الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء

أَبُو إِبْرَاهِيم اسمعيل بْنُ يَحْيَى بْنِ عَمْرِو بْنِ مُسْلِمٍ الْمُزَنِيُّ

وَكَانَ فَقِيهًا عَالِمًا رَاجِحَ الْمَعْرِفَةِ جَلِيلَ الْقَدْرِ فِي النَّظَرِ عَارِفًا بِوُجُوهِ الْكَلامِ وَالْجَدَلِ حَسَنَ الْبَيَانِ مُقَدَّمًا فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَقَوْلِهِ وَحِفْظِهِ وَإِتْقَانِهِ وَلَهُ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ كُتُبٌ كَثِيرَةٌ لَمْ يَلْحَقْهُ أَحَدٌ فِيهَا وَلَقْد أَتْعَبَ النَّاسَ بَعْدَهُ مِنْهَا الْمُخْتَصَرُ الْكَبِيرُ نَحْوُ أَلْفِ وَرَقَةٍ وَمِنْهَا الْمُخْتَصَرُ الصَّغِيرُ الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ نَحْوٌ من ثَلَاثمِائَة ورقة شَرحه قوم كثير مِنْهُم أَبُو اسحق الْمَرْوَزِيُّ وَأَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ سُرَيْجٍ وَمِنْهَا نَحْوٌ مِنْ مِائَةِ جُزْءِ مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ فِي فُنُونٍ مِنَ الْعِلْمِ وَرَدَّ عَلى الْمُخَالِفِينَ لَهُ وَكَانَ أَعَلْمَ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ بِالنَّظَرِ دَقِيقَ الْفَهْمِ وَالْفِطْنَةِ انْتَشَرَتْ كُتُبُهُ وَمُخْتَصَرَاتُهُ إِلَى أَقْطَارِ الأَرْضِ شَرْقًا وَغَرْبًا وَكَانَ تَقِيًّا وَرِعًا دَيِّنًا صَبُورًا عَلَى الإِقْلالِ وَالتَّقَشُّفِ وَكَانَ مَنْ يُعَادِيهِ وَيُنَافِسُهُ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ يَرْمُونَهُ بِأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ وَهَذَا لَا يَصِحُّ عَنْهُ فَهَجَرَهُ قَوْمٌ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ حَتَّى كَانَ يَجْلِسُ مَعَ نَحْوِ عَشَرَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ إِلَى عَمُودٍ فِي الْمَسْجِدِ وَفِيهِ يَقُولُ جَعْفَرُ بْنُ جَدَّارٍ الْكَاتِب
(والمزنى الذى اليه ... نعشوا إِذَا دَهْرُنَا ادْلَهَمَّا)
قَالَ أَبُو عُمَرَ حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ قَالَ نَا ابو الْقَاسِم عبيد الله بْنُ عُمَرَ بْنِ أَحْمَدَ الشَّافِعِيُّ بِالزَّهْرَاءِ قَالَ كَانَ فِيمَا حَدَّثَنَا شُيُوخُنَا

(1/110)


من اهل مصر بِمِصْرَ رَجُلٌ صَالِحٌ يَقُولُونَ إِنَّهُ مِنَ الأَبْدَالِ فَرَأَى فِي النَّوْمِ رُؤْيَا فَأَصْبَحَ فَوَقَفَ فِي جَامع مصر وَصَاح يَا أهل مِصْرَ اجْتَمِعُوا إِلَيَّ فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ النَّاسُ فَقَالُوا مَا نَزَلَ بِكَ يَا فُلانُ قَالَ أَنْتُمْ عَلَى خَطَأٍ كُلُّكُمْ فَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ وَتُوبُوا إِلَيْهِ قَالُوا مِم ذَا قَالَ نعم رَأَيْتُ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ كَأَنِّي فِي مَسْجِدِكُمْ هَذَا وَكَأَنَّ الْقَنَادِيلَ كُلَّهَا قَدْ أُطْفِئَتْ إِلا قِنْدِيلا وَاحِدًا عِنْدَ بَعْضِ هَذِهِ الأَعْمِدَةِ الَّتِي كَانَ يَجْلِسُ إِلَيْهَا الْمُزَنِيُّ صَاحِبُ الشَّافِعِيِّ تَعَالَوْا حَتَّى أُرِيَكُمْ إِيَّاهُ فَوَقَفَهُمْ عَلَى الْعَمُودِ الَّذِي كَانَ يجلس اليه المزنى فتوا فى النَّاسُ إِلَيْهِ وَاسْتَحَبُّوهُ وَعَظُمَتْ حَلْقَتُهُ حَتَّى أَخَذَتْ أَكْثَرَ الْجَامِعِ وَزَالَ مَا فِي قُلُوبِ النَّاسِ من التُّهْمَة لَهُ وَتُوُفِّيَ يَوْمَ الأَرْبَعَاءِ لِسِتٍّ بَقِينَ مِنْ رَبِيعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ وَمِنْهُمُ
ابْنُ الشَّافِعِيِّ وَهُوَ أَبُو عُثْمَانَ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ

كَذَا قَالَ قَوْمٌ كُنْيَتُهُ أَبُو عُثْمَانَ وَالصَّحِيحُ عِنْدَنَا أَنَّ كُنْيَتَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَكَانَ يَتَفَقَّهُ لأَبِيهِ وَوَلِيَ الْقَضَاءَ بِالشَّامِ تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ وَقِيلَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ وَمِنْهُم
عبد العزيز بْنُ عِمْرَانَ بْنِ أَيُّوبَ بْنِ مِقْلاصٍ

مَوْلَى خُزَاعَةَ يُكَنَّى أَبَا عَلِيٍّ صَحِبَ الشَّافِعِيَّ وَرَوَى عَنْهُ وَكَانَتْ وَفَاتُهُ بِمِصْرَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَتَيْنِ وَمِنْهُم
ابو مُوسَى يُونُس بن عبد الاعلى الصَّدَفِيُّ

وَكَانَ جَلِيلا نَبِيلا مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ أَدْرَكَ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ وَكَتَبَ عَنْهُ وَرَوَى عَنِ الشَّافِعِيِّ كَثِيرًا وَرَوَى عَنِ ابْن وهب وروى عَنهُ

(1/111)


مُوَطَّأَ مَالِكٍ أَيْضًا وَقِرَاءَةُ نَافِعٍ مَأْخُوذَةٌ عَنْهُ رَوَاهَا عَن ورش وَعَن قالون وَكَانَ يَرْوِي قِرَاءَةَ حَمْزَةَ أَيْضًا وَهُوَ مِنْ جِلَّةِ الْمِصْرِيِّينَ بِمِصْرَ تُوُفِّيَ بِمِصْرَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ وَمِنْهُم
بَحْرُ بْنُ نَصْرِ بْنِ سَابِقٍ الْخَوْلانِيُّ

مَوْلًى لبنى سعد من خولان يكنى أَبَا عبد الله صَحِبَ الشَّافِعِيَّ وَأَخَذَ عَنْهُ وَلَمْ يَكُنْ فَقِيهًا وَكَانَ رَجُلا صَالِحًا عِنْدَهُ كُتُبُ الزُّهْدِ عَنْ أَسَدِ بْنِ مُوسَى وَغَيْرِهِ وَكَتَبَ ابْنُ وَهْبٍ تُوُفِّيَ بِمِصْرَ لَيْلَةَ الاثْنَيْنِ لِثَمَانٍ خَلَوْنَ مِنْ شَعْبَانَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ وَصَلَّى عَلَيْهِ أَخُوهُ إِدْرِيس بن نصر وَمِنْهُم