التمهيد والبيان
في مقتل الشهيد عثمان 46 - ذكرهجوا الْقَوْم على عُثْمَان رض =
عَن مُحَمَّد وَطَلْحَة وَأبي حَارِث وَأبي عُثْمَان
قَالُوا قَالَ المصريون أما وَالله لَوْلَا أَن تَكُونُوا
حجَّة علينا فِي الْأمة لقد قتلناكم بعد تنحوا فَقَالَ
(1/138)
الْمُغيرَة بن الْأَخْنَس من يبارز فبرز
لَهُ رجل فاجتلد وَهُوَ يَقُول ... اضربهم باليابس ضرب
غُلَام عَابس من الْحَيَاة ايس ...
فَأَجَابَهُ صَاحبه وَقَالَ النَّاس قتل الْمُغيرَة بن
الْأَخْنَس فَقَالَ الَّذِي قَتله إِنَّا لله فَقَالَ عبد
الرحمان بن عديس مَالك فَقَالَ إِنِّي اتيت فِيمَا يرى
النَّائِم فَقيل لي بشر قَاتل الاخنس بالنَّار وابتليت
بِهِ وَقتل قباث الْكِنَانِي نيار بن عبد الله الاسلمي
قَالُوا واقتحم النَّاس الدَّار من الدّور الَّتِي حولهَا
دخلُوا من دَار عمر وبن حزم حَتَّى ملأوها وَلَا يشْعر
الَّذين بِالْبَابِ وَغلب النَّاس على عُثْمَان رض =
واقبلت الْقَبَائِل على ابنائهم فَذَهَبُوا بهم إِذْ غلبوا
على أَمِيرهمْ وَندب لَهُ رجل يقْتله فَانْتدبَ رجل فَدخل
عَلَيْهِ الْبَيْت فَقَالَ أخلعها وَنَدَعك وَقَالَ لَهُ
وَيحك وَالله مَا كشفت أمرأه فِي جاهليه وَلَا أسلم وَلَا
تَغَنَّيْت وَلَا تمنيت وَلَا وضعت يَمِيني على عورتي
مُنْذُ بَايَعت رَسُول الله وَلست خالعا قَمِيص كسانيه
الله وَأَنا على مَكَاني حَتَّى يكرم الله أهل السعاده
ويهين أهل الشقاوه وفخرج فَقَالُوا مَا صنعت فَقَالَ علقنا
وَالله مَا يحل لنا قَتله وَلَا ينجينا من النَّاس إِلَّا
قَتله فأدخلوا عَلَيْهِ رجلا من بني لَيْث فَقَالَ لَهُ
عُثْمَان مِمَّن الرجل ليثي فَقَالَ لست صَاحِبي قَالَ
وَكَيف فَقَالَ أَلَسْت الَّذِي دَعَا لَك النَّبِي صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم فِي نفر أَن تحفظُوا فِي يَوْم كَذَا
وَكَذَا قَالَ بِلَا قَالَ فَلم تصنع فَرجع وَفَارق
الْقَوْم فأدخلوا عَلَيْهِ رجل من قُرَيْش فَقَالَ يَا
عُثْمَان إِنِّي قَاتلك قَالَ كلا يَا فلَان لَا تقتلني
قَالَ كَيفَ قَالَ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم أسْتَغْفر لَك يَوْم كَذَا وَكَذَا فَلَنْ تقارف
دَمًا حرَام فَاسْتَغْفر وَرجع وَفَارق أَصْحَابه وَأَقْبل
عبد الله بن سَلام حَتَّى قَامَ على بَاب الدَّار يُنْهِي
عَن قَتله وَقَالَ يَا قوم لَا تسلوا سيف الله عَلَيْكُم
فوَاللَّه إِن
(1/139)
سللتموه لَا يغمد وَيْلكُمْ أَن سلطانكم
الْيَوْم يقوم بِالدرةِ وَإِن قَتَلْتُمُوهُ لم يقم إِلَّا
بِالسَّيْفِ وَيْلكُمْ أَن مدينتكم هَذِه محفوفه بملائكة
الله وَالله لَئِن قَتَلْتُمُوهُ ليتركنها فَقَالُوا يَا
بن الْيَهُودِيَّة وَمَا أَنْت وَهَذَا فَرجع عَنْهُم
وَعَن يُونُس الطنافسي عَن مُحَمَّد بن يُوسُف بن جد عبد
الله بن سَلام قَالَ قلت للمصريين لَا تقتلوه فَأن الله قد
رفع عَنْكُم سيف الْفِتْنَة مُنْذُ بعث نَبينَا مُحَمَّد
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَا يزَال مَرْفُوعا عَنْكُم
حَتَّى تقتلُوا إمامكم فَأن قَتَلْتُمُوهُ سل الله
عَلَيْكُم سيف الْفِتْنَة ثمَّ لَا يرفعهُ عَنْكُم حَتَّى
يخرج عِيسَى بن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام والثانيه
مدينتكم لم تزل محفوفة بملائكة مُنْذُ نزلها رَسُول الله
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَئِن قَتَلْتُمُوهُ ليرتفعن
عَنْهَا ثمَّ لَا يحفونها حَتَّى تلتقوا عِنْد الله
وَالثَّالِث تالله لقد حق لَهُ عَلَيْكُم مَا يحِق للوالد
على ولد هـ أَن رأه نَائِما لَا يوقظه وَالرَّابِعَة
لتستكمل الْحجَّة حِين يُؤْتى على أَجله وَلَوْلَا مَا على
الْعلمَاء لعَلِمت أَن مَا هُوَ كَائِن سَيكون فَشَتَمُوهُ
وهموا بِهِ فَانْصَرف عَنْهُم
عَن مُحَمَّد وَطَلْحَة وَأبي حارثه وَأبي عُثْمَان
قَالُوا كَانَ أخر من دخل عَلَيْهِ مِمَّن رَجَعَ إِلَى
الْقَوْم مُحَمَّد بن أبي بكر فَقَالَ لَهُ عُثْمَان رض =
وَيلك أَعلَى الله تغْضب هَل لي إِلَيْك جرم إلاحقه
الَّذِي أَخَذته مِنْك فنكل وَرجع
وَعَن الْغُصْن بن الْقَاسِم عَن رجل عَن خنساء مولاة
أُسَامَة بن زيد وَكَانَت تكون مَعَ نائله بنت الفرافضة
أمْرَأَة عُثْمَان رض = أَنَّهَا كَانَت فِي الدَّار
يَوْمئِذٍ فَدخل عَلَيْهِ مُحَمَّد بن أبي بكر فَأخذ
بلحيته وأهوى بمشاقص مَعَه ليجأ بهَا فِي حلقه فَقَالَ
مهلا إِبْنِ أخي فوَاللَّه لقد أخذت مأخوذا مَا كَانَ
أَبوك ليَأْخُذ بِهِ فَتَركه وأنصرف مستحيا نَادِما
فستقبله الْقَوْم على بَاب
(1/140)
الصّفة فردهم طَويلا حَتَّى غلبوه
فَدَخَلُوا عَلَيْهِ وَخرج مُحَمَّد رَاجعا فَأَتَاهُ رجل
بِيَدِهِ حَدِيد يقدمهم حَتَّى قَامَ على عُثْمَان رض =
فَضرب بهَا رَأسه فَشَجَّهُ فقطر دَمه على الْمُصحف حَتَّى
لطخه ثمَّ تعاوروا عَلَيْهِ فَضَربهُ على الثدي
بِالسَّيْفِ فَسقط وَوَثَبْت نائله بنت الفرافصه الكلبيه
فصاحت وَأَلْقَتْ نَفسهَا عَلَيْهِ وَقَالَت يَا بنت شيبا
أيقتل أَمِير الْمُؤمنِينَ وَأخذت السَّيْف فَقطع الرجل
يَدهَا وانتهبوا مَتَاع الْبَيْت وَمر رجل على عُثْمَان رض
= وَرَأسه على الْمُصحف فَضرب رَأسه بِرجلِهِ ونحاه عَن
الْمُصحف وَقَالَ مَا رَأَيْت كَالْيَوْمِ وَجه كَافِر
أحسن وَلَا مَضْجَع كَافِر أكْرم فَلَا وَالله مَا تركُوا
فِي دَاره شَيْئا حَتَّى الأقداح أَلا ذَهَبُوا بِهِ
وَقَالَ مُحَمَّد بن سعد فِي = كتاب الطَّبَقَات أَنهم لما
دخلُوا على عُثْمَان رض = جَاءَ رويجل كَأَنَّهُ ذِئْب
فَأطلع فِي الْبَاب ثمَّ رَجَعَ فجَاء مُحَمَّد بن أبي بكر
فِي ثَلَاثَة عشر رجلا حَتَّى أنْتَهى إِلَى عُثْمَان رض =
فَأخذ بلحيته فَقَالَ بهَا حَتَّى سمع وَقع أَضْرَاسه
وفقال مَا أغْنى عَنْك مُعَاوِيَة مَا أغْنى عَنْك إِبْنِ
عَامر مَا أغنت عَنْك كتبك فَقَالَ أرسل لي لحيتي يَا
إِبْنِ أخي أرسل لي لحيتي يَا بن أخي أرسل لحيتي يَابْنَ
أخي قَالَ فاستعدى عَلَيْهِ رجل من الْقَوْم بِعَيْنِه
فَقَامَ إِلَيْهِ بمشقص حَتَّى وجأ بِهِ فِي رَأسه ثمَّ
أعتوروا عَلَيْهِ فَقَتَلُوهُ
وروى أَيْضا عَن مُحَمَّد بن عمر قَالَ حَدثنِي عبد
الرحمان بن عبد الْعَزِيز عَن عبد الرحمان بن مُحَمَّد بن
عبد أَن مُحَمَّد بن أبي بكر تسور على عُثْمَان رض = من
دَار عَمْرو بن حزم وَمَعَهُ كنَانَة بن بشر بن عتاب
وسودان ابْن حمْرَان وَعَمْرو بن الْحمق فوجدوا عُثْمَان
رض عِنْد أمْرَأَته نائله وَهُوَ يقْرَأ الْمُصحف فِي
سُورَة الْبَقر فتقدمه مُحَمَّد بن أبي بكر
(1/141)
فَأخذ بلحية عُثْمَان رض = فَقَالَ قد
أخزاك الله يَا نعثل فَقَالَ عُثْمَان رض = لست بنعثل
وَلَكِنِّي عبد الله وأمير الْمُؤمنِينَ وَقَالَ مُحَمَّد
ماأغنى عَنْك مُعَاوِيَة وَفُلَان وَفُلَان فَقَالَ
عُثْمَان رض يَا بن أخي دع عَنْك لحيتي فماكان أَبوك
ليقْبض على مَا قبضت عَلَيْهِ فَقَالَ مُحَمَّد مَا أُرِيد
بك أَشد من قبضي على لحيتك فَقَالَ عُثْمَان رض أستنصر
الله عَلَيْك وأستعين بِهِ ثمَّ طعن جَبينه بمشقص فِي يَده
وَرفع كنَانَة بن بشر مشاقص كَانَت فِي يَد هـ فوجأ فِي
أصل أذن عُثْمَان رض = فمضت حَتَّى دخلت فِي حلقه ثمَّ
علاهُ بِالسَّيْفِ حَتَّى قَتله وَهَذَا يدل على أَن
مُحَمَّد بن أبي بكر بَاشر قتل عُثْمَان رض = بِنَفسِهِ
وَقَالَ إِبْنِ أبي عون ضرب كنَانَة بن بشر جَبينه ومقدم
رَأسه بعمود حَدِيد فَخر لجنبه وضربه سودان بن حمْرَان
الْمرَادِي بَعْدَمَا خر لجنبه فَقتله وَأما عَمْرو بن
الْحمق الْحمق فَوَثَبَ على عُثْمَان رض = فَجَلَسَ على
صَدره وَبِه رَمق فطعنه تسع طعنات وَقَالَ أما ثَلَاث
مِنْهُنَّ فَإِنِّي طعنتهن لله وَمَا سِتّ فَإِنِّي طعنته
أياهن لما كَانَ فِي صَدْرِي عَلَيْهِ وَقَالَ مُحَمَّد بن
عمر حَدثنِي الزبير إِبْنِ عبد الله عَن جدته قَالَت لما
ضربه كنانه بن بشر بالمشاقص قَالَ عُثْمَان رض بِسم الله
توكلت على الله وَإِذا الدَّم يسيل على لحيته يقطر والمصحف
بَين يَدَيْهِ فاتكأعلى شقَّه الْأَيْسَر وَهُوَ يَقُول
سُبْحَانَ الله الْعَظِيم وَهُوَ فِي ذَلِك يقْرَأ
الْمُصحف وَالدَّم يسيل على الْمُصحف حَتَّى وقف الدَّم
عِنْد قَوْله تَعَالَى {فَسَيَكْفِيكَهُم الله وَهُوَ
السَّمِيع الْعَلِيم} سُورَة الْبَقر 137 وأطبق الْمُصحف
وضربوه جَمِيعًا ضَرْبَة وَاحِدَة فَقَتَلُوهُ الله بِأبي
هُوَ يحيي اللَّيْل فِي ركعه ويصل الرَّحِم وَيطْعم
الملهوف وَيحمل الْكل فرحمه الله
عَن عبد الله بن سعيد بن ثَابت قَالَ رَأَيْت مصحف
عُثْمَان رض =
(1/142)
ونضح الدِّمَاء فِيهِ على أَشْيَاء من
الْوَعْد والوعيد وَكَانَ ذَلِك عِنْد النَّاس من الأيات
وروى سيف بن عمر بِإِسْنَادِهِ قَالَ لما خرج مُحَمَّد بن
أبي بكر من عِنْد عُثْمَان رض وَعرفُوا انكسار ثار قتيرة
وسودان بن حمْرَان السكونيان والغافقي فَضَربهُ الغافقي
بحديدة مَعَه وَضرب الْمُصحف بِرجلِهِ فَاسْتَدَارَ
الْمُصحف وانتشر فاستقر بَين يَدي عُثْمَان رض = وسالت
عَلَيْهِ الدِّمَاء وَجَاء سودان بن حمْرَان ليضربه فأكبت
عَلَيْهِ نائله واتقت السَّيْف بِيَدِهَا فتعمدها ونفح
أصابعها فأطن أَصَابِع يَدهَا فَوَلَّتْ فغمز أوراكها
وَقَالَ إِنَّهَا لكبيرة العكيزة يَعْنِي العجيزة وَهَذَا
يدل على أَن مُحَمَّد بن أبي بكر لم يُبَاشر الْقَتْل
وَكَانَ قد دخل مَعَ الْقَوْم غلمة لعُثْمَان لِيَنْصُرهُ
وَكَانَ عُثْمَان رض = قد أعتق من كف مِنْهُم فَلَمَّا رأى
أحد العبيد سودان قد ضربه أَهْوى إِلَيْهِ فَضرب عُنُقه
ووثب قتيرة على الْغُلَام فَقتله وأنتبهوا مَا فِي
الْبَيْت وأخرجوا من فِيهِ ثمَّ أغلقوه على ثَلَاثَة
قَتْلَى فَلَمَّا دخلُوا الدَّار وثب غُلَام أخر لعُثْمَان
رض = على قطير فَضَربهُ فَقتله
وَدَار الْقَوْم فَأخذُوا مَا وجد حَتَّى تناولوا مَا على
النِّسَاء وَأخذ رجل ملاءة نائله وأسم الرجل كُلْثُوم
التجِيبِي فتنحت نائله فَقَالَ وَيْح أمك من عكيز مَا أتمك
فَضَربهُ غُلَام أخر لعُثْمَان فَقتله وَقتل الْغُلَام
أَيْضا فتنادى الْقَوْم فِي الدَّار أدركوا بَيت المَال
لَا تسبقوا إِلَيْهِ وَسمع أَصْحَاب بَيت المَال اصواتهم
وَلَيْسَ فِيهِ إِلَّا غِرَارَتَانِ فَقَالُوا النَّجَاء
أَن الْقَوْم أَنما يحاولون الدُّنْيَا فَهَرَبُوا وأتو
بَيت المَال فانتهبوه وماج النَّاس فَمنهمْ
(1/143)
من يسترجع ويبكي وَمِنْهُم من يسْعَى ويفرح
قَالَ إِبْنِ ألاثير وَلما قَتَلُوهُ أَرَادو حز رَأسه
فَوَقَعت عَلَيْهِ نائلة وَأم الْبَنِينَ يصحن ويضربن
الْوُجُوه فَقَالَ عبد الرحمان بن عديس إتركوه وَأَقْبل
عُمَيْر بن ضابىء فَوَثَبَ عَلَيْهِ فَكسر ضلعا من أضلاعه
وَقَالَ سجنت أبي حَتَّى مَاتَ فِي السجْن قَالَ وَالَّذِي
قَتله سودان بن حمْرَان وَقيل قَتله كنانه ابْن بشر
التجِيبِي لَعنه الله وَلعن أَصْحَابه وَجَمِيع من اعان
على قتل عُثْمَان رض = أورضى بِهِ وَكَانَ عُثْمَان رأى
النَّبِي صلى الله عَليّ وَسلم تِلْكَ الليله يَقُول لَهُ
إِنَّك تفطر الليله عندنَا
وَكَانَ قتل عُثْمَان رض = لثماني عشرَة حلت من ذِي الحجه
سنة وَخمْس وَثَلَاثِينَ وَقيل سنه سِتّ وَثَلَاثِينَ
قَالَ الزُّهْرِيّ قتل عُثْمَان رض = عِنْد صَلَاة
الْعَصْر وَقيل بل قبل أَيَّام التَّشْرِيق وَكَانَ عمره
أثنتين وَثَمَانِينَ سنه وَقيل ثمانيا وَثَمَانِينَ وَقيل
تسعين سنه وَقيل سِتا وَثَمَانِينَ سنه وَقيل خمْسا
وَسبعين وَكَانَت خِلَافَته أثنتي عشر سنه إلاأثني عشر
طيوما وَقيل أَلا ثمانيه أَيَّام وَالله أعلم بذلك وَعَن
سهل عَن الْقَاسِم قَالَ ماأراد القومأ الا خلعه فَلَمَّا
مغثوه مَاتَ فضربوه باسيافهم
47 - ذكر المَال الَّذِي خَلفه رَضِي الله عَنهُ
لما قتل عُثْمَان رض = دخل الغوغاء دَاره فصاح إِنْسَان
مِنْهُم أَيحلُّ دم عُثْمَان ولايحل مَاله فانتهبوا
مَتَاعه فَقَامَتْ نائلة وَقَالَت لصوص وَرب الْكَعْبَة
يَا أَعدَاء الله مَا ركبتم من دم عُثْمَان أعظم وَالله
لقد قَتَلْتُمُوهُ صواما قواما يقرآ القرأن فِي رَكْعَة
ثمَّ خرج النَّاس من دَار عُثْمَان رض وأغلق الْبَاب على
ثَلَاثَة قَتْلَى عُثْمَان رض = وَعبد عُثْمَان الْأسود
وكنانة بن بشر
(1/144)
وروى إِبْنِ سعد فِي الطَّبَقَات باسناده
عَن الزُّهْرِيّ عَن عبيد الله بن عبد الله ب عتبَة قَالَ
كَانَ لعُثْمَان بن عَفَّان رض = عِنْد خازنة يَوْمًا قتل
ثَلَاثُونَ ألف ألف دِرْهَم وَخَمْسمِائة الْفَا دِرْهَم
وَخَمْسُونَ وَمِائَة ألف دِينَار فانتهبت وَذَهَبت وَترك
ألف بعير بالربذة وَترك صدقَات كَانَ تصدق بهَا ببئر أريس
وبئر رومة وخيبر ووادي الْقرى بِقِيمَة مِائَتي ألف
دِينَار
48 - ذكر الصَّلَاة عَلَيْهِ وَدَفنه رض =
قتل عُثْمَان رض يَوْم الْجُمُعَة بعد الْعَصْر وَدفن
لَيْلَة السبت من تِلْكَ اللَّيْلَة هَذَا هُوَ الصَّحِيح
الَّذِي ذكره أهل التواريخ وَالسير وَقَالَ إِبْنِ
الْأَثِير فِي تَارِيخه قيل بَقِي عُثْمَان رض = ثَلَاثَة
أَيَّام لَا يدْفن وَالْأول أثبت ثمَّ أَن حَكِيم بن حزَام
وَجبير بن مطعم كلما عليا رض = فِي دَفنه فَفعل فَلَمَّا
سمع بذلك من قَتله قعدوا لَهُ فِي الطَّرِيق
بِالْحِجَارَةِ وَخرج بِهِ نَاس يسير من أَهله
وَالزُّبَيْر وَالْحسن بن عَليّ وَأَبُو جهم ومروان بن
الحكم بَين العشائين فَأتوا بِهِ حَائِطا من حيطان
الْمَدِينَة يُقَال لَهُ حش كَوْكَب خَارج البقيع فصلى
عَلَيْهِ جُبَير بن مطعم وَقيل حَكِيم بن حزَام وَقيل
مَرْوَان وَقيل صلى عَلَيْهِ الزبير كَذَا ذكره الإِمَام
أَحْمد فِي الْمسند وَأرْسل عَليّ رض = إِلَى الَّذين
قعدوا فِي طَرِيقه يُرِيدُونَ رجم سَرِيره فَمَنعهُمْ من
ذَلِك وَدفن فِي حش كَوْكَب فَلَمَّا ظهر مُعَاوِيَة على
النَّاس أَمر بذلك الْحَائِط فهدم وَأدْخل فِي البقيع
وَأمر النَّاس بدفن موتاهم حول قَبره حَتَّى أتصل الدّفن
بمقابر الْمُسلمين وَقيل شهد جنَازَته عَليّ وَطَلْحَة
وَزيد بن ثَابت وَكَعب بن مَالك وَعَامة من كَانَ ثمَّ من
أَصْحَابه وَقيل أَنه لم يغسل وَدفن فِي ثِيَابه لِأَنَّهُ
بِمَنْزِلَة الشَّهِيد لِأَنَّهُ قتل مَظْلُوما رض =
(1/145)
وروى أبن سعد باسناده عَن الرّبيع بن مَالك
بن أبي عَامر عَن أَبِيه قَالَ كَانَ النَّاس يتوقون أَن
يدفنوا موتاهم فِي حش كَوْكَب فَكَانَ عُثْمَان بن عَفَّان
رض = يَقُول يُوشك أَن يهْلك رجل صَالح فيدفن هُنَالك
فيتأسى النَّاس بِهِ قَالَ مَالك إِبْنِ أبي عَامر فَكَانَ
عُثْمَان رض = أول من دفن هُنَاكَ وَقَالَ أَيْضا بُويِعَ
رض الله عَنهُ أول يَوْم من الْمحرم سنة أَربع وَعشْرين
وَقتل رَحمَه الله يَوْم الْجُمُعَة بعد الْعَصْر لثماني
عشرَة لَيْلَة خلت من ذِي الْحجَّة سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ
وَكَانَ يَوْمئِذٍ صَائِما وَدفن لَيْلَة السبت بَين
الْمغرب وَالْعشَاء فِي حش كَوْكَب بِالبَقِيعِ فَهِيَ
مَقْبرَة بني أُميَّة الْيَوْم وَكَانَت خِلَافَته أثنتي
عشرَة سنة غير أثنى عشر يَوْمًا فَقتل أبن أثنتين
وَثَمَانِينَ سنة وَقَالَ أَبُو معشر إِبْنِ خمس وَسبعين
قَالُوا لما حج مُعَاوِيه نظر إِلَى بيُوت أسلم شوارع فِي
السُّوق فَقَالَ أظلموا عَلَيْهِم بُيُوتهم أظلم الله
عَلَيْهِم قُبُورهم قتلة عُثْمَان رض = قَالَ نيار بن مكرم
فَخرجت إِلَيْهِ فَقلت الله إِن بَيْتِي يظلم عَليّ وَأَنا
رَابِع أَربع حملنَا أَمِير الْمُؤمنِينَ وقبرناه وصلينا
عَلَيْهِ فَعرفهُ مُعَاوِيَة فَقَالَ أقطعوا الْبناء لَا
تبنوا على وَجه دَاره قَالَ وَدَعَانِي خَالِيا فَقَالَ
مَتى حملتموه وَمَتى قبرتموه وَمن صلى عَلَيْهِ فَقلت
حملناه رَحمَه الله لَيْلَة السبت بَين الْمغرب وَالْعشَاء
فَكنت أَنا وَجبير بن مطعم وَحَكِيم بن حزَام وَأَبُو جهم
بن حذيف الْعَدوي وَتقدم جُبَير بن مطعم فصلى عَلَيْهِ
فَصدقهُ مُعَاوِيَة وَكَانُوا هم الَّذين نزلُوا فِي حفرته
49 - ذكر العبيد الَّذين قتلوا مَعَ عُثْمَان رض =
روى سيف بن عمر التَّمِيمِي عَن أبي حَارِثَة وَأبي
عُثْمَان وَمُحَمّد وَطَلْحَة قَالُوا قتل عُثْمَان رض =
لثماني عشرَة لَيْلَة خلت من ذِي الْحجَّة
(1/146)
يَوْم الْجُمُعَة وَفِي أخر سَاعَة دخلُوا
عَلَيْهِ وَهُوَ يدعوا اللَّهُمَّ لَا تَكِلنِي إِلَى
نَفسِي فتعجز عني وَلَا إِلَى الدُّنْيَا فتغري بِي وَلَا
إِلَى النَّاس فيخذلوي وَلَكِن تول أَنْت صَلَاح أخرتي
الَّتِي أصير إليهاوأخرجني من الدُّنْيَا سالما اللَّهُمَّ
حل بَينهم وَبَين مَا يشتهون من الدُّنْيَا وبغضهم إِلَى
خلقك وجعلهم شينا على من تولاهم أما وَالله لَوْلَا ساعت
الجمعه وَأمرت أَن أدعوا عَلَيْكُم لما فعلت ولصبرت فَقتل
رض = وَقتل قَاتله وَقتل ناصره وأغلق الْبَاب على ثَلَاثَة
قَتْلَى وَفِي الدَّار أحد المصريين وَقَاتل قَاتله
فَقَالَت نائله لعبد الرحمان بن عديس أَنَّك أمس الْقَوْم
بِي رحما وأولاهم بِأَن تقوم بأَمْري أغرب عني هَؤُلَاءِ
الْأَمْوَات فشتمها وزجرها حَتَّى إِذا كَانَ فِي جَوف
اللَّيْل خرج مَرْوَان حَتَّى أَتَا دَار عُثْمَان رض
فَأَتَاهُ زيد بن ثَابت وَطَلْحَة بن عبيد الله وَعلي
وَالْحسن وَكَعب بن مَالك وعامتا من الصحابه رض = فتوافى
إِلَى مَوضِع الْجَنَائِز صبيان وَنسَاء فأخرجوا عُثْمَان
رض = فصلى عَلَيْهِ مَرْوَان ثمَّ خَرجُوا بِهِ حَتَّى
أَتَوْ بِهِ إِلَى البقيع فدفنوه فِيهِ مِمَّا يَلِي حش
كَوْكَب حَتَّى إِذا إصبحوا أَتَوا أعبد عُثْمَان رض =
الَّذين قتلوا مَعَه فأخرجوهم فرأهم الْقَوْم فمنعوهم من
أَن يدفنوهم فأدخلوهم حش كَوْكَب فَلَمَّا أَمْسوا خَرجُوا
بعبدين مِنْهُم فدفنوهما إِلَى جنب عُثْمَان رض مَعَ كل
وَاحِد مِنْهُم خَمْسَة نفر وأمرأة فَاطِمَة ام
إِبْرَاهِيم بن عدي ثمَّ رجعُوا فَأتوا كنَانَة بن بشر
فَقَالُوا أَنَّك أمس الْقَوْم بِنَا رحما فَأمر
بِهَاتَيْنِ الجيفتين اللَّتَيْنِ فِي الدَّار أَن تخرجا
فَكَلَّمَهُمْ فِي ذَلِك فَأَبَوا فَقَالُوا أَن جَار لال
عُثْمَان من أهل مصر وَمن لف لَهُم فأخرجوهما فرموا بهما
فجرا بِأَرْجُلِهِمَا فرما بهما فِي البلاط فأكلهم الْكلاب
وَكَانَ
(1/147)
العبدان اللَّذَان قتلايوم الدَّار يُقَال لَهما نجيح
وصبيح فَكَانَ اسماهما الْغَالِب على أَسمَاء الرَّقِيق
لفضلهما وبلائهما وَلم يحفظ النَّاس اسْم الثَّالِث وَقتل
عُثْمَان رض = يَوْم الْجُمُعَة وَدفن لَيْلَة السبت فِي
جَوف اللَّيْل وَهُوَ ابْن ثَلَاث وَثَمَانِينَ سنة
وَكَانَ شَهِيدا فَلم يغسل وكفن فِي ثِيَابه ودمائه وَلَا
غسل غلاماه وَترك الْقَوْم الأخرون بالبلاط حَتَّى أكلتهم
الْكلاب
فِي هَذِه الْقِصَّة دَلِيل على أَن كنَانَة بن بشر لم
يقتل لأَنهم أَتَوْهُ وسالوه دفن الجيفتين يَعْنِي
الْعَبْدَيْنِ وفيهَا دَلِيل أَيْضا على أَن الْعَبْدَيْنِ
اللَّذين أكلتهما الْكلاب غير الْعَبْدَيْنِ اللَّذين دفنا
مَعَ عُثْمَان وَعَن سهل بن يُوسُف عَن عبد الرحمان بن
كَعْب قَالَ دفن عُثْمَان رض = لَيْلَة السبت لم يغسل وَلم
يمْتَنع أحد أَن يُصَلِّي عَلَيْهِ من شىء وَصلى عَلَيْهِ
مَرْوَان فَخَرجُوا بِهِ حَتَّى دفنوه مِمَّا يلى حش
كَوْكَب من البقيع وَمنع البقيع من غلاميه من الْغَد
فَلَمَّا ذَهَبُوا دفنوهما الى جنب عُثْمَان رض = وَقد
كَانَا أدخلاحين منعا حش كَوْكَب وَهُوَ حَائِط لرجل من
أهل الْمَدِينَة إسمه كَوْكَب وَكَانَ الْقَوْم يتخذون
الْحَشِيش فِي ذَلِك الزَّمَان كَمَا يتَّخذ أهل الزَّمَان
الأرياف وَأهل الأرياف الْقَرْض والفصافص وَحمل
الْعَبْدَيْنِ عشرَة رَهْط وَمَعَهُمْ أمرأه فاطمه أم
إِبْرَاهِيم بن عدي
وَعَن الشّعبِيّ قَالَ دفن عُثْمَان رض = من اللَّيْل
وَصلى عَلَيْهِ مَرْوَان وَخرجت أبنته تبْكي فِي أَثَره
ونائلة بنت الفرافصة |