سيرة الإمام
أحمد بن حنبل - مَا ذكر من وُرُود كتاب الْمَأْمُون فِي
المحنة من طرسوس وبأشخاص أبي رَحمَه الله وَمُحَمّد بن نوح
رَضِي الله عَنْهُمَا
سَمِعت أَبَا الْفضل صَالح قَالَ سَمِعت أبي يَقُول لما
أدخلنا على إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم للمحنة فقرئ عَلَيْهِ
كتاب الَّذِي كَانَ إِلَيّ طرسوس فَكَانَ فِيمَا قرئَ
علينا لَيْسَ كمثله شَيْء وَهُوَ خَالق كل شَيْء فَقَالَ
أبي فَقلت {وَهُوَ السَّمِيع الْبَصِير} فَقَالَ بعض من
حضر سَله مَا أَرَادَ بقوله {وَهُوَ السَّمِيع الْبَصِير}
فَقَالَ أبي فَقلت كَمَا قَالَ تبَارك وَتَعَالَى
وَسمعت أَبَا الْفضل يَقُول ثمَّ أمتحن الْقَوْم فَوجه
بِمن امْتنع إِلَى الْحَبْس فاجاب الْقَوْم جَمِيعًا غير
أَرْبَعَة أبي رَحمَه الله وَمُحَمّد بن نوح وَعبيد الله
بن عمر القواريري وَالْحسن بن حَمَّاد السجادة ثمَّ أجَاب
عبيد الله بن عمر وَالْحسن بن حَمَّاد وَبَقِي أبي
وَمُحَمّد بن نوح فِي الْحَبْس فمكثا أَيَّامًا فِي
الْحَبْس ثمَّ ورد كتاب من طرسوس بحملهما فَحمل
(1/49)
أبي وَمُحَمّد بن نوح رَحْمَة الله
عَلَيْهِمَا مقيدين زميلين اخرجا من بَغْدَاد فصرنا
مَعَهُمَا إِلَى الانبار
فَسَأَلَ أَبُو بكر الْأَحول أبي فَقَالَ لَهُ يَا أَبَا
عبد الله إِن عرضت على السَّيْف تجيب _
فَقَالَ لَا
قَالَ أبي فَانْطَلق بِنَا حَتَّى دَخَلنَا فِي الرحبة
فَلَمَّا دَخَلنَا مِنْهَا وَذَلِكَ فِي جَوف اللَّيْل
وَخَرجْنَا من الرحبة عرض لنا رجل فَقَالَ
أَيّكُم احْمَد بن حَنْبَل فَقيل لَهُ هَذَا فَسلم على أبي
ثمَّ قَالَ يَا هَذَا مَا عَلَيْك أَن تقتل هَاهُنَا
وَتدْخل الْجنَّة هَاهُنَا ثمَّ سلم وَانْصَرف
فَقلت من هَذَا
فَقيل هَذَا رجل من ربيعَة الْعَرَب يَقُول الشّعْر فِي
الْبَادِيَة يُقَال لَهُ جَابر بن عَامر
فَلَمَّا صرنا إِلَى أُذُنه ورحلنا مِنْهَا وَذَلِكَ فِي
جَوف اللَّيْل فتح لنا بَابهَا لَقينَا رجل وَنحن خارجون
من الْبَاب وَهُوَ دَاخل فَقَالَ الْبُشْرَى فقد مَاتَ
الرجل
(1/50)
قَالَ أبي وَكنت ادعوا الله أَنِّي لَا
أرَاهُ
فَحَدثني أبي قَالَ حَدثنَا معمر بن سُلَيْمَان عَن مرار
بن سلمَان عَن مَيْمُون بن مهْرَان قَالَ ثَلَاث لَا تبلون
نَفسك بِهن لَا تدخل على السُّلْطَان وان قلت آمره
بِطَاعَة الله وَلَا تدخلن على امْرَأَة وان قلت اعلمها
كتاب الله وَلَا تصغين سَمعك لذِي هَوَاء فانك لَا تَدْرِي
مَا يعلق قَلْبك مِنْهُ
سَمِعت أَبَا الْفضل يَقُول فَصَارَ أبي وَمُحَمّد بن نوح
إِلَى طرسوس وَجَاء نعي الْمَأْمُون من البذندون فَردا فِي
اقيادهما إِلَى الرقة واخرجنا من الرقة فِي سفينة مَعَ قوم
محبسين فَلَمَّا صَارا بعانات توفّي مُحَمَّد بن نوح
وَتقدم أبي فصلى عَلَيْهِ ثمَّ صَار إِلَى بَغْدَاد وَهُوَ
مُقَيّد فَمَكثَ بالياسرية أَيَّامًا ثمَّ صير إِلَى
الْحَبْس فِي دَار اكتريت عِنْد دَار عمَارَة ثمَّ نقل بعد
ذَلِك إِلَى حبس الْعَامَّة فِي درب الموصلية فَمَكثَ فِي
السجْن مُنْذُ اخذ وَحمل إِلَى بَغْدَاد ضرب وَدخل
عَلَيْهِ ثَمَانِيَة وَعشْرين شهرا
قَالَ أبي فَكنت اصلي بهم وَأَنا مُقَيّد
فَقَالَ أبي إِذا كَانَ الْقَيْد لَا تحجزه عَن تَمام
الصَّلَاة فلأباس وَكنت أرى بوران يحمل لَهُ فِي دورق مَاء
بَارِد فَيذْهب بِهِ إِلَى السجْن
(1/51)
|