سير أعلام النبلاء، ط الحديث

الطبقة الحادية والثلاثون:
ابن الصابوني، ابن الصاحب:
5257- ابن الصابوني:
الإِمَامُ بَقِيَّةُ المَشَايِخِ، أَبُو الفَتْحِ مَحْمُوْدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ المَحْمُوْدِيُّ الجَعْفَرِيُّ ابْنُ الصَّابُوْنِيِّ. نُسبَ إِلَى جَدِّ وَالِدتِه شَيْخِ الإِسْلاَمِ أَبِي عُثْمَانَ الصَّابُوْنِيِّ الصُّوْفِيِّ المُقْرِئِ، وَكَانَ يَسكنُ بِالجَعْفَرِيّةِ بِبَغْدَادَ، فَنُسِبَ إِلَيْهَا.
وُلِدَ سَنَةَ خَمْس مائَة تَقَرِيْباً.
وَتَلاَ بِالرِّوَايَات عَلَى أَبِي العِزِّ القَلاَنسِيِّ.
وَسَمِعَ هِبَةَ اللهِ بنَ الحُصَيْنِ، وَجَمَاعَةً، وَصَحِبَ حَمَّاداً الدَّبَّاسَ، وَعَلِيَّ بنَ مَهْدِيٍّ البَصْرِيَّ، وَكَانَ لَهُ زَاوِيَةٌ بِبَغْدَادَ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ عَلَم الدين، وابن المفضل الحافظ، وطائفة.
وَكَانَ يُلَقَّبُ جَمَال الدِّيْنِ. وَقِيْلَ لِجدِّه عَلِيّ بن أَحْمَدَ: المَحْمُوْدِيّ، لاتِّصَالِه بِالسُّلْطَانِ مَحْمُوْدٍ السَّلْجُوْقِيِّ.
قَدِمَ أَبُو الفَتْحِ، فَزَارَهُ نُوْرُ الدِّيْنِ، وَسَأَلَهُ الإِقَامَةَ بِدِمَشْقَ، فَقَالَ: قصدِي زِيَارَة ضَرِيْحِ الشَّافِعِيِّ، فَجَهَّزَهُ سَنَة بِضْع وَسِتِّيْنَ، فِي صُحْبَة الأَمِيْر نَجْم الدِّيْنِ أَيُّوْب، وَصَارَ صديقاً لَهُ، فَكَانَ وَلدَاهُ السُّلْطَانَان صَلاَح الدِّيْنِ وَسَيْفُ الدِّيْنِ يَحْتَرِمَانِ أَبَا الفَتْحِ، وَيَرْعيَانِهِ.
وَبَعَثَ الشَّيْخُ عُمَرُ المَلاَّء زَاهِدُ المَوْصِلِ إِلَى أَبِي الفَتْحِ هَذَا يَطلُبُ مِنْهُ الدُّعَاء.
مَاتَ فِي شَعْبَان سَنَةَ إِحْدَى وثمانين وخمس مائة.
5258- ابن الصاحب 1:
المَوْلَى الكَبِيْرُ، مَجْدُ الدِّيْنِ، هِبَةُ اللهِ ابْنُ الصَّاحِبِ أُسْتَاذِ دَارِ المُسْتَضِيْءِ.
أَحَدُ مَنْ بَلَغَ أَعْلَى الرُّتَبِ، وَصَارَ يُوَلِّي، وَيَعزل، وَأَظهر الرّفض، ثم وَلِي حجَابَة بَاب النُّوْبِيِّ، وَلَمْ يَزَلْ فِي ارْتقَاءٍ حَتَّى قُتِلَ، وَعُلِّقَ رَأْسُهُ بِبَغْدَادَ.
خَلَّفَ تَركَة ضَخْمَةً فِيْهَا مِنَ العَيْن أَلف أَلف دِيْنَار، وَمِنَ الفِضَّة جُمْلَةً، وَمِنَ الأَمتعَة وَالعقَارِ مَا لاَ يُوْصَفُ، فَتركت الأَملاَكُ لأَوْلاَدِهِ.
طُلِبَ إِلَى دَارِ الخِلاَفَةِ، فَوَثَبَ عَلَيْهِ الشّحنَةُ يَاقُوْتٌ فِي الدِّهْلِيْزِ، فَقَتَلَهُ، وَكَانَ قَدْ تَمرَّدَ، وَسَفَكَ الدِّمَاءَ، وَسَبَّ الصَّحَابَةَ، وَعَزَمَ عَلَى قَلْبِ الدَّوْلَةِ، فقصمه الله.
__________
1 ترجمته في العبر "4/ 251"، وشذرات الذهب لابن العماد "4/ 275".

(15/351)


5259- ابن منقذ 1:
الأَمِيْرُ الكَبِيْرُ العَلاَّمَةُ، فَارِسُ الشَّامِ، مَجْدُ الدِّيْنِ، مُؤَيِّدُ الدَّوْلَةِ، أَبُو المُظَفَّرِ أُسَامَةُ ابْنُ الأَمِيْرِ مُرْشِدِ بنِ عَلِيِّ بنِ مُقَلِّد بنِ نَصْرِ بنِ مُنْقِذ الكِنَانِيُّ، الشَّيْزَرِيُّ.
وُلِدَ بِشَيْزَرَ سَنَة ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ فِي سَنَةِ499 نُسْخَةَ أَبِي هُدْبَة مِنْ عَلِيِّ بنِ سَالِمٍ السنبسي.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ عَسَاكِرَ، وَابْن السَّمْعَانِيّ، وَأَبُو المواهب، والحافظ عبد الغني، والبهاء عبد الرحمن، وَابْنه الأَمِيْر مُرْهَفٌ، وَعَبْد الصَّمَدِ بن خَلِيْل الصَّائِغ، وَعَبْد الكَرِيْمِ بن أَبِي سُرَاقَة، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ الكَافِي الصَّقَلِّيّ.
وَلَهُ نَظْمٌ فِي الذِّرْوَةِ كَأَبِيْهِ.
قَالَ السَّمْعَانِيُّ: ذُكِرَ لِي أَنَّهُ يَحفظُ مِنْ شعر الجَاهِلِيَّة عَشْرَة آلاَف بَيْت.
قُلْتُ: سَافر إِلَى مِصْرَ: وَكَانَ مِنْ أُمرَائِهَا الشِّيْعَة، ثُمَّ فَارقهَا، وَجَرَتْ لَهُ أُمُوْر، وَحضر حُرُوْباً أَلّفهَا فِي مُجَلَّدٍ فِيْهِ عبر.
قَالَ يَحْيَى بنُ أَبِي طَيء فِي "تَارِيْخِهِ": كَانَ إِمَامِيّاً حسن العقيدَة، إلَّا أَنَّهُ كَانَ يُدَارِي عَنْ مَنْصِبه، وَيُتَاقِي، وَصَنَّفَ كتباً مِنْهَا "التَّارِيْخ البَدْرِيّ"، وَلَهُ "دِيْوَان" كَبِيْر.
قُلْتُ: عَاشَ سَبْعاً وَتِسْعِيْنَ سَنَةً، وَمَاتَ بِدِمَشْقَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ أربع وثمانين وخمس مائة.
وَلَهُ:
مَعَ الثَّمَانِيْنَ عَاثَ الضَّعْفُ فِي جَسَدِي ... وَسَاءنِي ضَعْفُ رِجْلِي وَاضْطِرَابُ يَدِي
إِذَا كَتَبتُ فَخطِّي خطُّ مضطربٍ ... كخطِّ مُرْتَعِشِ الكفَّيْنِ مُرْتَعِدِ
فَاعجَبْ لضَعْفِ يَدِي عَنْ حَمْلهَا قَلَماً ... مِنْ بَعْدِ حَطْمِ القنَا فِي لبَّةِ الأَسَدِ
فَقُلْ لِمَنْ يَتَمَنَّى طولَ مُدَّتِه: ... هَذِي عَواقِبُ طولِ العمر والمدد
ومات ابنه الأمير الكَبِيْرُ عضد الدَّوْلَة مُرْهَفٌ بن أُسَامَةَ فِي سَنَةِ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَسِتّ مائَةٍ عَنْ ثَلاَث وَتِسْعِيْنَ سَنَةً، وَلَهُ شعر رَائِق. رَوَى عَنْهُ الزَّكِيّ المُنْذِرِيّ، وَالقوْصِيّ، وَجَمَعَ مِنَ الكُتُب مَا لا يوصف.
__________
1 ترجمته في النجوم الزاهرة لابن تغري بردي "6/ 107"، وشذرات الذهب لابن العماد "4/ 279".

(15/352)


5260- الحازمي 1:
الإِمَامُ الحَافِظُ، الحُجَّةُ النَّاقِدُ، النَسَّابَةُ البَارِعُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى بنِ عُثْمَانَ بنِ مُوْسَى بنِ عُثْمَانَ بنِ حَازِمٍ الحَازِمِيُّ الهَمَذَانِيُّ.
مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
سَمِعَ مِنْ أَبِي الوَقْت السِّجْزِيّ حُضُوْراً وَلَهُ أَرْبَع سِنِيْنَ، وَسَمِعَ مِنْ شَهْرَدَار بن شِيْرَوَيْه الدَّيْلَمِيّ، وَأَبِي زُرْعَةَ بن طَاهِرٍ المَقْدِسِيّ الحَافِظ، وَأَبِي العَلاَءِ العَطَّار، وَمَعْمَر بن الفَاخِرِ، وَأَبِي الحُسَيْنِ عَبْد الحَقِّ اليُوْسُفِيّ، وَعَبْد اللهِ بن الصَّمد العَطَّار، وَشُهْدَة الكَاتِبَة، وَأَبِي الفَضْلِ عَبْد اللهِ بن أَحْمَدَ خَطِيْب المَوْصِل، وَأَبِي طَالِبٍ مُحَمَّد بن عَلِيٍّ الكَتَّانِيّ الوَاسِطِيّ، وَمُحَمَّد بن طَلْحَةَ البَصْرِيّ المَالِكِيّ بِهَا، وَأَبِي العَبَّاسِ أَحْمَد بن يَنَال التّرْك، وَأَبِي الفَتْحِ عَبْد اللهِ بن أَحْمَدَ الخِرَقِيّ، وَأَبِي مُوْسَى مُحَمَّد بن أَبِي عِيْسَى المَدِيْنِيّ، وَأَقرَانهم بِالعِرَاقِ وَأَصْبَهَان وَالجَزِيْرَة والشام والحجاز.
وجمع، وصنف، وبرع في فن الحَدِيْثِ خُصُوْصاً فِي النَّسَبِ. وَاسْتَوْطَنَ بَغْدَاد.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الدُّبَيْثِيّ: تَفَقَّهَ بِبَغْدَادَ فِي مَذْهَب الشَّافِعِيّ، وَجَالَس العُلَمَاء، وَتَمَيَّزَ، وَفَهِم، وَصَارَ مِنْ أَحْفَظ النَّاس لِلْحَدِيْثِ وَلأَسَانِيْده وَرِجَاله، مَعَ زُهْد، وَتعبّد، وَرِيَاضَة، وَذِكْرٍ. صَنَّف فِي الحَدِيْثِ عِدَّة مُصَنَّفَات، وَأَملَى عِدَّة مَجَالِس، وَكَانَ كَثِيْرَ المَحْفُوْظ حُلْو المذَاكرَة، يغلبُ عَلَيْهِ مَعْرِفَة أَحَادِيْثَ الأَحكَام. أَملَى طرق الأَحَادِيْث الَّتِي فِي "المُهَذَّب" لِلشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ، وَأَسندهَا، وَلَمْ يُتِمَّه.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ النَّجَّار فِي "تَارِيْخِهِ": كَانَ الحَازِمِيُّ مِنَ الأَئِمَّةِ الحُفَّاظ العَالِمِين بِفقه الحَدِيْث وَمعَانِيه وَرِجَاله. أَلّف كِتَاب "النَّاسخ وَالمَنْسُوْخ"، وَكِتَاب "عجَالَة الْمُبْتَدِئ فِي النَّسَبِ"، وَكِتَاب "المُؤتلف وَالمُخْتَلِف فِي أَسْمَاء البُلْدَان". وَأَسند أحَادِيث "المُهَذَّب"، وكان
__________
1 ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "4/ ترجمة 625"، وتذكرة الحفاظ "4/ ترجمة 1106"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "6/ 109"، وشذرات الذهب لابن العماد "4/ 282".

(15/353)


ثِقَةً، حُجَّةً، نبيلاً، زَاهِداً، عَابِداً، وَرِعاً، مُلاَزِماً لِلْخلوَة وَالتصنِيف وَبثّ العِلْم أَدْركه الأَجل شَابّاً، وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ غَانِم الحَافِظ يَقُوْلُ: كَانَ شَيْخنَا الحَافِظُ أَبُو مُوْسَى المَدِيْنِيُّ يُفضّل أَبَا بَكْرٍ الحَازِمِيَّ عَلَى عَبْدِ الغَنِيِّ المَقْدِسِيّ، وَيَقُوْلُ: مَا رَأَينَا شَابّاً أَحْفَظ مِنَ الحَازِمِيّ، لَهُ كِتَاب فِي "النَّاسخ وَالمَنْسُوْخ" دَالٌّ عَلَى إِمَامته فِي الفِقْه وَالحَدِيْث لَيْسَ لأَحدٍ مِثْلُه.
قَالَ ابْنُ النَّجَّار: وَسَمِعْتُ بَعْضَ الأَئِمَّة يذكر أَنَّ الحَازِمِيّ كَانَ يَحفظ كِتَاب الإِكمَال فِي المُؤتلف وَالمُخْتَلِف وَمُشْتَبِهِ النِّسْبَة، كَانَ يُكرَّر عَلَيْهِ، وَوجدتُ بِخَطِّ الإِمَام أَبِي الخَيْرِ القَزْوِيْنِيّ وَهُوَ يَسْأَل الحَازِمِيَّ: مَاذَا يَقُوْلُ سَيِّدُنَا الإِمَامُ الحَافِظُ فِي كَذَا وَكَذَا? وَقَدْ أَجَابَ أَبُو بَكْرٍّ الحَازِمِيّ بِأَحْسَنِ جَوَابٍ.
ثُمَّ قَالَ ابْنُ النَّجَّار: سَمِعْتُ أَبَا القَاسِمِ المُقْرِئَ جَارنَا يَقُوْلُ -وَكَانَ صَالِحاً: كَانَ الحَازِمِيّ -رَحِمَهُ الله- فِي رِبَاط البَدِيْع، فَكَانَ يَدخل بَيْته فِي كُلِّ لَيْلَة، وَيطَالع، وَيَكْتُبَ إِلَى طُلُوْع الفَجْر، فَقَالَ البَدِيْعُ لِلْخَادِمِ: لاَ تدفع إِلَيْهِ اللَّيْلَة بزراً لِلسِّرَاجِ لَعَلَّهُ يَسْتَرِيح اللَّيْلَة. قَالَ: فَلَمَّا جنّ اللَّيْل، اعْتذر إِلَيْهِ الخَادِم لأَجْل انقطَاع الْبزْر، فَدَخَلَ بَيْته، وَصفّ قَدَمَيْهِ يُصَلِّي، وَيَتلو، إِلَى أَنْ طلع الفَجْر، وَكَانَ الشَّيْخ قَدْ خَرَجَ ليعرف خَبَره، فَوَجَده فِي الصَّلاَةِ.
مَاتَ أَبُو بَكْرٍ الحَازِمِيّ فِي شَهْر جُمَادَى الأولى سنة أربع وثمانين وخمس مائَة، وَلَهُ سِتٌّ وَثَلاَثُوْنَ سَنَة.
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي الحمْد أَقُش الافتخَارِيِّ، أَخبركُم عَبْدُ اللهِ بنُ الحَسَنِ الدِّمْيَاطِيّ الخَطِيْب سَنَة سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ ذَاكر بِقِرَاءتِي، أَخبركُم حَسَن بن أَحْمَدَ القَارِئ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الكَاتِبُ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا يَعْقُوْبُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ البَزَّاز، حَدَّثَنَا العَبَّاسُ بنُ يَزِيْدَ، حَدَّثَنَا غَسَّان بن مُضَرَ، حَدَّثَنَا أَبُو مَسْلَمَة، قَالَ: سَأَلت أَنَس بن مَالِكٍ: أَكَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَسْتَفْتِحُ بِالحَمْد للهِ رَبّ العَالِمِين ? فَقَالَ: إِنَّك لَتسَأَلنِي عَنْ شَيْءٍ مَا أَحْفَظه، وَمَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَحَد قَبْلك، قُلْتُ: أَكَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي فِي النَّعْلَيْنِ? قَالَ: نَعَمْ.
هَذَا حَدِيْثٌ حَسَنٌ غَرِيْبٌ، وَهُوَ ظَاهِر فِي أَنَّ أَبَا مَسْلَمَةَ سَعِيْد بن يَزِيْدَ سَأَلَ أَنساً عَنِ الصَّلَوَات الخَمْس، أَكَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَسْتَفتح -يَعْنِي أَوّلَ مَا يُحرمُ بِالصَّلاَةِ- بدُعَاء الاستِفْتَاحِ أَمْ بِالاسْتِعَاذَة، أَمْ بِالحَمْد للهِ رَبّ العَالِمِين ? فَأَجَابَهُ أَنَّهُ لاَ يَحفظ فِي ذَلِكَ شَيْئاً.

(15/354)


فَأَمَّا الْجَهْر وَعدمه بِالبسملَة، فَقَدْ صَحَّ عَنْهُ مِنْ حَدِيْثِ قَتَادَة وَغَيْره عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- وأبا بكر وَعُمَرَ كَانُوا لاَ يَجهرُوْنَ بِبِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ1.
وَقَدْ رَوَى عَنِ الحَازِمِيّ المُقْرِئُ تَقِيّ الدِّيْنِ ابْن بَاسُوَيْه الوَاسِطِيّ، وَالفَقِيْه عَبْد الخَالِقِ النَّشْتَبْرِيّ، وَجَلاَل الدِّيْنِ عَبْد اللهِ بن الحَسَنِ الدِّمْيَاطِيّ الخَطِيْب، وَآخَرُوْنَ.
وَمَاتَ مَعَهُ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ الأَمِيْر الكَبِيْر مُؤَيِّد الدَّوْلَةِ مَجْد الدِّيْنِ أَبُو المُظَفَّرِ أُسَامَة بن مُرْشِد بن مُنْقِذ الكِنَانِيّ الشَّيْزَرِيّ الشَّاعِر عَنْ سَبْع وَتِسْعِيْنَ سَنَةً، وَأَبُو المُقيم ظَاعن بن مُحَمَّدٍ الزُّبَيْرِيّ الخَيَّاط، وَأَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بن عَلِيِّ بنِ سُوَيْدَة التَّكرِيتِيّ، وَأَبُو القَاسِمِ بنُ حُبَيْش الأَنْصَارِيُّ، وَأَبُو القبَائِل عَشِيرُ بن عَلِيٍّ الجَبَلِيّ بِمِصْرَ، وَشَمْس الأَئِمَّة عِمَاد الدِّيْنِ عُمَر بن بَكْرٍ الأَنْصَارِيّ البُخَارِيّ شَيْخ الحَنَفِيَّة، وَتَاج الدِّيْنِ مُحَمَّد بن عبد الرحمن المَسْعُوْدِيّ المُحَدِّث، وَشَاعِر العِرَاق أَبُو الفَتْحِ مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ ابْن التَّعَاويذِيّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ صَدَقَة الحَرَّانِيّ السَّفَّار، وَأَبُو الفُتُوْحِ مُحَمَّد بن المُطَهَّر بن يَعْلَى الفَاطِمِيّ الهَرَوِيّ، وَالعَبْد الصَّالِح مُحَمَّد بن أَبِي المَعَالِي بن قَايد الأَوَانِيّ، وَيَحْيَى بن مَحْمُوْدٍ الثَّقَفِيّ، وَالمُبَارَك بن أَبِي بَكْرٍ بنِ النقور.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "743"، ومسلم "399".

(15/355)


5261- الجابري:
شَيْخُ الحَنَفِيَّةِ، نُعمَانُ الزَّمَانِ، القَاضِي عِمَادُ الدِّيْنِ، أَبُو العَلاَءِ عُمَرُ ابْنُ العَلاَّمَةِ شَيْخِ المَذْهَبِ شَمْسِ الأَئِمَّةِ أَبِي الفَضْلِ بَكْرِ بنِ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيُّ الجَابِرِيُّ البُخَارِيُّ الزَّرَنْجَرِيُّ.
وَزَرَنْجَرَى مِنْ قرَى بُخَارَى.
تَفقّه بِأَبِيْهِ، وَببرْهَانِ الأَئِمَّة ابْنِ مَازَةَ، وَسَمِعَ "صَحِيْح البُخَارِيِّ" مِنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي سَهْل الأَبِيْوَرْدِيّ، عَنِ ابْنِ حَاجِب الكَاشَانِيّ.
تَفقّه بِهِ: شَمْس الأَئِمَّة أَبُو الوحدَةِ مُحَمَّد بن عَبْدِ الستَار الكُرْدِيّ، وَالمُفْتِي جَمَال الدِّيْنِ عُبَيْد اللهِ بن إِبْرَاهِيْمَ المَحْبُوبِيّ، وَصدر العَالَم مُحَمَّد بن عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ مَازَةَ.
وَعُمِّر نَحْو التِّسْعِيْنَ، وَانتهت إِلَيْهِ رِئَاسَة الحَنَفِيَّة.
مَاتَ فِي شوال سنة أربع وثمانين وخمس مائة.

(15/355)


5157- أبو الخير 1:
الإِمَامُ الحَافِظُ، العَالِمُ الكَبِيْر، أَبُو الخَيْرِ عَبْد الرَّحِيْمِ بن مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ حَمْدَانَ بن مُوْسَى الأَصْبَهَانِيُّ.
وُلِدَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ خَمْسِ مائَةٍ.
وَرَوَى عَنْ: غَانِم البَرْجِيّ، وَأَبِي عَلِيٍّ الحَدَّادِ، وَجَعْفَر الثَّقَفِيّ، وَعَبْد الوَاحِدِ بن مُحَمَّدٍ الدَّشْتَج، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ الوَاحِدِ الدَّقَّاق، وَطَبَقَتهِم، وَفِي الرّحلَة مِنِ ابْنِ الحُصَيْن، وَأَبِي العِزِّ بن كَادِشٍ، وَخَلْقٍ.
ثُمَّ قَدِمَ بَغْدَادَ بَعْد السِّتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَأَملَى بِجَامِع القَصْر، اسْتملَى عَلَيْهِ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ الأَخْضَرِ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: سَأَلْتُ ابْنَ الأَخْضَر عَنْهُ، فَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَوصفه بِالحِفْظ وَالمَعْرِفَة، وَقَالَ: كَانُوا يُفضلونه عَلَى مَعْمَرِ بن الفَاخِرِ.
ثُمَّ قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: كَانَ مِنْ حُفَّاظ الحَدِيْث، سَمِعْتُ جَمَاعَةً يَقُوْلُوْنَ: كَانَ يَحفظ "الصَّحِيْحَيْنِ"، وَكَانُوا يُفَضِّلُونه عَلَى الحافظ أبي موسى في الحفظ.
__________
1 ترجمته في تذكرة الحفاظ "4/ ترجمة 1092"، ولسان الميزان "4/ 7-8"، وشذرات الذهب لابن العماد "4/ 228".

(15/356)


المسعودي، ابن التعاويذي:
5262- المسعودي 1:
الإِمَامُ المُحَدِّثُ، الفَقِيْهُ، اللُّغَوِيُّ، المُتَفَنِّنُ، تَاج الدِّيْنِ، أبو سعيد وأبو عبد الله محمد بن المسند عبد الرحمن بنِ مُحَمَّدِ بنِ مَسْعُوْدٍ المَسْعُوْدِيُّ البَنْجَدِيْهِيُّ المَرْوَزِيُّ، الصُّوْفِيُّ.
وُلِدَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ أَبَاهُ، وَعَبْدَ السَّلاَّم بن أَحْمَدَ بِكبرِهِ، وَمَسْعُوْدَ بنَ مُحَمَّدٍ الغَانِمِيّ، وَأَبَا النَّضْرِ الفَامِيّ، وَأَبَا الوَقْت عَبْد الأَوَّل، وَأَبَا المُظَفَّر التُّرَيْكِيّ البَغْدَادِيّ، وَابْن رِفَاعَةَ السَّعْدِيّ، وَمَسْعُوْد الثَّقَفِيّ، وَعَبْد الصَّبُوْرِ بن عَبْدِ السَّلاَمِ، وَالحَافِظ السِّلَفِيّ، وَعِدَّة.
وَأَملَى بِمِصْرَ مَجَالِس فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ.
وَأَدّب الْملك الأَفْضَل ابْن السُّلْطَان.
وَعَمِلَ شرحاً كَبِيْراً لِلمَقَامَات، وَاقتنَى كتباً كَثِيْرَة، وَليّنه المُحَدِّثُونَ.
قَالَ المُنْذِرِيّ: كتب عَنْهُ السِّلَفِيّ أَنَاشيد، وَحَدَّثَنَا عَنْهُ ابْن المُفَضَّلِ وَآخَرُوْنَ.
قُلْتُ: وَزَينُ الأُمَنَاءِ، وَالتَّاج القُرْطُبِيّ، وَالنُّوْر البَلْخِيّ، وَأَمثَالهُم.
قَالَ الحَافِظُ ابْنُ خَلِيْل: لَمْ يَكُنْ فِي نَقله بثِقَة وَلاَ مَأْمُوْنٍ.
وَقَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: كَانَ مِنَ الفضلاء في كل فن، ومن أظرف المَشَايِخ، وَأَحْسَنهم هَيْئَة، وَأَجْمَلهم لباساً. سَمِعَ بِدِمَشْقَ من عبد الرحمن ابن أَبِي الحَسَنِ الدَّارَانِيّ، وَطَائِفَة، وَأجَاز لَهُ أَبُو العِزِّ بن كَادِشٍ.
قُلْتُ: مَاتَ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ وَوَقَفَ كتبه بالسميساطية.
5263- ابن التعاويذي 2:
رَئِيْسُ الشُّعَرَاءِ، أَبُو الفَتْحِ مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ التَّعَاوِيْذِيُّ، البَغْدَادِيُّ، الأَدِيْبُ، سِبْطُ المُبَارَكِ بنِ المُبَارَكِ التَّعَاوِيْذِيِّ.
كَانَ وَالِدُهُ مِنْ غلمَان بنِي المُظَفَّر، وَكَانَ هُوَ كَاتِباً بدِيْوَان المقَاطعَات. وَ"دِيْوَانه" مُجَلَّدَان.
رَوَى عَنْهُ: عَلِيُّ بنُ المُبَارَكِ بن وارث.
أَضَرَّ بِأَخَرَةٍ، وَرثَى عينِيه وَأَيَّام شبَابه، وَنظمه فَائِق.
عَاشَ خَمْساً وَسِتِّيْنَ سَنَةً، وَمَاتَ فِي شوال سنة أربع وثمانين وخمس مائة.
__________
1 ترجمته في لسان الميزان "5/ ترجمة 784"، وشذرات الذهب لابن العماد "4/ 280-281".
2 ترجمته في النجوم الزاهرة لابن تغري بردي "6/ 105"، وشذرات الذهب لابن العماد "4/ 281" ووقع عنده [ابن عبد الله] بدل [ابن عبيد الله] .

(15/356)


5264- ابن الدهان 1:
العَلاَّمَةُ، مُهَذِّبُ الدِّيْنِ، أَبُو الفَرَجِ عَبْدُ اللهِ بنُ أَسْعَدَ بنِ عَلِيٍّ المَوْصِلِيُّ، الشَّافِعِيُّ، الشَّاعِرُ المُدَرِّسُ بِحِمْصَ.
لَهُ "دِيْوَان" صَغِيْر، وَنظمه بَدِيْع.
دخل إِلَى مِصْرَ، وَمدح ابْن رُزِّيْك بقصيدَة مِنْهَا:
أَأَمدَحُ التُّرْكَ أَبغِي الفَضْلَ عِنْدَهُمُ ... وَالشِّعْرُ ما زال عند التّرك متروكا
السُّلْطَان صَلاَح الدِّيْنِ بقصيدَة طنانَة مِنْهَا:
قُلْ لِلبخيلَةِ بِالسَّلاَمِ تَوَرُّعاً ... كَيْفَ استَبَحْتِ دَمِي وَلَمْ تتورّعي
وَزَعَمْتِ أَنْ تَصِلِي لعامٍ قابلٍ ... هَيْهَاتَ أَنْ أَبقَى إِلَى أَنْ تَرْجِعِي
أَبَدِيْعَةَ الحُسْنِ الَّتِي فِي وَجههَا ... دُوْنَ الوُجُوهِ عنايةٌ لِلمُبدعِ
مَا كَانَ ضَرَّكِ لَوْ غَمَزْتِ بحاجبٍ ... يَوْمَ التَّفَرُّقِ أَوْ أَشَرْتِ بأُصبع
فَتَيَقَّنِي أَنِّي بِحُبِّكِ مغرمٌ ... ثُمَّ اصنَعِي مَا شِئْتِ بِي أَنْ تَصْنَعِي
وَلَهُ:
يُضحِي يُجَانِبُنِي مُجَانبَةَ العِدَى ... وَيبَيْتُ وَهْوَ إِلَى الصَّبَاحِ نَدِيمُ
وَيَمُرُّ بِي يَخشَى الرَّقيبَ فَلفظُهُ ... شتمٌ، وَغَنْجُ لحَاظِهِ تَسْلِيمُ
تُوُفِّيَ فِي شعبان سنة إحدى وثمانين وخمس مائة.
__________
1 ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "3/ ترجمة 336"، وشذرات الذهب لابن العماد "4/ 270".

(15/357)


5265- ابن الجد 1:
الشَّيْخُ الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، الحَافِظُ، الفَقِيْهُ، الخَطِيْبُ الأَفْوَهُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ يَحْيَى بنِ فَرَجِ بنِ الجَدِّ الفِهْرِيُّ اللَّبْلِيُّ، ثم الإشبيلي المالكي.
وُلِدَ سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ بقُرْطُبَة أَبَا مُحَمَّدٍ بنَ عتَّاب، وَأَبَا بَحْرٍ بن العَاصِ، وَأَبَا الوَلِيْدِ بن رُشْدٍ فِي سَنَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ وَخَمْسِ مائَةٍ. وَبإِشْبِيْلِيَة أَبَا بَكْرٍ بنَ العربِيّ، وَأَبَا الحَسَنِ شُرَيْح بن مُحَمَّد، لَكنّه امْتَنَع مِنَ الرِّوَايَة عَنْهُمَا. وَبحث "سِيْبَوَيْه" عَلَى أَبِي الحَسَنِ ابْن الأَخْضَرِ، وَأَخَذَ عَنْهُ كتب اللُّغَة.
وَسَمِعَ "صَحِيْح مُسْلِم" مِنْ أَبِي القَاسِمِ الهَوْزَنِيّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ الشَّرِيْشِيّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ زرقُوْنَ، وَمُحَمَّد بن عَلِيِّ بنِ الغَزَّال، وَأَبُو عَلِيٍّ الشَّلَوْبِيْن، وَأَبُو الخَطَّابِ بن دِحْيَة، وَيَحْيَى بن أَحْمَدَ السَّكُوْنِيّ اللَّبْلِيّ، وَعَدَد كَثِيْر.
وَكَانَ كَبِيْرَ الشَّأْنِ، انْتَهَت إِلَيْهِ رِئَاسَة الحِفْظ فِي الفُتْيَا، وَقَدِمَ لِلشُوْرَى مِنْ سَنَةِ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ، وَعظم جَاهه، وَنَال دُنْيَا عرِيضَة، وَلَمْ يَكُنْ يَدْرِي فَنّ الحَدِيْث، لَكنّه عَالِي الإِسْنَاد فِيْهِ. وَكَانَ أَحَدَ الفصحَاء البلغَاء، امْتحن فِي كَائِنَة لَبْلَة، وَقُيّد وَسجن. وَكَانَ فَقِيْه عصره، تخرّج بِهِ أَئِمَّة.
مَاتَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
قَالَ أَبُو الرَّبِيْعِ بنُ سَالِمٍ: وَمِنْ أَعيَان شُيُوْخِي الإِمَامُ الحَافِظُ الصَّدْر الكَبِيْر أَبُو بَكْرٍ بن الجَدِّ، فَقِيْه الأَنْدَلُس، وَحَافِظهَا، وَزعيمهَا غَيْر مُنَازَع، وَلاَ مُدَافَع، انْتَهَت إِلَيْهِ رِئَاسَة الفِقْه أَزْيد مِنْ سِتِّيْنَ سَنَةً مَعَ الجَلاَلَة الَّتِي تُجَاوز مدَاهَا، وَالخلال الَّتِي التزمَ أَهدَاهَا، وَكَانَ فِي غَزَارَة الحِفْظ، وَمتَانَة مَادَّة العِلْم عِبْرَة مِنَ الْعبر، وَآيَة مِنَ الآيَات، سَمِعْتُ عَلَيْهِ "جَامِع التِّرْمِذِيّ"، وَأَشيَاء، رَحِمَهُ الله.
وَذَكَرَهُ ابْنُ رشيد، فَقَالَ: بَحْر الفِقْه وَحبره، وَفَقِيْه الأَنْدَلُس فِي وَقْتِهِ، وَحَافِظ المَذْهَب، لاَ يدَانِيه أَحَد، مَعَ الذّهن الثَّاقب وَسرعَة الجَوَاب، وَالبرَاعَة فِي العَرَبِيَّة، وَقَدْ حلف أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّد بن عليّ التُّجِيْبِيّ أَنَّ ابْنَ الجَدِّ أَحْفَظ مِنِ ابْنِ القَاسِمِ، وَقَدْ أَكْثَر عَنْ أَبِي الحَسَنِ ابْن الأَخْضَرِ، ومع إمامته قل ما صنف.
__________
1 ترجمته في النجوم الزاهرة لابن تغري بردي "6/ 112"، ووقع عنده [ابن الفرح] بدل [ابن الفرج] بالجيم المعجمة لا بالحاء المهملة، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "4/ 286-287".

(15/358)


5266- ابن الفراوي 1:
الشيخ العالم المعمر الأصيل، مسند خراسان، أَبُو المَعَالِي عَبْدُ المُنْعِمِ بنُ عَبْدِ اللهِ ابْن فَقِيْهِ الحَرَمِ أَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ بنِ أَحْمَدَ الفُرَاوِيُّ الصَّاعدِيُّ النَّيْسَابُوْرِيُّ الشَّافِعِيُّ.
وُلِدَ سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ جدّه، وَعَبْد الغَفَّارِ بن مُحَمَّدٍ الشيروئِيّ، وَأَبِي نَصْرٍ ابْن القُشَيْرِيّ، وَالعَبَّاس بن أَحْمَدَ الشَّقَّانِيّ، وَظرِيف بن مُحَمَّدٍ الحِيْرِيّ، وَطَائِفَة.
وَحَجّ فِي آخِرِ عُمُرِهِ.
حَدَّثَ بِنَيْسَابُوْرَ، وَبَغْدَاد، وَالحَرَمَيْنِ، وَانْتَهَى إِلَيْهِ عُلُوّ الإِسْنَادِ. وَلَهُ أَرْبَعُوْنَ حَدِيْثاً سَمِعْنَاهَا، وَهُوَ مِنْ بَيْت الرِّوَايَة وَالعدَالَة.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُكْرَّمُ بنُ مَسْعُوْدٍ، وَالفَقِيْهُ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ المُلَقَّبُ بِالبُخَارِيِّ، وَالتَّقِيُّ بنُ بَاسُوَيْه، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ القُرْطُبِيُّ، وَالنَّفِيْسُ مُحَمَّدُ بنُ رَوَاحَةَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ الأُمَوِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدٍ الدُّبَيْثِيُّ، وَالتَّاجُ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي جَعْفَرٍ، وَآخَرُوْنَ.
وَهُوَ وَالِدُ المُسْنِدِ أَبِي الفَتْحِ مَنْصُوْرِ ابْنِ الفُرَاوِيِّ، وَجدُّ مُحَمَّدِ بنِ مَنْصُوْرٍ.
وَفُرَاوَةُ بِالضَّمِّ وَالفَتْحِ بُلَيدَةٌ مِنْ نَاحِيَةِ خُوَارِزْم.
تُوُفِّيَ عَبْدُ المُنعمِ فِي أَواخِرِ شَعْبَان سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَلَهُ تِسْعُوْنَ عَاماً، وَنَزَلَ النَّاسُ بِمَوْتِهِ دَرَجَةً.
وَفِيْهَا مَاتَ عبد الحق بن عبد الملك بن بونه العَبْدَرِيُّ بِالمُنَكَّبِ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَلِيِّ ابْنِ الخِرَقِيِّ اللَّخْمِيُّ الفَقِيْهُ، وَصَاحِبُ حَمَاةَ تَقِيُّ الدِّيْنِ عُمَرُ بنُ شَاهنشَاه بنِ أَيُّوْبَ، وَنجمُ الدِّينِ مُحَمَّدُ ابْنُ المُوَفَّقِ الخَبُوْشَانِيُّ الشَّافِعِيُّ بِمِصْرَ، وَقُتِلَ الشِّهَابُ السُّهْرَوَرْدِيُّ الفَيْلَسُوْفُ، وَشَيْخُ القُرَّاءِ يعقوب بن يوسف الحربي.
__________
1 ترجمته في شذرات الذهب لابن العماد "4/ 289".

(15/359)


ابن عياد، حياة:
5267- ابن عياد 1:
الإِمَامُ شَيْخُ القُرَّاءِ وَالمُحَدِّثِيْنَ، أَبُو عُمَرَ يُوْسُفُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ سعيد بن أَبِي زَيْدِ ابْنِ عَيَّادٍ الأَنْدَلُسِيُّ اللّرييُّ.
تَلاَ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي إِسْحَاقَ، وَابْنِ هُذَيْلٍ، وَأَبِي مَرْوَانَ ابْنِ الصَّيْقَلِ.
وَسَمِعَ مِنْ أَبِي الوَلِيْدِ ابْنِ الدَّبَّاغِ، وَطَارِقِ بنِ يَعِيْشَ، وَعِدَّةٍ.
وَكَانَ حجَّةً ثَبْتاً مَعْنِيّاً بصنَاعَةِ الحَدِيْثِ، مُكْثِراً إِلَى الغَايَةِ، بَصِيْراً بِترَاجمِ الرِّجَالِ.
وَلَهُ تَصَانِيْفُ مِنْهَا: "شرحُ الْمُنْتَقَى لابْنِ الجَارُوْدِ"، وَ"شرحُ كِتَابِ الشِّهَابِ"، وَكِتَابُ "الكفَايَةِ فِي مَرَاتِبِ الرِّوَايَةِ" وَ"الأَرْبَعِيْنَ فِي الحشرِ" وَ"الأَرْبَعِيْنَ فِي العِبَادَاتِ".
رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ مُحَمَّدٌ، وَأَبُو الحَجَّاجِ بنُ عَبْدَةَ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ غلبُوْنَ.
استُشْهِدَ فِي كَائِنَةِ لريَّةَ عَنْ سَبْعِيْنَ سَنَةً، وَذَلِكَ يَوْمَ العِيْدِ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ وخمس مائة.
5268- حياة 2:
الشَّيْخُ القُدْوَةُ الزَّاهِدُ العَابِدُ، شَيْخُ حَرَّانَ، وَزَاهِدُهَا، حياة بن قيس ابن رَجَّالِ بنِ سُلْطَانٍ الأَنْصَارِيُّ الحَرَّانِيُّ.
صَاحِبُ أَحْوَالٍ وَكَرَامَاتٍ وَتَأَلُّهٍ وَإِخْلاَصٍ وَتعفُّفٍ وَانقباضٍ.
كَانَتِ المُلُوْكُ يَزورُوْنَهُ، وَيَتبرَّكُوْنَ بلقَائِهِ، وَكَانَ كلمَةَ وِفَاقٍ بَيْنَ أَهْلِ بلدِهِ.
قِيْلَ: إِنَّ السُّلْطَانَ نُوْرَ الدِّيْنِ زَارَهُ، فَقوَّى عَزْمَهُ عَلَى جِهَادِ الفِرنْج، وَدَعَا لَهُ، وَإِنَّ السُّلْطَانَ صَلاَحَ الدِّيْنِ زَارَهُ، وَطلبَ مِنْهُ الدُّعَاءَ، فَأَشَارَ عَلَيْهِ بِترْكِ قصدِ المَوْصِلِ، فَلَمْ يَقبلْ، وَسَارَ إِلَيْهَا فَلَمْ يظفرْ بِهَا.
وَكَانَ الشَّيْخُ حَيَاةُ قَدْ صَحِبَ الشَّيْخَ حُسَيْناً البَوَارِيَّ تِلْمِيْذَ مُجَلِّي بنِ يَاسينَ، وَكَانَ مُلاَزِماً لزَاويتِهِ بِحَرَّانَ مُنْذُ خَمْسِيْنَ سَنَةً، لَمْ تَفُتْهُ جَمَاعَةٌ إلَّا مِنْ عُذرٍ شرعِيٍّ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ كَانَ بشوشَ الوَجْهِ، ليِّنَ الجَانبِ، رحيمَ القَلْبِ، سخيّاً كَرِيْماً، صَاحِبَ ليلٍ وَتَبَتُّلٍ، لَمْ يُخَلِّفْ بِحَرَّانَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَلَهُ سيرَةٌ فِي مُجَلَّدٍ كَانَتْ عِنْدَ ذُرِّيَتِهِ.
تُوُفِّيَ فِي لَيْلَةِ الأَرْبعَاءِ سَلْخَ جُمَادَى الأُوْلَى سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ وَلَهُ ثَمَانُوْنَ سَنَةً رَحِمَهُ الله تَعَالَى.
__________
1 ترجمته في شذرات الذهب لابن العماد "4/ 254" ووقع عنده [ابن عباد] بالموحدة التحتية، بدل [ابن عياد] بالمثناة التحتية، ووقع أيضا [ابن سعد] بدل [ابن سعيد] .
2 ترجمته في شذرات الذهب لابن العماد "4/ 269".

(15/360)


5269- سنان:
رَاشِدُ الدِّينِ، كَبِيْرُ الإِسْمَاعِيْلِيَّة وَطَاغوتُهُم، أَبُو الحَسَنِ سِنَانُ بنُ سَلْمَانَ بنِ مُحَمَّدٍ البَصْرِيُّ البَاطِنِيُّ، صَاحِبُ الدَّعوَةِ النِّزَارِيَّةِ.
كَانَ ذَا أَدبٍ وَفضِيْلَةٍ، وَنظَرٍ فِي الفَلْسَفَةِ وَأَيَّامِ النَّاسِ، وَفِيْهِ شَهَامَةٌ وَدهَاءٌ وَمكرٌ وَغَوْرٌ، فَذَكَر رَسُوْلٌ لَهُ وَهُوَ سَعْدُ الدِّينِ عَبْدُ الكَرِيْمِ، قَالَ: حَكَى الشَّيْخُ سنَانٌ: قَالَ: وَردْتُ الشَّامَ، فَاجتزْتُ بِحَلَبَ، فَصَلَّيْتُ العصرَ بِمشهدٍ عَلَى ظَاهِرِ بَابِ الجنانِ، وَثَمَّ شَيْخٌ مُسِنٌّ، فَقُلْتُ: مِنْ أَيْنَ الشَّيْخُ? قَالَ: مَنْ صِبيَانِ حلبَ.
قُلْتُ: الدَّعوَةُ النِّزَارِيَّةُ نسبَةٌ إِلَى نزَارِ ابْنِ خَلِيْفَة العُبَيْدِيَّةِ المُسْتَنْصِرِ، صَيَّرَهُ أَبُوْهُ وَلِيَّ عَهْدِهِ، وَبثَّ لَهُ الدُّعَاةَ، فَمنهُم صَبَّاحٌ جدُّ أَصْحَابِ الْأَلْمُوتِ، أَحَدُ شيَاطينِ الإِنْسِ، ذُو سَمْتٍ، وَذلقٍ، وَتَخَشُّعٍ، وَتنَمُّسٍ، وَلَهُ أَتْبَاعٌ. دَخَلَ الشَّامَ وَالسَّوَاحِلَ فِي حُدُوْدِ ثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، فَلَمْ يَتِمَّ لَهُ مرَامُهُ، فَسَارَ إِلَى العَجَمِ، وَخَاطبَ الغُتْمَ الصُّمَّ، فَاستجَابَ لَهُ خَلْقٌ، وَسَلَخَهُم، وَحَلَّهُم، وَكثرُوا، وَأَظهرُوا شغلَ السِّكِّين وَالوثَوْبَ عَلَى الكِبَارِ، ثُمَّ قصدَ قَلْعَةَ الْأَلْمُوتِ بقَزْوِيْنَ، وَهِيَ مَنِيعَةٌ بِأَيدِي قَوْمٍ شجعَان، لَكنَّهُم جهلَةٌ فُقَرَاءُ، فَقَالَ لَهُم: نَحْنُ قَوْمٌ عُبَّادٌ مسَاكينُ، فَأَقَامُوا مُدَّةً، فَمَالُوا إِلَيْهِم، ثُمَّ قَالَ: بِيعُونَا نِصْفَ قلعتِكُم بِسَبْعَةِ آلاَفِ دِيْنَارٍ، فَفَعلُوا، فَدَخَلوهَا، وَكثرُوا، وَاستولَى صَبَّاحٌ عَلَى القَلْعَةِ، وَمَعَهُ نَحْوُ الثَّلاَثِ مائَةٍ، وَاشْتُهِرَ بِأَنَّهُ يُفْسدُ الدِّينَ، وَيَحلُّ مِنَ الإِيْمَانِ، فَنهدَ لَهُ ملكُ تِلْكَ النَّاحيَةِ، وَحَاصَرَ القَلْعَةَ مَعَ اشتغَالِهِ بلعبِهِ وَسُكْرِهِ، فَقَالَ عَلِيٌّ اليَعْقُوْبِيُّ مِنْ خوَاصِّ صَبَّاح: أَيش يَكُوْنُ لِي عَلَيْكُم إِنْ قتلتُهُ? قَالُوا: يَكُوْنُ لَكَ ذكران في تسابيحنا، قال: رضيت، أمرهم بِالنُّزَولِ ليلاً، وَقسَمَهُم أَربَاعاً فِي نوَاحِي ذَلِكَ الجَيْشِ، وَرتَّب مَعَ كُلِّ فِرقَةٍ طُبُولاً، وَقَالَ: إِذَا سَمِعتُم الصَّيحَةَ، فَاضربُوا الطُّبولَ، فَاختبطَ الجَيْشُ، فَانْتهزَ الفرصَةَ، وَهجم عَلَى الملكِ فَقَتَلَهُ، وَقُتِلَ، وَهَرَبَ العَسْكَرُ، فَحَوَتِ الصَّبَّاحيَّةُ الخيَامَ بِمَا حَوَتْ، وَاسْتغنَوا، وَعظُمَ البَلاَءُ بِهِم، وَدَامت الألموتُ لَهُم مائَةً وَسِتِّيْنَ عَاماً، فَكَانَ سنَان مِنْ نُوَّابِهِم.

(15/361)


فَأَمَّا نِزَارٌ، فَإِنَّ عَمَّتهُ عَمِلَتْ عَلَيْهِ، وَعَاهدَتِ الأُمَرَاءَ أَنْ تُقيمَ أَخَاهُ صَبِيّاً، فَخَافَ نِزَارٌ، فَهَرَبَ إِلَى الإِسْكَنْدَرِيَّةِ، وَجَرَتْ لَهُ أُمُوْرٌ وَحُرُوْبٌ، ثُمَّ قُتِلَ، وَصَارَ صَبَّاحٌ يَقُوْلُ: لَمْ يَمتْ، بَلِ اخْتَفَى، وَسيظهرُ، ثُمَّ أَحبلَ جَارِيَةً، وَقَالَ لَهُم: سيظهرُ مِنْ بطنِهَا، فَأَذعنُوا لَهُ، وَاغتَالُوا أُمَرَاءَ وَعُلَمَاءَ خبطُوا عَلَيْهِم، وَخَافتْهُمُ المُلُوْكُ، وَصَانَعوهُم بِالأَمْوَالِ.
وَبَعَثَ صَبَّاحٌ الدَّاعِيَ أَبَا مُحَمَّدٍ إِلَى الشَّامِ، وَمَعَهُ جَمَاعَةٌ، فَقوِيَ أَمرُهُ، وَاستجَابَ لَهُ الجبليَّةُ الجَاهِلِيَّةُ، وَاسْتولَوا عَلَى قَلْعَةٍ مِنْ جبلِ السماق.
ثُمَّ هَلَكَ هَذَا الدَّاعِي، وَجَاءَ بَعْدَهُ سنَان، فَكَانَ سخطَةً وَبلاَءً، مُتَنَسِّكاً، متخَشِّعاً، وَاعِظاً، كَانَ يَجلسُ عَلَى صخرَةٍ كَأَنَّهُ صخرَةٌ لاَ يَتحرَّكُ منه سِوَى لِسَانِهِ، فَربطهُم، وَغَلَوا فِيْهِ، وَاعتقدَ مِنْهُم له الإِلهيَّةَ، فَتبّاً لَهُ وَلجهلِهِم، فَاستغوَاهُم بسحرٍ وَسيمِيَاء، وَكَانَ لَهُ كتبٌ كَثِيْرَةٌ وَمُطَالَعَةٌ، وَطَالَتْ أَيَّامُهُ.
وَأَمَّا الألموتُ فَوَلِيهَا بَعْدَ صَبَّاحٍ ابْنُهُ مُحَمَّدٌ، ثُمَّ بَعْدَهُ حَفِيْدُهُ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ الَّذِي أَظهرَ شعَارَ الإِسْلاَمِ، وَنبذَ الانحَلاَلَ تَقيَّةً، وَزَعَمَ أَنَّهُ رَأَى الإِمَامَ عَلِيّاً، فَأَمرَهُ بِإِعَادَةِ رُسومِ الدِّينِ، وَقَالَ لخوَاصِّهِ: أَلَيْسَ الدِّين لِي? قَالُوا: بَلَى، قَالَ: فَتَارَةً أَضعُ عَلَيْكُم التَّكَالِيفَ، وَتَارَةً أَرفضُهَا، قَالُوا: سَمِعْنَا وَأَطعنَا، وَاستحضرَ فُقَهَاءَ وَقُرَّاءَ لِيُعَلِّمُوهُم، وَتَخَلَّصُوا بِهَذَا مِنْ صولَةِ خُوَارِزْمشَاه.
نعم، وَكَانَ سنَان قَدْ عَرَجَ مِنْ حجَرٍ وَقَعَ عَلَيْهِ فِي الزَّلْزَلَةِ الكَبِيْرَةِ زَمَنَ نُوْرِ الدِّيْنِ، فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ مُحِبُّوهُ عَلَى مَا حَكَى المُوَفَّقُ عَبْدُ اللَّطِيْفِ ليقتلُوْهُ، فَقَالَ: وَلِمَ تَقتلونِي? قَالُوا: لِتعُوْدَ إِلَيْنَا صَحِيْحاً، فَشَكَرَ لَهُم، وَدَعَا، وَقَالَ: اصبرُوا عَلَيَّ، يَعْنِي ثُمَّ قَتَلَهُم بِحِيلَةٍ. وَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَحلَّهُم مِنَ الإِسْلاَمِ، نَزلَ فِي رَمَضَانَ إِلَى مَقْثَأَةٍ، فَأَكَلَ مِنْهَا، فَأَكلُوا مَعَهُ.
قَالَ ابْنُ العَدِيْمِ فِي "تَارِيْخِهِ": أَخْبَرَنِي شَيْخٌ أدرك سنانًا أنه كان بصريًا يُعلِّمُ الصِّبْيَانَ، وَأَنَّهُ مرَّ وَهُوَ طَالعٌ إِلَى الحُصُونِ عَلَى حِمَارٍ، فَأَرَادَ أَهْلُ إِقمِينَاسَ أَخَذَ حِمَارِهِ، فَبعدَ جُهْدٍ تركوهُ، ثُمَّ آلَ أَمرُهُ إِلَى أَنْ تَملَّكَ عِدَّةَ قِلاعٍ. أَوْصَى يَوْماً أَتْبَاعَهُ، فَقَالَ: عَلَيْكُم بِالصَّفَاءِ بَعْضُكُم لبَعْضٍ، لاَ يَمنعَنَّ أَحَدُكُم أَخَاهُ شَيْئاً لَهُ، فَأَخَذَ هَذَا بِنْتَ هَذَا، وَأَخَذَ هَذَا أُخْتَ هَذَا سِفَاحاً، وَسَمَّوا نُفُوْسَهُم الصُّفَاةُ، فَاسْتدَعَاهُم سنَانٌ مرَّةً، وَقَتَلَ خلقاً مِنْهُم.
قَالَ ابْنُ العَدِيْمِ: تَمَكَّنَ فِي الحُصُونِ، وَانقَادُوا لَهُ. وَأَخْبَرَنِي عَلِيُّ بنُ الهوَّارِيِّ أَنَّ صَلاَحَ الدِّيْنِ سَيَّرَ رَسُوْلاً إِلَى سنَانٍ يَتهدَّدُهُ، فَقَالَ لِلرَّسُوْلِ: سَأُرِيكَ الرِّجَالَ الَّذِيْنَ أَلقَاهُ بِهِم، فَأَشَارَ إِلَى جَمَاعَةٍ أَنْ يَرمُوا أَنْفُسَهُم مِنْ أَهْلِ الحصنِ مِنْ أَعلاَهُ، فَأَلقَوا نُفُوْسَهُم، فهلكوا.

(15/362)


قَالَ: وَبَلَغَنِي أَنَّهُ أَحلَّ لَهُم وَطءَ أُمَّهَاتِهِم وَأَخوَاتِهِم وَبنَاتِهِم، وَأَسقطَ عَنْهُم صومَ رَمَضَانَ.
قَالَ: وَقَرَأْتُ بِخَطِّ أَبِي غَالِبٍ بنِ الحُصَيْنِ أَنَّ فِي مُحَرَّمٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ هَلَكَ سنَانٌ صَاحِبُ الدَّعوَةِ بِحصنِ الكَهْفِ، وَكَانَ رَجُلاً عَظِيْماً خفِيَّ الكيدِ، بعيدَ الهِمَّةِ، عَظِيْمَ المخَارِيقِ، ذَا قدرَةٍ عَلَى الإِغوَاءِ، وَخديعَةِ القُلُوْبِ، وَكتمَانِ السِّرِّ، وَاستخدَامِ الطَّغَامِ وَالغَفَلَةِ فِي أَغرَاضِهِ الفَاسِدَةِ. وَأَصلُهُ مِنْ قُرَى البَصْرَةِ، خدَمَ رُؤسَاءَ الإِسْمَاعِيْلِيَّة بِأَلَمُوت، وَرَاضَ نَفْسَهُ بعلُوْمِ الفلاسفَةِ، وَقرَأَ كَثِيْراً مِنْ كُتُبِ الجَدَلِ وَالمغَالطَةِ وَرَسَائِلِ إِخْوَانِ الصَّفَاءِ، وَالفَلْسَفَةِ الإِقنَاعِيَّةِ المُشَوَّقَةِ لاَ المُبَرْهَنَةِ، وَبَنَى بِالشَّامِ حُصُوْناً، وَتوثَّبَ عَلَى حصُوْنٍ، وَوَعَّرَ مسَالِكَهَا، وَسَالَمَتْهُ الأَنَامُ، وَخَافتْهُ المُلُوْكُ مِنْ أَجْلِ هجومِ أَتْبَاعِهِ بِالسِّكِّينِ. دَام لَهُ الأَمْرُ نَيِّفاً وَثَلاَثِيْنَ سَنَةً، وَقَدْ سير إليه دَاعِي الدُّعَاةِ مِنْ قَلْعَةِ أَلَمُوْتَ جَمَاعَةً غَيْرَ مَرَّةٍ ليقتلُوْهُ لاِستبدَادِهِ بِالرِّئَاسَةِ، فَكَانَ سنَانٌ يَقتلُهُم، وَبَعْضُهُم يَخدعُهُ، فَيَصِيْرُ مِنْ أَتْبَاعِهِ.
قَالَ: وَقَرَأْتُ عَلَى حُسَيْنٍ الرَّازِيِّ فِي "تَارِيْخِهِ" قَالَ: حَدَّثَنِي مُعِيْنُ الدِّينِ مَوْدُوْد الحَاجِبُ أَنَّهُ حضَرَ عِنْدَ الإِسْمَاعِيْلِيَّةِ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ، فَخلا بِسنَانٍ، وَسَأَلَهُ فَقَالَ: نشَأتُ بِالبَصْرَةِ، وَكَانَ أَبِي مِنْ مقدَّمِيهَا، فَوَقَعَ هَذَا الأَمْرُ فِي قَلْبِي، فَجرَى لِي مَعَ إِخْوَتِي أَمرٌ، فَخَرَجتُ بِغَيْرِ زَادٍ وَلاَ رَكُوْبٍ، فَتوصَّلْتُ إِلَى الأَلَمُوت، وَبِهَا إِلْكِيَا مُحَمَّدُ بنُ صَبَّاحٍ، وَلَهُ ابْنَانِ حَسَنٌ وَحُسَيْنٌ، فَأَقعدنِي مَعَهُمَا فِي المَكْتَبِ، وَكَانَ يَبُرُّنِي بِرَّهُمَا، وَيُسَاوينِي بِهِمَا، ثُمَّ مَاتَ، وَوَلِيَ حَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ، فَنفَّذَنِي إِلَى الشَّامِ، فَخَرَجْتُ مِثْلَ خُرُوْجِي مِنَ البَصْرَةِ، وَكَانَ قَدْ أَمرَنِي بِأَوَامرَ، وَحمَّلَنِي رَسَائِلَ، فَدَخَلتُ مَسْجِدَ التَّمَّارِيْنَ بِالمَوْصِلِ، ثُمَّ سِرْتُ إِلَى الرَّقَّةِ، فَأَدَّيْتُ رسَالَتَهُ إِلَى رَجُلٍ، فَزوَّدنِي، واكترى لي بَهيمَةً إِلَى حلبَ، وَلقيتُ آخرَ برسَالتِهِ، فَزوَّدنِي إِلَى الكهفِ، وَكَانَ الأَمْرُ أَنْ أُقيمَ هُنَا، فَأَقَمْتُ حَتَّى مَاتَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ صَاحِبُ الأَمْرِ، فَولِيَ بَعْدَهُ خوَاجَا عليّ بِغَيْرِ نصٍّ، بَلْ بَاتِّفَاقِ جَمَاعَةٍ، ثُمَّ اتَّفَقَ الرَّئِيْسُ أَبُو مَنْصُوْرٍ ابْنُ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ وَالرَّئِيْسُ فَهْدٌ، فَبعثَوا مَنْ قتلَ خوَاجَا، وَبَقِيَ الأَمْرُ شُوْرَى، فَجَاءَ الأَمْرُ مِنَ الأَلموت بِقَتْلِ قَاتِلِهِ وَإِطلاَقِ فَهْدٍ، وَقُرِئت الوصيَّةُ عَلَى الجَمَاعَةِ، وَهِيَ:
هَذَا عهدٌ عهدنَاهُ إِلَى الرَّئِيْسِ نَاصِرِ الدِّيْنِ سنَان، وَأَمَرْنَاهُ بقِرَاءتِهِ عَلَى الرِّفَاقِ وَالإِخْوَانِ، أَعَاذَكُمُ اللهُ مِنَ الاخْتِلاَفِ وَاتِّبَاعِ الأَهوَاءِ، إِذْ ذَاكَ فِتْنَةُ الأَوَّلِينَ، وَبلاَءُ الآخرِيْنَ، وَعبرَةٌ لِلمعتبرِيْنَ، مَنْ تَبرَّأَ مِنْ أَعْدَاءِ اللهِ وَأَعْدَاءِ وَليِّهِ وَدِيْنِهِ، عَلَيْهِ مُوَالاَةُ أَوْلِيَاءِ اللهِ، وَالاَتحَادُ بِالوحدَةِ سُنَّةُ جَوَامِعِ الكلم، كلمَةِ اللهِ وَالتَّوحيدِ وَالإِخْلاَصِ. لاَ إِلَهَ إلَّا الله عُرْوَةُ اللهِ الوُثقَى، وَحبلُهُ الْمَتِين، إلَّا فَتمسَّكُوا بِهِ، وَاعتصمُوا بِهِ، فَبِهِ صلاَحُ الأَوِّلِينَ، وفلاح الآخرين،

(15/363)


أَجْمِعُوا آرَاءكُم لِتعَلِيْمِ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ بِنصٍّ مِنَ اللهِ وَوَليِّهِ، فتلقُّوا مَا يُلْقِيهِ إِلَيْكُم مِنْ أَوَامِرِهِ وَنوَاهيهِ بقبولٍ، فَلاَ وَرَبّكَ لاَ تُؤمنُوْنَ حَتَّى تُحَكِّمُوْهُ فِيمَا شَجَرَ بَيْنكُم ثُمَّ لاَ تَجدُوا فِي أَنْفُسِكُم حَرَجاً مِمَّا قضَى وَتسلِّمُوا تسليماً، فَذَلِكَ الاَتّحَادُ بِالوحدَةِ الَّتِي هِيَ آيَةُ الحَقِّ المُنْجِيَةُ مِنَ المهَالكِ، المُؤدِّيَةُ إِلَى السَّعَادَةِ، إِذِ الكَثْرَةُ علاَمَةُ البَاطِلِ المُؤدِّيَةُ إِلَى الشَّقَاوَةِ المُخزِيَةِ، فَنَعُوْذُ بِاللهِ مِنْ زوَالِهِ، وَبِالوَاحِدِ مِنْ آلهَةٍ شَتَّى، وَبِالوحدَةِ مِنَ الكَثْرَةِ، وَبِالنَّصِّ وَالتَّعَلِيْمِ مِنَ الأَدوَاءِ وَالأَهوَاءِ، وَبِالحَقِّ مِنَ البَاطِلِ، وَبِالآخِرَةِ البَاقيَةِ مِنَ الدُّنْيَا المَلْعُوْنَةِ، إلَّا مَا أُرِيْدَ بِهِ وَجهُ اللهِ، فَتزوَّدُوا مِنْهَا لِلأُخْرَى، وَخيرُ الزَّادِ التَّقْوَى، أَطيعُوا أَمِيْرَكُم وَلَوْ كَانَ عبداً حبشيّاً.
قَالَ ابْنُ العَدِيْمِ: كتب سنَانٌ إِلَى صَاحِبِ شَيْزَرَ يُعَزِّيهِ بِأَخِيْهِ:
إِنَّ المنَايَا لاَ تَطَا بمنسمٍ ... إِلاَّ عَلَى أَكتَافِ أَهْلِ السُّؤْدُدِ
فَلَئِنْ صَبْرتَ فَأَنْتَ سَيِّدُ معشرٍ ... صَبْرُوا وَإِنْ تَجْزَعْ فَغَيْرُ مُفَنَّدِ
هَذَا التَّنَاصُرُ بِاللِّسَانِ وَلَوْ أَتَى ... غَيْرُ الحِمَامِ أَتَاكَ نَصْرِي بِاليَدِ
وَهِيَ لأَبِي تَمَّامٍ.
وَكَتَبَ سنَانٌ إِلَى صَلاَحِ الدِّيْنِ:
يَا لِلرِّجَالِ لأمرٍ هَال مَقْطَعُهُ ... مَا مَرَّ قَطُّ عَلَى سَمعِي تَوَقُّعُهُ
فَإِذَا الَّذِي بِقِرَاعِ السَّيْفِ هَدَّدَنَا ... لاَ قَامَ مَصْرَعُ جَنْبِي حِيْنَ تَصْرَعُهُ
قَامَ الحَمَامُ إِلَى البَازِي يُهَدِّدُهُ ... وَاسْتَيْقَظَتْ لأُسود البرّ أضبعه
وَقفْتُ عَلَى تَفصيلِ كِتَابِكُم وَجُمَلِهِ، وَعَلِمْنَا مَا هدَّدنَا بِهِ مِنْ قَوْلِهِ وَعملِهِ، فَيَا للهِ العجبُ مِنْ ذُبَابَةٍ تَطنُّ فِي أُذنِ فِيلٍ، وَبعوضَةٍ تُعَدّ فِي التَّمَاثيلِ، وَلَقَدْ قَالهَا مِنْ قَبْلِكَ قَوْمٌ، فَدمَّرْنَا عَلَيْهِم، وَمَا كَانَ لَهُم مِنْ نَاصِرِيْنَ. أَلِلْحقِّ تدحضُونَ، وَللبَاطِلِ تَنصرُوْنَ?! وَسيعلَمُ الَّذِيْنَ ظلمُوا أَيَّ منقَلَبٍ يَنقَلْبُوْنَ. وَلَئِنْ صَدَرَ قَوْلُكَ فِي قطعِ رَأْسِي، وَقلعِكَ لقلاعِي مِنَ الجِبَالِ الرَّواسِي، فَتلكَ أَمَانِيّ كَاذِبَةٌ، وَخيَالاَتٌ غَيْرُ صَائِبَةٍ، فَإِنَّ الجَوَاهِرَ لاَ تَزولُ بِالأَعْرَاضِ، كَمَا أَنَّ الأَرْوَاحَ لاَ تضمحِلُّ بِالأَمرَاضِ. وَإِنْ عُدْنَا إِلَى الظَّاهِرِ، وَعدلْنَا عَنِ البَاطِنِ فَلنَا فِي رَسُوْلِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ: "مَا أُوذِيَ نَبِيٌّ مَا أُوذِيْت" 1 وَقَدْ علمتَ مَا جرَى عَلَى عترته وشيعته، فالحال
__________
1 صحيح على شرط مسلم: ورد عن أنس بن مالك مرفوعا بلفظ: "لقد أوذيت في الله، وما يؤذى أحد، وأخفت في الله، وما يخاف أحد، ولقد أتت عليَّ ثلاثة من بين يوم وليلة، ومالي وبلال طعام يأكله ذو كبد، إلا ما يواري إبط بلال".
أخرجه ابن أبي شيبة "11/ 464" و"14/ 300"، وأحمد "3/ 120"، واللفظ له، وعبد بن حميد "1317"، والترمذي "2472"، وفي "الشمائل" "137"، وابن ماجه "151"، وأبو يعلى "3423"، والبيهقي في "الشعب" "1632"، والضياء في "المختارة" "1633" و"1634" من طرق عن حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ بن مالك، به. وإسناده صحيح على شرط الشيخين خلا حماد بن سلمة فإنه على شرط مسلم.

(15/364)


مَا حَالَ، وَالأَمْرُ مَا زَالَ، وَقَدْ علمْتُم ظَاهِرَ حَالِنَا، وَكَيْفِيَّةَ رِجَالِنَا، وَمَا يَتمنَّوْنَهُ مِنَ الفَوتِ، وَيَتقرَّبُوْنَ بِهِ مِنْ حيَاضِ المَوْتِ، وَفِي المَثَلِ: أَو لِلبطِّ تُهّدِّدُ بِالشَّطِّ? فَهيّئ لِلبلاَيَا أَسبَاباً، وَتَدرَّعْ لِلرَّزَايَا جِلبَاباً، فَلأَظهرَنَّ عَلَيْكَ مِنْكَ، وَتَكُوْنُ كَالبَاحثِ عَنْ حَتْفِهِ بظلفِهِ، وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللهِ بعزِيزٍ، فَكُنْ لأَمرنَا بِالمرصَادِ، وَاقرَأْ أَوَّلَ النَّحْلِ وَآخرَ صَ.
قَالَ النَّجْمُ ابْنُ إِسْرَائِيْلَ: أَخْبَرَنِي المنتَجَبُ بنُ دَفْتَرخوَان، قَالَ: أَرْسَلنِي صَلاَحُ الدِّيْنِ إِلَى سنَانٍ حِيْنَ قفزُوا عَلَى صَلاَحِ الدِّيْنِ المَرَّةِ الثَّالِثَةِ، وَمعِي القُطْبُ النَّيْسَابُوْرِيُّ يُهَدِّدُهُ، فَكَتَبَ عَلَى طُرَّةِ كِتَابِهِ: جَاءَ الغُرَابُ إِلَى البَازِي يهدِّدُهُ ... وَذَكَرَ الأَبيَاتَ، وَقَالَ: هَذَا جَوَابُهُ، إِنَّ صَاحِبَكَ يَحكمُ عَلَى ظَاهِرِ جُندِهِ، وَأَنَا أَحكمُ عَلَى باطنِ جُندِي، وَسترَى دَليلَهُ، فدعا عشرةً مِنْ صِبيَانِ القَاعَةِ، فَأَلقَى سِكِّيناً فِي الخَنْدَقِ، وَقَالَ: مَنْ أَرَادَ هَذِهِ، فَليقَعْ خلْفَهَا، فَتبَادرُوا جَمِيْعاً خلفهَا وَثْباً، فَتقطَّعُوا، فَعُدْنَا، فَصَالَحَهُ صَلاَحُ الدِّيْنِ.
وَذَكَرَ قُطْبُ الدِّيْنِ فِي "تَارِيْخِهِ": أَنَّ سنَاناً سَيَّرَ رَسُوْلاً إِلَى صَلاَحِ الدِّيْنِ، فَلَمْ يَجِدْ مَعَهُ مَا يَخَافُهُ، فَأَخلَى لَهُ المَجْلِسَ سِوَى نَفرٍ، فَامْتَنَعَ مِنْ أَدَاءِ الرِّسَالَةِ حَتَّى يَخْرُجُوا، فَأَخْرَجَهُم كلَّهُم سِوَى مَمْلُوْكَيْنِ، فَقَالَ: أُمِرْتُ أَنْ لاَ أُؤَدِّي إلَّا خَلْوَةً، قَالَ: هَذَانِ مَا يخرجَانِ، فَإِنْ أَدَّيْتَ، وَإِلاَّ فَقُم، فَهُمَا مِثْلُ أَوْلاَدِي، فَالْتَفَتَ إِلَيهُمَا، وَقَالَ: إِذَا أَمرتُكُمَا عَنْ مَخْدُومِي بِقَتْلِ هَذَا السُّلْطَانِ، أَتقتلاَنِهِ? قَالاَ: نَعم، وَجَذَبا سَيْفَهُماً، فَبُهِتَ السُّلْطَانُ، وَخَرَجَ أَحَدُهُمَا مَعَ الرَّسُولِ، فَدَخَلَ السُّلْطَانُ فِي مرضَاةِ سنَانٍ، وَمِنْ شِعْرِهِ:
مَا أَكْثَرَ النَّاسَ وَمَا أَقلَّهُمُ ... وَمَا أَقلُّ فِي القَلِيْلِ النُّجَبَا
ليتَهُم إِذْ يَكُوْنُوا خُلِقُوا ... مُهَذَّبِيْنَ صَحِبُوا مُهَذَّبا
مَاتَ سنَانٌ كَمَا قُلْنَا فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائة.

(15/365)


5270- الطالقاني 1:
الشَّيْخُ الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، الوَاعِظُ، ذُو الفُنُوْنِ، رضِيُّ الدِّينِ، أَبُو الخَيْرِ أَحْمَدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ يوسف الطالقاني القزويني الشافعي.
مَوْلِدُهُ بقَزْوِيْنَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَتَفَقَّهَ عَلَى ملكدَاذ بنِ عَلِيٍّ العُمَرَكِيِّ، ثُمَّ ارْتَحَلَ إِلَى نَيْسَابُوْرَ، فَتفقَّهَ بِمُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهِ، وَبَرَعَ فِي المَذْهَبِ.
وَسَمِعَ مِنْ أبي عَبْدِ اللهِ الفُرَاوِيِّ، وَعَبْدِ الغَافِرِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ، وَهِبَةِ اللهِ السَّيِّدِيِّ، وَزَاهِرٍ الشَّحَّامِيِّ، وَعَبْدِ المُنْعِمِ ابْنِ القُشَيْرِيِّ، وَعَبْدِ الجَبَّارِ الخُوَارِيِّ. وَسَمِعَ الكُتُبَ الكِبَارَ.
وَدَرَّسَ بقَزْوِيْنَ وَبِبَغْدَادَ.
وَسَمِعَ مِنِ ابْنِ البَطِّيِّ. وَوَعَظَ، وَنَفَقَ سُوْقهُ، ثُمَّ درَّسَ بِالنّظَامِيَّةِ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: كَانَ إِمَاماً فِي المَذْهَبِ وَالأُصُوْلِ وَالتَّفْسِيْرِ وَالخلاَفِ وَالتَّذْكيرِ، وَحَدَّثَ "بصَحِيْحِ مُسْلِمٍ"، وَ"مُسْنَدِ ابْنِ رَاهَوَيْه"، وَ"تَارِيخِ الحَاكِمِ"، وَ"السُّنَنِ الكَبِيْرِ"، وَ"دَلاَئِلِ النُّبُوَّةِ"، وَ"البَعْثِ"، لِلْبَيْهَقِيِّ، وَأَملَى مَجَالِسَ، وَوعظَ، وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِ لحُسْنِ سَمْتِهِ، وَحَلاَوَةِ مَنْطِقهِ، وَكَثْرَةِ مَحْفُوْظَاتِهِ، وَكثُرَ التَّعصّبُ لَهُ مِنَ الأُمَرَاءِ وَالخَوَاصِّ، وَأَحَبَّهُ العوَامُّ، وَكَانَ يَجلسُ بِجَامِعِ القَصْرِ، وَبِالنّظَامِيَّةِ، وَتحضرُهُ أُمَمٌ، ثم عاد سَنَة ثَمَانِيْنَ إِلَى بلدِهِ. وَكَانَ كَثِيْرَ العِبَادَةِ وَالصَّلاَةِ، دَائِمَ الذِّكرِ، قَلِيْلَ المَأكل، يَشتملُ مَجْلِسُهُ عَلَى التَّفْسِيْرِ وَالحَدِيْثِ وَالفِقْهِ وَحِكَايَاتِ الصَّالِحِيْنَ بِلاَ سجعٍ وَلاَ تَزويقٍ وَلاَ شِعرٍ. وَهُوَ ثِقَةٌ فِي رِوَايَتِهِ، وَقِيْلَ: كَانَ يَخْتِمُ كُلَّ يَوْمٍ مَعَ دوَامِ الصَّوْمِ، وَيُفْطِرُ عَلَى قرصٍ وَاحِدٍ.
وَقَالَ ابْنُ الدُّبَيْثِيِّ: أَملَى عِدَّةَ مَجَالِسَ، وَكَانَ مُقْبِلاً عَلَى الخَيْرِ، كَثِيْرَ الصَّلاَةِ، لَهُ يَدٌ بَاسِطَةٌ فِي النَّظَرِ، وَاطِّلاعٌ عَلَى العلُوْمِ، وَمَعْرِفَةٌ بِالحَدِيْثِ، كَانَ جَمَّاعَةً لِلْفنُوْنِ -رَحِمَهُ الله- رُدَّ إِلَى بلدِهِ، فَأَقَامَ مُشْتَغِلاً بِالعِبَادَةِ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ تِسْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَقَالَ الحَافِظُ عَبْدُ العَظِيْمِ: حَكَى غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّهُ كَانَ لاَ يَزَالُ لِسَانُهُ رَطْباً مِنْ ذِكْرِ اللهِ. مَاتَ فِي الثَّالِثِ وَالعِشْرِيْنَ مِنَ المُحَرَّمِ.
وَأَنْبَأَنَا مَحْفُوْظُ ابْنُ البُزُوْرِيِّ فِي "تَارِيْخِهِ"، قال: أبو الخير، هُوَ أَوَّلُ مَنْ وَعَظَ بِبَابِ بدْرٍ الشَّرِيْفِ.
__________
1 ترجمته في النجوم الزاهرة لابن تغري بردي "6/ 134".

(15/366)


قُلْتُ: هَذَا مَوْضِعٌ كَانَ رُبَّمَا حضَرَ فِيْهِ وَعظَهُ الخَلِيْفَةُ المُسْتَضِيْءُ مِنْ وَرَاءِ السِّتْرِ، وَتحضرُ الأُمَمُ، فَكَانَ هُوَ يَعظُ مرَّةً وَابْنُ الجَوْزِيِّ مرَّةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو البَقَاءِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ المُؤَدِّبُ، وَالمُوَفَّقُ عَبْدُ اللَّطِيْفِ، وَبَالَغَ فِي تَعَظِيْمِهِ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ ابْن الدُّبَيْثِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ أَبِي السَّهْلِ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ المُوَفَّقُ: كَانَ يَعملُ فِي اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ مَا يَعجزُ المُجْتَهِدُ عَنْهُ فِي شَهْرٍ، وَظهرَ التَّشَيُّعُ فِي زَمَانِهِ بِسَبَبِ ابْنِ الصَّاحبِ، فَالتمسَ العَامَّةُ مِنْهُ عَلَى المِنْبَرِ يَوْمَ عَاشُورَاء أَنْ يَلعَنَ يَزِيْدَ، فَامتنعَ، فَهمُّوا بِقَتْلِهِ مَرَّاتٍ، فَلَمْ يُرَعْ، وَلاَ زَلَّ، وَسَارَ إِلَى قَزْوِيْنَ، وَضَجَعَ لَهُم1 ابْنُ الجَوْزِيِّ.
وَلأَبِي الخَيْرِ وَلدَانِ متخَلِّفَانِ دخلاَ في الكذب والزوكرة والغربة.
__________
1 ضج لهم: أي مال إليهم.

(15/367)


5271- ابن صدقة 1:
الشَّيْخُ الصَّالِحُ الصَّدُوْقُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ محمد بن حَسَنِ بنِ صَدَقَةَ الحَرَّانِيُّ، البَزَّازُ، السَّفَّارُ، المَعْرُوفُ قَدِيْماً بِابْنِ الوَحْشِ.
شيخٌ مُعَمَّرٌ، معتبَرٌ، دَيِّنٌ، تردد إلى خراسان وَغَيْرِهَا فِي التِّجَارَةِ.
وَسَمِعَ فِي كهولتِهِ سَنَة ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ مِنَ الفُرَاوِيِّ الصَّحِيْحَ وَغَيْرَهُ، وَلَهُ إِحْدَى وَأَرْبَعُوْنَ سَنَةً.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو عُمَرَ الزَّاهِدُ، وَأَخُوْهُ الشَّيْخُ المُوَفَّقُ، وَالبَهَاءُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَالضِّيَاءُ الحَافِظُ، وَالحَسَنُ بنُ سَلامٍ، وَابْنُ خَلِيْلٍ، وَأَبُو المَعَالِي ابْنُ الشِّيْرَازِيِّ وَابْن سَعْدٍ، وَخَطِيْبُ مَرْدَا، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الهَادِي، وَالعِمَادُ عَبْدُ اللهِ ابْنُ النَّحَّاسِ، وَمُحَمَّدُ بنُ سُلَيْمَانَ الصَّقَلِّيُّ، وَابْنُ عَبْدِ الدَّائِمِ، وَآخَرُوْنَ.
وَرَوَى ابْنُ الدُّبَيْثِيِّ، عَنِ ابْنِ الأَخْضَرِ، عَنْهُ.
وَقَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: بَنَى بِدِمَشْقَ مَدْرَسَةً، وَوقفَهَا عَلَى الحَنَابِلَةِ.
مَاتَ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، وَقِيْلَ: مَاتَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ بِدِمَشْقَ، وَلَهُ أَرْبَعٌ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً.
قُلْتُ: لا وجود للمدرسة.
__________
1 ترجمته في النجوم الزاهرة لابن تغري بردي "6/ 109"، وشذرات الذهب لابن العماد "4/ 282".

(15/367)


ابن قائد، الخرقي:
5272- ابن قائد:
القُدْوَةُ العَارِفُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي المَعَالِي بنِ قَايدٍ الأَوَانِيُّ.
زَاهِدٌ، خَاشعٌ، ذُو كَرَامَاتٍ، وَتَأَلُّهٍ، وَأَورَادٍ، أُقعدَ مُدَّةً.
قَدِمَ أَوَانَا وَاعِظٌ باطنِيٌّ، فَنَالَ مِنَ الصَّحَابَةِ، فَحُمِلَ هَذَا فِي مِحَفَّتِهِ، وَصَاحَ بِهِ: يَا كلبُ انزلْ، وَرجمَتْهُ العَامَّةُ، فَهَرَبَ، وَحَدَّثَ سنَاناً بِمَا تَمَّ عَلَيْهِ، فَنَدَبَ لَهُ اثْنَيْنِ فَأَتيَاهُ، وَتعَبَّدَا مَعَهُ أَشْهُراً، ثُمَّ قَتَلاَهُ، وَقَتَلاَ خَادِمَهُ، وَهربا فِي البسَاتينِ، فَنكرهمَا فَلاَّحٌ، فَقَتَلَهُمَا بِمرِّهِ، ثُمَّ نَدِمَ لَمَّا رَآهُمَا بِزِيقِ الفَقْرِ، ثُمَّ تَيَقَّنَ أَنَّهُمَا اللَّذَانِ قَتَلاَ الشَّيْخَ بصفتِهِمَا، ثُمَّ أُحرِقَا، فَقِيْلَ: إِنَّ الشَّيْخَ عَبْدَ اللهِ الأُرْمَوِيَّ شَاهَدَ ذلك.
5273- الخرقي 1:
الإِمَامُ الصَّالِحُ، مُعِيْدُ الأَمِيْنِيَّةِ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَلِيِّ بنِ المُسَلَّمِ اللَّخْمِيُّ الدِّمَشْقِيُّ، ابْنُ الخِرَقِيِّ، الشَّافِعِيُّ.
مَوْلِدُهُ سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ مَعَ الحَافِظِ ابْنِ عَسَاكِرَ.
وَسَمِعَ أَبَا الحَسَنِ ابْنَ المَوَازِيْنِيِّ، وَعَبْد الكَرِيْمِ بن حَمْزَةَ، وَابْن قُبَيْس، وَطَاهِر بن سَهْلٍ، وَعِدَّة.
وَعَنْهُ: الشَّيْخ المُوَفَّق، وَالضِّيَاء، وَالبَهَاء، وَابْن خَلِيْل، وَأَخُوْهُ إِبْرَاهِيْم الآدَمِيّ، وَخَطِيْب مَرْدَا، وَابْن سَعْدٍ، وَابْن عَبْدِ الدَّائِمِ، وَخَلْق.
ابْنُ الحَاجِبِ، عَنِ ابْنِ نُقْطَة، عَنِ ابْنِ الأَنْمَاطِيّ: أَنَّ الخِرَقِيّ رَاوِي نُسْخَة أَبِي مُسْهِرٍ، لَمْ يُوجد بِهَا أَصله، إِنَّمَا سَمِعْتُ بِقَوْلِهِ عَنِ ابْن المَوَازِيْنِيّ.
قَالَ ابْنُ الحَاجِبِ: كَانَ فَقِيْهاً عدلاً صَالِحاً، يَتلو كُلّ يوم وليلة ختمَة، وَقَالَ أَبُو حَامِدٍ ابْن الصَّابُوْنِيّ فِي كِتَابِهِ إِلَيَّ: أَعَاد بِالأمينِيَّة لجَمَال الإِسْلاَمِ أَبِي الحَسَنِ، وَأَضرّ فِي الآخَرِ، وَأُقعد، فَاحتَاج إِلَى وَضوء فِي اللَّيْلِ وَمَا عِنْدَهُ أَحَد، فَذُكِرَ أَنه قَالَ: بَيْنَا انَا أَتَفَكر إِذَا بِنُوْرِ مِنَ السَّمَاء دَخَلَ البَيْت، فَبصُرْت بِالمَاءِ، فَتوضَّأْت، حَدَّثَ بَعْض إِخْوَانه بِهَذَا، وَأَوْصَاهُ أَنْ لاَ يُخْبِر بِهِ إلَّا بَعْد مَوْته.
تُوُفِّيَ فِي ذِي القَعْدَةِ سَنَة سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
__________
1 ترجمته في النجوم الزاهرة لابن تغري بردي "6/ 116"، وشذرات الذهب لابن العماد "4/ 289".

(15/368)


قزل، عبد الحق:
5274- قزل 1:
السُّلْطَانُ أَرْسَلاَن قزل، وَاسْمُهُ عُثْمَانُ ابْنُ المَلِكِ إلدكز صاحب أَذْرَبِيْجَانَ بَعْدِ أَخِيْهِ البَهْلَوَان. ثُمَّ تَملّك هَمَذَان وَأَصْبَهَان وَالرَّيّ، وَقوِي عَلَى سُلْطَانِهِ طُغْرل، وَأَخَذَهُ وَحَبَسَهُ، وَسَارَ إِلَى أَصْبَهَانَ، وَصلبَ جَمَاعَة مِنَ الشَّافِعِيَّة، وَخَطَبَ لِنَفْسِهِ بِالسّلطنَة، وَتَمَكَّنَ. وَكَانَتْ دَوْلَته سَبْع سِنِيْنَ، ثُمَّ قُتِل غيلَة عَلَى فِرَاشه، وَمَا عُرِف مَنْ قَتله، وَذَلِكَ فِي شَعْبَان سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
5275- عَبْدُ الحَقِّ 2:
الإِمَامُ الحَافِظُ البَارِعُ المُجَوِّدُ العَلاَّمَةُ، أَبُو مُحَمَّدٍ عبد الحق بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الحُسَيْنِ بنِ سَعِيْدٍ الأَزْدِيُّ الأَنْدَلُسِيُّ الإِشْبِيْلِيُّ المَعْرُوفُ فِي زَمَانِهِ بِابْنِ الخَرَّاطِ.
مَوْلِده فِيمَا قَيده أَبُو جَعْفَرٍ بنُ الزُّبَيْرِ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
حَدَّثَ عن: أبي الحسن شريح بن محمد وأبي الحَكَم بن بَرَّجَانَ، وَعُمَر بن أَيُّوْبَ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ مُدِير، وَأَبِي الحَسَنِ طَارِق بن يَعِيْشَ، وَالمُحَدِّث طَاهِر بن عَطِيَّةَ، وَطَائِفَة.
سكن مدينَة بِجَايَة وَقت الفِتْنَة الَّتِي زَالت فِيْهَا الدَّوْلَة اللّمتُونِيَّة بِالدَّوْلَة المُؤْمِنِيَّة، فَنَشَر بِهَا عِلْمَه، وصنف التصانيف، واشتهر اسمه، وسارت بِـ"أَحكَامه الصُّغْرَى" وَ"الوسطَى" الرُّكبَان. وَلَهُ "أَحكَام كُبْرَى" قِيْلَ هِيَ بِأَسَانِيْده، فَاللهُ أَعْلَم.
وَوَلِيَ خطَابَة بِجَايَة.
ذكره الحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللهِ البَلَنْسِيّ الأَبَّار، فَقَالَ: كَانَ فَقِيْهاً، حَافِظاً، عَالِماً بِالحَدِيْثِ وَعِلَلِهِ، عَارِفاً بِالرِّجَال، مَوْصُوَفاً بِالخَيْرِ وَالصَّلاَح وَالزُّهْد وَالوَرَع وَلزوم السُّنَّة وَالتقلّل مِنَ الدُّنْيَا، مشَاركاً فِي الأَدب وَقول الشِّعر، قَدْ صَنّف فِي الأَحكَام نُسْخَتَيْنِ كُبْرَى وَصغرَى، وَسبقه إِلَى مِثْل ذَلِكَ الفَقِيْهُ أَبُو العَبَّاسِ بنُ أَبِي مَرْوَانَ الشَّهِيْد بلبْلَة، فَحظِيَ الإِمَام عَبْد الحَقِّ دُوْنَهُ.
قُلْتُ: وَعَمِلَ الْجمع بَيْنَ الصَّحِيْحَيْنِ بِلاَ إِسْنَاد عَلَى تَرْتِيْب مُسْلِم، وَأَتْقَنَهُ، وَجَوَّده.
__________
1 ترجمته في شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "4/ 289-290". ووقع عنده [الزكر بالزاى المعجمة والراء المهملة بدل [الدكز] بالدال المهملة والزاى المعجمة.
2 ترجمته في تذكرة الحفاظ "4/ ترجمة 1100"، وشذرات الذهب "4/ 271".

(15/368)


قَالَ الأَبَّار: وَلَهُ مصَنّف كَبِيْر جمع فِيْهِ بَيْنَ الكُتُب السِّتَّة، وَلَهُ كِتَاب "الْمُعْتَل مِنَ الحَدِيْثِ" وَكِتَاب "الرّقَاق" وَمُصَنَّفَات أُخَر.
قُلْتُ: وَلَهُ كِتَاب "العَاقبَة" فِي الْوَعْظ وَالزُّهْد.
وَقَالَ الأَبَّار: وَلَهُ فِي اللُّغَة كِتَاب حَافل ضَاهَى بِهِ كِتَاب "الغرِيبين" لأَبِي عُبَيْدٍ الهَرَوِيّ. حَدَّثَنَا عَنْهُ جَمَاعَة مِنْ شُيُوْخنَا.
وَقَالَ: وُلِدَ سَنَةَ عَشْرٍ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَتُوُفِّيَ بِبجَايَة بَعْد مِحْنَة نَالَتْهُ مِنْ قِبَل الدَّوْلَة فِي شَهْرِ رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَة إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ خَطِيْب بَيْت المَقْدِسِ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بن محمد المَعَافِرِيُّ، وَأَبُو الحَجَّاجِ ابْن الشَّيْخ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ نَقيْمَش، وَمُحَمَّد بن أَحْمَدَ بنِ غَالِبٍ الأَزْدِيّ، وَأَبُو العَبَّاسِ العَزَفِيُّ، وَآخَرُوْنَ، وَصَنَّفَ الحَافِظُ القَاضِي أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ الحِمْيَرِيّ الكُتَامِيّ الفَاسِيّ المَشْهُوْرُ بِابْنِ القَطَّان كِتَاباً نَفِيساً فِي مُجَلَّدتين سَمَّاهُ "الوَهْمُ وَالإِيهَام فِيمَا وَقَعَ مِنَ الْخلَل فِي الأَحكَام الكُبْرَى لِعَبْدِ الحَقِّ" يُنَاقشه فِيْهِ فِيمَا يَتعلّق بِالعلل وَبِالجَرْح وَالتَعْدِيْل، طَالعتُهُ، وَعلّقت مِنْهُ فَوَائِد جَلِيْلَة.
وَمِنْ مَسْمُوْع الحَافِظ عَبْد الحَقِّ "صَحِيْح مُسْلِم" يَحملُه عَنْ أَبِي القَاسِمِ بنِ عَطِيَّةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ بشر، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ بنُ سُكّرَة الصَّدَفِيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو العَبَّاسِ بنُ دِلْهَاث العُذْرِيّ، أَخْبَرَنَا الرَّازِيّ بِإِسْنَادِهِ. فَهَذَا نُزول بِحَيْثُ أَنَّ ابْنَ سكّرَة فِي إِزَاء المُؤَيَّد الطُّوْسِيّ، وَشيخنَا القَاسِم الإِرْبِلِيّ فِي طَبَقَة ابْن بِشْر هَذَا، وَصَاحِبه ابْن عَطِيَّةَ وَنَحْنُ فِي الْعدَد سَوَاء، فَكَانَ عَبْدَ الحَقّ سَمِعَهُ مِنَ المِزِّيّ وَالبِرْزَالِيّ وَاللهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ أَنْبَأَنَا "بِالأَحكَام الصُّغْرَى": الإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ هَارُوْنَ فِي كِتَابِهِ إِلَيْنَا مِنَ المَغْرِب، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَبِي نَصْرٍ بِسَمَاعه مِنَ المصَنّف أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْد الحَقِّ.
قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ فِي تَرْجَمَة عَبْد الحَقِّ: كَانَ يُزَاحم فُحُوْل الشُّعَرَاء، وَلَمْ يُطلق عنَانَه فِي نطقِه.
قُلْتُ: مَا أَحلَى قَوْله وَأَوعظه إِذْ قَالَ:
إِنَّ فِي المَوْتِ وَالمعَادِ لُشغلاً ... وَادِّكَاراً لذِي النُّهَى وَبلاغَا
فَاغتَنِمْ خطتَينِ قَبْل المنَايَا ... صِحَّةَ الجِسْم يَا أَخِي وَالفرَاغَا

(15/370)


أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ التَّبْرِيْزِيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ السَّخَاوِيُّ سَنَة خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا مَجْد الدِّيْنِ مُحَمَّد بن أَحْمَدَ بنِ غَالِب الأَزْدِيّ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّد عبد الْحق الأزديّ أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنا أَبُو عَلِيٍّ الصَّدَفِيّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ طَاهِرٍ التَّمِيْمِيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ النَّيْسَابُوْرِيّ المُقْرِئ وَغَيْرهُ، قَالُوا: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ الخُزَاعِيّ، أَخْبَرَنَا الهَيْثَمُ بنُ كُلَيْبٍ الشَّاشِيّ بِبُخَارَى، أَخْبَرَنَا أَبُو عِيْسَى التِّرْمِذِيُّ، حَدَّثَنَا مَحْمُوْدُ بنُ غَيْلاَنَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ، سمعت عبد الله ابن أَبِي عُتبَة يُحدِّث عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ، قَالَ:
كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- أَشَدَّ حَيَاءً مِنَ العَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا، وَكَانَ إِذَا كَرِهَ شَيْئاً، عَرَفْنَاهُ فِي وَجْهِهِ"1 وَأَنْبَأَنَاهُ عَالِياً أَحْمَدُ بن مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ المُطَّلِب بن هَاشِمٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو شُجَاعٍ عُمَر بن مُحَمَّدٍ وَجَمَاعَة قَالُوا: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الخَلِيْلِيّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ الخُزَاعِيّ، فَذَكَره.
__________
1 صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة "8/ 523-524"، والطيالسي "2222" وابن سعد في "الطبقات" "1/ 368"، وأحمد "3/ 71 و79 و88 و91 و92"، والبخاري "3562" و"6102" و"6119"، وفي "الأدب المفرد، "467"، والترمذي في "الشمائل" "351"، وابن ماجه "4180"، والبيهقي "10/ 192"، وفي "دلائل النبوة" "1/ 316"، وفي "الآدب" "200"، من حديث أبي سعيد الخدري، به.

(15/371)


5276- صاحب حماة 1:
المَلِكُ المُظَفَّرُ، تَقِيُّ الدِّيْنِ عُمَرُ ابْنُ الأَمِيْرِ نُوْرِ الدَّوْلَةِ شَاهنشَاه بنِ أَيُّوْبَ بنِ شَاذِي صَاحِبُ حَمَاةَ، وَأَبُو أَصْحَابهَا.
كَانَ بَطَلاً شُجَاعاً مِقْدَاماً جَوَاداً مُمَدَّحاً، لَهُ موَاقفُ مَشْهُوْدَة مَعَ عَمّه السُّلْطَان صَلاَح الدِّيْنِ، وَكَانَ قَدِ استنَابه عَلَى مِصْرَ، وَلَهُ وَقُوف بِمِصْرَ وَالفَيُّوْم.
وَسَمِعَ مِن السِّلَفِيّ وَابْن عَوْف. وَرَوَى شَيْئاً مِنْ شِعْرِهِ.
وَكَانَ لمَا مَرِض السُّلْطَان بِحَرَّانَ، قَدْ هم بتملك مصر، فلما عوفي، طلبهُ إِلَى الشَّامِ، فَامْتَنَعَ، وَعَزَمَ عَلَى اللُّحُوق بِمَمْلَكَة قرَاقوش وَبوزبا اللذِيْن تَملّكَا أَطرَاف المَغْرِب، وَشرع فِي السفَرِ، فَأَتَاهُ الفَقِيْه المقدَّم عِيْسَى الهكَّارِيُّ، فَثنَى عَزْمه، وَأَخْرَجه إِلَى الشَّامِ، فَصفح عَنْهُ عَمُّه، وَلاَطفه، وَأَعْطَاهُ حَمَاة، ثُمَّ المَعَرَّة، وَسلميَّةَ وَكفرطَاب، وَمَيَّافَارِقِيْن، وَحرَّان، وَالرُّهَا، وَسَارَ إِلَى مَيَّافَارِقِيْن ليتسلّمهَا فِي سَبْع مائَة فَارِس.
وَكَانَ ملكاً عَالِي الهِمَّة، فَقصد حَانِي، فَحَاصَرَهَا، وَأَخَذَهَا، فَغَضِبَ صَاحِب خِلاَط بَكتمر، وَسَارَ لِحَرْبِهِ فِي أَرْبَعَةِ آلاَفٍ، فَالتَقَوا، فَانْهَزَم بِكتمر، وَسَاقَ المُظَفَّر، فَنَازل خِلاَط، فَلَمْ يَنَل شَيْئاً، لقلّة جُنْده، فَترحَّل، فَأَتَى مَنَازَكِرد، فَحَاصَرَهَا مُدَّة، فَأَتَاهُ أَجَلُهُ عَلَيْهَا فِي رَمَضَانَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ شَابّاً، وَنُقِلَ، فَدُفِنَ بحَمَاة، وَكَانَ مِنْ أَعيَان مُلُوْك زَمَانه.
وَتملّك حَمَاة بَعْدهَا ابْنه الْملك المَنْصُوْر مُحَمَّد، وَكَانَ لَهُ صيت كَبِيْر فِي الشَّجَاعَة.
وَمَاتَ مَعَهُ فِي اليَوْمِ الأَمِيْر حُسَام الدِّيْنِ مُحَمَّد بن لَاجِين ابْن أُخْت السلطان، ودفن بالشامية مدرسة أمه.
__________
1 ترجمته في وفيات الأعيان "3/ ترجمة 501"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "6/ 113"، وشذرات الذهب لابن العماد "4/ 289".

(15/371)


5277- الخبوشاني 1:
الفَقِيْهُ الكَبِيْرُ، الزَّاهِدُ، نَجْمُ الدِّيْنِ، أَبُو البَرَكَاتِ مُحَمَّدُ بنُ مُوَفَّقِ بنِ سَعِيْدٍ، الخبُوْشَانِيُّ، الشَّافِعِيُّ، الصُّوْفِيُّ.
تَفَقَّهَ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى، وَبَرَعَ.
قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: فَكَانَ يَسْتَحضر كِتَابهُ الْمُحِيط وَهُوَ ستّةَ عشرَ مُجَلَّداً.
وَقَالَ المُنْذِرِيّ: وُلِدَ سَنَةَ عَشْرٍ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَحَدَّثَ عَنْ هبَة الرحمن ابْن القُشَيْرِيّ. وَقَدِمَ مِصْر فَأَقَامَ بِمسجدٍ مُدَّة، ثم بتربة الشَّافِعِيّ، وَتبتَّل لإِنشَائِهَا، وَدرَّس بِهَا، وَأَفتَى وَصَنَّفَ. وَخبُوشَان مِنْ قرَى نَيْسَابُوْر.
قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: كَانَ السُّلْطَان صَلاَح الدِّيْنِ يُقرِّبه، وَيَعتقد فِيْهِ، وَرَأَيْت جَمَاعَة مِنْ أَصْحَابِهِ، فَكَانُوا يَصفُوْنَ فَضله وَدينه وَسلاَمَة بَاطِنه.
وَقَالَ المُوَفَّق عَبْد اللَّطِيْفِ: سكنَ السُّمَيْسَاطِيَّة، وَعرف الأَمِيْر نَجْم الدِّيْنِ أَيُّوْب، وَأَخَاهُ، وَكَانَ قشفاً فِي الْعَيْش، يَابساً فِي الدّين، وَكَانَ يَقُوْلُ: أَصعدُ إِلَى مِصْرَ، وَأُزِيل ملك بنِي عُبيد اليَهودِيّ، إِلَى أَنْ قَالَ: فَنَزَلَ بِالقَاهِرَةِ، وَصرّح بِثَلْبِ أَهْل القَصْر، وَجَعَلَ سبّهم تَسْبِيحه، فَحَارُوا فِيْهِ، فَنفذُوا إِلَيْهِ بِمَال عَظِيْم قِيْلَ: أَرْبَعَة آلاَف دِيْنَار، فَقَالَ لِلرَّسُوْلِ: ويلك، ما هذه
__________
1 ترجمته في وفيات الأعيان "4/ ترجمة 597"، وشذرات الذهب لابن العماد "4/ 288".

(15/372)


البدعَة?! فَأَعجله، فَرمَى الذَّهَبَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَضَرَبَه، وَصَارَت عِمَامَته حلقاً، وَأَنْزَله مِنَ السّلم. وَمَاتَ العَاضد، وَتهيّبوا الخطبَة لِبَنِي العَبَّاسِ، فَوَقَفَ الخبُوْشَانِيّ بعَصَاهُ قُدَّام المِنْبَر، وَأَمر الخَطِيْب بِذَلِكَ، فَفَعَل، وَلَمْ يَكُنْ إلَّا الخَيْر، وَزُيّنت بَغْدَاد. وَلَمَّا بَنَى مَكَان الشَّافِعِيّ، نبش عِظَام ابْن الكِيْزَانِيّ، وَقَالَ: لاَ يَكُوْن صدِّيْق وَزِنْدِيْق مَعاً، فَشدّ الحَنَابِلَة عَلَيْهِ، وَتَأَلَّبُوا، وَصَارَ بَيْنهُم حملاَتٌ حربيَة وَغلبهُم.
وَجَاءَ العَزِيْز إِلَى زِيَارته وَصَافحه، فَطَلبَ مَاء، وَغسل يَده، وَقَالَ: يَا وَلدِي إِنَّك تَمسّ العنَان، وَلاَ يَتوقَّى الغلمَان، قَالَ: فَاغسلْ وَجهك، فَإِنَّك مَسَحْت وَجهك. قَالَ: نَعَمْ، وَغَسَلَهُ.
وَكَانَ أَصْحَابُه يَأْكلُوْنَ بِسَببِهِ الدُّنْيَا، وَلاَ يَسْمَعُ فِيهِم، وَهُم عِنْدَهُ مَعْصُوْمُوْنَ.
وَكَانَ مَتَى رَأَى ذميًا راكبًا، قصد قتله، فظفر بواحد طبيب يُعرف بِابْنِ شُوعَة، فَأَندر عينه بعَصَاهُ، فَذَهَبت هدراً.
وَقِيْلَ: الْتمس مِنَ السُّلْطَان إِسقَاط ضرَائِب لاَ يَمكن إِسقَاطهَا، وَسَاء خلقه، فَقَالَ: قُمْ لاَ نَصرك الله! وَوكزه بعَصَاهُ، فَوَقَعت قَلَنْسُوَته، فَوجم لِذَلِكَ، ثُمَّ حضَر وَقْعَة، فَكُسِر، فَظَنّ أَنَّهُ بدعَائِهِ، فَجَاءَ وَقبل يَدَيْهِ، وَسَأَلَهُ الْعَفو.
وَجَاءهُ حَاجِب نَائِب مِصْر المُظَفَّر تَقِيِّ الدِّيْنِ عُمَر، وَقَالَ لَهُ: تَقِيُّ الدِّيْنِ يُسلِّم عَلَيْك. فَقَالَ الخبُوْشَانِيّ قل: بَلْ شَقِيّ الدِّيْنِ لاَ سلَّم الله عَلَيْهِ، قَالَ: إِنَّهُ يَعتذرُ، وَيَقُوْلُ: لَيْسَ لَهُ مَوْضِعٌ لبيع المِزْرِ1. قَالَ: يَكْذِب. قَالَ: إِنْ كَانَ ثَمَّ مَكَانٌ، فَأَرنَاهُ. قَالَ: ادن. فدنا، فأمسك بِشعرِهِ، وَجَعَلَ يَلطمُ عَلَى رَأْسه، وَيَقُوْلُ: لَسْتُ مزَاراً فَأَعْرف موَاضِع المِزْرِ، فَخلَّصوهُ مِنْهُ.
وَعَاشَ عُمُره لَمْ يَأْخُذْ دِرْهَماً لمَلِكٍ، وَلاَ مِنْ وِقْفٍ، وَدُفِنَ فِي الكِسَاء الَّذِي صَحبه مِنْ بَلَده، وَكَانَ يَأْكُل مِنْ تَاجر صَحِبَه مِنْ بَلَده.
وَأَتَاهُ القَاضِي الفَاضِل لزِيَارَة الشَّافِعِيّ، فَرَآهُ يَلقِي الدّرس، فَجَلَسَ وَجَنْبه إِلَى القَبْرِ، فَصَاحَ: قُمْ قُمْ، ظهْرك إِلَى الإِمَام?! فَقَالَ: إِنْ كُنْت مُسْتَدبرَهُ بقَالبِي، فَأَنَا مُسْتَقْبِلُه بِقَلْبِي. فَصَاح فِيْهِ، وَقَالَ: مَا تُعُبِّدنَا بِهَذَا، فَخَرَجَ وَهُوَ لاَ يَعقل.
قُلْتُ: مَاتَ الخبُوْشَانِيّ فِي ذِي القعدة سنة سبع وثمانين وخمس مائة.
__________
1 المزر: نبيذ يتخذ من الذرة. وقيل: من الشعير أو الحنطة.

(15/373)


5278- السهروردي 1:
العَلاَّمَةُ، الفَيْلَسُوْفُ السِّيْمَاوِيُّ المَنْطِقِيُّ، شِهَابُ الدِّيْنِ يَحْيَى بنُ حَبَشِ بن أَمِيْرك السُّهْرَوَرْدِيُّ، مَنْ كَانَ يَتَوَقَّدُ ذكَاءً، إلَّا أَنَّهُ قَلِيْل الدِّيْنِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي أُصِيْبعَة: اسْمه عُمَر، وَكَانَ أَوحد في حكمة الأوائل، بارعاً فِي أُصُوْل الفِقْه، مُفْرِط الذّكَاء، فَصِيْحاً، لَمْ يُنَاظر أَحَداً إلَّا أَربَى عَلَيْهِ.
قَالَ الفَخْر المَارْدِيْنيّ: مَا أَذكَى هَذَا الشَّابّ وَأَفصحه، إلَّا أَنِّي أَخْشَى عَلَيْهِ لَكَثْرَة تَهوُّره وَاستهتَارِه.
قَالَ: ثُمَّ إِنَّهُ نَاظر فُقَهَاء حلب، فَلَمْ يُجَاره أَحَد، فَطَلَبَهُ الظَّاهِر، وَعَقَدَ لَهُ مَجْلِساً، فَبَان فَضلُه، فَقرَبّه الظَّاهِر، وَاختصَّ بِهِ، فَشَنَّعُوا، وَعملُوا محَاضِر بكُفره، وَبعثَوهَا إِلَى السُّلْطَانِ، وَخوَّفُوهُ أَنْ يُفْسِد اعْتِقَاد وَلده، فَكَتَبَ إِلَى وَلده بِخَطِّ الفَاضِل يَأْمره بِقَتْلِهِ حتماً، فَلما لَمْ يَبْقَ إلَّا قَتله، اخْتَار لِنَفْسِهِ أَنْ يُمَات جوعاً، فَفَعَل ذَلِكَ فِي أَوَاخِرِ سَنَة سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ بِقَلْعَة حلب، وَعَاشَ سِتّاً وَثَلاَثِيْنَ سَنَةً.
قَالَ ابْنُ أَبِي أُصِيْبعَة: وَحَدَّثَنِي إِبْرَاهِيْمُ بنُ صَدَقَة الحَكِيْم، قَالَ: خَرَجْنَا مِنْ بَاب الْفرج مَعَهُ، فَذَكَرنَا السّيمِيَاء، فَقَالَ: مَا أَحْسَن هَذِهِ الموَاضِع! فَنظرنَا مِنْ نَاحِيَة الشَّرْق جَوَاسق مبيضَة كَبِيْرَة مزخرفَة، وَفِي طَاقَاتهَا نسَاء كَالأَقمَار وَمغَانِي، فَتعجّبنَا، وَانذهلنَا، فَبقينَا سَاعَة، وَعدنَا إِلَى مَا كُنَّا نَعهده، إلَّا أَنِّي عِنْد رُؤْيَة ذَلِكَ بقيت أُحسّ مِنْ نَفْسِي كَأَنَّنِي فِي سِنَةٍ خفِيَّة، وَلَمْ يَكُنْ إِدرَاكِي كَالحَالَة الَّتِي أَتحقّقهَا مِنِّي. وَحَدَّثَنِي عجمِيّ قَالَ: كُنَّا مَعَ السُّهْرَوَرْدِيّ بِالقَابُوْنِ، فَقُلْنَا: يَا مَوْلاَنَا! نُرِيْد رَأْس غنم، فأعطانا عَشْرَة درَاهِم، فَاشترَينَا بِهَا رَأْساً، ثُمَّ تَنَازعنَا نَحْنُ وَالتُّرُكْمَانِيّ، فَقَالَ الشَّيْخُ: روحُوا بِالرَّأْس، أَنَا أُرْضيه، ثُمَّ تَبِعَنَا الشَّيْخُ، فَقَالَ التُّرُكْمَانِيّ: أَرْضنِي، فَمَا كلّمه، فَجَاءَ، وَجذب يَده، فَإِذَا بِيَدِ الشَّيْخ قَدِ انْخَلَعَتْ مِنْ كتفه، وَبقيت فِي يَد ذَاكَ، وَدَمهَا يَشخب، فَرمَاهَا، وَهَرَبَ، فَأَخَذَ الشَّيْخ يَده بِاليد الأُخْرَى، وَجَاءَ، فَرَأَينَا فِي يَدِهِ مِنْدِيله لاَ غَيْر.
قَالَ الضِّيَاء صَقر: فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَسَبْعِيْنَ قَدِمَ السُّهْرَوَرْدِيّ، وَنَزَلَ فِي الحلاَويَّة، وَمُدَرِّسهَا الافتخَار الهَاشِمِيّ، فَبحث، وَعَلَيْهِ دَلَق وَلَهُ إِبرِيق وَعُكَّاز، فَأَخْرَج لَهُ الافتخَار ثَوْب عتابِيّ، وَبقيَاراً، وَغلاَلَة، وَلباساً مَعَ ابْنه إِلَيْهِ، فَقَالَ: اقْض لِي حَاجَة، وَأَخْرَج فَصّاً كالبيضة، وقال:
__________
1 ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "6/ ترجمة 813"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "6/ 114"، وشذرات الذهب لابن العماد "4/ 290".

(15/374)


ناد لي عليه، قال: فجاب خمسةً وعشين أَلْفاً، فَطَلَعَ بِهِ العَرِيْف إِلَى الظَّاهِر، فَدَفَعَ فِيْهِ ثَلاَثِيْنَ أَلْفاً، فَجَاءَ وَشَاوره، فَغَضِبَ، وَأَخَذَ الفص، وضربه بحجر فتته، وَقَالَ: خُذِ الثِّيَابَ، وَقبّل يَد وَالِدك، وَقُلْ له: لو أردنا الْمَلْبُوس مَا غلبنَا، وَأَمَّا السُّلْطَان، فَطَلبَ العَرِيْف، وَقَالَ: أُرِيْد الفَصّ، قَالَ: هُوَ لابْن الافتخَار، فَنَزَلَ السُّلْطَان إِلَى المَدْرَسَة، ثُمَّ اجْتمع بِالسُّهْرَوَرْدِيّ، وَأَخَذَهُ مَعَهُ، وَصَارَ لَهُ شَأْن عَظِيْم، وَبحث مَعَ الفُقَهَاء، وَعجَّزهُم. إِلَى أَنْ قَالَ: فَأَفتَوا فِي دَمه، فَقِيْلَ: خُنِقَ، ثُمَّ بَعْد مُدَّة حَبَس الظَّاهِر جَمَاعَة مِمَّنْ أَفْتَى، وَصَادرهَم. وَحَدَّثَنِي السَّدِيْد مَحْمُوْدُ بنُ زقَيْقَةَ، قَالَ: كُنْتُ أَتمشَّى مَعَ السُّهْرَوَرْدِيّ فِي جَامِع مَيَّافَارِقِيْن، وَعَلَيْهِ جُبَّة قصِيْرَة، وَعَلَى رَأْسه فُوطَة، وَهُوَ بزربول كَأَنَّهُ خَرْبَنْدَا.
وَللشِهَاب شعر جَيِّد.
وَلَهُ كِتَاب "التلويحَات اللوحية: و"العرشية"، وَكِتَاب "اللَّمْحَة"، وَكِتَاب "هيَاكل النُّوْر"، وَكِتَاب "المعَارج وَالمطَارحَات"، وَكِتَاب "حِكْمَة الإِشرَاق"، وَسَائِرهَا لَيْسَتْ مِنْ علُوْم الإِسْلاَم.
وَكَانَ قَدْ قرَأَ عَلَى الْمجد الجِيْلِيّ بِمَرَاغَة، وَكَانَ شَافِعِيّاً، وَيُلَقَّبُ بِالمُؤَيَّد بِالملكوت.
قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: وَكَانَ يُتَّهَم بِالانحَلاَل وَالتعطيل، وَيَعتقد مَذْهَب الأَوَائِل اشْتهر ذَلِكَ عَنْهُ، وَأَفتَى علماء حلب بقتله، وأشدهم الزين وَالمجد ابْنَا جَهْبَل.
قُلْتُ: أَحْسَنُوا وَأَصَابُوا.
قَالَ المُوَفَّق يَعِيْش النَّحْوِيّ: لمَا تَكلّمُوا فِيْهِ، قَالَ لَهُ تِلْمِيْذه: إِنَّك تَقُوْلُ: النُّبُوَّة مكتسبَة، فَانزح بِنَا، قَالَ: حَتَّى نَأْكل بِطِّيخ حلب، فَإِنَّ بِي طرفاً مِنَ السّلّ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى قَرْيَة بِهَا بِطِّيخ، فَأَقمنَا أَيَّاماً، فَجَاءَ يَوْماً إِلَى محفرَة لِتُرَاب الرَّأْس، فَحَفَر حَتَّى ظهر لَهُ حصَى، فَدهنَه بِدهن مَعَهُ، وَلفَّه فِي قُطْن، وَحمله فِي وَسطه أَيَّاماً، ثُمَّ ظهر كُلّه يَاقُوْتاً أَحْمَر، فَبَاع مِنْهُ، وَوهب أَصْحَابه، وَلَمَّا قُتِل كَانَ مَعَهُ مِنْهُ.
قُلْتُ: كَانَ أَحْمَق طيَّاشاً مُنحلاًّ.
حكَى السَّيْف الآمِدِيّ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: لاَ بُدَّ لِي أَنْ أَملك الدُّنْيَا. قُلْتُ مَنْ أَيْنَ لَكَ هَذَا? قَالَ: رَأَيْتُ كَأَنِّيْ شَرِبت مَاء البَحْر، قُلْتُ: لَعَلَّ يَكُوْن اشتهَار علمك، فَلَمْ يَرْجِع عَمَّا فِي نَفْسِهِ. وَوجدته كَثِيْرَ العِلْمِ، قَلِيْل العَقْل. وَلَهُ عِدَّةُ مُصَنَّفَات.
قُلْتُ: قُتِلَ فِي أَوَائِل سَنَة سبع وثمانين وخمس مائة.

(15/375)


صاحب الروم، النميري:
5279- صاحب الروم:
السُّلْطَانُ عِزُّ الدِّيْنِ قِلْجُ أَرْسَلاَن ابْنُ السُّلْطَانِ مسعود بن قلج أرسلان بن سُلَيْمَانَ بنِ قُتُلْمش بنِ إِسْرَائِيْلَ بنِ بيغو بنِ سَلْجُوْقٍ، السَّلْجُوْقِيُّ، التُّرُكْمَانِيُّ مَلِكُ الرُّوْم.
فِيه عَدْلٌ فِي الجُمْلَةِ وَسدَادٌ وَسيَاسَةٌ.
امتدَّت أَيَّامه. وَهُوَ وَالِدُ الَسْتِّ السُّلْجُوْقِيَّة زَوْجَة الإِمَام النَّاصِر.
كَانَتْ دَوْلَته تِسْعاً وَعِشْرِيْنَ سَنَةً -وَقِيْلَ بِضْعاً وَثَلاَثِيْنَ سَنَةً- وَشَاخ، وَقوِيَ عَلَيْهِ بَنُوْهُ.
قَالَ ابْنُ الأَثِيْرِ: كَانَ لَهُ مِنَ البِلاَد قُوْنيَة، وَأَقْصَرَا، وَسيوَاس، وَملطيَة، وَكَانَ ذَا سيَاسَة وَعدل، وَهَيْبَة عَظِيْمَة، وَغَزَوَات كَثِيْرَة. وَلَمَّا كبر، فَرّق بلاَده عَلَى أَوْلاَده، ثُمَّ حجر عَلَيْهِ ابْنه قُطْب الدِّيْنِ، فَفَرّ مِنْهُ إِلَى ابْنِهِ الآخر، فَتبّرم بِهِ، ثُمَّ خدَمه وَلده كيخسرو، وَنَدِمَ هو عَلَى تَفرِيق بلاَده.
وَكَانَتْ وَفَاتُهُ بِقُوْنِيَة سَنَة ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ فِي مُنْتَصف شَعْبَان.
قُلْتُ: وَيُقَالُ: إِنَّهُ قُتِل سرّاً، وَلَمْ يَصِحَّ.
وَتسلطنَ بَعْدَهُ ابْنه غِيَاث الدِّيْنِ كيخسرو.
وَمَاتَ مَلِكْشَاه بنُ قِلج أَرْسَلاَن بَعْد أَبِيْهِ بِيَسِيْرٍ، وتمكن كيخسرو. وهو والد السلطان كيكاوس.
5280- النميري 1:
الأَمِيْرُ الأَدِيْبُ، أَبُو المُرْهفِ نَصْرُ بنُ مَنْصُوْرِ بنِ حَسَنٍ النُّمَيْرِيّ.
وَأُمّه بَنَّةُ بِنْتُ سَالِم بن مَالِكٍ ابْن صَاحِب المَوْصِل بَدْرَان بن مقلّد العُقَيْلِيّ.
وُلِدَ بِالرَّافقَة بَعْد الخَمْسِ مائةٍ.
وَقَالَ الشّعر وَهُوَ مُرَاهِق. وَلَهُ "دِيْوَان".
ضعف بصره بالجدري.
__________
1 ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "5/ ترجمة 761"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "6/ 118"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "4/ 295-296".

(15/376)


ثُمَّ اختلفتْ عَشِيرَتُه، وَاختلّ نِظَامهُم، فَقَدِم بَغْدَاد، وَحفظ القُرْآن، وَتَفَقَّهَ لأَحْمَدَ، وَأَخَذَ النَّحْو عَنِ ابْنِ الجَوَالِيْقِيّ. وَسَمِعَ مِنْ هِبَة اللهِ بن الحصين وجماعة.
وَصَحِبَ الصَّالِحِيْنَ، وَمدح الخُلَفَاء، وَأَضَرَّ بِأَخَرَةٍ.
رَوَى عنه: عثمان بن مقبل، والبهاء عبد الرحمن، وَابْن الدُّبَيْثِيّ، وَابْن خَلِيْل، وَعَلِيّ بن يُوْسُفَ الحمامِيّ، وَكَانَتْ لأَبِيْهِ قَلْعَة نَجْمٍ.
وَهُوَ القَائِلُ:
يُزَهِّدُنِي فِي جَمِيْع الأَنَامِ ... قِلَّةُ إِنْصَافِ مَنْ يَصْحَبُ
وَهَلْ عَرَفَ النَّاسُ ذُو نهيةٍ ... فَأَمسَى لَهُ فِيهِم مَأْرَبُ
هُمُ النَّاسُ مَا لَمْ يُجَرِّبْهُمُ ... وَطُلْسُ الذِّئَابِ إِذَا جُرِّبُوا
وَلَيْتَكَ تَسْلَمُ حَال البِعَادِ ... مِنْهُم، فَكَيْفَ إِذَا قُرِّبُوا ?
وَلَهُ:
أُحبّ عَلِيّاً وَالبتُولَ وَوُلْدَهَا ... وَلاَ أَجحَدُ الشَّيْخَيْنِ حَقَّ التَّقَدُّمِ
وأبرأُ مِمَّنْ نَال عُثْمَانَ بِالأَذَى ... كَمَا أَتَبَرَّا مِنْ وَلاَء ابْنِ مُلجِمِ
وَيُعْجِبُنِي أَهْلُ الحَدِيْثِ لصدقِهِم ... مدَى الدَّهْرِ فِي أَفعَالِهِم وَالتَّكَلُّمِ
مَاتَ فِي شَهْرِ رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ وخمس مائة.

(15/377)


5281- ابن مجبر 1:
شَاعِرُ زَمَانِهِ الأَوْحَدُ، البَلِيْغُ، أَبُو بَكْرٍ يَحْيَى بنُ عَبْدِ الجَلِيْلِ بنِ مُجْبَرٍ، الفِهْرِيُّ المرْسِيُّ، ثُمَّ الإِشْبِيْلِيُّ.
مدح المُلُوْك، وَشَهِدَ لَهُ بِقَوَّة عَارضته، وَسلاَمَة طبعه، وَفحُوْلَة نَظمه قصَائِدُه الَّتِي سَارَتْ أَمثَالاً، وَبعدت منَالاً.
أَخَذَ عَنْهُ أَبُو القَاسِمِ بنُ حَسَّانٍ، وَغَيْرهُ.
بَالغ ابْن الأَبَّار فِي وَصْفِهِ.
وَمَاتَ بِمرَّاكش لَيْلَة النَّحْر سَنَة ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ كَهْلاً، وَقِيْلَ: سَنَةَ سَبْعٍ. وَلَهُ هَذِهِ:
أَترَاهُ يَتْرُكُ العَذَلا ... وَعَلَيْهِ شَبَّ وَاكتهلاَ
كلفٌ بِالغِيْدِ مَا عَلِقَتْ ... نَفْسُهُ السّلوان مذ عقلا
غَيْرُ راضٍ عَنْ سَجِيَّةِ مَنْ ... ذَاقَ طَعْمَ الحُبِّ ثُمَّ سَلاَ
نَظَرَتْ عَيْنِي لِشِقْوَتِهَا ... نظراتٍ وَافَقَتْ أَجلاَ
غَادَةً لَمَّا مَثَلْتُ لَهَا ... تَرَكَتْنِي فِي الهَوَى مَثَلاَ
خَشِيْتُ أَنِّي سأُحرقها ... إِذْ رَأَتْ رَأْسِي قَدِ اشتَعلاَ
ليتنَا نَلْقَى السُّيُوفَ وَلَمْ ... نلقَ تِلْكَ الأَعْيُن النُّجلاَ
أَشرَعُوا الأَعْطَافَ مَائِسَةً ... حِيْنَ أَشرعنَا القَنَا الذُّبلاَ
نُصِرُوا بِالحُسْنِ فَانْتَهبُوا ... كُلَّ قلبٍ بِالهَوَى خُذِلاَ
منهَا:
ثُمَّ قَالُوا سَوف نَترُكُهَا ... سَلَباً لِلْحبِّ أَوْ نَفلاَ
قُلْتُ أَوَمَا وَهِيَ عالقةٌ ... بِأَمِيْر المُؤْمِنِيْنَ فَلاَ
وَلَهُ:
دَعَا الشَّوْقُ قَلْبِي وَالركَائِبَ وَالركْبَا ... فَلبَّوا جَمِيْعاً وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ لبَّى
وَمِنْهَا:
يَقُوْلُوْنَ دَاوِ القَلْبَ يَسْلُ عَنِ الهَوَى ... فَقُلْتُ لَنِعْمَ الرأي لو أنّ لي قلبا
__________
1 ترجمته في وفيات الأعيان "7/ 13".

(15/378)


الحضرمي، أخوه، سلطان شاه:
5282- الحضرمي 1:
قَاضِي الإِسْكَنْدَرِيَّةِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مَنْصُوْرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الفَضْلِ الحَضْرَمِيُّ العَلاَئِيُّ، نسبَةً إِلَى العَلاَء بن الحَضْرَمِيّ صَاحِبِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الصَّقَلِّيُّ، ثُمَّ الإسكندراني، المالكي، الفقيه.
وُلِدَ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ الرَّازِيّ عِدَّة أَجزَاء.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ المُفَضَّلِ الحَافِظ، وَعَبْد الغَنِيِّ الحافظ، وابن رواج، وعبد الرحمن بن علاّس القصديرِيّ، وَعَلِيّ بن عُمَرَ بنِ ركَاب، وَآخَرُوْنَ.
مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائة.
5283- أخوه:
الإِمَامُ الفَقِيْهُ أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحَضْرَمِيُّ المَالِكِيُّ، مِنْ كِبَارِ الفُقَهَاءِ.
رَوَى عَنْ: أَبِي عَبْدِ اللهِ الرَّازِيّ، وَأَبِي الوَلِيْدِ بنِ خِيرَة، وَيُوْسُف بن مُحَمَّدٍ الأُمَوِيّ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ رِفَاعَةَ.
وَدرَّس. وَسَمَاعه مِنَ الرَّازِيّ حُضُوْرٌ، فَإِنَّهُ قَالَ: وُلِدت فِي أَوَّلِ سَنَة اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ.
رَوَى عَنْهُ جَمَاعَة، وَهُوَ أَقدمُ شَيْخ لقِيه التقِيُّ ابْن الأَنْمَاطِيّ.
مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَكَانَ أَبُوْهُمَا الشَّيْخ أَبُو القَاسِمِ آخرَ مَنْ حَدَّثَ بِالإِجَازَةِ عَنِ الحبَّال.
وَكَانَ جَدّهُمَا مِنْ مَشَايِخ السِّلَفِيّ، فهم بيت علم ورواية.
5284- سلطان شاه 2:
صَاحِبُ مَرْو، مَحْمُوْدُ بنُ خُوَارِزمْشَاه أَرْسَلاَنُ بنُ أَتْسِز بنِ مُحَمَّدِ بنِ نُوشْتِكِيْن الخُوَارِزْمِيُّ، أَخُو السُّلْطَانِ عَلاَءِ الدِّيْنِ خُوَارِزْمشَاه تَكش.
تَمَلَّكَ بَعْدَ أَبِيْهِ سَنَة548، وَجَرَتْ لَهُ حُرُوْب وَخُطُوب. وَكَانَ أَخُوْهُ قَدْ ملَّكه أَبُوْهُ بَعْض خُرَاسَان، فَحشد، وَأَقْبَلَ، وَحَارَبَ أَخَاهُ، وَكَانَ كَفَرَسَي رهَان فِي الْحزم وَالعَزْم وَالشَّجَاعَة وَالرَّأْي.
حضر مَحْمُوْد غيرَ مَصَافٍّ، وَاسْتعَان بِالخَطَا، وَافتَتَح مُدناً، وَقَدْ أَسَرَ أَخُوْهُ تَكش وَالِدَة مَحْمُوْد، وَذبحهَا، وَاسْتَوْلَى عَلَى خزائن أبيه.
__________
1 ترجمته في شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "4/ 297".
2 ترجمته في شذرات الذهب لابن العماد "4/ 297".

(15/379)


وَلهُم سِيَرٌ وَأَحْوَال.
وَقِيْلَ: إِنَّ مَحْمُوْداً طَرَدَ الغُزَّ عَنْ مَرْو، وَتَملّكهَا، ثُمَّ تحزَّبُوا عَلَيْهِ، وَكسروهُ، وَقتلُوا فُرْسَانه، فَاسْتنجد بِالخَطَا، وَأَقْبَلَ بِعَسْكَر عَظِيْم، وَأَخْرَج الغُزّ عَنْ سَرْخَس، وَنسَا، وَمرو، وَأَبِيْوَرْد، وَتَملَّك ذَلِكَ.
ثُمَّ إِنَّهُ كَاتِب غِيَاث الدِّيْنِ الغُوْرِيّ، ليُسَلِّم إِلَيْهِ هَرَاة، وَبَعَثَ إِلَيْهِ الغِيَاث يَأْمرُهُ أَنْ يَخطُب لَهُ، فَأَبَى، وَشنَّ الغَارَات، وَظلم، وَتَمرَّد، فَأَقْبَل الغُوْرِيّ لِحَرْب مَحْمُوْد، فَتقهقر، وَجَمَعَ، فَتحزَّب لَهُ غِيَاث الدِّيْنِ، وَأَخُوْهُ صَاحِب الهِنْد شِهَاب الدِّيْنِ، ثُمَّ الْتَقَى الجمعَان، فَتفلَّلَ جمع مَحْمُوْد، وَتحصَّن هُوَ بِمَرْو، فَبَادر أَخُوْهُ تَكش، وَآذَى مَحْمُوْداً، وَضَايقه حَتَّى كَلَّ، وَخَاطر، وَسَارَ إِلَى خدمَة الغِيَاث، فَبَالغ فِي احْتِرَامه، وَأَنْزَله مَعَهُ، فَبَعَثَ تَكش إِلَى الغِيَاث يَأْمُرُه بَاعتقَالِ أَخِيْهِ، فَأَبَى، فَبَعَثَ يَتوعَّده، فَتَهَيَّأَ الغِيَاث لقَصده. وَأَمَّا مَحْمُوْد، فَمَاتَ فِي سَلْخِ رَمَضَان سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، فَأَحْسَن الغِيَاث إِلَى أَجنَاد مَحْمُوْد، وَاستخدمهُم.

(15/380)


5285- أَبُو مَدْيَنَ:
شُعَيْبُ بنُ حُسَيْنٍ الأَنْدَلُسِيُّ الزَّاهِدُ، شَيْخُ أَهْلِ المَغْرِبِ، كَانَ مِنْ أَهْلِ حصنِ منتُوجت مِنْ عَمل إِشْبِيْلِيَة.
جَال وَسَاح، وَاسْتَوْطَنَ بجاية مدةً، ثم تلمسان.
ذكره الأَبَّار بِلاَ تَارِيخ وَفَاة، وَقَالَ: كَانَ مِنْ أَهْلِ الْعَمَل وَالاجتهَاد، مُنْقَطِع القرِيْنَ فِي العِبَادَةِ وَالنُّسك. قَالَ: وَتُوُفِّيَ بتِلِمْسَان فِي نَحْو التِّسْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَكَانَ آخر كَلاَمه: الله الحيّ، ثُمَّ فَاضت نَفْسه.
قَالَ مُحْيِي الدِّيْنِ ابْنُ العَرَبِيِّ: كَانَ أَبُو مَدْيَنَ سُلْطَانَ الوَارِثِيْنَ، وَكَانَ جمَال الحُفَّاظ عَبْدُ الحَقِّ الأَزْدِيّ قَدْ آخَاهُ بِبجَايَة، فَإِذَا دَخَلَ عَلَيْهِ، وَيَرَى مَا أَيَّده الله بِهِ ظَاهِراً وَبَاطِناً، يَجد فِي نَفْسِهِ حَالَة سَنِيَّةً لَمْ يَكُنْ يَجِدُهَا قَبْل حُضُوْر مَجْلِس أَبِي مَدْيَن، فَيَقُوْلُ عِنْدَ ذَلِكَ: هَذَا وَارِث عَلَى الحقيقَة.
قَالَ مُحْيِي الدِّيْنِ: كَانَ أَبُو مَدْيَن يَقُوْلُ: مِنْ علاَمَات صِدْق المرِيْد فِي بدَايته انْقطَاعه عَنِ الخلْقِ، وَفرَارُه، وَمِنْ علاَمَات صِدْق فَرَاره عَنْهُم وَجُوْدُه لِلْحقِّ، وَمِنْ علاَمَات صدق وَجُوْده لِلْحقِّ رُجُوْعه إِلَى الخلْقِ، فَأَمَّا قَوْل أَبِي سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيّ لَوْ وَصلُوا مَا رَجَعُوا فَلَيْسَ بِمنَاقض لِقَوْل أَبِي مَدْيَن، فَإِنَّ أَبَا مَدْيَن عَنَى رُجُوْعهُم إِلَى إرشاد الخلق، والله أعلم.

(15/380)


5286- ابن بنان 1:
المَوْلَى الفَاضِلُ الأَثِيْرُ، ذُو الرِّيَاسَتَيْنِ، أَبُو الفَضْلِ محمد بن محمد بن أَبِي الطَّاهِرِ مُحَمَّدِ بنِ بُنَانٍ الأَنْبَارِيُّ الأَصْل، المِصْرِيُّ الكَاتِبُ، وَلَدُ القَاضِي الأَجلِّ أَبِي الفَضْلِ.
وُلِدَ بِالقَاهِرَةِ سَنَة سَبْعٍ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ أَبِي صَادِق مُرْشِد المَدِيْنِيّ، وَوَالِده، وَأَبِي البركات محمد ابن حَمْزَةَ العِرْقِيِّ، وَالقَاضِي مُحَمَّد بن هِبَةِ اللهِ بنِ عُرْس.
وَتَلاَ عَلَى أَبِي العَبَّاسِ بنِ الحُطيئَة.
حَدَّثَ عَنْهُ: الشَّرِيْف مُحَمَّد بن عَبْدِ الرحمن الحُسَيْنِيّ الحَلَبِيّ، وَالرَّشِيْد أَبُو الحُسَيْنِ العَطَّار، وَجَمَاعَة سِوَاهُمَا.
قَالَ الدُّبَيْثِيّ: قَدِمَ بَغْدَادَ رَسُوْلاً مِنْ صَاحِب اليَمَن سَيْف الإِسْلاَم، فَحَدَّثَ بِـ"السيرَة" عَنْ وَالِده عَنِ الحبَّال. وَحَدَّثَ بِـ"صِحَاح الجوهري"، وكتبوا عنه من شعره.
وَقَالَ المُنْذِرِيّ: سَمِعَ مِنْهُ جَمَاعَة مِنْ رُفقَائِنَا، وَكَتَبَ الكَثِيْر، وَخطُّه فِي غَايَة الجوْدَة. وَلِيَ دِيْوَان النَّظَر فِي الدَّوْلَة المِصْرِيَّة، وَتَقَلَّب فِي الْخَدَم، وَعَاشَ تِسْعاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
قَالَ المُوَفَّق عَبْد اللَّطِيْفِ: كَانَ أَسْمَر طُوَالاً رقيقاً، لَهُ أَدب وَترَسُّل، وَكَانَ صَاحِبَ الدِّيْوَان، وَالقَاضِي الفَاضِل، مِمَّنْ يغشَى بَابَه وَيَمتدحه، وَيَفخَرُ بِالوُصُوْل إِلَيْهِ، فَلَمَّا جَاءت الدَّوْلَة الصَّلاَحيَّة، قَالَ الفَاضِل: هَذَا رَجُل كَبِيْرَ القَدْرِ يَنْبَغِي أَنْ يُجرَى عَلَيْهِ مَا يَكفِيه، وَيَجْلِس فِي بَيْته، فَفُعَل ذَلِكَ، ثُمَّ تَوجّه إِلَى اليَمَنِ، وَوزر بِهَا، وَترسّل إِلَى بَغْدَادَ، فَعظّم وَبجّل، وَلَمَّا صرت إِلَى مِصْرَ، وَجَدْت ابْنَ بُنَانٍ فِي ضَنْك، وَعَلَيْهِ دَيْن ثَقِيل أَدَّى أَمره إِلَى أَنْ حَبسه الحَاكِم بِالجَامِع، وَكَانَ يَنْتقص بِالقَاضِي الفَاضِل، وَيَرَاهُ بِالعين الأُوْلَى، فَقَصَّر الفَاضِل فِي حقّه، وَكَانَ الدَّيْن لأَعْجَمِيّ، فَصَعِدَ إِلَيْهِ إِلَى سطح الجَامِع، وَسفّه عَلَيْهِ، وَقبض عَلَى لِحْيته وَضَرَبَه، فَفَرّ، وَأَلقَى نَفْسه مِنَ السّطح، فَتهشّم، فَحُمِلَ إِلَى دَارِهِ، وَمَاتَ بَعْدَ أَيَّام، فَسيّر الفَاضِل لِتجهيزه خَمْسَةَ عَشَرَ دِيْنَاراً مَعَ وَلده، ثُمَّ إِنَّ الفَاضِل مَاتَ بَعْدَ ثَلاَثَة أَيَّام فُجَاءةً.
مَاتَ ابْن بُنَانٍ فِي ثَالِث رَبِيْع الآخر سَنَة ست وتسعين وخمس مائة.
وَكَانَ فِيْهَا القَحط بِمِصْرَ وَالفنَاء، وَخَرُبَ الإِقْلِيْم، وَجلاَ أَهْله، وَأَكلُوا المَيْتَة وَالآدَمِيّين، وَهلكُوا؛ لأَن النّيل كسر مِنْ ثَلاَثَةَ عَشَرَ ذرَاعاً وَأَصَابع، وَقِيْلَ: مَا كملَ الثَّلاَثَة عشر فَللهِ الأَمْر.
__________
1 ترجمته في النجوم الزاهرة لابن تغري بردي "6/ 159"، وشذرات الذهب لابن العماد "4/ 327" ووقع عنده [بيان] بالمثناة التحتية بدل [بنان] بالموحدة الفوقية.

(15/381)


ابن حيدرة، أبو طالب الكرخي:
5287- ابن حيدرة 1:
الشريف، أبو المعمر محمد بن أَبِي المَنَاقِبِ حَيْدَرَةَ ابْنِ الإِمَامِ عُمَرَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الزَّيْدِيُّ، العَلَوِيُّ، الكُوْفِيُّ.
عَاشَ تِسْعِيْنَ سَنَةً.
وَهُوَ آخِرُ مَنْ رَوَى عَنْ أَبِي الغَنَائِم النَّرْسِيّ، وَرَوَى عَنْ جَدِّهِ، وَعَنْ سَعِيْدِ بنِ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيّ.
رَوَى عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ طَارِقٍ، وَابْن خَلِيْل.
قَالَ تَمِيْم البَنْدَنِيْجِيّ: كَانَ رَافِضِيّاً.
قُلْتُ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَفِيْهَا مَاتَ ابْنُ بَوْش، وَصَاحِب اليَمَن سَيْف الإِسْلاَم طُغْتِكِيْن بن أَيُّوْبَ، وَمُقْرِئ وَاسِط ابْن البَاقِلاَّنِيّ، وَالوَزِيْر جلاَل الدِّيْنِ عُبَيْد اللهِ بن يُوْنُسَ الأَزَجِيّ، وَقَاضِي القُضَاةِ أَبُو طَالِبٍ عَلِيُّ بنُ عَلِيِّ بنِ أَبِي البَرَكَات هِبَة اللهِ ابن البُخَارِيّ الشَّافِعِيّ، وَالشَّيْخ عُمَر الكُمَيْمَاتِيّ الزَّاهِد، وَمُحَمَّد بن سيّدهُم الدِّمَشْقِيّ ابْن الهَرَّاس، وَأَبُو الفَتْحِ نَاصِر بن مُحَمَّدِ بنِ أَبِي الفَتْحِ الويرج القطان.
5288- أبو طالب الكرخي 2:
الإِمَامُ الأَوْحَدُ، شَيْخُ الشَّافِعِيَّة، وَصَاحِبُ الخَطِّ المَنْسُوْبِ، أَبُو طَالِبٍ المُبَارَك بن المُبَارَكِ بن المُبَارَكِ الكرخي، صاحب أبي الحسن ابن الخَلِّ، وَهُوَ المُبَارَكُ بنُ أَبِي البَرَكَاتِ.
وُلِدَ سنة نيف وخمس مائة.
__________
1 ترجمته في النجوم الزاهرة لابن تغري بردي "6/ 143"، وشذرات الذهب لابن العماد "4/ 315".
2 ترجمته في النجوم الزاهرة لابن تغري بردي "6/ 110-111"، وشذرات الذهب لابن العماد "4/ 284".

(15/382)


وَسَمِعَ مِنْ: هِبَة اللهِ بن الحُصَيْنِ، وَقَاضِي المَارستَان.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ أَحْمَدَ البَنْدَنِيْجِيّ، وَغَيْرهُ.
كَانَ ذَا جَاه وَحِشْمَة لِكَوْنِهِ أَدَّب أَوْلاَد النَّاصِر لِدِيْنِ اللهِ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّار: شَهِدَ عِنْد قَاضِي القُضَاةِ أَبِي القَاسِمِ الزَّيْنَبِيّ فِي سَنَةِ ثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، ثُمَّ درّس بِمَدْرَسَة شَيْخه ابْنِ الخَلِّ بَعْدَهُ، ثُمَّ وَلِي النّظَامِيَّة فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ. وَكَانَ إِمَامَ وَقته فِي العِلْمِ وَالِدّين وَالزُّهْد وَالوَرَع، لاَزم ابْنَ الخَلِّ حَتَّى بَرَعَ فِي المَذْهَب وَالخلاَف....، إِلَى أَنْ قَالَ: وَكَانَ مِنَ الوَرَع وَالزُّهْد وَالعفَّة وَالنزَاهَة وَالسَّمْت عَلَى طرِيقَة اشْتهَرَ بِهَا، وَكَانَ أَكْتَب أَهْل زَمَانِهِ لطرِيقَة ابْنِ البوَّاب، وعليه كتب الظاهر بأمر الله.
قَالَ: وَكَانَ ضنِيناً بِخَطِّهِ، حَتَّى إِنَّهُ كَانَ إِذَا شَهِدَ، وَكَتَبَ فِي فُتْيَا، كسر الْقَلَم، وَكَتَبَ بِهِ خطّاً رديّاً.
قُلْتُ: درّس، وَأَفتَى، وَدَرَّسَ بِالنّظَامِيَّةِ بَعْد أَبِي الخَيْرِ القَزْوِيْنِيّ.
وَرَوَى عَنْهُ أَبُو بَكْرٍ الحَازِمِيّ.
وَعَاشَ نَيِّفاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
قَالَ المُوَفَّق عَبْد اللَّطِيْفِ بن يُوْسُفَ: كَانَ رَبّ علم وَعَمل وَعفَاف وَنُسُك، وَكَانَ نَاعم الْعَيْش، يَقوم عَلَى نَفْسِهِ وَبدنه قيَاماً حَكِيْماً، رَأَيْتهُ يُلْقِي الدّرس، فَسَمِعْتُ مِنْهُ فَصَاحَة رَائِعَة، وَنغمَة رَائِقَة، فَقُلْتُ: مَا أَفصح هَذَا الرَّجُل! فَقَالَ شَيْخنَا ابْنُ عُبَيْدَةَ النَّحْوِيّ: كَانَ أَبُوْهُ عوَّاداً، وَكَانَ هُوَ مَعِي فِي الْمكتب، فَضَرَبَ بِالعُوْد، وَأَجَاد، وَحذق حَتَّى شَهِدُوا لَهُ أَنَّهُ فِي طَبَقَة مَعْبَد، ثُمَّ أَنِف، وَاشْتَغَل بِالخطّ إِلَى أَنْ شَهِدَ لَهُ أَنَّهُ أَكْتَب مِنَ ابْنِ البوَّاب، وَلاَ سِيَّمَا فِي الطُّومَار وَالثُّلُث، ثُمَّ أَنِف مِنْهُ، وَاشْتَغَلَ بِالفِقْه، فَصَارَ كَمَا تَرَى، وَعلّم وَلَدَي النَّاصِر لِدِيْنِ اللهِ، وَأَصلحَا مدَاسه.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: تُوُفِّيَ فِي ثَامن ذِي القَعْدَةِ سَنَة خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَكَانَ قَدْ خَرَجَ فِي عصر هَذَا اليَوْم لِلصَّلاَة بِالجَمَاعَة بِالرِّبَاط، فَلَمَّا تَوجّه لِلصَّلاَة، عرضت لَهُ سعلَة، وَتتَابعت، فَسَقَطَ، وَحُمِلَ إِلَى مَنْزِلِهِ، فَمَاتَ فِي وَقْتِهِ، وَحضره خلق كَثِيْر، رحمة الله عليه.

(15/383)


القاضي الفاضل، ابن أبي حبة:
5289- القاضي الفاضل 1:
هُوَ العَلاَّمَةُ، صَاحِبُ الطّرِيقَةِ، أَبُو طَالِبٍ مَحْمُوْدُ بنُ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ التَّمِيْمِيُّ، الأَصْبَهَانِيُّ الشَّافِعِيُّ، تِلْمِيْذُ مُحْيِي الدِّيْنِ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى الشَّهِيْدِ.
لَهُ تَعليقَة فِي الخلاَف باهرَة جِدّاً، وَكَانَ عجباً فِي إِلقَاء الدّروس.
تخرّج بِهِ أَئِمَّة، وَكَانَ آيَةً فِي الْوَعْظ، صَاحِب فُنُوْن.
أَرَّخ ابْن خَلِّكَانَ مَوْته فِي شَوَّالٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
5290- ابْنُ أَبِي حَبَّةَ 2:
الشَّيْخُ الكَبِيْرُ، أَبُو يَاسِرٍ عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ هبة الله بن أبي ياسر عبد الوَهَّابِ بنِ عَلِيِّ بنِ أَبِي حَبَّةَ البَغْدَادِيُّ، الطَّحَّانُ، رَاوِي المُسْنَد بِحَرَّانَ.
سَمِعَ: هِبَة اللهِ بن الحصين، وأبا غالب ابن البناء، وأبا الحُسَيْنِ مُحَمَّدَ ابْنَ القَاضِي أَبِي يَعْلَى، وَهِبَة اللهِ ابْن الطَّبَر، وَزَاهِر بن طَاهِر، وَمُحَمَّد بن الحُسَيْنِ المَزْرَفِيّ، وَعِدَّة.
وَكَانَ فَقيراً، قَانِعاً، متعففًا.
حدث عنه: البهاء عبد الرحمن، وَعَبْد العَزِيْزِ بن صُدَيْقٍ، وَأَحْمَد بن سَلاَمَةَ النجا، وَأَهْل حرَّان.
قَالَ ابْنُ النَّجَّار: كَانَ لاَ بَأْسَ بِهِ، صَبُوْراً عَلَى فَقره.
وَقَالَ ابْنُ الدبيبثي: كَانَ فَقيراً، صَبُوْراً، صَحِيْح السَّمَاع.
وُلِدَ سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَأَدْرَكَهُ الأَجَلُ بِحَرَّانَ فِي الحَادِي وَالعِشْرِيْنَ مِنْ رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَفِيْهَا مَاتَ: أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ العِرَاقِيّ الحَنْبَلِيّ المُقْرِئ، أَحَدُ الأَئِمَّةِ بِدِمَشْقَ، وَإِسْمَاعِيْل الجَنْزَوِيُّ الشُّرُوْطِيّ، وَمُفْتِي وَاسِط أَبُو عَلِيٍّ الحَسَن ابْن الإِمَام أَبِي جَعْفَرٍ هِبَة اللهِ ابْن البُوقِيّ الشَّافِعِيّ، وَالمُحَدِّث الصَّالِح أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ يُوحنَّ اليَمَانِيّ عَنْ نَيِّف وَثَمَانِيْنَ سَنَةً، وَالوَزِيْر المُنْشِئُ مُوَفَّق الدِّيْنِ خَالِد بن مُحَمَّدِ بنِ نَصْر ابْن القَيْسَرَانِيّ الحَلَبِيّ بِهَا، وَالمُسْنِدُ أَبُو مَنْصُوْرٍ طَاهِر بن مكَارِم المَوْصِلِيّ المُؤَدِّب رَاوِي "مُسْنَد المُعَافَى"، وَالشَّيْخ أَبُو جَعْفَرٍ عُبَيْد اللهِ بن أَحْمَدَ ابْنِ السمِين، وَالأَمِيْر الكَبِيْر سَيْف الدِّيْنِ عَلِيّ بن أَحْمَدَ ابْنِ الْملك أَبِي الهيجَا الهكَّارِيّ، المشطوبُ، وَقَاسم بن إِبْرَاهِيْمَ المَقْدِسِيّ بِمِصْرَ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ فَارِس بن أَبِي القَاسِمِ بنِ فَارِس الحَفَّار الحَرْبِيّ، عَنْ بِضْع وَتِسْعِيْنَ سَنَةً، وَصَاحِب الرُّوْم عِزّ الدِّيْنِ قليج أَرْسَلاَن بن مَسْعُوْدٍ السَّلْجُوْقِيّ، وَالنَّسَّابَة أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّد بن أسعد الجواني الشريف بمصر، وآخرون.
__________
1 ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "5/ ترجمة 712"، وشذرات الذهب "4/ 284".
2 ترجمته في شذرات الذهب "4/ 293".

(15/384)


رجب، والد كريمة:
5291- رجب:
ابن مذكور بن أرنب، الشَّيْخُ الأُمِّيُّ أَبُو الحُرَمِ الأَزَجِيُّ الأَكَّاف.
شَيْخٌ، صَحِيْح السَّمَاع، عَالِي الرِّوَايَة، عرِيّ مِنَ الفضِيْلَة.
سمع: أبا العز بن كادش، وَقَرَاتِكِيْن بن أسعد، وَهِبَة اللهِ بن الحُصَيْنِ، وَأَبَا غَالِب ابْن البَنَّاء، وَعَلِيّ بن المُوَحّد وَعِدَّة، وَتَفَرَّد بِأَجزَاء.
سَمِعَ مِنْهُ: عُمَر بن عَلِيٍّ القُرَشِيّ، وَمَاتَ قَبْلَهُ بِمُدَّة.
وَرَوَى عَنْهُ: سالم بن صصرى، والبهاء عبد الرحمن، وَابْن الدّبَيْثِيّ، وَابْن خَلِيْلٍ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّار: لاَ بَأْسَ بِهِ، وَهُوَ أَخُو ثَعْلَب.
مَاتَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَفِيْهَا مَاتَ: سُلْطَان الوَقْت صَلاَح الدِّيْنِ، وَالشَّيْخ سنَان صَاحِب حصُوْن الإِسْمَاعِيْلِيَّة، وَطُغدِي بن ختلغ الأَمِيْرِيّ المُقْرِئُ، وَأَبُو مَنْصُوْرٍ بن عَبْدِ السَّلاَمِ، وَأَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ كوثر المُحَارِبِيّ الغَرْنَاطِيّ، وَصَاحِب المَوْصِل عِزّ الدِّيْنِ مَسْعُوْد الأَتَابكِيّ، وَالمُكْرَّم بن هِبَةِ الله بن مكرم الصوفي.
5292- والد كريمة 1:
العَدْلُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ عَلِيِّ بن خضر الأسدي، الزبيري، الدِّمَشْقِيُّ، الشُّرُوْطِيُّ، وَيُعْرَفُ بِالحَبَقْبَق، وَهُوَ أَخُو الحَافِظ أَبِي المَحَاسِن عُمَر بن عَلِيٍّ القُرَشِيّ، وَأَبُو الشيختين كَرِيْمَة وَصَفِيَّة.
مَوْلِدُهُ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ.
وَسَمِعَ مِنْ: جَمَال الإِسْلاَمِ عَلِيّ بنِ المُسَلَّمِ، وَيَاقُوْت الرُّوْمِيّ، وَنَصْر بن مُحَمَّدٍ المصِّيْصِيّ، وَطَائِفَة.
رَوَى عَنْهُ: أَخُوْهُ، وَوَلَدَاهُ عَلِيّ وَكَرِيْمَة، وَأَبُو المَوَاهِبِ بنُ صَصْرَى، وَأَبُو الحَجَّاجِ بنِ خَلِيْل.
مَاتَ فِي ثَالِث صفر سَنَة تِسْعِيْنَ وَخَمْسِ مائة.
__________
1 ترجمته في شذرات الذهب "4/ 301".

(15/385)


قاضي خان، المرغيناني، الجويني:
5293- قاضي خان 1:
هُوَ العَلاَّمَةُ شَيْخُ الحَنَفِيَّةِ، أَبُو المَحَاسِنِ حَسَنُ بنُ مَنْصُوْرِ بنِ مَحْمُوْدٍ البُخَارِيُّ الحَنَفِيُّ، الأُوْزْجَندِيُّ، صاحب التصانيف.
سَمِعَ الكَثِيْر مِنَ الإِمَام ظَهِيْر الدِّيْنِ الحَسَن بن عَلِيِّ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ. وَمِنْ إِبْرَاهِيْمَ بن عُثْمَانَ الصَّفَّارِيّ وَطَائِفَة.
وَأَملَى مَجَالِس كَثِيْرَة رَأَيْتُهَا.
رَوَى عَنْهُ: العَلاَّمَة جَمَال الدِّيْنِ مَحْمُوْد بن أَحْمَدَ الحَصِيْرِيّ، أَحَد تَلاَمِذته.
بَقِيَ إِلَى سَنَة تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، فَإِنَّهُ أَملَى في هذا العام.
5294- المرغيناني
العَلاَّمَةُ، عَالِمُ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ، برْهَانُ الدِّيْنِ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَبِي بَكْرٍ بنِ عَبْدِ الجَلِيْلِ المَرْغِيْنَانِيُّ الحَنَفِيُّ، صَاحِب كِتَابَي "الهدَايَة" وَ"البدَايَة" فِي المَذْهَب.
كَانَ فِي هَذَا الْحِين، لَمْ تَبْلُغْنَا أَخْبَاره، وَكَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ العلم رحمه الله.
5295- الجويني 2:
الكَاتِبُ المُجَوِّدُ الأَوْحَدُ، أَبُو عَلِيٍّ حَسَنُ بنُ عَلِيٍّ الجُوَيْنِيُّ، الأَدِيْبُ الشَّاعِرُ، وَيُعْرَفُ: بِابْنِ اللعيبَةِ.
__________
1 ترجمته في شذرات الذهب "4/ 308".
2 ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "2/ ترجمة 180".

(15/386)


قَالَ العِمَاد: هُوَ مِنْ أَهْلِ بَغْدَاد، لَهُ الخطُّ الرَّائِق، وَالفَضْل الفَائِق، وَاللَّفْظ الشَّائِق، وَالمَعْنَى اللاَئِق، لَهُ فَصَاحَةٌ وَلَسَن، وَخطّ كَاسْمِهِ حسنٌ، مِنْ نُدمَاء الأَتَابكِ زَنْكِي، ثُمَّ ابْنه، ثُمَّ سَافر إِلَى مِصْرَ، وَلَيْسَ بِهَا مَنْ يَكتب مثله.
قلت: مدح صلاح الدين والفاضل.
قَالَ العِمَاد: حَدَّثَنِي سَعْدٌ الكَاتِبُ بِمِصْرَ، قَالَ: كَانَ الجُوَيْنِيُّ صَدِيْقِي، وَكَانَ يَشرب الخَمْر، فَحَدَّثَنِي أَنَّهُ كَانَ يَكتب مصحفاً، وَبَيْنَ يَدَيْهِ مِجْمَرَة وَقنِينَة خمر، وَلَمْ يَكُنْ بقربِي مَا أُندِّي بِهِ الدوَاة، فَصببت مِنَ القنِينَة فِي الدوَاة، وَكَتَبت وَجهَة، وَنشَّفْتُهَا عَلَى المِجْمَرَةِ، فَصعدت شرَارَةٌ أَحرَقَتِ الخطَّ دُوْنَ بَقِيَّة الورقَة، فَرعبتُ، وَقُمْت، وَغسلت الدوَاة وَالأَقلاَم، وَتبت إِلَى اللهِ.
مَاتَ سنة ست وثمانين وخمس مائة.

(15/387)


5296- الجنزوي 1:
الشَّيْخُ الفَاضِلُ، المُحَدِّثُ، الفَرَضِيُّ، الشُّرُوْطِيُّ، العَدْلُ، أَبُو الفَضْلِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَلِيِّ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَبِي القَاسِمِ الجَنْزَوِيُّ الأَصْل، الدِّمَشْقِيُّ، الكَاتِبُ، وَيُقَالُ فِيْهِ: الجَنْزِيُّ وَالكَنْجِيُّ.
مَوْلِدُهُ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ، فَهُوَ أَسنّ مِنَ الحَافِظ ابن عساكر بسنة.
تَفَقَّهَ عَلَى جَمَال الإِسْلاَمِ، وَأَبِي الفَتْحِ المِصِّيْصِيّ.
وَسَمِعَ مِن الأَمِيْن هِبَة اللهِ ابْن الأَكْفَانِي، وَعَبْدُ الكَرِيْمِ بن حَمْزَةَ، وَطَاهِرُ بنُ سَهْلٍ، وَيَحْيَى بن بِطْرِيْقٍ، وَطَبَقَتهِم.
وَاعتنَى بِالرِّوَايَة، وَكَتَبَ، ورحل، فسمع بغداد مِنْ أَبِي البَرَكَات هِبَة اللهِ ابْن البُخَارِيِّ، وَأَبِي الحَسَنِ مُحَمَّد بن مَرْزُوْق الزَّعْفَرَانِيّ، وَالحَافِظ أَبِي مُحَمَّدٍ ابْنِ السَّمَرْقَنْدِيِّ، وَالحَسَن بن إِسْحَاقَ البَاقَرحِيّ، وَهِبَة اللهِ بن الطَّبرِ، وَعِدَّة.
رَوَى عنه: أبو المواهب بن صصرى، والقاسم بن عَسَاكِرَ، وَابْن الأَخْضَرِ، وَعَبْد القَادِرِ الرُّهَاوِيّ، وَابْن خليل، والشيخ الضياء، والبهاء عبد الرحمن، وَالتَّاج القُرْطُبِيّ، وَعَبْد اللهِ ابْن الخُشُوْعِيّ، وَإِبْرَاهِيْم بن خَلِيْل، وَالعِمَاد بن عَبْدِ الهَادِي، وَابْن عَبْدِ الدَّائِمِ، وَخَلْق.
وَجَنْزَة مِنْ مدن أَرَّان، وَهُوَ إِقْلِيْم صَغِيْر، بَيْنَ أَذْرَبِيْجَان وَأَرْمِيْنِيةَ.
كَانَ مِنْ كِبَارِ الشُّهُود وَالمُحَدِّثِيْنَ.
مَاتَ فِي سَلْخِ جُمَادَى الأُوْلَى سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وله تسعون عامًا وشهران. رحمه الله.
__________
1 ترجمته في النجوم الزاهرة لابن تغري بردي "6/ 119"، وشذرات الذهب لابن العماد "4/ 293" ووقع عنده [الخبزوي] بدل [الجنزوي] .

(15/387)


5297- ابن عبد السلام:
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ المُعَمَّرُ، المُسْنِدُ، أَبُو مَنْصُوْرٍ، عَبْدُ الله بن محمد بن أَبِي الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ عَبْدِ السَّلاَمِ البَغْدَادِيُّ الكَاتِبُ.
مِنْ بَيْت الرِّوَايَة وَالكِتَابَة.
وُلِدَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ -أَوْ جُمَادَى الأُوْلَى- سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي القَاسِمِ بنِ بيَان، وَمِنْ أَبِي عَلِيٍّ بنِ نَبْهَانَ -وَهُوَ فِي الخَامِسَة- وَمُحَمَّد بن عَبْدِ البَاقِي الدُّوْرِيِّ، وَأَبِي طَالِبٍ بن يُوْسُفَ، وَجَعْفَر بن الْمُحسن السَّلَمَاسِيّ، وَجدِّه، وَطَائِفَة.
حَدَّثَ عَنْهُ: الشَّيْخ مُوَفَّق الدِّيْنِ المَقْدِسِيّ، وَيُوْسُف بن خَلِيْل، وَالجلاَل عَبْد اللهِ بن الحَسَنِ قَاضِي دِمْيَاط، وَعَلِيّ بن عَبْدِ اللَّطِيْفِ ابْنِ الخِيَمِيّ، وَمُحَمَّد بن نفيسٍ الزَّعيْمِيّ، وَأَحْمَد بن شكرٍ الكِنْدِيّ، وَعِدَّة.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ الأَخْضَرِ: سَمِعْتُ مِنْهُ، وَمِنْ أَبِيْهِ، وَجدّه.
قُلْتُ: مَاتَ فِي تَاسع رَبِيْع الأَوّل سَنَة تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
رَوَى عَنْهُ ابْنُ خَلِيْل جَزْءَ ابْنِ عَرَفَةَ. وَهُوَ وَالِدُ مُسْنِدِ وَقته الفَتْح بن عَبْدِ السَّلاَمِ.
وَقَالَ فِيْهِ الحَافِظ ابْن النَّجَّار: كَانَ شَيْخاً نبيلاً، وَقُوْراً، مِنْ ذَوِي الهيئَات وَأَوْلاَد الرُّؤَسَاء وَالمُحَدِّثِيْنَ. حَدَّثَ بِالكَثِيْرِ. وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ النَّفِيْس بن مُنْجِبٍ يَقُوْلُ: كَانَ ثقةً يتشيع.

(15/388)


5298- صاحب الموصل 1:
المَلِكُ عِزُّ الدِّيْنِ أَبُو المُظَفَّرِ مَسْعُوْدُ ابْنُ المَلِكِ مَوْدُوْدِ بنِ الأَتَابكِ زَنْكِي بن آقْسُنْقُر، الأَتَابكِيُّ، التُّرْكِيُّ، الَّذِي عَمِلَ المَصَافَّ مَعَ صَلاَحِ الدِّيْنِ عَلَى قرُوْنِ حَمَاة، فَانْكَسَرَ مَسْعُوْدٌ سَنَة سَبْعِيْنَ، ثُمَّ وَرِثَ حلب، أَوْصَى لَهُ بِهَا ابْنُ عَمِّهِ الصَّالِح إِسْمَاعِيْل، فَسَاق، وَطلع إِلَى القَلْعَة، وَتَزَوَّجَ بوَالِدَة الصَّالِح، فَحَارَبَهُ صَلاَح الدِّيْنِ، وَحَاصَرَ المَوْصِل ثَلاَث مَرَّاتٍ، وَجَرَتْ أُمُوْرٌ، ثُمَّ تَصَالَحَا، وَكَانَ مَوْتُهُمَا مُتَقَارِباً.
تعَلَّل مَسْعُوْد، وَبَقِيَ عَشْرَة أَيَّام لاَ يَتَكَلَّم إلَّا بِالشَّهَادَة وَالتِلاَوَة، وَإِنْ تَكَلَّمَ بِشَيْءٍ، اسْتغْفر، وَخُتم لَهُ بِخَيْر. وَكَانَ يَزور الصَّالِحِيْنَ، وَفِيْهِ حلم وَحيَاء وَدين وَقيَام ليل، وَفِيْهِ عدل.
مَاتَ فِي شَعْبَان سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ فِي تَرْجَمَة صَاحِب المَوْصِل عِزّ الدِّيْنِ مسعود بن مودود: لما سار السلطان صلاحا لدين مِنْ مِصْرَ، وَأَخَذَ دِمَشْق بَعْد مَوْتِ نُوْر الدِّيْنِ، خَاف مِنْهُ صَاحِب المَوْصِل غَازِي، فَجَهَّزَ أَخَاهُ مسعُوْداً هَذَا لِيَردَّ صَلاَح الدِّيْنِ عَنِ البِلاَد، فَترحّل صَلاَح الدِّيْنِ عَنْ حلب فِي رجب سنة سَبْعِيْنَ، وَأَخَذَ حِمْص، فَانضمّ الحلبيّون مَعَ مَسْعُوْد، وَعَرَفَ بِذَلِكَ صَلاَح الدِّيْنِ، فَسَارَ، فَوَافَاهُم عَلَى قرُوْنَ حَمَاة، فَترَاسلُوا فِي الصُّلح، فَأَبَى مَسْعُوْد، وَظَنّ أَنَّهُ يهْزم صَلاَح الدِّيْنِ، فَالتَقَوا، فَانكسر مَسْعُوْد، وَأُسِرَ عِدَّة مِنْ أُمَرَائِهِ فِي رَمَضَانَ، وَأُطلقُوا، وَعَاد صَلاَح الدِّيْنِ، فَنَزَلَ عَلَى حلب، فَصَالَحَ ابْن نُوْر الدِّيْنِ عَلَى بذل المَعَرَّة وَكفرطَاب وَبَارِيْنَ، فَترحّل، ثُمَّ تَسَلَّطن بِالمَوْصِل مَسْعُوْد، فَلَمَّا احتُضر وَلد نُوْر الدِّيْنِ، أَوْصَى بِحَلَبَ لمَسْعُوْد ابْن عَمِّهِ، وَاسْتخلف لَهُ الأَمْرُ، فَبَادر إِلَيْهَا مَسْعُوْد، فَدَخَلهَا فِي شَعْبَان سَنَةَ77، وَتَمَكَّنَ، وَتَزَوَّجَ بِأُمِّ الصَّالِح، وَأَقَامَ بِهَا نَحْو شَهْرَيْنِ، ثُمَّ خَاف مِنْ صَلاَح الدِّيْنِ، وَأَلحّ عَلَيْهِ الأُمَرَاء بِطَلب إِقطَاعَات، فَفَارق حلب، وَاستنَاب عَلَيْهَا مُظَفَّرَ الدِّيْنِ ابْن صَاحِب إِرْبِل، ثُمَّ اجْتمع بأخيه زنكي، فقايضه عن حلب بِسِنْجَار، وَتحَالفَا، وَقَدِمَ زَنْكِي، فَتملّك حلب فِي المُحَرَّم سَنَةَ78، وَردّ صَلاَح الدِّيْنِ إِلَى مِصْرَ، فَبلغَتْهُ الأُمُوْر، فَكرّ رَاجِعاً، وَبَلَغَهُ أَنّ مسعُوْداً رَاسل الفِرنْج يَحثّهُم عَلَى حَرْب صَلاَح الدِّيْنِ، فَغَضِبَ وَسَارَ، فَنَازل حلب فِي جُمَادَى الأُوْلَى سَنَةَ ثَمَانٍ، ثُمَّ ترحّل بَعْد ثَلاَث، فَانحَاز إِلَيْهِ مُظَفَّر الدِّيْنِ ابْن صَاحِب إِرْبِل، وَقوَّى عَزْمه عَلَى قصد مَمَالِك الجَزِيْرَة، فَعدَّى الفُرَات، وَأَخَذَ الرَّقَّة، وَالرُّهَا، وَنَصِيْبِيْن، وَسَرُوج، ثُمَّ نازل الموصل في
__________
1 ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "5/ ترجمة 721"، وشذرات الذهب لابن العماد "4/ 297-298".

(15/389)


رَجَبٍ، فَرَآهَا منِيعَة، فَنَزَلَ عَلَى سِنْجَار أَيَّاماً، وَافْتَتَحَهَا، فَأَعْطَاهَا لِتقِيّ الدِّيْنِ عُمَر صَاحِب حَمَاة، ثُمَّ نَازل المَوْصِل فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ، فَنَزَلت إِلَيْهِ أُمّ مَسْعُوْد فِي نِسْوَة، فَمَا أَجَابهنّ، ثُمَّ نَدِم، وَبذلت الموَاصِلَةُ نُفُوْسهُم فِي القتال ليالي، فأتاه موت صاحب خلاط شَاه أَرمن، وَتَملُّكُ مَمْلُوْكهِ بَكتمر، فَلاَن بَكتمر أَنْ يُملِّكَ صَلاَحَ الدِّيْنِ خِلاَط، وَيَكُوْن مِنْ دَوْلَته، وَتردَّدت الرسُلُ، وَأَقْبَلَ بَهْلَوَان صَاحِب أَذْرَبِيْجَان ليَأْخذ خِلاَط، فَرَاوَغ بِكتمر المَلِكَين، وَنَزَلَ صَلاَحُ الدِّيْنِ عَلَى مَيَّافَارِقِيْن، فَجدَّ فِي حصَارهَا إِلَى أَنْ فَتحهَا، وَأَخَذَهَا مِنْ قُطْب الدِّيْنِ الأُرتقِيِّ، وَكرَّ إِلَى المَوْصِل، فَتمرَّض مُدَّة، وَرقَّ، وَصَالِح أَهْل المَوْصِل، وَحَلَفَ لَهُم، وَتَمَكَّنَ حِيْنَئِذٍ مَسْعُوْد، وَاطمَأَنَّ، إِلَى أَنْ مَاتَ بَعْدَ صَلاَح الدِّيْنِ بِأَشهر بعلَّة الإِسهَال، وَدُفِنَ بِمدرسته الكُبْرَى، وَتَملّك بَعْدَهُ ابْنه نُوْر الدِّيْنِ مُدَّة، ثُمَّ مَاتَ عَنِ ابْنَيْنِ: القَاهِر مَسْعُوْد، وَالمَنْصُوْر زَنْكِي.

(15/390)


5299- الشيرازي 1:
الشَّيْخُ الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الحَافِظُ، الرَّحَّال، أَبُو يَعْقُوْبَ يوسف بنُ أَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، الشِّيْرَازِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ، الصُّوْفِيُّ، صَاحِبُ "الأَرْبَعِيْنَ البَلَدِيَّة".
وُلِدَ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ بِبَغْدَادَ.
فَسَمَّعَهُ أَبُوْهُ مِنْ أَبِي القَاسِمِ ابْنِ السَّمَرْقَنْدِيِّ، وَيَحْيَى بن عَلِيٍّ الطّراح، وَأَبِي الحَسَنِ بنِ عَبْدِ السَّلاَمِ، وَأَبِي سَعْدٍ بنِ البَغْدَادِيّ الحَافِظ.
ثُمَّ طلب بِنَفْسِهِ، فَسَمِعَ مِنْ عَبْدِ المَلِكِ الكَرُوْخِيّ، وَابْن نَاصِر، وَبِالكُوْفَةِ مِنْ أَبِي الحَسَنِ بنِ غَبْرَة، وَبكرمَان مِنْ أَبِي الوَقْت السِّجْزِيّ، وَبِالبَصْرَةِ مِنْ عَبْدِ اللهِ بنِ سَلِيخٌ، وَبِوَاسِط مِنْ أَحْمَد بن بختيَار المَنْدَائِيّ، وَبِهَرَاةَ مِنَ المُعَمَّر عَبْد الجَلِيْل بن أَبِي سَعْدٍ، وَبِنَيْسَابُوْرَ مِنْ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الطُّوْسِيّ، وَبِبَلْخَ مِنْ أَبِي شُجَاع البِسْطَامِيّ، وَبِأَصْبَهَانَ مِنْ إِسْمَاعِيْلَ الحَمَّامِيّ، وَبِهَمَذَانَ مِنْ نَصْر البَرْمَكِيّ، وَبِدِمَشْقَ مِنْ أَبِي المَكَارِمِ بن هِلاَلٍ.
وَكَانَ ذَا رحلَة وَاسِعَةٍ، وَمَعْرِفَة جيدَة، وَصدق وَإِتْقَان.
وَثَّقَهُ ابْنُ الدُّبَيْثِيّ.
وَكَتَبَ عَنْهُ أَبُو المواهب بن صصرى.
__________
1 ترجمته في تذكرة الحفاظ "4/ ترجمة 1103"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "6/ 111"، وشذرات الذهب لابن العماد "4/ 284".

(15/390)


وكان حلو المحاضرة، ظريفًا، دمث الأخلاق.
تَوَصَّلَ وَسَادَ وَذَهَبَ رَسُوْلاً عَنْ دِيْوَان العَزِيْز إِلَى المُلُوْكِ، وَكَثُرَ مَالُهُ، وَرَوَى شَيْئاً يَسيراً.
تُوُفِّيَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَقَدْ أَجَادَ تَأْلِيْف "الأَرْبَعِيْنَ"، وَهِيَ فِي مُجَلَّدٍ.
أَخْبَرَنَا أَبُو اليُمْنِ فِي كِتَابِهِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبِي جَعْفَرٍ، أَخْبَرَنَا يُوْسُفُ بنُ أَحْمَدَ بِمَكَّةَ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا ابْن حَبَابَةَ، حَدَّثَنَا البَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا هُدْبَةُ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَادَ رَجُلاً قَدْ صَارَ مِثْلَ الفرخ.. الحديث1.
__________
1 صحيح: أخرجه مسلم "2688"، والترمذي "3487" من طريق حميد، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عاد رجلا من المسلمين قد خفت فصار مثل الفرخ. فَقَالَ لَهُ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هل كنت تدعو بشيء أو تسأله إياه؟ قال: نعم. كنت أقول: اللهم ما كنت معاقبي به في الآخرة، فعجله لي في الدنيا. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "سبحان الله لا تطيقه -أولا تستطيعه- أفلا قلت: اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار "؟ قال: فدعا الله له فشفاه". واللفظ لمسلم.

(15/391)


5300- ابن الفخار 1:
الشَّيْخُ الإِمَامُ، الحَافِظُ البَارِعُ، المُجَوِّدُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ خَلَفٍ، الأَنْدَلُسِيُّ، المَالقِيُّ، ابْنُ الفَخَّارِ.
وُلِدَ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
سَمِعَ شُرَيْح بن مُحَمَّدٍ الرُّعَيْنِيّ، وَأَبَا جَعْفَرٍ البِطْرَوْجِيّ، وَالقَاضِي أَبَا بَكْرٍ ابْن العَرَبِيّ، وَأَبَا مَرْوَانَ بن مسرَّة، وَمُحَمَّد بن مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ القُرَشِيّ، وَطَبَقَتهُم.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الأَبَّارُ: كَانَ صدراً فِي الحُفَّاظ، مقدّماً، مَعْرُوْفاً بِسَرْد المتُوْن وَالأَسَانِيْد، مَعَ مَعْرِفَة بِالرِّجَال وَحفظ لِلْغَرِيْب. سَمِعَ مِنْهُ جلَّة، وَحَدَّثَنِي عَنْهُ أَئِمَّة. سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَان بن حَوْط الله يذكر عَنِ ابْنُ الفَخَّارِ أَنَّهُ حَفِظ فِي شبِيْبته "سُنَن أَبِي دَاوُدَ"، فَأَمَّا فِي مُدَّة لقَائِي إِيَّاهُ، فَكَانَ يذكر "صَحِيْح مُسْلِم". وَكَانَ مَوْصُوَفاً بِالوَرَع وَالفَضْل، مُسلَّماً لَهُ فِي جَلاَلَة القَدْر، وَمتَانَة العدَالَة، طُلب إِلَى حضَرَة السُّلْطَان بِمَرَّاكش ليُسْمَعَ عَلَيْهِ بِهَا، فَتُوُفِّيَ هُنَاكَ فِي شَعْبَان سَنَةَ تِسْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
قَالَ أَبُو الرَّبِيْعِ بنُ سَالِمٍ: وَمِنْ شُيُوْخِي ابْن الفَخَّارِ، مُسَلَّم لَهُ فِي جَلاَلَة الْقدر، وَمتَانَة الأَمَانَة وَالعدَالَة، اخْتصَّ بِابْنِ العربِي، وَأَكْثَر عَنْهُ، لَقِيْتُهُ برِبَاط الفَتْح، قَرَأْت عَلَيْهِ وَعَلَى ابْن حُبَيْش، وَابْن عُبَيْدِ اللهِ، قَالُوا: أَخْبَرَنَا ابْن العربِي، أَخْبَرَنَا طراد، فذكر حديثًا.
وَفِيْهَا مَاتَ الشَّاطِبِيّ، وَأَبُو الخَيْرِ القَزْوِيْنِيّ، وَأَبُو المُظَفَّرِ عَبْد الخَالِقِ بن فَيْرُوْز الجَوْهَرِيّ، وَوَالِد كَرِيْمَة، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ المَلِكِ بنِ بُوْنُه أَخُو عَبْدِ الحَقِّ.
وَلَهُ إِجَازَة مِنِ ابْنِ سكرة.
__________
1 ترجمته في تذكرة الحفاظ "4/ ترجمة 1102"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "4/ 303".

(15/391)


5301- ابن بوش 1:
الشيخ المعمر، الرحلة، أَبُو القَاسِمِ يَحْيَى بنُ أَسْعَدَ بنِ يَحْيَى بنِ مُحَمَّدِ بنِ بَوْشٍ، البَغْدَادِيُّ الأَزَجِيُّ الخَبَّازُ.
سَمِعَ بِإِفَادَة خَاله مِنْ أَبِي طَالِبٍ بن يُوْسُفَ، وَأَبِي الغَنَائِم مُحَمَّد بن مُحَمَّدٍ، وَالحَسَن بن مُحَمَّدٍ البَاقَرحِيّ، وَأَبِي سَعْدٍ بنِ الطُّيُوْرِيّ، وَأَبِي غَالِبٍ عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ المَلِكِ الشَّهْرُزُوْرِيُّ، وَأَبِي البَرَكَات هِبَة اللهِ ابْن البُخَارِيِّ، وَأَبِي نَصْرٍ أَحْمَد بن هِبَةِ اللهِ ابْنِ النرسي، وأبي العز بن كادش، وَعَلِيّ بن عَبْدِ الوَاحِدِ الدِّيْنَوَرِيّ، وَهِبَة اللهِ بن الحُصَيْنِ، وَأَبِي عُبَيْدِ اللهِ البَارِع، وَعِدَّة.
وَأَجَازَ لَهُ أَبُو القَاسِمِ بنُ بيَان، وَأَبُو عَلِيٍّ الحَدَّاد، وَأَبُو الغَنَائِمِ النَّرْسِيّ، وَجَمَاعَة.
قَالَ ابْنُ الدُّبَيْثِيّ: كَانَ سَمَاعه صَحِيْحاً، وَبوركَ فِي عُمُرِه، وَاحتيجَ إِلَيْهِ، وَحَدَّثَ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً، وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ علم.
قُلْتُ: مَنْ سَمَاعه المُسْنَد كُلّه عَلَى ابْنِ الحُصَيْنِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الشَّيْخ موفق الدين، والبهاء عبد الرحمن، وَالتَّقِيّ بن بَاسُوَيْه، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ العَزِيْزِ الصَّوَّاف، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ القَادِرِ البَنْدَنِيْجِيّ، وَتَمِيْم بن مَنْصُوْرٍ الرُّصَافِيّ، وَجَعْفَر بن ثنَاء ابْن القُرطبَان، وَدَاوُد بن شُجَاعٍ، وَعَلِيّ بن فَائِزَة، وَعَلِيّ بن الأَخْضَر، وَفضل الله الجِيْلِيّ، وَعَلِيّ بن مَعَالِي الرُّصَافِيّ، وَمُحْيِي الدِّيْنِ ابْن الجَوْزِيّ، وَابْن خَلِيْل، وَاليَلْدَانِيّ، وَابْن المُهَيْر الحَرَّانِيّ، وَعِدَّة.
وَأَجَازَ لِشيخنَا أَحْمَدُ بنُ أَبِي الخَيْرِ. وَكَانَ يُعطَى عَلَى الرِّوَايَة لفقرِه فِي بَعْضِ الوَقْت.
مَاتَ فِي ثَالِث ذِي القَعْدَةِ فُجَاءةً، غصّ بلُقمَة، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَلَهُ بضع وثمانون سنةً.
__________
1 ترجمته في النجوم الزاهرة لابن تغري بردي "6/ 143"، وشذرات الذهب "4/ 315".

(15/392)


الطرسوسي، الكاغدي:
5302- الطرسوسي 1:
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ، مُسْنِدُ أَصْبَهَانَ، أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي الفَتْحِ، الطَّرَسُوْسِيُّ، ثُمَّ الأَصْبَهَانِيُّ، الحَنْبَلِيُّ، الفَقِيْهُ.
وُلِدَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِ مائَةٍ، فِي صَفَرِهَا.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي عَلِيٍّ الحَدَّاد، وَمُحَمَّد بن طَاهِر، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ الوَاحِدِ الدَّقَّاق، وَمَحْمُوْد بن إِسْمَاعِيْلَ الأَشْقَر، وَأَبِي نَهْشَل عَبْد الصَّمَدِ العَنْبَرِيّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو مُوْسَى عَبْد اللهِ بن عَبْدِ الغَنِيِّ، وَيُوْسُف بن خَلِيْلٍ، وَطَائِفَة.
وَأَجَازَ لأَحْمَدَ بن أَبِي الخَيْرِ.
مَاتَ فِي السَّابِع وَالعِشْرِيْنَ مِنْ جُمَادَى الآخِرَة سَنَة خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بنُ سَلاَّمٍ، عَنْ يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو قَالَ: "كُسِفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَنُوْدِيَ بالصلاة جامعة"2.
أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ عَنِ ابْنِ رَاهَوَيْه عَنْ يَحْيَى به.
5303- الكاغدي 3:
القَاضِي الإِمَامُ المُعَمَّرُ، الخَطِيْبُ، أَبُو الفَضَائِل، عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ أَحْمَدَ، الأَصْبَهَانِيُّ، الكَاغَدِيُّ، المُعَدَّلُ.
وُلِدَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَخَمْس مائَة.
سَمِعَ أَبَا عَلِيٍّ الحَدَّاد، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ الدَّقَّاق، وَإِسْمَاعِيْل الإِخشيذ، وَفَاطِمَة الجُوْزْدَانِيَّة.
حَدَّثَ عَنْهُ: يُوْسُف بن خَلِيْل، وَهُوَ أَحَد العَشْرَة الَّذِيْنَ أَدْركهُم مِنْ أَصْحَابِ الحَدَّاد.
أَجَازَ لِشيخنَا أَحْمَدَ بنِ سَلاَمَةَ.
وَتُوُفِّيَ فِي ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ.
وَفِيْهَا مَاتَ أَبُو طَاهِرٍ عَلِيّ بن سَعِيْدِ بنِ فاذشاه بأصبهان، وهو أحد العشرة.
__________
1 ترجمته في النجوم الزاهرة لابن تغري بردي "6/ 154"، وشذرات الذهب لابن العماد "4/ 320-321".
2 صحيح: أخرجه البخاري "1045"، ومسلم "910".
3 ترجمته في شذرات الذهب لابن العماد "4/ 317".

(15/393)


5304- ابن الباقلاني 1:
الشَّيْخُ الإِمَامُ، المُقْرِئُ البَارِعُ، مُسْنِدُ القُرَّاءِ، أَبُو بكر عبد الله بن مَنْصُوْرِ بنِ عِمْرَانَ بنِ رَبِيْعَةَ، الرَّبَعِيُّ، الوَاسِطِيُّ، ابْنُ البَاقِلاَّنِيِّ.
وُلِدَ فِي أَوَّلِ سَنَة خَمْس مائَة.
وَتَلاَ بِالعَشْر عَلَى أَبِي العِزِّ القَلاَنسِيّ، وَعَلِيّ بن عَلِيِّ بنِ شيرَان، وَسِبْط الخَيَّاط.
وَسَمِعَ مِنْ خَمِيْسٍ الحَوْزِيّ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ البَارِع، وَهِبَة اللهِ بنِ الحُصَيْنِ، وَأَبِي العزِّ بنِ كَادِشٍ، وَأَبِي عَلِيٍّ الفَارِقِيّ، وَأَبِي بَكْرٍ المَزْرَفِيّ، وَأَبِي الكَرَمِ نَصْر اللهِ بن الجَلَخْت، وَجَمَاعَة.
رَوَى عَنْهُ: السَّمْعَانِيّ، وَابْن عَسَاكِرَ أَنَاشيدَ، وَكَانَ شَاعِراً مُحسناً.
وَحَدَّثَ عَنْهُ، وَتَلاَ عَلَيْهِ بِالعشر: التَّقِيُّ ابْنُ بَاسُوَيْه، وَالمُرَجَّى بن شقيرَة، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بن الدُّبَيْثِيّ، وَالحُسَيْن بن أَبِي الحَسَنِ بنِ ثَابِتٍ الطِّيْبِيّ، وَالإِمَامُ أَبُو الفَرَجِ ابْنُ الجَوْزِيِّ، وَوَلَده مُحْيِي الدِّيْنِ يُوْسُف، وَالشَّرِيْف الدَّاعِي، وَقُصِدَ مِنَ الآفَاق لِعُلُوِّ الإِسْنَادِ.
قَالَ الدُّبَيْثِيّ: انْفَرد بِالعَشْرَةِ عَنْ أَبِي العِزِّ، وَادَّعَى رِوَايَة شَيْء مِنَ الشّواذِّ، فَتكلّم النَّاس فِيْهِ، وَوقفُوا فِي ذَلِكَ، وَكَانَ عَارِفاً بوُجُوه القِرَاءات. وَسَمِعْتُ عَبْدَ المُحسِن بن أَبِي العَمِيد الصُّوْفِيّ يَقُوْلُ: رَأَيْتُ فِي المَنَامِ بَعْدَ وَفَاة ابْنِ البَاقِلاَّنِيّ كَأَنَّ مَنْ يَقُوْلُ لِي: صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُوْنَ وَليّاً للهِ.
وَقَالَ ابْنُ نُقْطَة: حَدَّثَ بسُنَن أَبِي دَاوُدَ عَنِ الفَارِقِيّ، وَسَمَاعه مِنْهُ سَنَة ثَمَانِي عَشْرَةَ.
وَقَالَ المُحَدِّثُ مُحَمَّد بن أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ الوَاسِطِيّ: قرَأَ ابْنُ الباقلاني على أبي العز بالإرشاد وَمَا سِوَى ذَلِكَ، فَإِنَّهُ كَانَ يَزوره.
تُوُفِّيَ ابْنُ البَاقِلاَّنِيّ فِي سَلْخِ رَبِيْع الآخر سَنَةَ ثلاث وتسعين وخمس مائة.
__________
1 ترجمته في النجوم الزاهرة لابن تغري بردي "6/ 142"، وشذرات الذهب "4/ 314".

(15/394)


النوقاني، ذاكر بن كامل:
5305- النوقاني:
العَلاَّمَةُ المُفْتِي، أَبُو المَفَاخِرِ، مُحَمَّدُ بنُ أَبِي علي بن أبي نصر، النَّوْقَانِيُّ، الشَّافِعِيُّ.
تَفقّه بِمُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى، وَبَرَعَ فِي المَذْهَب وَالخلاَف، ثُمَّ سَكَنَ بَغْدَاد، وَأَخَذُوا عنه طريقته، ثم درس بمدرسة أم الخليفة النَّاصِر، وَلَهُ مَعْرِفَةٌ تَامَّة بِالتَّفْسِيْر.
تخرّج بِهِ أَئِمَّة، وَكَانَ ذَا صلاَح وَصيَانَة وَمُلاَزمَة لِلْعِلْمِ مَعَ سخَاء وَمُروءة وَبَذْلٍ وَقنَاعَة.
حَدَّثَ "بِالأَرْبَعِيْنَ" الَّتِي لابْنِ يَحْيَى، وَكَانَ شَيْخاً مَهِيْباً.
رَوَى عنه: عبد الرحمن بن عُمَرَ الغَزَّال، وَغَيْرهُ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: سَمِعْتُ الفَقِيْه نَصْر بن عَبْدِ الرَّزَّاقِ غَيْرَ مَرَّةٍ يُثنِي عَلَى النَّوْقَانِيّ ثنَاء كَثِيْراً، وَيَصفُ خلقَه وَبذله لِتَلاَمِذته، وَغزَارَة عِلْمه وَسعَة فَهمه.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: وَسَمِعْتُ الفَقِيْه مُحَمَّد بن أَبِي بَكْرٍ بنِ الدَّبَّاس يُثنِي عَلَى النَّوْقَانِيّ، وَيَقُوْلُ: كَانَ وَليّاً للهِ.
مَوْلِدُهُ سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَخَمْسِ مائَةٍ بِنوقَان.
وَتُوُفِّيَ قَافلاً مِنْ حجّه بِالكُوْفَةِ فِي صَفَرٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وخمس مائة.
5306- ذاكر بن كامل:
ابن أبي غالب محمد بن حسين، الشَّيْخُ المُعَمَّرُ، المُسْنِدُ، أَبُو القَاسِمِ البَغْدَادِيُّ الخَفَّافُ.
سَمِعَهُ أَخُوْهُ المُبَارَك الحَافِظ مِنَ الحَسَنِ مُحَمَّد بن إِسْحَاقَ البَاقَرحِيّ، وَأَبِي عَلِيٍّ ابْنِ المَهْدِيِّ، وَالمُعَمَّر بن مُحَمَّدٍ البيِّع، وَأَبِي سَعْدٍ ابْن الطُّيُوْرِيّ، وَعَبْد اللهِ ابْن السَّمَرْقَنْدِيّ، وَأَبِي طَالِبٍ بن يُوْسُفَ، وَأَبِي العِزِّ القَلاَنسِيّ، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ البَاقِي الدُّوْرِيّ، وَعِدَّة.
وَأَجَازَ لَهُ أَبُو القاسم بن بيان، وعبد الغفار الشيرويي، وَأَبُو الغَنَائِمِ النَّرْسِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ الحَدَّاد، وَأَبُو طَاهِرٍ الحِنَّائِيّ الدِّمَشْقِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ النَّسِيْب، وَعِدَّة.

(15/395)


وَرَوَى الكَثِيْر، وَتَفَرَّد، وَكَانَ صَالِحاً خَيّراً، قَلِيْل الكَلاَم، ذَاكراً الله، يَسرد الصَّوْم، وَيَتقوّت مِنْ عَمَله، وَكَانَ أُمِّيّاً لاَ يَكتب.
حَدَّثَ عَنْهُ: سَالِم بن صَصْرَى، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الدُّبَيْثِيّ، وَابْن خَلِيْل، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ الجَلِيْلِ، وَعَلِيّ بن مَعَالِي الرُّصَافِيّ، وَعِدَّة.
وَقَدْ سَمِعَ مِنْهُ مَعْمَر بن الفَاخِرِ، وَأَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ، لِمَكَان اسمه.
وَآخِرُ مَنْ رَوَى عَنْهُ بِالإِجَازَةِ مُسْندُ بَغْدَادَ مُحَمَّد بن الدِّيْنَةِ.
تُوُفِّيَ فِي سَادس رَجَب سَنَة إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَفِيْهَا مَاتَ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ أَبِي مَنْصُوْرٍ بن الزِّبْرِقَانِ الأَصْبَهَانِيّ فِي عَشْرِ المائَة، وَشَيْخ القُرَّاء شُجَاع بن مُحَمَّدِ بنِ سيّدهُم المُدْلِجِيُّ بِمِصْرَ، وَمُقْرِئ بَغْدَاد أَبُو جَعْفَرٍ عَبْد اللهِ بن أَحْمَدَ بنِ جَعْفَرٍ الوَاسِطِيّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ عُبَيْد اللهِ الحَجْرِيّ، وَأَبُو المَحَاسِنِ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ الأَصفهبذ بِأَصْبَهَانَ، وَأَبُو الحَسَنِ نَجبَة بن يَحْيَى الرُّعَيْنِيّ المُقْرِئُ، وَأَبُو مَنْصُوْرٍ يَحْيَى بن عَلِيِّ ابن الخَرَّاز الحَرِيْمِيّ مِنْ شُيُوْخ ابْن خَلِيْل، سَمِعَ أبا علي ابن المهدي.

(15/396)


5307- الحجري 1:
الشَّيْخُ الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ المُعَمَّرُ، المُقْرِئُ المُجَوِّدُ، المُحَدِّثُ الحَافِظُ، الحُجَّةُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ سَعِيْدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ ذِي النُّوْنِ، الرُّعَيْنِيُّ، الحَجْرِيُّ، الأَنْدَلُسِيُّ، المَرِيِّيُّ، المَالِكِيُّ، الزَّاهِدُ، نَزِيْلُ سَبْتَة.
وُلِدَ سَنَةَ خمس وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ "صَحِيْح مُسْلِم" مِنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ بن زغيبة، وَسَمِعَ مِنْ أَبِي القَاسِمِ بنِ وَرد، وَأَبِي الحسن بن موهب، و [لقي] أَبَا الحَسَنِ بنَ مُغِيْث -لقِيه بقُرْطُبَة- وَأَبَا القَاسِمِ بن بَقِيٍّ، وَأَبَا عَبْدِ اللهِ بنِ مَكِّيّ، وَأَبَا جَعْفَرٍ البِطْرَوْجِيّ -سَمِعَ مِنْهُ "سُنَن النَّسَائِيّ" عَالِياً- وَأَبَا بَكْرٍ ابْن العَرَبِيّ، وَأَبَا الحَسَنِ شُرَيحاً، وَتَلاَ عَلَيْهِ بِالسَّبْعِ، وَقرَأَ عَلَيْهِ "صَحِيْح البُخَارِيِّ" سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ، وَعُنِي بِالحَدِيْثِ، وَتَقدَّم فِيْهِ.
قَالَ الأَبَّار: كَانَ غَايَة فِي الوَرَع وَالصَّلاَح وَالعدَالَة. وَلِي خطَابَة المَرِيَّة، وَدعِي إِلَى القَضَاء، فَأَبَى، وَلَمَّا تغلّب العَدُوّ، نَزح إِلَى مُرْسِيَة، وَضَاقت حَاله، فَتحوّل إِلَى فَاس، ثم إلى
__________
1 ترجمته في تذكرة الحفاظ "4/ ترجمة 1111"، وشذرات الذهب لابن العماد "4/ 307".

(15/396)


سَبْتَة، فَتصدّر بِهَا، وَبَعُد صِيْتُهُ، وَرَحَلَ إِلَيْهِ النَّاس، وَطُلِب إِلَى السُّلْطَانِ بِمَرَّاكش ليَأْخذ عَنْهُ، فَبقِي بِهَا مُدَّة، وَرجع، حَدَّثَنَا عَنْهُ عَالِم مِنَ الجُلَّة، سَمِعْتُ أَبَا الرَّبِيْع بن سَالِمٍ يَقُوْلُ: صَادف وَقت وَفَاته قَحط، فَلَمَّا وُضِعت جِنَازَته، تَوسّلُوا بِهِ إِلَى اللهِ، فَسُقُوا، وَمَا اخْتلف النَّاسُ إِلَى قَبْره مُدَّة الأُسْبُوْع إلَّا فِي الْوَحل.
قَالَ: وَهُوَ رَأْس الصَّالِحِيْنَ، وَرسيسُ الأَثْبَاتِ الصَّادقين، حَالَفَ عُمُره الوَرَع، وَسَمِعَ مِنَ العِلْمِ الكَثِيْر، وَأَسَمِع، وَكَانَ ابْن حُبَيشٍ شَيْخنَا كَثِيْراً مَا يَقُوْلُ: لَمْ تُخرِج المَرِيَّة أَفْضَل مِنْهُ، وَكَانَ زَمَاناً يُخْبِر أَنَّهُ يَموت فِي المُحَرَّم لرُؤْيَا رَآهَا، فَكَانَ كُلّ سَنَة يَتَهَيَّأَ، قَرَأْت عَلَيْهِ "صَحِيْح مُسْلِم" فِي سِتَّة أَيَّام وَكتباً، ثُمَّ سمَّاهَا.
قُلْتُ: تَلاَ بِالسَّبْع أَيْضاً عَلَى يَحْيَى بنِ الخَلُوْف، وَأَبِي جَعْفَرٍ بن البَاذش.
تَلاَ عَلَيْهِ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الشَّارِّيّ، وَأَكْثَر عَنْهُ.
وَقَالَ ابْنُ فَرْتُوْنَ: ظَهَرَتْ لأَبِي مُحَمَّدٍ بنِ عُبَيْدِ اللهِ كَرَامَات، حَدَّثَنَا شَيْخنَا الرَّاويَة مُحَمَّد بن الحَسَنِ بنِ غَاز، عَنْ بِنْت عَمّه -وَكَانَتْ صَالِحَة، وَكَانَتِ اسْتُحِيضَت مُدَّة- قَالَتْ: حُدِّثْتُ بِمَوْتِ ابْن عُبَيْدِ اللهِ، فَشقّ عليّ أَنْ لاَ أَشْهَده، فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ وَلياً مِنْ أَوليَائِك، فَأَمسِك عَنِّي الدَّم حَتَّى أُصَلِّي عَلَيْهِ، فَانقطع عَنِّي لوقتِهِ، ثُمَّ لَمْ أَره بَعْد.
قُلْتُ: وَحَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ غَازِي المَذْكُوْر، وَأَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عيشُوْنَ، وَمُحَمَّد بن أَحْمَدَ اليَتيم الأَنْدَرَشِيّ، وَمُحَمَّد بن مُحَمَّدٍ اليَحْصَبيّ، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ بنِ الصَّفَّار القُرْطُبِيّ، وَشَرَف الدِّيْنِ مُحَمَّد بن عُبَيْدِ اللهِ المُرْسِيّ، وَأَبُو الخَطَّابِ بن دِحْيَة، وَأَخُوْهُ أَبُو عَمْرٍو، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحْرِز الزُّهْرِيّ، وعبد الرحمن بن القَاسِمِ السَّرَّاج، وَأَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بن الفَخَّارِ الشَّرِيْشِيّ، وَأَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ فَطرَال، وَأَبُو الحَجَّاجِ يُوْسُف بن مُحَمَّدٍ الأَزْدِيّ، وَإِبْرَاهِيْم بن عامر الطُّوْسِيّ -بِفَتح الطَّاء- وَمُحَمَّد بن إِبْرَاهِيْمَ بن الجِرْجِ، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ الأَزْدِيّ الَّذِي بَقِيَ إِلَى سَنَةِ سِتِّيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
أَخْبَرَنِي عَبْدُ المُؤْمِنِ بنُ خَلَفٍ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الأَنْصَارِيّ، أَخْبَرَنَا الحَافِظُ عَبْد اللهِ بن مُحَمَّدٍ الحَجْرِيّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بن بقي، وأحمد بن عبد الرحمن البِطْرَوْجِيّ، قَالاَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ الفَرَجِ الفَقِيْه، حَدَّثَنَا يُوْنُسُ بنُ عَبْدِ اللهِ القَاضِي، أَخْبَرَنَا أَبُو عِيْسَى يَحْيَى بنُ عَبْدِ اللهِ، أَخْبَرَنَا عَمّ أَبِي عُبيدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بنِ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرُ: إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ:

(15/397)


"إِنَّ الَّذِي تَفُوتُهُ صَلاَةُ العَصْرِ كَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلهُ وَمَالهُ" 1.
مَاتَ ابْنُ عُبَيْدِ اللهِ فِي المُحَرَّم -وَقِيْلَ: فِي أَوَّلِ صفر- سَنَة إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَكَانَتْ جِنَازَته مَشْهُوْدَة بِسبتَة.
وَقِيْلَ: بَلْ وُلِدَ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَخَمْسِ مائة.
قَالَ طَلْحَةُ بنُ مُحَمَّدٍ: ثَلاَثَةٌ مِنْ أَعْلاَم المَغْرِب فِي هَذَا الشَّأْن: ابْن بَشْكُوَال، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ خَيْر، وَابْن عُبَيْدِ اللهِ.
وَقَالَ ابْنُ سَالِمٍ: إِذَا ذُكِرَ الصَّالِحُوْن، فَحِي هلاَ بِابْن عُبَيْدِ اللهِ.
وَقَالَ ابْنُ رشيد: كَانَ يجمعُ إِلَى الزُّهْد وَالحِفْظ المشَاركَة فِي أَنْوَاع مِنَ العِلْمِ رَحِمَهُ الله.
وَقَالَ ابْنُ رشيد: وَقِيْلَ: مَكَثَ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً لاَ يَحضُر الجُمُعَة لعذرٍ بِهِ، ثُمَّ أَنْكَر ابْن رشيد هَذَا، وَقَالَ: لَمْ يَنقطع هَذِهِ المُدَّة كُلّهَا عَنِ الجُمُعَة.
قُلْتُ: كَأَنَّهُ انْقَطَع بَعْض ذَلِكَ لِكبره وَسنّه، وَكَانَ أَهْلُ سَبْتَة يَتغَالَوْنَ فِيْهِ، وَيَتبرّكُوْن برؤيته، رحمه الله.
__________
1 صحيح على شرط الشيخين: أخرجه مالك "1/ 11-12"، وعبد الرزاق "2075"، وابن أبي شيبة "1/ 342"، وأحمد "2/ 13 و27 و48 و54 و64 و75 و76 و102 و124"، والبخاري "552"، ومسلم "626"، وأبو داود "414"، والترمذي "175"، والنسائي "1/ 255"، والدارمي "1/ 280"، والبيهقي "1/ 444"، والبغوي "370" و"371"، من طرق عن نافع، عن ابن عمر، به.

(15/398)


5308- المجير 1:
الشَّيْخُ الإِمَامُ العَلاَّمَةُ، الأُصُوْلِيُّ، كَبِيْرُ الشَّافِعِيَّة، مُجِيْرُ الدِّيْنِ أَبُو القَاسِمِ مَحْمُوْدُ بنُ المُبَارَكِ بنِ علي بن المبارك، الواسطي، ثم البغدادي.
تَفَقَّهَ عَلَى أَبِي مَنْصُوْرٍ الرَّزَّاز، وَغَيْرهِ.
وَأَخَذَ الكَلاَم عَنْ أَبِي الفُتُوْح مُحَمَّد بن الفَضْلِ الإِسْفَرَايِيْنِيّ، وَعَبْد السَّيِّد الزَّيْتُوْنِيّ. وَبَرَعَ، وَتَقدّم، وَفَاق الأَقرَان، وَكَانَ يُضْرَبُ بذكَائِهِ المَثَل.
وُلِدَ سَنَةَ"517".
وَسَمِعَ مِنِ ابْنِ الحُصَيْن، وَالقَاضِي أَبِي بَكْرٍ وَجَمَاعَة.
وَقَدِمَ دِمَشْق، فَدرّس، وَنَاظر، وَتَخَرَّجَ بِهِ الأَصْحَاب، ثُمَّ سَارَ إِلَى شيرَاز، فَدرّس بِهَا، وَبعَسْكَر مُكْرَمٍ، وَوَاسط، ثُمَّ دَرَّسَ بِالنّظَامِيَّةِ بِبَغْدَادَ، وَخلعَ عَلَيْهِ بِطرحَة، ثُمَّ بُعِثَ رَسُوْلاً إِلَى هَمَذَان، فَأَدْرَكه الأَجْل.
قَالَ ابْنُ الدُّبَيْثِيِّ: بَرَعَ فِي الفِقْه حَتَّى صَارَ أَوحد زَمَانه، وَتَفَرَّد بِمَعْرِفَة الأُصُوْل، قَرَأْت عَلَيْهِ، وَمَا رَأَيْتُ أَجْمَع لفنُوْن العِلْم مِنْهُ، مَعَ حسن العبَارَة. نُفذ رَسُوْلاً إِلَى خُوَارِزْمشَاه، فَمَاتَ فِي طرِيقه بِهَمَذَانَ فِي ذِي القَعْدَةِ سَنَة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِ مائة.
قلت: حدث عنه: ابن الدبيثي، وابن خَلِيْل، وَرَوَى ابْنُ النَّجَّارِ عَنِ ابْنِ خَلِيْل عَنْهُ.
وَقَالَ المُوَفَّق عَبْد اللَّطِيْفِ: كَانَ طُوَالاً، ذَكِيّاً، دَقِيق الْفَهم، غوَّاصاً عَلَى المَعَانِي، يَشتغل سرّاً بِالمنطق وَفنُوْنِ الحِكْمَة عَلَى أَبِي البَرَكَات صَاحِب الْمُعْتَبر، وَكَانَ بَيْنَ المُجِيْر وَبَيْنَ ابْن فَضْلاَنَ مُنَاظَرَة كَمُحَارَبَة، وَكَانَ المُجِيْر يَقطعُهُ كَثِيْراً. وله بنيت بدمشق الجاروخية.
__________
1 ترجمته في النجوم الزاهرة لابن تغري بردي "6/ 140"، وشذرات الذهب لابن العماد "4/ 311".

(15/398)


5309- ابن فضلان 1:
شَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ، أَبُو القَاسِمِ يَحْيَى الوَاثِقُ بنُ عَلِيِّ بنِ الفَضْلِ بنِ هِبَة اللهِ بنِ بَرَكَةَ، البَغْدَادِيُّ.
قَالَ لَهُ ابْن هُبَيْرَةَ: لاَ يَحسُنُ أَنْ تَكتب بخطّك إِلَى الخَلِيْفَة: الوَاثق، لأَنَّه لقَب خَلِيْفَة. قَالَ: فَكَتَبتُ يَحْيَى.
مَوْلِدُهُ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
سَمِعَ أَبَا غَالِب ابْن البَنَّاءِ، وَإِسْمَاعِيْل بن السَّمَرْقَنْدِيّ، وَمِنْ أَبِي الفَضْلِ الأُرْمَوِيّ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ خَلِيْل فِي "مُعْجَمِهِ"، فَسَمَّاهُ وَاثقاً، وَابْنُ الدُّبَيْثِيّ، وَجَمَاعَة.
وَكَانَ بارعاً فِي الخلاَف وَالنَّظَر، بَصِيْراً بِالقوَاعد، ذَكِيّاً، يَقظاً، لبِيْباً، عذب العبَارَة، وَجيهاً، مُعظَّماً، كَثِيْر التَلاَمِذَة، ارْتَحَلَ إِلَى ابْن يَحْيَى صَاحِب الغَزَّالِيّ مرَّتين، وَوَقَعَ فِي السَّفَرِ، فَانْكَسَرَ ذِرَاعه، وَصَارَت كَفَخِذِهِ، ثُمَّ أَدّته الضَّرُوْرَة إِلَى قطعهَا مِنَ الْمرْفق، وَعَمِلَ محضراً بِأَنَّهَا لَمْ تُقطع فِي رِيْبَة. فَلَمَّا نَاظر المُجِيْر مرَّة، وَكَانَ كَثِيْراً مَا يَنقطع فِي يَد المُجِيْر، فَقَالَ: يُسَافر أَحَدُهُم فِي قطع الطَّرِيْق، وَيدّعِي أَنَّهُ كَانَ يَشتغل، فَأَخْرَجَ ابْن فَضلاَن الْمحْضر، وَأَخَذَ يُشنّع عَلَى المُجِيْر بِالفَلْسَفَة.
وَكَانَ ابْنُ فَضلاَن ظرِيف المُنَاظَرَة، ذَا نغمَاتٍ موزونَة، يَشير بِيَدِهِ بِوَزْن مَطَرب أَنِيق، يَقِفُ عَلَى أَوَاخِر الْكَلم خوَفاً مِنَ اللّحن. قَالَهُ المُوَفَّق عَبْد اللَّطِيْفِ، ثُمَّ قَالَ: وَكَانَ يُدَاعبنِي كَثِيْراً، ثُمَّ رُمِيَ بِالفَالِج فِي أَوَاخِرِ عُمُره رَحِمَهُ الله.
قُلْتُ: وَتَفَقَّهَ بِبَغْدَادَ عَلَى أَبِي مَنْصُوْرٍ الرَّزَّاز، وَتَخَرَّجَ بِهِ أَئِمَّة، وَسَمِعَ بِخُرَاسَانَ مِنْ أَبِي الأَسْعَد القشيري، وعمر بن أحمد بن الصَّفَّار.
درّس بِمَدْرَسَة دَار الذّهب، وَقَدْ تَلاَ بِالرِّوَايَات عَلَى مُحَمَّدِ ابْنِ العَالِمَة، وَكَانَ عَلَى دُرُوسِهِ إِخبَات وَجَلاَلَة.
مَاتَ فِي شَعْبَان سَنَةَ خمس وتسعين وخمس مائة.
__________
1 ترجمته في النجوم الزاهرة لابن تغري بردي "6/ 153"، وشذرات الذهب "4/ 321".

(15/399)


5310- ابن كليب 1:
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ الأَمِيْنُ، مُسْنِدُ العَصْرِ، أَبُو الفَرَجِ، عبد المنعم بن عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ سَعْدِ بنِ صَدَقَةَ بنِ خَضِرِ بنِ كُلَيْبٍ، الحَرَّانِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ، الحَنْبَلِيُّ، التَّاجِرُ، الآجُرِّيُّ؛ لسكنَاهُ فِي درب الْآجر.
وُلِدَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ خَمْس مائَة.
وَسَمِعَ: أَبَا القَاسِمِ بنَ بَيَانٍ، وَأَبَا عَلِيٍّ بنَ نَبْهَانَ، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ بَدْرَان، وَأَبَا عُثْمَانَ بن مَلَّة، وَأَبَا مَنْصُوْرٍ مُحَمَّد بن أَحْمَدَ بنِ طَاهِر الخَازن، وَأَبَا الخَطَّاب الفَقِيْه، وَصَاعِد بن سَيَّار، وَنُوْر الهُدَى أَبَا طَالب الزَّيْنَبِيّ.
وَلقِي بالإجازة: أبا علي بن المَهْدِيّ، وَأَبَا العِزِّ مُحَمَّد بن المُخْتَارِ، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ البَاقِي الدُّوْرِيّ، وَأَبَا طَاهِرٍ بن يُوْسُفَ، وَالمُبَارَك بن الحُسَيْنِ الغسَّال، وَابْن بيَان، وَابْن نَبْهَانَ أَيْضاً.
وَلَهُ "مَشْيَخَة" مرويَّة.
حَدَّثَ عنه: ابن الدبيثي، وابن خليل، وابن النجار، وعمر بن بدر، وأبو موسى بن الحَافِظِ، وَاليَلْدَانِيّ، وَأَحْمَد بن سَلاَمَةَ الحَرَّانِيّ، وَمُحْيِي الدين بن الجَوْزِيّ، وَشَيْخ الشُّيُوْخ عَبْد العَزِيْزِ بن مُحَمَّدٍ الأنصاري، وشمس الدين أبو المظفر سبط بن الجَوْزِيّ، وَابْن عَبْدِ الدَّائِمِ، وَالنَّجِيْب عَبْد اللَّطِيْفِ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَبِالإِجَازَة: ابْن أَبِي اليُسْر، وَالقُطْب ابن عصرون، والخضر بن حَمُّوَيْه، وَأَحْمَد بن أَبِي الخَيْرِ، وَالعزّ عَبْد العَزِيْزِ بن الصَّيْقَلِ، وَمُحَمَّد بن أَبِي الدِّيْنَة.
وَانتهَى إِلَيْهِ عُلُوّ الإِسْنَادِ، وَمتِّع بحوَاسّه وَذهنه، وَكَانَ صَبُوْراً مُحِبّاً لِلرِّوَايَةِ.
دخل مِصْر مَعَ أَبِيْهِ، وَسَكَنَ دِمْيَاط مُدَّة، وَحَجّ سَبْع مَرَّاتٍ، وَفَاتته عرفَة فِي الثَّامِنَة، تَعوّق بِالبَحْر.
قَالَ المُنْذِرِيّ فِي "الوفِيَات": سَمِعْتُ قَاضِي القُضَاةِ أَبَا مُحَمَّدٍ الكِنَانِيّ، سَمِعْتُ ابْنُ كُلَيْبٍ يَقُوْلُ: تَسَرَّيْتُ بِمائَة وَثَمَان وَأَرْبَعِيْنَ جَارِيَة، قَالَ: وَكَانَ يُخَاصم أَوْلاَده فِي ذَلِكَ السِّنّ، فَيَقُوْلُ: اشترُوا لِي جَارِيَة.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: أَلحق الصّغَار بِالكِبَار، وَمُتِّع بصحّته، وَذهنه، وَحسن صُوْرته، وَحُمْرَةِ وَجهه، وَكَانَ لاَ يَملّ مِنَ السَّمَاع، كتب "جُزْء ابْن عَرَفَةَ" بِخَطِّهِ، وَلَهُ بِضْعٌ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً بِخَطّ مَلِيح، وَحَدَّثَ بِهِ مِنْ لَفظه، وَكَانَ مِنْ أَعيَان التُّجَّار، ذَا ثروَة وَاسِعَة، ثُمَّ تَضَعْضع، وَاحتَاج إِلَى الأَخْذ، وَبَقِيَ لاَ يُحَدِّث "بِجُزْءِ ابْنِ عَرَفَةَ" إلَّا بدِيْنَار، وَكَانَ صَدُوْقاً قَرَأْت عَلَيْهِ كَثِيْراً.
تُوُفِّيَ لَيْلَة السَّابِع وَالعِشْرِيْنَ مِنْ رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِ مائة.
__________
1 ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "3/ ترجمة 404"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "6/ 159"، وشذرات الذهب لابن العماد "4/ 327".

(15/400)


جاكير، الشاطبي:
5311- جاكير:
الزَّاهِدُ، مِنْ كِبَارِ مَشَايِخِ العِرَاقِ، صَاحِبُ أَحْوَالٍ وَتَأَلُّهٍ وَتَعَبُّدٍ. صَحِبَ الشَّيْخ عَلِيّاً الهِيْتِيَّ وَغَيْرَهُ.
وَجَاكِيْر لقب، وَاسْمه مُحَمَّد بن دُشَمَ الكُرْدِيُّ الحَنْبَلِيُّ، لَمْ يَتزوَّج، وَتُذكر عَنْهُ كَرَامَات، وَلَهُ زَاويَة كَبِيْرَة بقَرْيَة رَاذَان، عَلَى برِيْد مِنْ سَامَرَّاء. وَجلس فِي المَشْيَخَة بَعْدَهُ أَخُوْهُ أَحْمَد، وَبعد أَحْمَد وَلده الغرسُ، وَبعد الْغَرْس ابْنه محمد.
5312- الشاطبي 1:
الشَّيْخُ الإِمَامُ، العَالِمُ العَامِلُ، القُدْوَةُ، سَيِّدُ القُرَّاءِ، أَبُو مُحَمَّدٍ، وَأَبُو القَاسِمِ القَاسِمُ بنُ فِيْرُّه بن خلف بن أحمد الرعيني، الأندلسي، الشاطبي، الضرير، ناظم "الشاطبية" و"الرائية".
__________
1 ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "4/ ترجمة 537"، وشذرات الذهب لابن العماد "4/ 301-302".

(15/401)


مَنْ كَنَّاهُ أَبَا القَاسِمِ كَالسَّخَاوِيِّ وَغَيْرهِ، لَمْ يَجْعَلْ لَهُ اسْماً سِوَاهَا. وَالأَكْثَرُوْنَ عَلَى أَنَّهُ أَبُو مُحَمَّدٍ القَاسِمُ.
وَذكرَهُ أَبُو عَمْرٍو بنُ الصلاَحِ فِي "طبقَاتِ الشَّافِعِيَةِ".
وُلِدَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَتَلاَ بِبلدِه بِالسّبعِ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي العَاصِ النَّفْرِيّ، وَرَحَلَ إِلَى بَلَنْسِيَة، فَقَرَأَ القِرَاءاتِ عَلَى أَبِي الحَسَنِ بنِ هُذَيْلٍ، وَعَرضَ عَلَيْهِ "التَّيْسِيْرَ"، وَسَمِعَ مِنْهُ الكُتُب، وَمِنْ أَبِي الحَسَنِ ابْنِ النِّعْمَةِ، وأبي عبد الله ابن سَعَادَةَ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ بنِ عَاشِرٍ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحِيْمِ، وَعُلَيْمِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ. وَارْتَحَلَ لِلْحَجِّ، فَسَمِعَ مِنْ أَبِي طَاهِرٍ السِّلَفِيِّ، وَغَيْرِهِ.
وَكَانَ يَتوَقَّدُ ذَكَاءً. لَهُ البَاعُ الأَطولُ فِي فَنِّ القِرَاءاتِ وَالرّسمِ وَالنَّحْوِ وَالفِقْهِ وَالحَدِيْثِ، وَلَهُ النَّظمُ الرَّائِقُ، مَعَ الوَرَعِ وَالتَّقْوَى وَالتَأَلُّهِ وَالوَقَارِ.
اسْتَوْطَنَ مِصْر، وَتَصدّرَ، وَشَاعَ ذِكْرُهُ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو الحَسَنِ بنُ خَيْرَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الجنجَالِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ وَضَّاحٍ، وَأَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ الجُمَّيْزِيِّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ عَبْدِ الوَارِثِ قَارِئُ مُصحفِ الذَّهَبِ.
وَقرَأَ عَلَيْهِ بِالسَّبْعِ: أَبُو مُوْسَى عِيْسَى بنُ يُوْسُفَ المقدسي، وعبد الرحمن بنُ سَعِيْدٍ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بن عمر القرطبي، وأبو الحَسَنِ السَّخَاوِيُّ، وَالزَّيْنُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الكُرْدِيُّ، وَالسَّدِيْدُ عِيْسَى بنُ مَكِّيٍّ، وَالكَمَالُ عَلِيُّ بنُ شُجَاعٍ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو شَامَةَ: أَخْبَرَنَا السَّخَاوِيُّ: أَنَّ سَبَبَ انتِقَالَ الشَّاطِبِيِّ مِنْ بَلدِه أَنَّهُ أُرِيْدَ عَلَى الخَطَابَةِ، فَاحتجَّ بِالحَجِّ، وَتركَ بَلَدَهُ، وَلَمْ يَعد إِلَيْهِ تَوَرُّعاً مِمَّا كَانُوا يُلزمُوْنَ الخُطَبَاءَ مِنْ ذِكرهِمُ الأُمَرَاءَ بِأَوْصَافٍ لَمْ يَرهَا سَائِغَةً، وَصبرَ عَلَى فَقرٍ شَدِيدٍ، وَسَمِعَ مِنَ السِّلَفِيِّ، فَطَلَبَهُ القَاضِي الفَاضِلُ لِلإِقْرَاءِ بِمَدْرَسَتِه، فَأَجَابَ عَلَى شُرُوْطٍ، وَزَار بَيْتَ المَقْدِسِ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
قَالَ السَّخَاوِيُّ: أَقطعُ بِأَنَّهُ كَانَ مكَاشَفاً، وَأَنَّهُ سَأَلَ اللهَ كَفَّ حَالِه.
قَالَ الأَبَّارُ: تَصَدَّرَ بِمِصْرَ، فَعظمَ شَأْنُه، وَبعُدَ صِيتُه، انتهَتْ إِلَيْهِ رِيَاسَةُ الإِقْرَاءِ، وَتُوُفِّيَ بِمِصْرَ فِي الثَّامن وَالعِشْرِيْنَ مِنْ جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ تِسْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
قُلْتُ: وَلَهُ أَوْلاَدٌ رَوَوْا عَنْهُ مِنْهُم أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدٌ.

(15/402)


أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ الحَافِظ بِبَعْلَبَكَّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ هِبَةِ اللهِ، أَخْبَرَنَا الشَّاطِبِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ هُذَيْلٍ بِحَدِيْثٍ ذكرتُهُ فِي "التَّارِيْخِ الكَبِيْرِ".
وَجَاءَ عَنْهُ قَالَ: لاَ يَقرَأُ أَحَدٌ قصيدتِي هَذِهِ إلَّا وَيَنْفَعُهُ الله، لأَنَّنِي نَظمتُهَا للهِ.
وَلَهُ قصيدَةٌ دَاليَّةٌ نَحْو خَمْسِ مائَةِ بَيْتٍ، مَنْ قرأها، أحاط علمًا بـ"التَّمْهِيْدِ" لابْنِ عَبْدِ البَرِّ.
وَكَانَ إِذَا قُرِئَ عَلَيْهِ "المُوَطَّأُ"، وَ"الصَّحِيْحَانِ"، يُصحِّحُ النّسخَ مِنْ حِفْظِهِ، حَتَّى كَانَ يُقَالُ: إِنَّهُ يَحفَظُ وَقْرَ بعيرٍ مِنَ العلُوْمِ.
قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: قِيْلَ: اسْمُهُ وَكُنْيَتُه وَاحِدٌ، وَلَكِنْ وجدت إِجَازَات أَشيَاخِه لَهُ: أَبُو مُحَمَّدٍ القَاسِم. وَكَانَ نَزِيْلَ القَاضِي الفَاضِلِ فَرتَّبَهُ بِمَدْرَسَتِه لإِقْرَاءِ القُرْآنِ، وَلإِقْرَاءِ النَّحْوِ وَاللُّغَةِ، وَكَانَ يَتجنَّبُ فضولَ الكَلاَمِ، وَلاَ يَنطقُ إلَّا لِضرُوْرَةٍ، وَلاَ يَجْلِسُ لِلإِقْرَاءِ إلَّا عَلَى طهارة.

(15/403)


5312- ابن صصرى 1:
الإِمَامُ العَالِمُ، الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، البَارِعُ، الرَّئِيْسُ النَّبِيْلُ، أبو المواهب، الحسن بن العَدْلِ أَبِي البَرَكَاتِ هِبَةِ اللهِ بنِ مَحْفُوْظِ بنُ الحَسَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ أَحْمَدَ بنِ الحُسَيْنِ بنِ صَصْرَى، التَّغْلِبِيُّ، البَلَدِيُّ الأَصْل، الدِّمَشْقِيُّ، الشَّافِعِيُّ.
وُلِدَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَكَانَ اسْمه نَصْر اللهِ، فَغَيَّرَه.
سَمِعَ مِنْ: جدّه، وَالفَقِيْه نَصْر اللهِ بن مُحَمَّدٍ المِصِّيْصِيّ -فَهُوَ أَكْبَر شَيْخ لَهُ- وَمِنْ: عَبْدَان بن زَرِّيْنَ، وَعَلِيّ بن حَيْدَرَة، وَنَصْر بن مُقَاتِلٍ، وَالحُسَيْن بن البُنِّ، وَأَبِي يَعْلَى بن الحُبُوبِيّ، وَحَمْزَة بن كَرُّوْس، وَحَمْزَة بن أَسَدٍ القَلاَنسِيّ، وَعِدَّة.
وَلاَزَمَ الحَافِظ ابْن عَسَاكِرَ، وَأَكْثَر عَنْهُ، وَتَخَرَّجَ بِهِ، وَعنِي بِهَذَا الشَّأْن جِدّاً.
وَارْتَحَلَ، وَسَمِعَ بحَمَاة مُحَمَّد بن ظفر الحجة، وبحلب من أبي طالب بن العَجَمِيّ، وَبِالمَوْصِل الحَسَن بن عَلِيٍّ الكَعْبِيّ، وَيَحْيَى بن سعدُوْنَ، وَسُلَيْمَان بن خَمِيْس، وَبِبَغْدَادَ هِبَة
__________
1 ترجمته في تذكرة الحفاظ "4/ ترجمته 1104"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "6/ 112"، وشذرات الذهب لابن العماد "4/ 285".

(15/403)


اللهِ الدَّقَّاق، وَابْن البَطِّيِّ، وَعِدَّة، وَبِهَمَذَانَ أَبَا العَلاَءِ العَطَّار وَغَيْرهُ، وَبِأَصْبَهَانَ مُحَمَّد بن أَحْمَدَ بنِ مَاشَاذه، وَأَبَا رشيد عَبْد اللهِ بن عُمَرَ، وَعِدَّة، وَبتِبْرِيْز حفدَة العَطَّارِيّ.
وَجَمَعَ "المُعْجَم"، وَصَنَّفَ التَّصَانِيْفَ، وَصَنَّفَ فِي "فَضَائِل الصَّحَابَة" وَ"عَوَالِي ابْن عُيَيْنَةَ" وَ"فَضَائِل القُدْس" وَ"ربَاعِيَات التَّابِعِيْنَ"، وَقَدِ احْتَرَقت كتبه بِالكلاّسَة، ثُمَّ إِنَّهُ وَقَفَ خزَانَة أُخْرَى.
وَثَّقَه أَبُو عَبْدِ اللهِ الدُّبَيْثِيّ، وَقَالَ: كَتَبَ إِلَيْنَا بِالإِجَازَةِ.
مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ وَلَهُ تِسْعٌ وَأَرْبَعُوْنَ سَنَةً.
أَخْبَرَنَا القَاسِمُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا جَدِّي الحُسَيْن بن هِبَةِ اللهِ بنِ مَحْفُوْظ، أَخْبَرَنَا أَخِي أبو المواهب، أَخْبَرَنَا أَبُو الفَتْحِ المصِّيْصِيّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ اليَزْدِيّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ الحَارِثِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ أَبِي بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا زُهَيْر، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بنِ الحَارِثِ خَتَنِ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- آخَى جُوَيْرِيَّة، قَالَ:
"وَاللهِ مَا تَرَكَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِنْدَ مَوْتِهِ دِيْنَاراً وَلاَ دِرْهَماً وَلاَ عَبْداً وَلاَ أَمَةً وَلاَ شَيْئاً إلَّا بَغْلَتَهُ البَيْضَاء، وَسِلاَحَهُ، وَأَرْضاً جَعَلهَا صَدَقَة1.
رواه البخاري عن إبراهيم.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "2739"، والنسائي "6/ 229".

(15/404)


أبوه الرئيس أبو البركات، جده محفوظ:
5314- أبوه الرئيس أبو البركات:
تَفَقَّهَ، وَقَرَأَ القُرْآنَ، وَلَهُ صَدَقَةٌ وَبرٌّ. كَانَ يَخْتِم فِي رَمَضَانَ ثَلاَثِيْنَ ختمَة.
رَوَى عَنْ: جَمَال الإِسْلاَمِ، وَيَحْيَى بن بِطْرِيْقٍ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنَاهُ، وَشَهِدَ عَلَى القَضَاءِ.
مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَلَهُ اثْنَتَانِ وَسِتُّوْنَ سَنَةً.
5315- جده محفوظ:
قِيْلَ: يُكْنَى أَبَا البَرَكَات، مِنْ رُؤسَاء البَلَد وَعدولِهُم.
سَمِعَ جُزْءاً فِي سَنَةِ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ مِنْ نَصْر بن أَحْمَدَ الهَمَذَانِيّ.
سَمِعَ مِنْهُ: الحَافِظُ ابْن عَسَاكِرَ، وَابْنه البَهَاء، وَوَلَده أَبُو المَوَاهِبِ.
تُوُفِّيَ فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَلَهُ ثَمَانُوْنَ سنةً، ودفن بباب توما.

(15/404)


طغرل، الجمال:
5316- طغرل 1:
المَلِكُ طُغْرِل شَاه بنُ أَرْسَلاَنَ بنِ طُغْرِل بنِ مُحَمَّدِ بنِ مَلِكْشَاه التُّرْكِيُّ، آخرُ مُلُوْكِ السُّلْجُوْقِيَّة المَلِكْشَاهية.
خَرَجَ عَلَى الخَلِيْفَة النَّاصِر، فَالتقَاهُ الجَيْش، عَلَيْهِم ابْن يُوْنُسَ الوَزِيْر، فَانْهَزَمُوا، وَأُسِرَ الوَزِيْر، ثُمَّ نَدب النَّاصِر خُوَارِزْمشَاه لِحَرْبِهِ، فَالتقَاهُ عَلَى الرَّيّ، فَقُتِل طُغْرِل فِي المَصَافّ، وَكَانَ من ملاح زمانه وشجعانهم.
قُتِلَ سَنَةَ تِسْعِيْنَ، وَدخلُوا إِلَى بَغْدَادَ بِرَأْسِهِ وَسنَاجقه المُنَكَّسَة. وَكَانَ حَاكماً عَلَى أَذْرَبِيْجَان وَهَمَذَان وعدة مدائن، ملكوه وهو صبي.
5317- الجمال 2:
الشَّيْخُ المُعَمَّرُ، مُسْنِدُ أَصْبَهَانَ، أَبُو الحَسَنِ، مَسْعُوْدُ بنُ أَبِي مَنْصُوْرٍ بنِ مُحَمَّدِ بنِ حَسَنٍ، الأَصْبَهَانِيُّ، الجَمَّالُ، الخَيَّاطُ.
وُلِدَ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِ مائَةٍ.
سَمِعَ: أَبَا عَلِيٍّ الحَدَّاد، وَمَحْمُوْد بن إِسْمَاعِيْلَ، وَأَبَا نَهْشَل عَبْد الصَّمَدِ، وَحَمْزَة بن العَبَّاسِ العَلَوِيّ.
وَسَمِعَ حُضُوْراً مِنْ غَانِم البُرْجِيّ، وَأَجَازَ لَهُ مِنْ نَيْسَابُوْر عَبْدُ الغَفَّارِ الشيرويِيّ صَاحِب أَبِي بَكْرٍ الحِيْرِيّ. وَعُمِّرَ دَهْراً، وَتَفَرَّد، وَرَحَلَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ العُثْمَانِيّ، وَأَبُو مُوْسَى بن عَبْدِ الغَنِيِّ، وَأَبُو الحَجَّاجِ بنِ خَلِيْلٍ، وَآخَرُوْنَ. وَأَجَازَ لأَحْمَدَ بن سَلاَمَةَ.
مَاتَ فِي الخَامِس وَالعِشْرِيْنَ مِنْ شَوَّال سَنَةَ خمس وتسعين وخمس مائة.
__________
1 ترجمته في شذرات الذهب لابن العماد "4/ 301" ووقع عنده [ابن طغرليك] بدل [ابن طغرل] .
2 ترجمته في النجوم الزاهرة لابن تغري بردي "6/ 154" ووقع عنده [ابن أبي مسعود] بدل [أبي منصور] . وشذرات الذهب "4/ 321".

(15/405)


الراراني، ابن ياسين:
5318- الراراني 1:
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ المُسْنِدُ، شَيْخُ الشُّيُوْخِ، أَبُو سَعِيْدٍ، خَلِيْلُ بنُ أَبِي الرَّجَاءِ بَدْرِ بنِ أَبِي الفَتْحِ ثَابِتِ بنِ رَوْحِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الوَاحِدِ، الأَصْبَهَانِيُّ، الرَّارَانِيُّ، الصُّوْفِيُّ.
وُلِدَ سَنَةَ خَمْسِ مائَةٍ.
سَمِعَ: أَبَا عَلِيٍّ الحَدَّاد، وَمَحْمُوْد بن إِسْمَاعِيْلَ الأَشْقَر، وَجَعْفَر بن عَبْدِ الوَاحِدِ، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ الوَاحِدِ الدَّقَّاق.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو مُوْسَى بن عَبْدِ الغَنِيِّ، وَيُوْسُف بن خليل، وعبد العزيز بن علي الواعظ، وولده محمد بن خَلِيْل وَحَفِيْدته لَيْلَة الْبَدْر بِنْت مُحَمَّد، وَجَمَاعَة.
وَأَجَازَ لأَحْمَدَ بن أَبِي الخَيْرِ، وَكَانَ مِنْ مُرِيْدِي حَمْزَة بن العَبَّاسِ العَلَوِيّ.
مَاتَ فِي الخَامِس وَالعِشْرِيْنَ مِنْ رَبِيْع الآخر سنة ست وتسعين وخمس مائة.
5319- ابن ياسين 2:
الشيخ المسند الصالح العابد، أبو الطاهر، إسماعيل بن أبي التقى صَالِحِ بنِ يَاسِيْنَ بنِ عِمْرَانَ، المِصْرِيُّ، الشَّارِعِيُّ الشَّفِيْقِيُّ، نِسبَةً إِلَى خدمَة شفِيق الْملك، الجبلِيّ، نسبَة إِلَى سُكنَى جبل مِصْر، البنَّاء.
وُلِدَ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي عَبْدِ اللهِ الرَّازِيّ "مَشْيَخته" بِإِفَادَة الرُّدَينِيّ الزَّاهِد.
وَهُوَ آخِرُ مَنْ حَدَّثَ بِمِصْرَ عَنِ الرَّازِيّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الحَافِظ عَبْد الغَنِيِّ، وَالحَافِظ الضِّيَاء، وَابْن خَلِيْل، وَأَخُوْهُ يُوْنُس، وَأَبُو الحَسَنِ السَّخَاوِيّ، وَأَبُو عَمْرٍو بنُ الحَاجِبِ، وَالشِّهَاب القوْصِيّ، والرضي عبد الرحمن بن مُحَمَّدٍ، وَخَطِيْب مَرْدَا، وَالزَّيْن أَحْمَدَ بن عَبْدِ المَلِكِ، وَإِسْمَاعِيْل بن ظفر، وَالمعين أَحْمَد بن عَلِيِّ بنِ يُوْسُفَ، وَعَبْد اللهِ بن علاَّق، وَالرَّشِيْد يَحْيَى العَطَّار، وَإِسْمَاعِيْل بن عِزُونَ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
تُوُفِّيَ فِي ثَانِي عشر ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
لَمْ يجز لابن أبي الخير.
__________
1 ترجمته في النجوم الزاهرة لابن تغري بردي "6/ 158- 159"، وشذرات الذهب "4/ 323-324".
2 ترجمته في النجوم الزاهرة "6/ 158"، وشذرات الذهب "6/ 323".

(15/406)


5320- أحمد بن طارق 1:
ابن سنان، المُحَدِّثُ العَالِمُ، أَبُو الرِّضَا، الكَرْكِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ، التَّاجِرُ، الشِّيْعِيُّ.
وُلِدَ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي الفَضْلِ الأُرْمَوِيّ، وَمَوْهُوْب بن الجَوَالِيْقِيّ، وَهِبَة اللهِ بن أَبِي شَرِيْكٍ، وَمُحَمَّد بن طِرَاد، وَابْن نَاصِر، وَسَعْد الخَيْر، وَعِدَّة.
وسمع بدمشق من ناصر بن عبد الرحمن النجار، وأبي القاسم بن البُنِّ، وَطَائِفَة، وَبِالثَّغْر مِنَ السِّلَفِيّ، وَبِمِصْرَ مِنِ ابْنِ رِفَاعَة، وَعِدَّة.
وَحَدَّثَ فِي هَذِهِ البِلاَد، وَكَتَبَ الكَثِيْر.
قَالَ ابْنُ الدُّبَيْثِيّ: كَانَ حرِيصاً عَلَى السَّمَاع، وَعَلَى تَحْصِيل الأَجزَاء، مَعَ قلّة مَعْرِفَته، وَكَانَ ثِقَةً.
قُلْتُ: أَبُوْهُ مِنْ كَرْك نُوْح، قَيَّدَهُ بِالسُّكُوْن ابْن نُقْطَة، وَالمُنْذِرِيّ. وَأَمَّا كَرَك الشّوبك، فَبالتحرِيك.
رَوَى عَنْهُ: الدُّبَيْثِيّ، وَابْن خَلِيْل، وَقبلهما الحَافِظ ابْن المُفَضَّلِ.
وَأَجَازَ لأَحْمَدَ بن أَبِي الخَيْرِ.
قَالَ الشَّيْخُ الضِّيَاء: كَانَ شيعيًا غاليًا.
وَقَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: لَمْ يَزَلْ يَطلُبُ، وكَانَ يُوَادُّنِي، وَكَانَ صديقاً طيب المَعَاشرَة، إلَّا أَنَّهُ غَال فِي التَّشَيُّع، شَحِيح مُقتِر، يَشْتَرِي مِنْ لقم المكديين، وَيَتبَعُ المُحَدِّثِيْنَ ليَأكل مَعَهُم، وَلاَ يُوِقِدُ ضوءاً، خلَّف تَجَارَة بِثَلاَثَة آلاَف دِيْنَار، وَمَاتَ وَحْدَه، وَلَمْ يُعلَمْ بِهِ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ الجِيْلِيّ: كَانَ ثِقَةً ثَبْتاً، مَعَ فَسَاد دينه.
وَقَالَ ابْنُ نُقْطَة: خَبِيْث الاعْتِقَاد، رَافضِيّ.
__________
1 ترجمته في لسان الميزان "1/ ترجمة 597"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "6/ 140"، وشذرات الذهب لابن العماد "4/ 308".

(15/407)


وَقِيْلَ: أَكَلت الفَأر أَنفه وَأُذُنَيْه.
مَاتَ فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَكَانَ جَدُّهُ قَاضِي كرْك نُوْح.
وَفِيْهَا مَاتَ قَاضِي قُرْطُبَة أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ حُرَيْثٍ اللَّخْمِيّ عَنْ نَحْو الثَّمَانِيْنَ، وَأَبُو طَاهِرٍ إِبْرَاهِيْم بن مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ حَمَديَّة العُكْبَرِيّ أَخُو عَبْدِ اللهِ مِنْ أَصْحَابِ بن الحُصَيْن، وَبلقيس بِنْت سُلَيْمَان بن النّظَام، وَعَبْد الخَالِقِ بن عَبْدِ الوَهَّابِ الصَّابُوْنِيّ الخَفَّاف، وَمُحَمَّد بن أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ الأَصْبَهَانِيّ المهَّاد، وَمُحَمَّد بن أَبِي بَكْرٍ بنِ مُحَمَّدٍ الجلاَلِيّ البَغْدَادِيّ عَنْ مائَة عَام، وَشَاعِر وَقته أَبُو الغَنَائِمِ محمد بن علي بن فارس بن المُعَلِّم الوَاسِطِيّ فِي عَشْرِ المائَة، وَوزِيْر العِرَاق مؤيد الدين أبو الفضل محمد بن علي بن القَصَّاب، وَأَبُو مُحَمَّدٍ مُحَمَّد بن مَعَالِي بن شدقينِي، وَالإِمَام فَخْر الدِّيْنِ مُحَمَّد بن أَبِي عَلِيٍّ النُّوْقَانِيّ صَاحِب الغَزَّالِيّ، وَالإِمَام مُجِيْر الدِّيْنِ مَحْمُوْد بن المُبَارَكِ بن عَلِيٍّ البَغْدَادِيّ صَاحِب أَبِي مَنْصُوْرٍ الرَّزَّاز، وَيُوْسُف بن مَعَالِي الكَتَّانِيّ المقرئ.

(15/408)


ابن حمدية، أبو طاهر إبراهيم بن محمد:
5321- ابن حمدية:
الشَّيْخُ المُسْنِدُ، أَبُو مَنْصُوْرٍ، عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ حَمَديَّةَ، العُكْبَرِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ.
سَمِعَ أَبَا العِزِّ بن كَادِشٍ، وَأَبَا عَبْدِ اللهِ البَارِع، وَزَاهِر بن طَاهِر، وَأَبَا علي بن السِّبْط، وَأَبَا بَكْرٍ المَزْرَفِيّ، وَعِدَّة.
وَعَنْهُ: ابْنُ الدُّبَيْثِيّ، وَابْن خَلِيْلٍ، وَطَائِفَة.
مَاتَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ عَنْ أَرْبَع وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
وَمَاتَ مَعَهُ فِي صَفَرٍ بَعْد أَيَّام أَخُوْهُ:
5322- أَبُو طَاهِرٍ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدٍ:
وَكَانَ قَدْ كَتَبَ بِخَطِّهِ، وَرَوَى الكَثِيْر عَنِ ابن الحصين، وزاهر، وهبة اللهِ الشُّرُوْطِيِّ، وَأَبِي غَالِبٍ المَاوَرْدِيِّ.
رَوَى عَنْهُ أَيْضاً: ابْن الدُّبَيْثِيّ وَابْن خَلِيْل.
وَنيَّف هَذَا عَلَى الثَّمَانِيْنَ. وَلَمْ أَرهُمَا أَجَازَا لأَحْمَدَ بن سلامة.

(15/408)


الصابوني، ابن بونه:
5323- الصابوني 1:
الإِمَامُ المُقْرِئُ، المُسْنِدُ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الخَالِقِ بن الشَّيْخِ أَبِي الفَتْحِ عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ بن الصَّابُوْنِيِّ، البَغْدَادِيُّ، الخَفَّافُ.
وُلِدَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْس مائَة.
وَسَمَّعَهُ أَبُوْهُ مِنْ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ الوَاحِدِ الدِّيْنَوَرِيّ، وَأَحْمَد بنُ مُحَمَّدِ بنِ البُخَارِي، وَهِبَةُ اللهِ بنُ الحُصَيْنِ، وَقَرَاتِكِيْن بن أَسْعَد، وَأَبِي العِزِّ بن كَادِشٍ، وَأَحْمَد بن أَحْمَدَ المتوكلِيِّ، وَزَاهِر بن طَاهِر، وَإِسْمَاعِيْل بن أَبِي صَالِحٍ المُؤَذِّن، وَهِبَة اللهِ بن الطَّبرِ، وَعِدَّة.
وَعَنْهُ: ابْنُ الأَخْضَر، وَوَلَده عَلِيّ، وَابْن خَلِيْلٍ، وَجَمَاعَة.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: كَانَ شَيْخاً صَدُوْقاً لاَ بَأْسَ بِهِ، عسراً فِي الرِّوَايَة.
مَاتَ فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وخمس مائة.
5324- ابن بونه:
الشَّيْخُ الفَاضِلُ، المُحَدِّثُ، المُعَمَّرُ، أَبُو مُحَمَّدٍ، عَبْدُ الحَقِّ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ بُونُه بنِ سَعِيْدٍ، العَبْدَرِيُّ، المَالقِيُّ، المَعْرُوف بِابْنِ البَيْطَار، نَزِيْلُ مدينَة المُنَكَّب مِنْ مَدَائِن الأَنْدَلُس.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ بنِ عَتَّاب، وَأَبِي بَحْر بن العَاصِ، وَغَالِب بن عَطِيَّةَ، وَابْن مُغِيْث، وَأَبِي الحَسَنِ بنِ البَاذش.
وَأَجَازَ لَهُ أَبُو عَلِيٍّ الصَّدَفِيّ.
رَوَى عَنْهُ: هَانِئ بنُ هَانِئ، وَابْنَا حَوْط اللهِ، وَأَبُو الرَّبِيْعِ بن سَالِمٍ، وابن دحية، وآخرون.
قَالَ الأَبَّار: سَمَّعَهُ أَبُوْهُ صغِيراً، وَرَحَلَ بِهِ، فَأَورثه ذَلِكَ نباهَة.
وَقَالَ ابْنُ سَالِم: هُوَ الشَّيْخُ الرَّاويَة العَدْل الثِّقَة أَبُو مُحَمَّدٍ الغَرْنَاطِيّ، أَخذتُ عَنْهُ.
تُوُفِّيَ بِالمُنَكَّب سَنَة سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ وخمس مائة. عاش ثلاثًا وثمانين سنةً.
__________
1 ترجمته في شذرات الذهب لابن العماد "4/ 309".

(15/409)


ابن مأمون، بكتمر:
5325- ابن مأمون:
الإِمَامُ، المُقْرِئُ المُجَوِّدُ، النَّحْوِيُّ، المُحَدِّثُ، قَاضِي بَلَنْسِيَة، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ أَحْمَدَ بنِ حُمَيْدِ بنِ مَأْمُوْنٍ، الأُمَوِيّ، مَوْلاَهُم، البَلَنْسِيُّ، ثُمَّ الغَرْنَاطِيُّ.
أَخذ القِرَاءات عَنِ ابْن هذِيل، وَأَبِي الحَسَنِ بنِ ثَابِتٍ، وَأَبِي الحَسَنِ شُرَيْح بن مُحَمَّدٍ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي سَمُرَة.
وَأَخَذَ بِجَيَّانَ علُوْم اللِّسَان عَنْ أبي بكر بن مسعود الخشني، وسمع بِالمَرِيَّةِ مِنَ القَاضِي أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ المُحَارِبِيّ، وَطَائِفَة.
حمل عَنْهُ أَبُو الرَّبِيْع بن سَالِمٍ، وَقَالَ: أَتقن "كِتَاب سِيْبَوَيْه" تَفقُّهاً وَتَفهُّماً عَلَى ابْنِ أَبِي رُكب الخُشَنِيّ، ثُمَّ تَصَدَّرَ بِمُرْسِيَة لِلإِقْرَاءِ وَالعَرَبِيَّة، وَكَانَ فِي النَّحْوِ إِمَاماً مُقدَّماً، سَمِعْتُ مِنْهُ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ "صَحِيْح البُخَارِيِّ" وَغَيْرهُ عَنْ شُرَيْح بِفَوْت، وَ"التَّيْسِيْر"، وَ"الكَافِي"، وَ"التَّلْخِيص" لأَبِي مَعْشَرٍ سَمِعَهُ مِنِ ابْنِ ثُعْبَان، بِسَمَاعه مِنْ أَبِي مَعْشَرٍ.
قُلْتُ: وَأَجَازَ لَهُ أَبُو الحَسَنِ بنُ مُغِيْث.
قَالَ ابْنُ سَالِم: تُوُفِّيَ بِمُرْسِيَة صَادراً عَنْ حضَرَة الْملك، فِي سَابع عشر جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَدُفِنَ إِلَى جَنْبِ أَبِي القاسم بن حُبَيْشٍ. وَكَانَ مَوْلِدُهُ سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَخَمْسِ مائة.
5326- بكتمر 1:
صَاحِبُ خِلاَط، المَلِكُ سَيْفُ الدِّيْنِ، مَمْلُوْكُ المَلِكِ ظهير الدين شاه أرمن.
استولَى عَلَى أَرْمِيْنِيةَ، وَكَانَ مُحَارِباً لِلسُّلْطَانِ صَلاَح الدِّيْنِ، فَلَمَّا بلغَه مَوْته، أَمر بِضَرْب البشَائِر، وَعَمِلَ تختاً، فَجَلَسَ عَلَيْهِ، وَسَمَّى نَفْسه عَبْد العَزِيْزِ، وَتلقّب بِالسُّلْطَان المُعْظَّم صَلاَح الدِّيْنِ، فَمَا أَمهله الله، وَقُتِلَ غيلَة بَعْد شَهْر فِي أَوَّلِ جُمَادَى الأُوْلَى سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، خَرَجَ عَلَيْهِ خشدَاشه، وَزوج بِنْته الأَمِيْر هزَار دِيْنَارِي، ثُمَّ تَملّك بَعْدَهُ، وَلقّبَهُ بَدْر الدِّيْنِ، فَبقِي خَمْس سِنِيْنَ، وَمَاتَ، فَملّكُوا مُحَمَّد بن بُكْتَمُر، ثُمَّ قَبَض عَلَى نَائِبه شُجَاع الدِّيْنِ، ثُمَّ ثَار أُمَرَاء، وَخنقُوا مُحَمَّداً، وَتَملّك بلبان سنةً، ثم تسلمها الأوحد بن الملك العادل.
__________
1 ترجمته في شذرات الذهب "4/ 297".

(15/410)


5327- صَلاَحُ الدِّيْنِ وَبَنُوْهُ 1:
السُّلْطَانُ الكَبِيْرُ، المَلِكُ النَّاصِرُ، صلاح الدين، أبو المظفر، يوسف بن الأَمِيْرِ نَجْمِ الدِّيْنِ أَيُّوْبَ بنُ شَاذِي بنِ مَرْوَانَ بنِ يَعْقُوْبَ، الدُّوِيْنِيُّ، ثُمَّ التِّكرِيتِيُّ المَوْلِد.
وُلِدَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ إِذْ أَبُوْهُ نَجْم الدِّيْنِ مُتَوَلِّي تِكرِيتَ نِيَابَةً.
وَدُوِيْنُ: بُليدَة بِطرف أَذْرَبِيْجَان مِنْ جِهَةِ أَرَان وَالكَرَجِ، أهلهَا أَكرَادٌ هَذَبَانِيَّة.
سَمِعَ مِنْ أَبِي طَاهِرٍ السِّلَفِيِّ، وَالفَقِيْه عَلِيّ ابْن بِنْت أَبِي سَعْدٍ، وَأَبِي الطَّاهِر بن عَوْف، وَالقُطْب النَّيْسَابُوْرِيّ. وَحَدَّثَ.
وَكَانَ نُوْر الدِّيْنِ قَدْ أَمَّرَه، وَبعثَه فِي عَسْكَره مَعَ عَمّه أَسَد الدِّيْنِ شِيرْكُوْه، فَحكم شِيرْكُوْه عَلَى مِصْرَ، فَمَا لَبِثَ أَنْ تُوُفِّيَ، فَقَامَ بَعْدَهُ صَلاَح الدِّيْنِ، وَدَانت لَهُ العَسَاكِر، وَقهر بنِي عُبَيْد، وَمحَا دَوْلَتهُم، وَاسْتَوْلَى عَلَى قَصْر القَاهِرَة بِمَا حوَى مِنَ الأَمتعَة وَالنّفَائِس، مِنْهَا الْجَبَل اليَاقُوْت الَّذِي وَزنهُ سَبْعَةَ عَشَرَ دِرْهَماً؛ قَالَ مُؤلِّف الكَامِل ابْن الأَثِيْر: أنَا رَأَيْتهُ وَوزنته.
وَخلاَ القَصْر مِنْ أَهْلِهِ وَذخَائِره. وَأَقَامَ الدعوَة العَبَّاسِيَّة.
وَكَانَ خليقاً لِلإِمَارَة، مَهِيْباً، شُجَاعاً حَازِماً، مُجَاهِداً كَثِيْر الغَزْو، عَالِي الهِمَّة، كَانَتْ دَوْلَته نَيِّفاً وَعِشْرِيْنَ سَنَةً.
وَتَمَلَّكَ بَعْدَ نُوْر الدِّيْنِ، وَاتَسَعت بلاَده.
وَمنذ تسلطَنَ، طَلّق الخَمْر وَاللَّذَات، وَأَنشَأَ سوراً عَلَى القَاهِرَة وَمِصْر، وَبَعَثَ أَخَاهُ شَمْس الدِّيْنِ فِي سَنَةِ ثمان وستين، فافتتح برقة، ثم افْتَتَحَ اليَمَن، وَسَارَ صَلاَح الدِّيْنِ، فَأَخَذَ دِمَشْق مِنِ ابْن نُوْر الدِّيْنِ.
وَفِي سَنَةِ إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ حَاصر عَزَاز، وَوَثَبَتْ عَلَيْهِ البَاطِنِيَّة، فَجرحوهُ.
وَفِي سَنَةِ ثَلاَثٍ كَسرته الفِرنْج عَلَى الرَّمْلَة، وَفَرَّ فِي جَمَاعَةٍ، وَنجَا.
وَفِي سَنَةِ خَمْس التقَاهُم وَكسرهُم.
وَفِي سَنَةِ سِتّ أَمر بِبنَاء قَلْعَة الْجَبَل.
وَفِي سَنَةِ ثَمَان عَدَّى الفُرَات، وأخذ حران، وسروج، والرقة، والرها، وسنجار،
__________
1 ترجمته في النجوم الزاهرة "6/ 3-119"، وشذرات الذهب لابن العماد "4/ 219-220".

(15/411)


وَالبِيْرَة، وَآمِد، وَنَصِيْبِيْن، وَحَاصَرَ المَوْصِل، ثُمَّ تَملّك حلب، وَعوّض عَنْهَا صَاحِبهَا زَنْكِي بِسِنْجَار، ثُمَّ إِنَّهُ حَاصر المَوْصِل ثَانِياً وَثَالِثّاً، ثُمَّ صَالَحَه صَاحِبُهَا عِزّ الدِّيْنِ مَسْعُوْد، ثُمَّ أَخَذَ شَهْرزور وَالبوازِيج.
وَفِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ فَتح طبريَّة، وَنَازل عَسْقَلاَن، ثُمَّ كَانَتْ وَقْعَة حِطِّيْن بَيْنَهُ وَبَيْنَ الفِرنْج، وَكَانُوا أَرْبَعِيْنَ أَلفاً، فَحَال بَيْنهُم وَبَيْنَ المَاء عَلَى تلّ، وَسلّمُوا نُفُوْسهُم، وَأُسِرَتْ ملوكهُم، وَبَادر، فَأَخَذَ عكَّا وَبَيْرُوْت وَكَوْكَب، وَسَارَ فَحَاصَر القُدْس، وَجدّ فِي ذَلِكَ فَأَخَذَهَا بِالأَمَان.
وَسَارَ عَسْكَر لابْنِ أَخِيْهِ تَقِيّ الدِّيْنِ عُمَر فَأَخذُوا أَوَائِل المَغْرِب، وَخطبُوا بِهَا لِبَنِي العَبَّاسِ.
ثُمَّ إِنَّ الفِرنْج قَامت قيَامتهُم عَلَى بَيْتِ المقدس، وأقبلوا كقطع اللَّيْل المُظْلِم برّاً وَبَحْراً وَأَحَاطُوا بعكَّا ليستردّوهَا وَطَال حصَارهُم لَهَا، وَبَنَوا عَلَى نُفُوْسهم خَنْدَقاً، فَأَحَاط بِهِم السُّلْطَان، وَدَام الحصَار لَهُم وَعَلَيْهِم نَيِّفاً وَعِشْرِيْنَ شَهْراً، وَجَرَى فِي غُضُون ذَلِكَ ملاَحم وَحُرُوْب تُشيِّب النَّوَاصي، وَمَا فَكُّوا حَتَّى أَخَذُوهَا، وَجَرَتْ لَهُم وَللسُلْطَان حُرُوْب وَسِير. وَعِنْدَمَا ضَرِسَ الفرِيقَان، وَكُلّ الحزبَان، تَهَادن الملتَان.
وَكَانَتْ لَهُ همَّة فِي إِقَامَة الجِهَاد، وَإِبَادَة الأَضدَاد مَا سُمِعَ بِمِثْلِهَا لأَحدٍ فِي دَهْر.
قَالَ ابْنُ وَاصِلٍ فِي حِصَار عزَاز: كَانَتْ لجَاولي خيمَة كَانَ السُّلْطَان يَحضر فِيْهَا، وَيَحضّ الرِّجَال، فَحضر باطنِيَّة فِي زيِّ الأَجْنَاد، فَقفز عَلَيْهِ وَاحِد ضربه بِسكين لَوْلاَ المِغْفَرُ الزَّرَدُ الَّذِي تَحْت القلنسوَة، لِقتله فَأَمسكَ السُّلْطَان يَد البَاطِنِيّ بيدَيْهِ، فَبقِي يَضربُ فِي عُنُق السُّلْطَان ضرباً ضَعِيْفاً، وَالزَّرَدُ تَمنع، وَبَادر الأَمِيْر بَازكوج، فَأَمسك السِّكِّين، فَجرحته، وَمَا سيَّبهَا البَاطِنِيّ حَتَّى بَضَّعُوْهُ، وَوَثَبَ آخر، فَوَثَبَ عَلَيْهِ ابْن منكلاَن، فَجرحَه البَاطِنِيُّ فِي جنبه، فَمَاتَ، وَقُتِلَ البَاطِنِيّ، وَقفز ثَالِث، فَأَمسكه الأَمِيْر عَلِيُّ بن أَبِي الفَوَارِسِ، فَضمَّه تَحْتَ إِبطه، فَطعَنَه صَاحِب حِمْص، فَقَتَلَهُ، وَركب السُّلْطَانُ إِلَى مُخيَّمه، وَدَمُه يَسِيْل عَلَى خَدّه، وَاحتجب فِي بَيْت خشب، وَعرض جُنْده، فَمَنْ أَنْكَره، أَبعدَهُ.
قَالَ المُوَفَّق عَبْد اللَّطِيْفِ: أَتيت، وَصَلاَح الدِّيْنِ بِالقُدْس، فَرَأَيْت ملكاً يَملأَ العُيُون روعَة، وَالقُلُوْب مَحَبَّة، قَرِيْباً بعيداً، سهلاً، محبَّباً، وَأَصْحَابه يَتشبَّهون بِهِ، يَتسَابقُوْنَ إِلَى المَعْرُوف كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا} [الحِجْرُ: 47] ، وَأَوّل لَيْلَة حضَرتُهُ وَجَدْت مَجْلِسه حَفْلاً بِأَهْلِ العِلْمِ يَتَذَاكَرُوْنَ، وَهُوَ يُحْسنُ الاستمَاع وَالمشَاركَة، وَيَأْخذ فِي كَيْفِيَة بِنَاء الأَسْوَار، وَحفر الخنَادق، وَيَأْتِي بِكُلِّ مَعْنَىً بَدِيْع، وَكَانَ مهتماً فِي بِنَاء

(15/412)


سورِ بَيْتِ المَقْدِسِ وَحفْر خَنْدَقه، وَيَتولَّى ذَلِكَ بِنَفْسِهِ، وَيَنْقل الحجَارَة عَلَى عَاتقه، وَيَتَأَسَّى بِهِ الخلقُ حَتَّى القَاضِي الفَاضِل، وَالعِمَاد إِلَى وَقت الظُّهْر، فِيمدُّ السمَاط، وَيسترِيح، وَيَرْكبُ الْعَصْر، ثُمَّ يَرْجِع فِي ضوء المشَاعل، قَالَ لَهُ صَانِع: هَذِهِ الحجَارَة الَّتِي تُقْطَع مِنْ أَسفل الخَنْدَق رخوَة، قَالَ: كَذَا تَكُوْن الحجَارَة الَّتِي تلِي القرَار وَالنّدَاوَة، فَإِذَا ضربَتْهَا الشَّمْس، صَلُبَت. وَكَانَ يَحفظ "الحمَاسَة"، وَيظَنّ أَن كُلّ فَقِيْه يَحفظهَا، فَإِذَا أَنْشَدَ، وَتَوَقَّفَ، اسْتطْعمَ فَلاَ يُطعَم، وَجَرَى لَهُ ذَلِكَ مَعَ القَاضِي الفَاضِل، وَلَمْ يَكُنْ يَحفظُهَا، وَخَرَجَ، فَمَا زَالَ حَتَّى حَفِظهَا، وَكَتَبَ لِي صَلاَح الدِّيْنِ بِثَلاَثِيْنَ دِيْنَاراً فِي الشَّهْر، وَأَطلق أَوْلاَده لِي روَاتب، فَأُشْغلت بِجَامِعِ دِمَشْقَ.
وَكَانَ أَبُوْهُ ذَا صلاَحٍ، وَلَمْ يَكُنْ صَلاَح الدِّيْنِ بِأَكْبَر أَوْلاَده.
وَكَانَ صَلاَح الدِّيْنِ شِحْنَة دِمَشْق، فَكَانَ يَشرَب الخَمْر، ثُمَّ تَابَ، وَكَانَ مُحببّاً إِلَى نُوْر الدِّيْنِ يُلاعبُه بِالكُرَة.
وَكَانَتْ وَقعته بِمِصْرَ مَعَ السُّودَان، وَكَانُوا نَحْو مائَتَيْ أَلف، فَنُصِر عَلَيْهِم، وَقَتَلَ أَكْثَرهُم. وَفِي هَذِهِ الأَيَّام اسْتولَى ملك الخَزَر عَلَى دُوِيْن، وَقتلَ مِنَ المُسْلِمِيْنَ ثَلاَثِيْنَ أَلْفاً.
حُمَّ صَلاَح الدِّيْنِ، فَفَصده مَنْ لاَ خَبَرَة لَهُ، فَخَارت القُوَّة، وَمَاتَ، فَوَجَد النَّاسُ عَلَيْهِ شبيهاً بِمَا يَجدُوْنَهُ عَلَى الأَنْبِيَاء، وَمَا رَأَيْتُ ملكاً حَزِنَ النَّاس لِمَوْتِهِ سِوَاهُ، لأَنَّه كَانَ مُحببّاً، يُحِبُّه البِرّ وَالفَاجر، وَالمُسْلِم وَالكَافِر، ثُمَّ تَفرّق أَوْلاَده وَأَصْحَابه أَيَادِي سَبَأ، وَتَمزّقُوا. وَلَقَدْ صدق العِمَاد فِي مَدحه حَيْثُ يَقُوْلُ:
وَلِلنَّاسِ بِالمَلِكِ النَّاصِرِ الصَّلاَ ... حِ صلاحٌ ونصرٌ كَبِيْرُ
هُوَ الشَّمْسُ أَفلاَكُهُ فِي البِلاَ ... دِ وَمَطْلَعُهُ سَرْجُهُ وَالسَّرِيْرُ
إِذَا ما سطا أو حبا واحتبى ... فما الليث مِنْ حاتمٍ مَا ثَبِيْرُ
قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: بَلَغَنِي أَنّ صَلاَح الدِّيْنِ قَدِمَ بِهِ أَبُوْهُ وَهُوَ رضيعٌ، فَنَاب أَبُوْه بِبَعْلَبَكَّ إِلَى آخذهَا أَتَابك زَنْكِي، وَقِيْلَ: إِنَّهُم خَرَجُوا مِنْ تَكرِيت فِي لَيْلَةِ مَوْلِد صَلاَح الدِّيْنِ، فَتطيَّرُوا بِهِ، فَقَالَ شِيرْكُوْه أَوْ غَيْره: لَعَلَّ فِيْهِ الخَيْر وَأَنْتُم لاَ تَعلمُوْنَ. إِلَى أَنْ قَالَ: وَكَانَ شِيرْكُوْه أَرْفَع مَنْزِلَةً عِنْد نُوْر الدِّيْنِ، فَإِنَّهُ كان مقدم جيوشه.
وَوَلِيَ صَلاَح الدِّيْنِ وِزَارَة العَاضد، وَكَانَتْ كَالسلطنَة، فَولِي بَعْد عَمّه سَنَة564، ثُمَّ مَاتَ العَاضد سَنَة67، فَاسْتقلَّ بِالأَمْرِ مَعَ مدَارَاة نُوْر الدِّيْنِ وَمرَاوَغته، فَإِنَّ نُوْر الدِّيْنِ عزم عَلَى

(15/413)


قصد مِصْر؛ ليُقيم غَيْر صَلاَح الدِّيْنِ، ثُمَّ فَتَر، وَلَمَّا مَاتَ نُوْر الدِّيْنِ، أَقْبَل صَلاَح الدِّيْنِ ليُقيم نَفْسه أَتَابكاً لولد نُوْر الدِّيْنِ، فَدَخَلَ البَلَد بِلاَ كلفَة، وَاسْتَوْلَى عَلَى الأُمُوْر فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ سَبْعِيْنَ، وَنَزَلَ بِدَارِ العَقِيْقِيّ، ثُمَّ تسلّم القَلْعَة، وَشَال الصَّبيّ مِنَ الْوسط ثُمَّ سَارَ، فَأَخَذَ حِمْص، ثُمَّ نَازل حلب، وَهِيَ الوقعَة الأُوْلَى، فَجَهَّزَ السُّلْطَانُ غَازِي مِنَ المَوْصِل أَخَاهُ عِزّ الدِّيْنِ مسعُوْداً فِي جَيْش، فَرحّله، وَقَدِمَ حِمْص، فَأَقْبَل مَسْعُوْد وَمَعَهُ الْحَلَبِيُّونَ، فَالتقوا عَلَى قرُوْن حَمَاة، فَانْهزم مَسْعُوْد، وَأُسِرَ أُمَرَاؤُهُ، وَسَاقَ صَلاَح الدِّيْنِ، فَنَازل حلب ثَانِياً، فَصَالَحُوْهُ بِبذْلِ المَعَرَّة وَكفرطَاب، وَبلغ غَازِي كَسْرَةُ أَهْله وَأَخِيْهِ، فَعبر الفُرَات، وَقَدِمَ حلب، فَتلقَاهُ ابْن عَمِّهِ الْملك الصَّالِح، ثُمَّ التَقَوا هُم وَصَلاَح الدِّيْنِ، فَكَانَتْ وَقْعَة تلّ السُّلْطَان، وَنُصِرَ صَلاَح الدِّيْنِ أَيْضاً، وَرجع صَاحِب المَوْصِل. ثُمَّ أَخَذَ صَلاَح الدِّيْنِ مَنْبِج وَعزَاز، وَنَازل حلب ثَالِثاً، فَأَخرجُوا إِلَيْهِ بِنْت نُوْر الدِّيْنِ، فَوَهَبهَا عزَاز. وَرد إِلَى مِصْرَ، وَاسْتنَاب عَلَى دِمَشْقَ أَخَاهُ صَاحِب اليَمَن تُوْرَانْشَاه، ثُمَّ خَرَجَ مِنْ مِصْرَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسَبْعِيْنَ، فَالتَقَى الفِرنْج، فَانْكَسَرَ.
ثُمَّ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَسَبْعِيْنَ نَازل حلب، وَأَخَذَهَا، وَعوّض عَنْهَا عِمَاد الدِّيْنِ زَنْكِي بِسِنْجَار وَسَرُوج، وَرتّب بِحَلَبَ وَلده الْملك الظَّاهِر. ثم حاصر الكرك، وجاءت إمدادات الفرنج.
وَفِي شَعْبَان سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ نَازل صَلاَح الدِّيْنِ المَوْصِل، وَتردّدت الرُّسُل بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَاحِبهَا عِزّ الدِّيْنِ، وَتَمرّض، وَتَأَخّر إِلَى حرَّان، وَاشتدَّ مَرضه، وَحلفُوا لأَوْلاَده بِأَمره، وَأَوْصَى عَلَيْهِم أَخَاهُ العَادل، ثُمَّ مرّ بِحِمْصَ، وَقَدْ مَاتَ صَاحِبهَا نَاصِر الدِّيْنِ مُحَمَّد، ابْن عَمِّهِ، فَأَعْطَاهَا لوَلَده المجاهد شيركوه وله ثنتا عَشْرَةَ سَنَةً.
وَفِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ افْتَتَحَ صَلاَح الدِّيْنِ بلاَد الفِرنْج، وَقهرهُم، وَأَبَاد خَضْرَاءهُم، وَأَسَرَ ملوكهُم عَلَى حطّين. وَكَانَ قَدْ نَذر أَن يَقتُل أَرنَاط صَاحِب الكَرَك، فَأَسره يَوْمَئِذٍ، كَانَ قَدْ مرّ بِهِ قَوْم مِنْ مِصْرَ فِي حَال الهُدنَة، فَغَدَرَ بِهِم، فَنَاشدُوْهُ الصُّلح، فَقَالَ مَا فِيْهِ اسْتخفَافٌ بِالنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَتَلَهُم، فَاسْتحضر صَلاَح الدِّيْنِ المُلُوْك، ثُمَّ نَاول الْملك جفرِي شربَة جلَّاب ثَلج، فَشرب، فَنَاول أَرنَاط، فَشرب، فَقَالَ السُّلْطَان لِلتَرْجمَان: قل لجفرِي: أَنْتَ الَّذِي سقيتَهُ، وَإِلاَّ أَنَا فَمَا سقَيْتُه، ثُمَّ اسْتحضر البرِنْس أَرنَاط فِي مَجْلِس آخر، وَقَالَ: أَنَا أَنْتصر لِمُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْكَ، ثُمَّ عرض عَلَيْهِ الإِسْلاَم، فَأَبَى، فَحلَّ كتفه بِالنِيمجَاه1. وَافتَتَح عَامَهُ مَا لَمْ يَفتحْهُ ملكٌ، وَطَار صِيْتُهُ فِي الدنيا، وهابته الملوك.
__________
1 النيمجاء: خنجر مقوس.

(15/414)


ثُمَّ وَقَعَ النّوح وَالمَأَتم فِي جزَائِر البَحْر وإلى رومية، ونودي بالنفير إلى نُصْرَة الصّليب، فَأَتَى السُّلْطَانَ مِنْ عَسَاكِر الفِرنْج مَا لاَ قِبَلَ لَهُ بِهِ، وَأَحَاطُوا بعكَّا.
وَقَالَ آخر: أَوّل فُتُوْحَاته الإِسْكَنْدَرِيَّة فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ، وَقَاتَلَ مَعَهُ أَهْلُهَا لَمَّا حَاصَرَتْهُم الفِرنْج أَرْبَعَة أَشْهُرٍ، ثُمَّ كشَفَهُم عَنْهُ عَمُّه أَسَد الدِّيْنِ، فَتركهَا، وَقَدِمَا الشَّام. ثُمَّ تَملّك وِزَارَة العَاضد، وَاستتبَّ لَهُ الأَمْرُ، وَأَبَاد آل عُبَيْدٍ وَعَبِيْدَهُم، وَتَملّك دِمَشْق ثُمَّ حِمْص، وَحَمَاة، وَحلب، وَآمِد، وَمَيَّافَارِقِيْن، وَعِدَّة بلاَد بِالجَزِيْرَةِ. وَدِيَار بَكْرٍ. وَبَعَثَ أَخَاهُ، فَافْتَتَحَ لَهُ اليَمَن، وَسَارَ بَعْض عَسْكَره. فَافْتَتَح لَهُ بَعْض المَغْرِب، وَلَمْ يَزَلْ سُلْطَانه فِي ارتقَاء إِلَى أَنْ كَسَرَ الفِرنْج نَوْبَة حطّين. ثُمَّ افْتَتَحَ عكَّا، وَبَيْرُوْت، وَصيدَا، وَنَابُلُس، وَقيسَارِيَّة، وَصَفُّورِيَّة، وَالشَّقِيْف، وَالطُّور، وَحَيْفَا، وَطَبَرِيَّة، وَتبنِيْنَ، وَجُبَيْل، وَعَسْقَلاَن، وَغزَّة، وَالقُدْس، وَحَاصَرَ صُوْر مُدَّة، وَافتَتَح أَنطَرْطُوسَ، وَهُوْنِيْنَ، وَكَوْكَب، وَجَبَلَة، وَاللاَّذِقِيَّة، وَصِهْيَوْن، وَبلاَطُنُس وَالشُّغْرَ، وَبَكَاس، وَسُرمَانِية، وَبُرزَية، وَدربسانَ، وَبَغْرَاس، ثُمَّ هَادن بُرْنُس أَنطَاكيَة، ثُمَّ افْتَتَح الكَرَك بِالأَمَانِ، وَالشَّوْبَك وَصَفَدَ وَشَقِيْف أَرنوْنَ، محضر عِدَّة وَقعَات.
وَخَلَّفَ مِنَ الأَوْلاَدِ: صَاحِبَ مِصْر الْملك العَزِيْز عُثْمَان، وَصَاحِب حلب الظَّاهِر غَازِياً، وَصَاحِب دِمَشْق الأَفْضَل عَلِيّاً، وَالملك المعزَّ فَتح الدِّيْنِ إِسْحَاق، وَالملك المُؤَيَّد مسعُوْداً، وَالملك الأَعزّ يعقوب، والملك المظفر خَضِراً، وَالملك الزَّاهر مُجِيْر الدِّيْنِ دَاوُد، وَالملك المُفَضَّل قُطْب الدِّيْنِ مُوْسَى، وَالملك الأَشرف عزِيز الدِّيْنِ مُحَمَّداً، وَالملك المُحْسِن جمَال المُحَدِّثِيْنَ ظَهِيْر الدِّيْنِ أَحْمَدَ، وَالمُعَظَّم فَخْر الدِّيْنِ تُوْرَانْشَاه، وَالملك الجَوَاد رُكْن الدِّيْنِ أَيُّوْب، وَالملك الغَالِب نصِيْر الدِّيْنِ مَلِكْشَاه، وَعِمَاد الدِّيْنِ شَاذِي، وَنصرَة الدِّيْنِ مَرْوَان، وَالملك المُظَفَّر أَبَا بَكْرٍ، وَالسَّيِّدَة مُؤنسَة زَوْجَة الْملك الكَامِل.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: يُوْنُس الفَارِقِيُّ، وَالقَاضِي العِمَاد الكَاتِب.
مرِضَ بِحُمَّى صفرَاوية، وَاحتدّ الْمَرَض، وَحَدَثَ بِهِ فِي التَّاسع رعشَةٌ وَغِيبَة، ثُمَّ حُقِنَ مرَّتين، فَاسْترَاح، وَسرب، ثُمَّ عرق حَتَّى نفذَ مِنَ الفِرَاش، وَقضَى فِي الثَّاني عشر.
تُوُفِّيَ بِقَلْعَة دِمَشْق بَعْد الصُّبْح مَنْ يَوْم الأَرْبعَاء السَّابِع وَالعِشْرِيْنَ مِنْ صفر سَنَة تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
مَحَاسِنُ صَلاَح الدِّيْنِ جَمَّة، لاَ سِيَّمَا الجِهَاد، فَلَهُ فِيْهِ اليَد البيضَاء بِبذل الأَمْوَال وَالخيل المُثَمَّنَة لِجندِه. وَلَهُ عقلٌ جَيِّد، وَفهمٌ، وَحزمٌ، وَعَزَمٌ.

(15/415)


قَالَ العِمَاد: أَطلق فِي مُدَّة حِصَار عكَّا اثْنَيْ عَشَرَ أَلف فَرَس. قَالَ: وَمَا حضَر اللِّقَاء إلَّا اسْتَعَار فَرساً، وَلاَ يَلبس إلَّا مَا يَحلّ لُبْسُهُ كَالكتان وَالقطن، نَزَّه المَجَالِس مِنَ الْهزْل، وَمحَافلُهُ آهلَةٌ بِالفُضَلاَء، وَيُؤثِرُ سَمَاع الحَدِيْث بِالأَسَانِيْد، حليماً، مُقيلاً لِلْعثرَة، تَقيّاً نَقيّاً، وَفِيّاً صفِيّاً، يُغضِي وَلاَ يغضبُ، مَا ردَّ سَائِلاً، وَلاَ خجَّلَ قَائِلاً، كَثِيْرُ البِرِّ وَالصَدَقَات، أَنْكَر عليَّ تحليَةَ دوَاتِي بفِضَّة، فَقُلْتُ: فِي جَوَازه وَجهٌ ذَكَرَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الجُوَيْنِيّ. وَمَا رَأَيْتهُ صَلَّى إلَّا فِي جَمَاعَةٍ.
قُلْتُ: وَحضر وَفَاته القَاضِي الفَاضِل.
وَذَكَرَ أَبُو جَعْفَرٍ القُرْطُبِيّ إِمَام الكلاّسَة: إِنَّنِي انتهيتُ فِي القِرَاءةِ إِلَى قَوْلِهِ -تَعَالَى: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ} [الحَشْرُ: 22] ، فَسَمِعْتُ صَلاَح الدِّيْنِ، وَهُوَ يَقُوْلُ: صَحِيْح. وَكَانَ ذِهْنه قَبْل ذَلِكَ غَائِباً، ثُمَّ مَاتَ، وَغسَّلَه الخَطِيْب الدَّوْلَعِيّ، وَأُخْرِج فِي تَابوت، فَصَلَّى عَلَيْهِ القَاضِي محيي الدين بن الزَّكِيّ، وَأُعيد إِلَى الدَّارِ الَّتِي فِي البُسْتَان الَّتِي كَانَ مُتَمرِّضاً فِيْهَا، وَدُفِنَ فِي الصُّفَّة، وَارتفعت الأَصوَات بِالبُكَاء، وَعظُم الضّجيج، حَتَّى إِنَّ العَاقل ليُخيَّل لَهُ أَنَّ الدُّنْيَا كُلّهَا تَصيح صَوْتاً وَاحِداً، وَغَشِي النَّاس مَا شغلهُم عَنِ الصَّلاَة عَلَيْهِ، وَتَأَسَّف النَّاس عَلَيْهِ حَتَّى الفِرنْج لِما كَانَ مِنْ صدق وَفَائِهِ. ثُمَّ بَنَى وَلده الأَفْضَل قُبَّةً شمَالِي الجَامِع، وَنقلَهُ إِلَيْهَا بَعْد ثَلاَث سِنِيْنَ، فَجَلَسَ هُنَاكَ لِلْعزَاء ثَلاَثاً.
وَكَانَ شَدِيد القوَى، عَاقِلاً، وَقُوْراً، مَهِيْباً، كَرِيْماً، شُجَاعاً.
وَفِي "الرَّوْضَتين" لأَبِي شَامَة: أَنَّ السُّلْطَان لَمْ يُخلِّف فِي خزَانته مِنَ الذَّهَبِ وَالفِضَّة إلَّا سَبْعَة وَأَرْبَعِيْنَ دِرْهَماً، وَدِيْنَاراً صُوْرِيّاً، وَلَمْ يُخَلِّف مِلْكاً وَلاَ عقَاراً رَحِمَهُ الله، وَلَمْ يَخْتلف عَلَيْهِ فِي أَيَّامِهِ أَحَد مَنْ أَصْحَابِهِ، وَكَانَ النَّاسُ يَأْمنُوْنَ ظلمَه، وَيَرجُوْنَ رِفْدَه، وَأَكْثَرُ مَا كَانَ يَصِلُ عطَاؤُه إِلَى الشّجعَانِ، وَإِلَى العُلَمَاءِ، وَأَربَابِ البيوتَاتِ، وَلَمْ يَكُنْ لمبطلٍ وَلاَ لمزاح عنده نصيب.
قَالَ المُوَفَّق: وُجِدَ فِي خزَانته بَعْد مَوْته دِيْنَارٌ وَثَلاَثُوْنَ دِرْهَماً، وَكَانَ إِذَا نَازل بَلَداً، وَأَشرف عَلَى أَخذهِ، ثُمَّ طلبُوا مِنْهُ الأَمَان، آمنهُم، فِيتَأَلَّم لِذَلِكَ جَيْشه، لفوَات حظِّهم.
قَالَ القَاضِي بَهَاء الدِّيْنِ ابْن شَدَّاد: قَالَ لِي السُّلْطَان فِي بَعْضِ محَاورَاته فِي عقد الصُّلح: أَخَاف أَنْ أصَالِحَ، وَمَا أَدْرِي أَيش يَكُوْن مِنِّي، فِيقوَى هَذَا العَدُوّ، وَقَدْ بقيَتْ لَهُم بلاَدٌ، فِيخرجُوْنَ لاستعَادَة مَا فِي أَيدِي المُسْلِمِيْنَ، وَترَى كُلّ وَاحِد مِنْ هَؤُلاَءِ يَعْنِي أَخَاهُ وَأَولادَهم قَدْ قَعَدَ فِي رَأْس تَلِّهِ يَعْنِي قَلعته وَيَقُوْلُ: لاَ أَنْزِلُ، وَيهلك المُسْلِمُوْنَ.

(15/416)


قَالَ ابْنُ شَدَّادٍ: فَكَانَ -وَاللهِ- كَمَا قَالَ، اخْتلفُوا، وَاشْتَغَل كُلُّ وَاحِدٍ بِنَاحِيَتِه، وَبَعُدَ، فَكَانَ الصُّلحُ مصلحَةً.
قُلْتُ: مِنْ لُطفِ الله لمَا تَنَازع بَنُوْ أَيُّوْب، وَاخْتَلَفُوا يَسَّر الله بِنقصِ همَّة الأَعْدَاء، وَزَالت تِلْكَ الشَّهَامَة مِنْهُم.
وَكَتَبَ القَاضِي الفَاضِل تَعزِيَةً إِلَى صَاحِب حلب: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأَحزَاب: 21] ، {إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ} [الحَجّ: 1] ، كَتَبتُ إِلَى مَوْلاَنَا الْملك الظَّاهِر أَحْسَنَ الله عزَاءهُ، وَجَبَر مُصَابَهُ، وَجَعَلَ فِيْهِ الخلفَ مِنَ السَّلَف فِي السَّاعَة المَذْكُوْرَة، وَقَدْ زُلْزِلَ المُسْلِمُوْنَ زلزَالاً شدِيداً، وَقَدْ حضَرَتِ الدُّمُوعُ المَحَاجر، وَبَلَغتِ القُلُوْبُ الحنَاجر، وَقَدْ وَدَّعتُ أَبَاك وَمخدومِي وَدَاعاً لاَ تلاَقِي بَعْدَهُ، وَقبَّلتُ وَجهَهُ عَنِّي وَعنكَ، وَأَسلَمْتُهُ إِلَى اللهِ وَحْدَهُ مغلوبَ الحيلَةِ، ضَعِيْفَ القُوَّةِ، رَاضياً عَنِ اللهِ، وَلاَ حُوْل وَلاَ قوّة إلَّا بِاللهِ. وَبِالبَاب مِنَ الجُنُوْد المجنّدَة، وَالأَسلحَة المعمدَة مَا لَمْ يَدْفَعِ البَلاَء، وَلاَ مَا يَردُّ القَضَاء، تَدْمَع العينُ، وَيَخشعُ القَلْبُ، وَلاَ نَقُوْل إلَّا مَا يَرضِي الرّبَّ، وَإِنَّا بِك يَا يُوْسُف لمحزونُوْنَ. وَأَمَّا الوصَايَا، فَمَا تَحْتَاجُ إِلَيْهَا، وَالآرَاءُ، فَقَدْ شَغَلنِي المصَابُ عَنْهَا، وَأَمَّا لاَئِح الأَمْر، فَإِنَّهُ إِن وَقَعَ اتِّفَاقٌ، فَمَا عدِمْتُم إلَّا شَخْصَهُ الكَرِيْم، وَإِنْ كَانَ غَيْر ذَلِكَ، فَالمصَائِبُ المستقبلةُ أَهونُهَا مَوْته.
وَلِلْعَلَم الشَّاتَانِيِّ فِيْهِ قصيدَة مطلعهَا:
أَرَى النَّصْرَ مَقْرُوْناً بِرَايَتِكَ الصَّفْرَا ... فَسِرْ وَاملِكِ الدُّنْيَا فَأَنْت بِهَا أحرى
وَبَعَثَ إِلَيْهِ ابْن التَّعَاوِيْذِيّ بِقَصِيدَتِهِ الطنَّانَة الَّتِي أَوَّلهَا:
إِنْ كَانَ دِيْنُكَ فِي الصَّبَابَةِ دينِي ... فَقِفِ المَطِيَّ برَمْلَتَي يَبرِيْنِ
وَالْثِمْ ثَرَىً لَوْ شَارَفَتْ بِي هُضْبَهُ ... أَيدِي المَطِيِّ لَثَمْتُهُ بِجفُونِي
وَأَنْشَدَ فُؤَادِي فِي الظِّبَاءِ مُعَرِّضاً ... فَبِغَيْر غِزْلاَنِ الصَّرِيْمِ جُنُوْنِي
وَنَشيدَتِي بَيْنَ الخيَامِ وَإِنَّمَا ... غَالَطْتُ عَنْهَا بِالظِّبَاءِ العِينِ
للهِ مَا اشتَمَلَتْ عَلَيْهِ فتاتُهُم ... يَوْمَ النَّوَى مِنْ لؤلؤٍ مَكنُوْنِ
مِنْ كُلِّ تائهةٍ عَلَى أَترَابهَا ... فِي الحُسْنِ غانيةٍ عَنِ التّحْسِيْن
خودٍ يُرَى قَمَرُ السَّمَاءِ إِذَا رَنَتْ ... مَا بَيْنَ سالفةٍ لَهَا وَجَبِيْنِ

(15/417)


يَا سُلْمَ إِنْ ضَاعَت عُهُودِي عِنْدكُم ... فَأَنَا الَّذِي استَوْدَعْتُ غَيْرَ أَمِيْنِ
هَيْهَاتَ مَا لِلبيْضِ فِي وُدِّ امرئٍ ... أربٌ وَقَدْ أَربَى عَلَى الخَمْسِيْنِ
لَيْتَ البَخِيْلَ عَلَى المُحِبِّ بِوَصْلِهِ ... لَقِنَ السّماحة من صلاح الدّين

(15/418)


5328- العزيز 1:
السُّلْطَانُ، المَلِكُ العَزِيْزُ، أَبُو الفَتْحِ، عِمَادُ الدِّيْنِ، عثمان ابْنِ السُّلْطَانِ صَلاَحِ الدِّيْنِ يُوْسُفَ بنِ أَيُّوْبَ، صَاحِبُ مِصْر.
وُلِدَ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ فِي جُمَادَى الأُوْلَى.
وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِي طَاهِرٍ السِّلَفِيِّ، وَابْن عَوْف.
وَتَمَلَّكَ بَعْدَ أَبِيْهِ، وَكَانَ لاَ بَأْسَ بِسِيرَتِهِ. قَدِمَ دِمَشْق، وَحَاصَرَ أَخَاهُ الأَفْضَل.
نَقَلْتُ مَنْ خطِّ الضِّيَاء الحَافِظ، قَالَ: خَرَجَ إِلَى الصّيد، فَجَاءته كتب مِنْ دِمَشْقَ فِي أَذِيَّة أَصْحَابنَا الحَنَابِلَة، يَعْنِي فِي فِتْنَة الحَافِظ عَبْد الغَنِيِّ، فَقَالَ: إِذَا رَجَعنَا مِنْ هَذِهِ السّفرَة، كُلّ مَنْ كَانَ يَقُوْلُ بمقَالَتهُم أَخرجنَاهُ مِنْ بلدنَا، قَالَ: فَرمَاهُ فَرَس، وَوَقَعَ عَلَيْهِ، فَخسفَ صَدْرَهُ، كَذَا حَدَّثَنِي يوسف ابن الطُّفَيْل، وَهُوَ الَّذِي غسّله.
وَقَالَ المُنْذِرِيّ: عَاشَ ثَمَانِياً وَعِشْرِيْنَ سَنَةً. مَاتَ فِي العِشْرِيْنَ مِنَ المُحَرَّم سَنَة خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
قُلْتُ: دُفِنَ بقبَّة الشَّافِعِيّ رَحِمَهُ الله تَعَالَى.
وَأُقيم بَعْدَهُ وَلدٌ لَهُ صَبِيّ فَلَمْ يَتُمَّ ذَلِكَ.
وَقَالَ المُوَفَّق عَبْد اللَّطِيْفِ: كَانَ العَزِيْز شَابّاً، حسن الصُّوْرَة، ظرِيف الشَّمَائِل، قويّاً، ذَا بَطش، وَأَيد، وَخفَّة حركَة، حييّاً، كَرِيْماً، عَفِيْفاً عَنِ الأَمْوَال وَالفُرُوْج، بلغَ مِنْ كَرمه أَنَّهُ لَمْ تَبق لَهُ خزَانَة، وَلاَ خَاصٌّ، وَلاَ بركٌ، وَلاَ فَرَس. وَبيوت أُمرَائِهِ تَفِيض بِالخيرَات، وَكَانَ شُجَاعاً مِقْدَاماً، بلغَ مِنْ عفّته أَنَّهُ كَانَ لَهُ غُلاَم تركِيّ بِأَلف دِيْنَار يُقَالُ لَهُ أَبُو شَامَةَ، فَوَقَفَ، فَرَاعَهُ حُسْنُه، فَأَمَرَه أَنْ يَنْزع ثيَابه، وَجَلَسَ مِنْهُ مَجْلِس الخَنَا، فَأَدْرَكه تَوفِيقٌ، فَأَسرع إِلَى سَرِيَّة لَهُ، فَقضَى وَطرَه. إِلَى أَنْ قَالَ: وَأَمَّا عفّتُهُ عَنِ المَال، فَلاَ أَقدِرُ أَنْ أَصفَ حِكَايَاته فِي ذَلِكَ.
__________
1 ترجمته في النجوم الزاهرة لابن تغري بردي "6/ 146"، وشذرات الذهب لابن العماد "4/ 319".

(15/418)


وَقَالَ ابْنُ وَاصِلٍ: كَانَتِ الرَّعِيَّةُ يُحبُّونَهُ مَحَبَّة عَظِيْمَةً شَدِيْدَةً، وَكَانَتِ الآمَال مُتَعَلِّقَة بِأَنَّهُ يسدُّ مسدَّ أَبِيْهِ. وَلَمَّا سَارَ أَخُوْهُ الأَفْضَل مَعَ العَادل، وَنَازلاَ بِلْبِيْسَ، وَتَزَلْزَلَ، بذلت لَهُ الرَّعِيَّة أَمْوَالهَا، فَامْتَنَعَ.
قَالَ ابْنُ وَاصِلٍ: وَحُكِي عَنْهُ أن عبد الكريم بن البَيْسَانِيّ أَخَا القَاضِي الفَاضِل كَانَ يَتولَّى البُحَيْرَة مُدَّة، وَحصَّل، وَوَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيْهِ، فَعُزِل، وَكَانَ مزوَّجاً بِبنت ابْن مُيَسَّرٍ، فَأَسَاء عشرتهَا لسُوء خلقه، فَتوجّه أَبُوْهَا، وَأَثْبَت عِنْد قَاضِي الإِسْكَنْدَرِيَّةِ ضَرَرهَا، وَأَنَّهُ قَدْ حَصَرهَا فِي بَيْت، فَمَضَى القَاضِي بِنَفْسِهِ، وَرَام أَنْ يَفتح عَنْهَا، فَلَمْ يَقدِرْ، فَأَحضر نَقَّاباً، فَنقبَ البَيْت، وَأَخْرَجهَا، ثُمَّ سدَّ النَّقبَ، فَهَاجَ عَبْدُ الكَرِيْمِ، وَقصد الأَمِيْر جهَاركس بِمِصْرَ، وَقَالَ: هَذِهِ خَمْسَة آلاَف دِيْنَار لَكَ، وَأَرْبَعُوْنَ أَلف دِيْنَار لِلسُّلْطَانِ، وَأُوَلَّى قضاء الإسكندرية. فأتى العزيز ليلًا، وأحضر الذّهب، فَسَكَتَ، ثُمَّ قَالَ: ردَّ عَلَيْهِ مَالَه، وَقُلْ لَهُ: إِيَّاك وَالعَوْد إِلَى مِثْلهَا، فَمَا كُلُّ ملكٍ يَكُوْن عَادِلاً، أَنَا مَا أَبيع أَهْل الإِسْكَنْدَرِيَّة بِهَذَا المَال. قَالَ جهَاركس: فَوجمتُ، وَظهَرَ عليَّ، فَقَالَ: أَرَاك أَخذْتَ شَيْئاً، قُلْتُ: نَعم خَمْسَة آلاَف دِيْنَار، قَالَ: أَعْطَاك مَالاً يَنفعُ مرَّةً، وَأَنَا أُعْطيكَ مَا تَنْتَفعُ بِهِ مَرَّات، ثُمَّ وَقَّعَ لِي بِإِطلاَق طُنبذَة، كُنْتُ أَسْتَغلُّهَا سَبْعَة آلاَف دِيْنَار.
قُلْتُ: تَملّك دِمَشْق، وَأَنشَأَ بِهَا العَزِيْزِيَّة إِلَى جَانب تربَة أَبِيْهِ.
وَخلّف وَلده النَّاصِرَ مُحَمَّداً، فَحلفُوا لَهُ، فَامْتَنَعَ عمَّاهُ المُؤَيَّد وَالمعزّ إلَّا أَنْ يَكُوْنَ لَهُمَا الأَتَابكيةُ، ثُمَّ حَلَفَا، وَاخْتَلَفت الآرَاء، ثُمَّ كَاتِبُوا الْملك الأَفْضَل مِنْ مِصْرَ، فَخَرَجَ مِنْ صَرْخَدُ إِلَيْهِم فِي عِشْرِيْنَ رَاكِباً. ثُمَّ جرت أُمُوْر، وَأَقْبَلَ العَادلُ، وَتَمَكَّنَ، وَأَجلس ابْنه الكَامِل، وَضَعُفَ حَال الأفضلِ، وَعُزِلَ النَّاصِرُ، وَانضمَّ إِلَى عَمّه بحلب.

(15/419)


5329- الأفضل 1:
أبو الحسن علي بن يوسف.
تَمَلَّكَ دِمَشْقَ، ثُمَّ حَارَبَهُ العَزِيْزُ أَخُوْهُ، وَقَهَرَهُ، ثُمَّ لَمَّا مَاتَ العَزِيْزُ، أَسْرَعَ الأَفْضَلُ إِلَى مِصْرَ، وَنَابَ فِي المُلْكِ، وَسَارَ بِالعَسْكَرِ المِصْرِيِّ، فَقصد دِمَشْق، وَبِهَا عَمُّه العَادل، قَدْ بَادرَ إِلَيْهَا مِنْ مَارْدِيْن قَبْل مجِيْء الأَفْضَل بيَوْمَيْنِ، فَحَصَرَهُ الأفضلُ، وَأحرق الحوَاضر وَالبسَاتين، وَعَمِلَ كُلّ قَبِيح، وَدَخَلَ البَلَد، وَضجَّتِ الرَّعِيَّة بشعَاره، وَكَانَ محبوبًا، فكاد العادل أن
__________
1 ترجمته في النجوم الزاهرة "6/ 262"، وشذرات الذهب لابن العماد "4/ 101".

(15/419)


يَسْتَسلِمَ، فَتمَاسك، وَشدَّ أَصْحَابه عَلَى أَصْحَابِ الْأَفْضَل، فَأَخرجُوْهُم، ثُمَّ قَدِمَ الظَّاهِر وَمَعَهُ صَاحِب حِمْص، وَهمُّوا بِالزّحف، فَلَمْ يَتَهَيَّأَ أَمرٌ، ثُمَّ سَفُل أَمر الأَفْضَل، وَعَاد إِلَى صَرْخَدُ، ثُمَّ تَحَوَّلَ إِلَى سُمَيْسَاط، وَقنَع بِهَا، وَفِيْهِ تَشيّع بِلاَ رفض.
وَلَهُ نَظْمٌ وَفضِيْلَة، وَإِلَيه عهد أَبُوْهُ بِالسلطنَة لمَا احتُضِر، وَكَانَ أَسنّ إِخْوَته، وَهُوَ القَائِلُ فِي عَمّه العَادل:
ذِي سنّةٍ بَيْنَ الأَنَامِ قديمةٍ ... أَبَداً أَبُو بكرٍ يَجُورُ عَلَى عليّ
وَقَدْ كتب مِنْ نَظمه إِلَى الخَلِيْفَة النَّاصِر، وَفِي النَّاصِر تَشيّع:
مَوْلاَيَ إِنَّ أَبَا بكرٍ وَصَاحِبَهُ ... عُثْمَانَ قَدْ غَصَبَا بِالسَّيْفِ حقَّ عَلِي
وَهُوَ الَّذِي كَانَ قَدْ وَلاَّهُ وَالِدُه ... عَلَيْهِمَا وَاسْتقَامَ الأَمْرُ حِيْنَ وَلِي
فَخَالفَاهُ وَحَلاَّ عَقْدَ بَيْعَتِهِ ... وَالأَمْرُ بَيْنهُمَا وَالنَّصُّ فِيْهِ جَلِي
فَانظر إِلَى حَظِّ هَذَا الاسْم كَيْفَ لقِي ... مِنَ الأَوَاخِرِ مَا لاَقَى مِنَ الأُول
فَأَجَابوهُ مِنَ الدِّيْوَان:
وَافَى كِتَابُكَ يَا ابْنَ يُوْسُفَ معلنا ... بالودّ يخبر أنّ أصلك طاهر
غَصَبُوا عَلِيّاً حَقَّهُ إِذْ لَمْ يَكُنْ ... بَعْدَ الرَّسُول لَهُ بطَيْبَةَ نَاصِرُ
فَابِشِرْ فَإِنَّ غداً عَلَيْهِ حسَابهُم ... وَاصبرْ، فَنَاصِرُكَ الإِمَامُ النَّاصِرُ
مَاتَ الأَفْضَل فُجَاءةً بِسُمَيْسَاط فِي صَفَرٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، فَتَمَلَّكَ بَعْدَهُ أَخُوْهُ مُوْسَى، وَلُقّب بِلَقَبِهِ، وَعَاشَ إِلَى سَنَةِ نَيِّفٍ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَهِيَ قَلْعَةٌ عَلَى الفُرَات قَرِيْبَة مِنَ الكختَا، وَقَدْ دَثَرَتِ الآنَ.
عَاشَ سِتّاً وَخَمْسِيْنَ سَنَةً، وَلَهُ ترسُّلٌ وَفضِيْلَة وَخطّ مَنْسُوْب.
قال عز الدين بن الأَثِيْرِ: وَكَانَ مِنْ مَحَاسِن الدُّنْيَا، لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي المُلُوْك مِثْل. كَانَ خَيّراً، عَادِلاً، فَاضِلاً، حليماً، كَرِيْماً، رَحِمَهُ الله تَعَالَى.
وَمِنْ شِعْرِهِ:
يَا مَنْ يُسَوِّدُ شَيْبَه بِخِضَابهِ ... لَعَسَاهُ فِي أَهْلِ الشَّبِيْبَةِ يَحصُلُ
هَا فَاخْتَضِبْ بِسوَادِ حَظِّي مرَّةً ... وَلَكَ الأَمَانُ بِأَنَّهُ لاَ يَنْصُلُ

(15/420)


5330- الظاهر 1:
سُلْطَانُ حَلَبَ، المَلكُ الظَّاهِرُ، غِيَاثُ الدِّيْنِ، أَبُو منصور، غَازِي ابْنِ السُّلْطَانِ صَلاَحِ الدِّيْنِ يُوْسُفَ بنِ أيوب.
مَوْلِدُهُ بِمِصْرَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي الطَّاهِرِ بنِ عَوْفٍ، وَعَبْد اللهِ بنِ بَرِّيٍّ النَّحْوِيِّ، وَالفَضْلِ ابْنِ البَانْيَاسِيِّ. وَحَدَّثَ.
تَمَلَّكَ حَلَبَ ثَلاَثِيْنَ سَنَةً.
وَكَانَ بَدِيْعَ الحُسْنِ فِي صِبَاهُ، مَليحَ الشَّكلِ فِي رجولِيَّتِهِ، لَهُ عقلٌ وَغورٌ وَدهَاءٌ وَفكرٌ صَائِبٌ.
كَانَ يُصَادِقُ مُلُوْكَ الأَطرَافِ وَيباطِنُهُم، وَيُوهمهُم أَنَّهُ لولاَهُ، لَقَصَدَهُم عَمُّه العَادلُ، وَيوهِمُ عَمَّه أَنَّهُ لولاَهُ، لَتعَامَلَ عَلَيْهِ المُلُوْكُ، وَلشقُّوا العصَا.
وَكَانَ كَرِيْماً مِعْطَاءً، يُتْحِفُ المُلُوْكَ بِالهدَايَا السنِيَّة، وَيُكرم الرُّسُلَ وَالشُّعَرَاءَ وَالقُصَّادَ.
وَكَانَ عَمُّه يَرْعَى لَهُ لِمَكَان بِنْتِهِ، فَمَاتَتْ، فَزَوَّجَهُ بِأُخْتِهَا وَالِدَةِ ابْنِهِ الملكِ العَزِيْزِ، فَلَمَّا وَلَدَتْ، زُيِّنَتْ حَلَبُ مُدَّةَ شَهْرَيْنِ، وَأَنفَقَ عَلَى وِلاَدَتِهِ كرَائِمَ الأَمْوَالِ، وَكَانَ قَدِ انضمَّ إِلَيْهِ إِخْوَتُهُ وَأَولاَدُهُم، فَزوَّج ذكرَانَهُم بِإِنَاثِهِم، بِحَيْثُ أَنَّهُ عَقَدَ بَيْنَهُم فِي يَوْم نيفًا وعشرين عقدًا.
وَعَمَّرَ أَسوَارَ حَلَبَ أَكمَلَ عمَارَةٍ.
وَيُقَالُ: إِنَّهُ عبث بالشاعر الحلي، وألح عليه، فقال الحي: أَنظِمُ ? يُعَرِّضُ بِالهجَاءِ. فَقَالَ الظَّاهِرُ: أَنْثُرُ ? وَقبضَ عَلَى السَّيْف.
قَالَ سِبْطُ الجَوْزِيِّ: كَانَ مَهِيْباً سَائِساً، فَطناً، دَوْلَتُهُ معمورَةٌ بِالعُلَمَاءِ، مُزَيَّنَةٌ بِالمُلُوْكِ وَالأُمَرَاءِ، وَكَانَ مُحسناً إِلَى الرعيَّةِ، وَشَهِدَ مُعْظَمَ غَزَوَاتِ وَالِدِهِ، وَكَانَ يَزورُ الصَّالِحِيْنَ، وَيَتفقَّدهُم، وَلَهُ ذكَاءٌ مُفْرِطٌ، مَاتَ بِعلَّةِ الذَّربِ.
قَالَ أَبُو شَامَةَ: أَوْصَى فِي مَوْتِهِ بِالمُلْكِ لِولدِهِ مِنْ بِنْتِ العَادِلِ، وَأَرَادَ أَنْ يُرَاعِيْهَا إِخْوَتُهَا، ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ لأَحْمَدَ، ثُمَّ لِلْمَنْصُوْرِ مُحَمَّدِ ابْنِ أَخِيْهِ المَلِكِ العَزِيْزِ، وَفوَّضَ القَلْعَةَ إِلَى طغرِيل الخَادِمِ الرُّوْمِيِّ. تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَسِتِّ مائة عن خمس وأربعين سنةً.
__________
1 ترجمته في النجوم الزاهرة لابن تغري بردي "6/ 217-218"، وشذرات الذهب "5/ 55-56".

(15/421)


قُلْتُ: كَانَ يُفِيقُ، وَيَتشهَّدُ، وَيَقُوْلُ: اللَّهُمَّ بِكَ أَسْتجيرُ.
وَرثَاهُ شَاعِرُهُ رَاجِحٌ الحلِّيُّ، فَقَالَ:
سَلِ الخَطْبَ إِنْ أَصْغَى إِلَى مَنْ يُخَاطِبُهُ ... بِمَنْ عَلِقَتْ أَنْيَابُهُ وَمَخَالِبُهْ
نشدتُكَ عَاتِبْهُ عَلَى نَائِبَاتِهِ ... وَإِنْ كَانَ لاَ يَلْوِي عَلَى مَنْ يُعَاتِبُهْ
إِلَى اللهِ أَرمِي بِطَرْفِي ضَلاَلَةً ... إِلَى أُفق مجدٍ قد تهاوت كواكبه
فمالي أَرَى الشَّهْبَاءَ قَدْ حَال صُبْحُهَا ... عليَّ دُجَىً لاَ تَسْتَنِيرُ غَيَاهِبُهْ
أَحَقّاً حِمَى الغَازِي الغِيَاثِ بنِ يوسفٍ ... أُبيح وَعَادَتْ خائباتٍ مَوَاكِبُهْ
وَهَل مُخْبرِي عَنْ ذَلِكَ الطَّوْدِ هَلْ وَهَتْ ... قَوَاعِدُهُ أم لان للخطب جانبه

(15/422)


5331- ابن يونس:
الوَزِيْرُ الكَبِيْرُ، جَلاَلُ الدِّيْنِ، أَبُو المُظَفَّرِ، عُبَيْدُ اللهِ بنُ يُوْنُسَ بنِ أَحْمَدَ البَغْدَادِيُّ الأَزَجِيُّ الفَقِيْهُ.
تَفَقَّهَ عَلَى أَبِي حِكِيْمٍ النّهْرُوَانِيِّ، وَقرَأَ الأُصُوْل وَالكَلاَم عَلَى صَدَقَة بن الحُسَيْنِ، وَتَلاَ بِالرِّوَايَات بِهَمَذَانَ عَلَى أَبِي العَلاَءِ العَطَّار.
وَسَمِعَ مِنْ نَصْر بن نَصْرٍ العُكْبَرِيّ، وَجَمَاعَة.
ثُمَّ دَاخَل الكُبَرَاء إِلَى أَنْ تَوكَّل لأُمِّ النَّاصِر، ثُمَّ ترقَّى أَمرُه إِلَى أَنْ وَزر فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ. ثُمَّ سَارَ بِالجُيُوْش لِحَرْب طُغْريِل آخِر السُّلْجُوْقِيَّة، فَعمل مَعَهُ مَصَافّاً، فَانْكَسَرَ الوَزِيْر، وَتَفلّل جَمْعُه، وَأُسِرَ هُوَ وَأُخِذَ إِلَى تَورِيز، ثُمَّ هَرَبَ إِلَى المَوْصِل، وَجَاءَ بَغْدَاد مُتَستِّراً، وَلَزِمَ بَيْته مُدَّة، ثُمَّ ظهر، فَولِي نَظَرَ الخزَانَة، ثُمَّ الأُسْتَاذ دَارِية فِي سَنَةِ سبع وثمانين، فلما وزر المؤيد بن القَصَّاب عَام تِسْعِيْنَ، قَبَضَ عَلَى ابْن يُوْنُسَ، وَسَجَنَهُ، فَلَمَّا مَاتَ ابْن القَصَّاب عَام اثْنَتَيْنِ، رُمِي ابْن يُوْنُسَ فِي مطمورَةٍ، فَكَانَ آخِر العَهْد بِهِ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: كَانَ يَدْرِي الكَلاَم، صَنّف كِتَاباً فِي الأُصُوْل، فَسَمِعَهُ مِنْهُ الفُضَلاَءُ.
وَرَوَى عَنْهُ: أَبُو الحَسَنِ القَطِيْعِيّ، وَابْن دلف، وَلَمْ يَكُنْ فِي وِلاَيته مَحْمُوْداً.
قيل: مَاتَ فِي السِّردَاب فِي صَفَرٍ سَنَةَ ثَلاَثٍ وتسعين وخمس مائة.

(15/422)


الفراتي، الفارسي، طاهر بن مكارم:
5332- الفراتي:
شَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ، أَبُو القَاسِمِ، يَعِيْشُ بنُ صَدَقَةَ، الفُرَاتِيُّ الضَّرِيرُ، صَاحِبُ ابْنِ الخَلِّ.
تَلاَ بِالرِّوَايَات عَلَى الشَّرِيْف أَبِي البَرَكَاتِ عُمَر بن إِبْرَاهِيْمَ.
وسمع من إسماعيل بن السَّمَرْقَنْدِيِّ، وَجَمَاعَة.
رَوَى عَنْهُ: التَّقِيُّ بن بَاسُوَيْه، وابن الدبيثي، وابن خليل، وَاليَلْدَانِيّ، وَبِالإِجَازَة أَحْمَد بن أَبِي الخَيْرِ.
وَهُوَ مَنْسُوْب إِلَى نَهْر الفُرَات.
وَكَانَ إِمَاماً صَالِحاً، رَأْساً فِي المَذْهَب وَالخلاَف، تخرّج بِهِ الفُقَهَاء، وَدرّس بِالثِّقَتيَّة، وَبِالكَمَاليَّة، وَكَانَ سَدِيْد الفتَاوَى، قوِيّ المُنَاظَرَة، كَبِيْرَ القَدْرِ.
مَاتَ فِي ذِي القعدَة سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ وَقَدْ شَاخَ وأسن.
5333- الفارسي 1:
الزَّاهِدُ العَابِدُ، شَيْخُ العِرَاقِ، أَبُو عَلِيٍّ، الحَسَنُ بنُ مُسَلَّمِ بنِ أَبِي الجُوْدِ، الفَارِسِيُّ، العِرَاقِيُّ، مِنْ أَهْلِ قَرْيَة الفَارِسيَّة.
قَرَأَ القُرْآنَ، وَتَفَقَّهَ عَلَى أَبِي البَدْرِ الكَرْخِيّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ بَاسُوَيْه، وَابْن الدُّبَيْثِيّ، وَابْن خَلِيْل، وَاليَلْدَانِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ مُنْقَطِع القرِيْن، صَوَّاماً، قَوَّاماً، مُتبتّلاً، خَاشعاً، صَحِبَ الشَّيْخ عَبْد القَادِرِ، وَكَانَ يُقصَدُ بِالزِّيَارَة، زاره الخليفة الناصر بقريته، بالغ فِي تَعَظِيْمه وَتوقيره ابْن الجَوْزِيّ.
مَاتَ فِي المُحَرَّم سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَكَانَ مِنْ أَبْنَاءِ التِّسْعِيْنَ، وَكَانَ يَدْرِي الفِقْه وَالفَرَائِض، وَتُذْكَر عَنْهُ كَرَامَات وَتَأَلُّهٌ رَحِمَهُ الله.
5334- طَاهِرُ بن مكارم:
ابن أحمد بن سعد، الشَّيْخُ المُعَمَّرُ، أَبُو مَنْصُوْرٍ المَوْصِلِيُّ القَلاَنسِيُّ، البَقَّالُ، المُؤَدِّبُ.
سَمِعَ "مُسْنَدَ" المُعَافَى بنِ عِمْرَانَ مِنْ أَبِي القَاسِمِ نَصْر بن أَحْمَدَ بنِ صَفْوَانَ سَنَة اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
رَوَى عَنْهُ: عز الدين علي بن الأثير، وشمس الدين بن خَلِيْل، وَغَيْرهُمَا.
تُوُفِّيَ بِالمَوْصِل فِي رَمَضَانَ سَنَةَ ثمان وثمانين وخمس مائة.
__________
1 ترجمته في شذرات الذهب "4/ 316".

(15/423)


مسلم بن علي، أبو جعفر القرطبي:
5335- مسلم بن علي:
ابن محمد، الشيخ أبو منصور، ابن السيحي، الموصلي.
آخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْ أَبِي البَرَكَاتِ مُحَمَّد بن مُحَمَّدِ بنِ خَمِيْس.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ خَلِيْل، وَالتَّقِيُّ اليَلْدَانِيّ، وَجَمَاعَة لقيهُم الدِّمْيَاطِيّ.
تُوُفِّيَ فِي مُنْتَصف المُحَرَّم سَنَة خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِ مائة.
5336- أبو جعفر القرطبي 1:
الإِمَامُ، المُقْرِئُ، المُحَدِّثُ، أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ أَبِي بَكْرٍ عَتِيْقِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ، الأَنْدَلُسِيُّ، الفَنَكِيُّ، الشَّافِعِيُّ، نَزِيْلُ دِمَشْقَ، وَإِمَامُ الكَلاَّسَةِ، وَأَبُو إِمَامِهَا.
مَوْلِده سَنَة ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
سَمِعَ بقرطبة من الحافظ أبي الوليد بن الدَّبَّاغِ كِتَاب المُوَطَّأ بقِرَاءة وَالِده بَعْد الأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ بِسَمَاعه مِنَ الخَوْلاَنِيّ بِسَمَاعه مِنَ القبحطالي.
وَتَلاَ بِالسَّبْع عَلَى ابْن صَافٍ، وَبِمَكَّةَ عَلَى رَجُلٍ مِنْ تَلاَمِذَة أَبِي العِزِّ القَلاَنسِيّ، وَبِالمَوْصِل عَلَى ابْن سعدُوْنَ.
وَسَمِعَ الكَثِيْر مِنِ ابْن عَسَاكِرَ، وَأَبِي نَصْرٍ اليُوْسُفِيّ، وَيَحْيَى الثَّقَفِيّ، وَخَلْق. وَنسخ شَيْئاً كَثِيْراً.
وَكَانَ دَيِّناً صَالِحاً، قَانِتاً للهِ، بَصِيْراً بِالقِرَاءات.
رَوَى عَنْهُ: ابْنَاهُ: تَاج الدِّيْنِ مُحَمَّد، وَإِسْمَاعِيْل، وَابْن خَلِيْل، وَالشِّهَاب القُوْصِيّ، وَعِدَّة.
وَأَجَازَ لأَحْمَدَ بن أَبِي الخَيْرِ.
وَفَنَكُ مِنْ أَعْمَالِ قُرْطُبَة.
مَاتَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ ست وتسعين وخمس مائة رحمه الله.
__________
1 ترجمته في النجوم الزاهرة "6/ 158"، وشذرات الذهب لابن العماد "4/ 323".

(15/424)


العراقي، الساوي، الويرج:
5337- العراقي 1:
العَلاَّمَةُ، أَبُو إِسْحَاقَ، إِبْرَاهِيْمُ بنُ مَنْصُوْرِ بنِ المسلم، المصري الشَّافِعِيُّ، الخَطِيْبُ المَشْهُوْرُ بِالعِرَاقِيِّ.
وُلِدَ بِمِصْرَ سَنَة عَشْرٍ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَارْتَحَلَ، فَتَفَقَّهَ، وَبَرَعَ فِي المَذْهَب عَلَى أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ الأُرْمَوِيّ تِلْمِيْذ الشَّيْخ أَبِي إِسْحَاقَ، ثُمَّ تَفَقَّهَ على أبي الحسن بن الخَلِّ، وَتَفَقَّهَ بِمِصْرَ عَلَى القَاضِي مُجَلِّيّ بن جُمَيْعٍ، وَتَصَدَّرَ، وَتَخَرَّجَ بِهِ الأَصْحَاب، وَوَلِيَ خطَابَة جَامِع مِصْر.
وَصَنَّفَ شَرْحاً "لِلمُهَذَّب" مُفِيْداً.
وَهُوَ جدّ العَلاَّمَة العَلَمِ العِرَاقِيِّ لأُمِّهِ.
وَكَانَ عَلَى سدَادٍ وَأَمر جَمِيْل.
تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ فِي جُمَادَى الأُوْلَى. وَلَهُ نَظْمٌ وفضائل.
5338- الساوي:
الإِمَامُ، أَبُو مُحَمَّدٍ عُبَيْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بن عبد الجليل ابن الشيخ أبي الفَتْحِ، السَّاوِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ، الحَنَفِيُّ، نَائِبُ الحُكْمِ بِبَغْدَادَ. وَكَانَ حَمِيْدَ السِّيْرَةِ.
حَدَّثَ عَنِ: ابْن الحُصَيْنِ، وَهِبَة اللهِ بن الطَّبرِ، وَجَمَاعَة.
وَعَنْهُ: ابْنُ الدُّبَيْثِيّ، وَابْن خَلِيْل، وَالبَغْدَادِيّون.
مَاتَ فِي المُحَرَّم سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ وَلَهُ ثلاث وثمانون سنةً.
5339- الويرج 2:
الشَّيْخُ المُسْنِدُ، أَبُو الفَتْحِ نَاصِرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي الفَتْحِ الأَصْبَهَانِيُّ المُقْرِئُ القَطَّانُ، المَعْرُوفُ بِالوَيْرَجِ.
صدوقٌ وَمُكْثِر.
سَمِعَ مِنِ ابْنِ الإِخْشيذِ، وجعفر بن عبد الواحد الثقفي، وابن أَبِي ذَرٍّ، وَفَاطِمَة الجُوْزْدَانِيَّة، وَسَعِيْد بن أَبِي الرَّجَاءِ.
وَعَنْهُ: أَبُو الجنَاب الخِيْوَقِيّ، وَأَبُو رَشِيْدٍ الغَزَّال، وَابْن خَلِيْلٍ، وَآخَرُوْنَ.
أَنْبَأَنِي أَبُو العَلاَءِ الفَرَضِيّ أَنَّ نَاصِراً سَمِعَ "مُسْنَد أَبِي حَنِيْفَةَ" لابْنِ المُقْرِئِ، وَكِتَاب معَانِي الآثَار لِلطّحَاوِيّ مِنْ إسماعيل بن الإِخْشيذِ بِسَمَاعه لِلأَوَّل مَنِ ابْن عَبْدِ الرَّحِيْمِ، وَللكِتَاب الثَّانِي مِنْ مَنْصُوْر بن الحُسَيْنِ، عَنِ ابْن المُقْرِئ عَنْهُ، وَسَمِعَ "المُعْجَم الكَبِيْر" مِنْ فَاطِمَة الجُوْزْدَانِيَّة.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ فِي ثَامن ذِي الحجة سنة ثلاث وتسعين وخمس مائة.
__________
1 ترجمته في شذرات الذهب "4/ 323".
2 ترجمته في النجوم الزاهرة لابن تغري بردي "6/ 143" ووقع عنده [الوترح] بالمثناة الفوقية والحاء المهملة بدل [الويرج] بالمثناة التحتية والجيم المعجمة. وشذرات الذهب لابن العماد "4/ 315".

(15/425)


5340- ابن رشد الحفيد 1:
العَلاَّمَةُ. فَيْلَسُوْفُ الوَقْتِ، أَبُو الوَلِيْدِ، مُحَمَّدُ بنُ أَبِي القَاسِمِ أَحْمَدَ ابْنِ شَيْخِ المَالِكِيَّةِ أَبِي الوَلِيْدِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَحْمَدَ بنِ رُشْدٍ القُرْطُبِيُّ.
مَوْلِده قَبْل مَوْت جدّه بِشهر سَنَة عِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
عرض "المُوَطَّأ" عَلَى أَبِيْهِ.
وَأَخَذَ عَنْ أَبِي مَرْوَانَ بن مسرَّة وجماعة، وبرع في الفقه، وأخذ الطب عَنْ أَبِي مَرْوَانَ بن حَزْبُول، ثُمَّ أَقْبَل عَلَى علُوْم الأَوَائِل وَبلاَيَاهُم، حَتَّى صَارَ يُضْرَبُ بِهِ المَثَلُ فِي ذَلِكَ.
قَالَ الأَبَّار: لَمْ يَنشَأْ بِالأَنْدَلُسِ مِثْله كَمَالاً وَعلماً وَفضلاً، وَكَانَ مُتَوَاضِعاً، مُنْخَفض الجنَاح، يُقَالُ عَنْهُ: إِنَّهُ مَا ترك الاشتغَال مُذْ عَقَلَ سِوَى لَيْلَتَيْنِ: لَيْلَة مَوْت أَبِيْهِ، وَليلَة عرْسه، وَإِنَّهُ سوّد فِي مَا أَلّف وَقيّد نَحْواً مِنْ عَشْرَة آلاَف وَرقَة، وَمَال إِلَى علُوْم الحكمَاء، فَكَانَتْ لَهُ فِيْهَا الإِمَامَة. وَكَانَ يُفزَع إِلَى فُتْيَاهُ فِي الطِّبّ، كَمَا يُفزَع إِلَى فُتيَاهُ فِي الفِقْه، مَعَ وَفور العَرَبِيَّة، وَقِيْلَ: كَانَ يَحفظ "دِيْوَان أَبِي تَمَّام"، وَ"المتنبِي".
وَلَهُ مِنَ التَّصَانِيْف: "بدَايَة المُجْتَهِد" فِي الفِقْه، وَ"الكُليَّات" فِي الطِّبّ، وَ"مُخْتَصَر المُسْتصفَى" فِي الأُصُوْل، وَمُؤلَّف فِي العَرَبِيَّة.
وَوَلِيَ قَضَاءَ قُرْطُبَة، فَحُمِدَت سيرَته.
__________
1 ترجمته في النجوم الزاهرة "6/ 154"، وشذرات الذهب لابن العماد "4/ 320".

(15/426)


قَالَ ابْنُ أَبِي أُصِيْبعَة فِي "تَارِيخ الحكمَاء": كَانَ أَوحد فِي الفِقْه وَالخلاَف، وَبَرَعَ فِي الطِّبّ، وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِي مَرْوَانَ بن زهر مَوَدَّة، وَقِيْلَ: كَانَ رَثَّ البِزَّة، قوِيّ النَّفْس، لاَزم فِي الطِّبّ أَبَا جَعْفَرٍ بنَ هَارُوْنَ مُدَّة، وَلَمَّا كَانَ المَنْصُوْرُ صَاحِب المَغْرِب بقُرْطُبَة، اسْتدعَى ابْن رُشْدٍ، وَاحْتَرَمه كَثِيْراً، ثُمَّ نَقَمَ عَلَيْهِ بَعْدُ -يَعْنِي لأَجْل الفَلْسَفَة- وَلَهُ "شرح أُرْجُوزَة ابْنِ سِيْنَا" فِي الطِّبّ، وَ"المقدمات" في الفقه، كتاب "الحيوان"، كِتَاب "جَوَامع كتب أَرِسْطُوطَاليس"، "شرح كِتَاب النَّفْس"، كِتَاب "فِي الْمنطق"، كِتَاب "تَلْخِيص الإِلاَهيَات" لنِيَقُوْلاَوس، كِتَاب "تَلْخِيص مَا بَعْد الطّبيعَة" لأَرِسْطُو، كِتَاب "تَلْخِيص الاسْتقصَات" لجَالينوس، وَلخّص لَهُ كِتَاب "المِزَاج"، وَكِتَاب "القوَى"، وَكِتَاب "الْعِلَل"، وَكِتَاب "التعرِيف"، وَكِتَاب "الحُمّيَات"، وَكِتَاب "حِيْلَة الْبُرْء" وَلخّص كِتَاب "السَّمَاع الطبيعي"، وله كتاب "تهافت التهافت"، وكتاب "منهاج الأَدلَّة" أُصُوْل، وَكِتَاب "فَصل المَقَالِ فِيمَا بَيْنَ الشرِيعَة وَالحِكْمَة مِنَ الاتصَال"، كِتَاب "شرح القيَاس" لأَرِسْطُو، "مَقَالَة فِي العَقْل"، "مَقَالَة فِي القيَاس"، كِتَاب "الْفَحْص فِي أَمر العَقْل"، "الْفَحْص عَنْ مَسَائِل فِي الشّفَاء"، "مَسْأَلَة فِي الزَّمَان"، "مَقَالَة فِيمَا يَعتقده المشَّاؤُون وَمَا يَعتقده المُتَكَلِّمُوْنَ فِي كَيْفِيَة وَجُوْد العَالَم"، "مَقَالَة فِي نَظَرَ الفَارَابِيّ فِي الْمنطق وَنظر أَرِسْطُو"، "مَقَالَة فِي اتّصَال العَقْل المفَارق لِلإِنْسَان"، "مَقَالَة فِي وَجُوْد المَادَّة الأُوْلَى"، "مَقَالَة فِي الرّدّ عَلَى ابْن سينَا"، "مَقَالَة فِي المِزَاج"، "مَسَائِل حكمِيَّة"، "مَقَالَة فِي حركَة الفَلَك"، كِتَاب "مَا خَالف فِيه الفَارَابِيّ أَرِسْطُو".
قَالَ شَيْخ الشُّيُوْخِ ابْن حَمُّوَيْه: لَمَّا دَخَلتُ البِلاَد، سَأَلت عَنِ ابْن رُشْدٍ، فَقِيْلَ: إِنَّهُ مهجُور فِي بَيْته مِنْ جِهَةِ الخَلِيْفَة يَعْقُوْب، لاَ يَدخل إِلَيْهِ أَحَد؛ لأَنَّه رُفِعت عَنهُ أَقْوَال رديَّة، وَنُسبت إِلَيْهِ العلُوْم المهجورَة، وَمَاتَ محبوساً بدَاره بِمَرَّاكش فِي أَوَاخِرِ سَنَةَ أَرْبَعٍ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: مَاتَ فِي صَفَرٍ، وَقِيْلَ: ربيع الأول سنة خمس.
وَمَاتَ السُّلْطَان بَعْدَهُ بِشهر.
وَقَدْ رَوَى عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ حَوْط الله، وَسَهْل بن مَالِكٍ، وَلاَ يَنْبَغِي أَنْ يُرْوَى عَنْه.

(15/427)


5341- ابن ملاح الشط 1:
الشيخ الصالح المسند، أبو الفرج عبد الرحمن بنُ مُحَمَّدِ بنِ هِبَةِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى، القَصْرِيُّ، البَوَّابُ، وَيُعْرَفُ بِابْن ملاَّح الشَّطّ.
كَانَ يَسكن بقَصْر عَلِيّ بن عِيْسَى الهَاشِمِيّ.
سَمِعَ الكَثِيْر مِنْ: أَبِي القَاسِمِ بنِ الحصين، وأبي غالب بن البَنَّاءِ، وَأَبِي البَرَكَاتِ يَحْيَى بن حُبَيْش الفَارِقِيّ، وأبي الحسن علي بن الزَّاغُوْنِيِّ، وَعِدَّة.
قَالَ ابْنُ النَّجَّار: كَتَبْتُ عَنْهُ كَثِيْراً، وَكَانَ شَيْخاً صَالِحاً، حسن الأَخلاَق، مُحِبّاً لِلرِّوَايَةِ، لاَ يَسأَم، وَلاَ يَضجر، وَكَانَ بوَّاباً بِمَدْرَسَة أُمّ الخَلِيْفَة. سَأَلت عَنْ مَوْلِده، فَقَالَ: أَذْكُر خِلاَفَة المُسْتَظْهِر. مَاتَ شَيْخنَا فِي صَفَرٍ سنة سبع وتسعين وخمس مائة.
قُلْتُ: لَعَلَّهُ جَاوَزَ التِّسْعِيْنَ.
وَرَوَى عَنْهُ: ابْنُ خَلِيْل، وَالضِّيَاء، وَابْن عَبْدِ الدَّائِمِ، وَالنَّجِيْب الحَرَّانِيُّ، وَآخَرُوْنَ. وَبِالإِجَازَة ابْنُ أَبِي الخَيْرِ، وَالقُطْبُ ابْنُ أَبِي عَصْرُوْنَ، وَالفَخْرُ ابْنُ البُخَارِيِّ.
وَفِيْهَا مَاتَ ابْنُ الجَوْزِيِّ، وَأَبُو المَكَارِمِ اللَّبَّانُ، وَالمُحَدِّثُ تَمِيْمُ ابن البندنيجي، وعبد الله بن المبارك بن الطَّوِيْلَةِ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ المُنْعِمِ بنُ مُحَمَّدِ بن عبد الرحيم بن الفَرَسِ الأَنْصَارِيُّ الغَرْنَاطِيّ، شَيْخُ المَالِكِيَّةِ، وَالوَاعِظُ عُمَرُ بنُ عَلِيٍّ الحَرْبِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي زَيْدٍ الكَرَّانِيُّ، وَالعِمَادُ الكَاتِبُ، وَشَيْخُ المَالِكِيَّةِ أَبُو المَنْصُوْرِ ظَافِرُ بنُ الحُسَيْنِ الأَزْدِيُّ بِمِصْرَ، وَالأَمِيْرُ بَهَاءُ الدِّيْنِ قَرَاقُوْشُ الخَادِمُ الأَبْيَضُ مَوْلَى شِيرْكُوْه الَّذِي بَنَى سُورَ مِصْرَ وَقَلْعَةَ الجَبَلِ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الفَارفَانِيّ أَخُو عَفِيْفَةَ، وَالمُقْرِئُ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الكَالِ الحِلِّيُّ، وَأَبُو شُجَاعٍ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي مُحَمَّدٍ المَقْرُوْنُ اللوزي المقرئ.
__________
1 ترجمته في شذرات الذهب "4/ 331".

(15/428)


5342- صاحب المغرب 1:
السُّلْطَانُ الكَبِيْرُ، المُلَقَّبُ بِأَمِيْر المُؤْمِنِيْنَ المَنْصُوْرُ، أَبُو يوسف، يَعْقُوْبُ ابْنُ السُّلْطَانِ يُوْسُفَ ابْنِ السُّلْطَانِ عَبْدِ المُؤْمِنِ بنِ عَلِيٍّ، القَيْسِيُّ، الكُوْمِيُّ، المَغْرِبِيُّ، المَرَّاكُشِيُّ، الظَّاهِرِيُّ، وَأُمّه أَمَةٌ رُومِيَّة اسْمهَا سَحَر. عقدُوا لَهُ بِالأَمْرِ سَنَة ثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ عِنْد مهلك أَبِيْهِ، فَكَانَ سنُّه يَوْمَئِذٍ ثِنْتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ سَنَةً.
وَكَانَ تَامّ القَامَة، أَسْمَر، صَافِيَا، جَمِيْل الصُّوْرَة، أَعْيَن، أَفوَهَ، أَقنَى، أَكحلَ، سمِيناً، مُسْتدير اللِّحْيَة، جهورِيَّ الصَّوت، جزل العبَارَة، صَادِق اللَّهجَة، فَارِساً، شُجَاعاً، قوِيّ الفرَاسَة، خَبِيْراً بِالأُمُوْر، خليقاً لِلإِمَارَة، يَنطوِي عَلَى دين وَخير وَتَأَلُّه وَرزَانَة.
عمل الوزَارَة لأَبِيْهِ، وَخبَرَ الخَيْر وَالشَّرّ، وَكشف أَحْوَال الدَوَاوِيْن.
وَزَرَ لَهُ عُمَرُ بن أَبِي زَيْدٍ، ثُمَّ أَبُو بَكْرٍ بنُ عَبْدِ اللهِ بن الشَّيْخِ عُمَر إِيْنتِي، ثُمَّ ابْن عَمّ هَذَا مُحَمَّد الَّذِي تَزَهَّد، وَاخْتَفَى، ثُمَّ أَبُو زَيْد الهنتَانِيُّ، وَزِيْر وَلده مِنْ بَعْدِه. وَكَتَبَ لَهُ السّرّ ابْن مَحْشُوَّة، ثُمَّ ابْن عَيَّاشٍ الأَدِيْب. وَقضَى لَهُ ابْنُ مضَاء، ثُمَّ الوَهْرَانِيّ، ثُمَّ أَبُو القَاسِمِ بنُ بَقِيٍّ.
وَلَمَّا تَملَّك، كَانَ حَوْلَهُ منَافسُوْنَ لَهُ مِنْ عُمُومَته وَإِخْوَته، ثُمَّ تَحَوَّلَ إِلَى سَلاَ، وَبِهَا تَمَّت بيعتُه، وَأَرْضَى آله بِالعَطَاء، وَبَنَى مدينَة تلِي مَرَّاكش عَلَى البَحْر، فَمَا عَتمَ أَن خَرَجَ عَلَيْهِ عَلِيّ ابن غَانِيَة الملثّم، فَأَخَذَ بِجَايَة، وَخَطَبَ لِلنَاصِر العَبَّاسِيّ، فَكَانَ الخَطِيْب بِذَلِكَ عَبْد الحَقِّ مصَنّف "الأَحكَام"، وَلَوْلاَ حُضُوْر أَجَله، لأَهْلكه المَنْصُوْر.
ثُمَّ تَملّك ابْن غَانِيَة قَلْعَة حَمَّاد، فَسَارَ المَنْصُوْر، وَاسْتردّ بِجَايَة، وَجَهَّزَ جَيْشه، فَالتقَاهُم ابْن غَانِيَة فَمزّقهُم، فَسَارَ المَنْصُوْر بِنَفْسِهِ، فَكسر ابْن غَانِيَة، وَذَهَبَ مُثْخَناً بِالجرَاح، فَمَاتَ فِي خيمَةِ أَعرَابيَة، وَقَدَّمَ جيشه عليهم أخاه يحيى، فانحاز بهم إلى الصحراء مَعَ الْعَرَب، وَجَرَتْ لَهُ حُرُوْب طَوِيْلَة، وَاسْتردّ المَنْصُوْر قَفْصَة، وَقَتَلَ فِي أَهْلهَا، فَأَسرف، ثُمَّ قتل عَمَّيه سُلَيْمَان وَعُمَر صَبْراً، ثُمَّ نَدِم، وَتزَهَّد، وَتَقشّف، وَجَالِس الصُّلَحَاء وَالمُحَدِّثِيْنَ، وَمَال إِلَى الظَّاهِر، وَأَعرض عَنِ المَالِكِيَّة، وَأَحرق مَا لاَ يُحصَى مِنْ كُتُب الفُرُوْع.
قَالَ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ عَلِيٍّ: كُنْت بفَاس، فَشهدْتُ الأَحمَال يُؤْتَى بِهَا، فَتُحرق، وَتهدَّد عَلَى الاشتغَال بِالفُرُوْع، وَأَمر الحُفَّاظ بِجمع كِتَاب فِي الصَّلاَةِ مِنَ "الكُتُب الخَمْسَة"، وَ"المُوَطَّأ"، وَ"مُسْنَد ابْن أَبِي شَيْبَةَ"، وَ"مُسْنَد البَزَّار"، وَ"سُنَن الدَّارَقُطْنِيّ"، وَ"سُنَن البَيْهَقِيّ"، كَمَا جَمَع ابْن تُوْمَرْت فِي الطّهَارَة. ثُمَّ كَانَ يُمْلِي ذَلِكَ بِنَفْسِهِ عَلَى كِبَارِ دَوْلَته، وَحَفِظَ ذَلِكَ خلق، فَكَانَ لِمَنْ يَحفظُه عَطَاء وَخِلْعَة. إِلَى أَنْ قَالَ: وَكَانَ قصدهُ مَحْو مَذْهَب مَالِك مِنَ البِلاَد، وَحَمَلَ النَّاس عَلَى الظَّاهِر، وَهَذَا الْمَقْصد بِعَيْنِهِ كَانَ مقْصد أَبِيْهِ وَجدّه، فَلَمْ يُظْهِرَاهُ، فَأَخْبَرَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ أَن ابْن الجَدِّ أَخْبَرَهُم قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ يُوْسُف، فَوَجَدْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ كِتَاب ابْن يُوْنُسَ، فَقَالَ: أَنَا أَنظر فِي هذَة الآرَاء الَّتِي أُحْدثَت فِي الدِّيْنِ، أَرَأَيْت المَسْأَلَة فِيْهَا أَقْوَال، فَفِي أَيِّهَا الحَقّ? وَأَيُّهَا يَجِبُ أَنْ يأْخذَ بِهِ المقلِّد? فَافْتتحت أُبَيِّن لَهُ، فَقطع كَلاَمِي، وَقَالَ: لَيْسَ إلَّا هَذَا، وَأَشَارَ إِلَى المُصْحَف، أَوْ هَذَا، وَأَشَارَ إِلَى سُنَن أَبِي دَاوُدَ، أَوْ هَذَا، وَأَشَارَ إِلَى السَّيْف.
قَالَ يَعْقُوْبُ: يَا مَعْشَر الموحِّدين، أَنْتُم قبَائِل، فَمَنْ نَابه أَمر، فَزِع إِلَى قَبيلَته، وَهَؤُلاَءِ -يَعْنِي طلبَة العِلْم- لاَ قبيل لَهُم إلَّا أَنَا، قَالَ: فَعظمُوا عِنْد الموحِّدين.
__________
1 ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "7/ ترجمة 829".

(15/429)


وَفِي سَنَة خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ: غَزَا الفِرنْج، ثُمَّ رَجَعَ، فَمَرِضَ، وَتَكلّم أَخُوْهُ أَبُو يَحْيَى فِي الْملك، فَلَمَّا عوفِي، قَتَلَه، وَتهدَّد القَرَابَة.
وَفِي سَنَةِ تِسْعِيْنَ انْتقضت الهدنَة، فَتَجَهَّز، وَعرض جُيُوشه بإشبيلية، وَأَنفق الأَمْوَال، فَقَصَدهُ أَلْفُنْش فَالتَقَوا، وَكَانَ نصراً عزِيزاً، مَا نَجَا أَلْفُنش إلَّا فِي شُريذِمَة، وَاسْتُشْهِدَ مِنَ الكِبَارِ جَمَاعَة، وَاسْتَوْلَى يَعْقُوْب عَلَى قلاع، وَنَازل طليطلَة، ثُمَّ رَجَعَ، ثُمَّ غَزَا، وَوَغل، بِحَيْثُ انْتَهَى إِلَى أَرْضٍ مَا وَصلت إِلَيْهَا المُلُوْك، فَطَلبَ أَلْفُنْش المهَادنَة، فَعُقدتْ عشراً، ثُمَّ رَدَّ السُّلْطَان إِلَى مَرَّاكش بَعْد سَنَتَيْنِ، وَصرَّح بِقصد مِصْر.
وَكَانَ يَتولَّى الصَّلاَة بِنَفْسِهِ أَشْهُراً، فَتعوَّق يَوْماً، ثُمَّ خَرَجَ، وَهُم يَنْتظرُوْنَهُ، فلامهم، وقال: قد قدم الصحابة عبد الرحمن بن عَوْف لِلْعذر، ثُمَّ قرّر إِمَاماً عَنْهُ. وَكَانَ يَجلسُ لِلْحَكَمِ، حَتَّى اخْتصم إِلَيْهِ اثْنَانِ فِي نِصْفِ، فَقضَى، ثُمَّ أَدَّبهُمَا، وَقَالَ: أَمَّا كَانَ فِي البَلَد حكَّام?
وَكَانَ يَسْمَع حَكَم ابْن بَقِيٍّ مِنْ وَرَاء السّتر، وَيدخل إِلَيْهِ أُمنَاء الأَسواق، فَيَسْأَلهُم عَنِ الأُمُوْر.
وَتَصدّق فِي الغَزْوَة المَاضيَة بِأَرْبَعِيْنَ أَلْفَ دِيْنَار.
وَكَانَ يَجْمَع الأَيْتَام فِي العَامِ، فَيَأْمُر لِلصبِيِّ بدِيْنَار وَثَوْب وَرَغِيْف وَرُمانَة.
وَبَنَى مَارستَان مَا أَظَنّ مِثْله، غرس فِيْهِ مِنْ جَمِيْع الأَشجَار، وَزخرفَه وَأَجرَى فِيْهِ المِيَاهَ، وَرتَّب لَهُ كُلّ يَوْم ثَلاَثِيْنَ دِيْنَاراً لِلأَدويَة، وَكَانَ يَعُوْد المَرْضَى فِي الجُمُعَة.
وَوَرَدَ عَلَيْهِ أُمَرَاء مِنْ مِصْرَ، فَأَقطع وَاحِداً تِسْعَة آلاَف دِيْنَار.
وَكَانَ لاَ يَقُوْلُ بالعِصْمَة فِي ابْن تُوْمَرْت.
وَسَأَل فَقِيْهاً: مَا قَرَأْت? قَالَ: تَوَالِيف الإِمَام، قَالَ: فَزَوَرَنِي، وَقَالَ: مَا كَذَا يَقُوْلُ الطَّالب! حُكْمك أَنْ تَقُوْلَ: قَرَأْت كِتَاب اللهِ، وَقَرَأْت مِنَ السّنَّة، ثُمَّ بَعْد ذَا قُل مَا شِئْت.
قَالَ تَاج الدِّيْنِ ابْن حَمُّوَيْه: دَخَلت مَرَّاكش فِي أَيَّامِ يَعْقُوْب، فَلَقَدْ كَانَتِ الدُّنْيَا بسيَادته مجملَة، يُقصَد لِفَضْلِهِ وَلعدله وَلبذله وَحسن مُعْتَقده، فَأَعذب موردِي، وَأَنجح مقصدِي، وَكَانَتْ مَجَالِسُه مُزَيَّنَة بِحُضُوْرِ العُلَمَاء وَالفُضَلاَء، تُفتتَح بِالتِّلاَوَة ثُمَّ بِالحَدِيْثِ، ثُمَّ يَدعُو هُوَ، وَكَانَ يُجِيْد حَفِظ القُرْآن، وَيَحفظ الحَدِيْث، وَيَتكلَّم فِي الفِقْه، وَيُنَاظر، وَيَنسبونه إِلَى مَذْهَب الظَّاهِر. وَكَانَ فَصِيْحاً، مَهِيْباً، حسن الصُّوْرَة، تَامّ الخلقه، لاَ يُرَى مِنْهُ اكفهرَار، وَلاَ عَنْ

(15/430)


مَجَالِسه إِعرَاض، بزِيّ الزُّهَّاد وَالعُلَمَاء، وَعَلَيْهِ جَلاَلَة المُلُوْك، صَنّف فِي العِبَادَات، وَلَهُ "فَتَاو"، وَبَلَغَنِي أن السودان قدموا له فِيلاً فَوصلهُم، وَردّه، وَقَالَ: لاَ نُرِيْد أَن نَكُوْن أَصْحَاب الفِيْل، ثُمَّ طوّل التَّاج فِي عدله وَكرمه، وَكَانَ يَجْمَع الزَّكَاة، وَيُفرّقهَا بِنَفْسِهِ، وَعَمِلَ مكتباً لِلأَيتَام، فِيْهِ نَحْو أَلف صَبِيّ، وَعَشْرَة مُعَلِّمُوْنَ. حَكَى لِي بَعْض عُمَّاله: أَنَّهُ فَرّق فِي عيد نَيِّفاً وَسَبْعِيْنَ أَلْفَ شَاة.
وَقَالَ عَبْدُ الوَاحِدِ: كَانَ مُهتّماً بِالبنَاء، كُلّ وَقت يُجدِّد قَصْراً أَوْ مدينَة، وَأَنَّ الَّذِيْنَ أَسلمُوا كرهَا أَمرهُم بِلبْس كحلِيّ وَأَكمَام مُفرِطَة الطّول، وَكلوتَاتّ ضَخْمَة بشعَة، ثُمَّ أَلْبَسَهُم ابْنه العَمَائِم الصُّفْر، حمل يَعْقُوْب عَلَى ذَلِكَ شكّه فِي إِسلاَمهِم، وَلَمْ تَنعقد عِنْدنَا ذِمَّة ليَهُوْدِيّ وَلاَ نَصْرَانِيّ مُنْذُ قَامَ أَمر المَصَامِدَة، وَلاَ فِي جَمِيْع المَغْرِب كنِيسَة، وَإِنَّمَا اليَهُوْد عِنْدنَا يُظهرُوْنَ الإِسْلاَم، وَيُصلُّوْنَ، وَيُقرِئون أَولاَدَهُمُ القُرْآنَ جَارِيْنَ عَلَى مِلَّتنَا.
قُلْتُ: هَؤُلاَءِ مُسْلِمُوْنَ، وَالسَّلاَم.
وَكَانَ ابْن رُشْدٍ الحَفِيْد قَدْ هذّب لَهُ كِتَاب "الحيوَان" وَقَالَ: الزُّرَافَة رَأَيْتُهَا عِنْد ملك البَرْبَر، كَذَا قَالَ غَيْر مُهتبل، فَأَحنَقَهُم هَذَا، ثُمَّ سَعَى فِيْهِ مَنْ يُنَاوئه عِنْد يَعْقُوْب، فَأَرَوهُ بِخَطِّهِ حَاكياً عَنِ الفَلاَسِفَة أَنَّ الزُّهرَة أَحَد الآلهَة، فَطَلَبَهُ، فَقَالَ: أَهَذَا خطّك? فَأَنْكَر، فَقَالَ: لَعَنَ اللهُ مَنْ كتبه، وَأَمر الحَاضِرِيْنَ بِلَعْنِهِ، ثُمَّ أَقَامَه مُهَاناً، وَأَحرق كتب الفَلْسَفَة سِوَى الطِّبّ وَالهندسَة. وَقِيْلَ: لَمَّا رَجَعَ إِلَى مَرَّاكش، أحب النظر في الفلسفة، وطلب ابْنَ رُشْدٍ ليُحسن إِلَيْهِ، فَحضر، وَمَاتَ، ثُمَّ بَعْد يَسير مَاتَ يَعْقُوْب.
وَقَدْ كتب صَلاَح الدِّيْنِ إِلَى يَعْقُوْبَ يَسْتَنجد بِهِ فِي حِصَار عكَّا، وَنفّذ إِلَيْهِ تَقدمَةً، وَخضع لَهُ، فَمَا رضِي لِكَوْنِهِ مَا لقّبه بِأَمِيْر المُؤْمِنِيْنَ، وَلَقَدْ سمح بِهَا، فَامْتَنَعَ مِنْهَا كَاتبه القَاضِي الفَاضِل.
وَقِيْلَ: إِنَّ يَعْقُوْب أَبطل الخَمْر فِي مَمَالِكه، وَتوعّد عَلَيْهَا فَعدمت، ثُمَّ قَالَ لأَبِي جَعْفَرٍ الطَّبِيْب: ركِّب لَنَا ترِيَاقاً، فَأَعوزَه خمر، فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ، فَقَالَ: تلطّف فِي تَحْصِيله سرّاً، فَحرص، فَعَجِزَ، فَقَالَ الْملك: مَا كَانَ لِي بِالتِّرْيَاق حَاجَة، لَكِن أَردت اخْتبَار بلاَدِي.
قِيْلَ: إِنَّ الأَدفنش كتب إِلَيْهِ يُهدِّده، وَيُعنِّفه، وَيطلب مِنْهُ بَعْض البِلاَد، وَيَقُوْلُ: وَأَنْت تُمَاطل نَفْسك، وَتُقدِّم رِجْلاً، وَتُؤخِّر أُخْرَى، فَمَا أَدْرِي الجبنُ بَطَّأَ بِك، أَوِ التَّكذِيب بِمَا وَعدك نَبِيّك? فَلَمَّا قرَأَ الْكتاب، تَنمَّر، وَغَضِبَ، وَمزّقه، وَكَتَبَ عَلَى رقعَة مِنْهُ: {ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا ... } الآيَةَ [النَّمْلُ: 37] ، الجَوَابُ مَا تَرَى لاَ مَا تسَمِع.

(15/431)


وَلاَ كُتْب إلَّا المشرفِيَّةُ عِنْدنَا ... وَلاَ رُسْل إلَّا لِلْخَمِيْسِ العَرَمْرَمِ
ثُمَّ اسْتنْفرَ سَائِر النَّاس، وحشد، وجمع، حتى احتوى ديوان جيشه عَلَى مائَة أَلْف، وَمِنَ المطَّوِّعَة مِثْلهُم، وَعدَّى إِلَى الأَنْدَلُسِ، فَتمّت المَلْحَمَة الكُبْرَى، وَنَزَلَ النَّصْر وَالظفر، فَقِيْلَ: غنمُوا سِتِّيْنَ أَلْفَ زرديَّة.
قَالَ ابْنُ الأَثِيْرِ: قُتِلَ مِنَ العَدُوّ مائَة أَلْف وَسِتَّة وَأَرْبَعُوْنَ أَلْفاً، وَمِنَ المُسْلِمِيْنَ عِشْرُوْنَ أَلْفاً.
وَذكره أَبُو شَامَةَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: وَبعد هَذَا فَاختلفت الأَقْوَال فِي أَمره، فَقِيْلَ: إِنَّهُ ترك مَا كَانَ فِيْهِ، وَتَجرّد، وَسَاح، حَتَّى قَدِمَ المَشْرِق مُتَخفِّياً، وَمَاتَ خَامِلاً، حَتَّى قِيْلَ: إِنَّهُ مَاتَ بِبَعْلَبَكَّ. وَمِنْهُم مَنْ يَقُوْلُ: رَجَعَ إِلَى مَرَّاكش، فَمَاتَ بِهَا، وَقِيْلَ: مَاتَ بِسَلاَ، وَعَاشَ بِضْعاً وَأَرْبَعِيْنَ سَنَةً.
قُلْتُ: إِلَيْهِ تُنسب الدَّنَانِيْر اليَعْقُوْبيَّة.
قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: حَكَى لِي جمع كَبِيْر بِدِمَشْقَ أَن بِالبِقَاعِ بِالقُرْبِ مِنَ الْمجْدَل قَرْيَة يُقَالُ لَهَا: حَمَّارَة، بِهَا مشْهد يُعرف بِقَبْر الأَمِيْر يَعْقُوْب ملك المَغْرِب، وَكُلّ أَهْل تِلْكَ النَّاحيَة متفقُوْنَ عَلَى ذَلِكَ.
قيل: الأَظهر مَوْته بِالمَغْرِبِ، فَقِيْلَ: مَاتَ فِي أَوَّلِ جُمَادَى الأُوْلَى، وَقِيْلَ: فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ، وَقِيْلَ: مَاتَ فِي صَفَرٍ سَنَة خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ.
وَقَدْ يُقَالُ: لَوْ مَاتَ مِثْل هَذَا السُّلْطَان فِي مقرّ عزّه، لَمْ يُخْتَلَفْ هَكَذَا فِي وَفَاتِهِ -فَاللهُ أَعْلَم- لَكِن بُوْيِع فِي هَذَا الحين ولده محمد بن يعقوب المؤمني.

(15/432)


5343- صاحب غزنة 1:
السُّلْطَانُ الكَبِيْرُ، غِيَاثُ الدِّيْنِ، أَبُو الفَتْحِ مُحَمَّدُ بنُ سَامِ بنِ حُسَيْنٍ الغُوْرِيُّ، أَخُو السُّلْطَانِ شِهَابِ الدِّيْنِ الغُوْرِيِّ.
قَالَ عِزّ الدِّيْنِ ابْن البُزُوْرِيِّ: كَانَ ملكاً عَادِلاً، وَللمَال باذلاً، فَكَانَ محسناً إِلَى الرَّعِيَّةِ، رَؤُوْفاً بِهِم، كَانَتْ بِهِ ثُغُور الأَيَّام باسمَة، وَكلّهَا بوجُوْده موَاسم. قرّب العُلَمَاء، وَأَحَبّ الفُضَلاَء، وَبَنَى المَسَاجِد وَالرُّبُط وَالمدَارس، وَأَدرّ الصَّدَقَات، وَبَنَى الخَانَات.
قُلْتُ: كَانَ ابْتدَاء دَوْلَتهِم مُحَارَبَتَهُم لسُلْطَانِهِم بَهْرَامَ شَاه بنِ مَسْعُوْدٍ السُبُكْتِكِيْنِيِّ، وَكَانَ رَأْس أَهْل الغوْر عَلاَء الدِّيْنِ الحُسَيْن بن الحَسَنِ، فَهَزمه بَهْرَامُ شَاه غَيْرَ مَرَّةٍ، وَقَتَلَ إِخْوَته، ثُمَّ تَمَكَّنَ عَلاَء الدِّيْنِ، وَتسلطن، وَأَمّر ابْنَي أَخِيْهِ غِيَاثَ الدِّيْنِ وَشِهَابَ الدِّيْنِ ابْنَيْ سَامَ، ثُمَّ قَاتلاَهُ، وَأَسرَاهُ، ثُمَّ تَأَدّبا مَعَهُ، وَردَّاهُ إِلَى ملكه، فَخضع، وَصَاهرهُمَا عَلَى بنِيه، وَجَعَلهُمَا وَلِيَّي عَهْده، فَلَمَّا مَاتَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ، تَسَلَّطن غِيَاث الدِّيْنِ المَذْكُوْر، وَاسْتَوْلَى عَلَى غَزْنَة، ثُمَّ قَهره الغُزّ، وَاسْتولُوا عَلَى غَزْنَة خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً. ثُمَّ نَهَضَ شِهَاب الدِّيْنِ، وَهَزَمَ الغُزَّ، وَقَتَلَ مِنْهُم خلائق، وافتتح البلاد الشَّاسعَة، وَقصدَ لَهَا، وَردّ بِهَا خسرو شَاه بنَ بَهْرَامَ شَاه آخر مُلُوْك الهِنْد السُبُكْتِكِيْنِيَّة، فَأَخَذَهَا سَنَة تِسْعٍ وَسَبْعِيْنَ، وَأَمّن خسرو شَاه، ثُمَّ بعثَه مَعَ وَلده، وَأَسلمهُمَا إِلَى أَخِيْهِ، فَسجنهُمَا، وَكَانَ آخِر العَهْد بِهِمَا، وَكَانَ دَوْلَتهُم أَزْيد مِنْ مائَتَيْ عَام.
وَيُقَالُ: بَلْ مَاتَ خسرو كَمَا قَدَّمْنَا فِي حُدُوْدِ سَنَةِ خَمْسِيْنَ، وَتسلطن بَعْدَهُ ابْنه مَلِكْشَاه، فَيُحرَّر هَذَا.
وَحكم الغُوْرِيّ عَلَى الهِنْد وَالأَقَالِيم، وَتلقّب بِقَسِيم أَمِيْر المُؤْمِنِيْنَ، ثُمَّ سَارَ الأَخوَان، وَافْتَتَحَا هَرَاة وَبُوْشَنْج وَغَيْر ذَلِكَ، ثُمَّ حَشَدت مُلُوْك الهِنْد، وَعملُوا المَصَافّ، وَانكسر المُسْلِمُوْنَ، وَجُرِحَ شِهَاب الدِّيْنِ، وَسقط، ثُمَّ جمع، وَالتَقَى الهِنْد، فَاسْتَأصلهُم، وَطوَى المَمَالِك.
نعم، وَكَانَ غِيَاث الدِّيْنِ وَاسِع البِلاَد مُظَفَّراً فِي حُرُوْبه، وَفِيْهِ دهَاء، وَمكر، وَشجَاعَة، وَإِقدَام.
وَتمرّض بِالنِّقْرِس.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ أَسقط مُكُوسَ بلاَده. وَكَانَ يَرْجِع إِلَى فَضِيْلَة وَأَدب.
وَكَانَ يَقُوْلُ: التعصّب فِي المَذَاهِب قَبِيح.
وَقَدِ امْتَدَّتْ أَيَّامه، وَتَمَلَّكَ بَعْدَ عَمّه، وَلَهُ غَزَوَات وَفُتُوْحَات.
مَاتَ فِي جُمَادَى الأُوْلَى سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، فَتَمَلَّكَ بَعْدَهُ أَخُوْهُ السُّلْطَان شِهَاب الدِّيْنِ مُدَّة، ثُمَّ قُتِلَ غِيلَة، وَتسلطن بَعْدَهُ ابْنُ أَخِيْهِ السُّلْطَان غِيَاث الدِّيْنِ مَحْمُوْد بن مُحَمَّد، ثم تملك غلامهم السلطان تاج الدِّيْنِ إِلْدُز، وَاستولَى عَلَى مَدَائِن، وَعظُم أَمره، ثُمَّ قُتِلَ فِي مَصَافّ.
وَلهذه المَمْلَكَة جُيُوش عظيمة جدًا.
__________
1 ترجمته في النجوم الزاهرة لابن تغري بردي "6/ 184-185"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "4/ 342".

(15/433)


أخوه السلطان شهاب الدين، ابن القصاب:
5344- أَخُوْهُ السُّلْطَانُ شِهَابُ الدِّيْنِ 1:
أَبُو المُظَفَّرِ مُحَمَّدُ بنُ سَامٍ. قتلته البَاطِنِيَّة فِي شَعْبَان سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتّ مائَةٍ.
قَالَ ابْنُ الأَثِيْرِ: قَتَلَ صَاحِبُ الهِنْدِ شِهَابَ الدِّيْنِ بِمخيَّمه بَعْد عَوْده مِنْ لُهَاوور، وَذَلِكَ أَنَّ نَفراً مِنَ الكُفَّارِ الكوكرِيَّة لزمُوا عَسْكَره ليغتَالُوْهُ، لِمَا فَعل بِهِم مِنَ الْقَتْل وَالسّبْي، فَتفرّق خوَاصّه عَنْهُ لَيْلَة، وَكَانَ مَعَهُ مِنَ الخَزَائِن مَا لاَ يُوْصَف؛ ليُنفقهَا فِي العَسَاكِر لِغَزْو الخَطَا، فَثَار بِهِ أَولئك، فَقتلُوا مِنْ حَرسه رَجُلاً، فَثَارت إِلَيْهِ الْحَرس عَنْ موَاقفهِم، فَخلاَ مَا حَوْل السّرَادِق، فَاغتنم أَولئك الوَقْت، وَهجمُوا عَلَيْهِ، فَضربوهُ بِسكَاكينهِم، وَنَجوا، ثُمَّ ظُفِرَ بِهِم، وَقُتِلُوا، وَحَفِظَ الوَزِيْر والأمراء والأموال، وَصَيَّرُوا السُّلْطَان فِي مِحَفَّة، وَدَارُوا حَوْلهَا بِالحشمِ والصناجق، وكانت خزائنه على ألفي جمل ومائةين، فَقَدمُوا كِرْمَان، فَخَرَجَ إِلَيْهِم الأَمِيْر تَاج الدِّيْنِ إلدز، فشق ثيابه، وبكى، وَكَانَ يَوْماً مَشْهُوْداً، وَتطلّع تَاج الدِّيْنِ إِلَى السّلطنَة، وَدُفن شِهَاب الدِّيْنِ بِتربَة لَهُ بغَزْنَة، وَكَانَ بَطَلاً شُجَاعاً مَهِيْباً جَيِّد السّيرَة، يَحكم بِالشّرع.
بَلَغَنَا أَن فَخْر الدِّيْنِ الرَّازِيّ وَعظ مرَّة عِنْدَهُ، فَقَالَ: يَا سُلْطَان العَالم، لاَ سُلْطَانك يَبْقَى، وَلاَ تَلْبِيس الرَّازِيّ يَبْقَى، {وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ} [غَافر] . قَالَ: فَانْتحب السُّلْطَان بِالبُكَاء.
وَكَانَ شَافِعِيّاً كَأَخِيْهِ. وَقِيْلَ: كَانَ حنفِيّاً.
5345- ابْنُ القَصَّابِ 2:
الوَزِيْرُ الكَبِيْرُ، مُؤَيّدُ الدِّيْنِ، أَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ ابْنِ القَصَّابِ، البَغْدَادِيُّ.
مِنْ رِجَالِ الدَّهْر شَهَامَة، وَهَيْبَة، وَحَزْماً، وَغوراً، وَدهَاء، مَعَ النّظم وَالنّثر وَالبلاغَة.
نَاب فِي الوزَارَة، وَخدم فِي دِيْوَان الإِنشَاء، وَسَارَ فِي العَسَاكِر، فَافْتَتَحَ هَمَذَان وَأَصْبَهَان، وَحَاصَرَ الرَّيّ، وَرجع، فولي الوزارة، وسار فِي جَيْش عَظِيْم إِلَى هَمَذَان، فَجَاءهُ المَوْت فِي شَعْبَان سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَقَدْ جَاوَزَ سَبْعِيْنَ سَنَةً. وَكَانَ أَبُوْهُ قصَّاباً عجمِيّاً بسُوْق الثُّلاَثَاء، ثُمَّ نَبَشَه خُوَارِزْمشَاه مِنْ قَبْره، وَقطعَ بِهِ، وَطَافَ بِهِ عَلَى رمحٍ بخراسان.
__________
1 ترجمته في النجوم الزاهرة لابن تغري بردي "6/ 191"، وشذرات الذهب "5/ 7-8".
2 ترجمته في النجوم الزاهرة "6/ 139"، وشذرات الذهب لابن العماد "4/ 311".

(15/434)


5346- ابن المقرون 1:
الإِمَامُ القُدْوَةُ العَابِدُ، شَيْخُ القُرَّاءِ، أَبُو شُجَاعٍ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي مُحَمَّدٍ بنِ أَبِي المَعَالِي بن المَقْرُوْنِ، البَغْدَادِيُّ، اللَّوْزِيُّ، مِنْ مَحَلَّةِ اللَّوْزِيَّة.
وُلِدَ سَنَةَ بِضْعَ عَشْرَةَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَجَوَّد القِرَاءات عَلَى أَبِي مُحَمَّدٍ سِبْط الخَيَّاط، وَأَبِي الكَرَمِ الشَّهْرُزُوْرِيّ.
وَسَمِعَ مِنْ أَبِي الحَسَنِ بنِ عَبْدِ السَّلاَمِ كِتَاب الجعديَات بكمَاله.
وَقرَأَه عَلَيْهِ الزِّين بن عبد الدائم.
وسمع من علي بن الصَّبَّاغ، وَأَبِي الفَتْحِ البَيْضَاوِيّ، وَسِبْط الخَيَّاط، وَأَبِي الفَضْلِ الأُرْمَوِيّ، وَعِدَّة.
وَرَوَى الكَثِيْر، وَأَقرَأَ الكِتَاب العزيز ستين عامًا، وكان محققًا لِحُرُوفِهِ، عَامِلاً بِحُدُوْده، يَأْكُل مِنْ كسب يَده، وَيَتعفّف وَيَتعبّد، وَيَأْمر بِالمَعْرُوف، وَلاَ يَخَاف فِي اللهِ لُوْمَة لاَئِم.
لقّن الأَوْلاَد وَالآبَاء وَالأَجدَاد.
قرَأَ عَلَيْهِ بِالرِّوَايَات خلق، مِنْهُم: أَبُو عَبْدِ الله بن الدُّبَيْثِيِّ، وَقَالَ: نِعْمَ الشَّيْخ.
كَانَ دفنُهُ بِصُفَّةِ بِشْرٍ الحَافِي.
قُلْتُ: وَحَدَّثَ عَنْهُ: الشَّيْخ الضِّيَاء، وَابْن خَلِيْل، وَالتَّقِيّ اليَلْدَانِيّ، وَالنَّجِيْب الحَرَّانِيّ، وَابْن عَبْدِ الدَّائِمِ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّار: لَقَّنَ خلقاً لاَ يُحصَوْنَ، وَحُمِلَت جِنَازَته عَلَى الرُّؤُوس، مَا رَأَيْتُ جمعاً أَكْثَر مِنْ جمع جِنَازَته.
قَالَ: وَكَانَ مُسْتَجَاب الدعوَة، وَقُوْراً. مَاتَ فِي سَابع عشر رَبِيْع الآخِرِ سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
قُلْتُ: وَمِنْ مَرْوِيَّاته: "الْجمع بَيْنَ الصَّحِيْحَيْنِ" لِلْحُمَيْدِيِّ، تحمَّله عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الغَنَوِيّ عَنِ المُؤلف، قرَأَه عَلَيْهِ العِزّ مُحَمَّد بن عَبْدِ الغَنِيِّ سَنَة سِتٍّ. أَجَازَ مَرْوِيَّاته لأَحْمَدَ بن سلامة، وعلي بن البخاري، وجماعة.
__________
1 ترجمته في شذرات الذهب "4/ 333".

(15/435)


5347- ابن زهر 1:
العَلاَّمَةُ، جَالِيْنُوس زَمَانِهِ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عبد الملك بن زُهْرُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ مُحَمَّدُ بنُ مَرْوَانَ بنِ زُهْرٍ، الإِيَادِيُّ، الإِشْبِيْلِيُّ.
أَخَذَ الطِّبّ عَنْ جَدِّهِ أَبِي العَلاَءِ، وَعَنْ أَبِيْهِ، وَبلغ الغَايَة وَالحظّ الوَافر مِنَ اللُّغَة وَالأَداب وَالشّعر وَعلوِّ المرتبَة فِي الْعِلَاج عِنْد الدَّوْلَة، مَعَ السّخَاء وَالجُود وَالحِشْمَة.
أَخَذَ عَنْهُ: ابْنُ دِحْيَة، وَأَبُو عَلِيٍّ الشَّلَوْبِيْن.
قَالَ الأَبَّار: كَانَ أَبُو بَكْرٍ بنُ الجَدِّ يُزكّيه، وَيَحْكِي عَنْهُ أَنَّهُ يَحفظ "صَحِيْح البُخَارِيِّ" مَتْناً وَإِسْنَاداً. مَاتَ بِمَرَّاكش فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَوُلِدَ سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِ مائَةٍ.
قَالَ ابْنُ دِحْيَةَ: مَكَانه مكين فِي اللُّغَة، وَموردُه معِين فِي الطِّبّ، كَانَ يَحفظ شعر ذِي الرُّمَّةِ وَهُوَ ثلث اللُّغَة، مَعَ الإِشرَاف عَلَى جَمِيْع أَقْوَال أَهْل الطِّبّ، مَعَ سموّ النّسب، وَكَثْرَة النّشَب، صَحِبته زَمَاناً، وَلَهُ أَشعَار حلوَة، وَقَدْ رَحل أَبُو جدّه إِلَى المَشْرِق، وَوَلِيَ رِيَاسَة الطِّبّ بِبَغْدَادَ، ثُمَّ بِمِصْرَ، ثُمَّ بِالقَيْرَوَان، ثُمَّ نَزل دَانِيَة، وَطَار ذِكْرُهُ.
قُلْتُ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ هَذَا يُقَالُ لَهُ: الحَفِيْد، كَمَا يُقَالُ لِصديقِهِ ابْن رُشْدٍ: الحَفِيْد، وَكَانَ فِي رُتْبَة الوُزَرَاء، وقيل: كان دينًا عدلًا، قوي النَّفْس، مليح الشّكل، يَجرّ قوساً قويّاً، وَلَهُ نَظْمٌ رَائِقٌ، فَمِنْهُ:
للهِ مَا فَعَلَ الغَرَامُ بقلبه ... أودى له بِهِ لَمَّا أَلَمَّ بلبِّهِ
يَأْبَى الَّذِي لاَ يَسْتَطيع لِعُجبِهِ ... رَدَّ السَّلاَمِ وَإِنْ شككْتَ فَعُجْ بِهِ
ظبيٌ مِنَ الأَترَاك مَا تَرَكَتْ ضنىً ... أَلحَاظُه مِنْ سلوةٍ لِمُحِبِّهِ
إِنْ كُنْت تُنْكِرُ مَا جنَى بِلحَاظِهِ ... فِي سَلْبِهِ يَوْم الغُوَيْرِ فَسَل بِهِ
يَا مَا أُميلحه وَأَعذَبَ رِيقَهُ ... وَأَعَزَّهُ وَأَذَلَّنِي فِي حُبِّه
بَلْ مَا أُليطف وَْردَةً فِي خَدِّهِ ... وَأَرَقَّهَا وَأَشَدَّ قَسْوَةِ قَلْبِهِ
__________
1 ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "4/ ترجمة 672"، وشذرات الذهب "4/ 320".

(15/436)


ابن زريق الحداد، البندار:
5348- ابن زريق الحداد 1:
الإمام، شيخ المقرئين، أبو جعفر، المبارك بن الإِمَامِ أَبِي الفَتْحِ المُبَارَكُ بنُ أَحْمَدَ بنِ زُرَيْقٍ، الوَاسِطِيُّ، ابْنُ الحَدَّادِ، إِمَامُ جَامِعِ وَاسِط بَعْدَ وَالِدِهِ.
مَوْلِده سَنَة تِسْعٍ وَخَمْسِ مائَةٍ.
تَلاَ عَلَى أَبِيْهِ، وَمَهَرَ، ثُمَّ سَافر مَعَهُ إلى بغداد في سنة532، فقرأ بها بالمبهج وَغَيْره عَلَى أَبِي مُحَمَّدٍ سِبْط الخَيَّاط.
وَسَمِعَ من: قاضي المارستان، وإسماعيل بن السمرقندي، وطائفة، وبواسط من علي بن عَلِيِّ بنِ شيرَان، وَالقَاضِي أَبِي عَلِيٍّ الفَارِقِيّ، وَجَمَاعَة، وَتَفَرَّد عَنِ ابْن شيرَان الفَارِقِيّ، وَتَفَرَّد بإجازة خميس الحوزي، وأبي الحسين محمد بن غُلاَم الهَرَّاس أَبِي عَلِيٍّ، وَرَزِيْن بن مُعَاوِيَةَ العَبْدَرِيّ، وَأَجَازَ لَهُ أَيْضاً أَبُو طَالِبٍ بنُ يوسف، وعبد الله بن السَّمَرْقَنْدِيِّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ النَّفِيْس بن مُنْجِبٍ، وَيُوْسُف بن خَلِيْل، وَإِبْرَاهِيْم بن مَحَاسِنَ، وَابْن الدُّبَيْثِيّ وَآخَرُوْنَ.
وَتَلاَ عَلَيْهِ بِالرِّوَايَات: الشَّرِيْف مُحَمَّد بن عُمَرَ الدَّاعِي، وَغَيْرهُ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّار: كَانَ مِنْ أَعيَان القُرَّاء المَوْصُوْفِيْن بجُوْدَة القِرَاءة، وَحسن الأَدَاء، وَطيب الصّوت، وَكَانَ بَقِيَّة الأَكَابِر، وَهُوَ صَدُوْقٌ مُتَدّين.
مَاتَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَزُرَيْقٌ أَوّله زاي.
5349- البندار 2:
الشَّيْخُ الصَّالِحُ القُدْوَةُ، أَبُو مُحَمَّدٍ، عَبْدُ الخَالِقِ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ القَاسِمِ بنِ مَنْصُوْرٍ، الحَرِيْمِيُّ، البُنْدَارُ، أَخُو عَبْدِ الجَبَّارِ.
سَمِعَ هِبَة اللهِ بن الحُصَيْنِ، وَأَبَا المَوَاهِب بن مُلُوْك، وَهِبَة اللهِ الحَرِيْرِيّ، وَقَاضِي المَارستَان. وَسَمِعَ بِالرَّيِّ عبد الرحمن بن أبي القاسم الحصيري.
__________
1 ترجمته في النجوم الزاهرة لابن تغري بردي "6/ 159"، وشذرات الذهب لابن العماد "4/ 328".
2 ترجمته في شذرات الذهب "4/ 319-320".

(15/437)


رَوَى عَنْهُ: ابْنُ الدُّبَيْثِيّ، وَابْن خَلِيْل، وَابْن النَّجَّار، وَجَمَاعَة.
قَالَ ابْنُ النَّجَّار: كَانَ صَالِحاً، زَاهِداً، كَثِيْر العِبَادَة، حسن السّمْت، عَلَى مِنْهَاج السَّلَف، كَأنَّ النُّوْر يَلوح عَلَى وَجهه، وَيَجد النَّاظر إِلَيْهِ رَوْحاً فِي نَفْسِهِ. مَاتَ فِي ذِي القَعْدَةِ سَنَة خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَلَهُ أَرْبَعٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً.
وَفِيْهَا مَاتَتْ أَسْمَاء بنت محمد ابن البزاز الدمشقية، وأختها آمنة والدة القاضي محيي الدين محمد بن الزَّكِيِّ، وَالمُحَدِّثُ أَبُو الفَرَجِ ثَابِت بن مُحَمَّدٍ المَدِيْنِيّ، وَدُلَف بن أَحْمَدَ بنِ قُوْفَا، وَطَرْخَان بن مَاضِي الشَّاغُوْرِيّ الَّذِي أَمّ بِالملك نُوْر الدين، وصاحب مصر الملك العزيز بن صَلاَحِ الدِّيْنِ، وَأَتَابك المَوْصِل مُجَاهِد الدِّيْنِ قَيْمَاز الرُّوْمِيّ الخَادِم، وَالفَيْلَسُوْف أَبُو الوَلِيْدِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ أَحْمَدَ بنِ رُشْدٍ القُرْطُبِيّ الحَفِيْد صَاحِب المُصَنَّفَات، وَأَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الطَّرَسُوْسِيّ، وَطَبِيْب الوَقْت أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ زُهْرٍ الإِشْبِيْلِيّ، وَمُسْلِم بن عَلِيٍّ السِّيْحِيّ المَوْصِلِيّ، وَمَنْصُوْر بن أَبِي الحَسَنِ الطَّبَرِيّ الوَاعِظ، وَشَيْخ الشَّافِعِيَّة جَمَال الدِّيْنِ يَحْيَى بن عَلِيِّ بنِ فضلان البغدادي، ويعقوب صاحب المغرب.

(15/438)


5350- خوارزمشاه 1:
السُّلْطَانُ عَلاَءُ الدِّيْنِ، تَكش بنُ أَرْسَلاَنُ بنُ آتسز بن مُحَمَّدِ بنِ نُوشْتِكِيْنَ.
قَالَ أَبُو شَامَةَ: هُوَ مِنْ وَلد طَاهِر بن الحُسَيْنِ الأَمِيْر. قَالَ: وَكَانَ جَوَاداً شُجَاعاً، تَملّك الدُّنْيَا مِنَ السّند وَالهِنْد وَمَا وَرَاء النَّهْر إِلَى خُرَاسَانَ إِلَى بَغْدَادَ، فَإِنَّهُ كَانَ نُوَّابه فِي حُلْوَان، وَكَانَ جُنْده مائَة أَلْف، هزم مَمْلُوْكُه عَسْكَر الخَلِيْفَة، وَأَزَال هُوَ دَوْلَة السّلاجقَة، وَكَانَ حَاذِقاً بِلعب العُوْد. هَمّ بِهِ باطنِيّ، فَأرعد، فَأَخَذَهُ، وَقرّره، فَأَقرّ، فَقَتَلَهُ، وَكَانَ يُباشر الحَرْب بِنَفْسِهِ، وَذَهَبت عينه بِسهْم. عزم عَلَى قصد بَغْدَاد، وَوصل دِهِسْتَان، فَمَاتَ، ثُمَّ قَامَ بَعْدَهُ ابْنه مُحَمَّد، وَلُقّب عَلاَء الدِّيْنِ بِلَقَبِهِ.
قَالَ لَنَا ابْن البُزُوْرِيّ: كَانَ تَكش عِنْدَهُ آدَاب وَمَعْرِفَة بِمَذْهَب أَبِي حَنِيْفَةَ. بَنَى مَدْرَسَة بِخُوَارِزْم، وَلَهُ المقامَات المَشْهُوْرَة. حَارب طُغْرِيْلَ، وَقتله، ثُمَّ وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْن القَصَّابِ الوَزِيْر، فَكَانَ قَدْ نَفّذ إِلَيْهِ تَشرِيفاً مِنَ الدِّيْوَان، فَرَدَّهُ، ثُمَّ نَدم، وَاعتذر، وَبُعِثَ إِلَيْهِ بتشرِيف، فَلبِسَه.
مَاتَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ سِتٍّ وتسعين بشهر ستانة، فحمله ولده محمد، فدفنه بمدرسته بخوارزم. وقيل: مات بالخوانيق.
__________
1 ترجمته في النجوم الزاهرة لابن تغري بردي "6/ 159"، وشذرات الذهب لابن العماد "4/ 324".

(15/438)


العجلي، صاحب اليمن:
5351- العجلي 1:
رَأْسُ الشِّيْعَةِ، وَعَالِمُ الرَّافِضَّةِ، العَلاَّمَةُ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ إِدْرِيْسَ بنِ أَحْمَدَ بنِ إِدْرِيْسَ، العِجْلِيُّ، الحِلِّيُّ.
صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ، مِنْهَا كِتَاب الحَاوِي لِتحَرِيْرِ الفَتَاوِي، وَكِتَاب السّرَائِر، وَكِتَاب خلاَصَة الاستدلاَل، وَمَنَاسِك وَأَشيَاء فِي الأُصُوْل وَالفُرُوْع.
أَخَذَ عَنِ الفَقِيْه رَاشِد، وَالشَّرِيْف شَرَف شَاه.
وَلَهُ بِالحِلَّةِ شهْرَة كَبِيْرَة وَتَلاَمِذَة، وَلبَعْض الجَهَلَة فِيْهِ قصيدَة يُفضّله فِيْهَا عَلَى مُحَمَّدِ بنِ إِدْرِيْسَ إمامنا.
مَاتَ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
5352- صاحب اليمن 2:
سَيْفُ الإِسْلاَمِ، طُغْتِكِيْنُ بنُ أَيُّوْبَ بنِ شَاذِي.
كَانَ أَخُوْهُ المَلِك المُعَظَّم تُوْرَانْشَاه قَدِ افْتَتَح اليَمَن سَنَة تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ، ثُمَّ رَجَعَ بَعْد عَامَيْنِ، وَاستنَاب عَنْهُ، وَقَدِمَ دِمَشْق، ثُمَّ بَعَثَ صَلاَح الدِّيْنِ أَخَاهُ سَيْفَ الإِسْلاَم إِلَى اليَمَنِ سَنَة تِسْعٍ وَسَبْعِيْنَ، فَتملّك اليَمَن كُلّه، وَحَارَبَ الزَّيْدِيَّة، وَبعد أَعْوَام أَخَذَ صَنْعَاء، وَكَانَتْ دَوْلَته أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَلَمَّا احتُضر، سلطن مَمْلُوْكه بُوْزَبَا، وَمَاتَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ، ثُمَّ تَملّك وَلده المُعِزّ، وَقَتَلَ بُوْزَبَا وَجَمَاعَة مِنْ مَمَالِيْك أَبِيْهِ، وَحَارَبَ رَأْس الزَّيْدِيَّة، وَهزمه، وَأَنشَا بِزَبِيْد مَدْرَسَة، وَادّعَى أَنَّهُ أُموِيّ، وَرَام الخِلاَفَة، وَلَهُ "دِيْوَان شعر"، فَقَتَلَهُ أُمَرَاؤُهُ الأَكرَاد، وملكوا أخاه الناصر أيوب بن طغتكين.
__________
1 ترجمته في لسان الميزان "5/ ترجمة 215".
2 ترجمته في النجوم الزاهرة "6/ 141-142"، وشذرات الذهب لابن العماد "4/ 311-313"، وقد توفى في سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة.

(15/439)


5353- عبد اللطيف 1:
ابن أبي البركات إسماعيل بن الشَّيْخِ أَبِي سَعْدٍ مُحَمَّدِ بنِ دُوستَ شَيْخُ الشُّيُوْخِ، أَبُو الحَسَنِ النَّيْسَابُوْرِيُّ الأَصْلِ البَغْدَادِيُّ الصُّوْفِيُّ، أَخُو شَيْخِ الشُّيُوْخِ صَدْرِ الدِّيْنِ عَبْد الرَّحِيْمِ الَّذِي مَاتَ بِالرَّحْبَة.
كَانَ أَبُو الحَسَنِ شَيْخاً عَامِيّاً بليداً عَرِيّاً مِنَ العِلْمِ.
سَمِعَ مِنَ القاضي أبي بكر، وإسماعيل بن السَّمَرْقَنْدِيِّ، وَعَلِيّ بن عَلِيٍّ الأَمِيْن، وَأَبِي الحَسَنِ بنِ عَبْدِ السَّلاَمِ، وَطَائِفَة.
وَتَمَشْيَخَ برِبَاط جدّه بَعْد أَخِيْهِ فِي سَنَةِ ثَمَانِيْنَ، وَقَدْ حَجَّ، وَركب البَحْر، وَقَدِمَ مِصْر وَبَيْت المَقْدِسِ زَائِراً وَدِمَشْق. وَحَدَّثَ، فَأَدْرَكته المنِيَّة بِدِمَشْقَ فِي رَابِعَ عشر ذي الحجة سنة ست وتسعين وخمس مائَةٍ، وَلَهُ ثَلاَثٌ وَسَبْعُوْنَ سَنَةً.
ذكر هَذَا أَوْ مَعْنَاهُ ابْنُ النَّجَّار، وَرَوَى عَنْهُ هُوَ وابن خليل، واليلداني، وعثمان بن خَطِيْبِ القَرَافَةِ، وَفَرَج الحَبَشِيّ، وَعَبْد اللهِ وَعَبْد الرحمن ابْنَا أَحْمَدَ بنِ طِعَانٍ، وَالقَاضِي صَدْر الدِّيْنِ ابن سني الدولة، وابن عبد الدَّائِم، وَابْن أَبِي اليُسْرِ، وَالكَمَال بن عَبْدٍ، وَعَدَد كَثِيْر. وَبِالإِجَازَة أَحْمَد بن أَبِي الخَيْرِ.
قَالَ ابْنُ الدُّبَيْثِيّ: كَانَ بليداً لاَ يَفهم، قَالَ مرَّة -فِيمَا بَلَغَنِي- لِمَنْ قصدهُ فِي سَمَاع جُزْء: امْضِ بِهِ إِلَى ابْن سُكَيْنَةَ يُسْمِعْك عَنِّي، فَإِنِّي مَشْغُوْل.
وَفِيْهَا مَاتَ ابْن كُلَيْبٍ، وَالإِمَامُ أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ القُرْطُبِيّ، وَأَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ ابْنِ البَخِيْلِ، وَالعَلاَّمَة أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مَنْصُوْرٍ العِرَاقِيّ الخَطِيْب، وَإِسْمَاعِيْل بن صَالِحِ بنِ يَاسِيْنَ الشَّارعِيّ، وَأَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَانِ الفَارِسِيّ الزَّاهِد، وَخَلِيْل بن أَبِي الرَّجَاءِ الرَّارَانِيّ، وَخُوَارِزْمشَاه تَكش، وَالقَاضِي الفَاضِل، وَالوَجِيْه عَبْد العَزِيْزِ بن عِيْسَى اللَّخْمِيّ بِالثَّغْرِ، وَالقَاضِي عُبَيْد اللهِ بن مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الجَلِيْلِ السَّاوِيّ، وَالفَقِيْه عَسْكَر بن خَلِيْفَةَ الحَمَوِيّ، وَالنّظام مُحَمَّد بن عبد الله ابن الظَّرِيْفِ البَلْخِيّ، وَالأَمِيْر ابْن بُنَانٍ، وَالشِّهَاب مُحَمَّد بن محمود الطوسي شيخ الشافعية بمصر.
__________
1 ترجمته في النجوم الزاهرة لابن تغري "6/ 159"، وشذرات الذهب لابن العماد "4/ 327".

(15/440)


5354- ابن زبادة 1:
الصَّاحِبُ الأَثِيْرُ، رَئِيْسُ دِيْوَانِ الإِنشَاءِ، قَوَامُ الدِّيْنِ، أَبُو طَالِبٍ يَحْيَى بنُ سَعِيْدِ بنِ هِبَةِ اللهِ بنِ عَلِيِّ بنِ عَلِيِّ بنِ زَبَادَةَ الوَاسِطِيُّ ثُمَّ البَغْدَادِيُّ.
كَانَ رَبّ فُنُوْنٍ: فَقه، وَأُصُوْل، وَكَلاَم، وَنظم، وَنثر. سَارَتِ الركبَان بِترسله المُؤنّق.
وَلِي المنَاصب الجَلِيْلَة.
وَرَوَى عَنْ: أَبِي الحَسَنِ بنِ عَبْدِ السَّلاَمِ، وَأَبِي القَاسِمِ عَلِيّ ابن الصَّبَّاغِ، وَأَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ الأَرَّجَانِيّ الشَّاعِر، وَأَبِي مَنْصُوْرٍ ابْنِ الجَوَالِيْقِيِّ، وَأَخَذَ عَنْهُ العَرَبِيَّة.
وَلِي نَظَرَ وَاسِط، وَوَلِيَ حجَابَة الحجَاب، ثُمَّ الأسْتَاذدَارِيَة، ثُمَّ نُقل إِلَى كِتَابَةِ السّرِّ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ الدُّبَيْثِيّ، وَابْن خَلِيْل، وَغَيْرهُمَا.
وَكَانَ دَيِّناً صَيِّناً، حَمِيْد السّيرَة، وَهُوَ القَائِلُ:
لاَ تغبِطَنَّ وَزِيْراً لِلمُلُوْكِ وَإِنْ ... أَنَالَهُ الدَّهْرُ مِنْهُم فَوْقَ هِمَّتِهِ
وَاعلمْ بِأَنَّ لَهُ يَوْماً تَمورُ بِهِ ال ... أَرْضُ الوقورُ كَمَا مَارت بهيبتِهِ
هَارُوْنُ وَهُوَ أَخُو مُوْسَى الشّقيقُ لَهُ ... لَوْلاَ الوزَارَةُ لَمْ يَأْخُذْ بِلحيتهِ
أَنْبَؤُوْنَا عَنِ ابْن الدُّبَيْثِيّ، أَنْشَدَنَا أَبُو طَالِبٍ بنُ زَبَادَةَ، أَنْشَدَنِي القَاضِي الأَرَّجَانِيّ لِنَفْسِهِ:
وَمَقْسُوْمَة العَيْنَيْنِ مِنْ دَهَشِ النَّوَى ... وَقَدْ رَاعهَا بِالعِيْسِ رَجَعَ حُدَاءِ
تُجِيْبُ بِإِحْدَى مُقْلَتَيْهَا تَحِيَّتِي ... وأُخرى تُرَاعِي أَعْيُنَ الرُّقَبَاءِ
وَلَمَّا بَكَتْ عَيْنِي غَدَاةَ رَحِيْلِهِم ... وَقَدْ رَوَّعتْنِي فُرقَةُ القُرَنَاءِ
بَدَتْ فِي مُحَيَّاهَا خيَالاَتُ أَدْمُعِي ... فَغَارُوا وَظنُّوا أَنْ بَكتْ لبُكَائِي
تُوُفِّيَ ابن زبادة في سابع عشر ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وله اثنتان وسبعون سنةً وأشهر.
__________
1 ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "6/ ترجمة 808"، وشذرات الذهب "4/ 318"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "6/ 144- 145".

(15/441)


5355- القاضي الفاضل 1:
المَوْلَى الإِمَامُ العَلاَّمَةُ البَلِيْغُ، القَاضِي الفَاضِلُ، مُحْيِي الدِّيْنِ، يَمِيْنُ المَمْلَكَةِ، سَيِّدُ الفُصَحَاءِ، أَبُو عَلِيٍّ عبد الرحيم بن علي بن الحسن بن الحَسَنِ بنِ أَحْمَدَ بنِ المُفَرِّجِ، اللَّخْمِيُّ، الشَّامِيُّ، البَيْسَانِيُّ الأَصْلِ، العَسْقَلاَنِيُّ المَوْلِدِ، المِصْرِيُّ الدَّارِ، الكَاتِبُ، صَاحِبُ دِيْوَانِ الإِنشَاءِ الصَّلاَحِيِّ.
وُلِدَ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
سَمِعَ فِي الكُهُوْلَةِ مِنْ أَبِي طَاهِرٍ السِّلَفِيِّ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ العُثْمَانِيِّ، وَأَبِي القَاسِمِ بنِ عَسَاكِرَ، وَأَبِي الطَّاهِر بنِ عَوْفٍ، وَعُثْمَانَ بنِ فَرَجٍ العَبْدَرِيِّ.
وَرَوَى اليَسِيْرَ.
وَفِي انتسَابِهِ إِلَى بيسَانَ تَجوُّزٌ، فَمَا هُوَ مِنْهَا، بَلْ قَدْ وَلِيَ أَبُوْهُ القَاضِي الأَشرفُ أَبُو الحَسَنِ قَضَاءهَا.
انتهتْ إِلَى القَاضِي الفَاضِلِ برَاعَة التَّرسُّلِ وَبلاغَة الإِنشَاءِ، وَلَهُ فِي ذَلِكَ الفَنِّ اليَدُ البيضَاءُ، وَالمَعَانِي المبتكرَةُ، وَالبَاعُ الأَطولُ، لاَ يدرك شأوه، وَلاَ يُشَقُّ غُبَارُهُ، مَعَ الكَثْرَةِ.
قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: يُقَالُ إِنَّ مسوَّدَاتِ رَسَائِلِهِ مَا يَقَصْرُ عن مائة مجلد، وله النظم الكثير. أخذ الصّنعَةَ عَنِ المُوَفَّقِ يُوْسُفَ بنِ الخَلاَّلِ صَاحِبِ الإِنشَاءِ لِلْعَاضدِ، ثُمَّ خدمَ بِالثَّغْرِ مُدَّةً، ثُمَّ طلبه ولد الصالح بن رزيك، وَاسْتخدمَهُ فِي دِيْوَانِ الإِنشَاءِ.
قَالَ العِمَادُ: قضَى سعيداً، وَلَمْ يُبْقِ عَملاً صَالِحاً إلَّا قدَّمَهُ، وَلاَ عهداً فِي الجَنَّةِ إلَّا أَحْكَمَهُ، وَلاَ عقْدَ بِرٍّ إلَّا أَبرمَهُ، فَإِنَّ صَنَائِعَهُ فِي الرِّقَابِ، وَأَوقَافَهُ متجَاوزَةُ الحسَابِ، لاَ سِيَّمَا أَوقَافُهُ لفكَاكِ الأَسرَى، وَأَعَانَ المَالِكيَّةَ وَالشَّافِعِيَّةَ بِالمَدْرَسَةِ، وَالأَيْتَامَ بِالكُتَّابِ، كَانَ لِلْحُقُوقِ قَاضِياً، وَفِي الحَقَائِق مَاضياً، وَالسُّلْطَانُ لَهُ مُطِيعٌ، مَا افْتَتَحَ الأَقَالِيمَ إلَّا بِأَقَاليد آرَائِهِ، وَمقَاليد غِنَاه وَغَنَائِهِ، وَكُنْتُ مِنْ حَسَنَاتِهِ محسوباً، وَإِلَى آلاَئِهِ مَنْسُوْباً، وَكَانَتْ كِتَابَتُهُ كَتَائِبَ النَّصْرِ، وَيَرَاعتُهُ رَائِعَة الدَّهْرِ، وَبرَاعتُهُ بارِيَةً لِلبرِّ، وَعبَارتُهُ نَافثَة فِي عُقَدِ السِّحْرِ، وَبلاغتُهُ لِلدَّولَةِ مُجَمِّلَة، وَللمَمْلَكَةِ مُكَمِّلَة، وَلِلْعصرِ الصَّلاَحِيِّ عَلَى سَائِرِ الأَعصَارِ مُفَضَّلَة. نسخَ أَسَاليبَ القُدَمَاءِ بِمَا أَقدَمَهُ مِنَ الأَسَاليْبِ، وَأَعرَبَهُ مِنَ الإِبدَاعِ، مَا أَلْفَيْتهُ كرَّرَ دُعَاءً فِي مكَاتَبَةٍ، وَلاَ رددَّ
__________
1 ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "3/ ترجمة 374"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "6/ 156-158" وشذرات الذهب لابن العماد "4/ 324-327".

(15/442)


لفظاً فِي مخَاطبَةٍ. إِلَى أَنْ قَالَ: فَإِلَى مَنْ بَعْدَهُ الوِفَادَةُ? وَمِمَّنِ الإِفَادَةُ? وَفِيْمَنِ السيَادَة? وَلِمَنِ السعَادَةُ?
وَقَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: وَزَرَ لِلسُّلْطَانِ صَلاَحِ الدِّيْنِ بن أَيُّوْبَ، فَقَالَ هِبَةُ اللهِ بنُ سنَاء الْملك قصيدَةً مِنْهَا:
قَالَ الزَّمَانُ لغَيْرِهِ لَوْ رَامَهَا ... تَرِبَتْ يَمِيْنُكَ لَسْتَ مِنْ أَربَابِهَا
اذهَبْ طرِيقَكَ لَسْتَ مِنْ أَربَابِهَا ... وَارْجِعْ وراءك لست من أترابها
وَبِعِزِّ سيِّدِنَا وَسَيِّدِ غَيرِنَا ... ذلَّتْ مِنَ الأَيَّامِ شَمْسُ صِعَابِهَا
وَأَتَتْ سعَادتُهُ إِلَى أَبْوَابِهِ ... لاَ كَالَّذِي يَسْعَى إِلَى أَبْوَابِهَا
فَلْتَفْخَرِ الدُّنْيَا بِسَائِسِ مُلْكِهَا ... مِنْهُ وَدَارسِ علمِهَا وَكِتَابِهَا
صوَّامِهَا قوَّامِهَا علاَّمِهَا ... عَمَّالِهَا بِذَّالِهَا وَهَّابِهَا
وَبَلَغَنَا أَنَّ كُتُبَهُ الَّتِي ملكَهَا بلغَتْ مائَة أَلْفِ مُجَلَّدٍ، وَكَانَ يُحصِّلُهَا مِنْ سَائِرِ البِلاَدِ.
حكَى القَاضِي ضِيَاءُ الدِّيْنِ ابْنُ الشَّهْرُزُوْرِيِّ أَنَّ القَاضِي الفَاضِلَ لَمَّا سَمِعَ أَنَّ العَادلَ أَخَذَ مِصْرَ، دَعَا بِالموتِ خَشْيَةَ أَنْ يَسْتَدعيَهُ وَزِيْرُهُ ابْنُ شُكْرٍ، أَوْ يُهِينَهُ، فَأَصْبَحَ مَيْتاً، وَكَانَ ذَا تَهجُّدٍ وَمعَامِلَةٍ.
وَلِلْعِمَادِ فِي "الخريْدَةِ": وَقبلَ شروعِي فِي أَعيَانِ مِصْرَ أُقَدِّمُ ذِكْرَ مَنْ جَمِيْعُ أَفَاضِلِ العصرِ كَالقطرَةِ فِي بحرِهِ المَوْلَى القَاضِي الفَاضِلُ. إِلَى أَنْ قَالَ: فَهُوَ كَالشَّرِيعَةِ المحمَّدِيَّةِ نسخَتِ الشَّرَائِعَ، يَخترعُ الأَفكَارَ، وَيَفترِعُ الأَبكَارَ، هُوَ ضَابطُ المُلكِ بآرَائِهِ، وَرَابطُ السِّلكِ بآلاَئِهِ، إِنْ شَاءَ، أَنشَأَ فِي يَوْمٍ مَا لَوْ دُوِّنَ، لَكَانَ لأَهْلِ الصناعة خير بِضَاعَةٍ، أَيْنَ قُسٌّ مِنْ فَصَاحتِهِ، وَقيسٌ فِي حَصَافتِهِ، وَمَنْ حَاتِمٌ وَعَمْرٌو فِي سمَاحتِهِ وَحمَاستِهِ، لا من في فعله، ولا مين في قَوْلِهِ، ذُو الوَفَاءِ وَالمُروءةِ وَالصَّفَاءِ وَالفتوَّةِ، وَهُوَ مِنَ الأَوْلِيَاءِ الَّذِيْنَ خُصُّوا بِالكرَامَةِ، لاَ يَفترُ مَعَ مَا يَتولاَّهُ مِنْ نوَافلِ صَلاَتِهِ وَنوَافلِ صِلاَتِهِ، يَتلو كُلَّ يَوْمٍ.. إِلَى أَنْ قَالَ: وَأَنَا أُوثِرُ أَنْ أُفرِدَ لنظمِهِ وَنثرِهِ كِتَاباً.
قِيْلَ: كَانَ القَاضِي أَحَدبَ، فَحَدَّثَنِي شَيْخُنَا أَبُو إِسْحَاقَ الفَاضِلِيُّ أَنَّ القَاضِي الفَاضِلَ ذهبَ فِي الرُّسليَّةِ إِلَى صَاحِبِ المَوْصِلِ، فَأُحْضِرَتْ فَوَاكهُ، فَقَالَ بَعْضُ الكِبَارِ مُنَكِّتاً: خيَارُكُم أَحَدبُ، يُوَرِّي بِذَلِكَ، فَقَالَ الفَاضِلُ: خَسُّنَا خَيْرٌ مِنْ خيَارِكُم.

(15/443)


قَالَ الحَافِظُ المُنْذِرِيُّ: رَكَنَ إِلَيْهِ السُّلْطَانُ رُكُوناً تَامّاً، وَتَقدَّمَ عِنْدَهُ كَثِيْراً، وَكَانَ كَثِيْرَ البِرِّ، وَلَهُ آثَارٌ جَمِيْلَةٌ. تُوُفِّيَ لَيْلَةَ سَابعِ رَبِيْعٍ الآخر سنة ست وتسعين وخمس مائة.
وَقَالَ المُوَفَّقُ عَبْدُ اللَّطِيْفِ: كَانُوا ثَلاَثَةَ إخوَةٍ:
أَحَدهُم: خدَمَ بِالإِسْكَنْدَرِيَّةِ، وَخلَّفَ مِنَ الخوَاتِيمِ صنَادِيقَ، وَمِنَ الحُصْرِ وَالقُدُورِ بُيُوتاً مَمْلُوْءةً، وَكَانَ مَتَى سَمِعَ بِخَاتمٍ، سَعَى فِي تحصيلِهِ.
وَأَمَّا الآخَرُ: فَكَانَ لَهُ هَوَسٌ مُفْرِطٌ فِي تحصيلِ الكُتُبِ، عِنْدَهُ نَحْوُ مائَتَيْ أَلف كِتَاب.
وَالثَّالِثُ: القَاضِي الفَاضِلُ كَانَ ذَا غرَامٍ بِالكِتَابَةِ وَبِالكُتُبِ أَيْضاً، لَهُ الدِّينُ، وَالعفَافُ، وَالتُّقَى، موَاظِبٌ عَلَى أَورَادِ اللَّيْلِ وَالصِّيَامِ وَالتِّلاَوَةِ. لَمَّا تَملَّكَ أَسَدُ الدِّيْنِ، أَحضرَهُ، فَأُعْجِبَ بِهِ، ثُمَّ اسْتخلَصَهُ صَلاَحُ الدِّيْنِ لِنَفْسِهِ، وَكَانَ قَلِيْلَ اللَّذَّاتِ، كَثِيْرَ الحَسَنَاتِ، دَائِمَ التَّهَجُّدِ، يَشتغلُ بِالتَّفْسِيْرِ وَالأَدبِ، وَكَانَ قَلِيْلَ النَّحْوِ، لَكنَّهُ لَهُ دُرْبَةٌ قويَّةٌ، كتبَ مِنَ الإِنشَاءِ مَا لَمْ يَكتبْهُ أَحَدٌ، أَعْرِفُ عِنْدَ ابْنِ سنَاء الملكِ مِنْ إِنشَائِهِ اثْنَيْنِ وَعِشْرِيْنَ مُجَلَّداً، وَعِنْدَ ابْنِ القَطَّانِ عِشْرِيْنَ مُجَلَّداً، وَكَانَ مُتَقَلِّلاً فِي مطعَمِهِ وَمنكحِهِ وَملبسِهِ، لباسُهُ البيَاضُ، وَيَرْكُبُ مَعَهُ غُلاَمٌ وَركَابِيٌّ، وَلاَ يَمكِّنُ أَحَداً أَنْ يَصحبَهُ، وَيُكْثِرُ تَشييعَ الجَنَائِزِ، وَعيَادَةَ المَرْضَى، وَلَهُ معروف مَعْرُوفٌ فِي السِّرِّ وَالعَلاَنِيَةِ، ضَعِيْفُ البُنْيَةِ، رقيقُ الصُّوْرَةِ، لَهُ حَدْبَةٌ يُغَطِّيهَا الطَّيْلَسَانُ، وَكَانَ فِيْهِ سُوءُ خُلُقٍ يُكْمِدُ بِهِ نَفْسَهُ، وَلاَ يضرُّ أَحَداً بِهِ، وَلأَصْحَابِ العِلْمِ عِنْدَهُ نفَاقٌ، يُحْسِنُ إِلَيْهِم، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ انتقَامٌ مِنْ أَعدَائِهِ إلَّا بِالإِحسَانِ أَوِ الإِعرَاضِ عَنْهُم، وَكَانَ دَخْلُهُ وَمَعْلُوْمُهُ فِي العَامِ نَحْواً مِنْ خَمْسِيْنَ أَلْفَ دِيْنَارٍ سِوَى مَتَاجر الهِنْدِ وَالمَغْرِبِ. تُوُفِّيَ مَسْكُوتاً، أَحْوَجَ مَا كَانَ إِلَى المَوْتِ عِنْدَ تَوَلِّي الإِقبالِ وَإِقبالِ الإِدبارِ، وَهَذَا يَدلُّ عَلَى أَنَّ لله به عنايةً.
قَالَ العِمَادُ: تَمَّتِ الرَّزِيَّةُ بَانتقَالِ القَاضِي الفَاضِلِ مِنْ دَارِ الفنَاءِ إِلَى دَارِ البقَاءِ فِي مَنْزِلِهِ بِالقَاهِرَةِ فِي سَادسِ رَبِيْعٍ الآخَرَ، وَكَانَ لَيْلَتَئِذٍ صَلَّى العشَاءَ، وَجَلَسَ مَعَ مُدَرِّسِ مَدْرَسَتِهِ، وَتحدَّثَ مَعَهُ مَا شَاءَ، وَانفصلَ إِلَى مَنْزِلِهِ صَحِيْحاً، وَقَالَ لغُلاَمِهِ: رَتِّبْ حوَائِجَ الحَمَّامِ، وَعرفنِي حَتَّى أَقضِي مُنَى المَنَامِ، فَوَافَاهُ سَحَراً، فَمَا اكترَثَ بصوتِهِ، فَبَادَرَ إِلَيْهِ وَلدُهُ، فَأَلفَاهُ وَهُوَ سَاكِتٌ باهِتٌ، فَلبثَ يَوْمَهُ لاَ يُسْمَعُ لَهُ إلَّا أَنِيْنٌ خفِيٌّ، ثُمَّ قضَى رَحِمَهُ الله.
قيل: وَقَفَ مُنَجِّمٌ عَلَى طَالعِ القَاضِي، فَقَالَ: هَذِهِ سعَادَةٌ لاَ تَسَعُهَا عَسْقَلاَنُ.
حفظَ القُرْآنَ، وَكَتَبَ ختمَةً، وَوقفَهَا، وَقرَأَ "الجمعَ بَيْنَ الصَّحِيْحَيْنِ" عَلَى ابْنِ فَرحٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنِ الحُمَيْدِيِّ، وَصَحِبَ أَبَا الفَتْحِ مَحْمُوْدَ بنَ قَادوس المنشِئ، وَكَانَ مَوْتُ أَبِيْهِ سَنَة46، وَكَانَ لَمَّا جرَى عَلَى أَبِيْهِ نَكبَةً اتَّصَلَتْ بِمَوْتِهِ، ضُرِبَ، وَصُودِرَ حَتَّى لَمْ يَبْقَ لَهُ شَيْء، وَمَضَى إِلَى الإسكندرية، وصحب بني حديد، فاستخدموه.
قال جماد الدِّيْنِ ابْنُ نُبَاتَةَ: رَأَيْتُ فِي بَعْضِ تَعَاليقِ القَاضِي: لَمَّا رَكِبْتُ البَحْرَ مِنْ عَسْقَلاَنَ إِلَى الإِسْكَنْدَرِيَّةِ، كَانَتْ مَعِي رزمَةٌ فِيْهَا ثِيَابٌ، وَرزمَةٌ فِيْهَا مُسَوَّدَاتٌ، فَاحتَاجَ الرُّكَّابُ أَنْ يُخَفِّفُوا، فَأَردتُ أَنْ أَرمِي رزمَةَ المُسَوَّدَاتِ، فَغلِطْتُ، وَرَمَيْتُ رزمَةَ القِمَاشِ.
وَذَكَرَ القَاضِي ابْنُ شَدَّادٍ أَنَّ دَخْلَ القَاضِي كَانَ فِي كُلِّ يَوْمٍ خَمْسِيْنَ دِيْنَاراً.

(15/444)


5356- العماد 1:
القَاضِي الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ المُفْتِي، المنشِئُ البَلِيْغُ، الوَزِيْرُ، عِمَادُ الدِّيْنِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَامِدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَلِيِّ بنِ مَحْمُوْدِ بنِ هِبَةِ اللهِ بنِ أَلُه الأَصْبَهَانِيُّ الكَاتِبُ، وَيُعْرَفُ بِابنِ أَخِي العَزِيْزِ.
وُلِدَ سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ وَخَمْسِ مائَةٍ بِأَصْبَهَانَ.
وَقَدِمَ بَغْدَادَ، فَنَزَلَ بِالنّظَامِيَّةِ، وَبَرَعَ فِي الفِقْهِ عَلَى أَبِي مَنْصُوْرٍ سَعِيْدِ بنِ الرَّزَّازِ. وَأَتقنَ العَرَبِيَّةَ وَالخِلاَفَ، وَسَادَ فِي عِلْمِ التَّرَسُّلِ، وَصَنَّفَ التَّصَانِيْفَ، وَاشْتُهِرَ ذِكْرُهُ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ خَيْرُوْنَ، وَأَبِي الحَسَنِ بنِ عَبْدِ السَّلاَمِ، وَعَلِيِّ بنِ عَبْدِ السَّيِّدِ ابْنِ الصَّبَّاغِ، وَالمُبَارَكِ بنِ عليٍّ السّمذِيّ، وَأَبِي بَكْرٍ ابْنِ الأَشْقَرِ.
وَأَجَازَ لَهُ الفُرَاوِيُّ مِنْ نَيْسَابُوْرَ، وَابْنُ الحُصَيْنِ مِنْ بَغْدَادَ، وَرجعَ إِلَى أَصْبَهَانَ مُكِبّاً عَلَى العِلْمِ، وَتَنَقَّلَتْ بِهِ الأَحْوَالُ.
حَدَّثَ عَنْهُ: يُوْسُفُ بنُ خَلِيْلٍ، وَالخطيرُ فُتُوْحُ بنُ نُوْحٍ، وَالعِزُّ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عُثْمَانَ الإِرْبِلِيُّ، وَالشِّهَابُ القُوْصِيُّ، وَجَمَاعَةٌ. وَأَجَازَ مَرْوِيَّاتِهِ لِشيخِنَا أَحْمَدَ بنِ أَبِي الخَيْرِ.
وَأَلُه: فَارِسِيٌّ مَعْنَاهُ عُقَابٌ، وَهُوَ بِفَتحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّ ثَانِيهِ وَسكُوْنِ الهَاءِ.
اتَّصلَ بِابْنِ هَبِيرَةَ، ثُمَّ تَحَوَّلَ إِلَى دِمَشْقَ سَنَة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ، وَاتَّصلَ بِالدَّوْلَةِ، وَخدمَ بِالإِنشَاءِ الملكَ نُوْرَ الدِّيْنِ. وَكَانَ يُنشِئُ بِالفَارِسِيِّ أَيْضاً، فَنفّذَهُ نُوْرُ الدِّيْنِ رَسُوْلاً إِلَى المُسْتَنْجِدِ، وَوَلاَّهُ تدرِيسَ العِمَادِيَّةِ سَنَة سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ، ثُمَّ رتَّبَهُ فِي إِشرَافِ الدِّيْوَانِ. فَلَمَّا تُوُفِّيَ نُوْرُ الدِّيْنِ، أُهْمِلَ، فَقصدَ المَوْصِلَ، وَمَرِضَ، ثُمَّ عَادَ إِلَى حَلَبَ، وَصَلاَحُ الدِّيْنِ محاصر لها سنة سبعين،
__________
1 ترجمته في وفيات الأعيان "5/ ترجمة 705"، وشذرات الذهب لابن العماد "4/ 332-333".

(15/445)


فَمدحَهُ، وَلَزِمَ رِكَابَهُ، فَاسْتكتبَهُ، وَقرَّبَهُ، فَكَانَ القَاضِي الفَاضِلُ يَنقطعُ بِمِصْرَ لمُهِمَّاتٍ، فَيَسُدُّ العِمَادَ فِي الخدمَةِ مَسَدَّهُ.
صَنّفَ كِتَابَ "خريْدَة القَصْرِ وَجرِيْدَة العصرِ" ذيلاً عَلَى زِينَةِ الدَّهْرِ لِلْحظيرِيِّ، وَهِيَ ذيلٌ عَلَى "دميَةِ القَصْرِ وَعصرَةُ أَهْلِ العصرِ" لِلبَاخَرْزِيِّ الَّتِي ذَيَّلَ بِهَا عَلَى "يَتيمَةِ الدَّهْرِ" لِلثعَالبِيِّ الَّتِي هِيَ ذَيلٌ عَلَى "البَارِعِ" لِهَارُوْنَ بنِ عَلِيٍّ المُنَجِّمِ، فَالخريْدَةُ مشتملٌ عَلَى شُعَرَاءِ زَمَانِهِ مِنْ بَعْدِ الخَمْسِ مائَة، وَهُوَ عشرُ مجلدات.
وَلَهُ "البَرْقُ الشَّامِيُّ" سَبْع مُجَلَّدَاتٍ، وَ"الفَتْحُ القُسِّيُّ فِي الفَتْحِ القُدْسِيِّ" مجلدَانِ، وَكِتَابُ "السَّيْلُ وَالذَّيلُ" مُجَلَّدَانِ، وَ"نُصْرَةُ الفَتْرَةِ" فِي أَخْبَار بنِي سَلْجُوْق، وَ"دِيْوَانُ رَسَائِل" كَبِيْرٌ، وَ"دِيْوَانُهُ" فِي أَرْبَعِ مُجَلَّدَاتٍ.
وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الفَاضِلِ مخَاطبَاتٌ وَمُكَاتَبَاتٌ. قَالَ مَرَّةً لِلْفَاضِلِ مِمَّا يُقرَأُ مَنْكوساً: سِرْ فَلاَ كَبَا بِكَ الفَرَسُ، فَأَجَابَهُ بِمِثْلِهِ فَقَالَ: دَامَ عُلاَ العِمَادِ.
قَالَ ابن خلكان: ولم يزل العماد على مكانته إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ صَلاَحُ الدِّيْنِ، فَاخْتَلَّتْ أَحْوَالُهُ، فَلَزِمَ بَيْتَهُ، وَأَقْبَلَ عَلَى تَصَانِيْفِهِ.
قَالَ المُوَفَّقُ عَبْدُ اللَّطِيْفِ: حَكَى لِي العِمَادُ، قَالَ: طلبنِي كَمَالُ الدِّيْنِ لنِيَابتِهِ فِي الإِنشَاءِ، فَقُلْتُ: لاَ أَعْرفُ الكِتَابَةَ، قَالَ: إِنَّمَا أُرِيْدُ مِنْكَ أَنْ تُثْبِتَ مَا يَجرِي، فَتُخْبِرنِي بِهِ، فَصِرْتُ أَرَى الكُتُبَ تُكْتَبُ إِلَى الأَطرَافِ، فَقُلْتُ: لَوْ طُلبَ مِنِّي أَنْ أَكْتُبَ مِثْلَ هَذَا، مَا كُنْتُ أَصْنَعُ? فَأَخَذتُ أَحْفَظُ الكُتُبَ، وَأُحَاكيهَا، وَأُروِّضُ نَفْسِي، فَكَتَبتُ إِلَى بَغْدَادَ كُتُباً، وَلَمْ أُطلِعْ عَلَيْهَا أَحَداً، فَقَالَ كَمَالُ الدِّيْنِ يَوْماً: ليتنَا وَجَدْنَا مَنْ يَكْتُبُ إِلَى بَغْدَادَ، وَيُرِيْحُنَا، فَقُلْتُ: أَنَا، فَكَتَبتُ، وَعرضْتُ عَلَيْهِ، فَأَعْجَبَهُ، وَاستكتَبَنِي، فَلَمَّا تَوجَّهَ أَسَدُ الدِّيْنِ إِلَى مِصْرَ المَرَّةَ الثَّالِثَةَ، صَحِبتُهُ.
قال الموفق: وكان فقهه على طريقة أَسْعَدَ المِيْهَنِيِّ. وَيَوْمَ تدرِيسِهِ تسَابقَ الفُقَهَاءُ لسَمَاعِ كَلاَمِهِ، وَحُسْنِ نُكَتِهِ، وَكَانَ بطيءَ الكِتَابَةِ، لَكنَّهُ دَائِمَ العملِ، وَلَهُ تَوسُّعٌ فِي اللُّغَةِ لاَ النَّحْوِ. تُوُفِّيَ بَعْدَ مَا قَاسَ مُهَانَاتِ ابْنِ شكر، وَكَانَ فَرِيْدَ عصرِهِ نَظماً وَنثراً، وَقَدْ رَأَيْتُهُ فِي مَجْلِسِ ابْنِ شُكْرٍ مزحوماً فِي أُخرِيَاتِ النَّاسِ.
وَقَالَ زَكِيُّ الدِّيْنِ المُنْذِرِيُّ: كَانَ العِمَادُ جَامِعاً لِلْفَضَائِلِ: الفِقْهِ، وَالأَدبِ، وَالشِّعْرِ الجيِّدِ، وَلَهُ اليَدُ البيضَاءُ فِي النَّثْرِ وَالنَّظمِ. صَنَّفَ تَصَانِيْفَ مُفِيْدَةً، وَللسُلْطَانِ الملكِ النَّاصِرِ مَعَهُ مِنَ الإِغضَاءِ وَالتَّجَاوزِ وَالبَسْطِ وَحُسْنِ الخُلُقِ مَا يُتَعَجَّبُ مِنْ وُقوعِ مِثْلِهِ. تُوُفِّيَ فِي أَوَّلِ رَمَضَانَ سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَدُفِنَ بِمقَابرِ الصُّوْفِيَّةِ رحمه الله.

(15/446)


أَنْبَأَنِي مَحْفُوْظُ ابْنُ البُزُوْرِيِّ فِي "تَارِيْخِهِ"، قَالَ: العِمَادُ إِمَامُ البُلَغَاءِ، شَمْسُ الشُّعَرَاءِ، وَقُطْبُ رَحَى الفُضَلاَءِ، أَشرقَتْ أَشعَّةُ فَضَائِلِهِ وَأَنَارَتْ، وَأَنجدَتِ الرُّكبَانُ بِأَخْبَارِهِ وَأَغَارَتْ، هُوَ فِي الفَصَاحَةِ قُسُّ دَهْرِهِ، وفي البلاغة سحبانه عصرِهِ، فَاقَ الأَنَامَ طُرّاً، نَظماً وَنثراً.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ فِي كِتَابِهِ، عَنِ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ الكَاتِبِ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ السَّيِّدِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الصَّرِيْفِيْنِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ حَبَابَةَ، حَدَّثَنَا البَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي ذِبيَان -هُوَ خَلِيْفَةُ بن كعب- قال: سمعت ابن الزبير يقول: لاَ تُلْبِسُوا نسَاءكُمُ الحَرِيْرَ، فَإِنِّي سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: "مَنْ لَبِسَهُ فِي الدُّنْيَا لَمْ يلبسه في الآخرة" 1.
وَمِنْ نَظمِهِ فِيمَا أَجَازَ لَنَا ابْنُ سَلاَمَةَ عَنْهُ:
يَا مَالِكاً رَقَّ قَلْبِي ... أَرَاكَ مَالِكَ رقه
ها مهجتي خُذْهَا ... فَإِنَّهَا مُسْتَحقَّه
فَدَتْكَ نَفْسِي بِرِفْقٍ ... فَمَا أُطِيْقُ المَشَقَّه
وَيَا رَشِيْقاً أَتَانِي ... مِنْ سَهْمِ عَيْنَيْهِ رَشْقَه
لِصَارِمِ الجَفْنِ مِنْهُ ... فِي مُهْجَتِي أَلْفُ مَشْقَه
وَخَصْرُهُ مثلُ مَعْنَىً ... بَلاَغِيٍّ فِيْهِ دِقَّه
وَلَهُ مِنْ قصيدَةٍ:
كَالنَّجْمِ حِيْنَ هَدَا كَالدَّهْرِ حِيْنَ عَدَا ... كَالصُّبْحِ حِيْنَ بَدَا كَالعَضْبِ حين بري
في الحكم طودعلا فِي الحِلْمِ بَحْرُ نُهَىً ... فِي الجُوْدِ غَيْثُ نَداً فِي البَاسِ لَيْثُ شَرَا
وَلَهُ مِنْ أُخْرَى:
وَلِلنَّاسِ بِالمَلِكِ النَّاصِرِ الصَّلاَحِ ... صلاَحٌ وَنَصْرٌ كبير
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "5834" ومسلم "2069" "11" والنسائي "8/ 200" من طريق ابن الزبير، به.
أخرجه أحمد "3/ 101 و281"، وابن أبي شيبة "8/ 345"، والبخاري "5832"، ومسلم "2073"، وابن ماجه "3588"، وأبو يعلى "3930"، والطحاوي "4/ 246-247 و247"، والبيهقي "2/ 422"، من طريق عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ صُهَيْب، عَنْ أَنَسِ بنِ مالك، به.

(15/447)


هُوَ الشَّمْسُ أَفلاَكُهُ فِي البِلاَدِ ... وَمَطْلَعُهُ سَرْجُهُ والسرير
إذا ما سطا أو حبا واحتبى ... فَمَا اللَّيْثُ؟ منْ حَاتِمٌ؟ مَا ثَبِيْر؟
وَارْتَحَلَ فِي مَوْكِبٍ فَقَالَ فِي القَاضِي الفَاضِلِ:
أَمَّا الغُبَارُ فَإِنَّهُ ... مِمَّا أَثَارَتْهُ السَّنَابِكْ
فَالجَوُّ مِنْهُ مظلم ... لكن تباشير السنابك
يا دهر لي عبد الرحيم ... فلست أخشى مس نابك

(15/448)


5357- الدولعي 1:
الشَّيْخُ الإِمَامُ العَالِمُ المُفْتِي، خَطِيْبُ دِمَشْقَ، ضِيَاءُ الدِّيْنِ، عَبْدُ المَلِكِ بنُ زَيْدِ بنِ يَاسِيْنَ بنِ زَيْدِ بنِ قَائِدٍ التَّغْلِبِيُّ، الأَرْقَمِيُّ، المَوْصِلِيُّ، الدولعي، الشافعي.
وله سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِ مائَةٍ.
سَمِعَ بِبَغْدَادَ مِنْ: أَبِي الفَتْحِ عَبْدِ المَلِكِ الكَرُوْخِيِّ "جَامِعَ أَبِي عِيْسَى التِّرْمِذِيِّ"، وَسَمِعَ: "سُنَنَ النَّسَائِيِّ" مِنْ عَلِيِّ بن أحمد بن محمويه اليزدي. وثفقه بِبَغْدَادَ، وَبَرَعَ وَسَكَنَ دِمَشْقَ، وَسَمِعَ بِهَا مِنَ: الفقيه فَضْلِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ المصِّيْصِيِّ، وَعُمِّرَ دَهْراً.
حدث عنه: أبو الطاهر بن الأنماطي، وأبو الحجاج بن خليل، وَلِيَ خطَابَةَ دِمَشْقَ دَهْراً، وَدرَّسَ بِالغَزَاليَّةِ، وَكَانَ مُتَصَوِّناً، حُمَيْدَ الطَّرِيقَةِ.
مَاتَ فِي ثَانِي عشرَ رَبِيْعٍ الأَوّلِ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ وَلَهُ إِحْدَى وَتِسْعُوْنَ سَنَةً.
وَالدَّوْلَعِيَّةُ: مِنْ قُرَى المَوْصِلِ.
وَوَلِيَ خطَابَةَ دِمَشْقَ بَعْدَهُ ابْنُ أَخِيْهِ وَتِلْمِيْذُهُ الإِمَامُ جَمَالُ الدِّيْنِ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي الفضل الدولعي، واقف المدرسة التي يجيرون، وَبِهَا دُفِنَ عَامَ خَمْسَةٍ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
__________
1 ترجمته في النجوم الزاهرة لابن تغري بردي "6/ 181" ووقع عنده [الدولغي] بالغين المعجمة بدل [الدولعي] بالعين المهملة. وشذرات الذهب لان العماد "4/ 336".

(15/448)


السبط، الطاووسي:
5358- السبط 1:
الشَّيْخُ المُسْنِدُ المُعَمَّرُ، أَبُو القَاسِمِ، هِبَةُ اللهِ بنُ الحَسَنِ بنِ أَبِي سَعْدٍ المُظَفَّرِ بنِ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ الأَصْلِ البَغْدَادِيُّ المَرَاتِبِيُّ.
وُلِدَ فِي حُدُوْدِ سَنَةِ عَشْرٍ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِيْهِ أَبِي عَلِيٍّ، وَأَبِي نَصْرٍ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ رِضْوَانٍ، وَأَبِي العِزِّ بنِ كَادِشٍ، وَأَبِي القَاسِمِ بنِ الحُصَيْنِ، وَأَبِي بَكْرٍ المَزْرَفِيِّ، وَأَبِي الحُسَيْنِ بنِ الفَرَّاءِ، وَأَبِي غَالِبٍ بنِ البَنَّاءِ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي صَالِحٍ المُؤَذِّنِ، وَطَائِفَةٍ.
قَالَ ابْنُ الدُّبَيْثِيِّ: هُوَ صَحِيْحُ السَّمَاعِ، فِيْهِ تسَامُحٌ فِي الأُمُوْرِ الدِّينِيَّةِ.
وَقَالَ ابْنُ نُقْطَةَ: كَانَ غَيْرَ مَرْضِيِّ السِّيرَةِ فِي دِيْنِهِ.
قُلْتُ: حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ الدُّبَيْثِيِّ، وَابْنُ النَّجَّارِ، وَابْنُ خَلِيْلٍ، وَالشَّيْخُ الضِّيَاءُ اليَلْدَانِيُّ، وَالنَّجِيْبُ الحَرَّانِيُّ، وَابْنُ عَبْدِ الدَّائِمِ، وَعِدَّةٌ.
وَبِالإِجَازَةِ: الفَخْرُ عَلِيٌّ، وَأَحْمَدُ بنُ أَبِي الخير.
تُوُفِّيَ فِي العِشْرِيْنَ مِنَ المُحَرَّمِ سَنَة ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَقِيْلَ: كَانَ مَوْلِدُهُ فِي رَجَبٍ سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: كَانَ فَهماً ذَكِيّاً، حَفظَةً لِلنَّوَادِرِ، عَمِلَ مَرَّةً شطْرنجاً وَزْنُهُ خَرُوبتَانِ، وَرزَّةٌ مِنْ عَاجٍ وَأَبنوس، ثُمَّ كَبُرَ وَسَاءَ خُلُقُهُ، وَكَانَ يَتعَاسَرُ، وَيَسُبُّ أَبَاهُ الَّذِي سَمَّعَهُ، وَفِيْهِ قِلَّةُ دِيْنٍ، اللهُ يسامحه.
5359- الطاووسي:
العَلاَّمَةُ، رُكْنُ الدِّيْنِ، أَبُو الفَضْلِ، العِرَاقِيُّ بنُ محمد بن العِرَاقِيِّ القَزْوِنِيُّ الطَّاوُوْسِيُّ، المُتَكَلِّمُ، صَاحِبُ الطَّرِيقَةِ المَشْهُوْرَةِ فِي الجَدَلِ.
كَانَ رَأْساً فِي الخِلاَفِ وَالنَّظَرِ، مفحِماً لِلْخُصُوْمِ.
أَخَذَ عَنِ الرَّضِيِّ النَّيْسَابُوْرِيِّ الحَنَفِيِّ صَاحِبِ الطَّرِيقَةِ.
صَنَّفَ ثَلاَثَ تَعَاليقَ، وَبَعُدَ صِيْتُهُ، وَرحلُوا إِلَيْهِ.
مَاتَ سَنَةَ سِتِّ مائَةٍ بِهَمَذَانَ.
وَمِنْ تَلاَمِذتِهِ القَاضِي نَجْمُ الدِّيْنِ ابْنُ رَاجِحٍ.
__________
1 ترجمته في النجوم الزاهرة لابن تغري بردي "6/ 181"، وشذرات الذهب لابن العماد "4/ 338".

(15/449)


الحربي، ابن الزينبي، الخشوعي:
5360- الحربي 1:
الإِمَامُ الوَاعِظُ، المُسْنِدُ، الأَدِيْبُ، أَبُو عَلِيٍّ عُمَرُ بن علي بن عمر الحَرْبِيُّ، ابْنُ النَّوَّامِ.
سَمِعَ هِبَةَ اللهِ بنَ الحُصَيْنِ، وَالقَاضِي أَبَا الحُسَيْنِ بنَ أَبِي يَعْلَى.
حدث عنه: ابن الدبيثي، وابن خليل، والضياء، وَابْنُ النَّجَّارِ، وَابْنُ عَبْدِ الدَّائِمِ، وَجَمَاعَةٌ.
وَبِالإِجَازَةِ: أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، وَالفَخْرُ عليٌّ.
مَاتَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَوُلِدَ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
5361- ابْنُ الزَّيْنَبِيِّ:
الرَّئِيْسُ الصَّالِحُ الخَاشعُ، أَبُو الحَسَنِ، مُحَمَّدُ ابْنُ قَاضِي القُضَاةِ أَبِي القَاسِمِ عَلِيِّ ابْنِ الإِمَامِ قَاضِي القُضَاةِ نُوْرِ الهُدَى أَبِي طَالِبٍ الزَّيْنَبِيِّ.
سَمِعَ مِنْ قَاضِي المَارستَان، وَأَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بن القاسم الشهرزوري.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: سَمِعْنَا مِنْهُ، وَكَانَ صَالِحاً مُتَدَيِّناً، صَدُوْقاً، خَاشعاً، افْتَقَرَ فِي الآخِرِ فَقراً مُدْقِعاً، فَصبرَ، وَاحتسبَ، وَلَمْ يَكُنْ يَعرفُ شَيْئاً مِنَ العِلْمِ.
مَاتَ فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ ثَمَانٍ وتسعين وخمس مائة.
5362- الخشوعي 2:
الشَّيْخُ العَالِمُ، المُحَدِّثُ، المُعَمَّرُ، مُسْنِدُ الشَّامِ، أَبُو طَاهِرٍ بَرَكَاتُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ طَاهِرِ بنِ بَرَكَاتِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الدِّمَشْقِيُّ الخُشُوْعِيُّ الأَنْمَاطِيُّ الرَّفَّاءُ الذَّهَبِيُّ، نِسبَةً إِلَى مَحَلَّةِ حَجر الذَّهب.
وُلِدَ في صفر سنة عشر وخمس مائة.
__________
1 ترجمته في شذرات الذهب لابن العماد "4/ 331".
2 ترجمته في النجوم الزاهرة لابن تغري بردي "6/ 181"، وشذرات الذهب لابن العماد "4/ 335".

(15/450)


وسمع من: هبة الله بن الأَكْفَانِيِّ، فَأَكْثَر، وَمِنْ: عَبْدِ الكَرِيْمِ بن حَمْزَةَ، وَطَاهِر بن سَهْلٍ، وَابْن قُبَيْس المَالِكِيّ، وَابْن طَاوُوْسٍ، وَجَمَال الإِسْلاَمِ أَبِي الحَسَنِ، وَعِدَّةٍ.
أَجَازَ لَهُ أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادِ مِنْ أَصْبَهَانَ، وَأَبُو صادق المديني، والفراء مِنْ مِصْرَ، وَمُحَمَّد بن بَرَكَات السَّعِيْدِيّ، وَأَبُو القَاسِمِ ابْنُ الفَحَّامِ، وَالرَّازِيّ، وَعِدَّة.
وَأَجَازَ لَهُ الحَرِيْرِيُّ صَاحِب المَقَامَات فِي سَنَةِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ، وأبو طالب اليوسفي، وأبو علي بن المَهْدِيِّ، وَعِدَّة.
وَرَوَى الكَثِيْر، وَتَفَرَّد، وَتَكَاثرُوا عَلَيْهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَوْلاَدُهُ: إِبْرَاهِيْم وَعَبْد العَزِيْزِ وَعَبْد اللهِ، وَسِتُّ العَجَمِ، وَسِتُّهُم، وَالشَّيْخ المُوَفَّق، وَعَبْد القادر الرهاوي، والبهاء عبد الرحمن، وَالضِّيَاء، وَاليَلْدَانِيّ، وَأَحْمَد بن يُوْسُفَ التِّلِمْسَانِيّ، وَالزَّيْن ابْن عَبْدِ الدَّائِمِ، وَالشِّهَاب القوْصِيّ، وَحَفِيْد الشَّيْخ بَرَكَات بن إِبْرَاهِيْمَ، وَالخَطِيْب دَاوُد بن عُمَرَ، وَعُبَيْد اللهِ بن أَحْمَدَ بنِ طِعَانٍ وَأَخُوْهُ عبد الرحمن، وَعَلِيّ بن المُظَفَّر النُّشْبِيّ وَابْنه مُحَمَّدٌ، وَالخَطِيْبُ عماد الدين عبد الكريم بن الحرستاني، وفرج الحبشي، وفراس بن العسقلاني، والشيخ الفقيه محمد اليُوْنِيْنِيّ، وَالتَّاج مُظَفَّر ابْن الحَنْبَلِيّ وَابْن عَمِّهِ يحيى بن النَّاصِحِ، وَيُوْسُف بن يَعْقُوْبَ الإِرْبِلِيّ، وَيُوْسُف بن مَكْتُوْم الحبَّال، وَأَيُّوْب بن أَبِي بَكْرٍ الحَمَّامِيّ، وَعَلِيّ بن عَبْدِ الوَاحِدِ الأَنْصَارِيّ، وَالمَجْد مُحَمَّد بن عَسَاكِرَ، وَالتَّقِيّ ابْن أَبِي اليُسْرِ، وَعَبْد الوَهَّابِ بن مُحَمَّدٍ القُنَّبِيْطِيّ، وَالكَمَال عَبْد العَزِيْزِ بن عَبْدٍ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَبِالإِجَازَة القُطْب بن عَصْرُوْنَ، وَأَحْمَد بن أَبِي الخَيْرِ، وَأَبُو الغَنَائِمِ بنُ عَلاَّنَ، وَالفَخْرُ عَلِيّ، وَعِدَّة.
قَالَ القُوْصِيّ: كَانَ أَعلاَهُم إِسْنَاداً مَعَ تَوَاضع وَافر، وَدين ظَاهِر، وَمُروءة تَدُلُّ عَلَى أَصلٍ طَاهِر، لاَزمته إِلَى حِيْنَ مَوْته.
قَالَ ابْنُ نُقْطَةَ: سَمَاعَاتُه وَإِجَازَاتُه صَحِيْحَةٌ.
قُلْتُ: مَا ظهرتْ لَهُ إِجَازَةُ الحَدَّاد إلَّا بَعْد مَوْته، وَقَدْ خَبَّط القُوْصِيُّ، وَزَعَمَ أَنَّهُ سَمِعَ عَلَيْهِ بِهَا جُمْلَةً.
وَقَالَ الحَافِظُ المُنْذِرِيُّ فِي نَسَبِ الخُشُوْعِيِّ: الفُرْشِيُّ يَعْنِي بِالفَاءِ، وَقَالَ: قَالَ وَالِدُهُ إِبْرَاهِيْمُ: كَانَ جدُّنَا الأَعْلَى يَؤُمّ بِالنَّاسِ، فَمَاتَ فِي المِحْرَاب، وَالفُرْشِيُّ: نسبة إلى بيع الفرش.
قُلْتُ: وَقَدْ ضَبطه بِالقَاف ابْن خَلِيْل وَالضِّيَاء، وَترك جَمَاعَة هَذِهِ النّسبَة لِلْخلف الوَاقع فِيْهَا.
وَقَدْ رَوَى عِدَّة مِنْ آبَائِهِ وَأَوْلاَده.
مَاتَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَقَدْ رَوَى كتباً كبارًا بالسماع وبالإجازة.

(15/451)


ابن الزكي، ابن أبي المجد:
5363- ابن الزكي 1:
قَاضِي دِمَشْقَ، مُحْيِي الدِّيْنِ، أَبُو المَعَالِي، مُحَمَّد ابن القاضي علي ابن مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ الزَّكِيِّ القُرَشِيُّ الدِّمَشْقِيُّ الشَّافِعِيُّ.
مِنْ بَيْت كَبِيْر، صَاحِب فُنُوْن وَذكَاء، وَفقه وَآدَاب وَخُطَبٍ وَنظم.
وَلِيَ القَضَاءَ وَالِده زَكِيّ الدِّيْنِ، وَجدّه مَجْد الدِّيْنِ، وَجدّ أَبِيْهِ الزَّكِيّ، وَوَلِيَ القَضَاءَ وَلدَاهُ زَكِيّ الدِّيْنِ الطَّاهِر، ومحيي الدين يحيى بن محمد.
وَكَانَ صَلاَح الدِّيْنِ يُعزّه وَيَحترمه، ثُمَّ وَلاَّهُ القَضَاء سَنَة ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَقَدْ مَدحه بقصيدَة فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَسَبْعِيْنَ مِنْهَا ذَلِكَ:
وَفَتْحُكَ القَلْعَة الشَّهبَاء فِي صفرٍ
مُبَشِّراً بِفُتُوْحِ القُدْسِ فِي رَجَبِ
فَاتَّفَقَ فَتح القُدْس فِي رَجَبٍ بَعْد أَرْبَع سِنِيْنَ، وَذَكَرَ أَنَّهُ أَخَذَ ذَلِكَ مِنْ تَبَشِيْر ابْن بَرَّجَانَ فِي: {الم، غُلِبَتِ الرُّومُ} [الروم: 1، 2] .
قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: وَجَدْته حَاشيَة لاَ أَصلاً.
توفي في شعبان سنة ثمان وتسعين وخمس مائة عن ثمان وأربعين سنةً.
5364- ابن أبي المجد 2:
الشَّيْخُ المُعَمَّر، الثِّقَةُ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَبِي المَجْدِ بنِ غَنَائِم الحَرْبِيُّ العَتَّابِيُّ الإِسْكَافُ.
رَاوِي "مُسْنَدِ الإِمَامِ أَحْمَدَ" عَنْ أَبِي القَاسِمِ بنِ الحُصَيْنِ، وَيَرْوِي أَيْضاً عن أبي الحسين بن الفَرَّاءِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الضِّيَاء، وَابْن الدُّبَيْثِيّ، وَابْن خَلِيْل، وَشَرَف الدِّيْنِ عَبْد العَزِيْزِ الأَنْصَارِيّ، وَابْن عَبْدِ الدَّائِمِ، وَالنَّجِيْب عَبْد اللَّطِيْفِ، وَعَدَد كَثِيْر مِنْ مَشْيَخَةِ الدِّمْيَاطِيّ.
حَدَّثَ بِـ"المُسْنَدِ" غَيْرَ مَرَّةٍ بِبَغْدَادَ، وَبِالمَوْصِل، وَقَدْ أَجَازَ لِسَعْد الدِّيْنِ الخضر بن حمويه، ولقطب الدين بن عصرون، وللفخر بن البُخَارِيّ. وَاسم جدّه صَاعِد.
مَاتَ أَبُو مُحَمَّدٍ بِالمَوْصِل فِي ثَانِي عَشَر المُحَرَّم سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ رَحِمَهُ الله.
وَمَاتَ أَبُوْهُ أَحْمَد بن صَاعِد فِي سَنَةِ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ وَلَهُ سَبْعُوْنَ سَنَةً، وَهُوَ أَخُو المُقْرِئ عُمَر بن عَبْدِ اللهِ الحَرْبِيّ لأُمِّهِ، وقد سمعا مِنِ ابْنِ طَلْحَةَ النِّعَالِيّ، وَالمُبَارَكِ بنِ الطُّيُوْرِيِّ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: وَهِمَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ، فَجَعَلَه أَحْمَد بن عَبْدِ اللهِ بنِ عَلِيٍّ الحَرْبِيّ، وَظنّه أَخاً لِعُمَرَ مِنْ أَبِيْهِ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: رَوَى لَنَا عَنْهُ ابْنُ الأَخْضَرِ، وَمُحَمَّد بن مُحَمَّدِ بنِ يَاسِيْنَ البَزَّاز، وَكَانَ صَالِحاً وَرِعاً، حَافِظاً لِكِتَابِ اللهِ، كَثِيْر البُكَاء، يَؤمّ بِالنَّاسِ، وَيَغْسِل الموتَى حسبَة، مَكَثَ عَلَى ذَلِكَ زمانًا.
__________
1 ترجمته في النجوم الزاهرة "6/ 181-182"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "4/ 337-338".
2 ترجمته في النجوم الزاهرة "6/ 181"، وشذرات الذهب لابن العماد "4/ 335".

(15/452)


5365- اللبان 1:
القَاضِي العَالِمُ، مُسْنِدُ أَصْبَهَانَ، أَبُو المَكَارِمِ، أَحْمَدُ بنُ أَبِي عِيْسَى مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ ابْنِ الإِمَامِ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُحَمَّدِ ابْنُ المُحَدِّثِ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ النُّعْمَانِ بنِ عَبْدِ السَّلاَمِ، التَّيْمِيُّ الأَصْبَهَانِيُّ الشُّرُوْطِيُّ، ابْنُ اللَّبَّان.
وُلِدَ فِي صَفَرٍ سَنَة سَبْعٍ، وَقَالَ مرَّة: سَنَة سِتٍّ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَهُوَ مِنْ تَيْمِ اللهِ بنِ ثَعْلَبَةَ.
وَقِيْلَ: بَلْ وُلِدَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِ مائَةٍ، حكاه الحافظ الضياء.
وَهُوَ مُكْثِر عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الحَدَّاد، وَتَفَرَّد بِإِجَازَة عَبْد الغَفَّارِ الشّيروبِيّ الرَّاوِي عَنْ أَصْحَابِ الأَصَمّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: العِزّ مُحَمَّد، وَأَبُو مُوْسَى وَلد الحَافِظ عَبْد الغَنِيِّ، وَإِسْمَاعِيْل بن ظفر، وَيُوْسُف بن خَلِيْل، وَأَبُو رَشِيْدٍ الغَزَّال، وَعِدَّة.
وَبِالإِجَازَة أَحْمَد بن سَلاَمَةَ، وَالفَخْر ابْن البُخَارِيّ، وَطَائِفَة.
مَاتَ فِي السَّابِع وَالعِشْرِيْنَ مِنْ ذِي الحجة سنة سبع وتسعين وخمس مائة.
__________
1 ترجمته في النجوم الزاهرة لابن تغري بردي "6/ 179"، وشذرات الذهب "4/ 329".

(15/453)


الكراني، ابن الفرس:
5366- الكراني 1:
الشَّيْخُ المُعَمَّرُ، الصَّدُوْقُ، مُسْنِدُ أَصْبَهَان، أَبُو عَبْدِ اللهِ، مُحَمَّدُ بنُ أبي زيد بن حمد بنِ أَبِي نَصْرٍ الكَرَّانِيُّ الأَصْبَهَانِيُّ، الخَبَّازُ.
وُلِدَ سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَعَاشَ مائَةَ عَام.
سَمِعَ الحَدَّاد، وَمَحْمُوْداً الأَشْقَرَ، وَفَاطِمَةَ الجُوْزْدَانِيَّة.
حَدَّثَ عنَة: بَدَلٌ التَّبْرِيْزِيّ، وَأَبُو مُوْسَى ابْنُ الحَافِظِ، وَابْن خَلِيْل، وَابْن ظفر، وَعِدَّة.
وَأَجَازَ لابْنِ أَبِي الخَيْرِ، وَابْن البُخَارِيّ.
مَاتَ فِي ثالث شوال سنة سبع.
وكران: محلة بأصبهان.
5367- ابن الفرس 1:
الشَّيْخُ الإِمَامُ، شَيْخُ المَالِكِيَّةِ بغَرْنَاطَةَ فِي زَمَانِهِ، أبو محمد بن الفَرَسِ، وَاسْمُهُ عَبْدُ المُنْعِمِ ابْنُ الإِمَامِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحِيْمِ بنِ أَحْمَدَ الأَنْصَارِيُّ الخَزْرَجِيُّ.
سَمِعَ أَبَاهُ وَجدّه العَلاَّمَة أَبَا القَاسِمِ، وَبَرَعَ فِي الفِقْه وَالأُصُوْل، وَشَارك فِي الفَضَائِل، وَعَاشَ بِضْعاً وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
وَسَمِعَ أَبَا الوَلِيْدِ بن بَقْوَةَ، وَأَبَا الوَلِيْدِ بن الدَّبَّاغ، وَتَلاَ بِالسَّبْع عَلَى ابْنِ هذِيل، وَأَجَازَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَكِّيٍّ، وَأَبُو الحَسَنِ بن مَوْهَبٍ. بلغَ الغَايَة فِي الفِقْه.
قَالَ أَبُو الرَّبِيْعِ بن سَالِمٍ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بن الجَدِّ -وَنَاهيكَ بِهِ- يَقُوْلُ غَيْر مرَّة: مَا أَعْلَم بِالأَنْدَلُسِ أَحْفَظ لِمَذْهَب مَالِك مِنْ عَبْدِ المُنْعِمِ بنِ الفَرَسِ بَعْد أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ زرقون.
قَالَ الأَبَّار: أَلّف فِي أَحكَام القُرْآن كِتَاباً مِنْ أَحْسَن مَا وُضِع فِي ذَلِكَ. قِيْلَ: أَصَابه فَالِج وَخَدَرٌ غَيَّر حَفِظه قَبْل مَوْته بِعَامَيْنِ، فَتُرك الأَخْذُ عَنْهُ إِلَى أَنْ مَاتَ فِي جُمَادَى الآخرَةِ سنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
قُلْتُ: حَدَّثَ عَنْهُ: إِسْمَاعِيْلُ بنُ يَحْيَى العَطَّار، وَعَبْد الغَنِيِّ بنُ مُحَمَّدٍ، وَأَبُو الحُسَيْنِ يَحْيَى بن عَبْدِ اللهِ الدَّانِيّ الكَاتِب، وَالشَّرَف المرسي؛ سمع منه "الموطأ".
__________
1 ترجمته في النجوم الزاهرة لابن تغري بردي "6/ 180"، وشذرات الذهب لابن العماد "4/ 332".
2 ترجمته في النجوم الزاهرة لابن تغري بردي "6/ 180".

(15/454)


5368- أبو الفرج ابن الجوزي 1:
الشَّيْخُ الإِمَامُ العَلاَّمَةُ، الحَافِظُ المُفَسِّرُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، مَفْخَرُ العِرَاقِ، جَمَالُ الدِّيْنِ، أَبُو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ حَمَّادِيِّ بنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ القَاسِمِ بنِ النَّضْرِ بن القاسم بن محمد بن عبد الله ابن الفقيه عبد الرحمن ابْنِ الفَقِيْهِ القَاسِمِ بنِ مُحَمَّدِ ابْنُ خَلِيْفَةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ، القرشي التَّيْمِيُّ البَكْرِيُّ البَغْدَادِيُّ، الحَنْبَلِيُّ، الوَاعِظُ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
وُلِدَ سَنَةَ تِسْعٍ أَوْ عَشْرٍ وَخَمْسِ مائَةٍ. وَأَوُّلُ شَيْءٍ سَمِعَ فِي سَنَةِ سِتَّ عَشْرَةَ.
سَمِعَ مِنْ أَبِي القَاسِمِ بنِ الحُصَيْنِ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ الحُسَيْن بن مُحَمَّدٍ البَارِع، وَعَلِيّ بن عَبْدِ الوَاحِدِ الدِّيْنَوَرِيّ، وَأَحْمَد بن أَحْمَدَ المُتَوَكِّلِيّ، وَإِسْمَاعِيْل بن أَبِي صَالِحٍ المُؤَذِّن، وَالفَقِيْه أبي الحسن بن الزَّاغُوْنِيِّ، وَهِبَة اللهِ بن الطَّبَرِ الحَرِيْرِيّ، وَأَبِي غالب بن البَنَّاءِ، وَأَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ المَزْرَفِيّ، وَأَبِي غَالِبٍ مُحَمَّد بن الحَسَنِ المَاوَرْدِيّ،، وَأَبِي القَاسِمِ عَبْد اللهِ بن مُحَمَّدٍ الأَصْبَهَانِيّ الخَطِيْب، وَالقَاضِي أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ البَاقِي الأنصاري، وإسماعيل بن السمرقندي، ويحيى بن البَنَّاءِ، وعَلِيّ بن المُوَحِّد، وَأَبِي مَنْصُوْرٍ بن خَيْرُوْنَ، وَبدر الشِّيْحِيّ، وَأَبِي سَعْدٍ أَحْمَد بن مُحَمَّدٍ الزَّوْزَنِيّ، وَأَبِي سَعْدٍ أَحْمَد بن مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيّ الحَافِظ، وَعَبْد الوَهَّابِ بن المُبَارَكِ الأَنْمَاطِيّ الحَافِظ، وَأَبِي السُّعُوْدِ أَحْمَد بن عَلِيِّ بنِ المجلي، وأبي منصور عبد الرحمن بنِ زُرَيْقٍ القَزَّاز، وَأَبِي الوَقْت السِّجْزِيّ، وَابْن نَاصِر، وَابْن البَطِّيِّ، وَطَائِفَة مَجْمُوْعهُم نَيِّفٌ وَثَمَانُوْنَ شَيْخاً قَدْ خَرَّجَ عَنْهُم مَشْيَخَة فِي جُزْءيْنِ.
__________
1 ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "3/ ترجمة 370"، وتذكرة الحفاظ "4/ ترجمة 1098"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "6/ 174- 176"، وشذرات الذهب لابن العماد "4/ 329-331".

(15/455)


وَلَمْ يَرْحَلْ فِي الحَدِيْثِ، لَكنه عِنْدَهُ "مُسْنَد الإِمَام أَحْمَد" وَ"الطَّبَقَات لابْنِ سَعْدٍ"، وَ"تَارِيْخ الخَطِيْب"، وَأَشيَاء عَالِيَة، وَ"الصَّحِيْحَانِ"، وَالسُّنَنُ الأَرْبَعَةُ، وَ"الحِلْيَة" وَعِدَّة توَالِيف وَأَجزَاء يُخَرِّج منها.
وَكَانَ آخِر مَنْ حَدَّثَ عَنِ الدِّيْنَوَرِيِّ وَالمُتَوَكِّلِيّ.
وَانتفع فِي الحَدِيْثِ بِمُلاَزِمَة ابْن نَاصِر، وَفِي القُرْآن وَالأَدب بِسِبْط الخَيَّاط، وَابْن الجَوَالِيْقِيِّ، وَفِي الفِقْه بطَائِفَة.
حَدَّثَ عَنْهُ: وَلَدُهُ الصَّاحب العَلاَّمَة مُحْيِي الدِّيْنِ يُوْسُفُ أُسْتَاذ دَار المُسْتَعْصِمِ بِاللهِ، وَوَلَده الكَبِيْر عَلِيّ النَّاسِخ، وَسِبْطهُ الوَاعِظ شَمْس الدِّيْنِ يُوْسُف بن قُزْغُلِيّ الحَنَفِيّ صَاحِب مِرَآة الزَّمَانِ، وَالحَافِظ عَبْد الغَنِيِّ، وَالشَّيْخ مُوَفَّق الدِّيْنِ ابْن قُدَامَةَ، وَابْن الدُّبَيْثِيِّ، وَابْن النَّجَّارِ، وَابْن خَلِيْلٍ، وَالضِّيَاء، وَاليَلْدَانِيّ، وَالنَّجِيْب الحَرَّانِيّ، وَابْن عَبْدِ الدَّائِمِ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَبِالإِجَازَةِ الشَّيْخ شَمْس الدِّيْنِ عبد الرحمن، وَابْن البُخَارِيِّ، وَأَحْمَد بن أَبِي الخَيْرِ، وَالخَضِر بن حَمُّوْيَه، وَالقُطْب ابْن عَصْرُوْنَ.
وَكَانَ رَأْساً فِي التَّذْكِير بِلاَ مدَافعَة، يَقُوْلُ النَّظم الرَّائِق، وَالنّثر الفَائِق بديهاً، وَيُسهِب، وَيُعجِب، وَيُطرِب، وَيُطنِب، لَمْ يَأْت قَبْله وَلاَ بَعْدَهُ مِثْله، فَهُوَ حَامِل لوَاء الْوَعْظ، وَالقيِّم بِفنونه، مَعَ الشّكل الحَسَن، وَالصّوت الطّيب، وَالوقع فِي النُّفُوْس، وَحُسْن السِّيْرَةِ، وَكَانَ بَحْراً فِي التَّفْسِيْر، علاَّمَة فِي السّير وَالتَّارِيْخ، مَوْصُوَفاً بِحسن الحَدِيْث، وَمَعْرِفَة فُنونه، فَقِيْهاً، عليماً بِالإِجْمَاعِ وَالاخْتِلاَف، جَيِّد المشَاركَة فِي الطِّبّ، ذَا تَفنُّن وَفَهم وَذكَاء وَحفظ وَاسْتحضَار، وَإِكْبَابٍ عَلَى الْجمع وَالتَّصْنِيْف، مَعَ التَّصَوُّنِ وَالتَّجَمُّلِ، وَحسن الشَّارَةِ، وَرشَاقَة العبَارَة، وَلطف الشَّمَائِل، وَالأَوْصَاف الحمِيدَة، وَالحرمَة الوَافرَة عِنْد الخَاص وَالعَام، مَا عَرَفْتُ أَحَداً صَنَّفَ مَا صَنَّفَ.
تُوُفِّيَ أَبُوْهُ وَلَهُ ثَلاَثَة أَعْوَام، فَرَبَّتْهُ عَمَّتُه. وَأَقَارِبُه كَانُوا تُجَّاراً فِي النُّحاسِ، فَرُبَّمَا كتبَ اسْمَهُ فِي السماع عبد الرحمن بن عَلِيٍّ الصَّفَّار.
ثُمَّ لمَا تَرَعْرَعَ، حَملته عَمَّته إِلَى ابْنِ نَاصِر، فَأَسمعَهُ الكَثِيْر، وَأَحَبّ الْوَعْظ، وَلهج بِهِ، وَهُوَ مُرَاهِق، فَوَعَظ النَّاس وَهُوَ صَبِيّ، ثُمَّ مَا زَالَ نَافق السُّوق مُعظَّماً مُتغَالياً فِيْهِ، مُزدحماً عَلَيْهِ، مضروباً بِروَنق وَعظه المَثَل، كَمَالُه فِي ازديَاد وَاشتهَار، إِلَى أَن مَاتَ -رَحِمَهُ الله وَسَامَحَهُ- فَلَيْتَهُ لَمْ يَخُض فِي التَّأْوِيْل، وَلاَ خَالف إِمَامه.

(15/456)


صَنّف فِي التَّفْسِيْر "المغنِي" كَبِيْر، ثُمَّ اخْتصره فِي أَرْبَع مُجَلَّدَاتٍ، وَسَمَّاهُ: "زَاد المَسِيْر" وَلَهُ "تذكرَة الأَرِيب" فِي اللُّغَة مُجَلَّد، "الوُجُوه وَالنَّظَائِر" مُجَلَّد، "فُنُوْن الأَفنَان" مُجَلَّد، "جَامِع المسَانِيْد" سَبْع مُجَلَّدَاتٍ وَمَا اسْتَوْعَبَ وَلاَ كَادَ، "الحدَائِق" مُجَلَّدَان، "نَقْي النّقل" مُجَلَّدَان، "عُيُون الحِكَايَات" مُجَلَّدَان، "التّحقيق فِي مَسَائِل الخلاَف" مُجَلَّدَان، "مُشكل الصِّحَاح" أَرْبَع مُجَلَّدَاتٍ، "المَوْضُوْعَات" مُجَلَّدَان، "الوَاهيَات" مُجَلَّدَان. "الضُّعَفَاء" مُجَلَّد، "تَلْقِيح الْفُهُوم" مُجَلَّد، "الْمُنْتَظِم فِي التَّارِيْخ" عَشْرَة مُجَلَّدَاتٍ، "المَذْهَب فِي الْمَذْهَب" مُجَلَّد، "الانتصَار فِي الخلاَفِيَات" مُجَلَّدَان، "مَشْهُوْر المَسَائِل" مُجَلَّدَان، "اليَواقيت" وَعظ، مُجَلَّد، "نَسِيم السّحر" مُجَلَّد، "الْمُنْتَخب" مُجَلَّد، "الْمُدْهِشُ" مُجَلَّد، "صفوَة الصّفوَة" أَرْبَع مُجَلَّدَاتٍ، "أَخْبَار الأَخيَار" مُجَلَّد، "أَخْبَار النِّسَاء" مُجَلَّد، "مُثِير العَزْم السَّاكن" مُجَلَّد، "الْمقْعد الْمُقِيم" مُجَلَّد، "ذَمّ الهَوَى" مُجَلَّد، "تلبيس إبليس" مجلد، "صيد الخَاطر" ثَلاَث مُجَلَّدَاتٍ، "الأَذكيَاء" مُجَلَّد، "المغفّلين" مُجَلَّد، "منَافِع الطِّبّ" مُجَلَّد، "صبَا نَجد" مُجَلَّد، "الظرفَاء" مُجَلَّد، "الْمُلَهَّب" مُجَلَّد، "الْمُطْرِب" مُجَلَّد، "منتهَى المشتهَى" مُجَلَّد، "فُنُوْن الأَلبَاب" مُجَلَّد، "الْمُزْعِج" مُجَلَّد، "سلوَة الأَحزَان" مُجَلَّد، "مِنْهَاج القَاصدين" مُجَلَّدَان، "الوَفَا بفَضَائِل المُصْطَفَى" مُجَلَّدَان، "مَنَاقِب أَبِي بَكْرٍ" مُجَلَّد، "مَنَاقِب عُمَر" مُجَلَّد، "مَنَاقِب عليّ" مُجَلَّد، "مَنَاقِب إِبْرَاهِيْم بن أَدْهَمَ" مُجَلَّد، "مَنَاقِب الفُضَيْل" مُجَلَّد، "مَنَاقِب بشر الحَافِي" مُجَلَّد، "مَنَاقِب رَابِعَة" جُزْء، "مَنَاقِب عُمَر بن عَبْدِ العَزِيْزِ" مُجَلَّد، "مَنَاقِب سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ" جُزْءانِ، "مَنَاقِب الحَسَن" جُزْءانِ، "مناقب الثَّوْرِيّ" مُجَلَّد، "مَنَاقِب أَحْمَد" مُجَلَّد، "مَنَاقِب الشَّافِعِيّ" مُجَلَّد، "مُوَافِق المرَافق" مُجَلَّد، مَنَاقِب غَيْر وَاحِد جُزْء جُزْء، "مُخْتَصَر فُنُوْن ابْن عَقِيْل" فِي بَضْعَة عشر مُجَلَّداً، "مَنَاقِب الْحَبَش" مُجَلَّد، "لِبَاب زِين الْقَصَص"، "فَضل مَقْبَرَة أَحْمَد"، "فَضَائِل الأَيَّام"، "أَسبَاب البدَايَة"، "وَاسطَات الْعُقُود"، "شُذُورِ الْعُقُود فِي تَارِيخ الْعُهُود"، "الخوَاتيم"، "المَجَالِس اليَوسفِيَّة"، "كُنُوز الْعُمر"، "إِيقَاظ الوسنَان بِأَحْوَال النّبَات وَالحيوَان"، "نَسِيم الرّوض"، "الثبَات عِنْد المَمَاتَ"، "المَوْت وَمَا بَعْدَهُ" مُجَلَّد، "دِيْوَانه" عِدَّة مُجَلَّدَاتٍ، "مَنَاقِب مَعْرُوف"، "العزلَة"، "الرِّيَاضَة"، "النَّصْر عَلَى مِصْرَ"، "كَانَ وَكَانَ" فِي الْوَعْظ "خطب اللَّآلِئ"، "النَّاسخ وَالمَنْسُوْخ"، "موَاسم الْعُمر"، "أَعْمَار الأعيان" وأشياء كثيرة تركتها، ولم أرها.
وَكَانَ ذَا حظّ عَظِيْم وَصيت بعيد فِي الْوَعْظ، يَحضر مَجَالِسه المُلُوْك وَالوُزَرَاء وَبَعْض الخُلَفَاء وَالأَئِمَّة وَالكُبَرَاء، لاَ يَكَاد المَجْلِس يَنقص عَنْ أَلوف كَثِيْرَة، حَتَّى قِيْلَ فِي بَعْضِ مَجَالِسه: إِن حُزر الْجمع بِمائَةِ أَلْف. وَلاَ رِيب أَنَّ هَذَا مَا وَقَعَ، وَلَوْ وَقَعَ، لَمَا قدر أَنْ يُسْمِعَهُم، وَلاَ المَكَان يَسعهُم.

(15/457)


قَالَ سِبْطه أَبُو المُظَفَّرِ: سَمِعْتُ جَدِّي عَلَى المِنْبَرِ يَقُوْلُ: بأُصْبُعَيَّ هَاتَيْنِ كَتَبتُ أَلْفَي مُجَلَّدَةٍ، وَتَاب عَلَى يَدَيَّ مائَةُ أَلْفٍ، وَأَسْلَمَ عَلَى يَدَيَّ عِشْرُوْنَ أَلْفاً. وَكَانَ يَخْتِم فِي الأُسْبُوْع، وَلاَ يَخْرُج مِنْ بَيْته إلَّا إِلَى الجُمُعَةِ أَوِ المَجْلِس.
قُلْتُ: فَمَا فَعَلَتْ صَلاَةُ الجَمَاعَةِ?!
ثُمَّ سرد سِبْطه تَصَانِيْفه، فَذَكَر مِنْهَا كِتَاب "المُخْتَار فِي الأَشعَار" عشر مُجَلَّدَاتٍ، "درَة الإِكليل" فِي التَّارِيْخ، أَرْبَع مُجَلَّدَاتٍ، "الأَمثَال" مُجَلَّد، "المَنْفِعَة فِي المَذَاهِب الأَرْبَعَة" مُجَلَّدَان، "التبصرَة فِي الْوَعْظ"، ثَلاَث مُجَلَّدَاتٍ، "رُؤُوْس القوَارِير" مُجَلَّدَان، ثُمَّ قَالَ: وَمَجْمُوْع تَصَانِيْفه مائَتَانِ وَنَيِّفٌ وَخَمْسُوْنَ كِتَاباً.
قُلْتُ: وَكَذَا وُجِدَ بِخَطِّهِ قَبْل مَوْتِهِ أَنَّ تَوَالِيفه بلغت مائتين وخمسين تأليفًا.
ومن غرر ألفاظه:
عقَارب المنَايَا تَلْسَع، وَخُدرَانُ جِسْمِ الأَمَالِ يَمنَعُ، وَمَاء الحَيَاة فِي إِنَاء الْعُمر يَرشح.
يَا أَمِيْرُ: اذْكُر عِنْد القدرَة عَدْلَ الله فِيك، وَعِنْد العقوبَة قدرَةَ الله عَلَيْك، وَلاَ تَشفِ غَيظَك بِسَقَم دينك.
وَقَالَ لِصديق: أَنْتَ فِي أَوسع الْعذر مِنَ التَأخُّر عَنِّي لثقتِي بِك، وَفِي أَضيقِه مِنْ شَوْقِي إِلَيْك.
وَقَالَ لَهُ رَجُل: مَا نِمتُ البَارِحَة مِنْ شَوْقِي إِلَى المَجْلِس قَالَ: لأَنَّك تُرِيْد الفرجَة، وَإِنَّمَا يَنْبَغِي اللَّيْلَة أَنْ لاَ تَنَام.
وَقَام إِلَيْهِ رَجُل بغِيض، فَقَالَ: يَا سيّدِي: نُرِيْد كلمَة ننقلهَا عَنْكَ، أَيُّمَا أَفْضَل أَبُو بَكْرٍ أَوْ عَلِيُّ? فَقَالَ: اجْلِسْ، فَجَلَسَ، ثُمَّ قَامَ، فَأعَاد مقَالَته، فَأقعده، ثُمَّ قَامَ، فَقَالَ: اقعدْ، فَأَنْتَ أَفْضَل مِنْ كُلِّ أَحَد.
وَسَأَله آخر أَيَّام ظُهُوْر الشِّيْعَة، فَقَالَ: أَفْضَلُهُمَا مَنْ كَانَتْ بِنْتُهُ تَحْتَه.
وَهَذِهِ عبَارَة مُحْتَمَلَة تُرضِي الفَرِيْقَيْنِ.
وَسَأَله آخرُ: أَيُّمَا أَفْضَلُ: أُسبح أَوْ أَسْتَغْفِر? قَالَ: الثَّوْب الْوَسخ أَحْوَج إِلَى الصَّابُوْنِ مِنَ الْبخُور.

(15/458)


وَقَالَ فِي حَدِيْث: "أَعْمَارُ أُمَّتِي مَا بَيْنَ السِّتِّيْنَ إِلَى السَّبْعِيْنَ" 1: إنما طَالت أَعَمَّار الأَوَائِل لطول البَادِيَة فَلَمَّا شَارف الركب بلد الإِقَامَة، قِيْلَ: حُثُّوا المَطِيّ.
وَقَالَ: مَنْ قنع، طَاب عيشه، وَمِنْ طمع، طَالَ طَيشه.
وَقَالَ يَوْماً فِي وَعظه:
يَا أَمِيْر المُؤْمِنِيْنَ، إِنْ تَكلّمت، خفت مِنْكَ، وَإِن سكتّ، خفت عَلَيْك، وَأَنَا أُقدّم خوفِي عَلَيْك عَلَى خوفِي مِنْكَ، فَقول النَّاصح: اتَّقِ الله خَيْرٌ مِنْ قَوْل القَائِل: أَنْتُم أَهْل بَيْت مغْفُور لَكُم.
وَقَالَ: يَفتخر فِرْعَوْن مِصْرَ بِنهر مَا أَجرَاهُ، مَا أَجرَأَه!
وَهَذَا بَاب يَطول، فَفِي كُتُبِه النفَائِس مِنْ هَذَا وَأَمثَاله.
وَجَعْفَر الَّذِي هُوَ جَدُّهُ التَّاسع: قَالَ ابْنُ دِحْيَة: جَعْفَر هُوَ الجَوْزِيّ، نُسب إِلَى فُرْضَةٍ مِنْ فُرَضِ البَصْرَة يُقَالُ لَهَا: جَوْزَةُ. وَقِيْلَ: كَانَ فِي داره جوزة لم يكن بواسط جوز سِوَاهَا. وَفرضَة النَّهْر ثلمتُهُ، وَفرضَة البَحْر محطُّ السُّفُنِ.
قَالَ أَبُو المُظَفَّرِ: جَدِّي قَرَأَ القُرْآنَ، وَتَفَقَّهَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ الدِّيْنَوَرِيّ الحَنْبَلِيّ، وَابْن الفَرَّاء.
قُلْتُ: وَقَرَأَ القُرْآنَ عَلَى سِبْط الخَيَّاط.
وَعنِي بِأَمره شَيْخه ابْن الزَّاغونِيّ، وَعَلّمه الوَعْظَ، وَاشْتَغَل بِفنُوْن العلُوْم، وَأَخَذَ اللُّغَة عَنْ أَبِي منصور بن الجَوَالِيْقِيِّ، وَرُبَّمَا حضَر مَجْلِسه مائَة أَلْف، وَأَوقع الله لَهُ فِي القُلُوْب الْقبُول وَالهَيْبَة.
قَالَ: وَكَانَ زَاهِداً فِي الدُّنْيَا، متقلّلاً مِنْهَا، وَكَانَ يَجلسُ بِجَامِع القَصْر وَالرُّصَافَة وَببَاب بدر وَغَيْرهَا. إِلَى أَنْ قَالَ: وَمَا مَازح أَحَداً قَطُّ، وَلاَ لعِب مَعَ صَبِيّ، وَلاَ أَكل مِنْ جهة لا يتيقن حلها.
__________
1 حسن: أخرجه الترمذي "3550"، وابن ماجه "4236"، والحاكم "2/ 427"، والبيهقي "3/ 370"، والخطيب في "تاريخ بغداد" "6/ 397" والقضاعي في "مسند الشهاب "252" من طرق عن الحسن بن عرفة قال: حدثنا المُحَارِبِيُّ، عَنْ مُحَمَّدُ بنُ عَمْرِوٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أبي هريرة، به.
قلت: إسناده حسن، محمد بن عمرو، هو ابن علقمة الليثي، صدوق، روى له البخاري مقرونا بغيره. وروى له مسلم في المتابعات. والمحاربي هو عبد الرحمن بن محمد بن زياد، وأخرجه الترمذي "2331" من طريق محمد بن ربيعة عن كامل أبي العلاء، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، به.

(15/459)


وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ ابْنُ الدُّبَيْثِيِّ فِي "تَارِيْخِهِ": شَيْخنَا جَمَال الدِّيْنِ صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ فِي فُنُوْن العلُوْم مِنَ التَّفْسِيْر وَالفِقْه وَالحَدِيْث وَالتَّوَارِيخ وَغَيْر ذَلِكَ. وَإِلَيه انْتَهَت مَعْرِفَة الحَدِيْث وَعلُوْمه، وَالوُقُوْف عَلَى صَحِيْحه مِنْ سَقِيمه، وَكَانَ مِنْ أَحْسَن النَّاس كَلاَماً، وَأَتمّهم نَظَاماً، وَأَعذبهم لِسَاناً، وَأَجْوَدهم بيَاناً. تَفَقَّهَ عَلَى الدِّيْنَوَرِيّ، وَقرَأَ الْوَعْظ عَلَى أَبِي القَاسِمِ العَلَوِيّ، وَبورك لَهُ فِي عُمُرِه وَعِلْمه، وَحَدَّثَ بِمُصَنّفَاته مرَاراً، وَأَنْشَدَنِي بِوَاسِط لِنَفْسِهِ:
يَا سَاكنَ الدُّنْيَا تَأَهَّبْ ... وَانتَظِرْ يَوْمَ الفِرَاقِ
وَأَعِدَّ زَاداً لِلرَّحيلِ ... فَسَوْفَ يُحدَى بِالرِّفَاقِ
وَابكِ الذُّنُوبَ بأدمعٍ ... تَنهَلُّ مِنْ سُحُبِ المآقِي
يَا مَنْ أَضَاعَ زَمَانَهُ ... أَرَضِيْتَ مَا يَفنَى بِباقِ
وَسَأَلته عَنْ مَوْلِده غَيْرَ مَرَّةٍ، وَيَقُوْلُ: يَكُوْن تَقَرِيْباً فِي سَنَةِ عَشْرٍ، وَسَأَلت أَخَاهُ عُمَر، فَقَالَ: فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَخَمْسِ مائَةٍ تقريبًا.
وَمِنْ تَوَالِيْفِهِ "التَّيْسِيْر فِي التَّفْسِيْر" مُجَلَّد، "فُنُوْن الأَفنَان فِي علُوْم القُرْآن" مُجَلَّد، "وَرد الأَغصَان فِي معَانِي القُرْآن" مُجَلَّد، "النّبعَة فِي القِرَاءات السَّبْعَة" مُجَلَّد، "الإِشَارَة فِي القِرَاءات المُخْتَارَة" جُزْء، "تذكرَة الْمُنْتَبِه فِي عُيُون الْمُشْتَبه"، "الصّلف فِي المُؤتلف وَالمُخْتَلِف" مُجَلَّدَان، "الخطَأ وَالصَّوَاب مِنْ أَحَادِيْث الشِّهَاب" مُجَلَّد، "الفَوَائِد المنتقَاة" سِتَّة وَخَمْسُوْنَ جُزْءاً، "أُسود الغَابَة فِي مَعْرِفَةِ الصَّحَابَة"، "النقاب فِي الأَلقَاب" مُجَيْلِيْد، "المُحْتَسب فِي النَّسَبِ" مُجَلَّد، "المُدَبَّج" مُجَلَّد، "المُسَلْسَلاَت" مجيليد، "أَخَاير الذّخَاير" مُجَلَّد، "المجتَنى" مُجَلَّد، "آفَة المُحَدِّثِيْنَ" جُزْء، "الْمُقْلِق" مُجَلَّد، "سلوَة الْمَحْزُون فِي التَّارِيْخ" مُجَلَّدَان، "الْمجد العضدِي" مُجَلّد، "الفَاخر فِي أَيَّامِ النَّاصِر" مُجَلَّد، "الْمُضِيء بِفضل المُسْتَضِيْء" مجيليد، "الأَعَاصر فِي ذَكَرَ الإِمَام النَّاصِر" مُجَلَّد، "الفَجْر النُّوْرِيّ" مُجَلَّد، "المَجْدُ الصَّلاَحِيُّ" مُجَلَّد، "فَضَائِل الْعَرَب" مُجَلَّد، "كَفّ التَّشبيه بِأَكَفّ أَهْل التنزِيه" مجيليد، "البدَايع الدَّالة عَلَى وَجُوْد الصَّانع" مجيليد، "مُنْتَقَدٌ الْمُعْتَقد" جُزْء، "شَرَف الإِسْلاَمِ" جُزْء، "مَسْبُوك الذّهب فِي الفِقْه" مُجَلَّد، "البلغَة فِي الفِقْه" مُجَلَّد، "التَّلْخِيص فِي الفِقْه" مُجَلَّد، "البَاز الأَشْهَب" مُجَلَّد، "لقطَة العَجْلاَن" مُجَلَّد، "الضّيَا فِي الرد على إلكيا" مجلد، "الجدل" ثلاثة أَجزَاء، "دَرْء الضّيم فِي صَوْم يَوْم الْغَيْم" جُزْء، "المَنَاسِك" جُزْء، "تَحْرِيْم الدُّبُر" جُزْء، "تَحْرِيْم المتعَة" جُزْء، "الْعدة فِي أُصُوْل الفِقْه" جُزْء، "الفَرَائِض" جُزْء، "قيَام الليَل" ثَلاَثَة أَجزَاء، "منَاجزَة الْعُمر" جُزْء، "السّتر الرّفِيع" جُزْء، "ذَمّ الْحَسَد" جُزْء، "ذَمّ الْمُسكر" جُزْء، "ذَكَرَ القصَاص" مُجَلَّد، "الحفاظ"

(15/460)


مُجَلَّد، "الآثَار العَلَوِيَّة" مُجَلَّد، "السهُم المصِيْب" جُزْآنِ، "حَال الحلاّج" جُزْآنِ، "عطف الأُمَرَاء عَلَى العُلَمَاء" جُزْآنِ، "فُتُوْح الفُتُوْح" جُزْآنِ، "إِعلاَم الأَحْيَاء بِأَغلاَط الإِحيَاء" جُزْآنِ، "الْحَث عَلَى العِلْم" مُجَلَّد، "المُسْتدرك عَلَى ابْنِ عَقِيْل" جُزْء، "لفتَة الْكبد" جُزْء، "الْحَث عَلَى طلب الوَلَد" جُزْء، "لقط المنَافِع فِي الطِّبّ" مُجَلَّدَان، "طب الشُّيُوْخ" جُزْء، "الْمُرْتَجل فِي الْوَعْظ" مُجَلَّد، "اللطَائِف" مُجَلَّد، "التّحفه" مُجَلَّد، "المَقَامَات" مُجَلَّد، "شَاهِد وَمَشْهُوْد" مُجَلَّد، "الأَرج" مُجَلَّد، "مغَانِي المَعَانِي" مجيليد، "لُقَط الجمَان" جُزْآنِ، "زوَاهر الجَوَاهِر" مجيليد، "المَجَالِس البدرِية" مجيليد، "يَوَاقيت الْخطب" جزآن، "لآلئ الْخطب" جُزْآنِ، "خطبَ الْجمع" ثَلاَثَة أَجزَاء، "الموَاعِظ السُّلْجُوْقِيَّة"، "اللُؤْلُؤة"، "اليَاقُوتَة"، "تَصديقَات رَمَضَان"، "التعَازِي الملوكيَّة"، "روح الرّوح"، "كُنُوز الرّموز". وَقِيْلَ: نَيّفت تَصَانِيْفه عَلَى الثَّلاَثِ مائَةٍ.
وَمِنْ كَلاَمه: مَا اجْتَمَع لامْرِئٍ أَملُهُ، إلَّا وَسَعَى فِي تَفرِيطه أَجَلُهُ.
وَقَالَ عَنْ وَاعِظ: احذرُوا جَاهِل الأَطبَّاء، فَرُبَّمَا سَمَّى سُمّاً، وَلَمْ يَعرف المُسَمَّى.
وَكَانَ فِي المَجْلِسِ رَجُل يُحسن كَلاَمه، وَيُزَهْزِهُ لَهُ، فَسَكَتَ يَوْماً، فَالتفت إِلَيْهِ أَبُو الفَرَجِ، وَقَالَ: هَارُوْنُ لَفْظك معينٌ لِمُوْسَى نطقِي، فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً.
وَقَالَ يَوْماً: أَهْل الكَلاَم يَقُوْلُوْنَ: مَا فِي السَّمَاءِ رَبّ، وَلاَ فِي المُصْحَف قُرْآن، وَلاَ فِي القَبْرِ نَبِيّ، ثَلاَث عورَات لَكُم.
وَحضر مَجْلِسَه بَعْض المخَالفِيْن، فَأَنْشَدَ عَلَى المِنْبَرِ:
مَا لِلْهوَى العُذْرِيّ فِي ديَارنَا ... أَيْنَ العُذَيْب مِنْ قُصُوْر بَابِلِ
وَقَالَ -وَقَدْ تَوَاجد رَجُل فِي المَجْلِسِ- وَاعجباً، كلّنَا فِي إِنشَاد الضَّالة سَوَاء، فَلِمَ وجدْتَ أَنْتَ وَحْدَكَ:
قَدْ كَتَمْتُ الحبَّ حَتَّى شفَّنِي ... وَإِذَا مَا كُتِمَ الدَّاء قَتَلْ
بَيْنَ عَيْنَيْكَ علاَلاتُ الكَرَى ... فَدَعِ النَّومَ لرَبَّاتِ الحَجَلِ
وَقَدْ سُقْتُ مِنْ أَخْبَارِ الشَّيْخ أَبِي الفَرَجِ كرَّاسَة فِي "تَارِيخ الإِسْلاَم".
وَقَدْ نَالَتْهُ مِحْنَة فِي أَوَاخِرِ عُمُره، وَوَشَوْا بِهِ إِلَى الخَلِيْفَة النَّاصِر عَنْهُ بِأَمر اخْتُلف فِي حَقِيْقته، فَجَاءَ مَنْ شَتَمَه، وَأَهَانه، وَأَخَذَه قبضاً بِاليد، وَختم عَلَى دَاره، وَشتّت عيَاله، ثُمَّ أُقعد فِي سَفِيْنَة إِلَى مدينَة وَاسِط، فَحُبس بِهَا فِي بَيْتٍ حرجٍ، وَبَقِيَ هُوَ يغسل ثَوْبه، ويطبخ

(15/461)


الشَّيْء، فَبقِي عَلَى ذَلِكَ خَمْس سِنِيْنَ مَا دَخَلَ فِيْهَا حَمَّاماً. قَامَ عَلَيْهِ الرُّكْن عَبْدُ السَّلاَّم بن عَبْدِ الوَهَّابِ ابْن الشَّيْخ عَبْد القَادِرِ، وَكَانَ ابْنُ الجَوْزِيِّ لاَ يُنْصِف الشَّيْخَ عبد القادر، وَيَغضّ مِنْ قدره، فَأَبغضه أَوْلاَده، وَوزر صَاحِبهُم ابْنُ القَصَّاب، وَقَدْ كَانَ الرُّكْن رَدِيء الْمُعْتَقد، متفلسفاً، فَأُحرقت كتبه بِإِشَارَة ابْن الجَوْزِيّ، وَأُخِذت مَدْرَسَتهُم، فَأُعْطيت لابْنِ الجَوْزِيّ، فَانسمّ الرُّكْن، وَقَدْ كَانَ ابْن القَصَّاب الوَزِيْر يَترفّض، فَأَتَاهُ الرُّكْن، وَقَالَ: أَيْنَ أَنْتَ عَنِ ابْن الجَوْزِيّ النَّاصِبِيِّ? وَهُوَ أَيْضاً مِنْ أَوْلاَد أَبِي بَكْرٍ، فَصرَّف الرُّكْنَ فِي الشَّيْخ، فَجَاءَ، وَأَهَانه، وَأَخَذَهُ مَعَهُ فِي مركب، وَعَلَى الشَّيْخ غلاَلَةٌ بِلاَ سرَاويل، وَعَلَى رَأْسه تخفِيفَة، وَقَدْ كَانَ نَاظر وَاسِط، شِيْعِيّاً أَيْضاً، فَقَالَ لَهُ الرُّكْن: مكّنِّي مِنْ هَذَا الفَاعِل لأَرمِيه فِي مطمورَة، فَزجره، وَقَالَ: يَا زِنْدِيْق، أَفْعَل هَذَا بِمُجَرَّد قَوْلك? هَاتِ خطّ أَمِيْر المُؤْمِنِيْنَ، وَاللهِ لَوْ كَانَ عَلَى مَذْهَبِي، لبذلت روحِي فِي خِدْمَته، فَردَّ الرُّكْنُ إِلَى بَغْدَادَ. وَكَانَ السَّبَبُ فِي خَلاَص الشَّيْخ أَن وَلده يُوْسُف نشَأَ وَاشْتَغَل، وَعَمِلَ فِي هذَة المُدَّة الْوَعْظ وَهُوَ صَبِيّ، وَتوصّل حَتَّى شفعت أُمُّ الخلِيفة، وَأَطلقت الشَّيْخ، وَأَتَى إِلَيْهِ ابْنه يُوْسُف، فَخَرَجَ، وَمَا ردّ مِنْ وَاسِط حَتَّى قرَأَ هُوَ وَابْنه بِتَلْقِينِهِ بِالعشر عَلَى ابْنُ البَاقِلاَّنِيّ، وَسنّ الشَّيْخ نَحْو الثَّمَانِيْنَ، فَانْظُرْ إِلَى هَذِهِ الهِمَّة العَالِيَة.
نَقَلَ هَذَا الحَافِظ ابْن نُقْطَةَ عَنِ القَاضِي مُحَمَّد بن أَحْمَدَ بنِ حَسَنٍ.
قَالَ المُوَفَّق عَبْد اللَّطِيْفِ فِي تَأْلِيْف لَهُ: كَانَ ابْن الجَوْزِيّ لطيف الصّورَة، حُلْو الشَّمَائِل، رَخِيم النّغمَة، مَوْزُون الحَرَكَات وَالنّغمَات، لذِيذ المفَاكهة، يَحضر مَجْلِسه مائَة أَلْف أَوْ يَزِيدُوْنَ، لاَ يَضيّع مِنْ زَمَانه شَيْئاً، يَكتب فِي اليَوْمِ أَرْبَع كَرَارِيْس، وَلَهُ فِي كُلِّ علم مشَاركَة، لَكنّه كَانَ فِي التَّفْسِيْر مِنَ الأَعيَان، وَفِي الحَدِيْثِ مِنَ الحُفَّاظِ، وَفِي التَّارِيْخ مِنَ المتوسّعين، وَلَدَيْهِ فَقه كَاف، وَأَمَّا السّجع الوعظي، فله فيه ملكة قوية، وله فِي الطِّبّ كِتَابُ "اللقط" مُجَلَّدَان.
قَالَ: وَكَانَ يُرَاعِي حِفْظ صحّته، وَتلطيف مِزَاجه، وَمَا يُفِيد عَقْله قُوَّة، وَذهنه حدَّة. جلّ غذَائِهِ الفرَارِيج وَالمزَاوير، وَيَعتَاض عَنِ الفَاكهة بِالأَشرِبَة وَالمعجونَات، وَلباسه أَفْضَل لِبَاس: الأَبيض النَّاعم المطيّب، وَلَهُ ذِهْن وَقَّاد، وَجَوَاب حَاضِر، وَمجُوْن وَمدَاعبَة حلوَة، وَلاَ يَنفكّ مِنْ جَارِيَة حسنَاء، قَرَأْت بِخَطِّ مُحَمَّد بن عَبْدِ الجَلِيْلِ الموقَانِيّ أَنَّ ابْنَ الجَوْزِيّ شَرِبَ البَلاَذُر، فَسَقَطت لِحْيته، فَكَانَتْ قصِيْرَة جِدّاً، وَكَانَ يَخضبهَا بِالسَّوَاد إِلَى أَنْ مَاتَ.
قَالَ: وَكَانَ كَثِيْرَ الغَلَطِ فِيمَا يُصنّفه، فَإِنَّهُ كَانَ يَفرغ مِنَ الكِتَاب وَلاَ يَعتبره.
قُلْتُ: هَكَذَا هُوَ لَهُ أَوهَام وَأَلوَان مِنْ ترك المرَاجعَة، وَأَخَذَ العِلْم مِنْ صحف، وَصَنَّفَ شَيْئاً لَوْ عَاشَ عُمراً ثَانِياً، لَمَا لحق أَنْ يُحرّره ويتقنه.

(15/462)


قَالَ سِبْطه: جلس جَدِّي تَحْت تربَة أُمّ الخلِيفة عِنْد مَعْرُوف الكَرْخِيّ، وَكُنْت حَاضِراً، فَأَنْشَدَ أَبيَاتاً، قطع عَلَيْهَا المَجْلِس وَهِيَ:
الله أَسْأَلُ أَنْ يُطَوِّلَ مُدَّتِي ... لأَنَالَ بِالإِنعَامِ مَا فِي نيّتي
لِي همّةٌ فِي العِلْمِ مَا إِنْ مِثْلُهَا ... وَهِيَ الَّتِي جَنَتِ النُّحُوْلَ هِيَ الَّتِي
خُلِقَتْ مِنَ العلْقِ العَظِيْمِ إِلَى المُنَى ... دُعِيَتْ إِلَى نَيْلِ الكَمَالِ فَلبَّتِ
كَمْ كَانَ لِي مِنْ مجلسٍ لَوْ شُبِّهَتْ ... حَالاَتُه لَتَشَبَّهَتْ بِالجَنَّةِ
أَشتَاقُهُ لَمَّا مَضَتْ أَيَّامُهُ ... عُطْلاً وَتُعذَرُ ناقةٌ إِن حَنَّتِ
يَا هَلْ لليلاتٍ بجمعٍ عودةٌ ... أَمْ هَلْ عَلَى وَادِي مِنَىً مِنْ نَظرَةِ
قَدْ كَانَ أَحلَى مِنْ تَصَارِيفِ الصَّبَا ... وَمِنَ الحَمَامِ مُغَنِّياً فِي الأَيكَةِ
فِيْهِ البَدِيْهَاتُ الَّتِي مَا نَالهَا ... خلقٌ بِغَيْرِ مُخَمَّرٍ وَمُبَيَّتِ
فِي أَبيَات.
وَنَزَلَ، فَمَرِضَ خَمْسَة أَيَّام، وَتُوُفِّيَ لَيْلَة الجُمُعَة بَيْنَ العِشَاءيْنِ الثَّالِثَ عَشَرَ مِنْ رَمَضَانَ سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ فِي دَارِهِ بقَطُفْتَا. وَحكت لِي أُمِّي أَنَّهَا سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ قَبْل مَوْته: أَيش أَعمل بطوَاويس? -يُرَدِّدهَا- قَدْ جبتُم لِي هَذِهِ الطّوَاويس.
وَحضر غسله شَيْخنَا ابْن سُكَيْنَة وَقت السّحر، وَغلّقت الأَسواق، وَجَاءَ الْخلق، وَصَلَّى عَلَيْهِ ابْنه أَبُو القَاسِمِ عليّ اتفَاقاً، لأَنَّ الأَعيَان لَمْ يَقدرُوا مِنَ الوُصُوْل إِلَيْهِ، ثُمَّ ذهبُوا بِهِ إِلَى جَامِع المَنْصُوْر، فَصلُّوا عَلَيْهِ، وَضَاق بِالنَّاسِ، وَكَانَ يَوْماً مَشْهُوْداً، فَلَمْ يَصل إِلَى حفرته بِمَقْبَرَة أَحْمَد إِلَى وَقت صَلاَة الجُمُعَة، وَكَانَ فِي تَمُّوْز، وَأَفطر خلق، وَرَمَوا نُفُوْسهُم فِي المَاء. إِلَى أَنْ قَالَ: وَمَا وَصل إِلَى حفرته مِنَ الْكَفَن إلَّا قَلِيْل، -كَذَا قَالَ- وَالعهدَة عَلَيْهِ، وَأُنْزِل فِي الحُفْرَة، وَالمُؤَذِّن يَقُوْلُ الله أَكْبَر، وَحزن عَلَيْهِ الخلق، وَبَاتُوا عِنْد قَبْره طول شَهْر رَمَضَان يَخْتِمُوْنَ الختمَات، بِالشّمع وَالقَنَادِيْل، وَرَآهُ فِي تِلْكَ الليَلة المُحَدِّث أَحْمَد بن سَلْمَانَ السُّكَّرُ فِي النَّوْمِ، وَهُوَ عَلَى مِنْبَر مَنْ يَاقُوْت، وَهُوَ جَالِس فِي مَقْعَد صدق وَالمَلاَئِكَة بَيْنَ يَدَيْهِ. وَأَصْبَحنَا يَوْم السَّبْت عَملنَا العزَاء، وَتَكلّمت فِيْهِ، وَحضر خلق عَظِيْم، وَعملت فِيْهِ المرَاثِي، وَمِنَ العَجَائِب أَنَا كُنَّا بَعْد انْقَضَاء العزَاء يَوْم السَّبْت عِنْد قَبْره، وَإِذَا بِخَالِي مُحْيِي الدِّيْنِ قَدْ صعد مِنَ الشّطّ، وَخلفه تَابوت، فَقُلْنَا: نَرَى مَنْ مَاتَ، وَإِذَا بِهَا خَاتُوْن أُمّ مُحْيِي الدِّيْنِ، وَعهدِي بِهَا لَيْلَة وَفَاة

(15/463)


جَدِّي فِي عَافِيَة، فَعد النَّاس هَذَا مِنْ كرامَاته، لأَنَّه كَانَ مغرَىً بِهَا. وَأَوْصَى جدّه أَنْ يُكتب عَلَى قَبْرَه:
يَا كَثِيْرَ العَفْوِ عَمَّنْ ... كَثُرَ الذَّنْبُ لَدَيْهِ
جَاءكَ المُذْنِبُ يَرْجُو ال ... صَّفْحَ عَنْ جُرْمِ يَدَيْهِ
أَنَا ضيفٌ وَجزَاءُ ال ... ضَّيْفِ إحسانٌ إِلَيْهِ
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَافِظِ بنُ بَدْرَانَ، أَخْبَرَنَا الإِمَامُ مُوَفَّقُ الدِّيْنِ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا أَبُو الفَرَجِ عبد الرحمن بن عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بنُ ثَابِتٍ، أَخْبَرَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ البُرْقَانِيّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ الوَزَّان، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ الأَزْدِيّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بن المَدِيْنِيّ، حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عَيَّاشٍ الحِمْصِيّ، حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بنُ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ المُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ قَالَ حِيْنَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ: اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ، وَالصَّلاَةِ القَائِمَةِ، آتِ مُحَمَّداً الوَسِيْلَةَ وَالفَضِيْلَةَ، وَابْعَثْهُ مَقَاماً مَحْمُوْداً الَّذِي وعدته، حلت له الشفاعة" 1.
وأنبأناه عاليًا بدَرَجَات عَبْد الرَّحْمَانِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ طَبَرْزَدَ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ الحُصَيْنِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ الهَيْثَمِ البَلَدِيّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عَيَّاشٍ مِثْله، لَكِن زَادَ فِيْهِ: "إلَّا حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ يَوْمَ القِيَامَةِ" فَكَأنَّ شَيْخِي سَمِعَهُ مِنْ أَحْمَد بن إِبْرَاهِيْمَ الإِسْمَاعِيْلِيّ الفَقِيْه.
وَكَتَبَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ بنُ طَرْخَان، أَخْبَرَنَا الإِمَامُ مُوَفَّق الدِّيْنِ، قَالَ: ابْنُ الجَوْزِيِّ إِمَام أَهْل عصره فِي الْوَعْظ، وَصَنَّفَ فِي فُنُوْن العِلْم تَصَانِيْف حَسَنَة، وَكَانَ صَاحِبَ فُنُوْن، كَانَ يَصَنّف فِي الفِقْه، وَيدرّس، وَكَانَ حَافِظاً لِلْحَدِيْثِ، إلَّا أَننَا لَمْ نَرض تَصَانِيْفه فِي السُّنَّةِ، وَلاَ طرِيقته فِيْهَا، وَكَانَتِ العَامَّة يُعظّمونه، وَكَانَتْ تَنْفلتُ مِنْهُ فِي بَعْضِ الأَوقَات كَلِمَات تُنكر عَلَيْهِ فِي السُّنَّةِ، فَيُستفتَى عَلَيْهِ فِيْهَا، ويضيق صدره من أجلها.
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "3/ 354"، والبخاري "614" و"4719"، وفي "خلق أفعال العباد" "ص29"، وأبو داود "529"، والترمذي "211"، والنسائي "2/ 26-28"، وفي "عمل اليوم والليلة" "46"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "1/ 146"، وابن خزيمة "420"، والطبراني في "الصغير" "1/ 420"، والبيهقي "1/ 410"، وابن أبي عاصم في "السنة" "826"، والبغوي "420"، من طرق عن علي بن عياش قال: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بنُ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بن المنكدر، عن جابر، به مرفوعا.

(15/464)


وَقَالَ الحَافِظُ سَيْف الدِّيْنِ ابْن المَجْدِ: هُوَ كَثِيْر الوَهْمِ جِدّاً، فَإِنَّ فِي مَشْيَخته مَعَ صغرهَا أَوْهَاماً: قَالَ فِي حَدِيْث: أَخْرَجَهُ البُخَارِيّ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ المُثَنَّى، عَنِ الفَضْلِ بنِ هِشَامٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، وَإِنَّمَا هُوَ عَنِ الفَضْلِ بنِ مُسَاوِر، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ. وَقَالَ فِي آخَرَ: أَخْرَجَهُ البُخَارِيّ، عَنْ عَبْدِ الله بن منير، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ دِيْنَار، وَبَينَهُمَا أَبُو النَّضْرِ، فَأَسقطه. وَقَالَ فِي حَدِيْث: أَخْبَرَنَا أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الأَثْرَم، وَإِنَّمَا هُوَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ. وَقَالَ فِي آخَرَ: أَخْرَجَهُ البُخَارِيّ عَنِ الأُوَيْسِيّ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَإِنَّمَا هُوَ عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ. وَقَالَ فِي آخَرَ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ، وَإِنَّمَا هُوَ حَدَّثَنَا حَاتِم. وَفِي آخَرَ: حَدَّثَنَا أَبُو الفَتْحِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ العُشَارِيّ، وَإِنَّمَا هُوَ أَبُو طَالِبٍ. وَقَالَ: حُمَيْدُ بنُ هِلاَلٍ، عَنْ عَفَّانَ بن كَاهِلٍ، وَإِنَّمَا هُوَ هِصَّان بن كَاهِلٍ. وَقَالَ: أَخْرَجَهُ البُخَارِيّ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ أَبِي إِيَاسٍ، وَإِنَّمَا هُوَ آدَم. وَفِي وَفَاةِ يَحْيَى بن ثَابِتٍ، وَابْن خُضَيْرٍ، وَابْن المُقَرّبِ ذكر مَا خُولِفَ فِيْهِ.
قُلْتُ: هذَة عُيُوب وَحشَة في جزئين.
قَالَ السَّيْف: سَمِعْتُ ابْنَ نُقْطَةَ يَقُوْلُ: قِيْلَ لابْنِ الأَخْضَرِ: إلَّا تُجيب عَنْ بَعْض أَوهَام ابْن الجَوْزِيّ? قَالَ: إِنَّمَا يُتَتَبَّع عَلَى مَنْ قل غلطه، فأما هذا، فأوهامه كثيرة.
ثُمَّ قَالَ السَّيْفُ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً يُعتَمَدُ عَلَيْهِ فِي دِيْنِهِ وَعِلْمِهِ وَعَقْلِهِ رَاضياً عَنْهُ.
قُلْتُ: إِذَا -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَلاَ اعْتِبَار بِهِم.
قَالَ: وَقَالَ جَدِّي: كَانَ أَبُو المُظَفَّرِ ابْنُ حَمْدِيٍّ يُنكر عَلَى أَبِي الفَرَجِ كَثِيْراً كَلِمَات يُخَالِف فِيْهَا السُّنَّة.
قَالَ السَّيْف: وَعَاتَبَه أبو الفتح بن المَنِّيِّ فِي أَشيَاء، وَلَمَّا بَان تَخْلِيطه أَخيراً، رَجَعَ عَنْهُ أَعيَان أَصْحَابنَا وَأَصْحَابه.
وَكَانَ أَبُو إِسْحَاقَ العَلْثِيّ يُكَاتِبهُ، وَيُنْكِر عَلَيْهِ.
أَنْبَأَنِي أَبُو مَعْتُوْقٍ مَحْفُوْظ بن مَعْتُوْق ابْن البُزُوْرِيّ فِي "تَارِيْخِهِ" فِي تَرْجَمَة ابْن الجَوْزِيّ يَقُوْلُ: فَأَصْبَح في مذهبه إمامًا يُشَار إِلَيْهِ، وَيَعقد الخنصرُ فِي وَقْتِهِ عَلَيْهِ، درّس بِمَدْرَسَة ابْن الشّمحل، وَبمَدْرَسَة الجهَة بَنَفْشَا، وَبمَدْرَسَة الشَّيْخ عَبْد القَادِرِ، وَبَنَى لِنَفْسِهِ مدرسَة بدرب دينار، ووقف عَلَيْهَا كتبه، بَرَعَ فِي العلُوْم، وَتَفَرَّد بِالمَنْثُوْر وَالمنظوم، وَفَاق عَلَى أُدبَاء مصره، وَعلاَ عَلَى فُضلاَء عصره، تَصَانِيْفه تَزِيد عَلَى ثَلاَث مائَة وَأَرْبَعِيْنَ مُصَنّفاً مَا بَيْنَ عِشْرِيْنَ مُجَلَّداً إِلَى كرَّاس، وَمَا أَظَنّ الزَّمَان يَسمح بِمِثْلِهِ، وَلَهُ كِتَاب "الْمُنْتَظِم"، وَكِتَابُنَا ذَيْلٌ عَلَيْهِ.

(15/465)


قَالَ سِبْطه أَبُو المُظَفَّرِ: خَلَّفَ مِنَ الوَلَدِ عَلِيّاً، وَهُوَ الَّذِي أَخَذَ مُصَنَّفَات وَالِده، وَبَاعهَا بيع العبيد، وَلِمَنْ يَزِيْد، وَلَمَّا أُحْدِر وَالِده إِلَى وَاسِط، تَحَيّل عَلَى الكُتُب بِاللَّيْلِ، وَأَخَذَ مِنْهَا مَا أَرَادَ، وَبَاعهَا وَلاَ بِثمن المدَاد، وَكَانَ أَبُوْهُ قَدْ هَجره مُنْذُ سِنِيْنَ، فَلَمَّا امْتحن، صَارَ أَلَباً عَلَيْهِ. وَخلّف يُوْسُف مُحْيِي الدِّيْنِ، فَولِي حسبَة بَغْدَاد فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّ مائَةٍ، وَترسّل عَنِ الخُلَفَاء إِلَى أَنْ وَلِي فِي سَنَةِ أَرْبَعِيْنَ أُسْتَاذ دَارِية الخِلاَفَة. وَكَانَ لجدِّي وَلد أَكْبَرُ أَوْلاَده اسْمه عَبْد العَزِيْزِ، سَمَّعَهُ مِنَ الأُرْمَوِيّ وَابْن نَاصِر، ثُمَّ سَافر إِلَى المَوْصِل، فَوَعَظ بِهَا، وَبِهَا مَاتَ شَابّاً، وَكَانَ لَهُ بنَات: رَابِعَةُ أُمِّي، وَشَرَف النِّسَاءِ، وَزَيْنَب، وَجَوْهَرَة، وَسِتّ العُلَمَاءِ الصّغِيرَة.

(15/466)


لؤلؤ العادلي، حماد بن هبة الله:
5369- لُؤْلُؤٌ العَادِلِيُّ 1:
الحَاجِبُ مِنْ أَبْطَالِ الإِسْلاَمِ، وَهُوَ كَانَ المَنْدُوْبُ لِحَرْبِ فِرنج الكَرَك الَّذِيْنَ سَارُوا لأَخْذِ طيبَة، أَوْ فِرنج سِوَاهُم سَارُوا فِي البحر المالح، فلم يسر لُؤْلُؤ إلَّا وَمَعَهُ قُيُود بَعْددهُم، فَأَدْرَكهُم عِنْد الْفَحْلَتَيْنِ، فَأَحَاط بِهِم، فَسلّمُوا نُفُوْسهُم، فَقيّدهُم، وَكَانُوا أَكْثَر مِنْ ثَلاَث مائَة مقَاتل، وَأَقْبَلَ بِهِم إِلَى القَاهِرَة، فَكَانَ يَوْماً مَشْهُوْداً.
وَكَانَ شَيْخاً أَرمنِيّاً مِنْ غلمَان العَاضد، فَخدم مَعَ صَلاَح الدِّيْنِ، وَعُرف بِالشَّجَاعَة وَالإِقدَام، وَفِي آخِرِ أَيَّامه أَقْبَل عَلَى الخَيْر وَالإِنفَاق فِي زَمَنِ قَحط مِصْر، وَكَانَ يَتَصَدَّق فِي كُلِّ يَوْم بِاثْنَيْ عشرَ أَلف رَغِيْف مَعَ عِدَّة قُدُور مِنَ الطَّعَام. وَقِيْلَ: إِنَّ الملاعِين التجؤُوا مِنْهُ إِلَى جبل، فَترَجَّل، وَصعد إِلَيْهِم فِي تِسْعَة أَجنَاد، فَأَلقَى فِي قُلُوْبهم الرّعب، وَطَلَبُوا مِنْهُ الأَمَان، وَقُتلُوا بِمِصْرَ، تَولَّى قتلهُم العُلَمَاء وَالصَّالِحُوْنَ.
تُوُفِّيَ لُؤْلُؤ -رَحِمَهُ الله- بِمِصْرَ فِي صَفَرٍ سَنَة ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
5370- حَمَّادُ بنُ هِبَةِ الله 2:
ابن حماد بن الفضل، الإمام المحدث، الصادق، أبو الثناء الحَرَّانِيُّ التَّاجِرُ السَّفَّارُ.
رَحل إِلَى مِصْرَ وَالعِرَاق وَخُرَاسَانَ، وَكَتَبَ، وَخَرَّجَ وَأَفَاد. وَلَهُ نَظْمٌ، وَأَدب، وسيرة حميدة.
روى عن: إسماعيل بن السمرقندي، -وهو أكبر شيوخه- وأبي بكر بن الزاغوني،
__________
1 ترجمته في شذرات الذهب لابن العماد "4/ 336-337".
2 ترجمته في النجوم الزاهرة لابن تغري بردي "6/ 181"، وشذرات الذهب لابن العماد "4/ 335".

(15/466)


وسعيد بن البَنَّاءِ، وَأَبِي النَّضْرِ الفَامِيّ، وَسَالِم بن عَبْدِ اللهِ العُمَرِيّ، وَعَبْد السَّلاَّم بن أَحْمَدَ الإِسكَاف، وَابْن رِفَاعَةَ، وَالسِّلَفِيّ، وَابْن البَطِّيِّ، وَخَلْق.
حَدَّثَ عَنْهُ: عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ العُلَيْمِيّ، وَابْن أُخْته محمد بن عماد، والتاج بن أَبِي جَعْفَرٍ، وَطَائِفَة.
وَأَجَازَ لأَحْمَدَ بن أَبِي الخَيْرِ.
وَكَانَ لَهُ عَمل جَيِّد فِي الحَدِيْثِ.
قَالَ ابْن النَّجَّارِ: قَرَأْت بِخَطِّ حَمَّاد الحَرَّانِيّ: مَوْلِدِي بَعْد سِتِّيْنَ يَوْماً مِنْ سَنَةِ إِحْدَى عَشْرَةَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَتُوُفِّيَ بِحَرَّانَ فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَفِيْهَا: تُوُفِّيَ أَحْمَد بن تَزمش الخَيَّاط، وَأَسَعْد بن أَحْمَدَ بنِ أَبِي غَانِم الثَّقَفِيّ الفَقِيْه، أَخُو زَاهِر، عَنْ ثَلاَث وَثَمَانِيْنَ سَنَةً، وَأَبُو طَاهِرٍ الخُشُوْعِيّ، وَالمُحَدِّثُ الشَّرِيْف جَعْفَر بن مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ العَبَّاسِيّ شَابّاً، وَسَعْد بن طَاهِرٍ المزدقَانِيّ الأَمِيْر، وَأَبُو بَحْرٍ صَفْوَان بن إِدْرِيْسَ المُرْسِيّ الكَاتِب أَحَد البلغَاء الكِبَار، وَعَبْد اللهِ بن أَبِي المَجْدِ الحَرْبِيّ رَاوِي المُسْنَد، وَالقَاضِي عَبْد الرحمن بن أَحْمَدَ ابْنِ العُمَرِيِّ عَنْ بِضْع وَثَمَانِيْنَ سنةً. وزين القضاة عبد الرحمن بن سُلْطَان القُرَشِيّ الزكوِيّ، وَعَبْد الرَّحِيْمِ بن أَبِي القَاسِمِ الجُرْجَانِيّ الشَّعْرِيّ أَخُو زَيْنَب، وَخَطِيْب دِمَشْق ضِيَاء الدِّيْنِ الدَّوْلَعِيّ، وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ يَعِيشَ البَغْدَادِيّ، وَقَاضِي القُضَاةِ مُحْيِي الدِّيْنِ مُحَمَّد بن عَلِيِّ بنِ مُحَمَّد بن الزَّكِيِّ، وَأَبُو الهمَامِ مَحْمُوْد بن عَبْدِ المنعم التميمي، وهبة الله بن الحسن بن السِّبْطِ، وَأَبُو القَاسِمِ هِبَةُ اللهِ البُوصِيْرِيّ.

(15/467)


5371- الشهاب الطوسي 1:
الشَّيْخُ الإِمَامُ، العَالِمُ العَلاَّمَةُ، شَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ، شِهَابُ الدِّيْنِ، أَبُو الفَتْحِ، مُحَمَّدُ بنُ مَحْمُوْدِ بنِ مُحَمَّدٍ الخُرَاسَانِيُّ الطُّوْسِيُّ صَاحِبُ الفَقِيْهِ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى.
وُلِدَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَحَدَّثَ عَنْ أَبِي الوَقْتِ السِّجْزِيِّ، وَغَيْرِهِ.
وَقَدِمَ بَغْدَادَ، وَعَظُمَ قَدْرُهُ، وَصَاهر قَاضِي القُضَاةِ أَبَا البركات بن الثَّقَفِيِّ، ثُمَّ حَجَّ، وَأَتَى مِصْر سَنَة تِسْعٍ وسبعين، ونزل بالخانقاه، وتردد إليه الفقهاء.
__________
1 ترجمته في النجوم الزاهرة "6/ 159"، وشذرات الذهب لابن العماد "4/ 327-328".

(15/467)


وَرَوَى عَنْهُ: الإِمَام بَهَاء الدِّيْنِ ابْن الجُمَّيْزِيِّ، وَشِهَاب الدِّيْنِ القُوْصِيّ.
ثُمَّ درّس بِمَنَازِل العِزّ، وَتَخَرَّجَ بِهِ أَئِمَّة، وَكَانَ جَامِعاً لِلْفنُوْن، غَيْر مُحتفلٍ بِأَبْنَاء الدُّنْيَا. وَعظ بِجَامِع مِصْر مُدَّة.
قَالَ الإِمَامُ أَبُو شَامَةَ: قِيْلَ: إِنَّهُ قَدِمَ بَغْدَادَ، فَكَانَ يَرْكُب بِالسّنجق وَالسُّيوف المسلّلَة وَالغَاشيَة وَالطّوق فِي عُنُق البَغْلَة، فَمُنِعَ مِنْ ذَلِكَ، فَسَافر إِلَى مِصْرَ، وَوعظ، وَأَظهر مَقَالَة الأَشْعَرِيّ، فَثَارت الحنَابلة، وَكَانَ يَجرِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَيْن الدِّيْنِ ابْن نُجَيَّةَ كَبِيْرهُم العَجَائِب وَالسّبُّ.
قَالَ: وَبَلَغَنِي أَنَّهُ سُئِلَ: أَيُّمَا أَفْضَلُ دَم الحُسَيْن، أَوْ دَم الحَلاَّجِ? فَاسْتعظم ذَلِكَ، قَالُوا: فَدم الحَلاَّج كتب عَلَى الأَرْضِ: الله، الله، وَلاَ كَذَلِكَ دَمُ الحُسَيْن?! قَالَ: المتَّهم يَحتَاج إِلَى تَزكية!
قُلْتُ: لَمْ يَصحَّ هَذَا عَنْ دَم الحَلاَّج، وَليسَا سَوَاء: فَالحُسَيْن -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- شَهِيد قُتِلَ بِسيف أَهْل الشَّرّ، وَالحَلاَّج فَقُتل عَلَى الزَّنْدَقَة بِسيف أَهْل الشّرع.
وَقَالَ المُوَفَّق عَبْد اللَّطِيْفِ: كَانَ طُوَالاً، مَهِيْباً، مِقْدَاماً، سَادّ الجَوَاب فِي المحَافل، أَقْبَل عَلَيْهِ تَقِيّ الدِّيْنِ عُمَر، وَبَنَى لَهُ مَدْرَسَة، وَكَانَ يُلقِي الدّرس مِنْ كِتَاب، وَكَانَ يَرتَاعه كُلّ أَحَد، وَهُوَ يَرتَاع مِنَ الخُبُوْشَانِيّ، وَيَتضَاءل لَهُ، وَكَانَ يَحمق بظرَافَة، وَيَتيه عَلَى المُلُوْك بلباقَة، وَيُخَاطب الفُقَهَاء بصرَامَة، عرض لَهُ جُدَرِيّ بَعْد الثَّمَانِيْنَ عَمّ جسده، وجاء يوم عيد، وَالسُّلْطَان بِالمَيْدَان، فَأَقْبَل الطُّوْسِيّ وَبَيْنَ يَدَيْهِ مُنَادٍ يُنَادِي: هَذَا ملك العُلَمَاء، وَالغَاشيَة عَلَى الأَصَابع، فَإِذَا رَآهَا المُجَّان، قرَأَوا: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} [الغَاشِيَةِ: 1] ، الغَاشِيَةُ فَتفرّق الأُمَرَاء غَيظاً مِنْهُ. وَجَرَى لَهُ مَعَ العَادل وَمَعَ ابْن شكر قضَايَا عَجِيْبَة، لما تَعرضُوا لأَوقَاف المدَارس، فَذبّ عَنِ النَّاس، وَثبت.
قَالَ ابْن النَّجَّارِ: مَاتَ بِمِصْرَ فِي ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ وَحمله أَوْلاَد السُّلْطَان عَلَى رِقَابِهِم، رَحِمَهُ الله.

(15/468)


السديد، البوصيري:
5372- السديد 1:
إِمَامُ الطِّبِّ، بقرَاطُ العَصْرِ، شَرَفُ الدِّيْنِ، أَبُو المَنْصُوْرِ عَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيِّ بنِ دَاوُدَ بنِ مُبَارَكٍ.
أَخَذَ الفنّ عَنْ أَبِيْهِ الشَّيْخ السَّدِيْد، وَعدلاَنَ بن عَيْن زَرْبِيّ.
وَسَمِعَ بِالثَّغْرِ مِنِ ابْنِ عَوْفٍ، وَصَارَ رَئِيْس الأَطبَّاء بِمِصْرَ، وَخدم ملوكهَا، وَأَخَذَ عَنْهُ الأَطبَّاء، وَأَقْبَلت عَلَيْهِ الدُّنْيَا، وَخدم العَاضد صَاحِب مِصْر، وَطَالَ عُمُرُهُ.
أَخَذَ عَنْهُ شَيْخ الأَطبَّاء النَّفِيْس بن الزُّبَيْرِ، فَرَوَى عَنْهُ أَنَّهُ دَخَلَ مَعَ أَبِيْهِ عَلَى الْآمِر العُبَيْدِيّ.
وَحَكَى ابْنُ أَبِي أُصَيْبِعَةَ عَنْ أَسَعْدِ الدِّيْنِ أَنَّ السَّديْد حَصَلَ لَهُ فِي نهار ثَلاَثُوْنَ أَلْفَ دِيْنَار.
وَنَقَلَ عَنْهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ خَتَنَ وَلَدَيِ الحَافِظ لِدِيْنِ اللهِ، فَحصَلَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ نَحْو خَمْسِيْنَ أَلْفَ دِيْنَار.
وَكَانَ السُّلْطَان صَلاَح الدِّيْنِ يَحترمه، وَيَعتمد عَلَى طبّه.
مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ. وقيل: اسمه داود.
5373- البوصيري2:
الشَّيْخُ العَالِمُ المُعَمَّرُ، مُسْنِدُ الدِّيَارِ المِصْرِيَّة، أَمِيْن الدِّيْنِ، أَبُو القَاسِمِ، سَيِّدُ الأَهْلِ، هِبَةُ اللهِ بنُ عَلِيِّ بنِ سعُوْدِ بنِ ثَابِتِ بنِ هَاشِمِ بنِ غَالِبٍ الأَنْصَارِيُّ الخَزْرَجِيُّ، المُنَسْتِيْريُّ الأَصْلِ البوصيري المِصْرِيُّ، الأَدِيْبُ الكَاتِبُ.
وُلِدَ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مَعَ السِّلَفِيّ مِنْ أَبِي صَادِق مُرْشِد بن يَحْيَى المَدِيْنِيّ، وَمُحَمَّد بن بَرَكَات السعيدي، وأبي الحسن علي بن الفَرَّاءِ، وَالفَقِيْه سُلْطَان بن إِبْرَاهِيْمَ المَقْدِسِيّ، وَالخفرَة بِنْت فَاتكٍ، وَجَمَاعَة.
وَأَجَازَ لَهُ أَبُو عَبْدِ الله بن الحطاب الرازي، وأبو الحسن بن الفَرَّاءِ.
وَسَمِعَ مِنَ الرَّازِيّ أَيْضاً، وَمِنَ السِّلَفِيّ، وَحَدَّثَ وَاشْتُهِرَ اسْمُهُ، وَرُحِلَ إِلَيْهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الحُفَّاظ: عَبْد الغَنِيِّ، وَابْن المُفَضَّلِ، وَالضِّيَاء، وَابْن خليل، وأبو الحسن
__________
1 ترجمته في شذرات الذهب لابن العماد "4/ 309".
2 ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "6/ ترجمة 778"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "6/ 182"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "4/ 338" ووقع عنده [ابن مسعود] بدل [ابن سعود] .

(15/469)


السخاوي، وأبو سليمان بن الحَافِظِ، وَخَطِيْب مَرْدَا، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ مَكَارِم، وأبو عمرو بن الحَاجِبِ، وَإِسْمَاعِيْل بن عَزُّوْنَ، وَإِسْمَاعِيْل بن صَارم، وَعَبْد اللهِ بن علاق، وَعَبْد الغَنِيِّ بن بَنِينَ، وَعَدَد كَثِيْر.
وَأَجَازَ لِشيخنَا أَحْمَدُ بنُ أَبِي الخَيْرِ، بَلْ وَأَجَازَ لِمَنْ أَدْرَكَ حيَاته، نَقل ذَلِكَ المُحَدِّث حَسَن بن عَبْدِ البَاقِي الصَّقَلِّيّ فِيمَا قرَأَه بِخَطِّهِ المُحَدِّث أَحْمَد بن الجَوْهَرِيّ.
وَقَالَ الشَّيْخُ الضِّيَاء: كَانَ قَدْ ثقُلَ سَمْعَهُ، وَكَانَ يَسْمَع بِأُذُنِهِ اليُسْرَى أَجْوَد، وَكَانَ شرساً، شَاهِدته وَشيخنَا عَبْد الغَنِيِّ يَقرَأُ عَلَيْهِ مِنَ البُخَارِيّ حَدِيْث: "لاَ إِلَهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيْكَ لَهُ" 1 فَقَالَ: لَيْسَ فِيْهَا "يحيي ويميت".
تُوُفِّيَ البُوْصِيْرِيُّ فِي ثَانِي صفر سَنَة ثَمَانٍ وتسعين وخمس مائة.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "844"، ومسلم "593"، وأبو داود "1505"، والنسائي "3/ 70".

(15/470)


5374- ابن موقى 1:
الشَّيْخُ الفَقِيْهُ، المُعَمَّرُ، مُسْنِدُ الإِسْكَنْدَرِيَّةِ، أَبُو القَاسِمِ، عبد الرحمن بنُ مَكِّيٍّ بنِ حَمْزَةَ بنِ مُوَقَّى بنِ عَلِيٍّ الأَنْصَارِيُّ السَّعْدِيُّ الثَّغْرِيُّ المَالِكِيُّ التَّاجِرُ، وَيُعْرَفُ بِابْنِ عَلاَّسٍ.
وُلِدَ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ الرَّازِيّ "مَشْيَخته" وَأَجَازَ لَهُ، وَهُوَ خَاتمَة أَصْحَابه.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَلِيُّ بنُ المُفَضَّلِ، وَالزَّيْن مُحَمَّد بن أَحْمَدَ بن النَّحْوِيِّ، وَأَبُو الفَتْحِ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ اللَّخْمِيّ، وأحمد بن عبد الله بن النَّحَّاسِ، وَأَخُوْهُ مَنْصُوْر، وَجَعْفَر بن تَمَّام، وَالحُسَيْن وَعَبْد اللهِ ابْنَا أَحْمَدَ بنِ خُلَيْد الكِنَانِيّ، وَالحَسَن بن عُثْمَانَ المُحْتَسِب، وَهِبَة اللهِ بن رُوَيْنَ، وَعُثْمَان بن هِبَةِ اللهِ بنِ عَوْفٍ، وآخرون آخرهم ابن عوف.
قَالَ الحَافِظُ عَبْد العَظِيْمِ المُنْذِرِيّ: لَمْ يَزَلْ صَحِيْح السَّمْع وَالبصر وَالجَسَد إِلَى أَنْ مَاتَ، وَتَصدّق مِنْ ثلثه بِأَلف دِيْنَار بَعْد مَوْته.
تُوُفِّيَ فِي سَلْخِ رَبِيْع الآخِرِ سَنَةَ تِسْعٍ وتسعين وخمس مائة، وله أربع وَتِسْعُوْنَ سَنَةً.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ قَحْطَبَة الفَرْغَانِيّ ثُمَّ البَغْدَادِيّ بن أُشْنَانَة، وَأَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ دَهْبَل بن كَارِهٍ الحَرِيْمِيّ، وَقَاضِي فَاس أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
عِيْسَى التَّادَلِيّ الفَاسِيّ، وَعَبْد اللهِ بن مُحَمَّدِ بنِ عليَّانَ الحَرْبِيّ، وَالوَاعِظ زَيْن الدِّيْنِ عَلِيّ بن إِبْرَاهِيْمَ بنِ نَجَا الحَنْبَلِيّ بِالشَّارع، وَعَلِيّ بن حَمْزَةَ الكَاتِب بِمِصْرَ، وَعَلِيّ بن خَلَف بن مَعْزُوْز بِالمُنْيَةِ، وَالسُّلْطَان غِيَاث الدِّيْنِ مُحَمَّد بن سَام بن حُسَيْنٍ الغُوْرِيّ، وَقَاضِي القُضَاةِ بِبَغْدَادَ ضِيَاء الدِّيْنِ القَاسِم بن يَحْيَى الشّهروزِيّ، ثُمَّ قَاضِي حمَاة، وَالزَّاهِد الكَبِيْر أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ القُرَشِيّ الأَنْدَلُسِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي جَمْرَةَ مَوْلَى بَنِي أُمَيَّةَ، وَشِهَاب الدِّيْنِ محمد بن يوسف الغزنوي بالقاهرة، والمبارك بن المَعْطُوْشِ، وَمَحْمُوْد بن أَحْمَدَ العَبْدَكَوِيّ، وَمَسْعُوْد بن عَبْدِ اللهِ بنِ غَيْثٍ الدَّقَّاق، وَيُوْسُف بن الطفيل الدمشقي.
__________
1 ترجمته في النجوم الزاهرة لابن تغري بردي "6/ 183".

(15/470)


5375- ابن نجية 1:
الشَّيْخُ الإِمَامُ العَالِمُ الرَّئِيْسُ الجَلِيْلُ الوَاعِظُ، الفَقِيْهُ، زين الدين، أبو الحَسَنِ، عَلِيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ نَجَا بنِ غَنَائِمَ الأَنْصَارِيُّ الدِّمَشْقِيُّ الحَنْبَلِيُّ نَزِيْلُ الشَّارعِ بِمِصْرَ، ويعرف بابن نجية.
ولد بدمشق في سَنَة ثَمَانٍ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ بنِ قُبَيْسٍ المَالِكِيِّ، وَمِنْ خَالِهِ شَرَفِ الإِسْلاَمِ، عَبْدُ الوَهَّابِ ابْنُ الشَّيْخِ أَبِي الفَرَجِ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ مُحَمَّدٍ الحَنْبَلِيِّ، وَسَمِعَ بِبَغْدَادَ مِنْ أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ الأَشْقَرِ، وَأَبِي سَعِيْدٍ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيِّ، وَابْنِ نَاصِرٍ، وَمَوْهُوْبِ بنِ الجَوَالِيْقِيِّ، وَسَمِعَ بِبَغْدَادَ جَامِعَ أَبِي عِيْسَى مِنْ عَبْدِ الصَّبُوْرِ بنِ عَبْدِ السَّلاَمِ الهَرَوِيِّ، وَسَمِعَ مِنَ الحَافِظِ عَبْدِ الخَالِقِ اليُوْسُفِيِّ، وَسَعْدِ الخَيْرِ الأَنْصَارِيِّ، وَتَزَوَّجَ بَابْنتِهِ المُسْنِدَةِ فَاطِمَةَ.
كتب عَنْهُ أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ حكَايةً.
وَوعظَ بِجَامِعِ القَرَافَةِ مُدَّةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ خَلِيْلٍ، والشيخ الضياء، ومحمد بن البهاء، وأبو سُلَيْمَانَ ابْنُ الحَافِظِ، وَالزَّكِيُّ المُنْذِرِيُّ، وَعَبْدُ الغَنِيِّ بنُ بَنِينَ، وَالحَافِظُ عَبْدُ الغَنِيِّ أَيْضاً.
وَبِالإِجَازَةِ: أَحْمَدُ بنُ أَبِي الخَيْرِ، وَغَيْرُهُ.
وَكَانَ صدراً مُحْتَشِماً نبيلاً، ذَا جَاهٍ وَرِيَاسَةٍ وَسُؤْدُدٍ وَأَمْوَالٍ وتجمل وافر، واتصال بالدولة.
__________
1 ترجمته في النجوم الزاهرة لابن تغري بردي "6/ 183-184".

(15/471)


تَرَسَّلَ لنُوْرِ الدِّيْنِ إِلَى الدِّيْوَانِ العَزِيْزِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: كَانَ مليحَ الوعظِ، لطيفَ الطَّبعِ، حلوَ الإِيرَادِ، كَثِيْرَ المَعَانِي، مُتَدَيِّناً، حَمِيْدَ السِّيرَةِ، ذَا مَنْزِلَةٍ رفِيعَةٍ، وَهُوَ سِبْطُ الشَّيْخِ أَبِي الفَرَجِ.
قَالَ أَبُو شَامَةَ: كَانَ كَبِيْرَ القَدْرِ، مُعَظَّماً عِنْدَ صَلاَحِ الدِّيْنِ، وَهُوَ الَّذِي نَمَّ عَلَى الفَقِيْهِ عُمَارَةَ اليَمَنِيِّ وَأَصْحَابِهِ بِمَا كَانُوا عزمُوا عَلَيْهِ مِنْ قَلْبِ الدَّوْلَةِ، فَشنقَهُم صَلاَحُ الدِّيْنِ وَكَانَ صَلاَحُ الدِّيْنِ يُكَاتِبُهُ، وَيُحضِرُهُ مَجْلِسَهُ، وَكَذَلِكَ وَلدُهُ الملكُ العَزِيْزُ مِنْ بَعْدِهِ، وَكَانَ وَاعِظاً مُفَسِّراً، سَكَنَ مِصْرَ، وَكَانَ لَهُ جَاهٌ عَظِيْمٌ، وَحُرمَةٌ زَائِدَةٌ، وَكَانَ يَجرِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشِّهَابِ الطُّوْسِيِّ العَجَائِبُ، لأَنَّه كَانَ حَنْبَليّاً، وَكَانَ الشِّهَابُ أَشعرِيّاً وَاعِظاً. جلسَ ابْنُ نُجَيَّةَ يَوْماً فِي جَامِعِ القرَافَةِ، فَوَقَعَ عَلَيْهِ وَعَلَى جَمَاعَةٍ سقفٌ، فَعملَ الطُّوْسِيُّ فَصْلاً ذَكَرَ فِيْهِ: {فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ} [النَّحْلُ: 26] . جَاءَ يَوْماً كلبٌ يَشقُّ الصُّفوفَ فِي مَجْلِسِ ابْنِ نُجَيَّةَ، فَقَالَ: هَذَا من هناك، وأشار إلى جهة الطوسي.
قَالَ أَبُو المُظَفَّرِ السِّبْطُ: اقتنَى ابْنُ نُجَيَّةَ أَمْوَالاً عَظِيْمَةً، وَتنعَّمَ تَنعُّماً زَائِداً، بِحَيْثُ أَنَّهُ كَانَ فِي دَارِهِ عِشْرُوْنَ جَارِيَةً لِلْفِرَاشِ، تُسَاوِي كُلُّ وَاحِدَةٍ أَلفَ دِيْنَارٍ وَأَكْثَرَ، وَكَانَ يُعمَلُ لَهُ مِنَ الأَطعمَةِ مَا لاَ يُعمَلُ لِلمُلُوْكِ، أَعْطَاهُ الخُلَفَاءُ وَالمُلُوْكُ أَمْوَالاً جَزِيْلَةً. قَالَ: وَمَعَ هَذَا مَاتَ فَقيراً كفَّنَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ.
قَالَ المُنْذِرِيُّ: مَاتَ فِي سَابعِ رَمَضَانَ سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ. وَمَاتَتْ بَعْدَهُ زوجتُهُ فَاطِمَةُ بسنة.

(15/472)


5376- علي بن حمزة 1:
ابن علي بن طلحة بن علي، الشَّيْخُ الجَلِيْلُ أَبُو الحَسَنِ بنُ أَبِي الفُتُوْحِ، الكَاتِبُ البَغْدَادِيُّ. وُلِدَ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ.
وَسَمِعَ مِنْ هِبَةِ اللهِ بنِ الحُصَيْنِ، وَوَلِيَ الحجَابَةَ بِبَابِ النّوْبِيِّ، وَكَانَ يَكتبُ خَطّاً بَدِيْعاً، وَسَكَنَ مصر.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ خَلِيْلٍ، وَالضِّيَاءُ، وَخَطِيْبُ مَرْدَا، وَجَمَاعَةٌ.
وَكَانَ أَبُوْهُ وَكيلاً لِلمُسْترشدِ بِاللهِ.
مَاتَ عليٌّ فِي غرَّةِ شَعْبَان سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ بِمِصْرَ.
كَانَ أَبُوْهُ أَخَا المُسْترشدِ مِنَ الرَّضَاعَةِ، فَبَلَّغَهُ أَعْلَى المَرَاتِبِ، وَبعدَهُ تَزَهَّدَ، وَلَزِمَ العِبَادَةَ، وَبَنَى مَدْرَسَةً لِلشَافِعِيَّةِ، وَحَدَّثَ عَنِ ابْنِ بيَانٍ الرَّزَّازُ. تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ وخمس مائة.
__________
1 ترجمته في النجوم الزاهرة "6/ 184"، وشذرات الذهب "4/ 342".

(15/472)


ابن المارستانية، ابن أبي جمرة

5377- ابن المارستانية 1:
الصَّدْرُ الكَبِيْرُ، الأَدِيْبُ البَلِيْغُ، أَبُو بَكْرٍ عُبَيْدُ الله بن علي بن نصر بن حمزة التيمي.
قرَأَ الفِقْهَ وَالآدَابَ، وَصَنَّفَ وَسَادَ، إلَّا إِنَّهُ زَوَّرَ لِنَفْسِهِ، وَزَعَمَ أَنَّهُ سَمِعَ مِنَ الأُرْمَوِيِّ.
وَقَدْ سَمِعَ مِنِ ابْنِ البَطِّيِّ وَطَبَقَتِهِ، وَقرَأَ الكَثِيْرَ، وَحصَّلَ، وَقرَأَ الطِّبَّ وَالفَلْسَفَةَ، وَعَمِلَ الكِتَابَةَ، ثُمَّ نُفِّذَ رَسُوْلاً إِلَى ابْنِ البَهْلوَانِ، فَمَاتَ بتَفْلِيْسَ فِي آخِرِ سَنَةِ تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ عَنْ تِسْعٍ وَخَمْسِيْنَ سَنَةً. وَكَانَ كَذَّاباً.
5378- ابن أبي جمرة 2:
الشَّيْخُ الإِمَامُ المُعَمَّرُ، مُسْنِدُ المَغْرِبِ، أَبُو بَكْرٍ، مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ مُوْسَى بنِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ وَليدِ بنِ أَبِي جَمْرَةَ الأُمَوِيُّ، مَوْلاَهُم، الأَنْدَلُسِيُّ المُرْسِيُّ.
سَمِعَ الكَثِيْرَ مِنْ وَالِدِهِ، مِنْ ذَلِكَ: التَّيْسِيْر لأَبِي عَمْرٍو الدَّانِيِّ، بِإِجَازتِهِ مِنَ الدَّانِيِّ.
وَسَمِعَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَسودَ، وَمِنْ أَبِي مُحَمَّدٍ بنِ أَبِي جَعْفَرٍ، وَأَجَازَ لَهُ أَبُو بَحْرٍ سفيان بن العاص، والفقيه أبو الوليد بن رُشْدٍ، وَأَبُو الحَسَنِ شُرَيحٌ، وَخَلْقٌ. وَقَدْ عرضَ "المدونة" على أبيه.
قَالَ الأَبَّارُ: عُنِيَ بِالرَّأْيِ وَحفظهُ، وَوَلِيَ خُطَّةَ الشُّوْرَى وَهُوَ ابْنُ نَيِّفٍ وَعِشْرِيْنَ سَنَةً، وَذَلِكَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَتَقلَّدَ قَضَاءَ مُرْسِيَةَ وَشَاطِبَةَ مَرَّاتٍ، وَكَانَ بَصِيْراً بِمَذْهَبِ مالك، عاكفًا عَلَى نشرِهِ، فَصِيْحاً، حَسَنَ البيَانِ، عدلاً، جزلاً، عرِيقاً فِي النَّباهَةِ وَالوجَاهَةِ.
صَنَّفَ كِتَابَ "نَتَائِج الأَفكَارِ فِي معَانِي الآثَارِ" أَلَّفَهُ عِنْدَمَا أَوقعَ السُّلْطَانُ بِالمَالِكِيَّةِ، وَأَمرَ بِإِحرَاقِ "المُدَوَّنَةِ"، وَلَهُ "إِقليدُ الإِقليدِ المُؤدِّي إِلَى النَّظَرِ السَّديْدِ".
قرَأَ عَلَيْهِ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ حَوْطِ اللهِ "المُوَطَّأَ" بِسَمَاعِهِ مِنْ أَبِيْهِ عَنْ جَدِّهِ قِرَاءةً. وَتَكلَّمَ فِيْهِ بَعْضُ النَّاسِ بكَلاَمٍ لاَ يَقدَحُ فِيْهِ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ أَبُو عُمَرَ بنُ عَاتٍ وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ زُلاَلٍ. وَكَتَبَ إِلَيَّ بِالإِجَازَةِ، وَأَنَا ابْنُ عَامَيْنِ، وَهُوَ أَعْلَى شُيُوْخِي إِسْنَاداً.
مَاتَ بِمُرْسِيَةَ فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ عَنْ نَيِّفٍ وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
وَقَالَ أَبُو الرَّبِيْعِ بنُ سَالِمٍ: ظهرَ مِنْهُ فِي بَابِ الرِّوَايَةِ اضطرَابٌ طَرَّقَ الظِّنَّةَ إِلَيْهِ، وَأَطلَقَ الأَلسَنَةَ عَلَيْهِ.
قُلْتُ: وَقَدْ سَمِعَ ابْنُ الزُّبَيْرِ التَّيْسِيْرَ مِنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ جوبر بِسَمَاعِهِ مِنْهُ.
__________
1 ترجمته في لسان الميزان "4/ ترجمة 218"، وشذرات الذهب "4/ 339".
2 ترجمه في شذرات الذهب لابن العماد "4/ 342".

(15/473)


الهاشمي، ابن المعطوش:
5379- الهاشمي 1:
القُدْوَةُ الرَّبَّانِيُّ، أَبُو عَبْدِ اللهِ، مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ القُرَشِيُّ الهَاشِمِيُّ الأَنْدَلُسِيُّ، مِنَ الجَزِيْرَةِ الخَضْرَاءِ، لَهُ كَرَامَاتٌ فِيمَا يُقَالُ وَأَحْوَالٌ.
نزلَ بَيْتَ المَقْدِسِ، وَصحِبَهُ الصَّالِحُوْنَ.
صحِبَ جَمَاعَةً، وَلَهُ جَلاَلَةٌ عَجِيْبَةٌ وَشُهْرَةٌ.
مَاتَ فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ رَحِمَهُ الله.
5380- ابن المعطوش 2:
الشَّيْخُ العَالِمُ الثِّقَةُ، المُعَمَّرُ، أَبُو طَاهِرٍ، المُبَارَكُ بن المبارك بن هبة الله بن المَعْطُوْشِ الحَرِيْمِيُّ البَغْدَادِيُّ العَطَّارُ، أَخُو أَبِي القَاسِمِ المبارك.
ولد في رجب سنة
Results
الهاشمي، ابن المعطوش
الهاشمي، ابن المعطوش:
5379- الهاشمي 1:
القُدْوَةُ الرَّبَّانِيُّ، أَبُو عَبْدِ اللهِ، مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ القُرَشِيُّ الهَاشِمِيُّ الأَنْدَلُسِيُّ، مِنَ الجَزِيْرَةِ الخَضْرَاءِ، لَهُ كَرَامَاتٌ فِيمَا يُقَالُ وَأَحْوَالٌ.
نزلَ بَيْتَ المَقْدِسِ، وَصحِبَهُ الصَّالِحُوْنَ.
صحِبَ جَمَاعَةً، وَلَهُ جَلاَلَةٌ عَجِيْبَةٌ وَشُهْرَةٌ.
مَاتَ فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ رَحِمَهُ الله.
5380- ابن المعطوش 2:
الشَّيْخُ العَالِمُ الثِّقَةُ، المُعَمَّرُ، أَبُو طَاهِرٍ، المُبَارَكُ بن المبارك بن هبة الله بن المَعْطُوْشِ الحَرِيْمِيُّ البَغْدَادِيُّ العَطَّارُ، أَخُو أَبِي القَاسِمِ المُبَارَكِ.
وُلِدَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِ مائة.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي عَلِيٍّ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بن المهدي، وأبي الغَنَائِمِ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ المُهْتَدِي بِاللهِ، وَهِبَةِ اللهِ بنِ الحُصَيْنِ وَحَدَّثَ عَنْهُ بِجَمِيْعِ "المُسْنَدِ"، وَأَبِي المَوَاهِبِ أَحْمَدَ بنِ ملوك، والقاضي أبي بك، وَهُوَ آخرُ مَنْ سَمِعَ مِنِ ابْنِ المَهْدِيِّ وَابْنِ المُهْتَدِيّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ الدُّبَيْثِيِّ، وَابْنُ خليل، وابن النجار، وأبو موسى بن الحَافِظِ، وَاليَلْدَانِيُّ، وَابْنُ عَبْدِ الدَّائِمِ، وَالنَّجِيْبُ، وَآخَرُوْنَ.
وبالإجازة ابن أبي الخير، والفخر بن البُخَارِيِّ.
قَالَ ابْن الدُّبَيْثِيِّ: سَمَاعُهُ فِي سَنَةِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ، وَكَانَ يَقِظاً فَطِناً صَحِيْحَ السَّمَاعِ.
وَقَالَ ابْنُ نُقْطَةَ: تُوُفِّيَ فِي عَاشرِ جُمَادَى الأُوْلَى سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَكَانَ سَمَاعُهُ صَحِيْحاً.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: قَرَأْتُ عَلَيْهِ كَثِيْراً. وَكَانَ شَيْخاً مُتيقِّظاً، لطيفَ الطَّبعِ، مليحَ النَّادرَةِ، سرِيعَ الجَوَابِ، مِنْ مَحَاسِنِ النَّاسِ، قَرَأَ القُرْآنَ، وَطَلَبَ الحَدِيْثَ بِنَفْسِهِ، وَقرَأَ عَلَى المَشَايِخِ، وَكَتَبَ بِخَطِّهِ، وَعُمِّرَ حَتَّى تَفَرَّدَ بِأَكْثَر مَرْوِيَّاتِهِ. وحدث بمسند أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ مَرَّاتٍ، وَكَانَتِ الرِّحلةُ إِلَيْهِ. وَمتَّعَهُ اللهُ بِسَمْعِهِ وَبصرِهِ وَعقلِهِ إِلَى حِيْنِ وَفَاتِهِ، وَكَانَ مُكْرِماً لِمَنْ يَقصدُهُ مِنَ الطَّلبَةِ، بسامًا، مزاحًا.
__________
1 ترجمته في وفيات الأعيان "4/ ترجمة 632"، والنجوم الزاهرة "6/ 184"، وشذرات الذهب "4/ 342".
2 ترجمته في النجوم الزاهرة لابن تغري بردي "6/ 184"، وشذرات الذهب لابن العماد "4/ 343" ووقع عنده [ابن المعطوس] بالسين المهملة بدل [ابن المعطوش] بالشين المعجمة.

(15/474)


5381- العجلي 1:
الإِمَامُ العَلاَّمَةُ، مُفْتِي العَجَمِ، مُنْتَخَبُ الدِّينِ، أَبُو الفُتُوْحِ، أَسَعْدُ بنُ أَبِي الفَضَائِلِ مَحْمُوْدِ بنِ خَلَفِ بنِ أَحْمَدَ العِجْلِيُّ الأَصْبَهَانِيُّ الفَقِيْهُ الشَّافِعِيُّ الوَاعِظُ.
وُلِدَ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسمِعَ مِنْ فَاطِمَةَ الجُوْزْدَانِيَّةَ "المُعْجَمَ الصَّغِيْرَ" وَبَعْضَ "الكَبِيْرِ" أَوْ جَمِيْعَهُ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الفَضْلِ الحَافِظِ، وَغَانِمِ بنِ أَحْمَدَ وَجَمَاعَةٍ. وَسَمِعَ بِبَغْدَادَ فِي الكُهُوْلَة مِنِ ابْنِ البَطِّيِّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو نِزَارٍ رَبِيْعَةُ اليَمَنِيُّ، وَالحَافِظُ الضِّيَاءُ، وَابْنُ خَلِيْلٍ، وَجَمَاعَةٌ. وَأَجَازَ لابْنِ أَبِي الخَيْرِ وَابْنِ البُخَارِيِّ.
وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الشَّافِعِيَّةِ. لَهُ تَصَانِيْفُ.
قَالَ ابْنُ الدُّبَيْثِيِّ: كَانَ زَاهِداً، لَهُ معرفة تامة بالمذهب، وكان يأكل مِنَ النَّسْخِ، وَعَلَيْهِ كَانَ المعتمَدُ فِي الفَتْوَى بِأَصْبَهَانَ.
وَقَالَ القَاضِي ابْنُ خَلِّكَانَ: هُوَ أَحَدُ الفُقَهَاءِ الأَعيَانِ، لَهُ كِتَابٌ فِي شَرْحِ مُشكلاَتِ "الوجِيْزِ" وَ"الوسيطِ" لِلْغزَالِيِّ، وَكِتَابُ "تَتمَّة التَّتِمَّة". تُوُفِّيَ بِأَصْبَهَانَ فِي الثَّانِي وَالعِشْرِيْنَ مِنْ صفرٍ سَنَةَ سِتِّ مائَةٍ.
وَقَالَ الحَافِظُ الضِّيَاءُ: شَيْخُنَا هَذَا كَانَ إِمَاماً مُصَنِّفاً، أَملَى وَوعظَ، ثُمَّ تَرَكَ الوعظَ، جمعَ كِتَاباً سَمَّاهُ "آفَاتِ الوُعَّاظِ"، سمعت منه "المعجم الصغير" للطبراني.
__________
1 ترجمته في النجوم الزاهرة لابن تغري بردي "6/ 186"، ووقع عند [أبو الفتح] بدل [أبو الفتوح] وشذرات الذهب "4/ 344".

(15/475)


5382- الصفار 1:
الشَّيْخُ الإِمَامُ العَلاَّمَةُ، المُعَمَّرُ، فَخرُ الإِسْلاَمِ، أَبُو سَعْدٍ، عَبْدُ اللهِ ابْنُ العَلاَّمَةِ أَبِي حَفْصٍ عُمَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مَنْصُوْرِ ابْنِ فَقِيْهِ خُرَاسَانَ مُحَمَّدِ بنِ القَاسِمِ بنِ حَبِيْبِ ابْنِ الصَّفَّارِ النَّيْسَابُوْرِيُّ الشَّافِعِيُّ.
وُلِدَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ جدِّهِ لأُمِّهِ الإِمَامِ أَبِي نصر بن القُشَيْرِيّ، فَكَانَ آخِرَ مَنْ رَوَى عَنْهُ، وَسَمِعَ مِنَ الفُرَاوِيِّ "صَحِيْحَ مُسْلِمٍ"، وَمِنْ عَبْدِ الجَبَّارِ بن مُحَمَّدٍ الخُوَارِيِّ، وَزَاهِرِ بنِ طَاهِرٍ، وَالحَافِظِ عَبْدِ الغَافِرِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ، وَسَهْلِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، وَالفَضْلِ الأَبِيْوَرْدِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ صَاعِدٍ، وَمِنْ أَبِيْهِ، وَجَمَاعَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: بَدَلٌ التِّبْرِيْزِيُّ، وَنجمُ الدِّينِ أَبُو الجَنَّابِ الخَيْوَقِيُّ، وَأَبُو رَشِيْدٍ الغَزَّالُ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ ظَفَرٍ، وَالقَاسِمُ بنُ أَبِي سَعْدٍ الصَّفَّارُ وَلَدُهُ، وَجَمَاعَةٌ.
وَبِالإِجَازَةِ: الشَّيْخُ شَمْسُ الدِّيْنِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي عُمَرَ، وَابْنُ البُخَارِيِّ، وَطَائِفَةٌ.
وَكَانَ مِنَ الأَئِمَّةِ العُلَمَاءِ الأَثْبَاتِ.
وَمِنْ مَسْمُوْعَاتِهِ: "سُنَنُ الدَّارَقُطْنِيِّ" بفُوَيْتٍ مَعْلُوْمٍ عَلَى أَبِي القَاسِمِ الفَضْلِ بنِ مُحَمَّدٍ الأَبِيْوَرْدِيِّ بِسَمَاعِهِ مِنْ أَبِي مَنْصُوْرٍ النّوْقَانِيِّ، بِسَمَاعِهِ مِنْهُ، وَسَمِعَ "السُّنَنَ الكَبِيْرَ" مِنْ زَاهِرِ بنِ طَاهِرٍ، وَسَمِعَ "سُنَنَ أَبِي دَاوُدَ" مِنْ عَبْدِ الغَافِرِ: أَخْبَرَنَا نَصْرُ بنُ عَلِيٍّ الحَاكمِيُّ، وَسَمِعَ "السُّنَنَ" وَ"الآثَارَ" مِنْ عَبْدِ الجَبَّارِ.
أَنْبَأَنِي أَبُو العَلاَءِ الفَرَضِيُّ قَالَ: مَجْدُ الدين أبو سعد بن الصَّفَّارُ إِمَامٌ عَالِمٌ بِالأُصُوْلِ،
فَقِيْهٌ، ثقَةٌ، سَمِعَ أَبَاهُ وَعَمَّتَهُ عَائِشَةَ وَجَدَّتَهُ دُرْدَانَةَ أُخْتَ عَبْدِ الغَافِرِ، وَهِبَةَ اللهِ السَّيِّدِيَّ، وَسَهْلَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ المَسْجِدِيَّ، وَعِدَّةً.
قَالَ المُنْذِرِيُّ: مَاتَ فِي سَابِع عشر رمضان سنة ست مائة.
__________
1 ترجمته في النجوم الزاهرة "6/ 186"، وشذرات الذهب "4/ 345".

(15/476)


5383- القاسم 1:
الإِمَامُ المُحَدِّثُ، الحَافِظُ، العَالِمُ الرَّئِيْسُ، بَهَاءُ الدِّيْنِ، أَبُو مُحَمَّدٍ، القَاسِمُ ابْنُ الحَافِظِ الكَبِيْرِ مُحَدِّثِ العَصْرِ ثِقَةِ الدِّيْنِ أَبِي القَاسِمِ عَلِيِّ بنِ الحَسَنِ بنِ هِبَة اللهِ الدِّمَشْقِيُّ الشَّافِعِيُّ المَعْرُوفُ بِابْنِ عَسَاكِرَ، وَمَا علمتُ هَذَا الاسْم فِي أَجدَادِهِ وَلاَ مَنْ لُقِّبَ بِهِ مِنْهُم.
مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَأَجَازَ لَهُ: الفُرَاوِيّ، وَزَاهِر، وَقَاضِي المَارستَان، وَالحُسَيْن بن عبد الملك، وعبد المنعم بن القُشَيْرِيّ، وَابْنُ السَّمَرْقَنْدِيِّ، وَهِبَةُ اللهِ بنُ الطَّبَرِ، وَمُحَمَّد بن إِسْمَاعِيْلَ الفَارِسِيّ، وَهِبَة اللهِ بن سهل السيدي، وعبد الجَبَّار الخُوَارِيّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ مِنَ البِلاَد، لقيهُم وَالِده وَلَمْ أَجِدْ لَهُ حُضُوْراً وَلاَ لأَبِيْهِ وَعَمِّهِ الصَّائِن.
سَمِعَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ مِنْ جَمَال الإِسْلاَمِ أَبِي الحَسَنِ السُّلَمِيّ، وَجدّ أَبِيْهِ القَاضِي الزَّكِيّ يَحْيَى بن عَلِيٍّ القُرَشِيّ، وَيَحْيَى بن بِطْرِيْقٍ، وَنَصْر اللهِ بن مُحَمَّدٍ المصِّيْصِيِّ، وَأَبِي الدُّرّ يَاقُوْت الرُّوْمِيّ، وَهِبَة اللهِ بن طَاوُوْس، وَأَبِي طَالِبٍ عَلِيّ بن أَبِي عَقِيْلٍ، وَأَبِي الفُتُوْح أُسَامَة بن مُحَمَّدِ بنِ زَيْدٍ العَلَوِيِّ، وَأَبِي الكَرَمِ يَحْيَى بن عَبْدِ الغَفَّارِ عَنْ رِزْق اللهِ، وَخَال أَبِيْهِ أَبِي المَعَالِي مُحَمَّد بن يَحْيَى بنِ عَلِيٍّ، وَنَاصِر بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ القُرَشِيّ، وَأَبِي القَاسِمِ بنِ البُنِّ الأَسَدِيّ، وَالخَضِر بن الحُسَيْنِ بنِ عَبْدَان، وَعَبْدَان بن زَرِّيْنَ الدُّوِيْنِيّ، وَيَحْيَى بن سعدُوْنَ القُرْطُبِيّ، وَالحَافِظ أَبِي سَعْدٍ ابْنِ السَّمَّان، وَأَبِيْهِ أَبِي القَاسِمِ الحَافِظ، فَأَكْثَر إِلَى الغَايَة؛ فَإِنَّنِي مَا علمت أَحَداً سَمِعَ مِنْ أَبِيْهِ أَكْثَر مِنْ هَذَا الابْنِ حَتَّى وَلاَ ابْن الإِمَامِ أَحْمَد، لَعَلَّ القَاسِم سَمِعَ مِنْ أَبِيْهِ ثَلاَثَة آلاَف جُزْء، وَسَمِعَ مِنْ عَمّه الصَّائِن، وَمِنْ أبي يعلى بن الحبوبي، وحمزة بن كروس، وعبد الرحمن بن أَبِي الحَسَنِ الدَّارَانِيّ، وَإِبْرَاهِيْم بن طَاهِرٍ الخشوعي، وعبد الرَّحْمَنِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الحَسَنِ بنِ أَبِي الْحَدِيد، وَأَبِي البَرَكَاتِ الخَضِر بن عَبْدٍ الحَارِثِيّ، وَنَصْر بن أَحْمَدَ بنِ مُقَاتِل وَأَخِيْهِ عَلِيّ بن أَحْمَدَ، وَمُحَمَّد بن إِبْرَاهِيْمَ بنِ جَعْفَرٍ، وَفَضَائِل بن الحَسَنِ، وَأَبِي العشَائِر مُحَمَّد بن خَلِيْل، وَالوَزِيْر الفَلَكِيّ، وَأَبِي نَصْرٍ غَالِب بن أحمد، ونصر بن قاسم
__________
1 ترجمته في تذكرة الحفاظ "4/ 1368"، والنجوم الزاهرة "6/ 186"، وشذرات الذهب "4/ 347".

(15/477)


المَقْدِسِيّ المُلَقِّن، وَحُفَّاظ بن الحَسَنِ الغَسَّانِيّ، وَمَحْفُوْظ بن صَصْرَى التَّغْلِبِيّ، وَمُحَمَّد بن كَامِلٍ بن ديسم، وعلي بن الحُسَيْن بن أَشلِيهَا، وَحَمْزَة بن الحَسَنِ بنِ مُفَرِّجٍ الأَزْدِيّ، وَأَبِي طَاهِرٍ رَاشِد بن مُحَمَّدٍ، وَأَبِي الحَسَنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ النَّبِيْهِ، وَعَلِيّ بن زَيْدٍ، وَعَلِيّ بن هِبَةِ اللهِ بنِ خَلْدُوْنَ، وَهِبَة اللهِ بن الْمُسلم الرَّحَبِيّ، وَعَلِيّ بن أَحْمَدَ الحَرَسْتَانِيّ، وَخَلْقٍ سِوَاهُم.
وَهُوَ أَوسع رِوَايَة وَسَمَاعاً مِنْ أَبِي الفَرَجِ بن الجَوْزِيِّ، وَلَهُ عَمل جَيِّد، وَلَكِن ابْن الجَوْزِيّ أَعْلَم مِنْهُ بِكَثِيْر بِالرِّجَال وَالمتُوْن وَبعدَة فُنُوْن، وَكُلّ مِنْهُمَا لَمْ يَرْحَلْ، بَلْ قنع أَبُو مُحَمَّد بِبلده وَوَالِده، وَنَاهيك بِذَلِكَ، وَقنع أَبُو الفَرَجِ بِبَغْدَادَ.
نعم، وَحَجّ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي سَنَةِ555، فَسَمِعَ بِمَكَّةَ مِنْ مَسْعُوْد بن الحُصَيْنِ، وَأَحْمَد بن المُقَرِّبِ، وَأَبِي النَّجِيْب السُّهْرَوَرْدِيّ، وَفَخْرِ النِّسَاءِ شُهْدَة. وَسَمِعَ بِمِصْرَ، وَحَدَّثَ بِهَا، وَبِالحِجَاز، وَبَيْت المَقْدِسِ، وَدِمَشْق.
وَكَتَبَ مَا لاَ يُوْصَف كَثْرَة بِخَطِّهِ العَدِيْم الجوْدَة، وَأَملَى، وَصَنَّفَ، وَنُعِتَ بِالحِفْظ وَالفهمِ، وَلَكِنّ خطّه نَادر النَّقْط وَالشّكل.
جمع كِتَاباً كَبِيْراً فِي الجِهَادِ، وَمَا قَصَّر فِيْهِ، وَمُجَلَّداً فِي فَضَائِل القُدْس، وَمُجَلَّداً فِي المَنَاسِك، وَكِتَاباً فِي مَنْ حَدَّثَ بِمَدَائِنِ الشَّامِ وَقُرَاهَا، وَخَرَّجَ لِنَفْسِهِ مُوَافقَات وَأَبَدَالاً وَسُبَاعِيَات، وَأَملَى عِدَّة مَجَالِس، وَرَوَى الكَثِيْر، وَتَفَرَّد بِأَشيَاء عَالية.
ذكره العِزُّ النَّسَّابَةُ فَقَالَ: كَانَ أَحَبَّ مَا إليه المزاح.
وَقَالَ ابْنُ نُقْطَةَ: هُوَ ثِقَةٌ، لَكِنّ خطّه لاَ يُشبِه خطّ أَهْل الضَّبْط.
وَذَكَرَ المُحَدِّث عبد الرحمن بن مُقَرّبٍ عَنْ نَدَى العُرضِيّ، قَالَ:
قَرَأْتُ عَلَى بَهَاء الدِّيْنِ القَاسِمِ، فَقُلْتُ: عَنِ ابْنِ لَهِيْعَة، فَردّ عليّ بِالضمِّ!
قُلْتُ: ذكر مُحَدِّث أَنَّهُ اجْتَمَع بِالمَدِيْنَةِ بِبَهَاء الدِّيْنِ القَاسِم، فَسَأَلَهُ أَنْ يُحَدِّثهُ، فَرَوَى لَهُ مِنْ حِفْظِهِ أَحَادِيْث، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ قَابل تِلْكَ الأَحَادِيْث بِأَصلهَا، فَوَافَقت، وَبمثل هَذَا يُوْصَف المُحَدِّث فِي زَمَانِنَا بِالحِفْظ.
وَبَلَغَنِي أَنَّ الحَافِظ بَهَاء الدِّيْنِ وَلِي بَعْد أَبِيْهِ مَشْيَخة النّورِيَّة فَمَا تَنَاول مِنَ الجَامكيَّة شَيْئاً، بَلْ كَانَ يُعْطِيه لِمَنْ يَرحل فِي طَلَبِ الحَدِيْثِ.

(15/478)


حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو المَوَاهِبِ بنُ صَصْرَى، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ المُفَضَّلِ، وَعَبْد القَادِرِ الرُّهَاوِيّ، وَيُوْسُف بن خَلِيْل، وَوَلَده عِمَاد الدِّيْنِ عَلِيّ بن القاسم، وأبو الطاهر بن الأَنْمَاطِيِّ، وَالتَّاج القُرْطُبِيّ، وَفتَاهُ فَرَج، وَالتَّقِيّ اليَلْدَانِيّ، وَالشِّهَاب القُوْصِيّ، وَعَبْد الغَنِيِّ بن بَنِينَ، وَبَدَل بن أَبِي المُعَمَّر التَّبْرِيْزِيّ، وَالزَّيْن خَالِد بن يوسف، والمجد محمد بن عساكر، والتقي إِسْمَاعِيْل بن أَبِي اليُسْرِ، وَالنُّشْبِيّ وَوَلَده أَبُو بَكْرٍ، وَالكَمَال عَبْد العَزِيْزِ بن عَبْدِ، وَعَبْد الوَهَّابِ بن زَين الأُمَنَاءِ، وَفرَاس بن عَلِيٍّ العَسْقَلاَنِيّ، وَعِمَاد الدِّيْنِ عَبْد الكَرِيْمِ بن الحرستَانِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَبِالإِجَازَة: أَحْمَد بن سَلاَمَةَ الحَدَّاد، وَأَبُو الغَنَائِمِ بنُ عَلاَّنَ، وَطَائِفَة.
أَخْبَرَنَا ابْنُ عَلاَّنَ، وَابْن سَلاَمَةَ، كِتَابَةً، عَنِ القَاسِمِ بن عَلِيٍّ الحَافِظ، أَخْبَرَنَا أَبُو المُفَضَّل يَحْيَى بن عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا حَيْدَرَة بن عَلِيٍّ المُعَبِّر، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُثْمَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ حَذْلَم، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، حَدَّثَنِي عُقْبَة بن مُكْرَمٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الحَكَمِ، عَنْ عَلِيِّ بنِ حُسَيْنٍ، عَنْ مَرْوَانَ بنِ الحَكَمِ: شَهِدت عَلِيّاً وَعُثْمَان بَيْنَ مَكَّة وَالمَدِيْنَة، وَعُثْمَان يَنْهَى عَنِ المتعَة، وَأَنْ لاَ يُجْمَع بَيْنهُمَا، وَأَبَى عَلِيٌّ ذَلِكَ، أَهَلَّ بِهِمَا، فَقَالَ: لبّيك بعُمْرَة وَحجَّة مَعاً، فَقَالَ عُثْمَانُ: أَنْهَى النَّاسَ، وَأَنْت تَفْعَلُه? فَقَالَ: لَمْ أَكن أَدع سُنَّةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِقَوْل أَحَد مِنَ النَّاس1.
أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ، وَفِيْهِ أَن مَذْهَب الإِمَام عَلِيّ كَانَ يَرَى مخالفة ولي الأَمْر لأَجْل متَابعَة السُّنَّة، وَهَذَا حسن لِمَنْ قَوِيَ، وَلَمْ يُؤْذِهِ إِمَامه، فَإِنْ آذَاهُ، فَلَهُ ترك السّنَّة، وَلَيْسَ لَهُ ترك الْفَرْض، إلَّا أَنْ يَخَافَ السَّيْفَ.
أَخْبَرَنِي ابْنُ رَافِعٍ أَنَّهُ قرَأَ بِخَطِّ عِمَاد الدِّيْنِ عَلِيّ بن القَاسِمِ الحَافِظ تَرْجَمَة لأَبِيْهِ فَقَالَ: كَانَ وَالِدِي بَهَاء الدِّيْنِ مِنَ الأَئِمَّةِ وَالعُلَمَاء حِيْنَ بلغَ حدّ السَّمْعِ، سَمَّعَهُ عَمَّاهُ الحَافِظُ أَبُو الحُسَيْنِ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ مِنَ المَشَايِخ الأَعيَان، ثُمَّ قَدِمَ أَبُوْهُ -يَعْنِي مِنَ الرّحلَة- سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ، فَأَسْمَعَهُ. إِلَى أَنْ قَالَ: فَتَقْرُبُ عِدَّةُ مَشَايِخه مِنْ مائَة شَيْخ، تَفَرَّد بِالرِّوَايَة عَنْ أَكْثَرِهِم، وَلَمْ يَزَلْ يَسْمَعُ، وَيَكْتُب، وَيُؤَلِّف. قَالَ: وَحَجّ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ، فَسَمِعَ بِمَكَّةَ. إِلَى أَنْ قَالَ: وَلَوْلاَ تَبييضُه لِكِتَابِ التَّارِيْخ، وَنقله مِنَ المسوّدَة، لَمَّا قدر الشَّيْخ الكَبِيْر يَعْنِي وَالِده عَلَى إِتقَانه، وَلاَ جَوَّده، فَإِنَّهُ حِيْنَ فَرغ مِنْ تَسْوِيده، عجز عَنْ نَقله، وَتَجديده، وَضَبْطِ مَا فِيْهِ مِنَ المشْكِلِ، وَتَحدِيده، كَأنَّ نَظره قَدْ كَلَّ، وَبصره قَدْ قلّ، فلم يزل
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "1563" من طريق محمد بن بشار، حدثنا غندر به.
وأخرجه النسائي "5/ 148"، من طريق أبي عامر حدثنا شعبة، به.

(15/479)


وَالِدِي يَكتب، وَيَنْقله مِنَ الأَورَاق الصّغَار وَالظُهُوْر، وَيهذّب إِلَى أَنْ نَجز مِنْهُ نَحْو مائَة وَخَمْسِيْنَ جُزْءاً، وَكَأنَّ بَيْنَهُمَا نَفرَة، فَكَانَ لاَ يَحضر السَّمَاع تِلْكَ المُدَّة، فَحكَى لِي وَالِدِي، قَالَ: ضَاق صَدْرِي، فَأَتَيْتُ الوَالِد لَيْلَة النِّصْف فِي المنَارَة الشَّرْقِيَّة، وَزَال مَا فِي قَلْبه. وَسَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ القُرْطُبِيّ كَثِيْراً يَقُوْلُ عِنْد غَيبَة وَالِدك عَنْهُ: جزَاهُ الله عَنِّي خَيراً، فَلولاَهُ مَا تَمّ التَّارِيْخ، هَذَا أَوْ مَعْنَاهُ.
قُلْتُ: يُقَالُ: إِنَّ الحَافِظ أَبَا القَاسِمِ حَلَفَ أنه لا يكلم ابْنَهُ حَتَّى يَكتبَ التَّارِيْخَ، فَكَتَبَهُ، وَلَمَّا عَمل بَهَاءُ الدِّيْنِ كِتَاب "الجِهَاد"، سَمِعَهُ مِنْهُ كُلّه السُّلْطَان صَلاَح الدِّيْنِ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ، قَالَ: فَدعوت فِي أَوله وَآخره بِفَتح بَيْت المَقْدِسِ، فَاسْتجَاب الله ذَلِكَ، وَلَهُ الْحَمد، وَفتح بَيْت المَقْدِسِ فِي السَّادِس وَالعِشْرِيْنَ مِنْ رَجَب سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ وَأَنَا حَاضِرٌ فَتحه.
تُوُفِّيَ الحَافِظ بَهَاء الدِّيْنِ فِي تَاسع صفر سَنَة سِتّ مائَة، وَكَانَتْ جِنَازَته مَشْهُوْدَة.
تم الجزء الخامس عشر ويليه:
الجزء السادس عشر، وأوله: شميم

(15/480)


فهرس موضوعات الجزء الخامس عشر:
فهرس الموضوعات:
الصفحة الموضوع.
5/ 4878/ سبط الخَيَّاطِ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ عَلِيِّ بنِ أحمد.
5/ 4879/ سبط الخياط أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيِّ بنِ أحمد البغدادي النحوي.
7/ 4880/ الأنماطي أَبُو البَرَكَاتِ عَبْد الوَهَّابِ بن المُبَارَكِ بن أحمد البغدادي.
9/ 4881/ ابن الزكي قاضي دمشق أبو المعالي محمد بن يحيى بن علي الدمشقي الشافعي.
9/ 4882/ ابْنُ الشَّهْرُزُوْرِيِّ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ القَاسِمِ بن مظفر الموصلي الشافعي.
10/ 4883/ ابْنُ المُعْتَمِدِ أَبُو الفُتُوْحِ مُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ الإسفراييني الواعظ.
11/ 4884/ شُرَيْحُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ شُرَيْحِ بنِ أَحْمَدَ الإشبيلي المالكي أبو الحسن.
13/ 4885/ البديع أبو علي أحمد بن سعد بن علي العجلي الهمذاني.
13/ 4886/ الزَّيْدِيُّ أَبُو البَرَكَاتِ عُمَرُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ محمد العلوي الكوفي الحنفي.
14/ 4887/ ابْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ عَبْدِ السَّلاَمِ البغدادي.
15/ 4888/ فاطمة بنت محمد بن أبي سعد بن الحسن بن البغدادي.
15/ 4889/ أكز حسام الدين الحاجب.
16/ 4890/ ابن طراد أبو القاسم علي بن طراد بن محمد الزينبي الوزير.
17/ 4891/ الزمخشري أبو القاسم محمود بن عمر النحوي المفسر.
19/ 4892/ البحيري أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ النيسابوري.
20/ 4893/ سَعْدُ الخَيْرِ أَبُو الحَسَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سهل الأندلسي التاجر.
21/ 4894/ ابن الإخوة أبو العباس أحمد ابن محمد بن محمد البغدادي العطار.

(15/481)


21/ 4895/ شيخ الشيوخ أبو البركات إسماعيل بن أحمد بن محمد النيسابوري.
22/ 4896/ شافع بن عبد الرشيد الجبلي أبو عبد الله الشافعي.
22/ 4897/ ابْنُ الآبَنُوْسِيِّ أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ علي البغدادي الشافعي.
23/ 4898/ ابْنُ الأَشْقَرِ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ الواحد البغدادي الدلال.
23/ 4899/ ابْنُ أُخْتِ الطَّوِيْلِ أَبُو بَكْرٍ هِبَةُ اللهِ بن الفرج الهمذاني.
24/ 4900/ الدُّومِيُّ أَبُو الفَتْحِ مُفلِحُ بنُ أَحْمَدَ بنِ محمد البغدادي الوراق.
25/ 4901/ الشَّرِيكُ أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ البلخي.
25/ 4902/ ابْنُ الصَّبَّاغِ أَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ السَّيِّدِ بنِ مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيُّ الشافعي.
26/ 4903/ ابْنُ الرَّزَّازِ أَبُو مَنْصُوْرٍ سَعِيْدُ بنُ مُحَمَّدِ بن عمر البغدادي الشافعي.
26/ 4904/ الدهان أبو نصر عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي الفضل الهروي الصوفي.
27/ 4905/ عمر بن ظفر بن أحمد الشيباني المقرئ أبو حفص.
28/ 4906/ ظاهر بن أحمد البغدادي المساميري البزاز أبو القاسم.
28/ 4907/ الجُلاَّبِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ محمد الواسطي المالكي.
29/ 4908/ ابن المختار أَبُو تَمَّام أَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ المُخْتَارِ العباسي البغدادي المسند.
29/ 4909/ الطَّرَائِفِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الحسن البغدادي.
29/ 4910/ ابْنُ الدَّايَةِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ البَغْدَادِيُّ.
30/ 4911/ ابْنُ الرماك أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأموي الإشبيلي.
30/ 4912/ الغَنَوِيُّ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ محرز الرقي الشافعي الصوفي.
31/ 4913/ ابْنُ الوَزِيْرِ أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ مَسْعُوْدٍ الدمشقي الحافظ.
31/ 4914/ الجورقاني أبو عبد الله الحسين بن الهمذاني الحافظ.
32/ 4915/ أبو الدر ياقوت الرومي التاجر.

(15/482)


33/ 4916/ هبة الرحمن بن عبد الواحد بن عبد الكريم القشيري أبو الأسعد.
34/ 4917/ البَيْضَاوِيُّ أَبُو الفَتْحِ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بن محمد الفارسي الحنفي.
34/ 4918/ السِّمِّذِيُّ أَبُو المَكَارِمِ المُبَارَكُ بنُ عَلِيِّ بنِ عبد العزيز البغدادي.
34/ 4919/ الأُرْمَوِيُّ أَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ يوسف البغدادي الشافعي.
36/ 4920/ الأُمَوِيُّ أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ سَعِيْدِ بنِ أحمد القرشي الجزري الشافعي.
36/ 4921/ الأُنْديُّ أَبُو الحجَّاجِ يُوْسُفُ بنُ عَلِيٍّ القُضَاعِيُّ المحدث.
37/ 4922/ المراي أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ سُلَيْمَانَ بنِ أَحْمَدَ القرطبي الشافعي.
38/ 4923/ الأتابك عماد الدين زنكي بن آقْسُنْقُرَ بنِ عَبْدِ اللهِ التُّرْكِيُّ صَاحِبُ حَلَبَ.
39/ 4924/ غازي بن زنكي الملك سيف الدين.
39/ 4925/ أَبُو بَكْرٍ يَحْيَى بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرحمن البقوي القرطبي الشاعر.
40/ 4926/ ابن الشجري أَبُو السَّعَادَاتِ هِبَةُ اللهِ بنُ عَلِيِّ بنِ محمد الحسني البغدادي.
41/ 4927/ المِيْهَنِيُّ أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ طَاهِرِ بنِ سعيد الخراساني الصوفي.
42/ 4928/ ابْنُ العَرَبِيِّ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ محمد الأندلسي المالكي.
45/ 4929/ رزين بن معاوية بن عمار العبدري الأندلسي أبو الحسن.
46/ 4930/ الكرماني أَبُو الفَضْلِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أميرويه الحنفي الخرساني.
47/ 4931/ الزينبي أَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ نور الهدَى الحُسَيْن بن محمد الهاشمي الحنفي.
47/ 4932/ أبو جعرك أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ أَبِي جَعْفَرٍ البَيْهَقِيُّ النيسابوري المفسر.
48/ 4933/ الفَنْدَلاَوِيُّ أَبُو الحَجَّاجِ يُوْسُفُ بنُ دُوْنَاسَ المَغْرِبِيُّ المالكي.
48/ 4934/ الأرجاني الشاعر أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ الشافعي.
49/ 4935/ الزِّيَادِيُّ أَبُو المَحَاسِنِ أَسَعْدُ بنُ عَلِيِّ بنِ الموفق الهروي الحنفي.
49/ 4936/ القاضي عياض أبو الفضل بن موسى اليحصبي الأندلسي.
52/ 4937/ أبو عبد الله محمد بن عياض بن محمد بن القاضي عياض النحوي.
53/ 4938/ ابن الدباغ أَبُو الوَلِيْدِ يُوْسُفُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ يوسف المالكي.

(15/483)


53/ 4939/ البيع أبو بكر محمد بن عبد العزيز علي الزهري البغدادي.
54/ 4940/ ابن عبدان أَبُو القَاسِمِ الخَضِرُ بنُ حُسَيْنِ بنِ عَبْدِ الله الأزدي الدمشقي.
54/ 4941/ موفق أَبُو السَّدَادِ الحَبَشِيُّ مَوْلَى الوَزِيْرِ نِظَامِ المُلْكِ.
55/ 4942/ الشَّحَّامِيُّ أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ عَلِيِّ بنِ الحسين النيسابوري.
55/ 4943/ الرفاء الشاعر أبو الحسين أحمد بن منير بن أحمد بن ملح الأطرابلسي.
56/ 4944/ القَيْسَرَانِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ نَصْرِ بن صغير بن خالد سيد الشعراء.
56/ 4945/ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ أَبُو المَعَالِي الفَضْلُ بنُ سَهْلِ بنِ بشر الدمشقي.
57/ 4946/ ابن الفراوي أَبُو البَرَكَاتِ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الفضل بن النيسابوري.
58/ 4947/ السُّلْطَانُ أَبُو سَعْدٍ عُمَرُ بنُ عَلِيِّ بنِ سهل الدامغاني الشافعي.
58/ 4948/ أنر ملك الأمراء بدمشق معين الدين الطغتكيني.
59/ 4949/ السَّنْجَبَسْتِيُّ أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ، شيخ مسند.
59/ 4950/ العَبَّادِيُّ أَبُو مَنْصُوْرٍ المُظَفَّرُ بنُ أَرْدَشِيْرَ المَرْوَزِيُّ.
60/ 4951/ أبو عبد الله مردنيش الجذامي المغربي.
61/ 4952/ ابْنُ مُسْهِرٍ عَلِيُّ بنُ سَعْدِ بنِ عَلِيٍّ الموصلي الشاعر مهذب الدين.
62/ 4953/ بن نظام الملك الوزير أبو نصر أحمد بن نظام الملك الحسن بن علي الطوسي.
63/ 4954/ أبو محمد بن عياض المجاهد.
64/ 4955/ ابن أبي ركب أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مَسْعُوْدِ بنِ عَبْدِ اللهِ الخُشَنِيُّ النحوي.
64/ 4956/ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مَرْدَنِيْشَ الجذامي الأندلسي الملك أبو عبد الله.
66/ 4957/ حيدرة بن مفرج بن حسن، الوزير ابن الصوفي الدمشقي زين الدولة.
66/ 4958/ المسيب بن مفرج بن حسن، الوزير العميد أبو الذواد، أخو حيدرة.
66/ 4959/ ابن حمدين أَبُو جَعْفَرٍ حَمْدِين بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ الثعلبي.
67/ 4960/ خياط الصوف أبو سعد بن جامع بن أبي نصر النيسابوري.

(15/484)


68/ 4961/ الحَمَّامِيُّ أَبُو القَاسِمِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَلِيِّ بنِ الحسين النيسابوري الصوفي.
68/ 4962/ ابن البن أَبُو القَاسِمِ الحُسَيْنُ بنُ الحَسَنِ بنِ مُحَمَّدٍ الأسدي الشافعي.
69/ 4963/ ابْنُ مَطْكُودٍ أَبُو القَاسِمِ نَصْرُ بنُ أَحْمَدَ بن مقاتل السوسي الدمشقي.
69/ 4964/ ابن مطكود علي بن أحمد بن مقاتل أخو نصر.
70/ 4965/ ابن أبي مروان أبو عمر وأبو جعفر أحمد بن عبد الله بن محمد الأنصاري.
70/ 4966/ حَامِدُ بنُ أَبِي الفَتْحِ أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدٍ المديني الحافظ أبو عبد الله.
70/ 4967/ حمزة بن محمد بن بحسول الهمذاني أبو الفتح الهروي.
71/ 4968/ علي بن حيدرة بن جعفر الحسيني أبو طالب نقيب الأشراف.
71/ 4969/ ابن دادا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ حُسَيْنٍ الجرباذقاني.
71/ 4970/ الكشميهني أبو الفتح مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي تَوبَةَ المروزي.
72/ 4671/ عبد الخالق بن زاهر بن طاهر النيسابوري الشحامي أبو منصور.
74/ 4972/ عبدان بنُ زَرِّيْنِ بنِ مُحَمَّدٍ الدُّوِيْنِيُّ المُقْرِئُ أَبُو محمد.
74/ 4973/ هبة الله بن الحسن بن علي البغدادي الحاسب أبو القاسم.
75/ 4974/ الحرضي أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مَنْصُوْرِ بنِ عَبْدِ الرحيم النيسابوري.
75/ 4975/ الرُّشَاطِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيِّ بنِ عبد الله الأندلسي الحافظ.
76/ 4976/ الأَزَجِيُّ أَبُو المُعَمَّرِ المُبَارَكُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عبد العزيز الانصاري الحافظ.
76/ 4977/ ابن الطلاية أبو العَبَّاس أَحْمَد بنُ أَبِي غَالِبٍ بنِ أَحْمَدَ البغدادي.
78/ 4978/ نصر بن المظفر بن الحسين البرمكي أبو المحاسن، الشخص العزيز.
78/ 4979/ ابن البناء أبو القاسم سعيد بن أبي غالب أحمد بن الحسن البغدادي.
79/ 4980/ ابن ناصر أَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ نَاصرِ بنِ مُحَمَّدِ بن علي السلامي البغدادي الحافظ.
83/ 4981/ الجنيد بن محمد، أبو القاسم القايني، شيخ الصوفية.
84/ 4982/ حنبل بن علي البخاري أبو جعفر الصوفي.
84/ 4983/ الكروخي أبو الفتح عَبْدِ المَلِكِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي سهل الهروي.

(15/485)


85/ 4984/ البَلْخِيُّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ بنِ محمد الحنفي الدمشقي.
86/ 4985/ الرُّطَبِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ الله بن سلامة الكرخي.
86/ 4986/ ابْنُ الزَّاغُوْنِيِّ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ بنِ نصر البغدادي.
87/ 4987/ عبد الخالق بن أحمد بن عبد القادر اليوسفي، أبو الفرج الحافظ.
88/ 4988/ ابن الإخوة أَبُو الفَضْلِ عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ أَحْمَدَ بنِ محمد البغدادي.
89/ 4989/ ابن السلار الْملك العَادل سَيْف الدِّيْنِ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ الكردي الوزير.
90/ 4990/ ابن جهير الوزير أبو نصر مُظَفَّرُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ ابن جهبر.
90/ 4991/ البُسْتِيُّ أَبُو العِزِّ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ محمد الصوفي.
90/ 4992/ السِّنْجِيُّ أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عبد الله المروزي الشافعي.
91/ 4993/ السبخي أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي بَكْرٍ بنِ عثمان البزدوي الحنفي.
92/ 4994/ الشَّهْرَسْتَانِيُّ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ بنِ أَحْمَدَ، أبو الفتح، المتكلم.
93/ 4995/ عَبَّاسَةُ أَبُو مُحَمَّدٍ العَبَّاسُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أبي منصور الطابراني.
93/ 4996/ الشَّهْرُزُوْرِيُّ أَبُو الكَرَمِ المُبَارَكُ بنُ الحَسَنِ بنِ أحمد البغدادي المقرئ.
94/ 4997/ ابن خميس أبو عبد الله الحسين بن نصر بن محمد الجهني الكعبي الشافعي.
95/ 4998/ القَيْسِيُّ أَبُو العَشَائِرِ مُحَمَّدُ بنُ الخَلِيْلِ بنِ فارس الدمشق.
96/ 4999/ حَامِدُ بنُ أَبِي الفَتْحِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ المدني الحافظ.
96/ 5000/ الخطير أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ خطاب، خطير الدولة.
97/ 5001/ العُكْبَرِيُّ أَبُو القَاسِمِ نَصْرُ بنُ نَصْرِ بنِ علي بن يونس الشافعي.
97/ 5002/ الشلبي أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ عِيْسَى بنِ عبد الله الأندلسي.
98/ 5003/ الفامي أبو النضر عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ بنِ عُثْمَانَ الهروي.
98/ 5004/ المُبَارَكُ بنُ كَامِلِ بنُ أَبِي غَالِبٍ الخَفَّافُ، أبو بكر البغدادي.
99/ 5005/ ابن الخل أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ المُبَارَكِ بنِ مُحَمَّدِ البغداد الشافعي.
100/ 5006/ بكبرة أَبُو الفَتْحِ عَبْدُ السَّلاَمِ بنُ أَحْمَدَ بنِ إسماعيل الهروي المقرئ.
101/ 5007/ أَبُو الوَقْتِ عَبْدُ الأَوَّلِ بنُ عِيْسَى بنِ شعيب السجزي الهروي.

(15/486)


106/ 5008/ المُشْكَانِيُّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ الروذراوري الشافعي.
106/ 5009/ محمد بن يحيى بن منصور، شيخ الشافعية، أبو سعد النيسابوري.
108/ 5010/ ابن ناجية أبو القاسم أحمد بن أَبِي المَعَالِي عَبْدِ اللهِ بنِ بَرَكَةَ الحَرْبِيُّ.
108/ 5011/ أحمد بن وقشى.
108/ 5012/ الزَّبِيْدِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ علي بن مسلم القرشي.
110/ 5013/ البروجردي أَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ العلاء.
110/ 5014/ الحصكفي معينُ الدِّينِ أَبُو الفَضْلِ يَحْيَى بنُ سَلاَمَةَ بن حسين الطنزي.
111/ 5015/ علي بن مهدي.
112/ 5016/ خوارز مشاه الملك أتشز بن محمد بن نوشتكين.
112/ 5017/ الشَّحَّامُ أَبُو مُحَمَّدٍ سَلْمَانُ بنُ مَسْعُوْدِ بنِ حسن البغدادي.
113/ 5018/ الغَزْنَوِيُّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ، الوَاعِظُ.
114/ 5019/ مُجَلِّي بنُ جُمَيْعِ بنِ نَجَا القُرَشِيُّ المَخْزُوْمِيُّ الشافعي أبو المعالي.
114/ 5020/ أبو البيان نبأ بن محمد بن محفوظ الحوراني الشافعي.
114/ 5021/ الخَرَّازُ أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ علي الحريمي البغدادي.
115/ 5022/ صاحب نصيبين شمس الملوك أبو نصر إبراهيم بن رضوان بن تتش.
115/ 5023/ عَبْدُ الصَّبُورِ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ، أَبُو صَابِرٍ الهروي التاجر.
116/ 5024/ كوتاه أَبُو مَسْعُوْدٍ عَبْدُ الجَلِيْلِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عبد الواحد الأصبهاني.
117/ 5025/ العَبَّاسِيُّ أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عبد العزيز، نقيب الهاشميين بمكة.
118/ 5026/ ابْنُ غَبْرَةَ أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الحسن الهاشمي الحارثي.
119/ 5027/ ابْنُ مَحْمُويه أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بن الحسين اليزدي الشافعي.
120/ 5028/ الأَغرجِيُّ أَبُو الفَرَجِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أبي سعيد الخوارزمي.
120/ 5029/ البِيْكَنْدِيُّ أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بنُ عَلِيِّ بنِ محمد البخاري.
121/ 5030/ ابن الصفار أبو حفص عمر ابن أحمد بن منصور النيسابوري الشافعي.

(15/487)


122/ 5031/ الكرماني أَبُو سَعْدٍ عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ الحَسَنِ بنِ عبد الله النيسابوري.
122/ 5032/ ابن القطان أَبُو القَاسِمِ هِبَةُ اللهِ بنُ الفَضْلِ بنِ عبد العزيز المتوثي.
123/ 5033/ جعفر بن زيد بن جامع، أبو الفضل الطائي الشامي.
124/ 5034/ عدي بن صخر -أو ابن مسافر- بن إسماعيل الشامي الهكاري.
125/ 5035/ ابن الحطيئة أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أحمد اللخمي المغربي.
127/ 5036/ الدَّارَانِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي الحسن بن إبراهيم الكناني الدمشقي.
128/ 5037/ الجواد الوزير أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ أَبِي منصور الأصبهاني.
128/ 5038/ جلال الدين علي بن الوزير أبي جعفر الجواد الأصبهاني.
128/ 5039/ سَدِيدُ الدَّوْلَةِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ بنِ إبراهيم الشيباني ابن الأنباري.
129/ 5040/ اللَّبَّادُ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ الأصبهاني.
129/ 5041/ البزري أَبُو القَاسِمِ عُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ الجزري الشافعي.
130/ 5042/ الحَرَّانِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بن العباس البغدادي.
130/ 5043/ ابن الفراء أبو يعلى الصغير محمد بن محمد بن القاضي الكبير أبي يعلى الحنبلي.
131/ 5044/ ابن التلميذ أَمِيْنُ الدَّوْلَةِ أَبُو الحَسَنِ هِبَةُ اللهِ بنُ صاعد المسيحي الطبيب.
131/ 5045/ ابن الصابوني أبو الفتح عبد الوهاب بن محمد الحسين.
132/ 5046/ عَلِيُّ بنُ عَسَاكِرَ بنِ سُرُوْرٍ، أَبُو الحَسَنِ المقدسي الخشاب.
132/ 5047/ ابن قفرجل أَبُو القَاسِمِ أَحْمَدُ بنُ المُبَارَكِ بنِ عَبْدِ الباقي القطان.
133/ 5048/ ابن الحبوبي أيو يعلى حمزة بن علي هبة الله بن حسن الدمشقي البزاز.
133/ 5049/ الأُقْلِيْشِيُّ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ مَعَدِّ بنِ عيسى التجيبي.
134/ 5050/ ابْنُ التُّرَيْكِيِّ أَبُو المُظَفَّرِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بن علي الهاشمي العباسي.
134/ 5051/ الغَانِمِيُّ أَبُو المَحَاسِنِ مَسْعُوْدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ غانم الهروي.
135/ 5052/ الطَّائِيُّ أَبُو الفُتُوْحِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ علي الهمذاني.

(15/488)


136/ 5053/ سنجر السلطان ملك خراسان بن ملكشاه بن ألب أرسلان.
138/ 5054/ أبق صاحب دمشق مجبر الدين أبو سعيد بن محمد بن بوري بن طغتكين.
138/ 5055/ عبد المؤمن بن علي بن علوي، سلطان المغرب.
143/ 5056/ شَهْرَدَارُ بنُ شِيْرَوَيْه بنِ شَهْرَدَارَ بنِ شِيْرَوَيْه بن شهردار ن شيرويه بن فناخسره الديلمي.
144/ 5057/ الباغبان أَبُو الخَيْرِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ بنِ عُمَرَ الأصبهاني المهندس.
145/ 5058/ الشَّيْخُ رِسْلاَنُ بنُ يَعْقُوْبَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدمشقي.
146/ 5059/ أَبُو الحُسَيْنِ الزَّاهِدُ بنُ أَبِي عَبْدِ اللهِ بن حمزة المقدسي.
148/ 5060/ السلطان مسعود بن محمد بن ملكشاه السلجوقي غياث الدين أبو الفتح.
149/ 5061/ الخجندي صَدْرُ الدِّيْنِ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللطيف بن محمد الشافعي.
150/ 5062/ ابْنُ المُتَوَكِّلِ أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ جَعْفَرٍ بن عبد الصمد الهاشمي.
150/ 5063/ ابن القلانسي أَبُو يَعْلَى حَمْزَةُ بنُ أَسَدِ بنِ عَلِيٍّ التميمي الدمشقي المؤرخ.
151/ 5064/ صاحب غزنة خسروشاه بن بهرام بن مَسْعُوْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مَسْعُوْدِ بنِ مَحْمُوْدِ.
151/ 5065/ الكَرْخِيُّ أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بن جعفر.
152/ 5066/ ابْنُ المَادِحِ أَبُو مُحَمَّدٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بن عبد الكريم التميمي البغدادي.
152/ 5067/ ابْنُ كَرُّوْسٍ أَبُو يَعْلَى حَمْزَةُ بنُ أَحْمَدَ بن فارس السلمي الدمشقي.
153/ 5068/ الشِّبْلِيُّ أَبُو المُظَفَّرِ هِبَةُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بن محمد البغدادي المؤذن.
154/ 5069/ المُوْسَوِيُّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ حَمْزَةَ بنِ إسماعيل الهاشمي الهروي.
154/ 5070/ الزِّيَادِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ البغوي.
155/ 5071/ أَبُو حَكِيْمٍ إِبْرَاهِيْمُ بنُ دِيْنَارٍ النُّهْرُوَانِيُّ الحَنْبَلِيُّ البغدادي.
155/ 5072/ الزَّيَّاتُ أَبُو النَّدَى حَسَّانُ بنُ تَمِيْمِ بنِ نصر الدمشقي.
156/ 5073/ الصالح وزير مصر طلائع بن رزيك أبو الغارات.

(15/489)


157/ 5074/ المقتفي لأمر الله أمير المؤمنين العباسي.
164/ 5075/ المستنجد بالله ابن المقتفي لأمر الله الخليفة العباسي.
168/ 5076/ أَبُو البَرَكَاتِ هِبَةُ اللهِ بنُ عَلِيِّ بنِ ملكا الفيلسوف الطبيب.
168/ 5077/ كمال بنت أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ بنِ السمرقندي أم الحسن.
169/ 5078/ أبو المظفر هِبَةُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ، أخو المحدثة كمال.
169/ 5079/ الخزرجي أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الحَقِّ بن أحمد القرطبي المالكي.
169/ 5080/ الحَرَسْتَانِيُّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ القرشي البستاني.
170/ 5081/ الفَلَكِيُّ أَبُو المُظَفَّرِ سَعِيْدُ بنُ سَهْلِ بنِ محمد النيسابوري الخوارزمي الوزير.
170/ 5082/ العَلَوِيُّ أَبُو طَالِبٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ محمد بن علي البصري.
172/ 5083/ ابن هبيرة الوزير أَبُو المُظَفَّرِ يَحْيَى بنُ مُحَمَّدِ بنِ هُبَيْرَةَ الحنبلي.
175/ 5084/ الرُّسْتُمِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَسَنُ بنُ العَبَّاسِ بن علي الأصبهاني الشافعي.
177/ 5085/ ابْنُ رِفَاعَةَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ رفاعة بن غدير بن علي السعدي الشافعي.
179/ 5086/ خزيفة أَبُو المُعَمَّرِ عَبْدُ اللهِ بنُ سَعْدِ بنِ الحين البغدادي العطار.
179/ 5087/ الشيخ عبد القادر الجيلاني.
186/ 5088/ عَبْدُ الجَلِيْلِ بنُ أَبِي سَعْدٍ مَنْصُوْرِ بنِ إسماعيل الهروي أبو محمد الفامي.
187/ 5089/ عَبْدُ الهَادِي بنُ أَبِي سَعِيْدٍ بنِ عَبْدِ الله السجستاني أبو عروبة.
187/ 5090/ البَسْطَامِيُّ أَبُو شُجَاعٍ عُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ البلخي.
188/ 5091/ الكِيْزَانِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ ثابت المصري الواعظ.
189/ 5092/ القَنْطَرِيُّ أَبُو القَاسِمِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بن أحمد الأندلسي.
189/ 5093/ السمعاني أبو سَعْدٍ عَبْدِ الكَرِيْمِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مَنْصُوْرِ الخراساني المروزي.
194/ 5094/ ابْنُ اللَّحَّاسِ أَبُو المَعَالِي مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ الحريمي.
195/ 5095/ الأَشِيْرِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ الصنهاجي.

(15/490)


196/ 5096/ ابن الماسح أبو القاسم علي بن الحسن بن الحسن الدمشقي الشافعي.
196/ 5097/ البارزي أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ الحُسَيْنِ بنِ عبد الواحد البغدادي.
197/ 5098/ مسعود بن الحسن بن القاسم بن أحمد أبو الفرج مسند العصر.
198/ 5099/ الدَّقَّاقُ أَبُو القَاسِمِ هِبَةُ اللهِ بنُ الحَسَنِ بن هلال البغدادي.
199/ 5100/ الباجسرائي أَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الغَنِيِّ بنِ محمد التانئ.
199/ 5101/ ابن المقرب أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ المُقَرِّبِ بنِ الحُسَيْنِ البغدادي الكرخي.
200/ 5102/ الطَّامِذِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيِّ بنِ عبد الله الأصبهاني.
200/ 5103/ أبو النجيب عبد القاهر بن عبد الله بن محمد الهروردي الشافعي.
202/ 5104/ ابن تاج القراء أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ محمد الطوسي.
203/ 5105/ ابن الطبي أَبُو الفَتْحِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي بنِ أحمد البغدادي الحاجب.
206/ 5106/ ابْنُ الفَاخِرِ أَبُو أَحْمَدَ مَعْمَرُ بنُ عَبْدِ الواحد بن رجاء بن الفاخر القرشي.
207/ 5107/ ابْنُ خُضَيْرٍ أَبُو طَالِبٍ المُبَارَكُ بنُ عَلِيٍّ بن محمد البغدادي الصيرفي.
208/ 5108/ نفيسة -وَتُسَمَّى فَاطِمَةَ- بِنْتَ مُحَمَّدِ بن عَلِيٍّ البَزَّازَةَ البغدادية.
209/ 5109/ ابن الزبير القَاضِي الرَّشِيْدُ أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بن إبراهيم الغساني.
209/ 5110/ ابْنُ الكُرَيْدِيِّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مَهْدِيِّ بن مفرج الهلالي الدمشقي.
209/ 5111/ السَّوِيْقِيُّ أَبُو عَاصِمٍ قَيْسُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إسماعيل الأصبهاني الصوفي.
210/ 5112/ الزَّاغُوْلِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ محمد المروزي.
211/ 5113/ البَاذَرَائِيُّ أَبُو المَكَارِمِ المُبَارَكُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ المعمر البغدادي.
211/ 5114/ ابن الدامغاني أبو مَنْصُوْرٍ جَعْفَر بن عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ البغدادي.
212/ 5115/ الصائن أَبُو الحُسَيْنِ هِبَةُ اللهِ بنُ الحَسَنِ بنِ هِبَةِ اللهِ بن عساكر الشافعي.
213/ 5116/ عبد الخالق بن أسد بن ثابت الفقيه الحنفي الدمشقي أبو محمد.

(15/491)


214/ 5117/ ابن النقور أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ البَغْدَادِيُّ البزاز.
214/ 5118/ ابن هلال أَبُو المَكَارِمِ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ المسلم الأزدي الدمشقي.
215/ 5119/ الفارقي أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بن عبد الحميد البغدادي.
216/ 5120/ فورجه أَبُو القَاسِمِ مَحْمُوْدُ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ بنِ علي الأصبهاني التاجر.
217/ 5121/ أَبُو زُرْعَةَ المَقْدِسِيُّ طَاهِرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ طاهر الشيباني.
218/ 5122/ ابْنُ الخَلاَّلِ أَبُو الحَجَّاجِ يُوْسُفُ بنُ مُحَمَّدٍ المصري كاتب السر للحافظ العبيدي.
218/ 5123/ يَحْيَى بنُ ثَابِتِ بنِ بُنْدَارَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ البغدادي البقال أبو القاسم.
219/ 5124/ ابن هذيل أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ البلنسي.
220/ 5125/ ابْنُ سَعَادَةَ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ بنِ سعادة المرسي الأندلسي.
220/ 5126/ الجَيَّانِيُّ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ ياسر الأنصاري.
222/ 5127/ الرَّحَبِيُّ أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ، بواب الحريم.
222/ 5128/ البَطَلْيَوْسِيُّ أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ الحسن الأندلسي.
223/ 5129/ ابْنُ بُنْدَارَ أَبُو المَحَاسِنِ يُوْسُفُ بنُ عَبْدِ الله الدمشقي الشافعي.
224/ 5130/ شاور بن مجبر السعدي أبو شجاع وزير الديار المصرية.
225/ 5131/ محمد بن عبد الله بن محمد القيسي المالكي أبو عبد الله.
226/ 5132/ ابْنُ قُزْمَانَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ القرطبي الفقيه.
226/ 5133/ عُلَيْمُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ العمري الأندلسي أبو محمد.
227/ 5134/ الزكي أبو الحسن عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ عَلِيٍّ القرشي الشافعي.
227/ 5135/ ابن قرقول أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ يُوْسُفَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الوهراني.
229/ 5136/ السلطان مودود صاحب الموصل بن زنكي بن آقسنقر.
229/ 5137/ ابن ظفر أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي مُحَمَّدٍ بن محمد الصقلي.
230/ 5138/ ابن الخشاب أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ أحمد البغدادي النحوي.
232/ 5139/ الصيدلاني أَبُو المُطَهَّرِ القَاسِمُ بنُ الفَضْلِ بنِ عَبْدِ الواحد الأصبهاني.
233/ 5140/ الصيدلاني أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ الحُسَيْنِ الأصبهاني.

(15/492)


233/ 5141/ نور الدين الشهيد أبو القاسم محمود بن زنكي بن آقسنقر.
238/ 5142/ حَفَدَه أَبُو مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَسْعَدَ بنِ محمد الطوسي الشافعي.
239/ 5143/ ابن الرخلة أبو محمد صالح بن المبارك بن محمد البغدادي الكرخي.
239/ 5144/ علي بن حميد بن عمار الطرابلسي النحوي.
240/ 5145/ شُهْدَةُ بِنْتُ المُحَدِّثِ أَبِي نَصْرٍ أَحْمَدَ بنِ الفرج الدينوري البغدادي.
241/ 5146/ ابن ماشاذة أبو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَبِي الفَرَجِ الأصبهاني.
241/ 5147/ المَعْدَانِيُّ أَبُو القَاسِمِ رَجَاءُ بنُ حَامِدِ بنِ رجاء الأصبهاني.
242/ 5148/ نَصْرُ بنُ سَيَّارِ بنِ صَاعِدِ بنِ سَيَّارٍ الهروي الحنفي أبو الفتح.
242/ 5149/ ابن قلاقس الشاعر أبو الفتح نصر الله بن عبد الله الإسكندري.
243/ 5150/ القُرْطُبِيُّ أَبُو بَكْرٍ يَحْيَى بنُ سَعْدُوْنَ بنِ تمام الأزدي.
244/ 5151/ البطائحي أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ عَسَاكِرَ بنِ المُرَحَّبِ الضرير.
245/ 5152/ تجني بنت عبد الله الوهبانية أم عتب.
245/ 5153/ خديجة بنت أحمد بن الحسن بنت النهرواني.
246/ 5154/ عبد الحق بن عبد الخالق بن أحمد اليوسفي أبو الحسين.
247/ 5155/ ابن عساكر الحافظ المؤرخ أبو القاسم ثقة الدين علي بن الحسن بن هبة الله.
255/ 5156/ ابْنُ شَافِعٍ أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ بن شافع الجيلي البغدادي.
256/ 5157/ أبو الخير عبد الرحيم بن محمد بن أحمد الأصبهاني الحافظ.
257/ 5158/ الحَاجِّيُّ أَبُو مَسْعُوْدٍ عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ عَلِيِّ بن حمد الأصبهاني.
258/ 5159/ أَبُو رَشِيْدٍ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ بنِ عَبْدِ اللهِ الأصبهاني.
258/ 5160/ البَرَوِيُّ أَبُو مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ بن سعد الخراساني الواعظ.
259/ 5161/ الجبريلي أبو أحمد أسعد بن بلدرك البواب.
259/ 5162/ ابْنُ العَصَّارِ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الرحيم بن الحسن العباسي.
260/ 5163/ الحَظِيْرِيُّ أَبُو المَعَالِي سَعْدُ بنُ عَلِيِّ بنِ قاسم الأنصاري الشاعر.
260/ 5164/ ابن الدهان أبو محمد سعيد بن المبارك البغدادي النحوي.
261/ 5165/ عبد النبي بن المهدي علي بن مهدي.

(15/493)


262/ 5166/ الطَّاهِرِيُّ أَبُو المَكَارِمِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ الخزاعي الحريمي.
262/ 5167/ ابن النعمة أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ خلف الأندلسي.
263/ 5168/ البَيْهَقِيُّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ زَيْدِ بنِ أميرك الأنصاري الخزيمي.
264/ 5169/ ابْنُ البَلَدِيِّ أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بن سعيد، وزير المستنجد بالله.
264/ 5170/ شيركوه بن شاذي بن مروان الكردي أسد الدين.
265/ 5171/ نجم الدين أيوب والد الملوك.
265/ 5172/ يوسف بن آدم بن محمد المراغي الدمشقي أبو يعقوب.
267/ 5173/ ابن عبد أَبُو البَرَكَاتِ الخَضِرُ بنُ شِبْلِ بنِ الحُسَيْنِ الدمشقي الشافعي.
267/ 5174/ عمارة بن علي بن زيدان اليمني الشافعي الشاعر أبو محمد.
269/ 5175/ العثماني أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن يحيى الديباجي الاسكندراني.
270/ 5176/ ابن بنيمان أبو الفضل محمد ابن بنيمان بن يوسف الهمذان.
271/ 5177/ السلفي: أحمد بن محمد.
287/ 5178/ أبو العلاء الهمذاني: الحسن بن أحمد.
291/ 5179/ الخطيبي: محمد بن عبد الله.
292/ 5180/ ابن البوقي: هبة الله بن يحيى.
292/ 5181/ اليوسفي: عبد الرحيم بن عبد الخالق.
292/ 5182/ العليمي: عمر بن محمد.
293/ 5183/ الحديثي: روح بن أحمد.
293/ 5184/ ابنه: عبد الملك بن روح.
294/ 5185/ المأموني: هارون بن العباس.
294/ 5186/ صاحب اليمن: تورانشاه بن أيوب.
295/ 5187/ ملك الموصل: غازي بن صاحب الموصل.
295/ 5188/ خوارزمشاه: أرسلان بن خوارزم شاه.
296/ 5189/ ابن حنين: علي بن أحمد.
297/ 5190/ ابن الشهرزوري: كمال الدين أبو الفضل.
298/ 5191/ ابنه: أبو حامد محمد.
299/ 5192/ الحيص بيص: سعد بن محمد.
299/ 5193/ أبو المسعودي: عبد الرحمن بن محمد.

(15/494)


299/ 5194/ ابن صيلا: عتيق بن عبد العزيز.
300/ 5195/ السقلاطوني: يحيى بن يوسف.
300/ 5196/ شملة: التركماني.
300/ 5197/ الطوسي: محمد بن علي.
301/ 5198/ قايماز: مولى المستنجد بالله.
301/ 5199/ صدقة بن الحسين.
302/ 5200/ المستضيء بأمر الله: الحسن بن المستنجد بالله.
304/ 5201/ ابن غانية: يحيى بن علي.
305/ 5202/ الرصافي: محمد بن غالب.
305/ 5203/ عضد الدين: محمد بن عبد الله.
306/ 5204/ الرفاعي: أحمد بن أبي الحسين.
308/ 5205/ الكشميهني: محمد بن محمد.
309/ 5206/ ابن مواهب: محمد بن محمد.
309/ 5207/ الوشابي: عيسى بن محمد.
310/ 5208/ ابن العطار: منصور بن نصر.
310/ 5209/ حفيد الشاشي: أحمد بن عبد الله.
311/ 5210/ ابن خير: محمد بن خير.
311/ 5211/ خطيب الموصل: عبد الله بن أحمد.
312/ 5212/ ابن حكما: محمود بن أبي القاسم.
313/ 5213/ الخرقي: عبد الله بن أحمد.
314/ 5214/ الصفاري: حماد بن إبراهيم.
314/ 5215/ أبوه: أبو إسحاق إبراهيم.
314/ 5216/ ابن صابر: عبد الله بن سيدة.
315/ 5217/ ابْنُ أَبِي العَجَائِزِ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ العزيز.
315/ 5218/ تقية: بنت المحدث غيث بن علي.
316/ 5219/ أبو طالب: أحمد بن سالم.
316/ 5220/ الرافعي: محمد بن عبد الكريم.
317/ 5221/ ابن المطلب: حسن بن الوزير.
317/ 5222/ ابن عبد المؤمن: يوسف بن السلطان.
319/ 5223/ السلماسي: محمد بن هبة الله.
319/ 5224/ ابن الصائغ: أحمد بن أبي الوفاء.
320/ 5225/ الزيدي، علي بن أحمد.
321/ 5226/ القرشي: عمر بن علي.

(15/495)


321/ 5227/ القطب: مسعود بن محمد.
322/ 5228/ ابن أبي الصقر: محمد بن حمزة.
323/ 5229/ أبو الكرام: علي بن عبد الكريم.
323/ 5230/ صاحب حلب: أبو الفتوح إسماعيل.
324/ 5231/ صاحب أذربيجان.
325/ 5232/ الكمال الأنباري: عبد الرحمن بن محمد.
326/ 5233/ الكتاني: محمد بن أبي الأزهر.
327/ 5234/ ابْنُ شَاتِيْلَ: عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ.
328/ 5235/ ابن حبيش: عبد الرحمن بن محمد.
330/ 5236/ ابن عوف: إسماعيل بن مكي.
330/ 5237/ أبو المحاسن: محمد بن عبد الخالق.
331/ 5238/ الترك: أحمد بن أبي منصور.
331/ 5239/ ابْنُ أَبِي عَصْرُوْنَ: عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ.
333/ 5240/ الصائغ: محمد بن عبد الواحد.
334/ 5241/ الحلاوي: محمد بن أبي السعود.
335/ 5242/ الأبله: محمد بن بختيار.
335/ 5243/ القزاز: أبو السعادات نصر الله.
336/ 5244/ الثقفي: يحيى بن محمود.
337/ 5245/ ابن بري: عبد الله بن بري.
338/ 5246/ ابن المنى: نصر بن فتيان.
338/ 5247/ ابن بشكوال: خلف بن عبد الملك.
341/ 5248/ صاحب حمص: محمد بن شركوه.
341/ 5249/ البهلوان: ابن الأتابك إلدكز.
342/ 5250/ أبو اليسر: شاكر بن عبد الله.
342/ 5251/ الباقداري: محمد بن أحمد.
342/ 5252/ ابن زرقون: محمد بن سعيد.
344/ 5253/ ابن مغاور: عبد الرحمن بن محمد.
345/ 5254/ أبو موسى المديني: محمد بن عمر.
349/ 5255/ عبد المغيث البغدادي الحربي.
350/ 5256/ ابن الموازيني: أحمد بن حمزة.
351/ 5257/ ابن الصابوني: محمود بن أحمد.

(15/496)


351/ 5258/ ابن الصاحب: هبة الله.
352/ 5259/ ابن منقذ: أسامة بن مرشد.
353/ 5260/ الحازمي: محمد بن موسى.
355/ 5261/ الجابري: عمر بن بكر.
356/ 5262/ المسعودي: محمد بن عبد الرحمن.
356/ 5263/ ابن التعاويذي: أبو الفتوح بن عبيد الله.
357/ 5264/ ابن الدهان: عبد الله بن أسعد.
358/ 5265/ ابن الجد: محمد بن عبد الله.
359/ 5266/ ابْنُ الفُرَاوِيِّ: عَبْدُ المُنْعِمِ بنُ عَبْدِ اللهِ.
360/ 5267/ ابن عياد: يوسف بن عبد الله.
360/ 5268/ حياة: حياة بن قيس.
361/ 5269/ سنان: سنان بن سلمان.
366/ 5270/ الطالقاني: أحمد بن إسماعيل.
367/ 5271/ ابن صدقة: محمد بن علي.
368/ 5272/ ابن قائد: محمد بن قائد.
368/ 5273/ الخرقي: عبد الرحمن بن علي.
369/ 5274/ قزل: عثمان بن إلكز.
369/ 5275/ عبد الحق: عبد الحق بن عبد الرحمن.
371/ 5276/ صاحب حماة: عمر بن شاهنشاه.
372/ 5277/ الخبوشاني: محمد بن موفق.
374/ 5278/ السهروردي: يحيى بن حبش.
376/ 5279/ صاحب الروم: قلج أرسلان بن مسعود.
376/ 5280/ النميري: نصر بن منصور.
377/ 5281/ ابن مجبر: يحيى بن عبد الجليل.
378/ 5282/ الحضرمي: محمد بن عبد الرحمن.
379/ 5283/ أخوه: أحمد بن عبد الرحمن.
379/ 5284/ سلطان شاه: محمود بن خوارزمشاه.
380/ 5285/ أبو مدين: شعيب بن حسين.
381/ 5286/ ابن بنان: محمد بن محمد.
382/ 5287/ ابن حيدرة: محمد بن حيدرة.
382/ 5288/ أبو طالب الكرخي: المبارك بن المبارك.
384/ 5289/ القاضي الفاضل: محمود بن علي.
384/ 5290/ ابْنُ أَبِي حَبَّةَ: عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ هِبَةِ الله.

(15/497)


385/ 5291/ رجب: رجب بن مذكور.
385/ 5292/ والد كريمة: عبد الوهاب بن علي.
386/ 5293/ قاضي خان: حسن بن منصور.
386/ 5294/ المرغيناتي: علي بن عبد الجليل.
386/ 5295/ الجويني: حسن بن علي.
387/ 5296/ الجنزوي: إسماعيل بن علي.
388/ 5297/ ابْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ: عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ.
389/ 5298/ صاحب الموصل: مسعود بن مودود.
390/ 5299/ الشيرازي: يوسف بن أحمد.
391/ 5300/ ابن الفخار: محمد بن إبراهيم.
392/ 5301/ ابن بوش: يحيى بن أسعد.
393/ 5302/ الطرسوسي: محمد بن إسماعيل.
393/ 5303/ الكاغدي: عبد الرحيم بن محمد.
394/ 5304/ ابن الباقلاني: عبد الله بن منصور.
395/ 5305/ النوقاني: محمد بن أبي علي.
395/ 5306/ ذاكر بن كامل: محمد بن حسين.
396/ 5307/ الحجري: عبد الله بن محمد.
398/ 5308/ المجير: محمود بن المبارك.
399/ 5309/ ابن فضلان: يحيى بن علي.
400/ 5310/ ابْنُ كُلَيْبٍ: عَبْدُ المُنْعِمِ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ.
401/ 5311/ جاكير: محمد بن دشم.
401/ 5312/ الشاطبي: القاسم بن فيره.
403/ 5313/ ابْنُ صَصْرَى: الحَسَنُ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ منصور.
404/ 5314/ أبوه الرئيس أبو البركات.
404/ 5315/ جده محفوظ.
405/ 5316/ طغرل: طغرل شاة بن أرسلان.
405/ 5317/ الجمال: مسعود بن محمد.
406/ 5318/ الراراني: خليل بن بدر.
406/ 5319/ ابن ياسين: إسماعيل بن صالح.
407/ 5320/ أحمد بن طارق: الكركي البغدادي.
408/ 5321/ ابن حمدية: عبد الله بن محمد.
408/ 5322/ أبو طاهر إبراهيم بن محمد.
409/ 5323/ الصابوني: عبد الخالق بن عبد الوهاب.
409/ 5324/ ابْنُ بُوْنُهْ: عَبْدُ الحَقِّ بنُ عَبْدِ المَلِكِ.

(15/498)


410/ 5325/ ابن مأمون: محمد بن جعفر.
410/ 5326/ بكتمر: سيف الدولة.
411/ 5327/ صلاح الدين وبنوه: يوسف بن شاذي.
418/ 5328/ العزيز: عثمان بن يوسف.
419/ 5329/ الأفضل: علي بن يوسف.
421/ 5330/ الظاهر: غازي بن يوسف.
422/ 5331/ ابن يونس: عبيد الله بن يونس.
423/ 5332/ الفراتي: يعيش بن صدقة.
423/ 5333/ الفارسي: الحسن بن مسلم.
423/ 5334/ طاهر بن مكارم: الموصلي القلانسي.
423/ 5335/ مسلم بن علي.
424/ 5336/ أبو جعفر القرطبي: أحمد بن علي.
425/ 5337/ العراقي: إبراهيم بن منصور.
425/ 5338/ الساوي: عبيد الله بن محمد.
425/ 5339/ الويرج: ناصر بن محمد.
426/ 5340/ ابن رشد الحفيد: محمد بن أحمد.
427/ 5341/ ابن ملاح الشط: عبد الرحمن بن محمد.
428/ 5342/ صاحب المغرب: يعقوب بن يوسف.
432/ 5343/ صاحب غزنة: محمد بن سام.
434/ 5344/ أخوه السلطان شهاب الدين.
434/ 5345/ ابن القصاب: محمد بن علي.
435/ 5346/ ابن المقرون: البغدادي اللوزي.
436/ 5347/ ابن زهر: محمد بن عبد الملك.
437/ 5348/ ابن زريق الحداد: المبارك بن أحمد.
437/ 5349/ البندار: عبد الخالق بن هبة الله.
438/ 5350/ خوارزمشاه: تكش بن أرسلان.
439/ 5351/ العجلي: محمد بن إدريس.
439/ 5352/ صاحب اليمن: طغتكين بن أيوب.
440/ 5353/ عبد اللطيف: بن إسماعيل بن محمد.
441/ 5354/ ابن زبادة: يحيى بن سعيد.
442/ 5355/ القاضي الفاضل: عبد الرحيم بن علي.
445/ 5356/ العماد: محمد بن حامد.
448/ 5357/ الدولعي: عبد الملك بن زيد.

(15/499)


449/ 5358/ السبط: هبة الله بن الحسن.
449/ 5359/ الطاووسي: العراقي بن محمد.
450/ 5360/ الحربي: عمر بن علي.
450/ 5361/ ابن الزينبي: محمد بن علي.
450/ 5362/ الخشوعي: بركات بن إبراهيم.
452/ 5363/ ابن الزكي: محمد بن علي.
452/ 5364/ ابن أبي المجد: عبد الله بن أحمد.
453/ 5365/ اللبان: أحمد بن محمد.
454/ 5366/ الكراني: محمد بن حمد.
454/ 5367/ ابن الفرس: عبد المنعم بن محمد.
455/ 5368/ أبو الفرج بن الجوزي: عبد الرحمن بن علي.
466/ 5369/ لؤلؤ العادلي.
466/ 5370/ حماد بن هبة الله.
467/ 5371/ الشهاب الطوسي: محمد بن محمود.
468/ 5372/ السديد: عبد الله بن علي.
469/ 5373/ البوصيري: هبة الله بن علي.
470/ 5374/ ابن موقى: عبد الرحمن بن مكي.
471/ 5375/ ابن نجية: علي بن إبراهيم.
472/ 5376/ علي بن حمزة: الكاتب البغدادي.
473/ 5377/ ابن المارستانية: عبيد الله بن علي.
473/ 5378/ ابن أبي جمرة: محمد بن أحمد.
474/ 5379/ الهاشمي: محمد بن أحمد.
474/ 5380/ ابن المعطوش: المبارك بن المبارك.
475/ 5381/ العجلي: أسعد بن محمود.
476/ 5382/ الصفار: عبد الله بن عمر.
477/ 5383/ القاسم: بهاء الدين.
481/ فهرس الموضوعات.
503/ فهرس التراجم.

(15/500)


فهرس التراجم على حروف المعجم

الجزءالخامس عشر:
الصفحة التراجم:
138/ 5054/ أبق صاحب دمشق مجير الدين أبو سعيد بن محمد بن بوري بن طغتكين.
322/ 5228/ ابن أبي الصقر: محمد بن حمزة.
315/ 5217/ ابْنُ أَبِي العَجَائِزِ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ العزيز.
452/ 5364/ ابن أبي المجد: عبد الله بن أحمد.
473/ 5378/ ابن أبي جمرة: محمد بن أحمد.
384/ 5290/ ابْنُ أَبِي حَبَّةَ: عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ هِبَةِ الله.
64/ 4955/ ابن أبي ركب أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مَسْعُوْدِ بنِ عَبْدِ اللهِ الخُشَنِيُّ النحوي.
331/ 5239/ ابْنُ أَبِي عَصْرُوْنَ: عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ.
70/ 4965/ ابن أبي مروان أبو عمر وأبو جعفر أحمد بن عبد الملك بن محمد الأنصاري.
23/ 4899/ ابْنُ أُخْتِ الطَّوِيْلِ أَبُو بَكْرٍ هِبَةُ اللهِ بن الفرج الهمذاني.
22/ 4897/ ابْنُ الآبَنُوْسِيِّ أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ علي البغدادي الشافعي.
21/ 4894/ ابْنُ الإِخْوَةِ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بن محمد البغدادي العطار.
88/ 4988/ ابن الإخوة أَبُو الفَضْلِ عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ أَحْمَدَ بنِ محمد البغدادي.
23/ 4898/ ابْنُ الأَشْقَرِ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ الواحد البغدادي الدلال.
394/ 5304/ ابن الباقلاني: عبد الله بن منصور.
203/ 5105/ ابن البطي أَبُو الفَتْحِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي بنِ أحمد البغدادي الحاجب.
264/ 5169/ ابْنُ البَلَدِيِّ أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بن سعيد، وزير المستنجد بالله.

(15/501)


68/ 4962/ ابن البن أَبُو القَاسِمِ الحُسَيْنُ بنُ الحَسَنِ بنِ مُحَمَّدٍ الأسدي الشافعي.
78/ 4979/ ابن البناء أبو القاسم سعيد بن أبي غالب أحمد بن الحسن البغدادي.
292/ 5180/ ابن البوقي: هبة الله بن يحيى.
134/ 5050/ ابْنُ التُّرَيْكِيِّ أَبُو المُظَفَّرِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ علي الهاشمي العباسي.
356/ 5263/ ابن التعاويذي: أبو الفتح بن عبيد الله.
131/ 5044/ ابن التلميذ أَمِيْنُ الدَّوْلَةِ أَبُو الحَسَنِ هِبَةُ اللهِ بنُ صاعد المسيحي الطبيب.
358/ 5265/ ابن الجد: محمد بن عبد الله.
133/ 5048/ ابن الحبوبي أبو يعلى حمزة بن علي هبة الله بن حسن الدمشقي البزاز.
125/ 5035/ ابن الحطيئة أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أحمد اللخمي المغربي.
230/ 5138/ ابن الخشاب أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ أحمد البغدادي النحوي.
99/ 5005/ ابن الخل أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ المُبَارَكِ بنِ مُحَمَّدِ البغدادي الشافعي.
218/ 5122/ ابْنُ الخَلاَّلِ أَبُو الحَجَّاجِ يُوْسُفُ بنُ مُحَمَّدٍ المصري كاتب السر للحافظ العبيدي.
211/ 5114/ ابن الدامغاني أبو مَنْصُوْرٍ جَعْفَر بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيُّ.
29/ 4910/ ابْنُ الدَّايَةِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ البَغْدَادِيُّ.
53/ 4938/ ابْنُ الدباغ أَبُو الوَلِيْدِ يُوْسُفُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ يوسف المالكي.
260/ 5164/ ابن الدهان أبو محمد سعيد بن المبارك البغدادي النحوي.
357/ 5264/ ابن الدهان: عبد الله بن أسعد.
239/ 5143/ ابن الرخلة أبو محمد صالح بن المبارك بن محمد البغدادي الكرخي.
26/ 4903/ ابْنُ الرَّزَّازِ أَبُو مَنْصُوْرٍ سَعِيْدُ بنُ مُحَمَّدِ بن عمر البغدادي الشافعي.
30/ 4911/ ابن الرماك أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأموي الإشبيلي.
86/ 4986/ ابن الزغوني أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ بنِ نصر البغدادي.
209/ 5109/ ابن الزبير القَاضِي الرَّشِيْدُ أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بن إبراهيم الغساني.

(15/502)


9/ 4481/ ابن الزكي قاضي دمشق أبو المعالي محمد بن يحيى بن علي الدمشقي الشافعي.
452/ 5363/ ابن الزكي: محمد بن علي.
450/ 5361/ ابن الزينبي: محمد بن علي.
89/ 4989/ ابن السلار الْملك العَادل سَيْف الدِّيْنِ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ الكردي الوزير.
40/ 4926/ ابن الشجري أَبُو السَّعَادَاتِ هِبَةُ اللهِ بنُ عَلِيِّ بنِ محمد الحسني البغدادي.
9/ 4482/ ابْنُ الشَّهْرُزُوْرِيِّ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ القَاسِمِ بن مظفر الموصلي الشافعي.
297/ 5190/ ابن الشهرزوري: كمال الدين أبو الفضل.
319/ 5224/ ابن الصائغ: أحمد بن أبي الوفاء.
131/ 5045/ ابن الصابوني أَبُو الفَتْحِ عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ.
351/ 5257/ ابن الصابوني: محمود بن أحمد.
351/ 5258/ ابن الصاحب: هبة الله.
25/ 4902/ ابْنُ الصَّبَّاغِ أَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ السيد محمد البغدادي الشافعي.
121/ 5030/ ابن الصفار أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مَنْصُوْرِ النيسابوري الشافعي.
76/ 4977/ ابن الطلاية أبو العَبَّاس أَحْمَد بنُ أَبِي غَالِبٍ بنِ أَحْمَدَ البغدادي.
42/ 4928/ ابْنُ العَرَبِيِّ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ محمد الأندلسي المالكي.
259/ 5162/ ابْنُ العَصَّارِ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الرحيم بن الحسن العباسي.
310/ 5209/ ابن العطار: منصور بن نصر.
206/ 5016/ ابْنُ الفَاخِرِ أَبُو أَحْمَدَ مَعْمَرُ بنُ عَبْدِ الواحد بن رجاء بن الفاخر القرشي.
391/ 5300/ ابن الفخار: محمد بن إبراهيم.
130/ 5043/ ابن الفراء أبو يعلى الصغير محمد بن محمد بن القاضي الكبير أبي يعلى الحنبلي.
57/ 4946/ ابن الفراوي أَبُو البَرَكَاتِ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الفضل النيسابوري.
359/ 5266/ ابْنُ الفُرَاوِيِّ: عَبْدُ المُنْعِمِ بنُ عَبْدِ اللهِ.
454/ 5367/ ابن الفرس: عبد المنعم بن محمد.
434/ 5345/ ابن القصاب: محمد بن علي.

(15/503)


122/ 5032/ ابن القطان أَبُو القَاسِمِ هِبَةُ اللهِ بنُ الفَضْلِ بنِ عبد العزيز المتوثي.
150/ 5063/ ابن القرنسي أَبُو يَعْلَى حَمْزَةُ بنُ أَسَدِ بنِ عَلِيٍّ التميمي الدمشقي المؤرخ.
ابْنُ الكُرَيْدِيِّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مَهْدِيِّ بن مفرج الهلالي الدمشقي.
194/ 5094/ ابْنُ اللَّحَّاسِ أَبُو المَعَالِي مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ الحريمي.
152/ 5066/ ابْنُ المَادِحِ أَبُو مُحَمَّدٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بن عبد الكريم التميمي البغدادي.
473/ 5377/ ابن المارستاتية: عبيد الله بن علي.
196/ 5096/ ابن الماسح أبو القاسم علي بن الحسن بن الحسن الدمشقي الشافعي.
150/ 5062/ ابْنُ المُتَوَكِّلِ أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ جَعْفَرٍ بن عبد الصمد الهاشمي.
29/ 4908/ ابن المختار أَبُو تَمَّام أَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ المُخْتَارِ العباسي البغدادي المسند.
317/ 5221/ ابن المطلب: حسن بن الوزير.
10/ 4883/ ابْنُ المُعْتَمِدِ أَبُو الفُتُوْحِ مُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ الإسفراييني الواعظ.
474/ 5380/ ابن المعطوش: المبارك بن المبارك.
199/ 5101/ ابن المقرب أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ المُقَرِّبِ بنِ الحُسَيْنِ البغدادي الكرخي.
435/ 5346/ ابن المقرون: البغدادي اللوزي.
338/ 5246/ ابن المنى: نصر بن فتيان.
350/ 5256/ ابن الموازيني: أحمد بن حمزة.
262/ 5167/ ابن النعمة أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ خلف الأندلسي.
214/ 5117/ ابن النقور أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ البَغْدَادِيُّ البزاز.
31/ 4913/ ابْنُ الوَزِيْرِ أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ مَسْعُوْدٍ الدمشقي الحافظ.
337/ 5245/ ابن برى: عبد الله بن برى.
338/ 5247/ ابن بشكوال: خلف بن عبد الملك.
381/ 5286/ ابن بنان: محمد بن محمد.
223/ 5129/ ابْنُ بُنْدَارَ أَبُو المَحَاسِنِ يُوْسُفُ بنُ عَبْدِ الله الدمشقي الشافعي.
270/ 5176/ ابن بنيمان أَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ بُنَيْمَانَ بنِ يُوْسُفَ الهمذان.

(15/504)


392/ 5301/ ابن بوش: يحيى بن أسعد.
409/ 5324/ ابْنُ بُوْنُهْ: عَبْدُ الحَقِّ بنُ عَبْدِ المَلِكِ.
202/ 5104/ ابن تاج القراء أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ محمد الطوسي.
90/ 4990/ ابن جهير الوزير أبو نصر مُظَفَّرُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ ابن جهير.
328/ 5235/ ابن حبيش: عبد الرحمن بن محمد.
312/ 5212/ ابن حكما: محمود بن أبي القاسم.
408/ 5321/ ابن حمدية: عبد الله بن محمد.
66/ 4959/ ابن حمدين أَبُو جَعْفَرٍ حَمْدِين بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ الثعلبي.
296/ 5189/ ابن حنين: علي بن أحمد.
382/ 5287/ ابن حيدرة: محمد بن حيدرة.
207/ 5107/ ابْنُ خُضَيْرٍ أَبُو طَالِبٍ المُبَارَكُ بنُ عَلِيٍّ بن محمد البغدادي الصيرفي.
94/ 4997/ ابن خميس أبو عبد الله الحسين بن نصر بن محمد الجهني الكعبي الشافعي.
311/ 5210/ ابن خير: محمد بن خير.
71/ 4969/ ابن دادا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ حُسَيْنٍ الجرباذقاني.
426/ 5340/ ابن رشد الحفيد: محمد بن أحمد.
177/ 5085/ ابْنُ رِفَاعَةَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ رفاعة بن غدير بن علي السعدي الشافعي.
441/ 5354/ ابن زيادة، يحيى بن سعيد.
342/ 5252/ ابن زرقون: محمد بن سعيد.
437/ 5348/ ابن زريق الحداد: المبارك بن أحمد.
436/ 5347/ ابن زهر: محمد بن عبد الملك.
220/ 5125/ ابْنُ سَعَادَةَ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ بنِ سعادة المرسي الأندلسي.
327/ 5234/ ابْنُ شَاتِيْلَ: عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ.
255/ 5156/ ابْنُ شَافِعٍ أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ بن شافع الجيلي البغدادي.
314/ 5216/ ابن صابر: عبد الله بن سيدة.
367/ 5271/ ابن صدقة: محمد بن علي.
403/ 5313/ ابْنُ صَصْرَى: الحَسَنُ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ منصور.
299/ 5194/ ابن صيلا: عتيق بن عبد العزيز.

(15/505)


16/ 4890/ ابن طراد أبو القاسم علي بن طراد بن محمد الزينبي الوزير.
229/ 5137/ ابن ظفر أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي مُحَمَّدٍ بن محمد الصقلي.
267/ 5173/ ابن عبد أَبُو البَرَكَاتِ الخَضِرُ بنُ شِبْلِ بنِ الحُسَيْنِ الدمشقي الشافعي.
14/ 4887/ ابْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ عَبْدِ السَّلاَمِ البغدادي.
ابْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ: عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ.
317/ 5222/ ابن عبد المؤمن: يوسف بن السلطان.
54/ 4940/ ابن عبدان أبو القاسم الخضر بن حسين بن عبيد الله الأزدي الدمشقي.
247/ 5155/ ابن عساكر الحافظ المؤرخ أبو القاسم ثقة الدين علي بن الحسن بن هبة الله.
330/ 5236/ ابن عوف: إسماعيل بن مكي.
360/ 5267/ ابن عياد: يوسف بن عبد الله.
304/ 5201/ ابن غانية: يحيى بن علي.
118/ 5026/ ابْنُ غَبْرَةَ أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الحسن الهاشمي الحارثي.
399/ 5309/ ابن فضلان: يحيى بن علي.
368/ 5272/ ابن قائد: محمد بن قائد.
227/ 5135/ ابن قرقول أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ يُوْسُفَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الوهراني.
226/ 5132/ ابْنُ قُزْمَانَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ القرطبي الفقيه.
132/ 5047/ ابن قفرجل أَبُو القَاسِمِ أَحْمَدُ بنُ المُبَارَكِ بنِ عَبْدِ الباقي القطان.
242/ 5149/ ابن قلاقس الشاعر أبو الفتح نصر الله بن عبد الله الإسكندري.
152/ 5067/ ابْنُ كَرُّوْسٍ أَبُو يَعْلَى حَمْزَةُ بنُ أَحْمَدَ بن فارس السلمي الدمشقي.
400/ 5310/ ابْنُ كُلَيْبٍ: عَبْدُ المُنْعِمِ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ.
241/ 5146/ ابن ماشاذة أبو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَبِي الفَرَجِ الأصبهاني.
410/ 5325/ ابن مأمون: محمد بن جعفر.
377/ 5281/ ابن مجبر: يحيى بن عبد الجليل.
119/ 5027/ ابْنُ مَحْمُويه أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بن الحسين البزدي الشافعي.
61/ 4952/ ابْنُ مُسْهِرٍ عَلِيُّ بنُ سَعْدِ بنِ عَلِيٍّ الموصلي الشاعر مهذب الدين.
69/ 4963/ ابْنُ مَطْكُودٍ أَبُو القَاسِمِ نَصْرُ بنُ أَحْمَدَ بن مقاتل السوسي الدمشقي.

(15/506)


69/ 4964/ ابن مطكود علي بن أحمد بن مقاتل أخو نصر.
644/ 5253/ ابن مغاور: عبد الرحمن بن محمد.
427/ 5341/ ابن ملاح الشط: عبد الرحمن بن محمد.
352/ 5259/ ابن منقذ: أسامة بن مرشد.
309/ 5206/ ابن مواهب: محمد بن محمد.
470/ 5374/ ابن موقي: عبد الرحمن بن مكي.
108/ 5010/ ابن ناجية أبو القاسم أحمد بن أَبِي المَعَالِي عَبْدِ اللهِ بنِ بَرَكَةَ الحَرْبِيُّ.
79/ 4980/ ابن ناصر أَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ نَاصرِ بنِ مُحَمَّدِ بن علي السلامي البغدادي الحافظ.
471/ 5375/ ابن نجية: علي بن إبراهيم.
62/ 4953/ ابن نظام الملك الوزير أبو نصر أحمد بن نظام الملك الحسن بن علي الطوسي.
172/ 5083/ ابن هبيرة الوزير أَبُو المُظَفَّرِ يَحْيَى بنُ مُحَمَّدِ بنِ هُبَيْرَةَ الحنبلي.
219/ 5124/ ابن هذيل أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ البلنسي.
214/ 5118/ ابن هلال أَبُو المَكَارِمِ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ المسلم الأزدي الدمشقي.
406/ 5319/ ابن ياسين: إسماعيل بن صالح.
422/ 5331/ ابن يونس: عبيد الله بن يونس.
298/ 5191/ ابنه: أبو حامد محمد.
293/ 5184/ ابنه: عبد الملك بن روح.
168/ 5076/ أَبُو البَرَكَاتِ هِبَةُ اللهِ بنُ عَلِيِّ بنِ ملكا الفيلسوف الطبيب.
114/ 5020/ أبو البيان نبأ بن محمد بن محفوظ الحوراني الشافعي.
146/ 5059/ أَبُو الحُسَيْنِ الزَّاهِدُ بنُ أَبِي عَبْدِ اللهِ بن حمزة المقدسي.
256/ 5157/ أبو الخير عبد الرحيم بن محمد بن أحمد الأصبهاني الحافظ.
32/ 4915/ أبو الدر ياقوت الرومي التاجر.
287/ 5178/ أبو العلاء الهمذاني: الحسن بن أحمد.
455/ 5368/ أبو الفرج بن الجوزي: عبد الرحمن بن علي.
323/ 5229/ أبو الكرام: علي بن عبد الكريم.

(15/507)


330/ 5237/ أبو المحاسن: محمد بن عبد الخالق.
299/ 5193/ أبو المسعودي: عبد الرحمن بن محمد.
169/ 5078/ أبو المظفر هِبَةُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ، أخو المحدثة كمال.
200/ 5103/ أبو النجيب عبد القاهر بن عبد الله بن محمد السهروردي الشافعي.
101/ 5007/ أَبُو الوَقْتِ عَبْدُ الأَوَّلِ بنُ عِيْسَى بنِ شعيب السجزي الهروي.
342/ 5250/ أبو اليسر: شاكر بن عبد الله.
39/ 4925/ أَبُو بَكْرٍ يَحْيَى بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرحمن البقوي القرطبي الشاعر.
424/ 5336/ أبو جعفر القرطبي: أحمد بن علي.
47/ 4932/ أَبُو جَعْفَرَكَ أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ أَبِي جعفر البيهقي النيسابوري المفسر.
155/ 5071/ أَبُو حَكِيْمٍ إِبْرَاهِيْمُ بنُ دِيْنَارٍ النُّهْرُوَانِيُّ الحَنْبَلِيُّ البغدادي.
258/ 5159/ أَبُو رَشِيْدٍ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ بنِ عَبْدِ اللهِ الأصبهاني.
217/ 5121/ أَبُو زُرْعَةَ المَقْدِسِيُّ طَاهِرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ طاهر الشيباني.
382/ 5288/ أبو طالب الكرخي: المبارك بن المبارك.
316/ 5219/ أبو طالب: أحمد بن المسلم.
408/ 5322/ أبو طاهر إبراهيم بن محمد.
52/ 4937/ أبو عبد الله محمد بن عياض بن محمد بن القاضي عياض النحوي.
60/ 4951/ أبو عبد الله مردنيش الجذامي المغربي.
63/ 4954/ أبو محمد بن عياض المجاهد.
380/ 5285/ أبو مدين: شعيب بن حسين.
345/ 5254/ أبو موسى المديني: محمد بن عمر.
404/ 5314/ أبوه الرئيس أبو البركات.
314/ 5215/ أبوه: أبو إسحاق إبراهيم.
408/ 5320/ أحمد بن طارق: الكركي البغدادي.
108/ 5011/ أحمد بن وقشي.
434/ 5344/ أخوه السلطان شهاب الدين.
379/ 5283/ أخوه: أحمد بن عبد الرحمن.
15/ 4889/ أكز حسام الدين الحاجب.
335/ 5242/ الأيله: محمد بن بختيار.
38/ 4923/ الأتابك عماد الدين زنكي بن آقْسُنْقُرَ بنِ عَبْدِ اللهِ التُّرْكِيُّ صَاحِبُ حَلَبَ.
48/ 4934/ الأرجاني الشاعر أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ الشافعي.

(15/508)


34/ 4919/ الأُرْمَوِيُّ أَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ يوسف البغدادي الشافعي.
76/ 4976/ الأَزَجِيُّ أَبُو المُعَمَّرِ المُبَارَكُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عبد العزيز الأنصاري الحافظ.
56/ 4945/ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ أَبُو المَعَالِي الفَضْلُ بنُ سَهْلِ بنِ بشر الدمشقي.
195/ 5095/ الأَشِيْرِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ الصنهاجي.
120/ 5028/ الأَغرجِيُّ أَبُو الفَرَجِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أبي سعيد الخوارزمي.
419/ 5329/ الأفضل: علي بن يوسف.
133/ 5049/ الأُقْلِيْشِيُّ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ مَعَدِّ بنِ عيسى التجيبي.
36/ 4920/ الأُمَوِيُّ أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ سَعِيْدِ بنِ أحمد القرشي الجزري الشافعي.
36/ 4921/ الأُنْديُّ أَبُو الحجَّاجِ يُوْسُفُ بنُ عَلِيٍّ القُضَاعِيُّ المحدث.
7/ 4880/ الأنماطي أبو البركات بن عبد الوهاب بن المبارك بن أحمد البغدادي.
199/ 5100/ الباجرائي أَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الغَنِيِّ بنِ محمد التأني.
211/ 5113/ البَاذَرَائِيُّ أَبُو المَكَارِمِ المُبَارَكُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ المعمر البغدادي.
196/ 5097/ البارزي أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ الحُسَيْنِ بنِ عبد الواحد البغدادي.
144/ 5057/ الباغبان أَبُو الخَيْرِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ بنِ عُمَرَ الأصبهاني المهندس.
342/ 5251/ الباقداري: محمد بن أحمد.
19/ 4892/ البحيري أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ النيسابوري.
13/ 4885/ البديع أبو علي أحمد بن سعد بن علي العجلي الهمذاني.
110/ 5013/ البروجردي أَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ العلاء.
258/ 5160/ البَرَوِيُّ أَبُو مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ بن سعد الخراساني الواعظ.
129/ 5041/ اليزري أَبُو القَاسِمِ عُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ الجزري الشافعي.
90/ 4991/ البُسْتِيُّ أَبُو العِزِّ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ محمد الصوفي.
187/ 5090/ البَسْطَامِيُّ أَبُو شُجَاعٍ عُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ البلخي.
244/ 5151/ البطائحي أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ عَسَاكِرَ بنِ المُرَحَّبِ الضرير.
222/ 5128/ البَطَلْيَوْسِيُّ أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ الحسن الأندلسي.
85/ 4984/ البَلْخِيُّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ بنِ محمد الحنفي الدمشقي.

(15/509)


437/ 5349/ البندار: عبد الخالق بن هبة الله.
341/ 5249/ البهلوان: ابن الأتابك إلدكز.
469/ 5373/ البوصيري: هبة الله بن علي.
34/ 4917/ البَيْضَاوِيُّ أَبُو الفَتْحِ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بن محمد الفارسي الحنفي.
53/ 4939/ البيع أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ علي الزهري البغدادي.
120/ 5029/ البِيْكَنْدِيُّ أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بنُ عَلِيِّ بنِ محمد البخاري.
263/ 5168/ البَيْهَقِيُّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ زَيْدِ بنِ أميرك الأنصاري الخزيمي.
331/ 5238/ الترك: أحمد بن أبي منصور.
336/ 5244/ الثقفي: يحيى بن محمود.
355/ 5261/ الجابري: عمر بن بكر.
259/ 5161/ الجبريلي أبو أحمد أسعد بن بلدرك البواب.
28/ 4907/ الجُلاَّبِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ محمد الواسطي المالكي.
405/ 5317/ الجمال: مسعود بن محمد.
387/ 5296/ الجنزوي: إسماعيل بن علي.
83/ 4981/ الجنيد بن محمد، أبو القاسم القايني، شيخ الصوفية.
128/ 5037/ الجواد الوزير أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ أَبِي منصور الأصبهاني.
31/ 4914/ الجورقاني أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ الحسين الهمذاني الحافظ.
386/ 5295/ الجويني: حسن بن علي.
220/ 5126/ الجَيَّانِيُّ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ ياسر الأنصاري.
257/ 5158/ الحَاجِّيُّ أَبُو مَسْعُوْدٍ عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ عَلِيِّ بن حمد الأصبهاني.
353/ 5260/ الحازمي: محمد بن موسى.
396/ 5307/ الحجري: عبد الله بن محمد.
293/ 5183/ الحديثي: روح بن أحمد.
130/ 5042/ الحَرَّانِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بن العباس البغدادي.
450/ 5360/ الحربي: عمر بن علي.
169/ 5080/ الحَرَسْتَانِيُّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ القرشي البستاني.
75/ 4974/ الحرضي أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مَنْصُوْرِ بنِ عَبْدِ الرحيم النيسابوري.
110/ 5014/ الحصكفي معينُ الدِّينِ أَبُو الفَضْلِ يَحْيَى بنُ سَلاَمَةَ بن حسين الظنزي.
378/ 5282/ الحضرمي: محمد بن عبد الرحمن.
260/ 5163/ الحَظِيْرِيُّ أَبُو المَعَالِي سَعْدُ بنُ عَلِيِّ بنِ قاسم الأنصاري الشاعر.

(15/510)


334/ 5241/ الحلاوي: محمد بن أبي السعود.
68/ 4961/ الحَمَّامِيُّ أَبُو القَاسِمِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَلِيِّ بنِ الحسين النيسابوري الصوفي.
الحيص بيص: سعد بن محمد.
372/ 5277/ الخبوشاني: محمد بن موقق.
149/ 5061/ الخجندي صَدْرُ الدِّيْنِ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللطيف بن محمد الشافعي.
114/ 5021/ الخَرَّازُ أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ علي الحريمي البغدادي.
368/ 5273/ الخرقي: عبد الرحمن بن علي.
313/ 5213/ الخرقي: عبد الله بن أحمد.
169/ 5079/ الخزرجي أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الحَقِّ بن أحمد القرطبي المالكي.
450/ 5362/ الخشوعي: بركات بن إبراهيم.
291/ 5179/ الخطيبي: محمد بن عبد الله.
96/ 5000/ الخطير أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ خطاب، خطير الدولة.
127/ 5036/ الدَّارَانِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي الحسن بن إبراهيم الكناني الدمشقي.
198/ 5099/ الدَّقَّاقُ أَبُو القَاسِمِ هِبَةُ اللهِ بنُ الحَسَنِ بن هلال البغدادي.
26/ 4904/ الدهان أبو نصر عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي الفضل الهروي الصوفي.
309/ 5207/ الدوشابي: عيسى بن أحمد.
448/ 5357/ الدولعي: عبد الملك بن زيد.
24/ 4900/ الدُّومِيُّ أَبُو الفَتْحِ مُفلِحُ بنُ أَحْمَدَ بنِ محمد البغدادي الوراق.
406/ 5318/ الراراني: خليل بن بدر.
316/ 5220/ الرافعي: محمد بن عبد الكريم.
222/ 5127/ الرَّحَبِيُّ أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ، بواب الحريم.
175/ 5084/ الرُّسْتُمِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَسَنُ بنُ العَبَّاسِ بن علي الأصبهاني الشافعي.
75/ 4975/ الرُّشَاطِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيِّ بنِ عبد الله الأندلسي الحافظ.
305/ 5202/ الرصافي: محمد بن غالب.
86/ 4985/ الرُّطَبِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ الله بن سلامة الكرخي.
55/ 4943/ الرفاء الشاعر أبو الحسين أحمد بن منير بن أحمد بن مفلح الأطرابلسي.

(15/511)


306/ 5204/ الرفاعي: أحمد بن أبي الحسين.
210/ 5112/ الزَّاغُوْلِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ محمد المروزي.
108/ 5012/ الزَّبِيْدِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ علي بن مسلم القرشي.
227/ 5134/ الزكي أبو الحسن عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ عَلِيٍّ القرشي الشافعي.
17/ 4891/ الزمخشري أبو القاسم محمود بن عمر النحوي المفسر.
155/ 5072/ الزَّيَّاتُ أَبُو النَّدَى حَسَّانُ بنُ تَمِيْمِ بنِ نصر الدمشقي.
49/ 4935/ الزِّيَادِيُّ أَبُو المَحَاسِنِ أَسَعْدُ بنُ عَلِيِّ بنِ الموفق الهروي الحنفي.
154/ 5070/ الزِّيَادِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ البغوي.
13/ 4886/ الزَّيْدِيُّ أَبُو البَرَكَاتِ عُمَرُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ محمد العلوي الكوفي الحنفي.
320/ 5225/ الزيدي: علي بن أحمد.
47/ 4931/ الزينبي أَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ نور الهدَى الحُسَيْن بن محمد الهاشمي الحنفي.
425/ 5338/ الساوي: عبيد الله بن محمد.
91/ 4993/ السبخي أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي بَكْرٍ بنِ عثمان البزدوي الحنفي.
449/ 5358/ السبط: هبة الله بن الحسن.
468/ 5372/ السديد: عبد الله بن علي.
300/ 5195/ السقلاطوني: يحيى بن يوسف.
58/ 4947/ السُّلْطَانُ أَبُو سَعْدٍ عُمَرُ بنُ عَلِيِّ بنِ سهل الدامغاني الشافعي.
148/ 5060/ السلطان مسعود بن محمد بن ملكشاه السلجوقي غياث الدين أبو الفتح.
229/ 5136/ السلطان مودود صاحب الموصل بن زنكي بن آقسنقر.
271/ 5177/ السلفي: أحمد بن محمد.
319/ 5223/ السلماسي: محمد بن هبة الله.
34/ 4918/ السِّمِّذِيُّ أَبُو المَكَارِمِ المُبَارَكُ بنُ عَلِيِّ بنِ عبد العزيز البغدادي.
189/ 5093/ السمعاني أبو سَعْدٍ عَبْدِ الكَرِيْمِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مَنْصُوْرِ الخراساني المروزي.
59/ 4949/ النجبستي أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ، شيخ مسند.
90/ 4992/ السِّنْجِيُّ أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عبد الله المروزي الشافعي.

(15/512)


374/ 5278/ السهروردي: يحيى بن حبش.
209/ 5111/ السَّوِيْقِيُّ أَبُو عَاصِمٍ قَيْسُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إسماعيل الأصبهاني الصوفي.
401/ 5312/ الشاطبي: القاسم بن فيره.
153/ 5068/ الشِّبْلِيُّ أَبُو المُظَفَّرِ هِبَةُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بن محمد البغدادي المؤذن.
112/ 5017/ الشَّحَّامُ أَبُو مُحَمَّدٍ سَلْمَانُ بنُ مَسْعُوْدِ بنِ حسن البغدادي.
55/ 4942/ الشَّحَّامِيُّ أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ عَلِيِّ بنِ الحسين النيسابوري.
25/ 4901/ الشَّرِيكُ أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ البلخي.
97/ 5002/ الشلبي أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ عِيْسَى بنِ عبد الله الأندلسي.
467/ 5371/ الشهاب الطوسي: محمد بن محمود.
93/ 4996/ الشَّهْرُزُوْرِيُّ أَبُو الكَرَمِ المُبَارَكُ بنُ الحَسَنِ بنِ أحمد البغدادي المقرئ.
92/ 4994/ الشَّهْرَسْتَانِيُّ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ بنِ أَحْمَدَ، أبو الفتح، المتكلم.
145/ 5058/ الشَّيْخُ رِسْلاَنُ بنُ يَعْقُوْبَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدمشقي.
179/ 5087/ الشيخ عبد القادر الجيلاني.
390/ 5299/ الشيرازي: يوسف بن أحمد.
333/ 5240/ الصائغ: محمد بن عبد الواحد.
212/ 5115/ الصائن أبو الحسن هِبَةُ اللهِ بنُ الحَسَنِ بنِ هِبَة اللهِ بن عساكر الشافعي.
409/ 5323/ الصابوني: عبد الخالق بن عبد الوهاب.
156/ 5073/ الصالح وزير مصر طلائع بن رزيك أبو الغارات.
476/ 5382/ الصفار: عبد الله بن عمر.
314/ 5214/ الصفاري: حماد بن إبراهيم.
232/ 5139/ الصيدلاني أبو المظهر القاسم بن الفضل بن عبد الواحد الأصبهاني.
233/ 5140/ الصيدلاني أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ الحُسَيْنِ الأصبهاني.
135/ 5052/ الطَّائِيُّ أَبُو الفُتُوْحِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ علي الهمذاني.
366/ 5270/ الطالقاني: أحمد بن إسماعيل.
200/ 5102/ الطَّامِذِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيِّ بنِ عبد الله الأصبهاني.
262/ 5166/ الطَّاهِرِيُّ أَبُو المَكَارِمِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ الخزاعي الحريمي.
449/ 5359/ الطاووسي: العراقي بن محمد.

(15/513)


29/ 4909/ الطَّرَائِفِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الحسن البغدادي.
393/ 5302/ الطرسوسي: محمد بن إسماعيل.
300/ 5197/ الطوسي: محمد بن علي.
421/ 5330/ الظاهر: غازي بن يوسف.
59/ 4950/ العَبَّادِيُّ أَبُو مَنْصُوْرٍ المُظَفَّرُ بنُ أَرْدَشِيْرَ المَرْوَزِيُّ.
117/ 5025/ العَبَّاسِيُّ أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عبد العزيز، نقيب الهاشميين بمكة.
269/ 5175/ العثماني أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن يحيى الديباجي الاسكندراني.
475/ 5381/ العجلي: أسعد بن محمود.
439/ 5351/ العجلي: محمد بن إدريس.
425/ 5337/ العراقي: إبراهيم بن منصور.
418/ 5328/ العزيز: عثمان بن يوسف.
97/ 5001/ العُكْبَرِيُّ أَبُو القَاسِمِ نَصْرُ بنُ نَصْرِ بنِ علي بن يونس الشافعي.
170/ 5082/ العَلَوِيُّ أَبُو طَالِبٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ علي البصري.
292/ 5182/ العليمي: عمر بن محمد.
445/ 5356/ العماد: محمد بن حامد.
134/ 5051/ الغَانِمِيُّ أَبُو المَحَاسِنِ مَسْعُوْدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ غانم الهروي.
113/ 5018/ الغَزْنَوِيُّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ، الوَاعِظُ.
30/ 4912/ الغَنَوِيُّ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ محرز الرقى الشافعي الصوفي.
423/ 5333/ الفارسي: الحسن بن مسلم.
215/ 5119/ الفارقي أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بن عبد الحميد البغدادي.
98/ 5003/ الشامي أبو النضر عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ بنِ عُثْمَانَ الهروي.
423/ 5332/ الفراتي: يعيش بن صدقة.
170/ 5081/ الفَلَكِيُّ أَبُو المُظَفَّرِ سَعِيْدُ بنُ سَهْلِ بنِ محمد النيسابوري الخوارزمي الوزير.
48/ 4933/ الفَنْدَلاَوِيُّ أَبُو الحَجَّاجِ يُوْسُفُ بنُ دُوْنَاسَ المَغْرِبِيُّ المالكي.
477/ 5383/ القاسم: بهاء الدين.
442/ 5355/ القاضي الفاضل: عبد الرحيم بن علي.
384/ 5289/ القاضي الفاضل: محمود بن علي.
49/ 4936/ القاضي عياض أبو الفضل بن موسى اليحصبي الأندلسي.

(15/514)


321/ 5226/ القرشي: عمر بن علي.
243/ 5150/ القُرْطُبِيُّ أَبُو بَكْرٍ يَحْيَى بنُ سَعْدُوْنَ بنِ تمام الأزدي.
335/ 5243/ القزاز: أبو السعادات نصر الله.
321/ 5227/ القطب: مسعود بن محمد.
189/ 5092/ القَنْطَرِيُّ أَبُو القَاسِمِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بن أحمد الأندلسي.
56/ 4944/ القراني أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ نَصْرِ بنِ صغير بن خالد سيد الشعراء.
95/ 4998/ القَيْسِيُّ أَبُو العَشَائِرِ مُحَمَّدُ بنُ الخَلِيْلِ بنِ فارس الدمشقي.
393/ 5303/ الكاغدي: عبد الرحيم بن محمد.
326/ 5233/ الكتاني: محمد بن أبي الأزهر.
454/ 5366/ الكراني: محمد بن حمد.
151/ 5065/ الكَرْخِيُّ أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بن جعفر.
46/ 4930/ الكرماني أَبُو الفَضْلِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أميرويه الحنفي الخراساني.
122/ 5031/ الكرماني أَبُو سَعْدٍ عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ الحَسَنِ بنِ عبد الله النيسابوري.
84/ 4983/ الكروخي أبو الفتح عَبْدِ المَلِكِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي سهل الهروي.
71/ 4970/ الكشميهني أبو الفتح مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي تَوبَةَ المروزي.
308/ 5205/ الكشميهني: محمد بن محمد.
325/ 5232/ الكمال الأنباري: عبد الرحمن بن محمد.
188/ 5091/ الكِيْزَانِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ ثابت المصري الواعظ.
129/ 5040/ اللَّبَّادُ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ الأصبهاني.
453/ 5365/ اللبان: أحمد بن محمد.
294/ 5185/ المأموني: هارون بن العباس.
98/ 5004/ المُبَارَكُ بنُ كَامِلِ بنُ أَبِي غَالِبٍ الخَفَّافُ، أبو بكر البغدادي.
398/ 5308/ المجير: محمود بن المبارك.
37/ 4922/ المُرَادِيُّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ سُلَيْمَانَ بنِ أحمد القرطبي الشافعي.
386/ 5294/ المرغناني: علي بن عبد الجليل.
302/ 5200/ المستضيء بأمر الله: الحسن بن المستنجد بالله.
164/ 5075/ المستنجد بالله ابن المقتفي لأمر الله الخليفة العباسي.

(15/515)


356/ 5262/ المسعودي: محمد بن عبد الرحمن.
66/ 4958/ المسيب بن مفرج بن حسن، الوزير العميد أبو الذواء، أخو حيدرة.
106/ 5008/ المُشْكَانِيُّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ الروذراوي الشافعي.
241/ 5147/ المعنداني أبو القاسم رجاء بن حامد بن رجاء الأصبهاني.
157/ 5074/ المقتفي لأمر الله أمير المؤمنين العباسي.
154/ 5069/ المُوْسَوِيُّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ حَمْزَةَ بنِ إسماعيل الهاشمي الهروي.
41/ 4972/ المِيْهَنِيُّ أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ طَاهِرِ بنِ سعيد الخراساني الصوفي.
176/ 5280/ النميري: نصر بن منصور.
195/ 5305/ النوقاني: محمد بن أبي علي.
474/ 5379/ الهاشمي: محمد بن أحمد.
425/ 5339/ الويرج: ناصر بن محمد.
292/ 5181/ اليوسفي: عبد الرحيم بن عبد الخالق.
58/ 4948/ أنر ملك الأمراء بدمشق معين الدين الطغتكين.
100/ 5006/ بكيرة أَبُو الفَتْحِ عَبْدُ السَّلاَمِ بنُ أَحْمَدَ بنِ إسماعيل الهروي المقرئ.
410/ 5326/ بكتمر: سيف الدين.
245/ 5152/ تجنى بنت عبد الله الوهبانية أم عتب.
315/ 5218/ تقية: بنت المحدث غيث بن علي.
401/ 5311/ جاكير: محمد بن دشم.
404/ 5315/ جده محفوظ.
123/ 5033/ جعفر بن زيد بن جامع، أبو الفضل الطائي الشامي.
128/ 5038/ جلال الدين علي بن الوزير أبي جعفر الجواد الأصبهاني.
70/ 4996/ حَامِدُ بنُ أَبِي الفَتْحِ أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدٍ المديني الحافظ أبو عبد الله.
96/ 4999/ حَامِدُ بنُ أَبِي الفَتْحِ: أَبُو عَبْدِ اللهِ المديني الحافظ.
238/ 5142/ حَفَدَه أَبُو مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَسْعَدَ بنِ محمد الطوسي الشافعي.
310/ 5209/ حفيد الشاشي: أحمد بن عبد الله.
446/ 5370/ حماد بن هبة الله.
70/ 4967/ حمزة بن محمد بن بحول الهمذاني أبو الفتح الهروي.
84/ 4982/ حنبل بن علي البخاري أبو جعفر الصوفي.
360/ 5268/ حياة: حياة بن قيس.
66/ 4957/ حيدرة بن مفرج بن حسن،

(15/516)


الوزير بن الصوفي الدمشقي زين الدولة.
245/ 5153/ خديجة بنت أحمد بن الحسن بنت النهرواني.
179/ 5086/ خزيفة أَبُو المُعَمَّرِ عَبْدُ اللهِ بنُ سَعْدِ بنِ الحين البغدادي العطار.
311/ 5211/ خطيب الموصل: عبد الله بن أحمد.
112/ 5016/ خوارزمشاه الملك آتز بن محمد بن نوشتكين.
295/ 5188/ خوارزمشاه: أرسلان بن خوارزم شاه.
438/ 5350/ خوارزمشاه: تكش بن أرسلان.
67/ 4960/ خياط الصوف أبو سعد بن جامع بن أبي نصر النيسابوري.
395/ 5306/ ذاكر بن كامل: محمد بن حسين.
385/ 5291/ رجب: رجب بن مذكور.
45/ 4929/ رزين بن معاوية بن عمار البعدري الأندلسي أبو الحسن.
5/ 4878/ سبط الخَيَّاطِ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ عَلِيِّ بنِ أحمد.
5/ 4879/ سبط الخياط أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيِّ بنِ أحمد البغدادي النحوي.
128/ 5039/ سَدِيدُ الدَّوْلَةِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ بنِ إبراهيم الشيباني بن الأنباري.
20/ 4893/ سَعْدُ الخَيْرِ أَبُو الحَسَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سهل الأندلسي التاجر.
379/ 5284/ سلطان شاه: محمود بن خوارزمشاه.
361/ 5269/ سنان: سنان بن سلمان.
136/ 5053/ سنجر السلطان ملك خراسان بن ملكشاه بن ألب أرسلان.
22/ 4896/ شافع بن عبد الرشيد الجيلي أبو عبد الله الشافعي.
224/ 5130/ شاور بن مجير السعدي أبو شجاع وزير الديار المصرية.
11/ 4884/ شُرَيْحُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ شُرَيْحِ بنِ أَحْمَدَ الإشبيلي المالكي أبو الحسن.
300/ 5196/ شملة: التركماني.
240/ 5145/ شُهْدَةُ بِنْتُ المُحَدِّثِ أَبِي نَصْرٍ أَحْمَدَ بنِ الفرج الدينوري البغدادي.
143/ 5056/ شَهْرَدَارُ بنُ شِيْرَوَيْه بنُ شَهْردَارَ بنِ شِيْرَوَيْه بنِ فَنَّاخُسْره الديلمي.
21/ 4895/ شيخ الشيوخ أبو البركات إسماعيل بن أحمد بن محمد النيسابوري.

(15/517)


264/ 5170/ شركوه بن شاذي بن مروان الكردي أسد الدين.
324/ 5231/ صاحب أذربيجان.
376/ 5279/ صاحب الروم: قلج أرسلان بن مسعود.
428/ 5342/ صاحب المغرب: يعقوب بن يوسف.
389/ 5298/ صاحب الموصل: مسعود بن مودود.
294/ 5186/ صاحب اليمن: تورانشاه بن أيوب.
439/ 5352/ صاحب اليمن: طغتكين بن أيوب.
323/ 5230/ صاحب حلب: أبو الفتوح إسماعيل.
371/ 5276/ صاحب حماة: عمر بن شاهنشاه.
341/ 5248/ صاحب حمص: محمد بن شيركوه.
151/ 5064/ صاحب غزنة خسروشاه بن بهرام بن مَسْعُوْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مَسْعُوْدِ بنِ مَحْمُوْدِ.
432/ 5343/ صاحب غزنة: محمد بن سام.
115/ 5022/ صاحب نصيبين شمس الملوك أبو نصر إبراهيم بن رضوان بن تتش.
301/ 5199/ صدقة بن الحسين.
411/ 5327/ صلاح الدين وبنوه: يوسف بن شاذي.
433/ 5334/ طاهر بن مكارم: الموصلي القلانسي.
405/ 5316/ طغرل: طغرل شاه بن أرسلان.
28/ 4906/ ظاهر بن أحمد البغدادي المساميري البزاز أبو القاسم.
93/ 4995/ عَبَّاسَةُ أَبُو مُحَمَّدٍ العَبَّاسُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أبي منصور الطابراني.
186/ 5087/ عَبْدُ الجَلِيْلِ بنُ أَبِي سَعْدٍ مَنْصُوْرِ بنِ إسماعيل الهروي أبو محمد الفامي.
246/ 5154/ عبد الحق بن عبد الخالق بن أحمد اليوسفي أبو الحسين.
369/ 5275/ عبد الحق: عبد الحق بن عبد الرحمن.
87/ 4987/ عبد الخالق بن أحمد بن عبد القادر اليوسفي، أبو الفرج الحافظ.
213/ 5116/ عبد الخالق بن أسد بن ثابت الفقيه الحنفي الدمشقي أبو محمد.

(15/518)


72/ 4971/ عبد الخالق بن زاهر بن طاهر النيسابوري الشحامي أبو منصور.
115/ 5023/ عَبْدُ الصَّبُورِ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ، أَبُو صَابِرٍ الهروي التاجر.
440/ 5353/ عبد اللطيف: بن إسماعيل بن محمد.
138/ 5055/ عبد المؤمن بن علي بن علوي، سلطان المغرب.
349/ 5255/ عبد المغيث البغدادي الحربي.
261/ 5165/ عبد النبي بن المهدي علي بن مهدي.
187/ 5089/ عَبْدُ الهَادِي بنُ أَبِي سَعِيْدٍ بنِ عَبْدِ الله السجستاني أبو عروبة.
74/ 4972/ عبدان بنُ زَرِّيْنِ بنِ مُحَمَّدٍ الدُّوِيْنِيُّ المُقْرِئُ أَبُو محمد.
124/ 5034/ عدي بن صخر أو ابن مسافر بن إسماعيل الشامي الهكاري.
305/ 5203/ عضد الدين: محمد بن عبد الله.
472/ 5376/ علي بن حمزة: الكاتب البغدادي.
239/ 5144/ علي بن حميد بن عمار الطرابلسي النحوي.
71/ 4968/ علي بن حيدرة بن جعفر الحسيني أبو طالب نقيب الأشراف.
132/ 5046/ عَلِيُّ بنُ عَسَاكِرَ بنِ سُرُوْرٍ، أَبُو الحَسَنِ المقدسي الخشاب.
111/ 5015/ علي بن مهدي.
226/ 5123/ عُلَيْمُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ العمري الأندلسي أَبُو مُحَمَّدٍ.
267/ 5174/ عُمَارَةُ بنُ عَلِيِّ بنِ زَيْدَانَ اليمني الشافعي الشاعر أبو محمد.
27/ 4905/ عمر بن ظفر بن أحمد الشيباني المقرئ أبو حفص.
39/ 4924/ غازي بن زنكي الملك سيف الدين.
15/ 4888/ فاطمة بنت محمد بن أبي سعد بن الحسن البغدادي.
216/ 5120/ فورجه أَبُو القَاسِمِ مَحْمُوْدُ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ بنِ علي الأصبهاني التاجر.
386/ 5293/ قاضي خان: حسن بن منصور.
301/ 5198/ قايماز: مولى المستنجد بالله.
369/ 5274/ قزل: عثمان بن إلكز.
168/ 5077/ كمال بنت أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ بنِ السمرقندي أم الحسن.
116/ 5024/ كوتاه أَبُو مَسْعُوْدٍ عَبْدُ الجَلِيْلِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عبد الواحد الأصبهاني.
446/ 5369/ لؤلؤ العادلي.
114/ 5019/ مُجَلِّي بنُ جُمَيْعِ بنِ نَجَا القُرَشِيُّ المَخْزُوْمِيُّ الشافعي أبو المعالي.

(15/519)


64/ 4956/ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مَرْدَنِيْشَ الجذامي الأندلسي الملك أَبُو عَبْدِ اللهِ.
225/ 5131/ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بن محمد القيسي المالكي أَبُو عَبْدِ اللهِ.
106/ 5009/ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ منصور، شيخ الشافعية، أبو سعد النيسابوري.
197/ 5098/ مسعود بن الحسن بن القاسم بن أحمد أبو الفرج مسند العصر.
423/ 5335/ مسلم بن علي.
295/ 5187/ ملك الموصل: غازي بن صاحب الموصل.
54/ 4941/ موفق أَبُو السَّدَادِ الحَبَشِيُّ مَوْلَى الوَزِيْرِ نِظَامِ المُلْكِ.
265/ 5171/ نجم الدين أيوب والد الملوك.
78/ 4978/ نصر بن المظفر بن الحسين البرمكي أبو المحاسن، الشخص العزيز.
242/ 5148/ نَصْرُ بنُ سَيَّارِ بنِ صَاعِدِ بنِ سَيَّارٍ الهروي الحنفي أبو الفتح.
208/ 5108/ نفيسة وَتُسَمَّى فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدِ بن عَلِيٍّ البَزَّازَةَ البغدادية.
233/ 5141/ نور الدين الشهيد أبو القاسم محمود بن زنكي بن آقسنقر.
33/ 4916/ هبة الرحمن بن عبد الواحد بن عبد الكريم القشيري أبو الأسعد.
74/ 4973/ هبة الله بن الحسين بن علي البغدادي الحاسب أبو القاسم.
385/ 5292/ والد كريمة: عبد الوهاب بن علي.
218/ 5123/ يَحْيَى بنُ ثَابِتِ بنِ بُنْدَارَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ البغدادي البقال أبو القاسم.
265/ 5172/ يوسف بن آدم بن محمد المراغي الدمشقي أبو يعقوب.

(15/520)


المجلد السادس عشر
تابع الطبقة الحادية والثلاثون
بسم الله الرحمن الرحيم

شُمَيْم، بنت سعد الخير:
5384- شميم 1:
أبوا لحسن عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ بنِ عَنْتَرَ الحِلِّيُّ الأَدِيْبُ.
شَاعِرٌ لغوِيٌّ مُتَقَعِّرٌ رقيعٌ أَحْمَقُ، قَلِيْلُ الخَيْر.
لَهُ عِدَّةُ تَوَالِيف أَدبيَّة فِيْهَا الغثُّ وَالسَّمِينُ.
كَانَ كَثِيْرَ الدّعَاوَى، مُقيم الفُشَار، يَشتم أَبَا تَمَّامٍ وَأَبَا العَلاَءِ، وَيزرِي بِامْرِئِ القَيْسِ، فَهُوَ فِي عدَاد مَجَانِيْنِ الفُضَلاَءِ.
حطّ عَلَيْهِ ابْن المُسْتوفِي وَابْن النَّجَّارِ وَغَيْرهُمَا، وَأَنَّهُ كَانَ يَتَكَلَّم فِي الأَنْبِيَاء، وَيستخفّ بِمعجزَاتِهِم، وَأَنَّهُ عَارض القُرْآن، وَكَانَ إِذَا تلاَهُ، يَخشع وَيسجد فِيْهِ.
أَخَذَ عَنْ ملك النُّحَاة أَبِي نزَار، وَعَنِ ابْنِ الخَشَّاب.
وَأَلّفَ "حمَاسَة" مِنْ أَشعَاره خَاصَّة، وَيَنْدُرُ لَهُ المَعْنَى الجيّد، وَلَعلَّهُ تَابَ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتّ مائَةٍ بِالمَوْصِل، عَنْ أَزْيَدَ مِنْ تسعين سنةً.
5385- بنت سعد الخير 2:
الشَّيْخَةُ الجَلِيْلَةُ، المُسْنِدَةُ، أُمُّ عَبْدِ الكَرِيْمِ، فَاطِمَةُ بِنْتُ المُحَدِّثِ التَّاجِرِ أَبِي الحَسَنِ سَعْدُ الخَيْرِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَهْلِ الأَنْصَارِيِّ، البَلَنْسِيِّ.
مَوْلِدهَا بِأَصْبَهَانَ، فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَتْ حُضُوْراً فِي الثَّالِثَة مِنْ فَاطِمَة الجُوْزْدَانِيَّة جملةً من "المُعْجَم الكَبِيْر"، وَحَضَرت بِبَغْدَادَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ عَلَى: هِبَة اللهِ بن الحُصَيْنِ، وَزَاهِر بن طَاهِر، وَأَبِي غَالِبٍ ابْنِ البَنَّاءِ.
وَسَمِعَتْ بَعْدُ مِنْ أَبِيْهَا، وَمِنْ هِبَة اللهِ بن الطَّبَرِ، وَالقَاضِي أَبِي بَكْرٍ، وَيَحْيَى بن حُبَيْشٍ
__________
1 ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "3/ ترجمة 445"، وشذرات الذهب "5/ 4".
2 ترجمتها في تذكرة الحفاظ "4/ ص1369" والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "6/ 186"، وشذرات الذهب لابن العماد "4/ 347".

(16/5)


الفَارِقِيّ، وَيَحْيَى ابْن البَنَّاءِ، وَأَبِي مَنْصُوْرٍ القَزَّاز، وَإِسْمَاعِيْل السَّمَرْقَنْدِيّ وَعِدَّة. وَأَجَازَ لَهَا خلق. وَحدّثت بِدِمَشْقَ، وَبِمِصْرَ.
تَزوَّج بِهَا الرَّئِيْس زَيْن الدِّيْنِ ابْن نُجَيَّةَ الوَاعِظ، وَسَكَنَ بِهَا بِدِمَشْقَ، ثُمَّ بِمِصْرَ، وَرَأَت عِزّاً وَجَاهاً.
حَدَّثَ عَنْهَا: أَبُو موسى ابن الحافظ، وعبد الرحمن بن مُقَرّبٍ، وَمُحَمَّد بن مُحَمَّدِ ابْنِ الوَزَّان الحَنَفِيّ، وَمُحَمَّد ابْن الشَّيْخِ الشَّاطِبِيّ، وَالحَافِظ الضِّيَاء، وَخَطِيْب مَرْدَا، وَعَبْد اللهِ بن عَلاَّنَ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَرَوَى عَنْهَا بِالإِجَازَةِ: الحَافِظ زَكِيّ الدِّيْنِ عَبْد العَظِيْمِ، وَقَالَ: تُوُفِّيَت فِي ثَامن رَبِيْع الأَوَّلِ، سَنَةَ سِتِّ مائَةٍ.
قُلْتُ: عَاشت ثَمَانِياً وَسَبْعِيْنَ سَنَةً، وَأَجَازت لِشيخنَا أَحْمَدُ بنُ أَبِي الخير سلامة.

(16/6)


5386- النوقاني:
الشَّيْخُ الإِمَامُ، الفَقِيْهُ العَلاَّمَةُ، أَبُو المَكَارِمِ، فَضْلُ الله ابن المحدث العَالِمِ أَبِي سَعِيْدٍ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ النَّوْقَانِيُّ، الشَّافِعِيُّ.
وَنَوْقَانُ بِالفَتْح، وَهِيَ مدينَة صغِيرَة هِيَ قصبَة طُوْس.
وُلِدَ سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ، وَقِيْلَ: سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَبَادر أَبُوْهُ، فَأَخَذَ لَهُ الإِجَازَة مِنْ مُحْيِي السُّنَّةِ أَبِي مُحَمَّدٍ البَغَوِيِّ بِمَرْوِيَّاته.
وَسَمِعَ "الأَرْبَعِيْنَ الصُّغْرَى" لِلْبَيْهَقِيِّ مِنْ عَبْدِ الجَبَّارِ بن مُحَمَّدٍ الخُوَارِيّ، وَسَمِعَ مِنْ أَبِيْهِ "مُسْنَد الشَّافِعِيّ". وَتَفَقَّهَ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى صَاحِب الغَزَالِيّ، حَتَّى بَرَعَ فِي المَذْهَب، وَدرّس، وَأَفتَى، وَسَاد، وَتَقدَّمَ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو رَشِيْدٍ الغَزَّال، وَغَيْرهُ.
وَأَجَازَ لِلإِمَامِ شَمْسُ الدِّيْنِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي عُمَرَ، وَلِلْفَخْرِ عليّ مَرْوِيَّاته.
قَالَ لَنَا أَبُو العَلاَءِ الفَرَضِيّ: مرِض بِنَيْسَابُوْرَ، فَحُمِلَ إِلَى نَوْقَانَ، فَمَاتَ بِهَا، فِي سَنَةِ سِتِّ مائَةٍ.
قُلْتُ: نَروِي تَوَالِيف مُحْيِي السُّنَّةِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَرَ، وَالفَخْر إِجَازَة، عَنْهُ، عَنْ مُحْيِي السُّنَّةِ.
وَفِيْهَا مَاتَ: العَلاَّمَة أَسَعْد بن مَحْمُوْدٍ العِجْلِيّ، وَإِسْمَاعِيْل بن عَلِيِّ بنِ وَكَّاسٍ القَطَّان، وَبقَاء بن عُمَرَ بنِ حُنَّدٍ الأَزَجِيّ، وأبو الفرج جابر بن محمد ابن اللِّحْيَة الحَمْوِيّ، وَصَاحِب الرُّوْم رُكْن الدِّيْنِ سُلَيْمَان بن قلج أَرْسَلاَن السَّلْجُوْقِيّ، وَشُجَاع بن مَعَالِي بن شدقينِي الغَرَّاد، وَالإِمَامُ أَبُو سَعْدٍ ابْنُ الصَّفَّارِ، وَأَبُو حَامِدٍ عَبْد اللهِ بن مُسْلِمِ بنِ ثَابِتٍ النَّخَّاس، وَالحَافِظ عَبْد الغَنِيِّ، وَعَبْد المَلِكِ بن مَوَاهِب الوَرَّاق، وَالرُّكْن الطَّاوُوْسِيّ صَاحِب الطّرِيقَة بقَزْوِيْن، وَفَاطِمَة بِنْت سَعْد الخَيْر، وَبَهَاء الدِّيْنِ القَاسِم ابْن الحَافِظِ، وَمُحَمَّد بن صَافِي النَّقَّاش، وَضِيَاء الدِّيْنِ مُحَمَّد بن يُوْسُفَ الآمُلِيّ المُقْرِئ، وَصنعَة الْملك هِبَة اللهِ بن حَيْدَرَةَ.

(16/6)


5387- الأرتاحي 1:
الشَّيْخُ الثِّقَةُ، الصَّالِحُ، الخَيِّرُ، المُسْنِدُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ، مُحَمَّدُ ابْنُ الشَّيْخِ الصَّالِحِ أَبِي الثَّنَاءِ حَمْدِ بنِ حَامِدِ بنِ مُفَرِّجِ بنِ غِيَاثٍ الأَنْصَارِيُّ، الشَّامِيُّ، الأَرْتَاحِيُّ، ثُمَّ المِصْرِيُّ، الحَنْبَلِيُّ، الأَدَمِيُّ.
وُلِدَ تَقَرِيْباً سَنَة سَبْعٍ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَأَجَازَ لَهُ مَرْوِيَّاته أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ الفراء سَنَة ثمَانِي عَشْرَةَ، فَرَوَى بِهَا كَثِيْراً، وَتَفَرَّد بِهَا، وَسَمِعَ فِي كبره مِنْ: عَلِيِّ بنِ نَصْرٍ الأَرْتَاحِيّ، وَالمُبَارَك ابْن الطَّبَّاخِ بِمَكَّةَ.
وَهُوَ من بيت القرآن والحديث والصلاح.
حدث عنه: الحفاظ: عبد الغني، وابن المفضل، وَابْنُ خَلِيْلٍ، وَالضِّيَاءُ، وَأَبُو حَامِدٍ مُحَمَّدُ بنُ صَدْر الدِّيْنِ ابْن دِرْبَاس، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ مَكَارِم، وَالكَمَال الضّرِير، وَالنَّظام عُثْمَان بن عَبْدِ الرحمان بن رشيق، والمعين أحمد ابن زَيْن الدِّيْنِ، وَالخَطِيْب عَبْد الهَادِي القَيْسِيّ، وَأَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ مُهَلْهل، وَأَحْمَد بن حَامِدٍ الأَرْتَاحِيّ، وَجَمَاعَة. وَأَجَازَ إِلَى ابْن بِنْتِهِ وَقَرَابَته لاَحقِ بنِ عَبْدِ المُنْعِمِ بنِ قَاسم بنِ أَحْمَدَ بنِ حَمْدٍ الأَرْتَاحِيّ، وَجَمَاعَة. وَأَجَازَ لأَحْمَدَ بن أَبِي الخَيْرِ.
قَالَ الشَّيْخُ الضِّيَاء: كَانَ ثِقَةً، ديِّناً، ثَبْتاً، حَسَن السِّيْرَةِ، لَمْ نَعلم لَهُ شَيْئاً عَالِياً سِوَى إِجَازَة الفَرَّاءِ، وَكَانَ لاَ يَمَلُّ مِنَ التَّسْمِيْعِ، رَحِمَهُ الله.
قَالَ الحَافِظُ المُنْذِرِيُّ: سَمِعْتُ مِنْهُ بِإِفَادَة أَبِي، تُوُفِّيَ فِي العِشْرِيْنَ مِنْ شَعْبَان، سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّ مائة.
__________
1 ترجمته في النجوم الزاهرة لابن تغري بردي "6/ 188"، وشذرات الذهب لابن العماد "5/ 6".

(16/7)