سيرة عمر بن عبد العزيز

عمر وفرتونة السَّوْدَاء وَمَا كتبه اليها وَإِلَى عَامله على مصر بشأنها

قَالَ وَكَانَ بريد عمر بن عبد الْعَزِيز لَا يُعْطِيهِ أحد من النَّاس إِذا خرج كتابا إِلَّا حمله فَخرج بريد من مصر فَدفعت إِلَيْهِ فرتونة السَّوْدَاء مولاة ذِي أصبح كتابا تذكر فِيهِ أَن لَهَا حَائِطا قَصِيرا وَأَنه يقتحم عَلَيْهَا مِنْهُ فيسرق دجاجها فَكتب
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم من عبد الله عمر أَمِير الْمُؤمنِينَ إِلَى فرتونة السوداءمولاة ذِي أصبح بَلغنِي كتابك وَمَا ذكرت من قصر حائطك وَأَنه يدْخل عَلَيْك مِنْهُ فيسرق دجاجك فقد كتبت لَك كتابا إِلَى أَيُّوب بن شُرَحْبِيل وَكَانَ أَيُّوب عَامله على صَلَاة مصر وحربها آمره أَن يَبْنِي لَك ذَلِك حَتَّى يحصنه لَك مِمَّا تَخَافِينَ إِن شَاءَ الله وَالسَّلَام
وَكتب إِلَى أَيُّوب بن شُرَحْبِيل من عبد الله عمر أَمِير الْمُؤمنِينَ إِلَى ابْن شُرَحْبِيل أما بعد فَإِن فرتونة مولاة ذِي أصبح كتبت إِلَيّ تذكر قصر حائطها وَأَنه يسرق مِنْهُ دجاجها وتسأل تحصينه لَهَا فَإِذا جَاءَك كتابي هَذَا فاركب أَنْت بِنَفْسِك إِلَيْهِ حَتَّى تحصنه لَهَا فَلَمَّا جَاءَ الْكتاب إِلَى أَيُّوب ركب بِبدنِهِ حَتَّى أَتَى الجيزة يسْأَل عَن

(1/62)


فرتونة حَتَّى وَقع عَلَيْهَا وَإِذا هِيَ سَوْدَاء مسكينة فأعلمها بِمَا كتب بِهِ أَمِير الْمُؤمنِينَ فِيهَا وحصنه لَهَا
نعي عمر فِي مَسْجِد الْبَصْرَة

قَالَ وَكَانَ رَسُول عمر يقدم الْبَصْرَة فَإِذا سمع بِهِ تَلقاهُ النَّاس فَلَيْسَ يقدم إِلَّا بِزِيَادَة فِي عَطاء أَو قسم أَو خير يَأْمر بِهِ أَو شَرّ ينْهَى عَنهُ فَلَا يزَال النَّاس يشيعونه حَتَّى يدْخل الْمَسْجِد فَيقْرَأ ذَلِك الْكتاب حَتَّى قدم بريد نعيه فَلَقِيَهُ النَّاس كَمَا يلقونه فَإِذا هُوَ باك يخبر بِمَوْتِهِ فبكا النَّاس لبكائه لعَظيم مَا نزل بهم ولعظيم مصيبتهم حَتَّى دخل الْمَسْجِد يقْرَأ نعيه
نهي عمر عَن غرس الشّجر على شاطئ النّيل

قَالَ وَكتب عمر بن عبد الْعَزِيز إِلَى عَامله بِمصْر أَن لَا يغْرس على شاطئ النّيل شَجَرَة فَإِن ذَلِك يضر بالنواتي فِي جر اللبان
قَضَاؤُهُ الدّين عَن الغارمين من بَيت الممال

قَالَ وَكتب عمر بن عبد الْعَزِيز على أبي بكر بن حزم إِن كل من هلك وَعَلِيهِ دين لم يكن دينه فِي خرقه فَاقْض عَنهُ دينه من بَيت مَال الْمُسلمين
أمره بتقوية أهل الذِّمَّة

وَكتب إِلَى زيد بن عبد الرَّحْمَن بن عمر بن الْخطاب وَكَانَ على الْكُوفَة كتبت تذكر أَنه قد اجْتمعت عنْدك أَمْوَال بعد أعطية الْجند فأعط مِنْهُم من كَانَ عَلَيْهِ دين فِي

(1/63)


غير فَسَاد أَو تزوج فَلم يقدر على نقد وَالسَّلَام ثمَّ كتب إِلَيْهِ زيد إِنَّه قد بَقِي عندنَا بعد ذَلِك فَكتب إِلَيْهِ عمر أَن قو أهل الذِّمَّة فَإنَّا لَا نريدهم لسنة وَلَا لِسنتَيْنِ
رَأْيه فِي الزلزلة وَأمره النَّاس بِالصَّدَقَةِ وَالدُّعَاء

قَالَ وَكتب عمر بن عبد الْعَزِيز إِلَى أهل الْأَمْصَار إِن هَذِه الرجفة شَيْء يُعَاتب الله بِهِ الْعباد وَقد كنت كتبت إِلَى أهل بلد كذاوكذا أَن يخرجُوا يَوْم كذاو كَذَا فَمن اسْتَطَاعَ أَن يتَصَدَّق فيلفعل فَإِن الله عز وَجل يَقُول {قد أَفْلح من تزكّى} وَقَالَ قُولُوا كَمَا قَالَ أبوكم آدم {رَبنَا ظلمنَا أَنْفُسنَا وَإِن لم تغْفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين} وَقُولُوا كَمَا قَالَ نوح {وَإِلَّا تغْفر لي وترحمني أكن من الخاسرين} وَقُولُوا كَمَا قَالَ مُوسَى {رب إِنِّي ظلمت نَفسِي فَاغْفِر لي}
أمره النَّاس بِحَمْد الله

قَالَ وَكتب إِلَيْهِ عدي بن أَرْطَأَة إِنَّه قد أصَاب النَّاس من الْخَيْر خير حَتَّى لقد خشيت أَن يبطروا قَالَ فَكتب إِلَيْهِ عمر إِن الله تبَارك وَتَعَالَى حِين أَدخل أهل الْجنَّة الْجنَّة وَأهل النَّار النَّار رَضِي من أهل الْجنَّة بِأَن {وَقَالُوا الْحَمد لله الَّذِي صدقنا وعده} فَمر من قبلك أَن يحْمَدُوا الله

(1/64)


كِتَابه الى وهب بن مُنَبّه وَقد فقد دَنَانِير من بَيت المَال

قَالَ وَكتب وهب بن مُنَبّه إِلَى عمر بن عبد الْعَزِيز إِنِّي فقدت من بَيت مَال الْيمن دَنَانِير فَكتب إِلَيْهِ عمر أما بعد فَإِنِّي لست أتهم دينك وَلَا أمانتك وَلَكِنِّي أتهم تضييعك وتفريطك وَإِنَّمَا أَنا حجيج الْمُسلمين فِي مَالهم وَإِنَّمَا لأشحهم فاحلف لَهُم وَالسَّلَام