سير أعلام
النبلاء، ط الحديث الطبقة الثالثة
والعشرون:
الحرفي، عطية بن سعيد:
3897- الحرفي 1:
الشَّيْخُ المُسْنِدُ العَالِمُ، أَبُو القَاسِمِ، عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ
مُحَمَّدٍ، البَغْدَادِيُّ الحَرْبِيُّ الحُرْفِيُّ.
سَمِعَ: عَلِيَّ بنَ مُحَمَّدِ بنِ الزُّبَيْرِ
القُرَشِيَّ، وَحَمْزَةَ بنَ مُحَمَّدٍ الدِّهْقَان،
وَأَبَا بَكْرٍ النَّجَّاد، وَأَبَا بَكْرٍ الشَّافِعِيّ،
وَأَبَا بَكْرٍ النَّقَّاش، وَعِدَّة.
حَدَّثَ عَنْهُ: البَيْهَقِيُّ، وَالخَطِيْبُ، وَالقَاسِمُ
بنُ الفَضْلِ الثَّقَفِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ
السَّلاَمِ الأَنْصَارِيُّ، وَالحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ
السَّرَّاج، وَأَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ
قندَاس، وثَابِتُ بنُ بُنْدَار، وَأَحْمَدُ بنُ سَوْسَنٌ
التَّمَّار، وَعَبْدُ الوَاحِدِ بنُ علوَان، وَأَحْمَدُ
بنُ عَبْدِ القادر بن يوسف، وأبو الحسن علي ابن الحُسَيْنِ
بنِ أَيُّوْبَ البَزَّاز، وَأَبُو بَكْرٍ
الطُّرَيْثِيْثِيّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَأَمْلَى عِدَّةَ مَجَالِس، وَقَعَ لَنَا منها.
مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ
مائَةٍ.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَتَبْنَا عَنْهُ، وَكَانَ صَدُوْقاً،
غَيْرَ أَنّ سَمَاعَهُ فِي بَعْضِ مَا رَوَاهُ عَنِ
النَّجَّاد كَانَ مُضْطرباً، وَمَاتَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ
ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
3898- عَطِيَّةُ بنُ سَعِيْدِ 2:
ابن عبد الله، الإِمَامُ الحَافِظُ، القُدْوَةُ
الكَبِيْرُ، شَيْخُ الوَقْت، أَبُو مُحَمَّدٍ،
الأَنْدَلُسِيُّ القَفْصِيُّ الصُّوْفِيُّ.
سَمِعَ: مِنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ
البَاجِي، وَطَائِفَةٍ بِالأَنْدَلُسِ، وَقَاضِي أَذَنَة
عَلِيّ بن الحُسَيْنِ بِمِصْرَ، وَزَاهِر بن أَحْمَدَ
بِسَرخس، وَابْن فِرَاس بِمَكَّةَ، وَإِسْمَاعِيْل بن
حَاجِب الكُشَانِي بِمَا وَرَاء النَّهر.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "10/ 303"، والإكمال لابن ماكولا
"3/ 282"، والأنساب للسمعاني "4/ 112"، واللباب لابن
الأثير "1/ 357"، والعبر "3/ 152"، وشذرات الذهب لابن
العماد الحنبلي "3/ 226".
2 ترجمته في تاريخ بغداد "12/ 322"، والصلة لابن بشكوال
"2/ 447"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة رقم 989".
(13/132)
وَتلاَ بِالأَنْدَلُسِ عَلَى: ابْنِ بشرٍ
الأَنْطَاكِيّ، وَبِمِصْرَ عَلَى أَبِي أَحْمَدَ
السَّامَرِّيّ، وَكَتَبَ الكَثِيْر بِالشَّامِ وَالعِرَاق
وَخُرَاسَان وَبُخَارَى.
ثُمَّ اسْتوطن نَيْسَابُوْر مُدَّةً على قدم التوكل، ورزق
القبول، وكثر أَتْبَاعُهُ، وَانْضَمَّ إِلَيْهِ أَصْحَابُ
أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيّ.
قَالَ الخَطِيْبُ: حَدَّثَنَا عَنْهُ أَبُو الفَضْلِ
عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ المَهْدِيّ قَالَ: وَكَانَ زَاهِداً
لاَ يَضَعُ جَنْبَهُ إِلَى الأَرْضِ، إِنَّمَا يَنَامُ
محتبيًا.
حدث بصحيح البُخَارِيِّ بِمَكَّةَ، وَكَانَ عَارِفاً
بِأَسْمَاءِ الرِّجَال، وَكَانَ يَحْضُرُ السَّمَاع.
وَذَكَرَهُ الدَّانِي فِي طَبَقَات المُقْرِئين، وَقَالَ:
كَانَ ثِقَةً، كتب مَعَنَا بِمَكَّةَ عَنْ أَحْمَدَ بنِ
مَتّ البُخَارِيِّ وَغَيْره.
قَالَ: وَبِمَكَّةَ تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: لَمَّا نزح عطيَّةُ إِلَى مَكَّةَ مِنْ
بَغْدَادَ كَانَ قَدْ جمع كتباً حَمَلَهَا عَلَى بَخَاتِي
كَثِيْرَةٍ، وَلَيْسَ لَهُ إلَّا ركوَةٌ وَوِطَاءٌ،
وَكَذَلِكَ سَارَ إِلَى الحَجِّ، وَكَانَ كُلّ يَوْم
يَعْزِمُ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الْوَفْد، قَالَ منْ
رَافقه: مَا رَأَيْتُهُ يَحْمِلُ زَاداً.
قَالَ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ بُنْدَار الشِّيْرَازِيُّ:
لَقِيْتُهُ بِبَغْدَادَ وَصَحِبْتُهُ، وَكَانَ مِنَ
الإِيثَار وَالسَّخَاء عَلَى أَمرٍ عَظِيْمٍ، وَيَقْتَصِرُ
عَلَى فوطَةٍ وَمُرَقَّعَةٍ، وَلَهُ كتبٌ تُحْمَلُ عَلَى
جمَال، رَافقتُهُ وَخرجنَا جَمِيْعاً إِلَى اليَاسريَّة
عَلَى التجريد، فعجبت من حَاله، فَلَمَّا بلغنَا المنزلَة،
ذَهَبْنَا نَتَخَلَّلُ الرِّفَاقَ، فَإِذَا شَيْخٌ
خُرَاسَانِي حَوْلَهُ حَشَم، فَقَالَ لَنَا: انزلُوا.
فَجَلَسْنَا، فَأَتَى بِسُفْرَة، فَأَكَلْنَا وَقُمْنَا،
فَلَمْ نزل هَكَذَا، يتَّفقُ لَنَا كُلَّ يَوْم مَنْ
يُطْعِمُنَا وَيَسْقِيْنَا إِلَى مَكَّةَ، وَمَا حَمَلْنَا
مِنَ الزَّاد شَيْئاً، وَحَدَّثَ بِمَكَّةَ بِالصَّحِيْح،
فَكَانَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الرِّجَال وَأَحْوَالهم،
فَيَتَعَجَّبُ مِنْ حَضَرَ، وَتُوُفِّيَ بِمَكَّةَ سَنَة
ثَمَان أَوْ تِسْع وَأَرْبَع مائَة.
قَالَ الحُمَيْدِيُّ: لَهُ كِتَابٌ فِي تَجْوِيْزِ
السَّمَاعِ، فَكَانَ كَثِيْرٌ مِنَ المَغَاربَة
يتحَامَوْنه لِذَلِكَ، وَجَمَعَ طُرُقَ حَدِيْث المِغْفر
فِي أَجزَاء عِدَّةٍ.
ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو غَالِبٍ بنُ بِشْرَان
النَّحْوِيُّ، حَدَّثَنَا عَطِيَّةُ بنُ سَعِيْد،
حَدَّثَنَا القَاسِمُ بنُ علقمة، حدثنا بهز. فذكر حديثًا.
(13/133)
الجوبري، ابن شاذان:
3899- الجوبري 1:
الشَّيْخُ أَبُو الحَسَنِ، عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ يَاسِرٍ، التَّمِيْمِيُّ
الدِّمَشْقِيُّ الجَوْبَرِيُّ.
عَنِ: ابْنِ أَبِي العَقب، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ بن مروان،
وإبراهيم بن محمد ابن سِنَان، وَجَمَاعَة.
وَعَنْهُ: القَاسِمُ الحِنَّائِيّ، وَحَيْدَرَةُ
المَالِكِيُّ، وَسَعْدٌ الزَّنْجَانِيّ، وَأَبُو القَاسِمِ
بنُ أَبِي العَلاَءِ، وَالكَتَّانِيّ، وَقَالَ: كَانَ لاَ
يَقْرأُ وَلاَ يَكْتُب، سمّعه أَبُوْهُ، وَضَبَطَ لَهُ،
وَكَانَ يُحْسِنُ المُتُوْنَ، وَجدتُ سَمَاعه فِي صَحِيْح
البُخَارِيِّ فَقَالَ لِي: قد سمع: ني أَبِي الكَثِيْر،
فَمَا أُحَدِّثُك، حَتَّى أَدْرِي مَذْهَبَكَ فِي
مُعَاوِيَة. فَقُلْتُ: صَاحِبِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَتَرَحَّمْتُ عَلَيْهِ،
فَأَخْرَجَ إِليَّ كتبَ أَبِيهِ جَمِيعهَا، ثُمَّ قَالَ:
مَاتَ فِي صَفَرٍ سَنَة خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ.
3900- ابْنُ شاذان 2:
الإِمَامُ الفَاضِلُ الصَّدُوْقُ، مُسْنِدُ العِرَاق،
أَبُو عَلِيٍّ، الحسن بن أبي بكر أحمد بن إبراهيم بن الحسن
بن مُحَمَّدِ بنِ شَاذَانَ، البَغْدَادِيُّ البَزَّاز،
الأُصُوْلِيُّ.
وُلِدَ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ تِسْعٍ
وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائة.
وبكر به والده إلى الغاية، فأسمع: هـ وَلَهُ خَمْسُ
سِنِيْنَ أَوْ نحوهَا مِنْ أَبِي عَمْرٍو بنِ السَّمَّاكِ،
وَأَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بنِ سُلَيْمَانَ العَبَّادَانِي،
وَمَيْمُوْنَ بنِ إِسْحَاقَ، وَأَبِي سَهْل بن زِيَادٍ،
وَحَمْزَة الدِّهْقَان، وَجَعْفَرٍ الخُلْدِيّ،
وَالنَّجَّاد، وَعَبْدِ اللهِ بن دُرُسْتَوَيْه
النَّحْوِيُّ، وَأَبِي عُمَرَ الزَّاهِد، وَعَلِيِّ بنِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مَاتِي، وَأَحْمَدَ بنِ عُثْمَانَ
الأَدَمِيّ، وَعَبْدِ الصَّمَدِ الطَّسْتِي، وَعَلِيِّ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ الزُّبَيْرِ القُرَشِيّ، وَمُكْرَم بنِ
أَحْمَدَ، وَعَبْدِ اللهِ بن إِسْحَاقَ الخُرَاسَانِيّ،
وَمُحَمَّدِ بنِ العَبَّاسِ بنِ نَجِيْح، وَأَحْمَد بن
كَامِل القَاضِي، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ بنِ علم،
وَأَبِي بَكْرٍ الشَّافِعِيّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بن
سِيمَا المُجبر، وَإِسْمَاعِيْل بن عَلِيٍّ الخُطَبِيّ،
وَعَبْدِ اللهِ بن بُرَيه الهَاشِمِيّ، وَدَعْلَج بن
أَحْمَدَ، وَأَبِي بَكْرٍ النَّقَّاش، وَأَحْمَد بن نيخَاب
الطّيبِي، وَابْن قَانع، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ مِقْسَم،
وَأَبِي علي بن الصواف، وحامد الرفاء، وشجاع ابن جعفر،
ومحمد بن محمد
__________
1 ترجمته في الأنساب للسمعاني "3/ 344"، والعبر "3/ 157"،
وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 229".
2 ترجمته في تاريخ بغداد "7/ 279"، والمنتظم لابن الجوزي
"8/ 86"، والعبر "3/ 157"، وتذكرة الحفاظ "3/ 1075"،
وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 228".
(13/134)
الإسكافي، وأبي سليمان الحراني، وعبد
الرَّحْمَن بنُ عُبَيْد الهَمَذَانِيّ، وَعَبْدِ الخَالِقِ
بن أَبِي رُوبَا، وَمُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مُحْرِم،
ومحمد بن جعفر القارىء، وَعِدَّة.
وَلَهُ مَشْيَخَةٌ كُبرَى هِيَ عوَالِيه عَنِ الكبار،
ومشيخة صُغرَى عَنْ كُلّ شَيْخ حَدِيْث.
حَدَّثَ عَنْهُ: الخَطِيْبُ، وَالبَيْهَقِيُّ، وَالشَّيْخ
أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيْرَازِيُّ، وَأَبُو الفَضْلِ بنُ
خَيْرُوْنَ، وَالحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ الدَّقَّاق، وَأَبُو
يَاسِرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ الخَيَّاط،
وثَابِتُ بنُ بُنْدَار، وَالحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ
التِّكَكِيُّ، وَأَبُو سَعْدٍ الحُسَيْنُ بنُ الحُسَيْنِ
الفَانيذِي، وَعَبْدُ اللهِ بنُ جَابِر بن يَاسِيْنَ،
وَأَبُو مُسْلِم عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عمر
السِّمْنَانِي، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ
الأَنْصَارِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ
الأَسَدِيّ، وَالمُبَارَكُ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ بن
الطُّيُوْرِي، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ
خُشَيش، وَجَعْفَرُ بنُ أَحْمَدَ السَّرَّاج، وَأَبُو
غَالِبٍ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ البَاقِلاَّنِيّ،
وَعَلِيُّ بنُ بَيَانٍ الرَّزَّاز، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ
نَبْهَان الكَاتِبُ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ. وَتَفَرَّد
بِالرِّوَايَة عَنْ جَمَاعَة.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَتَبْنَا عَنْهُ، وَكَانَ صَحِيْحَ
السَّمَاعِ، صَدُوْقاً، يَفْهَمُ الكَلاَمَ عَلَى مَذْهَبِ
أَبِي الحَسَنِ الأَشْعَرِيِّ، وَيَشْرَبُ النَّبِيذَ
عَلَى مَذْهَبِ الكُوْفِيِّين، ثُمَّ تَرَكَهُ بِأَخَرَة،
كَتَبَ عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْ شُيُوخِنَا كَالبَرْقَانِيّ،
وَأَبِي مُحَمَّدٍ الخَلاَّل. وَسَمِعْتُ أَبَا الحَسَنِ
بنَ زَرْقويه يَقُوْلُ: أَبُو عَلِيٍّ بنُ شَاذَانَ
ثِقَةٌ، وَسَمِعْتُ أَبَا القَاسِم الأَزْهَرِيَّ
يَقُوْلُ: أَبُو عَلِيٍّ أَوْثَقُ مَن بَرَأَ اللهُ فِي
الحَدِيْثِ. وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى
الكَرْمَانِيّ يَقُوْلُ: كُنْتُ يَوْماً بِحَضْرَة أَبِي
عَلِيٍّ بنِ شَاذَانَ فَدَخَلَ شَابٌّ، فَسَلَّمَ، ثُمَّ
قَالَ: أيكم أبو علي بن شاذان؟ فأشرنا إليه، فقال له:
أَيُّهَا الشَّيْخُ! رَأَيْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي المَنَامِ، فَقَالَ لِي:
سَلْ عَنْ أَبِي عَلِيِّ بنِ شَاذَانَ، فَإِذَا
لَقِيْتَهُ، فَاقْرِهِ مِنِّي السَّلاَمَ، وَانْصَرَفَ
الشَّابُّ، فَبَكَى الشَّيْخُ، وَقَالَ: مَا أَعْرِفُ لِي
عَمَلاً أَسْتَحِقُّ بِهِ هَذَا، إلَّا أَنْ يَكُوْنَ
صَبْرِي عَلَى قِرَاءةِ الحَدِيْث وَتكرير الصَّلاَة عَلَى
النَّبِيِّ -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلَّم- كُلَّمَا
ذُكِرَ. ثُمَّ قَالَ الكَرْمَانِيّ: وَلَمْ يلبثْ أَبُو
عَلِيٍّ بَعْدَ ذَلِكَ إلَّا شَهْرَيْنِ أَوْ ثَلاَثَة
حَتَّى مَاتَ.
تُوُفِّيَ أَبُو عَلِيٍّ فِي سَلْخ عَام خَمْسَة
وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَدُفِنَ فِي أَوَّلِ
يَوْم مِنْ سَنَة سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ.
وآخرُ منْ رَوَى عَن رَجُلٍ عَنْهُ: عَبْدُ الْمُنعم بنُ
كُلَيْب.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ الفَرَّاءِ، أَخْبَرْنَا
ابْنُ قُدَامَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الفَتْح بنُ البَطِّي،
أَخْبَرْنَا ابْنُ خَيْرُوْنَ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
بنُ شَاذَانَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بن إسحاق
الخراساني، حدثنا محمد بن سعدن حدثنا أبو زيد، حدثنا محمد
ابن عَمْرِو بنِ عَلْقَمَةَ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ،
عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ الصَّعْبِ
بن جَثَّامَة قَالَ: أَهديتُ لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حمَارَ وَحْشٍ وَهُوَ
بِالبيدَاءِ مُحْرِمٌ، فَرَدَّهُ عليَّ، فَعَرفَ ذَلِكَ
فِي وَجْهِي، فَقَالَ: "أَمَّا إِنَّا لَمْ نَرُدَّهُ
عَلَيْكَ إلَّا أَنَّا حُرُمٌ" 1.
اتفقَا عَلَيْهِ مِنْ غَيْر وَجه عَنِ الزهري.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "1825"، ومسلم "1193".
(13/135)
اللالكائي، الخرجاني:
3901- اللالكائي 1:
الإِمَامُ الحَافِظُ المُجَوِّدُ، المُفْتِي أَبُو
القَاسِمِ، هِبَةُ اللهِ بنُ الحَسَنِ بنِ مَنْصُوْرٍ،
الطَّبَرِيُّ الرَّازِيُّ، الشَّافِعِيُّ
اللاَّلْكَائِيُّ، مُفِيْدُ بَغْدَاد فِي وَقْتِهِ.
سَمِعَ: عِيْسَى بنَ عَلِيٍّ الوَزِيْر، وَأَبَا طَاهِرٍ
المُخَلِّص، وَجَعْفَر بن فَنَّاكِي الرَّازِيّ، وَأَبَا
الحَسَنِ بن الجُنْدِي، وَعَلِيَّ بنَ مُحَمَّدٍ
القَصَّار، وَالعَلاَء بنَ مُحَمَّدٍ، وَأَبَا أَحْمَد
الفَرَضِيّ، وَعِدَّة.
وَتَفَقَّهَ بِالشَّيْخ أَبِي حَامِدٍ، وَبَرَعَ فِي
المَذْهَب.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: وَابنُهُ
مُحَمَّدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ
عَلِيٍّ الطُّرَيْثِيْثِيّ، وَمَكِّيٌّ الكَرَجِيُّ
السَّلاَّر، وَعِدَّة.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ يَفْهَمُ وَيَحْفَظُ، وَصَنَّفَ
كِتَاباً فِي السُّنَّة، وَعَاجلَتْهُ المَنيَّة، خَرَجَ
إِلَى الدِّيْنَوَر، فَأَدركه أَجلُه بِهَا فِي شَهْرِ
رَمَضَانَ سَنَة ثَمَان عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة.
ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ بنِ
جَدَّاء العُكْبَرِيُّ قَالَ: رَأَيْتُ هِبَةَ اللهِ
الطَّبَرِيَّ فِي النَّوْمِ، فَقُلْتُ: مَا فَعَلَ اللهُ
بِكَ؟ قَالَ: غَفَر لِي. قلت: بِمَاذَا؟ فَقَالَ كلمَة
خفيَّة: بِالسُّنَّة.
وَقَالَ شُجَاعٌ الذُّهْلِيُّ: لَمْ يخرج عَنْهُ شَيْءٌ
مِنَ الحَدِيْثِ إلَّا اليَسِيْر.
قُلْتُ: قَدْ رَوَى عَنْهُ أَبُو بَكْرٍ الطُّرَيْثِيْثِيّ
كِتَابهُ فِي "شَرْح السُّنَّة".
3902- الخَرْجَانِيُّ 2:
الشَّيْخُ المُحَدِّثُ المُسْنِدُ الثِّقَةُ، أَبُو
الحَسَنِ، عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
الحُسَيْنِ، الأَصْبَهَانِيُّ الخرجاني، الرجل الصالح.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "14/ 70"، والمنتظم لابن الجوزي
"8/ 34"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة رقم 986"، والعبر "3/
130"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 211".
2 ترجمته في الإكمال لابن ماكولا "3/ 231"، والأنساب
للسمعاني "5/ 75".
(13/136)
رَحل وَسَمِعَ: مِنْ: إِبْرَاهِيْمَ بنِ
عَلِيٍّ الهُجَيْمِيّ، وَأَبِي إِسْحَاقَ بنِ حَمْزَةَ
الحَافِظ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ فِرَاس المَكِّيّ،
وَالقَاضِي أَبِي أَحْمَدَ العَسَّال، وَأَبِي الشَّيْخ،
وَعِدَّة.
حَدَّثَ عَنْهُ: إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَلِيٍّ السَّيْلَقِيّ،
وَرَوْحُ بنُ مُحَمَّدٍ الرَّارَانِيّ، وَعُمَر بنُ حَسَنِ
بنِ سُلَيْم، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الغَفَّار بنِ
أُشْتَه، وَطَائِفَةٌ سِوَاهُم.
وَقَالَ الخَطِيْبُ: كَتَبَ إِلَيَّ بِالإِجَازَةِ بِمَا
يصِحُّ عِنْدِي مِنْ حَدِيْثه.
وَمِمَّنْ رَوَى عَنْهُ المُحَدِّثُ أَحْمَدُ بنُ
مُحَمَّدِ بن أبي بكر بن مردويه وغيره.
ويُعْرَفُ بعَلِيِّ بنِ أَبِي حَامِدٍ الخَرْجَانِيّ.
وَخَرْجَان: بخَاء مُعْجَمِه مَفْتُوحَة.
تُوُفِّيَ سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ. وَقِيْلَ:
سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ ببُرَاب.
يَقَعُ لَنَا حَدِيْثُهُ فِي أَرْبَعِيْنَ الرَّئِيْس
الثَّقَفِيّ عَنْهُ.
ومن طبقته:
(13/137)
أبو الحسن علي بن
محمد، الخرقاني:
3903- أبو الحسين علي بن محمد 1:
ابن أَحْمَدَ، الجُرْجَانِيُّ بِجِيْمَيْنِ الحَنَّاطِيُّ،
المُعَلِّمُ.
حَدَّثَ عَنْ أَبِي أَحْمَدَ بنِ عَدِيٍّ، وَطَائِفَة.
وَبَقِيَ إِلَى حُدُوْد العِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
ذَكَرْتُهُ لِلتَّمْيِيْزِ، وَيُعْرَفُ بابن عرفة.
3904- الخرقاني 2:
وَالزَّاهِدُ، القُدْوَةُ، أَبُو الحَسَنِ، عَلِيُّ بنُ
أَحْمَدَ، الخَرَقَانِيُّ البِسْطَامِيُّ، مِنْ قَرْيَة
خَرَقَان بِالتَّحريك.
قَالَ السَّمْعَانِيُّ: هُوَ شَيْخُ العَصر، لَهُ
الكَرَامَاتُ وَالأَحْوَالُ، وَكَانَ يُكْرِي عَلَى
بهيمَةٍ، ثُمَّ فُتح عَلَيْهِ، زَارهُ مَحْمُوْدُ بنُ
سُبُكْتِكِيْن، فَوَعَظَهُ، وَلَمْ يَقْبَلْ منه شيئًا.
تُوُفِّيَ يَوْم عَاشُورَاء سَنَة خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائة عن ثلاث وسبعين سنة.
__________
1 ترجمته في تاريخ جرجان للسهمي "ص279".
2 ترجمته في الأنساب للسمعاني "5/ 86"، واللباب لابن
الأثير "1/ 434".
(13/137)
ابن زهر، القطان:
3905- ابن زهر 1:
المُفْتِي المُحَدِّثُ، أَبُو بَكْرٍ، مُحَمَّدُ بنُ
مَرْوَانَ بنِ زُهْرٍ، الإِيَادِيُّ الإِشْبِيْلِيُّ.
أَخذ بقُرْطُبَة عَنْ مُحَمَّدِ بنِ مُعَاوِيَةَ
الأُمَوِيِّ، وَإِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، وَأَبِي
عليٍّ القَالِي، وَمُحَمَّدِ بن حَارث القَيْرَوَانِيّ.
وَكَانَ مِنْ رُؤُوْس المَالِكِيَّة، بَصِيْراً
بِالمَذْهَب، أَكْثَر النَّاسُ عَنْهُ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ الخَوْلاَنِيُّ، وَأَبُو
مُحَمَّدٍ بنُ خَزْرج، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ
الطُّلَيْطُلِيُّ، وَأَبُو حَفْصٍ الزَّهْرَاوِيُّ،
وَحَاتِمُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَجُمَاهِرُ بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ، وَأَبُو المُطَرِّف بنُ سَلَمَةَ.
وَعَاشَ ستاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً، وَرَوَى الكَثِيْرِ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ.
وَهُوَ وَالِدُ شَيْخِ الطِّبِّ أَبِي مَرْوَان عبد الملك،
وجد رئيس الأطباء أَبِي العَلاَءِ زُهْرِ بنِ عَبْدِ
المَلِكِ، وَجَدُّ جَدِّ العَلاَّمَةِ أَبِي بَكْرٍ
مُحَمَّدِ بن عَبْدِ المَلِكِ، الَّذِي بَقِيَ إِلَى سَنَة
خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وخمس مائة.
3906- القطان 2:
الحَافِظُ البَارِعُ الجَوَّالُ، أَبُو عَبْدِ
الرَّحْمَنِ، مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ بنِ أَحْمَدَ،
النَّيْسَابُوْرِيُّ، القَطَّانُ، الأَعْرَجُ.
رَوَى عَنِ: الحَاكِمِ ابْن البَيِّع، وَأَبِي أَحْمَدَ
الفَرَضِيّ، وَأَبِي عُمَرَ الهَاشِمِيِّ البَصْرِيِّ،
وَأَبِي مُحَمَّدٍ بنِ النَّحَّاسِ المِصْرِيِّ،
وَأَمثَالِهِم.
رَوَى عَنْهُ: الخَطِيْبُ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ
الكَتَّانِيّ.
مَاتَ فِي الكُهُوْلَة سَنَة اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ. وَقلَّ مَا خُرِّجَ عنه.
__________
1 ترجمته في الصلة لابن بشكوال "2/ 514"، ووفيات الأعيان
لابن خلكان "4/ 437"، والعبر "3/ 150".
2 ترجمته في العبر "3/ 150"، وشذرات الذهب لابن العماد
الحنبلي "3/ 225".
(13/138)
ابن نجاح، الصباغ،
الفشيديزجي:
3907- ابن نجاح 1:
الإِمَامُ الزَّاهِدُ، أَبُو الحُسَيْنِ، يَحْيَى بنُ
نَجَاحٍ القُرْطُبِيُّ، مَوْلَى بَنِي أُمَيَّةَ،
وَيُعْرَفُ بِابْنِ الفَلاَّسِ. كَانَ مِنَ العُلَمَاءِ
العَامِلِيْن.
صَنَّفَ كِتَاب سبل الخيرَات فِي الرَّقَائِق، وَاشْتهرَ
عَنْهُ، وَحَدَّثَ بِهِ بِمَكَّةَ، حمله عَنْهُ أَبُو
مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ سَعِيْدٍ الشَّنْتَجَالِيُّ،
وَأَبُو يَعْقُوْبَ ابْنُ حَمَّاد، وَغيرُهُمَا.
تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ.
3908- الصباغ 2:
الشَّيْخُ المُسْنِدُ، أَبُو بَكْرٍ، مُحَمَّدُ بنُ
الطَّيِّبِ بنِ سَعْدٍ، البَغْدَادِيُّ الصَّبَّاغُ.
سَمِعَ: أَبَا بَكْرٍ النَّجَّادَ، وَأَبَا بَكْرٍ
الشَّافِعِيَّ.
رَوَى الخَطِيْبُ عَنِ الوَزِيْر عَلِيِّ بنِ المُسْلِمَة
أَنَّ هَذَا تَزَوَّجَ بِأَزيدَ مِنْ تِسْع مائَة
امْرَأَة.
مَاتَ سَنَةَ ثلاث وعشرين وأربع مائة.
3909- الفشيديزجي 3:
قَاضِي بُخَارَى، نُعْمَانُ زَمَانِهِ، أَبُو عَلِيٍّ،
الحُسَيْنُ بن الخضر بن مُحَمَّدٍ، البُخَارِيُّ
الحَنَفِيُّ.
انْتَهَت إِلَيْهِ إِمَامَةُ أَهْلِ الرَّأْي، وَقَدْ
قَدِمَ بَغْدَادَ، وَتَفَقَّهَ وَنَاظر، وَسَمِعَ: مِنْ
أَبِي الفَضْلِ الزُّهْرِيِّ، وَسَمِعَ: بِبُخَارَى مِنْ
أَبِي عَمْرٍو مُحَمَّدِ بن مُحَمَّدِ بنِ صَابر.
وَانْتَشَر لَهُ التَّلاَمذَةُ. وَآخِرُ مَنْ حَدَّثَ
عَنْهُ: سبطُه عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ البُخَارِيّ.
قِيْلَ: نَاظَرَهُ الشَّرِيْفُ المُرْتَضَى الشِّيْعِيُّ
فِي خبر: "مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ" 4. فَقَالَ
للمُرْتَضَى: إِذَا صَيَّرتَ مَا نَافيَةً، خَلاَ
الحَدِيْثُ مِنْ فَائِدَة، فُكُلُّ أَحدٍ يَدْرِي أَنَّ
الْمَيِّت يَرثُه أَقربَاؤُه، وَلاَ تَكُون تَرِكَتُهُ
صَدَقَةً. وَلَكِن لَمَّا كَانَ المُصْطَفَى بِخِلاَفِ
الأُمَّة، بين ذلك، وقال: ما تركناه صدقة.
وَلأَبِي عَلِيٍّ سَمَاعٌ مِنِ ابْنِ شَبُّوْيَه،
وَجَعْفَرِ بن فَنَّاكِي.
تُوُفِّيَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وعشرين وأربع
مائة.
__________
1 ترجمته في الصلة لابن بشكوال "2/ 665"، والنجوم الزاهرة
لابن تغري بردي "4/ 276".
2 ترجمته في تاريخ بغداد "5/ 383"، والمنتظم لابن الجوزي
"8/ 71".
3 ترجمته في الأنساب للسمعاني "9/ 309"، واللباب لابن
الأثير "2/ 433"، والعبر "3/ 154".
4 صحيح: أخرجه البخاري "3712"، ومسلم "1759"، من حديث أبي
بكر الصديق. مرفوعًا بلفظ: "لا نورث ما تركنا صدقة"،
وأخرجه البخاري "3094"، ومسلم "1757"، وأبو داود "2963" من
حديث عمر بن الخطاب، به، وورد من حديث عائشة: عند البخاري
"6730"، ومسلم "1758"، وأبي داود "3976"، وأحمد "6/ 145".
(13/139)
ابن ذنين، ابن كردان:
3910- ابن ذنين 1:
العَلاَّمَةُ القُدْوَةُ العَابِدُ، أَبُو مُحَمَّدٍ،
عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عُثْمَانَ بنِ
سَعِيْدِ بنِ ذُنِّيْنَ، الصَّدَفِيُّ الأَنْدَلُسِيُّ
الطُّلَيْطُلِيُّ.
رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعَبْدُوْس بنِ مُحَمَّدٍ، وَأَبِي
عَبْدِ اللهِ بنِ عَيْشُوْن، وَأَبِي جَعْفَرٍ بنِ عَوْن
الله، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ مُفَرِّجٍ، وَبِمِصْرَ
عَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ المُهَنْدس، وَأَبِي الطَّيِّبِ بنِ
غَلْبُوْنَ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ عُبَيْدٍ
الوَشَّاء. وَبِمَكَّةَ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ السَّقَطِيّ.
وَبَالغَرْب عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ بنِ أَبِي زَيْدٍ،
وَلاَزَمَهُ.
وَرَحَلَ إِلَى بَلَده بعلمٍ جَمٍّ، فَأَكْثَرَ عَنْهُ
الطُّلَيٍطِليُّون، وَرُحَلَ إِلَيْهِ مِنَ النَّوَاحِي
لعلمِه وَتَأَلُّهِهِ وَتَبَتُّله وَخُشُوعه وَاتِّبَاعه.
يُقَالُ: كَانَ مُجَابَ الدَّعْوَةِ. وَكَانَ سُنّياً،
أَثرياً، ثَبْتاً، مُتَحَرِّياً، قَوَّالاً بِالْحَقِّ،
لاَ يَخَافُ فِي اللهِ لَوْمَةَ لاَئِم. صَنَّفَ فِي الأمر
بالمعروف كتابًا، وكان مَهِيْباً فِي اللهِ مُطَاعاً، لاَ
يَخْتلِفُ اثْنَان فِي فَضْلِهِ، وَكَانَ يَخْدُمُ
كَرْمَهُ بِنَفْسِهِ، وَيتبَلَّغُ مِنْهُ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ، وَشَيَّعَهُ أُمَمٌ لاَ يُحصَوْنَ رَحِمَهُ اللهُ.
3911- ابْنُ كردان 2:
إِمَامُ النَّحْو، أَبُو القَاسِمِ، عَلِيُّ بنُ طَلْحَةَ
بن كُرْدَان، الوَاسِطِيُّ.
تِلْمِيْذُ أَبِي عَلِيٍّ الفَارِسِيّ، وَابنِ عِيْسَى
الرُّمَّانِي. قرأَ عَلَيْهِمَا كِتَاب سِيبَوَيْهٍ.
وَأَهْلُ وَاسِط يتغَالَوْنَ فِيْهِ، وَيُرَجِّحونه عَلَى
ابْنِ جِنِّي.
عَمِلَ إِعرَاباً لِلْقرآن فِي بَضْعَةَ عشر مُجَلَّداً،
ثُمَّ غسلَه قَبْلَ مَوْته.
وكَانَ دَيِّناً صَيِّناً نَزِهاً.
أَخَذَ عَنْهُ أَبُو الفَتْح بنُ مُخْتَار، وَمُحَمَّدُ
بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ.
قَالَ خَمِيسٌ الحَوْزِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ
وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
__________
1 ترجمته في الصلة لابن بشكوال "1/ 264"، والعبر "3/ 155"،
وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 227".
2 ترجمته في معجم الأدباء "13/ 259". وبغية الوعاة للسيوطي
"2/ 170".
(13/140)
الأردستاني، الفارسي:
3912- الأردستاني 1:
الإِمَامُ الحَافِظُ الجَوَّالُ، الصَّالِحُ العَابِدُ،
أَبُو بَكْرٍ، محمد بن إبراهيم ابن أَحْمَدَ
الأَرْدَسْتَانِيُّ.
سَمِعَ: مِنْ عَدَدٍ كَثِيْرٍ، وَحَدَّثَ عن: أبي الشيخ،
وأبي بكر بن المقرىء، وَيُوْسُف القَوَّاس، وَعُمَر بنِ
شَاهِيْن، وَعَبْدِ الوَهَّابِ الكِلاَبِيّ، وَالقَاسِمِ
بن عَلْقَمَة الأَبْهَرِيّ، وَإِسْمَاعِيْل بن حَاجِب
الكُشَانِي. وَحَدَّثَ عَنْهُ بـ"الصَّحِيْح"، وَلقِي بعكا
أبا زرعة المقرىء. وَتلاَ عَلَى جَمَاعَة.
رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ القُوْمِسَانِي،
وَابْنُ ممَان، وَظَفَرُ بنُ هِبَةِ اللهِ، وَغَيْرُهُم
مِنَ الهَمَذَانيين. ورَوَى عَنْهُ أَبُو نصر الشيرازي
المقرىء، وَالبَيْهَقِيُّ فِي كُتُبِهِ، وَوَصَفَهُ
بِالحِفْظ.
قَالَ شِيْرَوَيْه: كَانَ ثِقَةً، يُحْسِنُ هَذَا
الشَّأْن، سَمِعْتُ عِدَّةً يَقُوْلُوْنَ: مَا مِنْ رَجُلٍ
لَهُ حَاجَةٌ مِنْ أمر الدنيا والآخرة يزور قبره ويدعو
إلَّا اسْتَجَابَ اللهُ لَهُ. قَالَ: وَجَرَّبْتُ أَنَا
ذَلِكَ، وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ
وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ بـ"صَحِيْح البُخَارِيِّ"
عَبْدُ الغَفَّارِ بنُ طَاهِرٍ بِهَمَذَان.
قُلْتُ: هُوَ مِمَّنْ فَاتَ ابْنَ عَسَاكِر ذكرُه فِي
"تَارِيْخِهِ".
وَكَانَ مع عمله بِالأَثر قَيِّماً بكتَاب الله، رَفِيْعَ
الذِّكر، أَخذ بالبصرة عن أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
العَبَّاسِ الأَسْفَاطيّ، وَأَحْمَدَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ
النَّهْرَدَيْرِيّ. وَيُكْنَى أَيْضاً بِأَبِي جَعْفَرٍ.
مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
3913- الفارسي:
فَأَمَّا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ
الفَارِسِيُّ المَشَّاط، فَمِنْ أَقرَانِ صَاحِبِ
التَّرْجَمَةِ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي عَمْرٍو بنِ مَطَر، وَجَمَاعَة.
رَوَى عَنْهُ: البَيْهَقِيُّ أَيْضاً، وَعَلِيُّ بنُ
أَحْمَدَ الأَخْرَم.
لاَ أعلم متى توفي.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "1/ 417"، والأنساب للسمعاني "1/
178"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 90"، والعبر "3/ 155"،
والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 279"، وشذرات الذهب
لابن العماد الحنبلي "3/ 227".
(13/141)
3914- القاضي
عبد الوهاب 1:
هُوَ الإِمَامُ العَلاَّمَةُ، شَيْخُ المَالِكِيَّة، أَبُو
مُحَمَّدٍ، عبد الوهاب بن علي ابن نَصْرِ بن أَحْمَدَ بنِ
حُسَيْن بن هَارُوْنَ بن أَمِيْرِ العَرَبِ مَالِكِ بن
طوق، التَّغْلِبِيُّ العِرَاقِيُّ، الفَقِيْهُ
المَالِكِيُّ، مِنْ أَولاَد صَاحِب الرَّحْبَة.
صَنَّفَ فِي المَذْهَب كِتَاب "التَّلقين"، وَهُوَ مِنْ
أَجود المُخْتَصَرَات، وَلَهُ كِتَابُ المعرفَة فِي شرح
الرِّسَالَة، وَغَيْر ذَلِكَ.
ذَكَرَهُ أَبو بكرٍ الخَطِيْبُ، فَقَالَ: كَانَ ثِقَةً،
رَوَى عَنِ الحُسَيْن بن مُحَمَّد ابن عُبَيْدٍ
العَسْكَرِي، وَعُمر بنِ سَبَنْك. كَتَبْتُ عَنْهُ، لَمْ
نلقَ أَحداً مِنَ المَالِكيين أَفقهَ مِنْهُ، وَلِي
قَضَاءَ بَادَرَايَا وَبَاكُسَايَا.
وَخَرَجَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ إِلَى مِصْرَ، وَاجتَاز
بِالمَعَرَّة فضيَّفه أَبُو العَلاَءِ بنُ سُلَيْمَانَ،
وَفِيْهِ يَقُوْلُ أَبُو العَلاَءِ:
وَالمَالِكِيُّ ابْنُ نصرٍ زَار فِي سفرٍ ... بِلاَدَنَا
فحمدنا النّأي والسّفرا
إِذَا تَفَقَّهَ أَحْيَا مَالِكاً جَدَلاً ... وَيَنْشُرُ
المَلِكَ الضَّلِّيْلَ إِنْ شَعَرَا
وَلَهُ أَشْعَارٌ رَائِقَةٌ، فَمِنْ ذَلِكَ:
ونائمةٍ قَبَّلْتُهَا فَتَنَبَّهَتْ ... وَقَالَتْ
تَعَالُوا فَاطْلُبُوا اللِّصَّ بِالحَدِّ
فَقُلْتُ لَهَا إِنِّيْ فَدَيْتُكِ غاصبٌ ... وَمَا
حَكَمُوا فِي غاصبٍ بِسِوَى الرَّدِّ
خُذِيْهَا وَكُفِّي عَنْ أثيمٍ ظُلاَمَةً ... وَإِنْ
أَنْتِ لَمْ تَرْضَي فَأَلْفاً عَلَى العَدِّ
فَقَالَتْ قصاصٌ يَشْهَدُ العَقْلُ أَنَّهُ ... عَلَى
كَبِدِ الجَانِي أَلَذُّ مِنَ الشَّهْدِ
وَبَانَتْ يَمِيْنِي وَهِيَ هِمْيَانُ خَصْرِهَا ...
وَبَانَتْ يَسَارِي وَهِيَ وَاسِطَةُ العِقْدِ
فَقَالَتْ أَلَمْ أُخبر بِأَنَّكَ زاهدٌ ... فَقُلْتُ
بَلَى مَا زِلْتُ أَزْهَدُ فِي الزُّهْدِ
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ فِي "الطَّبَقَات": أَدْرَكْتُ
عَبْد الوَهَّابِ وَسمِعتُهُ يُنَاظر، وَكَانَ قَدْ رَأَى
القَاضِي الأَبْهَرِيَّ وَلَمْ يَسْمَعْ: مِنْهُ. وَلَهُ
كُتُبٌ كَثِيْرَةٌ فِي الفِقْهِ: خَرَجَ إِلَى مِصْرَ،
وَحَصلَ لَهُ هُنَاكَ حَالٌ مِنَ الدُّنْيَا بِالمغَاربَة.
وَقِيْلَ: كَانَ ذَهَابُهُ إِلَى مِصْرَ لإِفلاسٍ لحقَهُ.
فمات بها في شهر صفر سَنَة اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ وَلَهُ سِتُّوْنَ سَنَة.
وَكَانَ أَخُوْهُ مِنَ الشُّعَرَاء المَذْكُوْرِين، وَلِي
كِتَابَة الإِنْشَاء لجلاَل الدَّوْلَة، ثُمَّ نَفَّذَهُ
رَسُولاً. وَهُوَ أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ.
مَاتَ بِوَاسِط فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَمَاتَ أَبُوْهُمَا فِي سَنَةِ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ
وَثَلاَثِ مائة.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 31"، والمنتظم لابن الجوزي
"8/ 61"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "3/ 219"، والعبر "3/
149"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 276"، وشذرات
الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 223".
(13/142)
ابن شبانة، الذكواني:
3915- ابن شبانة 1:
الشَّيْخُ العَدْلُ الكَبِيْرُ، مُسْنِدُ هَمَذَانَ، أَبُو
سَعِيْدٍ، عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ
اللهِ بنِ بُنْدَار بن شُبَانَة، الهَمَذَانِيُّ.
وَقَعَ لَنَا مِنْ حَدِيْثِهِ الجُزء الثَّانِي.
يَرْوِي عَنْ: أَبِي القَاسِمِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن
عُبَيْدٍ، وَالفَضْلِ بن الفَضْلِ الكِنْدِيّ، وَمُحَمَّدِ
بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ بُرزَة، وَمُحَمَّدِ بن عَلِيِّ بنِ
مَحْمُويه النَّسَوِيّ، وَأَبِي بَكْرٍ القَطِيْعِيّ،
وَجَمَاعَة.
قَالَ الحَافِظُ شِيْرَوَيْه: حَدَّثَنَا عَنْهُ عَبْدُ
المَلِكِ بنُ عَبْدِ الغَفَّار، ومحمد ابن الحُسَيْنِ،
وَمُحَمَّدُ بنُ طَاهِرٍ العَابِد، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ الرُّوْذَبَارِيُّ، وَسَعْدُ بنُ الحَسَنِ
القَصْرِي، وَأَحْمَدُ بنُ طَاهِرٍ القُوْمِسَانِي،
وَأَبُو غَالِبٍ أَحْمَدُ ابن محمد بن القارىء العَدْل.
قَالَ: وَكَانَ صَدُوْقاً مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَات، وَمن
تُنَّاءِ البَلَد، مَاتَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
قُلْتُ: وَتُوُفِّيَ صَاحِبه أَبُو غالب بن القارىء سنة
بضع وخمس مائة.
3916- الذكواني 2:
العَالِمُ الحَافِظُ الرَّحَّالُ الثِّقَةُ، أَبُو بَكْرٍ،
مُحَمَّدُ بنُ أَبِي عَلِيٍّ أَحْمَدَ بنِ عبد الرحمن بنِ
مُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ بنِ حَفْصٍ، الهَمْدَانِيُّ
الذَّكْوَانِيُّ الأَصْبَهَانِيُّ المُعَدَّلُ.
وُلِدَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وثلاث مائة.
__________
1 ترجمته في الإكمال لابن ماكولا "5/ 12"، والعبر "3/
157"، وشذرات الذهب "3/ 229".
2 ترجمته في تاريخ أصبهان "2/ 310"، والأنساب للسمعاني "6/
15"، واللباب لابن الأثير "1/ 530"، والعبر "3/ 132"،
وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 213".
(13/143)
وَسَمِعَ مِنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرِ
بنِ فَارِسٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ الكُشَانِيِّ،
وَالقَاضِي أَبِي أَحْمَدَ العَسَّالِ، وَأَحْمَدَ بنِ
مَعَبْدٍ السِّمْسَارِ، وَمُحَمَّدِ ابن قَاسِمٍ
العَسَّالِ، وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى
القَصَّارِ، وَأَحْمَدَ بنِ بُنْدَارَ الشَّعَّارِ،
وَأَبِي إِسْحَاقَ بنِ حَمْزَةَ الحَافِظِ، وَعَبْدِ اللهِ
بنِ الحَسَنِ بنِ بُنْدَارَ المَدِيْنِيِّ، وَعَاتكةَ
بِنْتِ الإِمَامِ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي عَاصِمٍ، وَأَبِي
القَاسِمِ الطَّبَرَانِيّ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ
الجِعَابِيّ، وَأَبِي بَكْرٍ الآجُرِّيّ، وإبراهيم بن محمد
ابن إِبْرَاهِيْمَ الدَّيْبُلِي، وَأَحْمَدَ بنِ القَاسِمِ
بنِ الرَّيَّانِ اللُّكِّي المِصْرِيّ، وَفَارُوْق
الخَطَّابِي، وَمُحَمَّدِ بن إِسْحَاقَ بن عَبَّاد
التَّمَّار، وَعِدَّة.
وَلَهُ مُعْجَمٌ فِي جُزءين يَرْوِيْهِ عَبْدُ الرَّحيم
بنُ الطُّفَيْل عَنِ السِّلَفِيّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو صَادِق مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ
جَعْفَرٍ، وَالمُحَدِّثُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مُوْسَى بنِ مَرْدَوَيْه،
وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عَلِيٍّ السَّيْلَقِيّ، وَأَبُو
نَصْرٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ السِّمْسَار،
وَعُمَر بنُ حسن بن سليم، وعلي بن الفضيل اليَزْدِيّ،
وَالفَضْلُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَدَّاد، وَأَخُوْهُ أَبُو
الفَتْحِ، وَفضلاَنُ بنُ عُثْمَانَ القَيْسِيُّ، وَأَبُو
العَلاَءِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ الفُرْسَانِي،
وَهَؤُلاَءِ مِنْ شُيُوْخ السِّلَفِيّ.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: شهد وَحَدَّثَ سِتِّيْنَ سَنَةً،
وَسَمِعَ: بِمَكَّةَ وَالبَصْرَةِ وَالأَهْوَازِ
وَالرَّيِّ، وَجَمَعَ وَصَنَّفَ، وَكَانَ حَسَنَ الخُلُق،
قَوِيْمَ المَذْهَب.
تُوُفِّيَ فِي غُرَة شَعْبَان سَنَة تِسْعَ عَشْرَةَ
وَأَرْبَع مائَة.
قُلْتُ: وَقَعَ لَنَا سَبْعَةُ مَجَالِسَ له.
(13/144)
3917- أبو طاهر
بن سلمة:
الشَّيْخُ الإِمَامُ المُحَدِّثُ، شَيْخُ هَمَذَانَ، أَبُو
طَاهِرٍ، الحسين بن علي ابن الحَسَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
سَلَمَةَ، الكَعْبِيُّ الهَمَذَانِيُّ.
وُلِدَ سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَحَدَّثَ عَنِ: الفَضْلِ بنِ الفَضْلِ الكِنْدِيِّ،
وَأَبِي بَكْرٍ بنِ السُّنِّيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ
الإِسْمَاعِيْلِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ القَطِيْعِيِّ،
وَأَبِي أَحْمَدَ عَبْدِ اللهِ بنِ عَدِيٍّ، وَأَبِي
بَحْرٍ البَرْبَهَارِيِّ، وَأَبِي إِسْحَاقَ المُزَكِّي،
وَأَبِي عَمْرٍو بنِ حَمْدَانَ.
وَلَهُ رحلَةٌ وَاسِعَةٌ وَمَعْرِفَةٌ حَسَنَةٌ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو القَاسِمِ بنُ مَنْدَة، وَمُحَمَّدُ
بنُ عِيْسَى، وَمُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ الصُّوْفِيّ،
وَأَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بنُ طَاهِرٍ القُوْمِسَانِي،
وثَابِتُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الصَّائِغ، وَأَبُو
طَالِبٍ بنُ هُشَيْم الصَّيْرَفِيُّ، وَعِدَّةٌ مِمَّنْ
لَقِيَهُم شِيْرَوَيْه الدَّيْلَمِيُّ، وَقَالَ: كَانَ
صَدُوْقاً، صَحِيْحَ السَّمَاع، كَثِيْرَ الرّحلَة.
سَمِعْتُ ثَابِتَ بنَ حُسَيْن بن شُرَاعَة يَقُوْلُ لَمَّا
مَاتَ أَبُو طَاهِرٍ: غربت شَمْسُ أَصْحَابِ الحَدِيْث.
فَقُلْتُ: مَاذَا؟ قَالَ: مَضَى الشَّيْخُ أَبُو طَاهِرٍ
بنُ سَلَمَةَ لسَبِيله.
تُوُفِّيَ فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَة سِتَّ عَشْرَةَ
وَأَرْبَع مائَة. رَحِمَهُ اللهُ.
(13/144)
3918- الثعلبي
1:
الإِمَامُ الحَافِظُ العَلاَّمَةُ، شَيْخُ التَّفْسِيْر،
أَبُو إِسْحَاقَ، أحمد بن محمد ابن إِبْرَاهِيْمَ
النَّيْسَابُوْرِيُّ. كَانَ أَحدَ أَوْعِيَة العِلْمِ.
لَهُ كِتَاب "التَّفْسِيْر الكَبِيْر"، وَكِتَاب
"العرَائِس" فِي قصَص الأَنْبِيَاء.
قَالَ السَّمْعَانِيُّ: يُقَال لَهُ: الثَّعْلَبِي
وَالثَّعَالِبِي؛ وَهُوَ لَقَبٌ لَهُ لاَ نَسَب.
حَدَّثَ عَنْ: أبي بكر بن مهران المقرىء، وأبي طاهر محمد
بن الفضل ابن خُزَيمَة، وَالحَسَنِ بن أَحْمَدَ
المَخْلَدِي، وَأَبِي الحُسَيْنِ الخفاف، وأبي بكر بن
هانىء، وأبي محمد بن الرومي، وطبقتهم.
وَكَانَ صَادقاً مُوثَّقاً، بَصِيْراً بِالعَرَبِيَّة،
طَوِيْلَ البَاعِ فِي الوَعظ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو الحَسَنِ الوَاحِديُّ وَجَمَاعَةٌ.
قَالَ عَبْدُ الغَافِرِ بنُ إِسْمَاعِيْلَ: قَالَ
الأُسْتَاذُ أَبُو القَاسِمِ القُشَيْرِيُّ: رَأَيْتُ
رَبَّ العِزَّةِ فِي المَنَامِ وَهُوَ يُخَاطِبُنِي
وَأُخَاطِبُهُ، فَكَانَ فِي أَثْنَاء ذَلِكَ أَنْ قَالَ
الرَّبُّ -جَلَّ اسْمُه-: أَقبل الرَّجُلُ الصَّالِحُ.
فَالتفتُّ فَإِذَا أَحْمَدُ الثَّعْلَبِيُّ مُقْبِلٌ.
تُوُفِّيَ الثَّعْلَبِيّ فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ سَبْعٍ
وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَفِيْهَا مَاتَ: أَبُو النُّعْمَان تُرَابُ بنُ عُمَرَ
بنِ عُبَيْد الكَاتِبُ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي إِسْحَاقَ
إِبْرَاهِيْمَ بن مُحَمَّدٍ المُزَكِّي المُحَدِّث،
وَأَبُو عَمْرٍو مُحَمَّد بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ
الرَّزْجَاهِيّ، وَالظَّاهِرُ عَلِيُّ بنُ الحَاكِم
صَاحِبِ مِصْر، وَالهَيْثَمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ
اللهِ الخَرَّاط، وَأَبُو نَصْرٍ مَنْصُوْرُ بنُ رَامِش.
__________
1 ترجمته في معجم الأدباء لياقوت الحموي "5/ 36"، واللباب
لابن الأثير "1/ 238"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "1/ 79"،
والعبر "3/ 161"،/ وتذكرة الحفاظ "3/ ص1090"، والنجوم
الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 283"، وشذرات الذهب لابن
العماد الحنبلي "3/ 230".
(13/145)
الثعالبي، ابن
منجويه:
3919- الثعالبي 1:
أَمَّا الثَّعَالِبِيُّ العَلاَّمَةُ شَيْخُ الأَدَبِ،
فَهُوَ أَبُو منصور عبد الملك بن محمد ابن إِسْمَاعِيْلَ
النَّيْسَابُوْرِيُّ، الشَّاعِرُ.
مُصَنِّفُ كِتَاب "يتيمَة الدَّهْرِ فِي مَحَاسِن أَهْلِ
العَصْر"، وَلَهُ كِتَاب فَقه اللُّغَة، وَكِتَاب سحر
البلاغَة.
وَكَانَ رَأْساً فِي النَّظْم وَالنَّثْر.
مَاتَ سَنَة ثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وله ثمانون
سنة.
3920- ابن منجويه 2:
الحَافِظُ الإِمَامُ المُجَوِّدُ، أَبُو بَكْرٍ، أَحْمَدُ
بنُ علي بن محمد بن إبراهيم ابْن مَنْجُوَيْه، اليَزْدِيُّ
الأَصْبَهَانِيُّ، نَزِيْلُ نَيْسَابُوْر، مِنَ الحُفَّاظِ
الأَثبَات المُصَنِّفِيْن.
حَدَّثَ عَنْ الإِمَام أَبِي بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيّ،
وَإِبْرَاهِيْم بنِ عَبْدِ اللهِ النَّيْسَابُوْرِيِّ،
وإسماعيل بن نجيد، وأبي بكر بن المقرىء، وَأَبِي مُسْلِمٍ
عَبْد الرَّحْمَنِ بن شَهْدل، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ
مَنْدَة، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
وَارْتَحَلَ إِلَى بُخَارَى وَسَمَرْقَنْد وَهَرَاة
وَجُرْجَان، وَلَمْ أَره وَصلَ إِلَى العِرَاقِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو إِسْمَاعِيْلَ عَبْدُ اللهِ بنُ
مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
مَنْدَة، وَالحَسَنُ بنُ تَغْلِب الشِّيْرَازِيّ،
وَسَعِيْدٌ البقال، وعلي ابن أَحْمَدَ الأَخْرَم، وَأَبُو
صَالِحٍ المُؤَذِّنُ، وَأَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، وَأَبُو
بَكْرٍ البَيْهَقِيُّ، وَخَلْقٌ.
قَالَ أَبُو إِسْمَاعِيْلَ الأَنْصَارِيُّ: حَدَّثَنَا
أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الأَصْبَهَانِيّ
أَحْفَظُ مَنْ رَأَيْتُ مِنَ البَشَر.
__________
1 ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "3/ 178"، والعبر
"3/ 172"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 246".
2 ترجمته في اللباب لابن الأثير "3/ 261"، وتذكرة الحفاظ
"3/ ترجمة 987"، والعبر "3/ 164".
(13/146)
وَقَالَ أَبُو إِسْمَاعِيْلَ: رَأَيْتُ فِي
سَفَرِي وَحَضَرِي حافظًا ونصف حافظ: فَأَمَّا الحَافِظُ،
فَأَحْمَد بن عَلِيِّ بنِ مَنْجُوَيْه، وَأَمَّا نِصْفُ
حَافِظ، فَالجَارُوْدِيّ.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَنْدَة: كتب عَنْهُ عمِّي عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بنُ مَنْدَة كِتَاب السُّنَن لَهُ، الَّذِي
عَمله عَلَى هَيْئَة سُنَن أَبِي دَاوُدَ، وَكَانَ يُثنِي
عَلَيْهِ كَثِيْراً. وَقَالَ: سَمِعْتُ مِنْهُ المُسندَات
الثَّلاَثَةَ لِلْحَسَنِ بنِ سُفْيَان.
قُلْتُ: قَدْ صَنَّفَ ابْنُ مَنْجُوَيْه عَلَى
الصَّحِيْحَيْنِ مُسْتَخْرَجاً، وَعَلَى "جَامع أَبِي
عِيْسَى" وَ"سُنَن أَبِي دَاوُدَ".
مَاتَ يَوْم الخَمِيْس خَامِس المُحَرَّم سَنَةَ ثَمَانٍ
وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَلَهُ إِحْدَى
وَثَمَانُوْنَ سَنَةً.
وَفِيْهَا مَاتَ شَيْخُ الحَنَفِيَّة أَبُو الحُسَيْنِ
القُدُوْرِي، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بن محمد بن الصقر
ابن النَّمْط، وَأَبُو طَاهِرٍ عَبْدُ الغَفَّارِ بنُ
مُحَمَّدٍ المُؤَدِّب، وَأَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ دُوْست العَلاَّف، وَالقُدْوَةُ أَبُو
الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الحِنَّائِيّ بِدِمَشْقَ،
وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ بَاكويه الشِّيْرَازِيُّ
الصُّوْفِيُّ، وَشَاعِرُ وَقْتِهِ مِهْيَار الدَّيْلَمِيّ،
وصلة بن المؤمل البغدادي بمصر، والعلامة صَاحِبُ الخَطِّ
الفَائِقِ؛ أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ شِهَاب
العُكْبَرِيُّ الحَنْبَلِيُّ، وَشَيْخُ الفَلاَسِفَة
الرَّئِيْسُ أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ عَبْدِ اللهِ
بنِ سينَا، وَشَيْخُ الحَنَابِلَة أَبُو عَلِيٍّ بنُ أَبِي
مُوْسَى الهاشمي.
(13/147)
3921- النجيرمي
1:
لُغوِيُّ مِصْر، أَبُو يَعْقُوْبَ، يُوْسُفُ بنُ
يَعْقُوْبَ بن إِسْمَاعِيْلَ بن خُرَّزَاذ البَصْرِيُّ،
مِنْ أَهْلِ بَيْتِ علمٍ وَعربيَّة.
وَكَانَ علاَمَةً مُتْقِناً، رَاويَةً لِكُتُبِ الآدَاب،
بَصِيْراً بِمعَانِيهَا، وَكَانَ أَسمرَ، كَثَّ
اللِّحْيَة.
ونَجِيْرَم: مَحَلَّةٌ بِالبَصْرَةِ. وَقِيْلَ: قَرْيَةٌ
مِنْ أَعمَالهَا.
مَاتَ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ
عَنْ ثَمَان وَسَبْعِيْنَ سَنَةً، رَحِمَهُ اللهُ.
__________
1 ترجمته في اللباب لابن الأثير "3/ 300"، ووفيات الأعيان
لابن خلكان "7/ 75", والعبر "2/ 358".
(13/147)
المفسر، القومساني،
حمزة بن محمد:
3922- المفسر 1:
الشَّيْخُ الإِمَامُ، أَبُو نَصْرٍ، مَنْصُوْرُ بنُ
الحُسَيْنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ
النَّيْسَابُوْرِيُّ، المُفَسِّر.
سَمِعَ مِنْ أَبِي العَبَّاسِ الأَصَمِّ، وَكَادَ أَنْ
يَنْفَرِدَ به.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو إِسْمَاعِيْلَ الأَنْصَارِيُّ،
وَعَبْدُ الوَاحِدِ بن القشير، وَجَمَاعَة.
وَقَدْ سَمِعَ أَيْضاً مِنْ أَبِي الحَسَنِ الفَارِسِيّ،
وَالحَافِظ أَبِي عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيّ، وَعُمِّرَ
دَهْراً طَوِيْلاً.
وَتُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ، قَبْلَ وَفَاة الطِّرَازِي بِيَسِيْرٍ، فَهُوَ
مِنْ طَبَقَتِهِ، فليضم إليه.
3923- القومساني:
الشَّيْخُ العَالِمُ الثِّقَةُ، أَبُو مَنْصُوْرٍ،
مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مَزْدِيْنَ
القُوْمِسَانِيُّ، الهَمَذَانِيُّ.
حدث عن: أبيه، وعبد الرحمن الجلانب، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ
بنِ عُبَيْدٍ، وَعَمْرو بن حُسَيْنٍ الصَّرَّام، وَأَوسِ
بن أَحْمَدَ، وَأَبِي عَلِيٍّ الرَّفَّاء، وأبي جعفر بن
برزةن والفضل بن الفضل الكندي.
وعنه: انبه طاهر، وحفيده أبو علي أحد بنُ طَاهِرٍ بن
مُحَمَّدٍ، وَابْن أَخِيْهِ أَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ
عُثْمَانَ، وَأَبُو طَاهِرٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ الرُّوْذَبَارِيّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ شيرويه: ثقة صدوق. توفى: في جمادى الآخر سنة ثلاث
وعشرين وأربع مائة.
3924- حمزة بن محمد 2:
ابن طاهر، الحَافِظُ المُفِيْدُ المُحَدِّثُ، أَبُو
طَاهِرٍ البَغْدَادِيُّ، الدَّقَّاق.
وُلِدَ سَنَةَ 366.
وَسَمِعَ: أَبَا الحُسَيْن بنَ المُظَفَّر، وأبا الحسن
الدراقطنين وأبا حفص.. شَاهِيْن، وَطَبَقَتهُم.
قَالَ الخَطِيْبُ: كتبنَا عَنْهُ، وَكَانَ صَدُوْقاً
فَهماً عَارِفاً.
وَقَالَ البَرْقَانِيُّ: مَا اجتمعتُ قَطُّ مَعَ حَمْزَةَ
بنِ مُحَمَّدٍ فَفَارقتهُ إِلاَّ بفَائِدَة علم.
قَالَ الخَطِيْبُ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى
الكَرْمَانِيّ وَابْن جَدَّا أَنَّهُمَا رأَيَا حَمْزَةَ
بنَ محمد بن طاهر في النون، فأخبرهما أن الهل رضيَ عَنْهُ.
وَفِيْهَا مَاتَ: شَيْخُ الحَنَفِيَّة وَقَاضِي بُخَارَى؛
أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ الخَضِر الفَشِيْدِيْزَجِيّ،
وَالإِمَامُ القُدْوَةُ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن ذنين الطليطلي، وألآبو نَصْرٍ
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ شَنْبُويه.
__________
1 ترجمته في العبر "3/ 151".
2 ترجمته في تاريخ بغداد "8/ 184"، والعبر "3/ 155"،
وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 227".
(13/148)
ابن الحذاء، النعيمي:
3925- ابن الحذاء 1:
العلامة المحدث، أبو ع بد الله، محمد بن يحسى بنِ أَحْمَدَ
التَّمِيْمِيُّ، القُرْطُبِيُّ، المَالِكِيُّ، ابْنُ
الحَذَّاء.
رَوَى عَنْ: أَحْمَدَ بنِ ثَابِت التَّغْلِبِيّ، وَأَبِي
عيسى الليث ي، وَابنِ القُوْطِيَّة، وَابنِ عَوْن الله،
وَحَجّ فسَمِعَ: مِنْ مُحَمَّدِ بن عَلِيٍّ الأُدْفُوِي،
وَأَبِي القَاسِمِ عبد الرحمن بن عبد الله الجوهري،
وَعِدَّة. وَكَانَ بَصِيْراً بِالفِقْهِ وَالحَدِيْث.
صَحِبَ أَبَا مُحَمَّدٍ الأَصِيْلِي.
قَالَ وَلدُه أَبُو عُمَرَ أَحْمَدُ بنُ الحَذَّاء: كَانَ
لأَبِي عِلمٌ بِالحَدِيْثِ وَالفِقْهِ وَالتَّعْبِير.
صَنَّفَ كِتَاب "الإِنباهُ عَنْ أَسْمَاء الله"، وَأَوْصَى
أَنْ يُدْفَنَ عَلَى صَدْرِهِ، وَكِتَابَ "الرُّؤيَا" فِي
عَشْرَة أَسفَار، وَكِتَابَ "سير الخُطَبَاء" مُجَلَّدين.
وَلِي قَضَاء إِشْبِيْليَة ثُمَّ سَرَقُسْطَة، وَبِهَا
مَاتَ في رمضان سنة ست عشر وأربع مائة. روى عنه: الصاحبا،
وَأَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ البَرِّ، وَحَاتِم بنُ
مُحَمَّدٍ، وَأَبُو عمَر بن سُمَيْق، وَآخَرُوْنَ.
3926- النُّعَيْمِيُّ 2:
الإِمَامُ الحَافِظُ المُتْقِنُ الأَدِيْبُ، أَبُو
الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ بنِ مُحَمَّدِ
بنِ نعيم التميمي، البصري، الشافعي، نزيل بغداد.
__________
1 ترجمته في الصلة لابن بشكوال "2/ 505"، ومعجم الادباء
لياقوت الحموي "19/ 108"، والعبر "3/ 122"، والنجوم
الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 264"، وشذرات الذهب لابن
العماد "3/ 206".
2 ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 331"، واللباب لابن الأثير
"3/ 318"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة رقم 1001"، والعبر "3/
152"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 277".
(13/149)
حَدَّثَ عَنْ: أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ
العَبَّاس الأَسْفَاطِي، وأحمد بن عبيد الله النهرديري،
ومحد بنِ عَدِيّ بنِ زَحْر المِنْقَرِيّ، وَعَلِيِّ بنِ
عُمَرَ الحَرْبِيّ السُّكَّرِيّ، وَأَبِي أَحْمَدَ
العَسْكَرِي، وَمُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ حَمَّادٍ
الكُوْفِيِّ الحَافِظِ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ اليَسَعِ
الأَنْطَاكِيّ، وَمُحَمَّدِ بنِ المُظَفَّر، والدراقطني.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَتَبْتُ عَنْهُ، وَكَانَ حَافِظاً
عَارِفاً مُتَكَلِّماً شَاعِراً. حَدَّثَ عَنْهُ:
البَرْقَانِيُّ فِي جَمْعِهِ لحديث الثوري.
قَالَ: وَسَمِعْتُ الصُّوْرِيَّ يَقُوْلُ: لَمْ أَرَ
بِبَغْدَادَ أَحداً أَكملَ مِنَ النُّعَيْمِيّ، قَدْ جمع
مَعْرِفَة الحَدِيْثِ وَالكَلاَمِ وَالأَدبِ، وَدَرَسَ
شَيْئاً مِن فَقهِ الشَّافِعِيّ. قَالَ: وَكَانَ
البَرْقَانِيُّ يَقُوْلُ: هُوَ كَامِلٌ في كل شيء لولا
بأوفيه.
قَالَ الخَطِيْبُ: وَحَدَّثَنِي الأَزْهَرِيُّ قَالَ: وضع
النُّعَيْمِيُّ عَلَى ابْنِ المُظَفَّر حَدِيْثاً
لشُعْبَة، فتنبَّه أَصْحَابُ الحَدِيْثِ عَلَى ذَلِكَ،
فَخَرَجَ النُّعَيْمِيُّ عَنْ بَغْدَاد، وغاب حتى مات ابن
المظفر، وما مَن عرف قِصَّتَهُ، ثُمَّ عَادَ إِلَى
بَغْدَادَ.
مَاتَ النُّعَيْمِيّ وَهُوَ فِي عَشر الثَّمَانِيْنَ
سَنَةَ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
كتب إِلَيْنَا المُسَلَّمُ بن علان: أخبرنا اليُمْنِ
الكِنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُوْرٍ القَزَّازُ،
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الخطيبن أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بنُ
أَحْمَدَ النُّعَيْمِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن أحم بن
القيض الأَصْبَهَانِيُّ ثِقَة، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ
عَبْدِ الحَمِيْدِ الغَضَائِرِيُّ، حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ
بنُ الحَسَنِ المَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بنُ
السَّرِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عُبَيْدِ الله، عن
القاسم، عن عائشة قالت: قار رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّمَا جُعِلَ الطَّوَافُ
بِالبَيْتِ وَالسَّعْيُ لإِقَامَةِ ذِكْرِ اللهِ عز وجل"1.
صوابه: الثوري، عن عبيد لله بن أبي زياد، عن القاسم.
ومن شعر النعيمي المشهور لَهُ:
إِذَا أَظْمَأَتْكَ أَكُفُّ الِّلئام ... كَفَتْكَ
القَنَاعَةُ شِبْعاً وَرِيَّا
فَكُنْ رَجُلاً رِجْلُهُ فِي الثَّرَى ... وَهَامَةُ
هِمَّتِهِ فِي الثُّرَيَّا
أَبِيّاً لِنَائِلِ ذِي صروة ... تَرَاهُ بِمَا فِي
يَدَيْهِ أَبِيَّا
فَإِنَّ إِرَاقَةَ الحياة ... دون إراقة ماء المحيا
__________
1 ضعيف: أخرجه أحمد "6/ 64، 75، 139"، وأبو داود "1888"،
والترمزي "902"والدارمي "2/ 50"، من طرق عن عبيد الله بن
أبي زياد، به.
قلت: إسناده ضعيف، آفته عبيد الله بن أبي زياد القداح، أبو
الحصين المكي، قال ابن معين: ضعيف.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالقَوِيِّ. وَقَالَ أَبُو
دَاوُدَ: أحاديثه مناكير.
(13/150)
الأرموي، عمر بن
إبراهيم:
3927- الأرموي 1:
الحَافِظُ الإِمَامُ الجَوَّالُ، أَبُو النَّجِيْبِ،
عَبْدُ الغَفَّارِ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ مُحَمَّدٍ
الأُرْمَوِيُّ.
سَمِعَ: ابْنَ نَظِيْف بِمِصْرَ، وَأَحْمَدَ بنَ عَبْدِ
اللهِ المَحَامِلِيّ بِبَغْدَادَ، وَأَبَا نُعَيْمٍ
بِأَصْبَهَانَ.
رَوَى عَنْهُ: الخَطِيْبُ، وَالكَتَّانِيُّ، وَنَجَا بنُ
أَحْمَدَ.
قَالَ الخَطِيْبُ: جَاوَرَ بِمَكَّةَ، فَأَكْثَر عَنْ
أَبِي ذَرٍّ، وَرجعَ إِلَى الشَّامِ، فَمَاتَ بَيْنَ
دِمَشْق وَالرَّحْبَة، فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَلاَثٍ
وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَذَكَرَ الحَبَّال أَنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ
وَخَمْسِيْنَ، فَغَلطَ. مات حين الرواية شابًا.
3928- عمر بن إبراهيم 2:
ابن إسماعيل، الحَافِظُ القُدْوَةُ، أَبُو الفَضْلِ بنُ
أَبِي سَعِيْدٍ الهَرَوِيُّ، الزَّاهِدُ، خَالُ شَيْخِ
الإِسْلاَم أَبِي عُثْمَانَ الصَّابُوْنِيِّ.
سَمِعَ: عَبْدَ اللهِ بنَ عُمَرَ بن عَلَّك الجَوْهَرِيَّ،
وَطبقته بِمَرْو، وَالحُسَيْنَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْد
العَسْكَرِي، وَعِدَّةً بِبَغْدَادَ، وَعَلِيَّ بنَ عبد
البَكَّائِيّ بِالكُوْفَةِ، وَأَبَا بَكْرٍ
الإِسْمَاعِيْلِيّ بِجُرْجَانَ، وَبِشْرَ بنَ أَحْمَدَ
بِإِسْفَرَايِيْن، وَأَبَا عَمْرٍو بنَ حَمْدَان
بِنَيْسَابُوْرَ، وَأَمثَالَهُم.
وَكَانَ مُقَدَّماً فِي العِلْمِ وَالعَمَلِ وَالزُّهْدِ
وَالوَرَعِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ أُخْته أَبُو عُثْمَانَ، وَأَبُو
إِسْمَاعِيْلَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الأنصاري، ومحمد
ابن عَلِيٍّ العُمَيْرِيُّ الزَّاهِدُ، وَعَبْدُ الأَعْلَى
بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ المَلِيْحِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ مُحَدِّثَ هَرَاة وَشَيْخَهَا.
وَكَانَ أَبُوْهُ مِنْ كِبَارِ العُلَمَاء، تُوُفِّيَ
سَنَةَ تسعين وثلاث مائة.
وتوفى ألو الفَضْلِ الزَّاهِدُ فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ
خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، مِنْ أَبْنَاءِ
الثَّمَانِيْنَ.
وَفِيْهَا مَاتَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ
مُصْعَب التَّاجِر، وَمُسْنِدُ العِرَاق أَبُو عَلِيٍّ بنُ
شاذان البزاز، وسفيان بن محمد حسنكويه السفياني، وعبد
الرحمن بن محمد بن يحيى بن ياسر الجَوْبَرِيّ، وَأَبُو
نَصْرٍ عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ عَبْدِ اللهِ المُرِّيّ،
وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ
غَالِب البَرْقَانِيّ، وَأَبُو سَعِيْدٍ عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بن شبانه،
وزاهدن وَقْته أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ
الخَرَقَانِيّ.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 117".
2 ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 273"، والعبر "3/ 158"،
وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 229".
(13/151)
3929- ابن مصعب
1:
الشَّيْخُ الأَمِيْنُ، أَبُو بَكْرٍ، مُحَمَّدُ بنُ
عَلِيِّ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُصْعَبِ بنِ عُبَيْدِ
اللهِ بن مصعب ابن إِسْحَاقَ ابْنِ صَاحِبِ رَسُوْلِ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- طَلْحَةَ بنِ
عُبَيْدِ اللهِ التَّيْمِيُّ، الأَصْبَهَانِيُّ،
التَّاجِرُ، بَقِيَّةُ المَشَايِخ.
وُلِدَ سَنَةَ نَيِّفٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ: عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرِ بنِ أَحْمَدَ بنِ
فار، وأحمد بن جعفر السمسار، وشكر ابن عُمَرَ المُعَدَّل،
وَمُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ الكِسَائِيّ،
وَسُلَيْمَانَ الطَّبَرَانِيّ، وَجَمَاعَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ
بنِ بشرويه، وَأَبُو الفَتْحِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ
الحَدَّاد، وَأَبُو سَعْدٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ
المُطَرِّز، وَأَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
شَهْرَيَار، وَالمُقْرِئ أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّاد،
وَعِدَّة.
وَكَانَ مِنْ كُبَرَاء أَهْل أَصْبَهَان، لَهُ أَوقَافٌ
كَثِيْرَةٌ، وَهُوَ عَمُّ أُمِّ الحَافِظِ إسماعيل بن محمد
بالتيمي؛ مُصَنِّفِ "التَّرْغِيْب وَالتَّرْهِيْب".
تُوُفِّيَ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ خَمْسٍ
وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَقَدْ نَاطح
التِّسْعِيْنَ، رَحِمَهُ اللهُ.
قرأنَا عَلَى إِسْحَاقُ بنُ طَارِقٍ، أَخْبَرْنَا ابْنُ
خَلِيْلٍ، أَخْبَرَنَا مَسْعُودٌ الجَمَّال "ح".
وَنَبَّأَنِي أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، عَنْ مَسْعُوْدٍ،
أَخْبَرْنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَخْبَرَنَا أَبُو
بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ القُرَشِيّ سَنَةَ أَرْبَعٍ
وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ
بنُ جَعْفَرِ بن أحمد، حدثنا أبي، حدثنا محمد ابن
العَلاَء، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بنُ هِشَام، عَنْ
حَمْزَةَ الزَّيَّاتِ، عَنْ عَدِيِّ بنِ ثَابِت، عَنْ
أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: قَالَ: قَالَ
رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
يَقُوْلُ اللهُ: "يَا ابنَ آدم: اذْكُرْني فِي نَفْسِكَ
أَذْكُرْكَ فِي نَفْسي، اذْكُرْني فِي مَلأٍ مِنَ الناسِ
أَذْكُرْكَ فِي مَلأٍ خَيْرٍ مِنْهُم" 2. تَفَرَّد بِهِ
معاوية.
__________
1 ترجمته في العبر "3/ 158"، وتذكرة الحفاظ "3/ ص1076"،
وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 229".
2 صحيح: أخرجه البخاري "7405"، ومسلم "2675"، والترمذي
"3603"، وابن ماجه "3822"، وأحمد "2/ 251، 413"، من حديث
أبي هريرة مرفوعا بلفظ: "يقول الله -عز وجل-: أنا عند ظن
عبدي بي، وأنا معه حين يذكرني، إن ذكرني في نفسه، ذكرته في
نفسي، وإن ذكرني في ملا ذكرته في ملا خير منهم، وإن تقرب
مني شبرا تقربت إليه ذراعا، وإن تقرب إلي ذراعا تقربت منه
باعا، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة" واللفظ لمسلم.
(13/152)
3930- ابن
بشران 1:
الشَّيْخُ الإِمَامُ، المُحَدِّثُ الصَّادِقُ، الوَاعِظُ
المُذَكِّرُ، مُسْنِدُ العراق؛ أبو القَاسِمِ، عَبْدِ
الْملك بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ بِشْرَان بن
مُحَمَّدِ بن بشران ابن مِهْرَانَ، الأُمَوِيُّ
مَوْلاَهُمُ البَغْدَادِيُّ، صَاحِبُ الأَمَالِي
الكَثِيْرَة.
مَوْلِدُهُ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ
وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ: الكَثِيْر هُوَ وَأَخُوْهُ أَبُو الحُسَيْنِ بنُ
بِشْرَانَ المُعَدَّل مِنْ جَمَاعَة.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي بَكْرٍ النَّجَّاد، وَأَبِي سَهْل بنِ
زِيَادٍ، وَحَمْزَةَ الدِّهْقَان، وَأَحْمَدَ بنِ الفَضْلِ
بنِ خُزَيْمَة، وَعَبْدِ اللهِ بن مُحَمَّدٍ الفَاكهِي
المَكِّيّ، وَدَعْلَجٍ السِّجْزِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ
الشَّافِعِيّ، وَعُمَر بن مُحَمَّدٍ الجُمَحِيّ، وَأَبِي
بَكْرٍ الآجُرِّيّ، وَعَبْدِ الخَالِقِ بن أَبِي رُوبَا،
وَعَبْدِ البَاقِي بنِ قَانع، وَأَحْمَدَ بن نيخَاب
الطّيبِي، وَأَبِي عَلِيِّ بن الصَّوَّاف، وَالحَسَنِ بن
الخَضِر الأُسْيُوْطِيّ، وَأَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ
الكِنْدِيّ، وَالقَطِيْعِيّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الخَطِيْبُ، وَالكَتَّانِيُّ، وَأَبُو
القَاسِمِ بنُ أَبِي العَلاَءِ، وَأَبُو الفَضْلِ بنُ
خَيْرُوْنَ، وَمُحَمَّدُ بنُ سُلَيْمَانَ بنِ لُوبَا،
وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الفقيرَة، وَأَبُو غَالِبٍ
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَمُحَمَّدُ بنُ
المُنْذِرِ بن طَيْبَان، وَأَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بنُ
الحَسَنِ المُزَرِّر، وَأَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ الخَل،
وَأَبُو مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الخَيَّاط،
وَأَبُو الخَطَّاب بنُ الجَرَّاحِ، وَأَبُو سَعْدٍ
الأَسَدِيُّ، وَأَبُو غَالِبٍ بنُ البَاقِلاَّنِيّ،
وَعَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ فَتْحَان الشَّهْرُزُوْرِيُّ،
وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَتَبْنَا عَنْهُ، وَكَانَ ثقةً ثبتًا
صالحًا.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "10/ 432"، والمنتظم لابن الجوزي
"8/ 102"، والعبر "3/ 171"، وتذكرة الحفاظ "3/ ص1097"،
والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 30"، وشذرات الذهب
لابن العماد الحنبلي "3/ 246".
(13/153)
مَاتَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ
ثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَأَوْصَى أَنْ يُدُفِنَ
بجَنْبِ الشَّيْخِ أَبِي طالب المَكِّيِّ، وَكَانَ الجمعُ
فِي جِنَازَتِهِ يَتَجَاوَزُ الحدّ، وَيفوتُ الإِحصَاءَ.
رَحِمَهُ اللهُ.
أَخْبَرَنَا حسنُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرٌ
الهَمْدَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ،
أَخْبَرَنَا أَبُو يَاسِرٍ الخَيَّاطُ وَأَبُو سَعْدٍ
الأسدي قالا: أخبرنا أبو القاسم ابن بِشْرَان، أَخْبَرَنَا
أَحْمَدُ بنُ الفَضْلِ بنِ خُزَيْمَة، حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ التِّرْمِذِيُّ، حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى الطّبَّاع، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ،
حَدَّثَنَا مَنْصُوْرٌ، عَنْ عَلِيِّ بنِ زَيْدٍ، عَنْ
أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: قِيْلَ: يَا
رَسُوْلَ اللهِ! كَيْفَ يَمْشُون عَلَى وُجُوْهِهِم؟
قَالَ: "إِنَّ الَّذِي أمشاهم على أقدامهم يمشيهم على
وجوههم"1.
__________
1 ضعيف بهذا اللفظ: أخرجه الترمذي "3142"، من طريق حماد بن
سلمة، عن علي بن زيد، عن أوس ابن خالد، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وسلم-: "يحشر الناس يوم القيامة ثلاثة أصناف.
صنفًا مشاة، وصنفًا ركبًا، وصنفًا على وجوههم". قيل يا
رسول الله وكيف يمشون على وجوهم؟ قال: "إن الذي أمشاهم على
أقدامهم قادر على أن يمشيهم على وجوههم، أما أنهم يتقون
بوجوههم كل حدب وشوك".
وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن.
قلت: بل إسناده ضعيف، فيه علتان: -الأولى: علي بن زيد، وهو
ابن جدعان، فإنه ضعيف. والعلة الثانية: جهالة أوس بن خالد.
قال الذهبي في "الميزان": لا يعرف.
ولبعضه شاهد من حديث أنس بن مالك قال: إن رجلًا قال: يا
رسول الله كيف يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة؟ قال:
"أليس الذي أمشاه على رجليه في الدنيا، قادرًا على أن
يمشيه على وجهه يوم القيامة؟ ".
أخرجه البخاري "4760"، ومسلم "2806"، من حديث أنس، به.
(13/154)
3931- المنيني
1:
الإمام المقرىء، خَطِيْبُ مَنِيْنَ، أَبُو بَكْرٍ،
مُحَمَّدُ بنُ رِزْق الله ابن عُبَيْدِ اللهِ بنِ أَبِي
عَمْرٍو المَنِيْنِيُّ، الأَسْوَدُ. عَاشَ بِضْعاً
وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
سَمِعَ: عَلِيَّ بن أَبِي الْعقب، وَأَبَا عَبْدِ اللهِ
مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مَرْوَانَ، وَالحُسَيْنِ
بنِ أَحْمَدَ بنِ أَبِي ثَابِتٍ، وَأَبَا عَلِيّ بنَ
آدَمَ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو الوَلِيْدِ الدَّرْبَنْدِيُّ،
وَعَبْدُ العَزِيْزِ الكَتَّانِيّ، وَأَبُو القَاسِمِ بنُ
أَبِي العَلاَءِ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الدَّرْبَنْدِيُّ: لَمْ يَكُنْ فِي جَمِيْع الشَّام
مَنْ يُكْنَى بِأَبِي بَكْرٍ غَيْرُهُ، وَكَانَ ثِقَةً.
قُلْتُ: وَكَذَا لم ين يُوجَدُ بِمِصْرَ مُنْذُ تَمَلَّكَ
بنُو عُبيد أَحدٌ يُكْنَى بِأَبِي بَكْرٍ، وَكَانَتِ
الدُّنْيَا تَغلِي بِهِم رفضاً وَجَهلاً.
مَاتَ أَبُو بَكْرٍ سَنَة سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ.
وَفِيْهَا مَاتَ العَلاَّمَةُ شَيْخُ البَلاَغَة أَحْمَدُ
بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ شُهَيْد الأَنْدَلُسِيُّ،
وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ جَعْفَرِ بنِ أَبِي الكِرَام بمصر.
__________
1 ترجمته في اللباب لابن الأثير "3/ 266"، والعبر "3/
160"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 230".
(13/154)
3932- أبو نُعَيْمٍ 1:
أَحْمَد بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ بنِ إسحاق بن موسى
بن مهران، الإِمَامُ الحَافِظُ، الثِّقَةُ العَلاَّمَةُ،
شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو نُعَيْمٍ، المِهْرَانِيُّ،
الأَصْبَهَانِيُّ، الصُّوْفِيُّ، الأَحْوَلُ، سِبْطُ
الزَّاهِدِ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ البَنَّاءِ، وَصَاحِبُ
"الحِلْيَةِ".
وُلِدَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَكَانَ أَبُوْهُ مِنْ عُلَمَاء المُحَدِّثِيْنَ
وَالرَّحَّالِيْن، فَاسْتجَازَ لَهُ جَمَاعَةً مِنْ
كِبَارِ المُسْنِدِيْن، فَأَجَازَ لَهُ مِنَ الشَّام
خَيْثَمَةُ بنُ سُلَيْمَانَ بنِ حَيْدرَة، وَمن
نَيْسَابُوْر أَبُو العَبَّاسِ الأَصَمُّ، وَمن وَاسِط
عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ بنِ شَوْذَب، وَمن بَغْدَاد أَبُو
سَهْلٍ بنُ زِيَاد القَطَّان، وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ
بنِ نُصَيْر الخُلْدِيّ، وَمن الدِّيْنَوَر أَبُو بَكْرٍ
بنُ السُّنِّي، وَآخَرُوْنَ.
وَسَمِعَ: مِنْ أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرِ
بنِ أَحْمَدَ بنِ فَارس، فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ
وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَمن القَاضِي أَبِي
أَحْمَدَ العَسَّال، وَأَحْمَد بنِ بُنْدَار الشَّعَّار،
وَأَحْمَدَ بنِ معَبْد السِّمْسَار، وَأَحْمَدَ بنِ
مُحَمَّدٍ القَصَّار، وَعَبْدِ اللهِ بن الحَسَنِ بن بندار
المديني، وأحمد بن إبراهيم ابن يُوْسُفَ التَّيْمِيِّ،
وَالحَسَنِ بن سَعِيْدِ بنِ جَعْفَرٍ العبَّادَانِي
المُطَّوِّعِيّ، وَأَبِي إِسْحَاقَ بنِ حَمْزَةَ، وَأَبِي
القاسم الطبراني، وعبد الله بن محمد ابن إِبْرَاهِيْمَ
العُقَيْلِيِّ، وَأَبِي مُسْلِمٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ سِيَاهُ، وَمُحَمَّدِ بن
مَعْمَر بن نَاصِح الذُّهْلِيّ، وَالحَافِظ مُحَمَّدِ بنِ
عُمَرَ الجِعَابِيّ قَدِمَ عَلَيْهِم، وَأَبِي الشَّيْخ
بنِ حيان، وابن المقرىء، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ بِأَصْبَهَانَ،
وَمن أَبِي بَكْرٍ بنِ الهيثم الأنباري، وأحمد بن يوسف بن
خلاَّد النَّصِيْبِيّ، وَأَبِي عَلِيِّ بن الصَّوَّاف،
وَأَبِي بَحْرِ بن كَوْثَر البَرْبَهَارِيّ، وَعَبْدِ
الرَّحْمَنِ بنِ العَبَّاسِ؛ وَالد المُخَلِّص، وَعِيْسَى
بن مُحَمَّدٍ الطُّوْمَارِيِّ، وَمَخْلَدِ بن جَعْفَرٍ
الدَّقِيْقِيّ، وَأَبِي بَكْرٍ القَطِيْعِيّ،
وَطَبَقَتِهِم بِبَغْدَادَ، وَحَبِيْب بن الحَسَنِ
القَزَّاز، وَفَارُوْقِ بنِ عَبْدِ الكَبِيْر الخَطَّابِي،
وَعَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرِ بنِ إِسْحَاقَ الجَابرِيُّ،
__________
1 ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "8/ 100"، ووفيات الأعيان
لابن خلكان "1/ 91"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 993"، والعبر
"3/ 170"، وميزان الاعتدال "1/ 111"، ولسان الميزان "1/
201"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 30"، وشذرات
الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 245".
(13/155)
وَأَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ بنِ القَاسِمِ بنِ
الرَّيَّانِ اللُّكِّي، وَمُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ
مُسْلِمٍ العَامِرِيِّ، وَطَبَقَتِهِم بِالبَصْرَةِ،
وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي العَزَائِمِ،
وَأَبِي بَكْرٍ عَبْدِ اللهِ بن يَحْيَى الطَّلْحِيّ،
وَعِدَّةٍ بِالكُوْفَةِ، وَمن أَبِي عَمْرٍو ابن حَمْدَان،
وَأَبِي أَحْمَدَ الحَاكِم، وَحُسَيْنَك التَّمِيْمِيّ،
وَخَلْقٍ بِنَيْسَابُوْرَ، وَأَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ
الكِنْدِيّ، وَأَبِي بَكْرٍ الآجُرِّيّ، وَغيرِهمَا
بِمَكَّةَ.
وَعمل مُعْجَم شُيُوْخه، وَكِتَاب الحِلْيَة،
وَ"المُسْتخرج عَلَى الصَّحِيْحَيْنِ"، وَ"تَاريخ
أَصْبَهَان"، وَ"صفَة الجَنَّة"، وَكِتَاب "دلاَئِل
النُّبُوَّة"، وَكِتَاب "فَضَائِل الصَّحَابَة"، وَكِتَاب
"عُلُوم الحَدِيْث"، وَكِتَاب "النِّفَاق".
وَمُصَنَّفَاتُهُ كَثِيْرَةٌ جِدّاً.
رَوَى عَنْهُ: كُوشيَار بن ليَاليزور الجِيْلِيّ وَمَاتَ
قَبْلَهُ بِأَزيد مِنْ ثَلاَثِيْنَ سَنَةً، وَأَبُو سَعْدٍ
المَالِيْنِيُّ وَمَاتَ قَبْلَهُ بثَمَانِيَةَ عشرَ
عَاماً، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي عَلِيٍّ الهَمْدَانِيّ،
وَأَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، وَأَبُو عَلِيٍّ الوَخْشِي،
وَأَبُو صَالِحٍ المُؤَذِّنُ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ
بنُ إِبْرَاهِيْمَ المُسْتَمْلِي، وَسُلَيْمَانُ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ الحَافِظ، وَهِبَةُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ
الشِّيْرَازِيُّ، وَيُوْسُفُ بنُ الحَسَنِ التَّفَكُّرِي،
وَعَبْدُ السَّلاَّم بنُ أَحْمَدَ القَاضِي، وَمُحَمَّدُ
بنُ عَبْدِ الجبار ابن يَيَّا، وَأَبُو سَعْدٍ مُحَمَّدُ
بنُ مُحَمَّدٍ المُطَرِّز، ومحمد بن عبد الواحد ابن
مُحَمَّدٍ الصَّحَّاف، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ
الأَدَمِيُّ الفَقِيْه، وَأَبُو غَالِبٍ مُحَمَّدُ بنُ
عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي الرَّجَاءِ القَاضِي، وَأَبُو
الفَضَائِل مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ يُوْنُسَ،
وَمُحَمَّدُ بنُ سَعْدِ بن ممك العطار، وأبو سعد محمد ابْن
سَرْفَرْتج، وَأَبُو مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ
اللهِ بنِ مَنْدَوَيْه الشُّرُوطي، وَالأَدِيْبُ مُحَمَّدُ
بنُ مَحْمُوْد الثَّقَفِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ بنِ
كنْدُوج، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
المَرْزُبَان، ومحمد بن حسين بن محمد ابن زيْله، وَأَبُو
طَالِبٍ أَحْمَد بن الفَضْلِ الشَّعيرِي، وَأَحْمَد بن
مَنْصُوْرٍ القَاص، وَأَبُو الفَتْحِ أَحْمَدُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ رَشِيد الأَدَمِيُّ، وَأَبُو
بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ
التَّيْمِيُّ اللَّبَّان، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ الحَسَنِ
العَلَوِيُّ، وَأَبُو نَصْرٍ إِسْمَاعِيْلُ بنُ المُحسن بن
طرَّاق، وَبُنْدَار بن مُحَمَّدٍ الخُلْقَانِي، وَحَمْدُ
بنُ عَلِيٍّ البَاهِلِيّ الدَّلاَّل، وَأَبُو العَلاَءِ
حَمْد بن عُمَرَ الشَّرَابِيّ، وَحَمْدُ بنُ مُحَمَّدٍ
التَّاجِر، وَحَمْد بن مَحْمُوْد البَقَّال، وَأَبُو
العَلاَءِ حُسَيْنُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ الصَّفَّار،
وَحَيْدَرُ بنُ الحَسَنِ السُّلَمِيّ، وَخَالِدُ ابن
عَبْدِ الوَاحِدِ التَّاجِرُ، وَأَبُو بَكْرٍ ذُو
النُّوْنِ بن سهل الأشناني، وزكريا ابن مُحَمَّدٍ
الكَاتِبُ، وَسَعِيْدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ
التَّمِيْمِيّ، وَأَبُو زَيْدٍ سَعْدُ بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ الصَّحَّاف، وَسَهْلُ بنُ مُحَمَّدٍ
المَغَازلِيُّ، وَصَالِحُ ابن عَبْدِ الوَاحِدِ البَقَّال،
وَأَبُو عَلِيٍّ صَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ الفَابَجَانِيّ،
وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّزَّاق بن رَرَا، وَأَبُو
زَيْدٍ عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ الخِرقِيّ،
وَأَبُو مُحَمَّدٍ عُبَيْد اللهِ بنُ الخَصِيْب
الحَلاَوِيُّ، وَأَبُو الرِّجَاء عُبَيْدُ اللهِ بنُ
أَحْمَدَ، وَأَبُو طَاهِرٍ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ أَحْمَدَ
الشَّرَابِيُّ، وَعَبْدُ الجَبَّارِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ
فُورُويه الصَّفَّار، وَأَبُو طَاهِرٍ عَلِيُّ بنُ عبد
الواحد بن
(13/156)
فَاذْشَاهُ، وَعَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ
البُرْجِي، وَغَانِمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ
البُرْجِي، وَعَبَّادُ بنُ مَنْصُوْرٍ المُعَدَّل،
وَالفَضْلُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ، وَالفَضْلُ ابن عُمَرَ
بنِ سَهْلُوَيْه، وَأَبُو طَاهِرٍ المُحَسَّدُ بنُ
مُحَمَّدٍ، وَمُبِشِّرُ بنُ مُحَمَّدٍ الجُرْجَانِيّ
الوَاعِظُ، وَأَبُو عَلِيٍّ الحَدَّاد، وَأَخُوْهُ أَبُو
الفَضْلِ حَمْدٌ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ مِنْ مَشْيَخة
السِّلَفِيّ خَاتِمَتُهُم بَعْد الحَدَّاد أَبُو طَاهِرٍ
عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ مُحَمَّدٍ الدَّشْتَج الذَّهَبِي.
وَكَانَ حَافِظاً مُبَرِّزاً عَالِي الإِسْنَاد، تَفَرَّد
فِي الدُّنْيَا بِشَيْءٍ كَثِيْرٍ مِنَ العوَالِي، وَهَاجر
إِلَى لُقِيِّه الحُفَّاظُ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ السَّمَرْقَنْدِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا
بَكْرٍ الخَطِيْبَ يَقُوْلُ: لَمْ أرَ أحدا أطلق عليه اسم
الحفظ غير رجلين؛ أَبُو نُعَيْمٍ الأَصْبَهَانِيّ وَأَبُو
حَازِمٍ العَبْدُويي.
قَالَ ابْنُ المُفَضَّلِ الحَافِظ: جَمَعَ شَيْخُنَا أَبُو
طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ أَخْبَارَ أَبِي نُعَيْمٍ وَذكر مِنْ
حَدَّثَهُ عَنْهُ، وَهُم نَحْو الثَّمَانِيْنَ، وَقَالَ:
لَمْ يُصَنَّف مثل كتابه "حلية الأولياء"، سمع: ناه مِنْ
أَبِي المُظَفَّر القَاسَانِي عَنْهُ سِوَى فَوْتٍ يسير.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَرْدَوَيْه: كَانَ
أَبُو نُعَيْمٍ فِي وَقتِهِ مرحُولاً إِلَيْهِ، وَلَمْ
يَكُنْ فِي أُفُقٍ مِنَ الآفَاقِ أَسندُ وَلاَ أَحفظُ
مِنْهُ، كَانَ حُفَّاظُ الدُّنْيَا قَدِ اجتمعُوا
عِنْدَهُ، فَكَانَ كُلّ يَوْم نَوْبَة وَاحِد مِنْهُم
يقرأُ مَا يُرِيْدُهُ إِلَى قَرِيْب الظُّهر، فَإِذَا
قَامَ إِلَى دَاره، رُبَّمَا كَانَ يُقْرَأ عَلَيْهِ فِي
الطَّرِيْق جُزءٌ، وَكَانَ لاَ يَضْجَرُ، لَمْ يَكُنْ لَهُ
غَدَاءٌ سِوَى التَّصْنِيف وَالتَّسْمِيع.
قَالَ حَمْزَةُ بنُ العَبَّاسِ العَلَوِيُّ: كَانَ
أَصْحَابُ الحَدِيْث يَقُوْلُوْنَ: بَقِيَ أَبُو نُعَيْمٍ
أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً بِلاَ نَظِير، لاَ يُوجد شرقاً
وَلاَ غرباً أَعْلَى مِنْهُ إِسْنَاداً، وَلاَ أَحفَظُ
مِنْهُ. وَكَانُوا يَقُوْلُوْنَ: لَمَّا صَنَّفَ كِتَابَ
"الحِلْيَة" حُمِلَ الكِتَابُ إِلَى نَيْسَابُوْرَ حَالَ
حَيَاتِهِ، فَاشترَوهُ بِأَرْبَع مائَة دِيْنَارٍ.
قُلْتُ: رَوَى أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ مَعَ
تَقَدُّمِهِ عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ، فَقَالَ
فِي كِتَاب "طبقَات الصُّوْفِيَّة": حَدَّثَنَا عَبْدُ
الوَاحِدِ بنُ أَحْمَدَ الهَاشِمِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو
نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حبيش
المقرىء بِبَغْدَادَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ
بنِ سَهْلٍ الأَدَمِيُّ فَذَكَرَ حَدِيْثاً.
قَالَ أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا
العَلاَء مُحَمَّدَ بن عَبْدِ الجَبَّارِ الفُرْسَانِيَّ
يَقُوْلُ: حَضَرْتُ مَجْلِسَ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي
عَلِيٍّ الذَّكْوَانِيّ المُعَدَّل فِي صِغَرِي مَعَ
أَبِي، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ إِملاَئِه، قَالَ إِنسَانٌ:
مَنْ أَرَادَ أَنْ يَحْضُرَ مَجْلِسَ أَبِي نُعَيْمٍ،
فَلْيَقُم. وَكَانَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي ذَلِكَ الوَقْتِ
مَهْجُوراً بِسبب المَذْهَب، وَكَانَ بَيْنَ
الأَشْعَرِيَّةِ وَالحنَابِلَة تعصب زَائِدٌ يُؤَدِّي
إِلَى فِتْنَة، وَقِيْلٍ وَقَالٍ، وَصُدَاعٍ طَوِيْلٍ،
فَقَامَ إِلَيْهِ أَصْحَابُ الحَدِيْث بسكَاكين
الأَقْلاَم، وَكَادَ الرَّجُلُ يُقْتَل.
(13/157)
قُلْتُ: مَا هَؤُلاَءِ بِأَصْحَابِ
الحَدِيْث، بَلْ فَجرَةٌ جَهَلَة، أَبعد اللهُ شَرَّهُم.
قَالَ الحَافِظُ أَبُو القاسم بن عَسَاكِر: ذكر الشَّيْخُ
أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ
الأَصْبَهَانِيُّ عَمَّنْ أَدْرَكَ مِنْ شُيُوْخِ
أَصْبَهَان أَنَّ السُّلْطَانَ مَحْمُوْدَ بنَ
سُبُكْتِكِيْن لَمَّا اسْتولَى عَلَى أَصْبَهَان، أَمَّر
عَلَيْهَا وَالِياً مِنْ قِبَله، وَرَحَلَ عَنْهَا،
فَوَثَبَ أَهلُهَا بِالوَالِي، فَقتلُوهُ، فَرَجَعَ
السُّلْطَانُ إِلَيْهَا، وآمَنَهُم حَتَّى اطمأَنُّوا،
ثُمَّ قصدهُم فِي يَوْم جُمُعَةٍ وَهُم فِي الجَامع،
فَقَتَلَ مِنْهُم مَقْتَلَةً عَظِيْمَةً، وَكَانُوا قَبْل
ذَلِكَ منعُوا الحَافِظَ أَبَا نُعَيْمٍ مِنَ الجُلُوس فِي
الجَامع، فَسَلِمَ مِمَّا جَرَى عَلَيْهِم، وَكَانَ ذَلِكَ
مِنْ كَرَامِتِهِ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ طَاهِرٍ المَقْدِسِيُّ: سَمِعْتُ
عَبْدَ الوَهَّاب الأَنْمَاطِيَّ يَقُوْلُ: رَأَيْتُ بخطِّ
أَبِي بَكْرٍ الخَطِيْب: سَأَلتُ مُحَمَّدَ بنَ
إِبْرَاهِيْمَ العَطَّار مُستملِي أَبِي نُعَيْمٍ، عَنْ
جُزء مُحَمَّدِ بنِ عَاصِم: كَيْفَ قرأْتَه عَلَى أَبِي
نُعَيْمٍ، وَكَيْفَ رَأَيْتَ سَمَاعَه؟ فَقَالَ: أَخرجَ
إِليَّ كِتَاباً، وَقَالَ: هُوَ سَمَاعِي، فَقرأْتُه
عَلَيْهِ. ثُمَّ قَالَ الخَطِيْبُ: قَدْ رَأَيْتُ لأَبِي
نُعَيْم أَشْيَاء يَتَسَاهَلُ فِيْهَا، مِنْهَا أَنْ
يَقُوْلَ فِي الإِجَازَةً: أَخْبَرَنَا. من غير أن يبين.
قال الحافظ أبو عبد الله ابن النَّجَّار: جُزْءُ مُحَمَّدِ
بنِ عَاصِم قَدْ رَوَاهُ الأَثبَاتُ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ،
وَالحَافِظُ الصَّادِقُ إِذَا قَالَ: هَذَا الكِتَابُ
سَمَاعِي، جَازَ أَخذهُ عَنْهُ بِإِجمَاعِهم.
قُلْتُ: قَوْلُ الخَطِيْب: كَانَ يَتَسَاهلُ ... إِلَى
آخرِهِ، هَذَا شَيْءٌ قَلَّ أَنْ يَفْعَلَه أَبُو
نُعَيْمٍ، وَكَثِيْراً مَا يَقُوْلُ: كَتَبَ إِلَيَّ
الخُلْدِيّ. وَيَقُوْلُ: كَتَبَ إِلَيَّ أَبُو العَبَّاسِ
الأَصَمُّ، وَأَخْبَرَنَا أَبُو المَيْمُوْنِ بنُ رَاشِد
فِي كِتَابِهِ. وَلَكِنِّي رَأَيْتهُ يَقُوْلُ فِي
شَيْخِهِ عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرِ بنِ فَارس الَّذِي
سَمِعَ: مِنْهُ كَثِيْراً وَهُوَ أَكْبَرُ شَيْخٍ لَهُ:
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بن جعفر فيما قرىء عَلَيْهِ.
فيُوهِمُ أَنَّهُ سَمِعَهُ، وَيَكُونُ مِمَّا هُوَ لَهُ
بِالإِجَازَةِ، ثُمَّ إِطلاَقُ الإِخبارِ عَلَى مَا هُوَ
بِالإِجَازَةِ مَذْهَبٌ مَعْرُوفٌ قَدْ غلب اسْتَعمَالُهُ
عَلَى مُحَدِّثِي الأَنْدَلُس، وَتَوَسَّعُوا فِيْهِ.
وَإِذَا أَطلق ذَلِكَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي مِثْل الأَصَمِّ
وَأَبِي المَيْمُوْنِ البَجَلِيّ وَالشُّيُوْخِ الَّذِيْنَ
قَدْ عُلم أَنَّهُ مَا سَمِعَ: مِنْهُم بَلْ لَهُ مِنْهُم
إِجَازَة، كَانَ لَهُ سَائِغاً، وَالأَحْوَطُ تجنّبهُ.
حَدَّثَنِي أَبُو الحَجَّاج الكَلْبِيُّ الحَافِظُ أَنَّهُ
رَأَى خَطَّ الحَافِظِ ضِيَاءِ الدِّيْنِ قَالَ: وَجدتُ
بخطِّ أَبِي الحَجَّاج بنِ خَلِيْل أَنَّهُ قَالَ:
رَأَيْتُ أَصل سَمَاع الحَافِظ أَبِي نُعَيْمٍ لجُزء
مُحَمَّدِ بنِ عَاصِم.
قُلْتُ: فَبطَلَ مَا تَخَيَّلهُ الخَطِيْبُ، وَتَوهَّمَهُ،
وَمَا أَبُو نُعَيْمٍ بِمُتَّهَم، بَلْ هُوَ صَدُوْقٌ
عَالِمٌ بِهَذَا الْفَنّ، مَا أَعلمُ لَهُ ذَنْباً
-وَاللهِ يعْفُو عَنْهُ- أَعظَم مِنْ روَايتِهِ
للأَحَادِيْثِ المَوْضُوْعَة في تواليفه، ثم يسكت عن
توهيتها.
(13/158)
قَالَ الحَافِظُ أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى
بنُ أَبِي عَمْرٍو: سَمِعْتُ أَبَا الحُسَيْن القَاضِي،
سَمِعْتُ عَبْدَ العَزِيْز النَّخْشَبِيّ يَقُوْلُ: لَمْ
يَسْمَعْ: أَبُو نُعَيْمٍ مُسْند الحَارِثِ بنِ أَبِي
أُسَامَةَ بِتَمَامِهِ مِنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ خَلاَّد،
فَحَدَّثَ بِهِ كُلِّهِ، فقال الحافظ ابن النَّجَّار: قَدْ
وَهمَ فِي هَذَا، فَأَنَا رَأَيْتُ نسخة الكتاب عتيقةً وخط
أبي نعيم عليها يَقُوْلُ: سَمِعَ: مِنِّي فُلاَنٌ إِلَى
آخر سَمَاعِي مِنْ هَذَا المُسْنَد مِنِ ابْنِ خَلاَّد،
وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُوْنَ رَوَى البَاقِي بِالإِجَازَةِ،
ثُمَّ قَالَ:
لَوْ رَجَمَ النَّجْمَ جمِيْعُ الوَرَى ... لَمْ يَصِلَ
الرّجم إلى النّجم
قلت: قد كَانَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَة يُقذِعُ فِي
المَقَال فِي أَبِي نُعَيْمٍ لمَكَان الاعْتِقَادِ
المُتَنَازع فِيْهِ بَيْنَ الحَنَابِلَةِ وَأَصْحَابِ
أَبِي الحَسَنِ، وَنَال أَبُو نُعَيْمٍ أَيْضاً مِنْ أَبِي
عَبْدِ اللهِ فِي تَارِيْخِهِ، وَقَدْ عُرف وَهنُ كَلاَم
الأَقرَانِ المُتَنَافِسين بَعْضِهُم فِي بَعْض. نَسْأَلُ
اللهَ السَّمَاح.
وَقَدْ نقل الحَافِظَان ابْنُ خَلِيْل وَالضِّيَاءُ
جُمْلَةً صَالِحَةً إِلَى الشَّامِ مِنْ توَالِيف أَبِي
نُعَيْمٍ وَرِوَايَاتِهِ، أَخذهَا عَنْهُمَا شُيُوْخُنَا،
وَعِنْد شَيْخِنَا أَبِي الحَجَّاجِ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ
كَثِيْرٌ بِالإِجَازَةِ العَالِيَةِ كَالحِلْيَة،
وَ"المُسْتَدرك عَلَى صَحِيْح مُسْلِم".
مَاتَ أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ: فِي العِشْرِيْنَ مِنَ
المُحَرَّم سَنَة ثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ وَلَهُ
أَرْبَعٌ وتسعون سنة.
أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ وَسُلَيْمَانُ بنُ
قُدَامَة قَالاَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ مُنِيْرِ،
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا
أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مَرْدَوَيْه،
وَحَمْدُ بنُ سَهْلُوَيْه الشَّرَابِيُّ، وَأَبُو طَالِبٍ
أَحْمَدُ بنُ الفَضْلِ الشَّعِيْرِي، وَأَبُو عَلِيٍّ
الحَدَّادُ قَالُوا: أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ
الحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ بنُ حَمْزَةَ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الحَضْرَمِيُّ،
حَدَّثَنَا عُبَادَةُ بنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا يُوْنُسُ
بنُ أَبِي يَعْفُورٍ، عَنْ أَبِيهِ، سَمِعْتُ ابنَ عُمَرَ
يَقُوْلُ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: "كُلُّ سَبَبٍ وَنَسَبٍ
مُنْقَطِعٌ يَوْمَ القِيَامَةِ إلَّا سَبَبِي وَنَسَبِي"1.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الآنمِيُّ غَيْرَ
مَرَّةٍ، أَخْبَرَنَا يُوْسُفُ بنُ خَلِيْلٍ، أَخْبَرَنَا
مَسْعُوْدُ بنُ أبي
__________
1 صحيح لغيره: وهذا إسناد ضعيف، آفته يونس بن أبي يعفور
العبدي الكوفي. قال الحافظ في "التقريب": صدوق يخطئ
كثيرًا. أما أبو يعفور. واسمه وقدان العبدي الكوفي فإنه
ثقة روى له الجماعة، ولكن للحديث شاهد عن عمر بن الخطاب:
عند ابن سعد "8/ 463"، والحاكم "3/ 142"، والخطيب في
"تاريخ بغداد" "6/ 182"، وأبى نعيم في "الحلية" ط2/ 34"،
وإسناده ضعيف لانقطاعه.
وله شاهد آخر من حديث ابن عباس: عند الخطيب في "تاريخ
بغداد" "10/ 271".
وشاهد من حديث المسور: عند أحمد "4/ 323، 332".
(13/159)
مَنْصُوْرٍ الجَمَّال "ح". وَأَنْبَأَنِي
ابْنُ سَلاَمَةَ عَنِ الجَمَّال، أَخْبَرْنَا أَبُو
عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ
اللهِ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
يَحْيَى القَصَّار، حَدَّثَنَا صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ بنِ
حَنْبَلٍ، سَمِعْتُ أَبِي، سَمِعْتُ سُفْيَانَ، سَمِعْتُ
الزُّهْرِيَّ، سَمِعْتُ ابْنَ المُسَيِّب يَقُوْلُ: طُوبَى
لمَنْ كَانَ عَيْشُهُ كَفَافاً وَقَوْلُهُ سَدَاداً.
وَمَاتَ مَعَهُ فِي سَنَةِ ثَلاَثِيْنَ مُسْنِدُ العِرَاق؛
أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ المَلِكِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ
اللهِ بنِ بِشْرَان الوَاعِظُ، وَمِسْنِدُ الأَنْدَلُس
أَبُو عَمْرٍو أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ هِشَام بن
جَهْور لَهُ إِجَازَةُ الآجُرِّيّ، وَشَيْخُ التَّفْسِيْر
أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَحْمَدَ
الحِيْرِيُّ الضَّرِيْرُ، وصاحب الآداب أَبُو مَنْصُوْرٍ
عَبْدُ الْملك بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ
الثَّعَالِبِيُّ، وَالعَلاَّمَةُ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ
بنُ إِبْرَاهِيْمَ الحَوْفِيُّ المِصْرِيُّ؛ صَاحِبُ
كِتَاب "الإِعرَاب"، وَالعَلاَّمَةُ أَبُو عِمْرَانَ
مُوْسَى بنُ عِيْسَى بنِ أَبِي حَاج الفَاسِيُّ شَيْخُ
المالكية بالقيروان.
(13/160)
3933- البرقاني
1:
الإِمَامُ العَلاَّمَةُ الفَقِيْهُ، الحَافِظُ الثَّبْتُ،
شَيْخُ الفُقَهَاءِ وَالمُحَدِّثِيْنَ، أَبُو بَكْرٍ،
أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ غَالِبٍ،
الخُوَارَزْميُّ، ثُمَّ البَرْقَانِيُّ الشَّافِعِيُّ،
صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
سَمِعَ: فِي سَنَةِ خَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ
بخُوَارزْم مِن: أَبِي العَبَّاسِ بنِ حَمْدَانَ
الحِيْرِيِّ النَّيْسَابُوْرِيِّ أَخِي أَبِي عَمْرٍو،
حَدَّثَهُ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ الضُّرَيْس، وَالكِبَارِ،
وَسَمِعَ: بِهَا مِنْ مُحَمَّدِ بن عَلِيٍّ الحَسَّانِيّ،
وَأَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ جَنَابٍ
الخُوَارزْميَّين. وَسَمِعَ: بِهَرَاة مِنْ أَبِي الفَضْلِ
بن خَمِيْرُوَيْه. وَبِجُرْجَانَ مِنَ الإِمَام أَبِي بكر
الإسماعيلي، وأبي أحمد بن الغطريف. وبِبَغْدَادَ مِنْ
أَبِي عَلِيٍّ بنِ الصَّوَّاف، وَمُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ
البُنْدَار، وَأَبِي بَحْر بنِ كَوْثَر، وَأَحْمَدَ بنِ
جَعْفَرٍ الخُتُّلِيّ، وَأَبِي بَكْرٍ القَطِيْعِيّ،
وَأَبِي مُحَمَّدٍ بنِ مَاسِي، وَابنِ كَيْسَان، وَخَلْق،
وَبِنَيْسَابُوْرَ مِنْ أَبِي عَمْرٍو بنِ حَمْدَانَ،
وَأَبِي أَحْمَدَ الحَاكِم، وَعِدَّة. وَبِدِمَشْقَ مِنْ
أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي الحَدِيد. وَبِمِصْرَ مِنَ
الحَافِظ عَبْدِ الغَنِيّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بن عُمَرَ
المَالِكِيّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ الصُّوْرِيُّ، وَأَبُو
بَكْرٍ البَيْهَقِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ،
وَالفَقِيْهُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيْرَازِيُّ،
وَسُلَيْمَانُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الحَافِظُ، وَأَبُو
القَاسِمِ علي بن أبي العلاء المصيصي،
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "4/ 373"، والأنساب للسمعاني "2/
156"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 79"، وتذكرة الحفاظ "3/
ترجمة 980"، والعبر "3/ 156"، والنجوم الزاهرة لابن تغري
بردي "4/ 280"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/
228".
(13/160)
وَأَبُو طَاهِرٍ أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ
الكَرَجِي، وَأَبُو الفَضْلِ بنُ خَيْرُوْنَ، وَيَحْيَى بن
بُنْدَار البَقَّال، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ
الأَنْصَارِيُّ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَحْمَدَ
الكَتَّانِيّ، وَعَدَدٌ كَثِيْرٌ. وَاسْتوطن بَغْدَاد
دَهْراً.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ البَرْقَانِيُّ ثِقَةً وَرِعاً
ثَبْتاً فَهماً، لَمْ نَرَ فِي شُيُوْخنَا أَثبتَ مِنْهُ،
عَارِفاً بِالفِقْه، لَهُ حظٌّ مِنْ علمِ العَرَبِيَّة،
كَثِيْرُ الحَدِيْثِ، صَنَّفَ مُسْنَداً ضمَّنَهُ مَا
اشْتَمَل عَلَيْهِ صَحِيْحُ البُخَارِيِّ وَمُسْلِم، وَجمع
حَدِيْثَ سُفْيَان الثَّوْرِيِّ، وَأَيُّوْب، وَشُعْبَة،
وَعُبَيْد اللهِ بنِ عُمَرَ، وَعَبْدِ المَلِكِ بن
عُمَيْر، وَبَيَان بنِ بِشْر، وَمَطَرٍ الوَرَّاق،
وَغَيْرِهِم، وَلَمْ يقطع التَّصْنِيْفَ إِلَى حِيْنَ
وَفَاتِهِ، وَمَاتَ وَهُوَ يَجْمَعُ حَدِيْث مِسْعَر،
وَكَانَ حَرِيْصاً عَلَى العِلْم، مُنْصَرِفَ الهِمَّة
إِلَيْهِ، سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ يَوْماً لِرَجُلٍ مِنَ
الفُقَهَاء مَعْرُوفٍ بِالصَّلاَحِ: ادْعُ اللهَ تَعَالَى
أَنْ ينْزع شَهْوَةَ الحَدِيْثِ مِنْ قَلبِي، فَإِنَّ
حُبَّه قَدْ غَلَبَ عَلَيَّ، فلَيْسَ لِي اهتمَامٌ إلَّا
بِهِ.
قَالَ أَبُو القَاسِمِ الأَزْهَرِيُّ: البَرْقَانِيُّ
إِمَامٌ، إِذَا مَاتَ ذهبَ هَذَا الشَّأْن.
قَالَ الخَطِيْبُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى
الكَرْمَانِيَّ الفَقِيْهَ يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ فِي
أَصْحَابِ الحَدِيْث أَكْثَرَ عبَادَةً مِنَ
البَرْقَانِيّ. وَسَأَلتُ الأَزْهَرِيَّ: هَلْ رَأَيْتَ
شَيْخاً أَتْقَنَ مِنَ البَرْقَانِيّ؟ قَالَ: لاَ. وَذكره
أَبُو مُحَمَّدٍ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ الخَلاَّل،
فَقَالَ: هُوَ نسيجُ وَحدِه.
قَالَ الخَطِيْبُ: أَنَا مَا رَأَيْتُ شَيْخاً أَثبتَ
مِنْهُ.
وَقَالَ أَبُو الوَلِيْدِ البَاجِيُّ: البَرْقَانِيُّ
ثِقَةٌ حَافِظٌ.
وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي طبقَات
الشَّافِعِيَّة، فَقَالَ: وُلِدَ سَنَةَ سِتٍّ
وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَسَكَنَ بَغْدَادَ،
وَبِهَا مَاتَ فِي أَوَّلِ رَجَب سَنَةَ خَمْسٍ
وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
ثُمَّ قَالَ: تَفَقَّهَ فِي حدَاثتِهِ، وَصَنَّفَ فِي
الفقه، وثم اشْتغل بعلمِ الحَدِيْثِ، فَصَارَ فِيْهِ
إِمَاماً.
قَالَ البَرْقَانِيُّ: دَخَلتُ إِسْفَرَايِيْن وَمعِي
ثَلاَثَةُ دَنَانِيْر وَدِرْهَم، فضَاعت الدَّنَانِيْرُ،
وَبَقِيَ الدِرْهَم، فدفعْتُه إِلَى خبَّاز، فكُنْتُ آخُذ
مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ رَغِيْفَيْنِ، وآخُذُ مِنْ بِشْرِ بن
أَحْمَدَ الإِسْفَرَايِيْنِيّ جُزءاً فَأَكتُبُهُ، وأفرغه
بِالعشِي، فكتبتُ ثَلاَثِيْنَ جُزءاً، وَنَفِدَ مَا عِنْد
الخَبَّاز، فسَافرتُ.
قُلْتُ: كَانَ الخبزُ رَخِيْصاً إِلَى الغَايَة.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بنُ
غَانِم -وَكَانَ صَالِحاً- قَالَ: نقَلْتُ البَرْقَانِيَّ
مِنْ بَيْته، فَكَانَ مَعَهُ ثَلاَثَة وَسِتُّوْنَ سَفَطاً
وَصندوقَان، كُلُّ ذَلِكَ مملوءٌ كتباً.
(13/161)
قُلْتُ: وَمن هِمَّتِهِ أَنَّهُ سَمِعَ:
مِنْ تلمِيذِهِ أَبِي بَكْرٍ الخَطِيْبِ، وَحَدَّثَ عَنْهُ
فِي حيَاتِهِ، وقد سمع: نا المُصَافَحَة لَهُ فِي مُجَلَّد
بِإِسْنَادٍ عَالٍ.
قَالَ الخَطِيْبُ: كُنْتُ أُذَاكِرُهُ الأَحَادِيْثَ،
فيكتُبهَا عَنِّي، وَيُضَمِّنُهَا جُمُوعه، وَسَمِعْتُهُ
يَقُوْلُ: كَانَ الإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيّ
يقرأُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِمَّنْ يحضُرُه وَرقَةً بلفظِه،
ثُمَّ يقرأَ عَلَيْهِ، وَكَانَ يقرأُ لِي وَرقتين،
وَيَقُوْلُ للحَاضِرين: إِنَّمَا أُفَضِّلُهُ عليكُم
لأَنَّه فَقِيْه.
قُلْتُ: قَدْ رَوَى عَنِ الإِسْمَاعِيْلِيِّ "صَحِيْحَه".
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ،
أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ قُدَامَةَ، أَخْبَرَنَا
أَبُو الفَتْحِ بنُ البَطِّيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو
الفَضْلِ بنُ خَيْرُوْنَ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ
البَرْقَانِيُّ: قَرَأْتُ عَلَى أَبِي حَاتِمٍ مُحَمَّدِ
بنِ يَعْقُوْبَ، أَخبركُم مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ السَّامِي، حَدَّثَنَا خَلَفُ بنُ هِشَامٍ،
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ
خَارِجَةَ بن زَيْدٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: أَمَرَنِي
رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ
أَتَعَلَّمَ كِتَابَ يَهُوْدٍ، فَمَا مَرَّ بِي نِصْفُ
شَهْرٍ حَتَّى تَعَلَّمْتُ، فقال رسول الله -صلى الله عليه
وسلم-: "وَاللهِ إِنِّيْ لاَ آمَنُ اليَهُوْدَ عَلَى
كِتَابِي". قَالَ: فَلَمَّا تَعَلَّمْتُ كُنْتُ أَكْتُبُ
لَهُ إِلَى يَهُوْدٍ إِذَا كَتَبَ إِلَيْهِم، فَإِذَا
كَتَبُوا إِلَيْهِ، قَرَأْتُ كِتَابَهُم لَهُ1.
ذكره البُخَارِيُّ تَعليقاً، فَقَالَ: وقَالَ خَارِجَةُ
بنُ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ، لأَنّ ابْنَ أَبِي الزِّنَادِ
لَيْسَ مِنْ شَرْطه، وَمَعَ هَذَا فَذَكَره بصيغَة جزمٍ
لصدقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ومعرفته بعلم أبيه.
__________
1 صحيح لغيره: علقه البخاري "7190"، ووصله أبو داود
"3645"، والترمذي "2716"، وأحمد "5/ 186"، من طريق عبد
الرحمن بن أبي الزناد، به.
وله شاهد من حديث زيد بن ثابت: عند أحمد "5/ 182"، والحاكم
"3/ 422"، من طريق الأعمش، عن ثابت بن عبيد، عن زيد بن
ثابت قَالَ: قَالَ لِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عليه وسلم- "اتحسن السريانية إنها تأتيني كتب؟ قال: قلت،
لا، قال: فتلعمها، فتلمتها في سبعة عشر يومًا"، وقال
الحكم: صحيح إن كان ثابت بن عبيد سمعه من زيد بن ثابت وكذا
قال الذهبي في "التخليص".
(13/162)
المري، السهمي:
3934- المري 1:
الحَافِظُ الإِمَامُ، أَبُو نَصْرٍ، عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ
عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ بنِ أَيُّوْبَ المُرِّيُّ،
الأذرعي ثم الدمشقي، الشروطي، ابن الجبان.
حَدَّثَ عَنْ: الحُسَيْنِ بنِ أَبِي الزّمزَام، وَأَبِي
عُمَرَ بنِ فَضَالَة، وَمُظَفَّر بن حَاجِب بن أَركين،
وَالفَضْلِ المُؤَذِّن، وَجُمح، وَعِدَّة. وَلَمْ
يَرْحَلْ.
وَعَنْهُ: الأَهْوَازِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ
الحِنَّائِيّ، وَأَبُو سَعْدٍ السَّمَّانُ،
وَالكَتَّانِيُّ، وَابْنُ أَبِي العَلاَءِ.
وَثَّقَهُ أَبُو بَكْرٍ الحَدَّاد.
وَقَالَ الكَتَّانِيّ: هُوَ أُسْتَاذُنَا وَشَيْخُنَا،
صَنَّفَ كُتُباً كَثِيْرَةً، وَكَانَ يَحْفَظُ شَيْئاً
مِنْ علمِ الحَدِيْث.
مَاتَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ خَمْسٍ وعشرين وأربع مائة.
3935- السهمي 2:
الإِمَامُ الحَافِظُ، المُحَدِّثُ المُتْقِنُ،
المُصَنِّفُ، أَبُو القَاسِمِ، حمزة ابن يُوْسُفَ بنِ
إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُوْسَى بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ
مُحَمَّدٍ، القُرَشِيُّ السَّهْمِيُّ، مِنْ ذُرِّيَّة
صَاحِبِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
هِشَامِ بنِ العاص بن وائل السهمي، محدث جرجان.
وُلِدَ سَنَةَ نَيِّفٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَأَوّل سَمَاعه بِجُرْجَانَ كَانَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ
وَخَمْسِيْنَ، سَمِعَ: مِنْ أَبِيهِ المُحَدِّث أَبِي
يَعْقُوْبَ، وَأَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ
إِسْمَاعِيْلَ الصَّرَّام، وَأَبِي أَحْمَدَ بنِ عَدِيّ،
وَأَبِي بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيّ، وَخَلْق.
وَارْتَحَلَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ إِلَى
أَصْبَهَانَ وَالرَّيِّ وَبغدَاد وَالبَصْرَة وَالشَّام
وَمِصْر وَالحَرَمَيْنِ وَواسط وَالأَهْوَاز وَالكُوْفَة.
وَرَوَى عَنْ: أَبِي مُحَمَّدٍ بنِ مَاسِي، وَأَبِي حَفْصٍ
الزَّيَّات، وَأَبِي مُحَمَّدٍ بنِ غُلاَم الزُّهْرِيّ،
وَأَبِي بَكْرٍ الوَرَّاق، وَعَبْدِ الوَهَّابِ
الكِلاَبِيّ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ عَبْدَان الشِّيْرَازِيّ،
وَأَبِي الحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيِّ، وَأَبِي زُرْعَةَ
مُحَمَّدِ بن يُوْسُفَ الكَشِّي، وَجَعْفَرِ بن حِنْزَابَة
الوَزِيْر، وَمَيْمُوْنَ بنِ حَمْزَةَ العَلَوِيِّ،
وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ البَيْهَقِيُّ، وَأَبُو
القَاسِمِ القُشَيْرِيُّ، وَأَبُو صَالِحٍ المُؤَذِّنُ،
وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الزَّبْحِيُّ، وَإِسْمَاعِيْل بنُ
مَسْعَدَةَ الإِسْمَاعِيْلِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ
عُثْمَانَ الجُرْجَانِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ
عَلِيِّ بنِ خَلَف الشِّيْرَازِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَصَنَّفَ التَّصَانِيْفَ، وَتكلَّم فِي العِلَلِ
وَالرِّجَال.
مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ،
وَقِيْلَ: سَنَة سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ.
حدث الخَطِيْبُ عَنْ رَجُلٍ عنه.
__________
1 ترجمته في الإكمال لابن ماكولا "2/ 261"، والعبر "3/
158"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 229".
2 ترجمته في الأنساب للسمعاني "7/ 202"، والمنتظم لابن
الجوزي "8/ 87"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 990"، والعبر "3/
161"، والنجوم الزاهرة بالن تغري بردي "4/ 283"، وشذرات
الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 231".
(13/163)
ابن دوست، مهيار:
3936- ابن دوست 1:
الشَّيْخُ الصَّدُوْقُ المُسْنِدُ، أَبُو عَمْرٍو،
عُثْمَانُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ بن دُوْسْتَ،
البَغْدَادِيُّ العَلاَّفُ.
وَكَانَ وَالِدُهُ يَرْوِي عَنْ أَبِي القَاسِمِ
البَغَوِيِّ، وَمَاتَ سَنَةَ نَيِّفٍ وَثَمَانِيْنَ
وَثَلاَثِ مائَةٍ رَوَى عَنْهُ: ابْنُ المُهْتَدِي بِاللهِ
فِي مَشْيَخته، وَجَمَاعَة.
وَسَمِعَ أَبَا عَمْرٍو وَلدَهُ مِنْ: أَبِي بَكْرٍ
النَّجَاد، وَعَبْدُ اللهِ بنُ إِسْحَاقَ الخُرَاسَانِيُّ،
وَعُمَر بن سَلْم الخُتُّلِيّ، وَأَبِي بَكْرٍ مُحَمَّد
بنِ عَبْدِ اللهِ الشَّافِعِيِّ، وَحَدَّثَ عَنْ أَبِي
بَكْرٍ هَذَا "بِمُوَطَّأَ القَعْنَبِيّ".
قَالَ الخَطِيْبُ: كَتَبْتُ عَنْهُ وَكَانَ صَدُوْقاً.
مَاتَ فِي صَفَرٍ سَنَة ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ.
قُلْتُ: قَارب التِّسْعِيْنَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ القَادِرَ
اليُوْسُفِيّ، وَأَبُو الفَضْلِ بنُ خَيْرُوْنَ، وَعَبْدُ
الوَاحِدِ بنُ عُلْوَانَ، وثابت بن بندار، وآخرون.
3937- مهيار 2:
ابن مرزويه، الأَدِيْبُ البَاهِرُ، ذُو البَلاَغَتَيْنِ،
أَبُو الحَسَنِ الدَّيْلَمِيُّ، الفَارِسِيُّ.
كَانَ مَجُوْسِيّاً، فَأَسْلَمَ، فَقِيْلَ: أَسلمَ عَلَى
يَد الشَّرِيْفِ الرَّضِيِّ فَهُوَ شَيْخُه فِي النَّظمِ
وَفِي التَّشَيُّع، فَقَالَ لَهُ ابْنُ بَرْهَان: انتقلتَ
بِإِسلاَمِكَ فِي النَّارِ مِنْ زَاويَةٍ إِلَى زَاويَةٍ،
كُنْتَ مَجُوْسِيّاً، فَصِرْتَ تَسُبُّ الصَّحَابَةَ فِي
شعرك.
ولد دِيْوَانٌ، وَنظمُهُ جزلٌ حُلو، يَكُون دِيْوَانُهُ
مائَة كُرَّاس.
تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 314"، والمنتظم لابن الجوزي
"8/ 92"، والعبر "3/ 166"، وشذرات الذهب لابن العماد
الحنبلي "3/ 238".
2 ترجمته في تاريخ بغداد "13/ 276"، والمنتظم لابن الجوزي
"8/ 94"، ووفيات الأعيان "5/ 359"، والعبر "3/ 167"،
والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 26"، وشذرات الذهب
لابن العماد الحنبلي "3/ 242".
(13/164)
ابن بكير، ابن غرسية:
3938- ابن بكير 1:
الإمام المقرىء المُجَوِّدُ، أَبُو بَكْرٍ، مُحَمَّدُ بنُ
عُمَرَ بنِ بكير بن ود، البَغْدَادِيُّ النَّجَّارُ، جَارُ
أَبِي القَاسِمِ بنِ بِشْرَانَ.
وُلِدَ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ: أَبَا بَكْرٍ بنَ خَلاَّد النَّصِيْبِيّ،
وَأَبَا بَحْرٍ البَرْبَهَارِيّ، وَأَحْمَدَ بنَ جَعْفَرٍ
الخُتُّلِيّ، وَأَبَا إِسْحَاقَ المُزَكِّي، وَطَائِفَة.
وقرأَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ كِبَارٌ، مِنْهُم عبد السيد بن
عتاب، وأبو الخطاب ابن الجرَّاح، وَأَبُو البَرَكَاتِ
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الوَكِيْل، وثَابِتُ بنُ
بُنْدَار البَقَّال، وَذَلِكَ لحق قرَاءته عَلَى
البُزُورِي. صَاحِب أَحْمَد بن فَرح المُفَسِّر.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: الخَطِيْبُ، وَابْنُ الطُّيُوْرِيِّ،
وَأَحْمَدُ بنُ بُنْدَار البَقَّال.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَتَبْتُ عَنْهُ، وَكَانَ ثِقَةً مِنْ
أَهْلِ القُرْآن، تَلاَ عَلَى إِبْرَاهِيْم بن أَحْمَدَ
البُزُورِي. تُوُفِّيَ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ
اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
3939- ابْنُ غرسية 2:
العَلاَّمَةُ قَاضِي الجَمَاعَة، أَبُو المُطَرِّفِ،
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن أحمد بن سَعِيْدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
بِشْر بن غَرسِيَّةَ، القُرْطُبِيُّ المَالِكِيُّ، ابْنُ
الحَصَّار، وَيُعْرَفُ بِمَولَى بَنِي فطيس.
تفقه بأبي عمر الإشبيلي.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "3/ 39"، والعبر "3/ 177"، وشذرات
الذهب لابن العماد "3/ 250".
2 ترجمته في الصلة لابن بشكوال "2/ 326"، والعبر "3/ 148"،
وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 223".
(13/165)
وَرَوَى عَنْ أَبِيهِ، وَالإِمَامِ أَبِي
مُحَمَّدٍ الأَصِيْلِي.
وَكَانَ أَحدَ الأَذكيَاء المُتفنِّنين.
قَالَ ابْنُ حَيَّان: لَمْ يَكُنْ فِي وَقتِهِ مثلُه،
وَبِهِ تَفَقَّهَ مُحَمَّدُ بنُ عتَّاب، وَكَانَ ابْنُ
عتَّاب يفخَرُ بِذَلِكَ.
قُلْتُ: وَلاَّهُ مُتَوَلِّي قُرْطُبَة عَلِيُّ بنُ
حَمُّوْد الحَسَنِي القَضَاءَ، سَنَة سَبْعٍ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ، فَأحسنَ السِّيْرَةَ، ثُمَّ وَلِي لِلْقَاسِمِ بنِ
حَمُّوْد القَضَاءَ مَعَ الخطَابَةِ، ثُمَّ عَزَلَهُ
المُعتمدُ لأُمُورٍ سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ.
ابْنُ بَشْكُوَالٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ عتَّاب، عَنْ أَبِيهِ
قَالَ: كُنْتُ أَرَى القَاضِي ابْن بِشْرٍ فِي المَنَامِ
فِي هَيئته، فَأُسَلِّم عَلَيْهِ، وَأَدرِي أَنَّهُ
مِيِّتٌ، فَيَقُوْلُ: صرتُ إِلَى خَيْرٍ وَيُسرٍ بَعْد
شِدَّة. فكُنْتُ أَقُولُ لَهُ فِي فضل العِلْم،
فَيَقُوْلُ: لَيْسَ هَذَا العِلْمَ، لَيْسَ هَذَا العِلْمَ
يُشِير إِلَى المَسَائِل، وَيَذْهَبُ إِلَى أَنَّ الَّذِي
نفعَه علمُ القُرْآن وَالحَدِيْث.
وَقَالَ ابْنُ حَزْم: مَا لقيتُ أَشدَّ إِنصَافاً فِي
المُنَاظرَة مِنِ ابْنِ بِشر، وَلَقَدْ كَانَ مِنْ
أَعْلَمِ مِنْ لَقِيْتُهُ بِمَذْهَب مَالِكٍ مَعَ
قُوَّتِهِ فِي علم اللُّغَةِ وَالنَّحْو، وَدِقَّةِ
فَهْمِهِ.
قَالَ ابْنُ عتَّاب: كَانَ لاَ يفتَحُ عَلَى نَفْسِهِ
بَابَ روَايَةٍ، وَصحبْتُه عِشْرِيْنَ سَنَةً، وَذهبَ فِي
أَوّلِ أَمرِهِ إِلَى التَّكلُّم عَلَى "المُوَطَّأ"،
فَقرأتُهُ عَلَيْهِ فِي أَرْبَعَة أَنفس، فَلَمَّا عُرف
ذَلِكَ، أَتَاهُ جَمَاعَةٌ ليسمعُوا، فَامْتَنَعَ،
وَكُنَّا نجتمعُ عِنْدَهُ مَعَ شُيُوْخ الفَتْوَى،
فيُشَاوَرُ فِي المَسْأَلَة، فَيُخَالِفُونه، فَلاَ
يَزَالُ يُحَاجُّهُم وَيستظهِرُ عَلَيْهِم حَتَّى يقولوا
بقوله.
توفي ابن بشر هذا فِي نِصْفِ شَعْبَان سَنَة اثْنَتَيْنِ
وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ وَلَهُ ثَمَان وَخمسُوْنَ
سَنَة رَحِمَهُ اللهُ، ولم يجىء بعده قاض مثله.
(13/166)
المرزوقي، ابن نظيف:
3940- المرزوقي 1:
إِمَامُ النَّحْوِ، أَبُو عَلِيٍّ، أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ
بنِ الحَسَنِ، المَرْزُوْقيُّ الأَصْبَهَانِيُّ، أَحَدُ
أَئِمَّةِ اللِّسَانِ.
حَدَّثَ عَنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرِ بنِ فَارِسٍ.
وَتَصَدَّرَ، وَأَخَذَ النَّاسُ عَنْهُ، وَرَحَلُوا
إِلَيْهِ.
وَلَهُ شَرْح الحمَاسَة فِي غَايَة الحُسَن، وَ"شرح
الفصيح"، وغير ذلك.
رَوَى عَنْهُ: سَعِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَقَّال، وَأَبُو
الفَتْحِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ الزَّجَّاج،
شَيْخُ السِّلَفِيّ. تَخَرَّجَ بِهِ أَئِمَّةٌ.
تُوُفِّيَ فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَة إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ. قَارب تسعين سنة.
3941- ابن نظيف 2:
الشَّيْخُ العَالِمُ المُسْنِدُ المُعَمَّر، أَبُو عَبْدِ
اللهِ، مُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ بنِ نَظِيْف، المِصْرِيُّ
الفَرَّاءُ؛ أَخُو الشَّيْخ أَحْمَدَ بنِ الفَضْلِ.
وُلِدَ سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ،
فِي صَفَرٍ.
وَسَمِعَ: مِنْ أَبِي الفَوَارِس أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ
بنِ السِّنْدِيّ الصَّابُوْنِيّ، وَالعَبَّاسِ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ نَصْر الرَّافِقِي، وَأَحْمَدَ بنُ الحَسَنِ
بنِ إِسْحَاقَ بنِ عُتْبَةَ الرَّازِيُّ، وَأَحْمَدَ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ أَبِي المَوْت المَكِّيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ
أَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عطيَّة الحَدَّاد،
وَأَحْمَدَ بنِ مَحْمُوْد الشَّمْعِي، وعبد الله بن جعفر
ابن الْورْد، وَمُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ بن مَسْرُور
الحَطَّاب، وَعِدَّة.
وَتَفَرَّد فِي الدُّنْيَا بِعُلُوّ الإِسْنَاد.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ
كَاكو، شيخ لوجيه الشحامي، وأبو القاسم سع بنُ عَلِيٍّ
الزَّنْجَانِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ البَيْهَقِيُّ، وَأَبُو
القاسم القشيري، وَأَبُو القَاسِمِ بنُ أَبِي العَلاَءِ
المِصِّيْصِيّ، وَالرَّئِيْس أبو عبد الله الثقفي،
وَالقَاضِي أَبُو الحَسَنِ الخِلَعِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
ووَقَعَ لِي جُزْآنِ مِنْ حَدِيْثه.
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الحَبَّالُ: كَانَ أَبُو عَبْدِ
اللهِ بنُ نَظِيْف يُصَلِّي بِالنَّاسِ فِي مَسْجِد عَبْد
اللهِ سبعينَ سَنَةً، وَكَانَ شَافِعِيّاً يقنُتُ، فَأَمَّ
بَعْدَهُ رَجُلٌ مَالِكِيٌّ، وَجَاءَ النَّاسُ عَلَى
عَادتهم، فَلَمْ يَقْنُت، فتركُوهُ وَانصرَفُوا،
وَقَالُوا: لاَ يُحسنُ يُصَلِّي. مَاتَ فِي رَبِيْعٍ
الآخِرِ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ
وقد نيف على التسعين، رحمه الله.
__________
1 ترجمته في معجم الأدباء لياقوت الحموي "5/ 34"، وبغية
الوعاة للسيوطي "1/ 365".
2 ترجمته في العبر "3/ 175"، والنجوم الزاهرة لابن تغري
بردي "5/ 31"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 249".
(13/167)
المنقي، ابن عبد
كويه:
3942- المنقي 1:
الإِمَامُ الوَاعِظُ، أَبُو بَكْرٍ، أَحْمَدُ بنُ طَلْحَةَ
بنِ أَحْمَدَ بنِ هَارُوْنَ، البَغْدَادِيُّ المُنَقِّي
يَعْنِي المُغَرْبِل.
سَمِعَ: أَبَا جَعْفَرٍ بن بُرَيه، وَعَبْدَ الصَّمَدِ
الطَّسْتِي، وَأَبَا بَكْرٍ النَّجَّاد.
وَعَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، وَأَبُو الحَطَّاب بنُ
البَطِر، وَجَمَاعَة.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ ثِقَةً مَسْتُوْراً، مَاتَ فِي
ذِي الحِجَّةِ سَنَة عِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ،
رَحِمَهُ الله.
3943- ابن عبدكويه 2:
الشَّيْخُ الإِمَامُ المُحَدِّثُ الرَّحَّالُ الثِّقَةُ،
أَبُو الحَسَنِ، علي بن يحيى بن جعفر بن عبد كويه،
الأَصْبَهَانِيُّ.
مَوْلِدُهُ سَنَةَ بِضْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي إِسْحَاقَ بنِ حَمْزَةَ، وَعَبْدِ
اللهِ بن الحَسَنِ بنِ بُنْدَار، وَأَبِي القَاسِمِ
الطَّبَرَانِيّ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ
الكِسَائِيّ، وَعَبْدِ اللهِ بن مُحَمَّدِ بنِ
إِبْرَاهِيْمَ الفَابَجَانِيّ، وَأَحْمَدَ بن بُنْدَار
الشَّعَّار، وَمُحَمَّدِ بنِ القَاسِمِ ابن سِيَاهُ،
وَفَارُوْق بنِ عَبْدِ الكَبِيْر الخَطَّابِي، وَمُحَمَّدِ
بنِ مَعْمَر بن نَاصِح، وَمُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ بنِ
عَبَّاد، وَمُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ
الأَهْوَازِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ القَاسِمِ بنِ الرَّيَّانِ
اللُّكِّي، وَأَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ يُوْسُفَ بن
أَفرجه، وَعَلِيِّ بن الفَضْلِ بنِ شَهْرَيَار، وَأَحْمَدَ
بن عِمْرَانَ الأُشْنَانِي، بصرِيّ، وَأَحْمَدَ بن
مَحْمُوْد بن خُرَّزَاذ، وَإِبْرَاهِيْم بنِ مُحَمَّدٍ
الدَّيْبُلِي بِمَكَّةَ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ
المُنْذِرِ المَدِيْنِيّ، وَأَحْمَدَ بنِ سهل العسكري،
ومحمد ابن إِسْحَاقَ بنِ أَيُّوْبَ بن كُوشيذ.
وَأَمْلَى مَجَالِسَ كَثِيْرَةً، وَقَعَ لِي مِنْهَا
ثَلاَثَةٌ وَأَرْبَعَةٌ وَمجلسَان.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو العَلاَءِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ
بن قولون، وأبو العلاء محمد ابن عَبْدِ الجَبَّارِ
الفُرْسَانِي، وَأَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ
بنِ مِهْرَان اللَّبَّاد، وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
عَلِيِّ بنِ فورجه الفِرَّاش، وَأَسْمَاءُ بنت أحمد بن عبد
الله ابن مهران؛ وهم من شيوخ السلفي.
تُوُفِّيَ فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ
وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائة.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "4/ 212"، والعبر "3/ 136"،
وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 214".
2 ترجمته في العبر "3/ 150"، وشذرات الذهب لابن العماد
الحنبلي "3/ 225".
(13/168)
وَمِمَّنْ رَوَى عَنْهُ: أَبُو مُطِيع
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ الصَّحَّاف.
أَخْبَرَنَا أَبُو الرَّبِيْع سُلَيْمَانُ بنُ قُدَامَةَ
وَأَخُوْهُ دَاوُد، وَعِيْسَى بنُ أَبِي مُحَمَّدٍ،
وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سَنَة سبعِ مائَة،
وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ، وَمُحَمَّدُ بنُ
حَمْزَةَ، وَهديَّةُ بِنْتُ عليّ قَالُوا: أَخْبَرَنَا
جَعْفَرُ بنُ عَلِيٍّ، وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ
مُحَمَّدٍ الصَّوَّاف، وَابْنُ مُؤْمِن قَالاَ:
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ قَالاَ: أَخْبَرَنَا
أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ
بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ بِأَصْبَهَانَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ
بنُ عَبْدكُويه سَنَة عِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ،
حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ
البَغْدَادِيُّ بِالبَصْرَةِ سَنَة 357، حَدَّثَنَا
الحَارِثُ بنُ أَبِي أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ
عَاصِم، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا أَحَبَّ اللهُ عَبْداً، دَعَا
جِبْرِيْلَ، فَقَالَ: يَا جِبْرِيْلُ: إِنِّيْ أُحِبُّ
فُلاَناً، فَأَحِبَّهُ. فَيُحِبُّهُ جِبْرِيْلُ،
وَيُنَادِي فِي السَّمَاءِ: إِنَّ اللهَ قَدْ أَحَبَّ
فُلاَناً فَأَحِبُّوهُ. فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ،
ثُمَّ يُجْعَلُ لَهُ القَبُول فِي الأَرْضِ ... "
الحَدِيْث1. وَذكَر فِي الْبُغْض نحو ذلك.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "3209"، ومسلم "2637".
(13/169)
3944- طلحة بن
علي 1:
ابن الصقر، الشَّيْخُ الثِّقَةُ، الخَيِّر الصَّالِحُ،
بَقِيَّةُ السَّلَف، أَبُو القَاسِمِ، البَغْدَادِيُّ
الكَتَّانِيُّ.
وُلِدَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَحْمَدَ بنِ عُثْمَانَ الأَدَمِيّ،
وَأَبِي بَكْرٍ النَّجَّاد، وَدَعْلَج، وَالشَّافِعِيّ،
وَأَبِي عَلِيٍّ بنِ الصَّوَّاف، وَأَبِي سُلَيْمَانَ
الحَرَّانِيّ، وَأَحْمَدَ بن ثَابِتٍ الوَاسِطِيِّ،
وَعِدَّة.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، وَقَالَ: كَانَ
ثِقَةً صَالِحاً. وَأَبُو بَكْرٍ البَيْهَقِيُّ. وَعَبْدُ
العَزِيْزِ الكَتَّانِيّ، وَأَبُو القَاسِمِ
المِصِّيْصِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ بنُ بَيَانٍ
الرَّزَّازُ، وَأَبُو الفَضْلِ بنُ خَيْرُوْنَ،
وَآخَرُوْنَ.
مَاتَ فِي ذِي القَعْدَةِ سَنَة اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ، عَنْ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ، أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بنُ السَّيِّد بِالمِزَّة، أَخْبَرَنَا القَاضِي
مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى القُرَشِيّ سَنَةَ سِتٍّ
وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو
القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهُ، أَخْبَرَنَا
طَلْحَةُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الطَّيِّبِ
أَحْمَدُ بنُ ثَابِتٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مسلمَة،
حَدَّثَنَا مُوْسَى الطَّوِيْل، حَدَّثَنَا أَنَسٍ قَالَ:
رَأَيْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- يَمْسَحُ عَلَى الجَوْرَبَيْنِ عَلَيْهِمَا
النَّعْلاَن.
هَذَا حَدِيْثٌ تِسَاعِي لَنَا، لَكِن مُوْسَى لَيْسَ
بثقة، زعم أنه من موالي أَنَس بنِ مَالِكٍ، وَزعم أَنَّهُ
رَأَى أُمَّ المؤمنين عائشة بالبصرة.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "9/ 352"، والأنساب للسمعاني "10/
354" "الكتاني"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 61"، والعبر "3/
148"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 223".
(13/169)
3945- يحيى بن
عمار 1:
ابن يَحْيَى بنِ عَمَّارِ بنِ العَنْبَسِ، الإِمَامُ
المُحَدِّثُ الوَاعِظُ، شَيْخُ سِجِسْتَان، أَبُو
زَكَرِيَّا الشَّيْبَانِيُّ، النِّيهِيُّ،
السِّجِسْتَانِيُّ، نَزِيْلُ هَرَاة.
حَدَّثَ عَنْ: حَامِدِ بنِ مُحَمَّدٍ الرَّفَّاء، وَعَبْدِ
اللهِ بنِ عَدِيّ بنِ حَمْدُوَيْه الصَّابُوْنِيِّ،
وَأَخِيْهِ مُحَمَّدِ بنِ عَدِيّ، وَمُحَمَّدِ بنِ
إِبْرَاهِيْمَ بنِ جَنَاح، وَعِدَّة.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو نَصْرٍ الطَّبَسِي، وَأَبُو
مُحَمَّدٍ عَبْدُ الوَاحِدِ الهروي، وشيخ الإسلام أبو
إسماعيل بن عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ مُتحرِّفاً عَلَى المُبتدعَة وَالجَهْمِيَّة
بِحَيْثُ يؤولُ بِهِ ذَلِكَ إلى تجاوز طريق4ة السَّلَف،
وَقَدْ جعل اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً، إِلاَّ أَنَّه
كَانَ لَهُ جَلاَلَةٌ عَجِيْبَةٌ بهَرَاة وَأَتْبَاعٌ
وَأَنصَار.
وَقَدْ رَوَى أَيْضاً عَنْ وَالده عَمَّار.
وَكَانَ فَصِيْحاً مُفَوَّهاً، حسنَ المَوْعِظَةِ، رَأْساً
في التفسير، أكمل التَّفْسِيْر عَلَى المِنْبَر فِي سَنَةِ
اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، ثُمَّ افتَتَح
خَتْمَةً أُخْرَى فَمَاتَ وَهُوَ يُفَسِّرُ فِي سُوْرَة
القِيَامَة، وَعَاشَ تِسْعِيْنَ سَنَةً.
قَالَ السِّلَفِيُّ فِي "مُعْجَم" بَغْدَاد: قَالَ أَبُو
إِسْمَاعِيْلَ الأَنْصَارِيُّ: كَانَ يَحْيَى بنُ عَمَّار
مَلِكاً فِي زِيِّ عَالِمٍ، كَانَ لَهُ مُحِبٌّ
مُتَمُوِّلٌ يحملُ إِلَيْهِ كُلَّ عَام أَلف دِيْنَار
هَرَويَّة، فَلَمَّا مَاتَ يَحْيَى، وَجَدُوا لَهُ
أَرْبَعِيْنَ بَدْرَةً لَمْ يَفُكَّ خَتْمهَا.
وَقَالَ أَبُو إِسْمَاعِيْل: سمعتُ يَحْيَى بنَ عَمَّار
يَقُوْلُ: العلومُ خَمْسَةٌ؛ علم حَيَاةُ الدِّين وَهُوَ
علمُ التَّوحيد، وَعلمٌ هُوَ قوتُ الدِّيْنِ وَهُوَ
العِظَةُ وَالذِّكر، وَعلم هُوَ دواء الدين وهو القه،
وَعلمٌ هُوَ دَاء الدِّين وَهُوَ أَخْبَارُ مَا وَقَعَ
بَيْنَ السَّلَف، وَعلمٌ هُوَ هلاَكُ الدِّيْنِ وهو
الكلام.
قلت: وعلم الأوائل.
__________
1 ترجمته في العبر "3/ 151"، وشذرات الذهب لابن العماد
الحنبلي "3/ 226".
(13/170)
وَكَانَ يَحْيَى بنُ عَمَّار مِنْ كِبَارِ
المُذَكّرين، لكن ما أقبتاح بِالعَالِمِ الدَّاعِي إِلَى
اللهِ الحِرْص وَجمع المَال! وَكَانَ قَدْ تحوَّل مِنْ
سِجِسْتَان عِنْد جَوْر الولاة، فعظم بهراة جدً،
وَتغَالَوا فِيْهِ، وَتَخَرَّجَ بِهِ أَبُو إِسْمَاعِيْلَ
الأَنْصَارِيُّ، وَخلَفَه مِنْ بَعْدَهُ.
أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ
اللهِ بنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَوَّلِ بنُ
عِيْسَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهُ إِمْلاَءً،
أَخْبَرَنَا دَعْلَج، "ح". وَبَالإِسْنَادِ إِلَى عَبْدِ
اللهِ قال: وحدثنا يحيى بن عمار إمنلاء، أخبرنا حامد بن
محمد، قال: حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِم، حَدَّثَنَا أَبُو
عَاصِم، عَنْ ثَوْرَ بنَ يَزِيْدَ، عَنْ خَالِدِ بنِ
مَعْدَانَ، عن عبد الرحمن بن عمرو، عن عرياض بنِ سَارِيَةَ
قَالَ: وَعَظَنَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا
العُيُوْنُ، وَوَجِلَتْ مِنْهَا القُلُوبُ، فَقَالَ
قَائِلٌ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! كَأَنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةُ
مُوَدِّعٍ فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا؟ قَالَ:
"أُوْصِيْكُم بِتَقْوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالسَّمْعِ
وَالطَّاعَة" وَذَكَرَ الحَدِيْثَ1.
هَذَا حَدِيْثٌ عَالٍ، صَالِح الإِسْنَاد.
تُوُفِّيَ يَحْيَى بنُ عَمَّار بهَرَاة، فِي ذِي
القَعْدَةِ سَنَة اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وأربع مائةن
وَصَلَّى عَلَيْهِ الإِمَامُ عُمَرُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ
الزَّاهِد، وَكَانَتْ جِنَازَتُهُ مَشْهُوْدَة.
ورثَاهُ جمَالُ الإِسْلاَم الدَّاوُوْدِيّ، فَقَالَ:
وَسَائِلٍ مَا دَهَاكَ اليَوْمَ؟ قُلْتُ لَهُ ...
أَنْكَرْتَ حَالِي وَأَنَّى وَقْتُ إِنكَارِ
أَمَا تَرَى الأَرْضَ مِنْ أَقْطَارِهَا نَقَصَتْ ...
وَصَارَ أَقْطَارُهَا تَبْكِي لأَقْطَارِ
لِمَوْتِ أَفْضَلِ أَهْلِ العَصْرِ قَاطِبَةً ... عَمَّارِ
دين الهدى يحيى بن عمار
__________
1 صحيح أخرجه أحمد "4/ 126-127"، وأبو داود "4607"،
والآجري في "الشريعة" "ص46"، وابن أبي عاصم في "السنة"
"32"، "57"، من طريق الوليد بن مسلم، حدثنا ثور بن يزيد،
به. وأدخلوا مع عبد الرحمن بن عمرو: حجر بن حجر الكلاعي.
وأخرجه الترمذي "2676"، وابن ماجه "44"، والدارمي "1/ 44"،
والطحاوي في "مشكل الآثار" "2/ 69"، وابن أبي عاصم في
"السنة" 54"، والبغوي "102"، والآجري "47"، من طرق عن ثور
بن يزيد، به.
(13/171)
3946- السلطان
1:
المَلِكُ يَمِينُ الدَّوْلَة، فَاتِحُ الهِنْدِ، أَبُو
القَاسِمِ، محمود بن سيد الأمراء نَاصِرِ الدَّوْلَة
سُبُكْتِكِيْن، التُّرْكِيُّ، صَاحِبُ خُرَاسَان وَالهِنْد
وَغَيْرِ ذَلِكَ.
كَانَ وَالِدُهُ أَبُو مَنْصُوْرٍ قَدْ قَدِمَ بُخَارَى
فِي أَيَّام نُوْحِ بنِ مَنْصُوْر، فِي صُحْبَة ابْنِ
السُّكين مُتَولِّياً عَلَى غَزْنَة، فَعُرِفَ
بِالشَّهَامَةِ وَالإِقدَامِ وَالسُّمُو، فَلَمَّا سَارَ
ابْنُ السُّكين مُتَولِّياً عَلَى غَزْنَة، ذهب فِي
خِدْمَته أَبُو مَنْصُوْرٍ، فَلَمْ يلْبَث ابْنُ السُّكين
أَن مَاتَ، وَاحتَاج النَّاسُ إِلَى أَمِيْرٍ، فَأَمَّرُوا
عَلَيْهِم أَبَا مَنْصُوْر، فتمكَّن وَعَظُم، وَأَخَذَ
يُغير عَلَى أَطرَافِ الهِنْدِ، وَافتَتَح قِلاَعاً،
وَتمَّت لَهُ مَلاَحِمُ مَعَ الهُنُود، وَافتَتَح
نَاحِيَةَ بُسْت، وَاتصل بخِدْمَته أَبُو الفَتْح
البُسْتِيُّ الكَاتِبُ وَقَرُب مِنْهُ، وَكَانَ
كَرَّامِياً.
قَالَ جَعْفَرٌ المُسْتَغْفِرِي: كَانَ أَبُو القَاسِمِ
عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الحُسَيْنِ النَّضْرِيّ
قَاضِي مَرْو وَنَسَف صُلْبَ المَذْهَب، فَدَخَلَ صَاحِبُ
غَزْنَة سُبُكْتِكِيْن بَلْخَ، وَدَعَا إِلَى مُنَاظرَة
الكَرَّامِيَّة، وَكَانَ النَّضْرِيُّ يَوْمَئِذٍ قَاضِياً
ببَلْخ، فَقَالَ سُبُكْتِكِيْن: مَا تقولُوْنَ فِي
هَؤُلاَءِ الزُّهَّاد الأَوْلِيَاء؟ فَقَالَ النَّضْرِيُّ:
هَؤُلاَءِ عِنْدنَا كَفَرَة. قَالَ: مَا تقولُوْنَ فِيَّ؟
قَالَ: إِنْ كُنْتَ تَعْتَقِدُ مَذْهَبَهُم، فَقولُنَا
فِيْكَ كَذَلِكَ. فَوَثَبَ، وَجَعَلَ يضربُهُم بِالدّبوس
حتى أَدمَاهُم، وَشجَّ النَّضْرِيَّ، وَقيَّدهُم
وَسَجَنَهُم، ثُمَّ أَطلقهُم خوفَ الملاَمَة، ثُمَّ تمرَّض
ببَلْخ، وَسَارَ إِلَى غَزْنَة، فَمَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ
وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَعَهِدَ بِالإِمرَة
إِلَى ابْنِهِ إِسْمَاعِيْل، وَكَانَ مَحْمُوْدٌ ببَلْخ،
وَكَانَ أَخُوْهُمَا نَصْرٌ عَلَى بُسْت، وَكَانَ فِي
إِسْمَاعِيْل خَلَّة، فَطَمِعَ فِيْهِ جُنْدِهِ،
وَشغَّبُوا، فَأَنفق فِيْهِم خزَائِنَ، فَدَعَا مَحْمُوْدٌ
عَمَّه، فَاتفقَا، وَأَتَاهُمَا نَصْرٌ، فَقصدُوا غَزْنَة،
وَحَاصرُوهَا، وَعمل هُوَ وَأَخُوْهُ مَصَافّاً مَهُولاً،
وَقُتِلَ خَلْقٌ، فَانهزم إِسْمَاعِيْلُ، ثُمَّ آمن
إِسْمَاعِيْلَ، وَحَبَسَهُ مُعَزَّزاً مُرَفَّهاً، ثُمَّ
حَارب مَحْمُوْدٌ النَّوَّاب السَّامَانيَّة، وَخَافته
المُلُوكُ. وَاسْتَوْلَى عَلَى إِقلِيم خُرَاسَان، وَنفَّذ
إِلَيْهِ القَادِرُ بِاللهِ خِلَع السَّلْطَنَة، فَفَرضَ
عَلَى نَفْسِهِ كُلَّ سَنَة غز والهند، فَافْتَتَحَ
بلاَداً شَاسعَةً، وَكسر الصَّنَم سُومنَات؛ الَّذِي كَانَ
يَعْتَقِدُ كَفَرَةُ الهِنْد أَنَّهُ يُحْيَى وَيُمِيت
وَيَحُجُّونه، وَيُقَرِّبُوْنَ لَهُ النَّفَائِسَ، بحيثُ
إِنَّ الوُقُوْفَ عَلَيْهِ بلغتْ عَشْرَةَ آلاَف قريَة،
وَامتلأَت خزَائِنُه مِنْ صنُوف الأَمْوَالِ، وَفِي
خِدْمَته مِنَ البَرَاهُمَة أَلْفَا نَفْس، وَمائَةُ
جَوْقَة مغَانِي رِجَال وَنسَاء، فَكَانَ بَيْنَ بلاَدِ
الإِسْلاَم وَبَيْنَ قلعَة هَذَا الصَّنَم مفَازَةٌ نَحْو
شَهْر، فَسَارَ السُّلْطَانُ فِي ثَلاَثِيْنَ أَلْفاً،
فيسَّرَ اللهُ فتحَ القلعَةِ فِي ثلاثة أيام، واستولى
__________
1 ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "8/ 52"، ووفيات الأعيان
لابن خلكان "5/ 175"، والعبر "3/ 145"، والنجوم الزاهرة
لابن تغري بردي "4/ 373"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/
220".
(13/172)
مَحْمُوْدٌ عَلَى أَمْوَالٍ لاَ تُحصَى،
وَقِيْلَ: كَانَ حَجَراً شَدِيدَ الصَّلاَبَة طولُه
خَمْسَةُ أَذْرُع، مُنَزَّلٌ مِنْهُ فِي الأَسَاس نَحْو
ذرَاعِين، فَأَحرقه السُّلْطَانُ، وَأَخَذَ مِنْهُ قطعَةً
بنَاهَا فِي عتبَة بَابِ جَامعِ غَزْنَة، وَوجدُوا فِي
أُذُن الصَّنَم نَيِّفاً وَثَلاَثِيْنَ حَلْقَةً؛ كُلُّ
حَلْقَةٍ يَزْعُمُوْنَ أَنَّهَا عبَادَتُهُ ألف سنة.
وَكَانَ السُّلْطَانُ مَائِلاً إِلَى الأَثر إلَّا أَنَّهُ
مِنَ الكَرَّامِيَّة.
قَالَ أَبُو النَّضْر الفَامِيُّ: لَمَّا قَدِمَ
التَّاهَرْتِيُّ الدَّاعِي مِنْ مصر علَى السُّلْطَان
يدعُوه سِرّاً إلَى مَذْهَبِ البَاطِنِيَّة، وكَانَ
التَّاهَرْتِيُّ يَركَبُ بَغْلاً يتلَوَّنُ كُلَّ سَاعَةٍ
مِنْ كُلِّ لُوْنَ، فَفَهُم السُّلْطَانُ سِرَّ دعوتِهم،
فَغَضِبَ، وَقَتَلَ التَّاهَرْتِيُّ الخَبِيْث، وَأَهدَى
بغلَهُ إِلَى القَاضِي أَبِي مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدِ بنِ
مُحَمَّدٍ الأَزْدِيّ؛ شَيْخ هَرَاة، وَقَالَ: كَانَ
يَرْكَبُه رَأْسُ المُلْحِدين، فليَرْكَبْه رَأْسُ
المُوحِّدين.
وَذكر إِمَامُ الحَرَمَيْنِ أَنَّ مَحْمُوْدَ بنَ
سُبُكْتِكِيْن كَانَ حَنَفِيّاً يُحِبُّ الحَدِيْثَ،
فَوَجَد كَثِيْراً مِنْهُ يُخَالِفُ مَذْهَبَهُ، فجمعَ
الفُقَهَاء بِمَرْو، وَأَمر بِالبحثِ فِي أَيّمَا أَقوَى
مَذْهَبُ أَبِي حَنِيْفَةَ أَوِ الشَّافِعِيّ. قَالَ:
فَوَقَعَ الاَتِّفَاق عَلَى أَنْ يصلوا ركعتين بن يَدَيْهِ
عَلَى المَذْهَبين. فَصَلَّى أَبُو بَكْرٍ القَفَّال
بوُضوءٍ مُسْبغٍ وَستْرَةٍ وَطَهَارَةٍ وَقِبْلَةٍ
وَتَمَّامِ أَركَانٍ لاَ يُجَوِّزُ الشَّافِعِيُّ دونهَا،
ثُمَّ صَلَّى صَلاَةً على ما يجوزه أبي حَنِيْفَة،
فَلَبِسَ جِلْد كلبٍ مَدبوَغاً قَدْ لُطِخَ رُبُعُه
بِنَجَاسَةٍ، وَتَوَضَّأَ بنَبِيْذ، فَاجْتَمَعَ عَلَيْهِ
الذُّبَّان، وَكَانَ وُضوءاً مُنَكّساً، ثُمَّ كبّر
بِالفَارسيَّة، وَقرأَ بِالفَارسيَة،: دَوْبَرْكَك سَبْز.
وَنَقَر وَلَمْ يَطْمئنَّ وَلاَ رَفَعَ مِنَ الرُّكُوع،
وَتَشَهَّدَ، وَضَرَطَ بِلاَ سَلاَم. فَقَالَ لَهُ: إِنْ
لَمْ تكن هَذِهِ الصَّلاَةُ يُجِيزُهَا الإِمَامُ،
قَتَلْتُكَ. فَأَنكرت الحَنَفِيَّةُ الصَّلاَةَ. فَأَمر
القفال بإحضار كُتُبِهم، فَوُجِدَ كَذَلِكَ، فتحوَّل
مَحْمُوْدٌ شَافِعِيّاً. هَكَذَا ذكره الإِمَامُ أَبُو
المَعَالِي بِأَطولَ مِنْ هَذَا.
قَالَ عَبْدُ الغَافِرِ الفَارِسِيُّ فِي تَرْجَمَة
مَحْمُوْد: كَانَ صَادِقَ النِّيَّةِ فِي إِعلاَءِ
الدِّين، مُظَفّراً كَثِيْر الغَزْوِ، وَكَانَ ذَكيّاً
بعيدَ الغَور، صَائِبَ الرَّأْي، وَكَانَ مَجْلِسُهُ مورِد
العُلَمَاء. وَقبرُهُ بغَزْنَة يُزَار.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ بنُ البَنَّاء: حَكَى عَلِيُّ بنُ
الحُسَيْنِ العُكْبَرِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ: أَبَا مَسْعُوْد
أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدٍ البَجَلِيَّ قَالَ: دَخَلَ ابْنُ
فُوْرَك عَلَى السُّلْطَان مَحْمُوْد، فَقَالَ: لاَ
يَجُوْزُ أَنْ يُوصف اللهُ بِالفوقيَّة لأَنَّ لاَزمَ
ذَلِكَ وَصفُه بِالتّحتيَّة، فَمَنْ جَازَ أَنْ يَكُوْنَ
لَهُ فَوْقٌ، جَازَ أَنْ يَكُوْنَ لَهُ تَحْتٌ. فَقَالَ
السُّلْطَانُ: مَا أَنَا وَصفتُه حَتَّى يلزمَنِي، بَلْ
هُوَ وَصفَ نَفْسَه. فَبُهِتَ ابْن فُوْرَك، فَلَمَّا
خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ مَاتَ. فيُقَالُ: انْشَقَّت
مرَارَتُه.
قَالَ عَبْدُ الغَافِرِ: قَدْ صُنِّفَ فِي أَيَّام
مَحْمُوْد وَأَحْوَالِهِ لحظَة لحظَة، وَكَانَ فِي
الخَيْرِ وَمصَالِحِ الرَّعِيَّةِ يُسِّرَ لَهُ الإِسَارُ
وَالجنودُ وَالهيبَةُ وَالحِشْمَةُ مِمَّا لَمْ يرهُ أَحد.
(13/173)
وَقَالَ أَبُو النَّضْر مُحَمَّدُ بنُ
عَبْدِ الجَبَّارِ العتبي في كتاب اليميني في سيرَة هَذَا
الْملك: قِيْلَ فِيْهِ:
تَعَالَى اللهُ مَا شَاءَ ... وَزَادَ اللهُ إِيْمَانِي
أَأَفرِيدُوْنَ فِي التَّاجِ ... أمِ الإِسْكَنْدَرُ
الثَّانِي
أمِ الرَّجْعَةُ قَدْ عَادَتْ ... إِليْنَا بِسُلَيْمَانِ
أَظَلَّتْ شَمْسُ محمودٍ ... عَلَى أَنجمِ سَامَانِ
وَأَمسَى آلُ بهرامٍ ... عَبِيْداً لابْنِ خَاقَانِ
فَمَنْ وَاسِطَةِ الهِنْدِ ... إِلَى سَاحَةِ جُرْجَانِ
وَمن قَاصِيَة السِّنْدِ ... إِلَى أَقْصَى خُرَاسَانِ
فَيَوماً رُسُل الشَّاهِ ... وَيَوْماً رُسُلِ الخَانِ
مولدُ مَحْمُوْد فِي سَنَةِ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ
مائَةٍ.
وَمَاتَ بغَزْنَة فِي جُمَادَى الأُولَى سَنَة إِحْدَى
وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَتَسَلْطَنَ بَعْدَهُ ابْنُهُ مُحَمَّدٌ مُديدَةً، وَقبضَ
عَلَيْهِ أَخُوْهُ مَسْعُوْدٌ، وَتَمَكَّنَ، وَحَارَبَ
السَّلْجُوْقِيَّة مَرَّاتٍ إِلَى أَنْ قُتِلَ فِي سَنَةِ
ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، ثُمَّ قَامَ
ابْنه.
وكَانَتْ غَزَوَاتُ السُّلْطَان مَحْمُوْدٍ مَشْهُوْرَةً
عَدِيْدَةً وَفُتُوْحَاتُهُ المبتكرَة عَظِيْمَة.
قَرَأْتُ بخَطِّ الوَزِيْر جَمَال الدِّيْنِ بن عَلِيٍّ
القِفْطي فِي سيرَته: قَالَ كَاتبه الوَزِيْرُ ابْنُ
المِيمندِي: جَاءنَا رَسُوْلُ الملكِ بَيدَا عَلَى سريرٍ
كَالنَّعش؛ بِأَرْبَعِ قَوَائِم يَحْمِلُهُ أَرْبَعَةٌ.
وَكَانَ السُّلْطَانُ يُعَظِّمُ أَمرَ الرُّسُلِ لِمَا
يَفْعَلُهُ أَصحَابُهُم برُسُله. قَالَ: فَحُمِلَ عَلَى
حَالَتِهِ حَتَّى صَارَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ لَهُ
الهنديُّ: أَيُّ رَجُلٍ أَنْتَ؟ قَالَ: أَدْعُو إِلَى
اللهِ، وَأُجَاهِدُ مَنْ يُخَالِفُ دِيْنَ الإِسْلاَم.
قَالَ: فَمَا تُرِيْد منَا؟ قَالَ: أَنْ تَتْرُكُوا
عبَادَةَ الأَصْنَام، وَتَلْتَزِمُوا شُرُوط الدِّيْنِ،
وَتَأكُلُوا لحم البَقَر. وَتردَّد بينهُمَا الكَلاَمُ،
حَتَّى خَوَّفَهُ مَحْمُوْدٌ وَهدَّده، وَقَالَ الحَاجِبُ
للهِنْدِي: أَتَدْرِي لِمَنْ تُخَاطِبُ؟ وَبَيْنَ يَدَيْ
أَيِّ سُلْطَانٍ أَنْتَ ?. فَقَالَ الهنديُّ: إِنْ كَانَ
يدعُو إِلَى اللهِ كَمَا يَزْعُمُ، فلَيْسَ هَذَا مِنْ
شُرُوط ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ سُلطَاناً قَاهِراً لاَ
يُنصف، فَهَذَا أَمرٌ آخر. فَقَالَ الوَزِيْرُ: دَعُوهُ.
ثُمَّ وَرد الخَبَرُ بِتَشْوِيشِ خُرَاسَان، وضَاقَ عَلَى
صَاحِب الهِنْدِ الأَمْرُ، وَرَأَى أَنَّ بلاَدَهُ
تَخْرَبُ، فَنَفَّذَ رَسُولاً آخر، وَتَلَطَّفَ، وَقَالَ:
إِنَّ مُفَارقَة دينِنَا لاَ سَبِيْل إِلَيْهِ، وَلَيْسَ
هُنَا مَال
(13/174)
نُصَالِحُكَ عَلَيْهِ، وَلَكِن نجعلُ
بَيْنَنَا هُدْنَةً، وَنكُونُ تَحْتَ طَاعَتِك. قَالَ:
أُريد أَلفَ فيل وَأَلف مَناً ذهباً. قَالَ: هَذَا لاَ
قُدرَة لَنَا عَلَيْهِ. ثُمَّ تقرّر بينهُمَا تَسْلِيمُ
خَمْس مائَة فيلٍ وثَلاَثَةِ آلاَف مِنْ فِضَّة، وَاقترح
مَحْمُوْدٌ عَلَى الْملك بَيْدَا أَنْ يلبس خِلْعَتَه،
وَيَشُدَّ السَّيْفَ وَالمِنْطَقَة، وَيضرب السِّكَةَ
باسمه. فَأَجَابَ، لَكِنَّهُ اسْتَعفَى مِنَ السِّكَة،
فَكَانَتِ الخِلْعَةُ قَبَاءً نُسِج بِالذَّهَبِ،
وَعِمَامَةَ قصبٍ، وَسَيْفاً مُحَلَّى، وَفرساً وَخُفّاً،
وَخَاتَماً عَلَيْهِ اسْمُه، وَقَالَ لرَسُوله: امضِ
حَتَّى يَلْبَس ذَلِكَ، وَينزِلَ إِلَى الأَرْضِ، وَيقطعَ
خَاتَمَه وَأُصْبُعَهُ، وَيُسَلِّمهَا إِلَيْك، فذَلِكَ
علاَمَةُ التَّوثِقَة. قَالَ: وَكَانَ عِنْد مَحْمُوْدٍ
شيءٌ كَثِيْرٌ مِنْ أَصَابع المُلُوك الَّذِيْنَ
هَادنَهَم.
قَالَ ابْنُ المِيمندِي الوَزِيْرُ: فذهبت في عشرة مماليك
أتراك، وجئنا وَصحنَا: رَسُوْل رَسُول. فكفُّوا عَنِ
الرَّمْي، فَأُدْخِلْنَا عَلَى المَلِكِ، وَهُوَ شَابٌّ
مليحُ الوَجْه عَلَى سَرِير فِضَّة، فَخدمتُه بِأَن صفقْتُ
بيدَيَّ، وَانحنيتُ عَلَيْهِمَا، وَقُلْتُ: جُوْ. فَكَانَ
جَوَابه: بَاهُ. وَأَجلسنِي، وَقرَّبنِي، وَأَخَذَ يَشْكُو
مَا لَحِقَ البِلاَدَ مِنَ الخَرَاب، ثُمَّ لبس الخِلْعَةَ
بَعْد تَمنُّع، وَتَعَمَّمَّ لَهُ تركِيٌّ، وَطَالبتُه
بِالحَلف، قَالَ: نَحْلِفُ بِالأَصْنَام وَالنَّار،
وَأَنْتُم لاَ تَقْنَعُوْنَ بِذَلِكَ. قُلْتُ: لاَ بُدَّ
وَأَحجمتُ عَنْ ذكر الأُصْبُع، فَأَخْرَجَ حَدِيْدَةً قطع
بِهَا أُصْبُعهُ الصُّغْرَى وَلَمْ يَكْتَرِثْ، وَعمل على
يده كافورًا، ودفعت إليه وَقَالَ: قُل لصَاحِبكَ: اكفُفْ
عَنْ أَذَى الرَّعِيَّة. فَرَجَعَ السُّلْطَانُ إِلَى
خُرَاسَانَ، وَنفَّذَ إِلَيْهِ ابْنُ مَرْوَانَ صَاحِبُ
ديَار بكر هديَّةً، فَرَدَّهَا وَقَالَ: لم أَردَّهَا
اسْتَقلاَلاً، وَلَكِن علمتُ أَنَّ قصدكَ المُخَالَطَةُ
وَالمصَادقَةُ، وَيقبُحُ بِي أَنْ أَصَادِقَ مَنْ لاَ
أَقدِرُ أَنْ أَنصُره، وَرُبَّمَا طرقَكَ عدوٌّ وَأَنَا
عَلَى أَلف فرسخٍ مِنْكَ، فَلاَ أَتمكَّنُ مِنْ نُصرتك.
ثُمَّ بَلَغَ السُّلْطَانَ أَنَّ الهنودَ قَالُوا: أَخرب
أَكْثَرَ بلاَدِ الهِنْد غضبُ الصَّنمِ الكَبِيْر سُومنَات
عَلَى سَائِر الأَصْنَام وَمَنْ حولهَا، فعزَم عَلَى غَزْو
هَذَا الوَثن، وَسَارَ يَطوِي القِفَار فِي جَيْشِهِ
إِلَيْهِ، وَكَانُوا يَقُولُوْنَ: إِنَّهُ يَرزُق وَيُحيي
وَيُمِيت وَيسمع: وَيَعِي، يَحُجُّوْنَ إِلَيْهِ،
وَيُتحِفونه بِالنَّفَائِس، وَيتغَالَوْنَ فِيْهِ
كَثِيْراً، فَتَجمَّع عِنْد هَذَا الصَّنم مَالٌ
يَتَجَاوَزُ الوَصْفَ، وَكَانُوا يَغسِلُونه كُلّ يَوْم
بِمَاءٍ وَعَسل وَلبن، وَينقلُوْنَ إِلَيْهِ المَاءَ مِنْ
نهرِ حيل مسيرَةَ شَهْر، وَثَلاَثِ مائَةٍ يَحلِقُوْنَ
رُؤُوْس حُجَّاجِهِ وَلِحَاهُم، وَثَلاَثُ مائَةٍ
يُغَنُّوْنَ. فَسَارَ الجَيْشُ مِنْ غَزْنَة، وَقطعُوا
مَفَازَةً صعبَةً، وَكَانُوا ثَلاَثِيْنَ أَلف فَارس
وَخلقاً مِنَ الرَّجَّالَة وَالمُطَّوِّعَة، وَقَوَّى
المُطَّوِّعَةَ بخَمْسِيْنَ أَلف دِيْنَار، وَأَنفقَ فِي
الجَيْشِ فوقَ الكِفَايَة، وَارْتَحَلَ مِنَ المُليَا
ثَانِي يَوْم الْفطر سَنَة 416، وَقَاسُوا مشَاقَّ،
وَبقُوا لاَ يجدُوْنَ المَاءَ إلَّا بَعْد ثَلاَث،
غطَّاهُم فِي يَوْمٍ ضبَابٌ عَظِيْم، فَقَالَتِ
الكَفَرَةُ: هَذَا مِنْ فعل الإِله سُومَنَات. ثُمَّ نَازل
مدينَةَ أَنْهَلْوَارَة، وَهَرَبَ مِنْهَا مَلِكُهَا إِلَى
جَزِيْرَةٍ، فَأَخرب المُسْلِمُوْنَ بَلَدَهُ، وَدكُّوهَا،
وَبينهَا وَبَيْنَ الصَّنَم مسيرَةُ شَهْرٍ فِي مفَاوز،
فسَارُوا حَتَّى نَازَلُوا مدينة
(13/175)
دَبُولوَارَة؛ وَهِيَ قَبْل الصَّنَمِ
بيومِين، فَأُخذت عَنْوَةً، وَكُسِرت أَصنَامُهَا، وَهِيَ
كَثِيْرَةُ الفواكِه، ثُمَّ نَازلُوا سومنات في رابع عشر
ذِي القَعْدَةِ، وَلَهَا قلعَةٌ منيعَةٌ عَلَى البَحْر،
فَوَقَعَ الحِصَارُ، فنُصِبَت السَّلاَلِمُ عَلَيْهَا،
فَهَرَبَ المُقَاتِلَةُ إِلَى الصَّنَمِ، وَتضرَّعُوا
لَهُ، وَاشتدَّ الحَالُ وَهُم يَظُنُّوْن أَنَّ الصَّنَمَ
قَدْ غضب عَلَيْهِم، وَكَانَ فِي بَيْتٍ عَظِيْمٍ منيع،
عَلَى أَبوَابه السُّتُورُ الدِّيباجُ، وَعَلَى الصَّنم
مِنَ الحُلِيِّ وَالجَوَاهِر مَا لاَ يُوصف، وَالقنَادِيل
تُضيءُ ليلاً وَنهَاراً، عَلَى رَأْسِه تَاجٌ لاَ
يُقَوَّم، يَنْدَهِشُ مِنْهُ النَّاظِرُ، وَيَجْتَمُعُ
عِنْدَهُ فِي عِيْدِهِم نَحْو مائَة أَلْف كَافِر، وَهُوَ
عَلَى عرشٍ بَدِيْعِ الزَّخْرفَة؛ علو خَمْسَةِ أَذْرُع،
وَطولُ الصَّنَم عَشْرَةُ أَذْرُع، وَلَهُ بيت مال فيه من
النفائس والذهب ما لا يُحصَى، فَفَرَّق مَحْمُوْدٌ فِي
الجُنْدِ مُعْظَمَ ذَلِكَ، وَزعزعَ الصَّنَم بِالمعَاوِل،
فَخَرَّ صَرِيْعاً، وَكَانَتْ فِرْقَةٌ تَعْتَقِدُ أَنَّهُ
مَنَات، وَأَنَّهُ تَحَوَّلَ بِنَفْسِهِ فِي أَيَّام
النُّبُوَّة مِنْ سَاحِل جُدَّة، وَحَصَلَ بِهَذَا
المَكَان ليُقْصَد وَيُحَجَّ مُعَارَضَةً للكعبَة.
فَلَمَّا رَآهُ الكُفَارُ صَرِيْعاً مهيناً، تَحَسَّرُوا،
وَسُقِط فِي أَيديهُم، ثُمَّ أُحْرِقَ حَتَّى صَارَ كلساً،
وَأُلقِيْت النِّيرَانُ فِي قُصُور القَلْعَة، وَقُتِلَ
بِهَا خمسُوْنَ أَلْفاً، ثُمَّ سَارَ مَحْمُوْدٌ لأَسر
المَلِك بَهِيم، وَدخلُوا بِالمرَاكب، فَهَرَبَ، وَافتَتَح
مَحْمُوْدٌ عِدَّةَ حصُوْن وَمدَائِن، وَعَاد إِلَى
غَزْنَة، فَدَخَلَهَا فِي ثَامن صفر سَنَة سَبْعَ
عَشْرَةَ، وَدَانت لَهُ المُلُوكُ، فَكَانَتْ مدة الغيبة
مائةً وثلاثة وستين يومًا.
وفِي سَنَة ثَمَان عشرَة سَارَ إِلَى بَلْخَ، وَجَهَّزَ
جَيْشَه إِلَى مَا وَرَاء النَّهر فِي نُصْرَة الخَانيَّة،
وَكَانَ عَلِيُّ بنُ تكين قَدْ أَغَار عَلَى بُخَارَى،
فضَاق قدرخَانُ بِهِ ذرعاً، وَاسْتنجد مَحْمُوداً، فَفَرَّ
ابْنُ تكين، وَدَخَلَ البَرِّيَّة. ثُمَّ حَارب مَحْمُوْدٌ
الغُزَّ، وَقبضَ عَلَى ابْنِ سُلْجُوْق مُقَدَّمِهم،
فثَارت الغُزُّ، وَأَفسدُوا، وَتَفَرَّغُوا للأَذَى،
وَتعبت بِهِم الرَّعِيَّةُ، وَاسْتحكم الشَّرُّ، وَأَقَامَ
مَحْمُوْدٌ بِنَيْسَابُوْرَ مُدَّةً، ثُمَّ فِي عِشْرِيْنَ
قصدَ الرَّيَّ، وَأَخذهَا، وَقبضَ عَلَى مَلِكِهَا مَجْدِ
الدَّوْلَة بنِ بُويه؛ وَكَانَ ضَعِيْفَ التَّدْبِيْر،
فَضَرَبَ حَتَّى حمل أَلفَ أَلفِ دِيْنَار، وَصلبَ
مَحْمُوْدٌ أُمرَاءَ مِنَ الدَّيْلَم، وَجرت قبَائِحُ
وَظُلم. ثُمَّ جهَّزَ مَحْمُوْدٌ وَلدَهُ مسعُوداً،
فَاسْتولَى عَلَى أَصْبَهَان، ثُمَّ رَجَعَ السُّلْطَانُ
إِلَى غَزْنَة عَلِيْلاً، فَمَاتَ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ
سَنَةَ إِحْدَى، وَأَمسَى وَقَدْ فَارقته الجُنُود،
وَتنكَّسَتْ لحُزنه البُنُود، وَنَاح عَلَيْهِ الوَالد
وَالمَوْلُوْدُ، وَسَكَنَ ظُلْمَة اللُّحُود.
وَقَدْ خُطبَ لَهُ بِالغُور وَبِخُرَاسَانَ وَالسِّند
وَالهِنْد، وَنَاحيَة خُوَارَزْم وَبلخ؛ وَهِيَ مِنْ
خُرَاسَان، وَبِجُرْجَانَ وَطَبَرِسْتَان وَالرَّيّ
وَالجِبَالِ، وَأَصْبَهَان وَأَذْرَبِيْجَان، وَهَمْدَانِ
وَأَرْمِيْنِيَةَ.
وَكَانَ مُكرِماً لأُمرَائِه وَأَصْحَابِهِ، وَإِذَا نقم
عَاجَلَ، وَكَانَ لاَ يفتُر وَلاَ يكَاد يَقِرُّ. سَارَ
مرَّةً فِي خَمْسِيْنَ أَلف فارس، وفي مائةي فيل،
وَأَرْبَعِيْنَ أَلف جَمَّازَة تَحْمِلُ ثِقْل العَسَاكِر،
وَكَانَ يَعْتَقِدُ فِي الخَلِيْفَة، وَيخضَعُ لجَلاَلِهِ،
وَيَحْمِلُ إِلَيْهِ قنَاطيرَ مِنَ الذَّهَب، وَكَانَ
إِلْباً عَلَى القرامطة
(13/176)
وَالإِسْمَاعِيْلِيَّة وَعَلَى
المُتَكَلِّمِيْن، عَلَى بدعَةٍ فِيْهِ فِيْمَا قيل، ويغضب
للكرَّامِيَّة، وَكَانَ يشربُ النَّبِيذَ دَائِماً،
وَتَصَرُّفه عَلَى الأَخلاَق الزَّكِيَة، وَكَانَ فِيْهِ
شِدَّةُ وَطأَةٍ عَلَى الرعية؛ ولكن كانوا في أمن وإقامة
سياسة، ولازمه علة نحو ثلاث سنين، كان يعترِيه إِسهَالٌ،
وَلاَ يتركُ الرُّكُوبَ وَالسَّفَر، قُبض وَهُوَ فِي
مَجْلِسه وَدَسْتِه مَا وضَع جَنْبَه، وَلَمَّا احتُضر،
قَالَ لوَزِيْره: يَا أَبَا الحَسَنِ: ذَهَبَ شَيْخُكُم.
ثُمَّ مَاتَ يَوْمَ الخَمسين لِتِسْعٍ بَقِيْنَ مِنْ
رَبِيْعٍ الآخِرِ، فَكُتم مَوْته، ثُمَّ فَشَى، وَأَتَى
ابْنُه السُّلْطَان مُحَمَّدٌ مِنَ الجوزجَان، فوصلَ فِي
أَرْبَعِيْنَ يَوْماً.
كَانَ السُّلْطَانُ مَحْمُوْدٌ رَبْعَةً، فِيْهِ سِمَنٌ،
تركِيَّ العَيْنِ، فِيْهِ شُقْرَةٌ، وَلحيتُه مُستديرَةٌ،
غليظُ الصَّوْتِ، وَفِي عَارِضَيه شَيْبٌ. وَكَانَ ابْنُه
مُحَمَّدٌ فِي قَدِّهِ، وَكَانَ ابْنُه مَسْعُوْدٌ
طَوِيْلاً.
قَالَ مَحْمُوْدٌ يَوْماً للأَمِيْر أَبِي طَاهِرٍ
السَّامَانِي: كم جمع آبَاؤك مِنَ الجَوْهر؟ قَالَ:
سَمِعْتُ أَنَّهُ كَانَ عِنْد الأَمِيْر الرَّضي سَبْعَةُ
أَرطَال. فَسَجَدَ شكراً، وَقَالَ: أَنَا فِي خِزَانتِي
سَبْعُوْنَ رطلاً.
وَكَانَ صمَّم عَلَى التَّوَغُّل فِي بلاَد الخَانيَة،
وَقَالَ: مَعِي أَرْبَعُ مائَة فيل مُقَاتلَة مَا يثبُتُ
لَهَا أَحد. فَبلغه أَنَّ الخَانيَة قَالُوا: نَحْنُ
نَأْخذُ أَلفَ ثَوْرٍ تُركيَّة؛ وَهِيَ كِبَارٌ ضِخَامٌ،
فَنَجعَلُ عَلَيْهَا أَلف عَجَلَة، وَنَملؤُهَا حَطَباً،
فَإِذَا دنت الفِيَلَةُ، أَوقدنَا الحَطَب، فتطلُبُ البقَر
أَمَامَهَا، وَتُلقِي النَّارَ عَلَى الأَفيلَة وَعَلَى
مَنْ حولهَا، فتتمُّ الهَزِيْمَةُ، فَأَحجم مَحْمُوْدٌ.
وَكَانَ يعظِّم المِيمنديَّ كَاتِبَه، لأَنَّهم لَمَّا
نازلوا مدينة بيدا، حصل السُّلْطَانُ وَكَاتبه فِي
عِشْرِيْنَ فَارِساً فَوْقَ تَلٍّ تُجَاهُ البَلَد، فَبرز
لَهُم عَسْكَرٌ أَحَاطُوا بِالتَّلِّ، فَعَاينُوا
التَّلَف، فَتَقَدَّم كَاتبه، وَنَادَوا الهنودَ،
فَقَالُوا: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا مَحْمُوْد. قَالُوا:
أَنْتَ المُرَاد. قَالَ: هَا أَنَا فِي أَيديكُم،
وَعِنْدِي مِنْ مُلُوكِكُم جَمَاعَةٌ أَفدِي نَفْسِي
بِهِم، وَأَحضِرُهُم، وَأَنزِلُ عَلَى حُكمِكُم.
فَفَرحُوا، وَقَالُوا: فَأَحضِر المُلُوك. فَالتفتَ إِلَى
شَابٍّ، وَقَالَ: امضِ إِلَى وَلدِي، وَعرِّفْه خَبَرِي.
ثُمَّ قَالَ: لاَ! أَنْتَ لاَ تنهَضُ بِالرِّسَالَة.
وَقَالَ لمَحْمُوْدٍ: امضِ، أَنْتَ عَاقلٌ وَأَسْرَعُ.
فَلَمَّا جَاوز نهراً، لقيَهُ بَعْضُ جُنْده،
فَتَرَجَّلُوا. وَعَاين ذَلِكَ مَنْ فَوْقَ القلعَة،
فَقَالُوا لكَاتبه: مَنْ رسولُك؟ قَالَ: ذَاكُم
السُّلْطَانُ فديتُهُ بنفسِي، فَافْعَلُوا مَا بدَا لَكُم.
وَبَلَغَ ذلك بيدا، فأعجبهن وَقَالَ: نِعْمَ مَا فَعَلْتَ،
فتوسَّطْ لَنَا عِنْد سلطَانك. فَهَادَنَهُم، وَزَادت
عظمَةُ المِيمندِي عِنْد مَحْمُوْد، حَتَّى إِنَّهُ زوَّج
أَخَاهُ يُوْسُف بزَليخَا ابْنَةِ المِيمندِي، ثُمَّ فِي
الآخر قَبَضَ عَلَيْهِ، وَصَادره، لأَنَّه أَرَادَ أَنْ
يَسُمَّ مَحْمُوْداً، وَوزن لَهُ أَلفَ أَلفِ دِيْنَار،
وَمن التُّحف وَالذَّخَائِر مَا لاَ يُوصف بَعْد العَذَاب،
ثُمَّ أُطلق المِيمندِي بَعْد وَفَاة مَحْمُوْدٍ، وَوزَرَ
لمَسْعُوْد.
أُحضر إِلَى مَحْمُوْدٍ بغَزْنَة شخصَان مِنَ النَّسْنَاسِ
مِنْ بَادِيَة بلاصيغون؛ وَهِيَ مملكَةُ قدرخَان، وَعَدْوُ
النَّسْنَاسِ فِي شِدَّة عَدْوِ الفَرَس، وَهُوَ فِي صورَة
آدمِي، لَكِنَّهُ بدنُهُ ملبَّس بِالشَّعر، وَكَلاَمُهُ
صفيرٌ، وَيَأْكُلُ حشيشًا، وأهل تلك البلاد يصطادونهم،
ويأكلونهم. فسَأَلَ مَحْمُوْدٌ الفُقَهَاء عَنْ أَكْل
لَحْمِهِم، فَنَهوا عنه.
(13/177)
3947- مسعود
1:
كَانَ طُوَالاً جَسِيماً، مَلِيحاً، كَبِيْرَ الْعين،
شدِيداً حَازماً، كَثِيْرَ البِرِّ، سَادَّ الجَوَاب،
رُؤُوَفاً بِالرَّعِيَّة، مُحبّاً لِلْعِلْمِ. صُنِّفَ
لَهُ كُتُبٌ فِي فُنُوْن، وَكَانَ أَبُوْهُ يخشَى
مَكَانَهُ. وَيحبُّ أَخَاهُ مُحَمَّداً، فَأَبعد مسعُوداً،
وَأَعطَاهُ الرَّيَّ وَالجِبَال، وَطلب مِنْهُ أَنْ
يَحْلِفَ لأَخِيه أَنَّهُ لاَ يُقَاتِلُه، قَالَ: أَفعلُ
إِن أَشهدَ مولاَنَا عَلَى نَفْسِهِ أَنِّي لَسْتُ وَلدَه،
أَوْ يحلفُ لِي أَخِي أَنَّهُ لاَ يُخْفِينِي مِنْ
مِيرَاثِي شَيْئاً.
وَلَمَّا سَمِعَ: مَسْعُوْدٌ بِموت أَبِيهِ، لبس
السَّوَادَ، وَبَكَى، وَعمل عزَاءه بِأَصْبَهَانَ، وَخطب
لِنَفْسِهِ بِأَصْبَهَانَ وَالرَّيِّ وَأَرْمِيْنِيَةَ،
ثُمَّ سَارَ وَاسْتقرَّ بِنَيْسَابُوْرَ، وَمَالت
الأُمَرَاءُ إِلَى شِهَاب الدَّوْلَة مَسْعُوْدٍ، وَجرت
بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيْهِ مُحَمَّد مُرَاسلاَتٌ، ثُمَّ
قَبَضُوا عَلَى مُحَمَّدٍ، وَبَادرُوا إِلَى خِدمَة
السُّلْطَان مَسْعُوْد، فَقَدم هَرَاة، وَكَانَ أَخُوْهُ
مُحَمَّدٌ المُلَقَّب بجمَال الدَّوْلَة مُنْهمِكاً فِي
اللذَات المُردِيَة وَالسُّكْر. ثُمَّ قبض مَسْعُوْدٌ
عَلَى عَمِّه يُوْسُف وَعَلَى عليٍّ الحَاجِب. وَدَانت
لَهُ الممَالِكُ. وَأَظهر كِتَابَ القَادِرِ بِاللهِ،
وَأَنَّهُ لقَّبه بِالنَاصِرِ لِدِيْنِ اللهِ ظهيرِ
خَلِيْفَةِ الله. وَلبس خلعًا وتاجًا، ثم أَطلق الوَزِيْرَ
أَحْمَدَ بن الحَسَنِ المِيمندِي، وَاسْتوزَرَه، ثُمَّ
أُخذت الرَّيُّ مِنْ مَسْعُوْد، فَجَهَّزَ جَيْشاً
اسْتبَاحوهَا، وَعملُوا قبَائِح، وَجرت لَهُ حُرُوبٌ عَلَى
الدُّنْيَا، وَقَدِمَ عَلَيْهِ رَسُوْلُ الدِّيْوَان،
فَاحتفل لقُدُومه، وَزُيِّنَت خُرَاسَان، وَكَانَ يَوْمُ
قُدُومه بَلْخ يَوْماً مشهودًا كدخول السلطان. وكان في
الموكب مائةا فيلٍ وَالجَيْش ملبس.
وَوَقع الوبَاءُ فِي عَام ثَلاَثَة وَعِشْرِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ بِالهِنْد وَغَزْنَة وَأَطرَاف
خُرَاسَان، حَتَّى إِنَّهُ خَرَجَ مِنْ أَصْبَهَان فِي
مُدَّةٍ قَرِيْبَة أَرْبَعُوْنَ أَلف جِنَازَة، وَكَانَ
مَلِكُهَا أَبُو جَعْفَرٍ بنُ كَاكويه وَالخَلِيْفَةُ
القَائِمُ وَسُلْطَانُ العِرَاق جَلاَلُ الدَّوْلَة،
وَأَبُو كَاليجَارَ عَلَى فَارس، وَمَسْعُوْد بن مُحَمَّد
عَلَى خُرَاسَان وَالجِبَال وَالغُور وَالهِنْد.
وَتُوُفِّيَ قدرخَانُ التُّرْكِيُّ؛ صَاحِب مَا وَرَاء
النَّهر فِي هَذَا العَام، وَتَأَهَّب مَسْعُوْدٌ، وَحشد
يقصِدُ العِرَاقَ، فَجَاءهُ أَمرٌ شغلَه؛ وَهُوَ عصيَانُ
نائبه على الهند، فسار
__________
1 ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "8/ 113"، ووفيات الأعيان
لابن خلكان "5/ 181"، والعبر "3/ 180"، وشذرات الذهب لابن
العماد الحنبلي "3/ 253".
(13/178)
لقَصده، وَجهّزه مَسْعُوْد؛ وَهُوَ
الأَمِيْر أَحْمَدُ بنُ يَنَال تكين، ثُمَّ عَاثت التُّركُ
الغُزِّيَّةُ بِمَا وَرَاء النَّهر، فَقصدَهُم مَسْعُوْدٌ،
وَأَوقع بِهِم، وَأَثْخَنَ فِيْهِم، ثُمَّ كرَّ إِلَى
طَبَرِسْتَان، لأَنَّ نَائِبهَا فَارقَ الطَّاعَةَ، وَجرتْ
لَهُ خُطُوب.
ثُمَّ اضْطربَ جندُ مَسْعُوْد، وَتجرَّؤُوا عَلَيْهِ،
وَبَادرت الغُزُّ، فَأخذُوا نَيْسَابُوْرَ وَبدّعُوا،
فَاسْتنجد مَسْعُوْدٌ بِمُلُوْك مَا وَرَاءِ النَّهْرِ
فَمَا نفعُوا، ثُمَّ سَارَتِ الغُزُّ لِحَرْبِهِ، وعليهم
طغرلبك، وأخوه داود، فَهَزمُوهُ، وَأُخذت خزَائِنُه، وَركب
هُوَ فيلاً مَاهراً حَرِكاً يُعِدُّهُ للحُرُوب، فنجَا
عَلَيْهِ فِي قُلٍّ مِنْ غِلمَانه، وَكَانَ جسيماً لاَ
يعدُو بِهِ فَرَسٌ إلَّا قَلِيْلاً، ثُمَّ أَقَامَ
بغَزْنَة، وَأخلدَ إِلَى اللَّذَاتِ، وَذهبت مِنْهُ
خُرَاسَان، فَعزم عَلَى سُكنَى الهِنْد بآلِه وَرجَاله.
وَشَرَعَ فِي ذَلِكَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ
فِي الشِّتَاء لفَرْطِ برد غَرْنَة، وَأَخَذَ مَعَهُ
أَخَاهُ مُحَمَّداً مَسمولاً، فَلَمَّا وَصل إِلَى نهر
الهِنْد، نَزَلَ عَلَيْهِ، وَوَاصل السُّكْرَ، وَاسْتقرّ
بقلعَةٍ هُنَاكَ، وَتَخطَّفَه بَعْض العَسْكَر، وَذلَّ،
فَخَلَعُوهُ، وَملَّكُوا المسمُوْل مُحَمَّداً، وَقبضَ
عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ، وَقَال: لأُقَابلنَّك عَلَى فعلِكَ
بِي، فَاخَتَرْ مَكَاناً تنزِلُهُ بحشمِكَ. فَاختَار
قلعَةً، فَبعَثَهُ إِلَيْهَا مُكَرماً. فَعمل عَلَيْهِ
وَلدُ مُحَمَّدٍ وَجَمَاعَةٌ، وَبيَّتوهُ وَقتلُوهُ
حَنَقاً عَلَيْهِ، وَجَاؤُوا بِرَأْسِهِ إِلَى
السُّلْطَانِ المسمُوْل، فَبَكَى، وَغَضِبَ عَلَى ابْنه،
وَدَعَا عَلَيْهِ، وَكَانَ مَوْدُودُ بنُ مَسْعُوْد مقيماً
بغَزْنَة وَبينهُمَا عَشْرَةُ أَيَّام، فسَارع فِي خَمْسَة
آلاَف، وَبيَّت مُحَمَّداً، وَقتلَ أُمرَاء، وَقبض عَلَى
عَمِّه مُحَمَّدٍ، وَقتلَ الَّذِيْنَ قتلُوا أَبَاهُ؛
وَكَانُوا اثْنَيْ عَشَرَ، ثُمَّ قتل عَمَّه مُحَمَّداً.
(13/179)
3948- ابن
الطبيز 1:
الشَّيْخُ المُعَمَّرُ المُسْنِدُ، أَبُو القَاسِمِ،
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن عبد العزيز ابن أَحْمَدَ،
الحَلَبِيُّ، السَّرَّاجُ الرَّامِي، المَشْهُوْرُ بِابْنِ
الطُّبَيز، نزيل دمشق.
حَدَّثَ عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى البَغْدَادِيِّ
العَلاَّف، وَأَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ
السَّبِيْعِيّ، وَمُحَمَّدِ بن جَعْفَرِ بنِ السَّقَّا،
وَأَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بن عُمَرَ الجِعَابِيّ الحَافِظ،
وَجَمَاعَةٍ تَفَرَّد فِي الدُّنْيَا عَنْهُم.
رَوَى عَنْهُ: عَبْدُ العَزِيْزِ الكَتَّانِيّ، وَعَلِيُّ
بنُ مُحَمَّدٍ الرَّبَعِيّ، وَالحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ
عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ أَبِي الحَدِيْد، وَوَالدُهُ
أَحْمَد، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ أَبِي الصَّقْرِ
الأَنْبَارِيّ، وَأَبُو القَاسِمِ بنُ أَبِي العَلاَءِ
المِصِّيْصِيّ، وَالفَقِيْهُ نَصْرٌ المَقْدِسِيّ،
وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ بنُ عَبْدِ الله الكلاعي، وآخرون.
__________
1 ترجمته في العبر "3/ 174"، وشذرات الذهب لابن العماد
الحنبلي "3/ 248".
(13/179)
قال أَبُو الوَلِيْدِ البَاجِيُّ: هُوَ
شَيْخٌ لاَ بَأْسَ بِهِ.
قَالَ عَبْدُ العَزِيْزِ: تُوُفِّيَ شَيْخُنَا ابْنُ
الطُّبَيز فِي جُمَادَى الأُولَى سَنَة إِحْدَى
وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَكَانَ يذكرُ أَنَّ
مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ ثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قَالَ: وَكَانَتْ لَهُ أُصُوْلٌ حسنَة، وَكَانَ يَذْهَب
إِلَى التَّشَيُّع.
قُلْتُ: كَانَ شَيْخُهُ العَلاَّف يَرْوِي عَنْ أَحْمَدَ
بنِ عُبَيْدِ اللهِ النَّرْسِيّ وَالكِبَار.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَافِظ بنُ بَدْرَان: أَخْبَرَنَا
أَحْمَدُ بنُ الخَضِر، أَخْبَرَنَا حَمْزَةُ بن كروس،
أخبرنا نصر بن إبراهيم الفقيه، أخبرنا عبد الرحمن ابن
عَبْدِ العَزِيْزِ السَّرَّاج، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ
جَعْفَرِ بنِ هِشَام الحَلَبِيّ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ
بنُ المُعَافى بِحَلَب، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا
مُوْسَى بنُ أَعْيَنَ، عَنْ أَبِي الأَشْهَبِ، عَنْ
عِمْرَان بنِ مُسْلِمٍ، عن سالم بن عبد الله، عَنْ
أَبِيْهِ، عَنْ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ دَخَلَ السُّوقَ،
فَقَالَ: لاَ إِلَهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيْكَ
لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، يُحْيي وَيُمِيتُ،
بِيَدِهِ الخَيْرُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيْرٌ،
كتَبَ اللهُ لَهُ بِهَا أَلفَ أَلفِ حسنَة، وَمحَا عَنْهُ
أَلفَ أَلفِ سيئَة، وَبنَى لَهُ بَيْتاً في الجنة"1.
هذا إسناد صالح غريب.
__________
1 منكر: أخرجه الطيالسي "12"، وأحمد "1/ 47"، والترمذي
"3429"، وابن ماجه "2235"، والطبراني في "الدعاء" "789"،
"790" و"791"، وابن السني في "عمل اليوم والليلة" "182"،
وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" "2/ 180"، والبزار "125"،
والبغوي في "شرح السنة" "1338"، كلهم من طريق عمرو بن
دينار، مولى آل الزبير، عن سالم بن عبد الله بن عمر، به.
وقال أبو عيسى: "عمرو بن دينار هذا هو شيخ بصري، وقد تكلم
فيه بعض أصحاب الحديث من غير هذا الوجه"، وقال أبو حاتم
الرازي في "العلل" "2/ 171/ 2006"، "وهذا حديث منكر جدًا
لا يحتمل سالم هذا الحديث".
قلت: إسناده ضعيف جدًا. في عمرو بن دينار، قهرمان آل
الزبير، وهو مولى آل الزبير بن شعيب، وليس الزبير بن
العوام، قال أحمد: ضعيف، وقال البخاري: فيه نظر، وقال ابن
معين: ذاهب. وقال مرة: ليس بشيء. وقال النسائي: ضعيف. وفي
الحديث اضطراب، قال الدارقطني في "العلل" "2/ 49": "ورواه
فضيل بن عياض، عن هشام، عن سالم، عن أبيه، ولم يذكر فيه
عمر، ورواه سويد بن عبد العزيز عن هشام، عن عمرو، عن ابن
عمر، عن عمر موقوفًا، ولم يذكر فيه سالمًا، ويشبه أن يكون
الاضطراب فيه من عمرو بن دينار، لأنه ضعيف قليل الضبط،
وروى عن عمر بن محمد بن زيد قال: حدثني رجل من أهل البصرة
مولى قريش، عن سالم، فرجع الحديث إلى عمرو بن دينار، وهو
ضعيف الحديث، لا يحتج به". =
(13/180)
الميداني، ابن دراج:
3949- الميداني 1:
الشَّيْخُ الإِمَامُ المُحَدِّثُ، أَبُو الحُسَيْنِ،
عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ جَعْفَرِ بنِ عَلِيٍّ،
الدِّمَشْقِيُّ، ابْنُ المَيْدَانِيِّ.
يَرْوِي عَنْ: أَبِي عَلِيٍّ بنِ هَارُوْنَ، وَأَحْمَدَ
بنِ مُحَمَّدِ بنِ عُمَارَة، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ
مَرْوَانَ، وَالحُسَيْنِ بنِ أَحْمَدَ بنِ أَبِي ثابت،
وأبي بكر ابن أَبِي دُجَانَة، وَأَبِي عُمَرَ بن فَضَالَة،
وَخَلْقٍ بَعْدهُم. وَعُنِي بِالرِّوَايَة وَالإِكثَار.
وَعَنْهُ: رَشَأ بنُ نَظِيْف، وَأَبُو عَلِيٍّ
الأَهْوَازِيُّ، وَأَبُو سَعْدٍ السَّمَّان، وعبد العزيز
الكتاني، وأبو القاسم بن أبي العلاء، وأحمد بن قبيس
المالكي، وطائفة.
قَالَ الكَتَّانِيّ: ذكرَ أَنَّهُ كتب بِمائَة رِطل حِبْر،
احْتَرَقت كُتُبُه وَجَدَّدهَا.
ثُمَّ قَالَ: كَانَ فِيْهِ تسَاهلٌ، وَاتُّهِم فِي ابْن
هَارُوْنَ.
تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الأُولَى سَنَة ثَمَان عَشْرَةَ
وَأَرْبَع مائة عن ثمانين سنة.
3950- ابن دراج 2:
العلامة المنشىء البَلَيْغُ، أَبُو عُمَرَ، أَحْمَدُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ العَاصِ، القَسْطَلِّيُّ، الأَنْدَلُسِيُّ،
مِنْ أَعْيَانِ الأُدَبَاء، وَفُحُول الشُّعَرَاء.
قَالَ الثَّعَالِبِيُّ: كَانَ بِالأَنْدَلُسِ
كَالمُتَنَبِّي بِالشَّامِ.
قُلْتُ: هُوَ مِنْ كُتَّاب المَنْصُوْر الحَاجِبِ، فَقَالَ
فِيْهِ قصيدَةً، مِنْهَا يَقُوْلُ:
أَلَمْ تَعْلَمِي أَنَّ الثَّوَاءَ هُوَ النَّوَى ...
وَأَنَّ بُيُوتَ العَاجِزِينَ قُبُوْرُ
تُخوِّفُنِي طولَ السِّفَار وَإِنَّهُ ... لِتَقبيلِ كَفِّ
العَامِرِيِّ سَفيرُ
دَعِينِي أَرِدْ مَاءَ المَفَاوِزِ آجِناً ... إِلَى
حَيْثُ مَاءُ المَكْرُمَات نَمِيْرُ
مَاتَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَة إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَلَهُ خمس وسبعون سنة.
__________
= وقد بينت هذا الاضطراب، وفصلت في الحديث القول تفصيلًا
على النحو الذي يرضي الجماهير من عشاق علم الحديث في
كتبانا "الأرائك المصنوعة في الأحاديث الضعيفة والموضوعة"
المجلد الأول ط. مكتبة الدعوة بالأزهر الشريف حديث رقم
"346" يسر الله بكرمه ومنه طبع بقية المجلدات الثلاث،
وأكثر النفع بها، وجعلها في ميزان حسناتنا إنه سميع مجيب
كريم جواد.
1 ترجمته في ميزان الاعتدال "2/ 679"، ولسان الميزان "4/
86"، وشذات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 210".
2 تقدمت ترجمته في هذا الجزء برقم ترجمة عام "3856"،
وبتعليقنا رقم "134".
(13/181)
ابن شهيد، تراب بن
عمر:
3951- ابن شهيد 1:
العَلاَّمَةُ البَلِيْغُ، جَاحظُ وَقته، أَبُو عَامِرٍ،
أَحْمَدُ بن أَبِي مَرْوَانَ، عَبْد المَلِكِ بن مروان بن
ذِي الوَزَارَتَيْنِ أَحْمَد بن عَبْدِ المَلِكِ بنِ عمر
ابن شُهيد، الأَشْجَعِيُّ القُرْطُبِيُّ، الشَّاعِر.
كَانَ حَاملَ لوَاءِ النَّظمِ وَالنَّثرِ بِالأَنْدَلُسِ،
وَلَهُ تَرسُّلٌ فَائِق.
وَلَهُ توَالِيفُ أَنيقَةُ الجِدِّ، مطبوعَةُ الْهزْل،
مِنْهَا: كِتَاب جُوْنَة عطَّار.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ حَزْم: وَلنَا مِنَ البُلغَاء
أَبُو عَامِرٍ، لَهُ مِنَ التَّصرُّف فِي وُجُوه البَلاغَة
وَشِعَابِهَا مِقدَارٌ يَنْطِقُ فِيْهِ بلسَانٍ مُرَكَّبٍ
مِنْ عَمْرو يَعْنِي الجَاحظ وسهل يعني ابن هارون.
وَمن نَظمه:
فَكَأَنَّ النُّجُوْمَ فِي اللَّيْلِ جيشٌ ... دَخَلُوا
لِلْكُمُوْنَ فِي جَوْفِ غَابِ
وَكَأَنَّ الصَّبَاحَ قَانِصُ طيرٍ ... قَبَضَتْ كَفُّه
بِرِجْلِ غُرَاب
تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الأُولَى سَنَة سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
قَالَ ابْنُ حَزْم: كَانَ حَاملَ لوَاء الشِّعرِ
وَالبلاغَةِ، مَا خلّف لَهُ نظيراً، وَانقرض عقب جَدِّه
الوَزِيْرِ بِموته، وَكَانَ سَمْحاً جَوَاداً.
3952- تراب بن عمر 2:
ابن عبيد، أَبُو النُّعْمَان المِصْرِيُّ، الكَاتِبُ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي أَحْمَدَ بنِ النَّاصح،
وَالدَّارَقُطْنِيّ.
وَعَنْهُ: أَبُو القَاسِمِ بنُ أَبِي العَلاَءِ،
وَالقَاضِي الخِلَعِيُّ.
عَاشَ بِضْعاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً، وَمَاتَ فِي رَبِيْعٍ
الآخَرِ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائة.
__________
1 ترجمته في الإكمال لابن ماكولا "5/ 90"، ومعجم الأدباء
لياقوت الحموي "3/ 220"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "1/
116"، والعبر "3/ 159"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي
"3/ 230".
2 ترجمته في العبر "3/ 161"، وشذرات الذهب لابن العماد
الحنبلي "3/ 231".
(13/182)
الفلكي، الرزجاهي:
3953- الفلكي 1:
الحَافِظُ الأَوْحَدُ، أَبُو الفَضْلِ، عَلِيُّ بنُ
الحُسَيْنِ بن أحمد بن الحَسَنِ، الهَمَذَانِيُّ، عُرف
بِالفَلَكِيِّ.
قَالَ شِيْرَوَيْه: سَمِعَ: عَامَّةَ مَشَايِخِ هَمَذَان
وَالعِرَاق وَخُرَاسَان. حَدَّثَ عَنْ: ابْنِ رَزْقُوَيْه،
وَأَبِي الحُسَيْنِ بنِ بِشْرَانَ، وَالقَاضِي أَبِي
بَكْرٍ الحِيْرِيّ. حَدَّثَنَا عَنْهُ: الحَسَنِي،
وَالمَيْدَانِيّ.
وَكَانَ حَافِظاً مُتْقِناً يُحْسِنُ هَذَا الشَّأْنَ
جَيِّداً جيداً.
صَنَّفَ الكُتُب مِنْهَا: الطَّبَقَات المُلَقَّب
ب"المُنْتَهَى فِي مَعْرِفَةِ الرِّجَال" فِي أَلف جُزْء.
سَمِعْتُ حَمْزَةَ بنَ أَحْمَدَ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ شَيْخَ
الإِسْلاَم الأَنْصَارِيَّ يَقُوْلُ: مَا رَأَتْ عينَايَ
أَحداً مِنَ الْبشر أَحفظَ مِنِ ابْنِ الفَلَكِيّ، وَكَانَ
صُوفيّاً مُشَمِّراً.
قُلْتُ: مَاتَ بِنَيْسَابُوْرَ فِي شَعْبَانَ، سَنَة
سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ كَهْلاً: وَكَانَ
جَدُّهُ بارعاً فِي علم الفَلَك وَالحسَابِ، هَيُوباً
محتشمًا، تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ
وَثَلاَثِ مائَةٍ.
3954- الرَّزْجَاهِيُّ 2:
العَلاَّمَةُ المُحَدِّثُ الأَدِيْبُ، أَبُو عَمْرٍو،
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ، الرَّزْجَاهِيُّ
البَسْطَامِيُّ، الفَقِيْهُ الشَّافِعِيُّ؛ تِلْمِيْذُ
أَبِي سَهْلٍ الصُّعْلُوْكِيّ.
كتب الكَثِيْر عَن: ابْنِ عَدِيّ، وَالإِسْمَاعِيْلِيِّ،
وَابنِ الغِطْرِيْف، وَأَبِي عَلِيٍّ بنِ المُغِيْرَةِ،
وَتصدَّر للإِفَادَة.
حَدَّثَ عَنْهُ: البَيْهَقِيُّ، وَالرَّئِيْسُ
الثَّقَفِيُّ، وَأَبُو سَعْدٍ بنُ أَبِي صَادِق، وَعَلِيُّ
بنُ مُحَمَّدٍ الفُقَاعِي، وَعِدَّة.
مَاتَ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَلَهُ سِتٌّ وَسَبْعُوْنَ سَنَةً،
وَكَانَ صَاحِبَ فنون.
__________
1 ترجمته في الأنساب للسمعاني "9/ 330"، واللباب لابن
الأثير "2/ 440"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 1009"، وشذرات
الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 185".
2 ترجمته في تاريخ جرجان للسهمي "ص419"، والأنساب للسمعاني
"6/ 110"، واللباب لابن الأثير "2/ 23"، والعبر "3/ 160"،
وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 230".
(13/183)
3955- الزيدي
1:
الإمام العالم المقرىء المعمر، شيخ حران، أبو القاسم، علي
ابن مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ، الهَاشِمِيُّ العَلَوِيُّ
الحُسَيْنِيُّ الزَّيْدِيُّ، الحَرَّانِيُّ الحَنْبَلِيُّ
السُّنِّيُّ.
تَلاَ بِالرِّوَايَاتِ عَلَى الأُسْتَاذِ أَبِي بَكْرٍ
النَّقَّاش، وَرَوَى عَنْهُ: تَفْسِيْره "شفَاء الصُّدور"،
فَكَانَ آخِرَ مَنْ رَوَى عَنْهُ القرَاءاتِ وَالحَدِيْثَ.
تَلاَ عَلَيْهِ: أَبُو مَعْشَرٍ عَبْدُ الكَرِيْم
الطَّبَرِيّ، وَأَبُو القَاسِمِ الهُذَلِيّ، وَأَبُو
العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ الفَتْح المَوْصِلِيُّ؛ نَزِيْلُ
زهر الْملك.
وَكَانَ مفخَر أَهْلِ حَرَّان.
قَالَ أَبُو عَمرٍو الدَّانِيُّ: هُوَ آخرُ مِنْ قرأَ
عَلَى النَّقَّاش.
قَالَ: وَكَانَ ثِقَةً ضَابطاً مَشْهُوْراً، أَقرأَ
بِحَرَّانَ دَهْراً طَوِيْلاً.
وَقَالَ هِبَةُ اللهِ بن أَحْمَدَ الأَكفَانِيُّ: سَمِعْتُ
عَبْدَ العَزِيْز الكَتَّانِيّ وَقَدْ أَريتُهُ جُزْءاً
مِنْ كُتُب إِبْرَاهِيْم بن شُكْر مِنْ مُصَنَّفَات
الآجُرِّيّ، وَالسَّمَاعُ عَلَيْهِ مُزَوَّرٌ بَيِّنُ
التَّزْوير -فَقَالَ: مَا يكفِي عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ
الزَّيْدِيُّ الحَرَّانِيُّ أن يكذب حتى يكذب عليه.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَقَدْ قَارب المائَة.
وَأَعْلَى شَيْءٍ عِنْدَهُ القرَاءاتُ وَالتَّفْسِيْرُ
عَنِ النَّقَّاش، وَالنَّقَّاشُ مُجمَعٌ عَلَى ضَعفِهِ فِي
الحَدِيْثِ لاَ فِي القِرَاءاتِ، فَإِنْ كَانَ
الزَّيْدِيُّ مقدوحاً فِيْهِ، فَلاَ يُفْرَحُ بِعُلُوِّ
رِوَايَاتِهِ للأَمْرَين، وَقَدْ وَثَّقَهُ أَبُو عَمرٍو
الدَّانِيُّ فِي الجُمْلَةِ، كَمَا وثَّق شَيْخَهُ
النَّقَّاش، وَلَكِنَّ الجَرْح مُقَدَّم، وَمَا أَدْرِي
مَا أَقُولُ.
وبلغنِي أَنَّ الزَّيْدِيَّ نُفِّذ رسولاً إِلَى مَلِكِ
الرُّوْم، فَلَمَّا جلس، غنّت النَّصَارِى، وَحرَّكُوا
الأَرغلَ، فثبتَ الزَّيْدِيُّ عِنْد سَمَاعه، وَتعجَّبُوا
مِنْ ثَبَاتِهِ كَثِيْراً، فَلَمَّا قَامَ، وَجَدُوا
تَحْتَ كَعبه الدَّمَ مِمَّا ثَبَّت نفسه، ولم يتحرك.
__________
1 ترجمته في مزيان الاعتدال "3/ 155"، ولسان الميزان "4/
259"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 251".
(13/184)
3956- رابن
السمسار 1:
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ، المُسْنِدُ العَالِمُ، أَبُو
الحَسَنِ، عَلِيُّ بنُ مُوْسَى بن الحُسَيْنِ، ابْنُ
السِّمْسَارِ الدِّمَشْقِيُّ.
حدث عن: أبيه، وأخيه المُحَدِّث أَبِي العَبَّاسِ
مُحَمَّد، وَأَخِيْهِ الآخَر أَحْمَد، وَأَبِي القَاسِمِ
عَلِيِّ بنِ أَبِي العَقب، وَأَبِي عبد الله محمد ابن
إِبْرَاهِيْمَ بنِ مَرْوَانِ، وَأَحْمَدَ بنِ أَبِي
دُجَانَة، وَأَبِي عَلِيٍّ بنِ آدَمَ الفَزَارِيّ، وَأَبِي
عُمَرَ بنِ فَضَالَة وَمُظَفَّر بن حَاجِب بن أَركين،
وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَالفَقِيْه أَبِي زَيْدٍ
المَرْوَزِيِّ وَحمل عَنْهُ صحيح البخاري، وروى عن خلق
كثير.
وَكَانَ مُسْنِد أَهْل الشَّام فِي زَمَانِهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدُ العَزِيْزِ الكَتَّانِيّ، وَأَبُو
نَصْرٍ بنُ طَلاَّب، وَأَبُو القَاسِمِ المِصِّيْصِيُّ،
وَالحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ بن أبي الحديد، والفقيه نصر ابن
إِبْرَاهِيْمَ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ
الكُريديُّ، وَسَعْدُ بن علي الزنجاني، وآخرون.
قال الكتاني: كان فِيْهِ تشيُّعٌ وَتسَاهلٌ.
وَقَالَ أَبُو الوَلِيْدِ البَاجِيُّ: فِيْهِ تشيُّعٌ
يُفْضَي بِهِ إِلَى الرَّفْض، وَهُوَ قَلِيْلُ المعرفَة،
فِي أُصُوْله سُقْم.
مَاتَ ابْنُ السِّمْسَار فِي صَفَرٍ سَنَةَ ثَلاَثٍ
وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَقَدْ كمل
التِّسْعِيْنَ، وَتَفَرَّد بِالرِّوَايَة عَنِ ابْنِ أَبِي
العَقب وَطَائِفَة، وَلَعَلَّ تَشَيُّعَهُ كَانَ تقيَّة
لاَ سجيَّة، فَإِنَّهُ مِنْ بَيْتِ الحَدِيْث، وَلَكِن غلت
الشَّامُ فِي زَمَانِهِ بِالرَّفض، بَلْ وَمِصْرُ
وَالمَغْرِبُ بِالدَّوْلَة العُبَيْدِيَّة، بَلْ
وَالعِرَاقُ وَبَعْضُ الْعَجم بِالدَّوْلَة
البُوَيْهِيَّة، وَاشتدَّ البلاَءُ دَهْراً، وَشَمَخَت
الغلاَةُ بِأَنْفِهَا، وَتواخى الرَّفضُ وَالاعتزَالُ
حِيْنَئِذٍ، وَالنَّاسُ عَلَى دين المَلِك، نَسْأَلُ اللهَ
السَّلاَمَةَ فِي الدين.
__________
1 ترجمته في ميزان الاعتدال "3/ 158"، ولسان الميزان "4/
264"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 252".
(13/185)
صاعد بن محمد، سيار
بن يحيى، ابن عليك:
3957- صاعد بن محمد 1:
ابن أحمد بن عبد الله القاضي، أبو العلاء الأستوائي،
النَّيْسَابُوْرِيُّ، الفَقِيْهُ، شَيْخُ الحَنَفِيَّة
وَرَئِيْسُهُم، وَقَاضِي نَيْسَابُوْر.
سَمِعَ: أَبَا عَمْرٍو بن نُجَيْد، وَبِشْرَ بنَ أَحْمَدَ،
وَعَلِيَّ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ البَكَّائِيّ.
وَعَنْهُ: الخطيب، والقاضي صاعد بن سيار.
سمع: نا جُزءاً مِنْ حَدِيْثه مِنْ أَبِي نَصْرٍ المِزِّيّ
عَنْ جدِّه.
مولدُهُ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَمَاتَ فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَة إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ.
وَقِيْلَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ.
3958- سيار بن يحيى:
ابن مُحَمَّدِ بنِ إِدْرِيْسَ، العَلاَّمَةُ القَاضِي،
أَبُو عَمْرٍو الكِنَانِيُّ الهَرَوِيُّ الحَنَفِيُّ.
سَمِعَ: مِنْ: أَبِي عَاصِمٍ محبوبِ بنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ الحَاكِم، وَجَمَاعَة.
وَعَنْهُ: ابْنَاهُ: القَاضِي أَبُو العَلاَءِ صَاعد،
وَالقَاضِي أَبُو الفَتْحِ نَصْر.
مَاتَ سَنَة ثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، فَخلَفَه
ابْنُه أَبُو الفَتْحِ إِلَى أَنْ قُتل مظلوماً فِي سَنَةِ
446، فَخلفه أَخُوْهُ، فَامتدت أَيَّامُه.
3959- ابن عليك:
الحَافِظُ الحُجَّةُ الإِمَامُ، أَبُو سَعْدٍ، عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بنُ الحَسَنِ بنِ عَلِيَّك،
النَّيْسَابُوْرِيُّ.
رَوَى عَنْ: أَبِي أَحْمَدَ الحَاكِم، وَأَبِي سَعِيْدٍ
الرَّازِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ شَاذَانَ،
وَالدَّارَقُطْنِيِّ، وَخَلْق.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو القَاسِمِ القُشَيْرِي، وَأَبُو
صَالِحٍ المُؤَذِّنُ، وَإِمَام الحَرَمَيْنِ أَبُو
المَعَالِي، وَأَبُو سَعْدٍ بنُ القُشَيْرِيّ.
وجَمَعَ وَصَنَّفَ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ. وَكَانَ مِنْ أَبْنَاءِ السَّبْعِيْنَ.
أَخذ بِالكُوْفَةِ عَنْ أَبِي الطَّيِّبِ مُحَمَّدِ بنِ
الحُسَيْنِ التَّيْمُلِي، وَأَبِي المُفَضَّلِ الشيباني،
وببغداد أيضًا عن عَلِيِّ بن عُمَرَ السُّكَّرِيّ،
وَبِمَرْوَ عَنْ طَائِفَة.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "9/ 344"، والأنساب للسمعاني "1/
221"، واللباب لابن الأثير "1/ 52"، والعبر "3/ 174"،
والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 32"، وشذرات الذهب
لابن العماد الحنبلي "4/ 248".
(13/186)
ابن دوست، القيشطالي:
3960- ابن دوست:
الحَاكِمُ العَلاَّمَةُ النَّحْوِيُّ، أَبُو سَعْدٍ،
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن محمد بن محمد ابن عزيز بن محمد، ابن
دوست، النيسابوري؛ صاحب التصانيف الأَدبيَة، وَلَهُ
"دِيْوَان" شعر.
وُلِدَ سَنَةَ سَبْعٍ وخمسين وثلاث مائة.
سمع: منك أَبِي عَمْرٍو بنِ حَمْدَانَ، وَبِشْرِ بن
أَحْمَدَ، وَأَبِي أَحْمَدَ الحَاكِم، وَعِدَّة.
وَكَانَ أَصَمَّ لاَ يَسْمَعُ: شَيْئاً.
أَخَذَ اللغَاتِ عَنْ أَبِي نَصْرٍ الجَوْهَرِيّ.
وَعَنْهُ أَخَذَ المُفَسِّر أَبُو الحَسَنِ الوَاحِدِيّ،
وَغَيْرهُ.
وَكَانَ ذَا زُهْدٍ وَصَلاَحٍ.
مَاتَ فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَة إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
3961- القيشطالي 1:
المُحَدِّثُ الثِّقَةُ، مُسْنِدُ وَقْتِهِ، أَبُو عَمْرٍو،
عُثْمَانُ بن أحمد بن محمد ابن يُوْسُفَ، المَعَافِرِيُّ
القُرْطُبِيُّ القَيْشَطَالِيُّ؛ بِشِيْنٍ مَشُوبَةٍ
بِجِيمٍ، نزيل إشبيلية.
سَمِعَ: مَعَ أَبِيهِ مِنْ أَبِي عِيْسَى اللَّيْثِيّ
"المُوَطَّأ" وَتَفْسِيْرَ ابْن نَافِع، وَسَمِعَ: مِنَ
القَاضِي ابْنِ السَّلِيم، وَابنِ القُوْطِيَّة،
وَالزُّبَيْدِيّ.
وَكَانَ نديماً للمُؤَيَّد بِاللهِ هِشَام.
قَالَ ابْنُ خَزْرج: كَانَ مِنْ أَهْل الطَّهَارَة
وَالعفَاف وَالثِّقَة، وَروَايتُه كَثِيْرَةٌ. مَاتَ فِي
صَفَرٍ، سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ،
عَنْ ثَمَانِيْنَ سَنَةً.
قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ: محمد بن شريح المقرىء، وَأَبُو
عَبْدِ اللهِ الخَوْلاَنِيّ، وَابنُه أَحْمَدُ بنُ محمد،
وآخرون.
__________
1 ترجمته في الصلة لابن بشكوال "2/ 404"، والعبر "3/ 174"،
وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 248". =
(13/187)
الدزبري، شعيب بن
عبد الله:
3962- الدزبري 1:
أَمِيْرُ الجُيُوش المُظَفَّر، سَيْفُ الخِلاَفَة، عَضُدُ
الدَّوْلَة، أبو منصور، نوشتكين بن عبد الله التركي.
اشترَاهُ بِدِمَشْقَ سَنَةَ أَرْبَعِ مائَةٍ القَائِدُ
تِزْبرُ الدَّيْلَمِيُّ، فَرَأَى مِنْهُ فرطَ شَهَامَةٍ
وَإِقدَامٍ، وَشَاعَ ذِكرُه، فَقَدَّمَهُ لِلْحَاكِمِ،
وَقِيْلَ: بَلْ نفَّذ الحَاكِمُ بطلبه في سنة ثَلاَث
وَأَرْبَع مائَة. وَجُعِلَ بَيْنَ المَمَالِيْك
الحُجَريَّة، فَقهرهُم وَاسْتطَال، فَضَرَبَهُ وَاليهُم،
ثُمَّ لزم الخِدْمَةَ، وَتودَّدَ إِلَى الأُمَرَاء،
فَارتضَاهُ الحَاكِمُ، وَأُعْجِبَ بِهِ، فَأَمَّرَهُ،
وَبَعَثَهُ إِلَى دِمَشْق سَنَة سِتٍّ، فتلقَّاهُ تِزْبر،
فتَأَدَّبَ وَتَرَجَّل لمَوْلاَهُ، ثُمَّ أُعِيْدَ إِلَى
مِصْرَ، وَجُرِّدَ إِلَى الرِّيْف، ثُمَّ بُعِثَ وَالِياً
عَلَى بَعْلَبَك، وَحَسُنَتْ سِيْرَتُهُ، ثُمَّ نُقِلَ
إِلَى قَيْسَارِيَّة، وَاتَّفَقَ قتلُ مُتَوَلِّي حلب
فَاتِك؛ قتلَه غُلاَمه، ثُمَّ وَلِي فِلَسْطِيْنَ،
فَخَافَهُ مَلِكُ العَرَب حَسَّانُ بنُ مُفَرِّج
الطَّائِيُّ، وَقلق، وَجرتْ لأَمِيْرِ الجُيُوش هَذَا
وَقَائِع، وَدَوَّخ العَرَبَ، فَخبُثَ حَسَّانُ، وَكَاتبَ
فِيْهِ وَزِيْرَ مِصْر الحَسَنَ بنَ صَالِح، فَأَمسكه
بحيلَةٍ دُبِّرَتْ لَهُ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَأَرْبَع
مائَة، فشَفعَ فِيْهِ سَعِيْدُ السُّعَدَاء، فَأُطْلِقَ
لَهُ، ثُمَّ ترقَّى، وَكَثُرت غِلْمَانُهُ وَأَمْوَالُهُ.
وَأَمَّا الشَّامُ، فَعَاثت العَرَبُ فِيْهَا،
وَأَفْسَدَتْ، وَوزرَ نَجِيْبُ الدَّوْلَة
الجَرْجَرَائِيّ، فَقَدَّم نوشتكين عَلَى العَسَاكِر
سَبْعَة آلاَف، فَقصد حَسَّانَ وَصَالِح بنَ مِرْدَاس،
فَكَانَتِ المَصَافُّ عَلَى الأُقْحُوَانَة، فَهَزَم
العَرَبَ، وَقُتِلَ صَالِح، فَبُعثَت الخِلَعُ إِلَى
نوشتكين، ثُمَّ نَازل حلبَ، ثُمَّ عَادَ إِلَى دِمَشْق،
وَنَزَلَ بِالقصرِ، ثُمَّ ردّ إِلَى حلب وَدخلَهَا،
فَأَحسن إِلَى الرَّعِيَّة، وَعدل، ثُمَّ تغيَّر، وَشرب
الخَمْرَ، فَجَاءَ كِتَابٌ بذَمِّه وَتهديده، فَقَلِقَ
وَتَنَصَّلَ، وَكَتَبَ: مِنْ عَبْدِ الدَّوْلَة
العَلَوِيَّة، وَالإِمَامِيَّة الفَاطمِيَة مُتَبرِّئاً
مِنْ ذُنُوبه لاَئِذاً بِالعَفْو، ثُمَّ حُمَّ، وَطَلَبَ
طَبِيْباً، فَوَصَفَ لَهُ مُسْهِلاً، فَأَبَى، وَأَصَابَهُ
فَالِجٌ أَبطلَ يَدَهُ وَرِجْلَه، ثُمَّ مَاتَ بَعْد
أَيَّام مِنْ جُمَادَى الأُولَى، سَنَةَ ثَلاَثٍ
وَثَلاَثِيْنَ بِحَلَب، وَمِمَّا خَلَّف مِنَ النَّقْد
سِتُّ مائَة أَلْف دِيْنَار، وَأَصلُهُ مِنْ بلاَد خُتَن،
وَمن قوَاده مُقَلَّدُ بنُ منقذ الكناني.
3963- شعيب بن عبد الله:
ابن المنهال، مُسْنِدُ مِصْر، أَبُو عَبْدِ اللهِ
المِصْرِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَحْمَد بن الحَسَنِ بنِ عُتْبَةَ
الرَّازِيِّ، وَطَائِفَة.
رَوَى عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ الحَطَّاب
الرَّازِيُّ، وَأَبُو الحَسَنِ الخِلَعِيُّ، وَطَائِفَة.
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الحَبَّال: يُتَكَلَّمُ فِي
مَذْهَبِهِ، مَاتَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ
وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
__________
1 ترجمته في تاريخ ابن خلدون "4/ 272"، والنجوم الزاهرة
لابن تغري بردي "4/ 252".
(13/188)
الرخجي، الكسار، ابن
رزمة:
3964- الرخجي 1:
الوَزِيْرُ الكَبِيْرُ، أَبُو عَلِيٍّ، الحُسَيْنُ،
وَزِيْرُ بَني بُويه بِالعجم، ثُمَّ عَظُمَ عَنِ الوزَارَة
وَتَرَكَهَا، فَكَانَتِ الوُزَرَاءُ يَغْشَونه،
وَيتَأَدَّبُوْنَ مَعَهُ، حَتَّى مَاتَ في سنة ثلاثين،
وأربع مائة.
3965- الكسار:
القَاضِي الجَلِيْلُ العَالِمُ، أَبُو نَصْرٍ؛ أَحْمَدُ
بنُ الحُسَيْنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ
بَوَّان الدِّيْنَوَرِيُّ.
سَمِعَ: "سُنَن" النَّسَائِيّ المُخْتَصر مِنَ الحَافِظ
أَبِي بَكْرٍ بنِ السُّنِّي، وَسَمَاعُهُ لَهُ فِي سَنَةِ
ثَلاَثٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَحَدَّثَ بِهِ فِي
جُمَادَى الأُولَى، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: بدرُ بنُ خَلَفٍ الفركين وَعَبْدُوْسُ بنُ
عَبْدِ اللهِ الهَمَذَانِيّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
حَمْد الدّوْنِي، وَأَبُو صَالِحٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ
المَلِكِ المُؤَذِّن.
وَكَانَ الكَسَّار صَدُوْقاً، صَحِيْحَ السَّمَاع، ذَا
عِلْمٍ وَجَلاَلَة. مَاتَ فِي هَذَا الوَقْت بَعْد
تَحْدِيْثه بِالكِتَابِ بِيَسِيْرٍ، وآخرُ مَنْ رَوَى
عَنْهُ بِالإِجَازَةِ مُسْنِدُ أَصْبَهَان أَبُو عَلِيٍّ
الحداد.
3966- ابن رزمة 2:
الشَّيْخُ الثِّقَةُ، أَبُو الحُسَيْنِ، مُحَمَّدُ بنُ
عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ عَلِيٍّ بن رِزْمَة، البَزَّازُ،
مِنْ مُحَدِّثِي بَغْدَاد.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي بَكْرٍ بنِ خَلاَّد العَطَّار،
وَأَبِي بَكْرٍ بنِ سَلْم، وَأَبِي سعيد السيرافي، وطائفة.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، وَأَبُو طَاهِرٍ
بن سوار المقرىء، وخالد ابن عَبْدِ الوَاحِدِ التَّاجِر.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ صَدُوْقاً، كَثِيْرَ السَّمَاع،
كَتَبْتُ عَنْهُ.
وَعَاشَ أَرْبَعاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً، مَاتَ فِي
جُمَادَى الأُولَى، سَنَة خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ
المِيمَاسِي؛ رَاوِي "مُوطأَ" يَحْيَى ابن بُكَيْرٍ،
وَشَارح "الصَّحِيْح" أَبُو القَاسِمِ المُهَلَّبُ بنُ
أحمد بن أبي صفرة.
__________
1 ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "8/ 100"، والوافي
بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "12/ 356".
2 ترجمته في تاريخ بغداد "2/ 361"، والعبر "3/ 184"،
وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 255".
(13/189)
3967- ابن
فاذشاه 1:
الشَّيْخُ الرَّئِيْسُ المُسْنِدُ، أَبُو الحُسَيْنِ،
أَحْمَدُ بنُ محمد بن الحسين ابن مُحَمَّدِ بنِ فَاذشَاهُ،
الأَصْبَهَانِيُّ التَّانِيُّ.
سَمِعَ الكَثِيْرَ من: أبي القاسم الطبراني، وكان سماعه من
جَدِّهِ الحُسَيْن فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ
وَثَلاَثِ مائَةٍ. رَوَى "المُعْجَم الكَبِيْر" كُلَّه
عَنِ الطَّبَرَانِيّ، وَغَيْر ذَلِكَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مَعْمَرُ بنُ أَحْمَدَ اللُّنْبَانِي،
وَالمُحَسَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الإِسكَاف، وَطَاهرُ بنُ
مَحْمُوْد الصَّبَّاغ، وَأَبُو الفَتْحِ عَبْدُ اللهِ بنُ
محمد الخرقي، وَأَبُو القَاسِمِ عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ
الغَسَّال، وَعَبْدُ الجَبَّارِ بن مُحَمَّدٍ التَّاجِر،
وَعَبْدُ الأَحد بن أَحْمَدَ العَنْبَرِيّ، وَنَصْر بن
أَبِي القَاسِمِ الصَّبَّاغ، وَالهَيْثَمُ بنُ مُحَمَّدٍ
المَعْدَانِي، وَسَتَّانُ بِنْتُ حُسَيْن
الصَّالِحَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ عُزَيْزَة،
وَأَبُو سَعْدٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ
الأُطْرُوش، وَأَبُو عَلِيٍّ الحَدَّاد، وَمَحْمُوْدُ بنُ
إِسْمَاعِيْلَ الأَشقر، وَخَلْقٌ مِنْ شُيُوْخ
السِّلَفِيّ.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَنْدَة: كَانَ ابْنُ فَاذشَاهُ صَاحِبَ
ضِيَاعٍ كَثِيْرَة، صَحِيْحَ السَّمَاع، رَدِيء
المَذْهَبَ.
قُلْتُ: كَانَ يُرمَى بِالاعتزَال وَالتَّشَيُّع.
مَاتَ فِي صَفَرٍ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَمن شعره:
سِهَام الشَّيْب نافذةٌ مُصيبَه ... وَسَابِقَةُ
المُلمَّةِ وَالمصيبَه
وَمَنْ نَزَلَ المَشِيْبُ بِعَارِضَيْهِ ... قَدِ اسْتوفَى
مِنَ الدُّنْيَا نَصِيْبَه
__________
1 ترجمته في العبر "3/ 178"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/
250".
(13/190)
ذو القرنين،
الإدريسي:
3968- ذو القرنين 1 م:
الأَمِيْرُ الكَبِيْرُ، الشَّاعِرُ المُجِيْدُ، وَجِيه
الدَّوْلَة، أَبُو المطاع، ذو القَرنين بنُ حَمْدَان ابنِ
صَاحِب المَوْصِل نَاصِرِ الدولة الحسن بن عبد الله بن
حمدان التَّغْلِبِيُّ.
فَمِنْ نَظْمِهِ:
إِنِّيْ لأَحسد "لاَ" فِي أَسْطُر الصُّحُفِ ... إِذَا
رَأَيْتُ اعْتِنَاقَ اللاَّمَ للأَلِفِ
وما أظنّها طَال اعتِنَاقُهُمَا ... إِلاَّ لِمَا لَقِيَا
مِنْ شِدَّةِ الشَّغَفِ
وَكَانَ قَدْ سَارَ إِلَى مِصْرَ، وَولِي
الإِسْكَنْدَرِيَّة فِي دَوْلَة الظَّاهِرِ بنِ الحَاكِم،
ثُمَّ رَجَعَ إِلَى دِمَشْق.
تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
3969- الإِدْرِيْسِيُّ 2:
القَاسِمُ بنُ حَمُّوْدِ بنِ ميمون بنُ أَحْمَدَ بنِ
عُبَيْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ بنِ إدريس ابن إِدْرِيْسَ بنِ
عَبْدِ اللهِ بنِ حَسَنٍ، العَلَوِيُّ الحَسَنِيُّ،
الإِدْرِيْسِيُّ.
وَلِي قُرْطُبَة سَنَة ثَمَانٍ وَأَرْبَع مائَة عِنْد قتل
أَخِيْهِ عَلِيِّ بن حَمُّوْد.
وَكَانَ سَاكناً وَادعاً، أَمِنَ النَّاسُ بِهِ، وَفيه
تَشَيُّعٌ قَلِيْلٌ، ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْهِ ابْنُ أَخِيْهِ
يَحْيَى بنُ عَلِيٍّ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ، فَفَرَّ
مِنْهُ القَاسِمُ إِلَى إِشْبِيْليَة، ثُمَّ حَشَدَ،
وَأَقبلَ إِلَى قُرْطُبَة، فَهَرَبَ مِنْهُ يَحْيَى
أَيْضاً، ثُمَّ بَعْد أَشهر اضْطربَ أَمر القَاسِم،
وَانهزم عَنْهُ البَرْبَرُ فِي سَنَةِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ،
وَتغلَّبتْ كُلُّ فرقَةٍ عَلَى بَلَد، وَجرت خُطُوبٌ
وَزلاَزل، ثُمَّ لحق القَاسِمُ بشَريش، فَقصدهُ يَحْيَى
بنُ عَلِيٍّ، وَحَاصَرَه، وَظَفِرَ بِهِ، وَأَسَرَهُ،
فَبَقِيَ فِي اعتقَاله دَهْراً، وَفِي اعتقَالَ ابْنِه
إِدْرِيْسَ بنِ يَحْيَى، فَلَمَّا مَاتَ إِدْرِيْسُ،
خنقُوا القَاسِمَ هَذَا وَلَهُ ثَمَانُوْنَ سَنَةً، سَنَة
إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، ثُمَّ حُمِلَ
تَابوتُهُ إِلَى الجَزِيْرَةِ الخَضْرَاء، فَدُفِنَ بها،
وبها يومئذ ولده محمد.
__________
1م، مكرر: ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "2/ 279"،
والعبر "3/ 165"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 238"،
وستأتي ترجمته برقم عام "3987".
2 تقدمت ترجمته في المجلد الثاني عشر برقم ترجمة عام
"3706"، وبتعليقنا رقم "736".
(13/191)
الأملوكي،
الإسماعيلي، الخولاني:
3970- الأملوكي 1:
الشَّيْخُ أَبُو المُعَمَّر، المُسَدَّدُ بنُ عَلِيٍّ
الأُمْلُوْكِيُّ، خَطِيْبُ حِمْص.
سَمِعَ: مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحلبي، ويوسف
الميانجي، والحسين ابن خَالويه، وَأَحْمَدَ بنَ عَبْدِ
الكَرِيْمِ الحَلَبِيّ، وَعِدَّة.
وَعَنْهُ: أَبُو نَصْرٍ بنُ طَلاَّب، وَعَبْدُ العَزِيْزِ
الكَتَّانِيّ، وَأَبُو صَالِحٍ المُؤَذِّنُ، وَأَحْمَدُ
بنُ أَبِي الحَدِيْد، وَوَلَدُهُ الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ،
وَعَبْدُ اللهِ بن عبد الرزاق الكلاعي.
وصار في آخر إِمَامَ مَسْجِد سُوق الأَحد بِدِمَشْقَ.
قَالَ الكَتَّانِيّ: كَانَ فِيْهِ تسَاهلٌ، مَاتَ فِي ذِي
الحِجَّةِ، سنة إحدى وثلاثين وأربع مائة.
3971- الإسماعيلي 2:
العَلاَّمَةُ، مُفْتِي جُرْجَان، أَبُو مَعْمر،
المُفَضَّلُ بنُ إسماعيل بن العلامة شَيْخِ الإِسْلاَم
أَبِي بَكْرٍ، الإِسْمَاعِيْلِيُّ الجُرْجَانِيُّ
الشَّافِعِيُّ، رَئِيْسُ البَلَدِ وَعَالِمُهُ
وَمُحَدِّثُهُ.
رَوَى عَنْ: جَدِّهِ كَثِيْراً، وَحفظ القُرْآن وَجملَةً
مِنَ الفِقْه وَهُوَ ابْنُ سَبْعَةِ أَعْوَام، وَرَحَلَ
بِهِ أَبُوْهُ، فَأَكْثَر عَنِ ابْنِ شَاهِيْن،
وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَيُوْسُفَ بنِ الدَّخِيل، وَالحَافِظ
أَبِي زُرْعَةَ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ.
وَكَانَ مِمَّنْ يُضربُ المَثَلُ بذكَائِه، رَوَى
الكَثِيْرَ، وَأَمْلَى وَعَاشَ أَخُوْهُ مسْعدَة بَعْدَهُ
إِلَى سَنَةِ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ.
وَتُوُفِّيَ هُوَ فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَة إِحْدَى
وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، بَعْد مَوْتِ أَخِيْهِ
الإِمَام أَبِي العَلاَءِ بِسَنَة.
3972- الخَوْلاَنِيُّ 3:
شَيْخُ المَالِكِيَّة، مُفْتِي القَيْرَوَانِ، رَفِيْقُ
أَبِي عِمْرَانَ الفَاسِي.
تَفَقَّهَ بِأَبِي مُحَمَّدٍ بنِ أَبِي زَيْدٍ، وَأَبِي
الحَسَنِ القَابسِي.
تَخَرَّجَ بِهِ أَئِمَّةٌ كَأَبِي القَاسِمِ بنِ محرز،
وأبي إسحاق التونسي، وأبي القَاسِم السُّتُوْرِيّ، وَأَبِي
مُحَمَّدٍ عَبْدِ الحَقِّ الصَّقَلِّيّ، وَأَبِي حَفْصٍ
العَطَّار.
وَكَانَ رَأْساً فِي المَذْهَب، وَاسِعَ الأَدب، ذَا
تَأَلُّهٍ وَصَلاَحٍ وَتَعَبُّدٍ.
مَاتَ سَنَة اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَقَدْ دَخَلَ إلى مصر وسمع: بها.
__________
1 ترجمته في العبر "3/ 176"، وشذرات الذهب لابن العماد
الحنبلي "3/ 249".
2 ترجمته في تاريخ جرجان للسهمي "ص421"، والأنساب للسمعاني
"1/ 252"، والعبر "3/ 176"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/
249".
3 ترجمته في الوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "7/ 38"،
وبغية الوعاة للسيوطي "1/ 324".
(13/192)
الإسماعيلي، الدبوسي:
3973- الإسماعيلي 1:
مفتي جرجان وعالمها، أبو العلاء السري بن العَلاَّمَةِ
الكَبِيْرِ، أَبِي سَعْدٍ إِسْمَاعِيْلَ ابْنِ شَيْخ
عَصرِهِ أَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ
إِسْمَاعِيْلَ، الإِسْمَاعِيْلِيُّ الجُرْجَانِيُّ
الشَّافِعِيُّ الأَدِيْبُ.
تَفَقَّهَ بِأَبِيهِ، وَسَمِعَ: الكَثِيْر مِنْ جَدِّه،
وَتَفَرَّد عَنْهُ ببَعْض توَالِيفه، وَسَمِعَ: مِنِ ابْنِ
الغِطْرِيْف، وَابنِ شَاهِيْن، وَالدَّارَقُطْنِيّ.
وَتَخَرَّجَ بِهِ الفُقَهَاء.
وَكَانَ عَالِمَ تِلْكَ الدّيَارِ، مُتَوَاضِعاً مُحِبّاً
للعُلَمَاء وَالصُّلَحَاء.
عَاشَ سبعينَ سَنَةً وَتُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ. رَحِمَهُ الله.
3974- الدبوسي 2:
العَلاَّمَةُ، شَيْخُ الحَنَفِيَّة، القَاضِي أَبُو
زَيْدٍ، عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ بنِ عِيْسَى،
الدَّبُوْسِيُّ البُخَارِيُّ، عَالِمُ مَا وَرَاء النَّهر،
وَأَوّلُ مَنْ وضع عِلمَ الخلاَفِ وَأَبرزَهُ.
وَكَانَ مِنْ أَذكيَاء الأُمَّة.
وَلَهُ كِتَاب: "تَقْوِيم الأَدلَة"، وَكِتَاب
"الأَسرَار"، وَكِتَاب: "الأَمد الأَقْصَى". وَأَشْيَاء.
مَاتَ بِبُخَارَى سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وأربع مائة.
__________
1 ترجمته في تاريخ جرجان للسهمي "ص185".
2 ترجمته في الأنساب للسمعاني "5/ 273"، واللباب لابن
الأثير "1/ 490"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "3/ 48"،
والعبر "3/ 171"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 76"،
وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 245".
(13/193)
الحوفي، الرازي،
البراذعي:
3975- الحوفي 1:
العَلاَّمَةُ، نَحْوِيُّ مِصْر، أَبُو الحَسَنِ؛ عَلِيُّ
بنُ إبراهيم بن سعيد، الحَوْفِيُّ، صَاحِبُ أَبِي بَكْرٍ
مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الأُدْفُوِيُّ.
لَهُ: إِعرَابُ القُرْآنِ؛ فِي عشر مُجَلَّدَات.
تَخَرَّجَ بِهِ المِصْرِيُّون.
وَتُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائة.
3976- الرازي 2:
الحَافِظُ الأَوْحَدُ، أَبُو بَكْرٍ؛ أَحْمَدُ بنُ
عَلِيٍّ، الرَّازِيُّ ثُمَّ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ،
الزَّاهِدُ الثَّبْتُ.
أَمْلَى بِإِسْفَرَايِيْن عن: شافع بنِ مُحَمَّد،
وَزَاهِرِ السَّرَخْسِيّ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ
المَخْلَدِيِّ، وَطَبَقَتِهِم.
وَانْتَقَى عَلَيْهِ الشُّيُوْخُ، وَتَعِبَ وَجَمَعَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو صَالِحٍ المُؤَذِّنُ.
مَاتَ كَهْلاً فِي قرب الثلاثين وأربع مائة.
3977- البراذعي:
شَيْخُ المَالِكِيَّة، أَبُو سَعِيْدٍ؛ خَلَفُ بنُ أَبِي
القَاسِمِ، الأَزْدِيُّ القَيْرَوَانِيُّ المَغْرِبِيُّ
المَالِكِيُّ، صَاحِبُ "التَّهْذِيب" قفي اختِصَارِ
"المُدَوَّنَةِ".
قَالَ القَاضِي عِيَاض: كَانَ مِنْ كِبَارِ أَصْحَاب ابْنِ
أَبِي زَيْدٍ، وَأَبِي الحَسَنِ القَابِسِي، وَعَلَى
كِتَابه المعوَّلُ بِالمَغْرِب، سَكَنَ صَقَلِّيَّة
وَاشتهرت كُتُبه هُنَاكَ، وَقَرُبَ مِنَ السُّلْطَانِ،
وَالله يسمحُ لَهُ، لَمْ أَظفر بوَفَاته.
قَالَ القَاضِي عِيَاض: كَانَ مُبْغَضاً عِنْدَ
أَصْحَابِهِ لصُحْبَتِهِ سلاَطين القَيْرَوَان، وَيُقَالُ:
لحقَه دعَاءُ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ، لأَنَّه كَانَ
يَنْتقِصُهُ، وَيَطْلُبُ مثَالبه.
بقِي إِلَى بعد الثلاثين وأربع مائة.
__________
1 ترجمته في الأنساب للسمعاني "4/ 273"، ومعجم الأدباء
لياقوت الحموي "12/ 221"، والعبر "3/ 172"، وشذرات الذهب
لابن العماد الحنبلي "3/ 247".
2 ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 988".
(13/194)
ابن غالب، الزهري،
جهور بن محمد:
3978- ابن غالب 1:
شَيْخُ المَالِكِيَّة، القُدْوَةُ الزَّاهِدُ، أَبُو
مُحَمَّدٍ؛ عَبْدُ الله بن غالب بن تَمَّامٍ،
الهَمْدَانِيُّ، المَغْرِبِيُّ، شَيْخُ أَهْل سَبْتَة.
ارْتَحَلَ وَحمل بِالأَنْدَلُسِ عَنْ: أَبِي بَكْرٍ
الزُّبَيْدِيّ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ الأَصِيْلِي، وَبِمِصْرَ
عَنْ: أَبِي بَكْرٍ بنِ المُهَنْدس، وَطبقتِهِ،
وَبَالقَيْرَوَان عَنْ: أَبِي مُحَمَّدٍ بنِ أَبِي زَيْدٍ.
أَخَذَ عَنْهُ: وَلَدُهُ الفَقِيْهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ
مُحَمَّدٌ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ حَمْزَة، وَابْنُ جمَاح
القَاضِي المَالِكِيّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ المَسِيْلِي.
وَكَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ، بَصِيْراً بِالمَذْهَب،
مُتَفَنِّناً أَدِيْباً، بليغًا شَاعِراً، حَافِظاً
نَظَّاراً، مَدَارُ الفتَاوِي عَلَيْهِ.
مَاتَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
3979- الزهري 1:
الفَقِيْهُ العَلاَّمَةُ، أَبُو طَالِبٍ؛ عُمَرُ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعِيْدٍ، الزُّهْرِيُّ الوَقَّاصِيُّ،
مِنْ ذُرِّيَّة صَاحِبِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سعد بنِ أَبِي وَقَّاصٍ، بَغدَادِيٌّ
مِنْ كِبَارِ الشَّافِعِيَّة بِبَغْدَادَ، وَيُعْرَفُ
بِابْنِ حَمَامَةَ.
مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ
مائَةٍ.
كتب عَنْ: أَبِي بَكْرٍ القَطِيْعِيّ، وَابْن مَاسِي،
وَعِيْسَى بنِ مُحَمَّدٍ الرخجي، وعدة.
رَوَى عَنْهُ: الخَطِيْبُ وَوَثَّقَهُ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وثلاثين وأربع مائة.
3980- جهور بن محمد 2:
ابن جَهْوَرِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ، رَئِيْسُ قُرْطُبَةَ
وَأَمِيْرُهَا، وَصَاحِبُهَا بَعْد هَيْج الفِتَنِ
بِالجَزِيْرَة.
نصبَ نَفْسَهُ ممسكًا لقربطة إِلَى أَنْ تَهَيَّأَ مَنْ
يَصْلُح للمُلْكِ، وَعَاشَ إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
حَدَّثَ عَنْ: عَبَّاس بنِ أَصْبَغ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ
بنِ مُفَرِّجٍ، وَخَلَف بن القَاسِمِ.
وَكَانَ مِنْ وُزَرَاء الدَّوْلَة العَامِرِيَّة، وَمن
رِجَال الكَمَالِ دهَاءً وَرَأْياً وَسُؤْدُداً
وَتَصَوُّناً.
وثبت على قرطبة، وتملك من غير أن يتلقبب بإمرةن ولا تحول
من داره، وجعل بيوت الأمول تَحْتَ أَيدِي جَمَاعَةٍ
وَدَائِعَ، وَصيَّر أَهْلَ الأَسواقِ أدنادًا، وَرزقَهُم
مِنْ أَمْوَالٍ أَعطَاهَا إِيَّاهم مضَاربَةً، وَفرَّق
عَلَيْهِم الأَسلحَةَ، وَكَانَ يعُودُ المرضَى، وَيَشْهَد
الجنَائِز وَهُوَ بِزِي النُّسَّاكِ.
واستمرَّ فِي الأَمْرِ إِلَى أَنْ مَاتَ فِي المُحَرَّمِ
سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وقَام فِي الإِمرَة كَذَلِكَ بَعْدَهُ ابْنُه الأَمِيْر
أَبُو الوَلِيْدِ؛ مُحَمَّدُ بنُ جَهْوَر.
وحدث عنه: محمد بن عتاب، وغيره.
__________
1 ترجمته في الصلة لابن بشكوال "1/ 299"، والعبر "3/ 181"،
وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 254".
2 ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 274".
3 تقدمت ترجمته في الجزء الثاني عشر برقم ترجمة عام
"3708"، وبتعليقنا رقم "738".
(13/195)
ابن شعيب، الطحان:
3981- ابن شعيب 1:
الإِمَامُ، شَيْخُ الشَّافِعِيَّة، أَبُو عَلِيٍّ؛
الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ شُعَيْب، وَيُقَالُ: اسْمه
الحُسَيْنُ بنُ شُعَيْب، السِّنْجِيُّ المَرْوَزِيُّ.
مُصَنِّفُ شرح كِتَاب "الفُرُوْع" لابْنِ الحَدَّاد،
وَهُوَ مِنْ أَنفسِ كُتُبِ المَذْهَب، وَلَهُ: كِتَابُ
"الْمَجْمُوع".
وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ جمع بَيْنَ طريقتِي خُرَاسَان
وَالعِرَاق.
أَخذ الفِقْه عَنْ: أَبِي بَكْرٍ المَرْوَزِيِّ القَفَّال.
وَكَانَ مِنْ رُفَقَاء القاضي حسين، وأبي محمد الجويني.
مَاتَ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ
وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
3982- الطحان 2:
الشَّيْخُ الثِّقَةُ، أَبُو القَاسِمِ؛ عَبْدُ البَاقِي
بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ زَكَرِيَّا،
البَغْدَادِيُّ، الطَّحَّانُ.
سَمِعَ: أَبَا بَكْرٍ الشَّافِعِيّ، وَأَبَا عَلِيّ بنَ
الصَّوَّاف.
رَوَى عَنْهُ: الخَطِيْبُ، وَطَاهرُ بنُ أَسَدٍ الطّبّاخ،
وَجَمَاعَةٌ.
عُمّر ثَمَانِياً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً، وَتُوُفِّيَ فِي
جُمَادَى الأُولَى، سَنَة اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائة.
__________
1 ترجمته في الأنساب للسمعاني "7/ 165"، "السنجي"، واللباب
لابن الأثير "2/ 147"، ووفيات الأعيان لابن خلكان. "2/
135".
2 ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 90"، والعبر "3/ 177"،
وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 250".
(13/196)
ابن كردي، ابن عباد:
3983- ابن كردي 1:
المُعَمَّرُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ؛ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ
بنِ عَلِيِّ بنِ كُردِي، البَغْدَادِيُّ الأَنْمَاطِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي بَكْرٍ الشَّافِعِيّ.
رَوَى عَنْهُ: الخَطِيْبُ، وَقَالَ: لاَ بَأْسَ بِهِ،
وَالفَضْلُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ القَطَّان، وَعَبْدُ
اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الحَارِثِيُّ.
مَاتَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائة.
3984- ابن عباد 2:
القَاضِي الكَبِيْر، أَمِيْرُ إِشْبِيْليَة وَمُدبِّرُهَا
وَحَاكمهَا، أَبُو القاسم؛ محمد ابن إِسْمَاعِيْلَ بن
عَبَّاد بن قُرَيْش، اللَّخْمِيُّ، مِنْ ذُرِّيَّة
أَمِيْرِ الحيرَة النُّعْمَانِ بنِ المُنْذِرِ، أَصْلُهُ
مِنَ الشَّام مِنْ بَلَدِ العَرِيْش، فَدَخَلَ أَبُوْهُ
الأَنْدَلُسَ، وَنَشَأَ أَبُو القَاسِمِ، فَبَرَعَ فِي
العِلْمِ، وَتَنَقَّلَتْ بِهِ الأَحْوَالُ، وَوَلِيَ
قَضَاءَ إِشْبِيْليَة فِي أَيَّام بَنِي حَمُّوْدٍ
العَلَوِيَّة، فسَاس البَلَدَ، وَحُمِدَ، ورمقته العيون،
ثم سار يحيى ابن عَلِيِّ بنِ حَمُّوْد، وَكَانَ ظَلُوْماً،
فَحَاصَرَ إِشْبِيْليَة، فَاجْتَمَعَ الأَعْيَانُ عَلَى
القَاضِي، وَأَطَاعُوهُ، ثُمَّ قَالُوا: انهض بناء إِلَى
هَذَا الظَالِم، وَنُمَلِّكَكَ. فَأَجَابهُم، وَتَهَيَّأَ
للحَرْبِ، وَذكرنَا أَنَّ يَحْيَى ركب إِلَيْهِم سكرَانَ،
فَقُتِلَ، وَتَمَكَّنَ القَاضِي، وَدَانت لَهُ
الرَّعِيَّةُ، وَلُقِّبَ بِالظَّافر، ثُمَّ إِنَّهُ
تَمَلَّكَ قُرْطُبَة وَغيرَهَا.
وقِصَّتُهُ مَشْهُوْرَةٌ مَعَ الشَّخْصِ الَّذِي زَعَمَ
أَنَّهُ المُؤَيَّدُ بِاللهِ المَرْوَانِيّ، وَكَانَ
خَبَرُ المَرْوَانِيّ قَدِ انْقَطَعَ مِنْ عِشْرِيْنَ
سَنَةً، وَجَرَتْ فِتَنٌ صَعْبَةٌ فِي هَذِهِ السِّنين،
فَقِيْلَ لابْنِ عَبَّاد: إِنَّ المُؤَيَّد حَيٌّ
بِقَلْعَةِ رَبَاح فِي مَسْجِد، فَطَلَبَهُ،
وَاحْتَرَمَهُ، وَبَايَعَهُ بالخلافة، وصير نفسه كوزير له.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "5/ 70".
2 ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "5/ 22"، والعبر "3/
179"ن وتاريخ ابن خلدون "4/ 156".
(13/197)
قَالَ الأَمِيْرُ عَزِيْز: حُسِدَ ابْنُ
عَبَّاد، وَقَالُوا: قُتِلَ يَحْيَى الإِدْرِيْسِيّ مِنْ
أَهْلِ البَيْت، وَقُتِلَ ابْنُ ذِي النُّوْنِ ظُلْماً،
فَبَقِيَ يُفَكِّرُ فِيمَا يَفْعَلُهُ، فَجَاءهُ رَجُلٌ،
فَقَالَ: رَأَيْتُ المُؤَيَّد. فَقَالَ: انْظُرْ مَا
تَقُولُ! قَالَ: إِي وَاللهِ هُوَ هُوَ. وَقَالَ تُومَرْت
-عبدٌ كَانَ يَخْدُم المُؤَيَّد: وَأَنَا إِذَا رَأَيْتُ
سَيِّدِي، عَرَفْتُهُ، وَلِي فِيْهِ علاَمَاتٌ. فَأَرْسَلَ
رَجُلاً مَعَ ذَلِكَ الرَّجُل إِلَى قَلْعَة رَبَاح،
فَوَجَدَاهُ، فَقَدِمَ مَعَهُمَا، فَلَمَّا رَآهُ
تُومَرْت، وَثَبَ، وَقَبَّلَ قَدَمَهُ، وَقَالَ: مَوْلاَيَ
وَاللهِ! فَقَبَّلَ حِيْنَئِذٍ القَاضِي يَده، ثُمَّ
بُوْيِع، وَأَخرجه يَوْم الجُمُعَة، وَمَشَوا بَيْنَ
يَدَيْهِ إِلَى الجَامع، ثُمَّ خطبَ المُؤَيَّد النَّاسَ،
وَصَلَّى بِهِم، وَبَقِيَ ابْنُ عَبَّاد كَالحَاجِبِ لَهُ
عَلَى قَاعدَة الحَاجِبِ المَنْصُوْر بنِ أَبِي عَامِر،
غَيْر أَنَّ المُؤَيَّد يَخْرُجُ إِلَى الجمعَة دَائِماً،
وَدَانَتْ لَهُ أكثرُ المُدن.
قَالَ عَزِيْز: هَرَبَ المُؤَيَّدُ مِنْ قُرْطُبَة عَام
أَرْبَع مائَة مُتَنَكِّراً حَتَّى قَدِمَ مَكَّة وَمَعَهُ
كيسُ جَوَاهر، فَشَعر بِهِ حرَامِيَّةُ مَكَّة،
فَأَخَذُوْهُ مِنْهُ، وَبَقِيَ يَوْمَيْن لَمْ يَطْعَم،
ثُمَّ عَمل فِي الطِّين وَتقوَّتَ، ثُمَّ تَوَصَّل إِلَى
القُدس، فَتَعَلَّمَ نَسْج الحُصْر، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى
الأَنْدَلُسِ سَنَة 24.
قَالَ عَزِيْز: هَذَا رَوَاهُ مَشَايِخ.
وَقَالَ ابْنُ حَزْم: فضيحَة! أَرْبَعَةُ رِجَالِ فِي
مسَافَةِ ثَلاَثَةِ أَيَّام يُسَمَّوْنَ أَمِيْرَ
المُؤْمِنِيْنَ فِي وَقت؛ أَحَدُهُم خَلَفٌ الحُصْرِي
بِإِشْبِيْليَة عَلَى أَنَّهُ المُؤَيَّدُ بِاللهِ،
وَالثَّانِي مُحَمَّدُ بنُ القَاسِمِ الإِدْرِيْسِيّ
بِالجَزِيْرَة الخضرَاء، وَالثَّالِث مُحَمَّدُ بنُ
إِدْرِيْسَ بنِ عَلِيِّ بنِ حَمُّوْد بِمَالَقَة،
وَالرَّابِع إِدْرِيْسُ بنُ يَحْيَى بنِ عَلِيِّ بنِ
حَمُّوْد بشَنْتَرِين. فَهَذِهِ أُخلوقَةٌ لَمْ يُسْمَعْ:
بِمِثْلِهَا! وَخُطب لَخَلَفٍ عَلَى المنَابر، وَسُفِكَتِ
الدِّمَاءُ، وَتصَادمت الجُيُوشُ، فَأَقَامَ فِي الأَمْر
نَيِّفاً وَعِشْرِيْنَ سَنَةً، وَابْنُ عَبَّاد القَاضِي
كَالوَزِيْرِ بَيْنَ يَدَيْهِ.
قُلْتُ: مَاتَ القَاضِي فِي جُمَادَى الأُولَى، سَنَةَ
ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَدُفِنَ بِقصر
إِشْبِيْليَة، وَخَلَفه ابْنُهُ المُعْتَضِدُ بِاللهِ
عباد، فدامت دولته إِلَى سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَقِيْلَ: بَلْ بَقِيَ القَاضِي مُحَمَّدٌ إِلَى سَنَة
تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ، وَكَانَ يَسْتَعينُ بِالوَزِيْرِ
مُحَمَّدِ بن الحَسَنِ الزُّبَيْدِيّ، وَبعِيْسَى بن
حَجَّاجٍ الحَضْرَمِيِّ، وَبعَبْدِ اللهِ بنِ عَلِيٍّ
الهَوْزَنِيّ، وَكَانَ لَهُ ابْنَان: إِسْمَاعِيْلُ قُتِلَ
فِي مَصَافّ، وَالمُعْتَضِدُ الَّذِي تَمَلَّكَ بَعْدَهُ.
(13/198)
الأردستاني، ابن
سينا:
3985- الأردستاني:
الإِمَامُ الحَافِظُ الفَقِيْهُ، أَبُو الحَسَنِ؛
مُحَمَّدُ بنُ عبد الواحد بن عبيد الله ابن أَحْمَدَ بنِ
الفَضْلِ بنِ شَهْرَيَارَ، الأَرْدَسْتَانِيُّ، ثُمَّ
الأصبهاني، مصنف كتاب الدلائل السمع: ية عَلَى المَسَائِل
الشَّرعيَة؛ وَهُوَ فِي ثَلاَثَةِ أَسفَار.
حدث عن: أبي بكر بن المقرىء، وعبيد الله بن يعقوب بن إسحاق
ابن جميل، والحسن بن علي ابن البَغْدَادِيّ، وَمُحَمَّدِ
بنِ أَحْمَدَ بنِ جِشْنِس، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ
مَنْدَة، وَأَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ العَبْقَسِيّ،
وَأَبِي عُمَرَ بنِ مَهْدِيٍّ، وَأَبِي أَحْمَدَ
الفَرَضِيّ، وَإِسْمَاعِيْلَ بن الحَسَنِ الصَّرْصَرِي،
وَإِبْرَاهِيْم بن خُرشِيذ قوْله، وَعِدَّة. وَينزلُ إِلَى
أَبِي نُعَيْمٍ الحَافِظ وَنَحْوهُ.
وينصبُ الخلاَفَ مَعَ أَبِي حَنِيْفَةَ وَمَالِك،
وَينتصِرُ لإِمَامِهِ الشَّافِعِيّ، وَلَكِنَّهُ لاَ
يَتَكَلَّم على الأسانيد. وفي كتابه مخبآت تنبىء
بِإِمَامته وَحفظه.
رَوَى عَنْهُ: سُلَيْمَانُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الحافظ، وأبو
علي الحداد وغيرهما.
وَقَعَ لِي مِنْ حَدِيْثه فِي "مُعْجَم" الحَدَّاد.
مَاتَ بَعْد الثَّلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
3986- ابْنُ سِيْنَا 1:
العَلاَّمَةُ الشَّهِيْرُ الفَيْلَسُوفُ، أَبُو عَلِيٍّ،
الحُسَيْنُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الحَسَنِ بن عَلِيِّ بنِ
سِينَا، البَلْخِيُّ ثُمَّ البُخَارِيُّ، صَاحِبُ
التَّصَانِيْفِ فِي الطِّبِّ وَالفَلْسَفَةِ وَالمنطِقِ.
كَانَ أَبُوْهُ كَاتِباً مِنْ دُعَاة الإِسْمَاعِيْلِيَّة،
فَقَالَ: كَانَ أَبِي تولَّى التَّصرُّف بقريَةٍ
كَبِيْرَةٍ، ثُمَّ نزل بُخَارَى، فَقَرَأْت القُرْآنَ
وَكَثِيْراً مِنَ الأَدب وَلِي عشرٌ، وَكَانَ أَبِي
مِمَّنْ آخَى دَاعِي المِصْرِيّين، وَيُعَدُّ مِنَ
الإِسْمَاعِيْلِيَّة.
ثم ذكر مبادىء اشتغَالِهِ، وَقُوَّةَ فَهْمِهِ، وَأَنَّهُ
أَحكم المَنْطِقَ وَكِتَاب إِقليدس إِلَى أَنْ قَالَ:
وَرغبتُ فِي الطِّبِّ، وبرزت فيه، وقرؤوا علي، وأنا مَعَ
ذَلِكَ أَختلِفُ إِلَى الفِقْه، وَأُنَاظِرُ وَلِي سِتَّ
عَشْرَةَ سَنَةً.
ثُمَّ قَرَأْتُ جَمِيعَ أَجزَاءِ الفَلْسَفَةِ، وَكُنْتُ
كلَمَّا أَتَحَيَّرُ فِي مَسْأَلَةٍ، أَوْ لَمْ أَظْفَرَ
بِالحدِّ الأَوسطِ فِي قيَاسٍ، ترددتُ إِلَى الجَامع،
وَصَلَّيْتُ، وَابتهَلْتُ إِلَى مبدعِ الكُلِّ حَتَّى
فُتِحَ لِي المُنغلِقُ مِنْهُ، وَكُنْتُ أَسهَرُ، فمهمَا
غَلبَنِي النَّومُ، شربْتُ قَدَحاً. إِلَى أَنْ قَالَ:
حَتَّى اسْتحكم مَعِي جَمِيْعُ الْعُلُوم، وَقَرَأْتُ
كِتَاب "مَا بَعْد الطّبيعَة"، فَأَشكل عليَّ حَتَّى
أَعدتُ قرَاءتَه أَرْبَعِيْنَ مرَّةً، فَحَفِظتُهُ وَلاَ
أَفهمُه، فَأَيسْتُ. ثُمَّ وَقَعَ لِي مُجَلَّدٌ لأَبِي
نَصْرٍ الفَارَابِيّ فِي أَغرَاض كِتَاب "مَا بَعْد
الحِكْمَة الطّبيعيَّة"، ففتحَ عليّ أَغرَاض الكُتُب،
فَفَرحتُ، وَتَصَدَّقْتُ بشيء كثير.
__________
1 ترجمته في ميزان الاعتدال "1/ 539"، ولسان الميزان "2/
291"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 25"، وشذرات
الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 234".
(13/199)
واتَّفَقَ لسُلْطَان بُخَارَى نوح مرضٌ
صعبٌ، فَأُحْضِرتُ مَعَ الأَطباء، وَشَاركتُهُم فِي
مُدَاواتِه، فسأَلتُ إِذْناً فِي نظرِ خزَانَةِ كُتُبِه،
فَدَخَلتُ فَإِذَا كُتُبٌ لاَ تُحصَى فِي كُلِّ فَنّ،
فَظفرتُ بفَوائِدَ. إلى أن قال: فلم بلغتُ ثَمَانِيَةَ
عشرَ عَاماً، فَرَغْتُ مِنْ هَذِهِ العُلُوم كُلِّهَا،
وَكُنْتُ إِذْ ذَاكَ للعلمِ أَحفَظُ، وَلَكِنَّهُ مَعِي
اليَوْمَ أَنضَجُ، وَإِلاَّ فَالعِلْمُ وَاحِدٌ لَمْ
يتجدَّد لِي شَيْءٌ، وَصنَّفْتُ "الْمَجْمُوع"، فَأَتيتُ
فِيْهِ عَلَى علومٍ، وَسأَلنِي جَارُنَا أَبُو بَكْرٍ
البَرْقِيّ وَكَانَ مَائِلاً إِلَى الفِقْهِ
وَالتَّفْسِيْرِ وَالزُّهْد، فصنَّفْتُ لَهُ الحَاصل
وَالمَحْصُوْل فِي عِشْرِيْنَ مُجلَّدَة، ثُمَّ تقلَّدتُ
شَيْئاً مِنْ أَعمَال السُّلْطَان، وَكُنْتُ بزِيِّ
الفُقَهَاء إِذْ ذَاكَ؛ بطَيْلَسَانٍ مُحَنَّك، ثُمَّ
انتقلت إلى نسا، ثم أباورد وطوس وَجَاجرم، ثُمَّ إِلَى
جُرْجَان.
قُلْتُ: وَصَنَّفَ الرَّئِيْسُ بِأَرْضِ الجبلِ كُتُباً
كَثِيْرَةً، مِنْهَا "الإِنصَاف"؛ عِشْرُوْنَ مجلدًا،
"البر والإثم"؛ مجلدان، "الشفاء"، ثمانية عشر مُجَلَّداً،
"القَانُوْنَ"؛ مُجَلَّدَات. "الإِرصَاد"، مُجَلَّد،
"النَّجَاة"، ثَلاَث مُجَلَّدَات، "الإِشَارَات"،
مُجَلَّد، "الْقُولنْج"، مُجَلَّد، "اللُّغَة"، عشر
مُجَلَّدَات، "أَدويَة القَلْب"، مُجَلَّد، الْمُوجز
مُجَلَّد، "المعَاد" مُجَلَّد، وَأَشْيَاء كَثِيْرَة
وَرسَائِل.
ثُمَّ نَزَلَ الرَّيَّ وَخدم مجدَ الدَّوْلَة وَأُمَّه،
ثُمَّ خَرَجَ إِلَى قزوين وهمذان، فوز بِهَا، ثُمَّ قَامَ
عَلَيْهِ الأُمَرَاءُ، وَنهبُوا دَارَهُ، وَأَرَادُوا
قتلَه، فَاخْتَفَى، فَعَاود مُتَوَلِّيهَا شمسَ
الدَّوْلَةِ القُولَنْجُ، فَطَلبَ الرَّئِيْس، وَاعْتَذَرَ
إِلَيْهِ، فَعَالجه، فَبرَأَ، وَاسْتوزرَهُ ثَانياً،
وَكَانُوا يشتغِلُوْنَ عَلَيْهِ، فَإِذَا فرغُوا، حضر
المغنون، وهيىء مَجْلِسُ الشَّرَاب. ثُمَّ مَاتَ
الأَمِيْرُ، فَاخْتَفَى أَبُو عَلِيٍّ عِنْد شخصٍ، فَكَانَ
يُؤلِّفُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسِيْنَ وَرقَةً، ثُمَّ أُخِذَ،
وَسُجِنَ أَرْبَعَةَ أَشهر، ثُمَّ تسحَّب إِلَى
أَصْبَهَانَ مُتَنَكِّراً فِي زِيِّ الصوفية هو وأخوه
وخادمه وغلامان. وَقَاسُوا شدَائِدَ، فَبالغ صَاحِبُ
أَصْبَهَان علاَءُ الدَّوْلَةِ فِي إِكرَامِهِ، إِلَى أَنْ
قَالَ خَادِمُهُ: وَكَانَ الشَّيْخُ قويَّ القُوَى
كُلِّهَا، يُسْرِفُ فِي الجِمَاع، فَأَثَّر فِي مِزَاجه،
وَأخذه القُولَنْجُ حَتَّى حقن نَفْسَهُ فِي يَوْم ثَمَان
مَرَّات، فتقرَّحَ مِعَاهُ، وَظهر بِهِ سَحْجٌ، ثُمَّ حصل
لَهُ الصَّرعُ الَّذِي يتبع علَّةَ القُولَنْج، فَأَمر
يَوْماً بدَانِقَين مِنْ بِزْرِ الكَرَفْسِ فِي الحُقْنَة،
فَوَضَع طبيبُه عمداً أَوْ خطأً زنَةَ خَمْسَةِ دَرَاهِم،
فَازدَاد السَّحْجُ، وَتنَاول مثروذيطوس لأَجل الصَّرعِ،
فكثَّرهُ غُلاَمُه، وَزَادَهُ أَفيون، وَكَانوا قَدْ
خَانوهُ فِي مَالٍ كَثِيْر، فتمنَّوا هلاَكَهُ، ثُمَّ
تصلَّح، لَكِنَّهُ مَعَ حَاله يُكْثِرُ الجمَاع، فينتكِسُ،
وَقصد علاَءُ الدَّوْلَة هَمَذَانَ، فَسَارَ مَعَهُ
الشَّيْخُ، فَعَاودته العِلَّةُ فِي الطَّرِيْق، وَسقطت
قوتُه، فَأَهمل الْعِلَاج، وَقَالَ: مَا كَانَ يُدَبِّر
بدنِي عَجَزَ، فَلاَ تنفعُنِي المعَالجَة. مات بِهَمَذَانَ
بَعْد أَيَّام وَلَهُ ثَلاَثٌ وَخمسُوْنَ سَنَة.
(13/200)
قَالَ ابْنُ خَلِّكَان: ثُمَّ اغتسلَ
وَتَابَ، وَتصدَّق بِمَا مَعَهُ عَلَى الفُقَرَاء، وَردَّ
المَظَالِمَ، وَأَعتقَ مماليكه، وجل يَخْتِمُ القُرْآنَ
فِي كُلِّ ثَلاَثٍ، ثُمَّ مَاتَ يَوْم الجُمُعَة فِي
رَمَضَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
قَالَ: وَمَوْلِدُهُ فِي صَفَرٍ سَنَةَ سَبْعِيْنَ
وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: إِن صَحَّ مولدُه، فَمَا عَاشَ إلَّا ثَمَانِياً
وَأَرْبَعِيْنَ سَنَةً وَأَشهراً، وَدُفن عِنْد سُور
هَمَذَان، وَقيل: نُقِلَ تَابوتُه إلى أصبهان.
وَمن وَصيَّة ابْنِ سينَا لأَبِي سَعِيْدٍ، فضلِ الله
المِيْهَنِي: ليكنِ اللهُ تَعَالَى أَوّلَ فكرٍ لَهُ
وآخِرَه، وَبَاطِنُ كُلِّ اعتبَارٍ وَظَاهِرَهُ، وَلتكن
عينه مكحولةً بالنظر إليهن وَقَدَمُه موقُوفَةً عَلَى
المُثُول بَيْنَ يَدَيْهِ، مُسَافراً بعقلهِ فِي
المَلَكُوتِ الأَعْلَى وَمَا فِيْهِ مِنْ آيات ربه الكبرى،
وإذا انحط إلى قرارهن فليُنَزِّه اللهَ فِي آثَاره،
فَإِنَّهُ باطنٌ ظَاهِرٌ تجلَّى لِكُلِّ شَيْءٍ بِكُلِّ
شَيْءٍ، وَتَذَكَّرَ نَفْسَهُ، وَودَعَهَا، وَكَانَ
مَعَهَا كَأنْ لَيْسَ مَعَهَا، فَأَفضلُ الحَرَكَاتِ
الصَّلاَةُ، وَأَمثلُ السّكنَاتِ الصِّيَامُ، وَأَنفعُ
البِرِّ والصدقة، وَأَزكَى السِّرِّ الاحْتِمَالُ،
وَأَبطُل السَّعْي الرِّياءُ، وَلَنْ تخلُصَ النَّفسُ عَنِ
الدوْنِ مَا التفتَتْ إِلَى قِيْلٍ وَقَالٍ وَجدَالٍ،
وَخيرُ العَمَلِ مَا صَدَرَ عَنْ خَالصِ نِيَّة، وَخَيْرُ
النِّيَّة مَا انفرجَ عَنْ علمٍ، وَمَعْرِفَةُ الله أَوّلُ
الأَوَائِل، إِلَيْهِ يَصْعَدُ الكَلِمُ الطَّيِّب. إِلَى
أَنْ قَالَ: وَالمشروبُ فيُهجَرُ تَلَهِّياً لاَ
تَشَفِّياً، وَلاَ يقصِّرُ فِي الأَوضَاع الشَّرعيَة،
وَيُعظِّمُ السُّنَن الإِلهيَة.
قد سقتُ فِي تَاريخ الإِسْلاَم أَشْيَاءَ اختصرتُهَا،
وَهُوَ رَأْسُ الفَلاَسِفَة الإِسلاَمِيَة، لَمْ يَأْت
بَعْد الفَارَابِي مثلُه، فَالحَمْدُ للهِ عَلَى
الإِسْلاَم وَالسُّنَّة.
وَلَهُ كِتَاب "الشِّفَاء"، وَغَيْرُهُ، وَأَشْيَاءُ لاَ
تُحْتَمل، وَقَدْ كَفَّرَهُ الغزَالِيُّ فِي كِتَاب
"المُنْقِذ مِنَ الضَّلاَل"، وَكفَّر الفارابي.
وَقَالَ الرَّئِيْسُ: قَدْ صَحَّ عِنْدِي بِالتَّواتُر مَا
كَانَ بجوزجَان فِي زَمَانِنَا مِنْ أَمرِ حَدِيْدٍ لعله
زنة مائة وخمسين مَنّاً نزلَ مِنَ الهوَاءِ، فَنشَبَ فِي
الأَرْض، ثُمَّ نَبا نَبْوَة الكُرَة، ثُمَّ عَادَ،
فَنشَبَ فِي الأَرْضِ، وَسُمِعَ: لَهُ صَوْتٌ عَظِيْمٌ
هَائِلٌ، فلما تفقدوا أمرهن ظفرا بِهِ، وَحُمِلَ إِلَى
وَالِي جوزجَان، فَحَاولُوا كَسْرَ قِطْعَةٍ مِنْهُ، فَمَا
عَمِلَتْ فِيْهِ الآلاَتُ إلَّا بجهد، فراموا عمل سيف منه،
فتعذر. نقله في "الشفاء".
(13/201)
ذو القرنين،
المحاملي:
3987- ذو القرنين 1:
الأَمِيْرُ الكَبِيْرُ، نَائِبُ دِمَشْق، وَجيهُ
الدَّوْلَة، أَبُو المطاع، ابن صاحب الموصل ناصر الدولة
الحسن بن عَبْدِ اللهِ بنِ حَمْدَانَ، التَّغْلِبِيُّ
الشَّاعِرُ.
وَلِيَ دِمَشْقَ بَعْد لُؤْلُؤٍ سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِ
مائَةٍ، وجاءته الخلع من الحاكم، ثم عزل بِابْنِ بزَّال،
ثُمَّ وَلِي دِمَشْقَ للظَّاهِر بنِ الحَاكِم، ثُمَّ
عُزِلَ بَعْد أَشهر بسُختكين، ثُمَّ وَلِيَهَا سَنَة
خَمْسَ عَشْرَةَ، ثُمَّ عُزِلَ بِالدِّزْبرِي بَعْد
أَرْبَعَةِ أَعْوَام.
وَلَهُ نَظْمٌ فِي الذِّروَة، وَكَانَ ابْنُهُ مِنْ خيَارِ
الدَّوْلَة المِصْرِيَّة.
مَاتَ ذُو القَرنين فِي صَفَرٍ سَنَة ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَكَانَ مِنْ أَبْنَاءِ
الثَّمَانِيْنَ.
وَلَهُ:
لَوْ كُنْتَ سَاعَةَ بَيْنِنَا مَا بَيْنَنَا ...
وَشَهِدْتَ حِيْنَ نُكَرِّرُ التَّوْدِيْعَا
أَيْقَنْتَ أَنَّ مِنَ الدُّمُوع مُحَدِّثاً ...
وَعَلِمْتَ أَنَّ مِنَ الحَدِيْثِ دُمُوْعَا
وَمن شعرِهِ:
أَفْدِي الَّذِي زُرْتُهُ بِالسَّيْفِ مُشْتَمِلاً ...
وَلَحْظُ عَيْنَيْهِ أَمْضَى مِنْ مَضَارِبِهِ
فَمَا خَلَعْتُ نِجَادِي لِلعنَاقِ لَهُ ... إِلاَّ
لَبِسْتُ نِجَاداً مِنْ ذَوَائِبِهِ
فَبَاتَ أَسْعَدَنَا فِي نَيْلِ بُغْيَتِهِ ... مَنْ كَانَ
في الحبّ أشقانا بصاحبه
3988- المحاملي 2:
الشَّيْخُ أَبُو عَبْدِ اللهِ؛ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ
بنِ الحُسَيْنِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ، الضَّبِّيُّ
المَحَامِلِيُّ.
سَمِعَ: النَّجَّاد، وَأَبَا سَهْل بن زِيَادٍ،
وَدَعْلَجاً، وَطَائِفَة.
وَعَنْهُ: الخَطِيْبُ، وَأَبُو الفَضْلِ بنُ خَيْرُوْنَ،
وَأَبُو غَالِبٍ البَاقِلاَّنِيّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الخَطِيْبُ: سَمَاعُهُ صَحِيْحٌ، حَدَثَ لَهُ صَمَمٌ
فِي سَنَةِ ثَمَانٍ، وَمَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ، فِي ربيع الآخر عن ست وثمانين سنة.
__________
1 تقدمت ترجمته في هذا الجزء برقم ترجمة عام "3968"،
وبتعليقنا رقم "241".
2 ترجمته في تاريخ بغداد "4/ 238".
(13/202)
ابن الحارث، الحيري:
3989- ابن الحارث 1:
الإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ؛ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
عَبْدِ اللهِ بنِ الحارث، التميمي الأصبهاني، المقرىء
النَّحْوِيُّ، الزَّاهِدُ المُحَدِّثُ، نَزِيْلُ
نَيْسَابُوْرَ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي الشَّيْخ بنِ حَيَّانَ، وَأَبِي
بَكْرٍ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ القبَّاب، وَأَبِي
الحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيِّ، وطائفة.
حَدَّثَ عَنْهُ: البَيْهَقِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى
المُزَكِّي، وَمَنْصُوْرُ بنُ حِيْدٍ، وَعَبْدُ الغَفَّارِ
بنُ مُحَمَّدٍ الشيروبي، وَآخَرُوْنَ.
وَتَخَرَّجَ بِهِ أَهْل نَيْسَابُوْر فِي العَرَبِيَّة.
مَاتَ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ عَنْ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ سَنَةً،
وَحَدَّثَ "بِسُنَن الدارقطني".
3990- الحيري 2:
العَلاَّمَةُ المُفَسِّرُ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ؛
إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَحْمَدَ، النَّيْسَابُوْرِيُّ،
الحِيْرِيُّ، الضَّرِيْرُ الزَّاهِدُ، أَحدُ الأَعلاَم.
لَهُ التَّصَانِيْفُ فِي القُرْآنِ وَالقرَاءاتِ،
وَالحَدِيْثِ وَالوعظِ، وَنفع الْخلق.
رَوَى عَنْ: زَاهِرٍ السَّرَخْسِيّ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ
المَخْلَدِيِّ، وَحفيدِ ابْن خُزَيْمَةَ، وَأَبِي
الهَيْثَمِ الكُشْمِيْهَنِيّ.
وَعَنْهُ: الخَطِيْبُ، وَمَسْعُوْدُ بنُ نَاصِر.
قَالَ الخَطِيْبُ: قَدِمَ عَلَيْنَا، وَنِعْمَ الشَّيْخُ
كَانَ، لَهُ تَفْسِيْرٌ مَشْهُوْرٌ، قَرَأْتُ عَلَيْهِ
"صَحِيْحَ البُخَارِيِّ" فِي ثلاثة مجالس؛ ميعادان في
ليلتين، وقَرَأْتُ الثَّالِثَ مِنْ ضَحْوَةٍ إِلَى
اللَّيْلِ، ثُمَّ إِلَى طُلُوع الفَجْر.
قُلْتُ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وأربع مائة وله تسع
وستون سنة.
__________
1 ترجمته في العبر "3/ 170"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/
245".
2 ترجمته في تاريخ بغداد "6/ 313"، والأنساب للسمعاني "4/
289"، والعبر "3/ 171"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي
"3/ 245".
(13/203)
ابن رامش، ابن مغلس:
3991- ابن رامش 1:
المَوْلَى الكَبِيْرُ، مُتَوَلِّي نَيْسَابُوْر، أَبُو
عَبْدِ اللهِ؛ مَنْصُوْرُ بنُ رَامش بن عَبْدِ اللهِ بنِ
زَيْد، النَّيْسَابُوْرِيُّ.
حدث بِخُرَاسَانَ وَبِبَغْدَادَ وَالحرم وَدِمَشْق عَنْ:
أَبِي الفَضْلِ عُبَيْد اللهِ الزُّهْرِيّ، وَأَبِي
الطَّيِّبِ مُحَمَّدِ بن الحُسَيْنِ التَّيْمُلِي،
وَعُبَيْد اللهِ بن محمد الفامي، والدارقطني، وأبي ممد
المَخْلَدِيِّ، وَعِدَّة.
رَوَى عَنْهُ: الخَطِيْبُ، وَالكَتَّانِيّ، وَالحَسَنُ بنُ
أَبِي الحَدِيْد، وَأَبُو الفَضْلِ بنُ الفُرَاتِ،
وَمُحَمَّد بن عَلِيٍّ المُطَرِّز.
وَكَانَ صَدْراً مُعَظَّماً، ثِقَةً، مُحَدِّثَا كَثِيْرَ
الرِّوَايَة، وَجَّهَ بوِقْرٍ مِنْ مَسْمُوْعَاتِه،
وَتَفَرَّد بِأَشْيَاء.
قَالَ عَبْدُ الغَافِرِ بنُ إِسْمَاعِيْلَ فِي "السّيَاق":
كنيتُه أَبُو نَصْرٍ الرَّئِيْسُ، السَّلاَّر الغَازِي،
رَجُلٌ مِنَ الرِّجَالِ، وَدَاهٍ مِنَ الدُّهَاة، وَلِي
رِئاسَةَ نَيْسَابُوْر فِي دَوْلَة مَحْمُوْدٍ،
وَتَرْتِيْب نَيْسَابُوْر بِعدْلِهِ وَإِنصَافه، ثُمَّ
حَجَّ وَجَاور سَنَتين، ثُمَّ عَادَ فولِي البلدَ، فَلَمْ
يتمكَّنْ مِنَ العَدْل، فَاسْتعفَى، وَلَزِمَ العِبَادَة،
وَكَانَ ثِقَةً.
تُوُفِّيَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائة.
3992- ابن المغلس 2:
الأُسْتَاذُ اللُّغَوِيُّ، أَبُو مُحَمَّدٍ، عَبْدُ
العَزِيْزِ بنُ أَحْمَدَ بنِ السِّيْد بن مُغَلِّس،
القَيْسِيُّ الأَنْدَلُسِيُّ، نَزِيْلُ مِصْر، مِنْ
أَئِمَّةِ الأَدَب.
وَلَهُ نَظْمٌ بَدِيْع، وَهُوَ القَائِلُ:
مَرِيْض الجَفُونِ بِلاَ علّةٍ ... وَلَكِنَّ قَلْبِي بِهِ
مُمْرَضُ
وَمَا زَارَ شَوْقاً وَلَكِنْ أَتَى ... يُعَرِّضُ لِي
أَنَّهُ مُعْرِضُ
أَخذ عَنْ: صَاعدِ بن الحَسَنِ الرَّبَعِيّ وَغَيْرِه.
تُوُفِّيَ سنة سبع وعشرين وأربع مائة.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "13/ 86".
2 ترجمته في الصلة لابن بشكوال "2/ 369"، ووفيات الأعيان
لابن خلكان "3/ 193".
(13/204)
المعتلي، ابن شهاب:
3993- المعتلي 1:
أَمِيْرُ الأَنْدَلُس، أَبُو زَكَرِيَّا؛ يَحْيَى بنُ
عَلِيِّ بنِ حَمُّوْدٍ، الحَسَنِيُّ الإِدْرِيْسِيُّ
المَغْرِبِيُّ، المُلَقَّبُ بِالمُعْتَلِي بِاللهِ.
تَوَثَّبَ عَلَى عَمِّه الأَمِيْر القَاسِمِ بنِ حَمُّوْد،
وَزَحَفَ إِلَيْهِ مِنْ مَالِقَة، وَتَمَلَّكَ قُرْطُبَة،
ثُمَّ ترَاجع أَمرُ القَاسِمِ، وَاسْتمَال البَرْبَرَ،
وَحَشَدَ وَقَصَدَ قُرْطُبَة فِي سَنَةِ ثَلاَثَ عَشْرَةَ
وَأَرْبَع مائَة، فَفَرَّ المُعْتَلِي إِلَى مَالِقَة،
ثُمَّ اضطربَ أَمرُ القَاسِمِ بَعْد يَسِيْرٍ، وَتغلَّبَ
المُعْتَلِي عَلَى الجَزِيْرَةِ الخَضْرَاءِ، وَكَانَتْ
أُمُّهُ عَلَويَّةً أَيْضاً، ثُمَّ تَلَقَّبَ بِأَمِيْرِ
المُؤْمِنِيْنَ، وَاسْتفحل أَمرُه، وَتسلَّم قُرْطُبَةَ
ثَانياً، وَتَسَلَّمَ القِلاعَ قَبْل سَنَة عِشْرِيْنَ،
ثُمَّ حاصر إشبيلية، وكبيرها القاضي محمد ابن
إِسْمَاعِيْلَ بن عَبَّاد، فَبرز عِدَّةُ فوَارس
للمُبَارزَة، فسَاق لقتَالهم المُعْتَلِي بِنَفْسِهِ
وَهُوَ مَخْمُورٌ، فَقتلُوهُ فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ
سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، فَقَامَ بَعْدَهُ
وَلده إِدْرِيْس.
واتَّفَقَ فِي العَام مَوْتُ الأَمِيْرِ المُعَتَدِّ
بِاللهِ أَبِي بَكْرٍ هِشَامِ بن محمد بن عبد الملك بن
الناصر المَرْوَانِيّ، وَكَانَ قَدْ بُوْيِع، وَنهضَ
بِأَمره عَمِيْدُ قُرْطُبَة أَبُو الحَزْم جَهْوَرُ بنُ
مُحَمَّدٍ، فعقدُوا لَهُ فِي سَنَةِ ثَمَانِ عَشْرَةَ،
وَبَقِيَ مُتَرَدِّداً فِي الثُّغُوْر ثَلاَث سِنِيْنَ،
وَثَارَت فتنٌ وَبلاَيَا وَاضطرَابٌ، ثُمَّ خلعه الجُنْدُ،
وَأُهين، فَالتَجَأَ إِلَى ابْنِ هود بسَرَقُسْطَة إِلَى
أَنْ مَاتَ عَنْ ثَلاَث وَسِتِّيْنَ سَنَةً، فَهُوَ آخِر
المَرْوَانِيَّة.
3994- ابْنُ شهاب 2:
الإِمَامُ العَلاَّمَةُ الأَوْحَدُ، الكَاتِبُ
المُجَوِّدُ، أَبُو عَلِيٍّ؛ الحَسَنُ بنُ شِهَاب بنِ
الحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ، العُكْبَرِيُّ، الفَقِيْهُ
الحَنْبَلِيُّ.
مَولِدُه سَنَة خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَطلب الحَدِيْثَ فِي رجوليَّتهِ، فسَمِعَ: من: أبي علي بن
الصواف، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ خَلاَّد، وَأَبِي بَكْرٍ
القَطِيْعِيِّ، وَحَبِيْبِ بنِ الحَسَنِ القَزَّاز، فَمَنْ
بَعْدهُم.
وَبَرَعَ فِي المَذْهَب، وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الفِقْهِ
وَالعَرَبِيَّةِ وَالشِّعرِ وَكِتَابَةِ المَنْسُوب.
وَثَّقَه أَبُو بَكْرٍ البَرْقَانِيّ.
__________
1 تقدمت ترجمته في الجزء الثاني عشر برقم ترجمة عام
"3707"، وبتعليقنا رقم "737".
2 ترجمته في تاريخ بغداد "7/ 329"، والمنتظم لابن الجوزي
"8/ 92"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 241".
(13/205)
وَحَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ
الخَطِيْبُ، وَعِيْسَى بنُ أَحْمَدَ الهَمَذَانِيُّ.
وَكَانَ يُضرب المَثَلُ بحُسْنِ كتَابته.
قَالَ الخَطِيْبُ: حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ أَحْمَدَ قَالَ:
قَالَ لِي أَبُو عَلِيٍّ بنُ شِهَاب يَوْماً: أَرنِي
خَطَّكَ، فَقَدْ ذُكِرَ لِي أَنَّك سريعُ الكِتَابَة،
فَنظر فِيْهِ، فَلَمْ يُرضه، ثُمَّ قَالَ لِي: كسبتُ فِي
الورَاقَة خَمْسَة وَعِشْرِيْنَ أَلْف دِرْهَم رَاضِيَّة،
كُنْتُ أَشترِي كَاغَداً بخمسَة دَرَاهِم، فَأَكتبُ فِيْهِ
دِيْوَان المُتَنَبِّي فِي ثَلاَث لَيَالٍ، وأبيعه بمائةي
دِرْهَم، وَأَقلُّه بِمائَة وَخَمْسِيْنَ دِرْهَماً،
وَكَذَلِكَ كتبُ الأَدبِ المطلوبَة.
قَالَ الأَزْهَرِيُّ: أَوْصَى بِالثُّلُث لفُقَهَاء
الحَنَابِلَة، فَلَمْ يُعْطَوا شَيْئاً، أَخذ السُّلْطَانُ
مِنْ تَرِكَتِهِ ألفَ دِيْنَار سِوَى العَقَار.
مَاتَ ابْنُ شِهَاب فِي رَجَبٍ سَنَةَ ثَمَانٍ
وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائة.
(13/206)
3995- ابن
باكويه 1:
الإِمَامُ الصَّالِحُ المُحَدِّثُ، شَيْخُ الصُّوْفِيَّة؛
أَبُو عَبْدِ اللهِ، مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ
عُبَيْدِ اللهِ بنِ بَاكُويَه، الشِّيْرَازِيُّ.
وُلِدَ سَنَةَ نَيِّفٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَطلب هَذَا الشَّأْنَ، وَارْتَحَلَ فِيْهِ.
وَسَمِعَ: مُحَمَّدَ بنَ خَفِيف الزَّاهِد، وَمُحَمَّدَ بن
نَاصِح الكَرَجِي، وَأَبَا أَحْمَد بنَ عَدِيّ، وَأَبَا
بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيَّ، وَأَبَا يَعْقُوْب
النَّجِيْرمِيَّ، وَأَبَا بَكْرٍ القَطِيْعِيّ، وَأَبَا
الفَضْل مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ خَمِيْرُوَيْه
الهَرَوِيَّ، وَعَلِيَّ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
البَكَّائِيّ الكُوْفِيَّ، وَمُغِيْرَةَ بنَ عَمْرٍو
المَكِّيَّ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنَ مُحَمَّدٍ البَلْخِيَّ
الفَرَّاء، وَأَبَا بَكْرٍ بن المقرىء، وَأَبَا بَكْرٍ
يُوْسُفَ بنَ القَاسِمِ المَيَانَجِي، وَلقِي بِبُخَارَى
أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بنَ القَاسِمِ الفَارِسِيَّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو القَاسِمِ القُشَيْرِيُّ، وَعَبْدُ
الوَاحِدِ وَلدُ القُشَيْرِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ خَلَف
الشِّيْرَازِيُّ، وَعَبْدُ الوَهَّابِ بنُ أَحْمَدَ
الثَّقَفِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ أَبِي صَادِق الحِيْرِيُّ،
وَعَبْدُ الغَفَّارِ بنُ مُحَمَّدٍ الشيروبي، وَآخَرُوْنَ.
وَقَعَ لِي جُزْءٌ مِنْ حَدِيْثِهِ، وَلَهُ تَصَانِيْفُ
وَجموع.
قَالَ أَبُو صَالِحٍ المُؤَذِّنُ: نظرتُ فِي أَجزَاء أَبِي
عَبْدِ اللهِ بنِ بَاكُويَه، فَلَمْ أَجِدْ عَلَيْهَا
آثَار السَّمَاع، وَأَحسنُ مَا سَمِعْتُ عَلَيْهِ
الحكَايَاتُ.
قَالَ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ الكُتبِي: مَاتَ سَنَةَ
ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
__________
1 ترجمته في الأنساب للسمعاني "2/ 54"، واللباب لابن
الأثير "1/ 113"، والعبر "3/ 167". وشذرات الذهب لابن
العماد "3/ 242".
(13/206)
3996- أبو
عمران الفاسي 1:
الإِمَامُ الكَبِيْرُ، العَلاَّمَةُ، عَالِمُ
القَيْرَوَان، أَبُو عِمْرَانَ؛ مُوْسَى بنُ عِيْسَى بنِ
أَبِي حَاجّ يَحُجّ، البَرْبَرِيُّ، الغَفَجومِي
الزَّنَاتِيُّ، الفَاسِيُّ المَالِكِيُّ، أَحدُ
الأَعلاَمِ.
تَفَقَّهَ بِأَبِي الحَسَنِ القَابِسِي، وَهُوَ أَكْبَرُ
تَلاَمِذَتِهِ، وَدَخَلَ إِلَى الأَنْدَلُسِ، فتَفَقَّهَ
بِأَبِي مُحَمَّدٍ الأَصِيْلِي. وَسَمِعَ: مِنْ عَبْدِ
الوَارِث بنِ سُفْيَان، وَسَعِيْدِ بنِ نَصْرٍ، وَأَحْمَد
بنِ القَاسِمِ التَّاهَرْتِي.
قَالَ أَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ البَرِّ: كَانَ صَاحِبِي
عِنْدَهُم، وَأَنَا دَلَلْتُهُ عَلَيْهِم.
قُلْتُ: حَجَّ غَيْر مَرَّةٍ، وَأَخَذَ القرَاءاتِ
بِبَغْدَادَ عَنْ أَبِي الحَسَنِ الحَمَّامِي، وَغَيْرِه،
وَسَمِعَ: مِنْ أَبِي الفَتْح بنِ أَبِي الفَوَارِس،
وَالموجودين، وَأَخَذَ علم العَقْلِيَّات عَنِ القَاضِي
أَبِي بَكْرٍ بنِ البَاقِلاَّنِيّ فِي سَنَةِ تسع وتسعين
وسنة أربع مائة.
قَالَ حَاتِمُ بنُ مُحَمَّدٍ: كَانَ أَبُو عِمْرَانَ مِنْ
أَعلم النَّاسِ وَأَحْفَظِهم، جمع حِفْظَ الفِقْهِ إِلَى
الحَدِيْثِ وَمَعْرِفَةِ معَانيه، وَكَانَ يقرأُ
القرَاءاتِ وَيُجَوِّدُهَا، وَيَعرفُ الرِّجَالَ
وَالجَرْحَ وَالتَّعْدِيْل، أَخَذَ عَنْهُ النَّاسُ مِنْ
أَقطَارِ المَغْرِب، لَمْ أَلقَ أَحداً أَوسعَ عِلْماً
مِنْهُ، وَلاَ أَكْثَرَ رِوَايَةً.
قَالَ ابْنُ بَشْكُوَالٍ: أَقرأَ النَّاسَ بِالقَيْرَوَان،
ثُمَّ تركَ ذَلِكَ، وَدَرَّسَ الفِقْهَ، وَرَوَى
الحَدِيْثَ.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ: وَلدتُ مَعَ أَبِي عِمْرَانَ
فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قَالَ أَبُو عَمرٍو الدَّانِيُّ: تُوُفِّيَ فِي ثَالث عشر
رَمَضَان سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
قُلْتُ: تخرَّج بِهَذَا الإِمَام خلقٌ مِنَ الفُقَهَاء
وَالعُلَمَاء.
وحكَى القَاضِي عِيَاض قَالَ: حَدَثَ فِي القَيْرَوَان
مَسْأَلَةٌ فِي الكفار؛ هل يعرفون الله-
__________
1 ترجمته في الإكمال لابن ماكولا "7/ 80"، والأنساب
للسمعاني "9/ 224"، واللباب لابن الأثير "2/ 407"، والعبر
"3/ 172"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 30"، وشذرات
الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 247".
(13/207)
تَعَالَى أُم لاَ؟ فَوَقَعَ فِيْهَا
اختلاَفُ العُلَمَاء، وَوقعتْ فِي أَلْسِنَةِ العَامَّةِ،
وَكثُر المِرَاءُ، وَاقْتَتَلُوا فِي الأَسواق إِلَى أَنْ
ذهبُوا إِلَى أَبِي عِمْرَانَ الفَاسِيّ، فَقَالَ: إِن
أَنصَتُّم، عَلَّمْتُكُم. قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: لاَ
يكلِّمُنِي إلَّا رَجُلٌ، وَيَسْمَعُ: البَاقُوْنَ.
فَنَصَبُوا وَاحِداً، فَقَالَ لَهُ: أَرَأَيْتَ لَوْ لقيت
رجلًا، فَقُلْتُ لَهُ: أَتعرفُ أَبَا عِمْرَان الفَاسِيَّ؟
قَالَ: نَعَمْ. فَقُلْتَ لَهُ: صِفْهِ لِي. قَالَ: هُوَ
بقَّالٌ فِي سُوق كَذَا، وَيسكُن سَبْتَة، أَكَانَ
يعرِفُنِي? فَقَالَ: لاَ. فَقَالَ: لَوْ لقيتَ آخَرَ
فسأَلتَه كَمَا سَأَلتَ الأَوَّل، فَقَالَ: أَعرفُه،
يُدرِّس العِلْمَ، وَيُفْتِي، وَيَسْكُنُ بِغَربٍ
الشَّماط، أَكَانَ يَعْرِفُنِي؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ:
فكَذَلِكَ الكَافِرُ قَالَ: لرَبِّه صَاحِبةٌ وَولدٌ،
وَأَنَّهُ جسمٌ، فَلَمْ يَعْرِف اللهَ وَلاَ وَصَفَهُ
بِصِفَتِهِ بِخِلاَف المُؤْمِن. فَقَالوا: شَفَيْتَنَا.
وَدعَوا لَهُ، وَلَمْ يخوضُوا بَعْدُ فِي المَسْأَلَة.
قُلْتُ: المشركُون وَالكتَابيُّون وَغَيْرُهُم عَرَفُوا
اللهَ تَعَالَى بِمعنَى أَنَّهُم لَمْ يَجْحَدُوهُ،
وَعَرَفُوا أَنَّهُ خَالِقُهُم، قَالَ -تَعَالَى:
{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ
اللَّه} [الزُّخرف: 87] وَقَالَ: {قَالَتْ رُسُلُهُمْ
أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}
[إبراهيم: 10] ، فهؤلاء لم ينكروا البارىء، ولا جحدوا
الصَّانعَ، بَلْ عَرَفُوهُ، وَإِنَّمَا جَهِلُوا نُعُوتَهُ
المُقَدَّسَة، وَقَالُوا عَلَيْهِ مَا لاَ يَعْلَمُوْنَ،
وَالمُؤْمِنُ فَعَرف رَبَّهُ بِصِفَاتِ الكَمَال، وَنفَى
عَنْهُ سمَاتِ النَّقْصِ فِي الجُمْلَةِ، وآمن بِرَبِّهِ،
وَكفَّ عَمَّا لاَ يعلَمُ، فَبهَذَا يتبيَّنُ لَكَ أَنَّ
الكَافِر عَرَفَ اللهَ مِنْ وَجْهٍ، وَجَهِلَهُ مِنْ
وُجُوه، وَالنبيُّون عرفُوا اللهَ تَعَالَى، وَبَعْضُهُم
أَكملُ مَعْرِفَةً لله، وَالأَوْلِيَاءُ فَعَرفُوهُ
مَعْرِفَةً جَيِّدَةً، وَلَكِنَّهَا دُوْنَ مَعْرِفَةِ
الأَنْبِيَاء، ثُمَّ المُؤْمِنُوْنَ العَالِمُوْنَ
بعدَهُم، ثُمَّ الصَّالِحُوْنَ دونَهُم. فَالنَّاسُ فِي
مَعْرِفَةِ رَبِّهم مُتَفَاوِتُوْنَ، كَمَا أَنَّ
إِيْمَانَهُم يَزِيْدُ وَيَنْقُص، بَلْ وَكَذَلِكَ
الأُمَّةُ فِي الإِيْمَانِ بِنَبِيِّهم وَالمعرفَةِ لَهُ
عَلَى مرَاتب، فَأَرفعُهُم فِي ذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ
الصِّدِّيقُ مثلاً، ثم عدد مِنَ السَّابِقِيْن، ثُمَّ
سَائِر الصَّحَابَة، ثُمَّ عُلَمَاءُ التَّابِعِيْنَ،
إِلَى أَنْ تَنْتَهِي المعرفَةُ بِهِ وَالإِيْمَانُ بِهِ
إِلَى أَعْرَابِيٍّ جَاهِلٍ وَامْرَأَةٍ مِنْ نسَاء
القُرَى، وَدُوْنَ ذَلِكَ. وَكَذَلِكَ القَوْلُ فِي
مَعْرِفَةِ الناس لدين الإسلام.
(13/208)
بشري، محمد بن عوف:
3997- بشرى 1:
ابن مسيس، وَهُوَ ابْنُ عَبْدِ اللهِ، الشَّيْخُ
المُعَمَّر، الصَّالِحُ الصَّادِقُ المُسْنِدُ، أَبُو
الحَسَنِ، الرُّوْمِيُّ الفَاتِنِيُّ؛ مَوْلَى فَاتِنٍ
الأَمِيْرِ، مَوْلَى المُطِيعِ للهِ.
أُسِرَ مِنْ أَرْضِ الرُّوْم وَهُوَ أَمردُ، فحكَى قَالَ:
أَهدَانِي بَعْضُ بنِي حَمْدَان إِلَى فَاتن،
فَأَدَّبنِي، وَأَسْمَعَنِي، ثُمَّ وَردَ أَبِي إِلَى
بَغْدَادَ سرّاً لِيَتَلَطَّفَ فِي أَخْذِي، فَلَمَّا
رَآنِي عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ مِنَ الإِسْلاَمِ
وَالاشتغَالِ بِالعِلْم، يئسَ مِنِّي، وَرَجَع.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي بَكْرٍ بنِ الهَيْثَم الأَنْبَارِيّ،
وَمُحَمَّدِ بنِ بَدْر الحَمَامِي، وَعُمَر بنِ مُحَمَّدِ
بنِ حَاتِم التِّرْمِذِيِّ، وَسَعْدِ بن مُحَمَّدٍ
الصَّيْرَفِيّ، وَمُحَمَّدِ بن حُمَيْد المُخَرّمِيّ،
وَابنِ سَلْمٍ الخُتُّلِيّ، والحافظ أبي مُحَمَّد بن
السّقَّاء، وَأَبِي يَعْقُوْبَ النَّجِيْرَمِي، وَأَبِي
بَكْرٍ القَطِيْعِيّ، وَطَائِفَة.
حَدَّثَ عَنْهُ: الخَطِيْبُ، وَخَالِدُ بنُ عَبْدِ
الوَاحِدِ التَّاجِر، وَهِبَةُ اللهِ بنُ أحمد الموصلي،
والأمير أبو نصر ابن مَاكُوْلاَ، وَأَبُو القَاسِمِ بنُ
بَيَانٍ الرَّزَّاز، وَأَبُو يَاسِرٍ أَحْمَدُ بنُ
بُنْدَار، وَعِدَّة.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَتَبْتُ عَنْهُ، وَكَانَ صَدُوْقاً
صَالِحاً، تُوُفِّيَ يَوْم عِيْد الفِطْرِ سَنَة إِحْدَى
وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
قُلْتُ: مَاتَ فِي عشر المائَة.
قَالَ الخَطِيْبُ: حَدَّثَنِي أَنَّ أَبَاهُ وَرد
بَغْدَادَ سِرّاً لِيَتَلَطَّفَ فِي أَخْذِهِ، قَالَ:
فَلَمَّا رَآنِي عَلَى تِلْكَ الحَالَةِ مِنَ الاشتغَالِ
بِالعِلْمِ وَالمُثَابَرَة عَلَى لِقَاء الشُّيُوْخِ،
عَلِمَ ثُبُوت الإِسْلاَمِ فِي قَلْبِي، فَانْصَرَفَ.
وَفِيْهَا مَاتَ أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ الحُسَيْنِ
بنِ دُومَا النِّعَالِيّ، وَالقَاضِي أَبُو عَمْرٍو
سَيَّارُ بنُ يَحْيَى الهَرَوِيُّ وَالدُ صَاعد،
وَالقَاضِي أَبُو العَلاَءِ صَاعدُ بنُ مُحَمَّدٍ
الأُسْتَوَائِيّ، وَأَبُو سَعْدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
الحَسَنِ بنِ عَلِيَّك، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ
العَزِيْزِ ابْن الطُّبَيز بِدِمَشْقَ، وَعُثْمَانُ بنُ
أَحْمَدَ القَيْشَطَالِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ
التميمي الجواليقي، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ
اللهِ بنِ شَاذَانَ الأَعْرَجُ، وَأَبُو مَنْصُوْرٍ
مُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى الهَمَذَانِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ
الفَضْلِ بنِ نَظِيْف الفَرَّاء، وَالمُسَدَّدُ بنُ
عَلِيٍّ الأُمْلُوْكِيُّ، وَالمُفَضَّلُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ
بن أَبِي بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ
عَوْفٍ المزني بدمشق.
3998- محمد بن عوف 2:
ابن أحمد بن محمد بن عبد الرحمن، الإِمَامُ المُحَدِّثُ
الحُجَّةُ، أَبُو الحَسَنِ المُزَنِيُّ الدِّمَشْقِيُّ.
وَكَانَ تَكنَّى قَدِيْماً بِأَبِي بَكْرٍ، فَلَمَّا
مَنَعت الدَّوْلَة العُبَيْدِيَّة مِنَ التَّكنِّي
بِذَلِكَ، تَكَنَّى بِأَبِي الحسن.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "7/ 135"، والإكمال لابن ماكولا
"7/ 51"، والأنساب للسمعاني "9/ 208"، واللباب لابن الأثير
"2/ 401"، والعبر "3/ 173"، وشذرات الذهب لابن العماد
الحنبلي "3/ 248".
2 ترجمته في العبر "3/ 175"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين
الصفدي "4/ 294"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/
249".
(13/209)
حَدَّثَ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الحَسَنِ بنِ
مُنِيْر، وَأَبِي عَلِيٍّ بنِ أَبِي الرّمرَام، وَمُحَمَّد
بن مَعْيُوف، وَالفَضْلِ بنِ جَعْفَرٍ المُؤَذِّن،
وَالقَاضِي يُوْسُف المَيَانَجِيّ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ
بنِ زَبْرٍ، وَعِدَّة.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدُ العَزِيْزِ الكَتَّانِيّ،
وَالحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَبِي الحَدِيْد، وَأَبُو
القَاسِمِ بنُ أَبِي العَلاَءِ، وَأَبُو الطَّاهِرِ بنُ
أَبِي الصَّقْرِ الأَنْبَارِيّ، والفقيه نصر ابن
إِبْرَاهِيْمَ، وَعَلِيُّ بنُ بَكَّار الصُّوْرِيّ،
وَسَعْدُ بنُ عَلِيٍّ الزَّنْجَانِيّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الكَتَّانِيّ: كَانَ شَيْخاً ثِقَةً نَبِيْلاً
مَأْمُوْناً، تُوُفِّيَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ سنَةَ
إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
قُلْتُ: كَانَ مِنْ أَبْنَاءِ التِّسْعِيْنَ أَوْ دونَهَا.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الصَّالِحيّ،
أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ الحسين ابن الحَسَنِ
الأَسَدِيُّ سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَسِتّ مائَة، أَخْبَرَنَا
جَدِّي، أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ
الوَاحِدِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَوْف، أَخْبَرَنَا
الفَضْلُ بنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
القَاسِمِ بنِ الرّوَّاس، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ
بنُ إِسْمَاعِيْلَ ابن يَحْيَى، حَدَّثَنِي الوَلِيْدُ بنُ
مُحَمَّدٍ قَالَ: قَالَ الزُّهْرِيُّ: حَدَّثَنِي أَنَسٍ
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
كَانَ يُصَلِّي العَصْرَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ
حَيَّةٌ، فَيَذْهَب الذَّاهبُ إِلَى العوَالِي،
فَيَأْتيهَا وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَة1.
العوَالِي عَنِ المَدِيْنَة: أَرْبَعَة أَمِيَالٍ.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "550"، "551"، ومسلم "621"، وأبو
داود "404" من طريق ابن شهاب، عن أنس، به.
(13/210)
3999- ابن
المزكي 1:
المُحَدِّثُ الصَّادِقُ المُعَمَّر، أَبُو عَبْدِ اللهِ،
مُحَمَّدُ بن المُحَدِّثِ أَبِي إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمَ
بنِ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ سختويه، النيسابوري المزكي،
أحد الإِخوَة الخَمْسَةِ وَهُوَ أَصغرُهُم.
حَدَّثَ عَنْ: وَالدِهِ أَبِي إِسْحَاقَ المُزَكِّي،
وَأَبِي العَبَّاسِ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ الصِّبْغِيّ،
وَحَامِدِ بنِ مُحَمَّدٍ الرَّفَّاء، وَأَبِي عَمْرٍو بنِ
مَطَر، وَيَحْيَى بنِ مَنْصُوْرٍ القَاضِي، وَأَبِي بَكْرٍ
بنِ الهَيْثَمِ الأَنْبَارِيّ، وَأَبِي بَحْر
البَرْبَهَارِيّ، وَأَبِي بَكْرٍ عَبْدِ اللهِ بنِ يَحْيَى
الطَّلْحِيّ، وَعِدَّة.
وَانْتَقَى عَلَيْهِ أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مَنْجُوَيْه
الحَافِظُ، وَأَبُو حَازِمٍ العَبْدُويي، وَكَانَ صَحِيْحَ
الأُصُوْل.
قَالَ عَبْدُ الغَافِرِ الفَارِسِيُّ: كَانَ أَبِي
يتَأَسَّفُ عَلَى فواتِ السَّمَاع مِنْهُ، وَقَدْ
أَخْبَرَنَا عَنْهُ أَخوَالِي؛ أَبُو سَعْدٍ، وَأَبُو
سَعِيْدٍ، وَأَبُو مَنْصُوْرٍ، وَنَافِعُ بنُ مُحَمَّدٍ
الأَبِيْوَردِي، وَفُلاَنٌ الشَّقَّانِي، وَأَبُو بَكْرٍ
مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى المُزَكِّي بنُ أَخِيْهِ، وَعَلِيُّ
بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ العُثْمَانِيّ.
قُلْتُ: وَأَبُو سَعْدٍ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ
أَبِي صَادِق، وَعَبْدُ الغَفَّارِ بن مُحَمَّدٍ الشيروبي،
وَآخَرُوْنَ.
مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ،
وَكَانَ مِنْ أَبنَاءِ الثَّمَانِيْنَ، رَحِمَهُ اللهُ.
__________
1 ترجمته في العبر "3/ 163"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين
الصفدي "1/ 350"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/
233".
(13/210)
القرشي، النصرويي:
4000- القرشي 1:
الإِمَامُ المُسْنِدُ العَدْلُ، أَبُو عُثْمَانَ؛ سَعِيْدُ
بنُ العباس بن محمد بن عَلِيِّ بنِ سَعِيْدٍ، القُرَشِيُّ
الهَرَوِيُّ.
سَمِعَ: أَبَا عَلِيٍّ حَامِدَ بنَ مُحَمَّدٍ الرَّفَّاء،
وَأَبَا حَامِدٍ بنَ حَسْنُوَيْه، وَأَبَا الفَضْل بنَ
خَمِيْرُوَيْه، وَمَنْصُوْرَ بن العَبَّاسِ
البُوْشَنْجِيّ، وَجَمَاعَةً تَفَرَّد بِالرِّوَايَةِ
عَنْهُم.
وَانتخب عَلَيْهِ الحَافِظ أَبُو يَعْقُوْبَ القَرَّاب
أَجزَاء كَثِيْرَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، وَأَبُو
إِسْمَاعِيْلَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيُّ،
وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ العُمَيْرِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
عَاشَ أَرْبَعَا وَثَمَانِيْنَ سَنَةً. مَاتَ فِي
المُحَرَّمِ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ.
وَكَانَ مِنْ سَرَوَاتِ الرِّجَالِ وَبقَايَا المسندين
بهراة.
4001- النصرويي 2:
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ، الإِمَامُ المُحَدِّثُ، أَبُو
سَعْدٍ، عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ حَمْدَانَ بنِ مُحَمَّدِ
بنِ حَمْدَانَ بن نَصْرُويه، النَّصْروييُّ بِصَادٍ
مُهْمَلَةٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ.
رَحل وَكَتَبَ الكَثِيْر، وَرَوَى "مُسند" إِسْحَاق
وَغَيْرَ ذَلِكَ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي عَمْرٍو بنِ نُجَيْد، وَأَبِي الحسن
السراج، وأبي محمد ابْن مَاسِي، وَمُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ
المُفِيْد، وَأَبِي بَكْرٍ القَطِيْعِيّ، وَأَبِي عَبْدِ
اللهِ العُصْمِيّ، وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: الخَطِيْبُ، وَالبَيْهَقِيُّ، وَأَبُو
عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
مَحْمُويه، وَعَبْدُ الغَفَّارِ الشِّيْرُوْيِي،
وَعِدَّةٌ. وَسَمَاعُهُ لمُسْنَد إِسْحَاق مِنْ عَبْدِ
اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ زِيَاد السِّمِّذِي.
مَاتَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ بنِ
أَحْمَدَ الطَّيَّان بِدِمَشْقَ، وَأَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ
بنُ الحُسَيْنِ الكَسَّار، وَأَبُو عُثْمَانَ سَعِيْدُ بنُ
العَبَّاسِ القُرَشِيّ الهَرَوِيُّ، وَأَبُو الحَسَنِ
عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ السِّمْسَار، وَأَبُو عَبْدِ
اللهِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ
البَاجِي، وَالسُّلْطَانُ مسعود بن السُّلْطَانِ
مَحْمُوْدِ بنِ سُبُكْتِكِيْن، وَقَاضِي إِشْبِيْليَةَ
المَلِكُ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ عَبَّاد،
وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ فَاذشَاهُ، وَأَبُو
القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ محمد الزيدي؛ شيخ حران.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "9/ 113، 114"، والأنساب "10/
94"، والعبر "3/ 178" وشذرات الذهب "3/ 50".
2 ترجمته في اللباب لابن الأثير "3/ 311"، والعبر "3/
178"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 250".
(13/211)
4002- أبو ذر
الهروي 1:
الحَافِظُ الإِمَامُ المُجَوِّدُ، العَلاَّمَةُ، شَيْخُ
الحرمِ، أَبُو ذر؛ عبد بنُ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
عَبْدِ اللهِ بنِ غُفير بن مُحَمَّدٍ، المَعْرُوفُ
بِبَلَدِهِ بِابْنِ السَّمَّاك، الأَنْصَارِيُّ
الخُرَاسَانِيُّ الهَرَوِيُّ المَالِكِيُّ، صَاحِبُ
التَّصَانِيْفِ، وَرَاوي الصَّحِيْح عَنِ الثَّلاَثَةِ:
المُسْتَمْلِي، وَالحَمْوِيِّ، وَالكُشْمِيْهَنِيِّ.
قَالَ: وُلِدْتُ سَنَةَ خَمْسٍ أَوْ سِتّ وَخَمْسِيْنَ
وَثَلاَثِ مائَةٍ.
سَمِعَ: أَبَا الفَضْل مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ
خَمِيْرُوَيْه، وَبِشْرَ بنَ مُحَمَّدٍ المُزَنِيّ،
وَعِدَّةً بهَرَاةَ، وَأَبَا بَكْرٍ هِلاَلَ بنَ مُحَمَّدِ
بنِ مُحَمَّد، وَشَيْبَانَ بنَ مُحَمَّدٍ الضُّبَعِيّ
بِالبَصْرَةِ، وَعُبَيْدَ اللهِ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ
الزُّهْرِيّ، وَأَبَا عُمَرَ بنَ حَيُّوَيْه، وَعَلِيَّ
بنَ عُمَرَ السكري، وأبا الحسن الدارقطنين وَطَبَقَتهُم
بِبَغْدَادَ، وَعَبْدَ الوَهَّاب الكِلاَبِيّ وَنَحْوهُ
بِدِمَشْقَ، وأبا مسلم الكاتب وطبقته بمصر، وزاهر ابن
أَحْمَدَ الفَقِيْهَ بسَرْخَس، وَأَبَا إِسْحَاقَ
إِبْرَاهِيْمَ بنَ أَحْمَدَ المُسْتَمْلِي ببَلْخ، وَأَبَا
إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ
عُثْمَانَ الدِّيْنَوَرِيَّ، وَغَيْرهُ بِمَكَّةَ.
وَأَلَّف مُعْجَماً لِشُيُوخِهِ، وَحَدَّثَ بِخُرَاسَانَ
وَبغدَاد والحرم.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 141"، والمنتظم لابن الجوزي
"1/ 115"، والعبر "3/ 180"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 997"،
والنجوم الزاهرة لابن تغرى بردي "5/ 36"، وشذرات الذهب
لابن العماد الحنبلي "3/ 254".
(13/212)
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ أَبُو مَكْتُوْم
عِيْسَى، وَمُوْسَى بن علي الصقلي، وعلي ابن مُحَمَّدِ بنِ
أَبِي الْهَوْل، وَالقَاضِي أَبُو الوَلِيْدِ البَاجِيُّ،
وَأَبُو عِمْرَانَ مُوْسَى بنُ أَبِي حَاج الفَارِسِيّ،
وَأَبُو العَبَّاسِ بنُ دِلْهَاث، وَمُحَمَّدُ بنُ
شُرَيْح، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْظُوْر، وَعَبْدُ
اللهِ بنُ الحَسَنِ التِّنِّيْسِيُّ، وَأَبُو صَالِحٍ
أَحْمَدُ بن عبد الْملك المُؤَذِّن، وَعَلِيُّ بنُ بَكَّار
الصُّوْرِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ القَزْوِيْنِيّ،
وَأَبُو الطَّاهِرِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ سَعِيْدٍ
النَّحْوِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ سَعِيْدٍ
الشَّنْتَجَالِي، وَعَبْدُ الحَقِّ بنُ هَارُوْنَ
السَّهْمِيّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ المُهْتَدِي بِاللهِ،
وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ الغَالِب البَغْدَادِيُّ، وَأَبُو
بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الطُّرَيْثِيْثِيُّ، وأبو
شاكر أحمد ابن عَلِيٍّ العُثْمَانِيّ، وَعِنْدَهُ عَنْهُ
فردُ حَدِيْث، وَعِدَّة.
وَرَوَى عَنْهُ بِالإِجَازَةِ: أَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ
البَرِّ، وَأَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، وَأَحْمَدُ بنُ
عَبْدِ القَادِرِ اليُوْسُفِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ
أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ غَلْبُوْنَ الخَوْلاَنِيُّ
المتُوُفَّى فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَخَمْسِ مائَةٍ.
أَخْبَرَنَا المُسَلَّمُ بنُ مُحَمَّدٍ فِي كِتَابِهِ،
عَنِ القَاسِمِ بنِ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا أَبِي،
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ الجَرْبَاذْقَانِي
بهَرَاة "ح" وَأَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ الغرَّافِي،
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ رُوزبه بِبَغْدَادَ، أَخْبَرَنَا
أَبُو الوَقْتِ السِّجْزِيُّ قَالاَ: أَخْبَرَنَا أَبُو
إِسْمَاعِيْلَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيُّ
قَالَ: عَبْدُ بنُ أَحْمَدَ السَّمَّاك الحَافِظُ
صَدُوْقٌ، تَكَلَّمُوا فِي رَأْيِهِ، سَمِعْتُ مِنْهُ
حَدِيْثاً وَاحِداً عَنْ شَيْبَان بن مُحَمَّدٍ
الضُّبَعِيّ، عَنْ أَبِي خَلِيْفَة، عَنْ عَلِيِّ بنِ
المَدِيْنِيِّ حَدِيْث جَابِر بطُولِهِ فِي الحَجِّ1 قَالَ
لِي: اقرأهُ عليَّ حَتَّى تَعتَادَ قِرَاءةَ الحَدِيْثِ،
وَهُوَ أول حديث قرأتُهُ عَلَى الشَّيْخِ، وَنَاولتُهُ
الجُزْء، فَقَالَ: لَسْتُ عَلَى وُضُوْءٍ، فَضَعْهُ.
قَالَ أَبُو ذَر: سَمِعْتُ الحَدِيْثَ مِنِ ابْنِ
خَمِيْرُوَيْه.
قُلْتُ: هُوَ أَقدمُ شَيْخٍ لَهُ.
قَالَ: وَدَخَلْتُ عَلَى أَبِي حَاتِمٍ بنِ أَبِي الفَضْلِ
قَبْلَ ذَلِكَ، وَسمِعتُهُ يُمْلِي يَقُوْلُ: حَدَّثَنَا
الحُسَيْنُ بنُ إِدْرِيْسَ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ
الخَطِيْبُ: قَدِمَ أَبُو ذَر بَغْدَادَ، وَحَدَّثَ بِهَا
وَأَنَا غَائِبٌ، وَخَرَجَ إِلَى مَكَّةَ، وَجَاور، ثُمَّ
تَزَوَّجَ فِي العَرَب، وَأَقَامَ بِالسَّرَوَات، فَكَانَ
يَحُجُّ كُلَّ عَام، وَيُحَدِّثُ، ثُمَّ يرجِعُ إِلَى
أَهلِهِ، وَكَانَ ثِقَةً ضَابطاً دَيِّناً، مَاتَ
بِمَكَّةَ فِي ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ
وثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَقَالَ الأَمِيْنُ ابْنُ الأَكْفَانِيِّ: حَدَّثَنِي
أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ أَبِي حَرِيْصَةَ، قَالَ:
بَلَغَنِي أَنَّ أَبَا ذَرٍّ مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ
بِمَكَّةَ، وكان على مذهب مالك ومذهب الأشعري.
__________
1 صحيح: حديث جابر في حجة النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أخرجه مسلم في حديث طويل "1128".
(13/213)
قُلْتُ: أَخذ الكَلاَمَ وَرَأْيَ أَبِي
الحَسَنِ عَنِ القَاضِي أَبِي بَكْرٍ بنِ الطَّيِّب،
وَبثَّ ذَلِكَ بِمَكَّةَ، وَحمله عَنْهُ المغَاربَةُ إِلَى
المَغْرِب، وَالأَنْدَلُس، وَقبل ذَلِكَ كَانَتْ عُلَمَاءُ
المَغْرِب لاَ يدخُلُوْنَ فِي الكَلاَم، بَلْ يُتْقِنُوْنَ
الفِقْهَ أَوِ الحَدِيْثَ أَوِ العَرَبِيَّةَ، وَلاَ
يَخُوْضُون فِي المعقولاَتِ، وَعَلَى ذَلِكَ كَانَ
الأَصِيْلِيُّ، وَأَبُو الوَلِيْدِ بنُ الفَرَضِيّ،
وَأَبُو عُمَرَ الطَّلَمَنْكِيُّ، وَمَكِّيٌّ القَيْسِيُّ،
وَأَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ، وَأَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ
البَرِّ، وَالعُلَمَاءُ.
وَقَدْ مدح إِسْمَاعِيْلُ بنُ سَعِيْدٍ النَّحْوِيُّ أَبَا
ذَرٍّ بقصيدَة.
قَالَ أَبُو الوَلِيْدِ البَاجِيُّ فِي كِتَاب اختصَار فرق
الفُقَهَاء مِنْ تَأْلِيْفه، فِي ذكر القَاضِي ابْنِ
البَاقِلاَّنِيّ: لَقَدْ أَخْبَرَنِي الشَّيْخُ أَبُو ذَر
وَكَانَ يَمِيلُ إِلَى مَذْهَبِهِ، فَسَأَلْتُهُ: مِنْ
أَيْنَ لَكَ هَذَا؟ قَالَ: إِنِّيْ كُنْتُ مَاشياً
بِبَغْدَادَ مَعَ الحَافِظ الدَّارَقُطْنِيّ، فَلَقِيْنَا
أَبَا بَكْرٍ بنَ الطَّيِّب فَالتزمه الشَّيْخُ أَبُو
الحَسَنِ، وَقبَّلَ وَجهَهَ وَعَيْنَيْهِ، فَلَمَّا
فَارقنَاهُ، قُلْتُ لَهُ: مَنْ هَذَا الَّذِي صَنَعْتَ
بِهِ مَا لَمْ أَعْتَقِدْ أَنَّكَ تَصْنَعُهُ وَأَنْتَ
إِمَامُ وَقْتِكَ؟ فَقَالَ: هَذَا إِمَامُ المُسْلِمِيْنَ،
وَالذَّابُّ عَنِ الدِّيْنِ، هَذَا القَاضِي أَبُو بَكْرٍ
مُحَمَّدُ بنُ الطَّيِّب. قَالَ أَبُو ذَر: فَمِنْ ذَلِكَ
الوَقْت تَكَرَّرْتُ إِلَيْهِ مَعَ أَبِي، كُلُّ بَلَد
دَخَلْتُهُ مِنْ بلاَد خُرَاسَان وَغيرِهَا لاَ يُشَارُ
فِيْهَا إِلَى أَحدٍ مِنْ أَهْلِ السُّنَّة إلَّا مَنْ
كَانَ عَلَى مَذْهَبِهِ وَطَرِيْقِهِ.
قُلْتُ: هُوَ الَّذِي كَانَ بِبَغْدَادَ يُنَاظِرُ عَنِ
السُّنَّة وَطَرِيْقَةِ الحَدِيْث بِالجَدَلِ
وَالبُرْهَانِ، وَبَالحضرَةِ رُؤُوْسُ المُعْتَزِلَةِ
وَالرَّافِضَةِ وَالقَدَرِيَّة وَأَلوَانِ البِدَع، وَلهُم
دَوْلَةٌ وَظُهورٌ بِالدَّوْلَة البُوَيْهِيَّة، وَكَانَ
يَرُدُّ عَلَى الكَرَّامِيَّة، وَينصُرُ الحَنَابِلَةَ
عَلَيْهِم، وبَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهْل الحَدِيْث عَامِرٌ،
وَإِنْ كَانُوا قَدْ يَخْتَلِفُون فِي مَسَائِل دقيقَة،
فلهَذَا عَامَلَه الدَّارَقُطْنِيُّ بِالاحْتِرَام، وَقَدْ
أَلَّفَ كِتَاباً سَمَّاهُ: الإِبَانَة، يَقُوْلُ فِيْهِ:
فَإِن قِيْلَ: فَمَا الدَّلِيْلُ عَلَى أَنَّ للهِ وَجهاً
وَيداً؟ قَالَ: قَوْله: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ}
[الرَّحْمَن: 27] ، وَقوله: {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ
لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: 75] ، فَأَثبت تَعَالَى
لِنَفْسِهِ وَجهاً وَيداً. إِلَى أَنْ قَالَ: فَإِن
قِيْلَ: فَهَلْ تقولُوْنَ: إِنَّهُ فِي كُلِّ مَكَان؟
قِيْلَ: مَعَاذَ اللهِ! بَلْ هُوَ مُسْتَوٍ عَلَى عَرْشِهِ
كَمَا أَخْبَرَ فِي كِتَابِهِ. إِلَى أَنْ قَالَ:
وَصِفَاتُ ذاته التي لم تزل وَلاَ يزَالُ مَوْصُوَفاً
بِهَا: الحَيَاةُ وَالعِلْمُ وَالقُدرَةُ وَالسَّمْعُ:
وَالبَصَرُ وَالكَلاَمُ وَالإِرَادَةُ وَالوَجْهُ
وَاليدَانِ وَالعينَانِ وَالغضبُ وَالرِّضَى. فَهَذَا
نَصُّ كَلاَمه. وَقَالَ نحوَهُ فِي كِتَاب التَّمهيد لَهُ،
وَفِي كِتَاب الذَّبِّ عَنِ الأَشْعَرِيِّ وَقَالَ: قَدْ
بَيِّناً دينَ الأُمَّة وَأَهْلِ السُّنَّة أَنَّ هَذِهِ
الصِّفَات تُمَرُّ كَمَا جَاءت بِغَيْر تكييفٍ وَلاَ
تحَدِيْدٍ وَلاَ تجنيسٍ وَلاَ تصويرٍ.
قُلْتُ: فَهَذَا المنهجُ هُوَ طريقَةُ السَّلَف، وَهُوَ
الَّذِي أَوضحه أَبُو الحَسَنِ وَأَصْحَابُه، وهو
(13/214)
التَسْلِيمُ لنُصُوص الكِتَاب وَالسُّنَّة،
وَبِهِ قَالَ ابْنُ البَاقِلاَّنِيّ، وَابْنُ فُوْرَك،
وَالكِبَارُ إِلَى زَمَن أَبِي المعَالِي، ثُمَّ زَمَنِ
الشَّيْخ أَبِي حَامِدٍ، فَوَقَعَ اختلاَفٌ وَأَلْوَانٌ،
نَسْأَلُ اللهَ العَفْوَ.
وَلأَبِي ذَرٍّ الهروي مصنف في الصفات على موال كِتَاب
أَبِي بَكْرٍ البَيْهَقِيِّ بحَدَّثَنَا وَأَخْبَرَنَا.
قَالَ الحَسَنُ بنُ بَقِيٍّ المَالِقِي: حَدَّثَنِي شَيْخٌ
قَالَ: قِيْلَ لأَبِي ذَرٍّ: أَنْتَ هَرَوِيٌّ فمِنْ
أَيْنَ تَمَذْهَبْتَ بِمَذْهَبِ مَالِك وَرَأْي أَبِي
الحَسَنِ؟ قَالَ: قَدِمْتُ بَغْدَاد. فَذَكَرَ نَحْواً
مِمَّا تقدَّم فِي ابْنِ الطَّيِّب. قَالَ: فَاقتديتُ
بِمَذْهَبِهِ.
قَالَ عَبْدُ الغَافِرِ بنُ إِسْمَاعِيْلَ فِي "تَاريخ
نَيْسَابُوْر": كَانَ أَبُو ذَر زَاهِداً، وَرِعاً
عَالِماً، سَخِيّاً لاَ يَدَّخِرُ شَيْئاً، وَصَارَ مِنْ
كِبَار مَشْيَخَة الحَرَم، مُشَاراً إِلَيْهِ فِي
التَّصوُّف، خَرَّجَ عَلَى الصَّحِيْحَيْنِ تَخْرِيجاً
حَسَناً، وَكَانَ حَافِظاً، كَثِيْرَ الشُّيُوْخ.
قُلْتُ: لَهُ "مُسْتَدْرَكٌ" لَطِيْفٌ فِي مُجَلَّد عَلَى
"الصَّحِيْحَيْنِ" علقت مِنْهُ، يدلُّ عَلَى مَعْرِفَته،
وَلَهُ كِتَابُ "السُّنَّة"، وَكِتَابُ "الجَامع"،
وَكِتَاب "الدُّعَاء"، وَكِتَاب "فَضَائِل القُرْآن"،
وَكِتَاب "دلاَئِل النُّبُوَّة"، وَكِتَاب "شهَادَة
الزُّور"، وَكِتَاب "الْعِيدَيْنِ". الكُلُّ
بِأَسَانِيْدِهِ، وَلَهُ كِتَاب "فَضَائِل مَالِك"، كبير،
و"كتاب الصَّحِيْح المُسْنَد الْمخْرج عَلَى
الصَّحِيْحَيْنِ"، وَ"مسَانيد المُوَطَّأ" وَ"كَرَامَاتَ
الأَوْلِيَاء"، وَ"المنَاسك"، وَ"الرِّبا"، وَ"اليمِين
الفَاجرَة"، وَكِتَاب "مَشْيَخته"، وَأَشْيَاء. وَهَذِهِ
التَّوَالِيفُ لَمْ أَرهَا، بَلْ سمَّاهَا القَاضِي
عِيَاض.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ المُفَضَّلِ الحَافِظ: رَوَى لَنَا
السِّلَفِيّ شَيْخُنَا- أَحَادِيْثَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ
الطُّرَيْثِيْثِيّ بسَمَاعِهِ مِنْ أَبِي ذَرٍّ، وَعَنْ
أَبِي شاكر العثماني حديثًا واحدًا بسماعه منه. وسمع: نا
مِنَ السِّلَفِيّ جَمِيْع صَحِيْح البُخَارِيِّ بِإِجَازته
مِنْ أَبِي مَكْتُوْم عِيْسَى بنِ أَبِي ذَرٍّ، وَكَانَ
شَيْخُنَا أَبُو عُبَيْدٍ نعمَةُ بنُ زيَادَة الله
الغِفَارِيُّ سَمِعَ: الكِتَابَ بِمَكَّةَ مِنْ أَبِي
مَكْتُوْم، فَسَمِعْتُ عَلَيْهِ أَكثَره، وَأَجَاز لِي مَا
بَقِيَ مِنْ آخِره، وآخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْ أَبِي
مَكْتُوْم أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ حُمَيْد بنِ عَمَّار
الأَنْصَارِيُّ بِمَكَّةَ، وَأَجَازَهُ لِي.
قَالَ: وَقَرَأْتُ الكِتَابَ كُلَّه عَلَى شَيْخِنَا أَبِي
طَالِبٍ صَالِحِ بنِ سَنَد بسَمَاعه مِنَ الطُّرْطُوْشِيّ،
عَنْ أَبِي الوَلِيْد البَاجِي، عَنْ أَبِي ذَرٍّ،
وَقرأتُهُ عَلَى أَبِي القَاسِمِ مَخْلُوفِ بن عَلِيٍّ
القَرَوِيِّ، عَنْ أَبِي الحَجَّاج يُوْسُف بن نَادر
الَّلخْمِي، عَنْ عَلِيِّ بنِ سَلْمَان النَّقَّاش، عَنْ
أَبِي ذَرٍّ، عَنْ شُيُوْخه الثَّلاَثَة.
قَالَ الحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ الغَسَّانِيّ: أَخْبَرَنَا
أَبُو القَاسِمِ أَحْمَدُ بنُ أَبِي الوليد الباجي، أخبرنا
(13/215)
أَبِي أَنَّ الفَقِيْهَ أَبَا عِمْرَان
الفَاسِيّ مَضَى إِلَى مَكَّةَ، وَقَدْ كَانَ قرأَ عَلَى
أَبِي ذَرٍّ شَيْئاً، فَوَافق أَبَا ذَرٍّ فِي السَّرَاة
مَوْضِع سُكنَاهُ، فَقَالَ لخَازن كُتُبه: أَخْرِجْ إِليَّ
مِنْ كُتُب الشَّيْخ مَا أَنْسَخُهُ مَا دَام غَائِباً،
فَإِذَا حضَر، قرأتُهُ عَلَيْهِ. فَقَالَ الخَازنُ: لا
أجترىء عَلَى هَذَا، وَلَكِن هَذِهِ المفَاتيحُ إِنْ
شِئْتَ أَنْتَ، فَخُذْ وَافْعَلْ ذَلِكَ. فَأَخَذَهَا،
وَأَخرجَ مَا أَرَادَ، فسَمِعَ: أَبُو ذَر بِالسَّرَاةِ
بِذَلِكَ، فَرَكِبَ، وَطرقَ مَكَّةَ، وَأَخَذَ كُتُبَه،
وَأَقسم أَنْ لاَ يُحَدِّثهُ. فَلَقَدْ أُخْبِرتُ أَنَّ
أَبَا عِمْرَان كَانَ بَعْدُ إِذَا حَدَّثَ عَنْ أَبِي
ذَرٍّ، يُورِّي عَنِ اسْمه، فَيَقُوْلُ: أَخْبَرَنَا أَبُو
عِيْسَى. وَبِذَلِكَ كَانَتِ العَرَبُ تُكَنِّيَهُ باسم
وَلده.
قُلْتُ: قَدْ مَاتَ أَبُو عِمْرَانَ الفَاسِيُّ قَبْلَ
أَبِي ذَرٍّ، وكان قد ألقي القاضي ابن البَاقِلاَّنِيّ
وَالكِبَار، وَمَا لاِنزِعَاجِ أَبِي ذَرٍّ وَجهٌ،
وَالحِكَايَةُ دَالَّةٌ عَلَى زَعَارَّةِ الشَّيْخِ
وَالتّلمِيذِ رحمهُمَا الله.
وَكَانَ وَلدُهُ أَبُو مَكْتُوْم يَحُجُّ مِنَ السَّرَاة،
وَيَروِي، إِلَى أَنْ قَدِمَ فُلاَنٌ المُرَابِطُ مِنْ
أُمَرَاءِ المَغْرِب، فجَاور وَسَمِعَ: صَحِيْح
البُخَارِيِّ مِنْ أَبِي مَكْتُوْم، وَأَعطَاهُ ذهباً
جَيِّداً، فَأَبَاعه نُسْخَةَ الصَّحِيْح، وَذهَبَ بِهَا
إِلَى المَغْرِب. وَحَجَّ أَبُو مَكْتُوْم فِي سَنَةِ
سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ وَلَهُ بِضْعٌ
وَثَمَانُوْنَ سَنَةً، وَحَجَّ فِيْهَا أبو طاهر السلفي،
وأبو بكر السمع: اني، وجمعهم الموقف، فقال السمع: اني
لِلسِّلَفِيِّ: اذهبْ بِنَا نَسْمَعْ: مِنْهُ. قَالَ
السِّلَفِيُّ: فَقُلْتُ لَهُ: دَعْنَا نشتغلْ بِالدُّعَاء،
وَنجعله شَيْخَ مَكَّة. قَالَ: فَاتَّفَقَ أَنَّهُ نَفَر
مِنْ مِنَى فِي النَّفرِ الأَوَّلِ مَعَ السَّرَويِّين
وَذهبَ، وَفَاتَهُمَا الأخذ عنه. قال السلفي: فلامني ابن
السمع: اني، فقلت: أنت قد سمعت الصحيح مثله مِنْ أَبِي
الخَيْرِ بنِ أَبِي عِمْرَانَ صَاحِب الكُشْمِيهَنِي،
وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ مرويَّاتِهِ سِوَاهُ.
قُلْتُ: وَلَمْ يُسْمَعْ: لأَبِي مَكْتُوْم بَعْد هَذَا
العَام بذكرٍ وَلاَ وُرِّخَ لَنَا مَوْتُه.
وَقَدْ أَرَّخ القَاضِي عِيَاضٌ مَوْتَ أَبِي ذَرٍّ فِي
سَنَةِ خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ،
وَالصَّوَابُ: فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ بنُ سُكَّرَة: تُوُفِّيَ عَقِبَ
شَوَّال.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَافِظ بنُ بَدْرَان، أَخْبَرَنَا
أَحْمَدُ بنُ طَاوُوس سَنَة 617، أَخْبَرَنَا حمزة بن
كروس، أخبرنا نصر بن إبراهيم الفَقِيْهُ، أَخْبَرَنَا
أَبُو ذَر عَبْدُ بنُ أَحْمَدَ كِتَابَةً، أَنَّ بِشْر بن
مُحَمَّدٍ المُزَنِيَّ حدثهُم إِمْلاَءً، حَدَّثَنَا
الحُسَيْنُ بنُ إِدْرِيْسَ، حَدَّثَنَا العَبَّاسُ بنُ
الوَلِيْدِ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا الوَلِيْدُ بنُ
الوَلِيْدِ، حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوبَان، عَنْ عَمْرِو بنِ
دِيْنَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِنَّ الجَنَّةَ
لتُزَخْرَفُ لرَمَضَان مِنْ رَأْسِ الحَوْلِ، فَإِذَا
كَانَ أَوَّلُ يَوْمٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَان، هَبَّتْ رِيحٌ
مِنْ تَحْتِ العَرْش، فَشَققت وَرق الجَنَّة عَنِ الْحور
الْعين، فَقُلْن: يَا ربّ! اجعَلْ لَنَا مِنْ عِبَادِكَ
أزواجًا تقربهم أَعيُنُنَا، وَتَقَرُّ أَعيُنُهُم بِنَا".
قَالَ الفَقِيْهُ نَصْر: تَفَرَّد بِهِ الوَلِيْدُ بنُ
الوَلِيْدِ العَنْسِي، وَقَدْ تركوه.
قُلْتُ: وَهَّاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَقوَّاهُ أَبُو
حَاتِمٍ الرَّازِيُّ.
وَفِيْهَا أَعنِي سَنَةَ أَرْبَعٍ تُوُفِّيَ شُعَيْبُ بنُ
عَبْدِ اللهِ بنِ المِنْهَال بِمِصْرَ، وَأَبُو طَالِبٍ
عُمَرُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الزُّهْرِيّ، وَهَارُوْنُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ هَارُوْنَ فِي رَمَضَانَ.
(13/216)
محمد بن عيسى،
المستغفري:
4003- محمد بن عيسى:
ابن عبد العزيز بن الصباح، الإِمَامُ المُحَدِّثُ،
الرَّئِيْسُ الأَوْحَدُ، شَيْخُ هَمَذَان، أَبُو
مَنْصُوْرٍ الهَمَذَانِيُّ الصُّوْفِيُّ، العَبْدُ
الصَّالِح.
حَدَّثَ عَنْ: الحَافِظِ صَالِحِ بنِ أَحْمَدَ،
وَجِبْرِيْل العَدْل، وَالهَمَذَانيين، وَسَهْلِ بن
أَحْمَدَ الدِّيباجِي، وَابنِ المُظَفَّر، وَمُحَمَّدِ بنِ
إِسْحَاقَ القَطِيْعِيّ، وَالبَغْدَادِيِّيْنَ، وَأَبِي
بَكْرٍ بنِ المقرىء، وَالأَصْبَهَانيين، وَيُوْسُفَ بنِ
أَحْمَدَ بنِ الدَّخِيل المَكِّيّ، وَطَبَقَتِهم.
قَالَ شِيْرَوَيْه فِي "تَارِيْخِهِ": حَدَّثَنَا عَنْهُ
أَبُو طَالِبٍ العَلَوِيُّ، وَأَبُو الفَضْلِ
القُوْمِسَانِي، وَمُحَمَّدُ بنُ حُسَيْنٍ، وَمُحَمَّدُ
بنُ طَاهِرٍ، وَيَحْيَى وثَابِتٌ ابْنَا الحُسَيْن بنِ
شُرَاعَة، وَنَصْرُ بنُ مُحَمَّدٍ المُؤَذِّن، وَعَبْدُوْس
بن عَبْدِ اللهِ.
قَالَ: وَكَانَ صَدُوْقاً ثِقَةً، وَكَانَ مُتَوَاضِعاً
رَحِيْماً، يُصَلِّي آنَاءَ اللَّيْل وَالنَّهَارِ، حَجَّ
نَيِّفاً وَعِشْرِيْنَ حَجَّةً، وَوقف الضِّيَاعَ
وَالحوَانيتَ عَلَى الفُقَرَاء، وَأَنفقَ أَمْوَالاً لاَ
تُحْصَى عَلَى وُجُوه البِرِّ، وَتُوُفِّيَ فِي رَمَضَانَ
سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ،
وَكَانَتِ التُّركُ الغُزُّ قَدْ أَغَارُوا عَلَى
هَمَذَان، فصُودر مُحَمَّدُ بن عِيْسَى حَتَّى سلَّم
إِلَيْهِم جَمِيْعَ مَا يملِكُ، وَبَقِيَ فَقيراً
مُحْتَاجاً عَليلاً ذَليلاً فِي الخَانقَاهُ، ثُمَّ قَضَى
نَحْبَه، وَكَانَ مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ
وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: وَمن الرُّوَاةِ عنه الحافظ أبو بكر الخطيب.
4004- المستغفري 1:
الإِمَامُ الحَافِظُ المُجَوِّدُ المصَنِّفُ، أَبُو
العَبَّاسِ، جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنُ المُعْتَزِّ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ المُسْتَغْفِرِ بنِ الفَتْحِ بنِ
إِدْرِيْسَ، المُسْتَغْفِرِيُّ النَّسَفِيُّ.
__________
1 ترجمته في اللباب لابن الأثير "3/ 208"، والعبر "3/
177"، وتذكرة الحفاظ "3/ ص1102"، ولسان الميزان "6/ 100"،
والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 33"، وشذرات الذهب
لابن العماد الحنبلي "3/ 249".
(13/217)
مُؤَلّف كِتَاب "مَعْرِفَة الصَّحَابَة"،
وَكِتَاب "الدَّعَوات"، وَكِتَاب "دلاَئِل النُّبُوَّة"،
وَكِتَاب "فَضَائِل القُرْآن"، وَكِتَاب "الشَّمَائِل"،
وَكِتَاب "خُطبَ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ"، وَكِتَاب "تَاريخ نَسَف"، وَكِتَاب "الطِّبّ"،
وَكِتَاب "تَاريخ كِشْ"، وَغَيْر ذَلِكَ.
حَدَّثَ عَنْ: زَاهِرِ بنِ أَحْمَدَ السَّرَخْسِيّ،
وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ لُقْمَان، وَأَبِي سَعِيْدٍ عَبْدُ
اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ الرَّازِيُّ،
وَعَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدٍ السَّرَخْسِيّ،
وَجَعْفَرِ بن مُحَمَّدٍ البُخَارِيّ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
وَلَمْ يرحل إلى العراق فيما أعلم.
حَدَّثَ عَنْهُ: الحَسَنُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ
النَّسَفِيُّ، وَأَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرٍ
الكَاسَنِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ السَّمَرْقَنْدِيُّ
الحَافِظُ، وَالخَطِيْبُ إِسْمَاعِيْلُ بنَ مُحَمَّدٍ
النُّوحِي، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ مُحْدِّثَ مَا وَرَاء النَّهر فِي زَمَانِهِ.
مَوْلِدُهُ بَعْد الخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ
بِيَسِيْرٍ.
وَمَاتَ بنَسَف سَنَة اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ عَنْ ثَمَانِيْنَ سَنَةً، رَحِمَهُ
اللهُ.
وَفِيْهَا مَاتَ حَمَّادُ بنُ عَمَّار القُرْطُبِيّ عَنْ
مائَةِ عَام، وَأَبُو القَاسِمِ عَبْدُ البَاقِي بنُ
مُحَمَّدٍ الطَّحَّان، وَأَبُو حَسَّانٍ مُحَمَّدُ بنُ
أَحْمَدَ بنِ جَعْفَرٍ المُزَكِّي، وَأَحْمَدُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ يوسف بن مزدة المقرىء، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ؛ سِبْط أَبِي مُسْلِمٍ
الجَلاَّب، وَأَبُو العَلاَءِ صَاعدُ بنُ مُحَمَّدٍ
بِنَيْسَابُوْرَ عَلَى الأَصحّ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ
بنُ عمر بن بكير المقرىء.
(13/218)
4005- الحنائي
1:
الإمام القدوة الحافظ المقرىء، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو
الحَسَنِ؛ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ
حُسَيْنٍ، الدِّمَشْقِيُّ الحِنَّائِيُّ الزَّاهِدُ.
حَدَّثَ عَنْ: عَبْدِ الوَهَّابِ الكِلاَبِيِّ، وَأَبِي
بَكْرٍ بن أبي الحديد، وأبي الحُسَيْن بنِ جُمَيْع، وَابْن
فِرَاس المَكِّيّ، وَأَحْمَدَ بنِ ثرثَال، وَأَبِي
مُحَمَّدٍ بنِ النَّحَّاسِ، بِالحَرَمَيْنِ وَمِصْر
وَالشَّام. وَجَمَعَ، وَصَنَّفَ "مُعْجَماً" لِنَفْسِهِ
فِي مُجَلَّد.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو سَعْدٍ السَّمَّان، وَعَبْدُ
العَزِيْزِ الكَتَّانِيّ، وَسَعْدُ بنُ عَلِيٍّ
الزَّنْخَانِي، وَسَعْد الله بن صَاعِدٍ الرَّحَبِي،
وَآخَرُوْنَ. وَكَانَ كَبِيرَ الشَّأْنِ.
قَالَ عَبْدُ العَزِيْزِ الكَتَّانِيّ: تُوُفِّيَ
شَيْخُنَا وَأُسْتَاذُنَا أَبُو الحَسَنِ الحِنَّائِيّ؛
الشَّيْخُ الصَّالِحُ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ
ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ. وَولد سَنَةَ
سَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ. كتبَ الكَثِيْرَ، وَكَانَ
مِنَ العُبَّاد، وَكَانَتْ لَهُ جِنَازَةٌ عَظِيْمَةٌ، مَا
رَأَيْتُ مثلَهَا! وَلَمْ يَزَلْ يُحمَلُ مِنْ بَعْد
صَلاَة الجُمُعَة إِلَى قَرِيْب العَصْر، وَانحلَّ
كَفَنُه.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الأَهْوَازِيُّ: دُفِنَ بِبَابِ
كَيْسَان.
قُلْتُ: هُوَ أَخُو أَبِي القَاسِمِ الحُسَيْن
الحِنَّائِيّ، وَعمُّ الشَّيْخِ أَبِي طَاهِرٍ مُحَمَّدِ
بنِ الحسين شيخ السلفي.
__________
1 ترجمته في العبر "3/ 166"، وشذرات الذهب لابن العماد
الحنبلي "3/ 238".
(13/218)
4006- الطلمنكي
1:
الإمام المقرىء المُحَقِّقُ المُحَدِّثُ الحَافِظُ
الأَثَرِيُّ، أَبُو عُمَرَ؛ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي عِيْسَى لُبِّ بنِ يَحْيَى،
المَعَافِرِيُّ الأَنْدَلُسِيُّ الطَّلَمَنْكِيُّ.
وَطَلَمَنْكُ بِفَتحَاتٍ وَنُوْنَ سَاكنَةٍ: مَدِينَةٌ
اسْتولَى عَلَيْهَا العَدُوُّ قَدِيْماً.
كَانَ مِنْ بُحور العِلْمِ، وَأَوّلُ سَمَاعه فِي سَنَةِ
اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي عِيْسَى يَحْيَى بنِ عَبْدِ اللهِ
اللَّيْثِيّ، وَأَبِي بَكْرٍ الزُّبَيْدِيّ، وَأَبِي
الحَسَنِ بنِ بِشْرٍ الأَنْطَاكِيّ، وَأَبِي جَعْفَرٍ
أَحْمَدَ بنِ عَوْن الله، وأبي عبد الله بن مفرج، وأبي
مُحَمَّدٍ البَاجِي، وَخَلَفِ بن مُحَمَّدٍ الخَوْلاَنِيّ،
وَعِدَّة، وَأَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ
المُهَنْدس بِمِصْرَ، وَمُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ عَمَّار
بدِمِيَاط، وَأَبِي الطَّيِّبِ بن غَلْبُوْنَ، وَأَبِي
القَاسِمِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الجَوْهَرِيِّ، وَأَبِي
بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الأُدْفُوِي، وَالفَقِيْهِ
أَبِي مُحَمَّدٍ بنِ أَبِي زَيْدٍ، وَأَبِي جَعْفَرٍ
أَحْمَدَ بنِ رَحمُوْنَ، وَيَحْيَى بن الحُسَيْنِ
المُطَّلبِي لقيهُ بِالمَدِيْنَةِ، وَأَبِي الطَّاهِرِ
مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ العُجَيفيِّ، وَأَبِي العَلاَءِ
بنِ مَاهَان، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ البَرِّ، وَأَبُو
مُحَمَّدٍ بنُ حَزْم، وَعَبْدُ اللهِ بن سهل المقرىء
وَعِدَّةٌ.
أَدخل الأَنْدَلُس عِلْماً جمّاً نَافعاً، وَكَانَ عجباً
فِي حفظِ عُلُوم القُرْآن: قرَاآتِه وَلُغَتِه وَإِعرَابِه
وَأَحكَامِه وَمنسوخِه وَمعَانِيه. صَنَّفَ كُتُباً
كَثِيْرَةً فِي السُّنَّة يلوحُ فِيْهَا فضلُه وَحفظُه
وَإِمَامتُه واتباعه للأثر.
__________
1 ترجمته في الصلة لابن بشكوال "1/ 44"، والعبر "3/ 168"،
وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 994"، والنجوم الزاهرة لابن تغري
بردي "5/ 28"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 243".
(13/219)
قال أبو عمر الدَّانِيُّ: أَخَذَ
القِرَاءةَ عَنِ الأَنْطَاكِيّ، وَابنِ غَلْبُوْنَ،
وَمُحَمَّد بنِ الحُسَيْنِ بنِ النُّعْمَانِ.
قَالَ: وَكَانَ فَاضِلاً ضَابطاً، شدِيداً فِي السُّنَّة.
وَقَالَ ابْنُ بَشْكُوَالٍ: كَانَ سيفاً مُجَرَّداً عَلَى
أَهْلِ الأَهوَاء وَالبِدَع، قَامعاً لَهُم، غَيُوراً
عَلَى الشَّريعَةِ، شَدِيداً فِي ذَات الله، أَقرأَ
النَّاسَ مُحتَسِباً، وَأَسمع: الحَدِيْث، وَالتزم
للإِمَامَة بِمَسْجِد مُنْعَة، ثُمَّ خَرَجَ، وَتحوَّل فِي
الثَّغْرِ، وَانْتَفَعَ النَّاسُ بعِلمه، وَقصد بَلَدَهُ
فِي آخِرِ عُمُرِهِ، فَتُوُفِّيَ بِهَا. أَخْبَرَنَا
إِسْمَاعِيْلُ بنُ عِيْسَى بن مُحَمَّدِ بنِ بَقِيّ
الحجاري، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خَرَجَ أَبُو عُمَرَ
الطَّلَمَنْكِيُّ عَلَيْنَا، وَنَحْنُ نَقْرَأُ عَلَيْهِ،
فَقَالَ: رَأَيْتُ البَارِحَةَ فِي مَنَامِي مَنْ
يُنشِدُنِي:
اغْتَنِمُوا البِرَّ بشيخٍ ثَوَى ... تَرْحَمُهُ
السُّوْقَةُ وَالصِّيْدُ
قَدْ خَتَمَ العُمْرَ بعيدٍ مَضَى ... لَيْسَ لَهُ مِنْ
بَعْدِهِ عِيْدُ
فَتُوُفِّيَ فِي ذَلِكَ العَام فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ
تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
قُلْتُ: عَاشَ تِسْعِيْنَ عَاماً سِوَى أَشهر، وَقَدِ
امتُحن لفَرط إِنكَارِه، وَقَامَ عَلَيْهِ طَائِفَةٌ مِنْ
أَضدَادِه، وَشَهِدُوا عَلَيْهِ بِأَنَّهُ حرورِيٌّ يرَى
وضعَ السَّيْفِ فِي صَالحِي المُسْلِمِيْنَ، وَكَانَ
الشُّهُودُ عَلَيْهِ خَمْسَةَ عَشَرَ فَقِيْهاً، فنصرهُ
قَاضِي سَرَقُسْطَة؛ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَأَشهد عَلَى نَفْسه بِإِسقَاط
الشُّهُود، وَهُوَ القَاضِي مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بن
قرنون.
وحَدَّثَ عَنْهُ أَيْضاً قَاضِي سَرَقُسْطَة عَبْدُ اللهِ
بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ، وَقَاضِي المَرِيَّة
مُحَمَّدُ بنُ خَلَفِ بنِ المُرَابِط، وَالخَطِيْبُ
مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى العَبْدرِي.
رَأَيْت لَهُ كِتَاباً فِي السُّنَّة فِي مُجَلَّدين
عَامَّتُه جَيِّد، وَفِي بَعْض تَبْوِيبه مَا لاَ
يُوَافَقُ عَلَيْهِ أَبَداً مِثْل: بَاب الجنب لله، وذكر
فيه: {يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ
اللَّهِ} [الزُّمر: 56] ، فَهَذِهِ زَلَّةُ عَالِم،
وَأَلَّفَ كِتَاباً فِي الرَّدِّ عَلَى البَاطنيَة،
فَقَالَ: وَمِنْهُم قَوْمٌ تَعَبَّدُوا بِغَيْر علمٍ،
وَزعمُوا أَنَّهُم يَرَوْنَ الجَنَّةَ كُلَّ لَيْلَةٍ،
وَيَأْكُلُوْنَ مِنْ ثِمَارِهَا، وَتنزلُ عَلَيْهِم
الحُورُ العِيْنُ، وَأَنَّهُم يلوذُوْنَ بِالعرش،
وَيَرَوْنَ اللهَ بغيرِ وَاسطَةٍ، ويجالسونه.
(13/220)
4007- ابن مغيث
1:
الإِمَامُ الفَقِيْهُ المُحَدِّثُ، شَيْخُ الأَنْدَلُس،
قَاضِي القُضَاةِ، بَقِيَّةُ الأَعيَانِ، أَبُو
الوَلِيْدِ؛ يُوْنُسُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
مُغِيْثِ بنِ مُحَمَّدِ بن عبد الله ابن الصَّفَّارِ،
القُرْطُبِيُّ.
وُلِدَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَحَدَّثَ بِـ "سُنَنِ النَّسَائِيِّ" وَغَيْرهِ عَنْ: أبي
بكر محمد بن معاوية المرواني ابن الأَحْمَر، وَعَنْ أَبِي
عِيْسَى اللَّيْثِيّ راويَة "المُوَطَّأ"، وإسماعيل ابن
بدْرٍ، وَأَحْمَد بن ثَابِتٍ التَّغْلِبِيّ، وَتَمِيْمِ بن
محمد القروي، ومحمد بن إِسْحَاق بن السَّلِيم القَاضِي،
وَتَفَقَّهَ بِالقَاضِي أَبِي بَكْرٍ بنِ زَرب، وَرَوَى
أَيْضاً عَنْ خلق مِنْهُم: أَبُو بَكْرٍ بنُ القُوْطِيَّة،
وَيَحْيَى بنُ مجاهد، وأبو جعفر ابن عَوْن الله، وَعُنِي
بِالحَدِيْثِ جِدّاً، وَأَجَاز لَهُ مِنْ مِصْرَ الحَسَنُ
بنُ رَشِيْق، وَمن العِرَاق أَبُو الحَسَنِ
الدَّارَقُطْنِيّ.
وَلِي خطَابَةَ مدينَةِ الزَّهْرَاء مُدَّةً، ثُمَّ وَلِي
القَضَاءَ وَالخطَابَة بقُرْطُبَة مَعَ الوزَارَة، ثُمَّ
عُزِلَ، فَلَزِمَ بَيْتَهُ، ثُمَّ وَلِي قَضَاءَ
الجَمَاعَةِ وَالخطَابَةِ سَنَة تِسْعَ عَشْرَةَ وَأَرْبَع
مائَة حَتَّى مَاتَ.
وَكَانَ بَلِيْغَ المَوْعِظَةِ، وَافِرَ العِلْم، ذَا
زُهْدٍ وَقُنوع، وَفضلٍ وَخُشوع، قَدْ أَثَّر البُكَاءُ
فِي عَيْنَيْهِ، وَعَلَى وَجهه النُّوْرُ، وَكَانَ
حُفَظَةً لأَخْبَارِ الصَّالِحِيْنَ.
صَنَّفَ كُتُباً نَافعَةً مِنْهَا: "كِتَاب مَحَبَّة
الله"، وَكِتَاب "الْمُسْتَصْرِخِينَ بِاللهِ"، وَكِتَاب
"الْمُتَهَجِّدِينَ".
حَدَّثَ عَنْهُ: مَكِّيُّ بنُ أَبِي طَالِبٍ، وَأَبُو
عَبْدِ اللهِ بنُ عَابِد، وَأَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ،
وَأَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ البَرِّ، وَابْنُ حَزْم،
وَمُحَمَّدُ بنُ عتَّاب، وَأَبُو الوَلِيْدِ البَاجِيُّ،
وَحَاتِمُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَأَبُو عُمَرَ بنُ الحَذَّاء،
وَمُحَمَّدُ بنُ فَرَج الطَّلاَّعِي، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
مَاتَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائة، وشيعه خلق لا يحصون.
__________
1 ترجمته في الصلة لابن بشكوال "2/ 684"، والعبر "3/ 169"،
وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 244".
(13/221)
القراب، عبد الظاهر:
4008- القراب 1:
الشَّيْخُ الإِمَامُ، الحَافِظُ الكَبِيْرُ، المصَنِّفُ،
أَبُو يَعْقُوْبَ؛ إسحاق بن أَبِي إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمَ
بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، السَّرَخْسِيُّ،
ثُمَّ الهَرَوِيُّ القَرَّابُ، مُحَدِّثُ هَرَاة،
وَصَاحِبُ التَّوَالِيفِ الكثيرَة. وَقَدْ مرَّ أَخُوْهُ.
وَلد هَذَا فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ
مائَةٍ، وَبَالَغَ فِي الطَّلَب إِلَى الغَايَة.
قَالَ أَبُو النَّضْر الفَامِي: زَادَ عددُ شُيُوْخه عَلَى
أَلفٍ ومائةين، وَعمل الوفيَات عَلَى السِّنين فِي
مُجَلَّدين، وَكِتَاب نَسِيم المُهج، وَكِتَاب الأُنس
وَالسّلوَة، وَكِتَاب شمَائِل العبَاد، وَغَيْر ذَلِكَ.
قَالَ: وَكَانَ زَاهِداً مُقِلاًّ مِنَ الدُّنْيَا.
قُلْتُ: سَمِعَ: العَبَّاسَ بن الفَضْلِ النَّضرويي،
وَجدَّه لأُمِّهِ مُحَمَّدَ بنَ عُمَرَ بن حفصويه، وَأَبَا
الفَضْل مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ السَّيَّارِي،
وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَمُّوَيْه
السَّرَخْسِيُّ، وَزَاهِرَ بنَ أَحْمَدَ الفَقِيْه،
وَأَحْمَدَ بنَ عَبْدِ اللهِ النُّعَيْمِيّ، وَالخَلِيْلَ
بنَ أَحْمَدَ السِّجْزِيّ، وَأَبَا الحَسَنِ مُحَمَّدَ بنَ
أَحْمَدَ بن حَمْزَةَ، وَالحُسَيْنَ بنَ أَحْمَدَ
الشَّمّاخِي الصَّفَّار، وَأَبَا مَنْصُوْر مُحَمَّدَ بنَ
عَبْدِ اللهِ البَزَّاز، فَمَنْ بَعْدهُم، حَتَّى كتب عَنِ
أقرَانه وَمَن دُوْنَهُ.
حَدَّثَ عَنْهُ: شَيْخُ الإِسْلاَمِ عَبْدُ اللهِ بنُ
مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيِّ، وأحمد بن أَبِي عَاصِمٍ
الصِّيدَلاَنِيّ، وَالحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَتّ،
وَأَهْل هَرَاة.
وَكَانَ مِمَّنْ يُرجع إِلَيْهِ فِي العِلَل، وَالجَرْح
وَالتَّعديل.
مَاتَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَقع لَنَا كِتَاب "الرمي" له.
4009- عبد القاهر 2:
ابن طاهر، العَلاَّمَةُ البَارِعُ، المُتَفَنِّنُ
الأُسْتَاذُ، أَبُو مَنْصُوْرٍ البَغْدَادِيُّ، نَزِيْلُ
خُرَاسَان، وَصَاحِبُ التَّصَانِيْفِ البَدِيْعَةِ،
وَأَحَدُ أَعلاَمِ الشافعية.
__________
1 ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 995"، والعبر "3/
168"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 244".
2 ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "3/ 203"، وبغية
الوعاة للسيوطي "2/ 105".
(13/222)
حَدَّثَ عَنْ: إِسْمَاعِيْلَ بن نُجَيْد،
وَأَبِي عَمْرٍو مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرِ بنِ مَطَر،
وَبِشْرِ بن أَحْمَدَ، وَطَبَقَتهم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ البَيْهَقِيُّ، وَأَبُو
القَاسِمِ القُشَيْرِيُّ، وَعَبْدُ الغَفَّارِ بنُ
مُحَمَّدٍ الشِّيْرُوْيِي، وَخَلْقٌ.
وَكَانَ أَكبَر تَلاَمِذَةِ إِبِي إِسْحَاق
الإِسْفَرَايِيْنِيّ، وَكَانَ يُدَرِّس فِي سَبْعَةَ
عَشَرَ فَنّاً، وَيُضْرَبُ بِهِ المَثَلُ، وَكَانَ
رَئِيْساً مُحْتَشِماً مُثرياً، لَهُ كِتَاب التَّكملَة
فِي الحسَاب.
قَالَ أَبُو عثْمَان الصَّابُوْنِيّ: كَانَ الأُسْتَاذُ
أَبُو مَنْصُوْرٍ مِنْ أئمة الأصول، وَصُدُور الإِسْلاَمِ
بِإِجمَاعِ أَهْلِ الفَضْل، بَدِيْعَ التَّرتيب، غَرِيْبَ
التَأْلِيْفِ، إِمَاماً مُقَدَّماً مُفَخّماً، وَمن خرَاب
نَيْسَابُوْر خُرُوْجُه مِنْهَا.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ لَمَّا حصل بِإِسْفَرَايِيْن، ابتهجُوا
بِمَقْدَمَه إِلَى الغَايَة.
قُلْتُ: وَقَعَ لِي مِنْ عَوَالِيْهِ، وَكُنْتُ أَفردْتُ
لَهُ تَرْجَمَةً لَمْ أَظْفر السَّاعَةَ بِهَا.
مَاتَ بِإِسْفَرَايِيْن فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ وَقَدْ شَاخَ.
وَلَهُ تَصَانِيْفُ فِي النَّظَر وَالعَقْلِيَّات.
(13/223)
أما: أبو منصور
الأيوبي، ابن الميراثي:
4010- أما: أبو منصور الأيوبي:
المُتَكَلِّمُ النَّيْسَابُوْرِيُّ، فَهُوَ إِمَامٌ باهرٌ
ذكيّ.
قَالَ عَبْدُ الغَافِرِ: هُوَ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ
أَبِي أَيُّوْبَ، الأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُوْرٍ، حجّةُ
الدِّيْنِ، صَاحِبُ البيَان وَالحُجَّة وَالنَّظَرِ
الصَّحِيْح، أَنْظَرُ مَنْ كَانَ فِي عصره عَلَى مَذْهَب
الأَشْعَرِيّ، تَلْمَذَ لابْنِ فُوْرَك، وَكَانَ فَقيراً
نَزِهاً قَانعاً، مُصَنِّفاً.
تُوُفِّيَ فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَة إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ
وأربع مائة.
4011- ابن الميراثي:
الحَافِظُ الأَوْحَدُ المُجَوِّدُ، أَبُو بَكْرٍ؛ أَحْمَدُ
بنُ مُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى بن إِسْمَاعِيْلَ، البَلَوِيُّ
القُرْطُبِيُّ، المَعْرُوفُ بِابْنِ المِيْرَاثِيِّ، أَحدُ
أَئِمَّة الحَدِيْثِ.
رَوَى عَن: أَبِي الفَتْح بن سِيبُخْت، وَأَبِي مُسْلِمٍ
الكاتب، ويوسف ابن الدَّخِيل، وَعُبَيْدِ اللهِ
السَّقَطِيّ، وَسَعِيْدِ بن نَصْرٍ القُرْطُبِيّ،
وَأَحْمَدَ بنِ قَاسِم البَزَّاز، وَطَبَقَتِهم.
وَلَمَّا رَأَى عَبْدُ الغَنِيّ بنُ سَعِيْد حِذْقَه
وَاجْتِهَادَهُ، لَقَّبَهُ غُنْدَراً.
رَجَعَ، وَبثَّ حَدِيْثَه، فَرَوَى عَنْهُ: أَبُو عَبْدِ
اللهِ الخَوْلاَنِيُّ، وَأَبُو العَبَّاسِ بنُ دِلْهَاث،
وَأَبُو العَبَّاسِ المهدوِي، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ
خَزْرج.
تُوُفِّيَ فِي حُدُوْدِ سَنَة ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ وَلَهُ بِضْعٌ وَسِتُّوْنَ سَنَةً.
(13/223)
القدوري، الأبهري:
4012- القدوري 1:
شَيْخُ الحَنَفِيَّة، أَبُو الحُسَيْن؛ أَحْمَدُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ جَعْفَرِ بنِ حَمْدَانَ،
البَغْدَادِيُّ القُدُوْرِيُّ.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَتَبْتُ عَنْهُ، وَكَانَ صَدُوْقاً،
انْتَهَت إِلَيْهِ بِالعِرَاقِ رِئاسَةُ الحَنَفِيَّة،
وَعظُمَ وَارتفَعَ جَاهُهُ، وَكَانَ حَسَنَ العِبَارَةِ،
جَرِيء اللِّسَان، مُديماً للتلاَوَة.
قُلْتُ رَوَى عَنْ: عُبَيْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ
الحَوْشَبِي، وَمُحَمَّدِ بن عَلِيِّ بنِ سُوَيْد
المُؤَدِّب.
رَوَى عَنْهُ: الخَطِيْبُ، وَالقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللهِ
الدَّامَغَانِي.
مَاتَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ وَلَهُ سِتٌّ وستون سنة.
4013- الأبهري:
القُدْوَةُ شَيْخُ الزُّهَّادِ، أَبُو مُحَمَّدٍ؛ جَعْفَرُ
بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ، الأَبْهَرِيُّ ثُمَّ
الهَمَذَانِيُّ.
قَالَ شِيْرَوَيْه: كَانَ وَحيدَ عَصْره فِي علم المعرفَةِ
وَالطَّريقَةِ، بعيدَ الإِشَارَةِ، دقيقَ النَّظَر.
حَدَّثَ عَنْ: صَالِحِ بنِ أَحْمَدَ، وَعَلِيِّ بن
الحُسَيْنِ بنِ الرَّبِيْع، وَعَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ بنِ
صَالِح القَزْوِيْنِيّ، وَالمُفِيْد الجَرْجَرَائِيّ،
وَابْن المُظَفَّرِ.
وَارْتَحَلَ وَعُنِي بِالرِّوَايَة.
حَدَّثَنَا عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ، وَأَحْمَدُ
بنُ طَاهِرٍ القُوْمِسَانِي، وَأَحْمَدُ بنُ عُمَرَ،
وَعَبْدُوْس بنُ عَبْدِ اللهِ، وَينجيرُ بنُ مَنْصُوْر.
وَكَانَ ثِقَةً عَارِفاً، لَهُ شَأْنٌ وَخطر، وَكَرَامَاتٌ
ظَاهِرَة.
مَاتَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ عن ثمان وسبعين سنة.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "4/ 377"، والأنساب للسمعاني "10/
76"، واللباب لابن الأثير "3/ 19"، والعبر "3/ 164"،
وتذكرة الحفاظ "3/ ص1086"، وشذرات الذهب لابن العماد
الحنبلي "3/ 233".
(13/224)
قِيْلَ: إِنَّهُ عَمل لَهُ خلوَةً،
فَبَقِيَ خَمْسِيْنَ يَوْماً لاَ يَأْكُلُ شَيْئاً. وَقَدْ
قُلْنَا: إِنَّ هَذَا الْجُوع المُفْرِط لاَ يَسُوَغُ،
فَإِذَا كَانَ سَرْدُ الصِّيَامِ وَالوصَالُ قَدْ نُهِي
عَنْهُمَا، فَمَا الظَّنُّ؟ وَقَدْ قَالَ نَبِيُّنَا
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُمَّ إِنِّي
أَعُوْذُ بِكَ مِنَ الجُوعِ فَإِنَّهُ بِئسَ الضَّجِيعُ"
1. ثُمَّ قَلَّ مَنْ عَمل هذه الخلوات المُبْتَدعَة إلَّا
وَاضطرَبَ، وَفَسَدَ عَقْلُه، وَجفَّ دمَاغُه، وَرَأَى
مرَأْىً، وَسَمِعَ: خِطَاباً لاَ وُجودَ لَهُ فِي الخَارج،
فَإِنْ كَانَ مُتَمَكِّناً مِنَ العِلْمِ وَالإِيْمَان،
فَلَعَلَّهُ ينجُو بِذَلِكَ مِنْ تَزَلْزُل توحيدِهِ،
وَإِنْ كَانَ جَاهِلاً بِالسُّنَن وَبقَواعد الإِيْمَان،
تَزَلْزَلَ تَوحيدُه، وَطمع فِيْهِ الشَّيْطَانُ،
وَادَّعَى الوُصُوْلَ، وَبَقِيَ عَلَى مَزلَّةِ قَدِمَ،
وَرُبَّمَا تزَنْدَقَ، وَقَالَ: أَنَا هُو. نَعُوذُ
بِاللهِ مِنَ النَّفسِ الأَمَّارَة، وَمن الهوَى، وَنسأَلُ
اللهَ أَنْ يحْفَظَ عَلَيْنَا إِيْمَانَنَا آمين.
__________
1 حسن: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ "1547"، وَالنَّسَائَيُّ
"8/ 263"، وَابْنُ مَاجَه "3354"، مِنْ حديث أبي هريرة.
(13/225)
جلال الدولة،
الأزهري:
4014- جلال الدولة 1:
صَاحِبُ العِرَاقِ، المَلِكُ جَلاَلُ الدَّوْلَةِ، أَبُو
طَاهِرٍ؛ فيروزجرد بن الملك بهاء الدولة أبي نصر بن
السُّلْطَانِ عَضُدِ الدَّوْلَةِ بنِ رُكنِ الدَّوْلَةِ
بنِ بُوَيه، الدَّيْلَمِيُّ.
تَمَلَّكَ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَكَانَتْ دَوْلَتُهُ
لَيِّنَةً، وَتَمَلَّكَ بَعْدَهُ ابْنُه المَلِكُ
العَزِيْزُ أَبُو مَنْصُوْرٍ، فَكَانَتْ أَمورُه وَاهيَةً
كَأَبِيهِ.
وَكَانَ جَلاَلُ الدَّوْلَة شِيْعِيّاً كَأَهْل بَيْتِه
وَفِيْهِ جُبْنٌ، وَعسكَرُهُ مَعَ قلَّتِهم طَامعُوْنَ
فِيْهِ.
عَاشَ نَيِّفاً وخمسون سَنَةً، وَذَاق نكداً كَثِيْراً
كَمَا ذكرنَاهُ فِي "تاريخنا" في الحوادث.
تُوُفِّيَ سَنَةَ 435. وَإِنَّمَا كَانَ سُلْطَانَ العَصْر
ابْنُ سبكتكين.
4015- الأزهري 2:
المحدث الحجة المقرىء، أَبُو القَاسِمِ؛ عُبَيْدُ اللهِ
بنُ أَحْمَدَ بنِ عُثْمَانَ، الأَزْهَرِيُّ البَغْدَادِيُّ
الصَّيْرَفِيُّ، ابْنُ السَّوَادِي، وَهُوَ عُبَيْدُ اللهِ
بنُ أَبِي الفَتْحِ.
مَوْلِدُهُ فِي سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ
مائَةٍ.
وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِي بَكْرٍ القَطِيْعِيّ، وَأَبِي
مُحَمَّدٍ بنِ مَاسِي، وَأَبِي سَعِيْدٍ الحُرْفِيّ،
وَابنِ عُبَيْد العَسْكَرِي، وَعَلِيِّ بنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ البَكَّائِيّ، وَعِدَّة.
وَكَانَ مِنْ بحور الرِّوَايَة.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ أَحَدَ المَعْنِيِّين
بِالحَدِيْثِ وَالجَامعين لَهُ، مَعَ صدقٍ وَاسْتقَامَةٍ
وَدوَام تلاوة. سمع: نا مِنْهُ المُصَنَّفَاتِ الكِبَار،
وَكَمَّل الثَّمَانِيْنَ. مَاتَ فِي صفر سنة خمس وثلاثين
وأربع مائة.
__________
1 ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "8/ 118"، والعبر "3/
183"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 37"، وشذرات
الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 255".
2 ترجمته في تاريخ بغداد "10/ 385"، والمنتظم لابن الجوزي
"8/ 117"، والعبر "3/ 183"، والنجوم الزاهرة لابن تغري
بردي "5/ 37"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 255".
(13/225)
المهلب بن أحمد، ابن
ماما:
4016- المهلب بن أحمد 1:
ابن أبي صفرة أسيد بن عبيد اللهِ، الأَسَدِيُّ
الأَنْدَلُسِيُّ المَرِيِيُّ، مُصَنِّفُ شَرْحِ صَحِيْحِ
البُخَارِيِّ.
وَكَانَ أَحَدَ الأَئِمَّةِ الفُصحَاء، الْمَوْصُوفين
بِالذَّكَاء.
أَخذ عَنْ: أَبِي مُحَمَّدٍ الأَصِيْلِي، وَفِي الرّحلَة
عَنْ أَبِي الحَسَنِ القَابِسِي، وَأَبِي الحَسن عَلِيِّ
بنِ بُنْدَار القَزْوِيْنِيّ، وَأَبِي ذَرٍّ الحَافِظ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو عُمَرَ بنُ الحَذَّاء، وَوصفَه
بِقَوَّة الفهمِ وَبَرَاعَةِ الذِّهن.
وحَدَّثَ عَنْهُ أَيْضاً: أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ عَابِد،
وَحَاتِمُ بنُ مُحَمَّد.
وَلِي قَضَاءَ المَرِيَّة.
تُوُفِّيَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ خمس وثلاثين وأربع مائة.
4017- ابن ماما 2:
الحَافِظُ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ، أَبُو حَامِدٍ،
أَحْمَدُ بنُ محمد بن أحيد ابن مَامَا، الأَصْبَهَانِيُّ
المَامَائِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي شُرَيْح،
وَأَبِي عَلِيٍّ إِسْمَاعِيْلَ بنِ حَاجِب الكُشَانِي،
وَأَبِي نَصْرٍ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ المَلاَحمِي،
وَأَبِي عَبْدِ اللهِ الحَلِيْمِي، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
وَلَمْ يقْدَم العِرَاقَ، بَلِ ارْتَحَلَ إِلَى مَا وَرَاء
النَّهر، وَيَعِزُّ وَقوعُ حَدِيْثِهِ إِلَيْنَا، وَقَدْ
ذيَّل عَلَى تَاريخ بُخَارَى لغُنْجَار، لَمْ تَتَّصِل
بِنَا أَحْوَالُه كَمَا يَجِبُ.
تُوُفِّيَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ. وَكَانَ مِنْ أبناء السبعين رحمه الله.
__________
1 ترجمته في الصلة لابن بشكوال "2/ 626"، والعبر "3/ 184"،
وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 255".
2 ترجمته في اللباب لابن الأثير "3/ 156"، وتذكرة الحفاظ
"3/ 1003".
(13/226)
4018- الربعي
1:
الشيخ الإمام الحافظ المفيد، المقرىء المجود، أبو الحسن؛
علي ابن الحَسَنِ بنِ عَلِيِّ بنِ مَيْمُوْنِ بنِ أَبِي
زِرْوَانَ، الرَّبَعِيُّ الدِّمَشْقِيُّ.
سَمِعَ: الحَسَنَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ سَعِيْدٍ
الكِنْدِيَّ، وَالعَبَّاسَ بنَ مُحَمَّدِ بن حِبَّان،
وَمُحَمَّدَ بنَ عَلِيِّ بنِ أَبِي فَرْوَة، وَعَبْدَ
الوَهَّاب بن الحَسَنِ الكِلاَبِيّ، وَأَحْمَدَ بنَ
عُتْبَةَ بن مَكِين، وَعِدَّة.
وَتلاَ وَجوَّد عَلَى الإِمَامِ عَلِيِّ بن دَاوُدَ
الدَّارَانِي، وَعَلِيِّ بنِ زُهَيْر.
حَدَّثَ عَنْهُ: الحَافِظُ أَبُو سَعْدٍ السَّمَّان،
وَالكَتَّانِيّ، وَنَجَا بنُ أَحْمَدَ، وَالحَسَنُ بنُ
أَحْمَدَ بنِ أَبِي الحَدِيْد، وَآخَرُوْنَ، وَجَمَعَ
وَصَنَّفَ.
مَاتَ فِي صَفَرٍ سَنَة سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ وَلَهُ ثَلاَثٌ وَسَبْعُوْنَ سَنَةً.
قَالَ الكَتَّانِيّ: كَانَ يَحْفَظُ غَرِيْبَ الحَدِيْث
لأَبِي عُبَيْدٍ، وَيَحْفَظُ أَلفَ حَدِيْثٍ
بِأَسَانيدِهَا مِنْ حَدِيْثِ ابْنِ جَوْصَا، وَكَانَ
ثِقَةً مَأْمُوْناً، وَانتهتْ إِلَيْهِ الرِّئاسَةُ فِي
قِرَاءة الشَّامِيِّين.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ: أَنْبَأَنَا
المُؤَيَّدُ بن محمد، عن عبد الرحمن ابن عَبْدِ اللهِ بنِ
الحَسَنِ بن أَحْمَدَ السُّلَمِيّ، أَخْبَرَنَا جَدِّي،
أَخْبَرَنَا الرَّبَعِيُّ، أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ
عَبْدِ اللهِ الكِنْدِيّ، أَخْبَرَنَا العَبَّاسُ بنُ
الخَلِيْل بحِمْص، أَخْبَرَنَا نَصْرُ بنُ خُزَيْمَة،
أَخْبَرَنَا أَبِي، عَن نَصْرِ بنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ
أَخِيْهِ محفوظِ ابن عَلْقَمَة، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
بنِ عَائِذ: حَدَّثَنِي جبير بن نفير قال: قال عوف ابن
مَالِك: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: "إِنَّ الأَنْبِيَاءَ يَتَكَاثَرُوْنَ
بِأُمَمِهم غَيْرَ مُوْسَى، وَأَنَا أَرْجُو أَنْ
أَكْثُرَهُ، وَلَقَدْ أُعْطِي خَصَلاَتٍ: مَكَث يُنَاجِي
رَبَّهُ أَرْبَعِيْنَ يَوْماً، وَلاَ يَنْبَغِي
لِمُتَنَاجِيَيْن أَنْ يَتَنَاجَيَا أَطْوَلَ مِنْ
نجَوَاهُمَا، وَلاَ يَصْعَقُ مع الناس".
__________
1 ترجمته في الإكمال لابن ماكولا "4/ 194"، وتذكرة الحفاظ
"3/ ترجمة 998".
(13/227)
الدلويي، الجرجرائي:
4019- الدلويي 1:
العَلاَّمَةُ الكَبِيْرُ، أَبُو حَامِدٍ؛ أَحْمَدُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ دَلُّويه
الدَّلُّوييُّ الأُسْتَوَائِيُّ الشَّافِعِيّ.
وُلِدَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ
تَقْرِيْباً.
ذَكَرَهُ الخَطِيْبُ فِي تَارِيْخِهِ، فَقَالَ: وَأُسْتُوا
مِنْ قُرَى نَيْسَابُوْر، سَمِعَ: أَبَا سَعِيْد بنَ
عَبْدِ الوَهَّابِ الرَّازِيَّ، وَأَبَا أَحْمَد الحَاكِم،
وَبِبَغْدَادَ الدَّارَقُطْنِيَّ، وَوَلِيَ قَضَاءَ
عُكْبَرَا، وَكَانَ شَافِعِيّاً أُصُوْليّاً أَشْعَرِيّاً،
لَهُ حَظٌّ مِنْ مَعْرِفَةِ الأَدَبِ وَالعَرَبِيَّة،
كَتَبْتُ عَنْهُ، وَكَانَ صَدُوْقاً.
إِلَى أَنْ قَالَ: مَاتَ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ
أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائة.
4020- الجرجرائي 2:
الوَزِيْرُ الكَامِلُ، نَجِيْبُ الدَّوْلَةِ، أَبُو
القَاسِمِ، عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ، وَزِيْرُ الدِّيَار
المِصْرِيَّة للظَاهِر العُبَيْدِي، وَكَانَ مِنْ دُهَاة
المُلُوك.
خَدَمَ الحَاكِمَ، فَغَضِبَ عَلَيْهِ، فَقطع يَدَيْهِ مِنْ
مِرْفَقَيه فِي سَنَةِ أربع وَأَرْبَع مائَة لِكَوْنِهِ
خَانَ فِي مُبَاشرَة دِيْوَانٍ، ثُمَّ رَضِي عَنْهُ فِي
سَنَةِ تِسْعٍ وَأَرْبَع مائَة، وَوَلاَّهُ دِيْوَان
النَّفقَات، ثُمَّ عَظُمَ أَمْرُهُ إِلَى أَنْ وَزَرَ فِي
سَنَةِ ثمَانِي عَشْرَة وَأَرْبَع مائَة، فَكَانَ يَكْتُبُ
العَلاَّمَة عَنْهُ القَاضِي أَبُو عَبْدِ اللهِ
القُضَاعِيُّ، وَهِيَ: الحَمْدُ للهِ شُكْراً
لِنِعْمَتِهِ.
وَكَانَ شَهْماً كَافِياً سَائِساً، ذَا أَمَانَةٍ
وَعِفَةٍ.
وَقَدْ هَجَاهُ جَاسوسُ الْفلك بِأَبيَات مِنْهَا:
فَمِنَ الأَمَانَةِ وَالتُّقَى ... قُطِعَتْ يَدَاكَ مِنَ
المَرَافِقْ?!
واستمرَّ فِي الوزَارَة للظَاهِر، ثُمَّ لِابْنِهِ
المُسْتَنْصِر، فكَانَتْ دَوْلَته ثمَانِي عَشْرَة سَنَةً،
إِلَى أَنْ مَاتَ فِي سَابع رَمَضَان سَنَةَ سِتٍّ وثلاثين
وأربع مائة.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "4/ 377"، والأنساب للسمعاني "5/
333"، واللباب لابن الأثير "1/ 507".
2 ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "3/ 407".
(13/228)
المنازي، التياني،
الصفار:
4021- المنازي 1:
الوَزِيْرُ البَلِيْغُ، ذُو الصِّنَاعَتَينِ، أَبُو
نَصْرٍ؛ أَحْمَدُ بنُ يُوْسُفَ الكَاتِبُ، مِنْ أَهْلِ
مَنَازجِرد.
وزر لأَحْمَدَ بنِ مَرْوَانَ صَاحِبِ دِيَار بَكْر،
وَتَرَسَّل عنه إلى القسطنطينية غَيْرَ مَرَّةٍ، وَلَهُ
كُتُبٌ كَثِيْرَةٌ وَقَفهَا، وَهُوَ القَائِلُ لأَبِي
العَلاَء: فَمَا لَهُم يُؤذُونَكَ وَقَدْ تَرَكْتَ لَهُم
الدُّنْيَا وَالآخِرَة.
وَلَهُ نَظْمٌ فَائِقٌ قَلِيْلُ الوجُود كَمَا قِيْلَ:
وَأَقْفَر مِنْ شِعْرِ المَنَازِي المَنَازِلُ
وَمنَازجِرد: بقُرْبِ خرت برت، وَلَيْسَتْ منازكرد القلعة
التي من عملا خلاط.
4022- التياني 2:
حَاملُ لوَاءِ اللُّغَة، أَبُو غَالِبٍ؛ تَمَّامُ بنُ
غَالِبِ بنِ عُمَرَ، القُرْطُبِيُّ، ابْنُ التَّيَّانِيِّ،
نَزِيْلُ مرسية.
رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَأَبِي بَكْرٍ الزُّبَيْدِيِّ،
وَعَبْدِ الوَارِثِ بنِ سُفْيَانَ، وَطَائِفَةٍ.
قَالَ الحُمَيْدِيُّ: كَانَ إِمَاماً فِي اللُّغَةِ،
ثِقَةً وَرِعاً خَيِّراً، لَهُ كِتَابٌ فِي اللُّغَة لَمْ
يُؤلَّفْ مِثْلُهُ اخْتِصَاراً وَإِكثَاراً، حَدَّثَنِي
ابْنُ حَزْم قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ الفَرَضِيّ
أَنَّ الأَمِيْر مُجَاهِداً العَامِرِيَّ وَجَّه إِلَى
أَبِي غَالِب إِذْ غَلَب عَلَى مُرْسِيَة أَلفَ دِيْنَار
عَلَى أَنْ يَزِيْد فِي تَرْجَمَةِ هَذَا الكِتَاب: مِمَّا
أَلَّفْتُه لأَبِي الجَيْش مُجَاهِدٍ العَامِرِيِّ،
فَرَدَّ الدَّنَانِيْرَ، وَلَمْ يَفْعَلْ، وَقَالَ: لَوْ
بُذِلَتْ لِي الدُّنْيَا عَلَى ذَلِكَ، مَا فَعَلْتُ،
وَلاَ اسْتجزتُ الكَذِبَ، فَإِنِّي لَمْ أَجْمَعْهُ لَهُ
خَاصَّة.
تُوُفِّيَ بِالمَرِيَّة سَنَة سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائة رحمه الله.
4023- الصفار:
المُسْنِدُ أَبُو سَعْدٍ؛ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَحْمَدَ
بنِ عُمَرَ، الأَصْبَهَانِيُّ الصَّفَّارُ، أَخُو
الفَقِيْه أَبِي سهل الصفار.
حَدَّثَ عَنْ: أَحْمَدَ بنِ بُنْدَار الشَّعَّارِ، وَأَبِي
القَاسِمِ الطَّبَرَانِيّ.
رَوَى عَنْهُ: جَمَاعَةٌ مِنْ شُيُوْخ السِّلَفِيّ
مِنْهُم: مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ العَلَوِيُّ الرَّسِّيّ،
وَأَبُو عَلِيٍّ الحَدَّاد.
تُوُفِّيَ لَيْلَةَ عَرَفَة سَنَة ست وثلاثين وأربع مائة.
__________
1 ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "1/ 143"، والعبر
"3/ 187"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 259".
2 ترجمته في الإكمال لابن ماكولا "1/ 443"، والصلة لابن
بشكوال "1/ 120"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "1/ 300"،
والعبر "3/ 185"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/
256".
(13/229)
ابن ميقل، أبو
الحسين البصري:
4024- ابن ميقل 1:
عَالِمُ قُرْطُبَة، وَعَابِدُهَا، وَشَيْخُ المَالِكِيَّة،
أَبُو الوَلِيْدِ؛ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ
أَحْمَدَ بنِ مِيْقُل، المُرْسِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي مُحَمَّدٍ الأَصِيْلِي، وَهَاشِمِ بنِ
يَحْيَى، وَسَهْلِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ. وَتَحَوَّلَ إِلَى
قُرْطُبَة، وَتَفَقَّهَ وَبَرَع.
قَالَ أَبُو عُمَرَ بنُ الحَذَّاء: مَا لَقَيْتُ أَتمَّ
وَرَعاً وَلاَ أَحْسَنَ خُلُقاً وَلاَ أَكْمَلَ عِلْماً
مِنْهُ، كَانَ يَخْتِمُ القُرْآنَ عَلَى قَدَمِيْه فِي
كُلِّ يَوْمٍ وَليلَةٍ، وَتَرَكَ اللَّحْمَ مِنْ أَوَّلِ
الفِتْنَةِ إلَّا مِنْ طَيْرٍ أَوْ حُوْتٍ أَوْ صَيْدٍ،
وَكَانَ سَخِيّاً عَلَى توسُّط مَالِهِ، وَكَانَ أَحفظَ
النَّاسِ للمَذْهَب، وَأَقوَاهُم احتجَاجاً، مَعَ علمِه
بِالحَدِيْثِ وَرجَالِه، وَاللُّغَةِ وَالقرَاءاتِ
وَالشِّعر. مَاتَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ بِمُرْسِيَة، وَدُفِنَ فِي قبلة جامعها،
وله أربع وسبعون سنة.
4025- أبو الحسين البصري 2:
شَيْخُ المُعْتَزِلَة، وَصَاحِبُ التَّصَانِيْفِ
الكَلاَمِيَّة، أَبُو الحُسَيْنِ محمد ابن عَلِيِّ بنِ
الطَّيِّبِ، البَصْرِيُّ. كَانَ فَصِيْحاً بَلِيْغاً،
عَذْبَ العِبَارَة، يتوَقَّدْ ذكَاءً. وَلَهُ اطِّلاعٌ
كَبِيْرٌ.
حَدَّثَ عَنْ: هِلاَلِ بنِ مُحَمَّد بِحَدِيْثٍ رَوَاهُ
عَنْهُ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ.
تُوُفِّيَ بِبَغْدَادَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَةَ سِتٍّ
وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ وَقَدْ شَاخَ.
أَخَذَ عَنْهُ: أَبُو عَلِيٍّ بنُ الوَلِيْدِ، وَأَبُو
القَاسِمِ بنُ التَّبَّان الْمَعْقُول. أَجَارنَا اللهُ
مِنَ البِدَع.
وَلَهُ كِتَابُ "المُعْتَمِد فِي أصول الفقه"، من أجود
الكتب، يغترف مِنْهُ ابْنُ خطيب الرَّيّ. وَلَهُ كِتَاب
"تَصَفُّح الأدلة" كبير.
__________
1 ترجمته في الصلة لابن بشكوال "2/ 527"، والنجوم الزاهرة
لابن تغري بردي "5/ 39".
2 ترجمته في تاريخ بغداد "3/ 100"، والمنتظم لابن الجوزي
"8/ 126"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "4/ 271"، وميزان
الاعتدال "3/ 654"، ولسان الميزان "5/ 298"، والنجوم
الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 38".
(13/230)
4026- المرتضى
1:
العَلاَّمَةُ الشَّرِيْفُ المُرْتَضَى، نَقِيْبُ
العَلَوِيَّة، أَبُو طَالِبٍ؛ عَلِيُّ بنُ حُسَيْنِ بن
مُوْسَى، القُرَشِيُّ العَلَوِيُّ الحُسَيْنِيُّ
المُوْسَوِيُّ البَغْدَادِيُّ، مِنْ وَلد مُوْسَى
الكَاظِم.
وُلِدَ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَحَدَّثَ عَنْ: سَهْلِ بنِ أَحْمَدَ الدِّيباجِي، وَأَبِي
عَبْدِ اللهِ المَرْزُبَانِيّ، وَغيرهمَا.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَتَبْتُ عَنْهُ.
قُلْتُ: هُوَ جَامعُ كِتَابِ "نَهْجِ البلاغَة"، المنسوبَة
أَلفَاظُه إِلَى الإِمَامِ عَلِيّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-،
وَلاَ أَسَانيدَ لِذَلِكَ، وَبَعْضُهَا بَاطِلٌ، وَفِيْهِ
حقٌّ، وَلَكِن فِيْهِ مَوْضُوْعَاتٌ حَاشَا الإِمَامَ مِنَ
النُّطْقِ بِهَا، وَلَكِنْ أَيْنَ المُنْصِفُ?! وَقِيْلَ:
بَلْ جَمْعُ أَخِيْهِ الشَّرِيْف الرَّضي.
وَدِيْوَانُ المُرْتَضَى كَبِيْرٌ وَتوَالِيفُه
كَثِيْرَةٌ، وَكَانَ صَاحِبَ فُنُوْن.
وَلَهُ كِتَاب "الشَّافِي فِي الإِمَامَة"، وَ"الذَّخِيرَة
فِي الأُصُوْل"، وَكِتَاب "التَّنْزِيه"، وَكِتَاب فِي
إِبطَال القيَاس، وَكِتَاب فِي الاختلاَف فِي الفِقْه،
وَأَشْيَاء كَثِيْرَة. وَدِيْوَانه فِي أَرْبَع
مُجَلَّدَات.
وَكَانَ مِنَ الأَذكيَاء الأَوْلِيَاء، المُتَبَحِّرين فِي
الكَلاَم وَالاعتزَالِ، وَالأَدبِ وَالشِّعْرِ، لَكِنَّهُ
إِمَامِيٌّ جلد. نسأل الله العفو.
قَالَ ابْنُ حَزْم: الإِمَامِيَّةُ كُلُّهُم عَلَى أَنَّ
القُرْآن مُبَدَّلٌ، وَفِيْهِ زيَادَةٌ وَنقصٌ سِوَى
المُرْتَضَى، فَإِنَّهُ كَفَّر مَنْ قَالَ ذَلِكَ،
وَكَذَلِكَ صَاحِباهُ أَبُو يَعْلَى الطُّوْسِيّ، وَأَبُو
القَاسِمِ الرَّازِيّ.
قُلْتُ: وَفِي توَالِيفه سَبُّ أَصْحَابِ رَسُوْل اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَنَعُوْذُ بِاللهِ
مِنْ علمٍ لاَ ينفع.
تُوُفِّيَ المُرْتَضَى فِي سَنَةِ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَفِيْهَا مَاتَ إِمَامُ اللُّغَة تَمَّامُ بنُ غَالِب
التَّيَّانِي المُرْسِيُّ، وَالمُحَدِّثُ الفَقِيْه أَبُو
عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ عَلِيٍّ الصَّيْمَرِيّ،
وَأَبُو سَعْدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَحْمَدَ
الصَّفَّار صَاحِبُ الطَّبَرَانِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ حُسَيْن الوَضَّاحِيّ
القُدْوَةُ بِدِمَشْقَ، وَشَيْخُ المَالِكِيَّة أَبُو
الوَلِيْدِ مُحَمَّدُ بنُ
عَبْدِ اللهِ بنِ مِيْقَل المُرْسِيّ، وَشَيْخُ
الشَّافِعِيَّة أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُحَمَّدُ بنُ
عَبْدِ العَزِيْزِ النِّيلِي النَّيْسَابُوْرِيُّ،
وَشَيْخُ المُعْتَزِلَةِ أَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ
عَلِيٍّ البصري.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 402"، والمنتظم لابن الجوزي
"8/ 120"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "3/ 313"، وميزان
الاعتدال "3/ 124"، ولسان الميزان "4/ 223"، وشذرات الذهب
لابن العماد الحنبلي "3/ 256"، وقد وقع في الشذرات، ووفيات
الأعيان [أبو القاسم] بدل [أبي طالب] .
(13/231)
4027- مكي
1:
العلامة المقرىء، أَبُو مُحَمَّدٍ، مَكِّيُّ بنُ أَبِي
طَالِبٍ حَمُّوشِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مُختَارٍ، القَيْسِيُّ
القَيْرَوَانِيُّ، ثُمَّ القُرْطُبِيُّ، صَاحِبُ
التَّصَانِيْفِ.
وُلِدَ بِالقَيْرَوَان سَنَة خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ
وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَأخذ عَنِ: ابْنِ أَبِي زَيْدٍ، وَأَبِي الحَسَنِ
القَابسِي.
وَتلاَ بِمِصْرَ عَلَى أَبِي عَدِيِّ ابْنِ الإِمَام،
وَأَبِي الطَّيِّبِ بنِ غَلْبُوْنَ، وَوَلَدِه طَاهِر.
وَسَمِعَ: مِنْ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الأُدْفُوي،
وَأَحْمَدَ بنِ فِرَاس المَكِّيّ، وَعِدَّة.
وَكَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ مَعَ الدّينِ
وَالسَّكِينَةِ وَالفَهُمِ، ارْتَحَلَ مَرَّتين، الأُوْلَى
فِي سَنَةِ سِتٍّ وسبعين.
وَقَالَ صَاحِبُه أَبُو عُمَرَ أَحْمَدُ بنُ مَهْدِيّ
المقرىء: أَخْبَرَنِي مَكِّيّ أَنَّهُ سَافرَ إِلَى مِصْرَ
وَلَهُ ثلاَثَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَاشتغلَ، ثُمَّ رحلَ
سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ، وَأَنَّهُ جَاور ثَلاَثَةَ
أَعْوَام، وَدَخَلَ الأَنْدَلُسَ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ
وَتِسْعِيْنَ، وَأَقرأَ بِجَامعِ قُرْطُبَة، وَعظم اسْمه،
وَبَعُدَ صِيْتُه.
قَالَ ابْنُ بَشْكُوَالٍ: قَلَّده أَبُو الْحزم جَهْوَر
خطَابَةَ قُرْطُبَة بَعْد يُوْنُس بن عَبْدِ اللهِ، وَقَدْ
نَاب عَنْ يُوْنُس.
قَالَ: وَلَهُ ثَمَانُوْنَ مُصَنَّفاً، وَكَانَ خيرًا
متدينًا، مشهورًا بإجابة الدعوة، دعا على رَجُلٍ كَانَ
يُؤذِيهِ، وَيسخر بِهِ إِذَا خطبَ، فَزَمِنَ الرَّجُلُ.
تُوُفِّيَ فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
قُلْتُ: تَلاَ عَلَيْهِ خلقٌ مِنْهُم: عَبْدُ اللهِ بنُ
سَهْلٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُطَرِّف، وَرَوَى
عَنْهُ بِالإِجَازَةِ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ عتَّاب.
وَفِيْهَا مَاتَ أَبُو مُحَمَّدٍ السَّكَنُ بنُ مُحَمَّدُ
بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ جُمَيْعٍ الغَسَّانِيّ
بِصَيْدَا عَنْ بِضْعٍ وَثَمَانِيْنَ سنة. يروي عن جده
"الموطأ".
وفيها مَاتَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَزْدَة
المِلَنْجِي المقرىء، وعلي بن محمد بن علي الأسواري.
__________
1 ترجمته في الصلة لابن بشكوال "2/ 631"، ومعجم الأدباء
لياقوت الحموي "19/ 167"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "5/
274"، والعبر "3/ 187"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي
"5/ 41"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 260".
(13/232)
4028- الخلال
1:
الإِمَامُ الحَافِظُ المُجَوِّدُ، مُحَدِّثُ العِرَاقِ،
أَبُو مُحَمَّدٍ؛ الحَسَنُ بنُ أَبِي طَالِبٍ مُحَمَّدِ
بنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ، البَغْدَادِيُّ الخَلاَّلُ،
أَخُو الحُسَيْن.
وُلِدَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ: أَبَا بَكْرٍ القَطِيْعِيّ، وَأَبَا بَكْرٍ
الوَرَّاق، وَأَبَا سَعِيْدٍ السِّيْرَافِيّ، وَمُحَمَّدَ
بن المُظَفَّرِ، وَأَبَا عُمَرَ بنَ حَيُّوَيْه، وَأَبَا
عَبْدِ اللهِ بنَ العَسْكَرِي، وَأَبَا الفَضْل
الزُّهْرِيّ، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ شَاذَان، وَأَبَا
الحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيّ، وَخلقاً كَثِيْراً، وَمَا
أَظنُّه رحلَ فِي الحَدِيْثِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الخَطِيْبُ، وَجَعْفَرُ بنُ أَحْمَدَ
السَّرَّاج، وَالمُبَارَكُ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ
الصَّيْرَفِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الصَّنْدلِي،
وَأَبُو الفَضْلِ بنُ خَيْرُوْنَ، وَالمُعَمَّر بنُ أَبِي
عِمَامَة، وَجَعْفَرُ بنُ المحسن السلماسي، وأبو سعد أحمد
ابن عَبْدِ الجَبَّارِ الصَّيْرَفِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ
عَبْدِ الوَاحِدِ الدِّيْنَوَرِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الخَطِيْبُ: كتبنَا عَنْهُ، وَكَانَ ثِقَةً، لَهُ
مَعْرِفَةٌ، وَتنبُّه، وَخَرَّجَ المُسْنَد عَلَى
الصَّحِيْحَيْنِ، وَجمع أَبوَاباً وَترَاجم كَثِيْرَةً،
وَمَاتَ فِي جمادى الأولى سنة تسع وثلاثين وأربع مائة.
أخبرنا أبو الحسن عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ، وَالحَسَنُ بنُ
عَلِيٍّ قَالاَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ عَلِيٍّ،
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، سَمِعْتُ أَبَا
الحُسَيْن بنَ الطُّيُوْرِي، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ
عَلِيٍّ الصُّوْرِيَّ يَقُوْلُ: مَا رأَتْ عينَانِي بَعْدَ
عَبْدِ الغَنِيّ بن سَعِيْدٍ أَحفظَ مِنْ أَبِي مُحَمَّدٍ
الخَلاَّل البَغْدَادِيّ.
كتب إِلَيْنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ
الشَّافِعِيّ: أَخْبَرَنَا زينُ الأمناء الحسن ابن
مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ الحَسَنِ،
وَقَرَأْتُ عَلَى إِسْحَاقَ بنِ طَارِقٍ، أَخْبَرَكُم
ابْنُ خَلِيْلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الخَالِقِ بنُ عَبْدِ
الوَهَّابِ قَالاَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ
الوَاحِدِ، حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الخَلاَّل
إِمْلاَءً، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ لُؤْلُؤ، حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيْمُ بنُ هَاشِمٍ البَغَوِيُّ سَنَةَ ثَلاَثٍ
وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ
الحَسَنِ بنِ
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "7/ 425"، والأنساب للسمعاني "5/
218"، واللباب لابن الأثير "1/ 473"، والمنتظم لابن الجوزي
"8/ 132"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 999"، وشذرات الذهب
لابن العماد الحنبلي "3/ 262".
(13/233)
شَقِيق، حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ وَاقِد،
حَدَّثَنَا ابْنُ بُريدَة، سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: "العَهْدُ
الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُم تَرْكُ الصَّلاَة، فَمَنْ
تَرَكَهَا، فَقَدْ كَفَرَ" 1. سقط مِنْهُ رَجُل2.
أَخْبَرَنَا عِيْسَى بنُ أَبِي مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا
جَعْفَرُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ
الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ
أَسَد، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الخَلاَّل، حَدَّثَنِي
عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ السَّرَخْسِيّ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللهِ بنُ عُثْمَانَ الوَاسِطِيّ، سَمِعْتُ أَبَا
هَاشِم أَيُّوْبَ بنَ مُحَمَّد بِوَاسِط، سَمِعْتُ أَبَا
عُثْمَان المَازِنِيَّ يَقُوْلُ: حَدَّثَنَا سِيبَوَيْهٍ،
عَنِ الخَلِيْل، عَنْ ذَرِّ بنِ عَبْدِ اللهِ
الهَمْدَانِيّ، عَنِ الحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ
رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "أهل
المَعْرُوفِ فِي الدُّنْيَا هُم أَهْلُ المَعْرُوفِ فِي
الآخِرَةِ، وَأَهْلُ المُنْكَرِ فِي الدُّنْيَا أَهْلُ
المُنْكَر فِي الآخِرَةِ" 3. سقط مِنْ بَيْنِ الخَلِيْل
وَبَيْنَ ذر.
__________
1 صحيح: وهذا إسناد ضعيف لإرساله، وأخرجه ابن أبي شيبة
"11/ 34"، وأحمد "5/ 246، 355"، والترمذي "2621"، والنسائي
"1/ 231"، وابن ماجه "1079"، والدارقطني "2/ 52"، والبيهقي
"3/ 336"، من طرق عن الحسين بن واقد، به. وورد عندهم
جميعًا عن عبد الله بنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيْهِ قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم.
2 سقط من بريدة بن الحصيب راوي الحديث لكنه صحيح كما بينا
في التعليق السابق.
3 صحيح لغيره: أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" "11/ 326"،
من طريق الخلال، به.
وإسناده ضعيف؛ آفته الحارث بن عبد الله الأعور، فإنه ضعيف،
وورد من حديث علي أيضًا: عند الحاكم "4/ 321"، وإسناده
ضعيف.
وللحديث شاهد عن أبي موسى الأشعري: عند الطبراني في
"الصغير" "1/ 73-74"، وورد من حديث أبي هريرة: عند أبي
نعيم في الحلية "9/ 319"، والطبراني في "الصغير" "1/
261-262".
وورد من حديث سلمان الفارسي: عند البخاري في "الأدب
المفرد" "223"، والطبراني "6112".
وورد من حديث قبيصة بن برمة الأسدي: "221"، والطبراني
"11078"، "11460".
(13/234)
ابن ريذة، أبو حسان
المزكي:
4029- ابن ريذة 1:
الشَّيْخُ العَالِمُ، الأَدِيْبُ، الرَّئِيْسُ، مُسْنِدُ
العصرِ، أَبُو بكر، محمد ابن عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ
بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ إِسْحَاقَ بنِ زِيَادٍ،
الأَصْبَهَانِيُّ، التَّانِيُّ التَّاجِرُ، المَشْهُوْرُ
بِابْنِ رِيْذَةَ.
سَمِعَ: "مُعْجَمي" الطَّبَرَانِيّ: الأَكْبَر وَالأَصغر.
والفتن لنُعَيْم بنِ حَمَّادٍ، مِنْ أَبِي القَاسِمِ
الطَّبَرَانِيّ، وَمَا أَظنُّه سَمِعَ: مِنْ غَيْره.
وَعُمِّرَ دَهْراً، وَتَفَرَّد فِي الدُّنْيَا.
مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ
مائَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ خلقٌ لاَ يُحصُوْنَ، مِنْهُم: أَبُو
العَلاَءِ مُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ الكَاغَدِي، وَأَخُوْهُ
أَبُو بَكْرٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ عُزيزَة،
وَالصَّدْرُ مُحَمَّدُ بنُ جهَاربُختَان، وَمُحَمَّدُ بنُ
أَبِي الفَرَجِ المُلْحَمِي، وَمُحَمَّدُ بنُ مَرْدَوَيْه
الصباغ، وأَبُو الفَتْحِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ
الخِرقِيّ وَأَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ
الشَّرَابِيّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ النَّجَّار
الأَصَمُّ، وَأَبُو غَالِبٍ أَحْمَدُ بنُ العَبَّاسِ
الكوشيذِي، وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ شذوة،
وَالحَافِظ يَحْيَى بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ مَنْدَة،
وَمَعْمَرُ بنُ أَحْمَدَ اللُّنْبَانِي، وَهَادِي بنُ
الحَسَنِ العلوي، والمقرىء أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّاد،
وَأَبُو عدنَان مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ العَبْدِيّ،
وَأَبُو عدنَان مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَبِي نِزَار،
وَمُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ القَصَّار الزَّاهِد، وَأَبُو
الرَّجَاءِ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مَاجه،
وَنوشروَان بن شيرزَاذ الدَّيْلَمِيّ، وَطَلْحَةُ ابن
حُسَيْنِ بن أَبِي ذَرٍّ الصَّالِحَانِي، وَحَمْدُ بنُ
عَلِيٍّ المُعَلِّم، وَالهَيْثَمُ بنُ مُحَمَّدٍ
المَعْدَانِي، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ عَبْد اللهِ
الجوزدَانيَة.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَنْدَة: كَانَ أَحدَ الوُجُوه، ثِقَةً
أَمِيناً، وَافِرَ العقلِ، كَامِلَ الفَضْلِ، مُكْرِماً
لأَهْل العِلْم، حَسَنَ الخط، يعرف طرفًا من النحو واللغة،
قرىء عَلَيْهِ الحَدِيْثُ مَرَّاتٍ لاَ أُحصيهَا بِالبلدِ
وَالرَّسَاتيق، ثُمَّ أَرَّخ مولده، وَقَالَ: تُوُفِّيَ
فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَة أَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ وَلَهُ أَرْبَعٌ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً.
قُلْتُ: عَاشت فَاطِمَة بَعْدَهُ إِلَى سَنَةِ أَرْبَعٍ
وَعِشْرِيْنَ وَخَمْس مائَة، وَعَاشَ صَاحِبهَا أَبُو
الْفَخر أَسَعْدُ بنُ رَوْح إِلَى سَنَةِ ست وست مائة.
4030- أبو حسان المزكي 1:
الإِمَامُ الفَقِيْهُ، مُسْنِدُ نَيْسَابُوْر، أَبُو
حَسَّانٍ، مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ جَعْفَرٍ،
المُولْقَاباذيُّ المُزَكِّي، أَحَدُ الثقات الصلحاء، وكان
إليه التزكية بِنَيْسَابُوْرَ، وَلَهُ الحِشْمَةُ
الوَافرَةُ وَالجَلاَلَة.
حَدَّثَ عَنْ: وَالدِه أَبِي الحَسَنِ، وَأَبِي العَبَّاسِ
مُحَمَّد بن إِسْحَاقَ الصِّبْغِي، وَمُحَمَّدِ بن
الحَسَنِ السَّرَّاج، وَأَبِي عَمْرٍو بنِ مَطَر، وَأَبِي
عَمْرٍو بنِ نُجَيْد، وَجَعْفَر المَرَاغِي، وَطَائِفَة.
وَسَمِعَ بِبَغْدَادَ مِنْ أَبِي الفضل عبيد الله ابن
عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيّ، وَغَيْره. وَخَرَّجُوا
لَهُ الفوائِدَ، وَرَوَى الكَثِيْر.
حَدَّثَ عَنْهُ: إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الغَافِرِ
الفَارِسِيّ، وَعَبْدُ الغَفَّارِ بن مُحَمَّدٍ
الشِّيْرُوْيِي، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عَمْرٍو البَحِيْرِي،
وَآخَرُوْنَ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ وَهُوَ فِي عشر التسعين.
__________
1 ترجمته في الإكمال لابن ماكولا "4/ 175"، والعبر "3/
193" وتبصير المنتبه "2/ 617"، والنجوم الزاهرة لابن تغري
بردي "5/ 46"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 265".
2 ترجمته في العبر "3/ 177"، وشذرات الذهب لابن العماد
الحنبلي "3/ 250".
(13/235)
الخلال، ابن غيلان:
4031- الخَلاَّلُ 1:
أَبُو عَبْدِ اللهِ؛ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
الحَسَنِ، البَغْدَادِيُّ، الخَلاَّل، المُؤَدِّب، أَخُو
الحَافِظ الحَسَنِ.
سَمِعَ: أَبَا حَفْص الزَّيَّات، وَسَمِعَ: بِمَا وَرَاء
النَّهر الصَّحِيْح، وَرَوَاهُ عَنِ الحَاجِبِي.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو الفَضْلِ بنُ خَيْرُوْنَ،
وَطَائِفَةٌ، وَالخَطِيْبُ وَقَالَ: لاَ بَأْسَ بِهِ،
مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وأربع مائة.
4032- ابن غيلان 2:
الشَّيْخُ الأَمِيْنُ المُعَمَّر، مُسْنِدُ الوَقْت، أَبُو
طَالِبٍ؛ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ
غَيْلاَنَ بن عَبْدِ اللهِ بنِ غَيْلاَنَ بن حَكِيْمٍ،
الهَمْدَانِيُّ البَغْدَادِيُّ البَزَّاز، أَخُو غَيْلاَن
بنِ مُحَمَّدٍ الْمُكنى بِأَبِي القَاسِمِ.
سَمِعَ: غَيْلاَن مِنَ: النَّجَّاد، وَدَعْلَج وَجَمَاعَة،
حَدَّثَ عَنْهُ: الخَطِيْبُ وَوَثَّقَهُ. وَمَاتَ في سنة
ست عَشْرَة وَأَرْبَع مائَة.
مَوْلِدُ أَبِي طَالِبٍ فِي أول سنة ثمان وأربعين فيما
سمع: هـ الخطيب منه، ثم سمع: هـ الخَطِيْبُ يَقُوْلُ:
كُنْتُ أَغلَطُ فِي مولدِي حَتَّى رَأَيْتُهُ بِخَطّ
جَدِّي: فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ.
قُلْتُ: وَسَمِعَ: مِنْ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ
اللهِ الشَّافِعِيِّ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ،
وَسنةِ ثَلاَثٍ وَأَرْبَع، فعِنْدَه عَنْهُ أَحَدَ عشر
جزءًا لقبت بالغيلانيات. تَفَرَّد فِي الدُّنْيَا
بعُلُوِّهَا. وَسَمِعَ: مِنْ أَبِي إِسْحَاقَ المُزَكِّي
جزئين، وَسَمِعَ: مِنَ الشَّافِعِيّ جُزئين من تفسير سفيان
الثوري.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "8/ 108"، والمنتظم لابن الجوزي
"8/ 102".
2 ترجمته في تاريخ بغداد "3/ 234"، والمنتظم لابن الجوزي
"8/ 139"، واللباب لابن الأثير "2/ 398"، والعبر "3/ 193"،
وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 265".
(13/236)
قَالَ الخَطِيْبُ: كَتَبْنَا عَنْهُ،
وَكَانَ صَدُوْقاً دَيِّناً صَالِحاً.
قُلْتُ: حَدَّثَ عَنْهُ: الخَطِيْبُ، وَابْنُ خَيْرُوْنَ،
وَأَبُو عَلِيٍّ البَرَدَانِي، وَأَبُو طَاهِرٍ بنُ
سِوَار، وَأَحْمَدُ بنُ قُرَيْش البَنَّاء، وَأَبُو
البَرَكَاتِ أَحْمَدُ بن طاووس المقرىء، وَجَعْفَرُ بنُ
أَحْمَدَ السَّرَّاج، وَجَعْفَرُ بنُ المُحَسِّن
السَّلمَاسِي، وَعُبَيْدُ اللهِ بن عُمَرَ البَقَّال،
وَالمُعَمَّرَ بن أَبِي عِمَامَة، وَأَبُو مَنْصُوْرٍ
مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الفَرَّاء، وَأَبُو المَعَالِي
أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ البُخَارِيّ، وَأَبُو عَلِيٍّ
مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ المَهْدِيّ، وَأَبُو سَعْدٍ
أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ الصَّيْرَفِيّ، وَأَبُو
الفَتْحِ أَحْمَدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ المُعَيِّر، وَأَبُو
غَالِبٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي العَطَّار، وَأَبُو
غَالِبٍ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ البَزَّاز، وَالحَسَنُ بنُ
عَبْدِ المَلِكِ اليُوْسُفِيّ، وَأَبُو نَصْرٍ عَبْدُ
اللهِ بنُ عُمَرَ الدّبَّاس، وَعَبْدُ البَاقِي بن محمد
الوراق، وعلي بن محمد ابن عَلِيٍّ الأَنْبَارِيُّ
الوَاعِظُ، وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ
الدِّيْنَوَرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ
الأَزْرَق، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ القَادِرِ بنِ
السَّمَّاكِ، وَأَبُو نَصْرٍ هِبَةُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ
بنِ الصَّبَّاغ، وَهِبَةُ اللهِ بنُ مُبَارَك
الوِقَايَاتِي، وَأَبُو البَرَكَاتِ هبة الله ابن
مُحَمَّدِ بنِ البُخَارِي، وَهِبَةُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ
بن النرسي، وهبة الله بن محمد ابن الحُصَيْنِ
الشَّيْبَانِيّ.
قَالَ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ: قَرَأْتُ بِخطِّ
أَبِي: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ مَحْمُوْد الرَّشِيْدِيّ
يَقُوْلُ: لَمَّا أَردتُ الحَجّ، أَوْصَانِي أَبُو
عُثْمَانَ الصَّابُوْنِيّ وَغَيْرُهُ بسَمَاع مُسْنَد
أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وفوائد أَبِي بَكْرٍ الشَّافِعِيّ،
فَدَخَلتُ بَغْدَاد، وَاجتمعتُ بِابْنِ المذهب، فقال: أريد
مائةي دِيْنَار. فَقُلْتُ: كُلُّ نَفَقَتِي سَبْعُوْنَ
دِيْنَاراً، فَإِنْ كَانَ وَلاَ بُدَّ، فَأَجِزْ لِي.
قَالَ: أُريدُ عشرين دِيْنَاراً عَلَى الإِجَازَة.
فتركتُه، وَقُلْتُ لابْنِ حَيْدر: أُريد السَّمَاع مِنِ
ابْنِ غَيْلاَن. قَالَ: إِنَّهُ مبطونٌ وَهُوَ ابْنُ مائَة
سَنَةٍ. قُلْتُ: فَأَعجلُ فأسمع: منه. قال: لا حتى تحج.
فَقُلْتُ: كَيْفَ يسْمَح قَلْبِي بذَا؟ قَالَ: إِنَّ لَهُ
أَلفَ دِيْنَار يُجَاءَ بِهَا، فَتُفْرَغُ في حجره،
فيقبلها، وَيَتَقَّوَى بِذَلِكَ. فَاسْتَخرتُ اللهَ،
وَحججتُ، وَلحقتُه، قرأَ لِي عَلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ
الخَطِيْبُ.
قَالَ الخَطِيْبُ: مَاتَ ابْنُ غَيْلاَن فِي سَادس شَوَّال
سَنَة أَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
قُلْتُ: عَاشَ أَرْبَعاً وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
وَالرَّشِيْدِيُّ المَذْكُوْرُ صَدُوْقٌ مَاتَ سَنَةَ 498
عَنْ نَيِّفٍ وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
وَمَاتَ فِي سَنَةِ أَرْبَعِيْنَ: أَبُو بَكْرٍ بنُ
رِيْذَة صَاحِبُ الطَّبَرَانِيّ، وَأَبُو ذَر مُحَمَّدُ
بنُ إِبْرَاهِيْمَ الصَّالِحَانِي، وَالحَسَنُ بنُ عيسى بن
المقتدر، وعبيد الله ابن عُمَرَ بنِ شَاهِيْن، وَأَحْمَدُ
بنُ مُحَمَّدِ بنُ أَحْمَدَ الحَكِيمِي، وَعَلِيُّ بنُ
رَبِيْعَةَ الرَّبَعِيّ، وَشَيْخُ خراسان أبو سَعِيْدٍ
فضلُ اللهِ بنُ أَبِي الخَيْرِ المِيْهَنِي، وَالحَافِظُ
الصُّوْرِيّ، وَشَيْخُ القُرَاء الكَارَزِينِي، وَأَبُو
مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ السَّوَّاق
بِبَغْدَادَ، وَشَيْخُ الشَّافِعِيَّة أَبُو حَاتِمٍ
مَحْمُوْدُ بنُ الحَسَنِ القَزْوِيْنِيّ بأمد.
(13/237)
ابن شاهين، ابن حمصه:
4033- ابن شاهين 1:
الشَّيْخُ الصَّادِقُ المُعَمَّرُ، أَبُو الفَتْحِ،
عُبَيْدُ اللهِ بنُ أَبِي حَفْصٍ عُمَرَ بن أَحْمَدَ بنِ
عثمابن بنِ شَاهِيْنٍ البَغْدَادِيُّ، الوَاعِظُ.
سَمِعَ مِنْ: أَبِيهِ الحَافِظِ حَفْصٍ، وَأَبِي بَحْرٍ
البَرْبَهَارِيّ، وَأَبِي بَكْرٍ القَطِيْعِيّ، وَأَبِي
مُحَمَّدٍ بنِ مَاسِي، وَحُسَيْنك التَّمِيْمِيّ،
وَعِدَّة.
حَدَّثَ عَنْهُ: الخَطِيْبُ، وَجَعْفَر بن أَحْمَدَ
السراج، وأبو علي محمد بن محمد المهدي، وآخرون.
قال الخطيب: كتب عَنْهُ، وَكَانَ صَدُوْقاً، مَاتَ فِي
رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ.
قُلْتُ: سَمِعْنَا مِنْ طَرِيْقَهِ كِتَاب "سُجُود
القُرْآن" للحربِي، بسَمَاعه مِنْ أبي بحر، عنه.
4034- ابن حمصة 2:
المُعَمَّر الأَمِيْنُ، أَبُو الحَسَنِ، عَلِيُّ بنُ
عُمَرَ الحَرَّانِيُّ، ثُمَّ المِصْرِيُّ، عُرِفَ: بِابْنِ
حِمِّصَةَ الصَّوَّافِ.
مَا سَمِعَ شَيْئاً سِوَى مَجْلِس البطَاقَة، وَتَفَرَّد
فِي الدُّنْيَا عَنْ حَمْزَة الكِنَانِيّ.
وُلِدَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ
وَثَلاَثِ مائَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: هِبَةُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ
الشِّيْرَازِيّ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ القَادِر
اليُوْسُفِيّ، وَمُرْشِدٌ أَبُو صَادِق المديني، وأبو عبد
الله محمد بن أحمد الرَّازِيّ، وَعِدَّة.
مَاتَ فِي ثَالث رَجَب سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ، عَنْ ثَمَان وَتِسْعِيْنَ سنة.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "10/ 386"، والمنتظم لابن الجوزي
"8/ 138"، والعبر "3/ 192".
2 ترجمته في الإكمال لابن ماكولا "2/ 508"، واللباب لابن
الأثير "3/ 390"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/
266".
(13/238)
العتيقي، ابن سختام:
4035- العتيقي 1:
الإِمَامُ المُحَدِّثُ الثِّقَة، أَبُو الحَسَنِ؛ أَحْمَدُ
بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مَنْصُوْرٍ،
البَغْدَادِيُّ العَتِيْقِيُّ المُجَهِّز السَّفَّار.
سَمِعَ: عَلِيَّ بنَ مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدٍ الرَّزَّاز،
وَأَبَا الحَسَنِ بنَ لُؤْلُؤ الوَرَّاق، وَإِسْحَاقَ بنَ
سَعْدٍ النَّسَوِيَّ، وَالقَاضِي أَبَا بَكْرٍ الأبهري،
وعبيد الله بن عبد الرَّحْمَن الزُّهْرِيّ، وَالحُسَيْنَ
بنَ أَحْمَدَ بنِ فَهْدٍ المَوْصِلِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ
المُظَفَّر، وَعِدَّة. وَسَمِعَ: بِدِمَشْقَ مِنْ تَمَّامٍ
الرَّازِيِّ، وَبِمِصْرَ مِنْ عَبْدِ الغَنِيّ، وَجَمَع
وَخَرَّجَ، وَكَتَبَ الكَثِيْر.
حَدَّثَ عَنْهُ: وَلَدُهُ أَبُو غَالِبٍ مُحَمَّدُ بنُ
أَحْمَدَ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ أَبِي الحَدِيْد،
وَعَبْد المُحْسن بنُ مُحَمَّدٍ الشِّيْحِيُّ، وَعَلِيُّ
بنُ أَبِي العَلاَءِ المِصِّيْصِيُّ، وَالمُبَارَكُ بنُ
الطُّيُوْرِيِّ، وَأَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ
بنِ المَهْدِيّ، وَآخَرُوْنَ.
وَهُوَ الَّذِي يَقُوْلُ فِيْهِ الخَطِيْبُ: أَخْبَرَنَا
أَحْمَدُ بنُ أَبِي جَعْفَرٍ القَطِيْعِيّ وَقَالَ: كَانَ
صَدُوْقاً، وُلِدَ فِي أَوَّلِ سَنَةِ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ
وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَذكر لِي أَنَّ بَعْضَ أَجدَاده كَانَ
يُسَمَّى عَتِيْقاً، وَإِليه يُنْسَبُ.
وَقَالَ ابْنُ مَاكُوْلاَ: قَالَ لِي شَيْخُنَا
العَتِيْقِيُّ: إِنَّهُ رُوْيَانِيُّ الأَصلِ، خَرَّجَ
عَلَى الصَّحِيْحَيْنِ، وَكَانَ ثِقَةً مُتْقِناً،
يَفْهَمُ مَا عِنْدَهُ.
وَقَالَ الخَطِيْبُ: مَاتَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ إِحْدَى
وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
قُلْتُ: وَقَعَ لِي أَجزَاءٌ مِنْ حديثه، وله وفيات في جزء
كبير.
4036- ابن سختام 2:
الفَقِيْهُ العَلاَّمَةُ المُفْتِي، أَبُو الحَسَنِ؛
عَلِيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ نَصْرَوَيْه بن سَخْتَامَ
بن هَرْثَمَة، الغَزِّي السَّمَرْقَنْدِيّ الحَنَفِيّ
حَجَّ فِي آخر أَيَّامه.
وَحَدَّثَ بِبَغْدَادَ وَدِمَشْق عَنْ: أَبِيهِ،
وَمُحَمَّدِ بنِ مت الإشتيخني، وإبراهيم بن عبد الله
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "4/ 379"، والمنتظم لابن الجوزي
"8/ 142"، واللباب لابن الأثير "2/ 323"، و"3/ 170"،
والعبر "3/ 195"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "32/
265".
2 ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 342"، واللباب لابن الأثير
"1/ 454"، والعبر "3/ 196".
(13/239)
الرَّازِيِّ، ثُمَّ البُخَارِيِّ، وَأَبِي
سَعدٍ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُحَمَّدٍ الإِدْرِيْسِيِّ،
وَمَنْصُوْرِ بن نصر الكَاغَدِي، ومحمد بن يحيى الغياثي،
وطائفة.
وله ثلاث أَجزَاءٍ سَمِعْنَاهَا.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَلِيٍّ الأَهْوَازِيُّ مَعَ
تَقَدُّمِهِ، وَأَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، وَمَنْصُوْرُ بنُ
عَبْدِ الجَبَّارِ السَّمْعَانِيّ، وَالفَقِيْه نَصْرٌ
المَقْدِسِيّ، وَفَيْدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
الهَمَذَانِيُّ، وَأَبُو طَاهِرٍ الحِنَّائِيّ،
وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ والتقدم في
مذهب أبي حنيفة، قَالَ لِي: وُلِدْتُ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ
خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ. قَالَ: وَكَانَ
أَبِي يذكر أنه من العرب.
قال: وأدركته أَجَلُهُ فِي الطَّرِيْق- يَعْنِي فِي سَنَةِ
إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَفِيْهَا مَاتَ: المُحَدِّثُ أَبُو الحَسَنِ
العَتِيْقِيّ، وَشَيْخُ اللُّغَة أَبُو القَاسِمِ
إِبْرَاهِيْم بنُ مُحَمَّدِ بنِ زَكَرِيَّا الإِفليلِيّ
الزُّهْرِيُّ بقُرْطُبَة، وَأَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ
عُمَرَ بنِ حِمّصَة الحَرَّانِيُّ، وَصَاحِبُ المَوْصِل
معتمدُ الدَّوْلَة قِرْوَاش بنُ مُقَلَّدِ بنِ المُسَيِّب
العُقَيْلِيّ، وَالقَاضِي مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ
عِيْسَى السَّعْدِيّ بِمِصْرَ، وَأَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ
بنُ إِسْحَاقَ القُهُسْتَانِيّ، وَأَحْمَدُ بنُ المُظَفَّر
بن أحمد ابن يَزْدَاد الوَاسِطِيُّ العَطَّار، وَالفَضْلُ
بنُ أَحْمَدَ الثَّقَفِيّ والد الرئيس أبي عبد الله.
(13/240)
4037- البرمكي
1:
الشَّيْخُ الإِمَامُ المُفْتِي، بَقِيَّةُ المُسْنِدِيْن،
أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عُمَرَ بنِ أَحْمَدَ
بنِ إِبْرَاهِيْمَ البَرْمَكِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ،
الحَنْبَلِيُّ قِيْلَ: أَصْلُهُ مِنْ قَرْيَة
البَرْمَكيَّةِ، وَقِيْلَ: سَكَنَ آبَاؤُهُ محلَّةً
تُعْرَفُ بِالبَرْمَكيَّة.
مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ
مائة.
وَسَمِعَ: أَبَا بَكْرٍ القَطِيْعِيّ، وَأَبَا مُحَمَّدٍ
بنَ مَاسِي، وَعَبْدَ اللهِ بنَ إِبْرَاهِيْمَ
الزَّبِيْبِي، وَالحَافِظ أبا الفتح الأزدي المَوْصِلِيّ،
وَابنَ بَخِيْت الدَّقَّاق، وَإِسْحَاقَ بن سَعْدٍ
النَّسَوِيَّ، وَعِدَّة.
وَبَرَعَ فِي المَذْهَب، وَكَانَ لَهُ حَلقَةٌ للفَتْوَى.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو غَالِبٍ مُحَمَّدُ بن الوَاحِدِ
الشَّيْبَانِيّ، وَأَبُو طَالِبٍ اليُوْسُفِيّ، وَابْنُ
عَمِّهِ
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَحْمَدَ، وَأَبُو العِزِّ
مُحَمَّدُ بنُ المُخْتَار، وَأَبُو مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ
بنُ أَحْمَدَ بنِ النَّقُّوْر، وَأَبُو البَرَكَاتِ
مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الخَرَزِي، وَمُبَارَكُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ السَّدَنْك، وَهِبَةُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ
الوِقَايَاتِي، وَهِبَةُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ
الدَّواتِي، وَأَبُو مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ
الفراء، وهبة الله ابن أحمد بن الطبر، وأبو عَلِيٍّ بنُ
المَهْدِيّ، وَالقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الأَنْصَارِيّ،
وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَتَبْتُ عَنْهُ، وَكَانَ صَدُوْقاً
دَيِّناً، فَقِيْهاً عَلَى مَذْهَب أَحْمَد، وَلَهُ
حَلقَةٌ للْفَتْوَى، مَاتَ يَوْم التَّرويَة، مِنْ ذِي
الحِجَّةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ.
قُلْتُ: كَانَ ذَا زُهْدٍ وَصَلاَحٍ، وَمَعْرِفَةٍ تَامَّة
بِالفَرَائِض.
تَفَقَّهَ عَلَى ابْنِ بطَّة، وَابنِ حَامِد، وَلَهُ
إِجَازَةٌ مِنْ أَبِي بَكْرٍ عَبْدِ العَزِيْزِ غُلاَم
الخَلاَّل.
وَتُوُفِّيَ ابْنُهُ أَحْمَد بَعْدَهُ بِثَلاَثٍ
وَعِشْرِيْنَ سَنَةً. روى عن ابن أبي الفوارس.
وَمَاتَ فِيْهَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحِيْمِ الكَاتِبُ، وَأَبُو
الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ عُمَرَ بنِ رَوح النَّهْروَانِيّ،
وَأَبُو طَالِبٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عُثْمَانَ بن
السوادي، ومقرىء مِصْر أَبُو العَبَّاسِ بنُ هَاشِم،
وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ فَدُّويَه الكُوْفِيّ،
وَأَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ الحسن
العلوي.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "6/ 139"، والمنتظم لابن الجوزي
"8/ 158"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 55"، وشذرات
الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 273".
(13/240)
4038- الكراعي
1:
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ، مُسْنِدُ مَرْوَ، أَبُو غَانِمٍ؛
أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حُسَيْنٍ، المَرْوَزِيُّ
الكُرَاعِيُّ نِسْبَةً إِلَى بَيْعِ الأَكَارِعِ.
كَانَ خَاتِمَةَ مَنْ حَدَّثَ عَنْ أَبِي العَبَّاسِ
عَبْدِ اللهِ بن الحُسَيْنِ النَّضْرِيِّ؛ صَاحِبِ
الحَارِثِ بنِ أَبِي أُسَامَةَ، وَحَدَّثَ أَيْضاً عَنْ
أَبِي الفَضْلِ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ الحَدَّادِيّ،
وَغيرهمَا.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الطبسي، والإمام
أبو المظفر منصور بن السمع: اني، والقَاضِي أَبُو
المَحَاسِنِ الرُّويَانِي، وَأَبُو مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ
بنُ عَلِيٍّ الكُرَاعِيّ حَفِيْدُهُ.
مَاتَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ وَهُوَ فِي عَشْرِ المائة.
وعاش حفيده بعده ثمانين سنة.
__________
1 ترجمته في الأنساب للسمعاني "10/ 374"، والعبر "3/ 205"،
وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 271".
(13/241)
ابن العلاف،
الذكواني:
4039- ابن العلاف 1:
الإِمَامُ العَالِمُ الوَاعِظُ، أَبُو طَاهِرٍ، مُحَمَّدُ
بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّد بنِ يُوْسُفَ، البَغْدَادِيُّ،
ابْنُ العَلاَّفِ.
سَمِعَ: أَبَا بَكْرٍ القَطِيْعِيَّ، وَأَحْمَدَ بنَ
جَعْفَرِ بنِ سَلْمٍ الخُتُّلِيَّ، وَمَخْلَد بنَ جَعْفَرٍ
البَاقَرْحِي، وَطَائِفَة.
وَعَنْهُ: ابْنُهُ أَبُو الحَسَنِ الحَاجِبُ، وأبو بكر
الخطيب، وأبو الحسين ابن الطُّيُوْرِيِّ، وَالحَسَنُ بنُ
مُحَمَّدٍ البَاقَرْحيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَتَبْتُ عَنْهُ، وَكَانَ صَدُوْقاً،
ظَاهِرَ الوقَار، لَهُ حَلْقَةٌ بِجَامع المَنْصُوْر
وَمَجْلِسُ وَعْظ. مَاتَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَةَ
اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
قُلْتُ: كَانَ مِنْ أَبْنَاءِ التِّسْعِيْنَ.
4040- الذَّكْوَانِيُّ:
الشَّيْخُ الإِمَامُ المُعَمَّرُ، بَقِيَّةُ
المُسْنِديْنَ، أَبُو القَاسِمِ؛ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
أَبِي بكرٍ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي عَلِيٍّ أَحْمَدَ بنِ
عَبْد الرَّحْمَنِ، الهَمْدَانِي الذَّكْوَانِيُّ
الأَصْبَهَانِيُّ المُعَدَّل، مِنْ كُبَرَاء أَهْلِ
بَلَدِهِ، وَمن بَيْت الحِشْمَة وَالرِّوَايَة.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي الشَّيْخ الحَافِظ، وَأَبِي بَكْرٍ
عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ القبَّاب، وَإِسْحَاق بنِ
عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ، وعبد الله بن محمد الصائغ، وعبد
العَزِيْز بنِ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ، وَأَبِي بَكْرٍ بن
المقرىء، وَجَمَاعَةٍ، وَهُوَ آخرُ مَنْ رَوَى فِي
الدُّنْيَا بِالإِجَازَةِ عَنْ أَبِي القَاسِمِ
الطَّبَرَانِيّ. أَمْلَى عِدَّةَ مَجَالِس.
حَدَّثَ عَنْهُ: هَادِي بنُ إِسْمَاعِيْلَ العَلَوِيُّ،
وَجَعْفَرُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ الثَّقَفِيُّ، وَأَبُو
عَلِيٍّ الحَدَّاد، وَأَبُو سَعْدٍ المُطَرِّزُ،
وَبُنْدَارُ بنُ مُحَمَّدٍ الخُلْقَانِي، وَإِسْمَاعِيْلُ
بنُ الفَضْلِ السَّرَّاج، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَنْدَة: تَكَلَّمُوا فِيْهِ، أَلْحَقَ
فِي بَعْض سَمَاعِهِ، وَسَمَاعُه كَثِيْرٌ بخطِّ أَبِيهِ،
وَمَاتَ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ فِي ربيع الأول.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "3/ 103"، والأنساب للسمعاني "9/
98"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 148"، والعبر "3/ 200"،
وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 269".
(13/242)
4041- القزويني
1:
الإِمَامُ القُدْوَةُ، العَارِفُ، شَيْخُ العِرَاقِ، أَبُو
الحَسَنِ، عَلِيُّ بنُ عُمَرَ بنِ مُحَمَّد، ابْنُ
القَزْوِيْنِيِّ البَغْدَادِيُّ الحَرْبِيُّ الزَّاهِدُ.
سَمِعَ: أَبَا عُمَرَ بنَ حَيُّوَيْه، وَأَبَا حَفْص بنِ
الزَّيَّات، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ شَاذَان، وَالقَاضِي أَبَا
الحَسَنِ الجَرَّاحِيَّ، وَأَبَا الفَتْحِ القَوَّاس
وَطَبَقَتَهُم، وَأَمْلَى عِدَّة مَجَالِس.
حَدَّثَ عَنْهُ: الخَطِيْبُ، وَابْنُ خَيْرُوْنَ، وَأَبُو
الوَلِيْدِ البَاجِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بنُ
مُحَمَّدٍ البَرَدَانِي، وَأَبُو سَعْدٍ أَحْمَدُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ شَاكِر الطَّرَسُوْسِيّ، وَجَعْفَرُ بنُ
أَحْمَدَ السَّرَّاج، وَالحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ الباقرحي،
وأبو العز محمد بن المُخْتَار، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ
بنِ بغرَاج، وَهِبَةُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الرَّحبِيّ،
وَأَبُو مَنْصُوْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ
الصَّيْرَفِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ
الدِّيْنَوَرِيُّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ الخَطِيْبُ: كتبنَا عَنْهُ، وَكَانَ أَحدَ
الزُّهَّاد، وَمن عبَاد الله الصَّالِحِيْنَ، يقرىء
القُرْآن، وَيروِي الحَدِيْثَ، وَلاَ يخرُجُ مِنْ بَيْتِهِ
إلَّا للصَّلاَة، رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ، قَالَ لِي:
وُلِدْتُ سَنَةَ سِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَمَاتَ فِي
شَعْبَانَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ، وَغُلِّقت جَمِيْعُ بَغْدَاد يَوْم دَفْنه، لَمْ
أَرَ جمعاً عَلَى جِنَازَة أَعْظَمَ مِنْهُ.
قَالَ أَبُو نَصْرٍ هِبَةُ اللهِ بن المُجْلِي: حَدَّثَنِي
أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ طَلْحَةَ بن
المُنَقِّي قَالَ: حَضَرَتْ وَالدِي الوَفَاةُ، فَأَوْصَى
إِليَّ بِمَا أَفعلُهُ، وَقَالَ: تمْضِي إِلَى
القَزْوِيْنِيّ، وَتَقُولُ لَهُ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي المَنَامِ،
وَقَالَ لِي: اقرأْ عَلَى القَزْوِيْنِيّ مِنِّي
السَّلاَمَ، وَقُلْ لَهُ: بِالعَلاَمَةِ أَنَّكَ كُنْتَ
بِالموقِفِ فِي هَذِهِ السَّنَة، فَلَمَّا مَاتَ، جِئْتُ
إِلَيْهِ، فَقَالَ لِي ابْتِدَاءً: مَاتَ أَبُوكَ؟ قُلْتُ:
نَعَمْ. قَالَ: رَحِمَهُ اللهُ، وَصدق رَسُوْلُ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَصدَقَ أَبُوك.
وَأَقسم عليَّ أَنْ لاَ أُحَدِّثَ بِهِ فِي حيَاته.
أَخْبَرَنَا الحسن بن علي، أخبرن جَعْفَرُ بنُ عَلِيٍّ،
أَخْبَرَنَا السِّلَفِيُّ قَالَ: سَأَلتُ شُجَاعاً
الذُّهْلِيّ عَنْ أَبِي الحَسَنِ القَزْوِيْنِيّ، فَقَالَ:
كَانَ عَلَمَ الزُّهَّاد وَالصَّالِحِيْنَ، وَإِمَامَ
الأَتْقِيَاء الوَرِعِين، لَهُ كَرَامَاتٌ ظَاهِرَةٌ
مَعْرُوْفَةٌ يَتَدَاولُهَا النَّاسُ، لَمْ يزل يقرىء
وَيُحَدِّثُ إِلَى أَنْ مَاتَ.
وَقَالَ أَبُو صَالِحٍ المُؤَذِّنُ فِي "مُعْجَمِه": أَبُو
الحَسَنِ القَزْوِيْنِيُّ الشَّافِعِيُّ المشار إليه في
زمانه
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "12/ 43"، والمنتظم لابن الجوزي
"8/ 146"، والعبر "3/ 199"، وشذرات الذهب لابن العماد
الحنبلي "3/ 268".
(13/243)
ببغداد في الزهد والورع وكثر القِرَاءة،
وَمَعْرِفَةِ الفِقْهِ وَالحَدِيْثِ، تَلاَ عَلَى أَبِي
حَفْصٍ الكَتَّانِيّ، وَقرأَ القرَاءاتِ، وَلَمْ يَكُنْ
يُعطي مَنْ يقرأُ عَلَيْهِ إِسْنَاداً بِهَا.
وَقَالَ هِبَةُ اللهِ بنُ المُجْلِي فِي كِتَاب "منَاقب
القَزْوِيْنِيّ": كَانَ يَعْنِي كلمَة إِجمَاعٍ فِي
الخَيْر، وَمِمَّنْ جُمعت لَهُ القُلُوْب، فَحَدَّثَنِي
أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الأَمِيْن قَالَ: كَتَبْتُ عَنْهُ
مَجَالِسَ أَملاَهَا فِي مَسْجِدِهِ، وَكَانَ أَيّ جُزء
وَقَعَ بِيَدِهِ، خَرَّجَ مِنْهُ عَنْ شَيْخٍ وَاحِد
جَمِيْعَ المَجْلِس، وَيَقُوْلُ: حَدِيْثَ رَسُوْلِ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لاَ يُنفَى. وَكَانَ
أَكْثَرُ أُصُوْلِهِ بخطِّه.
وَسَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ سَبْعُوْنَ القَيْرَوَانِيّ
يَقُوْلُ: القَزْوِيْنِيّ ثِقَةٌ ثَبْتٌ، مَا رَأَيْتُ
أَعقل مِنْهُ.
وَقِيْلَ: إِنَّ أَبَا الحَسَنِ علق تَعليقَة عَنْ أَبِي
القَاسِمِ الدَّارَكِيّ، وَلَهُ تَعليق فِي النَّحْوِ عَنِ
ابْنِ جِنِّي، سَمِعْتُ أَبَا العَبَّاسِ المُؤَدِّب
وَغَيْرهُ يَقُوْلاَنِ: إِنَّ القَزْوِيْنِيّ سَمِعَ:
الشَّاة تذكر الله تَعَالَى. وَحَدَّثَنِي هِبَةُ اللهِ
بنُ أَحْمَدَ الكَاتِبُ أَنَّهُ زَار قَبْرَ ابْنِ
القَزْوِيْنِيّ، فَفَتَح ختمَةً هُنَاكَ، وَتفَاءَل
لِلشَّيْخِ، فَطَلَعَ أَوّلُ ذَلِكَ، {وَجِيهًا فِي
الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ} [آل
عِمْرَان: 45] .
وَرُوِيَ عَنِ أَقضَى القُضَاةِ المَاوَرْدِيِّ قَالَ:
صَلَّيْتُ خَلْفَ أَبِي الحَسَنِ القَزْوِيْنِيِّ،
فَرَأَيْتُ عَلَيْهِ قَمِيْصاً نَقِيّاً مُطَرَّزاً،
فَقُلْتُ فِي نَفسِي: أَيْنَ الطّرزُ مِنَ الزُّهْدِ؟
فَلَمَّا سَلَّمَ، قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ! الطّرزُ لاَ
ينقُضُ حُكْمَ الزُّهْدِ.
وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بنُ حُسَيْنٍ القَزَّازُ قَالَ: كَانَ
بِبَغْدَادَ زَاهِدٌ خَشِنُ العَيشِ، وَكَانَ يبلُغُه
أَنَّ ابْنَ القَزْوِيْنِيِّ يأكل الطيب، ويلبس الرقيق،
فقال: سبحان اللهِ! رَجُلٌ مُجْمَعٌ عَلَى زُهْدِهِ
وَهَذَا حَالُه! أَشتَهِي أَنْ أَرَاهُ. فَجَاءَ إِلَى
الحَربيَّةِ، فَرَآهُ، فَقَالَ الشَّيْخُ: سُبْحَانَ
اللهِ! رَجُلٌ يُوْمَأُ إِلَيْهِ بِالزُّهْدِ، يُعَارِضُ
اللهَ فِي أَفعَالِهِ، وَمَا هُنَا مُحَرَّمٌ وَلاَ
مُنْكَرٌ. فَشَهَقَ ذَلِكَ الرَّجُلُ، وَبَكَى.
وَقَالَ أَبُو نَصْرٍ بنُ الصَّبَّاغَ الفَقِيْهُ: حَضَرتُ
عِنْدَ ابْنِ القَزْوِيْنِيِّ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَبُو
بَكْرٍ بنُ الرَّحَبِيِّ، فَقَالَ: أَيُّهَا الشَّيْخُ!
أَيَّ شَيْءٍ أَمَرَتْنِي نَفسِي أُخَالِفُهَا؟ قَالَ:
إِنْ كُنْتَ مُرِيداً، فَنَعَمْ، وَإِنْ كُنْتَ عَارِفاً،
فَلاَ. فَانْصَرَفْتُ، وَأَنَا مُفَكِّرٌ، وَكَأَنَّنِي
لَمْ أُصوِّبْهُ، فرَأَيْتُ لَيْلَتِي كَأَنَّ مَنْ
يَقُوْلُ لِي وَقَدْ هَالَنِي أَمرٌ: هَذَا بِسَبَبِ ابْنِ
القَزْوِيْنِيِّ. وَحَدَّثَنِي أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ
السَّمِيْعِ الهَاشِمِيُّ، عَنْ عَبْدِ العَزِيْزِ
الصَّحْرَاوِيِّ الزَّاهِدِ قَالَ: كُنْتُ أَقرأُ عَلَى
القَزْوِيْنِيِّ، فَجَاءَ رَجُلٌ مُغَطَّى الوَجْهِ،
فَوَثَبَ الشَّيْخُ إِلَيْهِ، وَصَافَحَه، وَجَلَسَ بَيْنَ
يَدَيْهِ سَاعَةً، فَسَأَلتُ صَاحِبِي: مَنْ هَذَا؟ قَالَ:
تَعرِفُهُ؟ هَذَا أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ القَادِرُ
بِاللهِ.
وحدثنا أحمد بنُ مُحَمَّدٍ الأَمِيْنُ قَالَ: رَأَيْتُ
المَلِكَ أَبَا كَالَيْجَارَ قَائِماً يُشِيرُ إِلَيْهِ
أَبُو الحَسَنِ بِالجُلُوسِ، فلا يفعل.
(13/244)
وَحَدَّثَنِي عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ
الطَّرَّاحُ الوَكِيْلُ قَالَ: رَأَيْتُ المَلِكَ أَبَا
طَاهِرٍ بنَ بُوَيْه قَائِماً بين يدي الشيخ أبي الحسن
يومىء بِالجُلُوسِ، فَيَأْبَى.
ثُمَّ سَرَدَ لَهُ ابْنُ المُجْلِي كَرَامَاتٍ مِنْهَا
شُهُوْدُهُ عَرَفَةَ وَهُوَ بِبَغْدَادَ، وَمِنْهَا
ذَهَابُهُ إِلَى مَكَّةَ، فَطَافَ، وَرَجَعَ مِنْ
لَيْلَتِهِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ بنُ الخَلاَّل، أَخْبَرَنَا
جَعْفَرُ الهمداني، أخبرنا السلفي: سَمِعْتُ جَعْفَراً
السَّرَّاجَ يَقُوْلُ: رَأَيْتُ عَلَى أَبِي الحَسَنِ
القَزْوِيْنِيِّ ثَوباً رَقيقاً، فَخَطَرَ لِي: كَيْفَ
مِثْلُهُ فِي زُهدِه يَلبَسُ هَذَا؟ فَنَظَرَ فِي الحَالِ
إِلَيَّ، وَقَالَ: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ
الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ} [الأَعْرَافُ:32] .
وَحَضرْتُ عِنْدَهُ يَوْماً لِلسَّمَاعِ إِلَى أَنْ
وَصلَتِ الشَّمْسُ إِلَيْنَا، وَتَأَذَّينَا بِحَرِّهَا،
فَقُلْتُ فِي نَفسِي: لَوْ تَحَوَّلَ الشَّيْخُ إِلَى
الظِّلِّ. فَقَالَ فِي الحَالِ: {قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ
أَشَدُّ حَرًّا} [التَّوْبَةُ: 81] .
وَمَاتَ مَعَ القَزْوِيْنِيِّ فِي سَنَةِ 442 أَبُو
الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ التَّوَّزِيُّ، وَشَيْخُ
العَرَبِيَّةِ أَبُو القَاسِمِ عُمَرُ بنُ ثَابِتٍ
الثَّمَانِيْنِيُّ؛ صَاحِبُ ابْنِ جِنِّيٍّ، وَالوَاعِظُ
أبو طاهر محمد بن علي بن محمد العَلاَّفُ، وَأَبُو
القَاسِمِ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَحْمَدَ بن فاذويه.
(13/245)
4042- الفارسي
1:
الشَّيْخُ الأَمِيْنُ الجَلِيْلُ، مُسْنِدُ الدِّيَارُ
المِصْرِيَّةِ، أَبُو القَاسِمِ، عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ
بنِ عَلِيٍّ بن أَحْمَدَ بنِ عِيْسَى، الفَارِسِيُّ، ثُمَّ
المِصْرِيُّ.
شَيْخٌ مُعَمَّرٌ عَالِي الرِّوَايَةِ، مُكْثِرٌ عَنْ
أَبِي أَحْمَدَ بنِ النَّاصِحِ المُفَسِّرِ، وَالقَاضِي
أَبِي الطَّاهِرِ الذُّهْلِيِّ، وَأَبِي الحَسَنِ
مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ حَيُّوَيْه، وَالحَسَنِ
بنِ رَشِيْقٍ، وَعَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ العَبَّاسِ
البَغْدَادِيِّ، وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: سَهْلُ بنُ بِشْرٍ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ
ثُمَّ الدِّمَشْقِيُّ، وَأَبُو صادق مرشد ابن يَحْيَى
المَدِيْنِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ أحمد
الرازي، وآخرون.
قَالَ الرَّازِيُّ فِي "مَشْيَخَتِهِ": سَمِعْتُ عَلَيْهِ
سِتِّيْنَ جُزْءاً أَوْ أَزْيَدَ. تُوُفِّيَ فِي شَوَّالٍ
سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
قُلْتُ: كَانَ مِنْ أَبْنَاءِ التِّسْعِيْنَ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ نُصَيْرٍ المُفِيْدُ،
أَخْبَرَنَا رَوَاجٌ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ
عَسْكَرَ المَخْزُوْمِيُّ، أَخْبَرَنَا مُرْشِدُ بنُ
يَحْيَى المَدِيْنِيُّ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَةَ خَمْسَ
عَشْرَةَ وَخَمْسِ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الفَسَوِيُّ سَنَةَ 441 أَخْبَرَنَا
الحَسَنُ بنُ رَشِيْقٍ، حَدَّثَنَا أَبُو العَلاَءِ
مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الوَكِيْعِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو
بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا شَرِيْكٌ، عَنْ
عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: مَنْ لَمْ
يُصَلِّ فَلاَ دِيْنَ لَهُ.
وَمَاتَ فيها أبو علي الحسن بن علي بن محمد
الشَّامُوْخِيُّ بِالبَصْرَةِ، وَمُسْنِدُ أَصْبَهَانَ
أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي بكرٍ بنِ
أَبِي عَلِيٍّ الذَّكْوَانِيُّ، وَالمُسْنِدُ مُحَمَّدُ
بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ بنِ سَعْدَانَ بِدِمَشْقَ،
وَالمُحَدِّثُ أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ علي بن محمد
بن صخر الأزدي.
__________
1 ترجمته في العبر "3/ 202"، وحسن المحاضرة للسيوطي "1/
374".
(13/245)
4043- ابن عابد
1:
المُحَدِّثُ المُسْنِدُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ؛ مُحَمَّدُ
بنُ عَبْدِ اللهِ بن سعيد بن عَابِدٍ، المَعَافِرِيُّ
القُرْطُبِيُّ.
حَجَّ، وَسَمِعَ: وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِي بَكْرٍ
المُهَنْدِسِ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ بنِ أَبِي زَيْدٍ،
وَأَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ مُفَرِّجٍ، وَعَبَّاس بنِ
أَصْبَغَ، وَخَلَفِ بنِ القَاسِمِ، وَعِدَّةٍ.
قَالُوا: وَكَانَ ثِقَةً مَعنِيّاً بِالآثَارِ، خَيِّراً
صَالِحاً، مُتُوَاضِعاً، دُعِيَ إِلَى الشُّوْرَى،
فَأَبَى.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو مَرْوَانَ الطُّبْنِيُّ: وَأَبُو
مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَتَّابٍ،
وَأَبُوْهُ مُحَمَّدٌ، وَمُحَمَّدُ بنُ الفَرَجِ
الطَّلاَّعِيُّ، وَآخَرُوْنَ. وَقِيْلَ: بَلْ رِوَايَةُ
أَبِي مُحَمَّدٍ عَنْهُ إِجَازَةٌ، وَالمَغَارِبَةُ
يَتَسمَّحُونَ فِي إِطلاَقِ ذَلِكَ.
تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الأُولَى سَنَةَ تِسْعٍ
وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ وَلَهُ بِضْعٌ
وَثَمَانُوْنَ سَنَةً.
وَمَاتَ مَعَهُ فِيْهَا المُحَدِّثُ عَلِيُّ بنُ مُنِيْرِ
بنِ أَحْمَدَ الخَلاَّلُ الشَّاهِدُ بِمِصْرَ،
وَالمُحَدِّثُ العَالِمُ أَبُو الفَرَجِ الحُسَيْنُ بنُ
عَلِيٍّ الطَّنَاجِيْرِيُّ بِبَغْدَادَ، وَمُشْرِفُ
الجَامِعِ أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بن شواش
الكناني بدمشق.
__________
1 ترجمته في الصلة لابن بشكوال "2/ 530"، والعبر "3/ 190"،
وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 263".
(13/246)
الصيمري، الجويني:
4044- الصيمري 1:
القَاضِي العَلاَّمَةُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ؛ الحُسَيْنُ
بنُ علي بن محمد، الصَّيْمَرِيُّ الحَنَفِيُّ.
رَوَى عَنْ: هِلاَلِ بنِ مُحَمَّدٍ، وَالمُفِيْدِ، وَابنِ
شَاهِيْنٍ وَالحَرْبِيِّ، وَطَبَقَتِهِم.
وَعَنْهُ: الخَطِيْبُ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ الكَتَّانِيُّ،
وَالقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللهِ الدَّامَغَانِيُّ،
وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ مِنْ كِبَارِ الفُقَهَاءِ المُنَاظِرِينَ،
صَدُوْقاً، وَافِرَ العَقْلِ.
قَالَ الخَطِيْبُ: قَالَ لِي: سَمِعْتُ مِنَ
الدَّارَقُطْنِيِّ أَجْزَاءً مِنْ سُنَنِهِ، وَانقَطَعتُ
لِكَوْنِهِ لَيَّنَ أَبَا يُوْسُفَ، وَلَيْتَنِي لَمْ
أَفْعَلْ، أَيْشٍ ضَرَّ أَبَا الحَسَنِ انصِرَافِي؟.
قَالَ الخَطِيْبُ: مَاتَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ سِتٍّ
وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائة عن إحدى وثمانين سنة.
4045- الجويني 2:
شَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ، أَبُو مُحَمَّدٍ؛ عَبْدُ اللهِ
بنُ يوسف بن عبد الله بن يوسف ابن مُحَمَّدِ بنِ
حَيُّوَيْه، الطَّائِيُّ السِّنْبِسِيُّ كَذَا نَسَبَه
المَلِكُ المُؤَيَّدُ الجُوَيْنِيُّ وَالِدُ إِمَامِ
الحَرَمَيْنِ.
كَانَ فَقِيْهاً مُدَقِّقاً مُحَقِّقاً، نَحْوِيّاً
مُفَسِّراً.
تَفَقَّهَ بِنَيْسَابُوْرَ عَلَى أَبِي الطَّيِّبِ
الصُّعْلُوْكِيُّ، وَبِمَرْوَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ
القَفَّالِ، وَسَمِعَ: مِنْ أَبِي نُعَيْمٍ
الإِسْفَرَايِيْنِيِّ، وَابنِ مَحْمِشٍ، وَبِبَغْدَادَ
مِنْ أَبِي الحُسَيْنِ بنِ بِشْرَانَ، وَطَائِفَةٍ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ أَبُو المَعَالِي، وَعَلِيُّ بنُ
أَحْمَدَ بنِ الأَخْرَمِ، وَسَهْلُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ
المَسْجِدِيُّ.
قَالَ أَبُو عُثْمَانَ الصَّابُوْنِيُّ: لَوْ كَانَ
الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي بَنِي إِسْرَائِيْلَ، لنقلت
إلينا شمائله، وافتخروا به.
قَالَ ابْنُ الأَخْرَمِ: سَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ
يَقُوْلُ: أَنَا مِنْ سِنْبِسٍ؛ قَبِيْلَةٍ مِنَ العَرَبِ.
وَقَالَ أَبُو صَالِحٍ المُؤَذِّنُ: غَسَلتُ أَبَا
مُحَمَّدٍ، فَلَمَّا لَفَفتُهُ فِي الكَفَنِ، رَأَيْتُ
يَدَه اليُمْنَى إِلَى الإِبطِ مُنِيْرَةً كَلَوْنِ
القَمَرِ، فَتَحيَّرتُ، وَقُلْتُ: هَذِهِ بَرَكَاتُ
فَتَاوِيْهِ.
قُلْتُ: رَجَعَ مِنْ عِنْدِ القَفَّالِ، وَتَصَدَّرَ
لِلإِفَادَةِ وَالفَتْوَى سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ، وَكَانَ مُجْتَهِداً فِي العِبَادَةِ، مَهِيْباً
بَيْنَ التَّلاَمِذَةِ، صَاحِبَ جِدٍّ وَوَقَارٍ
وَسَكِيْنَةٍ، تَخَرَّجَ بِهِ ابْنُهُ.
وَلَهُ مِنَ التَّوَالِيفِ "كِتَابُ التَّبْصِرَةِ" فِي
الفِقْهِ، وَكِتَابُ "التَّذْكِرَةِ"، وَكِتَابُ
"التَّفْسِيْرِ الكَبِيْرِ"، وَكِتَابُ "التَّعْلِيْقَةِ".
تُوُفِّيَ فِي ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ ثَمَانٍ
وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَهُوَ صَاحِبُ وَجهٍ
فِي المَذْهَبِ، وَكَانَ يَرَى تَكْفِيْرَ مَنْ تَعَمَّدَ
الكَذبَ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ شَيْخُ القُرَّاءِ أَبُو عَلِيٍّ
الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيُّ بِمِصْرَ، وَأَبُو
أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ سَيُّوَيْه
المُؤَدِّبُ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ
بنِ محمد التبان، وآخرون.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "8/ 78"، والأنساب للسمعاني "8/
128"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 119"، والعبر "3/ 186"،
والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 38"، وشذرات الذهب
لابن العماد الحنبلي "3/ 256".
2 ترجمته في الأنساب للسمعاني "3/ 385"، والمنتظم لابن
الجوزي "8/ 130"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "3/ 47"،
والعبر "3/ 188"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 42"،
وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 261".
(13/247)
الطناجيري، ابن منير:
4046- الطناجيري 1:
المُحَدِّثُ الحُجَّةُ، أَبُو الفَرَجِ، الحُسَيْنُ بنُ
عَلِيِّ بن عبيد الله، البَغْدَادِيُّ، الطَّنَاجِيْرِيُّ.
وُلِدَ سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَكَتَبَ عَنِ القَطِيْعِيِّ مَجَالِسَ، وضَاعتْ مِنْهُ.
وَسَمِعَ: مِنْ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
البَكَّائِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ المُظَفَّرِ، وَمُحَمَّدِ
بنِ مَرْوَانَ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ شَاذَانَ، وَخَلْقٌ
كَثِيْرٌ.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَتَبْنَا عَنْهُ، وَكَانَ ثِقَةً
دَيِّناً، تُوُفِّيَ فِي سَلْخِ ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ
تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائة.
4047- ابن منير 2:
الشَّيْخُ الصَّدُوْقُ، أَبُو الحَسَنِ؛ عَلِيُّ بنُ
مُنِيْرِ بنِ أَحْمَدَ، الخَلاَّلُ المِصْرِيُّ
الشَّاهِدُ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي أَحْمَدَ بنِ النَّاصِحِ، وَالقَاضِي
أَبِي الطَّاهِرِ الذُّهْلِيِّ، وَجَمَاعَةٍ.
رَوَى عَنْهُ: القَاضِي الخِلَعِيُّ، وَسَهْلُ بنُ بِشْرٍ
الإِسْفَرَايِيْنِيُّ، وَسَعْدُ بنُ عَلِيٍّ
الزَّنْجَانِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ السِّلَفِيُّ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ
صَابِرٍ، سَمِعْتُ سَهْلَ بنَ بِشْرٍ يَقُوْلُ:
اجْتَمَعْنَا بِمِصْرَ، فَلَمْ يَأْذَنْ لَنَا عَلِيُّ بنُ
مُنِيْرٍ، وَصَاحَ عَبْدُ العَزِيْزِ فِي كُوَّةٍ: "مَنْ
سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ فَكَتَمَهُ، أُلْجِمَ بِلِجَامٍ مِنْ
نَارٍ"1. ففتح لنا، وَقَالَ: لاَ أُحَدِّثُ إلَّا
بِذَهَبٍ. وَلَمْ يَأْخُذْ مِنَ الغُرَبَاءِ. وَكَانَ
ثِقَةً فَقِيراً.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ فِي ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ تِسْعٍ
وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائة.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "8/ 79"، والأنساب للسمعاني "8/
251"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 133".
2 ترجمته في العبر "3/ 189"، وحسن المحاضرة للسيوطي "1/
373".
(13/248)
الوزير، ابن حمدان:
4046- الطناجيري 1:
المُحَدِّثُ الحُجَّةُ، أَبُو الفَرَجِ، الحُسَيْنُ بنُ
عَلِيِّ بن عبيد الله، البَغْدَادِيُّ، الطَّنَاجِيْرِيُّ.
وُلِدَ سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَكَتَبَ عَنِ القَطِيْعِيِّ مَجَالِسَ، وضَاعتْ مِنْهُ.
وَسَمِعَ: مِنْ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
البَكَّائِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ المُظَفَّرِ، وَمُحَمَّدِ
بنِ مَرْوَانَ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ شَاذَانَ، وَخَلْقٌ
كَثِيْرٌ.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَتَبْنَا عَنْهُ، وَكَانَ ثِقَةً
دَيِّناً، تُوُفِّيَ فِي سَلْخِ ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ
تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائة.
4047- ابن منير 2:
الشَّيْخُ الصَّدُوْقُ، أَبُو الحَسَنِ؛ عَلِيُّ بنُ
مُنِيْرِ بنِ أَحْمَدَ، الخَلاَّلُ المِصْرِيُّ
الشَّاهِدُ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي أَحْمَدَ بنِ النَّاصِحِ، وَالقَاضِي
أَبِي الطَّاهِرِ الذُّهْلِيِّ، وَجَمَاعَةٍ.
رَوَى عَنْهُ: القَاضِي الخِلَعِيُّ، وَسَهْلُ بنُ بِشْرٍ
الإِسْفَرَايِيْنِيُّ، وَسَعْدُ بنُ عَلِيٍّ
الزَّنْجَانِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ السِّلَفِيُّ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ
صَابِرٍ، سَمِعْتُ سَهْلَ بنَ بِشْرٍ يَقُوْلُ:
اجْتَمَعْنَا بِمِصْرَ، فَلَمْ يَأْذَنْ لَنَا عَلِيُّ بنُ
مُنِيْرٍ، وَصَاحَ عَبْدُ العَزِيْزِ فِي كُوَّةٍ: "مَنْ
سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ فَكَتَمَهُ، أُلْجِمَ بِلِجَامٍ مِنْ
نَارٍ"1. ففتح لنا، وَقَالَ: لاَ أُحَدِّثُ إلَّا
بِذَهَبٍ. وَلَمْ يَأْخُذْ مِنَ الغُرَبَاءِ. وَكَانَ
ثِقَةً فَقِيراً.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ فِي ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ تِسْعٍ
وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائة.
وَهُوَ وَالِدُ الأَمِيْرِ نَاصِرِ الدَّوْلَةِ حُسَيْنٍ؛
الَّذِي أَذلَّ المُسْتَنْصِرَ بِمِصْرَ، وَقَهَرَه،
وَجَرَتْ لَهُ سِيرَةٌ إِلَى أَنْ قُتِلَ بَعْدَ
السِّتِّيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "8/ 79"، والأنساب للسمعاني "8/
251"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 133".
2 ترجمته في العبر "3/ 189"، وحسن المحاضرة للسيوطي "1/
373".
(13/249)
حفيد المقتدر،
الميهني، السواق:
4050- حفيد المقتدر 1:
الأمير أبو محمد؛ الحسن بن عيسى بن المُقْتَدِرِ بِاللهِ
جَعْفَرِ بنِ المُعْتَضِدِ، الهَاشِمِيُّ العَبَّاسِيُّ.
سَمِعَ: مِنْ مُؤَدِّبِه أَحْمَدَ بنِ مَنْصُوْرٍ
اليَشْكُرِيِّ، وَمِنْ أَبِي الأَزْهَرِ عَبْدِ الوَهَّابِ
الكَاتِبِ.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَتَبنَا عَنْهُ، وَكَانَ دَيِّناً،
حَافِظاً لأَخْبَارِ الخُلَفَاءِ، عَارِفاً بِأَيَّامِ
النَّاسِ، فَاضِلاً.
تُوُفِّيَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ وَلَهُ سَبْعٌ وتسعون سنة.
قُلْتُ: غَسَّلَه أَبُو الحُسَيْنِ ابْنُ المُهْتَدِي
بِاللهِ، وآخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْهُ أَبُو القَاسِمِ بنُ
الحصين.
4051- الميهني 2:
القُدْوَةُ الزَّاهِدُ، شَيْخُ خُرَاسَانَ، أَبُو
سَعِيْدٍ؛ فَضْلُ بن أبي الخير محمد ابن أَحْمَدَ،
المِيْهَنِيُّ الصُّوْفِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: زَاهِرِ بنِ أَحْمَدَ السَّرَخْسِيِّ.
رَوَى عَنْهُ: الحَسَنُ بنُ أَبِي طَاهِرٍ الخُتُّلِيُّ،
وَعَبْدُ الغَفَّارِ بنُ مُحَمَّدٍ الشِّيْرُوْيِيُّ،
وَآخَرُوْنَ.
تُوُفِّيَ بِقَرْيَتِهِ مِيْهَنَه سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَلَهُ تِسْعٌ وَسَبْعُوْنَ سَنَةً،
وَلَهُ أَحْوَالٌ وَمَنَاقِب، وَوَقْعٌ فِي النُّفُوْسِ
وَتَأَلُّهٌ وَجَلاَلَةٌ.
4052- السَّوَّاقُ 3:
الشَّيْخُ الصَّدُوْقُ، أَبُو مَنْصُوْرٍ؛ مُحَمَّدُ بنُ
مُحَمَّدِ بن عثمان، البغدادي، ابن السواق.
سَمِعَ: القَطِيْعِيَّ، وَابْن مَاسِي، وَمَخْلَدَ
البَاقَرْحِيَّ، وَعَلِيَّ بنَ لُؤْلُؤٍ.
وَثَّقَهُ الخَطِيْبُ، وَرَوَى عَنْهُ هُوَ، وثَابِتُ بنُ
بُنْدَار، وَأَخُوْهُ أَبُو يَاسِرٍ، وَابْنُ
الطُّيُوْرِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
تُوُفِّيَ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ سَنَةِ أَرْبَعِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ عَنْ ثَمَانِيْنَ سَنَةً.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "7/ 354"، والمنتظم لابن الجوزي
"8/ 137"، والعبر "3/ 192"، وشذرات الذهب لابن العماد
الحنبلي "3/ 264".
2 ترجمته في النجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 46".
3 ترجمته في تاريخ بغداد "3/ 235"، والأنساب للسمعاني "7/
181"، واللباب لابن الأثير "2/ 152"، والعبر "3/ 194"،
وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 265".
(13/250)
اللبيدي، خاموش:
4053- اللبيدي 1:
مُفْتِي المَغْرِبِ، أَبُو القَاسِمِ بنُ مُحَمَّدٍ،
الحَضْرَمِيُّ المَالِكِيُّ اللَّبِيْدِيُّ وَلَبِيْدَةُ
مِنْ قُرَى إِفْرِيْقِيَةَ.
صَحِبَ القُدْوَةَ أَبَا إِسْحَاقَ الجُبْنَيَانِيَّ
وَلاَزَمَهُ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ سَعْدُوْنَ، وَغَيْرُهُ.
وَكَانَ مِنَ العُلَمَاءِ الأَبرَارِ، كَبِيرَ الشَّأْنِ،
رَفِيْعَ الذِّكرِ، عَابداً مُخلِصاً مُتَفَنِّناً، شاعرًا
مفلقًا.
له كتاب كبير فِي المَذْهَبِ فِي بَضْعَةَ عَشَرَ
مُجَلَّداً، وَكِتَابٌ في بسط مَسَائِلِ "المُدَوَّنَةِ"،
وَكِتَابُ "زِيَادَاتُ الأُمَّهَاتِ وَنَادِرُ
الرِّوَايَاتِ"، وَمُؤَلَّفٌ فِي سِيرَةِ شَيْخِه
الجُبْنَيَانِيِّ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ. ذَكَرَه
القَاضِي عِيَاضٌ.
4054- خَامُوْشٌ:
الإِمَامُ المُحَدِّثُ الحَافِظُ الوَاعِظُ، أَبُو
حَاتِمٍ؛ أَحْمَدُ بن الحسن بن محمد، الرازي البزاز أبوهن
المُلَقَّبُ بِخَامُوْشٍ. لَهُ رِحلَةٌ وَمَعْرِفَةٌ
وَشُهرَةٌ.
سَمِعَ: مِنْ: أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ مَنْدَةَ، وَمِنْ
فَاتِكِ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَطَائِفَةٍ بِأَصْبَهَانَ،
وَمِنْ أَبِي أَحْمَدَ الفَرَضِيِّ، وَطَبَقَتِه
بِبَغْدَادَ، وَمِنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ الحَسَنِ
بِصَرْصَرَ، وَمِنْ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يَعْقُوْبَ
الرَّازِيِّ بِالرَّيِّ، وَمِنْ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ
بنِ سُلَيْمَانَ، وَغَيْرِهِ بِنَيْسَابُوْرَ. وَكَانَ
شَيْخَ أَهْلِ الرَّيِّ فِي زَمَانِهِ.
رَوَى عَنْهُ: شَيْخُ الإِسْلاَمِ أَبُو إِسْمَاعِيْلَ،
وَجَمَاعَةٌ.
وَلَهُ تَرْجَمَةٌ فِي "تَارِيْخِ يَحْيَى بنِ مَنْدَةَ"
مُختَصَرَةٌ، وَقَالَ: سَمِعَ: منه جماعة من بلدان.
__________
1 ترجمته في اللباب لابن الأثير "3/ 128".
(13/251)
أَنْبَؤُونَا عَنْ مُحَمَّدِ بنِ
إِسْمَاعِيْلَ، عَنْ يَحْيَى بنِ أَبِي عَمْرٍو،
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ الحُسَيْنِ بنِ أَحْمَدَ بنِ
جَعْفَرٍ التُّوَيِيّ بِهَمَذَانَ، أخبرنا أبو حاتم
بِالرَّيِّ، فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ تِسْعٍ
وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، حَدَّثَنَا فَاتِكٌ
مَوْلَى ابْنِ هَارُوْنَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ بنُ جَعْفَرِ
بنِ أَحْمد بن فَارِسٍ، حَدَّثَنَا يُوْنُسُ بنُ
حَبِيْبٍ.....، فَذَكَرَ حَدِيْثاً.
وَبِهِ إِلَى أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ
عِمْرَانَ القَطِيْعِيُّ بِبَغْدَادَ، حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بنُ مَخْلَدٍ العَطَّارُ....، فَذَكَرَ
حَدِيْثاً.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ خَامُوْشٌ فِي عَقِبِ حَدِيْثٍ:
كَتَبَ عَنِّي هَذَا الحَدِيْثَ أَبُو نُعَيْمٍ
بِأَصْبَهَانَ.
وَيَرْوِي أَيْضاً عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ المَخْلَدِيِّ،
وَعَبْدِ اللهِ بنِ الحُسَيْنِ القَطَّانِ، وَالفَقِيْهِ
أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ المَرْوَزِيِّ،
وَالحُسَيْنِ بنِ مُحَمَّدٍ المُهَلَّبِيِّ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو مَنْصُوْرٍ حُجْرُ بنُ مُظَفَّرٍ،
وَالشَّرِيْفُ يَحْيَى بنُ حُسَيْنٍ.
وَحِكَايَةُ شَيْخِ الإِسْلاَمِ مَعَهُ مَشْهُوْرَةٌ
لَمَّا قَبَضَ عَلَيْهِ بَعْضُ الجُفَاةِ، وَحَمَلَهُ
إِلَى أَبِي حَاتِمٍ، وَقَالَ: إِنَّ هَذَا ذَكَرَ لَهُ
مَذْهَباً مَا سَمِعْتُ بِهِ، قَالَ: هُوَ حَنْبَلِيٌّ.
فَقَالَ: دَعْهُ وَيْلَكَ! مَنْ لَمْ يَكُنْ حَنْبَلِيّاً،
فَلَيْسَ بِمُسْلِمٍ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ قَايْمَازَ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ
جوهر، قالا: أخبرنا الحسين ابن المُبَارَكِ، أَخْبَرَنَا
أَبُو الفُتُوْحِ الطَّائِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ
عَبْدُ اللهِ بنُ الحُسَيْنِ التُّوَيِيُّ الفَقِيْهُ،
أَخْبَرَنَا أَبُو حَاتِمٍ أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ
الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ مَنْدَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو
حَامِدٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى
النَّيْسَابُوْرِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن يَحْيَى
الذُّهْلِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ، عَنْ
دَاوُدَ بنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ مَكْحُوْلٍ، عَنْ أَبِي
ثَعْلَبَةَ الخُشَنِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللهَ فَرَضَ
فَرَائِضَ، فَلاَ تُضَيِّعُوْهَا، وَحَدَّ حُدُوْداً فَلاَ
تَعْتَدُوهَا، وَحَرَّمَ أَشْيَاءَ فَلاَ تَنْتَهِكُوهَا،
وَسَكَتَ عَنْ أَشْيَاءَ رَحْمَةً لَكُم مِنْ غَيْرِ
نِسْيَانٍ، فَلاَ تَبْحَثُوا عنها"1.
__________
1 ضعيف: أخرجه الدارقطني "4/ 184" من طريق يعقوب بن
إبراهيم، ومحمد بن حسان الأزرق قال: حدثنا إسحاق الأزرق،
أخبرنا داود بن أبي هند، به.
قلت: إسناده ضعيف، لانقطاعه بين مكحول وأبي ثعلبة الخشني،
ومكحول مدلس، وقد عنعنه، وهو كثير الإرسال، ومع أنه عاصر
أبا ثعلبة بالسن والبلد إلا أنه لم يسمع منه كما جزم أبو
حاتم.
وورد من حديث أبي الدرداء مرفوعًا: عند الدارقطني "4/
298"، وفيه نهشل بن سعيد البصري، وهو كذاب. =
(13/252)
علي بن ربيعة،
الصوري:
4055- علي بن ربيعة 1:
ابن علي، الشَّيْخُ المُعَمَّرُ، أَبُو الحَسَنِ،
التَّمِيْمِيُّ المِصْرِيُّ، البَزَّازُ.
كَانَ مِنَ الرُّوَاةِ المُكْثِرِيْنَ عَنِ الحَسَنِ بنِ
رَشِيْقٍ.
أَجَازَ لأَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ الحَطَّابِ الرَّازِيِّ
مَرْوِيَّاتِه فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ، وَقَالَ: هَذَا ثَبَتُ مَا عِنْدِي عَنْهُ
بِالسَّمَاعِ: نُسخَةُ سَعِيْدِ بنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ
يَحْيَى بنِ أَيُّوْبَ جُزْءٌ كَبِيْرٌ رَوَاهُ ابْنُ
رَشِيْقٍ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ حَمَّادٍ التُّجِيْبِيِّ ابْن
زغبَةَ عَنْهُ. نُسخَةُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدٍ رِوَايَة
ابْنِ رَشِيْقٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي السَّوَّارِ، عَنْ أَبِي
صَالِحٍ، عَنْهُ. الجُزءُ الثَّانِي مِنْ "مُسْنَدِ
مَالِكٍ" لِلنَّسَائِيِّ رِوَايَة ابْنِ رَشِيْقٍ عَنْهُ.
وَالثَّالِثُ مِنْهُ، وَالجُزءُ الرَّابِعُ انْتِخَابُ
الدَّارَقُطْنِيِّ عَلَى ابْنِ رَشِيْقٍ. كِتَابُ
الطَّلاَقِ مِنَ "السُّنَنِ" لِلنَّسَائِيِّ. الفَرَائِضُ
مِنَ "المُوَطَّأِ" رِوَايَةُ يَحْيَى بنِ بُكَيْرٍ، عَنْ
مالك.
تُوُفِّيَ ابْنُ رَبِيْعَةَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ
أَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ. وَصَلَّى عَلَيْهِ: أَبُو
العَبَّاسِ بنُ هاشم المقرىء.
4056- الصوري 2:
الإِمَامُ الحَافِظُ البَارِعُ الأَوْحَدُ الحُجَّةُ،
أَبُو عَبْدِ الله؛ محمد بن علي ابن عَبْدِ اللهِ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ رُحَيْمٍ، الشَّامِيُّ السَّاحلِيُّ
الصُّوْرِيُّ، أَحَدُ الأَعلاَمِ.
وُلِدَ فِيمَا ذَكَرَه سَنَةَ سِتٍّ، أَوْ سَنَةَ سَبْعٍ
وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ: مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ بنِ جُمَيْعٍ
الصَّيْدَاوِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ الصَّمَدِ
الزَّرَافِيَّ، وَأَبَا عَبْدِ اللهِ بنَ أَبِي كَامِلٍ
الأَطْرَابُلُسِيَّ، وَعَبْدَ الغَنِيِّ بنَ سَعِيْدٍ
المِصْرِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ جَعْفَرٍ
__________
= وله من طريق آخر عن أبي الدرادء: عند ابن عدي في
"الكامل" "1/ 404"، وفيه أصرم بن حوشب، كذاب خبيث يضع
الحديث على الثقات. وقد تكلمت على الحديث بإسهاب في كتبانا
[الأرائك المصنوعة في الأحاديث الضعيفة والموضوعة] ،
المجلد الأول حديث رقم "370" ط. مكتبة الدعوة بالأزهر
الشريف يسر الله طبع بقية المجلدات الثلاث وأكثر النفع به
وجعله في ميزان حسناتنا بكرمه ومنه إنه سمع مجيب كريم
جواد.
2 ترجمته في العبر "3/ 192"، وشذرات الذهب لابن العماد
الحنبلي "3/ 264".
3 ترجمته في تاريخ بغداد "3/ 103"، والمنتظم لابن الجوزي
"8/ 143"، والأنساب للسمعاني "8/ 106"، ,اللباب لابن
الأثير "2/ 250"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 1002"، والعبر
"3/ 197"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 48"، وشذرات
الذهب لابن العماد "3/ 267".
(13/253)
الكَلاَعِيَّ، وَأَبَا نَصْرٍ عَبْدَ اللهِ
بنَ مُحَمَّدِ بنِ بُنْدَار، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ
عُمَرَ بنِ النَّحَّاسِ. وَصَحِبَ الحَافِظَ عَبْدَ
الغَنِيِّ، وَتَخَرَّجَ بِهِ، ثُمَّ قَدِمَ بَغْدَادَ،
وَلَحِقَ بِهَا البَقَايَا، فسَمِعَ: مِنْ أَبِي الحَسَنِ
بنِ مَخْلَدٍ جُزْءَ ابْنِ عَرَفَةَ، وَمِنْ أَحْمَدَ بنِ
طَلْحَةَ المُنَقِّي، وَأَبِي علي بن شاذان، وأبي بكر
البرقاني، وعثمان بنِ دُوْسْتَ، وَخَلْقٍ، فَأَكْثَرَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: شَيْخُهُ الحَافِظُ عَبْدُ الغَنِيِّ،
وَأَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، وَالقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللهِ
الدَّامَغَانِيُّ، وَجَعْفَرُ بنُ أَحْمَدَ السَّرَّاجُ،
وَأَبُو القَاسِمِ بنُ بَيَانٍ الرَّزَّازُ، وَسَعْدُ
اللهِ بنُ صَاعِدٍ الرَّحَبِيُّ، وَالمُبَارَكُ بنُ عَبْدِ
الجبار الصيرفين وَآخَرُوْنَ.
وَآخِرُ مَنْ رَوَى عَنْهُ بِالإِجَازَةِ أَبُو سَعْدٍ بنُ
الطُّيُوْرِيِّ.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ الصُّوْرِيُّ مِنْ أَحرَصِ
النَّاسِ عَلَى الحَدِيْثِ، وَأَكْثَرِهِم كَتْباً لَهُ،
وَأَحْسَنِهِم مَعْرِفَةً بِهِ، لَمْ يَقْدَمْ عَلَيْنَا
أَحدٌ أَفهَمُ مِنْهُ لِعِلْمِ الحَدِيْثِ، وَكَانَ
دَقِيقَ الخَطِّ، صَحِيْحَ النَّقلِ. حَدَّثَنِي أَنَّهُ
كَانَ يَكْتُبُ فِي الوجهَةِ مِنْ ثَمَنِ الكَاغَدِ
الخُرَاسَانِيِّ ثَمَانِيْنَ سَطراً، وَكَانَ مَعَ
كَثْرَةِ طَلَبِه صَعبَ المَذْهَبِ فِي الأَخذِ؛ رُبَّمَا
كَرَّرَ قِرَاءةَ الحَدِيْثِ الوَاحِدِ عَلَى شَيْخِه
مَرَّاتٍ. وَكَانَ رَحِمَهُ اللهُ يَسْرُدُ الصَّوْمَ
إلَّا الأَعيَادَ، وَلَمْ يَزَلْ بِبَغْدَادَ حَتَّى
تُوُفِّيَ بِهَا. وَذَكَرَ لِي أَنَّ شَيْخَه الحَافِظَ
عَبْدَ الغَنِيِّ كَتَبَ عَنْهُ أَشْيَاءَ فِي
تَصَانِيْفِه، وَصَرَّحَ بِاسْمِهِ فِي بَعْضِهَا؛
وَمَرَّةً يَقُوْلُ: حَدَّثَنِي الوَرْدُ بنُ عَلِيٍّ.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ الصُّوْرِيُّ صَدُوْقاً، كَتبَ
عَنِّي، وَكَتَبتُ عَنْهُ.
وَقَالَ القَاضِي أَبُو الوَلِيْدِ البَاجِيُّ:
الصُّوْرِيُّ أَحفَظُ مَنْ رَأَينَاهُ.
وَقَالَ غَيْثُ بنُ عَلِيٍّ الأَرْمَنَازِيُّ: رَأَيْتُ
جَمَاعَةً مِنْ أَهْلِ العِلْمِ يَقُوْلُوْنَ: مَا
رَأَينَا أَحفَظَ مِنَ الصُّوْرِيِّ.
وَقَالَ عَبْدُ المُحْسِنِ الشِّيْحِيُّ التَّاجِرُ: ما
رأيت مثل الصوري! كان كأنه شُعلَةُ نَارٍ، بِلسَانٍ
كَالحُسَامِ القَاطعِ.
قَالَ أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ: كَتبَ الصُّوْرِيُّ
"صَحِيْحَ البُخَارِيِّ" فِي سَبْعَةِ أَطبَاقٍ مِنَ
الوَرقِ البَغْدَادِيِّ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ سِوَى عَيْنٍ
وَاحِدَةٍ.
قَالَ: وَذَكَرَ أَبُو الوَلِيْدِ البَاجِيُّ فِي كِتَابِ
"فِرَقِ الفُقَهَاءِ" لَهُ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الوَرَّاقُ وَكَانَ ثِقَةً
مُتْقِناً أَنَّهُ شَاهدَ أَبَا عَبْدِ اللهِ
الصُّوْرِيَّ، وَكَانَ فِيْهِ حُسنُ خُلُقٍ وَمُزَاحٌ
وَضَحِكٌ، لَمْ يَكُنْ وَرَاءَ ذَلِكَ إلَّا الخَيْرُ
وَالدِّينُ، وَلَكِنَّهُ كَانَ شَيْئاً جُبِلَ عَلَيْهِ،
وَلَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ
(13/254)
بِالخَارِقِ لِلعَادَةِ، فَقَرَأَ يَوْماً
جُزءاً عَلَى أَبِي العَبَّاسِ الرَّازِيِّ، وَعَنَّ لَهُ
أَمرٌ ضَحَّكَهُ، وَكَانَ بِالحضرَةِ جَمَاعَةٌ مِنْ
أَهْلِ بَلَدِهِ، فَأَنكَرُوا عَلَيْهِ، وَقَالُوا: هَذَا
لاَ يَصلُحُ، وَلاَ يَلِيقُ بِعِلمِكَ وَتَقدُّمِكَ أَنْ
تَقرَأَ حَدِيْثَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- وَأَنْت تَضْحَكُ. وَكثَّرُوا عَلَيْهِ،
وَقَالُوا: شُيُوْخُ بَلَدِنَا لاَ يَرضُوْنَ بِهَذَا.
فَقَالَ: مَا فِي بَلَدِكُم شَيْخٌ إلَّا يَجِبُ أَنْ
يَقْعُدَ بَيْنَ يَدَيَّ، وَيَقْتَدِي بِي، وَدَلِيْلُ
ذَلِكَ أَنِّي قَدْ صِرتُ مَعَكُم عَلَى غَيْرِ مَوْعِدٍ،
فَانظُرُوا إِلَى أَيِّ حَدِيْثٍ شِئْتُمْ مِنْ حَدِيْثِ
رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-،
اقْرَؤُوا إِسْنَادَه لأَقْرَأَ مَتنَهُ، أَوِ اقْرَؤُوا
مَتْنَهُ حَتَّى أُخْبِرَكُم بِإِسْنَادِهِ. ثُمَّ قَالَ
البَاجِيُّ: لَزِمتُ الصُّوْرِيَّ ثَلاَثَةَ أَعْوَامٍ،
فَمَا رَأَيْتُهُ تَعرَّضَ لِفَتْوَى.
قَالَ أَبُو الحُسَيْنِ بنُ الطُّيُوْرِيِّ: كَتبتُ عَنْ
عِدَّةٍ، فَمَا رَأَيْتُ فِيْهِم أَحفَظَ مِنَ
الصُّوْرِيِّ!؛ كَانَ يَكْتُبُ بِفَردِ عَينٍ، وَكَانَ
مُتَفَنِّناً يَعرِفُ مِنْ كُلِّ عِلمٍ، وَقَولُهُ حُجَّة،
وَعَنْهُ أَخذَ الخَطِيْبُ عِلْمَ الحديث.
قُلْتُ: كَانَ مِنْ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ، وَلَهُ شِعرٌ
رَائِقٌ.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ العَلَوِيُّ:
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ جُبَارَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو
طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا المُبَارَكُ بنُ عَبْدِ
الجَبَّارِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ
الصُّوْرِيُّ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ
النَّحَّاسِ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ
أَحْمَدَ الحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنَا هَاشِمُ بنُ مَرْثَدٍ،
حَدَّثَنَا المُعَافَى؛ هُوَ ابْنُ سُلَيْمَانَ،
حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ أَعْيَنَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنِ
الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،
عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
قَالَ: "تَجَوَّزُوا فِي الصَّلاَةِ، فَإِنَّ خَلْفَكُمُ
الضَّعِيْفَ وَالكَبِيْرَ وَذَا الحَاجَةِ" 1.
هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ، وَعَبْدُ اللهِ هُوَ بِشْرٌ
الرَّقِّيُّ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ السُّلَمِيُّ،
وَمُحَمَّد بنُ عَلِيِّ ابْنِ الوَاسِطِيِّ قَالاَ:
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ،
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ بنِ سَلاَمَةَ
المَنْبِجِيُّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ بَيَانٍ،
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ
الرَّحْمَنِ ابن عُمَرَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ
سَلَمَةَ الهِلاَلِيُّ، حَدَّثَنَا المِقْدَامُ بنُ
دَاوُدَ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ؛ عَبْدُ الأَحَدِ بنُ
اللَّيْثِ، عَنْ عُثْمَانَ بنِ الحَكَمِ الجُذَامِيِّ،
حَدَّثَنَا يُوْنُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي
عروة، عن عائشة قالت: "أول ما بدىء بِهِ رَسُوْلُ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الوَحي
الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ فِي النَّوْمِ، فَكَانَ لاَ يَرَى
رُؤْيَا إلَّا جَاءتْ مِثْلَ فَلَقِ الصبح"2.
__________
1 صحيح: أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ "703"، وَمُسْلِمٌ "467"،
وَأَبُو دَاوُدَ "794"، وَالتِّرْمِذِيُّ "236"،
وَالنَّسَائِيُّ "2/ 94".
2صحيح: أخرجه أحمد "6/ 153، 232"، والبخاري "3"، "4953"،
ومسلم "160".
(13/255)
أَنْشَدَنَا أَبُو الحَسَنِ الحَافِظُ:
أَخْبَرَنَا جَعْفَرٌ السِّلَفِيُّ، أخبرنا ابن
الطُّيُوْرِيِّ، أَنْشَدَنَا الصُّوْرِيُّ لِنَفْسِهِ:
قُلْ لِمَنْ عَانَدَ الحديث وأضحى ... عاثبًا أَهلَهُ
وَمَنْ يَدَّعِيهِ
أبعلمٍ تَقُولُ هَذَا أَبِنْ لِي ... أَمْ بجهلٍ
فَالجَهْلُ خُلُقُ السَّفِيهِ
أَيُعَابُ الَّذِيْنَ هُم حَفِظُوا الدِّيْ ... نَ مِنَ
التُّرَّهَاتِ وَالتَّمْوِيهِ
وَإِلَى قَوْلِهِم وَمَا قَدْ رَوَوْهُ ... راجعٌ كُلُّ
عالمٍ وَفَقِيْهِ
قَالَ الخَطِيْبُ: مَاتَ الصُّوْرِيُّ فِي جُمَادَى
الآخِرَةِ سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائة.
(13/256)
أبو كاليجار، العزيز:
4057- أبو كاليجار 1:
السُّلْطَانُ صَاحِبُ العِرَاقِ، أَبُو كَالَيْجَارَ؛
مَرْزُبَانُ بنُ سلطان الدولة بن بهاء الدولة بن عضد
الدَّوْلَةِ ابْنِ بُوَيْه.
تَمَلَّكَ بَعْدَ ابْنِ عَمِّهِ جَلاَلِ الدَّوْلَةِ،
فَكَانَتْ أَيَّامُه خَمْسَ سِنِيْنَ، وَجَرتْ لَهُ
خُطُوبٌ وَحُرُوبٌ، وَعَاشَ نَيِّفاً وَأَرْبَعِيْنَ
سَنَةً، وَقَهرَ ابْنَ عَمِّهِ المَلِكَ العَزِيْزَ،
وَمَاتَ سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ
بِكَرْمَانَ، وَمَلَّكُوا بَعْدَهُ ابْنَهُ المَلِكَ
الرَّحِيْمَ أَبَا نَصْرٍ، وَولَّتْ دَوْلَةُ بَنِي بويه،
وقامت دولة بني سلجوق.
4058- العزيز 2:
الملك العزيز، أبو منصور بن المَلِكِ جَلاَلِ الدَّوْلَةِ
أَبِي طَاهِرٍ بنِ بَهَاءِ الدَّوْلَةِ بنِ عَضُدِ
الدَّوْلَةِ؛ مِنْ بَقَايَا مُلُوْكِ بَنِي بُوَيْه.
كَانَ بَارعَ الأَدبِ، مَلِيحَ النَّظمِ، وَهُوَ أَوَّلُ
مَنْ لُقِّبَ بِأَلقَابِ مُلُوْكِ زَمَانِنَا، وَكَانَتْ
دَوْلتُهُ مَحْلُولَةً، قَهرَهُ أَبُو كَالَيْجَارَ كَمَا
ذَكَرنَا، وَبَقِيَ فِي مُلْكٍ مُزَلْزَلٍ سَبْعَةَ
أَعْوَامٍ، وَاتَّفَقَ مَوْتُهُ بِظَاهِرِ
مَيَّافَارِقِيْنَ سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَاسمُهُ خُسْرُو فَيْرُوْزُ بنُ
فَيْرُوْزَ بنِ خُرَّه فَيْرُوْزَ بنِ فَنَّا خُسْرُو بنِ
حَسَنِ بنِ بُوَيْه.
وَكَانَ مَوْلِدُهُ بِالبَصْرَةِ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ.
عَملَ إِمرَةَ وَاسِطَ لأَبِيهِ، وَبَرَعَ فِي الأَدبِ
وَالأَخْبَارِ، وَأَكبَّ عَلَى اللَّهوِ وَالخلاعَةِ
نَسْأَلُ اللهَ العَافِيَةَ.
وَهُوَ القَائِلُ:
مَنْ مَلَّنِي فَلْيَنْأَ عَنِّي رَاشِداً ... فَمَتَى
عَرَضْتُ لَهُ فلَسْتُ بِرَاشِدِ
مَا ضَاقَتِ الدُّنْيَا عَلَيَّ بِأَسرِهَا ... حَتَّى
تَرَانِي رَاغِباً فِي زَاهِدِ
وَلَمَّا مَاتَ أَبُوْهُ الجَلاَلُ، فَارقَ العَزِيْزُ
وَاسطاً، وَأَقَامَ عِنْدَ أَمِيْرِ العَرَبِ دُبَيْسِ بنِ
مَزْيَدٍ الأَسَدِيِّ، ثُمَّ تَوَجَّهَ إِلَى دِيَارِ
بَكْرٍ مُنْتَجِعاً لِلمُلُوْكِ، وَقَدْ تَلاَشَى حَالُه،
فَمَاتَ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ بَمَيَّافَارِقِيْن، من
سنة إحدى وأربعين وأربع مائة.
__________
1 ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "8/ 136"، والعبر "3/
191"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 46"، وشذرات
الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 263".
2 ترجمته في العبر "3/ 199" وشذرات الذهب لابن العماد
الحنبلي "3/ 268".
(13/256)
4059- قرواش
1:
ابن مقلد بن المسيب بن رافع، الأَمِيْرُ؛ صَاحِبُ
المَوْصِلِ، أَبُو المَنِيعِ، مُعْتَمِدُ الدَّوْلَةِ
ابْنُ صَاحِبِ المَوْصِلِ حُسَامِ الدَّوْلَةِ أَبِي
حَسَّانٍ العُقَيْلِيُّ.
تَمَلَّكَ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهِ فِي سَنَةِ إِحْدَى
وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، فَطَالتْ أَيَّامُه،
وَاتَّسَعَ مُلكُه؛ فَكَانَ لَهُ المَوْصِلُ وَالكُوْفَةُ
وَالمَدَائِنُ، وَسَقْيُ الفرات.
وقد خطب في بلاده لِلْحَاكِمِ العُبَيْدِيِّ، ثُمَّ تَركَ،
وَأَعَادَ الخُطبَةَ العَبَّاسِيَّةَ، فَغَضِبَ الحَاكِمُ،
وَجَهَّزَ جَيْشاً لِحَرْبِهِ، وَأَتَوْا، وَنَهَبُوا داره
بالموصل، وأخذوا له مائةي أَلْفِ دِيْنَارٍ، فَاسْتَنجَدَ
بِدُبَيْسٍ الأَسَدِيِّ، فَانتَصَرَ.
وَكَانَ أَدِيباً شَاعِراً، جَوَاداً مُمَدَّحاً،
نَهَّاباً وَهَّاباً، فِيْهِ جَاهِلِيَّةُ وَطَبعُ
الأَعرَابِ، يُقَالُ: إِنَّهُ جَمعَ بَيْنَ أُخْتَيْنِ،
فَلاَمُوهُ، فَقَالَ: حَدِّثُونِي مَا الَّذِي نَعْمَلُ
بِالشَّرعِ حَتَّى تَذْكُرُوا هَذَا؟ وَقَالَ مَرَّةً: مَا
فِي عُنُقِي غَيْرُ دَمِ خَمْسَةٍ سِتَّةٍ مِنَ العَرَبِ،
فَأَمَّا الحَاضِرَةُ، فَمَا يَعْبَأُ اللهُ بِهِم.
ثُمَّ إِنَّهُ وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْنِ أَخِيْهِ
بركة، فظفر به بركة، وحبسه، وَتَمَلَّكَ، وَتَلقَّبَ
زَعِيمَ الدَّوْلَةِ، فِي سَنَةِ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ، فَلمْ تَطُلْ دَوْلَةُ بَرَكَةَ،
وَمَاتَ فِي آخِرِ سَنَةِ ثَلاَثٍ، فَقَامَ بَعْدَهُ
المَلِكُ أَبُو المَعَالِي قُرَيْشُ بنُ بَدْرَانَ بنِ
مُقَلَّدٍ، فَأَخْرَجَ عَمَّه، وَذَبَحَه صَبراً فِي
رَجَبٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ. وَقِيْلَ: بَلْ
مَاتَ مَوتاً.
وَتَمكَّنَ قُرَيْشٌ، وَنَهضَ مَعَ البَسَاسِيْرِيِّ،
وَنَهبَ دَارَ الخِلاَفَةِ، وَكَانَ هَلاَكُه
بِالطَّاعُونِ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ كَهْلاً،
فتَمَلَّكَ بَعْدَهُ ابْنُه شَرَفُ الدَّوْلَةِ مُسْلِمُ
بنُ قُرَيْشٍ، فَعظُمَ سُلطَانُه، وَاسْتَوْلَى عَلَى
الجَزِيْرَةِ وَحَلَبَ، وَحَاصَرَ دِمَشْقَ، وَكَادَ أَنْ
يَأْخُذَهَا، وَأَخَذَ الإِتَاوَةَ مِنْ بِلاَدِ
الرُّوْمِ، وَخَرَجَ عَلَيْهِ أَهْلُ حَرَّانَ سَنَةَ
سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ، فَظَفِرَ بِهِم، وَقَتَلَ قَاضِيهَا،
وَكَانَ مُحَبَّباً إِلَى الرَّعِيَّةِ مَهِيْباً، وَكَانَ
يَصرِفُ جَمِيعَ الجِزيَةِ إِلَى الطَّالِبِينَ، وَأَنشَأَ
سور الموصل.
__________
1 ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "8/ 147"، ووفيات الأعيان
لابن خلكان "5/ 263"، والعبر "3/ 196"، والنجوم الزاهرة
لابن تغري بردي "5/ 49"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/
266".
(13/257)
صاحب غزنة والهند،
ابن سعدان:
4060- صاحب غزنة والهند 1:
السلطان مودود بن السلطان بنِ مَحْمُوْدِ بنِ
سُبُكْتِكِيْنَ.
كَانَ بَطَلاً شُجَاعاً. كَانَتْ دَوْلَتُه ثَمَانِيَةَ
أَعْوَامٍ.
وَمَاتَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ وَلَهُ تِسْعٌ وعشرون سنة.
مات بغرنة، فَأَخرَجُوا عَمَّه عَبْدَ الرَّشِيْدِ مِنَ
السِّجنِ، وَسَلطَنُوهُ، ولقب سيف الدولة.
4061- ابن سعدان 2:
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ الصَّدُوْقُ، مُسْنِدُ دِمَشْقَ،
أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ بنِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عُبَيْدِ بنِ سَعْدَانَ
الجُذَامِيُّ الزِّنْبَاعِيَّ مَوْلاَهُمُ،
الدِّمَشْقِيُّ.
سَمِعَ: جُمَحَ بنَ القَاسِمِ، وَأَبَا عَلِيٍّ الحَسَنَ
بنَ مُنِيْرٍ، وَأَبَا عُمَرَ بنُ فضَالَة، وَمُحَمَّدُ
بنُ سُلَيْمَانَ الرَّبعِي، وَأَبَا سُلَيْمَانَ بن زبر،
والقاضي يوسف ابن القَاسِمِ المَيَانَجِيَّ، وَطَائِفَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدُ العَزِيْزِ الكَتَّانِيُّ، وَابْنُ
أَبِي العَلاَءِ الفَقِيْهُ، وَأَبُو الفَتْحِ نَصْرُ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ المَقْدِسِيُّ، وَسَهْلُ بنُ بِشْرٍ، ونجا
العطار، وأبو طاهر محمد ابن الحُسَيْنِ الحِنَّائِيُّ،
وَأَبُو الحَسَنِ بنُ المَوَازِيْنِيِّ، وَآخَرُوْنَ.
وَرَوَى عَنْهُ: عَبْدُ الكَرِيْمِ بنُ حَمْزَةَ
السُّلَمِيُّ، وَذَلِكَ وَهْمٌ، وَلَعَلَّهُ لَهُ مِنْهُ
إِجَازَةٌ.
قَالَ الكَتَّانِيُّ: عِنْدَهُ سِتَّةُ أَجزَاءٍ، أَوْ
نَحْوُهَا، تُوُفِّيَ يَوْمَ عَرَفَةَ، سَنَةَ ثَلاَثٍ
وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، رحمه الله.
__________
1 ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "8/ 148"، والعبر "3/
198"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 267".
2 ترجمته في العبر "3/ 202"، وشذرات الذهب لابن العماد
الحنبلي "3/ 270".
(13/258)
أخبرنا الحسن بن علي، أخبرنا جعفر
الهمذاني، أخبرنا أبو طاهر السلفي، وَأَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بنُ أَبِي العِزِّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ
هِبَةِ اللهِ الفَارِسِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو البَرَكَاتِ
الخَضِرُ بنُ شِبْلٍ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ الحَسَنِ
الحِصْنِيُّ قَالُوا: أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ
بنُ الحُسَيْنِ، وَعَلِيُّ بنُ الحَسَنِ ابْنِ
الموَازِينِيِّ قَالاَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ
السَّلاَمِ بنِ سَعْدَانَ، أَخْبَرَنَا أبو عمر بن
فَضَالَةَ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ الفَرَجِ الغَزِّيُّ،
حَدَّثَنَا يُوْسُفُ بنُ عَدِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو
الأَحْوَصِ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ،
عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كُنْتُ أَبِيعُ الذَّهَبَ
بِالفِضَّةِ وَالفِضَّةَ بِالذَّهَبِ، فَأَتَيْتُ رَسُوْلَ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَسَأَلْتُهُ
فَقَالَ: "إِذَا بَايَعْتَ صَاحِبَكَ، فَلاَ تُفَارِقْهُ
وَبَيْنَكَ وَبَيْنَهُ شَيْءٌ"1.
هَذَا حَدِيْثٌ حَسَنٌ غَرِيْبٌ، خَرَّجُوا نَحْواً مِنْهُ
فِي السُّنَنِ مِنْ طريق سماك.
__________
1 ضعيف: أخرجه أبو داود "3354"، والترمذي "1242"، والنسائي
"7/ 281-282"، وابن ماجه "2262".
من طريق سماك بن حرب، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، عَنِ
ابْنِ عُمَرَ، به.
وقال الترمذي: هذا حديث لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث سماك
بن حرب، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ،
وروى داود بن أبي هند هذا الحديث عَنْ سَعِيْدِ بنِ
جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ موقوفا.
وقال الحافظ في "الفتح" "4/ 427": ضعيف باتفاق المحدثين.
وقال أيضًا في "التخليص الحبير" "3/ 26": "وروى البيهقي من
طريق أبي داود الطيالسي، قال سئل شعبة عن حديث سماك هذا،
فقال شعبة: سمعت أيوب، عن نافع، عن ابن عمر لم يرفعه.
وحدثنا قَتَادَةَ عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، عَنِ
ابْنِ عُمَرَ، ولم يرفعه. وحدثنا يحيى بن أبي إسحاق، عن
سالم، عن ابن عمر ولم يرفتعه ورفعه لنا سماك، وأنا أفرقه".
(13/259)
العلوي، ابن فدويه،
ابن صخر:
4062- العلوي 1:
الإِمَامُ المُحَدِّثُ الثِّقَةُ العَالِمُ الفَقِيْهُ،
مُسْنِدُ الكُوْفَةِ أبو عبد الله؛ محمد ابن عَلِيِّ بنِ
الحَسَنِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، العَلَوِيُّ
الكُوْفِيُّ.
انْتَقَى عَلَيْهِ الحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللهِ
الصُّوْرِيُّ، وَغَيْرُهُ.
حَدَّثَ عَنْ: عَلِيِّ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
البَكَّائِيِّ، وَأَبِي الفَضْلِ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ
بنِ حُطَيْطٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ زَيْدِ بنِ مَرْوَانَ،
وَأَبِي الطَّيِّبِ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ
التَّيْمُلِي، وَأَبِي المُفَضَّل مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ
اللهِ الشَّيْبَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ أَبِي
الجَرَّاحِ، وَعِدَّةٍ. وَبِبَغْدَادَ مِنْ: أَبِي حَفْصٍ
الكَتَّانِيِّ، وَأَبِي طَاهِرٍ المُخَلِّصِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو مَنْصُوْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ
اللهِ العَلَوِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ
الشَّعِيْرِيُّ، وَأَبُو الحَارِثِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ
الجَابِرِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ قُطُّرٍ الهَمْدَانِيُّ،
وَعَلِيُّ بنُ عَلِيِّ بنِ الرَّطَابِ، وَعَبْدُ
المُنْعِمِ بنُ يَحْيَى بنِ هِقْلٍ، وَأَبُو الغَنَائِمِ
مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ النَّرْسِيُّ؛ الكُوْفِيُّوْنَ
شُيُوْخُ السِّلَفِيِّ، وآخِرُ مَنْ رَوَى عَنْهُ
بِالإِجَازَةِ عُمَرُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الزَّيْدِيُّ
النَّحْوِيُّ.
قَالَ ابْنُ النَّرْسِيِّ: مَاتَ بِالكُوْفَةِ فِي
رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
قَالَ: وَمَوْلِدُهُ فِي رَجَبٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ
وَثَلاَثِ مائَةٍ، مَا رَأَيْتُ مَنْ كَانَ يَفْهَمُ
فِقْهَ الحَدِيْثِ مِثلَهُ.
قَالَ: وَكَانَ حَافِظاً، خَرَّجَ عَنْهُ الحَافِظُ
الصُّوْرِيُّ وَأَفَاد عنه، وكان يفتخر به.
4063- ابن فدويه 2:
العَدْلُ الأَمِيْنُ، أَبُو الحَسَنِ؛ مُحَمَّدُ بنُ
إِسْحَاقَ بنِ فَدُّوْيَه، الكُوْفِيُّ، صَاحِبُ
البَكَّائِيِّ.
أَثْنَى عَلَيْهِ الصُّوْرِيُّ.
وَقَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ ثِقَةً، ذَا وَقَارٍ.
قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ: أَبُو الغَنَائِمِ النَّرْسِيُّ.
تُوُفِّيَ سنة خمس مع العلوي.
4064- ابن صخر 3:
القَاضِي الإِمَامُ المُحَدِّثُ الثِّقَةُ، أَبُو
الحَسَنِ؛ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
صَخْرٍ، الأَزْدِيُّ البَصْرِيُّ، صَاحِبُ المَجَالِسِ
المَعْرُوْفَةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ.
حَدَّثَ بِمِصْرَ وَالحِجَازِ وَاليَمَنِ وَانْتَقَى
عَلَيْهِ الحَافِظ أَبُو نَصْرٍ السِّجْزِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بنِ جَعْفَرِ بنِ
حَمْدَانَ السَّقَطِيِّ؛ صَاحِبِ عَبْدِ اللهِ بنِ
أَحْمَدَ بنِ الدَّوْرَقِيِّ، وَفَهْدِ بنِ إبراهيم بن فهد
الساجي، ويوسف ابن يَعْقُوْبَ النَّجِيْرَمِيِّ، وَأَبِي
العَبَّاسِ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الخَارَكِيِّ،
وَالحَافِظِ أَبِي مُحَمَّدٍ الحَسَنِ بنِ علي ابن غلام
الزهري، وأبي
__________
1 ترجمته في العبر "3/ 210"، وشذرات الذهب لابن العماد
الحنبلي "3/ 274".
2 ترجمته في تاريخ بغداد "1/ 263"، والأنساب للسمعاني "9/
243"، واللباب لابن الأثير "2/ 413".
3 ترجمته في العبر "3/ 203"، وشذرات الذهب لابن العماد
الحنبلي "3/ 271".
(13/260)
4065- أبو طاهر
بن عبد الرحيم 1:
الإِمَامُ المُحَدِّثُ الثِّقَةُ، بَقِيَّةُ
المُسْنِدِيْنَ، أَبُو طَاهِرٍ؛ محمد بن أحمد ابن
مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحِيْمِ، الأَصْبَهَانِيُّ
الكَاتِبُ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي الشَّيْخِ بِشَيْءٍ كَثِيْرٍ، وَعَنْ
أَبِي بكر القباب، وأبي بكر ابن المقرىء، وَارْتَحَلَ
إِلَى الدَّارَقُطْنِيِّ، فَأَخَذَ عَنْهُ سُنَنَهُ،
وَأَتقَنَ نُسْخَتَه، وَأَخَذَ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيِّ، وَعُمَرَ بنِ شَاهِيْنٍ،
وَهَذِهِ الطَّبَقَةِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ
الشِّيْرَازِيُّ، وَعَبْدُ الغَفَّارِ بنُ نَصْرَوَيْه،
وَأَبُو زَكَرِيَّا بنُ مَنْدَةَ، وَأَبُو الرَّجَاءِ
مُحَمَّدُ بنُ أَبِي زيد أحمد الجَرْكَانِيُّ، وَأَبُو
مَنْصُوْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِدْرِيْسَ
الكِرْمَانِيُّ، وَأَبُو الطَّيِّبِ حَبِيْبُ بنُ أَبِي
مُسْلِمٍ الطِّهْرَانِيّ، وَأَبُو الفَتْحِ رَجَاءُ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ الخَبَّازُ، وَأَبُو الفَتْحِ سَعِيْدُ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ الصَّفَّارُ، وَهِبَة اللهِ بن الحَسَنُ
الأَبَرْقُوْهِيُّ، وَعَبْدُ الغَفَّارِ بنُ مُحَمَّدٍ
الشِّيْرُوْيِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ الفَضْلِ
الإِخْشِيْذُ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ السَّاجِيُّ،
وَأَبُو الوَفَاءِ
مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ المَدِيْنِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ
مُحَمَّدِ ابن برَاذجَةَ، وَالقَاضِي إِبْرَاهِيْمُ بنُ
الحَسَنِ الدَّيْلَمِيُّ، وَجَوَامَرْدُ الأَرْمَنِيُّ،
وَحَمْزَةُ بنُ العَبَّاسِ العَلَوِيُّ، وَسِيْنُ بنُ
حَمْد التَّانِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ مِنْ مَشْيَخَةِ
السِّلَفِيِّ، وَأَبِي مُوْسَى المَدِيْنِيِّ،
خَاتِمَتُهُم أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ
أَبِي ذَرٍّ الصَّالحَانِيُّ.
مَوْلِدُهُ فِي أَوَّلِ سَنَةِ ثَلاَثٍ وَسِتِّيْنَ،
وَسَمَاعُه فِي صَفَرٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَنْدَة: ثِقَةٌ.
وَقَالَ عَبْدُ الغَافِرِ النَّخْشَبِيُّ: لَمْ يُحَدِّثْ
فِي وَقتِه أَوثَقُ مِنْهُ، وَأَكثَرُ حَدِيْثاً، صَاحِبُ
الأُصُوْلِ الصِّحَاحِ، مَاتَ فِي حَادِي عَشَر رَبِيْعٍ
الآخِرِ، سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
__________
1 ترجمته في العبر "3/ 209"، وشذرات الذهب لابن العماد
الحنبلي "3/ 273".
(13/261)
4066- ابن
المذهب 1:
الإِمَامُ العَالِمُ، مُسْنِدُ العِرَاقِ، أَبُو عَلِيٍّ؛
الحَسَنُ بن علي بن محمد ابن عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ بنِ
وَهْبٍ، التَّمِيْمِيُّ البَغْدَادِيُّ الوَاعِظُ، ابْنُ
المُذْهِبِ.
مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ
مائَةٍ.
سَمِعَ: مِنْ: أَبِي بَكْرٍ القَطِيْعِيِّ "المُسْنَدَ"،
وَ"الزُّهْدَ"، وَ"فَضَائِلَ الصَّحَابَةِ"، وَغَيْرَ
ذَلِكَ.
وَسَمِعَ: مِنْ: أَبِي مُحَمَّدٍ بنِ مَاسِي، وَأَبِي
سَعِيْدٍ الحُرْفِيِّ، وَأَبِي الحَسَنِ بنِ لُؤْلُؤٍ
الوَرَّاقِ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ شَاذَانَ، وَطَائِفَةٍ
كَثِيْرَةٍ.
وَكَانَ صَاحِبَ حَدِيْثٍ وَطَلَبٍ، وَغَيْره أَقوَى
مِنْهُ، وَأَمثَلُ مِنْهُ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الخَطِيْبُ، وَابْنُ خيرون، وابن ماكولا،
والحسين ابن الطُّيُوْرِيِّ، وَعَلِيُّ بنُ بَكْرِ بنِ
حِيْدٍ، وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ الهَاشِمِيُّ
الخَطِيْبُ، وَمُحَمَّدُ بنُ مَكِّيِّ بنِ دُوْسْتَ،
وَأَبُو طَالِبٍ عَبْدُ القَادِرِ بنُ مُحَمَّدٍ، وَابْنُ
عَمِّهِ أَبُو طَاهِرٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَحْمَدَ
اليُوْسُفِيُّ، وَأَبُو غَالِبٍ عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ
المَلِكِ الشَّهْرُزُوْرِيُّ، وَأَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ
بنُ مُحَمَّدِ بنِ البُخَارِيِّ، وَأَبُو القَاسِمِ هِبَةُ
اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحُصَيْنِ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَتَبْتُ عَنْهُ، وَكَانَ يَرْوِي عَنِ
القطيعي "مسند أحمد" بأسره، وكان سماعه
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "7/ 390"، والمنتظم لابن الجوزي
"8/ 155"، واللباب لابن الأثير "3/ 187"، والعبر "3/ 205"،
وميزان الاعتدال "1/ 510"، ولسان الميزان "2/ 236"،
والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 53"، وشذرات الذهب
لابن العماد الحنبلي "3/ 271".
(13/262)
صَحِيحاً إلَّا فِي أَجزَاءٍ مِنْهُ،
فَإِنَّهُ أَلحَقَ اسْمَه، وَكَانَ يَرْوِي "الزُّهْدَ"
لأَحْمَدَ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ بِهِ أَصلٌ، إِنَّمَا
كَانَتِ النُّسْخَةُ بِخَطِّه، وَلَيْسَ هُوَ مَحلّ
الحُجَّةِ.
حَدَّثَ عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ الحُرْفِيِّ، وَابنِ مَالِكٍ،
عَنْ أَبِي شُعَيْبٍ الحَرَّانِيِّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى
البَابْلُتِّيُّ، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنَا
هَارُوْنُ بنُ رِيَابٍ قَالَ: مَنْ تَبرَّأَ مِنْ نَسَبٍ
لدِقَّتِه أَوِ ادَّعَاهُ، فَهُوَ كُفْرٌ.
قَالَ الخَطِيْبُ: وَجَمِيعُ مَا عِنْدَهُ عَنِ ابْنِ
مَالِكٍ لِلْبَابْلُتِّيِّ جُزءٌ لَيْسَ هَذَا فِيْهِ،
وَكَانَ كَثِيْراً يَعْرِضُ عليَّ أَحَادِيْثَ، فِي
أَسَانيدهَا أَسْمَاءُ قَوْمٍ غَيْرِ مَنْسُوْبِيْنَ،
وَيسأَلُنِي عَنْهُم، فَأَنسُبُهُم لَهُ، فَيُلحِقُ ذَلِكَ
فِي تِلْكَ الأَحَادِيْثِ مَوْصُوْلةً بِالأَسْمَاءِ،
فَأَنَهَاهُ، فَلاَ يَنْتَهِي.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ نُقْطَةَ: لَيْتَ الخَطِيْبَ
نَبَّهَ فِي أَيِّ مُسْنِدٍ تِلْكَ الأَجزَاءُ الَّتِي
اسْتَثنَى، وَلَوْ فَعَلَ، لأَتَى بِالفَائِدَةِ، وَقَدْ
ذَكرنَا أَنَّ مُسْنَدَي فَضَالَةَ بنِ عُبَيْدٍ، وَعَوْفِ
بنِ مَالِكٍ، لَمْ يكُونَا فِي نُسْخَةِ ابْنِ المُذْهِبِ،
وَكَذَلِكَ أَحَادِيْثُ مِنْ "مُسْنَدِ جَابِرٍ" لَمْ
تُوجَدْ فِي نُسْخَتِه، رَوَاهَا الحَرَّانِيُّ عَنِ
القَطِيْعِيِّ، وَلَوْ كَانَ مِمَّنْ يُلحِق اسْمَه كَمَا
قِيْلَ، لأَلْحَقَ مَا ذَكَرنَاهُ أَيْضاً، وَالعجبُ مِنَ
الخَطِيْبِ يَردُّ قَولَه بِفعلِه، فَقَدْ رَوَى عَنْهُ
مِنَ "الزُّهْدِ" لأَحْمَدَ فِي مُصَنَّفَاته.
أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ: أَخْبَرَنَا
الهَمْدَانِيُّ، أَخْبَرَنَا السِّلَفِيُّ: سَأَلتُ
شُجَاعاً الذُّهْلِيَّ عَنِ ابْنِ المُذْهِبِ، فَقَالَ:
كَانَ شيخًا عسرًا في الرواية، سَمِعَ: حَدِيْثاً
كَثِيْراً، وَلَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ فِي
الرِّوَايَةِ، فَإِنَّهُ خَلَّطَ فِي شَيْءٍ مِنْ
سَمَاعِهِ. ثُمَّ قَالَ السِّلَفِيُّ: كَانَ مُتَكَلِّماً
فِيْهِ.
قَالَ أَبُوَ الفَضْلِ بنُ خَيْرُوْنَ: مَاتَ ليلة الجمعة،
تاسع عشرة رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ أَرْبَعٍ
وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، سَمِعْتُ مِنْهُ
جَمِيْعَ مَا عِنْدَهُ، وَسَمِعَ: ابْنُ أَخِي مِنْهُ
"الزُّهْدَ" لأَحْمَدَ.
وَقَدْ مَرَّ فِي تَرْجَمَةِ ابْنِ غَيْلاَنَ أَنَّ
الرَّشِيْدِيَّ اسْتَجَازَ أَبَا عَلِيٍّ "مُسْنَدَ
الإِمَامِ أَحْمَدَ"، فَأَبَى أَنْ يَكْتُبَ لَهُ
الإِجَازَةَ إلَّا بعِشْرِيْنَ دِيْنَاراً -سَامَحَهُ
اللهُ- وَأَمَّا قَولُ ابْنِ نُقْطَةَ: وَلَوْ كَانَ
مِمَّنْ يُلحِقُ اسْمَه: لاَ شَيْءٌ، فَإِنَّ إِلحَاقَ
اسْمِه مِنْ بَابِ نَقْلِ مَا فِي بَيْتِه إِلَى
النُّسْخَةِ، لاَ مِنْ قَبِيلِ الكَذِبِ فِي ادِّعَاءِ
السَّمَاعِ، وَفِي ذَلِكَ نِزَاعٌ، وَمَا الرَّجُلُ
بِمُتَّهَمٍ.
(13/263)
العمري، سليم بن
أيوب:
4067- العمري 1:
الإِمَامُ الفَقِيْهُ، شَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ، أَبُو
الفَتْحِ؛ نَاصِرُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
عَلِيٍّ، القُرَشِيُّ العُمَرِيُّ المَرْوَزِيُّ
الشَّافِعِيُّ.
سَمِعَ: أَبَا العَبَّاسِ السَّرَخْسِيَّ، وغيره بمرو،
وأبا محمد المخلدي، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
عَبْدِ الوَهَّابِ الرَّازِيُّ، وَجَمَاعَةً
بِنَيْسَابُوْرَ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ أَبِي شُرَيْحٍ
الزَّاهِدَ بِهَرَاةَ.
وَتَفَقَّهَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ القَفَّالِ، وَعَلَى أَبِي
الطَّيِّبِ الصُّعْلُوْكِيِّ، وَابنِ مَحْمِشٍ
الزِّيَادِيِّ.
وَبَرَعَ فِي المَذْهَبِ، وَدرَّسَ فِي أَيَّام
مَشَايِخِه، وَتَفَقَّهَ بِهِ أَهْلُ نَيْسَابُوْرَ،
وَكَانَ مَدَارُ الفَتْوَى وَالمُنَاظَرَة عَلَيْهِ.
أَخَذَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ البَيْهَقِيُّ، وَأَبُو
إِسْحَاقَ الجِيْلِيُّ، وَمَسْعُوْدُ بنُ نَاصِرٍ
السِّجْزِيُّ، وَأَبُو صَالِحٍ المُؤَذِّنُ،
وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الغَافِرِ الفَارِسِيُّ،
وَآخَرُوْنَ. وَأَمْلَى مُدَّةً. وَصَنَّفَ.
وَكَانَ خَيِّراً مُتُوَاضِعاً فَقيراً. مُتَعَفِّفاً
قَانعاً بِاليَسِيرِ، كَبِيْرَ القَدْرِ، رَحِمَهُ اللهُ.
مَاتَ بِنَيْسَابُوْرَ فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ
أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَمَاتَ مَعَهُ رَاوِي المُسْنَدِ أَبُو عَلِيٍّ، الحَسَنُ
بنُ عَلِيٍّ ابْن المُذْهِبِ، وَأَبُو غَانِمٍ أَحْمَدُ
بنُ عَلِيٍّ الكُرَاعِيُّ المَرْوَزِيُّ، وَالحَافِظُ
أَبُو نَصْرٍ عُبَيْدُ الله ابن سَعِيْدٍ السِّجْزِيُّ،
وَالحَافِظُ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عَلِيٍّ الأَزَجِيُّ،
وَقَاضِي المَوْصِل أَبُو جَعفرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ
السِّمْنَانِيُّ المُتَكَلِّمُ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ
مُحَمَّدِ بن مكي السواق المقرىء، وشيخ القراء أبو عمرو
الداني.
4068- سليم بن أيوب 2:
ابن سليم، الإِمَامُ شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو الفَتْحِ،
الرَّازِيُّ الشَّافِعِيُّ.
وُلِدَ سَنَةَ نَيِّفٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَحَدَّثَ عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ
الجُعْفِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ التَّمِيْمِيِّ،
وَالحَافِظِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ البَصِيْرِ
الرَّازِيِّ، وَحَمْدِ بنِ عَبْدِ اللهِ، صَاحِبَي ابْنِ
أَبِي حَاتِمٍ، وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الصَّلْتِ
المُجْبِرِ، وَأَبِي الحُسَيْنِ أَحْمَدَ بنِ فَارِسٍ
اللُّغَوِيِّ، وَأَبِي أَحْمَدَ الفَرَضِيِّ،
وَالأُسْتَاذِ أَبِي حَامِدٍ الإِسْفَرَايِيْنِيِّ
وَتَفَقَّهَ بِهِ، وَطَائِفَةٍ سِوَاهُم.
وَسَكَنَ الشَّامَ مُرَابِطاً، نَاشِراً لِلْعِلْمِ
احْتِسَاباً.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، وَأَبُو
مُحَمَّدٍ الكَتَّانِيُّ، وَالفَقِيْهُ نَصْرٌ
المَقْدِسِيُّ، وَأَبُو نَصْرٍ الطُّرَيْثِيْثِيُّ،
وَسَهْلُ بنُ بشر الإسفراييني، وأبو القاسم النسيب،
وآخرون.
__________
1 ترجمته في شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 272".
2 ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "2/ 397"، والعبر
"2/ 213"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 275".
(13/264)
قال النسيب: هو ثقة، فقيه، مقرىء
مُحَدِّثٌ.
وَقَالَ سَهْلُ بنُ بِشْرٍ: حَدَّثَنَا سُلَيْمٌ أَنَّهُ
كَانَ فِي صِغَرِه بِالرَّيِّ، وَلَهُ نَحْوٌ مِنْ عَشْرِ
سِنِيْنَ، فَحَضَرَ بَعْضَ الشُّيُوْخِ وَهُوَ يلقن قال:
فقال لي: تقدم فَاقرَأْ. فَجهدْتُ أَنْ أَقرَأَ
الفَاتِحَةَ، فَلَمْ أَقْدِرْ عَلَى ذَلِكَ لانْغِلاَقِ
لِسَانِي، فَقَالَ: لَكَ وَالِدَةٌ؟ قُلْتُ: نَعَمْ:
قَالَ: قُلْ لَهَا تَدعُو لَكَ أَنْ يَرزُقَكَ اللهُ
قِرَاءةَ القُرْآنِ وَالعِلْمَ. قُلْتُ: نَعَمْ.
فَرَجَعتُ، فَسَأَلتُهَا الدُّعَاءَ، فَدَعتْ لِي، ثُمَّ
إِنِّيْ كَبِرتُ، وَدَخَلتُ بَغْدَادَ، قَرَأتُ بِهَا
العَرَبِيَّةَ وَالفِقْهَ، ثُمَّ عُدتُ إِلَى الرَّيِّ،
فَبَيْنَا أَنَا فِي الجَامعِ أُقَابِلُ "مُخْتَصَر
المُزَنِيِّ"، وَإِذَا الشَّيْخُ قَدْ حَضَرَ وَسلَّمَ
عَلَيْنَا وَهُوَ لاَ يَعْرِفُنِي، فسَمِعَ:
مُقَابَلَتَنَا، وَهُوَ لاَ يَعْلَمُ مَاذَا نَقُوْلُ،
ثُمَّ قَالَ: مَتَى يُتَعَلَّمُ مِثْلُ هَذَا؟. فَأَردتُ
أَنْ أَقُوْلَ: إِنْ كَانَتْ لَكَ وَالِدَةٌ، فَقُلْ لَهَا
تَدعُو لَكَ. فَاسْتَحيَيتُ.
وَقَالَ أَبُو نَصْرٍ الطُّرَيْثِيْثِيُّ: سَمِعْتُ
سُلَيْماً يَقُوْلُ: علَّقْتُ عَنْ شَيْخِنَا أبي حامد
جميع التعليقة، وسمعت يَقُوْلُ: وَضَعَتْ مِنِّي صُورٌ،
وَرفَعتْ بَغْدَادُ مِنْ أَبِي الحَسَنِ ابْنِ
المَحَامِلِيِّ. قَالَ أَبُو القَاسِمِ ابْنُ عَسَاكِرَ:
بَلَغَنِي أَنَّ سُلَيْماً تَفَقَّهَ بَعْدَ أَنْ جَازَ
الأَرْبَعِيْنَ. قَالَ: وَقَرَأْتُ بِخَطِّ غَيْثٍ
الأَرْمَنَازِيِّ: غَرِقَ سُلَيْمٌ الفَقِيْهُ فِي بَحْرِ
القُلْزُمِ، عِنْد سَاحِلِ جَدَّةَ، بَعْدَ أَنْ حَجَّ فِي
صَفَرٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ،
وَقَدْ نَيَّفَ عَلَى الثَّمَانِيْنَ. قَالَ: وَكَانَ
فَقِيْهاً مُشَاراً إِلَيْهِ، صَنَّفَ الكَثِيْرَ فِي
الفِقْه وَغَيْرِهِ، وَدَرَّسَ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ نَشرَ
هَذَا العِلْمَ بِصُور، وَانْتَفَعَ بِهِ جَمَاعَةٌ،
مِنْهُم الفَقِيْهُ نَصْرٌ، وَحُدِّثتُ عَنْهُ أَنَّهُ
كَانَ يُحَاسِبُ نَفْسَه فِي الأَنفَاسِ، لاَ يَدَعُ
وَقتاً يَمضِي بِغَيرِ فَائِدَةٍ، إِمَّا يَنسَخُ، أَوْ
يُدَرِّسُ، أَوْ يَقرَأُ.
وَحُدِّثتُ عَنْهُ: أَنَّهُ كَانَ يُحرِّكُ شَفَتَيْهِ
إِلَى أَنْ يَقُطَّ القلم.
قُلْتُ: وَلَهُ كِتَابُ "البَسْمَلَةِ "سَمِعنَاهُ،
وَكِتَابُ غُسْلُ الرِّجْلَيْنِ، وَلَهُ تَفْسِيْرٌ
كَبِيْرٌ شَهِيْرٌ، وَغَيْرُ ذَلِكَ، رحمه الله تعالى.
(13/265)
ابن سلوان، ابن أبي
نصر:
4069- ابن سلوان 1:
الشَّيْخُ المُسْنِدُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ؛ مُحَمَّدُ بنُ
عَلِيِّ بنِ يَحْيَى بنِ سِلْوَانَ، المَازِنِيُّ
الدِّمَشْقِيُّ، ابْنُ القَمَّاحِ.
لَيْسَ عِنْدَهُ شَيءٌ سِوَى نُسْخَةِ أَبِي مُسْهِرٍ
وَمَا مَعَهَا. سَمِعَ: ذَلِكَ مِنَ الفَضْلِ بنِ جَعْفَرٍ
التَّمِيْمِيِّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الخَطِيْبُ، والكتاني، والفقيه نصر
المقدسي، والحسن ابن أَحْمَدَ بنِ أَبِي الحَدِيْدِ،
وَسَهْلُ بنُ بِشْرٍ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ، وَنَجَا بنُ
أَحْمَدَ، وَأَبُو طَاهِرٍ الحِنَّائِيُّ، وَأَبُو
القَاسِمِ النَّسِيْبُ، وَأَبُو الحَسَنِ عَلِيٌّ، وَأَبُو
الفَضْلِ مُحَمَّدٌ؛ ابْنَا المَوَازِيْنِيِّ، وَعَبْدُ
المُنْعِمِ بن الغَمْرِ، وَآخَرُوْنَ.
وُلِدَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ
مائَةٍ.
وَمَاتَ فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَة سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَمِثْلُهُ فِي زَمَنِه أَبُو الحَسَنِ بنُ حِمِّصَةَ
الحَرَّانِيُّ؛ رَاوِي مَجْلِسِ البِطَاقَةِ، مَا عِنْدَهُ
سِوَاهُ. وَهَكَذَا جَمَاعَةٌ اشتَهَرُوا، وَسَمَاعُهُم
قَلِيْلٌ، وَمَا ذَاكَ إلَّا لِتَعْمِيرِهِم وَعُلُوِّهِم،
كَمَا أَنَّ جَمَاعَةً مِنْ كِبَارِ العُلَمَاءِ لاَ
يكَادُوْنَ يُعْرَفُوْنَ لِمَوتِهِم فِي الكُهُوْلَةِ
قَبْلَ أَوَانِ الرواية.
وَفِيْهَا مَاتَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ
أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ حَبِيْبٍ القَادسِيُّ
البَزَّازُ؛ صَاحِبُ القَطِيْعِيِّ، وَشَيْخُ
الشَّافِعِيَّةِ أَبُو القَاسِمِ مَنْصُوْرُ بنُ عُمَرَ
الكَرْخِيُّ، وَقَاضِي القُضَاةِ أَبُو عَبْدِ اللهِ
الحُسَيْنُ بنُ عَلِيِّ بنِ مَاكُوْلاَ العِجْلِيُّ،
وَمُسْنِدُ قُرْطُبَةَ أَبُو العَاصِ حَكَمُ بنُ مُحَمَّدِ
بنِ حَكَمٍ الجُذَامِيُّ، وَالمُفْتِي رَافِعُ بنُ نَصْرٍ
الحَمَّالُ، وَسُلَيْمُ بنُ أَيُّوْبَ أَبُو الفَتْحِ
الرَّازِيُّ غَرِيْقاً، وَعَبْدُ الوَهَّابِ بنُ
الحُسَيْنِ بنِ عُمَرَ بنِ بَرْهَانَ الغَزَّالُ، وَأَبُو
أَحْمَدَ عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ مُحَمَّدٍ
الغَنْدَجَانِيُّ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ المُعْتَزِّ
النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ
المُحَسِّنِ التَّنُوْخِيُّ.
4070- ابن أبي نصر 2:
العَدْلُ الكَبِيْرُ المَأْمُوْنُ المُحَدِّثُ، أَبُو
الحُسَيْنِ؛ مُحَمَّدُ بن الشَّيْخِ العَفِيْفِ أَبِي
مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي نَصْرٍ عُثْمَانَ
بنِ القَاسِمِ بنِ مَعْرُوْفٍ، التَّمِيْمِيُّ
الدِّمَشْقِيُّ.
سَمِعَ: أَبَاهُ، وَالقَاضِي يُوْسُفَ بنَ القاضي
المَيَانَجِيَّ، وَأَبَا سُلَيْمَانَ بنَ زَبْرٍ،
وَتَفَرَّدَ بِالرِّوَايَةِ عَنْهُمَا.
حَدَّثَ عَنْهُ: الخَطِيْبُ، وَالكَتَّانِيُّ، وَسَهْلُ
بنُ بِشْرٍ، وَمُوْسَى الصَّقَلِّيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ
النَّسِيْبُ، وَأَبُو طَاهِرٍ الحِنَّائِيُّ، وَأَبُو
الحَسَنِ بنُ المَوَازِيْنِيِّ، وَعِدَّةٌ.
تُوُفِّيَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَشَيَّعَه نَائِبُ دِمَشْقَ،
وَكَانَتْ جِنَازَتُه مَشْهُوْدَةٌ، أُغلِقَ لَهُ
البَلَدُ، وَكَانَ مُحْتَشِمَ وَقتِه.
وَمَاتَ مَعَهُ أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
أبي الفراتي، وعلي بن الفضل ابن الفُرَاتِ إِمَامُ جَامِعِ
دِمَشْقَ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ
بنِ اللبان المتكلم.
__________
1 ترجمته في العبر "3/ 215"، وشذرات الذهب لابن العماد
الحنبلي "3/ 277".
2 ترجمته في العبر "3/ 211"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/
274".
(13/266)
أخوه، التنوخي:
4071- أخوه:
العَدْلُ الأَمِيْنُ الأَنبَلُ، أَبُو عَلِيٍّ، أَحْمَدُ
بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي نَصْرٍ، التَّمِيْمِيُّ.
حَدَّثَ أَيْضاً عَنْ: يُوْسُفَ المَيَانَجِيِّ، وَابنِ
زَبْرٍ. وَسَمِعَ: هُوَ وَأَخُوْهُ مَعاً.
حَدَّثَ عَنْهُ: الكَتَّانِيُّ، وَنَجَا العَطَّارُ،
وَسَهْلُ بنُ بِشْرٍ، وَأَبُو طَاهِرٍ الحِنَّائِيُّ،
وَالحَسَنُ بنُ سَعِيْدٍ العَطَّارُ.
قَالَ الكَتَّانِيُّ: كَانَ ثِقَةً مَأْمُوْناً، صَاحِبَ
أُصُوْلٍ، لَمْ أَرَ أَحسَنَ مِنْهُ، وَكَانَ سَمَاعُهُ
وَسَمَاعُ أَخِيْهِ بِخَطِّ أَبِيْهِمَا، وَكَانَتْ لَهُ
جِنَازَةٌ عَظِيْمَةٌ.
مَاتَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ، رَحِمَهُ اللهُ.
4072- التنوخي 1:
القَاضِي العَالِمُ المُعَمَّرُ، أَبُو القَاسِمِ؛ عَلِيُّ
ابْنُ القاضي أبي علي المُحَسِّنِ بنِ عَلِيٍّ
التَّنُوْخِيُّ البَصْرِيُّ ثُمَّ البَغْدَادِيُّ، صَاحِبُ
كِتَابِ "الطّوَالاَتِ"، وَوَلَدُ صَاحِبِ كِتَابُ الفرجِ
بَعْدَ الشِدَّةِ، وَكِتَابُ "النّشوَارِ"، وَغَيْرُ
ذَلِكَ.
وُلِدَ فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ
وَثَلاَثِ مائَةٍ، بِالبَصْرَةِ.
وَسَمِعَ: لَمَّا كَمَّلَ خَمْسَةَ أَعْوَامٍ مِنْ:
عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدٍ الرَّزَّازِ،
وَعَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ كَيْسَانَ، وَأَبِي سَعِيْدٍ
الحُرْفِيِّ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنِ بنِ
مُحَمَّدٍ العَسْكَرِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ
إِبْرَاهِيْمَ الزَّبِيْبِيِّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ
أَحْمَدَ الخِرقِيِّ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ مُتَحَفِّظاً فِي الشَّهَادَةِ،
عِنْدَ الحُكَّامِ، صَدُوْقاً فِي الحَدِيْثِ، تَقَلَّدَ
قَضَاءَ المَدَائِنِ، وَقِرْمِيْسِيْنَ، وَالبَرَدَانِ.
وَقَالَ أَبُو الفَضْلِ بنُ خَيْرُوْنَ: قِيْلَ: كَانَ
رَأْيَهُ الرَّفْض وَالاعْتِزَال.
وَقَالَ شُجَاعٌ الذُّهْلِيُّ: كَانَ يَتَشَيَّعُ، ويذهب
إلى الاعتزال.
وَقَالَ شُجَاعٌ الذُّهْلِيُّ: كَانَ يَتَشَيَّعُ،
وَيَذْهَبُ إِلَى الاعْتِزَالِ.
قُلْتُ: نَشَأَ فِي الدَّوْلَةِ البُوَيْهِيَّةِ،
وَأَرْجَاؤُهَا طافحة بهاتين البدعتين. وقيل: إِنَّهُ
صَحِبَ أَبَا العَلاَءِ المَعَرِيَّ، وَصَادَقَه،
وَأَسْمَعَهُ "صَحِيحَهُ".
مَاتَ فِي ثَانِي المُحَرَّمِ، سَنَةَ سَبْعٍ
وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أُبَيٌّ النَّرْسِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ
مُحَمَّدٍ البَاقَرْحِيُّ، وَنُوْر الهُدَى حُسَيْنُ بنُ
مُحَمَّدٍ الزَّيْنَبِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ
المَهْدِيِّ، وأبو شجاع بهرام بن بَهْرَامَ، وَأَبُو
مَنْصُوْرٍ بنُ النَّقُّوْرِ، وَأَبُو القَاسِمِ بنُ
الحُصَيْنِ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم. وَرَوَى شَيْئاً
كَثِيْراً.
يَقَعُ لَنَا حَدِيْثُهُ عَالِياً، وَهُوَ رَاوِي كِتَابِ
"الأشربة" لأحمد بن حنبل.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "12/ 115"، والأنساب للسمعاني "3/
94"، واللباب لابن الأثير "1/ 225"، ووفيات الأعيان لابن
خلكان "4/ 162"، والعبر "3/ 214"، وشذرات الذهب لابن
العماد "3/ 276".
(13/267)
4073- السمناني
1:
العَلاَّمَةُ، قَاضِي المَوْصِلِ؛ أَبُو جَعْفَرٍ،
مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ،
السِّمْنَانِيُّ الحَنَفِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: نَصْرٍ المَرْجِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ عُمَرَ
الحَرْبِيِّ، وَأَبِي الحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيِّ،
وَجَمَاعَةٍ.
وَلاَزَمَ ابْنَ البَاقِلاَّنِيّ حَتَّى بَرَعَ فِي عِلْمِ
الكَلاَمِ.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَتَبْتُ عَنْهُ، وَكَانَ صَدُوْقاً،
فَاضِلاً حَنَفِيّاً، يَعْتَقِدُ مَذْهَبَ الأَشْعَرِيِّ،
وَلَهُ تَصَانِيْفُ.
قُلْتُ: كَانَ من أذكياء العلم.
وَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ حَزْمٍ، فَقَالَ: هُوَ أَبُو
جَعْفَرٍ السِّمْنَانِيُّ المَكْفُوْفُ، هُوَ أَكْبَرُ
أَصْحَابِ أَبِي بَكْرٍ البَاقِلاَّنِيّ، وَمُقَدَّمُ
الأَشْعَرِيَّةِ فِي وَقْتِنَا، وَمِنْ مَقَالَتِه قَالَ:
مَنْ سَمَّى اللهَ جِسماً مِنْ أَجلِ أَنَّهُ حَاملٌ
لِصِفَاتِه فِي ذَاتِه، فَقَدْ أصاب المعنى، وَأَخْطَأَ
فِي التَّسمِيَةِ فَقَطْ. ثُمَّ أَخَذَ ابْنُ حَزْمٍ
يُشنِّعُ عَلَى السِّمْنَانِيِّ، وَذَكَرَ عَنْهُ
تَجْوِيْزَ الرِّدَةِ عَلَى الرَّسُولِ بَعْدَ أَدَاءِ
الرِّسَالَةِ. نَعُوْذُ بِاللهِ مِنَ الضَّلاَلِ.
تُوُفِّيَ أَبُو جَعْفَرٍ بِالمَوْصِلِ سَنَةَ أَرْبَعٍ
وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ وَلَهُ ثَلاَثٌ
وَثَمَانُوْنَ سَنَةً. تَخَرَّجَ بِهِ فِي العَقْلِيَّاتِ
القَاضِي أبو الوليد الباجي، وغيره.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "1/ 355"، والمنتظم لابن الجوزي
"8/ 156"، والأنساب للسمعاني "7/ 149"، واللباب لابن
الأثير "2/ 141"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "2/
65".
(13/268)
وابنه: أحمد بن أبي
جعفر، الكسائي، ابن اللبان:
4074- وابنه أحمد بن أبي جعفر 1:
وَهُوَ الإِمَامُ القَاضِي، أَبُو الحُسَيْنِ؛ أَحْمَدُ
بنُ أَبِي جَعْفَرٍ.
وُلِدَ بِسِمْنَانَ فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ أَرْبَعٍ
وَثَمَانِيْنَ.
وَقَدِمَ، وَسَمِعَ: بِبَغْدَادَ مِنَ الحَسَنِ بنِ
الحُسَيْنِ النُّوْبَخْتِيِّ، وَمِنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ
هِشَامٍ الصَّرْصَرْيِّ، وَجَمَاعَةٍ.
وَوَلِيَ قَضَاءَ بَابِ الطَّاقِ، وَطَالَ عُمُرُهُ.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَتَبْتُ عَنْهُ، وَكَانَ صَدُوْقاً.
قلت: يأتي في الطبقة الأخرى.
4075- الكسائي:
المُحَدِّثُ الإِمَامُ الرَّحَّالُ، أَبُو الحَسَنِ؛
عَلِيُّ بنُ عُبَيْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ، الهَمَذَانِيُّ
الكِسَائِيُّ الصُّوْفِيُّ، نَزِيْلُ مِصْرَ.
سَمِعَ: أَحْمَدَ بنَ عَبْدَانَ الشِّيْرَازِيَّ
بِالأَهْوَازِ، وَنَصْرَ بنَ أَحْمَدَ المَرْجِيَّ
بِالمَوْصِلِ، وَعَبْدَ الوَهَّابِ الكِلاَبِيَّ
بِدِمَشْقَ، وَأَبَا الفَتْحِ مُحَمَّدَ بنَ أحمد
النَّحْوِيَّ بِالرَّمْلَةِ، وَمُنِيْرَ بنَ عَطِيَّةَ
بِقَيْسَارِيَّةَ، وَالضَّرَّابَ بِمِصْرَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدُ المُحْسِنِ الشِّيْحِيُّ، وَسَهْلُ
بنُ بِشْرٍ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ، وَانتَقَى عَلَيْهِ
الحَافِظَانِ أَبُو نَصْرٍ السِّجْزِيُّ، وَعَبْدُ
العَزِيْزِ النَّخْشَبِيُّ، وَآخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْهُ
أَبُو عَبْدِ اللهِ الرَّازِيُّ صَاحِب السُّدَاسِيَّاتِ.
تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الأُوْلَى سَنَةَ خَمْسٍ
وَأَرْبَعِيْنَ وأربع مائة.
4076- ابن اللبان 2:
العَلاَّمَةُ، أَبُو مُحَمَّدٍ؛ عَبْدُ اللهِ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَحْمَدَ ابْنُ
المُحَدِّثِ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَالِمِ
أَصْبَهَانَ النُّعْمَانِ بنِ عَبْدِ السَّلاَمِ،
التَّيْمِيُّ.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "4/ 382".
2 ترجمته في تاريخ بغداد "10/ 144"، والمنتظم لابن الجوزي
"8/ 162"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 38"، وشذرات
الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 274".
(13/269)
روى عن: ابن المقرىء، وَالمُخَلِّصِ،
وَأَحْمَدَ بنِ فِرَاسٍ، وَطَائِفَةٍ.
وَلَزِمَ أَبَا بَكْرٍ البَاقِلاَّنِيّ، وَأَبَا حَامِدٍ
الإِسْفَرَايِيْنِيَّ، وَبَرَعَ فِي الأُصُوْلِ
وَالفُرُوْعِ، وَتلاَ بِالرِّوَايَاتِ، وَصَنَّفَ
التَّصَانِيْفَ، وَوَلِيَ قَضَاءَ إِيْذَجَ.
عَظَّمَهُ الخَطِيْبُ، وَقَالَ: كَتَبنَا عَنْهُ، وكان أحد
أوعية العلم، ثقةً، وجيز بالعبارة مَعَ تَدَيُّنٍ
وَعِبَادَةٍ وَوَرَعٍ بَيِّنٍ، سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ:
حَفِظتُ القُرْآنَ وَلِي خَمْسُ سِنِيْنَ، وَأُحضِرتُ
مَجْلِسَ ابن المقرىء وَلِي أَرْبَعُ سِنِيْنَ.
قَالَ الخَطِيْبُ: لَمْ أَرَ أَحسَنَ قِرَاءةً مِنْهُ،
أَدرَكَ رَمَضَانَ بِبَغْدَادَ، فَصَلَّى التَّرَاوِيحَ
بِالنَّاسِ، ثُمَّ يُحْيِي بَقِيَّةَ اللَّيْلِ صَلاَةً،
فَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: لَمْ أَضَعْ جَنْبِي لِلنَّوْمِ
فِي هَذَا الشَّهْرِ لَيْلاً وَلاَ نَهَاراً.
وَقِيْلَ: إِنَّ القَاضِي أَبَا يَعْلَى الحَنْبَلِيَّ
قَرأَ عَلَيْهِ فِي الأُصُوْلِ سِرّاً، وَحَدَّثَ عَنْهُ
أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ فِي مُعْجَمِهِ، وَتَلاَ
عَلَيْهِ بِالرِّوَايَاتِ غَيْرُ وَاحِدٍ.
وَمَاتَ بِأَصْبَهَانَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ
سِتٍّ وأربعين وأربع مائة.
(13/270)
4077- أبو نصر
السجزي 1:
الإِمَامُ العَالِمُ الحَافِظُ المُجَوِّدُ شَيْخُ
السُّنَّةِ، أَبُو نَصْرٍ؛ عُبَيْدُ اللهِ بنُ سَعِيْدِ
بنِ حَاتِمِ بنِ أَحْمَدَ، الوَائِلِيُّ البَكْرِيُّ
السِّجِسْتَانِيُّ، شَيْخُ الحَرَمِ، وَمُصَنِّفُ
"الإِبَانَةِ الكُبْرَى" فِي أَنَّ القُرْآنَ غَيْرُ
مَخْلُوْقٍ، وَهُوَ مُجَلَّدٌ كَبِيْرٌ دَالٌّ عَلَى
سَعَةِ عِلمِ الرَّجُلِ بِفَنِّ الأَثَرِ.
طَلَبَ الحَدِيْثَ فِي حُدُوْدِ الأَرْبَعِ مائَةٍ،
وَسَمِعَ: بِالحِجَازِ وَالشَّامِ وَالعِرَاقِ
وَخُرَاسَانَ مِنْ: أَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ
فِرَاسٍ العَبْقَسِيِّ، وَأَبِي أَحْمَدَ الفَرَضِيِّ،
وَالحَافِظِ أَبِي عَبْدِ اللهِ الحَاكِمِ، وَأَبِي
الحَسَنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الصَّلْتِ
المُجْبِرِ، وَأَبِي عُمَرَ بنِ مَهْدِيٍّ الفَارِسِيِّ،
وَعَلِيِّ بنِ عَبْدِ الرَّحِيْمِ السُّوْسِيِّ، وَأَبِي
عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، وَعَبْدِ الصَّمَدِ بنِ
أَبِي جَرَادَةَ الحَلَبِيِّ؛ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي
سَعِيْدٍ بنِ الأَعْرَابِيِّ، وَحَمْزَةَ بنِ عَبْدِ
العَزِيْزِ المُهَلَّبِيِّ، وَمُحَمَّدِ بن محمد ابن
مُحَمَّدِ بنِ بَكْرٍ الهِزَّانِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ
بنِ عُمَرَ بنِ النَّحَّاسِ المِصْرِيِّ، وَأُمَمٍ
سِوَاهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: الحَافِظُ أَبُو إِسْحَاقَ الحَبَّالُ،
وَسَهْلُ بنُ بشر الإسفراييني، وأبو معشر الطبري
__________
1 ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 1005"، والعبر "3/
206"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 271".
(13/270)
المقرىء، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ الحَسَنِ
العَلَوِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ القَادِرِ بنُ
يُوْسُفَ، وَجَعْفَرُ بنُ يَحْيَى الحَكَّاكُ، وَجَعْفَرُ
بنُ أَحْمَدَ السَّرَّاجُ، وَخَلْقٌ.
وَهُوَ رَاوِي الحَدِيْثِ المُسَلْسَلِ بِالأَوَّلِيَّةِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ طَاهِرٍ: سَأَلتُ الحَافِظَ أَبَا
إِسْحَاقَ الحَبَّالَ عَنْ أَبِي نَصْرٍ السِّجْزِيِّ،
وَأَبِي عَبْدِ اللهِ الصُّوْرِيِّ، أَيُّهُمَا أَحفَظُ؟
فَقَالَ: كَانَ السِّجْزِيُّ أَحفَظَ مِنْ خَمْسِيْنَ
مِثْلِ الصُّوْرِيِّ. ثُمَّ قَالَ إِسْحَاقُ: كُنْت
يَوْماً عِنْدَ أَبِي نَصْرٍ السِّجْزِيِّ، فَدُقَّ
البَابَ، فَقُمْتُ فَفَتَحتُ، فَدَخَلتِ امْرَأَةٌ،
وَأَخرَجَتْ كِيساً فِيْهِ أَلفُ دِيْنَارٍ، فَوَضَعَتْهُ
بَيْنَ يَدَي الشَّيْخِ، وَقَالَتْ: أَنْفِقْهَا كَمَا
تَرَى! قَالَ: مَا المَقْصُوْدُ؟ قَالَتْ: تَتَزَوَّجُنِي
وَلاَ حَاجَةَ لِي فِي الزَّوجِ، لَكِنْ لأَخْدُمَكَ.
فَأَمَرَهَا بِأَخذِ الكِيسِ، وَأَنْ تَنْصَرِفَ، فَلَمَّا
انَصْرَفَتْ، قَالَ: خَرَجتُ مِنْ سِجِسْتَان بِنِيَّةِ
طَلَبِ العِلْمِ، وَمَتَى تَزَوَّجتُ، سَقطَ عَنِّي هَذَا
الاسْمُ، وَمَا أوثر عَلَى ثَوَابِ طَلَبِ العِلْمِ
شَيْئاً.
قُلْتُ: كَأَنَّهُ يُرِيْدُ مَتَى تَزَوَّجَ لِلذَّهَبِ،
نَقَص أَجرُهُ، وَإِلاَّ فَلَو تَزَوَّجَ فِي الجُمْلَةِ،
لكَانَ أَفضَلَ، وَلَمَّا قَدَحَ ذَلِكَ فِي طَلَبِهِ
العِلْمَ، بَلْ يَكُونُ قَدْ عَمِلَ بِمُقتَضَى العِلْمِ،
لَكِنَّهُ كَانَ غَرِيْباً، فَخَافَ العَيْلَةَ، وَأَنْ
يَتَفَرَّقَ عَلَيْهِ حَالُه عَنِ الطَّلَبِ.
قَالَ أَبُو نَصْرٍ السِّجْزِيُّ فِي كِتَابِ
"الإِبَانَةِ": وَأَئِمَّتُنَا كَسُفْيَانَ، وَمَالِكٍ،
وَالحَمَّادَيْنِ، وَابنِ عُيَيْنَةَ، وَالفُضَيْلِ،
وَابنِ المُبَارَكِ، وَأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ،
وَإِسْحَاقَ، مُتَّفِقُوْنَ عَلَى أَنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ
فَوْقَ العَرشِ، وَعِلمُه بِكُلِّ مَكَانٍ، وَأَنَّهُ
يَنزِلُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، وَأَنَّهُ يَغضَبُ
وَيَرضَى، وَيَتَكلَّمُ بِمَا شَاءَ.
تُوُفِّيَ أَبُو نَصْرٍ بِمَكَّةَ، فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ
أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ،
الحُسَيْنِيُّ بِقِرَاءتِي عَلَيْهِ بِالثَّغْرِ، وَهُوَ
أَوَّلُ حَدِيْثٍ سَمِعتُه مِنْهُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ
بنُ أَحْمَدَ القَطِيْعِيُّ بِبَغْدَادَ وَهُوَ أَوَّلُ
حَدِيْثٍ سَمِعتُه مِنْهُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَقِّ
اليُوْسُفِيُّ وَهُوَ أول حديث سمعته وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ
الخَالِقِ بنُ عُلْوَانَ بِبَعْلَبَكَّ، وَعَبْدُ
الحَافِظِ بنُ بَدْرَانَ بِنَابُلُسَ قَالاَ: أَخْبَرَنَا
أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ قُدَامَةَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ
المُقَرِّبِ قَالاَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ أَحْمَدَ
السَّرَّاجُ وَهُوَ أول حديث سمع: ناه مِنْهُ، أَخْبَرَنَا
أَبُو نَصْرٍ عُبَيْدُ اللهِ بنُ سَعِيْدٍ وَهُوَ أَوَّلُ
حَدِيْثٍ سَمِعتُه مِنْهُ، أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى
المُهَلَّبِيُّ وَهُوَ أَوَّلُ حَدِيْثٍ سَمِعتُه مِنْهُ،
أَخْبَرَنَا أَبُو حَامِدٍ بنُ بِلاَلٍ وَهُوَ أَوَّلُ
حَدِيْثٍ سَمِعتُه مِنْهُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ
بنُ بِشْرٍ وَهُوَ أَوَّلُ حَدِيْثٍ سَمِعتُه مِنْهُ،
حدثنا سفيان بن عيينة وهو أول حَدِيْثٍ سَمِعتُه مِنْ
سُفْيَانَ، عَنْ عَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ، عَنْ أَبِي
قَابُوْسٍ؛ مَوْلَىً لِعَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرِو بنِ
العَاصِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو: أَنَّ رَسُوْلَ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ:
"الرَّاحِمُوْنَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا أهل
الأرض، يرحمكم من في السماء" 1.
__________
1 صحيح: أخرجه الحميدي "591"، وأحمد "2/ 160"، وأبو داود
"4941"، والترمذي "1924".
(13/271)
العالي بالله، عبد
الله بن الوليد:
4078- العَالِي بِاللهِ 1:
إِدْرِيْسُ بنُ يَحْيَى بنِ عَلِيِّ بنِ حَمُّوْد،
العَلَوِيُّ الإِدْرِيْسِيُّ.
أَخرجَتْه البَرْبَرُ مِنَ السِّجْنِ، وَملَّكُوهُ بَعْدَ
مَصْرَعِ نَجَا الخَادِمِ، وَبَعدَ مَوْتِ أَخِيْهِ
الحَسَنِ بنِ يَحْيَى.
وَكَانَ العَالِي فِيْهِ رِقَّةٌ وَرَحْمَةٌ، لَكِنَّهُ
قَلِيْلُ العَقلِ، يُقرِّبُ السفهاء، ولا يحجب عنهم
خطاياه، وكان سيىء التَّدْبِيْرِ، فَمَالتِ البَرْبَرُ
إِلَى مُحَمَّدِ بنِ القَاسِمِ الإِدْرِيْسِيِّ،
فَملَّكُوهُ بِالجَزِيْرَةِ الخَضرَاءِ، وَلقَّبُوهُ
بِالمَهْدِيِّ، وَصَارتِ الأَنْدَلُسُ ضُحْكَةً، بِهَا
أَرْبَعَةٌ كُلُّ وَاحِدٍ يُدعَى أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ
فِي مَسِيرَةِ أَرْبَعِ لَيَالٍ، ثُمَّ لَمْ يَتِمَّ أَمرُ
المَهْدِيِّ، وَفَجَأَهُ المَوْتُ عَنْ ثمان بنين. وقام
بالجزيرة ابْنُهُ القَاسِمُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَلَمْ
يَتلقَّبْ بِالخِلاَفَةِ. وَقَامَ بَعْدَ العَالِي وَلدُهُ
مُحَمَّدٌ، ثُمَّ مَاتَ بِمَالِقَةَ سَنَةَ خَمْسٍ
وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ،
ثُمَّ رَدُّوا أَبَاهُ إِلَى مَالِقَةَ وَغَرْنَاطَةَ،
ثُمَّ قَهَرهُم مَلِكُ إِشْبِيْلِيَةَ المُعْتَضِدُ بنُ
عَبَّادٍ، وَزَالَت دَوْلَةُ الإِدْرِيْسِيَّةِ.
4079- عَبْدُ اللهِ بنُ الوليد 2:
ابن سعد بن بكر، الإِمَامُ المُفْتِي، أَبُو مُحَمَّدٍ،
الأَنْصَارِيُّ، الأَنْدَلُسِيُّ، المَالِكِيُّ، نَزِيْلُ
مِصْرَ.
سَمِعَ: بِقُرْطُبَةَ مِنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ إِسْحَاقَ
القَطَّانِ، وَارْتَحَلَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ
وَثَمَانِيْنَ، فَأَخَذَ السِّيْرَةَ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ
بنِ أَبِي زَيْدٍ وَكِتَابَ "الرِّسَالَةِ"، وَأَخَذَ عَنْ
أَبِي الحَسَنِ القَابِسِيِّ، وَأَبِي جَعْفَرٍ أَحْمَدَ
بنِ دَحْمُوْنَ وَأَخَذَ بِمَكَّةَ عَنْ أَبِي العَبَّاسِ
بنِ بُنْدَار الرَّازِيِّ، وَطَائِفَةٍ.
وَكَانَ مِنْ كِبَارِ العُلَمَاءِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو الفَضْلِ جَعْفَرُ بنُ
إِسْمَاعِيْلَ بنِ خَلَفٍ، وأبو عبد الله محمد بن أحمد
الرازي، وَجَمَاعَةٌ لَقِيَهُمُ السِّلَفِيُّ، وَسَمِعَ:
السِّيْرَةَ مِنْ رَجُلٍ عَنْهُ.
اتَّفَقَ أَنَّهُ خَرجَ فِي آخِرِ أَيَّامِه إِلَى
الشَّامِ، فَتُوُفِّيَ بِهِ بَعْدَ أَشْهُرٍ، فِي شَهْرِ
رَمَضَانَ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ.
وَكَانَ مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ سِتِّيْنَ وَثَلاَثِ
مائَةٍ.
وما رأيته روى بالشام شيئًا.
__________
1 ترجمته في الوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "8/ 324"،
وتاريخ ابن خلدون "4/ 155".
2 ترجمته في الصلة لابن بشكوال "1/ 275"، والعبر "3/ 216"،
وحسن المحاضرة للسيوطي "1/ 451"، وشذرات الذهب لابن العماد
الحنبلي "3/ 277".
(13/272)
الخفاف، حكم بن محمد:
4080- الخفاف 1:
الشيخ المسند الصدوق، أَبُو القَاسِمِ، عُمَرُ بنُ
الحُسَيْنِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، البَغْدَادِيّ الخفَّاف.
سَمِعَ: أَبَا حَفْصٍ بنَ الزَّيَّاتِ، وَمُحَمَّدَ بنَ
المُظَفَّرِ، وَأَبَا الفَضْلِ الزُّهْرِيَّ، وَجَمَاعَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: الخَطِيْبُ، وَقَاضِي المَرسْتَانِ أَبُو
بَكْرٍ، وَجَمَاعَةٌ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَلاَ بأس
به.
4081- حكم بن محمد 2:
ابن حكم بن إفرانك، الشَّيْخُ المُعَمَّرُ، مُسنِدُ
الأَنْدَلُسِ، أَبُو العَاصِ، الجُذَامِيُّ القُرْطُبِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي بَكْرٍ بنِ المُهَنْدِسِ،
وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ عَلِيٍّ التَّمَّارِ، وَعَبْدِ
المُنْعِمِ بنِ غَلْبُوْنَ؛ وَتَلاَ عَلَيْهِ، وَيُوْسُفَ
بنِ أَحْمَدَ بنِ الدخيل، وأبي محمد ابن أَبِي زَيْدٍ،
وَعَبَّاسِ بنِ أَصْبَغَ، وَخَلَفِ بنِ القَاسِمِ،
وَهَاشِمِ بنِ يَحْيَى، وَعِدَّةٍ، وَلَقِيَ
بِطُلَيْطُلَةَ عَبْدُوْسَ بنَ مُحَمَّدٍ.
وكَانَتْ رِحلَتُه وَحجُّهُ فِي سنة إحدى وثمانين وثلاث
مائة.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو مَرْوَانَ الطُّبْنِيُّ، وَالحَافِظُ
أَبُو عَلِيٍّ الغَسَّانِيُّ، وَجَمَاعَةٌ.
قَالَ الغَسَّانِيُّ: كَانَ رَجُلاً صَالِحاً، ثِقَةً
مُسنِداً، صَلْباً فِي السُّنَّةِ، مُشَدِّداً عَلَى
أَهْلِ البِدَعِ، عَفِيْفاً وَرِعاً، صَبُوْراً عَلَى
القُلِّ، رَافِضاً للدُّنْيَا، مُهِيناً لأَهلِهَا،
يَتمعَّشُ مِنْ بُضَيِّعَةِ حِلٍّ مُضَاربَة مَعَ سفَارٍ،
عَاشَ بِضْعاً وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
تُوُفِّيَ فِي صَدرِ رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ سَبْعٍ
وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ خَلَفٍ: رَأَيْتُ عَلَى
نَعشِ حَكَمٍ يَوْمَ دَفنِهِ طُيُوراً تُرفرِفُ لَمْ
تُعهدْ بَعْدُ؛ كَالَّذِي رُئِيَ عَلَى نَعشِ أَبِي عَبْدِ
اللهِ بن الفخار.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 276"، والعبر "3/ 223"،
وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 287"؟
2 ترجمته في الصلة لابن بشكوال "1/ 149"، والعبر "3/ 213"،
وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 275".
(13/273)
الناصحي، ابن مسكين،
الغندجاني:
4082- الناصحي 1:
قَاضِي القُضَاةِ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ
الحُسَيْنِ النَّاصِحِيُّ، الحَنَفِيُّ، الخُرَاسَانِيُّ.
رَوَى عَنْ: بِشْرِ بنِ أَحْمَدَ الإِسْفَرَايِيْنِيِّ.
وَطَالَ عُمُرُهُ، وَعَظُمَ قَدرُهُ، وَكَانَ قَاضِي
السُّلْطَانِ مَحْمُوْدِ بنِ سُبُكْتِكِيْنَ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ طائفة.
4083- ابن مسكين 2:
الإِمَامُ الفَقِيْهُ، أَبُو الحَسَنِ؛ عَبْدُ المَلِكِ
بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مَحْمُوْدِ بنِ صُهَيْبِ بنِ
مِسْكِيْنٍ المِصْرِيُّ، الشَّافِعِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبْيَضَ بنِ مُحَمَّدٍ الفِهْرِيِّ صَاحِبِ
النَّسَائِيِّ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي
غَالِبٍ البَزَّازِ، وَمُحَمَّدِ بنِ القَاسِمِ بنِ أَبِي
هُرَيْرَةَ، وَقَاضِي أَذَنَه أَبِي الحَسَنِ
الأَنْطَاكِيِّ، وَابنِ المُهَنْدِسِ.
وَكَانَ يُعْرَفُ أَيْضاً بِالزَّجَّاجِ.
رَوَى عَنْهُ طَائِفَةٌ، آخرهُم: أَبُو عَبْدِ الله
الرازي.
4084- الغندجاني 3:
الشَّيْخُ أَبُو أَحْمَدَ، عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ مُوْسَى الغَنْدَجَانِيُّ.
رَاوِي "تَارِيْخِ البُخَارِيِّ" عَنِ الحَافِظِ أَحْمَدَ
بنِ عَبْدَانَ، وَيَروِي أَيْضاً عَنِ المُخَلِّصِ،
وَغَيْرِهِ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو الفَضْلِ بنُ خَيْرُوْنَ
وَالمُبَارَكُ بنُ الطُّيُوْرِيِّ وَأَبُو الغَنَائِمِ
النَّرْسِيُّ وآخرون.
قال الخطيب: حدث بالتاريخ بعضه بقوله وأرجو أن يكون
صدوقًا.
تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ سَبْعٍ
وَأَرْبَعِيْنَ وأربع مائة.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "9/ 443".
2 ترجمته في حسن المحاضرة للسيوطي "1/ 403".
3 ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 33"، والأنساب للسمعاني "9/
179"، واللباب لابن الأثير "2/ 390" والعبر "3/ 212"،
وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 276".
(13/274)
الن المعتز،
الباقلاني:
رَوَى عَنْهُ: أَبُو الفَضْلِ بنُ خَيْرُوْنَ
وَالمُبَارَكُ بنُ الطُّيُوْرِيِّ وَأَبُو الغَنَائِمِ
النَّرْسِيُّ وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الخطيب: حدث بالتاريخ بعضه بقوله وأرجو أن يكون
صدوقًا.
تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ سَبْعٍ
وَأَرْبَعِيْنَ وأربع مائة.
4085- ابن المعتز:
الشَّيْخُ أَبُو الحَسَنِ؛ عُبَيْدُ اللهِ بنُ المُعْتَزِّ
بنِ مَنْصُوْرِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ حَمْزَةَ
النَّيْسَابُوْرِيُّ رَاوِي الأَجزَاءِ الأَرْبَعَةِ مِنْ
حَدِيْثِ عَلِيِّ بنِ حُجْرٍ.
سَمِعَ مِنْ: أَبِي الفَضْلِ بنِ خُزَيْمَةَ وَأَبِي
الفَضْلِ الفَامِيِّ وَأَبِي بَكْرٍ الجَوْزَقِيِّ
وَحَدَّثَ بِأَصْبَهَانَ وَبَالرَّيِّ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ وَإِسْحَاقُ
الرَّاشْتِيْنَانِيُّ وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ
خُوْرُوْستَ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ؛ وَهُوَ أَخُو مَنْصُوْرٍ شَيْخِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ
المؤذن.
4086- الباقلاني 1:
الشَّيْخُ الإِمَامُ الصَّادِقُ، أَبُو الحَسَنِ، عَلِيُّ
بنُ إبراهيم بن عيسى البغدادي، الباقلاني، المقرىء.
سَمِعَ: أَبَا بَكْرٍ بنَ مَالِكٍ القَطِيْعِيَّ،
وَحُسَيْنَكَ بن علي التميمي، ومحمد ابن إِسْمَاعِيْلَ
الوَرَّاقَ.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَتَبنَا عَنْهُ، وَكَانَ لاَ بَأْسَ
بِهِ مَاتَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ.
قُلْتُ: حَدَّثَ عَنْهُ: الخَطِيْبُ، وَابْنُ مَاكُوْلاَ،
وَابْنُ خَيْرُوْنَ، وَأَبُو الغَنَائِمِ النَّرْسِيُّ،
وَقَاضِي المَرَسْتَانِ أَبُو بَكْرٍ الأَنْصَارِيُّ،
وَمُسَدَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ علكَانَ الجِيْزِيُّ،
وَطَائِفَةٌ سِوَاهُم.
وَهُوَ راوي أمالي القطيعي والوراق.
__________
1 ترجمته في بغداد "11/ 342"، والعبر "3/ 216"، وشذرات
الذهب لابن العماد "3/ 278".
(13/275)
4087- ابن
حمدان 1:
الإِمَامُ الحَافِظُ الثَّبْتُ، أَبُو طَاهِرٍ؛ مُحَمَّدُ
بنُ أَحْمَدَ بنِ عَلِيِّ بنِ حَمْدَانَ، خُرَاسَانِيٌّ،
رَحَّالٌ.
صَحبَ الحَاكِمَ ابْنَ البَيِّعِ، وَتَخَرَّجَ بِهِ،
وَسَمِعَ مِنَ: الحَافِظِ أَبِي بَكْرٍ الجَوْزَقِيِّ،
وَأَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ الطِّرَازِيِّ،
وَأَبِي الحُسَيْنِ الخَفَّافِ وَجَعْفَرِ بنِ فَنَّاكِي
بِالرَّيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ السليماني الحافظ
ببيكند، ومحمد ابن أَحْمَدَ الغُنْجَارِ، وَأَبِي سَعْدٍ
الإِدْرِيْسِيِّ بِسَمَرْقَنْدَ، وَعَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ
بنِ عُمَرَ المَالِكِيِّ بِالرَّيِّ، وَأَبِي الفَضْلِ
مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ الحَدَّادِيِّ بِمَرْوَ.
وَلَهُ تَوَالِيفُ، مِنْهَا: "طُرُقُ حَدِيْثِ الطَّيْرِ".
سَمِعَ مِنْهُ: أَبُو سَعِيْدٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ
الحُسَيْنِ النَّيْسَابُوْرِيُّ فِي سَنَةِ إِحْدَى
وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
لَمْ أَقعْ بِوَفَاتِه، وَقَدْ سُقتُ لَهُ فِي "تذكرة
الحفاظ" حديثًا من المجالس السلماسية.
وَأَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ وَمُحَمَّدٌ ابْنَا حَمْزَةَ
سَمَاعاً مِنَ الأَوَّلِ قَالاَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ
بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ
مَكِّيٍّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبِي بَكْرٍ
الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ طَاهِرٍ،
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ بِالرَّيِّ،
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَلِيِّ بنِ
حَمْدَانَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مَكِّيٍّ،
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بنُ إِسْمَاعِيْلَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، حدثنا محمد ابن
وَهْبٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بنُ الوليد الزبيري، أَخْبَرَنَا الزُّهْرِيُّ،
عَنْ عُرْوَةَ،عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ
أُمِّ سَلَمَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَأَى فِي بَيْتِهَا جَارِيَةً فِي
وَجْهِهَا سَفْعَةٌ فَقَالَ: "اسْتَرْقُوا لَهَا، فَإِنَّ
بِهَا النَّظرَةَ" 2.
غَرِيْبٌ، فَرد، مُسَلسَلٌ بِالمُحَمَّدِينَ، وهم خمسة
عشرة نفسًا.
__________
1 ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 1000".
2 صحيح: أخرجه البخاري "5739"، ومسلم "2197".
(13/276)
الطفال، العادل:
4088- الطفال 1:
الشيخ الإمام الثقة المقرىء مُسنِدُ مِصْرَ أَبُو
الحَسَنِ؛ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
الحُسَيْنِ بنِ أَحْمَدَ بنِ السَّرِيِّ
النَّيْسَابُوْرِيُّ ثُمَّ المِصْرِيُّ البَزَّازُ
التَّاجِرُ المَعْرُوف بِابْنِ الطَّفَّالِ.
وُلِدَ سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
حَدَّثَ عَنْ: القَاضِي أَبِي الطَّاهِرِ الذُّهْلِيِّ
وأبي الحسن بن حيويه النَّيْسَابُوْرِيِّ وَالحَسَنِ بنِ
رَشِيْقٍ وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سَلَمَةَ
الخَيَّاشِ وَعَبْدِ الوَاحِدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ أَبِي
مُحَمَّدٍ بنِ قُتَيْبَةَ وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
هَارُوْنَ الأُسْوَانِيِّ وَأَبِي الطَّيِّبِ العَبَّاسِ
بنِ أَحْمَدَ الهَاشِمِيِّ وَجَمَاعَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: سَهْلُ بنُ بِشْرٍ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ
وَأَبُو صَادِقٍ مُرْشِدُ بنُ يَحْيَى المَدِيْنِيُّ
وَأَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الرَّازِيُّ
وَالخفرَةُ بِنْتُ مُبَشِّرِ بنِ فَاتِكٍ وَآخَرُوْنَ.
قَالَ السِّلَفِيُّ: كَانَ بِمِصْرَ مِنْ مَشَاهيرِ
الرُّوَاةِ وَمِنَ الثِّقَاتِ الأَثبَاتِ. مَاتَ فِي
صَفَرٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَمَاتَتِ الخفرَةُ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ. سَمِعَ: الرازي منه جملةً وافرة.
4089- العادل:
الوَزِيْرُ الكَبِيْرُ المُلَقَّبُ بِالعَادِلِ أَبُو
عَبْدِ اللهِ؛ عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ حُسَيْنٍ.
وَزَرَ لِلمَلِكِ الرَّحِيْمِ أَبِي نَصْرٍ بنِ أَبِي
كَالَيْجَارَ وَكَانَ سَمْحاً جَوَاداً مَهِيْباً
عَسُوْفاً سَفَّاكاً لِلدِّمَاءِ.
تَنَمَّرَ لَهُ أَبُو نَصْرٍ فَأَهلَكَه؛ طَلَبه إِلَى
دَارِه وَقَدْ حَفَرَ لَهُ جُبّاً وَبَسطَ عَلَيْهِ
حَصِيرَةً فَتَردَّى فِيْهِ وَطُمَّ عَلَيْهِ وَذَلِكَ فِي
رَمَضَانَ سَنَةَ سبع وأربعين وأربع مائة.
__________
1 ترجمته في الأنساب للسمعاني "8/ 243"، واللباب لابن
الأثير "2/ 282"، والعبر "3/ 217"، وشذرات الذهب لابن
العماد الحنبلي "3/ 278".
(13/277)
أبو الطيب الطبري
4091- أبو الطيب الطبري 1:
الإِمَامُ العَلاَّمَةُ شَيْخُ الإِسْلاَمِ القَاضِي أَبُو
الطَّيِّبِ؛ طَاهِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ بن طاهر بن عُمَرَ
الطَّبَرِيُّ الشَّافِعِيُّ فَقِيْهُ بَغْدَادَ.
وُلِدَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ،
بِآمُلَ.
وَسَمِعَ بِجُرْجَانَ مِنْ: أَبِي أَحْمَدَ بنِ
الغِطْرِيْفِ جُزْءاً تَفَرَّدَ في الدنيا بِعُلُوِّهِ
وَبِنَيْسَابُوْرَ مِنْ مُفقِّهِه أَبِي الحَسَنِ
المَاسَرْجَسِيِّ وَبِبَغْدَادَ مِنَ الدَّارَقُطْنِيِّ
وَمُوْسَى بنِ عَرَفَةَ وَعَلِيِّ بنِ عُمَرَ
السُّكَّرِيِّ وَالمُعَافَى الجَرِيْرِيِّ.
واستَوطَنَ بَغْدَادَ، وَدرَّسَ، وَأَفتَى، وَأَفَادَ،
وَوَلِيَ قَضَاءَ رُبُعِ الكَرْخِ بَعْدَ القَاضِي
الصَّيْمَرِيِّ.
وَقَالَ: سِرتُ إِلَى جُرْجَانَ لِلقَاءِ أَبِي بَكْرٍ
الإِسْمَاعِيْلِيِّ، فَقَدمْتُهَا يَوْمَ الخَمِيْسِ،
فَدَخَلتُ الحَمَّامَ وَمِنَ الغَدِ لَقِيتُ وَلدَهُ أَبَا
سَعْدٍ فَقَالَ لِي: الشَّيْخُ قَدْ شَرِبَ دَوَاءً
لِمَرضٍ وَقَالَ لِي: تَجِيْءُ غَداً لِتَسمَعَ: مِنْهُ.
فَلَمَّا كَانَ بَكرَةُ السَّبتِ غَدَوتُ فَإِذَا النَّاسُ
يقولون: مات الإسماعيلي.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "9/ 358"، والمنتظم لابن الجوزي
"8/ 198"، والأنساب للسمعاني "8/ 207"، واللباب لابن
الأثير "2/ 274"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "2/ 512"،
والعبر "3/ 222"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 63"،
وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 284".
(13/279)
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ شَيْخُنَا أَبُو
الطَّيِّبِ وَرِعاً عَاقِلاً عَارِفاً بِالأُصُوْلِ
وَالفُرُوْعِ مُحَقِّقاً حَسَنَ الخُلُقِ صَحِيْحَ
المَذْهَبِ اختَلَفتُ إِلَيْهِ وَعلَّقتُ عَنْهُ الفِقْهَ
سِنِيْنَ.
قِيْلَ: إِنَّ أَبَا الطَّيِّبِ دَفَعَ خُفّاً لَهُ إِلَى
مَنْ يُصْلِحُهُ فَمَطَلَه وَبَقِيَ كُلَّمَا جَاءَ
نَقَعَهُ فِي المَاءِ وَقَالَ: الآنَ أُصلِحُهُ. فَلَمَّا
طَال ذَلِكَ عَلَيْهِ قَالَ: إِنَّمَا دَفَعتُهُ إِلَيْكَ
لِتُصلِحَه لاَ لِتُعَلِّمَهُ السِّباحَةَ.
قَالَ الخَطِيْبُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ
المُؤَدِّبَ سَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ البَافِيَّ
يَقُوْلُ: أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَريُّ أَفقَهُ مِنْ
أَبِي حَامِدٍ الإِسْفَرَايِيْنِيِّ. وَسَمِعْتُ أَبَا
حَامِدٍ يَقُوْلُ: أَبُو الطَّيِّبِ أَفقَهُ مِنْ أَبِي
مُحَمَّدٍ البافي.
قَالَ القَاضِي ابْنُ بَكْرَانَ الشَّامِيُّ: قُلْتُ
لِلْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ شَيْخِنَا وَقَدْ عُمِّر:
لَقَدْ مُتِّعتَ بِجَوَارِحِكَ أَيُّهَا الشَّيْخُ! قَالَ:
وَلِمَ؟ وَمَا عَصَيتُ اللهَ بِوَاحِدَةٍ مِنْهَا قَطُّ.
أَوْ كَمَا قَالَ.
قال غير واحد: سمع: نا أَبَا الطَّيِّبِ يَقُوْلُ:
رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
فِي النَّوْمِ فَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ: أَرَأَيْتَ
مَنْ رَوَى أَنَّكَ قُلْت: نَضَّرَ اللهُ امْرَءاً سَمِعَ:
مَقَالَتِي فَوَعَاهَا"1 أَحقٌّ هُوَ؟ قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ فِي "الطَّبَقَاتِ": وَمِنْهُم
شَيْخُنَا وَأُسْتَاذُنَا القَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ
تُوُفِّيَ عَنْ، مائَةٍ وَسنتينَ لَمْ يَختَلَّ عَقلُهُ
وَلاَ تَغيَّرَ فَهمُهُ يُفْتِي مَعَ الفُقَهَاءِ
وَيَستدرِكُ عَلَيْهِمُ الخطأ،
__________
1 صحيح: ورد من حديث جبير بن مطعم: أخرجه أحمد "4/ 80 و
82"، وابن ماجه "231"، والدارمي "1/ 74 - 75"، والحاكم "1/
87"، وابن حبان في "المجروحين" "1/ 4 -5"، والطبراني في
"الكبير" "1541"، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم" "1/
41"، والخطيب في "شرف أصحاب الحديث" "ص 18" من طرق عن محمد
بن إسحاق، عن الزهري، عن محمد جبير بن مطعم، عن أبيه، به.
ورواه الطبراني "1544"، والحاكم "1/ 86 - 87" من طريق صالح
بن كيسان، عن الزهري، به.
وتمام الحديث: "نضر الله امرأ سمع مقالتي، فوعاها، ثم
أداها إلى من لم يسمعها، فرب حامل فقه لا فقه له، ورب حامل
فقه إلى من هو أفقه منه".
وإسناد الحديث ضعيف، آفته ابن إسحاق، فهو مدلس، وقد عنعنه.
وورد من حديث زيد بن ثابت: عند أحمد "5/ 183"، وأبو داود
"3660"، والترمذي "2656"، وابن ماجة "230"، والدارمي "1/
175"، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم" "1/ 39"، وابن
أبي عاصم في "السنة "94".
وورد من حديث أنس بن مالك: عند ابن ماجه "236"، وأحمد "3/
225".
(13/280)
وَيَقْضي وَيَشهَدُ وَيَحضُرُ المَوَاكِبَ
إِلَى أَنْ مَاتَ. تَفَقَّهَ بِآمُلَ عَلَى أَبِي عَلِيٍّ
الزَّجَّاجِيّ صَاحِبِ أَبِي العَبَّاسِ بنِ القَاصِّ.
وَقَرأَ عَلَى أَبِي سَعْدٍ بنِ الإِسْمَاعِيْلِيِّ
وَأَبِي القَاسِمِ بنِ كَجَّ بِجُرْجَانَ ثُمَّ ارْتَحَلَ
إِلَى أَبِي الحَسَنِ المَاسَرْجِسِيِّ وصحبه أربع سنين
وَحَضَرَ مَجْلِسَ أَبِي حَامِدٍ وَلَمْ أَرَ فِيْمَنْ
رَأَيْتُ أَكمَلَ اجْتِهَاداً وَأَشَدَّ تَحْقِيْقاً
وَأَجوَدَ نَظراً مِنْهُ. شَرَحَ مُخْتَصَرَ المُزَنِيِّ
وَصَنَّفَ فِي الخلاَفِ وَالمَذْهَبِ وَالأُصُوْلِ
وَالجَدَلِ كُتُباً كَثِيْرَةً لَيْسَ لأَحَدٍ مِثْلَهَا
لاَزمتُ مَجْلِسَه بِضْعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَدَرَّسْتُ
أَصْحَابَهُ فِي مَسْجِدِه سِنِيْنَ بِإِذْنِهِ
وَرَتَّبَنِي فِي حَلْقَتِهِ وَسَأَلَنِي أَنْ أَجلِسَ
لِلتَّدرِيسِ فِي سَنَةِ ثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ
فَفَعلتُ.
قُلْتُ: مِنْ وُجُوهِ أَبِي الطَّيِّبِ فِي المَذْهَبِ
أَنَّ خُرُوْجَ المَنِيِّ يَنْقُضُ الوُضُوْءَ. وَمِنْهَا
أَنَّ الكَافِرَ إِذَا صَلَّى فِي دَارِ الحَرْبِ
فَصَلاَتُه إِسْلاَمٌ.
قُلْتُ: حَدَّثَ عَنْهُ: الخَطِيْبُ وَأَبُو إِسْحَاقَ،
وَابْنُ بَكْرَانَ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ الآبَنُوْسِيّ،
وَأَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ الشِّيْرَازِيُّ، وَأَبُو سَعْدٍ
بنُ الطُّيُوْرِيِّ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ المهدي، وَأَبُو
نَصْرٍ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
أَحْمَدَ العُكْبَرِيُّ، وَأَبُو العِزِّ بنُ كَادِش
وَأَبُو المَوَاهِبِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُلُوْكٍ
وَهِبَةُ اللهِ بنُ الحُصَيْنِ وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ
بنُ عَبْدِ البَاقِي الأَنْصَارِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ الخَطِيْبُ: مَاتَ صَحِيْحَ العَقلِ ثَابِتَ
الفَهْمِ، فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ خَمْسِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَلَهُ مائَةٌ وَسَنَتَانِ، رحمه الله.
(13/281)
|