التمهيد والبيان في مقتل الشهيد عثمان

الْبَاب الْحَادِي عشر
فِي ذكر مَا رثي بِهِ عُثْمَان من الْأَشْعَار 74
لما قتل عُثْمَان رض = قَالَ فِيهِ الشُّعَرَاء فَمن مادح وهاج وَمن ناع باك وَمن سَار فَرح فَمِمَّنْ مدحه حسان بن ثَابت رض = وَكَعب أبن مَالك وَغَيرهمَا فَمن ذَلِك قَول حسان بن ثَابت رض = هجاء لغزاة عُثْمَان رض = وأرضاه ... أتركتم غَزْو الدروب وراءكم
وغزوتمونا عِنْد قبر مُحَمَّد
فلبئس هدي الْمُسلمين هديتم ... ولبئس أَمر الْفَاجِر الْمُتَعَمد
إِن تقدمُوا نجْعَل قرى سرواتكم ... حول الْمَدِينَة كل لدن مذود
أَو تدبروا فلبئس مَا سافرتم ... ولمثل أَمر أميركم لم يرشد
وَكَأن أَصْحَاب الني عَشِيَّة ... بدن تنحر عِنْد بَاب الْمَسْجِد
أبْكِي أَبَا عَمْرو وَحسن بلائه
أَمْسَى مُقيما فِي بَقِيع الْغَرْقَد ...
وَقَالَ كَعْب بن مَالك الْأنْصَارِيّ

(1/205)


.. يَا للرِّجَال لَهُم هاج لي حزني
وَقد عجبت لمن يبكي على الدمن
أَنِّي رَأَيْت أَمِين الله مُضْطَجعا
عُثْمَان يهدي إِلَى ى الْأَحْدَاث فِي كفن
يَا قَاتل الله قوما كَانَ أَمرهم
قتل الإِمَام الزكي الطّيب الفطن
33 - قد قَتَلُوهُ وَأَصْحَاب النَّبِي مَعًا
لَوْلَا الَّذِي فعلوا لم نبل بالفتن
قد قَتَلُوهُ نقيا غير ذِي أبن ... صلى الآله على وَجه لَهُ حسن
قد جمع الْحلم وَالتَّقوى لمعصمة ... مَعَ الْخلَافَة أمرا كَانَ لم يَشن
هَذَا بِهِ كَانَ رَأْي فِي قرَابَته
لم يحظ شَيْئا من الدُّنْيَا وَلم يخن ...
وَقَالَ الْوَلِيد بن عقبَة ... ألم تَرَ للْأَنْصَار فضت جموعها
لتكشف يَوْمًا لَا توارى كواكبه
وان قُريْشًا وزعتها عِصَابَة
سما لَهُم فِيهَا الدميم وَصَاحبه
وَصَاحب عُثْمَان المشير بقتْله
تدب الينا كل يَوْم عقاربه
وَإِن وليما يظْهر الْيَوْم عذره
وَفِي نَفسه الْأَمر الَّذِي هُوَ رَاكِبه
هم زجروا من عَابَ عُثْمَان بَينهم
وَأولى بني العلات بِالْعَيْبِ عائبه
وَقد سرني كَعْب وَزيد بن ثَابت ... وَطَلْحَة والنعمان لَا جب غاربه ...
وَقَالَ النَّضر بن الْحَارِث السَّهْمِي ... لعمر أَبِيهِم لقد أوردوا
وَلَا يصلح الْورْد الا الصَّدْر

ونالوا دَمًا أَن يكن سفكه ... حَرَامًا فقد حل فِيهِ الْغَيْر
وَأَن يَك كَانَ لَهُم سفكه ... حَلَال فقد حَال فِيهِ الْبَصَر
وَقد عَابَ قوما وَلم يأمروا ... وسيان من عابه أَو أَمر
ثَلَاثَة رَهْط هم أنغلوا
علينا الْمَدِينَة دون الْبشر
هم أنهبوها بأبصارها
وهم كسفواشمسها وَالْقَمَر

(1/206)


.. وهم حملون على شبهه
وَقد ضربونا بِخَير وَشر ...
وَقَالَ وليد بن عقبَة ... قولا لعَمْرو والدميم خطئتما
بقتل أبن عَفَّان بِغَيْر قَتِيل
وَرمي أبي عَمْرو بِكُل عَظِيمَة ... على غير شَيْء قَالَ وَقيل
وأصبحتما وَالله بَالغ أمره
وَلم تظفروا من عَيبه بفتيل
فإمَّا جدعتم بأبن أروى أنوفنا
وجئتم بِأَمْر كَانَ غير جميل
فَإنَّا وَأَنْتُم فِي البلية عصبَة
على صَبر أَمر من شنا وذحول
فَإنَّا وَأَنْتُم فِي البلية عصبَة
على صَبر أَمر من شنا وذحول
نلاحظكم فِي كل يَوْم وَلَيْلَة
بِطرف على مَا فِي النُّفُوس دَلِيل
إِلَى أَن يرى مَا فِيهِ للعين قُرَّة
وَتلك الَّتِي فِيهَا شِفَاء غليل
وَقَالُوا دليم لَازم قَعْر بَيته
وَمَا امْرَهْ فِيمَا أتاى بجميل
وَمَا كَانَ بِالْأَمر الْخَفي مكانة
وَمَا كَانَ فِيمَا قد مضى بضليل
وَلَو قَالُوا كفوا عَنهُ شاموا سيوفهم
وولوا بغم فِي النُّفُوس طَوِيل
وَلكنه أغضى وَكَانَت سَبيله
سبيلهم وَالظُّلم شَرّ سَبِيل
فَكل لَهُ ذَنْب إِلَيْنَا نعده
وذنب دليم فِيهِ غير قَلِيل ...
وَعَن خُلَيْد بن زفر قَالَ قدم الْمُغيرَة بن الْأَخْنَس بن شريق على عُثْمَان رض = من الْحَج فَدخل عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ ائْذَنْ لي فِي الْقِتَال فَقَالَ ... وَلَا تبعثوا حَربًا دروسا مضيرة
فتلقح كشافا عَن حِيَال بهيطل ...

قَالَ فَلَمَّا حادهم الْقَوْم وأشرف عَلَيْهِم قَالَ ... أبلغ بني سعد فَلَا يَك كيدهم
كَمَا أجتذب الأحلاف من حَرْب نهشل
بني عمنَا رموا الصدوع وسلموا ... بني عمنَا أَن السَّلامَة أجمل ...

(1/207)


وَنزل فَقَالَ يَا مغير ... أرقب الله وخليت لَهُم
عِبْرَة جَاءَ بهَا رحب الزَّمن ...