المَالِ, فَلَمَّا أَتَاهُ وَكِيْعٌ لِيَأْخُذَ قَالَ لَهُ: ائْتِنِي مِنْ أَبِيْكِ بِعَطَائِي حَتَّى أُحَدِّثَكَ بِخَمْسَةِ أَحَادِيْثَ.
رَوَى عَلِيُّ بنُ عَثَّامِ بنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيْهِ, قَالَ: قِيْلَ لِلأَعْمَشِ أَلاَ تَمُوْتُ فَنُحَدِّثَ عَنْكَ؟ فَقَالَ: كَمْ مِنْ حُبٍّ1 أَصْبَهَانِيٍّ, قَدِ انْكَسَرَ عَلَى رَأْسِهِ كِيزَانٌ كَثِيْرَةٌ.
وَوَرَدَ: أَنَّ الأَعْمَشَ قَرَأَ القُرْآنَ عَلَى: زَيْدِ بنِ وَهْبٍ, وَزِرِّ بنِ حُبَيْشٍ, وَإِبْرَاهِيْمَ النَّخَعِيِّ, وَأَنَّهُ عَرضَ عَلَى: أَبِي عَالِيَةَ الرِّيَاحِيِّ, وَعَلَى مُجَاهِدٍ, وَعَاصِمِ بنِ بَهْدَلَةَ, وَأَبِي حَصِيْنٍ, وَلَهُ قِرَاءةٌ شَاذَّةٌ, لَيْسَ طَرِيْقُهَا بِالمَشْهُوْرِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ: كَانَ الأَعْمَشُ يَعرِضُ القُرْآنَ, فَيُمسِكُوْنَ عَلَيْهِ المصاحف, فلا يخطىء فِي حَرفٍ. التَّبُوْذَكِيُّ: عَنْ أَبِي عَوَانَةَ, قَالَ: أَعْطَيْتُ امْرَأَةَ الأَعْمَشِ خِمَاراً, فَكُنْتُ إِذَا جِئْتُ, أخذت بيده, فأخرجته إلي, فَقُلْتُ: لَهُ إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً. قَالَ: مَا هِيَ؟ قُلْتُ: إِنْ لَمْ تَقضِهَا, فَلاَ تَغضَبْ عَلَيَّ. قَالَ: لَيْسَ قَلْبِي فِي يَدِي. قُلْتُ: أَمْلِ عَلَيَّ. قَالَ: لاَ أَفْعَلُ. عَلِيُّ بنُ سَعِيْدٍ النَّسَوِيُّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ يَقُوْلُ: مَنْصُوْرٌ أَثْبَتُ أَهْلِ الكُوْفَةِ, فَفِي حَدِيْثِ الأَعْمَشِ اضْطِرَابٌ كَثِيْرٌ.
إِسْحَاقُ بنُ رَاهَوَيْه: حَدَّثَنَا وَكِيْعٌ, سَمِعْتُ الأَعْمَشَ يَقُوْلُ: لَوْلاَ الشُّهرَةُ لَصَلَّيْتُ الفَجْرَ, ثُمَّ تَسَحَّرتُ.
قَالَ عِيْسَى بنُ يُوْنُسَ: أَرْسَلَ الأَمِيْرُ عِيْسَى بنُ مُوْسَى إِلَى الأَعْمَشِ بألف درهم وَصَحِيْفَةٍ, لِيَكتُبَ فِيْهَا حَدِيْثاً. فَكَتَبَ فِيْهَا: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ, وَقُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ, وَوَجَّهَ بِهَا إِلَيْهِ. فَبَعَثَ إِلَيْهِ: يَا ابْنَ الفَاعِلَةِ! ظَنَنْتَ أَنِّي لاَ أُحْسِنُ كِتَابَ اللهِ؟ فبعث إليه: أظننت أني أبيع الحديث؟.
__________
1 الحب: الجرة.

(6/350)


قَالَ عِيْسَى بنُ يُوْنُسَ: أَتَى الأَعْمَشَ أَضْيَافٌ, فَأَخرَجَ إِلَيْهِم رَغِيْفَيْنِ, فَأَكَلُوْهُمَا. فَدَخَلَ, فَأَخرَجَ لَهُم نِصْفَ حَبلِ قَتٍّ, فَوَضَعَهُ عَلَى الخِوَانِ, وَقَالَ: أَكَلتُم قُوتَ عِيَالِي, فَهَذَا قُوتُ شَاتِي, فَكُلُوْهُ.
وَخَرَجنَا فِي جِنَازَةٍ, وَرَجُل يَقُودُه, فَلَمَّا رَجَعنَا عَدَلَ بِهِ, فَلَمَّا أَصْحَرَ قَالَ: أَتَدْرِي أَيْنَ أَنْتَ? أَنْتَ فِي جَبَّانَةِ كَذَا, وَلاَ أَرُدُّكَ حَتَّى تَملأَ أَلوَاحِي حَدِيْثاً قَالَ: اكْتُبْ. فَلَمَّا مَلأَ الأَلوَاحَ رَدَّهُ, فَلَمَّا دَخَلَ الكُوْفَةَ دَفعَ أَلوَاحَه لإِنْسَانٍ, فَلَمَّا أَنِ انْتَهَى الأَعْمَشُ إِلَى بَابِه تَعَلَّق بِهِ وَقَالَ: خُذُوا الأَلوَاحَ مِنَ الفَاسِقِ فَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ قَدْ فَاتَ, فَلَمَّا أَيِسَ مِنْهُ قَالَ: كُلُّ مَا حَدَّثْتُك بِهِ كَذِبٌ. قَالَ: أَنْتَ أَعْلَمُ بِاللهِ مِنْ أَنْ تَكذِبَ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ إِدْرِيْسَ: قُلْتُ: لِلأَعْمَشِ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ! مَا يَمْنَعُكَ مِنْ أَخْذِ شَعرِكَ؟ قَالَ: كَثْرَةُ فُضُولِ الحَجَّامِيْنَ قلت: فأنا أجيئك بحجام لا يكلمك حَتَّى تَفرَغَ فَأَتَيْتُ جُنَيْداً الحَجَّامَ, وَكَانَ مُحَدِّثاً فَأَوصَيتُه فَقَالَ: نَعَمْ, فَلَمَّا أَخَذَ نِصْفَ شَعرِه قَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ كَيْفَ حَدِيْثُ حَبِيْبِ بنِ أَبِي ثَابِتٍ فِي المُسْتَحَاضَةِ فَصَاحَ صَيْحَةً وَقَامَ يَعدُو وَبَقِيَ نِصْفُ شَعرِه بَعْدَ شَهْرٍ غَيْرَ مَجزُوزٍ سَمِعَهَا عَلِيُّ بنُ خَشْرَمٍ مِنْهُ.
وَقَالَ عِيْسَى بنُ يُوْنُسَ: خَرَجَ الأَعْمَشُ, فَإِذَا بِجُنْدِيٍّ, فَسَخَّرَه لِيَخُوضَ بِهِ نَهْراً. فَلَمَّا رَكِبَ الأَعْمَشَ قَالَ: {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا} [الزخرف: 13] ، فَلَمَّا تَوسَّطَ بِهِ الأَعْمَشُ قَالَ: {وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِين} [المُؤْمِنُوْنَ: 29] . ثُمَّ رَمَى بِهِ.
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بنُ أَبِي بَكْرٍ، أَنْبَأَنَا يُوْسُفُ بنُ خَلِيْلٍ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بن محمد اللبان، أنبأنا أبو علي المقرىء، أنبأنا أبو نعيم, حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ سَلْمٍ حَدَّثَنَا الأَبَّارُ, حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعِيْدٍ, حَدَّثَنَا زَيْدُ بنُ الحُبَابِ، عَنْ حُسَيْنِ بنِ وَاقِدٍ, قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى الأَعْمَشِ, فَقُلْتُ: لَهُ كَيْفَ رَأَيْتَ قِرَاءتِي؟ قَالَ: مَا قَرَأَ عَلَيَّ عِلجٌ أَقرَأُ مِنْكَ.
وَبِهِ إِلَى أَبِي نُعَيْمٍ, حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ الخُزَزِ الطَّبَرَانِيُّ, حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ حَرْبٍ المَوْصِلِيُّ, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ نَبِيْلٌ كَبِيْرُ اللِّحْيَةِ إِلَى الأَعْمَشِ فَسَأَلَهُ، عَنْ مَسْأَلَةٍ خَفِيْفَةٍ فِي الصَّلاَةِ فَالْتَفَتَ إِلَيْنَا الأَعْمَشُ فَقَالَ: انْظُرُوا إِلَيْهِ لِحْيَتُه تَحْتملُ حِفْظَ أَرْبَعَةِ آلاَفِ حَدِيْثٍ وَمَسَألتُه مَسْأَلَةُ صِبْيَانِ الكُتَّابِ.
قَالَ جَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ: كَانَ الأَعْمَشُ إِذَا سَألُوْهُ، عَنْ حَدِيْثٍ فَلَمْ يَحْفَظْهُ, جَلَسَ فِي الشَّمْسِ, فَيَعْرُكُ بِيَدَيْه عَيْنَيْهِ, فَلاَ يَزَالُ حتى يذكره.

(6/351)


إِبْرَاهِيْمُ بنُ رُسْتُمَ الأَصْبَهَانِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو عِصْمَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ: آيَةُ التَّقَبُّلِ الوَسوسَةُ؛ لأَنَّ أَهْلَ الكِتَابَيْنِ لاَ يَدرُوْنَ مَا الوَسوسَةُ, وَذَلِكَ لأَنَّ أَعْمَالَهم لاَ تَصعدُ إِلَى السَّمَاءِ.
عَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ, قَالَ: رَأَيْتُ الأَعْمَشَ يَلْبَسُ قَمِيْصاً مَقْلُوْباً, وَيَقُوْلُ: النَّاسُ مَجَانِيْنُ يَجعلُوْنَ الخَشِنَ مُقَابلَ جُلُوْدِهم.
وَقِيْلَ: إِنَّ الأَعْمَشَ كَانَ لَهُ وَلدٌ مُغفَّلٌ فَقَالَ لَهُ: اذْهَبْ فَاشترِ لَنَا حَبلاً لِلْغَسِيْلِ فَقَالَ: يَا أَبَةِ طُوْلُ كَمْ? قَالَ: عَشْرَةُ أَذرُعٍ قَالَ: فِي عَرضِ كَمْ? قَالَ فِي عَرضِ مُصِيْبَتِي فِيْكَ.
ذِكْرُ رِوَايَةِ الأَعْمَشِ عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ:
أَخْبَرَنَا بِيْبَرْسُ العُقَيْلِيُّ وَأَيُّوْبُ الأَسَدِيُّ قَالاَ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدٍ الصُّوْفِيُّ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ المُقَرِّبِ، أَنْبَأَنَا طِرَادٌ النَّقِيْبُ، أَنْبَأَنَا عَلِيٌّ العِيْسَوِيُّ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو, حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ العُطَارِدِيُّ, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ فُضَيْلٍ، عَنِ الأَعْمَشِ. قَالَ: رَأَيْتُ أَنَساً -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- بَالَ فَغَسَلَ ذَكَرَهُ غَسلاً شَدِيْداً ثُمَّ تَوَضَّأَ, وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ فَصَلَّى بِنَا, وَحَدَّثَنَا فِي بَيْتِهِ.
هَذَا حَدِيْثٌ صَالِحُ الإِسْنَادِ, بَيَّنَ فِيْهِ الأَعْمَشُ أَنَّ أَنَسَ بنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُم فِي مَنْزِلِهِ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ كِتَابَةً، أَنْبَأَنَا أَبُو المَكَارِمِ التَّيْمِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الأَصْبَهَانِيُّ, حَدَّثَنَا حَبِيْبٌ القَزَّازُ, حَدَّثَنَا يُوْسُفُ القَاضِي, حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ, حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ يُوْنُسَ, حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ: رَأَيْتُ أَنَسَ بنَ مَالِكٍ يُصَلِّي فِي المَسْجِدِ الحَرَامِ إِذَا رَفَعَ رَأْسَه مِنَ الرُّكُوْعِ رَفَعَ صُلبَه حَتَّى يستوي بطنه. هذا حديث صحيح الإسناد.
وَبِهِ إِلَى أَبِي نُعَيْمٍ, حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ, حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ اللهِ, حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ حَفْصِ بنِ غِيَاثٍ, حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: تُوُفِّيَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقِيْلَ لَهُ: أَبشِرْ بِالجَنَّةِ فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَفَلاَ تَدْرُوْنَ فَلَعَلَّهُ قَدْ تَكَلَّمَ بِمَا لاَ يَعْنِيْهِ أَوْ بخل بما لا ينفعه"1.
__________
1 ضعيف: أخرجه الترمذي "2316" حدثنا سليمان بن عبد الجبار البغدادي، حدثنا عمر بن حفص بن غياث، به. وقال الترمذي: هذا حديث غريب.
قلت: إسناده ضعيف، لانقطاعه بين الأعمش وأنس، قال ابن معين: كل ما روى الأعمش عن أنس فهو مرسل". وقد أشار الترمذي إلى ضعف الحديث بقوله: "حديث غريب" وهذ معلوم معروف في اصطلاحه.

(6/352)


غَرِيْبٌ, يُعَدُّ فِي أَفرَادِ عُمَرَ بنِ حَفْصٍ؛ شَيْخِ البُخَارِيِّ.
وَبِهِ قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ المُعَدَّلُ, حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ المُخَرِّمِيُّ, حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ جَعْفَرٍ, حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ دَاوُدَ الحَرَّانِيُّ سَمِعْتُ عِيْسَى بنَ يُوْنُسَ سَمِعْتُ الأَعْمَشَ يَقُوْلُ: كَانَ أَنَسُ بنُ مَالِكٍ يَمُرُّ بِي طَرَفَيِ النَّهَارِ فَأَقُوْلُ: لاَ أَسْمَعُ مِنْكَ حَدِيْثاً خَدَمْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ جِئْتُ إِلَى الحَجَّاجِ حَتَّى وَلاَّكَ? ثُمَّ نَدِمتُ فَصِرتُ أَرْوِي، عَنْ رَجُلٍ عَنْهُ.
وَبِهِ حَدَّثَنَا محمد بن محمد أبو جعفر البغدادي المقرىء, حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَيُّوْبَ القِرَبِيُّ, حَدَّثَنَا مُعَاذُ بنُ أَسَدٍ "ح" وَبِهِ إِلَى أَبِي نُعَيْمٍ, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ حُمَيْدٍ, حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ الفِرْيَابِيُّ, حَدَّثَنَا دَاوُدُ بنُ مِخْرَاقٍ قَالاَ: حَدَّثَنَا الفَضْلُ بنُ مُوْسَى, حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي سَفَرٍ فَمَرَّ عَلَى شَجَرَةٍ يَابِسَةٍ فَضَرَبَهَا بِعَصَا كَانَتْ فِي يَدِهِ فَتَنَاثَرَ الوَرَقُ فَقَالَ: "إِنَّ سُبْحَانَ اللهِ وَالحَمْدُ للهِ وَلاَ إِلَهَ إلَّا الله والله أكبر يُسَاقِطْنَ الذُّنُوْبَ كَمَا تُسَاقِطُ هَذِهِ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا"1.
هَذَا حَدِيْثٌ غَرِيْبٌ, وَرُوَاتُه ثِقَاتٌ.
وَبِهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ القَاضِي, حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ النَّضْرِ, حَدَّثَنَا عَاصِمُ بنُ عَلِيٍّ "ح". وَحَدَّثَنَا عَبْدُ المَلِكِ بنُ الحسن, حدثنا أحمد ابن يَحْيَى الحُلْوَانِيُّ, حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ يُوْنُسَ قَالاَ: حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ عَبْدُ رَبِّهِ الحَنَّاطُ, حَدَّثَنَا الأعمش، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَيْلٌ لِلْمَالِكِ مِنَ المَمْلُوْكِ, وَوَيْلٌ لِلْمَمْلُوْكِ مِنَ المَالِكِ, وَوَيْلٌ لِلشَّدِيْدِ مِنَ الضَّعِيْفِ, وَوَيْلٌ لِلضَّعِيْفِ مِنَ الشَّدِيْدِ, وَوَيْلٌ لِلْغَنِيِّ مِنَ الفَقِيْرِ, وَوَيْلٌ لِلْفَقِيْرِ مِنَ الغَنِيِّ"2.
وَبِهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ, حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بن عبد الله, حدثنا الحسين ابن حفص,
__________
1 ضعيف: أخرجه أبو نعيم في "الحلية" "5/ 55" من طريق داود بن مخراق، والترمذي "3533" من طريق محمد بن حميد الرازي كلاهما عن الفضل بن موسى، عن الأعمش، عن أنس، به.
وقال الترمذي: هذا حديث غريب.
قلت: إسناده ضعيف آفته الانقطاع بين الأعمش، وأنس، فإنه لم يسمع منه، ولم يرو عنه إلا بواسطة يزيد الرقاشي كما قال الحافظ العلائي في كتابه "جامع التحصيل في أحكام المراسيل"، وقد ضعف الحديث الترمذي بقوله: "هذا حديث غريب".
2 ضعيف: أخرجه أبو نعيم في "الحلية" "5/ 55"، وإسناده منقطع بين الأعمش، وأنس.

(6/353)


حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ قَائِدُ الأَعْمَشِ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا جِبْرِيْلُ هَلْ تَرَى رَبَّكَ؟ قَالَ: إِنَّ بَيْنِي وَبَيْنَه تِسْعِيْنَ حِجَاباً مِنْ نَارٍ -أَوْ نُوْرٍ- لَوْ دَنَوْتُ مِنْ أَدْنَاهَا, لاَحْتَرَقْتُ"1.
هَذَا حَدِيْثٌ مُنْكَرٌ, وَأَبُو مُسْلِمٍ: لَيْسَ بِمُعتَمَدٍ.
وَبِهِ حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ الزُّبَيْرِيُّ, حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ حَمْدُوْنَ الأَعْمَشِيُّ, وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ, قَالاَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ حَفْصِ بنِ عَبْدِ اللهِ, حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ الصَّبَّاحِ, حَدَّثَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الخَوَارِجُ كِلاَبُ النَّارِ" 2 هَذَا رَوَاهُ: النَّاسُ، عن إسحاق الأَزْرَقِ، عَنِ الأَعْمَشِ.
وَقَدْ طَلَبَ الأَعْمَشُ وَكَتَبَ العِلْمَ بِالكُوْفَةِ, قَبْلَ مَوْتِ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي أَوْفَى بِأَعوَامٍ, وَهُوَ مَعَهُ بِبَلَدِه, فَمَا أُبْعِدُ أَنْ يَكُوْنَ سَمِعَ مِنْهُ.
قَرَأْتُ هَذِهِ الأَحَادِيْثَ السَّبعَةَ عَلَى إِسْحَاقَ بنِ النَّحَّاسِ, أَخْبَرَكُمُ ابْنُ خَلِيْلٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو المَكَارِمِ فَذَكَرَهَا وَمِنْ أَعْلَى رِوَايَتِه:
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ وَالمُسَلَّمُ بنُ عَلاَّنَ وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ إِذْناً قَالُوا، أَنْبَأَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنُ غَيْلاَنَ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ سُلَيْمَانَ الوَاسِطِيُّ وَمُحَمَّدُ بنُ خَالِدِ بنِ يَزِيْدَ الآجُرِّيُّ قَالاَ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "ليس
__________
1 منكر: أخرجه أبو نعيم في "الحلية" "5/ 55"، وفيه علتان: الأولى: أبو مسلم قائد الأعمش، واسمه عبد الله بن سعيد، ضعيف. والعلة الثانية: الانقطاع بين الأعمش وأنس.
2 صحيح بطرقه: أخرجه أبو نعيم في "الحلية" "5/ 56" من طريق سفيان الثوري، به.
قلت: إسناده ضعيف، آفته الانقطاع بين الأعمش وابن أبي أوفى، والأعمش مدلس مشهور بالتدليس. وأخرجه أحمد "4/ 355" وابن أبي عاصم في "السنة" "904"من طريق إسحاق بن يوسف الازرق، عن الاعمش، عن ابن أبي أوفى، به. وللحديث طريق آخر أخرجه أحمد "4/ 382"، والحاكم "3/ 571"، وابن أبي عاصم في "السنة" "905"، من طريق الحشرج بن نباتة حدثني سعيد بن جمهان قال: دخلت على ابن أبي أوفى وهو محجوب البصر فسلمت عليه فرد على السلام فقال: من هذا؟ فقلت: أنا سعيد بن جمهان. فقال: ما فعل والدك؟ فقلت قتلته الأزارقة. قال: قتل الله الأزارقة كلها ثم قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إلا إنهم كلاب أهل النار. قال قلت الأزارقة كلها أو الخوارج؟ قال: الخوارج كلها".
قلت: إسناده حسن، الحشرج بن نباته، وسعيد بن جمهان، كلاهما صدوق كما قال الحافظ في "التقريب". وله شاهد من حديث أبي أمامة. عند أحمد "5/ 253".

(6/354)


المِسْكِيْنُ الَّذِي تَرُدُّهُ التَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ, وَلاَ اللُّقْمَةُ وَاللُّقْمَتَانِ, وَلَكِنَّ المِسْكِيْنَ الَّذِي لاَ يَسْأَلُ النَّاسَ, ولم يفطن بمكانه فيعطى" 1.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ المُؤَيَّدِ السُّهْرَوَرْدِيُّ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ صَرْمَا وَالفَتْحُ بنُ عَبْدِ اللهِ بِبَغْدَادَ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ الأُرْمَوِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو الحُسَيْنِ بنُ النَّقُّوْرِ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ عُمَرَ الحَرْبِيُّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ الصُّوْفِيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى ابن مَعِيْنٍ حَدَّثَنَا حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "مَنْ أَقَالَ مُسْلِماً عَثْرَتَه أَقَالَهُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ" 2 أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، عَنْ يَحْيَى.
أَخْبَرَنَا أَبُو الغَنَائِمِ بنُ مَحَاسِنَ، أَنْبَأَنَا جَدِّي لأُمِّي عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي نَصْرٍ القَاضِي سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، أَنْبَأَنَا عِيْسَى بنُ أَحْمَدَ الدُّوْشَابِيُّ، أَنْبَأَنَا الحُسَيْنُ بنُ عَلِيِّ بنِ البُسْرِيِّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى السُّكَّرِيُّ، أَنْبَأَنَا إسماعيل ابن مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنِ المُسَيَّبِ بنِ رَافِعٍ، عَنْ قَبِيْصَةَ بنِ جَابِرٍ قَالَ قَالَ عُمَرُ لاَ أُوتَى بِمُحِلٍّ وَلاَ مُحَلَّلٍ لَهُ إلَّا رَجَمْتُهُمَا".
كَتبَ إِلَيَّ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى الجَزَائِرِيُّ، أَنْبَأَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ بَرَكَاتٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو القَاسِمِ الحَافِظُ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الحُسَيْنِيُّ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الحَافِظُ أَخْبَرَنِي عَبْدُ المَلِكِ بنُ عُمَرَ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ عُمَرَ الحَافِظُ, حَدَّثَنَا أَبُو القَاسِمِ هِبَةُ اللهِ بن جعفر المقرىء, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ بنِ يَعْقُوْبَ حَدَّثَنَا إِدْرِيْسُ بنُ عَلِيٍّ, حَدَّثَنَا السِّنْدِيُّ بنُ عَبْدَوَيْه حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ، عَنْ مَنْصُوْرِ بنِ المُعْتَمِرِ، عَنِ الأَعْمَشُ، عَنْ عَدِيِّ بنِ ثَابِتٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ علي سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ "يَا عَلِيُّ! إِنَّهُ لاَ يُحِبُّكَ إلَّا مُؤْمِنٌ, وَلاَ يُبْغِضُكَ إلَّا منافق" 3.
__________
1 صحيح: أخرجه أبو داود "1631"، وأحمد "2/ 393"، من طريق الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، به. وأخرجه أحمد "2/ 457"، والبخاري "1476"، والدارمي "1/ 379" من طريق شعبة، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، به. وأخرجه مسلم "1039"، والنسائي "5/ 85" من طريق أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، به.
2 صحيح: أخرجه أحمد "2/ 252"، وأبو داود "3460"، والحاكم "2/ 45"، والبيهقي "6/ 27"، والخطيب في "تاريخ بغداد" "8/ 196" من طرق عن يحيى بن معين، قال: حَدَّثَنَا حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، به.
3 صحيح: أخرجه مسلم "132"، والترمذي "3737"، والنسائي "8/ 116-117" وقد تقدم تخريجنا له، وقد خرجته في كتاب "منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة والقدرية" لابن تيمية ط. دار الحديث خرجته في مواضع متعددة منه، فراجعه ثم إن شئت.

(6/355)


وَهَذَا وَقَعَ أَعْلَى مِنْ هَذَا بِخَمْسِ دَرَجَاتٍ فِي "جُزْءِ الذُّهْلِيِّ", وَغَيْرِه.
جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عِمْرَانَ, حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى الحِمَّانِيُّ، عَنِ الأَعْمَشِ: سَمِعْتُ أَنَساً يَقْرَأُ: "إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْأً وَأَصْوَبُ قِيْلاً" فَقِيْلَ: لَهُ يَا أَبَا حَمْزَةَ "وَأَقْوَمُ قِيْلاً" فَقَالَ: أَقْوَمُ وَأَصْوَبُ وَاحِدٌ.
وَيُقَالُ: إِنَّ الأَعْمَشَ كَانَ رُبَّمَا خَرَجَ إِلَيْهِم وَعَلَى كَتِفِه مِئزَرُ العَجِينِ. وَإِنَّهُ لَبِسَ مَرَّةً فَرْواً مَقْلُوْباً فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ! لَوْ لَبِستَهَا وَصُوْفَهَا إِلَى دَاخِلٍ, كَانَ أَدْفَأَ لَكَ! قَالَ: كُنْتُ أَشَرتَ على الكبش بهذه المشورة.
قَالُوا: مَاتَ الأَعْمَشُ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ, سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ, بِالكُوْفَةِ. وَمَاتَ مَعَهُ فِيْهَا: شَيْخُ المَدِيْنَةِ: جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقُ, وَشَيْخُ مِصْرَ: عَمْرُو بنُ الحَارِثِ الفَقِيْهُ, وَشَيْخُ حِمْصَ: مُحَمَّدُ بنُ الوَلِيْدِ الزُّبَيْدِيُّ, وَشَيْخُ وَاسِطَ: العَوَّامُ بنُ حَوْشَبٍ, وَقَاضِي الكُوْفَةِ وَمُفْتِيْهَا: مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى.
قَرَأْتُ عَلَى الحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ، أَنْبَأَنَا سَالِمُ بنُ الحَسَنِ، أَنْبَأَنَا نَصْرُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنْبَأَنَا أَبُو سَعِيْدٍ بنُ خُشَيْشٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ بنُ شَاذَانَ، أَنْبَأَنَا عُثْمَانُ بنُ أَحْمَدَ, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ المُنَادِي, حَدَّثَنَا حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ قَالَ: أَتَيْتُ أَنَا وَصَاحِبٌ لِي إِلَى الأَعْمَشِ نَسْمَعُ مِنْهُ فَخَرَجَ إِلَيْنَا وَعَلَيْهِ فَروَةٌ مَقْلُوْبَةٌ قَدْ أَدخَلَ رَأْسَه فِيْهَا فَقَالَ: لَنَا تَعَلَّمتُمُ السَّمتَ تَعَلَّمتُمُ الكَلاَمَ أَمَا وَاللهِ مَا كَانَ الَّذِيْنَ مَضَوْا هَكَذَا وَأَجَافَ البَابَ أَوْ قَالَ: يَا جَارِيَةُ أَجِيْفِي البَابَ, ثُمَّ خَرَجَ إِلَيْنَا فَقَالَ: هَلْ تَدرُوْنَ مَا قَالَتِ الأُذُنُ؟ قَالَتْ: لَوْلاَ أَنِّي أَخَافُ أَنْ أُقْمَعَ بالجواب, لطلت كما يكول الكِسَاءُ. قَالَ حَفْصٌ: فَكَم مِنْ كَلِمَةٍ أَغَاظَنِي صَاحِبُهَا, مَنَعَنِي أَنْ أُجِيْبَه قَوْلُ الأَعْمَشِ.
أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بنُ قُدَامَةَ القَاضِي، أَنْبَأَنَا جَعْفَرٌ الهَمْدَانِيُّ، أَنْبَأَنَا السِّلَفِيُّ، أَنْبَأَنَا المُبَارَكُ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ، أَنْبَأَنَا العَتِيْقِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَدِيٍّ, حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ, سَمِعْتُ أَبَا دَاوُدَ يَقُوْلُ: قِيْلَ لِلأَعْمَشِ: لَوْ أَدْرَكتُ عَلِيّاً قَاتَلتُ مَعَهُ قَالَ: لاَ وَلاَ أَسْأَلُ عَنْهُ لاَ أُقَاتلُ مَعَ أَحَدٍ أَجعَلُ عِرضِي دُوْنَه فَكَيْفَ دِيْنِي دُوْنَه?!.
قَالَ أَبُو الحُسَيْنِ بنُ المُنَادِي: قَدْ رَأَى أَنَساً إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ. وَرَأَى أَبَا بَكْرَةَ الثَّقَفِيَّ, وَأَخَذَ لَهُ بِركَابِه, فَقَالَ لَهُ: يَا بُنَيَّ إِنَّمَا أَكرَمتَ رَبَّكَ عَزَّ وَجَلَّ. قُلْتُ: لَمْ يَصِحَّ هَذَا.
رَوَى أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ الأَنْصَارِيُّ، عَنْ وَكِيْعٍ، عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ: رأيت أنسًا, وما منعني أن أسمع منهإلَّا استغنائي بأصحابي.

(6/356)


وَقَالَ القَاسِمُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, وَرَأَى الأَعْمَشَ: هَذَا الشَّيْخُ أَعْلَمُ النَّاسِ بِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ.
وَعَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ: سَبَقَ الأَعْمَشُ النَّاسَ بِأَرْبَعٍ: كَانَ أَقرَأَهُم لِلْقُرْآنِ, وَأَحْفَظَهُم لِلْحَدِيْثِ, وَأَعْلَمَهُم بِالفَرَائِضِ, وَذَكَرَ خَصلَةً أُخْرَى.
قَالَ هُشَيْمٌ: مَا رَأَيْتُ بِالكُوْفَةِ أَحَداً كَانَ أَقْرَأَ مِنَ الأَعْمَشِ.
وَقَالَ زُهَيْرُ بنُ مُعَاوِيَةَ: مَا أَدْرَكتُ أَحَداً أَعقَلَ مِنَ الأَعْمَشِ وَمُغِيْرَةَ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: أَبُو إِسْحَاقَ وَالأَعْمَشُ رَجُلا أَهْلِ الكُوْفَةِ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ: عِنْدَ شُعْبَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ: نَحْوٌ مِنْ خَمْسِ مائَةِ حَدِيْثٍ, أَخْطَأَ فِيْهَا فِي أَكْثَرَ مِنْ عَشْرَةِ أَحَادِيْثَ.
وَكَانَ عِنْدَ وَكِيْعٍ عَنْهُ ثَمَانُ مائَةٍ. وَسُفْيَانُ أَعْلَمُهُم بِالأَعْمَشِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ خَلَفٍ التَّيْمِيُّ: عَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ, قَالَ: كُنَّا نُسَمِّي الأَعْمَشَ سَيِّدَ المُحَدِّثِيْنَ, كُنَّا نَجِيْءُ إِلَيْهِ إِذَا فَرَغْنَا مِنَ الدَّوَرَانِ, فَيَقُوْلُ: عِنْدَ مَنْ كُنْتُم؟ فَنَقُوْلُ: عِنْدَ فُلاَنٍ. فَيَقُوْلُ: طَبْلٌ مُخَرَّقٌ. وَيقُوْلُ: عِنْدَ مَنْ كُنْتُم؟ فَنَقُوْلُ: عِنْدَ فُلاَنٍ. فَيَقُوْلُ: طَيْرٌ طَيَّارٌ وَنَقُوْلُ: عِنْدَ فُلاَنٍ فَيَقُوْلُ: دُفٌّ وَكَانَ يُخْرِجُ إِلَيْنَا شَيْئاً فَنَأكُلُه فَقُلْنَا يَوْماً: لاَ يُخْرِجُ شَيْئاً إلَّا أَكَلتُمُوْهُ فَأَخرَجَ شَيْئاً فَأَكَلنَاهُ وَأَخْرَجَ فَأَكَلنَاهُ فَدَخَلَ فَأَخرَجَ فتيتاً فَشَرِبنَاهُ فَدَخَلَ وَأَخْرَجَ إِجَانَةً وَقَتّاً وَقَالَ: فَعَلَ الله بِكُم وَفَعَلَ أَكَلتُم قُوْتِي وَقُوْتَ المَرْأَةِ, وَشَرِبتُم فتيتَهَا هَذَا عَلَفُ الشَّاةِ قَالَ: فَمَكَثنَا ثَلاَثِيْنَ يَوْماً لاَ نَكْتُبُ عَنْهُ فَزَعاً مِنْهُ حَتَّى كَلَّمْنَا إِنْسَاناً عَطَّاراً كَانَ يَجْلِسُ إِلَيْهِ حَتَّى كلَّمَه لَنَا.
قَالَ أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ: سُئِلَ الأَعْمَشُ عَنْ حَدِيْثٍ, فَقَالَ لابْنِ المُخْتَارِ: تَرَى أَحَداً مِنْ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ؟ فَغمَّضَ عَيْنَيْهِ, وَقَالَ: لاَ أَرَى أَحَداً يَا أَبَا مُحَمَّدٍ, فَحَدَّثَ بِهِ.
رَوَى الكَوْسَجُ، عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ, قَالَ: الأَعْمَشُ ثِقَةٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ, ثَبْتٌ.
رَوَى شَرِيْكٌ، عَنِ الأَعْمَشِ, قَالَ: لَمْ يَكُنْ إِبْرَاهِيْمُ يُسنِدُ الحَدِيْثَ لأَحَدٍ إلَّا لِي, لأَنَّهُ كَانَ يُعجَبُ بِي.
قَالَ أَبُو عَوَانَةَ, وَعَبْدُ اللهِ بنُ دَاوُدَ: مَاتَ الأعمش سنة سبع وأربعين ومائة. وَقَالَ وَكِيْعٌ, وَالجُمْهُوْرُ: سَنَةَ ثَمَانٍ. زَادَ أَبُو نُعَيْمٍ: فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ, وَهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ وثمانين سنة.

(6/357)


ذِكْرُ أَصْحَابِ الأَعْمَشِ:
قَالَ النَّسَائِيُّ:
الطَّبَقَةُ الأُوْلَى: منهم سفيان, وشعبة, ويحيى القطان.
الطقبة الثَّانِيَةُ: زَائِدَةُ, وَيَحْيَى بنُ أَبِي زَائِدَةَ, وَحَفْصُ بنُ غِيَاثٍ.
الطَّبَقَةُ الثَّالِثَةُ: أَبُو مُعَاوِيَةَ, وَجَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ, وَأَبُو عَوَانَةَ.
الطَّبَقَةُ الرَّابِعَةُ: ابْنُ المُبَارَكِ, وَفُضَيْلُ بنُ عِيَاضٍ, وَقُطْبَةُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ, وَمُفَضَّلُ بنُ مُهَلْهَلٍ, وَدَاوُدُ الطَّائِيُّ.
الطَّبَقَةُ الخَامِسَةُ: عَبْدُ اللهِ بنُ إِدْرِيْسَ, وَعِيْسَى بنُ يُوْنُسَ, وَوَكِيْعٌ, وَحُمَيْدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرُّؤَاسِيُّ, وَعَبْدُ اللهِ بنُ دَاوُدَ, وَالفَضْلُ بنُ موسى, وزهير بن معاوية.
الطقبة السَّادِسَةُ: عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ زِيَادٍ, وَأَبُو أُسَامَةَ, وَعَبْدُ اللهِ بنُ نُمَيْرٍ.
الطَّبَقَةُ السَّابِعَةُ: عَبِيْدَةُ بن حميد, وعبدة بن سليمان.

(6/358)


942- الكلبي 1: "ت"
العَلاَّمَةُ, الأَخْبَارِيُّ, أَبُو النَّضْرِ مُحَمَّدُ بنُ السَّائِبِ بنِ بِشْرٍ الكَلْبِيُّ المُفَسِّرُ. وَكَانَ أَيْضاً رأسًا في الأنسابإلَّا أَنَّهُ شِيْعِيٌّ, مَتْرُوْكُ الحَدِيْثِ.
يَرْوِي عَنْهُ: وَلَدُهُ؛ هشام, وطائفة.
أَخَذَ عَنْ: أَبِي صَالِحٍ, وَجَرِيْرٍ, وَالفَرَزْدَقِ, وَجَمَاعَةٍ, وَكَانَ الثَّوْرِيُّ يَرْوِي عَنْهُ, وَيُدَلِّسُه فَيَقُوْلُ: حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ
تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 358"، التاريخ الكبير "1/ ترجمة 283"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 507" و"2/ 782" و"3/ 35 و43"، والجرح والتعديل "7/ ترجمة 1478"، والمجروحين لابن حبان "2/ 253"، الأنساب للسمعاني "10/ 453"، الكاشف "3/ ترجمة 4941"، ميزان الاعتدال "3/ 556"، تهذيب التهذيب "9/ 178"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6242"، شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "1/ 217".

(6/358)


943- عمرو بن قيس 1: "م، 4"
الكوفي, الملائي, البزاز, الحَافِظُ, مِنْ أَوْلِيَاءِ اللهِ.
حَدَّثَ عَنْ: عِكْرِمَةَ, وَالحَكَمِ بنِ عُتَيْبَةَ, وَعَطَاءٍ, وَمُصْعَبِ بنِ سَعْدٍ, وَعَطِيَّةَ العَوْفِيِّ, وَأَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيِّ, وَلَيْسَ هُوَ بِالمُكْثِرِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ -وَصَحِبَهُ زَمَاناً- وَأَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ, وَالمُحَارِبِيُّ, وَسَعْدُ بنُ الصَّلْتِ وَأَسْبَاطُ بنُ مُحَمَّدٍ, وَعُمَرُ بنُ شَبِيْبٍ المُسْلِيُّ, وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: ثِقَةٌ, مَأْمُوْنٌ. وذَكَرَهُ الثَّوْرِيُّ, فَأَثْنَى عَلَيْهِ.
جَعْفَرُ بنُ كُزَالٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ بِشْرٍ, حَدَّثَنَا المُحَارِبِيُّ, قَالَ لِي الثَّوْرِيُّ: عَمْرُو بنُ قَيْسٍ هُوَ الَّذِي أَدَّبَنِي, عَلَّمَنِي قِرَاءةَ القُرْآنِ وَالفَرَائِضَ, وَكُنْتُ أَطْلُبُه فِي سُوْقِه, فَإِنْ لَمْ أَجِدْه, فَفِي بَيْتِهِ, إِمَّا يُصَلِّي, أَوْ يَقْرَأُ فِي المُصْحَفِ كَأَنَّهُ يُبَادِرُ أَمراً يَفُوْتُه فَإِنْ لَمْ أَجِدْه وَجَدْتُه فِي مَسْجِدٍ قَاعِداً يَبْكِي وَأَجِدُه فِي المَقبَرَةِ يَنُوحُ عَلَى نَفْسِهِ.
وَلَمَّا مَاتَ غَلَّقَ أَهْلُ الكُوْفَةِ أَبْوَابَهم, وَخَرَجُوا بِجِنَازتِه, فَلَمَّا أَخْرَجُوْه إِلَى الجِبَالِ, وَبَرَزُوا بِسَرِيْرِهِ -وَكَانَ أَوْصَى أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِيُّ- تَقدَّمَ أَبُو حَيَّانَ, فَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعاً وَسَمِعُوا صَائِحاً يَصِيْحُ قَدْ جَاءَ المُحْسِنُ قَدْ جَاءَ المُحْسِنُ عَمْرُو بنُ قَيْسٍ وَإِذَا البَرِّيَّةُ مَمْلُوْءةٌ مِنْ طَيْرٍ أَبْيَضَ لَمْ يُرَ عَلَى خِلقَتِهَا وَحُسنِهَا فَعَجِبَ النَّاسُ فَقَالَ أَبُو حَيَّانَ: مِنْ أَيِّ شَيْءٍ تَعْجَبُوْنَ هَذِهِ ملائكة جاءت فشهدت عمرًا1.
وَقَالَ إِسْحَاقُ بنُ مُوْسَى الخَطْمِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو خالد الأحمر, قال: كان عمرو ابن قَيْسٍ مُؤَاجرَ نَفْسِه مِنْ بَعْضِ التُّجَّارِ, فَمَاتَ بِالشَّامِ, فَرَأَوُا الصَّحْرَاءَ مَمْلُوْءةً مِنَ الرِّجَالِ عَلَيْهِم ثِيَابٌ بِيْضٌ فَلَمَّا صُلِّيَ عَلَيْهِ فُقِدُوا فَكَتَبَ صَاحِبُ البَرِيْدِ بِذَلِكَ إِلَى الأَمِيْرِ عِيْسَى بنِ مُوْسَى فَقَالَ لابْنِ شُبْرُمَةَ: كَيْفَ لَمْ تَكُوْنُوا تَذْكُرُوْنَ لِي هَذَا? قَالَ كَانَ يَقُوْلُ: لاَ تذكروني عنده.
وقيل: كان يقرىء النَّاسَ, فَيَقعُدُ بَيْنَ يَدَيِ الطَّالِبِ. وَقِيْلَ: كَانَ إِذَا نَظَرَ إِلَى أَهْلِ السُّوْقِ بَكَى, وَقَالَ: مَا أَغفَلَ هَؤُلاَءِ عَمَّا أُعِدَّ لَهُم. وَعَنْهُ, قَالَ: إِذَا اشْتَغَلتَ بِنَفْسِكَ, ذَهِلْتَ عَنِ النَّاسِ.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2647"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 20 و698" و"3/ 239"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1406"، تاريخ بغداد "12/ 163"، الكاشف "2/ ترجمة 4282"، تاريخ الإسلام للذهبي "6/ 110"، ميزان الاعتدال "3/ 284"، تهذيب التهذيب "8/ 92"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5357".
2 منكر: أخرجه أبو نعيم في "الحلية" "5/ 101"، وفي إسناده جعفر بن كزال مجهول، وفيه أيضا محمد بن بشر الواعظ، ضعيف ليس بالقوي. وهذا الكلام منكر مردود لا يصدقه من له مسكة من عقل ودين ولا يصدقها إلا الطغام الجهال.

(6/359)


بُرَيْد بن عبد الله، بهز بن حكيم:
944- بريد بن عبد الله 1: "ع"
ابن أبي بُرْدَةَ بنُ أَبِي مُوْسَى عَبْدُ اللهِ بنُ قَيْسِ بنِ حضار, المحدث, أبو بردة الأشعري, الكوفي.
حَدَّثَ عَنْ: جَدِّهِ. وَعَنِ: الحَسَنِ, وَعَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ.
وَعَنْهُ: السُّفْيَانَانِ, وَابْنُ المُبَارَكِ, وَأَبُو مُعَاوِيَةَ, وَحَفْصُ بنُ غِيَاثٍ, وَأَبُو نُعَيْمٍ, وَأَبُو أسامة, وعدد كثير. وهو صدوق, احتجابه فِي "الصَّحِيْحَيْنِ" وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لاَ يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالقَوِيِّ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ أَيْضاً: لَيْسَ بِالمَتِيْنِ, يُكْتَبُ حَدِيْثُهُ.
وَقَالَ الفَلاَّسُ: لَمْ أَسْمَعْ يَحْيَى وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ يُحَدِّثَانِ عَنْهُ بِشَيْءٍ قَطُّ.
وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ, وَالعِجْلِيُّ, وَغَيْرُهُمَا: ثِقَةٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: يَرْوِي مَنَاكِيْرَ, طَلْحَةُ بنُ يَحْيَى أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَمْ أَجِدْ فِي حَدِيْثِهِ مَا أُنْكِرُهُ, سِوَى حَدِيْثِ: "إِذَا أَرَادَ اللهُ بِأُمَّةٍ خَيْراً قَبَضَ نَبِيَّهَا" 2 وَلَمْ يَرْوِ عَنْهُ أَحَدٌ أَكْثَرُ مِنْ أَبِي أُسَامَةَ وَأَحَادِيْثُه عَنْهُ مُسْتقِيْمَةٌ وَأَرْجُو أَنْ لاَ يَكُوْنَ بِهِ بَأْسٌ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ نَيِّفٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ. وَلَهُ عدة أحاديث في الصحاح.
945- بهز بن حكيم 3: "4"
ابن معاوية بن حيدة, الإِمَامُ, المُحَدِّثُ, أَبُو عَبْدِ المَلِكِ القُشَيْرِيُّ, البَصْرِيُّ. لَهُ عِدَّةُ أَحَادِيْثَ عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ, وَعَنْ زُرَارَةَ بنِ أَوْفَى.
وَعَنْهُ: الحَمَّادَانِ, وَيَحْيَى القَطَّانُ, وَرَوْحٌ, وَأَبُو أُسَامَةَ, وَأَبُو عَاصِمٍ, وَالأَنْصَارِيُّ, وَمَكِّيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ, وَعِدَّةٌ.
وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِيْنٍ, وَعَلِيٌّ, وَأَبُو دَاوُدَ, وَالنَّسَائِيُّ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ أَيْضاً: هُوَ عِنْدِي حُجَّةٌ. وَقَالَ البُخَارِيُّ: يَخْتَلِفُوْنَ فِي بَهْزٍ. وَقَالَ الحَاكِمُ: هِيَ نُسْخَةٌ شَاذَّةٌ. وقال ابن حبان: يخطىء كَثِيْراً وَهُوَ مِمَّنْ أَسْتَخِيْرُ الله فِيْهِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ بَشِيْرٍ: رَأَيْتُهُ يَلْعَبُ بِالشَّطرَنْجِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لاَ يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ الخَطِيْبُ: رَوَى عَنْهُ الزُّهْرِيُّ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ قَبْل الخَمْسِيْنَ ومائة.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 1694"، ميزان الاعتدال "1/ 305"، تهذيب التهذيب "1/ 421".
2 صحيح: أخرجه مسلم "2288" من طريق بُرَيْدِ بنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عن أبي موسى، به.
3 ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 1982"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 1714" المجروحين لابن حبان "1/ 194"، ميزان الاعتدال "1/ 353"، تهذيب التهذيب "498".

(6/360)


حاتم بن أبي صَغيرة، حَبيب:
946- حاتم بن أبي صغيرة 1: "ع"
الإِمَامُ, الصَّدُوْقُ, أَبُو يُوْنُسَ القُشَيْرِيُّ مَوْلاَهُم, البَصْرِيُّ, مِنْ نُبَلاَءِ المَشَايِخِ.
حَدَّثَ عَنْ: عَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ, وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ, وَطَبَقَتِهمَا.
وَعَنْهُ: ابْنُ المُبَارَكِ, وَيَحْيَى القَطَّانُ, وَخَالِدُ بنُ الحَارِثِ, وَرَوْحُ بنُ عُبَادَةَ, وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ. بَقِيَ إِلَى قَرِيْبِ سَنَةِ خَمْسِيْنَ ومائة.
947- حبيب 2: "ع"
المعلم مِنْ مَوَالِي مَعْقِلِ بنِ يَسَارٍ. وَهُوَ ابْنُ أبي قريبة دينار.يكن: أَبَا مُحَمَّدٍ, مِنْ ثِقَاتِ البَصْرِيِّينَ.
حَدَّثَ عَنْ: الحَسَنِ, وَعَطَاءٍ, وَعَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ.
رَوَى عَنْهُ: حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ, وَيَزِيْدُ بنُ زُرَيْعٍ, وَعَبْدُ الوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ, وَعَبْدُ الوَارِثِ, وَآخَرُوْنَ.
قِيْلَ: كَانَ يَحْيَى القَطَّانُ لاَ يَرْوِي عَنْهُ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالقَوِيِّ. وَأَمَّا أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ, فَقَالَ: مَا أَصَحَّ حَدِيْثَه! وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ, وَأَبُو زُرْعَةَ: ثِقَةٌ.
وَقِيْلَ: هُوَ حَبِيْبُ بنُ زَيْدٍ. وَقِيْلَ: حَبِيْبُ بنُ زَائِدَةَ. وَقِيْلَ: حَبِيْبُ بنُ أبي بقية. فالله أعلم.
__________
1 التاريخ الكبير "3/ ترجمة 273"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 1149"، تهذيب التهذيب "2/ 130".
2 ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 2628"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 469"، ميزان الاعتدال "1/ 456"، تهذيب التهذيب "2/ 194".

(6/361)