الطبقات الكبرى متمم الصحابة، الطبقة الخامسة

11- عبد الله بن الزبير بن العوام
ابن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي. ويكنى أبا بكر «1» . وأمه أسماء بنت أبي بكر الصديق. فولد عبد الله بن الزبير اثني عشر رجلا وخمس نسوة: خبيبا لا بقية له. وحمزة. وعبادا. وثابتا. وأمهم: تماضر بنت منظور بن زبان بن سيار بن عمرو بن جابر بن عقيل بن هلال بن سمي ابن مازن بن فزارة «2» .
وهاشما. وقيسا. وعروة. قتل مع أبيه. والزبير. وأمهم: أم هاشم زجلة بنت منظور بن زبان بن سيار «3» .
وعامرا. وموسى. وأم حكيم. وفاطمة. وفاختة. وأمهم: حنتمة بنت عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة «4» .
وأبا بكر. وأمه: ريطة بنت عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة «5» .
__________
نسب قريش (ص: 237) ، والجرح والتعديل: 5/ 56. والمستدرك:
3/ 547. والاستيعاب: 3/ 905. وتاريخ دمشق (ص: 374 من تراجم حرف العين) ، وأسد الغابة: 3/ 242. وتهذيب الأسماء واللغات: 1/ 266.
وتهذيب الكمال (ورقة 682) ، وسير أعلام النبلاء: 3/ 363. وتاريخ الإسلام: 3/ 167. والبداية والنهاية: 8/ 332. والعقد الثمين: 5/ 141.
والإصابة: 4/ 89. وتهذيب التهذيب: 5/ 213.
__________
(1) انظر نسب قريش (ص: 239) قال: ويكنى أبا خبيب أيضا. والاستيعاب: 3/ 905.
(2) قارن بنسب قريش ص: 240.
(3) قارن مع المصدر السابق (ص: 243) وجمهرة نسب قريش للزبير بن بكار (ص: 34) .
(4) قارن مع المصدر السابق (ص: 243) .
(5) قارن مع المصدر السابق. نفس الصفحة.

(2/30)


وبكرا. ورقية. وأمهما: عائشة بنت عثمان بن عفان «1» .
وعبد الله بن عبد الله. لأم ولد «2» . وبكرا آخر. وأمه: نفيسة «3» .
وهي أم الحسن بنت الحسن بن علي بن أبي طالب. مات صغيرا.
[فرح المسلمين بولادته]
504- قال: أخبرنا محمد بن عمر. قال: حدثني مصعب بن ثابت.
عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن. قال: لما قدم المهاجرون المدينة. أقاموا لا يولد مولود من المهاجرين. فقالوا: سحرتنا يهود. حتى كثرت في ذلك القالة. وتلاقى الناس بذلك. فكان أول مولود ولد في الإسلام من المهاجرين بعد الهجرة عبد الله بن الزبير. قال: فكبر المسلمون تكبيرة واحدة حتى ارتجت المدينة تكبيرا. وفرح المسلمون. وكان ولاد ابن الزبير في شوال على
__________
504- إسناده ضعيف معضل.
- مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير بن العوام الأسدي. لين الحديث.
من السابعة (تق: 2/ 251) .
- أبو الأسود هو محمد بن عبد الرحمن بن نوفل الأسدي. ثقة. من السادسة.
تقدم في رقم (457) .
تخريجه:
أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (ص: 392) من طريق المصنف بإسناده. ولبعض ما تضمنه شواهد سيأتي بعضها.
__________
(1) قارن مع المصدر السابق. نفس الصفحة. وجمهرة أنساب العرب: ص: 122.
(2) قارن مع المصدر السابق. نفس الصفحة.
(3) في جمهرة أنساب العرب ص: 122. وأم الحسن: أمها نفيسة بنت الحسن ابن علي.

(2/31)


رأس عشرين شهرا «1» من الهجرة. فكان يهنأ به الزبير. وأبو بكر الصديق.
وهو جده ثم حملته أمه إلى رسول الله ص في خرقة. فحنكه رسول الله ص بتمرة وبارك عليه. وكان رسول الله ص أمر أن يؤذن في أذنيه بالصلاة فأذن أبو بكر الصديق في أذنيه.
505- قال: أخبرنا أبو أسامة حماد بن أسامة. قال: حدثنا هشام بن عروة. عن أبيه. عن أسماء. أنها حملت بعبد الله بن الزبير بمكة. قالت:
فخرجت وأنا متم فأتيت المدينة فنزلت قباء فولدته بقباء. ثم أتيت به رسول الله ص فوضعته في حجره فدعا بتمرة فمضغها ثم تفل في فيه فكان أول
__________
505- إسناده صحيح.
- أبو أسامة حماد بن أسامة القرشي مولاهم. ثقة. تقدم في رقم (47) .
تخريجه:
أخرجه البخاري في صحيحه كتاب مناقب الأنصار باب (45) : 7/ 248 من فتح الباري من هذا الطريق. وأحمد في المسند: 6/ 347 به مثله.
__________
(1) الهجرة كانت في النصف الأول من شهر ربيع الأول. وإذا عددنا عشرين شهرا يكون مولده في شوال من السنة الثانية. ولكن الحافظ ابن حجر في كتاب الإصابة: 4/ 91 يعترض على كون ولادته في السنة الثانية لأن أسماء. كما في الخبر الآتي رقم (505) حملت بعبد الله وهي في مكة وهاجرت وهي متم لعدة الحمل فولدته وهي في قباء. ويقول: وقد وقع في صحيح البخاري أن الزبير كان بالشام لما هاجر النبي ص. وقدم المدينة مع قدوم النبي فكساه ثوبا أبيضا. ولم يأت مكة بل أقام مع رسول الله ص في المدينة. وقدمت عليه زوجه أسماء من مكة. وبذلك يكون حملها منه قبل الهجرة. فإذا كان قدومها في شوال محفوظا. فتكون سنة إحدى من الهجرة. وقال في فتح الباري: 7/ 248 وفي الحديث أن مولد عبد الله كان في السنة الأولى. وهو المعتمد. بخلاف ما جزم به الواقدي ومن تبعه بأنه ولد في السنة الثانية بعد عشرين شهرا من الهجرة.

(2/32)


شيء. دخل جوفه ريق رسول الله ص. قالت: ثم حنكه بالتمرة. ثم دعا له وبارك عليه. وكان أول مولود ولد في الإسلام.
506- قال: أخبرنا أبو معاوية. عن هشام بن عروة. عن أبيه. قال:
كان عبد الله بن الزبير أول مولود ولد في الإسلام. ولدته أسماء بقباء. فجاءت به النبي ص. فسماه عبد الله. وحنكه بتمرة مضغها ثم أدخلها فاه.
507- قال: أخبرنا الفضل بن دكين. قال: حدثنا محمد بن شريك.
قال: حدثني ابن أبي مليكة. عن عبد الله بن الزبير. قال: سميت باسم جدي أبي بكر وكنيت بكنيته.
508- قال: أخبرنا عبيد الله بن موسى. قال: أخبرنا إسرائيل. عن
__________
506- إسناده مرسل قوي.
- أبو معاوية هو محمد بن خازم الضرير الكوفي. ثقة. تقدم في رقم (44) .
تخريجه:
أخرجه ابن عساكر في ترجمة ابن الزبير من تاريخ دمشق (ص: 391) من عدة طرق عن هشام بن عروة عن أبيه. وفي بعضها زيادة. ويشهد له الخبر المتصل السابق. كما أخرجه أيضا (ص: 388- 389) من عدة طرق موصولا عن عروة عن أسماء.
507- إسناده صحيح.
- محمد بن شريك المكي أبو عثمان. ثقة. من السابعة. مات سنة 168 هـ (تق: 2/ 170) .
تخريجه:
أخرجه الحاكم في المستدرك على الصحيحين: 3/ 548 من هذا الطريق به.
508- إسناده ضعيف.
- عن رجل. مبهم ولم أقف على من سماه.
تخريجه:
أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (ص: 395) من هذا الطريق.

(2/33)


أبي إسحاق. عن رجل. حدثه أن أبا بكر طاف «1» بعبد الله بن الزبير في خرقة. وهو أول مولود ولد في الإسلام.
قال محمد بن سعد: فذكرت هذا الحديث لمحمد بن عمر فقال: هذا غلط بين. عبد الله بن الزبير أول مولود ولد بالمدينة بعد الهجرة. لا اختلاف بين المسلمين في ذلك. ومكة يومئذ دار حرب لم يدخلها رسول الله ص ولا أحد من المسلمين إلى عمرة القضية سنة سبع. فكيف طاف به في خرقة؟
ومتى وصل إلى مكة. وهل فارق رسول الله ص منذ هاجر معه إلى أن قبض رسول الله ص؟ «2» .
509- حدثنا عبد الوهاب بن عطاء. قال: أخبرنا سعيد. عن عمرو ابن عامر. عن صاحب له. عن أم كلثم. عن عائشة. قالت: لما ولد ابن الزبير انطلقت به إلى النبي ص. فحنكه وسماه عبد الله. وقال لعائشة:
أنت أم عبد الله. قالت أم كلثم: فما زلنا نكنيها أم عبد الله وما ولدت ولدا قط.
__________
509- إسناده ضعيف.
- عبد الوهاب بن عطاء الخفاف العجلي مولاهم. صدوق ربما أخطأ. تقدم في رقم (56) .
- سعيد هو ابن أبي عروبة مهران اليشكري. ثقة حافظ. تقدم في رقم (338) .
- عمرو بن عامر الأنصاري الكوفي. ثقة. من الخامسة (تق: 2/ 73) .
- عن صاحب له: مجهول.
- أم كلثوم لعلها أم كلثوم بنت عمرو بن أبي عقرب القرشية فإنها تروي عن عائشة. وقال المزي في الأطراف: 12/ 442 يقال: اسمها كلثم. وقال الحافظ في التقريب: 2/ 612 لا يعرف حالها.
تخريجه:
أخرجه ابن سعد في ترجمة عائشة من كتاب الطبقات: 8/ 16 بإسنادين صحيحين عن هشام بن عروة عن عباد بن حمزة بن عبد الله بن الزبير الأسدي وهو ثقة روى عن عائشة وروى عنه هشام بن عروة كما في ترجمته من تهذيب التهذيب: 5/ 91. ولفظه: قالت: أتيت النبي ص فقلت: يا رسول الله كنيت نساءك فاكنني. قال: اكتني بابن أختك. عبد الله.
__________
(1) الطواف: المراد به الانتقال من مكان إلى مكان وليس في سياق النص ما يدل على أن الطواف به كان حول الكعبة. وانظر تعليق الحافظ ابن حجر على ذلك في الإصابة: 4/ 92. ولكن ورد في تاريخ دمشق (ص: 395) من طريق قيس ابن الربيع عن أبي إسحاق عن رجل: أن أبا بكر الصديق طاف بابن الزبير بالبيت وهو في خرقة. وعليه يكون قول الواقدي ونقده للرواية متجه.
(2) في هامش نسخة الأصل: إضافة ليس لها موضع، صلوات الله عليه ورحمته وبركاته،.

(2/34)


[أخبار متفرقة]
510- قال: أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم. عن أيوب. عن ابن أبي مليكة. قال: كان مع عثمان يوم الدار عصابة مستنصرة «1» . منهم عبد الله ابن الزبير.
__________
510- إسناده صحيح.
- إسماعيل بن إبراهيم هو ابن عليه. ثقة حجة. تقدم في رقم (142) .
- أيوب هو السختياني. ثقة حجة. تقدم في رقم (143) .
تخريجه:
أخرجه ابن سعد في ترجمة عثمان من كتاب الطبقات: 3/ 70 من هذا الطريق عن عبد الله بن الزبير قال: قلت لعثمان: إن معك في الدار عصابة مستنصرة بنصر الله. وإن عبد الله استأذنه في قتالهم فلم يأذن له.
__________
(1) مستنصرة: أي ممتنعة من العدو الظالم ومتعاونة على الانتصاف منه (لسان العرب: 5/ 210) .

(2/35)


511- قال: أخبرنا محمد بن عمر. قال: حدثني شرحبيل بن أبي عون. عن أبيه. قال: سمعت ابن الزبير يقول على منبر مكة: والله لقد استخلفني أمير المؤمنين عثمان على الدار. فلقد كنت أنا الذي أقابلهم. ولقد كنت أخرج في الكتيبة فأباشر القتال بنفسي. فجرحت بضعة عشر جرحا.
فإني لأضع اليوم يدي على بعض تلك الجراحة التي جرحت مع عثمان رحمه الله. فأرجو أن يكون خير أعمالي.
512- أخبرنا محمد بن عمر. عن محمد بن عبد الله. عن الزهري.
عن عروة قال: كان عثمان قد أمر عبد الله بن الزبير أن يصلي بأهل داره ما كان محصورا. وكان يصلي بهم في صحن الدار.
__________
511- إسناده ضعيف.
- شرحبيل بن أبي عون مولى أم بكر بنت المسور. تقدم في رقم (93) .
- أبو عون بن أبي حازم مولى عبد الرحمن بن المسور. مجهول. تقدم في (93) .
تخريجه:
أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (ص: 426) من طريق المصنف به.
وأخرج في ترجمة عثمان من كتاب الطبقات: 3/ 70 بإسناد صحيح أن عثمان رضي الله عنه أمر عبد الله بن الزبير على الدار. ولم يأذن له بالقتال. كما أخرج بإسناد صحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه: 3/ 70 أنه استأذن عثمان في القتال فلم يأذن له. قال أبو هريرة: فرجعت ولم أقاتل. كما أخرج في نفس الموطن بإسناد صحيح أن الأنصار استأذنوا عثمان في القتال فلم يأذن لهم. وهذا كله يرد قول الواقدي وروايته.
512- إسناده ضعيف.
- محمد بن عبد الله بن مسلم بن أخي الزهري. صدوق له أوهام. تقدم في (41) .
تخريجه:
ورد في الطبقات: 3/ 70 بإسناد صحيح كما ذكرنا أعلاه أن عثمان أمر عبد الله على الدار أثناء حصاره.

(2/36)


513- قال: أخبرنا أبو عبيد. عن هشام بن عروة. عن أبيه. قال:
كان عبد الله بن الزبير قد شهد يوم الجمل مع أبيه وعائشة. وكان لا يأخذ بخطام الجمل أحد إلا قتل. فجاء عبد الله بن الزبير بخطامه. فقالت عائشة:
من أنت؟ قال: عبد الله بن الزبير. قالت: وا ثكل أسماء. قال: فأقبل الأشتر فعرفني وعرفته ثم اعتنقني «1» واعتنقته فقلت: اقتلوني ومالكا. وقال الأشتر: اقتلوني وعبد الله. ولو قلت: الأشتر لقتلنا جميعا.
514- قال: أخبرنا أبو عبيد. قال: حدثنا أبو بكر الهذلي. عن محمد
__________
513- إسناده منقطع. أبو عبيد لم يدرك هشام بن عروة.
- أبو عبيد هو القاسم بن سلام. ثقة إمام. تقدم في (87) .
تخريجه:
أخرجه الطبري في تاريخه: 4/ 525 من طريق سيف بن عمر التميمي عن هشام ابن عروة عن أبيه بنحوه. كما أخرج رواية أخرى بإسناد صحيح: 4/ 520 أن الذي قال اقتلوني ومالكا هو عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد وليس عبد الله بن الزبير.
514- إسناده ضعيف جدا.
- أبو بكر الهذلي اسمه سلمى وقيل روح. أخباري متروك. تقدم في (396) .
- محمد بن المرتفع روى عن ابن الزبير وروى عنه ابن جريج وابن عيينة وأبو سعيد بن عوذ البراد. قال أحمد: شيخ ثقة (الجرح والتعديل: 8/ 98) .
تخريجه:
أخرجه الطبري في تاريخه: 4/ 520 مختصرا من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه. قال: حدثني سليمان. قال: حدثني عبد الله. عن طلحة بن النضر. عن عثمان بن سليمان. عن عبد الله بن الزبير.
__________
(1) اعتنقني: التزمني والتزمته. والمعانقة في المودة والاعتناق في الحرب. (لسان العرب: 10/ 272) .

(2/37)


ابن المرتفع. قال: حدثنا ابن الزبير قال: خرج إلينا رجل من أصحاب علي فقال: يا معشر شباب قريش اكفونا أنفسكم فإن لم تفعلوا فإني أحذركم رجلين. أما أحدهما فجندب بن زهير الأزدي «1» . وسأصفه لكم هو رجل طويل. طويل الرمح يحتزم على درعه حتى يقلص عن ساقيه. وأما الآخر:
فالأشتر مالك بن الحارث. وسأصفه لكم هو رجل طويل. طويل الرمح يسحب درعه سحبا يخب «2» عند النزال. قال ابن الزبير: فبينا أنا أقاتل إذ أقبل جندب فعرفته بصفته فأردت أن أحيد عنه. فقلت: والله ما حدت عن قرن»
قط فانتهى إلي فطعنني في وجه حديد كان علي فزلق الرمح.
فقال: أولى لك. قد عرفتك. لولا خالتك لقتلتك. ثم دفع إلى عبد الرحمن ابن عتاب بن أسيد فطعنه فأذرآه «4» كالنخلة السحوق معتصبا ببردة حبرة.
ثم قاتلت ساعة فإذا أنا بمالك قد أقبل فعرفته بصفته فأردت أن أحيد عنه فقلت: والله ما حدت عن قرن قط. فدفع إلي فتطاعنا برمحينا حتى كأنهما قضيبان. ثم اضطربنا بسيفينا حتى كأنهما مخراقان «5» . ثم احتملني فضرب
__________
(1) جندب بن زهير الأزدي الغامدي كان من الذين شغبوا على ولاه عثمان بالعراق. فسيرهم عثمان إلى معاوية. ثم إلى عبد الرحمن بن خالد. في حمص. وقد قتل في صفين. وكان في جيش أهل العراق (انظر أخباره في تاريخ الطبري: 4/ 318، 326، 5/ 27) .
(2) يخب: الخبب: ضرب من العدو. مثل الرمل وهو الجري مع تقارب الخطى (لسان العرب: 1/ 341) .
(3) القرن: - بالكسر- الكفء والنظير في الشجاعة والحرب (لسان العرب: 13/ 337) .
(4) أذراه: الإذراء: ضربك الشيء ترمي به. تقول: ضربته بالسيف فأذريت رأسه. وطعنته فأذريته عن فرسه. وأذرى الشيء بالسيف إذا ضربه حتى يصرعه (لسان العرب: 14/ 284) .
(5) المخراق: هو ما تلعب به الصبيان من الخرق المفتولة (اللسان: 10/ 76 مادة خرق) .

(2/38)


بي الأرض وقال: لولا خالتك «1» ما شربت الماء البارد.
515- قال: أخبرنا يحيى بن عباد والحسن بن موسى. قالا: حدثنا حماد بن سلمة. عن هشام بن عروة. عن أبيه. أن عبد الله بن الزبير ارتث «2» يوم الجمل. فلما كان عند غروب الشمس قيل له: الصلاة.
فقال: أما الصلاة فإني لا أستطيعها ولكن أكبر.
516- قال: أخبرنا الفضل بن دكين. قال: حدثنا مسعود بن سعد.
__________
515- إسناده حسن.
- يحيى بن عباد الضبعي. صدوق. تقدم في رقم (20) .
- الحسن بن موسى الأشيب البغدادي قاضي الموصل. ثقة. تقدم في رقم (116) .
تخريجه:
أخرج ابن عساكر في تاريخ دمشق (ص: 427) من طريق معمر. عن هشام بن عروة. أن عبد الله بن الزبير أخذ من وسط القتلى يوم الجمل وبه بضع وأربعون طعنة وضربة. وانظر الإصابة: 4/ 94 فقد نسب هذا إلى الزبير بن بكار وساق إسناده.
وقوله: أما الصلاة فلا أستطيعها ولكن أكبر. يعني أنه لا يستطيع أن يؤدي الصلاة على الهيئة المعلومة من القيام والركوع والسجود. ولكن يؤديها بالإيماء والتكبير.
516- إسناده: فيه من لم نجد له ترجمة.
- مسعود بن سعد الجعفي أبو سعد الكوفي. ثقة. تقدم في رقم (46) .
- يزيد بن مالك. لم أقف له على ترجمة.
- زحر بن قيس: روى عنه الشعبي. قال: خرجت حين أصيب علي رضي الله عنه إلى المدائن (الجرح والتعديل: 3/ 619) .
تخريجه:
لم أقف عليه عند غير المصنف.
__________
(1) يقصد عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وإنهما تركا قتل عبد الله بن الزبير تكرمة لأم المؤمنين. وهذا يعطينا مؤشرا على اتجاه المعركة وأهداف المقاتلين فيها.
(2) ارتث: المرتث: الصريع الذي يثخن في الحرب. والارتثاث. أن يحمل الجريح من المعركة وهو ضعيف قد أثخنته الجراح (لسان العرب: 2/ 152) .

(2/39)


قال: حدثني يزيد بن مالك. عن زحر بن قيس. قال: دخلت مع ابن الزبير الحمام. فإذا في رأسه ضربة لو صب فيها قارورة من دهن لاستقر.
قال: تدري من ضربني هذه؟ ابن عمك الأشتر.
517- أخبرنا يزيد بن هارون. قال: أخبرنا جرير بن حازم. قال:
حدثنا حبيب بن الشهيد. عن أبي مجلز قال: دخل معاوية بيتا وفيه عبد الله ابن عامر. وابن الزبير. فلما رآه ابن عامر قام. ولم يقم ابن الزبير-
__________
517- إسناده صحيح.
- حبيب بن الشهيد الأزدي أبو محمد البصري. ثقة ثبت. مات سنة 145 هـ.
وعمره 66 سنة (تق: 1/ 149) .
- أبو مجلز- بكسر الميم وسكون الجيم وفتح اللام بعدها زاي- لاحق بن حميد ابن سعيد السدوسي البصري. مشهور بكنيته. ثقة. من كبار الثالثة. مات سنة 106 هـ. (تق: 2/ 340) .
تخريجه:
أخرجه أبو داود في سننه. كتاب الأدب حديث رقم (5229) من طريق حماد عن حبيب بن الشهيد به. وأخرجه الترمذي في سننه. كتاب الأدب حديث رقم (2755) من طريق سفيان عن حبيب بن الشهيد به. إلا أن عنده خرج معاوية فقام عبد الله بن الزبير وابن صفوان حين رأوه فقال: اجلسا ... الحديث.
وقال الترمذي: هذا حديث حسن. وذكر له طريقا آخر حدثنا هناد. حدثنا أبو أسامة. عن حبيب بن الشهيد. عن أبي مجلز. عن معاوية. عن النبي ص مثله.

(2/40)


وكان أرجح الرجلين- فقال معاوية لابن عامر: اجلس يا ابن عامر. فإني [سمعت رسول الله ص يقول:، من أحب أن يمثل له العباد قياما فليتبوأ بيتا أو قال مقعدا من النار] ،.
518- قال: أخبرنا عارم بن الفضل. قال: حدثنا مهدي بن ميمون.
قال: حدثنا محمد بن أبي يعقوب الضبي. أن معاوية بن أبي سفيان كان يلقى ابن الزبير فيقول: مرحبا يا ابن عمة «1» رسول الله وابن حواري رسول الله ص. ويأمر له بمائة ألف.
519- قال: أخبرنا مسلم بن إبراهيم. قال: حدثني الحارث بن عبيد.
قال: حدثنا أبو عمران الجوني. أن نوفا كان يقول: إني أجد في كتاب الله المنزل أن ابن الزبير «2» فارس «3» الخلفاء.
__________
518- إسناده مرسل ورجاله ثقات.
- عارم بن الفضل. ثقة. تقدم في رقم (46) .
- مهدي بن ميمون الأزدي. ثقة. تقدم في رقم (342) .
- محمد بن أبي يعقوب التميمي الضبي. ثقة. تقدم في رقم (342) .
تخريجه:
أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (ص 404) من طريق المصنف به.
وانظر سير أعلام النبلاء: 3/ 367.
519- إسناده ضعيف.
- مسلم بن إبراهيم الأزدي الفراهيدي. ثقة مأمون. تقدم في رقم (192) .
- الحارث بن عبيد أبو قدامة الأيادي- بكسر الهمزة بعدها تحتانية- البصري صدوق يخطئ. من الثامنة (تق: 1/ 142) .
- أبو عمران الجوني هو عبد الملك بن حبيب الأزدي وقيل الكندي. مشهور بكنيته. ثقة من كبار الرابعة مات سنة 128 هـ (تق: 1/ 518) .
- نوف- بفتح النون وسكون الواو- ابن فضالة البكالي- بكسر الموحدة وتخفيف الكاف- ابن امرأة كعب الأحبار. شامي مستور وإنما كذب ابن عباس ما رواه عن أهل الكتاب. من الثانية مات بعد التسعين (تق:
2/ 309) .
تخريجه:
أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (ص: 404) من طريق المصنف به.
وانظر سير أعلام النبلاء: 3/ 367 والبداية والنهاية: 8/ 333.
__________
(1) لأن جدته أم الزبير صفية بنت عبد المطلب.
(2) ساقط من المخطوطة واستدرك من تاريخ دمشق (ص: 404) .
(3) في المخطوطة، سادس، والتصويب من تاريخ دمشق وسير أعلام النبلاء والبداية والنهاية.

(2/41)


[ذكر رفضه لبيعة يزيد بن معاوية]
520/ 1- قال: أخبرنا محمد بن عمر. قال: حدثني عبد الله بن جعفر. عن عمته أم بكر بنت المسور بن مخرمة قال:
520/ 2- وحدثني شرحبيل بن أبي عون. عن أبيه قال:
520/ 3- وحدثني عبد الرحمن بن أبي الزناد. وغيرهم أيضا قد حدثني بطائفة من هذا الحديث. قالوا: لم يزل ابن الزبير مقيما بالمدينة في خلافة
__________
520/ 1- إسناده ضعيف.
- عبد الله بن جعفر بن عبد الرحمن بن المسور. ليس به بأس. تقدم في رقم (40) .
- أم بكر بنت المسور بن مخرمة. مقبولة. تقدمت في رقم (298) .
520/ 2- إسناده ضعيف.
- شرحبيل بن أبي عون. شيخ للواقدي لم يوثق. تقدم في رقم (93) .
- أبو عون بن أبي حازم مولى عبد الرحمن بن المسور. مجهول. تقدم في رقم (93) .
520/ 3- إسناده منقطع.
- عبد الرحمن بن أبي الزناد عبد الله بن ذكوان. صدوق تغير حفظه لما قدم بغداد. تقدم في رقم (65) .
تخريجه:
ذكر ابن سعد هذه الرواية عن شيخه الواقدي وقد جمع الواقدي أسانيده وذكر بعضها ولم يذكر البعض الآخر. ثم جمع المتون في متن واحد. والأسانيد كلها ضعيفة.
وذكر ذلك ابن عساكر في تاريخ دمشق (ص: 448 وما بعدها) من طريق المصنف وذكر مضمون ذلك الذهبي في سير أعلام النبلاء: 3/ 372 نقلا عن طبقات ابن سعد.

(2/42)


معاوية بن أبي سفيان فتوفي معاوية. فبعث يزيد بن معاوية إلى الوليد بن عتبة ابن أبي سفيان وهو يومئذ والي المدينة ينعي معاوية. ويأمره أن يبايع من قبله من الناس. فجاءه الرسول ليلا فأرسل إلى ابن الزبير فدعاه إلى البيعة فقال:
حتى تصبح. فتركه. فخرج ابن الزبير وهو يقول: هو يزيد الذي نعرف.
والله ما أحدث خيرا ولا مروءة. وخرج من ليلته إلى مكة. فلم يزل مقيما بها حتى خرج حسين بن علي منها إلى العراق. ولزم ابن الزبير الحجر ولبس المعافري «1» وجعل يحرض الناس على بني أمية. وبلغ يزيد ذلك. فوجد عليه. فقال ابن الزبير: أنا على السمع والطاعة لا أبدل ولا أغير. ومشى إلى يحيى بن حكيم «2» بن صفوان بن أمية الجمحي وهو والي مكة ليزيد بن معاوية. فبايعه له على الخلافة. فكتب بذلك يحيى إلى يزيد فقال: لا أقبل هذا منه حتى يؤتى به في جامعة «3» . فقال له ابنه معاوية بن يزيد: يا أمير المؤمنين ادفع الشر عنك ما اندفع. فإن ابن الزبير رجل لحز «4»
__________
(1) المعافري: برد من برود اليمن منسوبة إلى معافر وهي قبيلة باليمن (لسان العرب: 4/ 590 مادة عفر) .
(2) انظر ترجمته في طبقات ابن سعد: 5/ 475.
(3) جامعة: أي قيد أو غل يوضع في العنق.
(4) لحز ويقال لحز- بكسر اللام وإسكان الحاء- وهو الضيق الشحيح النفس. (لسان العرب: 5/ 404) .

(2/43)


لجوج «1» . ولا يطيع بهذا أبدا. وإن تكفر عن يمينك وتلهي «2» منه حتى تنظر ما يصير إليه أمره أفضل. فغضب يزيد وقال: إن في أمرك لعجب. قال:
فادع عبد الله بن جعفر فسله عما أقول وتقول. فدعى عبد الله بن جعفر فذكر له قولهما. فقال عبد الله: أصاب أبو ليلى ووفق. فأبى يزيد أن يقبل ذلك. وعزل الوليد بن عتبة عن المدينة. وولاها عمرو بن سعيد بن العاص.
وأرسل إليه أن أمير المؤمنين يقسم بالله لا يقبل من ابن الزبير شيئا حتى يؤتى به في جامعة. فعرضوا ذلك على ابن الزبير فأبى فبعث يزيد: الحصين بن نمير وعبد الله بن عضاة الأشعري بجامعه إلى ابن الزبير يقسم له بالله لا يقبل منه إلا أن يؤتى به فيها. فمرا بالمدينة فبعث إليه مروان معهما عبد العزيز بن مروان «3» . يكلمه في ذلك ويهون عليه الأمر. فقدموا عليه مكة فأبلغوه يمين يزيد بن معاوية ورسالته. وقال له عبد العزيز بن مروان: إن أبي أرسلني إليك عناية بأمرك وحفظا لحرمتك. فأبرر يمين أمير المؤمنين. فإنما تجعل عليك جامعة فضة أو ذهب وتلبس عليها برنسا فلا تبدوا إلا أن يسمع صوتها. فكتب ابن الزبير إلى مروان يجزيه خيرا ويقول: قد عرفت عنايتك ورأيك. فأما هذا فإني لا أفعله أبدا. فليكفر يزيد عن يمينه أو يدع.
وقال ابن الزبير: اللهم إني عائذ ببيتك الحرام. وقد عرضت عليهم السمع والطاعة فأبوا إلا أن يحلوا بي ويستحلوا مني ما حرمت.
__________
(1) لجوج: الملاجة التمادي في الخصومة. يقال: لج في الأمر: تمادى عليه وأبى أن ينصرف عنه (اللسان: 2/ 353) .
(2) هكذا بالمخطوطة ويحتمل أن تكون، وتلهي عنه، أو، وتنلها منه، ومعنى، وتلهي منه، هو: من لها يلهى. أي ترك الشيء وتشاغل بغيره. قال في اللسان: وكلام العرب لهوت عنه ولهوت منه وهو أن تدعه وترفضه. (لسان العرب: 15/ 259- 260) .
(3) عبد العزيز بن مروان بن الحكم الأموي والد الخليفة الصالح عمر بن عبد العزيز. كان أميرا على مصر. وتوفي بها سنة 85 هـ. قال ابن سعد: كان ثقة قليل الحديث. (الطبقات الكبرى: 5/ 236) .

(2/44)


فمن يومئذ سمي العائذ. وأقام بمكة لا يعرض لأحد ولا يعرض له أحد.
فكتب يزيد بن معاوية إلى عمرو بن سعيد أن يوجه إليه جندا فسأل عمرو ابن سعيد: من أعدى الناس لعبد الله بن الزبير؟ فقيل أخوه عمرو بن الزبير «1» . فولاه شرطه بالمدينة فضرب ناسا كثيرا من قريش والأنصار بالسياط. وقال: هؤلاء شيعة عبد الله بن الزبير. وفر منه قوم كثير في نواحي المدينة. ثم وجه إلى عبد الله بن الزبير في جيش من أهل الشام ألف رجل.
وأمره بقتاله فمضى عمرو بن الزبير حتى قدم مكة فنزل بذي طوى «2» .
وأتى الناس عمرو بن الزبير يسلمون عليه. وقال: جئت لأن يعطي عبد الله الطاعة ليزيد ويبر قسمه. فإن أبى قاتلته. فقال له جبير بن شيبة «3» : كان غيرك أولى بهذا منك. تسير إلى حرم الله وأمنه. وإلى أخيك في سنة.
وفضله. تجعله في جامعة. ما أرى الناس يدعونك وما تريد. قال: أرى أن أقاتل من حال دون ما خرجت له. ثم أقبل عمرو. فنزل داره عند الصفا.
وجعل يرسل إلى أخيه. ويرسل إليه أخوه فيما قدم له. وكان عمرو يخرج فيصلي بالناس. وعسكره بذي طوى. وابن الزبير معه يشبك أصابعه في أصابعه. ويكلمه في الطاعة. ويلين له الكلام. فقال عبد الله بن الزبير:
ما بعد هذا شيء إني لسامع مطيع. أنت عامل يزيد وأنا أصلي خلفك.
ما عندي خلاف. فأما أن تجعل في عنقي جامعة ثم أقاد إلى الشام. فإني نظرت في ذلك فرأيته لا يحل لي أن أحل بنفسي. فراجع صاحبك «4» .
__________
(1) عمرو بن الزبير بن العوام (انظر ترجمته في الطبقات الكبرى: 5/ 185) .
(2) ذو طوى: بضم الطاء المهملة مكان معروف إلى اليوم في جرول. به بئر ماء. وتقع أمام مستشقى الولادة. في قبلته. (المعالم الجغرافية في السيرة: ص 188) .
(3) جبير بن شيبة بن عثمان بن طلحة بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار له ذكر في نسب قريش (ص: 253) .
(4) ذكر هذه المحاورة الذهبي في سير أعلام النبلاء: 3/ 473.

(2/45)


واكتب إليه. قال: لا والله ما أقدر على ذلك. فهيأ عبد الله بن صفوان قوما كانوا معدين مع ابن الزبير من أهل السراة «1» وغيرهم. فعقد لهم لواء.
وخرج عبد الله بن صفوان من أسفل مكة من الليط «2» فلم يشعر أنيس بن عمرو الأسلمي «3» وهو على عسكر عمرو بن الزبير. إلا بالقوم. فصاح بأصحابه وهم قريب على عدة فتصافوا فقتل أنيس بن عمرو في المعرك. ووجه عبد الله بن الزبير مصعب بن عبد الرحمن بن عوف «4» في جمع إلى عمرو بن الزبير. فلقوه فتفرق أصحابه عنه وانهزم عسكره من ذي طوى. وجاء عبيدة ابن الزبير «5» إلى عمرو بن الزبير فقال: أنا أجيرك من عبد الله. فجاء به إلى عبد الله أسيرا والدم يقطر على قدميه. فقال: ما هذا الدم. فقال:
لسنا على الأعقاب تدمى كلومنا ... ولكن على أقدامنا يقطر الدم «6»
فقال: تكلم. أي عدو الله. المستحل لحرمة الله. فقال عبيدة: إني قد أجرته فلا تخفر جواري. فقال: أنا أجير جوارك لهذا الظالم الذي فعل ما فعل؟! فأما حق الناس فإني أقتص لهم منه. فضربه بكل سوط ضرب به
__________
(1) السراة: جبال الطائف وما اتصل بها إلى اليمن (معجم البلدان: 3/ 204) .
(2) الليط- بكسر اللام وسكون المثناة- هو السهل الذي ينتهي إليه سيل وادي طوى. وهو الذي يهبط إليه من خرج من الشبيكة على ريع الحفائر. ويمتد حتى يلتقي مع وادي إبراهيم في المسفلة (معجم المعالم الجغرافية في السيرة: ص 274) .
(3) انظر خبره في (تاريخ الطبري: 5/ 344- 347) .
(4) مصعب بن عبد الرحمن بن عوف الزهري كان على شرطة المدينة وقضائها أيام إمارة مروان الثانية لمعاوية بن أبي سفيان. ثم تحول إلى مكة مع ابن الزبير. وبقي معه إلى أن توفي سنة 64 هـ (الطبقات الكبرى: 5/ 157) .
(5) انظر ترجمته في الطبقات الكبرى: 5/ 186.
(6) انظر تاريخ الطبري: 5/ 346 وروايته عنده:، ولكن على أقدامنا تقطر الدما، وهو من شعر الحصين بن الحمام المري وهو في ديوان الحماسة: 1/ 191.

(2/46)


أحدا من الذين بالمدينة وغيرهم. إلا محمد بن المنذر بن الزبير «1» فإنه أبى أن يقتص. وعثمان بن عبد الله بن حكيم بن حزام «2» فإنه أبى أيضا. وأمر به فحبس في حبس زيد عارم «3» . وكان زيد عارم. مع عمرو بن الزبير.
فأخذه فحبسه مع عمرو بن الزبير. فسمي ذلك الحبس سجن عارم. وبنى لزيد عارم ذراعين في ذراعين. وأدخله. وأطبق عليه بالجص والأجر «4» .
__________
(1) محمد بن المنذر بن الزبير بن العوام كان يعد من وجوه آل الزبير وكان يعدل بكثير من أعمامه. ولما قتل مصعب بن الزبير نعاه عبد الله وقال: إن يقتل المصعب فقد أبقى الله فينا محمد بن المنذر (انظر نسب قريش ص: 244) .
(2) عثمان بن عبد الله بن حكيم بن حزام. كان من سادات قريش وأشرافها. وكانت تحته سكينة بنت الحسين. خلف عليها بعد مصعب بن الزبير. وكان مع عبد الله ابن الزبير بمكة. وقتل في الحصار الأول (نسب قريش: ص 232) .
(3) حبس زيد عارم: هو سجن اتخذه ابن الزبير بمكة. وذكر الفاكهي في أخبار مكة: 3/ 341 أن موقعه في دبر دار الندوة. وقد أخرج بسند صحيح عن الحسن ابن محمد بن الحنفية قال: أخذني ابن الزبير فحبسني في دار الندوة في سجن عارم. فانفلت منه في قيودي. فلم أزل أتخطى الجبال حتى سقطت على أبي بمنى. وسبب تسميته بزيد عارم- فيما زعم بعض المكيين- أن عارما واسمه زيد. كان غلاما لمصعب بن عبد الرحمن بن عوف. وكان منقطعا إلى عمرو بن سعيد الأمير الأموي. وغلب مصعبا عليه. وجعله على حرسه. ولما بعث عمرو بن سعيد الجيش إلى ابن الزبير في مكة. خرج عارم مع الجيش فظفر به مصعب. فوضعه في السجن. وبنى له ذراعا في ذراع. ثم سد عليه البناء فمات في السجن. فسمي ذلك المكان سجن عارم (وانظر: أيضا فتح الباري: 5/ 76) .
(4) لم أقف على هذا الخبر بسند صحيح. واستبعد وقوعه من ابن الزبير. فإنه قد صحب النبي ص وفقه في دين الله وشهرته بالعبادة والصدق فيها أمر معلوم. إلا أن يكون وقع منه ذلك قصاصا. كما يحكي عن فعله بأخيه عمرو فإنه قد عفى عن مؤاخذته له. أما حقوق الناس فلا يملكها. فمن عفا منهم عنه قبل ذلك منه. ومن طلب القصاص أقصه منه. وفي أخبار مكة للفاكهي: 3/ 341. وفتح الباري: 5/ 76 أن الذي فعل هذا بعارم هو سيده مصعب بن عبد الرحمن بن عوف. ولكنهما لم يذكرا إسنادا صحيحا. بل قال الفاكهي في أول الخبر: وقد زعم بعض المكيين. وعنه نقل ابن حجر في الفتح. والنص عند ابن سعد مضطرب

(2/47)


وقال عبد الله بن الزبير: من كان يطلب عمرو بن الزبير بشيء فليأتنا نقصه منه. فجعل الرجل يأتي فيقول: نتف أشفاري «1» . فيقول انتف أشفاره.
وجعل يقول الآخر: نتف حلمتي «2» . فيقول: انتف حلمته. وجعل الرجل يأتي فيقول: لهزني «3» فيقول: الهزة. وجعل الرجل يجيء فيقول: نتف لحيتي فيقول: انتف لحيته. وكان يقيمه كل يوم. ويدعو الناس إلى القصاص منه سنة.
فقام مصعب بن عبد الرحمن بن عوف فقال: جلدني مائة جلدة بالسياط. وليس بوال. ولم آت قبيحا. ولم أركب منكرا. ولم أخلع يدا من طاعة. فأمر بعمرو أن يقام. ودفع إلى مصعب سوطا وقال له عبد الله بن الزبير: اضرب. فجلده مصعب مائة جلدة بيده. فنغل»
جسد عمرو فمات. فأمر به عبد الله فصلب.
قالوا: ونحى عبد الله بن الزبير. الحارث بن خالد «5» عن الصلاة بمكة.
وكان عاملا ليزيد بن معاوية عليها. وأمر مصعب بن عبد الرحمن أن يصلي
__________
(1) الأشفار: حروف الأجفان التي ينبت عليها الشعر وهو الهدب (لسان العرب: 4/ 419) .
(2) الحلمة: هي رأس الثدي (المصدر السابق: 12/ 148) .
(3) اللهز: الدفع والضرب بجمع اليد في الصدر وفي الحنك (المصدر السابق: 5/ 407) .
(4) نغل: النغل: هو الفساد يقال: نغل الجرح نغلا: فسد. ونغل الأديم إذا عفن وتهرى في الدباغ فيفسد. والمراد ضرب حتى تهرى جلده وفسد من كثرة الضرب. (لسان العرب: 11/ 670 مادة نغل) .
(5) هو الحارث بن خالد بن العاص بن هشام المخزومي الشاعر. أخو عكرمة بن خالد المحدث (انظر ترجمته في نسب قريش: ص 313- 314، والجرح والتعديل: 3/ 73) .

(2/48)


بالناس. فكان يصلي بهم. وكان لا يقطع أمرا دون المسور بن مخرمة «1» .
ومصعب بن عبد الرحمن بن عوف. وجبير بن شيبة. وعبد الله بن صفوان ابن أمية. يشاورهم في أمره كله. ويريهم أن الأمر شورى بينهم لا يستبد بشيء منه دونهم. ويصلي بهم الصلوات والجمع ويحج بهم.
وعزل يزيد بن معاوية. عمرو بن سعيد عن المدينة. وولاها الوليد بن عتبة. ثم عزله. وولي عثمان بن محمد بن أبي سفيان «2» . فوثب عليه أهل المدينة فأخرجوه. وكانت وقعة الحرة «3» .
وكانت الخوارج قد أتته. وأهل الأهواء كلهم. وقالوا: عائذ الله. وكان شعاره. لا حكم إلا الله. فلم يزل «4» على ذلك بمكة. وحج بالناس عشر سنين ولاء «5» . أولها سنة اثنتين وستين. وآخرها سنة إحدى وسبعين «6» .
__________
(1) المسور بن مخرمة الزهري. صحابي صغير وله ترجمة في هذه الطبقة رقم (15) .
(2) عثمان بن محمد بن أبي سفيان القرشي الأموي ولي إمارة المدينة ليزيد. وكان بدمشق عند وفاة معاوية. وله ترجمة في (تاريخ دمشق: 11/ ل 446) .
(3) ذكر الطبري بإسناده: 5/ 494 أنها كانت في يوم الأربعاء لليلتين بقيتا من ذي الحجة سنة 63 هـ.
(4) مكررة في الأصل.
(5) أي متتالية.
(6) يتفق هذا القول مع ما ذكر الطبري في تاريخه في قوائم ولاه الحج هذه السنين ما عدا سنة 62 هـ فقد ذكر أن الذي حج بالناس الوليد بن عتبة (انظر: 5/ 481) . وفي عام 68 هـ وقف بعرفة أربعة ألوية محمد بن الحنفية. وعبد الله ابن الزبير. ونجدة الحروري. وبنو أمية. ولكن عامة الناس مع ابن الزبير (انظر الطبري: 6/ 138) ، وفي تاريخ خليفة (ص: 269) أن ابن الزبير أقام الحج للناس من سنة أربع وستين إلى أن حضر موسم اثنتين وسبعين فحج ابن الزبير بالناس ولم يقفوا الموقف. وحج الحجاج بأهل الشام ولم يطوفوا بالبيت. وانظر تاريخ دمشق (ص: 454) من تراجم حرف العين.

(2/49)


[إقامته بمكة وأخبار متفرقة عن علمه وعبادته]
521- قال: أخبرنا عارم بن الفضل. قال: حدثنا حماد بن زيد. عن هشام بن عروة. قال: كان عبد الله بن الزبير بمكة تسع سنين.
522- قال: أخبرنا أنس بن عياض. عن هشام بن عروة. أن عبد الله ابن الزبير أقام بمكة تسع سنين. يهل بالحج لهلال ذي الحجة.
523- قال: أخبرنا كثير بن هشام. قال: حدثنا جعفر بن برقان.
قال: حدثنا ميمون بن مهران. قال: شهدت الموسم مع عبد الله بن الزبير.
قال: فعلم الناس مناسكهم. ثم قال: إذا انصرفتم- إن شاء الله- إلى أهليكم. فاذكروا الله وكبروه عند كل «1» هبوط وصعود.
__________
521- إسناده صحيح.
- تقدم رجاله مرارا.
تخريجه:
أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (ص: 491) من طريق خليفة بن خياط حدثنا وهب بن جرير. حدثني جويرية بن أسماء. فذكره. وانظر تاريخ الخلفاء لمحمد بن يزيد (ص: 30) .
522- إسناده صحيح.
- أنس بن عياض أبو ضمرة الليثي المدني. ثقة. تقدم في (104) .
تخريجه:
لم أقف على من خرجه غير ابن سعد.
523- إسناده حسن.
- كثير بن هشام الكلابي أبو سهل الرقي. ثقة. تقدم في (20) .
- جعفر بن برقان الكلابي الرقي. صدوق. تقدم في (278) .
- ميمون بن مهران الجزري نزيل الرقة. ثقة. تقدم في (70) .
تخريجه:
لم أقف على من خرجه غير ابن سعد.
__________
(1) زيادة يقتضيها السياق.

(2/50)


524- قال: أخبرنا الفضل بن دكين. قال: حدثنا أبو سعيد ابن «1» عوذ البراد. قال: حدثنا محمد بن المرتفع. قال: سمعت ابن الزبير يقول: يا معشر الحاج. سلوني فعلينا كان التنزيل. ونحن حضرنا التأويل. فقال له رجل من أهل العراق: دخلت في جرابي فأرة أيحل لي قتلها وأنا محرم؟ قال: اقتل الفويسقة. قال: أخبرنا ب الشَّفْعِ وَالْوَتْرِ. والليال العشر؟ قال: العشر: الثمان وعرفة والنحر. والشفع: من تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ. وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ. وهو اليوم.
525- قال: أخبرنا الفضل بن دكين. قال: حدثنا سفيان. عن محمد
__________
524- إسناده ضعيف.
- أبو سعيد بن عوذ البراد المكي. قال ابن عبد البر في الاستغناء: 3/ 1532 ترجمة رقم (2348) سمع عبد الله بن الزبير بن العوام. روى عنه أبو نعيم ويحيى بن المتوكل ومروان بن معاوية. هكذا قال إنه سمع ابن الزبير. والذي في هذا الإسناد وفي الجرح والتعديل: 8/ 98 أن بينهما واسطة.
- محمد بن المرتفع. وثقه أحمد. وتقدم في (514) .
تخريجه:
أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (ص: 407) من طريق المصنف به.
525- إسناده صحيح.
- سفيان هو ابن عيينة.
- محمد بن المنكدر بن عبد الله بن الهدير- بالتصغير- التيمي المدني. ثقة فاضل. من الثالثة مات سنة 130 هـ (تق: 2/ 210) .
تخريجه:
أخرج البيهقي في السنن الكبرى: 5/ 130. 131 أن ابن عمر وجابر بن عبد الله كانا يأتيان الجمار أيام التشريق مشيا وكان ابن عمر يقول: هكذا فعل رسول الله ص.
__________
(1) بالأصل (عن) والتصحيح من تاريخ ابن عساكر. والذي يروي عن محمد بن المرتفع هو أبو سعيد بن عوذ البراد المكي كما قال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل: 8/ 98.

(2/51)


ابن المنكدر. قال: رأيت ابن الزبير يأتي الجمار ماشيا.
526- أخبرنا هشام أبو الوليد الطيالسي. قال: حدثنا أبو عوانة. عن أبي بشر. قال: حدثني من رأى ابن الزبير صائما يوم عرفة.
527- قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس. قال: حدثنا زهير.
قال: حدثنا زيد بن جبير الجشمي. أنه رأى عبد الله بن الزبير يطوف
__________
526- ضعيف لجهالة الواسطة بين أبي بشر وابن الزبير.
- أبو عوانة هو وضاح بن عبد الله اليشكري. ثقة. تقدم في (64) .
- أبو بشر هو جعفر بن أياس اليشكري. ثقة. تقدم في (2) .
تخريجه:
ذكر الخطابي في معالم السنن: 2/ 816 أن صوم يوم عرفة بعرفة هو مذهب ابن الزبير وعثمان بن أبي العاص. وذكر صاحب المغني: 3/ 106 أنه مذهب عائشة أيضا. وكان ابن عمر لا يصومه. ويقول: حججت مع رسول الله ومع أبي بكر وعمر وعثمان فلم يصوموه. فأنا لا أصومه ولا آمر به ولا أنهى عنه (المصنف: 4/ 285) وقال قتادة: لا بأس به إذا لم يضعف عن الدعاء. وقال عطاء: أصوم في الشتاء ولا أصوم في الصيف. وروى عن أبي هريرة بإسناده فيه ضعف أن رسول الله ص نهى عن صيامه للحاج. أخرجه أبو داود: 2/ 816 فكأن النهي معلل بالضعف عن الدعاء. فإذا قوي عليه أو كان في الشتاء ولم يضعف فتزول الكراهة.
527- إسناده صحيح.
- زهير هو ابن معاوية الجعفي. ثقة ثبت. تقدم في (14) .
- زيد بن جبير بن حرمل- بفتح المهملة وسكون الراء- الطائي. ثقة من الرابعة. (تق: 1/ 273) .
تخريجه:
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف: 8/ 241 من طريق يحيى بن آدم حدثنا سفيان عن زيد بن جبير نحوه. وأخرجه أيضا في: 8/ 242 من طريق هشام ابن عروة نحوه.

(2/52)


بالبيت وعليه برطلة «1» .
528- قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس. قال: حدثنا زهير.
قال: حدثنا عروة بن عبد الله بن قشير. قال: ما رأيت إنسانا أسرع مشيا حول البيت من ابن الزبير. قال: وكان يؤمنا عند المقام. فإذا فرغ من المكتوبة صلى تحت الميزاب قائما ما يحرك منه شيء.
529- قال: أخبرنا عفان بن مسلم وعارم بن الفضل. قالا: حدثنا
__________
528- إسناده صحيح.
- عروة بن عبد الله بن قشير- بالقاف والمعجمة مصغرا- الجعفي ثقة. من الرابعة. (تق: 2/ 19) .
تخريجه:
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (الجزء المفقود: ص 337) من طريق ابن عيينة عن عمرو بن دينار قال: رأيت ابن الزبير يسرع في الطواف. وهذا إسناد صحيح.
529- إسناده صحيح.
- ثابت بن أسلم البناني- بضم الموحدة ونونين مخففتين- أبو محمد البصري.
ثقة عابد. مات سنة بضع وعشرين ومائة (تق: 1/ 115) .
تخريجه:
أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (ص: 408) من طريق أبي الربيع الزهراني حدثنا حماد بن زيد به. وأخرج أبو نعيم في الحلية: 1/ 335 وابن عساكر في تاريخ دمشق: (ص: 409) عن عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء قال:
كان ابن الزبير إذا صلى كأنه كعب راتب. الراتب. الثابت الذي لا يتحرك.
وأخرجا بمعناه في وصف صلاة ابن الزبير عن ابن المنكدر ومجاهد.
__________
(1) برطلة: البرطلة هي المظلة الصيفية يتقى بها الحرارة. وكأنها بمثابة الشمسية. وهي لفظة نبطية. وقد استعملت في لفظ العربية (لسان العرب: 11/ 51) .

(2/53)


حماد بن زيد. قال: حدثنا ثابت البناني. قال: ذكر ابن الزبير قال: كنا نمر به خلف المقام يصلي كأنه شيء منصوب موضوع.
530- قال: أخبرنا عبيد الله بن موسى. قال: أخبرنا حسن بن صالح.
عن موسى بن أبي عائشة. قال: كان ابن الزبير يصف قدميه في الصلاة.
531- قال: أخبرنا عبيد الله بن موسى. قال: أخبرنا إسرائيل. عن
__________
530- إسناده مرسل قوي.
- عبيد الله بن موسى العبسي. ثقة. تقدم في (4) .
- حسن بن صالح. ثقة. فقيه. تقدم في (377) .
- موسى بن أبي عائشة الهمداني- بسكون الميم- مولاهم أبو الحسن الكوفي.
ثقة عابد. من الخامسة. وكان يرسل (تق: 2/ 285) .
تخريجه:
أخرج البيهقي في السنن الكبرى: 8/ 30 عن ابن الزبير أنه قال: صف القدمين ووضع اليد على اليد من السنة. وأخرج ابن عساكر في تاريخ دمشق (ص 408) من طريق الزبير بن بكار بإسناده عن وهب بن كيسان قال: أول من صف رجليه في الصلاة ابن الزبير فاقتدى به كثير من العباد. وهذا شاهد للخبر المرسل يتقوى به.
531- إسناده صحيح.
- إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي. ثقة. تقدم في (4) .
- منصور بن المعتمر السلمي. ثقة. تقدم في رقم (356) .
تخريجه:
أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (ص 408) من طريق الفضيل بن عياض عن منصور به دون قوله: هو الخشوع في الصلاة.

(2/54)


منصور. عن مجاهد. عن عبد الله بن الزبير. أنه كان يقوم في الصلاة كأنه عود. وكان أبو بكر يفعل ذلك. قال مجاهد: هو الخشوع في الصلاة.
532- قال: أخبرنا مسلم بن إبراهيم. قال: حدثنا إبراهيم بن مرزوق أبو إسماعيل الثقفي مولى الحجاج بن يوسف. قال: حدثنا أبي- وكان خادما لعبد الله بن الزبير- قال: كان عبد الله بن الزبير إذا سمع أذان المغرب. قام فصلى ركعتين بين الأذان والإقامة. فإذا انصرف من الصلاة انصرف عن يمينه.
533- قال: أخبرنا معن بن عيسى وعبد الله بن مسلمة بن قعنب.
قالا: حدثنا مالك بن أنس. عن عامر بن عبد الله بن الزبير. عن أبيه.
__________
532- إسناده ضعيف.
- مسلم بن إبراهيم الأزدي. ثقة. تقدم في (192) .
- إبراهيم بن مرزوق أبو إسماعيل الثقفي البصري مولى الحجاج. مقبول (تق:
1/ 43) .
- أبو هو مرزوق أبو إسماعيل الثقفي. مقبول. من الرابعة (تق: 2/ 238) .
تخريجه:
أخرج البخاري في صحيحه كتاب الصلاة باب رقم (35) من حديث عبد الله المزني أن النبي ص قال:، صلوا قبل صلاة المغرب ركعتين. قال في الثالثة:
لمن شاء كراهية أن يتخذها الناس سنة،. وهذا دليل مشروعية فعل ابن الزبير رضي الله عنه.
533- إسناده صحيح.
- عامر بن عبد الله بن الزبير بن العوام أبو الحارث. ثقة عابد. من الرابعة.
(تق: 1/ 388) .
تخريجه:
أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه: 10/ 215 من طريق معن عن مالك به.
وأخرجه البخاري في الأدب المفرد. باب 300 حديث رقم (723) من طريق إسماعيل عن مالك به.

(2/55)


أنه كان إذا سمع الرعد. ترك الحديث. وقال: سبحان من سبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته. ويقول: إن هذا لوعيد لأهل الأرض شديد.
534- قال: أخبرنا عفان بن مسلم. قال: حدثنا يزيد بن إبراهيم.
قال: سمعت عمرو بن دينار. قال: كان ابن الزبير إذا صلى يرسل يديه.
535- قال: أخبرنا عارم بن الفضل. قال: حدثنا حماد بن زيد. قال:
حدثنا عسل بن سفيان. عن عطاء بن أبي رباح. قال: صليت مع ابن الزبير
__________
534- إسناده صحيح.
- يزيد بن إبراهيم التستري- بضم المثناة وسكون المهملة وفتح المثناة ثم راء- نزيل البصرة أبو سعيد. ثقة. من كبار السابعة مات سنة 163 هـ (تق:
2/ 361) .
- عمرو بن دينار المكي. ثقة ثبت. تقدم في (7) .
تخريجه:
أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه: 1/ 391 حدثنا عفان قال: حدثنا يزيد بن إبراهيم به.
535- إسناده ضعيف.
- عسل- بكسر أوله وسكون المهملة. وقيل بفتحتين- ابن سفيان أبو قرة التميمي البصري. ضعيف. من السادسة (تق: 2/ 20) .
- عطاء بن أبي رباح المكي. ثقة فقيه. تقدم في رقم (9) .
تخريجه:
أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه: 2/ 36 حدثنا حفص عن أشعث عن عطاء قال فذكره. وهذا إسناد حسن. حفص هو ابن غياث بن طلق النخعي ثقة فقيه وأشعث بن عبد الله الحداني صدوق كما قال الحافظ في التقريب: 1/ 80. وبذلك يتقوى الخبر فيكون حسنا ولله الحمد.

(2/56)


المغرب فسلم في ركعتين. ثم قام إلى الركن ليمسحه فسبح القوم. فرجع فصلى بهم الركعة. ثم سلم. ثم سجد سجدتين. فأتيت ابن عباس من فوري فأخبرته. فقال: لله أبوك. فكيف صنع فأخبرته. فقال: ما ماط «1» عن سنة نبيه.
536- قال: أخبرنا عفان بن مسلم. قال: حدثنا حماد بن سلمة.
قال: أخبرنا عمرو بن دينار. قال: صلى بنا ابن الزبير في جمعه. ويوم فطر.
فخطبنا في ظل الحجر بعد ما ارتفع النهار. وأخر الصلاة بعض التأخير.
فجئت إلى الجمعة فلم يخرج إلينا إلى صلاة العصر.
537- قال: أخبرنا عفان بن مسلم. قال: حدثنا حماد بن سلمة.
قال: أخبرنا حبيب بن أبي بقية المعلم. عن عطاء. أن ابن عباس أخبر بما صنع ابن الزبير فقال: أصاب.
__________
536- إسناده صحيح.
- رجاله تقدموا مرارا.
تخريجه:
أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه: 2/ 187 حدثنا أبو أسامة عن هشام بن عروة عن وهب بن كيسان فذكره نحوه. وهذا إسناد صحيح.
537- إسناده حسن.
- حبيب بن أبي بقية ويقال: ابن أبي قريبة واسمه زائدة. المعلم أبو محمد البصري مولى معقل بن يسار. صدوق. مات سنة 130 هـ (تق: 1/ 152) .
- عطاء هو ابن أبي رباح.
تخريجه:
أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه: 2/ 186 حدثنا أبو خالد الأحمر عن عبد الحميد بن جعفر عن وهب بن كيسان به نحوه.
__________
(1) ما ماط: أي ما تجاوز وما تعدى سنة النبي ص (انظر لسان العرب: مادة: ميط: 7/ 409) .

(2/57)


538- قال: أخبرنا عفان بن مسلم. قال: حدثنا حماد بن سلمة.
قال: حدثنا هشام بن عروة. عن أبيه. قال: قال عبد الله بن الزبير: والله ما كنت أمكن من التمر كما أريد. وما هي إلا قبضة تقبض لي من أول النهار وقبضة من آخر النهار.
539- قال: أخبرنا الفضل بن دكين. قال: حدثنا حفص بن غياث.
عن هشام بن عروة. عن عروة. قال: قال عبد الله بن الزبير: أطعموني تمرا. قالوا: قد أكلت اليوم مرة. قال: فلا.
540- قال: أخبرنا روح بن عباده ومسلم بن إبراهيم. قالا: حدثنا الأسود بن شيبان. عن أبي نوفل بن أبي عقرب. قال: دخلت على عبد الله بن الزبير صبيحة خامسة من العشر الأواخر من رمضان وهو يواصل.
__________
538- إسناده صحيح.
- رجاله تقدموا مرارا.
تخريجه:
لم أقف على من خرجه غير ابن سعد.
539- إسناده صحيح.
- حفص بن غياث النخعي الكوفي. ثقة فقيه. تقدم في رقم (109) .
تخريجه:
لم أقف على من خرجه غير ابن سعد.
540- إسناده صحيح.
- روح بن عباده القيسي. ثقة فاضل. تقدم في (66) .
- مسلم بن إبراهيم الأزدي الفراهيدي. ثقة مأمون. تقدم في (192) .
- الأسود بن شيبان السدوسي البصري. ثقة عابد. من السادسة (تق:
1/ 76) .
- أبو نوفل بن أبي عقرب الكناني العريجي- بفتح المهملة وكسر الراء وبالجيم- اسمه مسلم وقيل عمرو بن مسلم وقيل معاوية بن مسلم. ثقة. من الثالثة (تق: 2/ 482) .
تخريجه:
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف: 3/ 84 من طريق وكيع عن الأسود بن شيبان به إلا أن لفظه عنده صبيحة خمسة عشر من الشهر. والأخبار حول مواصلة عبد الله بن الزبير كثيرة ويصدق بعضها بعضا. وسيذكر المصنف مجموعة منها.
ومسالة الوصال في الصيام نهى عنها النبي ص بأحاديث صحيحة صريحة. ولكن بعض العلماء حمل النهي على الكراهة والتنزيه استدلالا بنصوص أخرى منها حديث سمرة:، نهى النبي ص عن الوصال وليس بالعزيمة، رواه البزار والطبراني.
وحديث الرجل من الصحابة عند أبي داود وإسناده صحيح كما قال الحافظ في الفتح ولفظه: نهى رسول الله ص عن الحجامة والمواصلة ولم يحرمهما.
وقد ذهب إلى جوازه مع عدم المشقة من الصحابة عبد الله بن الزبير. وأخت أبي سعيد الخدري. ومن التابعين ابن أبي أنعم. وعامر بن عبد الله بن الزبير. وإبراهيم التيمي. وأبو الجوزاء (انظر المصنف لابن أبي شيبة: 3/ 82- 84 ونيل الأوطار للشوكاني: 5/ 290- 292) .
وقد علق الذهبي في سير أعلام النبلاء: 3/ 368 على خبر مواصلة ابن الزبير بقوله: لعله ما بلغه النهي عن الوصال. ونبيك بالمؤمنين رؤوف رحيم. وكل من واصل وبالغ في تجويع نفسه انحرف مزاجه وضاق خلقه. فاتباع السنة أولى.
ولقد كان ابن الزبير مع ملكه صنفا في العبادة.

(2/58)


541- قال: أخبرنا روح بن عباده ويحيى بن عباد. قالا: حدثنا حماد
__________
541- إسناده حسن.
- عمار بن أبي عمار مولى بني هاشم. صدوق. تقدم في (20) .
تخريجه: أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (ص: 416) من طريق المصنف به.

(2/59)


ابن سلمة. عن عمار بن أبي عمار. أن عبد الله بن الزبير كان يواصل سبعة أيام. فإذا كانت ليلة السابعة. دعا بإناء من سمن فشربه. ثم أتي بثريدة في صحفة «1» عليها عرقان «2» . ويؤتي الناس بالجفان «3» فتوضع بين أيديهم فيقول: يا أيها الناس هذا من خالص مالي وهذا من بيت مالكم.
542- حدثنا روح بن عباده. قال: حدثنا حبيب بن الشهيد. عن ابن أبي مليكة. قال: كان ابن الزبير يواصل سبعة أيام. فيصبح اليوم الثامن وهو أليثنا «4» .
543- قال: أخبرنا حفص بن عمر الحوضي. قال: حدثنا يزيد بن
__________
542- إسناده صحيح.
- حبيب بن الشهيد الأزدي البصري. ثقة ثبت. تقدم في (517) .
تخريجه:
أخرجه ابن معين في التاريخ: 3/ 50 من طريق روح به. وأخرجه الحاكم في المستدرك: 3/ 549 من طريق إسماعيل بن أبي الحارث عن روح بن عباده به.
وأخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (ص: 416) من طريق يحيى بن معين.
حدثنا روح بن عباده به. وأخرجه أيضا من طريق ابن سعد به.
543- إسناده صحيح.
- حفص بن عمر بن الحارث الأزدي أبو عمرو الحوضي. ثقة ثبت. عيب بأخذ الأجرة على الحديث. من كبار العاشرة. مات سنة 225 هـ (تق:
1/ 187) .
- يزيد بن إبراهيم التستري. ثقة. تقدم في (534) .
تخريجه:
أخرج ابن عساكر في تاريخ دمشق (ص: 413، 414) من عدة طرق أن ابن الزبير كان يواصل من الجمعة إلى الجمعة.
__________
(1) الصحفة: كالقصعة مفلطحة عريضة وهي تشبع الخمسة والجمع صحاف (لسان العرب، مادة صحف: 9/ 187) .
(2) عرقان: العرق: الفدرة من اللحم. والعظام إذا لم يكن عليها شيء من اللحم تسمى عراقا (المصدر السابق مادة عرق: 10/ 244) .
(3) الجفان: جمع جفنة وهي أعظم ما يكون من القصاع (المصدر السابق: 13/ 89) .
(4) أي أشدهم وأقواهم. وبه سمي الأسد ليثا. وقال في المستدرك: 3/ 549: يعني به كأنه ليث.

(2/60)


إبراهيم. قال: حدثنا عمرو بن دينار. أن ابن الزبير كان يواصل بين السبع.
544- قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر الرقي. قال: حدثنا أبو المليح.
عن ميمون. أن ابن الزبير كان يواصل الصيام من الجمعة إلى الجمعة. فإذا أفطر. استغاث بالسمن يحسوه يلين أمعاءه.
545- قال: أخبرنا عبد الوهاب «1» بن عطاء. عن هشام بن
__________
544- إسناده صحيح.
- عبد الله بن جعفر بن غيلان الرقي. ثقة تغير بآخره. تقدم في (22) .
- أبو المليح هو الحسن بن عمر بن يحيى الفزاري مولاهم الرقي. ثقة. من الثامنة. مات سنة 181 هـ وقد جاوز التسعين (تق: 1/ 169) .
- ميمون هو ابن مهران الجزري الرقي. ثقة فقيه. تقدم في (70) .
تخريجه:
أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (ص: 415) من طريق البغوي أخبرنا عيسى بن سالم أخبرنا أبو المليح قال: قال ميمون ثم ذكره وفيه: إذا أفطر استعان بالسمن بدل استغاث.
545- إسناده مرسل قوي.
- عبد الوهاب بن عطاء الخفاف العجلي. صدوق ربما أخطأ تقدم في رقم (56) .
- هشام بن حسان الأزدي البصري. ثقة ثبت. تقدم في (475) .
تخريجه:
أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (ص: 416) من طريق المصنف.
__________
(1) في المخطوطة، عبد الله،. وهو خطأ. والتصحيح من تاريخ دمشق (ص: 416) حيث أخرج الخبر من طريق ابن سعد على الصواب. وعبد الوهاب بن عطاء من شيوخ ابن سعد أما عبد الله بن عطاء فلا يعرف إلا الطائفي وهو قديم لا تمكن رواية ابن سعد عنه.

(2/61)


حسان. قال: كان عبد الله بن الزبير يصوم عشرة أيام لا يفطر فيها. قال: فكان إذا دخل رمضان. أكل أكلة في نصف الشهر.
546- قال: أخبرنا المعلى بن أسد. قال: حدثنا سلام بن أبي مطيع. عن هشام بن عروة. أن عمه ابن الزبير كان يغتسل كل ليلة مرة وكل يوم مرة.
547- قال: أخبرنا سليمان بن حرب. قال: حدثنا جرير بن حازم.
عن عبد الله «1» بن عبيد بن عمير. قال: كان ابن الزبير إذا كان في اهله
__________
546- إسناده صحيح.
- المعلى بن أسد العمي- بفتح المهملة وتشديد الميم- أبو الهيثم البصري أخو بهز ثقة ثبت. من كبار العاشرة (تق: 2/ 265) .
- سلام بن أبي مطيع أبو سعيد الخزاعي مولاهم. ثقة. صاحب سنة. مات سنة 164 هـ (تق: 1/ 342) .
تخريجه:
لم أقف على من خرجه غير المصنف.
547- إسناده صحيح.
- عبد الله بن عبيد بن عمير الليثي المكي. ثقة. تقدم في (371) .
تخريجه:
أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه: 3/ 369 من طريق أبي أسامة عن هشام عن عروة نحوه وهذا إسناد صحيح.
__________
(1) في المخطوطة:، عبد،. والصواب ما أثبت.

(2/62)


جنازة. كان كأنه قائم على رجل «1» حتى يخرجها.
548- قال: أخبرنا أزهر بن سعد السمان. عن ابن عون. عن محمد. قال:
دخل ابن عمر على امرأة ابن الزبير فقالت: إنما بي أنك ترى أنه يقاتل على الدنيا قال:
هو في نفسي ولو شاء الله لم يجعله.
549- قال: أخبرنا أبو أسامة. عن الأعمش. عن شمر بن عطية. عن هلال بن يساف. قال: حدثني البريد الذي جاء برأس المختار إلى عبد الله ابن الزبير قال:
لما وضعته بين يديه قال: ما حدثني كعب بشيء أصبته في
__________
548- إسناده صحيح.
- أزهر بن سعد السمان أبو بكر الباهلي مولاهم البصري. ثقة. مات سنة 203 هـ. (تق: 1/ 51) .
- ابن عون هو عبد الله بن عون البصري. ثقة ثبت. تقدم في (184) .
- محمد هو ابن سيرين.
تخريجه:
لم أقف على من خرجه غير المصنف.
549- إسناده ضعيف.
- أبو أسامة هو حماد بن أسامة مشهور بكنيته. ثقة. تقدم في (47) .
- شمر- بكسر أوله وسكون الميم- ابن عطية الأسدي الكاهلي الكوفي.
صدوق. من السادسة (تق: 1/ 354) .
- هلال بن يساف. ويقال: أساف الأشجعي مولاهم الكوفي. ثقة. تقدم في (280) .
- البريد: أي صاحب البريد ولم أقف على اسمه.
تخريجه:
أخرجه الحاكم في المستدرك: 3/ 549 من طريق الأعمش عن شمر به. وذكر الذهبي في سير أعلام النبلاء: 3/ 378 نحوه عن معمر عن أيوب عن ابن سيرين.
وهذا إسناد جيد.
__________
(1) كناية عن التعجيل بدفن الجنازة وهذا أمر مستحب في الشريعة.

(2/63)


سلطاني. إلا قد رأيته غير هذا. فإنه حدثني أنه يقتلني رجل من ثقيف فأراني الذي قتلته.
قال محمد بن عمر: وكان مصعب بن الزبير هو الذي قتل المختار وبعث برأسه إلى عبد الله بن الزبير. وتخلف على العراق ووجه إلى خراسان.
رجع الحديث إلى الأول «1» : [غزو أهل الشام للمدينة بعد خلعهم ليزيد]
قال: ولما بلغ يزيد بن معاوية وثوب أهل المدينة وإخراجهم عامله وأهل بيته عنها. وجه إليهم مسلم بن عقبة المري «2» . وهو يومئذ ابن بضع وتسعين سنة. كانت به النوطة «3» . فوجهه في جيش كثيف. فكلمه عبد الله بن جعفر في أهل المدينة. وقال: إنما تقتل بهم نفسك. فقال: أجل أقتل بهم نفسي. وأشفي نفسي. ولك عندي واحدة. آمر مسلم بن عقبة أن يتخذ المدينة طريقا. فإن هم تركوه. ولم يعرضوا له. ولم ينصبوا الحرب.
تركهم. ومضى إلى ابن الزبير فقاتله. وإن هم منعوه أن يدخلها ونصبوا له الحرب. بدأ بهم. فناجزهم القتال. فإن ظفر بهم قتل من أشرف له.
وأنهبها ثلاثا ثم مضى إلى عبد الله بن الزبير. فرأى عبد الله بن جعفر. في هذا فرج كبير. وكتب بذلك إليهم. وأمرهم أن لا يعرضوا لجيشه إذا مر
__________
(1) انظر الإسناد الجمعي رقم (520/ 1، 2، 3،.
(2) مسلم بن عقبة بن رياح المري. ترجمه ابن عساكر في تاريخ دمشق: 16/ ق 40. وقال: أدرك النبي ص. وشهد صفين مع معاوية. وعمدته في ذلك أن عمره بضع وتسعون سنة زمن الحرة (63 هـ) ، فيكون في زمن النبي ص رجلا كبيرا. وقد ترجمه الحافظ ابن حجر في الإصابة: 6/ 294 واعتذر عن إيراده في كتابه وقال: أفحش مسلم القول والفعل بأهل المدينة. وأسرف في قتل الكبير والصغير حتى سموه مسرفا.
(3) النوطة: ورم في الصدر وقيل غدة تصيب البعير في بطنه فتقتله (لسان العرب، مادة: نوط: 7/ 420) .

(2/64)


بهم. حتى يمضي عنهم إلى حيث أرادوا. وأمر يزيد. مسلم بن عقبة بذلك.
وقال: إن حدث بك حدث. فحصين بن نمير على الناس. فورد مسلم بن عقبة المدينة. فمنعوه أن يدخلها. ونصبوا له الحرب. ونالوا من يزيد. فأوقع بهم وأنهبها ثلاثا «1» . ثم خرج يريد ابن الزبير. وقال: اللهم إنه لم يكن قوم
__________
(1) إباحة المدينة النبوية من قبل الجيش الذي بعثه يزيد بن معاوية سنة ثلاث وستين. لإخضاعهم بعد أن خلعوا بيعته. وطردوا أميره على المدينة. مما تباينت فيه أقوال المؤرخين. قديما. وحديثا. ودخل بعضه التزيد. وقد ساق الطبري في تاريخه: 5/ 484- 495 خبر الحرة. من طريق هشام الكلبي. عن أبي مخنف. ومن طريق عوانة بن الحكم. وأورد بعضه من طريق الواقدي. بعد ورد في طريق هشام الكلبي. وعوانة. الأمر لقائد الجيش مسلم بن عقبة بإباحة المدينة ثلاثة أيام. إن لم يستجيبوا للطاعة. ونصبوا الحرب. وقد حددت الرواية نوع الإباحة والمقصود بها، ... فإذا ظهرت عليهم. فأبحها ثلاثا. فما فيها من مال. أورقة (أي دراهم) أو سلاح. أو طعام. فهو للجند. فإذا مضت الثلاث. فاكفف عن الناس، الطبري: 5/ 484 وقال في: 5/ 491، ... وأباح مسلم المدينة ثلاثا. يقتلون الناس. ويأخذون الأموال. فأفزع ذلك من كان بها من الصحابة،. كما أورد في: 5/ 495 رواية أوثق مما روى أبو مخنف وأصحابه وبسياق آخر. ولم يصرح فيها بالإباحة. ولكنها مفهومة من السياق. والرواية مختصرة. وهذه الرواية هي التي ذكرها خليفة بن خياط في تاريخه (ص: 238) ، وهي من طريق وهب بن جرير. عن جويرية بن أسماء. عن أشياخ من أهل المدينة. والإسناد صحيح إلى جويرية بن أسماء. ولبعض ما تضمنته هذه الرواية من إقحام الجيش الشامي من منازل بني حارثة. شاهد من حديث ابن عباس. أخرجه يعقوب بن سفيان. في تاريخه بإسناد صحيح قال: جاء تأويل هذه الآية على رأس ستين سنة «ولو دخلت عليهم من أقطارها ثم سئلوا الفتنة لأتوها» [الأحزاب، آية 14] يعني إدخال بني حارثة أهل الشام. على أهل المدينة في وقعة الحرة (انظر: فتح الباري: 13/ 71) . ومما يدل على وقوع الإباحة ما رواه ابن سعد في الطبقات: 7/ ق 28 عن يحيى بن عباد قال: حدثنا أبو عقيل بشير بن عقبة عن يزيد بن عبد الله بن الشخير قال: لما استبيحت المدينة يعني يوم الحرة دخل أبو سعيد الخدري غارا. فدخل عليه رجل من أهل الشام فقال: اخرج. فقال: لا أخرج. وإن تدخل علي أقتلك. فدخل عليه فوضع أبو سعيد السيف وقال: «إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين» ... إلخ. وهذا إسناد حسن. وقد حكى وقوع إباحة المدينة أيام الحرة مجموعة من العلماء المحققين من أهل الاستقراء والتتبع مثل شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة: 4/ 575. والحافظ ابن كثير في البداية والنهاية: 8/ 220 والحافظ ابن حجر في مواطن كثيرة من كتبه انظر منها فتح الباري: 13/ 70. غير أنه مما ينبغي التنبيه عليه أن هذه الحادثة قد بولغ في وصفها وفي عدد القتلى الذين قتلوا فيها. وأن جنود الجيش وقعوا على النساء. وافتضوا الأبكار. فولدت بعد الحرة ألف امرأة من غير زوج. وأجهز على الجرحى. وقتل المدبر. وجالت الخيل في مسجد رسول الله ص. وبالت وراثت بين القبر والمنبر. وانقطعت الصلاة في المسجد أربعين يوما. وخلت المدينة من أهلها. وتركت الثمار للعوافي. إلى غير ذلك فهذا أمر لا يحتمل وقوعه. ولا تقبله طبيعة المجتمع. ولا سنن العادة. لا سيما مع قرب العهد بالرسالة. ولم ينقل أن مثل هذا الفعل من انتهاك الأعراض. والإسراف في القتل. وقع مع الكفار. فكيف يتصور وقوعه مع المسلمين. وفي دار النبوة والهجرة؟! والحادثة لا شك أنها كبيرة ومؤسفة وخطأ جسيم. ولذلك أجمع السلف على تسمية مسلم بن عقبة مسرفا. ولكن هذا لا يجعلنا ننفي أصل الحادثة وهو إباحة المدينة بعد توارد الأدلة على ثبوتها. كما فعل بعض المستشرقين. والباحثين المعاصرين. الذين جهلوا السلف الماضين. ونسبوهم إلى ضعف التحقيق العلمي. مع أنهم هم لم يبنوا حكمهم هذا على التتبع والاستقراء. ودراسة كافة النصوص الواردة في الموضوع. وإلا لتبين لهم الحق والواقع.

(2/65)


أحب إلي أن أقاتلهم من قوم خلعوا أمير المؤمنين. ونصبوا لنا الحرب. اللهم فكما أقررت عيني من أهل المدينة. فأبقني حتى تقر عيني من ابن الزبير. ومضى «1» .
__________
(1) من هنا إلى قوله، فدعا ابن الزبير إلى نفسه، أورده ابن عساكر في تاريخ دمشق عند ترجمة الحصين بن نمير كما في المختصر (7/ 191- 192) .

(2/66)


فلما كان بالمشلل «1» نزل به الموت.
[الحصين بن نمير يغزو ابن الزبير في مكة]
فدعا حصين بن نمير فقال له: يا برذعة «2» الحمار. لولا عهد أمير المؤمنين إلي فيك ما عهدت إليك. اسمع عهدي. لا تمكن قريشا من أذنك. ولا تزدهم على ثلاث. الوقاف. ثم الثقاف «3» . ثم الانصراف. وأعلم الناس أن الحصين وإليهم. ومات مكانه. فدفن على ظهر المشلل لسبع ليال بقين من المحرم سنة أربع وستين.
ومضى حصين بن نمير في أصحابه حتى قدم مكة فنزل بالحجون إلى بئر ميمون «4» وعسكر هناك. فحاصر ابن الزبير قبل سلخ المحرم بأربع ليال وصفر وشهر ربيع الأول. فكان الحصر أربعة وستين يوما. يتقاتلون فيها أشد القتال. ونصب الحصين المنجنيق على ابن الزبير وأصحابه ورمى الكعبة. ولقد قتل من الفريقين بشر كثير. وأصاب المسور فلقة من حجر المنجنيق فمات ليلة جاء نعي يزيد بن معاوية. وذلك لهلال شهر ربيع الآخر سنة أربع وستين. فكلم حصين بن نمير ومن معه من أهل الشام عبد الله بن الزبير أن يدعهم يطوفوا بالبيت وينصرفوا عنه. فشاور في ذلك أصحابه ثم أذن لهم فطافوا. وكلم ابن الزبير الحصين بن نمير وقال له: قد مات يزيد وأنا أحق الناس بهذا الأمر. لأن عثمان عهد إلي في ذلك عهدا. صلى به خلفي طلحة.
والزبير. وعرفته أم المؤمنين «5» . فبايعني. وادخل فيما دخل فيه الناس
__________
(1) المشلل: ثنية يهبط منها إلى قديد من ناحية البحر. وهي حرة سوداء. وكانت فيها مناة الطاغية (معجم المعالم الجغرافية في السيرة: ص 298) .
(2) برذعة الحمار: البرذعة- بالذال والدال- الحلس الذي يلقى تحت الرحل وخص بعضهم به الحمار (اللسان، مادة برذع: 8/ 8) .
(3) الثقاف: أي الخصام والجلاد (لسان العرب: مادة ثقف: 9/ 20) .
(4) بئر ميمون منسوبة إلى ميمون بن الحضرمي أخو العلاء بن الحضرمي. وكان حليفا لبني عبد شمس. ذكر الأزرقي أنها من آخر الآبار التي حفرت في الجاهلية وهي على يسار النازل من ثنية الحجون (الأزرقي، أخبار مكة: 2/ 222، ومعجم البلدان: 1/ 302) .
(5) أي أيام حصار عثمان رضي الله عنه فقد كان أميرا على أهل الدار كما تقدم في رقم (511، 512) .

(2/67)


معي. يكن لك ما لهم. وعليك ما عليهم. قال له الحصين بن نمير: إني والله يا أبا بكر لا أتقرب إليك بغير ما في نفسي. أقدم الشام فإن وجدتهم مجتمعين لك أطعتك. وقاتلت من عصاك. وإن وجدتهم مجتمعين على غيرك أطعته وقاتلتك ولكن سر أنت معي إلى الشام أملكك رقاب العرب.
فقال ابن الزبير: أو أبعث رسولا.
قال: تبا لك سائر اليوم. إن رسولك لا يكون مثلك.
[بيعة أهل الأمصار لابن الزبير بعد موت يزيد]
وافترقا وأمن الناس ووضعت الحرب أوزارها. وأقام أهل الشام أياما يبتاعون حوائجهم. ويتجهزون. ثم انصرفوا راجعين إلى الشام. فدعا ابن الزبير من يومئذ إلى نفسه «1» . فبايع الناس له على الخلافة. وسمي أمير المؤمنين «2» . وترك الشعار الذي كان عليه. ويدعى به. عائذ الله. ولا حكم إلا لله. قبل أن يموت مصعب بن عبد الرحمن بن عوف والمسور بن مخرمة.
__________
(1) أخرج البخاري في التاريخ الكبير: 2/ 134. وابن عساكر في تاريخ دمشق (ص: 443) عن جويرية بن أسماء سمع بردا مولى الزبير قال: لم يزل ابن الزبير لا يدعو بالخلافة حتى هلك يزيد. وانظر أيضا تاريخ خليفة (ص: 257، 258) .
(2) لأنه قد اجتمع عليه الناس ما عدا طائفة يسيره من أهل الشام. وبويع لمروان في الشام بعد عقد البيعة لابن الزبير. وحتى مروان كان قد عزم على المبايعة لابن الزبير. ولكن صده عن ذلك بعض أنصار بني أمية. قال ابن كثير: 8/ 238 وعند ابن حزم وطائفة أن ابن الزبير أمير المؤمنين في هذا الحين. ونقل ابن عبد البر. في ترجمة مروان. من كتابه الاستيعاب (ص: 910) عن مالك أنه قال: ابن الزبير كان أفضل من مروان وكان أولى بالأمر من مروان ومن ابنه. وقال النووي في شرح صحيح مسلم: 16/ 99: ومذهب أهل الحق أن ابن الزبير كان مظلوما. وأن الحجاج ورفقته كانوا خوارج عليه. ونقل السيوطي في تاريخ الخلفاء (ص: 212) عن الذهبي أنه قال: إن مروان لا يعد في أمراء المؤمنين. بل هو باغ خارج على ابن الزبير. ولا عهده لابنه بصحيح. وإنما صحت خلافة عبد الملك من حين قتل ابن الزبير. وقال السيوطي: إنه الأصح. وانظر قول ابن حزم في أسماء الخلفاء والولاة (ص: 359) ضمن جوامع السيرة ورسائل أخرى. وأخرج ابن عساكر (ص: 456) بسنده إلى عبد الله بن شعيب الحجبي. أن أمير المؤمنين المهدى لما جرد الكعبة. كان فيما نزع كسوة من ديباج مكتوب عليه: لعبد الله أبي بكر أمير المؤمنين. وانظر الخبر في العقد الثمين: 5/ 174. ويرى آخرون أن أيامه أيام فتنة كما في تاريخ الخلفاء لمحمد بن يزيد (ص: 30) وتاريخ دمشق لابن عساكر (ص: 495) نقلا عن نافع مولى ابن عمر (ص: 499) نقلا عن تاريخ أبي حفص الفلاس. وقد امتنع عن بيعته عبد الله ابن عباس ومحمد بن الحنفية وعبد الله بن عمر بن الخطاب. واعتبروا أيامه أيام فتنة وقالوا له: لا نبايع حتى يجتمع عليك الناس. أنظر مواقفهم مفصلة في: عبد الله بن الزبير والأمويون (119- 132) ، رسالة ماجستير في قسم التاريخ. كلية الآداب. جامعة الملك سعود. إعداد عبد الله عثمان الخراشي عام 1408 هـ.

(2/68)


وفارقته الخوارج وتركوه «1» . وولي العمال. فولى المدينة: مصعب»
بن الزبير بن العوام فبايع له الناس. وبعث الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة «3» إلى البصرة فبايعوه. وبعث عبد الله بن مطيع «4» إلى الكوفة فبايعوه. وبعث عبد الرحمن بن عتبة بن جحدم «5» الفهري إلى مصر أميرا فبايعوه. وبعث
__________
(1) كان الخوارج قد أتوا لنصرة ابن الزبير لما تسمى، عائذ البيت، ولما بويع بالخلافة بعد موت يزيد سنة 64 هـ سألوه عن رأيه في عثمان فقال: أتولاه حيا وميتا فلأجل ذلك تركوه (انظر تاريخ الطبري: 5/ 564 والبداية والنهاية: 8/ 239) .
(2) عند الطبري: 5/ 530 عبيدة بن الزبير بدل مصعب وكذا عند ابن كثير: 8/ 238. وفي طبقات ابن سعد: 5/ 147 المنذر بن الزبير.
(3) انظر طبقات ابن سعد: 5/ 464.
(4) سبق ترجمته في (1/ 441) .
(5) انظر ترجمته في ولاة مصر للكندي (ص: 39) .

(2/69)


واليه إلى اليمن فبايعوه. وبعث واليه إلى خراسان فبايعوه. وبعث الضحاك ابن قيس الفهري «1» إلى الشام واليا فبايع له عامة أهل الشام. واستوسقت له البلاد كلها. ما خلا طائفة من أهل الشام. كان بها مروان بن الحكم وأهل بيته «2» .
550/ 1- قال: وأخبرنا محمد بن عمر. قال: حدثنا موسى بن يعقوب. عن عمه ابن أبي الحارث عبد الله بن وهب بن زمعة. قال:
550/ 2- وأخبرنا شرحبيل بن أبي عون وعبد الله بن جعفر. عن أبي عون. قال:
__________
550/ 1- إسناده ضعيف.
- موسى بن يعقوب الزمعي. صدوق سيئ الحفظ. تقدم في (345) .
- أبو الحارث بن عبد الله بن وهب بن زمعة. لم أقف له على ترجمة.
550/ 2- إسناده ضعيف.
- شرحبيل بن أبي عون مولى أم بكر بنت المسور. مستور الحال. تقدم في (93) .
- عبد الله بن جعفر المخرمي. ليس به بأس. تقدم في (40) .
- أبو عون بن أبي حازم مولى عبد الرحمن بن المسور المخرمي مستور الحال. تقدم في (93) .
__________
(1) ستأتي ترجمته في هذه الطبقة.
(2) من أول النص إلى هنا أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (ص: 451) من طريق المصنف. كما ذكر مجمل الحوادث الطبري في تاريخه في أماكن متفرقة من حوادث سنة 63 هـ. 64 هـ. والذهبي في تاريخ الإسلام: 2/ 354 وما بعدها و 3/ 168 وما بعدها. وابن كثير في البداية والنهاية: 8/ 218 وما بعدها و 8/ 238.

(2/70)


[عمارة ابن الزبير للكعبة على قواعد إبراهيم]
550/ 3- وأخبرنا إبراهيم بن موسى. عن عكرمة بن خالد. قال:
550/ 4- وأخبرنا أبو صفوان العطاف بن خالد. عن أخيه. قالوا:
لما ارتحل الحصين بن نمير من مكة لخمس ليال خلون من شهر ربيع الآخر سنة أربع وستين. أمر عبد الله بن الزبير بتلك الخصاص «1» التي كانت حول الكعبة فهدمت. فبدت الكعبة. وأمر بالمسجد فكنس ما فيه من الحجارة والدماء. فإذا الكعبة تنغض «2» متوهنة من أعلاها إلى أسفلها. فيها أمثال
__________
550/ 3- إسناده ضعيف ومنقطع.
- إبراهيم بن موسى بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي ربيعة القرشي من أهل المدينة يروي عن عكرمة بن خالد روى عنه محمد بن إسحاق. (الثقات 6/ 5) .
- عكرمة بن خالد بن سلمة المخزومي. قال البخاري وأبو حاتم: منكر الحديث.
(التاريخ الكبير: 7/ 49 والجرح والتعديل: 7/ 9) .
550/ 4- إسناده ضعيف.
- العطاف- بتشديد الطاء- ابن خالد المخزومي. صدوق بهم. تقدم في (29) .
- أخوه روى عن أخويه عبد الله والمسور وكلاهما ترجمه ابن أبي حاتم ولم يذكر فيهما جرحا ولا تعديلا. ولم يذكر من روى عنهما سوى العطاف. ومن هذا سبيله فهو مجهول الحال (الجرح والتعديل: 5/ 44، 8/ 298) .
تخريجه:
جمع الواقدي أربعة أسانيد كلها ضعيفة به وبغيره. وساقها مساقا واحدا.
وسنذكر الشواهد لكل قضية من القضايا التي تضمنها النص.
__________
(1) الخصاص: هي الفرج والخلل في الجدار وغيره وهذه من أثر ضرب جدران المسجد والكعبة بالمنجنيق (اللسان، مادة خصص: 7/ 25) .
(2) تنغض: أي تتحرك وتضطرب (اللسان، مادة نغض: 7/ 238) .

(2/71)


جيوب النساء من حجارة المنجنيق. وإذا الركن قد اسود واحترق من الحريق الذي كان حول الكعبة. فشاور ابن الزبير الناس في هدمها وبنائها. فأشار عليه جابر بن عبد الله بن عمير وغيرهما بأن يهدمها ويبنيها. وأبى ذلك عليه عبد الله بن عباس وقال: أخشى أن يأتي من بعدك فيهدمها فلا تزال تهدم.
فيتهاون الناس بحرمتها فلا أحب لك «1» .
وكان قد شاور المسور بن مخرمة قبل أن يموت في هدمها. فأشار عليه بذلك. فمكث أياما يشاور في هدمها. ثم انبرى «2» له أن يهدمها.
فغدا عليها بالفعلة يوم السبت للنصف من جمادى الآخرة سنة أربع وستين «3» . فهدمها حتى وضعها كلها بالأرض. ثم حفر الأساس فوجد واصلا بالحجر مشبكا كأصابع يدي هاتين. فدعا خمسين رجلا «4» من
__________
(1) نصيحة ابن عباس لابن الزبير في ترك الكعبة على ما كانت عليه أخرجها مسلم في الصحيح: 2/ 970.
(2) انبرى له: أي عرض له وعزم عليه (اللسان: مادة برى: 14/ 72) .
(3) وهكذا قال الأزرقي في أخبار مكة (ص: 206) والذي في صحيح مسلم: 2/ 970 أن ابن الزبير تركها حتى قدم الناس الموسم يريد أن يجرئهم على أهل الشام فلما صدر الناس قال: يا أيها الناس أشيروا علي في الكعبة. ونقل الحافظ في فتح الباري: 3/ 445 عن ابن سعد من طريق ابن أبي مليكة قال: لم يبن ابن الزبير الكعبة حتى حج الناس سنة أربع وستين. ثم بناها حين استقبل سنة خمس وستين. وحكى عن الواقدي أنه رد ذلك وقال:، الأثبت عندي أنه ابتدأ بناءها بعد رحيل الجيش بسبعين يوما، ثم حاول ابن حجر الجمع بين الروايتين ثم قال: فإن لم يكن هذا الجمع مقبولا. فالذي في الصحيح مقدم على غيره.
(4) أخرج ذلك الأزرقي في خبر طويل بإسناد لا بأس به (ص: 207) ، والفاكهي من طريق أبي أويس عن يزيد بن رومان وغيره (فتح الباري: 3/ 445، 446) وأيضا من طريق عطاء أنه كان في الأمناء الذين جمعوا على حفر أساس الكعبة (الفتح: 3/ 446) ويشهد له رواية مسلم في الحديث المشار إليه أعلاه.

(2/72)


قريش. وأشهدهم على ذلك. وجعل الحجر عنده في تابوت في سرقة «1» من حرير. ثم بنى البيت وأدخل الحجر فيه. وجعل للكعبة بابين موضوعين بالأرض. باب يدخل منه. وباب يخرج منه بإزائه من خلفه «2» . وقال:
[إن عائشة حدثتني أن رسول الله ص قال لها:، إن أراد قومك يبنون البيت على ما كان على عهد إبراهيم فليفعلوا ذلك] ،. فأرتني عائشة الذي أراها رسول الله ص. فكان عندي مذروعا حتى وليت هذا الأمر. فلم أعد به ما قال رسول الله ص. فرأى الناس يومئذ أنه قد أصاب «3» . وبنى البيت حتى بلغ موضع الركن الأسود فوضعه. وكان الذي وضعه حمزة بن عبد الله ابن الزبير «4» . وشده بالفضة لأنه كان انصدع. ثم رد الكعبة على بنائها.
وزاد في طولها فجعله سبعا وعشرين ذراعا «5» . وخلق جوفها. ولطخ جدرها بالمسك حتى فرغ منها من خارج. وسترها بالديباج.
وهو أول من كساها الديباج «6» . فلما فرغ من بناء الكعبة اعتمر من خيمة
__________
(1) السرقة: قطعة من جيد الحرير (اللسان: مادة سرق: 10/ 157) .
(2) صحيح مسلم: 2/ 971.
(3) حديث عائشة رضي الله عنها أخرجه البخاري في صحيحه كتاب الحج. باب فضل مكة وبنيانها من عدة طرق (2/ 439 فتح الباري) ، ومسلم في صحيحه. كتاب الحج باب نقض الكعبة وبنائها من طرق أيضا حديث رقم (1333) 2/ 968.
(4) انظر تفصيل ذلك في أخبار مكة للأزرقي (ص: 207، 208) وقال: إن الذي وضعه عباد بن عبد الله بن الزبير وجبير بن شيبة.
(5) جزم بذلك الأزرقي في أخبار مكة (ص: 209) وجعل الزيادة تسعة أذرع. وفي صحيح مسلم من حديث عطاء أن الزيادة عشرة أذرع وقال الحافظ في الفتح: 3/ 446. فلعل راويه جبر الكسر.
(6) صحح ذلك أبو هلال العسكري في الأوائل (ص: 44) ، وانظر تاريخ ابن عساكر (ص: 456) ، وانظر فتح الباري: 3/ 459 فقد أورد أقوالا كثيرة وجمع بينها على عادته.

(2/73)


جمانة «1» ماشيا معه رجال من قريش. ابن صفوان وعبيد بن عمير وغيرهما.
ولبى حتى نظر إلى البيت «2» . وخيمة جمانة عند مسجد عائشة.
[النزاع بين ابن الزبير وبني أمية]
ب قال: وبايع أهل الشام مروان بن الحكم. فسار إلى الضحاك بن قيس الفهري وهو في طاعة ابن الزبير يدعو له. فلقيه بمرج راهط «3» . فقتله وفض جمعه «4» . ثم رجع فوجه حبيش بن دلجة القيني «5» في ستة آلاف وأربع مائة إلى ابن الزبير. فسار حتى نزل بالجرف «6» في عسكره. ودخل المدينة فنزل في دار مروان- دار الإمارة- واستعمل على سوق المدينة رجلا من قومه يدعى مالكا. أخاف أهل المدينة خوفا شديدا وآذاهم. وجعل يخطبهم
__________
(1) خيمة جمانة: ذكر الفاكهي في أخبار مكة: 5/ 59 أن جمعا من فقهاء التابعين كانوا يعتمرون ليلة سبع وعشرين من رمضان من خيمتي جمانة من حيث اعتمرت عائشة من التنعيم. وذكره الأزرقي أيضا: 2/ 208 ولكنه قال: خيمة جمانة بالإفراد. وقال الأستاذ رشدي ملحس في تعليقه على كتاب الأزرقي: 1/ 220 جمانة: أكمة واقعة عن مسجد عائشة بمقدار غلوة سهم. أما الفاكهي فقد فسرها بأن المراد جمانة بنت أبي طالب أخت أم هانئ. وانظر ترجمة جمانة في الإصابة: 7/ 553 وذكر الأثر الذي أخرجه الفاكهي نقلا عن كتابه.
(2) أخرج الأزرقي في أخبار مكة: 1/ 219 اعتمار ابن الزبير بعد بناء الكعبة من خيمة جمانة من التنعيم من طريق الواقدي عن علي بن زيد بن جدعان عن أبيه عن جده وهذا إسناد ضعيف جدا.
(3) مرج راهط: موضع في الغوطة من دمشق (معجم البلدان: 3/ 21) .
(4) انظر خبر هذه الوقعة في تاريخ الطبري: 5/ 537 وما بعدها. والبداية والنهاية: 8/ 241 وما بعدها. وسيأتي مزيد تفصيل في ترجمة الضحاك بن قيس من هذه الطبقة.
(5) انظر ترجمته في مختصر تاريخ دمشق: 6/ 193.
(6) الجرف: موضع على ثلاثة أميال من المدينة نحو الشام به كانت أموال لعمر بن الخطاب ولأهل المدينة (معجم البلدان: 2/ 128) .

(2/74)


فيشتمهم ويتوعدهم وينسبهم إلى الشقاق والنفاق والغش لأمير المؤمنين.
فكتب عبد الله بن الزبير إلى الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة «1» وهو واليه على البصرة. أن يوجه إلى المدينة جيشا. فبعث الحنتف «2» بن السجف التميمي في ثلاثة آلاف. فخرجوا معهم ألف وخمس مائة فرس وبغال وحمولة.
وبلغ الخبر حبيش بن دلجة. فقال: نخرج من المدينة فنلقاهم. فإنا لا نأمن أهل المدينة أن يعينوهم علينا. فخرج وخلف على المدينة ثعلبة الشامي. فالتقوا بالربذة عند الظهر. فاقتتلوا قتالا شديدا. فقتل حبيش بن دلجة. وقتل من أصحابه خمس مائة. وأسر منهم خمس مائة. وانهزم الباقون أسوأ هزيمة «3» .
ففرح أهل المدينة بذلك. وقدم بالأسارى فحبسوا في قصر خل «4» . فوجه إليهم عبد الله بن الزبير مصعب بن الزبير فضرب أعناقهم جميعا «5» .
قالوا: فلما بويع عبد الملك بن مروان. بعث عروة بن أنيف «6» في ستة
__________
(1) الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة أخو عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة الشاعر المعروف له ترجمة في طبقات ابن سعد: 5/ 464.
(2) هكذا في المخطوطة. وفي تاريخ الطبري: 5/ 612. ومختصر تاريخ دمشق: 6/ 194، الحنيف،.
(3) انظر تاريخ الطبري: 5/ 612 فقد ذكر القصة بغير هذا السياق.
(4) قصر خل: قال السمهودي في وفاء الوفا: 4/ 1289: قصر خل- بالخاء المعجمة- ويعرف اليوم بحصن خل غربي بطحان. قال ابن شبة: هو بظاهر الحرة على طريق رومة وقد أمر معاوية النعمان بن بشير ببنائه ليكون حصنا لأهل المدينة. ويقال بل أمر به معاوية مروان بن الحكم فولاه مروان النعمان بن بشير. وسمي قصر خل لأنه على الطريق. وكل طريق في حرة أو رمل يقال له: خل. قال: وفيه حجر منقوش فيه: لعبد الله معاوية أمير المؤمنين مما عمل النعمان بن بشير. قال: وكان قصر خل في بعض السنين سجنا.
(5) من قوله قال:، وبايع أهل الشام مروان، إلى هنا. أخرجه بنصه ابن عساكر في تاريخ دمشق كما في مختصره: 6/ 194.
(6) انظر الكامل لابن الأثير: 4/ 348.

(2/75)


آلاف إلى المدينة. وأمرهم أن لا ينزلوا على أحد. ولا يدخلوا المدينة إلا لحاجة لا بد منها. وأن يعسكروا بالعرصة. فنزل عروة بجيشه العرصة. وهرب الحارث بن حاطب «1» عامل ابن الزبير على المدينة. فكان عروة ينزل فيصلي بالناس الجمعة. ثم يرجع إلى معسكره. فلم يبعث إليهم ابن الزبير أحدا ولم يلقوا قتالا. فكتب إليهم عبد الملك. أن يقبلوا إلى الشام ففعلوا. ولم يتخلف منهم أحد. ورجع الحارث بن حاطب إلى المدينة عاملا لابن الزبير. ثم بعث عبد الملك بن مروان. عبد الملك بن الحارث بن الحكم «2» في أربعة آلاف إلى المدينة فما دونها. يلقون جموع ابن الزبير ومن أشرف لهم من عماله» .
وكان سليمان بن خالد بن أبي خالد الزرقي عابدا له فضل. فولاه ابن الزبير خيبر وفدك «4» . فخرج فنزل في عمله. فبعث عبد الملك بن الحارث.
أبا القمقام في خمس مائة إلى سليمان بن خالد. فقتله. وقتل من كان معه.
فلما انتهى خبره إلى عبد الملك بن مروان أغاظه «5» وكره قتله «6» .
__________
(1) هو الحارث بن حاطب بن معمر الجمحي ولد بأرض الحبشة وقيل بمكة ثم هاجر به اهله إلى الحبشة وهو صغير وكان يلي المساعي في أيام مروان. انظر نسب قريش (ص 395) والكامل في التاريخ: 4/ 348. والإصابة: 1/ 568. والتحفة اللطيفة: 1/ 441.
(2) انظر نسب قريش (ص: 169) .
(3) انظر الكامل لابن الأثير: 4/ 348.
(4) فدك: قرية بالقرب من خيبر إلى الشرق منه. وهي على بعد يومين أو ثلاثة من المدينة. كان أهلها قد صالحوا رسول الله ص على نصف ثمارهم وأرضهم. فكانت خالصة له لم يوجف المسلمون عليها من خيل ولا ركاب. وذلك سنة سبع من الهجرة بعد فتح خيبر. وتعرف اليوم بالحائط وغالب أهلها من قبيلة هتيم (معجم البلدان: 4/ 238 ومعجم المعالم الجغرافية ص: 235) .
(5) في الكامل: فاغتم عبد الملك لقتله وهو بمعنى أغاظه: أي أحزنه.
(6) انظر الخبر في الكامل لابن الأثير: 4/ 348 ويضيف تفصيلات أخرى عن الواقعة.

(2/76)


ووجه عبد الملك بن مروان طارق بن عمرو «1» في ستة آلاف وأمره أن يكون فيما بين أيلة «2» ووادي القرى «3» مددا لمن يحتاج إليه من عمال عبد الملك بن مروان أو من كان يريد قتاله من أصحاب ابن الزبير. وكان أبو بكر بن أبي قيس في طاعة ابن الزبير قد ولاه جابر بن الأسود «4» خيبر.
فقصد له طارق فقتله في ست مائة «5» من أصحابه. وهرب من بقي منهم في كل وجه. فكتب الحارث بن حاطب إلى عبد الله بن الزبير أن عبد الملك ابن مروان بعث طارق بن عمرو في جمع كثير. فهم فيما بين أيلة إلى ذي خشب «6» . يجدوا «7» في أموال الناس ويقتطعونها ويظلمونهم. فلو بعثت إلى
__________
(1) طارق بن عمرو مولى عثمان بن عفان ولاه عبد الملك بن مروان على المدينة سنة 72 هـ خمسة أشهر ثم اشترك مع الحجاج في قتال ابن الزبير. انظر ترجمته في: تهذيب تاريخ دمشق: 7/ 43.
(2) أيلة مدينة قديمة لها ذكر في التاريخ وهي مدينة العقبة الحالية الميناء الأردني على خليج العقبة (المعالم الجغرافية ص: 35) .
(3) وادي القرى. سمي بهذا لكثرة قرأه. وهو يعرف اليوم بوادي العلا. والعلا مدينة معروفة تبعد عن المدينة النبوية ب (350) كم (معجم المعالم الجغرافية: ص 250) .
(4) جابر بن الأسود بن عوف بن عبد عوف الزهري ابن أخي عبد الرحمن بن عوف وكان واليا على المدينة لعبد الله بن الزبير (انظر ترجمته في التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة: 1/ 403) .
(5) في ابن الأثير: الكامل: 4/ 439 أصيب أبو بكر وأكثر من مائتي رجل من أصحابه.
(6) ذو خشب: بضم الخاء والشين المعجمة: واد على مسيره ليلة من المدينة وله ذكر في الحديث والمغازي (معجم البلدان: 2/ 372) .
(7) يجدوا: الجداد والجداد- بالفتح والكسر- صرام النخل وقطع ثمرها. ويطلق على أوان الصرام أي وقته. والمراد أنهم ينهبون أموال الناس ويقطعون ثمارهم (انظر: لسان العرب: 3/ 112 مادة جدد) .

(2/77)


المدينة رابطة «1» لا تدخل فكتب ابن الزبير إلى الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة. أن يوجه إلى المدينة ألفين. ويستعمل عليهم رجلا فاضلا. فوجه إليهم ابن رواس في ألفين. فقدموا المدينة فمنعوها من جيوش أهل الشام. وكانوا قوما لا بأس بهم. وكانت المدينة مرة في يد ابن الزبير. ومرة في يد عبد الملك ابن مروان. أيهما غلب عليها استولى على أمرها. وكانت أكثر ذلك تكون في يد ابن الزبير. فلما بلغ ابن الزبير مقتل أبي بكر بن أبي قيس «2» . كتب إلى ابن رواس أن يخرج في أصحابه إلى طارق بن عمرو. فشق ذلك على أهل المدينة. وخرج ابن رواس وبلغ ذلك طارقا فندب أصحابه. ثم التقوا بشبكة الدوم «3» على تعبية. فاقتتلوا قتالا شديدا. ثم كانت الدولة لطارق وأصحابه. فقتل ابن رواس وأصحابه قتلا ذريعا. ونجا رجل منهم. فقدم المدينة فأخبر بمقتل ابن رواس وأصحابه. فسيء بذلك أهل المدينة. ثم خرج ذلك الرجل إلى عبد الله بن الزبير. فأخبره الخبر. ورجع طارق إلى وادي القرى. وكتب ابن الزبير إلى واليه بالمدينة «4» أن يفرض لألفين من أهل المدينة يكونوا ردءا للمدينة ممن يدهمها. ففرض الفرض ولم يأت المال.
فبطل ذلك الفرض وسمي فرض الريح «5» .
__________
(1) رابطة: أي جيشا يرابط حول المدينة ليمنعها من غزو أهل الشام وعدوانهم. والرباط والمرابطة: ملازمة ثغر العدو (اللسان: 7/ 302 مادة ربط) .
(2) والي خيبر من قبل أمير المدينة.
(3) شبكة الدوم: هي عرض من أعراض المدينة. والشبكة مفرد الشباك والدوم هو الشجر المعروف. وقال السمهودي: هو موضع بوادي إضم يسمى الشبكة بعد ذي خشب (البكري: معجم ما استعجم: 1/ 271 و 2/ 779 والسمهودي وفاء الوفا: 4/ 1241) .
(4) هو طلحة بن عبد الله بن عوف الزهري آخر وال لابن الزبير على المدينة (انظر: ترجمته في الطبقات ج: 5/ 160) وخبره في ابن الأثير، الكامل: 4/ 349.
(5) فرض الريح: سمي بهذا لأنه لم ينفذ. والنص من قوله:، ووجه عبد الملك طارق ابن عمرو، إلى هنا. أخرجه ابن عساكر كما في تهذيب تاريخ دمشق 7/ 43 نقلا عن ابن سعد. وما تضمنه من أحداث ذكرها كل من الطبري في تاريخه 6/ 166 باختصار. وابن الأثير الكامل: 4/ 348- 349.

(2/78)


[أخبار عن المختار بن أبي عبيد وقتله]
551/ 1- قال: أخبرنا محمد بن عمر. قال: حدثنا عبد الله بن جعفر.
عن أم بكر بنت المسور. عن أبيها.
551/ 2- ورياح بن مسلم. عن أبيه.
551/ 3- وإسماعيل بن إبراهيم. عن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي. عن أبيه. قالوا: قدم أبو عبيد الثقفي «1» من الطائف- وكان رجلا صالحا- وندب عمر الناس إلى أرض العراق. فخرج أبو عبيد إليها فقتل وبقي ولده بالمدينة. وكان المختار يومئذ غلاما يعرف بالانقطاع إلى
__________
551/ 1. 2. 3- إسناده: جمعي فيه ضعفاء ومن لا يعرف.
- رياح بن مسلم وأبوه لم أجد لهما ترجمة.
- إسماعيل بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي المدني مقبول. من السادسة (تق: 1/ 65) .
- عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي ذكره ابن سعد في الطبقة الأولى من التابعين من أهل المدينة وقال: كان من الرؤوس يوم الحرة. ونجا فلم يقتل ومات بعد ذلك (الطبقات الكبرى: 5/ 172) .
- عبد الله بن أبي ربيعة واسم أبي ربيعة عمرو بن المغيرة المخزومي أبو عبد الرحمن المكي. صحابي. كان واليا لعمر على اليمن. وهو والد عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة الشاعر ومات ليالي قتل عثمان (الطبقات الكبرى: 5/ 444، وتق:
1/ 414) .
__________
(1) هو أبو عبيد بن مسعود بن عمرو بن عمير بن عوف الثقفي. أسلم في عهد النبي ص. وولاه عمر بن الخطاب قيادة جيش العراق فهزم الفرس وأسر قائدهم جابان. ثم لقيهم مرة أخرى يوم الجسر فاستشهد رحمه الله ومعه جمع من المسلمين (انظر ترجمته في الاستيعاب: 4/ 1709 وأسد الغابة: 6/ 205) .

(2/79)


بني هاشم. ثم خرج في آخر خلافة معاوية أو أول خلافة يزيد إلى البصرة.
فأقام بها يظهر ذكر الحسين بن علي. فأخبر بذلك عبيد الله بن زياد. فأخذه فجلده مائة جلدة ودرعه عباءه. وبعث به إلى الطائف «1» . فلم يزل بها حتى قام عبد الله بن الزبير ودعا إلى ما دعا إليه. فقدم عليه. فأقام معه من أشد الناس قتالا وأحسنهم «2» نية ومناصحة فيما يرون. وكان يختلف إلى محمد ابن الحنفية. ويسمعون منه كلاما ينكرونه. فلما مات يزيد. ومات المسور ابن مخرمة «3» . ومصعب بن عبد الرحمن. استأذن المختار ابن الزبير في الخروج إلى العراق. فأذن له. وهو لا يشك في مناصحته وهو مصر على الغش له. فكتب ابن الزبير إلى عبد الله بن مطيع. وهو عامله على الكوفة.
يذكر له حاله عنده ويوصيه به «4» . فكان يختلف إلى ابن مطيع. ويظهر مناصحة ابن الزبير ويعيبه في السر. ويذكر محمد بن الحنفية فيمدحه. ويصف حاله ويدعو إليه. وحرض الناس على ابن مطيع واتخذ شيعة يركب في جماعة وخيل. فعدت خيله على خيل ابن مطيع فأصابوهم. وخافه ابن مطيع فهرب. فلم يطلبه المختار. وقال: أنا على طاعة ابن الزبير. فلأي شيء خرج ابن مطيع؟. وكتب إلى ابن الزبير يقع بابن مطيع ويجنبه. ويقول: رأيته مداهنا لبني أمية فلم يسعني أن أقره على ذلك. لما حملت في عنقي من بيعتك.
فخرج من الكوفة وأنا ومن قبلي على طاعتك. فقبل منه ابن الزبير وصدقه.
__________
(1) انظر الخبر في سير أعلام النبلاء: 3/ 544 والبداية والنهاية: 8/ 290.
(2) في المخطوطة، وأحسنه،. وما أثبت مقتضى السياق.
(3) كان موت المسور بن مخرمة في اليوم الذي وصل فيه خبر وفاة يزيد إلى مكة وجيش أهل الشام محاصر لابن الزبير. ثم لما بلغهم خبر وفاته فكوا الحصار ورجعوا إلى الشام.
(4) في تاريخ الطبري: 6/ 9- 12 سياق آخر. حيث يذكر أن المختار سجن في ولاية عبد الله بن يزيد عامل ابن الزبير على الكوفة بسبب تشيعه. ثم أطلق بشفاعة من عبد الله بن عمر بن الخطاب وكانت تحته صفية بنت أبي عبيد.

(2/80)


وأقره واليا على الناس «1» . فلما اطمأن ورأى أن ابن الزبير قد قبل منه. سار إلى منزل عمر بن سعد بن أبي وقاص فقتله في داره. وقتل ابنه حفصا أسوأ قتلة «2» . وجعل يتتبع قتلة الحسين من الديوان «3» الذين خرجوا إليه. فيقتل كل من قدر عليه «4» . وتغيب كل من خالفه من أهل الكوفة. ثم بعث مسالحة إلى السواد. والمدائن. وعمال الخراج. فجبيت إليه الأموال. فبعث إليه عبد الملك بن مروان. عبيد الله بن زياد. في ستين ألفا من أهل الشام.
فأخذ على الموصل. فبعث المختار. إبراهيم بن الأشتر في عشرين ألفا من أصحابه. لقتال عبيد الله بن زياد. فلقيه بأرض الموصل. على نهر يدعى الخازر «5» فتراشقوا بالنبل ساعة. وتشاولوا بالرماح. ثم صاروا إلى السيوف. فاقتتلوا أشد القتال. إلى أن ذهب ثلث الليل. وقتل أهل الشام تحت كل حجر. وهرب من هرب منهم. وقتل عبيد الله بن زياد. والحصين ابن نمير في المعرك «6» . وبعث بالرؤوس إلى المختار. فبعث برأس عبيد الله بن زياد. وبرأس الحصين بن نمير وستة نفر من رؤسائهم مع خلاد بن السائب
__________
(1) انظر الخبر في تاريخ الطبري بسياق أطول (6/ 9- 37، 71- 75) .
(2) انظر تاريخ الطبري: 6/ 60- 61.
(3) المراد ديوان الجند. فإن كل سرية أو بعث يخرج في مهمة تسجل أسماؤهم في الديوان. والخبر يدل على أن السجلات تحفظ لمدة طويلة. مما جعل المختار يرجع إلى السجل ليعرف أسماء من اشترك في السرية التي بعثها ابن زياد لمقاتلة الحسين (انظر: السلومي، ديوان الجند ص: 199- 226) .
(4) انظر تفصيل ذلك في تاريخ الطبري: 6/ 57- 66.
(5) في المخطوطة، الجازر، بالجيم والتصحيح من معجم البلدان وغيره من المصادر التي روت الخبر. والخازر- بالزاي المكسورة بعد الألف- نهر بين إربل والموصل ثم بين الزاب الأعلى والموصل. ويصب في دجلة (معجم البلدان: 2/ 337) .
(6) انظر تاريخ الطبري: 6/ 86- 92.

(2/81)


الخزرجي «1» . فقدم بها المدينة يوما إلى الليل. ثم خرج بها إلى ابن الزبير.
فنصبها على ثنية الحجون «2» .
وجعل ابن الزبير يسأل خلاد بن السائب عن التقائهم وقتالهم. فيخبره.
فقال: فكيف رأيت مناصحة المختار؟ فقال: رأيته على ما يحب أمير المؤمنين.
يدعو له على منبره. ويذكر طاعتك ومفارقة بني مروان.
ورجع المختار ومن معه إلى الكوفة. وكتب إلى ابن الزبير يخدعه ويخبره أنه إنما يقوم بأمره. ويسكنه حتى يمكنه ما يريد.
فأبصر ابن الزبير أمره. وكلمه فيه عروة بن الزبير. وعبد الله بن صفوان.
وغيرهما وأعلموه غشه وسوء مذهبه. وأنه ليس له بصاحب. قال: فمن أولى؟ احتاج إلى رجل جلد مجزئ مقدام. فقال له مصعب بن الزبير: لا تول أحدا أقوم بأمرك مني. قال: فقد وليتك العراق. فسر إلى الكوفة.
قال: ليس هذا برأي. أقدم على رجل قد عرفته. إنما هواه ورأيه في غيرنا.
وإنما يستتر بنا. وقد اجتمع معه من الشيعة بشر كثير. ولكني أقدم البصرة وأهلها سامعون مطيعون. ثم أزحف إليه بالجنود إن شاء الله. فقال ابن الزبير:
هذا الرأي. فسار مصعب إلى البصرة واليا عليها. وبلغ المختار. فعرف أنه الشر والسيف. فكتب إلى ابن الزبير يشتمه ويعيبه ويقول: إنه لا طاعة لك على أحد ممن قبلي. فأجلب بخيلك ورجلك. وخطب المختار الناس بالكوفة.
وأظهر عيب ابن الزبير. وخلعه. ودعا إلى الرضا من آل محمد ص. وذكر محمد بن الحنفية فقرظه وسماه المهدى. وكتب ابن الزبير إلى مصعب يأمره بالمسير إلى المختار في أهل البصرة. فأمر مصعب بالتهيؤ ثم عسكر. واستعمل على ميمنته الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة. وعلى ميسرته عبد الله بن مطيع.
__________
(1) ذكره ابن سعد في الطبقة الثانية من التابعين من أهل المدينة (الطبقات الكبرى: 5/ 270) وقال: وكان ثقة قليل الحديث وقد صحب أبوه النبي ع.
(2) انظر سير أعلام النبلاء: 3/ 548 والبداية والنهاية: 8/ 286.

(2/82)


واستخلف على البصرة عبيد الله بن عمر بن عبيد الله بن معمر «1» .
وبلغ المختار مسير مصعب بالجنود. فبعث إليه أحمر بن شميط البجلي. وأمره أن يواقعهم بالمذار «2» . فبيتهم أصحاب مصعب فقتلوا ذلك الجيش. فلم يفلت منهم إلا الشريد «3» . وقتل تلك الليلة عبيد الله بن علي بن أبي طالب.
وكان في عسكر مصعب مع أخواله بني نهشل بن دارم» .
وخرج المختار في عشرين ألفا حتى وقف بإزائهم. وهم فيما بين الجسر إلى نهر البصريين «5» . وزحف مصعب ومن معه فوافوهم مع الليل. ولم يكن بينهم حرب. فأرسل المختار إلى أصحابه حين أمسى. أن لا يبرحن أحد منكم موقفه حتى تسمعوا مناديا ينادي يا محمد. فإذا سمعتم. فاحملوا على القوم.
واقتلوا من لم تسمعوه مناديا ينادي يا محمد. ثم أمهل. حتى إذا حلق القمر واتسق «6» أمر مناديا فنادى: يا محمد. ثم حملوا على مصعب وأصحابه فهزموهم. ودخلوا عسكرهم. فلم يزالوا يقاتلونهم حتى أصبحوا. وأصبح المختار وليس عنده أحد له ذكر غير عشرة فوارس. وإذا أصحابه قد وغلوا
__________
(1) في تاريخ الطبري: 6/ 95 أن مصعبا جعل على ميمنته عمر بن عبيد الله بن معمر. وجعل المهلب بن أبي صفرة على ميسرته.
(2) المذار- بالفتح وآخره راء- أعجمية- وهي قصبة ميسان بين واسط البصرة. قال ياقوت: وفيها مشهد كبير قد أنفق على عمارته الأموال وعليه الوقوف وتساق إليه النذور. وهو قبر عبيد الله بن علي بن أبي طالب. وأهلها كلهم شيعة غلاة طغام أشبه شيء بالأنعام (معجم البلدان: 5/ 88) .
(3) انظر تفصيل هذه الوقعة في تاريخ الطبري: 6/ 96- 98.
(4) نسب قريش (ص: 44) .
(5) ذكر الطبري في تاريخه: 6/ 115 أن مصعب هو الذي حفر هذا النهر عند ما سار من البصرة إلى الكوفة على شط الفرات. فسمي نهر البصريين من أجل ذلك.
(6) حلق القمر واتسق: أي إذا ارتفع القمر في السماء وبسط ضوءه (اللسان: 10/ 379) .

(2/83)


جميعا في أصحاب مصعب. فانصرف المختار منهزما فأغذ السير حتى أتى الكوفة. فدخل القصر ورجع أصحاب المختار حين أصبحوا حتى وقفوا موقفهم فلم يروا المختار. وقالوا: قد قتل. فهرب منهم من أطاق الهرب.
واختفى الباقون. وتوجه منهم ثمانية آلاف إلى الكوفة. فوجدوا المختار في القصر فدخلوا معه «1» .
وأقبل مصعب حتى خندق على سدة القصر والمسجد. وحصرهم أشد الحصار. فخرج المختار يوما على بغلة شهباء. فقاتلهم في الزياتين «2» .
فقتلوه. وطلب أهل القصر الأمان من مصعب فآمنهم. وفيهم سبع مائة من العرب وسائرهم من الموالي والعجم. فأراد قتل هؤلاء. وترك العرب فقيل له: ما هذا بدين. ذنبهم واحد. تقتل العجم وتترك العرب. فقدمهم جميعا فضرب أعناقهم صبرا «3» . وبعث برأس المختار إلى عبد الله بن الزبير مع رجل من الشرط. فقدم الرسول فانتهى إلى ابن الزبير وهو في المسجد الحرام قد صلى عشاء الآخرة. ثم قام يتنفل. قال: فو الله ما التفت إليه ولا أنصرف حتى أسحر فأوتر. ثم جلس.
فدنا الرسول فدفع إليه الكتاب. فقرأه. ثم دفعه إلى غلام له. فقال الرسول:
يا أمير المؤمنين هذا الرأس معي. فقال: ألقه فألقاه على باب المسجد. ثم أتاه فقال:
جائزتي قال: خذ الرأس الذي جئت به.
ولما قتل مصعب المختار. وظفر بالعراق. واستعمل العمال. وجبى الأموال. وكتب إليه إبراهيم الأشتر يعلمه بأنه على طاعته. وأسرع الناس إليه مع عداوته لأهل الشام. وقتله إياهم. ويسأله أن يأذن له في الوفادة إليه.
__________
(1) أورد الطبري في تاريخه: 6/ 114- 116 قصة المختار وقتال مصعب له من طريق الواقدي ولكنه اختصرها.
(2) هو موضع في الكوفة كان سوقا لبيع الزيت (انظر تاريخ الطبري: 6/ 108) .
(3) انظر الطبري- تاريخ- 6/ 15- 16 وانظر تفاصيل أخرى في نفس المصدر: 6/ 105- 110 والبداية والنهاية: 8/ 287.

(2/84)


فأجابه مصعب إلى ذلك «1» . فخلف أبا قارب على الجزيرة وقدم على مصعب. فأخذ بيعته لعبد الله بن الزبير وأقام عنده. آثر الناس عنده.
وأكرمهم عليه. إنما كان يجلسه على سريره. واستعمل مصعب المهلب بن أبي صفرة على الجزيرة والموصل وأذربيجان «2» / وأرمينية «3» .
وفرق العمال في البلدان. ثم جمع أشراف أهل المصرين. ووفد إلى عبد الله بن الزبير. وجعل إبراهيم بن الأشتر على الوفد «4» جميعا.
فقال له عبد الله: نظرت إلى راية قد خفضها الله فرفعتها.
قال: يا أمير المؤمنين. هذا سيد من خلفي. إن رضي رضوا. وإن سخط سخطوا. فحل عبد الله بن الزبير إزاره فإذا ضربة على منكبه قد أجافته.
ثم قال لمصعب: أتراني كنت أحب الأشتر بعد هذه الضربة ضربنيها يوم الجمل «5» .
وقال مصعب: يا أمير المؤمنين سم للوفد ما بدا لك من الجائزة وأنا أعطيهم إياه من العراق. قال: لا والله ولا درهما.
ثم خطب عبد الله بن الزبير فحمد الله وأثنى عليه وقال: يا أهل العراق.
__________
(1) في تاريخ الطبري: 6/ 111 رواية أخرى عن كيفية مبايعة إبراهيم بن الأشتر لابن الزبير.
(2) أذربيجان: بالفتح ثم السكون وفتح الراء وكسر الباء الموحدة وياء ساكنة وجيم. إقليم واسع من مدنه تبريز وأردبيل وقد فتحت في عهد عمر بن الخطاب فتحها حذيفة بن اليمان (معجم البلدان: 1/ 128) .
(3) أرمينية: - بكسر أوله وبفتحه وسكون الثاني وكسر الميم بعدها ياء ساكنة وكسر النون ثم ياء خفيفة مفتوحة- اسم لصقع عظيم واسع في جهة الشمال مما يلي بلاد الروم. (معجم البلدان: 1/ 160) .
(4) مكررة في المخطوطة.
(5) مطموسة في المخطوطة.

(2/85)


أتيتمونا أوباشا من كل جمة «1» . والله لو كانت تصرف لصرفناكم صرف الذهب. والله لوددت أن لي بكل رجلين منكم رجلا من أهل الشام.
فقام إليه أبو حاضر الأسدي- وكان قاص الجماعة بالبصرة «2» - فقال:
يا أمير المؤمنين. إن لنا ولك مثلا قد مضى. هو ما قاله الأعشى: -
علقتها عرضا وعلقت رجلا غيري ... وعلق أخرى غيرها الرجل «3»
علقناك. وعلقت أهل الشام. وعلق أهل الشام آل مروان. فما عسينا أن نصنع. قال الشعبي: فما سمعت جوابا أحسن منه.
ثم انصرف مصعب والوفد إلى الكوفة. ثم قدم مصعب البصرة. فجمع مالا ووفد الثانية على عبد الله بن الزبير بمال العراق. فعزله عن البصرة. وولاها ابنه حمزة بن عبد الله «4» وكان شابا تائها. فأقام مصعب عند عبد الله بن الزبير. ومضى حمزة إلى البصرة. فمنع الناس العطاء وأمر بالمال يحمل إلى ابن الزبير «5» فمنعه من ذلك مالك بن مسمع «6» ووجوه أهل البصرة ونخسوا
__________
(1) الجم: - بكسر الجيم وتشديد الميم- الشيطان. والغوغاء والسفل (لسان العرب: 12/ 109 مادة جمم) .
(2) في البداية والنهاية: 8/ 318 وكان قاضي الجماعة. وهو تصحيف.
(3) انظر الخبر بتمامه في المصدر السابق. والبيت في ديوان الأعشى الكبير: ص 107.
(4) ترجمه ابن سعد في الطبقة الثالثة من تابعي أهل المدينة. وذكر ولايته البصرة وعزله عنها (القسم المتمم: ص 107) وانظر تاريخ الطبري: (6/ 117- 118) .
(5) الذي في الطبري: 6/ 118 من رواية ابن شبة عن المدائني. أن حمزة احتمل المال معه لما عزله أبوه من ولاية البصرة. وأن عبيد الله بن عبيد الله بن معمر التيمي ضمن العطاء لأهل البصرة فتركوه يذهب بالمال.
(6) مالك بن مسمع البكري الجحدري كان زعيما في قبيلته بكر بن وائل. اشترك مع معاوية ثم رجع إلى العراق. وكان على خمس قبيلته بكر في قتال مصعب المختار. وله أخبار ومشاركات في الحياة العامة (انظر فهرس تاريخ الطبري: ص 387) .

(2/86)


به. فخرج من البصرة. فبلغ ذلك ابن الزبير. فولى مصعب البصرة وأمره أن يتوجه إلى العراق.
قال الشعبي: فما رأينا أمير فرقة كان أشبه بأمراء الجماعة من مصعب ابن الزبير.
ولم يزل مصعب أحب أمراء العراق إليهم. كان يعطيهم عطاءين في السنة عطاء للشتاء. وعطاء للصيف. وكان يشتد في موضع الشدة. ويلين في موضع اللين. وكان محكما لأمره قويا على شأنه.
وكان عبد الملك بن مروان يكتب إلى شيعته بالعراق في اغتيال مصعب «1» . وكتب إلى شيعته بالبصرة يأمرهم أن يخرجوا على مصعب.
وأخبرهم أنه باعث إليهم بألف من أهل الشام. ولم يطمع في ذلك بالكوفة ومصعب بها. وكان يخرج كل سنة حتى يأتي بطنان حبيب «2» . وهي من قنسرين «3» فيعسكر بها. وهي أقصى سلطانه. ويخرج مصعب بن الزبير حتى ينزل باجميرى «4» من أرض الموصل. فيعسكر. وهي أقصى سلطانه.
فقال أبو الجهم الكناني:
أبيت يا مصعب إلا سيرا ... أكل عام لك باجميرى «5»
__________
(1) انظر تاريخ الطبري: 6/ 157.
(2) بطنان حبيب: موضع من أرض الشام نسب إلى حبيب بن مسلمة الفهري. لأنه تولى فتحه. وكان يشتو به عبد الملك في حربه لمصعب بن الزبير (معجم البلدان: 1/ 448) .
(3) قنسرين: - بكسر أوله وفتح ثانيه وتشديده ثم سين مهملة- كورة بالشام بينها وبين حلب مرحلة من جهة حمص بقرب العواصم. وبعضهم يدخل قنسرين في العواصم. (معجم البلدان: 4/ 404) .
(4) باجميرى: بضم الجيم وفتح الميم وياء ساكنة وراء مقصورة- موضع دون تكريت من أرض الموصل (معجم البلدان: 1/ 314) .
(5) الشعر في معجم البلدان: 1/ 314 منسوبا لأبي الجهم الكناني.

(2/87)


وكان إذا اشتد البرد وارتج الشتاء. انصرفوا جميعا معا. هذا إلى دمشق.
وهذا إلى الكوفة. وكان ابن الزبير يكتب إلى مصعب في عبد الملك: لا تغفله واغزه قبل أن يغزوك. فإنك في عين المال والرجال.
ففرض مصعب الفروض. وأخذ في التهيئة للخروج. وقسم أموالا وأخرج العطاء. وبلغ ذلك عبد الملك. فجمع جنوده. وسار بنفسه يؤم العراق لقتال مصعب. وقال لروح بن زنباع «1» وهو يتجهز: والله إن في أمر هذه الدنيا لعجب لقد رأيتني ومصعب بن الزبير أفقده الليلة الواحدة من الموضع الذي نجتمع فيه فكأني واله. ويفقدني فيفعل مثل ذلك. ولقد كنت أوتي باللطف.
فما أراه يجوز لي أن آكله حتى أبعث به إليه أو ببعضه. وكان يفعل مثل ذلك. ثم صرنا إلى السيف!!! ولكن هذا الملك عقيم «2» .
فلما أجمع مصعب الخروج من الكوفة يريد عبد الملك. خرج وقد اصطف له الناس بالكوفة صفين. وقد اعتم عمته العقداء «3» . وهو مقبل على معرفة «4» دابته. ثم نظر في وجوه القوم يمينا وشمالا. فوقعت عينه على عروة بن المغيرة ابن شعبة «5» . فقال: يا عروة. قال: لبيك. قال: ادن. فدنا. فسار
__________
(1) روح بن زنباع بن روح بن سلامة الجذامي أبو زرعة. قال الحافظ: ذكره بعضهم في الصحابة ولا يصح له صحبة. بل يجوز أن يكون ولد في عهد النبي. ولأبيه صحبة ورواية. كان أميرا على أهل فلسطين وله مع عبد الملك بن مروان قصص حسان. ومات سنة أربع وثمانين (الإصابة: 2/ 505) .
(2) ذكر ذلك الطبري في تاريخه: 6/ 161 بسياق آخر. وانظر البداية والنهاية: 8/ 316.
(3) هكذا قرأتها ولعل المعنى الملتوية فإن العقداء من الشاء: التي ذنبها كأنه معقود. والعقد التواء في ذنب الشاة (اللسان: 3/ 297 مادة عقد) .
(4) المعرفة: هي منبت الشعر من العنق (اللسان: 9/ 241) .
(5) عروة بن المغيرة بن شعبة الثقفي يكنى أبا يعفور. ترجمه ابن سعد في الطبقة الثانية من تابعي أهل الكوفة. وذكر عن الشعبي أنه كان أميرا على الكوفة وكان خير أهل بيته (الطبقات الكبرى: 6/ 269) .

(2/88)


معه. فقال: أخبرني عن حسين بن علي كيف صنع حين نزل به. قال:
فأنشأت أحدثه عن صبرة وإبائه ما عرض عليه. وكراهته أن يدخل في طاعة عبيد الله بن زياد حتى قتل.
قال: فضرب بسوطه على معرفة برذونة. ثم قال: -
إن الألى بالطف من آل هاشم ... تأسوا فسنوا للكرام التأسيا
قال: فعرفت والله أنه لن يفر وأنه سيصبر حتى يقتل «1» .
قال: والشعر لسليمان بن قتة. قال: ثم سار عبد الملك. وسار مصعب.
حتى التقيا بمن معهما بمسكن «2» . فقال عبد الملك: ويلكم ما إصبهان هذه؟ قيل سرة العراق. قال: فقد- والله- كتب إلى أكثر من ثلاثين رجلا من أشراف أهل العراق. وكلهم يقولون: إن خست «3» بمصعب فلي إصبهان؟ قال: فكتبت إليهم جميعا: أن نعم. فلما التقوا. قال مصعب لربيعة: تقدموا للقتال. فقالوا: هذه مخروءة «4» بين أيدينا. فقال: ما تأتون أنتن من المخروءة- يعني تخلفهم عن القتال- وقد كانت ربيعة قبل ذلك مجمعة على خذلانه. فأظهرت ذلك. فخذله الناس ولم يتقدم أحد يقاتل دونه.
فلما رأى مصعب ما صنع الناس وخذلانهم إياه. قال: المرء ميت على كل
__________
(1) انظر الطبري: 6/ 156 والبيت في لسان العرب من غير نسبة وروايته عنده: تأسوا والتأسيا (انظر فهارس اللسان: 1/ 617 مادة أسا) .
(2) مسكن: بالفتح ثم السكون وكسر الكاف- لغة شاذة في القياس لأنه من سكن يسكن فالقياس مسكن- بفتح الكاف- وهو موضع على نهر دجيل عند دير الجاثليق. (معجم البلدان: 5/ 127) .
(3) خست: أي غدرت ونقضت العهد (اللسان: 6/ 75) .
(4) في تاريخ الطبري: 6/ 158 أن مصعب قال لحجار بن أبجر: قدم رأيتك قال: لهذه العذرة. قال مصعب: ما تتأخر إليه والله أنتن وألأم. وفي الكامل: 4/ 326 أنه قال: إلى هؤلاء الأنتان؟ والمعنى أنهم أرادوا الخيانة والغدر لمصعب فتحججوا بمثل هذا القول.

(2/89)


حال. فو الله لئن يموت كريما أحسن به من أن يضرع «1» إلى من قد وتره.
لا أستعين بربيعة أبدا ولا بأحد من أهل العراق. ما وجدنا لهم وفاء. انطلق يا بني- لابنه عيسى وهو معه- فاركب إلى عمك بمكة فأخبره بما صنع أهل العراق. ودعني فإني مقتول. فقال له ابنه: والله لا أخبر نساء قريش بشر عنك أبدا. قال: فإن أردت أن تقاتل. فتقدم فقاتل حتى أحتسبك.
فدنا ابنه عيسى فقاتل قتالا شديدا حتى أخذته الرماح من كل ناحية. وكثره القوم فقتل. ومصعب جالس على سريره. فأقبل إليه نفر ليقتلوه فقاتلهم أشد القتال حتى قتل. وجاء عبيد الله بن ظبيان فاحتز رأسه فأتى به عبد الملك بن مروان.
فأعطاه ألف دينار. فأبى أن يأخذها»
. وكان مصعب قتل على نهر يقال له: دجيل «3» . عند دير «4» الجاثليق. فأمر به عبد الملك وبابنه عيسى فدفنا. ثم سار عبد الملك حتى نزل النخيلة «5» . ودعا أهل العراق إلى البيعة فبايعوه. واستخلف على الكوفة بشر بن مروان أخاه «6» . ثم رجع إلى الشام «7» .
__________
(1) يضرع: يخضع ويذل (لسان العرب: 8/ 221) .
(2) انظر الخبر في تاريخ الطبري: 6/ 159. وقاتله هو: زائدة بن قدامة.
(3) دجيل: - مصغر- فرع من نهر دجلة مخرجة من أعلى بغداد. بينها وبين تكريت مقابل القادسية. ويسقي كورة وبلادا واسعة ثم تصب فضلته في دجلة ثانية (معجم البلدان: 2/ 443) .
(4) دير الجاثليق: - بفتح الثاء المثلثة وكسر اللام- دير قديم البناء رحب الفناء يقع غربي دجلة قرب بغداد. وهو رأس الحد بين السواد وأرض تكريت (المصدر السابق: 2/ 503) .
(5) النخيلة: تصغير نخلة- موضع قرب الكوفة على سمت الشام. وكان فيه مقتلة كبيرة للخوارج (المصدر السابق: 5/ 278) .
(6) انظر ترجمته مستوفاة في تاريخ دمشق: 5/ 213 من مختصر ابن منظور.
(7) انظر تاريخ الطبري: 6/ 160 والكامل لابن الأثير: 4/ 329.

(2/90)


552- قال: أخبرنا محمد بن عمر. قال: حدثني عثمان بن محمد العمري. عن عمر بن نافع. عن أبيه. عن ابن عمر. أنه قيل له: أي ابني الزبير كان أشجع؟ قال: ما منهما إلا شجاع. كلاهما مشى إلى الموت وهو يراه.
553/ 1- قال: أخبرنا محمد بن عمر. قال: حدثنا مصعب بن ثابت.
عن أبي الأسود عن عباد بن عبد الله بن الزبير. قال:
553/ 2- وحدثنا شرحبيل بن أبي عون. عن أبيه- وكان عالما بأمر ابن الزبير- قال:
__________
552- إسناده: فيه الواقدي.
- عثمان بن محمد بن عبيد الله بن عمر بن الخطاب العمري المديني. سمع عائشة بنت سعد. وروى عنه خالد بن مخلد القطواني. وإسماعيل بن أبي أويس.
وهشام بن عبيد الله الرازي (الجرح والتعديل: 6/ 165) .
- عمر بن نافع العدوي مولى ابن عمر. ثقة من السادسة (تق: 2/ 63) .
- أبوه هو نافع مولى ابن عمر. فقيه مشهور. تقدم في رقم (306) .
تخريجه:
أخرجه الحاكم في المستدرك: 3/ 555 من طريق الواقدي بإسناده. إلا أنه أسقط عثمان بن محمد العمري بين الواقدي وعمر بن نافع.
553/ 1- إسناده ضعيف.
- مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير بن العوام. لين الحديث. تقدم في (504) .
- أبو الأسود هو يتيم عروة. واسمه محمد بن عبد الرحمن بن نوفل الأسدي.
ثقة. تقدم في رقم (457) .
- عباد بن عبد الله بن الزبير بن العوام. ثقة. تقدم في رقم (321) .
553/ 2- إسناده ضعيف.
- شرحبيل بن أبي عون. مستور الحال. تقدم في (93) .
- أبو عون مستور الحال. تقدم في (93) .

(2/91)


553/ 3- وحدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد. عن هشام بن عروة.
عن أبيه. قال:
553/ 4- وحدثنا عبد الله بن جعفر. عن أبي عون مولى عبد الرحمن ابن مسور. قال:
553/ 5- وحدثنا موسى بن يعقوب بن عبد الله بن وهب بن زمعة.
عن عمه أبي الحارث بن عبد الله. قال:
553/ 6- وحدثنا عبد الله بن جعفر. عن أم بكر بنت المسور. قال:
وغير هؤلاء أيضا قد حدثني. وكتبت كل ما حدثوني به في مقتل عبد الله ابن الزبير.
__________
553/ 3- إسناده ضعيف.
- عبد الرحمن بن أبي الزناد مولى قريش. صدوق. تغير حفظه. تقدم في (65) .
553/ 4- إسناده ضعيف.
- عبد الله بن جعفر هو المخرمي. ليس به بأس تقدم في (40) .
553/ 5- إسناده ضعيف.
- موسى بن يعقوب الزمعي. صدوق سيئ الحفظ. تقدم في (345) .
- عمه هو أبو الحارث بن عبد الله بن وهب بن زمعة مجهول. تقدم في (550) .
553/ 6- إسناده ضعيف.
- أم بكر بنت المسور بن مخرمة. مقبولة. تقدمت في (298) .
تخريجه:
ذكر الواقدي أسانيده في حادثة مقتل ابن الزبير وساقها مساقا واحدا.
والأسانيد التي أوردها مختلفة في درجة التوثيق. ويمكن أن يشهد بعضها لبعض فتتقوى. لولا وجود الواقدي. فإنه متهم بالكذب. ومن هذا سبيله فلا يتقوى حديثه بكثرة الطرق والشواهد. إلا أنه في باب الأخبار يتساهل في هذا الأمر.
لا سيما وأن جمعا من الحفاظ من أمثال الذهبي وابن كثير وابن حجر قد أوردوا أخباره وقووا أمره في الأخبار التاريخية.
وقد أخرج هذا السياق بكاملة ابن عساكر في تاريخ دمشق (ص: 478- 482) من طريق المصنف وبأسانيده المجموعة.

(2/92)


مقتل عبد الله بن الزبير: -
قالوا: لما قتل عبد الملك بن مروان مصعب بن الزبير. بعث الحجاج بن يوسف إلى عبد الله بن الزبير بمكة في ألفين من جند أهل الشام. فأقبل حتى نزل الطائف. فكان يبعث البعوث إلى عرفة. ويبعث ابن الزبير بعثا. فيلتقون فتهزم خيل ابن الزبير. وترجع خيل الحجاج إلى الطائف. فكتب الحجاج إلى عبد الملك في دخول الحرم ومحاصرة ابن الزبير. وأن يمده برجال. فأجابه عبد الملك إلى ذلك. وكتب إلى طارق بن عمرو. يأمره أن يلحق بالحجاج.
فسار طارق في أصحابه وهم خمسة آلاف فلحق بالحجاج. فنزل الحجاج من الطائف. فحصر ابن الزبير في المسجد. وحج بالناس الحجاج سنة اثنتين وسبعين. وابن الزبير محصور. ثم صدر الحجاج وطارق حين فرغا من الحج.
فنزلا بئر ميمون. ولم يطوفا بالبيت. ولم يقربا النساء ولا الطيب إلى أن قتل ابن الزبير. فطافا بالبيت. وذبحا جزرا. وحصر ابن الزبير ليلة هلال ذي القعدة سنة اثنتين وسبعين «1» . ستة أشهر وسبع عشرة ليلة. وقتل يوم الثلاثاء لسبع عشرة خلت من جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين «2» .
__________
(1) انظر الخبر بتمامه في تاريخ الطبري: 6/ 174- 175 وقد ذكره من طريق الحارث ابن أسامة عن محمد بن سعد أخبرنا الواقدي ثم ساق إسناد الواقدي المتقدم (553/ 1) وذكر تاريخ حصر ابن الزبير كما هنا من طريق الواقدي بإسناد آخر.
(2) ذكر ذلك الطبري في تاريخه: 6/ 187 من طريق الواقدي بإسنادين وقال في أحدهما:، وكان حصر الحجاج لابن الزبير ثمانية أشهر وسبع عشرة ليلة،. وهو خطأ ولعل ذلك تصحيف من النساخ. لأن الروايتين متفقتان على بدء الحصار وهو هلال ذي القعدة سنة اثنتين وسبعين. فهذان شهران من سنة اثنتين وسبعين. وتاريخ مقتل عبد الله هو يوم سبعة عشر من جمادى الأولى. فهذه أربعة أشهر وسبع عشرة ليلة من سنة ثلاث وسبعين. وفي تاريخ خليفة (ص: 269) ، وتاريخ الخلفاء لأبي عبد الله محمد بن يزيد (ص 30) أنه قتل لثلاث عشرة ليلة بقيت من جمادى الآخرة. وانظر مزيدا من الروايات في تاريخ دمشق. ترجمه ابن الزبير (ص: 492- 501) .

(2/93)


وقدم على ابن الزبير حبشان من أرض الحبشة يرمون بالمزاريق «1» . فقدمهم لأهل الشام. فجعلوا يرمون بمزاريقهم. فلا يقع لهم مزراق إلا في إنسان. فقتلوا من أهل الشام قتلى كثيرة. ثم حمل عليهم أهل الشام حملة واحدة. فانكشفوا.
وكان ابن الزبير يقدم أصحاب النكاية «2» بالسيوف. ويتقدم هو ما يستفزه صياحهم. وكان معه قوم من أهل مصر. فقاتلوا معه قتالا شديدا. وكانوا خوارجا. حتى ذكروا عثمان فتبرءوا منه. فبلغ ابن الزبير فناكرهم. وقال: ما بيني وبين الناس إلا باب عثمان فانصرفوا عنه.
ونصب الحجاج المنجنيق يرمي بها أحث «3» الرمي. وألح عليهم بالقتال من كل وجه. وحبس عنهم الميرة. وحصرهم أشد الحصار. حتى جهد أصحاب ابن الزبير. وأصابتهم مجاعة شديدة. وكان ابن الزبير قد وضع في كل موضع يخاف منه مسلحة «4» . فكانت مسالحة كثيرة يطوف عليها أهل الثبات من أصحابه. وهم على ذلك مبلوغون من الجوع ما يقدر الرجل يقاتل ولا يحمل السلاح كما يريد من الضعف. وكانوا يستغيثون بزمزم فيشربون منها. فتعصمهم.
وجعلت الحجارة من المنجنيق يرمي بها الكعبة. حتى يؤثر
__________
(1) المزاريق: رماح قصيرة واحدها مزراق (لسان العرب مادة زرق: 10/ 139) .
(2) النكاية: نكى العدو نكاية: أصاب منه (المصدر السابق: 15/ 341) .
(3) أحث الرمي: أعجله وهو الرمي في اتصال. (اللسان: 2/ 129) .
(4) المسلحة: موضع المخافة وهم قوم في عدة بموضع رصد. وأحدهم مسلحي والجمع مسالح (اللسان: 2/ 487) .

(2/94)


فيها كأنها جيوب النساء «1» . ويرمى بالمنجنيق من أبي قبيس فتمر الحجارة وابن الزبير يصلي عند المقام كأنه شجرة قائمة ما ينثني. تهوى الحجارة ململمة ملس كأنها خرطت «2» وما يصيبه منها شيء ولا يتنحى عنها ولا يفزع لها.
وحشر الحجاج أهل الشام يوما وخطبهم. وأمرهم بالطاعة وأن يرى أثرهم اليوم. فإن الأمر قد اقترب. فأقبلوا ولهم زجل «3» وفرح. وسمعت بذلك أسماء بنت أبي بكر الصديق أم عبد الله بن الزبير. فقالت لعبد الله- مولاها-:
اذهب فانظر ما فعل الناس. إن هذا اليوم يوم عصيب. اللهم أمضي ابني على نيته. فذهب عبد الله ثم رجع فقال: رأيت أهل الشام قد أخذوا بأبواب المسجد. وهم من الأبواب إلى الحجون. فخرج أمير المؤمنين يخطر «4» بسيفه وهو ويقول:
إني إذا أعرف يومي أصبر ... إذ بعضهم يعرف ثم ينكر
فدفعهم دفعة تراكموا منها فوقعوا على وجوههم. وأكثر فيهم القتل. ثم رجع إلى موضعه. قالت: من رأيت معه؟ قال: معه أهل بيته ونفير قليل.
قالت أمه: خذلوه وأحبوا الحياة. ولم ينظروا لدينهم ولا لأحسابهم. ثم قامت تصلي وتدعو وتقول: اللهم إن عبد الله بن الزبير كان معظما لحرمتك. كريه إليه أن تعصى. وقد جاهد فيك أعداءك. وبذل مهجة نفسه لرجاء ثوابك.
اللهم فلا تخيبه. اللهم ارحم ذلك السجود والنحيب والظمأ في تلك الهواجر.
اللهم لا أقوله تزكية. ولكن الذي أعلم. وأنت أعلم به. اللهم وكان برا بالوالدين.
__________
(1) كناية عن الخروق التي يحدثها المنجنيق في جدار الكعبة. وقد تصحفت في تاريخ ابن عساكر (ص: 480) إلى: جنوب الشتاء.
(2) أي كأنها أخرجت من المخرطة.
(3) زجل: الزجل الجلبة ورفع الصوت (اللسان: 11/ 302) .
(4) يخطر: بكسر الطاء- يهز سيفه معجبا به. ويطلق على من يتمايل في مشيته ويمشي مشية المعجب وسيفه في يده (اللسان: 4/ 250) .

(2/95)


قال: ثم جاء عبد الله بن الزبير. فدخل على أمه وعليه الدرع والمغفر.
فوقف عليها. فسلم. ثم دنا فتناول يدها فقبلها وودعها. فقالت: هذا وداع فلا تبعد إلا من النار.
فقال ابن الزبير: نعم جئت مودعا لك. إني لأرى هذا آخر يوم من الدنيا يمر بي. واعلمي يا أمه أني إن قتلت. فإنما أنا لحم ودم لا يضرني ما صنع بي. قالت: صدقت. فأمض على بصيرتك «1» . ولا تمكن ابن أبي عقيل منك «2» . وادن مني أودعك. فدنا منها فعانقها. فمست الدرع فقالت: ما هذا صنيع من يريد ما تريد فقال: ما لبست الدرع إلا لأشد منك.
قالت «3» : فإنه لا يشد مني بل يخالفني. فنزعها. ثم أدرج كمه وشد أسفل قميصه وجبة خز تحت القميص وأدخل أسفلها في المنطقة. وأمه تقول:
أليس «4» ثيابك مشمرة؟ قال: بلى هي على عهدك.
قالت: ثبتك الله. فانصرف من عندها وهو يقول:
إني إذا أعرف يومي أصبر ... إذ بعضهم يعرف ثم ينكر
ففهمت قوله. فقالت: تصبر والله إن شاء الله. أليس أبوك الزبير «5» ؟.
قال: ثم لاقاهم فحمل عليهم حملة هزمهم. حتى أوقفهم خارجا من الباب. ثم حمل عليه أهل حمص. فحمل عليهم فمثل ذلك «6» ...
__________
(1) في تاريخ الطبري: 6/ 189 صدقت يا بني أتمم على بصيرتك.
(2) المراد الحجاج بن يوسف. انظر مختصر تاريخ دمشق: 6/ 228.
(3) عند الطبري: 6/ 189: قالت العجوز.
(4) في المصدر السابق: البس ثيابك مشمرة. بصيغة الأمر.
(5) في المصدر السابق بعد قولها:، تصبر والله إن شاء الله. أبوك أبو بكر والزبير. وأمك صفية بنت عبد المطلب،. وهذه المحاورة بين ابن الزبير وأمه أوردها الطبري في تاريخه 6/ 189 من طريق الواقدي عن موسى بن يعقوب الزمعي عن عمه.
(6) انظر تاريخ الطبري: 6/ 190 حيث يذكر ذلك بأسانيده عن الواقدي وبتفصيل أكثر.

(2/96)


554- قال: أخبرنا محمد بن عمر. قال: حدثني عبد الرحمن بن أبي الزناد. عن مخرمة بن سليمان الوالبي. قال: دخل عبد الله بن الزبير على أمه حين رأى من الناس ما رأى من خذلانهم إياه. فقال: يا أمه. خذلني الناس حتى ولدي وأهلي. فلم يبق معي إلا من ليس عنده من الدفع أكثر من صبر ساعة.
والقوم يعطوني ما أردت من الدنيا. فما رأيك؟ فقالت أمه: أنت والله يا بني أعلم بنفسك. إن كنت تعلم أنك على حق وإليه تدعو. فأمض له. فقد قتل عليه أصحابك. ولا تمكن من رقبتك فتلعب بك غلمان بني أمية. وإن كنت إنما أردت الدنيا. فبئس العبد أنت!. أهلكت نفسك وأهلكت من قتل معك «1» .
قال: فدنا ابن الزبير فقبل رأسها. فقال: هذا والله رأيي. والذي قمت به داعيا إلى يومي هذا. ما ركنت إلى الدنيا ولا أحببت الحياة فيها. وما دعاني إلى الخروج إلا «2» الغضب لله. ولكن أحببت أعلم رأيك. فزدتني قوة وبصيرة مع بصيرتي. فانظري يا أمه. فإني مقتول من يومي هذا. لا يشتد جزعك على.
سلمي لأمر الله. فإن ابنك لم يتعمد إتيان منكر.
__________
554- إسناده ضعيف ومنقطع.
- مخرمة بن سليمان الأسدي الوالبي- بكسر اللام والموحدة- المدني. ثقة.
من الخامسة مات سنة 130 هـ (تق: 2/ 234) .
تخريجه:
أخرجه الطبري في تاريخه: 6/ 188 من طريق الواقدي بهذا الإسناد.
__________
(1) بعده في تاريخ الطبري: 6/ 188، وإن قلت: كنت على حق. فلما وهن أصحابي ضعفت. فهذا ليس فعل الأحرار ولا أهل الدين وكم خلودك في الدنيا!! القتل أحسن،.
(2) ساقط من الأصل. واستدرك من تاريخ الطبري: 6/ 188.

(2/97)


ولا عمل بفاحشة. ولم يجر في حكم. ولم يغدر في أمان. ولم يتعمد ظلم مسلم ولا معاهد. ولم يبلغني عن عمالي فرضيته بل أنكرته. ولم يكن شيء آثر عندي من رضا ربي. اللهم إني لا أقول هذا تزكية مني لنفسي. أنت أعلم بي ولكني أقوله تعزية لأمي لتسلو به عني. فقالت له أمه: إني لأرجو أن يكون عزائي فيك حسنا إن تقدمتني. وإن تقدمتك. ففي نفسي حوجا «1» حتى أنظر إلى ما يصير إليه أمرك. قال: جزاك الله يا أمه خيرا.
فلا تدعى الدعاء لي بعد قتلي «2» . قالت: لا أدعه. لست بتاركه ذلك أبدا. فمن قتل على باطل فقد قتلت على حق. وخرج. وقالت أمه: اللهم ارحم طول ذلك القيام في الليل الطويل. وذلك النحيب والظمأ في هواجر المدينة ومكة. وبره بأبيه وبي. اللهم إني سلمت فيه لأمرك. ورضيت فيه بما قضيت. فأثبني في عبد الله ثواب الصابرين والشاكرين.
555- قال: أخبرنا موسى بن إسماعيل. قال: حدثنا صالح بن الوليد الرياحي. قال: أخبرتني جدتي ريطة بنت عبد الله الرياحية. قالت: كنت عند أسماء إذ جاء ابنها عبد الله فقال: إن هذا الرجل قد نزل بنا. وهو رجل
__________
555- إسناده ضعيف.
- موسى بن إسماعيل أبو سلمة التبوذكي. ثقة ثبت. تقدم في (101) .
- صالح بن الوليد الرياحي. روى عن جدته وروى عنه موسى بن إسماعيل.
قال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول ذلك ويقول: هو مجهول. وقال الذهبي في المغني في الضعفاء: مجهول (الجرح والتعديل: 4/ 418، والمغني:
1/ 305) .
- ريطة بنت عبد الله الرياحية. لم أقف لها على ترجمة.
تخريجه:
أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (ص: 482) من طريق المصنف وبإسناده. والمرفوع منه أخرجه مسلم في صحيحه حديث رقم (2545) .
والحاكم في المستدرك: 3/ 553 وسيأتي برقم (589) .
__________
(1) في تاريخ الطبري: 6/ 189، وإن تقدمتك ففي نفسي. أخرج حتى أنظر،. ومعنى حوجا: أي حاجة (لسان العرب: 2/ 242) .
(2) في تاريخ الطبري:، فلا تدعى الدعاء لي قبل وبعد،.

(2/98)


من ثقيف يسمى الحجاج في أربعين ألفا من أهل الشام. وقد نالنا نبلهم ونشابهم. وقد أرسل إلي يخيرني بين ثلاث. بين أن أهرب في الأرض فأذهب حيث شئت. وبين أن أضع يدي في يده فيبعث بي إلى الشام موقرا حديدا.
وبين أن أقاتل حتى أقتل. قالت: أي بني: عش كريما. ومت كريما.
[فإني سمعت النبي ص يقول:، إن من ثقيف مبيرا وكذابا، «1» . قالت:
فذهب فاستند إلى الكعبة حتى قتل] .
556- قال: أخبرنا معن بن عيسى. قال: حدثنا شعيب بن طلحة.
عن أبيه. أن أسماء بنت أبي بكر قالت لعبد الله بن الزبير حين قاتل الحجاج:
يا بني عش كريما. ومت كريما. لا يأخذك القوم أسيرا.
__________
556- إسناده ضعيف.
- شعيب بن طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق. روى عن أبيه والقاسم بن محمد. وروى عنه معن بن عيسى. وأبو مصعب. قال ابن معين: لا أعرفه. وقال أبو حاتم: لا بأس به. وقال الدارقطني: متروك (الجرح والتعديل: 4/ 349 وميزان الاعتدال: 2/ 277، والمغني في الضعفاء: 1/ 199) .
- طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر. مقبول. من الثالثة (تق:
1/ 378) .
تخريجه:
أخرج الحاكم في المستدرك: 4/ 525 نحوه من حديث مسلم بن أبي حرة.
وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي في التلخيص: 4/ 526.
__________
(1) المبير: المهلك وهو الحجاج. والكذاب هو المختار بن أبي عبيد.

(2/99)


557- قال: أخبرنا محمد بن عمر. قال: حدثنا موسى بن يعقوب.
عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي ربيعة. عن أمه. عن أسماء بنت أبي بكر. أنها كانت تقول- وابن الزبير يقاتل الحجاج-: لمن كانت الدولة «1» اليوم؟ فيقال لها: للحجاج فتقول: ربما أمر «2» الباطل. فإذا قيل لها: هي لعبد الله وأصحابه تقول: اللهم انصر أهل طاعتك ومن غضب لك.
558- قال: أخبرنا محمد بن عمر. قال: حدثني ابن أبي الزناد. عن
__________
557- إسناده ضعيف.
- موسى بن يعقوب الزمعي. صدوق سيئ الحفظ. تقدم في (345) .
- إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي. مقبول. من الثالثة أخرج له البخاري والنسائي وابن ماجة (تهذيب الكمال: 1/ 58 وتق: 1/ 38) .
- أمه: هي أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق. وأمها حبيبة بنت خارجة بن زيد الخزرجية. ولدت بعد وفاة أبيها. وكفلتها أختها عائشة. وتزوجها طلحة بن عبيد الله. وولدت له. ولما قتل تزوجها عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي ربيعة.
فولدت له إبراهيم وموسى. ذكرها ابن سعد في النساء اللواتي لم يروين عن النبي ص وروين عن أزواجه وغيرهن (الطبقات الكبرى: 8/ 462) .
تخريجه:
لم أقف على من خرجه غير المصنف.
558- إسناده ضعيف.
- ابن أبي الزناد هو عبد الرحمن بن عبد الله بن ذكوان. صدوق. تقدم في (65) .
تخريجه:
أخرجه الحاكم في المستدرك: 3/ 551 من طريق الواقدي.
__________
(1) الدولة- بفتح الدال المشددة- أن تدال إحدى الفئتين على الأخرى في الحرب. (لسان العرب: 11/ 252) .
(2) أمر: بكسر الميم وتخفيف الراء- ظهر وكثر (المصدر السابق: 4/ 29) .

(2/100)


هشام بن عروة. عن أبيه. قال: اشتكت أمي أسماء. وعبد الله بن الزبير يقاتل الحجاج. وكانت قد كبرت ورقت فنظر إليها. فقال: ما أحسن الموت. فسمعت ذلك العجوز فقالت: يا بني. والله ما أحب أن أموت يومي هذا حتى أعلم ما تصير إليه. إما ظفرت. فذلك الذي نرجو ونسر به.
وإما الأخرى. فأحتسبك وتمضي لسبيلك.
559- قال: أخبرنا الفضل بن دكين. قال: حدثنا حفص بن غياث.
عن هشام بن عروة. قال: كانوا ينادون. يا بن الزبير. يا بن ذات النطاقين فقال:
وتلك شكاة ظاهر عنك عارها «1»
560- قال: أخبرنا محمد بن عمر. عن ابن أبي الزناد. عن هشام بن عروة. قال: نادى رجل من أهل الشام: يا ابن الزبير يا ابن ذات النطاقين يعيره بذلك. فمشى ابن الزبير نحوه وهو يقول:
__________
559- إسناده صحيح.
- حفص بن غياث النخعي القاضي. ثقة فقيه. تقدم في (109) .
تخريجه:
أخرج نحوه المصنف في ترجمة أسماء من الطبقات الكبرى: 8/ 250 بإسناد صحيح. وفي صحيح مسلم (حديث رقم 2545) أن أسماء قالت للحجاج بلغني أنك تقول له- أي ابنها عبد الله- يا ابن ذات النطاقين. أي على سبيل التعيير ... إلخ وانظر المستدرك للحاكم: 3/ 553.
560- إسناده ضعيف.
تخريجه:
انظر تخريج الأثر السابق فهو بمعناه.
__________
(1) هذا عجز بيت. وسيأتي تمامه في النص الآتي وهو لأبي ذؤيب الهذلي. انظر: لسان العرب: 4/ 527 و 14/ 441.

(2/101)


وعيرها الواشون أني أحبها ... وتلك شكاة ظاهر عنك عارها
فإن أعتذر منها فإني مكذب ... وإن تعتذر يردد عليها اعتذارها «1»
أنا ابن ذات النطاقين هلم إلي.
561- قال: أخبرنا محمد بن عمر. قال: حدثنا عبد الله بن مصعب.
عن هشام بن عروة. قال: جاء رجل إلى ابن الزبير يوم الثلاثاء فحذره الكمين. فقال ابن الزبير: -
لن يأخذوا سلبي غصبا وإن كثروا ... ما لم أكن نائما أو لم يغروني
قال: وجاء عمارة بن عمرو بن حزم «2» فقال: لو ركبت رواحلك فنزلت برمل الجزل»
. فقال ابن الزبير: فما فعلت القتلى بالحرم. والله لئن كنت أوردتهم ثم فررت عنهم. لبئس الشيخ أنا في الإسلام.
562- قال: أخبرنا محمد بن عمر. قال: حدثني مصعب بن ثابت.
__________
561- إسناده ضعيف.
- عبد الله بن مصعب الزبيري والد مصعب بن عبد الله صاحب نسب قريش ضعفه ابن معين (المغني في الضعفاء: 1/ 358) .
تخريجه:
أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (ص: 482) من طريق المصنف به.
562- إسناده ضعيف.
- مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير بن العوام. لين الحديث. تقدم في (504) .
- نافع مولى بني أسد. قال ابن أبي حاتم: هو مولى الزبير بن العوام روى عن أبي هريرة وروى عنه أبو معشر ومصعب بن ثابت. وقد أخرج الطبري من طريقه بعض الروايات في فتنة ابن الزبير ووصفه بقوله: وكان عالما بفتنة ابن الزبير (تاريخ الطبري: 6/ 175، والجرح والتعديل: 8/ 454) .
تخريجه:
أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (ص: 482) من طريق المصنف به.
__________
(1) تقدم تخريج الشعر في النص السابق (559) .
(2) هو الأنصاري النجاري. انظر ترجمته في الجرح والتعديل (6/ 366) .
(3) رمل الجزل: اسم مكان لم أقف على من حدده.

(2/102)


عن نافع مولى بني أسد. قال: لما كان ليلة الثلاثاء. قال الحجاج لأصحابه:
والله إني لأخاف أن يهرب ابن الزبير. فإن هرب فما عذرنا عند خليفتنا؟
فبلغ ابن الزبير قوله فتضاحك. وقال: إنه والله ظن بي ظنه بنفسه. أنه فرار في المواطن وأبوه قبله.
563- قال محمد بن عمر. قال: حدثني عبد الله بن مصعب. عن هشام بن عروة. قال: لما أصبحوا يوم الثلاثاء. غدا ابن الزبير ومعه نحو من ثلاث مائة. فقال: استأخروا عني. لا يقولن أحد حمى ظهره. فتنحى عنه الناس. ثم حمل على باب من تلك الأبواب فهزمهم. حتى خرجوا إلى الأبطح وهو يرتجز:
قد سن أصحابك ضرب الأعناق «1» وقامت الحرب بنا على ساق
__________
563- إسناده ضعيف.
تخريجه:
أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (ص: 482) من طريق المصنف به.
وذكره البلاذري في أنساب الأشراف: 5/ 364 عن أبي مخنف.
__________
(1) الشعر ذكر منه البلاذري في أنساب الأشراف: 5/ 364 الثلاثة الأبيات الأولى مع اختلاف يسير. وذكر كامل الأبيات ابن عساكر في تاريخ دمشق (ص: 483) من طريق المصنف.

(2/103)


صبرا عفاق «1» أنه شر باق صبرا «2» بني أنه العتاق 564- قال: أخبرنا محمد بن عمر. قال: حدثنا مصعب بن ثابت. عن نافع مولى بني أسد. قال: رأيت الأبواب قد شحنت من أهل الشام يوم الثلاثاء.
وأسلم أصحاب ابن الزبير المحارس «3» . وكثرهم القوم. وأقاموا على كل باب قائدا ورجالا وأهل بلد. فكان لأهل حمص الباب الذي يواجه باب الكعبة «4» .
__________
564- إسناده ضعيف.
- رجاله تقدموا في (562) .
تخريجه:
أخرجه الطبري في تاريخه: 6/ 190 من طريق المصنف به. كما أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (ص: 483) من الطريق نفسها.
__________
(1) عفاق: اسم شخص. وقد ذكر الزبيدي في تاج العروس: 7/ 14 مادة عفق: عفاق بن مري بن سلمة بن قشير أخذه الأحدب بن عمرو بن جابر الباهلي في قحط أصابهم وشواه وأكله وفيه يقول الشاعر: إن عفاقا أكلته بأهله تمششوا عظامه وكاهله وتركوا أم عفاق ثاكلة وذكر عفاق بن شرحبيل بن أبي رهم التيمي وقال: وله ذكر في حروب علي.
(2) في المخطوطة: صبر بني وما أثبت من تاريخ دمشق (ص: 483) وهو مقتضى الوزن.
(3) المحارس: أي الأمكنة التي كانوا يحرسونها حول الحرم وعلى أبوابه.
(4) يواجه باب الكعبة مجموعة من الأبواب منها باب العباس وباب النبي وباب بني عائذ وغيرها ولم أستطع تحديد المراد منها.

(2/104)


ولأهل دمشق باب بني شيبة «1» . ولأهل الأردن باب الصفا «2» . ولأهل فلسطين باب بني جمح. «3» ولأهل قنسرين باب بني سهم «4» . وكان الحجاج وطارق جميعا في ناحية الأبطح إلى المروة. فمره يحمل ابن الزبير في هذه الناحية. ومرة في هذه الناحية. ولكأنه أسد في أجمة «5» ما يقدم عليه الرجال. يعدو في آثارهم حتى يخرجهم وهو يرتجز:
إني إذا أعرف يومي أصبر ... وإنما يعرف يوميه «6» الحر
ثم يصيح: أبا صفوان «7» ... ويل أمه فتح «8» لو كان له رجال!!
لو كان قرني واحدا كفيته «9»
قال ابن صفوان: إي والله وألف.
__________
(1) باب بني شيبة: جهة المسعى ويسمى اليوم: باب السلام (الأزرقي: 2/ 87) .
(2) باب الصفا: في الشق الذي يلي الوادي وهو الشق اليماني للمسجد. وكان يقال له: باب بني عدي بن كعب. لأن دورهم كانت بين الصفا والمسجد (المصدر السابق 2/ 90) .
(3) باب بني جمح في الجهة الغربية من المسجد. ويسمى اليوم باب العمرة (المصدر السابق 2/ 902) .
(4) في الأصل، سالم،. والتصحيح من تاريخ الطبري. وتاريخ دمشق. وباب بني سهم قريبا من باب العمرة (المصدر السابق: 3/ 93) .
(5) أجمة: الأجمة: عرين الأسد (اللسان: 12/ 8) .
(6) في المخطوطة:، يومه،. والتصحيح من: تاريخ الطبري: 6/ 190 ويوما المرء: هما يوم فرحه ويوم حزنه.
(7) أبو صفوان: هو عبد الله بن صفوان بن أمية بن خلف الجمحي. كان ممن صبر معه وقتل وهو متعلق بأستار الكعبة. وتقدم التعريف به في سند رقم (451) .
(8) في تاريخ الطبري وابن عساكر، فتحا،.
(9) انظر طبقات فحول الشعراء لابن سلام (ص: 32) وهو شطر بيت لدويد بن زيد بن نهد وروايته عنده: أو كان. وبعده: يا رب نهب صالح حويته

(2/105)


565- قال: أخبرنا سليمان بن حرب. قال: حدثنا حماد بن زيد.
عن أيوب. عن ابن أبي مليكة. قال: حضرت ابن الزبير صلى الصبح بغلس. وقال: أواقع هؤلاء قبل الصبح.
566- قال: أخبرنا محمد بن عمر. قال: حدثني عبد الله بن مصعب.
عن هشام بن عروة. قال: سمعت ابن الزبير يومئذ في صلاة الصبح يوم الثلاثاء. يقرأ بنون والقلم حرفا حرفا.
567- قال: أخبرنا محمد بن عمر. قال: حدثني قرة بن زبيد. عن
__________
565- إسناده صحيح.
- حماد بن زيد. ثقة ثبت. تقدم في (38) .
- أيوب هو السختياني. ثقة ثبت. تقدم في (55) .
- ابن أبي مليكة هو عبد الله بن عبيد الله. ثقة فقيه. تقدم في (59) .
تخريجه:
أخرج عبد الرزاق في المصنف: 1/ 571. وابن أبي شيبة في مصنفه:
1/ 720 أن من عادة ابن الزبير أن يغلس بصلاة الفجر. أي يصليها في أول وقتها قبل الأسفار. وإسناداهما صحيحان من حديث عبد الله بن عمر.
566- إسناده ضعيف.
- عبد الله بن مصعب. ضعيف. تقدم في (561) .
تخريجه:
أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (ص: 485) من طريق الواقدي.
وانظر تاريخ الطبري: 6/ 191.
567- إسناده ضعيف.
- قرة بن زبيد لم أجد له ترجمة.
- عباس بن سهل بن سعد الساعدي. ثقة. من الرابعة مات حوالي سنة 120 هـ، (تق: 1/ 397) .
تخريجه:
أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق. كما في تهذيب ابن بدران: 7/ 415. وانظر سير أعلام النبلاء: 3/ 378.

(2/106)


عباس بن سهل بن سعد. قال: سمعت ابن الزبير يوم الثلاثاء يقول: ما أراني اليوم إلا مقتولا. ولقد رأيت في ليلتي هذه كأن السماء فرجت لي فدخلتها.
فقد والله مللت الحياة وما فيها. ولقد قرأ في الصبح يومئذ متمكنا نون وَالْقَلَمِ حرفا حرفا. وإن سيفه لمسلول إلى جنبه. وإنه ليتم الركوع والسجود كهيئته قبل ذلك.
568- قال: أخبرنا محمد بن عمر. قال: حدثني عبد الملك بن وهب. عن شيخ من أسلم. قال: سمعت ابن الزبير يقول يوم قتل: والله لقد مللت الحياة. ولقد جاوزت سن أبي. هذه لي ثنتان وسبعون سنة. اللهم إني قد أحببت لقاءك فأحبب لقائي. وجاهدت فيك عدوك فأثبني ثواب المجاهدين. قال: فقتل ذلك اليوم.
__________
568- إسناده ضعيف جدا.
- عبد الملك بن وهب المذحجي الكوفي. روى عن الحر بن الصياح النخعي.
روى عنه بشر بن محمد بن أبان السكري. قال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: قال بعض أصحابنا: إن عبد الملك بن وهب معدول عن اسمه. وإنما هو سليمان بن عمرو بن عبد الله بن وهب النخعي ونسبه إلى جده الأعلى.
وسماه عبد الملك والناس معبدون لله. ونسبه إلى مذحج. لأن النخع من مذحج. والذي دلسه بشر بن محمد. لأن سليمان بن عمرو كذبوه (التاريخ الكبير: 5/ 435، والجرح والتعديل: 5/ 373، والثقات: 7/ 108) .
- شيخ من أسلم مجهول لم يسم.
تخريجه:
لم أقف على من خرجه غير المصنف.

(2/107)


569- قال: أخبرنا محمد بن عمر. قال: حدثنا عبد الله بن مصعب.
عن هشام بن عروة. قال: جلس ابن الزبير يوم الثلاثاء فخفق خفقة. فتغامز به بعض من كان عنده بنعسته تلك. ففتح عينيه فقال: شيخ كبير عل «1» . قد عاش حتى مل «2» . اللهم إذا قبضت رجلي فلا أبسطها. وإذا بسطتها فلا أقبضها.
570- قال: أخبرنا محمد بن عمر. قال: حدثنا إسحاق بن عبيد الله.
عن المنذر بن جهم الأسلمي. قال: رأيت ابن الزبير يوم قتل. وقد خذله من معه خذلانا شديدا. وجعلوا يخرجون إلى الحجاج. وجعل الحجاج يصيح: أيها الناس علا م «3» تقتلون أنفسكم؟ من خرج إلينا فهو آمن.
لكم عهد الله وميثاقه. وفي حرم الله وأمنه. ورب هذه البنية لا أغدر بكم.
ولا حاجة لنا في دمائكم. قال: فجعل الناس يتسللون حتى خرج إلى الحجاج من أصحاب ابن الزبير نحو من عشرة آلاف. فلقد رأيته وما معه أحد.
__________
569- إسناده ضعيف.
- عبد الله بن مصعب. ضعيف. تقدم في (561) .
تخريجه:
لم أقف على من خرجه غير المصنف.
570- إسناده ضعيف.
- إسحاق بن عبيد الله بن أبي مليكة القرشي المدني. مجهول الحال. من السادسة (تق: 1/ 59) .
- المنذر بن جهم الأسلمي مجهول الحال. تقدم في (301) .
تخريجه:
ذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء: 3/ 377.
__________
(1) علّ: يقال رجل علّ: مسن نحيف ضعيف صغير الجثة (اللسان: 11/ 470) .
(2) ملّ: أي برم وسئم (المصدر السابق: 11/ 629) .
(3) في المخطوطة:، على من،.

(2/108)


571- قال: أخبرنا محمد بن عمر. قال: حدثنا شرحبيل بن أبي عون. عن أبيه. قال: سمعت ابن الزبير يقول لأصحابه: انظروا كيف تضربون بسيوفكم. وليصن الرجل سيفه كما يصون وجهه. فإنه قبيح بالرجل أن يخطئ مضرب سيفه. فكنت أرمقه إذا ضرب. فما يخطئ مضربا واحدا شبرا من ذباب السيف أو نحوه. ولقد رأيته ضرب رجلا من أهل الشام ضربة أبدى سحره وهو يقول: خذها وأنا ابن الحواري. فلما كان يوم الثلاثاء.
قام بين الركن والمقام. فقاتلهم أشد القتال. وجعل الحجاج يصيح بأصحابه:
يا أهل الشام يا أهل الشام: الله الله في طاعة إمامكم. فليشدون الشدة الواحدة جميعا حتى يقال: قد اشتملوا عليه. فيشد عليهم حتى يفرجهم ويبلغ بهم باب بني شيبة. ثم يكر ويكرون عليه. ليس معه أعوان. فعل ذلك مرارا.
حتى جاء حجر عائر «1» من ورائه فأصابه. فوقع في قفاه فوقذه. فارتعش ساعة. ثم وقع لوجهه. ثم انتهض فلم يقدر على القيام. وابتدره الناس. وشد عليه رجل من أهل الشام. وقد ارتعش ابن الزبير فهو متكئ «2» على مرفقه الأيسر. فضرب الرجل فقطع رجليه بالسيف. وجعل يضربه ولا يقدر ينهض حتى كثروه فذففوا «3» عليه.
__________
571- إسناده ضعيف.
- رجال إسناده كلهم تقدموا.
تخريجه:
أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (ص: 484) من طريق الواقدي به.
__________
(1) حجر عائر: هو الحجر المنطلق من غير أن يرسله أحد. أو يحدد له هدفا (لسان العرب: 4/ 614) .
(2) أي مال في جلسته واعتمد على مرفقه الأيسر (اللسان: 1/ 200) .
(3) ذففوا عليه: التذفيف على الجريح هو الإجهاز عليه (المصدر السابق: 9/ 110) .

(2/109)


ولقد كان يقاتل. وإنه لمطروح يخذم «1» بالسيف كل من دنا منه.
فصاحت امرأة من الدار وا أمير المؤمنيناه. فابتدره الناس فكثروه. فقتلوه رحمة الله ورضوانه عليه.
572- قال: أخبرنا محمد بن عمر. قال: حدثنا خالد بن إلياس. عن أبي سلمة الحضرمي. قال: دخلت على أسماء بنت أبي بكر يوم الثلاثاء وبين يديها كفن قد أعدته ونشرته وأجمرته «2» . وأمرت جواري لها يقمن على أبواب المسجد. فإذا قتل عبد الله صحن. فرأيته حين قتل عبد الله صيحن «3» . وأرسلت ليحمل عبد الله.
فأتي الحجاج به فحز رأسه. وبعث به إلى عبد الملك بن مروان. وصلب جثته فقالت أسماء: قاتل الله المبير. يحول بيني وبين جثته أن أواريها. ثم ركبت دابتها حتى وقفت عليه وهو مصلوب. فدعت له طويلا وما تقطر من عينها
__________
572- إسناده ضعيف جدا.
- خالد بن إلياس بن صخر أبو الهيثم العدوي المدني. إمام المسجد النبوي. متروك الحديث. من السابعة (تق: 1/ 211) .
- أبو سلمة الحضرمي. رأى عبد الله بن عباس. وروى عنه إسحاق بن يحيى ابن طلحة. قال ابن عبد البر: لعله أبا سلمة (عبد الله بن رافع الحضرمي) الذي روى عنه عمرو بن معديكرب. وقال أبو أحمد الحاكم: لا أراهما إلا اثنين (الاستغناء في الكنى ترجمة رقم 2380) .
تخريجه:
أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (ص: 471) من طريق الواقدي به.
__________
(1) الخذم: القطع السريع (اللسان: 12/ 168) .
(2) أجمرته: تجمير الكفن: تطييبه.
(3) صيح: صوت بأقصى طاقته (اللسان: 2/ 521) .

(2/110)


قطرة. ثم انصرفت وهي تقول: من قتل على باطل فقد قتلت على حق.
وعلى أكرم قتلة ممتنع بسيفك فلا تبعد.
573- قال: أخبرنا محمد بن عمر. قال: حدثني نافع بن ثابت. عن عبيد مولى أسماء. قال: لما قتل عبد الله. خرجت إليه أمه حتى وقفت عليه.
وهي على دابة. فأقبل الحجاج في أصحابه. فسأل عنها. فأخبر بها. فأقبل حتى وقف عليها. فقال: كيف رأيت؟ نصر الله الحق وأظهره. قالت:
ربما أديل الباطل على الحق. وإنك بين فرثها والجية «1» . قال: إن ابنك الحد في هذا البيت. وقال الله تبارك وتعالى: «وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ» «2» وقد أذاقه الله ذلك. العذاب: قطع السبيل «3» .
__________
573- إسناده ضعيف.
- نافع بن ثابت بن عبد الله بن الزبير بن العوام. روى عن أبيه وعن سالم أبي النضر وقيس بن عبد الملك. وروى عنه ابن المبارك. وفضيل بن سليمان.
وابنه عبد الله بن نافع. ومات بالمدينة سنة 155 هـ (الجرح والتعديل:
8/ 457، والثقات: 5/ 471) .
- عبيد مولى أسماء: لم أقف له على ترجمة.
تخريجه:
أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق ص: 472 من طريق الواقدي. إلا أنه قال في الإسناد عن عبد الله مولى أسماء. بدل عبيد.
__________
(1) الفرث: هو ما في كرش الدابة من الطعام وهو نتن الرائحة (اللسان: 2/ 176) . والجية: بكسر الجيم غير مهموز- هو الماء المستنقع في الموضع (اللسان 14/ 159) وأشار في النهاية: 1/ 325 إلى أنه قد ورد من حديث نافع بن جبير بن مطعم، وتركوك بين قرنها والجية، ولم أقف عليه.
(2) سورة الحج. آية (25) .
(3) في تاريخ دمشق، العذاب الأليم: قطع السبيل،.

(2/111)


قالت: كذبت. كان أول مولود في الإسلام بالمدينة «1» . وسر به رسول الله ص. وحنكه بيده. فكبر المسلمون يومئذ حتى ارتجت المدينة فرحا به.
وقد فرحت أنت وأصحابك بمقتله. فمن كان فرح يومئذ به خير منك ومن أصحابك. وكان مع ذلك برا بالوالدين. صواما قواما بكتاب الله. معظما لحرم الله. يبغض أن يعصى الله. أشهد [على رسول الله ص لسمعته يقول:
، سيخرج من ثقيف كذابان الآخر منهما شر من الأول وهو مبير، «2» .
وهو أنت] .
فانكسر الحجاج. وانصرف. وبلغ ذلك عبد الملك. فكتب إليه يلومه في مخاطبة أسماء. وقال: ما لك ولابنة الرجل الصالح.
574- قال: أخبرنا محمد بن عمر. قال: حدثني عبد الله بن نافع.
عن أبيه. قال: سمع ابن عمر التكبير فيما بين المسجد إلى الحجون حين قتل ابن الزبير. فقال ابن عمر: لمن كبر حين ولد ابن الزبير. أكثر وخير ممن كبر على قتله.
__________
574- إسناده ضعيف.
- عبد الله بن نافع مولى بن عمر المدني. ضعيف. تقدم في (306) .
- أبوه هو نافع مولى ابن عمر. ثقة ثبت. تقدم في (306) .
تخريجه:
أخرجه الحاكم في المستدرك: 3/ 548 من طريق عبد الله بن محمد بن يحيى ابن عروة بن الزبير بأطول من هذا. وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. وتعقبه الذهبي بقوله: عبد الله تركه أبو حاتم. وأخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (ص: 372) من طريق الواقدي به.
__________
(1) انظر ما تقدم برقم (504، 505) .
(2) تقدم تخريجه برقم (555) وسيأتي برقم (589) .

(2/112)


575- قال: أخبرنا محمد بن عمر. قال: سألت عبد الرحمن بن أبي الزناد. من قتل ابن الزبير؟ فقال: سمعت هشام بن عروة. يقول: رماه رجل من السكون بأجرة فأثبته ووقع. وكان الذي قتله رجل من مراد. وحمل رأسه إلى الحجاج.
576- قال: أخبرنا محمد بن عمر. قال: حدثني عبيد الله بن عروة.
عن حبيب مولى عروة. قال: أراني عروة قاتل عبد الله بن الزبير في عسكر الوليد. قتله. واحتز رأسه آخر. فجاءا به إلى الحجاج فوفدهما إلى
__________
575- إسناده ضعيف.
- عبد الرحمن بن أبي الزناد. صدوق تغير حفظه لما قدم بغداد. تقدم في (65) .
تخريجه:
انظر الكامل لابن الأثير: 4/ 356.
576- إسناده ضعيف.
- عبيد الله بن عروة بن الزبير بن العوام الأسدي. عقل عن أبيه ولم يحفظ من حديثه شيئا. ذكره ابن سعد في الطبقة الرابعة من التابعين في المدينة وقال:
بقي حتى أدركه الواقدي. وقد سألته كم عمره يوم مات عبيد الله بن عروة؟
فقال: ابن تسع سنين. والواقدي ولد سنة 130 هـ. فتكون وفاة عبيد الله سنة 139 هـ (طبقات ابن سعد القسم المتمم: ص 232، ونسب قريش:
ص 248) .
- حبيب مولى عروة المدني ذكره ابن سعد في الطبقة الرابعة من التابعين في المدينة وقال: مات قديما في آخر سلطان بني أمية. وكان قليل الحديث. وقال ابن حجر: مقبول. من الثالثة مات سنة 130 هـ (طبقات ابن سعد القسم المتمم ص: 314، وتق: 1/ 151) .
تخريجه:
انظر الكامل لابن الأثير: 4/ 356.

(2/113)


عبد الملك. فأعطى كل واحد منهما خمس مائة دينار. وفرض لكل واحد منهما في مائتي دينار.
[ثناء ابن عمر على عبد الله ابن الزبير]
577- قال: أخبرنا محمد بن عمر. قال: حدثنا عبد الله بن نافع.
عن أبيه. عن ابن عمر. أنه كان جالسا معه. فأتاه آت فقال: قتل ابن الزبير. فقال: يرحمه الله. فقيل: يا أبا عبد الرحمن صلب. فقال ابن عمر:
قاتل الله الحجاج. ما من خصلة شر إلا هي فيه. ثم مر به ابن عمر وهو مصلوب. والمسك يفوح منه. فقال: يرحمك الله فو الله إن قوما كنت أخسهم لقوم صدق.
578- قال: أخبرنا الفضل بن دكين. قال: حدثنا إسحاق بن سعيد.
عن سعيد. قال: قال ابن عمر لعبد الله بن الزبير: رحمك الله. لقد سعدت أمه أنت شرها.
__________
577- إسناده ضعيف.
- مكرر الإسناد رقم (574) .
تخريجه:
أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (ص: 488) من طريق المصنف به سواء.
578- إسناده صحيح.
- إسحاق بن سعيد بن عمرو بن العاص الأموي السعيدي الكوفي. ثقة. من السابعة. مات سنة 170 هـ. وقيل بعدها (المزي: تهذيب الكمال:
1/ 84، وتق: 1/ 57) ، سعيد هو أبوه سعيد بن عمرو الأموي. ثقة.
من صغار الثالثة (تق: 1/ 303) .
تخريجه:
سيأتي برقم (585) بلفظ مقارب. وله شاهد في صحيح مسلم الآتي برقم (589) .

(2/114)


579- قال: أخبرنا محمد بن عمر. قال: حدثنا رياح بن مسلم. عن أبيه.
قال: لقد رأيتهم مرة ربطوا هرة ميتة إلى جنبه. فكان ريح المسك يغلب على ريحها.
580- قال: أخبرنا محمد بن عمر. قال: حدثنا شرحبيل بن أبي عون. عن أبيه. قال: كان عبد الله بن الزبير قد قشم «1» جلده على عظمه.
كان يصوم الدهر. فإذا أفطر. أفطر على لبن الإبل. وكان يمكث الخمس والست لا يذهب لحاجته. وكان يشرب المسك. وكان بين عينيه سجدة مثل مبرك العنز «2» . فلما قتله الحجاج صلبه على الثنية التي بالحجون يقال لها: كداء «3» . فأرسلت أسماء إليه. قاتلك الله. وعلا م تصلبه؟ فقال: إني
__________
579- إسناده ضعيف جدا.
- رياح بن مسلم وأبوه مجهولان. تقدما في (551) .
تخريجه:
أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (ص: 473) من طريق الواقدي به.
580- إسناده ضعيف.
- شرحبيل بن أبي عون وأبوه مجهولا الحال. وتقدما في (93) .
تخريجه:
أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (ص: 473) من طريق الواقدي به.
__________
(1) القشم: - بالكسر- الجسم إذا ذهب لحمه وشحمة (اللسان: 12/ 484) .
(2) في تاريخ ابن عساكر مبرك البعير.
(3) كداء: بالفتح والمد- ثنية بأعلى مكة. وتسمى أيضا ثنية المدنيين. والثنية العليا. وتعرف اليوم بربع الحجون. بين العتيبية ومقبرة المعلاة. وكان النبي ص قد دخل مكة في حجة الوداع من هذه الثنية. وخرج من الثنية السفلى والتي تسمى كدى- بالضم والقصر- وتعرف اليوم بريع الرسام بين حارة الباب وجرول. وهناك ثنية أخرى في جنوب مكة تسمى كدي- مصغرا- وهي معروفة بهذا الاسم إلى اليوم (معجم البلدان: 4/ 439، ومعجم المعالم الجغرافية ص: 161) .

(2/115)


استبقت أنا وابنك إلى هذه الخشبة فكانت الليجة»
به. فأرسلت إليه تستأذنه في أن تكفنه. فأبى. وكتب إلى عبد الملك يخبره بما صنع. فكتب إليه عبد الملك يلومه فيما صنع ويقول: ألا خليت أمه فوارته. فأذن لها الحجاج. فوارته بالمقبرة بالحجون.
581- قال: أخبرنا محمد بن عمر. قال: حدثنا يحيى بن عبد الله بن «2» أبي فروة. عن أبيه. قال: صلى عليه عروة بن الزبير. ودفنه بالحجون. وأمه يومئذ حية. ثم توفيت بعد ذلك بأشهر بالمدينة.
582- قال: أخبرنا محمد بن عمر. قال: حدثني عبد الجبار بن
__________
581- إسناده ضعيف.
- يحيى بن عبد الله بن أبي فروة مولى عثمان بن عفان. سمع القاسم وسالما.
وروى عنه ابن أخيه عبد الله بن محمد المدني (التاريخ الكبير: 8/ 287، والجرح والتعديل: 9/ 164) .
- عبد الله بن أبي فروة. ترجم ابن حجر في تعجيل المنفعة (ص 233) لراو بهذا الاسم. ولكن يظهر لي أنه غيره والله أعلم.
تخريجه:
أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (ص: 473) من طريق الواقدي به.
582- إسناده ضعيف.
- عبد الجبار بن عمارة الأنصاري المدني الجرمي روى عن عبد الله بن أبي بكر ابن حزم الأنصاري ومحمد بن عمارة مرسل. قال أبو حاتم: هو مجهول (الجرح والتعديل: 6/ 32) .
- عبد الله بن أبي بكر بن حزم. ثقة. تقدم في (261) .
تخريجه:
أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (ص: 495) من طريق المصنف.
وهناك روايات أخرى انظرها في ترجمة ابن الزبير من تاريخ ابن عساكر. وانظر ما سبق (ص: 93) .
__________
(1) هكذا غير واضحة. وفي تاريخ ابن عساكر (ص: 473) ترك مكان هذه الكلمة بياض. وذكر محققه أن النساخ قد أهملوا هذه الكلمة في النسخ المخطوطة. وذكر أنها في تهذيب ابن منظور غير مقروءة مما يدل على أن التصحيف فيها قديما. وفي تهذيب ابن بدران: 7/ 420 جاءت العبارة هكذا، استبقت أنا وابنك إلى هذه الخشية فسبقني إليها،.
(2) في المخطوطة:، عن،. والمثبت من تاريخ ابن عساكر. والكتب التي ترجمته له كما سيأتي.

(2/116)


عمارة. عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم. قال: حدثني من حضر مقتل عبد الله بن الزبير يوم الثلاثاء لسبع عشرة خلت من جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين. وهو يومئذ ابن اثنتين وسبعين سنة.
583- قال: أخبرنا محمد بن عمر. قال: حدثني مصعب بن ثابت.
عن نافع مولى بني أسد بن عبد العزى- وكان عالما بأمر ابن الزبير-. قال:
حصر عبد الله بن الزبير ليلة هلال ذي القعدة سنة اثنتين وسبعين إلى أن قتل يوم الثلاثاء لسبع عشرة ليلة خلت من جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين.
فكان حصر الحجاج إياه ستة أشهر وسبعة عشر يوما.
584- قال: أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم. عن أيوب. عن نافع. قال:
__________
583- إسناده ضعيف.
- مكرر الإسناد رقم (562) .
تخريجه:
أخرجه الطبري في تاريخه: 6/ 187 وانظر ما سبق (ص: 93) ، وأخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (ص: 496) من طريق الواقدي به.
584- إسناده صحيح.
- إسماعيل بن إبراهيم هو ابن عليه. ثقة ثبت. تقدم في (142) .
- أيوب هو السختياني. ثقة ثبت. تقدم في (143) .
تخريجه:
سيأتي برقم (586) من طريق آخر عن أيوب به نحوه. كما جاء قوله هذا في حديث مسلم الآتي برقم (589) .

(2/117)


كان ابن عمر على ناقة له فيها نفار «1» . فلما مر بابن الزبير وهو مصلوب.
جعلنا نستره. فحانت منه نظرة. فقال: إن كنت عن هذا لغنيا.
585- قال: أخبرنا مسلم بن إبراهيم. قال: حدثنا سلام بن مسكين.
قال: حدثنا عبد العزيز بن أبي جميلة الأنصاري. أن ابن عمر مر بابن الزبير وهو مصلوب. فقال: يرحمك الله. إن كنت لصواما قواما. لقد أفلحت قريش أن كنت شر أهلها «2» .
586- قال: أخبرنا عارم بن الفضل. قال: حدثنا حماد بن زيد. عن
__________
585- إسناده ضعيف.
- سلام بن مسكين. ثقة. تقدم في (292) .
- عبد العزيز بن أبي جميلة الأنصاري. روى عن أنس بن مالك. روى عنه سلام ابن مسكين (التاريخ الكبير: 6/ 15، والجرح والتعديل: 5/ 379) .
تخريجه:
أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (ص: 488) من هذا الطريق وله شاهد صحيح تقدم برقم (578) وآخر في صحيح مسلم: 16/ 98 باب ذكر كذاب ثقيف ومبيرها.
586- إسناده صحيح.
- رجاله تقدموا مرارا.
تخريجه:
سبق نحوه برقم (584) .
__________
(1) نفرت الدّابة تنفر نفارا ونفورا. أي خافت وشردت. ويقال: في الدابة نفار. وهو اسم مثل الحران (لسان العرب: 5/ 224) .
(2) أي كما زعموا.

(2/118)


أيوب. عن نافع. أن ابن عمر مر بجذع عبد الله بن الزبير. فحادت به الناقة.
قال: فقال: أهو هو؟ قال: قلت: نعم. قال: قد كنت عن هذا غنيا.
587- قال: أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء. قال: أخبرنا زياد بن الجصاص. عن علي بن زيد بن جدعان. عن مجاهد. قال: قال عبد الله ابن عمر: انظر المكان الذي به ابن الزبير مصلوب فلا تمرر بي عليه. فسها الغلام. فإذا ابن عمر ينظر إلى ابن الزبير مصلوبا. فقال: يغفر الله لك.
يغفر الله لك. ثلاثا. أما والله ما علمتك إلا كنت صواما قواما. وصولا للرحم. أما والله إني لأرجو مع مساوئ ما أصبت أن لا يعذبك الله بعدها أبدا. قال: ثم التفت إلي فقال: سمعت أبا بكر الصديق يقول: [قال رسول الله ص:، من يعمل سوءا يجز به في الدنيا] ، «1» .
__________
587- إسناده ضعيف.
- عبد الوهاب بن عطاء. صدوق. ربما أخطأ. تقدم في (56) .
- زياد بن أبي زياد الجصاص أبو محمد الواسطي. بصري الأصل. ضعيف.
من الخامسة (تق: 1/ 267) .
تخريجه:
أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (ص: 486، 487) من طرق كلها ضعيفة. وذكره من هذا الطريق الذهبي في سير أعلام النبلاء: 3/ 378. وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد: 7/ 12 وقال: رواه البزار. وفيه عبد الرحمن بن سليم ابن حيّان. ولم أعرفه. وبقية رجاله ثقات. وانظر تفسير ابن كثير: 1/ 557 وله شواهد تقدمت. وانظر الآتي رقم (588) .
__________
(1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده (حديث رقم 23 ط أحمد شاكر) من طريق زياد الجصاص عن علي بن زيد بن جدعان- وكلاهما ضعيف- عن مجاهد عن ابن عمر قال: سمعت أبا بكر ... فذكره.

(2/119)


588- قال: أخبرنا الفضل بن دكين. قال: حدثنا الحسن بن أبي الحسناء. قال: حدثنا أبو العالية. أنه رأى ابن عمر واقفا يستغفر لابن الزبير وهو مصلوب. فقال: إن كنت والله ما علمت صواما قواما. تحب الله ورسوله. فانطلق رجل إلى الحجاج فقال: هذا ابن عمر واقف يستغفر لابن الزبير. ويقول: إن كنت والله ما علمت صواما قواما تحب الله ورسوله.
فقال لرجل من أهل الشام: قم فأتني به. فقام الشامي طويلا فقال: أصلح الله الأمير. تأذن لي أن أتكلم. فقال: تكلم. قال: إنما أعين الناس كافة إلى هذا الرجل. فأنت إن قتلته خشيت أن تكون فتنة. لا تطفأ. فقال:
اجلس. وأرسل إليه مكانه بعشرة آلاف فقال: أرسل بهذه الأمير لتستعين بها. فقبلها ثم سكت عنه. فأرسل إليه: أرسل إلينا بدراهمنا لكيما ينظر أنفق منها شيئا أم لا؟ فأرسل إليه أنا قد أنفقنا منها طائفة وعندنا طائفة نجمعها لك أحد اليومين ثم نبعث بها. فأرسل إليه انتفع بها فلا حاجة لنا فيها.
589- قال: وأخبرنا يزيد بن هارون وعفان بن مسلم وعبد الملك ابن عمرو وأبو عامر العقدي ومسلم بن إبراهيم. قالوا: حدثنا الأسود بن
__________
588- إسناده حسن.
- الحسن بن أبي الحسناء أبو سهل البصري القواس. صدوق. لم يصب الأزدي في تضعيفه. من السابعة (تق: 1/ 165) .
- رفيع- بالتصغير- ابن مهران أبو العالية الرياحي. ثقة كثير الإرسال. من الثانية مات سنة 90 هـ وقيل سنة 93 هـ (تق: 1/ 252) .
تخريجه:
أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (تق: 489) من طريق المصنف به.
589- إسناده صحيح.
- الأسود بن شيبان السدوسي. ثقة. تقدم في (540) .
- أبو نوفل بن أبي عقرب الكناني. ثقة تقدم في (540) .
تخريجه:
أخرجه مسلم في صحيحه. كتاب الفضائل باب كذاب ثقيف ومبيرها (16/ 98 بشرح النووي) من حديث الأسود بن شيبان عن أبي نوفل به.
وأخرج نحوه الحاكم في المستدرك: 3/ 553 من حديث مسلم بن إبراهيم حدثنا الأسود به.

(2/120)


شيبان. قال: حدثنا أبو نوفل بن أبي عقرب العريجي. أن الحجاج بن يوسف لما قتل عبد الله بن الزبير صلبه على عقبة المدينة «1» . ليرى ذلك قريش المدينة. فلما نفروا. جعلت قريش تمر به. والناس لا يقفون عليه. حتى مر به عبد الله بن عمر. فوقف عليه فقال: السلام عليك أبا خبيب. السلام عليك أبا خبيب. السلام عليك أبا خبيب. لقد كنت نهيتك عن هذا- ثلاثا- ولقد كنت عن هذا غنيا. ثم قال: أما والله ما علمت إن كنت لصواما قواما وصولا للرحم «2» . وإن أمه تكون أنت شرهم لأمة صدق. ثم نفذ.
فبلغ الحجاج موقف عبد الله بن عمر. فاستنزله فرمى به في مقابر اليهود «3» .
[موقف لأسماء بنت أبي بكر وتحديثها بحديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم سيخرج من ثقيف كذاب ومبير]
ثم بعث إلى أمه أسماء بنت أبي بكر وقد ذهب بصرها. أن تأتيه فأبت أن تأتيه. فأرسل إليها لتأتيني أو لأبعثن إليك من يسحبك بقرونك حتى يأتيني بك. فأرسلت إليه إني والله لا آتيك حتى تبعث إلي من يسحبني بقروني
__________
(1) أي العقبة التي يمر بها أهل المدينة في دخولهم مكة. وهي عقبة كداء. وتسمى عقبة المدنيين. وتعرف اليوم بالحجون.
(2) نقل النووي في شرحه لصحيح مسلم: 16/ 99 عن القاضي عياض أنه قال: هذا أصح من قول بعض الأخباريين. ووصفه بالإمساك. وقد عده صاحب كتاب الأجواد فيهم. وهو المعروف من أحواله.
(3) في صحيح مسلم:، في قبور اليهود،. وظاهره أن لليهود قبورا بمكة. ولم أجد من ذكرها من مؤرخي مكة. وإنما ذكر الأزرقي: 2/ 298 مقبرة للنصارى. ويفهم من تحديده لها أنها في طرف جرول بالقرب من ريع أبي لهب.

(2/121)


فيأتيك بي. فأتاه رسوله فأخبره. فلما رأى ذلك قال يا غلام: ناولني سبتيتي «1» . فناوله نعليه. فأخذ نعليه فانتعل. ثم خرج يتوذف «2» - يعني مشية له- حتى أتاها فدخل عليها. قال: فقال: كيف رأيتني صنعت بعدو الله؟ قالت: رأيتك أفسدت عليه دنياه وأفسد عليك آخرتك. وقد بلغني أنك تعيره تقول: يا ابن ذات النطاقين. وقد كنت والله ذات نطاقين. أما أحدهما فنطاق المرأة الذي لا تستغني عنه. وأما النطاق الآخر فإني كنت أرفع فيه طعام رسول الله ص وطعام أبي من النمل وغيره. فأي ذلك- ويل أمك- عيرته به؟! أما إني سمعت رسول الله ص يقول:، [إنه سيخرج من ثقيف رجلان. كذاب ومبير] ، فأما الكذاب. فقد رأيناه ابن أبي عبيد.
وأما المبير. فأنت ذاك. قال: فوثب فانصرف عنها ولم يراجعها.
590- قال: أخبرنا سليمان بن حرب وعارم بن الفضل. قالا: حدثنا حماد بن زيد. عن أيوب. عن ابن أبي مليكة. قال: دخلت على أسماء بنت أبي بكر بعد ما قتل عبد الله بن الزبير. فقالت: بلغني أن هذا صلب عبد الله.
__________
590- إسناده صحيح.
- رجاله تقدموا مرارا.
تخريجه:
لم أقف على من خرجه غير المصنف. وذكر الذهبي في سير أعلام النبلاء:
3/ 379 نحوه من حديث جويرية ابن أسماء.
__________
(1) النعال السبتية: هي التي تتخذ من جلود البقر المدبوغة بالقرظ. وسميت بذلك لأن شعرها سبت عنها أي أزيل. وقيل: لأنها انسبتت بالدباغ أي لانت (النهاية في غريب الحديث: 2/ 330) .
(2) التوذف: مقاربة الخطو والتبختر في المشي. وقيل: الإسراع (لسان العرب: 9/ 355) .

(2/122)


ثم قالت: اللهم لا تمتني حتى أكفنه وأحنطه. قال: فأتيت بأوصاله فكفنته وحنطته بيدها.
[أخبار متفرقة]
591- قال: أخبرنا معن بن عيسى. قال: حدثنا شعيب بن طلحة.
عن أبيه. عن أسماء بنت أبي بكر. أنه لما قتل عبد الله بن الزبير. كان عندها شيء أعطاها إياه النبي ص في سفط «1» . فأمرت طارقا «2» فطلبه. فلما جاءها به سجدت.
592- قال: أخبرنا الفضل بن دكين. قال: حدثنا عبد الواحد بن أيمن. قال: رأيت على ابن الزبير رداء عدنيا وهو يصلي فيه يوم الجمعة
__________
591- إسناده ضعيف.
- شعيب بن طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق. لا يعرف.
تقدم في (556) .
- أبوه طلحة. مقبول. تقدم في (556) .
تخريجه:
لم أقف على من خرجه غير المصنف.
592- إسناده حسن.
- عبد الواحد بن أيمن المخزومي مولاهم أبو القاسم المكي. لا بأس به. من الخامسة. (تق: 1/ 525) .
تخريجه:
أخرج الشطر الأخير منه ابن أبي شيبة في المصنف: 8/ 263 من هذا الطريق.
وذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء: 3/ 370 من حديث عبد الواحد بن أيمن به.
__________
(1) السفط: الذي يعبى فيه الطيب وما أشبهه من أدوات النساء (لسان العرب: 7/ 315) .
(2) طارق: لعله أحد مواليها.

(2/123)


يخرج فيه. وكانت لحيته صفراء. وكان إذا خطب صيتا يجاوب الجبلين.
وكانت له جمة إلى العنق. وكان يفرق.
593- قال: أخبرنا عبد الله بن نمير. قال: حدثنا هشام بن عروة.
عن أبيه. قال: كان لعائشة كساء خز تلبسه. فكسته عبد الله بن الزبير.
594- قال: أخبرنا أبو أسامة. عن هشام بن عروة. قال: رأيت على عبد الله بن الزبير كساء خز.
595- قال: أخبرنا عمر بن حفص. قال: حدثنا عبد الله بن قيس
__________
593- إسناده صحيح.
- رجاله تقدموا مرارا.
تخريجه:
أخرجه عبد الرزاق في المصنف: 11/ 76 من حديث معمر عن هشام بن عروة قال: رأيت على عبد الله ... فذكره بنحوه.
594- إسناده صحيح.
- رجاله تقدموا.
تخريجه:
انظر الإسناد السابق.
595- إسناده ضعيف.
- عمر بن حفص بن غياث- بكسر المعجمة وآخره مثلثة- الكوفي. ثقة ربما وهم. من العاشرة. مات سنة 222 هـ (تق: 2/ 53) .
- عبد الله بن قيس العبدي. هذه النسبة إلى عبد القيس بن ربيعة بن نزار. وإلى عبد ياليل بن سالم بن مالك بن جشم من ثقيف. ولم أقف لعبد الله هذا على ترجمة (عجالة المبتدي لأبي بكر الحازمي: ص 88، واللباب في تهذيب الأنساب لابن الأثير: 2/ 314) .
تخريجه:
لم أقف على من خرجه غير المصنف. وراجع مزيدا من الآثار في لبس العمامة السوداء في مصنف ابن أبي شيبة: (8/ 234- 237) .

(2/124)


العبدي. قال: رأيت عبد الله بن الزبير يطوف بالبيت وعليه ممصرتان «1» .
596- قال: أخبرنا سعيد بن محمد الثقفي. عن رشدين. قال: رأيت عبد الله بن الزبير يعتم بعمامة سوداء حرقانية «2» . ويرخيها شبرا أو أقل من شبر.
597- قال: أخبرنا وكيع بن الجراح والفضل بن دكين وخلاد بن يحيى. قالوا: حدثنا عاصم بن محمد العمري. عن أبيه. قال: كان ابن الزبير يسدل عمامته خلفه بين كتفيه ذراعا أو نحو الذراع.
__________
596- إسناده ضعيف.
- سعيد بن محمد الثقفي الوراق أبو الحسن الكوفي. ضعيف. تقدم في (103) .
- رشدين بن كريب المدني. ضعيف. تقدم في (16) .
تخريجه:
لم أقف على من خرجه غير المصنف.
597- إسناده صحيح.
- عاصم بن محمد العمري المدني. ثقة. تقدم في (28) .
- أبوه محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب العمري المدني. ثقة. من الثالثة. (تق: 2/ 162) .
تخريجه:
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف: 8/ 239 من حديث هشام بن عروة.
__________
(1) الثياب الممصّرة: التي فيها شيء من صفرة مبقّعة غير مستحكمة. والتمصير في الثياب: أن تتمشق تخرقا من غير بلي (اللسان: 5/ 176) .
(2) حرقانية: قال الزمخشري: هي التي على لون ما أحرقته النار. والمراد شديدة السواد (لسان العرب: 10/ 45) .

(2/125)


598- قال: أخبرنا محمد بن عمر. قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد وأبو بكر بن عبد الله بن مصعب. عن هشام بن عروة. قال: قيل لعبيد بن عمير- مقتل ابن الزبير- كيف أنت يا أبا عاصم؟ فقال: بخير من رجل قتل إمامه وظهر عليه عدوة.
599- قال: أخبرنا محمد بن عمر. قال: حدثنا محمد بن عبد الله ابن عبيد بن عمير. عن ابن أبي مليكة. قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول لعبيد بن عمير: كيف أنت يا ليثي؟ قال: بخير على ظهور عدونا علينا.
فقال جابر: اللهم «لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ» «1» .
__________
598- إسناده ضعيف.
- عبد الرحمن بن أبي الزناد. صدوق تغير حفظه لما قدم بغداد. تقدم في (65) .
- أبو بكر بن عبد الله بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير. يعرف ببكار- بتشديد الكاف- والد الزبير بن بكار صاحب كتاب جمهرة نسب قريش.
وأخو مصعب بن عبد الله صاحب كتاب نسب قريش. كان مقربا من الرشيد وولاه المدينة. فمكث في الولاية اثنتي عشرة سنة. وكان جوادا ممدحا متفقدا لمصالح العامة شديدا على المبتدعة. أمنت المدينة في أيامه. ومات سنة 195 هـ (نسب قريش: ص 242، التحفة اللطيفة: 1/ 378) .
تخريجه:
انظر الخبر الآتي برقم (599) .
599- إسناده ضعيف.
- محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير الليثي. لين الحديث. تقدم في (94) .
تخريجه:
أخرجه الفاكهي في أخبار مكة: 2/ 367 من طريق الواقدي به.
__________
(1) سورة يونس. آية (85) .

(2/126)


600- قال: أخبرنا محمد بن عمر. قال: حدثنا عبد الملك بن وهب.
عن أبي حرملة. عن حنظلة بن قيس الزرقي. أنه قال حين قتل عبد الله بن الزبير: قد والله ظهر عدونا علينا.
601- قال: أخبرنا محمد بن عمر. قال: حدثنا رياح بن مسلم. عن أبيه. قال: سمعت ابن الزبير يوم الثلاثاء. وهو يحمل على أهل حمص. وهم كانوا أشد الأجناد. فأخرجهم من المسجد. ولقد رأيتهم- وحضهم رجل منهم- فأقبلوا جميعا. قد شرعوا الرماح. فأقبل إليهم ابن الزبير وهو يرتجز: - لو كان قرني واحدا كفيته.
ثم حمل عليهم فانفضوا أوزاعا.
602- قال: أخبرنا محمد بن عمر. قال: حدثني عبد الله بن مصعب.
__________
600- إسناده ضعيف جدا.
- عبد الملك بن وهب المذحجي الكوفي. متروك. تقدم في (568) .
- أبو حرملة: هو عبد الرحمن بن عمرو بن سنة- بفتح السين وتثقيل النون- الأسلمي المدني. صدوق ربما أخطأ. مات سنة 145 هـ (تق: 1/ 477) .
- حنظلة بن قيس بن عمرو الزرقي المدني. ثقة. من الثانية. وقيل له رؤية للنبي ص (تق: 1/ 206) .
تخريجه:
لم أقف على من خرجه غير المصنف.
601- إسناده ضعيف.
- مكرر الإسنادين رقم (551، 579) .
تخريجه:
أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (ص: 484) من طريق الواقدي نقلا عن المصنف.
602- إسناده ضعيف.
- عبد الله بن مصعب. ضعيف. تقدم في (561) .
تخريجه:
سبق مثله في رقم (564) .
وهو في تاريخ دمشق (ص: 483) بأطول من هذا من طريق الواقدي نقلا عن المصنف.

(2/127)


عن هشام بن عروة. قال: قال عبد الله بن صفوان: إي والله وألف. فقال عبد الله بن الزبير: يا أبا صفوان. ويل أمه فتح لو كان له رجال.
603/ 1- قال: أخبرنا محمد بن عمر. قال: حدثني عبد الرحمن بن أبي الزناد. وعبد الله بن مصعب. عن أبي المنذر هشام بن عروة. قال:
603/ 2- وحدثنا نافع بن ثابت. عن نافع مولى بني أسد. قالا: لما كان يوم الثلاثاء أخذ الحجاج بالأبواب على ابن الزبير. وبات ابن الزبير يصلي عامة الليل «1» في المسجد الحرام. ثم احتبى بحمائل سيفه. فأغفى ثم انتبه
__________
603/ 1- إسناده ضعيف.
- رجاله تقدموا.
603/ 2- إسناده ضعيف.
- نافع بن ثابت بن عبد الله بن الزبير بن العوام. تقدم في (573) .
- نافع مولى بني أسد. تقدم في (562) .
تخريجه:
أخرجه الطبري في تاريخه: 6/ 191 من طريق المصنف به. إلا أنه قال في الإسناد.. محمد بن عمر فحدثني ابن أبي الزناد وأبو بكر بن عبد الله بن مصعب.
فزاد أبا بكر على ما هنا وعلى ما في تاريخ ابن عساكر. الذي أخرج الخبر من طريق المصنف أيضا، (ص: 485) .
__________
(1) ساقط من الأصل. واستدرك من تاريخ الطبري: 6/ 191. وابن عساكر: ص 485.

(2/128)


بالفجر. فقال أذن يا سعد «1» . فأذن عند المقام. وتوضأ ابن الزبير. وركع ركعتي الفجر. ثم أقام المؤذن. وتقدم فصلى بأصحابه فقرأ:، نون «2» وَالْقَلَمِ، حرفا حرفا. ثم سلم. فقام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: اكشفوا وجوهكم حتى أنظر. وعليهم المغافر والعمائم. فكشفوا وجوههم. فقال:
يا آل الزبير: لو طبتم لي نفسا عن أنفسكم. كنا أهل بيت من العرب اصطلمنا «3» لم تصبنا زباء «4» بتة «5» . أما بعد: يا آل الزبير. فلا يروعنكم وقع السيوف. فإني لم أحضر موطنا قط إلا ارتثثت فيه بين القتلى. ولما أجد من دواء جراحها أشد مما أجد من ألم وقعها. صونوا سيوفكم كما تصونوا وجوهكم. لا أعلمن امرأ كسر سيفه واستبقى نفسه. فإن الرجل إذا ذهب سلاحه فهو كالمرأة أعزل. غضوا أبصاركم عن البارقة. وليشتمل كل امرئ منكم قرنه. ولا يلهينكم السؤال عني. ولا تقولون: أين عبد الله بن الزبير؟ ألا ومن كان سائلا فإني في الرعيل الأول.
أبى لابن سلمى أنه غير خالد ... ملاقي المنايا أي صرف تيمما
فلست بمبتاع الحياة بسبه ... ولا مبتغ من رهبة الموت سلما «6»
- والشعر لحصين بن الحمام المري- احملوا على بركة الله. ثم حمل حتى بلغ بهم الحجون. ورمي بأجرة فأصابته في وجهه فأرعش «7» لها
__________
(1) سعد: هو مؤذن ابن الزبير.
(2) هكذا رسمها في المخطوطة.
(3) اصطلم: الاصطلام: الاستئصال. واصطلم القوم: أبيدوا (لسان العرب: 12/ 340) .
(4) زباء: داهية (المصدر السابق: 1/ 444) .
(5) بتة: البت: القطع المستأصل. والمراد الداهية المهلكة (المصدر السابق: 2/ 6) .
(6) الشعر للحصين بن الحمام المري وهو في المفضليات. المفضلية رقم (12) .
(7) ذكره الحاكم في المستدرك: 3/ 555 عن الواقدي.

(2/129)


ودمي وجهه. فلما وجد سخونة الدم يسيل على وجهه ولحيته قال: -
لسنا على الأعقاب تدمى كلومنا ... ولكن على أقدامنا تقطر الدما «1»
وتغاووا «2» عليه. وصاحت مولاة لنا مجنونة وا أمير المؤمنيناه!! وقد رأته حيث هوى. فأشارت لهم إليه. فقتل وإن عليه ثياب خز وجاء الخبر الحجاج. فسجد. وسار حتى وقف عليه هو وطارق بن عمرو. وقال طارق: ما ولدت النساء أذكر من هذا «3» . فقال الحجاج: تمدح من خالف أمير المؤمنين؟ قال طارق: نعم هو أعذر لنا. ولولا هذا ما كان لنا عذر.
أنا محاصروه وهو في غير خندق ولا حصن ولا منعة منذ سبعة أشهر ينتصف منا. بل يفضل علينا. في كل ما التقينا نحن وهو. فبلغ كلامهما عبد الملك ابن مروان. فصوب طارقا.
__________
(1) في ديوان الحماسة بشرح المرزوقي: 1/ 192، فلسنا،.
(2) تغاووا: التغاوي: التجمع والتعاون على الشر (اللسان: 15/ 141) .
(3) ذكره الحاكم في المستدرك: 3/ 555 عن الواقدي.

(2/130)


12- عبد الله بن زمعة
ابن الأسود بن المطلب «1» بن أسد بن عبد العزى بن قصي.
وأمه قريبة الكبرى «2» بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم. وأمها عاتكة بنت عبد المطلب «3» بن هاشم بن عبد مناف بن قصي. فولد عبد الله بن زمعة: عبد الرحمن ويزيد «4» ووهبا وأبا سلمة وكبيرا «5» وأبا عبيدة وقريبة وأم كلثوم وأم سلمة. وأمهم زينب بنت أبي
__________
نسب قريش للزبيري: ص 222. والمعرفة والتاريخ للفسوي: 1/ 203.
ومشاهير علماء الأمصار لابن حبان (ص: 16) والثقات له: 3/ 217.
والاستيعاب: 3/ 910. وجمهرة أنساب العرب لابن حزم (ص: 119) .
وأسد الغابة: 3/ 245. والإصابة: 4/ 95. وتهذيب التهذيب: 5/ 218.
والتحفة اللطيفة للسخاوي: 2/ 324.
__________
(1) في الاستيعاب، عبد المطلب، وهو خطأ. ولعله تصحيف. وكذا في التحفة اللطيفة.
(2) نسب قريش (ص: 221) .
(3) نفس المصدر (ص: 300) .
(4) قتل يوم الحرة صبرا. قتله مسلم بن عقبة المري انظر نسب قريش (ص: 222) ، وجمهرة أنساب العرب (ص: 119) ، والاستيعاب: 3/ 911. وقد ذكر ابن حبان في الثقات: 3/ 217 أن الذي قتل يوم الحرة هو عبد الله ابن زمعة صاحب الترجمة. وقال ابن حجر في الإصابة: 4/ 96 وبه جزم الكلبي. وقال: ويقال قتل يوم الدار سنة خمس وثلاثين. وبه جزم أبو حسان الزيادي.
(5) وقع في الاستيعاب: 3/ 912 وجمهرة أنساب العرب: ص 119 كثير بدل كبير. وهو جد أبي البختري وهب بن وهب بن كبير- بالموحدة من تحت- قاضي الرشيد. وقد ضبطه بالباء الموحدة الدارقطني في المؤتلف والمختلف (ص 1948) ، وابن حجر في تبصير المنتبه بتحرير المشتبه: 3/ 1187. وقد وقع بالثاء المثلثة، كثير، في كل من طبقات ابن سعد: 7/ 332. وميزان الاعتدال: 4/ 353. ولسان الميزان: 6/ 231.

(2/131)


سلمة بن عبد الأسد بن عبد الله بن عمر بن مخزوم. وأمها أم سلمة بنت ابن أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم زوج رسول الله ص.
وخالدا لأم ولد «1» .
قبض رسول الله ص وعبد الله بن زمعة ابن خمس عشرة سنة»
. وقد حفظ عنه.
604- قال: أخبرنا محمد بن عمر. قال: حدثني محمد بن عبد الله.
__________
604- إسناده ضعيف فيه الواقدي.
- محمد بن عبد الله بن مسلم ابن أخي الزهري. صدوق. تقدم في (41) .
- عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي. ثقة.
من الخامسة (تق: 1/ 517) .
- أبوه هو أبو بكر بن عبد الرحمن. أحد الفقهاء السبعة بالمدينة. ثقة فقيه عابد.
من الثالثة. مات سنة 94 هـ (تق: 2/ 398) .
تخريجه:
أخرجه أبو داود. كتاب السنة. باب في استخلاف أبي بكر حديث رقم (4660) من حديث محمد بن إسحاق قال حدثني الزهري ... به نحوه. ورقم (4661) من حديث عبد الرحمن بن إسحاق عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة. وقال الشيخ عبد القادر الأرناؤوط في جامع الأصول: 8/ 594 إسناده حسن. وقد أخرجه ابن إسحاق في السيرة: 2/ 652 من طريق الزهري به نحوه. ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ: 1/ 243 من طريق ابن إسحاق به.
كما أخرجه الإمام أحمد في مسنده: 4/ 322 من طريق ابن إسحاق به أيضا.
__________
(1) نسب قريش (ص: 222) .
(2) الثقات لابن حبان: 3/ 217. وقد ذكر ابن حجر في الإصابة: 4/ 96 أنه كان له في الهجرة خمس سنين. وقال: قاله ابن حبان. وهو مخالف لما في الثقات كما ترى.

(2/132)


عن الزهري. عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن. عن أبيه. عن عبد الله بن زمعة بن الأسود. قال: عدت رسول الله ص في مرضه الذي توفي فيه. فجاءه بلال يؤذنه بالصلاة. [فقال لي رسول الله ص:، مر الناس فليصلوا،. قال عبد الله: فخرجت فلقيت ناسا لا أكلمهم. فلما لقيت عمر بن الخطاب لم أبغ من وراءه- وكان أبو بكر غائبا- فقلت له: صل بالناس يا عمر. فقام عمر في المقام. فلما كبر سمع رسول الله ص صوته- وكان رجلا مجهرا «1» - قال: فأخرج رسول الله ص «2» رأسه حتى اطلعه للناس من حجرته. فقال:، لا. لا. لا. ليصل لهم ابن أبي قحافة] ،.
قال: يقول ذلك رسول الله ص مغضبا. قال: فانصرف عمر فقال لعبد الله بن زمعة يا ابن أخي: أمرك رسول الله أن تأمرني؟ قال: قلت: لا.
ولكني لما رأيتك لم أبغ من وراءك.
فقال عمر: ما كنت أظن حين أمرتني إلا أن رسول الله ص أمرك بذلك. ولولا ذلك ما صليت بالناس «3» . فقال عبد الله: لما لم أر أبا بكر رأيتك أحق من حضر بالصلاة.
605- قال: أخبرنا محمد بن عمر. قال: فحدثني محمد بن سلمة مولى آل جعفر. عن أبي الحويرث. عن نافع بن جبير. عن عبد الله بن زمعة.
قال: فانصرف عمر. فلقي عبد الله بن زمعة فقال: ما حملك على ما
__________
605- إسناده ضعيف.
- محمد بن سلمة مولى آل جعفر لم نجد له ترجمة.
- عبد الرحمن بن معاوية بن الحويرث الأنصاري. صدوق سيئ الحفظ. تقدم في (502) .
- نافع بن جبير بن مطعم. ثقة. تقدم في (187) .
تخريجه:
لم أقف عليه من هذا الطريق. وانظر تخريج الحديث السابق.
__________
(1) مجهرا: بكسر أوله وسكون الجيم- يقال: رجل مجهر. أي صاحب جهر ورفع لصوته (النهاية في غريب الحديث: 1/ 321) .
(2) إلى هنا نهاية السقط الكبير في نسخة المحمودية.
(3) ، بالناس، ساقطة من الأصل. وما أثبت من نسخة المحمودية.

(2/133)


صنعت؟ قال: [قال لي رسول الله ص:، مر الناس فليصلوا،. فلما لم أر أبا بكر لم أر أحدا أحق بالصلاة منك. قال: فأسكت عمر.]

(2/134)