التمهيد والبيان في مقتل الشهيد عثمان

56 - ذكر مبايعة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن عُثْمَان رض = يَوْم بيعَة الرضْوَان
روى الإِمَام أَحْمد رَحمَه الله فِي مُسْنده أَن عُثْمَان رض = أشرف من الْقصر وَهُوَ مَحْصُور فَقَالَ أنْشد بِاللَّه من سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول يَوْم

(1/161)


حراء إِذا أهتز الْجَبَل فركله فِي بِرجلِهِ ثمَّ قَالَ أسكن حراء فَلَيْسَ عَلَيْك إلانبي أَو صديق أَو شَهِيد وَأَنا مَعَه فانتشد لَهُ رجال فَقَالَ أنْشد بِاللَّه من شهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من يُوسع لنا بِهَذَا الْبَيْت فِي الْمَسْجِد بِبَيْت لَهُ فِي الْجنَّة فابتعته من مَالِي فوسعت بِهِ فِي الْمَسْجِد فانتشد لَهُ رجال فَقَالَ أنْشد بِاللَّه من شهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم بيعَة الرضْوَان إِذْ بَعَثَنِي إِلَى الْمُشْركين إِلَى أهل مَكَّة قَالَ هَذِه يَدي وَهَذِه يَد عُثْمَان فَبَايع لي فانتشد لَهُ رجال قَالَ فَأَنْشد الله من شهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم جَيش الْعسرَة يَقُول من ينْفق الْيَوْم نَفَقَة متقبلة فجهزت نصف الْجَيْش من مَالِي قَالَ فانتشد لَهُ رجال قَالَ وَأنْشد بِاللَّه من شهد رومة يُبَاع مَائِهَا إِبْنِ السَّبِيل فأبتعتها من مَالِي فأبحتها إِبْنِ السَّبِيل قَالَ فانتشد لَهُ رجال
طَرِيق أخر روى أَحْمد بأسناده عَن الْأَحْنَف قَالَ أنطلقنا حجاجأ فمررنا بِالْمَدِينَةِ فَبَيْنَمَا نَحن فِي منزلنا أذ جَاءَنَا أت فَقَالَ النَّاس من فزع فِي الْمَسْجِد فَانْطَلَقت أَنا وصاحبي فَإِذا النَّاس مجتمعون على نفر فِي الْمَسْجِد قَالَ فتخللتهم حَتَّى قُمْتُم عَلَيْهِم فَإِذا عَليّ بن أبي طَالب وَالزُّبَيْر وَطَلْحَة وَسعد بن أبي وَقاص رض = قَالَ فَلم يكن ذَلِك بأسرع من أَن جَاءَ عُثْمَان رض // يمشي فَقَالَ أههنا عَليّ قَالُوا نعم قَالَ أههنا الزبير قَالُوا نعم قَالَ أههنا طَلْحَة قَالُوا نعم قَالَ أنْشدكُمْ بِاللَّه الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ أتعلمون أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من يبْتَاع مربدي بني فلَان غفر الله لَهُ فابتعته فَأتيت رَسُول الله فَقلت أَنِّي قد أبتعته فَقَالَ أجعله فِي مَسْجِدنَا وأجره لَك قَالُوا نعم قَالَ أنْشدكُمْ بِاللَّه الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ أتعلمون أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من يبْتَاع بِئْر رومة فابتعتها بِكَذَا وَكَذَا فَأتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت أَنِّي قد أبتعتها فَقَالَ أجعلها سقايا للْمُسلمين

(1/162)


وأجرها لَك قَالُوا نعم قَالَ أنْشدكُمْ بِاللَّه الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ أتعلمون أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نظر فِي وُجُوه الْقَوْم يَوْم جَيش االعسرة فَقَالَ من يُجهز هَؤُلَاءِ غفر الله لَهُ فجهزتهم حَتَّى مَا يفقدون خطاما وَلَا عقَالًا قَالُوا نعم قَالَ اللَّهُمَّ اشْهَدْ اللَّهُمَّ اشْهَدْ ثمَّ أنصرف
وروى أَحْمد أَيْضا بِإِسْنَادِهِ عَن أبي أُمَامَة بن سهل قَالَ كُنَّا مَعَ عُثْمَان رض = وَهُوَ مَحْصُور فِي الدَّار فَدخل مدخلًا كَانَ إِذا دخله سمع كَلَامه من على البلاط قَالَ فَدخل ذَلِك الْمدْخل وَخرج إِلَيْنَا فَقَالَ إِنَّهُم يتوعدونني بِالْقَتْلِ آنِفا قَالَ قُلْنَا يكفيهم الله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ وَلم يقتلونني إِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لَا يحل دم أمرىء مُسلم إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاث رجل كفر بعد إِسْلَامه أَو زنى بعد إحْصَانه أوقتل نفسا فَيقْتل بهَا فوَاللَّه مَا أَحْبَبْت أَن لي بديني بَدَلا بعد أَن هَدَانِي الله وَلَا زَنَيْت فِي جَاهِلِيَّة وَلَا أسلام قطّ وَلَا قتلت نفسا فَبِمَ يقتلونني
وَعَن سعيد بن أبي عرُوبَة ععن قَتَادَة عَن أنس قَالَ صعد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أحدا وَأَبُو بكر وَعمر وَعُثْمَان رض = فَرَجَفَ بهم فَقَالَ أثبت أحد فَإِنَّمَا عَلَيْك نَبِي وصديق وشهيدان
وَعَن أبن عَبَّاس رض = قَالَ لَو أجمع النَّاس على قتل عُثْمَان رض = لرجموا بِالْحِجَارَةِ كَمَا رجم قوم لوط
57 - ذكر سَبَب تخلف عُثْمَان رض = عَن بيعَة الرضْوَان
روى الْأَمَام أَحْمد فِي مُسْنده بأسناده قَالَ لَقِي عبد الرحمان بن

(1/163)


عَوْف الْوَلِيد بن عقبَة فَقَالَ لَهُ الْوَلِيد ى مَالِي أَرَاك قد جفوت أَمِير الْمُؤمنِينَ عُثْمَان رض = فَقَالَ لَهُ عبد الرحمان أبلغه أَنِّي لم أفر يَوْم أحد وَلم أَتَخَلَّف يَوْم بدر وَلم أترك سنة عمر قَالَ فَانْطَلق فخبر بذلك عُثْمَان رض = قَالَ فَقَالَ أما قَوْله إِنِّي لم أفر يَوْم أحد فَكيف يعيرني بذلك وَقد عَفا الله عَنهُ فَقَالَ {إِن الَّذين توَلّوا مِنْكُم يَوْم التقى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا استزلهم الشَّيْطَان بِبَعْض مَا كسبوا وَلَقَد عَفا الله عَنْهُم} آل عمرَان 155 وَأما قَوْله إِنِّي تخلفت يَوْم بدر فَإِنِّي كنت أمرض رقية بنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى مَاتَت وَقد ضرب لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بسهمي وَمن ضرب لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بسهمه فقد شهد وَأما قَوْله إِنِّي لم أترك سنة عمر رض = فَإِنِّي لَا أطيقها وَلَا هُوَ فأته فحدثه بذلك قَوْله وَمن ضرب لَهُ رَسُول الله بسهمه فقد شهد أَي كَانَ فِي حكم من شهد الْقِتَال
وَقد أخرج البُخَارِيّ فِي صَحِيحه باسناده عَن عُثْمَان بن عبد الله بن موهب قَالَ جَاءَ رجل من أهل مصر يُرِيد حج الْبَيْت فَرَأى قوما جُلُوسًا فَقَالَ من هَؤُلَاءِ الْقَوْم قَالُوا هَؤُلَاءِ قُرَيْش قَالَ فَمن الشَّيْخ فيهم قَالُوا عبد الله بن عمر رض = قَالَ يَا بن عمر إِنِّي سَائِلك عَن شىء فَحَدثني عَنهُ هَل تعلم أَن عُثْمَان رض = فر يَوْم أحد قَالَ نعم قَالَ هَل تعلم أَنه تغيب عَن بدر وَلم يشْهد قَالَ نعم قَالَ هَل تعلم أَنه تغيب عَن بيعَة الرضْوَان فَلم يشْهد هَا قَالَ نعم قَالَ الله أكبر قَالَ ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا تعال أبين لَك أما فراره يَوْم أحد فَأشْهد أَن الله عَفا عَنهُ وَغفر لَهُ وَأما تغيبه عَن بدر فَإِنَّهُ كَانَت تَحْتَهُ بنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَت مَرِيضَة فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن لَك أجر رجل مِمَّن شهد بَدْرًا وسهمه وَأما تغيبه عَن بيعَة الرضْوَان فَلَو كَانَ أحد أعز بِبَطن

(1/164)


مَكَّة من عُثْمَان لبعثه مَكَانَهُ فَبعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عُثْمَان وَكَانَت بيعَة الرضْوَان بَعْدَمَا ذهب عُثْمَان رض = إِلَى مَكَّة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِيَدِهِ الْيُمْنَى هَذِه يَد عُثْمَان فَضرب بهَا على يَده وَقَالَ هَذِه لعُثْمَان ثمَّ قَالَ ابْن عمر رض = أذهب بهَا مَعَك
وروى البُخَارِيّ أَيْضا باسناده عَن سعد بن عُبَيْدَة قَالَ جَاءَ رجل إِلَى أبن عمر رض = فَسَأَلَهُ عَن عُثْمَان رض = فَذكر محَاسِن عمله وَقَالَ لَعَلَّ ذَلِك يسوءك قَالَ نعم قَالَ فأرغم الله أَنْفك ثمَّ سَأَلَهُ عَن عَليّ رض = فَذكر محَاسِن عمله وَقَالَ هُوَ ذَاك بَيته أَوسط بيُوت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ قَالَ لَعَلَّ ذَلِك يسوءك قَالَ أجل قَالَ فأرغم الله أَنْفك أَنطلق فأجهد على جهدك
58 - ذكر حَيَاة عُثْمَان رض = وأحترام النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِيَّاه
روى الإِمَام أَحْمد فِي مُسْنده بِإِسْنَادِهِ قَالَ أَسْتَأْذن أَبُو بكر على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ مُضْطَجع على فرَاشه لابس مرط عَائِشَة رض = فَأذن لأبي بكر وَهُوَ كَذَلِك فَقضى إِلَيْهِ حَاجته ثمَّ أنصرف ثمَّ أَسْتَأْذن عُثْمَان فَأذن لَهُ وَهُوَ على تِلْكَ الْحَال فَقضى اليه حَاجته ثمَّ انْصَرف ثمَّ أَسْتَأْذن عُثْمَان فَجَلَسَ وَقَالَ لعَائِشَة رض = أجمعي عَلَيْك ثِيَابك فَقضى إِلَيْهِ حَاجته ثمَّ أنصرف قَالَت عَائِشَة رض يَا رَسُول الله مَا لي لم أَرَاك فزعت لأبي بكر وَعمر مَا فزعت لعُثْمَان قَالَ رَسُول الله أَن عُثْمَان رجل حييّ وَإِنِّي خشيت أَن أذن لَهُ على تِلْكَ الْحَال أَن لَا يبلغ إِلَيّ فِي حَاجته

(1/165)


قَالَ اللَّيْث وَقَالَ جمَاعَة النَّاس ان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لعَائِشَة رض = أَلا أستحي مِمَّن تَسْتَحي مِنْهُ الْمَلَائِكَة أنفرد بأخراجه مُسلم وَلم يذكر قَول اللَّيْث
وروى البُخَارِيّ فِي صَحِيحه أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ قَاعِدا فِي مَكَان فِيهِ مَاء قد أنكشف عَن رُكْبَتَيْهِ أَو ركبته فَلَمَّا دخل عُثْمَان غطاها