سير أعلام النبلاء، ط الحديث

الطبقة الحادية والعشرون:
3425- أبو زيد المروزي 1:
الشَّيْخُ الإِمَامُ المُفْتِي القُدْوَةُ الزَّاهِدُ, شَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ, أبو زيد محمد ابن أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ المَرْوَزِيُّ, رَاوِي "صَحِيْحِ البُخَارِيِّ" عَنِ الفِرَبْرِي.
وَسَمِعَ أَيْضاً مِنْ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ المنكَدِري، وَأَبِي العَبَّاسِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّغُوْلِيِّ، وَعُمَرَ بنِ عَلَّّك, وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ السَّعْدِيِّ, وَطَائِفَةٍ.
وأَكثرَ التِّرْحَال, وَرَوَى الصَّحِيْحَ فِي أَمَاكنَ.
حدَّث عَنْهُ: الحَاكِمُ, وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، وَأَبُو الحسن الدَّارَقُطْنِيُّ, وَهُوَ مِنْ طَبَقَتِهِ، وَعَبْدُ الوَهَّابِ المَيْدَانِيُّ, وَالهَيْثَمُ بنُ أَحْمَدَ الدِّمَشْقِيُّ الصَّبَّاغُ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ السِّمْسَارِ, وَأَبُو بَكْرٍ البَرْقَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ المَحَامِلِيُّ, وَأَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الأَصِيْلِيُّ، وَآخرُوْنَ.
وَقَالَ: وُلِدْتُ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قَالَ الحَاكِمُ: كَانَ أَحدَ أَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ، وَمِنْ أَحفظِ النَّاسِ لِلمَذْهَبِ, وَأَحسَنِهِمْ نظراً، وَأَزهَدِهِمْ فِي الدُّنْيَا, سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ البَزَّازَ يَقُوْلُ: عَادَلْتُ الفَقِيْهَ أَبَا زَيْدٍ مِنْ نَيْسَابُوْرَ إِلَى مَكَّةَ, فَمَا أَعْلَمُ أنَّ المَلاَئِكَةَ كَتَبتْ عَلَيْهِ خَطِيئَةً.
وَقَالَ الخَطِيْبُ: حدَّث أَبُو زَيْدٍ بِبَغْدَادَ, ثُمَّ جَاوَرَ بِمَكَّةَ، وحدَّث هُنَاكَ بِ "الصَّحِيْحِ", وَهُوَ أَجلُّ مَنْ رَوَاهُ.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيْرَازِيُّ: وَمِنْهُم أَبُو زَيْدٍ المَرْوَزِيُّ, صَاحبُ أَبِي إِسْحَاقَ المَرْوَزِيِّ. مَاتَ بِمَرْوَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ. وَكَانَ حَافِظاً لِلمَذْهَبِ, حسنَ النَّظَرِ, مَشْهُوْراً بِالزُّهْدِ. وَعَنْهُ أَخذَ أَبُو بَكْرٍ القفَّال المَرْوَزِيُّ, وَفُقَهَاءُ مَرْوَ.
أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ, أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ, أَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَوَّلِ بنُ عِيْسَى, أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْمَاعِيْلَ الأَنْصَارِيُّ, أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ, سَمِعْتُ خَالِدَ بنَ عَبْدِ اللهِ المَرْوَزِيَّ, سَمِعْتُ أَبَا سهلٍ مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ المَرْوَزِيَّ, سَمِعْتُ الفَقِيْهَ أَبَا زَيْدٍ المَرْوَزِيَّ يَقُوْلُ:
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "1/ 314"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 112"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "4/ ترجمة 581"، والعبر "2/ 360"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 76".

(12/327)


كُنْتُ نَائِماً بَيْنَ الرُّكْنِ وَالمقَامِ, فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يَا أَبَا زيدٍ, إِلَى مَتَى تدرسُ كِتَابَ الشَّافِعِيِّ، وَلاَ تدرُسُ كِتَابِي, فَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، وَمَا كِتَابُكَ؟ قَالَ: جَامِعُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ -يَعْنِي: البُخَارِيِّ.
سُئِلَ أَبُو زَيْدٍ: مَتَى لَقِيْتَ الفِرَبْرِيَّ؟ قَالَ: سَنَةَ ثمَانِيَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقَالَ الحَاكِمُ: سَمِعَ أَبُو زَيْدٍ بِمَرْوَ أَصْحَابَ عَلِيِّ بنِ حُجْرٍ, وَأَكثَرَ عَنِ المُنْكَدِريّ.
وأرَّخ الحَاكِمُ وَفَاتَهُ كَمَا مَضَى.
وَلَهُ وُجُوهٌ تُسْتَغْرَبُ فِي المَذْهَبِ.
جَاورَ بِمَكَّةَ سَبْعَةَ أَعوامٍ، وَكَانَ فَقيراً يُقَاسِي البردَ وَيَتَكَتَّمُ وَيقنعُ بِاليسيرِ. أَقبلَتْ عَلَيْهِ الدُّنْيَا فِي آخِرِ أَيَّامِهِ, فَسقطَتْ أَسنَانُهُ, فَكَانَ لاَ يتمكَّن مِنَ المَضْغِ, فَقَالَ: لاَ بَارَكَ اللهُ فِي نِعْمَةٍ أَقبلَتْ حَيْثُ لاَ نَابَ، وَلاَ نصَابَ, وَعملَ في ذلك أبياتًا.

(12/328)


3426- الأزهري 1:
العلَّامة أَبُو مَنْصُوْرٍ, مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الأزهر بن طلحة الأزهري الهَرَوِيُّ اللُّغَوِيُّ الشَّافِعِيُّ.
ارْتَحَلَ فِي طَلَبِ العِلْمِ بَعْد أَنْ سَمِعَ بِبلدِهِ مِنَ الحُسَيْنِ بنِ إِدْرِيْسَ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّامِيِّ, وَعِدَّةٍ، وَسَمِعَ بِبَغْدَادَ مِنْ أَبِي القَاسِمِ البَغَوِيِّ, وَابنِ أَبِي دَاوُدَ, وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ عَرَفَةَ, وَابنِ السَّرَّاج، وَأَبِي الفَضْلِ المُنْذِرِيِّ, وَتَرَكَ ابنَ دُرَيْدٍ تورُّعًا, فَإِنَّهُ قَالَ: دَخَلتُ دَارَهُ فَأَلْفَيْتُهُ عَلَى كِبَرِ سنِّه سَكْرَانَ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو عُبَيْدٍ الهَرَوِيُّ, مؤلِّف الغَرِيْبَيْنِ, وَأَبُو يَعْقُوْبَ القَرَّاب، وَأَبُو ذرٍ عَبْدُ بنُ أَحْمَدَ الحَافِظُ, وَسَعِيْدُ بنُ عُثْمَانَ القُرَشِيُّ, وَالحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ البَاشَانِيُّ، وَآخرُوْنَ.
وَكَانَ رَأْساً فِي اللُّغَةِ وَالفِقْهِ, ثِقَةً ثَبْتاً ديِّنًا. فَعَنْهُ قَالَ: امتُحِنْتُ بِالأَسرِ سَنَةَ عَارضَتِ القرَامِطَةُ الحَاجَّ بِالهَبِيرِ, فكُنْتُ لقومٍ يَتَكَلَّمُوْنَ بِطِبَاعِهِم البَدَوِيَّةِ, وَلاَ يكَادُ يُوجدُ فِي مَنْطِقِهِم لحنٌ أَوْ خطأٌ فَاحشٌ, فَبقيتُ فِي أَسرِهِم دَهْراً طَوِيْلاً, وَكُنَّا نَشْتِي بِالدَّهْنَاءِ، وَنَرتبعُ بالصمَّان, وَاسْتفدْتُ مِنْهُمْ أَلفَاظاً جَمَّة.
قُلْتُ: وَقَعَ لِي مِنْ عَالِي حَدِيْثِهِ.
وَلَهُ كِتَابُ "تهذيبِ اللُّغَةِ" المَشْهُوْرُ، وَكِتَابُ "التَّفْسِيْرِ"، وَكِتَابُ "تَفْسِيْرِ أَلفَاظِ المُزَنِيِّ", وَ"عِلَلُ القراءات"، وكتاب "الروح", وكتاب "الأَسمَاءِ الحُسْنَى"، وَ"شَرْحُ ديوَانِ أَبِي تَمَّام", وَ"تفسيرُ إِصلاَحِ المنطقِ" وَأَشْيَاء.
مَاتَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَةَ سَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ, عَنْ ثمان وثمانين سنة.
__________
1 ترجمته في معجم الأدباء لياقوت الحموي "17/ 164"، واللباب لابن الأثير "1/ 48"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "4/ ترجمة 639"، والعبر "2/ 356"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 72".

(12/328)


الخياش، والعسكري:

3427- الخَيَّاش:
الشَّيْخُ الصَّادِقُ, أَبُو عَبْدِ اللهِ, أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَلَمَةَ المِصْرِيُّ الخَيَّاش.
سَمِعَ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيَّ، وَأَبَا يَعْقُوْبٍ المَنْجَنِيْقيَّ, وَجَمَاعَةً.
رَوَى عَنْهُ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ الطفَّال, وَغَيْرُهُ.
وُلِدَ سَنَةَ ثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ, وتوفِّي سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
سمِعْنَا الجُزءَ الخَامِسَ مِنْ حديثه.
3428- العسكري 1:
الشَّيْخُ الصَّدُوْقُ المُعَمَّرُ, أَبُو عَبْدِ اللهِ, الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مَخْلَدٍ العَسْكَرِيُّ, ثُمَّ البَغْدَادِيُّ الدقَّاق.
حدَّث عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى المَرْوَزِيِّ، وَأَبِي العَبَّاسِ بنِ مَسْرُوْقٍ, وَحَمْزَةَ بنِ مُحَمَّدٍ الكَاتِبِ، وَمُحَمَّدِ بنِ عُثْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ, وَجَمَاعَةٍ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو القَاسِمِ الأَزهَرِيُّ, وَالحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ الخلَّال، وعبد الوَهَّابِ بنُ بَرهَانَ الغزَّال، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيُّ, وَآخرُوْنَ.
قَالَ العَتِيْقِيُّ: كَانَ ثِقَةً أَمِيناً, مَاتَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وقال أبو الفتح بن أبي الفوارس: كان فِيْهِ تَسَاهلٌ.
قُلْتُ: وَأَخُوْهُ هُوَ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْد العَسْكَرِيُّ, الَّذِي يَرْوِي عَنْهُ بُشْرَى الفاتني.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "8/ 100"، والأنساب للسمعاني "8/ 455"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 85"، والعبر "2/ 369"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 148"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 85".

(12/329)


الفهري، والد ابن جميع، وابن التبان:
3429- الفِهْرِيّ 1:
أَبْيَضُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبْيَضَ بنِ أَسْوَدَ بنِ نَافِعٍ, الشَّيْخُ أَبُو العَبَّاسِ, وَأَبُو الفَضْلِ القُرَشِيُّ الفِهْرِيُّ المِصْرِيُّ. آخِرُ مَنْ مَاتَ مِنْ أَصْحَابِ النَّسَائِيِّ, كَانَ عِنْدَهُ عَنْهُ مجلِسَانِ فَقَط.
رَوَى عَنْهُ: الحَافِظُ عَبْدُ الغنِيِّ الأَزْدِيُّ، وَعَبْدُ الملكِ بنُ مِسْكِيْنٍ الشَّافِعِيُّ, وَيَحْيَى بنُ عَلِيِّ بنِ الطحَّان, وَجَمَاعَةٌ.
وُلِدَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ, وتوفِّي فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقَدْ رَوَى عَنْ وَالِدِهِ مُحَمَّدِ بنِ أَبيضَ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ النَّحَّاسِ.
3430- وَالِدُ ابن جُمَيْع 2:
العَبْدُ الصَّالِحُ, أَبُو بَكْرٍ, أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ يَحْيَى بنِ جُمَيْع الغَسَّانِيُّ الصَّيدَاوِيُّ، وَالِدُ المحدِّث الرَّحَّالِ أَبِي الحُسَيْنِ.
سَمِعَ مِنْ مُحَمَّدِ بنِ المعَافَى الصَّيْدَاوِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدَانَ المكِّيِّ, أَخذَ عَنْهُ "موطأَ أَبِي مُصعبٍ", وَرَوَى عَنْ طَائِفَةٍ.
وَعَنْهُ: ابْنُهُ, وَحفيدُهُ؛ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَحُسَيْنُ بنُ جعفر الجرجاني, وَآخرُوْنَ.
وحكَى حفيدُهُ عَنْ خَادمِ جدِّهِ طَلْحَةَ أنَّ جدَّهُ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يقومُ اللَّيْلَ كُلَّهُ, فَإِذَا صَلَّى الفَجْرَ نَامَ إِلَى الضُّحَى, وَإِذَا صَلَّى الظُّهرَ يركعُ إِلَى العَصْرِ, إِلَى أن قال: وكانت هذه عادته.
وقال مُنَجَّى بنُ سُلَيْمٍ: قَالَ لِي الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ: إِنَّ جدَّه صَامَ وَلَهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَنَةً, يَعْنِي: وَسَرَدَ الصَّوْمَ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ سَنَةَ إحدى وسبعين وثلاث مائة.
3431- ابن التبَّان 3:
عَالِمُ القَيْرَوَانِ, وَشيخُ المَالِكِيَّةِ, أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الله بن إسحاق المغربي, ابن التبَّان.
قَالَ القَاضِي عِيَاضٌ: ضُرِبَت إِلَيْهِ أَباطُ الإِبِلِ مِنَ الأَمصَارِ؛ لذَبِّه عَنْ مَذْهَبِ أَهْلِ المَدِيْنَةِ، وكان حافظًا بعيدًا من التصنّع والرياء, فصيحًا, كَبِيْرَ القَدْرِ.
توفِّي سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائة.
__________
1 ترجمته في العبر "3/ 4"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 88".
2 ترجمته في الأنساب "8/ 116".
3 ترجمته في العبر "2/ 360"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 141".

(12/330)


3432- أبو عثمان المَغْرِبِيّ 1:
الإِمَامُ القُدْوَةُ, شَيْخُ الصُّوْفِيَّةِ, أَبُو عُثْمَانَ سَعِيْدُ بنُ سلَّام المَغْرِبِيُّ القَيْرَوَانِيُّ, نزيلُ نَيْسَابُوْرَ.
سَافرَ وحَجَّ وَجَاورَ مُدَّةً, وَلَقِيَ مشَايخَ مِصْرَ وَالشَّامِ, وَكَانَ لاَ يظهرُ أَيَّامَ الحَجِّ.
قَالَ الحَاكِمُ: خَرجْتُ مِنْ مَكَّةَ متحسِّرًا عَلَى رُؤيَتِهِ, ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا لِمِحْنَةٍ، وقَدِمَ نَيْسَابُوْرَ, فَاعتزلَ النَّاسَ أَوَّلاً, ثُمَّ كَانَ يَحْضُرُ الجَامعَ.
وَقَالَ السُّلَمِيُّ: كَانَ أَوحدَ المشَايِخِ فِي طَريقَتِهِ, لَمْ نَرَ مِثلَهُ فِي علوِّ الحَالِ، وَصَوْنِ الوَقْتِ, امتُحِنَ بِسببِ زُورٍ نُسِبَ إِلَيْهِ, حَتَّى ضُربَ وشُهِرَ عَلَى جملٍ, فَفَارقَ الحرمَ.
وَقَالَ الخَطِيْبُ: وَكَانَ من كبار المشايخ, له أحوال وكرامات.
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ وَقَدْ سُئِل: الملاَئِكَةُ أَفضلُ أَمِ الأَنْبِيَاءُ؟
فَقَالَ: القُربَ القُربَ, هُمْ أَقربُ إِلَى الحَقِّ وَأَطهرُ.
صَحِبَ أَبُو عُثْمَانَ بِالشَّامِ أَبَا الخَيْرِ التِّينَاتِيّ، وَلَقِيَ أَبَا يَعْقُوْبٍ النَّهْرَجُوري.
قَالَ السُّلَمِيُّ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: لِيَكُنْ تدبُّرك فِي الخلقِ تَدَبُّرَ عِبْرَةٍ، وتدبُّرك فِي نَفْسِكَ تَدَبُّرَ مَوْعِظَةٍ, وَتَدَبُّرُكَ فِي القُرْآنِ تَدَبُّرَ حقيقَةٍ. قَالَ اللهُ تَعَالَى: {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآن} [النِّسَاء: 82] . جَرَّأَكَ بِهِ عَلَى تلاَوتِهِ, وَلَوْلاَ ذَلِكَ لَكَلَّتِ الأَلسُنُ, عَنْ تلاَوتِهِ.
وَقَالَ: مَنْ أَعطَى الأَمَانِيَ نَفْسَهُ قطعَتْها بِالتَّسويفِ وَبَالتَّوَانِي.
وسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: عُلومُ الدَّقَائِقِ عُلومُ الشَّيَاطينِ، وَأَسلمُ الطُّرقِ مِنَ الاغترَارِ لزومُ الشَّريعَةِ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائة.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "9/ 112"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 122"، والعبر "2/ 365"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 144"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 81".

(12/331)


3433- ابن نُبَاتة 1:
الإِمَامُ البَلِيغُ الأَوحدُ, خطيبُ زَمَانِهِ, أَبُو يَحْيَى, عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ نُبَاتَةَ الفَارقيُّ, صَاحبُ الدِّيْوَانِ الفَائِقِ فِي الحمدِ وَالوعظِ، وَكَانَ خَطِيْباً بِحَلَبَ لِلملكِ سَيْفِ الدَّوْلَةِ.
وَقَدِ اجتمعَ بِأَبِي الطَّيِّبِ المُتَنَبِّي.
وَكَانَ فَصِيْحاً مفوَّهًا, بَدِيْعَ المَعَانِي, جَزْلَ العِبَارَةِ, رُزِقَ سَعَادَةً تامَّة فِي خُطَبِهِ.
وَكَانَ فِيْهِ خَيْرٌ وَصلاَحٌ, رَأَى رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي نومِهِ, ثُمَّ اسْتيقَظَ وَعَلَيْهِ أَثرُ نورٍ لَمْ يُعهدْ قَبْلُ فِيْمَا قِيْلَ. وَعَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ ثمَانيَةَ عشرَ يَوْماً، وتوفَّاه اللهُ, فَذكَرَ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَفَل فِي فِيْهِ, وَبَقِيَ تِلْكَ الأَيَّامِ لاَ يَسْتَطعِمُ بطعَامٍ وَلاَ يشربُ شَيْئاً.
وتوفِّي سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ بميَّافارقين. وَقِيْلَ: لَمْ يَلِ خطَابةَ حلبَ إلَّا بَعْدَ موتِ سَيْفِ الدَّوْلَةِ بنِ حَمْدَانَ, وَبَلَغَنَا أنَّ عُمُرَهُ لَمْ يبلغِ الأَرْبَعينَ, بَلْ عَاشَ تسعاً وَثَلاَثِيْنَ سَنَةً. فَاللهُ أَعلمُ.
وَلَمْ يصحَّ ذَلِكَ, فَإِنَّهُ ابتدأَ بِتصنيفِ خُطَبِهِ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ, وَهُوَ إِذْ ذَاكَ خطيبٌ ممِيِّزٌ, وَجَالسَ المُتَنَبِّي فلعلَّه عَاشَ خَمْسِيْنَ سَنَةً، أَوِ أَكثرَ.
ولأبيه رواية.
__________
1 ترجمته في وفيَّات الأعيان "3/ ترجمة 373"، والعبر "2/ 367"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 146"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 83".

(12/332)


أبو الليث، وابن محمويه، وابن الزيات:
3434- أبو اللَّيْث:
الإِمَامُ الفَقِيْهُ المحدِّث الزَّاهِدُ, أَبُو اللَّيْثِ نَصْرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ السَّمَرْقَنْدِيُّ الحَنَفِيُّ, صَاحبُ كتاب "تنبيه الغافلين" وله كتاب "الفتاوى".
يَرْوِي عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ الفَضْلِ بنِ أُنيفَ البُخَارِيِّ، وَجَمَاعَةٍ. وَتَرُوجُ عَلَيْهِ الأَحَادِيثُ الموضُوعَةُ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ التِّرْمِذِيُّ, وَغَيْرُهُ.
نقلتُ وَفَاتُهُ مِنْ خَطِّ القَاضِي شِهَابِ الدِّينِ أَحْمَدَ بنِ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ الحقِّ -أَيَّدَهُ اللهُ, فِي جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ خمس وسبعين وثلاث مائة.
3435- ابن محمُويه:
الإِمَامُ الحَافِظُ البَارعُ, أَبُو بَكْرٍ, عَبْدُ المَلِكِ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ عَلِيِّ بنِ مَحمُوَيْه السَّمَرْقَنْدِيُّ. وَكَانَ أَبُوْهُ بغدَادِيّاً, وَجَدُّهُ مَوْصِلِيّاً.
وَسَمِعَ هُوَ مِنْ: أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ الجمَّالِ، وَمُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ العُصْفُرِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ محتَاجٍ, وَابنِ خَنْبٍ, وَبِبَغْدَادَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ الشَّافِعِيِّ, وَطبقَتِهِ.
وَكَانَ حَافِظاً مُتْقِناً, جمعَ الأَبْوَابَ وَالشُّيُوْخَ والمقلِّين, وَأَكثرَ وَجَوَّدَ، وَلَوْ طَالَ عُمُرُهُ لكَانَ لَهُ نبأٌ, بَلْ عَاشَ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ سَنَةً.
توفِّي سَنَةَ سِتٍّ وسبعين وثلاث مائة.
3436- ابن الزيَّات 1:
الشَّيْخُ الحَافِظُ الثِّقَةُ, أَبُو حَفْصٍ, عُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ يَحْيَى البَغْدَادِيُّ, ابْنُ الزيات.
وُلِدَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ إِبْرَاهِيْمَ بنَ شَرِيكٍ, وَجَعْفَراً الفِرْيَابِيَّ, وَأَحْمَدَ بنَ الحَسَنِ بنِ عَبْدِ الجبَّار، وَعمرَ بنَ أَبِي غَيْلاَنَ, وَعَبْدَ اللهِ بنَ نَاجيَةَ, وَطَبَقَتَهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: البَرْقَانِيُّ, وَأَبُو مُحَمَّدٍ الخلَّال، وَأَبُو القَاسِمِ التَّنُوْخِيُّ, وَأَبُو مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيُّ, وَخَلْقٌ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي الفَوَارِسِ: كَانَ ثِقَةً مُتقناً أَمِيناً, قَدْ جمعَ أَبُواباً وَشُيوخاً.
وَقَالَ العَتِيْقِيُّ: كَانَ ثِقَةً أَمِيناً, صَاحِبَ حَدِيْثٍ يحفظُهُ. توفِّي فِي جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهُ, أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ, أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي, أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ الحُسَيْنِ الخفَّاف, أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الزَّيَّاتُ, أَخْبَرَنَا حَمْزَةُ بنُ مُحَمَّدٍ, حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ, حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ الثَّقَفِيُّ, عَنْ سَعِيْدٍ المَقْبُرِيِّ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "مَنْ بكَّر يَوْمَ الجُمُعَةِ وَابْتَكَرَ, وغسَّل وَاغْتَسَلَ, وَمَشَى وَلَمْ يَرْكَبْ, فَدَنَا مِنَ الإِمَامِ فَاسْتَمَعَ وَأَنْصَتَ وَلَمْ يَلْغُ حَتَّى يُصَلِّيَ الجُمُعَةَ, كَفَاهُ اللهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجُمُعَةِ الأُخْرَى وَزِيَادَةَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ" 2.
أَبُو أُمَيَّة هُوَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ يعلى -ضعيف, وله إسناد آخر حسن.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "3/ 156"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 130"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 917"، والعبر "2/ 370"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 148"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 58".
2 صحيح: أخرجه مسلم "857"، وأبو داود "1050".

(12/333)


3437- ابن السِّمْسَار 1:
الإِمَامُ الحَافِظُ الصَّدُوْقُ, محدِّث دِمَشْقَ, أَبُو العَبَّاسِ, مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى بنِ الحُسَيْنِ الدِّمَشْقِيُّ السِّمْسَارُ.
حدَّث عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ خُرَيْمٍ, وَأَبِي الحَسَنِ بنِ جَوْصَا, وَأَبِي الجَهْمِ بنِ طَلَّاب, وَالقَاضِي أَبِي عَبْدِ اللهِ المَحَامِلِيِّ, وَابنِ مَخْلَدٍ, وَابنِ الدَّحْدَاحِ الدِّمَشْقِيِّ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ السَّرِيِّ الحِمْصِيِّ الحَافِظِ, وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
رَوَى عَنْهُ: أَخُوْهُ أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ, وَمُحَمَّدُ بنُ عَوْفٍ المُزَنِيُّ, وتَمَّام الرَّازِيُّ, وَمكِّيُّ بنُ الغَمْرِ, وَآخَرُوْنَ.
قَالَ عَبْدُ العَزِيْزِ الكَتَّاني: كَانَ ثِقَةً نبيلاً حَافِظاً, كتبَ القَنَاطِيْرَ.
وَقَالَ المَيْدَانِيُّ: توفِّي فِي رمضان سنة ثلاث وستين وثلاث مائة.
__________
1 ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 918"، والعبر "2/ 331"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 106".

(12/334)


3437- ابن قُرَيْعَة 1:
القَاضِي أَبُو بَكْرٍ, مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ البَغْدَادِيُّ الظَّرِيفُ, قَاضِي السِّنْدِيَّة.
كَانَ مزَّاحًا خفيفَ الرُّوحِ, أَدِيباً فَاضِلاً, ذكيّاً سريعَ الجَوَابِ.
أَخذَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ الأَنبارِيِّ وَغَيْرِهِ.
وقُرَيْعَةُ: بقَافٍ, قَيَّدَه ابْنُ مَاكُولاَ.
وَكَانَ مُلاَزِماً لِلوزيرِ المهلَّبي فِي مَجَالِسِ اللَّهوِ, وَلَهُ أَجوبَةٌ بَلِيْغَةٌ مسكنة, كَانَ الوَزِيْرُ يُغرِي بِهِ الرُّؤَسَاءَ فَيُبَاسِطُونَهُ.
كتبَ لَهُ رَئِيْسٌ: مَا يَقُوْلُ القَاضِي فِي يهوديٍّ زَنَى بِنَصْرَانيَّةٍ, فَوَلَدَتِ ابناً جِسْمُهُ للبَشَرِ، وَوَجْهُهُ للبَقَرِ, فَأَجَابَ: هَذَا مِنْ أَعدلِ الشُّهُودِ عَلَى الخبثاء اليهود, أشربو العِجْلَ فِي صُدُورِهِم حَتَّى خَرَجَ مِنْ أُيُورِهِم, فليُنَطْ برَأْسِ اليَهوديِّ رَأْسُ العِجْلِ, وَيُصلبْ عَلَى عُنُقِ النَّصْرَانيَّةِ الرَّأْسُ والرِّجْل, وَيُسْحَبَا عَلَى الأَرضِ, وينادى عليهما: ظلمات بعضهما فَوْقَ بَعْضٍ.
مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائة.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "2/ 317"، والإكمال لابن ماكولا "7/ 117"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 91"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "4/ ترجمة 655"، والعبر "2/ 345".

(12/335)


3439- ابن لُؤْلُؤ 1:
الإِمَامُ المحدِّث المُسْنِدُ, أَبُو الحَسَنِ, عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ نُصَيْرِ بنِ عَرَفَةَ بنِ لُؤْلُؤٍ البَغْدَادِيُّ الوَرَّاقُ.
مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
سَمِعَ حَمْزَةَ بنَ مُحَمَّدٍ الكَاتِبَ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ شَرِيكٍ, وَالفِرْيَابِيَّ, وَعَبْدَ اللهِ بنَ نَاجيَةَ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ هَاشِمٍ البَغَوِيَّ، وزكريَّا بنَ يَحْيَى السَّاجِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ المُجَدِّرِ, وَعِدَّةً.
وَعَنْهُ: البَرْقَانِيُّ, وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ الخلَّال, وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ العَتِيْقِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ التَّنُوْخِيُّ, وَأَبُو مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيُّ, وَآخرُوْنَ.
قَالَ البَرْقَانِيُّ: كَانَ ابْنُ لُؤْلُؤٍ يَأْخذُ عَلَى التَّحدِيْثِ دَانِقَيْن, قَالَ: وَكَانَتْ حَالُهُ حسنَةً مِنَ الدُّنْيَا، وَهُوَ صَدُوْقٌ غَيْر أنه رديء الكتاب, أي: سيء النَّقل، وَقَدْ صحَّف غَيْرَ مَرَّةٍ: عَنْ عُتَيٍّ, عَنْ أُبَيٍّ, فَقَالَ: عَنْ عَنْ عَنْ أَبِي.
قَالَ عُبَيْدُ اللهِ الأَزْهَرِيُّ: ابْنُ لُؤْلُؤٍ ثِقَةٌ.
وَقَالَ العَتِيْقِيُّ: توفِّي فِي مُحَرَّمٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ. قَالَ: وَكَانَ أَكثرَ كتُبِهِ بخطِّهِ، وَكَانَ لاَ يَفْهَمُ الحَدِيْثَ, وَإِنَّمَا يُحملُ أمره على الصدق.
قَالَ عَلِيُّ بنُ المحسّنِ: حضَرتُ عِنْدَ ابْنِ لُؤْلُؤٍ مَعَ أَبِي الحُسَيْنِ البَيْضَاوِيّ لنقرأَ عَلَيْهِ، وَكَانَ قَدْ ذُكرَ لَهُ عددُ مَنْ يحضرُ، وَدَفَعْنَا إِلَيْهِ درَاهِمَ, فَرَأَى وَاحِداً زَائِداً, فَأَخرجَهُ, فَجَلَسَ الرَّجُلُ فِي الدِّهليزِ، وَجَعَلَ البَيْضَاوِيّ يرفعُ صَوتَهُ لِيُسْمِعَهُ, فَقَالَ ابْنُ لُؤْلُؤٍ: يَا أَبَا الحُسَيْنِ, أَتَعَاطى عليَّ وَأَنَا بغدَادِيٌّ بَابُ طَاقِي ورَّاق, صَاحِبُ حَدِيْثٍ شيعِيٌّ أَزرقٌ كوسجٌ?! ثُمَّ أَمرَ جَاريتَهُ بِأَنَّ تَدُقَّ فِي الهَاونِ أُشنَاناً حتى لا يصل الصوت إلى الرجل.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "12/ 89"، والعبر "3/ 4-5"، وميزان الاعتدال "3/ 154"، ولسان الميزان "4/ 256".

(12/335)


3440- ابن صابر 1:
الشَّيْخُ المُسْنِدُ, أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ صَابرٍ ابن كَاتبٍ البُخَارِيُّ المُؤَذِّنُ.
رَوَى عَنْ: صَالِحِ بنِ مُحَمَّدٍ جَزَرَةَ, وَحَامِدِ بنِ سَهْلٍ, وَمُحَمَّدِ بنِ حُرَيْثٍ, وَالحُسَيْنِ بنِ الوضَّاح, وَطَائِفَةٍ, وَكَانَ آخِرَ مَنْ رَوَى عَنْ صَالِحٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ غنجَار, وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشِّيْرَازِيُّ، وَأَبُو نَصْرٍ بنُ عَلِيٍّ البُخَارِيُّ السنِّي.
أرَّخ أَبُو بَكْرٍ السَّمْعَانِيُّ وَفَاتَهُ فِي سَنَةِ سبع وسبعين وثلاث مائة.
__________
1 ترجمته في العبر "2/ 353"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 70".

(12/336)


3441- ابن ياسين 1:
القَاضِي الإِمَامُ المُحَدِّثُ, أَبُو القَاسِمِ, بِشْرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يَاسِيْنَ بنِ النَّضْرِ البَاهِلِيُّ النَّيْسَابُوْرِيُّ الفَقِيْهُ.
ذكرَهُ الحَاكِمُ فَقَالَ: كَانَ كَثِيْرَ الذِّكرِ وَالصَّلاَةِ.
سَمِعَ ابنَ خُزَيْمَةَ والسَّرَّاج وَأَبَا العَبَّاسِ الدَّغُوْلِيَّ، وَأَمْلَى مَجَالِسَ, وَكَانَ مكثِرًا لَكِنْ ضيَّعَ أُصُولَهُ.
قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ الحَاكِمُ, وَأَبُو سَعْدٍ الكَنْجَروذي, وَجَمَاعَةٌ.
توفِّي فِي رَمَضَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ, وَلَهُ اثنتَانِ وثمانون سنة.
__________
1 ترجمته في العبر "3/ 6"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 91".

(12/336)


3442- ابن كَيْسَان 1:
الشَّيْخُ الثِّقَة, أَبُو الحَسَنِ, عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ كَيْسَان الحَرْبِيُّ, الَّذِي رَوَى عن يوسف القاضي جزء الزكاة وجزء التَّسْبِيْحِ, مَا رَوَى سوَاهُمَا.
حدَّث عَنْهُ: البَرْقَانِيُّ، وَالحُسَيْنُ بنُ جَعْفَرٍ السَّلمَاسِي, وَعَلِيُّ بنُ المحسّنِ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيُّ, وَآخرُوْنَ.
قَالَ الخَطِيْبُ: قَالَ لَنَا التَّنُوْخِيُّ: أَرَانَا ابْنُ كَيْسَانَ بخطِّ أَبِيْهِ: وُلِدَ عَلِيٌّ وَمُحَمَّدٌ ابنَايَ فِي بطنٍ وَاحِدَةٍ, لَيْلَةَ الجُمُعَةِ لخمسٍ مَضَيْنَ مِنْ جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ: ثُمَّ مَاتَ أَبُوْهُمَا قَبْلَ الثَّلاَثِ مائَةٍ, وَكَانَ مِنْ جلَّةِ النحويين.
وَكَانَ عليُّ هَذَا عَرِيِّاً مِنَ الفَضِيْلَةِ.
قَالَ البَرْقَانِيُّ: كَانَ لاَ يُحسنُ يُحَدِّثُ, سَأَلتُهُ أَنْ يقرأَ لِي شَيْئاً مِنْ حَدِيْثِهِ فَأَخَذَ كِتَابَهُ، وَلَم يَدْرِ مَا يَقُوْلُ. فَقُلْتُ لَهُ: سُبْحَانَ اللهِ, حدَّثَكُمْ يُوْسُفُ القَاضِي, فَقَالَ: سُبْحَانَ اللهِ, حَدَّثَكُمْ يُوْسُفُ القَاضِي, ثُمَّ قَالَ: إلَّا أَنَّ سمَاعَهُ كَانَ صَحِيْحاً مَعَ أَخِيْهِ.
وَقَالَ الجَوْهَرِيُّ: سَمِعْتُ مِنْهُ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: مَا وَقَعَ الخَطِيْبُ بوَفَاتِهِ.
فَأَمَّا أَخُوْهُ الأَكبرُ:
الإمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ الحَسَنُ بنُ النحوي:
فثِقَةٌ عَالِمٌ. سَمِعَ مِنْ إِسْمَاعِيْلَ القَاضِي, وَبِشْرِ بنِ مُوْسَى.
رَوَى عَنْهُ أَبُو عَلِيٍّ بنُ شَاذَانَ, وَأَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ.
مَاتَ فِي سَنَةِ ثمان وخمسين وثلاث مائة.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "12/ 86"، والعبر "2/ 365"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 81".

(12/337)


3443- مُحَمَّدُ بن المُؤَمَّل 1:
هُوَ الشَّيْخُ المُسْنِدُ المُعَمَّرُ, أَبُو بَكْرٍ, مُحَمَّدُ بنُ حيُّويه بنِ المُؤَمَّلِ بنِ أَبِي رَوْضَةَ الكَرَجِيُّ النَّحْوِيُّ, نزيلُ هَمَذَانَ, وَمُسْنِدُ وَقتِهِ إِنْ صدق, فإنه روى عن طبقة كبرى.
رَوَى عَنِ: أَسيدِ بنِ عَاصِمٍ الثَّقَفِيِّ, وَإِسْحَاقَ الدَّبَرِي، وَمُحَمَّدِ بنِ المُغِيْرَةَ السُّكَّرِيِّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ ديزيلَ سِيْفَنَّةَ, وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ نَصْرٍ الرَّازِيِّ, وَمُحَمَّدِ بنِ صَالِحٍ الهَمَذَانِيِّ الأشَجّ، وَأَبِي مُسْلِمٍ الكَجِّيِّ, وَعِدَّةٍ.
حدَّث عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ البَرْقَانِيُّ, وَأَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ بُنْدَارَ, وَأَبُو طَاهِرٍ بنُ سَلَمَةَ، وَعُمَرُ بنُ مَعْرُوفٍ الهَمَذَانيَّانِ, وَالحُسَيْنُ بنُ محمد الفلاكي, وآخرون.
سأله الصقليّ عَنْ سنِّه, فَذكرَ أَنَّهُ ابْنُ مائَةِ سَنَةٍ، وَاثنَتِي عَشْرَةَ سَنَةً.
وَقَالَ شِيْرَوَيْه فِي "طبقَاتِ الهَمَذَانِيِّينَ": توفِّي سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قال الخطيب: كان غير موثَّق عندهم.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "5/ 223"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "18/ 189 "، والعبر "2/ 366" وميزان الاعتدال "3/ 532"، ولسان الميزان "5/ 151"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 82".

(12/338)


3444- النَّضْرُوي 1:
الثِّقَةُ المُسْنِدُ, أَبُو مَنْصُوْرٍ, العبَّاس بنُ الفَضْلِ بنِ زَكَرِيَّا بنِ نَضْرُوَيْه -بِمُعْجَمَةٍ, النَّضْرَوِيُّ الهَرَوِيُّ.
سمع أحمد بن نجدة, والحسن بنِ إِدْرِيْسَ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّامِيَّ.
وَعَنْهُ: سبطُهُ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ، وَأَبُو حَازِمٍ العَبْدَوِيُّ, وَالبَرْقَانِيُّ، وَسَعِيْدُ بنُ العَبَّاسِ القُرَشِيُّ، وَأَبُو يَعْقُوْب القَرَّابُ.
وثَّقه أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ.
مَاتَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ بهراة.
__________
1 ترجمته في اللباب لابن الأثير "3/ 314"، والعبر "2/ 362"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 79".

(12/338)


3445- الأَبْهَرِيّ 1:
الإِمَامُ العَلاَّمَةُ القَاضِي المُحَدِّثُ, شَيْخُ المَالِكِيَّةِ, أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ صَالِحٍ التَّمِيْمِيُّ الأَبْهَرِيُّ المَالِكِيُّ, نَزِيْلُ بَغْدَادَ وَعَالِمُهَا.
وُلِدَ فِي حُدُوْدِ التِّسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ أبا بكر محمد بن محمد الباغندي، وأبا القاسم البغوي, وعبد الله بن زيدان البجلي، وَأَبَا عَرُوبَةَ الحَرَّانِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ تَمَّام البَهْرَانِيَّ، وَسَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ الحَلَبِيُّ, وَمُحَمَّدُ بنُ خُرَيْمٍ العُقَيْلِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ الحُسَيْنِ الأُشْنَانِيَّ، وَأَبَا عِلِيٍّ مُحَمَّدَ بنَ سَعِيْدٍ الحَافِظَ, وَطَبَقَتَهُم بِالعِرَاقِ وَالشَّامِ وَالجَزِيْرَةِ. وَجَمَعَ وصنَّف التَّصَانِيْفَ فِي المَذْهبِ, وتفَقَّه بِبَغْدَادَ عَلَى أَبِي عُمَرَ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ القَاضِي, وَوَلَدِهِ أَبِي الحُسَيْنِ.
حدَّث عَنْهُ: الدَّارَقُطْنِيُّ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ, وَأَبُو بَكْرٍ البَرْقَانِيُّ, وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ العَتِيْقِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ البَادَا, وعلي بن المحسن التنوخي, وأبو محمد الجوهري, وَآخرُوْنَ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: هُوَ إِمَامُ المَالِكِيَّةِ, إِلَيْهِ الرِّحلَةُ مِنْ أَقْطَارِ الدُّنْيَا.
رَأَيْت جمَاعَة من الْأَنْدَلُس وَالْمغْرب عَلَى بَابه, وَرَأَيْته يُذَاكر بِالْأَحَادِيثِ الْفِقْهِيَّات، وَيُذَاكرُ بِحَدِيث مَالك, ثِقَةٌ مَأْمُوْنٌ, زَاهدٌ وَرِع.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيْرَازِيُّ: فِيمَا سَمِعْتُ مِنْ عُمَرُ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ, عَنِ الكِنْدِيِّ, أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ هِبَةِ اللهِ, أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ: جَمَعَ أَبُو بَكْرٍ بَيْنَ القِرَاءاتِ وَعلوِّ الإِسنَادِ وَالفِقْهِ الجيِّدِ, وَشَرَحَ مختصرَ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الحَكَمِ، وَانتشرَ عَنْهُ مَذْهَبُ مَالِكٍ فِي البِلاَدِ.
وَذَكَرَهُ القَاضِي عِيَاضٌ فَقَالَ: لَهُ فِي شرحِ المَذْهَبِ تَصَانِيْفٌ, ورَدَّ عَلَى المخَالفينَ, وحدَّث عَنْهُ كَثِيْرٌ مِنَ النَّاسِ, وَانتشرَ عَنْهُ المَذْهَبُ فِي البِلاَدِ.
وَقَالَ أَبُو الفَتْحِ بنُ أَبِي الفَوَارِسِ: كَانَ ثِقَةً, انتهَتْ إِلَيْهِ رئاسَةُ مَذْهَبِ مَالِكٍ.
وَقَالَ القَاضِي أَبُو العَلاَءِ الوَاسِطِيُّ: كَانَ معظَّمًا عِنْدَ سَائِرِ العُلَمَاءِ, لاَ يَشْهَدُ مَحْضَراً إلَّا كَانَ هُوَ المقدَّم فِيْهِ, سُئِلَ أَنْ يَلِيَ القَضَاءَ فَامْتَنَعَ.
قُلْتُ: توفِّي فِي شَوَّالٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ. وَقِيْلَ: فِي ذِي القَعْدَةِ, وَعَاشَ بضعاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً -رَضِيَ اللهُ عنه.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "5/ 462"، والأنساب للسمعاني "1/ 125"، واللباب لابن الأثير "1/ 27"، والعبر "2/ 371"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 131"، وشذرات الذهب "3/ 85".

(12/339)


أَخْبَرَنَا طَائِفَةٌ قَالُوا: أَخبرَتْنَا كَرِيْمَةُ بِنْتُ عَبْدِ الوَهَّابِ, أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مَهْدِي الطَّبِيْبُ سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ, أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ المنعمِ الكُرَيْدِيُّ, أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ العَتِيْقِيُّ, أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَبْهَرِيُّ, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ الخَثْعَمِيُّ, حدثنا أبو كريب, حدثنا أبو خَالِدٍ الأَحمرُ, حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ كَيْسَانَ, عَنْ أَبِي حَازِمٍ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لاَ إِلَهَ إلَّا اللهَ".
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ1 وَابنُ مَاجَه مِنْ حَدِيْثِ أَبِي خَالِدٍ سُلَيْمَانُ بن حيان, تَفَرَّدَ به.
__________
1 صحيح: أخرجه مسلم "917"، وابن ماجه "1444".

(12/340)


3446- ابن بُخَيْت 1:
الشَّيْخُ العَالِمُ الثِّقَةُ المُحَدِّثُ, أَبُو بَكْرٍ, مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ خَلَفِ بنِ بُخَيْت العُكْبَري البَغْدَادِيُّ الدَّقَّاقُ.
حدَّث عَنْ: خَلَفِ بنِ عَمْرٍو العُكْبَرِيّ صَاحبِ الحُمَيْدِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ الفِرْيَابِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ جَرِيْرِ الطَّبَرِيِّ, وَمُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ البَاغَنْدِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ صَالِحِ بنِ ذَرِيْحٍ العُكْبَري، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ مُوْسَى الحَاسِبِ, وَأَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي دَاوُدَ, وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدٍ العُمَرِيِّ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ زَيْدَانَ البَجَلِيِّ، وَسُلَيْمَانَ بنِ دَاوُدَ بنِ كَثِيْرٍ البَاهِلِيِّ، وَخَالِدِ بنِ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارِ صَاحبِ ابْنِ مَعِيْنٍ, وَأَبِي القَاسِمِ البَغَوِيِّ، وَغَيْرِهِم. وَلَهُ جُزءٌ مَشْهورٌ طَبَرْزَدي.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ بَرهَانَ الغزَّالُ, وأبو إسحاق البرمكي, وجماعة.
وثَّقه الخَطِيْبُ وَقَالَ: مَاتَ فِي ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ وَغَيْرُهُ إِجَازَةً, قَالُوا: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ, أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الحريرِيُّ, أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ البَرْمكِيُّ سَنَةَ 445, أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ بُخِيْتٍ, حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ العُمَرِيُّ, حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ, حَدَّثَنَا ابنُ إِدْرِيْسَ, عَنْ عُبَيْدُ اللهِ, عَنْ نَافِعٍ, عَنِ ابْنِ عُمَرَ: "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَلَدَ وغَرَّبَ، وأنَّ أَبَا بَكْرٍ جَلَدَ وغَرَّبَ, وَجَلَدَ عُمَرُ وغَرَّبَ"2.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "5/ 461"، والعبر "2/ 363"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 79".
2 صحيح: أخرجه الترمذي "1438"، والحاكم "4/ 369"، والبيهقي "8/ 223"، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، وهو كما قالا.

(12/340)


3447- ابن مِهْران 1:
الإِمَامُ الحَافِظُ الثَّبَتُ القُدْوَةُ, شَيْخُ الإِسْلاَمِ, أَبُو مُسْلِمٍ, عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مِهْران بنِ سَلَمَةَ البَغْدَادِيُّ.
سَمِعَ محمد بن محمد الباغندي، وأبا القاسم البغوي, وَابنَ أَبِي دَاوُدَ, وَأَبَا عَرُوبَةَ الحرَّاني، وَأَبَا مُحَمَّدٍ بنَ صَاعِدٍ، وَأَبَا الحَسَنِ بنَ جَوْصَا, وَأَبَا حَامِدٍ بنَ بِلاَلٍ, وَخلقاً كَثِيْراً بِالعِرَاقِ وَالشَّامِ وَالجَزِيْرَةِ وَخُرَاسَانَ، وَمَا وَرَاءَ النَّهْرِ, وَأَقَامَ بِسَمَرْقَنْدَ نَحْواً مِنْ ثَلاَثِيْنَ سَنَةً.
حدَّث عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الكَاتِبُ, وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الحَذَّاءُ المُقْرِئُ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ, وَأَبُو العلاء الواسطي، وآخرون, وكان ممن برز فِي العِلْمِ وَالعَمَلِ.
قَالَ أَبُو الفَتْحِ بنُ أَبِي الفَوَارِسِ: كَانَ ثَبْتاً زَاهِداً, مَا رَأَينَا مِثْلَهُ.
وَقَالَ الحَاكِمُ: كَانَ أَوْحَدَ عَصْرِهِ فِي عِلْمِ أَهْلِ الحَقَائِقِ، وَلَهُ قَدَمٌ فِي مَعْرِفَةِ الحَدِيْثِ, وَرَد نَيْسَابُوْرَ وَدَخَلَ إِلَى سَمَرْقَنْدَ, وَأَقَامَ بِهَا, وَجَمَعَ المُسْنَدَ الكَبِيْرَ عَلَى الرِّجَالِ, ثُمَّ خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ وَجَاوَرَ بِهَا.
قَالَ ابْنُ أَبِي الفَوَارِسِ: وصنَّف أَبُو مُسْلِمٍ أَشيَاءَ كَثِيْرَةً.
وَقَالَ الخَطِيْبُ: جَمَعَ أَحَادِيثَ المشَايخِ وَالأَبْوَاب, وَكَانَ مُتْقِناً حَافِظاً مَعَ وَرِع وَزُهْدٍ وتَدَيُّن. ذَكرَهُ لِي أَبُو العَلاَءِ الوَاسِطِيُّ يَوْماً فَأَطْنَبَ فِي وَصْفِهِ، وَقَالَ: كَانَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالشُّيُوْخُ يُعَظِّمُونَهُ.
قَالَ الحَاكِمُ: دَخَلْتُ مَرْوَ وَمَا وَرَاءَ النَّهْرِ فَلَمْ أَظفَرْ بِهِ. وَفِي سَنَةِ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ فِي الحَجِّ طَلَبْتُهُ فِي القَوَافِلِ فَأَخفَى نَفْسَهُ, فَحَجَجْتُ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ وَعِنْدِي أَنَّهُ بِمَكَّةَ, فَقَالُوا: هُوَ بِبَغْدَادَ, فَاسْتوحَشْتُ مِنْ ذَلِكَ، وَتَطَلَّبْتُهُ, ثُمَّ قَالَ لِي أَبُو نَصْرٍ المَلاَحِمِيُّ بِبَغْدَادَ: هُنَا شَيْخٌ مِنَ الأَبْدَالِ تَشْتَهِي أن تراه؟ قلت: بلى, فذهب بي, فأدخلي خَانَ الصبَّاغين, فَقَالُوا: خَرَجَ, فَقَالَ أَبُو نَصْرٍ: تجلسُ فِي هَذَا المَسْجَدِ, فَإِنَّهُ يَجِيءُ, فَقَعَدْنَا، وَأَبُو نَصْرٍ لَمْ يَذكرْ لِي مَنْ هُوَ الشَّيْخُ, فَأَقْبَلَ أَبُو نَصْرٍ وَمَعَهُ شَيْخٌ نحيفٌ ضَعِيْفٌ برِدَاءٍ, فسلَّم عليَّ, فَأُلْهِمْتُ أَنَّهُ أَبُو مُسْلِمٍ الحَافِظُ, فَبَيْنَا نَحْنُ نحدِّثه إِذْ قُلْتُ له: وجد الشيخ ههنا من أقاربه أحدًا, قال: الذين أردت
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "10/ 299"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 128"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة رقم 910"، والعبر "2/ 369"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 147".

(12/341)


لقاءهم انقرضوا, فقلت له: هل خلَّف إِبْرَاهِيْمُ وَلداً؟ أَعْنِي: أَخَاهُ الحَافِظُ, قَالَ: وَمِنْ أَينَ عَرَفْتَهُ? فَسَكَتُّ, فَقَالَ لأَبِي نَصْرٍ: مَنْ هَذَا الكَهْلُ? قَالَ: أَبُو فُلاَنٍ, فَقَامَ إليَّ وَقُمْتُ إِلَيْهِ, وَشَكَا شَوْقَهُ, وَشَكَوْتُ مِثْلَهُ, وَاشْتَفَيْنَا مِنَ المُذَاكرَةِ، وَجَالستُهُ مِرَاراً, ثُمَّ وَدَّعْتُهُ يَوْمَ خُرُوْجِي, فَقَالَ: يجمعُنَا المَوْسِمُ, فإنَّ عليَّ أَنْ أُجَاورَ, ثُمَّ حجَّ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ, وَجَاورَ إِلَى أَنْ مَاتَ، وَكَانَ يجتهدُ أَنْ لاَ يَظهرَ لِحَدِيْثٍ وَلاَ لغيرِهِ, وَكَانَ أَخُوْهُ إِبْرَاهِيْمُ مِنَ الحفَّاظ الكِبَارِ.
أَخْبَرَنَا المُؤَمَّلُ بنُ مُحَمَّدٍ, أَخْبَرَنَا أَبُو اليَمَنِ الكِنْدِيُّ, أَخْبَرَنَا الشَّيْبَانِيُّ, أَخْبَرَنَا الخَطِيْبُ, أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ المُقْرِئُ, أَخْبَرَنَا أَبُو مُسْلِمٍ بنُ مِهْرَانَ, حَدَّثَنَا عَبْدُ المُؤْمِنِ بنُ خَلَفٍ, سَمِعْتُ صَالِحَ بنَ مُحَمَّدٍ, سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ يَقُوْلُ: كتبْتُ عَنْ رَجُلَيْنِ مائتَي أَلفِ حَدِيْثٍ؛ إِبْرَاهِيْمَ الفَرَّاء، وَعَبْد اللهِ بنِ أَبِي شَيْبَةَ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ وَغَيْرُهُ: مَاتَ بِمَكَّةَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: وَفِيْهَا توفِّي محدِّث نَيْسَابُوْرَ أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَر البَحِيْرِيُّ, وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدِ العَسْكَرِيُّ بِبَغْدَادَ, وَشَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عَبْدِ اللهِ الدَّارِكِيُّ, وَمُحَدِّثُ بَغْدَادَ أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الزَّيَّاتِ, وَشَيْخُ المَالِكِيَّةِ القَاضِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَبْهَرِيُّ، وَمُحَدِّثُ الشَّامِ أَبُو بَكْرٍ يُوْسُفُ بنُ القَاسِمِ المَيَانَجِيُّ, وَالواعظُ صَاحبُ كِتَابِ "تَنْبِيْهِ الغَافِلِيْنَ" أَبُو اللَّيْثِ نَصْرُ بنُ مُحَمَّدٍ السَّمَرْقَنْدِيُّ الحَنَفِيُّ، وَالمُسْنِدُ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ جعفر الخرقي ببغداد.

(12/342)


3448- الفَضْلُ بن جَعْفَر 1:
ابن محمد بن أبي عاصم, الشَّيْخُ المُسْنِدُ الصَّادِقُ, أَبُو القَاسِمِ التَّمِيْمِيُّ الدِّمَشْقِيُّ الطَّرَائِفِيُّ المُؤَذِّنُ, الرَّجُلُ الصَّالِحُ.
سَمِعَ نُسْخَةَ أَبِي مُسْهِرٍ وَالوُحَاظِيِّ مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ القَاسِمِ بنِ الرَّوَّاسِ، وَسَمِعَ مِنْ جُمَاهِرِ بنِ مُحَمَّدٍ الزَّمْلَكَانِيِّ, وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ دُحَيْمٍ, وَإِسْحَاقَ بنِ أَحْمَدَ الخُزَاعِيِّ، وَأَبِي شَيْبَةَ دَاوُدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ, وَعِدَّةٍ, وَكَانَ صَاحِبَ حَدِيْثٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: تَمَّامٌ الرَّازِيُّ, وَعَبْدُ الغَنِيِّ الأَزْدِيُّ, وَمكِّيُّ بنُ الغَمْرِ, وَأَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ الطَيَّانُ، وَأَبُو أُسَامَةَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الهَرَوِيُّ, وَصَالِحُ بنُ أَحْمَدَ المَيَانَجِيُّ, وَمُحَمَّدُ بنُ سلوَانَ المَازِنِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ شواشٍ, وَمُحَمَّدُ بنُ عَوْفٍ المُزَنِيُّ, وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ عَبْدُ العَزِيْزِ الكتَانِيُّ: كَانَ ثِقَةً نَبِيْلاً, حَدَّثَنَا عَنْهُ عِدَّةٌ, تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: هُوَ آخِرُ أَصْحَابِ ابْنِ الرَّوَّاسِ مَوْتاً.
وَفِيْهَا مَاتَ شَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الخَيَّاطُ الزَّاهِدُ بِمِصْرَ، وَأَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ العُكْبَرِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ إِسْحَاقَ القَصَّارُ بِأَصْبَهَانَ، وبُلُكين بنُ زِيْرِي صَاحبُ المَغْرِبِ, وَأَبُو عُثْمَانَ المَغْرِبِيُّ شَيْخُ الصُّوْفِيَّةِ، وَمُحَمَّدُ بنُ حيُّويه بنِ أَبِي رَوْضَةَ الكَرَجِيُّ, وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ كَيْسَانَ الحَرْبِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُثْمَانَ الوَاسِطِيُّ ابن السقا.
__________
1 ترجمته في العبر "2/ 366"، وشذات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 81".

(12/342)


3449- الرَّبَعِيّ:
الشَّيْخ المُحَدِّث الثِّقَة, أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّد بنُ سُلَيْمَانَ بنِ يُوْسُفَ بنِ يَعْقُوْبَ الرَّبَعِي الدِّمَشْقِيُّ البُنْدَارُ.
سَمِعَ جَعْفَرَ بنَ أَحْمَدَ بنِ عَاصِمٍ، وَأَحْمَدَ بنَ عَامِرِ بنِ المُعَمَّرِ, وَجُمَاهِرَ بنَ مُحَمَّدٍ الزَّمْلَكَانِيَّ، وَحَاجبَ بنَ أَركينَ, وَمُحَمَّدَ بنَ الفَيْضِ الغَسَّانِيَّ, وَمُحَمَّدَ بنَ تَمَّامٍ البَهْرَانِيَّ, وَخلقاً سِوَاهُم.
حدَّث عَنْهُ: تَمَّامٌ الرَّازِيُّ، وَأَبُو سَعْدٍ المَالِيْنِيُّ, وَالمُسَدَّدُ بنُ عَلِيٍّ الأُمْلُوْكِيُّ، وَعَبْدُ الغَنِيِّ بنُ سَعِيْدٍ الحَافِظُ, وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ بنِ سَعْدَانَ.
قَالَ عَبْدُ العَزِيْزِ الكتَّانِيُّ: حَدَّثَنَا عَنْهُ جَمَاعَةٌ، وَكَانَ ثِقَةً, توفِّي فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: سمِعْنَا جُزءَ الرَّبَعِيّ مِنْ أَصْحَابِ ابْنَي أَبِي لُقْمَةَ, عَنِ ابْنِ عَبْدَانَ, عَنِ ابْنِ أَبِي العلاء المصيصي, عن ابن سعدان, عنه.
__________
1 ترجمته في العبر "2/ 386"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 84".

(12/343)


3450- هلال بن محمد بن محمد 1:
الشَّيْخُ المُعَمَّرُ, أَبُو بَكْرٍ البَصْرِيُّ, ابْنُ أَخِي هِلاَلٍ الرَّازِيُّ.
حدَّث عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ الكَجِّيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ زَكَرِيَّا الغَلاَبِيِّ، وَالحَسَنِ بنِ المثنَّى, وَأَبِي خَلِيْفَةَ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو سَعْدٍ المَالِيْنِيُّ، وأبو بكر أحمد بن عبد الرحمن اليزدي، وَشَيْخُ المُعْتَزِلَةِ أَبُو الحُسَيْنِ البَصْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ زَاذَانَ القَزْوِيْنِيُّ، وَجَمَاعَةٌ لَمْ أَسمعْ فِيْهِ قَدْحاً.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَنْدَةَ: توفِّي سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: لعلَّه قارب المائة.
__________
1 ترجمته في ميزان الاعتدال "4/ 316"، ولسان الميزان "6/ 202".

(12/343)


3451- أبو بكر الرازي 1:
الإِمَامُ العَلاَّمَةُ المُفْتِي المُجْتَهِدُ, عَلَمُ العِرَاقِ, أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الرَّازِيّ الحَنَفِيّ, صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
تفقَّه بِأَبِي الحَسَنِ الكَرْخِيِّ، وكَانَ صَاحِبَ حَدِيْثٍ وَرحْلَةٍ, لَقِيَ أَبَا العَبَّاسِ الأَصَمَّ وَطبقتَهُ بِنَيْسَابُوْرَ, وَعَبْدُ البَاقِي بنُ قَانِعٍ وَدَعْلَجُ بنُ أَحْمَدَ وَطبقتَهُمَا بِبَغْدَادَ, وَالطَّبَرَانِيَّ, وَعِدَّةً بِأَصْبَهَانَ.
وصنَّف وَجَمَعَ، وتخرَّج بِهِ الأَصحَابُ بِبَغْدَادَ, وَإِلَيْهِ المُنْتَهَى فِي مَعْرِفَةِ المَذْهَبِ.
قَدِمَ بَغْدَادَ فِي صِبَاهُ فَاسْتوطَنَهَا.
وَكَانَ مَعَ برَاعَتِهِ فِي العِلْمِ ذَا زُهْدٍ وتعبُّد, عُرِضَ عَلَيْهِ قَضَاءُ القُضَاةِ فَامْتَنَعَ مِنْهُ, وَيَحْتَجُّ فِي كُتُبِهِ بِالأَحَادِيثِ المتَّصِلَةِ بأَسَانيدِهِ.
قَالَ الخَطِيْبُ: حَدَّثَنَا أَبُو العَلاَءِ الوَاسِطِيُّ قَالَ: امتنع القاضي أبو بَكْرٍ الأَبْهَرِيُّ المَالِكِيُّ مِنْ أَنْ يلِيَ القَضَاءَ, قَالُوا لَهُ: فَمَنْ يَصْلُحُ؟ قَالَ: أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيُّ, قَالَ: وَكَانَ الرَّازِيُّ يَزِيْدُ حَالُهُ عَلَى مَنْزِلَةِ الرُّهْبَانِ فِي العِبَادَةِ, فَأُرِيْدَ عَلَى القَضَاءِ فَامْتَنَعَ -رَحِمَهُ اللهُ. وَقِيْلَ: كَانَ يمِيلُ إِلَى الاِعتزَالِ، وَفِي توَالِيفِهِ مَا يَدلُّ عَلَى ذَلِكَ فِي رُؤْيَةِ اللهِ وَغيْرِهَا, نَسْأَلُ اللهَ السَّلاَمةَ.
مَاتَ فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ سَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ, وَلَهُ خَمْسٌ وَسِتُّوْنَ سَنَةً.
وَفِيْهَا مَاتَ أَحْمَدُ بنُ مَنْصُوْرٍ اليَشْكُرِيُّ الدِّيْنَوَرِيُّ, وَمُسْنِدُ خُرَاسَانَ أبو سهل بشر بن أحمد بن بشر الإِسفرَايينِي المُحَدِّثُ, وَمُحَدِّثُ حَلَبَ أَبُو مُحَمَّدٍ الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ صَالِحٍ السَّبِيْعِيُّ الحَافِظُ, وَمُحَدِّثُ مِصْرَ أَبُو مُحَمَّدٍ الحَسَنُ بنُ رَشِيْقٍ العَسْكَرِيُّ، وَشَيْخُ العَرَبِيَّةِ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ خَالَوَيْه، وَمُسْنِدُ أَصْبَهَانَ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّد بنِ فُوَركَ القَبَّابُ، وَإِمَامُ اللُّغَةِ أَبُو مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الأَزْهَرِ بنِ طَلْحَةَ الأَزْهَرِيُّ الهَرَوِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ البَغْدَادِيُّ غُنْدَر الوَرَّاقُ، وَالمُقْرِئُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ هَارُوْنَ الرَّازِيُّ الدَّيْبُلِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ الصَّائِغُ بِأَصْبَهَانَ, ارْتَحَلَ إلى الفريابي.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "4/ 314"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 150"، والعبر "2/ 354"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 138"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 71".

(12/344)


3452- ابن وَصِيف 1:
الشَّيْخُ المُسْنِدُ الكَبِيْرُ, أَبُو بَكْرٍ, مُحَمَّدُ بنُ العَبَّاسِ بنِ وَصِيْفٍ الغَزِّيّ.
رَاوِي "المُوَطَّأ" عَنِ الحَسَنِ بنِ الفَرَجِ الغَزِّي, صَاحبِ يَحْيَى بنِ بُكَيْرٍ، وَقَدْ رَوَى أَيْضاً عَنْ مُحَمَّدِ بنِ الحسن بن قتيبة العسقلاني وغيره.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو سَعْدٍ المَالِيْنِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ المِيمَاسِيُّ, وَطَائِفَةٌ, وَمَا علمْتُ بِهِ بَأْساً.
مَاتَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ عن سنٍّ عالية.
__________
1 ترجمته في العبر "2/ 362"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 79".

(12/345)


3453- ابن خفيف 1:
الشَّيْخُ الإِمَامُ العَارِفُ الفَقِيْهُ القُدْوَةُ ذُو الفُنُوْنِ, أَبُو عَبْدِ اللهِ, مُحَمَّدُ بنُ خَفِيْفِ بنِ اسفكشَارَ الضَّبِّيُّ الفَارِسِيُّ الشِّيْرَازِيُّ, شَيْخُ الصُّوفِيَّةِ.
وُلِدَ قَبْلَ السَّبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ.
وحدَّث عَنْ حمَّاد بنِ مُدْرِكٍ وَهُوَ آخِرُ أَصحَابِهِ، وَعَنْ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ التَّمَّارِ, وَالحُسَيْنِ المَحَامِلِيِّ, وَجَمَاعَةٍ.
وتفَقَّه عَلَى أَبِي العَبَّاسِ بنِ سُرَيْج.
حدَّث عَنْهُ: أَبُو الفَضْلِ الخُزَاعِيُّ, وَالحَسَنُ بنُ حَفْصٍ الأَنْدَلُسِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ الخَضِرِ الشَّيَّاحُ, وَالقَاضِي أَبُو بَكْرٍ بنُ البَاقِلاَّنِيُّ, وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ بَاكَوَيْه.
قَالَ السُّلَمِيُّ: أَقَامَ بِشِيرَازَ, وَأُمُّهُ نَيْسَابُورِيَّةٌ، وَهُوَ اليَوْمَ شَيْخُ المشَايِخِ, وَتَاريخُ الزَّمَانِ, لَمْ
__________
1 ترجمته في حلية الأولياء "10/ ترجمة 660"، والأنساب للسمعاني "7/ 451"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 112"، والعبر "2/ 360"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 76".

(12/345)


يَبْقَ لِلقومِ أَقدمُ مِنْهُ, وَلاَ أتَمَّ حَالاً, صحب رُوَيْمَ بنَ أَحْمَدَ, وَابنَ عَطَاءٍ، وَلَقِيَ الحَلاَّجَ, وَهُوَ مِنْ أَعْلَمِ المشَايخِ بِعُلُومِ الظَّاهِرِ, مُتَمسِّكٌ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ, فَقِيْهٌ شَافعِيٌّ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ مِنْ لفظِهِ, أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ كَرْمٍ, أَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَوَّلِ بنُ عِيْسَى, أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ أَحْمَدَ, أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ بَاكَوَيْه, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ خَفِيْفٍ الضَّبِّيُّ قَالَ: قُرِئَ عَلَى حَمَّادِ بنِ مُدْرِكٍ، وَأَنَا أَسمعُ, حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ مَرْزُوْقٍ, حَدَّثَنَا شُعْبَةُ, عَنِ أَبِي عِمْرَانَ الجَوْنِيُّ, عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ الصَّامِتِ, عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا صَنَعْتَ قِدْراً فَأَكْثِرْ مِنْ مَرَقِهَا, وَانْظُرْ أَهْلَ بيتٍ مِنْ جِيْرَانِكَ, فَأَصِبْهُم بِمَعْرُوفٍ" 1.
قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ: قَالَ أَحْمَدُ بنُ يَحْيَى الشِّيْرَازِيُّ: مَا أَرَى التَّصَوُّفَ إلَّا يُخْتَم بِأَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ خَفِيْفٍ، وَكَانَ أَبُو عَبْدِ اللهِ مِنْ أَولاَدِ الأُمَرَاءِ فتزهَّدَ, حَتَّى قَالَ: كُنْتُ أَجمعُ الخِرَقَ مِنَ المزَابِلِ، وَأَغسِلُهَا, وَأُصْلِحُ مِنْهُ مَا أَلبسُهُ, وَبِقيْتُ أَرْبَعينَ شهراً أُفطرُ كُلَّ لَيْلَةٍ عَلَى كَفّ بَاقِلاَّءٍ, فَافْتَصدتُ, فَخَرَجَ شبهُ مَاءِ اللَّحْمِ, فَغَشِيَ عليَّ, فَتَحَيَّرَ الفَصَّادُ، وَقَالَ: مَا رَأَيْتُ جَسَداً بِلاَ دَمٍ إلَّا هَذَا.
قَالَ ابْنُ بَاكَوَيْه: سَمِعْتُ أَبَا أَحْمَدَ الكَبِيْرَ: سَمِعْتُ ابنَ خَفِيْفٍ يَقُوْلُ: نُهِبْتُ فِي البَادِيَةِ، وَجعتُ حَتَّى سَقَطَتْ لِي ثمَانيَةُ أَسنَانٍ, وَانتثرَ شَعْرِي, ثم وَقعتُ إِلَى فَيْد، وَأَقمتُ بِهَا حَتَّى تمَاثلتُ, وَحججتُ, ثُمَّ مضيتُ إِلَى بَيْتِ المَقْدِسِ، وَدخلتُ الشَّامَ, فنمتُ إِلَى جَانبِ دُكَّانِ صبَّاغ، وَبَاتَ مَعِي فِي المَسْجَدِ رَجُلٌ بِهِ قيَامٌ, فَكَانَ يخرُجُ وَيدخلُ, فَلَمَّا أَصبَحْنَا صَاحَ النَّاسُ, وَقَالُوا: نُقِبَ دُكَّانُ الصَّبَّاغِ وَسُرِقَتْ, فَدَخَلُوا المَسْجَدَ وَرَأَوْنَا, فَقَالَ المَبْطُونُ: لاَ أَدرِي, غَيْرَ أَنَّ هَذَا كَانَ طُولَ اللَّيْلِ يدخُلُ وَيخرجُ, وَمَا خرجتُ إلَّا مرَّةً تطهَّرت, فَجَرُّونِي وَضَرَبُونِي، وَقَالُوا: تكلَّم, فَاعتقدْتُ التَّسْلِيمَ, فَاغتَاظُوا مِنْ سُكُوتِي, فَحَمَلُونِي إِلَى دُكَّانِ الصبَّاغ, وَكَانَ أَثَرُ رِجْلِ اللِّصِّ فِي الرَّمَادِ, فَقَالُوا: ضَعْ رِجْلَكَ فِيْهِ, فَكَانَ عَلَى قَدْرِ رِجْلِي, فَزَادَهُمْ غيظاً، وَجَاءَ الأَمِيْرُ, وَنُصبتِ القِدْرُ وَفِيْهَا الزَّيْتُ يُغْلَى, وَأُحضرتِ السِّكِّينُ، وَمَنْ يقطعُ, فَرَجَعتُ إِلَى نَفْسِي وَإِذَا هِيَ سَاكنةٌ, فَقُلْتُ: إِنْ أَرَادُوا قطعَ يَدِي سَأَلتُهُمْ أَنْ يَعْفُو عَنْ يَمِيْنِي لأَكتبَ بِهَا، وَبَقِيَ الأَمِيْرُ يهدِّدني وَيصولُ, فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ فَعَرفتُهُ, كَانَ مَمْلُوكاً لأَبِي, فكلَّمني بِالعَرَبِيَّةِ, وَكَلَّمْتُهُ بِالفَارِسِيَّةِ, فَنَظَرَ إليَّ وَقَالَ: أَبُو الحُسَيْنِ, وَبِهَا كُنْتُ أكنَّى فِي صِبَايَ, فضحكْتُ, فَأَخَذَ يَلطُمُ بِرَأْسِهِ وَوَجْهِهِ, وَاشتَغَلَ النَّاسُ بِهِ, فَإِذَا بضجَّة وأنَّ اللُّصوصَ قَدِ أُخِذُوا, فَذَهَبتُ وَالنَّاسُ وَرَائِي وَأَنَا ملَطَّخ بِالدِّمَاءِ جَائِعٌ, لِي أَيَّامٌ لَمْ آكُلْ, فَرَأَتْنِي عجوزٌ فقيرة, فقالت:
__________
1 صحيح: أخرجه مسلم "2625" من طريق شعبة، به.

(12/346)


ادْخُلْ, فَدَخَلتُ, وَلَمْ يَرَنِي النَّاسُ, وَغسلتُ وَجْهِي وَيَدِيَّ, فَإِذَا الأَمِيْرُ قَدِ أَقبلَ يَطلُبُنِي, فَدَخَلَ وَمَعَهُ جَمَاعَةٌ, وجَرَّ مِنْ منطقتِهِ سكِّيناً, وَحَلَفَ بِاللهِ إِنْ أَمسكَنِي أَحدٌ لأقتلنَّ نَفْسِي، وضربَ بِيَدِهِ رَأْسَهُ وَوَجْهَهُ مائَةَ صفعَةٍ, حَتَّى منعتُهُ أَنَا, ثُمَّ اعتذرَ وَجَهَدَ بِي أَنْ أَقبلَ شَيْئاً, فَأَبيتُ، وَهربتُ لِيَومِي, فحدَّثت بَعْضَ المشَايخِ فَقَالَ: هَذَا عقوبَةُ انفرَادِكَ. فَمَا دَخَلتُ بَلَداً فِيْهِ فُقَرَاءٌ إلَّا قَصَدْتُهُم.
قَالَ ابْنُ بَاكَوَيْه: سَمِعْتُ ابنَ خَفِيْفٍ -وَقَدْ سأَلَهُ قَاسِمُ الإِصْطَخْرِيُّ عَنِ الأَشعرِيِّ- فَقَالَ: كُنْتُ مرَّةً بِالبَصْرَةِ جَالِساً مَعَ عَمْرِو بنِ عَلَّوَيْه عَلَى سَاجَةٍ فِي سَفِيْنَةٍ, نتذَاكَرُ فِي شَيْءٍ, فَإِذَا بِأَبِي الحَسَنِ الأَشعرِيِّ قَدْ عَبَر وسَلَّم عَلَيْنَا, وَجَلَسَ فَقَالَ: عَبَرْتُ عليكُمْ أَمسُ فِي الجَامعِ, فرَأَيتُكُمْ تتكلَّمُوْنَ فِي شَيْءٍ, عرفتُ الأَلفَاظَ وَلَمْ أَعرف المَغْزَى, فَأُحبُّ أَنْ تعيدُوهَا عليَّ, قُلْتُ: وَفِي أَيِّ شَيْءٍ كنَّا؟ قَالَ: فِي سُؤَالِ إِبْرَاهِيْمَ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى} [البَقَرَة: 260] وَسؤَالِ مُوْسَى -عَلَيْهِ السَّلاَمُ {رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْك} [الْأَعْرَاف: 143] . فَقُلْتُ: نَعَمْ. قُلْنَا: إنَّ سُؤَالَ إِبْرَاهِيْمَ هُوَ سُؤَالُ مُوْسَى, إلَّا أَنَّ سُؤَالَ إِبْرَاهِيْمَ سُؤَالُ متمكِّن، وَسؤَالَ مُوْسَى سُؤَالُ صَاحِبِ غَلَبَةٍ وَهَيَجَانٍ, فَكَانَ تصريحاً، وَسؤَالُ إِبْرَاهِيْمَ كَانَ تعريضاً, وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ: {أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى} فَأَرَاهُ كيفيَّةَ المَحْيَى، وَلَمْ يُرِهِ كيفيَّةَ الإِحيَاءِ؛ لأَنَّ الإِحيَاءَ صفتُهُ تَعَالَى, وَالمَحْيَى قُدرَتُهُ, فَأَجَابَهُ إِشَارَةً كَمَا سأَلَهُ إِشَارَةً, إلَّا أَنَّهُ قال في الآخر {وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ} فَالعزيزُ المنيعُ. فَقَالَ أَبُو الحَسَنِ: هَذَا كَلاَمٌ صَحِيْحٌ, ثُمَّ إِنِّيْ مشيتُ مَعَ أَبِي الحَسَنِ، وَسَمِعْتُ منَاظرتَهُ, وَتعجَّبْتُ مِنْ حُسْنِ منَاظرتِهِ حِيْنَ أَجَابَهُم.
قَالَ أَبُو العَبَّاسِ الفَسَوِيُّ: صنَّف شيخُنَا ابْنُ خَفِيْفٍ مِنَ الكُتُبِ مَا لَمْ يصنِّفْهُ أَحدٌ، وَانتفعَ بِهِ جَمَاعَةٌ صَارُوا أَئِمَّةً يُقْتَدَى بِهِمْ, وعُمِّر حَتَّى عمَّ نفعُهُ البلدَانَ.
قَالَ أَبُو الفَتْحِ عَبْدُ الرَّحِيْمِ خَادمُ ابْنِ خَفِيْفٍ: سَمِعْتُ الشَّيْخ يَقُوْلُ: سَأَلنَا يومًا أبو العباس ابن سُرَيْجٍ بِشِيرَازَ، وَنَحْنُ نحضرُ مَجْلِسَهُ للفِقْهِ, فَقَالَ: أَمحبَّةُ اللهِ فرضٌ أَوْ لَا؟ فَقُلْنَا: فرضٌ. قَالَ: مَا الدَّلِيْلُ؟ فَمَا فِيْنَا مَنْ أَجَابَ بِشَيْءٍ, فسأَلنَاهُ فَقَالَ: قولُهُ تَعَالَى: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُم} إِلَى قولِهِ: {أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِه} [التَّوبة: 24] . قَالَ: فَتَوَعَّدَهُم اللهُ عَلَى تفْضِيْلِ محبَّتِهِم لِغيرِهِ عَلَى مَحَبَّتِهِ، وَالوعيدُ لاَ يقعُ إلَّا عَلَى فرضٍ لاَزمٍ.
قَالَ ابْنُ بَاكَوَيْه: سَمِعْتُ ابنَ خَفِيْفٍ يَقُوْلُ: كُنْتُ فِي بِدَايَتِي رُبَّمَا أَقرأُ فِي رَكْعَةٍ وَاحدَةٍ عَشْرَةَ آلاَفِ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد} وَرُبَّمَا كُنْتُ أَقرأُ فِي رَكْعَةٍ القُرَآنَ كُلَّهُ.

(12/347)


ورُوِيَ عَنِ ابْنِ خَفِيْفٍ أَنَّهُ كَانَ بِهِ وَجعُ الخَاصِرَةِ, فَكَانَ إِذَا أَصَابَهُ أَقعَدَهُ عَنِ الحركَةِ, فَكَانَ إِذَا نُودِيَ بِالصَّلاَةِ يُحْمَلُ عَلَى ظَهرِ رَجُلٍ, فَقِيْلَ لَهُ: لَوْ خفَّفْتَ عَلَى نَفْسِكَ, قَالَ: إِذَا سمِعتُمْ حَيَّ عَلَى الصَّلاَةِ وَلَمْ تَرَوْنِي فِي الصَّفِّ فَاطلُبُونِي فِي المَقْبَرَةِ.
قَالَ ابْنُ بَاكَوَيْه: سَمِعْتُ ابنَ خَفِيْفٍ يَقُوْلُ: مَا وَجبَتْ عليَّ زَكَاةُ الفِطْرِ أَرْبَعينَ سَنَةً.
قَالَ ابْنُ بَاكَوَيْه: نظرَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ خَفِيْفٍ يَوْماً إِلَى ابْنِ مكتومٍ، وَجَمَاعَةٍ يكتبُوْنَ شَيْئاً, فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: نكتُبُ كَذَا وَكَذَا. قَالَ: اشتغِلُوا بتعلُّمِ شَيْءٍ، وَلاَ يغرنَّكم كَلاَمُ الصُّوْفِيَّةِ, فَإِنِّي كُنْتُ أُخبِّئُ مِحْبرَتِي فِي جيبِ مَرقَعِي، وَالورقَ فِي حُجزَةِ سَرَاويلِي، وَأَذهبُ فِي الخِفْيَةِ إِلَى أَهْلِ العِلْمِ, فَإِذَا عَلِمُوا بِي خَاصَمُونِي، وَقَالُوا: لاَ يفلِحُ, ثُمَّ احتَاجُوا إِلِيَّ.
قُلْتُ: قَدْ كَانَ هَذَا الشَّيْخُ قَدْ جمعَ بَيْنَ العِلْمِ وَالعَمَلِ وَعُلوِّ السَّنَد والتمسُّك بالسُّنَن، ومُتِّعَ بِطُولِ العُمُرِ فِي الطَّاعَةِ. يُقَالُ: إِنَّهُ عَاشَ مائَةَ سَنَةٍ وَأَرْبَعَ سِنِيْنَ, وَانتقلَ إِلَى اللهِ تَعَالَى فِي لَيْلَةِ الثَّالِثِ مِنْ شهرِ رَمَضَانَ سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ. وَالأَصحُّ أَنَّهُ عَاشَ خمساً وَتِسْعِيْنَ سَنَةً، وَازدحَمَ الخلْقُ عَلَى سَرِيْرِهِ، وَكَانَ أَمراً عجيباً، وَقِيْلَ: إِنَّهُمْ صَلَّوا عَلَيْهِ نَحْواً مِنْ مائَةِ مرَّةٍ, وَفِيْهَا مَاتَ بجُرْجَانَ الإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيُّ، وَالصَّالِحُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ جُمَيْعٍ الغَسَّانِيُّ الصَّيْدَاوِيُّ وَالدُ صَاحبِ المُعْجَمِ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَلَمَةَ المِصْرِيُّ الخيَّاشُ، وَالحَافِظُ أَبُو مُحَمَّدٍ الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ صَالِحٍ السَّبِيْعِيُّ بِحَلَبَ، وَالقَاضِي إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَحْمَدَ الميمَذي, الرَّاوِي عَنْ مُحَمَّدِ بنِ حَيَّانَ المَازِنِيِّ, لكنَّهُ تَالِفٌ، وَبِشْرُ بنُ مُحَمَّدٍ المُزَنِيُّ الهَرَوِيُّ، وَمُقْرِئُ الوَقْتِ أَبُو العَبَّاسِ الحَسَنُ بنُ سَعِيْدِ بنِ جَعْفَرٍ العبَّادَانِيُّ المطَوِّعِيُّ عَنْ مائَةِ عَامٍ، وَالحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ البَادُ, الشَّاهدُ لَهُ عَنْ أَبِي شُعَيْبٍ الحَرَّانِيِّ، وَمُفْتِي المَغْرِبِ أَبُو سَعِيْدٍ, وَأَبُو نَصْرٍ خلف بن عمر القيراوني المَالِكِيُّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ عَبْدُ اللهِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ بيَانَ الزَّبيبِيُّ البَزَّازُ عَنْ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ سَنَةً, وَشَيْخُ المَالِكِيَّة بِالقَيْرَوَانِ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ إِسْحَاقَ بنِ التَّبَّانِ, وَرَئِيْسُ الحنبليَّةِ أَبُو الحَسَنِ التَّمِيْمِيُّ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ الحَارِثِ, وَالعَلاَّمَةُ أَبُو زَيْدٍ المَرْوَزِيُّ الزَّاهِدُ، وَالمُحَدِّثُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ البَغْدَادِيُّ الصَّفَّارُ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ خَلَفِ بنِ جيَّانَ -بِجيمٍ- البَغْدَادِيُّ الخَلاَّلُ أَحَدُ الثِّقَاتِ، وَشَاعِرُ الأَنْدَلُسِ أَبُو بَكْرٍ يَحْيَى بنُ هُذيلٍ المَالِكِيُّ.

(12/348)


3454- أبو الفتح الأزدي 1:
الحَافِظُ البَارعُ, أَبُو الفَتْحِ, مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بن أحمد بن عبد الله بنِ بُرَيْدَةَ الأَزْدِيُّ المَوْصِلِيُّ, صَاحبُ كِتَابِ "الضُّعَفَاءِ"، وَهُوَ مجلَّد كَبِيْرٌ.
حدَّث عَنْ: أَبِي يَعْلَى المَوْصِلِيِّ، وَأَحْمَد بنِ الحَسَنِ بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ الصُّوْفِيّ، وَمُحَمَّدِ بنِ جَرِيْرٍ الطَّبَرِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ زَيْدَانَ البَجَلِيِّ, وَعَلِيِّ بنِ زَاطيَا، وَعَبْدِ اللهِ بن إِسْحَاقَ المَدَائِنِيِّ، وَطريفِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ صَاحبِ عَلِيِّ بنِ الجَعْدِ، وعبَّاد بنِ عَلِيٍّ السِّيْرِيْنِيِّ, وَإِسْمَاعِيْلَ الحَاسِبِ، وَحَمْدَانَ بنِ عَمْرٍو الوَرَّاقِ المَوْصِلِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ سرَاجٍ, وَمُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ البَاغَنْدِيِّ، وَالهَيْثَمِ بنِ خَلَفٍ الدُّوْرِيِّ، وَأَبِي عَرُوْبَةَ الحَرَّانِيِّ, وَأَبِي القَاسِمِ البَغَوِيِّ, وَطَبَقَتِهِم.
حدَّث عَنْهُ: أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ, وَأَبُو إِسْحَاقَ البَرْمكِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ الفَتْحِ بنِ فَرْغَانَ, وَآخرُوْنَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: كَانَ حَافِظاً, صنَّف فِي عُلُومِ الحَدِيْثِ، وَسَأَلتُ البَرْقَانِيَّ عَنْهُ فضعَّفه, وَحَدَّثَنِي أَبُو النَّجِيْبِ عَبْدُ الغفَّارِ الأُرْمَوِيُّ, قَالَ: رَأَيْتُ أَهْلَ المَوْصِلِ يوهِّنون أَبَا الفَتْحِ، وَلاَ يعدُّوْنَهُ شَيْئاً.
قَالَ الخَطِيْبُ: فِي حَدِيْثِهِ مَنَاكِيرُ.
قُلْتُ: وَعَلَيْهِ فِي كِتَابِهِ فِي "الضُّعَفَاءِ" مُؤَاخذَاتٌ, فَإِنَّهُ ضعَّف جَمَاعَةً بِلاَ دليلٍ, بَلْ قَدْ يَكُونُ غَيْرُهُ قَدْ وثَّقهم.
مَاتَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ أربع وسبعين وثلاث مائة.
وَفِيْهَا مَاتَ محدِّث دِمَشْقَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ سُلَيْمَانَ بنِ يُوْسُفَ الرَّبَعِيُّ البُنْدَارُ، وَخطيبُ الخُطَبَاءِ أَبُو يَحْيَى عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ مُحَمَّدِ بن إسماعيل بن نباتة الفارقي صاحب "الديوان" فِي الخُطَبِ، وَالقَاضِي أَبُو سَعِيْدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَسَكا الحَنَفِيُّ بِنَيْسَابُوْرَ، وَأَبُو يعقوب إسحاق بن سعيد ابن الحَافِظِ الحَسَنِ بنِ سُفْيَانَ النَّسوِيُّ.
قَرَأْتُ عَلَى إِسْحَاقُ بنُ طَارِقٍ, أَخْبَرَنَا يُوْسُفُ بنُ خَلِيْلٍ, أخبرنا يحيى بن أسعد, وَأَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ, عَنِ ابْنِ أَسْعَدَ, أَخْبَرَنَا عَبْدُ القَادرِ بنُ مُحَمَّدٍ, أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيْمُ بن عمر
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "2/ 243"، والأنساب للسمعاني "1/ 198"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 125"، والعبر "2/ 367"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 908"، وميزان الاعتدال "3/ 523"، ولسان الميزان "5/ 139"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 84".

(12/349)


البَرْمكِيُّ, أَخْبَرَنَا أَبُو الفَتْحِ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ بُرَيْدَةَ, حَدَّثَنَا أَبُو يَعْلَى, حَدَّثَنَا خَلِيْفَةُ بنُ خَيَّاطٍ, حَدَّثَنَا دُرُسْت بنُ حَمْزَةَ, عَنْ مَطَرِ الوَرَّاقِ, عَنْ قَتَادَةَ, عَنِ أَنَسٍ, عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَا مِنْ عَبْدَيْنِ متحابَّيْن يَسْتَقْبِلُ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فَيُصَافِحَهُ، وَيُصَلِّيَانِ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, إلَّا لَمْ يتفرَّقا حَتَّى يَغُفَرَ لَهُمَا ذُنُوبَهُمَا؛ مَا تَقَدَّمَ وَمَا تأخَّر".
هَذَا حَدِيْثٌ غريبٌ منكرٌ. أَخرجَهُ البُخَارِيُّ فِي كِتَابِ "الضُّعَفَاءِ" عَنْ خَلِيْفَةَ فِي تَرْجَمَةِ دُرُست, وَقَالَ: لاَ يُتَابعُ عَلَيْهِ، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ضَعِيْفٌ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ, أَخْبَرَنَا أَبِي قَالَ: أَخْبَرَنَا جَدِّي أَبُو سَعْدٍ بنُ أَبِي عَصْرُوْنٍ, أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ طَوْقٍ, أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ الفَتْحِ بن فَرْغَانَ, أَخْبَرَنَا أَبُو الفَتْحِ بنُ بُرَيْدَةَ, فَذَكَرَ أحاديث.

(12/350)


3455- ابن السَّقَّاء 1:
الإِمَامُ الحَافِظُ البَارعُ الثِّقَةُ, أَبُو عَلِيٍّ, مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حُسَيْنٍ الإِسْفَرَايينِيّ, تِلْمِيْذُ الحَافِظِ أَبِي عَوَانَةَ, كَانَ ذَا رحلَةٍ وَاسِعَةٍ.
حدَّث عَنْ أَبِي عَرُوْبَةَ الحَرَّانِيِّ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ بنِ صَاعِدٍ, وَمُحَمَّدِ بنِ زبَّانَ المِصْرِيِّ، وَأَبِي الحَسَنِ بنِ جَوْصَا, وَعَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مبشرٍ، وَأَبِي عَوَانَةَ الإِسْفَرَايينِي, وَطَبَقَتِهِم.
وَكَانَ علَّامة صَالِحاً خَيِّراً وَاعِظاً, مِنْ كِبَارِ الفُقَهَاءِ الشَّافِعِيَّةِ.
رَوَى عَنْهُ: وَلَدُهُ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ -أَحدُ مشيخَةِ البَيْهَقِيِّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ، وَأَبُو سَعِيْدٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ المَرْوَزِيُّ.
قَالَ الحَاكِمُ: هُوَ مِنَ المعروفينَ بكَثْرَةِ الحَدِيْثِ وَالرِّحْلَةِ وَالتَّصنِيْفِ وَصُحبَةِ الصَّالِحِيْنَ, وَمِنَ الحفَّاظ الجوَّالين.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ, أَخْبَرْنَا ابْنُ روزبَةَ, أَخْبَرَنَا أَبُو الوَقْتِ, أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْمَاعِيْلَ الأَنْصَارِيُّ, أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ ببُوشَنْج, أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الحَافِظُ إِملاَءً بِإِسْفَرَايينَ, حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بنُ يَحْيَى المَقْدِسِيُّ, حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ الفِرْيَابِيُّ, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ القُشَيْرِيُّ, حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ, عَنْ نَافِعٍ, عَنْ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ رَأَى رَجُلاً نَاوَلَهُ رَجُلٌ رَيْحَانَةً, فردَّها, فَأَخَذَهَا ابْنُ عُمَرَ, فقَبَّله وَوَضَعَهُ عَلَى عَيْنِهِ, ثُمَّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول: "إن هَذِهِ الرَّيَاحِيْنَ الطَّيِّبَةَ مِنْ نَبْتِ الجَنَّةِ, فَإِذَا نُووِلَ أَحَدُكُمْ مِنْهَا شَيْئاً فَلاَ يَرُدُّهُ".
هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ, وَالقُشَيْرِيُّ تَالِفٌ.
سَمِيُّهُ: الإِمَامُ الحَافِظُ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ البَلْخِيُّ عَالِمٌ رحَّالٌ.
يَرْوِي عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ المُعَافى الصَّيْدَاوِيِّ وَطَبَقَتِهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ الحَافِظُ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الجَارُودِيُّ.
توفِّي الأَوَّلُ وَهُوَ ابْنُ السَّقَّاءِ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ بِإِسْفَرَايينَ -رَحِمَهُ الله تعالى.
__________
1 ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 935".

(12/350)


3456- ابن السقاء 1:
الإِمَامُ الحَافِظُ الثِّقَةُ الرحَّال, أَبُو مُحَمَّدٍ, عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُثْمَانَ الوَاسِطِيُّ, ابْنُ السَّقَّاءِ, مُحَدِّثُ وَاسِطَ.
سَمِعَ أَبَا خَلِيْفَةَ الفَضْلَ بنَ الحُبَابِ، وَأَبَا يَعْلَى المَوْصِلِيَّ, وَعَبْدَانَ الأَهْوَازِيَّ، وَأَبَا جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ يَحْيَى بنِ زُهَيْرٍ التُّسْتَرِيُّ, وَأَبَا عِمْرَانَ مُوْسَى بنَ سَهْلٍ الجَوْنِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ الحُسَيْنِ بنِ مُكرمٍ، وَمَحْمُوْدَ بنَ محمد الواسطي, وطبقتهم.
حَدَّثَ عَنْهُ: الدَّارَقُطْنِيُّ, وَيُوْسُفُ أَبُو الفَتْحِ القوَّاسُ، وعلي بن أحمد ابن دَاوُدَ الرَّزَّازُ، وَأَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ, وَالقَاضِي أَبُو العَلاَءِ الوَاسِطِيُّ, وَآخرُوْنَ.
قَالَ أَبُو العَلاَءِ الوَاسِطِيُّ: سَمِعْتُ ابنَ المظفَّرِ، وَالدَّارَقُطْنِيَّ يَقُوْلاَنِ: لَمْ نَرَ مَعَ ابْنِ السَّقَّا كِتَاباً، وَإِنَّمَا حَدَّثَنَا حِفْظاً.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الطَّيِّب الجُلاَّبِيُّ فِي تَاريخِ وَاسِطَ: ابْنُ السَّقَّا مِنْ أَئِمَّةِ الوَاسطيِّينَ الحفَّاظ المتقنين.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "10/ 130"، والأنساب للسمعاني "7/ 90"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 123"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 906"، والعبر "2/ 365"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 144"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 81".

(12/351)


قَالَ السِّلَفِيُّ: سَأَلتُ خمِيساً الحَوزِيَّ عَنِ ابْنِ السَّقَّاءِ فَقَالَ: هُوَ مِنْ مُزَينَةِ مُضَرَ، وَلَمْ يَكُنْ سقَّاءً, بَلْ هُوَ لَقَبٌ لَهُ, كَانَ مِنْ وُجُوهِ الوَاسِطِيِّينَ، وَذَوِي الثَّروَةِ وَالحِفْظِ, رَحَلَ بِهِ أَبُوْهُ, وَأَسْمَعَهُ مِنْ أَبِي خَلِيْفَةَ، وَأَبِي يَعْلَى, وَابنِ زَيْدَانَ البَجَلِيِّ, وَالمُفَضَّلِ الجَنَدِيِّ, وَجَمَاعَةٍ, وَبَاركَ اللهُ فِي سنِّه وَعلمِهِ, واتُّفِقَ أَنَّهُ أَمْلَى حَدِيْثَ الطَّائِرِ ,فَلَمْ تحتمِلْهُ أَنفسُهُمْ, فَوَثَبُوا بِهِ وَأَقَامُوهُ، وغسَّلوا مَوْضِعَهُ, فَمَضَى وَلَزِمَ بيتَهُ لاَ يُحَدِّثُ أَحداً مِنَ الوَاسِطِيِّيْنَ، وَلِهَذَا قلَّ حَدِيْثُهُ عِنْدَهُمْ. قَالَ: وَتُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ, حَدَّثَنِي بِذَلِكَ كُلِّهِ شيخُنَا أَبُو الحَسَنِ المغَازلِيُّ.
وأَمَّا الجُلَّابي فَقَالَ: مَاتَ فِي ثَانِي جُمَادَى الآخِرَة سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَة.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ بنِ عَبْدِ الهَادِي قَالَ: أَخْبَرَنَا الإِمَامُ عَبْدُ اللهِ بنُ قُدَامةَ فِي سَنَةِ ثمَانِيَ عَشْرَةَ وَسِتِّ مائَةٍ, أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ المُبَارَكِ بنِ نَغُوبا, أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ, أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ المظفَّرِ بنِ يزدَادَ العَطَّارُ, حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُثْمَانَ الحَافِظُ, حَدَّثَنَا أَبُو خَلِيْفَةَ, حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ, حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ, عَنْ زَيْدِ بنِ جُبَيْرٍ قَالَ: سَأَلْتُ ابنَ عُمَرَ قُلْتُ: مِنْ أَينَ يجوزُ لِي أَن اعتمرَ? قَالَ: "فَرَضَهَا رَسُوْلُ اللهِ لأَهْلِ المَدِيْنَةِ ذَا الحُلَيْفَة، وَلأَهْلِ الشَّامِ الجُحْفَةَ, وَلأَهْلِ نَجْدٍ قَرَنَ"1.
وَمَاتَ فِي سَنَةِ 73 شَيْخُ القُرَّاءِ, أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ نَصْرٍ الشَّذَائِيُّ بِالبَصْرَةِ، وَنَائِبُ المعزِّ عَلَى المَغْرِبِ الأَمِيْرُ بُلُّكين بنُ زِيْرِي الحِمْيَرِيُّ, وَمُقْرِئُ الدَّيْنُورِ أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَبَشٍ، وَشَيْخُ الزهَّاد أَبُو عُثْمَانَ سَعِيْدُ بنُ سَلاَّمٍ المَغْرِبِيُّ بِنَيْسَابُوْرَ, وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ كَيْسَانَ الحَرْبِيُّ صَاحبُ يُوْسُف القَاضِي، وَالفَضْلُ بنُ جَعْفَرٍ التَّمِيْمِيُّ الدِّمَشْقِيُّ المُؤَذِّنُ, وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ حَيُّوْيَه بنِ المُؤَمَّلِ الكَرَجِيُّ التَّالفُ، وَأَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بنُ محمد بن يوسف الجرجاني صاحب الفِرَبْرِي.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "1525"، ومسلم "1182"، وأبو داود "1737"، والنسائي "5/ 122".

(12/352)


3457- الغِطْرِيفِي 1:
الإِمَامُ الحَافِظُ المُجَوِّدُ الرحَّال, مُسْنِدُ وَقْتِهِ, أَبُو أَحْمَدَ, مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حُسَيْنِ بنِ القَاسِمِ بنِ السَّرِيِّ بنِ الغِطْرِيْفِ بنِ الجَهْمِ العَبْدِيُّ الغِطْرِيْفِيُّ الجُرْجَانِيُّ الرِّبَاطِيُّ الغَازِي.
وُلِدَ سَنَةَ بِضْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَكَانَ وَالِدُهُ نَيْسَابُورِيّاً, سَكَنَ رباط دهستان، وصار مقدَّم المرابطين, فولد أَبُو أَحْمَدَ, ثُمَّ نَشَأَ بجُرْجَانَ واستقلَّ بِهَا.
سَمِعَ أَبَا خَلِيْفَةَ الجُمَحِيَّ فَأَكْثَرَ عَنْهُ, وَالحَسَنَ بنَ سُفْيَانَ، وَعِمْرَانَ بنَ مُوْسَى بنِ مُجَاشعٍ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ يُوْسُفَ الهِسِنْجَانِيَّ, وَعَبْدَ اللهِ بنَ نَاجيَةَ, وَالهَيْثَمَ بنَ خَلَفٍ، وَأَحْمَدَ بنَ الحَسَنِ الصُّوْفِيَّ، وَأَبَا العَبَّاسِ بنَ سُرَيْجٍ شَيْخَ الشَّافِعِيَّةِ، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ خُزَيْمَةَ, وَعَبْدُوْسَ بنَ أَحْمَدَ الهَمَذَانِيَّ، وَأَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدٍ الوَزَّانَ, وَمُحَمَّدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ البَاغَنْدِيَّ، وَعُمَرَ بنَ مُحَمَّدٍ الكَاغَدِيَّ, وَطَبَقَتَهَم بجُرْجَانَ وَالرَّيِّ وَالبَصْرَةِ وَنَيْسَابُورَ وَبَغْدَادَ وَهَمَذَانَ, وَغيْرهَا.
حدَّث عَنْهُ رفيقُهُ الإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيُّ فِي توَالِيفِهِ أَكْثَرَ مِنْ مائَةِ حَدِيْثٍ, فمرَّةً يَقُوْلُ فِيْهِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ العَبْدِيُّ, وَمرَّةً: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبِي حَامِدٍ الثَّغْرِيُّ، وَمرَّةً: النَّيْسَابُوْرِيُّ, وَمرَّةً: العَبْقَسِيُّ, يدلِّسه لكونه باقيًا عنده بالبلد.
وَكَانَ مَعَ عِلمِهِ، وَحفظِهِ صوَّامًا قوَّامًا متعبِّدًا, صنَّف الصَّحِيْحَ عَلَى المسَانِيْدِ, وعُمِّر دَهْراً.
حدَّث عَنْهُ: أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ, وَحَمْزَةُ السَّهْمِيُّ, وَرضيُّ بنُ إِسْحَاقَ النَّصْرِيُّ، وَأَبُو العَلاَءِ السَّرِيُّ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ الإِمَامِ الإِسمَاعِيلِيِّ، وَالقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ, وَآخرُوْنَ.
آخِرُ مَنْ رَوَى حَدِيْثَهُ عَالِياً الفخرُ بنُ البُخَارِيِّ.
تُوُفِّيَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَفِيْهَا مَاتَ أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ يُوْسُفَ بنِ إِسْحَاقَ بنِ البُهْلولِ التَّنُوْخِيُّ النَّحْوِيُّ, سَمِعَ عُمَرَ بنَ أَبِي غَيْلاَنَ، وَأَبُو العَبَّاسِ أَبْيَضُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبْيَضَ بنِ أَسْوَدَ الفِهْرِيُّ المِصْرِيُّ, خَاتمةُ أَصْحَابِ النَّسَائِيِّ، وَفَقِيْهَةُ العِرَاقِ أَمَةُ الوَاحِدِ بِنْتُ القَاضِي المَحَامِلِيُّ، وَشَيْخُ النَّحْوِ أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الغَفَّارِ الفَارِسِيُّ بِبَغْدَادَ، وَمُحَدِّثُ بَغْدَادَ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ لُؤْلُؤٍ الورَّاق, لَقِيَ حَمْزَةَ بنَ مُحَمَّدٍ الكَاتِبَ، وَالعَلاَّمَةُ ذُو الفُنُوْنِ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ الأَنْطَاكِيُّ المُقْرِئُ, نَزِيْلُ الأَنْدَلُسِ, وَالمُقْرِئُ أَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المَلَطِيُّ، وَالمُسْنِدُ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ زَيْدِ بنِ مَرْوَانَ بِالكُوْفَةِ.
وَمُسْنِدُ بُخَارَى أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ صَابرٍ بنِ كَاتِبٍ المُؤَذِّنُ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ إِجَازَةً, أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ, أَخْبَرْنَا ابْنُ مُلُّوك وَالقَاضِي أَبُو بَكْرٍ قَالاَ: أَخْبَرَنَا طَاهِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ, أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ الغِطْرِيْفِيُّ, حَدَّثَنَا أَبُو خَلِيْفَةَ, حَدَّثَنَا محمد بن كثير, حدثنا شعبة, عَنْ أَيُّوْبَ, عَنْ أَبِي قِلاَبَة, عَنْ أَنَسٍ: "أُمِرَ بلاَلٌ أَنْ يشفعَ الأَذَانَ، ويوتِر الإِقَامَةَ"1.
__________
1 ترجمته في تاريخ جرجان للسهمي "387"، والأنساب للسمعاني "9/ 159"، واللباب لابن الأثير "2/ 385"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 912"، والعبر "3/ 5-6"، ولسان الميزان "5/ 35"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 90".
2 صحيح: أخرجه البخاري "603"، ومسلم "378"، وأبو داود "508"، والنسائي "2/ 3".

(12/353)


3458- أبو عمرو بن حمدان 1:
الإِمَامُ المُحَدِّثُ الثِّقَةُ النَّحْويُّ البَارِعُ الزَّاهِدُ العَابِدُ, مُسْنِدُ خُرَاسَانَ, أَبُو عَمْرٍو, مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَمْدَانَ بنِ عَلِيِّ بنِ سِنَان الحِيْرِيُّ.
وُلِدَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَارْتَحَلَ بِهِ وَالِدُهُ الحَافِظُ أَبُو جَعْفَرٍ إِلَى العَجَمِ وَالعِرَاقِ وَالجَزِيْرَةِ وَالنَّوَاحِي, وسمَّعه الْكثير، وَطَلَبَ هُوَ بِنَفْسِهِ، وَكَتَبَ وتميِّزَ وَبَرَعَ فِي العَرَبِيَّةِ، وَمنَاقبُهُ جمَّة -رَحِمَهُ اللهُ.
ارْتَحَلَ إِلَى الحَسَنِ بنِ سُفْيَانَ النَّسَوِيِّ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ، وَهُوَ ابْنُ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً أَوِ أَكثرَ, فسَمِعَ مِنْهُ الْكثير, وَإِلَى الأَهْوَازِ فَأَكثرَ عَنْ عَبْدَانَ الجَوَالِيْقِيِّ، وَإِلَى المَوْصِلِ فَأَكثرَ عَنْ أَبِي يَعْلَى، وَإِلَى جُرْجَانَ فَأَكثرَ عَنْ عِمْرَانَ بنِ مُوْسَى بنِ مُجَاشعٍ السَّخْتِيَانِيِّ، وَسَمِعَ بِالبَصْرَةِ مِنْ زَكَرِيَّا السَّاجِيِّ, وَمُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ بنِ مُكْرمٍ، وَإِلَى بَغْدَادَ, فأخذ عن أحمد بنِ الحَسَنِ الصُّوْفِيِّ، وَحَامِدِ بنِ شُعَيْبٍ البَلْخِيِّ, وَالهَيْثَمِ بنِ خَلَفٍ الدُّوْرِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ جَرِيْرٍ الطَّبَرِيِّ, وَرَوَى أَيْضاً عَنْ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الكَرِيْمِ الجُرْجَانِيِّ، وَابنِ خُزَيْمَةَ وَالسَّرَّاجِ, وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ يُوْسُفَ الدَّوِيْرِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يُوْنُسَ السِّمْنَانِي، وَأَبِي عَمْرٍو أَحْمَدَ بنِ نَصْرٍ الخفَّافِ, وَأَبِي قُرَيْشٍ مُحَمَّدِ بنِ جُمُعَةَ، وَيَعْقُوْبَ بنِ حَسَنٍ النَّسَائِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُعَاذٍ النَّسَائِيِّ, وَجَعْفَرِ بنِ أَحْمَدَ بنِ نَصْرٍ الحَافِظِ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ شِيْرَوَيْه, وَمُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ البَاغَنْدِيِّ, وَعَلِيِّ بنِ حَمْدُوَيْه الطُّوْسِيِّ, وَجَعْفَرِ بنِ أَحْمَدَ بنِ سِنَانٍ، وَعَلِيِّ بنِ سَعِيْدٍ العَسْكَرِيِّ القَطَّانِ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ زَيْدَانَ البَجَلِيِّ بِالكُوْفَةِ, وَعَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ البَشَّارِيِّ, وَحَمْزَةَ بنِ مُحَمَّدٍ الكُوْفِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ زَنْجَوَيْه بنِ الهَيْثَمِ, وَمُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ اللهِ الرَّاذانِيِّ بنَسَا، وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدَةَ الثَّعَالبِيِّ, وَأَبِي العَبَّاسِ بنِ عُقْدَةَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سيَّارٍ الفَرْهَادَانِيِّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ علي العمري، ومحمد بن أحمد بن
__________
1 ترجمته في الأنساب للسمعاني "4/ 288"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 134"، والعبر "3/ 3"، وميزان الاعتدال "3/ 457"، ولسان الميزان "5/ 38"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 150"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 87".

(12/354)


نُعَيْمٍ وَعَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي سُفْيَانَ المَوْصِلِيِّ، وأبي بكر بن أَبِي دَاوُدَ, وَالعَبَّاسِ بنِ الفَضْلِ بنِ شَاذَانَ الرَّازِيِّ، وَشُعَيْبِ بنِ مُحَمَّدٍ الزَّارعِ, وَالحَافِظِ أَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ الرَّازِيِّ، وَأَبِي القَاسِمِ البَغَوِيِّ, وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يَزِيْدَ المَرْوَزِيِّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ مَخْلَدٍ الدُّوْرِيِّ, وَمُحَمَّدِ بنِ هَارُوْنَ بنِ حُمَيْدٍ، وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ بَشَّارٍ -بَغْدَادِيّ يُعرفُ بِابْنِ أَبِي العَجُوزِ, وَمُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عُقْبَةَ الشَّيْبَانِيِّ، وَالحَافِظِ أَحْمَدَ بنِ يَحْيَى بنِ زُهَيْرٍ التُّسْتَرِيِّ, وَغَيْرِهِم, وتفرَّد بِالرِّوَايَةِ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ, وَأَبُو سَعِيْدٍ النَّقَّاشُ, وَأَبُو حَازِمٍ العَبْدَوِيُّ، وَأَبُو العَلاَءِ صَاعِدُ بنُ مُحَمَّدٍ الهَرَوِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ الأَصْبَهَانِيُّ, وَأَبُو الفَتْحِ بنُ أَبِي الفَوَارِسِ, وَأَبُو حَفْصٍ بنُ مَسْرُوْرٍ، وَأَبُو الحُسَيْنِ عَبْدُ الغَافِرِ الفَارِسِيُّ, وَأَبُو سَعْدٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الكَنْجَرُوذِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَمْدُوْنَ السُّلَمِيُّ, وَأَبُو عُثْمَانَ سَعِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَحِيْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ النِّيْلِيُّ الشَّافِعِيُّ, وَآخرُوْنَ.
قَالَ الحَاكِمُ: وُلِدَ لَهُ بِنْتٌ وَعُمُرُهُ تِسْعُوْنَ سَنَةً, وتوفِّي وَزَوجتُهُ حُبْلَى, فَبلغَنِي أَنَّهَا قَالَتْ لَهُ عِنْدَ وَفَاتِهِ: قَدْ قَرُبَتْ وِلاَدَتِي, فَقَالَ: سَلَّمتُهُ إلى الله, فقد جاءوا بِبَرَاءتِي مِنَ السَّمَاءِ, وتشهَّد وَمَاتَ فِي الوَقْتِ.
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو يعدُّ مَا عِنْدَهُ مِنَ المَسَانِيْدِ المَسْمُوعَةِ فَقَالَ: مُسْنَدُ ابْنِ المبارك، ومسند الحسن بن سفيان, ومسند أبي بكر بن أبي شيبة, ومسند أبي يعلى الموصلي، ومسند عبد الله بن شيرويه, ومسند السراج, ومسند هَارُوْنَ بنِ عَبْدِ اللهِ الحَمَّالِ.
قَالَ الحَاكِمُ: كَانَ المَسْجدُ فِرَاشَهُ نَيِّفاً وَثَلاَثِيْنَ سَنَةً, ثُمَّ لَمَّا عَمِيَ وضَعُفَ نُقِلَ إِلَى بَعْضِ أَقَاربِهِ بِالحِيْرَةِ، وَكَانَ مِنَ القُرَّاءِ وَالنَّحْوِيِّينَ, وَسمَاعَاتُهُ صحيحَةٌ, رَحَلَ بِهِ أَبُوْهُ, وَصَحِبَ الزُّهَّادَ، وَأَدْرَكَ أَبَا عُثْمَانَ وَالمشَايخَ, وَسَمِعَ مِنْ مُحَمَّدِ بنِ زَنْجَوَيْه فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ, تُوُفِّيَ فِي الثَّامنِ وَالعِشْرِيْنَ مِنْ شَهْرِ ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ, وَهُوَ ابْنُ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ, أَوْ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ سَنَةً, وصلَّى عَلَيْهِ الحَافِظُ أَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ.
وَقَالَ الحَافِظُ مُحَمَّدُ بنُ طَاهِرٍ المَقْدِسِيُّ: كَانَ يتشيِّع.
قُلْتُ: تشيُّعُهُ خَفِيْفٌ كَالحَاكِمِ.
وَقَعَ لِي جُمْلَةً مِنْ عَوَالِيْهِ, وخرَّجت من طريقه كثيرًا.

(12/355)


3459- الصَّفَّار 1:
الإِمَامُ الثِّقَةُ الرحَّال المُتْقِنُ, أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ يَزِيْدَ بنِ مِهْرَانَ الشَّامِيُّ, ثُمَّ البَغْدَادِيُّ الصفَّار الضَّرِيْرُ.
سَمِعَ أَبَا القَاسِمِ البَغَوِيَّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ النَّفَّاحِ, وَمُحَمَّدُ بنُ صَالِحِ بنِ عصمَةَ الدِّمَشْقِيَّ، وَأَبَا عَرُوبَةَ الحَرَّانِيَّ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ مُحَمَّدِ بنِ مُسْلِمٍ المَقْدِسِيَّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ حَمَّادٍ القَاضِي, وَعِدَّةً.
حدَّث عَنْهُ: الدَّارَقُطْنِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ البَرْقَانِيُّ, وَحَمْزَةُ السَّهْمِيُّ, وَأَبُو إِسْحَاقَ البَرْمَكِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ التَّنُوْخِيُّ, وَأَبُو مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيُّ, وَآخرُوْنَ.
قَالَ البَرْقَانِيُّ: ثِقَةٌ فَاضِلٌ, أَصلُهُ مِنَ الشَّامِ, قَالَ لِي: إنَّ مَوْلِدَهُ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ: لَمْ يُؤرِّخْهُ ابْنُ عَسَاكِرَ, وآخِرُ مَا سَمِعُوا مِنْهُ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائة, قاله الخطيب.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "1/ 260".

(12/356)


3460- ابن جَيَّان 1:
الإِمَامُ الفَقِيْهُ المُحَدِّثُ المُجَوِّدُ, أَبُو بَكْرٍ, مُحَمَّدُ بنُ خَلَفِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ جَيَّانَ -بِجِيمٍ- البغدادي الخلَّال المقرئ.
سَمِعَ حَامِدَ بنَ شُعَيْبٍ البَلْخِيَّ، وَعُمَرَ بنَ أَيُّوْبَ السَّقَطِيَّ، وَقَاسِماً المطرِّزَ, وَأَحْمَدَ بنَ سَهْلٍ الأُشْنَانِيَّ.
حدَّث عَنْهُ: البَرْقَانِيُّ, وَأَبُو العَلاَءِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الوَاسِطِيُّ, وَحَمْزَةُ السَّهْمِيُّ, وَأَبُو القَاسِمِ التَّنُوْخِيُّ.
وثَّقه الخَطِيْبُ وَقَالَ: توفِّي فِي آخِرِ سَنَةِ إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ. وَقَالَ حَمْزَةُ السهمي: كان ثقة جبلًا.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "5/ 239"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 112".

(12/356)


3461- الشَّمَّاخِي 1:
المحدِّث الحَافِظُ الجَوَّالُ المصنِّف, أَبُو عَبْدِ اللهِ, الحُسَيْنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَسَدِ بنِ شَمَّاخٍ الشمَّاخي الهَرَوِيُّ الصفَّار, صَاحِبُ "المُسْتَخرجِ عَلَى صَحِيْحِ مُسْلِمٍ".
سَمِعَ أَبَا الجَهْمِ بنَ طَلاَّبٍ المَشْغَرَائِيَّ، وَأَبَا الحَسَنِ بنَ جَوْصَا، وَمُحَمَّدَ بنَ يُوْسُفَ الهَرَوِيَّ، وَأَحْمَدَ بنَ عَبْدِ الوَارِثِ المِصْرِيَّ العَسَّالَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ, وَمُحَمَّدُ بنُ حَفْصٍ الجُوَيْنِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ بنِ نَيْروزَ الأَنْمَاطِيَّ، وَأَبَا العَبَّاسِ بنَ عُقْدَةَ, وَأَبَا جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيَّ، وَطَبَقَتَهُم.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو جَعْفَرٍ بنُ عَلَّان الشُّرُوطِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ, وَغَالِبُ بنُ عَلِيٍّ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ جَهْضَمَ, وَأَبُو حَازِمٍ العَبْدَوِيُّ, وَالبَرْقَانِيُّ, وَأَبُو الفَتْحِ بنُ أَبِي الفَوَارِسِ، وَأَبُو يعقوب القراب.
قَالَ البَرْقَانِيُّ: قَدْ كَتَبْتُ عَنْهُ الكثيرَ, ثُمَّ بَانَ لِي أَنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ أَبِي ذُهْلٍ: ضَعِيْفٌ.
وَسُئِلَ عَنْهُ الحَاكِمُ فَقَالَ: كَذَّابٌ لاَ يُشْتَغَل بِهِ, قَدِمَ عَلَيْنَا سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ, وكتبتا عَنْهُ العَجَائِبَ, ثُمَّ اجتمعْتُ بِابْنِ أَبِي ذُهْلٍ فَأَفحشَ القَوْلَ فِيْهِ, وَقَالَ لِي: دَخَلْنَا مَعاً بَغْدَادَ, وَقَدْ مَاتَ البَغَوِيُّ وَهُوَ ذَا يُحَدِّثُ عَنْهُ وَلاَ يَحْتَشِمُنِي, ثُمَّ قَالَ الحَاكِمُ: يُحْتَمَلُ أَنَّهُ سَمِعَ مِنَ البَغَوِيِّ, وَمَا علمَ ابْنُ أَبِي ذُهلٍ, فَإِنَّهُ قَالَ: دَخَلْنَا وَهُوَ فِي آخِرِ عِلَّتِهِ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائة.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "8/ 8-9"، والأنساب للسمعاني "7/ 380"، واللباب لابن الأثير "2/ 207"، وميزان الاعتدال "1/ 528".

(12/357)


3462- المَيَانَجي 1:
القَاضِي الإِمَامُ الحَافِظُ المُحَدِّثُ الكَبِيْرُ, أَبُو بَكْرٍ يُوْسُفُ بنُ القَاسِمِ بنِ يُوْسُفَ بنِ فَارِسِ بنِ سَوَّارٍ المَيَانَجِيُّ الشَّافِعِيُّ, نَائِبُ الحكمِ بِدِمَشْقَ عَنْ قَاضِي الدَّوْلَةِ العُبَيْدِيَّةِ أَبِي الحَسَنِ عَلِيِّ بن القَاضِي أَبِي حَنِيْفَةَ النُّعْمَان المَغْرِبِيِّ.
كَانَ المَيَانَجِيُّ مُسْنِدَ الشَّامِ فِي زَمَانِهِ.
سَمِعَ أَبَا خَلِيْفَةَ الجُمَحِيَّ، وَزَكَرِيَّا السَّاجِيَّ, وَعَبْدَانَ الأَهْوَازِيَّ, وَأَحْمَدَ بنَ يحيى التستري، ومحمد بن جرير الطبري, وَالقَاسِمَ بنَ زَكَرِيَّا المُطَرِّزَ, وَعَبْدَ اللهِ بنَ زَيْدَانَ البَجَلِيَّ، وَأَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ البَاغَنْدِيَّ, وَحَامِدَ بنَ شُعَيْبٍ البَلْخِيَّ, وَمُحَمَّدَ بنَ المُعَافَى الصَّيْدَاوِيَّ، وَأَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ شَاكِرٍ الزَّنْجَانِيَّ, وَسمَاعُهُ مِنْ هَذَا فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَأَبَا العَبَّاسِ السرَّاج, وَطَبَقَتَهُم، وَأَبَا يَعْلَى المَوْصِلِيَّ.
وَكَانَ ذَا رحْلَةٍ وَفَهْمٍ وَتوَالِيفَ, مَعَ الثِّقَةِ وَالأَمَانَةِ.
قَالَ عَبْدُ العزيز بن أحمد الكتاني: حدثنا عن جَمَاعَةٌ فَوْقَ الأَرْبَعينَ، وَكَانَ ثِقَةً نَبِيْلاً.
وَقَالَ أَبُو الوَلِيْدِ البَاجِيُّ: مُحَدِّثٌ مَشْهُوْرٌ لاَ بأْسَ بِهِ.
قُلْتُ: وَمِمَّنْ رَوَى عَنْهُ: تَمَّام الرَّازِيُّ، وَعَبْدُ الغنِيِّ بنُ سَعِيْدٍ الحَافِظُ، وَأَبُو سَعِيْدٍ المَالِيْنِيُّ، وَصَالِحُ بنُ أَحْمَدَ المَيَانَجِيُّ -وَلدُ أَخِيْهِ, وَأَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ الطيَّانُ, وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ السِّمْسَارُ، وَأَحْمَدُ بنُ سَلَمَةَ بنِ الكَامِلِ، وَعَبْدُ الوَهَّابِ المَيْدَانِيُّ, وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي نَصْرٍ, وَأَخُوْهُ أَحْمَدُ, وَطَائِفَةٌ.
وَقَعَ لِي جَمَاعَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ عَوَالِيْهِ.
وَمِنْ قُدمَاءِ مشيخَتِهِ: عَبْدُ اللهِ بنُ نَاجِيَةَ، وَأَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ الصُّوْفِيُّ, وَمُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ قُتَيْبَةَ العَسْقِلاَّنِيُّ, وَابنُ خُزَيْمَةَ.
قَرَأْتُ عَلَى الحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ, وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ نَصْرِ اللهِ, أَخْبَرَكُمَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ النسَّابة, أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي عَبْدُ اللهِ بنُ صِابر, أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ بنِ الموَازينِيُّ, أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ بنِ سَعْدَانَ سَنَةَ 440, حَدَّثَنَا يُوْسُفُ القَاضِي, حدثنَا عَبْدُ اللهِ بنُ نَاجيَةَ بِبَغْدَادَ, حَدَّثَنَا خَلِيْفَةُ بنُ خَيَّاطٍ, حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ زُرَيْعٍ, حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ الصَّوَّافُ, حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بنُ قُرَّةَ, عَنِ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ المُغِيْرَةُ بنُ شُعبَةَ لصَاحِبِ فَارِسَ: كنا نعبد الحجارة والأوثان, إذا رأينا حجر أَحسنَ مِنْ حَجَرٍ أَلقينَاهُ، وَأَخَذْنَا غَيْرَهُ, لاَ نَعْرِفُ رَبّاً حَتَّى بَعَثَ اللهُ إِليْنَا نَبِيّاً مِنْ أَنْفُسِنَا, فَدَعَانَا إِلَى الإِسلاَمِ فَأَجَبنَاهُ، وَأَخْبَرَنَا أَنَّ مَنْ قُتِلَ مِنَّا دَخَلَ الجَنَّةَ.
توفِّي المَيَانَجِيُّ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائة, وقد قارب التسعين أو جاوزها.
__________
1 ترجمته في اللباب لابن الأثير "3/ 278"، والعبر "2/ 371"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 148"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 86".

(12/358)


3463- قَسَّام 1:
هُوَ قَسَّام الجَبَلِيُّ التَّلْفيتي, سَكَنَ دِمَشْقَ, وَكَانَ تَرَّاباً عَلَى الحَمِيرِ, فِيْهِ قوَّةٌ وَشهَامَةٌ, فَسَمَتْ نَفْسُهُ إِلَى المعَالِي، واتَّصل بِأَحْمَدَ بنِ الجصطرِ أحد الأحداث بدمشق, فكانة مِنْ حِزْبِهِ، وتنقَّلت بِهِ الأَحوَالُ إِلَى أَنْ كثُرَ أَعْوَانُهُ, وَغلبَ عَلَى دِمَشْقَ مُدَّةً, فَلَمْ يَكُنْ لِنوَّابِهَا مَعَهُ أَمرٌ، وَاسْتَفْحَلَ أَمْرُهُ, فَنَدَبَ له صاحب مصر عسكرًا عليهم الأمير بُلُّكتين مولى هفكتين, فَحَارَبَ قسَّامًا إِلَى أَنْ قويَ عَلَيْهِ، وضَعُفَ أمر قسَّام, فاختفى أيامًا ثم اسْتَأْمَنَ.
قَالَ القفطِيُّ: تغلَّبَ عَلَى دِمَشْقَ رَجُلٌ مِنَ العيَّارينَ يُعرفُ بقسَّام، وتحصَّن بِهَا, فَسَارَ لِحَرْبِهِ مِنْ مِصْرَ عَسْكَرٌ عَلَيْهِمْ فضلٌ, فَحَاصَرَ دِمَشْقَ، وضَاقَ بِأَهْلِهَا الحَالُ, فَخَرَجَ قسَّام مُتَنَكِّراً, فأخذه الحرس فَقَالَ: أَنَا رَسُوْلُ قسَّام, فَأَحْضَرُوهُ إِلَى فَضْلٍ, فَقَالَ: بَعَثَنِي إِلَيْكَ لِتَحْلِفَ لَهُ، وَتُعَوِّضَهُ عَنْ دِمَشْقَ بِبَلَدٍ يعيشُ فِيْهِ, فَحَلَفَ لَهُ الفَضْلُ, فلمَّا توثَّق مِنْهُ قَالَ: أَنَا قسَّام, فَأُعجبَ بِهِ, وَزَادَ فِي إِكرَامِهِ, فَرُدَّ إِلَى البَلدِ وَسَلَّمَهُ إِلَيْهِ, ووفَّى لَهُ، وَعَوَّضَهُ موضعاً، وَأَحسنَ العزيزُ صِلَتَهُ, وَذَلِكَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ, وَقِيْلَ: إِنَّ ذَلِكَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ. وَقَالَ غَيْرُهُ: بَلْ أُخِذَ إِلَى مِصْرَ مُقَيَّداً, فَعَفَى عَنْهُ العزيزُ. وَلعَبْدِ المحسنِ الصُّوْرِيِّ فِيْهِ قصيدَةٌ, وَقِيْلَ: حُمِلَ إِلَى مِصْرَ سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ, وَهُوَ الَّذِي تَزْعُمُ العامَّة أَنَّ دِمَشْقَ تملَّكَهَا قُسيمٌ الزَّبَّالُ, وَكَانَ يركبُ بِقَحْفٍ مِنْ ذَهَبٍ، وَكَانَ فِي أَوَائِلِ اسْتيلاَئِهِ عَلَى دِمَشْقَ يُلاَطفُ المِصْرِيِّينَ وَيَقُوْلُ: أنا باقٍ على الطاعة.
__________
1 ترجمته في العبر "3/ 2-3"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 114".

(12/359)


3464- الرَّازي 1:
الإِمَامُ المُحَدِّثُ الوَاعِظُ, أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ شَاذَانَ الرَّازِيُّ الصُّوْفِيُّ, وَالدُ المُحَدِّثِ أَبِي مَسْعُوْدٍ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ البَجَلِيِّ.
حَدَّثَ عَنْ: يُوْسُفَ بنِ الحُسَيْنِ الزَّاهِدِ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ الأَنْبَارِيِّ, وَأَبِي يَعْقُوْبَ النَّهْرَجُوري، وَأَبِي بَكْرٍ الشِّبْلِيِّ, وَأَبِي مُحَمَّدٍ البَرْبَهَارِيِّ الحَنْبَلِيِّ, وَخيرٍ النَّسَّاجِ، وَأَبِي العَبَّاسِ بنِ عَطَاءٍ, وَطَائِفَةٍ.
لَهُ اعتنَاءٌ زَائِدٌ بِعِبَارَاتِ القَوْمِ, وَجَمَعَ مِنْهَا الكثيرَ، وَلَقِيَ الكِبَارَ, وَلَهُ جَلاَلَةٌ وافرة بين الصوفية.
قَالَ الحَاكِمُ: وَرَدَ نَيْسَابُوْرَ سَنَةَ أَرْبَعينَ وَثَلاَثِ مائَةٍ, وَكتبْتُ عَنْهُ، وَرَأَيْتُهُ بِبُخَارَى, فلمَّا قَدِمْتُ الرَّيَّ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ صَادَفْتُهُ وَقَدِ انْتَسَبَ وَأَمْلَى عَلَيْهِمْ أَنَّهُ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ ابْنِ المُحَدِّثِ مُحَمَّدِ بنِ أَيُّوْبَ بنِ يَحْيَى ابن الضُّرَّيْسِ, فَخلوتُ بِهِ وَزجرتُهُ فَانزجَرَ، وَتَرَكَ الاَنتسَابَ إِلَيْهِ, وَلَوِ اشْتُهِرَ ذَلِكَ بِالرَّيِّ لآذوهُ, فَإِنَّ مُحَمَّدَ بنَ أَيُّوْبَ لَمْ يُعقبْ ذكراً, ثُمَّ التقينَا سَنَةَ سَبْعِيْنَ, فَأَخَذَ يحدِّثُ عَنْ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ وَأَقْرَانِهِ, وَمَا كَانَ قَبْلُ يُحَدِّثُ بِالمَسَانِيْدِ, وَاللهُِ يرحمُهُ.
قُلْتُ: يَرْوِي عَنْهُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمي بَلاَيَا وَحكَايَاتٍ مُنكرَة.
وَرَوَى عَنْهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ بَاكَوَيْه، وَأَبُو نُعَيْمٍ, وَأَبُو حَازِمٍ العَبْدُوييُّ, وَآخرُوْنَ.
وَمَا هُوَ بمؤتَمَن.
مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائة.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "5/ 464"، والعبر "3/ 3"، وميزان الاعتدال "3/ 606"، ولسان الميزان "5/ 230"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 150".

(12/360)


3465- إسحاق بن سعد 1:
ابن الحافظ الحسن بن سُفْيَانَ بنِ عَامِرٍ النَّسَوِيُّ, أَبُو يَعْقُوْبَ الشَّيْبَانِيُّ.
سَمِعَ مِنْ: جَدِّهِ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سَيَّار الفَرْهَادَانِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ المجَدّر، وَمُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ البَاغَنْدِيِّ، وَأَبِي القَاسِمِ البَغَوِيُّ, وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ شيرويه.
وَعَنْهُ: الحَاكِمُ وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ العَتِيْقِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ البَرْمَكِيُّ, وَأَبُو القَاسِمِ التَّنُوْخِيُّ، وَعَبْدُ الوَهَّابِ بنُ بَرْهَانَ الغَزَّال, وَآخرُوْنَ.
وثَّقه التَّنُوْخِيُّ. وَقَدْ حدَّث بِبَغْدَادَ.
مولدُهُ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ بنَسَا, وَبِهَا توفِّي فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ وثلاث مائة.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "6/ 401"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 124"، والعبر "2/ 367".

(12/360)


3466- البَحِيرِي 1:
الشَّيْخُ الإِمَامُ أَبُو الحُسَيْنِ, أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَر بنِ نُوْحِ بنِ بَحِيْرٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ البَحِيْرِيُّ.
سَمِعَ: أَحْمَدَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ الله الحافظ، وإمام الأئمة ابن حزيمة, وَمُحَمَّدَ بنَ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيَّ، وَعِدَّةً. وَلحقَ بِبَغْدَادَ مُحَمَّدَ بنَ مُحَمَّدٍ البَاغَنْدِيَّ, وَالبَغَوِيَّ, وَعِدَّةً.
وَعَقدَ مَجْلِسَ الإِمْلاَءِ, فَاسْتَمْلَى عَلَيْهِ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ.
وحدَّث عَنْهُ: هُوَ, وَسِبْطُهُ أَبُو عُثْمَانَ سَعِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَحِيْرِيُّ، وَعُمَرُ بنُ مَسْرُوْرٍ, وَآخرُوْنَ.
توفِّي سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وقع لنا جزء من عواليه.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ, أَنْبَأَنَا عَبْدُ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ, أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بنُ طَاهِرٍ, أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرُوْذِيُّ, أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ البَحِيْرِيُّ, حَدَّثَنَا ابْنُ خُزَيْمَةَ, حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ مَعْبَدٍ, حَدَّثَنَا زَيْدُ بنُ يَحْيَى الدِّمَشْقِيُّ, حَدَّثَنَا مَالِكٌ, عَنْ نَافِعٍ, عَنْ سَالِمٍ, عَنِ ابْنِ عُمَرَ, عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "الَّذِي يَجُرُّ ثَوْبَهُ مِنَ الخُيَلاَءِ لاَ يَنْظُرُ اللهُ إِلَيْهِ يَوْمَ القِيَامَةِ" 2.
هَذَا حَدِيْثٌ غريبٌ مِنْ هَذَا الوَجْهِ, أَخرجَهُ النَّسَائِيُّ فِي كِتَابِ حَدِيْثِ مَالِكٍ, عَنْ زَكَرِيَّا خَيَّاطِ السُّنَّةِ, عَنْ عَلِيِّ بنِ مَعْبَدٍ, فَوَقَعَ لنا بدلًا عاليًا بدرجتين.
__________
1 ترجمته في الأنساب للسمعاني "2/ 97"، واللباب لابن الأثير "1/ 124"، والعبر "2/ 368".
2 صحيح: أخرجه البخاري "5791"، ومسلم "2085"، وأبو داود "4085"، والترمذي "1730".

(12/361)


3467- قَاضِي مِصْرَ 1:
أَبُو الحَسَنِ, عَلِيُّ بنُ النُّعْمَانِ بنِ مُحَمَّدٍ المَغْرِبِيُّ.
صدرٌ معظَّم, وقاضٍ متمكِّن, يَقْضِي بِفِقْهِ العُبَيْدية كَأَبِيهِ، وَلَهُ فَهْمٌ وَفضَائِلٌ وَفُنُوْنٌ عديدَةٌ, وَيدٌ فِي الآدَابِ وَالنَّحْوِ وَالشِّعرِ وَأَيَّامِ النَّاسِ, مَعَ وَقَارٍ وَهَيْبَةٍ وَسَكِيْنَةٍ وَرَزَانَةٍ, وَلَهُ نَظْمٌ جَيِّدٌ. وَلَمْ يَزَلْ فِي ارتقَاءٍ عِنْدَ العزيزِ بِمِصْرَ إِلَى أَنْ مَاتَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ, وَلَهُ خمس وأربعون سنة. وولي بعد قَضَاءَ القُضَاةِ أَخُوْهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ زوجُ ابنة قائد القواد جوهر.
__________
1 ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "5/ 417"، والعبر "2/ 367"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 84".

(12/361)


3468- ابن النَّحَّاس 1:
الإِمَامُ الحَافِظُ الرحَّال, أَبُو العَبَّاسِ, أَحْمَدُ بنُ محمد بن عيسى ابن الجَّرَّاحِ المِصْرِيُّ, نزيلُ نَيْسَابُوْرَ.
سَمِعَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ, وَحَدَّثَ عَنْ: عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ عَلاَّنَ، وَأَبِي القَاسِمِ البَغَوِيِّ، وَأَبِي عَرُوْبَةَ الحَرَّانِيِّ, وَأَبِي نُعَيْمٍ عَبْدِ الملكِ بنُ عَدِيٍّ, وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبِي حَامِدٍ بنِ الشَّرْقِيِّ, وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ, لَكِنْ عُدِمَ سمَاعُهُ مِنَ البَغَوِيِّ، وَجَمَاعَةٍ.
حدَّث عَنْهُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ, وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، وَأَبُو حَازِمٍ العَبْدَوِيُّ, وَأَبُو نُعَيْمٍ الأَصْبَهَانِيُّ، وَأَبُو عُثْمَانَ سَعِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَحِيْرِيُّ، وَجَمَاعَةٌ.
قَالَ الحَاكِمُ: هُوَ حَافظٌ يتحرَّى فِي مُذَاكرتِهِ الصِّدْقَ، وحدَّث مِنْ حِفْظِهِ بِأَحَادِيثَ ... إِلَى أَنْ قَالَ: توفِّي فِي آخِر سَنَةِ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: وَفِيْهَا توفِّي أَبُو إِسْحَاقَ المُسْتَمْلِي رَاوِي الصَّحِيْحِ، والمعمَّر الحَسَنُ بنُ جَعْفَرٍ السِّمْسَارُ، وَأَبُو الحُسَيْنِ عُبَيْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ البوَّابِ المُقْرِئُ, وَالقَاضِي عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ الجَرَّاحِيُّ، وَالمُعَمَّرُ عليُّ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ البَكَّائِيُّ، وَالقَاضِي عُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَبَنْكَ البَجَلِيُّ، وَأَبُو عَمْرٍو بن حمدان الحيري.
لَمْ يَقعْ لِي مِنْ عَوَالِي ابْنِ النَّحَّاسِ شيء.
__________
1 ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 926"، وميزان الاعتدال "1/ 148"، ولسان الميزان "1/ 289"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 88".

(12/362)


3469- الحُرْفِي 1:
الشَّيْخُ المُسْنِدُ, أَبُو سَعِيْدٍ, الحَسَنُ بنُ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الوضَّاح الحَرْبِيُّ البَغْدَادِيُّ السِّمْسَارُ, المَعْرُوفُ بِالحُرْفِيِّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي شُعَيْبٍ الحَرَّانِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ سَمَاعَةَ، وَمُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ القَتَّاتِ، وَمُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى المَرْوَزِيِّ, وَجَعْفَرٍ الفِرْيَابِيِّ, وَطَائِفَةٍ، وتفرَّد فِي زَمَانِهِ.
حدَّث عَنْهُ: أَبُو القَاسِمِ عُبَيْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الأَزْهَرِيُّ، وعبد العزيز الأزجي، وأبو القاسم التنوخي, وآخرون.
قَالَ العَتِيْقِيُّ: كَانَ فِيْهِ تسَاهلٌ. توفِّي سَنَةَ ست وسبعين وثلاث مائة.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "7/ 292"، والأنساب للسمعاني "4/ 113"، والعبر "3/ 2-1"، وميزان الاعتدال "1/ 481"، ولسان الميزان "2/ 198"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 150".

(12/362)


3470- ابن البواب 1:
الإِمَامُ المُقْرِئُ المُحَدِّثُ, أَبُو الحُسَيْنِ, عُبَيْدُ اللهِ بن أحمد بن يعقوب البغدادي بن البَوَّابِ.
سَمِعَ إِسْمَاعِيْلَ بنَ مُوْسَى الحَاسِبَ, وَمُحَمَّدَ بنَ مُحَمَّدٍ البَاغَنْدِيَّ، وَأَبَا القَاسِمِ البَغَوِيَّ، وَالحَسَنَ بن الحسين الصوّاف, وطبقتهم.
وَتلاَ عَلَى أَحْمَدَ بنِ سَهْلٍ الأُشْنَانِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ مُجَاهِدٍ, وتصدَّر للإِقرَاءِ.
حدَّث عَنْهُ: الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ الخَلاَّلُ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الأَزْهَرِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ العَتِيْقِيُّ, وَأَبُو القَاسِمِ التَّنُوْخِيُّ. ووثَّقه الأَزْهَرِيُّ.
توفِّي فِي رَمَضَانَ سنة ست وسبعين وثلاث مائة.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "10/ 362"، والأنساب للسمعاني "2/ 320"، واللباب لابن الأثير "1/ 183".

(12/363)


3471- أبو أحمد الحاكم 1:
الإِمَامُ الحَافِظُ العلَّامة الثَّبْتُ, محدِّث خُرَاسَانَ, مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ إِسْحَاقَ النَّيْسَابُوْرِيُّ الكَرَابِيْسِيُّ, الحَاكِمُ الكَبِيْرُ, مؤلِّف كِتَابِ "الكُنَى" فِي عِدَّة مُجَلَّدَاتٍ.
وُلِدَ فِي حُدُودِ سَنَةِ تِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ أَوْ قبلَهَا.
وطَلَبَ هَذَا الشَّأْنَ وَهُوَ كَبِيْرٌ, لَهُ نَيِّفٌ وَعِشْرُوْنَ سَنَةً؛ فسَمِعَ أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدٍ المَاسَرْجِسِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ شَادِلَ, وَإِمَامَ الأَئِمَّةِ ابنَ خُزَيْمَةَ, وَأَبَا العَبَّاسِ السَّرَّاجَ، وَأَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَاغَنْدِيُّ, وَعَبْدُ اللهِ بنَ زَيْدَانَ البَجَلِيَّ، وَأَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بنَ الحُسَيْنِ الخَثْعَمِيَّ، وَأَبَا القَاسِمِ البَغَوِيَّ, وَابنَ أَبِي دَاوُدَ، وَمُحَمَّدَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ الغَازِي, وَمُحَمَّدَ بنَ الفَيْضِ الغسَّاني، وَمُحَمَّدَ بنَ خُرَيْمٍ, وَأَبَا الطَّيِّبِ الحُسَيْنَ بنَ مُوْسَى الرَّقِّيَّ -نزيلَ أَنْطَاكِيَةَ، وَأَبَا عَرُوْبَةَ الحَرَّانِيَّ, وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُبَيْدِ اللهِ ابْنُ أَخِي الإِمَامِ الحَلَبِيِّ, وَأَبَا الجَهْمِ أَحْمَدَ بنَ الحُسَيْنِ بنِ طَلاَّبٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ بنِ سَلْمٍ الرَّقِّيّ, وَأَبَا الحَسَنِ أَحْمَدَ بنَ جَوْصَا الحَافِظَ، وَسَعِيْدَ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ الحَلَبِيَّ, ثُمَّ الدِّمَشْقِيَّ، وصدَّقه بنَ مَنْصُوْرٍ الكِنْدِيَّ الحَرَّانِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ سُفْيَانَ المَصِّيْصِيَّ الصَّفَّارَ, وَيَحْيَى بنُ مُحَمَّدِ بنِ صَاعِدٍ, وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الدَّيْبُلِيَّ، وَالعَبَّاسَ بنَ الفضل بن شاذان
__________
1 ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "7/ 146"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 914"، والعبر "3/ 9"، ولسان الميزان "7/ 5-6"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 154".

(12/363)


الرَّازِيَّ المُقْرِئَ, وَمُحَمَّدَ بنَ مَرْوَانَ بنِ عَبْدِ الملكِ البَزَّازَ الدِّمَشْقِيَّ -كَذَا يسمِّيهِ، وَهُوَ مُحَمَّدُ بنُ خُرَيْمٍ العُقَيْلِيُّ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ عَتَّابٍ الزِّفْتِيَّ, وَمُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ بنِ المُسْتَنِيرِ المَصِّيْصِيَّ، وَعَلِيَّ بنَ عَبْدِ الحَمِيْدِ الغَضَائِرِيَّ، وَيُوْسُفَ بنَ يَعْقُوْبَ مُقْرِئَ وَاسِطَ, وَمُحَمَّدَ بنَ المسيَّب الأَرْغَيَانِيَّ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ أَبِي حَاتِمٍ, وَخلقاً كَثِيْراً بِالشَّامِ وَالعِرَاقِ وَالجَزِيْرَةِ وَالحِجَازِ وَخُرَاسَانَ وَالجِبَالِ.
وَكَانَ مِنْ بُحورِ العِلْمِ.
حدَّث عَنْهُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ, وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الأَصْبَهَانِيُّ الجصَّاص، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الجَارُودِيُّ, وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مَنْجَوَيْه، وَأَبُو حَفْصٍ بنُ سَرورٍ, وَصَاعِدُ بنُ مُحَمَّدٍ القَاضِي، وَأَبُو سَعْدٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الكَنْجَرُوذِيُّ، وَأَبُو عُثْمَانَ سَعِيْدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ البَحِيْرِيُّ, وَآخرُوْنَ.
ذَكَرَهُ الحَاكِمُ ابْنُ البيِّع فَقَالَ: هُوَ إِمَامُ عَصْرِهِ فِي هَذِهِ الصَّنْعَةِ, كَثِيْرُ التَّصنيفِ, مقدَّم فِي مَعْرِفَةِ شروطِ الصَّحِيْحِ وَالأَسَامِي وَالكُنَى, طلبَ الحَدِيْثَ وَهُوَ ابْنُ نَيِّفٍ وَعِشْرِيْنَ سَنَةً, ... إِلَى أَنْ قَالَ: وَلَمْ يدخلْ مِصْرَ، وَكَانَ مقدَّمًا فِي العَدَالَةِ أَوَّلاً, ثُمَّ وَلِيَ القَضَاءَ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ, إِلَى أَنْ قُلِّدَ قَضَاءَ الشَّاشِ, فذهب وحكم أربع سنين وأشهرًا, ثم قُل
Results
أبو أحمد الحاكم
الرَّازِيَّ المُقْرِئَ, وَمُحَمَّدَ بنَ مَرْوَانَ بنِ عَبْدِ الملكِ البَزَّازَ الدِّمَشْقِيَّ -كَذَا يسمِّيهِ، وَهُوَ مُحَمَّدُ بنُ خُرَيْمٍ العُقَيْلِيُّ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ عَتَّابٍ الزِّفْتِيَّ, وَمُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ بنِ المُسْتَنِيرِ المَصِّيْصِيَّ، وَعَلِيَّ بنَ عَبْدِ الحَمِيْدِ الغَضَائِرِيَّ، وَيُوْسُفَ بنَ يَعْقُوْبَ مُقْرِئَ وَاسِطَ, وَمُحَمَّدَ بنَ المسيَّب الأَرْغَيَانِيَّ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ أَبِي حَاتِمٍ, وَخلقاً كَثِيْراً بِالشَّامِ وَالعِرَاقِ وَالجَزِيْرَةِ وَالحِجَازِ وَخُرَاسَانَ وَالجِبَالِ.
وَكَانَ مِنْ بُحورِ العِلْمِ.
حدَّث عَنْهُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ, وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الأَصْبَهَانِيُّ الجصَّاص، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الجَارُودِيُّ, وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مَنْجَوَيْه، وَأَبُو حَفْصٍ بنُ سَرورٍ, وَصَاعِدُ بنُ مُحَمَّدٍ القَاضِي، وَأَبُو سَعْدٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الكَنْجَرُوذِيُّ، وَأَبُو عُثْمَانَ سَعِيْدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ البَحِيْرِيُّ, وَآخرُوْنَ.
ذَكَرَهُ الحَاكِمُ ابْنُ البيِّع فَقَالَ: هُوَ إِمَامُ عَصْرِهِ فِي هَذِهِ الصَّنْعَةِ, كَثِيْرُ التَّصنيفِ, مقدَّم فِي مَعْرِفَةِ شروطِ الصَّحِيْحِ وَالأَسَامِي وَالكُنَى, طلبَ الحَدِيْثَ وَهُوَ ابْنُ نَيِّفٍ وَعِشْرِيْنَ سَنَةً, ... إِلَى أَنْ قَالَ: وَلَمْ يدخلْ مِصْرَ، وَكَانَ مقدَّمًا فِي العَدَالَةِ أَوَّلاً, ثُمَّ وَلِيَ القَضَاءَ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ, إِلَى أَنْ قُلِّدَ قَضَاءَ الشَّاشِ, فَذَهَبَ وَحَكَمَ أَرْبَعَ سِنِيْنَ وَأَشهراً, ثُمَّ قُلِّدَ قَضَاءَ طُوْسَ, وَكُنْتُ أَدْخُلُ إِلَيْهِ والمصنَّفات بَيْنَ يَدَيْهِ فيحكُمُ, ثُمَّ يُقْبِلُ عَلَى الكُتُبِ, ثُمَّ أَتَى نَيْسَابُوْرَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعينَ, وَلَزِمَ مسجدَهُ وَمَنْزِلَهُ, مفيداً مُقْبِلاً عَلَى العِبَادَةِ وَالتَّصنيفِ, وَأُرِيْدَ غَيْرَ مَرَّةٍ عَلَى القَضَاءِ وَالتَّزْكِيَةِ, فيستَعْفِي. قَالَ: وكُفَّ بَصَرُهُ سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ, ثُمَّ تُوُفِّيَ وَأَنَا غَائِبٌ.
وَقَالَ الحَاكِمُ أَيْضاً: كَانَ أَبُو أَحْمَدَ مِنَ الصَّالِحِيْنَ الثَّابتينَ عَلَى سَنَنِ السَّلَفِ، وَمِنَ المنصفينَ فِيمَا نعتقدُهُ فِي أَهْلِ البَيْتِ وَالصَّحَابَةِ, قُلِّدَ القَضَاءَ فِي أَمَاكنَ, وَصَنَّفَ عَلَى "كتَابَي الشَّيْخَيْنِ"، وَعَلَى "جَامعِ أَبِي عِيْسَى", قَالَ لِي: سَمِعْتُ عُمَرَ بنَ عَلَّك يَقُوْلُ: مَاتَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ وَلَمْ يخلِّفْ بِخُرَاسَانَ مِثْلَ أَبِي عِيْسَى التِّرْمِذِيِّ فِي العِلْمِ وَالزُّهْدِ وَالوَرَعِ, بَكَى حَتَّى عَمِيَ, ثُمَّ قَالَ الحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللهِ: وصنَّف أَبُو أَحْمَدَ كِتَابَ "العِلَلِ وَالمُخَرَّج عَلَى كِتَابِ المُزَنِيِّ"، وَكِتَاباً فِي الشُّروطِ, وصنَّف الشُّيُوْخَ وَالأَبْوابَ ... إِلَى أَنْ قَالَ: وَهُوَ حَافظُ عَصْرِهِ بِهَذِهِ الدِّيَارِ.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا أَحْمَدَ الحَافِظَ يَقُوْلُ: حضَرتُ مَعَ الشُّيُوْخِ عِنْدَ أَمِيْرِ خُرَاسَانَ نُوْحِ بنِ نَصْرٍ فَقَالَ: مَنْ يحفظُ مِنْكُمْ حَدِيْثَ أَبِي بَكْرٍ فِي الصَّدقَاتِ, فَلَمْ يَكُنْ

(12/364)


فِيهِمْ مَنْ يَحْفَظُهُ, وَكَانَ عليَّ خُلقان وَأَنَا فِي آخِرِ النَّاسِ, فَقُلْتُ لوزيرِهِ: أَنَا أَحفَظُهُ, فقال: ههنا فَتَىً مِنْ نَيْسَابُوْرَ يحفَظُهُ, فقُدِّمت فَوْقَهُمْ, وَرَوَيتُ الحَدِيْثَ, فَقَالَ الأَمِيْرُ: مِثْلُ هَذَا لاَ يُضَيَّعُ. فَوَلاَّنِي قَضَاءَ الشَّاشِ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ البَيِّع: تغيِّر حفظُ أَبِي أَحْمَدَ لمَا كُفَّ، وَلَمْ يختَلِطْ قَطُّ, وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: كُنْتُ بالري وهم يقرءون عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي حَاتِمٍ كِتَابَ "الجرحِ وَالتَّعدِيلِ", فَقُلْتُ لابنِ عَبْدُوَيْه الوَرَّاقِ: هَذِهِ ضحكة, أراكم تقرءون كِتَابَ "تَاريخِ البُخَارِيِّ" عَلَى شيخِكُمْ عَلَى الوَجْهِ، وَقَدْ نَسَبْتُمُوهُ إِلَى أَبِي زُرْعَةَ وَأَبِي حَاتِمٍ, فَقَالَ: يَا أَبَا أَحْمَدَ, اعلَمْ أَنَّ أَبَا زُرْعَةَ وَأَبَا حَاتمٍ لَمَّا حُملَ إِليهُمَا "تَاريخُ البُخَارِيِّ" قَالاَ: هَذَا علمٌ لاَ يُسْتَغنَى عَنْهُ، وَلاَ يَحْسُنُ بِنَا أَنْ نذكرَهُ عَنْ غيْرِنَا, فَأَقعدَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ فسأَلَهُمَا عَنْ رَجُلٍ بَعْدَ رَجُلٍ, وَزَادَا فِيْهِ ونَقَصَا. وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ أَبَا الحُسَيْنِ الغَازِي يَقُوْلُ: سأَلتُ البُخَارِيَّ عَنْ أَبِي غسَّان فَقَالَ: عَنْ مَا تسأَلُ عَنْهُ؟ قُلْتُ: شَأْنُهُ فِي التَّشَيُّعِ, فَقَالَ: هُوَ عَلَى مَذْهَبِ أَئِمَّةِ أَهْلِ بلدِهِ الكُوْفِيِّينَ، وَلَوْ رَأَيْتُم عُبَيْدَ اللهِ بنَ مُوْسَى, وَأَبَا نُعَيْمٍ، وَجَمَاعَةَ مَشَايِخِنَا الكُوْفِيِّيْنَ لَمَا سَأَلْتُمُوْنَا عَنْ أَبِي غَسَّانَ.
قَالَ ابْنُ البَيِّع: وَسَمِعْتُ أَبَا أَحْمَدَ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ أَبَا الحُسَيْنِ الغَازِي يَقُوْلُ: سَمِعْتُ عَمْرُو بنُ عَلِيٍّ, سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ يَقُوْلُ: عجباً مِنْ أَيُّوْبَ السَّخْتِيَانِيِّ, يَدَع ثَابِتاً البنَّاني لاَ يكتبُ عَنْهُ!
قِيْلَ: إِنَّ بَعْضَ العُلَمَاءِ نَازعَهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ البَيِّعِ فِي عُمَرَ بنِ زُرَارَةَ, وَعَمْرِو بنِ زُرَارَةَ النَّيْسَابُوْرِيِّ, وَقَالَ: هُمَا وَاحدٌ, قَالَ: فَقُلْتُ لأَبِي أَحْمَدَ الحَاكِمِ: مَا تَقُولُ فِيْمَنْ جعلَهُمَا وَاحِداً؟ فَقَالَ: مَنْ هَذَا الطَّبْل? قَالَ الحَاكِمُ: أَتَيْنَا أَبَا أَحْمَدَ مَعَ أَبِي عَلِيٍّ الحَافِظِ سَنَةَ أَرْبَعينَ, فَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ: قَدْ غبتُ عَنْكُمْ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً, فَأَفِيْدُونَا بِكُلِّ سَنَةٍ حَدِيْثاً, فَقَالَ بَعْضُهُمْ: حَدِيْثُ شُعبَةَ, عَنْ حَبِيْبٍ, عَنْ حَفْصِ بنِ عَاصِمٍ, عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ مَرْفُوْعاً: "سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ" 1 فَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ: حدَّثناه أَحْمَدُ بنُ عُمَيْرٍ, حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُوْسَى, حَدَّثَنَا مؤمّل بن إسماعيل, عن شعبة. فقال
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "2/ 439"، وابن المبارك في "الزهد" "1342"، والبخاري "660"، "1423"، "6479"، "6806"، ومسلم "1031"، "91"، والترمذي بعد حديث "2391"، والنسائي "8/ 222-223"، والبيهقي "3/ 65-66"، "4/ 190"، "8/ 162"، من طريق عبيد الله بن عمر، عن خبيب بن عبد الرحمن، عن حفص بن عاصم، عن أبي هريرة، به مرفوعًا.
وورد عن أبي سعيد الخدري أو عن أبي هريرة: عند مالك "2/ 952"، ومسلم "1031"، والترمذي "2391"، والبغوي "470".

(12/365)


السَّائِلُ: عَنْهُ, عَنْ عَمْرِو بنِ مَرْزُوْقٍ عالٍ, فَقَالُوا لَهُ: يَا أَبَا أَحْمَدَ, إِنَّكَ لَمْ تَدْخُلْ مِصْرَ, قَالَ: فَأَنْتُمْ قَدْ دَخَلْتُمُوهَا, اذكُرُوا مَا فَاتَنِي بِمِصْرَ, فَقَالَ بَعْضُهُمْ: حَدِيْثُ اللَّيْثِ فِي قِصَّةِ الغَارِ1, فَقَالَ: حدَّثناه ابْنُ دَاوُدَ, أَخْبَرَنَا عِيْسَى بنُ حَمَّادٍ عَنْهُ. ثُمَّ ذَكَرَ أَبُو عَلِيٍّ أَحَادِيثَ اسْتفَادَهَا, فذكرْتُ أَنَا حَدِيْثَ الجسَّاسَةِ2 مِنْ طريقِ أَبِي العُمَيْسِ, عَنِ الشَّعْبِيِّ, فقال: هذا فاتني.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ التَّمِيْمِيُّ, وَأَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ قَالاَ: أَخْبَرَتْنَا أَمُّ المُؤَيَّدِ زَيْنَبُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشَّعريَّةِ إِذناً, وَزَادَنَا أَحْمَدُ فَقَالَ: وَأَنْبَأَنَا عَبْدُ المعز بن محمد البزاز قال: أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بنُ طَاهِرٍ المُسْتَمْلِي, أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الخنْزرودِيُّ, أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ الحَافِظُ, حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ عُثْمَانَ العُثْمَانِيُّ بِبَغْدَادَ, حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ طَلْحَةَ التَّيْمِيُّ, حَدَّثَنِي أَبُو سُهَيْلٍ نَافِعُ بنُ مَالِكٍ, عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ, عَنْ سَعْدٍ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيهِمْ: "هَذَا العَبَّاسُ بنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ أَجْوَدُ قُرَيْشٍ كَفّاً وَأَوْصَلُهَا". أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ3, عَنْ حَمِيْدِ بنِ زَنْجَوَيْه, عَنْ عَلِيٍّ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ هبَةِ اللهِ, أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ المُؤَيَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ فِي كِتَابِهِ, أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ سَهْلٍ السُّدِّيُّ, أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَاكِمُ, أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ الوَاسِطِيُّ بِبَغْدَادَ, حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ -يَعْنِي: ابنَ عِمْرَانَ العَابِدِيُّ, حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعْدٍ, عَنِ ابْنِ شِهَابٍ, عَنْ الأَعْرَجِ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "للهِ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ أَحَدِكُم بِضَالَّتِهِ يَجِدُهَا بِأَرْضِ مهلكة يخاف بها العطش" 4.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "3465"، ومسلم "2743"، وأحمد "2/ 116" من حديث ابن عمر، به.
2 صحيح: أخرجه مسلم "2942"، وأبو داود "4325"، وأحمد "6/ 373".
3 حسن: أخرجه أحمد "1/ 185"، والنسائي في "الكبرى" "8174"، والدولابي في "الكنى" "2/ 60" والبزار "1077"، وأبو يعلى "820"، وابن حبان "7052"، والطبراني في "الأوسط" "1947"، والحاكم "3/ 328، 328-329" من طرق عن محمد بن طلحة التيمي، به.
وقال الحاكم: صحيح. ووافقه الذهبي.
قلت: إسناده حسنن محمد بن طلحة صدوق -كما قال الحافظ في "التقريب".
4 صحيح: أخرجه أحمد "6/ 316، 500، 524، 534"، ومسلم "2675" "1"، "2"، والترمذي "3238"، وابن ماجة "4247"، من حديث أبي هريرة، به.

(12/366)


قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ, عَنْ عَبْدِ المُعِزِّ بنِ مُحَمَّدٍ, أَخْبَرَنَا تَمِيْمُ بنُ أَبِي سَعِيْدٍ, أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرُوذِيُّ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا الحَافِظُ, أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ المَاسَرْجِسِيُّ, حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الحَنْظَلِيُّ, أَخْبَرَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ مُحَمَّدٍ, حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ, عَنْ نَافِعٍ, عَنِ ابْنِ عُمَرَ, عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ أَشْرَكَ بِاللهِ فلَيْسَ بِمُحصنٍ"1. قَالَ أَبُو أَحْمَدَ: "لاَ أَعْلَمُ حدَّث بِهِ غَيْرُ إِسْحَاقَ عَنِ الدَّرَاوَرْدِيِّ".
قُلْتُ: مَرَّ هَذَا فِي تَرْجَمَةِ المَاسَرْجسِيِّ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَافِظُ: مَاتَ أَبُو أَحْمَدَ وَأَنَا غَائِبٌ فِي شَهْرِ رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ, وَلَهُ ثَلاَثٌ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً.
قُلْتُ: مَاتَ مَعَهُ فِي هَذَا العَامِ: قَاضِي سَمَرْقَنْدَ أَبُو سَعِيْدٍ الخَلِيْلُ بنُ أَحْمَدَ السِّجْزِيُّ الحَنَفِيُّ الوَاعِظُ, عَنْ تِسْعِيْنَ سَنَةً إلَّا سَنَةً, وَمُفْتِي مَا وَرَاءَ النَّهْرِ عَبْدُ الكَرِيْمِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُوْسَى البُخَارِيُّ المِيْغِيُّ الحَنَفِيُّ الزَّاهِدُ، وَشَيْخُ المَالِكِيَّةِ صَاحبُ "التَّفْرِيْعِ" أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ اللهِ بنُ الحُسَيْنِ بنِ الجَلاَّبِ البَغْدَادِيُّ، وَمُسْنِدُ مِصْرَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ عتيقُ بنُ مُوْسَى الأَزْدِيُّ الحَاتمِيُّ, وَكَانَ عِنْدَهُ "المُوَطَّأُ" عَنْ أَبِي الرَّقرَاقِ, عَنْ يَحْيَى بنِ بُكَيْرٍ، وَالحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ العَبَّاسِ الوَرَّاقُ صَاحبُ "تلك الأَمَالِي"، وَكبِيرُ هَرَاةَ وَمُحَدِّثُهَا الرَّئِيْسُ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي ذهْلٍ الضَّبِّيُّ، وَالقَاضِي أبو القاسم بشر بن محمد بن محمد بن ياسين النيسابوري -صاحب ابن خزيمة.
__________
1 منكر مرفوعًا: أخرجه الدارقطني "3/ 147"، والبيهقي "8/ 216"، من طريق إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، أنبأنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن عبيد الله بن عمر، به.
وقال الدارقطني في إثره: "ولم يرفعه غير إسحاق، ويقال: إنه رجع عنه، والصواب موقوف".
قلت: الرفع ليس من إسحاق، بل هو تلقاه مرفوعًا تارة، وموقوف تارة أخرى، فرواه كما سمعه، والحديث ذكره الحافظ الزيلعي في "نصب الراية" "3/ 327"، ونقله من مسند إسحاق بن راهويه، وهو ابن إبراهيم الحنظلي، وقال في إثره: قال إسحاق: "رفعه مرة، فقال: عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ووقفه مرة".
وقال الزيلعي في إثره بعد أن نقل كلام الدارقطني المتقدّم: "وهذا لفظ إسحاق بن راهويه في "مسنده" كما تراه, وليس فيه رجوع، وإنما أحال التردد على الراوي في رفعه ووقفه".
قلت: التردد من شيخ إسحاق بن راهويه، وهو عبد العزيز بن محمد الدراوردي، فإنه وإن كان ثقة من رجال مسلم، إلّا أنه في حفظه شيء، أشار إليه الحافظ في "التقريب" بقوله فيه: "صدوق كان يحدث من كتب غير فيخطئ. قال النسائي: حديثه عن عبيد الله العمري منكر".
قلت: وهذا من روايته عن عبيد الله بن عمر, كما ترى فهو منكر مرفوعًا. والمحفوظ موقوف على ابن عمر, كذلك رواه جمع من الثقات عن نافع. أخرجه الدارقطني "3/ 147"، والبيهقي "8/ 216" من طريق موسى بن عقبة، والبيهقي من طريق جويرية, كلاهما عن نافع، عن ابن عمر موقوفًا.
وقال البيهقي في إثره: هكذا رواه أصحاب نافع، عن نافع.

(12/367)


3472- ابن الباجي 1:
العلَّامة الحَافِظُ, محدِّث الأَنْدَلُسِ, أَبُو مُحَمَّدٍ, عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ شَرِيعَةَ اللَّخْمِيُّ الإِشْبِيْلِيُّ, المَشْهُوْرُ بِابْنِ البَاجِيِّ.
وُلِدَ سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ القَوْقِ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ يُوْنُسَ القَبْرِيِّ، وَالزَّاهِدِ سَيِّدِ أَبِيهِ, وَسَعِيْدِ بنِ جَابِرِ الإِشْبِيْلِيِّ, وَمُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ بنِ لُبَابَةَ, وَأَسْلَمَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَمُحَمَّدِ بنِ فُطَيْسٍ, وَطَبَقَتِهِم.
قَالَ ابْنُ الفَرَضِيِّ: كَانَ حَافِظاً ضَابِطاً, لَمْ أَلقَ مثلَهُ فِي الضَّبْطِ, سَمِعْتُ مِنْهُ الكثيرَ بِقُرْطُبَةَ، وَرحلْتُ إِلَيْهِ إِلَى إِشْبِيْلِيَّةَ مَرَّتينِ, وَرَوَى النَّاسُ عَنْهُ الكثيرَ، وَمَاتَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ, وَلَهُ سَبْعٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً.
قُلْتُ: وَمِمَّنْ رَوَى عَنْهُ وَلَدُهُ أَبُو عُمَرَ، وَحمَامُ بنُ أَحْمَدَ القَاضِي, وَحَدَّثَ عن القبري بمصنَّف ابن أبي شيبة.
__________
1 ترجمته في الأنساب للسمعاني "2/ 19"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 938"، والعبر "3/ 7"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 92".

(12/368)


3473- ابن سَبَنْك 1:
القَاضِي الإِمَامُ, أَبُو القَاسِمِ, عُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ خَالِدِ بنِ سَبَنْكَ البَجَلِيُّ البَغْدَادِيُّ, مِنْ ذُرِّيَّةِ جَرِيْرِ بنِ عَبْدِ اللهِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
سَمِعَ مُحَمَّدَ بنَ حُبَّان, وَعَبْدَ اللهِ بنَ إِسْحَاقَ المَدَائِنِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ مُحَمَّدٍ البَاغَنْدِيَّ, وَجَمَاعَةً.
وَعَنْهُ: القَاضِي عَبْدُ الوَهَّابِ المَالِكِيُّ, وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الأَزْهَرِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ التَّنُوْخِيُّ, وَآخرُوْنَ.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ ثِقَةً, نَابَ فِي الحكمِ بسُوقِ البَاشَا, وُلِدَ سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَسَمِعَ فِي سَنَةِ ثَلاَثِ مائَةٍ, توفِّي سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ وثلاث مائة.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 261"، والعبر "3/ 2"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 150"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 87".

(12/368)


الأموي، وأبو علي الفارسي:
3474- الأمَوِيّ:
الشَّيْخُ المُحَدِّثُ العَالِمُ, أَبُو عَبْدِ اللهِ, مُحَمَّدُ بنُ العَبَّاسِ بنِ يَحْيَى الأُمَوِيُّ, مَوْلاَهُم الحَلَبِيُّ, نزيلُ الأَنْدَلُسِ وَمُسْنِدُهَا.
سَمِعَ مِنْ: أَبِي عَرُوْبَةَ الحَرَّاني, وَعَلِيِّ بنِ عَبْدِ الحَمِيْدِ الغَضَائِرِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ نَيْرُوزَ، وَمَكْحُوْلٍ البَيْرُوْتِيِّ, وَأَبِي الجَهْمِ بنِ طَلاَّبٍ, وَمُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدٍ التَّرْخُمِيِّ الحِمْصِيِّ، وَوَفَدَ عَلَى الأَمِيْرِ المُسْتَنْصِرِ صَاحِبِ الأَنْدَلُسِ.
حدَّث عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ الزُّبَيْدِيُّ، وَأَبُو الوَلِيْدِ عَبْدُ اللهِ بنُ الفَرَضِيُّ.
قَالَ أَبُو الوَلِيْدِ: كَتَبْتُ عَنْهُ وَقَدْ كُفَّ بَصَرُهُ, وَتُوُفِّيَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: هَذَا أَسْنَدُ مَنْ بِالأَنْدَلُسِ فِي زمانه.
3475- أبو عليّ الفارسي 1:
إِمَامُ النَّحْوِ, أَبُو عَلِيٍّ, الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الغفَّار الفَارِسِيُّ الفَسَوِيُّ, صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
حدَّث بِجُزْءٍ مِنْ حَدِيْثِ إِسْحَاقَ بنِ رَاهْوَيْه, سَمِعَهُ مِنْ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ بنِ مَعْدَانَ, تفرَّد بِهِ.
وَعَنْهُ: عُبَيْدُ اللهِ الأَزْهَرِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ التَّنُوْخِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيُّ, وَجَمَاعَةٌ.
قَدِمَ بَغْدَادَ شَابّاً وتخرَّج بِالزَّجَّاجِ وَبِمَبْرَمَانَ، وَأَبِي بَكْرٍ السَّرَّاجِ, وَسَكَنَ طرَابُلُسَ مُدَّةً, ثُمَّ حَلَبَ، وَاتَّصَلَ بِسيفِ الدَّوْلَةِ.
وتخرَّج بِهِ أَئِمَّةٌ.
وَكَانَ المَلِكُ عَضُدُ الدَّوْلَةِ يَقُوْلُ: أَنَا غُلاَمُ أَبِي عَلِيٍّ فِي النَّحْوِ، وَغُلاَمُ الرَّازِيِّ فِي النُّجُوْمِ.
وَمِنْ تَلاَمِذَتِهِ أَبُو الفَتْحِ بنُ جِنِّي، وَعَلِيُّ بنُ عِيْسَى الرَّبَعِيُّ.
وَمصنَّفَاتُهُ كَثِيْرَةٌ نَافعَةٌ، وَكَانَ فِيْهِ اعتزَالٌ.
عَاشَ تِسْعاً وثمَانِيْنَ سَنَةً.
مَاتَ بِبَغْدَادَ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَله كِتَابُ "الحُجَّةِ" فِي عِلَلِ القِرَاءاتِ، وكتابا "الإيضاح", و"التكملة", وأشياء.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "7/ 275"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 138"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "7/ 232"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "2/ ترجمة 163"، والعبر "3/ 4"، وميزان الاعتدال "1/ 480"، ولسان الميزان "2/ 195"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 151"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 88".

(12/369)


3476- ابن أبي ذُهْل 1:
الإمَامُ الحَافِظُ الأَنْبَلُ, رَئِيْسُ خُرَاسَانَ, أَبُو عَبْدِ اللهِ, مُحَمَّدُ ابْنُ أَبِي العَبَّاسِ مُحَمَّدِ بنِ العباس بن أحمد بن عصم ابن أبي ذُهل العُصَمي الضَّبِّيُّ الهَرَوِيُّ.
مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ وَبَعْدَهَا، وَلَحِقَ البَغَوِيَّ فِي السِّيَاقِ فَلَمْ يسْمَعْ مِنْهُ، وَسَمِعَ يَحْيَى بنَ صَاعِدٍ، وَمُؤَمَّلَ بنَ الحَسَنِ المَاسَرْجِسِيَّ, وَحَاتِمَ بنَ مَحْبُوْبٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ مُعَاذٍ المَالِيْنِيَّ, وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ أَبِي حَاتِمٍ, وعِدَّة.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو الحُسَيْنِ الحجَّاجِيُّ, وَالدَّارَقُطْنِيُّ -وَهُمَا مِنْ طَبَقَتِهِ, وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ، وَأَبُو يَعْقُوْبَ القَرَّابُ وَأَهْلُ هَرَاةَ.
وَكَانَ إِمَاماً نَبِيْلاً، وَصَدْراً معظَّمًا, كَثِيْرَ الأَمْوَالِ وَالبَذْلِ للمحدِّثين وَالأَخيَارَ.
قَالَ الحَاكِمُ: صَحبتُهُ حَضَراً وَسَفَراً, فَمَا رَأَيْتُ أَحسنَ وضُوءاً وَلاَ صَلاَةً مِنْهُ, وَلاَ رَأَيْتُ فِي مشَايِخِنَا أَحسنَ تضرُّعًا وَابتهَالاً مِنْهُ. قيلَ لِي: إِنَّ عُشْرَ غَلَّتِهِ تبلغُ أَلفَ حِمْلٍ. وحدَّثني أَبُو أَحْمَدَ الكَاتِبُ أنَّ النُّسْخَةَ بِأَسَامِي مَنْ يَمُونُهُم تزيدُ عَلَى خَمْسَةِ آلاَفِ بَيْتٍ, وَقَدْ عُرِضَتْ عَلَيْهِ وَلاَيَاتٌ جَلِيْلَةٌ فَأَبَى.
وَقَالَ أَبُو النَّضْرِ الفَامِيُّ: لابنِ أَبِي ذُهْل صَحِيْحٌ خرَّجه عَلَى "صَحِيْحِ البُخَارِيِّ"، وتفقَّه بِبَغْدَادَ, وَلَمْ يَجْتَمِعْ لرَئِيْسٍ بهَرَاةَ مَا اجتمعَ لَهُ مِنَ السِّيَادَةِ.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ ثِقَةً نَبِيْلاً, من ذوي الأقدار العالية. سمعت البَرْقَانِيَّ يَقُوْلُ: كَانَ ملكُ هَرَاةَ مِنْ تَحْتِ أَمْرِهِ لِقَدْرِهِ وأبوَّته.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ العَلَوِيُّ, أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ روزبَةَ, أَخْبَرَنَا أَبُو الوَقْتِ السِّجْزِيُّ, أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ, أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ العَالِي, حَدَّثَنَا الرَّئِيْسُ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي العَبَّاسِ العُصْمِيُّ إِملاَءً, حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ القُرَشِيُّ, حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مهْرَانَ, حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَمْرٍو الكُوْفِيُّ, حَدَّثَنَا سُفْيَانُ, عَنِ الأَجْلَحِ, عَنِ ابْنِ بَرِيْدٍ, عَنْ أَبِيْهِ: "أنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعَثَ عَلِيّاً فِي سَرِيَّةٍ, وَبَعَثَ مَعَهُ رَجُلاً يَكتُبُ الأَخْبَارَ"2. غَرِيبٌ جِدّاً.
قَالَ الحَاكِمُ: استُشْهد ابْنُ أَبِي ذُهْل فِي صَفَرٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ, فَأَخْبَرَنِي مَنْ صَحِبَه أنَّه دَخَلَ الحَمَّامَ, فلمَّا خَرَجَ أُلبس قَمِيْصاً مُلَطَّخاً, فَانتفخَ وَمَاتَ -رحمه الله.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "3/ 119"، والأنساب للسمعاني "8/ 471"، واللباب لابن الأثير "2/ 345" والعبر "3/ 9"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 940"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 92".
2 منكر: في إسناده علتان؛ الأولى: أحمد بن مهران، شيخ همداني, لقبه حمديل، لا يعتمد عليه -كما قال الذهبي في ترجمته في "الميزان", الثانية: إسماعيل بن عمرو، هو ابن نجيح البجلي الكوفي، قال ابن عدي: حدَّث بأحاديث لا يتابع عليها. وقال أبو حاتم والدارقطني: ضعيف.
ومتن الحديث منكر ظاهر النكارة لكل من أنعم النظر في دواوين السنة المشرَّفة الصحيحة, بله ما وضعه الوضاعون، وانتحله الأفاكون.

(12/370)


الوكيل، والميغي:
3477- الوكيل 1:
المحدِّ ث الأَوْحَدُ, أَبُو الحَسَنِ, أَحْمَدُ بنُ مُوْسَى بنِ عِيْسَى الجُرْجَانِيُّ, الوَكِيْلُ عِنْدَ الحكَّامِ.
يَرْوِي عَنْ: عِمْرَانَ بنِ مُوْسَى السَّخْتِيَانِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الكَرِيْمِ الوَزَّانِ، وَأَحْمَدَ بنِ حَفْصٍ السعدي, وعبد الرحمن بن عبد المُؤْمِنِ, وَعِدَّةٍ.
ذَكَرَهُ حَمْزَةُ السَّهْمِيُّ فَقَالَ: كَتَبَ الكثيرَ مِنَ المَسَانِيْدِ وَالسُّنَنِ, وَجَمَعَ وصنَّف، وَلَهُ فَهْمٌ وَدِرَايَةٌ, وَلَهُ مَنَاكِيرُ عَنْ شُيُوْخٍ مَجَاهِيل, فَأَنْكَرُوا عَلَيْهِ. قَالَ: وتوفِّي فِي ذِي القَعْدَةِ سنة ثمان وسبعين وثلاث مائة.
3478- المِيغي:
شَيْخُ الحَنَفِيَّةِ وَعَالِمُهُم وَزَاهِدُهُمْ, أَبُو الفَضْلِ, عَبْدُ الكَرِيْمِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُوْسَى البُخَارِيُّ المِيْغِيُّ، وَمِيْغُ مِنْ قُرَى بُخَارَى.
أَخَذَ عَنْ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَعْقُوْبَ الحَارِثِيُّ الأُسْتَاذِ.
وَرَوَى عَنْهُ, وَعَنْ أَبِي القَاسِمِ السَّمَرْقَنْدِيِّ، وَنَصْرٍ المُهَلَّبِيِّ, وَمُحَمَّدِ بنِ عِمْرَانَ البُخَارِيِّ.
كَتَبَ عَنْهُ أَبُو سَعْدٍ الإِدْرِيْسِيُّ وَغَيْرُهُ, وَلَمْ يَكُنْ أَحدٌ فِي عَصْرِهِ مِثْلَهُ بِسَمَرْقَنْدَ.
توفِّي سَنَةَ ثَمَانٍ وسبعين وثلاث مائة.
__________
1 ترجمته في تاريخ جرجان للسهمي "62"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 920"، وميزان الاعتدال "1/ 159"، ولسان الميزان "1/ 235"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 67".

(12/371)


الجلاب، والسلطان، وابن ياسين:
3479- الجَلَّاب:
شَيْخُ المَالِكِيَّةِ العَلاَّمَةُ, أَبُو القَاسِمِ بنُ الجَلاَّبِ, صاحب كتاب "التَّفْرِيْعِ", قِيْلَ: اسْمُهُ عُبَيْدُ اللهِ بنُ الحُسَيْنِ بنِ الحَسَنِ, وَسَمَّاهُ القَاضِي عِيَاضٌ: مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ, ثُمَّ قَالَ: وَيُقَالُ: اسْمُهُ الحُسَيْنُ بنُ الحَسَنِ. وَسَمَّاهُ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي "طَبَقَاتِ الفُقَهَاءِ": عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ عُبَيْدِ اللهِ.
تفقَّه بِالقَاضِي أَبِي بَكْرٍ الأَبْهَرِيِّ، وَلَهُ مصنَّف كَبِيْرٌ فِي مسَائِلِ الخِلاَفِ، وَكَانَ أَفقَهَ المَالِكيَّةِ فِي زَمَانِهِ بَعْدَ الأَبْهَرِيِّ، وَمَا خَلفَ بِبَغْدَادَ فِي المَذْهَبِ مثلَهُ.
مَاتَ كَهْلاً فِي آخِرِ سَنَةِ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ رَاجِعاً مِنَ الحَجِّ.
3480- السُّلْطَان 1:
صَاحِبُ العِرَاقِ, شَرَفُ الدَّوْلَةِ, شِيْرَوَيْه ابْنُ الملكِ عَضُدِ الدَّوْلَةِ بنِ بُوَيْه الدَّيْلَمِيُّ.
تَمَلَّكَ وَظَفِرَ بِأَخِيْهِ صَمْصَامِ الدَّوْلَةِ فَسَجَنَهُ، وَكَانَ فِيْهِ خَيْرٌ, وَأَزَالَ المُصَادرَاتِ.
تَعَلَّلَ بِالاِسْتِسْقَاءِ, وَبَقِيَ لاَ يَحْتَمِي, فَمَاتَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ, لَمْ يَبْلُغِ الثَّلاَثِيْنَ, وَكَانَتْ أَيَّامُهُ سنتين وثمانية أشهر.
وَتملَّكَ بَعْدَهُ أَخُوْهُ بَهَاءُ الدَّوْلَةِ، وَكَانَ أَخُوْهُمَا الصَّمْصَامُ هُوَ الَّذِي تملَّكَ العِرَاقِ بَعْدَ أَبِيْهِمْ عَضُدِ الدَّوْلَةِ ثَلاَثَةَ أَعوامٍ, ثُمَّ أَقْبَلَ شَرَفُ الدَّوْلَةِ لِحَرْبِهِ, فذَلَّ وسلَّم نَفْسَهُ إِلَى أَخِيْهِ, فَغَدَرَ بِهِ وَحَبَسَهُ بِشِيْرَازَ إِلَى أَنْ مَاتَ.
3481- ابن ياسين 2:
القَاضِي الجَلِيْلُ, أَبُو القَاسِمِ, بِشْرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يَاسِيْنَ بنِ النَّضْرِ بنِ سُلَيْمَانَ بنِ سَلْمَانَ بنِ رَبِيْعَةَ البَاهِلِيُّ النَّيْسَابُوْرِيُّ الحنفي, قاضي القضاة ببلده.
__________
1 ترجمته في العبر "3/ 11"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 154"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 94".
2 تقدَّمت ترجمته في هذا الجزء برقم ترجمة عام "3441"، وبتعليقنا رقم "456".

(12/372)


قَالَ الحَاكِمُ: كَانَ حَسَنَ الوَجْهِ, حَسَنَ الخُلُقِ, طَلْقَ النَّفْسِ, كَثِيْرَ الذِّكْرِ وَالصَّلاَةِ ليلاً وَنهَاراً, شَدِيدَ المَيْلِ إِلَى الصَّالِحِيْنَ وَالمتَصَوِّفَةِ, سَمِعَ بِنَيْسَابُوْرَ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بنَ إِسْحَاقَ بنِ خُزَيْمَةَ، وَأَبَا العَبَّاسِ السَّرَّاجَ, وَغيْرَهُمَا، وَأَبَا العَبَّاسِ الدَّغُوْلِيَّ, وَأَبَا الحَسَنِ بنَ إِسْحَاقَ بنِ مزين، وَأَقرَانَهُمَا بِسَرَخْسَ, وَأَبَا القَاسِمِ بنَ حمٍّ الفَقِيْهَ، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ طرخَانَ، وَأَقرَانَهُمَا, وَعِدَّةً, وتوفِّي فِي رَمَضَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ وَهُوَ ابْنُ اثْنَتَيْنِ وثمَانِيْنَ سَنَةً, وَشَيَّعَهُ الأَمِيْرُ العَادلُ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ, فَقَدَّمَ أَبَا القَاسِمِ القَاضِي ابنَ قَاضِي الحَرَمَيْنِ للصَّلاَةِ عَلَيْهِ.
قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ: الحَاكِمُ, وَالعَبْدُوِيُّ، وَأَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرُوذِيُّ, وَغَيْرُهُم.
وَقَعَ لِي جُزْءٌ مِنْ عَوَالِيْهِ، وَقَدْ حدَّث عنه بمجلس له أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَمْدُوْنَ السُّلَمي فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ, حدَّثَ فِيْهِ عَنِ السَّرَّاجِ، وَمُحَمَّدِ بنِ شَادِلَ, وَابنِ خُزَيْمَةَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ النَّصْرَابَاذِيِّ، وَأَبِي عَمْرٍو أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ الحِيْرِيِّ، وَأَبِي الحَسَنِ أَحْمَدَ بنِ إِسْحَاقَ السَّرَخْسِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ الورَّاق، وَعَبَّاسِ بنِ سَهْلٍ وَغَيْرِهِم. وَتَاريخُ إِملاَئِهِ للمَجْلِسِ كَانَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ, ليَالِي وَفَاتِهِ -رَحِمَهُ الله.

(12/373)


3482- الخالديَّان 1:
الأَخوَانِ الشَّاعِرَانِ المُحْسِنَانِ, أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدٌ, وَأَبُو عُثْمَانَ سَعِيْدٌ, ابنَا هَاشِمِ بنِ وَعْكَةَ بنِ عُرَامِ بنِ عُثْمَانَ بنِ بِلاَلٍ, المَوْصِلِيَّانِ الخَالِدِيَّانِ, مِنْ أَهْلِ قريَةِ الخَالِدِيَّةِ.
كَانَا كَفَرَسَيْ رِهَانٍ فِي قوَّةِ الذَّكَاءِ, وَسُرعَةِ النَّظْمِ وَجودَتِهِ, يتَشَاركَانَ فِي القَصِيدَةِ الوَاحِدَةِ، وَمُحَمَّدٌ هُوَ الأَكبرُ. قَدِمَ دمشق في صحبة سيف الدولة بن حَمْدَانَ. وَهُمَا مِنْ خَوَاصِّ شُعَرَائِهِ, اشْتَرَكَا فِي شئ كَثِيْرٍ، وَكَانَ سَرِيٌّ الرفَّاء يَهْجُوهُمَا وَيَهْجُوَاَنِهِ.
وَلمُحَمَّدٍ:
البَدْرُ مُنْتَقِبٌ بِغَيْمٍ أَبْيَض ... هُوَ فِيْهِ بَيْنَ تخفر وتبرج
كَتَنَفُّسِ الحَسْنَاءِ فِي المِرْآةِ إِذْ ... كَمُلَتْ مَحَاسِنُهَا ولم تتزوج
ولسعيد:
__________
1 ترجمته في معجم الأدباء لياقوت الحموي "11/ 208"، واللباب لابن الأثير "1/ 414".

(12/373)


أَمَا تَرَى الغَيْمَ يَا مَنْ قَلْبُهُ قَاسِي ... كأنَّه أَنَا مِقْيَاساً بِمِقْيَاسِ
قَطْرٌ كَدَمْعِي وَبَرْقٌ مِثْلُ نَارِ أَسَىً ... فِي القَلْبِ مِنِّي وَرِيْحٌ مِثْلُ أَنْفَاسِي
ونَظَمَ فِيْهِمَا أَبُو إِسْحَاقَ الصَّابِيُّ:
أَرَى الشَّاعِرَيْنِ الخَالِدِيَّيْنِ سيَّرا ... قَصَائِدَ يَفْنَى الدَّهْرُ وَهْيَ تُخَلَّدُ
هُمَا لاِجْتِمَاعِ الفَضْلِ رُوْحٌ مُؤَلَّفٌ ... وَمَعْنَاهُمَا مِنْ حَيْثُ مَا شِئْتَ مُفْرَدُ
قَالَ النَّدِيْمُ فِي كِتَابِ "الفهْرَسْتِ": كَانَا سَرِيْعَي البَدِيْهَةِ, قَالَ لِي أَبُو بَكْرٍ مِنْهُمَا: إِنِّي أَحْفَظُ أَلْفَ سمَرٍ, كُلُّ سمَرٍ فِي نَحْوِ مائَةِ وَرقَةٍ. قَالَ: وَكَانَا مَعَ ذَلِكَ إِذَا اسْتَحْسَنَا شَيْئاً غَصَبَاهُ صَاحِبَهُ حَيّاً كَانَ أَوْ مَيْتاً, كَذَا كَانَتْ طِبَاعُهُمَا, وَقَدْ رتَّب أَبُو عُثْمَانَ شِعْرَهُ وَشِعْرَ أَخِيْهِ، وَأَحسبُ غُلاَمَهُمَا رَشَأ رتَّب شِعْرَهُمَا, فَجَاءَ نَحْوَ أَلفِ وَرَقَةٍ, ثُمَّ قَالَ: تُوفَّيا وبُيِّضَ فدلَّ عَلَى مَوْتِهِمَا قَبْلَ سَنَةِ سَبْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ. وَلَهُمَا مِنَ الكُتُبِ كِتَابُ "أَخْبَارِ المَوْصِلِ"، وَ"أَخْبَارِ أَبِي تَمَّامٍ", وغير ذلك من الأدبيات.

(12/374)


3483- شَافِعُ بنُ مُحَمَّدٍ 1:
ابْنِ الحَافِظِ أَبِي عَوَانَةَ يعقوب بن إسحاق الحَافِظُ الإِمَامُ المُفِيْدُ أَبُو النَّضْرِ الإِسْفَرَايينِيُّ.
سَمِعَ مِنْ جدِّهِ, وَمِنْ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مبشّرٍ، وَأَبِي الحَسَنِ بنِ جَوْصَا, وَعَبْدِ اللهِ بنِ الزِّفْتِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الوَارِثِ العسَّال, وَأَبِي جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الدَّيبُلي، وَالقَاضِي المَحَامِلِيِّ, وَطَبَقَتِهِم.
وَعَنْهُ: الحَاكِمُ, والسُّلَمي، وَأَبُو نُعَيْمٍ, وَأَبُو ذَرٍّ الهَرَوِيُّ, وَأَبُو مَسْعُوْدٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الرَّازِيُّ، وَأَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرُوذِيُّ, وَآخرُوْنَ.
قَالَ الحَاكِمُ: خرَّجت عَنْهُ فِي الصَّحِيْحِ.
قُلْتُ: توفِّي بِجُرْجَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائة.
__________
1 ترجمته في تاريخ جرجان "ص189".

(12/374)


3484- الورَّاق 1:
الإِمَامُ المحدِّث, أَبُو بَكْرٍ, مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ العَبَّاسِ البَغْدَادِيُّ المُسْتَمْلِي الورَّاق.
سَمِعَ أَبَاهُ, وَالحَسَنَ بنَ الطيِّب، وَعُمَرَ بنَ أَبِي غَيْلاَنَ, وَأَحْمَدَ بنَ الحَسَنِ الصُّوْفِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ مُحَمَّدٍ البَاغَنْدِيَّ, وَالبَغَوِيَّ.
وَعَنْهُ: الدَّارَقُطْنِيُّ, وَالبَرْقَانِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الخلَّال, وَأَحْمَدُ بنُ عُمَرَ القَاضِي، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الجوهري, وعِدَّة.
وُلِدَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَمَاتَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قَالَ أَبُو حَفْصٍ بنُ الزيَّات: حضَرتُ عِنْدَ الصُّوْفِيِّ، وَحضرَ إِسْمَاعِيْلُ الورَّاق مَعَ ابنِهِ, فسَمِعَ نُسخةَ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ, فَقَامَ إِسْمَاعِيْلُ وَأَخذَ بِيَدِ ابنِهِ, وَقَالَ للجَمَاعَةِ: اشْهَدُوا أنَّ ابْنِي قَدْ سَمِعَ مِنْ هَذَا الشَّيْخِ نُسخَةَ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ.
قَالَ الخَطِيْبُ: سَأَلْتُ البَرْقَانِيَّ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ فَقَالَ: ثِقَةٌ ثِقَةٌ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي الفَوَارِسِ: فِيْهِ تسَاهلٌ, ضَاعتْ كُتُبُه, وَاسْتحدَثَ نُسخاً مِنْ كُتُبِ النَّاسِ.
وَقَالَ عُبَيْدُ اللهِ الأَزْهَرِيُّ: حَافظٌ لَيِّن فِي الرِّوَايَةِ, يُحَدِّثُ مِنْ غَيْرِ أَصلٍ.
قُلْتُ: التَّحْدِيْثُ مِنْ غَيْرِ أَصلٍ قَدْ عَمَّ اليَوْمَ وطَمَّ, فَنَرْجُو أَنْ يَكُونَ وَاسِعاً بَانضِمَامِهِ إِلَى الإِجَازَةِ.
الخَطِيْبُ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عُمَرَ القَاضِي, حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الورَّاق قَالَ: دَقَقْتُ بَابَ ابْن صَاعِدٍ فَقَالَ: مَنْ ذَا؟ فَقُلْتُ: أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي علي, أههنا يَحْيَى بنُ صَاعِدٍ؟ فَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ لِلْجَارِيَةِ: هَاتِي النَّعل حَتَّى أَخرجَ إِلَى هَذَا الجَاهلِ الَّذِي يكتنِي ويسمِّيني, فأصفعه.
قُلْتُ: عِنْدَ أَبِي اليُمن الكِنْدي مِنْ أَمَالِي الورَّاق هَذَا جُزْءٌ سَمِعنَاهُ عَلَى أَبِي حَفْصٍ القوَّاس بالإجازة.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "2/ 53"، والعبر "3/ 8"، وميزان الاعتدال "3/ 484"، ولسان الميزان "5/ 80"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 92".

(12/375)


3485- ابن عون الله:
الشَّيْخُ المُحَدِّثُ الإِمَامُ الرَّحَّالُ أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ عَوْنِ اللهِ بنِ حُدَيْرِ بنِ يَحْيَى القُرْطُبِيُّ البَزَّازُ.
حَجَّ وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي سَعِيْدٍ بنِ الأَعرَابِيِّ، وَخَيْثَمَةَ بنِ سُلَيْمَانَ وَأَحْمَدَ بنِ سَلَمَةَ بنِ الضَّحَّاكِ، وَأَبِي يَعْقُوْبَ الأَذْرَعِيِّ وَخَلْقٍ مِنْ طَبَقَتِهِم.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو الوَلِيْدِ بنُ الفَرَضِي، وَأَبُو عُمَرَ الطَّلَمَنْكِيُّ وَجَمَاعَةٌ.
وَكَانَ صَدُوْقاً صَالِحاً شدِيداً عَلَى المُبْتَدِعَةِ لَهِجاً بِالسُّنَّةِ صَبُوْراً عَلَى الأَذَى.
قَالَ ابْنُ الفَرَضِي: كتبَ النَّاسُ عَنْهُ قديماً، وَحديثاً وَكتبتُ عَنْهُ. وَقَالَ لِي: وُلدْتُ سَنَةَ ثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: كَانَ طَوِيْلَ الرُّوحِ عَلَى الطَّلبَةِ, يُسمِّعُهُمْ عامَّة نَهَارِهِ، وَلَهُ قَصصٌ مَعَ أَهْلِ الأَهوَاءِ.
مَاتَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.

(12/376)


3486- ابن مُفَرِّج 1:
الإِمَامُ الفَقِيْهُ الحَافِظُ القَاضِي, أَبُو عَبْدِ اللهِ, مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ مُفَرِّج الأُمَوِيُّ, مَوْلاَهُم القُرْطُبِيُّ، ويكنَّى أَيْضاً أَبَا بَكْرٍ.
سَمِعَ أَبَا سَعِيْدٍ بنَ الأَعرَابِيِّ, وَقَاسِمَ بنَ أَصْبَغَ، وَخَيْثَمَةَ بنَ سُلَيْمَانَ، وَأَبَا المَيْمُوْنِ بنَ رَاشِدٍ, وَمُحَمَّدَ بنَ الصَّموت, وَعِدَّةً.
وَسَمِعَ بِالحِجَازِ وَالشَّامِ وَاليَمَنِ، وَكَانَ رفيقَ ابْن عَوْنِ اللهِ فِي الرِّحلَةِ.
حدَّث عَنْهُ: شَيْخُهُ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ، وَأَبُو الوَلِيْدِ بنُ الفَرَضِي, وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ شَاكِرٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ رَبيْعٍ التَّمِيْمِيُّ, وَأَبُو عُمَرَ الطَّلََمَنكي, وخلق.
وعدة شيوخه مائتان وثلاَثُونَ نَفْساً.
قَالَ ابْنُ الفَرَضِي: اتَّصل بِصَاحِبِ الأَنْدَلُسِ, وَكَانَ ذَا مكَانَةٍ عِنْدَهُ, صنَّف لَهُ عِدَّةَ كتبٍ, فولَّاه القَضَاءَ. قَالَ: وَكَانَ حَافِظاً بَصِيْراً بأَسمَاءِ الرِّجَالِ وَأَحوَالِهُمْ, أَكْثَرَ النَّاسُ عَنْهُ.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ عَفِيْفٍ: كَانَ ابن مُفَرِّج من أغنى الناس بِالعِلْمِ، وَأَحفَظِهِمْ لِلْحَدِيْثِ. مَا رَأَيْتُ مِثْلَهُ فِي هَذَا الفَنِّ, مِنْ أَوثقِ المُحَدِّثِيْنَ وَأَجْوَدِهِمْ ضَبْطاً.
وَقَالَ الحُمَيْدِيُّ: حَافظٌ جليلٌ مصنِّف, لَهُ كتبٌ فِي الفِقْهِ، وَفِي فَقهِ التَّابِعِيْنَ, وألَّف كِتَابَ "فِقْهِ الحَسَنِ البَصْرِيِّ" فِي سَبْعِ مُجَلَّدَاتٍ, وَ"فِقْهِ الزُّهْرِيِّ" فِي عِدَّةِ أَجْزَاءٍ، وَجمعَ مُسْنَداً مِمَّا حَمَلَهُ عَنْ قَاسِمِ بنِ أَصْبَغَ فِي مُجَلَّدَاتٍ.
قَالَ ابْنُ الفَرَضِي: مَاتَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ ثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ, وَلَهُ سِتٌّ وَسِتُّوْنَ سنة -رحمه الله.
__________
1 ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 941"، والعبر "3/ 13"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 158"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 97".

(12/376)


3487- الزهري 1:
الشَّيْخُ العَالِمُ الثِّقَةُ العَابِدُ, مُسْنَدُ العِرَاقِ, أَبُو الفَضْلِ, عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ محمد بن عبيد الله بن سعد بن الحَافِظِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ ابْنِ صَاحِبُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ القُرَشِيُّ الزُّهْرِيُّ العَوْفِيُّ البَغْدَادِيُّ.
وُلِدَ سَنَةَ تِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ, وَسَمِعَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ وَبعدَهَا, مِنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ شَرِيكٍ الكُوْفِيِّ، وَجَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ الفِرْيَابِيِّ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ إِسْحَاقَ المَدَائِنِيِّ, وَمُحَمَّدِ بنِ حُمَيْدِ بنِ المُجَدِّرِ، وَالحَسَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ شُعْبَةَ, وَأَبِي القَاسِمِ البَغَوِيِّ, وَابنِ أَبِي دَاوُدَ, وَجَمَاعَةٍ.
وتفرَّد فِي زمانه.
حدَّث عَنْهُ: البَرْقَانِيُّ, وَعَبْدُ العَزِيْزِ الأَزَجِيُّ, وَأَبُو مُحَمَّدٍ الخَلاَّلُ، وَأَبُو القَاسِمِ التَّنُوْخِيُّ, وَأَبُو مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيُّ, وَالحَسَنُ بنُ غَالِبٍ المُقْرِئُ, وَطَائِفَةٌ, آخِرُهُمْ وَفَاةً: أَبُو جَعْفَرٍ بنُ المُسْلِمَةِ.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ ثِقَةً.
وَقَالَ العَتِيْقِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا الفَضْلِ الزُّهْرِيَّ يَقُوْلُ: حضَرتُ مَجْلِسَ الفِرْيَابِيِّ وَفِيْهِ عَشْرَةُ آلاَفٍ, لَمْ يَبْقَ مِنْهُم غَيْرَي, وَجَعَلَ يَبْكِي.
وَقَالَ الأَزَجِيُّ: هُوَ شَيْخٌ ثِقَةٌ, مُجَابُ الدُّعَاءِ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ثِقَةٌ, صَاحبُ كِتَابٍ، وَآبَاؤُهُ كلهُمْ قد حدَّثوا.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "10/ 368"، والعبر "3/ 18"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 161"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 101".

(12/377)


مَاتَ الزُّهْرِيُّ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، وَقِيْلَ: مَاتَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
سمِعنَا مِنْ طِرِيْقِهِ "صِفَةَ المُنَافِقِ" للفِرْيَابِيِّ.
وَهُوَ جَدُّ خطيبِ القُدسِ قطبِ الدِّينِ عَبْدِ المُنْعِمِ بنِ يَحْيَى بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَلِيِّ بنِ جَعْفَرِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ الحَسَنِ ابْنِ صَاحِبِ التَّرْجَمَةِ.
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي المَعَالِي أَحْمَدَ بنِ إِسْحَاقَ المُقْرِئِ, أَخْبَرَكَ الفتحُ بنُ عَبْدِ اللهِ الكَاتِبُ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ عشرين وست مائة, وأبو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ يُوْسُفَ بنِ صَرْمَا إِجَازَةً إِنْ لَمْ يَكُنْ سَمَاعاً، وَاللَّفْظُ لَهُ, قَالاَ: أَخْبَرَنَا القَاضِي أَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ الشَّافِعِيُّ, زَادَ الفتحُ: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَسَنٍ الطَّرَائِفِيُّ سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعينَ وَخَمْسِ مائَةٍ, وَأَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ المكبِّرُ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعينَ, قَالُوا: أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ المُعَدِّلُ, أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيُّ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ, حَدَّثَنَا أَبوْ بَكْرٍ جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ الفِرْيَابِيُّ سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ, حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيْدٍ, حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ, عَنْ قَتَادَةَ, عَنْ أَنَسٍ, عَنْ أَبِي مُوْسَى الأَشْعَرِيِّ, قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَثَلُ المُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثَلِ الأُتْرُجَّة؛ رِيْحُهَا طَيِّبٌ, وَطَعْمُهَا طَيِّبٌ، وَمَثَلُ المُؤْمِنِ الَّذِي لاَ يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثَلِ التَّمْرَةِ؛ لاَ رِيْحَ لَهَا, وَطَعْمُهَا حُلْو، ومَثَل المُنَافِقِ الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثَلِ الرَّيْحَانَةِ؛ رِيْحُهَا طَيِّبٌ, وَطَعْمُهَا مُرٌّ, وَمَثَلُ المُنَافِقِ الَّذِي لاَ يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثَلِ الحَنْظَلَةِ؛ لَيْسَ لَهَا رِيْحٌ وَطَعْمُهَا مُرّ" 1.
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ, وَقَدِ أَخرجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ, عَنْ قُتَيْبَةَ, فَوَافَقْنَاهُمَا بعلوِّ دَرَجَةٍ مَعَ اتِّصَالِ السَّمَاعِ, وَللهِ الحَمْدُ.
وَبِهِ إِلَى الفِرْيَابِيِّ, حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بنُ خَالِدٍ, حَدَّثَنَا هَمَّامٌ, حَدَّثَنَا قَتَادَةُ, عَنْ أَنَسٍ, عَنْ أَبِي مُوْسَى, أنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَثَلُ المُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ كَمَثَل الأُتْرُجَّةِ...... " فَذَكَرَ الحَدِيْثَ, أَخرجَاهُ عن هدبة بتمامه.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "5020"، ومسلم "797"، وأبو داود "4829"، "4830"، "4831"، والنسائي "8/ 124-125"، وابن ماجة "214".

(12/378)


المرواني، والصندوقي، والنسفي:
3488- المرْوَانِيّ 1:
الشَّيْخُ أَبُو نَصْرٍ, أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مَرْوَانَ بنِ عُبَيْدِ بنِ أَبِي مَرْوَانَ الضَّبِّيُّ المَرْوَانِيُّ النَّيْسَابُوْرِيُّ.
سَمِعَ ابنَ خُزَيْمَةَ، وَابنَ شَادِلَ, وَالسَّرَّاجَ, وَمُحَمَّدَ بنَ حَمْدُوْنَ, وَطَائِفَةً.
وَعَنْهُ: الحَاكِمُ، وَأَبُو حَفْصٍ بنُ مَسْرورٍ, وَأَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرُوذِيُّ, وَآخرُوْنَ.
مَاتَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ ثمانين وثلاث مائة.
3489- الصُّنْدُوقِيّ 2:
الشَّيْخُ الصَّدُوْقُ, أَبُو العبَّاس أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ إِسْحَاقَ النَّيْسَابُوْرِيُّ الصَّنْدُوقِيُّ.
سَمِعَ: مُحَمَّدَ بنَ شَادِلَ, وَابنَ خُزَيْمَةَ, وَمُحَمَّدَ بنَ المسيَّبِ، وَأَبَا العَبَّاسِ الثَّقَفِيَّ, وَعِدَّةً, حَتَّى قَالَ الحَاكِمُ: تفرَّد بِالرِّوَايَةِ عَنْ بِضْعَةَ عَشرَ شَيْخاً, وَعَاشَ أَرْبَعاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
رَوَى عَنْهُ الحَاكِمُ, وَأَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرُوذِيُّ, وَجَمَاعَةٌ.
توفِّي فِي شَوَّالٍ سنة ثمانين وثلاث مائة.
3490- النَّسَفِيّ:
الشَّيْخُ المُعَمَّرُ, أَبُو عَمْرٍو, بَكْرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرِ بنِ رَاهبٍ النَّسَفِيُّ المُؤَذِّنُ.
رَاوِي "صَحِيْحِ البُخَارِيِّ" عَنْ حمَّاد بنِ شَاكِرٍ, وَرَوَى أَيْضاً عَنْ مَحْمُوْدِ بنِ عنبرٍ.
رَوَى عَنْهُ جَعْفَر المُسْتَغْفِرِيُّ، وَقَالَ: كَانَ كَثِيْرَ التِّلاَوَةِ, شدِيداً عَلَى المُبْتَدِعَةِ.
حَدَّثَنَا بِالكِتَابِ "الجَامعِ" عَنِ ابْنِ شاكر.
توفِّي سنة ثمانين وثلاث مائة.
__________
1 ترجمته في العبر "3/ 13"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 96".
2 ترجمته في الأنساب للسمعاني "8/ 90"، واللباب لابن الأثير "2/ 247"، والعبر "3/ 13"، وشذرات الذهب "3/ 96".

(12/379)


3491- طلحة بن محمد 1:
ابن جعفر الشَّاهدُ, الشَّيْخُ العَالِمُ الأَخْبَارِيُّ المؤرِّخ, أَبُو القَاسِمِ البَغْدَادِيُّ المُقْرِئُ.
وُلِدَ سَنَةَ تِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ مِنْ: عُمَرَ بنِ أَبِي غَيْلاَنَ، وَأَبِي القَاسِمِ البَغَوِيِّ، وَأَبِي صَخْرَةَ الكَاتِبِ, وَعِدَّةٍ.
وَتلاَ عَلَى ابن مجاهد.
تَلاَ عَلَيْهِ أَبُو العَلاَءِ الوَاسِطِيُّ, وَغَيْرُهُ.
وحدَّث عَنْهُ: عُبَيْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الأَزْهَرِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الخلَّال, وَأَبُو القَاسِمِ التَّنُوْخِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيُّ, وَآخرُوْنَ.
صنَّف كِتَابَ "أَخْبَارِ القُضَاةِ" ضَعَّفَه الأَزْهَرِيُّ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي الفَوَارِسِ: كَانَ يدعُو إِلَى الاِعتزَالِ.
توفِّي سَنَةَ ثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ, وله تسعون سنة.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "9/ 351"، والعبر "3/ 13"، وميزان الاعتدال "2/ 342"، ولسان الميزان "3/ 212"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 158"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 97".

(12/380)


3492- محمد بن إبراهيم 1:
ابن حمدان, الإمَامُ المُسْنِدُ, أَبُو بَكْرٍ البَغْدَادِيُّ, قَاضِي دَيْرِ عَاقُوْلَ.
حدَّث عَنْ جَدِّهِ, وَعَنْ عُمَرَ بنِ أَبِي غَيْلاَنَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ زَيْدَانَ البَجَلِيِّ، وَأَبِي القَاسِمِ البَغَوِيِّ, وَمُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ الأُشْنَانِيِّ.
وَعَنْهُ: أَبُو القَاسِمِ الأَزْهَرِيُّ, وَأَبُو مُحَمَّدٍ الخلَّال، وَعَلِيُّ بنُ المحسَّنُ, وَأَبُو مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيُّ. وَكَانَ جَدُّهُ يَرْوِي عَنْ عَبْدِ الأَعْلَى بنِ حمَّاد النَّرْسِيِّ.
توفِّي فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ ثَمَانِيْنَ وثلاث مائة.
وثَّقه الخلَّال.
وَفِيْهَا مَاتَ طَلْحَةُ الشَّاهدُ، وَأَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ أَبِي مَرْوَانَ الضَّبِّيُّ, وَبَكْرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ رَاهبٍ النَّسَفي رَاوِي "الصَّحِيْحِ" عَنْ حَمَّادِ بنِ شَاكِرٍ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مُفَرّج, وَوزيرُ مِصْرَ يَعْقُوْبُ بنُ يُوْسُفَ بن كلس, وآخرون.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "1/ 415".

(12/380)


3493- ابن المُقْرِئ 1:
الشَّيْخُ الحَافِظُ الجوَّال الصَّدُوْقُ, مُسْنِدُ الوَقْتِ, أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَلِيِّ بنِ عَاصِمِ بنِ زَاذَانَ الأَصْبَهَانِيُّ, ابْنُ المُقْرِئِ صَاحِبُ "المُعْجَمِ" وَالرِّحلَةِ الوَاسِعَةِ.
وُلِدَ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وأوَّل سمَاعِهِ عَلَى رَأْسِ الثَّلاَثِ مائَةٍ؛ فسَمِعَ مِنْ: مُحَمَّدِ بنِ نُصَيْرِ بنِ أَبَانَ المَدِيْنِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الفَرْقَدِيِّ صَاحِبَيْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ عَمْرٍو البَجَلِيِّ، وَمِنْ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ مَتُّويه الإِمَامِ, وَقَالَ: هُوَ أوَّل مَنْ كَتَبْتُ عَنْهُ. وَسَمِعَ مِنْ عُمَرَ بن أبي غيلان, وأحمد بن الحسن الصوفي، وَأَبِي بَكْرٍ البَاغَنْدِيِّ, وَحَامِدٍ بنِ شُعَيْبٍ, وَالبَغَوِيِّ, وَطَبَقَتِهِم بِبَغْدَادَ، وَعَبْدَانَ الجَوَالِيْقِيِّ بِالأَهْوَازِ, وَأَبِي يَعْلَى المَوْصِلِيِّ بِالمَوْصِلِ، وَمُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ قُتَيْبَةَ بعسْقَلاَنَ, وَإِسْحَاقَ بنِ أَحْمَدَ الخُزَاعِيِّ, وَالمُفَضَّلِ بنِ مُحَمَّدٍ الجَنَدِيِّ، وَابنِ المُنْذِرِ بِمَكَّةَ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ زَيْدَانَ البَجَلِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ عَبَّاسٍ المَقَانِعِيِّ بِالكُوْفَةِ, وَعَبْدِ الله بنِ مُحَمَّدِ بنِ سَلْمٍ, وعدة ببيت المقدس، وإبراهيم بنِ مَسْرُوْرٍ صَاحِبِ لُوَيْن بِحَلَبَ, وَأَحْمَدَ بنِ يَحْيَى بنِ زُهَيْرٍ الحَافِظِ بِتُسْتَرَ, وَأَحْمَدَ بنِ هِشَامِ بنِ عمَّار، وَمُحَمَّدِ بنِ الفَيْضِ, وَسَعِيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ, وَمُحَمَّدِ بنِ خُرَيْمٍ بِدِمَشْقَ, وَمُحَمَّدِ بنِ المُعَافَى بِصَيْدَا, وَمَكْحُوْلٍ ببَيْرُوْتَ, وَمُحَمَّدِ بنِ عُمَيْرٍ بِالرَّمْلَةِ, حدَّثه عَنْ هِشَامِ بنِ عمَّار، وَمأْمُوْنِ بنِ هَارُوْنَ بِعَكَّا, ومَضَاء بنِ عَبْدِ البَاقِي بأَذَنَة, وَجَعْفَرِ بنِ أَحْمَدَ بنِ سِنَانٍ، وَعِدَّةٍ بِوَاسِطَ, وَمُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ رَوْحٍ بِعَسْكَرِ مُكْرَم, وَمُحَمَّدِ بنِ تَمَّامٍ البَهْرَانِيِّ وَطَبَقَتِهِ بحِمْصَ, وَالحُسَيْنِ بنِ عَبْدِ اللهِ القَطَّانِ بِالرَّقَّةِ، وَمُحَمَّدِ بنِ زَبَّانَ, وَعَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ عَلاَّنَ, وَأَبِي جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيِّ, وَخَلْقٍ بِمِصْرَ.
فمنهُمْ دَاوُدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ رُوزبة, وَكَهْمَسُ بنُ مَعْمَرٍ صَاحبُ مُحَمَّدِ بنِ رُمْحٍ, وَمِنْ أَبِي عَرُوْبَةَ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي مَعْشَرٍ بحرَّان, وحدَّثه عَنْ هُدْبَةَ بنِ خَالِدٍ عُمَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ إِسْحَاقَ بِالأَهْوَازِ, وَانْتَقَى لِنَفْسِهِ فوائِدَ وَغَرَائِبَ, وصنَّف مُسْنَداً للإمَامِ أَبِي حَنِيْفَةَ, وَرَوَى كُتُباً كِبَاراً.
حدَّث عَنْهُ: أَبُو إِسْحَاقَ بنُ حَمْزَةَ الحَافِظ, وَأَبُو الشَّيْخِ بنُ حَيَّان -وَهُمَا أَكبرُ مِنْهُ, وَأَبُو بَكْرٍ بنُ مَرْدَوَيْه, وَابنُ أَبِي عَلِيٍّ الذَّكْوَانِيُّ, وَأَبُو سَعِيْدٍ النَّقَّاشُ، وأبو نعيم الحافظ, وحمزة بن
__________
1 ترجمته في أخبار أصبهان "2/ 297"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 913"، والعبر "3/ 18"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 161"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 101".

(12/381)


يُوْسُفَ السَّهْمِيُّ, وَأَبُو مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ الصوَّاف، وَالإمَامُ أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الواحدِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ شَهْرَيَارَ, وَمُحَمَّدُ بنُ طَاهِرِ بنِ طَبَاطَبَا العَلَوِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ طَاهِرٍ الهَاشِمِيُّ النَّقِيْبُ، وَمُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ البقَّال, وَمُحَمَّدُ بنُ حُسَيْنٍ البُرْجِيُّ المُؤَدِّبُ, وَأَبُو سَعْدٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدُ الوَهَّابِ بنِ بَطَّةَ، وَأَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مَاشَاذَهَ المقدِّر, وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الواحدِ الجَوْهَرِيُّ, وَأَبُو زَيْدٍ مُحَمَّدُ بنُ سَلاَمَةَ, وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ النُّعْمَانِ الصَّائِغُ، وَأَبُو طَاهِرٍ أَحْمَدُ بنُ مَحْمُوْدٍ الثَّقَفِيُّ, وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ ديزِكَةَ, وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ مَنْصُوْرٍ سِبْطُ بَحْرَوَيْه، وَأَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ هَامُوشةَ, وَدَاوُدُ بنُ سُلَيْمَانَ الوكيلُ, وَأَبُو عَمْرٍو شَيْبَانُ بنُ مُحَمَّدٍ الجرقوِيُّ, وَطَاهرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مَنْدَةَ، وَأَبُو القَاسِمِ طَاهِرُ بنُ مُحَمَّدٍ العُكْلِيُّ, وَطَلْحَةُ بنُ عَبْدِ الملكِ التَّاجِرُ, وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الصَّمدِ الدُّلَيْلِيُّ، وَعُمَرُ بنُ حُسَيْنِ بنِ حَمْدَانَ الصَّائِغُ, وَعُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ الوزَّان, وَعَبْدُ الوَاحِدِ بنُ إِبرَاهِيْمَ الأَرْدَسْتَانِيُّ, وَأَبُو الطَّيِّبِ عَبْدُ الرزَّاق بنُ عُمَرَ بنِ شمَّة, وَأَبُو الفَضْلِ عَبْدُ الرزَّاق بنُ أَحْمَدَ البقَّال, وَأَبُو طَاهِرٍ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ الكَاتِبُ, وَمَنْصُوْرُ بنُ الحُسَيْنِ التَّانِيُّ.
قَالَ ابْنُ مَرْدَوَيْه فِي "تَارِيْخِهِ": ثِقَةٌ مَأْمُوْنٌ, صَاحِبُ أُصولٍ.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: محدِّث كَبِيْرٌ ثِقَةٌ, صَاحبُ مَسَانِيْدَ, سَمِعَ ما لا يحصى كثرة.
أَبُو طَاهِرٍ أَحْمَدُ بنُ مَحْمُوْدٍ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ المُقْرِئِ يَقُوْلُ: طِفْتُ الشَّرقَ وَالغربَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ.
وَرَوَى رَجُلاَنِ عَنِ ابْنِ المُقْرِئِ قَالَ: مَشَيْتُ بِسببِ نُسخَةِ مُفَضَّل بنِ فَضَالَةَ سَبْعِيْنَ مَرْحَلَةً، وَلَوْ عُرِضَت عَلَى خبَّازٍ بِرَغيفٍ لَمْ يَقْبَلْهَا.
قَالَ أَبُو طَاهِرٍ بنُ سَلَمَةَ: سَمِعْتُ ابنَ المُقْرِئِ يَقُوْلُ: دَخَلتُ بَيْتَ المَقْدِسِ عَشْرَ مَرَّاتٍ، وَحَجَجْتُ أَرْبَعَ حِجَّاتٍ, وَأَقمتُ بِمَكَّةَ خَمْسَةً وَعِشْرِيْنَ شَهْراً.
ورُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي عَلِيٍّ قَالَ: كَانَ ابْنُ المُقْرِئِ يَقُوْلُ: كُنْتُ أَنَا وَالطَّبَرَانِيُّ وَأَبُو الشَّيْخِ بِالمَدِيْنَةِ, فضَاقَ بِنَا الوَقْتُ, فَوَاصَلْنَا ذَلِكَ اليَوْمَ, فلمَّا كَانَ وَقتُ العشَاءِ حضَرتُ القَبْرَ, وَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ, الجُوْع, فَقَالَ لِي الطَّبَرَانِيُّ: اجلسْ, فإمَّا أَنْ يَكُونَ الرِّزْقُ أَوِ المَوْتُ, فَقُمْتُ أَنَا وَأَبُو الشَّيْخِ, فحضرَ البَابَ عَلَوِيٌّ فَفَتَحْنَا لَهُ, فَإِذَا مَعَهُ غُلاَمَانِ بِقفَّتَيْنِ فِيْهِمَا شَيْءٌ كَثِيْرٌ, وَقَالَ: شَكَوْتُمُونِي إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, رَأَيْتُهُ فِي النَّوْمِ, فَأَمَرَنِي بِحَمْلِ شَيْءٍ إِلَيْكُمْ.
قَالَ الحَافِظُ أَبُو مُوْسَى المَدِيْنِيُّ: حَدَّثَنَا مَعْمَرُ بنُ الفَاخِرِ, حَدَّثَنَا عمِّي, سَمِعْتُ أَبَا نَصْرٍ بنَ أَبِي الحَسَنِ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ ابنَ سلاَمَةَ يَقُوْلُ: قِيْلَ للصَّاحبِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ عبَّاد: أَنْتَ رَجُلٌ

(12/382)


مُعْتَزِلِيٌّ, وَابنُ المُقْرِئِ محدِّث, وَأَنْتَ تُحِبُّهُ, قَالَ: لأَنَّهُ كَانَ صَدِيْقُ وَالِدِي, وَقَدْ قِيْلَ: مودَّة الآباءِ قرَابَةُ الأَبنَاءِ، وَلأَنِّي كُنْتُ نَائِماً فرَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي النَّوْمِ يَقُوْلُ لِي: أَنْتَ نَائِمٌ وَوَلِيٌّ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللهِ عَلَى بَابِكَ?! فَانتبهتُ وَدعوتُ, وَقُلْتُ: مَنْ بِالبَابِ؟ فَقَالَ: أَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَهْدِي: سَمِعْتُ ابنَ المُقْرِئِ يَقُوْلُ: مَذْهَبِي فِي الأُصُولِ مَذْهَبُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَأَبِي زُرْعَةَ الرَّازِيِّ.
وَكَانَ ابْنُ المُقْرِئِ خَازنَ كُتُبِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ عبَّاد. وَمَا وَقَعَ لِي مِنْ عَوَالِيْهِ بِالإِجَازَةِ سِوَى نُسْخَةِ مأْمُوْنٍ الَّتِي انْفَرَدَ بعلوِّها أَبُو سَعْدٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ المَدِيْنِيُّ. وَقَدْ سَمِعَ ابْنُ المُقْرِئِ الحَدِيْثَ فِي نَحْوٍ مِنْ خَمْسِيْنَ مدينَةٍ، وَانْتَقَيْتُ مِنْ مُعْجَمِهِ أَرْبَعينَ حَدِيْثاً سَمِعْتُهَا بِأَرْبَعِيْنَ بَلَداً، وَكذَلِكَ انْتَقَيْتُ لأَبِي الحُسَيْنِ بنِ جُمَيْع الغَسَّانِيِّ أَرْبَعينَ بلديَّة.
قَالَ أَبُو طَاهِرٍ بنُ سلمة: سمعت ابن المقرئ يقول: استلمت الحَجَرَ فِي لَيْلَةٍ مائَةً وَخَمْسِيْنَ مرَّةً.
توفِّي ابْنُ المُقْرِئِ فِي شَهْرِ شَوَّالٍ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ, وَلَهُ سِتٌّ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً.
وَمَاتَ مَعَهُ فِي العَامِ: مُقْرِئُ نَيْسَابُورَ أَبُو بَكْرٍ بنُ مِهْرَانَ مصنِّف "الغَايَةِ"، وَرَاوِي "الصَّحِيْحِ" عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَمَّوَيْه السَّرَخْسِيُّ, وَمُقْرِئُ مِصْرَ أَبُو عَدِيٍّ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عَلِيٍّ ابْنِ الإِمَامِ، وَقَاضِي العِرَاقِ أَبُو مُحَمَّدٍ عُبَيْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ مَعْرُوْفٍ, وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ بنِ دوْسَا العلَّاف, وآخرون.

(12/383)


3494- ابن مَحْمَويه:
الشَّيْخُ الصَّدُوْقُ, أَبُو سَعِيْدٍ, مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ مُوْسَى بنِ مَحموَيْه النَّيْسَابُوْرِيُّ السِّمسار.
سَمِعَ إِمَامَ الأَئِمَّةِ ابنَ خُزَيْمَةَ, وَمُحَمَّدَ بنَ جُمُعَةَ الحَافِظَ.
وَعَنْهُ: الحَاكِمُ، وَعُمَرُ بنُ مَسْرُوْرٍ, وَأَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرُوذِيُّ.
مَاتَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ ثَمَانِيْنَ وثلاث مائة.

(12/383)


ابن شيرويه، والقطان، والبلوطي:
3495- ابن شيرويه:
الشَّيْخُ المُعَمَّرُ, أَبُو بَكْرٍ, مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ شِيْرَوَيْه النَّيْسَابُوْرِيُّ, نزيلُ فارس بمدينة فَسَا. ثقة صدوق.
سَمِعَ: الحَسَنَ بنَ سُفْيَانَ، وَابنَ خُزَيْمَةَ, وَأَبَا العَبَّاسِ الثَّقَفِيَّ.
رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ القَصَّار، ووثَّقه وَقَالَ: قَالَ لِي: وُلِدْتُ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَالَ الحَافِظُ أَبُو مَسْعُوْدٍ الدِّمَشْقِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو بنَ حَمْدَانَ الحِيْرِيَّ، وَسُئِلَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ شِيْرَوَيْه الَّذِي يُحَدِّثُ بفَسَا فَقَالَ: مَا سمِعنَا مُسْنَدَ الحَسَنِ بنِ سُفْيَانَ إلَّا حِيْنَ قَدِمَ بِهِ وَالِدُهُ, فَوَزَنَ لِلْحَسَنِ مائَةَ دِيْنَارٍ, فَسَمِعنَا مَعَهُ.
قَالَ ابْنُ نُقْطَةَ وَغَيْرُهُ: توفِّي سَنَةَ ثَمَانِيْنَ وثلاث مائة, وله تسع وتسعون سنة.
قلت: ضيَّعه أَهْلُ تِلْكَ الدِّيَارِ، وَلَمْ يَغْتَنِمُوا إِسْنَادَهُ العالي.
3496- القَطَّان:
الحَافِظُ العَالِمُ, محدِّث دِمَشْقَ, أَبُو مُحَمَّدٍ, عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَيُّوْبَ بنِ حَيَّانَ الدِّمَشْقِيُّ القَطَّانُ. لَهُ رِحْلَةٌ وَاسِعَةٌ إِلَى الحِجَازِ وَالعِرَاقِ وَالجَزِيْرَةِ وَالنَّواحِي.
حدَّث عَنْ: أَبِي بَكْرٍ الخرَائِطيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ مَخْلَدٍ العَطَّار وَأَبِي العَبَّاسِ بنِ عُقْدَةَ، وَيَعْقُوْبَ الجَصَّاصِ, وَأَبِي سَعِيْدٍ ابْنِ الأَعْرَابِيِّ, وَأَمْثَالِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: تَمَّامٌ الرَّازِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عطيَّةَ, وَمُحَمَّدُ بنُ عَوْفٍ المُزَنِيُّ, وَآخرُوْنَ.
لَمْ يذكُرْ لَهُ ابْنُ عساكر وفاة.
3497- البَلُّوطِيّ 1:
الإِمَامُ الحَافِظُ, أَبُو الفَرَجِ, مُحَمَّدُ بنُ الطَّيِّبِ بنِ مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيُّ البَلُّوْطِيُّ.
سَمِعَ أَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي دَاوُدَ، وَأَبَا ذَرٍّ بنَ البَاغَنْدِيّ, وَمُحَمَّدَ بنَ سُلَيْمَانَ النِّعالي.
حدَّث بِالأَهْوَازِ وَغيْرِهَا.
حدث عنه: أبو الفتح بن أبي الفوارس، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي عَلِيٍّ الذَّكْوَانِيُّ, وَأَبُو نعيم الحافظ, وآخرون.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "5/ 378"، والأنساب للسمعاني "2/ 298"، واللباب لابن الأثير "1/ 176".

(12/384)


3498- الدَّارَكِيّ 1:
الإِمَامُ الكَبِيْرُ, شَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ بِالعِرَاقِ, أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ الدَّارَكِيُّ الشَّافِعِيُّ, سِبْطُ الحَسَنِ بنِ مُحَمَّدٍ الدَّارَكِيِّ الأَصْبَهَانِيُّ المحدِّث.
وُلِدَ بَعْدَ الثَّلاَثِ مائَةٍ.
وَرَوَى عَنْ جدِّه, وَنَزَلَ بَغْدَادَ.
وتفقَّه بَأَبِي إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَحْمَدَ المَرْوَزِيِّ, وتصدر للمذْهَب فتفقَّه بِهِ الأُسْتَاذُ أَبُو حَامِدٍ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ، وَجَمَاعَةٌ. وَانْتَهَى إِلَيْهِ مَعْرِفَةُ المَذْهَبِ, وَلَهُ وُجُوهٌ معروفَةٌ مِنْهَا: أَنَّهُ لاَ يَجُوْزُ السَّلم فِي الدَّقِيْقِ. وَكَانَ أَبُو حَامِدٍ يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ أَفْقَهَ مِنْهُ.
قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: كَانَ يُتَّهم بِالاِعْتِزَالِ، وَكَانَ رُبَّما يَخْتَارُ فِي الفَتْوَى, فيُقَال لَهُ فِي ذَلِكَ, فَيَقُوْلُ: وَيْحَكُم! حدَّث فُلاَنٌ, عَنْ فُلاَنٍ, عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِكَذَا، وَكَذَا, وَالأَخْذُ بِالحَدِيْثِ أَوْلَى مِنَ الأَخْذِ بِقَولِ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيْفَةَ.
قُلْتُ: هَذَا جَيِّدٌ, لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ قَدْ قَالَ بِذَلِكَ الحَدِيْثِ إِمَامٌ مِنْ نُظَرَاءِ الإِمَامَيْنِ مِثْلُ مَالِكٍ، أَوْ سُفْيَانَ, أَوِ الأَوْزَاعِيِّ, وَبأَنْ يَكُونَ الحَدِيْثُ ثَابِتاً سَالِماً مِنْ عِلَّةٍ، وَبأَنْ لاَ يَكُونَ حُجَّةُ أَبِي حَنِيْفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ حَدِيْثاً صحيحاً معَارضاً للآخَرِ, أمَّا مَنْ أَخَذَ بِحَدِيْثٍ صَحِيْحٍ وَقَدْ تَنَكَّبه سَائِرُ أَئِمَّةِ الاِجتهَادِ فَلاَ, كَخَبَرِ: "فَإِنْ شَرِبَ فِي الرَّابِعَةِ فَاقْتُلُوهُ" 2, وَكَحَدِيْثِ "لَعَنَ الله السارق؛ يسرق البيضة فَتُقْطَعُ يَدُهُ" 3.
توفِّي الدَّارَكِيُّ بِبَغْدَادَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ, وَهُوَ فِي عَشْرِ الثَّمَانِيْنَ. وَكَانَ ثِقَةً صَدُوْقاً.
وَدَارَكُ: مِنْ أعمال أصبهان.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "10/ 463"، والأنساب للسمعاني "5/ 249"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 129"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "3/ ترجمة 358"، والعبر "2/ 370"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 148"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 85".
2 صحيح: وقد تقدَّم تخريجنا له بإسهاب على نحوٍ يرضي جماهير علماء وطلاب علم الحديث ويروي غُلَّتَهم، فلله الحمد على ما حبانا به من علم.
3 صحيح: أخرجه البخاري "6783"، ومسلم "1687"، والنسائي "8/ 65".

(12/385)


3499- ابن مِهْرَان 1:
الإِمَامُ القُدْوَةُ المُقْرِئُ, شَيْخُ الإِسْلاَمِ, أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ مِهْرَان, الأَصْبَهَانِيُّ الأَصْلِ, النَّيْسَابُوْرِيُّ, مصنِّف "الغَايَةِ فِي القِرَاءاتِ".
وُلِدَ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدٍ المَاسَرْجَسِيَّ، وَابنَ خُزَيْمَةَ, وَأَبَا العَبَّاسِ السَّرَّاج, وَمَكِّيَّ بن عبدان, وجماعة.
وَتلاَ بِالعِرَاقِ عَلَى زَيْدِ بنِ أَبِي بِلاَلٍ، وَأَبِي الحُسَيْنِ بنِ بُويَانَ، وَأَبِي بَكْرٍ النَّقَّاشِ, وَأَبِي عِيْسَى بَكَّارٍ، وَابنِ مِقْسَم, وَبِدِمَشْقَ عَلَى أَبِي الحَسَنِ مُحَمَّدِ بنِ النَّضْرِ الأَخْرَمِ.
رَوَى عَنْهُ: الحَاكِمُ, وَابنُ مَسْرُوْرٍ، وَأَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرُوذِيُّ, وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَلّيك، وَأَبُو سَعْدٍ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ المُقْرِئُ.
وَتَلاَ عَلَيْهِ مَهْدِيُّ بنُ طَرَارَةَ, وَطَائِفَةٌ.
قَالَ الحَاكِمُ: كَانَ إِمَامَ عَصْرِهِ فِي القِرَاءاتِ, وَكَانَ أَعْبَدَ مَنْ رَأَيْنَا مِنَ القرَّاء، وَكَانَ مُجَابَ الدَّعْوَةِ. انْتَقَيْتُ عَلَيْهِ خَمْسَةَ أَجْزَاءٍ، وَقَرَأْتُ عَلَيْهِ بِبُخَارَى كِتَابَ "الشَّامِلِ" لَهُ, فِي القِرَاءاتِ.
توفِّي فِي شَوَّالٍ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وتوفِّي مَعَهُ العَامِرِيُّ2 الفَيْلَسُوفُ, فحدَّثني عُمَرُ بنُ أَحْمَدَ الزَّاهِدُ, عَنْ ثِقَةٍ رَأَى ابنَ مِهْرَانَ فِي النَّوْمِ لَيْلَةَ دَفْنِهِ, فَقُلْتُ: أَيُّهَا الأُسْتَاذُ, مَا فَعَلَ اللهُ بِكَ? قَالَ: اللهُ أَقَامَ أَبَا الحَسَنِ العَامِرِيَّ بِحِذَائِي، وقال: هذا فداؤك من النار.
__________
1 ترجمته في معجم الأدباء لياقوت الحموي "3/ 12"، والعبر "3/ 16"، والنجوم الزاهرة لابن التغري بردي "4/ 160"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 98".
2 هو أبو الحسن، محمد بن يوسف العامري النيسابوري، عالم بالمنطق والفلسفة اليونانية, ترجمته في الأعلام للزركلي "7/ 148".

(12/386)


3500- حُسَيْنَك 1:
الإِمَامُ الحَافِظُ الأَنْبَلُ القُدْوَةُ, أَبُو أَحْمَدَ, الحُسَيْنُ بن علي بن مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى التَّمِيْمِيُّ النَّيْسَابُوْرِيُّ حُسَيْنَكُ، وَيُقَالُ لَهُ أَيْضاً: ابْنُ مُنَيْنَةَ.
سَمِعَ عُمَرَ بنَ أَبِي غَيْلاَنَ, وَأَبَا القَاسِمِ البَغَوِيَّ، وَالبَاغَنْدِيَّ, وَابنَ خُزَيْمَةَ، وَأَبَا العبَّاس الثَّقَفِيَّ, وَعَبْدَ اللهِ بنَ زَيْدَانَ البَجَلِيَّ, وَطَبَقَتَهُم.
وَعَنْهُ: الحَاكِمُ, وَالبَرْقَانِيُّ، وَأَبُو حفص بن مسرور, وأبو سعد الكنجروذي, وآخرون.
قَالَ الخَطَيِّبُ: كَانَ ثِقَةً حُجَّةً.
وَقَالَ الحَاكِمُ: الغَالِبُ عَلَى سَمَاعَاتِهِ الصِّدْقُ. وَهُوَ شَيْخُ العَرَبِ فِي بَلَدِنَا، وَمَنْ وَرِثَ الثَّرْوَةَ القَدِيمَةَ، وَسَلَفُهُ جِلَّة, صحبْتُهُ حَضَراً وَسَفَراً, فَمَا رَأَيتُهُ تَرَكَ قِيَامَ اللَّيْلِ مِنْ نَحْوِ ثَلاَثِيْنَ سَنَةً, فَكَانَ يَقْرَأُ سُبُعاً كُلَّ لَيْلَةٍ، وَكَانَتْ صَدَقَاتُهُ دَارَّةً سِرّاً وَعَلاَنِيَةً. أَخْرَجَ مَرَّةً عَشْرَةً مِنَ الغُزَاةِ بآلتهم عوضًا عن نفس، وَرَابَطَ غَيْرَ مَرَّةٍ. قَالَ: وَأَوَّلُ سمَاعِهِ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ. وَكَانَ ابْنُ خُزَيْمَةَ يبعثُهُ إِذَا تخلَّف عَنْ مَجْلِسِ السُّلْطَانِ ينوبُ عَنْهُ. وَكَانَ يُعِزُّهُ وَيُقَدِّمُهُ عَلَى أَولاَدِهِ، وَفِي حِجْرِهِ تربَّى, تُوُفِّيَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: عَاشَ نَيِّفاً وثَمَانِيْنَ سَنَةً.
أَخْبَرَنَا ابْنِ عَسَاكِرَ, عَنْ أَبِي رَوْحٍ, أَخْبَرَنَا زَاهِرٌ, أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ, أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ الحُسَيْنُ بنُ عَلِيٍّ, أَخْبَرَنَا البَغَوِيُّ, حَدَّثَنَا هُدْبَةُ, حَدَّثَنَا حمَّاد, عَنْ ثَابِتٍ, عَنْ أَبِي رَافِعٍ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "كَانَتْ شَجَرَةٌ تضرُّ بِالطَّرِيْقِ, فَقَطَعَهَا رَجُلٌ, فَنَحَّاهَا عَنِ الطريق, فغُفِرَ له" رواه مسلم.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "8/ 74"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 127"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 909"، والعبر "2/ 368"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 147"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 84".
2 صحيح: أخرجه مسلم في "البر والصلة" "1914" "130" "ج4/ ص202" من طريق بهز، حدثنا حماد بن سلمة، به.

(12/387)


3501- ابن حَيّويه 1:
الإِمَامُ المحدِّث الثِّقَةُ المُسْنِدُ, أَبُو عُمَرَ, مُحَمَّدُ بنُ العَبَّاسِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ زَكَرِيَّا بنِ يَحْيَى البَغْدَادِيُّ الخَزَّازُ, ابْنُ حَيّويه, مِنْ عُلمَاءِ المحدِّثين.
سَمِعَ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَاغَنْدِيُّ, وَمُحَمَّدُ بنُ خَلَفِ بنِ المَرْزُبَانِ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ إِسْحَاقَ المَدَائِنِيَّ، وَأَبَا القَاسِمِ البَغَوِيَّ, وَابنَ أَبِي دَاوُدَ، وَعُبَيْدَ بنَ المؤمَّل, وَعُبَيْدَ اللهِ بنُ عُثْمَانَ العُثْمَانِيُّ صَاحِبُ ابْنِ المَدِيْنِيِّ, وَبَدْرَ بنَ الهَيْثَمِ، وَأَبَا حَامِدٍ الحَضْرَمِيَّ, وَمُحَمَّدَ بنَ هَارُوْنَ المُجَدِّرَ, وَطَبَقَتَهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ البَرْقَانِيُّ, وَأَبُو الفَتْحِ بنُ أَبِي الفَوَارِسِ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ العَتِيْقِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الخَلاَّلُ, وعلي بن المحسن التنوخي، وأبو محمد الجوهري, وَآخرُوْنَ.
وَرَوَى الكُتُبَ المطوَّلة.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ ثِقَةً, كَتَبَ طُولَ عُمرِهِ, وَرَوَى المصنَّفات الكِبَار. مَوْلِدُهُ فِي خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ. حدَّثني أَبُو القاسم الأزهري قَالَ: كَانَ ابْنُ حَيّويه مكثِرًا، وَكَانَ فِيْهِ تَسَامُحٌ, رُبَّما أَرَادَ أَنْ يَقْرَأَ شَيْئاً وَلاَ يَكُونُ أَصلُهُ قريباً مِنْهُ, فَيَقْرَؤُهُ مِنْ كِتَابِ أَبِي الحَسَنِ بنِ الرزَّاز؛ لِثِقَتِهِ بِذَلِكَ الكِتَابِ, ثُمَّ قَالَ: وَكَانَ مَعَ ذَلِكَ ثِقَةً.
قَالَ الخَطِيْبُ: سَأَلْتُ البَرْقَانِيَّ عَنْهُ فَقَالَ: ثِقَةٌ ثَبْت حُجَّة. قَالَ العَتِيْقِيُّ: مَاتَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ فِي كِتَابِهِ, أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ, أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ, أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ عُمَرَ, حَدَّثَنَا ابْنُ حَيّويه, حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ شُعبَةَ, حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بنُ عَبْدِ اللهِ, حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ آدَمَ, حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ, عَنِ الحَكَمِ, عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى, عَنِ البَرَاءِ قَالَ: "كَانَ قِيَامُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقُعُودُهُ وركوعه وسجوده لا يُدْرَى أيّهُ أطول؟ "2.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "3/ 121"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 170"، والعبر "3/ 21"، ولسان الميزان "5/ 214"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 163"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 104".
2 صحيح: أخرجه البخاري "792"، "801"، ومسلم "471"، "194"، والترمذي "279"، والنسائي "2/ 197"، من طريق شعبة، عن الحكم، به.

(12/388)


القزويني، وابن يبقى، والنسائي:
3502- القَزْوِيْني:
الإِمَامُ المعمَّر, شَيْخُ القُرَّاءِ, أَبُو الحَسَنِ, عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ صَالِحِ بنِ حَمَّادٍ القَزْوِيْنِيُّ.
سَمِعَ مِنْ: يُوْسُفَ بنِ عَاصِمٍ الرَّازِيِّ، وَمُحَمَّدِ بن مسعود الأسدي, ويوسف بن حمدان.
وأَخذَ القِرَاءاتِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنِ بنِ عَلِيٍّ الأَزْرَقِ، وَالعَبَّاسِ بنِ الفَضْلِ بنِ شَاذَانَ. وقَدِمَ بَغْدَادَ فجَالَسَ ابنَ مُجَاهِدٍ, وَبَحثَ مَعَهُ, وتصدَّر للإِقْرَاءِ دَهْراً طَوِيْلاً.
تَرْجَمَهُ الخَلِيْلِيُّ, وحدَّث عَنْهُ, وَهُوَ مِنْ كِبارِ مَشَايخِهِ. قَالَ: وتوفِّي فِي رَمَضَانَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ. قَالَ: وَوُلِدَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
3503- ابن يَبْقَى 1:
العلَّامة شَيْخُ المَالِكِيَّةِ, أَبُو بَكْرٍ, مُحَمَّدُ بنُ يَبْقَى بنِ زَربِ بنِ يَزِيْدَ القُرْطُبِيُّ الفَقِيْهُ.
كَانَ عَجَباً فِي حِفْظِ المَذْهَبِ.
سَمِعَ مِنْ: قَاسِمِ بنِ أَصْبَغَ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي دُلَيْم. وتفقَّه بِاللُّؤْلُؤيِّ.
وَكَانَ ابْنُ السَّلِيْمِ القَاضِي يَقُوْلُ: لَوْ رَآكَ ابْنُ القَاسِمِ لَعَجِبَ مِنْكَ.
وَلَهُ مؤلَّف فِي الرَّدِّ عَلَى ابْنِ مَسَرَّة, وَعِدَّةُ تصَانِيفَ.
وَكَانَ جَمّ الفَضَائِلِ.
مَاتَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائة.
3504- النَّسَائِيّ 2:
الفَقِيْهُ المُفْتِي, مُسْنِدُ خُرَاسَانَ, أَبُو القَاسِمِ, عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يَعْقُوْبَ النَّسَائِيُّ الشَّافِعِيُّ. خَاتِمَةُ مَنْ سَمِعَ مِنَ الحَسَنِ بنِ سُفْيَانَ مُسْنَدَهِ, ومَنْ سَمِعَ مِن عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ شِيْرَوَيْه مُسْنَدِ إِسْحَاقَ. وَقَدِ ارْتَحَلَ إِلَى العِرَاقِ, وَسَمِعَ مِنْ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ البَاغَنْدِيِّ, وَجَمَاعَةٍ.
حدَّث عَنْهُ الحَاكِمُ, وَغَيْرُهُ.
وَلَمْ يَقعْ لِي مِنْ عَوَالِيْهِ.
وَقَدْ حدَّث بِبَغْدَادَ فِي أَيَّامِ عُثْمَانَ بنِ السَّمَّاك, فسَمِعَ مِنْهُ أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرٍ الخُتُّلِيُّ, وَأَبُو القَاسِمِ عَبْدُ اللهِ بنُ الثَّلاَّجِ, وَعَاشَ إِلَى هَذَا الوَقْتِ.
قَالَ الخَطِيْبُ: قَالَ الحَاكِمُ: توفِّي فِي شَوَّالٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ بنَسَا.
وعِنْدِيَ فِي "تَاريخِ الحَاكِمِ" أَنَّهُ توفِّي سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ, فَاللهُ أَعلمُ.
قَالَ الحَاكِمُ: وَكَانَ شَيْخَ العدَالَةِ وَالعِلْمِ بنَسَا, وَعَاشَ نَيِّفاً وتسعين سنة -رحمه الله.
__________
1 ترجمته في العبر "3/ 19"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 101".
2 ترجمته في تاريخ بغداد "9/ 394"، والعِبَر "3/ 20"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 163"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 103".

(12/389)


3505- السَّرْخَسِيّ 1:
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ, أَبُو القَاسِمِ, عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ بن محمد السَّرَخْسِيُّ, التَّاجِرُ, مُسْنِدُ بُخَارَى.
حدَّث عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّغُوْلِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ حَمْدُوَيْه المَرْوَزِيِّ، وَالقَاضِي المَحَامِلِيِّ, وَمُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ المَطيْرِيِّ, وَمَنْصُوْرِ بنِ مُحَمَّدٍ البَزْدَوِيِّ صَاحِبِ البُخَارِيِّ.
وَعَنْهُ: ابْنُ أَبِي الفَوَارِسِ, وَأَبُو سَعْدٍ المَالِيْنِيُّ،1 وَمُحَمَّدُ بنُ طَلْحَةَ النَّعالي.
أَثْنَى عَلَيْهِ الحَافِظُ جَعْفَرٌ الإِدْرِيْسِيُّ، ووثَّقه وَوَصَفَهُ بِالصَّلاَحِ.
قَالَ: قَدِمَ نَسفَ سَنَةَ 327 لِسمَاعِ الصَّحِيْحِ مِنْ أَبِي طَلْحَةَ مَنْصُوْرٍ.
مَاتَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ ثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "10/ 364".

(12/390)


3506- العسكري 1:
الإِمَامُ المحدِّث الأَدِيبُ العلَّامة, أَبُو أَحْمَدَ, الحَسَنُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ سَعِيْدٍ العَسْكَرِيُّ, صَاحِبُ التصانيف.
سمع من: عبدان الأهوازي, وأحمد يَحْيَى التُّسْتَرِيِّ، وَأَبِي القَاسِمِ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ البَغَوِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي دَاوُدَ, ومحمد بن جرير الطَّبَرِيِّ, وَأَبِي بَكْرٍ بنِ دُرَيْدٍ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ عَرَفَةَ نِفْطَوَيْه, وَمُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ رَوْحٍ المُؤَدِّبِ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ زِيَادٍ, وَالعَبَّاسِ بنِ الوَلِيْدِ الأَصْبَهَانِيِّ, وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو سَعْدٍ المَالِيْنِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ اليَزدِيُّ الأَصْبَهَانِيُّ، وَأَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أحمد النعيمي, وأبو الحسين محمد بن الحسين الأَهْوَازِيُّ، وَالمُقْرِئُ أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ الأَهْوَازِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ, وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الوَادِعِيُّ, وَعبدُ الواحدِ بنُ أَحْمَدَ البَاطِرقَانِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ زَنْجَوَيْه, وَمُحَمَّدُ بنُ مَنْصُوْرِ بنِ حَيْكَان التُّسْتَرِيُّ, وَعَلِيُّ بنُ عُمَرَ الإِيْذَجِيُّ، وَأَبُو سَعِيْدٍ الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ بَحْرٍ التُّسْتَرِيُّ السَّقَطِيُّ, وَآخرُوْنَ.
قَالَ الحَافِظُ أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفي: كَانَ أَبُو أَحْمَدَ العَسْكَرِيُّ مِنَ الأَئِمَّةِ المَذْكُورِينَ بِالتَّصَرُّفِ فِي أَنواعِ العُلُومِ، والتبحُّر فِي فُنُوْنِ الفُهومِ، وَمِن المَشْهُوْرينَ بِجَوْدَةِ التَّأْلِيفِ وَحُسنِ التَّصْنِيْفِ, ألَّف كِتَابَ "الحِكَمِ وَالأَمثَالِ", وكتاب "التصحيف", وكتاب "راحة الأرواح", وكتاب "الزاوجر وَالمَوَاعِظِ" وَعَاشَ حَتَّى عَلاَ بِهِ السِّنُّ, واشتُهِر فِي الآفَاقِ.
انتهَتْ إِلَيْهِ رِئاسَةُ التَّحدُّثِ وَالإِمْلاَءِ للآدَابِ, وَالتَّدْرِيسِ بِقُطرِ خُوزِسْتَانَ، وَكَانَ يُمْلِي بِالعَسْكَرِ وَبِتُسْتَرَ وَمُدُنِ نَاحِيَتِهِ.
أَخْبَرَنَا بِنَسبهِ أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ, أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ مُنِيْرٍ, أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الحَافِظُ, حَدَّثَنَا أَبُو الحُسَيْنِ بنُ الطُّيُورِيِّ, أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيْدٍ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ السَّقَطِيُّ بِالبَصْرَةِ, حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الحَسَنُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ سَعِيْدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ بنِ زَيْدِ بنِ حَكِيْمٍ العَسْكَرِيُّ إِملاَءً سَنَةَ ثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ بتُسْتُر, فَذكَرَ مَجَالِسَ مِنْ أَمَالِيهِ. قَالَ السِّلَفي: هِيَ عِنْدِي.
وَلَمَّا تُوُفِّيَ رَثَاهُ الصَّاحِبُ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عبَّاد فَقَالَ:
قَالُوا مَضَى الشَّيْخُ أَبُو أَحْمَدٍ ... وَقَدْ رَثَوْهُ بِضُرُوبِ النُّدَب
فَقُلْتُ مَاذَا فَقْدَ شَيْخٍ مَضَى ... لكنَّه فَقْدُ فُنُوْنِ الأَدَبْ
أرَّخ أَبُو حَكِيْمٍ أَحْمَدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ فَضْلاَنَ العَسْكَرِيُّ اللُّغَوِيُّ، وَفَاةَ أَبِي أَحْمَدَ فِي يَوْمِ الجُمُعَةِ لِسَبْعٍ خَلَوْنَ مِنْ ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ وثلاث مائة.
قلت: أظنّه جاوز التسعين.
__________
1 ترجمته في أخبار أصبهان "1/ 272"، والأنساب للسمعاني "8/ 452"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 191"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "8/ 233"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "2/ ترجمة 164"، والعبر "3/ 20"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 163، 196"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 102".

(12/391)


الحسن بن عبد الله، والكرابيسي، ونقاش الفضة:
3507- الحسن بن عبد الله:
سَمِيُّه وعصريُّه, الفَقِيْهُ المُسْنِدُ المُحَدِّثُ, أَبُو عَلِيٍّ الحسن بن عبد الله بن سعيد الكندي الحِمْصِيُّ, نَزِيْلُ بَعْلَبَكَّ.
حدَّث عَنْ: سَعِيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ الحَلَبِيِّ، وَأَبِي الحَسَنِ بنِ جَوْصَا.
رَوَى عَنْهُ: الحَسَنُ بنُ الأَشْعَثِ المَنْبَجِي، وَعَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ الرَّبَعِيُّ, وَجَمَاعَةٌ.
وَقَعَ لِي جُزءٌ مِنْ حَدِيْثِهِ.
لَمْ أَظْفَرْ بِموتِهِ, لَكِنَّهُ حدَّث فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
3508- الكَرَابِيْسِيُّ 1:
الشَّيْخُ الصَّالِحُ المُسْنِدُ, أَبُو سَعِيْدٍ, مُحَمَّدُ بنُ بشر بن العباس النَّيْسَابُوْرِيُّ, البَصْرِيُّ الأَصْلِ, الكَرَابِيْسِيُّ.
سَمِعَ أَبَا لَبِيْدٍ السَّرَخْسِيَّ، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ خُزَيْمَةَ, وَأَبَا القَاسِمِ البَغَوِيَّ، وَجَمَاعَةً, وَكَانَ خَتَنَ الحَافِظِ أَبِي الحُسَيْنِ الحجَّاجي.
رَوَى عَنْهُ الحَاكِمُ, وَأَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرُوذِيُّ, وَجَمَاعَةٌ.
توفِّي فِي جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَة ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ, عَنْ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
3509- نَقَّاش الفِضَّة 2:
العلَّامة أَبُو جَعْفَرٍ, مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ العَبَّاسِ السُّلَمِيُّ, البَغْدَادِيُّ الجَوْهَرِيُّ الأَشْعَرِيُّ, نَقَّاشُ الفِضَّةِ, وَتِلمِيذُ أَبِي الحَسَنِ الأَشْعَرِيِّ.
سَمِعَ مُحَمَّدَ بنَ مُحَمَّدٍ البَاغَنْدِيَّ، وَأَبَا القَاسِمِ البَغَوِيَّ, وَالحَسَنَ بنَ مَحمِيٍّ, وَغَيْرَهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَلِيٍّ بنُ شَاذَانَ، وَعُبَيْدُ اللهِ الأَزْهَرِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ المُحسَّنِ التَّنُوْخِيُّ, وَآخَرُوْنَ.
وثَّقه الأَزْهَرِيُّ وَقَالَ: كَانَ أَحَدَ المُتكلِّمِينَ عَلَى مَذْهَبِ أَبِي الحَسَنِ، وَمِنْهُ تعلَّم ابْنُ شَاذَانَ عِلمَ الكَلاَمِ. مَاتَ فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ خَمْسٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً.
قُلْتُ: حدَّث مِنْ حِفْظِهِ بِحَدِيْثٍ باطل كأنه أخطأ فيه, سقته في "التاريخ الكبير".
__________
1 ترجمته في العبر "3/ 8"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 92".
2 ترجمته في تاريخ بغداد "1/ 325"، والعبر "3/ 11"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 94".

(12/392)


3510- الزُّبَيْدِيّ 1:
إِمَامُ النَّحو أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ مَذْحِجٍ الزُّبَيْدِيُّ الشَّامِيُّ الحِمْصِيُّ, ثُمَّ الأَنْدَلُسِيُّ الإِشْبِيْلِيُّ صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
سَمِعَ سَعِيْدَ بنَ فَحلُوْنَ، وَقَاسِمَ بنَ أَصْبَغَ, وَأَبَا عَلِيٍّ القَالِيَّ, وَأَخذَ العَرَبِيَّةَ عَنِ القَالِيِّ، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ الرِّيَاحِيِّ.
رَوَى عَنْهُ: وَلَدُهُ؛ أَبُو الوَلِيْدِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدٍ الأَفلِيْلِيُّ، وَوَلَدُهُ الآخَرُ؛ أَبُو القَاسِمِ أَحْمَدُ الأَدِيبُ قَاضِي إِشْبِيْلِيَّةَ.
طَلَبَ المُسْتَنْصِرُ صَاحِبُ الأَنْدَلُسِ أَبَا بَكْرٍ الزُّبَيْدِيَّ مِنْ إِشْبِيْلِيَّةَ إِلَى قُرْطُبَةَ للاسْتِفَادَةِ مِنْهُ, فأدَّب جَمَاعَةً، وَاختَصَرَ كِتَابَ "العَينِ", وَأَلَّفَ "الوَاضِحَ" فِي العَرَبِيَّةِ، وَهُوَ مُؤَدِّبُ المُؤَيَّدِ بِاللهِ هِشَامٍ.
توفِّي فِي جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ, وَلَهُ ثَلاَثٌ وَسِتُّوْنَ سَنَةً.
وَعَاشَ وَلَدُهُ أَبُو الوَلِيْدِ إِلَى سَنَةِ نَيِّفٍ وَأَرْبَعِينَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ, فَكَانَ آخِرَ مَنْ حدَّث عَنْ وَالدِهِ.
قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ أَوْحَدَ عَصْرِهِ فِي عِلْمِ النَّحْوِ وَحفظِ اللُّغَةِ، وَكَانَ أَخْبَرَ أَهْلِ زَمَانِهِ بِالإِعْرَابِ وَالمَعَانِي وَالنَّوَادِرِ, إِلَى عِلْمِ السِّيَرِ وَالأَخْبَارِ, لَمْ يَكُنْ بِالأَنْدَلُسِ فِي فَنِّه مِثْلُهُ فِي زَمَانِهِ. وَلَهُ كُتُبٌ تَدُلُّ عَلَى عِلمِهِ مِنْهَا: كِتَابُ "طَبَقَاتِ النُّحَاةِ وَاللُّغَوِيِّيْنَ"، وَلَهُ فِي الردِّ عَلَى ابْنِ مسرة, وأشياء مفيدة, وله نظم بديع.
__________
1 ترجمته في الأنساب للسمعاني "6/ 249"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "8/ 179"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "4/ ترجمة 651"، والعبر "3/ 12"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 94".

(12/393)


3511- ابن المُظَفَّر 1:
الشَّيْخُ الحَافِظُ المُجَوِّدُ, محدِّث العِرَاقِ, أَبُو الحُسَيْنِ, مُحَمَّدُ بنُ المُظَفَّرِ بنِ مُوْسَى بنِ عِيْسَى بنِ مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيُّ.
قَالَ: أَبِي مِنْ سامَرَّاء, وَوُلِدْتُ أَنَا بِبَغْدَادَ فِي أَوَّلِ سَنَةِ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ, وَأَوَّلُ سَمَاعِي فِي سَنَةِ ثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ مِنْ ذُرِّيَّةِ سَلَمَة بنِ الأَكْوَعِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ, فَسُئِلَ عَنْ هَذَا فَقَالَ: لاَ أَعلمُ صِحَّةَ ذَلِكَ.
سَمِعَ مِنْ: حَامِدِ بنِ شُعَيْب البَلْخِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ البَاغَنْدِيِّ، وَأَبِي القَاسِمِ البَغَوِيِّ، وَالهَيْثَمِ بنِ خَلَفٍ الدُّوْرِيِّ, وَقَاسِمِ بنُ زَكَرِيَّا المطرَّز, وَأَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ الصُّوْفِيُّ، وَمُحَمَّدِ بنِ جَرِيْرٍ الطَّبَرِيِّ, وَعَبْدُ اللهِ بنُ صَالِحٍ البُخَارِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ زَبَّانَ المِصْرِيِّ, وَعَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ عَلاَّنَ, وَأَبِي جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ زَيْدَانَ البَجَلِيِّ، وَأَبِي عَرُوْبَةَ الحَرَّانِيِّ, وَالحُسَيْنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ جُمُعَةَ, وَمُحَمَّدِ بنِ خُرَيْمٍ, وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الحَمِيدِ الفَرْغَانِيِّ، وَأَبِي الحَسَنِ بنِ جَوْصَا, وَطَبَقَتِهِم بِبَغْدَادَ وَواسِطَ وَالكُوْفَةِ, وَالرَّقَّةِ وَحَرَّانَ, وَحِمْصَ وَحَلَبَ وَمِصْرَ, وَأَمَاكنَ.
وتقدَّم فِي مَعْرِفَةِ الرِّجَالِ, وَجَمَعَ وصنَّف, وعُمِّر دَهْراً, وبَعُدَ صِيْتُهُ، وَأَكثرَ الحفَّاظ عَنْهُ مَعَ الصِّدْقِ وَالإِتْقَانِ, وَلَهُ شُهرَةٌ ظَاهِرَةٌ, وَإِنْ كَانَ لَيْسَ فِي حِفظِ الدَّارَقُطْنِيِّ.
حدَّث عَنْهُ: أَبُو حَفْصٍ بنُ شَاهِيْن, وَالدَّارَقُطْنِيّ, وَالبَرْقَانِيُّ، وَابنُ أَبِي الفَوَارِسِ, وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، وَأَبُو سَعْدٍ المَالِيْنِيُّ, وَأَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الجَارُوْدِيُّ, وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الخَلاَّلُ, وَأَبُو القَاسِمِ التَّنُوْخِيُّ, وَأَبُو القَاسِمِ الجَوْهَرِيُّ, وَعَبْدُ الوَهَّابِ بنُ بَرْهَانَ، وَالقَاضِي مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ الدَّاوُودِيُّ, وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ ابْنُ المظَفَّر فَهِماً حَافِظاً صَادقاً مُكْثِراً.
قَالَ أَبُو ذَرٍّ الهَرَوِيُّ: سَمِعْتُ ابنَ أَبِي الفَوَارِسِ يَقُوْلُ: سَأَلْتُ ابنَ المظَفَّر عَنْ حَدِيْثٍ عَنِ البَاغَنْدِيِّ, عَنِ ابْنِ زَيْدٍ المُنَادِي, عَنْ عَمْرٍو بنِ عَاصِمٍ, عَنْ شُعْبَةَ فَقَالَ: لَيْسَ هُوَ عِنْدِي, قُلْتُ: لعلَّه عِنْدَكَ, قَالَ: لَوْ كَانَ عِنْدِي كُنْتُ أَحْفَظُهُ، وَعِنْدِي عَنِ البَاغَنْدِيِّ مائَةُ أَلْفِ حَدِيْثٍ, لَيْسَ عِنْدِي هَذَا.
قال البرقاني: كتب الدارقطني ألوفًا عن أبي المظَفَّر.
وَقَالَ الخَطِيْبُ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الدَّاوُودِيُّ قَالَ: رَأَيْتُ الدَّارَقُطْنِيَّ يُعَظِّم ابنَ المظَفَّر ويُجِلُّه، وَلاَ يَسْتَندُ بِحَضْرتِهِ, وَرَأَيْتُ مِنْ أُصُولِهِ فِي الوَرَّاقِينَ شَيْئاً كَثِيْراً, فَسأَلتُ عَنْهَا ورَّاقًا فَقَالَ: بَاعَنِي ابْنُ المظَفَّر مِنْهَا ثَمَانِيْنَ رِطْلاً. قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ: وَكَانَتْ كُلُّهَا عَنِ ابْنِ صَاعِدٍ, كَتَبَهَا عَنْهُ بِخطِّهِ الدَّقِيْقِ, فَجئْتُ إِلَيْهِ فسأَلتُهُ عَنْهَا, فَقَالَ: أَنَا بِعْتُهَا، وَهل أُؤَمِّلُ أَنْ يُكْتَبَ عنِّي حَدِيْثُ ابْنُ صَاعِدٍ. أو كما قال.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "3/ 262"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 152"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 916"، والعِبَر "3/ 12"، وميزان الاعتدال "4/ 43"، ولسان الميزان "5/ 383"، والنجوم الزاهرة "4/ 155"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 96".

(12/394)


قَالَ السُّلَمي: سَأَلتُ الدَّارَقُطْنِيَّ عَنِ ابْنِ المظَفَّر فَقَالَ: ثِقَةٌ مَأْمُوْنٌ. قُلْتُ: يُقَالُ: إِنَّهُ يَمِيلُ إِلَى التَّشَيُّعِ, قَالَ: قليلاً بِقَدَرِ مَا لاَ يَضُرُّ -إِنْ شَاءَ اللهُ.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: هُوَ حَافظٌ مأْمُوْنٌ.
وَقَالَ القَاضِي أَبُو الوَلِيْدِ البَاجِيُّ: ابْنُ المظَفَّر حَافظٌ, فِيْهِ تَشيُّعٌ ظَاهِرٌ.
قَالَ أَبُو ذَرٍّ الهَرَوِيُّ: سَمِعْتُ ابنَ حُنَيْفٍ يَقُوْلُ: كَانَ ابْنُ المظَفَّر خَرَّج أَورَاقاً فِي مَثَالِبِ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ، وَيَهدِيهِ لِبعضِ أَصْحَابِ السُّلْطَانِ المعروفينَ بِالرَّفْضِ, فَوَقَعَ ذَلِكَ الجُزْءُ فِي يَدِي, فَدَخَلتُ أَنَا وَابنُ أَخِي مِيمِي وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ الفُرَاتِ عَلَيْهِ, فلمَّا رَأَى الجُزْءَ مَعَنَا تغيِّر، وَأَخذَ يعتذرُ, فَلاَطفنَاهُ وَقَرَأْنَاهُ عَلَيْهِ.
مَاتَ فِي جُمَادَى الأُولَى سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ يَوْمَ الجُمُعَةِ. قَالَهُ العَتِيْقِيُّ.
وَفِيْهَا مَاتَ شَيْخُ اللُّغَةِ بِالأَنْدَلُسِ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ الحسن الزَّبِيدي القُرْطُبِيُّ، ومحدِّث دِمَشْقَ الإِمَامُ أَبُو سُلَيْمَانَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ بنِ زَبْرٍ الرَّبَعِيُّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ النَّضْرِ بنِ النَّحَّاسِ المَوْصِلِيُّ رَاوِي "مُعْجَمِ أَبِي يَعْلَى" عَنْهُ, وَالمُعَمَّرُ أَبُو بَكْرٍ هِلاَلُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ البَصْرِيُّ ابْنُ أَخِي هِلاَلٍ الرَّأْيِ، وَهُوَ آخِرُ مَنْ رَوَى عَنِ الكَجِّيِّ.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدٍ الرُّعَيْنِيُّ: قَدِمَ عَلَيْنَا ابْنُ المظَفَّر مِصْرَ، وَكَانَ أَحولَ أَشجَّ, فَحَضرَ عِنْدَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ القَزْوِينِيُّ, فَقَالَ لَهُ: إِنَّ هَذَا الَّذِي تَمَلّه عَلَيْنَا هُوَ عِنْدَنَا كَثِيْرٌ بِالعِرَاقِ، وَنريدُ حَدِيْثَ مِصْرَ, فَكَانَ ذَلِكَ مَبْدَأَ إِخرَاجِ القَزْوِيْنِيِّ حَدِيْثَ عَمْرِو بنِ الحَارِثِ, فَكَانَ مِنْهُ الَّذِي كَانَ مِنْ تَكثيرِ النَّاسِ عَلَيْهِ, حَتَّى قَالَ أَبُو الحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيُّ: وَضَعَ القَزْوِيْنِيُّ لِعَمْرِو بنِ الحَارِثِ أَكثرَ مِنْ مائَةِ حَدِيْثٍ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ, أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ طَبْرَزَد, أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ, أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ بنُ عَلِيٍّ, أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ المُظَفَّرِ, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ, حَدَّثَنَا عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ بَيَانٍ, حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ, عَنْ شُعْبَةَ, عَنْ عَدِيِّ بنِ ثَابِتٍ, عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ, عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يُجِبْ فَلاَ صَلاَةَ لَهُ" 1.
هَذَا حَدِيْثٌ غريبٌ, لَمْ يُقَلْ فيه: "إلّا من عذرٍ".
__________
1 صحيح: أخرجه ابن ماجه "793"، والدارقطني "1/ 420"، والحاكم "1/ 245"، والطبراني "12265"، والبيهقي "3/ 57"، والبغوي "795" من طريق شعبة، به.
قلت: إسناده صحيح، رجاله ثقات، وأخرجه أبو داود "551"، والدارقطني "1/ 420-421"، والحاكم "1/ 245-246"، والطبراني "12266" من طريق قتيبة بن سعيد، عن جرير، عن أبي جناب، عن مغراء العبدي، عن عدي بن ثابت، به.
قلت: إسناده ضعيف، آفته أبو جناب، واسمه يحيى بن أبي حية الكلبي، ضعَّفوه لكثرة تدليسه.

(12/395)


3512- يحيى بن مالك 1:
ابن عائذ, الإمَامُ المُجَوِّدُ الحَافِظُ المُحَقِّقُ, أَبُو زَكَرِيَّا الأَنْدَلُسِيُّ.
سمع أبا عمر عَبْدِ ربِّهِ صَاحِبَ "العِقدِ"، وَعَبْدَ اللهِ بنَ يونس المقرئ, وعِدَّة، وفي المرحلة مِنْ أَبِي سَهْلٍ القطَّان، وَعَبْدَ البَاقِي بنَ قَانِعٍ, وَدَعْلَجاً السِّجْزِيَّ.
رَوَى عَنْهُ: الحَسَنُ بنُ رَشِيْقٍ -أَحَدُ شُيُوْخِهِ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ القَاسِمِ المَحَامِلِيُّ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو الوَلِيْدِ بنُ الفَرَضِيِّ, وَيَحْيَى بنُ عَلِيٍّ الطَّحَّانُ, وَجَمَاعَةٌ.
أَمْلَى بِجَامعِ قُرْطُبَةَ.
قَالَ التَّنُوْخِيُّ أَبُو عَلِيٍّ فِي "النشوَارِ": حَضَرتُ مَجْلِسَ أَبِي الفَرَجِ صَاحِبِ "الأَغَانِي" فَقَالَ: لَمْ نَسْمَعْ بِمَنْ مَاتَ فُجَاءةً عَلَى المِنْبَرِ, فَقَالَ شَيْخٌ أَنْدَلُسِيٌّ قَدْ لَزمَ أَبَا الفَرَجِ, اسْمُهُ يَحْيَى بنُ عَائِذٍ: إِنَّهُ شَاهدَ فِي جَامعِ بَلدِهِ بِالأَنْدَلُسِ خطِيبَهُم وَقَدْ صَعِدَ يَوْمَ الجُمُعَةِ لِيخطُبَ, فَلَمَّا بَلغَ يَسِيْراً مِنَ الخُطْبَةِ خَرَّ مَيْتاً فَوْقَ المِنْبَرِ, فَأُنْزِلَ، وَطَلَبُوا فِي الحَالِ مَنْ خَطَبَ.
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الحبَّال: مَاتَ ابْنُ عَائِذٍ بِالأَنْدَلُسِ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ ست وسبعين وثلاث مائة.
__________
1 ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 936"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 93".

(12/396)


3513- ابن مسرور 1:
الإِمَامُ الحَافِظُ المُحَدِّثُ الرحَّال, أَبُو الفَتْحِ, عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مَسْرُوْرٍ البلخي, نزيل مصر.
رَوَى عَنِ: الحُسَيْنِ بنِ مُحَمَّدٍ المطبقيِّ, وَطبقتِهِ بِبَغْدَادَ، وَأَحْمَدَ بنِ سُلَيْمَانَ بنِ زَبَّانَ, وَطبقتِهِ بِدِمَشْقَ، وَأَبِي سَعِيْدٍ بنِ يُوْنُسَ, وَابنِ السِّنْدِيِّ، وَأَبِي عُمَرَ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ الكِنْدِيِّ, وَخَلْقٍ بِمِصْرَ.
حدَّث عَنْهُ: الحَافِظُ عَبْدُ الغَنِيِّ, وَعُمَرُ بنُ الخَضِر الثَّمَانِينِيُّ, وَأَحْمَدُ بنُ عُمَرَ بنِ قُدَيْدٍ, وَآخرُوْنَ.
مَاتَ فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ وثلاث مائة.
__________
1 ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 939"، والعبر "3/ 7-8"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 92".

(12/396)


3514- ابن شَبُّويَه 1:
الشَّيْخُ الثِّقَةُ الفَاضِلُ, أَبُو عَلِيٍّ, مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ شبُّويه, الشَّبَوِيُّ المَرْوَزِيُّ.
سَمِعَ الصَّحِيْحَ فِي سَنَةِ سِتَّ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ مِنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ الفِرَبْرِي, وَكَانَ مِنْ كِبَارِ مَشَايخِ الصُّوْفِيَّةِ.
حدَّث بِمَرْوَ بـ "الصَّحِيْحِ" فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ, رَوَاهُ عَنْهُ سَعِيْدُ بنُ أَبِي سَعِيْدٍ العَيَّارُ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ السَّمْعَانِيُّ: لَمَّا تُوُفِّيَ الشَّبوي سَمِعَ النَّاسُ "الصَّحِيْحَ" مِنَ الكُشْمِيهَني.
وَقَدْ ذكرَهُ السُّلَمي فِي طَبقَاتِ الصُّوْفِيَّةِ, وَقَالَ: كَانَ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي العَبَّاسِ السَّيَّارِيِّ. لَهُ لِسَانٌ ذَرِبٌ فِي عُلُومِ القَوْمِ, وَكَانَ الأُسْتَاذُ أَبُو عَلِيٍّ الدَّقَّاقُ يَمِيلُ إِلَيْهِ, وَهُوَ الَّذِي رَأَى رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي النَّوْمِ, فَقَالَ: قُلْتَ يا رَسُوْلَ اللهِ: "شَيَّبَتْنِي هُوْدٌ وَأَخَوَاتُهَا" 2 مَا الَّذِي شَيَّبَكَ مِنْهَا? قَالَ قَوْلُهُ: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ} [هود: 112] .
__________
1 ترجمته في الإكمال لابن ماكولا "5/ 107"، والأنساب للسمعاني "7/ 285"، واللباب لابن الأثير "2/ 183".
2 صحيح: أخرجه الترمذي "3297"، وابن سعد "1/ 435"، وابو نعيم في "الحلية" "4/ 350"، والحاكم "2/ 344"، والضياء في "الأحاديث المختارة" "66/ 75/ 1" من طريق شيبان، عن أبي إسحاق، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ ابو بكر -رضي الله عنه: يا رسول الله قد شبت؟ قال: "شيبتني هود والواقعة والمرسلات وعم يتساءلون، وإذا الشمس كورت".
وقال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه من حديث ابن عباس إلّا من هذا الوجه".
قلت: قد تابعه أبو الأحوص عن أبي إسحاق الهمداني به. أخرجه الحاكم "2/ 476" وقال: "صحيح على شرط البخاري"، ووافقه الذهبي، وهو كما قالا، وإن كان قد أُعِلَّ بالاختلاف في إسناده، فقد اتفق شيبان وأبو الحوص على وصله من هذا الوجه، وهما ثقتان، فاتفاقهما حُجَّة.
وللحديث متابعات وشواهد يضيق المكان عن ذكرها واستيعابها، منها: شاهد عن عمران بن الحصين مرفوعًا, أخرجه الخطيب في تاريخ بغداد "3/ 145" من طريق محمد بن سيرين عنه، به. وإسناده حسن.

(12/397)


ابن حسكويه، وابن ناقب، وابن كنانة، والشافعي:
3515- ابن حَسْكَويه:
الشَّيْخُ أَبُو نَصْرٍ, أَحْمَدُ بنُ حُسَيْنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ حَمُّويه بنِ حَسْكَويه النَّيْسَابُوْرِيُّ, الورَّاق, المؤذِّن.
سَمِعَ أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدٍ المَاسَرْجِسِيَّ، وَابنَ خُزَيْمَةَ, وَالسَّرَّاجَ, وَطَائِفَةً.
وَعَنْهُ: الحَاكِمُ، وَأَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرُوذِيُّ.
توفِّي فِي شَعْبَانَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وثلاث مائة.
3516- ابن ناقب 1:
الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ حَمِّ بنِ نَاقِبٍ البُخَارِيُّ الصفَّار.
أَحَدُ مَنْ حدَّث بِـ "صَحِيْحِ البُخَارِيِّ" عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ الفِرَبْرِي.
وَسَمِعَ أَيْضاً مِنَ الحُسَيْنِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ الفَارِسِيِّ، ومحمد بن سعيد.
توفِّي بِسَمَرْقَنْدَ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ إِحْدَى وثمانين وثلاث مائة.
3517- ابن كنانة:
المحدِّث المُتْقِنُ, أَبُو عُمَرَ, أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحِيْمِ بنِ كِنَانَة اللخْمِيّ القُرْطُبِيُّ، وَيُعرفُ أَيْضاً بِابْنِ العَنَّان.
سَمِعَ مِنْ: أَحْمَدَ بنِ خَالِدٍ الحَافِظِ، وَابنِ أَيْمَنَ وَمُحَمَّدِ بنِ قَاسِمٍ، وحجَّ فسَمِعَ مِنْ أَبِي سَعِيْدٍ الأَعْرَابِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ مَسْعُوْدٍ الزُّبَيْرِيِّ.
ذكرَهُ ابْنُ الفَرَضِيِّ فَقَالَ: سَمِعَ النَّاسُ مِنْهُ كَثِيْراً. وحدَّث عَنْهُ مُحَمَّدُ بنُ السَّلِيمِ القَاضِي فِي حَيَاتِهِ، وَكَانَ ثِقَةً خِيَاراً, وَسِيماً ضَابِطاً, جَيِّدَ التَّقْييدِ, كَانَ مِنْ أَوثقِ مَنْ كَتَبْنَا عَنْهُ. قَالَ لِي: وُلِدْتُ سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ, تُوُفِّيَ سنة ثلاث وثمانين وثلاث مائة.
3518- الشَّافعي 2:
العلَّامة أَبُو عَبْدِ اللهِ, مُحَمَّدُ بنُ القَاسِمِ الأَصْبَهَانِيُّ, المَشْهُوْرُ بِالشَّافِعِيِّ.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: متكلِّم عَلَى مَذْهَبِ الأَشْعَرِيِّ. مَاتَ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ. كَثِيْرُ المصنَّفات فِي الفِقْهِ وَالأُصولِ وَالأَحكَامِ.
سَمِعَ الكثيرَ بِالعِرَاقِ مِنْ مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ المَالِكِيِّ، وَأَبِي عَلِيٍّ اللؤلؤي, وجماعة. قال: وكان يعرف بالنتيف.
__________
1 ترجمته في الإكمال لابن ماكولا "7/ 422".
2 ترجمته في أخبار أصبهان "2/ 300".

(12/398)


السمسار، وابن معقل، وابن معروف:
3519- السِّمْسَار:
محمد بن الحسين بن موسى, أَبُو سَعِيْدٍ السِّمْسَار النَّيْسَابُوْرِيُّ, مِنْ أَولاَدِ المُحَدِّثِيْنَ.
سَمِعَ: ابنَ خُزَيْمَةَ, وَأَبَا قُرَيْشٍ.
وَعَنْهُ: الحَاكِمُ, وَجَمَاعَةٌ.
توفِّي سَنَةَ ثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ فِي رمضان.
3520- ابن مَعْقِل:
الشَّيْخُ الصَّالِحُ العَابِدُ الرَّئِيْسُ المُحْتَشِمُ, أَبُو إِسْحَاقَ, إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مَحْفُوظِ بنِ مَعْقِلٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ, أَحدُ المُجْتَهدِينَ فِي العِبَادَةِ.
سَمِعَ ابنَ خُزَيْمَةَ، وَأَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدٍ المَاسَرْجِسِيَّ، وَأَبَا العَبَّاسِ الثَّقَفِيَّ.
رَوَى عَنْهُ الحَاكِمُ وَقَالَ: رَأَيْتُ أُصُولَهُ صحيحَةً، وَأَكثرُهَا بخطِّه.
توفِّي فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
3521- ابن معروف 1:
قَاضِي القُضَاةِ, شَيْخُ المُعْتَزِلَةِ, أَبُو مُحَمَّدٍ, عُبَيْدُ الله بن أحمد بن مَعْرُوفٍ البَغْدَادِيُّ.
سَمِعَ مِنِ: ابنِ صَاعِدٍ, وَابنِ حَامِدٍ الحَضْرَمِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ نُوْحٍ, وَابنِ نَيْرُوزَ الأَنْمَاطِيِّ.
وَكَانَ مِنْ أَجْلاَدِ الرِّجَالِ وَأَلبَّاءِ القُضَاةِ, ذَا ذَكَاءٍ وَفِطْنَةٍ، وَعزيمَةٍ مَاضِيَةٍ, وَبلاغَةٍ وَهَيْبَةٍ, إلَّا أَنَّهُ كَانَ مُجرداً فِي الاعتزَالِ بَلِيَّةً.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّدٍ الخَلاَّلُ، وَالعَتِيْقِيُّ, وَعَبْدُ الواحد بن شيطا, وأبو جعفر بن المُسْلِمة.
ووثَّقه بِجهلٍ الخَطِيْبُ، وَبَالَغَ فِي تَعْظيمِهِ, وَقَالَ: كَانَ يَجمعُ وَسَامةً فِي مَنْظَرَهِ، وَظَرْفاً فِي مَلْبَسِهِ, وَطَلاَقَةً فِي مَجْلِسِهِ, وَبَلاغَةً فِي خِطَابِهِ, قَدْ ضَربَ فِي الأَدبِ بِسهْمٍ, وَأَخذَ مِنَ الكَلاَمِ بِحظٍّ, وَلَهُ نَظْمٌ رَائِقٌ.
مَاتَ فِي صفر سنة إحدى وثمانين وثلاث مائة.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "10/ 365"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 166"، والعبر "3/ 18"، وميزان الاعتدال "3/ 3"، ولسان الميزان "4/ 96"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 162"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 101".

(12/399)


3522- الرازي 1:
الشَّيْخُ المُعَمَّرُ الزَّاهِدُ, شَيْخُ الصُّوْفِيَّةِ, مُسْنِدُ الوَقْتِ, أَبُو سَعِيْدٍ, عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ نُصَيْرِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ عَطَاءِ بنِ وَاصلٍ القُرَشِيُّ الرَّازِيُّ, نَزِيلُ نيسابور.
حدَّث عَنْ مُحَمَّدِ بنِ أَيُّوْبَ بنِ الضُّرَيْسِ, وَيُوْسُفَ بنِ عَاصِمٍ, وَسَمِعَ فِي الرِّحلَةِ بِدِمَشْقَ مِنِ ابنِ جَوْصَا، وَأَبِي هَاشِمٍ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الأَعْلَى, وَبِبَغْدَادَ مِنْ يَحْيَى بنِ صَاعِدٍ، وَبَالرَّيِّ أَيْضاً مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي حَاتِمٍ, وعُمِّر دَهْراً.
حدَّث عَنْهُ: الحَاكِمُ, وَأَبُو نُعَيْمٍ, وَمُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ المُؤمِّلِ، وَشَيْخُ الإِسلاَمِ إِسْمَاعِيْلَ الصَّابونِيُّ, وَأَخُوْهُ أَبُو يَعْلَى, وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ المَرْوَزِيُّ, وَعُمَرُ بنُ مَسْرُوْرٍ، وَأَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرُوذِيُّ, وَآخرُوْنَ.
وَوَصَفَهُ الكَنْجَرُوذِيُّ بالصَّلاح. وَسَاقَ نَسَبَهُ كَمَا مَرَّ.
وَقَالَ الحَاكِمُ: جَاور بِمَكَّةَ, وَقصدَ أَبَا علِيٍّ الثَّقَفِيَّ ليصحبَهُ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ, وَقَدْ دَخَلتُ عَلَيْهِ فِي أَوَّلِ سَنَةِ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ لَمَّا بَلَغَنِي خُرُوْجُهُ إِلَى مَرْو, فسأَلتُهُ عَنْ سنِّه, فَذكَرَ أَنَّهُ ابْنُ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ سَنَةً، وَلَمْ يَزَلْ كَالرَّيْحَانَةِ عِنْدَ مَشَايخِ الصُّوْفِيَّةِ بِبلدِنَا. ثُمَّ بَلَغَنِي أَنَّهُ دَخَلَ بُخَارَى وحدَّث بِهَا, وَتُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: حديثُهُ مستقيمٌ, وَلَمْ أَرَ أَحداً تكلَّم فِيْهِ, وَسَمَاعُهُ مِنِ ابْنِ الضُّرَيْسِ يقتَضِي أَنْ يَكُونَ وَلَهُ سِتَّةُ أَعْوَامٍ.
قَالَ الخَلِيْلِيّ: ادَّعى بِنَيْسَابُوْرَ بَعْدَ السَّبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ شَيْخٌ يُقَالُ لَهُ: أَبُو سَعِيْدٍ السِّجْزِيُّ, فَرَوَى عَنِ ابْنِ الضُّرَيْسِ وَتَكلَّمُوا فِيْهِ, وَلَمْ يَصِحَّ سَمَاعُهُ مِنْهُ, وَمُحَمَّدُ بنُ أَيُّوْبَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
قُلْتُ: أَبُو سَعِيْدٍ السِّجْزِيُّ آخَرُ -إِنْ شَاءَ اللهُ, مَا هُوَ صَاحِبُ الترجمة.
__________
1 ترجمته في العبر "3/ 21"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 163"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 103".

(12/400)


3523- ابن شاذان 1:
الشَّيْخُ الإِمَامُ, المُحَدِّثُ الثِّقَةُ المُتْقِنُ, أَبُو بَكْرٍ أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن محمد بنِ شَاذَانَ بنِ حَرْبِ بنِ مِهْرَانَ البَغْدَادِيُّ البَزَّازُ, وَالدُ أَبِي عَلِيٍّ بنِ شَاذَانَ.
سَمِعَ أَبَا القَاسِمِ البَغَوِيَّ, وَالحَسَنَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ غنبر، وَيَحْيَى بنَ صَاعِدٍ, وَأَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ المُغلِّسِ، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ دُرَيْدٍ, وعِدّة, وَسَمِعَ بِدِمَشْقَ مِنْ أَحْمَدَ بنِ زَبَّانَ الكِنْدِيِّ.
رَوَى عَنْهُ: رفيقُهُ أَبُو الحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيُّ, وَابنَاهُ؛ أَبُو عَلِيٍّ وَعَبْدُ اللهِ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الخَلاَّلُ, وَالتَّنُوْخِيُّ, وَالجَوْهَرِيُّ، وَآخرُوْنَ, وَكَانَ يُجَهِّز البزَّ إِلَى مِصْرَ.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ ثِقَةً ثَبْتاً, كَثِيْرَ الحَدِيْثِ, وُلِدَ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ, وَسَمِعَ وَهُوَ ابْنُ خَمْسِ سِنِيْنَ.
قَالَ أَبُو ذَرٍّ الهَرَوِيُّ: مَا رَأَيْتُ بِبَغْدَادَ فِي الثِّقَةِ مِثْلَ القَوَّاسِ، وَبَعدَهُ أَبُو بَكْرٍ بنُ شَاذَانَ, فَقَالَ لأَبِي ذَرٍّ ورَّاقه: وَلاَ الدَّارَقُطْنِيَّ؟ قَالَ: الدَّارَقُطْنِيُّ إِمَامٌ.
وَقَالَ عُبَيْدُ اللهِ الأَزْهَرِيُّ: سمعت أبا بكر بن شاذان يقول: جاءوني بِجُزءٍ فِي سَمَاعِي مِنْ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ البَاغَنْدِيِّ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ, وَلَمْ يَكُنْ لي به نسخة, فلم أحدِّث به.
قَالَ الأَزْهَرِيُّ: كَانَ حجَّةً ثَبْتاً.
قُلْتُ: مَاتَ في شوال سنة ثلاث وثماني وثلاث مائة.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "4/ 18"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 127"، والعبر "3/ 22"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 164"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 104".

(12/401)


الجوري، والفناكي، وابن شاهين:
3524- الجوري:
الشَّيْخُ الفَقِيْهُ المُسْنِدُ, أَبُو سَعِيْدٍ, أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ النَّيْسَابُوْرِيُّ الحَنَفِيُّ, وَيُقَالُ لَهُ: الجُوْرِيُّ.
سَمِعَ أَبَا بَكْرٍ بنَ خُزَيْمَةَ, وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ سُفْيَانَ, وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ الحُسَيْنِ الحَنَفِيَّ.
وَعَنْهُ: الحَاكِمُ, وَعُمَرُ بنُ مَسْرُوْرٍ, وَأَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرُوذِيُّ, وَآخرُوْنَ.
درَّس وأفْتَى مُدَّةً وَعُمِّرَ دَهْراً.
توفِّي فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ, عَنْ نَيِّفٍ وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
وَيَرْوِي أَيْضاً عَنِ السَّرَّاجِ, وَأَبِي نُعَيْمٍ بن عدي, وابن شَنَبُوذ.
3525- الفَنَّاكي 1:
الشَّيْخُ أَبُو القَاسِمِ, جَعْفَرُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ يَعْقُوْبَ بنِ الفَنَّاكي الرَّازِيُّ، رَاوِي "مُسْنَدِ الحَافِظِ مُحَمَّدِ بنِ هَارُوْنَ الرُّويَانِي" عَنْهُ, وَقَدْ سَمِعَ أَيْضاً مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي حاتم.
قَالَ الخَلِيْلِيُّ: هُوَ مَوصُوفٌ بِالعَدَالَةِ وَحُسنِ الدَّيَانَةِ.
رَوَى عَنْهُ: هِبَةُ اللهِ اللاَّلْكَائِيُّ، وَأَبُو الفَضْلِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ بُنْدَارَ الرَّازِيُّ.
توفِّي سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَفِيْهَا مَاتَ أَبُو بَكْرٍ بنُ شَاذَانَ, وَعَلِيُّ بنُ حَسَّانٍ الجَدَلِيُّ صَاحبُ مُطَيَّنٍ، وَالمُحَدِّثُ أَبُو الفَضْلِ نَصْر بنُ أَبِي نَصْرٍ الطُّوْسِيّ العَطَّار, وَأَبُو سَعِيْدٍ الجُورِيُّ.
3526- ابن شاهين 2:
الشَّيْخُ الصَّدُوْقُ الحَافِظُ العَالِمُ, شَيْخُ العِرَاقِ, وَصَاحبُ التَّفْسِيْرِ الكَبِيْرِ, أَبُو حَفْصٍ, عُمَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عُثْمَانَ بنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَيُّوْبَ بنِ أَزدَاذَ البَغْدَادِيُّ, الوَاعِظُ.
مَوْلِدُهُ بخطِّ أَبِيهِ فِي صَفَرٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَالَ هُوَ: أَوَّلُ مَا كَتبتُ الحَدِيْثَ بِيَدِي فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
سَمِعَ أَبَا بكر محمد بن محمد الباغندي، وأبا القاسم البَغَوِيَّ, وَأَبَا خُبيبٍ العبَّاس بنَ البِرْتِيِّ، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي دَاوُدَ, وَشُعَيْبَ بنَ مُحَمَّدٍ الذَّارِعَ, وَأَبَا عَلِيٍّ مُحَمَّدَ بنَ سُلَيْمَانَ المَالِكِيَّ, ويحيى بن صاعد، وأبا حامد الحَضْرَمِيَّ, وَأَبَا بَكْرٍ بنَ زِيَادٍ, وَمُحَمَّدَ بنَ هارون بن
__________
1 ترجمته في العبر "3/ 23"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 165"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 104".
2 ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 265"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 182"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 923"، والعبر "3/ 29"، ولسان الميزان "4/ 283"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 172"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 117".

(12/402)


المُجَدِّرِ, وَالحُسَيْنَ بنَ أَحْمَدَ بنِ بِسطَامَ، وَنَصْرَ بنَ القَاسِمِ الفَرَائِضِيَّ, وَمُحَمَّدَ بنَ صَالِحِ بنِ زُغَيْلٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ زُهَيْرٍ الأُبُلِّيَّ.
وَارْتَحَلَ بَعْدَ الثَّلاَثِيْنَ, فَسَمِعَ بِدِمَشْقَ مِنْ: أَحْمَدَ بنِ سُلَيْمَانَ بنِ زَبَّانَ, وَأَبِي إِسْحَاقَ بنِ أَبِي ثَابِتٍ، وَأَبِي عَلِيٍّ بنِ أَبِي حُذَيْفَةَ.
وَجَمَعَ وصنَّف الكَثيرَ, وَتَفْسِيْرُهُ فِي نَيِّفٍ وَعِشْرِيْنَ مجلَّدًا, كُلُّهُ بأَسَانِيدَ.
حدَّث عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الورَّاق رَفيقُهُ, وَأَبُو سَعْدٍ المَالِيْنِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ البَرْقَانِيُّ, وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ العَتِيْقِيُّ, وَابنُهُ عُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ, وَأَبُو مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ الخَلاَّلُ, وَأَبُو طَالِبٍ العُشَاري، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ المُهتَدِي بِاللهِ, وَأَبُو القَاسِمِ التَّنُوْخِيُّ, وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ أَبُو الفَتْحِ بنُ أَبِي الفَوَارِسِ: ثِقَةٌ مأْمُوْنٌ, صنَّف مَا لَمْ يُصَنِّفْهُ أَحدٌ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: كَانَ ثِقَةً أَمِيناً, يَسكنُ بِالجَانبِ الشَّرْقِيِّ.
وَقَالَ الأَمِيْرُ أَبُو نَصْرٍ: هُوَ الثِّقَةُ الأَمِيْنُ, سَمِعَ بِالشَّامِ وَالعِرَاقِ وَفَارِسَ وَالبَصْرَةِ, وَجَمعَ الأَبْوابَ وَالتَّرَاجِمَ, وصنَّف كَثِيْراً.
الخَطِيْبُ: أَنْبَأَنَا أَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الهَاشِمِيُّ, أنَّ ابنَ شَاهِيْنٍ قَالَ لَهُم: أَوَّلُ مَا كتبتُ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ, وصنَّف ثَلاَثَ مائَةِ مُصَنَّفٍ, أَحَدُهَا "التَّفْسِيْرُ" أَلفُ جُزءٍ، وَ"المُسْنَدُ" أَلفٌ وَثَلاَثُ مائَةِ جُزءٍ, وَ"التَّارِيْخُ" مائَةً وَخَمْسِيْنَ جُزءاً, وَ"الزُّهْدُ" مائَةُ جُزءٍ, وأوَّل مَا حَدَّثْتُ بِالبَصْرَةِ سَنَةَ اثنتين وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قَالَ الخَطِيْبُ: سَمِعْتُ القَاضِي أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بنَ عُمَرَ الدَّاوُودِيَّ, سَمِعْتُ أَبَا حَفْصٍ بنَ شَاهِيْنٍ يَقُوْلُ: حَسبتُ مَا اشتريتُ بِهِ الحِبْرَ إِلَى هَذَا الوَقْتِ فَكَانَ سبعَ مائَةِ دِرْهَمٍ. قَالَ الدَّاوُودِيُّ: وكنَّا نشترِي الحِبْرَ أَرْبَعَةَ أَرطَالٍ بِدِرْهَمٍ, قَالَ: وَكَتَبَ أَبُو حَفْصٍ بَعْدَ ذَلِكَ زمَاناً.
قَالَ حَمْزَةُ السَّهْمِيُّ: سَمِعْتُ الدَّارَقُطْنِيَّ يَقُوْلُ: ابْنُ شَاهِيْنٍ يلحُّ عَلَى الخَطَأِ وَهُوَ ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَبُو الوَلِيْدِ البَاجِيُّ: هُوَ ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَبُو القَاسِمِ الأَزْهَرِيُّ: كَانَ ثِقَةً, عِنْدَهُ عَنِ البَغَوِيِّ سَبعُ مائَةِ جُزءٍ.
قَالَ الخَطِيْبُ: وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ عُمَرَ الدَّاوُودِيَّ يَقُوْلُ: ابْنُ شَاهِيْنٍ ثِقَةٌ يُشبهُ الشُّيُوْخَ, إلَّا أَنَّهُ كَانَ لَحَّانًا, وَكَانَ أَيْضاً لاَ يعرفُ مِنَ الفِقْهِ لاَ قَليلاً وَلاَ كَثِيْراً، وَإِذَا ذُكِرَ لَهُ مَذَاهبُ الفُقَهَاءِ

(12/403)


كَالشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ, يَقُوْلُ: أَنَا مُحَمَّدِيُّ المَذْهَبِ. قَالَ لِي أَبُو الحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيُّ يَوْماً: مَا أَعْمَى قَلبَ أَبِي حَفْصٍ بنِ شَاهِيْنٍ! حَملَ إليَّ كِتَابَهُ الَّذِي صنَّفه فِي التَّفْسِيْرِ، وَسأَلَنِي أَنْ أُصلحَ مَا فِيْهِ مِنَ الخَطَأِ, فَلقِيتُهُ قَدْ نَقلَ "تَفْسِيْرَ أَبِي الجَارُوْدِ"، وفرَّقه فِي الكِتَابِ, وَجعلَهُ عَنْ أَبِي الجَارُوْدِ, عَنْ زِيَادِ بنِ المُنْذِرِ، وَإِنَّمَا هُوَ اسْمُ أَبِي الجَارُوْدِ, ثُمَّ قَالَ الدَّاوُودِيُّ: وَسَمِعْتُ ابنَ شَاهِيْنٍ يَقُوْلُ: أَنَا أَكتبُ وَلاَ أُعَارضُ. وَكَذَا حَكَى عَنْهُ البَرْقَانِيُّ -يَعْنِي: ثِقَةً بِنَفْسِهِ فِيمَا ينقلُ, قَالَ البَرْقَانِيُّ: فلذلك لم أستكثر منه زهدًا فيه.
قلت: وتفسيره موجودٌ بِمدينَةِ وَاسِطَ اليَوْمَ.
وَقَالَ الدَّاوُودِيُّ: رَأَيْتُ ابنَ شَاهِيْنٍ اجتمعَ مَعَ الدَّارَقُطْنِيِّ يَوْماً, فَمَا نَطقَ حَرْفاً.
قُلْتُ: مَا كَانَ الرَّجُلُ بِالبَارعِ فِي غَوامِضِ الصَّنْعَةِ، وَلَكِنَّهُ رَاويَةُ الإِسلاَمِ -رَحِمَهُ اللهُ.
قَالَ العَتِيْقِيُّ: مَاتَ فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: عَاشَ تِسْعاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً, وَعَاشَ بَعْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ أَيَّاماً يسيرة، ومات قبلها فِي العَامِ؛ الزَّاهِدُ القُدْوَةُ المُحَدِّثُ أَبُو الفَتْحِ يُوْسُفُ بنُ عُمَرَ القوَّاس.
وَفِيْهَا مَاتَ: وَزِيْرُ العجمِ الصَّاحبُ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبَّادٍ الطَّالقَانِيُّ, وَمُحَدِّثُ مِصْرَ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ المُهَنْدِسُ, وَشَاعِرُ وَقتِهِ أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ سُكَّرَةَ العَبَّاسِيُّ البَغْدَادِيُّ, وَالقَاضِي عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ الأَذَنِيُّ صَاحبُ ابْنِ فِيْلٍ.
أَنْبَأَنَا المُسَلَّمُ بنُ مُحَمَّدٍ الكَاتِبُ, أَخْبَرَنَا أَبُو اليُمْنِ الكِنْدِيُّ, أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ, أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ العَبَّاسِيُّ لَفْظاً, حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ أَحْمَدَ الحَافِظُ, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ, حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عِمْرَانَ العَابِدِيُّ, حَدَّثَنَا الدَّرَاوَرْدِيُّ, عَنْ مُحَمَّدُ بنُ عَمْرِوٍ, عَنْ أَبِي سَلَمَةَ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُوْلُوا: لاَ إِلَهَ إلَّا اللهُ, فَإِذَا قَالُوهَا عصموا مني دمائهم وَأَمْوَالَهُمْ إلَّا بِحَقِّهَا, وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللهِ" 1. هَذَا حسن غريب.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحافِظِ بنُ بَدْرَانَ, وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ الفرَّاء قَالاَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الفَقِيْهُ, أَخْبَرَنَا أَبُو العِزِّ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَوَاهِبَ, أخبرنا أبو الحسن بنُ الطُّيُورِيِّ, أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ العُشَارِيُّ, أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ شَاهِيْنٍ, حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بن سليمان, حدثنا عباد بن
__________
1 صحيح: مَرَّ تخريجنا له قريبا بتعليقنا رقم "207" في هذا الجزء, فراجعه ثَمَّتَ.

(12/404)


يَعْقُوْبَ, حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ ثَابِتٍ, عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَقِيْلٍ, عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ, عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ الخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "أَلاَ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللهُ بِهِ الخَطَايَا، وَيَزِيْدُ بِهِ فِي الحَسَنَاتِ"؟ قُلْنَا: بَلَى يَا رَسُوْلَ اللهِ. قَالَ: "إِسْبَاغُ الوُضُوءِ عَلَى المكاره, وكثر الخُطَا إِلَى هَذِهِ المَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلاَةِ بَعْدَ الصلاة" 1.
__________
1 صحيح: أخرجه ابن حبان "162" موارد، وابن خزيمة "177"، "357"، والحاكم "1/ 191-192" من طريق أبي عاصم النبيل، قال: حدثنا سفيان، قال: حدثني عبد الله بن أبي بكر، عن سعيد بن المسيب، به.

(12/405)


3527- الجوهري 1:
الإِمَامُ الحَافِظُ, أَبُو القَاسِمِ, عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ الغَافِقِيُّ الجَوْهَرِيُّ, مِنْ أَعْيَانِ المِصْرِيِّيْنَ المَالِكِيَّةِ.
سَمِعَ أَبَا إِسْحَاقَ بنَ شَعْبَانَ, وَأَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدٍ المكِّيَّ، وَأَحْمَدَ بنَ بهزَاذَ, وَعَبْدَ اللهِ بنَ الوَرْدِ، وَأَبَا الطَّاهِرِ الخَامِيَّ, وَعَلِيَّ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي مَطَرٍ, وَمُؤَمَّلَ بنَ يَحْيَى، وَأَبَا القَاسِمِ العُثْمَانِيَّ, وعِدَّة.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ فَهدٍ, وَابنُهُ, وَأَبُو العَبَّاسِ بنُ نفيسٍ المُقْرِئُ.
وصنَّف "مُسْنَدَ المُوَطَّأِ" بِعِلَلهِ, وَاختلاَفِ أَلفَاظِهِ, وَإِيضَاحِ لُغَتِهِ، وَتَرَاجِمِ رِجَالِهِ, وَتَسمِيَةِ مَشْيَخَةِ مَالِكٍ, فجوَّدَه, وَكَانَ يَرْوِيْهِ جَعْفَرٌ الهَمْدَانِيُّ, عَنِ العُثْمَانِيِّ, عَنِ الحَضْرَمِيِّ وَابنِ خَلَفٍ مَعاً, عَنْ أَحْمَدَ بنِ نفيسٍ, عَنْهُ, سَمِعَهُ الشَّيْخُ حسنٌ مِنْ بِنْتِ الوَاسِطِيِّ بِإِجَازتهَا مِنْ جَعْفَرٍ, وألَّف "حَدِيْثَ مَالِكٍ" مِمَّا لَيْسَ فِي المُوَطَّأِ.
قَالَ الحبَّالُ وَأَبُو القَاسِمِ بنُ مَنْدَةَ: مَاتَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: أَظنُّهُ مَاتَ كَهْلاً.
سَمِعَ أَبُو عَلِيٍّ بنُ الخَلاَّلِ "مُسْنَدَ المُوَطَّأِ" مِنْ جَعْفَرٍ الهَمْدَانِيِّ، وَوَقَعَ لِي فِي العُثْمَانيَّاتِ مِنْ حَدِيْثِهِ.
__________
1 ترجمته في العبر "3/ 17"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 101".

(12/405)


3528- الزُّهْرِيّ 1:
الإِمَامُ الحَافِظُ النَّاقِدُ, أَبُو مُحَمَّدٍ, الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ عَمْرٍو البَصْرِيُّ, المَعْرُوفُ بِابْنِ غُلاَمِ الزُّهْرِي.
رَحَلَ وَسَمِعَ مِنْ أَبِي القَاسِمِ البَغَوِيِّ, وابن صاعد، ومحمد بن الحُسَيْنِ بنِ مُكرمٍ، وَالقَاسِمِ بنِ عبَّاد, وَأَحْمَدَ يَعْقُوْبَ المَتُّوثِي, وَعَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الفَضْلِ, وَخَالِدِ بنِ النَّضْرِ, وَطَائِفَةٍ.
سأَلَهُ الحَافِظُ حَمْزَةُ السَّهْمِيُّ عَنِ الرِّجَالِ وَثِقَتِهِم وَلِيْنِهِم.
وَلَمْ أَظفَرْ لَهُ بِتَرْجَمَةٍ.
حدَّث عَنْهُ: أَبُو الحَسَنِ بنُ صَخْر، وَمُحَمَّدُ بنُ طَلْحَةَ الخُزَاعِيُّ, وَجَمَاعَةٌ, وَعَاشَ إِلَى سَنَةِ ثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ بنِ عُمَرَ النَّحْوِيِّ, أَخْبَرَكَ الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ الزَّاهِدُ, أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ بنِ سِلَفَةَ, أَخْبَرْنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ إِملاَءً بِالبَصْرَةِ, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ طَلْحَةَ بنِ المُغِيْرَةِ, حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ الحَافِظُ, حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ يَعْقُوْبَ المَتُّوثي, حَدَّثَنَا بُنْدَارُ, حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ, حَدَّثَنَا سُفْيَانُ, عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ دِيْنَارٍ, عَنِ ابْنِ عُمَرُ "إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهَى عَنْ بَيْعِ الوَلاَءِ وَعَنْ هِبَتِهِ".
أَخرجَهُ البُخَارِيُّ2 عَنْ أَبِي نُعَيْم, عَنِ الثَّوْرِيِّ, فوقع لنا نازلًا بدرجة.
__________
1 ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ 952"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 97".
2 صحيح: أخرجه البخاري "2535"، ومسلم "1506"، وأبو داود "2919".

(12/406)


3529- الخليل بن أحمد 1:
ابن محمد بن الخليل ,الإمام القاضي, شيخ الحنفية, أبو سعيد السِّجْزِيُّ الحَنَفِيُّ الوَاعِظُ, قَاضِي سَمَرْقَنْدَ.
سَمِعَ أَبَا القَاسِمِ البَغَوِيَّ, وَيَحْيَى بنُ صَاعِدٍ، وَإِمَامُ الأَئِمَّةِ ابْنُ خُزَيْمَةَ, وَأَبَا العَبَّاسِ السَّرَّاجَ، وَمُحَمَّدَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ الدَّيْبُلِيَّ المكِّيَّ, وَابنَ جَوْصَا, وَجَمَاعَةً.
رَوَى عَنْهُ: الحَاكِمُ, وَأَبُو يَعْقُوْبَ إِسْحَاقُ القرَّاب، وَعَبْدُ الوَهَّابِ بنُ مُحَمَّدٍ الخطَّابي، وَجَعْفَرٌ المُسْتَغْفِرِيُّ, وَأَبُو ذَرٍّ الهَرَوِيُّ, وَمُحَلَّمُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الضَّبِّيُّ الهَرَوِيُّ.
وَقَعَ لِي حَدِيْثُهُ عَالِياً، وَكَانَ مِنْ أَحسنِ النَّاسِ وَعْظاً وَتَذْكِيْراً.
مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَمَاتَ بِفَرْغَانَةَ, فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قَالَ الحَاكِمُ: هُوَ شَيْخُ أَهْلِ الرَّأْيِ فِي عَصْرِهِ، وَكَانَ مِنْ أَحسنِ النَّاسِ كَلاَماً فِي الوَعْظِ.
وَمِنْ شِعْرِهِ:
سَأَجْعَلُ لِيَ النُّعْمَان فِي الفِقْهِ قُدْوَةً ... وَسُفْيَانَ فِي نَقْلِ الأَحَادِيثِ سيِّدَا
وَفِي تَرْكِ مَا لَمْ يَعْنِنِي عَنْ عَقِيْدَتِي ... سَأَتْبَعُ يَعْقُوْبَ العُلا وَمُحَمَّدَا
وَأَجْعَلُ دَرْسِي مِنْ قِرَاءةِ عَاصِمٍ ... وَحَمْزَةَ بِالتَّحْقِيْقِ دَرْساً مؤكَّدا
وَأَجْعَلُ فِي النَّحْوِ الكِسَائِيَّ قُدْوَةً ... وَمِنْ بَعْدِهِ الفَرَّاءَ مَا عِشْتُ سَرْمَدَا
وَفِيْهَا مَاتَ: أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ العَلَوِيُّ العَقِيْقِيُّ رَئِيْسُ دِمَشْقَ، وَبِشْرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ البَاهِلِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ تَبُوْكُ بنُ الحَسَنِ الكِلاَبِيُّ, وَأَبُو نَصْرٍ الطُّوْسِيُّ صَاحِبُ "اللُّمعِ"، وَأَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ البَاجِيِّ الإِشْبِيْلِيُّ، وَأَبُو الفَتْحِ بنُ مَسْرُوْرٍ البَلْخِيُّ, وَشَيْخُ المَالِكِيَّةِ أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ اللهِ بنُ الحُسَيْنِ الجَلاَّبُ، وَأَبُو بَكْرٍ المُفِيْدُ, وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الورَّاق, ومحمد بن بشر الوَرَّاقُ النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَالرَّئِيْسُ أَبُو عَبْدِ اللهِ ابنُ أَبِي ذُهْلٍ العُصمِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ الكَبِيْرُ, وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ بنِ الشخير، والقاسم بن خلف الجبيري الطرسوسي.
__________
1 ترجمته في الأنساب "7/ 45"، ومعجم الأدباء لياقوت "11/ 77"، والعبر "3/ 7"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 153"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 91".

(12/407)


ابن حماد، وابن غريب، وابن زبر:
3530- ابن حَمَّاد 1:
الإِمَامُ الحَافِظُ المُفِيْدُ, محدِّث الكُوْفَةِ, أَبُو الحَسَنِ, مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَمَّاد بنِ سُفْيَانَ الكُوْفِيُّ.
حدَّث عَنْ: عَلِيِّ بنِ العَبَّاسِ المَقَانِعِيِّ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ زَيْدَانَ البَجَلِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ الأَنْصَارِيِّ, وَطَبَقَتِهِم.
رَوَى عَنْهُ: القَاضِي أَبُو العَلاَءِ الوَاسِطِيُّ, وَأَبُو ذَرٍّ الهَرَوِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ العَتِيْقِيُّ, وَأَبُو القَاسِمِ بنُ بِشْرَانَ, وَآخرُوْنَ.
توفِّي سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ, عَنْ سنٍّ عَالِيَةٍ.
وَقَدْ مَرَّ لَنَا سَمِيُّهُ الحَافِظُ الكَبِيْرُ, أَبُو بِشْرٍ, مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حمَّاد بنِ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ الدُّوْلاَبِيُّ, فِي سَنَةِ عشر وثلاث مائة.
3531- ابن غريب 2:
الشَّيْخُ العَالِمُ الثِّقَةُ, أَبُو بَكْرٍ, مُحَمَّدُ بنُ غَرِيْبِ بنِ عَبْدِ اللهِ البَغْدَادِيُّ, غُلاَمُ ابْنِ مُجَاهِدٍ المُقْرِئِ.
سَمِعَ مُوطَّأَ سُويدٍ مِنْ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الجَعْدِ الوشَّاء، وَسَمِعَ مِنْ جَعْفَرٍ الفِرْيَابِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ حمَّاد الخشَّاب.
وَعَنْهُ البَرْقَانِيُّ، وَأَبُو العَلاَءِ الوَاسِطِيُّ, وَعُمَرُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الفَقِيْهُ.
وثَّقه البَرْقَانِيُّ.
سَمِعْنَا المُوَطَّأَ مِنْ طَرِيْقِهِ.
3532- ابن زَبْر 3:
الشيخ العالم الحافظ, أبو سليمان, محمد بن القَاضِي عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ رَبِيْعَةَ بنِ زَبْرٍ الرَّبَعِيُّ, محدِّث دِمَشْقَ، وَابنُ قَاضِيْهَا أبي محمد.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي القَاسِمِ البَغَوِيِّ, وَمُحَمَّدِ بنِ الفَيْضِ الغَسَّانِيِّ، وَسَعِيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَجُمَاهِرِ بنِ مُحَمَّدٍ الزَّمْلَكَانِيِّ, وَمُحَمَّدِ بنِ خُرَيْمٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ الرَّبِيْعِ الجِيْزِيِّ, وَابنِ أَبِي دَاوُدَ.
رَوَى عنه: تَمَّام الرازي, وعبد الغني بن سعيد, وَمُحَمَّدُ بنُ عَوْفٍ، وَأَبُو نَصْرٍ بنُ الجبَّانِ، وَمُحَمَّدٌ وَأَحْمَدُ ولدَا العَفِيْفِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أبي نصر, وآخرون.
__________
1 ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 922"، والعبر "3/ 26"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 110".
2 ترجمته في تاريخ بغداد "3/ 147".
3 ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 927"، والعبر "3/ 12"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 95".

(12/408)


قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: كَانَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ قَدْ نَظرَ فِي أَشيَاءٍ كَثِيْرَةٍ مِنْ تَصَانِيْفِي، وباتت عنده وتصفَّحها, فأعجتبه, فَقَالَ لِي: يَا أَبَا سُلَيْمَانَ, أَنْتُمُ الصَّيَادِلَةِ وَنَحْنُ الأَطِبَّاءُ.
قَالَ الكَتَّاني: حَدَّثَنَا عَنْهُ عِدَّةٌ، وَكَانَ يُمْلِي بِالجَامِعِ. قَالَ: وَكَانَ ثِقَةً مَأْمُوْناً نَبِيْلاً، وتوفِّي فِي جُمَادَى الأُولَى سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: لَهُ كِتَابُ "الوَفِيَّاتِ" عَلَى السِّنيْنَ, مَشْهُوْرٌ, قَدْ حَكَى عَنْهُ أَبُو نَصْرٍ بنُ الجَبَّانِ أَنَّهُ رَأَى الحَقَّ -عَزَّ وَجَلَّ- فِي النَّوْمِ, فذكَرَ أَنَّهُ رَأَى نُوراً.
وَفِيْهَا مَاتَ: أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ بَالُوَيْه، وَالمَلِكُ شَرَفُ الدَّوْلَةِ شِيْرَوَيْه ابْنُ عَضُدِ الدَّوْلَةِ، وَأَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الجَوْهَرِيُّ المُتَكَلِّمُ نَقَّاشُ السُّكَّةِ، وَشَيْخُ النَّحْوِ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ الزُّبَيْدِيُّ بِقُرْطُبَةَ, وَمُحَمَّدُ بنُ النَّضْرِ النَّخَّاسُ المَوْصِلِيُّ, وَمُحَمَّدُ بنُ المُظَفَّرِ الحَافِظُ، وَهِلاَلُ بنُ مُحَمَّدٍ البَصْرِيُّ صاحب الكجي.

(12/409)


3533- ابن كلِّس 1:
وَزِيْرُ المُعزِّ وَالعَزيزِ, أَبُو الفَرَجِ, يَعْقُوْبُ بنُ يُوْسُفَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ هَارُوْنَ بنِ دَاوُدَ بنِ كِلِّسَ البَغْدَادِيُّ, الَّذِي كَانَ يَهُودِيّاً فَأَسْلَمَ.
كَانَ دَاهِيَةً مَاكراً, فَطِناً سَائِساً, مِنْ رِجَالِ العَالَمِ.
سَافرَ إِلَى الرَّمْلَةِ, وَتَوكَّلَ للتُّجَارِ, فَانكسرَ عَلَيْهِ جُمْلَة وتعثَّر, فَهَرَبَ إِلَى مِصْرَ, وَجرتْ لَهُ أُمورٌ طَوِيْلَةٌ, فَرَأَى مِنْهُ صَاحبُ مِصْرَ كَافورُ الخَادِمُ فِطنَةً وَخِبرَةً بِالأُمورِ، وَطَمِعَ هُوَ فِي التَّرقِّي فَأَسْلَمَ يَوْمَ جُمُعَةٍ, ثُمَّ فَهِمَ مَقَاصِدَهُ الوَزِيْرُ ابْنُ حِنْزَابَةَ, فَعَمِلَ عَلَيْهِ, ففَرَّ مِنْهُ إِلَى المَغْرِبِ، وتوصَّل بيهودٍ كَانُوا فِي بَابِ المُعزِّ العُبَيْدِيِّ, فَنَفَقَ عَلَى المعزِّ, وَكشفَ لَهُ أُموراً, وَحَسَّنَ لَهُ تَملُّكَ البِلاَدِ, ثُمَّ جَاءَ فِي صُحبَتِهِ إِلَى مِصْرَ وَقَدْ عظُمَ أَمرُهُ. وَلَمَّا وَلِيَ العَزيزُ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ اسْتوزَرَهُ, فَاسْتمرَّ فِي رِفْعَةٍ وتمكُّن, إِلَى أَنْ مَاتَ.
وَكَانَ عَالِيَ الهِمَّةِ عَظِيمَ الهيبَةِ حَسَنَ المدَارَاةِ.
مرضَ فَنَزَلَ إِلَيْهِ العَزيزُ يَعُودُهُ, وَقَالَ: يَا يعقوبَ, وَدِدْتُ أَنَّكَ تُبَاعُ فَأَشترِيكَ مِنَ المَوْتِ بِمُلكِي, فَهَلْ مِنْ حَاجَةٍ? فَبَكَى وقَبَّل يَدَهُ, وَقَالَ: أمَّا لِنَفْسِي فَلاَ، وَلَكِنْ فِيمَا يتعلّق بك,
__________
1 ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "7/ 155"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "7/ ترجمة 831"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 97".

(12/409)


سَالِمِ الرُّوْمَ مَا سَالَمُوكَ, وَاقنَعْ مِنْ بَنِي حَمْدَانَ بِالدَّعْوَةِ وَالسّكَّةِ, وَلاَ تُبْقِ عَلَى المفرِّجِ بنِ دَغْفَلٍ مَتَى قَدَرْتَ, ثُمَّ مَاتَ, فدَفَنَهُ العَزيزُ فِي القَصْرِ فِي قبَّةٍ أَنْشَأَهَا العَزيزُ لنفسه، وألحده بيده, وَجَزِعَ لِفَقْدِهِ.
وَيُقَالُ: أَنَّهُ كَانَ حَسُنَ إِسلاَمُهُ مَعَ دُخُولِهِ فِي الرَّفْضِ, وَقَرَأَ القُرْآنَ وَالنَّحْوَ, وَكَانَ يحضرُ عِنْدَهُ العُلَمَاءُ، وَتُقْرَأُ عَلَيْهِ توَالِيفُهُ لَيْلَةَ الجُمُعَةِ, وَلَهُ حُبٌّ زَائِدٌ فِي العُلومِ عَلَى اخْتِلاَفِهَا.
وَقَدْ مَدَحَهُ عِدَّةٌ مِنَ الشُّعَرَاءِ, وَكَانَ جوَّادًا مُمَدَّحاً.
وصَّنف كِتَاباً فِي فِقْهِ الشِّيْعَةِ مِمَّا سَمِعَهُ مِنَ المُعزِّ وَمِنَ العَزيزِ, ثُمَّ سَمِعَهُ مِنْ لَفظِهِ خَلقٌ فِي مَجْلِسٍ عَامٍّ, وَجَلَسَ جَمَاعَةٌ مِنَ العُلَمَاءِ يَفْتُوْنَ فِي جَامعِ مِصْرَ بِمَا فِي ذَلِكَ التَّصْنِيْفِ الذِّمِيمِ.
وَقَدْ كَانَ العَزيزُ تنمَّر عَلَيْهِ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَسَبْعِيْنَ، وَسَجَنَهُ شُهوراً, ثُمَّ رَضِيَ عَنْهُ, وَاحتَاجَ إِلَيْهِ, فَرَدَّهُ إِلَى المَنْصبِ.
وَكَانَ معلومُهُ فِي السَنَةِ مائَتَي أَلفِ دِيْنَارٍ, وَلَمَّا مَاتَ وُجِدَ لَهُ مِنَ المَمَالِيْكِ وَالجُنْدِ وَالخدمِ أَرْبَعَةُ آلاَفِ مَمْلُوْكٍ, وَبَعْضُهُمْ أُمرَاء.
وَيُقَالُ: إِنَّهُ كُفِّنَ وحُنِّطَ بِمَا يُسَاوِي عَشْرَةَ آلاَفِ مِثْقَالٍ.
وَقَالَ العزيز وهو يبكي: وا طول أَسَفِي عَلَيْكَ يَا وَزِيْرُ.
مَاتَ فِي ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ ثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ, وَلَهُ اثنتَانِ وَسِتُّوْنَ سَنَةً، وخلَّف مِنَ الذَّهَبِ وَالجَوْهَرِ وَالمَتَاعِ مَا لاَ يُوْصُفُ كَثْرَةً, وَلاَ رَيْبَ أنَّ مَلِكَ مِصْرَ فِي ذَاكَ العَصْرِ كَانَ أَعْظَمَ بكثيرٍ مِنْ خُلفَاءِ بَنِي العَبَّاسِ, كَمَا الآنَ صَاحبُ مِصْرَ أَعْلَى مُلُوْكِ الطوائِفِ رُتْبَةً وَمَمْلَكَةً.
وَقِيْلَ: مَا بَرِحَ يَعْقُوْبُ فِي صُحْبَةِ كَافورَ حَتَّى مَاتَ.
أَسلَمْ يَعْقُوْبُ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ, وَلَزِمَ الخَيْرَ وَالصَّلاَةَ ثُمَّ قَبضَ عَلَيْهِ ابْنُ حِنْزَابَةَ, فَبذلَ لَهُ مَالاً فَأَطْلَقَهُ.
تَوَلَّى الوزَارَةَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ, فَكَانَ مِنْ أَنْبَلِ الوُزَرَاءِ وَأَحشمِهِم وَأَكرَمِهِم وَأَحْلَمِهِم.
قَالَ العَلَوِيُّ: رَأَيْتُ يَعْقُوْبَ عِنْدَ كَافورَ, فَلَمَّا رَاحَ قَالَ لِي: أي وزير بين جنبيه?!

(12/410)


3534- القَلْعِيّ 1:
الإِمَامُ الحَافِظُ المُجَوِّدُ الزَّاهِدُ القُدْوَةُ المُجَاهِدُ, أَبُو مُحَمَّدٍ, عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ القَاسِمِ بنِ حَزْمٍ الأَنْدَلُسِيُّ القَلْعِي.
سَمِعَ: وَهْبَ بنَ مَسَرَّةَ, وَأَبَا مُحَمَّدٍ بنَ الوَرْدِ، وَعَلِيَّ بنَ أَبِي العَقَبِ الدِّمَشْقِيَّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ عَلِيٍّ الهُجَيْمِيَّ, وَأَبَا جَعْفَرٍ بنَ دُحَيْمٍ الشَّيْبَانِيَّ, وَأَبَا بَكْرٍ الشَّافِعِيَّ, وَطَبَقَتَهُم.
وَجَمَعَ فَأَوْعَى.
قَالَ ابْنُ الفَرْضِيّ: سَمِعْتُ مِنْهُ عِلْماً كَثِيْراً.
وَسَمِعَ مِنْهُ: أَحْمَدُ بن عون الله, وابن فرج القاضي، وعباس بن أَصْبَغَ شُيُوخُنَا وَكَانَتِ الرِّحْلَةُ إِلَيْهِ، وَنفعَ اللهُ بِهِ الخَلْقَ, وَكَانَ زَاهِداً شُجَاعاً, ولَّاه المُسْتَنْصِرُ بِاللهِ القَضَاءَ, فَاسْتَعْفَى فَأَعْفَاهُ, وَكَانَ فَقِيْهاً صُلباً فِي الحَقِّ وَرِعاً, كَانُوا يُشَبِّهُونَهُ بسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ فِي زَمَانِهِ، وَكَانَ ثِقَةً مَأْمُوْناً, وَبَلَغَنَا أَنَّهُ كَانَ يَقِفُ وَحدَهُ للفِئَةِ مِنَ المُشْرِكِيْنَ.
توفِّي بقلعَةِ أَيُّوْبَ مِنَ الأَنْدَلُسِ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
ووُلِدَ سَنَةَ عشرين وثلاث مائة -رحمه الله.
__________
1 ترجمته في العبر "3/ 23"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 165"، وشذرات الذهب لابن 11:12 ص 06/ 11/ 1429 العماد الحنبلي "3/ 104".

(12/411)


3535- أحمد بن سهل بن إبراهيم:
الشَّيْخُ المُعَمَّرُ, أَبُو حَامِدٍ الأَنْصَارِيُّ النَّيْسَابُوْرِيُّ.
كَانَ آخِرَ مَنْ حدَّث عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ شَادِلَ، وَأَبِي قُرَيْشٍ الحَافِظِ, وَغيْرِهِمَا.
وَعَنْهُ: الحَاكِمُ، وَأَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرُوذِيُّ, وَطَائِفَةٌ.
قَالَ الحَاكِمُ: أُصُولُهُ صَحِيْحَةٌ, وَكَانَ مِنَ الأُدَبَاءِ المَذْكُورِيْنَ، وأوَّل تَاريخِ سَمَاعِهِ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ. مَاتَ فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَفِيْهَا توفِّي أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَلِيِّ بنِ غَالِبٍ التَّمَّارُ المِصْرِيُّ صَاحبُ مُحَمَّدِ بنِ الرَّبِيْعِ الجِيْزِيِّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ هِلاَلٍ الحَرَّانِيُّ الصَّابِيُّ المُشركُ الأَدِيبُ صَاحبُ "الرِّسَائِلِ البَدِيْعَةِ"، وعبد الله بن مُحَمَّدٍ الإِصْطَخَرِيُّ صَاحبُ أَبِي خَلِيْفَةَ الجُمَحِيِّ, وَشيخُ العُبَّادِ أَبُو العَبَّاسِ عُبَيْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ نَافِعٍ البُشْتِي -بُشْت نَيْسَابُوْرَ, وَشيخُ الزُّهَّادِ عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ بنِ مَحمُوَيْه النَّيْسَابُوْرِيُّ, وَشيخُ النَّحْوِ عَلِيُّ بنُ عِيْسَى الرُّمَّانِيُّ، وَمُحَدِّثُ الكُوْفَةِ أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَمَّادٍ، وَمُحَدِّثُ بَغْدَادَ مُحَمَّدُ بنُ العَبَّاسِ بنِ الفُرَاتِ, وَشيخُ الشَّافِعِيَّةِ أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّد بنُ عَلِيِّ بنِ سَهْل المَاسَرْجِسِيّ النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَالعَلاَّمَةُ أبو عبيد الله المرزباني.

(12/411)


3536- الماسرجسي 1:
العَلاَّمَةُ شَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ, أَبُو الحَسَنِ, مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ سَهْلِ بنِ مُصْلِحٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ الشَّافِعِيُّ المَاسَرْجِسِيُّ سِبْطُ المُحَدِّثِ الحَسَنِ بنِ عِيْسَى بنِ مَاسَرْجِسَ.
سَمِعَ مِنْ: خَالِهِ مؤمَّل بنِ الحَسَنِ، وأبي حامد بن الشرقي, وأبي سعيد بن الأَعرَابِيِّ، وَمكِّيِّ بنِ عَبْدَانَ, وَإِسْمَاعِيْلَ الصَّفَّارِ, وَابنِ شَوْذَبٍ, وَابنِ دَاسَه, وَأَبِي الطَّاهِرِ المَدِيْنِيِّ، وَأَبِي الحَسَنِ بنِ حَذْلَمَ, وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
وتفقَّه بَأَبِي إِسْحَاقَ المَرْوَزِيِّ, وَصَحِبَهُ إِلَى مِصْرَ، وَصَارَ مُعِيدَ أَبِي عَلِيٍّ بنِ أَبِي هُرَيْرَةَ, وَلَحِقَ بِمِصْرَ أَصْحَابَ الرَّبِيْعِ وَالمُزَنِيِّ.
وَبِهِ تفقَّه القَاضِي أَبُو الطَيِّبِ الطَّبَرِيُّ, وَجَمَاعَةٌ.
وَرَوَى عَنْهُ: الحَاكِمُ, وَأَبُو نُعَيْمٍ, وَأَبُو طَالِبٍ يَحْيَى بنُ عَلِيٍّ الدَّسْكَري، وَأَبُو عُثْمَانَ الصَّابونِيُّ, وَأَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرُوذِيُّ, وَآخرُوْنَ.
وَهُوَ مِنْ أَصْحَابِ الوُجُوهِ.
قَالَ الحَاكِمُ: كَانَ أَعرفَ الأَصحَابِ بِالمَذْهَبِ وَتَرْتِيْبِهِ, تفقَّه بَأَبِي إِسْحَاقَ وَغَيْرِهِ, وَعَقدَ مَجْلِسَ النَّظَرِ وَمَجْلِسَ الإِمْلاَءِ, فَأَمْلَى زمَاناً, ... إِلَى أَنْ قَالَ: وَتُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ, عَنْ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ سَنَةً -رَحِمَهُ اللهُ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ, أَنْبَأَنَا عَبْدُ المُعِزِّ, أَخْبَرَنَا زَاهِرٌ, أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ, أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ سَهْلٍ الإِمَامُ, أَخْبَرَنَا مَكِّيُّ بنُ عَبْدَانَ, حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ بِشْرٍ, حَدَّثَنَا مَالِكُ بنُ سعيْرٍ, حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ, عَنْ أَبِي صَالِحٍ, عَنْ جَابِرٍ قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَارِبُوا وَسَدِّدُوا, فَإِنَّهُ لَمْ يُنْجِ أَحَداً عملُه". قَالُوا: وَلاَ أَنْتَ يَا رَسُوْلَ اللهِ؟ قَالَ: فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ وَقَالَ: "وَلاَ أَنَا, إلَّا أَنْ يتغمَّدني اللهُ بِرَحْمَتِهِ" 2.
__________
1 ترجمته في اللباب لابن الأثير "3/ 148"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "4/ ترجمة 576"، والعبر "3/ 26".
2 صحيح: أخرجه أحمد "3/ 337"، ومسلم "2817"، من طريق الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، به.

(12/412)


3537- المرْزَبَاني 1:
العَلاَّمَةُ المُتْقِنُ الأَخْبَارِيُّ أَبُو عُبَيْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بن عمران بن موسى بنِ عُبَيْدٍ المَرْزُبَانِيُّ, البَغْدَادِيُّ, الكَاتِبُ, صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
حدَّث عَنْ: البَغَوِيِّ، وَأَبِي حَامِدٍ الحَضْرَمِيِّ, وَابنِ دُرَيْدٍ, وَنِفْطَوَيْه, وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ: التَّنُوْخِيُّ, وَأَبُو مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيُّ, وَالعَتِيْقِيُّ, وَطَائِفَةٌ.
وَكَانَ رَاوِيَةً جَمَّاعة مُكْثِراً, صنَّف أَخبارَ الشُّعَرَاءِ, لَكِنْ غَالِبُ رِوَايَاتِهِ إِجَازَةٌ, فَيُطلِقُ فِي ذَلِكَ: أَخْبَرَنَا, كَالمُتَأَخِّرينَ مِنَ المغَاربَةِ.
قَالَ القَاضِي الصَّيْمَرِيُّ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: كَانَ فِي دَارِي خَمْسُوْنَ مَا بَيْنَ لِحَافٍ وَدواجٍ معَدَّة لأَهلِ العِلْمِ الَّذِيْنَ يَبِيتُوْنَ عِنْدِي.
قَالَ الأَزْهَرِيُّ: كَانَ المَرْزُبَانِيُّ يَضعُ المحبرَةَ وَقنِّينَةَ النَّبِيذِ, يكتُبُ وَيشربُ, وَكَانَ مُعتزليّاً صَنَّفَ كِتَاباً فِي أَخبارِ المعتزلةِ, وَمَا كَانَ ثِقَةً.
قَالَ الخَطِيْبُ: لَيْسَ حَالُهُ عِنْدنَا الكَذِبَ، وَأَكثرُ مَا عِيْبَ عَلَيْهِ مَذْهَبُهُ وَتدليسُهُ للإِجَازَةِ.
وَقَالَ العَتِيْقِيُّ: كَانَ مُعتَزِليّاً ثِقَةً.
مَاتَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ, عَنْ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
وَقَالَ غَيْرُهُ: كَانَ جَاحظَ زَمَانِهِ، وَكَانَ عَضُدُ الدَّوْلَةِ يَتَغَالَى فِيْهِ, وَيَمرُّ بدَارِهِ فَيَقفُ حَتَّى يَخرجَ إليه.
وَلهُ "أَخبارُ الشُّعَرَاءِ" خَمْسَةُ آلاَفِ وَرقَةٍ، وآخَرُ فِي الشُّعَرَاءِ ضَخْمٌ جِدّاً, نَحْوَ ثَلاَثِيْنَ مُجَلَّداً.
وأعطاه عضد الدولة مرة ألف دينار.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "3/ 135"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 177"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "18/ 268"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "4/ ترجمة 647"، والعبر "3/ 27"، وميزان الاعتدال "3/ ترجمة 8013".

(12/413)


3538- الدارقطني 1:
الإِمَامُ الحَافِظُ المُجَوِّدُ, شَيْخُ الإِسلاَمِ, عَلَمُ الجهَابذَةِ, أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ عُمَرَ بنِ أَحْمَدَ بنِ مَهْدِيِّ بنِ مَسْعُوْدِ بنِ النُّعْمَانِ بنِ دِيْنَارِ بنِ عَبْدِ اللهِ البَغْدَادِيُّ, المُقْرِئُ المُحَدِّثُ, مِنْ أَهْلِ مَحَلَّةِ دَارِ القُطْنِ بِبَغْدَادَ.
وُلِدَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِ مائَةٍ, هُوَ أَخْبَرَ بِذَلِكَ.
وَسَمِعَ وَهُوَ صَبِيٌّ مِنْ أَبِي القَاسِمِ البَغَوِيِّ, وَيَحْيَى بنِ مُحَمَّدِ بنِ صَاعِدٍ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي دَاوُدَ، وَمُحَمَّدِ بنِ نَيْرُوزَ الأَنْمَاطِيِّ, وَأَبِي حَامِدٍ مُحَمَّدِ بنِ هَارُوْنَ الحَضْرَمِيِّ، وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُبَشِّرٍ الوَاسِطِيُّ، وَأَبِي عَلِيٍّ مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ المَالِكِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ القَاسِمِ بنِ زَكَرِيَّا المُحَارِبِيِّ، وَأَبِي عُمَرَ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ بنِ يَعْقُوْبَ القَاضِي، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ زِيَادٍ النَّيْسَابُوْرِيِّ, وَالحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ العَدَوِيِّ البَصْرِيِّ, وَيُوْسُفَ بنِ يَعْقُوْبَ النَّيْسَابُوْرِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ الأَدَمِيِّ, وَعُمَرَ بن أحمد بن علي الدَّيْربي, وَإِسْحَاقَ بنِ مُحَمَّدٍ الزيَّات، وَجَعْفَرِ بنِ أَبِي بَكْرٍ, وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ العَبَّاسِ الورَّاق، وَالحُسَيْنِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ المَحَامِلِيِّ, وَأَخِيْهِ أَبِي عُبَيْدٍ القَاسِمِ، وَأَبِي العباس بن عقدة, ومحمد بن مخلد العطار, وَأَبِي صَالِحٍ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ سَعِيْدٍ الأَصْبَهَانِيِّ, وَمُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ حَفْصٍ, وَجَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يَعْقُوْبَ الصَّيْدَلِيِّ، وَأَبِي طَالِبٍ أَحْمَدَ بنِ نَصْرٍ الحَافِظِ، وَالحُسَيْنِ بنِ يَحْيَى بنِ عَيَّاشٍ, وَمُحَمَّدِ بنِ سَهْلِ بنِ الفُضَيْلِ, وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ وَكِيْلُ أَبِي صَخْرَةَ, وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي بَكْرٍ الوَاسِطِيِّ, وَالحُسَيْنِ بنِ مُحَمَّدٍ المُطبِقِيِّ، وَأَبِي جَعْفَرٍ بنِ البَخْتَرِيِّ, وَإِسْمَاعِيْلَ الصَّفَّارِ, وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ، وَينْزِلُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الشَّافِعِيِّ, وَإِلَى ابْنِ المظَفَّر, وَارْتَحَلَ فِي الكُهُوْلَةِ إِلَى الشَّامِ وَمِصْرَ، وَسَمِعَ مِنِ ابنِ حَيُّويه النَّيْسَابُوْرِيِّ, وَأَبِي الطَّاهِرِ الذُّهْلِيِّ، وَأَبِي أَحْمَدَ بنِ النَّاصِحِ, وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
وَكَانَ مِنْ بُحُورِ العِلْمِ, وَمِنْ أَئِمَّةِ الدُّنْيَا, انْتَهَى إِلَيْهِ الحِفْظُ وَمَعْرِفَةُ عِلَلِ الحَدِيْثِ وَرجَالِهِ, مَعَ التَّقَدُّمِ فِي القِرَاءاتِ وَطُرُقِهَا, وَقوَّةِ المشَاركَةِ فِي الفِقْهِ وَالاخْتِلاَفِ والمغازي وأيام الناس, وغير ذلك.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "12/ 34"، والأنساب للسمعاني "5/ 245"، واللباب لابن الأثير "1/ 483"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 183"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 925"، والعبر "3/ 28"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 172"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 116".

(12/414)


قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ فِي كِتَابِ "مُزكِّي الأَخبارِ": أَبُو الحَسَنِ صَارَ وَاحدَ عَصْرِهِ فِي الحِفْظِ وَالفَهْمِ وَالوَرَعِ, وَإِمَاماً فِي القُرَّاءِ وَالنَّحْوِيِّيْنَ, أَوَّلَ مَا دخلتُ بَغْدَادَ كَانَ يَحضرُ المجَالسَ وسنُّه دُوْنَ الثَّلاَثِيْنَ, وَكَانَ أَحَدَ الحفَّاظ.
قُلْتُ: وَهِمَ الحَاكِمُ, فَإِنَّ الحَاكِمَ إِنَّمَا دَخَلَ بَغْدَادَ سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعينَ وَثَلاَثِ مائَةٍ, وَسنُّ أَبِي الحَسَنِ خَمْسٌ وثلاَثُونَ سَنَةً.
صنَّف التَّصَانِيْفَ, وَسَارَ ذِكرُهُ فِي الدُّنْيَا، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ صنَّف القِرَاءاتِ, وَعَقدَ لَهَا أَبْواباً قَبْلَ فرشِ الحُرُوْفِ.
تَلاَ عَلَى أَبِي الحُسَيْنِ أَحْمَدَ بنِ بُويَانَ, وَأَبِي بَكْرٍ النَّقَّاشِ، وَأَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدٍ الدِّيْبَاجِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ ذُؤَابَةَ القَزَّازِ, وَغَيْرِهِم, وَسَمِعَ حُروفَ السَّبْعَةِ مِنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ مُجَاهِدٍ، وتصدَّر فِي آخِرِ أَيَّامِهِ للإِقْرَاءِ, لَكِنْ لَمْ يبلُغْنَا ذِكرُ مَنْ قَرَأَ عَلَيْهِ، وَسَأَفْحصُ عَنْ ذَلِكَ -إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
قَالَ ابْنُ طَاهِرٍ: لَهُ مَذْهَبٌ فِي التَّدْلِيْسِ, يَقُوْلُ فِيمَا لَمْ يَسمعْهُ مِنَ البَغَوِيِّ: قُرِئَ عَلَى أَبِي القَاسِمِ البَغَوِيِّ, حدَّثكم فُلاَنٌ.
حدَّث عَنْهُ: الحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ، وَالحَافِظُ عَبْدُ الغنِيِّ، وتَمَّام بنُ مُحَمَّدٍ الرَّازِيُّ، وَالفَقِيْهُ أَبُو حَامِدٍ الإِسْفَرَايينِيُّ وَأَبُو نَصْرٍ بنُ الجندِيِّ, وَأَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ الطيَّانُ, وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، وَأَبُو مَسْعُوْدٍ الدِّمَشْقِيُّ, وَأَبُو نُعَيْمٍ الأَصْبَهَانِيُّ, وَأَبُو بَكْرٍ البَرْقَانِيُّ, وَأَبُو الحَسَنِ العَتِيْقِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَارِثِ الأَصْبَهَانِيُّ النَّحْوِيُّ، وَالقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عَلِيٍّ الأَزَجِيُّ, وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ بِشْرَانَ, وَأَبُو الحَسَنِ بنُ السِّمْسَارِ الدِّمَشْقِيُّ، وَأَبُو حَازِمٍ بنُ الفَرَّاءِ أَخُو القَاضِي أَبِي يَعْلَى, وَأَبُو النُّعْمَانِ تُرَابُ بنُ عُمَرَ المِصْرِيُّ، وَأَبُو الغنَائِمِ عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ المَأْمُوْنِ, وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ المُهْتَدِي بِاللهِ, وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ الآبْنُوسي مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ، وَأَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ حَسْنون النَّرْسِيُّ, وَحَمْزَةُ بنُ يُوْسُفَ السَّهْمِيُّ, وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ مِنَ البَغَادِدَةِ، وَالدَّمَاشِقَةِ, وَالمِصْرِيِّيْنَ, والرحَّالين.
قَالَ الحَاكِمُ: حجَّ شيخنا أبو عبد الله بن أبي ذهل, فكان يصف حفظه وتفرَّده بِالتَّقَدُّمِ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ, حَتَّى اسْتَنكَرتُ وَصفَهُ إِلَى أَنْ حَجَجْتُ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ, فجئْتُ بَغْدَادَ وَأَقمْتُ بِهَا أَزيَدَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشهرٍ, وَكَثُرَ اجتِمَاعُنَا بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ, فصَادَفْتُهُ فَوْقَ مَا وَصفَهُ ابْنُ أَبِي ذُهْلٍ, وَسأَلتُهُ عَنِ العِلَلِ وَالشُّيُوْخِ, وَلَهُ مُصنَّفَاتٌ يَطولُ ذكرها.

(12/415)


قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: كَانَ الدَّارَقُطْنِيُّ فَريدَ عَصْرِهِ, وَقريعَ دَهْرِهِ، وَنَسِيْجَ وَحْدِهِ, وَإِمَامَ وَقْتِهِ, انْتَهَى إِلَيْهِ عُلُوُّ الأَثرِ وَالمعرفَةِ بِعِلَلِ الحَدِيْثِ وَأَسمَاءِ الرِّجَالِ, مَعَ الصِّدْقِ وَالثِّقَةِ، وَصِحَّةِ الاعْتِقَادِ, وَالاضطلاعِ مِنْ عُلُومٍ سِوَى الحَدِيْثِ؛ مِنْهَا القِرَاءاتُ, فَإِنَّهُ لَهُ فِيْهَا كِتَابٌ مُختَصرٌ, جَمعَ الأُصُولَ فِي أَبْوابٍ عَقَدَهَا فِي أَوَّلِ الكِتَابِ, وَسَمِعْتُ بَعْضَ مَنْ يَعْتَنِي بِالقِرَاءاتِ يَقُوْلُ: لَمْ يُسْبَق أَبُو الحَسَنِ إِلَى طريقتِهِ فِي هَذَا. وَصَارَ القُرَّاءُ بَعْدَهُ يسلكُونَ ذَلِكَ, قَالَ: وَمِنْهَا المعرفَةُ بِمذَاهبِ الفُقَهَاءِ, فإنَّ كِتَابَهُ "السُّنَنُ" يدلُّ عَلَى ذَلِكَ, وَبلَغَنِي أَنَّهُ درَّس فِقْهَ الشَّافِعِيِّ عَلَى أَبِي سَعِيْدٍ الإِصْطَخَرِيِّ, وَقِيْلَ: عَلَى غَيْرِهِ, وَمِنْهَا: المَعرفَةُ بِالأَدبِ وَالشِّعرِ, حدَّثني حَمْزَةُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ طَاهِرٍ, أَنَّ الدَّارَقُطْنِيَّ كَانَ يَحفظُ ديوَانَ السَّيِّدِ الحِمْيَرِيِّ, فَنُسِبَ لِذَا إِلَى التَّشَيُّعِ.
قَالَ أَبُو الفَتْحِ بنُ أَبِي الفَوَارِسِ: كنَّا نَمُرُّ إِلَى البَغَوِيِّ, وَالدَّارَقُطْنِيُّ صَبِيٌّ يَمْشِي خَلْفَنَا بِيَدِهِ رغيف عليه كامخ.
قَالَ الخَطِيْبُ: حدَّثنا الأَزْهَرِيُّ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ الدَّارَقُطْنِيَّ حَضَرَ فِي حدَاثَتِهِ مَجْلِسَ إِسْمَاعِيْلَ الصَّفَّارِ, فَجَعَلَ يَنسخُ جُزءاً كَانَ مَعَهُ, وَإِسْمَاعِيْلُ يُمْلِي, فَقَالَ رَجُلٌ: لاَ يَصحُّ سَمَاعُكَ وَأَنْتَ تنسخُ, فَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: فَهْمِي للإِملاَءِ خلاَفُ فَهْمِكَ, كَمْ تحفظُ أَمْلَى الشَّيْخُ؟ فَقَالَ: لاَ أَحفظُ. فَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: أَمْلَى ثَمَانيَةَ عَشَرَ حَدِيْثاً, الأَوَّلُ: عَنْ فُلاَنٍ, عَنْ فُلاَنٍ, وَمَتنُهُ كَذَا وَكَذَا, وَالحَدِيْثُ الثَّانِي: عَنْ فُلاَنٍ, عَنْ فُلاَنٍ, وَمَتنُهُ كَذَا وَكَذَا, وَمَرَّ فِي ذَلِكَ حَتَّى أَتَى عَلَى الأَحَادِيثِ, فتعجَّب النَّاسُ مِنْهُ، أَوْ كَمَا قَالَ.
قَالَ الحَافِظُ أَبُو ذَرٍّ الهَرَوِيُّ: سَمِعْتُ أنَّ الدَّارَقُطْنِيَّ قَرأَ كِتَابَ "النَّسَبِ" عَلَى مُسْلِمٍ العَلَوِيِّ, فَقَالَ لَهُ المُعَيْطِيُّ الأَدِيبُ بَعْدَ القِرَاءةِ: يَا أَبَا الحَسَن, أَنْتَ أَجرَأُ مِنْ خَاصِي الأَسَدِ, تَقْرَأُ مِثْلَ هَذَا الكِتَابَ مَعَ مَا فِيْهِ مِنَ الشِّعرِ وَالأَدَبِ, فَلاَ يُؤخذُ فِيْهِ عَلَيْكَ لَحْنَةٌ, وَتعجَّبَ مِنْهُ, هَذِهِ حكَاهَا الخَطِيْبُ عَنِ الأَزْهَرِيِّ, فَقَالَ مُسْلِمُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ: وَإِنَّهُ كَانَ يَرْوِي كِتَابَ "النَّسَبِ" عَنِ الخَضِرِ بنِ دَاوُدَ عَنِ الزُّبَيْرِ.
قَالَ رَجَاءُ بنُ مُحَمَّدٍ المُعَدِّلُ: قُلْتُ لِلدَّارَقُطْنِيِّ: رَأَيْتَ مِثْلَ نَفْسِكَ؟ فَقَالَ: قال الله: {فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُم} فَأَلْحَحْتُ عَلَيْهِ, فَقَالَ: لَمْ أَرَ أَحداً جَمعَ مَا جَمعْتُ, رَوَاهَا أَبُو ذَرٍّ، وَالصُّوْرِيُّ عَنْ رَجَاءَ المِصْرِيِّ, وَقَالَ أَبُو ذَرٍّ: قُلْتُ لأَبِي عَبْدِ اللهِ الحَاكِمِ: هَلْ رَأَيْتَ مِثْلَ الدَّارَقُطْنِيَّ؟ فَقَالَ: هُوَ مَا رَأَى مِثْلَ نَفْسِهِ, فَكَيْفَ أَنَا?! وَكَانَ الحَافِظُ عَبْدُ الغنِيِّ الأَزْدِيُّ إِذَا حكى عن الدارقطني يقول: قال أستاذي.

(12/416)


وَقَالَ الصُّوْرِيُّ: سَمِعْتُ الحَافِظَ عَبْدَ الغنِيِّ يَقُوْلُ: أَحسَنُ النَّاسِ كَلاَماً عَلَى حَدِيْثِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثَلاَثَةٌ: ابْنُ المَدِيْنِيِّ فِي وَقتِهِ, وَمُوْسَى بنُ هَارُوْنَ -يَعْنِي: ابنَ الحَمَّالِ فِي وَقتِهِ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ فِي وَقتِهِ.
وَقَالَ القَاضِي أَبُو الطَيِّبِ الطَّبَرِيُّ: كَانَ الدَّارَقُطْنِيُّ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ فِي الحَدِيْثِ.
وَقَالَ الأَزْهَرِيُّ: كَانَ الدَّارَقُطْنِيُّ ذَكِيّاً, إِذَا ذُكِرَ شَيْئاً مِنَ العِلْمِ أَيَّ نوعٍ كَانَ, وُجِدَ عِنْدَهُ مِنْهُ نَصِيبٌ وَافرٌ, لَقَدْ حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ طَلْحَةَ النِّعَالِيُّ أَنَّهُ حضَرَ مَعَ أَبِي الحَسَنِ دَعْوَةً عِنْدَ بَعْضِ النَّاسِ لَيْلَةً, فَجَرَى شَيْءٌ مِنْ ذِكْرِ الأَكلَةِ, فَاندفعَ أَبُو الحَسَنِ يورِد أَخبارَ الأَكلَةِ وَحكَايَاتِهِم وَنوَادِرِهِم, حَتَّى قَطَعَ أَكثرَ ليلتِهِ بِذَلِكَ, قَالَ الأَزْهَرِيُّ: وَرَأَيْتُ ابنَ أَبِي الفَوَارِسِ سَأَلَ الدَّارَقُطْنِيَّ عَنْ عِلَّةِ حَدِيْثٍ, أَوِ اسْمٍ, فَأَجَابَ ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا الفَتْحِ, لَيْسَ بَيْنَ الشَّرقِ وَالغربِ مَنْ يَعرِفُ هَذَا غَيْرِي.
قَالَ القَاضِي أَبُو الطَيِّبِ الطَّبَرِيُّ: حَضَرتُ الدَّارَقُطْنِيَّ، وَقَدْ قُرِئَتِ الأَحَادِيثُ الَّتِي جَمَعَهَا فِي مَسّ الذَّكَرِ عَلَيْهِ, فقال: لو كان أحمد بن حنبل حَاضِراً لاَستفَادَ هَذِهِ الأَحَادِيثَ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ البَرْقَانِيُّ: كَانَ الدَّارَقُطْنِيُّ يُمْلِي عَلَيَّ العِلَلَ مِنْ حِفْظِهِ.
قُلْتُ: إِنْ كَانَ كِتَابُ "العِلَلِ" الموجودُ قَدْ أَمْلاَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حِفْظِهِ -كَمَا دلَّتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الحكَايَةُ, فَهَذَا أَمرٌ عظيمٌ يُقْضَى بِهِ للدَّارَقُطْنِيِّ أَنَّهُ أَحفظُ أَهْلِ الدُّنْيَا، وَإِنْ كَانَ قَدْ أَمْلَى بعضَهُ مِنْ حِفْظِهِ, فَهَذَا مُمْكِنٌ، وَقَدْ جَمعَ قبلَهُ كِتَابَ "العِلَلِ" عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ حَافظُ زَمَانِهِ.
قَالَ رَجَاءُ بنُ مُحَمَّدٍ المُعَدِّلُ: كُنَّا عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ يَوْماً وَالقَارِئُ يَقْرَأُ عَلَيْهِ، وَهُوَ يتنفَّل, فَمَرَّ حَدِيْثٌ فِيْهِ نُسَيْرُ بنُ ذُعْلُوْقٍ, فَقَالَ القَارِئُ: بَشِيرٌ, فسبَّح الدَّارَقُطْنِيُّ فَقَالَ: بُشَيْرٌ, فَسَبَّحَ, فَقَالَ: يُسَيرٌ. فَتَلاَ الدَّارَقُطْنِيَّ: {نْ وَالْقَلَمِ} [الْقَلَم: 1] .
وَقَالَ حَمْزَةُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ طَاهِرٍ: كُنْتُ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ وَهُوَ قَائِمٌ يتنفَّل, فَقَرَأَ عَلَيْهِ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ الكَاتِبِ: عَمْرُو بنُ شُعَيْبٍ, فَقَالَ: عَمْرُو بنُ سَعِيْدٍ. فسبَّح الدَّارَقُطْنِيُّ, فَأَعَادَ، وَقَالَ: ابْنُ سَعِيْدٍ، وَوقفَ, فَتَلاَ الدَّارَقُطْنِيُّ: {يَا شُعَيْبُ أَصَلاتُكَ تَأْمُرُك} [هود: 87] . فقال ابن الكاتب: شعيب.
قَالَ أَبُو الحَسَنِ العَتِيْقِيُّ: حضَرتُ أَبَا الحَسَنِ وَجَاءهُ أَبُو الحُسَيْنِ البَيْضَاوِيُّ بِغريبٍ لِيَقْرَأَ لَهُ شَيْئاً فَامْتَنَعَ، وَاعتلَّ ببعضِ العِلَلِ, فَقَالَ: هَذَا غريبٌ، وَسَأَلَهُ أَنْ يُمْلِيَ عَلَيْهِ أَحَادِيثَ, فَأَمْلَى

(12/417)


عَلَيْهِ أَبُو الحَسَنِ مِنْ حِفْظِهِ مَجْلِساً تزيدُ أَحَادِيثُهُ عَلَى العِشْرِيْنَ, مَتْنُ جَمِيعِهَا: "نِعمَ الشَّيْءُ الهديَّةُ أَمَامَ الحَاجَةِ"1. قَالَ: فَانْصَرَفَ الرَّجُلُ ثُمَّ جَاءهُ بَعْدُ، وَقَدْ أَهْدَى لَهُ شَيْئاً فقرَّبه,. وَأَمْلَى عَلَيْهِ مِنْ حِفْظِهِ سَبْعَةَ عَشَرَ حَدِيْثاً, مُتُوْنُ جَمِيعِهَا: "إِذَا أَتَاكُمْ كَرِيْمُ قَوْمٍ فَأَكْرِمُوهُ" 2.
قُلْتُ: هَذِهِ حِكَايَةٌ صَحِيحَةٌ, رَوَاهَا الخَطِيْبُ عَنِ العَتِيْقِيِّ, وَهِيَ دالَّة عَلَى سَعَةِ حِفظِ هَذَا الإِمَامِ، وَعَلَى أَنَّهُ لوَّح بطلبِ شَيْءٍ, وَهَذَا مَذْهَبٌ لِبَعضِ العُلَمَاءِ، ولعلَّ الدَّارَقُطْنِيَّ كَانَ إِذْ ذَاكَ مُحْتَاجاً, وَكَانَ يَقبلُ جَوَائِزَ دَعْلَجٍ السِّجْزِيِّ، وَطَائِفَةٍ, وَكَذَا وَصلَهُ الوَزِيْرُ ابْنُ حِنْزَابَةَ بِجُملَةٍ من الذهب لما خرَّج له المسند.
قَالَ الحَاكِمُ: دَخَلَ الدَّارَقُطْنِيُّ الشَّامَ وَمِصْرَ عَلَى كِبَرِ السِّن, وحجَّ وَاسْتفَادَ وَأَفَادَ, وَمصنَّفَاتُهُ يَطُولُ ذكرُهَا.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ فِيمَا نقلَهُ عَنْهُ الحَاكِمُ وَقَالَ: شَهِدْتُ بِاللهِ إِنَّ شيخَنَا الدَّارَقُطْنِيَّ لَمْ يُخَلِّفْ عَلَى أَدِيمِ الأَرضِ مِثلَهُ فِي مَعْرِفَةِ حَدِيْثَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَكذَلِكَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِيْنَ وَأَتْبَاعِهِم, قَالَ: وتوفِّي يَوْمَ الخَمِيْسِ لثمانٍ خَلَوْن مِنْ ذِي القَعْدَةِ مِنْ سَنَةِ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ, وَكَذَا أرَّخ الخَطِيْبُ وَفَاتَهُ.
وَقَالَ الخَطِيْبُ فِي تَرْجَمَتِهِ: حدَّثني أَبُو نَصْرٍ عَلِيُّ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ مَاكُولاَ قَالَ: رَأَيْتُ كَأَنِّي أَسأَلُ عَنْ حَالِ الدَّارَقُطْنِيِّ فِي الآخِرَةِ, فَقِيْلَ لِي: ذَاكَ يُدْعَى فِي الجَنَّةِ الإِمَامُ.
وصحَّ عَنِ الدَّارَقُطْنِيِّ أَنَّهُ قَالَ: مَا شَيْءٌ أَبغضُ إِلَيَّ مِنْ عِلمِ الكَلاَمِ.
قُلْتُ: لَمْ يَدْخلِ الرَّجُلُ أَبداً فِي علمِ الكَلاَمِ وَلاَ الجِدَالِ، وَلاَ خَاضَ فِي ذَلِكَ, بَلْ كَانَ سلفيّاً, سَمِعَ هَذَا القَوْلَ مِنْهُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السلمي.
__________
1 موضوع: أخرجه الطبراني في "الكبير" "2903"، حدثنا أحمد بن الحسن الصوفي، أنبأنا الهيثم بن خارجة، نا يحيى بن سعيد العطار، عن يحيى بن العلاء، عن طلحة بن عبيد الله، عن الحسين بن علي مرفوعًا.
قلت: إسناده تالف بمرَّةٍ، كما فيه يحيى بن سعيد، قال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الاثبات, لا يجوز الاحتجاج به". وفيه يحيى بن العلاء -كذَّاب يضع الحديث.
2 حديث حسن: ورد عن ابن عمر: عند ابن ماجه "3712"، وفي إسناده سعيد بن مسلمة، وهو ضعيف.
وورد من حديث جرير بن عبد الله: عند ابن خزيمة والبزَّار، والبيهقي, ورواه البزار عن أبي هريرة.

(12/418)


وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: اختلفَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ بَغْدَادَ, فَقَالَ قَوْمٌ: عُثْمَانُ أَفضلُ, وَقَالَ قَوْمٌ: عليٌّ أَفضلُ, فَتَحَاكَمُوا إليَّ, فَأَمسكتُ وَقُلْتُ: الإِمْسَاكُ خَيْرٌ, ثُمَّ لَمْ أَرَ لِدِيْنِي السُّكُوتَ، وَقُلْتُ لِلَّذِي اسْتَفْتَانِي: ارْجِعْ إِلَيْهِم، وَقُلْ لَهُم: أَبُو الحَسَنِ يَقُوْلُ: عُثْمَانُ أَفضَلُ مِنْ عَلِيٍّ بِاتِّفَاقِ جَمَاعَةِ أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم, هَذَا قَولُ أَهْلِ السُّنَّةَ، وَهُوَ أَوَّلُ عَقْدٍ يُحَلّ فِي الرَّفْضِ.
قُلْتُ: لَيْسَ تَفْضِيْلُ عَلِيٍّ بِرَفضٍ وَلاَ هُوَ ببدعَةٌ, بَلْ قَدْ ذَهبَ إِلَيْهِ خَلقٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِيْنَ, فَكُلٌّ مِنْ عُثْمَانَ وَعلِيٍّ ذُو فضلٍ وَسَابِقَةٍ وَجِهَادٍ, وَهُمَا مُتَقَارِبَانِ فِي العِلْمِ وَالجَلاَلَة, وَلعلَّهُمَا فِي الآخِرَةِ مُتسَاويَانِ فِي الدَّرَجَةِ, وَهُمَا مِنْ سَادَةِ الشُّهَدَاءِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا, وَلَكِنَّ جُمُهورَ الأُمَّةِ عَلَى تَرَجيْحِ عُثْمَانَ عَلَى الإِمَامِ عَلِيٍّ، وَإِلَيْهِ نَذْهَبُ, وَالخَطْبُ فِي ذَلِكَ يسيرٌ, وَالأَفضَلُ مِنْهُمَا بِلاَ شكٍّ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ, مَنْ خَالفَ فِي ذَا, فَهُوَ شِيعِيٌّ جَلدٌ, وَمَنْ أَبغضَ الشَّيْخَيْنِ وَاعتقدَ صِحَّةَ إِمَامَتِهِمَا فَهُوَ رَافضيٌّ مَقِيتٌ, وَمَنْ سَبَّهما وَاعتقدَ أَنَّهُمَا لَيْسَا بِإِمَامَيْ هُدَى فَهُوَ مِنْ غُلاَةِ الرَّافِضَةِ -أَبعدَهُم اللهُ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: يُقدَّمُ فِي "المُوَطَّأِ" مَعنٌ, وَابنُ وَهْبٍ، وَالقَعْنَبِيُّ, قَالَ: وَأَبُو مصعبٍ ثِقَةٌ فِي "المُوَطَّأِ".
قَالَ حَمْزَةُ السَّهْمِيُّ: سُئِلَ أَبُو الحَسَنِ: إِذَا حدَّث النَّسَائِيُّ وَابنُ خُزَيْمَةَ بحديثٍ, أَيُّهُمَا نقدِّم? فَقَالَ: النَّسَائِيُّ, فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِثلَهُ, وَلاَ أقدِّم عَلَيْهِ أَحداً.
الرِّاوَيَةُ عَنْهُ: أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَلِيٍّ، وَجَمَاعَةٌ إِجَازَةً قَالُوا: أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بنُ أَحْمَدَ الوَكِيْلُ, أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ القَاضِي, أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَد بنُ عَلِيٍّ, أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ عُمَرَ الحَافِظُ, حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ, حَدَّثَنِي سُرَيْجُ بنُ يُوْنُسَ, حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ أَبْجَرَ, عَنِ أَبِيهِ, عَنْ وَاصِلٍ الأَحدبِ, عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: خَطَبَنَا عمَّار فَأَبلَغَ وَأَوجزَ, فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول: "إِنَّ طُوْلَ صَلاَةِ الرَّجُلِ وَقِصَرَ خُطْبَتِهِ مَئِنَّة من فقهه, فأطيلوا الصلاة واقصروا الخطبة".
أخرجه مسلم عن سريج, فوافقناه بعلوّ.
__________
1 صحيح: أخرجه مسلم "869".

(12/419)


أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ الخَضِرُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَزْدِيُّ سَنَةَ سَبعِ مائَةٍ, أَخْبَرَنَا المُسَلَّم بنُ أَحْمَدَ, أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ الحَافِظُ, أَخْبَرَنَا أَبُو غَالِبٍ أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ, أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمدِ بنُ عَلِيٍّ, أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ عُمَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ هَارُوْنَ الإِسكَافُ, حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ شَاهِيْنٍ, حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ, عَنْ يُوْنُسَ بنِ عُبَيْدٍ, عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عُتْبَةَ, عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ قَالَ: ذُكر عِنْد رَسُوْل اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الصَّدَقَةُ فَقَالَ: "إِنَّ مِنَ الصَّدَقَةِ أَنْ تَفُكَّ الرَّقَبَةَ, وَتَعْتِقَ النَّسَمَةَ". فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُوْلَ اللهِ, أَلَيْسَتَا وَاحِدَةً, فَقَالَ: "لاَ, عَتْقُهَا أَنْ تَعْتِقَهَا، وَفِكَاكُهَا أَنْ تُعِيْنَ فِي ثَمَنِهَا". قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ أَسْتَطِعْ ذَلِكَ؟ قَالَ: "تُطعِمُ جَائِعاً, وَتَسْقِي ظَمْآناً" قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ أَجِدْ؟ قَالَ: "تَأْمُرُ بِالمَعْرُوفِ, وَتَنْهَى عَنِ المُنْكَرِ" قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ أَسْتَطِعْ؟ قَالَ: "فكُفَّ إِذاً شَرَّكَ". غريبٌ, تفرَّد بِهِ خَالِدٌ الطَّحَّانُ1.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الخَالِقِ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ القَاضِي، وستُّ الأَهْلِ بِنْتُ عِلْوَانَ قَالاَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الفَقِيْهُ, أخبرنا عبد المغيث بن زُهَيْرٍ, أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ العُكْبَري, أَخْبَرَنَا أَبُو طَالِبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الحَرْبِيُّ, حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عُمَرَ الحَافِظُ, حَدَّثَنَا ابْنُ صَاعِدٍ, حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ عَرَفَةَ, حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَيَّاشٍ, عَنْ مُحَمَّدِ بنِ زِيَادٍ, سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ, سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: "وَعَدَنِي رَبِّي أَنْ يُدْخِلَ الجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعِيْنَ أَلْفاً بِغَيْرِ حِسَابٍ وَلاَ عَذَابٍ, مَعَ كُلِّ أَلْفٍ سَبْعِيْنَ أَلْفاً وَثَلاَثَ حَثَيَاتٍ مِنْ حَثَيَاتِ رَبِّي -عَزَّ وَجَلَّ " 2.
وحدَّثنا ابْنُ صَاعِدٍ, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ حَرْبٍ بِوَاسِطَ, حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ, أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ نَحوَهُ.
وَرَوَى بَقِيَّةُ, عَنْ مُحَمَّدِ بنِ زِيَادٍ نَحوَهُ, فَإِسْنَادُهُ قَوِيٌّ.
قَالَ الخَطِيْبُ: سَأَلْتُ البَرْقَانِيَّ: هَلْ كَانَ أَبُو الحَسَنِ يُمْلِي عَلَيْك العِلَلَ مِنْ حِفْظِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ, أَنَا الَّذِي جَمَعْتُهَا, وَقَرأَهَا النَّاسُ مِنْ نُسْخَتِي.
وَلِحَمْزَةَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ طَاهِرٍ فِي الدَّارَقُطْنِيِّ:
جَعَلْنَاكَ فِيمَا بَيْنَنَا وَرَسُولِنَا ... وَسِيْطاً فَلَمْ تَظْلِمْ وَلَمْ تَتَحوَّبِ
فَأَنْتَ الَّذِي لَولاَكَ لَمْ يَعرِفِ الوَرَى ... وَلَوْ جَهَدُوا مَا صَادِقٌ مِنْ مُكَذِّبِ
قُلْتُ: يَقَعُ لِلدَّارَقُطْنِيِّ أَحَادِيثُ رُبَاعِيَّاتٍ مِنْهَا:
حدَّثنا البَغَوِيُّ, حَدَّثَنَا طَالُوتُ, حدثنا فضال بن جبير, عن أبي أُمَامَةَ البَاهِلِيِّ، وَكَذَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ شُعبَةَ اثْنَانِ, وبينه وبين الثوري كذلك.
__________
1 صحيح لغيره: ويشهد له ما أخرجه أحمد "4/ 299" من حديث البراء بن عازب، وإسناده صحيح.
2 حسن: أخرجه أحمد "5/ 268"، والترمذي "2437"، وابن ماجه "4286"، وابن أبي عاصم في "السنة" "1/ 261"، من طرق عن إسماعيل بن عياش، به.

(12/420)


3539- ابن الثَّلَّاج 1:
الشَّيْخُ المُسْنِدُ المُحَدِّثُ, أَبُو القَاسِمِ, عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ البَغْدَادِيُّ, ابْنُ الثَّلاَّجِ الشَّاهدُ, أَصلُهُ مِنْ حُلْوَانَ.
وُلِدَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وحدَّث عَنِ البَغَوِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ, وَيَحْيَى بنُ صَاعِدٍ، وَخَلْقٍ بَعْدَهُمْ, وَكَانَ مكثِرًا.
رَوَى عَنْهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الصَّيْمَرِيُّ, وَأَبُو العَلاَءِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الوَاسِطِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ التَّنُوْخِيُّ, وَآخرُوْنَ.
وَلَيْسَ بِثِقَةٍ.
قَالَ التَّنُوْخِيُّ: قَالَ لِي: مَا بَاعَ أَحدٌ مِنْ أَسلاَفِي ثَلْجاً, وَإِنَّمَا كَانَ جَدِّي مُترفاً يَجمعُ لَهُ ثَلْجاً كَثِيْراً, فمَرَّ بَعْضُ الخُلَفَاءِ بِحُلوَانَ فَطَلبَ ثَلْجاً, فَمَا وَجَدَهُ إلَّا عِنْدَ جَدِّي, فَوَقَعَ مِنْهُ بِمَوقعٍ، وَقَالَ: اطلبُوا عَبْدَ اللهِ الثلَّاج, فَعُرِفَ بِهِ.
قَالَ عُبَيْدُ اللهِ الأَزْهَرِيُّ: كَانَ ابْنُ الثّلَّاج يضعُ الحَدِيْثَ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لاَ يشتغلُ بِهِ, يضع الأحاديث والأسانيد.
مَاتَ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ وثلاث مائة.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "10/ 135"، والعبر "3/ 43"، وميزان الاعتدال "2/ 497"، ولسان الميزان "3/ 350"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 122".

(12/421)


3540- ابن المُهَنْدِس 1:
محدِّث مِصْرَ, أَبُو بَكْرٍ, أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ البنَّاء, ابْنُ المُهَنْدِسِ.
سَمِعَ دَاوُدَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ, وَمُحَمَّدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ النَّفَّاح، وَأَبَا بِشْرٍ الدُّوْلاَبِيَّ, وَأَبَا القَاسِمِ البَغَوِيَّ لَقِيَهُ بِمَكَّةَ، وَمُحَمَّدَ بنَ زبَّان, وَعَلِيَّ بنَ قُدَيْدٍ, وَأَبَا عُبَيْدٍ بنَ حَرْبُوَيْه.
وَكَانَ مُكْثِراً, وَأَخْطَأَ مَنْ قَالَ: إنَّهُ سَمِعَ مِنَ النَّسَائِيِّ.
رَوَى عَنْهُ: عَبْدُ الغنِيِّ الحَافِظُ, وَيَحْيَى بنُ الحُسَيْنِ العَفَّاصُ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مِسْكِيْنٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُظَفَّرٍ الكَحَّالُ, وَعَدَدٌ كَثِيْرٌ.
وَانْتَقَى عَلَيْهِ الحفَّاظ. وَكَانَ ثِقَةً خيِّرًا تَقِيّاً.
عَاشَ تِسْعِيْنَ سَنَةً. توفِّي سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
1 ترجمته في العبر "3/ 27"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 113".

(12/422)


3541- ابن زولاق 1:
الشَّيْخُ العلَّامة المحدِّث المؤرِّخ, أَبُو مُحَمَّدٍ, الحَسَنُ بن إِبْرَاهِيْمَ بنِ زُوْلاَقٍ المِصْرِيُّ, صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
مَوْلِدُهُ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ أَبِي جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيِّ فَمَنْ بَعْدَهُ، وَقَدِ ارْتَحَلَ إِلَى دِمَشْقَ, وَفَاتَ ابْنُ عَسَاكِرَ أَنْ يذكرَهُ فِي تَارِيْخِهِ, قَدِمَها سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ, وَلَمْ تَبلُغْنِي سيرتُهُ كَمَا فِي النَّفْسِ.
توفِّي فِي ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ ثَمَانُوْنَ سَنَةً, وَقِيْلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ.
وَهُوَ حسنُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ حَسَنِ بنِ الحُسَيْنِ بنِ عَلِيِّ بنِ خَلَفِ بنِ زُوْلاَقٍ اللَّيْثِيُّ, مَوْلاَهُم المِصْرِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ, وَكَانَ جَدّ أَبِيهِ مِنْ كِبَارِ العُلَمَاءِ.
وَقَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: مَاتَ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي الخَامِس وَالعِشْرِيْنَ مِنْ ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ سَبْعٍ.
__________
1 ترجمته في معجم الأدباء لياقوت الحموي "7/ 225"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "2/ ترجمة 167"، ولسان الميزان "2/ 191".

(12/422)


الريحاني، والكاتب، والأذني:
3542- الرَّيْحَاني 1:
أَبُو عَبْدِ اللهِ, الحُسَيْنُ بنُ أَحْمَدَ البَصْرِيُّ الرَّيْحَانِيُّ, نَزِيْلُ بَغْدَادَ.
حَدَّثَ عَنْ البَغَوِيِّ, وَابنِ صَاعِدٍ.
وَعَنْهُ: الخلَّال، وَالعَتِيْقِيُّ، وَأَبُو طَالِبٍ العُشَاريّ.
قَالَ العَتِيْقِيُّ: شيخٌ أميٌّ, أُصولُهُ صِحَاحٌ, توفي سنة 387.
3543- الكَاتِبُ 2:
أَبُو عَبْدِ اللهِ, الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ البَغْدَادِيُّ الكَاتِبُ.
سَمِعَ البَغَوِيَّ، وَابنَ صَاعِدٍ, وَابنَ زِيَادٍ.
وَعَنْهُ: أَبُو القَاسِمِ التَّنُوْخِيُّ، والعُشَاري, وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ المُهْتَدِي بِاللهِ, شَيْخٌ صدوق.
لم تؤرَّخ وفاته.
3544- الأذَنِيّ 3:
القَاضِي المحدِّث, أَبُو الحَسَنِ, عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ بنِ بُنْدَارَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ خَيْرٍ الأَذَنِيُّ.
سَمِعَ بِدِمَشْقَ مِنْ: مُحَمَّدِ بنِ خُرَيْمٍ, وَمُحَمَّدِ بنِ الفَيْضِ الغَسَّانِيِّ، وَسَعِيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَبحلبَ مِنْ: عَلِيِّ بنِ عَبْدِ الحَمِيْدِ الغَضَائِرِيِّ, وَبحرَّانَ مِنْ أَبِي عَرُوْبَةَ، وَبِأَنْطَاكِيَةَ مِنَ: الحَسَنِ بنِ أَحْمَدَ بنِ فِيْلٍ, وَاسْتوطَنَ مِصْرَ.
حدَّث عَنْهُ: عَبْدُ الغنِيِّ الحَافِظُ، وَمكِّيُّ بنُ عَلِيٍّ الحَمَّالُ, وَيُوْسُفُ بنُ رَبَاحٍ، وَهِبَةُ اللهِ بن إبراهيم الصواف, وعبد الملك بن المَلِكِ بنُ مِسْكِيْنٍ، وَأَحْمَدُ بنُ سَعِيْدِ بنِ نَفِيْسٍ المُقْرِئُ, وَآخرُوْنَ.
وَمَا علمتُ بِهِ بَأْساً.
توفِّي فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ وثلاث مائة.
__________
1 ترجمته في الإكمال لابن ماكولا "4/ 232"، وتاريخ بغداد "8/ 11"، والأنساب للسمعاني "6/ 203".
2 ترجمته في تاريخ بغداد "8/ 101".
3 ترجمته في العبر "3/ 28"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 116".

(12/423)


3545- الكِسَائِيّ 1:
الشَّيْخُ النَّحْوِيُّ البَارعُ, أَبُو بَكْرٍ, مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ يَحْيَى النَّيْسَابُوْرِيُّ الكِسَائِيُّ.
تخرَّج بِهِ جَمَاعَةٌ فِي العَرَبِيَّةِ, وَرَوَى "صَحِيْحَ مُسْلِمٍ" عَنِ ابْنِ سُفْيَانَ, رَوَاهُ عَنْهُ: أَبُو مَسْعُوْدٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَجَلِيُّ، وَذَلِكَ إِسنَادٌ ضَعِيْفٌ.
قَالَ الحَاكِمُ: حدَّث بِـ "الصَّحِيْحِ" مِنْ كِتَابٍ جديدٍ بخطِّه, فَأَنكرْتُ فَعَاتَبَنِي, فَقُلْتُ: لَوْ أَخرجْتَ أَصلَكَ، وَأَخْبَرْتَنِي بِالحَدِيْثِ عَلَى وَجْهِهِ, فَقَالَ: أَحضَرَنِي أَبِي مَجْلِسَ ابْنِ سُفْيَانَ الفَقِيْهِ لِسَمَاعِ هَذَا الكِتَابِ، وَلَمْ أَجِدْ سَمَاعِي, فَقَالَ لِي أَبُو أَحْمَدَ الجُلُودِيُّ: قَدْ كُنْتُ أَرَى أَبَاكَ يُقيمُكَ فِي المَجْلِسِ تسمعُ، وَأَنْتَ تنَامُ لِصِغَرِكَ, فَاكتُب الصَّحِيْحَ مِنْ كِتَابِي تَنْتَفعُ بِهِ.
توفِّي سَنَةَ خَمْسٍ وثمانين وثلاث مائة ليلة الأضحى.
__________
1 ترجمته في الأنساب للسمعاني "10/ 422"، والعبر "3/ 30"، وميزان الاعتدال "3/ 450"، ولسان الميزان "5/ 26"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 117".

(12/424)


3546- الأَوْدَنِي 1:
العلَّامة شَيْخُ الشَّافِعِيَّة, أَبُو بَكْرٍ, مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ بصير بنِ وَرْقَاءَ الأُوْدَنِيُّ البُخَارِيُّ.
وأوْدَن: مِنْ قُرَى بُخَارَى -بِضَمِّ أَوَّلِهِ- قَالَهُ السَّمْعَانِيُّ، وَقَالَ ابْنُ مَاكُولاَ وَغَيْرُهُ: بِالفَتْحِ.
سَمِعَ مِنْ: يَعْقُوْبَ بنِ يُوْسُفَ العَاصِمِيِّ، وَالهَيْثَمِ بنِ كُلَيْب الشَّاشِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ صَابِرٍ, وَعَبْدِ المؤمِن بنِ خَلَفٍ.
وَعَنْهُ: الحاكم, وأبو عَبْدِ اللهِ الحليمِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ غُنْجَار، وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ المُسْتَغْفِرِيُّ, وَآخرُوْنَ.
كَانَ إِمَامَ الشَّافِعِيَّةِ فِي زَمَانِهِ بِمَا وَرَاءَ النَّهْرِ، وَهُوَ مِنْ أَصْحَابِ الوُجُوهِ, وَهوَ القَائِلُ: الرِّبَا حرَامٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ, فَلاَ يَجُوْزُ بَيْعُ مَالٍ بِجِنْسِهِ إلَّا متسَاوياً.
قَالَ الحَاكِمُ: كَانَ -رَحِمَهُ اللهُ- مِنْ أَزهدِ الفُقَهَاءِ وَأَعبدِهِمْ وَأَورعِهِمْ, وَأَبكَاهم عَلَى تقصيرِهِ, وَأَشدِّهِمْ إِنَابَةٌ وَتواضعاً.
توفِّي بِبُخَارَى في ربيع الآخر سنة خمس وثمانين وثلاث مائة -رحمه الله.
__________
1 ترجمته في الإكمال لابن ماكولا "1/ 320"، والأنساب للسمعاني "1/ 380"، واللباب لابن الأثير "1/ 92"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "4/ ترجمة 582"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 118".

(12/424)


3547- الطِّرازي 1:
الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ, مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ عُثْمَانَ البَغْدَادِيّ المُقْرِئُ, نزيلُ نَيْسَابُوْرَ.
سَمِعَ البَغَوِيَّ, وَابنَ صَاعِدٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ الحُسَيْنِ القَطَّانَ، وَعِدَّةً, وَتلاَ عَلَى ابنِ مُجَاهِدٍ.
وَعَنْهُ: الحَاكِمُ, وَعُمَرُ بنُ مَسْرُوْرٍ، وَأَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرُوذِيُّ, وَكَانَ عَارِفاً بِالعَرَبِيَّةِ.
قَالَ الحَاكِمُ: حدَّث مِنْ حِفْظِهِ فَأَخْطَأَ.
وَقَالَ الخَطِيْبُ: ذَاهبُ الحَدِيْثِ.
توفِّي سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائة في ذي الحجة.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "3/ 225"، والأنساب للسمعاني "8/ 224"، واللباب لابن الأثير "2/ 277" وميزان الاعتدال "4/ 28"، ولسان الميزان "5/ 363".

(12/425)


3548- جَوْهَر 1:
الأَمِيْرُ الكَبِيْرُ, قَائِدُ الجُيُوشِ, أَبُو الحَسَنِ جَوْهَرٌ الرُّوْمِيُّ المعزِّي, مِنْ نُجَبَاءِ الموَالِي.
قَدِمَ مِنْ جِهَةِ مَوْلاَهُ المعزُّ فِي جَيْشٍ عظيمٍ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ, فَاسْتَولَى عَلَى إِقلِيمِ مِصْرَ، وَأَكثرَ الشَّامِ, واختطَّ القَاهرَةَ, وَبنَى بِهَا دَارَ الملكِ, وَكَانَ عَالِي الهمَّة, نَافذَ الأَمْرِ، وتهيَّأ لَهُ أَخذُ البِلاَدِ بِمكَاتَبَةٍ مِنْ أُمَرَاءِ مِصْرَ, قلَّت عَلَيْهِم الأَمْوَالُ, وَلَمَّا وَصلتْ كتائب العُبَيدية، وكانوا نَحْواً مِنْ مائَةِ أَلْفٍ, بَعَثَ إِلَى جَوْهَرٍ وُجُوهُ المِصْرِيِّيْنَ يطلبُونَ الأَمَانَ، وَتقريرَ أَملاَكِهِمْ, فَأَجَابَهُمْ, وكتب بذلك عهدًا, واختلفت كلمة الإخشذية, وَوقعَ حربٌ يسيرٌ. وَقِيْلَ: بَلْ قُتِلَ خَلْقٌ مِنَ الإِخشيذيَّةِ وَانهزمَ البَاقُوْنَ, ثُمَّ نفَّذُوا يطلبُونَ أَمَاناً فأمَّنَهم جَوْهَرٌ، وَمنعَ جَيْشَهُ مِنْ نهبِ الرَّعِيَّةِ، وفُتِحَت أَسواقُ مِصْرَ, ثُمَّ دَخَلَ فِي هيئَةِ المُلُوكِ وَعَلَيْهِ قَباءُ ديباجٍ, فَحَفَرَ لِلَيْلَتِهِ أساس قصر الخلافة، وبعث إلى المعز برءوس القَتْلَى, وَقُطعت الخُطبَةُ العبَّاسية, وَأُلبسَ الخطَبَاءُ البيَاضَ, وأذَّنوا بحيَّ عَلَى خَيْرِ العَمَلِ.
وَكَانَ جَوْهَرٌ هذا حسن السيرة في الرعايا, عاقلًا أديبًا, شُجَاعاً مَهِيْباً, لكنَّه عَلَى نِحْلَةِ بنِي عُبَيْدٍ الَّتِي ظَاهِرُهَا الرَّفْضُ, وَبَاطنُهَا الاَنحلاَلُ, وَعمومُ جيوشِهِمْ بَرْبَرٌ، وَأَهْلُ زعَارَةٍ وَشرٍّ لاَ سيَّمَا مَنْ تَزَنْدَقَ مِنْهُم, فَكَانُوا فِي مَعْنَى الكفرَةِ, فَيَا مَا ذَاقَ المُسْلِمُوْنَ مِنْهُمْ مِنَ القتلِ وَالنَّهْبِ وَسبِيِ الحريمِ، وَلاَ سيَّمَا فِي أَوَائِلِ دولتِهِمْ, حَتَّى إنَّ أَهْلَ صورٍ قَامُوا عَلَيْهِمْ, وَقَتَلُوا فِيهِمْ فَهَرَبُوا, حَتَّى إِنَّ أَهْلَ صورٍ اسْتنجَدُوا بنصارى الروم فجاءوا فِي المرَاكبِ، وَكَانَ أَهْلُ صورٍ قَدْ لحقهُمْ مِنَ المغَاربَةِ مِنَ الظُّلمِ والجَوْرِ وأَخْذِ الحريمِ مِنَ الحمَّامات والطُّرق أَمرٌ كَبِيْرٌ.
وَقَدْ خَرَجَ عَلَى جَوْهَرٍ هَفْتَكِيْنُ التُّرْكِيُّ, فَالتقَاهُ, فَانْهَزَمَ جَوْهَرٌ وتحصَّن بِعَسْقلاَنَ, فَحَاصرَهُ سَبْعَةَ عَشَرَ شهراً, ثُمَّ طلبَ الأَمَانَ فأمَّنه, فَذَهَبَ إِلَى مِصْرَ، وَدَخَلَ وبين يديه من أحمال المال ألف ومئتا صندوقٍ.
وَلَقَدْ كَانَ المعزُّ فِي زَمَانِهِ أَعْظَمَ بكثيرٍ مِنْ خلفَاءِ بَنِي العَبَّاسِ.
مَاتَ فِي سنة إحدى وثمانين وثلاث مائة.
__________
1 ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "1/ ترجمة 145"، والعبر "3/ 16"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 28"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 98".

(12/425)


3549- ابن مَزْدِين:
الإِمَامُ شَيْخُ الزُّهَّادِ, أَبُو عَلِيٍّ, أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ مَزْدِيْنٍ الصُّوْفِيُّ النُّهَاوَنْدِيُّ القُوْمَسَانِيُّ.
حدَّث عَنْ: أَبِي يَعْلَى مُحَمَّدِ بنِ زُهَيْرٍ الأُبُلِّيِّ, وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُبَشِّرٍ الوَاسِطِيُّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ بنِ عَامِرٍ, وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ حَمْدَانَ الجَلاَّبِ, وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ: ابنَاهُ؛ مُحَمَّدٌ وَعُثْمَانُ, وَرَافِعُ بنُ مُحَمَّدٍ, وَأَبُو نَصْرٍ شُعَيْبٌ, وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الأَبْهَرِيُّ, وَمُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى, وَآخرُوْنَ.
قَالَ شِيْرَوَيْه: ثِقَةٌ, شَيْخُ الصُّوْفِيَّةِ وَمقدَّمُهُمْ فِي الجبلِ, لَهُ آيَاتٌ وَكَرَامَاتٌ ظَاهِرَةٌ, وَقبرُهُ بِقَرْيَةِ انبطَ, يُزَارُ.
قَالَ جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الأَبْهَرِيُّ: كَانَ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللهِ الَّذِيْنَ يتكلَّمون عَلَى السرِّ, سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: رَأَيْتُ ربَّ العِزَّةِ فِي المَنَامِ أَيَّامَ القَحْطِ, فَقَالَ: يَا أَبَا عَلِيٍّ, لاَ تَشْغَلْ خَاطِرَكَ, فَإِنَّكَ عِيَالِي, وَعيَالُكَ عِيَالِي, وَأَضيَافُكَ عِيَالِي.
توفِّي سنة سبع وثمانين وثلاث مائة.

(12/426)


الأسدي، والحدادي، وابن الرومي:
3550- الأَسْدِي:
المُعَمَّرُ أَبُو إِسْحَاقَ, إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إبراهيم بن أبي حَمَّاد الأَسَدِيُّ الأَبْهَرِيُّ المَالِكِيُّ.
سَمِعَ مِنْ: مُحَمَّدِ بنِ عَبْدٍ السَّمَرْقَنْدِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سَاكنٍ الزَّنْجَانِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ مَسْعُوْدٍ, وَأَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ الجُوْزَجَانِيِّ.
رَوَى عَنْهُ خَلْقٌ مِنْ أَهْلِ هَمَذَانَ.
قَالَ أَبُو يَعْلَى الخَلِيْلِيّ: فَقِيْهٌ عَابِدٌ, كَبِيْرُ المحل. نيف على المائة.
3551- الحَدَّادي 1:
شَيْخُ مَرْو, القَاضِي الكَبِيْرُ, أَبُو الفَضْلِ, مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مِهْرَانَ المَرْوَزِيُّ الحَدَّادِيُّ.
سَمِعَ عَبْدَ اللهِ بنَ مَحْمُوْدٍ المَرْوَزِيَّ السَّعْدِيَّ، وَأَبَا يَزِيْدَ صَاحِبَ "تَفْسِيْرِ إِسْحَاقَ"، وحَمَّاد بنَ أَحْمَدَ القَاضِي, وَأَقْرَانَهُمْ.
قَالَ الحَاكِمُ: كَانَ شَيْخُ أَهْلِ مَرْو فِي الحَدِيْثِ وَالفِقْهِ وَالتَّصَوُّفِ والفُتْيَا, مَاتَ فِي نِصْفِ صَفْرٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ, وَقَدْ وَلِيَ قَضَاءَ نَيْسَابُورَ قَبْلَ الخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ الحَاكِمُ وأهْل مَرْو، وَكَانَ مِنْ أَبنَاءِ التِّسْعِيْنَ -رَحِمَهُ اللهُ.
رَوَى مُحْيِي السُّنَّةِ فِي "معَالِمِ التَّنْزِيْلِ" عَنِ أَصْحَابِ الحَاكِمِ أَبِي الفَضْلِ الحَدَّادِيِّ.
3552- ابن الرُّومي 2:
الزَّاهِدُ العَابِدُ, أَبُو مُحَمَّدٍ, عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الرُّوْمِيِّ النَّيْسَابُوْرِيُّ الحِيْرِيُّ, شَيْخُ سَعِيْدِ بنِ أَبِي سَعِيْدٍ العيَّار.
وَقَعَ لِي حَدِيْثُهُ عَالِياً.
قَالَ الحَاكِمُ فِي تَارِيْخِهِ: كَانَ أَبُوْهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الرُّوْمِيُّ محدِّثًا مَذْكُوْراً ثِقَةً, ثُمَّ إنَّ أَبَا مُحَمَّدٍ كَانَ مِنَ الصَّالِحِيْنَ المُجْتَهِدِيْنَ فِي العِبَادَةِ, إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى سمَاعَاتِهِ فِي كِتَابِ أَبِيهِ, وَزَادَ فِيْهَا, وَكَانَ سمَاعُهُ مِنْ أَبِي العَبَّاسِ السَّرَّاج, فَارْتَقَى إِلَى ابْنِ خُزَيْمَةَ.
توفِّي -رَحِمَهُ اللهُ- يَوْمَ الاثْنَيْنِ السَّادِسَ عَشَرَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ, ودُفِنَ في مقبرة الحيرة.
__________
1 ترجمته في الأنساب للسمعاني "4/ 73"، واللباب لابن الأثير "1/ 346".
2 ترجمته في ميزان الاعتدال "2/ 498"، ولسان الميزان "3/ 353".

(12/427)


البوزجاني، وأحمد بن منصور:
3553- البُوزجاني 1:
الأُسْتَاذُ أَبُو الوَفَاءِ, مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى البُوْزجَانِيُّ الحَاسبُ, حَامِلُ لوَاءِ الهَنْدَسَةِ.
وَلَهُ عِدَّةُ تَصَانِيْفٍ مُهَذَّبَةٍ.
كَانَ الكمَالُ بنُ يُوْنُسَ يخضع له, ويعتمد كلامه.
مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ, وَلَهُ تِسْعٌ وَخمسُوْنَ سَنَةً.
وبُوزْجَانَ: بُلَيْدة بقُرْبِ هَرَاةَ.
3554- أحمد بن منصور 2:
ابنِ ثَابِتٍ, الإمَامُ الحَافِظُ الجَوَّالُ, أَبُو العَبَّاسِ الشِّيْرَازِيُّ, لَيْسَ بِأَحْمَدَ بنِ مَنْصُوْرٍ الطُّوْسِيِّ, ذَاكَ تقدَّم آنِفاً.
حدَّث عَنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرِ بنِ فَارِسَ, وَالقَاسِمِ بنِ القَاسِمِ السَّيَّارِيِّ، وَأَبِي القَاسِمِ الطَّبَرَانِيِّ, وَأَبِي مُحَمَّدٍ الرَّامَهُرْمُزِيِّ, وَخَلْقٍ.
وَعَنْهُ: أَبُو نَصْرٍ بنُ الإِسْمَاعِيْلِيُّ، وَالحَاكِمُ, وتَمَّام الرَّازِيُّ, وَآخرُوْنَ.
قَالَ الحَاكِمُ: جَمَعَ مِنَ الحَدِيْثِ مَا لَمْ يجمعْهُ أَحدٌ، وَصَارَ لَهُ القبولُ بِشِيْرَازَ؛ بِحَيْثُ يُضْرَبُ بِهِ المَثَلُ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: أَدْخَلَ هَذَا الشِّيْرَازِيُّ بِمِصْرَ عَلَى شُيُوْخٍ أَحَادِيثَ وَأَنَا بِمِصْرَ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَنْدَةَ: بَلِ الَّذِي صَنَعَ ذَلِكَ آخَرُ اسْمُهُ بِاسْمِ هَذَا.
وَعَنْ أَحْمَدَ بنِ مَنْصُوْرٍ الشِّيْرَازِيِّ قَالَ: كتبْتُ عن الطبراني ثلاث مائة ألف حديث.
وَقَالَ الحُسَيْنُ بنُ أَحْمَدَ الشِّيْرَازِيُّ: لَمَّا مَاتَ أَحْمَدُ بنُ مَنْصُوْرٍ الحَافِظُ, جَاءَ إِلَى أَبِي رَجُلٌ فَقَالَ: رَأَيْتُهُ فِي النَّوْمِ وَهُوَ فِي المحرَابِ وَاقفٌ بِجَامعِ شِيْرَازَ، وَعَلَيْهِ حُلَّة, وَعَلَى رَأْسِهِ تَاجٌ مكَلّل بِالجَوْهَرِ, فَقُلْتُ: مَا فَعَلَ اللهُ بِكَ؟ قَالَ: غَفَر لِي وَأَكْرَمَنِي. قُلْتُ: بِمَاذَا؟ قَالَ: بِكَثْرَةِ صَلاَتِي عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
توفِّي سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وثمانين وثلاث مائة.
__________
1 ترجمته في وفيات الأعيان "5/ ترجمة 710".
2 ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 942"، وميزان الاعتدال "1/ 158"، ولسان الميزان "1/ 313".

(12/428)


الرقي، والدممي:
3555- الرّقِّي 1:
الحَافِظُ المُحَدِّثُ الجَوَّالُ, أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ بنِ يَعْقُوْبَ الرَّقِّيُّ المُؤَرِّخُ، ويكنَّى أَيْضاً أَبَا عَبْدِ اللهِ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي سَعِيْدٍ بنِ الأَعْرَابِيِّ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ بنِ شَوْذَبَ الوَاسِطِيِّ، وَخَيْثَمَةَ الأَطْرَابُلُسِيِّ، وَإِسْمَاعِيْلَ الصَّفَّارِ, وَابنِ فَارِسَ الأَصْبَهَانِيِّ, وَعِدَّةٍ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ جُمَيْعٍ فِي "مُعْجَمِهِ" وَهُوَ أَكبرُ مِنْهُ, وَأَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ الطيَّان، وَعَبْدُ الغنِيِّ الحَافِظُ, وَأَبُو العَلاَءِ الوَاسِطِيُّ, وَعَبْدُ العَزِيْزِ الأَزَجِيُّ, وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي نَصْرٍ الدِّمَشْقِيُّ.
اتَّهَمَهُ الخَطِيْبُ فِي حَدِيْثٍ رَوَاهُ المِسْكِيْنُ بِإِسْنَادِ الصِّحَاحِ مَرْفُوْعاً "يَجِيْءُ المُحَدِّثُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ بِأَيدِيهِم المَحَابِرُ"2 فَالحملُ فيه على هذا الرقي.
توفِّي سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
3556- الدِّمِمي 3:
الشَّيْخُ المُعَمَّرُ, أَبُو الحَسَنِ, عَلِيُّ بنُ حَسَّانَ بنِ القَاسِمِ الجَدَلِيُّ الدِّمِمِّيُّ, آخِرُ مَنْ حدَّث عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ مُطَيَّنٍ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو خَازِمٍ مُحَمَّدُ بنُ الفَرَّاءِ, وَأَبُو القَاسِمِ التَّنُوخي، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الصّيْمري، وَالقَاضِي أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ القُهُسْتَاني شَيْخٌ لأَبِي صَادِقٍ المَدِيْنِيِّ.
قَالَ أَبُو خَازِمٍ: تكلَّموا فِيْهِ, تُوُفِّيَ فِي آخِرِ سَنَةِ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ, فَإِنْ صَدَقَ فَقَدْ قَارَبَ مائَةَ عام.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "3/ 409"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 944"، وميزان الاعتدال "4/ 72"، ولسان الميزان "5/ 436".
2 موضوع: وتمامه: "يجيء المحدثون يوم القيامة بأيديهم المحابر, فيأمر الله تعالى جبريل أن يأتيهم فيسألهم, وهو أعلم بهم. فيقول: من أنتم؟ فيقولون: نحن أصحاب الحديث. فيقول الله تعالى: "ادخلوا الجنة على ما كان منكم, طالما كنتم تصلون على نبيي في دار الدنيا". أخرجه الخطيب في "تاريخه" "3/ 410"، وقال الخطيب: هذا حديث موضوع، والحمل فيه على الرقي. وقال الذهبي في "الميزان" "4/ 73": قال أبو بكر الخطيب: كذاب.
قلت: وضع على الطبراني حديثا باطلا في حشر العلماء بالمحابر.
3 ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 422"، والأنساب للسمعاني "5/ 339"، والعبر "3/ 23".

(12/429)


3557- القَوَّاس 1:
الإِمَامُ القُدْوَةُ الربَّاني, المحدِّث الثِّقَةُ, أَبُو الفَتْحِ يُوْسُفُ بنُ عُمَرَ بنِ مَسْرُوْرٍ البَغْدَادِيُّ القَوَّاسُ.
وُلِدَ سَنَةَ ثَلاَثِ مائَةٍ, وَسَمِعَ أَحْمَدَ بنَ المغلّس، وعبد الله بن محمد البَغَوِيَّ, وَأَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي دَاوُدَ، وَمُحَمَّدَ بنَ هَارُوْنَ الحَضْرَمِيَّ, وَابنَ صَاعِدٍ, وَطَبَقَتَهُم, فَأَكثرَ وجَوَّدَ.
حدَّث عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّدٍ الخلَّال, وَأَبُو الحَسَنِ العَتِيْقِيُّ, وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عَلِيٍّ الأَزَجِيُّ، وأبو ذر عبد الله بنُ أَحْمَدَ الهَرَوِيُّ, وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ المُهْتَدِي بِاللهِ, وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: كَانَ ثِقَةً زَاهِداً صَادقاً, أَوَّلُ سمَاعِهِ فِي سَنَةِ 316.
سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ مُحَمَّدٍ السِّمْسَارَ يَقُوْلُ: مَا أَتيتُ أَبَا الفَتْحِ القَوَّاسَ إلَّا وَجدتُهُ يُصَلِّي, سَمِعْتُ البَرْقَانِيَّ وَالأَزْهَرِيَّ ذكرَا القوَّاس فَقَالاَ: كَانَ مِنَ الأَبدَالِ.
قَالَ الأَزْهَرِيُّ: وَكَانَ مُجَابَ الدَّعْوَةِ.
وَقَالَ أَبُو ذَرٍّ: سَمِعْتُ الدَّارَقُطْنِيَّ يَقُوْلُ: كُنَّا نَتَبَرَّك بِأَبِي الفَتْحِ القوَّاس وَهُوَ صَبِيٌّ.
وَقَالَ تَمَّام بنُ مُحَمَّدٍ الزَّيْنَبِيُّ وَغَيْرُهُ: سَمِعْنَا القوَّاس يذكرُ أَنَّهُ وَجدَ فِي كُتُبِهِ جُزءاً من فضَائِلِ مُعَاوِيَةَ قَدْ قرضتْهُ الفَأرَةُ, فَدَعَا عَلَيْهَا, فَسَقَطَتْ فَأرَةٌ مِنَ السَّقْفِ، وَاضطربَتْ حَتَّى مَاتَتْ, وَرُوِيَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّهُ حَضَرَ لَمَّا مَاتَتْ.
قَالَ العَتِيْقِيُّ: مَاتَ فِي رَبِيْعٍ الآخَرِ سنة خمس وثمانين وثلاث مائة.
قَالَ: وَكَانَ ثِقَةً مُسْتَجَابَ الدَّعْوَةِ, مَا رَأَيْتُ فِي مَعْنَاهُ مثلَهُ.
أَنْبَأَنِي المُسَلَّمُ بنُ مُحَمَّدٍ, أَخْبَرَنَا الكِنْدِيُّ, أَخْبَرَنَا الشَّيْبَانِيُّ, أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ, حدَّثني عَبْدُ الغَفَّارِ الأُرْمَوِيُّ, حَدَّثَنِي أَبُو الحَسَنِ بنُ حُمَيْدٍ, سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ الهَرَوِيَّ يَقُوْلُ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي الفَتْحِ بنِ القَوَّاسِ فَأَخْرَجَ جُزْءاً فِيْهِ قرْضُ فَأرٍ, فَدَعَا اللهَ عَلَى الفَأَرَةِ الَّتِي قرضَتْهُ, فَسقطتْ فَأرَةٌ لَمْ تزلْ تضطربُ حَتَّى مَاتَتْ.
ذَكَرَ أَبُو الفَتْحِ -رَحِمَهُ اللهُ- أَنَّهُ كَانَ لاَ يكتبُ مِنْ لفظِ المُسْتَمْلِي, بَلْ مِنْ لفظِ الشَّيْخِ, فَقِيْلَ: إِنَّ رَجُلاً قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: مَنْ أَرَادَ السَّمَاعَ كَأَنَّهُ يَسمعُهُ مِنِّي فليَسمَعْهُ كَسَمَاعِ أَبِي الفَتْحِ القَوَّاسِ.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "14/ 325"، والأنساب للسمعاني "10/ 257"، والعبر "3/ 31".

(12/430)


أَخْبَرَنَا المُسَلَّم بنُ عَلَّان فِي كِتَابِهِ, أَخْبَرَنَا زَيْدُ بنُ الحَسَنِ, أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ اليُوسُفِيُّ, أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ العَبَّاسِيُّ لفظاً, حَدَّثَنَا يُوْسُفُ بنُ عُمَرَ القوَّاس إِمْلاَءً قال: قُرِئَ على أبي القاسم ابن بِنْتِ مَنِيْعٍ، وَأَنَا أَسمعُ, حدَّثكم مُحَمَّدُ بنُ حُمَيْدٍ, حَدَّثَنَا ابْنُ المُبَارَكِ, عَنْ حَرْمَلَةَ بنِ أَبِي عِمْرَانَ, عَنْ يَزِيْدَ بنِ أَبِي حَبِيْبٍ, عَنْ مَرْثَدِ بنِ عَبْدِ اللهِ, عَنْ عُقْبَةَ بنِ عَامِرٍ, عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "المُؤْمِنُ يَوْمَ القِيَامَةِ فِي ظِلِّ صدقته" 1.
__________
1 صحيح: أخرجه ابن المبارك في "الزهد" "645"، وأحمد "4/ 147-148"، وأبو يعلى "1766"، وابن خزيمة "2431"، والطبراني في "الكبير" 17/ 771" من طريق حرملة بن عِمْرَانَ، عَنْ يَزِيْدُ بنُ أَبِي حَبِيْبٍ، عَنْ أَبِي الخَيْرِ، عن عقبة بن عامر، به مرفوعًا ولفظه: "كل امرئ في ظلِّ صدقته حتى يُفْصَل بين الناس" أو قال: "يحكم بين الناس".
قال يزيد: "وكان أبو الخير لا يخطئه يوم لا تصدق فيه بشيء, ولو كعكة أو بصلة أو كذا".
قلت: إسناد صحيح, وأبو الخير: هو مرثد بن عبد الله اليزني.

(12/431)


3558- زاهر بن أحمد 1:
ابن محمد بن عيسى, الإمام العلَّامة, فقيه خراسان, شيخ القرَّاء والمحدِّثين, أَبُو عَلِيٍّ السَّرَخْسِيُّ.
وُلِدَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ أَبَا لَبِيْدٍ مُحَمَّدَ بنَ إِدْرِيْسَ السَّامِيَّ، وَأَبَا القَاسِمِ البَغَوِيَّ, وَيَحْيَى بنُ صَاعِدٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ المُسَيَّبِ الأَرْغِيَانِيُّ, وَمُحَمَّدُ بنُ حَفْصٍ الجُوَيْنِيَّ, وَمُؤَمَّلَ بنَ الحَسَنِ المَاسَرْجَسِيَّ، وَأَبَا يَعْلَى مُحَمَّدَ بنَ زُهَيْرٍ الأُبُلِّيَّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ عَبْدِ اللهِ العَسْكَرِيَّ الزَّبِيْبِيَّ, وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُبَشِّرٍ الوَاسِطِيُّ، وَأَبَا حَامِدٍ مُحَمَّدَ بنَ هَارُوْنَ الحَضْرَمِيَّ، وَأَبَا عَلِيٍّ مُحَمَّدَ بنَ سُلَيْمَانَ المَالِكِيَّ البَصْرِيَّ, وَعِدَّةً.
حدَّث عَنْهُ: الحَاكِمُ, وَأَبُو عُثْمَانَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ الصَّابونِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ المُزَكِّي، وَأَبُو عُثْمَانَ سَعِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَحِيْرِيُّ, وَالقَاضِي أَبُو المظَفَّر مَنْصُوْرُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي قُرَّةَ الحَنَفِيُّ، وَكَرِيْمَةُ المروزيَّة المجَاورَةُ, وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَكَانَ عِنْدَهُ "المُوَطَّأُ" بِفَوتِ المسَاقَاةِ وَالقرَاضِ عَنِ الأَمِيْرِ إِبْرَاهِيْمَ بن عَبْدِ الصَّمدِ الهَاشِمِيِّ صَاحِبِ أَبِي مصعبٍ الزُّبَيْرِيِّ, وَقَدْ أَخذَ علمَ الجَدَلِ وَالكَلاَمِ عن أبي الحسن الأشعري.
__________
1 ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "7/ 206"، والعبر "3/ 43"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 200"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 131".

(12/431)


قَالَ الحَاكِمُ: هُوَ أَبُو عَلِيٍّ السَّرَخْسِيُّ الشَّافِعِيُّ, شَيْخُ عَصْرِهِ بِخُرَاسَانَ, سَمِعْتُ منَاظرتَهُ فِي مَجْلِسِ أَبِي بَكْرٍ بنِ إِسْحَاقَ الصِّبْغِيِّ, وَكَانَ قَدْ قَرَأَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ بنِ مُجَاهِدٍ, وتفقَّه عِنْدَ أَبِي إِسْحَاقَ المَرْوَزِيِّ, وَدرسَ الأَدَبَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ بنِ الأَنبارِيِّ، وَكَانَتْ كتُبُهُ تَرِدُ عليَّ على الدوام.
توفِّي فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ, وَلَهُ سِتٌّ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ, أَنْبَأَنَا عَبْدُ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ, أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بنُ طَاهِرٍ, أَخْبَرَنَا سَعِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَحِيْرِيُّ, أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بنُ أَحْمَدَ, أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ, حَدَّثَنَا هُدْبَةُ, حَدَّثَنَا هَمَّام, حَدَّثَنَا قَتَادَةُ, عَنْ أَنَسٍ, أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحاً بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ أَحَدِكُمْ يَسْقُطُ عَلَى بَعِيْرِهِ قَدْ أضلَّه بِأَرْضٍ فَلاَةٍ" 1. أَخرجَاهُ عَنْ هُدْبَةَ بنِ خَالِدٍ, فَوَافَقْنَاهُمَا بِعُلُوٍّ.
وَبِهِ عَنِ أَنَسٍ, عَنْ مُعَاذِ بنِ جَبَلٍ قَالَ: كُنْتُ رَدِيْفَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ إلَّا مُؤَخَّرَةَ الرَّحْلِ"2 وَذَكَرَ الحَدِيْثَ, أَخْرَجَاهُ فِي صَحِيْحِهِمَا عَنْ هُدْبَةَ أَيْضاً.
قَالَ شَيْخُ الإِسلاَمِ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ عمَّار, سَمِعْتُ زَاهِرَ بنَ أَحْمَدَ -وَكَانَ لِلمُسْلِمِينَ إِمَاماً- يَقُوْلُ: نَظَرْتُ فِي صِيْرِ بَابٍ, فرَأَيْتُ أَبَا الحَسَنِ الأَشعرِيَّ يَبُولُ فِي البَالوعَةِ, فَدَخَلتُ, فَحَانَت الصَّلاَةُ, فَقَامَ يُصَلِّي وَمَا كَانَ تَمَسَّح وَلاَ تَوَضَّأَ, فَذَكَرْتُ الوضُوءَ, فَقَالَ: لَسْتُ بمحدِث, قلت: لعلَّه نسي.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "6309"، ومسلم "2747".
2 صحيح: أخرجه البخاري "5967"، "6267"، "6500"، ومسلم "30".

(12/432)


3559- المُخَلِّص 1:
الشَّيْخُ المُحَدِّثُ المُعَمَّرُ الصَّدُوْقُ, أَبُو طَاهِرٍ, مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ العَبَّاسِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ زَكَرِيَّا البَغْدَادِيُّ الذَّهَبِيُّ, مُخَلِّصُ الذَّهَبِ مِنَ الغِشِّ.
مَوْلِدُهُ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقَالَ: أَوَّلُ سَمَاعِي فِي سَنَةِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
سَمِعَ بعنايةِ والدهِ مِن: أَبِي القَاسِمِ البَغَوِيِّ, وَأَبِي بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ, وَيَحْيَى بنُ صَاعِدٍ، وَأَحْمَدَ بنِ سُلَيْمَانَ الطُّوْسِيِّ, وَرِضوَانَ الصَّيْدَلاَنِيِّ, وَأَبِي حَامِدٍ مُحَمَّدِ بنِ هَارُوْنَ الحَضْرَمِيِّ، وَأَبِي عُمَرَ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ القَاضِي، وَمُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ نَيْروز الأَنْمَاطِيِّ, وَأَبِي بَكْرٍ بنِ زِيَادٍ النَّيْسَابُوْرِيِّ, وَأَحْمَدَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ سَيْفٍ السِّجِسْتَانِيِّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ حَمَّاد, وَعَبْدِ الوَاحِدِ بنِ المُهْتَدِي, وَأَبِي جَعْفَرٍ أَحْمَدَ بنِ إِسْحَاقَ بنِ البُهْلُولِ, وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ العَبَّاسِ, وَالقَاضِي المحََاملي، وَأَخِيْهِ أَبِي عُبَيْدٍ القَاسِمِ, وَعِدَّةٍ.
حدَّث عَنْهُ: هِبَةُ اللهِ بنُ الحَسَنِ اللاَّلَكَائِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الخَلاَّلُ, وَأَبُو سَعْدٍ السَّمَّانُ، وَأَبُو طَالِبٍ المحسَّنُ بنُ شَهْفَيْرُوْزَ الفَقِيْهُ, وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدٍ الشروِيُّ الفَقِيْهُ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ القَطَّانُ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ النَّقُّوْرِ, وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عَلِيٍّ الأَنْمَاطِيُّ, وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ المُهْتَدِي بِاللهِ، وَعَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ البُسْرِيُّ, وَأَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الزَّيْنَبِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَانْتَقَى عَلَيْهِ الحَافِظَانِ أَبُو الفَتْحِ بنُ أَبِي الفَوَارِسِ, وَأَبُو بَكْرٍ البَقَّالُ.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ ثِقَةً, مَاتَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ ثلاث وتسعين وثلاث مائة.
وَفِيْهَا توفِّي أَبُو جَعْفَرٍ الأَبْهَرِيُّ, وَأَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَحْمَدَ الطَّبَرِيُّ، وَأَبُو نَصْرٍ إِسْمَاعِيْلُ بنُ حَمَّادٍ الجَوْهَرِيُّ صَاحِبُ "الصِّحَاحِ", وَالحَافِظُ خَلَفُ بنُ القَاسِمِ بنِ الدبَّاغ الأَنْدَلُسِيُّ، وَالطَّائِعُ للهِ وَوزيرُ الأَنْدَلُسِ المَلِكُ المَنْصُوْرُ أَبُو عَامِرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي عَامِرٍ، وَأَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ السَّلاَمِيُّ شَاعِرُ وَقتِهِ, وَالسَّيِّدُ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الهَمَذَانِيُّ.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ العَلَوِيُّ, أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ القَطِيْعِيُّ, أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُبَيدِ اللهِ المخلّد، وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ, أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ أَحْمَدَ الزَّاهِدُ, أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الشِّبلِيُّ قَالاَ: أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ الزَّيْنَبِيُّ, أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ المخلِّص قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ البَغَوِيُّ, حَدَّثَنَا عَبْدُ الجَبَّارِ بنُ عَاصِمٍ, حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ, عَنْ بَحير بنِ سَعْدٍ, عَنْ خَالِدِ بنِ مَعْدَانَ, عَنْ كَثِيْرِ بنِ مُرَّةَ, عَنْ عَمْرِو بنِ عبسةَ, أَنَّهُ حَدَّثَهُمْ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مُسلمَةً كَانَتْ فِدْيَتَهُ مِنْ جَهَنَّمَ, وَمَنْ شَابَ شَيْبَةً فِي سَبِيْلِ اللهِ كَانَتْ لَهُ نُوْراً يَوْمَ القِيَامَةِ" 2.
رَوَاهُ النَّسَائِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ, عَنْ خَالِدِ بنِ الحَارِثِ, عَنْ عَبْدِ الحَمِيْدِ بنِ جَعْفَرٍ, عَنِ أَسْوَد بنِ العَلاَءِ, عَنْ مَوْلَى لِسُلَيْمَانَ بنِ عَبْدِ المَلِكِ, عَنْ رَجُلٍ, عَنِ الصُّنَابِحِيِّ, عَنْ عَمْرِو بنِ عَبسَةَ، وَرَوَى شطرَهُ الثَّانِي التِّرْمِذِيُّ, عَنِ الكَوْسَج, عَنْ حيوة, عن بقية بن الوليد.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "2/ 322"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 225"، واللباب لابن الأثير "3/ 181".
2 صحيح: أخرجه النسائي "6/ 26"، وأحمد "4/ 386".

(12/433)


3560- الكُشَانِيّ 1:
الشَّيْخُ المُسْنِدُ الصَّدُوْقُ, أَبُو عَلِيٍّ, إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ حَاجبٍ الكُشَاني السَّمَرْقَنْدِيُّ.
آخِرُ مَنْ رَوَى "صَحِيْحَ البُخَارِيِّ" عَالِياً, سَمِعَهُ مِنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ الفِرَبْرِي فِي سَنَةِ عِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
رَوَاهُ عَنْهُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ الخَلاَّلُ أَخُو الحَسَنِ الحَافِظُ، وَأَبُو سَهْلٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الأَبِيوَرْدِيُّ, وَأَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الشُّجَاعِيُّ, وَأَبُو عَبْدِ اللهِ غُنْجَار، وَعُمَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ شَاهِيْنٍ السَّمَرْقَنْدِيُّ, وَغَيْرُهُمْ.
قَالَ أَبُو سَعْدٍ الإِدْرِيْسِيُّ: توفِّي سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقَالَ المؤتَمن السَّاجِيُّ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وتسعين.
قلت: كان شيخًا معمّرًا.
__________
1 ترجمته في الإكمال لابن ماكولا "7/ 185"، والأنساب للسمعاني "4/ 11"، "10/ 431"، واللباب لابن الأثير "3/ 99"، والعبر "3/ 52".

(12/434)


3561- الخَفَّاف 1:
الشَّيْخُ الإِمَامُ الزَّاهِدُ العَابِدُ, مُسْنِدُ خُرَاسَانَ, أَبُو الحُسَيْن, أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بن عُمَرَ النَّيْسَابُوْرِيُّ الخَفَّاف القَنْطَرِيُّ, وَلَدُ الشَّيْخِ أَبِي نصر.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ: كَانَ مُجَابَ الدَّعْوَةِ, سمَاعَاتُهُ صحيحَةٌ بخطِّ أَبِيهِ مِنْ أَبِي العَبَّاسِ السَّرَّاج وَأَقرَانهُ, وَبَقِيَ وَاحِدَ عَصْرِهِ فِي عُلُوِّ الإِسْنَادِ.
قُلْتُ: حدَّث عَنْهُ: الحَاكِمُ, وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَسْكَويه، وَأَبُو القَاسِمِ القُشَيْري، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ الإِسْمَاعِيْلِيُّ, وَالسَّيِّدُ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ الحُسَيْنِيُّ، وَأَبُو المظَفَّر مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الشُّجَاعِيُّ، وَأَبُو نَصْرٍ الحُسَيْنُ بنُ أَحْمَدَ الجريمِينِيُّ القَاضِي, وَالفَضْلُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ المحبِّ, وَسَعِيْدُ بنُ أَبِي سَعِيْدٍ العيَّار، وَعَائِشَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ البسطَامِيُّ, وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَقَعَ لَنَا جُمْلَة مِنْ عَوَالِيْهِ.
قَالَ الحَاكِمُ: مَاتَ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ, وَلَهُ ثَلاَثٌ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً.
وَفِيْهَا توفِّي: أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ دَرَسْتُوَيْه الدِّمَشْقِيُّ, أَحَدُ الثِّقَاتِ, مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدِ بنِ خُرَيْمٍ، والمحدِّث أَبُو عُثْمَانَ سَعِيْدُ بنُ نَصْرٍ القُرْطُبِيُّ، وَالفَقِيْهُ المحدِّث أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَسَدٍ الجُهَيْنِيُّ الطُّلَيْطِلي، وَالإمَامُ أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الوَارِثِ بنُ سُفْيَانَ القُرْطُبِيُّ، وثلاَثَتُهُمْ مِنْ كِبَارِ شُيُوْخِ ابْنِ عَبْدِ البَرِّ، وَالمُسْنِدُ أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ العَبَّاسِ الإِخمِيمِيُّ بِمِصْرَ, وَأَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ المَلاَحِمِيُّ، وَحَافظُ الوَقْتِ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَة، وَأَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ فَارِس الرَّازِيُّ اللُّغَوِيُّ, وَأَحْمَدُ بنُ القَاسِمِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ التاهَرْتِي البَزَّازُ بقرطبة.
__________
1 ترجمته في الأنساب للسمعاني "5/ 156-157"، والعبر "3/ 58".

(12/434)


3562- الكَتَّاني 1:
الإِمَامُ المُقْرِئُ المُحَدِّثُ المُعَمَّرُ, أَبُو حَفْصٍ, عُمَرُ بن إبراهيم بن أَحْمَدَ بنِ كَثِيْرٍ البَغْدَادِيُّ الكَتَّاني.
وُلِدَ سَنَةَ ثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقَرَأَ عَلَى ابْنِ مُجَاهِدٍ, وَسَمِعَ مِنْهُ كِتَابَهُ فِي السبعِ.
وَسَمِعَ مِنَ: البَغَوِيِّ, وَأَبِي سَعِيْدٍ العَدَوِيِّ, وَأَبِي حَامِدٍ الحَضْرَمِيِّ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ بنِ صَاعِدٍ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ زِيَادٍ، وَأَبِي عُمَرَ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ القَاضِي, وَأَبِي ذَرٍّ أَحْمَدَ بنِ البَاغَنْدِيِّ، وَإِسْمَاعِيْلَ الورَّاق, وَعَبْدِ الوَهَّابِ بنِ أَبِي حَيَّة, وَأَحْمَدَ بنِ إِسْحَاقَ بنِ البُهلول, وَمُحَمَّدِ بنِ مَنْصُوْرٍ الشِّيْعِيِّ, وَجَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ المغلّسِ, وَأَبِي عُبَيْدٍ المَحَامِلِيِّ، وَأَبِي العَبَّاسِ بنِ عُقْدَةَ, وَخَلْقٍ سِوَاهُمْ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّدٍ الخَلاَّلُ, وَأَبُو القَاسِمِ التَّنُوخي، وأبو الحسين ابن المُهْتَدِي بِاللهِ, وَجَابِرُ بنُ يَاسينٍ, وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ هَزَارمَرْدَ, وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ النَّقُّوْرِ, وَآخرُوْنَ.
وَقَدْ تَلاَ أَيْضاً عَلَى زَيْدِ بنِ أَبِي بِلاَلٍ, وَبَكَّارِ بنِ أَحْمَدَ، وَمُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ الحَرْبِيِّ، وَأَبِي الحَسَنِ بنِ ذُؤَابَةَ, وتصدَّر لِلإِقرَاءِ بِمسجدِهِ.
تَلاَ عَلَيْهِ: أَحْمَدُ بنُ مَسْرُوْرٍ, وَأَبُو عَلِيٍّ الشَّرْمقاني، وَأَبُو الفَضْلِ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ الكُوْفِيِّ، وَأَبُو الفَوَارِسِ مُحَمَّدُ بنُ العَبَّاسِ الأَوَانِي شَيْخٌ للقَلانِسي.
قَالَ الخَطِيْبُ: هُوَ ثِقَةٌ, توفِّي فِي رَجَبٍ سَنَةَ تِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائة, وله تسعون سَنَةً.
قَرَأْتُ عَلَى عُمَرَ بنِ عَبْدِ المُنْعِمِ فِي سَنَةِ 693, عَنْ زَيْدِ بنِ حَسَنٍ, أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ الشَّيْبَانِيُّ, أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ العَبَّاسِيُّ, حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ إِمْلاَءً, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ هَارُوْنَ, حَدَّثَنَا زِيَادُ بنُ أَيُّوْبَ, حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ, حَدَّثَنَا عَاصِمٌ الأَحْوَلُ, عَنْ أَنَسٍ قَالَ: سُئِلَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنِ الصَّوْمِ فِي السَّفَر فَقَالَ: "مَنْ أَفْطَرَ فَرُخْصَةً, وَمَنْ صَامَ فَالصَّوْمُ أفضل".
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 269"، والأنساب للسمعاني "10/ 352"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 211"، والعبر "3/ 46".

(12/435)


3563- ابن حِنْزَابَة 1:
الإِمَامُ الحَافِظُ الثِّقَةُ, الوَزِيْرُ الأَكْمَلُ, أَبُو الفَضْلِ, جَعْفَرُ ابْنُ الوَزِيْرِ أَبِي الفَتْحِ الفَضْلُ بنُ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مُوْسَى بنِ الحَسَنِ بنِ الفُرَاتِ البَغْدَادِيُّ, نزيلُ مِصْرَ.
وُلِدَ بِبَغْدَادَ فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَوَزَرَ أَبُوْهُ للمُقْتَدِرِ عَامَ مصرعِهِ, وَوَزَرَ عمَّ أَبِيهِ الوَزِيْرُ الكَبِيْرُ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ للمُقْتَدِرِ غَيْرَ مَرَّةٍ. فقُتِلَ فِي سَنَةِ 332, ووزر أبو الفضل بِمِصْرَ لكَافُوْرٍ.
وحدَّث عَنْ: أَبِي حَامِدٍ مُحَمَّدِ بنِ هَارُوْنَ الحَضْرَمِيِّ, وَالحَسَنِ بنِ مُحَمَّدٍ الدَّارِكِيِّ الأَصْبَهَانِيِّ، وَأَبِي يَعْلَى مُحَمَّدِ بنِ زُهَيْرٍ الأُبُلِّيِّ, وَمُحَمَّدِ بنِ حَمْزَةَ بنِ عُمَارَةَ الأَصْبَهَانِيِّ, وَأَبِي بكر محمد بن جعفر الخرائطي، ومحمد بن سَعِيْدٍ الحِمْصِيِّ, وَعِدَّةٍ.
قَالَ الخَطِيْبُ: وَكَانَ يذكرُ أَنَّهُ سَمِعَ مَجْلِساً مِنْ أَبِي القَاسِمِ البَغَوِيِّ, وَيَقُوْلُ: مَنْ جَاءنِي بِهِ أَغْنَيْتُهُ. وَكَانَ يُمْلِي الحَدِيْثَ بِمِصْرَ, وَبسببِهِ خَرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ إِلَيْهَا, فَإِنَّ ابنَ حِنْزَابة كَانَ يُرِيْدُ أَنْ يصنِّف مُسْنَداً, فَخَرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ إِلَى مِصْرَ, وَأَقَامَ عِنْدَهُ مُدَّةً, وَحصلَ لَهُ مِنْهُ مَالٌ كَثِيْرٌ.
حدَّث عَنْهُ: الدَّارَقُطْنِيُّ, وَالحَافِظُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الغنِيِّ المِصْرِيُّ, وطائفة.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "7/ 234"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "7/ 163"، ووفيات الأعيان "1/ ترجمة 133"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 953"، والعبر "3/ 49"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 203".

(12/436)


وَيَعسرُ وَقوعُ حَدِيْثِهِ لَنَا, فَإِنَّهُ -حَالَ أَوَانَ الراوية, كَانَ علمُهُ كَاسِداً بِمِصْرَ لمَكَانِ الدَّوْلَةِ الإِسْمَاعِيْلِيَّةِ. وَقِيْلَ: هُوَ الَّذِي كَاتَبَهُمْ وَجَسَّرَهُمْ عَلَى المجِيْءِ لأَخذِ مِصْرَ, ثُمَّ نَدِمَ.
قَالَ السِّلَفي: كَانَ ابن حِنْزَابة من الحفَّاظ الثقات المتبجِّحين بِصُحبَةِ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ, مَعَ جَلاَلَةٍ وَريَاسَةٍ يَرْوِي وَيُمْلِي بِمِصْرَ فِي حَالِ وَزَارتِهِ, وَلاَ يَختَارُ عَلَى العِلْمِ وَصُحبَةِ أَهلِهِ شَيْئاً، وَعِنْدِي مِنْ أَمَالِيهِ وَمِنْ كلاَمِهِ عَلَى الحَدِيْثِ, وَتصرُّفِهِ الدَّال عَلَى حِدَّةِ فَهْمِهِ, وَوُفُورِ عِلْمِهِ.
وَقَدْ رَوَى عَنْهُ حَمْزَةُ بنُ مُحَمَّدٍ الكِنَانِيُّ الحَافِظُ مع تقدمه.
وَنَقَلَ بَعْضُهُمْ أنَّ ابنَ حِنْزَابَةَ بَعْدَ موتِ كَافور وَزَرَ للملكِ أَبِي الفَوَارِسِ أَحْمَدَ بنِ عَلِيِّ بنِ الإِخْشِيْذِ, فَقَبَضَ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْ أَربَابِ الدَّوْلَةِ وَصَادَرَهُمْ، وَصَادَرَ يَعْقُوْبَ بنَ كلِّسَ الَّذِي وَزَرَ, فَأَخَذَ مِنْهُ أَرْبَعَةَ آلاَفِ دِيْنَارٍ, فَهَرَبَ إِلَى المَغْرِبِ، وتوصَّل وَعظُمَ قَدْرُهُ, ثُمَّ إِنَّ ابنَ حِنْزَابَةَ لَمْ يَقدرْ عَلَى إِرضَاءِ الإِخْشِيْذِيَّةِ، وَمَاجَت الأُمورُ, فَاخْتَفَى مرَّتين, ونُهِبَت دَارُهُ, ثُمَّ قَدِمَ أَمِيْرُ الرَّمْلة الحَسَنُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ بنِ طُغْجَ وتملَّك, وَصَادَرَ ابْنُ حِنْزَابَةَ وعذَّبه, فنزحَ إِلَى الشَّامِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ, ثُمَّ رَجعَ.
قَالَ الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ السَّبِيْعِيُّ: قَدِمَ عَلَيْنَا الوَزِيْرُ جَعْفَرُ بنُ الفَضْلِ إِلَى حلبَ, فتلقَّاه النَّاسُ, فكُنْتُ فِيهِمْ, فعُرِّفَ أَنِّي محدِّث, فقال لي: تعرف إسنادا فيه أربعة مِنَ الصَّحَابَةِ, قُلْتُ: نَعَمْ. حَدِيْثُ السَّائِبِ بنِ يَزِيْدَ, عَنْ حُوَيْطِبٍ, عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ السَّعْدِيِّ, عَنْ عُمَرَ -رَضِي الله عَنْهُمْ- فِي العُمَالَةِ, فَعَرفَ لِي ذَلِكَ, وَصَارَ لِي عِنْدَهُ منزلة.
قيل: كان الوزير عند عِدَّةَ وَرَّاقِيْنَ، وَكَانَ يُسْتَعملُ بِسَمَرْقَنْدَ الكَاغد, وَيُحملُ إِلَيْهِ.
قُلْتُ: كَاتبَ ابْنُ حِنْزَابَةَ وَعِدَّةٌ مِنَ الكُبَرَاءِ القَائِدَ جَوْهَراً, يطلُبُونَ الأَمَانَ فأمَّنهم، وَدَخَلَ فِي دست عظيمٌ, فَاسْتَوْزَرَ ابنَ حِنْزَابَةَ مرَّةً.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يُوْسُفَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ المُهَلَّبِيِّ بِمِصْرَ, فَقَالَ: كُنْتُ حَاضراً فِي دَارِ الوَزِيْرِ ابْنِ كلِّسَ فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَبُو العَبَّاسِ وَلَدُ الوَزِيْرِ أَبِي الفَضْل بنِ حِنْزَابَةَ، وَكَانَ قَدْ زوَّجه بَابنَتِهِ, فَقَالَ لَهُ: يَا سيدي, ما أنا بأجَلّ من أَبِيكَ, وَلاَ بأَفضلَ, أَتَدْرِي مَا أَقعدَهُ خَلْفَ النَّاسِ? شَيْل أَنْفِهِ بِأَبِيهِ, فَلاَ تَشِلْ -يَا أَبَا العَبَّاسِ- أَنْفَكَ بِأَبِيكَ. تَدْرِي مَا الإِقبالُ؟ نشَاطٌ وَتواضعٌ, وَالإِدْبارُ كسلٌ وَترفُّعٌ.
قِيْلَ: كَانَ ابْنُ حِنْزَابَةَ مُتَعَبِّداً, ثُمَّ يفطرُ ثُمَّ ينَامُ, ثُمَّ ينهضُ فِي اللَّيْلِ, وَيدخلُ بَيْتَ مُصَلاَّهُ فيصفُّ قَدَمَيْهِ إِلَى الفَجْرِ.

(12/437)


قَالَ المُسَبِّحي: لمَا غُسِّلَ ابْنُ حِنْزَابَةَ جُعلَ فِيْهِ ثَلاَثُ شعرَاتٍ مِنْ شَعْرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, كَانَ أَخَذَهَا بمالٍ عظيمٍ.
وحِنْزَابة: جَارِيَةٌ, هِيَ وَالِدَةُ الفَضْلِ الوَزِيْرِ، وَفِي اللُّغَةِ: الحِنْزَابَةُ: هِيَ القَصِيْرَةُ السَّمِيْنَةُ.
قَالَ ابْنُ طَاهِرٍ: رَأَيْتُ عِنْدَ الحبَّال كَثِيْراً مِنَ الأَجزَاءِ الَّتِي خُرِّجَت لابنِ حِنْزَابَةَ، وَفِي بَعْضِهَا الجزءُ الموفِي أَلْفاً مِنْ مُسْنَدِ كَذَا, وَالجزءُ الموفِّي خمس مئة مِنْ مُسْنَدِ كَذَا، وَكَذَا سَائِرُ المسندَاتِ. وَلَمْ يَزَلْ يُنفقُ فِي البِرِّ وَالمَعْرُوفِ الأَمْوَالَ، وَأَنفقَ كَثِيْراً عَلَى أَهْلِ الحَرَمَيْنِ, إِلَى أَن اشْتَرَى دَاراً أَقربَ شَيْءٍ إِلَى الحُجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ، وَأَوْصَى أَنْ يُدفنَ فِيْهَا, وَأَرضَى الأَشرَافَ بِالذَّهَبِ, فَلَمَّا حُمِلَ تَابوتُهُ مِنْ مِصْرَ تلَقَّوه، ودُفِنَ فِي تِلْكَ الدَّارِ.
توفِّي فِي ثَالثَ عشرَ رَبِيْعٍ الأول سنة إحدى وتسعين وثلاث مائة.
وَلَمْ أَظفرْ بِحَدِيْثٍ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ حِنْزَابَةَ بَعْدُ.
وَفِيْهَا مَاتَ أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ زُرَيْقٍ بِمِصْرَ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ يُوْسُفَ بنِ وَاضِحٍ الخَشَّاب بِأَصْبَهَانَ, وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ حَاجبٍ الكُشَاني، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الحَجَّاجِ الشَّاعِرُ، وَأَبُو الحَسَنِ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَحْمَدَ الخَرزِيُّ شَيْخُ الظَاهِريَّةِ بِبَغْدَادَ، وَأَبُو القَاسِمِ عِيْسَى بنُ عَلِيٍّ الوَزِيْرُ, وَصَاحِبُ المَوْصِلِ حُسَامُ الدَّوْلَةِ مقلَّدُ بنُ المسيَّبِ العُقَيْلِيُّ, وَالمُؤَمَّلُ بنُ أَحْمَدَ الشَّيْبَانِيُّ.

(12/438)


3564- النُّعَيْمِي 1:
الإِمَامُ المُسْنِدُ, أَبُو حَامِدٍ, أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ نُعَيم بنِ الخَلِيْلِ النُّعَيْمِي السَّرَخْسِيُّ, نزيلُ هَرَاةَ.
رَاوِي "الصَّحِيْحِ" عَنْ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ الفِرَبْرِيِّ، وَسَمِعَ أَيْضاً أَبَا العَبَّاسِ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّغُولي، وَالحُسَيْنَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ مُصْعَبٍ, وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ حَمْدُوَيْه السُّلَمِيَّ، وَأَحْمَدَ بنَ إِسْحَاقَ بنِ مَزِيْزَ السَّرَخْسِيَّ -بِفَتْحِ المِيْمِ, وَجَمَاعَةً.
حدَّث عَنْهُ: أَبُو يَعْقُوْبَ القَرَّابُ، وَأَبُو الفتح بن أبي الفوارس, وأبو بكر البرقان، وَأَبُو حَازِمٍ العَبْدَوِيُّ, وَأَبُو مَنْصُوْرٍ الكَرَابِيْسِيُّ، وَأَبُو عُمَرَ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ أَحْمَدَ الملَيْحِيُّ, وَآخرُوْنَ.
مَاتَ بِهَرَاةَ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ, سَنَةَ سِتٍّ وثمانين وثلاث مائة، وهو في عشر التسعين.
__________
1 ترجمته في اللباب لابن الأثير "3/ 318"، والعبر "3/ 31"، والنجوم الزاهرة "4/ 175".

(12/438)


3565- ابن عَبْدَان 1:
الإِمَامُ الحَافِظُ المُعَمَّرُ الثِّقَةُ, أَبُو بَكْرٍ, أَحْمَدُ بنُ عَبْدَانَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الفَرَجِ الشِّيْرَازِيُّ, شَيْخُ الأَهْوَازِ, وَمُسْنِدُ الوَقْتِ.
حدَّث عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ البَاغَنْدِيِّ، وَأَبِي القَاسِمِ البَغَوِيِّ, وَابنِ صَاعِدٍ، وَابنِ أَبِي دَاوُدَ, وَبَكْرِ بنِ أَحْمَدَ الزُّهْرِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ السَّكَنِ, وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ: حَمْزَةُ السَّهْمِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ الجِيْرُفْتي, وَالقَاضِي عَلِيُّ بنُ عُبَيْدِ اللهِ الكِسَائِيُّ، وَأَبُو الحَسَنِ بن صخر, وعبد الوهاب الغَنْدَجَاني، وأخذ عَنْهُ "تَارِيْخَ البُخَارِيِّ الكَبِيْرَ".
وَكَانَ يُلَقَّب بِالبَازِ الأَبْيَضَ, سأَلَهُ حَمْزَةُ بنُ يُوْسُفَ عَنِ الجَرْحِ وَالتَّعْدِيْلِ وَالعِلَلِ.
مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ ومائتين.
وتوفِّي في صفر سنة ثمان وَثَلاَثِ مائَةٍ, عَنْ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
سَكَنَ شِيْرَازَ مُدَّةً, ثُمَّ الأَهْوَازَ ثَلاَثِيْنَ عَاماً، وَكَانَ مَوْصُوَفاً بِالحِفْظِ, ضَيَّعَ نَفْسَهُ بإِقَامَتِهِ فِي جَبَلِ الأهواز.
__________
1 ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 924"، والعبر "3/ 38"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 127".

(12/439)


3566- حفيد ابن خزيمة 1:
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ المُحَدِّثُ, أَبُو طَاهِرٍ, مُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ بنِ خُزَيْمَةَ بنِ المُغِيْرَةِ السُّلَمِيُّ النَّيْسَابُوْرِيُّ.
سَمِعَ مِنْ جدِّه إِمَامِ الأَئِمَّةِ فَأَكثرَ، وَمِنْ أَبِي العَبَّاسِ السَّرَّاجِ، وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ المَاسَرْجَسِيِّ, وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: الحاكم, وأبو حفص بن مسرور، وأبو سعد الكَنْجَرُوذِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى, وَأَبُو سَعْدٍ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ المُقْرِئُ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ المُقْرِئُ, وَجَمَاعَةٌ.
قَالَ الحَاكِمُ: عَقَدْتُ لَهُ مَجْلِسَ التَّحْدِيْثِ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَدَخَلْتُ بَيْتَ كُتُبِ جَدِّهِ، وَأَخْرَجْتُ لَهُ مِنْهَا مائَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ جُزْءاً مِنْ سمَاعَاتِهِ الصَّحيحَةِ, وَانْتَقَيْتُ لَهُ عَشْرَةَ أَجْزَاءٍ، وَقُلْتُ لَهُ: دَعِ الأُصُولَ عِنْدِي صِيَانَةً لَهَا, فَأَبَى وَأَخَذَهَا, وفرَّقها عَلَى النَّاسِ، وَذهبتُ, وَمدَّ يدَهُ إِلَى كُتُبِ غَيْرِهِ فَقَرَأَ مِنْهَا, ثُمَّ إِنَّهُ مَرِضَ وتَغَيّر بِزوَالِ عقلِهِ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ, ثُمَّ أَتيتُهُ بَعْدُ للرِّوَايَةِ فَوَجَدتُهُ لاَ يعقِلْ.
قَالَ: وتوفِّي فِي جُمَادَى الأُولَى سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ, ودُفِنَ فِي دَارِ جَدِّهِ.
قُلْتُ: مَا أُرَاهُمْ سَمِعُوا مِنْهُ إلَّا فِي حَالِ وَعْيِهِ, فإنَّ مَنْ زَالَ عقلُهُ كَيْفَ يمكنُ السَّمَاعُ مِنْهُ, بِخلاَفِ مَنْ تَغَيِّرَ ونسيَ وانهرم.
أَخْبَرَنَا ابْنِ عَسَاكِرَ, عَنْ أَبِي رَوْحٍ, أَخْبَرَنَا زَاهِرٌ, أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ المُقْرِئُ, أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ بنِ خُزَيْمَةَ, أَخْبَرَنَا جَدِّي أَبُو بَكْرٍ, حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ حُجْرٍ, حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ جَعْفَرٍ, حَدَّثَنَا العَلاَءُ, عَنْ أَبِيْهِ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الصَّلَواتُ الخَمْسُ، وَالجُمُعَةُ إِلَى الجُمُعَةِ, كفَّارات لِمَا بَيْنَهُنَّ مَا لَمْ تُغْشَ الكَبَائِرُ" 2.
__________
1 ترجته في العبر "3/ 37"، وميزان الاعتدال "4/ 9"، ولسان الميزان "5/ 341".
2 صحيح: أخرجه مسلم "233".

(12/439)


3567- الكُشْمِيهَني 1:
المحدِّث الثِّقَةُ, أَبُو الهَيْثَمِ, مُحَمَّدُ بنُ مكِّيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مكِّيِّ بنِ زرَّاعِ بنِ هَارُوْنَ المَرْوَزِيُّ الكُشْمِيْهَنِيُّ.
حدَّث بِـ "صَحِيْحِ البُخَارِيِّ" مَرَّاتٍ, عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ الفِرَبْرِيِّ، وحدَّث عَنْ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ يزيد المروزي الداعواني، وَمُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ عَاصِمٍ, وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارِ, وَغَيْرِهِمْ.
حدَّث عَنْهُ: أَبُو ذَرٍّ الهَرَوِيُّ, وَأَبُو عُثْمَانَ سَعِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَحِيْرِيُّ، وَأَبُو الخَيْرِ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي عِمْرَانَ الصفَّار, وَأَبُو سَهْلٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الحَفْصِيُّ، وَكَرِيْمَةُ المروزية المجاورة, وآخرون.
وكان صدوقًا.
مَاتَ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وثلاث مائة.
__________
1 ترجمته في الأنساب للسمعاني "10/ 437"، واللباب لابن الأثير "3/ 99"، والعبر "3/ 44".

(12/440)


المستملي، وابن حمويه:
3568- المُسْتَمْلِي 1:
الإِمَامُ المُحَدِّثُ الرَّحَّال الصَّادِقُ, أَبُو إِسْحَاقَ, إِبْرَاهِيْم بنُ أَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَحْمَدَ بنِ دَاوُدَ البَلْخِيُّ المُسْتَمْلِي, رَاوِي الصَّحِيْحِ عَنِ الفِرَبْرِي.
لَمْ تبلُغْنِي أَخبارُهُ مفصَّلَة.
حدَّث عَنْهُ: أَبُو ذَرٍّ عَبْدُ بنُ أَحْمَدَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ خَالِدٍ الهَمْدَانِيُّ بِالأَنْدَلُسِ، وَالحَافِظُ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ العَبَّاسِ البَلْخِيُّ.
وَكَانَ سماعه للصحيح فِي سَنَةِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قَالَ أَبُو ذَرٍّ: كَانَ مِنَ الثِّقَات المُتْقِنِيْنَ بِبَلْخٍ, طوَّفَ وَسَمِعَ الكثيرِ، وخرَّج لِنَفْسِهِ مُعجماً. توفِّي سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
3569- ابْنُ حَمُّويه 2:
الإِمَامُ المُحَدِّثُ الصَّدُوْقُ المُسْنِدُ, أَبُو مُحَمَّدٍ, عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَمُّويه بنِ يُوْسُفَ بنِ أَعْيَنَ, خَطِيْبُ سَرَخْسَ.
سَمِعَ فِي سَنَةِ سِتَّ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ الصَّحِيْحَ مِنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ الفِربري، وَسَمِعَ "المُسْنَدَ الكَبِيْرَ"، وَ"التَّفْسِيْرَ" لعَبْدِ بنِ حُمَيْدٍ مِنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ خُزَيْمٍ الشَّاشِيِّ, وَسَمِعَ "مُسْنَدَ الدَّارِمِيِّ" مِنْ عِيْسَى بن عمر السمرقندي, عنه.
حَدَّثَ عَنْهُ: الحَافِظُ أَبُو ذَرٍّ الهَرَوِيُّ, وَالحَافِظُ أَبُو يَعْقُوْبَ إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ القَرَّابُ، وَمُحَمَّدُ بن عبد الصمد التراب المَرْوَزِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ الهَرَوِيُّ, وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مَحْمُوْدٍ، وَأَبُو الحَسَنِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ الدَّاوُودِيُّ, وَآخرُوْنَ.
قَالَ أَبُو ذَرٍّ: قَرَأْتُ عَلَيْهِ, وَهُوَ ثِقَةٌ, صَاحِبُ أُصُولٍ حِسَان.
قُلْتُ: لَهُ جُزْءٌ مُفْرَدٌ عَدَّ فِيْهِ أَبْوَابَ الصَّحِيْحِ، وَمَا فِي كُلِّ بَابٍ مِنَ الأَحَادِيثِ, فَأَوْرَدَ ذَلِكَ الشَّيْخُ مُحْيِي الدِّيْنِ النَّوَاوِيُّ فِي أَوَّلِ شَرْحِهِ لِـ "صَحِيْحِ البُخَارِيِّ"، وَقَدْ بَقِيَ حَدِيْثُهُ يُرْوَى عَالِياً فِي سَنَةِ ثَلاَثِيْنَ وَسَبْعِ مائَةٍ عِنْدَ أَبِي العَبَّاسِ الحجَّارِ.
مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَالَ أَبُو يَعْقُوْبَ القَرَّابُ: تُوُفِّيَ لِلَيلتينِ بَقِيتَا مِنْ ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائة.
__________
1 ترجمته في العبر "3/ 1"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 150"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 86".
2 ترجمته في العبر "3/ 17"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 161".

(12/441)


3570- الجَوْزَقي 1:
الإِمَامُ الحَافِظُ المُجَوِّدُ البارِع, أَبُو بَكْرٍ, مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ زَكَرِيَّا الشَّيْبَانِيُّ الخُرَاسَانِيُّ الجَوْزَقِيُّ المُعَدِّلُ.
مُفِيْدُ الجَمَاعَةِ بِنَيْسَابُوْرَ، وصاحب "الصحيح" المخرَّج على كتاب مسلم.
حَرِصَ عَلَيْهِ خَالُهُ أَبُو إِسْحَاقَ المُزَكِّي, وسمَّعَه مِنْ أَبِي العَبَّاسِ السَّرَّاج أَحَادِيثَ، وَمِنْ أَبِي نُعَيْمٍ بنِ عَدِيٍّ، وَأَبِي العَبَّاسِ الدَّغُوْلِيِّ, وَمكِّيِّ بنِ عَبْدَانَ، وَأَبِي حَامِدٍ بنِ الشَّرْقِيِّ, وَفِي رِحلِتهِ مِنِ ابْنِ الأَعرَابِيِّ، وَإِسْمَاعِيْلَ الصفَّار, وَأَبِي حَاتِمٍ الوَسْقَنْدِي, وَخَلْقٍ.
وبَرَعَ فِي هَذَا الشَّأْنِ, وصنَّف التَّصَانِيْفِ.
قَالَ الحَاكِمُ: انتقَيْتُ عَلَيْهِ عِشْرِيْنَ جُزْءاً, ثُمَّ ظَهرَ سمَاعُهُ مِنَ السَّرَّاجِ.
قُلْتُ: حدَّث عَنْهُ: الحَاكِمُ, وَأَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرُوذِيُّ، وَأَبُو عُثْمَانَ البَحِيْرِيُّ, وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الخَشَّابُ، وَسَعِيْدٌ العَيَّارُ, وَأَحْمَدُ بنُ مَنْصُوْرٍ المَغْرِبِيُّ, وَآخرُوْنَ.
وَجَوْزَقُ: مِنْ قُرَى نَيْسَابُوْرَ, وَلَهُ كِتَابُ "المتَّفق الكَبِيْرِ" يكون ثلاث مائة جزء, رواه شَيْخُ الإِسلاَمِ أَبُو عُثْمَانَ الصَّابُونِيُّ.
وَكَانَ يَقُوْلُ فِيمَا يُرْوَى عَنْهُ: أَنفقتُ فِي طَلبِ الحَدِيْثِ مائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ, مَا كسبْتُ بِهِ دِرْهَماً.
وَلَهُ أَرْبَعُوْنَ سَمِعْنَاهَا.
قَالَ الحَاكِمُ: مَاتَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ, وَلَهُ اثنتَانِ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً.
وَفِيْهَا مَاتَ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدَانَ الشِّيْرَازِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بن بكير, وَأَبُو سُلَيْمَانَ الخطَّابي، وَشَافعُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي عَوَانَةَ, وَأَبُو الفَضْلِ عُبَيْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الفَامِيُّ، وَعُمَرُ بنُ عِرَاكٍ المُقْرِئُ, وَأَبُو الفَرَجِ الشَّنُبوذي، وَأَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ المظَفَّر الحَاتمِيُّ اللُّغَوِيُّ الكَاتِبُ, وَأَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ الحَدَّادِيُّ بمَرْو، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الأُدفوِيُّ المفسِّر، وَأَبُو يَعْقُوْبَ يوسف بن الدخيل بمكة.
__________
1 ترجمته في الأنساب للسمعاني "3/ 365"، واللباب "1/ 309"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 945"، والنجوم الزاهرة "4/ 199".

(12/442)


ابن الفرات، وابن حماد:
3571- ابن الفُرَات 1:
الإِمَامُ الحَافِظُ البَارِعُ المُجَوِّدُ, أَبُو الحَسَنِ, مُحَمَّدُ بن العباس بن أحمد بن محمد بن الفُرَاتِ البَغْدَادِيُّ.
سَمِعَ أَبَا عَبْدِ اللهِ المَحَامِلِيَّ, وَمُحَمَّدَ بنَ مَخْلَدٍ، وَأَبَا جَعْفَرٍ بنَ البَخْتَري, وَخلقاً كَثِيْراً, وَجَمَعَ فَأَوْعَى.
وَعَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ البَادِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الواحدِ بنِ رِزْمَة, وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عُمَرَ البَرْمَكِيُّ, وَآخرُوْنَ.
قَالَ جَعْفَرٌ السَّرَّاجُ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ الخَطِيْبُ يَقُوْلُ: أَبُو الحَسَنِ بنُ الفُرَاتِ غَايَةٌ فِي ضَبْطِهِ, حجَّةٌ فِي نقلِهِ.
وَقَالَ الخَطِيْبُ: بَلَغَنِي أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ ابْنِ الفُرَاتِ عَنِ الوَاعِظِ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ المِصْرِيِّ, وَحْدَهُ أَلفَ جُزْءٍ, وَأَنَّهُ كَتَبَ مائَةَ تَفْسِيْرٍ, وَمائَةَ تَاريخٍ, وحدَّثني الأَزْهَرِيُّ أَنَّ ابنَ الفُرَاتِ خلَّفَ ثمَانيَةَ عشرَ صُنْدُوقاً مملوءًا كتبًا, أَكثرُهَا بخطِّهِ, ثُمَّ قَالَ: وَكِتَابُهُ هُوَ الحُجَّة فِي صِحَّةِ النَّقْلِ وَجَوْدَةِ الضَّبْطِ.
وَلَمْ يَزَلْ يَسمعُ إِلَى أَنْ مَاتَ. وَقَالَ لِي العَتِيْقِيُّ: هُوَ ثِقَةٌ مأْمُوْنٌ, مَا رَأَيْتُ أَحسَنَ قِرَاءةً لِلْحَدِيْثِ مِنْهُ.
مَاتَ ابْنُ الفُرَاتِ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ, وَقَدْ قَارَبَ السبعين.
3572- ابن حَمَّاد 2:
الحَافِظُ, محدِّث الكُوْفَةِ, أَبُو الحَسَنِ, مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَمَّاد بنِ سُفْيَانَ الكُوْفِيُّ.
رَوَى عَنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ زَيْدَانَ البَجَلِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ العَبَّاسِ المَقَانِعِيِّ, وَمُحَمَّدِ بنِ دُلَيلٍ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو العَلاَءِ الوَاسِطِيُّ، وَأَبُو ذَرٍّ الهَرَوِيُّ, وَأَبُو الحَسَنِ العَتِيْقِيُّ, وَعِدَّةٌ ارْتَحَلُوا إِلَيْهِ.
توفِّي سنة أربع وثمانين أيضًا.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "3/ 122"، واللباب لابن الأثير "2/ 414"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 946"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 168".
2 تقدمت ترجمته برقم عام "3530"، وبتعليقنا رقم "554" في هذا الجزء.

(12/443)


3572- ابن المُزَكِّي 1:
الإمام القدوة الرباني, أبو حامد, أحمد بن الشَّيْخِ المُزَكِّي, أَبِي إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى النَّيْسَابُوْرِيُّ.
وُلِدَ سَنَةَ بِضْعٍ وَعِشْرِيْنَ وثلاث مائة.
وَأَجَازَ لَهُ أَبُو العَبَّاسِ الدَّغولي الحَافِظُ بخطِّ يدِهِ, قَالَهُ الحَاكِمُ، وَسَمِعَ مِنْ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ القَطَّانِ, وحجَّ فسَمِعَ مِنِ ابنِ الأَعرَابِيِّ, وَبِبَغْدَادَ مِنْ مُحَمَّدِ بنِ البَخْتَرِيِّ، وَإِسْمَاعِيْلَ الصفَّار.
ذكرَهُ الخَطِيْبُ وَقَالَ: سَمِعَ بِالرَّيِّ مِنْ أَبِي حَاتِمٍ الوَسْقَنْدي.
مَعْرُوفٌ بِالعِبَادَةِ, اسْتملَى عَلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الورَّاق, وَهُوَ أَكبرُ مِنْهُ.
حدَّث عَنْهُ مُحَمَّدُ بنُ طَلْحَةَ النِّعَالِيُّ، وَالأَزْهَرِيُّ, وَأَبُو العَلاَءِ الوَاسِطِيُّ.
قُلْتُ: وَجَعْفَرُ الأَبْهَرِيُّ بِهَمَذَانَ, وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ سَعْدُوَيْه، وَأَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرُوذِيُّ. وحدَّث عَنْهُ مِنَ القُدَمَاءِ وَالدُهُ, وَأَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ المظَفَّر، وَحضرَ مجَالسَهُ القُضَاةُ وَالأَشرَافُ.
قَالَ الحَاكِمُ: خرَّجت لَهُ الفَوائِدَ، وَمَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ.
قَالَ: وتوفِّي فِي شَعْبَانَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ, وَصحبتُهُ بِبَغْدَادَ وَطريقِ مَكَّةَ, وَعِنْدِي أنَّ الملاَئِكَةَ لَمْ تَكتبْ عَلَيْهِ خطيئَةً, وَكَانَ عَابداً مُجْتَهِداً, صَامَ الدَّهْرَ نَيِّفاً وَعِشْرِيْنَ سَنَةً.
أَخُوْهُ وَهُوَ الأسَنّ العابد الصادق, أبو الحسن:
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "4/ 20".

(12/444)


عبد الرحمن بن إبراهيم المُزَكِّي، وابن حمشاذ، والحاتمي:
3574- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ المُزَكِّي 1:
سَمِعَ أَبَا حَامِدٍ بنَ الشَّرْقِيِّ, وَأَبَا حَامِدٍ بنُ بِلاَلٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ القَطَّانُ, وَإِسْمَاعِيْلَ الصفَّار, وَمُحَمَّدَ بنَ عُمَرَ بنِ حَفْصٍ, وَالأَصَمَّ, وخرَّجت لَهُ العوالي.
قَالَ الحَاكِمُ: كَانَ مِنْ عُقَلاَءِ الرِّجَالِ والعُبَّاد.
وَقَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ ثِقَةً, حَدَّثَنَا عَنْهُ مُحَمَّدُ بنُ طَلْحَةَ.
قُلْتُ: وَرَوَى عَنْهُ الحَاكِمُ, وَعُمَرُ بنُ أَحْمَدَ الجُوْرِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مَنْصُوْرٍ المَغْرِبِيُّ. وحدَّث بِبَغْدَادَ.
وَرَّخَ الحَاكِمُ مَوْتَهُ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَسَيَأْتِي أَخَوَاهُمَا يحيى ومحمد.
3575- ابن حَمْشَّاذ:
العلَّامة الزَّاهِدُ, أَبُو مَنْصُوْرٍ, مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ حَمْشَاذَ النَّيْسَابُوْرِيُّ الشَّافِعِيُّ.
سَمِعَ أَبَا حَامِدٍ بنَ بِلاَلٍ, وَمُحَمَّدَ بنَ الحُسَيْنِ بنِ القَطَّانِ، وَارْتَحَلَ فسَمِعَ مِنْ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّزَّازِ, وَإِسْمَاعِيْلَ الصَّفَّارِ.
وتفقَّه وَبَرَعَ, وَأَتْقَنَ عِلْمَ الجَدَلِ وَالكَلاَمِ وَالنَّظَرِ، وَأَخذَ النَّحْوَ عَنْ أَبِي عُمَرَ الزَّاهِدِ, وَدَخَلَ إِلَى اليَمَنِ، وتخرَّج بِهِ الأَصحَابُ.
وَكَانَ عَابِداً مُتَأَلِّهاً وَاعِظاً, مُجَابَ الدَّعْوَةِ, كَثِيْرَ التَّصَانِيْفِ, مُنْقَبِضاً عَنْ أَبنَاءِ الدُّنْيَا.
بَالَغَ فِي تَقْرِيْظِهِ الحَاكِمُ وَقَالَ: ظَهَرَ لَهُ مِنْ مصنَّفاته أَكثرُ مِنْ ثَلاَثِ مائَةِ كِتَابٍ مصنَّف, وَظَهَرَ لَنَا فِي غَيْرِ شَيْءٍ أَنَّهُ مجاب الدعوة.
تفقَّه عَلَى أَبِي الوَلِيْدِ النَّيْسَابُوْرِيِّ، وَبَالعِرَاقِ عَلَى ابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وَمَاتَ فِي يَوْمِ الجُمُعَةِ فِي رَجَبٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ, عن اثنتين وسبعين سنة.
3576- الحاتِمِيّ 2:
إِمَامُ اللُّغَةِ وَالأَدبِ, أَبُو عَلِيٍّ, مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ المظَفَّر البَغْدَادِيُّ الكَاتِبُ.
أَخذَ عَنْ أَبِي عُمَرَ الزَّاهِدِ, وَجَمَاعَةٍ.
وَلَهُ "الرِّسَالَةُ الحَاتمِيَّةُ" فِيْهَا مَا جَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ المُتَنَبِّي مِنْ إظهار سرقاته, وعيوب شعره
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "10/ 302".
2 ترجمته في تاريخ بغداد "2/ 214"، والأنساب للسمعاني "4/ 8"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 205"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "18/ 154"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "4/ ترجمة 608"، والعبر "3/ 40"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 129".

(12/445)


وَحُمْقِهِ وَتِيْهِهِ, فذكَرَ أَنَّهُ ذهبَ إِلَيْهِ وَتحَامَقَ عَلَيْهِ, ثُمَّ قَالَ: مَا خبرُكَ؟ فَقُلْتُ: بِخَيْرٍ لَوْلاَ مَا جَنَيتُهُ عَلَى نَفْسِي مِنْ قَصْدِكَ, وَوَسَمْتَ بِهِ قَدْرِي مِنْ مِيسَمِ الذُّلِّ بِزِيَارَتِكَ, يَا هَذَا, أَبِنْ لِي مِمَّ تِيهُكَ وَخَيلاؤُكَ? وما أوجب ذلك? أههنا نسبٌ علقْتَ بِأَذيَالِهِ؟ أَوْ سُلْطَانٌ تسلَّطت بِعِزِّهِ؟ أَوْ عِلْمٌ يُشَارُ إِليَكَ بِهِ? فَلَو قدرتَ نَفْسَكَ بقدْرِهَا لمَا عَدَوْتَ أَنْ تكُونَ شَاعِراً مُكتسِباً, فَامْتَقَعَ لونُهُ, وَلاَنَ فِي الاِعْتِذَارِ، وكرَّر الأَيْمَانَ أَنَّهُ لَمْ يَثبتَنِي, وَلاَ اعْتَمَدَ التَّقْصِيرَ بِي, وَذكَرَ فَصْلاً طَوِيْلاً فِي المعنَى, وَنَاظَرَهُ فِي الشِّعرِ.
مَاتَ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وحَاتِمٌ كَانَ بَعْضَ جدوده.

(12/446)


3577- المَلِكُ سُبُكْتِكِين 1:
صَاحِبُ بَلْخٍ وَغَزْنَةَ, وَغَيْرُ ذَلِكَ.
مَاتَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
كَانَتْ دَوْلَتُهُ نَحْواً مِنْ عِشْرِيْنَ سَنَةً، وَكَانَ فِيْهِ عدلٌ وَشجَاعَةٌ, وَنُبْلٌ مَعَ عَسفٍ، وَكونُهُ كَرَّاميًّا, وَلَمَّا أَخذَ طُوْسَ أَخربَ مَشْهَدَ الرِّضَا, وَقَتَلَ مَنْ يَزورهُ, فلمَّا تملَّك ابنُهُ مَحْمُوْدٌ رَأَى فِي النَّوْمِ عَلِيّاً -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وَهُوَ يَقُوْلُ: إِلَى كَمْ هَذَا? فَبنَى المَشْهَدَ ورَدَّ أَوقَافَهُ إِلَيْهِ, عَهِدَ بِالمملكَةِ بَعْدَهُ إِلَى ابْنِهِ إِسْمَاعِيْلَ، وَلَمْ يُقدِّمْ مَحْمُوْداً، وَهُوَ كَانَ الأَسَنَّ, فَتَحَاربَ الأَخوَانِ, وَانهزمَ إِسْمَاعِيْلُ, فتحصَّن بِقَلْعَةِ غَزْنَةَ, ثُمَّ إِنَّهُ نَزَلَ بِالأَمَانِ إِلَى أخيه بعد أشهر فأمَّنه وتمكَّن محمود.
وَمَاتَ فِي العَامِ عِدَّةُ مُلُوْكٍ, مِنْهُم: المَلِكُ فخر الدولة علي بن الملكِ ركنِ الدَّوْلَةِ بنِ بُوَيْه صَاحِبُ عِرَاقِ العجمِ, الَّذِي وَزَرَ لَهُ الصَّاحِبُ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبَّادٍ، وملَّكوا بَعْدَهُ ابنَهُ مجدَ الدَّوْلَةِ أَبَا طَالبٍ رُسْتُمَ, وَلَهُ أَرْبَعُ سِنِيْنَ.
وَفِي سَنَةِ ثَمَانٍ قُتلَ صَمْصَامُ الدَّوْلَةِ المَلِكُ ابْنُ عَضُدِ الدَّوْلَةِ، وَلَهُ سِتٌّ وثلاَثُونَ سَنَةً, تملَّكَ مُدَّةً ثُمَّ زَالَ ملكُهُ, وَأُخِذَ فسُمِلَت عَيْنَاهُ, وَحُبِسَ ثُمَّ أُخْرِجَ بَعْدَ مُدَّةٍ، وَهُوَ أَعْمَى, فملَّكُوهُ بفَارِسَ أَعواماً, ثُمَّ قُتِلَ.
وَفِي سَنَةِ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ قُتِلَ صَاحِبُ المَوْصِلِ، وَأَخُو صَاحِبِهَا المَلِكُ حُسَامُ الدَّوْلَةِ مُقَلَّدُ بنُ المسيَّبِ بنِ رَافِعٍ العُقَيْلِيّ, وَكَانَتْ دولتُهُ خَمْسَةَ أَعوامٍ، وتملَّك بَعْدَهُ ابنه قِرْوَاش فتمكَّن وحارب بني بويه.
__________
1 ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "7/ 76"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "5/ ترجمة 713".

(12/446)


3578- المأموني:
شَاعِرُ زَمَانِهِ, الأَدِيبُ الأَوحدُ, أَبُو طَالِبٍ, عَبْدُ السَّلاَمِ بنُ الحُسَيْنِ المَأْمُوْنِيُّ, مِنْ ذُرِّيَّةِ المَأْمُوْنِ الخَلِيْفَةِ.
اسْتَوْفَى أَخبارَهُ ابْنُ النَّجَّارِ فَقَالَ: بَديعُ النظم, مدح الملوك والوزراء, وامتدح الصاحب بن عبَّاد فَأَكْرَمَهُ, فَحَسَدَهُ نُدمَاءُ الصَّاحِبِ وَشُعرَاؤُهُ, فَرَمَوْهُ بِالبَاطِلِ, وَقَالُوا: إِنَّهُ دَعِيٌّ، وَقَالُوا فِيْهِ: نَاصِبِيٌّ, وَرَمَوْهُ بِأَنَّهُ هَجَا الصَّاحِبَ, فذَلِكَ يَقُوْلُ لِيُسَافِرَ:
يَا رَبْعُ لَوْ كُنْتُ دَمْعاً فيكَ مُنْسَكِباً ... قَضَيْتُ نَحْبِي وَلَمْ أَقْضِ الَّذِي وَجَبَا
لاَ ينكرون رَبْعُكَ البَالِي بِلى جَسَدِي ... فَقَدْ شَرِبْتُ بِكَأْسِ الحُبِّ مَا شَرِبَا
عَهْدِي بِرَبْعِكَ للَّذَّاتِ مُرْتَبِعاً ... فَقَدْ غَدَا لِغَوَادِي السُّحْبِ مُنْتَحَبَا
ذُوْ بَارِقٍ كَسُيُوْفِ الصَّاحب انْتُضِيَتْ ... وَوَابِلٍ كَعَطَايَاهُ إِذَا وَهَبَا
وَعُصْبَةٍ بَاتَ فِيْهَا القَيْظُ مُتَّقِداً ... إِذ شِدْتَ لِي فَوْقَ أَعْنَاقِ العِدَا رُتَبَا
إِنِّيْ كيُوْسُفَ وَالأَسْبَاطُ هُمْ وَأَبُو الـ ... أَسْبَاطِ أَنْتَ وَدَعْوَاهُمْ دَماً كَذِبَا
قَدْ يَنْبَحُ الكَلْبُ مَا لَمْ يَلْقَ لَيْثَ شَرَى ... حَتَّى إِذَا مَا رَأَى ليثًا مضى هربا
قال الثعلبي: فَفَارَقَ الرَّيَّ, وقَدِمَ نَيْسَابُوْرَ، وَمَدَحَ صَاحِبَ الجَيْشِ فَوَصَلَهُ, وقَدِمَ بُخَارَى فأكُرْمِ َبها, عَاشَرْتُ مِنْهُ فَاضِلاً مِلءَ ثَوْبِهِ, وَكَانَ يَسْمُو بِهِمَّتِهِ إِلَى الخِلاَفَةِ، ويمنِّي نَفْسَهُ فِي قَصْدِ بَغْدَادَ فِي جُيُوْشٍ تُنَظَّمُ إِلَيْهِ مِنْ خُرَاسَانَ, فَاقتطعتْهُ المنيَّةُ, وَمَرِضَ بِالاِسْتِسْقَاءِ, وَمَاتَ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ وثلاث مائة.

(12/447)


ابن الطحان، وجبريل بن محمد، والدمياطي، والعبدويي:
3579- ابن الطَّحَّان:
الإِمَامُ الحَافِظُ الفَقِيْهُ المُحَدِّثُ المُجَوِّدُ, أَبُو القَاسِمِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ القَيْسِيُّ القُرْطُبِيُّ المَالِكِيُّ, ابْنُ الطَّحَّانِ, صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
سَمِعَ قَاسِمَ بنَ أَصْبَغ, وَأَحْمَدَ بنَ عُبَادَةَ الرُّعَيْنِيَّ، وَمُحَمَّدَ بن الحافظ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ السَّلاَمِ الخُشَنِيُّ, وَأَحْمَدُ بنُ دُحَيْمٍ, وَمُحَمَّدَ بنَ مُعَاوِيَةَ, وَجَمَاعَةً.
قَالَ ابْنُ الفَرضي: سَمِعْتُ مِنْهُ, وَانْتَفَعَ بِهِ أَهْلُ الكورَةِ، وَكَانَتْ فُتيَاهُ بِمَا ظَهَرَ لَهُ مِنَ الحَدِيْثِ.
وَلَهُ فِي "المُدَوَّنَةِ" أَخبارٌ معروفَةٌ, وَغَلَبَ عَلَيْهِ الحَدِيْثُ.
تُوُفِّيَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَطَابَ الثَّنَاءُ عَلَيْهِ, وَشَيَّعَهُ الخَلْقُ.
3580- جبريل بن محمد:
ابن إسماعيل بن سَنْدُول, الشَّيْخُ الصَّدُوْقُ, مُسْنِدُ هَمَذَانَ, أَبُو القَاسِمِ الخِرَقِيُّ العَدْلُ.
رَوَى عَنْ: عَبْدُوْس بنِ أَحْمَدَ السَّرَّاجِ، وَعَلِيِّ بنِ الحَسَنِ بنِ سَعْدٍ، وَأَبِي القَاسِمِ البَغَوِيِّ, وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدٍ السَّمَرْقَنْدِيِّ, وَمُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ زِيَادٍ الطَّيَالِسِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ المُنْذِرِ الفَقِيْهِ, وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ: جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الأَبْهَرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى, وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدَانَ الفَقِيْهُ.
قَالَ شِيْرَوَيْه: يَدُلُّ حَدِيْثُهُ عَلَى الصِّدْقِ.
توفِّي فِي ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وثمانين وثلاث مائة.
3581- الدمياطي:
الشَّيْخ المُحَدِّث الثِّقَة, أَبُو بَكْرٍ, مُحَمَّد بنُ يَحْيَى بنِ عَمَّارٍ الدِّمْيَاطِيُّ.
سَمِعَ مُحَمَّدَ بنَ زَبَّانَ, سَمِعَ مِنْهُ كِتَابَ "اللَّيْثِ"، وَسَمِعَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ المُنْذِرِ كِتَابَ "الإِشرَافِ"، وَسَمِعَ مِنْ أَبِي عُبَيْدٍ بنِ حَرْبُوَيْه, وَمُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الدَّيْبُلِيِّ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو عُمَرَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الطَّلَمَنْكِيُّ، وَيَحْيَى بنُ عَلِيِّ بنِ الطَّحَّانِ, وَالمِصْرِيُّوْنَ.
توفِّي سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائة.
3582- العَبْدُويي 1:
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ, أَبُو الحَسَنِ, أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدُوَيْه بنِ سَدُوْسَ الهُذَلِيُّ العَبْدُويِيُّ النَّيْسَابُوْرِيُّ, والد الحافظ أبي حازم عمر.
__________
1 ترجمته في الإكمال لابن ماكولا "6/ 350"، والأنساب للسمعاني "8/ 354".

(12/448)


سَمِعَ أَبَا العَبَّاسِ السَّرَّاج, وَأَبَا بَكْرٍ بنَ خُزَيْمة، وَحَاتِمَ بنَ مَحْبُوْبٍ, وَطَائِفَةً.
وَعَنْهُ: ابْنُهُ وَالحَاكِمُ، وَأَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرُوذِيُّ, وَغَيْرُهُمْ.
توفِّي فِي رَمَضَانَ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَفِيْهَا توفِّي أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ ابن المهندس محدِّث مِصْرَ، وَالصَّاحِبُ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عبَّاد الوَزِيْرُ, وَأَبُو القَاسِمِ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ اِليسعَ الأَنْطَاكِيُّ المُقْرِئُ, وَالقَاضِي عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ بنِ بُنْدَارَ الأَذَنِيُّ، وَالحَافِظُ الدَّارَقُطْنِيُّ, وَأَبُو حَفْصٍ بنُ شَاهِيْنٍ, وَالأَدِيبُ أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ سُكَّرَةَ الهَاشِمِيُّ الشَّاعِرُ, وَشَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأُوْدَنِيُّ صَاحِبُ وَجهٍ, وَأَبُو بكر بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ عُثْمَانَ الطِّرَازِيُّ، وَشَيْخُ الظَّاهِرِيَّةِ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى بنِ المثنَّى البَغْدَادِيُّ, وَقَدْ سَمِعَ البَغَوِيَّ وَأَبُو الفتح القواس الزاهد.

(12/449)


3583- ابن سَمْعُون 1:
الشَّيْخُ الإِمَامُ الوَاعِظُ الكَبِيْرُ المُحَدِّثُ, أَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ عَنْبَسٍ البَغْدَادِيُّ, شَيْخُ زَمَانِهِ بِبَغْدَادَ.
مَوْلِدُهُ سَنَةَ ثَلاَثِ مائَةٍ.
وَسَمْعُوْنَ: هُوَ لقبُ جدِّهِ إِسْمَاعِيْلَ.
سَمِعَ أَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي دَاوُدَ, وَهُوَ أَعْلَى شَيْخٍ لَهُ، وَمُحَمَّدَ بنَ مَخْلَدٍ العَطَّارَ، وَمُحَمَّدَ بنَ عَمْرِو بنِ البَخْتَرِيَّ, وَأَحْمَدَ بنَ سُلَيْمَانَ بنِ زَبَّانَ الدِّمَشْقِيَّ, وَمُحَمَّدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي حُذَيْفَةَ، وَعِدَّةً, أَمْلَى عَنْهُمْ عِشْرِيْنَ مَجْلِساً, سمعناها عالية.
حدث عنه: أبو عبد الرحمن السلمي، وعلي بن طلحة المقرئ, وَالحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ الخَلاَّلُ، وَأَبُو طَالِبٍ العُشَارِيُّ, وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ الأَبَنُوْسِيُّ, وَخَدِيْجَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ الشَّاهجَانيَّةُ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَمَّدُوْهُ الحَنْبَلِيُّ, وَآخرُوْنَ.
وجدُّ أَبِيهِ عَنْبَسُ -بِنُوْنٍ سَاكِنَةٍ- هُوَ عَنْبَسُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ القَزَّازُ, رَوَى عَنْ: شُعَيْبِ بنِ حَرْبٍ, لَحِقَهُ مُحَمَّدُ بنُ مخلد.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "1/ 274"، والإكمال لابن ماكولا "4/ 362"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 198"، واللباب لابن الأثير "2/ 140"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "4/ ترجمة 631"، والعبر "3/ 36".

(12/449)


قَالَ السُّلَمِيُّ: هُوَ مِنْ مَشَايِخِ البَغْدَادِيِّيْنَ, لَهُ لِسَانٌ عالٍ فِي هَذِهِ العُلُومِ, لاَ يَنْتَمِي إِلَى أُسْتَاذٍ، وَهُوَ لِسَانُ الوَقْتِ, وَالمرجوعُ إِلَيْهِ فِي آدَابِ المُعَامَلاَتِ, يَرجعُ إِلَى فُنُوْنٍ مِنَ العِلْمِ.
وَقَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ أَوْحَدَ دَهْرِهِ, وَفَرْدَ عَصْرِهِ فِي الكَلاَمِ عَلَى عِلْمِ الخَوَاطِرِ, دوَّنَ النَّاسُ حِكَمَه، وَجمعُوا كلاَمَهُ, وَكَانَ بَعْضُ شيوخِنَا إِذَا حدَّث عَنْهُ قَالَ: حدَّثنا الشَّيْخُ الجَلِيْلُ المُنْطَق بِالحِكْمَةِ.
أَنْبَأَنَا ابْنُ عَلاَّن, عَنِ القَاسِمِ بنِ عَلِيٍّ, أَخْبَرَنَا نَصْرُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهُ, أَخْبَرَنَا أَبُو الفَتْحِ نَصْرُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ, أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ الزَّعْفَرَانِيُّ, حَدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ السُّنِّيُّ صَاحِبُ أَبِي الحُسَيْنِ بنِ سَمْعُوْنَ, قَالَ: كَانَ ابْنُ سَمْعُوْنَ فِي أَوَّلِ أَمْرِهِ ينسخُ بِالأُجْرَةِ, وَيُنْفِقُ عَلَى نَفْسِهِ وَأُمِّهِ, فَقَالَ لَهَا يَوْماً: أُحِبُّ أَنْ أَحجَّ, قَالَتْ: وَكَيْفَ يُمْكِنُكَ? فَغَلَبَ عَلَيْهَا النَّوْمُ فَنَامَتْ, وَانْتَبَهَتْ بَعْدَ سَاعَةٍ وَقَالَتْ: يَا وَلَدِي حِجَّ. رَأَيتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي النَّوْمِ يَقُوْلُ: دَعِيْهِ يَحجُّ, فَإِنَّ الخَيْرَ لَهُ فِي حجِّهِ, فَفَرحَ وَبَاعَ دَفَاتِرَهُ، وَدَفَعَ إِلَيْهَا مِنْ ثَمَنِهَا, وَخَرَجَ مَعَ الوَفْدِ, فَأَخَذَت العَرَبُ الوَفْدَ. قَالَ: فَبَقَيْتُ عُريَاناً, فجعلتُ إِذَا غلبَ عليَّ الجوعُ, وَوجدتُ قَوْماً مِنَ الحجَّاجِ يأكلون وَقفتُ, فيدفعُوْنَ إليَّ كسرَةً فَأَقْتَنِعُ بِهَا، وَوجدتُ مَعَ رَجُلٍ عَبَاءةً, فَقُلْتُ: هَبْهَا لِي أَسْتَتِرُ بِهَا, فَأَعْطَانِيْهَا، وَأَحرمتُ فِيْهِ, وَرجعتُ. وَكَانَ الخَلِيْفَةُ قَدْ حَرَّمَ جَارِيَةً وَأَرَادَ إِخْرَاجَهَا مِنَ الدَّارِ. قَالَ السنِّي: فَقَالَ الخَلِيْفَةُ: اطلبُوا رَجُلاً مستوراً يصلحُ أَنْ تُزَوَّجَ هَذِهِ الجَارِيَةُ بِهِ, فَقِيْلَ: قَدْ جَاءَ ابْنُ سَمْعُوْنَ, فَاسْتصوبَ الخَلِيْفَةُ ذَلِكَ, وزوَّجه بِهَا. فَكَانَ يَعِظُ، وَيَقُوْلُ: خَرَجْتُ حَاجّاً, وَيشرحُ حَالَهُ، وَيَقُوْلُ: هَا أَنَا اليَوْمَ عليَّ مِنَ الثِّيَابِ مَا تَرَوْنَ.!! قُلْتُ: كَانَ فَاخِرَ الملبوسِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ البَرْقَانِيُّ: قُلْتُ لَهُ يَوْماً: تَدْعُو النَّاسَ إِلَى الزُّهْدِ، وَتلبسُ أَحسنَ الثِّيَابِ, وَتَأْكلُ أَطْيَبَ الطَّعَامِ, كَيْفَ هَذَا? فَقَالَ: كُلُّ مَا يُصلحُكَ للهِ فَافْعَلْهُ إِذَا صلحَ حَالُكَ مَعَ اللهِ تَعَالَى.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الخَلاَّلُ: قَالَ لِي ابْنُ سَمْعُوْنَ: مَا اسْمُكَ? قُلْتُ: حَسَنٌ. قَالَ: قَدْ أَعطَاكَ اللهُ الاسْمَ فَسَلْهُ المَعْنَى.
قَالَ أَبُو النَّجِيْبِ الأُرْمَوِيُّ: سَأَلتُ أَبَا ذَرٍّ عَنِ ابْنِ سَمْعُوْنَ هَل اتَّهَمتَهُ? قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّهُ رَوَى جُزْءاً عَنِ ابْنِ أَبِي دَاوُدَ عَلَيْهِ, وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ سَمْعُوْنَ، وَكَانَ رَجُلاً سِوَاهُ؛ لأَنَّهُ كَانَ صَبِيّاً مَا كَانُوا يُكنُّونَهُ فِي ذَلِكَ الوَقْتِ. وَسمَاعُهُ مِنْ غَيْرِهِ صَحِيْحٌ, وَكَانَ القَاضِي أَبُو بَكْرٍ الأَشْعَرِيُّ، وَأَبُو حَامِدٍ يُقَبِّلان يَدَهُ، وَكَانَ القَاضِي يَقُوْلُ: رُبَّمَا خَفِيَ عليَّ مِنْ كلاَمِهِ بَعْضُ الشَّيْءِ لدقته.

(12/450)


السُّلَمي: سَمِعْتُ ابنَ سَمْعُوْنَ يَقُوْلُ فِي {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاثِينَ لَيْلَةً} [الأَعْرَاف: 142] : موَاعِيدُ الأَحبَّةِ وَإِن اختلَفَتْ فَإِنَّهَا تُؤْنِسُ. كُنَّا صبيَاناً نَدُورُ عَلَى الشَّطِّ وَنَقُوْلُ:
مَاطِلِيْنِي وسوِّفي ... وَعِدِيْنِي وَلاَ تَفِي
وَاتْركِيْنِي مُوَلَّهاً ... أَوْ تَجُوْدِي وَتَعْطِفِي
الخَطِيْبُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الظَّاهِرِيُّ, سَمِعْتُ ابنَ سَمْعُوْنَ يَذْكُرُ أَنَّهُ أَتَى بَيْتَ المَقْدِسِ، وَمَعَهُ تمرٌ, فطَالبَتْهُ نَفْسُهُ بِرُطَبٍ فَلاَمهَا, فَعَمَدَ إِلَى التَّمْرِ وَقتَ إِفطَارِهِ فَوَجَدَهُ رُطَباً, فَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ, ثُمَّ ثَانِي لَيْلَةٍ وَجَدَهُ تَمْراً.
الخَطِيْبُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ عَلِيٍّ البَادِيَّ, سَمِعْتُ أَبَا الفَتْحِ القَوَّاسَ يَقُوْلُ: لَحِقَتْنِي إضافة, فَأَخَذْتُ قوساً وخفَّيْن لأَبِيْعَهُمَا, فَقُلْتُ: أَحضُرُ مَجْلِسَ ابْنِ سَمْعُوْنَ ثُمَّ أَبيعُ, فحضرتُ, فلمَّا فَرَغَ نَادَانِي: يَا أَبَا الفَتْحِ, لاَ تَبِعِ الخفَّيْن وَالقَوسَ, فَإِنَّ اللهَ سيَأْتِيكَ بِرِزْقٍ مِنْ عِنْدِهِ, أَوْ كَمَا قَالَ.
الخَطِيْبُ: حدَّثنا شرفُ الوزرَاءِ أَبُو القَاسِمِ, حَدَّثَنِي أَبُو طَاهِرٍ بنُ العَلاَّفِ قَالَ: حضَرتُ ابنَ سَمْعُوْنَ وَهُوَ يَعِظُ, وَأَبُو الفَتْحِ القَوَّاسُ إِلَى جَنْبِ الكُرْسِيِّ فَنَعِسَ, فَأَمْسَكَ أَبُو الحُسَيْنِ عَنِ الكَلاَمِ سَاعَةً حَتَّى اسْتيقظَ أَبُو الفَتْحِ, فَقَالَ لَهُ أَبُو الحُسَيْنِ: رَأَيتَ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في نَوْمِكَ? قَالَ: نَعَمْ. فَقَالَ: لِذَلِكَ أَمْسَكْتُ خَوْفاً أَنْ تَنْزَعِجَ.
الخَطِيْبُ: حدَّثنا الوَزِيْرُ أَبُو القَاسِمِ, حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ بنُ أَبِي مُوْسَى الهَاشِمِيُّ قَالَ: حَكَى لِي مَوْلَى الطَّائِعِ أَنَّ الطَّائِعَ أَمرَهُ, فَأَحضرَ ابنَ سَمْعُوْنَ, فرَأَيْتُ الطَّائِعَ غضبَانٌ، وَكَانَ ذَا حِدَّة, فسلَّم ابْنُ سَمْعُوْنَ بِالخِلاَفَةِ, ثُمَّ أَخَذَ فِي وَعْظِهِ فَقَالَ: رُوِيَ عَنْ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ عليٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- كَذَا, وَوَعَظَ حَتَّى بَكَى الطَّائِعُ, وسُمِعَ شهيقُهُ، وابتلَّ منديلٌ مِنْ دموعِهِ, فَلَمَّا انْصَرَفَ سُئِلَ الطَّائِعُ عَنْ سَبَبِ طَلَبِهِ فَقَالَ: رُفِعَ إِليَّ أَنَّهُ يَنْتَقِصُ عَلِيّاً, فَأَرَدْتُ أُقَابِلَهُ, فَلَمَّا حَضَرَ افتَتَحَ بِذِكْرِهِ وَالصَّلاَةِ عَلَيْهِ, وَأَعَادَ وَأَبْدَى فِي ذِكْرِهِ, فَعَلِمْتُ أَنَّهُ وُفِّقَ, وَلَعَلَّهُ كُوشِفَ بِذَلِكَ.
قَاضِي المرستَانِ: أَنْبَأَنَا القُضَاعِيُّ, حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ نَصْرٍ, حَدَّثَنَا أَبُو الثَّنَاءِ شُكر العَضُدِيُّ قَالَ: لَمَّا دَخَلَ عَضُدُ الدَّوْلَةِ بَغْدَادَ وَقَدْ هَلَكَ أَهْلُهَا قَتْلاً وَخَوْفاً وَجُوْعاً لِلفِتنِ الَّتِي اتَّصَلَتْ بَيْنَ السُّنَّةِ وَالشِّيْعَةِ, فَقَالَ: آفَةُ هَؤُلاَءِ القُصَّاصُ, فَمَنَعَهُمْ, وَقَالَ: مَنْ خَالَفَ أَبَاحَ دَمَهُ, فَعَرفَ ابْنُ سَمْعُوْنَ, فَجَلَسَ عَلَى كُرسيِّهِ, فَأَمَرَنِي مَوْلاَيَ, فَأَحضرتُهُ, فَدَخَلَ رَجُلٌ عَلَيْهِ نورٌ, قَالَ

(12/451)


شُكر: فَجَلَسَ إِلَى جَنْبِي غَيْرَ مُكترثٍ, فَقُلْتُ: إِنَّ هَذَا الملكَ جَبَّارٌ عظيمٌ, مَا أَوْثِرُ لَكَ مُخَالَفَتَهُ، وَإِنِّي موصلُكَ إِلَيْهِ, فَقبِّل الأَرضَ, وَتلطَّفْ لَهُ, وَاسْتعِنْ بِاللهِ عَلَيْهِ. فَقَالَ: الخلقُ وَالأَمرُ لِلَّهِ. فَمَضَيتُ بِهِ إِلَى حُجْرَةٍ قَدْ جَلَسَ فِيْهَا المَلِكُ وَحدَهُ, فَأَوقفتُهُ, ثُمَّ دَخَلتُ أَسْتَأْذِنُ, فَإِذَا هُوَ إِلَى جَانِبِي، وحوَّل وَجهَهُ إِلَى دَارِ عزِّ الدَّوْلَةِ, ثُمَّ تَلاَ: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَة} [هُوْد: 102] . ثُمَّ حوَّل وَجهَهُ وَقرأَ {ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُون} [يُوْنُس: 14] . ثُمَّ أَخَذَ فِي وَعظِهِ, فَأَتَى بِالعجبِ, فدمعتْ عينُ الملكِ، وَمَا رَأَيْتُ ذَلِكَ مِنْهُ قَطُّ, وَشركَ كمَّهُ عَلَى وَجهِهِ, فَلَمَّا خَرَجَ أَبُو الحُسَيْنِ -رَحِمَهُ اللهُ- قَالَ المَلِكُ: اذْهَبْ إِلَيْهِ بثَلاَثَةِ آلاَفِ دِرْهَمٍ, وَعَشْرَةِ أَثوَابٍ مِنَ الخِزَانَةِ, فَإِن امتنعَ فَقُلْ لَهُ: فَرِّقْهَا فِي أَصْحَابِكَ، وَإِنْ قَبِلَهَا فَجِئْنِي بِرَأْسِهِ, فَفَعَلْتُ, فَقَالَ: إِنَّ ثِيَابِي هَذِهِ فُصِّلَتْ مِنْ نَحْوِ أربعين سنة, ألبسها يوم خروجي، وأطويها عِنْدَ رُجُوعِي, وَفِيْهَا متعَةٌ وَبَقِيَّةٌ، وَنَفَقَتِي مِنْ أُجْرَةِ دَارٍ خَلَّفَهَا أَبِي, فَمَا أَصنعُ بِهَذَا؟ قُلْتُ: فَرِّقْهَا عَلَى أَصحَابِكَ, قَالَ: مَا فِي أَصْحَابِي فَقيرٌ, فَعُدْتُ فَأَخبرتُهُ, فَقَالَ: الحَمْدُ للهِ الَّذِي سلَّمه منَّا وسلَّمنا مِنْهُ.
قَالَ أَبُو سَعِيْدٍ النَّقَّاشُ: كَانَ ابْنُ سَمْعُوْنَ يرجعُ إِلَى عِلْمِ القُرَآنِ وَعِلْمِ الظَّاهِرِ, متمسِّكًا بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ, لَقِيْتُهُ وَحضرتُ مَجْلِسَهُ, سمِعتُهُ يُسْأَلُ عَنْ قَوْلِهِ: "أَنَا جَلِيْسُ مَنْ ذَكَرَنِي" قَالَ: أَنَا صَائِنُهُ عن المعصية, أنا معه حيث يذكرني, وأنا مُعِيْنُهُ.
السُّلَمِيُّ: سَمِعْتُ ابنَ سَمْعُوْنَ, وسُئِلَ عَنِ التَّصَوُّفِ فَقَالَ: أَمَّا الاسْمُ فَتَرْكُ الدُّنْيَا وَأَهْلِهَا, وَأَمَّا حِقِيْقَتُهُ فَنِسْيَانُ الدُّنْيَا وَنِسْيَانُ أَهْلِهَا. وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: أَحقُّ النَّاسِ بِالخسَارَةِ يَوْمَ القِيَامَةِ أَهْلُ الدَّعَاوِي وَالإِشَارَةِ.
قَالَ أَبُو الحَسَنِ العَتِيقي: توفِّي ابْنُ سَمْعُوْنَ وَكَانَ ثِقَةً مَأْمُوْناً فِي نِصْفِ ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: وَنُقِلَ ابْنُ سَمْعُوْنَ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ مِنْ دَارِهِ, فَدُفِنَ بِمَقْبَرَةِ بَابِ حَرْبٍ, وَلَمْ تَكُنْ أَكفَانُهُ بَلِيَتْ فِيْمَا قِيْلَ.
قُلْتُ: نَعَمْ. الكفنُ قَدْ يقيمُ نَحْواً مِنْ مائَةِ سَنَةٍ, لأَنَّ الهوَاءَ لاَ يصلُ إِلَيْهِ فَيَسْلَمُ.
نَقَلَ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ حَزْمٍ خرَافَةً لاَ تثبتُ فَقَالَ: وَقَالَ شيخ -يقال له: ابْنُ سَمْعُوْنَ- بِبَغْدَادَ: أَنَّ الاسْمَ الأَعْظَمَ لَيْسَ هُوَ فِي الأَسمَاءِ الحُسْنَى المَعْرُوْفَةِ, قَالَ: وَهُوَ سَبْعَةٌ وثلاَثُونَ حَرْفاً مِنْ غَيْرِ حُروفِ المُعْجَمِ.

(12/452)


أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ, عَنْ أَبِي اليُمْنِ الكِنْدِيِّ, أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ, أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ العُشَارِيُّ, أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ بنُ سَمْعُوْنَ, أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَلْمٍ, حدَّثنا حَفْصٌ الرَّبَالِيُّ, حَدَّثَنَا سَهْلُ بنُ زِيَادٍ, حَدَّثَنَا أَيُّوْبَ, عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي غَزَاةٍ, فَأَصَابَهُمْ عَوَزٌ مِنَ الطَّعَامٍ, فَقَالَ: "يَا أَبَا هُرَيْرَةَ, أَعِنْدَكَ شَيْءٌ"؟ قُلْتُ: نَعَمْ, شَيْءٌ مِنْ تَمْرٍ فِي مِزْوَدِي. قَالَ: "جِئْ بِهِ" وَقَالَ: "هَاتِ نِطْعاً" فَجِئْتُ بِالنِّطْعِ فَبَسَطَهُ, فَأَدْخَلَ يَدَهُ وَقَبَضَ مِنَ التَّمْرِ, فَإِذَا هُوَ إِحْدَى عَشْرَةَ تَمْرَةً, ثُمَّ قَالَ: "بِاسمِ اللهِ" فَجَعَلَ يَضَعُ كُلَّ تَمْرَةٍ وَيُسَمِّي, حَتَّى أَتَى عَلَى التَّمْرِ, فَقَالَ بِهِ "هَكَذَا" , فَجَمَعَهُ, فَقَالَ: "ادْعُ فُلاَناً وَأَصْحَابَهُ" فَأَكَلُوا وَشَبِعُوا وَخَرَجُوا, ثُمَّ قَالَ: "ادْعُ فُلاَناً وَأَصْحَابَهُ" فَأَكَلُوا وَشَبِعُوا وَخَرَجُوا, وَفَضَلَ تَمْرٌ فَأَكَلَ وَأَكَلْتُ, وَفَضلَ تمرٌ, فَأَدْخَلَهُ فِي المزوَد إِلَى أَنْ قَالَ: فجهَّزت مِنْهُ خَمْسِيْنَ وَسْقاً فِي سبيل الله, فوقع زمن عثمان.

(12/453)


3584- الصَّاحب 1:
الوَزِيْرُ الكَبِيْرُ العَلاَّمَةُ, الصَّاحِبُ, أَبُو القَاسِمِ إِسْمَاعِيْلُ بن عبَّاد بن عَبَّاسٍ الطَّالقَانِيُّ, الأَدِيبُ الكَاتِبُ, وَزِيْرُ الملكِ مُؤَيّدِ الدولة بويه ابن ركن الدولة.
صحب الوزير إلى أَبَا الفَضْلِ بنَ العَمِيْدِ، وَمِنْ ثَمَّ شُهِرَ بِالصَّاحِبِ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي مُحَمَّدٍ بنِ فَارس بِأَصْبَهَانَ، وَمِنْ أَحْمَدَ بنِ كَامِلٍ القَاضِي, وَطَائِفَةٍ بِبَغْدَادَ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو العَلاَءِ مُحَمَّدُ بنُ حسُّولَ، وَعَبْدُ المَلِكِ بنُ عَلِيٍّ الرَّازِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي عَلِيٍّ الذَّكْوَانِيُّ, وَأَبُو الطَيِّبِ الطَّبَرِيُّ, وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ شَيْخُهُ.
وَلَهُ تَصَانِيْفٌ مِنْهَا فِي اللُّغَةِ "المحيطُ" سَبْعَةُ أَسفَارٍ، وَ"الكَافِي" فِي التَّرَسُّلِ, وَكِتَابُ "الإِمَامَةِ" وَفِيْهِ منَاقبُ الإِمَامِ عَلِيٍّ, وَيثبتُ فِيْهِ إِمَامَةَ مَنْ تَقَدَّمَهُ.
وَكَانَ شِيْعِيّاً مُعْتَزِلِيّاً مُبْتَدِعاً تيَّاهًا صلفاً جبَّاراً, قِيْلَ: إِنَّهُ ذُكرَ لَهُ البُخَارِيُّ فَقَالَ: وَمَن البُخَارِيُّ?!! حَشَوِي لاَ يُعَوَّل عَلَيْهِ.
وَقَدْ نُكِبَ ونُفِيَ, ثُمَّ رُدَّ إِلَى الوَزَارَةِ, وَدَامَ فِيْهَا ثمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً. وَافتَتَحَ خَمْسِيْنَ قلعَةً لمخدومه فخر الدولة.
__________
1 ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "7/ 179"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "6/ 168"، ووفيات العيان لابن خلكان "1/ ترجمة 96"، والعبر "3/ 28"، ولسان الميزان "1/ 413".

(12/453)


وَقَدْ طوَّل ابْنُ النَّجَّارِ تَرْجَمَتَهُ.
وَكَانَ فَصِيْحاً متقعِّرًا, يَتَعَانَى وَحْشِيَّ الأَلفَاظِ فِي خِطَابِهِ, وَيمقُتُ التيه, وَيَتِيْهُ وَيغضبُ إِذَا نَاظرَ, قَالَ مرَّةً لفَقِيْهٍ: أَنْتَ جَاهلٌ بِالعِلْمِ, وَلذَلِكَ سوَّد اللهُ وَجهَكَ.
وله كتاب "الوزراء"، وَكِتَابُ "الكشفِ عَنْ مَسَاوِئِ شعرِ المُتَنَبِّي"، وَكِتَابُ "الأَسمَاءِ الحُسْنَى".
وَهُوَ القَائِلُ:
رقَّ الزُّجَاجُ وَرَقَّتِ الخَمْرُ ... وَتَشَابَهَا فَتَشَاكَلَ الأَمْرُ
فَكَأَنَّمَا خَمْرٌ وَلاَ قَدَحٌ ... وَكَأَنَّمَا قَدَحٌ وَلاَ خَمْرُ
قيل: جمعَ الصَّاحِبُ مِنَ الكُتُبِ مَا يحتَاجُ فِي نَقْلِهَا إِلَى أَرْبَعِ مائَةِ جَمَلٍ، وَلَمَّا عَزَمَ عَلَى التَّحْدِيْثِ تَابَ, واتَّخذ لِنَفْسِهِ بَيْتاً سمَّاه بَيْتَ التَّوبَةِ, وَاعتكَفَّ عَلَى الخَيْرِ أُسبوعاً، وَأَخذَ خُطُوطَ جَمَاعَةٍ بصحَّةِ توبَتِهِ, ثُمَّ جَلَسَ للإِمْلاَءِ، وَحضرَهُ الخَلْقُ, وَكَانَ يتفقَّد عُلمَاءَ بَغْدَادَ فِي السَّنَةِ بخمسَةِ آلاَفِ دِيْنَارٍ, وَأُدَبَاءهَا، وَكَانَ يُبْغِضُ مَنْ يَدخلُ فِي الفَلْسَفَةِ.
وَمَرِضَ بِالإِسهَالِ, فَكَانَ إِذَا قَامَ عَنِ الطِّسْتِ تَرَكَ إِلَى جَنْبِهِ عَشْرَةَ دَنَانِيْرَ للغُلاَمِ، وَلَمَّا عُوِفَي تصدَّق بخَمْسِيْنَ أَلفِ دِيْنَارٍ.
وَقِيْلَ: إِنَّ صَاحِبَ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ نُوْحَ بنَ مَنْصُوْرٍ كتبَ إِلَيْهِ يَسْتَدعِيهِ لِيُوَلِّيَهُ وَزَارتَهُ, فاعتلَّ بَأَنَّهُ يحتَاجُ لِنَقْلِ كُتُبِهِ خَاصَّةً أَرْبَعَ مائَةِ جَمَلٍ, فَمَا الظَّنُّ بِمَا يليقُ بِهِ مِنَ التَّجَمُّلِ.
وَكَانَ قَدْ لُقِّبَ كَافِيَ الكُفَاة.
مَاتَ بِالرَّيِّ, وَنُقلَ إِلَى أَصْبَهَانَ، وَلَمَّا أبرز تابوته ضجَّ الخلق بالبكاء.
يُقَالُ: إِنَّهُ قَالَ: ثَلاَثَةٌ خَجَّلُونِي: البَنْدَهِيُّ حضَرَ المَجْلِسَ, فَقَدَّمتُ فَوَاكِهَ مِنْهَا مشمشٌ فَائِقٌ, فَأَكلَ وَأَمعنَ, فَقُلْتُ: إِنَّهُ مُلطّخُ المعدَةِ, فَقَالَ: لاَ يعجبني الرئيس إذا تطبّب، والفرندي قال: قد جِئْتُ مِنْ دَارِ السَّلْطَنَةِ وَأَنَا ضَجِرٌ مِنْ أَينَ أَقبلَ مَوْلاَنَا? قُلْتُ: مِنْ لَعْنَةِ اللهِ, قَالَ: رَدَّ اللهُ غُرْبَةَ مَوْلاَنَا. وَالثَّالِثُ: المَافرُّوخيُّ أَيَّامَ حُسنِهِ دَاعبتُهُ, فَقُلْتُ: رأَيتُكَ تَحْتِي, قَالَ: مَعَ ثَلاَثَةٍ مِثْلِي.
وَللبُستِيِّ فِي الصَّاحِبِ:
يَا من أعاد رميم الملك منشورا ... وضمَّ بالرأي أَمْراً كَانَ مَنْشُوْراً
أَنْتَ الوَزِيْرُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتِ مَنْشُوْراً ... وَالمُلْكُ بَعْدَكَ إِنْ لَمْ يُؤْتَمَنْ شُوْرَى
مَاتَ الصَّاحِبُ فِي صَفَرٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ, عَنْ تِسْعٍ وَخَمْسِيْنَ سَنَةً.
ووزر أبوه لركن الدولة.

(12/454)


الساماني، والسامري:
3585- السَّاماني 1:
سُلْطَانُ بُخَارَى وَسَمَرْقَنْدَ وَابنُ سَلاَطِيْنِهَا, أَبُو القَاسِمِ نُوْحُ بنُ مَنْصُوْرِ بنِ نُوْحِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ نَصْرِ بنِ أَحْمَدَ بنِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ أَحْمَدَ بنِ أَسَدِ بنِ سَامَانَ.
مَاتَ في رجب سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَكَانَتْ دولتُهُ اثْنَتَيْنِ وعشرين سنة.
وَقَامَ بَعْدَهُ ابنُهُ أَبُو الحَارِثِ مَنْصُوْرٌ.
قَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ: تَملَّكَ نُوْحٌ خُرَاسَانَ وَغَزْنَةَ وَمَا وَرَاءَ النَّهْرِ, ثُمَّ وَلِيَ بَعْدَهُ ابنُهُ, فَبَقِيَ سَنَةً وَتسعَةَ أَشهرٍ, ثُمَّ قبضَ عَلَيْهِ الأُمَرَاءُ وملَّكوا أَخَاهُ عَبْدَ المَلِكِ, فَقَصَدَهُم السُّلْطَانُ مَحْمُوْدُ بنُ سُبُكْتِكِين, فَالتَقَاهُمْ فَهَزمَهُمْ إِلَى بُخَارَى، وَانقرضتْ دولة السامانية.
3586- السَّامريّ 2:
شَيْخُ القُرَّاءِ, أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ اللهِ بنُ الحُسَيْنِ بنِ حَسنُوْنَ السَّامَرِّيُّ البَغْدَادِيُّ.
زَعَمَ أَنَّهُ قَرَأَ لحفصٍ عَلَى الأُشْنَانِيِّ، وَقَرَأَ للسُّوسِيِّ عَلَى مُوْسَى بنِ جَرِيْرٍ، وَأَبِي عُثْمَانَ النَّحْوِيِّ، وَقَرَأَ لِقَالُوْنَ عَلَى ابْنِ شَنَبُوْذَ, وَلِلدُّوْرِيِّ عَلَى ابْنِ مُجَاهِدٍ, فَأَمَّا تِلاَوتُهُ عَلَى هَذَيْنِ فَمعروفَةٌ.
وَزَعَمَ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ أَبِي العَلاَءِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ الوَكِيْعِيِّ، وَالقُدَمَاءِ, فَافتُضِحَ, وَلَكِنْ كَانَ نَافقَ السُّوقِ بَيْنَ القُرَّاءِ.
وُلِدَ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
تَلاَ عَلَيْهِ: أَبُو الفَضْلِ الخُزَاعِيُّ, وَأَبُو الفتح فارس, وعبد الساتر بن الذَّرِبِ اللاَّذِقِيُّ، وَعَبْدُ الجَبَّارِ الطَّرْسُوْسِيُّ, وَأَبُو العَبَّاسِ بنُ نَفِيْسٍ, وَآخرُوْنَ.
استوعبتُ تَرْجَمَتَهُ فِي طبقَاتِ القُرَّاءِ، وودِّي لَوْ أَنَّهُ ثِقَةٌ, فَإِنِّي قَرَأْتُ من طريقه عاليًا.
__________
1 ترجمته في الأنساب للسمعاني "7/ 14"، واللباب لابن الأثير "2/ 94"، والعبر "3/ 38".
2 ترجمته في تاريخ بغداد "9/ 442"، والإكمال لابن ماكولا "2/ 376"، والعبر "3/ 32"، وميزان الاعتدال "2/ 408"، ولسان الميزان "3/ 273"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 175".

(12/455)


قَالَ الصُّوْرِيُّ: قَالَ لِي أَبُو القَاسِمِ العُنَّابِيُّ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي أَحْمَدَ المُقْرِئِ, فَحَدَّثَنَا عَنِ الوَكِيْعِيِّ, فَاجتمعتُ بِعَبْدِ الغَنِيِّ فَأَخبرتُهُ, فَاسْتعظمَ ذَلِكَ, وَقَالَ: سَلْه مَتَى سَمِعَ مِنْهُ, فَقَالَ: بِمَكَّةَ سَنَةَ ثَلاَثِ مائَةٍ, فَأَخبرتُ عَبْدَ الغنِيِّ فَقَالَ: مَاتَ أَبُو العَلاَءِ عِنْدَنَا فِي أَوَّلِ سَنَةِ ثَلاَثِ مائَةٍ, وَتركَ السَّلاَمَ عَلَيْهِ، وَقَالَ: لاَ أُسلِّمُ عَلَى مَنْ يَكذبُ فِي الحَدِيْثِ.
وَفِي كِتَابِ "العنوَانِ": أَنَّ أَبَا أَحْمَدَ قَرَأَ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى الكِسَائِيِّ، وَهَذَا وَهْمٌ, قَدْ سَقَطَ مِنِ بَيْنِهِمَا ابْنُ شَنَبُوْذَ أَوِ ابْنُ مُجَاهِدٍ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ الطَّحَّانِ: ذَكَرَ أَبُو أَحْمَدَ أَنَّهُ يَرْوِي عَنِ ابْنِ المعتزِّ.
قُلْتُ: بِدُوْنِ هَذَا يُهدرُ الرَّاوِي.
مَاتَ فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.

(12/456)


3587- ابن مسرور 1:
الحَافِظُ المحدِّث الرحَّال, أَبُو الفَتْحِ, عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مَسْرُوْرٍ البَلْخِيُّ, نَزِيْلُ مِصْرَ.
حدَّث عَنْ: أَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بنِ سُلَيْمَانَ بنِ زَبَّانَ، وَالحُسَيْنِ بنِ مُحَمَّدٍ المُطبقِيِّ، وَالحَافِظِ أَبِي سَعِيْدٍ بنِ يُوْنُسَ وَطَبَقَتِهِم.
رَوَى عَنْهُ: عَبْدُ الغنِيِّ بنُ سَعِيْدٍ وَأَحْمَدُ بنُ قُدَيْدٍ، وَعُمَرُ بنُ خضرٍ الثَّمَانينِيُّ، وَمُحَمَّدُ عَبْدِ الرَّحْمن الأَزْدِيُّ, وَآخرُوْنَ.
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الحبَّال: توفِّي أَبُو الفَتْحِ فِي سلخِ ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ. قَالَ: وَكَانَ حَافِظاً مُكْثِراً.
قُلْتُ: أَظنُّهُ نَيَّفَ عَلَى السَّبْعِيْنَ.
قَرَأْتُ بِخطِّ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الصُّوْرِيِّ, وَأَنْبَأَنِي ابْنُ سَلاَمَةَ, عَنِ ابْنِ بَوْش, عَنْ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ, عَنْهُ, قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَزْدِيُّ, حَدَّثَنَا الفَتْحُ بنُ مَسْرُوْرٍ, أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَحْمَدَ الحَافِظُ, حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ وُهَيْبٍ الغَزِّيُّ, حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ مَوْهبٍ, حَدَّثَنَا المُفَضَّلُ بنُ فَضَالَةَ, عَنْ عَيَّاشِ بنِ عَبَّاسٍ, عَنْ عِمْرَانَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ القُرَشِيِّ, عَنْ أَبِي خِرَاشٍ الهُذَلِيِّ, سَمِعَ فَضَالَةَ بنَ عُبَيْدٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- يَقُوْلُ: مَنْ رَدَّتْه الطيرةُ فَقَدْ قَارَف الشِّرْكَ.
__________
1 تقدَّمت ترجمته في هذا الجزء برقم عام "3513"، وبتعليقنا رقم "538".

(12/456)


3588- الزَّعْفَراني 1:
الحَافِظُ الإِمَامُ, أَبُو سَعِيْدٍ, الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بن علي الأصبهاني الزعفراني.
سَمِعَ أَبَا القَاسِمِ البَغَوِيَّ، وَأَبَا مُحَمَّدٍ بنَ صَاعِدٍ، وَالحُسَيْنَ بنَ عَلِيِّ بنِ زَيْدٍ, وَطَبَقَتَهُم.
وَعَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي عَلِيٍّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ, وَجَمَاعَةٌ.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: كَانَ بُنْدار بَلَدِنَا فِي كَثْرَةِ الأُصُولِ وَالحَدِيْثِ, صَاحِبَ مَعْرِفَةٍ وَإِتقَانٍ, صنَّف المُسْنَدَ وَالتَّفْسِيْرَ وَالشُّيُوْخَ وَأَشيَاءَ, وتوفِّي سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
أَخْبَرَنَا الدَّشْتِيُّ, أَخْبَرَنَا ابْنُ خَلِيْلٍ, أَخْبَرَنَا مَسْعُودٌ الجمالُ, أَخْبَرْنَا الحَدَّادُ, أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ, حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ, حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ عَلِيِّ بنِ زَيْدٍ, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَمْرِو بنِ حنَانَ, حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ, عَنْ أَبِي فَرْوَةَ الرُّهَاوِيُّ, عَنْ مَكْحُوْلٍ, عَنْ شَدَّادِ بنِ أَوسٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "حَسْبِيَ اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيْلُ أَمَانُ كُلِّ خَائِفٍ" لَمْ يصحَّ هَذَا.
__________
1 ترجمته في أخبار أصبهان "1/ 283"، وتذكرة الحفَّاظ "3/ ترجمة 901".

(12/457)


3589- صالح بن أحمد 1:
ابن محمد بن أحمد بن صَالِحِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ قَيْسِ بنِ هُذَيْلِ بنِ يَزِيْدَ بنِ العَبَّاسِ بنِ الأَحْنَفِ بنِ قَيْسٍ, الإِمَامُ العَالِمُ الحَافِظُ الثَّبْتُ, أَبُو الفَضْلِ بنُ الكُوْمَلاَذِيِّ التَّمِيْمِيُّ الأَحنفِيُّ الهَمَذَانِيُّ السِّمْسَارُ.
حدَّث عَنْ أَبِيهِ, وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَوْسٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ المَرَّار بنِ حَمُّوَيْه، وَعَلِيِّ بنِ الحَسَنِ بنِ سَعْدٍ البَزَّازِ، وَأَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ بنِ عِزُونَ, وَقَاسِمِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ, وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ نُبَيْلٍ, وَالقَاسِمِ بنِ أَبِي صَالِحٍ، وَعَبْدُ السَّلاَّمِ بنُ عَبْدِيْلٍ, وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مَهْرَوَيْه القَزْوِيْنِيِّ, وَخَلْقٍ.
وَجَمعَ وصنَّف.
حدَّث عَنْهُ: طَاهِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مَاهِلَةَ, وَحمْدُ الزَّجَّاجُ، وَأَحْمَدُ بنُ زَنْجَوَيْه العُمَرِيُّ، وَطَاهرُ بنُ أَحْمَدَ الإِمَامُ, وَأَبُو الفَتْحِ بنُ أَبِي الفَوَارِسِ، وَأَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ زَنْبِيْلٍ النُّهَاوَنْدِيُّ, وَآخرُوْنَ.
قَالَ الحَافِظُ شِيْرَوَيْه الدَّيْلَمِيُّ: كَانَ رُكناً مِنْ أَركَانِ الحَدِيْثِ, ثِقَةً حَافِظاً ديِّنًا وَرِعًا صَدُوْقاً, لاَ يخَافُ فِي اللهِ لَومةَ لاَئِمٍ، وَلَهُ مصنَّفات غزيرَةٌ, مَوْلدُهُ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَمَاتَ لثمانٍ بَقَيْن مِنْ شَعْبَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَيُستجَابُ الدُّعَاءُ عِنْدَ قَبْرِهِ, صلَّى عَلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ بنُ لاَلٍ, فَبَلَغَنَا أَنَّهُ قَالَ: كُنَّا نترُكُ الذُّنُوبَ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ، وَثُلثَيْ ذَلِكَ حيَاءً مِنْ هذا الشيخ -رحمه الله.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "9/ 331"، والأنساب للسمعاني "1/ 503"، واللباب لابن الأثير "3/ 120" وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 921"، والعبر "3/ 25"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 110".

(12/457)


3590- أَبُو الحُسَيْنِ البَزَّازُ 1:
أمَّا وَالدُهُ الإِمَامُ القُدْوَةُ المُحَدِّثُ: أَبُو الحُسَيْنِ البَزَّازُ, فَارْتَحَلَ وَرَوَى عَنْ حَمْزَةَ بنِ مُحَمَّدٍ الكَاتِبِ، وَمُحَمَّدِ بنِ حُبَّانَ الباهلي, وحامد بن شعيب, وطبقتهم.
رَوَى عَنْهُ: وَلَدُهُ, وَطَاهرُ بنُ مَاهِلَةَ, وَأَحْمَدُ بنُ تُركَانَ، وَعَلِيُّ بنُ جَهْضَمَ, وَكَانَ ثِقَةً كَبِيْرَ القَدْرِ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الصفَّار: كُنَّا نشبِّهُ أَبَا الحُسَيْن بِأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ لسُكُونِهِ وَوَقَارِهِ.
قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الكَرِيْمِ بِمِصْرَ، وَأَخْبَرَنَا نَصْرُ بنُ جَرْوٍ, أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ, أَخْبَرَنَا حَمْد بنُ نَصْرٍ الحَافِظُ بِهَمَذَانَ, سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ حُمَيْدٍ الذُّهْلِيَّ, سَمِعْتُ طَاهِرَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ مَاهِلَةَ الحَافِظَ, سَمِعْتُ حمْدَ بنَ عُمَرَ الزَّجَّاجَ الحَافِظَ, يَقُوْلُ: لَمَّا أَمْلَى صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ التَّمِيْمِيُّ الحَافِظُ بِهَمَذَانَ كَانَتْ لَهُ رَحَىً فَبَاعَهَا بِسَبْعِ مائَةِ دِيْنَارٍ، وَنَثَرَهَا عَلَى مَحَابِرِ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ.
وَمَاتَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ مَعَهُ, أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بنُ سَهْلٍ الأَنْصَارِيُّ آخِرُ أَصْحَابِ مُحَمَّدِ بنِ شَاذِلَ، وَالأَدِيبُ صَاحِبُ الإِنشَاءِ البَدِيْعِ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ هِلاَلِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ هَارُوْنَ الصَّابِئُ الحَرَّانِيُّ بِبَغْدَادَ، وَأَبُو القَاسِمِ جِبْرِيْلُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَنْدُولَ الهَمَذَانِيُّ, رَحَلَ وَلَقِيَ البَغَوِيَّ، وَمُسْنِدُ خُرَاسَانَ الفَقِيْهُ أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدٍ النَّسَائِيُّ العَدْلُ صَاحِبُ الحَسَنِ بنِ سُفْيَانَ, وَقِيْلَ: بَلْ توفِّي سَنَةَ 382, وَالمُعَمَّرُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدِ بنِ مُحَارِبٍ الأَنْصَارِيُّ الإِصْطَخَرِيُّ -حدَّث عَنْ أَبِي خَلِيْفَةَ الجُمَحِيِّ- وَالفَقِيْهُ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الملكِ بنِ دَهْثم الطَّرَسوسيّ نزِيل نَيْسَابُور -واهٍ رَوَى عَنْ أَبِي خَلِيْفَةَ- وَشَيْخُ النَّحْوِ عَلِيُّ بنُ عِيْسَى الرُّمَّانِيُّ المُعْتَزلِيُّ, وَمُسْنِدُ أَصْبَهَانَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ جِشْنِسَ, وَالحَافِظُ أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ العَبَّاسِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الفُرَاتِ البَغْدَادِيُّ، وَشَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّد بنُ عَلِيِّ بنِ سَهْل المَاسَرْجِسِيّ النيسابوري، والعلامة أبو عبيد الله مُحَمَّدُ بنُ عِمْرَانَ المَرْزُبَانِيُّ البَغْدَادِيُّ صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
__________
1 هو: أَبُو الحُسَيْن أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بن صالح الكوملاذي, ترجمته في الأنساب للسمعاني "10/ 503".

(12/458)


3591- الإشْتِيخَنِي 1:
الإِمَامُ الفَقِيْهُ, أَبُو بَكْرٍ, مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ متٍّ السَّمَرْقَنْدِيُّ الإِشْتِيخَنِيُّ الشَّافِعِيُّ، وَإِشتيخنُ -بِشينٍ معجَمَةٍ- قريَةٌ كَبِيْرَةٌ عَلَى سَبْعَةِ فرَاسخَ مِنْ سمرقند.
حدَّث بصحيح البُخَارِيِّ عَنِ الفِرَبْرِي، وَسمَاعُهُ كَانَ فِي سَنَةِ تِسْعَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو سَعْدٍ الإِدْرِيْسِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ سختَامَ السَّمَرْقَنْدِيُّ، وَالفَقِيْهُ أَبُو نَصْرٍ الدَّاوُودِيُّ, وَكَانَ مِنْ كِبَارِ الفُقَهَاءِ مَعَ الزُّهْدِ وَالعِبَادَةِ.
قَالَ أَبُو كَامِلٍ البَصْرِيُّ: سَمِعْتُ الفَقِيْهَ أَبَا نَصْرٍ الدَّاوُودِيَّ يَقُوْلُ: دَخَلتُ عَلَى ابْنِ متٍّ بإِشتيخنَ, فَقَالَ لِي: أَسمعتَ جَامعَ البُخَارِيِّ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: مِمَّنْ؟ قُلْتُ: مِنْ إِسْمَاعِيْلَ الحَاجبِيِّ. فَقَالَ: اسْمعْهُ مِنِّي, فَإِنِّي أَثبتُ فِيْهِ, فَإِنِّي كُنْتُ أَدرسُ الفِقْهَ، وَكُنْتُ كَبِيْراً حِيْنَ سمِعتُهُ, وَكَانَ إِسْمَاعِيْلُ صغيراً يُحْمَل عَلَى العَاتقِ، وَلاَ يقدرُ عَلَى المَشْيِ, أَفسمَاعِي وَسمَاعُهُ يَسْتَويَانِ? قَالَ: فسمِعتُهُ مِن ابْنِ متّ.
قَالَ الإِدْرِيسِيُّ فِي "تَاريخِ سَمَرْقَنْدَ": الإِشْتِيْخَنِيُّ فَقِيْهٌ زَاهِدٌ, مَاتَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: وَمِنْ مشَايخِهِ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ آدمَ الشَّاشِيُّ, وَطَائِفةٌ لا أعرفهم.
__________
1 ترجمته في الأنساب للسمعاني "1/ 268"، واللباب لابن الأثير "1/ 63"، والعبر "3/ 40".

(12/459)


ابن سكرة، وابن أبي غالب، والصابي:
3592- ابن سُكَّرة 1:
شَاعِرُ وَقتِهِ بِبَغْدَادَ, أَبُو الحَسَنِ, مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ الهَاشِمِيُّ, مِنْ ذُرِّيَّةِ المَنْصُوْرِ.
شَاعِرٌ مَديدُ البَاعِ فِي فُنُوْنِ الإِبدَاعِ, صَاحِبُ مجُوْنٍ وَسخفٍ, وَإِنْ زمَاناً جَادَ بِهِ وَبِابْنِ الحجَّاجِ لكَرِيْمٌ. يشبَّهَانِ بِجَرِيْرٍ وَالفَرَزْدَقِ.
وَلابنِ سُكَّرَةَ ديوَانٌ فِي أَرْبَعِ مُجَلَّدَاتٍ.
وَلَهُ البَيْتَانِ:
جاء الشتاء وعنـ ... ـدي مِنْ حَوَائِجِهِ
مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ.
3593- ابْنُ أَبِي غَالِبٍ 2:
الشَّيْخُ المُحَدِّثُ, أَبُو القَاسِمِ, عُبَيْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ خَلَفِ بنِ سَهْلِ بنِ أَبِي غَالِبٍ المِصْرِيُّ البَزَّازُ.
سَمِعَ مُحَمَّدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ النَّفاح، وَسَعِيْدَ بنَ هَاشِمٍ الطَّبَرَانِيَّ، وَعَلِيَّ بنَ أَحْمَدَ علاَّنَ، وَأَبَا عُبَيْدٍ بنَ حَرْبَوَيْه, وَعَبْدَ اللهِ بنَ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ القَزْوِيْنِيَّ، وَأَحْمَدَ بنَ مَرْوَانَ الدِّيْنَوَرِيَّ.
وَعَنْهُ: ابْنُ أَبِي الفَتْحِ المِصْرِيُّ، وَأَبُو عُمَرَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الطَّلَمَنْكِيُّ، وَعَبْدُ المَلِكِ بنُ مِسْكِيْنَ الزَّجَّاجُ, وَعِدَّةٌ.
وَكَانَ مِنْ رُؤسَاءِ مِصْرَ.
قَالَ الطَّلَمَنْكِيُّ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: أَقمتُ عَلَى هَذِهِ الدَّارِ أَبنِي فِيْهَا عشر سِنِيْنَ, وَفِيْهَا ثمَانيَةٌ وَأَرْبَعُوْنَ أَلفَ قطعةٍ مِنَ الرُّخَامِ, وَأَنفقتُ عَلَيْهَا عَشْرَةَ آلاَفِ دِيْنَارٍ، وَأَخذَ مِنِّي كَافورٌ الإِخشِيْذِيُّ سَبْعَةً وَثَمَانِيْنَ أَلفَ دِيْنَارٍ، وَلَكِنْ رزقتُ مِنَ التِّجَارَةِ, ربحتُ فِي عسلٍ فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ أَرْبَعَةَ آلاَفِ دِيْنَارٍ.
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: توفِّي فِي جُمَادَى الأُولَى سَنَةَ سبع وثمانين وثلاث مائة.
3594- الصابِئ 3:
الأَدِيْبُ البَلِيْغُ, صَاحِبُ التَّرَسُّلِ البَدِيْعِ, أَبُو إِسْحَاقَ, إِبْرَاهِيْمُ بنُ هِلاَلٍ الصَّابِئُ الحَرَّانِيُّ المشركُ.
حَرَصُوا عَلَيْهِ أَنْ يُسلمَ فَأَبَى، وَكَانَ يَصُوْمُ رَمَضَانَ ويحفظ القرآن، ويحتاج إليه في الإنشاء.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "5/ 465"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 186"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "4/ ترجمة 666"، والعبر "3/ 30"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 173".
2 ترجمته في العبر "3/ 35"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 122".
3 ترجمته في معجم الأدباء لياقوت الحموي "2/ 20"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "1/ ترجمة 15"، والعبر "3/ 24"، والنجوم الزهرة لابن تغري بردي "4/ 167"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 106".

(12/459)


كَتبَ لعزِّ الدَّوْلَةِ بَخْتيَارَ.
وَلَهُ نَظْمٌ رَائِقٌ.
وَلَمَّا تملَّكَ عَضُدُ الدَّوْلَةِ هَمَّ بِقَتْلِهِ وَسَجَنَهُ, ثُمَّ أَطلقَهُ فِي سَنَةِ 317, فَأَلَّفَ لَهُ كِتَابَ "التَّاجِيِّ فِي أَخبارِ بنِي بُوَيْه".
مَاتَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وثمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ إِحْدَى وَسَبْعُوْنَ سَنَةً, وَيُقَالُ: قَتَلَهُ؛ لأَنَّهُ أَمرَهُ بعملِ "التَّارِيْخِ التَّاجِيِّ" فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ فسَأَلَهُ مَا تُؤَلِّفُ? فَقَالَ: أَبَاطِيْل ألفِّقها، وَأَكَاذيب أُنَمِّقها, فَتَحَرَّكَ عَلَيْهِ عَضُدُ الدَّوْلَةِ وَطردَهُ، وَمَاتَ, فَرَثَاهُ الشَّرِيْفُ الرَّضِيُّ, فَلِيمَ فِي ذَلِكَ, فَقَالَ: إِنَّمَا رثيتُ فضلَهُ, وَهَذَا عذرٌ بَارِدٌ.
وَكَانَ مكثِرًا مِنَ الآدَابِ.
وكذَلِكَ مَاتَ عَلَى كفرِهِ ابنُهُ المحسّنُ، وَكَانَ مُحْتَشِماً أَدِيباً.
ثُمَّ خَلفَهُ ابنُهُ الصَّدْرُ الأَوْحَدُ هِلاَلُ بنُ المحسّنِ الصَّابِئُ, الَّذِي أَسلمَ وعاش كثيرًا, وبقي إلى سنة 448.

(12/461)


3595- التَّنُوخِيّ 1:
القَاضِي العَلاَّمَةُ, أَبُو عَلِيٍّ, المُحَسّنُ بنُ عَلِيِّ بن محمد بن أبي الفهم التَّنُوْخِيُّ البَصْرِيُّ الأَدِيبُ, صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
وُلِدَ بِالبَصْرَةِ -عَلَى مَا قَالَ- فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ, وَأَوَّلُ سمَاعِهِ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ.
سَمِعَ أَبَا العَبَّاسِ الأَثرمَ, وَأَبَا بَكْرٍ الصُّوْلِيَّ، وَابنَ دَاسَةَ, وَوَاهبَ بنَ مُحَمَّدٍ صَاحِبَ نَصْرٍ الجَهْضَمِيِّ.
رَوَى عَنْهُ وَلَدُهُ أَبُو القَاسِمِ عليٌّ.
وَكَانَ إِخباريّاً مُتَفنِّناً شَاعِراً نديماً, وَلِيَ قَضَاءَ رَامَهُرْمُزَ، وَعَسْكَرَ مُكرمٍ, وَغَيْرَ ذَلِكَ.
قَالَ الخطيب: كان سماعه صحيح, توفِّي فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ, بَعْد أَبِيهِ باثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعينَ سَنَةً، وَأَوَّلُ مَن اسْتَعملَهُ عَلَى القَضَاءِ القَاضِي أَبُو السَّائِبِ عُتْبَةُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَذَلِكَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَأَرْبَعينَ وَثَلاَثِ مائَةٍ, لَهُ اثنتَانِ وَعِشْرُوْنَ سَنَةً.
وَلَهُ كِتَابُ "الفرجِ بَعْدَ الشِدَّةِ"، وَكِتَابُ "النّشوَارِ" وَغَيْرُ ذَلِكَ.
عَاشَ سَبْعاً وَخَمْسِيْنَ سَنَةً.
وَفِيْهِ لابنِ الحجَّاجِ:
إِذَا ذُكِرَ القُضَاةُ وَهُمْ شيوخ ... تخيرت الشباب على الشيوخ
وَمَنْ لَمْ يَرْضَ لَمْ أَصْفَعْهُ إِلاَّ ... بِمَجْلِسِ سيدي القاضي التنوخي
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "13/ 155"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 178"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "17/ 92"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "4/ ترجمة 557"، والعبر "3/ 27"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 168".

(12/461)


3596- الطبرخزي 1:
شَاعِرُ وَقتِهِ, أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ العَبَّاسِ الخُوَارِزْمِيُّ الأَدِيبُ, كَانَتِ أُمُّهُ مِنْ طَبَرِسْتَانَ، وَأَبُوْهُ خُوَارِزْمِيّاً, فَرُكِّبَ لَهُ مِنَ الاسمَيْنِ نسبَة, قَالَهُ السَّمْعَانِيُّ.
وَهُوَ ابْنُ أُختِ مُحَمَّدِ بنِ جَرِيْرٍ.
سكنَ الشَّامَ، وَأَقَامَ بِحَلَبَ, وَكَانَ مشَاراً إِلَيْهِ فِي عَصْرِهِ.
يُقَالُ: إِنَّهُ قصدَ ابنَ عَبَّادٍ, فَقَالَ لِلْحَاجِبِ: إِنْ كَانَ يحْفَظُ عشرينَ أَلف بَيْتٍ فَلْيَدْخُلْ, فَقَالَ: أَمِنْ شِعْرِ الرِّجَالِ أَمْ مِنْ شِعْرِ النِّسَاءِ? فَأَعلمَهُ بِذَلِكَ الحَاجِبُ, فَقَالَ: هَذَا يَكُونُ أَبُو بَكْرٍ الخُوَارِزْمِيُّ, فَأَكرمَهُ وَبَاسطَهُ.
وَلَهُ ديوَانُ نظمٍ, وَديوَانُ ترسُّلٍ, ومُلَح وَنوَادر.
مَاتَ بِنَيْسَابُوْرَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ, وَيُقَالُ: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ.
وَالطَّبَرْخَزِي: بفتح الخاء ثم بزاي.
__________
1 ترجمته في الأنساب للسمعاني "8/ 202"، واللباب لابن الأثير "2/ 273"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "4/ ترجمة 664"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 105".

(12/462)


3597- ابن أبي شُرَيح 1:
الإِمَامُ القُدْوَةُ المُحَدِّثُ المتَّبع, مُسْنِدُ هَرَاةَ وَعَالِمُهَا, أَبُو مُحَمَّدٍ, عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ يَحْيَى بنِ مَخْلَدِ بن عبد الرحمن بن المغيرة بن ثابت الأَنْصَارِيُّ الهَرَوِيُّ, ابْنُ أَبِي شُرَيْحٍ.
وُلِدَ بَعْدَ الثَّلاَثِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ أَبَا القَاسِمِ البَغَوِيَّ بِبَغْدَادَ، وَمِمَّا عِنْدَهُ عَنْهُ كِتَابُ "الجعْدِيَّاتِ"، وَيَحْيَى بنُ مُحَمَّدِ بنِ صَاعِدٍ, وَمُحَمَّدُ بنُ عَقِيْلٍ البَلْخِيَّ, وَمُحَمَّدَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ بنِ نَيْرُوزَ الأَنْمَاطِيَّ, وَإِسْمَاعِيْل بنَ العَبَّاسِ الوَرَّاقَ، وَأَحْمَدَ بنَ سَعِيْدٍ الطَّبَرِيَّ, وَأَبَا بَكْرٍ أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ الهِيْتِيَّ, وَأَبَا عُثْمَانَ سَعِيْدَ بنَ مُحَمَّدٍ أَخِي زُبَيْر الحَافِظِ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ جَعْفَرِ بنِ أَحْمَدَ بنِ خُشَيْشٍ، وَجَعْفَرَ بنَ عِيْسَى الحُلْوَانِيَّ, وَأَبَا عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدَ بنَ مَحْمُوْدٍ البَلْخِيَّ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ الحَسَنِ الأَسَدِيَّ الهَمَذَانِيَّ, وَعَبْدَ الوَاحِدِ بنَ المُهْتَدِي بِاللهِ, وَخلقاً سوَاهُم.
ارْتَحَلَ بِهِ أَبُوْهُ, وَكَانَ صَدُوْقاً, صَحِيْحَ السَّمَاعِ, صَاحِبَ حَدِيْثٍ وَعلمٍ وَجلاَلَةٍ.
حدَّث عَنْهُ: الفَقِيْهُ نَاصِرٌ العُمَرِيُّ، وَسُفْيَانُ بنُ مُحَمَّدٍ الشُّرَيْحِيُّ, وَأَبُو عُمَرَ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ أَحْمَدَ المَلِيْحِيُّ, وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الغُمَيْرِيُّ, وَأَبُو صَاعِدٍ يَعْلَى بنُ هِبَةِ اللهِ الفُضَيْلِيُّ، وَأَبُو عَاصِمٍ الفُضَيْلُ بنُ يَحْيَى الفُضَيْلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مَسْعُوْدٍ عَبْدِ العَزِيْزِ الفَارِسِيُّ, وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ كَلاَرِي، وَبِيْبَى بِنْتُ عَبْدِ الصَّمَدِ الهرثمِيَّةُ, وَآخرُوْنَ.
أَنْبَأَنَا جَمَاعَةٌ قَالُوا: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مَسْعُوْدٍ, أَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَوَّلِ بنُ عِيْسَى, أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْمَاعِيْلَ الأَنْصَارِيُّ, سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ البَلْخِيَّ المُؤَذِّنَ يَقُوْلُ: كُنْتُ مَعَ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ بنِ أَبِي شُرَيْحٍ فِي طَرِيْقِ غُورٍ, فَأَتَاهُ إِنسَانٌ فِي بَعْضِ تِلْكَ الجِبَالِ, فَقَالَ: إِنَّ امَرَأَتِي وَلَدَتْ لِستَّةِ أَشهرٍ, فَقَالَ: هُوَ وَلدُكَ, قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الوَلَدُ لِلْفِرَاشِ" 2 فَعَاوَدَهُ, فردَّ عَلَيْهِ كذَلِكَ, فَقَالَ الرَّجُلُ: أَنَا لاَ أَقولُ بِهَذَا, فَقَالَ: هَذَا الغَزْوُ, وَسَلَّ عَلَيْهِ السَّيْفَ, فَأَكببنَا عَلَيْهِ, وَقُلْنَا: جَاهلٌ لاَ يَدْرِي مَا يَقُوْلُ.
قُلْتُ: كَانَ سَبِيلهُ أَنْ يوضِّحَ لَهُ, وَيَقُوْلَ: لَكَ أَنْ تَنْتَفيَ مِنْهُ بِاللِّعَانِ, وَلَكِنَّهُ احتمَى للسُّنَّةِ, وَغَضِبَ لَهَا.
توفِّي فِي صَفَرٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ, وَلَهُ خَمْسٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً.
وَقعَ لَنَا مِنْ طريقِهِ أَجْزَاء عَالِيَةٌ كَالمائَةِ، وَجُزْءُ أَبِي الجَهْمِ, وَجُزْءُ بِيْبَى, وَحكَايَاتُ شُعْبَةَ.
وآخِرُ مَنْ مَاتَ مِنْ أَصْحَابِ أَصحَابِهِ عَبْدُ الجَلِيْلِ بنُ أَبِي سَعْدٍ الهَرَوِيُّ, بَقِيَ إِلَى سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ, وَرَحَلَ إِلَيْهِ الحَافِظُ عَبْدُ القَادِرِ الرُّهَاوِيُّ, فَهُوَ أَعْلَى شَيْخٍ لَهُ. مَاتَ مَعَهُ: أَبُو عَلِيٍّ بنُ حَاجبٍ الكُشانِيُّ, وَالحَسَنُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الضرَّاب، وَأَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الأَصِيْلِيُّ، وَأَبُو الفَتْحِ عُثْمَانُ بنُ جنِّي النَّحْوِيُّ, وَقَاضِي القُضَاةِ بِالرَّيِّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ الجُرْجَانِيُّ الأديب, والحافظ الوليد بن بكر الأندلسي.
__________
1 ترجمته في العبر "3/ 53"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 140".
2 صحيح: ورد عن أبي هريرة: عند البخاري "6818"، ومسلم "1458"، والنسائي "6/ 180"، وورد عن عائشة: عند البخاري "6817"، ومسلم "1457"، وأبو داود "2273"، والنسائي "6/ 180"، وورد عن عبد الله بن عمرو: عند أبي داود "2274".

(12/463)


3598-ابن بَطَّة 1:
الإمام القدوة العابد المُحَدِّثُ, شَيْخُ العِرَاقِ, أَبُو عَبْدِ اللهِ عُبَيْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ حَمْدَانَ العُكْبَري الحَنْبَلِيُّ, ابْنُ بَطَّةَ, مصنِّف كِتَابِ "الإِبَانةِ الكُبْرَى" فِي ثَلاَثِ مُجَلَّدَاتٍ.
رَوَى عَنْ: أَبِي القَاسِمِ البَغَوِيِّ, وَابنِ صَاعِدٍ, وَأَبِي ذَرٍّ بنِ البَاغَنْدِيِّ, وَأَبِي بَكْرٍ بنِ زِيَادٍ النَّيْسَابُوْرِيِّ, وَإِسْمَاعِيْلَ الوَرَّاقِ, وَالقَاضِي المَحَامِلِيِّ, وَمُحَمَّدِ بنِ مَخْلَدٍ, وَأَبِي طَالِبٍ أَحْمَدَ بنِ نَصْرٍ الحَافِظِ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ ثَابِتٍ العُكْبَري، وَرَحَلَ فِي الكُهُوْلَةِ فسَمِعَ مِنْ عَلِيِّ بنِ أَبِي العَقَبِ بِدِمَشْقَ, وَمِنْ أَحْمَدَ بنِ عُبَيْدٍ الصَّفَّارِ بحِمْصَ, وَجَمَاعَةٍ.
حدَّث عنه: أبو الفتح بن أبي الفوارس, وَأَبُو نُعَيْمٍ الأَصْبَهَانِيُّ، وَعُبَيْدُ اللهِ الأَزْهَرِيُّ, وَعَبْدُ العَزِيْزِ الأَزَجِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ العَتِيْقِيُّ, وَأَبُو إِسْحَاقَ البَرْمَكِيُّ, وَأَبُو مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيُّ، وَأَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عِيْسَى السَّعْدِيُّ, وَآخرُوْنَ, وَآخِرُ مَنْ رَوَى عَنْهُ بِالإِجَازَةِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ البُسْرِيِّ.
قَالَ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ عَلِيٍّ العُكْبَرِيُّ: لَمْ أَرَ فِي شُيُوْخِ الحَدِيْثِ وَلاَ فِي غَيْرِهِمْ أَحسنَ هيئَةً مِنِ ابْنِ بَطَّةَ -رَحِمَهُ اللهُ.
قَالَ الخَطِيْبُ: حَدَّثَنِي أَبُو حَامِدٍ الدَّلوِيُّ قَالَ: لَمَّا رَجَعَ ابْنُ بَطَّةَ من الرِّحْلَةِ لاَزمَ بيتَهُ أَرْبَعينَ سَنَةً, لَمْ يُرَ فِي سُوقٍ, وَلاَ رُؤِيَ مُفْطِراً إلَّا فِي عِيدٍ, وَكَانَ أمَّارًا بِالمَعْرُوفِ, لَمْ يبلغْهُ خبرٌ منكرٌ إلَّا غَيَّرَهُ.
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيُّ: سَمِعْتُ أَخِي الحُسَيْنَ يَقُوْلُ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي المَنَامِ فَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ, قَدِ اختلفتْ عليَّ المذَاهبُ فَقَالَ: عَلَيْكَ بِابْنِ بَطَّةَ, فَأَصبحتُ وَلبستُ ثِيَابِي, ثُمَّ أَصعدتُ إِلَى عُكْبَرا, فَدَخَلتُ وَابنُ بَطَّةَ فِي المَسْجَدِ, فلمَّا رَآنِي قَالَ لِي: صَدَقَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, صَدَقَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "10/ 371"، والعبر "3/ 35"، وميزان الاعتدال "3/ 15"، ولسان الميزان "4/ 112"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 122".

(12/464)


قَالَ العَتِيْقِيُّ: توفِّي ابْنُ بَطَّةَ -وَكَانَ مُسْتَجَابَ الدعوة- في المحرم سنة سبع وثماني وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قَالَ ابْنُ بَطَّةَ: وُلِدْتُ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ, وَكَانَ لأَبِي بِبَغْدَادَ شُركَاء, فَقَالَ لَهُ أَحَدُهُمْ: ابعَثْ بَابنِكَ إِلَى بَغْدَادَ ليسمعَ الحَدِيْثَ, قَالَ: هُوَ صغيرٌ. قَالَ: أَنَا أَحملُهُ مَعِي, فَحَمَلَنِي مَعَهُ, فجئتُ فَإِذَا ابْنُ مَنِيْعٍ يُقْرَأ عَلَيْهِ الحَدِيْثُ. فَقَالَ لِي بعضُهُمْ: سلِ الشَّيْخَ أَنْ يُخرِجَ إِليَكَ مُعجَمَهُ, فسأَلتُ ابنَهُ فَقَالَ: نُريدُ درَاهِمَ كَثِيْرَةً, فَقُلْتُ: لأمِّي طَاقٌ ملحمٌ آخُذُهُ مِنْهَا وَأَبيعُهُ. قَالَ: ثُمَّ قَرَأْنَا عَلَيْهِ المعجَمَ فِي نفرٍ خَاصٍّ فِي نَحْوِ عَشْرَةِ أَيَّامٍ، وَذَلِكَ فِي آخِرِ سَنَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ, وَأَوَّلِ سَنَةِ سِتَّ عَشْرَةَ, فَأَذكرُهُ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الطَّالقَانِيُّ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ, فَقَالَ المُسْتَمْلِي: خُذُوا هَذَا قَبْلَ أَنْ يُولدَ كُلُّ مُحَدِّثٍ عَلَى وَجهِ الأَرضِ اليَوْمَ, وَسَمِعْتُ المُسْتَمْلِي -وَهُوَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مهرَانَ- يَقُوْلُ لَهُ: مَنْ ذَكَرْتَ يَا ثَبْتَ الإِسلاَمِ.
قُلْتُ: لابنِ بَطَّةَ مَعَ فضلِهِ أَوهَامٌ وغلط.
أَنْبَأَنَا المُؤَمَّلُ بنُ مُحَمَّدٍ, أَخْبَرَنَا أَبُو اليَمَنِ الكِنْدِيُّ, أَخْبَرَنَا الشَّيْبَانِيُّ, أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ, حَدَّثَنِي عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ عَلِيٍّ الأَسَدِيُّ, قَالَ لِي أَبُو الفَتْحِ بنُ أَبِي الفَوَارِسِ: رَوَى ابْنُ بَطَّةَ, عَنِ البَغَوِيِّ, عَنْ مُصعبِ بنِ عَبْدِ اللهِ, عَنْ مَالِكٌ, عَنِ الزُّهْرِيِّ, عَنْ أَنَسٍ, عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "طَلَبُ العِلْمِ فَرِيْضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ" 1.
قَالَ الخَطِيْبُ: هَذَا بَاطِلٌ, وَالحمْلُ فِيْهِ عَلَى ابْنِ بَطَّةَ.
قُلْتُ: أَفحشَ العبارَةَ, وَحَاشَى الرَّجُلُ مِنَ التَّعَمُّدِ, لكنَّهُ غلطَ وَدَخَلَ عَلَيْهِ إِسْنَادٌ فِي إِسْنَادٍ.
وَبِهِ قَالَ الخَطِيْبُ: أَخْبَرَنَا العَتِيْقِيُّ, أَخْبَرْنَا ابْنُ بَطَّةَ, حَدَّثَنَا البَغَوِيُّ, حَدَّثَنَا مُصْعَبٌ, عَنْ مَالِكٍ, عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ بِحَدِيْثِ: "إن الله لا يقيض العِلْمَ انْتِزَاعاً" 2. قَالَ الخَطِيْبُ: وَهُوَ بَاطِلٌ بِهَذَا الإِسنَادِ.
قَالَ الخَطِيْبُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ علي, قال لي الحسن بن شهاب: سألت ابن بطة
__________
1 صحيح بطرقه: أخرجه الطبراني في "الأوسط" "2008"، "2462".
وله شاهد من حديث ابن عباس عند الطبراني في "الأوسط" "4096"، وشاهد آخر من حديث الحسين بن علي عند الطبراني في "الأوسط" "2030", وله شواهد أخرى كثيرة.
2 صحيح: ومتنه صحيح. أخرجه البخاري "100"، ومسلم "2673".

(12/465)


أَسمعتَ مِنَ البَغَوِيِّ حَدِيْثَ عَلِيِّ بنِ الجَعْدِ? قَالَ: لاَ. قَالَ عَبْدُ الوَاحِدِ: وَكُنْتُ قَدْ رَأَيْتُ فِي كُتُبِ ابْنِ بَطَّةَ نُسْخَةً بِحَدِيْثِ عَلِيِّ بنِ الجَعْدِ قَدْ حكَّها، وَكَتَبَ بِخَطِّهِ سمَاعَهُ فِيْهَا, فذكرتُ ذَلِكَ لِلْحَسَنِ بنِ شِهَابٍ, فَعجبَ مِنْهُ.
قَالَ عَبْدُ الوَاحِدِ: وَرَوَى ابْنُ بَطَّةَ, عَنِ النَّجَّادِ, عَنِ العُطَارِدِيِّ, فَأَنكرَ عَلِيُّ بنُ يَنَالَ عَلَيْهِ، وَأَسَاءَ القَوْلَ فِيْهِ, حَتَّى هَمَّتِ العَامَّةُ بِابْنِ ينَالَ, فَاخْتَفَى, ثُمَّ تتبَّع ابْنُ بَطَّةَ مَا خَرَّجَهُ كذَلِكَ, وَضَرَبَ عَلَيْهِ.
وَقَالَ عُبَيْدُ اللهِ الأَزْهَرِيُّ: ابْنُ بَطَّةَ ضَعِيْفٌ، وَعِنْدِي عَنْهُ "مُعْجَمُ البَغَوِيِّ"، وَلاَ أُخرِّجُ عَنْهُ فِي الصَّحِيْحِ شَيْئاً.
وَقَالَ حَمْزَةُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ طَاهِرٍ الدَّقَّاقُ: لَمْ يَسْمَع ابْنُ بَطَّةَ الغريبَ مِنِ ابْنِ عزيزٍ, وَقَالَ: ادَّعى سمَاعَهُ.
قَالَ الخَطِيْبُ: وَرَوَى ابْنُ بَطَّةَ كتبَ ابْنِ قُتَيْبَةَ, عَنِ ابْنِ أَبِي مَرْيَمَ الدِّيْنِوَرِيِّ عَنْهُ، وَلاَ يعرفُ ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ.
وَرَوَى ابْنُ بَطَّةَ فِي "الإِبَانَةِ": حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ الصَّفَّارُ, حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ عَرَفَةَ, حَدَّثَنَا خَلَفُ بنُ خَلِيْفَةَ, عَنْ حُمَيْدٍ, عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ الحَارِثِ, عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ, حَدِيْثَ: "كَلَّمَ اللهُ مُوْسَى وَعَلَيْهِ جُبَّةُ صُوْفٍ وَنَعْلاَنِ مِنْ جِلْدٍ حِمَارٍ غَيْرِ ذَكِيٍّ, فَقَالَ: مَنْ ذَا العِبْرَانِيُّ الَّذِي يكلمني من الشجرة? قال: أنا اللهُ". فتفرَّد ابْنُ بَطَّةَ بِرَفْعِهِ, وَبِمَا بَعْدَ "غَيْر ذكيٍّ".
وَكَذَا غلطَ ابْنُ بَطَّةَ فِي روَايَاتٍ عَنْ حَفْصِ بنِ عُمَرَ الأَرْدَبِيْلِيُّ, أَنْبَأَنَا رَجَاءُ بنُ مرجَّى, فَأَنكرَ الدَّارَقُطْنِيُّ هَذَا، وَقَالَ: حَفْصٌ يصغُرُ عَنْ هَذَا, فَكَتَبُوا إِلَى أَرْدَيِبْلَ يسَألوْنَ ابناً لحَفْصٍ, فَعَادَ جَوَابُهُمْ بأنَّ أَبَاهُ لَمْ يَرَ رَجَاء قَطُّ, فتتبَّعَ ابْنُ بَطَّةَ النُّسَخَ، وَجَعَلَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ الرَّاجيَانِ, عَنِ الفَتْحِ بنِ شخرفَ, عَنْ رَجَاء.
قُلْتُ: فَبدُوْنِ هَذَا يضعُفُ الشَّيْخُ.
ومَرَّ مَوْتُهُ فِي سَنَةِ سبع وثمانين وثلاث مائة.
وفيها مات القدرة أبو علي أحمد بن محمد بن علي القُومَسَانِيُّ النُّهَاوَنْدِيُّ صَحِبَ الشِّبلِيَّ، وَأَبُو القَاسِمِ بنُ الثَّلاَّجِ وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ أَبِي غَالِبٍ المِصْرِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ مردكَ, وَصَاحِبُ الرَّيِّ فَخرُ الدَّوْلَة عَلِيُّ بنُ ركنِ الدَّوْلَةِ بنِ بُوَيْه, وَشَيْخُ الحنَابلَةِ أَبُو حَفْصٍ العُكْبَرِيُّ، وَأَبُو ذَرٍّ عَمَّارُ بنُ مُحَمَّدٍ التَّمِيْمِيُّ بِبُخَارَى، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ سَمْعُوْنَ وَحفيدُ أَبِي بَكْرٍ بن خزيمة, وآخرون.

(12/466)


3599- الرُّمَّاني 1:
العلَّامة أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ عِيْسَى الرُّمَّانِيُّ النحوي المعتزلي.
أَخذَ عَنِ: الزَّجَّاجِ، وَابنِ دُرَيْدٍ, وَطَائِفَةٍ.
وَعَنْهُ: أَبُو القَاسِمِ التَّنُوْخِيُّ، وَالجَوْهَرِيُّ، وَهلاَلُ بنُ المحسّنِ.
وصنَّف فِي التَّفْسِيْرِ وَاللُّغَةِ وَالنَّحْوِ، وَالكَلاَمِ, وَشَرَحَ "سِيْبَوَيْه", وَكِتَابَ "الجملِ"، وَلَهُ فِي الاشتقَاقِ, وَفِي التَّصْرِيْفِ, وَأَشيَاء, وَأَلَّفَ فِي الاعتزَالِ "صنعَةَ الاسْتدلاَلِ" سبعَ مُجَلَّدَاتٍ، وَكِتَابَ "الأَسمَاءِ وَالصِّفَاتِ"، وَكِتَابَ "الأَكوَانِ"، وَكِتَابَ "المَعْلُوْمِ وَالمجهولِ". لَهُ نَحْو مِن مائَةِ مصنَّف.
وَكَانَ يتشيِّع وَيَقُوْلُ: عليٌّ أَفضلُ الصَّحَابَةِ.
وَكَانَ أَبُو حَيَّانَ التَّوْحِيْدِيُّ يبالغُ فِي تعظيمِ الرُّمَّانِيِّ إِلَى الغَايَةِ، وَيصفُهُ بِالتَّأَلُّهِ وَالتّنَزُّهِ, وَالفصَاحَةِ وَالتَّقْوَى.
مَاتَ فِي جُمَادَى الأُولَى سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ, عَنْ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
أَصلُهُ مِنْ سُرّ مَنْ رَأى, وَمَاتَ بِبَغْدَادَ، وكان من أوعية العلم على بدعته.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "12/ 16"، والأنساب للسمعاني "6/ 160"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 176"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "14/ 73"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "3/ ترجمة 435"، والعبر "3/ 25"، وميزان الاعتدال "3/ 149"، ولسان الميزان "4/ 248"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 168".

(12/467)


ابن جميل، وابن ماهان، وصاحب القوت:
3600- ابن جميل 1:
الشَّيْخُ, الثِّقَةُ, أَبُو أَحْمَدَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ يَعْقُوْبَ, ابْنُ المُحَدِّثِ إِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ جمِيلٍ الأَصْبَهَانِيُّ.
سَمِعَ مِنْ جَدِّهِ "مُسْنَدَ" أَحْمَدَ بنِ مَنِيْعٍ, وتفرَّد بروَايتِهِ، وَسَمِعَ مِنْ أَحْمَدَ بنِ جَعْفَرِ بنِ مَحمُوَيْه، وَالحَسَنِ بنِ عُثْمَانَ الفَسَوِيِّ.
وَعَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ بنُ مَرْدَوَيْه، وَأَبُو بَكْرٍ الذَّكوَانِيُّ, وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَعَلِيُّ بنُ القَاسِمِ بنِ سِيْبَوَيْه وَأَبُو نَصْرٍ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدٍ الكِسَائِيُّ، وَعُثْمَانُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ سَعِيْدٍ الخَلاَّلُ، وَعَبْدُ الوَاحِدِ بنُ أَحْمَدَ المُعَلِّمُ, وَآخرُوْنَ.
قَالَ ابْنُ مَرْدَوَيْه: مَاتَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَفِيْهَا مَاتَ أَبُو حَامِدٍ بنُ المُزَكِّي، وَأَبُو حَامِدٍ النُّعَيْمِيُّ, وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ زُوْلاَقَ، وَالحَافِظُ أَحْمَدُ بنُ أَبِي اللَّيْثِ, وَأَبُو أَحْمَدَ السَّامَرِّيُّ, وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ أَبِي زَيْدٍ, وَأَبُو الحَسَنِ الحَرَّانِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الخَتَنُ، وَأَبُو طَالِبٍ المكي العزيز بالله صاحب مصر.
3601- ابن ماهان 2:
الإِمَامُ المُحَدِّثُ, أَبُو العَلاَءِ, عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ عِيْسَى بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عِيْسَى بنِ مَاهَانَ الفَارِسِيُّ ثُمَّ البَغْدَادِيُّ.
سَمِعَ: إِسْمَاعِيْلَ الصَّفَّارَ, وأبا بكر العباداني، وعثمان بن السماك, وَأَبَا الفَوَارِسِ بنَ السِّنْدِيِّ، وَأَبَا حَامِدٍ أَحْمَدَ بنَ الحَسَنِ النَّيْسَابُوْرِيَّ, وَأَبَا أَحْمَدَ الجُلُودِيَّ، وَعِدَّةً, وَأَكثرَ الأَسفَارَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَلِيُّ بنُ بُشْرَى اللَّيْثِيُّ, وَعَلِيُّ بنُ القَاسِمِ الخَيَّاطُ، وَالمطهّرُ بنُ مُحَمَّدٍ الأَصْبَهَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ الحَذَّاءِ, وَأَحْمَدُ بنُ فَتْحِ بنِ الرسَّان، وَآخرُوْنَ.
وحدَّث بِمِصْرَ بِـ "صَحِيْحِ مُسْلِمٍ", عَنْ أَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى الأَشقرِ الشَّافِعِيِّ, عَنْ أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ القَلاَنِسِيِّ, عَنْ مُسْلِمٍ, سِوَى ثَلاَثَةِ أَجْزَاء مِنْ آخِرِهِ, فرَوَاهَا عَنِ الجُلُودِيُّ.
وثَّقه الدَّارَقُطْنِيُّ.
وَقَالَ الحبَّالُ: مَاتَ سَنَةَ سبع وثمانين وثلاث مائة.
3602- صاحب القوت 3:
الإِمَامُ الزَّاهِدُ العَارِفُ, شَيْخُ الصُّوْفِيَّةِ, أَبُو طَالِبٍ, مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ عطيَّةَ الحَارِثِيُّ المكِّيُّ المنشأ, العجمي الأصل.
__________
1 ترجمته في أخبار أصبهان "2/ 106"، والعبر "3/ 33"، والنجوم الزهرة لابن تغري بردي "4/ 175"، وشذرت الذهب لابن العماد "3/ 120".
2 ترجمته في العبر "3/ 39"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 128".
3 ترجمته في تاريخ بغداد "3/ 89"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 189"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "4/ ترجمة 630"، والعبر "3/ 33"، وميزان الاعتدال "3/ 655"، ولسان الميزان "5/ 300"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 175"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 120".

(12/468)


رَوَى عَنْ: أَبِي بَكْرٍ الآجُريّ, وَأَبِي بَكْرٍ بنِ خَلاَّدٍ النَّصِيْبِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الحَمِيْدِ الصَّنْعَاني، وَأَحْمَدَ بنِ ضَحَّاكٍ الزَّاهِدِ, وَعَلِيِّ بنِ أحمد المصيصي، ومحمد بن أحمد المفيد.
وَعَنْهُ: عَبْدُ العَزِيْزِ الأَزَجِيُّ, وَغَيْرُ وَاحدٍ.
قَالَ الخَطِيْبُ: حدَّثني العَتِيْقِيُّ وَالأَزْهَرِيُّ أَنَّهُ كَانَ مُجْتَهِداً فِي العِبَادَةِ، وَقَالَ لِي أَبُو طَاهِرٍ العَلاَّفُ: وَعَظَ أَبُو طَالِبٍ بِبَغْدَادَ, وَخلَّطَ فِي كلاَمِهِ, وَحُفظَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ عَلَى المَخْلُوْقينَ أَضرُّ مِنَ الخَالقِ, فبَدَّعوه وَهَجَرُوهُ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: كَانَ يجوعُ كَثِيْراً، وَلقيَ سَادَةً, وَدَخَلَ البَصْرَةَ بَعْدَ موتِ أَبِي الحَسَنِ بنِ سَالِمٍ, فَانْتَهَى إِلَى مقَالتِهِ.
وَقَالَ أَبُو القَاسِمِ بنُ بِشْرَانَ: دَخَلتُ عَلَى شيخِنَا أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ: إِذَا عَلِمْتَ أَنَّهُ قَدْ خُتمَ لِي بِخَيْرٍ فَانثُرْ عَلَى جَنَازَتِي سُكَّراً وَلوزاً, وَقلْ: هَذَا الحَاذقُ، وَقَالَ: إِذَا احتُضرتُ فَخذْ بِيَدِي, فَإِذَا قبضتُ عَلَى يَدِكَ فَاعلمْ أَنَّهُ قَدْ خُتِمَ لِي بِخَيْرٍ, فَقعدتُ, فلمَّا كَانَ عِنْدَ مَوْتِهِ قبضَ عَلَى يَدِي قبضاً شدِيداً, فنثرتُ عَلَى جِنَازَتِهِ سُكَّراً وَلوزاً.
وَلأَبِي طَالِبٍ ريَاضَاتٌ وَجوعٌ؛ بحيثُ إِنَّهُ تركَ الطَّعَامَ وتقنَّع بِالحشيشِ, حَتَّى اخضرَّ جلدُهُ.
رَأَيْتُ لأَبِي طَالِبٍ أَرْبَعينَ حَدِيْثاً بخطِّهِ, قَدْ خرَّج فِيْهَا عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرِ بنِ فَارِس الأَصْبَهَانِيِّ إِجَازَةً، وَفِيْهَا عَنْ أَبِي زَيْدٍ المَرْوَزِيِّ مِنْ "صَحِيْحِ البُخَارِيِّ" أَوَّلُهَا: "الحَمْدُ للهِ كنْه حَمْدِهِ بِحَمْدِهِ" وَلَهُ كِتَابُ "قُوت القُلوبِ" مَشْهُوْرٌ.
توفِّي فِي جُمَادَى الآخِرَةِ سنة ست وثمانين وثلاث مائة.

(12/469)


3603- السُّكَّري 1:
الشَّيْخُ العَالِمُ المُعَمَّرُ, مُسْنِدُ العِرَاقِ, أَبُو الحَسَنِ, عَلِيُّ بنُ عُمَرَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ شَاذَانَ الحِمْيَرِيُّ البَغْدَادِيُّ الحَرْبِيُّ السُّكَّرِيُّ، وَيعرفُ أَيْضاً بِالصَّيْرَفِيِّ وَبَالكَيَّالِ.
وُلِدَ سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ الصُّوْفِيُّ، وَعَبَّادِ بنِ عَلِيٍّ السِّيْرِيْنِيِّ, وَعَلِيِّ بنِ سَرَّاجٍ، وَالهيثمِ بنِ خَلَفٍ, وَمُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ البَاغَنْدِيِّ, وَعَلِيِّ بنِ إِسْحَاقَ بنِ زَاطيَا، وَالحَسَنِ بنِ الطَيِّبِ البَلْخِيِّ, وَأَبِي خُبَيْبٍ بنِ البِرْتِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ بنِ حِبَّانَ, وَعِيْسَى بنِ سُلَيْمَانَ، وَالحَسَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَنْبَرٍ، وَشُعَيْبِ بنِ مُحَمَّدٍ الذَّارعِ، وَأَبِي حفيصٍ قَاضِي حَلَبَ, وَأَحْمَدَ بنِ سَعِيْدٍ الدِّمَشْقِيِّ, وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدَةَ القَاضِي, وَمُحَمَّدِ بنِ صَالِحِ بنِ ذَرِيْحٍ العُكْبَرِيِّ، وَعِدَّةٍ, وَعُمِّرَ دَهْراً, وتفرَّد بأَشيَاءَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو القَاسِمِ الأَزْهَرِيُّ, وَأَبُو مُحَمَّدٍ الخَلاَّلُ، وَالقَاضِي أَبُو الطَيِّبِ الطَّبَرِيُّ, وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ العَتِيْقِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ التَّنُوْخِيُّ, وَالقَاضِي أَبُو يَعْلَى مُحَمَّدُ بنُ الفَرَّاءِ، وَأَبُو الغنَائِمِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ الدَّجَاجِيُّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ الغَرِيْقِ, وَعَبْدُ الصَّمَدِ بنُ المَأْمُوْنِ، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ النَّقُّوْرِ.
قَالَ التَّنُوْخِيُّ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: وُلِدْتُ سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ، وَأَوَّلُ سَمَاعِي سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ مِنَ الصُّوْفِيِّ.
قَالَ الخَطِيْبُ: سَأَلْتُ الأَزْهَرِيَّ عَنْهُ فَقَالَ: صَدُوْقٌ، وَكَانَ سمَاعُهُ فِي كُتُبِ أَخِيْهِ, لَكِنَّ بَعْضَ المُحَدِّثِيْنَ قَرَأَ عَلَيْهِ شَيْئاً مِنْهَا لَمْ يَكُنْ فِيْهِ سمَاعُهُ, وَأَلحقَ فِيْهِ السَّمَاعَ, فَجَاءَ آخَرُوْنَ فَحَكُّوا الإِلحَاقَ وَأَنْكَرُوهُ, وَأَمَّا الشَّيْخُ فَكَانَ فِي نَفْسِهِ ثِقَةً.
وَقَالَ عَبْدُ العَزِيْزِ الأَزَجِيُّ: كَانَ صَحِيْحَ السَّمَاعِ.
وَقَالَ العَتِيْقِيُّ: كَانَ ثِقَةً, ذهبَ بصرُهُ فِي آخِرِ عُمُرِهِ، وتوفِّي فِي شَوَّالٍ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقَالَ البَرْقَانِيُّ: لاَ يُسَاوِي شَيْئاً.
قُلْتُ: وَقَعَ لَنَا مِنْ عَوَالِيْهِ نُسْخَةُ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ, وَقَدْ خرَّجتُ منها في أماكن.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "12/ 40"، والأنساب للسمعاني "7/ 96"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 188"، والعبر "3/ 33"، وميزان الاعتدال "3/ 148"، ولسان الميزان "4/ 246"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 175"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 120".

(12/470)


3604- المخْلَدِي 1:
الإِمَامُ الصَّدُوْقُ المُسْنِدُ, أَبُو مُحَمَّدٍ, الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيِّ بنِ مَخْلَدِ بنِ شَيْبَانَ المخَلْدي النَّيْسَابُوْرِيُّ العَدْلُ شَيْخُ العدَالَةِ، وَبَقِيَّةُ أَهْلِ البيوتَاتِ.
سَمِعَ أَبَا العَبَّاسِ السَّرَّاجَ, وَمُؤَمَّلَ بنَ الحَسَنِ، وَأَبَا نُعَيْمٍ بن عدي, وَزَنْجوَيْه بنَ مُحَمَّدٍ اللَّبَّادَ، وَمُوْسَى بنَ العَبَّاسِ الجُوَيْنِيَّ, وَأَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ الذَّهَبِيَّ, وَأَبَا حَامِدٍ أَحْمَدَ بنَ حَمْدُوْنَ الأَعْمَشِيَّ, وَمُحَمَّدَ بنَ حَمْدُوْنَ النَّيْسَابُوْرِيَّ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ مُحَمَّدِ بنِ مُسْلِمٍ الإِسْفَرَايِيْنِيَّ, وَعَلِيَّ بنَ أَحْمَدَ بنِ محفوظٍ، وَابنَ الشَّرْقِيِّ, وَمكِّيَّ بنَ عَبْدَانَ, وَجَدَّهُ لأُمِّهِ مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ نَصْرِ بنِ زِيَادٍ, وَالعَبَّاسَ بنَ عِصَامٍ, وَمُحَمَّدَ بن إسماعيل بن إسحاق المروزي صاحب علي بنِ حجرٍ, وَالحَسَنَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ جَابِرٍ الوَكِيْلَ, وَعِدَّةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: الحَاكِمُ, وَأَبُو عُثْمَانَ سَعِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَحِيْرِيُّ، وَيَعْقُوْبُ بنُ أَحْمَدَ الصَّيْرَفِيُّ, وَأَبُو سَعِيْدٍ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الخَشَّابُ, وَأَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ الأَزْهَرِيُّ, وَآخرُوْنَ. وَقعَ لَنَا مِنْ عَوَالِيْهِ.
قَالَ الحَاكِمُ: هُوَ صَحِيْحُ السَّمَاعِ وَالكُتُبِ, مُتْقِنٌ فِي الرِّوَايَةِ, صَاحِبُ الإِمْلاَءِ فِي دَارِ السُّنَّةِ, مُحَدِّثُ عَصْرِهِ, توفِّي فِي رَجَبٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ, أَنْبَأَنَا المُؤَيَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ, أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ سَهْلٍ المَسَاجِدِيُّ، وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ, عَنْ زَيْنَبٍ الشَّعْرِيَّةِ, وَالقَاسِمِ بنِ عَبْدِ اللهِ قَالاَ: أَخْبَرَنَا وَجِيْهُ بنُ طَاهِرٍ، وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ, عَنْ زَيْنَب, أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مَنْصُوْرٍ الحُرْضِيُّ قَالُوا: أَخْبَرَنَا يَعْقُوْبُ بنُ أَحْمَدَ الصَّيْرَفِيُّ, حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ المَخْلَديُّ إِمْلاَءً, أَخْبَرَنَا أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ, حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيْدٍ, حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ مُحَمَّدٍ, عَنْ سُهَيْلٍ, عَنْ أَبِيْهِ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ" 2.
هَذَا حَدِيْثٌ حسنٌ قوِيُّ الإِسنَادِ, أَخرجَهُ أَبُو عِيْسَى فِي "جَامِعهِ", عَنْ قُتَيْبَةَ.
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ المَخْلَدِيَّ يَقُوْلُ: شَهِدْتُ سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ فَعُدِّلتُ, وَسجَّلَ الحَاكِمُ بِشَهَادَتِي.
وَفِيْهَا توفِّي زَاهِرُ بنُ أَحْمَدَ السَّرَخْسِيُّ، وَالمُقْرِئُ عَبْدُ المُنْعِمِ بنُ غَلْبُوْنَ, وَأَبُو القَاسِمِ بنُ حبَابَةَ، وَأَبُو الهَيْثَمِ الكُشْمِيْهَنِيُّ, وَقَاضِي مِصْرَ مُحَمَّدُ بنُ النُّعْمَانِ بنِ مُحَمَّدٍ البَاطِنِيُّ.
__________
1 ترجمته في اللباب لابن الأثير "3/ 180"، والعبر "3/ 43"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 131".
2 صحيح: أخرجه البخاري "165"، ومسلم "242"، والترمذي "41"، والنسائي "1/ 77"، وابن ماجه "453"، وله شاهد من حديث عبد الله بن عمرو: عند البخاري "60"، ومسلم "241"، وأبي داود "97"، والنسائي "1/ 78"، وابن ماجه "450"، وأحمد "2/ 193، 201".
وشاهد آخر من حديث عائشة: عند مسلم "240"، وابن ماجه "451"، "452"، وأحمد "6/ 99".

(12/471)


3605- الضَّرَّاب 1:
الإِمَامُ المُحَدِّثُ, أَبُو مُحَمَّدٍ, الحَسَنُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ مُحَمَّدٍ المِصْرِيُّ, مُصَنِّفُ كِتَابِ "المُرُوْءةِ".
سَمِعَ مِنْ أَحْمَدَ بنِ مَرْوَانَ الدِّيْنَوَرِيِّ المَالِكِيِّ، وَأَبِي الحُسَيْنِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ أَبِي الحَدِيْدِ، وَأَحْمَدَ بنِ مَسْعُوْدٍ المَقْدِسِيِّ, وَعُثْمَانَ بنِ مُحَمَّدٍ الذَّهَبِيِّ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرِ بنِ الوَرْدِ، وَأَحْمَدَ بنِ عُبَيْدٍ الكَلاَعِيِّ الحِمْصِيِّ, وَدَعْلَجِ بنِ أحمد السجزي, وعدة.
وَارْتَحَلَ فِي الحَدِيْثِ وتَمَيِّز.
حدَّث عَنْهُ: ابْنُهُ عَبْدُ العَزِيْزِ, وَأَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ هَاشِمٍ المُقْرِئُ، وَرَشَأُ بنُ نظيفٍ الدِّمَشْقِيُّ, وَالدَّارَقُطْنِيُّ, وَهُوَ أَكبرُ مِنْهُ.
مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وثلاث مائة.
ومات في ربيع الآخر سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ بِمِصْرَ.
وَهُوَ رَاوِي كِتَابِ المُجَالَسَةِ للدِّيْنَوَرِيِّ.
وَلَمْ تبلُغْنَا أَخبارُهُ كَمَا فِي النَّفْسِ، وَالظَّاهِرُ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ ثِقَةٌ, صَاحِبُ حَدِيْثٍ, وَمَعْرِفَتُهُ مُتَوسِّطَةٌ.
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي الفَضْلِ أَحْمَدَ بنِ هِبَةِ الله, أَخْبَرَنَا أَبُو البَرَكَاتِ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ, أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الحُسَيْنِيُّ, أَخْبَرَنَا رَشَأ بنُ نَظِيف, أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ, حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بنُ مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيُّ, حَدَّثَنَا الحَارِثُ بنُ أُسَامَةَ, حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى, عَنْ سَهْلِ بنِ حَمَّادٍ, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ الفُرَاتِ, حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ لُقْمَانَ, عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْصَارِيِّ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول: "الأَكْلُ فِي السُّوقِ دَنَاءةٌ"2.
رُوِيَ فِي ذَلِكَ آثار، ولا يثبت منها شيء.
__________
1 ترجمته في الإكمال لابن ماكولا "5/ 207"، والأنساب للسمعاني "8/ 150"، والعبر "3/ 52"، ولسان الميزان "2/ 197"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 140".
2 ضعيف: أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" "3/ 163" من طريق محمد بن الفرات، به.
وإسناده موضوع، آفته محمد بن الفرات، كذَّبه أحمد، وأبو بكر بن أبي شيبة. وَقَالَ البُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الحَدِيْثِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: مَتْرُوكٌ. وأخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" "10/ 125"، وإسناده ضعيف، آفته الهيثم بن سهل، ضعَّفه الدارقطني. وله طرق أخرى واهية.

(12/472)


3606- الحربي 1:
الشَّيْخُ العَالِمُ الأَدِيبُ المُعَمَّرُ, أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ يَحْيَى بنِ زَكَرِيَّا بنِ حَرْبٍ ابْنُ أَخِي الزَّاهِدِ أَحْمَدَ بنِ حَرْبٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ المُزَكِّيُّ الحَرْبِيُّ, نِسبَةً إِلَى الجَدِّ.
سَمِعَ أَبَا العَبَّاسِ السَّرَّاجَ، وَمَكِّيَّ بنَ عَبْدَانَ, وَأَحْمَدَ بنَ حَمْدُوْنَ الأَعْمَشِيَّ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ الشَّرْقِيِّ, وَعَبْدَ الوَاحِدِ بنَ مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدٍ, وَطَائِفَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: الحَاكِمُ، وَأَبُو بَكْرٍ الأَرْدِسْتَانِيُّ, وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي عَمْرٍو شَيْخٌ للخِطِيْبِ، وَأَبُو سَعْدٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الحَاكِمُ, وَأَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ الإِسْمَاعِيْلِيُّ، وَأَبُو عُثْمَانَ سَعِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَحِيْرِيُّ, وَأَبُو نَصْرٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَلِيٍّ التَّاجِرُ, وَآخرُوْنَ.
وَكَانَ أَدِيباً أَخْبَارِيّاً عَالِماً متفِّننًا رَئِيْساً مُحْتَشِماً, مِنْ أَهْلِ الصِّدْقِ وَالأَمَانَةِ, عَلَى بِدْعَةٍ فِيْهِ, عمِّر دَهْراً وَاحْتِيْجَ إِلَيْهِ.
مَاتَ فِي شَهْرِ ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ, وَهُوَ فِي عَشْرِ المائَةِ.
وَفِيْهَا مَاتَ مُسْنِدُ الأَنْدَلُسِ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ ضَيْفُونَ اللَّخمِيُّ القُرْطُبِيُّ -سَمِعَ ابنَ الأَعرَابِيِّ، وعبد الله بن يونس القَبْرِيَّ، وَالشَّيْخُ أَبُو عُمَرَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ السُّلَمِيُّ الأصبهاني، وأبو جعفر محمد بن محمد جَعْفَرِ بنِ حَسَّانٍ المَالِيْنِيُّ بِهَرَاةَ، وَأَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بنُ عُمَرَ بنِ خَرَّشِيْذَ, قُوْلَهْ بِمِصْرَ: لَقِيَ أَبَا حَامِدٍ الحَضْرَمِيَّ, وَالمُعَمَّرُ أَبُو الفَتْحِ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَلِيِّ بنِ سَيْبُخْتَ البَغْدَادِيُّ بِمِصْرَ أدرك البغوي.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "14/ 238"، والأنساب للسمعاني "4/ 101"، واللباب لابن الأثير "1/ 355"، والعبر "3/ 57"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 145".

(12/473)


3607- المُعَافى 1:
ابن زكريا بن يحيى بن حميد, العَلاَّمَةُ الفَقِيْهُ, الحَافِظُ القَاضِي المُتَفَنِّنُ, عَالِمُ عَصْرِهِ, أَبُو الفَرَجِ النَّهْرُوَانِيُّ الجَرِيْرِيُّ, نِسبَةً إِلَى رَأْيِ ابْنِ جَرِيْرٍ الطَّبَرِيِّ, وَيُقَالُ لَهُ: ابْنُ طَرَارَا.
سَمِعَ أَبَا القَاسِمِ البَغَوِيَّ, وَأَبَا مُحَمَّدٍ بنَ صَاعِدٍ، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي دَاوُدَ، وَأَبَا سَعِيْدٍ العَدَوِيَّ، وَأَبَا حَامِدٍ الحَضْرَمِيَّ, وَالقَاضِي المَحَامِلِيَّ, وَخَلْقاً كَثِيْراً.
وَتَلاَ عَلَى ابنِ شَنَبُوْذَ، وَأَبِي مزاحم الخاقاني.
قَرَأَ عَلَيْهِ: القَاضِي أَبُو تَغْلِبٍ المُلْحَمِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مَسْرُوْرٍ الخَبَّازُ, وَمُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ النُّهَاوَنْدِيُّ, وَطَائِفَةٌ.
وحدَّث عَنْهُ: أَبُو القَاسِمِ عُبَيْدُ اللهِ الأَزْهَرِيُّ، وَالقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ التَّوَّزِيُّ, وَأَحْمَدُ بنُ عُمَرَ بنِ رَوْحٍ, وَأَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ الجَازِرِيُّ، وَأَبُو الحسين محمد بن أحمد بن حسنون النرسي, وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ مِنْ أَعلمِ النَّاسِ فِي وَقتِهِ بِالفِقْهِ وَالنَّحْوِ وَاللُّغَةِ, وَأَصنَافِ الأَدبِ, وَلِيَ القَضَاءَ بِبَابِ الطَّاقِ، وَكَانَ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ جَرِيْرٍ, وَبَلَغَنَا عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ البَافِيِّ الفَقِيْهِ أَنَّهُ كَانَ يَقُوْلُ: إِذَا حضَرَ القَاضِي أَبُو الفَرَجِ فَقَدْ حَضَرَتِ العُلُومُ كُلُّهَا.
قَالَ الخَطِيْبُ: وحدَّثني القَاضِي أَبُو حَامِدٍ الدَّلوي قَالَ: كَانَ أَبُو مُحَمَّدٍ البَافِيُّ يَقُوْلُ: لَوْ أَوْصَى رَجُلٌ بِثُلُثِ مَالِه أَنْ يُدفعَ إِلَى أَعلمِ النَّاسِ, لَوَجَبَ أَنْ يُدفعَ إِلَى المُعَافَى بنِ زَكَرِيَّا.
قَالَ الخَطِيْبُ: سَأَلْتُ البَرْقَانِيَّ عَنِ المعَافَى فَقَالَ: كَانَ أَعلمَ النَّاسِ, وَكَانَ ثِقَةً, لَمْ أَسمَعْ مِنْهُ.
وَحَكَى أَبُو حَيَّانَ التَّوْحِيْدِيُّ قَالَ: رَأَيْتُ المُعَافَى بنَ زَكَرِيَّا قَدْ نَامَ مُستدبرَ الشَّمْسِ فِي جَامعِ الرُّصَافَةِ فِي يَوْمٍ شاتٍ, وَبِهِ مِنْ أَثَرِ الضُّرِّ وَالفَقْرِ وَالبُؤْسِ أمر عظيم, مع غزارة علمه.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي نَصْرٍ الحُمَيْدِيُّ: قَرَأْتُ بخطِّ المُعَافَى بنِ زَكَرِيَّا قَالَ: حَجَجْتُ وَكُنْتُ بِمِنَى, فَسَمِعْتُ مُنَادِياً يُنَادِي: يَا أَبَا الفَرَجِ المُعَافَى, قُلْتُ: مَنْ يُرِيْدُنِي؟ وَهَمَمْتُ أَنْ أُجِيْبَهُ, ثُمَّ نَادَى: يَا أَبَا الفَرَجِ المُعَافَى بنَ زَكَرِيَّا النَّهْرُوَانِيَّ, فَقُلْتُ: هَا أَنَا ذَا, مَا تُرِيْدُ? فَقَالَ: لَعَلَّكَ مِنْ نَهْرُوَانِ العِرَاقِ, قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: نَحْنُ نُرِيْدُ نَهْرُوَانَ الغَرْبِ, قَالَ: فَعَجِبْتُ مِنْ هَذَا الاتِّفَاقِ, وَعلمتُ أَنَّ بِالمَغْرِبِ مَكَاناً يسمَّى النَّهْرُوَانُ.
مَاتَ المُعَافَى بِالنَّهْرُوَانِ فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ تِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ, وَلَهُ خَمْسٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً.
وَلَهُ تفسيرٌ كَبِيْرٌ فِي سِتِّ مُجَلَّدَاتٍ جَمُّ الفَوَائِدِ، وَلَهُ كِتَابُ "الجَلِيْسِ وَالأَنيسِ" فِي مُجَلَّدينِ.
وَكَانَ من بحور العلم.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "13/ 230"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 213"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "19/ 151"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "5/ ترجمة 726"، وتذكرة الحفّاظ "3/ ترجمة 943"، والعبر "3/ 47"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 201"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 143".

(12/474)


أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ, أَخْبَرَنَا أَبُو اليُمْنِ الكِنْدِيُّ, أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي, أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ النَّرْسِيُّ, أَخْبَرَنَا المُعَافَى, حَدَّثَنَا البَغَوِيُّ, حَدَّثَنَا وَهبٌ, حَدَّثَنَا خَالِدٌ, عَنِ الشَّيْبَانِيِّ, عَنْ عَوْنِ بنِ عَبْدِ اللهِ, عَنْ أَخِيْهِ عُبَيْدِ اللهِ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إن فِي الجُمُعَةِ لَسَاعَةً لاَ يَسْأَلُ اللهَ فِيْهَا عبد مؤمن شيئًا إلَّا استجاب له" 1.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ أَبُو حَفْصٍ الكَتَّانِيُّ، وَأَمَةُ السَّلاَمِ بِنْتُ القَاضِي أَحْمَدَ بنِ كَامِلٍ, وَنَائِبُ دِمَشْقَ حُبَيْشُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ صَمْصَامٍ البَرْبَرِيُّ, وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ المُؤْمِنِ القُرْطُبِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ رُهَيْلٍ, وَأَبُو زُرْعَةَ مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ الكَشِّيُّ, وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بن أخي ميمي الدقاق.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "935"، ومسلم "852"، وأبو داود "1046"، من طريق أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، به.

(12/475)


3608- ابن النعمان 1:
قَاضِي الدِّيَارِ المِصْرِيَّةِ, أَبُو عَبْدِ اللهِ, مُحَمَّدُ بنُ القَاضِي أَبِي حَنِيْفَةَ النُّعْمَانِ بنِ مُحَمَّدٍ المَغْرِبِيُّ.
وَلِيَ الأَحْكَامَ بَعْدَ أَخِيْهِ أَبِي الحَسَنِ، وَكَانَ مَجموعَ الفضَائِلِ, لكنَّهُ عَلَى اعْتِقَادِ العُبَيْدِيَّةِ.
وَلَهُ شِعْرٌ عَذْبٌ, وَمِنْ ذَلِكَ:
أَيَا مُشْبهَ البَدْرِ بَدْرِ السَّمَا ... لِسَبْعٍ وَخَمْسٍ مَضَتْ وَاثْنَتَيْنِ
وَيَا كَامِلَ الحُسْنِ فِي نَعْتِهِ ... شَغَلْتَ فُؤَادِي وَأَسْهَرْتَ عَيْنِي
فَهَلْ لِي مِنْ مَطْمَعٍ أَرْتَجِيْهِ ... وَإِلاَّ انْصَرَفْتُ بِخُفَّيْ حُنَيْنِ
وَيَشْمَتُ بِي شَامِتٌ فِي هَوَاكَ ... وَيُفْصِحُ لِي ظَلتَ صُفرَ اليَدَيْنِ
فَإِمَّا مَنَنْتَ وَإِمَّا قَتَلْتَ ... فَأَنْتَ قَدِيْرٌ عَلَى الحَالَتَيْنِ
قَالَ ابْنُ زُوْلاَقَ: لَمْ نُشَاهدْ لقاضٍ مِنَ القضاة من الرئاسة ما شاهدناه لِمُحَمَّدِ بنِ النُّعْمَانِ، وَلاَ بَلغنَا ذَلِكَ عَنْ قاضٍ بِالعِرَاقِ, وَبَالَغَ فِي نَعْتِهِ وَتقريظِهِ، وَوَصَفَهُ بِالهَيْبَةِ وَإِقَامَةِ الحَقِّ, وَكَانَ يخلفُهُ أَولاَدُ أَخِيْهِ.
مَاتَ فِي صَفَرٍ, سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ, ثُمَّ وَلِيَ القَضَاءَ ابْنُ أَخِيْهِ الحُسَيْنُ بن علي.
__________
1 ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "5/ 419"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 132".

(12/475)


3609- ابن حَبابَة 1:
الشَّيْخُ المُسْنِدُ العَالِمُ الثِّقَةُ, أَبُو القَاسِمِ, عُبَيْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ بنِ سُلَيْمَانَ بنِ حَبَابَةَ -بِالتَّخْفِيْفِ- البَغْدَادِيُّ, المَتُّوثِيُّ, البَزَّازُ.
وُلِدَ سَنَةَ ثَلاَثِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ أَبِي القَاسِمِ البَغَوِيِّ كِتَابَهُ المَعْرُوفَ بِـ "الجَعْدِيَّاتِ", وَسَمِعَ أَيْضاً مِنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي دَاوُدَ، وَابنِ صَاعِدٍ, وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّدٍ الخَلاَّلُ، وَالأَزَجِيُّ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عَلِيٍّ, وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الأَزْهَرِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الصَّريفينِيُّ الخَطِيْبُ, وَآخرُوْنَ.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ ثِقَةً, مَاتَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ, وَصَلَّى عَلَيْهِ الإِمَامُ أَبُو حَامِدٍ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ، وَالمُسَلَّمُ بنُ مُحَمَّدٍ إِذْناً قَالاَ: أَخْبَرَنَا أَبُو اليُمْنِ الكِنْدِيُّ, أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ, أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بن علي, أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ البَزَّازُ سَنَةَ 386, حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ البَغَوِيُّ, حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بنُ حَمَّاد, حَدَّثَنَا حَمَّاد بنُ سَلَمَةَ, عَنْ ثَابِتٍ, عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: "صَوْمُ شَهْرِ الصَّبْرِ، وَصَوْمُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ, صَوْمُ الدَّهْرِ". أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ2 عَنْ زَكَرِيَّا خَيَّاطِ السُّنَّةِ, عَنِ عَبْدِ الأَعْلَى النَّرْسِيِّ, فَوَقَعَ لَنَا بدلًا عاليًا.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغدد "10/ 377"، والإكمال لابن ماكولا "2/ 372"، والعبر "3/ 44"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 132".
2 صحيح: أخرجه النسائي "4/ 218-219".

(12/476)


3610- ابن الجراح 1:
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ العَالِمُ المُسْنِدُ, أَبُو القَاسِمِ, عِيْسَى بنُ عَلِيِّ بنِ عِيْسَى بنِ دَاوُدَ بنِ الجَرَّاحِ البَغْدَادِيُّ.
وَالِدُ الوَزِيْرِ العَادلِ أَبِي الحَسَنِ.
وُلِدَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ البَغَوِيَّ، وَابنَ أَبِي دَاوُدَ, وَابنَ صَاعِدٍ, وَأَبَا حَامِدٍ الحَضْرَمِيَّ، وَبَدْرَ بنَ الهَيْثَمِ, وَأَبَا بَكْرٍ بنَ دُرَيْدٍ, وَمُحَمَّدَ بنَ نُوْحٍ الجُنْدَيْسابوري, وَأَبَا بَكْرٍ بنَ زِيَادٍ, وَأَبَا جَعْفَرٍ بنَ البُهْلُول، وَأَبَا عُمَرَ مُحَمَّدَ بنَ يُوْسُفَ القَاضِي، وَأَبَا بَكْرٍ مجاهد, وعدة.
وأمْلَى عِدَّةَ مَجَالِسَ.
حدَّث عَنْهُ: أَبُو القَاسِمِ الأزهري، وأبو محمد الخلال, وعلي بن المحسن التَّنُوْخِيُّ، وَعَبْدُ الوَاحِدِ بنُ شِيطَا, وَأَبُو جَعْفَرٍ بنُ المُسْلِمَةِ، وَأَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ النَّقُّوْرِ, وَآخرُوْنَ.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ ثَبْتَ السماع, صحيح الكتاب.
وقال أبو الفتح ابن أَبِي الفَوَارِسِ: كَانَ يُرمَى بِشَيْءٍ مِنْ مَذْهَبِ الفَلاَسِفَةِ, تُوُفِّيَ فِي يَوْمِ الجُمُعَةِ أَوَّلِ ربيعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: مَاتَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ. وَقِيْلَ: مَاتَ فِي المُحَرَّمِ.
وَلَهُ نَظْمٌ حسنٌ.
قَالَ الخَطِيْبُ: أَنْشَدَنِي أَبُو يَعْلَى بنُ الفَرَّاءِ, أَنْشَدَنَا عِيْسَى بنُ عَلِيٍّ لِنَفْسِهِ:
رُبَّ مَيْتٍ قَدْ صَارَ بِالعِلْمِ حَيّاً ... ومُبَقَّى قَدْ حَازَ جَهْلاً وَغَيّا
فَاقْتَنُوا العِلْمَ كِي تَنَالُوا خُلُوْداً ... لاَ تَعُدُّو الحَيَاةَ فِي الجَهْلِ شَيّا
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ النَّدِيْمُ: كَانَ عِيْسَى أَوْحَدَ زَمَانِهِ فِي عِلمِ المنطقِ، وَالعلومِ القديمَةِ, لَهُ مُؤَلَّفٌ فِي اللُّغَةِ الفَارِسِيَّةِ.
قُلْتُ: لَقَدْ شَانَتْهُ هَذِهِ العُلومُ وَمَا زَانَتْهُ, وَلَعَلَّهُ رُحمَ بِالحَدِيْثِ إِنْ شَاءَ اللهُ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ, أَخْبَرَنَا الفَتْحُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ الكَاتِبُ, أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ الحُسَيْنِ, أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَزَّازُ, حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ عَلِيٍّ إِمْلاَءً قَالَ: قُرِئَ عَلَى بَدرِ بنِ الهَيْثَمِ وَأَنَا أَسمعُ, حَدَّثَكُمْ أَبُو سَعِيْدٍ الأَشَجُّ, حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بنُ خَالِدٍ, حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ, حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ كَعبٍ, عن عبد الله بن جعفر, عن علي قال:
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 179"، والعبر "3/ 50"، وميزان الاعتدال "3/ 319"، ولسان الميزان "4/ 402"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 137".

(12/477)


علَّمني رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَلِمَاتٍ أقولهنَّ عِنْدَ الكَرْبِ: لاَ إِلهَ إلَّا اللهُ الحلِيمُ الكَرِيْمُ, سُبْحَانَ اللهِ ربِّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ, وَربِّ العَرْشِ العَظِيْمِ, الحَمْدُ للهِ ربِّ العَالِمِينَ"1.
رَوَاهُ غَيْرُهُ بِزيَادَةِ عَبْدِ اللهِ بنِ شداد بن عَلِيٍّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ, وَذَلِكَ فِي سُنَنِ النَّسَائِيِّ, فَرَوَاهُ عَنْ خَيَّاطِ السُّنَّةِ, عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ عُبَيْدٍ, عَنْ مُحَمَّدِ بنِ سَلَمَةَ, عَنْ خَالِدِ بنِ يَزِيْدَ, عَنْ عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ بُخْتٍ, عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَجْلاَنَ, عَنْ محمد بن كعب.
__________
1 حسن: أخرجه أحمد "1/ 91"، والبزار "469"، والنسائي في "الكبرى" "7673"، وفي "اليوم والليلة" "630"، "631"، وابن السنِّي في "اليوم والليلة" أيضًا "341"، والطبراني في "الدعاء" "1011"، "1012"، وابن حبان "865"، والحاكم "1/ 508"، والبيهقي في "شعب الإيمان" "10223" من طرق عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَجْلاَنَ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ كعب القرظي، عن عبد الله بن شداد بن الهاد، عن عبد الله بن جعف، عن علي بن أبي طالب قال: لقَّنَنِي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هؤلاء الكلمات، وأمرني إن نزل بي كرب أو شدَّة أن أقولهن: "لا إله إلا الله الكريم الحليم، سبحانه، وتبارك الله رب العرش العظيم, والحمد لله رب العالمين".

(12/478)


ابن واضح، وابن رزيق:
3611- ابن واضح 1:
الشَّيْخُ العَالِمُ المُعَمَّرُ الصَّدُوْقُ, أَبُو بَكْرٍ, أَحْمَدُ بن يوسف بن أحمد بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَيُّوْبَ بنِ عَمْرِو بنِ مُسْلِمِ بنِ وَاضِحٍ الثَّقَفِيُّ الأَصْبَهَانِيُّ الخَشَّابُ المُؤَذِّنُ.
حدَّث عَنْ الحَسَنِ بنِ مُحَمَّدٍ الدَّارِكِيِّ, وَالحَسَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ دَكَّةَ، وَعُمَرَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الحَسَنِ، وَالفَضْلِ بنِ الخَصِيْبِ, وَجَمَاعَةٍ.
حدَّث عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي عَلِيٍّ, وَأَبُو نُعَيْمٍ, وَأَحْمَدُ بنُ الفَضْلِ البَاطِرْقَانِيُّ، وَأَبُو سَهْلٍ حَمْدُ بنُ أَحْمَدَ الصَّيْرَفِيُّ, وَآخرُوْنَ.
توفِّي سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ, وَقَدْ قَارب تسعين سنة.
3612- ابن رزيق 2:
الشَّيْخُ المُحَدِّثُ الثِّقَةُ, أَبُو الحَسَنِ, أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ حُمَيْدِ بنِ رُزَيْقٍ -أَوَّلُهُ رَاءٌ- شَيْخٌ بغدَادِيٌّ, سَكَنَ مِصْرَ.
سَمِعَ مُحَمَّدَ بنَ يُوْسُفَ الهَرَوِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ بَكَّارٍ السَّكْسَكِيَّ, وَالقَاضِي المَحَامِلِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ مَخْلَدٍ، وَأَبَا عَلِيٍّ مُحَمَّدَ بنَ سَعِيْدٍ الرَّقِّيَّ, وَمُحَمَّدَ بنَ جَعْفَرِ بنِ مَلاَّسٍ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ المُقْرِئِ المكِّيَّ, وَانْتَقَى عَلَيْهِ خَلَفٌ الحَافِظُ.
حَدَّثَ عَنْهُ: سِبْطُهُ أَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ مكِّيٍّ, وَرَشَأُ بنُ نظيفٍ, وَعَبْدُ العَزِيْزِ الأَزَجِيُّ, وَيُوْسُفُ بنُ رَبَاحٍ.
وثَّقه الصُّوْرِيُّ.
مَاتَ فِي ربيع الأول سنة إحدى وتسعين وثلاث مائة.
__________
1 ترجمته في أخبار أصبهان "1/ 164"، والعبر "3/ 49"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 135".
2 ترجمته في تاريخ بغداد "4/ 236"، والإكمال لابن ماكولا "4/ 54"، والعبر "3/ 48"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 135".

(12/478)


3613- الحَلَبي 1:
الإِمَامُ العَلاَّمَةُ القَاضِي الفَقِيْهُ القَاضِي, أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يَزِيْدَ الحَلَبِيُّ الشَّافِعِيُّ, نزيلُ مِصْرَ.
سَمِعَ مِنْ: جَدِّهِ إِسْحَاقَ، وَعَلِيِّ بنِ عَبْدِ الحَمِيْدِ الغَضَائِرِيِّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُبَيْدِ اللهِ ابْنُ أَخِي الإِمَامِ, وَمُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ نَيْرُوزَ الأَنْمَاطِيِّ, وَمُحَمَّدِ بنِ نُوْحٍ الجُنْدَيْسَابوري, وَمُحَمَّدِ بنِ الرَّبِيْعِ بنِ سُلَيْمَانَ الجِيْزِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ زِيَاد النَّيْسَابُوْرِيِّ, وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدُ المَلِكِ بنُ أَبِي عُثْمَانَ الزَّاهِدُ, وَرَشَأُ بنُ نظيفٍ، وَالحُسَيْنُ بنُ عَتِيقٍ التِّنِّيْسِيُّ, وَعَبْدُ الملكِ بنُ عُمَرَ البَغْدَادِيُّ الرَّزَّازُ, وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ حَسْنُوْنَ النَّرْسِيُّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ مكِّيٍّ المِصْرِيُّ, وَآخرُوْنَ.
قَالَ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِي: رَوَى عَنِ ابنِ مُجَاهِدٍ كِتَابَ "السَّبْعَةِ", هُوَ وَشيخُنَا أَبُو مُسْلِمٍ آخِرُ مَنْ بَقِيَ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ مُجَاهِدٍ.
وعُمِّر أَبُو الحَسَنِ عُمراً طَوِيْلاً حَتَّى نَيَّفَ عَلَى عَشْرٍ وَمائَةٍ فِيمَا بَلَغَنِي.
وَقِيْلَ: إِنَّ مَوْلِدَهُ كَانَ فِي سنة خمس وتسعين ومئتين، وتوفِّي فِي سَنَةِ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ, فَعُمُرُهُ مائَةُ سَنَةٍ وَسَنَةٌ.
أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ القَادرِ, أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمدِ بنُ مُحَمَّدٍ القَاضِي, أَخْبَرَنَا طَاهِرُ بنُ سَهْلٍ, أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مكِّيٍّ الأَزْدِيُّ, أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ, حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُبَيْدِ اللهِ, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ قدامة, حدثنا جرير, عَنْ رُقَيَّةَ, عَنْ جَعْفَرِ بنِ إِيَاسٍ, عَنْ حَبِيْبٍ يَعْنِي ابنَ سَالِمٍ, عَنِ النُّعْمَانِ بنِ بَشِيْرٍ قَالَ: "أَنَا أَعْلَمُ النَّاسِ بِمِيقَاتِ هَذِهِ الصَّلاَةِ؛ صَلاَةِ العشَاءِ الآخِرَةِ, كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يصلِّيها لِسُقُوْطِ القَمَرِ لثالثه"2.
__________
1 ترجمته في العبر "3/ 61"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 147".
2 صحيح: أخرجه النسائي "1/ 264" من طريق محمد بن قدامة، به.
وأخرجه أبو داود "419"، والترمذي "165"، والنسائي "1/ 164"، والدارمي "1/ 275"، والحاكم "1/ 194-195"، والبيهقي "1/ 448-449"، وأحمد "4/ 274" من طرق عن أبي عوانة، عن أبي بشر جعفر بن أبي وحشية، عن بشير بن ثابت، عن حبيب بن سالم، عن النعمان بن بشير، به.
وأخرجه أحمد "4/ 270"، والطيالسي "797"، والحاكم "1/ 494" من طريق هشيم، عن أبي بشر، عن حبيب بن سالم، به. ولم يذكر في الإسناد بشير بن ثابت.

(12/479)


3614- ابن زنبور 1:
الشَّيْخُ المُسْنِدُ, أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ عَلِيِّ بنِ خَلَفِ بنِ زُنْبُوْرٍ البَغْدَادِيُّ الورَّاق, بَقِيَّةُ الأَشيَاخِ.
حدَّث عَنْ: أَبِي القَاسِمِ البَغَوِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ, وَيَحْيَى بنُ صَاعِدٍ, وَعُمَرَ الدَّرْبِيِّ, وَغَيْرِهِمْ.
حدَّث عَنْهُ: أَبُو القَاسِمِ الأَزْهَرِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الخَلاَّلُ, وَجَمَاعَةٌ خَاتِمَتُهُمْ: أَبُو نَصْرٍ الزَّيْنَبِيُّ.
قَالَ الأَزْهَرِيُّ: هُوَ ضَعِيْفٌ فِي روَايتِهِ عَنِ البَغَوِيِّ، وَسمَاعُهُ مِنَ الدربي صحيح.
وَقَالَ العَتِيْقِيُّ: فِيْهِ تسَاهلٌ, توفِّي فِي صَفَرٍ سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ ضَعِيْفاً جِدّاً.
قُلْتُ: سَمِعْنَا مِنْ طريقِهِ كِتَابَ "البَعْثِ" لابنِ أَبِي دَاوُدَ، وَالثَّانِي مِنْ رِوَايَةِ زُغبَةَ عَنِ اللَّيْثِ، وَالثَّالِثَ مِنْ مُسْنَدِ ابنِ مَسْعُوْدٍ لابنِ صَاعِدٍ، وَهَذِهِ الأَجْزَاء مِنْ أعلى ما عندي مع ضعفه.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "3/ 35"، والعبر "3/ 62"، وميزان الاعتدال "3/ 671"، ولسان الميزان "5/ 325".

(12/480)


3615- الأبهريّ 1:
الأَدِيْبُ المُعَمَّرُ الصَّدُوْقُ أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ المَرْزَبَّانِ الأَبْهَرِيُّ -أَبهر أَصْبَهَانَ, رَاوِي جُزْءَ لُوينَ, عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الحَزَوَّرِيِّ, سَمِعَهُ مِنْهُ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَكَانَ مِنْ فُضلاَءِ الأُدباءِ.
حدَّث عَنْهُ: شُجَاعُ بنُ عَلِيٍّ المصْقَلي، وَأَخُوْهُ أَحْمَدُ, وأبو القاسم ابن مَنْدَةَ, وَأَبُو عِيْسَى بنُ زِيَادٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ الطَّهْرَانِيُّ, وَالمطهّرُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ اليُزاني، وَخَلْقٌ آخِرُهُمْ مَوْتاً أَبُو بَكْرٍ بنُ مَاجَه الأَبْهَرِيُّ.
توفِّي سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
1 ترجمته في العبر "3/ 54"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 142".

(12/481)


3616- ابن الجُنْدي 1:
الشَّيْخُ أَبُو الحَسَنِ, أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عمران بن الجندي النهشلي البغدادي.
وُلِدَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي القَاسِمِ البَغَوِيِّ، وَيَحْيَى بنِ صَاعِدٍ وَأَبِي سَعِيْدٍ العَدَوِيِّ.
حدَّث عَنْهُ: أَبُو الحَسَنِ العَتِيْقِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ الأَزْهَرِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الخَلاَّلُ وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ النَّقُّوْرِ, وَآخرُوْنَ, وعُمِّر دَهْراً.
قَالَ الأَزْهَرِيُّ: لَيْسَ بِشَيْءٍ, حضَرتُهُ وَهُوَ يُقْرَأُ عَلَيْهِ كِتَابُ "ديوَانِ الأَنواعِ" الَّذِي جَمَعَهُ, فَقَالَ لِي ابْنُ الآبَنُوْسِيُّ: لَيْسَ هَذَا سمَاعُهُ, وَإِنَّمَا رَأَى عَلَى نُسخَةٍ عَلَى تَرْجَمَتِهَا اسْمٌ وَافَقَ اسْمَهُ, فادَّعى ذَلِكَ.
وَقَالَ العَتِيْقِيُّ: كَانَ يُرْمَى بِالتَّشَيُّعِ، وَكَانَتْ لَهُ أُصُولٌ حِسَانٌ.
مَاتَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "5/ 77"، وميزان الاعتدال "1/ 147"، ولسان الميزان "1/ 288"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 147".

(12/481)


المؤمل بن أحمد، والكلابي:
3617- المؤمّل بن أحمد 1:
ابن محمد, الشَّيْخُ الصَّدُوْقُ, أَبُو القَاسِمِ الشَّيْبَانِيُّ, البَغْدَادِيُّ البَزَّازُ.
سَكَنَ مِصْرَ, وحدَّث عَنْ: أَبِي القَاسِمِ البَغَوِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ, وَيَحْيَى بنُ صَاعِدٍ، وَأَبِي حَامِدٍ الحَضْرَمِيِّ, وَطَائِفَةٍ.
رَوَى عَنْهُ: يُوْسُفُ بنُ رَبَاحٍ, وَأَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ مكي, وجماعة.
وثَّقه الخطيب.
وَعَاشَ أَرْبَعاً وَتِسْعِيْنَ سَنَةً, توفِّي سَنَةَ إِحْدَى وتسعين وثلاث مائة.
3618- الكِلابي 2:
المُحَدِّثُ الصَّادِقُ المُعَمَّرُ, أَبُو الحُسَيْنِ, عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ الحَسَنِ بنِ الوَلِيْدِ بنِ مُوْسَى الكِلاَبِيُّ الدِّمَشْقِيُّ, أَخُو تَبُوْك.
حدَّث عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ خُرَيْمٍ، وَطَاهرِ بنِ مُحَمَّدٍ, وَسَعِيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ الحَلَبِيِّ، وَأَبِي الجَهْمِ بنِ طَلاَّبٍ, وَأَبِي الحَسَنِ بنِ جَوْصَا, وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مَرْوَانَ, وَأَبِي عُبِيَدةَ بنِ ذَكْوَانَ، وَمُحَمَّدِ بنِ بَكَّارٍ السَّكْسَكِيِّ, وَخَلْقٍ سِوَاهُمْ.
حدَّث عَنْهُ: تَمَّام الرَّازِيُّ, وَعَبْدُ الوَهَّابِ المَيْدَانِيُّ, وَرَشَأُ بنُ نَظِيْفٍ، وَأَبُو عَلِيٍّ الأَهْوَازِيُّ, وَأَبُو القَاسِمِ الحنَّائِيُّ, وَأَبُو القَاسِمِ بنُ الفُرَاتِ, وَأَبُو القَاسِمِ السُّمَيْسَاطِيُّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَسْنُوْنَ النَّرْسِيُّ, وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ.
مَوْلِدُهُ كَانَ فِي ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَمَاتَ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ تِسْعُوْنَ سَنَةً, قَالَهُ عَبْدُ العَزِيْزِ الكَتَّاني وَقَالَ: كَانَ ثِقةً نَبِيْلاً مَأْمُوْناً.
وَفِيْهَا مَاتَ: أَبُو عُمَرَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ البَاجِيِّ الحَافِظُ، وَأَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عِمْرَانَ بنِ الجُنْدِيِّ, وَالإمَامُ أبو سعد بن الإِمَامِ أَبِي بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيِّ إِسْمَاعِيْل، وَعَلِيُّ بنُ جعفر السيروان المعمّر بِمَكَّةَ, وَالقَاضِي عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الحَلَبِيُّ, وَالمُحَدِّثُ أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَحِيْرِيُّ, وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ العَلاَّفِ المُقْرِئُ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الدِّيْبَاجِيُّ, وَأَبُو بَكْرٍ بنُ زنبور الوراق.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "13/ 183"، والعبر "3/ 51".
2 ترجمته في العبر "3/ 61"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 214"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 147".

(12/482)


ابن درستويه، وأبو مسلم الكاتب:
3619- ابن دَرَسْتَويه 1:
الشَّيْخُ الإِمَامُ العَدْلُ, أَبُو عَلِيٍّ, الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ دَرَسْتُوَيْه الدِّمَشْقِيُّ.
رَوَى عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ خُرَيْمٍ، وَأَبِي الحَسَنِ بنِ جَوْصَا، وَمَكْحُوْلٍ البَيْرُوْتِيِّ, وَجَمَاعَةٍ.
وَعَنْهُ: وَلَدُهُ مُحَمَّدٌ, وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الحِنَّائِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ الأَهْوَازِيُّ, وَأَبُو القَاسِمِ الحِنَّائِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ الخَضِرِ الصَّائِغُ.
أرَّخ الكَتَّانِيُّ مَوْتَهُ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ, وَقَالَ: كَانَ ثِقَةً ثَبْتاً -رَحِمَهُ الله.
3620- أبو مسلم الكاتب 2:
الشَّيْخُ العَالِمُ المُقْرِئُ, المُسْنِدُ الرّحلَةُ, أَبُو مُسْلِمٍ, مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ البَغْدَادِيُّ الكَاتِبُ, نزيلُ مِصْرَ.
حدَّث عَنْ: أَبِي القَاسِمِ البَغَوِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي دَاوُدَ, وَابنِ صَاعِدٍ، وَيَزِيْدَ بنِ الهَيْثَمِ, وَأَبِي بَكْرٍ بنِ مُجَاهِدٍ, وَأَبِي بَكْرٍ بنِ دُرَيْدٍ, وَأَبِي عِيْسَى بنِ قَطنٍ, وَأَبِي بَكْرٍ بنِ الأَنْبَارِيِّ، وَسَعِيْدِ بنِ مُحَمَّدٍ أَخِي زُبيْرٍ الحَافِظِ، وَأَبِي عليٍّ مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدٍ الحَرَّانِيِّ, وَأَبِي عَلِيٍّ الحَضَائِرِيِّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ أَبِي ثَابِتٍ، وَأَبِي القَاسِمِ زِيَادِ بنِ يُوْنُسَ, لقيَهُ بِالقَيْرَوَانِ فِي حُدُوْدِ الأَرْبَعينَ وَثَلاَثِ مائَةٍ. وتفرَّد فِي الدُّنْيَا، وَكَانَ خَاتمةَ مَنْ حدَّث عَنِ البَغَوِيِّ وَابنِ أَبِي دَاوُدَ عَلَى لِينٍ فِيْهِ.
حدَّث عَنْهُ: الحَافِظُ عَبْدُ الغنِيِّ الأَزْدِيُّ، وَأَبُو عَمْرٍو الدَّانِي, وَرَشَأُ بنُ نَظِيْفٍ، وَأَبُو عَلِيٍّ الأَهْوَازِيُّ, وَأَحْمَدُ بنُ بَابشَاذَ الجَوْهَرِيُّ, وَأَبُو الفَضْلِ بنُ بُنْدَار، وَأَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ مكِّيٍّ الأَزْدِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي عَدِيٍّ السَّمَرْقَنْدِيُّ, وَأَبُو إِبْرَاهِيْمَ أَحْمَدُ بنُ القَاسِمِ بنِ مَيْمُوْنٍ الحُسَيْنِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ بَقَاء الوَرَّاقُ, وَالقَاضِي مُحَمَّدُ بنُ سَلاَمَةَ القُضَاعِيُّ, وَعَدَدٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ الخَطِيْبُ: قَالَ لِي الصُّوْرِيُّ: بَعْضُ أُصُولِ أَبِي مُسْلِمٍ عَنِ البَغَوِيِّ وَغَيْرِهِ جِيَادٌ. قُلْتُ: فَكَيْفَ حَالُهُ مِنْ حَالِ ابْنِ الجُنْدِيِّ؟ فَقَالَ: قَدِ اطَّلع مِنْهُ عَلَى تخليطٍ، وَهُوَ أَمثلُ مِنِ ابْنِ الجُنْدِيِّ. حدَّثني وَكِيْلُ أَبِي مُسْلِمٍ، وَكَانَ محدِّثًا حَافِظاً, يُقَال لَهُ: أَبُو الحُسَيْنِ العَطَّارُ, قَالَ: مَا رَأَيْتُ فِي أُصُولِ أَبِي مُسْلِمٍ عَنِ البَغَوِيٍّ شَيْئاً صَحِيْحاً غَيْرَ جُزْءٍ وَاحدٍ, كَانَ سمَاعُهُ فِيْهِ صحيحاً، وَمَا عدَاهُ كَانَ مَفْسُوداً.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: كَانَ كَاتبُ الوَزِيْرِ أَبِي الفَضْلِ بنِ حِنْزَابة.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الحبَّال: مَاتَ أَبُو مُسْلِمٍ فِي ذِي القَعْدَةِ سنة تسع وتسعين وثلاث مائة.
__________
1 ترجمته في الإكمال لابن ماكولا "3/ 323".
2 ترجمته في تاريخ بغداد "1/ 323"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 245"، والعبر "3/ 71"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 156".

(12/483)


3621- الأصِيلي 1:
الإِمَامُ شَيْخُ المَالِكِيَّةِ, عَالِمُ الأَنْدَلُسِ, أَبُو مُحَمَّدٍ, عَبْدُ اللهِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الأَصِيْلِيُّ.
نشَأَ بِأَصِيْلاَ مِنْ بلاَدِ العُدوَةِ, وتفقَّه بِقُرْطُبَةَ.
سَمِعَ ابنَ المشَّاطِ، وَابنَ السَّلِيْمِ القَاضِي, وَوَهْبَ بنَ مَسَرَّةَ لَقِيَهُ بوَادِي الحجَارَةِ, وَأَبَا الطَّاهِرِ الذُّهلِيَّ, وَابنَ حَيُّوْيَه, وَأَبَا إِسْحَاقَ بنَ شَعْبَانَ, وَعِدَّةً بِمِصْرَ, وَكَتَبَ بِمَكَّةَ عَنْ أَبِي زَيْدٍ الفَقِيْهِ "صَحِيْحَ البُخَارِيِّ"، وَلحقَ أَبَا بَكْرٍ الآجُرِيَّ, وَأَخذَ بِبَغْدَادَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الشَّافِعِيِّ، وَابنِ الصَّوَّافِ, وَالقَاضِي الأَبْهَرِيِّ.
وَلَهُ كِتَابُ "الدَّلاَئِلِ" فِي اختلاَفِ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيْفَةَ وَالشَّافِعِيِّ.
قَالَ القَاضِي عِيَاضٌ: قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: حَدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ الأَصِيْلِيُّ, وَلَمْ أَرَ مثلَهُ.
قَالَ عِيَاضٌ: كَانَ مِنْ حفَّاظ مَذْهَبِ مَالِكٍ, وَمِنَ العَالِمِينَ بِالحَدِيْثِ وَعِلَلِهِ وَرجَالِهِ, يَرَى أَنَّ النَّهْيَ عَنْ إِتيَانِ أَدبارِ النِّسَاءِ عَلَى الكرَاهَةِ, وَينكرُ الغلوَّ فِي الكرَامَاتِ، وَيثبتُ مِنْهَا مَا صحَّ. وَلِيَ قَضَاءَ سَرَقُسْطَةَ. قَالَ: وَكَانَ نظيرَ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ بِالقَيْرَوَانِ, وَعَلَى طريقتِهِ وهديه, وفيه زعارة. حمل الناس عَنْهُ, تُوُفِّيَ فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وتسعين وثلاث مائة, وشَيِّعَه أمم.
__________
1 ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 954"، والعبر "3/ 52"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 140".

(12/484)


3622- النَّصِيبي 1:
الإِمَامُ الحَافِظُ البَارعُ النَّاقِدُ, أَبُو العَبَّاسِ, أَحْمَدُ بن أَبِي اللَّيْثِ نَصْرِ بنِ مُحَمَّدٍ النَّصِيْبِيُّ المِصْرِيُّ, نزيلُ نَيْسَابُوْرَ، وَصَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ: هُوَ باقعَةٌ فِي الحِفْظِ, شُبِّهَت مذَاكرتُهُ بِالسِّحْرِ، وَكَانَ يتقشَّف, وَيُجَالِسُ الصَّالِحِيْنَ, ثُمَّ ذهبَ إِلَى مَا وَرَاءَ النَّهْرِ, وَأَقْبَلَ عَلَى الأَدبِ وَالشِّعرِ، وَدَخَلَ فِي الأَعمَالِ السُّلْطَانِيَّةِ, ثمَّ اجتمعتُ بهِ هُنَاكَ, وَحفظُهُ كَمَا كَانَ, فكُنْتُ أتعجَّب مِنْهُ.
سَمِعَ بِمِصْرَ أَصْحَابَ يُوْنُسَ بنِ عَبْدِ الأَعْلَى، وَأَحْمَدَ ابنَ أَخِي ابْنِ وَهْبٍ, وَبَالشَّامِ أَبَا هَاشِمٍ الكِنَانِيَّ، وَأَحْمَدَ بنَ عَبْدِ الرَّحِيْمِ القَيْسَرَانِيَّ, وَبَالعِرَاقِ أَبَا عَبْدِ اللهِ الحَكِيْمِيَّ، وَإِسْمَاعِيْلَ الصفَّار, وَبِنَيْسَابُوْرَ أَبَا العَبَّاسِ الأَصَمَّ.
مَاتَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ الحَاكِمُ وَالقُدَمَاءُ, وَرَأَيْتُ تصنيفاً فِي السُّنَنِ مخروماً أَظنُّهُ لَهُ، وَمَا أَحسبُ أَنَّهُ وَقَعَ لِي شَيْءٌ مِنْ حَدِيْثِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ بإِجَازَةٍ.
وَفِيْهَا مَاتَ مَعَهُ: أَبُو حَامِدٍ أحمد بن المزكِّي أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن يَحْيَى النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَالمُسْنِدُ أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ نُعَيْمٍ النُّعَيْمِيُّ السَّرَخْسِيُّ، ومؤرِّخ مِصْرَ العلَّامة أَبُو مُحَمَّدٍ الحَسَنُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بن زُوْلاَقَ المِصْرِيُّ عَنْ ثَمَانِيْنَ سَنَةً -لَقِيَ الطَّحَاوِيَّ وَنَحْوَهُ- وَشيخُ القُرَّاءِ بِمِصْرَ أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ اللهِ بنُ الحُسَيْنِ بنِ حَسْنُوْنَ السَّامَرِّيُّ فِي المُحَرَّمِ, وَالشَّيْخُ أَبُو أَحْمَدَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ يَعْقُوْبَ بنِ إِسْحَاقَ بنِ جمِيلٍ الأَصْبَهَانِيُّ رَاوِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ بنِ مَنِيْعٍ, سَمِعَهُ مِنْ جَدِّهِ عَنْهُ، وَمُسْنِدُ العِرَاقِ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ عُمَرَ بنِ مُحَمَّدٍ الحَرْبِيُّ السُّكَّرِيُّ الصَّيْرَفِيُّ فِي شَوَّالٍ، وَشيخُ الشَّافِعِيَّةِ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الجُرْجَانِيُّ المَعْرُوفُ بالخَتَن -يَعْنِي: خَتنَ الإِسْمَاعِيْلِيَّ- وَالقُدْوَةُ الوَاعِظُ أَبُو طَالِبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ عطيَّةَ المكِّيُّ صَاحِبُ "القُوْتِ", وَصَاحِبُ مِصْرَ العزيزُ بِاللهِ نزَارُ بنُ المعزِّ معدٍّ العُبَيْدِيُّ الرَّافضيُّ, وَعَالِمُ المَغْرِبِ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي زَيْدٍ القَيْرَوَانِيُّ المالكي.
__________
1 ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 947"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 122".

(12/485)


ابن خرشيذ قوله، والختن:
3623- ابن خرشيذ قُوله 1:
الشَّيْخُ المُسْنِدُ, أَبُو عَلِيٍّ, أَحْمَدُ بنُ عُمَرَ بنِ خُرَّشِيْذَ قُوله الأَصْبَهَانِيُّ التَّاجِرُ, أَحدُ الأَثبَاتِ.
كَانَ كَثِيْرَ الترحَال.
حدَّث بِمِصْرَ وَمَكَّةَ، وَبِبَغْدَادَ, وَاسْتوطن مِصْرَ.
سَمِعَ أَبَا حَامِدٍ الحَضْرَمِيَّ، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ زِيَادٍ النَّيْسَابُوْرِيَّ.
وَعَنْهُ: العَتِيْقِيُّ, وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ رَجَاء العَسْقِلاَّنِيُّ, وَرَشَأُ بنُ نَظِيْفٍ, وَخَلْقٌ.
وثَّقه الخطيب.
وَقَالَ الخَطِيْبُ: مَاتَ فِي جُمَادَى الأُولَى سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: لَعَلَّهُ نَسيبُ أَبِي إِسْحَاقَ بنِ خُرَّشِيْذَ قُوْلَهْ.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ أَبُو مُعَاذٍ شَاهُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الهَرَوِيُّ، وَأَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ السُّلَمِيُّ، وَأَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ المَالِيْنِيُّ, وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ ضَيْفُونَ القُرْطُبِيُّ, لَقِيَ ابنَ الأَعرَابِيِّ، وَيَحْيَى بنُ إِسْمَاعِيْلَ الحَرْبِيُّ المزكِّي.
3624- الخَتَن 2:
الإِمَامُ العَلاَّمَةُ, شَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ, أَبُو عَبْدِ اللهِ, مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الإِسْتِرَابَاذِيُّ, ثُمَّ الجُرْجَانِيُّ الشَّافِعِيُّ, المَعْرُوفُ بالخَتَن, كَانَ خَتَنَ الإِمَامِ أَبِي بَكْرٍ الإِسمَاعِيلِيِّ.
مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ إِحْدَى عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
كَانَ رَأْساً فِي المَذْهَبِ, صَاحِبَ وَجهٍ, مقدَّمًا فِي عِلمٍ الأَدبِ وَفِي القِرَاءاتِ، وَمعَانِي القُرْآنِ, ذَكِيّاً مُنَاظراً, كَبِيرَ الشَّأْنِ.
سَمِعَ مِنْ: أَبِي نُعَيْمٍ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عدي, وطبقته بجرجان، وَمن عَبْد اللهِ بن جَعْفَرِ بنِ فَارس, وَنَحْوِهِ بِأَصْبَهَانَ، وَمِنْ أَبِي العَبَّاسِ الأَصَمِّ بِنَيْسَابُوْرَ، وَأَكْثَرَ عَنِ الأَصَمِّ.
وَكَانَ مَعْنِيّاً بِالحَدِيْثِ, عَارِفاً بِهِ شَرَحَ "التَّلْخِيْصَ" لأَبِي العَبَّاسِ بنِ القَاصِّ.
خَلَّفَ مِنَ الأَولاَدِ أَبَا بِشْرٍ الفَضْلَ, وَأَبَا النَّضْرِ عَبْدَ اللهِ, وَأَبَا الحَسَنِ عَبْدَ الوَاسِعِ.
تفقَّه بِهِ جَمَاعَةٌ.
وَمَاتَ بجُرْجَانَ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ، ودُفِنَ يَوْمَ النَّحْرِ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
حدَّث عَنْهُ طَائِفَةٌ, مِنْهُم: الحَافِظُ حمزة بن يوسف السهمي.
__________
1 ترجمته في أخبار أصبهان "2/ 161"، وتاريخ بغداد "4/ 292".
2 ترجمته في تاريخ جرجان "4108-409"، والأنساب للسمعاني "5/ 47"، واللباب لابن الأثير "1/ 422"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "4/ ترجمة 577"، والعبر "3/ 33"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 175"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 120".

(12/486)


3625- ابن أخي ميمي 1:
الشَّيْخُ الصَّدُوْقُ المُسْنِدُ, أَبُو الحُسَيْنِ, مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الحُسَيْنِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ هَارُوْنَ البَغْدَادِيُّ الدَّقَّاقُ, أَحَدُ الثِّقَاتِ, وَيُعْرَفُ بِابْنِ أَخِي مِيْمِي.
سَمِعَ أَبَا القَاسِمِ البَغَوِيَّ, وَأَبَا جَعْفَرٍ أَحْمَدَ بنَ إِسْحَاقَ بنِ بُهْلُوْلٍ, وَأَبَا حَامِدٍ الحَضْرَمِيَّ، وَابنَ صَاعِدٍ, وَإِسْمَاعِيْلَ الورَّاق, وَعِدَّةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو طَالِبٍ العُشَارِيُّ, وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ هَزَارْمَرْدَ، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ النقور, وجماعة كثيرة.
وَانْتَشَرَ حَدِيْثُهُ.
مَاتِ فِي سَلْخِ رَجَبٍ سَنَةَ تِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَكَانَ مِنْ أَبْنَاءِ التِّسْعِيْنَ.
وَقَعَ لَنَا باِلإِجَازَةِ أَرْبَعَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ حَدِيْثِهِ.
أَنْبَأَنَا المُؤَمَّلُ بنُ مُحَمَّدٍ وَغَيْرُهُ: أنَّ الخضرَ بنَ كَامِلٍ السَّرُوْجِيَّ أَخْبَرَهُمْ, أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ بنُ علي السبط, أخبرنا أبو الحسن بنُ النَّقُّوْرِ, أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الدَّقَّاقُ, حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ, حَدَّثَنَا أَبُو نَصْرٍ التَّمَّارُ, حَدَّثَتْنَا أُمُّ نَهَارٍ, عَنْ عَمَّتِهَا أُمينةُ, أَنَّهَا لَقِيَتْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا, فَسَأَلَتْهَا, عَنِ الحِنَّاءِ فَقَالَتْ: لاَ بَأْسَ بِهِ, بَقْلة رَطْبَةٌ, وَلاَ تَقْرَبْنَهُ وأنتُنَّ حُيِّض, وَقَالَتْ: كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَلْعَنُ القَاشِرَةَ وَالمَقْشُورَةَ, والواَصِلَةَ وَالمَوْصُولَةَ2.
هَذَا حَدِيْثٌ غَرِيبٌ فَرْدٌ. وَالمَقْشُورَةَ الَّتِي تَقْشِرُ وَجْهَهَا بالغمرة3.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "5/ 465"، والعبر "3/ 47"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 134".
2 ضعيف: أخرجه أحمد "6/ 250" من طريق عبد الصمد، حدثتنا أم نهار، به.
قلت: إسناده ضعيف، فيه أم نهار، وعمتها آمنة مجهولتان.
3 الغمرة: تطلى به العروس, يُتَّخَذ من الورس. وقال أبو سعيد: هو تمر ولبن يطلى به وجه المرأة ويداها حتى ترق بشرتها، وجمعها الغُمَر، والغُمَن. وقال ابن سيده في موضع آخر: والغُمْرة والغُمْرُ: الزعفران، وقيل: الورس. وقيل: الكركم.

(12/487)


3626- صَاحِبُ المَوْصِل 1:
حُسَامُ الدَّوْلَةِ، مُقَلِّدُ بنُ المُسَيَّبِ بنِ رَافِعِ بنِ المُقَلِّدِ العُقَيْلِيُّ.
تغلَّب أَخُوْهُ أَبُو الزّوَّادِ مُحَمَّدُ بنُ المسَيَّب عَلَى المَوْصِلِ سَنَةَ ثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وزوَّج بِنتَه بِوَلدِ عَضُدِ الدَّوْلَةِ، وَمَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ، فَتَمَلَّكَ مُقَلَّدٌ.
وَكَانَ عَاقِلاً سَائِساً خَبِيْراً، اتَّسَعتْ مَمَالِكُهُ، وَأَتَتْه خلع القادر بالله، واستخدم ألوفًا.
وَلَهُ شِعرٌ وَأَدبٌ، وَفِيْهِ رَفضٌ.
وَثَبَ عَلَيْهِ مَمْلُوْكٌ فِي مَجْلِسِ أُنسِهِ, فَقَتَلَهُ فِي صَفَرٍ سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، لِكَوْنِهِ سَمِعَهُ يَقُوْلُ: لَوْلاَ ضَجِيعَاكَ لَزُرْتُكَ.
رَثَاهُ الشَّرِيْفُ الرَّضِيُّ, وَجَمَاعَةٌ.
وَلَهُ أَخْبَارٌ فِي تَاريخِ ابْنِ خَلِّكَانَ.
وَتَمَلَّكَ بَعْدَهُ ابْنُهُ مُعتَمِدُ الدَّوْلَةِ قِرْوَاشٌ، فَدَامتْ دولته نحوًا من خمسين سنة.
__________
1 ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "5/ ترجمة 735"، والعبر "3/ 51"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 203"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 138".

(12/488)


3627- الطُّوسِي 1:
الإِمَامُ الحَافِظُ، أَبُو الفَضْلِ، نَصْرُ بنُ أَبِي نَصْرٍ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ يَعْقُوْبَ، الطوسِي العَطَّارُ.
وُلِدَ فِي حُدُوْدِ سَنَة عَشْرٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ أَبَا مُحَمَّدٍ بن الشَّرْقِيّ، وَأَبَا حامد بن بلال، وأبا عبد الله المَحَامِلِيّ، وَابنَ مَخْلَد العَطَّار، وَابنَ عُقْدَة، وَمُحَمَّدَ بن الحُسَيْنِ القَطَّان، وَابنَ الأَعْرَابِيّ، وَمُحَمَّدَ بن وَرْدَان العَامِرِيّ، وَأَحْمَدَ بن زبَّان الكِنْدِيّ، وَابْن حبيب الأنصاري، وَخَيْثَمَة، وَالرَّبِيْعَ بنَ سَلاَمَةَ الرَّمْلِيّ، وَطَبَقَتهُم.
وَكَانَ وَاسِع الرّحلَة، حَسنَ التَّصَانِيْف.
حدَّث عَنْهُ: الحَاكِمُ، وَالسُّلَمِيّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَأَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرُوْذِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الحَاكِمُ: هُوَ أَحدُ أَركَانِ الحَدِيْثِ بِخُرَاسَانَ, مَعَ مَا يَرجِعُ إِلَيْهِ مِنَ الدِّينِ وَالزُّهْدِ وَالسخَاء وَالتَّعصُّبِ لأَهْلِ السُّنَّة، أَوّلُ رحلتِهِ كَانَتْ إِلَى مَرْو، إِلَى اللَّيْثِ بن مُحَمَّدٍ المَرْوَزِيّ. قَالَ: وَمَا خلَّف يَوْم مَاتَ بِالطَّابَرَان مِثلَه، وَأَمَّا عُلومُ الصُّوْفِيَّة وَأَخْبَارُهُم وَلُقِيُّ مَشَايِخهِم، فَإِنَّهُ مَا خلَّف فِي ذَلِكَ بِخُرَاسَانَ مثله.
قُلْتُ: وَقَدْ صَحِبَ أَبَا بَكْرٍ الشِّبْلي بِبَغْدَادَ.
توفِّي فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
أَخْبَرْنَا ابْنُ عَسَاكِرَ، عَنْ عَبْدِ المُعَزِّ، أَخْبَرَنَا زَاهِرٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو سعد الطَّبِيْب، أَخْبَرَنَا نَصْرُ بنُ مُحَمَّدٍ العَطَّار، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ بِمِصْرَ، حَدَّثَنَا يُوْسُفُ بنُ يَزِيْدَ القَرَاطِيْسِيّ، حَدَّثَنَا الوَلِيْدُ بنُ مُوْسَى، حَدَّثَنَا مُنَبِّهُ بنُ عُثْمَانَ، عَنْ عُرْوَةَ بنِ رُوَيْم، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إن مُؤْمِنِي الجنِّ لَهُم ثَوَابٌ، وَعَلَيْهِم عِقَابٌ". فسأَلنَاهُ عَنْ ثَوَابِهِم وَعَنْ مُؤْمِنيهِم، قَالَ: "عَلَى الأَعْرَافِ وَلَيسُوا فِي الجَنَّةِ" قُلْنَا: وَمَا الأَعْرَافُ? قَالَ: حَائِطُ الجَنَّةِ, تَجرِي فِيْهِ الأَنْهَارُ، وَتَنبُتُ فِيْهِ الأشجار والثمار.
هذا حديث منكر جدًّا.
__________
1 ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 948"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 166"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 106".

(12/488)


3628- ابن بكير 1:
الإِمَامُ المُحَدِّثُ الحَافِظُ، مُفِيْدُ بَغْدَادَ، أَبُو عَبْدِ اللهِ، الحُسَيْنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ بُكَيْرٍ، البَغْدَادِيُّ الصَّيْرَفِيُّ.
سَمِعَ أَبَا جَعْفَرٍ ابْنَ البَخْتَرِيّ، وَإِسْمَاعِيْل الصفَّار، وَعُثْمَان بن السَّمَّاكِ، والنجاد، وطبقتهم.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ شَاهِيْنٍ, وَهُوَ مِنْ شُيُوخِهِ، وَأَبُو العَلاَءِ الوَاسِطِيّ، وَعُبَيْدُ اللهِ الأَزْهَرِيُّ، وَأَبُو القاسم التنوخي، وأبو الحسين بن المهتدي بالله، وَجَمَاعَة.
قَالَ الأَزْهَرِيّ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: هَذَا الحَدِيْثُ كَتَبَه عنِّي مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الوَرَّاق، وَالدَّارَقُطْنِيّ.
قَالَ الأَزْهَرِيّ: كُنْت أَحضرُ عِنْدَهُ وَبَيْنَ يَدَيْهِ أَجزَاء، فَأَنظُرُ فِيْهَا، فَيَقُوْلُ: أَيُّمَا أَحَبُّ إِلَيْكَ: تَذكرُ لِي مَتْناً حَتَّى أُخبِركَ بِإِسْنَادِهِ، أَوْ تذكرُ إِسْنَاداً حَتَّى أُخبِرَكَ بِمَتنِهِ? فكُنْتُ أَذكرُ لَهُ المُتُوْنَ، فيحدِّثني بِأَسَانيدِهَا كَمَا هِيَ حِفْظاً، فعلتُ هَذَا مَعَهُ مِرَاراً كَثِيْرَةً، وَكَانَ ثِقَةً، لَكِنَّهُم حَسَدُوهُ، وتكلَّموا فِيْهِ.
قَالَ ابْنُ أَبِي الفَوَارِس: كَانَ يَتسَاهلُ فِي الحَدِيْثِ، وَيُلْحِقُ فِي بَعْضِ أُصُوْلِ الشُّيُوْخِ مَا لَيْسَ مِنْهَا، وَيَصِلُ المَقَاطِيعَ.
توفِّي ابْنُ بُكَيْرٍ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَعَاشَ إِحْدَى وستين سنةً -رحمه الله.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "8/ 13"، والعبر "3/ 38"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 949"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 128".

(12/489)


3629- ابن أبي زيد 1:
الإِمَامُ العلَّامة القُدْوَةُ الفَقِيْهُ، عَالِمُ أَهْلِ المَغْرِبِ، أَبُو مُحَمَّدٍ، عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي زَيْدٍ، القَيْرَوَانِيُّ المَالِكِيُّ، وَيُقَالُ لَهُ: مَالِكٌ الصَّغِيْرُ.
وَكَانَ أَحَدَ مَنْ بَرَّزَ فِي العِلْمِ وَالعملِ.
قَالَ القَاضِي عِيَاضٌ: حَازَ رِئاسَةَ الدِّينِ وَالدُّنْيَا، وَرُحَلَ إِلَيْهِ مِنَ الأَقطَار, وَنَجُبَ أَصْحَابُهُ، وَكَثُر الآخذُوْنَ عَنْهُ، وَهُوَ الَّذِي لخَّص المَذْهَب، وَمَلأَ البِلاَدَ مِنْ تَوَالِيفِهِ، تفقَّه بِفُقَهَاء القَيْرَوَان، وَعوَّلَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ بنِ اللَّبَّادِ. وَأَخَذَ عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ مَسرُورٍ الحجَّام، والعسَّال، وحجَّ فَسَمِعَ مِنْ أَبِي سَعِيْدٍ بنِ الأَعْرَابِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ الفَتْحِ، وَالحَسَنِ بن نَصْرٍ السُّوسِيِّ، ودرَّاس بنِ إِسْمَاعِيْلَ، وَغَيْرهِم.
سَمِعَ مِنْهُ خَلقٌ كَثِيْر, مِنْهُم: الفَقِيْه عَبْد الرَّحِيْمِ بن العَجُوز السَّبْتِي، وَالفَقِيْه عَبْد اللهِ بن غَالِب السَّبْتِي، وَعَبْد اللهِ بن الوليد بن سعد الأَنْصَارِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الخَوْلاَنِيّ.
صنَّف كِتَابَ "النَّوَادرِ وَالزِّيَادَاتِ" فِي نَحْوِ المائَة جُزْء، وَاختصر "المُدَوَّنَةَ", وَعَلَى هَذَينِ الكِتَابَيْنِ المُعَوَّلُ فِي الفُتْيَا بِالمَغْرِب، وصنَّف كِتَاب "العتَبِيَّة" عَلَى الأَبْوَابِ، وَكِتَاب "الاقتدَاءِ بِمَذْهَبِ مَالِكٍ"، وَكِتَابَ "الرِّسَالَةِ" وَكِتَاب "الثِّقَةِ بِاللهِ وَالتَّوَكُّلِ عَلَى اللهِ"، وكتاب "المعرفة
__________
1 ترجمته في العبر "3/ 43"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 200"، وشذرات لابن العماد الحنبلي "3/ 131".

(12/490)


والتفسير"، وكتاب "إعجاز القرآن"، و"كتاب النَّهْي عَنِ الجِدَالِ"، وَرسَالته فِي الرَّدِّ عَلَى القدرية، ورسالته في التوحيد، وكتاب "مَنْ تحرَّك عِنْدَ القِرَاءةِ".
وَقِيْلَ: إِنَّهُ صَنَعَ رِسَالتَه المَشْهُوْرَة وَلَهُ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً.
وَكَانَ مَعَ عظمتِهِ فِي العِلْمِ وَالعملِ ذَا برٍّ وَإِيثَارٍ وَإِنفَاقٍ عَلَى الطّلبَةِ وَإِحسَان.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ نفَّذ إِلَى القَاضِي عَبْدِ الوَهَّابِ بن نَصْرٍ المَالِكِيّ أَلفَ دِيْنَار، وَهَذَا فِيْهِ بُعْد, فَإِنَّ عَبْد الوَهَّابِ لَمْ يشْتَهر إلَّا بَعْدَ زَمَانِ أَبِي مُحَمَّدٍ.
نَعم, قَدْ وَصلَ الفَقِيْهَ يَحْيَى بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ العُمَرِيَّ حِيْنَ قَدِمَ القَيْرَوَانَ بِمائَةٍ وَخَمْسِيْنَ دِيْنَاراً، وَجُهّزتْ بِنْتُ الشَّيْخِ أَبِي الحَسَنِ القَابسِي بِأَرْبَع مائَة دِيْنَارٍ مِنْ مَالِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ.
وَقِيْلَ: إِنَّ مُحرِزاً التُّوْنُسِيّ أُتِيَ بِابنَةِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَهِيَ زَمِنَة، فَدَعَا لَهَا، فَقَامَتْ، فَعَجِبُوا، وَسَبَّحُوا اللهَ، فَقَالَ: وَاللهِ مَا قُلْتُ إِلاَّ: بِحُرْمَةِ وَالدِهَا عِنْدَكَ اكشِفْ مَا بِهَا, فَشفَاهَا اللهُ.
قُلْتُ: وَكَانَ -رَحِمَهُ اللهُ- عَلَى طَريقَةِ السَّلَفِ فِي الأُصُوْلِ، لاَ يَدْرِي الكَلاَمَ، وَلاَ يتَأَوَّلُ، فَنسأَلُ اللهَ التوفيق.
وَقَدْ حدَّث عَنْهُ بِالسِّيْرَة النَّبويَةِ "تَهْذِيْبِ ابْنِ هِشَام" عَبْدُ اللهِ بنُ الوَلِيْدِ بِسَمَاعِهِ مِنْ عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرِ بن الوردِ، لقِيَهُ بِمِصْرَ.
وَلَمَّا توفِّي رَثَاهُ عِدَّةٌ مِنَ الشُّعَرَاء.
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الحبَّال: مَاتَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ لِنِصْفِ شَعْبَانَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَكَذَا أرَّخَه أَبُو القَاسِمِ بنُ مَنْدَة، وأرَّخ مَوْتَه القَاضِي عِيَاض وَغَيْرهُ فِي سَنَةِ ست وثمانين وثلاث مائة.

(12/491)


أبو الهيثم، والصيمري، وابن أبي عامر:
3630- أبو الهيثم 1:
شَيْخُ الحَنَفِيَّةِ، نُعْمَانُ زَمَانِه، القَاضِي أَبُو الهَيْثَمِ، عتبة بن خيثمة، ابن مُحَمَّدِ بنِ حَاتِمٍ، النَّيْسَابُوْرِيُّ الحَنَفِيُّ.
سَمِعَ مِنْ: أَبِي العَبَّاسِ الأَصَمِّ, وَجَمَاعَة.
وتفقَّه عَلَى أَبِي الحسن النَّيْسَابُوْرِيّ قَاضِي الحَرَمَيْنِ.
وَصَارَ أَوحدَ عصرِهِ فِي المَذْهَبِ, حَتَّى قِيْلَ: لَمْ يَبْقَ بِخُرَاسَانَ قاضٍ حنفيٌّ إلَّا وَهُوَ يَنْتمِي إِلَيْهِ.
قَالَ الإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَلِيمِيُّ: لَقَدْ بَارَكَ اللهُ فِي عِلمِ الفَقِيْهِ أَبِي الهَيْثَمِ، فلَيْسَ بِمَا وَرَاء النَّهرِ أَحدٌ يرجعُ إِلَى النَّظَرِ وَالجَدَلِ إلَّا مِنْ أَصْحَابه.
قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ الحَاكِم في تاريخه حديثًا، وعظَّمه، وأثنى عليه.
بَقِيَ إِلَى حُدُوْدِ نَيِّفٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
3631- الصَّيْمَريّ:
شَيْخُ الشَّافِعِيَّة وَعَالِمهُم، القَاضِي أَبُو القَاسِمِ، عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ الحُسَيْنِ الصَّيْمَريّ، مِنْ أَصْحَابِ الوُجُوهِ.
تفقَّه بِأَبِي حَامِدٍ المَرْوَرُّوْذِيِّ، وَبأَبِي الفيَّاض.
وَارْتَحَلَ الفُقَهَاءُ إِلَيْهِ إِلَى البَصْرَةِ، وَعَلَيْهِ تفقَّه أَقضَى القُضَاة المَاوردِي.
وصنَّف كِتَاب "الإِيضَاحِ فِي المَذْهَب" سَبع مُجَلَّدَات، وَكِتَابَ "القِيَاسِ وَالعللِ"، وَغَيْر ذَلِكَ.
وَقَدْ حدَّث ببَعْض كتبه فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ -رَحِمَهُ اللهُ.
3632- ابْنُ أَبِي عامر 1:
المَلِكُ المَنْصُوْرُ، حَاجِبُ المَمَالِكِ الأَنْدَلُسِيَّةِ، أَبُو عَامِرٍ، محمد بن عبد الله بن أبي عامر مُحَمَّدِ بن وَلِيْدٍ القحطَانِيُّ المَعَافِرِيُّ القُرْطُبِيُّ، القَائِمُ بِأَعبَاءِ دَوْلَةِ الخَلِيْفَةِ المَرْوَانِيِّ المُؤَيَّدِ بِاللهِ هِشَامِ بنِ الحَكَمِ أَمِيْرِ الأَنْدَلُسِ، فَإِنَّ هَذَا المُؤَيَّدَ استُخْلِف ابْنَ تِسْعِ سِنِيْنَ، وَرُدَّت مَقَالِيدُ الأُمُورِ إِلَى الحَاجِبِ هَذَا، فَيَعمَدُ إِلَى خَزَائِنِ كُتُبِ الحَكَمِ، فَأَبرَزَ مَا فِيْهَا، ثُمَّ أَفردَ مَا فِيْهَا مِنْ كُتُبِ الفَلْسَفَةِ فَأَحرقَهَا بِمَشهَدٍ مِنَ العُلَمَاءِ، وطَمَرَ كَثِيْراً مِنْهَا، وَكَانَتْ كَثِيْرَةً إِلَى الغَايَةِ، فَعَلَهُ تَقبِيحاً لِرَأْي المُستَنْصِرِ الحَكَمِ.
وَكَانَ بَطَلاً شُجَاعاً، حَازماً سَائِساً، غزَّاءً عَالِماً، جَمَّ المحاسن، كثير الفتوحات، عالي الهمَّة، عديم النظر، وسيأتي من أخباره في ترجمة المؤيد.
__________
1 ترجمته في العبر "3/ 94"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 181".
2 ترجمته في العبر "3/ 56"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصَّفَدي "3/ 312"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 143".

(12/492)


دَام فِي المَملكَة نَيِّفاً وَعِشْرِيْنَ سَنَةً، وَدَانت له الجزيرة, وأمنت بِهِ، وَقَدْ وَزر لَهُ جَمَاعَة.
وَكَانَ المُؤَيَّد مَعَهُ صُورَةً بِلاَ معنَى، بَلْ كَانَ مَحجوباً لاَ يجْتَمع بِهِ أَمِيْرٌ وَلاَ كَبِيْر، بَلْ كَانَ أَبُو عَامِرٍ يدخُلُ عَلَيْهِ قصرَهُ، ثُمَّ يَخرجُ فَيَقُوْلُ: رَسمَ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ بكذَا وَكَذَا، فَلاَ يُخَالفه أَحدٌ، وَإِذَا كَانَ بَعْد سَنَة أَوْ أَكْثَر، أَركبه فَرساً، وَجَعَلَ عَلَيْهِ بُرْنُساً، وَحَوْلَهُ جَوَارِيه رَاكبَات، فَلاَ يَعْرِفُه أَحد.
وَقَدْ غَزَا أَبُو عَامِرٍ فِي مدَّته نَيِّفاً وَخَمْسِيْنَ غَزْوَة، وَكثُر السَّبيُ, حَتَّى لأُبيعت بِنْتُ عَظِيْمٍ ذَاتُ حُسنٍ بعِشْرِيْنَ دِيْنَاراً، وَلَقَدْ جُمِعَ مِنْ غبار غزواته ما عُمِلَت مِنْهُ لَبِنَةٌ، وَأُلحدت عَلَى خَدِّه، أَوْ ذُرَّ ذَلِكَ عَلَى كَفنه.
توفِّي بِأَقصَى الثُّغوْرِ بِالبَطَنِ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وثَلاَثِ مائَةٍ.
وَكَانَ جَوَاداً مُمَدَّحاً مِعَطَاءً.
وَتملَّك بَعْدَهُ ابْنُهُ أَبُو مَرْوَانَ عبد الملك.

(12/493)


3633- المرجي 1:
الشَّيْخُ المُعَمَّر، أَبُو القَاسِمِ، نَصْرُ بنُ أَحْمَدَ بن محمد بن الخليل المَوْصِلِيُّ المَرْجِيُّ، الرَّاوِي عَنْ أَبِي يَعْلَى المَوْصِلِيِّ، بَلْ هُوَ خَاتِمَةُ مَنْ رَوَى عَنْهُ.
رَوَى عَنْهُ خلقٌ كَثِيْر، مِنْهُم: أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ عُبَيْدِ اللهِ الهَمَذَانِيّ الكِسَائِيّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ الخَبَّازِيُّ الحَافِظ، وَعُبَيْد اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الأَعْلَى الرَّقِّيّ، وَقَاضِي المَوْصِل أَبُو جَعفرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ السِّمْنَانِي، وَالمُقْرِئُ أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ الأَهْوَازِيّ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي بنِ طَوقٍ.
وَمَا عَلِمْتُ فِيْهِ جرحاً.
وَبَقِيَ إِلَى سَنَةِ تِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقَدْ أَجَاز لِجَمَاعَةٍ, آخرهُم القَاسِمُ بنُ البُسْري.
توفِّي فِي عَشْرِ المائَةِ -رَحِمَهُ اللهُ.
__________
1 ترجمته في اللباب لابن الأثير "3/ 194".

(12/493)


الجرجاني، وعلي بن أحمد بن عبد العزيز الجرجاني:
3635- الجُرْجَاني 1:
القَاضِي العَلاَّمَة، أَبُو الحَسَنِ، عَلِيُّ بنُ عَبْدِ العزيز الجرجاني، الفَقِيْهُ الشَّافِعِيُّ الشَّاعِرُ، صَاحِبُ الدِّيْوَانِ المَشْهُوْرِ.
وَلِي القَضَاءَ فحُمِدَ فِيْهِ، وَكَانَ صَاحِبَ فُنُوْنٍ وَيدٍ طُوْلَى فِي برَاعَة الخطِّ.
ورد نَيْسَابُوْر فِي صِباهُ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ, وَسَمِعَ الحَدِيْث.
وَقَدْ أَبَانَ عَنْ علمٍ غَزِيْرٍ فِي كِتَاب "الوسَاطَة بَيْنَ المُتَنَبِّي وَخُصومه"، وَلِيَ قَضَاء الرَّيِّ مُدَّة.
قَالَ الثَّعَالِبِيُّ: هُوَ فردُ الزَّمَان، وَنَادرَةُ الْفلك، وَإِنسَانُ حدقَةِ العِلْم، وقبَّة تَاج الأَدبِ، وَفَارسُ عَسْكَر الشِّعْرِ، يَجمع خطَّ ابْنِ مُقْلَة إِلَى نَثرِ الجَاحظ إِلَى نَظم البُحترِي.
قُلْتُ: هُوَ صَاحِبُ تِيكَ الأَبيَات الفَائِقَة:
يَقُوْلُوْنَ لِي فيكَ انقباضٌ وَإِنَّمَا ... رأَوا رَجُلاً عَنْ موقفِ الذّلّ أحجما
مَاتَ بالريِّ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، ونُقِلَ تَابوتُه إِلَى جُرْجَانَ.
وَلَهُ تَفْسِيْرٌ كَبِيْر، وَكِتَاب "تَهْذِيْبِ التَّارِيْخِ".
قَالَ الثَّعَالِبِيّ: ترقَّى مَحلُّ أَبِي الحَسَنِ إِلَى قَضَاء القُضَاة، فَلَمْ يعزلْه إلَّا مَوْتُه.
وَقَالَ أَبُو سَعْدٍ الآبِي فِي "تَارِيْخِهِ": كَانَ هَذَا القَاضِي لَمْ يَرَ لِنَفْسِهِ مثلاً وَلاَ مُقَارباً، مَعَ العفَّة وَالنَزَاهَةِ وَالعَدْل وَالصّرَامَة.
توفِّي فِي الثَّالِث وَالعِشْرِيْنَ مِنْ ذِي الحِجَّةِ سَنَة 396، وَوَهِمَ ابْنُ خَلِّكَانَ، وصحَّحَ أَنَّهُ توفِّي سَنَةَ 366. وَإِنَّمَا ذَاكَ آخَرُ وَهُوَ: المحدِّث أَبُو الحَسَنِ:
3636- عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ الجُرْجَانِيُّ 2:
نَزِيْلُ نَيْسَابُوْرَ.
حدَّث عَنْ الفَرَبْرِي بِالصَّحِيْح، وَعَنْ أَبِي بِشْر المُصْعَبِيّ.
وهَّاه الحَاكِم، وَقَالَ: ظَهرت مِنْهُ المُجَازفَة فتُرك، وحدَّثنا بِالعَجَائِب عن المُصْعَبِيّ.
__________
1 ترجمته في تاريخ جرجان للسهمي "277"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 221"، ومعجم الأدباء "14/ 14"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "3/ ترجمة 426"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 205"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 56".
2 ترجمته في ميزان الاعتدال "3/ 112"، ولسان الميزان "4/ 194".

(12/495)