|
سيرة عمر بن عبد
العزيز نعيه على لِسَان نسَاء الْجِنّ وَمَا قيل
فِي ذَلِك من الشّعْر
قَالَ وبينما امْرَأَة بِالْكُوفَةِ ذَات لَيْلَة تغزل فِي
كوَّة إِلَى سفل وَمَعَهَا ابْنة لَهَا إِذْ وَقع مغزل
ابْنَتهَا فاطلعت من الكوة لتنظر مَكَانَهُ فَإِذا هِيَ
بِحَلقَة نسَاء فِي السّفل كحلقة المأتم وَفِي وسطهن
امْرَأَة وَهِي تَقول
(أَلا قل لِنسَاء الْجِنّ يبْكين شجيات ... ويخمشن
وُجُوهًا بَعْدَمَا كن نقيات)
(ويلبسن عباء بعد جر الفر قبيات ... ويردفن علوجا
بَعْدَمَا كن حظيات)
ثمَّ يَقُول من كَانَ حولهَا وأمير المؤمنياه وأمير
المؤمنياه فَقَالَت الْجَارِيَة لأمها أما تَرين مَا أرى
قَالَت وَمَا تَرين فاطلعت الْأُم فَإِذا هِيَ ترى ذَلِك
فَلَمَّا أَصبَحت نظرت اللَّيْلَة فَإِذا هِيَ اللَّيْلَة
الَّتِي مَاتَ فِيهَا عمر بن عبد الْعَزِيز رَحمَه الله
مُدَّة خلَافَة عمر بن عبد الْعَزِيز وَمَوْت آخر رجل من
الصَّحَابَة
قَالَ أَبُو الطَّاهِر ولي عمر بن عبد الْعَزِيز سنة تسع
وَتِسْعين وَسنة مائَة وَسنة إِحْدَى لم يستكملها فَكل مَا
ولي الْخلَافَة سنتَيْن وَأَرْبَعَة أشهر وَبَعض شهر وَلم
يستكمل قَالَ أَبُو الطَّاهِر وَلم يل الْخلَافَة وَاحِد
من أَصْحَاب النَّبِي عَلَيْهِ
(1/103)
السَّلَام بَاقٍ وَلم تأت سنة مائَة وَأحد
من اصحاب النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام حَيّ إِلَّا أَن عمر
بن عبد الْعَزِيز قد ولي على الْمَدِينَة وَبَعض
الصَّحَابَة بهَا
عقد عمر النِّيَّة على الْخَيْر من قبل خِلَافَته وَمَا
كَانَ بَينه وَبَين سلفه سُلَيْمَان فِي الْهَدَايَا
قَالَ أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الحكم
أَخْبرنِي أبي عبد الله بن عبد الحكم قَالَ لم يزل
سُلَيْمَان بن عبد الْملك يدبر ولَايَة عمر بن عبد
الْعَزِيز فَأَخْبرنِي بعض أَصْحَاب ابْن وهب عَن عبد الله
بن وهب عَن يَعْقُوب بن عبد الرَّحْمَن الزُّهْرِيّ قَالَ
لما قدم بالنيروز والمهرجان على سُلَيْمَان بن عبد الْملك
وَهُوَ خَليفَة فصبت لَهُ تِلْكَ الْهَدَايَا فِي آنِية
الذَّهَب وصنوف الْهَدَايَا قَالَ فَكلما مر بعمر صنف
مِنْهَا قَالَ لَهُ سُلَيْمَان كَيفَ ترى هَذَا يَا ابْن
عبد العزيزقال يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِنَّمَا هُوَ
مَتَاع الْحَيَاة الدُّنْيَا قَالَ لَهُ سُلَيْمَان فآلله
لَو وليته مَا أَنْت صانع فِيهِ قَالَ اللَّهُمَّ أقسمه
حَتَّى لَا يبْقى مِنْهُ شَيْء قَالَ اللَّهُمَّ أشهد
قَالَ فَجعل يمر بِهِ على شَيْء شَيْء وَيَقُول لَهُ هَذِه
الْمقَالة وَيَقُول لَهُ عمر اللَّهُمَّ أقسمه حَتَّى لَا
يبْقى مِنْهُ شَيْء قَالَ سُلَيْمَان اللَّهُمَّ أشهد
حَتَّى فرغ
تَرِكَة قَارون مولى عمر
قَالَ وَهلك مولى لعمر بن عبد الْعَزِيز يُقَال لَهُ
قَارون وَترك ألف دِينَار فَقيل لَهُ يَا أَمِير
الْمُؤمنِينَ هلك قَارون وَترك ألف دِينَار فَقَالَ عمر
ألف دِينَار من كسب طيب
أَمر سُلَيْمَان بن عبد الْملك بِضَرْب زيد بن حسن وَمَا
كَانَ من عمر فِي ذَلِك
قَالَ وَكتب الْوَلِيد بن عبد الْملك إِلَى زيد بن حسن بن
عَليّ بن أبي طَالب يسْأَله أَن يُبَايع لعبد الْعَزِيز بن
الْوَلِيد ويخلع سُلَيْمَان بن عبد الْملك فَفرق زيد من
الْوَلِيد فَأَجَابَهُ فَلَمَّا اسْتخْلف سُلَيْمَان وجد
كتاب زيد إِلَى الْوَلِيد بذلك
(1/104)
فَكتب إِلَى أبي بكر بن حزم وَهُوَ أَمِير
الْمَدِينَة ادْع زيد بن حسن فأقرئه هَذَا الْكتاب فَإِن
عرفه فَاكْتُبْ إِلَيّ بذلك وَإِن نكل فقدمه فأظهر يَمِينه
على مِنْبَر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا كتب
هَذَا الْكتاب وَلَا أَمر فَأرْسل إِلَيْهِ أَبُو بكر بن
حزم فَأَقْرَأهُ الْكتاب فَقَالَ أَنْظرنِي مَا بيني
وَبَين الْعشَاء أستخير الله قَالَ فَأرْسل زيد بن حسن
إِلَى الْقَاسِم بن مُحَمَّد وَسَالم بن عبد الله
يستشيرهما قَالَ فأقاما مَعَهُمَا ربيعَة فَذكر لَهما
ذَلِك وَقَالَ إِنِّي لم أكن آمن الْوَلِيد على دمي لولم
أجبه فقد كتبت هَذَا الْكتاب أفترون أَن أَحْلف فَقَالُوا
لَا تحلف وَلَا تبارز الله عزوجل عِنْد مِنْبَر رَسُول
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإنَّا نرجو أَن ينجيك الله
بِالصّدقِ فَأقر بِالْكتاب وَلم يحلف فَكتب بذلك أَبُو بكر
بن حزم إِلَى سُلَيْمَان فَكتب سُلَيْمَان إِلَى أبي بكر
أَن يضْربهُ مائَة سَوط ويدرعه عباءة ويمشيه حافيا فتشكى
سُلَيْمَان فَقَالَ عمر بن عبد الْعَزِيز للرسول لَا تخرج
حَتَّى نُكَلِّم أَمِير الْمُؤمنِينَ فِيمَا كتب إِلَى زيد
بن حسن لعَلي أستطيب نَفسه فَيتْرك هَذَا الْكتاب قَالَ
فحبس الرَّسُول وَالْكتاب وَمرض سُلَيْمَان فَقَالَ عمر
لَا تخرج فَإِن أَمِير الْمُؤمنِينَ مَرِيض إِلَى أَن رمي
فِي جَنَازَة سُلَيْمَان وأفضى الْأَمر إِلَى عمر بن عبد
الْعَزِيز فَدَعَا بِالْكتاب فخرقه
أَقْوَال فِي ابْن عمر بن عبد الْعَزِيز وأخيه ومولاه
قَالَ وَلما دفن عمر عبد الْملك وَلَده وَسَهل بن عبد
الْعَزِيز أَخَاهُ ثمَّ هلك مُزَاحم مَوْلَاهُ فَقَالَ رجل
من الشَّام وَالله لقد أُصِيب أَمِير الْمُؤمنِينَ بِابْن
لَا وَالله إِن رَأَيْت ولدا كَانَ أَنْفَع لوالده مِنْهُ
ثمَّ أُصِيب أَمِير الْمُؤمنِينَ بِأَخ مَا كَانَ أَخ
أَنْفَع لأخ مِنْهُ قَالَ وَسكت عَن مُزَاحم فَقَالَ عمر
بن عبد الْعَزِيز مَالك سكت عَن مُزَاحم فوَاللَّه مَا
كَانَ بِأَدْنَى الثَّلَاثَة عِنْدِي يَرْحَمك الله يَا
مُزَاحم مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا وَالله لقد كنت كفيت
كثيرا من هم الدُّنْيَا وَنعم الْوَزير كنت فِي أَمر
الْآخِرَة
(1/105)
قَول سُلَيْمَان فِي عمر
وَقَالَ سُلَيْمَان بن عبد الْملك وَالله مَا كَاد يغيب
عَن ابْن عبد الْعَزِيز فَمَا أجد أحدا ينقه عني شَيْئا
وَلَا أفقهه مِنْهُ |