سيرة عمر بن عبد العزيز

عرض مسلمة بن عبد الْملك المَال على عمر ليوصي فِيهِ وَجَوَاب عمر لَهُ

وَدخل مسلمة بن عبد الْملك على عمر بن عبد الْعَزِيز فِي مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ فَأَوْصَاهُ عمر أَن يحضر مَوته وَأَن يَلِي غسله وتكفينه وَأَن يمشي مَعَه إِلَى قَبره وَأَن يكون مِمَّن يَلِي إِدْخَاله فِي لحده ثمَّ نظر إِلَيْهِ وَقَالَ انْظُر يَا مسلمة بِأَيّ منزل تتركني وعَلى أَي حَال أسلمتني إِلَيْهِ الدُّنْيَا فَقَالَ لَهُ مسلمة فأوص يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ مَالِي من مَال فأوصي فِيهِ قَالَ مسلمة هَذِه مائَة ألف دِينَار فأوص فِيهَا بِمَا أَحْبَبْت قَالَ أَو خير من ذَلِك يَا مسلمة أَن تردها من حَيْثُ أَخَذتهَا قَالَ مسلمة جَزَاك الله عَنَّا خيرا يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ وَالله لقد ألنت لنا قلوبا قاسية وَجعلت لنا ذكرا فِي الصَّالِحين
نفي عمر نَفرا من بني عقيل إِلَى الْيمن وَكتابه إِلَى عَامله بشأنهم

قَالَ وَكتب عمربن عبد الْعَزِيز إِلَى عُرْوَة بن مُحَمَّد أما بعد فَإِنِّي بعثت إِلَيْك بِنَفر من بني عقيل وَبئسَ الْقَوْم كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّة وَالْإِسْلَام وَكَانَ أفضلهم فِي أنفسهم شَرّ خلق الله دينا ونفسا وَأَنا أَرْجُو أَن يَجْعَل الله فيهم خلافًا لَا يزْدَاد مَا كَرهُوا من ذَلِك إِلَّا لُزُوما وَأَن يظعنوا إِلَى شَرّ مَا ظعن إِلَيْهِ أهل موت فَإِذا أَتَاك كتابي هَذَا فأنزلهم من نواحي أَرْضك بشرها بِقدر هوانهم على الله عزوجل وَالسَّلَام
رَأْيه فِي مذاكرة الْعلمَاء

وَقَالَ مَيْمُون بن مهْرَان سَأَلَني عمر بن عبد الْعَزِيز على فَرِيضَة فأجبته

(1/109)


فِيهَا فَضرب على فَخذي ثمَّ قَالَ وَيحك يَا مَيْمُون بن مهْرَان إِنِّي وجدت لقيا الرِّجَال تلقيحا لألبابهم
غنى النَّاس فِي خلَافَة عمر

وَقَالَ رجل من ولد زيد بن الْخطاب إِنَّمَا ولي عمر بن عبد الْعَزِيز سنتَيْن وَنصفا فَذَلِك ثَلَاثُونَ شهرا فَمَا مَاتَ حَتَّى جعل الرجل يأتينا بِالْمَالِ الْعَظِيم فَيَقُول اجعلوا هَذَا حَيْثُ ترَوْنَ فِي الْفُقَرَاء فَمَا يبرح حَتَّى يرجع بِمَالِه يتَذَكَّر من يَضَعهُ فيهم فَمَا يجده فَيرجع بِمَالِه قد أغْنى الله على يَد عمر بن عبد الْعَزِيز النَّاس
جَوَاب عمر لِابْنِهِ وَقد سَأَلَهُ أَن يُزَوجهُ ثَانِيَة من بَيت المَال

قَالَ وَطلب ابْن لعمر بن عبد الْعَزِيز إِلَى أَبِيه أَن يُزَوجهُ وَأَن يصدق عَنهُ من بَيت المَال وَكَانَ لِابْنِهِ ذَلِك امْرَأَة فَغَضب لذَلِك عمر بن عبد الْعَزِيز وَكتب إِلَيْهِ لعمر الله لقد أَتَانِي كتابك تَسْأَلنِي أَن أجمع لَك بَين الضرائر من بَيت مَال الْمُسلمين وَأَبْنَاء الْمُهَاجِرين لَا يجد أحدهم امْرَأَة يستعف بهَا فَلَا أَعرفن مَا كتبت بِمثل هَذَا ثمَّ كتب إِلَيْهِ أَن انْظُر إِلَى مَا قبلك من نحاسنا ومتاعنا فبعه واستعن بِثمنِهِ على مَا بدا لَك

(1/110)


نَهْيه عَن الضَّرْب بالبرابط وإذنه بالدفاف فِي الْعرس

وَقَالَ يزِيد بن أبي حبيب كتبت إِلَى عمر بن عبد الْعَزِيز فِي اللّعب بالدفاف والبرابط فِي الْعرس فَكتب إِلَيّ عمر بن عبد الْعَزِيز امْنَعْ الَّذين يضْربُونَ البرابط ودع الَّذين يضْربُونَ بالدفاف فَإِن ذَلِك يفرق بَين النِّكَاح والسفاح
إكتفاؤه فِي رد الْمَظَالِم باليسيرمن الْبَينَات وإنفاد بَيت مَال الْعرَاق فِي ذَلِك

وَقَالَ أَبُو الزِّنَاد كَانَ عمر بن عبد الْعَزِيز يرد الْمَظَالِم إِلَى أَهلهَا بِغَيْر الْبَيِّنَة القاطعة وَكَانَ يَكْتَفِي باليسير إِذا عرف وَجه مظْلمَة الرجل ردهَا عَلَيْهِ وَلم يكلفه تَحْقِيق الْبَيِّنَة لما يعرف من غشم الْوُلَاة قبله على النَّاس وَلَقَد أنفد بَيت مَال الْعرَاق فِي رد الْمَظَالِم حَتَّى حمل إِلَيْهَا من الشَّام