سيرة الإمام أحمد بن حنبل

- ذكر محنة أبي إِسْحَاق المعتصم لأبي رَحْمَة الله
سَمِعت أَبَا الْفضل يَقُول قَالَ أبي رَحْمَة الله لما كَانَ فِي شهر رَمَضَان لَيْلَة تسع عشرَة خلت مِنْهُ حولت من السجْن إِلَى دَار إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَأَنا مُقَيّد بِقَيْد وَاحِد يُوَجه إِلَيّ كل يَوْم رجلَيْنِ سماهما أبي
قَالَ أَبُو الْفضل وهما احْمَد بن رَبَاح وَأَبُو شُعَيْب الْحجام يكلماني ويناظراني فَإِذا أَرَادَا الِانْصِرَاف دعِي بِقَيْد فقيدت فَمَكثت على هَذِه الْحَال ثَلَاثَة أَيَّام وَصَارَ فِي رجْلي أَرْبَعَة أقياد
فَقَالَ لي أَحدهمَا فِي بعض الْأَيَّام فِي كَلَام دَار وَسَأَلته عَن علم الله فَقَالَ علم الله مَخْلُوق قلت يَا كَافِر كفرت فَقَالَ لي الرَّسُول الَّذِي كَانَ يحضر مَعَهم من قبل إِسْحَاق هَذَا رَسُول أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ فَقلت إِن هَذَا قد كفر وَكَانَ صَاحبه الَّذِي يَجِيء مَعَه خَارج فَلَمَّا دخل قلت إِن هَذَا زعم أَن علم الله مَخْلُوق فَنظر إِلَيْهِ كالمنكر عَلَيْهِ قَالَ ثمَّ انْصَرف قَالَ أبي واسماء الله فِي الْقرَان وَالْقرَان من علم الله فَمن زعم أَن الْقرَان مَخْلُوق فَهُوَ كَافِر وَمن زعم أَن أَسمَاء الله مخلوقة فقد كفر

(1/52)


قَالَ أبي فَلَمَّا كَانَ لَيْلَة الرَّابِعَة بعد عشَاء الأخرة وَجه يَعْنِي المعتصم ببغا إِلَى إِسْحَاق يَأْمُرهُ بحملي فأدخلت على إِسْحَاق فَقَالَ لي يَا احْمَد أَنَّهَا وَالله نَفسك انه قد حلف أَن لَا يقتلك بِالسَّيْفِ وان يَضْرِبك ضربا بعد ضرب وان يلقيك فِي مَوضِع لَا ترى فِيهِ الشَّمْس أَلَيْسَ قَالَ الله تَعَالَى {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبيا} أفيكون مجعولا إِلَّا مخلوقا
قَالَ أبي فَقلت فقد قَالَ الله تَعَالَى {فجعلهم كعصف مَأْكُول} أفخلقهم قَالَ فَقَالَ اذْهَبُوا بِهِ
قَالَ أبي فأنزلت إِلَى شاطئ دجلة فاحدرت إِلَى الْموضع الْمَعْرُوف بِبَاب الْبُسْتَان وَمَعِي بغا الْكَبِير وَرَسُول من قبل إِسْحَاق
فَقَالَ بغا لمُحَمد الحارس بِالْفَارِسِيَّةِ مَا تُرِيدُونَ من هَذَا قَالَ يُرِيدُونَ مِنْهُ أَن يَقُول الْقرَان مَخْلُوق
فَقَالَ مَا اعرف شَيْئا من هَذَا إِلَّا قَول لَا إِلَه إِلَّا الله وان مُحَمَّدًا رَسُول الله وقرابة أَمِير الْمُؤمنِينَ من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أبي فَلَمَّا صرنا إِلَى الشط أخرجت من الزورق وحملت على دَابَّة والاقياد عَليّ وَمَا معي أحد يمسكني فَجعلت اكاد أخر على وَجْهي حَتَّى انْتهى بِي إِلَى الدَّار فأدخلت ثمَّ خرج بِي إِلَى حجرَة فصيرت فِي بَيت مِنْهَا واغلق عَليّ الْبَاب واقعد عَلَيْهِ رجل وَذَلِكَ فِي جَوف اللَّيْل وَلَيْسَ فِي الْبَيْت سراج فَاحْتَجت إِلَى الضَّوْء فمددت يَدي اطلب شَيْئا فَإِذا بِإِنَاء فِيهِ مَاء وطشت فتهيأت

(1/53)


للصَّلَاة وَقمت اصلي فَلَمَّا أَصبَحت جَاءَنِي الرَّسُول فاخذ بيَدي فادخلني الدَّار وَإِذا هُوَ جَالس وَابْن أبي دؤاد حَاضر وَقد جمع أَصْحَابه وَالدَّار غاصة بِأَهْلِهَا فَلَمَّا دَنَوْت مِنْهُ سلمت فَقَالَ أدنه أدنه فَلم يزل يدنيني حَتَّى قربت مِنْهُ ثمَّ قَالَ لي اجْلِسْ فَجَلَست وَقد اثقلتني الاقياد فَلَمَّا مكثت هنيهة قلت تَأذن فِي الْكَلَام
قَالَ تكلم قلت إِلَى مَا دَعَا إِلَيْهِ رَسُوله
قَالَ إِلَى شَهَادَة أَن لَا اله إِلَّا الله
قَالَ ثمَّ قلت إِن جدك ابْن عَبَّاس حكى أَن وَفد عبد الْقَيْس لما قدمُوا على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمرهم بِالْإِيمَان بِاللَّه تَعَالَى فَقَالَ أَتَدْرُونَ مَا الْإِيمَان قَالُوا الله وَرَسُوله اعْلَم
قَالَ شَهَادَة أَن لَا اله إِلَّا الله وان مُحَمَّدًا رَسُول الله واقام الصَّلَاة وإيتاء الزَّكَاة وَصَوْم رَمَضَان وان تعطوا الْخمس من الْمغنم
حَدثنَا أَبُو الْفضل قَالَ حَدثنِي أبي قَالَ حَدثنَا يحيى بن سعيد عَن شُعْبَة قَالَ حَدثنِي أَبُو حَمْزَة قَالَ سَمِعت بن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ قَالَ إِن وَفد عبد الْقَيْس لما قدمُوا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمرهم بِالْإِيمَان فَذكر مثل ذَلِك
قَالَ أَبُو الْفضل قَالَ أبي فَقَالَ لي عِنْد ذَلِك لَوْلَا أَنِّي وَجَدْتُك فِي يَد

(1/54)


من كَانَ قبلي مَا عرضت لَك ثمَّ الْتفت إِلَى عبد الرَّحْمَن بن إِسْحَاق فَقَالَ لَهُ يَا عبد الرَّحْمَن ألم آمُرك أَن ترفع المحنة
قَالَ أبي فَقلت فِي نَفسِي الله اكبر إِن فِي هَذَا لفرجا للْمُسلمين قَالَ ثمَّ قَالَ ناظروه وكلموه ثمَّ قَالَ يَا عبد الرَّحْمَن كَلمه فَقَالَ لي عبد الرَّحْمَن مَا تَقول فِي الْقرَان
قلت مَا تَقول فِي علم الله قَالَ فَسكت
قَالَ أبي فَجعل يكلمني هَذَا وَهَذَا فأرد على هَذَا ثمَّ أَقُول
يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أعطوني شَيْئا من كتاب الله أَو سنة رَسُوله أَقُول بِهِ ذَلِك
فَيَقُول لي بن أبي دؤاد وَأَنت لَا تَقول إِلَّا كَمَا فِي كتاب الله أَو سنة رَسُوله
قَالَ فَقلت لَهُ تأولت تَأْوِيلا فَأَنت اعْلَم وَمَا تأولت مَا يحبس عَلَيْهِ ويقيد عَلَيْهِ
قَالَ فَقَالَ ابْن أبي دؤاد فَهُوَ وَالله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ ضال مضل مُبْتَدع يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ وَهَؤُلَاء قضاتك وَالْفُقَهَاء فسلهم
قَالَ فَيَقُول لَهُم مَا تَقولُونَ
فَيَقُولُونَ يَا أَمِير الْمُؤْمِنُونَ هُوَ ضال مضل مُبْتَدع
قَالَ فَلَا يزالون يكلموني
وَقَالَ وَجعل صوتي يَعْلُو على أَصْوَاتهم فَقَالَ لي إِنْسَان مِنْهُم قَالَ

(1/55)


الله تَعَالَى {مَا يَأْتِيهم من ذكر من رَبهم مُحدث} فَيكون مُحدثا إِلَّا مخلوقا
قلت لَهُ قَالَ الله تعال {ص وَالْقُرْآن ذِي الذّكر} فالذكر هُوَ الْقُرْآن وَيلك أَو لَيْسَ فِيهَا لَا ألف وَلَا لَام
قَالَ فَجعل بن سَمَّاعَة لَا يفهم مَا أَقُول
قَالَ فَجعل يَقُول لَهُم مَا يَقُول قَالَ فَقَالُوا انه يَقُول كَذَا وَكَذَا قَالَ فَقَالَ لي إِنْسَان مِنْهُم حَدِيث خباب يَا هنتاه تقرب إِلَى الله بِمَا اسْتَطَعْت فانك لن تتقرب إِلَيْهِ بِشَيْء احب إِلَيْهِ من كَلَامه
قَالَ فَقلت نعم هَكَذَا هُوَ
قَالَ فَجعل بن أبي دؤاد ينظر إِلَيْهِ ويلحظه متغيظا عَلَيْهِ
قَالَ أبي فَقَالَ بَعضهم أَلَيْسَ قَالَ خَالق كل شَيْء
قَالَ قلت قد قَالَ تدمر كل شَيْء فدمرت أَلا مَا أَرَادَ الله

(1/56)


وَقَالَ فَقَالَ لي بَعضهم فِيمَا يَقُول وَذكر حَدِيث عمرَان بن حُصَيْن أَن الله تبَارك وَتَعَالَى كتب الذّكر فَقَالَ إِن الله خلق الذّكر
قَالَ فَقلت هَذَا خطأ حَدثنَا غير وَاحِد كتب الذّكر
قَالَ أبي فَكَانَ إِذا انْقَطع الرجل مِنْهُم اعْترض ابْن أبي دؤاد يتَكَلَّم فَلَمَّا قَارب الزَّوَال قَالَ لَهُم قومُوا ثمَّ حبس عبد الرَّحْمَن بن إِسْحَاق فَخَلا بِي وَبِعَبْد الرَّحْمَن فَجعل يَقُول لي أما كنت تعرف صَالح الرَّشِيدِيّ كَانَ مؤدبي وَكَانَ فِي هَذَا الْموضع جَالس واشار إِلَى نَاحيَة من الدَّار قَالَ فَتكلم وَذكر الْقرَان فخالفني فَأمرت بِهِ فسحب ووطئ قَالَ أبي ثمَّ جعل يَقُول لي مَا أعرفك ألم تكن تَأْتِينَا _
فَقَالَ لَهُ عبد الرَّحْمَن يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ اعرفه مُنْذُ ثَلَاثِينَ سنة يرى طَاعَتك وَالْحج وَالْجهَاد مَعَك وَهُوَ ملازم لمنزله
قَالَ فَجعل يَقُول وَالله انه لفقيه وانه لعالم وَمِمَّا يسرني أَن يكون مثله معي يرد عني أهل الْملَل وَلَئِن أجابني إِلَى شَيْء لَهُ فِيهِ أدنى فرج لأطلقن عَنهُ بيَدي وَلَا وطأن عقبَة وَلَا ركبن إِلَيْهِ بجندي
قَالَ ثمَّ الْتفت إِلَيّ فَيَقُول وَيحك يَا احْمَد مَا مَا تَقول
قَالَ فاقول يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أعطوني شَيْئا من كتاب الله أَو سنة وَرَسُوله فَلَمَّا طَال بِنَا الْمجْلس ضجر فَقَامَ فَرددت إِلَى الْموضع الَّذِي كنت فِيهِ ثمَّ وَجه إِلَيّ برجلَيْن سماهما وهما صَاحب الشَّافِعِي وغسان من

(1/57)


أَصْحَاب ابْن أبي دؤاد يناظراني فيقيمان معي حَتَّى إِذا حضر الْإِفْطَار وَجه إِلَيْنَا بمائدة عَلَيْهَا طَعَام فَجعلَا يأكلان وَجعلت أتعلل حَتَّى رفع الْمَائِدَة واقاما إِلَى غَد وَفِي خلال ذَلِك يَجِيء ابْن أبي دؤاد فَيَقُول لي يَا احْمَد يَقُول لَك أَمِير الْمُؤمنِينَ مَا تَقول _
فَأَقُول لَهُ أعطوني شَيْئا من كتاب الله أَو سنة رَسُوله حَتَّى أَقُول بِهِ فَقَالَ لي بن أبي دؤاد وَالله لقد كتب اسْمك فِي الشِّيعَة فمحوته وَلَقَد سَاءَنِي أَخذهم إياك وانه وَالله لَيْسَ هُوَ السَّيْف انه ضرب بعد ضرب ثمَّ يَقُول لي مَا تَقول فأرد عَلَيْهِ نَحوا ثمَّ يأتيرسوله فَيَقُول أَيْن احْمَد بن عمار _ اجب للرجل الَّذِي أنزلت فِي حجرته فَيذْهب ثمَّ يعود فَيَقُول يَقُول لَك أَمِير الْمُؤمنِينَ مَا تَقول _ فارد عَلَيْهِ نَحوا مِمَّا رددت على ابْن أبي دؤاد فَلَا يزَال رسله تَأتي قَالَ أَحْمد بن عمار وَهُوَ يخْتَلف فِيمَا بيني وَبَينه وَيَقُول يَقُول أَمِير الْمُؤمنِينَ اجبني حَتَّى اجيء فَأطلق عَنْك بيَدي
قَالَ فَلَمَّا كَانَ فِي الْيَوْم الثَّانِي أدخلت عَلَيْهِ
فَقَالَ ناظروه كَلمُوهُ
قَالَ فَجعلُوا يَتَكَلَّمُونَ هَذَا من هَا هُنَا وَهَذَا من هَا هُنَا فأرد على هَذَا وَهَذَا فَإِذا جاؤوا بِشَيْء من الْكَلَام مِمَّا لَيْسَ فِي كتاب الله وَلَا سنة رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا فِيهِ خبر وَلَا اثر قلت مَا ادري مَا هَذَا _

(1/58)


فَيَقُولُونَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِذا تَوَجَّهت عَلَيْهِ الْحجَّة علينا وثب وَإِذا كلمناه بِشَيْء يَقُول لَا ادري مَا هَذَا _
قَالَ فَيَقُول ناظروه
قَالَ ثمَّ يَقُول يَا احْمَد إِنِّي عَلَيْك شفيق
فَقَالَ رجل مِنْهُم أَرَاك تذكر الحَدِيث وتنتحله
قَالَ فَقلت لَهُ مَا تَقول فِي قَول الله تَعَالَى {يُوصِيكُم الله فِي أَوْلَادكُم للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ}
فَقَالَ خص الله بهَا الْمُؤمنِينَ
قَالَ فَقلت لَهُ مَا تَقول إِن كَانَ قَاتل أَو كَانَ قَاتلا عبدا يَهُودِيّ أَو نَصْرَانِيّ
قَالَ فَسكت
قَالَ أبي وانما احتججت عَلَيْهِ بِهَذَا لانهم كَانُوا يحتجون عَليّ بِظَاهِر الْقُرْآن وَبِقَوْلِهِ أَرَاك تنتحل الحَدِيث
وَكَانَ إِذا انْقَطع الرجل مِنْهُم اعْترض ابْن أبي دَاوُد فَيَقُول يَا أَمِير أَمِير الْمُؤمنِينَ وَالله لَئِن أجابك لَهو احب إِلَيّ من مائَة ألف دِينَار وَمِائَة ألف دِينَار فَيُعِيد مَا شَاءَ الله من ذَلِك ثمَّ أَمرهم بعد ذَلِك بِالْقيامِ وخلى بِي وَبِعَبْد الرَّحْمَن فيدور بَيْننَا كَلَام كثير وَفِي خلال ذَلِك يَقُول

(1/59)


لي تَدْعُو حمد بن أبي دؤاد فَأَقُول ذَلِك إِلَيْك فيوجه إِلَيْهِ فَيَجِيء فيتكلم فَلَمَّا طَال بِنَا الْمجْلس قَامَ ورددت إِلَى الْموضع الَّذِي كنت فِيهِ وَجَاءَنِي الرّجلَانِ اللَّذَان كَانَا عِنْدِي بالْأَمْس فَجعلَا يتكلمان فدار بَيْننَا كَلَام كثير فَلَمَّا كَانَ وَقت الْإِفْطَار جِيءَ بِطَعَام على نَحْو مِمَّا أَتَى بِهِ فِي أول لَيْلَة فافطر وتعللت وَجعلت رسله تَأتي احْمَد بن عمار فيمضي إِلَيْهِ ويأتيني برسالته على نَحْو مِمَّا كَانَ أول لَيْلَة وَجَاءَنِي ابْن أبي دؤاد فَقَالَ انه قد حلف أَن يَضْرِبك ضربا بعد ضرب وان يحبسك فِي مَوضِع لَا ترى فِيهِ الشَّمْس
فَقلت لَهُ فَمَا اصْنَع
حَتَّى إِذا كدت أَن اصبح قلت لخليق أَن يحدث من أَمْرِي فِي هَذَا الْيَوْم شَيْء وَقد كنت أخرجت تكتي من سراويلي فشددت بهَا الاقياد احملها بهَا إِذا تَوَجَّهت إِلَيْهِ فَقلت لبَعض من كَانَ مَعَ الموكلين ارْتَدَّ لي خيطا فَجَاءَنِي بخيط فشددت الاقياد وَاعَدت التكة فِي السَّرَاوِيل ولبسته كَرَاهِيَة أَن يحدث شَيْئا من أَمْرِي فاتعرى فَلَمَّا كَانَ فِي الْيَوْم الثَّالِث أدخلت عَلَيْهِ وَالْقَوْم حُضُور فَجعلت ادخل من دَار إِلَى دَار وَقوم مَعَهم السيوف وَقوم مَعَهم السِّيَاط وَغير ذَلِك من الزي وَالسِّلَاح وَقد حشرت الدَّار الْجند وَلم يكن فِي الْيَوْمَيْنِ الماضيين كثير أحد من هَؤُلَاءِ
حَتَّى إِذا صرت إِلَيْهِ قَالَ ناظروه كَلمُوهُ فعادوا بِمثل مناظرتهم وَدَار بَيْننَا كَلَام كثير حَتَّى إِذا كَانَ فِي الْوَقْت الَّذِي يَخْلُو فِيهِ فَجَاءَنِي ثمَّ اجْتَمعُوا فشاورهم وَمن ثمَّ نحاهم وَدَعَانِي فَخَلا بِي وَبِعَبْد الرَّحْمَن فَقَالَ لي

(1/60)


وَيحل يَا احْمَد أَنا عَلَيْك وَالله شفيق واني لاشفق عَلَيْك مثل شفقتي على هَارُون ابْني فاجبني فَقلت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أعطوني شَيْئا من كتاب الله أَو سنة رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا ضجر وَطَالَ الْمجْلس قَالَ لي عَلَيْك لعنة الله لقد كنت طمعت فِيك خذوه فاسحبوه
قَالَ فَأخذت وسحبت ثمَّ خلعت ثمَّ قَالَ العقابين والسياط فجيء بالعقابين والسياط
قَالَ أبي وَقد كَانَ صَار إِلَى شَعْرَة أَو شعرتان من شعر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فصررتهما كم قَمِيصِي فَنظر إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم إِلَى الصرة فِي كم قَمِيصِي فَوجه إِلَيّ مَا هَذَا مصر ورنى كمك
فَقلت شعر من شعر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وسعى بعض الْقَوْم إِلَى الْقَمِيص ليحرقه فِي وَقت مَا أَقمت بَين العقابين
فَقَالَ لَهُم يَعْنِي المعتصم - لَا تحرقُوهُ انزعوه عَنهُ
قَالَ إِنِّي ظَنَنْت انه درئ عَن الْقَمِيص الحرق بِسَبَب الشّعْر الَّذِي كَانَ فِيهِ ثمَّ صيرت بَين العقابين وشددت يَدي وَجِيء بكرسي فَجَلَسَ عَلَيْهِ وَابْن أبي دؤاد قَامَ على رَأسه وَالنَّاس أَجْمَعُونَ قيام مِمَّن حضر فَقَالَ لَهُ إِنْسَان مِمَّن شدني خُذ بِأَيّ الخشبتين بِيَدِك وَشد عَلَيْهِمَا فَلم افهم مَا قَالَ فتخالفت يداي لما شدت وَلم امسك الخشبتين

(1/61)


قَالَ أَبُو الْفضل وَلم يزل أبي رَحْمَة الله عَلَيْهِ يتوجع مِنْهُمَا إِلَى أَن توفّي
ثمَّ قَالَ للجلادين تقدمُوا فَنظر إِلَى السِّيَاط فَقَالَ ائْتُوا بغَيْرهَا ثمَّ قَالَ لَهُم تقدمُوا
فَقَالَ لاحدهم أدنه اوجع قطع الله يدك
فَتقدم فضربني سوطين ثمَّ تنحى ثمَّ قَالَ لآخر أدنه أوجع شدّ قطع الله يدك ثمَّ تقدم فضربني سوطين ثمَّ تنحى
فَلم يزل يَدْعُو وَاحِدًا بعد وَاحِد يضربني سوطين ويتنحى ثمَّ قَامَ حَتَّى جَاءَنِي وهم محدقون بِهِ
فَقَالَ وَيحك يَا احْمَد تقتل نَفسك
وَيحك اجبني حَتَّى أطلق عَنْك بيَدي
فَجعل بَعضهم يَقُول لي وَيلك امامك على رَأسك قَائِم
قَالَ لي عجيف فنخسني بقائم سَيْفه وَيَقُول تُرِيدُ أَن تغلب هَؤُلَاءِ كلهم وَجعل إِسْحَاق ابْن إِبْرَاهِيم يَقُول وَيحك الْخَلِيفَة على رَأسك قَائِم
قَالَ ثمَّ يَقُول بَعضهم يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ دَمه فِي عنقِي قَالَ ثمَّ رَجَعَ فَجَلَسَ على الْكُرْسِيّ ثمَّ قَالَ للجلاد أدنه شدّ قطع الله يدك

(1/62)


ثمَّ لم يزل يَدْعُو بجلاد بعد جلاد فيضربني بسوطين ويتنحى وَهُوَ يَقُول شدّ قطع الله يدك
ثمَّ قَامَ إِلَى الثَّانِيَة فَجعل يَقُول يَا احْمَد اجبني فَجعل عبد الرَّحْمَن بن إِسْحَاق يَقُول من صنع بِنَفسِهِ من أَصْحَابك فِي هَذَا الْأَمر مَا صنعت هَذَا يحيى بن معِين وَهَذَا أَبُو خَيْثَمَة وَابْن أبي إِسْرَائِيل وَجعل يعد على من أجَاب
قَالَ وَجعل وَهُوَ يَقُول وَيحك اجبني
قَالَ فَجعلت أَقُول نَحْو مَا كنت أَقُول لَهُم
قَالَ فَرجع فَجَلَسَ ثمَّ جعل يَقُول للجلاد شدّ قطع الله يدك
قَالَ أبي فَذهب عَقْلِي فَمَا عقلت إِلَّا وَأَنا فِي حجرَة مُطلق عني الاقياد وَقَالَ لي إِنْسَان مِمَّن حضر أَنا اكببناك على وَجهك وطرحنا على ظهرك بَارِية ودسناك
قَالَ أبي فَقلت مَا شَعرت بِذَاكَ
قَالَ فجاؤني بسويق فَقَالُوا اشرب فَقلت لَا أفطر فجيء بِهِ إِلَى دَار إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم
قَالَ أبي فَنُوديَ بِصَلَاة الظّهْر فصلينا الظّهْر
وَقَالَ ابْن سَمَّاعَة صليت وَالدَّم يسيل من ضربك
فَقلت بِهِ صلى عمر وجرحه يثغب دَمًا فَسكت

(1/63)


ثمَّ خلى عنة فَصَارَ إِلَى الْمنزل وَوجه إِلَيْهِ الرجل من السجْن مِمَّن يبصر الضَّرْب والجراحات يعالج مِنْهُ فَنظر إِلَيْهِ فَقَالَ قَالَ لنا وَالله لقد رَأَيْت مِنْهُ ضرب السيوط مَا رَأَيْت ضربا اشد من هَذَا لقد جر عَلَيْهِ من خَلفه وَمن قدامه ثمَّ ادخل ميلًا فِي بعض تِلْكَ الْجِرَاحَات
فَقَالَ لم ينفل فَجعل يَأْتِيهِ فيعالجه وَقد كَانَ أصَاب وَجهه غير ضَرْبَة ثمَّ مكث يعالجه مَا شَاءَ الله ثمَّ قَالَ لَهُ إِن هَذَا شَيْء أُرِيد أَن اقطعه فجَاء بحديدة فَجعل يعلق اللَّحْم بهَا ويقطعه بسكين مَعَه وَهُوَ صابر يحمد الله لذَلِك فبرأ مِنْهُ وَلم يزل يتوجع من مَوَاضِع مِنْهُ وَكَانَ اثر الضَّرْب بَين فِي ظَهره إِلَى أَن توفّي رَحْمَة الله علية
سَمِعت أبي يَقُول وَالله لقد أَعْطَيْت المجهود من نَفسِي ولوددت أَن أنجو من هَذَا الْأَمر كفافا لَا عَليّ وَلَا لي
قَالَ أَبُو الْفضل اخبرني أحد الرجلَيْن اللَّذين كَانَا مَعَه وَقد كَانَ هَذَا الرجل صَاحب حَدِيث قد سمع وَنظر ثمَّ جَاءَنِي بعد فَقَالَ يَا ابْن أخي رَحْمَة الله على أبي عبد الله وَالله مَا رَأَيْت أحدا - يَعْنِي - يُشبههُ
لقد جعلت أَقُول لَهُ فِي وَقت مَا يُوَجه إِلَيْنَا الطَّعَام يَا أَبَا عبد الله أَنْت صَائِم وَأَنت فِي مَوضِع تقية وَلَقَد عَطش فَقَالَ لصَاحب الشَّرَاب ناولني فَنَاوَلَهُ قدحا فِيهِ مَاء ثلج فَأَخذه فَنظر إِلَيْهِ هنيهة ثمَّ رده عَلَيْهِ
قَالَ فَجعلت اعْجَبْ من صبره على الْجُوع والعطش وَمَا هُوَ فِيهِ من الهول

(1/64)


قَالَ أَبُو الْفضل قد كنت التمس وأحتال أَن أوصل إِلَيْهِ طَعَاما أَو رغيفا أَو رغيفين فِي هَذِه الْأَيَّام فَلم اقدر على ذَلِك
واخبرني رجل حَضَره قَالَ فقدته فِي هَذِه الْأَيَّام الثَّلَاثَة وهم يناظرونه ويكلمونه فَمَا لحن وَلَا ظَنَنْت أَن يكون أحد فِي مثل شجاعته وَشدَّة قلبه قَالَ أَبُو الْفضل دخلت على أبي - رَحْمَة الله عَلَيْهِ - يَوْمًا وَقلت لَهُ بَلغنِي أَن رجلا جَاءَ إِلَى فضل الانماطي
فَقَالَ اجْعَلنِي فِي حل إِذْ لم أقِم بنصرتك فَقَالَ فضل لَا جعلت أحدا فِي حل فَتَبَسَّمَ أبي وَسكت فَلَمَّا كَانَ بعد أَيَّام مَرَرْت بِهَذِهِ الْآيَة {فَمن عَفا وَأصْلح فَأَجره على الله} فَنَظَرت فِي تَفْسِيرهَا فَإِذا هُوَ مَا حَدثنِي بِهِ هَاشم بن الْقَاسِم قَالَ حَدثنَا الْمُبَارك قَالَ حَدثنِي من سمع الْحسن يَقُول إِذا جثت الْأُمَم بَين يَدي الله تبَارك وَتَعَالَى يَوْم الْقِيَامَة نُودُوا ليقمْ من اجره على الله فَلَا يقوم إِلَّا من عَفا فِي الدُّنْيَا
قَالَ أبي فَجعلت الْمَيِّت فِي حل من ضربه إيَّايَ ثمَّ جعل يَقُول وَمَا على رجل إِلَّا يعذب الله بِسَبَبِهِ أحدا

(1/65)


بَاب من قَالَ الْقرَان مَخْلُوق واسماء الله تَعَالَى مخلوقة وَمَا يجب عَلَيْهِ فِي ذَلِك من الْعقُوبَة
أخبرنَا المخلدي قَالَ حَدثنَا الاسفرايني قَالَ حَدثنَا أَبُو الْفضل قَالَ حَدثنِي أبي قَالَ سَمِعت عبد الرَّحْمَن بن مهْدي وَذكر عِنْده بشر المريسي فَقَالَ من زعم أَن الله تبَارك وَتَعَالَى لم يكلم مُوسَى فَهُوَ كَافِر يُسْتَتَاب فان تَابَ وَإِلَّا ضربت عُنُقه
حَدثنَا أَبُو الْفضل قَالَ حَدثنِي أبي قَالَ حَدثنَا شُرَيْح بن النُّعْمَان قَالَ اخبرني عبد الله بن نَافِع قَالَ _ كَانَ مَالك يَقُول كلم الله مُوسَى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَيَقُول الْقُرْآن كَلَام الله ويستفظع قَول من يَقُول الْقُرْآن مَخْلُوق وَقَالَ ويوجع ضربا وَيحبس حَتَّى يَتُوب حَدثنَا أَبُو الْفضل قَالَ قَالَ حَدثنِي أبي قَالَ سَمِعت إِسْمَاعِيل بن عَلَيْهِ يَقُول من قَالَ الْقرَان مَخْلُوق مُبْتَدع وَقَالَ أبي من زعم أَن الْقُرْآن مَخْلُوق فقد كفر وَمن زعم أَن أَسمَاء

(1/66)


الله مخلوقة كفر لَا يصلى خلف من قَالَ الْقُرْآن مَخْلُوق فان صلى رجل عَاد
سَمِعت صَالح يَقُول قَالَ أبي بَلغنِي أَن إِسْمَاعِيل بن علية دخل على مُحَمَّد بن هَارُون وَهُوَ على سَرِير علية فَلَمَّا نظر إِلَيْهِ جعل يزحف على سَرِيره وَيَقُول لَهُ يَابْنَ الفاعلة أَنْت الْمُتَكَلّم فِي الْقُرْآن
قَالَ فَجعل إِسْمَاعِيل يَقُول لَهُ جعلني الله فدَاك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ زلَّة من عَالم
قَالَ أمْلى علينا أَبُو الْعَبَّاس عبد الله بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن الْجراح الازدي الْعَرَبِيّ قَالَ جَاءَنِي إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن خلف الْعَسْقَلَانِي برقعة رق بِخَط مُحَمَّد بن خلف زعم انه رأى فِي الْمَنَام كَأَن ولد آدم كلهم فِي الله غَيْرِي وَذَا رب الْعَالمين جلّ وَعز قد برز لِلْخلقِ فِي الْهَوَاء ومُوسَى بن عمرَان عَن يَمِينه وَأَنا اقْربْ الْخلق إِلَيْهِ بعد مُوسَى فَقلت لَهُ هُوَ ربكُم فَقَالُوا إِن كَانَ رَبنَا عقل لَهُ _ يَجْعَل الشَّمْس وَالْقَمَر وَالْكَوَاكِب فِي الأَرْض كهيئتها فِي السَّمَاء فسرنا وَأَنا اقدم الْقَوْم انه رَبنَا فَإِذا بِأَحْمَد يتَوَضَّأ على شط نهر وَهُوَ وَاقِف على ظهر جادة عَظِيمَة وَإِذا هُوَ ملتحف بطليسان لَهُ قومس فَقَالَ لِلْخلقِ أَيْن تُرِيدُونَ _
قَالُوا نُرِيد رب الْعَالمين يَجْعَل الشَّمْس وَالْقَمَر والنجوم كهيئتها فِي الأَرْض
فَقَالَ احْمَد هُوَ ربكُم وَلَيْسَ هُوَ بفاعل مَا تُرِيدُونَ فَرجع الْخلق يَقُول احْمَد يَعْنِي ابْن حَنْبَل موقنين انه رَبهم

(1/67)


قَالَ أَبُو الْعَبَّاس العوني كتب احْمَد بن حَنْبَل إِلَى ابْن مسْهر أَن يكْتب إِلَيْهِ بِهَذَا الحَدِيث يَعْنِي حَدِيث أم حَبِيبَة من مس فرجه فَليَتَوَضَّأ فَقلت لأبي مسْهر معي لَا تبجح بِهِ عِنْده فَقَالَ لي كتب إِلَيّ اكْتُبْ بِخَطِّهِ وَأَنا السَّاعَة فِي شغل حَدثنَا عَبَّاس بن الْوَلِيد بن مرْثَد قَالَ حَدثنَا الْحَرْث بن عَيَّاش قَالَ قلت لأبي مسْهر هَل تعلم أَن أحدا أبقى بحفظه الْأمة على أَمر دينهَا قَالَ لَا اعلمه إِلَّا شَاب فِي نَاحيَة الْمشرق

(1/68)


بَاب التَّنْبِيه وَاتِّبَاع الْأَثر بالْقَوْل فِي الْقُرْآن

حَدثنَا أَبُو الْفضل صال احْمَد بن حَنْبَل قَالَ قَالَ أبي اسماء الله فِي الْقرَان وَالْقرَان من علم الله وَعلم الله لَيْسَ بمخلوق وَالْقرَان كَلَام الله لَيْسَ بمخلوق على كل وَجه وعَلى كل جِهَة وعَلى أَي حَال
فَقيل لأبي عبد الله قوم بقولون إِذا قَالَ الرجل كَلَام الله لَيْسَ بمخلوق يَقُولُونَ من أمامك فِي هَذَا _ وَمن أَيْن قلت لَيْسَ بمخلوق _ قَالَ الْحجَّة قَول الله تبَارك وَتَعَالَى {فَمن حاجك فِيهِ من بعد مَا جَاءَك من الْعلم} فَمَا جَاءَهُ غير الْقرَان
قَالَ الْقرَان من علم الله وَعلم الله لَيْسَ بمخلوق وَالْقرَان كَلَام الله لَيْسَ بمخلوق وَمثل هَذَا فِي الْقرَان كثير _ فَقيل لَهُ يُجزئ أَن أَقُول هَذَا قَول جهم وعَلى كل حَال هُوَ كَلَام الله
قَالَ نعم
قيل لَهُ فاحد من الْعلمَاء قَالَ لَيْسَ بمخلوق
قَالَ جَعْفَر بن مُحَمَّد قَالَ صَالح فَحَدثني أبي أملاه عَليّ من كِتَابه
قَالَ حَدثنَا مُوسَى بن دَاوُد قَالَ حَدثنَا أَبُو عبد الرَّحْمَن بن معبد عَن

(1/69)


مُعَاوِيَة بن عمار الذَّهَبِيّ قَالَ قُلْنَا لجَعْفَر انهم يسألونا عَن الْقُرْآن أمخلوق هُوَ
قَالَ لَيْسَ بخالق وَلَا مَخْلُوق وَلكنه كَلَام الله
قَالَ أبي وَقد رَأَيْت معبد وَبَلغنِي انه كَانَ يُفْتِي بِرَأْي ابْن أبي ليلى سَمِعت أَبَا الْفضل يَقُول
سَمِعت أَبَا عبد الله بن جَعْفَر بن عبد الْوَاحِد قَالَ حَدثنَا عبد الْأَحَد بن عبد الرَّحْمَن قَالَ سَمِعت الْمعَافى قَالَ سَمِعت الاوزاعي قَالَ كَانَ الزُّهْرِيّ وَمَكْحُول يَقُولَانِ كَلَام الله غير مَخْلُوق
قَالَ أَبُو الْفضل قلت لأبي من قَالَ لَفْظِي بِالْقُرْآنِ مَخْلُوق يكلم _
قَالَ هَذَا لَا يكلم وَلَا يصلى خَلفه وان صلى رجل أعَاد
قَالَ أَبُو الْفضل سَأَلَ يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم الدروقي أبي عَن من قَالَ لَفظه بِالْقُرْآنِ مَخْلُوق كَيفَ يَقُول فِي هَؤُلَاءِ قَالَ لَا يكلم هَؤُلَاءِ وَلَا يكلم فِي هَذَا الْقرَان كَلَام الله غير مَخْلُوق على كل جِهَة وعَلى كل وَجه وعَلى أَي حَال
قَالَ صَالح تناهى إِلَى أَن أَبَا طَالب يَحْكِي عَن أبي انه يَقُول لَفْظِي بالقران غير مَخْلُوق فَأخْبرت أبي بذلك فَقَالَ من أخْبرك فَقلت فلَان

(1/70)


قَالَ ابْعَثْ إِلَى أبي طَالب فوجهت إِلَيْهِ فجَاء وَجَاء فوران فَقَالَ لَهُ أبي أَنا قلت لَفْظِي بالقران غير مَخْلُوق _ وَغَضب وَجعل يرعد فَقَالَ لَهُ قَرَأت عَلَيْك {قل هُوَ الله أحد} فَقلت لي هَذَا لَيْسَ بمخلوق
قَالَ قلت يحْكى عَن أبي قلت لَك لَفْظِي بِالْقُرْآنِ غير مَخْلُوق
وَبَلغنِي انك وضعت ذَلِك فِي كتابك وكتبت بِهِ إِلَى الْقَوْم فان كَانَ فِي كتابك فامحة اشد المحو واكتب إِلَى الْقَوْم الَّذين كتبت إِلَيْهِم إِنِّي لم اقل لَك هَذَا وَغَضب وَاقْبَلْ عَلَيْهِ
فَقَالَ يحْكى عني مَا لم اقل لَك فَجعل فوران يعْتَذر إِلَيْهِ وَانْصَرف من عِنْده وَهُوَ مرعو ب فَعَاد أَبُو طَالب فَذكر انه قد حك ذَلِك من كِتَابه وانه كتب إِلَى الْقَوْم يُخْبِرهُمْ انه وهم على أبي عبد الله فِي الْحِكَايَة

(1/71)


بَاب قَول الواقفة فِي الْقرَان وَمَا يجب عَلَيْهِم

اُخْبُرْنَا المخلدي قَالَ حَدثنَا أَبُو بكر عبد الله بن مُحَمَّد الاسفرايني قَالَ أَبُو الْفضل سَمِعت أبي يَقُول افْتَرَقت الْجَهْمِية على ثَلَاثَة فرق فرقة قَالُوا الْقُرْآن مَخْلُوق
وَفرْقَة قَالُوا كَلَام الله وتسكت وَفرْقَة قَالُوا لفظنا بالقران مَخْلُوق
قَالَ الله عز وَجل فِي كِتَابه {فَأَجره حَتَّى يسمع كَلَام الله} فجبريل سَمعه من الله وسَمعه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام وسَمعه أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من النَّبِي فالقرآن كَلَام الله غير مَخْلُوق
قَالَ صَالح قلت لأبي وَلَا يكلم من وقف
قَالَ لَا يكلم
قلت قَالَ كَلمه رجل قَالَ يَأْمُرهُ فان ترك كَلَامه كَلمه وان لم يتْرك كَلَامه فَلَا تكَلمه

(1/72)


بَاب من أُرِيد على أَن يَقُول الْقُرْآن مَخْلُوق فاجاب إِلَى هَذَا وَالصَّلَاة خَلفه وَخلف من ارْتَدَّ

اُخْبُرْنَا المخلدي قَالَ حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد الاسفرايني قَالَ أَبُو الْفضل قَالَ أبي أَن امتحن فَلَا يُجيب وَلَا كَرَاهَة فالمكروه لَا يكون عِنْدِي إِلَّا أَن ينَال بِضَرْب أَو بتعذيب فَأَما المتهدد فَلَا يكون عِنْدِي بالتهديد مكْرها لَان الْآيَة الَّتِي قَالَ الله فِيهَا {إِلَّا من أكره وَقَلبه مطمئن بِالْإِيمَان} فالإيمان نزلت فِي عمار وَكَانَ عمار عذب
قلت لأبي فَإِذا اجْتمع رجلَانِ أَحدهمَا قد امتحن وَالْآخر لم يمْتَحن ثمَّ حضرت الصَّلَاة قَالَ يتَقَدَّم الَّذِي لم يمْتَحن وَقَالَ أبي كَانَ سُفْيَان بن عنينة يحدث هَذَا الحَدِيث وَلم اسْمَعْهُ أَنا عَن إِسْمَاعِيل عَن قيس قَالَ اجْتمع الْأَشْعَث بن قيس وَجَرِير على جَنَازَة فقدمه الْأَشْعَث عَلَيْهَا وَقَالَ الْأَشْعَث للنَّاس إِنِّي ارتددت وانه لم يرْتَد واعجب أبي هَذَا الحَدِيث
قَالَ أَبُو الْفضل حَدثنَا عَليّ بن عبد الله بن سُفْيَان عنينة

(1/73)


قَالَ أَبُو الْفضل وَضرب أبي على حَدِيث كل من أجَاب
وَقَالَ أَبُو الْفضل قدم بن رَبَاح يُرِيد الْبَصْرَة فَبَلغهُ أَن عبد الله القواريري شيعه أَو سلم عَلَيْهِ فَصَارَ القواريري إِلَى أبي فَلَمَّا نظر إِلَيْهِ قَالَ ألم يكف مَا كَانَ مِنْك من الْإِجَابَة حَتَّى سلمت على ابْن رَبَاح ورد الْبَاب فِي وَجهه
وجاءه الْحزَامِي - وَقد ذهب إِلَى ابْن دؤاد - فدق الْبَاب فَلَمَّا خرج إِلَيْهِ وَرَآهُ اغلق الْبَاب وَدخل
سَمِعت صَالح يَقُول قَالَ أبي لَا يشْهد رجل عِنْد قَاض جهمي
سَمِعت صَالح قَالَ وَسُئِلَ أبي عَن الرجل يكون قد اشْهَدْ رجلا على شَهَادَة يَدعُوهُ إِلَى القَاضِي ليشهد لَهُ وَالْقَاضِي جهمي قَالَ لَا يذهب إِلَيْهِ
قيل لَهُ فان استعدى عَلَيْهِ فَذهب بِهِ فامتحن _
قَالَ لَا يُجيب وَلَا كَرَاهَة يَأْخُذ كفا من تُرَاب يضْرب بِهِ وَجهه

(1/74)


بَاب الصَّلَاة خلف القدري والرافضي

اُخْبُرْنَا المخلدي قَالَ حَدثنَا الاسفرايني قَالَ سَمِعت صَالح يَقُول سَالَتْ أبي يُصَلِّي الرجل خلف القدري فَإِذا قَالَ إِن الله لَا يعلم مَا يعْمل الْعباد حَتَّى يعملوا
قَالَ لَا يصلى خَلفه
سَمِعت صَالح يَقُول قَالَ أبي لَا يصلى خلف الرافضي إِذا كَانَ يتَنَاوَل أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

(1/75)


بَاب أَتبَاع الْأَثر وَالسّنة فِي تقدمة أبي بكر وَعمر رضوَان الله عَلَيْهِمَا

اُخْبُرْنَا المخلدي قَالَ حَدثنَا الاسفرايني قَالَ سَمِعت صَالح يَقُول قلت لأبي أَي شَيْء تذْهب فِي التَّفْضِيل
قَالَ إِلَى حَدِيث ابْن عمر قَالَ نَذْهَب إِلَى حَدِيث سفينة قَالَ نعم نستعمل الْخَبَرَيْنِ جَمِيعًا حَدِيث سفينة الْخلَافَة ثَلَاثُونَ سنة
فمنك أَبُو بكر سنتَيْن وَشَيْء وَعمر عشرا وَعُثْمَان اثْنَا عشر وَعلي سِتا رضوَان الله عَلَيْهِم
قلت فان قَالَ قَائِل لم تثبت خلَافَة عَليّ يَنْبَغِي لَك أَن تربع قَالَ إِنَّمَا نتبع مَا جَاءَ أما قَوْلنَا نَحن عَليّ عِنْدِي من الْخُلَفَاء الرَّاشِدين المهدين قد

(1/76)


سمى نَفسه أَمِير الْمُؤمنِينَ واهل بدر متوافرون يسمونه أَمِير الْمُؤمنِينَ ويحج بِالنَّاسِ وَيقطع ويرجم
قلت فان قَالَ قد يجد الْخَارِجِي حِين يحرج بئس أَمِير الْمُؤمنِينَ
قَالَ هَذَا قَول سوء خَبِيث ردىء فَيَقُول عَليّ إِنَّمَا كَانَ خارجي بئس القَوْل نَعُوذ بِاللَّه من الغلو
وَسُئِلَ وَأَنا شَاهد عَن من يقدم عليا على عُثْمَان تبدع
قَالَ هَذَا أهل أَن يبدع أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قدمُوا عُثْمَان وَسُئِلَ أبي وَأَنا شَاهد عَن الْإِيمَان وَالْإِسْلَام _ فَقَالَ قَالَ ابْن أبي ذُؤَيْب الْإِسْلَام القَوْل وَالْإِيمَان الْعَمَل قيل لَهُ مَا تَقول أَنْت

(1/77)


قَالَ الْإِسْلَام غير الْإِيمَان قَالَ الزُّهْرِيّ فِي حَدِيث بن عَامر بن سعد حِين قَالَ الرجل يَا رَسُول الله انه مُؤمن فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُسلم

(1/78)


بَاب الْفرق بَين الْإِيمَان وَالْإِسْلَام

أخبرنَا المخلدي قَالَ حَدثنَا الاسفرايني قَالَ حَدثنَا صَالح قَالَ حَدَّثَنِيهِ أبي قَالَ حَدثنَا عبد الرَّزَّاق قَالَ أخبرنَا معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن عَامر بن سعد بن أبي وَقاص عَن أَبِيه قَالَ أعْطى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجَالًا وَلم يُعْط رجلا مِنْهُم
فَقَالَ سعد يَا نَبِي الله أَعْطَيْت فلَانا وَفُلَانًا وَلم تعط فلَانا شَيْئا وَهُوَ مُؤمن فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو مُسلم حَتَّى أَعَادَهَا سعد ثَلَاثًا وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لَهُ أَو مُسلم ثمَّ قَالَ النَّبِي إِنِّي لأعطي رجَالًا وأدع من هُوَ أحب إِلَيّ مِنْهُم فَلَا أعْطِيه شَيْئا مَخَافَة أَن يكبوا فِي النَّار على وُجُوههم
وَقَالَ الزُّهْرِيّ فترى أَن الْإِسْلَام الْكَلِمَة وَالْإِيمَان الْعَمَل
حَدثنَا صَالح قَالَ حَدثنِي أبي قَالَ حَدثنَا هومل قَالَ حَدثنَا حَمَّاد بن زيد قَالَ سَمِعت هِشَام يَقُول كَانَ الْحسن وَمُحَمّد يَقُولَانِ مُسلم وَبهَا يَأْتِ مُؤمن
حَدثنَا صَالح قَالَ حَدثنِي أبي قَالَ حَدثنَا أَبُو سَلمَة الْخُزَاعِيّ قَالَ كَانَ حَمَّاد بن زيد يفرق بَين الْإِيمَان وَالْإِسْلَام وَيجْعَل الْإِسْلَام عَاما وَالْإِيمَان خَاصّا

(1/79)


قَالَ وَقَالَ أبي يرْوى عَن أبي جَعْفَر قَالَ الْإِيمَان مَقْصُود فِي الْإِسْلَام فَإِذا زنا خرج من الْإِيمَان إِلَى الْإِسْلَام
حَدثنَا أبي قَالَ حَدثنَا مُعَاوِيَة بن عَمْرو عَن أبي إِسْحَاق عَن الاوزاعي قَالَ قلت لِلزهْرِيِّ انهم يَقُولُونَ إِن لم يكن مُؤمنا فَمَا هُوَ _ قَالَ فَأنْكر ذَلِك وَكره مَسْأَلَتي عَنهُ

(1/80)


بَاب زِيَادَة الْإِيمَان ونقصانه

حَدثنَا المخلدي قَالَ حَدثنَا الاسفرايني قَالَ أَبُو الْفضل قَالَ أبي الْإِيمَان قَول وَعمل وَيزِيد وَينْقص
حَدثنَا صَالح قَالَ فَحَدثني أبي قَالَ سَمِعت يحيى بن سعيد الْقطَّان يَقُول كَانَ سُفْيَان بن سعيد يُنكر أَن يَقُول أَنا مُؤمن وَحسن يَعْنِي الزِّيَادَة وَالنُّقْصَان وَرَآهُ
حَدثنَا أبي قَالَ حَدثنَا أَبُو نعيم قَالَ سَمِعت سُفْيَان يَقُول الْإِيمَان يزِيد وَينْقص
حَدثنِي أبي قَالَ سَمِعت وَكِيع يَقُول الْإِيمَان يزِيد وَينْقص قَالَ وَكَذَا كَانَ سُفْيَان يَقُول
حَدثنَا صَالح قَالَ حَدثنِي أبي قَالَ سَمِعت سُفْيَان ابْن عَيْنِيَّة يَقُول لَا يعنق من قَالَ الْإِيمَان يزِيد وَينْقص
حَدثنِي أبي قَالَ حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن شماس قَالَ سَمِعت جرير بن عبد الحميد يَقُول الْإِيمَان يزِيد وَينْقص

(1/81)


حَدثنِي أبي قَالَ حَدثنِي أَبُو جَعْفَر السويدي عَن يحيى بن سليم عَن هِشَام عَن الْحسن قَالَ الْإِيمَان قَول وَعمل

(1/82)


بَاب القَوْل بِالْإِيمَان وَالْعَمَل بِهِ

أخبرنَا المخلدي قَالَ حَدثنَا عبد الله الاسفرايني قَالَ صَالح حَدثنِي أبي قَالَ حَدثنَا عبد الله بن يزِيد قَالَ حَدثنَا عبد الله بن لَهِيعَة عَن عبد الله بن هُبَيْرَة الشَّيْبَانِيّ عَن عبيد بن عُمَيْر اللَّيْثِيّ انه قَالَ لَيْسَ الْإِيمَان بالتمني وَلَكِن الْإِيمَان قَول بعقل وَعمل بِفعل
حَدثنِي أبي قَالَ حَدثنِي بن شماس قَالَ سَمِعت يحيى بن سليم وَرَوَاهُ عَن جريح قَالَ الْإِيمَان قَول وَعمل
حَدثنِي أبي قَالَ حَدثنَا ابْن شماس قَالَ وَسُئِلَ فُضَيْل بن عِيَاض وَأَنا أسمع عَن الْإِيمَان فَقَالَ الْإِيمَان عندنَا دَاخله وخارجه الْإِقْرَار بِاللِّسَانِ وَالْقَبُول بِالْقَلْبِ وَالْعَمَل بِهِ
حَدثنِي أبي قَالَ سَمِعت يحيى بن سعيد يَقُول الْإِيمَان قَول وَعمل حَدثنِي أبي قَالَ حَدثنَا أَبُو سَلمَة الْخُزَاعِيّ قَالَ مَالك وَشريك وَأَبُو بكر بن عَيَّاش وَعبد الْعَزِيز بن أبي سَلمَة وَحَمَّاد بن سَلمَة وَحَمَّاد بن زيد الْإِيمَان الْمعرفَة وَالْإِقْرَار الْعَمَل
حَدثنِي أبي قَالَ حَدثنِي إِبْرَاهِيم بن شماس قَالَ سَمِعت ابْن الْمُبَارك وَجَرِير بن عبد الحميد وَيحيى بن سليم وَالنضْر بن شُمَيْل وَبَقِيَّة بن الْوَلِيد وَأَبُو إِسْحَاق الْفَزارِيّ وَإِسْمَاعِيل بن عَيَّاش قَالُوا الْإِيمَان قَول وَعمل

(1/83)


بَاب ذكر خُرُوج أبي عبد الله فِي الْمرة الأولى إِلَى سومراى وأشخاص المتَوَكل
لَهُ
اُخْبُرْنَا المخلدي قَالَ حَدثنَا عبد الله الاسفرايني قَالَ سَمِعت أَبَا الْفضل يَقُول وَجه المتَوَكل إِلَى إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم يَأْمُرهُ بِحمْل أبي إِلَى المعسكر قَالَ فَوجه إِسْحَاق إِلَى أبي فَقَالَ أَن أَمِير الْمُؤمنِينَ قد كتب إِلَيّ يَأْمُرنِي باشخاصك إِلَيْهِ فتأهب إِلَيْهِ لذَلِك
قَالَ أبي فَقَالَ لي إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم اجْعَلنِي فِي حل
فَقلت قد جعلتك وكل من حضر فِي حل
قَالَ أبي فَقَالَ لي إِسْحَاق اسالك عَن الْقرَان مسالة مسترشد لَا مسالة امتحان وَليكن ذَلِك عنْدك مَسْتُورا مَا نقُول فِي الْقرَان
قَالَ أبي فَقلت الْقرَان كَلَام الله لَيْسَ بمخلوق
قَالَ فَقل لي من أَيْن قلت غير مَخْلُوق _ قَالَ أبي فَقلت لَهُ قَالَ الله تبَارك وَتَعَالَى إِلَّا لَهُ الْخلق وَالْأَمر مفرق بَين الْخلق وَالْأَمر

(1/84)


فَقَالَ إِسْحَاق الْأَمر مَخْلُوق
فَقَالَ أبي فَقلت لَهُ يَا إِسْحَاق إِن الله يخلق خلقا
فَقَالَ أبي فَقَالَ لي وَعَمن تحكي إِنَّه لَيْسَ بمخلوق قَالَ فَقلت جَعْفَر بن مُحَمَّد قَالَ لَيْسَ بخالق وَلَا مَخْلُوق
قَالَ فَسكت
قَالَ أبي فَلَمَّا كَانَت اللَّيْلَة الثَّانِيَة وَجه إِلَيّ مَا تَقول فِي الْخُرُوج _
قَالَ فَقلت ذَلِك إِلَيْك
فَقَالَ الَّذِي حكيت هُوَ عَن مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة
فَقلت لَا حكيت عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ فَسكت
قَالَ أَبُو الْفضل ثمَّ اخْرُج أبي حَتَّى إِذا صرنا بِموضع يُقَال بصرى بَات أبي فِي مَسْجِد وَنحن مَعَه فَلَمَّا كَانَ فِي جَوف اللَّيْل
جَاءَ النيسأبوري فَقَالَ يَقُول لَك الْأَمِير ارْجع
فَقلت لَهُ يَا أبه أَرْجُو أَن يكون فِيهِ خيرا

(1/85)


فَقَالَ لم أزل اللَّيْلَة أَدْعُو الله
وَكتب المتَوَكل إِلَى إِسْحَاق يَأْمُرهُ أَن يسْأَل عَن الْمَطْبُوخ _ فَوجه إِلَيْهِ إِسْحَاق فكب إِلَيْهِ إِنَّمَا جَاءَ فِي الحَدِيث مَا ذهب ثُلُثَاهُ وَبَقِي ثلثه
تمّ الْجُزْء الأول وَالْحَمْد لله وَحده ويتلوه الْجُزْء الثَّانِي

(1/86)


مَضْمُون الْجُزْء الأول
الْمَوْضُوع صفحة
تَقْدِيم الطبعة الثَّانِيَة
مُقَدّمَة
- أَبُو الْفضل صَالح
- معالم حَيَاته
- شُيُوخه
الإِمَام احْمَد بن حَنْبَل
أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ
على بن الْمَدِينِيّ
تلاميذه
ابْن أبي حَاتِم الرَّازِيّ
الْخرقِيّ
آثاره
الْكتاب
وصف المخطوط
حَقِيقَة مخطوطة الظَّاهِرِيَّة
منهجنا فِي التَّحْقِيق
لوحة الصفحة الأولى من المخطوط
لوحة الصفحة الْأَخِيرَة فِي المخطوط
النَّص الْمُحَقق
- ذكر مولد أبي عبد الله احْمَد بن حَنْبَل رَحمَه الله ومبلغ سنة يَوْم توفّي
- تَارِيخ طلب أبي عبد الله الحَدِيث
- مَا ذكر من أَخْلَاق أبي عبد الله رَضِي الله عَنهُ
- مَا ذكر فِي زهد أبي عبد الله رَضِي الله عَنهُ
- مَا ذكر من وُرُود كتاب الْمَأْمُون فِي المحنة من طرسوس
- ذكر محنة أبي إِسْحَاق المعتصم لأبي رَحمَه الله
بَاب من قَالَ الْقرَان
مَخْلُوق واسماء الله مخلوقة
بَاب التنبه وإتباع الْأَثر بالْقَوْل فِي الْقرَان
بَاب قَول الواقفة فِي الْقرَان وَمَا يجب عَلَيْهِم
بَاب من ازيد على أَن يَقُول الْقرَان مَخْلُوق فَأجَاب إِلَى هَذَا وَالصَّلَاة خَلفه وَخلف من ارْتَدَّ
بَاب
الصَّلَاة خلف القدري والرافضي
- بَاب اتِّبَاع الْأَثر وَالسّنة فِي تقدمه أبي بكر وَعمر رضوَان الله عَلَيْهِمَا
- بَاب
الْفرق بَين الْإِيمَان وَالْإِسْلَام

- بَاب زِيَادَة الْإِيمَان ونقصانه

- بَاب
القَوْل بِالْإِيمَان وَالْعَمَل بِهِ
- بَاب ذكر خُرُوج أبي عبد الله فِي الْمرة الأولى إِلَى سومراى وأشخاص المتَوَكل لَهُ