الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء

أَبُو عبد الله أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الْوَزِيرِيُّ

مَوْلًى لِتُجِيبَ رَوَى عَنِ الشَّافِعِيِّ وَصَحِبَهُ وَلَمْ يَرْوِ عَنْهُ إِلا مسَائِل توفى بِمصْر فى شَوَّال سنة خمس وَمِائَتَيْنِ وَمِنْهُمْ
أَبُو مُحَمَّدٍ الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ بن عبد الجبار بْنِ كَامِلٍ الْمُرَادِيُّ

مَوْلًى لَهُمْ الْمُؤَذِّنُ كَانَ يُؤَذِّنُ فِي الْجَامِعِ الأَكْبَرِ إِلَى أَنْ مَاتَ لَا يُؤذن أحد فى المنارة قبله صَحِبَ الشَّافِعِيَّ طَوِيلا وَأَخَذَ عَنْهُ كَثِيرًا وَخَدَمَهُ وَكَانَتِ الرِّحْلَةُ إِلَيْهِ فِي كُتُبِ الشَّافِعِيِّ وَكَانَتْ فِيهِ سَلامَةٌ وَغَفْلَةٌ وَلَمْ يَكُنْ مُتَيَقِّظًا وَلا قَائِمًا بِالْفِقْهِ تُوُفِّيَ بِمِصْرَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ سبعين وَمِائَتَيْنِ وَمِنْهُم
أَشهب بن عبد العزيز

كَانَتْ سِنُّهُ وَسِنُّ الشَّافِعِيِّ قَرِيبًا مِنْ قَرِيبٍ وَكَانَا يَتَصَاحَبَانِ إِذْ قَدِمَ الشَّافِعِيُّ مِصْرَ وَيَتَذَاكَرَانِ الْفِقْه وَهُوَ أَشهب بن عبد العزيز بْنِ دَاوُدَ الْقَيْسِيُّ ثُمَّ الْعَامِرِيُّ ثُمَّ الْجَعْدِيُّ يُكَنَّى أَبَا عَمْرٍو وَاسْمُهُ مِسْكِينٌ وَأَشْهَبُ لَقَبٌ

(1/112)


غلب عَلَيْهِ كَانَ فَقِيها نبيلا حسن المنظر وَكَانَ من المالكيين والمتحقعين بِمَذْهَبِ مَالِكٍ وَكَانَ كَاتِبَ خَرَاجِ مِصْرَ تُوُفِّيَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَمِائَتَيْنِ وَفِيهَا مَاتَ الشَّافِعِيُّ وَكَانَ بَيْنَ مَوْتَيْهِمَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا أَو نَحْوهَا ذكر أَبُو الْقَاسِم عبيد الله بْنُ عُمَرَ بْنِ أَحْمَدَ الشَّافِعِيُّ قَالَ نَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ نَا الرَّبِيعُ قَالَ سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ دَخَلْتُ إِلَى مِصْرَ فَلَمْ من أَشهب بن عبد العزيز وَمِنْهُم
عبد الله بن عبد الحكم
ابْن أَعْيَنَ بْنِ اللَّيْثِ مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُكَنَّى أَبَا مُحَمَّدٍ رَوَى عَنِ الشَّافِعِيِّ وَأَخَذَ عَنْهُ وَكَتَبَ كُتُبَهُ لِنَفْسِهِ وَلابْنِهِ مُحَمَّدٍ وَكَانَ مُتَحَقِّقًا بِقَوْلِ مَالِكٍ وَكَانَ صَدِيقًا لِلشَّافِعِيِّ وَعَلَيْهِ نَزَلَ إِذْ جَاءَ مِنْ بَغْدَادَ إِلَى مِصْرَ وَعِنْدَهُ مَاتَ الشَّافِعِيُّ وَدُفِنَ فِي وَسَطِ قُبُورِ بَنِي عَبْدِ الْحَكِم بِمِصْرَ وَبَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ قُبَّةً وَتُوُفِّيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ أَربع عشرَة وَمِائَتَيْنِ وَمِنْهُم
مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الحكم

ابْن أَعْيَنَ وَكَانَ فَقِيهًا جَلِيلا نَبِيلا وَجِيهًا فِي زَمَانه أَخذ عَن الشافعى وَصَحبه وَكتب وَكتبه وَكَانَ أَبوهُ عبد الله بن عبد الحكم قَدْ ضَمَّهُ إِلَيْهِ وَأَمَرَهُ أَنْ يُعَوِّلَ عَلَيْهِ وَعَلَى أَشْهَبَ وَكَانَ مُحَمَّدٌ أَقْعَدَ النَّاسِ بِهِمَا قَالَ أَبُو عبيد الله مُحَمَّدِ بْنِ الرَّبِيعِ الْجِيزِيُّ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عبد الله بن عبد الحكم يَقُولُ سَمِعْتُ مِنَ الشَّافِعِيِّ كِتَابَ أَحْكَامِ الْقُرْآنِ فِي أَرْبَعِينَ جُزْءًا وَكِتَابَ الرَّدِّ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ فِي سَبْعَةِ أَجْزَاءٍ قَالَ وَعِنْدَنَا عَنهُ جزآن فِي السُّنَنِ وَرَوَى عَنِ الشَّافِعِيِّ كِتَابَ

(1/113)


الْوَصَايَا وَيَقُولُونَ إِنَّه لم يروه عَن غَيره ولمحمد بن عبد الله بن عبد الحكم رَدٌّ عَلَى الشَّافِعِيِّ فِيمَا وَقَعَ لَهُ مِنْ خِلافٍ لِلْحَدِيثِ الْمُسْنَدِ يَنْتَصِرُ بِذَلِكَ لِمَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي عَيْبِ الشَّافِعِيِّ لَهُ فِيمَا تَرَكَ من الْمسند للْعَمَل عِنْده وَتوفى مُحَمَّد ابْن عبد الله بن عبد الحكم فِي ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ وَمِنْهُمْ
هَارُونُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَيْلِيُّ

كَانَ جَلِيلا عَظِيمًا فَقِيهًا صَحِبَ الشَّافِعِيَّ وَأَخَذَ عَنْهُ وَرَوَى عَنهُ وَمِنْهُم
هرون بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْهَيْثَمِ

مَوْلًى لِقَيْسٍ يُعْرَفُ بِالأَيْلِيِّ أَيْضًا كَانَ جَلِيلا فَقِيهًا نَبِيلا صَحِبَ الشَّافِعِيَّ وَأَخَذَ عَنْهُ وَسَمِعَ مِنْهُ تُوُفِّيَ يَوْمَ الأَحَدِ لِسِتٍّ خَلَوْنَ مِنْ رَبِيعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ ثَلاثٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ وَمِنْهُمْ
إِبْرَاهِيمُ بْنُ هَرِمٍ

وَيُقَالُ ابْنُ الْهَرِمِ الْعَامِرِيُّ كَانَ مِنْ مُلُوكِ مصر مَشْهُورا بِالطَّلَبِ والعناية بِالْعلمِ شَغَلَتْهُ دُنْيَاهُ فَخَفِيَ ذِكْرُهُ أَخَذَ عَنِ الشَّافِعِيِّ وَكَتَبَ كُتُبَهُ وَمِنْهُمْ
عَمْرُو بْنُ سَوَّادِ بْنِ الاسود

ابْن عَمْرو بن مُحَمَّد بن عبد الله بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ الْعَامِرِيُّ يُكَنَّى أَبَا مُحَمَّدٍ تُوُفِّيَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ وَمِنْهُمْ
بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ

صَحِبَ الأَوْزَاعِيَّ وَأَخَذَ عَنْهُ ثُمَّ أَخَذَ عَنِ الشَّافِعِيِّ كثيرا من الْمسَائِل وَمِنْهُم

(1/114)


قحزم بن عبد الله بْنِ قَحْزَمٍ الأُسْوَانِيُّ

يُكَنَّى أَبَا حَنِيفَةَ وَأَصْلُهُ مِنَ الْقِبْطِ أَقَامَ بِأُسْوَانَ يُفْتِي بِهَا بِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ صَحِبَ الشَّافِعِيَّ وَأَخَذَ عَنْهُ وَكَتَبَ كَثِيرًا من كتبه وروى عَنْهُ عَشَرَةَ أَجْزَاءٍ فِي السُّنَنِ وَالأَحْكَامِ تُوُفِّيَ بِأَسْوَانَ سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِينَ وَمِائَتَيْنِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ كَانَ دُخُولُ الشَّافِعِيِّ مِصْرَ مَعَ الْعَبَّاسِ بن مُوسَى بن عِيسَى ابْن مُوسَى بن مُحَمَّد بن على بن عبد الله بن الْعَبَّاس بن عبد المطلب كَانَ اسْتَصْحَبَهُ بِمِصْرَ وَذَلِكَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ وَأَخَذَ عَنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ الْمَذْكُورِينَ من المكيين والبغداديين والبصريين خَلْقٌ كَثِيرٌ لَا يُحْصَوْنَ كَثْرَةً وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو اسمعيل مُحَمَّد بن اسمعيل التِّرْمِذِيُّ مَنْ أَخَذَ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ سُلَيْمَانَ كُتُبَ الشَّافِعِيِّ وَرَحَلَ إِلَيْهِ فِيهَا مِنَ الآفَاقِ مائتى رجل
كَمَلَتْ أَخْبَارُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَالْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ الْعَالمين
قَالَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ دُرَيْدِ بن عتاهية بن حنتم بن الْحسن ابْن حمامى بن جرو بن وهب بن وَاسع بن سَلمَة بن حَاضر بن حنتم بن ظَالِم ابْن حَاضر بن اسد بن عدى بن عَمْرو بن ملك بن فهم بن غنم بن دوس بن عدنان ابْن عبد الله بن زهران بن كَعْب بن الْحَرْث بن كَعْب بن عبد الله بن مَالك بن الازد بن الْغَوْث يرتى الامام مُحَمَّد ادريس الشافعى
(بِمُلْتَفَتَيْهِ لِلْمَشِيبِ طَوَالِعُ ... ذَوَائِدُ عَنْ وَرْدِ التَّصَابِي رَوَادِعُ)
(تَصْرِفُهُ طَوْعَ الْعَنَانِ وَرُبَّمَا ... دَعَاهُ الصِّبَا فَاقْتَادَهُ وَهُوَ طَائِعُ)
(وَمَنْ لَمْ يَزِعْهُ لُبُّهُ وَحَيَاؤُهُ ... فَلَيْسَ لَهُ مِنْ شَيْبِ فَوْدَيْهِ وَازِعُ)

(1/115)


(هَلِ النَّافِرُ الْمَدْعُوُّ لِلْحَظِّ رَاجِعُ ... أَمِ النُّصْحُ مَقْبُولٌ أَمِ الْوَعْظُ نَافِعُ)
(أَمِ الْهَمْكُ الْمَهْمُومُ بِالْجَمْعِ عَالِمُ ... بِأَنَّ الَّذِي يُوعَى مِنَ الْمَالِ ضائع)
(وَأَن قصاراه على فرط ظَنّه ... فِرَاقُ الَّذِي أَضْحَى لَهُ وَهُوَ جَامِعُ)
(وَيَخْمُلُ ذكر الْمَرْء بِالْمَالِ بَعْدَهُ ... وَلَكِنَّ جَمْعَ الْعِلْمِ لِلْمَرْءِ رَافِعُ)
(أَلَمْ تَرَ آثَارَ ابْنِ إِدْرِيسَ بَعْدَهُ ... دَلائِلُهَا فِي الْمُشْكِلاتِ لَوَامِعُ)
(مَعَالِمُ يَفْنَى الدَّهْرُ وَهِيَ خَوَالِدُ ... وتنخفض الاعلام وهى فوارع)
(منهاهج فِيهَا للهدى متصرف ... موارد فِيهَا للرشاد شوارع)
(ظواهرها حكم ومستنبطاتها ... لما حكم التَّفْرِيق فِيهَا جَوَامِعُ)
(لَرَأْيُ ابْنِ إِدْرِيسَ ابْنِ عَمِّ مُحَمَّدٍ ... ضِيَاءٌ إِذَا مَا أَظْلَمَ الْخَطْبُ سَاطِعُ)
(إِذَا الْمُعْضَلاتُ الْمُشْكَلاتُ تَشَابَهَتْ ... سَمَا مِنْهُ نُورٌ فِي دُجَاهِنَّ صَادِعُ)
(أَبَى اللَّهُ إِلا رَفْعَهُ وَعُلُوَّهُ ... وَلَيْسَ لِمَا يُعْلِيهِ ذُو الْعَرْشِ وَاضِعُ)
(تَوَخَّى الْهُدَى وَاسْتَنْقَذَتْهُ يَدُ التُّقَى ... مِنَ الزَّيْغِ إِنَّ الزَّيْغَ لِلْمَرْءِ صَارِعُ)
(وَلاذَ بِآثَارِ النَّبِيِّ فَحُكْمُهُ ... لِحُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ فِي النَّاسِ تَابِعُ)
(وَعَوَّلَ فِي أَحْكَامِهِ وَقَضَائِهِ ... عَلَى مَا قَضَى التَّنْزِيلَ وَالْحق ناصع)
(بطئ عَنِ الرَّأْيِ الْمَخُوفِ الْتِبَاسُهُ ... إِلَيْهِ إِذَا لَمْ يخْش لبسا مسارع)
(وأنشاله مَنْشِيَهُ مِنْ خَيْرِ مَعْدِنٍ ... خَلائِقُ هُنَّ الْبَاهِرَاتُ الْبَوَارِعُ)
(تَسَرْبَلَ بِالتَّقْوَى وَلِيدًا وَنَاشِئًا ... وَخُصَّ بِلُبِّ الكهل مذهو يافع)

(1/116)


(وَهُذِّبَ حَتَّى لَمْ تُشِرْ بِفَضِيلَةٍ ... إِذَا الْتُمِسَتْ إِلا إِلَيْهِ الأَصَابِعُ)
(فَمَنْ يَكُ عِلْمُ الشَّافِعِيِّ إِمَامَهُ ... فَمَرْتَعُهُ فِي سَاحَةِ الْعِلْمِ وَاسِعُ)
(سَلامٌ عَلَى قَبْرٍ تَضَمَّنَ رُوحَهُ ... وَجَادَتْ عَلَيْهِ الْمُدْجِنَاتُ الهوامع)
(لقد غيبت أثراؤه جسم ماجد ... جَلِيلًا إِذَا الْتَفَّتْ عَلَيْهِ الْمَجَامِعُ)
(لَئِنْ فَجَّعَتْنَا الْحَادِثَاتُ بِشَخْصِهِ ... وَهُنَّ بِمَا حُكِّمْنَ فِيهِ فَوَاجِعُ)
(فَأَحْكَامُهُ فِينَا بدور زراهره ... وآثاره فِينَا نُجُوم طوالع)
قَالَ الشافعى رَحمَه الله لما قتل عبد الله بن الزبير أُصِيب فى تَابُوت لَهُ حق فَفتح فاذا فِيهِ بطاقة مَكْتُوب فِيهَا اذا غاض الْكِرَام غيضا وفاض اللئام فيضا وَكَانَ الشتَاء قيظا وَالْولد غيضا فأعنزعفر فى جبل وعر خير من ملك بنى النَّضر قَالَ اسْلَمْ بن عبد العزيز القاضى حَدَّثَنى الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ وقف اعرابى بِهِشَام بن عبد الملك بن مَرْوَان فَسلم ثمَّ قَالَ لَهُ اى يَرْحَمك الله انه مرت بِنَا سنُون ثَلَاث اما احداها فأهلكت المواشى وَأما الثَّانِيَة فانضت اللَّحْم وَأما الثَّالِثَة فخلصت الى الْعظم وعندك مَال فان يكن لله فأعطه عباد الله وان يكن لَك فَتصدق علينا ان الله يجزى المتصدقين قَالَ فَأعْطَاهُ عشرَة آلَاف دِرْهَم وَقَالَ لَو كَانَ النَّاس يحسنون يسئلون هَكَذَا مَا حرمنا أحدا
أنْشد الاستاذ الامام زين الاسلام ابو الْقَاسِم عبد الكريم بن هوَازن القشيرى رضى الله عَنهُ
(بِحَمْد الله أفْتَتح المقالا ... وَقد جلت أياديه تَعَالَى)
(وأعقب بالصلات على الْمُعَلَّى ... على كل الورى شرفا وَحَالا)

(1/117)


(وقفت على معانى مَا سَأَلْتُم ... من التَّوْحِيد اذكره ارتجالا)
(بنظم لامخل بالمعاني ... وَلَا بسط فيورثكم ملالا)
(سأسعفكم بربى مستعينا ... أُؤَمِّل أَن يجنبنى الضلالا)
(حكمنَا بالحدوث لكل شئ ... وَجَدْنَاهُ تغير واستحالا)
(وَدلّ الْحدثَان على قديم ... يحصلها وَلم يقبل زوالا)
(يُخَالِفهَا فللمخلوق نقص ... وخالقها أَبى الا جلالا)
(قدير عَالم حى مُرِيد ... سميع مبصر لبس الجمالا)
(ولاستحقاقه هذى الاسامى ... صِفَات يسْتَحق لَهَا الكمالا)
(وَلَا يحويه قطر أَو مَكَان ... ولاحد فيستدعى مِثَالا)
(وَرَاء أَو مُقَابلَة وقوفا وتحتا أَو يَمِينا أَو شمالا)
(تقدس أَن يكون لَهُ شَبيه ... تَعَالَى أَن يظنّ وَأَن يقالا)
(وَلَا جسم يماثل محدثات ... مؤلفة قصارا أَو طوَالًا)
(يرَاهُ الْمُؤْمِنُونَ بِغَيْر شكّ ... وَلم يُوجب لَهُ وَصفا محالا)
(وَمَا الْقُرْآن مخلوقا حَدِيثا ... ففى آزاله نَادَى وَقَالا)
(وَلَو فى ملكه مَا لم يردهُ ... لَكَانَ لنعت عزته انتقالا)
(ويخلق فعلنَا خيرا وشرا ... فَسَادًا أَو سدادا أَو ضلالا)
(فقدرتنا لَئِن صلحت لخلق ... وحاولنا الْجَوَاهِر مَا استحالا)
(فَلَا قدر وَلَا فى الدّين جبر ... بِلَا كسب شرحت بِهِ المقالا)
(وَلم يخرج عَن الايمان عبد ... بِدُونِ الْكفْر لم يحسن خِصَالًا)
(وَللَّه الْعَزِيز بِحَق ملك ... تعبد من يكلفه الفعالا)

(1/118)


(وَأرْسل بِالْهدى رسلًا كراما ... لَهُم برهَان صدق قد توالى)
(وَخص مُحَمَّدًا بعلو قدر ... وَعز قد كَسَاه بِهِ جلالا)
(وَأَعْطَاهُ من افضال ومجد ... وأوصاف حميدات خلالا)
(شَفَاعَة أمة وَكَمَال دين ... ومعراجا وَمَا فى ذَاك نالا)
(فمهد للورى شرعا قويما ... وَلم يتْرك لايهام منالا)
(وَبَين ان أفعالا حَرَامًا ... وأفعالا مُبَاحا أَو حَلَالا)
(فَكَانَ الشَّمْس وَالْبَاقُونَ بَدْرًا ... وَكَانَ الْبَدْر والباقى هلالا)
(اذا رام الْخَطِيب لَهُ بَيَانا ... أصَاب لبسط قالته مجالا)
(على الْخيرَات قد وعد العطايا ... وَمن يعْص الآله يذقْ وبالا)
(وَلَيْسَ الْكسْب يُوجب مَا نلاقى ... وَلَا لجزاء مَوْلَانَا اعتلالا)
(بل الاكساب والافعال منا ... امارات فدع عَنْك المحالا)
(وَلما أَن مضى ترك البرايا ... على بَيْضَاء من در تلالا)
(وَبعد وَفَاته الصّديق ثَان ... وفاروق تعقبه وآلا)
(وَذُو النورين بعدهمْ على ... هم الْخُلَفَاء وَالْبَاقُونَ لالا)
(فَلَا تذكر صحابيا بسؤء ... ودع مَا قد جرى ودع السؤالا)
(وجانب كل منتحل ضلالا ... وَمن يخْتَار رفضا واعتزالا)
(وَخَالف كل مُبْتَدع تصدى ... لتشبيه وتعطيل ومالا)
(وَقل أَنا مُؤمن وبفضل ربى ... أرى مِنْهُ التجاوز والنوالا)

(1/119)